Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 240

‫تحفة العروسين‬ ‫‪3‬‬

‫تحفة العروسين‬
‫مجدى بن منصور بن سيد الشورى‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪4‬‬

‫الر ِح ِيم‬ ‫بِ ْس ِم اللّ ِه َّ‬


‫الر ْحمـَ ِن َّ‬
‫مقدمـ ـةـ‬
‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا ‪ ،‬إنه من يهده اهلل فال مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فال هادى له ‪ ،‬وأشهد أن ال إله‬
‫إال اهلل وحده ال شريك له ‪ ،‬وأشهد أن حممداً عبده ورسوله ‪.‬‬
‫ين َآمنُوا َّات ُقوا اللَّهَ َح َّق ُت َقاتِِه َوال مَتُوتُ َّن إِالَّ واَْنتُ ْم ُم ْسلِ ُمو َن ‪. ‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬ياأَيُّها الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ َ‬
‫ث ِمْن ُه َما‬‫اح َد ٍة َو َخلَ َق ِمْن َها َز ْو َج َها َوبَ َّ‬ ‫سوِ‬ ‫ِ‬
‫اس َّات ُقوا َربَّ ُك ْم الذى َخلَ َق ُك ْم م ْن َن ْف ٍ َ‬ ‫‪ ‬يَاأَيُّ َها النَ ُ‬
‫ِر َجااًل َكثِ ًريا‪َ 7‬ونِ َساءً َو َّات ُقوا‪ 7‬اللَّهَ الذى‪ 7‬تَ َساءَلُو َن بِِه َواأْل َْر َح َ‪7‬ام إِ َّن اللَّهَ َكا َن َعلَْي ُك ْم َرقِيبًا ‪. ‬‬
‫صلِ ْح لَ ُك ْم أ َْع َمالَ ُك ْم َو َي ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم‬ ‫ِ‬
‫ين َآمنُوا َّات ُقوا اللَّهَ َوقُولُوا َق ْوالً َسد ًيدا يُ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫‪ ‬يَاأَيُّ َها الذ َ‬
‫يما ‪. ‬‬ ‫ومن ي ِطع اللَّه ورسولَه َف َق ْد فَاز َفوزا‪ 7‬ع ِ‬
‫ظ‬
‫َ ًْ َ ً‬ ‫ََ ْ ُ ْ َ ََ ُ ُ‬
‫وشر األمور حمدثاهتا‪، 7‬‬ ‫حممد ‪َ ‬‬ ‫وخري اهلدى‪ 7‬هدى ٍ‪7‬‬ ‫كتاب اهلل ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫أصدق احلديث ُ‬ ‫َ‬ ‫أما بعد فان‬
‫وكل حمدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضاللة ‪ ،‬وكل ضاللة ىف النار‪. 7‬‬
‫وشر األمور‪7‬‬ ‫حممد ‪َ ، ‬‬ ‫وخري اهلدى‪ 7‬هدى ٍ‪7‬‬ ‫كتاب اهلل ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫أصدق احلديث ُ‬ ‫َ‬ ‫أما بعد فان‬
‫حمدثاهتا‪ ،‬وكل حمدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضاللة ‪ ،‬وكل ضاللة ىف النار‪. 7‬‬
‫بني يديك أخى ىف اهلل كتاب قد حوى بني دفتيه كلمات موجزات ىف بيان السبيل الذى‪7‬‬
‫شرعه اهلل تعاىل حلفظ األنساب وعمارة الكون (الزواج) ذلك السبيل الذى شرعه تعاىل لعباده‬
‫إلشباع الغريزة اجلنسية وحلفظ األنساب ‪ ،‬فاحلمد هلل تعاىل أن جعل من شرعه تعاىل الزواج‬
‫ليكون سبيالً لعمارة الكون ‪ ،‬بل ولقضاء شهوته وله ىف كل هذا األجر ‪.‬‬
‫فالزواج سكن ‪ ،‬حرث اإلسالم ‪ ،‬إحصان للجوارح ‪ ،‬طريق العفة ‪ ،‬متاع للحياة ‪ ،‬آية من‬
‫اجا لِّتَ ْس ُكنُوا‪7‬‬ ‫ِ‬ ‫آيات اهلل ‪ ‬كما أخرب ىف كتابه العزيز ‪ِِ ِ :‬‬
‫(وم ْن آيَاته أَ ْن َخلَ َق لَ ُكم ِّم ْن أَن ُفس ُك ْم أ َْز َو ً‬ ‫َ‬
‫ات لَِّق ْوٍم َيَت َف َّك ُرو َن) (الروم ‪. )20 :‬‬ ‫ك آَل ي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إلَْي َها َو َج َع َل َبْينَ ُكم َّم َو َّد ًة َو َرمْح َةً إ َّن ىف َذل َ َ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪5‬‬

‫فهى كلمة أمهس هبا ىف أذن كل شاب وفتاة يتطلع إىل بناء األسرة اإلسالمية السعيدة ‪،‬‬
‫الىت تتخذ من كتاب رهبا وسنة رسوهلا ‪ ‬منهجاً وسبيالً ‪ ،‬وإىل كل عروسني تبدأ هبما‬
‫مركب احلياة ىف السري حنو االخرة ‪ ،‬فهو إىل الشباب حبديث‪ 7‬الشباب ‪.‬‬
‫وأول خبث القوم خبث املناكح‬ ‫وأول خبث املاء خبث ترابه‬
‫ولقد قسمت‪ 7‬الكتاب إىل قسمني ‪ :‬حاولت ىف القسم‪ 7‬األول من الكتاب أن أبني لكل شاب‬
‫قد تأهب للزواج ما هو الطريق والسبيل الذى جيب عليه أن يسلكه عند اختياره لزوجة‬
‫املستقبل ‪ ،‬ولكل فتاة قد تقدم خلِطبتها زوج املستقبل ‪ ،‬ما هى املعايري الىت وضعها اإلسالم ىف‬
‫اختيار الزوجة والزوج‪ ، 7‬فهذه أهم خطوات الرجل والفتاة ىف حياهتما ‪ ،‬وهى املركب إىل‬
‫كل إىل صاحب اجملداف‬ ‫سيعتليها الرجل واملرأة ىف حبر احلياة املتالطم األمواج‪ ، 7‬فلينظر ٌ‬
‫اآلخر ‪.‬‬
‫مث ما هى اخلطوات الىت وضعها اإلسالم ِ‬
‫للخطبة والزواج‪ ، 7‬وما يستتبع هذا العقد‪ 7‬وامليثاق‬
‫َخ ْذ َن ِمن ُكم ِّميثَاقًا َغلِيظًا) (النساء ‪ )21 :‬هذا امليثاق الذى‪ 7‬سريبط‬
‫(وأ َ‬
‫الغليظ كما مساه تعاىل ‪َ :‬‬
‫الطرفني برباط الود واحلب إىل يوم القيامة ‪ ،‬مث حتدثت عن ليلة الزفاف وما على الرجل واملرأة‬
‫فيها من آداب ‪.‬‬
‫يستعرض الكتاب تلك الرحلة الشباب املباركة الىت يقطعها الشاب املسلم حبثاً عن الزوجة‬
‫املثالية الىت تشاركه عمره ىف طاعة اهلل‪ ، ‬فيستعرض الكتاب مراحل تلك الرحلة بداية من‬
‫بيان املواصفات واألسس الىت وضعها اإلسالم إلختيار الزوجة الصاحلة ‪ ،‬مث ما هى املواصفات‬
‫الىت على الزوج التحلى هبا من كتاب اهلل تعاىل وسنة رسوله ‪. ‬‬
‫ِ‬
‫وأحكامها ‪،‬‬ ‫يعن ويعرض للخاطب من مسائل تتعلق باخلِطبة‬ ‫مث يستعرض الكتاب بعض ما ّ‬
‫والصداق والكفاءة ‪ ،‬وغري ذلك من املسائل حنو ‪:‬‬ ‫ِ‪7‬‬
‫ـ الرؤية الشرعية وأحكامها ‪.‬‬
‫ـ ماذا حيل للخاطب من خطيبته ‪.‬‬
‫ـ ماذا حيل للخاطب بعد عقد النكاح ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪6‬‬

‫ـ هل للخاطب أن ينفق على خمطوبته وهى مل تزل ىف بيت أبيها ‪.‬‬


‫ـ ِحل الذهب احمللق للنساء ‪.‬‬
‫ـ أحكام الزفاف ‪ :‬مكان العقد‪ ، 7‬الوىل ‪ ،‬أركان العقد وشروطه ‪ ،‬الدعاء للعروسني ‪ ،‬الوليمة ‪،‬‬
‫إىل غري ذلك ‪.‬‬
‫ـ حبث ىف أحكام اخللع ‪.‬‬
‫ـ حبث ىف أحكام الزواج العرىف ‪.‬‬
‫ـ وصايا للبيت السعيد‪. 7‬‬
‫ـ حق الزوجة ‪.‬‬
‫ـ حق الزوج ‪.‬‬
‫ـ سلوكيات للزوجني ‪.‬‬
‫مث يتعرض الكتاب ألحكام اجلماع ومسائله ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫ـ أحكام اجلماع وكيفية بدء ليلة الزفاف ‪.‬‬
‫ـ حترمي مجاع الدبر واحليض ‪.‬‬
‫ـ عالج سرعة القذف ‪.‬‬
‫ـ األعشاب واألدوية الىت تزيد ىف الباه ‪.‬‬
‫ـ فوائد اجلنس ومضاره ‪.‬‬
‫ـ حكم العزل ‪.‬‬
‫ـ عالج الربط ليلة الزفاف ‪.‬‬
‫فاهلل أسال عن يكون عملى صواباً وخالصاً لوجهه الكرمي ‪ ،‬وإن كان ما سطرته صواباً‬
‫فمن اهلل وحده ‪ ،‬وإن كان مثّ خطأ فمىن والشيطان ‪ ،‬واهلل ورسوله برئ منه ‪.‬‬
‫جمدى بن منصور بن سيد الشورى‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪7‬‬

‫كلمة شكر‬
‫َّاس اَل يَ ْش ُك ُر اللَّهَ" (‪ )1‬أتقدم بكلمة شكر لألستاذ ‪:‬‬
‫"م ْن اَل يَ ْش ُك ُر الن َ‬
‫واتباعاً لقوله ‪َ : ‬‬
‫حممود مهدى االستانبوىل ‪ ،‬لسبقه بالتأليف ىف هذا املوضوع الطيب بكتابه القيم "حتفة‬
‫العروس" والذى‪ 7‬مجع صنوفاً من العلم ال جيحدها إال كل مكابر ‪ ،‬والذى‪ 7‬يعد مرجعاً هاماً‬
‫لكل شاب وفتاة يُقدم على الزواج‪. 7‬‬
‫ولقد زدت ىف كتاىب هذا بعض املسائل الىت مل يتعرض هلا أو زيادة تفصيلها وبياهنا هلا‬
‫وحل الذهب‪ 7‬احمللق ‪،‬‬ ‫حفظه اهلل تعاىل ‪ ،‬كمسألة اخللع ‪ ،‬والزواج‪ 7‬العرىف ‪ ،‬وحكم العزل ‪ِ ،‬‬
‫وقضية الربط ليلة الزفاف ‪ ،‬وفوائد اجلنس ومضاره ‪ ،‬واخلتان ‪ ،‬وغري هذا مما سيمر بك إن‬
‫شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫إال أن الكتاب يُعد مرجعاً هاماً لكل من جاء بعده وصنف كتاباً على نفس الوترية ـ وإن‬
‫مل يسند األمر ألهله ـ فجزاه اهلل عنا كل خري ومجعنا اهلل وإياه حتت لواء نبينا حممد ‪ ، ‬آمني‬
‫‪.‬‬

‫*********‬

‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه احمد وأبو داود والترمذى وغيرهم ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪8‬‬

‫ـ الرتغيب ىف الزواج ‪:‬‬


‫ني ِم ْن ِعبَ ِاد ُك ْم َوإِ َمائِ ُك ْم إِن يَ ُكونُوا‬ ‫َنكحوا اأْل َيامى ِمن ُكم و َّ حِلِ‬
‫الصا َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫قال تعاىل ‪ِ :‬‬
‫(وأ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُف َقراء ي ْغنِ ِهم اللَّه ِمن فَ ْ ِ ِ‬
‫(ه َو‬
‫يم) (النور ‪ )32 :‬وقال تعاىل ‪ُ :‬‬ ‫ضله َواللَّهُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬
‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِمْن َها َز ْو َج َها لِيَ ْس ُك َن إِلَْي َها) (األعراف ‪:‬‬ ‫سوِ‬
‫الذى َخلَ َق ُكم ِّمن نَّ ْف ٍ َ‬
‫اح َد ٍة‬‫س وِ‬ ‫ِ‬
‫اس َّات ُقوا َربَّ ُك ْم الذى َخلَ َق ُك ْم م ْن َن ْف ٍ َ‬ ‫‪ )189‬وقال تعاىل ‪ :‬يَاأَيُّ َها النَ ُ‬
‫ث ِمْن ُه َما ِر َجااًل َكثِ ًريا َونِ َساءً َو َّات ُقوا اللَّهَ الذى تَ َساءَلُو َن‬ ‫َو َخلَ َق ِمْن َها َز ْو َج َها َوبَ َّ‬
‫(و ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫به َواأْل َْر َح َ‪7‬ام إ َّن اللَّهَ َكا َن َعلَْي ُك ْم َرقيبًا‪( ‬النساء ‪ ، )1 :‬وقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫اجا لِّتَ ْس ُكنُوا إِلَْي َها َو َج َع َل َبْينَ ُكم َّم َو َّدةً‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫آيَاته أَ ْن َخلَ َق لَ ُكم ِّم ْن أَن ُفس ُك ْم أ َْز َو ً‬
‫(واللّ ُه‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬ ‫‪21‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(الروم‬ ‫)‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ات لَِّقوٍم َيَت َف َّ‬
‫ك‬ ‫ك آَل ي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َرمْح َةً إ َّن ىف َذل َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ني َو َح َف َدةً َو َر َزقَ ُكم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجا َو َج َع َل لَ ُكم ِّم ْن أ َْز َواج ُكم بَن َ‬ ‫َج َع َل لَ ُكم ِّم ْن أَن ُفس ُك ْم أ َْز َو ً‬
‫ات) (النحل ‪.)72 :‬‬ ‫ِّمن الطَّيِّب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويرغب فيه ‪،‬‬ ‫وكان ‪ ‬وهو من كان القرآن خلقه حيُث على الزواج ّ‬
‫َس َو ِد‬
‫ت َم َع َع ْل َق َمةَ َواأْل ْ‬ ‫"د َخ ْل ُ‬
‫روال البخارى‪ 7‬عن عبد الرمحن بن يزيد قال ‪َ :‬‬
‫ال لَنَا‬ ‫ال َعْب ُداللَّ ِه ُكنَّا َم َع النَّيِب ِّ ‪َ ‬شبَابًا اَل جَنِ ُد َشْيئًا ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َعلَى َعْب ِداللَّ ِه َف َق َ‬
‫ض‬‫اع الْبَاءَ َة َف ْليََتَز َّو ْج فَِإنَّهُ أَ َغ ُّ‬
‫استَطَ َ‬ ‫اب َم ِن ْ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ : ‬يا م ْع َشر الشَّب ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الص ْوِم فَِإنَّهُ لَهُ ِو َجاءٌ " (‪. )1‬‬ ‫ص ُن لِْل َف ْر ِج َو َم ْن مَلْ يَ ْستَ ِط ْع َف َعلَْي ِه بِ َّ‬ ‫َح َ‬ ‫ص ِر َوأ ْ‬
‫ِ‬
‫ل ْلبَ َ‬
‫ـ قوله ‪ ‬الباءة ‪ :‬باهلمز وتاء تأنيث ممدود وفيها لغة أخرى بغري مهز وال مد وقد يهمز وميد‬
‫بال هاء ويقال هلا أيضا الباهة كاألول لكن هباء بدل اهلمزة وقيل باملد‪ :‬القدرة على مؤن‬
‫النكاح ‪ ،‬وبالقصر الوطء ‪ ،‬قال اخلطاىب ‪ :‬املراد بالباءة النكاح وأصله املوضع الذى يتبوؤه‬
‫ويأوى إليه ‪ ،‬وقال املازرى ‪ :‬اشتق العقد‪ 7‬على املرأة من أصل الباءة ألن من شأن من يتزوج‬
‫املرأة أن يبوءها منزالً ‪ ،‬وقال النووى ‪ :‬اختلف العلماء ىف املراد بالباءة هنا على قولني يرجعان‬
‫إىل معىن واحد أصحهما أن املراد معناها اللغوى‪ 7‬وهو اجلماع ‪ ،‬فتقديره ‪ :‬من استطاع منكم‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1950\5‬ومسلم (‪. )1018\2‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪9‬‬

‫اجلماع لقدرته على مؤنه وهى مؤن النكاح فليتزوج ‪ ،‬ومن مل يستطع اجلماع لعجزه عن مؤنه‬
‫فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطع الوجاء ‪ ،‬وعلى هذا القول وقع اخلطاب‬
‫مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء وال ينفكون عنها غالباً ‪.‬‬
‫والقول الثاىن ‪ :‬أن املراد هنا بالباءة مؤن النكاح مسيت باسم ما يالزمها‪،‬وتقديره ‪ :‬من‬
‫استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن مل يستطع فليصم لدفع شهوته والذى محل القائلني‬
‫هبذا على ما قالوه ‪.‬‬
‫الص ْوِم" قالوا‪ : 7‬والعاجز عن اجلماع ال حيتاج إىل‬
‫ـ قوله ‪َ " : ‬و َم ْن مَلْ يَ ْستَ ِط ْع َف َعلَْي ِه بِ َّ‬
‫الصوم لدفع‪ 7‬الشهوة فوجب تأويل الباءة على املؤن ‪ ،‬وانفصل القائلون باألول عن ذلك‬
‫بالتقدير املذكور ‪ ،‬اهـ ‪.‬‬
‫والتعليل املذكور‪ 7‬للبازرى ‪ ،‬وأجاب عنه عياض بأنه ال يبعد أن ختتلف االستطاعتان فيكون‬
‫اع الْبَاءَ َة" أى بلغ اجلماع وقدر عليه فليتزوج ويكون قوله ‪: ‬‬ ‫استَطَ َ‬ ‫املراد بقوله ‪َ " : ‬م ِن ْ‬
‫" َو َم ْن مَلْ يَ ْستَ ِط ْع" أى من مل يقدر على التزويج ‪.‬‬
‫ـ قوله ‪َ : ‬ف ْليََتَز َّو ْج ‪ :‬زاد ىف "كتاب الصيام" من طريق أىب محزة عن األعمش هنا "فَِإنَّهُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ص ُن لِْل َف ْر ِج" ‪.‬‬ ‫ص ِر َوأ ْ‬


‫َح َ‬
‫أَ َغ ُّ ِ‬
‫ض ل ْلبَ َ‬
‫ص ُن" أى أشد إحصاناً له ومنعاً من الوقوع ىف‬ ‫َح َ‬‫ض" ‪ :‬أى أشد غضاً ‪َ " ،‬وأ ْ‬ ‫ـ وقوله ‪" :‬أَ َغ ُّ‬
‫الفاحشة ‪.‬‬
‫ـ قوله ‪" :‬فَِإنَّهُ لَهُ ِو َجاءٌ أى حصن ‪.‬‬
‫واستنبط القراىف من قوله ‪" :‬فَِإنَّهُ لَهُ ِو َجاءٌ" أن التشريك ىف العبادة ال يقدح فيها خبالف‬
‫الرياء ألنه أمر بالصوم الذى هو قربه وهو هبذا القصد‪ 7‬صحيح مثاب عليه ومع ذلك فأرشد‬
‫إليه لتحصيل غض البصر وكف الفرج عن الوقوع ىف احملرم ‪ ،‬اهـ (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬البخارى ‪.‬‬


‫(‪ )1‬فتح البارى (‪. )108\9‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪10‬‬

‫وىف الصحيحني عنه عن النىب ‪ ‬قال ‪ُ " :‬تْن َك ُح الْ َم ْرأَةُ أِل َْربَ ٍ‪7‬ع لِ َماهِلَا َوحِلَ َسبِ َها َومَجَاهِلَا َولِ ِدينِ َها‪7‬‬
‫ِ‬
‫ت يَ َد َاك " (‪. )2‬‬ ‫فَاظْ َف ْر بِ َذات الدِّي ِن تَ ِربَ ْ‬
‫ال‬
‫السِّر ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫اج النَّيِب ِّ ‪َ ‬ع ْن َع َملِ ِه يِف ِّ‬ ‫َص َحاب النَّيِب ِّ ‪َ ‬سأَلُوا أ َْز َو َ‬
‫َن َن َفرا ِمن أ ْ ِ‬
‫أنس ‪" : ‬أ َّ ً ْ‬ ‫وعن ٍ‬
‫ض ُه ْم ‪ :‬ال أَنَ ُام َعلَى‬ ‫ال َب ْع ُ‬‫ض ُه ْم ‪ :‬اَل آ ُك ُل اللَّ ْح َم ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ال َب ْع ُ‬ ‫ِّساءَ ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ض ُه ْم ‪ :‬اَل أََتَز َّو ُج الن َ‬
‫َب ْع ُ‬
‫ُصلِّى َوأَنَ ُام‬ ‫ِ‬
‫ال أَْق َوام قَالُوا‪َ 7‬ك َذا َو َك َذا‪ ، 7‬لَكىِّن أ َ‬
‫ال ‪ :‬ما ب ُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫اش ‪ ،‬فَ َحم َد اللَّهَ َوأَْثىَن َعلَْيه َف َق َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫فَِر ٍ‬
‫س ِمىِّن " (‪ ، )3‬وىف سنن ابن ماجة من‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ب َع ْن ُسنَّىِت‬ ‫َ‬
‫وأَصوم وأُفْ ِطر وأََتز َّوج النِّساء فَمن ر ِ‬
‫غ‬ ‫َ ُ َُ ُ َ َ ُ َ َ َْ َ‬
‫اح" (‪. )4‬‬ ‫حديث ابن عباس يرفعه قال ‪" : ‬مَلْ َنَر لِْل ُمتَ َحابَّنْي ِ ِمثْ َل النِّ َك ِ‬
‫وىف صحيح مسلم من حديث عبد اهلل بن عمر قال ‪ :‬قال رسول‪ُّ : ‬‬
‫"الد ْنيَا َمتَاعٌ َو َخْي ُر‬
‫الصاحِلَةُ" (‪. )5‬‬ ‫اع ُّ‬
‫الد ْنيَا الْ َم ْرأَةُ َّ‬ ‫َمتَ ِ‬
‫حيرض أمته على نكاح األبكار احلسان وذوات الدين ففى سنن النسائى عن أىب‬ ‫وكان ‪ِّ ‬‬
‫هريرة ‪ ‬قال ‪" :‬الَّيِت تَ ُسُّرهُ إِ َذا نَظََر َوتُ ِطيعُهُ إِ َذا أ ََمَر َواَل خُتَالُِفهُ يِف َن ْف ِس َها َو َماهِلَا مِب َا يَ ْكَرهُ" (‪. )6‬‬
‫ضى بِالْيَ ِس ِري" (‪ ، )1‬وملا‬ ‫ب أَْف َو ًاها َوأَْنتَ ُق أ َْر َح ًاما َوأ َْر َ‬ ‫ِ‬
‫"علَْي ُك ْم باأْل َبْ َكا ِر فَِإنَّ ُه َّن أ َْع َذ ُ‬
‫وقال ‪َ : ‬‬
‫ك وتُض ِ‬ ‫ك وتُاَل ِعبها وتُ ِ‬ ‫ِ‬
‫تزوج جابر ‪ ‬ثيباً قال له ‪" :‬أَاَل َتَز َّو ْجَت َها بِ ْكًرا تُاَل عبُ َ َ ُ َ َ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫اح ُك َها"‬ ‫ضاح ُك َ َ َ‬
‫‪.‬‬
‫وكان ‪ ‬حيث على نكاح الولود ويكره املرأة الىت ال تلد كما ىف سنن أىب داود عن معقل‬
‫ب إِاَّل أَنَّ َها‬ ‫صٍ‬ ‫ب ومْن ِ‬
‫ات َح َس ٍ َ َ‬ ‫ت ْامَرأًَة َذ َ‬ ‫َصْب ُ‬ ‫ال إِيِّن أ َ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬ف َق َ‬ ‫بن يسار ‪" :‬جاء رجل إِىَل رس ِ‬
‫َ ََ ٌُ َ ُ‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )1958\5‬ومسلم (‪. )1086\2‬‬


‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ )1949\5‬ومسلم (‪. )1020\2‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪ )1847‬وغيره ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )6‬حسن ‪ :‬أخرجه النسائى وأحمد ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪ )1861‬والبيهقى (‪ )81\7‬وانظر ‪ :‬السلسلة الصحيحة للعالمة األلبانى رحمه هللا تعالى (‪. )622‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )2008\5‬ومسلم (‪ )176\4‬وأحمد (‪ )14482‬واالفظ له ‪.‬‬
‫والزواج بالبكر يولد رابطا ً قويا ً بين الرجل بين المرأة ‪ ،‬هذا الرابط النفسى الذى ال يفارق المرأة طيلة حياتها ‪ ،‬فال تنسى أبداً أول رجل مد ي‪SS‬ده إليها وتحسس‪SS‬ها‬
‫وقبّلها وفض بكارتها‪ ، S‬وأول من همس فى أذنها بكلمة "أحبك" ‪ ،‬وأول من التصق بجس‪S‬دها بعد قلبها وعقلها ‪ ،‬فيا له من إحس‪SS‬اس ال تدركه إال كل فت‪S‬اة اتخ‪S‬ذت‬
‫القرآن منهجا ً وسبيالً ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪11‬‬

‫ود‬ ‫اَل تَلِ ُد أَفَأََتَز َّو ُج َها ؟ َفَن َهاهُ ‪ ،‬مُثَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ َفَن َهاهُ ‪ ،‬مُثَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ َفَن َهاهُ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال ‪َ :‬تَز َّو ُجوا الْ َولُ َ‬
‫ود فَِإيِّن ُم َكاثٌِر بِ ُك ْم (‪. )4( ")3‬‬ ‫الْ َو ُد َ‬
‫ـ وقال ‪" : ‬خَتََّي ُروا لِنُطَِف ُك ْم َوانْ ِك ُحوا‪ 7‬اأْل َ ْك َفاءَ َوأَنْ ِك ُحوا إِلَْي ِه ْم" (‪. )5‬‬
‫وقيل ‪:‬‬
‫وأول خبث القوم خبث املناكح‬ ‫وأول خبث املاء خبث ترابه‬

‫ـ الزواج من سنن املرسلني ‪:‬‬


‫ك‬ ‫ِ‬
‫(ولََق ْد أ َْر َس ْلنَا ُر ُسالً ِّمن َقْبل َ‬
‫والزواج‪ 7‬من سنن املرسلني كما أخرب تعاىل ىف كتابه العزيز ‪َ :‬‬
‫َّعطُُّر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجا َوذُِّريَّةً ) (الرعد ‪ ، )38 :‬وقال‪" : ‬أ َْربَ ٌع م ْن ُسنَ ِن الْ ُم ْر َسل َ‬
‫ني الت َ‬ ‫َو َج َع ْلنَا هَلُ ْم أ َْز َو ً‬
‫الس َو ُاك َواحْلَيَاءُ" (‪. )1‬‬
‫اح َو ِّ‬ ‫َوالنِّ َك ُ‬
‫ـ وبشر ‪ ‬طالب العفاف بعون اهلل تعاىل ‪ ،‬فقال ‪" :‬ثَاَل ثَةٌ ح ٌّق علَى اللَّ ِه عونُهم الْمج ِ‬
‫اه ُد يِف‬ ‫َْ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫اف " (‪. )2‬‬ ‫يد اأْل ََداءَ َوالنَّاكِ ُح الَّ ِذي‪ 7‬يُِر ُ‬
‫يد الْ َع َف َ‬ ‫ب الَّ ِذي‪ 7‬يُِر ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َسب ِيل اللَّه َوالْ ُم َكاتَ ُ‬
‫وعن عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال ‪" :‬التمسوا الغىن ىف النكاح ‪ ،‬يقول اهلل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪( : ‬إِن ي ُكونُوا ُف َقراء ي ْغنِ ِهم اللَّه ِمن فَ ْ ِ ِ‬
‫يم) (‪. )3‬‬ ‫ضله َواللَّهُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ـ وكان هديه ‪ ‬فيه "أكمل هدى حيفظ به الصحة وتتم به اللذة وسرور النفس وحيصل به‬
‫مقاصده الىت وضع ألجلها ‪ ،‬فإن اجلماع وضع ىف األصل لثالثة أمور هى مقاصده األصلية ‪:‬‬
‫ـ أحدها ‪ :‬حفظ النسل ودوام النوع إىل إن تتكامل العدة الىت قدر اهلل بروزها إىل هذا العامل ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬إخراج املاء الذى يضر احتباسه واحتقانه جبملة البدن ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬قضاء الوطر ونيل اللذة والتمتع‪ 7‬بالنعمة وهذه وحدها هى الفائدة الىت ىف اجلنة إذ ال‬
‫تناسل هناك وال احتقان يستفرغه اإلنزال ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )320\1‬والنسائى (‪ )71\2‬وغيرهما ‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬زاد المعاد (‪ )95\5‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪. )607\1‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد(‪. )412\5‬‬
‫(‪ )2‬حسن ‪ :‬أخرجه ابن أبى عاصم فى الجهاد (‪ )274\1‬والترمذى والنسائى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطبرى (‪. )126\18‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪12‬‬

‫وفضالء األطباء يرون أن اجلماع من أحد أسباب حفظ الصحة ‪ ،‬قال جالينوس ‪ :‬الغالب‪7‬‬
‫على جوهر املىن النار‪ 7‬واهلواء ومزاجه حار رطب ألن كونه من الدم‪ 7‬الصاىف الذى‪ 7‬تغتذى به‬
‫األعضاء األصلية ‪ ،‬وإذا ثبت فضل املىن فاعلم أنه ال ينبغى إخراجه إال ىف طلب النسل أو‬
‫إخراج احملتقن منه فإنه إذا دام احتقانه أحدث أمراضاً رديئة منها الوسواس‪ 7‬واجلنون والصرع‬
‫وغري ذلك وقد يربىء استعماله من هذه األمراض كثرياً‪ 7‬فإنه إذا طال احتباسه فسد واستحال‬
‫إىل كيفية مسية توجب أمراضاً رديئة كما ذكرنا ولذلك تدفعه الطبيعة باالحتالم إذا كثر‬
‫عندها من غري مجاع ‪.‬‬
‫وقال بعض السلف ‪ :‬ينبغى للرجل أن يتعاهد من نفسه ثالثاً ‪ :‬أن ال يدع املشى فإن‬
‫احتاج إليه يوماً قدر عليه ‪ ،‬وينبغى أن ال يدع األكل فإن أمعاءه تضيق ‪ ،‬وينبغى أن ال يدع‬
‫اجلماع فإن البئر إذا مل تنزح ذهب ماؤها ‪ ،‬وقال حممد بن زكريا ‪ :‬من ترك اجلماع مدة‬
‫طويلة ضعفت قوى أعصابه وانسدت جماريها وتقلص ذكره ‪ ،‬قال ‪ :‬ورأيت مجاعة تركوه‬
‫لنوع من التقشف فربدت أبداهنم وعسرت حركاهتم ووقعت‪ 7‬عليهم كآبة بال سبب وقلَّت‬ ‫ٍ‬
‫شهواهتم وهضمهم‪ . 7‬اهـ ‪.‬‬
‫ومن منافعه غض البصر وكف النفس والقدرة على العفة عن احلرام وحتصيل ذلك للمرأة‬
‫ب إِيَلَّ‬‫"حبِّ َ‬
‫فهو ينفع نفسه ىف دنياه وأخراه وينفع املرأة لذلك كان‪ ‬يتعاهده وحيبه ويقول ‪ُ :‬‬
‫يب َو ُجعِ َل ُقَّرةُ َعْييِن يِف الصَّاَل ِة" (‪. )1‬‬
‫ِّساءُ َوالطِّ ُ‬ ‫ِم َن ُّ‬
‫الد ْنيَا الن َ‬
‫ـ التحذير من الزنا ‪:‬‬
‫والزواج‪ 7‬حصن واقى بني العبد‪ 7‬وبني الوقوع ىف الزنا ‪ ،‬وهو من أعظم الكبائر ‪ ،‬وقد حذر‬
‫تعاىل من الزنا ومفسدته ‪ ،‬فإنه "ملا كانت مفسدة الزنا من أعظم املفاسد وهى منافية ملصلحة‬
‫نظام العامل ىف حفظ األنساب ومحاية الفروج‪ 7‬وصيانة احلرمات وتوقى ما يوقع أعظم العداوة‬
‫والبغضاء بني الناس من إفساد كل منهم امرأة صاحبه وبنته وأخته وأمه ‪ ،‬وىف ذلك خراب‬
‫العامل كانت تلى مفسدة القتل ىف الكرب وهلذا قرهنا اهلل سبحانه هبا ىف كتابه ورسوله ‪ ‬ىف‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى (‪ )61\7‬وأحمد (‪. )128\3‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪13‬‬

‫سننه كما تقدم ‪ ،‬قال اإلمام أمحد ‪ :‬وال أعلم بعد قتل النفس شيئاً أعظم من الزناء ‪ ،‬وقد أكد‬
‫س الىت َحَّر َم اللَّهُ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫الن‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫ُ‬‫ل‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫اَل‬‫و‬ ‫ر‬ ‫آخ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫هَل‬‫سبحانه حرمته بقوله ‪( :‬والَّ ِذين اَل ي ْدعُو َن مع اللَّ ِه إِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ك َي ْل َق أَثَ ًاما) (الفرقان ‪ )68 :‬اآلية ‪ ،‬فقرن الزناء بالشرك‬ ‫إِاَّل بِاحْلَ ِّق َواَل َيْزنُو َن َو َمن َي ْف َع ْل َذل َ‬
‫وقتل النفس وجعل جزاء ذلك اخللود ىف النار‪ 7‬ىف العذاب املضاعف املهني ما مل يرفع العبد‪7‬‬
‫وجب ذلك بالتوبة واإلميان والعمل الصاحل ‪.‬‬ ‫َ‬
‫اح َشةً َو َساء َسبِيالً) (اإلسراء ‪ )32 :‬فأخرب‬ ‫الز إِنَّه َكا َن فَ ِ‬
‫(والَ َت ْقَربُواْ ِّ ىَن ُ‬ ‫وقد قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫عن فحشه ىف نفسه وهو القبيح الذى‪ 7‬قد تناهى قبحه حىت استقر فحشه ىف العقول حىت عند‬
‫كثري من احليوانات كما ذكر البخارى ىف صحيحه عن عمرو بن ميمون األودى قال ‪" :‬رأيت‬
‫ىف اجلاهلية قرداً زنا بقردة فأجتمع القرود عليهما فرمجوها حىت ماتا" (‪ ، )1‬مث أخرب عن غايته‬
‫بأنه ساء سبيالً فأنه سبيل هلكة وبوار وافتقار‪ 7‬ىف الدنيا‪ 7‬وسبيل عذاب ىف اآلخرة وخزى‬
‫ونكال وملا كان نكاح أزواج اآلباء من أقبحه خصه مبزيد ذم فقال أنه كان فاحشة ومقتا‬
‫وساء سبيال وعلق سبحانه فالح العبد على حفظ فرجه منه فال سبيل له إىل الفالح بدونه‬
‫ِ‬ ‫فقال ‪( :‬قَ ْد أَْفلَح الْم ْؤ ِمنُو َ‪7‬ن الَّ ِذين هم ىف صاَل هِتِم خ ِ‬
‫اشعُو َن) إىل قوله ‪( :‬فَ َم ِن ْابَتغَى َو َراء ذَل َ‬
‫ك‬ ‫َ ُْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ادو َن) (املؤمنون ‪ )7-1 :‬وهذا يتضمن ثالثة أمور من مل حيفظ فرجه يكن من‬ ‫فَأ ُْولَئِ َ‬
‫ك ُه ُم الْ َع ُ‬
‫املفلحني وأنه من امللومني ومن العادين ففاته الفالح واستحق اسم العدوان‪ 7‬ووقع ىف اللوم‬
‫فمقاساة أمل الشهوة‪ 7‬ومعاناهتا أيشر من بعض ذلك ونظري هذا أنه ذم اإلنسان وأنه خلق هلوعاً‬
‫ال يصرب على شر وال خري بل إذا مسه اخلري منع وخبل وإذا مسه الشر جزع إال من استثناه بعد‬
‫وج ِه ْم َحافِظُو َن (‪ )5‬إِاَّل َعلَى‬ ‫ذلك من الناجني من خلقه فذكر منهم ‪( :‬والَّ ِذين هم لُِفر ِ‬
‫َ َ ُْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك فَأ ُْولَئِ َ‬
‫ني فَ َم ِن ْابَتغَى َو َراء ذَل َ‬ ‫ِ‬
‫ت أَمْيَانُ ُه ْم فَِإنَّ ُه ْم َغْي ُر َملُوم َ‬
‫أ َْز َواج ِه ْ‪7‬م ْأو َما َملَ َك ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫ك ُه ُم‬
‫ادو َن) (املؤمنون ‪ )7-5 :‬وأمر اهلل تعاىل نبيه أن يأمر املؤمنني بغض أبصارهم وحفظ‬ ‫الْ َع ُ‬
‫فروجهم وأن يعلمهم أنه مشاهد ألعماهلم مطلع عليها يعلم خائنة األعني وما ختفى الصدور‪7‬‬
‫وملا كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل األمر بغضه مقدما على حفظ الفرج فإن احلوادث‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ‪ ،‬قلت ‪ :‬وهذا هو حال القردة ‪ ،‬فما بال أقوام لم بتساوى بالقردة ‪ ،‬ومات فيهم الحس الدينى والغيرة على أعراضهم ‪ ،‬وكفاهم تقليد أخوان‬
‫القردة والخنازير ‪ .‬فال حول وال قوة إال باهلل ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪14‬‬

‫مبدأها من النظر كما أن معظم النار‪ 7‬مبدأها من مستصغر الشرر مث تكون نظرة مث تكون‬
‫خطرة مث خطوة مث خطيئة ‪ ،‬وهلذا قيل ‪ :‬من حفظ هذه األربعة أحرز دينه ‪ :‬اللحظات‬
‫واخلطرات واللفظات واخلطوات ‪ ،‬فينبغى للعبد أن يكون بواب نفسه على هذه األبواب‬
‫األربعة ويالزم الرباط على ثغورها فمنها يدخل عليه العدو‪ 7‬فيجوس خالل الديار‪ 7‬ويترب ما علوا‬
‫تتبرياً (‪. )1‬‬
‫فالزواج هو الدرع‪ 7‬والوجاء بني العبد وبني الوقوع ىف الزنا والعياذ باهلل تعاىل ‪ ،‬والزواج‬
‫س‬‫(ه َو الذى َخلَ َق ُكم ِّمن نَّ ْف ٍ‬ ‫أحد السبل الىت تعني على شرع اهلل تعاىل كما قال تعاىل ‪ُ :‬‬
‫(و ِم ْن آيَاتِِه أَ ْن َخلَ َق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َواح َدة َو َج َع َل مْن َها َز ْو َج َها ليَ ْس ُك َن إلَْي َها) (األعراف ‪ ، )189 :‬وقال ‪َ :‬‬
‫ات لَِّق ْوٍم‬
‫ك آَل ي ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لَ ُكم ِّمن أَن ُف ِس ُكم أ َْزواجا لِّتس ُكنوا إِلَيها وجعل بين ُكم َّمو َّد ًة ورمْح ةً إِ َّن ىف َذلِ‬
‫ْ َ ً َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َْ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫َيَت َف َّك ُرو َن) (الروم ‪. )21 :‬‬
‫ـ محبة الزوجة تعين على طاعة اهلل تعالى ‪:‬‬
‫فأما حمبة الزوجة وما ملكت ميني الرجل فإهنا معينة على ما شرع اهلل سبحانه له من النكاح‬
‫وملك اليمني من إعفاف الرجل نفسه وأهله فال تطمح نفسه إىل سواها من احلرام ويعفها فال‬
‫تطمح نفسها إىل غريه وكلما كانت احملبة بني الزوجني أمت وأقوى كان هذا املقصود أمت‬
‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِمْن َها َز ْو َج َها لِيَ ْس ُك َن إِلَْي َها)‬
‫سوِ‬
‫(ه َو الذى َخلَ َق ُكم ِّمن نَّ ْف ٍ َ‬ ‫وأكمل قال تعاىل ‪ُ :‬‬
‫اجا لِّتَ ْس ُكنُوا‪ 7‬إِلَْي َها‬ ‫ِ‬ ‫(األعراف ‪ ، )189 :‬وقال ‪ِِ ِ :‬‬
‫(وم ْن آيَاته أَ ْن َخلَ َق لَ ُكم ِّم ْن أَن ُفس ُك ْم أ َْز َو ً‬‫َ‬
‫ات لَِّق ْوٍم َيَت َف َّك ُرو َن) ( الروم ‪ )21 :‬وىف الصحيح‬ ‫ك آَل ي ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وجعل بين ُكم َّمو َّد ًة ورمْح ةً إِ َّن ىف َذلِ‬
‫َ َ َ َ َْ َ َ َ َ َ‬
‫عنه ‪" : ‬أنه سئل من أحب الناس إليك فقال ‪ :‬عائشة" (‪ ، )1‬وهلذا كان مسروق ـ رمحه اهلل ـ‬
‫يقول ‪ :‬إذا حدث عنها ‪ :‬حدثتىن الصديقة‪ 7‬بنت الصديق حبيبة رسول اهلل ‪ ‬املربأة من فوق‬
‫سبع مسوات ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬الجواب الكافى البن القيم (‪. )105\1‬‬


‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1584\4‬ومسلم (‪. )1856\4‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪15‬‬

‫يب َو ُجعِ َل ُقَّرةُ َعْييِن يِف الصَّاَل ِة"‬


‫ِّساءُ َوالطِّ ُ‬ ‫ب إِيَلَّ ِم َن ُّ‬
‫الد ْنيَا الن َ‬ ‫"حبِّ َ‬
‫وصح عنه ‪ ‬أنه قال ‪ُ :‬‬
‫(‪. )2‬‬
‫فال عيب على الرجل ىف حمبته ألهله وعشقه هلا ‪ ،‬إال إذا شغله ذلك عن حمبة ما هو أنفع له‬
‫من حمبة اهلل ورسوله ‪ ،‬وزاحم حبه وحب رسوله فإن كل حمبة زامحت حمبة اهلل ورسوله حبيث‬
‫تضعفها وتنقصها فهى مذمومة ‪ ،‬وإن أعانت على حمبة اهلل ورسوله وكانت من أسباب قوهتا‬
‫فهى حممودة ‪ ،‬ولذلك كان رسول اهلل‪ ‬حيب الشراب البارد احللو وحيب احللواء والعسل‬
‫وحيب اخليل ‪ ،‬وكان أحب الثياب إليه القميص ‪ ،‬وكان حيب الدباء فهذه احملبة ال تزاحم حمبة‬
‫اهلل بل قد جتمع اهلم والقلب‪ 7‬على التفرغ حملبة اهلل ‪ ،‬فهذه حمبة طبيعية تتبع نية صاحبها وقصده‬
‫بفعل ما حيبه ‪.‬‬
‫فإن نوى به القوة على أمر اهلل تعاىل وطاعته كانت قربة ‪ ،‬وإن فعل ذلك حبكم الطبع‬
‫وامليل اجملرد مل يثب ومل يعاقب ‪ ،‬وإن فاته درجة من فعله متقرباً به إىل اهلل (‪. )3‬‬
‫ـ ويجدر بنا هنا ذكر أزواج النبى‪: ‬‬
‫ـ أوالهن ‪ :‬خدجية بنت خويلد القرشية األسدية تزوجها قبل النبوة وهلا أربعون سنة ومل يتزوج‬
‫عليها حىت ماتت وأوالده كلهم منها إال إبراهيم ‪ ،‬وهى الىت آزرته على النبوة وجاهدت معه‬
‫وواسته بنفسها وماهلا وأرسل اهلل إليها السالم مع جربيل وهذه خاصة ال تعرف المرأة سواها‬
‫وماتت قبل اهلجرة بثالث سنني ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج بعد موهتا بأيام سودة بنت زمعة القرشية وهى الىت وهبت يومها لعائشة ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج بعدها أم عبداهلل عائشة الصديقة بنت الصديق املربأة من فوق سبع مساوات حبيبة‬
‫رسول اهلل ‪ ‬عائشة بنت أىب بكر الصديق وعرضها عليه امللك قبل نكاحها ىف سرقة من‬
‫حرير وقال ‪" :‬هذه زوجتك" (‪ )1‬تزوج هبا ىف شوال وعمرها ست سنني وبىن هبا ىف شوال ىف‬

‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬


‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬إغاثة اللهفان (‪. )240\2‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1969\5‬ومسلم (‪. )1889\4‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪16‬‬

‫السنة األوىل من اهلجرة وعمرها تسع سنني (‪ )2‬ومل يتزوج بكراً غريها وما نزل عليه الوحى ىف‬
‫امرأة غريها ‪ ،‬وكانت أحب اخللق إليه ‪ ،‬ونزل عذرها من السماء‪ ، 7‬واتفقت‪ 7‬األمة على‬ ‫حلاف ٍ‬
‫كفر قاذفها ‪ ،‬وهى أفقه نسائه وأعلمهن بل أفقه نساء األمة وأعلمهن على اإلطالق ‪ ،‬وكان‬
‫األكابر من أصحاب النىب‪ ‬يرجعون إىل قوهلا ويستفتوهنا‪ 7‬وقيل إهنا أسقطت من النىب ‪‬‬
‫سقطاً ومل يثبت ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج حفصة بنت عمر بن اخلطاب‪ ‬وذكر أبو داود أنه طلقها مث راجعها ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج زينب بنت خزمية بن احلارث القيسية من بىن هالل بن عامر وتوفيت‪ 7‬عنده بعد‬
‫ضمه هلا بشهرين ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج أم سلمة هند بنت أىب أمية القرشية املخزومية واسم أىب أمية حذيفة بن املغرية وهى‬
‫آخر نسائه موتاً وقيل آخرهن موتاً صفية ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج زينب بنت جحش من بىن أسد بن خزمية وهى ابنة عمته أميمة وفيها نزل قوله‬
‫ضى َزيْ ٌد ِّمْن َها َوطًَرا َز َّو ْجنَا َك َها) (األحزاب ‪. )37 :‬‬‫تعاىل ‪َ ( :‬فلَ َّما قَ َ‬
‫ومن خواصها أن اهلل سبحانه وتعاىل كان هو وليها الذى‪ 7‬زوجها لرسوله من فوق مساواته‬
‫وتوفيت ىف أول خالفة عمر بن اخلطاب وكانت أوالً عند زيد بن حارثة وكان رسول اهلل ‪‬‬
‫تبناه فلما طلقها زيد زوجه اهلل تعاىل إياها لتتأسى به أمته ىف نكاح أزواج من تبنوه ‪.‬‬
‫ـ وتزوج ‪ ‬جويرية بنت احلارث بن أىب ضرار املصطلقية وكانت من سبايا بىن املصطلق‬
‫فجاءته تستعني به على كتابتها فأدى عنها كتابتها وتزوجها ‪.‬‬

‫(‪ )2‬وفد أثيرت الكثير والكثير من الطعون من المستشرقين وأذيالهم فى زواج النبى ‪ ‬وعمرها تسع سنوات ‪ ،‬وقد رد أهل العلم مطاعن الطاعنين‬
‫وسهامهم فى نحورهم ‪ ،‬ومن المقرر أن زواجه ‪ ‬بأم المؤمنين عائشة ـ رضى هللا عنها ـ كان من هللا تعالى كما تقدم الحديث ‪ ،‬وما كان من هللا‬
‫تعالى فله حكم كثيرة وعظيمة ‪ ،‬منها ‪ :‬أنه كان على النبى ‪ ‬أن يتزوج بالصغيرة لتحمل عبء الدعوة والتبليغ عنه بعده ‪ ، ‬وقد شارف الموت ‪‬‬
‫‪ ،‬وهذا ما كان منها ـ رضى هللا عنها ـ إذ تُعد أم المؤمنين عائشة ـ رضى هللا عنها ـ من أكثر الصحابة رواية ألقوال وأفعال النبى ‪ ، ‬وهى التى‬
‫بلغت األمة بحياة النبى ‪ ‬الخاصة من قيام ونوم وصالة وعمل فى بيته ‪ ،‬وحياة زوجية وغير هذا الكثير ‪ ،‬وما كان هذا ألحد غيرها من أزواجه‬
‫‪ ، ‬ولو كانت كبيرة السن لماتت بعد النبى ‪ ‬بفترة وجيزة وأمتت معها‪ S‬أكثر السنن واألخبار بحياة النبى ‪. ‬‬
‫ـ أما كيف بنى ولم يتعد عمرها التسع سنوات ‪ ،‬وهل كانت اهالً للزواج فى هذا السن الصغير ؟ ‪.‬‬
‫ـ فمن المعروف أن الذين يعيشون فى المناطق القريبة من خط اإلستواء تصل الفتاة عندهم إلى سن الحيض أسرع من الفتاة التى تعيش فى‬
‫المناطق الباردة أو البعيدة عن خط االستواء ‪ ،‬فإن األولى تحيض فى سن الثمانى أو تسع سنوات ‪ ،‬بينما الثانية يتأخر عندها الحيض إلى سن‬
‫الرابعة عشر أو الخامسة عشر أو أكثر من ذلك ‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬نشرت جريدة الجمهورية المصرية ( ‪ )1997\10\1‬الصفحة الثانية منها هذا الخبر تحت عنوان "طفلة باكستانية ‪ 8‬سنوات حامل فى شهرها الخامس‬
‫تقول ‪ :‬اكتشف األطباء الباكستانيون وجود طفلة عمرها ‪ 8‬سنوات حامالً فى شهرها الخامس …… ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪17‬‬

‫ـ مث تزوج أم حبيبة وامسها رملة بنت أىب سفيان صخر بن حرب القرشية األموية وقيل امسها‬
‫هند تزوجها وهى ببالد احلبشة مهاجرة وأصدقها‪ 7‬عنه النجاشى أربعمائة دينار وسيقت إليه‬
‫من هناك وماتت ىف أيام أخيها معاوية هذا هو املعروف املتواتر عند أهل السري والتواريخ وهو‬
‫عندهم مبنزلة نكاحه خلدجية مبكة وحلفصة باملدينة ولصفية بعد خيرب ‪.‬‬
‫ـ وتزوج ‪ ‬صفية بنت حىي بن أخطب سيد بىن النضري من ولد هارون ابن عمران أخى‬
‫موسى فهى ابنة نىب وزوجة نىب وكانت من أمجل نساء العاملني وكانت قد صارت له من‬
‫الصفى أمة فأعتقها وجعل عتقها صداقها فصار ذلك سنة لألمة إىل يوم القيامة أن يعتق الرجل‬
‫أمته وجيعل عتقها صداقها فتصري زوجته بذلك فإذا قال أعتقت أمىت وجعلت عتقها صداقها‪7‬‬
‫أو قال جعلت عتق أمىت صداقها صح العتق والنكاح وصارت زوجته من غري احتياج إىل‬
‫حتديد عقد وال وىل وهو ظاهر مذهب أمحد وكثري من أهل احلديث ‪.‬‬
‫وقالت طائفة هذا خاص بالنىب ‪ ‬وهو مما خصه اهلل به ىف النكاح دون األمة وهذا قول‬
‫األئمة الثالثة ومن وافقهم‪ 7‬والصحيح القول األول ألن األصل عدم اإلختصاص حىت يقوم عليه‬
‫ني)‬ ‫ِ ِِ‬ ‫دليل واهلل سبحانه ملا خصه بنكاح املوهوبة له قال فيها ‪( :‬خالِصةً لَّ َ ِ‬
‫ك من ُدون الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫َ َ‬
‫(األحزاب ‪ ، )50 :‬ومل يقل هذا ىف املعتقة وال قاله رسول اهلل ‪ ‬ليقطع تأسى األمة به ىف‬
‫ذلك فاهلل سبحانه أباح له نكاح امرأة من تبناه لئال يكون على األمة حرج ىف نكاح أزواج‬
‫من تبنوه فدل على أنه إذا نكح نكاحاً فألمته التأسى به فيه ما مل يأت عن اهلل ورسوله نص‬
‫باالختصاص وقطع لتأسى وهذا ظاهر ‪.‬‬
‫ـ مث تزوج ميمونة بنت احلارث اهلاللية وهى آخر من تزوج هبا تزوجها مبكة ىف عمرة القضاء‬
‫بعد أن حل منها على الصحيح وقيل قبل إحالله هذا قول ابن عباس ووهم‪ ‬فإن السفري‬
‫بينهما بالنكاح أعلم اخللق بالقصة وهو أبو رافع وقد أخرب أنه تزوجها حالالً وقال كنت أنا‬
‫السفري بينهما وابن عباس إذ ذاك له حنو العشر سنني أو فوقها‪ 7‬وكان غائباً عن القصة مل‬
‫حيضرها وأبو رافع‪ 7‬رجل بالغ وعلى يده دارت القصة وهو أعلم هبا وال خيفى أن مثل هذا‬
‫الرتجيح موجب للتقدمي وماتت ىف أيام معاوية وقربها بـ "سرف" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪18‬‬

‫ـ قيل ومن أزواجه رحيانة بنت زيد النضرية وقيل القرظية سبيت يوم بىن قريظة فكانت صفى‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فأعتقها وتزوجها مث طلقها تطليقة مث راجعها ‪.‬‬
‫وقالت طائفة بل كانت أمته وكان يطؤها مبلك اليمني حىت توىف عنها فهى معدودة ىف‬
‫السرارى‪ 7‬ال ىف الزوجات والقول األول اختيار الواقدى ووافقه عليه شرف الدين الدمياطى ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬هو األثبت عند أهل العلم وفيما قاله نظر فإن املعروف أهنا من سراريه وإمائه ‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫فهؤالء نساؤه املعروفات الالتى دخل هبن وأما من خطبها ومل يتزوجها ومن وهبت نفسها‬
‫له ومل يتزوجها فنحو أربع أو مخس ‪ ،‬وقال بعضهم هن ثالثون امرأة وأهل العلم بسريته‬
‫وأحواله ‪ ‬ال يعرفون هذا بل ينكرونه ‪ ،‬واملعروف عندهم أنه بعث إىل اجلونية ليتزوجها‬
‫فدخل عليها ليخطبها فاستعاذت منه فأعاذها ومل يتزوجها وكذلك الكلبية وكذلك الىت رأى‬
‫بكشحها بياضاً فلم يدخل هبا والىت وهبت نفسها له فزوجها غريه على سور من القرآن هذا‬
‫هو احملفوظ ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫وال خالف أنه ‪ ‬توىف عن تسع وكان يقسم منهن لثمان عائشة وحفصة وزينب بنت‬
‫جحش وأم سلمة وصفية وأم حبيبة وميمونة وسودة وجويرية ‪.‬‬
‫وأول نسائه حلوقاً به بعد وفاته ‪ ‬زينب بنت جحش سنة عشرين وآخرهن موتاً أم سلمة‬
‫سنة اثنتني وستني ىف خالفة يزيد ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬

‫ـ أما سراريه ‪: ‬‬


‫فقال أبو عبيدة ‪ :‬كان له أربع ‪ :‬مارية وهى أم ولده إبراهيم ورحيانة وجارية أخرى مجيلة‬
‫أصاهبا ىف بعض السىب وجارية وهبتها له زينب بنت جحش (‪. )1‬‬
‫ـ الزواج فى الجاهلية ‪:‬‬
‫وكان الزواج‪ 7‬ىف اجلاهلية على أربعة أوجه ‪:‬‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )105\1‬بتصرف ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪19‬‬

‫ـ فنكاح منها نكاح الناس اليوم خيطب الرجل إىل الرجل وليته أو ابنته فيصدقها مث ينكحها‬
‫‪.‬‬
‫ـ ونكاح آخر ‪ :‬كان الرجل يقول المرأته إذا طهرت من طمثها أرسلى إىل فالن‬
‫فاستبضعى (‪ )2‬منه ‪ ،‬ويعتزهلا زوجها وال ميسها أبدا حىت يتبني محلها من ذلك الرجل الذى‪7‬‬
‫تستبضع منه فإذا تبني محلها أصاهبا زوجها إذا أحب وإمنا يفعل ذلك رغبة ىف جنابة الولد‬
‫فكان هذا النكاح نكاح االستبضاع ‪.‬‬
‫ـ ونكاح آخر جيتمع‪ 7‬الرهط ما دون العشرة فيدخلون على املرأة كلهم يصيبها فإذا محلت‬
‫ووضعت ومر عليها ليال بعد أن تضع محلها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن ميتنع‬
‫حىت جيتمعوا عندها تقول هلم قد عرفتم الذى‪ 7‬كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فالن‬
‫تسمى من أحبت بامسه فيلحق به ولدها ال يستطيع أن ميتنع منه الرجل ‪.‬‬
‫ـ والنكاح الرابع‪ : 7‬جيتمع الناس الكثري فيدخلون على املرأة ال متتنع ممن جاءها وهن البغايا‬
‫كن ينصنب على أبواهبن رايات تكون علماً فمن أرادهن دخل عليهن فإذا محلت إحداهن‬
‫ووضعت محلها مجعوا هلا ودعوا هلم القافة مث أحلقوا ولدها بالذى يرون فالتاط به ودعى ابنه ال‬
‫ميتنع من ذلك ‪ ،‬فلما بعث حممد‪ ‬باحلق هدم نكاح اجلاهلية كله إال نكاح الناس اليوم‪. )1( 7‬‬
‫ـ أسس اختيار الزوجة ‪:‬‬
‫ْ)‬
‫ُم‬‫ْك‬‫َت‬
‫َب‬ ‫ْج‬‫َع‬
‫ْأ‬ ‫ََلو‬
‫ٍو‬ ‫َة‬‫ِك‬‫مشْر‬‫من ُّ‬ ‫ْر‬
‫ٌ ِّ‬ ‫َي‬‫ةخ‬‫ٌَ‬‫ِن‬‫ْم‬‫مؤ‬ ‫مٌ‬
‫ة ُّ‬ ‫قال تعاىل ‪( :‬و‬
‫َألََ‬
‫َن‬‫َّ أ‬
‫ُن‬ ‫َك‬ ‫ِن طَّ‬
‫َلق‬ ‫هإ‬ ‫بُ‬ ‫َسَى ر‬
‫َُّ‬ ‫(البقرة ‪ ، )221 :‬وقال تعاىل ‪( :‬ع‬
‫َاتٍ‬‫ِن‬‫ْم‬ ‫َاتٍ ُّ‬
‫مؤ‬ ‫ِم‬
‫مسْل‬ ‫ُن‬
‫َّ ُ‬ ‫منك‬‫ًا ِّ‬‫ْر‬‫َي‬‫ًا خ‬‫َاج‬ ‫ْو‬‫َز‬
‫هأ‬ ‫ْدَ‬
‫ِلُ‬ ‫يب‬ ‫ُ‬
‫َاتٍ‬‫ِّب‬
‫ثي‬‫َاتٍ َ‬ ‫ِح‬‫داتٍ سَائ‬ ‫َِ‬‫َاب‬ ‫َاتٍ ع‬ ‫ِب‬‫تائ‬ ‫َاتٍ َ‬ ‫ِت‬‫َان‬ ‫ق‬
‫ن‬ ‫ًا) (التحريم ‪ ، )5 :‬وقال تعالى ‪( :‬إ‬
‫َِّ‬ ‫َار‬ ‫بك‬‫َْ‬‫َأ‬ ‫و‬
‫َاتِ‬ ‫ِن‬
‫ْم‬‫ُؤ‬‫الم‬
‫َ ْ‬‫َو‬ ‫ِين‬ ‫ِن‬‫ْم‬‫ُؤ‬‫الم‬
‫َ ْ‬ ‫َاتِ و‬ ‫ِم‬‫ُسْل‬
‫الم‬‫َ ْ‬ ‫َو‬ ‫ِين‬‫ِم‬‫ُسْل‬ ‫الم‬
‫ْ‬
‫َاتِ‬‫ِق‬ ‫َّاد‬
‫َالص‬ ‫َو‬ ‫ِين‬ ‫ِق‬‫َّاد‬‫َالص‬ ‫َاتِ و‬‫ِت‬ ‫َان‬ ‫الق‬
‫َ ْ‬‫َو‬ ‫ِين‬‫ِت‬‫َان‬ ‫الق‬‫َ ْ‬ ‫و‬
‫َاتِ‬‫ِع‬ ‫الخَاش‬
‫َ ْ‬‫َو‬ ‫ِين‬ ‫ِع‬‫الخَاش‬‫َ ْ‬ ‫َاتِ و‬‫ِر‬ ‫َّاب‬‫َالص‬ ‫َو‬ ‫ِين‬‫ِر‬‫َّاب‬ ‫َالص‬ ‫و‬

‫(‪ )2‬من المباضعة ‪ ،‬أى الجماع ‪.‬‬


‫(‪ )1‬انظر البخارى (‪. )1970\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪20‬‬

‫َاتِ‬ ‫ِم‬ ‫َّائ‬ ‫َالص‬ ‫َو‬ ‫ِين‬ ‫ِم‬ ‫َّائ‬ ‫َالص‬ ‫َاتِ و‬ ‫دق‬ ‫َص‬
‫َِّ‬ ‫ُت‬ ‫الم‬ ‫َ ْ‬ ‫َو‬ ‫ِين‬ ‫دق‬ ‫َِّ‬‫َص‬ ‫ُت‬ ‫الم‬ ‫َ ْ‬ ‫و‬
‫َع َّد اللَّهُ هَلُم‬ ‫الذاكِ ِرين اللَّه َكثِريا و َّ ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُفروجهم واحْل افِظَ ِ‬
‫الذاكَرات أ َ‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ات‬ ‫ِين ُ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ِظ‬ ‫َاف‬ ‫الح‬ ‫َ ْ‬ ‫و‬
‫يما) (األحزاب ‪. )35 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجًرا َعظ ً‬ ‫َّم ْغفَر ًة َوأ ْ‬
‫ـ روى البخارى‪ 7‬عن أىب هريرة‪ ‬عن النىب ‪ ‬قال ‪ُ " :‬تْن َك ُح الْ َم ْرأَةُ أِل َْربَ ٍع لِ َماهِلَا َوحِلَ َسبِ َها‬
‫ِ‬ ‫هِل ِ ِ ِ‬
‫ت يَ َد َاك " (‪. )2‬‬‫َومَجَا َا َولدين َها فَاظْ َف ْر بِ َذات الدِّي ِن تَ ِربَ ْ‬
‫ـ قوله ‪ُ :‬تْن َك ُح الْ َم ْرأَةُ أِل َْربَ ٍ‪7‬ع ‪ :‬أى ألجل أربع ‪.‬‬
‫ـ قوله ‪ :‬لِ َماهِلَا َوحِلَ َسبِ َها ‪ :‬احلسب ىف األصل الشرف باآلباء وباألقارب مأخوذ من احلساب‬
‫ألهنم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر أبائهم وقومهم وحسبوها ‪ ،‬وقيل املراد باحلسب‬
‫هنا الفعال احلسنة ‪.‬‬
‫ويؤخذ منه أن الشريف النسيب‪ 7‬يُستحب له أن يتزوج نسيبه إال أن تعارض نسيبه غري ديّنة‬
‫وغري نسيبة دينة فتقدم ذات الدين وهكذا ىف كل الصفات ‪ ،‬وأما قول بعض الشافعية ‪:‬‬
‫"يستحب أن ال تكون املرأة ذات قرابة قريبة" فإن كان مستنداً إىل اخلرب فال أصل له أو إىل‬
‫التجربة وهو أن الغالب أن الولد‪ 7‬بني القريبني يكون أمحق فهو متجه (‪. )1‬‬
‫ـ قوله ‪َ :‬ومَجَاهِلَا ‪ :‬يؤخذ منه استحباب تزوج اجلميلة إال أن تعارض اجلميلة الغري دينة والغري‬
‫مجيلة الدينة نعم لو تساوتا ىف الدين فاجلميلة أوىل ويلتحق باحلسنة الذات‪ 7‬احلسنة الصفات‬
‫ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق ‪.‬‬
‫ات الدِّي ِن ‪ ،‬ىف حديث جابر ‪" :‬فعليك بذات الدين" واملعىن أن الالئق‬ ‫ـ قوله ‪ :‬فَاظْ َفر بِ َذ ِ‬
‫ْ‬
‫بذى الدين واملروءة أن يكون الدين مطمح نظره ىف كل شئ ال سيما فيما تطول صحبته‬
‫فأمره النىب ‪ ‬بتحصيل صاحبة الدين الذى هو غاية البغية ‪.‬‬
‫ت يَ َد َاك ‪ :‬أى لصقتا بالرتاب ‪ ،‬وهى كناية عن الفقر وهو خرب مبعىن الدعاء‬ ‫ـ قوله ‪ :‬تَ ِربَ ْ‬
‫لكن ال يراد به حقيقته وهبذا‪ 7‬جزم صاحب العمدة زاد غريه أن صدور‪ 7‬ذلك من النىب ‪ ‬ىف‬
‫حق مسلم ال يستجاب لشرطه ذلك على ربه ‪ ،‬وحكى بن العرىب أن معناه استغنت ورد بان‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )1958\5‬ومسلم (‪. )1086\2‬‬
‫(‪ )1‬كذا فطن أهل العلم من المسلمين منذ زمن إلى اآلثار المترتبة على زواج األقارب وحذروا منها ‪ ،‬حتى جاء العلم الحديث مؤيداً لمقالتهم وما ذهبوا إليه ‪.‬‬
‫ـ ويجدر بنا هنا التنبيه إلى خضوع الزوجين إلى الكشف قبل الزواج دفعا ً ألية آثار جانبية قد تظهر بعد الزواج فى حاالت بعينها‪. S‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪21‬‬

‫املعروف اترب إذا استغىن وترب إذا افتقر ووجه بأن الغىن الناشئ عن املال تراب ألن مجيع ما‬
‫ىف الدنيا‪ 7‬تراب وال خيفى بعده وقيل معناه ضعف عقلك وقيل افتقرت من العلم وقيل فيه‬
‫تقدير شرط أى وقع لك ذلك إن مل تفعل ورجحه بن العرىب وقيل معىن افتقرت خابت (‪. )2‬‬
‫(وأل ََمةٌ‬
‫فأول الشروط وأمهها الىت جيب أن تتوفر ىف الزوجة ‪ :‬الدين ‪،‬كما قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ُّمؤ ِمنةٌ خير ِّمن ُّم ْش ِر َك ٍة ولَو أَعجبْت ُكم ) (البقرة ‪ )221 :‬ولقوله تعاىل ‪( :‬والطَّيِّب ِ‬
‫ات للطَّيِّبِ َ‬
‫ني‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ْ ْ ََ ْ‬ ‫ْ َ ٌَْ‬
‫ظ اللّهُ)‬ ‫ب مِب َا َح ِف َ‬‫ات لِّْلغَْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوالطَّيِّبُو َن للطَّيِّبَات ( (النور ‪ ، )26 :‬وقوله تعاىل ‪( :‬قَانتَ ٌ‬
‫ات َحافظَ ٌ‬
‫رجوت منها اخلري ‪ ،‬وأول مظاهر تدين املرأة‬ ‫َ‬ ‫(النساء‪ ، )35 :‬فإهنا إن كانت على دين‬
‫رجوت‬
‫َ‬ ‫"الصالة" ‪ ،‬وهى الصلة بني العبد‪ 7‬وربه ‪ ،‬فإن كانت على صلة طيبة بينها وبني رهبا‬
‫منها أن تكون على صلة طيبة بينك وبينها ـ وهلل املثل األعلى ـ فمن فرطت ىف أمر رهبا وحقه‬
‫ال عيب عليها إن فرطت ىف أمر وحق زوجها !! ‪ ،‬ومن رضى أن تكون زوجته مفرطة ىف أمر‬
‫رهبا وفرضه فال يلومن إال نفسه إن هى فرطت ىف حقه ومل حتافظ على بيته ‪.‬‬
‫ـ وإذا ك‪7‬انت الزوجة ذات دين فهى على خلق ‪ ،‬وه‪7‬ذا ب‪7‬ديهى ‪ ،‬فال‪7‬دين اإلس‪7‬المى وهو دين‬
‫الوس‪77‬طية من يعتنقه يك‪77‬ون بني اإلف‪77‬راط والتفريط‪ ، 7‬فال هى مفرطة ىف ت‪77‬دينها وال هى مفرطة ىف‬
‫دينها ‪ ،‬وتراها وقد ختلقت خبلق القرآن الكرمي ‪ ،‬من حجاب ومعامالت وحديث وغري ه‪77‬ذا مما‬
‫فرضه القرآن الكرمي على املرأة ‪.‬‬
‫رغب النىب‪ ‬ىف اجلمال فقال ‪" :‬إِ َّن اللَّهَ‬ ‫وإذا انضم إىل الدين اجلمال فبها ونعمت‪ ، 7‬وقد َّ‬
‫ال" (‪ ، )1‬وقوله‪ ‬وقد سئل ‪" :‬أى النساء خري ؟ قال ‪" :‬الَّيِت تَ ُسُّرهُ إِ َذا نَظََر‬ ‫ب اجْلَ َم َ‬ ‫يل حُيِ ُّ‬
‫مَج ٌ‬
‫ِ‬
‫َوتُ ِطيعُهُ إِ َذا أ ََمَر َواَل خُتَالُِفهُ يِف َن ْف ِس َها َو َماهِلَا مِب َا يَ ْكَرهُ" (‪ ، )2‬واملرأة املتدينة اجلميلة نور على نور‬
‫‪ ،‬وإن كانت ذات مال وحسب فقد مجعت من صفات اخلري الكثري ‪.‬‬
‫ود‬
‫ـ ومن الصفات املطلوبة(‪)3‬ىف الزوجة أن تكون ودوداً ولوداً ‪ ،‬كما قال‪َ " : ‬تَز َّو ُجوا الْ َولُ َ‬
‫ود فَِإيِّن ُم َكاثٌِر بِ ُك ْم" ‪.‬‬
‫الْ َو ُد َ‬

‫(‪ )2‬انظر فتح البارى (‪ )136\5‬بتصرف ‪.‬‬


‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪22‬‬

‫ِ ٍ ِ‬
‫َحنَاهُ َعلَى‬ ‫"خْي ُر ن َساء َركنْب َ اإْلِ بِ َل أ ْ‬
‫ـ ومنها أيضاً ‪ :‬أن تكون ذات عطف وحنان لقوله‪َ : ‬‬
‫ات يَ ِد ِه" (‪. )1‬‬ ‫ِط ْف ٍل وأَرعاه علَى زو ٍج يِف ذَ ِ‬
‫َ ْ َ ُ َ َْ‬
‫ك وتُاَل ِعبها وتُض ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫اح ُك َ‬ ‫ـ أن تكون بكراً ‪ :‬لقوله‪ ‬جلابر ‪" : ‬أَاَل َتَز َّو ْجَت َها بِ ْكًرا تُاَل عبُ َ َ ُ َ َ َ‬
‫اح ُك َها" (‪. )2‬‬‫وتُض ِ‬
‫َ َ‬
‫وصح عن أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ وعن أبيها أهنا قالت يوماً لرسول اهلل ‪ ‬ـ‬ ‫ـ َّ‬
‫ت لَ ْو‬ ‫وهى تشري إىل زواجه منها ‪ ،‬وهى البكر الىت مل يتزوج رسول اهلل‪ ‬غريها بكراً ـ ‪" :‬أ ََرأَيْ َ‬
‫ت ُت ْرتِ ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ت َش َجًرا مَلْ يُ ْؤ َك ْل مْن َها يِف أَِّي َها ُكْن َ‬‫ت َواديًا َوفيه َش َجَرةٌ قَ ْد أُك َل مْن َها َو َو َج ْد َ‬ ‫َنَزلْ َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬مَلْ َيَتَز َّو ْج بِ ْكًرا َغْيَر َها" (‪. )3‬‬
‫َن َر ُس َ‬‫ال يِف الَّ ِذي مَلْ يُْرتَ ْع ِمْن َها َت ْعيِن أ َّ‬
‫بَعِ َري َك قَ َ‬
‫ـ فان كانت هناك قرينة تدعو إىل نكاح الثيب‪ 7‬فبها ونعمت‪. 7‬‬
‫ـ ومن طريف ما روى ىف الفرق بني الثيب‪ 7‬والبكر أن جارية عرضت على اخلليفة املتوكل‬
‫فقال هلا ‪ :‬أبكر أنت أم أيش ؟ قال ‪ :‬أيش يا أمري املؤمنني ! ‪.‬‬
‫ـ واشرتى أحدهم جارية فسأهلا ‪ :‬ما أحسبك إال بكراً ! فقالت له ‪ :‬لقد كثرت الفتوح ىف‬
‫زمان الواثق ! ‪.‬‬
‫ـ وقال أحدهم جلارية ‪ :‬أبكر أنت ؟ قالت‪ : 7‬نعوذ باهلل من الكساد (تعىن الثيوبة) ! ‪.‬‬
‫ـ وعرضت على أحدهم جاريتان بكر وثيب فمال إىل البكر ‪ ،‬فقالت‪ 7‬الثيب ‪ :‬أما رغبت‬
‫(وإِ َّن َي ْو ًما‬
‫فيها وما بيىن وبينها إال يوم ـ تعىن أهنا ليلة بني البكر وكوهنا تكون ثيب ـ فقال هلا ‪َ :‬‬
‫ف َسنَ ٍة مِّمَّا َتعُدُّو َن) (احلج ‪. )47 :‬‬ ‫ك َكأَلْ ِ‬ ‫ِع َ‬
‫ند َربِّ َ‬
‫ـ أن تكون ممن ترىب على مائدة القرآن والسنة ‪ ،‬ال ممن ترىب على مائدة الشرق والغرب ‪،‬‬
‫الىت جترى وتلهث خلف كل ما هو جديد ىف عامل املوضة واألزياء واملناكري ‪ ،‬ودنيا‬
‫"الكاسيت" واملطربني وتأخذ سنتها وقدوهتا من املطربني واملطربات والراقصني والراقصات‬
‫واملمثلني واملمثالت ‪ ،‬فاحلذر أخى من اإلقرتان بفتاة مل ختتمر خبمار‪ 7‬رهبا ‪ ،‬وقدمت‪ 7‬عليه مخار‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1955\5‬ومسلم (‪. )1959\4‬‬


‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪. )1953\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪23‬‬

‫فعراها ومل يسرتها ‪ ،‬وجعلها سلعة معروضة لكل ذى عينني‬‫أهل الفن والدعارة واجملون َّ‬
‫لينظرها ‪ ،‬وشفتني ليحدثها وميازحها ويهاتفها ‪ ،‬ويدين ىف الطريق واملواصالت يتحسسها ‪،‬‬
‫فاظفر بذات الدين تربت يداك (‪. )1‬‬

‫ـ ومن مواصفات الزوجة الصالحة أيضاً من ‪:‬‬


‫ـ الىت حتسن اإلستماع إىل زوجها وتعينه على طاعة اهلل‪ ، ‬الرقيقة الطيبة احلانية الزاهدة‬
‫السترية الراضية الرزينة الطاهرة العفيفة خفية الصوت الودودة احلليمة الرفيقة َمن ليست‬
‫باحلنانة (‪ )1‬أو املنانة (‪ )2‬أو األنانة (‪ )3‬أو النقارة أو الرباقة‪ 7‬أو اخلداعة أو الكذابة‪ 7‬أو احلداقة (‪ )4‬أو‬
‫الشداقة (‪ )5‬أو اللعوب أو املتفاكهة أو املتواكلة أو الكسولة أو املتهتكة أو العاهرة أو العصبية‬
‫أو اخليالية أو العنيدة أو الساذجة ‪ ،‬وال متمرضة ‪ ،‬وال متشدقة ‪ ،‬وال تفرط ىف زينتها ‪ ،‬وال‬
‫مهملة لنفسها ومجاهلا ‪.‬‬
‫ـ هذا وال حرج ىف عرض الرجل ابنته أو أخته على من يرى فيه الصالح ‪ ،‬فقد عرض‬
‫ك‬‫ُنك َح َ‬ ‫يد أَ ْن أ ِ‬ ‫ال إِيِّن أُِر ُ‬‫شعيب إبنته على موسى عليهما السالم كما أخرب تعاىل عنه قوله ‪( :‬قَ َ‬
‫إِ ْح َدى ْابنَيَتَّ َهاَتنْي ِ ) (القصص ‪ )27 :‬اآلية ‪.‬‬
‫ـ وقد عرض الفاروق عمر ‪ ‬ابنته حفصة للزواج بعدما مات زوجها ‪ ،‬كما روى البخارى‪7‬‬
‫ت َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫ضُ‬ ‫يت عُثْ َما َن بْ َن َع َّفا َن َف َعَر ْ‬
‫وغريه عن عمر بن اخلطاب وقد تأميت ابنته ‪ ‬يقول ‪َ " :‬فلَق ُ‬
‫ِ‬
‫ال َسأَنْظُُر يِف أ َْم ِري ‪َ ،‬فلَبِثْ ُ‬
‫ت لَيَايِل َ ‪،‬‬ ‫صةَ بِْن َ‬
‫ت عُ َمَر ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت أَنْ َك ْحتُ َ‬
‫ك َح ْف َ‬ ‫ت إِ ْن شْئ َ‬
‫صةَ َف ُق ْل ُ‬
‫َح ْف َ‬
‫(‪ )1‬ففى أثناء كتابة هذه السطور يتعرض أحدهم لفسخ خطوبته الثالثة فى خالل عام واحد ‪ ،‬فبعد أن انهى عالقته بمخطوبته األولى ـ رغم كونها‪ S‬ذات دين وخلق‬
‫‪ ،‬وال اعلم سببا ً مقنعاً‪ S‬لديه لفسخ تلك الخطبة ـ عرضت عليه أخته فتاة ‪ :‬ال تصلى ‪ ،‬متبرجة سافرة ‪ ،‬وال أظن األهل أصحاب صالة ودين لبعض ما شهدته‬
‫عندهم ‪ ،‬ثم إذا به يكتشف أنها على عالقة ـ صداقة ! ـ بشخص آخر ! فأنهى عالقته بها ‪ ،‬والن البيت بيت لم تحطه سياج الدين والعفة واآلداب اإلسالمية ‪،‬‬
‫فكان يجالس أختها ويمازحها ويضاحكها ‪ ،‬لما ال وهى أخت خطيبته والكل اخوات وحبايب‪" ، !! S‬فوقع" فى حبها من "النظرة األولى" ‪ ،‬وألقت الفتاة شباكها‬
‫عليه ‪ ،‬حتى جاءنى يوما ً ليقص على مدى تعلقه بها وحبه لها ‪ ،‬فحذرته أن يكون اإلناء واحد ! وقلت له ‪ :‬اخشى عليك ان تكون تلك الفتاة قد رضعت من نفس‬
‫االناء فتكون كأختها ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال ال ‪ ،‬إنها مختلفة تماما ً عن اختها ‪ ،‬قلت له ‪ :‬ولكنها ال تصلى ‪ ،‬وأنت والحمد هلل من أهل الصالة ‪ ،‬فال يغرنك‪ S‬منها معسول‬
‫الكالم واألمل فى صالتها ‪ ،‬قال بلسان الحال ـ وكما يقول كثير من شبابنا الطيب ‪ :‬لعلى أكون سببا ً فى "شدها" هدايتها إلى طريق ربها ‪ ،‬وبدالً من أن تشدها‬
‫أنت ألعلى تهوى هى بك ألسفل ـ لعلى أكون سببا ً فى التزامها بدبنها وصالتها ‪ ،‬حتى فوجئت به منذ أيام قليلة ومع حلول شهر رمضان المبارك يكلمنى هاتفيا ً‬
‫قائالً ‪ :‬لقد أنهيت عالقتى بالفتاة واختها ! كيف يا أخى وقد كنتَ تهيم حبا ً بها ؟ قال ‪ :‬لقد اكتشفت عالقتها بأكثر من شاب ‪ ،‬والكل عنده رقم الهاتف والمواعيد‬
‫والتنزه والخروج ووووو‪. S‬‬
‫(‪ )1‬التى تحن إلى زوج آخر غير زوجها ‪ ،‬أو من تقارن بينه وبين غيره ‪.‬‬
‫(‪ )2‬كثيرة‪ S‬المن على زوجها بما فعلت ‪.‬‬
‫(‪ )3‬كثيرة‪ S‬األنين والشكوى ‪.‬‬
‫(‪ )4‬التى تشتهى كل تقع عليه حدقتها ‪ ،‬فتكلف زوجها ما ال يطيق ‪.‬‬
‫(‪ )5‬المتشدقة فى كالمها‪ S‬المتقعرة‪ S‬فيه ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪24‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬قَ ْد بَ َدا يِل أَ ْن اَل أََتَز َّو َج َي ْو ِمي َه َذا ‪ ،‬قَ َ‬
‫ت‬‫ت ‪ :‬إِ ْن شْئ َ‬ ‫يت أَبَا بَ ْك ٍر َف ُق ْل ُ‬ ‫ال عُ َم ُر ‪َ :‬فلَق ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫(‪)7‬‬
‫ت َعلَْي ِه أ َْو َج َد‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫ت أَبُو بَ ْك ٍر َفلَ ْم َي ْر ِج ْع إِيَلَّ َشْيئًا‬
‫ص َم َ‪7‬‬
‫ت عُ َمَر ‪ ،‬فَ َ‬ ‫صةَ بِْن َ‬
‫ك َح ْف َ‬ ‫أَنْ َك ْحتُ َ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬فَأَنْ َك ْحُت َها إِيَّاهُ ‪َ ،‬فلَ ِقيَيِن أَبُو بَ ْك ٍر َف َق َ‬ ‫ت لَيَايِل َ مُثَّ َخطََب َها َر ُس ُ‬‫ميِّن َعلَى عُثْ َما َن ‪َ ،‬فلَبِثْ ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬فَِإنَّهُ مَلْ‬ ‫ت ‪ :‬نَ َع ْم ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ك ‪ُ ،‬ق ْل ُ‬ ‫صةَ َفلَ ْم أ َْرج ْع إِلَْي َ‬ ‫ت َعلَ َّي َح ْف َ‬‫ضَ‬ ‫ني َعَر ْ‬ ‫ت َعلَ َّي ح َ‬ ‫ك َو َج ْد َ‬ ‫لَ َعلَّ َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬قَ ْد ذَ َكَر َها َفلَ ْم أَ ُك ْن‬ ‫ِ‬ ‫مَيْنعيِن أَ ْن أَر ِجع إِلَي ِ‬
‫َن َر ُس َ‬ ‫ت أ َّ‬‫ت إِاَّل أَيِّن قَ ْد َعل ْم ُ‬‫ضَ‬ ‫يما َعَر ْ‬ ‫كفَ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َْ‬
‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬ولَ ْو َتَر َك َها لََقبِْلُت َها" (‪. )1‬‬
‫أِل ُفْ ِشي ِسَّر رس ِ‬
‫َ َُ‬
‫ـ ومل يزل هذا األمر منذ رسول اهلل‪ ‬مث صحابته الكرام رضوان‪ 7‬اهلل عليهم أمجعني من بعده‬
‫‪ ،‬حىت سلّمه الصحابة إىل التابعني وتابعى التابعني ‪ ،‬فقد ذكرت كتب السري عن عبد اهلل بن‬
‫وداعة قال ‪ :‬كنت أجالس سعيد بن املسيب فتفقدىن أياماً (‪ ، )2‬فلما أتيته قال ‪ :‬أين كنت ؟‬
‫قلت ‪ :‬توفيت زوجىت فاشتغلت هبا ‪ ،‬قال ‪ :‬هال أخربتنا فشهدناها‪ 7‬؟ قال ‪ :‬مث أردت أن أقوم‬ ‫ُ‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬هل استحدثت‪ 7‬امرأة ؟ فقلت ‪ :‬يرمحك اهلل تعاىل ‪ ،‬ومن يزوجىن وما أملك إال‬
‫درمهني أو ثالثاً ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنا (‪ ، )3‬فقلت ‪ :‬وتفعل ؟ ! قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فحمد اهلل تعاىل وصلى‬
‫على النىب‪ ‬وزوجىن على درمهني ـ أو قال ‪ :‬ثالثة ـ قال ‪ :‬فقمت‪ 7‬وما أدرى ما أصنع من الفرح‬
‫‪ ،‬فعدت إىل منزىل وجعلت أفكر ممن آخذ ‪ ،‬ممن أستدين ‪ ،‬فصليت املغرب وانصرفت‪ 7‬إىل‬
‫وكنت صائما ‪ ،‬فقدمت عشائى ألفطر ‪ ،‬وكان خبزاً وزيتاً ‪ ،‬وإذا بالباب‬ ‫ُ‬ ‫منزىل ‪ ،‬فأسرجت ‪،‬‬
‫يقرع ‪ ،‬فقلت ‪ :‬من هذا ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬سعيد ‪ ،‬قال ‪ :‬ففكرت ىف كل إنسان امسه سعيد ‪ ،‬إال‬
‫سعيد بن املسيب ‪ ،‬وذلك أنه مل مير أربعني سنة إال بني داره واملسجد‪ ، 7‬فخرجت إليه ‪ ،‬فإذا‬
‫به سعيد بن املسيب ‪ ،‬فظننت أنه بدا له ـ أى رجع عن رأيه ـ فقلت ‪ :‬يا أبا حممد‪ : 7‬لو أرسلت‬
‫إىل ! ألتيتك ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال ‪ ،‬أنت أحق أن تؤتى ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ماذا تأمر ؟ فقال ‪ ،‬إنك رجالً عزباً‬

‫(‪ )6‬أى لم يتكلم بشئ ‪.‬‬


‫(‪ )7‬أى أكثر وجداً وحزنا ً ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى فقدنى فى مجلسه ‪ ،‬وكان هذا من اآلداب التى يتحلى بها أهل العلم ‪ ،‬وهو تفقدهم أهل مجالستهم ومعرفة حالهم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬وكان لسعيد بن المسيب بنت قد خطبها الخليفة عبد الملك بن مروان البنه الوليد فرفضه سعيد بن المسيب ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪25‬‬

‫فتزوجت ‪ ،‬فكرهت أن تبيت الليلة وحدك ‪ ،‬وهذه امرأتك ‪ ،‬وإذا هى قائمة خلفه ىف طوله ‪،‬‬ ‫َ‬
‫فدفعها ىف الباب ورده ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬مث دخلت هبا ‪ ،‬فإذا هى من أمجل النساء وأحفظ الناس لكتاب اهلل تعاىل وأعلمهم‬
‫لسنة رسول اهلل ‪ ، ‬وأعرفهم حبق الزوج ‪.‬‬
‫ـ وال حرج أيضاً ىف عرض املرأة نفسها على من ترى فيه الزوج الصاحل هلا ‪،‬إذا أمنت‬
‫الفتنة ‪ ،‬وكان الرجل صاحلاً ورعاً ‪ ،‬كما كان من أم املؤمنني خدجية ـ رضى اهلل عنها ـ‬
‫وعرضها نفسها على النىب ‪. ‬‬
‫ـ وهنا ننبه إىل التأىن ىف اختيار زوجة املستقبل ‪ ،‬فالتستحب العجلة دون انتقاء زوجة‬
‫املستقبل ‪ ،‬فما هى املعايري واالسس املوضوعة عند اختيار زوج وزوجة املستقبل ‪.‬‬

‫ـ أسس اختيار الزوج ‪:‬‬


‫ـ أما األسس الىت جيب على كل فتاة أن تضعها نصب عينيها عند قبول من يتقدم خلطبتها ‪،‬‬
‫فأول هذه الشروط واألسس واملعايري ‪ :‬الدين ‪ ،‬فإن صاحب الدين إذا احب املرأة أكرمها ‪،‬‬
‫وإذا كرهها مل يظلمها ‪.‬‬
‫(ولَ َعْب ٌد ُّم ْؤ ِم ٌن َخْيٌر ِّمن ُّم ْش ِر ٍك َولَ ْو أ َْع َجبَ ُك ْم) (البقرة ‪ ، )221 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬ ‫ـ قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ب إِلَْي ُك ْم َم ْن‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫خ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ات ) (النور ‪ ، )26 :‬وقال ‪" : ‬إِ‬ ‫(والطَّيِّبات لِلطَّيِّبِني والطَّيِّبو َن لِلطَّيِّب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫يض"(‪.)1‬‬ ‫اد َع ِر ٌ‬ ‫ض َوفَ َس ٌ‬ ‫ض ْو َن ِدينَهُ َو ُخلَُقهُ َفَز ِّو ُجوهُ إِاَّل َت ْف َعلُوا تَ ُك ْن فِْتنَةٌ يِف اأْل َْر ِ‬
‫َتْر َ‬
‫وقال النىب ‪ ‬لبىن بياضة ‪" :‬أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه ‪ ،‬وكان حجاماً" (‪. )2‬‬
‫ال ‪َ :‬ما َت ُقولُو َن‬ ‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬ف َق َ‬
‫وعن ابن أىب حازم عن أبيه عن سهل قال ‪" :‬مَّر رجل َعلَى رس ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ ٌُ‬
‫ال ‪ :‬مُثَّ‬‫ال أَ ْن يُ ْستَ َم َع ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ب أَ ْن يُْن َك َح َوإِ ْن َش َف َع أَ ْن يُ َش َّف َع َوإِ ْن قَ َ‬ ‫ي إ ْن َخطَ َ‬
‫يِف َه َذا ؟ قَالُوا ‪ :‬ح ِر ٌّ ِ‬
‫َ‬
‫ب‬‫ي إ ْن َخطَ َ‬
‫ال ‪ :‬ما َت ُقولُو َن يِف َه َذا ؟ قَالُوا‪ : 7‬ح ِر ٌّ ِ‬
‫َ‬ ‫ني َف َق َ َ‬ ‫ت ‪ ،‬فَ َمَّر َر ُج ٌل ِم ْن ُف َقَر ِاء الْ ُم ْسلِ ِم َ‪7‬‬ ‫َس َك َ‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى (‪ )1085‬وابن ماجة (‪ )607-606‬والحاكم (‪. )164\2‬‬


‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه البيهقى (‪. )136\7‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪26‬‬

‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬ه َذا َخْيٌر ِم ْن‬


‫ال ‪َ :‬ر ُس ُ‬ ‫أَ ْن اَل يُْن َك َح َوإِ ْن َش َف َع أَ ْن اَل يُ َش َّف َع َوإِ ْن قَ َ‬
‫ال أَ ْن اَل يُ ْستَ َم َع ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ض ِمثْ َل َه َذا" (‪. )1‬‬ ‫ِم ْل ِء اأْل َْر ِ‪7‬‬
‫فالدين أختاه هو "الرتمومرت" الذى‪ 7‬تستطيعني به احلكم على الرجال ‪ ،‬وليس ما ميلك من‬
‫مال أو شهادات ‪ ،‬ولكن إن انضم إىل الدين املال أو املؤهل فبها ونعمت ‪ ،‬وال يُقدم أبداً على‬
‫صاحب الدين صاحب أحدث صيحة ىف قص الشعر ! أو أحدث صيحة ىف عامل املالبس !‬
‫ومن حيفظ األغاىن وال يعى صدره آية من كتاب اهلل تعاىل ‪ ،‬أو حديثاً من أحاديث النىب‪‬‬
‫وال املتخنثني الذين عج هبم الطريق فال تستطيع أن تفرق بني الفىت والفتاة من امللبس أو الشعر‬
‫! وال صاحب الكالم املعسول ‪" ،‬الدبور" الذى يتنقل بني األزهار‪ 7‬لريتشف الرائحة من هذه‬
‫وتلك ‪ ،‬وال من يقف على باب مدرستك ينتظر خروجك لتتنزها معاً خلسة عن األهل ‪ ،‬وال‬
‫من ذاق طعم "القبلة" منك قبل أن حتلى له ‪ ،‬وال من يضع "االسطوانة" ىف حديثك معه‬
‫تليفونياُ ‪ ،‬احلذر احلذر أختاه من تلك الذئاب الضارية ‪ ،‬واعلمى أنه لن يستقيم بيت نال فيه‬
‫الشاب ما أراده من فتاته قبل البناء هبا ‪ ،‬فهو بني شقى رحى ‪ :‬الشك فيها أن تكون مع غريه‬
‫كما كانت له قبل البناء ‪ ،‬وبني إذالهلا بتسليمها نفسها له قبل أن حتل له ‪ ،‬فكوىن على حذر‬
‫أختاه ‪ ،‬وعليك بصاحب الدين الذى‪ 7‬يريد أن يأخذ بيدك إىل ربك وإىل جنته ‪.‬‬
‫فإن كان من محلة كتاب اهلل تعاىل فيُقدم على غريه ‪ ،‬وان كان من أهل الدعوة إىل اهلل‬
‫باملوعظة احلسنة فبها ونعمت‪ ، 7‬فالدين هو األساس الذى عليه تُبىن احلياة الزوجية السعيدة ‪.‬‬
‫اع‬
‫استَطَ َ‬ ‫اب َم ِن ْ‬ ‫ـ أن يكون مستطيعاً لتحمل نفقات الزواج‪ 7‬لقوله‪" : ‬يا م ْع َشر الشَّب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الص ْوِم‬
‫ص ُن لِْل َف ْر ِج َو َم ْن مَلْ يَ ْستَ ِط ْع َف َعلَْي ِه بِ َّ‬ ‫َح َ‬‫ص ِر َوأ ْ‬
‫الْباء َة َف ْليتز َّوج فَِإنَّه أَ َغ ُّ ِ‬
‫ض ل ْلبَ َ‬ ‫َ َ ََ َ ْ ُ‬
‫فَِإنَّهُ لَهُ ِو َجاءٌ" (‪. )1‬‬
‫وكم من شاب "أحب فتاة" ‪ ،‬والتقت‪ 7‬األفكار بعد العيون ‪ ،‬وتناغمت األنفاس تعزف أمجل‬
‫أحلان احلب الذى مل يشهد العامل مثله ‪ ،‬وكم التقت‪ 7‬األحالم ‪ ،‬فريى الشاب احللم ‪ ،‬فيقصه‬
‫"رن" وكانت هى !‬ ‫فكر ىف مكاملتها هاتفياً فيجد اهلاتف قد َّ‬ ‫على فتاته ‪ ،‬فتكمله هى ! كم َّ‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪. )1958\5‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1950\5‬ومسلم (‪. )1018\2‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪27‬‬

‫كم من قصص "احلب" قد منت وترعرعت ىف خيال كثري من الفتيات ‪ ،‬مث إذا جاء احلديث‬
‫عن الزواج‪ 7‬كان سراباً وذهبت األحالم أدراج الرياح ‪ ،‬وحتطمت على صخرة الواقع‪، 7‬‬
‫وأخذت معها ما أخذت من قصص املذلة وذهاب العفة واألدب واحلياء ‪ ،‬مث مل تعد ‪.‬‬
‫ال لَهُ " (‪ )2‬فهذا إذا تقدم للفتاة‬ ‫وك اَل َم َ‬ ‫أما قوله ‪ ‬لفاطمة بنت قيس ‪" :‬أ ََّما ُم َعا ِويَةُ فَ ُ‬
‫ص ْعلُ ٌ‬
‫اثنني من أهل الدين والورع ‪ ،‬فيُقدم صاحب املال على اآلخر ‪ ،‬وال يُرفض صاحب الدين‬
‫لقلة ماله ‪.‬‬
‫ـ ويستحب فيه أيضاً ‪ :‬أن يكون رفيقاً بالنساء لقوله‪ ‬ىف شأن أىب جهم ‪" :‬أ ََّما أَبُو َج ْه ٍم‬
‫صاهُ َع ْن َعاتِِق ِه " (‪ )3‬قالوا‪ : 7‬أى كثري الضرب للنساء ‪.‬‬ ‫ض ُع َع َ‬
‫فَاَل يَ َ‬
‫ـ ويستحب فيه أن يكون مجيل املنظر حسن اهليئة ‪ :‬حىت تُسر الفتاة عند رؤيته فال تنفر منه‬
‫‪.‬‬
‫ـ أن يكون شاباً ‪ :‬فيُقدم على الشيخ العجوز ليحصل التناسب العقلى والعاطفى ‪ ،‬وال‬
‫حرج ىف زواج الشيخ الكبري ممن تصغره ‪ ،‬فرب شيخ عجوز أفضل من مائة شاب ‪.‬‬
‫ـ أن يكون كفؤاً للفتاة ‪ :‬من حيث العمر ‪ ،‬واملستوى التعليمى ـ والدين أوالً ـ والعقلى ‪،‬‬
‫واملادى ‪ ،‬والبدىن ‪ ،‬وحنو هذا ‪.‬‬

‫ـ الكفاءة فى النكاح ‪:‬‬


‫َّاس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُكم ِّمن ذَ َك ٍر َوأُنثَى‬
‫يقول اإلمام ابن القيم رمحه اهلل تعاىل ‪( :‬يَا أَيُّ َها الن ُ‬
‫يم َخبِريٌ) (احلجرات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َج َع ْلنَا ُك ْم ُشعُوبًا َو َقبَائ َل لَت َع َارفُوا‪ 7‬إ َّن أَ ْكَر َم ُك ْم ع َند اللَّه أَْت َقا ُك ْم إ َّن اللَّهَ َعل ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬
‫(والْ ُم ْؤمنُو َن َوالْ ُم ْؤمنَ ُ‬
‫إخ َوةٌ) (احلجرات ‪ )10 :‬وقال ‪َ :‬‬ ‫‪ ، )13‬وقال تعاىل ‪( :‬إِمَّنَا الْ ُم ْؤمنُو َن ْ‬
‫يع َع َم َل‬ ‫ِ‬
‫اب هَلُ ْم َربُّ ُه ْم أَيِّن الَ أُض ُ‬
‫استَ َج َ‬‫ض) (التوبة ‪ ، )71 :‬وقال تعاىل ‪( :‬فَ ْ‬ ‫ض ُه ْم أ َْولِيَاء َب ْع ٍ‬
‫َب ْع ُ‬
‫ِ‬
‫ض) (آل عمران ‪. )195 :‬‬ ‫ض ُكم ِّمن َب ْع ٍ‬ ‫َعام ٍل ِّمن ُكم ِّمن ذَ َك ٍر أ َْو أُنثَى َب ْع ُ‬

‫(‪ )2‬أخرجه مسلم (‪. )1114\2‬‬


‫(‪ )3‬السابق ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪28‬‬

‫ض َل لِ َعَريِب ٍّ َعلَى أ َْع َج ِم ٍّي َواَل‬


‫اح ٌد أَاَل اَل فَ ْ‬ ‫اح ٌد وإِ َّن أَبا ُكم و ِ‬‫ِ‬
‫وقال ‪" : ‬أَاَل إ َّن َربَّ ُك ْم َو َ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫َس َو َد َعلَى أَمْح ََر إِاَّل بِ َّ‬ ‫أِل‬ ‫ِ ِ‬
‫الت ْق َوى" (‪ ، )1‬وىف الرتمذى‬ ‫ل َع َجم ٍّي َعلَى َعَريِب ٍّ َواَل َمْح ََر َعلَى أ ْ‬
‫َس َو َد َواَل أ ْ‬
‫ض‬‫ض ْو َن ِدينَهُ َو ُخلَُقهُ َفَز ِّو ُجوهُ إِاَّل َت ْف َعلُوا تَ ُك ْن فِْتنَةٌ يِف اأْل َْر ِ‬
‫ب إِلَْي ُك ْم َم ْن َتْر َ‬ ‫ِ‬
‫عنه ‪" : ‬إ َذا َخطَ َ‬
‫يض" (‪ ، )2‬وقال النىب‪ ‬لبىن بياضة ‪" :‬أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه وكان حجاماً"‬ ‫اد َع ِر ٌ‬‫َوفَ َس ٌ‬
‫(‪. )3‬‬
‫وزوج النىب ‪ ‬زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مواله وزوج فاطمة بنت‬
‫قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه ‪ ،‬وتزوج بالل بن رباح بأخت عبدالرمحن بن عوف ‪،‬‬
‫ات ) (النور ‪ ، )26 :‬وقد قال تعاىل ‪:‬‬ ‫وقد قال اهلل تعاىل ‪( :‬والطَّيِّبات لِلطَّيِّبِني والطَّيِّبو َن لِلطيِّب ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِّساء) (النساء ‪. )3 :‬‬ ‫ِ‬
‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬ ‫(فَانك ُحواْ َما طَ َ‬
‫فالذى يقتضيه حكمه ‪ ‬اعتبار الدين ىف الكفاءة أصالً وكماالً‪ 7‬فال تزوج مسلمة بكافر وال‬
‫عفيفة بفاجر ومل يعترب القرآن والسنة ىف الكفاءة أمراً وراء ذلك فإنه حرم على املسلمة نكاح‬
‫الزاىن اخلبيث ومل يعترب نسباً وال صناعة وال غىن وال حرية فجوز للعبد الفقري نكاح احلرة‬
‫النسيبة الغنية إذا كان عفيفاً مسلماً ‪ ،‬وجوز لغري القرشيني نكاح القرشيات ‪ ،‬ولغري اهلامشيني‬
‫نكاح اهلامشيات وللفقراء نكاح املوسرات ‪.‬‬
‫وقد تنازع الفقهاء ىف أوصاف الكفاءة فقال مالك ىف ظاهر مذهبه إهنا الدين وىف رواية عنه‬
‫إهنا ثالثة الدين واحلرية والسالمة من العيوب ‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬هى النسب‪ 7‬والدين ‪ ،‬وقال أمحد ىف رواية عنه ‪ :‬هى الدين والنسب‪7‬‬
‫خاصة وىف رواية أخرى هى مخسة الدين والنسب‪ 7‬واحلرية والصناعة واملال ‪ ،‬وإذا اعترب فيها‬
‫النسب فعنه فيه روايتان إحدامها ‪ :‬أن العرب بعضهم لبعض أكفاء ‪ ،‬الثانية ‪ :‬أن قريشاً ال‬
‫يكافئهم إال قرشى وبنو هاشم ال يكافئهم إال هامشى ‪ ،‬وقال أصحاب الشافعى‪ 7‬يعترب فيها‬
‫الدين والنسب‪ 7‬واحلرية والصناعة والسالمة من العيوب املنفرة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد (‪. )411\5‬‬


‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪29‬‬

‫وهلم ىف اليسار‪ 7‬ثالثة أوجه اعتباره فيها وإلغاؤه واعتباره ىف أهل املدن دون أهل البوادى‪7‬‬
‫فالعجمى ليس عندهم كفئاً للعرىب وال غري القرشى للقرشية وال غري اهلامشى للهامشية وال غري‬
‫املنتسبة إىل العلماء والصلحاء املشهورين كفئاً ملن ليس منتسباً إليهما ‪ ،‬وال العبد‪ 7‬كفئاً للحرة‬
‫وال العتيق كفئاً حلرة األصل وال من مس الرق أحد آبائه كفئاً ملن مل ميسها رق وال أحداً من‬
‫آبائها ‪ ،‬وىف تأثري رق األمهات وجهان ‪ ،‬وال من به عيب مثبت للفسخ كفئاً للسليمة منه فإن‬
‫مل يثبت الفسخ وكان منفراً كالعمى والقطع‪ 7‬وتشويه اخللقة فوجهان ‪ ،‬واختار الروياىن أن‬
‫صاحبه ليس بكفء وال احلجام واحلائك واحلارس كفئاً لبنت التاجر واخلياط وحنومها وال‬
‫احملرتف لبنت العامل وال الفاسق كفئاً للعفيفة وال املبتدع للسنية ولكن الكفاءة عند اجلمهور‬
‫هى حق للمرأة واألولياء ‪.‬‬
‫مث اختلفوا فقال أصحاب الشافعى ‪ :‬هى ملن له والية ىف احلال ‪ ،‬وقال أمحد ىف رواية ‪ :‬حق‬
‫جلميع األولياء‪ 7‬قريبهم وبعيدهم فمن مل يرض منهم فله الفسخ ‪ ،‬وقال أمحد ىف رواية ثالثة ‪:‬‬
‫إهنا حق اهلل فال يصح رضاهم بإسقاطه ‪ ،‬ولكن على هذه الرواية ال تعترب احلرية وال اليسار‪7‬‬
‫وال الصناعة وال النسب‪ 7‬إمنا يعترب الدين فقط فإنه مل يقل أمحد وال أحد من العلماء إن نكاح‬
‫الفقري للموسرة باطل وإن رضيت وال يقول هو وال أحد إن نكاح اهلامشية لغري اهلامشى‬
‫والقرشية لغري القرشى باطل وإمنا نبهنا على هذا ألن كثريا من أصحابنا حيكون اخلالف ىف‬
‫الكفاءة هل هى حق هلل أو لآلدمى ويطلقون مع قوهلم إن الكفاءة هى اخلصال املذكورة وىف‬
‫هذا من التساهل وعدم التحقيق ما فيه" (‪. )1‬‬
‫ـ فإذا أراد الرجل أن خيطب فتاة فله أن يرسل أمه أو بعض أهله ـ كأخته مثالً ـ لرييا من‬
‫الفتاة ما يدعوه إىل خطبتها ‪ ،‬من خلق حسن وبيت طيب وحسن معاملة ‪.‬‬
‫إن كان ىف غري الصالح رضاؤها‬ ‫الخري ىف حسن الفتاة وعلمها‬
‫للناس منـها دينـها ووفــاؤهـا‬ ‫فجمـاهلا وقـف عليها إمنـا‬
‫واسـأل عـن الغصن وعـن منبته‬ ‫ـت فكـن حـاذقـاً‬ ‫وإن تزوج َ‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )95\5‬بتصرف ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪30‬‬

‫مـن جيـرة احلـى وذى قربتـه‬ ‫واسأل عـن الصهـر وأحوالـه‬


‫ـ صالة االستخارة ‪:‬‬
‫فإذا وجد الرجل الفتاة الىت يرى فيها أهنا تصلح لتكون شريكة حياته ‪ ،‬وتقدم للفتاة الرجل‬
‫خيطبها ‪ ،‬استخار اهلل تعاىل ىف هذا األمر العظيم ‪ ،‬فيصلى كل منهما صالة االستخارة ‪.‬‬
‫يقول جابر ‪" : ‬كان النىب ‪ ‬يعلمنا االستخارة ىف األمور‪ 7‬كلها كالسورة من القرآن ‪،‬‬
‫يض ِة مُثَّ لَِي ُق ِل اللَّ ُه َّم‬ ‫ِ‬
‫َح ُد ُك ْم بِاأْل َْم ِر َف ْلَي ْر َك ْع َر ْك َعَتنْي ِ م ْن َغرْيِ الْ َف ِر َ‬ ‫ِ‬
‫وصفتها ‪ :‬يقول ‪ : ‬إذَا َه َّم أ َ‬
‫ك َت ْق ِد ُر َواَل أَقْ ِد ُ‪7‬ر‬ ‫ك الْ َع ِظي ِم فَِإنَّ َ‬
‫إِيِّن أَست ِخري َك بِعِْل ِمك وأَست ْق ِدر َك بُِق ْدرتِك وأَسأَلُك ِمن فَ ْ ِ‬
‫ضل َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َْ ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫وب اللَّ ُه َّم إِ ْن ُكْن َ‬
‫ت َت ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫ت َعاَّل م الْغُي ِ‬
‫َن َه َذا اأْل َْمَر ‪ -‬ويسمى األمر ‪-‬‬ ‫َوَت ْعلَ ُم َواَل أ َْعلَ ُم َوأَنْ َ ُ ُ‬
‫آجلِ ِه فَاقْ ُد ْرهُ‪ 7‬يِل َويَ ِّس ْرهُ يِل مُثَّ‬‫اج ِل أَم ِري و ِ‬
‫ْ َ‬
‫ال ع ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخْيٌر يِل يِف دييِن َو َم َعاشي َو َعاقبَة أ َْم ِري أ َْو قَ َ َ‬
‫ال يِف‬ ‫اشي َو َعاقِبَ ِة أ َْم ِري أ َْو قَ َ‬ ‫َن ه َذا اأْل َمر َشٌّر يِل يِف ِدييِن ومع ِ‬
‫َََ‬ ‫َْ‬ ‫ت َت ْعلَ ُم أ َّ َ‬
‫ِِ‬
‫بَا ِر ْك يِل فيه ‪َ ،‬وإِ ْن ُكْن َ‬
‫ث َكا َن مُثَّ أ َْر ِضيِن قَ َ‬ ‫اص ِرفْيِن َعْنهُ َواقْ ُد ْر يِل َ اخْلَْيَر َحْي ُ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫اص ِرفْهُ َعيِّن َو ْ‬‫َعاج ِل أ َْم ِري َوآجله فَ ْ‬
‫اجتَهُ" (‪. )1‬‬
‫َويُ َس ِّمي َح َ‬
‫ـ ويصلى العبد صالة االستخارة ىف أى وقت شاء ‪ ،‬ركعتني ‪ ،‬مث بعد التسليم‪ 7‬يدعو هبذا‪7‬‬
‫الدعاء ‪ ،‬وله أن يكررها وال حرج ىف هذا (‪ ، )2‬فصالة االستخارة دعاء ‪ ،‬وال حرج ىف تكرار‬
‫الدعاء ‪ ،‬وال يلزم بعد االستخارة أن يرى العبد‪ 7‬رؤيا ‪ ،‬بل سريى إما التيسري أو عدمه ‪ ،‬أو‬
‫الراحة النفسية لألمر واإلقدام‪ 7‬عليه أو عدمه‪.‬‬
‫وتصلى الفتاة صالة االستخارة ‪ ،‬فهى تستخري رب العاملني ىف شأن من تقدم خِل طبتها ‪ ،‬إذا‬
‫رأت فيه ما يدعوها إىل قبوله ‪ ،‬ال أن تصلى الفتاة صالة االستخارة عندما يتقدم إليها السكري‬
‫مثالً أو تارك الصالة املفرط ىف أمر دينه ‪ ،‬فإهنا ترفض من البداية أن تربط حياهتا مبن يستهني‬
‫حبقوق ربه عليه ‪ ،‬فكيف له أن حيافظ على حقوقها أو يعطيها إياها ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ‪.‬‬


‫(‪ )2‬وروى فى تكرار صالة االستخارة سبع مرات حديث ولكنه ضعيف ‪ ،‬وللعبد أن يكررها عد َد ما يشاء دون تقييد‪ S‬بوقت أو عدد ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪31‬‬

‫ـ هذا وال جيوز ملن عرف تقدم شاب إىل فتاة ليخطبها أن يتقدم خِل طبتها هو أيضاً ‪ :‬فقد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ب" (‪. )1‬‬ ‫ب َقْبلَهُ أ َْو يَأْذَ َن لَهُ اخْلَاط ُ‬
‫الر ُج ُل َعلَى خطْبَة أَخيه َحىَّت َيْت ُر َك اخْلَاط ُ‬
‫ب َّ‬ ‫هنى‪ ‬أن "خَي ْطُ َ‬
‫ـ كما ال جيوز ِخطبة من توىف عنها زوجها حىت تنتهى عدهتا ‪ ،‬ولكن‬
‫يما‬ ‫ِ‬
‫اح َعلَْي ُك ْم ف َ‬ ‫(والَ ُجنَ َ‬ ‫جيوز للخاطب التعريض باخلطبة هلا ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ِّساء أ َْو أَ ْكنَنتُ ْم ىف أَن ُف ِس ُك ْم َعلِ َم اللّهُ أَنَّ ُك ْم َستَ ْذ ُك ُرو َن ُه َّن‬ ‫عَّر ْ ِِ ِ ِ ِ‬
‫ضتُم به م ْن خطْبَة الن َ‬ ‫َ‬
‫اح‬‫وه َّن ِسًّرا إِالَّ أَن َت ُقولُواْ‪َ 7‬ق ْوالً َّم ْع ُروفًا َوالَ َت ْع ِز ُمواْ عُ ْق َد َة النِّ َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَـكن الَّ ُت َواع ُد ُ‬
‫َجلَهُ) (البقرة ‪ )235 :‬أو للمطلقة املبتوتة ـ وهى الىت طُلقت‬ ‫ِ‬
‫اب أ َ‬‫َحىَّتَ َيْبلُ َغ الْكتَ ُ‬
‫ثالث مرات ـ حلديث اإلمام مسلم أن النىب‪ ‬قال لفاطمة بنت قيس وكانت‬
‫ني‬ ‫وم فَِإنَّه رجل أ َْعمى تَ ِ‬ ‫قد طُلقت ثالث مرات ‪" :‬اعتدِّي ِعْند اب ِن أ ُِّم م ْكت ٍ‬
‫ضع َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ت فَ ِ‬
‫آذنِييِن " (‪. )2‬‬ ‫ك فَِإ َذا حلَْل ِ‬‫ثِياب ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫يقول اإلمام النووى رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬وفيه جواز التعريض ِخبطبة البائن وهو‬
‫الصحيح عندنا ‪.‬‬
‫ـ والتعريض باخلِطبة ‪ :‬كأن يقول الرجل للمرأة وهى ىف عدهتا من وفاة زوجها ‪ :‬إنك على‬
‫لكرمية ‪ ،‬وإىن فيك لراغب ‪ ،‬وان اهلل لسائق إليك خرياً ورزقاً ‪ ،‬أو يقول ‪ :‬إىن أريد التزوج‬
‫ولوددت أنه يُسر ىل امرأة صاحلة ‪ ،‬وحنو هذا ‪.‬‬

‫ـ إباحة النظر إلى وجه المخطوبة والفتاة إلى مخطوبها ‪:‬‬


‫فإذا تقدم خلطبتها فله أن يرى منها الوجه والكفني ‪ :‬روى املغرية بن شعبة أنه خطب امرأة‬
‫ال ‪ ،‬فَانْظُْر إِلَْي َها فَِإنَّهُ أ ْ‬
‫َج َد ُر أَ ْن يُ ْؤ َد َم‬ ‫ت إِلَْي َها ؟ ُق ْل ُ‬
‫ت ‪ :‬اَل ‪ ،‬قَ َ‬ ‫فقال له رسول اهلل‪" : ‬أَنَظَْر َ‬
‫َبْينَ ُك َما"(‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى والنسائى وغيرهما ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪32‬‬

‫اع أَ ْن َيْنظَُر إِىَل‬ ‫ِ‬


‫استَطَ َ‬ ‫َح ُد ُك ُم الْ َم ْرأََة فَِإن ْ‬
‫بأَ‬
‫ِ‬
‫وعن جابر ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪" :‬إ َذا َخطَ َ‬
‫ت ِمْن َها َما‬ ‫ت أَخَتَبَّأُ َ َ َ ْ ُ‬
‫َي‬‫أ‬ ‫ر‬ ‫ىَّت‬‫ح‬ ‫ا‬ ‫هَل‬
‫(‪)2‬‬
‫ت َجا ِريَةً فَ ُكْن ُ‬ ‫ال ‪ :‬فَ َخطَْب ُ‬
‫ما ي ْدعوه إِىَل نِ َك ِ‬
‫اح َها َف ْلَي ْف َع ْل ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫اح َها َوَتَز ُّو ِج َها َفَتَز َّو ْجُت َها" (‪. )3‬‬‫دعايِن إِىَل نِ َك ِ‬
‫ََ‬
‫ـ وعن سهل بن سعد الساعدى‪ 7‬ـ رضى اهلل عنها ـ أن امرأة جاءت إىل رسول اهلل ‪ ‬فقالت‪7‬‬
‫ِ‬ ‫ال َفنَظَر إِلَيها رس ُ ِ‬ ‫ول اللَّ ِه ِجْئت أَهب لَ َ ِ‬
‫ص َّوبَهُ‬
‫ص َّع َد النَّظََر ف َيها َو َ‬ ‫ول اللَّه ‪ ‬فَ َ‬ ‫ك َن ْفسي قَ َ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫‪" :‬يَا َر ُس َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬رأْ َسهُ " (‪. )4‬‬ ‫مُثَّ طَأْطَأَ َر ُس ُ‬
‫صا ِر‬ ‫ِ‬ ‫وعن أىب هريرة ‪ ‬قال ‪ُ " :‬كْن ِ‬
‫َخَبَرهُ أَنَّهُ َتَز َّو َج ْامَرأًَة م َن اأْل َنْ َ‬ ‫ت عْن َد النَّيِب ِّ ‪ ‬فَأَتَاهُ َر ُج ٌل فَأ ْ‬ ‫ُ‬
‫ال لَه رس ُ ِ‬
‫صا ِر َشْيئًا"‬ ‫ب فَانْظُْر إِلَْي َها فَِإ َّن يِف أ َْعنُي ِ اأْل َنْ َ‬‫ال فَا ْذ َه ْ‬‫ال اَل قَ َ‬ ‫ت إِلَْي َها قَ َ‬‫ول اللَّه ‪ ‬أَنَظَْر َ‬ ‫َف َق َ ُ َ ُ‬
‫(‪.)5‬‬
‫ـ وقد ذهب مجهور أهل العلم سلفاً وخلفاً إىل جواز نظر الرجل إىل من يريد ِخطبتها ‪ ،‬إال‬
‫أنه وقع اخلالف بينهم فيما يُنظر إىل املرأة ‪ ،‬فذهب اجلمهور إىل جواز النظر رؤية الوجه‬
‫والكفني ‪ ،‬وعن اإلمام أمحد ثالث روايات ‪ :‬النظر إىل الوجه والكفني ‪ ،‬النظر إىل ما يظهر‬
‫منها غالبا كالرقبة والساقني ‪ ،‬النظر إليها كلها ‪ ،‬وذهب ابن حزم إىل النظر إىل مجيع بدهنا ‪.‬‬
‫ـ فإذا متت املوافقة بني األهل ‪ ،‬فله أن يصلى صالة االستخارة مرة أخرى إن شاء ‪ ،‬ويرتك‬
‫الفتاة لتستخري رهبا فيمن تقدم خلطبتها ‪.‬‬
‫ـ موافقة البكر والثيب‪ 7‬على الزواج‪ : 7‬وتستأذن البكر على من تقدم خلِطبتها ‪ :‬وإذهنا صماهتا‪7‬‬
‫‪ ،‬أما الثيب‪ 7‬فإهنا تستأمر ‪ ،‬لقوله ‪": ‬اَل ُتْن َك ُح اأْل َمِّيُ َحىَّت تُ ْستَأْ َمَر َواَل ُتْن َك ُح الْبِ ْك ُر َحىَّت تُ ْستَأْذَ َن‬
‫ت " (‪ ، )1‬وىف صحيح مسلم ‪" :‬الْبِ ْك ُر تُ ْستَأْ َذ ُن‬ ‫ف إِ ْذنُ َها قَ َ‬ ‫قَالُوا يا رس َ ِ‬
‫ال أَ ْن تَ ْس ُك َ‬ ‫ول اللَّه َو َكْي َ‬ ‫َ َُ‬
‫ِ‬
‫ال َن َع ْم" (‪. )2‬‬ ‫يِف َن ْفس َها َوإِ ْذنُ َها ُ‬
‫ص َما ُت َها قَ َ‬
‫(‪ )2‬كان هذا فى زمن العفة والحشمة والحجاب ‪ ،‬أما اليوم فالخاطب يرى من يريد خطبتها قبل الذهاب إلى بيت أهلها يرى منها الصدر والنحر والساق والساعد‬
‫والرقبة والشعر والوجه والكفين والفخذين والعحيزة "المجسمة" والفرج والدبر "مجسماً" ‪ ،‬وأظنه قد ال يفوته شيئا ً ال يراه فى زمن خلعت فيه نساء المسلمين‬
‫حجاب العفة والطهارة واإلسالم ! فال تستطيع أن تفرق بين فتاة مسلمة وأخرى على ملة غير اإلسالم فى الطريق من تزيى الجميع بزى واحد ‪ ،‬فال حول وال‬
‫قوة إال باهلل ‪ ،‬وكما قيل ‪ :‬كلما زادت المرأة من كشف جسدها كلما كان هذا منها دعوة إلى الزنا بها أكبر وأدعى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود وأحمد ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم وغيره ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1974\5‬ومسلم (‪. )1036\2‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم (‪. )1037\2‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪33‬‬

‫وثبت عنه ىف الصحيحني‪" :‬أن خنساء بنت حذام زوجها أبوها وهى كارهة وكانت ثيباً‬
‫فأتت رسول اهلل ‪ ‬فرد نكاحها" (‪. )3‬‬
‫وىف السنن من حديث ابن عباس ‪" :‬أن جارية بكراً أتت النىب‪ ‬فذكرت له أن أباها زوجها‬
‫وهى كارهة فخريها النىب ‪. )" (4‬‬
‫وهذه غري خنساء فهما قضيتان قضى ىف إحدامها بتخيري الثيب وقضى ىف األخرى بتخيري‬
‫البكر ‪.‬‬
‫وموجب هذا احلكم أنه ال جترب البكر البالغ‪ 7‬على النكاح وال تزوج إال برضاها وهذا قول‬
‫مجهور السلف ومذهب أىب حنيفة وأمحد ىف إحدى الروايات عنه وهو القول الذى ندين اهلل‬
‫به وال نعتقد سواه وهو املوافق حلكم رسول اهلل‪ ‬وأمره وهنيه وقواعد شريعته ومصاحل أمته ‪.‬‬
‫أما موافقته حلكمه فإنه حكم بتخيري البكر الكارهة وليس رواية هذا احلديث مرسلة بعلة‬
‫فيه فإنه قد روى مسنداً ومرسالً (‪ )1‬فإن قلنا قول الفقهاء‪ 7‬إن اإلتصال زيادة ومن وصله مقدم‬
‫على من أرسله فظاهر وهذا تصرفهم ىف غالب األحاديث ‪ ،‬فما بال هذا خرج عن حكم‬
‫أمثاله وإن حكمنا باإلرسال كقول كثري من احملدثني فهذا‪ 7‬مرسل قوى قد عضدته اآلثار‪7‬‬
‫الصحيحة الصرحية والقياس وقواعد‪ 7‬الشرع كما سنذكره فيتعني القول به ‪.‬‬
‫وأما موافقة هذا القول ألمره فإنه قال ‪" :‬والبكر تستأذن" وهذا أمر مؤكد‪ 7‬ألنه ورد بصيغة‬
‫اخلرب الدال‪ 7‬على حتقق املخرب به وثبوته ولزومه واألصل ىف أوامره‪ ‬أن تكون للوجوب ما مل‬
‫يقم إمجاع على خالفه ‪.‬‬
‫"واَل ُتْن َك ُح الْبِ ْك ُر َحىَّت تُ ْستَأْ َذ َن" فأمر وهنى وحكم بالتخيري وهذا‬
‫وأما موافقته لنهيه فلقوله ‪َ :‬‬
‫إثبات للحكم بأبلغ الطرق ‪.‬‬
‫وأما موافقته لقواعد شرعه ‪ :‬فإن البكر البالغة العاقلة الرشيدة ال يتصرف أبوها ىف أقل شئ‬
‫من ماهلا إال برضاها وال جيربها على إخراج اليسري منه بدون رضاها فكيف جيوز أن يرقها‬

‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ )1974\5‬ومسلم ‪.‬‬


‫(‪ )4‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )2096‬وابن ماجة (‪ )1875‬وأحمد(‪. )2469‬‬
‫(‪ )1‬أخرجهما الدارقطنى (‪. )234\3‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪34‬‬

‫وخيرج بضعها منها بغري رضاها إىل من يريده هو وهى من أكره الناس فيه وهو من أبغض‬
‫شئ إليها ومع هذا فينكحها إياه قهراً" بغري رضاها إىل من يريده وجيعلها أسرية عنده كما قال‬
‫ِّس ِاء َخْيًرا فَِإمَّنَا ُه َّن َع َوا ٌن ِعْن َد ُك ْم" (‪ )1‬أى أسرى ومعلوم أن‬ ‫اسَتو ُ ِ‬
‫صوا‪ 7‬بالن َ‬ ‫النىب ‪" : ‬أَاَل َو ْ ْ‬
‫إخراج ماهلا كله بغري رضاها أسهل عليها من تزوجيها مبن ال ختتاره بغري رضاها ولقد‪ 7‬أبطل‬
‫من قال إهنا إذا عينت كفئا حتبه وعني أبوها كفئاً فالعربة بتعيينه ولو كان بغيضاً إليها قبيح‬
‫اخللقة ‪.‬‬
‫وأما موافقته ملصاحل األمة ‪ :‬فال خيفى مصلحة البنت ىف تزوجيها مبن ختتاره وترضاه وحصول‬
‫مقاصد النكاح هلا به وحصول ضد ذلك مبن تبغضه وتنفر عنه فلو مل تأت السنة الصرحية هبذا‬
‫القول لكان القياس الصحيح وقواعد‪ 7‬الشريعة ال تقتضى غريه وباهلل التوفيق ‪.‬‬
‫فإن قيل فقد حكم رسول اهلل ‪ ‬بالفرق بني البكر والثيب وقال ‪"" :‬اَل ُتْن َك ُح اأْل َمِّيُ َحىَّت‬
‫تُ ْستَأْ َمَر َواَل ُتْن َك ُح الْبِ ْك ُر َحىَّت تُ ْستَأْ َذ َن" (‪ )2‬وقال ‪" :‬األمي أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذهنا‬
‫أبوها" (‪ )3‬فجعل األمي أحق بنفسها من وليها فعلم أن وىل البكر أحق هبا من نفسها وإال مل‬
‫يكن لتخصيص االمي بذلك معىن ‪ ،‬وأيضاً فإنه فرق بينهما ىف صفة اإلذن فجعل إذن الثيب‬
‫النطق وإذن البكر الصمت‪ 7‬وهذا كله يدل على عدم اعتبار رضاها وأهنا ال حق هلا مع أبيها ‪.‬‬
‫فاجلواب ‪ :‬أنه ليس ىف ذلك ما يدل على جواز تزوجيها بغري رضاها مع بلوغها وعقلها‬
‫ورشدها وأن يزوجها بأبغض اخللق إليها إذا كان كفئاً واألحاديث الىت احتججتم هبا صرحية‬
‫ىف إبطال هذا القول وليس معكم أقوى من قوله ‪" :‬األمي أحق بنفسها من وليها" هذا إمنا يدل‬
‫بطريق املفهوم ومنازعوكم‪ 7‬ينازعونكم ىف كونه حجة ولو سلم أنه حجة فال جيوز تقدميه على‬
‫املنطوق الصريح ‪ ،‬وهذا أيضاً إمنا يدل إذا قلت إن للمفهوم‪ 7‬عموماً والصواب أنه ال عموم له‬
‫إذ داللته ترجع إىل أن التخصيص‪ 7‬باملذكور‪ 7‬ال بد له من فائدة وهى نفى احلكم عما عداه‬
‫ومعلوم أن انقسام ما عداه إىل ثابت احلكم ومنتفيه فائدة وأن إثبات حكم آخر للمسكوت‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى (‪. )467\3‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )1974\5‬ومسلم (‪. )1036\2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم فى السابق ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪35‬‬

‫عنه فائدة وإن مل يكن ضد حكم املنطوق وأن تفصيله فائدة كيف وهذا مفهوم خمالف للقياس‬
‫الصريح بل قياس األوىل كما تقدم وخيالف النصوص‪ 7‬املذكورة ‪.‬‬
‫وتأمل قوله ‪" : ‬والبكر يستأذهنا أبوها" عقيب قوله ‪" :‬األمي أحق بنفسها من وليها" قطعاً‬
‫لتوهم هذا القول وأن البكر تزوج بغري رضاها وال إذهنا فال حق هلا ىف نفسها البتة فوصل‬
‫إحدى اجلملتني باألخرى دفعا هلذا التوهم‪ 7‬ومن املعلوم أنه ال يلزم من كون الثيب أحق‬
‫بنفسها من وليها أن ال يكون للبكر ىف نفسها حق ألبتة ‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء‪ 7‬ىف مناط اإلجبار على ستة أقوال ‪:‬‬
‫ـ أحدها ‪ :‬أنه جيرب بالبكارة وهو قول الشافعى ومالك وأمحد ىف رواية ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أنه جيرب بالصغر وهو قول أىب حنيفة وأمحد ىف الرواية الثانية ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أنه جيرب هبما معاً وهو الرواية الثالثة عن أمحد ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬أنه جيرب بأيهما وجد وهو الرواية الرابعة عنه ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬أنه جيرب باإليالد فتجرب الثيب‪ 7‬البالغ حكاه القاضى‪ 7‬إمساعيل عن احلسن البصرى قال‬
‫وهو خالف اإلمجاع قال وله وجه حسن من الفقه فيا ليت شعرى ما هذا الوجه األسود‬
‫املظلم ‪.‬‬
‫ـ السادس ‪ :‬أنه جيرب من يكون ىف عياله وال خيفى عليك الراجح من هذه املذاهب ‪.‬‬
‫ـ وقضى ‪ ‬بأن إذن البكر الصمات وإذن الثيب الكالم فإن نطقت البكر باإلذن بالكالم فهو‬
‫آكد وقال ابن حزم ال يصح أن تزوج إال بالصمات وهذا هو الالئق بظاهريته ‪.‬‬
‫وقضى رسول اهلل ‪ ‬أن اليتيمة تستأمر ىف نفسها و "ال يتم بعد احتالم" فدل ذلك على‬
‫جواز نكاح اليتيمة قبل البلوغ وهذا مذهب عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ وعليه يدل القرآن‬
‫ِّساء قُ ِل اللّهُ‬
‫ك ىف الن َ‬ ‫(ويَ ْسَت ْفتُونَ َ‬
‫والسنة ‪ ،‬وبه قال أمحد وأبو حنيفة وغريمها ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ب هَلُ َّن‬ ‫ِ‬ ‫اب ىف َيتَ َامى الن َّ يِت‬ ‫ي ْفتِي ُكم فِي ِه َّن وما يْتلَى َعلَْي ُكم ىف الْ ِكتَ ِ‬
‫ِّساء الال الَ ُت ْؤتُو َن ُه َّن َما ُكت َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ومواْ لِْليَتَ َامى) (النساء ‪، )127‬‬ ‫ِ‬ ‫ضع ِف ِ‬
‫ني م َن الْ ِولْ َد ‪7‬ان َوأَن َت ُق ُ‬
‫وه َّن َوالْ ُم ْستَ ْ َ َ‬
‫ِ‬
‫َوَت ْر َغبُو َن أَن تَنك ُح ُ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪36‬‬

‫قالت عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ ‪ :‬هى اليتيمة تكون ىف حجر وليها فريغب ىف نكاحها وال‬
‫يسقط هلا سنة صداقها‪ 7‬فنهوا عن نكاحهن إال أن يقسطوا هلن سنة صداقهن (‪. )1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فَاَل‬‫ت َف ُه َو إِ ْذنُ َها َوإِ ْن أَبَ ْ‬ ‫يمةُ تُ ْستَأْ َم ُر يِف َن ْفس َها فَِإ ْن َ‬
‫ص َمتَ ْ‬ ‫وىف السنن األربعة عنه ‪" : ‬الْيَت َ‬
‫َج َو َاز َعلَْي َها" (‪. )2‬‬
‫ـ فإذا كان الرضى من املخطوبة ‪ ،‬بدأ األهل ىف احلديث عن نفقات الزواج ومستلزماته ‪،‬‬
‫من إعداد بيت الزوجية وجتهيزه ‪ ،‬واملهر وحنو هذا ‪ ،‬وهنا جيب التنبيه على قضية املهر أو‬
‫الصداق ‪.‬‬

‫س ُرهُ (‪: )3‬‬ ‫اح أَيْ َ‬‫ـ الصداقـ ‪َ :‬خ ْي ُر النِّ َك ِ‬


‫وه َّن بِِإ ْذ ِن‬ ‫ِ‬ ‫هِتِ حِن‬
‫ص ُدقَا َّن ْلَةً) (النساء ‪ ، )4 :‬وقال تعاىل ‪( :‬فَانك ُح ُ‬ ‫َّساء َ‬ ‫(وآتُواْ الن َ‬
‫قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫استَ ْمَت ْعتُم بِِه ِمْن ُه َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ُه َّن بِالْ َم ْع ُروف) (النساء ‪ ، )26 :‬وقال تعاىل ‪( :‬فَ َما ْ‬ ‫ُج َ‬ ‫أ َْهل ِه َّن َوآتُ ُ‬
‫وه َّن أ ُ‬
‫يض ِة) (النساء ‪:‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫فَآتُوه َّن أُجوره َّن فَ ِريضةً والَ جناح علَي ُكم فِ‬
‫اضْيتُم‪ 7‬بِه من َب ْعد الْ َف ِر َ‬ ‫يما َتَر َ‬
‫َ َ َُ َ َ ْ ْ َ‬ ‫ُ ُ َُ‬
‫ِ‬
‫ور ُه َّن) (املمتحنة ‪:‬‬ ‫ُج َ‬ ‫وه َّن إِ َذا آَتْيتُ ُم ُ‬
‫وه َّن أ ُ‬ ‫اح َعلَْي ُك ْم أَن تَنك ُح ُ‬ ‫(واَل ُجنَ َ‬ ‫‪ ، )24‬وقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫‪. )10‬‬
‫ـ بيان قضائه ‪ ‬ىف الصداق مبا قل وكثر وقضائه بصحة النكاح على ما مع الزوج من القرآن‬
‫‪:‬‬
‫ص َداقُهُ‪ 7‬أِل َْز َو ِاج ِه ثِْنيَت ْ َع ْشَر َة أُوقِيَّةً‬
‫ـ ثبت ىف صحيح مسلم عن عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ ‪َ " :‬كا َن َ‬
‫س ِمائَِة‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ال ‪ُ :‬ق ْلت ‪ :‬اَل ‪ ،‬قَالَت ‪ :‬نِصف أُوقِيَّ ٍة فَتِ‬ ‫َّش ؟ قَ َ‬ ‫ت ‪ :‬أَتَ ْد ِري َما الن ُّ‬
‫ُ‬ ‫مَخْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َونَشًّا ‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬أِل َْز َو ِاج ِه" (‪. )1‬‬
‫اق رس ِ‬
‫ص َد ُ َ ُ‬
‫ِ‬
‫د ْر َه ٍم َف َه َذا‪َ 7‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ‪.‬‬


‫(‪ )2‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )2098‬وابن ماجة (‪ )1870‬والترمذى (‪ )1108‬والنسائى (‪. )84\6‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود وابن حبان ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪37‬‬

‫يد" (‪، )2‬‬ ‫وىف صحيح البخارى‪ 7‬كما تقدم أن النىب‪ ‬قال لرجل ‪" :‬انْظُر ولَو خامَتًا ِمن ح ِد ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫ال َت ْقَر ُؤ ُه َّن َع ْن‬‫َّد َها َف َق َ‬ ‫آن قَ َ ِ‬ ‫ك ِمن الْ ُقر ِ‬
‫ورةُ َك َذا‪َ 7‬عد َ‬ ‫ورةُ َك َذا َو ُس َ‬ ‫ال َمعي ُس َ‬ ‫ال َماذَا َم َع َ َ ْ‬ ‫وفيه ‪ ":‬قَ َ‬
‫ك ِمن الْ ُقر ِ‬ ‫مِب‬ ‫ظَ ْه ِر َق ْلبِ َ‬
‫آن" ‪ ،‬وىف النسائى ‪ :‬عن ثابت‬ ‫ب َف َق ْد َملَّ ْكتُ َك َها َا َم َع َ َ ْ‬ ‫ال ا ْذ َه ْ‬
‫ال َن َع ْم قَ َ‬ ‫ك قَ َ‬
‫ك يَا أَبَا طَْل َحةَ يَُر ُّد َولَ ِكن َ‬
‫َّك‬ ‫ت َواللَّ ِه َما ِم ْثلُ َ‬‫ب أَبُو طَْل َحةَ أ َُّم ُسلَْي ٍم َف َقالَ ْ‬ ‫"خطَ َ‬ ‫ال ‪َ :‬‬ ‫عن أنس قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َغْيَرهُ‬ ‫َسأَلُ َ‬ ‫ك فَِإ ْن تُ ْسل ْم فَ َذ َاك َم ْه ِري َو َما أ ْ‬ ‫َر ُج ٌل َكافٌر َوأَنَا ْامَرأَةٌ ُم ْسل َمةٌ َواَل حَيِ ُّل يِل أَ ْن أََتَز َّو َج َ‬
‫ت أَ ْكَر َم َم ْهًرا ِم ْن أ ُِّم ُسلَْي ٍم‬ ‫ت بِ ْامرأ ٍَة قَ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط َكانَ ْ‬ ‫ت فَ َما مَس ْع ُ َ‬ ‫ال ثَابِ ٌ‬‫ك َم ْهَر َها قَ َ‬ ‫َسلَ َم فَ َكا َن َذل َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫هِب‬
‫ت لَهُ " (‪. )3‬‬ ‫اإْلِ ْساَل َم فَ َد َخ َل َا َف َولَ َد ْ‬
‫فتضمنت هذه األحاديث وغريها أن الصداق ال يتقدر أقله ‪ ،‬وأن خامت احلديد يصح تسميته‬
‫مهراً ‪.‬‬
‫وتضمنت أن املغاالة ىف املهور مكروهة ‪ ،‬وأن أفضل النكاح أيسره مؤنة ‪.‬‬

‫ـ النهى عن المغاالة فى المهور ‪:‬‬


‫فاعلم أيها الوىل أن من أهم أسباب انتشار العنوسة (‪ )1‬وانصراف الشباب عن الزواج‪ 7‬هو‬
‫ما جيدونه من تعنت بعض األباء واملغاالة ىف املهور ‪ :‬وهذا العائق ُحق له أن يوضع على رأس‬
‫قائمة املعوقات الىت تقف أمام شباب املسلمني وتردهم القهقرى‪ 7‬كلما فكر أحدهم أن خيطو‬
‫خطوته األوىل حنو الزواج وبناء األسرة اإلسالمية ‪ ،‬فتجد الشاب يُسئل أول ما يُسئل عما‬
‫ادخره وما أعده توطئة لتكاليف ومؤنة الزواج‪ ، 7‬من مهر و "شبكة" ـ تليق بعروسه وأهلها ـ مث‬
‫يتبع هذا "فستان" اخلطوبة للعروس ـ ورمبا لبعض أخواهتا ـ ! مث أين يقام "حفل" اخلطوبة ‪،‬‬
‫وما يستلزم هذا من تكاليف للعروسني ‪ ،‬مث هدايا العروس ىف املناسبات الدينية و "القومية" !‬
‫و"الوطنية" وعيد األم وعيد األب وعيد األسرة ! وعيد املعلّم وعيد الفالح وعيد الثورة وعيد‬
‫ُ‬

‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬


‫(‪ )3‬أخرجه ابن حبان (‪. )188\1‬‬
‫(‪ )1‬حتى وصل متوسط‪ S‬سن الزواج عند البنات إلى ما فوق العشرين ‪ ،‬ومنهن من تصل إلى سن الثالثين ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪38‬‬

‫تولية امللك وعيد سقوطه ! وعيد ميالد العروس وعيد ميالد أم العروس وأخت العروس وبنت‬
‫خالة العروس وكل من ميت بصلة إىل العروس !!! ‪.‬‬
‫مث جيلس إىل أهل العروس لسماع "الفرمان احلموى" وما صدر عن "املؤمتر" العائلى لكيفية‬
‫إذالل هذا املتقدم خلطبة هذا الذى‪ 7‬جترأ وفكر أن خيطب وأن يتزوج ليقيم البيت اإلسالمة‬
‫إتباعاً لكتاب اهلل تعاىل ولسنة نبينا حممد‪ ! 7‬ويسمع هذا اخلاطب ما أسفر عنه االجتماع‬
‫العائلى من توفري مسكن الزوجية ـ دون مغاالة ـ حجرتني وصالة ـ هذا مع انضمام‪" 7‬جلنة الرأفة"‬
‫إىل جانب اخلاطب ـ وفرش وجتهيز حجرة النوم‪ 7‬باملواصفات الىت أمليت على آخر خاطب‬
‫تقدم خلطبة فتاة ىف العائلة (‪ ، )1‬والذى قد أحضر لعروسه حجرة نوم كذا وصالون‪ 7‬وصفه كذا‪7‬‬
‫أقل من فالنة‬
‫و"أنرتيه" كذا ‪ ،‬وكان "حفل الزفاف" ـ الفرح ـ ىف املكان كذا‪ ، 7‬فابنتنا ليست ّ‬
‫وعالنة بل هى تفوقهم مجاالً وزينة ‪..‬‬
‫نــداء ‪ :‬رمحة أيها األباء واألمهات بأبناء املسلمني ‪ ،‬أين أنتم من سنة نبيكم حممد‪ ، 7‬وأين‬
‫هى تلك االبنة من ّأم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ ‪ ،‬بل أين هى من صاحبيات النىب ‪ ‬؟‬
‫أين حنن مجيعاً من هديه‪. ‬‬
‫ـ وهنا نقول ‪ :‬هل الصداق من حق املرأة أو من حق وليها ؟‬
‫(وآَتْيتُ ْم إِ ْح َد ُاه َّن قِنطَ ًارا) (النساء‬
‫ـ واجلواب ‪ :‬إن الصداق حق خالص للمرأة ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫‪ ، )20 :‬يقول اإلمام ابن حزم ىف احمللى (‪" : )2‬وال حيل ألب البكر صغرية كانت أو كبرية أو‬
‫الثيب وال لغريه من سائر القرابة أو غريهم حكم ىف شئ من صداق اإلبنة أو القريبة ‪ ،‬وال‬
‫ألحد ممن ذكرنا أن يهبه وال شيئاً منه ال للزوج طلق أو أمسك وال لغريه ‪ ،‬فإن فعلوا شيئاً‬
‫من ذلك فهو مفسوخ باطل مردود أبداً ‪ ،‬وهلا أن هتب صداقها‪ 7‬أو بعضه ملن شاءت وال‬
‫اعرتاض ألب وال لزوج ىف ذلك" أهـ ‪.‬‬
‫والصداق‪ 7‬يُعد ديناً على الرجل لزوجته عليه الوفاء به ‪ ،‬فله أن يعجل بقضاءه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬وقد يكون ذلك الخاطب قد "هرب" من ذلك التعنت األسرى الحموى ‪ ،‬وإذا لم يكن قد هرب فلعله اآلن فى إحدى المصحات أو على أحد األرصفة يتسول‬
‫تكاليف الخطوبة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المحلى (‪. )511\9‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪39‬‬

‫اح َعلَْي ُك ْم إِن‬


‫ـ وجيوز للرجل أن ينكح املرأة وال يسمى هلا صداق لقوله تعاىل ‪( :‬الَّ ُجنَ َ‬
‫وس ِع) (البقرة‪. )236:‬‬ ‫طَلَّ ْقتُم النِّساء ما مَل مَتَ ُّسوه ُّن أَو َت ْف ِرضواْ هَل َّن فَ ِريضةً ومتِّعوه َّن علَى الْم ِ‬
‫َ ََ ُ ُ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ َ َ ْ‬

‫ـ دبلة الخطوبة ! ‪:‬‬


‫ومن األمور الىت انتشرت ىف بالد اإلسالم ما يلبسه اخلاطب أو الزوج ويُسمى بـ (دبلة‬
‫اخلطوبة) وهى عادة نصرانية ‪ ،‬كان العروس ـ الزوج ـ يضع خامت الزواج‪ 7‬على رأس إهبام‬
‫العروس اليسرى ـ الزوجة ـ ويقول باسم اآلب ‪ ،‬مث على رأس السبابة ويقول ‪ :‬باسم االبن ‪،‬‬
‫مث على رأس الوسطى ويقول ‪ :‬باسم الروح القدس ‪ ،‬مث يستقر به ىف اإلصبع البنصر وينتقل‬
‫من اليد اليمىن وقت اخلطبة إىل اليد‪ 7‬اليسرى بعد الزواج (ليكون قريبا من القلب !!!) ‪.‬‬
‫وعادة ما يكون هذا اخلامت ـ أو الدبلة ـ من الذهب ‪ ،‬وقد صح النهى من النىب‪ ‬عن التختم‬
‫بالذهب (‪ )1‬للرجال ‪ ،‬فروى مسلم يف صحيحه عن عبد اللخ بن عباس رضى اهلل عنهما قال‬
‫َح ُد ُك ْم إِىَل‬ ‫ِ‬
‫ال ‪َ :‬ي ْعم ُد أ َ‬ ‫ب يِف يَ ِد َر ُج ٍل َفَنَز َعهُ فَطََر َحهُ َوقَ َ‬‫أن رسول اهلل ‪ ": ‬رأَى َخامَتًا ِم ْن ذَ َه ٍ‬
‫َ‬
‫ك ا ْنتَ ِف ْع بِِه ‪،‬‬ ‫مِت‬ ‫مَج ر ٍة ِمن نَا ٍر َفيجعلُها يِف ي ِد ِه ‪ ،‬فَِق ِ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ُ ‬خ ْذ َخا َ َ‬ ‫ب َر ُس ُ‬ ‫يل ل َّلر ُج ِل َب ْع َد َما َذ َه َ‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َْ ْ‬
‫ول اللَّ ِه ‪. ) "(2‬‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬اَل َواللَّه اَل ُ‬
‫آخ ُذهُ أَبَ ًدا َوقَ ْد طََر َحهُ َر ُس ُ‬ ‫قَ َ‬
‫س َح ِر ًيرا َواَل َذ َهبًا" (‪. )3‬‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫"م ْن َكا َن يُ ْؤم ُن بالله َوالَْي ْوم اآْل خر فَاَل َي ْلبَ ْ‬
‫ـ وقال ‪َ : ‬‬
‫ـ وقد عمد بعض الرجال إىل استبدال لبس "دبلة" من و ِرق ـ فضة ـ بدالً من الذهب‪ 7‬حىت‬
‫ال يقع حتت النهى ‪ ،‬فوقع‪ 7‬ىف التشبه ‪.‬‬
‫َص َحابِِه َخامَتًا‬ ‫ضأ ْ‬ ‫‪":‬رأَى ‪َ ‬علَى َب ْع ِ‬ ‫ـ وإمنا صح عنه ‪ ‬اختاذ اخلامت من و ِرق ـ أى فضة ـ فقد َ‬
‫ِ‬ ‫ب فَأَعرض عْنه فَأَلْ َقاه واخَّت َ‪7‬ذ خامَتًا ِمن ح ِد ٍ‬ ‫ِ‬
‫ال َه َذا َشٌّر َه َذا ح ْليَةُ أ َْه ِل النَّا ِر فَأَلْ َقاهُ‬ ‫يد َف َق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫م ْن َذ َه ٍ ْ َ َ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ت َعْنهُ‪. )" (1‬‬ ‫فَاخَّتَ َذ َخامَتًا م ْن َو ِرق فَ َس َك َ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم وغيره ‪ ،‬ولكل مسلم أقول له ‪ :‬لو أنك كنت مكان ذلك الصاحبى الكريم ‪ ،‬وجرى عليك ما جرى عليه ‪ ،‬فهل كنت ستفعل مثل ما فعل ‪ ،‬فإن‬
‫كنتَ فافعل اآلن !‪.‬‬
‫(‪ )3‬حسن ‪ :‬أخرجه أحمد ‪.‬‬
‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه أحمد وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪40‬‬

‫ـ ِحل خامت الذهب‪ 7‬وحنوه على النساء ‪ :‬وقد ذهب العالمة األلباىن ـ رمحه اهلل تعاىل ـ إىل‬
‫حترمي خامت الذهب وحنوه كالسوار والطوق على النساء (‪. )2‬‬
‫والعالمة األلباىن ـ رمحه اهلل تعاىل ـ كان أحد اجملددين وندعوا اهلل‪ ‬أن جيزينه عنا وعن األمة‬
‫اإلسالمية كل خري ملا قدم هلذه األمة ‪ ،‬إال أنه رمحه اهلل تعاىل قد جانبه الصواب ىف هذا املسألة‬
‫مع حماولته التحرى والبحث واالستقصاء ‪ ،‬وقد ذهب العلماء سلفاً وخلفاً إىل ِحل الذهب‬
‫احمللق للمرأة دون خالف ‪ ،‬واستقصاء هذه املسألة له موضع‪ 7‬آخر ‪ ،‬واكتفى‪ 7‬هنا ببعض أقوال‬
‫أهل العلم ممن ذهب إىل ِحل الذهب دون تفصيل للمرأة ‪.‬‬
‫يقول اإلمام النووى ىف شرح مسلم ‪" :‬أمجع املسلمون على إباحة خامت الذهب‪ 7‬للنساء" ‪،‬‬
‫وقال ىف اجملموع (‪" : )3‬جيوز للنساء لبس احلرير والتحلى بالفضة والذهب باإلمجاع لألحاديث‬
‫الصحيحة" ‪ ،‬وقال أيضاً ‪" :‬أمجع املسلمون على أنه جيوز للنساء لبس أنواع احللى من الفضة‬
‫والذهب‪ 7‬مجيعاً كالنوق والعِقد‪ 7‬واخلامت والسوار‪ 7‬واخللخال والدماجل والقالئد‪ 7‬واملخانق وكل ما‬
‫يُتخذ ىف العنق وغريه ‪ ،‬وكل ما يعتدن لبسه ‪ ،‬وال خالف ىف شئ من هذا" (‪.)4‬‬
‫وقال احلافظ ىف الفتح (‪ )1‬ىف ثنايا تفسري هنى النىب‪ ‬عن خامت الذهب‪" : 7‬هنى النىب ‪ ‬عن‬
‫خامت الذهب‪ 7‬أو التختم به خمتص بالرجال دون النساء ‪ ،‬فقد نُقل اإلمجاع على إباحته‬
‫للنساء" ‪ ،‬وقال مثله اإلمام املباركفورى ىف التحفة (‪. )2‬‬
‫ويقول اإلمام ابن عبد الرب ىف التمهيد‪" : )3( 7‬النهى عن لباس احلرير وختتم الذهب‪ 7‬إمنا قصد‬
‫به إىل الرجال دون النساء وقد أوضحنا هذا املعىن فيما تقدم من حديث نافع وال نعلم خالفاً‬
‫بني علماء األمصار ىف جواز ختتم الذهب‪ 7‬للنساء وىف ذلك ما يدل على أن اخلرب املروى من‬
‫حديث ثوبان ومن حديث أخت حذيفة عن النىب‪ ‬ىف هنى النساء عن التختم‪ 7‬بالذهب إما أن‬
‫يكون منسوخاً باإلمجاع وبأخبار العدول ىف ذلك على ما قدمنا ذكره ىف حديث نافع أو‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬آداب الزفاف للعالمة األلبانى رحمه هللا تعالى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر المجموع (‪. )443\4‬‬
‫(‪ )4‬السابق (‪. )40\6‬‬
‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬فتح البارى (‪. )317\10‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬تحفة االحوذى (‪. )340\5‬‬
‫(‪ )3‬انظر التمهيد‪. )115\16( : S‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪41‬‬

‫يكون غري ثابت ‪ ،‬فأما حديث ثوبان فإنه يرويه حيىي بن أىب كثري قال ‪ :‬حدثنا أبو سالم عن‬
‫أىب أمساء الرحىب عن ثوبان ومل يسمعه حيىي بن أىب سالم وال يصح ‪ ،‬وأما حديث أخت‬
‫حذيفة فريويه منصور عن ربعى بن خراش عن امرأته عن أخت حذيفة قالت ‪" :‬قام رسول‬
‫اهلل‪ ‬فحمد اهلل وأثىن عليه مث قال يا معشر النساء أما لكن ىف الفضة ما حتلينه أما إنكن ليس‬
‫منكن امرأة حتلي ذهابا تظهره إال عذبت به" ‪ ،‬والعلماء على دفع هذا اخلرب ألن امرأة ربعى‬
‫جمهولة ال تعرف بعدالة وقد تأوله بعض من يرى الزكاة ىف احللى من أجل منع الزكاة منه إن‬
‫منعت ولو كان ذلك لذكر وهو تأويل بعيد ‪.‬‬
‫وقد روى حممد بن إسحاق عن حيىي بن عباد بن عبداهلل بن الزبري عن أبيه عن عائشة أن‬
‫النجاشى أهدى إىل النىب‪ ‬حلية فيها خامت من ذهب فصه حبشى فأخذه رسول اهلل ‪ ‬بعود‬
‫أو ببعض أصابعه وإنه ملعرض عنه فدعا ابنة ابنته أمامة بنت أىب العاص‪ ، 7‬فقال ‪ :‬حَتَلَّ ْي هِب َ َذا يَا‬
‫بَُنيَّةُ " (‪ ، )1‬وعلى هذا القياس للنساء خاصة واهلل املوفق للصواب ‪.‬‬
‫ويقول اإلمام اجلصاص ىف تفسريه (‪" : )2‬األخبار الواردة ىف إباحته للنساء ـ يعىن الذهب ـ عن‬
‫النىب‪ ‬والصحابة‪ 7‬أظهر وأشهر من أخبار احلظر ‪ ،‬وداللة اآلية ـ قوله تعاىل ‪( :‬أَو َمن يُنَ َّشأُ يِف‬
‫َ‬
‫ني) ـ أيضاً ظاهرة ىف إباحته للنساء ‪ ،‬وقد استفاض لبس احللى‬ ‫ص ِام َغْير ُمبِ ٍ‬‫يِف ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫احْل ْليَة َو ُه َو اخْل َ ُ‬
‫للنساء منذ قرن النىب‪ ‬إىل يومنا هذا من غري نكري من أحد عليهن ‪ ،‬ومثل ذلك ال يُعرتض‬
‫عليه بأخبار اآلحاد" ‪.‬‬
‫وقال مثله اإلمام الكيا اهلراسى عند تفسريه لآلية السابقة ‪.‬‬
‫ـ وأورد احلكيم الرتمذى‪ 7‬ىف نوادر األصول ‪ :‬عن عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ قالت ‪" :‬أهدى‬
‫النجاشى إىل رسول اهلل‪ ‬حلية فيها خامت من ذهب فيه فص حبشى فأخذه رسول اهلل ‪‬‬
‫بعود أو ببعض أصابعه وإنه ملعرض عنه مث دعا ابنة ابنته أمامة ابنة أىب العاص‪ 7‬فقال ‪ :‬حتلى هبذا‪7‬‬
‫يا بنية" (‪. )3‬‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )4253‬ومن طريقه البيهقى (‪ )141\4‬وابن ماجة (‪ )4644‬وابن أبى شيبة (‪ )194\5‬وأحمد (‪. )119\6‬‬
‫(‪ )2‬انظر تفسير الجصاص (‪. )388\3‬‬
‫(‪ )3‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪42‬‬

‫قال ‪ :‬جعل ‪ ‬احللية زينة جلوارح اإلنسان فإذا لبسها زانه لذلك وإذا زانه حاله فصار ذلك‬
‫العضو أحلى ىف أعني الناظرين ولذا‪ 7‬مسى حلية ألنه حتلى تلك اجلوارح ىف أعني الناظرين وىف‬
‫قلوهبم قال اهلل تعاىل وتستخرجون منه حلية تلبسوهنا‪ 7‬وهى اللؤلؤ فما كان من ذهب فلإلناث‬
‫وحيرم على الذكور و ما كان من فضة أو جوهر فمطلق للرجال والنساء و قد لبس ‪ ‬خامتاً‬
‫اختذه من فضة وفصه منه" (‪. )1‬‬
‫قلت ‪ :‬وىف احلديث السابق دليل قوى إلباحة خامت الذهب‪ 7‬للنساء ‪ ،‬فتأمل (‪. )2‬‬
‫ـ ما يباح للخاطب بعد الخطبة ‪:‬‬
‫ويباح للخاطب بعد اخلطبة الكالم مع خطيبته ىف شئون الدين وحنو هذا حىت يستطيع أن‬
‫يتلمس بعض جوانب "شخصية" زوجة املستقبل ‪ ،‬فيستمع‪ 7‬إىل آرائها ومنهجها ىف احلياة‬
‫والقواعد‪ 7‬واملبادئ الىت تسري عليها ‪ ،‬وتصحيح ما يراه حيتاج تصحيحاً وفق كتاب اهلل وسنة‬
‫رسوله‪ ‬على أن يكون هذا ىف وجود حمرم هلا ‪ ،‬ويباح له النظر إىل وجهها ـ هذا على‬
‫اختالف أهل العلم ىف وجوب النقاب وال جيوز له أن ميسك بيدها أو أن يلمس جسدها ‪ ،‬أو‬
‫التأمل ىف مفاتنها ‪ ،‬فهى الزالت أجنبية عليه ‪ ،‬فليس له منها ما ليس له من األجنبية ‪ ،‬كما‬
‫ليس له اخللوة هبا إال ىف وجود احملرم ‪.‬‬
‫وعليه أن يتحلى بالصرب والتؤدة ىف التعرف عليها وبناء الرأى الصائب‪ 7‬ىف زوجة املستقبل ‪،‬‬
‫وكلما قلل اخلاطب من زيارة اخلطيبة كان له أفضل ‪.‬‬
‫ـ أما اخلروج معاً والتنزه وغري ذلك مما يفعله ـ كثري ـ من الناس فال جيوز ‪ ،‬ومل يكن على‬
‫عهد رسول اهلل ‪ ‬أن خَي طب الرجل املرأة فيخرج معها للحديث والتنزه واخللوة هبا ـ من اجل‬
‫التعارف والتآلف والتفاهم‪ 7‬ووو ـ إىل غري ذلك مما أصبح سنة معروفة لدى الناس ‪ ،‬وأصبحت‬
‫السنة هى البدعة عندهم ‪ ،‬فما مل يكن ديناً على عهد رسول اهلل ‪ ‬ال يكون اليوم‪ 7‬ديناً ‪.‬‬

‫(‪ )1‬نوادر األصول (‪. )5\2‬‬


‫(‪ )2‬وانظر المحلى البن حزم (‪. )84\10‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪43‬‬

‫ـ ويظن البعض أنه إذا مت "عقد النكاح" فله من زوجته كل شئ ‪ ،‬وإىن ألحذر كل فتاة من‬
‫التمادى ىف مثل هذا األمر ‪ ،‬فكم من زجية مل يقدر هلا اهلل تعاىل أن تكتمل ‪ ،‬وإن مت عقد‬
‫النكاح ‪.‬‬
‫ـ النفقة على الزوجة ‪:‬‬
‫نب نفقة لزوجته حىت تنتقل من بيت أبيها‬ ‫قال بعض أهل العلم إنه ليس على الذى‪ 7‬عقد ومل ي ِ‬
‫اع َو ُكلُّ ُك ْم َم ْسئُ ٌ‬
‫ول َع ْن‬ ‫إىل بيته ‪ ،‬إمنا النفقة على أبيها وهو مل يزل الراعى ‪ ،‬لقوله‪ُ ": ‬كلُّ ُك ْم َر ٍ‬
‫نب هبا بعد‬ ‫ر ِعيَّتِ ِه" (‪ ، )1‬وهى مل تزل ىف بيتها أبيها فهو املسئول عن نفقتها ال زوجها الذى مل ي ِ‬
‫َ‬
‫‪ ،‬كما أهنا مل تزل ىف كنف أبيها فله عليها ما كان قبل العقد ‪.‬‬
‫ـ ليلة احلِنة ‪ :‬ومن األمور‪ 7‬املبتدعة عند الكثري ما يسمى بـ"ليلة احلنة" وفيها ما فيها من‬
‫املخالفات الشرعية كاالطالع على عورة الفتاة ‪ ،‬وكشفها‪ 7‬أمام األجنبيات ‪ ،‬بدعوى هتيئتها‬
‫للزوج ‪ ،‬والرقص والغناء وحنو هذا ‪.‬‬
‫ـ العروس ليلة الزفاف ‪:‬‬
‫أما الرجل فيكون ىف أمجل صورة ليلة زفافه من حسن املنظر واهليئة وامللبس والنظافة‬
‫اجلسدية ‪ ،‬كحلق العانة ونتف اإلبط ‪ ،‬وليحذر‪ 7‬حلق اللحية خشية التشبه بأهل الكفر وقد‬
‫ِّس ِاء" (‪ ، )2‬فال يبدأ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرج ِال بِالن ِ‬
‫ِّساء َوالْ ُمتَ َشِّب َهات م َن الن َ‬
‫َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬الْمتَ َشبِّ ِه ِ‬
‫ني م َن ِّ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪":‬لَ َع َن َر ُس ُ‬
‫حياته الزوجة باللعن وهو الطرد من رمحة اهلل تعاىل والعياذ باهلل ‪ ،‬والباطنية والظاهرية ‪.‬‬
‫ـ أما العروس ـ الزوجة ـ ‪ :‬فتكون ىف أهبى صورها من حسن الزينة وامللبس والنظافة اجلسدية‬
‫والباطنية والظاهرية ‪ ،‬ولتكن على حذر من أمور عدة منها ‪ :‬الكوافري ‪ ،‬نتف احلواجب ‪،‬‬
‫املناكري ‪ ،‬لباس الشهرة ‪.‬‬
‫ـ حكم الذهاب إلى الكوافير ‪:‬‬
‫اعلمى أخىت املسلمة إن أعداء اإلسالم يكيدون لالمة اإلسالمية بكل طريقة وسبيل ‪ ،‬وال‬
‫يرتكون سالحاً إال واستخدموه ‪ ،‬ومن أهم أسلحتهم "الفتاة املسلمة" فكادوا هلا باألزياء تارة‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )431\1‬ومسلم (‪. )1459\3‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪44‬‬

‫‪ ،‬وبالعمل تارة أخرى ‪ ،‬وبالرياضة أخرى ‪ ،‬إىل غري ذلك ‪ ،‬من أوجه حماربة الكفار‪ 7‬لإلسالم ‪،‬‬
‫ومن أوجه احملاربة ما انتشر ىف بالد اإلسالم مبا يسمى "الكوافري" تذهب إليه النساء لوضع‬
‫املساحيق وإزالة شعر احلاجبني بل وإزالة الشعور الداخلية ‪ ،‬وما يستتبع هذا "الكوافري" من‬
‫مراكز "التجميل" من شد الوجه وتصغري وتكبري الثديني !! وإزالة ترهالت األرداف !! إىل‬
‫(والَ َتتَّبِعُواْ‬
‫غري ذلك مما نسمعه ونقراءه ‪ ،‬وقد هنى تعاىل عن التشبه بأهل الكفر فقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫السبِ ِيل) ‪ ،‬وىف الرتمذى‪ 7‬عنه‪‬‬‫ضلُّواْ َعن َس َواء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َضلُّواْ َكث ًريا‪َ 7‬و َ‬
‫ضلُّواْ من َقْب ُل َوأ َ‬ ‫أ َْه َواء َق ْوم قَ ْد َ‬
‫ِ‬ ‫‪":‬لَي ِ‬
‫َّص َارى" وىف مسند اإلمام أمحد قال ‪: ‬‬ ‫س منَّا َم ْن تَ َشبَّهَ بِغَرْيِ نَا اَل تَ َشَّب ُهوا بِالَْي ُهود َواَل بِالن َ‬
‫ْ َ‬
‫"و َم ْن تَ َشبَّهَ بَِق ْوٍم َف ُه َو ِمْن ُه ْم " ‪ ،‬فالذهاب إىل الكوافري ووضع‪ 7‬املساحيق ونتف شعر احلواجب‬ ‫َ‬
‫‪ ،‬وإزالة الشعور الداخلية حول قبل املرأة ‪ ،‬فيُطلع عليها دون حاجة ‪ ،‬مع الوقوع ىف النهى أن‬
‫تباشر املرأة عورة املرأة دون حاجة ‪ ،‬وليس بالطبع هذه ضرورة تدعو لكشف عورة املرأة ‪،‬‬
‫وكل هذا هو من باب التشبه بأهل الكفر ‪ ،‬ومن تشبه هبم ُحشر معهم ـ والعياذ باهلل تعاىل ـ‬
‫فال أدرى أيها "الرجل" كيف لك أن تأخذ "زوجتك" إىل من يدغدغ بأصابعه خصالت‬
‫شعرها ‪ ،‬ويتأمل ىف وجهها ليضع هلا املسحوق املناسب الذى‪ 7‬يتناسب وبشرهتا ؟! ‪ ،‬وكيف‬
‫لك أن ترتكها "قطعة من اللحم" تنهشها عيون اآلخرين وتتأمل ىف مفاتنها ‪ ،‬أم تراك‬
‫ستحجب أعني الناس عن النظر إىل زوجتك ومفاتنها ! ‪.‬‬
‫ـ نتف الحواجب ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫ات(‪ )1‬والْمسَتومِش ِ‬
‫ات(‪ )2‬والْمَتنَ ِّمص ِ‬
‫ات‬ ‫وقد ورد النهى عن هذا بقوله‪" : ‬لَعن اللَّه الْوامِش ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُْْ َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫ات لِْلحس ِن(‪ )4‬الْمغَِّير ِ‬
‫ات َخ ْل َق اللَّ ِه َت َعاىَل (‪. ")5‬‬ ‫والْمَت َفلِّج ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ـ المناكير ‪:‬‬

‫(‪ )1‬وهى التى تشم الناس ‪ ،‬ومنها‪ S‬ما ظهر أخيراً وانتشر وهو "التاتو" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬التى تضع الوشم الطالبة له ‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهو التى تطلب النمص ‪ ،‬وهو إزالة شعر الحاجبين ‪.‬‬
‫(‪ )4‬التى تفلج أو تفرج بين ثنايا أسنانها طلبا ً للحسن ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪45‬‬

‫وهو تدميم األظفار‪ 7‬باأللوان ‪ ،‬وهو أيضاً من باب التشبه بالكافرين ‪ ،‬كما انه مينع من صحة‬
‫الوضوء لعدم وصول املاء إىل إصل األصابع‪ 7‬واألظفار ‪ ،‬فلن تستطيع املرأة به أن تصلى خلف‬
‫زوجها عند دخول بيت الزوجية ‪ ،‬أو تصلى قبل هذا املغرب مثالً أو العشاء ‪ ،‬أو صالة الفجر‬
‫‪ ،‬فلتكن على حذر ‪.‬‬
‫ـ إطالة األظفار‪ : 7‬وهو أيضاً من باب التشبه بالكافرين ‪ ،‬وقد ورد عن النىب املعصوم ‪: ‬‬
‫ص‬‫يم اأْل َظْ َفا ِ‪7‬ر َوقَ ُّ‬ ‫"الْ ِفطْرةُ مَخْس أَو مَخْس ِمن الْ ِفطْر ِة اخْلِتا ُن وااِل ستِح َداد(‪ )6‬و َنْتف اإْلِ ب ِط وَت ْقلِ‬
‫ٌ ْ ٌ َ َ َ َ ْ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ب" (‪. )7‬‬ ‫الشَّا ِر ِ‬
‫ـ وال يكون لباس العروس ـ املرأة ـ لباس شهرة وال يكون مشاهباً للباس أهل الكفر ‪ ،‬بل‬
‫جيب أن يكون ساتراً لكل اجلسد ‪ ،‬وان يكون صفيقاً ال يشف ‪ ،‬وأن ال يصف شيئاً من‬
‫مفاتنها ‪ ،‬وال مطيباً ‪ ،‬وال يكون لباس زينة ‪ ،‬أو شهرة ‪ ،‬وال يشبه لباس أهل الكفر أو لباس‬
‫الرجال ‪.‬‬
‫ـ هذا وال حرج ىف استعارة العروس فستان الزفاف للتزين به ليلة عرسها ‪ ،‬فقد روى‬
‫ت َعلَى َعائِ َشةَ َر ِضي اللَّهم َعْن َها‬ ‫"د َخ ْل ُ‬
‫البخارى‪ 7‬من طريق عبد الواحد بن أمين عن أبيه قال ‪َ :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫صَر َك إِىَل َجا ِريَيِت انْظُْر إِلَْي َها فَِإنَّ َها ُتْز َهى‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫‪7‬‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ار‬ ‫ت‬‫وعلَيها ِدرع(‪ )1‬قِطْ ٍر مَثَن مَخْس ِة در ِاهم َف َقالَ ِ‬
‫ْ ََْ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫َ َ َْ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ت وقَ ْد َكا َن يِل ِمْنه َّن ِدرعٌ علَى عه ِد رس ِ ِ‬ ‫أَ ْن َت ْلبسه يِف الْبي ِ‬
‫ول اللَّه ‪ ‬فَ َما َكانَت ْامَرأَةٌ ُت َقنَّي ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫ُ ْ َ َْ َ ُ‬ ‫َ َ ُ َْ َ‬
‫ت إِيَلَّ تَ ْستَعِريُهُ"(‪. )4‬‬ ‫ِ ِ‬
‫بِالْ َمدينَة إِاَّل أ َْر َسلَ ْ‬
‫ـ وتبقي كلمة ‪ :‬وهى ‪ :‬هل يجوز للمرأة استعمال "المكياج" والتجمل لزوجها ؟‬
‫ـ واجلواب ‪ :‬نعم جيوز هلا هذا ىف احلدود الشرعية ‪ ،‬وهذا من دواعى حمبة الزوج هلا ‪ ،‬فعلى‬
‫املرأة أن تكون ىف أهبى صورة أمام زوجها وىف عينه ‪ ،‬وليس هلا أن يظهر هذا منها لغري‬
‫زوجها ‪.‬‬
‫(‪ )6‬أى حلق شعر العانة ‪.‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه البخارى ومسلم والنسائى ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أى قميص ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى تتكبر ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أى تُزين للزفاف ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى (‪. )2435‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪46‬‬

‫ـ ولكن ‪ :‬إذا كان كما يقال أن هذا "املكياج" أو بعضه يضر ببشرة املرأة فهو ىف هذا احلالة‬
‫يكون أما حمرماً أو مكروهاً ‪ ،‬واألوىل سؤال الطبيبة املسلمة لبيان صحة هذا القول من عدمه‬
‫‪.‬‬
‫ـ ولكن ال جيوز للمرأة أن تلبس "الباروكة" من باب التجمل لزوجها ‪ ،‬بل هذا منهى عنه ‪،‬‬
‫ولكن ال بأس إن كان الوصل من غري الشعر كاحلرير والصوف امللون وحنوه ‪.‬‬

‫ـ الغناء فى العرس ‪:‬‬


‫ـ وال حرج ىف مساع الغناء إلعالن النكاح إذا مل يكن فيه حمرماً ومل يصاحبه الطبل والزمر‬
‫والكمان وغري هذا من آالت اللهو ‪ ،‬وال حرج ىف الضرب بالدف لقوله ‪" : ‬إِ َّن فَ ْ‬
‫ص َل َما‬
‫ُّف" (‪ ، )1‬فأباح‪" ‬الدف" ليكون سبباً ىف إعالن‬ ‫ب بِالد ِّ‬‫ت َي ْعيِن الض َّْر َ‬ ‫َبنْي َ احْلَاَل ِل َواحْلََر ِام َّ‬
‫الص ْو ُ‬
‫النكاح وبيان حله وانه غري سفاح ‪ ،‬أما الطبل والكمان‪ 7‬والعود وغري هذا من آالت اللهو‬
‫ض َّل َعن َسبِ ِيل‬ ‫يث لِي ِ‬‫ِ ِ‬ ‫(و ِم َن الن ِ‬
‫َّاس َمن يَ ْشرَتِ ي هَلَْو احْلَد ُ‬ ‫فمنهى عنها ‪ ،‬بل هى حرام لقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫ني) (لقمان ‪ )6:‬قال عبد بن مسعود ‪: ‬‬ ‫اب ُّم ِه ٌ‬ ‫َّخ َذ َها ُهُز ًوا أُولَئِ َ‬
‫ك هَلُ ْم َع َذ ٌ‬
‫اللَّ ِه بِغَ ِ ِع ْل ٍم ويت ِ‬
‫ََ‬ ‫رْي‬
‫هو الغناء ‪ ،‬وذكر بعض أهل العلم أن الغناء بآلة حمرم إمجاعاً ‪.‬‬
‫وعليه فالواجب‪ 7‬احلذر من أن يبدأ العروسان حياهتما الزوجية مبعصية اهلل تعاىل ‪ ،‬كما يفعل‬
‫البعض بإقامة "حفل الزفاف" ىف بعض النوادى والقاعات ‪ ،‬وجلوس العروسان ىف "الكوشة"‬
‫للناس ‪ ،‬وعرض الرجل زوجته على اجلميع يتأملوهنا ومفاتنها وقد بدت ىف أمجل صورها ‪،‬‬
‫وإحضار بعض "الفنانني" (‪ )2‬إلحياء احلفل ‪ ،‬وإمنا هى إماتة وحماولة طمس السنة النبوية ىف‬
‫الزفاف ‪ ،‬وتقليد غريب إلخوان القردة واخلنازير ىف حفالت زفافهم ‪ ،‬ومن هم على شاكلتهم‬
‫ممن يدعى اإلسالم ـ علم هذا من علمه وجهله من جهله ـ فالواجب‪ 7‬البعد عن هذا ملا فيه من‬
‫اختالط الرجال والنساء‪ ، 7‬وإرتداء النساء كل ما يكشف مفاتنهن ‪ ،‬والرقص اجلماعى للرجال‬

‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه أحمد وغيره ‪.‬‬


‫(‪ )2‬وفيه هذا ما فيه من التبذير المنهى عنه فى قوله تعالى ‪" :‬إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪47‬‬

‫َّاس َع َذابًا َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة‬


‫َش ُّد الن ِ‬‫أن‪")4‬أ َ‬ ‫مع النساء ‪ ،‬والتصوير ‪ ،‬وقد صحت األحاديث الكثرية‬
‫اهو َن خِب َْل ِق اللَّ ِه" (‪ )3‬إىل غري ذلك مما يعرفه الناس ( ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ضُ‬‫ين يُ َ‬ ‫الذ َ‬
‫ـ رش امللح ‪ :‬ورش امللح مرة أو سبع لدفع‪ 7‬عني احلاسد ! هو نوع تبذير وإسراف وسفه ‪.‬‬
‫ـ وعليه فليكن العروس على حذر من يبدأ حياته مبعصية اهلل تعاىل وأن يتحمل أوزار كل‬
‫من يغىن ويرقص ويتمايل على أكتافه وىف ميزان سيئاته !!! ‪.‬‬
‫ت ِعْن َد‬ ‫اجري ِن صو ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت َع ْن َ ِ‬
‫ص ْوَتنْي أَمْح ََقنْي فَ َ ْ َ ْ‬ ‫ـ الزغاريد يوم الفرح ‪ :‬قال رسول اهلل‪َ " : ‬ن َهْي ُ‬
‫وب ورنَِّة َشيطَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صيبَ ٍة مَخْ ِ‬
‫مِ‬
‫ان" (‪. )1‬‬ ‫ش ُو ُجوه َو َش ِّق ُجيُ ٍ َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ـ وليبدأ حياته الزوجية ىف بيت من بيوت اهلل تعاىل وعلى سنة النىب‪ ، ‬وليكن سبباً ىف‬
‫إحياء السنن ال إماتتها ‪ ،‬ونشر اخلري ال الفجور والعرى‪. 7‬‬
‫وعلى من ُدعى إىل حضور عقد النكاح أن يلىب دعوة أخيه ملشاركته فرحته والدعاء له ‪،‬‬
‫على أن حيذر أن يكون مكان حضوره مكان هلو واختالط وفسق وعرى وتصوير كما جيرى‬
‫لدى كثري من الناس ‪ ،‬ودعوهتم أهل الباطل من الفنانني وأصحاب اخلالعة واملياعة واملنتسبني‬
‫ب" (‪. )2‬‬ ‫َح َّ‬‫إىل اإلسالم زوراً‪ 7‬وهبتاناً ‪ ،‬حىت ال يدخل حتت قوله‪" : ‬الْ َم ْرءُ َم َع َم ْن أ َ‬
‫ـ ويُستحب أن يكون العقد‪ 7‬ىف بيت من بيوت اهلل تعاىل حتفه املالئكة وحيضره أهل الصالة‬
‫والصالح ‪.‬‬
‫ـ وهنا يُقال ‪ :‬ما هى ألفاظ التزويج ؟‬
‫ـ وأقول ‪ :‬ان النكاح ينعقد بلفظ النكاح ‪ ،‬كأن يقول الوىل للرجل ‪ :‬أنكحتك أو زوجتك ‪،‬‬
‫انكحواْ ما طَاب لَ ُكم ِّمن النِّساء) (النساء ‪ ، )3 :‬وقوله تعاىل ‪( :‬وأ ِ‬
‫َنك ُحوا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫كما قال تعاىل ‪( :‬فَ ُ َ َ‬
‫ك إِ ْح َدى‬ ‫يد أَ ْن أ ِ‬
‫ُنك َح َ‬ ‫اأْل َيَ َامى ِمن ُك ْم) (النور ‪ ، )32 :‬وقول شعيب ملوسي‪( : ‬قَ َ‬
‫ال إِيِّن أُِر ُ‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ )317\10‬ومسلم (‪. )158\6‬‬
‫(‪ )4‬وال أدرى سببا ً يدعو الرجل أن يعلق صورة زفافه وقد بدت عروسه فى أجمل زينتها وجمالها فى غرفة "الصالون" مثالً ليشاهدها كل زائر له ! ‪ ،‬ال أدرى‬
‫أهو التباهى بجمال عروسه وأنه اختار أجمل الفتيات ‪ ،‬أم هى دعوة لكل من يرى الصورة أن يزني بزوجته (فالعين تزى وزناها النظر) ! أم تراه يتاجر‬
‫بجمالها !! ‪ ،‬وال أدرى لماذا ترضى الزوجة بهذا العرض المبتذل لها ولجسمها ‪.‬‬
‫واذا كان هذا الفعل منهى عنه – التصوير ثم تعليق الصور ‪ ،‬وقد صح الحديث أن المالئكة ال تدخل بيت فيه كل أو صورة – فمن باب أولى النهى عن مقابلة‬
‫الزوجة لكل زائر لزوجها وجلوسها اليه وتسليمه عليها ‪ ،‬والضحك والمزاح معه واالختالط عامة ‪ ،‬والنتشار‪ S‬هذا االمر وذيوعه بين الناس لزم التنبيه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الحاكم والبيهقى والترمذى بنحوه‪ S‬وغيرهم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )6186‬ومسلم (‪ ، )2640‬ويكفيك‪ S‬في ِحل الغناء أو حرمته ما قيل ‪ :‬لو جاء الغناء يوم القيامة ‪ :‬يكون مع الحق أم الباطل ‪ ،‬في أي ِكفة‬
‫بحله أبداً ‪ ،‬وانظر لكاتب السطور ‪ :‬أمثالنا الشعبية في ميزان الشرع ‪،‬ط ‪ :‬مكتبة‬ ‫يكون ‪ ،‬ولو كان ابن حزم وهو معتمد أهل الغناء حيا ً وسمع غناء اليوم ما قال ِ‬
‫العلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪48‬‬

‫ضى َزيْ ٌد‬ ‫ْابنَيَتَّ َهاَتنْي ِ ) (القصص ‪ ، )27 :‬أما لفظ الزواج‪ 7‬فقد ورد ىف قوله تعاىل ‪َ ( :‬فلَ َّما قَ َ‬
‫ِّمْن َها َوطًَرا َز َّو ْجنَا َك َها) (األحزاب ‪. )37 :‬‬
‫أزوجت ؟ فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وقال‬ ‫َ‬ ‫ـ قال ابن قدامة ىف املغىن (‪ : )1‬وإذا قال اخلاطب للوىل ‪:‬‬
‫أقبلت ؟ قال ‪ :‬نعم فقد انعقد النكاح إذا حضره الشاهدان ‪.‬‬ ‫للزوج ‪َ :‬‬
‫قبلت هذا‬ ‫وقال الشافعى ‪ :‬ال تنعقد حىت يقول معه ‪ :‬زوجتك ابنىت ‪ ،‬ويقول الزوج ‪ُ :‬‬
‫التزويج ‪ ،‬ألن هذين ركنا العقد‪ 7‬وال ينعقد بدوهنما‪. 7‬‬
‫ويقول اإلمام ابن تيمية ‪" :‬والتحقيق ‪ :‬إن املتعاقدين إن عرفا املقصود ‪ ،‬فأى لفظ من‬
‫األلفاظ عرف به املتعاقدان‪ 7‬مقصودمها انعقد به العقد" (‪. )2‬‬
‫ومذهب مجهور العلماء أن العقد ينعقد بكل لفظ يدل عليه وال خيتص بلفظ النكاح أو‬
‫التزويج ‪ ،‬وركنا الزواج ‪ :‬إجياب وقبول (وهى صيغة العقد) ‪ ،‬وشروطه أربعة ‪:‬‬
‫اح إِاَّل بَِولِ ٍّي ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ـ اَل ن َك َ‬
‫ويُشرتط لصحة العقد‪ 7‬أموراً أربعة ‪ :‬الصداق ‪ ،‬اإلعالن ‪ ،‬الشهود ‪ ،‬الوىل ‪.‬‬
‫ص ُدقَاهِتِ َّن حِن ْلَةً) (النساء ‪ ، )4 :‬وقوله تعاىل ‪( :‬أ َْو‬ ‫َّساء َ‬
‫(وآتُواْ الن َ‬
‫‪1‬ـ الصداق ‪ :‬لقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ني َغْيَر‬‫يضةً) (البقرة ‪ ، )236:‬وقوله تعاىل ‪( :‬أَن َتْبَتغُواْ بِأ َْم َوال ُكم حُّمْصن َ‬ ‫ضواْ هَلُ َّن فَ ِر َ‬‫َت ْف ِر ُ‬
‫اضْيتُم بِِه‬ ‫مسافِ ِحني فَما استمتعتم بِِه ِمْنه َّن فَآتُوه َّن أُجوره َّن فَ ِريضةً والَ جناح علَي ُكم فِ‬
‫يما َتَر َ‬ ‫َ َ َُ َ َ ْ ْ َ‬ ‫ُ ُ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ ْ َ ْ َ ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ب ْع ِد الْ َف ِر َ ِ ِ‬
‫يما) (النساء ‪. )4 2 :‬‬ ‫يما َحك ً‬ ‫يضة إ َّن اللّهَ َكا َن َعل ً‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫اح"‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ِّ‬‫ال‬ ‫وا‬‫ن‬‫‪2‬ـ اإلعالن ‪ :‬لبيان ِحله من حرامه أانه نكاح ال سفاح ‪ ،‬قال ‪" : ‬أَعلِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وقوله ‪" : ‬أشيدوا النكاح ‪ ،‬أشيدوا النكاح ‪ ،‬هذا النكاح ال السفاح" (‪. )2‬‬
‫وقد قال بعض أهل العلم بوجوبه ‪ ،‬والبعض بأنه مندوب ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الشهود ‪ :‬لقوله ‪" : ‬ال نكاح إال بوىل وشاهدى عدل" (‪. )3‬‬

‫(‪ )1‬انظر المغنى (‪. )428\7‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬مجموع‪ S‬الفتاوى (‪.)533\20‬‬
‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه أحمد (‪ )5\4‬وابن حبان (‪ )147\6‬والبيهقى‪. )288\7( S‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن منده فى المعرفة (‪. )218\2‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه البيهقى (‪ )125\7‬والطبرانى (‪. )142\18‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪49‬‬

‫اح إِاَّل بَِويِل ٍّ " (‪. )4‬‬ ‫ِ‬


‫‪4‬ـ الوىل ‪" :‬لقوله ‪ " : ‬اَل ن َك َ‬
‫فإذا توافرت هذه الشروط األربعة صح العقد والزواج ‪ ،‬وقد تقدم احلديث عن الصداق ‪،‬‬
‫واإلعالن ‪ ،‬وحضرت الشهود‪ 7‬ىف املسجد تشهد إعالن هذا الزواج املبارك ‪ ،‬وبقى الوىل ‪،‬‬
‫اح إِاَّل بَِويِل ٍّ " (‪ ، )6‬ووىل العروس ‪:‬‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫وهنا ننبه إىل قضية "الزواج العرىف" (‪ ، )5‬قال ‪ " : ‬اَل نِ‬
‫َ‬
‫األب ‪ ،‬األخ ‪ ،‬العم‪ ، 7‬اخلال ‪ ،‬أوىل العصبة األقرب فاألقرب ‪.‬‬
‫ـ وهنا يُطرح سؤال وهو ‪ :‬هل يشرتط أن يضع اخلاطب يده ىف يد الوىل كما نرى حني العقد‬
‫‪ ،‬وكما يصنع "املأذون" أن يضع املنديل على يد اخلاطب والوىل ‪ ،‬وما يقوله من ألفاظ حنو ‪:‬‬
‫على مذهب اإلمام أىب حنيفة…؟ ‪.‬‬
‫واجلواب ‪ :‬انه ال يش ‪77‬رتط وضع يد اخلاطب ىف يد ال ‪77‬وىل ‪ ،‬وال أصل لوضع املن ‪77‬ديل ‪ ،‬وك ‪77‬ذا ال‬
‫أصل ىف الس‪77‬نة !!! لق‪77‬ول املأذون وختص‪77‬يص م‪77‬ذهب أىب حنيفة ‪ ،‬إمنا ألن ه‪77‬ذا ملذهب ك‪77‬ان هو‬
‫املأخوذ به ىف مصر ‪ ،‬فجاء هذا اللفظ من املأذون ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫ـ لطيفة ‪ :‬الفرق بين النكاح ـ الزواج ‪:‬‬
‫ال يفرق كثري من أهل اللغة وشارحى القرآن بني لفظىت "النكاح" و "الزواج" فتستعمل كل‬
‫لفظة مكان األخرى ‪ ،‬ولكن القرآن وضع كل لفظة ىف مكان لتدل على معىن بعينه ‪ ،‬ال يدل‬
‫عليه االخر ‪.‬‬
‫فلفظ "النكاح" ففى كتاب اهلل تعاىل تأتى للداللة على العقد‪ 7‬الشرعى ‪ ،‬وما يرتتب عليه من‬
‫أحكام شرعية ‪ ،‬دون الوطء واملعاشرة الزوجية ‪.‬‬
‫يوضحه االصل الُلغوى‪ 7‬للفظ النكاح ‪ ،‬فالنون والكاف واحلاء أصل واحد وهو البضاع ‪،‬‬
‫والنكاح يكون للعقد للعقد دون الوطء ‪.‬‬
‫ومما يدل على ما سبق ويشفى العى قوله تعاىل ‪( :‬يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا إِ َذا نَ َكحتُم الْم ْؤ ِمنَ ِ‬
‫ات‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َّة َت ْعتَدُّو َن َها) (االحزاب ‪، )49:‬‬ ‫مُثَّ طَلَّ ْقتموه َّن ِمن َقب ِل أَن مَتَ ُّسوه َّن فَما لَ ُكم علَي ِه َّن ِمن ِعد ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ ْ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ ُ‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ ) )2085‬والترمذى (‪ )1101‬وابن ماجة (‪ )605\1‬وغيرهم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬يأتى الحديث عنها فى القسم الثانى من الكتاب ‪.‬‬
‫(‪ )6‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪50‬‬

‫ِ‬
‫وه َّن) خري دليل على أن املراد بالنكاح إما هو العقد دون‬ ‫ففى قوله تعاىل ‪( :‬من َقْب ِل أَن مَتَ ُّس ُ‬
‫الوطء ‪.‬‬
‫ومن االدلة أنه يأتى للدلة على األحكام الشرعية قوله تعاىل ‪( :‬والَ تَ ِ‬
‫نك ُحواْ َما نَ َك َح آبَا ُؤ ُكم‬ ‫َ‬
‫ول‬
‫(و َما َكا َن لَ ُك ْم أَن تُ ْؤذُوا َر ُس َ‬
‫ف) (النساء ‪ ، )22:‬وقوله تعاىل ‪َ :‬‬ ‫ِّساء إِالَّ َما قَ ْد َسلَ َ‬
‫ِّم َن الن َ‬
‫َ‬‫َاح‬ ‫ُن‬ ‫َاَل ج‬ ‫اجهُ ِمن َب ْع ِد ِه أَبَ ًدا) (االحزاب ‪ ، )53:‬وقوله تعاىل ‪( :‬و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َواَل أَن تَنك ُحوا أ َْز َو َ‬
‫َّ)‬‫هن‬ ‫َُ‬ ‫ُور‬ ‫ُج‬ ‫َّ أ‬‫هن‬ ‫ُوُ‬ ‫ُم‬‫ْت‬‫تي‬‫َا آَ‬ ‫ِذ‬‫َّ إ‬‫هن‬ ‫ُوُ‬ ‫ِح‬ ‫تنك‬ ‫َن َ‬ ‫ْأ‬ ‫ُم‬ ‫ْك‬ ‫لي‬ ‫ََ‬ ‫ع‬
‫ِي اَل‬ ‫َّان‬ ‫(الممتحنة ‪ ، )10:‬وقوله تعالى ‪( :‬الز‬
‫ها إ‬
‫ِاَّل‬ ‫َُ‬ ‫ِح‬ ‫ينك‬ ‫ة اَل َ‬ ‫َُ‬‫ِي‬ ‫َّان‬ ‫َالز‬ ‫ةو‬ ‫ًَ‬ ‫ِك‬
‫مشْر‬ ‫ُْ‬ ‫َو‬ ‫ةأ‬ ‫ًَ‬ ‫ِي‬ ‫َان‬ ‫ُ إاَّل ز‬ ‫ِح‬ ‫ينك‬ ‫َ‬
‫َ) (النور ‪:‬‬ ‫ِين‬ ‫ِن‬‫ْم‬ ‫ُؤ‬ ‫الم‬
‫لى ْ‬ ‫ََ‬‫ِكَ ع‬ ‫َل‬‫َذ‬ ‫ِّم‬ ‫ُر‬ ‫َح‬ ‫ِكٌ و‬ ‫مشْر‬ ‫ُْ‬ ‫َو‬ ‫َانٍ أ‬ ‫ز‬
‫َن‬ ‫ْالً أ‬ ‫َو‬ ‫ْط‬ ‫ُم‬ ‫ِنك‬ ‫ْم‬ ‫ِع‬ ‫َط‬ ‫يسْت‬ ‫َْ‬ ‫من َّلم‬‫ََ‬‫‪ ، )3‬وقوله تعالى ‪( :‬و‬
‫َت‬
‫ْ‬ ‫لك‬ ‫مَ‬ ‫ما َ‬ ‫ِن ِّ‬‫َم‬‫َاتِ ف‬ ‫ِن‬ ‫ْم‬ ‫ُؤ‬ ‫َاتِ ْ‬
‫الم‬ ‫َن‬ ‫ْص‬ ‫ُح‬‫الم‬ ‫َ ْ‬ ‫ِح‬ ‫ينك‬ ‫َ‬
‫ُم) (النساء ‪ )25 :‬إلى غير ذلك من اآليات‬ ‫نك‬ ‫َاُ‬ ‫يم‬ ‫َْ‬ ‫أ‬
‫‪.‬‬
‫إن لفظ "الزواج" فإنه أعم وأشمل من‬
‫"النكاح" ‪ ،‬فهو يأتى على عدة معان منها ‪:‬‬
‫الداللة على مطلق االقتران بين اثنين كما فى‬
‫ن‬‫َاَ‬ ‫مك‬ ‫ْجٍ َّ‬ ‫َو‬‫لز‬ ‫داَ‬ ‫َْ‬ ‫ِب‬ ‫ُ اسْت‬ ‫دتم‬
‫َ ُّ‬ ‫َر‬ ‫نأ‬ ‫ِْ‬‫َإ‬ ‫قوله تعالى ‪( :‬و‬
‫إن‬ ‫َِ‬ ‫ْجٍ) (النساء ‪ ، )20 :‬وقوله تعالى ‪( :‬ف‬ ‫َو‬ ‫ز‬
‫ه)‬ ‫َُ‬ ‫ْر‬ ‫َي‬ ‫ًا غ‬ ‫ْج‬ ‫َو‬ ‫َز‬ ‫ِح‬ ‫تنك‬ ‫َّىَ َ‬
‫َت‬ ‫دح‬ ‫ُْ‬‫بع‬ ‫ِن َ‬‫هم‬ ‫ُّ َلُ‬ ‫تحِل‬ ‫َالَ َ‬ ‫ها ف‬ ‫ََ‬ ‫َلق‬‫طَّ‬
‫(البقرة ‪ ، )230 :‬وقوله تعالى عن شياطين اإلنس‬
‫َا‬ ‫هم‬ ‫ُْ‬ ‫ِن‬ ‫نم‬ ‫ُوَ‬ ‫لم‬ ‫ََّ‬‫َع‬ ‫َت‬‫َي‬ ‫من اليهود وتعلمهم السحر ‪( :‬ف‬
‫ِ) (البقرة ‪:‬‬ ‫ْجِه‬‫َو‬‫َز‬‫ءو‬ ‫ِْ‬ ‫َر‬‫الم‬‫َ ْ‬ ‫ْن‬ ‫بي‬ ‫َِ‬ ‫ِه‬ ‫نب‬ ‫ُوَ‬ ‫ِّق‬ ‫َر‬ ‫يف‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫لى‬ ‫ََ‬‫نع‬ ‫ُوَ‬ ‫يك‬ ‫َيْ اَل َ‬‫لك‬‫‪ ، )102‬وقوله تعالى ‪ِ( :‬‬
‫ْ) (االحزاب ‪:‬‬ ‫ِم‬‫ِه‬ ‫َائ‬ ‫ِي‬‫دع‬‫َْ‬‫َاجِ أ‬ ‫ْو‬‫َز‬‫ٌ فى أ‬ ‫َج‬ ‫َر‬ ‫َح‬ ‫ِين‬ ‫ِن‬ ‫ْم‬ ‫ُؤ‬ ‫الم‬‫ْ‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ِنك‬ ‫نم‬ ‫َْ‬‫َّو‬‫َف‬ ‫َو‬ ‫يت‬ ‫َُ‬ ‫ِين‬ ‫الذ‬
‫َ َّ‬‫‪ ، )37‬وقوله تعالى ‪( :‬و‬
‫ِم) (البقرة ‪)240 :‬‬ ‫َاجِه‬ ‫ْو‬‫ة أِّلَز‬
‫ًَّ‬
‫ِي‬‫َص‬ ‫ًا و‬ ‫َاج‬ ‫ْو‬ ‫َز‬ ‫نأ‬ ‫ُوَ‬ ‫ذر‬ ‫يَ‬ ‫ََ‬ ‫و‬
‫وفى اآلية االخيرة داللة على أن "الزواج" يأتى‬
‫بمعنى األحكام الشرعية المترتبة على الزواج ‪،‬‬
‫َا َلكَ‬ ‫لن‬ ‫لْ‬ ‫َْ‬ ‫َح‬ ‫َّا أ‬ ‫ِن‬ ‫ها النبى إ‬ ‫يَ‬ ‫َُّ‬
‫يا أ‬ ‫وكقوله تعالى ‪َ( :‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪51‬‬

‫َّ) (االحزاب ‪، )50 :‬‬ ‫هن‬‫َُ‬‫ُور‬ ‫ُج‬‫َأ‬ ‫ْت‬‫تي‬‫ِي آَ‬ ‫َكَ الاَّل ت‬‫َاج‬ ‫ْو‬ ‫َز‬‫أ‬
‫ْ)‬‫ُم‬‫ُك‬‫َاج‬ ‫ْو‬‫َز‬‫َكَ أ‬ ‫تر‬‫ما َ‬ ‫َُ‬ ‫ْف‬ ‫ِص‬
‫ْن‬ ‫ُم‬‫ََلك‬ ‫وكقوله تعالى ‪( :‬و‬
‫(النساء ‪. )12 :‬‬
‫ً فى كتاب هللا تعالى‬ ‫ـ وتأتى كلمة "الزواج" أيضا‬
‫بمعنى "الجمع" كما يدل عليه اللفظ لغة كما فى‬
‫ْنِ‬‫َي‬‫ْج‬‫َو‬‫ٍّ ز‬
‫ُل‬‫ِن ك‬ ‫ها م‬ ‫ِيَ‬‫ْف‬ ‫ِل‬
‫ْم‬ ‫َا اح‬ ‫لن‬ ‫ُْ‬
‫قوله تعالى ‪( :‬ق‬
‫ُل‬
‫ِّ‬ ‫ِن ك‬ ‫َم‬ ‫ْنِ) (هود ‪ ، )40 :‬وقوله تعالى ‪( :‬و‬ ‫َي‬‫ثن‬ ‫اْ‬
‫ْنِ) (الرعد ‪:‬‬ ‫َي‬
‫ثن‬ ‫ْنِ اْ‬ ‫َي‬‫ْج‬‫َو‬‫ها ز‬ ‫ِيَ‬ ‫َف‬ ‫َل‬‫َع‬ ‫َاتِ ج‬‫َر‬‫َّم‬
‫الث‬
‫ْنِ‬‫َي‬‫ْج‬‫َو‬‫َا ز‬‫ْن‬ ‫لق‬‫ََ‬ ‫ِّ شئ خ‬ ‫ُل‬
‫ِن ك‬ ‫َم‬ ‫‪ ، )3‬وقوله تعالى ‪( :‬و‬
‫ن) (الذاريات ‪ ، )49 :‬وقوله‬ ‫ُوَ‬ ‫َّر‬ ‫َك‬‫تذ‬‫َْ‬‫ُم‬‫لك‬‫ََّ‬‫َلع‬
‫من‬ ‫َُ‬ ‫َل‬‫ْع‬ ‫يج‬ ‫ثا و‬
‫ََ‬ ‫َاً‬ ‫ِن‬‫َإ‬‫ًا و‬ ‫َان‬ ‫ْر‬‫ُك‬‫ْذ‬ ‫هم‬‫ُُ‬‫ِّج‬
‫َو‬‫يز‬ ‫ُْ‬‫َو‬‫تعالى ‪( :‬أ‬
‫ٌ) (الشورى ‪. )50 :‬‬ ‫ِير‬‫َد‬ ‫ٌق‬ ‫ِيم‬ ‫َل‬‫هع‬ ‫نُ‬ ‫ًا إ‬
‫َِّ‬ ‫ِيم‬ ‫َق‬‫يشَاء ع‬ ‫َ‬
‫ً بمعنى "النوع" كما فى قوله‬ ‫ـ كما تأتى أيضا‬
‫ِيجٍ) (ق ‪:‬‬ ‫به‬‫ْجٍ َ‬ ‫َو‬ ‫ِّ ز‬
‫ُل‬‫ِن ك‬ ‫ها م‬‫ِيَ‬ ‫َا ف‬ ‫ْن‬‫َت‬‫َنب‬ ‫َأ‬‫تعالى ‪( :‬و‬
‫ِيجٍ)‬ ‫به‬ ‫ْجٍ َ‬‫َو‬
‫ِّ ز‬
‫ُل‬ ‫ِن ك‬ ‫ْم‬‫َت‬‫َت‬ ‫َنب‬‫َأ‬ ‫‪ ، )7‬وقوله تعالى ‪( :‬و‬
‫ِن‬
‫ها م‬ ‫ِيَ‬ ‫َا ف‬‫ْن‬‫َت‬‫َنب‬ ‫َأ‬‫(الحج ‪ ، )5 :‬وقوله تعالى ‪( :‬ف‬
‫ٍ) (لقمان ‪. )10 :‬‬ ‫ِيم‬ ‫َر‬‫ْجٍ ك‬
‫َو‬‫ِّ ز‬‫ُل‬‫ك‬
‫وأعلم (‪. )1‬‬ ‫وعليه فلفظ "الزواج" أعم وأمشل داللة من لفظ "النكاح" ‪ .‬واهلل أعلى‬
‫ـ الدعاء للعروسين ‪:‬‬
‫أما الدعاء للعروسني فقد صح عن النىب‪ ‬من حديث أىب هريرة أن النىب ‪َ ": ‬كا َن إِ َذا َرفَّأَ(‪)1‬‬
‫ك َومَجَ َع َبْينَ ُك َما يِف اخْلَرْيِ "(‪. )2‬‬ ‫اإْلِ نْ َسا َن إِ َذا َتَز َّو َج قَ َ‬
‫ال بَ َار َك اللَّهُ لَ َ‬
‫ك َوبَ َار َك َعلَْي َ‬
‫َّار فَِإ َذا نِ ْس َوةٌ‬
‫وعن عائشة ـ رضى اهلل عنه ـ قالت‪َ" : 7‬تَز َّو َجيِن النَّيِب ُّ ‪ ‬فَأََتْتيِن أ ُِّمي فَأ َْد َخلَْتيِن الد َ‪7‬‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫ت َف ُق ْل َن َعلَى اخْلَرْيِ َوالَْبَر َك ِة َو َعلَى خَرْيِ طَائ ٍر"‬ ‫ِمن اأْل َنْصا ِر يِف الْبي ِ‬
‫َْ‬ ‫َ َ‬

‫(‪ )1‬انظر لكاتب السطور ‪" :‬معترك األقران فى ألفاظ القرآن" ‪.‬‬
‫(‪ )1‬رفأ ‪ :‬أى هنأ ‪ ،‬من قولهم ‪ :‬بالرفاء والبنين ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى وأبو داود ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى ومسلم‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪52‬‬

‫وهنى ‪ ‬عن قول "بالرفاء والبنني" ‪ ،‬فقد روى عبد اهلل بن حممد بن عقيل قال ‪َ " :‬تَز َّو َج‬
‫ك فَِإ َّن النَّيِب َّ ‪ ‬قَ ْد‬ ‫ِ‬ ‫ب فَخرج علَينَا َف ُق ْلنَا بِ ِّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عِ‬
‫ال َم ْه اَل َت ُقولُوا‪ 7‬ذَل َ‬ ‫ني َف َق َ‬
‫الرفَاء َوالْبَن َ‬ ‫يل بْ ُن أَيِب طَال ٍ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ ُ‬‫ق‬
‫ك فِ َيها" (‪. )4‬‬ ‫ِ‬
‫ال قُولُوا‪ 7‬بَ َار َك اللَّهُ هَلَا ف َ‬
‫يك َوبَ َار َك لَ َ‬ ‫ك َوقَ َ‬ ‫ِ‬
‫َن َهانَا َع ْن َذل َ‬
‫ُسْي ٍد‬
‫س أَبُو أ َ‬ ‫وال حرج ىف قيام العروس على خدمة احلُضور ملا روى البخارى‪" : 7‬لَ َّما َعَّر َ‬
‫ي دعا النَّيِب ‪ ‬وأَصحابه فَما صنع هَل م طَعاما واَل َقَّربه إِلَي ِهم إِاَّل امرأَتُه أ ُُّم أ ٍ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ت‬‫ُسْيد َبلَّ ْ‬ ‫الساعد ُّ َ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ْ َ ً َ َ ُ ْ ْ ْ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مَتَر ٍ‬
‫ات يِف َت ْو ٍر ِم ْن ِح َج َار ٍة ِم َن اللَّْي ِل َفلَ َّما َفَر َ‬
‫غ النَّيِب ُّ ‪ ‬م َن الطَّ َع ِام أ ََما َثْتهُ لَهُ فَ َس َقْتهُ ُتْتح ُفهُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ك" (‪. )5‬‬ ‫بِ َذل َ‬
‫على أال تكون متربجة سافرة تأمن الفتنة ‪.‬‬
‫ـ وبعد العقد والدعاء للعروسني ينصرف العروسان إىل بيت الزوجية ليبدا‪ 7‬معاً أوىل أيام وليإىل‬
‫حياهتما الزوجية ‪.‬‬
‫ـ ليلة الزفاف (‪ : )1‬الصالة أوالً ‪:‬‬
‫ـ ويبدأ العروسان ليلة زفافهما بدخول البيت‪ 7‬ـ بالرجل اليمىن ـ وإلقاء السالم ‪ ،‬مث بالصالة‬
‫صح عن عبد اهلل بن مسعود‪ ‬انه قال ملن جاء يسأله قائالً ‪" :‬أىن‬
‫ركعتني هلل تعاىل ‪ ،‬فقد ّ‬
‫تزوجت جارية شابة ـ بكراً ـ وأىن أخاف أن تفركىن (‪ " )2‬فقاله له عبد اهلل بن مسعود ‪ :‬إن‬
‫يكره إليكم ما أحل اهلل لكم ‪ ،‬فإذا أتتك‬‫اإللف من اهلل ‪ ،‬والفرك من الشيطان ‪ ،‬يريد أن ّ‬
‫فأمرها أن تصلى وراءك ركعتني" وىف رواية أخرى ‪" :‬وقل ‪ :‬اللهم بارك ىل ىف أهلى ‪ ،‬وبارك‬
‫وفرق بيننا إذا فرقت إىل خري" (‪. )3‬‬
‫هلم ىف ‪ ،‬اللهم امجع بيننا ما مجعت خبري ‪ّ ،‬‬
‫ـ وعن أىب سعيد موىل أىب أسيد قال ‪" :‬تزوجت وأنا مملوك ‪ ،‬فدعوت نفراً من أصحاب النىب‬
‫‪ ‬فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة ‪ ،‬قال‪ :‬وأقيمت الصالة ‪ ،‬قال ‪ :‬فذهب أبو ذر ليتقدم ‪،‬‬

‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى وأحمد (‪ )451\3‬واللفظ له ‪.‬‬


‫(‪ )5‬أخرجه البخارى (‪ )200\9‬ومسلم (‪. )103\6‬‬
‫(‪ )1‬وهنا ننبه إلى بدعة لباس الرجل مالبسه مقلوبة ! وارتداءه (شبكة صياد) ! وأكل عدد معين من البيض مكتوبا ً عليه بعض الطالسم والكفريات‪ ، S‬وغير هذا‬
‫من التحويطات‪ S‬والبدع المنتشرة‪ S‬بين الناس ظنا ً منهم أنها تدفع العين أو للحيلولة دون ربط الزوج ليلة زفافه ‪ ،‬وقد الحقنا بهذا الكتاب بعض ما سطرته في كيفية‬
‫فك السحر عن "المربوط" ليلة زفافه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى تكرهنى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن أبى شيبة (‪ )12\7‬وعبد الرزاق (‪ )191\6‬والطبرانى (‪ )21\3‬وغيرهم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪53‬‬

‫فقالوا ‪ :‬إليك ! قال ‪َ :‬أوكذلك ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فتقدمت‪ 7‬هبم وأنا عبد مملوك ‪ ،‬وعلموىن‬
‫فقالوا ‪ :‬إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتني ‪ ،‬مث سل اهلل من خري ما دخل عليك ‪ ،‬وتعوذ به‬
‫من شره ‪ ،‬مث شأنك وشأنك أهلك" (‪. )4‬‬
‫ـ وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها ‪:‬‬
‫َح ُد ُك ُم ْامَرأًَة أَ ِو ا ْشَتَرى َخ ِاد ًما َف ْلَي ُق ِل اللَّ ُه َّم‬ ‫ِ‬
‫روى أبو داود قوله ‪ : "1845‬إ َذا َتَز َّو َج أ َ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫ك ِم ْن َشِّر َها َو ِم ْن َشِّر َما َجَب ْلَت َها َعلَْيه"‬ ‫ك َخْيَر َها َو َخْيَر َما َجَب ْلَت َها َعلَْي ِه َوأَعُوذُ بِ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫إِيِّن أ ْ‬
‫َسأَلُ َ‬
‫‪.‬‬
‫وبعد أن أمت العروس الدعاء إذا به يلتفت جتاه عروسه فيطبع على جبهتها قبلة حانية رقيقة‬
‫وقد وضع يديه على كتفيها أو رقبتها ‪ ،‬كتوطئة وهتيئة نفسية للعروس ‪.‬‬
‫مث يرتك العروس عروسه لتدخل حجرهتا لتلتقط أنفاسها بعد هذه القبلة الىت طبعت على‬
‫جبهتها للمرة األوىل من رجل مل تألفه بعد ‪ ،‬مث لتتزين وتتهيأ نفسياً ملا وراء هذه القبلة من‬
‫أحداث ستجرى ألقتها أمها أو صديقاهتا‪ 7‬ىف رأسها ‪.‬‬
‫وهنا ننبه إىل كيفية بدء الرجل الليلة األوىل من لياىل حياته الزوجية ‪ ،‬وبيان أمهية هذه الليلة‬
‫عند كل فتاة ختطو خطوهتا األوىل مع شريك العمر‪. 7‬‬
‫قصة من الواقع ‪ :‬وأسوق إليك هذه القصة لرجل تزوج حديثاً وكان ككثري من الشباب‬
‫يتخيل ويرتب ىف رأسه ما سيفعله ىف ليلة الزفاف "ليلة العمر" يقول ‪:‬‬
‫ما إن دخلت بيىت وأغلقت الباب بعد سالمى على من أوصلوىن إىل البيت حىت نظرت إىل‬
‫زوجيت فوجدهتا قد تأهبت للصالة ركعتني إتباعاً للسنة وكأفضل بداية للحياة الزوجية وهلذه‬
‫الليلة "ليلة العمر" وبعد أن انتهيت من الصالة وزوجىت خلفى حىت نظرت إليها حبب ٍ‬
‫وود ‪ ،‬مث‬
‫طبعت قبلة رقيقة على جبهتها ومحدت اهلل تعاىل أن مجعىن هبا وعليها على كتاب اهلل وعلى‬
‫سنة رسوله ‪ ، ‬فحمدت هى األخرى هذا هلل تعاىل ‪ ،‬مث تركتها تدخل حجرهتا لتتزين‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬اخرحه ابن أبى شيبة (‪ )12\7‬وعبد الرزاق (‪. )191\6‬‬
‫فائدة ‪ :‬وفى هذا األثر ‪ :‬تقدم المفضول على الفاضل ‪ ،‬وتعليم صاحب الحاجة وإن لم يسئل لحرج ونحوه ‪ ،‬وطلب حضور أهل العلم والفضل ‪.‬‬
‫(‪ )1‬خلقتها وطبعتها‪ S‬عليه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حسن ‪ :‬أخرجه البخارى فى "أفعال العباد" (‪ )77‬وأبو داود (‪ )336\1‬وابن ماجة (‪. )592\1‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪54‬‬

‫ولتلتقط أنفاسها ‪،‬مث جلست إىل األريكة وأنا أتفكر كيف أبدأ ليلىت وهى أهم ليلة ىف حياتى‬
‫الزوجية وحياهتا وكنت قد قرأت عن بعض احلاالت النفسية الىت أصابت بعض الفتيات من‬
‫جراء اجلهل بكيفية بدء احلياة الزوجية ليلة الزفاف ‪ ،‬فمنهم‪ 7‬من تقول ‪ :‬لقد دخل على زوجى‬
‫حجرتى كالثور‪ 7‬اهلائج فأصابىن باهللع مما رأيت ‪ ،‬رأيت رجالً عارياً متاماً و "كرشه" ـ هكذا ـ‬
‫أمامه ينظر إىل كفريسة وقعت‪ 7‬بني يديه وقد أكله اجلوع ‪ ،‬وعينان تربقان كالربق ينفذان إىل‬
‫قلىب ‪ ،‬فلم أدر إال وجسدى كله قد أصابته الرعشة والتشنج ‪ ،‬ومل أفق من غيبوبىت إال وأمى‬
‫جبوارى‪ ، 7‬وىف الصباح كان الطالق ! (‪. )1‬‬
‫وأخرى تروى قصتها فتقول ‪ :‬لقد رأيت عينيه تغتصبىن قبل أن متتد يده إىل جسدى ‪،‬‬
‫على جبسده وحتسست‬ ‫فتمالكت نفسى وأخذت نفساً عميقاً هتيئة له ‪ ،‬وملا "سقط" ـ كذا‪ 7‬ـ َّ‬
‫يديه جسدى مل أمتالك نفسى من دفعه عىن ‪ ،‬ومل يكن هناك شئ حىت ثالث ليال ‪.‬‬
‫وهذا رجل تتدلل عليه زوجته فيظنه كرهاً ! فريبِطها ـ بعد أسبوع من العناء ـ ىف "السرير"‬
‫حىت يثبت رجولته ‪ ،‬وآخر مل يستطع التغلب على حصون القلعة فيأتى مبن يساعده بالطريقة‬
‫"البلدى" (‪. !!! )2‬‬
‫يقول ‪ :‬دارت ىف رأسى هذه األفكار وغريها وأنا أبدأ أول ليلة من لياىل احلياة الزوجية ‪،‬‬
‫وأنا أعلم أن هلذه الليلة األثر كل األثر ىف احلياة الزوجية مستقبالً ‪.‬‬
‫يقول ‪ :‬وبينما أنا مع أفكارى وخواطرى إذا خبشخشة خترج من حجرة الزوجة ـ وكأهنا‬
‫تقول ‪ :‬هيئت لك ! ـ فطرحت أفكارى جانباً وهنضت ناحية الغرفة فطرقت الباب طرقاً‬
‫خفيفاً مازحاً ‪ :‬العشاء جاهز ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ويقول االمام ابن حزم فى كتابه "طوق الحمامة" كان ببغداد رجل رأى فتاة فأحبها وتزوجها ‪ ،‬فلما كانت ليلة الوفاف استعجل أمره ‪ ،‬فرأت الفتاة كبر‬
‫عضوه ‪ ،‬فنفرت منه ـ وأبت الرجوع اليه حتى الموت" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬وهذه العادة لألسف تنتشر بكثرة‪ S‬فى الريف المصرى أكثر من حضره ‪ ،‬فتجتمع بعض النسوة على العروس وتأخذ أيد النساء بيد العروس ‪ ،‬واألخرى بيدها‬
‫األخرى ‪ ،‬وتأخذ امرأة ثالثة بقدم العروس ورابعة بقدمها األخرى ‪ ،‬ثم تأتى المرأة الخامسة فتأخذ "شرف" البنت وعرضها ‪ ،‬وتبلل القماش األبيض بدمها !‬
‫لل ِ َعرض ‪ ،‬ويبدأ الرقص والفرح يعم البيت واالهل لعفة البنت وحفاظها على "شرفها" وفيها ما فيها من البعد عن الشرع الحنيف ‪ ،‬وما يسببه هذا األمر من‬
‫اطالع من ليس له أن يطلع على العورات ‪ ،‬وما يسببه من حالة نفشية سيئة جداً للفتاة التى تبدأ حياتها الزوجة أول ما تبدا وفى أولى لحظاتها بهذا العمل‬
‫ضي ِإلَى ا ْم َرأَ ِت ِه َوتُ ْف ِ‬
‫ضي ِإلَ ْي ِه ثُ َّم‬ ‫اس ِع ْن َد هَّللا ِ َم ْن ِزلَةً يَوْ َم ْال ِقيَا َم ِة ال َّرج َُل يُ ْف ِ‬
‫المشين وما يسبه لها من ألم عضوى ونفسى ‪ ،‬ويقول رسول هللا ‪" : ‬إِنَّ ِم ْن أَ َشرِّ النَّ ِ‬
‫يَ ْن ُش ُر ِس َّرهَا" أخرجه مسلم وغيره ‪ ،‬فما بالك بمن يدعو الناس لمشاهدة نتاج ليلة الزفاف ! ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪55‬‬

‫فخرجت فتاة أحالمى ىف ثوهبا الرقيق الشفاف فأخذتىن "الرهبة" وامحر وجهى خجالً مما‬
‫أرى ـ فهذه هى املرة األوىل الىت أرى فيها امرأة هبذه الثياب ـ فتمالكت‪ 7‬نفسى مث مددت يدى‬
‫إىل يدها برفق ألخذها لنجلس معاً لتناول العشاء ‪ ،‬وما إن جلست جبانىب حىت شعرت بأن‬
‫اخلوف والرهبة واألفكار الىت كانت متأل رأسى قد ذهبت وتبخرت ‪ ،‬وشعرت كأىن أجلس‬
‫ىف محام بارد فربد جسدى كله ‪ ،‬نعم ‪ ،‬ومل يدر برأسى إال أن ‪ :‬هذه زوجتك وليست‬
‫فريستك ‪ ،‬فلما العجلة ؟ هى لك ومعك وبني يديك اآلن وبعد ساعة بل غداً وبعد ٍ‬
‫غد‬
‫ودائماً إن شاء اهلل تعاىل ‪ ،‬فلِما العجلة ؟! ‪.‬‬
‫ومددت يدى التقط‪ 7‬بعض الطعام أضعه ىف فيها إتباعاً حلديث النىب ‪ ‬أن للرجل أجراً حني‬
‫يضع اللقمة ىف فم امرأته ‪.‬‬
‫يقول ‪ :‬وناولتها الطعام مصحوبة بنظرة حانية تقول ‪ :‬مهالً حبيبىت ال ختاىف ‪ ،‬مث خطر‬
‫برأسى خاطر رأيته أحسن ما يُذهب رهبتها وخوفها ‪ ،‬فقمت إىل مكتىب فأحضرت بعض‬
‫األوراق و "والكراسات" الىت كنت أدون فيها بعض خواطرى حال صباى ‪ ،‬وأخذت أعرض‬
‫عليها بعض أفكارى لتتلمح بعض شخصيىت وألذهب رهبتها وخوفها ‪ ،‬وأخذت أقرأ وهى‬
‫تسمع ‪ ،‬وتارة تقرأ هى وأمسع أنا ‪ ،‬مع تعليقى على بعض الكلمات والضحك من بعض‬
‫الكلمات واألفكار واخلواطر ‪ ،‬وكنت أتلمس الفرصة ألملس يديها أو شعرها ‪.‬‬
‫ومل ندر إال وقد انقضت ساعة كاملة شعرنا فيها ـ معاً ـ باحلاجة إىل القبلة واللمسة‬
‫فأمسكت بيديها وقبلتهما مث شفتيها ‪ ،‬وكانت قبلة طويلة حارة أخذتنا إىل عامل آخر فلم‬
‫نشعر إال وقد انتقلنا من احلجرة اخلارجية وإذا بنا على فراش الزوجية ‪.‬‬
‫يقول ‪ :‬فكانت هذه أول ليلة من لياىل حياتنا الزوجية ‪.‬‬
‫وبعد مخس سنوات من الزواج جلسنا معاً نتذكر أول ليلة ‪ ،‬فكان من قوهلا ‪ :‬إن البنات ىف‬
‫ليلة الزفاف متتلئ رؤوسهن باحلكايات والقصص الىت جتعل أكثرهن يهنب هذا اليوم‪ ، 7‬وأنا‬
‫أذهبت كل خوىف‬ ‫َ‬ ‫كنت كغريى البنات ‪ ،‬كنت احسب هلذه الليلة ألف حساب ‪ ،‬ولكنك‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪56‬‬

‫كنت تسطرها قبل زواجنا ‪ ،‬وعدم العجلة‬


‫ورهبىت مبا كان من قراءة تلك األوراق الىت َ‬
‫فجزاك اهلل عىن كل خري ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬إمنا سقت إليك هذه القصة ملا نسمع ونرى من اجلهل بكيفية بدء ليلة الزفاف‬
‫األوىل ىف حياة الزوجني ‪ ،‬وما يرتتب على هذه الليلة من سعادة أو شقاوة ألى من الزوجني‬
‫أو كالمها ‪.‬‬
‫ـ ما يقول الرجل حين يجامع أهله ‪:‬‬
‫ال بِ ْ‬
‫اس ِم‬ ‫َح َد ُك ْم إِ َذا أَتَى أ َْهلَهُ قَ َ‬ ‫روى البخارى‪ 7‬عن ابن عباس يبلغ به النىب ‪ ‬قال ‪" :‬لَ ْو أ َّ‬
‫َن أ َ‬
‫ضُّرهُ " (‪. )1‬‬ ‫ض َي َبْيَن ُه َما َولَ ٌد مَلْ يَ ُ‬ ‫اللَّ ِه اللَّ ُه َّم َجنِّْبنَا الشَّْيطَا َن و َجن ِ‬
‫ِّب الشَّيطَا َن ما ر َز ْقَتنَا َف ُق ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫قال القاضى ‪ :‬قيل املراد بأنه ال يضره أنه ال يصرعه شيطان ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال يطعن فيه الشيطان‬
‫عند والدته خبالف غريه ‪ ،‬قال ‪ :‬ومل حيمله أحد على العموم‪ 7‬ىف مجيع الضرر‪ 7‬والوسوسة‬
‫واإلغواء ‪ ،‬هذا كالم القاضى‪. )1( 7‬‬
‫ـ فض غشاء البكارة ‪ :‬وعلى الزوج أن يكثر من املداعبة واملالعبة قبل أن يبدأ ىف فض‬
‫غشاء البكارة ‪ ،‬ويكون أمره باللني حىت تلني زوجه معه ‪ ،‬وعليه مبداعبة باطن الفخذين حىت‬
‫يلينا فينفرجا فيسهل األمر عليه ‪ ،‬فإذا أحس منها باللني أوجل عضوه باللني أيضاً وعلى ٍ‬
‫مهل ‪،‬‬
‫وال يكثر من اإليالج أو الدفع‪ 7‬بشدة ‪ ،‬حىت إذا انفض الغشاء ترك زوجته قليالً لتزيل أثر الدم‪7‬‬
‫‪ ،‬وليرتكها ساعة تسرتيح (‪. )2‬‬
‫ـ وأفضل أشكال فض البكارة وإزالتها‪: 7‬‬
‫أن تستلقى املرأة على ظهرها ‪ ،‬وتطوى فخذيها وقد انفرجا حىت يلتصقا بكتفيها ‪- ،‬‬
‫والزوج يقبل شفتيها حىت ال تشعر باحلرج أو اخلوف ‪ -‬فينفرج الفرج والشفران‪ 7‬مما يُسهل‬
‫اإليالج للزوج ‪ ،‬وهذا هو أفضل األشكال وأحسنها (‪. )3‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )65\1‬ومسلم (‪. )1085\2‬‬
‫ـ وقيل أن العبد إذا جامع أهله فلم يسم هللا ‪ ،‬التف الجنى على عضو الرجل فجامع المرأة قبل أن يجامعها زوجها ‪.‬‬
‫(‪ )1‬شرح النووى على صحيح مسلم (‪. )5\10‬‬
‫(‪ )2‬وعليها أن تهتم جداً بنظافة هذا الموضع منها بالمطهرات حتى يلتئم جرحها ‪.‬‬
‫(‪ )3‬وغشاء البكارة متنوع‪ S‬االشكال ‪ ،‬فمنه هاللى الشكل أو مشرشر ‪ ،‬ويوجد من غشاء البكارة ما له فتحتان ‪ ،‬وهو غشاء رقيق يصل سمكه إلى مليمترين ‪،‬‬
‫فهو رقيق جداً ‪ ،‬ولذك تحذر الفتاة من محاولة ادخال إصبعها فهى محاولة عابثة محفوفة بالمخاطر ‪ ،‬فهذا الغشاء الرقيق عنوان عفتها ودينها بل وحياتها ‪،‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪57‬‬

‫ـ كيف يأتى الرجل أهله ‪:‬‬


‫وللرجل أن يأتى امرأته كيف شاء مقبلة ومدبرة ‪ ،‬جمبية (‪ )1‬وعلى حرف (‪ ، )2‬قائمة‬
‫وجالسة وقاعدة ‪ ،‬على أن حيذر‪ 7‬الدبر واحليضة ‪.‬‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ َحْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم) (البقرة ‪ )223 :‬أى ‪ :‬كيف‬ ‫قال تعاىل ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْ‪7‬م َحْر ٌ‬
‫شئتم ‪.‬‬
‫ول إِ َذا َج َام َع َها ِم ْن َو َرائِ َها‬ ‫ود َت ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫ففى الصحيحني عن جابر قال ‪َ " :‬كانَت الَْي ُه ُ‬
‫ث لَ ُك ْم فَأْتُوا َحْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم )‬ ‫ت ( نِ َسا ُؤ ُك ْ‪7‬م َحْر ٌ‬ ‫َح َو َل َفَنَزلَ ْ‬ ‫َجاءَ الْ َولَ ُد أ ْ‬
‫لفظ لإلمام مسلم ‪":‬إِ ْن َشاءَ جُمَِّبيَةً َوإِ ْن َشاءَ َغْيَر جُمَِّبيَ ٍة‬ ‫(البقرة ‪ )3( )223 :‬وىف ٍ‬
‫اح ٍد"‪.‬‬‫وِ‬
‫َ‬
‫ك يِف ِصم ٍ‬
‫ام‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َن َذلِ‬ ‫َغْيَر أ َّ‬
‫صا ِر َو ُه ْم أ َْه ُل َوثَ ٍن َم َع‬ ‫ِ‬
‫وعن ابن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ قال ‪َ " :‬كا َن َه َذا احْلَ ُّي م َن اأْل َنْ َ‬
‫ضاًل َعلَْي ِه ْم يِف الْعِْل ِم فَ َكانُوا َي ْقتَ ُدو َن‬ ‫اب َو َكانُوا َيَر ْو َن هَلُ ْم فَ ْ‬ ‫ود و ُهم أ َْهل كِتَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َه َذا احْلَ ِّي م ْن َي ُه َ َ ْ ُ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ ِ ِِ‬
‫َسَت ُر َما‬ ‫كأْ‬ ‫ِّساءَ إِاَّل َعلَى َحْرف َو َذل َ‬ ‫ب َكثري م ْن ف ْعله ْم َو َكا َن م ْن أ َْمر أ َْه ِل الْكتَاب أَ ْن اَل يَأْتُوا الن َ‬
‫ك ِم ْن فِ ْعلِ ِه ْم َو َكا َن َه َذا احْلَ ُّي ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫َخ ُذوا بِ َذل َ‬ ‫صا ِ‪7‬ر قَ ْد أ َ‬
‫ِ‬
‫تَ ُكو ُن الْ َم ْرأَةُ فَ َكا َن َه َذا احْلَ ُّي م َن اأْل َنْ َ‬
‫ات ومسَت ْل ِقي ٍ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ات َفلَ َّما‬ ‫ِّساءَ َش ْر ًحا ُمْن َكًرا َو َيَتلَ َّذذُو َن مْن ُه َّن ُم ْقبِاَل ت َو ُم ْدبَر َ ُ ْ َ‬ ‫ش يَ ْشَر ُحو َن الن َ‬ ‫ُقَريْ ٍ‬
‫ِ‬ ‫اجرو َن الْم ِدينَةَ َتَز َّو َج َر ُجل ِمْن ُهم ْامرأًَة ِمن اأْل َنْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك فَأَنْ َكَرتْهُ‬ ‫صنَ ُع هِب َا َذل َ‬
‫ب يَ ْ‬ ‫صار فَ َذ َه َ‬ ‫ٌ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫قَد َم الْ ُم َه ُ‬
‫ي(‪ )4‬أ َْم ُرمُهَا َفَبلَ َغ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ىَّت‬‫ح‬ ‫يِن‬‫ب‬ ‫ك وإِاَّل فَاجتَنِ‬ ‫ف فَاصنع َذلِ‬ ‫علَي ِه وقَالَت إِمَّنَا ُكنَّا نُؤتَى علَى حر ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫ث لَ ُكم فَأْتُوا حرثَ ُكم أَىَّن ِشْئتُم ) أَي م ْقبِاَل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ك رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ول اللَّه ‪ ‬فَأَْنَز َل اللَّهُ ‪ ( ‬ن َسا ُؤ ُك ْ‪7‬م َحْر ٌ ْ‬ ‫ذَل َ َ ُ‬
‫ك َم ْو ِض َع الْ َولَ ِد " (‪. )1‬‬ ‫ِ‬ ‫ات ومسَت ْل ِقي ٍ‬
‫ات َي ْعيِن بِ َذل َ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َو ُم ْدبَر َ ُ ْ َ‬

‫ومن الطبيعى أن عضو الرجل قادر على تمزيق‪ S‬هذا الغشاء الرقيق ‪ ،‬ويمثلونه ‪ :‬كمن يضرب جلد الطبلة بعصى ضربة عمودية ‪ ،‬فينشق الغشاء مصحوبا ً‬
‫ببضع قطرات من الدماء قد ال تتجاوز الخمس قطرات ‪.‬‬
‫(‪ )1‬مجبية ‪ :‬أى على وجهها ‪ ،‬وقال عياض ‪ :‬المتجبية تكون على وجهين ـ أحدهما ‪ :‬أن تضع يديها على ركبتيها وهى قائمة ‪ ،‬منحنية على هيئة الركوع ‪،‬‬
‫واآلخر ‪ :‬تنكب‪ S‬على وجهها باركة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬على حرف ‪ :‬أى على جنب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ )154\8‬ومسلم (‪. )156\4‬‬
‫(‪ )4‬اشتهر وانتشر ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )377\1‬وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪58‬‬

‫ـ الوليمة صبيحة العرس (‪ : )2‬وجتب الوليمة بعد الدخول لقوله ‪ ‬ملا خطب على فاطمة ـ‬
‫رضى اهلل عنها ـ ‪" :‬أنه البد للعروس من وليمة ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال سعد ‪ :‬على كبش ‪ ،‬وقال‬
‫فالن ‪ :‬على كذا وكذا‪ 7‬من ذرة ‪ ،‬وىف رواية ‪ :‬ومجع له رهط من األنصار أصوعاً ذرة" (‪. )3‬‬
‫ـ وعن أنس ‪ ‬قال ‪" :‬أومل رسول اهلل ‪ ‬إذ بىن بزينب ‪ ،‬فأشبع املسلمني خبزاً وحلماً ‪ ،‬مث‬
‫خرج إىل أمهات املؤمنني فلسم عليهن ‪ ،‬ودعا هلن ‪ ،‬وسلم عليهن ودعون له ‪ ،‬فكان يفعل‬
‫ذلك صبيحة بنائه" (‪. )4‬‬
‫ـ وعنه ‪ ‬قال ‪" :‬بىن رسول اهلل ‪ ‬بامرأة فأرسلىن فدعوت رجاالً على الطعام"(‪. )5‬‬
‫ـ والسنة فيها أن تكون ثالثة أيام ‪ :‬حلديث أنس أيضاً ‪ ‬قال ‪" :‬تزوج النىب ‪ ‬صفية ‪ ،‬وجعل‬
‫عتقها صداقها ‪ ،‬وجعل الوليمة ثالثة أيام" (‪. )6‬‬
‫ب إِاَّل ُم ْؤ ِمنًا َواَل يَأْ ُك ْل‬ ‫ـ وأن يدعو إليها الصاحلني لقوله ‪ ‬ىف احلديث العام ‪" :‬اَل تُ ِ‬
‫صاح ْ‬‫َ‬
‫ك إِاَّل تَِق ٌّي" (‪. )7‬‬
‫طَ َع َام َ‬
‫ـ أن يومل بشاة أو أكثر إن كان ىف األمر َسعة لقوله ‪" : ‬أ َْومِلْ َولَ ْو بِ َش ٍاة" (‪. )8‬‬
‫ـ جواز الوليمة بالتمر واللبن والسمنـ ‪:‬‬
‫وإن مل يكن ىف األمر سعة أومل بالطعام دون اللحم لقول أنس‪ ‬قال ‪" :‬أَقَ َام النَّيِب ُّ ‪َ ‬بنْي َ‬
‫يمتِ ِه فَ َما َكا َن فِ َيها‬ ‫ت حيي فَدعوت الْمسلِ ِمني إِىَل ولِ‬ ‫خيبر والْم ِدينَ ِة ثَاَل ثًا يب علَي ِه بِص ِفيَّةَ بِْن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْىَن َ ْ َ‬ ‫َ َْ َ َ َ‬
‫ال‬
‫يمتَهُ َف َق َ‬ ‫السم ِن فَ َكانَت ولِ‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫ط‬‫‪7‬‬ ‫َق‬ ‫أْل‬‫ا‬‫و‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َّم‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫اع(‪ )1‬فَأَلْ َقى فِيها ِ‬
‫م‬ ‫ِم ْن ُخْب ٍز َواَل حَلْ ٍم أ ُِمَر بِاأْل َنْطَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫ني أَو مِم َّا ملَ َكت مَيِينُه َف َقالُوا إِ ْن حجبها فَ ِهي ِمن أ َُّمه ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫َ ََ َ َ ْ َ‬ ‫الْ ُم ْسل ُمو َ‪7‬ن إِ ْح َدى أ َُّم َهات الْ ُم ْؤمن َ‪ُ ْ َ ْ 7‬‬

‫(‪ )2‬هذا المبحث مستفاد من "آداب الزفاف" للعالمة األلبانى رحمه هللا تعالى ‪ ،‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد (‪. )359 \5‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى فى الوليمة (‪. )66\2‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخارى (‪. )189\9‬‬
‫(‪ )6‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو يعلى بسند حسن كما فى الفتح (‪ )199\9‬وهو فى صحيح البخارى (‪ )387 \7‬بمعناه ‪ .‬انظر ‪" :‬آداب الزفاف" للعالمة األلبانى رحمه‬
‫هللا تعالى ‪.‬‬
‫(‪ )7‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود والترمذى وأحمد ‪.‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه البخارى (‪. )232\4‬‬
‫(‪ )1‬جمع نطع ‪ :‬بساط يتخذ من االديم وهو الجلد المدبوغ ‪.‬‬
‫(‪ )2‬اللبن المجفف ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪59‬‬

‫اب َبْيَن َها‬ ‫ج‬ ‫الْم ْؤ ِمنِني وإِ ْن مَل حَي جبها فَ ِهي مِم َّا ملَ َكت مَيِينُه َفلَ َّما ارحَت ل وطَّى هَل ا خ ْل َفه وم َّد احْلِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫ُ َ َ ْ ْ ُْ َ َ َ ْ ُ‬
‫َّاس " (‪. )3‬‬ ‫َو َبنْي َ الن ِ‬
‫ـ مشاركة أهل اخلري والسعة‪ 7‬ىف الوليمة ‪ :‬حلديث أنس ‪ ‬قال ىف قصة زواج النىب ‪ ‬بأم‬
‫ِ‬
‫َصبَ َح النَّيِب ُّ‬‫"حىَّت إِذَا َكا َن بِالطَّ ِر ِيق َج َّهَز ْت َها لَهُ أ ُُّم ُسلَْي ٍم فَأ َْه َد ْت َها لَهُ م َن اللَّْي ِل فَأ ْ‬‫املؤمنني صفية ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫الر ُج ُل جَي يءُ‬ ‫ط نِطَ ًعا قَ َ‬
‫ال فَ َج َع َل َّ‬ ‫ال َوبَ َس َ‬ ‫ال َم ْن َكا َن ِعْن َدهُ َش ْيءٌ َف ْليَ ِج ْئ بِِه قَ َ‬ ‫وسا َف َق َ‬
‫‪َ ‬عُر ً‬
‫يمةَ‬ ‫السم ِن فَحاسوا حيسا فَ َكانَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِاأْل َقِ ِط َو َج َع َل َّ‬
‫الر ُج ُل جَيِ يءُ بِالت َّْم ِر َو َج َع َل َّ‬
‫ت َول َ‬ ‫ْ‬ ‫الر ُج ُل جَي يءُ ب َّ ْ َ ُ َ ْ ً‬
‫ول اللَّ ِه ‪. )" (4‬‬ ‫رس ِ‬
‫َُ‬
‫ـ النهى عن ختصيص األغنياء بالدعوة ‪:‬‬
‫يم ِة مُيَْنعُ َها َم ْن‬ ‫ـ وال جيوز ختصيص األغنياء بالدعوة إىل الوليمة لقوله ‪" : ‬شُّر الطَّع ِام طَعام الْولِ‬
‫َ َ َُ َ َ‬
‫صى اللَّهَ َو َر ُسولَهُ" (‪. )5‬‬ ‫اها و َم ْن مَلْ جُيِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع َ‬ ‫َّع َو َة َف َق ْد‬
‫ب الد ْ‬ ‫يَأْت َيها َويُ ْد َعى إلَْي َها َم ْن يَأْبَ َ َ‬
‫صى اللَّهَ‬ ‫َّع َو َة َف َق ْد َع َ‬
‫ب الد ْ‬ ‫ـ وجيب إجابة الدعوة لقوله ‪ ‬ىف احلديث السابق ‪" :‬و َم ْن مَلْ جُيِ ِ‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫يض" ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫وا‬ ‫ود‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ورسولَه"‪ ،‬وقوله ‪ " :‬فُ ُّكوا الْعايِن ‪ )1(7‬وأ َِجيبوا الد ِ‬
‫َّاع‬
‫َ َُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ََ ُ ُ‬
‫ـ وعليه إجابة الدعوة وان كان صائماً حلديث أىب سعيد اخلدرى ‪ ‬قال ‪" :‬صنعت لرسول اهلل‬
‫‪ ‬طعاماً فأتاىن هو وأصحابه ‪ ،‬فلما وضع الطعام قال رجل من القوم‪ : 7‬أىن صائم ‪ ،‬فقال‬
‫رسول اهلل ‪ : ‬دعاكم أخوكم وتكلف لكم ! ‪ ،‬مث قال له ‪ :‬افطر وصم مكانه يوماً إن‬
‫شئت" (‪. )3‬‬ ‫َ‬
‫ِ (‪)5‬‬
‫ص ِّل(‪َ )4‬وإِ ْن َكا َن ُم ْفطًرا‬ ‫وقال ‪" : ‬إِذَا د ِعي أَح ُد ُك ‪7‬م َف ْلي ِجب فَِإ ْن َكا َن ِ‬
‫صائ ًما َف ْليُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ْ ُ ْ‬
‫َف ْليَطْ َع ْم" (‪. )6‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ )378\7‬ومسلم (‪. )147 \4‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى ومسلم وأحمد ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم ‪ ،‬وهو عند البخارى موقوفا ً عليه وهو فى حكم المرفوع كما بينه الحافظ فى شرحه ‪ ،‬وانظر ‪" :‬آداب الزفاف" ‪.‬‬
‫(‪ )1‬العانى ‪ :‬أى االسير ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حسن أخرجه البيهقى ‪ ،‬وفيه أن المتطوع‪ S‬أو صائم النفل ليس عليه قضاء ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أى ‪ :‬فليدعوا لصاحب الطعام ‪ ،‬فإن الصالة أصلها فى اللغة ‪ :‬الدعاء ‪ ،‬ومعناها‪ S‬فى الشرع ـ اإلصطالح ـ الصالة المعروفة من القيام والركوع والسجود ‪،‬‬
‫والتى تبدأ بالتكبير‪ S‬وتنتهى‪ S‬بالتسليم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬وهذا هو الصواب ‪ :‬وليس كما يقال ‪ :‬فاطر ! ‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه مسلم وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪60‬‬

‫ـ وعلى من حضر الدعوة الدعاء لصاحبها حلديث عبد اهلل بن بسر ‪ ‬أن أباه صنع طعاما للنىب‬
‫‪ ‬فدعاه فأجابه فلما فرغ من طعامه قال ‪" :‬اللَّ ُه َّم بَا ِر ْك هَلُ ْم يِف َما َر َز ْقَت ُه ْ‪7‬م َوا ْغ ِف ْر هَلُ ْم َو ْارمَحْ ُه ْم‬
‫" (‪. )7‬‬
‫ِ‬
‫َس َقايِن " (‪. )8‬‬ ‫َس ِق َم ْن أ ْ‬ ‫ـ وىف حديث آخر ‪" :‬اللَّ ُه َّم أَطْع ْم َم ْن أَطْ َع َميِن َوأ ْ‬
‫ـ وىف حديث ثالث يدعو فيقول ‪" :‬أَفْطَر ِعْن َد ُكم َّ ِ‬
‫ت‬‫صلَّ ْ‬‫الصائ ُمو َن َوأَ َك َل طَ َع َام ُك ُم اأْل َْبَر ُ‪7‬ار َو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َعلَْي ُك ُم الْ َماَل ئِ َكةُ " (‪. )9‬‬
‫ـ وميكث الزوج عند البكر سبعاً وعند الثيب ثالثة أيام ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم ‪.‬‬


‫(‪ )8‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )9‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪61‬‬

‫القسـ ـمـ الثـان ــى‬


‫ـ ومن أبواب الزواج ‪:‬‬
‫ـ فإن قيل فما هى الشروط فى النكاح ؟‬
‫وط أَ ْن تُوفُوا بِِه َما‬ ‫ـ الجواب ‪" :‬جاء ىف الصحيحني عنه ‪ "‬أَح ُّق ما أَو َفيتُم ِمن الشُّر ِ‬
‫َ َ ْ ْْ َ ُ‬
‫ُختِ َها لِتَ ْسَت ْف ِر َ‬
‫وج" ‪ ،‬وفيهما‪ 7‬عنه ‪":‬اَل تَ ْسأ َِل الْ َم ْرأَةُ طَاَل َق أ ْ‬
‫استَحلَْلتُم بِِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ص ْح َفَت َها‬‫غ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ر‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ْ ْ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫َولَْتْنك ْح فَإ َّن هَلَا َما قُد َ‬
‫ِّر هَلَا" (‪.)2‬‬
‫فتضمن هذا احلكم وجوب الوفاء بالشروط الىت شرطت ىف العقد‪ 7‬إذا مل تتضمن تغيرياً‬
‫حلكم اهلل ورسوله ‪.‬‬
‫وقد اتفق على وجوب الوفاء بتعجيل املهر أو تأجيله والضمني والرهن به وحنو ذلك وعلى‬
‫عدم الوفاء‪ 7‬باشرتاط ترك الوطء واإلنفاق واخللو عن املهر وحنو ذلك ‪.‬‬
‫واختلف ىف شرط اإلقامة ىف بلد الزوجة وشرط دار الزوجة ‪ ،‬وأنه ال يتسرى عليها وال‬
‫يتزوج عليها فأوجب أمحد وغريه الوفاء‪ 7‬به ومىت مل يف به فلها الفسخ عند أمحد‪.‬‬
‫واختلف ىف اشرتاط البكارة والنسب‪ 7‬واجلمال والسالمة من العيوب الىت ال يفسخ هبا‬
‫النكاح وهل يؤثر عدمها ىف فسخه على ثالثة أقوال ثالثها الفسخ عند عدم النسب خاصة ‪،‬‬
‫وتضمن حكمه ‪ ‬بطالن اشرتاط املرأة طالق أختها وأنه ال جيب الوفاء به ‪.‬‬
‫ـ فــإن قيل فما الفــرق بين هــذا وبين اشــتراطها أن ال يــتزوج عليها حــتى صــححتم هــذا‬
‫وأبطلتم شرط طالق الضرة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قيل ‪ :‬الفرق بينهما أن ىف اشرتاط طالق الزوجة من اإلضرار هبا وكسر قلبها‬
‫وخراب بيتها ومشاتة أعدائها ما ليس ىف اشرتاط عدم نكاحها ونكاح غريها ‪ ،‬وقد فرق النص‬
‫بينهما فقياس أحدمها على اآلخر فاسد" (‪. )1‬‬
‫ـ فإن قيل فما حكم اإلسالم فيمنـ تزوج بامرأة فوجدها حبلى ؟‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪. )95\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪62‬‬

‫ـ قال اإلمام أمحد ومجهور الفقهاء وأهل املدينة ببطالن هذا النكاح ‪ ،‬وجيب املهر املسمى أو‬
‫مثله أو أقل منه على اختالف بينهم ‪ ،‬وجيب عليها احلد وهو أحدى الروايتني عن اإلمام أمحد‬
‫رمحه اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ـ إذن فما هى المحرمات من النساء ؟‬
‫ـ الجواب ‪َّ :‬‬
‫"حرم األمهات وهن كل من بينك وبينه إيالد من جهة األمومة أو األبوة كأمهاته‬
‫وأمهات آبائه وأجداده من جهة الرجال والنساء‪ 7‬وإن علون ‪.‬‬
‫وحرم البنات وهن كل من انتسب إليه بإيالد كبنات صلبه وبنات بناته وأبنائهن وإن سفلن‬ ‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫وحرم األخوات من كل جهة ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وحرم العمات وهن أخوات آبائه وإن علون من كل جهة ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وأما عمة العم فإن كان العم‪ 7‬ألب فهى عمة أبيه وإن كان ألم فعمته أجنبية منه فال تدخل‬
‫ىف العمات ‪ ،‬وأما عمة األم فهى داخلة ىف عماته كما دخلت عمة أبيه ىف عماته ‪.‬‬
‫وحرم اخلاالت وهن أخوات أمهاته وأمهات آبائه وإن علون ‪ ،‬وأما خالة العمة فإن كانت‬ ‫َّ‬
‫العمة ألب فخالتها أجنبية وإن كانت ألم فخالتها حرام ألهنا خالة ‪ ،‬وأما عمة اخلالة فإن‬
‫كانت اخلالة ألم فعمتها‪ 7‬أجنبية وإن كانت ألب فعمتها حرام ألهنا عمة األم ‪.‬‬
‫وحرم بنات األخ وبنات األخت فيعم األخ واألخت من كل جهة وبناهتما وإن نزلت‬ ‫َّ‬
‫درجتهن ‪.‬‬
‫وحرم األم من الرضاعة فيدخل فيه أمهاهتا من قبل اآلباء واألمهات وإن علون وإذا صارت‬ ‫َّ‬
‫املرضعة أمه صار صاحب اللنب وهو الزوج أو السيد إن كانت جارية أباه وآباؤه أجداده فنبه‬
‫باملرضعة صاحبة اللنب الىت هى مودع فيها لألب على كونه أبا بطريق األوىل ألن اللنب له‬
‫وبوطئه ثاب وهلذا‪ 7‬حكم رسول اهلل ‪ ‬بتحرمي لنب الفحل (‪ )1‬فثبت بالنص وإميائه انتشار‬
‫حرمة الرضاع إىل أم املرتضع وأبيه من الرضاعة وأنه قد صار ابناً هلما وصار أبوين له فلزم من‬

‫(‪ )1‬الفحل ‪ :‬أى الزوج ‪ ،‬وهو اللبن الذى يتولد للمرأة بعد جماع زوجها لها وبعد وضعها ‪ ،‬والحديث أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪63‬‬

‫ذلك أن يكون إخوهتما وأخواهتما خاالت له وعمات وأبناؤمها وبناهتما إخوة له وأخوات فنبه‬
‫ِ) (النساء ‪ )22 :‬على انتشار حرمة‬ ‫َة‬‫َاع‬ ‫َّض‬‫َ الر‬ ‫من‬‫ُم ِّ‬ ‫تك‬ ‫َاُ‬ ‫َو‬ ‫َخ‬‫َأ‬ ‫بقوله ‪( :‬و‬
‫الرضاع إىل إخوهتما وأخواهتما‪ 7‬كما انتشرت منهما إىل أوالدمها فكما صاروا إخوة وأخوات‬
‫للمرتضع فأخواهلما وخاالهتما أخوال وخاالت له وأعمام وعمات له ‪ ،‬األول بطريق النص ‪،‬‬
‫واآلخر بتنبيهه‪ ،‬كما أن اإلنتشار‪ 7‬إىل األم بطريق النص وإىل األب بطريق تنبيهه ‪.‬‬
‫وهذه طريقة عجيبة مطردة ىف القرآن ال يقع عليها إال كل غائص على معانيه ووجوه‬
‫دالالته ‪ ،‬ومن هنا قضى رسول اهلل ‪ ‬أنه حيرم من الرضاع ما حيرم من النسب ولكن الداللة‪7‬‬
‫داللتان خفية وجلية فجمعهما‪ 7‬لألمة ليتم البيان ويزول اإللتباس ويقع على الداللة اجللية‬
‫الظاهرة من قصر فهمه عن اخلفية ‪.‬‬
‫وحرم أمهات النساء فدخل ىف ذلك أم املرأة وإن علت من نسب أو رضاع دخل باملرأة أو‬ ‫َّ‬
‫مل يدخل هبا لصدق اإلسم على هؤالء كلهن ‪.‬‬
‫وحرم الربائب الالتى ىف حجور األزواج وهن بنات نسائهم املدخول هبن فتناول بذلك‬ ‫َّ‬
‫بناهتن وبنات بناهتن وبنات أبنائهن فإهنن داخالت ىف اسم الربائب وقيد التحرمي بقيدين‬
‫أحدمها كوهنن ىف حجور األزواج ‪.‬‬
‫والثاىن ‪ :‬الدخول بأمهاهتن فإذا مل يوجد الدخول مل يثبت التحرمي وسواء حصلت الفرقة‬
‫مبوت أو طالق هذا مقتضى النص ‪.‬‬
‫وذهب زيد بن ثابت ومن وافقه وأمحد ىف رواية عنه إىل أن موت األم ىف حترمي الربيبة‬
‫كالدخول هبا ألنه يكمل الصداق ويوجب العدة والتوارث‪ 7‬فصار كالدخول واجلمهور‪ 7‬أبوا‬
‫ذلك وقالوا‪ 7‬امليتة غري مدخول هبا فال حترم ابنتها واهلل تعاىل قيد التحرمي بالدخول وصرح بنفيه‬
‫عند عدم الدخول ‪.‬‬
‫وأما كوهنا ىف حجره فلما كان الغالب‪ 7‬ذلك ذكره ال تقييداً للتحرمي به بل هو مبنزلة قوله ‪:‬‬
‫الق) (اإلسراء ‪ )31 :‬وملا كان من شأن بنت املرأة أن تكون‬ ‫(والَ َت ْقُتلُواْ أَوال َد ُكم خ ْشيةَ إِم ٍ‬
‫ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪64‬‬

‫عند أمها فهى ىف حجر الزوج وقوعاً وجوازاً‪ 7‬فكأنه قال الالتى من شأهنن أن يكن ىف‬
‫حجوركم ‪.‬‬
‫ففى ذكر هذا فائدة شريفة وهى جواز جعلها ىف حجره وأنه ال جيب عليه أبعادها عنه‬
‫وجتنب مؤاكلتها والسفر واخللوة هبا فأفاد هذا الوصف عدم االمتناع من ذلك ‪.‬‬
‫وملا خفى هذا على بعض أهل الظاهر شرط ىف حترمي الربيبة أن تكون ىف حجر الزوج وقيد‬
‫حترميها بالدخول بأمها وأطلق حترمي أم املرأة ومل يقيده بالدخول فقال مجهور العلماء من‬
‫الصحابة ومن بعدهم إن األم حترم مبجرد العقد على البنت دخل هبا أو مل يدخل وال حترم‬
‫البنت إال بالدخول باألم وقالوا أهبموا ما أهبم اهلل وذهبت طائفة إىل أن قوله ‪( :‬الالَّيِت َد َخ ْلتُم)‬
‫(النساء ‪ )23 :‬وصف لنسائكم األوىل والثانية وأنه ال حترم األم إال بالدخول بالبنت وهذا‬
‫يرده نظم الكالم وحيلولة املعطوف بني الصفة واملوصوف وامتناع جعل الصفة للمضاف إليه‬
‫مررت بغالم زيد العاقل ‪ ،‬فهو صفة للغالم ال لزيد‬ ‫ُ‬ ‫قلت ‪:‬‬
‫دون املضاف إال عند البيان ‪ ،‬فإذا َ‬
‫إال عند زوال اللبس‪ ،‬كقولك مررت بغالم هند الكاتبة ‪ ،‬ويرده أيضاً جعله صفة واحدة‬
‫ملوصوفني خمتلفى احلكم والتعلق والعامل وهذا ال يعرف ىف اللغة الىت نزل هبا القرآن ‪.‬‬
‫وأيضاً فإن املوصوف الذى يلى الصفة أوىل هبا جلواره واجلار أحق بصفته ما مل تدع‬
‫ضرورة إىل نقلها عنه أو ختطيها إياه إىل األبعد‪. 7‬‬
‫ـ فإن قيل فمن أين أدخلتم ربيبته الىت هى بنت جاريته الىت دخل هبا وليست‪ 7‬من نسائه ؟‬
‫قلنا السرية قد تدخل ىف مجلة نسائه كما دخلت ىف قوله ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ‬
‫ث إِىَل‬
‫الرفَ ُ‬ ‫َحْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم) (البقرة ‪ )223 :‬ودخلت ىف قوله ‪( :‬أ ُِح َّل لَ ُك ْم لَْيلَةَ ِّ‬
‫الصيَ ِ‪7‬ام َّ‬
‫َح‬
‫َ‬ ‫نك‬‫ما َ‬ ‫َْ‬ ‫ُوا‬ ‫ِح‬ ‫تنك‬ ‫َالَ َ‬ ‫نِ َسآئِ ُك ْم) (البقرة ‪ )187 :‬ودخلت ىف قوله ‪( :‬و‬
‫ِّسَاء) (النساء ‪. )22‬‬ ‫َ الن‬ ‫من‬ ‫ُم ِّ‬‫ُك‬‫باؤ‬ ‫آَ‬
‫ْ) (النساء ‪:‬‬ ‫ُم‬ ‫ِك‬‫ِسَآئ‬ ‫ُن‬ ‫هات‬ ‫مَ‬ ‫َُّ‬ ‫َأ‬ ‫ـ فإن قيل ‪ :‬فيلزمكم على هذا إدخاهلا ىف قوله ‪( :‬و‬
‫‪ )23‬فتحرم عليه أم جاريته ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬نعم وكذلك نقول إذا وطئ أمته حرمت عليه أمها وابنتها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪65‬‬

‫ـ فإن قيل ‪ :‬فأنتم قد قررمت أنه ال يشرتط الدخول بالبنت ىف حترمي أمها فكيف تشرتطونه ها‬
‫هنا ؟‬
‫قلنا ‪ :‬لتصري من نسائه فإن الزوجة صارت من نسائه مبجرد العقد‪ 7‬وأما اململوكة فال تصري‬
‫من نسائه حىت يطأها فإذا وطئها صارت من نسائه فحرمت عليه أمها وابنتها ‪.‬‬
‫ـ فإن قيل ‪ :‬فكيف أدخلتم السرية ىف نسائه ىف آية التحرمي ومل تدخلوها ىف نسائه ىف آية‬
‫الظهار واإليالء ؟‬
‫قيل ‪ :‬السياق والواقع يأىب ذلك فإن الظهار كان عندهم طالقاً وإمنا حمله األزواج‪ 7‬ال اإلماء‬
‫فنقله اهلل سبحانه من الطالق إىل التحرمي الذى‪ 7‬تزيله الكفارة ونقل حكمه وأبقى حمله وأما‬
‫ص أ َْر َب َع ِة‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫ر‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫اإليالء فصريح ىف أن حمله الزوجات لقوله تعاىل ‪( :‬لِّلَّ ِذين ي ْؤلُو َن ِمن نِّسآئِ‬
‫َ ْ َ ُ‬ ‫َُ‬
‫يم) (البقرة ‪:‬‬ ‫أَ ْشه ٍر فَِإ ْن فَآؤوا فَِإ َّن اللّه َغ ُفور َّر ِحيم ‪ ،‬وإِ ْن عزمواْ الطَّالَ َق فَِإ َّن اللّه مَسِ ِ‬
‫يع َعل ٌ‬‫َ ٌ‬ ‫َ ٌ ٌ َ ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ 226‬ـ ‪. )227‬‬
‫وحرم سبحانه حالئل األبناء وهن موطوآت األبناء بنكاح أو ملك ميني فإهنا حليلة مبعىن‬ ‫ـ َّ‬
‫حمللة ويدخل ىف ذلك ابن صلبه وابن ابنه وابن ابنته وخيرج بذلك ابن التبىن وهذا التقييد قصد‬
‫به إخراجه ‪.‬‬
‫وأما حليلة ابنه من الرضاع فإن األئمة األربعة ومن قال بقوهلم يدخلوهنا ىف قوله ‪:‬‬
‫َصالَبِ ُك ْم) (النساء ‪:‬‬ ‫(وحالَئِل أَبنَائِ ُكم) (النساء ‪ )23 :‬وال خيرجوهنا بقوله ‪( :‬الَّ ِذ ِ‬
‫ين م ْن أ ْ‬‫َ‬ ‫ََ ُ ْ ُ‬
‫‪ )23‬وحيتجون بقول النىب ‪" : ‬حرموا من الرضاع ما حترمون من النسب" قالوا‪ : 7‬وهذه‬
‫احلليلة حترم إذا كانت البن النسب‪ 7‬فتحرم إذا كانت البن الرضاع ‪ ،‬قالوا‪ : 7‬والتقييد‪ 7‬إلخراج‬
‫ابن التبىن ال غري وحرموا من الرضاع بالصهر نظري ما حيرم بالنسب ونازعهم ىف ذلك آخرون‬
‫وقالوا‪ 7‬ال حترم حليلة ابنه من الرضاعة ألنه ليس من صلبه والتقييد‪ 7‬كما خيرج حليلة ابن التبىن‬
‫خيرج حليلة ابن الرضاع سواء وال فرق بينهما ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪66‬‬

‫ب" (‪ )1‬فهو من أكرب أدلتنا‬‫اع َما حَيْر ُم ِمن النَّس ِ‬


‫ض ِ‬ ‫قالوا ‪ :‬وأما قوله ‪" : ‬حَيْ ُر ُم ِم َن َّ‬
‫الر َ‬
‫ُ َ َ‬
‫وعمدتنا ىف املسألة فإن حترمي حالئل اآلباء واألبناء إمنا هو بالصهر ال بالنسب والنىب ‪ ‬قد‬
‫قصر حترمي الرضاع على نظريه من النسب‪ 7‬ال على شقيقه من الصهر فيجب اإلقتصار‪ 7‬بالتحرمي‬
‫على مورد النص ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬والتحرمي بالرضاع فرع على حترمي النسب‪ 7‬ال على حترمي املصاهرة فتحرمي املصاهرة‬
‫أصل قائم بذاته واهلل سبحانه مل ينص ىف كتابه على حترمي الرضاع إال من جهة النسب‪ 7‬ومل ينبه‬
‫على التحرمي به من جهة الصهر ألبتة ال بنص وال إمياء وال إشارة والنىب ‪ ‬أمر أن حيرم به ما‬
‫حيرم من النسب‪ 7‬وىف ذلك إرشاد وإشارة إىل أنه ال حيرم به ما حيرم بالصهر ولوال أنه أراد‬
‫اإلقتصار‪ 7‬على ذلك لقال حرموا من الرضاع ما حيرم من النسب والصهر‪. 7‬‬
‫قالوا ‪ :‬وأيضاً فالرضاع مشبه بالنسب وهلذا‪ 7‬أخذ منه بعض أحكامه وهو احلرمة واحملرمية‬
‫فقط دون التوارث واإلنفاق وسائر أحكام النسب فهو نسب ضعيف فأخذ حبسب ضعفه‬
‫بعض أحكام النسب‪ 7‬ومل يقو على سائر أحكام النسب وهو ألصق به من املصاهرة فكيف‬
‫يقوى على أخذ أحكام املصاهرة مع قصوره عن أحكام مشبهه وشقيقه‬
‫وأما املصاهرة والرضاع فإنه ال نسب بينهما وال شبهة نسب وال بعضية وال اتصال قالوا‪: 7‬‬
‫ولو كان حترمي الصهرية ثابتاً لبينة اهلل ورسوله بياناً شافياً يقيم احلجة ويقطع العذر فمن اهلل‬
‫البيان وعلى رسوله البالغ وعلينا التسليم‪ 7‬واإلنقياد فهذا منتهى النظر ىف هذه املسألة فمن ظفر‬
‫فيها حبجة فلريشد إليها وليدل عليها فإنا هلا منقادون وهبا معتصمون‪ 7‬واهلل املوفق للصواب ‪.‬‬
‫فصــل‬
‫وحرم سبحانه وتعاىل نكاح من نكحهن اآلباء وهذا يتناول منكوحاهتم مبلك اليمني أو‬ ‫َّ‬
‫عقد نكاح ويتناول آباء اآلباء وآباء األمهات وإن علون واالستثناء بقوله ‪" :‬إِالَّ َما قَ ْد َسلَ َ‬
‫ف"‬
‫من مضمون مجلة النهى وهو التحرمي املستلزم للتأثيم والعقوبة فاستثىن منه ما سلف قبل إقامة‬
‫احلجة بالرسول والكتاب ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪67‬‬

‫فصــل‬
‫وحرم سبحانه اجلمع بني األختني وهذا يتناول اجلمع بينهما ىف عقد النكاح وملك اليمني‬ ‫َّ‬
‫كسائر حمرمات اآلية وهذا قول مجهور الصحابة ومن بعدهم وهو الصواب وتوقفت طائفة ىف‬
‫وج ِه ْم َحافِظُو َن‬
‫حترميه مبلك اليمني ملعارضة هذا العموم بعموم قوله سبحانه ‪( :‬والَّ ِذين هم لُِفر ِ‬
‫َ َ ُْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني) (املؤمنون ‪ 5 :‬ـ ‪ )6‬وهلذا‪ 7‬قال أمري‬ ‫ت أَمْيَانُ ُه ْم فَِإنَّ ُه ْم َغْي ُر َملُوم َ‬
‫إِاَّل َعلَى أ َْز َواج ِه ْم ْأو َما َملَ َك ْ‬
‫املؤمنني عثمان بن عفان‪ ‬أحلتهما آية وحرمتهما آية ‪.‬‬
‫وقال اإلمام أمحد ىف رواية عنه ‪ :‬ال أقول هو حرام ولكن ننهى عنه ‪ ،‬فمن أصحابه من‬
‫جعل القول بإباحته رواية عنه والصحيح أنه مل يبحه ولكن تأدب مع الصحابة أن يطلق لفظ‬
‫احلرام على أمر توقف فيه عثمان بل قال ننهى عنه ‪.‬‬
‫والذين جزموا بتحرميه رجحوا آية التحرمي من وجوه ‪:‬‬
‫ـ أحدها ‪ :‬أن سائر ما ذكر فيها من احملرمات عام ىف النكاح وملك اليمني فما بال هذا وحده‬
‫حىت خيرج منها ‪ ،‬فإن كانت آية اإلباحة مقتضية حلل اجلمع بامللك فلتكن مقتضية حلل أم‬
‫موطوءته بامللك وملوطوءة أبيه وابنه بامللك إذ ال فرق بينهما ألبتة وال يعلم هبذا‪ 7‬قائل ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أن آية اإلباحة مبلك اليمني خمصوصة قطعاً بصور عديدة ال خيتلف فيها اثنان كأمه‬
‫وابنته وأخته وعمته وخالته من الرضاعة بل كأخته وعمته وخالته من النسب عند من ال يرى‬
‫َت‬
‫ْ‬ ‫لك‬ ‫مَ‬‫ما َ‬ ‫َْ‬ ‫َو‬‫عتقهن بامللك كمالك والشافعى‪ 7‬ومل يكن عموم قوله ‪( :‬أ‬
‫ْ) (النساء ‪ )3 :‬معارضاً لعموم حترميهن بالعقد وامللك فهذا‬ ‫ُم‬ ‫نك‬ ‫َاُ‬ ‫يم‬ ‫َْ‬
‫أ‬
‫حكم األختني سواء ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أن حل امللك ليس فيه أكثر من بيان جهة احلل وسببه وال تعرض فيه لشروط احلل‬
‫وال ملوانعه وآية التحرمي فيها بيان موانع‪ 7‬احلل من النسب‪ 7‬والرضاع والصهر وغريه فال تعارض‬
‫بينهما ألبتة وإال كان كل موضع ذكر فيه شرط احلل وموانعه معارضاً ملقتضى احلل وهذا‬
‫باطل قطعاً بل هو بيان ملا سكت عنه دليل احلل من الشروط واملوانع ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪68‬‬

‫ـ الرابع ‪ :‬أنه لو جاز اجلمع بني األختني اململوكتني ىف الوطء جاز اجلمع بني األم وابنتها‬
‫اململوكتني فإن نص التحرمي شامل للصورتني مشوالً واحداً وإن إباحة اململوكات إن عمت‬
‫األختني عمت األم وابنتها ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬أن النىب ‪ ‬قال ‪" :‬من كان يؤمن باهلل واليوم‪ 7‬واآلخر فال جيمع‪ 7‬ماءه ىف رحم‬
‫أختني" (‪ )1‬وال ريب أن مجع املاء كما يكون بعقد النكاح يكون مبلك اليمني واإلميان مينع منه‬
‫‪.‬‬
‫فصــل‬
‫وقضى رسول اهلل ‪ ‬بتحرمي اجلمع بني املرأة وعمتها واملرأة وخالتها وهذا التحرمي مأخوذ‬
‫من حترمي اجلمع بني األختني لكن بطريق خفى وما حرمه رسول اهلل ‪ ‬مثل ما حرمه اهلل‬
‫ولكن هو مستنبط من داللة الكتاب ‪.‬‬
‫وكان الصحابة ـ رضى اهلل عنهم ـ أحرص شئ على استنباط أحاديث رسول اهلل ‪ ‬من‬
‫القرآن ومن ألزم نفسه ذلك وقرع بابه ووجه قلبه إليه واعتىن به بفطرة سليمة وقلب ذكى‬
‫رأى السنة كلها تفصيالً للقرآن وتبييناً لداللته وبياناً ملراد اهلل منه وهذا أعلى مراتب العلم‬
‫فمن ظفر به فليحمد اهلل ومن فاته فال يلومن إال نفسه ومهته وعجزه ‪.‬‬
‫واستفيد من حترمي اجلمع بني األختني وبني املرأة وعمتها وبينها وبني خالتها أن كل امرأتني‬
‫بينهما قرابة لو كان أحدمها ذكراً حرم على اآلخر فإنه حيرم اجلمع بينهما وال يستثىن من هذا‬
‫صورة واحدة فإن مل يكن بينهما قرابة مل حيرم اجلمع بينهما وهل يكره على قولني وهذا‬
‫كاجلمع بني امرأة رجل وابنته من غريها ‪.‬‬
‫واستفيد من عموم حترميه سبحانه احملرمات املذكورة أن كل امرأة حرم نكاحها حرم‬
‫وطؤها مبلك اليمني إال إماء أهل الكتاب فإن نكاحهن حرام عند األكثرين ووطؤهن مبلك‬
‫اليمني جائز وسوى أبو حنيفة بينهما فأباح نكاحهن كما يباح وطؤهن بامللك ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ال أصل له ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪69‬‬

‫واجلمهور احتجوا عليه بأن اهلل سبحانه وتعاىل إمنا أباح نكاح اإلماء بوصف‬
‫نكح الْمحصنَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات‬ ‫(و َمن مَّلْ يَ ْستَط ْع من ُك ْم طَْوالً أَن يَ َ ُ ْ َ‬ ‫اإلميان فقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ات فَ ِمن ِّما ملَ َكت أَمْيَانُ ُكم ِّمن َفَتياتِ ُكم الْم ْؤ ِمنَ ِ‬
‫ات َواللّهُ أ َْعلَ ُم بِِإميَانِ ُك ْم)‬ ‫الْم ْؤ ِمنَ ِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ات َحىَّت يُ ْؤ ِم َّن) (البقرة ‪:‬‬ ‫نكحواْ الْم ْش ِر َك ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫(والَ تَ ُ‬ ‫(النساء ‪ ، )25 :‬وقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫‪ )221‬خص ذلك حبرائر أهل الكتاب بقى اإلماء على قضية التحرمي وقد فهم‬
‫عمر ‪ ‬وغريه من الصحابة إدخال الكتابيات ىف هذه اآلية فقال ‪ :‬ال أعلم‬
‫شركاً أعظم من أن تقول إن املسيح إهلها ‪.‬‬
‫وأيضاً فاألصل ىف األبضاع احلرمة وإمنا أبيح نكاح اإلماء املؤمنات فمن عداهن على أصل‬
‫التحرمي وليس حترميهن مستفادا من املفهوم ‪.‬‬
‫واستفيد من سياق اآلية ومدلوهلا‪ 7‬أن كل امرأة حرمت حرمت ابنتها إال العمة واخلالة‬
‫وحليلة اإلبن وحليلة األب وأم الزوجة وأن كل األقارب حرام إال األربعة املذكورات ىف‬
‫سورة األحزاب وهن بنات األعمام‪ 7‬والعمات وبنات األخوال واخلاالت ‪.‬‬
‫فصــل‬
‫ومما حرمه النص نكاح املزوجات وهن احملصنات واستثىن من ذلك ملك اليمني فأشكل‬
‫هذا االستثناء على كثري من الناس فإن األمة املزوجة حيرم وطؤها على مالكها فأين حمل‬
‫االستثناء ‪.‬‬
‫فقالت طائفة هو منقطع أى لكن ما ملكت أميانكم ورد هذا لفظاً ومعىن‬
‫أما اللفظ فإن االنقطاع إمنا يقع حيث يقع التفريغ وبابه غري اإلجياب من‬
‫النفى والنهى واالستفهام‪ 7‬فليس املوضع موضع‪ 7‬انقطاع ‪ ،‬وأما املعىن فإن املنقطع‬
‫ال بد فيه من رابط بينه وبني املستثىن منه حبيث خيرج ما توهم دخوله فيه‬
‫بوجه ما ‪ ،‬فإنك إذا قلت ما بالدار‪ 7‬من أحد دل على انتفاء من هبا‬
‫بدواهبم‪ 7‬وأمتعتهم فإذا قلت إال محاراً أو إال األثاىف وحنو ذلك أزلت توهم‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪70‬‬

‫دخول املستثىن ىف حكم املستثىن منه وأبني من هذا قوله تعاىل ‪( :‬اَل‬
‫ما) (مرمي ‪. )62 :‬‬ ‫ِاَّل سَاَل ً‬ ‫ًا إ‬ ‫ْو‬‫ها َلغ‬ ‫ِيَ‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫َع‬ ‫يسْم‬ ‫َ‬
‫فاستثناء السالم أزال توهم نفى السماع العام فإن عدم مساع اللغو جيوز أن يكون لعدم‬
‫مساع كالم ما وأن يكون مع مساع غريه وليس ىف حترمي نكاح املزوجة ما يوهم حترمي وطء‬
‫اإلماء مبلك اليمني حىت خيرجه ‪.‬‬
‫وقالت طائفة ‪ :‬بل االستثناء على بابه ومىت ملك الرجل األمة املزوجة كان ملكه طالقاً هلا‬
‫وحل له وطؤها وهى مسألة بيع األمة هل يكون طالقاً هلا أم ال ؟ فيه مذهبان للصحابة فابن‬
‫عباس ‪ ‬يراه طالقاً وحيتج له باآلية وغريه يأىب ذلك ويقول كما جيامع امللك السابق للنكاح‬
‫الالحق اتفاقاً وال يتنافيان كذلك امللك الالحق ال يناىف النكاح السابق قالوا‪ 7‬وقد خري رسول‬
‫اهلل ‪ ‬بريرة ملا بيعت ‪ ،‬ولو انفسخ نكاحها مل خيريها ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وهذا حجة على ابن عباس ‪‬‬
‫فإنه هو راوى احلديث واألخذ برواية الصحاىب ال برأيه ‪.‬‬
‫وقالت طائفة ثالثة ‪ :‬إن كان املشرتة امرأة مل ينفسخ النكاح ألهنا مل متلك اإلستمتاع ببضع‬
‫الزوجة وإن كان رجالً انفسخ ألنه ميلك االستمتاع به وملك اليمني أقوى من ملك النكاح‬
‫وهذا امللك يبطل النكاح دون العكس قالوا وعلى هذا فال إشكال ىف حديث بريرة ‪.‬‬
‫وأجاب األولون‪ 7‬عن هذا بأن املرأة وإن مل متلك االستمتاع ببضع أمتها فهى متلك املعاوضة‬
‫عليه وتزوجيها وأخذ مهرها وذلك كملك الرجل وإن مل تستمتع بالبضع ‪.‬‬
‫وقالت فرقة أخرى اآلية خاصة باملسبيات فإن املسبية إذا سبيت حل وطؤها‬
‫لسابيها بعد اإلسترباء‪ 7‬وإن كانت مزوجة وهذا قول الشافعى‪ 7‬وأحد الوجهني‬
‫ألصحاب أمحد وهو الصحيح ‪ ،‬كما روى مسلم ىف صحيحه عن أىب سعيد‬
‫اس َفلَ ُقوا َع ُد ًّوا‬ ‫ِ‬
‫ث َجْي ًشا إىَل أ َْوطَ َ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ُ ‬حَننْي ٍ َب َع َ‬
‫َن َر ُس َ‬ ‫اخلدرى ‪" : ‬أ َّ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫اب رس ِ‬
‫َُ‬
‫َصح ِ‬ ‫َن نَ ِ‬
‫اسا م ْن أ ْ َ‬ ‫َصابُوا هَلُ ْم َسبَايَا فَ َكأ َّ ً‬ ‫وه ْم فَظَ َه ُروا َعلَْي ِه ْم َوأ َ‬
‫َف َقاَتلُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ هِنِ ِ‬
‫ني فَأَْنَز َل اللَّهُ َعَّز َو َج َّل‬ ‫َج ِل أ َْز َواج ِه َّن م َن الْ ُم ْش ِرك َ‬
‫‪ ‬حَتََّر ُجوا م ْن غ ْشيَا َّن م ْن أ ْ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪71‬‬

‫يِف َذلِك ( والْمحصنات ِمن الن ِ‬


‫َي َف ُه َّن لَ ُك ْم‬ ‫ِّساء إِاَّل َما َملَ َك ْ‬
‫ت أَمْيَانُ ُك ْم ) أ ْ‬ ‫َ َ ُ ْ ََ ُ َ َ‬
‫ت ِع َّد ُت ُه َّن "‪.‬‬
‫ضْ‬‫َحاَل ٌل إِذَا ا ْن َق َ‬
‫فتضمن هذا احلكم إباحة وطء املسبية وإن كان هلا زوج من الكفار‪ 7‬وهذا يدل على‬
‫إنفساخ نكاحه وزوال عصمة بضع امرأته وهذا هو الصواب ألنه قد استوىل على حمل حقه‬
‫وعلى رقبة زوجته وصار سابيها أحق هبا منه فكيف حيرم بضعها عليه فهذا القول ال يعارضه‬
‫نص وال قياس ‪.‬‬
‫والذين قالوا من أصحاب أمحد وغريهم ‪ :‬إن وطأها إمنا يباح إذا سبيت وحدها قالوا‪ 7‬ألن‬
‫الزوج يكون بقاؤه جمهوالً‪ 7‬واجملهول كاملعدوم فيجوز‪ 7‬وطؤها بعد اإلسترباء فإذا كان الزوج‬
‫معها مل جيز وطؤها مع بقائه فأورد عليهم ما لو سبيت وحدها وتيقناً بقاء زوجها ىف دار‬
‫احلرب فإهنم‪ 7‬جيوزون وطأها فأجابوا مبا ال جيدى شيئاً وقالوا‪ : 7‬األصل إحلاق الفرد باألعم‬
‫األغلب فيقال هلم األعم األغلب بقاء أزواج املسبيات إذا سبني منفردات وموهتم كلهم نادر‬
‫جداً مث يقال إذا صارت رقبة زوجها وأمالكه ملكاً للساىب وزالت‪ 7‬العصمة عن سائر أمالكه‬
‫وعن رقبته فما املوجب لثبوت العصمة ىف فرج امرأته خاصة وقد صارت هى وهو وأمالكهما‬
‫للساىب ‪.‬‬
‫ودل هذا القضاء النبوى على جواز وطء اإلماء الوثنيات مبلك اليمني فإن سبايا أوطاس مل‬
‫يكن كتابيات ومل يشرتط رسول اهلل ‪ ‬ىف وطئهن إسالمهن ومل جيعل املانع منه إال اإلسترباء‬
‫فقط وتأخري البيان عن وقت احلاجة ممتنع مع أهنم حديثو عهد باإلسالم حىت خفى عليهم‬
‫حكم هذه املسألة وحصول اإلسالم من مجيع السبايا وكانوا‪ 7‬عدة آالف حبيث مل يتخلف‬
‫منهم عن اإلسالم جارية واحدة مما يعلم أنه ىف غاية البعد فإهنن مل يكرهن على اإلسالم ومل‬
‫يكن هلن من البصرية والرغبة واحملبة ىف اإلسالم ما يقتضى مبادرهتن إليه مجيعا فمقتضى‪ 7‬السنة‬
‫وعمل الصحابة ىف عهد رسول اهلل ‪ ‬وبعده جواز وطء اململوكات على أى دين كن وهذا‬
‫مذهب طاووس وغريه وقواه صاحب املغىن فيه ورجح أدلته وباهلل التوفيق" (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )95 \5‬بتصرف ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪72‬‬

‫ـ فماذا عن حكم النبى ‪ ‬فى نكاح التفويض ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬ثبت عنه ‪ : ‬أنه قضى ‪":‬ىف رجل تزوج امرأة ومل يفرض هلا صداقاً ومل يدخل‬
‫هبا حىت مات أن هلا مهر مثلها ال وكس وال شطط وهلا املرياث وعليها العدة أربعة أشهر‬
‫وعشراً" (‪. )2‬‬
‫ال لِْل َم ْرأ َِة‬
‫ال َن َع ْم َوقَ َ‬
‫ك فُاَل نَةَ قَ َ‬ ‫ضى أَ ْن أ َُز ِّو َج َ‬
‫وىف سنن أىب داود عنه ‪" :‬قَ َ ِ‬
‫ال لَر ُج ٍل أََتْر َ‬
‫ض هَلَا‬ ‫الر ُج ُل َومَلْ َي ْف ِر ْ‬ ‫احبَهُ فَ َد َخ َل هِب َا َّ‬‫ت َنعم َفز َّوج أَح َدمُه ا ص ِ‬ ‫ِ‬
‫أََت ْرضَنْي َ أَ ْن أ َُز ِّو َجك فُاَل نًا قَالَ ْ‪َ َ َ َ َ ْ َ 7‬‬
‫ص َداقًا َومَلْ يُ ْع ِط َها َشْيئًا َو َكا َن مِم َّْن َش ِه َد احْلُ َديْبِيَةَ َو َكا َن َم ْن َش ِه َد احْلُ َديْبِيَةَ لَهُ َس ْه ٌم خِب َْيَبَر َفلَ َّما‬‫َ‬
‫ص َداقًا َومَلْ أ ُْع ِط َها َشْيئًا َوإِيِّن‬ ‫ال إِ َّن رس َ ِ‬
‫ض هَلَا َ‬ ‫ول اللَّه ‪َ ‬ز َّو َجيِن فُاَل نَةَ َومَلْ أَفْ ِر ْ‬ ‫ضَرتْهُ الْ َوفَاةُ قَ َ َ ُ‬ ‫َح َ‬
‫ص َداقِ َها‪َ 7‬س ْه ِمي خِب َْيَبَر" (‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫أُ ْش ِه ُد ُك ْ‪7‬م أَيِّن أ َْعطَْيُت َها م ْن َ‬
‫وقد تضمنت هذه األحكام جواز النكاح من غري تسمية صداق وجواز الدخول قبل‬
‫التسمية واستقرار‪ 7‬مهر املثل باملوت وإن مل يدخل هبا ووجوب عدة الوفاة باملوت وإن مل‬
‫يدخل هبا الزوج وهبذا أخذ ابن مسعود وفقهاء العراق وعلماء احلديث منهم أمحد والشافعى‬
‫ىف أحد قوليه ‪.‬‬
‫وقال على بن أىب طالب وزيد بن ثابت ـ رضى اهلل عنهما ـ ال صداق هلا وبه أخذ أهل‬
‫املدينة ومالك والشافعى ىف قوله اآلخر ‪.‬‬
‫وتضمنت جواز توىل الرجل طرىف العقد‪ 7‬كوكيل من الطرفني أو وىل فيهما أو وىل وكله‬
‫الزوج أو زوج وكله الوىل ويكفى أن يقول زوجت فالناً فالنة مقتصراً على ذلك أو‬
‫تزوجت فالنة إذا كان هو الزوج وهذا ظاهر مذهب أمحد وعنه رواية ثانية ‪ :‬ال جيوز ذلك‬
‫إال للوىل اجملرب كما زوج أمته أو ابنته اجملربة بعبده اجملرب ووجه هذه الرواية أنه ال يعترب رضى‬
‫واحد من الطرفني ‪.‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه الترمذى (‪ )450\3‬وأبو داود (‪. )237\3‬‬


‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود (‪. )238\2‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪73‬‬

‫وىف مذهبه قول ثالث ‪" :‬أنه جيوز ذلك إال للزوج خاصة فإنه ال يصح منه توىل الطرفني‬
‫لتضاد أحكام الطرفني فيه" (‪. )1‬‬
‫ـ فماذا عن حكمه ‪ ‬فى نكاح الشغار والمحلل والمتعة ونكاح المحرم ونكاح الزانية‬
‫؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬أما الشغار فأصله ىف اللغة هو ‪ :‬الرفع ‪ ،‬كأن الرجل يقول ‪ :‬ال ترفع رجل ابنىت‬
‫حىت ارفع رجل ابنتك ‪ ،‬ويقال ‪ :‬شغرت املرأة إذا رفعت‪ 7‬رجلها عند اجلماع ‪ ،‬وقد صح النهى‬
‫عنه من حديث ابن عمر وأىب هريرة ‪ ،‬وىف صحيح مسلم عن ابن عمر مرفوعاً ‪" :‬اَل ِشغَ َار يِف‬
‫الر ُج ُل‬‫ول َّ‬‫اإْلِ ْساَل ِم" (‪ ، )2‬وىف حديث ابن عمر ‪ ، )3( :‬وىف حديث أىب هريرة ‪َ :‬والشِّغَ ُ‪7‬ار أَ ْن َي ُق َ‬
‫ُخيِت (‪. )1‬‬ ‫ِ‬
‫كأْ‬ ‫ك َوأ َُز ِّو ُج َ‬ ‫ك ْابنَيِت أ َْو َز ِّو ْجيِن أ ْ‬
‫ُختَ َ‬ ‫ل َّلر ُج ِل َز ِّو ْجيِن ْابنَتَ َ‬
‫ك َوأ َُز ِّو ُج َ‬
‫وقد اختُلف ىف علة النهى فقيل ‪ :‬ألن كل واحد من العقدين شرطاً ىف اآلخر ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫ألن هذا تشيك ىف البضع‪ ، 7‬وقيل ‪ :‬ألنه اصبح كل واحدة بضع األخرى فال انتفاع للمرأة‬
‫مبهرها ‪.‬‬
‫فتحرم بذلك على‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ثالث‬ ‫املرأة‬ ‫طلق‬‫ُ‬‫ت‬ ‫أن‬ ‫وهو‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ـ وأما نكاح المحلل‬
‫د‬‫ُْ‬ ‫بع‬ ‫ِن َ‬ ‫ه م‬‫ُّ َلُ‬
‫تحِل‬ ‫َالَ َ‬ ‫ها ف‬ ‫ََ‬ ‫إن طَّ‬
‫َلق‬ ‫َِ‬ ‫زوجها لقوله تعاىل ‪( :‬ف‬
‫ه) (البقرة ‪ )230 :‬فيؤتى برجل آخر فيتزوج‬ ‫َُ‬ ‫َي‬
‫ْر‬ ‫ًا غ‬ ‫ْج‬‫َو‬ ‫َ ز‬ ‫ِح‬ ‫تنك‬‫َّىَ َ‬ ‫َت‬ ‫ح‬
‫تلك املرأة ليحلها لزوجها األول لتعود إليه ‪ ،‬وقد ثبت هنى النىب ‪ ‬عن‬
‫هذا النكاح ‪ ،‬ففى املسند والرتمذى‪ 7‬من حديث ابن مسعود‪ ‬قال ‪" :‬لَ َع َن‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬الْ ُم َحلِّ َل َوالْ ُم َحلَّ َل لَهُ" (‪ ، )3‬قال الرتمذى‪ 7‬هذا حديث حسن‬
‫َر ُس ُ‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )95\5‬بتصرف ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬اخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المحلل ‪ :‬هو رجل يتزوج امرأة قد طلقها زوجها ثالثا ً ليحلها له ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪ )1934‬والدارمى (‪. )2258‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪74‬‬

‫صحيح ‪ ،‬وىف املسند من حديث أىب هريرة ‪ ‬مرفوعاً ‪" :‬لَ َع َن اللَّهُ الْ ُم َحلِّ َل‬
‫َوالْ ُم َحلَّ َل لَهُ" (‪. )4‬‬
‫وحكم هذا النكاح الفسخ ‪ ،‬وال حتل به املرأة لزوجها األول ‪ ،‬ويثبت هلا املهر إن وطئها ‪،‬‬
‫مث يفرق بينهما ‪.‬‬
‫ـ وأما نكاح المتعة ‪ :‬وهو أن يتزوج الرجل املرأة إىل أجل مسمى ‪ ،‬يوماً أو يومني ‪،‬‬
‫شهراً أو شهرين ‪ ،‬مقابل بعض املال وحنوه ‪ ،‬فإذا انقضى األجل تفرقا من غري طالق وال‬
‫مرياث ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫وقد ثبت عن النىب ‪ ‬أنه هنى عنه عام الفتح ‪ ،‬فروى البخارى ومسلم عن على‪" : ‬أن‬
‫رسول اهلل ‪ ‬نهى ع ِن الْمتع ِة وعن حُل ِ‬
‫وم احْلُ ُم ِر اأْل َْهلِيَّ ِة َز َم َن َخْيَبَر" ‪.‬‬‫َ َ َ ُْ َ َ َ ْ ُ‬
‫ـ وحكم هذا النكاح الفسخ ‪ ،‬ويثبت فيه املهر للزوجة إن دخل هبا ‪.‬‬
‫الم ْح ِرم ‪ :‬وهو نكاح احمل ِرم حبجة أو عمرة ‪ ،‬فثبت عنه ىف صحيح مسلم من‬ ‫ـ وأما نكاح ُ‬
‫ب"‬ ‫ط‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫خَي‬ ‫اَل‬‫و‬ ‫ح‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫اَل‬‫و‬ ‫‪7‬‬
‫م‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ح‬‫ك‬‫رواية عثمان بن عفان ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬اَل يْن ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َ ُ ُ َ‬
‫(‪ ، )1‬أى ال يُعقد له عقد نكاح ‪ ،‬وال يَعقد لغريه ‪ ،‬فإن وقع فُسخ ‪ ،‬وجدد عقداً جديداً بعد‬
‫انقضاء احلج أو العمرة ‪.‬‬
‫ـ وأما نكاح الزانية ‪ :‬فقد صرح اهلل سبحانه وتعاىل بتحرميه ىف سورة النور‪7‬‬
‫مشرك ‪ ،‬وأيضاً فإنه سبحانه قال ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫زان أو‬‫وأخرب أن من نكحها فهو إما ٍ‬
‫َاتِ)‬ ‫ِيث‬ ‫لخَب‬ ‫لْ‬‫ن ِ‬ ‫ُوَ‬ ‫ِيث‬ ‫الخَب‬‫َ ْ‬ ‫َ و‬ ‫ِين‬‫ِيث‬ ‫لخَب‬ ‫لْ‬‫ُ ِ‬ ‫َات‬ ‫ِيث‬ ‫( ْ‬
‫الخَب‬
‫(النور‪ )26 :‬واخلبيثات الزواىن وهذا يقتضى أن من تزوج هبن فهو خبيث‬
‫مثلهن ‪.‬‬
‫وهو من أقبح القبائح أن يتزوج الرجل بزانية ‪ ،‬وفيه ظلم لولده من بعده الذى‪ 7‬سيُعري بأمه ‪،‬‬
‫وهو من سوء اختيار األب وعدم اإلحسان إىل ولده ‪ ،‬والرجل ‪ :‬ال يأمن فيه أيضاً على فراشه‬
‫إن هو تزوج بزانية ‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪. )227\2‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪75‬‬

‫ـ فهل هناك أنكحة فاسدة أخرى ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ :‬كنكاح املعتدة ‪ :‬وهو أن يتزوج الرجل املرأة املعتدة من‬
‫َاحِ‬‫ِّك‬
‫ة الن‬ ‫دَ‬ ‫َْ‬
‫ُق‬‫ْ ع‬ ‫موا‬ ‫ُِ‬‫ْز‬‫تع‬ ‫َالَ َ‬ ‫طالق أو وفاة ‪ ،‬لقوله تعاىل ‪( :‬و‬
‫ه) (البقرة ‪. )235 :‬‬ ‫لُ‬‫ََ‬ ‫َج‬‫ُ أ‬ ‫َاب‬ ‫ِت‬ ‫الك‬
‫َ ْ‬ ‫لغ‬‫ُْ‬
‫يب‬ ‫َّىَ َ‬
‫َت‬ ‫ح‬
‫ْ‬
‫ُوا‬‫ِح‬‫تنك‬‫َالَ َ‬‫ـ ونكاح اجملوسية أو البوذية أو الشيوعية الكافرة عامة ‪ ،‬لقوله تعاىل ‪( :‬و‬
‫َّ) (البقرة ‪. )221:‬‬ ‫ِن‬‫ْم‬ ‫يؤ‬‫َّى ُ‬‫َت‬ ‫َاتِ ح‬ ‫ِك‬ ‫ُشْر‬
‫الم‬‫ْ‬
‫ـ ومن أحكام الخلع ‪:‬‬
‫ـ وماذا عن حكم رسول اهلل ‪ ‬ىف اخللع ؟ وهو من القضايا الىت ظهرت على الساحة‬
‫املصرية ىف األيام األخرية وال يزال احلديث عنها هو حديث الساعة ‪ ،‬مع عمل احملاكم‪ 7‬بقانون‬
‫اخللع وهو "إبراء املرأة زوجها" طلباً للطالق ‪ ،‬إال انه ملا مسى البعض هذا العمل بـ "اخللع" جاء‬
‫االسم جديداً على اآلذان وكأنه غري معمول به من قبل ! نعم قد زادوا‪ 7‬عليه شيئاً يسرياً وهو‬
‫طلب املرأة اخللع ‪ ،‬إال أن السنة أوضحت لنا هذه القضية وبينتها خري بيان ‪ ،‬فهل لنا بإلقاء‬
‫الضوء على بعض جوانب مسألة "اخللع" ومشروعيته وما يتعلق به ؟‬
‫سـ اجلواب ‪ :‬إن اخللع معمول به ىف القوانني املصرية منذ زمن بعيد ‪ ،‬ولكن عامة الناس‬
‫تعرفه بـ "اإلبراء" وهو إبراء املرأة زوجها ‪ ،‬أو تنازل املرأة عن حقها ىف النفقة أو "املؤخر" أو‬
‫األثاث وما شابه ‪ ،‬إال أنه ملا ظهر وصف "اخللع" بدا جديداً على اآلذان وكأنه مل يكن‬
‫معموالً به من قبل ‪ ،‬وقد أضاف القانون بعض الزيادات على القانون‪ 7‬السابق ‪ ،‬كطلب املرأة‬
‫اخللع ‪ ،‬وضرب مدة ىف حماولة لإلصالح (‪ 6‬أشهر) ‪.‬‬
‫والخلع ‪ :‬هو اختالع املرأة من زوجها ببدل أو ِعوض تدفعه املرأة لزوجها‬
‫‪ ،‬وهو مأخوذ من خلع الثوب وإزالته ‪ ،‬ألن املرأة لباس الرجل ‪ ،‬والرجل‬
‫َاسٌ‬ ‫ْ ِ‬
‫لب‬ ‫ُم‬‫َنت‬ ‫َأ‬
‫ْ و‬ ‫ُم‬‫َاسٌ َّلك‬ ‫َّ ِ‬
‫لب‬ ‫هن‬‫لباس املرأة كما قال تعاىل ‪ُ( :‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪76‬‬

‫َّ) (البقرة ‪ )187 :‬ويُسمى الفداء ألن املرأة تفتدى نفسها مبا تبذله‬ ‫هن‬ ‫َّلُ‬
‫ببذل حيصل له ‪.‬‬ ‫عرفه الفقهاء‪ 7‬بأنه ‪ :‬فراق الرجل زوجته ٍ‬ ‫لزوجها ‪ ،‬وقد َّ‬
‫َالَّ‬ ‫ْ أ‬ ‫ُم‬ ‫ْت‬ ‫ن خِف‬ ‫إْ‬‫َِ‬ ‫وقد أخذ اخللع مشروعيته من قوله تعاىل ‪( :‬ف‬
‫ْ‬‫دت‬ ‫ََ‬ ‫ْت‬ ‫َا اف‬ ‫ِيم‬ ‫َا ف‬ ‫ِم‬ ‫ْه‬ ‫لي‬ ‫ََ‬ ‫َ ع‬ ‫َاح‬ ‫ُن‬ ‫َالَ ج‬ ‫ِ ف‬ ‫د هّللا‬ ‫دوَ‬ ‫ُُ‬ ‫َا ح‬ ‫ِيم‬ ‫يق‬ ‫ُ‬
‫ْ" نكرة لتدل على الزيادة أو‬ ‫دت‬ ‫ََ‬ ‫ْت‬ ‫ِ) (البقرة ‪ ، )229 :‬وجاءت "اف‬ ‫ِه‬‫ب‬
‫النقصان أو املثل ‪ ،‬وهو املالكية والشافعية ‪ :‬ال فرق أن خيالع على الصداق‬
‫أو بعضه أو على مال آخر سواء كان أقل أو أكثر ‪ ،‬وال فرق بني العني‬
‫َا‬ ‫ِم‬ ‫ْه‬ ‫لي‬ ‫ََ‬‫َ ع‬ ‫َاح‬ ‫ُن‬ ‫َالَ ج‬ ‫والدين واملنفعة ما دام قد تراضيا على ذلك (ف‬
‫ِ) فالعِوض جزء أساسى ىف مفهوم اخللع ‪ ،‬وىف‬ ‫ِه‬ ‫ْ ب‬ ‫دت‬ ‫ََ‬ ‫ْت‬ ‫َا اف‬ ‫ِيم‬ ‫ف‬
‫اآلية دليل على جوازه مطلقاً بإذن السلطان وغريه ‪ ،‬ومنعه طائفة بدون إذنه‬
‫واألئمة األربعة واجلمهور على خالفه ‪.‬‬
‫وىف اآلية دليل على حصول البينونة به ألنه سبحانه مساه فدية ولو كان رجعياً كما قاله‬
‫َالَ‬ ‫بعض الناس مل حيصل للمرأة اإلفتداء‪ 7‬من الزوج مبا بذلته له ودل قوله سبحانه ‪( :‬ف‬
‫ِ) على جوازه مبا قل وكثر وأن له أن‬ ‫ِه‬ ‫ْب‬ ‫دت‬ ‫ََ‬‫ْت‬ ‫َا اف‬ ‫ِيم‬ ‫َا ف‬ ‫ِم‬ ‫ْه‬ ‫لي‬ ‫ََ‬ ‫َع‬ ‫َاح‬ ‫ُن‬‫ج‬
‫يأخذ منها أكثر مما أعطاها ‪ ،‬ومنع اخللع طائفة شاذة من الناس خالفت النص واإلمجاع ‪.‬‬
‫ت ب ِن َقي ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬
‫ت يَا َر ُس َ‬ ‫س أَتَت النَّيِب َّ ‪َ ‬ف َقالَ ْ‬ ‫َن ْامَرأََة ثَابِ ْ ْ‬ ‫وروى البخارى عن ابن عباس ‪" : ‬أ َّ‬
‫ول‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫ب َعلَْي ِه يِف ُخلُ ٍق َواَل ِدي ٍن َولَ ِكيِّن أَ ْكَرهُ الْ ُك ْفَر يِف اإْلِ ْساَل ِم َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫س َما أ َْعت ُ‬ ‫ت بْ ُن َقْي ٍ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه ثَابِ ُ‬
‫ول اللَّ ِه ‪‬ا ْقبَ ِل احْلَ ِدي َقةَ َوطَلِّ ْق َها تَطْلِي َقةً" (‪. )1‬‬‫ال َر ُس ُ‬ ‫ين َعلَْي ِه َح ِدي َقتَهُ قَالَ ْ‪7‬‬
‫ت َن َع ْم قَ َ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه ‪‬أََت ُر ِّد َ‬
‫ب ْامَرأَتَهُ فَ َك َسَر‬ ‫ضَر َ‬ ‫اس َ‬ ‫س بْ ِن مَشَّ ٍ‬ ‫ت بْ َن َقْي ِ‬ ‫َن ثَابِ َ‬‫الربيع بنت معوذ ‪ ":‬أ َّ‬ ‫وىف سنن النسائى عن ُ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬فَأ َْر َس َل َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫ت َعب ِد اللَّ ِه ب ِن أُ ٍّ فَأَتَى أَخوها ي ْشتَ ِك ِيه إِىَل رس ِ‬ ‫ن‬
‫ْ‬‫ِ‬‫ب‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي َدها(‪ )2‬و ِهي مَجِ‬
‫َُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ْ يَب‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪. )61\7‬‬


‫(‪ )2‬وقد احتج بعضهم بهذا الحديث على جواز ضرب النساء الضرب المبرح ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪77‬‬

‫ول اللَّ ِه ‪ ‬أَ ْن‬ ‫ك َو َخ ِّل َسبِيلَ َها قَ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اللَّ ِه ‪ ‬إِىَل ثَابِ ٍ‬
‫ال َن َع ْم فَأ ََمَر َها َر ُس ُ‬ ‫ال لَهُ ُخذ الَّذي هَلَا َعلَْي َ‬ ‫ت َف َق َ‬
‫اح َدةً َفَت ْل َح َق بِأ َْهلِ َها" (‪. )3‬‬
‫َتَتربَّص حيضةً و ِ‬
‫َ َ َْ َ َ‬

‫ت ِمْنهُ فَ َج َع َل النَّيِب ُّ ‪‬‬


‫اخَتلَ َع ْ‬
‫س ْ‬
‫َن امرأََة ثَابِ ِ‬
‫ت بْ ِن َقْي ٍ‬ ‫وىف سنن أىب داود عن ابن عباس ‪ ":‬أ َّ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ع َّدَت َها َحْي َ‬
‫ضةً (‪. )1‬‬
‫وقد اختلفت الروايات عن الصحابة والتابعني ىف جتويز أخذ الزيادة أو حترميها ‪ ،‬ومنهم من‬
‫كرهها ‪.‬‬
‫َا‬‫ِيم‬ ‫َا ف‬ ‫ِم‬ ‫ْه‬ ‫لي‬ ‫ََ‬‫َع‬ ‫َاح‬ ‫ُن‬ ‫َالَ ج‬ ‫والذين قالوا باجلواز احتجوا بظاهر القرآن ‪( :‬ف‬
‫ِ) واالثار ‪:‬‬‫ِه‬‫ْب‬ ‫دت‬ ‫ََ‬ ‫ْت‬‫اف‬
‫فقد ذكر عبد الرزاق عن معمر عن عبد اهلل بن حممد‪ 7‬بن عقيل أن الربيع بنت معوذ بن‬
‫عفراء حدثته أهنا اختلعت من زوجها بكل شئ متلكه فخوصم‪ 7‬ىف ذلك إىل عثمان بن عفان‬
‫فأجازه وأمره أن يأخذ عقاص رأسها فما دونه (‪. )2‬‬
‫وذكر أيضاً عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع أن ابن عمر جاءته موالة المرأته‬
‫اختلعت من كل شئ هلا وكل ثوب هلا حىت نفسها (‪. )3‬‬
‫ورفعت إىل عمر بن اخلطاب امرأة نشزت عن زوجها فقال اخلعها ولو من قرطها ذكره‬
‫محاد بن سلمة عن أيوب عن كثري بن أىب كثري عنه (‪. )4‬‬
‫والذين قالوا بتحرميها احتجوا حبديث‪ 7‬أىب الزبري أن ثابت بن قيس بن مشاس ملا أراد خلع‬
‫امرأته قال النىب ‪" : ‬أتردين عليه حديقته ‪ ،‬قالت‪ : 7‬نعم وزيادة فقال النىب ‪ ‬أما الزيادة فال"‬
‫(‪ ، )1‬قال الدارقطىن مسعه أبو الزبري من غري واحد وإسناده صحيح ‪.‬‬

‫(‪ )3‬أخرجه النسائى (‪. )168\6‬‬


‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )2229‬والترمذى (‪ )1185‬والدراقطنى (‪. )3591\3‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق (‪ )11850‬والبيهقى (‪. )315\7‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه عبد الرزاق (‪. )11853‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه عبد الرزاق (‪ )11851‬والبيهقى (‪. )315\7‬‬
‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪78‬‬

‫وذكر عبدالرزاق عن معمر عن ليث عن احلكم بن عتيبة عن على بن أىب طالب‪ ‬ال يأخذ‬
‫منها فوق ما أعطاها (‪. )2‬‬
‫وقال طاووس ‪ :‬ال حيل أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها (‪.)3‬‬
‫وقال عطاء ‪ :‬إن أخذ زيادة على صداقها‪ 7‬فالزيادة مردودة إليها (‪. )4‬‬
‫وقال الزهرى ‪ :‬ال حيل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ‪.‬‬
‫وقال ميمون بن مهران ‪ :‬إن أخذ منها أكثر مما أعطاها مل يسرح بإحسان ‪.‬‬
‫شيئ إال ما ساق إليها ‪.‬‬‫وقال األوزاعى ‪ :‬كانت القضاة ال جتيز أن يأخذ منها ً‬
‫ومنهم من قال بكراهتها كما روى وكيع عن أىب حنيفة عن عمار بن عمران اهلمداىن عن أبيه‬
‫عن على ‪" : ‬أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها" (‪ )5‬واإلمام أمحد أخذ هبذا‪ 7‬القول ونص‬
‫على الكراهة ‪ ،‬وأبو بكر من أصحابه حرم الزيادة وقال ‪ :‬ترد عليها ‪.‬‬
‫وقد ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال ‪ :‬قال ‪ :‬ىل عطاء أتت امرأة رسول اهلل‪ ‬فقالت ‪:‬‬
‫يا رسول اهلل إىن أبغض زوجى وأحب فراقه قال فرتدين عليه حديقته الىت أصدقك قالت‪ 7‬نعم‬
‫وزيادة من ماىل فقال رسول اهلل‪ ‬أما الزيادة من مالك فال ولكن احلديقة قالت‪ 7‬نعم فقضى‬
‫بذلك على الزوج" (‪ )1‬وهذا وإن كان مرسالً فحديث‪ 7‬أىب الزبري مق ٍو له وقد رواه ابن جريج‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫ـ "وىف تسميته سبحانه اخللع فدية دليل على أن فيه معىن املعاوضة وهلذا‪ 7‬اعترب فيه رضى‬
‫الزوجني فإذا تقايال اخللع ورد عليها ما أخذ منها وارجتعها ىف العدة فهل هلما ذلك منعه األئمة‬
‫األربعة وغريهم وقالوا‪ 7‬قد بانت منه بنفس اخللع وذكر عبدالرزاق عن معمر عن قتادة عن‬

‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق (‪ )11844‬وسعيد بن منصور (‪ )378\1‬وإسناده ضعيف ‪.‬‬


‫(‪ )3‬أخرجه عبد الرزاق (‪. )11839‬‬
‫(‪ )4‬السابق (‪. )11840‬‬
‫(‪ )5‬تقدم من وجه آخر‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه عبد الرزاق (‪ )11842‬والدارقطنى (‪ )3826\3‬وأبو داود فى مراسيله (‪ )149‬عن عطاء مرسالً ‪ ،‬قال الدارقطنى ‪ :‬خالفه الوليد عن ابن جريج ‪،‬‬
‫أسنده عن عطاء عن ابن عباس ‪ ،‬والمرسل أصح ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪79‬‬

‫سعيد بن املسيب أنه قال ىف املختلعة إن شاء أن يراجعها فلريد عليها ما أخذ منها ىف العدة‬
‫وليشهد على رجعتها قال معمر وكان الزهرى يقول مثل ذلك قال قتادة (‪. )2‬‬
‫وكان احلسن يقول ‪ :‬ال يراجعها إال خبطبة (‪. )3‬‬
‫ولقول سعيد بن املسيب والزهرى وجه دقيق من الفقه لطيف املأخذ تتلقاه قواعد الفقه‬
‫وأصوله بالقبول وال نكارة فيه غري أن العمل على خالفه فإن املرأة ما دامت ىف العدة فهى ىف‬
‫حبسه ويلحقها صريح طالقه املنجز عند طائفة من العلماء فإذا تقايال عقد اخللع وتراجعا إىل‬
‫ما كانا عليه برتاضيهما مل متنع قواعد‪ 7‬الشرع ذلك وهذا خبالف ما بعد العدة فإهنا قد صارت‬
‫منه أجنبية حمضة فهو خاطب من اخلطاب ويدل على هذا أن له أن يتزوجها ىف عدهتا منه‬
‫خبالف غريه ‪.‬‬
‫ـ وىف أمره ‪ ‬املختلعة أن تعتد حبيضة واحدة دليل على حكمني أحدمها أنه ال جيب عليها‬
‫ثالث حيض بل تكفيها حيضة واحدة ‪ ،‬وهذا كما أنه صريح السنة فهو مذهب أمري املؤمنني‬
‫عثمان بن عفان وعبداهلل بن عمر بن اخلطاب والربيع‪ 7‬بنت معوذ وعمها وهو من كبار‬
‫الصحابة ال يعرف هلم خمالف منهم ‪ ،‬كما رواه الليث بن سعد عن نافع موىل ابن عمر أنه‬
‫مسع الربيع بنت معوذ بن عفراء وهى خترب عبداهلل بن عمر ‪ ‬أهنا اختلعت من زوجها على‬
‫عهد عثمان بن عفان فجاء عمها إىل عثمان بن عفان فقال له إن ابنة معوذ إختلعت من‬
‫زوجها اليوم‪ 7‬أفتنتقل فقال عثمان ‪ :‬لتنتقل وال مرياث بينهما وال عدة عليها إال أهنا ال تنكح‬
‫حىت حتيض حيضة خشية أن يكون هبا حبل ‪ ،‬فقال عبداهلل بن عمر ‪ :‬فعثمان خرينا وأعلمنا ‪،‬‬
‫وذهب إىل هذا املذهب إسحاق بن راهويه واإلمام أمحد ىف رواية عنه اختارها شيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬من نصر هذا القول هو مقتضى قواعد الشريعة فإن العدة إمنا جعلت ثالث حيض‬
‫ليطول زمن الرجعة فيرتوى الزوج ويتمكن من الرجعة ىف مدة العدة فإذا مل تكن عليها رجعة‬

‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق (‪. )11797‬‬


‫(‪ )3‬السابق (‪. )11795‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪80‬‬

‫فاملقصود جمرد براءة رمحها من احلمل وذلك يكفى فيه حيضة كاالسترباء‪ 7‬قالوا وال ينتقض‬
‫هذا علينا باملطلقة ثالثاً فإن باب الطالق جعل حكم العدة فيه واحداً بائنة ورجعية ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وهذا دليل على أن اخللع فسخ وليس بطالق وهو مذهب ابن عباس وعثمان وابن‬
‫عمر والربيع وعمها وال يصح عن صحاىب أنه طالق البتة ‪ ،‬فروى اإلمام أمحد عن حيىي بن‬
‫سعيد عن سفيان عن عمرو عن طاووس عن ابن عباس ـ رضى اهلل عنهم ـ أنه قال اخللع تفريق‬
‫وليس بطالق (‪. )1‬‬
‫وذكر عبدالرزاق عن سفيان عن عمرو عن طاووس ‪ :‬أن إبراهيم بن سعد بن أىب وقاص‬
‫سأله عن رجل طلق امرأته تطليقتني مث اختلعت منه أينكحها ؟ قال ابن عباس ‪ :‬نعم ‪ ،‬ذكر‬
‫اهلل الطالق ىف أول اآلية وآخرها واخللع بني ذلك (‪. )1‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬كيف تقولون إنه ال خمالف ملن ذكرمت من الصحابة وقد روى محاد بن سلمة عن‬
‫هشام بن عروة عن أبيه عن مجهان أن أم بكرة األسلمية كانت حتت عبد اهلل بن أسيد‬
‫واختلعت منه فندما ‪ ،‬فارتفعا إىل عثمان بن عفان فأجاز ذلك وقال ‪ :‬هى واحدة إال أن‬
‫تكون مست شيئاً فهو على ما مست (‪. )2‬‬
‫وذكر ابن أىب شيبة ‪ :‬حدثنا على بن هاشم ‪ ،‬عن ابن أىب ليلى ‪ ،‬عن طلحة بن مصرف ‪،‬‬
‫عن إبراهيم النخعى‪ ، 7‬عن علقمة عن ابن مسعود قال ‪ :‬ال تكون تطليقة بائنة إال ىف فدية أو‬
‫إيالء (‪ ، )3‬وروى‪ 7‬عن على بن أىب طالب ‪ ،‬فهؤالء ثالثة من أجالء الصحابة رضى اهلل عنهم ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬ال يصح هذا عن واحد منهم ‪ ،‬أما أثر عثمان‪ ‬فطعن فيه اإلمام أمحد والبيهقى‪7‬‬
‫وغريمها ‪ ،‬قال شيخنا ‪ :‬وكيف يصح عن عثمان وهو ال يرى فيه عدة وإمنا يرى االسترباء‪ 7‬فيه‬
‫حبيضة ‪ ،‬فلو كان عنده طالقا ألوجب فيه العدة ‪ ،‬ومجهان الراوى هلذه القصة عن عثمان ال‬
‫نعرفه بأكثر من أنه موىل األسلميني ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه الدارقطنى (‪ )3824\3‬والبيهقى‪. )317\7( S‬‬


‫(‪ )1‬أخرجه عبد الرزاق (‪ )487\6‬وسعيد بن منصور (‪. )384\1‬‬
‫(‪ )2‬إسناده ضعيف ‪ :‬أخرجه الدارقطنى (‪ )3827\3‬والبيهقى‪ )316\7( S‬فيه جمهان أبو العالء‪ :‬مقبول ‪.‬‬
‫(‪ )3‬إسناده ضعيف ‪ :‬أخرجه ابن أبى شيبة وعبد الرزاق (‪ )481\6‬وفيه ابن أبى ليلى ‪ :‬ضعيف ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪81‬‬

‫وأما أثر على بن أىب طالب فقال أبو حممد‪ 7‬بن حزم ‪ :‬رويناه من طريق ال يصح عن على ‪‬‬
‫‪ ،‬وأمثلها أثر ابن مسعود على سوء حفظ ابن أىب ليلى ‪ ،‬مث غايته إن كان حمفوظاً أن يدل‬
‫على أن الطلقة ىف اخللع تقع بائنة ال أن اخللع يكون طالقاً بائناً ‪ ،‬وبني األمرين فرق ظاهر ‪،‬‬
‫والذى‪ 7‬يدل على أنه ليس بطالق أن اهلل سبحانه وتعاىل رتب على الطالق بعد الدخول الذى‪7‬‬
‫مل يستوف عدده ثالثة أحكام كلها منتفية عن اخللع ‪:‬‬
‫ـ أحدها ‪ :‬أن الزوج أحق بالرجعية فيه ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أنه حمسوب من الثالث فال حتل بعد استيفاء العدد إال بعد زوج وإصابة ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أن العدة فيه ثالثة قروء وقد ثبت بالنص واإلمجاع أنه ال رجعة‬
‫ىف اخللع ‪ ،‬وثبت بالسنة وأقوال الصحابة أن العدة فيه حيضة واحدة ‪،‬‬
‫وثبت بالنص جوازه بعد طلقتني ووقوع ثالثة بعده وهذا ظاهر جداً ىف كونه‬
‫وف أ َْو‬‫اك مِب َعر ٍ‬ ‫ِ‬
‫تانِ فَإ ْم َس ٌ ْ ُ‬ ‫ََّ‬ ‫مر‬ ‫ُ َ‬ ‫ليس بطالق فإنه سبحانه قال ‪( :‬الط‬
‫َّالَق‬
‫مِم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يح بِِإ ْح َسان َوالَ حَي ُّل لَ ُك ْم أَن تَأْ ُخ ُذواْ َّآ آَتْيتُ ُم ُ‬
‫وه َّن َشْيئًا إِالَّ أَن خَيَافَا أَالَّ‬ ‫تَ ْس ِر ٌ‬
‫يما‬ ‫ي ِقيما ح ُدود اللّ ِه فَِإ ْن ِخ ْفتم أَالَّ ي ِقيما ح ُدود اللّ ِه فَالَ جناح علَي ِهما فِ‬
‫َُ َ َ ْ َ َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫ت بِِه) (البقرة ‪ )229 :‬وهذا وإن مل خيتص باملطلقة تطليقتني فإنه يتناوهلا‬ ‫ا ْفتَ َد ْ‬
‫وغريمها وال جيوز أن يعود الضمري إىل من مل يذكر وخيلى منه املذكور بل‬
‫َالَ‬ ‫ها ف‬ ‫ََ‬
‫َلق‬ ‫إن طَّ‬ ‫َِ‬ ‫إما أن خيتص بالسابق أو يتناوله وغريه مث قال ‪( :‬ف‬
‫د) وهذا يتناول من طلقت بعد فدية وطلقتني قطعاً‬ ‫ُْ‬ ‫بع‬ ‫ِن َ‬ ‫ه م‬ ‫ُّ َلُ‬ ‫تحِل‬ ‫َ‬
‫ألهنا هى املذكورة فال بد من دخوهلا حتت اللفظ ‪ ،‬وهكذا فهم ترمجان‬
‫القرآن الذى‪ 7‬دعا له رسول اهلل ‪ ‬أن يعلمه اهلل تأويل القرآن وهى دعوة‬
‫مستجابة بال شك ‪.‬‬
‫وإذا كانت أحكام الفدية غري أحكام الطالق دل على أهنا من غري جنسه فهذا مقتضى‬
‫النص والقياس وأقوال الصحابة مث من نظر إىل حقائق العقود‪ 7‬ومقاصدها دون ألفاظها يعد‬
‫اخللع فسخا بأى لفظ كان حىت بلفظ الطالق وهذا أحد الوجهني ألصحاب أمحد وهو اختيار‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪82‬‬

‫شيخنا ‪ ،‬قال ‪ :‬وهذا ظاهر كالم أمحد وكالم ابن عباس وأصحابه ‪ ،‬قال ابن جريج أخربىن‬
‫عمرو بن دينار أنه مسع عكرمة موىل ابن عباس يقول ‪ :‬ما أجازه املال فليس بطالق (‪ ، )1‬قال‬
‫عبداهلل بن أمحد ‪ :‬رأيت أىب كان يذهب إىل قول ابن عباس ‪ ،‬وقال عمرو عن طاووس عن‬
‫ابن عباس ‪" :‬اخللع تفريق وليس بطالق" (‪ ، )2‬وقال ابن جريج عن ابن طاووس كان أىب ال‬
‫يرى الفداء طالقا وخيريه (‪. )3‬‬
‫ومن اعترب األلفاظ‪ 7‬ووقف معها واعتربها ىف أحكام العقود جعله بلفظ الطالق طالقاً‬
‫وقواعد الفقه وأصوله تشهد أن املرعى ىف العقود‪ 7‬حقائقها ومعانيها ال صورها وألفاظها وباهلل‬
‫التوفيق ‪.‬‬
‫ومما يدل على هذا أن النىب ‪ ‬أمر ثابت بن قيس أن يطلق امرأته ىف اخللع تطليقة ومع هذا‬
‫أمرها أن تعتد حبيضة وهذا صريح ىف أنه فسخ ولو وقع بلفظ الطالق ‪.‬‬
‫وأيضاً فإنه سبحانه علق عليه أحكام الفدية بكونه فدية ومعلوم أن الفدية ال ختتص بلفظ‬
‫ومل يعني اهلل سبحانه هلا لفظاً معيناً وطالق الفداء طالق مقيد وال يدخل حتت أحكام الطالق‬
‫املطلق كما ال يدخل حتتها ىف ثبوت الرجعة واالعتداد بثالثة قروء بالسنة الثابتة وباهلل التوفيق‬
‫(‪. )4‬‬
‫بأس ‪ ،‬قال ‪: ‬‬ ‫وتبقى كلمة ‪ :‬وهى قوله ‪ ‬حمذراً كل امرأة ختتلع من زوجها ىف غري ما ٍ‬
‫ات " (‪. )5‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات ُه َّن الْ ُمنَاف َق ُ‬
‫"الْ ُم ْختَل َع ُ‬

‫ـ فما هو زواج المسيار ؟‬


‫ـ زواج املسيار يتم بنفس أركان الزواج‪ ، 7‬غري أن الزوجة تتنازل عن بعض حقوقها ‪،‬‬
‫كاإلنفاق ‪ ،‬أو عدم إقامة الزوج معها بصفة دائمة ‪ ،‬وىف صحته نظر ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه عبد الرزاق (‪. )486\6‬‬


‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه عبد الرزاق (‪. )486\6‬‬
‫(‪ )4‬انظر زاد المعاد (‪ )95\5‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى (‪ )104\2‬وأحمد (‪ )414\2‬والبيهقى‪. )316\7( S‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪83‬‬

‫ـ فماذا عن زواج الهبة ‪ :‬يعىن قول الفتاة للشاب ‪" :‬وهبتك نفسى ‪ ،‬أو وهبت لك‬
‫نفسى" ويقولون إن الزواج ‪ :‬إجياب وقبول ‪ ،‬وأنه مل يكن على عهد النىب ‪ ‬وال الصحابة‬
‫ـ زواج‪ 7‬اهلبة ـ‬ ‫"ورقة" قسيمة زواج‪ ، )1( 7‬إمنا كان اإلجياب والقبول ‪ ،‬فهل هذا الزواج‬
‫صحيحاً أم ال ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا نكاح باطل ‪ ،‬فقد أمجع العلماء على إن هبة املرأة نفسها غري جائز (‪، )2‬‬
‫وان هذا اللفظ من اهلبة ال يتم عليه نكاح ‪ ،‬فهو صورة من صور الزنا ‪ ،‬وقد تقدم احلديث‬
‫بشأن أركان الزواج‪ ، 7‬ومها اإلجياب والقبول ‪ ،‬وشروطه وهى ‪ :‬الصداق ‪ ،‬اإلعالن ‪،‬‬
‫الشهود ‪ ،‬والوىل ‪.‬‬

‫ـ ومن أحكام الزواج العرفى ‪:‬‬


‫ـ فماذا عن الزواج السرى أو الزواج العرفى كما يطلقون عليه ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬البد أن نفرق بني الزواج السرى‪ 7‬الذى استوىف الشروط واألركان الىت وضعها‬
‫اإلسالم والشرع احلنيف لتكون معاشرة الرجل للمرأة معاشرة صحيحة ‪ ،‬نكاحاً وليست‪7‬‬
‫سفاحاً ‪ ،‬وبني الزنا الذى‪ 7‬يريد أن يلبسه البعض عباءة اإلسالم ويسمونه بغري امسه ويصفونه‬
‫بغري وصفه ورمسه ‪ ،‬فيطلقون عليه "الزواج العرىف" ‪ ،‬والزواج‪ 7‬والعرف منه براء ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لظروف ما ‪ ،‬فهو‬ ‫فالزواج السرى‪ 7‬الذى اجتمعت فيه الشروط واألركان ولكنه مل يُعلن‬
‫زواج صحيح ‪ ،‬وإن مل يُقيد ‪ ،‬فالزواج السرى‪ 7‬أو أى زواج إذا توافرت فيه أركان وشروط‬
‫الزواج ‪ ،‬من اإلجياب والقبول ‪ ،‬واملهر واإلعالن والشهود والوىل فهو زواج صحيح ‪ ،‬سواء‬
‫قُيد ىف عقد أم ال ‪ ،‬فهو من الناحية الشرعية صحيح إذا استوىف شروط وأركان الزواج‪ 7‬وكان‬
‫لألبدية وليس لوقت‪ 7‬حمدد مع ما يستتبع الزواج الشرعى من أحكام وتبعات ‪.‬‬
‫لظروف ما ‪ ،‬إال أنه صحيح ىف ذاته ‪ ،‬على خالف بني‬ ‫ٍ‬ ‫يلجأ إليه البعض ـ بعدم اإلعالن ـ‬
‫أهل العلم ىف وجوب اإلعالن أو كونه مندوباً ‪.‬‬
‫(‪ )1‬نعم ‪ ،‬ولكن أصبحت القسيمة اليوم هامة جداً لحفظ االنساب والميراث وغير هذا من أحكام الزواج وتوابعه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬تفسير القرطبى (‪. )211\14‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪84‬‬

‫ـ سؤال ‪ :‬لقد انتشر ىف بالدنا ـ مصر ـ خاصة ىف اجلامعة مسالة الزواج العرىف ‪ ،‬وكذا هو‬
‫منتشر بني كثري من الطبقات ىف مصر ‪ ،‬فماذا عما يسمونه بالزواج العرىف ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن احلديث عن تلك الصورة من الزنا الىت فشت وطفحت هبا كثري من اجلامعات‬
‫والىت يسموهنا‪ 7‬بـ "الزواج العرىف" له موضع‪ 7‬آخر نبسط فيه الكالم ‪ ،‬ولكن للصلة بينه وبني‬
‫موضوع الكتاب نتطرق إليه على إجياز ىف حماولة لبيان ِحله من حرمته ‪ ،‬ولكن البد أن نبني‬
‫أوالً أن الناس يقعون ىف خطأ حينما يطلقون على الزنا اسم "زواج" عرىف ! ‪.‬‬
‫فإنه أوالً ‪ :‬البد من حتديد‪ 7‬األلفاظ ‪ ،‬فإطالق البعض ـ على تلك الصورة من الزنا ـ الزواج‪" 7‬‬
‫لعرىف" خطأ ‪ ،‬فالزواج‪ 7‬العرىف ‪ :‬أى ما تعارف عليه الناس ‪ ،‬كما تدل عليه لفظة "عرىف"‬
‫املشتقة من "العُرف" ‪ ،‬والناس ىف بالد اإلسالم مل تتعارف على زواج‪" 7‬سرى" يعرفه الفىت‬
‫والفتاة فقط وجيهله أهل الفتاة أو الفىت ‪ ،‬هذا أوالً ‪.‬‬
‫أما ثانياً ‪ :‬فهو فقده شرطاً هاماً من شروط صحة الزواج وهو "الوىل" ‪ ،‬وعليه فهو صورة‬
‫من صور الزنا ‪ ،‬وهو نكاح باطل إذ مل تتوفر له شروط الزواج الشرعى كاملة ‪.‬‬
‫ـ كيف ؟ وقد توفرات فيه أركان الزواج ‪ :‬اإلجياب والقبول ‪ ،‬مث شروط صحته ‪ :‬املهر‬
‫"الشرعى" ـ ربع جنيه ! (‪ )1‬ـ والشهود ـ شاهدين من زمالء اجلامعة ! أو األصدقاء ىف الرحلة !‬
‫(‪ )2‬ـ واإلعالن ‪ :‬وقد علم صديقى اجلامعة ‪ ،‬أو زمالء الرحلة بزواج فالن من فالنة ؟‬
‫(‪ )1‬ال حد ألقل المهر أو أكثره ‪ ،‬وال أدرى ما قيمة "ربع جنيه" يأخذه الطفل الصغير لشراء "بسكوته أو مصاصة" ! يكون حداً أدنى للمهر ‪ ،‬فيكون ثمن العقد‬
‫"مصاصة برع جنيه" وترضى الفتاة بهذه المهانة من أجل عيون الحبيب العاشق الولهان ‪ ،‬رفقا ً بنفسك‪ S‬أختاه ‪ ،‬فاالسالم حفظ لك مكانتك ورفعها ‪ ،‬فال تحطى‬
‫أنت من قدرك ‪ ،‬وتهوى بنفسك وأسرتك إلى هاوية الزنا ـ والعياذ باهلل تعالى ـ من أجل الحب االول ! ولو كان هذا صوابا ً ـ الزواج العرفى ـ ما كان سراً ‪ ،‬وما‬
‫خشيتى اطالع أهلك وعلمهم به ‪ ،‬وال خشية معرفة اهله به ‪ ،‬فإن اإلثم ما حاك فى صدرك وخشيت أن يطلع عليه الناس ‪ ،‬رفقا ً بنفسك‪ S‬أخت المسلمة ‪،‬‬
‫واحذرى شبكة الصياد اللعين ـ الشيطان ـ ومن يتخذ سبيله سبيالً ‪.‬‬
‫(‪ )2‬كما هو ُمشاهد فى أفالم التلفاز ومسلسالته ‪ ،‬ترى الحبيبان وقد اتفقا على الزواج ‪ ،‬ويأتى الرفض ـ أو ال يأتى ـ من االسرة ‪ ،‬فال يجدا سبيالً امامهما‬
‫"لتطويق"‪ S‬حبهما إال بالزواج من "ورا" األهل بالزواج العرفى ‪ ،‬فيعلنا زواجهما فى رحلة ! أو نزهة جماعية ! ويحتال الشاب ويختلس الوقت فى "شقة" أحد‬
‫أصدقائه وقد خلت من األب أو األم أو أهل ‪ ،‬ليمارس مع "زوجته" حقه الشرعى كزوج ‪ ،‬حتى اذا حملت وظهرت بوادر وثمرة هذا "الزواج" هرع الشاب‬
‫والفتاة إلى الطبيب ليجهض ويقتل هذه الثمرة !!! لماذا ؟ أليس هذا زواجا ً اعتقده فى نفسك أنت والفتاة ‪ ،‬أليس من تبعات‪ S‬الزواج أن يتحمل الرجل ثمرة‬
‫"استعمال حقه الشرعى" ـ من استطاع منكم الباءة ـ تكاليف وتبعات الزواج ـ فليتزوج ـ أن تراه مجرد زواج لممارسة الحق الشرعى فقط ‪ ،‬لماذا إذا كنت‬
‫تحبها حقا ً ! لماذا ال تحافظ على حبيبتك‪ S‬فتراعاه حق رعايتها فال يكون هذه االرتباط "األبدى" سراً بينكما ‪ ،‬تمهرها "ثمن مصاصة" ربع جنيه ‪ ،‬على "ربع‬
‫ورقة كراسة" ! لماذا أختى المسلمة ترضين بهذه المهانة لك وقد رفع االسالم شأنك ‪ ،‬وجعلك "جوهرة" ال يمسها وال يقربها اال من يعرف قدرها وشرفها ‪،‬‬
‫ومن يتحمل كلفة الحفاظ عليها فال يضيعها وال يبخسها‪ S‬حقها ‪.‬‬
‫هل أنت حقا ً أخى المسلم تحب فتاتك وال تستطيع فراقها ورفض األهل ـ أهلك أو أهلها ـ الزواج واالرتباط بمن تحب ‪ ،‬هل يكون هذا ـ الزواج سراً وعرفيا ً ـ‬
‫هو تعبيرك‪ S‬عن حبك لها ؟ ان تبخسها‪ S‬حقها ؟ أن تمارس حقك الشرعى كزوج فى شقة أحد اصدقائك ؟ أو فى حجرة بعيداً عن أعين أهلك وأهلها ؟ ثم إذا‬
‫ظهرت بوادر الحمل أسرعت بها لتجهضها ‪ ،‬هل تضحى بولدك منها حتى ال "ينكشف" أمر زواجكما ؟ ! هل تضحى بحياتها ـ فقد تموت حال االجهاض ـ‬
‫وتزعم حبك لها ‪ .‬هذا منك عجيب ! ‪.‬‬
‫ـ هل هانت عليك نفسك أختاه لترضى بزواج سرى ال يعرفه أهلك ‪ ،‬هل يكون ه‪SS‬ذا هو اإلحس‪SS‬ان إلى أمك وأبيك ‪ ،‬هل ه‪SS‬ذه المكاف‪SS‬اءة ال‪SS‬تى تق‪SS‬دميها ألمك ال‪SS‬تى‬
‫حملت وسهرت وعانت ما عانت ‪ ،‬التى تنتظر‪ S‬أن تراك عروسة تشرُف بها ‪ ،‬هل هذا اإلحسان ألبيك ال‪SS‬ذى ربى وك‪SS‬افح وجاهد من أجلك ‪ ،‬هل يك‪SS‬ون ه‪SS‬ذا رد‬
‫الجميل ؟ كيف رضيت أن يكون مهرك "مصروف طفل صغير" ‪ ،‬كيف رضيت أال تزفى زف‪S‬اف الش‪S‬ريفات العفيف‪S‬ات ؟ كيف رض‪S‬يت بس‪S‬كنى س‪S‬اعة مع الزنا‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪85‬‬

‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ولكنه فقد شرطاً هاماً وهو الوىل ‪.‬‬


‫ـ فما هى األدلة على فساد النكاح بدون الولى ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬األدلة كثرية جداً ـ وليس هذا موضع بسطها ـ ولكىن أسوق اليك بعض كالم‬
‫أهل العلم حول صحة اشرتاط الوىل ‪.‬‬
‫َّ)‬
‫ِن‬ ‫ِه‬
‫هل‬‫َْ‬
‫ْنِ أ‬ ‫ِِ‬
‫إذ‬ ‫َّ ب‬
‫هن‬ ‫ُوُ‬ ‫ِح‬
‫َانك‬ ‫ـ أوالً ‪ :‬من القرآن الكرمي ‪ :‬قوله تعاىل ‪( :‬ف‬
‫(النساء ‪. )25 :‬‬
‫قال اإلمام القرطيب ىف تفسريه (‪ : )141\5‬أى بوالية أهلن وإذهنن ‪.‬‬
‫ني َحىَّت يُ ْؤ ِمنُواْ َولَ َعْب ٌد ُّم ْؤ ِم ٌن َخْيٌر ِّمن‬ ‫ِ ِ‬
‫(والَ تُنك ُحواْ الْ ُمش ِرك َ‬
‫ِ‬
‫وقوله تعاىل ‪َ :‬‬ ‫ـ‬
‫ُّم ْش ِر ٍك َولَ ْو أ َْع َجبَ ُك ْم) (البقرة ‪. )221 :‬‬
‫قال اإلمام القرطىب ىف تفسريه (‪ : )72\3‬ىف هذه اآلية دليل بالنص على أنه ال نكاح إال‬
‫بوىل ‪.‬‬
‫وقال الطربى (‪ : )379\2‬هذا القول من اهلل تعاىل ذكره داللة على أن أولياء املرأة أحق‬
‫بتزوجيها من املرأة ‪.‬‬
‫وقال ابن عطية (‪ : )248\2‬إن الوالية ىف النكاح نص ىف لفظ هذه اآلية ‪.‬‬
‫نك ْح َن‬ ‫ـ وقوله تعاىل ‪( :‬وإِ َذا طَلَّ ْقتُم النِّساء َفبلَ ْغن أَجلَه َّن فَالَ َتعضلُوه َّن أَن ي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ُ َ َ َ َُ‬ ‫َ‬
‫وف) (البقرة ‪. )232 :‬‬ ‫أ َْزواجه َّن إِ َذا َتراضواْ‪ 7‬بيَنهم بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ َ ْ َْ ُ‬ ‫َ َُ‬
‫ُختًا يِل ِم ْن َر ُج ٍل فَطَلَّ َق َها‬ ‫تأْ‬ ‫"ز َّو ْج ُ‬
‫وسبب نزول هذه اآلية كما يقول معقل بن يسار ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫حىَّت إِ َذا ا ْن َقض ِ‬
‫ك فَطَلَّ ْقَت َها مُثَّ جْئ َ‬
‫ت‬ ‫ك َوأَ ْكَر ْمتُ َ‬ ‫ك َو َفَر ْشتُ َ‬
‫ت لَهُ َز َّو ْجتُ َ‬ ‫ت ع َّد ُت َها َجاءَ خَي ْطُُب َها َف ُق ْل ُ‬‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫يد أَ ْن َتر ِجع إِلَيهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س بِه َو َكانَت الْ َم ْرأَةُ تُِر ُ ْ َ ْ‬ ‫ك أَبَ ًدا َو َكا َن َر ُجاًل اَل بَأْ َ‬ ‫ود إِلَْي َ‬
‫خَت ْطُُب َها اَل َواللَّه اَل َتعُ ُ‬
‫ال َفَز َّو َج َها إِيَّاهُ" (‪. )1‬‬ ‫ول اللَّ ِه قَ َ‬ ‫ِِ‬
‫ت اآْل َن أَْف َع ُل يَا َر ُس َ‬ ‫وه َّن ) َف ُق ْل ُ‬‫ضلُ ُ‬ ‫فَأَْنَز َل اللَّهُ َهذه اآْل يَةَ ( فَاَل َت ْع ُ‬
‫ـ قال اإلم‪77‬ام الرتم‪77‬ذى‪ 7‬بعد روايته للح‪77‬ديث ‪ :‬وىف ه‪77‬ذا احلديث داللة على أنه ال جيوز النك‪77‬اح‬
‫بغري وىل ‪ ،‬ألن أخت معقل بن يس‪77 7‬ار ك‪77 7‬انت ثيب‪7 7‬اً ‪ ،‬فلو ك‪77 7‬ان األمر إليها دون وليها ل‪77 7‬زوجت‬
‫نفسها ومل حتتج إىل وليها معقل بن يسار ‪.‬‬
‫والفاحشة ؟ كيف لك أن تضحى بولدك ثمرة هذا الزواج ـ الصحيح فى نظرك ‪ ،‬الباطل شرعا ً ـ وال زال‪SS‬تى تظ‪SS‬نين أنه يحبك ‪ ،‬كيف س‪SS‬ول لك الش‪SS‬يطان األنسى‬
‫صحة هذا الزواج ‪ ،‬رفقا ً بنفسك‪ S‬وأبيك وأمك ومجتمعك أختاه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )183\9‬والترمذى (‪ )2981‬وأبو داود (‪. )2087‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪86‬‬

‫ويقول احلافظ ىف الفتح (‪ )2‬عند شرحه للحديث ‪ :‬وقد ذهب اجلمهور إىل أن املرأة ال‬
‫تزوج نفسها أصالً ‪.‬‬
‫اح إِاَّل بَِولِ ٍّي " (‪. )3‬‬ ‫ِ‬
‫ـ ومن السنة الشريفة قوله ‪" : ‬اَل ن َك َ‬
‫وىف السنن عنه من حديث عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ مرفوعاً ‪" :‬أَمُّيَا ْامَرأ ٍَة مَلْ يُْن ِك ْح َها الْ َويِل ُّ‬
‫اب ِمْن َها فَِإ ِن‬‫َص َ‬
‫مِب‬ ‫ِ‬
‫اح َها بَاط ٌل فَِإ ْن أ َ‬
‫َص َاب َها َفلَ َها َم ْه ُر َها َا أ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اح َها بَاط ٌل فَن َك ُ‬
‫ِ ِ‬
‫اح َها بَاط ٌل فَن َك ُ‬ ‫فَن َك ُ‬
‫ِ‬
‫الس ْلطَا ُن َويِل ُّ َم ْن اَل َويِل َّ لَهُ" قال الرتمذى حديث حسن ‪ ،‬وفيها عنه ‪" :‬اَل‬
‫(‪)1‬‬
‫ا ْشتَ َج ُروا فَ ُّ‬
‫الزانِيَةَ ِه َي الَّيِت ُتَز ِّو ُج َن ْف َس َها" (‪. )2‬‬
‫ُتَز ِّو ُج الْ َم ْرأَةُ الْ َم ْرأََة َواَل ُتَز ِّو ُج الْ َم ْرأَةُ َن ْف َس َها فَِإ َّن َّ‬
‫قال ابن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ ‪ :‬البغية هى الىت تزوج نفسها ‪.‬‬
‫وقال اإلمام مالك ـ صاحب املذهب املالكى ـ وقد سئل عن املرأة تزوج نفسها أو تزوجها‬
‫فرق بينهما ‪ ،‬دخل هبا أو مل يدخل (‪. )3‬‬ ‫امرأة أخرى ؟ قال ‪ :‬يُ َّ‬
‫ويقول اإلمام امحد بن حنبل ـ صحاب املذهب احلنبلى ـ وقد ُسئل عن امرأة أرادت التزويج‬
‫فجعلت أمرها إىل الرجل الذى‪ 7‬يريد أن يتزوجها وشاهدين ؟‬
‫قال ‪ :‬هذا وىل وخاطب ! ال يكون هذا ‪ ،‬والنكاح‪ 7‬فاسد (‪. )4‬‬
‫ويقول اإلمام الشافعى رمحه اهلل تعاىل ىف سفره العظيم "األم" ‪ :‬فإن امرأة نكحت بغري إذن‬
‫وليها فال نكاح هلا (‪. )5‬‬
‫ـ فماذا عن قول اإلمام أبى حنيفة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا هو ما اعتمده أصحاب القول بصحة الزواج العرىف ‪ ،‬حيث قال اإلمام أبو‬
‫حنيفة رمحه اهلل تعاىل بصحة الزواج دون وىل ‪ ،‬وقد خالف ىف هذا القول مجهور أهل العلم ‪،‬‬
‫ومن قبل السنة الصحيحة عن النىب ‪. ‬‬

‫(‪ )2‬انظر فتح البارى (‪. )178\9‬‬


‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬تقدم تخريجه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )2083‬وابن ماجة (‪ )1879‬والترمذى (‪ )1102‬والدارقطنى (‪ )220\3‬بتحقيقى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح دون الشطر األخير منه ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪ )1882‬والدراقطنى (‪ .)228\3‬والبيهقى (‪. )110\7‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬البيان والتحصيل البن رشد (‪. )379\4‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬مسائل االمام أحمد رواية ابن هانئ (‪. )195\1‬‬
‫(‪ )5‬انظر ‪ :‬األم (‪. )13\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪87‬‬

‫ـ كيف ؟ وهو اإلمام األعظم وأحد األئمة األربعة ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬ال عجب ‪ ،‬فما من أحد قال أن اإلمام األعظم أو غريه من األئمة أو الناس عامة‬
‫قد مجع أصول العلم وفروعه ‪ ،‬وما غابت عنه سنة أو حديث من أحاديث النىب ‪ ، ‬بل قال‬
‫العامل كلِه ‪ ،‬فما من أحد إال وقد غابت عنه‬ ‫بعضهم وقد ُسئل ‪ :‬أين العلم كله ؟ قال ‪ :‬ىف َ‬
‫بعض السنة ‪ ،‬بل ما من أحد من األئمة األربعة إال وقد صح عنه األخذ باحلديث وإن خالف‬
‫مذهبه ‪.‬‬
‫فهذا اإلمام مالك يقول ‪ :‬ليس ألحد بعد رسول اهلل ‪ ‬إال ويؤخذ من قوله ويُرد ‪ ،‬إال النىب‬
‫‪.‬‬
‫ويقول ‪ :‬إمنا أنا بشر أخطئ وأصيب ‪ ،‬فانظروا ىف رأىي ‪ ،‬فكل ما وافق الكتاب والسنة‬
‫فخذوه ‪ ،‬وكل ما مل يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ‪.‬‬
‫وهذا اإلمام أمحد بن حنبل يقول ‪ :‬رأى األوزاعى‪ ، 7‬ورأى مالك ‪ ،‬ورأى أىب حنيفة ‪،‬‬
‫كله رأى ‪ ،‬وهو عندى سواء ‪ ،‬وإمنا احلجة ىف اآلثار‪. 7‬‬
‫ويقول اإلمام الشافعى رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬إذا صح احلديث فاضربوا‪ 7‬بقوىل احلائط ‪.‬‬
‫بل وهذا اإلمام أبو حنيفة يقول ‪ :‬إذا صح احلديث فهو مذهىب ‪.‬‬
‫اح إِاَّل بَِويِل ٍّ " (‪. )1‬‬ ‫ِ‬
‫قلت ‪ :‬وقد صح احلديث ‪ ،‬وهو قوله ‪" : ‬اَل ن َك َ‬
‫ـ إذن فما هو الدليل الذى اعتمده اإلمام فيما ذهب إليه ؟‬
‫َح ُّق بَِن ْف ِس َها ِم ْن‬
‫بأَ‬ ‫ـ الجواب ‪ :‬اعتمد اإلمام أبو حنيفة رمحه اهلل تعاىل على قوله ‪َّ : ‬‬
‫"الثيِّ ُ‬
‫َولِِّي َها " (‪. )2‬‬
‫وقد رد العلماء تأويل اإلمام واعتماده إياه حجة ىف صحة الزواج بدون وىل ‪ ،‬بل وهذا أبو‬
‫احلسن وحممد بن يوسف ومها محلة علم اإلمام أىب حنيفة قد خالفا أستاذمها وشيخهما ىف‬
‫مسائل عديدة عندما تبينت هلما السنة ‪ ،‬وظهر هلما وجه احلق فيها‪ ،‬وقد روى اإلمام‬

‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم (‪ )205\9‬والترمذى (‪ )1108‬وأبو داود (‪. )98-2‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪88‬‬

‫الطحاوى ىف "الشرح" (‪ )1‬عن حممد بن احلسن وأىب يوسف ‪ :‬أنه ال جيوز تزويج املرأة بغري‬
‫إذن وليها ‪.‬‬
‫َح ُّق بَِن ْف ِس َها ‪ :‬حيتمل من‬ ‫وقال شراح احلديث كاإلمام النووى ىف شرح مسلم ‪" :‬قوله ‪ :‬أ َ‬
‫حيث اللفظ أن املراد أحق من وليها ىف كل شئ من عقد وغريه كما قاله أبو حنيفة وأبو داود‬
‫‪.‬‬
‫وحيتمل ‪ :‬أنه أحق بالرضا ‪ ،‬أى ‪ :‬ال تزوج حىت تنطق باإلذن ‪ ،‬خبالف البكر (‪. )2‬‬
‫وقد أفاض اإلمام ابن حزم ىف الرد ىف كتابه "احمللى" (‪. )3‬‬
‫ت يَا‬‫ب أ َُّم َسلَ َمةَ َف َقالَ ْ‬
‫"خطَ َ‬‫ـ كما اعتمد أيضاً اإلمام أبو حنيفة ما ُروى أن النىب ‪َ : ‬‬
‫كشِ‬ ‫ِ‬ ‫ول اللَّ ِه إِنَّه لَيس أَح ٌد ِمن أَولِيائِي َتعيِن ش ِ‬
‫اه ٌد َواَل‬ ‫َح ٌد ِم ْن أ َْوليَائِ ِ َ‬ ‫أ‬
‫َ َ‬ ‫س‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال إِ‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫د‬‫ً‬ ‫اه‬ ‫ُ ْ َ َ ْ َْ ْ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ت يَا عُ َم ُر َز ِّو ِج النَّيِب َّ ‪َ ‬فَتَز َّو َج َها النَّيِب ُّ ‪."‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َف َقالَ ْ‬
‫ب يَ ْكَرهُ َذل َ‬‫َغائ ٌ‬
‫وهذا حديث ضعيف ‪ ،‬أخرجه اإلمام أمحد (‪ )295\6‬والنسائى‪ )3202( 7‬بسند ضعيف‬
‫‪ ،‬فيه ابن عمر ابن أىب سلمة ‪ :‬جمهول ‪.‬‬
‫ِن‬
‫ْ‬ ‫َم‬ ‫ِين‬ ‫ِن‬ ‫ْم‬ ‫ُؤ‬‫ِالم‬ ‫َْلى ب ْ‬ ‫َو‬ ‫ِيُّ أ‬ ‫َّب‬‫كما تُعقب أيضاً بأن اهلل ‪ ‬قال ‪( :‬الن‬
‫ْ) (األحزاب ‪ )6 :‬كما أنه مل‬ ‫هم‬ ‫تُ‬ ‫هاُ‬ ‫مَ‬ ‫َُّ‬ ‫هأ‬ ‫ُُ‬ ‫َاج‬ ‫ْو‬‫َز‬ ‫َأ‬ ‫ْو‬ ‫ِم‬ ‫ِه‬ ‫ُس‬ ‫َنف‬ ‫أ‬
‫يكن أحد من أهلها حاضراً كما أخربت هى ‪ ،‬ويكفى ضعف احلديث كما تقدم فال حُي تج به‬
‫‪.‬‬
‫وهذا حال اإلمام رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬يعتمد حديثاً ضعيفاً (‪ )1‬مث يبىن عليه أصوالً وفروعاً ‪،‬‬
‫كما يقول اإلمام الشافعى‪ 7‬رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬أبو حنيفة يضع أول املسألة خطأ ‪ ،‬مث يقيس‬
‫الكتاب كله ‪.‬‬
‫قال ابن أىب حامت ‪ :‬ألن األصل كان خطأً فصارت الفروع ماضية على األصل (‪. )2‬‬
‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬شرح معانى االثار(‪. )7\3‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬شرح مسلم لإلمام النووى (‪. )203\9‬‬
‫(‪ )3‬انظر "المحلى" (‪. )457\9‬‬
‫(‪)1‬‬
‫العلم‬
‫والحق أن اإلمام أبو حنيفة رحمه هللا تعالى مع جاللته وفقهه وعلمه اال أنه كان ضعيف الحديث ‪ ،‬وال ينتقص هذا من قدره ويحط منه ‪ ،‬فكما تقدم أن ِ‬
‫كله فى ال َعالم كلِه ‪ ،‬وما من أحد إال وتغيب عنه بعض السنة ‪ ،‬اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا واجعل القرآن العظيم حجة لنا ال علينا ‪ ،‬آمين ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪" :‬آداب الشافعى" ومناقبه البن أبى حاتم (‪. )171‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪89‬‬

‫ـ واحتج بعضهم حبديث رواه الطحاوى ‪ :‬أن أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ زوجت‬
‫ابن الزبري ‪ ،‬وعبد الرمحن غائب بالشام ‪ ،‬فلما قدم عبد‬
‫حفصة بنت عبد الرمحن بن املنذر َ‬
‫الرمحن قال ‪ :‬أمثلّي يُصنع به هذا ويُفتات عليه ؟ ووكلت عائشة املنذر فقال ‪ :‬إن ذلك بيد‬
‫فقرت حفصة عنده ومل يكن‬ ‫عبد الرمحن ‪ ،‬فقال عبد الرمحن ‪ :‬ما كنت أرد أمراً قضيته ‪َّ ،‬‬
‫طالقاً" (‪. )3‬‬
‫وهذا متعقب بأنه موقوف ‪ ،‬واملرفوع مقدم على املوقوف (‪ ، )4‬وهو أيضاً ليس صرحياً ىف‬
‫أهنا ـ رضى اهلل عنها ـ أهنا هى الىت تولت التزويج ‪ ،‬فلعلها وكلت آخر ‪ ،‬كما روى الطحاوى‬
‫أيضاً ‪" :‬أهنا انكحت رجالً من بىن أخيها جارية من بىن أخيها فضربت بينهما بسرت مث‬
‫تكلمت حىت إذا مل يبق اال النكاح أمرت رجالً فأنكح ‪ ،‬مث قالت‪ : 7‬ليس إىل النساء النكاح"‬
‫(‪ ، )1‬واآلثار‪ 7‬ىف هذا كثرية جداً ‪.‬‬
‫ـ وعليه فالزواج‪ 7‬العرىف املفتقد لشرط الوىل هو نكاح فاسد ال يصح كما تقدم كالم أهل‬
‫العلم ‪ ،‬وقد خالفهم اإلمام أبو حنيفة (‪ )2‬وتقدم الرد عليه ‪.‬‬
‫ـ فما الذى يلجئ البعض إلى الزواج العرفى دون الشرعى أو الرسمى إذا توفرت له‬
‫أسباب الزواج الشرعى ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬األسباب كثرية جداً ‪ ،‬فمنها وأمهها ‪ :‬املغاالة ىف املهور وتكاليف الزواج‪، 7‬‬
‫ومؤن الزواج‪ 7‬كالشقة واألثاث وغري هذا ‪ ،‬وقد يكون خوف الزوج من معرفة الزوجة األوىل‬
‫ـ إذ يُشرتط إخبار الزوجة األوىل وإعالمها عند إقدام الزوج على الزواج‪ 7‬مرة ثانية (قانوناً‬
‫وليس شرعاً !) ‪ ،‬وإال فالقانون يعطى الزوجة حق طلب الطالق إذا تزوج زوجها بغريها ! مما‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطحاوى فى "الشرح" (‪. )8\3‬‬
‫(‪ )4‬الحديث الموقوف ‪ :‬أى الموقوف على الصحابى ‪ ،‬أى من قوله أو فعله ‪ ،‬ولم يرفع إلى النبى ‪ ، ‬أى لم يقل فيه الصحابى ‪ :‬قال رسول هللا ‪ : ‬كذا وكذا ‪،‬‬
‫والمرفوع أى قوله ‪ ‬أو فعله أو إقراره ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه الطحاوى (‪ )10\3‬وعبد الرزاق وابن أبى شيبة (‪ )135\4‬وصححه الحافظ فى الفتح (‪. )186\9‬‬
‫(‪ )2‬وال يقول قائل ‪ :‬نحن نأخذ برأى اإلمام وهو أحد األئمة األربعة المتبعين سلفا ً وخلفا ً ‪ ،‬نقول له ‪ :‬من اتبع الرخص عند أهل العلم وتتبعها‪ S‬فقد أخذ بالشر كله ‪،‬‬
‫هذا وقد تقدم بيان ما اعتمده اإلمام والرد عليه ‪ ،‬وبسط هذه المسئلة له موضع آخر ‪ ،‬إنما أردت التنبيه فقط ‪ ،‬ولمزيد من البيان فلينظر لزاما ً ‪ :‬مجموع الفتاوى‬
‫البن تيمة (‪ )21\32‬نيل االوطار (‪ )143\6‬سبل السالم (‪ )117\3‬فيض القدير(‪ )37\6‬فتح البارى (‪ )187\9‬عون المعبود (‪ )94\6‬شرح مسلم لالمام النووى‬
‫( ‪ )205\9‬فقه السنة للشيخ سيد سابق (‪ )83\2‬ورسالة "الزواج العرفى ‪ :‬باطل" للبطة ‪ ،‬المدونة الذهبية للزواج العرفى للمستشار أحمد كامل ‪ ،‬عقبات الزواج‬
‫وطرق معالجتها ‪ :‬عبد هللا ناصح ‪ ،‬المشكالت العملية فى قانون األحوال الشخصية ‪ :‬أشرف مصطفى كمال وكيل أول نيابة القاهرة لألحوال الشخصية ‪،‬‬
‫الجزء االول ‪ ،‬أصول المرافعات الشرعية ‪ :‬المستشار أنور العمروسى ‪ ،‬الزواج العرفى من النواحى القانونية والشرعية واالجتماعية ‪ :‬حامد الشريف‬
‫المحامى ‪ ،‬أحكام األسرة فى الشريعة االسالمية ‪ :‬الدكتور ‪ :‬زكريا البرى ‪ ،‬األحوال الشخصية ‪ :‬محمد أبو زهرة ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪90‬‬

‫يؤدى بدوره إىل هدم البيت‪ 7‬األول وتشتت األوالد‪ ، 7‬وقد يكون خوف بعض النساء من‬
‫(قطع) فقد املعاش ‪ ،‬إذا كانت املرأة قد تزوجت من قبل وهلا معاش عن الزوج املتوىف ‪ ،‬أو‬
‫معاش عن األب أو األم ‪ ،‬أو خوف معرفة الناس بزواج الدكتور‪ 7‬مثالً من املمرضة ‪ ،‬أو أستاذ‬
‫اجلامعة من طالبة ‪ ،‬أو املدير من السكرترية ‪ ،‬أو غري هذا من الفوارق االجتماعية واألدبية الىت‬
‫خيشى عليها ‪ ،‬أو هترباً من اخلدمة العسكرية بقيد ولد واحد ‪ ،‬أو فارق العمر بني الرجل‬
‫واملرأة ‪ ،‬أو زواج املسلم بالذمية ـ وخشية معرفة أهلها والغضب من ارتباطها مبن هو على غري‬
‫ديانتها ‪ ،‬أو خوف نزع األوالد‪ 7‬من أحضان األم باحلضانة إذا علم ـ الزوج السابق ـ بزواجها ‪،‬‬
‫أو التخفف من أعباء الزواج‪ 7‬الشرعى ومؤنه كما تقدم إىل غري ذلك الكثري ‪.‬‬
‫ـ وتبقى كلمة ‪ :‬فليس كل زواج سرى صحيحاً ‪ ،‬وليس كل زواج عرفى صحيحاً ‪.‬‬
‫ـ فماذا عن تعدد الزوجات ؟‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّساء َم ْثىَن‬ ‫(وإِ ْن خ ْفتُ ْم أَالَّ ُت ْقسطُواْ ىف الْيَتَ َامى فَانك ُحواْ‪َ 7‬ما طَ َ‬
‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬ ‫ـ قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك أ َْدىَن أَالَّ َتعُولُواْ)‬ ‫اع فَِإ ْن خ ْفتُ ْم أَالَّ َت ْعدلُواْ َف َواح َدةً أ َْو َما َملَ َك ْ‬
‫ت أَمْيَانُ ُك ْم ذَل َ‬ ‫ث َو ُربَ َ‬
‫َوثُالَ َ‬
‫الصاحِلَةُ" (‪ ، )1‬وكان عهد‬ ‫اع ُّ‬
‫الد ْنيَا الْ َم ْرأَةُ َّ‬ ‫(النساء ‪ ، )3 :‬وقال ‪ُّ : ‬‬
‫"الد ْنيَا َمتَاعٌ َو َخْي ُر َمتَ ِ‬
‫السلف الصاحل التزوج بأكثر من واحدة ‪ ،‬وكان بعضهم إذا ماتت زوجته مل يبت ليلة دون‬
‫زوجة جديدة ‪ ،‬فتعدد الزوجات مستحب وهو من هدى النىب‪ ، ‬وعليه سار السلف الصاحل‬
‫‪ ،‬ولكن ىف زمن التلفاز تقوم الدنيا وال تقعد إذا فكر الزوج ـ جمرد تفكري ـ ىف "التعدد"‬
‫جلست الزوجة "تعدد" ىف البيت‪ 7‬وبدأ التوعد‪ 7‬له إن هو تزوج ‪ ،‬وأخذت "تعدد" وحتتال له‬
‫احليل ‪ ،‬وتدور املسلسالت من أوهلا إىل آخرها ىف بيان احليل النسائية الىت حتول دون وقوع‬
‫وتفرق شتات األسرة ‪ ،‬وكان هلذا التأثري السلىب‬ ‫تلك "املصيبة" والىت ستهدم البيت‪ 7‬السعيد‪ّ 7‬‬
‫على فكر ومعتقد كثري من نساء املسلمني ‪.‬‬
‫جيرى هذا ىف زمن تدفع‪ 7‬فيه بعض الدول ـ الغري مسلمة ـ املال لكن من ينجب مولوداً‬
‫جديداً !! بينما حنن الزلنا نستورد منهم وسائل منع احلمل خشية االنفجار السكاىن ‪ ،‬وتنهال‬

‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪91‬‬

‫على رؤوس الناس الدعوة إىل االكتفاء‪ 7‬بزوجة واحدة ‪ ،‬وولد‪ 7‬واحد أو اثنني على األكثر ‪،‬‬
‫ومن يتعدى هذا فالويل له كل الويل من وسائل اإلعالم (‪. )1‬‬
‫ـ فماذا عن العيلة والفقر من جراء تعدد الزوجات واألوالد ؟ وقوله تعالى ‪َ ( :‬ذلِ َ‬
‫ك أَ ْدنَى‬
‫أَالَّ َتعُولُواْ) (النساء ‪. )3 :‬‬
‫‪" -‬قال الشافعى‪ : 7‬أن ال تكثر عيالكم ‪ ،‬فدل على أن قلة العيال أوىل ‪،‬‬
‫قيل ‪ :‬قد قال الشافعى رمحه اهلل ذلك وخالفه مجهور املفسرين من السلف‬
‫واخللف وقالوا معىن اآلية ذلك أدىن أن ال جتوروا‪ 7‬وال متيلوا فانه يقال عال‬
‫الرجل يعول عوالً إذا مال وجار ومنه عول الفرائض‪ 7‬ألن سهامها إذا زادت‬
‫ن‬
‫ِْ‬ ‫َإ‬ ‫دخلها النقص ‪ ،‬ويقال ‪ :‬عال يعيل عيلة إذا احتاج قال تعاىل ‪( :‬و‬
‫ِن شَاء)‬ ‫ِ إ‬ ‫ِه‬ ‫ْل‬ ‫َض‬‫ِن ف‬ ‫ُ م‬ ‫ُ هّللا‬
‫ُم‬‫ِيك‬‫ْن‬‫يغ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْف‬ ‫َسَو‬‫ة ف‬ ‫لً‬‫َْ‬ ‫َي‬‫ْ ع‬ ‫ُم‬‫ْت‬‫خِف‬
‫(التوبة ‪ ، )28 :‬وقال الشاعر ‪:‬‬
‫وما يدرى الفقري مىت غناه * وما يدرى الغىن مىت يعيل‬
‫أى مىت حيتاج ويفتقر ‪.‬‬
‫وأما كثرة العيال فليس من هذا وال من هذا ولكنه من أفعل يقال أعال الرجل يعيل إذا كثر‬
‫عياله مثل ألنب وأمتر إذا صار ذا لنب ومتر هذا قول أهل اللغة ‪.‬‬
‫قال الواحدى‪ 7‬ىف بسيطه ومعىن تعولوا متيلوا وجتوروا عن مجيع أهل التفسري واللغة وروي‪7‬‬
‫ك أ َْدىَن أَالَّ َتعُولُواْ)‬ ‫ِ‬
‫ذلك مرفوعاً ‪ ،‬روت عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ عن النىب ‪ ‬ىف قوله ‪َ ( :‬ذل َ‬
‫قال ‪" :‬أن ال جتوروا" (‪ )1‬وروى أن ال متيلوا ‪ ،‬قال ‪ :‬وهذا قول ابن عباس واحلسن وقتادة‬
‫والربيع والسدى وأىب مالك وعكرمة والفراء‪ 7‬والزجاج وابن قتيبة وابن األنبارى ‪.‬‬

‫(‪ )1‬وفى أثناء كتابة هذه السطور تعرض على مشكلة تفكير زوج مسكين ف ّكر ـ مجرد التفكير ـ فى الزواج مرة ثانية ‪ ،‬باألمس مسا ًء يحدثنى أن زوجته تركت‬
‫البيت إلى أهلها عند منتصف الليل رفضا ً لهذا االمر ‪ ،‬تاركة له ثالثة أوالد ‪.‬‬
‫ـ ثم ‪ :‬وفى الصباح تكلمنى الزوجة هاتفيا ً تشكو إل َّى زوجها وأنه يريد أن يهدم البيت بنفسه ‪ ،‬كيف ؟ تقول ‪ :‬يريد ان يتزوج‪ S‬على ‪ ،‬وأنا لم اُقصر فى شأن من‬
‫شئون البيت ‪ ،‬أو فيما يتصل بحقوقه الزوجية ‪ ،‬وال فى تربية أوالده ورعايتى ألبيه المريض وأخته ‪ ،‬فكيف يكون هذا جزائى ؟‪ ،‬هل شعر منى بالتقصير فى‬
‫شئ حتى يتزوج‪ S‬غيرى ‪ ،‬لقد جرح كرامتى ‪ ،‬لقد أهاننى ‪ ،‬ماذا يقول الناس عندما يعلمون أن زوجى تزوج بأخرى ! لقد فعلت معه كذا وكذا …‪..‬‬
‫ـ وفى نهاية المكالمة التليفونية كانت الزوجة قد خرجت من بيت أهلها إلى بيت زوجها وأوالدها والرضا بالزواج مرة ثانية ‪ ،‬والحمد هلل تعالى ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن حبان (‪ )134\6‬والصواب الموقوف ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪92‬‬

‫قلت ‪ :‬ويدل على تعني هذا املعىن من اآلية وان كان ما ذكره الشافعى رمحه اهلل لغة حكاه‬
‫الفراء عن الكسائى أنه قال ‪ :‬ومن الصحابة من يقول عال يعول إذا كثر عياله قال الكسائى ‪:‬‬
‫وهو لغة فصيحة مسعتها من العرب لكن يتعني األول لوجوه ‪:‬‬
‫ـ أحدها ‪ :‬أنه املعروف ىف اللغة الذى ال يكاد يعرف سواه وال يعرف عال يعول إذا كثر عياله‬
‫إال ىف حكاية الكسائى وسائر أهل اللغة على خالفه ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أن هذا مروى عن النىب‪ ‬ولو كان من الغرائب‪ 7‬فإنه يصلح للرتجيح ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أنه مروى عن عائشة وابن عباس ومل يعلم هلما خمالف من املفسرين وقد قال احلاكم‬
‫أبو عبد اهلل ‪ :‬تفسري الصحاىب عندنا ىف حكم املرفوع ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬أن األدلة الىت ذكرناها على استحباب تزوج الولود وأخبار النىب ‪ ‬أنه يكاثر بأمته‬
‫األمم يوم القيامة يرد هذا التفسري ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬أن سياق اآلية إمنا هو ىف نقلهم مما خيافون الظلم واجلور فيه إىل غريه فإنه قال ىف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث‬
‫ِّساء َم ْثىَن َوثُالَ َ‬ ‫(وإِ ْن خ ْفتُ ْم أَالَّ ُت ْقسطُواْ ىف الْيَتَ َامى فَانك ُحواْ َما طَ َ‬
‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬ ‫أوهلا ‪َ :‬‬
‫اع) (النساء ‪ )3 :‬فدهلم‪ 7‬سبحانه على ما يتخلصون به من ظلم اليتامى وهو نكاح ما‬ ‫َو ُربَ َ‬
‫طاب هلم من النساء البوالغ وأباح هلم منه مث دهلم على ما يتخلصون به من اجلور والظلم ىف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك أ َْدىَن أَالَّ‬ ‫عدم التسوية بينهن فقال ‪( :‬فَِإ ْن خ ْفتُ ْم أَالَّ َت ْعدلُواْ‪َ 7‬ف َواح َدةً أ َْو َما َملَ َك ْ‬
‫ت أَمْيَانُ ُك ْم ذَل َ‬
‫َتعُولُواْ) (النساء ‪ )3 :‬مث أخرب سبحانه أن الواحدة وملك اليمني أدىن إىل عدم امليل واجلور‬
‫وهذا صريح ىف املقصود ‪.‬‬
‫اح َد ًة) ىف األربع‪ 7‬فانكحوا واحدة أو‬ ‫ـ السادس ‪ :‬أنه ال يلتئم قوله ‪( :‬فَِإ ْن ِخ ْفتُم أَالَّ َتع ِدلُواْ‪َ 7‬فو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تسروا ما شئتم مبلك اليمني فان ذلك أقرب إىل أن ال تكثر عيالكم بل هذا أجنىب من األول‬
‫فتأمله ‪.‬‬
‫ـ السابع ‪ :‬أنه من املمتنع أن يقال هلم إن خفتم أن أال تعدلوا بني األربع‪ 7‬فلكم أن تتسروا مبائة‬
‫سرية وأكثر فانه أدىن أن ال تكثر عيالكم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪93‬‬

‫ك أ َْدىَن أَالَّ َتعُولُواْ) تعليل لكل واحد من احلكمني املتقدمني ومها‬ ‫ِ‬
‫ـ الثامن ‪ :‬أن قوله ‪َ ( :‬ذل َ‬
‫نقلهم من نكاح اليتامى إىل نكاح النساء البوالغ‪ 7‬ومن نكاح األربع‪ 7‬إىل نكاح الواحدة أو ملك‬
‫اليمني وال يليق تعليل ذلك بعلة العيال ‪.‬‬
‫ـ التاسع ‪ :‬أنه سبحانه قال ‪( :‬فَِإ ْن ِخ ْفتُ ْم أَالَّ َت ْع ِدلُواْ) ومل يقل ‪ :‬وإن خفتم أن تفتقروا أو‬
‫حتتاجوا ولو كان املراد قلة العيال لكان األنسب أن يقول ذلك ‪.‬‬
‫ـ العاشر ‪ :‬أنه سبحانه إذا ذكر حكماً منهياً عنه وعلل النهى بعلة أو أباح شيئاً وعلل عدمه‬
‫بعلة فال بد أن تكون العلة مصادفة لضد احلكم املعلل وقد علل سبحانه إباحة نكاح غري‬
‫اليتامى واالقتصار‪ 7‬على الواحدة أو ما ملك اليمني بأنه أقرب إىل عدم اجلور ومعلوم أن كثرة‬
‫العيال ال تضاد عدم احلكم املعلل فال حيسن التعليل به" (‪. )1‬‬
‫ـ هل صبغ المرأة لشعرها للتجمل أمام زوجها جائز ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال حرج فيه ‪ ،‬بل هو مستحب ‪ ،‬على أن تتجنب السواد ‪.‬‬
‫ول اللَّ ِه‬
‫صا ِر يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِّس ِاء ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال َر ُج ٌل م َن اأْل َنْ َ‬ ‫ول َعلَى الن َ‬
‫الد ُخ َ‬ ‫ـ ما معنى قوله ‪" : ‬إِيَّا ُك ْم َو ُّ‬
‫ت" (‪ )2‬؟‬ ‫ْح ْم ُو ال َْم ْو ُ‬
‫ال ال َ‬‫ْح ْم َو ؟ قَ َ‬
‫ت ال َ‬‫‪ :‬أَ َف َرأَيْ َ‬
‫ـ قال اإلمام النووى رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬املراد ىف احلديث أقارب الزوج غري آبائه وأبنائه ‪ ،‬ألهنم‬
‫حمارم للزوجة جيوز هلم اخللوة وال يوصفون باملوت ‪ ،‬قال ‪ :‬وإمنا املراد ‪ :‬األخ وابن األخ ‪،‬‬
‫والعم ‪ ،‬وابن العم‪ ، 7‬وابن األخت ‪ ،‬وغريهم ممن حيل هلا التزوج به لو مل تكن متزوجة ‪،‬‬
‫وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو األخ بامرأة أخيه فشبهه باملوت ‪ ،‬وهو أوىل باملنع من‬
‫األجنىب" (‪. )3‬‬
‫ـ قلت ‪ :‬واملراد أن املوت أفضل للزوج والزوجة من الرضى بدخول أخ الزوج ىف غياب‬
‫الزوج ‪ ،‬أو ‪ :‬احذروا هذا األمر حذركم املوت ‪ ،‬أو أن هذا يؤدى إىل وقوع الفاحشة بني أخ‬

‫(‪ )1‬تحفة الودود (‪. )115‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فتح البارى (‪. )243\9‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪94‬‬

‫الزوج والزوجة مما يؤدى بدوره إىل وقوع حد الزنا للمحصنة وهو املوت ‪ ،‬أو ‪ :‬إن املوت‬
‫أفضل للحمو من الدخول على زوجة أخيه ىف غيابه ‪.‬‬
‫وهنا قد يقول قائل ‪ :‬ما هذا التعسف والتشكك ‪ ،‬وتقول بعض األمهات ‪" :‬أخ الزوج لو‬
‫وجد زوجة أخيه عارية لسرتها بثوبه" !! ‪ ،‬فلما هذا التعنت‪ 7‬والتشكك ‪ ،‬أنتم تفتحون الباب‬
‫هبذا هلذا ‪.‬‬
‫ـ نقول ‪ :‬هذا احلديث الشريف ليس من وضعنا وليس هو نتاج عقولنا وجتاربنا ‪ ،‬إمنا هو‬
‫حديث رسول اهلل ‪ ، ‬الذى ال ينطق عن اهلوى‪ 7‬إن هو إال وحى يوحى ‪ ،‬والذى‪ 7‬خلق اخللق‬
‫هو أعلم هبم وبنفوسهم وهو الذى حذرنا من دخول أقارب الزوج على الزوجة ىف غياب‬
‫الزوج ـ أأنتم أعلم أم اهلل ـ على لسان رسوله ‪ ، ‬فوجب على املؤمن أن يقول ‪ :‬مسعنا وأطعنا‬
‫‪ ،‬ال أن نقول كما قالت‪ 7‬اليهود إخوان القردة واخلنازير ‪ :‬مسعنا وعصينا ‪ ،‬هذا ووسائل‬
‫اإلعالم املقروءة خترج علينا ىف كل يوم بقصص قتل األخ ألخيه بعد اكتشاف عالقة األخ‬
‫بزوجة أخيه عالقة حمرمة ‪ ،‬وقصص عشق الصديق لزوجة صديقه والتأمر على قتله أصبحت‬
‫تفوق احلصر ‪.‬‬
‫ـ فاحلذر احلذر أختاه من دخول أقارب الزوج أو أصدقائه ىف غياب الزوج ‪ ،‬وهو حق من‬
‫حقوق الزوج على زوجته ‪.‬‬
‫ـ فماذا إذا وقع الخالق والشقاق بين الزوجين ‪ ،‬إلى من يحتكمون ‪ ،‬وقد جرت العادة‬
‫بقص بعض األزواج قصة خالفه مع زوجته إلى بعض أص ـ ــدقائه (المق ـ ــربين) وال ـ ــدعوة إلى‬
‫فض تلك المشاحنات بالحديث إلى الزوجة ونحو هذا ؟‬
‫ـ أقول ‪ :‬قد بني تعاىل الطريق الذى جيب أن نسلكه عند عند وقوع اخلالق والشقاق بني‬
‫ُوا‬
‫ْ‬ ‫َث‬‫بع‬‫َاْ‬ ‫َا ف‬‫ِم‬‫ِه‬‫ْن‬‫بي‬‫ََ‬ ‫َاق‬‫ِق‬‫ْش‬ ‫ُم‬ ‫ْت‬ ‫ن خِف‬ ‫ِْ‬ ‫الزوجني فقال تعاىل ‪( :‬و‬
‫َإ‬
‫ًا‬‫ْالَح‬
‫ِص‬‫دا إ‬‫ِيَ‬ ‫ير‬‫ِن ُ‬‫ها إ‬ ‫َِ‬‫هل‬‫َْ‬‫ْأ‬ ‫من‬‫ًا ِّ‬ ‫َم‬ ‫َك‬‫َح‬‫ِو‬
‫ِه‬‫هل‬‫َْ‬‫ْأ‬ ‫من‬ ‫ًا ِّ‬ ‫َم‬‫َك‬
‫ح‬
‫ًا) (النساء‬ ‫ِير‬ ‫َب‬‫ًا خ‬ ‫ِيم‬‫َل‬‫نع‬ ‫َاَ‬ ‫َك‬ ‫ن هّللا‬ ‫َا إ‬
‫َِّ‬ ‫هم‬ ‫ْن‬
‫َُ‬ ‫بي‬‫َُ‬ ‫ِ هّللا‬
‫ِّق‬
‫َف‬‫يو‬
‫ُ‬
‫‪. )34 :‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪95‬‬

‫ـ فعلى الزوج والزوجة إذا وقع اخلالف اللجوء إىل احلكمني ‪ ،‬حكماً من أهله وحكما من‬
‫أهلها ‪ ،‬وليس الصديق (املقرب) لتحكى له الزوجة مدى معاناهتا مع زوجها ‪ ،‬فريبت‪7‬‬
‫"الصديق" على كتف الزوجة ‪ ،‬وتضع هى رأسها على كتفيه تبكى من سوء معاملة زوجها ‪،‬‬
‫مث يأخذ هو دوره ىف الشكوى ! فيشكو إليها إمهال زوجته له ‪ ،‬وكم كان يتمىن أن يتزوج‬
‫امرأة ىف مثل مجاهلا وعقلها وووووو ‪ ،‬مث يقع ما هو معلوم للخاصة والعامة ‪ ،‬فاحلذر احلذر‬
‫أختاه ‪ ،‬واحلذر احلذر أيها الزوج من نبذ كتاب اهلل تعاىل وسنة رسوله ‪ ، ‬فكما تزوجت‬
‫على كتاب اهلل وعلى سنة رسوله ‪ ، ‬فلتكن حياتك كلها مرجعها إىل كتاب اهلل تعاىل‬
‫وإىل سنة رسوله ‪ ، ‬ىف احلب وعند وقوع الشقاق نعوذ باهلل تعاىل من النفاق والشقاق ‪.‬‬
‫ـ وهنا جيب أن ننبه إىل فصل النساء عن الرجال عند الزيارات العائلية وغريها ‪ :‬فكثرياً ما‬
‫جند الرجل يصطحب زوجته ىف زيارة إىل أحد أصدقائه للتعارف بني الزوجات ‪ ،‬فتجلس‬
‫النساء مع الرجال وتدور‪ 7‬العيون ‪ ،‬وينظر الرجل إىل زوجة صديقه وقد "يتحسر" البعض من‬
‫قلة مجال زوجته مثلما تتمتع به زوجة صديقه ‪ ،‬فيقع الكره والبغض‪ 7‬والكره منه لزوجته ‪ ،‬أو‬
‫تنظر هى إىل زوج صديقتها‪ 7‬وتتحسر على كيفية معاملة هذا الزوج احلنون لزوجته وكيف‬
‫يدللها ويتغزل جبماهلا وحسن معاملته لزوجته ‪ ،‬وكيف ال يقع هذا من زوجها…‪ .‬إىل غري‬
‫هذا مما هو معلوم للقريب والبعيد ‪.‬‬
‫ـ هذا إىل وقوع االختالط املنهى عنه بني الرجال والنساء (‪ ، )1‬وإثارة الغرية بني النساء‬
‫حينما ترى هذه أن تلك ترتدى أمجل الثياب ‪ ،‬وتضع ىف أذهنا القرط ‪ ،‬وىف يديها من الذهب‪7‬‬
‫ما يزن كذا ‪ ،‬وهذا زوجها األنيق احلنون اللبق املرح الذى‪ 7‬ال يأمر وال يعلو صوته ‪ ،‬خفيف‬
‫الظل املثقف ‪ ،‬وهذا …‪ ..‬زوجى…‪ .‬وهذه مالبسى ‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال أحد الحكماء ‪ :‬العفة حجاب يمزقه اإلختالط ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪96‬‬

‫حـق الـزوج علــى زوجتـه‬


‫ـ فما هو حق الزوج على زوجه ؟‬
‫ال‬ ‫ـ الجواب ‪ :‬البد للمرأة أن تعلم عظيم فضل وحق زوجها عليها ‪ ،‬قال تعاىل ‪ِّ :‬‬
‫(الر َج ُ‬
‫ض َومِبَا أَن َف ُقواْ ِم ْن أ َْم َواهِلِ ْم) (النساء ‪)34 :‬‬ ‫ض ُه ْم َعلَى َب ْع ٍ‬ ‫َّل اللّهُ َب ْع َ‬ ‫َق َّوامو َن علَى الن مِب‬
‫ِّساء َا فَض َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ت الْ َم ْرأَةَ‬ ‫وقال ‪ ‬ىف بيان حق الزوج على زوجه ‪" :‬لَو ُكْنت ِآمرا أَح ًدا أَ ْن يسج َد أِل ٍ‬
‫َحد أَل ََم ْر ُ‬
‫َْ ُ َ‬ ‫ْ ُ ً َ‬
‫أَ ْن تَ ْس ُج َد(‪ )1‬لَِز ْو ِج َها" (‪. )2‬‬
‫ي َح َّق َز ْو ِج َها َولَ ْو‬ ‫ٍ ِ ِِ‬
‫س حُمَ َّم ‪7‬د بيَده اَل ُت َؤ ِّدي الْ َم ْرأَةُ َح َّق َر ِّب َها َحىَّت ُت َؤ ِّد َ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫‪7‬‬
‫ي‬ ‫ـ وقال ‪" : ‬والَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬
‫ب مَلْ مَتَْن ْعهُ" (‪. )3‬‬‫َسأَهَلَا َن ْفس َها و ِهي َعلَى َقتَ ٍ‬
‫َ َ َ‬
‫ـ وعن حصني بن حمصن قال ‪ :‬حدثتىن عمىت قالت ‪ :‬أتيت رسول اهلل‪ ‬ىف بعض احلاجة‬
‫فقال ىل ‪ :‬أى هذه ! أذات بعل ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬كيف أنت له ؟ قالت‪ : 7‬ال آلوه (‪ )4‬إال‬
‫ما عجزت عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬فانظرى أين أنت منه فانه جنتك ونارك" (‪. )5‬‬
‫أباك ‪،‬‬‫ـ وجاء رجالً بابنته إىل النىب ‪ ‬فقال ‪" :‬هذه ابنىت أبت أن تزوج ‪ ،‬فقال ‪ :‬أطيعى ِ‬
‫ّ‬
‫أتدرين ما حق الزوج على زوجته ؟ لو كان بأنفه قرحة تسيل قيحاً وصديداً‪ 7‬حلسته ما أدت‬
‫حقه" (‪. )6‬‬
‫ـ وقال ‪" : ‬املرأة إذا صلت مخسها ‪ ،‬وصامت شهرها ‪ ،‬وأحصنت فرجها ‪ ،‬وأطاعت‬
‫زوجها ‪ ،‬فلتدخل من أى أبواب اجلنة شاءت" (‪. )7‬‬
‫ـ واملرأة راعية ىف بيت زوجها ‪ :‬روى البخارى‪ 7‬عن بن عمر ـ رضى اهلل عنهما ـ عن النىب ‪‬‬
‫اع يِف‬
‫الر ُج ُل َر ٍ‬‫ول َع ْن َر ِعيَّتِ ِه َو َّ‬
‫اع َو َم ْسئُ ٌ‬ ‫ول َع ْن َر ِعيَّتِ ِه اإْلِ َم ُام َر ٍ‬‫اع َو ُكلُّ ُك ْم َم ْسئُ ٌ‬ ‫قال ‪ُ " :‬كلُّ ُك ْم َر ٍ‬

‫(‪ )1‬تنبيه ‪ :‬ذهب البعض إلى أن المراد هنا هو السجود المجازى أو االنحناء ونحوه ‪ ،‬والحديث على ظاهره ‪ ،‬والمراد السجود المعروف ‪ ،‬وبيان هذا له موضع‬
‫آخر ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪ )570\1‬وأحمد (‪. )381\4‬‬
‫والقتب ‪ :‬أى الرحل ‪ ،‬وهو رحل صغير على قدر السنام ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أى ال اقصر فى طاعته وتلبية ما يطلبه ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى ‪.‬‬
‫(‪ )6‬حسن ‪ :‬أخرجه الدارقطنى (‪ )236\3‬والبيهقى‪. )291\8( S‬‬
‫(‪ )7‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو نعيم (‪. )308\6‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪97‬‬

‫ت َز ْو ِج َها َو َم ْسئُولَةٌ َع ْن َر ِعيَّتِ َها َواخْلَ ِاد ُم َر ٍ‬


‫اع‬ ‫اعيةٌ يِف بي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ول َع ْن َرعيَّته َوالْ َم ْرأَةُ َر َ َْ‬ ‫أ َْهلِ ِه َو ُه َو َم ْسئُ ٌ‬
‫يِف َم ِال َسيِّ ِد ِه َو َم ْسئُ ٌ‬
‫ول َع ْن َر ِعيَّتِ ِه" (‪. )1‬‬
‫صوا‪7‬‬ ‫وقال ‪ ‬مبيناً حق الزوج على زوجته ‪ ،‬وحق الزوجة على زوجها ‪" :‬أَاَل َو ْ‬
‫اسَت ْو ُ‬
‫اح َش ٍة‬ ‫ك إِاَّل أَ ْن يأْتِني بَِف ِ‬ ‫بِالنِّس ِاء خيرا فَِإمَّنَا ه َّن عوا ٌن(‪ِ )2‬عْن َد ُكم لَيس مَتْلِ ُكو َن ِمْنه َّن شيئا َغير ذَلِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ ًْ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ ًَْ‬
‫ض ْربًا َغْيَر ُمَبِّر ٍح فَِإ ْن أَطَ ْعنَ ُك ْم فَاَل َتْبغُوا‬ ‫مبِّين ٍة فَِإ ْن َفع ْلن فَاهجروه َّن يِف الْم ِ‬
‫وه َّن َ‬ ‫اض ِربُ ُ‬
‫ضاج ِع َو ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ُُ ُ‬ ‫َُ َ‬
‫َعلَْي ِه َّن َسبِياًل أَاَل إِ َّن لَ ُك ْم َعلَى نِ َسائِ ُك ْم َح ًّقا َولِنِ َسائِ ُك ْم َعلَْي ُك ْم َح ًّقا فَأ ََّما َح ُّق ُك ْم َعلَى نِ َسائِ ُك ْم‬
‫وطْئ َن ُف ُر َش ُك ْم َم ْن تَ ْكَر ُهو َن (‪َ )3‬واَل يَأْ َذ َّن يِف بُيُوتِ ُك ْم لِ َم ْن تَ ْكَر ُهو َن أَاَل َو َح ُّق ُه َّن َعلَْي ُك ْم أَ ْن‬‫فَاَل ي ِ‬
‫ُ‬
‫حُتْ ِسنُوا إِلَْي ِه َّن يِف كِ ْس َوهِتِ َّن َوطَ َع ِام ِه َّن" ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫ـ إن أول حقوق الزوج على زوجته أن تعينه على طاعة ربه ‪ ، ‬فتهيئ له اجلو املناسب للطاعة‬
‫‪ ،‬وال ترهقه بطلباهتا عامة ووقت عبادته خاصة ‪.‬‬
‫ـ أال يطأ فراش زوجها من يكره خبيانة وحنوها‪.‬‬
‫"واَل يَأْ َذ َّن يِف بُيُوتِ ُك ْم لِ َم ْن تَ ْكَر ُهو َن " ‪.‬‬ ‫ـ أال تأذن ىف بيته ملن يكره لقوله ‪َ : ‬‬
‫وعند مسلم ىف رواية أىب هريرة ‪" :‬وهو شاهد إال بإذنه" وهذا القيد خرج خمرج الغالب ‪،‬‬
‫وإال فغيبة الزوج ال تقتضى اإلباحة للمرأة بل يتأكد حينئذ عليها املنع لثبوت األحاديث‬
‫الواردة ىف النهى عن الدخول على املغيبات أى من غاب عنها زوجها ‪.‬‬
‫وقال النووى‪ 7‬ىف هذا احلديث إشارة إىل أنه ال يفتات على الزوج باإلذن ىف بيته إال بإذنه‬
‫وهو حممول على ما ال تعلم رضا الزوج به أما لو علمت رضا الزوج بذلك فال حرج عليها‬
‫كمن جرت عادته بإدخال الضيفان موضعاً معداً هلم سواء كان حاضراً أم غائباً فال يفتقر‬
‫إدخاهلم إىل إذن خاص لذلك وحاصله أنه ال بد من اعتبار إذنه تفصيالً أو إمجاالً ‪.‬‬
‫ـ قوله ‪" :‬إال بإذنه" أى الصريح وهل يقوم ما يقرتن به عالمة رضاه مقام التصريح بالرضا فيه‬
‫نظر ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪. )1996\5‬‬
‫(‪ )2‬عوان ‪ :‬أى أسيرات عندكم ‪ ،‬ومنه يؤخذ عدم قيام الزوجة بأى عمل إال بعد إذن سيدها (الزوج) فال تتصرف فى شئون حياتها إال من بعد إذنه ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فال تخنه ‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪98‬‬

‫ـ وعليه فال تُدخل من يبغض أو ال يرضى دخوله البيت‪ : 7‬سواء أكان األب أو األخ أو أى من‬
‫أقارهبا إذا مل يرضى زوجها هبذا‪. 7‬‬
‫ـ تنبيه ‪ :‬ولتكن إجابة الزوجة على من يطرق باهبا من خلف الباب ‪ ،‬وال تفتحه إال ملن تعرف‬
‫أنه ال حرج ىف رؤيتها أو دخول بيتها ومملكتها ‪ ،‬ال أن تفتح لكل زاعق وناعق ممن يطرق‬
‫باهبا ‪.‬‬
‫ـ ومن حقوق الزوج أيضاً ‪:‬‬
‫(وهَلُ َّن ِمثْ ُل‬
‫ـ خدمة املرأة زوجها ‪ :‬وهو واجب على الزوجة لقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫وف َولِ ِّلر َج ِال َعلَْي ِه َّن َد َر َجةٌ) (البقرة ‪ ، )228 :‬وقال ‪ ‬وقد‬ ‫الَّ ِذي علَي ِه َّن بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َْ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬أَ ْن تُطْع َم َها إِ َذا طَع ْم َ‬ ‫َح ِدنَا َعلَْي ِه ؟ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫‪:‬ما َح ُّق َز ْو َجة أ َ‬ ‫أحدهم َ‬ ‫سأله‬
‫ب الْ َو ْجهَ َواَل ُت َقبِّ ْح َواَل َت ْه ُج ْر‬ ‫ض ِر ِ‬
‫ت ‪َ ،‬واَل تَ ْ‬ ‫ت أَ ِو ا ْكتَ َسْب َ‬ ‫َوتَ ْك ُس َو َها إِذَا ا ْكتَ َسْي َ‪7‬‬
‫ت" (‪. )1‬‬ ‫إِاَّل يِف الْبي ِ‬
‫َْ‬
‫فبّني تعاىل أن للرجال على النساء كما للنساء على الرجال حق ‪ ،‬فكما أن على الزوج‬
‫العمل والكد وإطعام الزوجة واألوالد وهو فرض عليه الزم ‪ ،‬على الزوجة حقوق ‪ ،‬منها‬
‫خدمة الرجل ىف بيته وهو واجب كما تقدم ‪ ،‬وليس هو على االستحباب كما يقول البعض ‪،‬‬
‫كما أن خدمة املرأة أهل الزوج هو على االستحباب وليس على الوجوب كخدمتها زوجها ‪.‬‬
‫ويقول اإلمام ابن القيم‪" : 7‬قال ابن حبيب ىف "الواضحة" ‪ :‬حكم النىب ‪ ‬بني على بن أىب‬
‫طالب ‪ ‬وبني زوجته فاطمة ـ رضى اهلل عنها ـ حني اشتكيا إليه اخلدمة فحكم على فاطمة‬
‫باخلدمة الباطنة خدمة البيت‪ 7‬وحكم على على باخلدمة الظاهرة ‪ ،‬مث قال ابن حبيب ‪ :‬واخلدمة‬
‫الباطنة العجني والطبخ والفرش وكنس البيت‪ 7‬واستقاء املاء وعمل البيت‪ 7‬كله ‪.‬‬
‫الر َحى‬ ‫ت َما َت ْل َقى يِف يَ ِد َها ِم َن َّ‬‫"ش َك ْ‬
‫وىف الصحيحني أن فاطمة ـ رضى اهلل عنها ـ أهنا ‪َ :‬‬
‫ت النَّيِب ‪ ‬تَسأَلُه خ ِادما َفلَم جَتِ ْده فَ َذ َكرت َذلِ َ ِ ِ‬
‫ال فَ َجاءَنَا َوقَ ْد‬ ‫َخَبَرتْهُ قَ َ‬
‫ك ل َعائ َشةَ ‪َ ،‬فلَ َّما َجاءَ أ ْ‬ ‫فَأَتَ ِ َّ ْ ُ َ ً ْ ُ َ ْ‬
‫ص ْد ِري‬ ‫ِ‬ ‫ال م َكانَ ِ‬ ‫َ‬ ‫أَخ ْذنَا مض ِ‬
‫ت َب ْر َد قَ َد َمْيه َعلَى َ‬ ‫س َبْيَننَا َحىَّت َو َج ْد ُ‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وم‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫اج‬ ‫َ َ َ‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪99‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬أَاَل أ َُدلُّ ُك َما َعلَى َما ُه َو َخْيٌر لَ ُك َما م ْن َخادٍم إِ َذا أ ََو ْيتُ َما إِىَل فَراش ُك َما أ َْو أ َ‬
‫َخ ْذمُتَا‬ ‫‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ني َف َه َذا‪َ 7‬خْيٌر لَ ُك َما ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ِ‬
‫ني َوامْح َ َدا ثَاَل ثًا َوثَاَل ث َ‬
‫ني َو َسبِّ َحا ثَاَل ثًا َوثَاَل ث َ‬
‫ضاج َع ُك َما فَ َكِّبَرا ثَاَل ثًا َوثَاَل ث َ‬ ‫َ َ‬
‫َخ ِادٍم " (‪. )1‬‬
‫فاختلف الفقهاء‪ 7‬ىف ذلك فأوجب طائفة من السلف واخللف خدمتها له ىف مصاحل البيت‬
‫وقال أبو ثور عليها أن ختدم زوجها ىف كل شئ ‪.‬‬
‫ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها ىف شئ وممن ذهب إىل ذلك مالك والشافعى‪ 7‬وأبو‬
‫حنيفة وأهل الظاهر قالوا ألن عقد النكاح إمنا اقتضى اإلستمتاع ال اإلستخدام‪ 7‬وبذل املنافع‬
‫قالوا واألحاديث املذكورة إمنا تدل على التطوع ومكارم األخالق فأين الوجوب منها ‪.‬‬
‫واحتج من أوجب اخلدمة بأن هذا هو املعروف عند من خاطبهم اهلل‬
‫سبحانه بكالمه وأما ترفيه املرأة وخدمة الزوج وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله‬
‫ْل‬
‫ُ‬ ‫ِث‬ ‫َّ م‬ ‫هن‬ ‫ََلُ‬ ‫وفرشه وقيامه خبدمة البيت فمن املنكر واهلل تعاىل يقول ‪( :‬و‬
‫ال‬
‫(الر َج ُ‬
‫ُوفِ) (البقرة ‪ ، )228 :‬وقال تعاىل ‪ِّ :‬‬ ‫ْر‬ ‫َع‬ ‫ِالم‬‫َّ ب ْ‬ ‫ِن‬ ‫ْه‬ ‫لي‬ ‫ََ‬ ‫الذى ع‬
‫ِّساء) (النساء ‪ )34 :‬وإذا مل ختدمه املرأة بل يكون هو اخلادم‬ ‫َق َّو ُامو َن َعلَى الن َ‬
‫هلا فهى القوامة عليه ‪.‬‬
‫وأيضا فإن املهر ىف مقابلة البضع‪ 7‬وكل من الزوجني يقضى وطره من صاحبه فإمنا أوجب‬
‫اهلل سبحانه نفقتها وكسوهتا ومسكنها ىف مقابلة استمتاعه هبا وخدمتها وما جرت به عادة‬
‫األزواج‪. 7‬‬
‫وأيضاً فإن العقود‪ 7‬املطلقة إمنا تنزل على العرف والعرف خدمة املرأة وقيامها مبصاحل البيت‬
‫الداخلة وقوهلم‪ 7‬إن خدمة فاطمة وأمساء كانت تربعاً وإحساناً يرده أن فاطمة كانت تشتكى‬
‫ما تلقى من اخلدمة فلم يقل لعلى ال خدمة عليها وإمنا هى عليك وهو ‪ ‬ال حيأىب ىف احلكم‬
‫أحداً وملا رأى أمساء والعلف على رأسها والزبري معه مل يقل له ال خدمة عليها وأن هذا ظلم‬

‫(‪ )1‬متفق‪ S‬عليه ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪100‬‬

‫هلا بل أقره على استخدامها‪ 7‬وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأن منهن‬
‫الكارهة والراضية هذا أمر ال ريب فيه ‪.‬‬
‫وال يصح التفريق بني شريفة ودنيئة وفقرية وغنية فهذه أشرف نساء العاملني كانت ختدم‬
‫زوجها وجاءته ‪ ‬تشكو إليه اخلدمة فلم يشكها وقد مسى النىب‪ ‬ىف احلديث الصحيح املرأة‬
‫ِّس ِاء َخْيًرا فَِإمَّنَا ُه َّن َع َوا ٌن ِعْن َد ُك ْم" والعاىن األسري ومرتبة‬ ‫اسَتو ُ ِ‬
‫صوا‪ 7‬بالن َ‬ ‫عانية فقال ‪" :‬أَاَل َو ْ ْ‬
‫األسري خدمة من هو حتت يده وال ريب أن النكاح نوع من الرق كما قال بعض السلف‬
‫النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كرميته وال خيفى على املنصف الراجح من املذهبني‬
‫واألقوى‪ 7‬من الدليلني (‪. )1‬‬
‫ـ أال خترج من بيت زوجها إال بإذنه ‪ :‬لقوله ‪" : ‬وأال خترج من بيتها إال بإذنه" (‪ )2‬وقوله ‪: ‬‬
‫ِّس ِاء َخْيًرا فَِإمَّنَا ُه َّن َع َوا ٌن ِعْن َد ُك ْم" (‪ )3‬والعاىن هو األسري ‪ ،‬وال خيرج األسري‬ ‫اسَتو ُ ِ‬
‫صوا‪ 7‬بالن َ‬ ‫"أَاَل َو ْ ْ‬
‫من حتت يد سيده إال بإذنه ‪ ،‬وسواء أكان مدخول هبا أم الزالت تعيش ىف بيت أهلها ومل‬
‫يُدخل هبا بعد ‪.‬‬
‫ـ أال تضع المرأة ثيابها فى غير بيتها ‪:‬‬
‫ضع ثِيابها يِف َغ ِ بي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ولتحذر‪ 7‬املرأة من وضع ثياهبا ىف غري بيتها لقوله ‪ِ : ‬‬
‫ت‬ ‫رْي َْ‬ ‫"ما م ِن ْامَرأَة تَ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫السْتَر َبْيَن َها َو َبنْي َ َر ِّب َها" (‪. )4‬‬
‫ت ِّ‬ ‫َزو ِجها إِاَّل هتَ َك ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ـ أال تصوم وزوجها شاهد إال بإذنه ‪:‬‬
‫روى البخارى‪ 7‬عن أىب هريرة عن النىب ‪" : ‬اَل حَيِ ُّل لِْلمرأ َِة أَ ْن تَصوم وزوجها ش ِ‬
‫اه ٌد إِاَّل‬ ‫ُ َ ََْ َُ َ‬ ‫َْ‬
‫ت ِم ْن نَ َف َق ٍة َع ْن َغرْيِ أ َْم ِر ِه فَِإنَّهُ يُ َؤ َّدى إِلَْي ِه َشطُْرهُ" ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫بِِإ ْذنه َواَل تَأْذَ َن يِف َبْيته إِاَّل بِِإ ْذنه َو َما أَْن َف َق ْ‬
‫ـ قال احلافظ ‪ :‬قوله ‪ :‬إال بأذنه ‪ :‬يعىن ىف غري صيام أيام رمضان وكذا ىف غري رمضان من‬
‫الواجب إذا تضيق الوقت ‪ ،‬قال النووى ىف شرح املهذب وقال بعض أصحابنا يكره والصحيح‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )95\5‬بتصرف ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجة ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخارى (‪ )1993\5‬ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪101‬‬

‫األول قال فلو صامت بغري إذنه صح وأمثت الختالف اجلهة وأمر قبوله إىل اهلل قاله العمراىن ‪،‬‬
‫قال النووى ومقتضى املذهب عدم الثواب ويؤكد‪ 7‬التحرمي ثبوت اخلرب بلفظ النهى ووروده‬
‫بلفظ اخلرب ال مينع ذلك بل هو أبلغ ألنه يدل على تأكد األمر فيه فيكون تأكده حبمله على‬
‫التحرمي ‪.‬‬
‫قال النووى ىف "شرح مسلم" ‪ :‬وسبب هذا التحرمي أن للزوج حق االستمتاع هبا ىف كل‬
‫وقت وحقه واجب على الفور‪ 7‬فال يفوته بالتطوع وال واجب على الرتأخى وإمنا مل جيز هلا‬
‫الصوم بغري إذنه ‪ ،‬وإذا أراد االستمتاع هبا جاز ويفسد صومها ألن العادة أن املسلم يهاب‬
‫انتهاك الصوم‪ 7‬باإلفساد ‪ ،‬وال شك أن األوىل له خالف ذلك أن مل يثبت دليل كراهته ‪ ،‬نعم‬
‫لو كان مسافراً فمفهوم احلديث ىف تقييده بالشاهد يقتضى جواز التطوع هلا إذا كان زوجها‬
‫مسافراً فلو صامت وقدم‪ 7‬ىف أثناء الصيام فله إفساد صومها ذلك من غري كراهة وىف معىن‬
‫الغيبة أن يكون مريضاً حبيث ال يستطيع اجلماع ‪.‬‬
‫ومحل املهلب النهى املذكور على التنزيه فقال ‪ :‬هو من حسن املعاشرة وهلا أن تفعل من‬
‫غري الفرائض‪ 7‬بغري إذنه ما ال يضره وال مينعه من واجباته وليس له أن يبطل شيئا من طاعة اهلل‬
‫إذا دخلت فيه بغري إذنه ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫وهو خالف الظاهر وىف احلديث أن حق الزوج آكد على املرأة من التطوع باخلري ألن حقه‬
‫واجب والقيام‪ 7‬بالواجب مقدم على القيام بالتطوع" (‪. )1‬‬
‫ـ كما أن من حق الزوج على زوجه أال تنفق من بيته شيئاً إال بإذنه ‪:‬‬
‫ول اللَّ ِه َواَل‬ ‫ِ ِ ِ ِاَّل ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال ‪" : ‬اَل ُتْنف ُق ْامَرأَةٌ َشْيئًا م ْن َبْيت َز ْوج َها إ بإ ْذن َز ْوج َها ق َ‬
‫يل يَا َر ُس َ‬
‫ض ُل أ َْم َوالِنَا" (‪. )2‬‬ ‫الطَّ َع ُام قَ َ‬
‫ال َذ َاك أَفْ َ‬
‫قال اإلمام البغوى ‪ :‬أمجع العلماء على أن املرأة ال جيوز هلا أن خترج شيئاً من بيت زوجها‬
‫إال بإذنه فإن فعلت فهى مأزورة غري مأجورة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر فتح البارى (‪. )295\9‬‬


‫(‪ )2‬حسن ‪ :‬أخرجه الترمذى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪102‬‬

‫ت َز ْو ِج َها‬ ‫ت الْمرأَةُ ِمن بي ِ‬


‫ص َّدقَ ‪َْ ْ ْ َ 7‬‬
‫ـ وإذا وافق الزوج كان هلا وله األجر ‪ :‬فقال ‪" : ‬إِ َذا تَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َكا َن هَل ا بِِه أَجر ولِ َّلزو ِج ِمثْل َذلِ ِ‬
‫َجرِ‬
‫ص ُك ُّل َواحد مْن ُه ْم م ْن أ ْ‬ ‫ك َول ْل َخا ِز ِن ِمثْ ُل َذل َ‬
‫ك َواَل َيْن ُق ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ٌْ َ ْ‬
‫احبِ ِه َشيئًا لَه مِب‬
‫صِ‬
‫ب َوهَلَا مِب َا أَْن َف َق ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ت " ‪ ،‬وهذا بعلم املرأة من أمر زوجها من حب‬ ‫س‬
‫َ َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اإلنفاق والتصدق ‪ ،‬هو باإلذن العام منه ىف اإلنفاق ‪ ،‬أو أن يكون هلا مال خاص هبا من ٍ‬
‫إرث‬
‫وحنوه ‪ ،‬أو أن يكون هلا مال خاص من زوجها خاص هبا ‪.‬‬
‫ـ أال تطلب الطالق ‪ :‬وهذه عادة جترى على ألسنة الكثري من نساء املسلمني ‪ ،‬فتجد‬
‫إحداهن إذا طلبت من زوجها أمراً ما ومل يلبه هلا يفاجأ الزوج بزوجه تطلب الطالق ! من‬
‫غري ما بأس وال عنت منه وال شدة ‪ ،‬مث إذا لىب الزوج طلب زوجته فطلقها ! جلست تندب‬
‫ت َز ْو َج َها طَاَل قًا ِم ْن َغرْيِ بَأْ ٍس فَ َحَر ٌام َعلَْي َها‬ ‫ٍ‬
‫حظها وسوء حاهلا ‪ ،‬قال ‪" : ‬أَمُّيَا ْامَرأَة َسأَلَ ْ‬
‫َرائِ َحةُ اجْلَن َِّة" (‪. )2‬‬
‫ـ أن تصبر على فقر الزوج ‪ :‬وهلا ىف أزواج رسو ل اهلل‪ ‬األسوة احلسنة ‪ ،‬فعن عائشة ـ‬
‫رضى اهلل عنها ـ أهنا قالت‪ 7‬لعروة ‪" :‬إِ ْن ُكنَّا لََنْنظُُر إِىَل اهْلِاَل ِل مُثَّ اهْلِاَل ِل ثَاَل ثَةَ أ َِهلَّ ٍة يِف َش ْهَريْ ِن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َس َو َد ِان الت َّْم ُر‬ ‫ِ‬
‫يش ُك ْم قَالَت اأْل ْ‬ ‫ت يَا َخالَةُ َما َكا َن يُعِ ُ‬ ‫ات رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه ‪ ‬نَ ٌار َف ُق ْل ُ‬ ‫ت يِف أ َْبيَ َ ُ‬ ‫َو َما أُوق َد ْ‬
‫ت هَلُ ْم َمنَائِ ُح(‪َ )3‬و َكانُوا مَيْنَ ُحو َن‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫صا ِر َكانَ ْ‬ ‫َوالْ َماءُ إِاَّل أَنَّهُ قَ ْد َكا َن لَر ُسول اللَّه ‪ ‬ج َريا ٌن م َن اأْل َنْ َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ِ ‬م ْن أَلْبَاهِنِ ْ‪7‬م َفيَ ْس ِقينَا" (‪. )4‬‬ ‫َر ُس َ‬
‫صلَّى اللَّهم َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َرأَى َر ِغي ًفا ُمَر َّق ًقا َحىَّت حَلِ َق بِاللَّ ِه‬ ‫ـ وعن أنس‪ ‬قال ‪" :‬فَ َما أ َْعلَ ُم(‪)5‬النَّيِب َّ َ‬
‫ط" ‪.‬‬ ‫َواَل َرأَى َشا ًة مَسِ يطًا بِ َعْينِ ِه قَ ُّ‬
‫(‪)6‬‬
‫ط إِ ِن ا ْشَت َهاهُ أَ َكلَهُ َوإِ ْن َك ِر َههُ َتَر َكهُ"‬ ‫اب النَّيِب ُّ ‪ ‬طَ َع ًاما قَ ُّ‬ ‫"ما َع َ‬ ‫ـ وعن أىب هريرة ‪ ‬قال ‪َ :‬‬
‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى ‪.‬‬


‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬جمع نائح ‪ ،‬وهى الشاة ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخارى ‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪103‬‬

‫ـ أال تؤذى زوجها لفظاً أو عمالً ‪ ،‬فال تسفه له رأياً ‪ ،‬وال تنتقص له عمالً ‪ ،‬قال رسول‬
‫اهلل ‪ ": ‬ال تؤذى امرأة زوجها ىف الدنيا إال قالت‪ 7‬زوجته من احلور العني ‪ :‬ال تؤذيه ‪ ،‬قاتلك‬
‫اهلل ‪ ،‬فإمنا هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا"(‪. )1‬‬
‫ـ أال تهجر فراشه ‪:‬‬
‫ِ ِِ‬
‫ت‬ ‫الر ُج ُل ْامَرأَتَهُ إِىَل فَراشه فَأَبَ ْ‬ ‫روى البخارى‪ 7‬عن أىب هريرة ‪ ‬عن النىب ‪ ‬قال ‪" :‬إِذَا َد َعا َّ‬
‫صبِ َح " (‪. )2‬‬ ‫ِ‬
‫ضبَا َن َعلَْي َها لَ َعنَْت َها الْ َماَل ئ َكةُ َحىَّت تُ ْ‬‫ات َغ ْ‬ ‫َفبَ َ‬
‫الر ُج ُل ْامَرأَتَهُ إِىَل فَِر ِاش ِه" ‪ :‬قال بن أىب مجرة ‪ :‬الظاهر أن الفراش‪ 7‬كناية عن‬ ‫ـ قوله ‪" :‬إِ َذا َد َعا َّ‬
‫اش" (‪ )3‬أى ملن يطأ ىف الفراش والكناية عن األشياء الىت‬ ‫اجلماع ويقويه قوله ‪" :‬الْ َولَ ُ‪7‬د لِْل ِفَر ِ‬
‫يستحى منها كثرية ىف القرآن والسنة ‪ ،‬قال وظاهر احلديث اختصاص اللعن مبا إذا وقع منها‬
‫صبِ َح" وكأن السر تأكد ذلك الشأن ىف الليل وقوة الباعث عليه وال‬ ‫"حىَّت تُ ْ‬‫ذلك ليالً لقوله ‪َ :‬‬
‫يلزم من ذلك أنه جيوز هلا االمتناع ىف النهار وإمنا خص الليل بالذكر ألنه املظنة لذلك ‪ ،‬ا هـ ‪.‬‬
‫"والَّ ِذي‪َ 7‬ن ْف ِسي بِيَ ِد ِه‬ ‫َ‬ ‫ـ وقد وقع ىف رواية يزيد بن كيسان عن أىب حازم عند مسلم بلفظ ‪:‬‬
‫السم ِ‪7‬اء س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اخطًا َعلَْي َها َحىَّت‬ ‫َما م ْن َر ُج ٍل يَ ْدعُو ْامَرأَتَهُ إىَل فَراش َها َفتَأْىَب َعلَْيه إاَّل َكا َن الَّذي‪ 7‬يِف َّ َ َ‬
‫ضى َعْن َها" (‪ )4‬فهذه اإلطالقات تتناول الليل والنهار (‪. )5‬‬ ‫َيْر َ‬
‫ي َح َّق َز ْو ِج َها َولَ ْو‬ ‫ٍ ِ ِِ‬
‫س حُمَ َّم ‪7‬د بيَده (اَل‪ُ )6‬ت َؤ ِّدي الْ َم ْرأَةُ َح َّق َر ِّب َها َحىَّت ُت َؤ ِّد َ‬
‫وقال ‪ِ َّ : ‬‬
‫"والذي‪َ 7‬ن ْف ُ‬ ‫َِ‬
‫ٍ‬
‫َسأَهَلَا نَ ْف َس َها َوه َي َعلَى َقتَب مَلْ مَتَْن ْعهُ" ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ات ابْ ٌن‬ ‫"م َ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫‪‬‬ ‫أنس‬ ‫فعن‬ ‫ـ وتأمل فعل أم طلحة ـ رضى اهلل عنها ـ وقد مات ولدها‬
‫ِ ِِ‬ ‫أِل َيِب طَْلحةَ ِمن أ ُِّم سلَي ٍم َف َقالَ أِل ِ‬
‫ال‬
‫ُح ِّدثُهُ قَ َ‬‫ت َْهل َها اَل حُتَ ِّدثُوا أَبَا طَْل َحةَ بابْنه َحىَّت أَ ُكو َن أَنَا أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُْ‬
‫ِ‬
‫ت إِلَْيه َع َشاءً فَأَ َك َل َو َش ِر َ‬
‫(‪)2‬‬
‫َّع َقْب َل‬
‫َُ‬‫ن‬ ‫ص‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ََ َ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫َح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫َّع‬
‫ن‬
‫ََ‬ ‫ص‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫َّ‬‫مُث‬ ‫ال‬
‫ب ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫فَ َجاءَ َف َقَّربَ ْ‬
‫َن َق ْو ًما‬‫ت لَ ْو أ َّ‬ ‫ك َفوقَع هِب ا َفلَ َّما رأَت أَنَّه قَ ْد َشبِع وأَص ِ‬ ‫ِ‬
‫ت يَا أَبَا طَْل َحةَ أ ََرأَيْ َ‬ ‫اب مْن َها قَالَ ْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َذل َ َ َ َ‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أمحد والرتمذى ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )1993\5‬ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر فتح البارى (‪. )194\9‬‬
‫(‪ )6‬صحيح ‪ :‬أخرجه البزار وغيره ‪.‬‬
‫(‪ )1‬مات ولدها ! وليس غضبا ً من أجل جلباب أو طعام فتهجر فراشه وتوليه قفاها ‪ ،‬وتتحول حياة الزوج إلى عذاب دائم حتى يُقلع ويعود إليه عقله فيلبى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى ‪ :‬أنس ‪. ‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪104‬‬

‫ال‬ ‫ك قَ َ‬ ‫ب ْابنَ َ‬ ‫احتَ ِس ِ‬


‫ت فَ ْ‬ ‫ال اَل قَالَ ْ‬‫وه ْم قَ َ‬ ‫ٍ‬
‫َع ُاروا َعا ِر َيَت ُه ْم أ َْه َل َبْيت فَطَلَبُوا َعا ِر َيَت ُه ْم أَهَلُ ْم أَ ْن مَيَْنعُ ُ‬ ‫أَ‬
‫َخَبَرهُ مِب َا‬ ‫ال َتر ْكتِيِن حىَّت َتلَطَّخت مُثَّ أَخبرتِيِن بِابيِن فَانْطَلَق حىَّت أَتَى رس َ ِ‬ ‫َفغَ ِ‬
‫ول اللَّه ‪ ‬فَأ ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬‫و‬‫َ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ض‬
‫ول اللَّ ِه ‪‬‬ ‫ال فَ َكا َن َر ُس ُ‬ ‫ت قَ َ‬ ‫ال فَ َح َملَ ْ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬بَ َار َك اللَّهُ لَ ُك َما يِف َغابِ ِر لَْيلَتِ ُك َما قَ َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫َكا َن َف َق َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬إِذَا أَتَى الْ َم ِدينَةَ ِم ْن َس َف ٍر اَل يَطُْر ُق َها طُُروقًا فَ َدنَ ْوا‪ِ 7‬م َن‬ ‫يِف َس َف ٍر َو ِه َي َم َعهُ َو َكا َن َر ُس ُ‬
‫ول أَبُو طَْل َحةَ‬ ‫ال َي ُق ُ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬قَ َ‬ ‫س َعلَْي َها أَبُو طَْل َحةَ َوانْطَلَ َق َر ُس ُ‬ ‫اض فَ ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫احتُب َ‬ ‫ضَر َب َها الْ َم َخ ُ‪7‬‬ ‫الْ َمدينَة فَ َ‬
‫ك إِ َذا َخَر َج َوأ َْد ُخ َل َم َعهُ إِ َذا َد َخ َل َوقَ ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخ ُر َج َم َع َر ُسول َ‬ ‫ب إِنَّهُ يُ ْعجبُيِن أَ ْن أ ْ‬ ‫ك لََت ْعلَ ُم يَا َر ِّ‬‫إِنَّ َ‬
‫ت أ َِج ُد انْطَلِ ْق فَانْطَلَ ْقنَا قَ َ‬
‫ال‬ ‫ِ ِ‬
‫ول أ ُُّم ُسلَْي ٍم يَا أَبَا طَْل َحةَ َما أَج ُد الَّذي ُكْن ُ‬ ‫ال َت ُق ُ‬ ‫ت مِب َا َتَرى قَ َ‬ ‫احتَبَ ْس ُ‬ ‫ْ‬
‫َح ٌد َحىَّت َت ْغ ُد َو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت يِل‬ ‫وضربها الْمخاض ِحني قَ ِ‬
‫س اَل يُْرضعُهُ أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫َ‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُم‬
‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫ً‬ ‫اَل‬‫غ‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َ ََ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ص َاد ْفتُهُ َو َم َعهُ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬قَ َ‬
‫ال فَ َ‬
‫ت بِِه إِىَل رس ِ‬
‫َُ‬ ‫احتَ َم ْلتُهُ فَانْطَلَ ْق ُ‬‫َصبَ َح ْ‬
‫ِ ِ‬
‫بِه َعلَى َر ُسول اللَّه ‪َ ‬فلَ َّما أ ْ‬
‫ِ‬
‫ال و ِجْئ ِ‬ ‫ت ُق ْلت َنعم َفو َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْعتُهُ يِف‬‫ت بِه َف َو َ‬ ‫يس َ‪7‬م قَ َ َ ُ‬ ‫ض َ‪7‬ع الْم َ‬
‫ٍ‬
‫ال لَ َع َّل أ َُّم ُسلَْيم َولَ َد ْ ُ َ ْ َ‬ ‫يس ٌم َفلَ َّما َرآيِن قَ َ‬ ‫م َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫حج ِر ِه ودعا رس ُ ِ‬
‫ت مُثَّ قَ َذ َف َها‪ 7‬يِف يِف‬ ‫ول اللَّه ‪ ‬بِ َع ْج َوة م ْن َع ْج َوة الْ َمدينَة فَاَل َك َها يِف فيه َحىَّت َذابَ ْ‬ ‫َ ْ َََ َ ُ‬
‫صا ِر الت َّْمَر قَ َ‬
‫ال‬ ‫ب اأْل َنْ َ‬‫ول اللَّ ِه ‪ : ‬انْظُُروا إِىَل ُح ِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال َف َق َ‬ ‫الصيِب ُّ َيَتلَ َّمظُ َها قَ َ‬
‫الصيِب ِّ فَ َج َع َل َّ‬‫َّ‬
‫فَ َم َس َح َو ْج َههُ َومَسَّاهُ َعْب َد اللَّ ِه" (‪. )3‬‬

‫(‪ )3‬أخرجه مسلم وغيره ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪105‬‬

‫حــق الزوج ــة‬


‫ـ إذن فما هى حقوق الزوجة ؟‬
‫ين َآمنُوا قُوا أَن ُف َس ُك ْم َوأ َْهلِي ُك ْم نَ ًارا‬ ‫َّ ِ‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قال تعاىل ‪( :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫صو َن اللَّهَ َما أ ََمَر ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس َواحْل َج َارةُ َعلَْي َها َماَل ئ َكةٌ غاَل ٌظ ش َد ٌاد اَل َي ْع ُ‬ ‫ود َها الن ُ‬
‫َوقُ ُ‬
‫ك بِالصَّاَل ِة‬ ‫(وأْ ُم ْر أ َْهلَ َ‬
‫َو َي ْف َعلُو َن َما يُ ْؤ َم ُرو َن) (التحرمي ‪ ، )6 :‬وقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫اصطَرِب ْ َعلَْي َها) (طه ‪. )132 :‬‬ ‫َو ْ‬
‫إن أول وأوىل حقوق الزوجة بالوفاء هى تعليمها فرائض رهبا (‪ ، )1‬وبيان حق رهبا عليها ‪،‬‬
‫فإن هى عرفت حق اهلل تعاىل عرفت حق زوجها عليها ‪ ،‬وأول احلقوق بالوفاء لرهبا "الصالة"‬
‫‪ ،‬وهذا يعىن بدوره أنه البد أن يكون الزوج مصلياً ‪ ،‬وأن يأمر أهله بالصالة ‪ ،‬وهو مع أمره‬
‫هلم بالصالة دعوة إىل الصرب عليهن واالصطبار ‪ ،‬فال يدعو بغلظة أو شدة ‪ ،‬بل حيبب إليها‬
‫الصالة ‪ ،‬ويُعلَّمها ويُعلمها أنه كما حيبها يريد أن حيبها اهلل تعاىل ـ وهلل املثل األعلى ـ وأنه كما‬
‫يريدها زوجة له ىف الدنيا‪ 7‬يريدها زوجة له ىف جنة اهلل تعاىل ىف اآلخرة ‪ ،‬فال حيبها دنيا‬
‫ويهملها وجيحفها حقها آخرة ! ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يقول ‪ِ : ‬‬
‫ض َح يِف‬ ‫ت نَ َ‬ ‫ت فَِإ ْن أَبَ ْ‬‫صلَّ ْ‬ ‫صلَّى مُثَّ أ َْي َق َ‬
‫ظ ْامَرأَتَهُ فَ َ‬ ‫"رح َم اللَّهُ َر ُجاًل قَ َام م َن اللَّْي ِل فَ َ‬
‫َ‬
‫وج ِهها الْماء ور ِحم اللَّه امرأًَة قَام ِ‬
‫صلَّى فَِإ ْن أَىَب‬ ‫ت َز ْو َج َها فَ َ‬ ‫ت مُثَّ أ َْي َقظَ ْ‬‫صلَّ ْ‬
‫ت م َن اللَّْي ِل فَ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َْ َ ْ‬
‫ت يِف َو ْج ِه ِه الْ َماءَ" (‪. )2‬‬
‫ض َح ْ‬
‫نَ َ‬

‫ـ هل هذا يعنى أن الزوجة التى ال تصلى يفرق بينها وبين زوجها ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬ذهب كثري من أهل العلم إىل تكفري تارك الصالة كفراً أكرب أى خيرج من امللة ‪،‬‬
‫فرق بينه وبني زوجته ‪ ،‬فال‬
‫وعليه رتبوا األحكام ‪ ،‬فقالوا‪ : 7‬إذا كان متزوجاً ـ وال يصلى ـ يُ َّ‬
‫حيق للمرأة املسلمة املصلية أن تعاشر الكافر تارك الصالة ـ والعكس ـ وقالوا ‪ :‬تارك الصالة ـ‬
‫إذا مات ـ ال يُغسل وال يكفن وال يصلى عليه وال يدفن ىف مقابر املسلمني ‪ ،‬وال والية لتارك‬
‫(‪ )1‬وقد تيسرت والحمد هلل تعالى وسائل تعليم المرأة أمر دينها عن طريق "شرائط الكاسيت" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد وأبو داود والنسائى وغيرهما ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪106‬‬

‫الصالة على ابنته املصلية عند الزواج ‪ ،‬إىل غري ذلك من أحكام تارك الصالة ‪ ،‬فاألمر جد‬
‫عظيم ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال يعلمون ‪ ،‬واألوىل بالفتاة إذا تقدم إليها اخلاطب أن تسأله أول ما‬
‫تسأله عن صالته وعن صلته بربه كما تقدم بيانه ‪.‬‬
‫ـ وماذا أيضاً من حق الزوجة على زوجها ؟‬
‫وف َولِ ِّلر َج ِال َعلَْي ِه َّن‬ ‫ـ الجواب ‪ :‬قال تعاىل ‪( :‬وهَل َّن ِمثْل الذى‪ 7‬علَي ِه َّن بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫يم) (البقرة ‪. )228 :‬‬ ‫َد َر َجةٌ َواللّهُ َع ِز ٌيز َح ُك ٌ‬
‫فبني تعاىل أن للنساء على الرجال حق كما للرجال على النساء ‪ ،‬قال‪ ‬وقد سأله أحدهم‬
‫ت َوتَ ْك ُس َو َها إِذَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬أَ ْن تُطْع َم َها إِذَا طَع ْم َ‬ ‫َح ِدنَا َعلَْي ِه ؟ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫‪ :‬يا رسول اهلل ‪َ :‬ما َح ُّق َز ْو َجة أ َ‬
‫ب الْوجه واَل ُت َقبِّح واَل َتهجر إِاَّل يِف الْبي ِ‬ ‫ت ‪ ،‬واَل تَ ْ ِ‬
‫ت" (‪ ، )1‬فيطعمها‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ ْ ُْ‬ ‫ض ِر َ ْ َ َ‬ ‫ت أَ ِو ا ْكتَ َسْب َ‪َ 7‬‬ ‫ا ْكتَ َسْي َ‬
‫مما يطعم ـ وترضى هى مبا قسمه اهلل تعاىل هلما من رزق ـ ويكسوها إذا اكتسى ‪ ،‬وال يضرب‬
‫الوجه وال يقبح فعلها أو قوهلا ‪ ،‬فيسفه رأيها وعملها ‪ ،‬وال يهجر إال ىف البيت‪. 7‬‬
‫ني الرَّمْح َ ِن َعَّز َو َج َّل َوكِ ْلتَا‬‫ني ِعْن َد اللَّ ِه َعلَى َمنَابِر ِم ْن نُو ٍر َع ْن مَيِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ـ وقال ‪" : ‬إِ َّن الْم ْق ِس ِ‬
‫ط‬ ‫ُ‬
‫ين َي ْع ِدلُو َن يِف ُح ْك ِم ِه ْم َوأ َْهلِي ِه ْم َو َما َولُوا" ‪ ،‬فالعدل مطلوب أخى املسلم ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫ي َدي ِه مَيِ َّ ِ‬
‫ني الذ َ‬ ‫َْ ٌ‬
‫وكما حتب أن تعاملك زوجتك عاملها ‪ ،‬فال تطلب حقك وتأىب أن تعطيها حقها ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وروى البخارى عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص‪ 7‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل‪" : ‬يَا َعْب َداللَّه أَمَلْ‬
‫ِ‬
‫ص ْم َوأَفْطْر َوقُ ْم َومَنْ‬ ‫ول اللَّ ِه قَ َ‬
‫ال فَاَل َت ْف َع ْل ُ‬ ‫ت َبلَى يَا َر ُس َ‬ ‫وم اللَّْي َل ُق ْل ُ‬
‫َّه َ‪7‬ار َوَت ُق ُ‬
‫وم الن َ‬
‫ص ُ‬ ‫ك تَ ُ‬‫ُخَب ْر أَنَّ َ‬
‫أْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َح ًّقا" (‪. )1‬‬ ‫ك َعلَْي َ‬ ‫ك َح ًّقا َوإِ َّن لَز ْوج َ‬ ‫ك َعلَْي َ‬ ‫ك َح ًّقا َوإِ َّن ل َعْينِ َ‬ ‫فَِإ َّن جِلَ َسد َك َعلَْي َ‬
‫ـ قال احلافظ ىف الفتح ‪ :‬ال ينبغى له أن جيهد بنفسه ىف العبادة حىت يضعف عن القيام حبقها‬
‫من مجاع واكتساب واختلف العلماء فيمن كف عن مجاع زوجته فقال مالك أن كان بغري‬
‫ضرورة ألزم به أو يفرق بينهما وحنوه عن أمحد واملشهور‪ 7‬عند الشافعية أنه ال جيب عليه وقيل‬
‫جيب مرة وعن بعض السلف ىف كل أربع ليلة وعن بعضهم ىف كل طهر مرة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1995\5‬ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪107‬‬

‫ض ُه ْم‬‫َّل اللّهُ َب ْع َ‬ ‫ال َق َّوامو َن علَى الن مِب‬ ‫ـ أال يهجر إال فى البيت ‪ :‬لقوله تعاىل ‪ِّ :‬‬
‫ِّساء َا فَض َ‬ ‫َ‬ ‫(الر َج ُ ُ َ‬
‫ظ اللّهُ والالَّيِت‬ ‫ب مِب ا ح ِ‬ ‫ات لِّْلغَْي ِ‬ ‫الصاحِل ات قَانِتات حافِ‬ ‫ض ومِب ا أَن َف ُقواْ ِمن أَمواهِلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ َْ ْ‬ ‫َعلَى َب ْع ٍ َ َ‬
‫وه َّن فَِإ ْن أَطَ ْعنَ ُك ْم فَالَ َتْبغُواْ َعلَْي ِه َّن‬ ‫خَت افُو َن نُشوزه َّن فَعِظُوه َّن واهجروه َّن ىف الْم ِ‬
‫اض ِربُ ُ‬
‫ضاج ِ‪7‬ع َو ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ْ ُُ ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬
‫ت" (‪ ، )2‬ال‬ ‫سبِيالً إِ َّن اللّه َكا َن علِيًّا َكبِريا) (النساء ‪ )34 :‬وقوله ‪" : ‬واَل َتهجر إِاَّل يِف الْبي ِ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ ُْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كما يفعل البعض بأن يهجر الفراش‪ 7‬والبيت فرتى البعض خيرج للسهر والسمر مع األصدقاء‬
‫تاركاً خلفه زوجته كما مهمالً ‪ ،‬فيخرج ليمرح ويفرح حىت إذا عاد إىل بيته عاد بالوجه‬
‫العابس ‪ ،‬ومنهم من يهجر البيت‪ 7‬إىل بيت أهله !!!! ‪.‬‬
‫فالسنة أن الرجل إذا أراد اهلجر هجر فراشه أو غرفته إىل غرفة أخرى أو مكان آخر ىف‬
‫البيت ‪ ،‬ال اهلجر بالكلية ‪.‬‬
‫ـ مساعدة الرجل زوجته فى شئون البيت ‪ :‬وهو على االستحباب ‪:‬‬
‫عن عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ قالت ‪" :‬كان رسول اهلل ‪ ‬إذا دخل البيت كأحدكم خييط‬
‫ثوبه و يعمل كأحدكم" (‪ ، )1‬وىف رواية ‪َ " :‬كا َن يَ ُكو ُن يِف ِم ْهنَ ِة أ َْهلِ ِه َت ْعيِن ِخ ْد َمةَ أ َْهلِ ِه فَِإذَا‬
‫ِ‬ ‫ِ (‪)2‬‬ ‫حضر ِ‬
‫ف َن ْعلَهُ َويَُرقِّ ُع‬ ‫َح ُد ُك ْ‪7‬م خَي ْص ُ‬ ‫أ‬ ‫ع‬
‫َ َْ ُ َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫رواية‬ ‫وىف‬ ‫ت الصَّاَل ةُ َخَر َج إِىَل الصَّاَل ة"‬ ‫َ ََ‬
‫ب َشاتَهُ َوخَي ْ ُد ُم‪َ 7‬ن ْف َسهُ" (‪. )4‬‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫حَي‬‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ثَوبه" (‪ ،)3‬وىف رواية‪َ ":‬كا َن بشرا ِمن الْبش ِر ي ْفلِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ًَ َ َ َ َ‬ ‫ْ َُ‬
‫فال ح‪77 7 7‬رج على ال‪77 7 7‬زوج أن يس‪77 7 7‬اعد أهله ىف بعض ش‪77 7 7‬ؤون ال‪77 7 7‬بيت ‪ ،‬فيُعد لنفسه الطع‪77 7 7‬ام أو‬
‫الش‪77‬راب ـ س‪77‬واء ك‪77‬انت الزوجة تش‪77‬عر ب‪77‬التعب أو املرض أم ال ـ ف‪77‬إن ه‪77‬ذا العمل منه يُ‪77‬دخل على‬
‫نفس‪77 7 7‬ها الس‪77 7 7‬رور وتش‪77 7 7‬عر حبب زوجها هلا واهتمامه هبا واحلرص على راحتها وس‪77 7 7‬عادهتا ‪ ،‬وال‬
‫ينتقص ه ‪77‬ذا الفعل من "رجولة الرج ‪77‬ل" بل يزيد من حمبة زوجته هلا ‪ ،‬وس ‪77‬ريى منها ج ‪77‬زاء ه ‪77‬ذا‬
‫أض‪77‬عاف وأض‪77‬عاف ‪ ،‬ف‪77‬املرأة "ب‪77‬ئر" من احلن‪77‬ان والعطف واحلس‪77‬اس املرهف اجلميل ‪ ،‬فقط عليك‬
‫أن تغرتف الغرفة األول منه وسينبع هذا البئر ويروي لك حياتك بكل عاطفة جياشة تتمناها ‪.‬‬

‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود ‪.‬‬


‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ 461\10‬ـ فتح) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬السابق ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أحمد ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪108‬‬

‫ََ‬
‫لى‬ ‫نع‬
‫موَ‬
‫َّاُ‬
‫َو‬ ‫لق‬
‫َاُ‬ ‫ـ صبر الرجل وحلمه على زوجته ‪ :‬وملا قال تعاىل ‪( :‬الر‬
‫ِّج‬
‫ِّسَاء) (النساء ‪ )34 :‬دخل ىف قوامة الرجل أنه األكثر صرباً‪7‬‬ ‫الن‬
‫واحتماالً وتؤدة وغري ذلك ‪ ،‬فعلى الرجل أن يكون أكثر صرباً‪ 7‬واحتماالً من املرأة ‪ ،‬وتأمل‬
‫كيف كان كانت بعض أزواج النىب ‪ ‬يهجرنه إىل الليل ‪ ،‬وحتدث أم املؤمنني عائشة ـ رضى‬
‫اهلل عنها ـ وعن أبيها وكان بينهما أبو بكر ‪ ‬ـ وكان قد دعاه ليحكم بينهما ـ فقال النىب‪: ‬‬
‫تكلمي أو أتكلم ؟ فقالت‪ : 7‬تكلم أنت ‪ ،‬وال تقل إال حقاً ! فلطمها أبو بكر حىت أدمى فاها‬
‫وقال ‪َ :‬أو يقول غري احلق يا عدوة نفسها ! فاستجارت برسول اهلل‪ ‬وقعدت خلف ظهره !‬
‫فقال النىب‪ : ‬إنّا مل ندعك هلذا ‪ ،‬ومل نُِرد منك هذا" (‪. )1‬‬
‫ـ فتأمل حال أم املؤمنني وهى تشتكى مث ال جتد إال أن تستجري بالنىب‪ ‬من أبيها ! وهى ما‬
‫استجارت به‪ ‬إال لعلمها برأفته وحبه وحنانه وشفقته ‪. ‬‬
‫‪-‬وهى الىت تقول يوماً للنىب ‪ :‬أنت الذى تزعم أنك نىب ؟ !! فتبسم رسول اهلل ‪. ‬‬
‫ـ كمن تقول لزوجها يوماً ‪ :‬أنت الذى‪ 7‬تزعم أنك "ملتزم" بدين اهلل !! فليصرب وليحتمل‬
‫وله ىف رسول اهلل ‪ ‬القدوة واألسوة احلسنة ‪.‬‬
‫ـ أال يلوح لها بالطالق ‪ :‬وهذا يعىن أن حيذر أمر الطالق أن يقع منه ‪ ،‬أو يذكره عند كل‬
‫صغرية وكبرية تقع بني الزوجني ‪ ،‬فالتلويح بالطالق يُشعر املرأة أهنا مل تعد متلك هذا البيت ‪،‬‬
‫وأنه ال حق هلا فيه ‪ ،‬وهى جمرد ضيف تقيل سرعان ما يذهب عند أول مشاحنة بينها وبني‬
‫زوجها ‪ ،‬وكم زلزل التلويح بالطالق بيوتاً ‪ ،‬وآتى عليها وقوعه ‪.‬‬
‫ـ أال يطيل فترة غيابه عنها ‪:‬‬
‫أما املدة الىت للرجل الغياب فيها عن زوجته فنسوق هذه القصة الىت رواها اإلمام مالك ىف‬
‫املوطأ قال ‪" :‬بينما عمر بن اخلطاب‪ ‬حيرس املدينة ‪ ،‬مر على بيت من بيوتات املسلمني فسمع‬
‫امرأة من داخل البيت تنشد ‪:‬‬
‫وارقىن أن ال ضجيـع أالعبــه‬ ‫تطاول هذا الليل وازور‪ 7‬جانبه‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪109‬‬

‫بدا فمراً ىف ظلمة الليل حاجبه‬ ‫أالعبـه طـوراً وطـوراً كأمنـا‬


‫لطيف احلشا ال حيتويه أقاربـه‬ ‫يُســر بـه من كان يلهو بقربه‬
‫حلرك مــن هـذا السرير جوانبه‬ ‫فواهلل لوال اهلل الشئ غيــره‬
‫بأنفسنا ال يفتـر الدهـر كاتب ــه‬ ‫ولكنىن اخشـى رقيباً موكالً‬
‫وإكرام بعلــى أن تنــال مواتبـه‬ ‫خمافة ربــى واحلياء يصدىن‬
‫فسأل عمر ‪ ‬عنها قيل له ‪ :‬إن زوجها غائب ىف سيبل اهلل تعاىل ‪ ،‬فبعث إىل زوجها حىت‬
‫أعاده إليها ‪ ،‬مث دخل على ابنته حفصة فسأهلا ‪ :‬كم تصرب املرأة على زوجها ؟ قال ‪ :‬سبحان‬
‫اهلل ‪ ،‬مثلك يسأل مثلى عن هذا ؟! فقالت ‪ :‬مخسة أشهر ‪ ،‬ستة أشهر ‪ ،‬فوقف عمر وقال ال‬
‫يغيب رجل عن أهله أكثر من ستة أشهر ‪.‬‬
‫ـ فماذا عن وصايا الزوجين ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬وصايا الزوجني كثرية فمنها أوالً ‪ :‬وصية األب ابنته عند الزواج‪: 7‬‬
‫وصى عبد اهلل بن جعفر بن أىب ط‪77‬الب ابنته فق‪77‬ال ‪ :‬إي‪77‬اك والغ‪77‬رية فإهنا مفت‪77‬اح الطالق ‪ ،‬وإي‪77‬اك‬
‫وك ‪77 7‬ثرة العت‪77 7 7‬اب فإنه ي‪77 7 7‬ورث البغض‪77 7 7‬اء "أى الكراهي‪77 7 7‬ة" ‪ ،‬وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة ‪ ،‬و‬
‫أطيب الطيب املاء ‪.‬‬
‫ـ ثانياً ‪ :‬وصية أم ابنتها عند الزواج ‪ :‬خطب عمرو بن حجر ملك كندة َأم إياس بنت‬
‫عوف بن مسلم الشيباىن ‪ ،‬وملا حان زفافها إليه خلت هبا أمها أمامة بنت احلارث فأوصتها‬
‫وصية تبني فيها أسس احلياة الزوجية السعيدة ‪ ،‬وما جيب عليها لزوجها مما يصلح أن يكون‬
‫دستوراً‪ 7‬جلميع النساء فقالت ‪:‬‬
‫أى بنية ‪ :‬إنك فارقت اجلو الذى منه خرجت ‪ ،‬وخلَّفت العش الذى فيه درجت ‪ ،‬إىل‬
‫وك ٍر مل تعرفيه وقري ٍن مل تألفيه ‪ ،‬فأصبح مبلكه عليك رقيباً ‪ ،‬فكوين له أمةً يكن لك عبداً‬
‫وشيكاً ‪ ،‬واحفظى له خصاالً عشراً تكن لك ذخراً ‪:‬‬
‫أما األوىل والثانية ‪ :‬فاخلضوع له بالقناعة وحسن السمع‪ 7‬له والطاعة ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪110‬‬

‫وأما الثالثة والرابعة ‪ :‬فالتفقد‪ 7‬ملواضع‪ 7‬عينيه وأنفه ‪ ،‬فال تقع عينه منك على قبيح ‪ ،‬وال يشم‬
‫منك إال أطيب ريح ‪.‬‬
‫وأما اخلامسة والسادسة ‪ :‬فالتفقد لوقت‪ 7‬منامه وطعامه ‪ ،‬فإن تواتر اجلوع ملهبة ‪ ،‬وتنغيص‬
‫النوم مغضبة ‪.‬‬
‫وأما السابعة والثامنة ‪ :‬فاالحرتاس مباله واإلرعاء على حشمه وعياله ‪.‬‬
‫وأما التاسعة والعاشرة ‪ :‬فال تعصني له أمراً ‪ ،‬وال تفشني له سراً ‪ ،‬فإنه إن أفشيت سره أو‬
‫خالفت أمره أوغرت صدره ومل تأمىن غدره ‪ ،‬مث إياك والفرح بني يديه إن كان مغتماً ‪،‬‬
‫والكآبة بني يديه إن كان فرحاً ‪.‬‬
‫ـ ثالثاً ‪ :‬وصية الزوج لزوجته ‪ :‬قال أبو الدرداء‪ 7‬المرأته ناصحاً هلا ‪ :‬إذا رأيتىن غضبت‬
‫فرضى وإذا رأيتك غضىب رضيتك وإال مل نصطحب ‪:‬‬
‫اغضب‬
‫ُ‬ ‫ورتى حني‬ ‫العفو‪ 7‬منــى تستدميى مودتى وال تنطقى ىف َس َ‬
‫خذى َ‬
‫ـب‬
‫ـدف مـر ًة فإنك ال تدريـن كيـف الُمغّي ُ‪7‬‬ ‫وال تنقرينــى نق ِ‬
‫ـرك ال َ‬
‫ـب‬
‫وال تُكثرى الشكوى فتذهب بالقوى ويأبـاك قلبـى والقلـوب تقلـ ُ‬
‫ـب‬ ‫ِ‬
‫احلب يذه ُ‬
‫احلب ىف القلب واألذى إذا اجتمعا مل يلبث ُ‬ ‫رأيت َ‬‫فإىن ُ‬

‫سلـوكي ــات‬
‫ـ فماذا عن السلوكيات الىت على العروسني التحلى هبا ىف بيت الزوجية لتكون احلياة الىت‬
‫لق‬
‫َ‬ ‫ََ‬‫نخ‬ ‫َْ‬ ‫ِأ‬ ‫ِه‬
‫يات‬ ‫ْ آَ‬ ‫ِن‬ ‫َم‬‫يظللها احلب والود والسكن والرمحة كما قال تعاىل ‪( :‬و‬
‫َل‬
‫َ‬ ‫َع‬ ‫َج‬‫ها و‬ ‫َْ‬‫َِلي‬ ‫ُوا إ‬ ‫ُن‬‫َسْك‬
‫ًا ِّلت‬ ‫َاج‬ ‫ْو‬‫َز‬‫ْأ‬‫ُم‬‫ِك‬‫ُس‬‫َنف‬ ‫ْأ‬ ‫من‬ ‫َلك‬
‫ُم ِّ‬
‫ْم‬
‫ٍ‬ ‫َو‬‫ياتٍ ِّلق‬ ‫ِكَ آَل َ‬
‫َل‬‫ن فى ذ‬ ‫َِّ‬‫ةإ‬‫ًَ‬‫ْم‬‫َح‬
‫َر‬‫ةو‬ ‫دً‬ ‫مو‬
‫ََّ‬ ‫ُم َّ‬‫َك‬‫ْن‬
‫بي‬ ‫َ‬
‫ن) (الروم ‪. )21 :‬‬‫ُوَ‬ ‫َّر‬
‫َك‬‫َف‬
‫يت‬ ‫َ‬
‫ـ الجواب ‪ :‬من املقرر أن "مركب" احلياة الزوجية حتتاج إىل جمداىف الرجل واملرأة معاً‬
‫لتصل إىل بر األمان واحلب والوئام‪ ، 7‬وهذا يستلزم من الرجل واملرأة املشاركة الدائمة‪ 7‬ىف‬
‫التعاون معاً ‪ ،‬وأال يطلب طرف أن يأخذ دائماً دون أن يعطى ‪ ،‬بل عليه أن يبادر هو بالعطاء‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪111‬‬

‫وال ينتظر األخذ ‪ ،‬بل يفعل ما يطيق وما يسعه ىف سبيل إسعاد الطرف اآلخر والتخفيف عنه‬
‫عناء الطريق الطويل ‪ ،‬وعلى الرجل أن يكون أكثر احتماالً حبكم تكوينه اجلسدى وقوامته‬
‫فيأخذ جمداىف املركب ليسري هبا إىل شاطئ احلب واألسرة السعيدة ‪ ،‬وال ترتكه املرأة جياهد‬
‫ويكد وهى تشاهد هذا دون أن تبادله االبتسامة وتعطيه اللمسة احلانية والكلمة الطيبة الىت‬
‫تعب من وعثاء الطريق ‪ ،‬فهى جتلس أمامه على طرف "املركب" كأمرية‬ ‫جتعله ال يشعر بأ ٍمل أو ٍ‬
‫أو ملكة متوجة يأخذها أمريها ومليكها إىل جزيرة بعيدة عن أعني الذئاب ىف الطريق وىف‬
‫وسائل العالم املرئية واملسموعة واملقروءة ‪ ،‬لعيشا معاً عمرها اجلميل ‪ ،‬فالبد أن يراها الرجل‬
‫ىف أهبى صورها من ملبس وملمس وكلمة طيبة رقيقة حانية ‪.‬‬
‫ولنعلم أن السلوكيات الىت على العروسني التحلى هبا كثرية جداً ومنها ‪ :‬حسن العشرة ‪.‬‬
‫فأول هذه السلوكيات الىت على الزوجني التحلى هبا ‪ :‬حسن العشرة ‪:‬‬
‫ـ فعلى العروس ـ الرجل واملرأة ـ أن حيسن كل منهما معاشرة اآلخر‪ ،‬وقد حث تعاىل ىف‬
‫هن‬
‫َّ‬ ‫ُوُ‬ ‫ِر‬ ‫َاش‬ ‫َع‬ ‫كتابه الكرمي وعلى لسان رسوله‪ ‬الزوج حبسن العشرة فقال تعاىل ‪( :‬و‬
‫"خْيُر ُك ْم َخْيُر ُك ْم أِل َْهلِ ِه‬‫ُوفِ) (النساء ‪ ، )19 :‬وقال ‪َ : ‬‬ ‫ْر‬ ‫َع‬ ‫ِالم‬‫ب ْ‬
‫َح َسُن ُه ْم ُخلًُقا َو ِخيَ ُار ُك ْم ِخيَ ُار ُك ْم‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ً‬‫ن‬ ‫ا‬ ‫مي‬
‫َ ُ ُْ َ َ ْ‬ ‫ِ‬‫إ‬ ‫ني‬‫ِ‬‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ؤ‬‫م‬‫ْ‬‫ل‬‫ا‬ ‫ل‬ ‫م‬‫ك‬‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫َوأَنَا َخْي ُر ُك ْم أِل َْهلِي"‬
‫لِنِ َسائِ ِه ْم ُخلًُقا" (‪. )2‬‬
‫س مَتْلِ ُكو َن ِمْن ُه َّن َشْيئًا‬ ‫ي‬‫َ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ـ وقال ‪" : ‬أَاَل واسَتوصوا بِالنِّس ِاء خيرا فَِإمَّنَا ه َّن عوا ٌن ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ ًَْ‬ ‫َ ْْ ُ‬
‫احش ٍة مبِّين ٍة فَِإ ْن َفع ْلن فَاهجروه َّن يِف الْم ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْربًا َغْيَر‬ ‫وه َّن َ‬ ‫اض ِربُ ُ‬
‫ضاج ِ‪7‬ع َو ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ُُ ُ‬ ‫ني بَِف ِ َ َُ َ‬ ‫ِ‬
‫ك إِاَّل أَ ْن يَأْت َ‬ ‫َغْيَر َذل َ‬
‫ُمَبِّر ٍح فَِإ ْن أَطَ ْعنَ ُك ْم فَاَل َتْبغُوا َعلَْي ِه َّن َسبِياًل أَاَل إِ َّن لَ ُك ْم َعلَى نِ َسائِ ُك ْم َح ًّقا َولِنِ َسائِ ُك ْم َعلَْي ُك ْم‬
‫وطْئ َن ُف ُر َش ُك ْم َم ْن تَ ْكَر ُهو َن (‪َ )3‬واَل يَأْ َذ َّن يِف بُيُوتِ ُك ْم لِ َم ْن‬ ‫ح ًّقا فَأ ََّما ح ُّق ُكم علَى نِسائِ ُكم فَاَل ي ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫تَ ْكَر ُهو َن أَاَل َو َح ُّق ُه َّن َعلَْي ُك ْم أَ ْن حُتْ ِسنُوا‪ 7‬إِلَْي ِه َّن يِف كِ ْس َوهِتِ َّن َوطَ َع ِام ِه َّن" ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى والطحاوى ‪ ،‬وتأمل قوله ‪ ‬ووصفه الزوجة بأنها أهل الرجل ‪ ،‬فهى األخت واألم والزوجة والقربية ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى وغيره ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فال تخنه ‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى وابن ماجة وغيرهما ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪112‬‬

‫ـ وقال ‪" : ‬كل شئ ليس فيه ذكر اهلل فهو (لغو) وسهو لعب ‪ ،‬إال أربع (خصال) ‪:‬‬
‫مالعبة الرجل امرأته ‪ ،‬وتأديب الرجل فرسه ‪ ،‬ومشيه بني الغرضني (‪ ، )5‬وتعليم الرجل‬
‫السباحة" (‪. )6‬‬
‫ـ ومن صور حسن املعاشرة أسوق إليك أيها الزوج احلبيب هذا احلديث الطيب الكثري الفوائد‬
‫وآداب حسن املعاشرة ملن تدبره وتأمله ‪ ،‬وفيه بعض ما تبغضه النساء ىف الرجال ‪ ،‬وبعض ما‬
‫حتبه النساء ىف الرجال فتأمله و ِزن نفسك مع أى فريق أنت ‪ ،‬واحلديث رواه البخارى‪ 7‬ومسلم‬
‫س إِ ْح َدى َع ْشَر َة ْامَرأًَة‬ ‫َ َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫قالت‬ ‫ـ‬ ‫عنها‬ ‫اهلل‬ ‫رضى‬ ‫ـ‬ ‫عائشة‬ ‫املؤمنني‬ ‫أم‬ ‫عن‬ ‫(‪)1‬‬

‫َخبَا ِر أ َْز َو ِاج ِه َّن َشْيئًا ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اه ْد َن َوَت َعاقَ ْد َن أَ ْن اَل يَ ْكتُ ْم َن م ْن أ ْ‬
‫َفَت َع َ‬
‫ث َعلَى رأْ ِس َجبَ ٍل اَل َس ْه ٍل َفُيرَت َقى واَل مَسِ ٍ‬
‫ني َفُيْنَت َق ُل ‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ل‬ ‫مَج‬ ‫م‬ ‫حَل‬ ‫ي‬ ‫ت اأْل ُوىَل ‪ :‬زو ِ‬
‫ج‬ ‫ـ قَالَ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ـ تصف زوجها بأنه كلحم اجلمل ‪ ،‬وهو من أنواع اللحم غري احملببة إىل الناس ‪ ،‬وهو مع‬
‫عال ! وهذا اجلبل ال سهل فريتقى إىل اللحم‬ ‫كونه حلما مزهود فيه ‪ ،‬فهو على رأس جبل ٍ‬
‫املزهود ‪ ،‬وال هو باللحم السمني فأحتمل مشقة صعود وتسلق اجلبل ‪.‬‬
‫اف أَ ْن اَل أَذَ َرهُ إِ ْن أَذْ ُك ْرهُ أَذْ ُك ْر عُ َجَرهُ َوجُبََرهُ‪.‬‬
‫َخ ُ‬ ‫ث َخَبَرهُ إِيِّن أ َ‬ ‫ت الثَّانِيَةُ ‪َ :‬ز ْو ِجي اَل أَبُ ُّ‬ ‫ـ قَالَ ِ‬
‫ـ تقول ‪ :‬زوجى ال أنشر خربه ‪ ،‬إىن أخاف إن أنا حتدتث عنه أال أفيكم بيان معايب زوجى‬
‫كنت أحدثكم عنه فيكفى أن اذكر عجره ‪ ،‬والعجر ‪ :‬العقد الىت‬ ‫ومساوءه ‪ ،‬ولكن … إن ُ‬
‫تكون ىف البطن واللسان ‪ ،‬والبجر‪ :‬العيوب ‪ ،‬فتحدثت‪ 7‬عن عيوبه الظاهرة والباطنة ‪.‬‬
‫قال اخلطاىب ‪ :‬أرادت عيوبه الظاهرة وأسراره الكامنة ‪ ،‬قال ‪ :‬ولعله كان مستور الظاهر‬
‫رديء الباطن ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ت الثَّالِثةُ ِ‬
‫ت أ َُعلَّ ْق ‪.‬‬‫َس ُك ْ‬‫َّق إِ ْن أَنْط ْق أُطَلَّ ْق َوإِ ْن أ ْ‬ ‫‪:‬ز ْوجي الْ َع َشن ُ‬ ‫ـ قَالَ ِ َ َ‬
‫ـ تصفه بأنه طويل مذموم الطول ‪ ،‬أرادت أنه ليس عنده أكثر من طوله بغري نفع ‪ ،‬وقد قال‬
‫ابن حبيب ‪ :‬هو املقدم على ما يريد ‪ ،‬الشرس ىف أموره ‪ ،‬وقيل ‪ :‬السيئ اخللق ‪.‬‬
‫(‪ )5‬الغرض ‪ :‬الهدف ‪.‬‬
‫(‪ )6‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى فى عشرة النساء ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1989\5‬ومسلم (‪. )1898\4‬‬
‫(‪ )2‬أى تحدث النبى ‪ ‬وتقص عليه قصة النسوة ‪ ،‬وفيه ‪ :‬حسن استماع الزوج إلى زوجته ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪113‬‬

‫تقول ‪ :‬أهنا إن ذكرت عيوبه فيبلغه طلقها ‪ ،‬وإن سكتت عنده فإهنا عنده معلقة ال زوج‬
‫وال أمي ‪ ،‬فأشارت إىل سوء خلقه وعدم احتماله لكالمها إن شكت له حاهلا ‪ ،‬وأهنا تعلم أهنا‬
‫مىت ذكرت له شيئاً من ذلك بادر إىل طالقها ‪ ،‬وأهنا إن سكتت صابرة على تلك احلال‬
‫كانت عنده كاملعلقة الىت ال ذات زوج وال أمي ‪.‬‬
‫هِت‬ ‫ِ‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫ـ قَالَ ِ‬
‫الراب َعةُ ‪َ :‬ز ْوجي َكلَْي ِل َ َامةَ اَل َحٌّر َواَل ُقٌّر َواَل خَمَافَةَ َواَل َس َ‬
‫آمةَ ‪.‬‬
‫ـ تصف زوجها بأنه لني اجلانب ‪ ،‬خفيف الوطأة على الصاحب ‪ ،‬وحيتمل أن يكون ذلك‬
‫من بقية صفة الليل ‪ ،‬مث وصفته باجلود ووصفته حبسن العشرة واعتدال احلال وسالمة الباطن ‪،‬‬
‫فكأهنا قالت‪ : 7‬ال أذى عنده وال مكروه ‪ ،‬وأنا آمنةٌ منه فال أخاف من شره ‪ ،‬وال ملل عنده‬
‫فيسأم من عشرته ‪ ،‬فأنا لذيذة العيش عنده كلذة أهل هتامة بليلهم املعتدل ‪.‬‬
‫ت اخْلَ ِام َسةُ ‪َ :‬ز ْو ِجي إِ ْن َد َخ َل فَ ِه َد َوإِ ْن َخَر َج أ َِس َد َواَل يَ ْسأ َُل َع َّما َع ِه َد ‪.‬‬
‫ـ قَالَ ِ‬
‫ـ تصفه بالغفلة عند دخول البيت على وجه املدح له (‪ ، )1‬وشبهته ىف لينه وغفلته بالفهد‪، 7‬‬
‫ألنه يوصف باحلياء وقلة الشر وكثرة النوم ‪ ،‬أو تصفه أنه إذا دخل البيت وثب على وثوب‬
‫الفهد (‪ ، )2‬وإن خرج كان ىف اإلقدام‪ 7‬مثل األسد ‪ ،‬وأنه يصري بني الناس مثل األسد ‪ ،‬أو‬
‫تصفه بالنشاط ىف الغزو ‪ ،‬وقوهلا ‪ :‬وال يسأل عما عهد ‪ :‬متدحه بأنه شديد الكرم كثري‬
‫التغاضى ال يتفقد ما ذهب من ماله (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬وخلق الغفلة عند الرجل ُخلق حسن ‪ ،‬فهو يتغافل عن بعض األمور فى بيته ‪ ،‬فال يضيق الخناق على زوجه فى عمل كذا فى البيت ‪ ،‬أو تنظيف‪ S‬كذا ‪،‬‬
‫وتأخيرها لفعل كذا كان قد أمر به من أمور البيت ‪ ،‬فهو يتغافل فى بيته عن مثل هذه األمور الصغيرة ‪ ،‬وال يكون كالضابط الحارس المتفقد لكل صغيرة‬
‫وكبيرة فى البيت ‪ ،‬حتى ال تكرة الزوجة وجوده وتتحين خروجه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى يُكثر من مغازلتها ومواقعتها كحال الفهد مع أنثاه إذا دخل عرينه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬فال يتفقد المال عند عودته ‪ ،‬ويسأل أين ذهب المال ‪ ،‬فترى الزوجة وقد أعدت قائمة المصروفات بالدرهم والدينار والفلس ‪ ،‬وأين ذهب وكيف ذهب ولماذا‬
‫ذهب ؟ حتىتقول الزوجة ‪ :‬أرى عمرى مع هذا الرجل قد ذهب ! بال عودة !!! ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪114‬‬

‫ف(‪َ )4‬واَل يُولِ ُج‬ ‫اضطَ َج َع الْتَ َّ‬‫ف َوإِ ِن ْ‬


‫(‪)3‬‬
‫ب ا ْشتَ َّ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫و‬‫ف َ‬
‫(‪)2‬‬
‫الس ِاد َسةُ ‪َ :‬ز ْو ِجي إِ ْن أَ َك َل لَ َّ‬ ‫ت َّ‬ ‫ـ قَالَ ِ‬
‫ث(‪. )5‬‬ ‫ف لَِي ْعلَ َم الْبَ َّ‬‫الْ َك َّ‬
‫ـ تصفه بأنه أكول شروب نؤوم ‪ ،‬إن أكل ال يبقى شيئاً من الطعام ‪ ،‬واإلشتفاف ىف‬
‫الشرب استقصاءه فإن شرب ال يبقى شيئاً من الشراب ‪ ،‬وإن نام رقد ناحية وتلفف بكسائه‬
‫وحده وانقبض عن أهله إعراضاً ‪ ،‬وال ميد يده ليعلم ما هى عليه من احلزن فيزيله ‪.‬‬
‫ك أ َْو مَجَ َع‬‫ك أَو َفلَّ ِ‬ ‫السابِعةُ ‪َ :‬زو ِجي َغياياء(‪ )1‬أَو َعياياء(‪ )2‬طَباقَاء(‪ُ )3‬ك ُّل َد ٍاء لَه َداء َش َّج ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ََُ ْ ََُ َ ُ‬ ‫ـ قَالَت َّ َ ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ُكاًّل لَ ِ‬
‫ـ تصفه باحلماقة ‪ ،‬كأنه ىف ظلمة من أمره ‪ ،‬وانه عيي اللسان (‪ )4‬ال يهتدى إىل مسلك ‪،‬‬
‫ووصفته بثقل الروح وأنه كالظل املتكاثف الظلمة الذى‪ 7‬ال إشراق فيه ‪ ،‬وتقول أن كل شئ‬
‫تفرق ىف الناس من املعايب موجود فيه ‪ ،‬وتصفه بسوء املعاملة ألهله ‪ ،‬إن ضرهبا فإما أن‬
‫يشجها أو يكسرها أو جيمع هلا االثنني ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫الريح ِريح َز ْرنَ ٍ‬ ‫س َم ُّ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت الث ِ‬ ‫ـ قَالَ ِ‬
‫س أ َْرنَب َو ِّ ُ ُ‬ ‫َّامنَةُ ‪َ :‬ز ْوجي الْ َم ُّ‬
‫ـ متدح زوجها بأنه لني اخللق ‪ ،‬وحسن العشرة ‪ ،‬فهو ىف ريح ثيابه ‪ ،‬كالزرنب‪ ، 7‬وهو نبات‬
‫طيب الريح ‪ ،‬وىف لني كالمه ولطف حديثه وحالوة طباعه كاألرنب‪ 7‬ىف لني امللمس ‪.‬‬
‫ت ِمن الن ِ‬
‫َّاد‪.‬‬ ‫الرم ِاد قَ ِريب الْبي ِ‬
‫َّ‬ ‫يم‬ ‫َّاسعةُ ‪ :‬زو ِجي رفِيع الْعِم ِ‪7‬اد طَ ِويل النِّج ِاد ع ِ‬
‫ظ‬ ‫ت الت ِ‬ ‫ـ قَالَ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )2‬ويقع فى هذا الكثير من األزواج ‪ ،‬فال هو يسمى هللا تعالى ‪ ،‬وال هو يأكل بيمينه ‪ ،‬إنما ياليدين ! وال هو يأكل مما يليه كما صح بذلك الحديث ‪ ،‬إنما "تلف"‬
‫اللقمة أرجاء الصحفة خشية هرب بعض الطعام وانفالته من قبضته ! وال هو يضع اللقمة فى فم امرأته إتباعا ً للسنة ‪ ،‬وال هو ينتظر الزوجة حتى تنتهى من‬
‫إحضار الطعام وترتيبه ‪ ،‬إنما ما إن يوضع الطعام أمامه حتى يبدأ الصراع والحرب الضروس بين اللقمة واالسنان والضروس ‪ ،‬وهكذا تستبدل الزوجة‬
‫صحفة تلو الصحفة ‪ ،‬وهكذا إذا أكل لف ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فال يسمى هللا ‪ ،‬وال يشرب على ثالث كما صح بذلك الحديث ‪ ،‬وإنما يشتف الماء حتى نهايته ‪ ،‬ثم تسمع جشا ًء يرتج له المنزل ! ‪.‬‬
‫(‪ )4‬يلتف فيبدو هو والغطاء كقطعة واحدة ‪ ،‬وتجلس الزوجة بجواره تتحسر على ما بذلت من جهد فى إعداد الطعام والشراب وتهيئة الفراش ! والتعطر‬
‫والتزين لهذا الملتحف ! ‪.‬‬
‫(‪ )5‬فال هو يشكر على الطعام الجيد أو الشراب اللذيذ ‪ ،‬ويشكر لها تعبها‪ S‬وجهدها ومعانتها ‪ ،‬أو يسأل عن حالها وصحتها ‪ ،‬ومن باب أولى فهو لن يسأل عن‬
‫صالتها وتقربها‪ S‬إلى ربها ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أو هو غبى الفهم والمنطق‪. S‬‬
‫(‪ )2‬أى تجمعت فيه امراض العالم شماله وجنوبه ‪ ،‬شرقه وغربه ‪.‬‬
‫(‪ )3‬يعنى إذا أراد جماعى أطبق على كالسور الذى يقع أصحابه ‪ ،‬أو كالبيت ينهدم على أهله ‪ ،‬فال يقدم بالقبلة أو اللمسة أو الكلمة ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ثقيل الللسان ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪115‬‬

‫ـ وصفته بطول البيت وعلوه وكرمه ‪ ،‬أو بنسبه الرفيع ‪ ،‬طويل السيف مما يدل على‬
‫شجاعته وإقدامه ‪ ،‬وهو مع ذلك سخى كرمي األضياف ‪ ،‬فرماد البيت‪ 7‬كثري من كثرة‬
‫األضياف ‪ ،‬وهو مع هذه كله زعيم قومه ىف ناديهم القريب من البيت‪. 7‬‬
‫ات الْ َمبَا ِر ِك‬ ‫ِ‬ ‫ك خير ِمن ذَلِ ِ‬ ‫ك وما مالِ ٌ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك لَهُ إِبِ ٌل َكث َري ُ‬ ‫ك َمال ٌ َ ْ ٌ ْ‬ ‫ـ قَالَت الْ َعاشَرةُ ‪َ :‬ز ْوجي َمال ٌ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ت الْ ِم ْز َه ِر أ َْي َق َّن أَنَّ ُه َّن َه َوال ُ‬ ‫ص ْو َ‬ ‫ِح َوإِ َذا مَس ْع َن َ‬‫ت الْ َم َسار ِ‪7‬‬‫قَلياَل ُ‬
‫القرى واالستعداد له ‪ ،‬واملبالغة ىف صفاته ‪ ،‬والتقدمي له‬ ‫ـ تصفه بالكرم والثروة وكثرة ِ‬
‫بالسؤال للتنبيه على ِعظم شأنه ‪ ،‬فقوهلا ‪ :‬وما مالك ؟ تعظيم ألمره وشأنه ‪ ،‬وأنه خري مما أشري‬
‫إليه من الثناء واملديح كله على األزواج السابق ذكرهم ‪ ،‬فمالك هذا له إبل كثرية ‪ ،‬دائمة‬
‫الربوك باحلظرية انتظاراً لقدوم‪ 7‬الضيف ‪ ،‬وهلذا الرجل عالمة وإشارة بينه وبني أهله أو خدمه ‪،‬‬
‫فإذا نزل هبم الضيف ‪ ،‬أعطى الرجل اإلشارة باملزهر ‪ ،‬داللة إلعداد الطعام ـ فال يسمع‬
‫الضيف ندائه بإعداد الطعام فيتحرج ـ وقد اعتادت اإلبل عند مساع املالهى أن توقن باهلالك‬
‫وهو النحر ‪ ،‬ليقدم حلمها طعاماً لضيوفه ‪ ،‬وهذا غاية الكرم ‪.‬‬
‫اس ِم ْن ُحلِ ٍّي أُذُيَنَّ ‪َ ،‬و َمأَل َ ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬‫َ‬‫أ‬ ‫؟‬ ‫ع‬
‫ٍ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬‫َب‬
‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬‫ٍ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫َب‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ت احْل ِاديةَ ع ْشر َة ‪ :‬زو ِ‬
‫ج‬ ‫ـ قَالَ َ َ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬
‫ت إِيَلَّ َن ْف ِسي ‪َ ،‬و َج َديِن يِف أ َْه ِل غَُنْي َم ٍة بِ ِش ٍّق ‪ ،‬فَ َج َعلَيِن يِف أ َْه ِل‬ ‫ِ‬
‫ي ‪َ ،‬وجَبَّ َحيِن َفبَج َح ْ‬ ‫َش ْح ٍم َع ُ‬
‫ض َد َّ‬
‫َّح ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬‫َ‬‫أ‬‫َ‬‫ف‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ح‬ ‫ب‬
‫َّ‬‫ص‬ ‫َ‬‫ت‬‫َ‬‫أ‬‫َ‬‫ف‬ ‫د‬‫ُ‬ ‫ُ‬‫ق‬‫َر‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ح‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ق‬
‫َ‬‫ُ‬‫أ‬ ‫اَل‬‫َ‬‫ف‬ ‫ول‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ه‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫س ومنَ ٍّق ‪ ،‬فَعِ‬ ‫ٍ‬ ‫يط ودائِ‬ ‫َط ٍ‬
‫ص ِه ٍيل وأ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اح ‪.‬‬
‫اح ‪َ ،‬و َبْيُت َها فَ َس ٌ‬ ‫وم َها َر َد ٌ‬ ‫أ ُُّم أَيِب َز ْر ٍع ‪ ،‬فَ َما أ ُُّم أَيِب َز ْر ٍع ؟ عُ ُك ُ‬
‫ض َجعُهُ َك َم َس ِّل َشطْبَ ٍة َويُ ْشبِعُهُ ِذ َراعُ اجْلَ ْفَر ِة ‪.‬‬ ‫ابْ ُن أَيِب َز ْر ٍع ‪ ،‬فَ َما ابْ ُن أَيِب َز ْر ٍع ؟ َم ْ‬
‫ت أَيِب َز ْر ٍع ؟ طَْوعُ أَبِ َيها ‪َ ،‬وطَْوعُ أ ُِّم َها ‪َ ،‬و ِم ْلءُ كِ َسائِ َها ‪َ ،‬و َغْي ُ‬
‫ظ‬ ‫ت أَيِب َز ْر ٍع ‪ ،‬فَ َما بِْن ُ‬ ‫بِْن ُ‬
‫َج َارهِتَا ‪.‬‬
‫ِّث ِم َريَتنَا َتْن ِقيثًا‪َ ،‬واَل‬ ‫جا ِريةُ أَيِب زر ٍع ‪ ،‬فَما جا ِريةُ أَيِب زر ٍع ؟ اَل َتب ُّ ِ‬
‫ث َحد َيثنَا َتْبثِيثًا ‪َ ،‬واَل ُتَنق ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫َ َ َْ‬
‫يشا ‪.‬‬ ‫مَتْأَل ُ َبْيَتنَا َت ْع ِش ً‬
‫ان ِم ْن‬ ‫ت ‪ :‬خرج أَبو َزر ٍع واأْل َوطَاب مُتْخض ‪َ ،‬فلَ ِقي امرأًَة معها ولَ َد ِ‪7‬ان هَل ا َكالْ َفه َدي ِ‪7‬ن ي ْلعب ِ‬
‫ْ ْ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ ََ َ‬ ‫قَالَ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ُ‬
‫ب َش ِريًّا‪َ ،‬وأ َ‬
‫َخ َذ‬ ‫ت َب ْع َدهُ َر ُجاًل َس ِريًّا ‪َ ،‬ركِ َ‪7‬‬ ‫ص ِر َها بُِر َّمانََتنْي ِ ‪ ،‬فَطَلَّ َقيِن َونَ َك َح َها ‪َ ،‬فنَ َك ْح ُ‬ ‫حَتْت َخ ْ‬
‫ِ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪116‬‬

‫ال ‪ُ :‬كلِي أ َُّم َز ْر ٍع َو ِم ِريي‬


‫اح َعلَ َّي َن َع ًما ثَِريًّا ‪َ ،‬وأ َْعطَايِن ِم ْن ُك ِّل َرائِ َح ٍة َز ْو ًجا ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫َخطِّيًّا ‪َ ،‬وأ ََر َ‬
‫َز ْر ٍع "‪.‬‬ ‫َصغََر آنِيَ ِة أَيِب‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ َْهلَ ِ‬
‫ت ُك َّل َش ْيء أ َْعطَانيه َما َبلَ َغ أ ْ‬
‫ت ‪َ :‬فلَ ْو مَجَ ْع ُ‬ ‫ك ‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ـ قوهلا "أناس من حلى أذىن" أى حالىن بأنواع الزينة الىت تعلقن بأذىن ‪.‬‬
‫وفرحىن حبسن معاملته فعظمت نفسى ىف‬ ‫ـ قوهلا "وجبحىن فبجحت إىل نفسى" أى ‪ :‬سرىن ّ‬
‫عيىن ‪ ،‬أو عظمىن ورفع‪ 7‬من شأىن فعظمت نفسى ىف عيىن ‪ ،‬حىت شعرت بأىن أمرية األمريات ‪،‬‬
‫رغم أنه ‪:‬‬
‫ـ وجدىن ىف أهل غنيمة بشق … أى ‪ :‬وجدىن ىف أهل فقراء ‪ ،‬ليس هلم من الغنم إال قليل‬
‫‪ ،‬فانتشلىن من هذا احلال فجعلىن ىف أهل الثراء مع اخليل واإلبل والزرع واخلدم والدجاج‬
‫وسائر األنعام ‪.‬‬
‫ـ فعنده أقول فال أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتقنح ‪ :‬أى أتكلم فال يقبح قوىل أو يسفهه‬
‫‪ ،‬وعنده أنام فال يوقظىن أحد حىت استيقظ من نفسى ‪ ،‬وإذا شربت ارتويت‪ 7‬من الشراب ‪.‬‬
‫مث هى بعد أن وصفت زوجها انتقلت بالثناء إىل أمه وابنه وابنته بل حىت إىل جاريته ‪ ،‬وهذا‬
‫إمنا يدلك على مدى تعلق هذا املرأة بزوجها ‪ ،‬فهى مل تكتفى مبدح الزوج حىت اتبعت هذا‬
‫بالثناء على أمه (محاهتا) ! تصفها بأن مسينة اجلسم واسعة البيت ‪ ،‬وابنه ‪ :‬هادئ الطباع قليل‬
‫الطعام ‪ ،‬وابنته ‪ :‬مسينة كأمها ‪ ،‬وهى طوع أمر أبيها وأمها ‪ ،‬وهى غيظ جارهتا ‪ :‬أى جريان‬
‫أبيها وأمها ‪ ،‬أو غيظ جارهتا ‪ :‬أى أن زوج البنت‪ 7‬كان متزوجاً عليها فكانت هى أفضل‬
‫أزواجه ‪ -‬جارهتا ‪ -‬إليه ‪ ،‬مث إليكم أيضاً وصف جارية وخادمة أىب زرع ‪ :‬فهى كتومة ال‬
‫تنشر خرب بيتنا واحلديث عنه ـ هذه اجلارية أو اخلادمة وليست‪ 7‬الزوجة ! ـ وال هى هتمل أمر‬
‫طعامنا فهى ليست باملبذرة ‪ ،‬أو ليست بالىت تسرق من مثن طعامنا عند شرائه ‪ ،‬وهى مع هذا‬
‫كله نظيفة ‪ ،‬حتافظ على نظافة بيتنا !!! ‪.‬‬
‫مث أخذت بالعود مرة أخرى ىف بيان حال أىب زرع ‪ ،‬تقول ‪ :‬خرج زوجها ذات يوماً ـ لعله‬
‫كان غاضباً ‪ ،‬فرأى امرأة مجيلة معها ولدان يشبهان البدر ىف اجلمال ‪ ،‬والفهد ىف احليوية‬
‫والنشاط ‪ ،‬يلعبان بثدىي أمهما ‪ ،‬اللذين يشبهان الرمانتني ‪ ،‬تقول ‪ :‬فطلقىن ونكحها ‪ ،‬تقول ‪:‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪117‬‬

‫فتزوجت بعده رجالً سرياً شريفاً ‪ ،‬أعطاىن كل ما أريد من أنواع النعم‪ ، 7‬ومل يبخل على‬
‫بشئ ‪ ،‬وقال ىل ‪ :‬متتعى وأعطى أهلك ما تشائني من أنواع اخلريات ‪ ،‬تقول ‪ :‬فلو مجعت كل‬
‫شئ أعطانيه هذا الزوج الثاىن ما بلغ أصغر آنية أىب زرع ‪ ،‬وذلك لشدة حبها وعظم اخلري‬
‫الذى كان عند زوجها األول (‪. )1‬‬
‫ك َكأَيِب َز ْر ٍع أِل ُِّم َز ْر ٍع" هذه رواية البخارى‪7‬‬
‫ول اللَّ ِه ‪ُ ‬كْنت لَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ت َعائِ َشةُ ‪ :‬قَ َ‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫ـ قَالَ ْ‬
‫ومسلم ‪ ،‬وىف رواية للطرباىن" كنت لك كأىب زرع ألم زرع ‪ ،‬لكن ال أطلق النساء" ‪.‬‬
‫ـ ومن صور حسن المعاشرة أيضاً ‪ :‬إشاعة املرح والسرور والبهجة‪ 7‬والتلطف مع الزوجة ‪،‬‬
‫ت النَّيِب َّ ‪ ‬يَ ْسُت ُريِن بِ ِر َدائِِه َوأَنَا أَنْظُُر إِىَل‬
‫(‪)2‬‬
‫َُْ‬ ‫َي‬
‫أ‬ ‫"ر‬ ‫‪:‬‬ ‫‪7‬‬
‫ت‬ ‫قال‬ ‫عائشة‬ ‫عن‬ ‫عروة‬ ‫عن‬ ‫روى البخارى‪7‬‬
‫يص ِة‬‫الس ِّن احْلَ ِر َ‬ ‫َسأ َُم فَاقْ ُد ُروا‪ 7‬قَ ْد َر اجْلَا ِريَِة احْلَ ِديثَِة ِّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫احْلَبَ َشة َي ْل َعبُو َن يِف الْ َم ْسج ‪7‬د َحىَّت أَ ُكو َن أَنَا الَّيِت أ ْ‬
‫َعلَى اللَّ ْه ِو" ‪.‬‬
‫ت َم َع النَّيِب ِّ ‪ ‬يِف‬ ‫"خَر ْج ُ‬ ‫ـ وعن الصديقة‪ 7‬بنت الصديق عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ أيضاً قالت‪َ : 7‬‬
‫ال يِل‬
‫َّموا ‪ ،‬مُثَّ قَ َ‬ ‫َّموا َفَت َقد ُ‬ ‫ال لِلن ِ‬
‫َّاس َت َقد ُ‬ ‫َس َفا ِر ِه َوأَنَا َجا ِريَةٌ مَلْ أَمْحِ ِل اللَّ ْح َم َومَلْ أَبْ ُد ْن َف َق َ‬
‫ضأْ‬ ‫َب ْع ِ‬
‫ِ‬ ‫َتعايَل حىَّت أ ِ‬
‫يت‬
‫ت َونَس ُ‬ ‫ت اللَّ ْح َم َوبَ ُدنْ ُ‬ ‫ت َعيِّن َحىَّت إِ َذا مَحَْل ُ‬ ‫ُسابَِقك ‪ ،‬فَ َس َاب ْقتُهُ فَ َسَب ْقتُهُ ‪ ،‬فَ َس َك َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ال َتعايَل حىَّت أ ِ‬
‫ُسابَِقك فَ َس َاب ْقتُهُ‬ ‫َّموا مُثَّ قَ َ َ ْ َ َ‬ ‫َّموا َفَت َقد ُ‬
‫َّاس َت َقد ُ‬ ‫ال لِلن ِ‬ ‫َس َفا ِر ِه َف َق َ‬
‫ضأْ‬ ‫ت َم َعهُ يِف َب ْع ِ‬ ‫َخَر ْج ُ‬
‫ضحك وهو ي ُق ُ ِ ِ‬
‫ك " (‪. )1‬‬ ‫ول َهذه بِتِْل َ‬ ‫فَ َسَب َقيِن فَ َج َع َل يَ ْ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫ض مُثَّ أُنَا ِولُهُ النَّيِب َّ ‪َ ‬فيَ َ‬
‫ض ُع‬ ‫ب َوأَنَا َحائ ٌ‬ ‫ت أَ ْشَر ُ‬ ‫ـ وعنها أيضاً ـ رضى اهلل عنها ـ قالت‪ُ " : 7‬كْن ُ‬
‫ض ُع فَاهُ َعلَى َم ْو ِض ِ‪7‬ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض مُثَّ أُنَا ِولُهُ النَّيِب َّ ‪َ ‬فيَ َ‬‫ب َوأََت َعَّر ُق الْ َع ْر َق َوأَنَا َحائ ٌ‬ ‫فَاهُ َعلَى َم ْوض ِ‪7‬ع يِف َّ َفيَ ْشَر ُ‬
‫يِف َّ" (‪. )2‬‬
‫ومن السلوكيات التى على الزوج التحلى بها أيضاً ‪:‬‬
‫ـ أال يطرق أهله ليالً ‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬فتح البارى (‪. )163\9‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ‪. )1991\5(5‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى فى العشرة وأحمد وغيرهما ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪118‬‬

‫يِت‬
‫روى البخارى‪ 7‬عن جابر بن عبد اهلل ـ رضى اهلل عنهما ـ قال ‪َ " :‬كا َن النَّيِب ُّ ‪‬يَ ْكَرهُ أَ ْن يَأْ َ‬
‫َح ُد ُك ْم لَْياًل فَاَل يَأْتِنَي َّ أ َْهلَ ُه‬‫أ‬ ‫م‬ ‫الرجل أَهلَه طُروقًا" (‪ ، )3‬وعنه أيضاً‪ ‬أن النىب‪ ‬قال ‪" :‬إِذَا قَ ِ‬
‫د‬
‫َ َ‬ ‫َّ ُ ُ ْ ُ ُ‬
‫ط الشَّعِثَةُ " (‪. )4‬‬
‫طُُروقًا َحىَّت تَ ْستَ ِح َّد الْ ُمغِيبَةُ َومَتْتَ ِش َ‬
‫قال أهل اللغة ‪ :‬الطروق بالضم اجملئ بالليل من سفر أو من غريه على غفلة ويقال لكل آت‬
‫بالليل طارق وال يقال بالنهار إال جمازاً ‪.‬‬
‫وقال بعض أهل اللغة ‪ :‬أصل الطروق الدفع‪ 7‬والضر وبذلك مسيت الطريق ألن املارة تدقها‬
‫بأرجلها ومسى اآلتى بالليل طارقاً ألنه حيتاج غالباً إىل دق الباب وقيل أصل الطروق السكون‪7‬‬
‫ومنه أطرق رأسه فلما كان الليل يسكن فيه مسى األتى فيه طارقاً ‪.‬‬
‫ِ‬
‫َح ُد ُك ُ‪7‬م الْغَْيبَةَ فَاَل يَطُْر ْق أ َْهلَهُ‬ ‫ـ وقول ‪ ‬ىف رواية أخرى صحيحة عن جابر ‪" : ‬إ َذا أَطَ َال أ َ‬
‫لَْياًل " وفيه التقييد‪ 7‬فيه بطول الغيبة ‪ ،‬أى يشري إىل أن علة النهى إمنا توجد حينئذ فاحلكم يدور‬
‫مع علته وجوداً وعدماً ‪ ،‬خبالف من خيرج هناراً‪ 7‬إىل عمله مث يعود ليالً ‪ ،‬وإمنا املراد من طالت‬
‫غيبته فال يطرق أهله ليالً بدون تنبيه خشية أن تقع عينه على ما يكره من عدم النظافة وحنوها‬
‫مما قد يسبب له النفرة ‪ ،‬والشرع احلكيم إمنا حيرض على السرت ‪ ،‬وقد وقع ىف بعض الروايات‬
‫س َعَثَراهِتِ ْ‪7‬م " ‪.‬‬ ‫م‬‫‪" :‬أَ ْن خُيَِّو َنهم أَو ي ْلتَ ِ‬
‫ُْ ْ َ َ‬
‫ـ فعلى الزوج عند عودته من العمل مثالً أال يهم على أهله ليالً فيفتح عليها الباب‬
‫"باملفتاح" دون االستئذان والتوطئة بدق "اجلرس" مثال لئال يرى منها ما يكون سبباً ىف نفرته‬
‫منها ‪ ،‬أو يطلع على عورة منها ال تريد منه أن يراها ‪.‬‬
‫وىف حديث اإلسراء واملعراج هذا األدب اللطيف ىف االستئذان ويظهر جلياً ىف دق جربيل‬
‫‪ ‬باب السماء‪ 7‬األوىل طلباً للصعود والدخول ‪ ،‬مث تكرر هذا األمر ىف كل مساء ‪ ،‬وسؤال‬
‫املالئكة الطارق فريد بامسه مث سؤاهلم عمن معه وهكذا… وىف هذا من احلكم واألدب ما‬
‫(‪)1‬‬
‫على املسلم من تأمله وتدبره‬

‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪. )2008\5‬‬


‫(‪ )4‬السابق ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر السراج الوهاج فى شرح حديث االسراء والمعراج لكاتب هذه السطور ‪ .‬ط ‪ :‬مكتبة العلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪119‬‬

‫ـ ومن السلوكيات التى على الرجل التحلى بها أيضاً ‪ :‬مراعاة غيرة النساء ‪.‬‬
‫ص ْح َف ٍة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫روى أنس قال ‪َ " :‬كا َن النَّيِب ‪ِ ‬عْن َد بع ِ ِ ِِ‬
‫ني بِ َ‬ ‫ت إِ ْح َدى( أ‪َُّ)2‬م َهات الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫ض ن َسائه فَأ َْر َسلَ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُّ‬
‫ت فَ َج َم َع النَّيِب ُّ ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت الَّيِت النَّيِب ُّ ‪ ‬يِف َبْيت َها يَ َد اخْلَادِم فَ َس َقطَت َّ‬ ‫ضرب ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ْح َفةُ فَا ْن َفلَ َق ْ‬ ‫ف َيها طَ َع ٌام فَ َ َ َ‬
‫ت أ ُُّم ُك ْم مُثَّ‬ ‫ار‬ ‫غ‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫الصح َف ِ‬
‫ة‬ ‫يِف‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ذ‬‫الصح َف ِة(‪ )3‬مُثَّ جعل جَي مع فِيها الطَّعام الَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َْ ُ َ َ َ‬ ‫فلَ َق َّ ْ‬
‫يحةَ إِىَل الَّيِت‬ ‫الصح َفةَ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حبس اخْل ِادم حىَّت أُيِت بِ ٍ ِ ِ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫ص ْح َفة م ْن عْند الَّيِت ُه َو يِف َبْيت َها فَ َدفَ َع َّ ْ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ‬
‫ك الْم ْكسور َة يِف بي ِ‬ ‫ِ‬
‫ت " (‪. )5‬‬ ‫ت الَّيِت َك َسَر ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫ص ْح َفُت َها َوأ َْم َس َ َ ُ َ َْ‬ ‫ت َ‬ ‫ُكسَر ْ‬
‫ـ ففى هذا احلديث التنبيه إىل عدم مؤاخذة الغرياء ألهنا ىف تلك احلالة يكون عقلها حمجوباً‬
‫بشدة الغضب‪ 7‬الذى أثارته الغرية ‪.‬‬
‫وأصل الغرية غري مكتسب للنساء لكن إذا أفرطت ىف ذلك بقدر زائد عليه تالم وضابط‬
‫ب‬ ‫ذلك ما ورد ىف احلديث اآلخر عن جابر بن عتيك األنصارى رفعه ‪" :‬إِ َّن ِم َن الْغَْيَر ِة َما حُيِ ُّ‬
‫ض اللَّهُ ‪ ‬فَأ ََّما الْغَْيَرةُ‬ ‫ِ‬
‫ب اللَّهُ ‪َ ‬ومْن َها َما َيْبغُ ُ‬ ‫ض اللَّهُ ‪َ ‬و ِم َن اخْلُيَاَل ِء َما حُيِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫اللَّهُ ‪َ ‬ومْن َها َما َيْبغُ ُ‬
‫ض اللَّهُ َعَّز َو َج َّل فَالْغَْيَرةُ يِف َغرْيِ ِريبَ ٍة ‪،‬‬ ‫ب اللَّه ‪ ‬فَالْغَيرةُ يِف ِّ ِ‬
‫الريبَة َوأ ََّما الْغَْيَرةُ الَّيِت َيْبغُ ُ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫الَّيِت حُي ُّ ُ‬
‫ال الَّ ِذي‪7‬‬ ‫الر ُج ِل بَِن ْف ِس ِه ِعْن َد الْ ِقتَ ِال َو ِعْن َد َّ‬
‫الص َدقَِة َوااِل ْختِيَ ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫اختِيَ ُ‬
‫ب اللَّهُ ‪ْ ‬‬ ‫ال الَّ ِذي‪ 7‬حُيِ ُّ‬‫َوااِل ْختِيَ ُ‬
‫اط ِل" (‪. )1‬‬ ‫يبغُض اللَّه ‪ ‬اخْلُياَل ء يِف الْب ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫ـ وهنا ننبه "الرجال" الذين هتاونوا ىف أجساد نسائهم فأصبحت‪ 7‬مرتعاً ألعني الذئاب ىف كل‬
‫مكان ‪ ،‬ىف الطريق ‪ ،‬ىف العمل ‪ ،‬ىف وسائل اإلعالم ‪ ،‬حىت دخل العرى والتهاون‪" 7‬بالعِرض"‬
‫بيوت املسلمني ـ إال من رحم اهلل ـ حىت يرى "الرجل" زوجته جتلس أمام "شقتها" مع جارهتا‬
‫وقد ارتدت ما يكشف كتفيها وبعض صدرها ‪ ،‬وساقيها ‪ ،‬أو جتالس أصدقاء الزوج ـ ىف‬
‫الزيارات ! ـ وقد تعرى صدرها أو ظهرها بعد أن تعرت هى من أوامر رهبا ‪ ،‬حىت صارت‬
‫"الدياثة" هى العرف السائد‪ 7‬ىف بيوت وشوارع املسلمني ‪ ،‬حىت أصبحت صاحبة النقاب هى‬
‫"العفريت" الذى‪ 7‬هتدد به بعض األمهات أبنائها الصغار!‪ 7‬وغدا "الرجل" يرى ابنته خترج إىل‬
‫(‪ )2‬وفيه عدم ترك أو رمى الطعام إذا وقع على األرض ‪.‬‬
‫(‪ )3‬تأمل هذا التواضع والمشاركة من الرسول ‪. ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫العوض ‪.‬‬
‫لحل "العوض" ‪ ،‬وبطالن قول البعض بحرمتة ِ‬ ‫وفى هذا بيان ِ‬
‫(‪ )5‬السابق ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه ابن حبان (‪ )530\1‬وأبو داود (‪ )50\3‬والنسائى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪120‬‬

‫"الدراسة" أو العمل وهى ترتدى "اجلينز أو االسرتيتش" وقد بدت عورهتا ومفاتن جسدها‬ ‫ِ‬
‫لكل لذى عينني‪ ،‬خترج الفتاة هبذا الزى ويراها األب وهو حيتسى كوب "الشاى" وال يتحرك‬
‫بتحول ىف حياة ابنته من‬ ‫ٍ‬ ‫فيه ساكناً ! بل وصل األمر ببعض األباء بضرب ابنته إذا شعر األب‬
‫التربج إىل االلتزام‪ 7‬بشرع رهبا وسرت عورهتا ! وقد نسى األب قول النىب‪ُ ": ‬كلُّ ُك ْم َر ٍ‬
‫اع‬
‫ول َع ْن َر ِعيَّتِ ِه" احلديث ‪ ،‬وغاب عن األب ىف دنيا الناس أنه سيقف يوماً بني‬ ‫َو ُكلُّ ُك ْم َم ْسئُ ٌ‬
‫يدى رب السموات واألرض‪ 7‬ليسأله عن تلك الذنوب الىت حتملها هو وابنته خبروجها متربجة ـ‬
‫وهو جيلس حيتسى شاى الصباح ! ـ فكل نظرة على املتربجة بذنب تتحمله هى ومن تركها‬
‫(‪)1‬‬
‫خترج هبذا‪ 7‬التربج والسفور‪ 7‬ـ وغاب عن األب والزوج‪ 7‬قوله ‪" : ‬ال يدخل اجلنة ديوث"‬
‫وهو الذى‪ 7‬يقر السوء ىف أهله ! ‪.‬‬
‫هلذا وجب على الزوج التنبيه واستنفار الغرية فيه على أهل بيته ‪ ،‬روى البخارى‪ 7‬عن سعد‬
‫ال النَّيِب ُّ ‪‬‬ ‫ص َف ٍح َف َق َ‬
‫ف َغْيَر ُم ْ‬ ‫السْي ِ‬
‫ضَر ْبتُهُ بِ َّ‬ ‫ت َر ُجاًل َم َع ْامَرأَيِت لَ َ‬ ‫بن عبادة أنه قال ‪" :‬لَ ْو َرأَيْ ُ‬
‫أََت ْع َجبُو َن ِم ْن َغْيَر ِة َس ْع ٍد أَل َنَا أَ ْغَي ُر ِمْنهُ َواللَّهُ أَ ْغَي ُر ِميِّن " (‪. )2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫وعن عبد اهلل عن النىب ‪ ‬قال ‪" :‬ما ِمن أ ٍ‬
‫ش‬
‫ك َحَّر َم الْ َف َواح َ‬ ‫َج ِل ذَل َ‬ ‫َحد أَ ْغَي ُر م َن اللَّه م ْن أ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ح ِم َن اللَّ ِه" (‪. )3‬‬ ‫ب إِلَْي ِه الْ َم ْد ُ‪7‬‬‫َح َّ‬
‫َح ٌد أ َ‬
‫َو َما أ َ‬
‫َح ٍد أَ ْغَي ُر‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫و عن عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪" :‬يَا أ َُّمةَ حُمَ َّمد َواللَّه َما م ْن أ َ‬
‫ض ِح ْكتُ ْم قَلِياًل‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫م َن اللَّه أَ ْن َي ْزيِن َ َعْب ُدهُ أ َْو َت ْزيِن َ أ ََمتُهُ يَا أ َُّمةَ حُمَ َّم ‪7‬د َواللَّه لَ ْو َت ْعلَ ُمو َن َما أ َْعلَ ُم لَ َ‬
‫َولبَ َكْيتُ ْم َكثِ ًريا" (‪. )4‬‬
‫س َش ْيءٌ أَ ْغَيَر ِم َن اللَّهِ‬ ‫وعن عروة بن الزبري عن أمه أمساء أهنا مسعت رسول اهلل‪ ‬يقول ‪" :‬لَْي َ‬
‫‪. ) " (5‬‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الطيالسى (‪ )89\1‬وغيره ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪. )2002 \5‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬السابق ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪121‬‬

‫ـ ومن أبواب حسن العشرة أيضاً ‪ :‬النهى عن الضرب المبرح ‪:‬‬


‫وه َّن فَِإ ْن‬ ‫ـ قال تعاىل ‪( :‬والالَّيِت خَت افُو َن نُشوزه َّن فَعِظُوه َّن واهجروه َّن ىف الْم ِ‬
‫اض ِربُ ُ‬
‫ضاج ِع َو ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ْ ُُ ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أَطَ ْعنَ ُك ْم فَالَ َتْبغُواْ َعلَْي ِه َّن َسبِيالً إِ َّن اللّهَ َكا َن َعلِيًّا َكبِ ًريا) (النساء ‪ )34 :‬وقال‪" : ‬فَِإ ْن َف َع ْل َن‬
‫ض ْربًا َغْيَر ُمَبِّر ٍح فَِإ ْن أَطَ ْعنَ ُك ْم فَاَل َتْبغُوا َعلَْي ِه َّن َسبِياًل "‬ ‫فَاهجروه َّن يِف الْم ِ‬
‫اض ِربُ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫وه َّن َ‬ ‫ضاج ِ‪7‬ع َو ْ‬‫َ َ‬ ‫ْ ُُ ُ‬
‫‪.‬‬
‫يقع كثري من األزواج ىف خطأ عظي ٍم وهو تعد حدود اهلل‪ ‬ىف مراتب تأديب النساء ‪ ،‬فيبدأ‬
‫أحدهم أول ما يبدأ بالضرب ‪ ،‬وقد أرشد تعاىل عباده املؤمنني إىل كيفية تأديب املرأة الىت‬
‫ختاف نشوزها ‪ ،‬فبدأ تعاىل مبوعظة الزوجة وختويفها‪ 7‬عذاب اهلل ‪ ‬إن هى عصت زوجها ‪،‬‬
‫وأنه جنة املرأة أو نارها ‪ ،‬وأنه لو كان ألحد أن يسجد ألحد لسجدت املرأة لزوجها من فرط‬
‫طاعته عليها ‪ ،‬واصحب‪ 7‬هذه املوعظة ببيان مدى حبك هلا ‪ ،‬وليكن أمامك قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ُ) (المؤمنون ‪ ، )96 :‬وقوله ‪‬‬ ‫ْسَن‬ ‫َح‬‫ِيَ أ‬ ‫ِي ه‬ ‫ِالت‬‫ْ ب َّ‬ ‫َع‬ ‫(اْ‬
‫دف‬
‫‪" :‬اَل تَ ْك ِس ِر الْ َق َوا ِر َير" (‪ ، )2‬واملراد بالقوارير ‪ :‬مجع قارورة وهى الزجاجة ‪ ،‬واملراد ‪ :‬النساء ‪،‬‬
‫وإمنا شبههم ‪ ‬بالقوارير‪ : 7‬أى الزجاج ‪ :‬لرقتهن وضعفهن ولطفهن ‪.‬‬
‫فإن هى مل تتعظ وتثب إىل رشدها انتقل الزوج إىل املرحلة الثانية ىف التأديب وهى "اهلجر‬
‫ىف الفراش" فيهجر الرجل زوجته ىف فراشها ويوليها قفاه ‪ ،‬أو يهجر حديثها إظهاراً لغضبه ‪.‬‬
‫فإن عادت إىل حظرية الطاعة فبها ونعمت‪ ، 7‬وإال انتقل إىل املرتبة الثالثة وهى الضرب لقوله‬
‫وه َّن) ‪ ،‬وقوله‪ ‬ىف حديث عمرو بن األحوص أنه شهد حجة الوداع مع‬ ‫اض ِربُ ُ‬
‫(و ْ‬
‫تعاىل ‪َ :‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فذكر حديثاً طويالً وفيه ‪" :‬فَِإ ْن َفع ْلن فَاهجروه َّن يِف الْم ِ‬
‫اض ِربُ ُ‬
‫وه َّن‬ ‫ضاج ِ‪7‬ع َو ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ُُ ُ‬
‫اض ِربُ ُ‬‫ض ْربًا َغْيَر ُمَبِّر ٍح" احلديث ‪ ،‬وىف حديث جابر الطويل عند مسلم "فَِإ ْن َف َع ْل َن فَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫وه َّن‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى وابن ماجة وأبو داود ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ومسلم بنحوه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى وابن ماجة وأبو داود ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪122‬‬

‫ض ْربًا َغْيَر ُمَبِّر ٍح" (‪ )2‬أى غري مؤمل (‪ ، )3‬وروى‪ 7‬البخارى‪ 7‬عن عبد اهلل بن زمعة عن النىب ‪: ‬‬ ‫َ‬
‫آخ ِر الَْي ْوِم" (‪. )4‬‬
‫"اَل جَي لِ ُد أَح ُد ُك ‪7‬م امرأَتَه ج ْل َد الْعب ِ‪7‬د مُثَّ جُي ِامعها يِف ِ‬
‫َ َُ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ ُ َ َْ‬
‫ـ فضرب النساء ال يباح مطلقاً بل فيه ما يكره كراهة تنزيه أو حترمي ‪ ،‬فهو ضرب تأديب‬
‫األمة أو ضرب التعذيب ‪ ،‬وليحذر‪ 7‬الوجه ‪.‬‬ ‫وليس ضرب العبد‪ 7‬أو َ‬
‫وقد جاء النهى عن ضرب النساء مطلقاً فعند أمحد وأىب داود والنسائى‪ 7‬وصححه بن‬
‫ض ِربُ َّن إِ َماءَ اللَّ ِه فَ َجاءَ عُ َم ُر‬
‫حبان واحلاكم من حديث إياس بن عبد اهلل بن أىب ذباب ‪" :‬اَل تَ ْ‬
‫ول اللَّ ِه قَ ْد َذئِر النِّساء علَى أ َْزو ِاج ِه َّن فَأْمر بِ ِ‬ ‫إِىَل النَّيِب ِّ ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ض ِربْ َن ‪ ،‬فَطَ َ‬
‫اف‬ ‫ض ْرهِب َّن فَ ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ال ‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫آل حُمَ َّم ٍ‪7‬د َسْبعُو َن ْامَرأًَة ُك ُّل‬ ‫اف اللَّيلَةَ بِ ِ‬ ‫آل حُم َّم ٍد ‪ ‬طَائِ ِ ٍ ِ‬
‫ال لََق ْد طَ َ ْ‬ ‫ف ن َساء َكث ٍري َفلَ َّما أ ْ‬
‫َصبَ َح قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫بِ ِ َ‬
‫ك ِخيَ َار ُك ْم" (‪ )5‬وله شاهد من حديث ابن عباس ىف‬ ‫ٍ‬
‫ْامَرأَة تَ ْشتَ ِكي َز ْو َج َها فَاَل جَتِ ُدو َن أُولَئِ َ‬
‫صحيح ابن حبان وآخر مرسل من حديث أم كلثوم بنت أىب بكر عند البيهقى ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬ذئر" بفتح املعجمة وكسر اهلمزة بعدها راء أى نشز بنون ومعجمة وزاى‪، 7‬‬
‫وقيل معناه غضب واستب ‪ ،‬قال الشافعى ‪ :‬حيتمل أن يكون النهى على االختيار واألذن فيه‬
‫على اإلباحة وحيتمل أن يكون قبل نزول اآلية بضرهبن ‪ ،‬مث إذن بعد نزوهلا فيه ‪.‬‬
‫ـ وىف قوله ‪" :‬أن يضرب خياركم‪ : 7‬داللة على أن ضرهبن مباح ىف اجلملة وحمل ذلك أن‬
‫يضرهبا تأديباً إذا رأى منها ما يكره فيما جيب عليها فيه طاعته فإن اكتفى بالتهديد‪ 7‬وحنوه‬
‫كان أفضل ومهما أمكن الوصول إىل الغرض‪ 7‬باإليهام ال يعدل إىل الفعل ملا ىف وقوع ذلك من‬
‫النفرة املضادة حلسن املعاشرة املطلوبة ىف الزوجية إال إذا كان ىف أمر يتعلق مبعصية اهلل وقد‬
‫أخرج النسائي ىف الباب حديث عائشة ‪" :‬ما ضرب رسول اهلل ‪ ‬امرأة له وال خادماً قط‬
‫وال ضرب بيده شيئاً قط إال ىف سبيل اهلل ‪ ‬أو تنتهك حرمات اهلل فينتقم هلل" (‪. )1‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪.‬‬


‫(‪ )3‬كان ‪ ‬إذا ضرب ضرب بالسواك ! أما أزواج اليوم فال يكفى أحدهم (شجرة السواك) وإنما يلجأ بعضهم إلى ضرب الزوجة تارة بالعصا الغليظة ـ وتارة بـ‬
‫"الخرطوم" وتارة بكل ما أوتى من قوة ذراع وأرجل ! وكأنه يتعامل مع عبد من عبيد عصر الجاهلية األولى ‪ ،‬ومما يؤسف له أن عادة ضرب الزوجات‬
‫جدار عظيم بينه وبينها‪ ، S‬يصبح من الصعب جداً هدم هذا‬
‫ٍ‬ ‫متفشية جداً لدى الكثير من االزواج ‪ ،‬والمرأة تقول ‪ :‬أن الرجل حين يضرب زوجته يقوم ببناء‬
‫الجدار ‪ ،‬تشعر بإهدار كرامتها واستهانة زوجها بها مما يؤدىفى النهاية إلى مفترق الطريق بينهما‪ ، S‬إلى الطالق ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى (‪. )1997\5‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه الدارمي وابن حبان ( ‪)319\1‬والنسائي فى الكبري ( ‪ )371 \5‬وغيرهما‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر فتح البارى (‪ )303\9‬بتصرف ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪123‬‬

‫ـ فالزوج ال يلجأ إىل الضرب إال بعد أن يستنفذ السبل واملراتب الىت بينها تعاىل ىف كتابه ‪،‬‬
‫وكلما ابتعد الزوج عن الضرب كان له أفضل ‪ ،‬وقال‪" : ‬علقوا السوط‪ 7‬حيث يراه أهل‬
‫البيت ‪ ،‬فإنه أدب هلم" (‪. )2‬‬
‫قال ابن األنبارى ‪ :‬مل يرد الضرب به ألنه مل يأمر بذلك أحداً ‪ ،‬وإمنا أراد أال ترفع أدبك‬
‫عنهم (‪. )3‬‬
‫ـ ومن السلوكيات أيضاً ‪ :‬أن يتأدب الرجل بأدب خلع احلذاء عند ولوجه بيته ىف املكان‬
‫املخصص له ‪.‬‬
‫ـ أن يتأدب بأدب وضع مالبسه عند خلعها ىف مكاهنا املخصص هلا ‪ ،‬كى ال يرهق زوجه‬
‫بكثرة األعمال ىف البيت‪. 7‬‬
‫ـ كما على الزوج أيضاً أن يعرف حقوق وواجبات أهل عروسه ‪ ،‬فيكون ىف استقباهلما‬
‫باإلبتسامة والرتحيب‪ 7‬وجمالستهم‪…7‬‬
‫ـ ومن السلوكيات أيضاً التى على الزوج أن يتحلى بها فى بيته ‪:‬‬
‫ـ احلذر مما يقع فيه كثري من األزواج‪ 7‬حيث ترى بعضهم وقد ظن أنه بزواجه فهو صاحب‬
‫البيت ومالكه وكأنه يعيش فيه وحده ‪ ،‬فال تراه زوجه إال وهو رث الثياب ـ ما دام داخل‬
‫البيت !!! ـ وال تشم منه إال أقذر ريح ! سواء كان جالساً أم قائماً ! (‪. )1‬‬
‫ـ ترخيم اسم الزوجة ‪ :‬عن أىب سلمة إن عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ قالت ‪" :‬قال رسول اهلل‬
‫‪ ‬يوماً ‪ :‬يا عائش هذا جربيل يقرئك السالم ‪ ،‬فقلت وعليه السالم ورمحة اهلل وبركاته ‪،‬‬
‫ترى ما ال أرى ‪ ،‬تريد رسول اهلل‪. ) " (2‬‬
‫أيضا ‪ :‬أن ي ّذكر الرجل زوجه بأهنا أمجل هدية قدمتها‪ 7‬له فالنة حني‬
‫ـ ومن السلوكيات ً‬
‫عرضتها عليه ‪ ،‬وأهنا أمجل من دخل حياته ‪ ،‬وأنه سعيد هبذا‪ 7‬الزواج وحنو هذا ‪.‬‬

‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه الطبرانى ‪.‬‬


‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬فيض القدير للمناوى (‪. )325\4‬‬
‫(‪ )1‬من فساء وضراط وجشاء ‪ ،‬بل انى أعرف أحدهم يستحى أن "يقضى حاجته" فى بيته ! ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه صحيح البخارى (‪ )3/1374‬ومسلم (‪. )1896\4‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪124‬‬

‫ـ أن يطعمها ‪ :‬بأن يضع اللقمة ىف فيها ـ وله فيها أجر ـ أثناء األكل ‪ ،‬وأن يكثر من املزاح‬
‫اعةً" ‪ ،‬أخرجه مسلم ‪.‬‬ ‫وس‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫اع‬ ‫س‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫َ‬‫ظ‬‫ن‬‫ْ‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫(‪ )3‬واالبتسام خفيف الظل ‪ ،‬أثناء الطعام ‪" ،‬ولَ ِ‬
‫ك‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ـ ومن السلوكيات أيضاً ‪ :‬ما يفعله بعض األزواج‪ 7‬مبحادثة زوجته من عمله ليطمئن عليها‬
‫‪ ،‬وما أمجل أن حيدثها ىف اهلاتف بعد خروجه من البيت‪ 7‬أو ىف عمله أو قبل عودته فيقول هلا ‪:‬‬
‫أحبك … ‪ ،‬وما أروع هذه الكلمة وأوقعها عند الزوجة ‪ ،‬وما أمجل هذا الفعل أيضاً من‬
‫الزوجة لزوجها‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يعود إىل بيته ومعه هديته ‪ :‬زهرة ‪ ،‬شيكوالته ‪ ،‬مصاصة ! نعم مصاصة ‪ ،‬فقط‬
‫تشعر الزوجة أنك تتذكرها دوماً ‪ ،‬علبة حلوى ‪ ،‬شئ حتبه الزوجة ويعرف الزوج هذا منها ‪،‬‬
‫إىل غري ذلك ‪ ،‬فسبل التعبري عن حبك لزوجتك وأهنا معك دائماً وتفكر فيها دوماً كثرية ‪،‬‬
‫فقط أطرق الباب ‪ ،‬وستجد أضعاف هذا من زوجتك ‪.‬‬
‫ـ ومن السلوكيات أيضاً ‪ :‬تزين الرجل لزوجته ‪ :‬فعلى الرجل أن يتزين ألهله كما حيب‬
‫أن تتزين هى له (‪ ، )1‬وقد كان ‪ ‬يتزين ألهله ‪ ،‬وكان من خري زينته السواك ‪ ،‬كما سئلت‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫ت ‪ :‬بِ ِّ‬
‫الس َواك‬ ‫أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ عما كان يبدأ به ‪ ‬عند دخوله بيته ؟ قَالَ ْ‬
‫‪.‬‬
‫ُوفِ)‬ ‫ْر‬ ‫َع‬‫ِالم‬
‫َّ ب ْ‬ ‫ِن‬‫ْه‬ ‫لي‬ ‫ََ‬ ‫ُ الذى ع‬ ‫ْل‬ ‫ِث‬ ‫َّ م‬ ‫هن‬ ‫وقد قال تعاىل ‪( :‬و‬
‫ََلُ‬
‫ال" (‪ )1‬فكما أن للمرأة أن‬ ‫يل حُيِ ُّ‬
‫ب اجْلَ َم َ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫(البقرة ‪ ، )228 :‬وقال‪" : ‬إ َّن اللهَ مَج ٌ‬
‫تتزين لزوجها ‪ ،‬على الرجل أيضاً أن يتزين لزوجه ‪ ،‬وكما حيب منها أن‬
‫تستحم ومتشط شعرها وتتطيب وحنو هذا قبل اجلماع ‪ ،‬فعليه أيضاً مثل هذا‬
‫‪ ،‬فكما يريد أن ال يشم منها إال أطيب ريح ‪ ،‬فلها أيضاً مثل ذلك ‪،‬‬

‫(‪ )3‬وهنا ننبه ‪ :‬إلى مزاح البعض من االزواج مع نسائهم "سخيفاً" قد يؤدى فى بعض األحيان إلى "الطالق !" نعم إلى الطالق ‪ ،‬كمن كان يمزح مع زوجته ـ‬
‫وكانت سمينة ـ ويقول ‪ :‬زوجتى لو دخل الحرامى لجلست عليه حتى يحتنق ـ تفطسه ـ فجرح الزوجة أيما ألم وجرح ‪ ،‬وكان الطالق ! ‪ ،‬ومنهم‪ S‬من يقول ‪ :‬أنا‬
‫مجوز راجل ما يتخاف عليها ‪ ،‬وهذا كسابقه ! ومن النساء من تمزح مزاحا ً يعلوه السخرية وإن كانت ال تعى هذا ‪ ،‬كمن قالت لزوجها ـ وكان نحيفا ً ـ ده‬
‫مفيهوش‪ S‬نفس !! ‪ ،‬ومنهم‪ S‬من تشعره بضعفه جنسيا ً مزاحا ً بدون قصد منها ‪.‬‬
‫والمراد ‪ :‬أن يكون الزوج على حذر حتى فى مزاحه مه زوجته فيحافظ على مشاعرها الرقيقة ‪ ،‬فال يضاحكها بما يجرح شعروها ‪ ،‬فهى كالغشاء الرقيق الذى‬
‫يتأثر بصغير األمور من حب أو كره ‪ ،‬وكذا الزوجة لتكن على حذر من مزاح الزوج بما يؤلمه أو يحط منه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬ومثل هذا هو من باب "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ‪ ،‬فيتفقد الرجل ثغره ‪ ،‬وكذا المرأة ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‪ .‬وانظر ‪ :‬شرح االسم فى كتاب "القول االسنى فى شرح اسماء هللا الحسنى" ط ‪ :‬مكتبة العلم ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪125‬‬

‫فعليه أن ال تشم منه إال أطيب ريح ‪ ،‬وكما يريد منها أال يراها ىف ثياب‬
‫رثة ‪ ،‬فلها أيضاً وعليه أن ال تراه ىف ثياب رثة ‪ ،‬وقد روى عن ابن‬
‫ـ رضى اهلل عنهما ـ أنه قال ‪ :‬إىن ألتزين إلمراتى كما تتزين‬ ‫عباس‬
‫ىل ‪.‬‬

‫ـ سلوكيات الزوجة ‪:‬‬


‫ومن السلوكيات التى على المرأة التحلى بها فى البيت ‪:‬‬
‫ـ تحريم إفشاء سر اإلفضاء ‪:‬‬
‫وليحذر‪ 7‬الزوجان من إفشاء أسرار اجلماع كما جيرى على ألسنة كثري من الشباب غري امللتزم‬
‫بدينه من التفاخر والتباهى مبا جيرى بني وبني أهله وأنه ظل ميارس العملية اجلنسية فرتة كذا‬
‫ضي إِىَل ْامَرأَتِِه‬ ‫الرجل ي ْف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َشِّر الن ِ ِ ِ‬ ‫وكذا ! لقوله ‪" : ‬إِ َّن ِم ْن أ َ‬
‫َّاس عْن َد اللَّه َمْن ِزلَةً َي ْو َم الْقيَ َامة َّ ُ َ ُ‬
‫ت ِعْن َد‬ ‫ضي إِلَْيه مُثَّ َيْن ُش ُر سَّر َها" وعن أمساء بن يزيد ـ رضى اهلل عنها ـ ‪" :‬أَنَّ َها َكانَ ْ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫و ُت ْف ِ ِ‬
‫َ‬
‫ول َما َي ْف َع ُل بِأ َْهلِ ِه َولَ َع َّل ْامَرأًَة‬ ‫ود ِعْن َدهُ ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال لَ َع َّل َر ُجاًل َي ُق ُ‬ ‫ِّساءُ ُقعُ ٌ‬ ‫ال َوالن َ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬و ِّ‬
‫الر َج ُ‬ ‫رس ِ‬
‫َُ‬
‫ول اللَّ ِه إِنَّ ُه َّن لََي ُق ْل َن َوإِنَّ ُه ْم لََي ْف َعلُو َن‬
‫ت إِي َواللَّ ِه يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ت َم َع َز ْوج َها فَأ ََر َّم الْ َق ْو ُم َف ُق ْل ُ‬‫خُتْرِب ُ مِب َا َف َعلَ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫َّاس َيْنظُُرو َن"‬ ‫يِف ِ ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال ‪ :‬فَاَل َت ْفعلُوا فَِإمَّنَا َذلِ َ ِ‬
‫ك مثْ ُل الشَّْيطَان لَق َي َشْيطَانَةً طَريق َفغَشَي َها َوالن ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬قَ َ‬
‫‪.‬‬
‫ففى هذا بيان حرمة نشر وإفشاء أمور االستمتاع ووصف تفاصيله ‪ ،‬فأما جمرد ذكر اجلماع‬
‫"و َم ْن َكا َن‬ ‫فإن مل تكن فيه فائدة وال إليه حاجة فمكروه ألنه خالف املروءة ‪ ،‬وقد قال‪َ : ‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت" (‪ )1‬وإن كان إليه حاجة أو ترتب عليه فائدة‬ ‫يُ ْؤم ُن بِاللَّه َوالَْي ْو ‪7‬م اآْل خ ِر َف ْلَي ُق ْل َخْيًرا أ َْو ليَ ْ‬
‫ص ُم ْ‬
‫بأن ينكر عليه إعراضه عنها أو تدعى عليه العجز عن اجلماع أو حنو ذلك فال كراهة ىف ذكره‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )2240\5‬ومسلم (‪. )68\1‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪126‬‬

‫ـ ومما يؤسف له أن ظاهرة إفشاء أسرار اجلماع أصبحت فاشية وظاهرة بني كثري من النساء‬
‫‪ ،‬حىت إذا إجتمع بعضهن فال يكون احلديث إال عن اجلماع وما ترتديه كل منهن لزوجها‬
‫عند اجلماع ‪ ،‬وتروى هذه ‪ ،‬وحتكى تلك ‪ ،‬ماذا ترتدى وماذا تفعل ؟ وىف هذا استثارة ملن‬
‫ال متلك مثل ما متلك املتحدثة من مالبس ‪ ،‬مما يثري الضغائن بني النساء وأزواجهن ‪ ،‬بل وصل‬
‫األمر ببعضهن أن يكون احلديث عن مدة فرتة اجلماع ‪ ،‬فرتوى هذه أن زوجها يعاشرها فرتة‬
‫كذا ‪ ،‬وتلك تتباهى أن زوجها أشد منه وأقوى إذا تكون معاشرته هلا تستمر فرتة كذا ‪ ،‬مما‬
‫جيعل بعضهن يسئن الظن بأزواجهن وأهنم غري كفء هلن !! ومما جيعل املرأة اللعوب تنظر إىل‬
‫زوج تلك الذى‪ 7‬يطيل فرتة اجلماع كذا‪ 7‬وكذا فرتمى شباكها عليه فتكون قد جنت على‬
‫نفسها براكش ‪.‬‬
‫ـ فاحلذر احلذر أختاه من نشر وإفشاء سر اجلماع بينك وبني زوجك حىت حتفظي عليك‬
‫بيتك وزوجك ‪.‬‬
‫ـ عدم إستقبال الرجل بعد عودته من عمله بـ "دخول الحمام" !!! ‪:‬‬
‫فان بعض من النساء يقعن ىف هذا اخلطأ الفاحش ‪ ،‬وذلك حينما تستقبل الزوجة زوجها‬
‫بعد عودته من عمله بتزيني نفسها ‪ ،‬فتبدأ أول ما تبدأ بدخول احلمام لقضاء حاجتها !!! ‪ ،‬مث‬
‫االستحمام …اخل ‪ ،‬مما يؤدى إىل نفور الرجل ‪ ،‬خاصة إذا كانا يعيشان ىف مكان غري متسع ‪،‬‬
‫فيشم الرجل من املرأة ما يكره ‪ ،‬فينفر منها ‪.‬‬
‫وإمنا عليها "قضاء حاجتها" والتزين لزوجها قبل موعد عودته إىل البيت‪ ، 7‬فريى منها أول ما‬
‫يرى عند ولوجله بيته أمجل ما يريده من زوجته ‪.‬‬
‫ـ التحذير من كفران العشير ‪:‬‬
‫س َعلَى َع ْه ِد‬ ‫ُ‬ ‫َّم‬
‫ْ‬ ‫الش‬ ‫ت‬‫روى البخارى‪ 7‬عن عبد اهلل بن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ ‪" :‬قَ َال خس َف ِ‬
‫ََ‬
‫ور ِة الَْب َقَر ِة مُثَّ َر َك َ‪7‬ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬فَصلَّى رس ُ َّ ِ‬ ‫رس ِ‬
‫َّاس َم َعهُ َف َق َام قيَ ًاما طَ ِوياًل حَنْ ًوا م ْن ُس َ‬ ‫ول الله ‪َ ‬والن ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعا طَ ِوياًل َو ُه َو‬ ‫وعا طَ ِوياًل مُثَّ َرفَ َ‪7‬ع َف َق َام قيَ ًاما طَ ِوياًل َو ُه َو ُدو َن الْقيَ ِام اأْل ََّو ِل مُثَّ َر َك َ‪7‬ع ُر ُك ً‬
‫ُر ُك ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وع اأْل ََّو ِل مُثَّ َس َج َد مُثَّ قَ َام َف َق َام قيَ ًاما طَ ِوياًل َو ُه َو ُدو َن الْقيَ ِام اأْل ََّو ِل مُثَّ َر َك َع ُر ُك ً‬
‫وعا‬ ‫الر ُك ِ‬ ‫ُدو َن ُّ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪127‬‬

‫وع اأْل ََّو ِل مُثَّ َرفَ َ‪7‬ع َف َق َام قِيَ ًاما طَ ِوياًل َو ُه َو ُدو َن الْ ِقيَ ِام اأْل ََّو ِل مُثَّ َر َك َ‪7‬ع‬ ‫الر ُك ِ‬ ‫طَ ِوياًل َو ُه َو ُدو َن ُّ‬
‫ال‬
‫س َف َق َ‬ ‫َّم‬ ‫الش‬ ‫ت‬‫ف وقَ ْد جَت لَّ ِ‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫س‬ ‫ع‬
‫‪7‬‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫وع اأْل ََّو ِ‬
‫ل‬ ‫الر ُك ِ‬ ‫وعا طَ ِوياًل َو ُه َو ُدو َن ُّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬‫مُث‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬‫مُث‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬‫مُث‬ ‫ُر ُك ً‬
‫ِ‬ ‫ت أ ٍ حِل‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك‬ ‫َحد َواَل َيَاتِِه فَِإ َذا َرأ َْيتُ ْم َذل َ‬ ‫ِِ‬
‫س َوالْ َق َمَ‪7‬ر َآيتَان م ْن آيَات اللَّه اَل خَي ْس َفان ل َم ْو َ‬ ‫َّم َ‬ ‫إ َّن الش ْ‬
‫ِ‬
‫ال‬
‫ت َف َق َ‬ ‫اك تَ َك ْع َك ْع َ‬
‫ك َه َذا مُثَّ َرأ َْينَ َ‬ ‫ت َشْيئًا يِف َم َق ِام َ‬ ‫ول اللَّ ِه َرأ َْينَ َ‬
‫اك َتنَ َاولْ َ‬ ‫فَاذْ ُك ُروا اللَّهَ قَالُوا‪ 7‬يَا َر ُس َ‬
‫ت ُّ‬
‫الد ْنيَا‬ ‫إِيِّن رأَيت اجْل نَّةَ أَو أُِريت اجْل نَّةَ َفَتنَاولْت ِمْنها عْن ُقودا ولَو أَخ ْذتُه أَل َ َك ْلتُم ِمْنه ما ب ِقي ِ‬
‫ْ َُ ََ‬ ‫َ ُ َ ُ ً َْ َ ُ‬ ‫َُْ َ ْ ُ َ‬
‫ال‬‫ول اللَّ ِه قَ َ‬ ‫ِّساءَ قَالُوا مِلَ يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ت أَ ْكَثَر أ َْهل َها الن َ‬ ‫ط َو َرأَيْ ُ‬‫َّار َفلَ ْم أ ََر َكالَْي ْوِم َمْنظَرا قَ ُّ‬
‫ً‬ ‫ت الن َ‪7‬‬ ‫َو َرأَيْ ُ‬
‫ِ‬ ‫يل يَ ْك ُف ْر َن بِاللَّ ِه قَ َ‬ ‫بِ ُك ْف ِر ِه َّن قِ‬
‫ت إِىَل إِ ْح َد ُاه َّن الد ْ‬
‫َّهَر‬ ‫َح َسْن َ‬ ‫ال يَ ْك ُف ْر َن الْ َعش َري‪َ 7‬ويَ ْك ُف ْر َن اإْلِ ْح َسا َن لَ ْو أ ْ‬ ‫َ‬
‫ط" ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ك َخْيرا قَ ُّ‬ ‫ك َشيئًا قَالَت ما رأَي ِ‬ ‫مُثَّ رأ ِ‬
‫ت مْن َ ً‬ ‫ْ َ َُْ‬ ‫َت مْن َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ـ العشري ‪ :‬أى الزوج ‪ ،‬من املعاشرة ‪ ،‬وهذا هو حال املرأة إذا أحسنت إليها الدهر كله ‪،‬‬
‫قوالً وفعالً ‪ ،‬مث أنت مل تلىب هلا طلباً من ملبس أو مأكل أو تنزه وحنو هذا ‪ ،‬قالت‪ : 7‬ومىت‬
‫رأيت منك اخلري منذزواجنا ‪ ،‬ومىت كنت حانياً رقيقاً شفيقاً مرحاً جواداً ‪ ،‬هذه هى حياتى‬
‫معك ‪ :‬شقاء وعناء منذ أول ليلة من زواجنا التعيس …‪.‬‬
‫ـ ويرتبط بالسابق ‪ :‬احلذر من ذكر املرأة مساوئ ومعايب الزوج عند الشجار‪ 7‬أو اخلالف‬
‫والشقاق ‪ ،‬له أو لغريه ‪ ،‬وهذا الفعل من الزوجة يوغر صدر‪ 7‬الرجل جداً ‪ ،‬فلتكن منه املرأة‬
‫على حذر‪.‬‬
‫ـ وماذا إذا كان الزوج بخيالً ؟‬
‫وأما إذا كان الزوج خبيالً فلزوجته أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها أن كان هلا‬
‫ولد ‪ ،‬فقد روى البخارى أن هند امرأة أىب سفيان جاءت يوماً إىل رسول اهلل ‪ ‬فقالت له ‪:‬‬
‫وف‬ ‫ال خ ِذي ما ي ْك ِف ِ‬
‫يك وولَ َد ِك بِالْمعر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫إِ َّن أَبا س ْفيا َن رجل َش ِحيح فَأَحتَاج أَ ْن آخ َذ ِمن مالِِ‬
‫ه‬
‫َ ُْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ٌ ْ ُ‬ ‫َ ُ َ َ ٌُ‬
‫(‪. )1‬‬
‫ـ فكيف تُظهر المرأة غضبها ؟‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1994\5‬ومسلم (‪. )1512‬‬


‫(‪ )1‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪128‬‬

‫ـ إن للمرأة ىف إظهار غضبها من زوجها أنواعاً وطرقاً شىت ‪ ،‬فمنهم من حتيل حياة زوجها‬
‫جحيماً ال يطاق ‪ ،‬تارة بالصوت وتارة بالفعل ‪ ،‬أو جتمع كالً له !! ومنهن من هتجر الفراش‪7‬‬
‫‪ ،‬ومنهن من هتجر البيت‪ 7‬كله خملفة ورائها‪ 7‬كل "فضاء" ىف حياهتا وبيتها ‪ ،‬ومنهن من تشتكى‬
‫اجلارات واجلريان…‪.‬‬
‫ولك أن تتأمل عمل أم املؤمنني عائشة ىف بيان وإظهار غضبها ‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ‬لعائشة‬
‫ول اللَّ ِه ؟ قَ َ‬
‫ال‬ ‫ف َذ َاك يَا َر ُس َ‬‫ف َت ْع ِر ُ‬
‫ت ‪َ :‬و َكْي َ‬ ‫ت ‪ُ :‬ق ْل ُ‬ ‫اك ‪ ،‬قَالَ ْ‪7‬‬‫ك و ِرض ِ‬
‫ضبَ ِ َ َ‬ ‫ف َغ َ‬ ‫يوماً ‪" :‬إِيِّن أَل َْع ِر ُ‬
‫ب إِبر ِ‬ ‫تس ِ‬
‫اخطَةً ُق ْل ِ‬ ‫ب حُم َّم ٍ‪7‬د وإِ َذا ُكْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يم ‪،‬‬
‫ََ َ َ‬‫اه‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫اَل‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫‪ :‬إنَّك إ َذا ُكْنت َراضيَةً ُق ْلت َبلَى َو َر ِّ َ َ‬
‫ِ‬
‫ك (‪. )2‬‬ ‫ت أ َُهاج ُر إِاَّل امْسَ َ‬‫َج ْل لَ ْس ُ‬
‫ت‪:‬أَ‬ ‫ت‪ُ :‬ق ْل ُ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ـ ففيه استقراء الرجل حال زوجته من فعلها أو قوهلا ‪ ،‬والعمل‪ 7‬على إصالح ما بينه وبينها‬
‫ليعود احلب والوئام إىل حياهتما ‪ ،‬وتأمل قول أم املؤمنني ـ رضى اهلل عنها ـ الىت مل هتجر البيت‪7‬‬
‫أو الفراش أو تفعل كذا‪ 7‬وكذا من فعل نساء املسلمني اليوم‪ ، 7‬إمنا فقط كانت هتجر اسم النىب‬
‫‪ ‬إىل اسم إبراهيم ‪. ! ‬‬
‫ـ وليكن الزوج صبوراً‪ 7‬حليماً عند غضب الزوجة أو تدللها !! ‪.‬‬
‫وللزوجة أسوق إليها هذا احلديث الطيب ‪ :‬عن عائشة رضى اهلل عنها ‪ :‬قالت " ما غرت‬
‫للنيب ‪ ‬على امرأة من نسائه ما غرت على خدجية لكثرة ذكره إياها ‪ ،‬وما رأيتها قط" ‪،‬‬
‫وتقول أيضاً ‪ " :‬استأذنت هالة بنت خويلد أخت خدجية على رسول اهلل ‪ ‬فعرف استئذان‬
‫خدجية(‪ )1‬فارتاح لذلك فقال ‪ :‬اللهم هالة بنت خويلد(‪ )2‬فغرت ‪ ،‬فقلت ‪ :‬وما تذكر من‬
‫عجو ٍز من عجائز قريش ‪ ،‬محراء الشدقني ‪ ،‬هلكت يف الدهر فأبدلك اهلل خرياً منها"(‪. )3‬‬
‫ـ فماذا عن الزوجة التى ال تحمد زوجها ‪ ،‬مما يؤدى إلى وقوع كثير من المشاكل بين‬
‫الزوجين ؟‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬


‫(‪ )1‬أى ‪ :‬يشبه استأذان خديجة رضى هللا عنها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى ‪ :‬اللهم اجعلها هالة بنت خويلد ‪.‬‬
‫(‪ )3‬متفق‪ S‬عليه ‪ ،‬وفى رواية ‪ :‬وهللا مابدلنى هللا خيراً منها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪129‬‬

‫ـ الجواب ‪ :‬أسوق للزوج هذا احلديث الشريف ‪" :‬عن عائشة قالت ‪ ":‬لَ َّما َنَز َل عُ ْذ ِري ِم َن‬
‫ت حَنْ َم ُ‪7‬د اللَّهَ ‪ ‬اَل حَنْ َم ُد َك (‪ ، )5‬وليعلم الزوج أنه‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫السم ِاء(‪ )4‬جاءيِن النَّيِب ‪ ‬فَأَخبريِن بِ َذلِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ‬
‫ال توجد امرأة كاملة اخلصال واألوصاف ‪ ،‬فإمنا ُخلقت املرأة من ضلع أعوج ‪ ،‬وإن أعوج‬
‫الضلع أعاله ‪ ،‬فإن أنت ذهبت تُقيمه كسرته وكسر املرأة طالقها ‪ ،‬وإذا أردت أخى احلبيب‬
‫"فاطمة" فكن أنت "علياً" ‪ ،‬وقد قال‪" : ‬اَل َي ْفَر ْك ُم ْؤ ِم ٌن ُم ْؤ ِمنَةً إِ ْن َك ِر َه ِمْن َها ُخلًُقا َر ِض َي‬
‫َن َ‬ ‫آخَر "(‪ ، )1‬وقال تعاىل ‪( :‬و‬ ‫ِ‬
‫ْر‬
‫ٌ‬ ‫َي‬ ‫َخ‬ ‫هو‬‫َُ‬ ‫ًا و‬ ‫ْئ‬‫ْ شَي‬ ‫هوا‬ ‫َُ‬ ‫ْر‬ ‫تك‬ ‫َسَى أ‬ ‫َع‬ ‫مْن َها َ‬
‫ْ) (البقرة ‪. )216 :‬‬ ‫ُم‬ ‫َّلك‬
‫فكم من خلق طيب كرمي ىف زوجتك ‪ ،‬إن ذهبت حتصيه وجدته يفوق ما تنقمه منها ‪،‬‬
‫وكفاك أنك جتد املصرف احلالل لشهوتك ‪ ،‬وكفاك وضع رأسها على كتفيك وصدرك ‪،‬‬
‫وكفاك أن جتد منها اللمسة احلانية الرقيقة ‪ ،‬وكفاك أهنا من تقوم على شئون بيتك وشئونك ‪،‬‬
‫وكفاك … ‪ ،‬وكفاك ‪ ،‬وكفاك…‪.‬‬
‫قال بعضهم ‪:‬‬
‫ومـن لـه احلسنـى فقـط‬ ‫مـن ذا الـذى مـا سـاء قـط‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫كفى باملرء نبالً أن تعد معايبه‬ ‫من ذا الذى‪ 7‬ترضى سجاياه كلَّها‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫ويعمى عن العيب‪ 7‬الذى هو فيه‬ ‫أرى كل إنسان يرى عيب غريه‬
‫فريى الزوج "القذلة" ىف عني زوجته ‪ ،‬ويغفل عن "اخلشبة" ىف عينه !!! ‪.‬‬
‫وللزوجة أقول ‪ :‬قال ‪ ": ‬ال ينظر اهلل إيل امرأة ال تشكر لزوجها وهى ال تستغىن عنه"(‪. )2‬‬
‫ـ بماذا تنصح كل زوج ليستديم محبة زوجته له ‪ ،‬غير ما تقدم من سلوكيات ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬أقول له ‪ :‬هناك أموراً كثرية هبا تستطيع أن تستدمي حمبة زوجتك لك ‪ ،‬فإىل ما‬
‫تقدم ‪:‬‬
‫(‪ )4‬فى قصة حادثة اإلفك ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه مسند أحمد (‪. )30\6‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه النسائى يف " العشرة" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪130‬‬

‫‪ -1‬أكثِر من مغازلة زوجتك ىف البيت‪ 7‬ـ خاصة ىف شهور الزواج األوىل ‪ ،‬فإن ذكريات األيام‬
‫والشهور األوىل ستُطبع ىف ذاكرهتا إىل األبد‪ ، 7‬وهبا ومن أجلها تتحمل الزوجة الكثري والكثري‬
‫‪.‬‬
‫ومغازلة الزوجة ‪ :‬تارة تكون بأن متتدح ملبسها وشعرها ومأكلها ومشرهبا ‪ ،‬وتارة إذا‬
‫دخلت لتعد لك الطعام ـ مثالً ـ اذهب خلفها واحتك هبا من خلفها مزاحاً ‪ ،‬وتارة مبغازلتها‬
‫بالكالم الفاحش ىف أثناء النهار دون أن تكون هناك معاشرة جنسية ‪ ،‬وتارة بالنظر إىل مفاتنها‬
‫ومدحها ‪ ،‬إىل غري ذلك ‪.‬‬
‫سر ! أو إشارة أو عالمة اتفقا عليها كناية‬ ‫وهناك من األزواج‪ 7‬من تكون له ولزوجه "كلمة ّ‬
‫عن اجلماع !!!" ـ ىف أيام الزواج األوىل ـ فما أن يقوهلا الزوج ـ مازحاً معها ـ ىف حضور‬
‫األهل مثالً ـ إال ويضحك الزوجان معاً ‪ ،‬وال يدرى احلضور ـ مثالً ـ عما يتحدثا ‪ ،‬واملراد ‪:‬‬
‫أن هناك وسائل شىت إلشاعة جو املرح وبيان حب الرجل زوجته ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال تنسى السؤال عن صحتها يومياً (‪. )1‬‬
‫‪ -3‬ال تنم إال بعد أن متسك يدها وتتحدثا معاً ولو قليالً ‪ ،‬فهناك من حيرص على أال ينام ـ‬
‫وجد اجلماع أم ال ـ إال بعد ميسك بيد زوجته ـ وقد ناما على ظهرمها ـ ويتحدثا قليالً ‪ ،‬وإن مل‬
‫يكن الزوج يفعل هذا تفعله الزوجة (‪ )2‬حىت يكون أحد الطقوس املعمول هبا دوماً قبل النوم‪، 7‬‬
‫وهذا مما يزيد جداً ىف زيادة احلب واالرتباط بني الزوجني ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال تنسى شكرها ـ بالكلمة أو باللمسة ـ على ما تعانيه ىف أعمال البيت‪. 7‬‬
‫مسحت" منتهياً بـ "جزاك اهلل كل خري" أو‬‫ِ‬ ‫‪ -5‬تأدب ىف احلديث معها ‪ ،‬مبتدئاً كالمك بـ "لو‬
‫"شكراً" ‪ ،‬فإنه إذا كان هذا حديثك مع زميلتك ىف العمل أو صديقك ‪ ،‬فالزوجة أوىل هبذا ‪.‬‬
‫‪ -6‬ال تنسى قبلة الصباح قبل اخلروج إىل العمل ‪ ،‬وقبلة املساء عند النوم ‪.‬‬
‫‪ -7‬ضع القواعد‪ 7‬ىف بداية احلياة الزوجية الىت تسريا عليها معاً دون إجحاف هلا ‪ ،‬ككيفة‬
‫النقاش واحرتام كل طرف رأى الطرف اآلخر ‪ ،‬وعدم ارتفاع األصوات عند النقاش ‪ ،‬وإذا‬
‫(‪ )1‬وال تكن كالزوج الذى قيل فيه فى حديث أم رزع المتقدم ‪" :‬وال يولج الكف ليعلم البث" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬والصواب أن تبدأ بها الزوجة وتعلمه زوجها حتى "يتعود" هذا قبل النوم ‪ ،‬فهى "األم" أى التى تجمع الحنان والحب والود وتبدأ به ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪131‬‬

‫ارتفع صوت طرف خبا صوت الطرف اآلخر ‪ ،‬ومىت يبدأ النقاش وكيف ‪ ،‬ومىت ال يكون‬
‫هناك نقاش ‪ ،‬كيفية التعامل مع األهل والزيارات ‪.…،‬‬
‫‪ -8‬أخرج معها إىل التنزه كلما استطعت هذا ‪.‬‬
‫وللزوجني ‪:‬‬
‫‪ -9‬لتكن غاية كل منكما إسعاد اآلخر ‪.‬‬
‫‪ -10‬ال جتعال هناركما مير جبفاء ‪ ،‬دون أن يتخلله احلب والغرام ‪.‬‬
‫‪ -11‬ليتساهل كل طرف أمام قرينه ‪.‬‬
‫‪ -12‬ال يكرر أحدكما طلباً رفضه اآلخر من قبل ‪.‬‬
‫‪ -13‬ال تكررا حديثاً عن مشاحنة أو شقاق كان ‪ ،‬حىت ال تعيدا األحزان واملضايقات ‪.‬‬
‫‪ -14‬ال تتقابال إال واالبتسامة‪ 7‬تعلو الوجه (‪. )1‬‬
‫‪ -15‬ال تغضا معاً ىف وقت واحد ‪ ،‬ولتكن أنت ـ صاحب القوامة ـ أكثر صرباً واحتماالً ‪،‬‬
‫وال تنسى أنك تتحدث إىل حبيبتك وزوجتك ‪.‬‬
‫‪ -16‬استمع إليها وإىل حديثها ‪ ،‬وإياك من تسفييه رأيها ‪ ،‬أو االستهانة بعقلها ‪ ،‬ولك ىف‬
‫رسول اهلل ‪ ‬األسوة احلسنة كما تقدم ىف حديث أم زرع ‪ ،‬وكما استمع إىل رأى زوجته‬
‫عند النحر ‪.‬‬
‫‪ -17‬احلذر من مرض "اخلرس الزوجى" بعد الزواج‪ ، 7‬وهذا املرض كثرياً ما يصيب الرجال‬
‫بعد الزواج‪ 7‬مما يؤدى بكثري من الزجيات إىل املوت مبرض "السكتة الكالمية" !! ‪.‬‬
‫ـ قاعدة هامة ‪ :‬وهذه قاعدة هامة جداً لو وضعها كل زوج موضعها لوجد فيها الراحة‬
‫الزوجية الىت يفتقدها الكثري من األزواج‪ ، 7‬وهى ‪ :‬أن يتعامل الزوج مع زوجته على أهنا مل‬
‫تزل بعد اخلطيبة ال الزوجة ومن املقرر أن ـ أكثر اخلطاب ـ فرتة اخلطبة وزماهنا‪ 7‬حياول جاهداً‬
‫أن يُظهر أفضل وأحسن ما يتحلى به ‪ ،‬وأن "يتكلف" (‪ )1‬بعض األخالق وإن مل يكن يتخلق‬

‫(‪ )1‬ويكفيك قوله فى الحديث الصحيح ‪" :‬وتبسمك فى وجه أخيك صدقة" فالزوجة أحق بهذه البسمة لها من صديق أو زميلة العمل ‪ ،‬وزوجك أختاه أحق من‬
‫‪‬‬

‫تهديه ابتسمتك‪ S‬الرقيقة ‪.‬‬


‫(‪ )1‬وفى هذا التكلف نوع غش للزوجة ‪ ،‬فلتأمل ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪132‬‬

‫هبا ‪ ،‬فرتى بعضهم ال يستطيع ـ مثالً ـ أن يتحمل مداعبة طفل ‪ ،‬ولكنه عند وجوده ىف بيت‬
‫خطيبته تراه يالعب األطفال ويلعب معهم ويضاحكهم كطفل صغري ‪ ،‬فريسم البسمة‪ 7‬على‬
‫وجه خطيبته ‪ ،‬وتري فيه الزوج العطوف على األطفال احملب هلم ـ وان كان األفضل واألوىل‬
‫أن يكون اخلاطب على سجيته وال يتكلف من األخالق ما ليست فيه حىت ال يدخل ىف باب‬
‫الغش واخلداع ـ واملراد ‪ :‬أن الرجل إذا تزوج تراه يكون ىف بيته رث اهليئة قبيح املنظر ‪ ،‬تشم‬
‫منه زوجته الريح غري الطيبة ‪ ،‬يصاب كما يقال بـ "اخلرس الزوجى" فرتاه وقد أمهل احلديث‬
‫مع زوجته ‪ ،‬وأمهل مداعبتها ومغازلتها ـ وقد ذهب منه "إذا دخل فهد" وقد كان هذا شغله‬
‫الشاغل من قبل ‪ ،‬بينما تراه خارج بيته يضحك مع أصدقائه وميازحهم ‪ ،‬فإذا عاد إىل بيته‬
‫محل اهلموم وذهب الضحك واملزاح أدارج الرياح ودخل بيته بالوجه العابس وقلة احلديث‬
‫والسؤال عن حال الزوجة وصحتها "فال يوجل الكف ليعلم البث" ‪.‬‬
‫ـ فماذا عن طاعة المرأة زوجها ‪ ،‬إذا طلب منها ماال يقره الشرع من عدم ارتداء‬
‫الحجاب الشرعى مثالً ‪ ،‬والخروج متبرجة سافرة ‪ ،‬أو مجالسة أصدقائه أو أى فعل أو‬
‫قول يخالف الشرع ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬اعلمى أختاه انه ال طاعة ملخلوق ىف معصية اخلالق ‪.‬‬
‫ـ هذا ومن األخطاء الىت تقع فيها بعض النساء ‪ :‬نعتها لصديقة أو جارة لزوجها كأهنا يباشرها‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬روى البخارى عن عبد اهلل بن مسعود‪ ‬قال ‪" :‬اَل ُتبَاش ُر الْ َم ْرأَةُ الْ َم ْرأََة َفَتْن َعَت َها لَز ْوج َها َكأَنَّهُ‬
‫َيْنظُُر إِلَْي َها" (‪. )1‬‬
‫ـ وماذا عن قوله ‪ ‬أن ‪" :‬النساء ناقصات عقل ودين" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬لفظ احلديث كما جاء عند اإلمام البخاري‪ 7‬ومسلم عن أيب سعيد اخلدرى قال ‪":‬‬
‫ِّس ِاء‬
‫ال يَا َم ْع َشَر الن َ‬ ‫ِّس ِاء َف َق َ‬ ‫َض َحى أ َْو فِطْ ٍر إِىَل الْ ُم َ َّ‬
‫صلى فَ َمَّر َعلَى الن َ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬يِف أ ْ‬ ‫َخَر َج َر ُس ُ‬
‫ال تُ ْكثِْر َن اللَّ ْع َن َوتَ ْك ُف ْر َن الْ َع ِش َري‬ ‫ص َّدقْ َن فَِإيِّن أُِريتُ ُك َّن أَ ْكَثَر أ َْه ِل النَّا ِر َف ُق ْل َن َومِبَ يَا َر ُس َ‬
‫ول اللَّ ِه قَ َ‬ ‫تَ َ‬
‫ِ‬ ‫الرج ِل احْل ا ِزِم ِ‬ ‫ب لِلُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬ما رأَيت ِمن نَاقِ ِ‬
‫صا ُن‬ ‫ق‬
‫ْ‬
‫َ ََ َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫د‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ ْ‬‫إ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب َّ ُ َ‬ ‫صات َع ْق ٍل َودي ٍن أَ ْذ َه َ‬ ‫َ َُْ ْ َ‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪. )2007\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪133‬‬

‫ف َش َه َاد ِة َّ‬
‫الر ُج ِل ُق ْل َن َبلَى قَ َ‬
‫ال‬ ‫صِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ول اللَّ ِه قَ َ‬
‫ال أَلَْي َ‬
‫س َش َه َادةُ الْ َم ْرأَة مثْ َل ن ْ‬ ‫ِدينِنَا َو َع ْقلِنَا يَا َر ُس َ‬
‫ك ِمن نُ ْقص ِ‬
‫ان‬ ‫ت مَل تُص ِّل ومَل تَصم ُق ْلن بلَى قَ َ ِ ِ‬ ‫س إِذَا َح َ‬ ‫َ‬ ‫ان ع ْقلِ‬
‫ك ِمن نُ ْقص ِ‬ ‫فَ َذلِ ِ‬
‫ال فَ َذل ْ َ‬ ‫اض ْ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫أ‬ ‫ا‬‫ه‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِدينِ َها "‪ ،‬هذا لفظه وشرحه ‪ ‬للحديث ‪.‬‬
‫ويظن الكثري من الرجال أن ‪" :‬النساء ناقصات عقل ودين" يعىن أن النساء جمموعة من‬
‫املفرطات ىف أمور دينهن ‪ ،‬فيتعامل الرجل مع املرأة من هذا املنطلق الغريب‪ ، 7‬فال‬ ‫البله األغبياء ِّ‬
‫يعتب عليها إذا أمرها بأمر شرعى فلم تأمتر به ‪ ،‬أو تتهاون ىف صالهتا وحجاهبا ومعامالهتا مع‬
‫جاراهتا‪ 7‬دون حدود شرعية وأصول دينية ‪ ،‬فرتى الكثري من الرجال يتهاون ىف األمور‪ 7‬الشرعية‬
‫مع زوجته بدعوى أن النساء ناقصات عقل ودين ‪.‬‬
‫ـ وترى فريق آخر يتعامل مع املرأة وكأهنا طفل صغري ال عقل له ‪ ،‬فيتهاون بعقل املرأة‬
‫وتفكريها ورأيها ‪ ،‬واضعاً‪ 7‬رأيها ىف ذيل القائمة ‪ ،‬حىت يقول لزوجه "انىت هتعملى راسك‬
‫براسى" ! ال تضعى عقلك مساوياً لعقلى ! ‪ ،‬ومل يتذكر أنه حني تقدم خلطبتها اشرتط أن‬
‫تكون الفتاة الىت سريتبط هبا تصغره بسنوات مخس أو عشر أو أكثر أو أقل ‪ ،‬وأهنا مع هذا‬
‫الفارق ىف السن بينهما إال أهنا استطاعت أن "حتتوى" عقل الرجل وتسايره وتتعامل مع هذا‬
‫العقل الذى يفوقها سناً وخربة وتعامالً مع الناس ‪ ،‬استطاعت أن تكون على قدم املساواة مع‬
‫هذا العقل ‪ ،‬وأعُجب اخلاطب وقتها بعقل فتاته ونظرهتا الثاقبة ‪ ،‬وعقلها الذى‪ 7‬احتوى عقله‬
‫وسايره وعايشه ‪ ،‬مث ما لبث بعد الزوج أن استهان بعقلها ونظرهتا واستهان بزوجته أميا‬
‫استهانة ‪ ،‬وهذه االستهانة بعقل املرأة إمنا هو سهم قاتل يغرسه الرجل ىف قلب املرأة دون أن‬
‫يدرى ‪ ،‬فلتكن على حذر أخى املسلم من أن تستهني أو حتط من قدر‪ 7‬زوجته ىف حديثك‬
‫معها أو عنها ‪.‬‬
‫الر َج ِال " (‪ ، )1‬وقوله‪" : ‬من‬ ‫ِّساءَ َش َقائِ ُق ِّ‬
‫ـ ويكفى ىف بيان قدر املرأة وشرفها قوله‪" : ‬الن َ‬
‫كان له ثالث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرمحهن فقد وجبت له اجلنة ‪ ،‬فقال له ‪ :‬واثنتني يا‬
‫رسول اهلل ؟ قال ‪ :‬واثنتني" (‪" ، )2‬وكفاها شرفاً أن من قُتل دون الدفاع‪ 7‬عن شرفه وعرضه‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى ( ‪ )190\1‬وأبو داود (‪ )61\1‬والبيهقى (‪. )168\1‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى فى األدب (‪. )14‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪134‬‬

‫كان شهيداً ‪ ،‬قال ‪" : ‬من قتل دون أهله فهو شهيد" (‪ ، )3‬وكفاها شرفاً أن أول املؤمنني‬
‫برسول اهلل ‪ ‬كانت امرأة وهى أم املؤمنني خدجية ـ رضى اهلل عنها ـ ‪ ،‬وكفاها شرفاً أن أول‬
‫شهداء اإلسالم كانت امرأة وهى "مسية" زوج عمار بن ياسر ‪ ،‬وكفاها أن النىب‪ ‬حنر بناء‬
‫على رأى زوجه ‪ ،‬إىل غري ذلك الكثري من األحاديث الىت تبني فضل املرأة وكرامتها‪ 7‬وإكرم‬
‫اإلسالم هلا‪.‬‬
‫يقول وائلة بن األسقع‪ : 7‬إن من مين املرأة ـ يعىن الربكة ـ تبكريها باألنثى‬
‫ب لِ َمن‬ ‫ه‬‫ي‬
‫َ ََ ُ‬‫و‬ ‫ا‬‫ً‬‫ث‬ ‫ا‬‫َ‬‫ن‬‫ِ‬
‫إ‬ ‫اء‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫قبل الذكر ‪ ،‬وذلك أن اهلل ‪ ‬يقول ‪( :‬يهب لِ‬
‫ََ ُ َ ْ َ‬
‫ور) (الشورى ‪. )49 :‬‬ ‫ُّ‬
‫يَ َشاء الذ ُك َ‬
‫ومن طريف ما روى ‪ :‬أن أمرياً عربياً يكىن أبا محزة ‪ ،‬تزوج امرأة ‪ ،‬ومتىن أن تلد له‬
‫"ذكراً" فولدت له بنتاً ‪ ،‬فهجر منزهلا لشدة غيظه ‪ ،‬فضار يأوى إىل بيت آخر ‪ ،‬فمر خببائها‬
‫يوماً ‪ ،‬فسمعها‪ 7‬تداعب ابنتها قائلة ‪:‬‬
‫يظـل بالبيـت الذى‪ 7‬يلينـا‬ ‫مـا ألبـى محـزة ال يـأتينــا‬
‫ليـس له من أمرنا ماشينـا‬ ‫غضب ــان أن نلــد البنينــا‬
‫وحنـن كاألرض لزارعينـا‬ ‫وإمنـا نـأخــذ مـا أعطينـا‬
‫ننبت ما قد زرعوه فينا‬
‫وما أن مسع أبا محزة هذا منها ‪ ،‬حىت أخذه احلنان إليها وإىل ابنته ودخل بيته يقبلهما (‪. )1‬‬
‫ـ فماذا عن الزواج فى بيت األهل سواء كان بيت أهل الزوج أو الزوجة ؟‬
‫ـ وصية أوصى هبا كل زوج يبدأ حياته الزوجية أال يبدأها ىف بيت أهله أو أهلها ‪ ،‬وليكن له‬
‫ولزوجه بيتهما اخلاص هبما ‪ ،‬وان كان قليل األثاث واملساحة ‪ ،‬إال أنه سيجنبه الكثري من‬
‫املشاكل الىت تنشأ من زواجه ىف بيت أهله أو أهلها ‪ ،‬فإن كان أهل بيت أهل العروس‬
‫مفتقدين للوعى الديىن وااللتزام‪ 7‬حبالل اهلل وحرامه فإن الزوج سيعاىن أشد املعانة ‪ ،‬خاصة إذا‬
‫كان أهل العروس شديدى املعاملة فلن يستطيع الزوج حينئذ أن تكون له الكلمة العليا على‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه الشاشى (‪. )251\1‬‬
‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬البيان والتبيين (‪. )186\1‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪135‬‬

‫زوجه وحنو هذا مما هو معروف ومشهور ‪ ،‬وأن كان أهله مثل ذلك فكذلك ‪ ،‬وان كان‬
‫أحدهم يلتزم بشرع اهلل وحالله وحرامه فسيعاىن الزوج أيضاً ىف دخوله وخروجه بل وحىت‬
‫جلوسه مع أهله ‪ ،‬وسيجد احلرج الشديد من هذا ‪ ،‬وإذا كان أهله مثل ذلك فكذلك ‪،‬‬
‫خاصة إذا كان له اخوة يدخلون وخيرجون مما هو معروف ومشهور ‪ ،‬ولذلك فإىن أنصح كل‬
‫زوج أن يكون له بيته املستقل وإن كان قليل األثاث واملساحة ‪ ،‬إال أنه أفضل له بكثري من‬
‫زواجه ىف بيت أهله أو أهلها ‪.‬‬
‫ـ هل يجوز كذب الرجل على زوجته ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم جيوز ‪ ،‬للرجل أن يكذب على زوجه ىف إصالح ما بينهما ودوام العشرة‬
‫بينهما ‪ ،‬كأن يقول هلا ‪ :‬أنت امجل من رأت عيىن ـ على قلة مجاهلا مثالً ـ أنت كذا وكذا‪ ، 7‬أو‬
‫الوعد بتلبية طلبها لكذا وكذا‪ 7‬إن يسر اهلل تعاىل له جاء به ‪ ،‬يريد دوام احلب واملعاشرة بينهما‬
‫‪.‬‬
‫ـ روى مسلم عن أم كلثوم قالت‪ : 7‬ما مسعت رسول اهلل‪ ‬رخص ىف شئ من الكذب إال ىف‬
‫ثالث ‪" :‬الرجل يقول القول يريد به اإلصالح ‪ ،‬والرجل يقول القول ىف احلرب ‪ ،‬والرجل‬
‫حيدث امرأته ‪ ،‬واملرأة حتدث زوجها" ‪.‬‬
‫ـ إذن هل يجوز كذب المرأة على زوجها ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ىف إظهار الود لزوجها كما سبق عند الرجل ‪ ،‬فتقول له أنت أمجل من رأت عيىن‬
‫ـ على قلة وسامته مثالً ـ فال تعصى اهلل تعاىل فتخون زوجها ـ عياذاً باهلل تعاىل ـ مث تكذب عليه‬
‫! فاملرأة الىت تكذب على زوجها على ىف كل صغرية وكبرية ال يأمن الرجل جانبها ‪ ،‬لتحذير‬
‫الص ْد َق َي ْه ِدي إِىَل الْرِب ِّ َوإِ َّن الْرِب َّ‬
‫النىب‪ ‬من الكذب كما روى البخارى‪ 7‬ومسلم ‪ ،‬قال ‪":‬إِ َّن ِّ‬
‫ب َي ْه ِدي إِىَل الْ ُف ُجو ِ‪7‬ر َوإِ َّن‬ ‫َ‬
‫الرجل لَيص ُد ُق حىَّت ي ُكو َن ِصدِّي ًقا وإِ َّن الْ َك ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫و‬ ‫يه ِدي إِىَل اجْل ن ِ‬
‫َّة‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫ب ِعْن َد اللَّ ِه َك َّذابًا " فاملرأة الىت تتخذ‬ ‫ِ‬ ‫ور َي ْه ِدي إِىَل النَّا ِر َوإِ َّن َّ‬
‫ب َحىَّت يُ ْكتَ َ‬
‫الر ُج َل لَيَ ْكذ ُ‬ ‫الْ ُف ُج َ‪7‬‬
‫الكذب وسيلة للخروج وعمل ما حيلو هلا فإهنا للحديث تصبح فاجرة ‪ ،‬وال يرضى الرجل أن‬
‫يعاشر فاجرة عياذاً باهلل تعاىل ‪ ،‬وكم هدم الكذب بيوتات كثرية ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪136‬‬

‫ـ ما هى مواصفات فتى األحالم ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬خيتلف وصف فىت األحالم بإختالف الفتاة ‪ ،‬فمنهن من ترى أن فىت أحالمها‬
‫صاحب الشهادة العليا ‪ ،‬ومنهن من تراه صاحب املال دون النظر إىل "املؤهل" الدراسى ‪،‬‬
‫ومنهن من ترى فىت أحالمها اللبق خفيف الظل ‪ ،‬ومنهن من تراه الوسيم‪ 7‬دون النظر إىل املال‬
‫أو املؤهل الدراسى ‪ ،‬إىل غري ذلك ‪ ،‬فكل فتاة هلا مواصفات ختتلف عن مثيالهتا من الفتيات ‪.‬‬
‫ط به ؟‬
‫ـ وكيف أعرف أن هذا الفتى هو فتى األحالم الذى يسعدنى أن أنا ارتب ُ‬
‫لك إىل هذا ‪ ،‬فأىن ِ‬
‫لك معرفة فىت األحالم ‪ ،‬أمن خالل اهلاتف (‪ )1‬؟! أم‬ ‫ـ الجواب ‪ :‬ال سبيل ِ‬
‫ّ‬
‫لك الشرع مثل هذا التعارف ‪ ،‬فال‬ ‫من خالل اجلامعة ؟! أم من خالل اجلرية ؟! وهل أباح ِ‬
‫سبيل إىل معرفة فىت األحالم إال أن يتقدم إىل ِخطبتك ‪ ،‬فاملرأة "جوهرة" مكنونة ‪ ،‬و "درة"‬
‫غالية ال يطلع عليها إال من يعرف قدرها وعزها وشرفها ‪ ،‬واملقياس كما تقدم هو مدى‬
‫متسك هذا اخلاطب بدينه ومبا أمره به الشرع احلنيف ‪.‬‬
‫غر الفتيات ملبسه وحسن حديثه ومعسول كالمه ‪ ،‬ىف اهلاتف أو مدرج‪7‬‬ ‫ـ فكم من فىت َّ‬
‫اجلامعة أو لكونه جا ٍر هلا ‪ ،‬مث هو عند الزواج كسراب ىف صحراء ال وجود له ‪.‬‬
‫ـ هل هناك ما يسمى بالزوجة النكدية ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬والزوجة النكدية هى نكدية بنكد زوجها عليها ! وإال فما من زوجة‬
‫ترضى بتعاسة بيت الزوجية ‪ ،‬وترفض أن ترفرف أجنحة السعادة واحلب على عشها ‪.‬‬
‫ـ والزوج النكدى ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬كذلك ال يوجد زوج يأىب أن تكون حياته الزوجية سعيدة هادئة هانئة ‪ ،‬إمنا‬
‫يتحول إىل الزوج النكدى "بنكد" زوجته عليه ! ‪.‬‬
‫تعرضت ـ ىف اهلامش ـ إىل بيان الفرق بني لفظىت النكاح‬
‫ً‬ ‫ـ عند تعريفك ألفاظ النكاح والتزويج‬
‫والزواج‪ ، 7‬وربطاً هبذا‪ 7‬البيان اللطيف فأنا عندما أقرأ ىف كتاب اهلل تعاىل فأجده تارة يصف‬
‫الزوجة بأهنا "زوجة" وتارة بأهنا "امرأة" فهل هناك فرق بينهما ؟ ‪.‬‬
‫(‪ )1‬تنبيه هام ‪ :‬دعوة إلى كل فتاة تؤمن باهلل واليوم اآلخر أن تتجنب ما وسعها الهاتف ‪ ،‬فما أكثر األحالم التى تكسرت على سماعة التليفون ‪ ،‬وما أكثر‬
‫األعراض التى انتهتك‪ S‬بعد لقاء من حديث التليفون ‪ ،‬وما أكثر الحياء الذى ذهب مع كلمات التليفون ‪ ،‬فالحذر الحذر أختاه من كيوبيد التليفون ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪137‬‬

‫ـ الفرق بين الزوجة والمرأة ‪:‬‬


‫ال جتد فرقا يُذكر بني لفظ "الزوج" و "املرأة" ىف كتب الفقه ‪ ،‬بينما جتد القرآن العظيم قد‬
‫َّفرق بينهما ‪ ،‬فاستعمل لفظ "الزوج" ىف حق أهل اإلميان ولفظ "املرأة" ىف حق أهل الشرك‬
‫والكفران ‪.‬‬
‫"وأما األزواج فجمع‪ 7‬زوج وقد يقال زوجة واألول أفصح وهبا جاء القرآن (‪ ، )1‬قال تعاىل‬
‫َصلَ ْحنَا‬‫(وأ ْ‬‫ك اجْلَنَّةَ) (البقرة ‪ ، )35 :‬وقال تعاىل ىف حق زكريا ‪َ ‬‬ ‫َنت َو َز ْو ُج َ‬
‫اس ُك ْن أ َ‬ ‫آد ُم ْ‬
‫‪( :‬يَا َ‬
‫لَهُ َز ْو َجهُ) (األنبياء ‪. )90 :‬‬
‫ومن الثاىن قول ابن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ ىف ـ عائشة رضى اهلل عنها ـ ‪" :‬إهنا زوجة‬
‫نبيكم ىف الدنيا واآلخرة" (‪. )2‬‬
‫وقال الفرزدق ‪:‬‬
‫وإن الذى يبغى ليفسد‪ 7‬زوجىت * كساع إىل أسد الشرى يستبيلها‬
‫وقد جيمع على زوجات وهذا إمنا هو مجع زوجة وإال فجمع زوج أزواج ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫ك مت ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫(اد ُخلُوا اجْلَنَّةَ‬
‫َّك ُؤو َن) (يس ‪ ، )56 :‬وقال تعاىل ‪ْ :‬‬ ‫اج ُه ْم يِف ظاَل ل َعلَى اأْل ََرائ ُ‬ ‫(ه ْم َوأ َْز َو ُ‬
‫ُ‬
‫اج ُك ْم حُتَْب ُرو َن) (الزخرف ‪. )70 :‬‬ ‫أَنتُ ْم َوأ َْز َو ُ‬
‫وقد وقع ىف القرآن اإلخبار عن أهل اإلميان بلفظ الزوج مفرداً ومجعا كما تقدم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وقال تعاىل ‪( :‬النَّيِب أَوىَل بِالْم ْؤ ِمنِ ِ‬
‫اجهُ أ َُّم َها ُت ُه ْم) (األحزاب ‪ ، )6 :‬وقال‬ ‫ني م ْن أَن ُفس ِه ْ‪7‬م َوأ َْز َو ُ‬‫ُ َ‬ ‫ُّ ْ‬
‫ِ‬
‫ك ) (األحزاب ‪. )59 :‬‬ ‫تعاىل ‪( :‬يَا أَيُّ َها النَّيِب ُّ قُل أِّل َْز َواج َ‬
‫ـ واإلخبار عن أهل الشرك بلفظ املرأة ‪:‬‬
‫ب ) (املسد ‪- 1 :‬‬ ‫ب ) إىل قوله ‪( :‬و ْامرأَتُهُ مَحَّالَةَ احْلَطَ ِ‬ ‫ب َوتَ َّ‬ ‫ت يَ َدا أَيِب هَلَ ٍ‬‫قال تعاىل ‪َ( :‬تبَّ ْ‬
‫َ َ‬
‫وح واِمرأََة لُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وط) (التحرمي ‪ )10 :‬فلما‬ ‫ين َك َف ُروا ا ْمَرأََة نُ ٍ َ ْ َ‬ ‫ب اللَّهُ َمثَاًل لِّلَّذ َ‬‫(ضَر َ‬ ‫‪ )4‬وقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ين َآمنُوا اِ ْمَرأَةَ‬‫َ‬
‫كانتا مشركتني أوقع عليهما اسم املرأة وقال ىف فرعون ‪( :‬وضرب اللَّه مثاًل لِّلَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ ََ َ ُ ََ‬
‫فِْر َع ْو َن ) (التحرمي ‪ )11 :‬ملا كان هو املشرك وهى مؤمنة مل يسمها زوجاً له ‪.‬‬
‫(‪ )1‬لم يأت فى القرآن لفظ "زوجة" انما هو من اصطالح الفقهاء ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪. )2601\6‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪138‬‬

‫ك اجْلَنَّةَ) (البقرة ‪ )35 :‬وقال للنىب ‪( :‬إِنَّا‬ ‫َنت َو َز ْو ُج َ‬


‫اس ُك ْن أ َ‬
‫آد ُم ْ‬ ‫وقال ىف حق آدم ‪( :‬يَا َ‬
‫اج ُّمطَ َّهَرةٌ)‬ ‫ِ‬
‫(وهَلُ ْم ف َيها أ َْز َو ٌ‬
‫ك) (األحزاب ‪ ، )50 :‬وقال ىف حق املؤمنني ‪َ :‬‬ ‫اج َ‬
‫ك أ َْز َو َ‬
‫َحلَْلنَا لَ َ‬
‫أْ‬
‫(البقرة ‪. )25 :‬‬
‫فقالت طائفة منهم السهيلى وغريه إمنا مل يقل ىف حق هؤالء األزواج ألهنن لسن بأزواج‬
‫لرجاهلم ىف اآلخرة وألن التزويج حلية شرعية وهو من أمر الدين فجرد الكافرة منه كما جرد‬
‫منها امرأة نوح وامرأة لوط ‪.‬‬
‫ت ْامَرأَيِت َعاقًِرا) (مرمي ‪)5 :‬‬ ‫مث أورد السهيلى على نفسه قول زكريا عليه السالم ‪( :‬و َكانَ ِ‬
‫َ‬
‫صَّر ٍة ) (الذاريات ‪. )29 :‬‬ ‫ِ‬
‫وقوله تعاىل عن إبراهيم ‪( :‬فَأَ ْقَبلَت ْامَرأَتُهُ يِف َ‬
‫وأجاب بأن ذكر املرأة أليق ىف هذه املواضع ألنه ىف سياق ذكر احلمل والوالدة فذكر املرأة‬
‫أوىل به ألن الصفة الىت هى األنوثة هى املقتضية للحمل والوضع ال من حيث كانت زوجاً‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ولو قيل إن السر ىف ذكر املؤمنني ونسائهم بلفظ األزواج أن هذا اللفظ مشعر‬
‫باملشاكلة واجملانسة واالقرتان كما هو املفهوم من لفظه فإن الزوجني مها الشيئان املتشاهبان‬
‫اج ُه ْم) (الصافات ‪:‬‬ ‫املتشاكالن أو املتساويان ومنه قوله تعاىل ‪( :‬احشروا الَّ ِ‬
‫ين ظَلَ ُموا‪َ 7‬وأ َْز َو َ‬
‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ْ ُُ‬
‫‪. )22‬‬
‫قال عمر بن اخلطاب ‪ ‬أزواجهم أشباههم ونظراؤهم ‪ ،‬وقاله اإلمام أمحد أيضاً ‪ ،‬ومنه‬
‫ت) (التكوير ‪ )7:‬أى قرن بني كل شكل وشكله ىف النعيم‪7‬‬ ‫وس ُز ِّو َج ْ‬ ‫(وإِ َذا ُّ‬
‫الن ُف ُ‬ ‫قوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫والعذاب ‪ ،‬قال عمر بن اخلطاب‪ ‬ىف هذه اآلية ‪ :‬الصاحل مع الصاحل ىف اجلنة والفاجر مع‬
‫الفاجر ىف النار ‪ ،‬وقاله احلسن وقتادة واألكثرون‪. 7‬‬
‫وقيل زوجت أنفس املؤمنني باحلور العني وأنفس الكافرين بالشياطني وهو راجع إىل القول‬
‫األول ‪.‬‬
‫الضأْ ِن ا ْثَننْي ِ َو ِم َن‬
‫(م َن َّ‬ ‫اج ) األنعام ‪ 143‬مث فسرها ‪ِّ :‬‬ ‫قال تعاىل ‪( :‬مَثَانِيَةَ أ َْز َو ٍ‬
‫الْ َم ْع ِز ا ْثَننْي ِ ) (األنعام ‪ 143 :‬ـ ‪ )144‬فجعل الزوجني مها الفردان من نوع واحد‬
‫قوهلم‪ : 7‬زوجا خف وزوجا محام ‪ ،‬وحنوه ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ومنه‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪139‬‬

‫وال ريب أن اهلل سبحانه وتعاىل قطع املشاهبة واملشاكلة بني الكافر واملؤمن ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫اب اجْلَن َِّة) (احلشر ‪ ، )20:‬وقال تعاىل ىف حق‬ ‫َص َح ُ‬
‫ِ‬
‫اب اجْلَنَّة أ ْ‬
‫َص َح ُ‬ ‫اب النَّا ِر َوأ ْ‬ ‫(اَل يَ ْستَ ِوي أ ْ‬
‫َص َح ُ‬
‫اب) اآلية (آل عمران ‪)113:‬‬ ‫مؤمىن أهل الكتاب وكافرهم ‪( :‬لَْيسواْ سواء ِّمن أ َْه ِل الْ ِكتَ ِ‬
‫ُ ََ ْ‬
‫وقطع املقارنة سبحانه بينهما ىف أحكام الدنيا فال يتوارثان وال يتناكحان وال يتوىل أحدمها‬
‫صاحبه فكما انقطعت الوصلة بينهما ىف املعىن انقطعت ىف االسم فأضاف فيها املرأة بلفظ‬
‫األنوثة اجملرد دون لفظ املشاكلة واملشاهبة ‪.‬‬
‫وتأمل هذا املعىن جتده أشد مطابقة أللفاظ القرآن ومعانيه وهلذا‪ 7‬وقع على املسلمة امرأة‬
‫الكافر وعلى الكافرة امرأة املؤمن لفظ املرأة دون الزوجة حتقيقا هلذا املعىن واهلل أعلم ‪.‬‬
‫وهذا أوىل من قول من قال إمنا مسى صاحبة أىب هلب امرأته ومل يقل هلا زوجته ألن أنكحة‬
‫الكفار ال يثبت هلا حكم الصحة خبالف أنكحة أهل اإلسالم فإن هذا باطل بإطالقه اسم املرأة‬
‫على امرأة نوح وامرأة لوط مع صحة ذلك النكاح ‪.‬‬
‫وتأمل ىف هذا املعىن ىف آية املواريث‪ 7‬وتعليقه سبحانه التوارث بلفظ الزوجة دون املرأة كما‬
‫اج ُك ْم) (النساء ‪ )12 :‬إيذانا بأن هذا التوارث إمنا‬ ‫ِ‬
‫ف َما َتَر َك أ َْز َو ُ‬‫ص ُ‬‫(ولَ ُك ْم ن ْ‬
‫ىف قوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫وقع بالزوجية املقتضية للتشاكل والتناسب‪ 7‬واملؤمن والكافر‪ 7‬ال تشاكل بينهما وال تناسب فال‬
‫يقع بينهما التوارث ‪.‬‬
‫وأسرار مفردات القرآن ومركباته فوق عقول العاملني (‪. )1‬‬
‫خنلص مما سبق أن القرآن أوقع اسم "املرأة" إذا كانت مسلمة متزوجة بكافر ‪ ،‬أو كافرة‬
‫متزوجة مبسلم ‪ ،‬أو يكون مشركني ‪.‬‬
‫وزاد بعضهم (‪ )2‬على ما سبق أن القرآن أوقع اسم "املرأة" إذا شابت احلياة الزوجية ما‬
‫يعكر صفوها ‪ ،‬بأن تكون "املرأة" عاقراً ‪ ،‬أو حيدث بني الزوجني حالف وصل إىل الطالق أم‬
‫ال ‪.‬‬

‫(‪ )1‬جالء االفهام لإلمام ابن القيم (‪. )229‬‬


‫(‪ )2‬من محاضرات إذاعية لفضيلة الشيخ عبد العظيم المطعنى بارك فى عمره وعلمه ونفع به ‪ ،‬وانظر لكاتب السطور "معترك األقران فى ألفاظ القرآن" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪140‬‬

‫وه َّن) (الطالق ‪ )1 :‬وهى مجع امرأة ‪،‬‬ ‫ِّساء فَطَلِّ ُق ُ‬ ‫ِ َّ‬
‫ومن األول قوله تعاىل ‪( :‬إ َذا طَل ْقتُ ُم الن َ‬
‫ومجع زوج أزواج كما تقدم بيانه ‪.‬‬
‫ت ْامَرأَيِت َعاقًِرا) (مرمي ‪:‬‬
‫فمن األول قول زكريا ‪( : ‬وإِيِّن ِخ ْفت الْموايِل ‪ِ 7‬من ورائِي و َكانَ ِ‬
‫ُ ََ َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫‪ )5‬رغم كوهنما مسلمني ‪ ،‬إال أن احلياة الزوجية ال تسري ىف مسارها الطبيعى لكوهنا عاقراً ‪،‬‬
‫(وقَ ْد َبلَغَيِن َ الْ ِكَب ُر َو ْامَرأَيِت َعاقٌِر) (آل عمران ‪:‬‬
‫فأوقع القرآن عليها لفظ "املرأة" ‪ ،‬ومثله ‪َ :‬‬
‫‪ ) 40‬قول زكريا ‪ ‬ىف موضع‪ 7‬آخر ‪ ،‬مث تأمل الوصف القرآىن بعد أن رزقه اهلل تعاىل الولد‪7‬‬
‫َصلَ ْحنَا لَهُ َز ْو َجهُ) (األنبياء ‪ )90:‬ومل يقل ‪ :‬امرأته ‪ ،‬فتأمل ‪.‬‬ ‫(وأ ْ‬
‫قال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ومن الثاىن ‪ :‬وهو أن تشوب احلياة الزوجية ما يعكر عليها صفوها من خالف وشقاق كما‬
‫ىف قوله تعاىل ‪( :‬وإِ ِن امرأَةٌ خافَ ِ ِ‬
‫اضا) (النساء ‪ )128 :‬فهذه مخسة‬ ‫وزا‪ 7‬أ َْو إِ ْعَر ً‬
‫ت من َب ْعل َها نُ ُش ً‬ ‫َ َْ َ ْ‬
‫وجوه ىف إيقاع اسم "املرأة" ىف كتاب اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ك َتْبتَغِي‬ ‫مِل‬
‫َح َّل اللَّهُ لَ َ‬
‫ـ فإن قيل ‪ ِ:‬فماذا تفعل ىف قوله تعاىل ‪( :‬يَا أَيُّ َها النَّيِب ُّ َ حُتَِّر ُم َما أ َ‬
‫ك) (التحرمي ‪ )1 :‬؟ فقد أطلق تعاىل لفظ "الزوج" على "املرأة" مع وجود‬ ‫ات أ َْز َواج َ‬
‫ض َ‬‫َم ْر َ‬
‫ك ) (االحزاب ‪ )37 :‬مع وجود‬ ‫ك َز ْو َج َ‬ ‫ك َعلَْي َ‬ ‫اخلالف والشقاق ؟ وقوله ‪ ‬لزيد ‪( :‬أ َْم ِس ْ‬
‫صَر ِال ْمَرأَتِِه‬ ‫ِ‬ ‫اخلالف ‪ ،‬وقول عزيز مصر كما أخرب تعاىل عنه ‪( :‬وقَ َ ِ‬
‫ال الَّذي‪ 7‬ا ْشَتَراهُ من ِّم ْ‬ ‫َ‬
‫(يوسف ‪ )21 :‬؟‬
‫اجلواب ‪ :‬األول ‪:‬إن اخلالف القائم ليس خالفاً دائماً ‪ ،‬إمنا كان خالفاً وقتياً مل يستمر‬
‫كثرياً كما جاء ىف كتب السري والتاريخ ‪.‬‬
‫ـ أما الثاىن ‪ :‬فهو من باب التفاؤل بأال تستمر اخلالفات وأن تسري احلياة الزوجية ىف جمراها‬
‫الطبيعى ‪.‬‬
‫(ع َسى أَن يَن َف َعنَا أ َْو‬‫ـ والثالث‪ : 7‬إن امرأة العزيز كانت عاقراً كما أخرب عنها القرآن قوهلا ‪َ :‬‬
‫َّخ َذهُ َولَ ًدا) (يوسف ‪. )21 :‬‬ ‫َنت ِ‬
‫ال نِ ْس َوةٌ ىف الْ َم ِدينَ ِة ْامَرأَةُ‬
‫(وقَ َ‬
‫تتأمل هذه اآليات البينات ‪ :‬قال تعاىل ‪َ :‬‬ ‫وبعد ما تقدم لك أن‬
‫ضالَ ٍل ُّمبِ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ني) (يوسف ‪، )30 :‬‬ ‫اها َعن نَّ ْفسه قَ ْد َشغَ َف َها ُحبًّا إِنَّا لََنَر َاها ىف َ‬ ‫الْ َع ِزي ِز ُتَرا ِو ُد َفتَ َ‬
‫ِ‬
‫ص احْلَ ُّق) (يوسف ‪ ، )52 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬ ‫ص َح َ‬ ‫وقوله تعاىل ‪( :‬قَالَت ْامَرأَةُ الْ َع ِزي ِز اآل َن َح ْ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫يِّل‬ ‫ت َعنْي ٍ‬ ‫ت امرأَت فِ‬ ‫(وقَالَ ِ‬
‫(والَ َي ْلتَف ْ‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫وقوله‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬‫‪9‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(القصص‬ ‫)‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫َّ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫ع‬‫َ‬ ‫ر‬
‫َ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪141‬‬

‫َص َاب ُه ْم) (هود ‪ ، )81 :‬وقوله تعاىل ‪( :‬إِالَّ ْامَرأَتَهُ قَد َّْرنَا‬ ‫َ‬
‫ك إِنَّه م ِ‬
‫ص ُيب َها َما أ‬ ‫ُ‬ ‫َح ٌد إِالَّ ْامَرأَتَ َ ُ‬
‫َ‬ ‫ِمن ُك ْم أ‬
‫دت ْامَرأًَة مَتْلِ ُك ُه ْم) (النمل ‪)23 :‬‬ ‫ين) (احلجر ‪ ) 60 :‬وقوله تعاىل ‪( :‬إِيِّن َو َج ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إنَّ َها لَم َن الْغَاب ِر َ‬
‫وحنو هذا ىف كتاب اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد يأتى اسم "املرأة" لبيان اجلنس كما ىف قوله تعاىل ‪ ( :‬فَِإن مَّلْ يَ ُكونَا ر ُجلَنْي ِ‬
‫َ‬ ‫ِ هِنِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ودان )‬ ‫َفَر ُج ٌل َو ْامَرأَتَان) (البقرة ‪ ، )282 :‬وقوله تعاىل ‪َ ( :‬و َو َج َد من ُدو ُم ْامَرأَتنْي ِ تَ ُذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(و ْامَرأًَة ُّم ْؤمنَةً إِن َو َهبَ ْ‬
‫ث‬‫ور ُ‬ ‫ت َن ْف َس َها للنَّيِب ِّ َوإن َكا َن َر ُج ٌل يُ َ‬ ‫(القصص ‪ )23 :‬وقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫َكالَلَةً أَو ْامَرأَةٌ) (األحزاب ‪ . )50 :‬هذا واهلل اعلم مبراده ‪.‬‬
‫ـ فهل من فرق بين لفظتى البعل والزوج ؟‬
‫ـ الجــواب ‪ :‬كما إس‪77‬تخدم الق‪77‬رآن الك‪77‬رمي منهجا خاص ‪7‬اً ىف اس‪77‬تعمال لفظىت ‪ :‬البعل وال‪77‬زوج‪، 7‬‬
‫ويب‪77 7 7‬دو للوهلة األوىل أن ال ف‪77 7 7‬رق بينهما ‪ ،‬ولكن الق‪77 7 7‬رآن املعجز قد ف‪77 7 7‬رق بينهما كما س‪77 7 7‬رتى‬
‫بفضل اهلل تعاىل وحده ‪.‬‬
‫فالقرآن الكرمي استخدم لفظ "البعل" بدالً من "الزوج" إذا شابت احلياة الزوجية ما يعكر‬
‫عليها صفوها من خالف قد يصل باحلياة الزوجية إىل حد االنفصال ‪ ،‬أو أن تكون "الزوج"‬
‫عاقراً كما تقدم فسماها "امرأة" ‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعاىل ‪( :‬وإِ ِن امرأَةٌ خافَ ِ ِ‬
‫وزا أ َْو إِ ْعَر ً‬
‫اضا فَالَ ُجنَاْ َح َعلَْي ِه َما أَن‬ ‫ت من َب ْعل َها نُ ُش ً‬ ‫َ َْ َ ْ‬
‫صلِ َحا َبْيَن ُه َما) (النساء ‪ )128 :‬فلما وقع اخلالف بني الزوجني أوقع تعاىل اسم "املرأة" على‬ ‫يُ ْ‬
‫الزوج ـ كما تقدم ـ وأوقع اسم" البعل" على الرجل ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالَ ًحا) (البقرة ‪.)228 :‬‬ ‫َح ُّق بَِر ِّده َّن ىف َذل َ‬
‫ك إِ ْن أ ََر ُادواْ‪ 7‬إِ ْ‬ ‫(وبُعُولَُت ُه َّن أ َ‬
‫وكقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫نك ْح َن‬‫ـ يرد على هذا قوله تعاىل ‪( :‬وإِ َذا طَلَّ ْقتُم النِّساء َفبلَ ْغن أَجلَه َّن فَالَ َتعضلُوه َّن أَن ي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ُ َ َ َ َُ‬
‫وف) (البقرة ‪ )232 :‬فأوقع تعاىل اسم "الزوج" وليس‬ ‫أ َْزواجه َّن إِ َذا َتراضواْ‪ 7‬بيَنهم بِاَلْمعر ِ‬
‫َ َ ْ َْ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ َُ‬
‫"البعل" مع وجود اخلالف ‪.‬‬
‫ـ واجلواب ‪ :‬قالوا ‪ :‬إن هذا ىف مقام الطالق الرجعى ‪ ،‬واهلل أعلم مبراده ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪142‬‬

‫ومـن أبـواب الجمـاع‬


‫ـ فماذا عن أحكام الجماع ؟ وهال شرحت لنا قول اهلل تعاىل ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬
‫ث لَّ ُك ْم‬
‫ِّمواْ ألَن ُف ِس ُك ْم ) (البقرة ‪ )223 :‬؟ على أن يكون الشرح وافياً‬ ‫ِ‬
‫فَأْتُواْ َحْرثَ ُك ْم أَىَّن شْئتُ ْم َوقَد ُ‬
‫يوافق العصر احلديث ومستجداته ‪ ،‬فإنّا دائماً إذا قرأنا شرح هذه اآلية أو شرح حديث عبد‬
‫اهلل بن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ ال نفهمه جيداً الستعجام بعض ألفاظه علينا ‪ ،‬مع افتقاد‬
‫الشرح الذى‪ 7‬يوافق هذا العصر ومستجداته ‪.‬‬
‫ـ الجواب ‪ :‬أما عن أحكام اجلماع فهى كثرية جداً ‪ ،‬حناول أن نأتى على بعضها ‪،‬‬
‫وذلك ألمهيتها ‪ ،‬وجهل الكثري هبا مما يؤدى إىل تعثر احلياة الزوجية ‪ ،‬بل سورمبا يؤدى هبا إىل‬
‫مفارق الطريق ‪ ،‬وكما يُقال ‪" :‬املشاكل الزوجية تبدأ من الفراش" أى أن أكثر املشاكل أو أن‬
‫منشأ ُج ّل املشاكل الزوجية هو الفراش ‪ ،‬فمىت كان الفراش‪ 7‬سعيداً كانت احلياة الزوجية‬
‫سعيدة ‪ ،‬وكما يقال ‪" :‬فتش عن املرأة" أقول ‪" :‬فتش عن الفراش" عند حدوث املشاكل‬
‫الزوجية ‪ ،‬ىف عا ٍمل أصبح فيه الكل مشغول بعضوه التناسلى ‪ ،‬والبحث عن سبل إشباع الغريزة‬
‫اجلنسية ‪ ،‬ىف زمن التلفاز والفيديو‪ 7‬والدش واإلنرتنت ‪ ،‬ىف زمن انتشار العرى ىف كل مكان (ىف‬
‫الطريق ‪ ،‬ىف املواصالت ‪ ،‬ىف العمل ‪ ،‬ىف وسائل اإلعالم املرئية منها واملقروءة) ىف زمن سيطرة‬
‫األفالم على عقول الناس وحتول الناس من اختاذ القدوة‪ 7‬الصاحلة من سرية النىب ‪ ‬وصحابته‬
‫الكرام وتابعيهم وتابعى التابعني ‪ ،‬إىل اختاذ القدوة من أصحاب العهر والفسق واملطربني‬
‫واملطربات واملمثلني واملمثالت ‪.‬‬
‫ىف هذا الزمن (زمن الغربة) والتغريب‪ 7‬والتحهيل التعليمى ‪ ،‬وقصر التعليم الديىن على‬
‫مدارس ومعاهد قليلة بعينها ‪ ،‬حىت أاصبح التعليم العام هو اهلدف واملراد ‪ ،‬وتغييب أمور الفقه‬
‫والطهارة واحليض والغسل وحنوها ‪ ،‬والىت تتطرق بدورها إىل احلديث عن مس العورة مثالً‬
‫للرجل واملرأة ‪ ،‬وأحكام هذا ‪ ،‬واحليض والزواج‪ 7‬وآدابه وأحكامه ىف مراحل التعليم اهلام ‪،‬‬
‫حىت أصبح هذا األمر غري مطروق باملرة لدى أكثر الشباب والفتيات – وهى سياسة غربية‬
‫بذرت بذورها وها هى جتىن مثرهتا اليوم ‪ -‬واستتبع هذا اجلهل هبا ‪ ،‬ووضعها ىف قائمة‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪143‬‬

‫احملظورات واملمنوعات ‪ ،‬واحلياء من احلديث عنها وفيها "واملمنوع مرغوب" حىت ذهب‬
‫الكثري إىل تعلم تلك األمور‪ 7‬بطريقة خطأ‪ ،‬عن طريق اجملالت اجلنسية ‪ ،‬مث شرائط الفيديو‪ 7،‬مث‬
‫الدش ! وأخرياً اإلنرتنت ‪ ،‬كل هذا حبثاً عن ذلك العامل اخلفى الذى جيهله الكثري من الشباب‬
‫والفتيات مع حصول الكثري على أعلى الشهادات والدرجات العلمية ! ‪ ،‬بينما كان هذا األمر‬
‫مدروساً مطروقاً لدى السلف ‪ ،‬حىت أصبحت املعلومات ـ اليوم‪ 7‬ـ لدى الكثري مغلوطة خيالية!‬
‫بينما مل نرى هذا فيمن سبق ‪ ،‬بل كان عندهم العلم الشرعى مبثل هذه األمور ‪ ،‬ولذا مل جند‬
‫ىف سريهتم "خطف" الفتيات واغتصاهبن ‪ ،‬من أجل نشوة حلظات ‪ ،‬تودى بصاحبها ـ والعياذ‬
‫باهلل تعاىل ـ إىل اإلعدام ! فاملمنوع دائماً مرغوب ‪ ،‬من أجل هذا وغريه نرى العود إىل كتب‬
‫من سبق فيما يتصل باملعاشرة الزوجية ‪ ،‬وفنون الفراش واملداعبة واملالعبة و "األشكال" الىت‬
‫قد يراها البعض ىف أفالم اجلنس املبثوثة عرب شبكة اإلنرتنت أو الفيديو‪ 7‬أو الدش ‪ ،‬متعجبني من‬
‫ذلك الكم من األشكال وفنون اجلنس ‪ ،‬والىت أخذها الغرب من خمطوطات العرب وكتبهم‬
‫سرقة وانتحاالً ‪ ،‬وما أكثر ما يفعله الغرب من فنون اجلنس واالستمتاع وهو مدون ىف كتب‬
‫من سبق ‪ ،‬فهى دعوة إىل كل من يوسوس له شيطانه مبشاهدة تلك األفالم اخلبيثة (للتعلم) أن‬
‫غىن عن مشاهدة تلك األفالم أو التعلم منها ‪ ،‬وسيجد فيما يأتى‬ ‫يعلم أن ىف كتب من سبق ً‬
‫من كلماهتم ما يشفى غليله ‪ ،‬وحيقق مأربه ‪.‬‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ َح ْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم‬
‫ـ فنقول ‪ :‬أوالً البد وأن نعلم أن قوله تعاىل ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬
‫) (البقرة ‪ )223 :‬على إطالقه ‪ ،‬فالزوجة كل الزوجة مباحة للزوج ـ والرجل كل الرجل‬
‫مباح للزوجة ـ له أن يأتيها كيفما شاء وقتما شاء ‪ ،‬ففى قوله تعاىل ‪( :‬أَىَّن ِشْئتُ ْم ) للكيفية‬
‫وليس للزمن ‪ ،‬وله أن يستمتع هبا ـ وتستمع به ـ كيفما شاء دون حظر أو قيد ‪ ،‬له أن يستمتع‬
‫هبا ـ وتستمع‪ 7‬به ـ كيفما شاءا ‪ ،‬وتأمل قول اإلمام الشافعى رمحه اهلل تعاىل وهو يتحدث عن‬
‫حكم النكاح ىف الدبر (‪" : )1‬فأما التلذذ بغري إبالغ الفرج بني اإلليتني ومجيع اجلسد فال بأس‬
‫به إن شاء اهلل تعاىل" ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سيأتى إن شاء هللا تعالى ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪144‬‬

‫فهذه اآلية الكرمية تفتح الباب أمام الزوجني وتضع أمامها كل سبل االستمتاع ‪ ،‬وهى تغلق‬
‫الباب أمام الكثري من األسئلة الىت تلح وتعن لكثري من األزواج ‪ ،‬هل له أن يفعل كذا أو‬
‫يستمتع بالطريقة كذا‪ ، 7‬إىل غري ذلك الكثري والكثري مما يطرحه األزواج‪. 7‬‬
‫"اصَنعُوا ُك َّل َش ْي ٍء َغْيَر النِّ َك ِ‬
‫اح" وىف رواية‬ ‫قوله‪ )2‬وقد سئل عن أحكام احليض ‪ْ :‬‬ ‫وكذا ىف‬
‫(‬
‫‪" :‬إال اجلماع" يعطى الزوجان حق االستمتاع كل االستمتاع ‪ ،‬ومل يأتى خمصص‬
‫ليخصص أو حيرم أو حيظر نوع استمتاع إال ىف قوله‪" : ‬اتق الدبر واحليضة" (‪. )3‬‬
‫فهذا هو التخصيص‪ 7‬الوحيد الذى خصص أو قيَّد كيفية االستمتاع أو زمانه ‪ ،‬أما الكيفية‬
‫ففى قوله ‪" : ‬اتق الدبر" وأما الزمان ففى قوله ‪" : ‬واتق احليضة" فإذا اتق الزوج مكان الدبر‬
‫وزمن احليضة له أن يصنع ما يشاء كيفما شاء وقتما شاء ‪.‬‬
‫وإمنا قدمت‪ 7‬هذه املقدمة حىت ال خيرج علينا أدعياء العلم (‪ )4‬ومدعى الفضيلة (‪ ! )5‬بتحرمي‬
‫ٍ‬
‫بتحرمي ما فليأتنا بدليله إن‬ ‫ما أحل اهلل تعاىل للزوجني من االستمتاع ‪ ،‬وعلى كل من "يفىت"‬
‫استطاع إىل ذلك سبيالً ‪ ،‬وها أنا أسوق إليك بعض ما قاله أهل العلم ىف هذا الشأن العظيم ‪،‬‬
‫كاإلمام الشافعى‪ 7‬واالمام مالك وأىب حنيفة وابن حزم والقرطىب وابن القيم وغريهم كما سيمر‬
‫بك إن شاء اهلل تعاىل بعض كلماهتم‪ ، 7‬وأقدمه حبديث النىب ‪ ‬بعد قوله تعاىل ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْم‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ َحْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم) (البقرة ‪. )223 :‬‬
‫َحْر ٌ‬

‫(‪ )2‬سيأتى ‪.‬‬


‫(‪ )3‬سيأتى ‪.‬‬
‫(‪ )4‬بالتحريم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬بعدم جواز الكالم فى مثل هذا الشأن أو بهذه الكيفية ‪ ،‬وقد تحدث فيها رسول هللا ‪ ، ‬ومن بعده ابن عباس ـ رضى هللا عنهما ـ ‪ ،‬ومن بعدهما األئمة ‪ ،‬كما‬
‫سيمر بك إن شاء هللا تعالى ‪ ،‬فمن أراد تعقيبا ً فليعقب‪ S‬وليستدرك على رسول هللا ‪ ‬ثم على ابن عباس ثم على اإلمام الشافعى ومالك وأبى حنيفة وابن القيم‬
‫والقرطبى وغيرهم ‪ ،‬وكفى مدعى الفضيلة "نظرة سريعة" على أفالم السينما والمسرحيات وما فيها من ألفاظ يندى لها الجبين ‪ ،‬وتلميحات يتلمحها‪ S‬الصغير‬
‫قبل الكبير ‪ ،‬وال معترض ‪ ،‬وكفى نظرة سريعة على "أفيشات األفالم" ‪ ،‬وكفى "نظرة سريعة" على إعالنات التلفاز وفتياته الحسناوات العاريات ‪ ،‬وكفى‬
‫إعالنات "الشامبو والصابون" وكأن اإلعالن لن يأتى بثمرة‪ S‬إال إذا تكشف كتف وذراع وصدر الفتاة ‪ ،‬وكفي نظرة علي أغاني " الفيديو كليب" لتشاهد‬
‫السواءات واألرداف والحركات الخليعة التي قد ال يجدها أكثر الرجال نت زواجتهم ‪ ،‬وكفاهم "نظرة عابرة" أيضا ً على إعالنات الصحف المقرؤة والتى تزين‬
‫صفحاتها العاريات "وليس شبه العاريات" وال معترض ‪ ،‬واضرب لك مثاالً واحداً ‪ ،‬ففى جريدة "الجمهورية" وهى إحدى الجرائد القومية (‪)5/4/2001‬‬
‫إعالن مجلة شاشتى ‪ ،‬وانظر صورة الغالف ! ‪ ،‬وكفى أن تُعرض مالبس للمرأة الداخلية فى "الفترينات"!‪ S‬وال أدرى كيف ترضى المرأة بهذا ‪.‬‬
‫هذا بخالف من يخرج على الناس وهو يغنى ‪" :‬أشهد أن ال امرأة إال أنت" !!! ‪.‬‬
‫ـ وال حرج ‪ ،‬فقد أصبح الدين مرتعا ً للجميع دون سؤال أو حساب ـ إال من رحم هللا ـ كما نشرت جريدة "المساء" األسبوعية فى عددها الصادر بتاريخ ‪/ 10( :‬‬
‫‪ )2/2001‬أن مطربا ً سعوديا ً يغنى آيات قرآنية !! وما الحرج فى هذا ! وفى نفس األسبوع‪ S‬تخرج مجلة "روزاليوسف" بعنوان يقول ‪ " :‬ال طاعة لوزير فى‬
‫معصية القانون‪ ! "$‬هذا هو حال إحدى المجالت التى ال شغل لها سوى محاربة اإلسالم وإلصاق التهم بأهل اللحية ‪ ،‬وهذه (عقيدتى) بتاريخ (‪)2001 /20/3‬‬
‫تنشر مقاالً للدكتور عبد العظيم رمضان يقول فيه ‪ :‬الخلفاء الراشدون ‪ :‬علمانيون ! مانعى الزكاة على عهد أبى بكر ‪ ‬ليسوا مرتدين ! لم يصح من الحديث‬
‫الشريف والسنة النبوية سوى أحد عشر حديثا ً ! (انظر ‪ :‬رسالة أمثالنا الشعبية ‪ ،‬لكاتب السطور ‪ ،‬ط ‪ :‬مكتبة العلم) ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪145‬‬

‫فللرجل أن يأتى امرأته كيف شاء مقبلة ومدبرة ‪ ،‬جمبية (‪ )1‬وعلى حرف (‪ ، )2‬قائمة‬
‫وجالسة وقاعدة ‪ ،‬على أن حيذر‪ 7‬الدبر واحليضة ‪.‬‬
‫ول إِ َذا َج َام َع َها ِم ْن‬ ‫ود َت ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫ففى الصحيحني عن جابر ‪ ‬قال ‪َ " :‬كانَت الَْي ُه ُ‬
‫ث لَ ُك ْم فَأْتُوا َح ْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم‬ ‫ت ( نِ َسا ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬ ‫َح َو َل َفَنَزلَ ْ‬ ‫َو َرائ َها َجاءَ الْ َولَ ُ‪7‬د أ ْ‬
‫ِ‬
‫) (البقرة ‪ )223 :‬وىف لفظ ملسلم ‪" :‬إِ ْن َشاءَ جُمَِّبيَةً َوإِ ْن َشاءَ َغْيَر جُمَِّبيَ ٍة َغْيَر‬
‫اح ٍد" (‪.)3‬‬ ‫وِ‬
‫َ‬ ‫ك يِف ِص َم ٍام‬ ‫أ َّ ِ‬
‫َن َذل َ‬
‫صا ِر َو ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫وعن ابن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ قال ‪َ " :‬كا َن َه َذا احْلَ ُّي م َن اأْل َنْ َ‬
‫ضاًل َعلَْي ِه ْم يِف الْعِْل ِم‬ ‫اب َو َكانُوا‪َ 7‬يَر ْو َن هَلُ ْم فَ ْ‬ ‫ود و ُهم أ َْهل كِتَ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬
‫أَهل وثَ ٍن مع ه َذا احْل ي ِ‬
‫م‬ ‫ْ ُ َ َ َ َ َ ِّ‬
‫ف‬ ‫اب أَ ْن اَل يأْتُوا النِّساء إِاَّل علَى حر ٍ‬
‫َ‬ ‫فَ َكانُوا ي ْقتَ ُدو َن بِ َكثِ ٍري ِمن فِ ْعلِ ِهم و َكا َن ِمن أ َْم ِر أ َْه ِل الْ ِكتَ ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك ِم ْن فِ ْعلِ ِه ْم َو َكا َن‬ ‫ِ‬
‫َخ ُذوا بِ َذل َ‬‫صا ِ‪7‬ر قَ ْد أ َ‬
‫ِ‬
‫َسَت ُر َما تَ ُكو ُن الْ َم ْرأَةُ فَ َكا َن َه َذا احْلَ ُّي م َن اأْل َنْ َ‬ ‫كأْ‬
‫ِ‬
‫َو َذل َ‬
‫ت وم ْدبِر ٍ‬ ‫ش ي ْشرحو َن النِّساء َشرحا مْن َكرا ويَتلَ َّذذُو َن ِمْنه َّن م ْقبِاَل ٍ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ ْ ً ُ ً ََ‬ ‫َه َذا احْلَ ُّي م ْن ُقَريْ ٍ َ َ ُ‬
‫صنَ ُع‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫اجرو َن الْم ِدينَةَ‪َ 7‬تَز َّو َج َر ُجل ِمْن ُهم ْامرأًَة ِمن اأْل َنْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫صا ‪7‬ر فَ َذ َه َ‬ ‫ٌ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َو ُم ْسَت ْلقيَات َفلَ َّما قَد َم الْ ُم َه ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجتَنِْبيِن َحىَّت‬‫ك َوإِاَّل فَ ْ‬ ‫ت إِمَّنَا ُكنَّا نُ ْؤتَى َعلَى َح ْرف فَ ْ‬
‫اصنَ ْ‪7‬ع ذَل َ‬ ‫ك فَأَنْ َكَرتْهُ َعلَْي ِه َوقَالَ ْ‪7‬‬ ‫هِب َا ذَل َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬فَأَْنَز َل اللَّهُ ‪ ( ‬نِ َسا ُؤ ُك ْ‪7‬م َحْر ٌ‬ ‫ِ‬
‫ث لَ ُك ْم فَأْتُوا َحْرثَ ُك ْم أَىَّن‬ ‫َش ِر َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ك َر ُس َ‬ ‫ي أ َْم ُرمُهَا َفَبلَ َغ َذل َ‬
‫ك َم ْو ِض َ‪7‬ع الْ َولَ ِ‪7‬د " (‪. )5‬‬ ‫ِ‬
‫ات َي ْعيِن بِ َذل َ‬ ‫ات ومسَت ْل ِقي ٍ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫َي ُم ْقبِاَل ت َو ُم ْدبَر َ ُ ْ َ‬ ‫شْئتُ ْم ) أ ْ‬
‫ِ‬
‫ـ تقـدم قولك أن هنـاك كتب ومخطوطـات قد دونت فى السـابق تتحـدث‬
‫عن فنون الجماع وأشكاله ‪ ،‬فال مثَّلت لنا بأمثلة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قبل ضرب األمثلة يلزم أن ننبه أوالً أن الكتب‪ 7‬الىت تتحدث عن اجلنس أو فنون‬
‫اجلماع كانت منتشرة مشتهرة لدى من سبق ‪ ،‬وحتدث العلماء والفقهاء‪ 7‬ىف مسائل اجلنس‬
‫وفنونه ‪ ،‬والكل كان ميارس اجلنس زواجاً أو مبلك اليمني (اإلماء) ‪ ،‬وكثرت االسئلة حوله ‪،‬‬
‫(‪ )1‬مجبية ‪ :‬أى على وجهها ‪ ،‬وقال عياض ‪ :‬المتجبية تكون على وجهين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬أن تضع يديها على ركبتيها وهى قائمة ‪ ،‬منحنية على هيئة الركوع ‪،‬‬
‫واآلخر ‪ :‬تنكب‪ S‬على وجهها باركة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬على حرف ‪ :‬أى على جنب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ )154\8‬ومسلم (‪. )156\4‬‬
‫(‪ )4‬اشتهر وانتشر ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )377\1‬وغيره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪146‬‬

‫فدون بعضهم كتباً تصول وجتول ىف هذا الفن ‪ ،‬ومتحو اجلهل وتنشر الثقافة اجلنسية ‪ ،‬فكانت‬
‫تتحدث عن أحوال الرجال والنساء‪ 7‬حال املمارسة اجلنسية ‪ ،‬أو تصف هلم األدوية املتعلقة‬
‫بالقوة اجلنسية ‪ ،‬أو تصف أخالق الرجال احملببة لدى النساء ‪ ،‬أو العكس ‪ ،‬أو تتحدث عن‬
‫أنواع وطرق املمارسة ‪ ،‬وقد تصدى بعض العلماء بعدهم ملثل هذه الكتب‪ ، 7‬إما للغتها‬
‫الفاضحة ‪ ،‬أو أللفاظها الىت قد ختدش احلياء ‪ ،‬إال أن اجلميع اتفقوا‪ 7‬على نبذ اجلهل اجلنسى‬
‫لدى األزواج‪. 7‬‬
‫ـ وكان ممن كتب ىف هذا الفن والباب ‪ :‬أمحد بن سليمان الشهري بابن كمال باشا (‪، )1‬‬
‫فصنف كتباً أمساه (رجوع الشيخ إىل صباه ىف القوة على الباه) بإشارة من السلطان سليم‬
‫خان ‪ ،‬وقد دافع عن كتابه بقوله ‪" :‬ومل أقصد بتأليفه كثرة الفساد ‪ ،‬وال طلب اإلمث ‪ ،‬وال‬
‫إعانة املتمتع الذى يرتكب املعاصى ويستحل ما حرم اهلل تعاىل ‪ ،‬بل قصدت به إعانة من‬
‫قصرت شهوته على بلوغ امنيته ىف احلالل ‪ ،‬الذى‪ 7‬هو سبب لعمارة الدنيا‪ 7‬بكثرة النسل" (‪. )2‬‬
‫ـ ومنهم أبو عبد اهلل حممد بن حممد النفزاوى قاضى تونس (‪ ، )1‬وله كتاب (الروض العاطر‬
‫ىف نزهة اخلاطر) والذى‪ 7‬أشار الوزير حممد‪ 7‬بن عوانة الزواوى عليه بتصنيفه ‪ ،‬وله رسالة أيضاً‬
‫بعنوان (تنوير الوقاع بأسرار اجلماع) ‪.‬‬
‫ـ ونالحظ أن الدافع‪ 7‬وراء تأليف الكتابني "السلطان والوزير" مما يلقى بظالله إىل مدى‬
‫اهتمام العامة واخلاصة بتلك املسائل ‪.‬‬
‫ـ منهم أيضاً ‪ :‬نعمة اهلل اجلزائرى (‪ ، )2‬وله رسالة (األيك) ‪.‬‬
‫ـ ومنهم أيضاً ‪ :‬أبو الفرج األزرق ‪ ،‬وله رسالة بعنوان (تسهيل املنافع ىف الطب واحلكمة)‪.‬‬
‫ـ أشكال الجماع ‪:‬‬
‫ـ وللجماع أشكال كثرية جيهلها كثري من األزواج ‪ ،‬وقد تشكو بعض النساء من مرور‬
‫السنوات وال يتغري شكل اجلماع عند الرجل مما يصيب املرأة بنوع من امللل والرتابة ىف العملية‬
‫(‪ )1‬المتوفى سنة (‪. )940‬‬
‫(‪ )2‬وأقول مثل ما قال ‪.‬‬
‫(‪ )1‬المتوفى سنة (‪. )725‬‬
‫(‪ )2‬المتوفى سنة (‪. )1112‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪147‬‬

‫اجلنسية ‪ ،‬وتُفتقد املتعة عندها ‪ ،‬وقد تقدم احلديث عن عبد اهلل بن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ‬
‫ىف بيان بعض أشكال اجلماع ‪ ،‬وال حرج ىف بيان وشرح هذه األشكال بنوع تفصيل وبيان ‪،‬‬
‫فإنه إذا مل جيد الشاب والزوج‪ 7‬املسلم شرح هذا احلديث وتفصيله ىف كتاب إسالمى فأين جيده‬
‫؟ وأين يسأل الشاب املسلم املقبل على الزواج الذى‪ 7‬جيهل مثل هذه األمور‪ ، 7‬الذى‪ 7‬يصون‬
‫نفسه عن "الدش" واجملالت واألفالم‪ 7‬اجلنسية ‪ ،‬أىنّ هلذا الشاب أو الزوج أن يعرف مثل هذا‬
‫األمور ؟‬
‫ـ وهذ طائقة من أقواهلم‪ 7‬ىف هذا الشأن ‪ ،‬والىت تشرح األشكال املتقدمة ىف حديث عبد اهلل‬
‫بن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ ‪ ،‬فمما‪ 7‬قالوا (‪: )3‬‬
‫ـ قالوا ‪ :‬فأول ذلك وهو الباب العام الذى تستعمله أكثر الناس ومنهم من ال يعرف غريه ‪،‬‬
‫وهو اإلستلقاء ‪ ،‬وهو أن تستلقى املرأة على ظهرها وترفع رجليها إىل صدرها ويقعد الزوج‬
‫بني فخذيها مستوفزاً‪ 7‬قاعداً على أطراف أصابعه وال يهمز على بطنها بل يضمها ضماً شديداً‬
‫ويقبلها وميص لساهنا‪ )1( 7‬ويعض شفتيها ويوجله فيها ويسله ـ خيرجه ـ ويدفعه ‪ ،‬وال يزال ىف‬
‫رهز (‪ )2‬ودفع حىت يفرغا ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬ومن اإلستلقاء أيضاً ‪ :‬أن يضع الزوج فخذيه الواحد‪ 7‬بني فخذيها وجيامعها‪. 7‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أن تستلقى املرأة ويضع رجليها على كتفيه مث يدخل الزوج يده حتت فخذيها‪7‬‬
‫وجيامعها ويشبك أصابعه ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬أن جيامعها ورجالها مبسوطتان لألمام ـ أو ألعلى ممسكاً بركبتيها مضمومتني ـ‬
‫وتضع إحدى قدميها على األخرى ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬أن تستلقى املرأة مث تضع باطن قدميها على صدره وجتمع يديها ىف قفاه فتجذبه‬
‫إليها حىت تنثىن هى فتصري ركبتها ملتصقة بصدره وذكره ىف فرجها ‪.‬‬

‫(‪ )3‬وقد تصرفت فى بعض النصوص بحذف الكلمات اإلباحية ‪.‬‬


‫(‪ )1‬روى أحمد فى مسنده أن النبى ‪" : ‬كان يُقبِّل أم المؤمنين عائشة ويمص لسانها" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الرهز ‪ :‬أى االهتزاز ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪148‬‬

‫ـ السادس ‪ :‬أن تستلقى املرأة وتبسط إحدى رجليها فيجلس الزوج على فخذها املبسوط‬
‫وترفع رجلها األخرى منصوبة إىل أعلى ما استطاعت ‪.‬‬
‫ـ السابع ‪ :‬أن تستلقى املرأة مث تضع قدمها على خاصرة الزوج ويأخذ هو عنقها إليه ‪.‬‬
‫ـ الثامن ‪ :‬أن يستلقى الزوج على ظهره ويثىن ركبتيه قليالً مث تأتى هى فتجلس على ذكره‬
‫وظهرها إليه وقد ّفرجت بني فخذيها ووضعتهما خارج فخذيه وتستند بيديها من وراء ويد‬
‫الزوج على خصرها ليساعدها‪ ،‬فتقوم عنه وتنزل ‪.‬‬
‫‪ -‬التاسع ‪ :‬وهو كالسابق إال أن املرأة تفرج بني فخذيها‪ 7‬وتضع باطن قدميها‪ 7‬على أعلى‬
‫ركبىت الزوج ‪.‬‬
‫ـ العاشر ‪ :‬وهو أن تضع املرأة حتت عجيزهتا (‪ )1‬خمدتيني حىت يرتفع حرها (‪ )2‬مث جيلس‬
‫الزوج على صدرها وظهره مقابل وجهها ‪ ،‬مث تأخذ املرأة إهبامى رجليها بيديها وجتذهبما إىل‬
‫نفسها جذباً شديداً حنو رأسها حىت يصري الزوج جالساً على رجليها ‪ ،‬فإهنا إذا رفعت‬
‫رجليها رفعاً عظيماً برز فرجها كله ‪ ،‬فيوجل الرجل إيره (‪ )3‬فيها وهو يشاهد عجزها ‪ ،‬وهذا‬
‫مما يزيد ىف قوة شهوته ‪.‬‬
‫ـ احلادى عشر ‪ :‬وهو أن تنام املرأة بصدرها على شئ مرتفع يصل إىل وسطها (كاملكتب‬
‫مثالً) ‪ ،‬مث ترفع إحدى رجليها عليها وتقف على األخرى ‪ ،‬وجيامعها الزوج وهو من خلفها ‪،‬‬
‫ىف حمل اجلماع ‪.‬‬
‫ـ الثاىن عشر ‪ :‬وهو يستلقى الزوج على ظهره وميد ساقيه مداً مستوياً ‪ ،‬مث تأتى املرأة‬
‫فتجلس على فخذيه وبطنه مرتبعة وتوجله فيها مع احلركة لألمام واخللف ‪ ،‬مييناً ويساراً ‪.‬‬
‫ـ الثالث عشر ‪ :‬وهو أن يستلقى الزوج كالسابق ‪ ،‬مث تأتى املرأة فتجلس على الذكر ‪،‬‬
‫كجلوسها لقضاء احلاجة ‪ ،‬مث تفعل كالسابق ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أردافها ‪.‬‬


‫(‪ )2‬فرجها ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أى ‪َ :‬ذكره ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪149‬‬

‫ـ فى القعود ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬وهو أن تقعد املرأة والزوج متقابلني متواجهني مث حيل الرجل سراويل املرأة بيده‬
‫وخيليه ىف خلخاهلا مث يلفه ويرميه فوق رأسها على رقبتها ‪ ،‬فتبقى مثل الكرة مث تستلقى على‬
‫ظهرها ‪ ،‬فيبقى فرجها ودبرها متصدرين ‪ ،‬مث جيامعها ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬وهو أن يقعد الزوج وميد رجليه مداً مستوياً ‪ ،‬وتأتى املرأة مواجهة له فتجلس‬
‫على أفخاذه ويُدخل إيره فيها ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أن يرتبع الزوج ويقيم إيره وتقعد املرأة عليه ووجها إليه وفمها‪ 7‬إىل فمه ويرشف‬
‫ريقها أو يقبل عينيها وأذنيها ويضمها إليه ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬أن يقعد الزوج وميد رجله الواحدة مستوية واألخرى قائمة وتأتى املرأة فتقعد‬
‫عليه وهى مستديرة بوجهها ومتد رجليها وهى قائمة عنه قاعدة عليه ‪.‬‬
‫ـ فى االضطجاع ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن تضطجع املرأة على جنبها األيسر ومتد رجليها مداً مستوياً وتدير وجهها إىل‬
‫ورائها ويأتيها الزوج من خلفها ويلف ساقه على فخذها وميسك صدرها بيده ‪ ،‬وحتت بطنها‬
‫بيده األخرى ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أن تنام املرأة على جنبها األيسر ومتد رجليها مداً مستوياً وتدير وجهها إىل ورائها‬
‫‪ ،‬مث جتعل فخذيه بني فخذيها وحيكه بني شفريها مث يوجله فيها ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أن تضطجع املرأة وتدير وجهها ويضطجع الزوج خلفها ورجله الواحدة مثنية‬
‫واألخرى بني فخذيها ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬أن تضطجع املرأة على اجلنب األمين ومتد رجليها مداً جيداً والزوج‪ 7‬كذلك على‬
‫إحدى فخذيه واألخرى بني فخذيها‪ 7‬ويبل إيره وحيكه حكاً جيداً إىل أن حيس باإلنزال فيطبقه‬
‫قوياً ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬أن تنام املرة ومتد رجليها والزوج كذلك على جنبه األمين وخيالف بني رجليها‬
‫مث يوجله فيها فإذا قارب اإلنزال خيرجه قليالً مث يوجله فيها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪150‬‬

‫ـ السادس ‪ :‬أن يتكئ الزوج على جنبه األيسر وتتكئ املرأة على جنبها األمين وتضع عجزها‬
‫ىف حجر الزوج وجتعل رجلها الشمال من فوق ورجلها اليمىن من حتت إبطها األيسر ويوجله‬
‫إيالجاً عنيفاً ‪.‬‬
‫ـ فى االنبطاح ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ترقد املرأة على وجهها ومتد رجليها مستوياً وجيلس الزوج على فخذيها مث يوجله‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬ترقد املرأة على وجهها مث تثىن ركبتها الواحدة إىل صدرها وترفع عجزها جيداً‬
‫ويأتيها من خلفها ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬تلصق خدها بالفراش ويأتى الزوج فيمسك خصرها ويوجله فيها ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬تنبطح على وجهها وينبطح الزوج عليها وجيعل ساقه بني ساقيها ويده ىف خصرها‬
‫واألخرى ىف بطنها وفمه ىف فمها ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬تنبطح على وجهها وترفع عجزها ـ وتلصق صدرها باألرض‪ 7‬تارة ‪ ،‬وتارة ترفعه‬
‫ـ ويأتى الزوج فيجلس من خلفها ويوجله فيها ‪ ،‬وميسك رؤوس أكتافها تارة ‪ ،‬وذوائب‬
‫شعرها بقوة تارة وبرفق أخرى ‪ ،‬وتارة يقبل فمها ‪ ،‬وتارة يضرب على مؤخرهتا فيزيد من‬
‫إثارهتا ‪ ،‬وتارة اعلى موخرهتا ليعجل بإنزاهلا ‪.‬‬
‫ـ فى االنحناء ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬تنحىن املرأة على أربع كأهنا راكعة مث يأتى الزوج فيمسك بيده اليمىن خاصرهتا‬
‫اليمىن واليسرى‪ 7‬باليسرى وجيذهبا خبواصرها قليالً قليالً ‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أن تنحىن املرأة على ركبتيها ويلزمها الزوج من خلف وتلتفت إليه وتعطيه لساهنا‪7‬‬
‫ميصه (‪ )1‬مث تقبض إيره وتوجله ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬تنحىن املرأة على الفراش بصدرها وركبتيها‪ 7‬على األرض‪ 7‬مث يأتى الزوج من‬
‫خلفها وجيامعها‪. 7‬‬

‫(‪ )1‬ومص لسان الرجل زوجته – والعكس – مما يزيد فى شهوة الرجل والمرأة ويؤدى إلى النعاظ الذكر ‪ ،‬ويزيد فى شهوتها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪151‬‬

‫ـ الرابع ‪ :‬تنحىن املرأة وتلصق بطنها بفخذيها وجيامعها‪ 7‬زوجها وميسك ذوائبها ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬تنحىن املرأة وهى قائمة حىت متسك املرأة بأصابع قدميها ويأتى الزوج من خلفها‬
‫ويوجله فيها ‪.‬‬
‫ـ السادس ‪ :‬تنحىن املرأة على أربع وتفتح ساقيها ويدخل الزوج ساقه الواحدة بني فخذيها‪7‬‬
‫وميد األخرى وراءه ‪.‬‬
‫ـ السابع ‪ :‬تنحىن املرأة على أربع وتشبك على صدرها وتضم ركبة ومتد أخرى ويأتيها‬
‫الزوج ‪.‬‬
‫ـ فى القيام ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن تقوم املرأة والزوج فيضم كل منهما صاحبه إىل صدره ضماً شديداً مث تتعلق‬
‫املرأة به ومتد يدها فتأخذ إيره وتريقه بريقها وتوجله ىف فرجها إيالجاً حسناً بلطافة وهو مع‬
‫ذلك مير ىف أعكاهنا وهنودها وتقبله ‪ ،‬وترفع إحدى رجليها ومتكنه من نفسها‪.‬‬
‫ـ الثاىن ‪ :‬أن تقوم املرأة وظهرها إىل احلائط فيأتيها الزوج فريفع‪ 7‬إحدى رجليها حىت تبقى‬
‫أعلى منه ويبني فرجها ويدخله بني أفخاذها ويسند فخذها الواحد‪ 7‬على احلائط ‪.‬‬
‫ـ الثالث ‪ :‬أن تقوم املرأة على قدميها‪ 7‬وتستند إىل احلائط دائرة بوجهها إليه وتربز عجيزهتا‬
‫حىت يبدو ما بني رجلها ويأتيها الزوج وميسك بيده اليمىن صدرها ويده اليسرى على بطنها ‪.‬‬
‫ـ الرابع ‪ :‬أن تقف املرأة والزوج‪ 7‬وجهاً لوجه ويقبلها وميص لساهنا‪ ، 7‬مث يرفع الرجل إحدى‬
‫رجليها إىل خصره مث يوجله فيها ‪ ،‬مث يرفع رجلها األخرى على خصره الثاىن ويديه متسك‬
‫خبواصرها ‪ ،‬أو حتت إليتها ‪ ،‬ويديها على رقبته ‪.‬‬
‫ـ اخلامس ‪ :‬أن جتعل وجهها إىل احلائط وتربز عجيزهتا وتستند على احلائط بيدها وتفتح‬
‫ساقيها ويقف الرجل بني ساقيها ويأتيها‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪152‬‬

‫ـ السادس ‪ :‬أن تقف املرأة وظهرها إىل احلائط ويقف الرجل ووجهه إليها مث يثىن ركبتيه‬
‫ويلصقهما باحلائط واملرأة بينهما ‪ ،‬مث خُت رج املرأة رجليها خارج ركبتيه مث جتلس عليهما‬
‫فيجامعها وهى على تلك احلالة (‪. )1‬‬
‫ـ فهذه بعض أقواهلم‪ 7‬ىف أشكال اجلماع ‪ ،‬وقد تصرفت فيها بالتقدمي والتأخري ‪ ،‬بالزيادة أو‬
‫النقصان ‪ ،‬واحلذف لأللفاظ الفاضحة والىت قد ختدش احلياء ‪ ،‬وسيأتى بعض ما ورد ىف كتبهم‬
‫ىف ثنايا الكلمات اآلتية ‪ ،‬مع اإلشارة وإسناد كل قول إىل قائله ‪ ،‬هذا وليخرت الزوج مما تقدم‬
‫ما يناسبه ‪ ،‬وال يتقيد هبذه األشكال فقط بل له أن (يبتكر) وجيدد من حياته اجلنسية ‪ ،‬وكلما‬
‫جدد الرجل ىف العملية اجلنسية دفع امللل والرتابة عنها (‪. )2‬‬
‫ـ ف ــإن قيل ‪ :‬لِما كل ه ــذه اإلطالة وك ــان يكفيك التلميح دون التص ــريح كما فى بعض‬
‫الكتب الفقه ونحوها ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬تقدم أن البعض إذا قرأ شرح اآلية أو احلديث استعجمت‪ 7‬عليه بعض ألفاظه ‪ ،‬وال‬
‫يفهم منها معىن وتفسري "جمبية" أو "مدبرة" أو "مقبلة" أو "من دبرها ىف قُبلها" ‪.‬‬
‫ـ فـ ــإن قيل ‪ :‬إنما نخـ ــاف عليك أن يقـ ــال أن هـ ــذا الكالم ال يحق له أن يحتويه كتـ ــاب‬
‫إسالمى ‪ ،‬وأولى به كتب الجنس ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬أقول ‪ :‬إذن هى دعوة لكل شاب يلتزم بدين اهلل تعاىل قد صان نفسه عن "الدش"‬
‫وأفالم اجلنس أن يشرتى تلك الكتب‪ 7‬اجلنسية (املصورة أو املرسومة ‪ ،‬الىت عجت هبا األرصفة)‬
‫ليتعلم منها فن املعاشرة اجلنسية عند إقدامه على الزواج ! فهل يقول هذا قائل ؟ ‪ ،‬وهل‬
‫جنس وقد حوت مثل هذا الكالم وأكثر ‪ ،‬وهل كان اإلمام الشافعى‪7‬‬ ‫كتب ٍ‬ ‫كانت كتب الفقه َ‬
‫أو القرطىب أو ابن القيم أو اإلمام مالك واإلمام‪ 7‬األعظم وغريهم ليسودوا‪ 7‬كتبهم مبثل هذا‬
‫الكالم إال حلاجة الناس إليه ‪ ،‬وما اهتمهم أحد بأن كتبهم جنسية ! ‪ ،‬إال أهنا منثورة فجمعت‬
‫بعضها يف مكان واحد حلاجة الكتاب إليه وصلته به ‪.‬‬

‫(‪ )1‬عالمات النساء ألحمد بن سليمان الشهير بابن كمال باشا المتوفى سنة (‪ )940‬بتصرف ‪ ،‬والروض العاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬وال أقول أن على الزوج أن يقوم بكل تلك األشكال أو يتقيد‪ S‬بها ‪ ،‬وال يعنى أن من يقوم بها كلها أو بعضها قوى أو ضعيف جنسيا ً ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪153‬‬

‫ـ فـ ــإن قيل ‪ :‬إننا لم نر مثل هـ ــذا فى كتب من تكلم فى أحكـ ــام الـ ــزواج والزفـ ــاف من‬
‫المعاصرين ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ولذلك عزف الشباب عن شراء مثل تلك الكتب‪ 7‬الىت عجت هبا املكتبات‬
‫وطفحت هبا األرصفة ‪ ،‬وإذا ابتاع أحدهم كتاباً يتحدث عن أحكام الزواج مل جيد فيه ما‬
‫يشفى علته من حبث مستفيض ىف هذا األمر ‪ ،‬وكم عانينا من مشكالت منشأها الفراش‬
‫واجلهل هبذا الفن ىف احلياة الزوجية ‪ ،‬وقد تقدم بيان من ألف ىف هذا الشأن ممن سبق ‪،‬‬
‫وتقدمت بعض كلماهتم‪. 7‬‬
‫هذا وافتقاد البعض للثقافة اجلنسية ‪ ،‬واعتبار أن املسألة اجلنسية من املسائل الىت ال جيب‬
‫اخلوض فيها ‪ ،‬واعتبارها من املناطق املسورة احملرمة عند الكثري ‪ ،‬فال جيب االقرتاب منها ‪،‬‬
‫واستحياء الزوجني الرجل واملرأة (خاصة) من احلديث ىف هذا املسألة ‪ ،‬واخلجل من اإلفصاح‬
‫عن املشكلة اجلنسية عندمها أو أحدمها ‪ ،‬وحماولة التكتم عليها ‪ ،‬فيظهر التوتر ىف العالقة‬
‫اجلنسية بني الزوجني ‪ ،‬وتظهر بعض املشاكل على السطح دون اخلوض ىف املسالة اجلنسية‬
‫بينهما ‪ ،‬كل هذا وغريه أدى بدوره إىل سقوط الزوجني ىف شباك الطالق دومنا أن يفصح‬
‫أحدمها عن السبب األصلى للمشكلة (فن اجلنس) سواء كان للحرج أو لفقد الثقافة اجلنسية ‪.‬‬
‫ـ اهلل يعلم إىن استمعت إىل الكثري والكثري من شكاوى الرجال والنساء الزوجية ‪ ،‬وأكثرها‬
‫أو جلّها منشأها الفراش‪ 7‬واحلياة اجلنسية بني الزوجني ‪ ،‬وهو ما حدا ىب إىل احلديث هبذه‬
‫الكيفية (‪ ، )1‬وأنا ال أرى حرجاً ىف هذا ‪ ،‬وقد تقدم حديث عبد اهلل بن عباس ـ رضى اهلل‬
‫عنهما ـ ىف بيان شرح اآلية (‪ ، )1‬إال أىن زدت األمر بياناً وتفصيالً من كتب من تكلم ىف هذا‬
‫الشأن ‪.‬‬
‫(‪ )1‬كما أن من أهم الدواعى إلى الكتابة بهذه الكيفية واإلتيان ببعض كلمات من سبق فى الشأن ما يعانيه الكثير من أهل العلم ‪ ،‬أو من يتوسم الناس فيهم هذا ‪،‬‬
‫فيطرح الرجل السؤال على الشيخ أو الداعية ـ أو هاتفيا ً ـ فيتصبب وجه الشيخ عرقا ً خجالً وحيا ًء ـ ولم يرد فى حديث ابن عباس رضى هللا عنهما ‪ ،‬أن أحداً‬
‫الصحابة أو بعضهم تصبب وجهه عرقا ً فضالً عن النبى ‪ ‬وهو يشرح اآلية ‪ ،‬وإنما نشأ هذا من السور المضروب حول هذه المسائل ‪ "،‬واألمية الدينية" حتى‬
‫حرج وقع فيه البعض ‪ ،‬وكم تهمة الصقت ببعضهم ‪ ،‬ألنه شرح أية أو حديث أو‬ ‫ٍ‬ ‫إذا تكلم فيها بعضهم اتهم فى دينه ! ‪ ،‬وكم عانينا من هذه األمور وكم من‬
‫أجاب السائل بنوع‪ S‬تفصيل ـ والسائل إنما يسأل لحياته وسعادته وحفاظا ً على بيته وأسرته ‪ ،‬كما لم نجد حرجا ً وقع فيه بعض األئمة ممن تحدثوا فى مثل هذه‬
‫األمور ـ كاإلمام مالك فى جوابه عن النخر ‪ ،‬وأبى الحسن بن القطان وابن عباس فى الضرب على فرج المرأة وغيرهم كما سيمر بك ـ ‪ ،‬فلذلك وغيره أردت‬
‫أن أغلق باب الحرج الذى يقع فيه بعضهم بهذه الكلمات التى تشفى علة الرجل والمرأة وتنأ بالجميع عن السؤال ‪ ،‬فسيرى فى هذا الكتاب إجابة كل سؤال يرد‬
‫عليه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬وال يكاد يمر على يومان أو أكثر إال وأجد السؤال (من الحرفى أو أستاذ الجامعة أو المقدم على الزواج) حول تفسير اآلية أو الحديث مكتوبا ً أو مسموعا ً ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪154‬‬

‫ـ "وأحسن أشكال اجلماع أن يعلو الرجل املرأة مستفرشاً هلا بعد املالعبة والقبلة وهبذا‬
‫مسيت املرأة فراشاً كما قال ‪" : ‬الولد للفراش" (‪ )2‬وهذا من متام قوامية الرجل على املرأة‬
‫ِّساء) (النساء ‪ ، )34 :‬وكما قيل ‪:‬‬ ‫ال َق َّو ُامو َ‪7‬ن َعلَى الن َ‬‫(الر َج ُ‬
‫كما قال تعاىل ‪ِّ :‬‬
‫إذا رمتها كانت فراشاً يقلىن * وعند فراغى خادم يتملق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس هَّلُ َّن) (البقرة ‪ ، )187 :‬وأكمل اللباس وأسبغه‬‫اس لَّ ُك ْم َوأَنتُ ْم لبَ ٌ‬
‫(ه َّن لبَ ٌ‬
‫وقد قال تعاىل ‪ُ :‬‬
‫على هذه احلال فإن فراش الرجل لباس له وكذلك حلاف املرأة لباس هلا فهذا الشكل الفاضل‬
‫مأخوذ من هذه اآلية وبه حيسن موقع‪ 7‬استعارة اللباس من كل من الزوجني لآلخر ‪ ،‬وفيه وجه‬
‫آخر وهو أهنا تنعطف عليه أحياناً فتكون عليه كاللباس قال الشاعر ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫إذا ما الضجيع ثىن جيدها * تثنت فكانت عليه لباساً‬
‫ـ أردأ أشكال الجماع ‪:‬‬
‫"وأردأ أشكاله أن تعلوه املرأة وجيامعها على ظهره ‪ ،‬وهو خالف الشكل الطبيعى الذى‬
‫طبع اهلل عليه الرجل واملرأة ‪ ،‬بل نوع الذكر‪ 7‬واألنثى ‪ ،‬وفيه من املفاسد أن املىن يتعسر خروجه‬
‫كله فرمبا بقى ىف العضو منه فيتعفن ويفسد فيضر‪ ،‬وأيضاً فرمبا سال إىل الذكر‪ 7‬رطوبات من‬
‫الفرج ‪ ،‬وأيضاً فإن الرحم ال يتمكن من االشتمال على املاء واجتماعه فيه وانضمامه عليه‬
‫لتخليق الولد‪ ، 7‬وأيضاً فإن املرأة مفعول هبا طبعاً وشرعاً وإذا كانت فاعلة خالفت مقتضى‬
‫الطبع والشرع ‪ ،‬وكان أهل الكتاب إمنا يأتون النساء على جنوهبن على حرف ويقولون هو‬
‫أيسر للمرأة ‪ ،‬وكانت قريش واألنصار‪ 7‬تشرح النساء على أقفائهن فعابت اليهود عليهم ذلك‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ َح ْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم) (البقرة ‪. )223 :‬‬
‫فأنزل اهلل‪( : ‬نِ َسآ ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬
‫اء‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ول إِ َذا جامعها ِمن ورائِ‬ ‫ود َت ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َََ ْ َ َ‬ ‫وىف الصحيحني عن جابر قال ‪َ " :‬كانَت الَْي ُه ُ‬
‫ث لَ ُك ْم فَأْتُوا َح ْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم ) (البقرة ‪:‬‬ ‫ت ( نِ َسا ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬ ‫َح َو َل َفَنَزلَ ْ‬
‫الْ َولَ ُ‪7‬د أ ْ‬

‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬


‫(‪ )3‬زاد المعاد ‪. )249\4( :‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪155‬‬

‫‪ ، )223‬وىف لفظ لإلمام ملسلم ‪" :‬إِ ْن َشاءَ جُمَِّبيَةً َوإِ ْن َشاءَ َغْيَر جُمَِّبيَ ٍة َغْيَر أ َّ‬
‫َن‬
‫اح ٍد" (‪. )1‬‬
‫وِ‬
‫َ‬ ‫ك يِف ِص َم ٍام‬ ‫ِ‬
‫ذَل َ‬
‫واجمليبة املنكبة على وجهها ‪ ،‬والصمام الواحد‪ 7‬الفرج ‪ ،‬وهو موضع احلرث والولد‪. )2( 7‬‬
‫ـ فماذا إذن عن مقدمات الجماع ؟‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ َحْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم) (البقرة ‪ : )223 :‬قال بعض‬‫قال تعاىل ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْ‪7‬م َحْر ٌ‬
‫ِّمواْ ألَن ُف ِس ُك ْم ) أى ‪ :‬بالقبلة واللمسة والكلمة واملداعبة ‪ ،‬وىف‬ ‫(وقَد ُ‬
‫أهل العلم ىف قوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫حديث أم زرع تقول إحداهن ‪" :‬زوجى عياياء طبقاء" ومما قيل ىف تفسري"طبقاء" ‪ :‬أن‬
‫زوجها كان يأتيها كالبيت يقع مطبقاً على أهله دون تقدمي بالقبلة أو اللمسة أو الكلمة ‪.‬‬
‫ـ "ذكر اهلندى‪ 7‬من احملادثة واملزاح فقال ‪ :‬اجلماع بال مؤانسة من اجلفا‪ ،‬فإنه جيب على‬
‫الرجل أن يتحلى بالفضيلة الىت خصه اهلل هبا وزينه بكماهلا ىف النكاح ليتميز عن البهائم‪ 7‬وينفرد‬
‫عنها ويباينها ىف اهنماكها‪ 7‬عليه ‪ ،‬وهتجمها‪ 7‬ىف فعله ‪ ،‬فلو مل يكن ىف احملادثة واملزاح إال هذه‬
‫الفضيلة لوجب استعماهلا ‪ ،‬فكيف ومها يزيالن اخلجل ويبسطان بشرة الوجه ويبعثان األنس ‪،‬‬
‫أجل من ذلك وهو أن اإلنسان إذا مد يده إىل من يريد الدنو‪ 7‬منه وهو خماطب‬ ‫وفيهما ما هو ّ‬
‫له وذاك مستمع‪ 7‬له كان أنقص حليائه وأنفى للخجل عن صاحبه ‪ ،‬الشتعال فكرته مبا يورده‬
‫عليه من اخلطاب ‪ ،‬وألنه غري خملى مع فكرته فتتوفر على تأمل ما يدعى له ‪ ،‬والتفقد ملا يراد‬
‫منه فيستحى لذلك وخيجل ‪ ،‬وهذا أمر ليس بصغري الفائدة" (‪. )1‬‬
‫ـ القبلة بريد الجماع ‪:‬‬
‫واعلم أن القبلة أول دواعى الشهوة‪ 7‬والنشاط وسبب اإلنعاظ واإلنتشار‪ ، 7‬وال سيما إذا‬
‫خلط الرجل ما بني قبلتني بعضة خفيفة وقرصة ضعيفة واستعمل املص والنخرة واملعانقة‬
‫والضمة ‪ ،‬فهنالك تتأجج الغلمتان وتتفق الشهوتان‪ 7‬وتلتقى البطنان وتكون القبل مكان‬
‫االستئذان ‪ ،‬واستدلوا‪ 7‬بالطاعة على حسن االنقياد واملتابعة ‪ ،‬وذلك أن السبب‪ 7‬ىف شغف‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )154\8‬ومسلم (‪. )156\4‬‬


‫(‪ )2‬زاد المعاد (‪ )254\4‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )1‬عالمات النساء ألحمد بن سليمان ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪156‬‬

‫اإلنسان بالتقبيل إمنا هو لسكون النفس إىل من حتبه وهتواه ‪ ،‬فلذلك قالوا ‪ :‬القبلة بريد اجلماع‬
‫‪.‬‬
‫وقالوا‪ 7‬أن ألذ القبل قبلة ينال فيها لسان الرجل فم املرأة ‪ ،‬ولسان املرأة فم الرجل ‪ ،‬وذلك‬
‫إذا كانت "املرأة" نقية الفم طيبة النكهة ‪ ،‬فإهنا تدخل لساهنا ىف فم الرجل فيجدد بذلك‬
‫حرارة الريق وتسرى تلك احلرارة والتسخني إىل ذكر الرجل وإىل فرج املرأة فيزيد ذلك‬
‫شبقهما وغلمتهما ويقوى شهوهتما‪ ، 7‬فيزداد لوهنما صفاء وحسناً ‪.‬‬
‫وقيل أن ذلك الريق واحلرارة يتحفان اجلسم ويزيدان فيه كزيادة الزرع املزروع ىف األرض‬
‫الزكية ويروى من املاء العذب بعد العطش ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬إن املنفعة ىف التقام "الزوج" لسان "الزوجة" شد عصب الباه وكثرة وزيادة ىف شبق‬
‫"زوجه" وغلمتها وانتشارها‪. 7‬‬
‫وقال آخر ‪ :‬أن املنفعة ىف التقام "الزوج" لسان "زوجه" وشده ومصه إياه وعضه عليه أن‬
‫يصيب لسان "الزوج" نداوة وحرارة فتنحدر‪ 7‬تلك النداوة واحرارة من لسانه إىل إيره ‪ ،‬وتنتفع‬
‫املرأة هبذا الصنع‪ 7‬كانتفاع الرجل بالنساء وعشقه هلن ‪ ،‬فإنه يدعوه إىل إفراط الشهوة وشدة‬
‫الشبق وغلبة احلرص إىل أن ال يرضى بالتقبيل دون أن يدخل لساهنا‪ 7‬ىف فمه مث ميص ريقها ‪،‬‬
‫وال يرضى حىت يشم حرها (‪ )1‬ويدخل لسانه فيه (‪. )2‬‬
‫ـ قالوا ‪ :‬التدبري ىف اجلماع على وجهني ‪ :‬أحدمها ‪ :‬علوى واآلخر سفلى ‪.‬‬
‫فأما العلوى‪ : 7‬فاملعانقة والتقبيل والعض‪ 7‬واملص والغمز‪. 7‬‬
‫وأما السفلى ‪ :‬إدخال األصابع ىف الفرج وجس ما حوله ‪ ،‬وكذلك ىف السرة وتغدغة أعلى‬
‫الفخذين ‪.‬‬
‫وقال احلكيم ‪ :‬ال جتامع امرأتك أول ما تلقيها ‪ ،‬بل ربّضها ساعة وال عبها ومشها واحضنها‬
‫‪ ،‬فإنك إن فعلت هذا حني اإللقاء‪ 7‬كان ذماً ونقصاً ‪.‬‬
‫(‪ )1‬فرجها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬السابق ‪ ،‬وقال القرطبى فى تفسيره‪ :)232\12( S‬وقد قال "أصبغ" من علمائنا ‪ :‬يجوز له أن يلحسه بلسانه ‪ ،‬وفى "كشاف القناع" (‪ " : )189\5‬وليس لها‬
‫أى الزوجة استدخال ذكره وهو نائم فى فرجها بال إذنه ألنه تصرف فيه بغير إذنه ‪ ،‬ولها أى الزوجة لمسه وتقبيله بشهوة ولو نائما ً ‪ ،‬وقال القاضى يجوز تقبيل‬
‫فرج المرأة قبل الجماع ‪ ،‬ويكره‪ S‬بعده لتعذره إذن" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪157‬‬

‫ـ فائدة ‪ :‬قالوا ‪ :‬أما حمل التقبيل فاخلدان والشفتان والعينان‪ 7‬واجلبهة والعجز‪ 7‬والصدر‪7‬‬
‫والثديان ‪.‬‬
‫وأما موضع الشم‪ : 7‬فطرف املنخرين ‪ ،‬وحواىل العينني ‪ ،‬وباطن األذنني ‪ ،‬والسرة وباطن‬
‫الفرج فاخلاصرتان ‪.‬‬
‫وأما موضع العض ‪ :‬فالودجان واألذنان وباطن الشفة واألرنبة واجلبهة ‪.‬‬
‫وأما موضع احلك باألظفار ‪ :‬فباطن القدمني وباطن الفخذين ‪ ،‬والساعدين ‪ ،‬وفيما بني‬
‫السرة والفرج‪ ، 7‬وال يفعل ذلك إال بامرأة بطيئة اإلنزال ‪.‬‬
‫وأما املص ‪ :‬فشفتها وأعلى وجنتها وموضع خاهلا وحواىل ثدييها وال يفعل ذلك إال وهى‬
‫مفرجة الرجلني فإن ذلك أسرع إلنزاهلا (‪. )1‬‬
‫ـ فما هى األحوال التى يُستطاب فيها الجماع ؟‬
‫ـ أما األحوال الىت يستطاب فيها اجلماع ‪" :‬فاعلم أن للنساء أحواالً توافق الرجال جمامعتهن‬
‫فيها وهلا فضل على سائر األوقات ‪ ،‬قال علماء الباه ‪ :‬أن أوفق األشياء للنساء اجلماع عند‬
‫السقم‪ ، 7‬فإن فيه صالحاً ألجسامهن ومدواة هلا وهو أشد هلن مالئمة من احلقن وأخالط‬
‫األدوية الشافية‪ ، 7‬وهو يكسب املرأة زيادة ىف العمر‪ ، 7‬ومنها أن جيامع املرأة إذا فزعت بأمر‬
‫دمهها ترتاع له فيسكن عند ذلك ويزول ‪.‬‬
‫وقال أصحاب علم الباه ‪ :‬إذا طهرت النفساء وتنظفت مما جتد عند الوالدة فاعجل مبواقعتها‪7‬‬
‫فإنه أصلح هلا وأصح لنفسها ولِما تعبت وجاهدت ىف والدهتا وأنفع ‪ ،‬وىف صحتها أبلغ وأجنع‬
‫‪.‬‬
‫زعمت اهلند أن "املرأة احلسناء أرق ما تكون حماسنها وأدق وأعتق صبحة عرسها وأيام‬
‫نفاسها وىف البطن الثاىن من محلها" (‪. )1‬‬
‫ـ فما هى أنفع أوقات الجماع (‪ )1‬؟‬

‫(‪ )1‬عالمات النساء ألحمد بن سليمان المتوفى سنة (‪ ، )940‬بتصرف ‪.‬‬


‫(‬

‫(‪)1‬‬
‫ومن أنفع أوقات الجماع ما كان بعد االستيقاظ‪ S‬من النوم خاصة بعد صالة الفجر ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪158‬‬

‫ـ أنفع أوقات اجلماع ‪" :‬وأنفع اجلماع ما حصل بعد اهلضم‪ 7‬وعند اعتدال البدن ىف حره‬
‫وبرده ويبوسته ورطوبته وخالئه وامتالئه ‪ ،‬وضرره عند امتالء البدن‪ 7‬أسهل وأقل من ضرره‬
‫عند كثرة الرطوبة أقل منه عند اليبوسة وعند حرارته أقل منه برودته وإمنا ينبغى أن جيامع إذا‬
‫اشتدت الشهوة‪ 7‬وحصل االنتشار‪ 7‬التام الذى ليس عن تكلف وال فكر ىف صورة وال ونظر‬
‫متتابع وال ينبغى أن يستدعى شهوة اجلماع ويتكلفها وحيمل نفسه عليها وليبادر إليه إذا‬
‫هاجت به كثرة املىن واشتد شبقه ‪.‬‬
‫وليحذر‪ 7‬مجاع العجوز‪ 7‬والصغرية الىت ال يوطأ مثلها والىت ال شهوة هلا ‪ ،‬واملريضة ‪ ،‬والقبيحة‬
‫املنظر ‪ ،‬والبغيضة‪ ،‬فوطء هؤالء يوهن القوى‪ 7‬ويضعف اجلماع باخلاصية ‪ ،‬وغلط من قال من‬
‫األطباء ‪ :‬إن مجاع الثيب‪ 7‬أنفع من مجاع البكر وأحفظ للصحة ‪ ،‬وهذا من القياس الفاسد‪ 7‬حىت‬
‫رمبا حذر منه بعضهم ‪ ،‬وهو خمالف ملا عليه عقالء الناس وملا اتفقت عليه الطبيعة والشريعة ‪.‬‬
‫ـ وىف مجاع البكر من اخلاصية وكمال التعلق بينها وبني جمامعها وامتالء قلبها من حمبته‬
‫وعدم تقسيم هواها بينه وبني غريه ما ليس للثيب ‪ ،‬وقد قال النىب‪ ‬جلابر ‪" :‬أَاَل َتَز َّو ْجَت َها‬
‫ك وتُض ِ‬ ‫ك وتُاَل ِعبها وتُ ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ُك َها" (‪ ، )2‬وقد جعل اهلل سبحانه من كمال نساء‬ ‫ضاح ُك َ َ َ‬ ‫بِ ْكًرا تُاَل عبُ َ َ ُ َ َ َ‬
‫أهل اجلنة من احلور العني أهنن مل يطمثهن أحد قبل من جعلن له من أهل اجلنة وقالت‪ 7‬عائشة‬
‫ت َش َجرا مَلْ يُ ْؤ َكل ِمْن َها يِف‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ج‬ ‫و‬‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫للنىب‪" : ‬أَرأَيت لَو َنزلْت و ِاديا وفِ ِيه َشجرةٌ قَ ْد أُكِل ِ‬
‫م‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََْ ْ َ َ َ ً َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬مَلْ َيَتَز َّو ْج بِ ْكًرا‬ ‫ال يِف الَّ ِذي‪ 7‬مَلْ يُْرتَ ْع ِمْن َها َت ْعيِن أ َّ‬
‫َن َر ُس َ‬ ‫ت ُت ْرتِ ُع بَعِ َري َك قَ َ‬
‫أ َِّي َها ُكْن َ‬
‫َغْيَر َها" (‪. )1‬‬
‫ومجاع املرأة احملبوبة ىف النفس يقل إضعافه للبدن مع كثرة إستفراغه للمىن ومجاع البغيضة‬
‫حيل البدن ويوهن القوى‪ 7‬مع قلة استفراغه ومجاع احلائض حرام طبعاً وشرعاً فإنه مضر جداً‬
‫واألطباء قاطبة حتذر منه (‪. )2‬‬
‫ـ هل هناك جماع ضار ؟‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )2008\5‬ومسلم (‪. )176\4‬‬


‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬زاد المعاد (‪. )149\4‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪159‬‬

‫ـ الجواب ‪ :‬نعم "اجلماع الضار نوعان ‪ :‬ضار شرعاً وضار طبعاً ‪ ،‬فالضار شرعاً ‪ :‬حملرم وهو‬
‫مراتب بعضها أشد من بعض والتحرمي العارض منه أخف من الالزم كتحرمي اإلحرام والصيام‬
‫واالعتكاف وحترمي املظاهر منها قبل التكفري وحترمي وطء احلائض وحنو ذلك وهلذا ال حد ىف‬
‫هذا اجلماع ‪.‬‬
‫وأما الالزم فنوعان ‪ :‬نوع ال سبيل إىل حله البتة كذوات احملارم فهذا‪ 7‬من أضر اجلماع وهو‬
‫يوجب القتل حدا عند طائفة من العلماء كأمحد بن حنبل رمحة اهلل وغريه ‪.‬‬
‫والثاىن ما ميكن أن يكون حالالً كاألجنبية فإن كانت ذات زوج ففى وطئها حقان حق هلل‬
‫وحق للزوج فإن كانت مكرهة ففيه ثالثة حقوق وإن كان هلا أهل وأقارب يلحقهم العار‪7‬‬
‫بذلك صار فيه أربعة حقوق فإن كانت ذات حمرم منه صار فيه مخسة حقوق فمضرة هذا‬
‫النوع حبسب درجاته ىف التحرمي ‪.‬‬
‫ـ وأما الضار طبعاً فنوعان أيضاً ‪ :‬نوع ضار بكيفيته كما تقدم ‪ ،‬ونوع ضار بكميته‬
‫كاإلكثار منه فإنه يسقط القوة ويضر بالعصب وحيدث الرعشة والفاجل والتشنج ويضعف‬
‫البصر وسائر القوى ويطفىء احلرارة الغريزية ويوسع اجملارى وجيعلها مستعدة للفضالت‬
‫املؤذية ‪.‬‬
‫وأنفع أوقاته ما كان بعد اهنضام‪ 7‬الغذاء ىف املعدة وىف زمان معتدل ال على جوع فإنه‬
‫يضعف احلار الغريزى وال على شبع فإنه يوجب أمراضا شديدة وال على تعب وال إثر محام‬
‫وال استفراغ وال انفعال نفساىن كالغم واهلم‪ 7‬واحلزن وشدة الفرح ‪.‬‬
‫وأجود أوقاته بعد هزيع من الليل إذا صادف إهنضام الطعام مث يغتسل أو يتوضأ وينام عليه‬
‫وينام عقبة فرتاجع إليه قواه وليحذر احلركة والرياضة عقبة فإهنا مضرة جدا" (‪. )1‬‬
‫ـ فما هى مضار الجماع ؟‬
‫ـ "اعلم يرمحك اهلل أن مضرات اجلماع كثرية قيدنا هنا ما دعت إليه احلاجة وهى ‪ :‬النكاح‬
‫واقفاً يه ّد الركائب‪ ، 7‬ويورث الرعاش ‪ ،‬والنكاح على جنب يورث عرق النسا ‪ ،‬والنكاح‪7‬‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )254\4‬بتصرف ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪160‬‬

‫على الفطر قبل األكل يقطع الظهر ‪ ،‬ويقلل اجلهد ويضعف البصر ‪ ،‬والنكاح‪ 7‬ىف احلمام يورث‬
‫العمى ويضعف البصر ‪ ،‬وتطليع املرأة على الصدر‪ 7‬حىت ينزل املىن وهو ملقى على ظهره يورث‬
‫وجع الصلب ووجع القلب ‪ ،‬وإن نزل شئ من ماء املرأة ىف اإلحليل أصابه األرقان‪ 7‬وهى‬
‫التقلة ‪ ،‬وصد املاء عند نزوله يورث احلصى ويعمل الفتق ‪ ،‬وكثرة احلركة وغسل الذكر بقوة‬
‫عاجالً بعد اجلماع يورث احلمرة ‪ ،‬ووطء العجائز سم قاتل من غري شك ‪.‬‬
‫وكثرة اجلماع خراب لصحة األبدان ‪ ،‬ألن املىن ينزل من خالصة الغذاء كالزبد من اللنب ‪،‬‬
‫فإذا خرج الزبد فال فائدة ىف اللنب وال منفعة ‪ ،‬واملتولع‪ 7‬به يعىن النكاح من غري مكابدة ألكل‬
‫املعاجني والعقاقري واللحم والعسل والبيض وغري ذلك يورث له خصائل ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬تذهب قوته ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬يورث له قلة النظر إن سلم من العمى ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬يرىب له اهلزال ‪.‬‬
‫والرابعة ‪ :‬يرىب له رقة القلب ‪ ،‬إن هرب ال مينع وان طارد ال يلحق وان رفع ثقاًل أو عمل‬
‫شغالً يعىي ىف حينه ‪.‬‬
‫وتدبري ابن آدم ومنافعهم ومضراهتم جمموعة على سبيل االختصار ىف هذه األبيات ‪:‬‬
‫على مطعم من قبل فعل اهلواضم‪7‬‬ ‫ـوق إذا مــا شئــت إدخـال مطعم‬ ‫تـ ّ‬
‫فـال تبتلعـه فهـو شر املطاعم‬ ‫وكـل طعـام يعجــز السـن مضغـه‬
‫فتقـود نفسـك للبلـى بزمايـم‬ ‫وال تشـربـن علـى طعامـك عـاجـالً‬
‫وال حتبـس الفضالت عند اجتماعها ولـو كنـت بني املرهفات الصورام‪7‬‬
‫إذا ما أردت النـوم الـزم الزم‬ ‫وال سيمــا عنـد املنــام فـدفعهـا‬
‫ومـا ذاك إال عند نـزول العظائـم‬ ‫وجـدد علـى النفس الدواء‪ 7‬وشربـه‬
‫لصحـة األبـدان‪ 7‬أشـد الدعائـم‪7‬‬ ‫ووفـر علـى النفــس الدمـاء ألهنا‬
‫فإسرافنـا فـى الـوطء أقـوى اهلوادم‪7‬‬ ‫وال تك فـى وطء الكـواعب مسرفاً‬
‫ملـاء حياة مورق فـى األراحـم‪7‬‬ ‫ففــى وطئنــا داء ويكفيـك أن ــه‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪161‬‬

‫وإيــاك إيـاك العجـوز ووطئهـا فمـا هـى إال مثـل ســم األراقـم‪7‬‬
‫وحـافظ علـى هذى اخلصال وداوم‬ ‫وكـن مستحمـاً كل يوميـن مرة‬
‫(‪)1‬‬
‫بـذاك أوصــاك احلكيـم بيـادق أخـو الفضل واإلحسان خري األعاجم‬
‫ـ فهل هناك فوائد للجنس ؟‬
‫ـ نعم ‪ ،‬خيطئ كثري من الناس عند ظنهم أنه ال يتأتى من اجلنس إال الضرر‪ 7‬فقط ‪ ،‬وال فائدة‬
‫فيه ‪ ،‬كيف وقد شرع اهلل تعاىل اجلماع ؟! وهو تعاىل إمنا يُشِّرع لعباده ما فيه مصلحتهم‬
‫وسعادهتم ىف الدنيا‪ 7‬واآلخرة ‪ ،‬وقد دخل اجلنس معامل التحاليل وخضع للتجارب‬
‫والفحوصات‪ 7‬ىف حماولة من العلماء للبحث عن فوائد اجلنس ‪ ،‬ولقد‪ 7‬خرجت علينا التحاليل‬
‫واألشعات تبني لنا ما هى فوائد اجلنس املتعددة ‪ ،‬وما أغرب ما كشفت عنه األحباث ‪ :‬يقول‬
‫الدكتور مايكل كرجيليانو األستاذ بكلية طب بنلسفانيا عن العملية اجلنسية ‪ :‬أهنا نوع من‬
‫التمارين الرياضية ‪ ،‬ويصف كل حركة على حدة ‪ ،‬وكيف أهنا حركة عضلية مفيدة ‪ ،‬ويقول‬
‫‪ :‬إن جمموع هذه احلركات هو مبثابة جهد رياضى ممتع ‪ ،‬وميثلها باألهرامات ‪ ،‬وكيف إذا‬
‫نظرنا إىل كل حجر من أحجار األهرامات منفرداً على حدة لن ينبهر به الرائى ‪ ،‬ولكن إذا‬
‫نظرنا إليها نظرة شاملة كاملة انبهرنا هبذا التنظيم وغمرنا اإلعجاب ‪.‬‬
‫يقول الدكتور مايكل ‪ :‬إن من ميارس اجلنس ثالث مرات إسبوعياً بصفة منتظمة ‪ :‬حيرق (‬
‫‪ )7500‬سعر حرارى كل عام ‪ ،‬وهو ما يعادل املشى مسافة (‪ )75‬ميالً ! ‪.‬‬
‫سر تسمية الفرنسيني للحظة النشوة بـ "املوت الصغري" قالوا ‪ :‬ألنه يؤجل املوت‬ ‫وهذا هو ّ‬
‫الكبري ويطيل العمر ‪ ،‬بعكس اإلعتقاد السائد‪ 7‬بني الناس أن اجلنس يعجل بالشيخوخة واملرض‬
‫والضعف ‪ ،‬وذلك ألن اجلنس يقلل من نسبة الكولسرتول قليل الكثافة والذى ميثل خطراً على‬
‫الشرايني ‪ ،‬وهو ـ اجلنس ـ يكثر من نسبة الكولسرتول العاىل الكثافة ‪ ،‬فهو امليزان الذى يعاجل‬
‫النسبة بينهما ‪.‬‬

‫(‪ )1‬الروض العاطر للنفراوى ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪162‬‬

‫ويقول الدكتور‪ 7‬كارين دوهناى بكلية طب جامعة نورث ويسرتن ‪ :‬إن أى نوع من اجلهد‬
‫البدىن يسبب زيادة ىف هورمون "التستيسرتون" واجلنس ليس استثناء من ذلك وهذا اهلورمون‪7‬‬
‫يساعد مساعدة فعالة ىف بناء العظام والعضالت ‪ ،‬بعكس ما يظنه الكثري أن للجنس آثاره‬
‫اجلانبية على "العظام" وخاصة "املفاصل" ! ‪.‬‬
‫وهذا "اهلورمون" إذا زاد باملمارسة اجلنسية عند املرأة فإنه حيمي القلب وحيافظ‪ 7‬على‬
‫أعضائها التناسلية ويؤدى إىل حيوية األعضاء عامة ونشاط الدورة الدموية‪ 7‬عندها ! بل وهو‬
‫خيفف من األمل املصاحب للدورة الشهرية ! ‪.‬‬
‫ويقول الدكتور‪ 7‬بفرىل وهيبل األستاذ املساعد بكلية التمريض جامعة روجترز ‪ :‬توجد دالئل‬
‫كثرية على أنه أثناء اجلنس تنطلق مواد فعالة تُسمى "قاتلى األمل" ! وىف حلظة النشوة تزداد‬
‫درجة إحتمال اجلسم لألمل ‪ ،‬كما أن اجلنس يساعد على ختفيف أمل املفاصل (‪ ! )1‬والصداع !‬
‫وقال البعض عن ختفيف اجلنس للصداع ‪ :‬أن "مواد اإلندورفني" وخمففات األآلم الىت تنطلق‬
‫أثناء اجلماع هى املسئولة عن ختفيف الصداع ‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬إن الدم املتدفق أثناء اجلماع‬
‫وسرعته هى الىت ختفف الضغط‪ 7‬عن املخ وهو املسئول عن ختفيف الصداع ! ‪.‬‬
‫وقالوا‪ : 7‬ليس صحيحاً أن اجلنس هو املسئول عن أمل الربوستاتا‪ ، 7‬بل العكس هو الصحيح ‪،‬‬
‫ففى حلظة النشوة تضغط العضالت احمليطة بالربوستاتا عليها وكأهنا تعصرها عصراً لتفرغها من‬
‫السائل الذى سيصاحب السائل املنوى ! فهو ـ اجلنس ـ عامل مساعد لتحسن عمل الربوستاتا‬
‫وليس إضعافها ‪.‬‬
‫إىل غري ذلك الكثري مما كشفه العلم احلديث عن أثر اجلنس ىف حياة الناس وفوائده الكثرية ‪.‬‬

‫ـ هل هناك أمور يستحسن األخذ بها عند الجماع ؟‬


‫ـ فوائد عند الجماع ‪:‬‬

‫(‪ )1‬وليس كما يقال أنه يؤدى إلى ألم المفاصل وتعبها‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪163‬‬

‫ـ "اعلم يرمحك اهلل أنك إذا أردت اجلماع عليك بالطيب ‪ ،‬وان تطيبتما مجيعا كان أوفق‬
‫لكما (‪ ، )1‬مث تالعبها بوساً ومصاً وتقبيالً وتقليباً ىف الفراش ظهراً وبطناً حىت تعرف أن‬
‫الشهوة قد قربت ىف عينيها (‪ ، )2‬مث تدخل بني أفخاذها وتوجل أيرك ىف فرجها وتفعل ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك أروح لكما مجيعا وأطيب ملعدتك ‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬إذا أردت اجلماع الق املرأة إىل األرض‪ 7‬ولزها إىل صدرك‪ُ 7‬مقبّالً فيها ورقبتها‪7‬‬
‫مصاً وعضاً وبوساً ىف الصدر والبزازيل واألعكان واألخصار (‪ ، )3‬وأنت تقلبها مييناً ومشاالً ‪،‬‬
‫وتنحل ‪ ،‬فإذا رأيتها على تلك احلالة أوجل فيها أيرك ‪ ،‬فإذا فعلت ذلك‬‫ّ‬ ‫إىل أن تلني بني يديك‬
‫تأتى شهوتكما مجيعاً ‪.‬‬
‫وذلك مما يقرب الشهوة للمرأة ‪ ،‬وإذا مل تفعل ذلك مل تنل غرضاً وال تأتيها شهوة ‪ ،‬فإذا‬
‫قضيت حاجتك وأردت النزول فال تقع قائماً ولكن انزل عن ميينك برفق ‪.‬‬
‫وال تشرب عند فراغك من النكاح شربة من ماء السماء‪ 7‬فإنه يرخى القلب ‪ ،‬وإن أردت‬
‫املعاودة فتطهرا مجيعا فإن ذلك حممود ‪ ،‬وإياك أن تطلعها فوقك ‪ ،‬فإىن أخاف عليك من مائها‬
‫ودخوله ىف إحليلك ‪ ،‬فإن ذلك يورث املرض (‪ ، )4‬وال تصدن املاء فإن ذلك يورث الفتق‬
‫واحلصى ‪ ،‬واحلذر بعد اجلماع من شدة احلركة ‪ ،‬فإهنا مكروهة ‪ ،‬ويستحب‪ 7‬اهلدوء ساعة ‪،‬‬
‫وإذا أخرجت الذكر من الفرج فال تغسله حىت يهدأ قليالً‪ ،‬فإذا هدأ فاغسل عينه برفق رفقاً ‪،‬‬
‫وال تكثر غسل ذكرك وال خترجه عند الفراغ من اجلماع فتدلكه وتغسله وتفركه ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يورث احلمرة (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬والطيب من السحر المباح الذى يغفل عنه كثير من األزواج ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى أخذت فى الزوغان ‪ ،‬وكأنها تدمع ‪.‬‬
‫(‪ )3‬المراد جسم المرأة كله أعاله وأسفله ‪.‬‬
‫(‪ )4‬وهذه الصورة من الجماع تستلذ بها المرأة جداً ‪ ،‬ولكن ال تكثر منها وكن على حذر مما تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬الروض العاطر للنفراوى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪164‬‬

‫ـ وصية أم البنتها ‪ :‬أوصت أم ابنتها ـ قد جفاها زوجها وملَّها وهجر فراشها ـ ‪" :‬إين‬
‫أوصيك بوصية إن قبلتها سعدت ‪ ،‬قالت ‪ :‬وما هى ؟ فقالت‪ : 7‬انظرى إن هو مد يده إليك‬
‫فاخنرى واشخرى(‪ )2‬وأظهرى له إسرتخاء وفتوراً ‪.‬‬
‫وبرقى أجفان‬ ‫ٍ‬
‫وإن قبض على جارحة من جوارحك فارفعى‪ 7‬صوتك عمداً وتنفسى الصعداء ّ‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫عينيك ‪ ،‬فإذا أوجل إيره فأكثرى الغنج واحلركات اللطيفة ‪ ،‬واعطيه من حتته رهزاً‬
‫موافقاً لرهزه ‪ ،‬مث خذى يده اليسرى‪ 7‬فأدخلى حرفها بني اليتيك ‪ ،‬وضعى رأس إصبعه‬
‫الوسطى على باب إستك ‪ ،‬مث حتركى من حتته ‪ ،‬مث أعيدى النخري والشخري ‪ ،‬فإذا أحسست‬
‫بإفضائه فاضبطيه وعاطيه الرهز من أسفل بنخر وزفري ‪ ،‬وأظهرى من الكالم الفاحش املهيّج‬
‫للباه ما يدعو إىل قوة اإلنعاظ ‪ ،‬والصقى بطنك إىل بطنه وترافعى إليه ‪.‬‬
‫وإن دخل عليك يوماً وهو مغموم فتلقيه ىف ثوب رفيع مطيّب يُظهر بدنك من حتته ‪ ،‬مث‬
‫(‪)2‬‬
‫اعتنقيه (‪ )1‬والزميه وقبليه ودغدغيه واقرصيه وعضيه برفق ‪ ،‬ومشى صدره ‪ ،‬وتقاصرى‬
‫حتت إبطيه ‪ ،‬والصقى‪ 7‬هنديك جبسده وأكثرى النخري ‪ ،‬وخذى يده وأدخليها ىف كمك ‪،‬‬
‫وضعيها على بطنك ‪ ،‬مث ارفعيها إىل سنبلة صدرك‪ ، 7‬إىل بني ثدييك ‪ ،‬ودعيه يدغدغهما ‪ ،‬مث‬
‫ومرى هبا على سرتك وخواصرك ‪ ،‬مث انزليها إىل فرجك ‪ ،‬ودعيه يلعب به‬ ‫أنزليه إىل بطنك ‪ّ ،‬‬
‫كلعبك بإيره ‪ ،‬حىت تتجامع حركته وهتيج شهوته ‪ ،‬مث أدخلى حرفها بني اليتيك ‪ ،‬فإن‬
‫شعرت منه بالشهوة فبادرى إىل الفراش‪ 7‬واستلقى على ظهرك واكشفى بطنك وفرجك‬

‫(‪ )2‬وهذا الخلق تفتقده كثير من النساء ‪ ،‬والشخير والنخير بلطافة وبصوت خافت مما يثير الرجل ويزيد فى شهوة الرجل وغلمته ‪ ،‬وفى "كشاف القناع" (‪\5‬‬
‫‪" : )194‬وقال أبو الحسن بن القطان فى كتاب أحكام النساء ال يكره نخرها للجماع وال نخره ‪ ،‬وقال اإلمام مالك بن أنس ‪ :‬ال بأس بالنخر عند الجماع ‪ ،‬وأراد‬
‫سفها ً فى غير ذلك ‪ ،‬يعاب على فاعله" اهـ ‪ .‬قلت ‪ :‬فها هو اإلمام مالك على جاللته يتحدث فى أدق أمور الجماع ‪ ،‬والمراد أنه ال بأس فى نخر الرجل أو المرأة‬
‫عند الجماع ‪ ،‬ومن فعل ذلك فى غير موضعه فقد يوصف بالسفه ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكالم بالصوت الخافت الناعم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬الرهز ‪ :‬االهتنزاز ‪.‬‬
‫(‪ )1‬اعتناق المرأة للرجل من الخلف والصاقها ثدييها بظهره مما يزيد فى شهوته ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى ‪ :‬تجنبى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪165‬‬

‫وابرزى له عجيزتك ‪ ،‬واضرىب بيدك على فرجك (‪ )3‬وعلى ردفك (‪ )4‬فإنه ال ميلك نفسه وال‬
‫يهوى شيئاً غري مقاربتك ‪.‬‬
‫وعليك يا بنية باملاء فتنظفى به وبالغى ىف اإلستنظاف ‪ ،‬وكوىن أبداً معدة له مىت رأيته نظر‬
‫إليك أو قبّلك فافعلى ما أوصيتك به ‪.‬‬
‫تفقدى موضع أنفه وعينه ‪ ،‬فال يشم منك إال رحياً طيبة ‪ ،‬وال يقع عينه منك على قبيح‬
‫يُعاب ‪ ،‬فإذا أدخل إيره فأكثرى الغنج ‪ ،‬مث اخنرى واشخرى وارهزى فإن هو أمسك عن‬
‫الرهز فأكثرى أنت الرهز (‪. )1‬‬
‫ـ فإن قيل ‪ :‬إن هذا يشبه فعل الغانيات (‪ ، )2‬وهل هناك من النساء من تفعل هذا ؟‬
‫ـ دائماً ما نقول ‪ :‬ال حرج أن تكون املرأة غانية لزوجها ‪ ،‬فإذا مل جيد الزوج املتعة مع أهله‬
‫فأين يبحث عنها ‪ ،‬عند بائعات اهلوى‪ 7‬؟ أم يتخذ لنفسه عشيقة تروى ظمأه وشبقه ‪ ،‬إن هناك‬
‫كثري النساء ممن يفتقدن فن اجلماع مما ينفر الزوج ويدفعه إىل البحث‪ 7‬عن عشيقة أو بائعة‬
‫هوى ‪ ،‬هل هناك حرج ىف فعل املرأة كل ما يزيد ىف شهوة زوجها واستمتاعه بأهله ‪ ،‬وقد‬
‫أفضى بعضهم إىل بعض ‪ ،‬واطلع الرجل منها على ماال يطلع منها أبوها أو أخوها ! ‪.‬‬
‫ـ فإن قيل ‪ :‬هناك من تشعر باحلرج من هذا أو ختاف أن يظن هبا زوجها الظنون إن هى‬
‫فعلت ما جاء ـ مثالً ـ ىف وصية األم السابقة البنتها ‪ ،‬أو أظهرت لزوجها هذا التغنج واملتعة‬
‫أثناء اجلماع من تأوه وشخري وخنر وغري هذا مما تقدم ‪.‬‬
‫ـ أقول ‪ :‬وملَ احلرج وقد تقدم أن الرجل يطلع من زوجته على ما ال يطلع عليه األب أو‬
‫األخ ‪ ،‬وإن ظن الزوج هبا الظنون كما يقال فهذا مرجعه إىل الزوج وسوء طويته ‪ ،‬فالرجل‬
‫يتزوج الفتاة وهو يعرف أهنا ال تدرى شيئاً عن أمور اجلماع ‪ ،‬فيقوم هو بتعليمها وتدريبها‬
‫(‪ )3‬عن سعيد بن جبير أن رجالً قال البن عباس ‪ :‬إنى تزوجت ابنة عم لى جميلة فبنى لى فى رمضان فهل لى بأبى أنت وأمى إلى قبلتها من سبيل ؟ فقال له ‪:‬‬
‫ابن عباس هل تملك نفسك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬قبل ‪ ،‬قال ‪ :‬فبأبى أنت وأمى هل إلى مباشرتها‪ S‬من سبيل ؟ قال ‪ :‬هل تملك نفسك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فباشرها ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فهل لى إلى أن أضرب بيدى على فرجها من سبيل ؟ قال ‪ :‬وهل تملك نفسك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬اضرب ‪ .‬وهذه أصح طريق عن ابن عباس "المحلى" (‬
‫‪. )212\6‬‬
‫(‪ )4‬الضرب على أرداف المرأة مما يزيد فى شهوتها ويثيرها‪ ، S‬كما أن الضرب أعلى مؤخرتها‪( S‬نهاية العمود الفقرى) يعجل بإنزال ماءها ليتوافق مع انزال‬
‫الرجل ماءه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬الروض العاطر ‪ ،‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )2‬لقد استعملت اللفظة المشهورة على األلسنة وهى "الغانية" وإن كان الصواب أن يقال "البغى" فهناك فرق بينهما‪ S‬كبير ‪ .‬انظر لكاتب السطور ‪" :‬معترك‬
‫األقران فى ألفاظ القرآن" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪166‬‬

‫على فن اجلماع ـ ليستمتع‪ 7‬كل منهما باآلخر ـ وهو ال يبحث عن متعته فقط فيحيف على‬
‫حقها ‪ ،‬فإن ظن هبا الظنون كما يقال فلضيق أفقه ونفسه الغري سوية ‪.‬‬

‫ـ فماذا عن رقص الزوجة لزوجها ؟‬


‫ـ ال حرج ىف رقص املرأة لزوجها إذا مل يصاحب هذا الرقص "املوسيقى" فهى حرام ‪ ،‬وهلا‬
‫أن تستخدم "أشرطة" الكاسيت الىت يطلقون عليها "أشرطة إسالمية ‪ ،‬ففيها الغناء بالدف‬
‫‪،‬كما قيل ىل ‪ ،‬وهو أفضل من استخدامها‪ 7‬لكاسيت حيتوى على املوسيقى احملرمة ‪ ،‬وهو يفى‬
‫بالغرض املطلوب ‪ ،‬فال ترتكه إىل حرام ‪.‬‬
‫ـ هل حقاً يأثم الرجل إذا جامع امرأته ونظر إلى المرآة ـ أو هى ـ فى غرفةـ النوم مثالً‬
‫أثناء الجماع ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا كالم ال يصح ‪.‬‬
‫ـ سألتنى زوجة مرة أن زوجها ـ متزوج غيرها ـ يشتكى من برودها الجنسى ـ على قوله ـ‬
‫فجامع إحدى نسائه أمامها حتى يثيرها ! وتتعلم كيف تُمتع الزوجة األولى زوجها ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فتفعل مثلها ‪ ،‬فهل هذا يجوز؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬الجيوز ‪.‬‬
‫ـ زوج يشتكى برود زوجته أثناء الجماع ‪ ،‬فهل من حرج فى مشاهدة الزوجين لبعض‬
‫أشرطة الفيديو "الجنسية" حتى تستجيب الزوجة لزوجها أثناء الجماع ‪ ،‬أو لتعليمها ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬حادثتىن إحدى النساء يوماً ـ هاتفياً ـ أن زوجها يشتكى برودها اجلنسى فأشار‬
‫عليها بإحضار "شريط جنسى" لتشاهده الزوجة !! فسألت ‪ :‬هل يباح هلا هذا ؟‬
‫لك ولزوجك أن تشاهدى جارتك ـ مثالً ـ وهى ىف أحضان زوجها أثناء‬ ‫فقلت هلا ‪ :‬هل ِ‬
‫أنت وزوجك ذلك منهما ؟‬‫العملية اجلنسية ‪ ،‬فتشاهدي‪ِ 7‬‬

‫(‪ )1‬ثم رأيت فى كتاب المبدع (‪ )202\7‬مثلها ‪" :‬مسألة يجوز نوم الرجل مع زوجته بال جماع بحضرة محرمها لفعل النبى ‪ ‬وال يجامع إحداهما بحيث تراه‬
‫اإلخرى أو غيرها غير طفل ال يعقل أو يسمع حسهما ولو رضيتا وذكر المؤلف أن ذلك حرام ألن فيه دناءة وسقوط مروءة وربما كان وسيلة إلى وقوع‬
‫الرائية فى الفاحشة ألنها قد تثور شهوتها‪ S‬بذلك قال أحمد فى الذى يجامع امرأته واألخرى تسمع قال كانوا يكرهون الرجس وهو الصوت الخفى وال يحدثهما‪S‬‬
‫بما جرى بينهما‪ S‬ألنه سبب إليثارة‪ S‬الغيرة وبغض إحداهما األخرى" وانظر ‪ :‬الكافى (‪. )126\3‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪167‬‬

‫قالت ‪ :‬ال ‪ ،‬ال نستطيع عمل هذا ‪.‬‬


‫فقلت هلا ‪ :‬إذا كان هذا منكما ‪ ،‬والرجل واملرأة زوجني ‪ ،‬قد أحل اهلل تعاىل هلما ذلك ‪،‬‬
‫فكيف لكما أن تشاهدا ذلك من رجل وامرأة سفاحاً وزناً ؟! بل والرجل واملرأة من أهل‬
‫الكفر ! ‪.‬‬
‫فإذا كان ذلك كذلك فال جيوز من زوجك أن يشري عليك مبثل ذلك األمر الشنيع ‪ ،‬هذا‬
‫إىل غري األضرار الناجتة عن مشاهدة املرأة لتلك األفالم الىت تُعد أحد أسلحة حماربة اإلسالم‬
‫واملسلمني ‪ ،‬فاملرأة تشاهد الرجل "الوسيم" اجلميل املفتول العضالت الىت يطيل العملية اجلنسية‬
‫مع املرأة "احملرتفة" الدعارة فرتة كذا أو كذا‪ ، 7‬فتنقم على زوجها ضعفه مثالً أو عدم اطالة‬
‫زمن العملية اجلنسية كما شاهدت ىف تلك األفالم (وخيفى عليها أن تلك األفالم كغريها من‬
‫األفالم الىت تُصور على ـ شوطات ـ وفيها "املونتاج" قص ولصق تلك املناظر حىت تصبح الفرتة‬
‫اجلنسية طويلة زمن كذا‪ 7‬أو كذا) ناهيك عن مشاهدة الرجل أيضاً لنساء تلك األفالم‬
‫"احلسناوات" احملرتفات الداعرات "الكافرات" مما قد يدعوه إىل الزهد ىف زوجته لقلة مجاهلا‬
‫مثالً أو جهلها مبا تفعله نساء تلك األفالم ‪.‬‬
‫وضرر تلك األفالم أكرب وأشد وأخطر مما يظنه الكثري من الناس ‪ ،‬فمشاهدها ـ والعياذ باهلل‬
‫تعاىل ـ ينسحب من بني يديه ُخلق "احلياء" فرتاه ينظر إىل كل فتاة أو امرأة يتخيل منها مواضع‬
‫الفتنة كما شاهد فيشتهيها‪ ، 7‬فإما أن يقع ىف املعصية والزنا ‪ ،‬أو يتحول إىل االستمناء وله‬
‫أضراره الكثرية ‪ ،‬أو "يقذف" أثناء مشاهدة تلك األفالم دون أن ينتصب القضيب‪ 7‬االنتصاب‬
‫السليم مما يؤدى باجلسم إىل "االعتياد" على القذف ىف حالة معينة وعند ٍ‬
‫حد معني ‪ ،‬فال‬
‫ينتصب القضيب‪ 7‬انتصاب من هو ىف مثل سنه ممن مل يشاهد تلك األفالم أو ميارس تلك‬
‫العادة ‪ ،‬ناهيك عن أضرار تلك العادة السيئة ‪ ،‬كما سيأتى احلديث عنها وبيان بعض أضرارها‬
‫‪.‬‬
‫فى ؟‬
‫ـ فماذا عمن يقول أنى أشاهد تلك األفالم للتعلم أو للترفيه ‪ ،‬كما أنها التؤثر ّ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪168‬‬

‫ـ الجواب ‪ :‬نقول له ‪ :‬دعك من التربير األجوف وال تضحك على نفسك ‪ ،‬وال تدع‬
‫الشطيان يضحك منك ‪ ،‬وإليك هذه القاعدة اهلامة العظيمة والىت جيب أن تنقش مباء الذهب‬
‫"م ْن مَسِ َع بِالد َّ‬
‫َّج ِال َف ْلَيْنأَ َعْنهُ "(‪ ،)1‬فال تقرتب من‬ ‫ويضعها كل إنسان أمام عينه وهى قوله ‪َ : ‬‬
‫النار وتقول ‪ :‬لن أحرتق ! ‪.‬‬
‫جيب عليك أخى املسلم االبتعاد عن مشاهدة تلك األفالم وال تدع الشطيان يوسوس لك‬
‫مبشاهدهتا من أجل التعليم أو لربود الزوجة أو أل ي من الواسوس الشيطانية ‪.‬‬
‫وغامزت حتى وقعت على المرأة ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫لت‬
‫ـ ويسأل بعضهم ‪ :‬لقد وقعت فى الزنا – قبَّ ُ‬
‫وأريد أن أتطهر ‪ ،‬فما هو الحد ‪ ،‬علماً بأنى لم أتزوج بعد ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال حد على من قبَّل أو غامر أو فاخذ ‪ ،‬إمنا احلد على من وقع ىف الزنا وباشر‬
‫مباشرة كاملة ‪ ،‬روى البخارى‪ : 7‬عن ابن عباس ـ رضى اهلل عنهما ـ قال ‪" :‬لَ َّما أَتَى م ِ‬
‫اع ُز بْ ُن‬ ‫َ‬
‫ال ‪:‬‬‫ول اللَّ ِه ‪ ،‬قَ َ‬
‫ال ‪ :‬اَل يَا َر ُس َ‬
‫ت ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال لَهُ ‪ :‬لَ َعلَّ َ‬ ‫مالِ ٍ‬
‫ك النَّيِب َّ ‪ ‬قَ َ‬
‫ت أ َْو نَظَْر َ‬
‫ت أ َْو َغ َم ْز َ‬
‫ك َقَّب ْل َ‬ ‫َ‬
‫ك أ ََمَر بَِرمْجِ ِه" (‪. )3‬‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬فَعِْن َد َذل َ‬ ‫أَنِ ْكَت َها(‪ )2‬ـ اَل يَ ْكيِن ـ قَ َ‬
‫وحد احملصن (‪ )1‬هو الرجم ‪ ،‬وغري احملصن ‪ :‬اجللد ‪.‬‬
‫ولكن عليك التوبة النصوح‪ 7‬بشروطها (‪. )2‬‬
‫ـ سرعة القذف بين العلة والعالج ‪:‬‬
‫ـ يعـانى كثـير من األزواج من علة سـرعة القـذف ‪ ،‬وهو مما يقلل من اسـتمتاع الـزوجين‬
‫معاً ‪ ،‬بل قد يؤدى فى بعض األحيان إلى مفترق الطريق ‪ ،‬فهل لهذا من عالج ؟‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )116\4‬وأحمد (‪ )441 ، 431\4‬والطبرانى وغيرهم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال األزهرى فى تهذيب‪ S‬اللغة قال ‪ :‬الليث النيك معروف والفاعل نايك والمفعول به منيوك ومنيك‪ S‬واألنثى منيوكة ‪ .‬تهذيب‪ S‬األسماء(‪" ، )350\3‬وعند‬
‫النسائى على ما قال الحافظ ‪ :‬هل أدخلته وأخرجته ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬كما يغيب ال ِمرود ـ بكسر الميم – الميل فى المكحلة ‪ ،‬قال فى القاموس ‪ :‬المكحلة ما فيه الكحل‬
‫وهو أحد ما جاء من األدوات بالضم ‪ ،‬والرشاء بكسر الراء ‪ ،‬قال فى القاموس ‪ :‬الرشاء ككساء الحبل ‪ ،‬وفى هذا من المبالغة فى االستثبات واالستفصال ما‬
‫ليس بعده فى تطلب بيان حقيقة الحال فلم يكتف بإقرار المقر بالزنا بل استفهمه بلفظ ال أصرح منه فى المطلوب وهو لفظ "النيك "الذى كان يتحاشى عن التكلم‬
‫به فى جميع حاالته ولم يسمع منه إال فى هذا الموطن ‪ ،‬ثم لم يكتف بذلك بل صوره "تصويراً حسيا ً "وال شك أن تصوير الشئ بأمر محسوس أبلغ فى‬
‫االستفصال من تسميته بأصرح أسمائه وأدلها عليه" ‪" ،‬عون المعبود" (‪. )72\12‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخارى (‪ ، )2502\6‬ولم يستعمل النبى ‪ ‬هذا اللفظ إال هذه المرة وفي هذا الموضع لدرء الح ّد ‪ ،‬فتأمل‬
‫(‪ )1‬المتزوج ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪" :‬القول األسنى فى شرح أسماء هللا الحسنى" لكاتب السطور "اسم هللا تعالى ‪ :‬التواب" ط ‪ :‬مكتبة العلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪169‬‬

‫ـ الجواب ‪ :‬يعاىن كثري من الشباب حديثى الزواج‪ – 7‬بل وكثري من املتزوجني ـ من علة سرعة‬
‫القذف مما يسبب ـ إن مل يكن من أهم األسباب الرئيسية ىف فشل احلياة الزوجية عند الكثري ـ‬
‫متاعب مجة للرجل واملرأة على حد سواء ‪ ،‬فالرجل ال يستمتع باملعاشرة الزوجية لفرتة طويلة‬
‫تروى ظمئه وعطشه وتغنيه عن النظر إىل احلرام ‪ ،‬مث هو يرتك زوجته ومل تقضى وطرها بعد‬
‫فيرتكها دون قضاء شهوهتا مما يؤثر كثرياً‪ 7‬على نفسيتها وحياهتا ‪.‬‬
‫فبعض الرجال يقذف مبجرد تالقى اخلتانان ‪ ،‬حىت إن زوجته ـ وبعد سنوات من الزواج‪ 7‬ـ‬
‫إذا طلبا منها أحد أشكال اجلماع رفضت‪ ، 7‬ألهنا وعيت أنه مبجرد التالمس سيقذف فكأهنا‬
‫تقول ‪ :‬وملا الشكل الفالىن مادام مبجرد املالمسة للفرج سيقذف ‪ ،‬وهذا بدوره يثري الكثري من‬
‫املشاكل اجلنسية ويتبع هذا وينعكس على حياهتا الزوجية بصفة عامة ‪.‬‬
‫وقد يكون هذا ناجتاً من علة مرضية أو نفسية ‪ ،‬فإن كان من علة مرضية فعليه بالطبيب ‪،‬‬
‫اهلم مثالً ‪ ،‬فعليه أن يصرف ذهنه عن هذا أثناء اجلماع ‪،‬‬ ‫وإن كان من علة نفسية كاألرق أو ّ‬
‫وليعلم أن لزوجه عليه حق ‪ ،‬فليعط كل ذى حق حقه ‪.‬‬
‫ـ وقد لجأ بعضهم إلى بعض الحيل إلطالة فترة الجماع ‪:‬‬
‫ـ فمنهم من يصرف ذهنه أثناء املداعبة أو املعاشرة إىل التفكري ىف شئ آخر كمن يقوم بالعد‬
‫حل املسائل احلسابية املعقدة ‪.‬‬
‫من واحد إىل مائة عكسياً ‪ ،‬أو ّ‬
‫ـ ومنهم من يصرف نظره عن النظر إىل جسد زوجته ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يستعمل بعض املراهم املخدرة ـ كمرهم ترونفال ـ على عضو الذكورة ليقلل‬
‫اإلحساس به أثناء اإليالج مما يطيل حتماً فرتة اجلماع ‪ ،‬وهذا من أفضل الطرق إلطالة فرتة‬
‫اجلماع ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يدع زوجه تداعب عضوه وتالعبه حىت إذا انتصب وشعر بقرب اإلنزال طلب‬
‫منها التوقف ‪ ،‬فإذا هدأ قليالً بعد حلظات عاودت الزوجة مداعبة العضو‪ 7‬مرة أخرى وهكذا‬
‫حىت يتعود اجلسم والعقل على هذا فيكون سبباً ىف تأخر القذف مما يطيل حتماً فرتة اجلماع ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪170‬‬

‫ـ ومنهم أيضاً من إذا شعر بقرب اإلنزال أثناء اإليالج توقف عن احلركة ‪ ،‬فيهدأ العضو‪ 7‬قليالً‬
‫‪ ،‬مث يعاود ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من إذا شعر بقرب اإلنزال أثناء اجلماع بدأ ىف تغيري شكل اجلماع ‪ ،‬مث عاود ‪ ،‬مث‬
‫إذا شعر بقرب اإلنزال مرة أخرى ‪ ،‬توقف وتغري شكل اجلماع ‪ ،‬وىف أثناء هذا يكون العضو‬
‫قد نال بعض الراحة فيقلل من تدفق الدم‪ 7‬إليه مما يطيل حتما فرتة اجلماع ‪ ،‬ويُكثر من تغيري‬
‫شكل اجلماع مما يزيده متعة للزوجني معاً ‪.‬‬
‫فإن أهم أسباب سرعة القذف هو تدفق الدم إىل األوعية والشرايني بالعضو وامتالئه هبا من‬
‫االحتكاك الناتج من املداعبة أو اإليالج ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يكثر من مداعبة الزوجة وتقبيلها بدءاً بشفتيها مث ال يكتفى هبما … مما يثري‬
‫املرأة وجيعلها على أهبة االستعداد‪ 7‬لإلنزال فإذا شعر منها هذا أوجله فيها ‪ ،‬وعندها طالت‬
‫الفرتة أم قصرت ال تعرها كثري من النساء اهتماماً فإهنا تقضى وطرها مع زوجها ‪ ،‬بل‬
‫سيكون سبباً ىف إنزاهلما معاً مما يشعرمها بالسعادة واملتعة ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يكثر من مداعبة بظر املرأة ـ وهو من أهم املناطق حساسية عند املرأة وإثارة هلا ـ‬
‫وباطن الفخذين ‪ ،‬والضرب على أعلى مؤخرة املرأة (هناية العمود الفقرى‪ 7‬وأعلى املؤخرة) ‪،‬‬
‫أو يُكثر من التقبيل وهو يلصق عظمة ساقه بفرج املرأة فيزيد ىف غلمتها ‪ ،‬مما يعجل هلا‬
‫باإلنزال ‪ ،‬فتكون ىف شوق إىل املعاشرة واجلماع ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يطيل املداعبة والتقبيل والغمز‪ 7‬ـ من الرجل واملرأة معاً ـ مث يتوقف قليالً للحديث‬
‫معها بكلمات احلب واإلعجاب ‪ ،‬مث يعاود مرة أخرى ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يستعمل الغشاء الواقى مما يقلل من حساسية اجللد (لعضو الرجل) مما يزيد ىف‬
‫فرتة املعاشرة اجلنسية ‪.‬‬
‫ـ ومنهم من يلجأ إىل النسبة والتناسب‪ ، 7‬أى أنه يعلم من نفسه أنه يقذف بعد مخس دقائق ـ‬
‫مثالً ـ بينما زوجته تصل إىل شهوهتا بعد عشر دقائق ـ مثالً ـ فيأخذ ىف املداعبة واملالعبة والضم‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪171‬‬

‫والتقبيل مخس دقائق مثالً ‪ ،‬حىت إذا وصلت املرأة إىل حالة الشوق إىل املعاشرة بدأ اإلبالج ‪،‬‬
‫مث بعد مخس دقائق تلتقى شهوة الرجل واملرأة معاً فيكون االستمتاع واإلنزال معاً ‪.‬‬
‫ـ فماذا عن التقاء الشهوتين للرجل والمرأة ‪ ،‬اذ يشكو الكثير وقد مرت عليه سنوات‬
‫الزواج ‪ ،‬ولم تلتق الشهوتان معاً رغم مرور السنوات ‪ ،‬وقد ال يتفق الزوجان في اإلنزال‬
‫معاً ؟‬
‫اجلواب ‪ :‬من املقرر أن املرأة أسرع إث‪77‬ارة وإن‪7‬زاالً من الرجل ‪ ،‬وقد تق‪77‬ذف قبل الرجل ‪ ،‬ومنهن‬
‫من تق ‪77‬ذف املاء م ‪77‬رة أو أك ‪77‬ثر أثن ‪77‬اء اجلم ‪77‬اع ‪ ،‬ومنهن من تت ‪77‬أخر يف اإلن ‪77‬زال ‪ ،‬ومن الرج ‪77‬ال من‬
‫يعاىن سرعة القذف كما تقدم ‪ ،‬فينزل قبل أن تاتى املرأة ش‪77‬هوهتا ‪ ،‬فيقضى ش‪77‬هوته مث يرتكها ‪،‬‬
‫دون مراع‪77‬اة منه ملش‪77‬اعر زوجته ‪ ،‬ومن كم‪77‬ال اس‪77‬تمتاع الرجل وزوجته توافق ال‪77‬نزول ‪ ،‬وميكن‬
‫هلما هذا اذا شعر الزوج بقرب اإلن‪77‬زال أوحى إىل زوجته هبذا‪ ، 7‬ض‪77‬ربأ كما تق‪77‬دم على مؤخرهتا‬
‫مثالً أو حنو ه‪77 7 7‬ذا ‪ ،‬أو مهس ‪7 7 7‬اً ‪ ،‬فتت‪77 7 7‬أهب الزوجة هلذا وهو ي‪77 7 7‬ؤدى ب‪77 7 7‬دوره إىل إثارهتا مما جيعلها‬
‫تق‪77‬ذف معه ‪ ،‬وقد تطلب من زوجها الت‪77‬أخر قليالً يف اإلن‪77‬زال فيتوقف ال‪77‬زوج عن احلركة ـ كما‬
‫تقدم ـ مث يعاود حىت تتفق الشهوتان‪ 7‬ويكمل االستمتاع ‪.‬‬
‫ـ ما هى أماكن اإلثارة عند المرأة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن أكثر املواضع‪ 7‬إثارة عند املرأة ‪ :‬الشعر وأطرافه خاصة ‪ ،‬الشفاه ‪ ،‬الثدى ‪،‬‬
‫السرة وما حوهلا ‪ ،‬أسفل السرة ‪ ،‬البظر ‪ ،‬وباطن الفخذين‪ ، 7‬واألرداف ‪.‬‬
‫ـ فما هى مواضع اإلثارة عند الرجل ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬أما مواضع‪ 7‬اإلثارة عند الرجل فهى ‪:‬خلف األذن ‪ ،‬أسفل الرقبة ‪ ،‬الشفاه ‪،‬‬
‫حلمة الصدر ‪ ،‬أسفل السرة ‪ ،‬أعلى الفخذ من الداخل‪ ،‬واألرداف ‪.‬‬
‫ـ فإذا أراد العود للجماع ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬الوضوء ملن أراد أن يعاود اجلماع ‪:‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪172‬‬

‫ِ‬
‫روى مسلم ىف صحيحه عن أىب سعيد اخلدرى‪ 7‬قال ‪" :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬إ َذا أَتَى أ َ‬
‫َح ُد ُك ْم‬
‫وف َعلَى نِ َسائِِه بِغُ ْس ٍل‬
‫ضأْ" ‪ ، )1‬وعن أنس ‪" :‬أن النىب ‪َ ‬كا َن يَطُ ُ‬
‫(‬
‫أ َْهلَهُ مُثَّ أ ََر َاد أَ ْن َيعُ َ‬
‫ود َف ْليََت َو َّ‬
‫اح ٍد" (‪. )2‬‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫ـ يقع كثير من الرجال فى خطأ الصمت والخرس بعد الجماع ‪ ،‬فماذا تقول لهم ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن احلديث بعد اجلماع له أمهية عظيمة ‪ ،‬فكثري من األزواج‪ 7‬إمنا يتحدث فقط قبل‬
‫اجلماع ‪ ،‬وأما استعمال ذلك بعد قضاء الوطر فهو ىف النهاية القصوى ىف الظرف ‪ ،‬ألن‬
‫السكوت عقب ذلك رمبا خُي جل ومُي يت النشاط ‪ ،‬وفيه دليل على الندم‪ ، 7‬وليس من اخللق‬
‫اجلميل واألدب الشريف أن يرى املعشوق عاشقه (الزوجني) نادماً على ما ناله منه ‪ ،‬وإذا‬
‫كان ذلك على ما وصفناه فعود اإلنسان على ما كان عليه من الفكاهة وامللق واألنس‬
‫وأدل على ظرفه وأحسن لعقله ‪ ،‬فإن زاد ىف الثاىن على ما كان عليه‬ ‫واالستبشار أكمل ألدبه ّ‬
‫أوالً كان أزيد لفضله (‪ ، )1‬وقد قال الشاعر ‪:‬‬
‫إذا فــرغنا مــن العمــل‬ ‫اسرتحنـا مــن اخلجــل‬
‫رى مــن اخلمـش وال ُقبـل‬ ‫ذهبــت حشمـة العــذا‪7‬‬
‫والشاهد لصحة قولنا أن الذين تكلموا ىف طبائع احليوان زعموا‪ 7‬أن للحمام ىف مِج اعه خلة‬
‫يشرف هبا على اإلنسان ألنه ال يعرتيه ىف الوقت‪ 7‬أذى يعرتى أنكح الناس من الفتور‪ 7‬بل يفرح‬
‫وميرح ويضرب جبناحيه ويفع صدره ويبدو منه ما يفوق به اإلنسان الذى شهوته أقوى وأدوم‬
‫‪ ،‬وهو مبا فيه من القوة املميزة أقدر على التخلق مبا يريده من األخالق املستحسنة فال جيد ىف‬
‫الغاية القصوى من التصنع‪ 7‬والتغزل والنشاط‪ ، 7‬بل إذا فرغ يركبه الفتور والكسل ويزول‬
‫النشاط واملرح ‪ ،‬واحلمام أنشط ما يكون وأمرح وأقوى ىف ذلك احلال الذى يكون اإلنسان‬
‫فيه أدبر ما يكون وأفرت (‪. )2‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه صحيح مسلم (‪. )1/249‬‬
‫(‪ )2‬السابق ‪.‬‬
‫(‪ )1‬وهذا الخلق يكاد أن يكون مفتقداً تماما ً بين أكثر األزواج ‪ ،‬فإذا قضى الرجل وطره "سقط " من فوق زوجته بال حراك او كالم ‪ ،‬ثم يوليها ظهره وكأنه ال‬
‫يعرفها !!! ‪.‬‬
‫وكثيراً ما تشتكى الزوجات من هذا األمر ‪ ،‬حتى تشعر المرأة وكأن زوجها إنما تقرب إليها وحدثها لهذا األمر فقط ‪ ،‬فإذا قضى وطره وشهوته تحول عنها‬
‫ووالها قفاه !!!! ‪.‬‬
‫(‪ )2‬عالمات النساء ألحمد بن سليمان المتوفى سنة (‪ ، )940‬بتصرف ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪173‬‬

‫ـ وبعد المعاشرة الجنسية بين الزوجين ‪ ،‬هل يجب تعجيل الغسل أو تأخيره ؟‬
‫ال َه ْل‬‫اسَت ْفىَت النَّيِب َّ ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ْ‬ ‫ـ الجواب ‪ :‬روى اإلمام مسلم ىف صحيحه عن ابن عمر ‪" :‬أ َّ‬
‫َن عُ َمَر‬
‫ضأْ مُثَّ لَِينَ ْم َحىَّت َي ْغتَ ِس َل إِ َذا َشاءَ " (‪. )3‬‬ ‫ال َن َع ْم لِيََت َو َّ‬
‫ب قَ َ‬ ‫َح ُدنَا َو ُه َو ُجنُ ٌ‬ ‫َينَ ُام أ َ‬
‫صيبُهُ َجنَابَةٌ ِم َن اللَّْي ِل َف َق َ‬ ‫اب لِرس ِ‬
‫ول اللَّ ِه ‪‬أَنَّه تُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال لَهُ‬ ‫ُ‬ ‫وعن ابن عمر قال ‪" :‬ذَ َكَر عُ َم ُر بْ ُن اخْلَطَّ(‪ُ َ )4‬‬
‫ضأْ َوا ْغ ِس ْل ذَ َكَر َك مُثَّ مَنْ " ‪.‬‬ ‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬ت َو َّ‬‫َر ُس ُ‬
‫وعن عبد اهلل بن أىب قيس قال ‪" :‬سألت عائشة عن وتر رسول اهلل ‪ ‬فذكر احلديث ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ُك ُّل‬ ‫صنَ ُع يِف اجْلَنَابَة أَ َكا َن َي ْغتَس ُل َقْب َل أَ ْن َينَ َام أ َْم َينَ ُام َقْب َل أَ ْن َي ْغتَس َل ؟ قَالَ ْ‬ ‫ف َكا َن يَ ْ‬ ‫ت َكْي َ‬‫ُق ْل ُ‬
‫ت احْلَ ْم ُد لِلَّ ِه الَّ ِذي َج َع َل يِف اأْل َْم ِر َس َعةً‬‫ضأَ َفنَ َام ُق ْل ُ‬ ‫ك قَ ْد َكا َن َي ْف َع ُل ُرمَّبَا ا ْغتَ َس َل َفنَ َام َو ُرمَّبَا َت َو َّ‬ ‫ِ‬
‫ذَل َ‬
‫" (‪. )1‬‬
‫ـ فإن لم يستطع الغسل ‪ ،‬فهل له الوضوء ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬مستحب أن ال ينام الرجل أو املرأة جنبني إال أن يتوضأ ‪ ،‬فقد صح عن أم‬
‫ِ‬
‫ب َغ َس َل‬ ‫املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ أهنا قالت‪َ " : 7‬كا َن النَّيِب ُّ ‪ ‬إ َذا أ ََر َاد أَ ْن َينَ َام َو ُه َو ُجنُ ٌ‬
‫ضأَ لِلصَّاَل ِة" (‪. )2‬‬ ‫َف ْر َجهُ َوَت َو َّ‬
‫ـ وليس هذا على الوجوب ‪ ،‬إمنا هو لإلستحباب ‪ ،‬حلديث عمر املتقدم وقوله‪ ‬فيه ‪َ " :‬ن َع ْم‬
‫ضأْ مُثَّ لَِينَ ْم َحىَّت َي ْغتَ ِس َل إِ َذا َشاءَ " ‪ ،‬كما صح عن أمنا أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها‬ ‫لِيََت َو َّ‬
‫ـ أهنا قالت ‪" :‬كان رسول اهلل ‪ ‬ينام وهو جنب من غري أن ميس ماء (حىت يقوم بعد ذلك‬
‫فيغتسل) " (‪. )3‬‬
‫وم َفَي ْغتَ ِس ُل‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وعنها أيضاً أهنا قالت ‪َ " :‬كا َن النَّيِب ‪ ‬يبِيت جنُبا َفيأْتِ ِيه بِاَل ٌل َفيؤ ِذنُه بِالصَّاَل ِ‬
‫ة‬
‫َ ُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ُّ َ ُ ُ ً َ‬
‫صاَل ِة الْ َف ْج ِر ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ت‬
‫ف ‪َ :‬ف ُق ْل ُ‬ ‫ال ُمطَِّر ٌ‬ ‫ص ْوتَهُ يِف َ‬ ‫فَأَنْظُُر إِىَل حَتَ ُّد ِ‪7‬ر الْ َماء م ْن َرأْسه مُثَّ خَي ُْر ُج فَأَمْسَ ُع َ‬
‫ِ ِ‬
‫ضا ُن َو َغْي ُرهُ َس َواءٌ" (‪. )5‬‬ ‫ال ‪َ :‬ر َم َ‬‫ضا َن ؟ قَ َ‬ ‫ل َعام ٍر ‪ :‬أَيِف َر َم َ‬

‫(‪ )3‬أخرجه مسلم (‪. )249\1‬‬


‫(‪ )4‬أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود وابن ماجة والنسائى فى العشرة وغيرهم ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أحرجه أحمد وابن أبى شيبة وأبو يعلى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪174‬‬

‫ـ قلت ‪ :‬وىف هذا احلديث بيان أن هذا احلكم جيرى على الرجل واملرأة سواء أصبح الرجل‬
‫صائماً أو غري صائم ىف رمضان أو غريه ‪.‬‬
‫ـ ولكن اإلغتسال أفضل ‪ :‬وللرجل واملرأة أن يغتسال قبل النوم أفضل حلديث عبد اهلل بن‬
‫صنَ ُع يِف اجْلَنَابَِة أَ َكا َن َي ْغتَ ِس ُل َقْب َل أَ ْن َينَ َام أ َْم َينَ ُام َقْب َل أَ ْن‬ ‫ف َكا َن يَ ْ‬ ‫ت َكْي َ‬‫قيس ‪ ‬أنه قال ‪ُ " :‬ق ْل ُ‬
‫ت احْلَ ْم ُد لِلَّ ِه‬
‫ضأَ َفنَ َام ُق ْل ُ‬‫ك قَ ْد َكا َن َي ْف َع ُل ُرمَّبَا ا ْغتَ َس َل َفنَ َام َو ُرمَّبَا َت َو َّ‬ ‫ِ‬
‫ت ُك ُّل َذل َ‬ ‫ِ‬
‫َي ْغتَس َل ؟ قَالَ ْ‬
‫الَّ ِذي َج َع َل يِف اأْل َْم ِر َس َعةً " (‪. )1‬‬
‫ال‬‫ات َي ْوٍم َعلَى نِ َسائِِه َي ْغتَ ِس ُل ِعْن َد َه ِذ ِه َو ِعْن َد َه ِذ ِه قَ َ‬ ‫اف َذ َ‬ ‫وروى أبو داود أن النىب ‪": ‬طَ َ‬
‫ب َوأَطْ َه ُر " (‪. )2‬‬ ‫ول اللَّ ِه أَاَل جَتْعلُه غُساًل و ِ‬
‫ال َه َذا أ َْز َكى َوأَطْيَ ُ‬ ‫اح ًدا قَ َ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫ت لَهُ يَا َر ُس َ‬‫ُق ْل ُ‬
‫ـ فما هى كيفية االغتسال ؟‬
‫ـ كيفية الغسل ‪:‬‬
‫‪ ㄹ-‬يبدأ املغتسل أوالً بغسل الكفني ثالث مرات ‪.‬‬
‫‪ ㅁ-‬غسل الفرج من اإلمام واخللف ـ باليد اليسرى‪ )3( 7‬ـ جيداً ‪.‬‬
‫‪ ㅂ-‬الوضوء كوضوء الصالة ‪ ،‬مع مالحظة احملافظة على الوضوء من نواقضه ‪ ،‬وعدم مس‬
‫الفرج بأى من اليدين ‪.‬‬
‫‪ ㅅ-‬ختليل شعر الرأس باألصابع‪ 7‬ثالث مرات ‪ ،‬وهو أن يبلل الرجل يديه باملاء مث خيلل شعره‬
‫بأصابعه ‪ ،‬أى أن ميرر أصابعه خالل شعره ‪.‬‬
‫‪ ㅇ-‬صب ثالث حفنات ـ ملء الكفني ـ ماء على الرأس ‪ ،‬حىت تبتل فروة الرأس جيداً‪.‬‬
‫‪ ㅈ-‬غسل اجلانب األمين من اجلسم ‪ ،‬يبدأ بالشق األعلى مث األسفل ‪ ،‬مع مالحظة عدم مس‬
‫الفرج كما تقدم للحفاظ على الوضوء ‪.‬‬
‫‪ ㅊ-‬غسل اجلانب األيسر من اجلسم ‪ ،‬بدأ بالشق األعلى مث األسفل ‪.‬‬
‫غمر اجلسم باملاء جيداً ‪.‬‬ ‫‪ㅋ-‬‬

‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬


‫(‪ )2‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو داود ‪ ،‬والنسائى فى العشرة وغيرهما ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فقد ورد النهى عن مس الذكر باليمين ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪175‬‬

‫‪ ㅌ-‬مع مالحظة االعتناء بغسل اإلبط والسرة وخلف الركبة ‪ ،‬بعدها خيرج املغتسل إىل‬
‫صالته دون احلاجة إىل الوضوء مرة أخرى ‪.‬‬
‫ـ روى مسلم يف صحيحه يف كيفية اغتساله ‪": ‬إِ َذا ا ْغتَ َس َل ِم َن اجْلَنَابَِة َيْب َدأُ َفَي ْغ ِس ُل يَ َديْ ِه مُثَّ‬
‫َصابِ َعهُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ضوءَهُ للصَّاَل ة مُثَّ يَأْ ُخ ُذ الْ َماءَ َفيُ ْدخ ُل أ َ‬ ‫ضأُ ُو ُ‬ ‫يُ ْف ِرغُ بِيَ ِمينِ ِه َعلَى مِش َالِِه َفَي ْغ ِس ُل َف ْر َجهُ مُثَّ َيَت َو َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اض َعلَى‬ ‫ث َح َفنَات مُثَّ أَفَ َ‬ ‫استَْبَرأَ َح َف َن َعلَى َرأْ ِس ِه ثَاَل َ‬ ‫َّع ِر َحىَّت إِ َذا َرأَى أَ ْن قَد ْ‬ ‫ُصول الش ْ‬
‫يِف أ ِ‬
‫ُ‬
‫َسائِِر َج َس ِد ِه مُثَّ َغ َس َل ِر ْجلَْي ِه "‬
‫وال فرق بني الرجل واملرأة ىف الغسل من اجلنابة ‪ ،‬وروى مسلم عن أم سلمة قالت ‪" :‬إِيِّن‬
‫ال ‪ :‬اَل إِمَّنَا‬ ‫ض ِة َواجْلَنَابَِة " قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امرأَةٌ أَش ُّد ض ْفر رأْ ِسي فَأَْن ُق ِ‬
‫ضهُ لغُ ْس ِل اجْلَنَابَة ؟ ويف رواية ‪ ":‬ل ْل َحْي َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ َ َ َ‬
‫يض َ ِ‬ ‫ات ‪ ،‬مُثَّ تُِف ِ‬ ‫ث حَثي ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين" (‪. )1‬‬ ‫ني َعلَْيك الْ َماءَ َفتَطْ ُه ِر َ‬ ‫يَ ْكفيك أَ ْن حَتْث َي َعلَى َرأْسك ثَاَل َ َ َ‬
‫أما اغتسال املرأة من احليض فقد اختلف أهل العلم ىف وجوب نقضها لشعر رأسها ‪،‬‬
‫والصحيح أهنا ال تنقض شعر رأسها حلديث مسلم السابق ‪ ،‬وىف رواية له ‪" :‬أفأنقضه للحيض‬
‫واجلنابة…" ‪.‬‬
‫ـ ويسأل بعضهم (‪ : )2‬جامعت زوجتى فى ثوب ‪ ،‬ثم بعد الجماع ارتديت ذلك الثوب‬
‫مرة أخرى بعد الغسل ‪ ،‬فهل يجوز هذا منى ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال حرج ىف هذا ‪ ،‬إذا مل يصب الثوب جناسة من املذى ‪ ،‬وإال فعليه غسل موضع‬
‫النجاسة فقط أو نضحه باملاء ‪ ،‬وإن أصاب جسمك "العرق" فاملسلم ال ينجس ‪ ،‬أما إذا‬
‫أصابه "املىن" فعليك بغسله مكانه أو فركه بعد أن جيف (‪. )3‬‬
‫ـ ما هو الفرق بين المذى والودى والمنى ؟‬
‫ـ أما املذى ‪ :‬فماء أبيض رقيق خيرج عند التفكري ىف األمور اجلنسية أو مالعبة الزوجة ‪،‬‬
‫وجيب منه الوضوء ال الغسل ‪ ،‬ونضح مكانه من الثياب باملاء ‪.‬‬
‫ـ وهنا ننبه إىل كثرة مداعبة الزوج أهله عند إزالة أو فض البكارة مما يزيد ىف شهوة الزوج‬
‫ويكون نزول املذى ‪ ،‬فمن مهامه تسهيل اإليالج ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم (‪. )259\1‬‬


‫(‪ )2‬وهو أستاذ بإحدى الجامعات المصرية ‪.‬‬
‫(‪ )3‬وفى المغنى (‪" : )228\7‬ويستحب‪ S‬للمرأة أن تتخذ خرقة تناولها الزوج بعد فراغه فيتمسح بها ‪ ،‬فإن عائشة قالت ‪ :‬ينبغى‪ S‬للمرأة إذا كانت عاقلة أن تتخذ‬
‫خرقة ‪ ،‬فإذا جامعها زوجها ناولته فمسح عنه ثم تمسح عنها ‪ ،‬فيصليان فى ثوبها ذلك ما لم تصبه جنابة" وانظر "المبدع" (‪. )201\7‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪176‬‬

‫ـ وأما الودى ‪ :‬فهو سائل أصفر غليظ خيرج عند اإلمساك‪ 7‬أو اإلحساس بالثِقل ‪ ،‬وجيب منه‬
‫الوضوء أيضاً ال الغسل ‪.‬‬
‫ـ أما املىن فهو سائل أبيض غليظ خيرج عن اجلماع وتصاحبه رعشة ىف اجلسم ومنه يكون‬
‫الولد‪ ، 7‬وجيب منه الغسل ‪.‬‬
‫ـ رجل داعب زوجته ولم يجامعها ‪ ،‬فهل عليه غسل ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إذا جامع الرجل أهله فأمذى وجب عليه الوضوء دون الغسل ‪ ،‬وإذا داعب‬
‫الرجل زوجته فقذف وجب عليه الغسل ‪ ،‬وأن مل يوجله فيها ‪.‬‬
‫ـ رجل جامع زوجته ولكنه لم يولجه فيها ‪ ،‬فهل عليه الغسل ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إذا جامع الرجل زوجته والتقى اخلتانان ـ أى فرج الرجل واملرأة ـ أوجله فيها أو‬
‫مل يوجله فيها وجب عليهما الغسل ‪ ،‬أنزال أم يُننزال ‪.‬‬
‫ات"‬ ‫النيَّ ِ‬
‫ال بِ ِّ‬‫ـ يقول ‪ ‬ىف احلديث املتفق عليه عند البخارى ومسلم ‪" :‬إِمَّنَا اأْل َْع َم ُ‬
‫ـ فهل يدخل مجاع الزوجة ىف هذا أيضاً ؟‬
‫ـ نعم ‪ ،‬فهو حديث عام جامع شامل فينوى الرجل واملرأة بالنكاح اتباع هدى اهلل تعاىل‬
‫الذى وضعه لعباده ىف كتابه وعلى لسان نبيه‪ ، ‬وقال ‪ ‬ملن قال ‪ :‬اعتزل النساء وال أتزوج ‪،‬‬
‫س ِمىِّن " (‪. )1‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ب َع ْن ُسنَّىِت‬ ‫َ‬
‫قال ‪ ":‬فَمن ر ِ‬
‫غ‬ ‫َْ َ‬
‫ب اللّهُ لَ ُك ْم)‬ ‫(و ْابَتغُواْ َما َكتَ َ‬‫وأن ينويا إعفاف نفسيهما واإلحصان وطلب الولد‪ 7‬لقوله تعاىل َ‬
‫(البقرة ‪ )187 :‬قال بعض أهل العلم ‪ :‬هو الولد‪. )2( 7‬‬
‫َصح ِ‬ ‫َن نَ ِ‬
‫اب النَّيِب ِّ ‪ ‬قَالُوا‬ ‫اسا م ْن أ ْ َ‬ ‫وليعلم الزوجني أن ىف مجاعهما صدقة لقول أىب ذر ‪" :‬أ َّ ً‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)3‬‬ ‫لِلنَّيِب ‪ ‬يا رس َ ِ‬
‫وم‬
‫َ ُ ُ‬‫ص‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫وم‬ ‫ص‬ ‫ي‬
‫َ َ ََ ُ ُ‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ي‬
‫ُ َُ‬ ‫ر‬ ‫و‬‫ُج‬ ‫أْل‬‫ا‬‫ب‬ ‫ب أ َْه ُل ُّ‬
‫الدثُور‬ ‫ول اللَّه َذ َه َ‬ ‫ِّ َ َ ُ‬
‫ص َدقَةً‬ ‫ص َّدقُو َن إِ َّن بِ ُك ِّل تَسبِ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ول أَمواهِلِ‬
‫ويتَص َّدقُو َن بُِف ُ ِ‬
‫يحة َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َْ‬‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ َ َ َ‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫َو‬‫أ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫م‬‫‪7‬‬
‫ض َْ ْ‬ ‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ص َدقَةً َوأ َْمٌر بِالْ َم ْع ُروف َ‬
‫ص َدقَةٌ َو َن ْه ٌي َع ْن‬ ‫ص َدقَةً َو ُك ِّل َت ْهليلَة َ‬ ‫ص َدقَةً َو ُك ِّل حَتْم َيدة َ‬ ‫َو ُك ِّل تَ ْكبِ َرية َ‬
‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر لكاتب السطور ‪ :‬رسالة "أحكام الصيام" ‪ ،‬ط ‪ :‬مكتبة الدعوة بالقاهرة ‪.‬‬
‫(‪ )3‬المال ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪177‬‬

‫ض ِع أَح ِد ُكم ص َدقَةٌ ‪ ،‬قَالُوا‪ 7‬يا رس َ ِ‬


‫ول اللَّه أَيَأيِت أ َ‬
‫َح ُدنَا َش ْه َوتَهُ َويَ ُكو ُن لَهُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ص َدقَةٌ ‪َ ،‬ويِف بُ ْ َ ْ َ‬ ‫ُمْن َك ٍر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َع َها يِف احْلَاَل ِل‬
‫ك إِذَا َو َ‬ ‫ض َع َها يِف َحَر ٍام أَ َكا َن َعلَْي ِه ف َيها ِو ْزٌر فَ َك َذل َ‬
‫ال أ ََرأ َْيتُ ْم لَ ْو َو َ‬
‫َجٌر قَ َ‬
‫ف َيها أ ْ‬
‫َجًرا" (‪. )4‬‬ ‫َكا َن لَهُ أ ْ‬
‫ـ "وىف هذا دليل على أن املباحات تصري طاعات بالنيات الصادقات ‪ ،‬فاجلماع يكون عبادة‬
‫إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرهتا باملعروف الذى أمر اهلل تعاىل به أو طلب ولد صاحل‬
‫اهلم به أو غري ذلك‬ ‫أو إعفاف الزوجة ومنعهما مجيعاً من النظر إىل حرام أو التفكر فيه أو ّ‬
‫من املقاصد الصاحلة" (‪. )5‬‬
‫ونساء أن النبى‪ ‬نهى عن الكالم عند‬
‫ً‬ ‫ـ هل صحيح ما يشاع عند بعض األزواج رجاالً‬
‫الجماع ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ليس بصحيح ‪ُ :‬روى عنه ‪ ‬قوله ‪" :‬ال تكثروا الكالم عن جمامعة النساء ‪ ،‬فإن‬
‫منه يكون اخلرس والفأفأة" وهو حديث ضعيف جداً (‪. )1‬‬
‫ـ فماذا إذاً عن التجرد عند المباضعة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬روى النسائى عن عبد اهلل بن سرجس أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪" :‬إذا أتى أحدكم‬
‫أهله فليلق على عجزه وعجزها شيئاً وال يتجردا جترد العريين" قال أبو عبد الرمحن ـ النسائى ـ‬
‫هذا حديث منكر وصدقة بن عبد اهلل ـ أحد رواة احلديث ـ ضعيف (‪. )2‬‬
‫ـ ومثله ‪" :‬إذا أتى أحدكم أهله فليسترت ‪ ،‬وال يتجردا جترد العريين" (‪ ، )3‬فيه ‪ :‬األحوص بن‬
‫حكيم ‪ :‬ضعيف ‪ ،‬والوليد‪ 7‬بن القاسم‪ : 7‬ضعيف أيضاً ‪.‬‬
‫ـ ومثله ما ُروى عن أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ ‪" :‬ما رأيت عورة رسول اهلل ‪‬‬
‫قط" ‪ ،‬وىف بعض الروايات "مل ير مىن رسول اهلل‪ ‬ومل أر منه" (‪. )4‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه مسلم (‪. )697\2‬‬


‫(‪ )5‬شرح النووى (‪. )91\7‬‬
‫(‪ )1‬ضعيف جداً ‪ :‬أخرجه ابن عساكر (‪. )700\5‬‬
‫(‪ )2‬ضعيف منكر ‪ :‬أخرجه النسائى فى الكبرى (‪. )5/327‬‬
‫(‪ )3‬إسناده ضعيف ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪. )592\1‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو نعيم (‪ )247\8‬بسند فيه كذاب ‪ ،‬وهو ‪ :‬بركة بن محمد الحلبى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪178‬‬

‫وروى عنه ‪ ‬قوله ‪" :‬إذا جامع أحدكم فال ينظر إىل الفرج ‪ ،‬فإنه يورث العمى" وهذا‬ ‫ـ ُ‬
‫حديث موضوع (‪ ، )5‬وقال بعضهم ‪ :‬ألنه يؤدى إىل النسيان ‪ ،‬وليس هذا بالدليل "الشرعى"‬
‫الذى يدل على التحرمي ‪.‬‬
‫ول اللَّ ِه َع ْو َراتُنَا َما نَأْيِت‬
‫ـ والصحيح ىف هذا األمر ما ورد عن معاوية بن حيدة قال ‪" :‬يَا َر ُس َ‬
‫الر ُج ُل يَ ُكو ُن‬ ‫ال َّ‬ ‫ك ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ت مَيِينُ َ‬ ‫ك إِاَّل ِم ْن َز ْو َجتِ َ‬
‫ك أ َْو َما َملَ َك ْ‬ ‫اح َف ْظ َع ْو َرتَ َ‬ ‫ِمْن َها َو َما نَ َذ ُر ؟ قَ َ‬
‫ال ْ‬
‫ال فَاللَّهُ‬ ‫الر ُج ُل يَ ُكو ُن َخالِيًا قَ َ‬ ‫ت َو َّ‬ ‫ت أَ ْن اَل َيَر َاها أ َ‬
‫َح ٌد فَا ْف َع ْل ‪ُ ،‬ق ْل ُ‬ ‫استَطَ ْع َ‬
‫الرج ِل ؟ قَ َ ِ‬
‫ال إِن ْ‬ ‫َم َع َّ ُ‬
‫َح ُّق أَ ْن يُ ْستَ ْحيَا ِمْنهُ" (‪. )1‬‬
‫أَ‬
‫ـ وقال بعضهم ‪:‬‬
‫فهـو مـن اجلهـل بـال ارتيـاب‬ ‫واحـذر مـن اجلمـاع ىف الثياب‬
‫بل كـل مـا عليها ـ صاح ـ فانزع وكـن مـالعبـاً هلـا ال تفـزع‬

‫ـ رضى‬ ‫ـ وهذا يعىن االغتسال معاً وإباحة النظر إىل فرج املرأة والعكس ‪ :‬فعن عائشة‬
‫اهلل عنها ـ قالت‪" : 7‬كنت اغتسل أنا ورسول اهلل ‪ ‬من إناء واحد من اجلنابة" (‪ ، )2‬والتسرت‬
‫أوىل حلديث معاوية السابق ‪.‬‬
‫ول اللَّ ِه ‪‬‬
‫ت أَ ْغتَ ِس ُل أَنَا َو َر ُس ُ‬
‫ـ والمداعبة أثناء الغسل ‪ :‬وعنها أيضاً ـ رضى اهلل عنها ـ " ُكْن ُ‬
‫ت ومُه ا جنُب ِ‬ ‫ِمن إِنَ ٍاء بييِن وبينَه و ِ‬
‫اح ٍد َفيُبَ ِاد ُريِن َحىَّت أَقُ َ‬
‫ان "(‪. )3‬‬ ‫ول َد ْع يِل َد ْع يِل ‪ ،‬قَالَ ْ‪َ ُ َ َ 7‬‬ ‫ْ َْ َ َْ ُ َ‬
‫ـ فماذا عن أحكام الوطء فى الدبر ؟‬
‫ـ فى أحكام الوطء فى الدبر ‪ :‬ورد النهى عن وطء املرأة ىف دبرها ىف غري حديث صحيح‬
‫‪ ،‬وتكلم العلماء سلفاً وخلفاً ىف حترمي الوطء ىف الدبر ‪ ":‬فمنها أنه من الكبائر ومنها أنه‬
‫يوجب القتل إذا كان من غالم نص عليه أمحد ىف إحدى الروايتني والثانية حده حد الزاىن‬

‫(‪ )5‬موضوع ‪ :‬أورده ابن الجوزى فى الموضوعات (‪. )271\2‬‬


‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود والنسائى والترمذى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد (‪. )30\6‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪179‬‬

‫كقول مالك والشافعى فإن كان من زوجه أو أمة أوجب التعزير وىف الكفارة وجهان ‪:‬‬
‫أحدمها عليه كفارة من وطىء حائضاً اختاره ابن عقيل ‪.‬‬
‫ـ والثاىن ‪ :‬ال كفارة فيه وهو قول أكثر األصحاب ومنها أن للزوجة أن تفسخ النكاح به‬
‫وذكره غري واحد من أصحابنا وإن كان من امرأة أجنبية فاختلف أصحابنا ىف حده ‪ ،‬فالذى‬
‫قاله أبو الربكات‪ 7‬وأبو حممد وغريمها حده حد الزاىن ‪ ،‬وقال ابن عقيل ىف فصوله فإن كان‬
‫الوطء ىف الدبر ىف حق أجنبية وجب احلد الذى أوجبناه ىف اللواط‪ ،‬وعلى هذا فحده القتل‬
‫بكل حال وإن كان ىف مملوكه فذهب بعض أصحابنا أنه يعتق عليه وأجراه جمرى املثلة‬
‫الظاهرة وهو قول بعض السلف" (‪. )1‬‬
‫ـ ويقول ابن القيم‪ 7‬رمحه اهلل تعاىل ‪" :‬وأما الدبر فلم يبح قط على لسان نىب من األنبياء ومن‬
‫نسب إىل بعض السلف إباحة وطء الزوجة ىف دبرها فقد غلط عليه ‪ ،‬وىف سنن أىب داود عن‬
‫أىب هريرة قال ‪" :‬قال رسول اهلل ‪ : ‬ملعون من أتى املرأة ىف دبرها" (‪ ، )2‬وىف لفظ ألمحد‬
‫وابن ماجة ‪" :‬ال ينظر اهلل إىل رجل جامع امرأته ىف دبرها" (‪ ، )3‬وىف لفظ للرتمذى وأمحد ‪:‬‬
‫"من أتى حائضاً أو امرأة ىف دبرها أو كاهناً فصدقه فقد كفر مبا أنزل على حممد ‪، )" (4‬‬
‫وىف لفظ للبيهقى ‪" :‬من أتى شيئاً من الرجال والنساء ىف األدبار فقد كفر" (‪ ، )5‬وىف مصنف‬
‫وكيع حدثىن زمعة بن صاحل عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن اهلاد عن عمر بن اخلطاب ‪: ‬‬
‫"قال رسول اهلل ‪ : ‬إن اهلل ال يستحىي من احلق ال تأتوا النساء ىف أعجازهن" وقال مرة ‪" :‬ىف‬
‫أدبارهن"(‪ ، )6‬وىف الرتمذى‪ 7‬عن على بن طلق قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬ال تأتوا النساء ىف‬
‫أعجازهن فإن اهلل ال يستحى من احلق" (‪ ، )1‬وقال البغوى‪ : 7‬حدثنا هدبة حدثنا مهام قال ‪" :‬‬
‫سئل قتادة عن الذى يأتى امرأته ىف دبرها ؟ فقال ‪ :‬حدثىن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد ‪. )904\4( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود(‪ )2162‬والنسائى فى العشرة (‪. )125،129‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد (‪ )344\2‬واالترمذى (‪. )218\1‬‬
‫(‪ )4‬حسن ‪ :‬أخرجه الدارمى وأحمد (‪ )408\2‬والنسائى فى العشرة (‪. )78‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه النسائى فى العشرة (‪ )133‬مرفوعا ً وموقوفا ً ‪ ،‬والموقوف أصح ‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه النسائى فى العشرة (‪. )122‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه الترمذى والبيهقى‪. )324\5( S‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪180‬‬

‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪ :‬تلك اللوطية الصغرى" (‪ ، )2‬وىف املسند أيضاً عن ابن عباس ‪" :‬قال‬
‫جاء عمر بن اخلطاب إىل رسول اهلل ‪ ‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل هلكت ‪ ،‬فقال ‪ :‬وما الذى‪7‬‬
‫أهلكك ؟ قال ‪ :‬حولت رحلى البارحة ‪ ،‬قال ‪ :‬فلم يرد عليه شيئاً ‪ ،‬فأوحى اهلل إىل رسوله ‪:‬‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُواْ َح ْرثَ ُك ْم أَىَّن ِشْئتُ ْم) (البقرة ‪ )223 :‬أقبل أدبر واتق احليضة والدبر‬
‫(نِ َسآ ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬
‫(‪ ، )3‬وىف الرتمذى‪ 7‬عن ابن عباس مرفوعاً ‪" :‬ال ينظر اهلل إىل رجل أتى رجالً أو امرأة ىف الدبر"‬
‫(‪ ، )4‬وقال عبد اهلل بن وهب حدثنا عبد اهلل بن هليعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪" :‬ملعون من يأتى النساء ىف حماشهن يعىن أدبارهن" (‪ ، )5‬وذكر أبو‬
‫نعيم األصبهاىن من حديث خزمية بن ثابت ‪ :‬يرفعه ‪" :‬إن اهلل ال يستحىي من احلق ال تأتوا‬
‫النساء ىف أعجازهن" (‪ ، )6‬وقال الشافعى أخربىن عمى حممد بن على بن شافع قال أخربىن‬
‫عبد اهلل بن على بن السائب‪ 7‬عن عمرو بن أحيحة بن اجلالح عن خزمية ابن ثابت ‪" :‬أن رجال‬
‫سأل النىب ‪ ‬عن إتيان النساء ىف أدبارهن فقال حالل ‪ ،‬فلما وىل دعاه ‪ ،‬فقال ‪ :‬كيف قلت‬
‫ىف أى اخلربتني أو ىف أى اخلزرتني أو ىف أى اخلصفتني أمن دبرها ىف قبلها ‪ ،‬فنعم ‪ ،‬أما من‬
‫دبرها ىف دبرها فال إن اهلل ال يستحىي من احلق ال تأتوا النساء أدبارهن " (‪. )1‬‬
‫ـ قال الربيع ‪ :‬فقيل للشافعى ‪ :‬فما تقول ‪ :‬فقال ‪ :‬عمى ثقة ‪ ،‬وعبد اهلل ابن على ثقة وقد‬
‫أثىن على األنصارى خرياً يعىن عمرو بن اجلالح وخزمية ممن ال يشك ىف ثقته فلست أرخص‬
‫فيه بل أهنى عنه ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومن هاهنا نشأ الغلط على من نقل عنه اإلباحة من السلف واألئمة فإهنم أباحوا أن‬
‫يكون الدبر طريقاً إىل الوطء ىف الفرج فيطأ من الدبر ال ىف الدبر فاشتبه على السامع "من" بـ‬
‫"ىف" ومل يظن بينهما فرقا فهذا الذى‪ 7‬أباحه السلف واألئمة فغلط عليهم الغالط‪ 7‬أقبح الغلط‬
‫وأفحشه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أحمد (‪. )210\2‬‬
‫(‪ )3‬حسن ‪ :‬أخرجه الترمذى (‪ )162\2‬وغيره ‪.‬‬
‫(‪ )4‬حسن ‪ :‬أخرجه الترمذى (‪ )218\1‬وابن حبان (‪. )1302‬‬
‫(‪ )5‬حسن ‪ :‬أخرجه ابن عدى (‪ )211\1‬وله شاهد مرفوع عند أبى داود (‪ )2162‬وأحمد (‪. )44\2‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أحمد (‪ )215\5‬والنسائى فى العشرة (‪ )96‬وابن ماجة (‪. )1924‬‬
‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه الشافعى (‪ )260\2‬والبيهقى (‪ )196\7‬والدارمى (‪ )145\1‬وغيرهما ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪181‬‬

‫ُ) (البقرة ‪:‬‬ ‫ُ هّللا‬


‫ُم‬‫َك‬
‫مر‬ ‫ََ‬‫ُ أ‬ ‫ْث‬‫َي‬‫ْ ح‬ ‫ِن‬ ‫َّ م‬ ‫هن‬‫توُ‬ ‫ُْ‬‫َأ‬‫وقد قال تعاىل ‪( :‬ف‬
‫ِن‬
‫ْ‬ ‫َّ م‬‫هن‬ ‫توُ‬ ‫ُْ‬
‫َأ‬‫‪ )222‬قال جماهد ‪ :‬سألت ابن عباس عن قوله تعاىل ‪( :‬ف‬
‫ُ) (البقرة ‪ )222 :‬فقال ‪ :‬تأتيها من حيث أمرت أن‬ ‫ُ هّللا‬
‫ُم‬‫َك‬‫مر‬ ‫ََ‬‫ُ أ‬ ‫ْث‬ ‫َي‬‫ح‬
‫تعتزهلا يعىن ىف احليض ‪ ،‬وقال على بن أىب طلحة عنه ‪ :‬يقول ىف الفرج وال‬
‫تعده إىل غريه ‪.‬‬
‫وقد دلت اآلية على حترمي الوطء ىف دبرها من وجهني أحدمها أنه أباح‬
‫إتياهنا ىف احلرث وهو موضع‪ 7‬الولد‪ 7‬ال ىف احلش الذى‪ 7‬هو موضع األذى ‪،‬‬
‫وموضع احلرث هو املراد من قوله من حيث أمركم اهلل اآلية قال ‪:‬‬
‫ْ) (البقرة ‪ )223 :‬وإتياهنا ىف قبلها من‬ ‫ُم‬ ‫ْت‬ ‫ِئ‬‫َّى ش‬ ‫َن‬‫ْ أ‬ ‫ُم‬ ‫ثك‬ ‫َْ‬
‫َر‬‫ْ ح‬ ‫توا‬ ‫ُْ‬ ‫َأ‬‫(ف‬
‫ْ) أى من أين شئتم‬ ‫ْت‬
‫ُم‬ ‫ِئ‬‫َّى ش‬ ‫َن‬‫دبرها مستفاد من اآلية أيضاً ألنه قال ‪( :‬أ‬
‫ْ) يعىن ‪ :‬الفرج‬ ‫ُم‬ ‫ثك‬‫َْ‬
‫َر‬‫ْ ح‬ ‫توا‬ ‫ُْ‬‫َأ‬‫من أمام أو من خلف قال ابن عباس ‪( :‬ف‬
‫‪.‬‬
‫وإذا كان اهلل حرم الوطء ىف الفرج ألجل األذى العارض فما الظن باحلش الذى هو حمل‬
‫األذى الالزم مع زيادة املفسدة بالتعرض النقطاع النسل والذريعة‪ 7‬القريبة جداً من أدبار النساء‬
‫إىل أدبار الصبيان ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فللمرأة حق على الزوج ىف الوطء ووطؤها ىف دبرها يفوت حقها وال يقضى‬
‫وطرها وال حيصل مقصودها ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإن الدبر مل يتهيأ هلذا العمل ومل خيلق له وإمنا الذى هئ له الفرج فالعادلون‪ 7‬عنه إىل‬
‫الدبر خارجون عن حكمة اهلل وشرعه مجيعاً ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإن ذلك مضر بالرجل وهلذا‪ 7‬ينهى عنه عقالء األطباء من الفالسفة وغريهم ألن‬
‫للفرج خاصية ىف اجتذاب املاء احملتقن وراحة الرجل منه والوطء ىف الدبر ال يعني على‬
‫اجتذاب مجيع املاء وال خيرج كل احملتقن ملخالفته لألمر الطبيعى ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً يضر من وجه آخر وهو إحواجه إىل حركات متعبة جداً ملخالفته للطبيعة ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪182‬‬

‫ـ وأيضاً فإنه حمل القذر‪ 7‬والنجو فيستقبله الرجل بوجهه ويالبسه ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يضر باملرأة جداً ألنه وارد غريب بعيد عن الطباع منافر هلا غاية املنافرة ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه حيدث اهلم والغم‪ 7‬والنفرة عن الفاعل واملفعول ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يسود الوجه ويظلم الصدر‪ 7‬ويطمس نور القلب ويكسو الوجه وحشة تصري‬
‫عليه كالسيماء يعرفها من له أدىن فراسة ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد‪ 7‬والتقاطع بني الفاعل واملفعول والبد ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يفسد حال الفاعل واملفعول فساداً ال يكاد يرجى بعده صالح إال أن يشاء اهلل‬
‫بالتوبة النصوح‪. 7‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يذهب باحملاسن منها ويكسومها ضدها كما يذهب باملودة بينهما ويبدهلما هبا‬
‫تباغضاً وتالعناً ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه من أكرب أسباب زوال النعم وحلول النقم فإنه يوجب اللعنة واملقت من اهلل‬
‫وإعراضه عن فاعله وعدم نظره إليه فأى خري يرجوه بعد هذا وأى شر يأمنه وكيف حياة عبد‬
‫قد حلت عليه لعنة اهلل ومقته وأعرض عنه بوجهه ومل ينظر إليه ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يذهب باحلياء مجلة واحلياة هو حياة القلوب فإذا فقدها القلب استحسن القبيح‬
‫واستقبح احلسن وحينئذ فقد استحكم فساده ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه حييل الطباع عما ركبها اهلل وخيرج اإلنسان عن طبعه إىل طبع مل يركب اهلل‬
‫عليه شيئا من احليوان بل هو طبع منكوس وإذا نكس الطبع انتكس القلب والعمل‪ 7‬واهلدى‬
‫فيستطيب حينئذ اخلبيث من األعمال واهليئات ويفسد حاله وعمله وكالمه بغري اختياره ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يورث من الوقاحة واجلرأة ما ال يورثه سواه ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يورث من املهانة والسفال واحلقارة ماال يورثه غريه ‪.‬‬
‫ـ وأيضاً فإنه يكسو العبد‪ 7‬من حلة املقت والبغضاء‪ 7‬وازدراء الناس له‬
‫واحتقارهم إياه واستصغارهم له ما هو مشاهد باحلس ‪ ،‬فصالة اهلل وسالمه‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪183‬‬

‫على من سعادة الدنيا واآلخرة ىف هدية واتباع ما جاء به وهالك الدنيا‬


‫واآلخرة ىف خمالفته هدية وما جاء به (‪. )1‬‬
‫ْث‬
‫ٌ‬ ‫َر‬ ‫ْ ح‬ ‫ُم‬‫ُك‬
‫ِسَآؤ‬ ‫ويقول اإلمام الشافعى رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬قال اهلل ‪( : ‬ن‬
‫ْ) (البقرة ‪ )223 :‬اآلية ‪ .‬وبني أن موضع‪ 7‬احلرث‬ ‫ُم‬‫ثك‬ ‫َْ‬ ‫َر‬‫ْ ح‬ ‫توا‬‫ُْ‬‫َأ‬
‫ْ ف‬ ‫ُم‬ ‫َّلك‬
‫موضع الولد وأن اهلل تعاىل أباح اإلتيان فيه إال ىف وقت احمليض ‪ ،‬وأىن‬
‫شئتم ‪ :‬من أين شئتم ‪ ،‬قال الشافعى ‪ :‬وإباحة اإلتيان ىف موضع‪ 7‬احلرث يشبه‬
‫أن يكون حترمي إتيان ىف غريه فاإلتيان ىف الدبر حىت يبلغ منه مبلغ اإلتيان ىف‬
‫القبل حمرم بداللة الكتاب مث السنة ‪.‬‬
‫أخربنا الربيع قال أخربنا الشافعى‪ 7‬قال ‪ :‬أخربنا عمى حممد‪ 7‬بن على بن شافع عن عبداهلل بن‬
‫على بن السائب عن عمرو بن أحيحة أو ابن فالن بن أحيحة بن فالن األنصارى‪ 7‬قال ‪ :‬قال ‪:‬‬
‫حممد بن على وكان ثقة عن خزمية بن ثابت أن سائالً سأل رسول اهلل ‪ ‬عن إتيان النساء ىف‬
‫أدبارهن فقال رسول اهلل‪ ‬حالل ‪ ،‬مث دعاه أو أمر به فدعى ‪ ،‬فقال ‪ :‬كيف قلت ىف أى‬
‫اخلربتني أو ىف أى اخلرزتني أو ىف اخلصفتني أمن دبرها ىف قبلها فنعم أم من دبرها ىف دبرها فال‬
‫إن اهلل ال يستحى من احلق ال تأتوا النساء ىف أدبارهن (‪. )1‬‬
‫قال الشافعى‪ : 7‬فأما التلذذ بغري إبالغ الفرج بني اإلليتني ومجيع اجلسد فال بأس به إن شاء‬
‫اهلل تعاىل ‪ ،‬قال ‪ :‬وسواء هو من األمة أو احلرة فإذا أصاهبا فيما هناك مل حيللها لزوج إن طلقها‬
‫ثالثاً ومل حيصنها وال ينبغى هلا تركه وإن ذهبت إىل اإلمام هناه فإن أقر بالعودة له أدبه دون‬
‫احلد وال غرم عليه فيه هلا ألهنا زوجة ولو كان ىف زنا حد فيه إن فعله حد الزنا وأغرم إن كان‬
‫غاصباً هلا مهر مثلها قال ومن فعله وجب عليه الغسل وأفسد حجه (‪. )2‬‬
‫ـ ويقول اإلمام ابن كثري رمحه اهلل تعاىل ىف تفسريه ‪ :‬عن عبد الرمحن قال البن عمر‪ :‬إنا‬
‫نشرتي اجلوارى أفنحمض هلن ؟ فقال ‪ :‬وما التحميض ؟ فذكر له الدبر ‪ ،‬فقال ابن عمر ‪:‬‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪ )254\4‬بتصرف ‪.‬‬


‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬األم (‪. )94\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪184‬‬

‫أف أف ‪ ،‬وهل يفعل ذلك مؤمن أو قال مسلم‍ فقال مالك أشهد على ربيعة ألخربىن عن أىب‬
‫احلباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع ‪ ،‬وروى‪ 7‬النسائى (‪ )3‬عن سعيد بن يسار قال ‪ :‬قلت‬
‫البن عمر إنا نشرتى اجلوارى‪ 7‬أفنحمض هلن ؟ قال ‪ :‬وما التحميض‪ 7‬؟ قلت ‪ :‬نأتيهن ىف‬
‫أدبارهن ‪ ،‬فقال ‪ :‬أف أف ‪ ،‬أو يعمل هذا مسلم ؟ فقال ىل مالك ‪ :‬فأشهد على ربيعة حلدثىن‬
‫عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال ‪ :‬البأس به ‪.‬‬
‫وروى النسائى (‪ )1‬أيضا من طريق يزيد بن رومان عن عبيد اهلل بن عبد اهلل بن عمر أن ابن‬
‫عمر كان ال يرى بأساً أن يأتى الرجل املرأة ىف دبرها ‪.‬‬
‫وروى معن بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام (‪ )2‬وقال أبو بكر بن زياد النيسابورى‪7‬‬
‫حدثىن إمساعيل بن حصن حدثىن إسرائيل بن روح سألت مالك بن أنس ما تقول ىف إتيان‬
‫النساء ىف أدبارهن قال ما أنتم إال قوم عرب هل يكون احلرث إال موضع الزرع ؟ ال تعدوا‪7‬‬
‫على‬
‫الفرج قلت ‪ :‬يا أبا عبد اهلل إهنم يقولون إنك تقول ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬يكذبون على يكذبون ّ‬
‫‪.‬‬
‫فهذا هو الثابت‪ 7‬عنه وهو قول أىب حنيفة والشافعى‪ 7‬وأمحد بن حنبل وأصحاهبم‪ 7‬قاطبة وهو‬
‫قول سعيد بن املسيب وأىب سلمة وعكرمة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبري وعروة بن الزبري‬
‫وجماهد بن جرب واحلسن وغريهم من السلف أهنم أنكروا ذلك أشد اإلنكار ومنهم من يطلق‬
‫على فعله الكفر وهو مذهب مجهور العلماء وقد حكى ىف هذا شئ عن بعض فقهاء املدينة‬
‫حىت حكوه عن اإلمام مالك وىف صحته نظر ‪ ،‬قال الطحاوى ‪ :‬روى أصبغ بن الفرج عن‬
‫عبد الرمحن بن القاسم قال ما أدركت أحدا أقتدى به ىف ديىن يشك أنه حالل يعىن وطء‬
‫ث لَّ ُك ْم ) (البقرة ‪ )223 :‬مث قال فأى شئ أبني من هذا‬ ‫املرأة ىف دبرها مث قرأ ‪( :‬نِ َسآ ُؤ ُك ْم َح ْر ٌ‬
‫‪ ،‬هذه حكاية الطحاوى ‪ ،‬وقد روى احلاكم والدارقطىن واخلطيب البغدادى‪ 7‬عن اإلمام مالك‬

‫(‪ )3‬فى العشرة (‪. )93‬‬


‫(‪ )1‬فى السابق (‪ )94‬بسند ضعيف ‪.‬‬
‫(‪ )2‬السابق (‪. )94‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪185‬‬

‫من طرق ما يقتضى إباحة ذلك ولكن ىف األسانيد ضعف شديد وقد استقصاها شيخنا احلافظ‬
‫أبو عبد اهلل الذهىب ىف جزء مجعه ىف ذلك واهلل أعلم ‪.‬‬
‫وقال الطحاوى‪ : 7‬حكى لنا حممد‪ 7‬بن عبد اهلل بن عبد احلكم أنه مسع الشافعى يقول ما صح‬
‫عن النىب ‪ ‬ىف حتليله وال حترميه شئ ‪ ،‬والقياس أنه حالل ‪ ،‬وقد روى ذلك أبو بكر اخلطيب‬
‫عن أىب سعيد الصريىف عن أىب العباس األصم‪ 7‬مسعت حممد بن عبد اهلل بن عبد احلكم مسعت‬
‫الشافعى‪ 7‬يقول فذكره ‪ ،‬قال أبو نصر الصباغ كان الربيع حيلف باهلل الذى ال إله إال هو لقد‬
‫كذب يعىن ابن عبد احلكم على الشافعى ىف ذلك ألن الشافعى نص على حترميه ىف ستة كتب‬
‫من كتبه واهلل أعلم (‪. )1‬‬

‫ـ فماذا إذن عن أحكام الحيض ؟‬


‫ـ أحكام الحيض ‪:‬‬
‫ك َع ِن الْ َم ِح ِ‪7‬‬
‫يض قُ ْل ُه َو أَ ًذى) (البقرة ‪:‬‬ ‫(ويَ ْسأَلُونَ َ‬
‫قال الشافعى‪ 7‬رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬قال اهلل ‪َ : ‬‬
‫‪ )222‬اآلية ‪ ،‬قال ‪ :‬فزعم بعض أهل العلم بالقرآن أن قول اهلل‪ ‬حىت يطهرن حىت يرين‬
‫ث أ ََمَر ُك ُم اللّهُ ) ( البقرة ‪ )222 :‬أن جتتنبوهن ‪.‬‬ ‫وه َّن ِم ْن َحْي ُ‬
‫الطهر‪( :‬فَِإ َذا تَطَ َّه ْر َن فَأْتُ ُ‬
‫قال ‪ :‬وما أشبه ما قال واهلل تعاىل أعلم مبا قال ويشبه أن يكون حترمي اهلل‪ ‬إتيان النساء ىف‬
‫احمليض ألذى احمليض (‪ )1‬وإباحته إتياهنن إذا طهرن وتطهرن باملاء من احليض على أن اإلتيان‬
‫املباح ىف الفرج نفسه كالداللة‪ 7‬على أن إتيان النساء ىف أدبارهن حمرم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬تفسير ابن كثير (‪ )266\1‬بتصرف ‪.‬‬


‫ـ إنما أطلت قليالً فى هذا الباب لعموم البلوى به بين كثير من الناس ‪ ،‬بل وصل األمر ببعض الفتيات إلى طلب معاشرة "خطيبها"‍ لها من الدبر حتى "تحافظ‬
‫على شرفها وعفتها" !!!!‪ ، S‬وال تدرى المسكينة ما الذى تجنيه على نفسها بهذه الفعلة عاجالً ‪ ،‬وعند زواجها ـ إن تزوجت ـ آجالً ‪ ،‬ولسوف تجنى ثمرة تلك‬
‫الفعلة فى حينها ! هذا مع انتشار العرى والخالعة والميوعة وأشرطة الجنس المتنوعة المبثثوثة عبر "الدش" و "االنترنت"‪ S‬وغيرهما ‪.‬‬
‫ولقد حادثتنى‪ S‬ـ هاتفيا ً ـ مرة إحدى الزوجات تشكو من عدم استمتاعها بالمعاشرة الزوجية ـ فى موضع الولد ـ بعد ان دأب زوجها على جماعها من الدبر‬
‫‪ ،‬فلم تعد تجد لذة فى جماع القُبل ‪ ،‬وذلك بعد أن علمت حرمة نكاح الدبر !!! وحادثتنى ـ هاتفيا ً ـ زوجة أخرى تشكو من عدم استطاعة جلوس أختها على‬
‫مقعدتها بعدما دأب زوجها على جماعها فى الدبر ‪ ،‬وكان هذا من أسباب طالقها !!! ‪.‬‬
‫ومرد هذا لغياب الوعى الدينى والفهم الصحيح آلراء أهل العلم وجمهور العلماء ‪ ،‬ومحاولة البعض تتبع‪ S‬القول الشاذ واألخذ به ‪ ،‬هذا وقد قال أعلم‬
‫الحديث بأن نكاح الدبر يؤدى إلى "توسعة" فتحة الشرج لدى المرأة مما يجعلها ال تتحكم فى إخراج الفضالت ‪ ،‬فتنساب منها مما يؤدى بدوره إلى النجاسة‬
‫الحسية التى تبطل معها الصالة ‪ ،‬مع نفاذ الرائحة ‪ ،‬نعوذ باهلل تعالى ‪.‬‬
‫(‪ )1‬وقد أثبت العلم الحديث أن أعضاء التناسل عند المرأة وقت الحيض تكون فى حالة احتقان ‪ ،‬واألعصاب مضطربة بسبب‪ S‬إفرازات الغدد الداخلية ‪ ،‬والجماع‬
‫وقتها يضر بها‪ ،‬وأدى إلى التهاب األعضاء التناسلية عندها‪ ،‬وربما أدى إلى منع نزول دم الحيض مع وجود المواد السامة فيه مما يضر بجسم المرأة ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪186‬‬

‫قال ‪ :‬وفيه داللة على أنه إمنا حرم إتيان النساء ىف دم احليض الذى‪ 7‬تؤمر فيه املرأة بالكف‬
‫عن الصالة والصوم‪ 7‬ومل حيرم ىف دم االستحاضة ألهنا قد جعلت ىف دم االستحاضة ىف حكم‬
‫الطاهر جيب عليها الغسل من دم احليض ودم االستحاضة قائم والصالة والصيام عليها فإذا‬
‫كانت املرأة حائضا مل حيل لزوجها أن يصيبها وال إذا طهرت حىت تطهر باملاء مث حيل له أن‬
‫يصيبها ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وإن كانت على سفر ومل جتد ماء فإذا تيممت‪ 7‬حل له أن يصيبها وال حيل له إصابتها‬
‫ىف احلضر بالتيمم‪ 7‬إال أن يكون هبا قرح مينعها الغسل فتغسل فرجها وما ال قرح فيه من‬
‫جسدها باملاء مث تتيمم مث حيل له إصابتها إذا حلت هلا الصالة ويصيبها ىف دم االستحاضة إن‬
‫شاء وحكمه حكم الطهارة قال وبني ىف اآلية إمنا هنى عن إتيان النساء ىف احمليض ومعروف أن‬
‫اإلتيان ىف الفرج ألن التلذذ بغري الفرج ىف شئ من اجلسد ليس إتيانا ودلت سنة رسول اهلل ‪‬‬
‫على أن للزوج مباشرة احلائض إذا شدت عليها إزارها والتلذذ مبا فوق اإلزار‪ 7‬مفضياً إليها‬
‫جبسده وفرجه فذلك لزوج احلائض وليس له التلذذ مبا حتت اإلزار‪ 7‬منها (‪. )1‬‬
‫ـ مث قال رمحه اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫ِم‬
‫ْ‬ ‫ُوجِه‬ ‫ُر‬‫لف‬ ‫ْ ِ‬ ‫هم‬
‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫الذ‬ ‫ـ باب االستمناء قال اهلل ‪( : ‬و‬
‫َ َّ‬
‫ْ) (املؤمنون ‪ )6- 5 :‬قرأ إىل ‪:‬‬ ‫ِم‬ ‫َاجِه‬ ‫ْو‬‫َز‬‫لى أ‬ ‫ََ‬‫ِاَّل ع‬ ‫ن إ‬ ‫ُوَ‬ ‫ِظ‬ ‫َاف‬ ‫ح‬
‫ن ) (المؤمنون ‪ ) 7 :‬قال الشافعى فكان بينا ىف‬ ‫دوَ‬ ‫َاُ‬ ‫( ْ‬
‫الع‬
‫ذكر حفظهم لفروجهم إال على أزواجهم أو ما ملكت أمياهنم حترمي ما سوى‬
‫األزواج‪ 7‬وما ملكت األميان وبني أن األزواج‪ 7‬وملك اليمني من اآلدميات دون‬
‫البهائم مث أكدها فقال ‪ ‬فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون فال حيل‬
‫العمل بالذكر إال ىف الزوجة أو ىف ملك اليمني وال حيل االستمناء واهلل تعاىل‬
‫أعلم (‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬األم (‪.)93\5‬‬


‫(‪ )2‬األم (‪. )94\5‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪187‬‬

‫ـ وقد صح عن رسول اهلل ‪ ‬أنه قال ‪" :‬من أتى حائضاً أو امرأة ىف دبرها ‪ ،‬أو كاهناً‬
‫فصدقه مبا يقول ‪ ،‬فقد كفر مبا أنزل على حممد" (‪. )3‬‬
‫َن الْيهود َكانَت إِ َذا حاض ِ‬
‫وها‬
‫َخَر ُج َ‬ ‫ت مْن ُه ُم ْامَرأَةٌ أ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـ وعن انس ‪ ‬قال ‪" :‬أ َّ َ ُ َ‬
‫ول‬‫ت فَ ُسئِ َل َر ُس ُ‬ ‫ت ومَل يؤاكِلُوها ومَل ي َشا ِربوها ومَل جُي ِامعوها يِف الْبي ِ‬
‫َْ‬ ‫م َن الَْبْي َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َع ِن الْ َم ِح ِ‪7‬‬ ‫ِ‬
‫يض قُ ْل ُه َو‬ ‫ك فَأَْنَز َل اللَّهُ ُسْب َحانَهُ َوَت َعاىَل ( َويَ ْسأَلُونَ َ‬ ‫اللَّ ِه ‪َ ‬ع ْن َذل َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫آخ ِر اآْل يَِة َف َق َ‬‫يض ) إِىَل ِ‬ ‫ِّساءَ يِف الْ َم ِح ِ‪7‬‬ ‫أَ ًذى فَ ْ ِ‬
‫اعتَزلُوا الن َ‬
‫ود َما يُِر ُ‬
‫يد‬ ‫ِ‬
‫اح َف َقالَت الَْي ُه ُ‬ ‫اصَنعُوا‪ُ 7‬ك َّل َش ْي ٍء َغْيَر النِّ َك ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َّن يِف الُْبيُوت َو ْ‬
‫ِ‬
‫َجامعُ ُ‬
‫ُسْي ُد بْن ُحضَرْيٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ع َشْيئًا م ْن أ َْم ِرنَا إاَّل َخالََفنَا فيه فَ َجاءَ أ َ‬ ‫الر ُج ُل أَ ْن يَ َد َ‬
‫َه َذا َّ‬
‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬ف َقااَل يا رس َ ِ‬ ‫اد ابن بِ ْش ٍر إِىَل رس ِ‬
‫ول َك َذا‪7‬‬ ‫ود َت ُق ُ‬ ‫ول اللَّه إِ َّن الَْي ُه َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َُ‬ ‫َو َعبَّ ُ ْ ُ‬
‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬حىَّت ظََننَّا أَ ْن قَ ْد‬ ‫يض َفتَم َّعر وجه رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َك َذا أَفَاَل َنْنك ُح ُه َّن يِف الْ َمح ِ‪ُ َ ُ ْ َ َ َ 7‬‬
‫ث يِف‬ ‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬فَب َع َ‬ ‫وج َد(‪َ )1‬علَي ِهما فَخرجا فَاسَت ْقبلَْتهما ه ِديَّةٌ ِمن لَ ٍ إِىَل رس ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ نَب‬ ‫ْ َ َُ َ‬ ‫ْ َ ََ َ‬ ‫ََ‬
‫مِه‬
‫آثَا ِر َا فَظََننَّا أَنَّهُ مَلْ جَيِ ْد َعلَْي ِه َما" ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ـ فما للزوج من زوجته إذا حاضت ؟‬


‫ـ اليهود نبذوا املرأة عند احليض فال يؤاكلوها وال يساكنوها وال جيامعوها ‪ ،‬والنصارى‪ 7‬على‬
‫خالف ذلك ‪ ،‬فتجامع‪ 7‬وقت احليض ‪ ،‬بينما اإلسالم هنى عن نبذها وعن مجاعها وقت احليض‬
‫‪.‬‬
‫فللزوج من زوجته إذا حاضت أن يصنع كل شئ ويستمتع‪ 7‬هبا إال النكاح ‪ ،‬قال رسول اهلل‬
‫"اصَنعُوا ُك َّل َش ْي ٍء َغْيَر النِّ َك ِ‬
‫اح" (‪. )3‬‬ ‫‪ْ :‬‬
‫وصح عن عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ أنه قال ‪" :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يأمر إحدانا إذا كانت‬
‫حائضا أن تتزر ‪ ،‬مث يضاجعها زوجها ‪ ،‬وقالت مرة ‪ :‬يباشرها" (‪. )4‬‬

‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود وابن ماجة والترمذى وغيرهم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أى ‪ :‬غضب ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم وغيره ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪188‬‬

‫وكان ‪ ‬إذا أرد من احلائض شيئاً ألقى على فرجها شيئا مث صنع ما أرد" (‪. )5‬‬
‫وقالت أيضاً ‪" :‬كنت أشرب وأنا حائض فيضع ـ ‪ ‬ـ فاه على موضع‪ 7‬ىف ‪ ،‬وأتعرق العرق‬
‫مث أناوله النىب ‪ ‬فيضع فاه على موضع ىف" (‪. )6‬‬
‫فإذا طهرت من حيضها كما تقدم عند الشافعى رمحه اهلل تعاىل فله أن‬
‫يأتيها بعد أن تغتسل أو تتوضأ أو أن تغسل موضع الدم‪ 7‬فقط كما تقدم ‪،‬‬
‫ُ هّللا‬
‫ُ‬ ‫ُم‬‫َك‬ ‫مر‬ ‫ََ‬ ‫ُ أ‬ ‫ْث‬ ‫َي‬ ‫ْ ح‬ ‫ِن‬‫َّ م‬‫هن‬‫توُ‬‫ُْ‬‫َأ‬ ‫ن ف‬ ‫َْ‬‫َهر‬
‫تطَّ‬ ‫َا َ‬ ‫إذ‬ ‫َِ‬ ‫لقوله تعاىل ‪(:‬ف‬
‫َ)‬‫ِين‬ ‫َهر‬ ‫َطِّ‬ ‫ُت‬‫الم‬
‫ُّ ْ‬ ‫يحِب‬ ‫َُ‬‫َ و‬ ‫ِين‬ ‫َّاب‬‫َّو‬‫ُّ الت‬ ‫يحِب‬ ‫َ ُ‬ ‫ن هّللا‬ ‫إ‬
‫َِّ‬
‫(البقرة ‪. )222 :‬‬
‫ـ ويقول احلافظ مشس الدين بن القيم رمحه اهلل وقد تقدم ىف الصحيحني حديث عائشة ‪:‬‬
‫"كنت أغتسل أنا والنىب ‪ ‬من إناء واحد كالنا جنب" (‪ )1‬و " َكا َن يأْمريِن فَأَتَّ ِزر َفيب ِ‬
‫اشريِن‬
‫ُ َُ ُ‬ ‫َ ُُ‬
‫ِ‬
‫ض" (‪. )2‬‬ ‫َوأَنَا َحائ ٌ‬
‫قال الشافعى‪ 7‬قال بعض أهل العلم بالقرآن ىف قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ض) (البقرة ‪ )222:‬يعىن ىف‬ ‫َحِيِ‬ ‫الم‬
‫ِّسَاء فى ْ‬ ‫ْ الن‬ ‫ُِلوا‬ ‫َز‬‫ْت‬ ‫َاع‬ ‫(ف‬
‫موضع احليض ‪.‬‬
‫وكانت اآلية حمتملة ملا قال وحمتملة إعتزال مجيع أبداهنن فدلت‪ 7‬سنة رسول ‪ ‬على اعتزال‬
‫ما حتت اإلزار‪ 7‬منها وإباحة ما فوقه ‪.‬‬
‫وحديث أنس هذا ظاهر ىف أن التحرمي إمنا وقع على موضع‪ 7‬احليض خاصة وهو النكاح‬
‫وأباح كل ما دونه ‪.‬‬

‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود ‪.‬‬


‫(‪ )6‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪189‬‬

‫وأحاديث اإلزار ال تناقضه ألن ذلك أبلغ ىف اجتناب األذى وهو أوىل وأما حديث معاذ‬
‫قال ‪" :‬سألت رسول اهلل ‪ ‬عما حيل للرجل من امرأته وهى حائض فقال ما فوق اإلزار‬
‫والتعفف عن ذلك أفضل" (‪ )3‬ففيه بقية عن سعد األغطش ومها ضعيفان ‪.‬‬
‫قال عبداحلق ‪ :‬رواه أبو داود ‪ ،‬مث قال ‪ :‬ورواه أبو داود من طريق حزام بن حكيم وهو‬
‫ضعيف عن عمه أنه سأل رسول اهلل ‪" : ‬ما حيل ىل من امرأتى وهى حائض فقال لك ما‬
‫فوق اإلزار" (‪ )1‬قال ويروى عن عمر بن اخلطاب عن النىب‪ ‬ذكره أبو بكر بن أىب شيبة‬
‫(‪)2‬‬
‫وليس بقوى‬
‫ـ فمنـ لم يملك نفسه ووقع على زوجته فى الحيض أو النفاس ‪ ،‬فما الكفارة عليه ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬عليه أوالً أن يستغفر اهلل تعاىل ويتوب إليه من هذا الفعل ‪ ،‬مث عليه أن يتصدق‬
‫بدينار أو نصف دينار ‪ ،‬حلديث اإلمام امحد وغريه أن كفارة من وقع على أهله ىف احليض‬
‫التصدق بدينار أو نصف دينار ‪.‬‬
‫ـ فهل تطلق منه زوجته ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬لكن إن علم القاضى‪ 7‬منهما ذلك فله أن يطلق ‪ ،‬على قول بعض أهل العلم ‪.‬‬
‫ـ فكيف تتطهر المرأة من الحيض ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬سئل ‪ ‬عن غسل املرأة من احليض فقال ‪ :‬تَأْ ُخ ُذ إِ ْح َدا ُك َّن َماءَ َها َو ِس ْد َرَت َها َفتَطَ َّه ُر‬
‫ب‬‫ص ُّ‬ ‫ِ‬
‫يدا َحىَّت َتْبلُ َغ ُش ُؤو َن َرأْس َها مُثَّ تَ ُ‬ ‫ب َعلَى َرأْ ِس َها َفتَ ْدلُ ُكهُ َدلْ ًكا َش ِد ً‬ ‫ص ُّ‬
‫ور مُثَّ تَ ُ‬‫َفتُ ْح ِس ُن الطُّ ُه َ‪7‬‬
‫ال ُسْب َحا َن اللَّ ِه‬ ‫ف تَطَ َّه ُر هِب َا َف َق َ‬ ‫هِب‬ ‫ِ‬
‫ت أَمْسَاءُ َو َكْي َ‬ ‫َعلَْي َها الْ َماءَ مُثَّ تَأْ ُخ ُذ ف ْر َ‬
‫صةً مُمَ َّس َكةً َفتَطَ َّه ُر َا َف َقالَ ْ‬
‫ني أََثَر الدَِّم" (‪. )3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعائ َشةُ ‪َ :‬تتَبَّع َ‬ ‫‪َ ،‬ف َقالَ ْ‬
‫ـ وهنا نقول ‪ :‬البد من إهتمام املرأة بنظافتها اهتماماً عظيماً ‪ ،‬خاصة بعد احليض ‪ ،‬مع‬
‫االهتمام بالنظافة العامة ‪ ،‬وأطيب طيب املرأة ‪ :‬املاء ‪.‬‬

‫(‪ )3‬إسناده ضعيف ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )213‬وضعفه فيه بقية بن الوليد وسعد االغطش ‪ :‬كالهما ‪ :‬ضعيف ‪.‬‬
‫(‪ )1‬إسناده ضعيف ‪ :‬أخرجه أحمد (‪ )342\4‬وأبو داود (‪ )211‬والترمذى (‪ )133‬وابن ماجة (‪ )651‬بسند ضعيف ‪ ،‬فيه ‪ :‬حزام بن حكيم ‪ :‬ضعيف ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حاشية أبى داود (‪. )142\6‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪190‬‬

‫ـ فكيف تعتنى المرأة بنظافتها والمحافظة على أعضائها التناسلية ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬لقد حث اإلسالم على النظافة ‪ ،‬من حسن امللبس والتسوك واالغتسال والوضوء‬
‫والتطهر وحنو هذا ‪ ،‬ومن املقرر أن النظافة اجلنسية من األمور‪ 7‬اهلامة جداً ‪ ،‬وإمهال املرأة ىف‬
‫نظافتها ونظافة أعضائها التناسلية قد يسبب هلا الكثري من املشاكل ‪ ،‬خاصة عند اجلماع ‪،‬‬
‫واملرأة بطبيعتها رقيقة ناعمة حاملة حتب اجلمال والزينة ‪ ،‬فهى تدفع‪ 7‬ربع عمرها ىف التزين‬
‫وإنتقاء مالبسها ‪ ،‬فهى ال تشعر بالوقت‪ 7‬أمام املرآة أو عند اختيار لباس جديد هلا ‪ ،‬فجماهلا‪7‬‬
‫أهم عندها من إكتشافات أمحد زويل مثالً ! ورغم ذلك إال أن هناك بعض الفتيات والنساء‪7‬‬
‫قد أهلمن العناية بأعضائهن التناسلية مما سبب هلن الكثري من املشاكل املرضية كالسيالن وحنوه‬
‫‪ ،‬ونفور الزوج وكراهية اجلماع إذا كانت متزوجة (‪. )1‬‬
‫ومن املقرر أن األعضاء التناسلية عند الرجل أسهل نظافة منها عند املرأة‪.‬‬
‫تحرم عليه ؟‬
‫مص الرجل ثدي زوجته قنزل فى حلقه بعض اللبن‪ ،‬فهل ُ‬
‫ـ فماذا إذا َّ‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال ُ‬
‫حترم عليه‪.‬‬
‫ـ هل لشعر العانة فوائد جنسية ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬فلم خيلق اهلل تعاىل شيئاً عبثاً ‪ ،‬أو بدون حكمة ‪ ،‬كيف وهو خلق اإلنسان‬
‫ىف أحسن تقومي ‪ ،‬كيف وهو العليم احلكيم ؟! وحنن وإن مل نعرف الفوائد‪ 7‬أو احلِكم ىف بعض‬
‫ما نرى ‪ ،‬فال يعىن هذا أنه خملوق سدى ‪ ،‬ولو نظر اإلنسان ىف نفسه لرأى عجباً قال تعاىل ‪:‬‬
‫ن) (الذاريات ‪ )21 :‬ففى‬ ‫ُوَ‬ ‫ِر‬ ‫ْص‬
‫تب‬‫َاَل ُ‬‫َف‬
‫ْأ‬ ‫ُم‬‫ِك‬‫ُس‬ ‫َنف‬ ‫َفى أ‬ ‫(و‬
‫خلق الوجه هبذه الكيفية ‪ ،‬وهذه األنف بفتحتني ـ إىل أسفل ـ واألذنني بفتحتني ـ على اجلانبني ـ‬
‫والعينني بغطائهما ـ دون األنف أو األذنني ! ـ والشعر‪ 7‬على الرأس ‪ ،‬وعلى ظهر الكف دون‬
‫باطنه ! والشعر حتت اإلبط وحول الفرج ! والفرج‪ 7‬هبذا الشكل العجيب‪ 7‬ومكانه احملفوظ فيه ـ‬
‫للرجل واملرأة ـ خبالف احليوانات وغري هذا ‪ ،‬هى دعوة من اهلل تعاىل للتأمل والتفكر ‪ ،‬وإذا‬

‫على أحدهم مرة رغبته فى طالق زوجته ‪ ،‬ولم يكن قد م َّر على زواجه أكثر من بضعة شهور ! فلما سألته عن السبب استحى قليالً من اإلجابة‬ ‫(‪ )1‬لقد عرض ّ‬
‫ثم أفصح بالسبب الذى دعاه إلى التفكير‪ S‬فى الطالق ‪ ،‬وهو أن "الشعر" فى جسد زوجته ـ وفى أماكن بعينها‪ S‬ـ يصل طوله إلى اكثر من (‪ 3‬سم) ! مما يشعره‬
‫بالقرف كلما فكر فى االقتراب منها ‪.‬‬
‫وقد ص َّح الحديث عن النبى ‪ ‬بحلق شعر العانة ‪" :‬الفطرة خمس ‪ :‬االختتان واالستحداد ـ وفى رواية ‪ :‬حلق العانة ـ وقص الشارب ‪ ،‬وتقليم األظفار ‪،‬‬
‫ونتف اإلبط" ‪ ،‬وقد تقدم تخريجه ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪191‬‬

‫علم اإلنسان الفائدة ىف بعض هذه األشياء وظهرت له أو مل تظهر فعليه أن يعلم أهنا مل ختلق‬
‫سدى بل حلكمة ‪ ،‬بل حلِكم عظيمة ‪.‬‬
‫فمن فوائد‪ 7‬شعر العانة ووظائفه الصحية ‪ :‬إمتصاص العرق ‪ ،‬حيث أن هذه املناطق غري‬
‫معرضة للهواء ‪ ،‬فمفرزات العرق فيها أكثر من غريها ‪ ،‬فيقوم الشعر حول الفرج بامتصاص‬
‫هذا العرق ‪ ،‬كما أنه حيول بني احتكاك جلد الصفن بالفخذين ‪ ،‬فال يسبب التسلخ ىف هذه‬
‫املناطق احلساسة ‪.‬‬
‫كما أن له فائدة جنسية ‪ ،‬حيث أن احتكاك شعر العانة عند الرجل باألعصاب اجلساسة‬
‫املوجودة ىف البظر عند املرأة يُشعرها باللذة والنشوة مما يعجل باإلنزال عندها ‪.‬‬
‫ـ هل لنا فى بيان بعض حكم ختان البنــات ـ خاصة ـ بإيجــاز‪ ،‬فنحن نعلم وجوبه للرجــال‬
‫‪ ،‬ولكن كثر الحديث عن ختان البنات فى اآلونة األخيرة ‪ ،‬فلزم البيان ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬لقد صح عن النىب ‪ ‬األمر باخلتان ىف غري حديث صحيح ‪ ،‬ويكفى ىف بيان‬
‫ب الْغُ ْس ُل" ‪ ،‬وفيه اإلشارة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجوبه على الرجال والنساء قوله ‪" : ‬إ َذا َج َاو َز اخْل تَا ُن اخْل تَا َن َو َج َ‬
‫س ِم َن الْ ِفطَْر ِة اخْلِتَا ُن‬
‫ٌ‬ ‫مَخْ‬ ‫َو‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫س‬‫ٌ‬ ‫مَخْ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫ْ‬ ‫إىل ختان الرجل واملرأة فتأمل ‪ ،‬وقوله ‪" :‬الْ ِ‬
‫ف‬
‫ص الشَّارب" ‪ ،‬وهذا حديث عام ىف الرجال‬ ‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫يم اأْل َظْ َفا ِر َوقَ ُّ‬‫وااِل ستِح َد ‪7‬اد(‪ )1‬و َنْتف اإْلِ ب ِط وَت ْقلِ‬
‫َ ْ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ‬
‫ة هَّللا‬
‫ِ‬ ‫ََ‬‫ْر‬ ‫ِط‬ ‫والنساء ‪ ،‬والفطرة هى ما فطر اهلل الناس عليها وهى أصل اخللِقة قال تعاىل ‪( :‬ف‬
‫ِّساءَ َش َقائِ ُق‬
‫ها) (الروم ‪ )30 :‬وتقدم قوله‪" : ‬الن َ‬ ‫َْ‬ ‫لي‬‫ََ‬‫َّاسَ ع‬‫َ الن‬ ‫َر‬‫َط‬ ‫التى ف‬
‫الر َج ِال " (‪. )3‬‬
‫ِّ‬
‫وىف فقه اإلمام أىب حنيفة ‪ :‬أن اخلتان للرجال سنة ‪ ،‬وهو من الفطرة ‪ ،‬وللنساء مكرمة (‪، )4‬‬
‫فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك اخلتان قاتلهم اإلمام ‪ ،‬ألنه من شعائر اإلسالم‬
‫وخصائصه (‪. )5‬‬

‫(‪ )1‬أى حلق شعر العانة ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخارى ومسلم والنسائى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬تقدم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أى حفظا ً وصونا ً لهن ‪ ،‬فالجلدة التى عند المرأة اذا لم تقطع كبرت حتى صارت كالعُقلة ألو االصبع الذى يحتك بفرج المرأة مما يثير شهوتها‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر ‪ :‬المهذب للشيرازى (‪. )197\1‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪192‬‬

‫وىف فقه اإلمام الشافعى ‪ :‬أن اخلتان واجب على الرجال والنساء‪. )6( 7‬‬
‫وقد استدل الفقهاء‪ 7‬على خفض ـ ختانـ النساء حبديث أم عطية ـ رضى اهلل عنها ـ قال ‪:‬‬
‫كانت امرأة ختنت باملدينة ‪ ،‬فقال هلا النىب ‪" : ‬ال تنهكى ‪ ،‬فإن ذلك أحظى للزوج وأسرى‬
‫للوجه" وىف رواية ‪" :‬أنه ‪ ‬ملا هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة وقد عُرفت خبتان اجلوارى‪، 7‬‬
‫فلما رآها رسول اهلل ‪ ‬قال هلا ‪ :‬يا أم حبيبة ‪ :‬هل الذى كان ىف يدك هو ىف يدك اليوم ؟‬
‫فقالت ‪ :‬نعم يا رسول اهلل ‪ ،‬إال أن يكون حراماً فتنهاىن عنه ‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ : ‬بل هو‬
‫فدنيت منه فقال ‪ :‬يا أم حبيبة ‪ ،‬إذا أنت فعلت فال تنهكى‬
‫ُ‬ ‫حالل ‪ ،‬فادن مىن حىت أعلمك ‪،‬‬
‫(‪ ، )1‬فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج" (‪. )2‬‬
‫ـ هل للحائض أو النفساء أن تقرأ القرآن ؟‬
‫ـ الجواب ‪:‬قال بعض أهل العلم جبوازه ‪ ،‬ومنعه بعضهم ‪ ،‬وإن كان لضرورة كالتعليم أو‬
‫اإلتبار مثالً فال حرج ‪.‬‬
‫ـ وماذا عن الجنب ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬للجنب أيضاً أن يقرأ القرآن لقوله أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ أن النىب ‪‬‬
‫كان يذكر اهلل على كل أحواله ‪ ،‬وكان من أحواله ‪ ‬أنه كان ينام جنباً ‪ ،‬مث يغتسل قبل‬
‫الفجر ‪ ،‬وكان يقرأ بعض السور قبل النوم‪ ، 7‬وقد منع بعض أهل العلم اجلنب من قراءة القرآن‬
‫من املصحف أو عن ظهر قلب ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫ـ تنبيــه ‪ :‬وملا كان احلديث عن احليض وأحكامه أردت التنبيه أيضاً إىل مشكلة تقع فيها بعض‬
‫فتياتنا عند اقرتاب موعد الزفاف ‪ ،‬وهى حترج بعض الفتيات من اإلفصاح‪ 7‬عن موعد "الدورة‬
‫الشهرية" ألمها وتزامنها مع موعد الزفاف ‪ ،‬مما يؤدى بدوره إىل الوقوع ىف احلرج للزوجة‬
‫والزوج ‪ ،‬فال تتحرج الفتاة من إخبار أمها مبوعد الدورة إذا تزامن مع موعد الزفاف ‪ ،‬فيتم‬
‫التأجيل لبعض الوقت حىت تنتهى الدورة ‪ ،‬تفادياً للحرج‪.‬‬

‫(‪ )6‬المغنى البن قدامة (‪. )70\1‬‬


‫(‪ )1‬أى ال تبالغى فى القطع ‪.‬‬
‫(‪ )2‬إسناده ضعيف ‪ :‬أخرجه أبو داود بسند فيه ‪ :‬محمد بن حسان ضعيف ‪ ،‬وله شاهد من حديث أنس ومن حديث أم أيمن عند أبى الشيخ فى كتاب "العقيقة" ‪،‬‬
‫وآخر عن الضحاك بن قيس عند البيهقى ‪ ،‬انظر ‪" :‬فتح البارى" (‪ ، )263\10‬ويكفى له حديث ‪" :‬الفطرة خمس ‪ ،‬واذا التقى الختانان" ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪193‬‬

‫ـ فهل للنفساء أن تصلى وتصوم ويجامعها زوجها إذا طهرت قبل األربعين ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬إذا طهرت النفساء قبل األربعني اغتسلت وتطهرت وحلت لزوجها ‪،‬‬
‫وعليها الصالة والصوم ‪ ،‬فليس للنفاس وقت معني ‪.‬‬
‫ـ فما هو حكم العزل (‪ )1‬عن الزوجة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬للرجل أن يعزل عن زوجته ماءه ‪ ،‬على أن يكون مبوافقة الزوجة ‪ ،‬حىت ال يكون‬
‫هاضما حلقها ‪:‬‬
‫)‬
‫ـ فقد روى البخارى‪ 7‬ومسلم عن جابر قال ‪" :‬كنا نعزل على عهد النىب‪" (2‬‬
‫ـ و عن أىب سعيد اخلدرى‪ 7‬قال ‪ :‬أصبنا سبياً فكنا نعزل فسألنا رسول اهلل‪ ‬فقال ‪ :‬أو‬
‫إنكم لتفعلون قاهلا ثالثاً ما من نسمة كائنة إىل يوم القيامة إال هى كائنة (‪. )3‬‬
‫ـ وعن جابر ‪ ‬أن رجال أتى رسول اهلل ‪ ‬فقال ‪ :‬إن ىل جارية هى خادمنا وسانيتنا (‪ )4‬وأنا‬
‫أطوف عليها ‪ ،‬وأنا اكره أن حتمل ‪ ،‬فقال ‪ :‬اعزل عنها إن شئت ‪ ،‬فإنه سيأتيها ما قُدر‪ 7‬هلا ‪،‬‬
‫فلبث الرجل ‪ ،‬مث أتاه فقال ‪ :‬إن اجلارية قد حبلت ! فقال ‪ :‬قد أخربتك أنه سيأتيها ما قدر‪7‬‬
‫هلا" (‪. )5‬‬
‫"وقد اختلف السلف ىف حكم العزل قال ابن عبد الرب ‪ :‬ال خالف بني العلماء أنه ال يعزل‬
‫عن الزوجة احلرة إال بإذهنا ألن اجلماع من حقها وهلا املطالبة به وليس اجلماع املعروف إال ما‬
‫ال يلحقه عزل ووافقه ىف نقل هذا اإلمجاع بن هبرية ‪ ،‬وتُعقب بان املعروف عند الشافعية أن‬
‫املرأة ال حق هلا ىف اجلماع أصالً ‪.‬‬
‫وقد استنكر ابن العرىب القول مبنع العزل عمن يقول بأن املرأة ال حق هلا ىف الوطء ونقل‬
‫عن مالك أن هلا حق املطالبة به إذا قصد برتكه أضرارها ‪ ،‬وعن الشافعى وأىب حنيفة ال حق‬
‫هلا فيه إال ىف وطئه واحدة يستقر هبا املهر قال فإذا كان األمر كذلك فكيف يكون هلا حق ىف‬

‫(‪ )1‬العزل ‪ :‬هو أن يجامع الرجل أهله فإذا قارب االنزال نزع وأنزل خارج الفرج ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخارى (‪ )250\9‬ومسلم (‪. )160\4‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم (‪. )158\4‬‬
‫(‪ )4‬أى التى تسقى لنا النخل ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم (‪. )160\4‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪194‬‬

‫العزل فإن خصوه بالوطئة األوىل فيمكن وإال فال يسوغ فيما بعد ذلك إال على مذهب مالك‬
‫بالشرط املذكور‪ ، 7‬اهـ (‪. )1‬‬
‫ود‬
‫ود الْ َو ُد َ‬
‫ـ هذا ومن األوىل ترك العزل ملا تقدم ولقوله ىف احلديث العام ‪َ " :‬تَز َّو ُجوا الْ َولُ َ‬
‫فَِإيِّن ُم َكاثٌِر بِ ُك ْم" (‪. )2‬‬
‫ـ ما حكم تعاطى أو استعمال وسائل منع الحمل ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال حرج ىف استعمال املرأة لوسائل منع احلمل إذا كان احلمل ضاراً بصحة املرأة‬
‫‪ ،‬أو كان للمحافظة على أوالدها ورعايتهما الرعاية الصحية والنفسية والرتبوية الصحيحة ‪ ،‬ال‬
‫خوفاً من الفقر أو االنفجار السكاىن إىل آخر تلك املصطلحات ‪.‬‬
‫ـ فماذا عن وطء المرضعة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال حرج فيه لقوله ‪ ‬ىف احلديث الصحيح ‪" :‬لقد مهمت أن أهنى عن الغيلة حىت‬
‫ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فال يضر أوالدهم" (‪. )3‬‬
‫وال ريب أن وطء املراضع مما تعم به البلوى ويتعذر‪ 7‬على الرجل الصرب عن امرأته طيلة فرتة‬
‫الرضاع ‪ ،‬ولو كان حراماً لنُقل إلينا ‪ ،‬ولوصل إلينا بيانه عن الصحابة الكرام رضى اهلل عنهم‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫ـ هل صحيح ما يشاع أن عضو الذكورة الكبير يمتع ويشبع المرأة جنسياً أكثر من‬
‫العضو الصغير ؟‬
‫ـ ال صحة هلذا القول طبياً أو عملياً ‪ ،‬فمهبل املرأة يشبه (القفاز الطىب) البالستيك ‪ ،‬فرتى‬
‫هذا القفاز‪ 7‬منكمشاً عند تركه ‪ ،‬مث إذا أردت أن تدخل فيه إصبعك متدد له كلما زاد اإلصبع‬
‫إدخاالً ‪ ،‬أو هو ـ مهبل املرأة ـ يشبه الثنايا املرتاكبة بعضها فوق بعض (مثل ثنايا جسم الدودة)‬
‫كذا مهبل املرأة هلا اخلاصية الىت هبا يستمتع بالعضو الكبري استمتاعه بالعضو الصغري ‪ ،‬فالرجل‬
‫ذو العضو الذكرى الصغري إذا أوجله ىف فرج املرأة شعرت املرأة أن هذا العضو‪ 7‬قد وصل إىل‬
‫قعر املهبل وآخره ‪ ،‬وكذا صاحب العضو الذكرى الكبري ‪ ،‬يزداد املهبل اتساعاً (كأصبع‬
‫(‪ )1‬فتح البارى (‪ )1998\5‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪ )320\1‬والنسائى (‪ )71\2‬وغيرهما ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪195‬‬

‫القفاز) هلذا العضو ‪ ،‬وعليه فال فرق بني العضو‪ 7‬الكبري والصغري ىف شعور املرأة باالستمتاع‬
‫اجلنسي سواء كان العضو‪ 7‬كبرياً أو صغرياً ‪ ،‬هذا والعضو‪ 7‬الذكرى‪ 7‬عند الرجل يرتاوح‪ 7‬عادة‬
‫بني (‪ 16-12‬سم) ىف حالة االنتصاب ‪ ،‬وحميطه ما بني (‪ 12-10‬سم) وما زاد عن ذلك‬
‫فهو نادر وشاذ ‪.‬‬
‫ـ بل إن العضو الذى‪ 7‬يزيد عن معدله الطبيعى يؤدي إىل أثار سلبية عند املرأة ‪ ،‬فقد يؤدى‬
‫إىل دفع الرحم وحدوث انقالب فيه ‪ ،‬فتشكو آالم الظهر واحلوالب وأسفل البطن ‪ ،‬وقد‬
‫يسبب متزق ىف جدران املهبل الداخلية مما يتطلب تدخالً جراحياً ‪ ،‬وقد يسبب شقوقاً فرجية‬
‫وأنزفة يعلمها األطباء ‪.‬‬
‫ـ فهل حق ـ ـاً ما تتناقله الفتيـ ــات فى مجالسـ ــهنـ أن الرجل صـ ــاحب الجسم الضـ ــخم ذو‬
‫العضالت المفتولة أقوى جنسياً من غيره ؟‬
‫ـ القوة اجلنسية تعتمد على أمور كثرية منها اإلفرازات الناجتة عن الغدد‪ 7‬املسؤولة عن العملية‬
‫اجلنسية ‪ ،‬الثقافة اجلنسية عند الرجل ‪ ،‬استعداد املرأة هلذا األمر ‪ ،‬االستعداد النفسى‪ 7‬والعاطفى‬
‫لكل منهما ‪ ،‬وغري ذلك الكثري ‪ ،‬أما الرجل صاحب العضالت املفتولة فقد ال تفرز الغدد‪7‬‬
‫عنده املسؤولة عن العملية اجلنسية نفس النسبة الىت تفرزها الغدد عند غريه ‪ ،‬بل أقل من ذلك‬
‫‪ ،‬فقوة العضالت أو ضعفها ليست مقياساً ‪ ،‬وإمنا أقول أن الرجل الرياضى أفضل من غريه من‬
‫الناحية اجلنسية إذا توفرت له األسباب املتوفرة لغرية ممن ال ميارسون رياضة ‪ ،‬سواء أكانت‬
‫تلك الرياضة عنيفة أم ال‪.‬‬
‫ِ‬
‫"المشعرـ حبيب‬ ‫ـ هل حقاً أن الرجل غزير الشعر أقوى جنسياً من غيره ‪ ،‬كما يقولون أن‬
‫الرحمن" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا كالم غري صحيح ‪ ،‬وكم من رجل مشعر على غري ملة اإلسالم ‪ ،‬فهل يكون‬
‫حبيباً للرمحن لكون فقط "مشعر" ‪.‬‬
‫ـ هل للعادة السرية أضراراً على العملية الجنسية بعد الزواج ؟‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪196‬‬

‫ـ إن ممارسة العادة السرية عند بعض الشباب هى ختيل صور ومشاهد جنسية يعيشها‬
‫الشخص خبياله بعيداً عن الواقع ‪ ،‬وقد يندفع الشخص‪ 7‬ويلهث وراء تلك التخيالت وينسى‬
‫واقعه فيؤدى به إىل كثري من املشاكل ‪ ،‬سواء قبل الزواج فيستغىن بالعادة السرية عن الزواج‪7‬‬
‫‪ ،‬أو بعد الزواج فال يستطيع اجلماع وال يستمتع به استمتاعه مبمارسة العادة السرية ‪ ،‬ومنهم‬
‫من أراد أن جيامع أهله ذهب إىل "احلمام" ملمارسة العادة ! بعد أو قبل اجلماع ! وبعضهم‬
‫يذهب بعقله أثناء اجلماع إىل ختيل نفس الصور الىت كان يتخيلها وقت ممارسة العادة ‪ ،‬مما قد‬
‫يوقعه ىف "الزنا" على قول بعض أهل العلم ‪ ،‬وقد ثبت علمياً أن العادة السرية تؤدى إىل‬
‫أمراض كثرية قد ال يظهر أثرها إال بعد الزواج ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ ㅍ-‬موت احليوانات املنوية عند الرجل أو أكثرها ‪.‬‬
‫‪ ㅎ-‬أهنا تسبب رعشة ىف بعض األعضاء كالرجلني ‪.‬‬
‫الفهم‪ 7‬ونسبة الذكاء‪. 7‬‬ ‫‪ ㄱ-‬أهنا تؤثر ىف الغدد‪ 7‬املخية فتضعف القوة املدركة فتسبب قلة َ‬
‫‪ ㄴ-‬أهنا ‪ :‬تورث أملاً ىف فقار الظهر ‪ ،‬وهو اللب الذى‪ 7‬خيرج ماء الرجل ‪.‬‬
‫‪ ㄷ-‬أهنا تسبب احنناء ىف الظهر ‪.‬‬
‫‪ ㄹ-‬أهنا تؤثر ىف األعصاب عامة ‪.‬‬
‫‪ ㅁ-‬أهنا ‪ :‬حُت ل ماء الرجل بعد أن كان ثخيناً غليظاً ‪ ،‬فيصبح رقيقاً خاليا من احليوانات‬
‫املنوية ‪.‬‬
‫ويكفى هذا األمر ىف اإلقالع عنها (طبياً) ‪ ،‬كما يسبب اإلفراط‪ 7‬ىف العادة السرية عند‬
‫الرجل إىل سرعة القذف ىف بعض احلاالت ‪ ،‬وعدم انتصاب العضو كما ينبغى عن املعاشرة‬
‫اجلنسية وغري هذا الكثري ‪.‬‬
‫وقد ذهب كثري من أهل العلم إىل حترمي العادة السرية ويكفى هذا ىف اإلقالع عنها (شرعاً)‬
‫‪.‬‬
‫ت أَمْيَانُ ُه ْم فَِإنَّ ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـ قال تعاىل ‪ِ َّ :‬‬
‫ين ُه ْم ل ُف ُروج ِه ْم َحافظُو َن إِاَّل َعلَى أ َْز َواج ِه ْم أ َْو َما َملَ َك ْ‬ ‫(والذ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ادو َن) (املعارج ‪ )31-29 :‬أثىن تعاىل على‬ ‫ك ُه ُم الْ َع ُ‬ ‫ك فَأ ُْولَئِ َ‬‫ني فَ َم ِن ْابَتغَى َو َراء ذَل َ‬ ‫ِ‬
‫َغْي ُر َملُوم َ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪197‬‬

‫من حفظ فرجه فلم يقض وطره إال مع زوجته أو ما ملكت ميينه (اإلماء) ‪ ،‬وحكم تعاىل أن‬
‫ٍ ٍ ٍ‬
‫ود اللّ ِه فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫ك ُه ُم‬ ‫(و َمن َيَت َع َّد ُح ُد َ‬
‫من ابتغى وراء ذلك فهو عاد معتد متعد حلدود اهلل تعاىل َ‬
‫الظَّالِ ُمو َن) (البقرة ‪. )229 :‬‬
‫ـ روى عبد الرزاق عن سفيان الثورى‪ 7‬عن عبد اهلل بن عثمان عن جماهد قال ‪ُ :‬سئل ابن‬
‫عمر عن االستمناء فقال ‪ :‬ذلك نائك نفسه ‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ :‬أما اإلستمناء باليد فهو حرام عند مجهور العلماء وهو أصح‬
‫القولني ىف مذهب اإلمام أمحد وكذلك يعزر َمن فعله ‪ ،‬وىف القول اآلخر ـ عن اإلمام أمحد ـ‬
‫هو مكروه غري حمرم وأكثرهم ال يبيحونه خوف العنت‪. )1( 7‬‬
‫ـ وقد تقدم قول الشافعى رمحه اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ـ ويقول اإلمام القرطىب ىف تفسريه (‪: )2‬‬
‫قال حممد بن عبد احلكم ‪ :‬مسعت حرملة بن عبد العزيز قال ‪ :‬سألت مالكاً عن الرجل جيلد‬
‫ادو َن) وهذا ألهنم‪7‬‬ ‫ع‬‫ْ‬‫ل‬‫(ا‬ ‫‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫إىل‬ ‫)‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫ُ‬‫ظ‬‫وج ِهم حافِ‬
‫عمرية (‪ )3‬فتال هذه اآلية ‪( :‬والَّ ِذين هم لُِفر ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ ُْ ُ ْ َ‬
‫يكنون عن الذكر بعمرية ‪ ،‬وفيه يقول الشاعر ‪:‬‬
‫فاجلد عمرية الداء وال حرج‬ ‫إذا حللت بواد ال أنيس به‬
‫ويسميه اهل العراق ‪ :‬االستمناء وهو استفعال من املىن ‪ ،‬وأمحد بن حنبل على ورعه جيوزه‬
‫وحيتج بأنه إخراج فضلة من البدن‪ 7‬فجاز عند احلاجة أصله الفصد‪ 7‬واحلجامة ‪ ،‬وعامة العلماء‬
‫على حترميه ‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء ‪ :‬إنه كالفاعل بنفسه وهى معصية أحدثها الشيطان وأجراها بني الناس‬
‫حىت صارت قيلة وياليتها مل تقل ‪ ،‬ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو املروءة يعرض عنها‬
‫لدناءهتا ‪.‬‬
‫ـ فما هى كيفية العالج لمن ابتلى بهذا األمر ؟‬

‫(‪ )1‬مجموع‪ S‬الفتاوى (‪. )329\31‬‬


‫(‪ )2‬تفسير القرطبى (‪ )105\12‬وانظر المغنى البن قدامة ‪ ،‬وتفسير أضواء البيان للشنقيطى (‪. )769\5‬‬
‫(‪ )3‬أى عضوه ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪198‬‬

‫ـ نقول له ‪ :‬طرق العالج كثرية ‪ ،‬وكان هناك من يدمن تلك العادة السيئة ‪ ،‬وما كان أيسر‬
‫إقالعه عنها بفضل اهلل تعاىل وتيسريه ‪ ،‬وذلك ملن أخلص النية وطلب الرضوان‪ ، 7‬ومن هذه‬
‫الطرق ‪:‬‬
‫ض‬‫اع الْبَاءَةَ َف ْليََتَز َّو ْج فَِإنَّهُ أَ َغ ُّ‬ ‫اب َم ِن ْ‬
‫استَطَ َ‬ ‫‪ -1‬الصيام ‪ :‬لقوله ‪" : ‬يا م ْع َشر الشَّب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الص ْوِم فَِإنَّهُ لَهُ ِو َجاءٌ" (‪ ، )1‬وال‬ ‫ص ُن لِْل َف ْر ِج َو َم ْن مَلْ يَ ْستَ ِط ْع َف َعلَْي ِه بِ َّ‬ ‫ص ِر َوأ ْ‬
‫َح َ‬
‫ِ‬
‫ل ْلبَ َ‬
‫تستهن بالصيام ‪ ،‬فإن له تأثرياً عجيباً ىف رفع تلك العادة ال يعلمه إال من أخلص الصيام‬
‫والدعاء والنية ‪.‬‬
‫‪ -2‬معرفة سوءها من امسها (العادة السيئة) ! وال حتلف على تركها وال تنذر ‪ ،‬حىت يدخل‬
‫عليك الشيطان إذا أنت فعلتها مرة أخرى ‪ ،‬فيوسوس إليك بأن احللف مل يأت بثمرة ‪ ،‬أو أن‬
‫يوسوس إليك أنك تستهني باحللف أو النذر ‪ ،‬وأنه الطاقى لك على تركها رغم احللف‬
‫والنذر‪ ، 7‬مث يدخل إليك بوسوسته فترتك الصالة أو الصيام أو مصاحبة الصاحلني ‪ ،‬وأعلم أن‬
‫الدنيا ساعة فاجعلها طاعة ‪ ،‬وما هى إال حلظة يعقبها فرح أو ترح ‪.‬‬
‫‪ -3‬جتنب الوحدة ‪ ،‬فمن شعر باحلاجة إىل ممارسة تلك العادة السيئة خرج إىل املسجد فجلس‬
‫فيه حىت يهرب منه شيطانه ‪ ،‬وهكذا حىت يضينه ‪ ،‬أو إىل صديق جيالسه ‪.‬‬
‫‪ -4‬دفع تلك اخلواطر عن رأسه حىت ال تتحول اخلطرات إىل أفكار ‪ ،‬مث إرادات ‪ ،‬وذلك‬
‫يتأتى بانشغال الفكر ىف عاقبة تلك العادة من سوء ‪ ،‬وأهنا جمرد حلظات يشعر بعدها العبد‪7‬‬
‫بالندم ‪ ،‬ولو أنه متهل ومتاسك قليالً ما أقدم عليها ‪.‬‬
‫‪ -5‬التقرب إىل اهلل تعاىل بالصالة وقراءة القرآن ‪ ،‬والدعاء برفع ذلك األمر عنه ‪ ،‬وما أسرع‬
‫دعوة املكروب املضطر إىل اإلجابة ‪.‬‬
‫‪ -6‬غض البصر ‪ :‬وجتنب املثريات من املنظورة واملسموعة واملقروءة ‪ ،‬وأعلم أن غض البصر‬
‫من أهم االسباب الىت تنأ بصاحبها عن الوقوع يف الرذيلة ‪ ،‬فكلما عال البصر تعلق القلب‬
‫باملنظور وطلبه واشتهاه ‪ ،‬وإذا مل جيد إليه سبيالً انصرف إىل ما هو دونه ‪ ،‬حماوالً استفراغ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخارى (‪ )1950\5‬ومسلم (‪. )1018\2‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪199‬‬

‫الطاقة ‪ ،‬واملرء ال حيتاج من الطريق إال بضعة خطوات أمام قدميه ‪ ،‬ومن جعل له "ورداً"‬
‫يقراءه يف يومه وليلته ـ خاصة ىف الطريق ـ انشغل به عن النظر ‪ ،‬وكان قلبه مشغوالً باخلالق ‪،‬‬
‫وأصبح املخلوق له ـ ىف الطريق ـ أشباح ال يرى منها ما يتعلق به القلب ‪ ،‬وانصرف بفلبه إىل‬
‫مراجعة ما حيفظ من كتاب اهلل تعاىل ‪ ،‬أو اإلتيان بالورد واألذكار ‪ ،‬ولو تفكر العبد قليالً فيما‬
‫جينيه عليه بصره ‪ ،‬وما يفوته من عتق الرقاب وحمو السيئات وحتصيل احلسنات ورفع‬
‫الدرجات بالقرآن واألذكار‪ 7‬لتنغصت عليه حياته وما تعلق قلبه بغري اهلل تعاىل وذكره وحماولة‬
‫التقرب إليه تعاىل ‪.‬‬
‫‪ -7‬ممارسة الرياضة ‪ ،‬و حماولة التقدم‪ 7‬إىل أعلى مستواياهتا ‪ ،‬ومعرفة أن تلك العادة تذهب‬
‫بتعبك واجتهادك وتقف حائالً بينك وبني وصولك إىل ما تريد مركز مرموق ىف تلك الرياضة‬
‫‪.‬‬
‫ت وأنت تفعل تلك الفعلة ؟!‬ ‫ِ‬
‫‪ -8‬أعلم أن العبد‪ 7‬يبعث على ما مات عليه ‪ ،‬فماذا لو أنك م َ‬
‫اللهم ِ‬
‫أحسن خامتتنا ‪.‬‬
‫‪ -9‬الثقة بالنفس ‪ :‬واعتزاز الشاب بنفسه وطلبه الوصول إىل أفضل املراتب وأعالها مما يؤهله‬
‫إىل التعجيل بالزواج واختيار االنسب‪ 7‬له واألفضل لبناء أسرة اسالمية ‪.‬‬
‫ـ وأعلم أخى أن أفضل من ممارسة تلك الع‪77 7‬ادة هو ال‪77 7‬زواج‪ 7‬والتعجيل به ‪ ،‬وهو أفضل الط‪77 7‬رق‬
‫إلش‪77 7 7‬باع تلك الرغبة الكامنة وقتما تش‪77 7 7‬اء ليالً أو هناراً ‪ ،‬م‪77 7 7‬رة أو أك‪77 7 7‬ثر ‪ ،‬ولك أن تتخيل أنك‬
‫وقتما تريد ممارسة اجلنس واجلم‪77‬اع تس‪77‬تطيع ه‪77‬ذا وقتما تش‪77‬اء ودون ح‪77‬رج ‪ ،‬بل ولك األجر ىف‬
‫ه‪77‬ذا ‪ ،‬بينما هن‪77‬اك من يريد إش‪77‬باع غريزته في‪77‬ذهب إىل ممارسة الع‪77‬ادة وختيل الص‪77‬ور‪ 7‬املث‪77‬رية بينما‬
‫يس‪77 7 7‬تطيع أن ميارس اجلنس دون احلاجة إىل ختيل الص‪77 7 7‬ور‪ 7‬املث‪77 7 7‬رية وإث‪77 7 7‬ارة نفسه وأعض‪77 7 7‬ائه ‪ ،‬بل‬
‫ومالمسة جسد املرأة ونكاحها ! أو يض‪77‬طر إىل "خط‪77‬ف" فت‪77‬اة من الطريق إلرواء حلظ‪77‬ات ت‪77‬أتى‬
‫من اهلل عليه ب‪77 7 7‬الزواج ليس‪77 7 7‬تغرب مثل تلك األفع‪77 7 7‬ال من‬ ‫بع‪77 7 7‬دها احلس‪77 7 7‬رة والندامة ‪ ،‬وكل رجل َّ‬
‫الش‪77‬باب ال‪77‬ذين يلجئ‪77‬ون إىل خطف الفتي‪77‬ات من الطريق وانته‪77‬اك أعراض‪77‬هن ـ والعي‪77‬اذ باهلل تع‪77‬اىل ـ‬
‫جملرد حلظ‪77 7‬ات قليلة ‪ ،‬بينما الطريق أمامه إلش‪77 7‬باع رغبته وقتما يريد ب‪77 7‬الزواج ال‪77 7‬ذى ش‪77 7‬رعه اهلل‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪200‬‬

‫تع‪77‬اىل متنفس‪7‬اً لعب‪77‬اده ‪ ،‬ولك أن تتخيل ش‪77‬اباً جيلس مع زوجته وهو يش‪77‬اهد زميل له متهم هبتك‬
‫ع ‪77‬رض فت ‪77‬اة ص ‪77‬غرية أو كب ‪77‬رية أو خطفها ‪ ،‬بينما هو جيلس ي ‪77‬داعب ويالعب زوجته ‪ ،‬أو ش ‪77‬اباً‬
‫يُتهم ىف الطريق أو وس ‪77‬ائل املواص ‪77‬الت "مبزامحة" الفتي ‪77‬ات والنس ‪77‬اء أو مالمس ‪77‬تهن بغية اإلث ‪77‬ارة !‬
‫بينما هناك من يعود إىل بيته ليالمس ويداعب‪ 7‬وجيامع زوجته ‪ ،‬فالزواج الزواج‪ 7‬أخى ‪.‬‬
‫وواهلل لو أنك دعوت اهلل تعاىل بنية خالصة وتضرع أن يكفيك شر فنت‬
‫مين عليك بالزوجة الصاحلة لتعف نفسك عن الوقوع فيما‬ ‫الطريق ‪ ،‬وأن َّ‬
‫يغضب اهلل تعاىل لرأيت من نعم اهلل تعاىل الكثري ‪ ،‬فقط عليك بتقوى اهلل‬
‫ِن‬
‫ْ‬ ‫ه م‬ ‫ُْ‬‫ُق‬‫ْز‬‫ير‬ ‫ََ‬‫ًا ‪ ،‬و‬ ‫َج‬ ‫مخْر‬‫ه َ‬ ‫َل َّلُ‬ ‫ْع‬‫يج‬ ‫َ َ‬ ‫ِ هَّللا‬‫َّق‬‫يت‬ ‫من َ‬ ‫تعاىل (و‬
‫ََ‬
‫ُ) الطالق ‪ 2 :‬ـ ‪. )3‬‬ ‫ِب‬‫َس‬ ‫ْت‬‫يح‬‫ُ اَل َ‬ ‫ْث‬ ‫َي‬
‫ح‬
‫وتقدم احلديث أن اهلل تعاىل ىف عون طالب العفاف ‪ ،‬فقط لريى اهلل تعلى منك هذا ‪،‬‬
‫وتعرض‬
‫كنت تأتى تلك األفعال الصبيانية ‪ِّ ،‬‬ ‫وستضحك بعد الزواج‪ 7‬من نفسك ‪ :‬كيف ً‬
‫نفسك لنظرات اإلهتام وما يتبع هذا ‪.‬‬
‫ـ يقال إن ممارسة العادة السرية للرجل تؤدى إلى زيادة حجم العضو ‪ ،‬فهل هذا صحيح‬
‫؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن العضو‪ 7‬اجلنسى عند الرجل ال ميكن زيادة حجمه عما هو عليه ‪ ،‬وهذا تربير‬
‫ىف غاية البعد عن احلقيقة طبياً وعقلياً ! ‪.‬‬
‫ـ فهل من أضرار عند ممارسة الفتاة للعادة السرية ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬ففى ممارسة الفتاة أو املرأة للعادة السرية أضرار ما ىف ممارسة الشاب أو‬
‫الرجل هلا ‪ ،‬وقد تنزالق بعض الفتيات ىف منزلق العادة السرية فال تشعر "باإلصبع أوغريه" إال‬
‫وقد شق وفض بكارهتا ! أو انشطار "بعض األدوات الطرية" داخل رمحها مما يؤدى هبا إىل‬
‫إجراء عملية جراحية هلا إلستخراجه ‪ ،‬أو التهاب الفرج من احتكاك "بعض األدوات القطنية"‬
‫‪ ،‬أو جرح الفرج أو الدبر من جراء استعمال"بعض األدوات اخلشنة" ! أو تسلخ اجلسم من‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪201‬‬

‫استعماهلا لبعض "الزيوت" ‪ ،‬وما تسببه هذه األدوات وغريها من أذى للمهبل ‪ ،‬وأمراض‬
‫كالسيالن ‪ ،‬كما يؤدى مداعبة الفتاة لصدرها عند ممارستها للعادة إىل ترهل الثدى ‪.‬‬
‫ـ وهنا جيب أن ننبه إىل تلك العادة القبيحة الىت استهوت بعض الفتيات وهى ممارسة‬
‫"السحاق" تقليداً لبعض الفنانات ! أو ملا تسمعه أو حفاظاً على "شرفها وعفتها" ! فتلجأ‬
‫الفتاة إىل تلك العادة القبيحة الىت أخذت ىف االنتشار بني علية القوم‪ ، 7‬فاحلذر احلذر أيتها‬
‫"م ْن مَسِ َع بِالد َّ‬
‫َّج ِال َف ْلَيْنأَ َعْنهُ " ‪.‬‬ ‫الفتاة من مقاربة تلك العادة ‪ ،‬أو جمالسة من متارسها فإن َ‬
‫ـ هناك من األزواج من يجامع أكثر من مرة فى كل مرة يأتى فيها أهله ‪ ،‬فهل هذا يؤثر‬
‫على قوته الجنسية ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬من املقرر لدى أهل الطب أن الرجل إذا أراد اجلماع فإنه ال يأتيه إال إذا شعر‬
‫باحلاجة إليه ‪ ،‬وهنا تكون خصية الرجل ممتلئة بالسائل املنوى ‪ ،‬مما قد يؤدى بالرجل إىل سرعة‬
‫القذف ىف بعض األحيان ‪ ،‬فيستفرغ أكثر السائل املنوى ‪ ،‬فال يشعر الزوجان باالستمتاع ‪،‬‬
‫مما حيدو بالكثري إىل معاودة الكرة مرة أخرى وثالثة ‪ ،‬وتكون اخلصية قد أفرغت أكثر ما فيها‬
‫من السائل املنوى مما يؤدى إىل إطالة فرتة اجلماع ىف املرة الثانية أو الثالثة ـ وهناك من يزيد‬
‫على هذا مما قد يؤدى إىل قذف "الدم" بدالً من السائل املنوى الذى أفرغته اخلصية عن آخره‬
‫(‪ ، )1‬فيصيب الرجل واملرأة باملرض ‪ ،‬فليكن الرجل على حذر من معاودة اجلماع ىف املرة‬
‫الواحدة أكثر من مرتني أو ثالث ـ ولكن هناك من يتأخر ىف القذف ىف املرة الواحدة مما يُشعر‬
‫الرجل واملرأة باالستمتاع باجلماع ‪ ،‬فإن شاء عاود أو ترك ‪.‬‬
‫ـ فما هى عدد مرات المعاشرة الزوجية التى ال تؤدى إلى ضعف الرجل جنسياً أو المرأة‬
‫؟‬
‫ـ تقدم أن اإلسالم هو دين الوسطية ‪ ،‬والوسطية ىف مثل هذه األمور مطلوبة ‪ ،‬وعدد مرات‬
‫املعاشرة اجلنسية بني األزواج ال تنحصر بعدد معني ‪ ،‬فبعض الرجال جيامع مرة أو أكثر ىف كل‬
‫يوم ‪ ،‬والبعض ىف كل ثالثة أيام مرة ‪ ،‬والبعض‪ 7‬ىف كل أسبوع مرة ‪ ،‬وغري هذا ‪ ،‬ويرجع هذا‬

‫(‪ )1‬وقد حدثنى أحدهم بهذا عن نفسه ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪202‬‬

‫إىل احلالة النفسية للرجل وللمرأة معاً ‪ ،‬واستعداد‪ 7‬كل منهما هلذه العملية ‪ ،‬وكذا ختتلف‬
‫النساء ‪ ،‬فالبعض منهن يشتهني هذا األمر مرة كل يوم ‪ ،‬والبعض كل ثالثة أيام ‪ ،‬وهكذا ‪،‬‬
‫فاألمر خيتلف باختالف الناس وأحواهلم‪. 7‬‬
‫ـ ما هى مواصفات الرجل المحمود عند النساء عند أهل الباه فى كتب من سبق ؟‬
‫ـ قالوا ‪" :‬إن الرجال والنساء على أصناف شىت ‪ ،‬فمنهم حممود ومنهم مذموم ‪.‬‬
‫فأما احملمود من الرجال عند النساء فهو كبري املتاع (‪ ، )2‬الشديد‪ ، 7‬القوى‪ ، 7‬الغليظ (‪، )3‬‬
‫البطئ اهلراقة (‪ ، )4‬السريع اإلفاقة‪ 7‬من أمل الشهوة ‪ ،‬وذلك مستحسن عند النساء من الرجال ‪،‬‬
‫ألن النساء إمنا يردن من الرجل عند اجلماع أن يكون وافر املتاع ‪ ،‬طويل االستمتاع ‪ ،‬خفيف‬
‫الصدر‪ ، 7‬ثقيل العجز ‪ ،‬بطئ اهلراقة للماء ‪ ،‬سريع اإلفاقة‪ ، 7‬ويكون إيره مبلغاً لقعر الفرج ‪،‬‬
‫يسده سداً وميده مداً ‪ ،‬فهذا حممود عند النساء ‪ ،‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫تدوم‬
‫خصاالً ال تكون ىف الرجال ُ‬ ‫رأيت النساء يشتهني من الفىت‬
‫شبـاب ومـال وانفراد وصحـة ووفـر متـاع فـى النكـاح يـدوم‬
‫ومـن بـعد ذا عجز ثقيل نزوله وصـدر خفيـف فـوقهـن يعـوم‬
‫أطـال أجـاد الفعـل فهـو يـدوم‬ ‫ويبطـئ إلهـراق ألنه كلمـا‬
‫ومــن بعد إهـراق يفيق معجالً ليأتـى بإكـرام عليــه حيــوم‬
‫(‪)1‬‬
‫فهذا الذى‪ 7‬يُشفى النساء بنكحه ويكـون قـدره عنـدهـن عظيـم‬
‫ـ فما المحمود من النساء عندهم ؟‬
‫ـ قالوا ‪" :‬إن النساء على أصناف شىت ‪ ،‬فمنهن حممود ومنهن مذموم ‪ ،‬فأما احملمود من‬
‫النساء عند الرجال فهى ‪ :‬املرأة الكاملة القد (‪ ، )2‬العريضة ‪ ،‬خصيبة اللحم ‪ ،‬كحيلة الشعر ‪،‬‬
‫واسعة اجلبني ‪ ،‬زجة احلواجب (‪ ، )3‬واسعة العيون‪ 7‬ىف كحلة ناصعة ‪ ،‬وبياض ناصح ‪ ،‬مفخمة‬

‫(‪ )2‬كناية عن ِكبر العضو ‪.‬‬


‫(‪ )3‬أى ‪ :‬غليظ الذكر ‪.‬‬
‫(‪ )4‬يعنى ‪ :‬بطئ فى إنزال الماء ‪ ،‬وهذا بدوره يؤدى إلى إطالة فترة الجماع مما يزيد من لذة المرأة واستمتاعها ‪.‬‬
‫(‪ )1‬من كتاب الروض العاطر فى نزهة الخاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬القد ‪ :‬القوام ‪.‬‬
‫(‪ )3‬طويلة الحواجب دقيقها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪203‬‬

‫الوجه ‪ ،‬أسيلة (‪ )4‬اخلدين ‪ ،‬ظريفة األنف ‪ ،‬ضيقة الفم‪ ، 7‬حممرة الشفاة واللسان ‪ ،‬طيبة رائحة‬
‫الفم واألنف ‪ ،‬طويلة الرقبة ‪ ،‬غليظة العنق ‪ ،‬عريضة األكتاف ‪ ،‬واسعة احملزم (‪ ، )5‬كبرية‬
‫الرتمتني (‪ ، )6‬عريضة الصدر‪ ، 7‬واقفة النهد‪ ، 7‬ممتلئ صدرها وهندها حلماً ‪ ،‬مقعدة البطن ‪،‬‬
‫وسرهتا واسعة غارقة ‪ ،‬عريضة العانة ‪ ،‬كبرية الفرج ‪ ،‬ممتلئ حلماً من العانة إىل الرتمتني ‪،‬‬
‫ضيقة الفرج ليس فيه ندوة ‪ )1( ،‬رطب ‪َ ،‬سخون تكاد النار خترج منه ‪ ،‬ليس فيه رائحة ‪،‬‬
‫قديرة غليظة األفخاذ‪ 7‬واألوراك‪ ، 7‬ذات أرداف ثقال ‪ ،‬وأعكان وخصر جيد ‪ ،‬ظريفة اليدين‬
‫والرجلني ‪ ،‬عريضة الذراعني ‪ ،‬غليظة الزندين ‪ ،‬بعيدة املنكبني ‪ ،‬إن أقبلت فتنت ‪ ،‬وإن أدبرت‬
‫قتلت ‪ ،‬وإن جلست كالقبة املنصوبة ‪ ،‬وإن رقدت كالبند (‪ )2‬العاىل ‪ ،‬وإن وقفت كالعالم‬
‫(‪ ، )3‬قليلة الضحك والكالم ىف غري نفع ‪ ،‬ثقيلة الرجلني عن الدخول واخلروج ولو لبيت‬
‫اجلريان ‪ ،‬قليلة الكالم معهم ‪ ،‬ال تعمل من النساء صاحبة وال تطمئن ألحد وال تركن إال‬
‫لزوجها ‪ ،‬وال تأكل من يد أحد إال من يد زوجها وقرابتها إن كان هلا قرابة ‪ ،‬وال ختون ىف‬
‫شئ وال تغدر وال تسرت على حرام ‪ ،‬إن دعاها زوجها للفراش طاوعته وسبقته إليه ‪ ،‬تعينه‬
‫على كل حال من األحوال ‪ ،‬قليلة الشكاية والنكاية ‪ ،‬ال تضحك وال ينشرح خاطرها إال إذا‬
‫رأت زوجها ‪ ،‬وال جتود بنفسها إال على زوجها ولو قُتلت صرباً" (‪. )4‬‬
‫ـ وقيل ‪ :‬ومما يستحسن ىف املرأة طول أربعة وهن أطرافها وقامتها وشعرها وعنقها ‪.‬‬
‫ـ وقصر أربعة يدها ورجلها ولساهنا‪ 7‬وعينها فال تبذل ما ىف بيت زوجها وال خترج من بيتها‬
‫وال تستطيل بلساهنا وال تطمح بعينها ‪.‬‬
‫ـ وبياض أربعة لوهنا وفرقها وثغرها وبياض عينها ‪.‬‬
‫ـ وسواد أربعة أهداهبا وحاجبها وعينها وشعرها ‪.‬‬
‫ـ ومحرة أربعة لساهنا وخدها وشفتها وإشراب بياضها حبمرة ودقة أربعة أنفها وبناهنا وخصرها‬
‫وحاجبها ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أى لينة الخدين ‪.‬‬
‫(‪ )5‬الوسط ‪.‬‬
‫(‪ )6‬العجزتين ‪ :‬أى المؤخرتين ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أى ‪ :‬قذارة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أى ‪ :‬العلم العالى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أى ‪ :‬كالعالمة ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أى ‪ :‬حبسا ً ‪ ،‬من كتاب الروض العاطر فى نزهة الخاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪204‬‬

‫ـ وغلظ أربعة ساقها ومعصمها‪ 7‬وعجيزهتا وذاك منها (‪. )1‬‬


‫ـ وسعة أربعة جبينها ووجهها وعينها وصدرها ‪.‬‬
‫ـ وضيق أربعة فمها ومنخرها وخرق أذهنا وذاك منها ‪ ،‬فهذه أحق النساء بقول كثري ‪:‬‬
‫لو أن عزة خاصمت‪ 7‬مشس الضحى * ىف احلسن عند موفق لقضى هلا‬

‫وقال صاحل بن حسان يوماً ألصحابه ‪ :‬هل تعرفون بيتاً من الغزل ىف امرأة خفرة ؟ قلنا ‪:‬‬
‫نعم ‪ ،‬بيت حلامت ىف زوجته ماوية ‪:‬‬
‫يضئ هلا البيت الظليل خصاصه إذا هى يوماً حاولت أن تبسما‬
‫قال ما صنعتم شيئاً ‪ ،‬قلنا ‪ :‬فبيت األعشى ‪:‬‬
‫مـر السحابـة ال ريث وال عجل‬ ‫كأن مشيتها مـن بيــت جارهتا‬
‫قال ‪ :‬جعلها تدخل وخترج ‪ ،‬قلنا ‪ :‬يا أبا حممد فأى بيت هو ؟ قال ‪ :‬قول أىب قيس بن‬
‫األسلت ‪:‬‬
‫وتعتـل عـن إتيـاهنـن فتعــذر‬ ‫ويكرمهـا جاراهتـا فيـزرهنـا‬
‫قلت ‪ :‬وأحسن من هذا كله ما قاله إبراهيم بن حممد‪ 7‬امللقب بنفطويه رمحه اهلل ‪:‬‬
‫إذا منـت يغشى مضجعى ووسادى‬ ‫وخبــرها الواشون أن خياهلـا‬
‫تعرينـى غضبـى بطـول رقــادى‬ ‫فخفرها فـرط احلياء فأرسلت‬
‫ومما يستحسن ىف املرأة ‪ :‬رقة أدميها (‪ )2‬ونعومة ملمسه ‪ ،‬كما قال قيس بن ذريح ‪:‬‬
‫ومن بعد ما كنا نطافا وىف املهد‬ ‫تعلق روحى روحها قبل خلقنا‬
‫فــزاد كمــا زدنـا فأصبـح ناميـاً فليــس وإن متنا مبنفصم العهـد‪7‬‬
‫ومؤنسنا فـى ظلمة القبـر واللحـد‬ ‫ولكنــه بــاق علـى كـل حـادث‬
‫إذا اغتسلت باملاء من رقة اجللد‬ ‫يكاد مسيل املاء خيدش جلدها‬
‫قلت ‪ :‬ومن املبالغة ىف معىن البيت‪ 7‬األخري قول أىب نواس ‪:‬‬
‫(‪ )1‬كناية عن الفرج ‪.‬‬
‫(‪ )2‬جلدها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪205‬‬

‫وفيـه مكـان الوهم من نظرى أثر‬ ‫تومهـه قلبـى فأصبــح خـده‬


‫ولـم أر جسماً قـط جيرحه الفكر‬ ‫ومـر بقلبـى خـاطـر فجرحته‬
‫(‪)1‬‬
‫فمـن غمـز كفـى ىف أنامله عقر‬ ‫وصافحـه كفى فـآلـم كفـه‬
‫ـ فما المكروه من الرجال عند أهل الباه ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قالوا ‪" :‬إن املكروه من الرجال عند النساء هو الذى يكون رث احلالة ‪ ،‬قبيح‬
‫املنظر ‪ ،‬صغري الذكر ‪ ،‬فيه رخو ‪ ،‬ويكون رقيقاً ‪ ،‬وإن أتى إىل امرأة ال يعرف هلا بقدر ‪ ،‬وال‬
‫عض ‪ ،‬مث يوجل فيها الذكر‪7‬‬
‫حبظ ‪ ،‬يصعد على صدرها من غري مالعبة وال بوس وال تعنيق وال ّ‬
‫املرخى بعد مشقة وتعب ‪ ،‬فيهزه هزة أو هزتني ‪ ،‬فينزل من على صدرها جبهده ‪ ،‬فيلقى نزوله‬
‫أكثر من عمله ‪ ،‬مث جيمد ذكره ويقوم ‪.‬‬
‫كما قال بعضهم ‪ :‬يكون سريع اهلراقة ‪ ،‬بطئ االفاقة‪ 7‬من أمل الشهوة ‪ ،‬صغري الذكر ‪ ،‬ثقيل‬
‫الصدر‪ ، 7‬خفيف العجز ‪ :‬فهذا‪ 7‬ال خري للمرأة فيه (‪. )2‬‬
‫ـ فما المكروه من النساء عندهم ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قالوا ‪" :‬إن املكروه املبغوض من النساء عند الرجال ‪ :‬املرأة السمجة ‪ ،‬قليلة السر‬
‫‪ ،‬مكركدة الشعر (‪ ، )3‬خارجة اجلبهة ‪ ،‬ضيقة العينني ‪ ،‬مع رطبة ‪ ،‬كبرية األنف ‪ ،‬زرقة‬
‫الغبَة (‪ ، )1‬نابتة الذقن‬ ‫الشفتني ‪ ،‬واسعة الفم ‪ ،‬مكرمسة اخلدين ‪ ،‬مفرتقة األسنان ‪ ،‬زرقة‬
‫‪ ،‬رقيقة الرقبة بعروق خارجني فيها ‪ ،‬قليلة عرض األكتاف ‪ ،‬قليلة عرض الصدر‪ ، 7‬هلا ثديان‬
‫كاجللود الطوال ‪ ،‬وهلا بطن كاحلوض الفارغ ‪ ،‬وصرة طالعة كاجلوزة ‪ ،‬وضلوع نائتني‬
‫كاألقواس ‪ ،‬وظهر له سلول طالع ‪ ،‬وتِرام ليس فيهم من اللحم من شئ ‪ ،‬وفرج واسع بارد‬
‫مننت وعفونة وماء ‪ ،‬كبرية الركبتني والرجلني واليدين ‪ ،‬رقيقة الساقني ‪.‬‬
‫فصاحبة هذه اخلصال ليس فيها خري وال فيمن يتزوجها ويقرهبا (‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬روضة المحبين المنسوب البن القيم ‪ ،‬بتحقيقى ‪ ،‬وقد منَّ هللا تعالى بتحقيقه منذ سنوات وبيان عدم نسبته إلى ابن القيم وبيان صلة النسب لصاحبه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬من كتاب الروض العاطر فى نزهة الخاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أى أن شعرها سئ ويعتبر‪ S‬البعض كركدة الشعر موطن جمال فى المرأة ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أى ما يتدلى من أسفل الفم منتفخاً‪. S‬‬
‫(‪ )2‬من كتاب الروض العاطر فى نزهة الخاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪206‬‬

‫ـ قلت ‪ :‬الناس ىف وصف مجال املرأة على طرق ومذاهب‪ 7‬شىت ‪ ،‬فالسمينة‪ 7‬عند البعض هى‬
‫مجيلة اجلميالت ‪ ،‬بينما يرى البعض أن حنيفة اجلسم هى األمجل واألفضل ‪ ،‬ومنهم من يقول ‪:‬‬
‫البياض شطر اجلمال ‪ ،‬واآلخر يقول ‪ :‬بل هو السمار‪ ، 7‬ولكنهم‪ 7‬مجيعاً اتفقوا‪ 7‬على أن املكروه‬
‫من النساء ‪:‬‬
‫"كثرية احلس ‪ ،‬عالية الصوت ‪ ،‬كثرية الكالم ‪ ،‬خفيفة الرجل ‪ ،‬كثرية القيل والقال ‪،‬‬
‫ن ّقالة األخبار ‪ ،‬قليلة كتم األسرار‪ ، 7‬كثرية الكذب ‪ ،‬صاحبة األحيال صاحبة الظالل ‪ ،‬مهازة ‪،‬‬
‫غمازة ‪ ،‬منامة ‪ ،‬صاحبة غيبة وضرق واشتغال ‪ ،‬كاشفة ألسرار زوجها وفعائلها ‪ ،‬إن قالت‪7‬‬
‫كذبت ‪ ،‬وإن وعدت خالفت ‪ ،‬وإن اؤمتنت خانت ‪ ،‬والفاسقة والسارقة ‪ ،‬والعياطة ‪،‬‬
‫والشهدارة ‪ ،‬والبهبارة ‪ ،‬وقليلة الدبارة‪ ، )3( 7‬وكثرية االشتغال بالناس وعيوهبم‪ ، 7‬وكثرية‬
‫البحث والتفتيش على األخبار الباطلة ‪ ،‬وكثرية الرقاد ‪،‬كثرية الشماتة باملسلمني وبزوجها ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫دعاية ‪ ،‬خفيفة ‪ ،‬منتنة الرائحة ‪ ،‬إذا ائتت قتلت ‪ ،‬وإذا مشت أراحت"‬ ‫والىت تكون ملسانة ّ‬
‫‪.‬‬
‫وقيل ألعراىب ‪ :‬صف لنا شر النساء ‪ :‬فقال ‪ :‬شرهن النحيفة اجلسم ‪ ،‬القليلة اللحم ‪،‬‬
‫احملياض ‪ ،‬املمراض ‪ ،‬لساهنا كأنه حربة ‪ ،‬تبكى من غري سبب ‪ ،‬وتضحك من غري عجب ‪،‬‬
‫عرقوهبا‪ 7‬حديد ‪ ،‬منتفخة الوريد ‪،‬كالمها وعيد ‪ ،‬صوهتا شديد ‪ ،‬تدفن احلسنات ‪ ،‬وتفشى‬
‫السيئات ‪ ،‬تعني الزمان على زوجها ‪ ،‬وال تعني زوجها على الزمان ‪ ،‬إن دخل خرجت ‪ ،‬وإن‬
‫خرج دخلت ‪ ،‬وإن ضحك بكت ‪ ،‬وإن بكى ضحكت ‪ ،‬تبكى وهى ظاملة ‪ ،‬وتشهد‪ 7‬وهى‬
‫غائبة ‪ ،‬قذ دىل لساهنا بالزور ‪ ،‬وسال دمعها بالفجور ‪ ،‬ابتالها اهلل بالويل والثبور‪ 7‬وعظائم‬
‫األمور ‪ ،‬هذه هى شر النساء ‪.‬‬
‫ـ فما تحب المرأة من أخالق الرجل ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قالوا ‪" :‬الذى حتبه املرأة من أخالق الرجال أن يكون سخياً شجاعاً صدوقاً ‪،‬‬
‫حلو املنطق ‪ ،‬بصرياً باجلد واهلزل ‪ ،‬وفياً بالعهد‪ 7‬والوعد ‪ ،‬حليماً متجمالً ملا يرد عليه من‬
‫(‪ )3‬الشهدارة والبهبارة‪ S‬والدبارة ‪ :‬أى الفحش والنميمة وقلة الذرية مع الحماقة ‪.‬‬
‫(‪ )1‬من كتاب الروض العاطر فى نزهة الخاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪207‬‬

‫تلوهنن ‪ ،‬وأن يكون ظريفاً ىف ملبسه ومطعمه ومشربه ‪ ،‬وأن يكون كثري اإلخوان معتنياً‬
‫بقضاء حوائجهن غري متكره لذلك ‪ ،‬وال ضيق الصدر‪ ، 7‬وأن يكون متجنباً ملعاشرة األوضاع‬
‫ومن ال خري فيه ‪ ،‬بل من يشاكله ىف الظرف والزى واخللق ‪.‬‬
‫والسفلة َ‬
‫ومن دواعى املودة منهن أن يكون الرجل نظيف الثغر ويتفقد ذلك بالسواك (‪ )2‬واألشياء‬
‫املطيبة للنكهة ‪ ،‬نظيف اليدين والرجلني ‪ ،‬واألظفار‪ 7‬يقلمها (‪ ، )3‬حسن الثياب ‪ ،‬طيب‬
‫الرائحة ‪.‬‬
‫فإذا اجتمع مع هذه األوصاف كثرة املال والكرم فذاك‪ 7‬الكامل عندهم ‪ ،‬احملبوب إليهن‬
‫(‪. )1‬‬
‫ـ وما يزيد فى شهوة الرجل ‪:‬‬
‫وقيل أن مما يزيد ىف الشهوات وحيبب بعضهم إىل بعض ‪ :‬املذاكرة واحملادثة ‪ ،‬والعمدة ىف‬
‫هذا كله فراغ القلب وإدخال السرور‪ 7‬عليه ‪.‬‬
‫وقيل أن الذى حيرك شهوة الرجال للنساء حتريكها عجيزهتا وتغنجها ىف كالمها وترجيعها‬
‫بطرفيها وضرهبا كفيها على ذكر الرجل وعركه (‪ )2‬وشخرها وخنرها (‪ )3‬عند اجلماع ‪،‬‬
‫وكشف حرها وأخذ يد الرجل ووضعها‪ 7‬عليه ‪ ،‬وكشف حماسن بدهنا وإسبال شعرها ‪،‬‬
‫وتقبيلها له قائماً منتصباً (‪ ، )4‬فإن حرها خيتلج ويضرب عليها ‪ ،‬فإذا جسته ولعبت‪ 7‬به‬
‫اسرتخت مفاصلها وذابت وهدأت حركتها ‪ ،‬وإذا أخذته بيدها تفتقت شقائقها من داخل‬
‫رمحها (‪. )5‬‬
‫واعلم أن كل ما حيرك الرجل من النظر والكالم واللمس حيرك من املرأة أضعاف ذلك ‪.‬‬

‫(‪ )2‬كان ‪ ‬أول ما يدخل بيته يبدأ بالسواك ‪ ،‬وهذا ال ُخلق يفتقده الكثير من أزواج اليوم ‪ ،‬وهو االهتمام بنظافة الثغر والتسوك دفعا ً للروائح الكريهة التى تؤدى‬
‫إلى نفرة الزوجة أو من يحدث ‪ ،‬كما يجب على المرأة مثل هذا ‪ ،‬وهو االهتمام بنظافة الفم ورائحته عامة وعند الجماع خاصة ‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر التعليق السابق ‪.‬‬
‫(‪ )1‬من كتاب الروض العاطر فى نزهة الخاطر للقاضى النفزاوى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬سئل اإلمام أبا حنيفة ‪ :‬هل يجوز للرجل أن يمس فرج امرأته ‪ ،‬أو المرأة تمس فرج زوجها ؟ قال ‪ :‬نعم ولعله أعظم لألجر ‪.‬‬
‫(‪ )3‬شخر المرأة ونخرها وإن تعاطى الرجل التؤهات والحركات النعامة الحالمة والرعشة بين بين يديه عند اقترابه منها ‪ ،‬والتقلب يمنة ويسرة ‪ ،‬كل هذا مما‬
‫يزيد فى شهوة الرجل وتعلقه أكثر بها ‪ ،‬واستمتاع الطرفين بالجماع ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ال حرج فى استمتاع المرأة بفمها فرج زوجها أو العكس ‪.‬‬
‫(‪ )5‬ومس المرأة فرجها بيمينها وشمالها جائز وكذلك مسها ذكر زوجها أو سيدها بيمينها أو بشمالها جائز برهان ذلك أن كل ما ذكرنا‬
‫(وقَ ْد فَص ََّل لَ ُكم َّما َح َّر َم َعلَ ْي ُك ْم إِالَّ َما اضْ طُ ِررْ تُ ْم‬
‫فال نص فى النهى عنه وكل ما ال نص فى تحريمه فهو مباح بقول هللا تعالى ‪َ :‬‬
‫ِإلَ ْي ِه) ‪ ،‬المحلى (‪. )77\2‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪208‬‬

‫ـ هل لممارسة الجنس سن معين تنتهى عنده ؟‬


‫ـ الجواب ‪ :‬يظن البعض أن اجلنس عند الرجل يقل أو ينتهى عند فرتة زمنية معينة ‪ ،‬وهذا‬
‫خطأ ‪ ،‬فاجلنس أو العملية اجلنسية واملعاشرة اجلنسية ال صلة هلا البتة بوصول الرجل إىل سن‬
‫معني ‪ ،‬بل يستطيع الرجل أن ميارس العملية اجلنسية ما دامت عنده القدرة على هذا ‪ ،‬وان بلغ‬
‫من العمر السبعني أو أكثر ‪ ،‬وكذا هو عند املرأة ‪.‬‬
‫ـ ومن أسباب الشهوة وما يقوي على الجماع ‪:‬‬
‫اعلم أن أسباب شهوة اجلماع ستة ‪:‬‬
‫حرارة الصبا ‪ ،‬وكثرة املىن ‪ ،‬والتقرب فيمن يشتهى ‪ ،‬وحسن الوجه ‪ ،‬وأطعمة معروفة ‪،‬‬
‫واملالمسة ‪.‬‬
‫ومثانية أشياء تقوى على اجلماع وتعني عليه ‪ ،‬وهى ‪ :‬صحة البدن‪ ، 7‬وفراغ القلب من‬
‫اهلموم ‪ ،‬وجالء النفس ‪ ،‬وكثرة الفرح ‪ ،‬وحسن الغذاء ‪ ،‬واختالف واأللوان ‪ ،‬وكثرة املال ‪،‬‬
‫ومشاهدة احليوانات وهى متارس العملية اجلنسية ‪.‬‬
‫ـ ما هى األعشاب واألطعمة المقوية للشهوة ؟‬
‫ـ ومن األطعمة املقوية للشهوة املعينة على طول اجلماع ‪ :‬احلبة السوداء‪،‬البصل‪ ، 7‬الزجنبيل ‪،‬‬
‫الفجل ‪ ،‬اجلرجري ‪ ،‬احلمص ‪ ،‬الكراث ‪ ،‬اللوبيا ‪ ،‬اجلزر ‪ ،‬اجلوز ‪ ،‬اللوز ‪ ،‬املوز ‪ ،‬احلمص ‪،‬‬
‫الفلفل ‪ ،‬السمسم ‪ ،‬الصنوبر ‪ ،‬الزعفران ‪ ،‬احللبة ‪ ،‬الفستق ‪ ،‬البندق ‪ ،‬التني ‪ ،‬احلبهان ‪،‬‬
‫جوزة الطيب ‪ ،‬القرنفل ‪ ،‬التمر هندى ‪ ،‬العنب‪ ، 7‬احلمام ‪ ،‬التفاح‪ ، 7‬الكركديه ‪.‬‬
‫ومنها أيضاً ‪ :‬األلبان ‪ ،‬خاصة لنب البقر واإلبل ‪ ،‬األمساك وخاصة اجلمربى‪ ، 7‬حلوم الضأن‬
‫واجلدى الذكر السمني ‪ ،‬البيض خاصة الصفار ‪ ،‬العسل ‪ ،‬العصافري ‪ ،‬بيض السمك ‪ :‬الكفيار‪7‬‬
‫‪ ،‬الكوارع ‪ ،‬الزبيب ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬اجلوز املشوى بتمر يقوى جداً على الباه ‪ ،‬واحلمص املطبوخ باللحم والبصل الكثري‬
‫املقلى بالسمن ويضاف إليه بيض ويقلى اجلميع ‪ ،‬وصفار البيض يقلى مث يصب عليه العسل‬
‫الكثري ويؤكل باخلبز ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪209‬‬

‫ـ وقيل ‪ :‬الزجنبيل اليابس إذا دق وشرب بلنب بقر غلى الريق حرك شهوة اجلماع ‪ ،‬واملوز‬
‫حيرك شهوة اجلماع ويزيد ىف املىن ‪ ،‬واأللبان‪ 7‬كلها تدفع‪ 7‬ضرر اجلماع ‪.‬‬
‫ـ وبعض األطباء يصف خلطة تتكون من عدة نباتات مثل القرع والشمام‪ 7‬والبطيخ األصفر‪7‬‬
‫واخليار الذى جيب أن يُقشر مث تسحق هذه املكونات سحقاً ناعماً مث ميزج املسحوق مع‬
‫كمية من سكر النبات الناعم لتحسني الطعم ويؤخذ منه ثالث مالعق متوسطة كل يوم‬
‫بشكل دائم أو حىت تتحسن احلالة وبفضل ملدة مائة يوم ‪.‬‬
‫ـ وبعض األطباء أيضاً يؤكد على وضفة أخرى تعتمد على كوب عسل ونصف كوب‬
‫بصل ‪ ،‬ويقلى املزيج سوياً حىت يتبخر العسل وتنعدم رائحته متاماً من العسل ‪ ،‬وتؤخذ منه‬
‫ملعقة بعد كل أكلة ‪ ،‬وهذا املزيج مفيد جداً ‪.‬‬
‫ـ وكذلك يفيد البصل املشوى والفستق وطلع النخل ‪ ،‬وهذا املزيج مفيد جداً وال أثر له‬
‫جانيب على الصحة ‪.‬‬
‫ـ ويؤكد بعضهم على أمهية "القرفة" حيث أهنا تعمل على تنبيه اجلنس ‪ ،‬وتستعمل القرفة‬
‫بعد سحقها فيؤخذ منها مقدار نصف جرام فقط مع قليل من املاء مرتني إىل أربعة مرات‬
‫يومياً ‪ ،‬وميكن إضافة مسحوق القرفة إىل القهوة أو الشاى‪ 7‬دون تغيري ىف طريقة االستعمال ‪.‬‬
‫ـ هذا باإلضافة إىل تناول احلبة السوداء‪ 7‬مطحونة قدر ملعقة ‪ ،‬وتضرب ىف سبع بيضات‬
‫بلدى وتؤخذ يوماً بعد يوم ‪ ،‬ملدة شهر تقريباً ‪ ،‬وميكن تناول ثالثة فصوص‪ 7‬ثوم بعد كل مرة‬
‫منعاً للكوليسرتول ‪.‬‬
‫ـ ومن األغذية القاطعة للباه ‪ :‬الكافور‪ : 7‬استعماله يقطع الباه ‪ ،‬وان شرب كان أقوى ‪،‬‬
‫والكزبرة اليابسة ‪ :‬إذا نقعت ىف ماء وشرب نقيعها بسكر أو عسل قطع االنعاظ (االنتشار)‬
‫ويبس املىن ‪ ،‬العدس ‪ :‬إذا طبخ بالعسل قلل شهوة اجلماع ‪ ،‬الرجلة ‪ :‬تضعف شهوة اجلماع ‪.‬‬
‫ـ هل لإليحاء عمل فى العملية الجنسية ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬للعامل النفسى واإلحياء‪ 7‬أثر كبري ىف جناح العملية اجلنسية أو فشلها ‪،‬‬
‫فالرجل يستطيع أن يتغلب على ضعف العملية اجلنسية أو عدم االنتصاب باإلحياء الذاتى‪ 7‬بقوته‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪210‬‬

‫اجلنسية وقدرته على إجناحها أو فشلها ‪ ،‬وكما يُقال ‪" :‬من خياف من العفريت‪ 7‬يطلع له" !‬
‫فمن خيشى فشله عند اجلماع سيفشل ‪ ،‬ومن أقنع نفسه واقتنع بنجاحه سينجح ‪.‬‬
‫ـ فهل للثديين مهمة جنسية عند المرأة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬بل مها من أهم األماكن إثارة عند املرأة ‪ ،‬ومداعبة الرجل هلما يعجل‬
‫ب والتَّرائِ ِ‬
‫ب)‬ ‫باإلنزال عندها ‪ ،‬قال تعاىل عن ماء الرجل واملرأة أنه ‪( :‬خَي ْرج ِمن َبنْي ِ ُّ ِ‬
‫الص ْل َ َ‬ ‫ُُ‬
‫(الطارق ‪ )7 :‬والرتائب ‪ :‬أى صدر املرأة ‪.‬‬
‫ـ هل من سبب للبرود الجنسى عند المرأة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬قد يكون الربود‪ 7‬اجلنسى عند املرأة ناجتاً من عوامل نفسية كجهل الزوج بفن‬
‫املداعبة واملالعبة واستثارة املرأة ‪ ،‬أو خوفها هى من فشل العملية اجلنسية أو سرعة القذف‬
‫عند الرجل أو إمهاله هلا ‪ ،‬أو سوء املعاملة او إنشغال الذهن أو اخلوف من احلمل وحنو هذا ‪.‬‬
‫وعلى املرأة الىت تعاىن الربود‪ 7‬اجلنسى أن حتاول جاهدة ىف مساعدة زوجها كى يصل هبا‬
‫إىل حالة النشوة والشعور‪ 7‬باللذة اجلنسية ‪ ،‬فال ترتكه وحده يغرس وال جيد األرض‪ 7‬الصاحلة الىت‬
‫ميل ـ وال الزوجة ـ البحث عن مناطق‬
‫تشتاق إىل غرسه وزرعه ‪ ،‬كما أن على الزوج أن ال َّ‬
‫اإلثارة عند زوجته واللعب‪ 7‬على أوتارها ‪ ،‬وليعلم أن هذا حق زوجته عليه بل هو من أهم‬
‫حقوقها وليحفظ‪ 7‬على نفسه أهله وبيته ‪.‬‬
‫ـ فما العالج ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬العالج يكون بإبطال األسباب ! ‪.‬‬
‫ـ ما هو الشبق ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬الشبق هو اإلحساس وطلب النفس للجنس ‪ ،‬واإلشباع اجلنسى ‪.‬‬
‫ـ ما هى أسباب الشبق عند النساء ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن شعور املرأة بالشبق اجلنسى وطلب النفس هلا بصورة ُملِحة عند املرأة يرجع‬
‫إىل أسباب عديدة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪211‬‬

‫زيادة اهلرمونات األنثوية لدى املرأة مما يؤدى بدوره إىل تضخم البظر عندها وشعورها‬
‫باحلاجة إىل اجلنس ‪ ،‬الفراغ العقلى والنفسى واالبتعاد عن أسباب احلصانة الدينية ‪ ،‬أو إمهال‬
‫املرأة ىف النظافة اجلسدية ألعضائها التناسلية بصورة جيدة ‪.‬‬
‫ـ والعالج ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬العالج بمضادات أسباب الشبق الجنسى ‪.‬‬
‫ـ هل تحتلم المرأة كما يحتلم الرجل ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬روى مسلم ىف صحيحه عن أم سليم ‪ " :‬أهنا سألت رسول اهلل‪ ‬عن املرأة‬
‫ترى ىف منامها ما يرى الرجل ىف منامه ‪ ،‬فقال رسول اهلل‪ ‬إذا رأت ذلك املرأة فلتغتسل ‪،‬‬
‫فقالت أم سلمة ‪ :‬واستحييت من ذلك ‪ ،‬قالت ‪ :‬وهل يكون هذا ؟ فقال رسول اهلل ‪: ‬‬
‫فمن أين يكون الشبه ‪ ،‬إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء املرأة رقيق أصفر فمن أيهما عال أو‬
‫سبق يكون منه الشبه" ‪ ،‬وىف رواية عند اإلمام مسلم أيضاً ‪" :‬إذا عال ماؤها ماء الرجل أشبه‬
‫الولد‪ 7‬أخواله وإذا عال ماء الرجل ماءها أشبه الولد أعمامه" ‪.‬‬
‫ـ أحيان ـاً يــذكر الرجل ـ ـ أو المــرأة ـ ـ أنه احتلم ‪ ،‬ثم إذا اســتيقظ ال يجد مــاء ‪ ،‬فهل عليه‬
‫الغسل ‪ ،‬أو ال يذكر احتالماً ثم يُصبح فيجد الماء ‪ ،‬فهل عليه غسل ؟‬
‫ول اللَّ ِه ‪‬‬ ‫"سئِ َل َر ُس ُ‬
‫ـ الجواب ‪ :‬روى اإلمام أبو داود ومن طريقه البيهقى عن عائشة قالت ‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ال ‪َ :‬ي ْغتَ ِس ُل ‪َ ،‬و َع ِن َّ‬
‫احتِاَل ًما ؟ قَ َ‬
‫الر ُج ِل َيَرى أَنَّهُ قَد ْ‬
‫احَتلَ َم َومَلْ‬ ‫الر ُج ِل جَيِ ُد الَْبلَ َل َواَل يَ ْذ ُك ُر ْ‬
‫َع ِن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ول اللَّ ِه َه ْل َعلَى الْ َم ْرأَة َتَرى َذل َ‬ ‫ال ‪ :‬اَل غُ ْس َل َعلَْي ِه ‪ ،‬قَالَ ْ‪7‬‬
‫ت أ ُُّم َسلَ َمةَ ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫جَيِ ْد َبلَاًل ؟ قَ َ‬
‫الر َج ِال " (‪. )1‬‬ ‫ِّساءَ َش َقائِ ُق ِّ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪َ :‬ن َع ْم ‪ ،‬إ َّن الن َ‬ ‫غُ ْس ٌل ؟ قَ َ‬
‫ـ فما أهمية ومكانة الجنس عند المرأة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن احلياة الزوجية ليس حياة جنسية فحسب‪ ، 7‬بل هى إتباع لكتاب اهلل تعاىل‬
‫وسنة رسوله ‪ ، ‬وما ىف الزواج‪ 7‬من الفوائد‪ 7‬العظيمة من حفظ األنساب وإفراغ الشهوة‪ 7‬عند‬
‫الرجل واملرأة ىف موضعها الصحيح احلالل ‪ ،‬والتكاثر الذى‪ 7‬حثنا عليه النىب ‪ ، ‬وإخراج النشأ‬
‫(‪ )1‬تقدم ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪212‬‬

‫الذى حيمل راية التوحيد عالية خفاقة ‪ ،‬إىل غري ذلك الكثري من فوائد الزواج‪ 7‬الىت تقدم بعضها‬
‫ىف أول الكتاب ‪ ،‬فاجلنس عند الرجل يأخذ مرتبة متأخرة خبالف املرأة ‪ ،‬كما أن للعملية‬
‫اجلنسية عند الزوجة مكانتها ‪ ،‬ولكن يعلو هذه املكانة واملرتبة أن ميرر الرجل أصابعه خالل‬
‫شعرها ‪.‬‬
‫‪ ㅂ-‬أن تضع املرأة خدها على كف أو صدر‪ 7‬زوجها ‪.‬‬
‫‪ ㅅ-‬ملسة حانية من زوجها تغنيها عن اجلماع ‪.‬‬
‫‪ ㅇ-‬إن ملسة احلنان تراها املرأة من زوجها تأجج احلب ىف قلبها ‪.‬‬
‫‪ ㅈ-‬أن يهمس ىف أذهنا ‪ :‬أحبُك ‪ ،‬فاألهم من مجاع الزوجة أن تشعر حبب زوجها هلا ىف كل‬
‫حركة وسكنة وكلمة وملسة منه هلا ‪ ،‬فال تظن أخى أن سعادة املرأة وحظها مقصور‪ 7‬فقط‬
‫على العملية اجلنسية أو الفراش‪ ! 7‬فاحلب ليس إال فصالً من حياة الرجل ‪ ،‬ولكنه كل‬
‫الفصول وحياة املرأة ‪ ،‬بل له تعيش وعنه تبحث ‪.‬‬
‫ـ فماذا تقول فيما يسمونه بـ"الحب العذرى" ‪ ،‬وهو الحب الروحى كما يطلقون عليه ‪،‬‬
‫فال جماع فيه وال نكاح ‪ ،‬فهل هناك حب بال جماع وال نكاح بين الزوجين ؟‬
‫ـ الجواب ‪" :‬قال أبو اهلذيل العالف ‪ :‬ال جيوز ىف دور الفلك وال ىف تركيب الطبائع وال ىف‬
‫الواجب وال ىف املمكن أن يكون حمب ليس حملبوبه إليه ميل ‪ ،‬وإىل هذا املذهب ذهب أبو‬
‫العباس الناشىء حيث يقول ‪:‬‬
‫حر اهلوى‪ 7‬جتدين ما أجد‬ ‫ِ‬
‫عيناك شاهـدتان أنـك مـن‬
‫تتجلديــن ومـا بنا جلـد‬ ‫ٍ‬
‫مضض‬ ‫بـك ما بنا لكن على‬
‫وقال أبو عيينه ‪:‬‬
‫كالنا يقاسى الليـل وهـو مسهد‬ ‫تبيت بنا هتذى‪ 7‬وأهـذى بذكرها‬
‫كذاك أراها ىف الكرى حني أرقد‬ ‫وما رقـدت إال رأتنـى ضجيعها‬
‫وأسأهلا يقظــان عنـه فتجحـد‬ ‫تقـر بذنبـى حيـن أغفو ونلتقى‬
‫جتلـد أحيان ـاً ومـا لـى جتلـد‬ ‫كالنا سواء فـى اهلوى‪ 7‬غري أهنا‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪213‬‬

‫وقال عروة بن أذينة ‪:‬‬


‫خلقت هواك كما خلقت هوى هلا‬ ‫إن التـى زعمـت فـؤادك ملها‬
‫أبـدى لصاحبــه الصبابـة كلهـا‬ ‫فبـك الذى زعمت هبا فكالكما‬
‫ف ‪77 7‬إذا تش ‪77 7‬اكلت النف ‪77 7‬وس ومتازجت األرواح‪ 7‬وتف ‪77 7‬اعلت تف ‪77 7‬اعلت عنها األب ‪77 7‬دان‪ 7‬وطلبت نظري‬
‫االمتزاج واجلوار‪ 7‬ال‪7‬ذي‪ 7‬بني األرواح‪ ، 7‬ف‪77‬إن الب‪77‬دن آلة ال‪77‬روح ومركبه ‪ ،‬وهبذا ركب‪ 7‬اهلل س‪77‬بحانه‬
‫ش‪77‬هوة اجلم‪77‬اع بني ال‪77‬ذكر واألن‪77‬ثى طلب‪7‬اً لالم‪77‬تزاج واالختالط بني الب‪77‬دنني كما هو بني ال‪77‬روحني‬
‫‪ ،‬وهلذا‪ 7‬يس‪77 7‬مى مجاع ‪7 7‬اً وخالط ‪7 7‬اً ونكاح ‪7 7‬اً وإفض‪77 7‬اء ؛ ألن كل واحد منهما يفضي إىل ص‪77 7‬احبه‬
‫فيزول الفضاء بينهما ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬فهذا يوجب تأكد احلب باجلماع وقوته به ‪ ،‬والواقع خالفه ‪ ،‬فإن اجلماع يطفئ‬
‫نار احملبة ويربد حرارهتا‪ 7‬ويسكن نفس احملب ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬الناس خمتلفون ىف هذا فمنهم‪ 7‬من يكون بعد اجلماع أقوى حمبة وأمكن وأثبت مما قبله‬
‫‪ ،‬ويكون مبنزلة من وصف له شئ مالئم فأحبه فلما ذاقه كان له أشد حمبة وإليه أشد اشتياقاً ‪،‬‬
‫وقد ثبت يف الصحيح عن النىب‪ ‬يف حديث عروج املالئكة إىل رهبم‪ 7‬أنه سبحانه يسأهلم عن‬
‫عباده وهو أعلم هبم فيقولون‪" : 7‬إهنم يسبحونك وحيمدونك ويقدسونك ؟ ‪ ،‬فيقول ‪ :‬وهل‬
‫رأوىن ؟ فيقولون‪ : 7‬ال ؟ فيقول ‪ :‬فكيف لو رأوىن ؟! تقول املالئكة ‪ :‬لو رأوك لكانوا أشد‬
‫تسبيحاً وتقديساً ومتجيداً ‪ ،‬مث يقولون ‪ :‬ويسألونك اجلنة ‪ ،‬فيقول ؟ وهل رأوها ؟ فيقولون‪: 7‬‬
‫ال فيقول ‪ :‬فكيف لو رأوها ؟ فتقول املالئكة ‪ :‬لو رأوها لكانوا أشد هلا طالباً "وذكر احلديث‬
‫‪ ،‬ومعلوم أن حمبة من ذاق الشيء املالئم وعدم صربه عنه أقوى من حمبة من مل يذقه ‪ ،‬بل‬
‫نفسه مفطومة عنه ‪ ،‬واملودة اليت بني الزوجني واحملبة بعد اجلماع أعظم من اليت كانت قبله ‪،‬‬
‫والسبب‪ 7‬الطبيعى أن شهوة القلب ممتزجة بلذة العني ‪ ،‬فإذا رأت العني اشتهى القلب ‪ ،‬فإذا‬
‫اجلسم اجتمع شهوة القلب ولذة العني ولذة املباشرة ‪ ،‬فإذا فارق هذه احلال كان‬ ‫َ‬ ‫اجلسم‬
‫ُ‬ ‫باشر‬
‫نزاع نفسه إليها أشد وشوقه إليها أعظم ‪ ،‬كما قيل ‪:‬‬
‫الديار‬
‫الديار من َ‬ ‫إذا دنت ُ‪7‬‬ ‫وأكثر ما يكون الشوق يوماً‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪214‬‬

‫ولذلك يتضاعف األمل واحلسرة على من رأى حمبوبه أو باشره مث حيل بينه وبينه ‪ ،‬فتضاعف‬
‫أمله وحسرته ىف مقابلة مضاعفة لذة من عاوده ‪ ،‬وهذا ىف جانب املرأة أقوى ‪ ،‬فإهنا إذا‬
‫ذاقت عسيلة الرجل وال سيما أول عسيلة مل تكد تصرب عنه بعد ذلك ‪ ،‬قال أمين بن خرمي ‪:‬‬
‫وحيى اجتناب اخلالط العتابا‬ ‫العتاب خال َط النساء‬ ‫ُ‬ ‫مييت‬
‫وتزوج زهري بن مسكني الفهرى جارية ومل يكن عنده ما يرضيها به ‪ ،‬فلما أمكنته من‬
‫نفسها مل تر عنده ما ترضى به فذهبت ومل تعد ‪ ،‬فقال ىف ذلك أشعاراً كثرية منها ‪:‬‬
‫كفاك أما شئ لديك سوى القبل‬ ‫ـف قبلة‬
‫تقــول وقــد قبَّلتها ألـ َ‬
‫فقلت هلا حب على القلب حفظه وطـول بكاء تستفيض لـه املقل‬
‫فقالت لعمر اهلل مـا لــذة الفتـى من احلب ىف قول خيالفه الفعل‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫رأت حبـى سعـاد بـال مجاع فقـالـت حبـلنـا حبـل انقطـاع‬
‫ولسـت أريــد حبـاً ليس فيه متـاع منـك يـدخـل فـى متاعى‬
‫ملـا أرضـت إال باجلـمـاع‬ ‫فلــو قبـلتنـى ألف ـاً وألف ـاً‬
‫إذا ما الصب مل يك ذا مجاع يـرى احملبــوب كالشــئ املضاع‬
‫مجــاع الصـب‪ 7‬غـاية كل أنثى وداعيـة ألهـل العشــق داعـى‬
‫فقلــت هلـا وقــد ولت تعاىل فإنـك بعـد هـذا لـن تراعـى‬
‫وإنـك لو سـألـت بقاء يوم خلـى عـن مجـاعـك لـن تطاعـى‬
‫فقـالـت مـرحبـاً بفتـى كرمي وال أهـالً بـذى اخلنــع الرياع‪7‬‬
‫إذا مـا البعـل لـم يك ذا مجاع يُـرى فـى البيـت مـن سقط املتاع‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫فكم زورة منــى قصدتك خالياً‬ ‫وملــا شكوت احلب قالت‪ 7‬كذبتىن‬
‫قعدت وحاجات الفؤاد‪ 7‬كما هيا‬ ‫فمـا حـل فيهـا مـن إزار للـذة‬
‫وهـل راحـة للمـرء ىف ورد منهل ويرجـع بعد الورد‪ 7‬ظمآن صادياً‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪215‬‬

‫وقال العباس بن األحنف ‪:‬‬


‫وصالً جيل على كل اللذاذات‬ ‫يصف وصل ملعشوقني لـم يذقا‬ ‫مل ْ‬
‫وقال هدبة بن اخلشرم ‪:‬‬
‫واهلل مـا يشـفى الفـؤاد‪ 7‬اهلائمـا نفـث الرقــى وعقدك التمائما‪7‬‬
‫وال اللـزام دون أن تفـاعـما‬ ‫وال احلديـث دون أن تـالزمـا‬
‫وتعلـو القـوائ ُـم القـوائمـا‬ ‫وال الفعـام دون أن تفــاقمـا‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫فـى نظـرة قضـت الـوطـر‬ ‫قــوال لعـاتـكـة التـى‬
‫وال أريــدك للن ـظـر‬ ‫إنــى أريــدك للنـكـاح‬
‫لقنـعـت عنـها بالقمـر‬ ‫لـو كــان هـذا مقـنعـى‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫ووضـع للبطون علــى البطون‬ ‫دواء احلـب تقبيــل وشـم‬
‫ورهـز تـذرف العينـان منـه وأخـذ باملناكـب والقـرون‬
‫وقالت امرأة وقد طُلِبت منها احملادثة ‪:‬‬
‫وال بتقبي ٍـل وال بشـ ٍم‬ ‫ليـس هبــذا أمـرتنـى أمـى‬
‫يسقـط منه خامتى ىف كمى‬ ‫لك ْـن مجاعـاً قد يسلى مهى‬
‫وقد كشف الشاعر سبب ذلك حيث يقول ‪:‬‬
‫أجــدى وزادت لوعة وغرام‬ ‫ـب إلفه ! ألفاً ملا‬
‫لـو ضـم ص ٌ‬
‫فتألفـت مـن بعدها األجسام‬ ‫أرواحهم مـن قبـل ذاك تألفت‬
‫وقال املؤلف ‪:‬‬
‫وقلت لــه أشكو إلـى الشيخ حاليا‬ ‫سألت فقيــه احلب عن علة اهلوى‬
‫بأحشاء مــن هتوى إذا كنت خاليا‬ ‫فقال دواء احلب أن تلصق احلشا‬
‫وتلثمـه حتـى يـرى لـك ناهيـا‬ ‫وتتحـدا مـن بعـد ذاك تعـانقـا‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪216‬‬

‫علـى األمن مـا دام احلبيب مؤاتيا‬ ‫فتقضـى حـاجـات الفـؤاد بأسرها‬
‫وصـال بـه الرمحـن تلقـاه راضياً‬ ‫إذا كـان هـذا فـي ح ٍ‬
‫ـالل فحبذا‬
‫وإن كـان هـذا فـى حـرام فإنه عـذاب بـه تلقـى العنـا واملكاويا‬
‫قال هؤالء ‪ :‬وال يستحكم احلب إال بعد أن يشق الرجل رداءه وتشق املرأة املعشوقة برقعها‬
‫كما قال الشاعر ‪:‬‬
‫إذا شـق بـرد شـق بالربد برقـع دواليـك حتـى كلنـا غري النس‬
‫فكـم قــد شققنا مـن رداء حمرب ومـن برقـع عن طفلة غري عانس‬
‫وملا بلغ بعض الظرفاء قول املأمون ‪ :‬ما احلب إال قبلة ‪ ،‬األبيات ‪ ،‬قال ‪ :‬كذب املأمون ‪ ،‬مث‬
‫قال ‪:‬‬
‫فــوا ويـالً إذا فـرخ‬ ‫وبـاض احلــب فــى قلبــى‬
‫إذا لــم أكنــس الرببـخ‬ ‫ومــا ينفعنــى حب ــى‬
‫خـرجيــه علـى املطبـخ‬ ‫وإن ل ــم يض ــع األصلـع‬
‫وقال ابن الرومى ‪:‬‬
‫أعانقـها والنفــس بعـد مشوقة إليهـا وهـل بعد العناق تداىن‬
‫وألثـم فاهـا كـى تـزول صبابىت ! فيشتـد مـا ألقـى من اهليمان‬
‫ومل يـك مقدار‪ 7‬الذي ىب من اجلوى ليشفيـه مـا تـرشـف الشفتان‪7‬‬
‫سـوى أن أرى الروحيـن متتزجان‬ ‫كأن فؤادى ليـس يشفـى غليلـه‬
‫ـ ورأت طائفة أن اجلماع يفسد العشق ويبطله أو يضعفه واحتجت بأمور منها ‪ :‬أن اجلماع‬
‫هو الغاية اليت تطلب بالعشق فما دام العاشق طالباً فعشقه ثابت ‪ ،‬فإذا وصل إىل الغاية قضى‬
‫وطره وبردت حرارة طلبه وطفئت نار عشقه ‪ ،‬قالوا‪ : 7‬وهذا شأن كل طالب لشيء إذا ظفر‬
‫به ‪ ،‬كالظمآن إذا روى واجلائع إذا شبع ‪ ،‬فال معىن للطلب بعد الظفر ‪ ،‬ومنها ‪ :‬أن سبب‬
‫العشق فكرى وكلما قوى الفكر زاد العشق ‪ ،‬وبعد الوصول ال يبقى الفكر ‪ ،‬ومنها ‪ :‬أنه قبل‬
‫الظفر ممنوع والنفس مولعة حبب ما منعت منه كما قال ‪:‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪217‬‬

‫أحـب شـئ إىل اإلنسان مـا منعا‬ ‫وزادنـى كلفاً فـى احلـب أن منعت‬
‫وقال اآلخر ‪:‬‬
‫فتطاردى ىل بالوصال قليالً‬ ‫لوال طراد الصيد مل تك لذة‬
‫قالوا ‪ :‬وكانت اجلاهلية اجلهالء يف كفرهم ال يرجون ثواباً وال خيافون عقاباً ‪ ،‬وكانوا‬
‫يصونون العشق عن اجلماع ‪ ،‬كما ذكر أن أعرابياً علق امرأة فكان يأتيها سنني وما جرى‬
‫بينهما ريبة ‪ ،‬قال ‪ :‬فرأيت ليلة بياض كفها يف ليلة ظلماء فوضعت‪ 7‬يدي على يدها ‪ ،‬فقالت‪: 7‬‬
‫مه ‪ ،‬ال تفسد ما صلح ‪ ،‬فإنه ما نكح حب إال فسد ‪ ،‬فأخذ ذلك املأمون فقال ‪:‬‬
‫ـف وعضـد‬ ‫وغمـز ك ٍ‬ ‫مـا احلـب إال نظ ــرة‬
‫أجـل مــن نفـث العقـد‪7‬‬ ‫أو كتـب فيهــا رقــى‬
‫إن نكــح احلـب فسـد‬ ‫مـا احلـب إال هـكـذا‬
‫فإنـمـا يبغـى الولد‬ ‫مـن كــان هـذا حبـه‬
‫آخر امرأة فدام‪ 7‬احلال بينهما ىف اجتماع وحديث ونظر ‪ ،‬مث إنه جامعها ‪ ،‬فقطعت‬ ‫وهوة ٌ‬
‫الوصل بينهما فقال ‪:‬‬
‫فليتنـى ال كنـت واقعتــها‬ ‫لو لـم أواقـع دام لـى وصلها‬
‫وقيل آلخر شكا فراق حمبوبة له ‪:‬‬
‫أكثـرت من وطئها والوطء مسأمة فارفق بنفسك إن الرفق حممود‬
‫قال األصمعى‪ : 7‬قلت ألعرابية ما تعدون العشق فيكم ؟ قالت ‪ :‬العناق والضمة والغمزة‬
‫واحملادثة ‪ ،‬مث قالت‪ : 7‬يا حضرى ‪ :‬فكيف هو عندكم ؟ قلت ‪ :‬يقعد بني شعبها األربع مث‬
‫جيهدها ‪ ،‬قالت‪ : 7‬يا ابن أخى ما هذا عاشق هذا طالب ولد ‪.‬‬
‫وسئل أعراىب عن ذلك فقال ‪ :‬مص الريق ولثم الشفة واألخذ من أطايب احلديث ‪ ،‬فكيف‬
‫هو فيكم أيها احلضرى ؟ فقال ‪ :‬العفس الشديد واجلمع بني الركبة والوريد ‪ ،‬ورهز يوقظ‬
‫النائم ويشفى القلب اهلائم ‪ ،‬فقال ‪ :‬باهلل ما يفعل هذا العدو الشديد ‪ ،‬فكيف احلبيب الودود ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪218‬‬

‫واملقصود ‪ :‬أن هذه الفرقة رأت أن اجلماع يفسد العشق ‪ ،‬فغارت عليه مما يفسده وإن مل‬
‫ترتكه ديانة ‪ ،‬وحيكى أن رجالً عشق امرأة فقالت‪ 7‬له يوماً ‪ :‬أنت صحيح احلب غري سقيمه ‪،‬‬
‫وكانوا يسمون احلب على اخلنا احلب السقيم‪ ، 7‬فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقالت ‪ :‬اذهب بنا إىل املنزل ‪،‬‬
‫فما هو إال أن حصلت ىف منزله فلم يكن له مهة غري مجاعها ‪ ،‬فقالت له وهو كذلك ‪:‬‬
‫أسرفت ىف وطئنا والوطء مقطعة فارفق بنفسك إن الرفق حممود‬
‫فقال هلا وهو على حاله ‪:‬‬
‫لو مل أطأك ملا دامت حمبتنا لكن فعلى هـذا فعـل جمهود‬
‫فنفرت من حتته وقالت ‪ :‬يا خبيث أراك خالف ما قلت من صحة احلب ‪ ،‬ومل جتعل مجاعى‬
‫سقف أبداً‬
‫إال سبباً لذهاب حبك ‪ ،‬واهلل ال ضمىن وإياك ٌ‬
‫ـ وفصل اخلطاب بني الفريقني أن اجلماع احلرام يفسد احلب وال بد أن تنتهي احملبة بينهما إىل‬
‫املعاداة والتباغض والقلى كما هو مشاهد بالعيان ‪ ،‬فكل حمبة لغري اهلل آخرها قلى وبغض‬
‫فكيف إذا قارهنا ما هو من أكرب الكبائر"(‪. )1‬‬
‫ـ فماذا للرجل من زوجته وهو صائم ؟‬
‫ـ للرجل من زوجته وهو صائم ‪ :‬القبلة ‪ ،‬وهذا ال ينقض الوضوء كما يظن الكثري ‪ ،‬فقد‬
‫صح عن أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ أهنا قالت ‪" :‬قبَّل رسول اهلل ‪ ‬بعض نسائه ‪ ،‬مث‬
‫خرج إىل املصلى ومل يتوضأ" (‪. )1‬‬
‫ـ هذا ملن ميلك نفسه ـ فال يتجاوز القبلة ‪ ،‬وأما من ال ميلك نفسه فليس له ذلك حىت ال‬
‫يفسد على نفسه صيامه ‪.‬‬
‫ـ فماذا على من وقع على أهله فى نهار رمضان ؟‬
‫هلكت ‪ ،‬قال ‪ :‬وما‬
‫ُ‬ ‫ـ عليه الكفارة ‪ ،‬فقد جاء رجل إىل النىب ‪ ‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل ‪:‬‬
‫وقعت على أهلى ‪ ،‬وأنا صائم ‪ ،‬فقال رسول اهلل‪ : ‬هل جتد رقبة تعتقها ؟‬
‫أهلكك ؟ قال ‪ُ :‬‬
‫قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ ،‬فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعني ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬هل جتد إطعام‬
‫(‪ )1‬روضة المحبين المنسوب‪ S‬لإلمام ابن القيم ‪ ،‬بتصرف ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪219‬‬

‫ستني مسكيناً ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬فاجلس ‪ ،‬قال روى احلديث ‪ :‬فينما حنن على ذلك إذا أتى‬
‫‪ ‬بعرق فيه متر ‪ ،‬فقال ‪ :‬أين السائل؟ قال ‪ :‬أنا ‪ ،‬قال ‪ :‬خذ هذا فتصدق به ‪ ،‬قال ‪ :‬أعلى‬
‫األرض أفقر مىن ؟ فواهلل ما بني البتيها أهل بيت أفقر منا ‪ ،‬فضحك رسول اهلل ‪ ‬وقال ‪:‬‬
‫أطعمه أهلك" (‪. )2‬‬

‫ـ هل الزواج هو السهم القاتل للحب ؟‬


‫ـ نعم ! عند من يرى األعراض مباحة مستباحة للجميع ‪ ،‬الكل يرتع فيها ‪ ،‬والكل يأخذ‬
‫منها ‪ ،‬أما عند أصحاب الدين فالزواج‪ 7‬هو "اإلكليل" الذى‪ 7‬يتوج احلب ويكلله ‪.‬‬
‫ـ فهل يكون الحب قبل الزواج أو بعده ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬إن اإلحرتام‪ 7‬املتبادل بني الزوجني ‪ ،‬وسعى كل طرف إلسعاد الطرف اآلخر ‪،‬‬
‫واإلبتعاد عما ينفره منها ويكرهه من أهم االسباب الىت تأتى باحلب الذى‪ 7‬يعيش وينمو برعاية‬
‫الزوجني له واحملافظة عليه ‪.‬‬
‫ـ فما هو الدواء الناجع لفتن الطريق ؟‬
‫ـ الدواء‪ 7‬الناجع لفنت الطريق ‪ :‬قال ‪" : ‬إذا أحدكم أعجبته املرأة فوقعت‪ 7‬ىف قلبه فليعمد‬
‫إىل امرأته فليواقعها‪ 7‬فإن ذلك يرد ما ىف نفسه" (‪. )1‬‬
‫ذكرك الشيطان املفاتن ‪ ،‬فتذكر أنت املناتن"‬ ‫ولكل شاب أقول له قول ابن مسعود ‪" : ‬إذا َّ‬
‫فإذا زيَّن لك الشيطان األرداف تذكر أنت ما بينها ‪ ،‬وهو جمرى الغائط ‪ ،‬ولو أن تلك اجلميلة‬
‫ذكرك النهود تذكر أنت رائحة‬ ‫تسري والغائط يسيل منها ‪ ،‬ورائحة ضراطها وفسائها‪ ، 7‬وإذا َّ‬
‫العرق بينهما وحتت إبطها (‪. )2‬‬

‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى ومسلم ‪.‬‬


‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬وأسوق لكل شاب هذا الخبر الذى نشرته جريدة األخبار (‪ )15/4/2001‬وفيه ‪ :‬قضت محكمة فى الجريدة المنورة بجلد ‪ 10‬طالب اتهموا بالتسكع أمام‬
‫مدارس البنات ومعاكستهن ويتم تنفيذ‪ S‬الحكم ‪ 30‬جلدة فى موقع المعاكسات‪ ، S‬وقررت المحكمة السجن للطالب فى حالة تكرار المخالفة ‪ ،‬اهـ ‪ .‬فاحمد هللا أخى‬
‫الشاب أنك نجوت من هذا الحد ‪ ،‬ولكن تذكر حد اآلخرة والوقوف بين يدى هللا للقصاص ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪220‬‬

‫ـ ما صحة الحديث الذى يقول ‪" :‬إياكم وخضراء الدمن ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وما خضراء الدمن يا‬
‫رسول اهلل ؟ قال ‪ :‬المرأة الحسناء فى المنبت السوء" ‪.‬‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث ضعيف جداً ‪ ،‬أخرجه القضاعى ىف مسند الشهاب (‪ )96\2‬بسند‬
‫فيه الواقدى ‪ :‬وهو مرتوك ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬تزوجوا وال تطلقوا ‪ ،‬فإن الطالق يهتز له العرش" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬وهذا أيضاً حديث موضوع ‪ ،‬أخرجه اخلطيب ىف تارخيه ( ‪ )191\12‬بسند فيه‬
‫عمرو بن مجيع ‪ :‬كذاب ‪.‬‬
‫ضى بِالْيَ ِس ِري"؟ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫"علَْي ُك ْم باأْل َبْ َكا ِر فَِإنَّ ُه َّن أ َْع َذ ُ‬
‫ب أَْف َو ًاها َوأَْنتَ ُق أ َْر َح ًاما َوأ َْر َ‬ ‫ـ وقوله ‪َ :‬‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث صحيح بطرقه ‪ ،‬وقد تقدم ىف أول الكتاب ‪.‬‬
‫ـ يقول بعضهم أن الزواج فى شوال مكروه ‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬الزواج طيلة العام مباح ‪ ،‬إال ما ورد النص على منعه كامل ْح ِرم مثالً ‪ ،‬ومل يرد‬
‫ُ‬
‫نص حُي رم الزواج‪ 7‬ىف شهر شوال بعينه ‪ ،‬بل إن أم املؤمنني عائشة ـ رضى اهلل عنها ـ تقول ‪:‬‬
‫"تزوجىن رسول اهلل ‪ ‬ىف شوال ‪ ،‬وبىن ىب ىف شوال ‪ ،‬فأى نساء رسول اهلل ‪ ‬كان أحظى‬
‫عنده مىن ‪ ،‬وكانت حتب أن تدخل نساءها ىف شوال" (رواه مسلم) ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬شاورهن وخالفوهن ‪ ،‬أى النساء" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬ال أصل مرفوعاً ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪ :‬مل ير للمتحابني مثل النكاح ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث صحيح ‪ :‬أخرجه ابن ماجة (‪ )1847‬وغريه ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث ضعيف ‪ :‬أخرجه احلاكم (‪ )178\2‬وغريه بسند ضعيف ‪ ،‬فيه ابن‬
‫سخربة ‪ :‬مرتوك ‪.‬‬
‫اح أَيْ َس ُرهُ " ؟‬
‫"خْي ُر النِّ َك ِ‬
‫ـ وقوله ‪َ :‬‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث صحيح ‪ ،‬أخرجه أبو داود وابن حبان وغريمها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪221‬‬

‫ـ هل هناك حديث يقول أن الزواج‪ 7‬نصف الدين ‪ ،‬كما هو مشهور‪ 7‬على ألسنة العامة ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬نعم ولفظه ‪" :‬إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين ‪ ،‬فليتق اهلل فيما بقى" ‪،‬‬
‫وهو حديث صحيح ‪ :‬أخرجه الطرباىن ىف األوسط (‪ )161\3( )162\1‬واخلطيب ىف‬
‫املوضح (‪ )84\2‬واحلاكم (‪. )161\2‬‬
‫ي َح َّق َز ْو ِج َها َولَ ْو‬ ‫ٍ ِ ِِ‬
‫س حُمَ َّم ‪7‬د بيَده اَل ُت َؤ ِّدي الْ َم ْرأَةُ َح َّق َربِّ َها َحىَّت ُت َؤ ِّد َ‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫‪7‬‬
‫ي‬ ‫ـ وقوله ‪" :‬والَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َسأَهَلَا َن ْف َس َها َوه َي َعلَى َقتَب مَلْ مَتَْن ْعهُ" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث صحيح ‪ ،‬تقدم خترجيه ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬للمرأة سرتان ‪ :‬القرب والزوج ‪ ،‬قيل ‪ :‬وأيهما أفضل ؟ قال ‪ :‬القرب" ‪.‬‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث موضوع ‪ ،‬أخرجه الطرباىن ىف الكبري (‪ )271\3‬بسند فيه ‪ :‬خالد‬
‫بن يزيد القسرى ‪ :‬ليس بالقوى ىف احلديث ‪ ،‬وهو أيضاً حديث منقطع ‪.‬‬
‫ـ ومثله ‪" :‬للنساء عشر عورات ‪ ،‬فإذا زوجت املرأة سرت الزوج عورة ‪ ،‬وإذا ماتت املرأة سرت‬
‫القرب تسع عورات" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث منكر ‪ ،‬أخرجه الديلمى‪ 7‬بسند ضعيف ‪ ،‬فيه جماهيل ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬ال تزوج‪77‬وا النس‪77‬اء حلس‪77‬نهن ‪ ،‬عسى حس‪77‬نهن أن يُ‪77‬رديهن ‪ ،‬وال ت‪77‬زوجهن ألم‪77‬واهلن ‪،‬‬
‫فعسى أم ‪77 7‬واهلن أن تَطغيهن ‪ ،‬لكن تزوج ‪77 7‬وهن على ال ‪77 7‬دين ‪ ،‬وألمة خرم ‪77 7‬اء س‪77 7 7‬وداء ذات دين‬
‫أفضل" ؟‪.‬‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث ضعيف ‪ ،‬أخرجه ابن ماجة (‪ )1859‬بسند فيه ‪ :‬عبد الرمحن بن‬
‫زياد اإلفريقى‪ : 7‬ضعيف ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬ما أكرمهن إال كرمي ‪ ،‬وال أهاهنن إال لئيم" ؟‬
‫ـ الجواب ‪ :‬هذا حديث موضوع ‪ ،‬أخرجه ابن عساكر ىف تارخيه (‪ )1\282\4‬بسند فيه ‪:‬‬
‫إبراهيم بن حممد‪ 7‬األسلمى ‪ :‬كذاب ‪.‬‬
‫ـ وقوله ‪" :‬التمسوا الرزق بالنكاح" ؟‬
‫ـ اجلواب ‪ :‬هذا حديث ضعيف ‪ ،‬أخرجه الديلمى‪ )42\1\1( 7‬بسند فيه خالد الزجنى ‪:‬‬
‫صدوق كثري األوهام ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪222‬‬

‫كيفية عالج المسحور‬


‫ـ إن من أهم املشاكل الىت تكون ليلة الزفاف أن يكون الزوج "مربوطاً" عن زوجته ‪ ،‬مما‬
‫يصيب الزوج بأمل نفسى شديد أن يشعر بفقد رجولته ىف ليلة العمر أو غريها ‪ ،‬مما يدفع‪7‬‬
‫الكثري من الناس إىل اللجوء إىل الدجالني والسحرة للخروج من املأزق العظيم ‪ ،‬ومما قد يؤدى‬
‫بالزوج ىف بعض األحيان إىل فعل ما يغضب اهلل تعاىل ‪ ،‬فهل حقاً هناك ما يسمي بالربط ‪،‬‬
‫وما هى أدلة مس اجلن لإلنسان ‪ ،‬وكيف يعرف اإلنسان أنه مسحور‪ ، 7‬وما هى أنواع السحر‬
‫‪ ،‬وكيف يعمل الساحر ‪ ،‬وما هى طرق العالج ‪ ،‬وكيفية التحصني من هذا ؟ إىل غري هذا ‪،‬‬
‫مع اإلفاضة‪ 7‬لشيوع هذا األمر بني الناس وانتشاره وعموم البلوى به ‪ ،‬وأمهية هذا األمر ‪.‬‬
‫من اهلل تعاىل على بتأليف رسالة موجزة ىف هذا األمر لعموم‪ 7‬البلوى به ‪،‬‬ ‫ـ اجلواب ‪ :‬لقد ً‬
‫رفضت ىف املاضى أن أضع رسالة أو أصنف كتاباً ىف العالج بالقرآن لكثرة‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬
‫وإن ُ‬
‫املعروض باألسوق ‪ ،‬إال أنه وبعد سنوات من العالج ـ أكثر من عشر سنوات ـ طلب مىن‬
‫االستاذ "مجال" صاحب مكتبة العلم أن أضع رسالة موجزة ىف بيان هذا األمر ‪ ،‬ىف حماولة‬
‫لطرد سقيم الكتب وعليلها ‪ ،‬ووقوف املريض على الصحيح من العالج من كتاب اهلل تعاىل‬
‫وسنة نبيه‪ ، ‬فكان واحلمد هلل رب العاملني ‪ ،‬ومما جاء فيها ‪:‬‬
‫ـ أدلة مس اجلن لإلنس ‪ :‬وأدلة مس اجلىن لإلنسان كثرية جداً ‪ ،‬حتدثت‪ 7‬عنه التوراة‬
‫ومو َن إِاَّل‬ ‫ين يَأْ ُكلُو َن ِّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الربَا اَل َي ُق ُ‬ ‫واإلجنيل ‪ ،‬ونص عليها القرآن الكرمي ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪( :‬الذ َ‬
‫س) (البقرة ‪. )275 :‬‬ ‫ِ‬
‫وم الذى‪َ 7‬يتَ َخبَّطُهُ الشَّْيطَا ُن م ْن الْ َم ِّ‬
‫َك َما َي ُق ُ‬
‫ـ قال اإلمام ابن كثري ىف تفسريه (‪" : )326\1‬أى ال يقومون من قبورهم‪ 7‬يوم القيامة إال‬
‫كما يقوم املصروع حال صرعه وختبط الشيطان له" ‪.‬‬
‫ـ وقال القرطىب ىف تفسريه (‪ : )320\3‬ىف هذه اآلية دليل على فساد َمن أنكر الصرع من‬
‫جهة اجلن وزعم أنه من فعل الطبائع ‪ ،‬وأن الشيطان ال يسلك ىف اإلنسان وال يكون منه‬
‫مس" (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬تفسير الطبرى والرازى والخازن والنسفى وروح المعانى وغيرها من كتب التفسير ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪223‬‬

‫ـ ومن السنة النبوية املطهرة ‪ :‬ما أخرجه اإلمام أمحد ىف مسنده عن يعلى بن مرة قال ‪:‬‬
‫"ثالثة أشياء رأيتهن من رسول اهلل ‪ ‬ـ مث ذكر احلديث ـ إىل أن قال ‪ :‬مث سرنا فمررنا مباء ‪،‬‬
‫فأتته امرأة بابن هلا به ِجنِّة ‪ ،‬فأخذ النىب‪ ‬منخره فقال ‪ :‬اخرج عدو اهلل إىن رسول اهلل ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬مث سرنا ‪ ،‬فلما رجعنا من سفرنا مررنا بذلك املاء فأتت امرأة عجوز جبزر ولنب ‪ ،‬فأمرها أن‬
‫ترد اجلزر ‪ ،‬وأمر أصحابه فشربوا‪ 7‬من اللنب ‪ ،‬فسأهلا عن الصىب فقال ‪ :‬والذى بعثك باحلق ما‬
‫(‪)1‬‬
‫رأينا منه ريباً بعدك"‬
‫كيف تعرف أنك مسحور ‪:‬‬
‫السحر‪ 7‬جاء ذكره ىف‬ ‫وقبل أن نبدأ ببيان األعراض الىت تظهر على املسحور‪ 7‬نبني أوالً أن ِّ‬
‫القرآن ىف غري آية ‪ ،‬فقال تعاىل حكاية عن أهل الكفر والشرك قوهلم‪ 7‬عن الرسول ‪( :‬إِ ْن‬
‫ِ ِ‬
‫ورا) (اإلسراء ‪ ، )47 :‬كما أخرب تعاىل أن عصر موسى ‪ ‬كان أحد‬ ‫َتتَّبعُو َن إاَّل َر ُجاًل َم ْس ُح ً‬
‫العصور‪ 7‬الىت كان للسحر فيها املكان املرموق ‪ ،‬وذلك ىف مواضع‪ 7‬كثرية من كتاب اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫فالسحر حقيقة وسبب من األسباب الىت تؤثر ىف املريض ‪ ،‬إال أن هذا التأثري مقيد بإذن اهلل‬ ‫ِّ‬
‫َح ٍد إِاَّل بِِإ ْذ ِن اللَّ ِه) (البقرة ‪:‬‬ ‫تعاىل ‪ ،‬كما قال تعاىل عن السحرة ‪( :‬وما هم بِض ِّار ِِ ِ‬
‫ين به م ْن أ َ‬
‫ََ ُ ْ َ َ‬
‫‪. )102‬‬
‫فالسحر ال يضر وال ينفع ـ كغريه من األسباب ـ إال بإذن اهلل تعاىل ‪ ،‬فليكن هذا منك على‬ ‫ِّ‬
‫بال ‪.‬‬
‫السحر والسحرة ىف كتاب اهلل تعاىل ‪ ،‬جاءت السنة النبوية الشريفة‬ ‫وكما ورد احلديث عن ِّ‬
‫لتبني أن من أتى ساحراً أو كاهناً أو عرافاً فقد كفر ‪ ،‬وىف رواية ‪ :‬فقد أشرك ‪.‬‬
‫وعليه فكل من أتى دجاالً أو عرافاً أو كاهناً أو ساحراً فيخشى عليه أن يدخل حتت نطاق‬
‫احلديث السابق ‪ ،‬وليكن هذا أيضاً منك على بال (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬حسن ‪ :‬أخرجه أحمد (‪ )170،172،173\4‬والبيهقى‪ S‬فى الدالئل (‪ )22،23\6‬والحاكم (‪ )617\2‬وغيرهم ‪ ،‬وانظر ‪ :‬مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية (‪ )56\19( )284\11‬وزاد المعاد (‪. )84\3‬‬
‫(‪ )1‬سيأتى بيان كيفية التعرف على الدجال ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪224‬‬

‫السحر ‪:‬‬
‫ـ أنواع ِّ‬
‫السحر ‪ِّ :‬سحر التفريق ‪ :‬وقد بينه القرآن ىف قوله تعاىل ‪َ ( :‬فيََت َعلَّ ُمو َن ِمْن ُه َما َما‬ ‫ومن أنواع ِّ‬
‫يُ َفِّرقُو َن بِِه َبنْي َ الْ َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه) (البقرة ‪ )102 :‬فيخيل إىل املسحور‪ 7‬ـ رجالً كان أم امرأة ـ أن‬
‫وجه زوجته ـ أو خمطوبته ـ كأنه ثعبان أو قرد أو حنو هذا ‪ ،‬فينفر منها ‪ ،‬كما تكثر اخلالفات‬
‫الزوجية ىف البيت‪ 7‬على خالف املعهود ‪ ،‬أو نفرة الرجل أو املرأة من البيت والشعور‪ 7‬بالضيق‬
‫كلما كانا ـ الرجل أو املرأة ـ فيه ‪ ،‬والشعور‪ 7‬بالراحة كلما خرجا منه أو ذهبا إىل أى مكان‬
‫آخر ‪.‬‬
‫ـ ويرجع هذا إىل متثل اجلىن على وجه الرجل أو املرأة على هيئة ثعبان أو قرد أو أى منظ ٍر‬
‫قبيح ‪ ،‬مما يؤدى إىل النفور‪ 7‬واالبتعاد ‪.‬‬
‫ـ ِّسحر الربط ‪ :‬وهو ما يصيب الرجل عند اجلماع ‪ ،‬فال يتم انتصاب العضو‪ 7‬الذكرى‪7‬‬
‫للرجل عند اجلماع ‪ ،‬وكلما كان الرجل بعيداً عن زوجته يشعر باالرتياح واحلاجة إىل‬
‫اجلماع ‪ ،‬فإذا أراد اجلماع وبدأ العضو ىف االنتصاب ‪ ،‬أصاب العضو‪ 7‬حالة من الضعف و‬
‫"االرختاء" مما يصيب الرجل حبالة نفسية سيئة ‪.‬‬
‫السحر‪ 7‬واجلان املوكل بالعمل ‪ ،‬الذى مُي سك ويضغط على املركز العصىب‬ ‫ومرد هذا إىل ِّ‬
‫ُّ‬
‫باملخ والذى‪ 7‬ميد اجلسد باإلشارة الىت يتم هبا دفع الدم‪ 7‬إىل العضو لتتم عملية االنتصاب ‪ ،‬كما‬
‫يكون أيضاً ىف بعض حاالت الشلل النصفى‪ 7‬أو الكلى ‪ ،‬أو فقد اإلبصار الوقىت ‪.‬‬
‫"فرجها"وهو ِّسحر التغوير ‪ ،‬فيأتى الرجل زوجته ليلة البناء‬ ‫فيس ّد ْ‬
‫ـ وكذا يأتى اجلىن املرأة ُ‬
‫بسحر التغوير ‪ ،‬مما جيعل‬ ‫"الزفاف" فيجدها كالثيب‪ ، 7‬فال جيد غشاء البكارة ‪ ،‬وهو ما يسمى ِّ‬
‫للشيطان منفذاً إىل نفسه ‪.‬‬
‫شخص بعينه ‪ ،‬قد يكون‬ ‫ٍ‬ ‫ـ ِّسحر اجللب واحملبة ‪ :‬وهو ما يظهر على املريض من ٍ‬
‫ميل إىل‬
‫خطيباً أو زوجاً أو غري ذلك ‪ ،‬وكذا للرجل أن جيد نفسه مييل إىل "فالنة " بعينها ‪ ،‬حىت جتده‬
‫يرتك عمله ليسافر إليها ـ على بُعد املسافة ـ أو كثري االشتياق إليها على غري املعهود ‪ ،‬والتودد‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪225‬‬

‫إليها وطلب وصاهلا وإن كان حراماً ‪ ،‬والتقرب إليها بشيت الطرق والوسائل على غري املألوف‬
‫واملعهود ‪.‬‬
‫ـ كيف يعمل الساحر ‪ :‬يقوم الساحر أو الدجال بقراءة بعض الطالسم ـ وقد يقرأ بعض‬
‫السحر‪ 7‬له ‪ ،‬أو بعض الطعام ليأكله ‪،‬‬ ‫اآليات بطريقة معينة ـ على بعض املاء ليشربه املراد عمل ِّ‬
‫أو على قطعة من "أثر" أو بعض الرتاب ‪ ،‬أو بعض البخور‪ ، 7‬وغري هذا كثري ‪.‬‬
‫ـ مث يأخذ "الزبون" هذا "العمل" ويضعه ىف املكان الذى‪ 7‬أعلمه الساحر به ‪ ،‬أو يرشه على‬
‫مر "خطى" يبدأ‬ ‫باب "بيت" أو "شقة املطلوب" عمل السحر له ‪ ،‬حىت إذا شربه أو أكله أو ّ‬
‫السحر ىف العمل ‪.‬‬
‫ويكون هذا عن طريق توكيل الساحر لبعض اجلن بالعمل كخدام‪ 7‬له ‪ ،‬فإذا ُرش املاء مثالً‬
‫بالسحر جبوار‪ 7‬ذلك العمل ـ وكثرياً ما يكون اجلن‬
‫على "عتبة" الباب جلس اجلن املوكل ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫مر املطلوب على العمل انتفض‬ ‫بالسحر أربعة أو ستة أو أضعاف هذا العدد‪ ، 7‬فإذا َّ‬ ‫املوكل ِّ‬
‫بالسحر "ليلبس" جسد املسحور مث تبدأ األعراض‪ 7‬ىف الظهور‪. 7‬‬ ‫اجلن املوكل ِّ‬
‫ـ ومن األعراض الىت تظهر على املسحور‪ : 7‬أن يرى ىف منامه أحالماً مفزعة ‪ ،‬كأن يرى‬
‫عال ‪ ،‬أو يرى ثعابني كثرية أو قروداً ‪ ،‬أو يرى ىف‬ ‫ثعباناً يلدغه ‪ ،‬أو يوشك أن يقع من مكان ٍ‬
‫منامه أماكن النجاسات واخلِرب (‪ )2‬أو املقابر وحنو هذا ‪.‬‬
‫ـ ومن األعراض الىت يراها املسحور‪ 7‬أيضاً ـ وهذا وفق السحر ـ كثرة االحتالم ليالً ‪ ،‬وقد‬
‫يكون أيضاً هناراً ! وهو ما يسمى بالعشق ‪ ،‬فيأتى اجلىن املرأة مناماً فيعاشرها معاشرة األزواج‪7‬‬
‫‪ ،‬مما قد يؤدى إىل نفرهتا من زوجها ‪ ،‬وكذا تأتى اجلنية الرجل ىف منامه حىت أن بعضهم كاد‬
‫أن يصل به األمر إىل اجلنون من كثرة معاناته من هذا األمر وحماولة التخلص منه ‪.‬‬

‫كيفية عالج المسحور ‪:‬‬


‫(‪ )1‬إنما نبهت على هذا تنبيهاً‪ S‬للمعالج حتى ال يغتر بخروج جنى من جسد المريض فيظن أن الجسد أصبح خاليا ً من الجن ‪ ،‬بل عليه أن يعيد القراءة مرة أخرى‬
‫وثالثة ورابعة حتى يخرج كل الجن الموكل بالعمل من الجسد ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الخرب ‪ :‬جمع خربة ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪226‬‬

‫حيضر املريض سبع ورقات من ورق شجرة السدر "النبق" غري معطوبة أو مقطوعة ‪،‬‬
‫ويدقها بني حجرين حىت تصري قطعاً صغرية ‪ ،‬مث يضعها ىف إناء به ماء ‪ ،‬مث يُقرأ على اإلناء‬
‫السحر (‪ )3‬مع استحضار القارئ‪ 7‬أو املعاجل عند قراءة اآليات نية‬ ‫آيات الرقية وآيات فك ِّ‬
‫السحر ‪ ،‬وهذا هام جداً (‪ ، )1‬واآليات هى ‪:‬‬ ‫الشفاء وطرد اجلن من جسد املريض وإبطال ِّ‬
‫(‬
‫ك َي ْوِم الدِّي ِن‬ ‫الر ِحي ِم (‪ )3‬مالِ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الر‬
‫َّمْح‬
‫(‪)2‬‬
‫ني‬
‫َ‬
‫ب الْعالَ ِ‬
‫م‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ه‬‫الر ِحي ِم (‪ )1‬احْل م ُد لِلَّ ِ‬
‫َْ‬ ‫ـ (بِ ْس ِم اللَّ ِه الرَّمْح َ ِن َّ‬
‫ت َعلَْي ِه ْم َغرْيِ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ين‬ ‫الصرا َط الْمست ِقيم (‪ِ )6‬صرا َط الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫ِّ‬ ‫ا‬‫َ‬‫ن‬ ‫اك نَستعِني (‪ )5‬اه ِ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫اك‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫‪)4‬‬
‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َْ َ‬ ‫َْ ُ ْ‬ ‫ُْ ُ َ‬
‫ني (‪( ))7‬الفاحتة) ‪.‬‬ ‫وب َعلَْي ِه ْم َواَل الضَّالِّ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫الْ َم ْغ ُ‬
‫يمو َن الصَّاَل َة‬ ‫ق‬‫ب وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫ِ‬‫ب‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ك الْ ِكتَاب اَل ريب فِ ِيه ه ًدى لِْلمت َِّقني (‪ )2‬الَّ ِذين ي ْؤ ُِ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ـ (امل (‪َ )1‬ذلِ‬
‫ْ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ك َوبِاآْل ِخَر ِة ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ومِم َّا رز ْقناه ‪7‬م ي ِنف ُقو َن (‪ )3‬والَّ ِ‬
‫ك َو َما أُنْ ِز َل ِم ْن َقْبل َ‬ ‫ين يُ ْؤ ِمنُو َن مِب َا أُنْ ِز َل إِلَْي َ‬ ‫َ َ‬‫ذ‬ ‫َ ََ َ ُ ْ ُ‬
‫يُوقِنُو َن(‪( ))4‬البقرة ‪. )4-1 :‬‬
‫ض‬‫ات َواأْل َْر ِ‪7‬‬ ‫السماو ِ‬ ‫ق‬ ‫الر ِحيم (‪ )163‬إِ َّن ىف َخ ْل ِ‬ ‫ـ َ ِ ِ ِ ِ ِاَّل‬
‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫(وإهَلُ ُك ْم إلَهٌ َواح ٌد اَل إلَهَ إ ُه َو الرَّمْح َا ُن َّ ُ‬
‫الس َم ِ‪7‬اء‬‫َنز َل اللَّهُ ِم ْن َّ‬ ‫َّاس َو َما أ َ‬
‫ِ مِب‬ ‫ِ‬
‫َّها ‪7‬ر َوالْ ُف ْلك الىت جَتْري ىف الْبَ ْحر َا يَن َف ُع الن َ‬
‫ِ‬ ‫ف اللَّْي ِل والن َ ِ‬
‫َ‬
‫واختِاَل ِ‬
‫َ ْ‬
‫الس َح ِ‪7‬‬
‫اب‬ ‫اح َو َّ‬ ‫الريَ ِ‬
‫يف ِّ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ض بع َد موهِتَا وب َّ ِ ِ‬ ‫ِمن م ٍاء فَأ ِِ‬
‫ث ف َيها م ْن ُك ِّل َدابَّة َوتَ ْ‬ ‫َحيَا به اأْل َْر َ‪َ َ ْ َ ْ َ 7‬‬ ‫َْ ْ‬
‫ات لَِق ْوٍم َي ْع ِقلُو َن (‪( ))164‬البقرة ‪. )164-163 :‬‬ ‫ض آَل ي ٍ‬ ‫الْمس َّخ ِر ب َّ ِ‬
‫الس َماء َواأْل َْر ِ َ‬ ‫ُ َ َنْي َ‬
‫ض َم ْن‬ ‫ات َو َما ىف اأْل َْر ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫َّ‬ ‫ىف‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫اَل‬‫و‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫س‬‫ـ (اللَّه اَل إِلَه إِاَّل هو احْل ي الْ َقيُّوم‪ 7‬اَل تَأْخ ُذه ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ َ َ ُّ‬
‫َذا الذى‪ 7‬يَ ْش َف ُع ِعْن َدهُ إِاَّل بِِإ ْذنِِه َي ْعلَم َما َبنْي َ أَيْ ِدي ِه ْم َو َما َخ ْل َف ُه ْم َواَل حُيِ يطُو َن بِشئ ِم ْن ِع ْل ِم ِه إِاَّل‬
‫ُ‬
‫يم(‪( ))255‬البقرة‬ ‫ظ‬‫ض واَل يئُوده ِح ْفظُهما وهو الْعلى الْع ِ‬ ‫‪7‬‬ ‫َر‬ ‫أْل‬‫ا‬‫و‬ ‫السماو ِ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ُّ‬‫س‬‫مِب َا َشاء و ِسع ُكر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫‪. )255 :‬‬
‫ول مِب َا أُن ِز َل إِلَْي ِه ِم ْن َربِِّه َوالْ ُم ْؤ ِمنُو َ‪7‬ن ُكلٌّ َآم َن بِاللَّ ِه َو َماَل ئِ َكتِ ِه َو ُكتُبِ ِه َو ُر ُسلِ ِه اَل نُ َفِّر ُق‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫(آم َن َّ‬
‫ـ َ‬
‫ِ‬ ‫ب أ ٍ‬
‫َحد ِم ْن ُر ُسل ِه َوقَالُوا مَسِ ْعنَا َوأَطَ ْعنَا غُ ْفَرانَ َ‬
‫ِ (‪)285‬‬
‫ف اللَّهُ َن ْف ًسا‬ ‫اَل يُ َكلِّ ُ‬ ‫ك الْ َمصريُ‪7‬‬ ‫ك َربَّنَا َوإِلَْي َ‬ ‫َنْي َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخطَأْنَا َربَّنَا َواَل‬ ‫ت َربَّنَا اَل ُت َؤاخ ْذنَا إِ ْن نَسينَا أ َْو أ ْ‬ ‫ت َو َعلَْي َها َما ا ْكتَ َسبَ ْ‬ ‫إِاَّل ُو ْس َع َها هَلَا َما َك َسبَ ْ‬

‫(‪ )3‬يغلط البعض فيقول عنها آيات السِّحر ! كما يغلط عندما يريد االستشهاد بآية ما فيقول ‪ :‬قال هللا تعالى ‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪…:‬ثم يقرأ اآلية !‬
‫وهذا خطأ يقع فيه بعض الخطباء والوعاظ ‪ ،‬وهللا تعالى ال يستعيذ من الشيطان ‪ ،‬فلزم التنبيه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬فإنما األعمال بالنيات كما أخبر سيد ولد آدم محمد ‪. ‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪227‬‬

‫ِ‬ ‫حَت ِمل علَينا إِصرا َكما مَح ْلته علَى الَّ ِذ ِ ِ‬
‫ف َعنَّا‬ ‫ين م ْن َقْبلنَا َربَّنَا َواَل حُتَ ِّم ْلنَا َما اَل طَاقَةَ لَنَا بِه َو ْاع ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ َْ ْ ً َ َ َ ُ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين (‪( ))286‬البقرة ‪. )286 - 285 :‬‬ ‫انص ْرنَا َعلَى الْ َق ْو ‪7‬م الْ َكاف ِر َ‬ ‫ت َم ْواَل نَا فَ ُ‬ ‫َوا ْغف ْر لَنَا َو ْارمَحْنَاأَنْ َ‬
‫ِ (‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِاَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِاَّل‬ ‫ـ َ ِ َّ‬
‫(شه َد اللهُ أَنَّهُ اَل إلَهَ إ ُه َو َوالْ َماَل ئ َكةُ َوأ ُْولُوا الْع ْلم قَائ ًما بالْق ْس ‪7‬ط اَل إلَهَ إ ُه َو الْ َعز ُيز احْلَك ُ‬
‫يم‬
‫‪( ))18‬آل عمران ‪. )18 :‬‬
‫اسَت َوى َعلَى الْ َع ْر ِش يُ ْغ ِشي‬ ‫ات واأْل َر ‪ِ ِ 7‬‬ ‫ـ (إِ َّن ربَّ ُكم اللَّه الذى‪ 7‬خلَق َّ ِ‬
‫ض ىف ستَّة أَيَّ ٍام مُثَّ ْ‬ ‫الس َم َاو َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ات بِأ َْم ِر ِه أَاَل لَهُ اخْلَْل ُق َواأْل َْم ُر َتبَ َار َك‬ ‫وم مس َّخر ٍ‬ ‫اللَّيل النَّهار يطْلُبه حثِ‬
‫ُّج َ‪َ َ ُ 7‬‬ ‫س َوالْ َق َمَ‪7‬ر َوالن ُ‬ ‫َ‬ ‫َّم‬
‫ْ‬ ‫الش‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫يث‬
‫ً‬ ‫ْ َ َ َ َ ُُ َ‬
‫ني) (األعراف ‪. )54 :‬‬ ‫اللَّه ر ُّ ِ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫َُ‬
‫ك احْلَ ُّق اَل إِلَهَ إِاَّل‬ ‫ـ (أَفَح ِسبتم أَمَّنَا خلَ ْقنا ُكم عبثا وأَنَّ ُكم إِلَينا اَل ُترجعو َن (‪َ )115‬فتعاىَل اللَّه الْملِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َ ْ ًََ َ ْ ْ َ ْ َ ُ‬
‫آخَر اَل بُْر َها َن لَهُ بِِه فَِإمَّنَا ِح َسابُهُ ِعْن َد َربِِّه‬ ‫ِ‬
‫َو َم ْن يَ ْدعُ َم َع اللَّه إِهَلًا َ‬
‫ِ (‪)116‬‬
‫ب الْ َع ْر ِش الْ َك ِرمي‬ ‫ُه َو َر ُّ‬
‫ني) (املؤمنون ‪- 115 :‬‬ ‫الرامِح ِ‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬‫َ‬‫أ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ار‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ب ا ْغ ِ‬
‫ف‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫(‪)117‬‬
‫إِنَّهُ اَل يُ ْفلِ ُح الْ َكافُِرو َن‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ َ َُْ‬ ‫َ َْ‬
‫‪. )118‬‬
‫ِ (‪)4‬‬
‫ات ِذ ْكًرا (‪ )3‬إِ َّن إِهَلَ ُك ْم لََو‬ ‫ات زجرا (‪ )2‬فَالتَّالِي ِ‬ ‫الز ِاجر ِ‬ ‫ـ (و َّ ِ‬
‫الصافَّات َ‬
‫ص ًّفا‬
‫(‪)1‬‬
‫ب‬
‫اح ٌد َر ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ًْ‬ ‫َّ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‬
‫الد ْنيَا بِ ِزينَ ٍة الْ َك َواكب‬ ‫الس َماءَ ُّ‬ ‫ب الْ َم َشا ِر ِق إِنَّا َزيَّنَّا َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫ض َو َما َبْيَن ُه َما َو َر ُّ‬ ‫ات َواأْل َْر ِ‪7‬‬ ‫السماو ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫ِ ٍ (‪)8‬‬
‫ان َما ِر ٍد (‪ )7‬اَل يَ َّس َّمعُو َن إِىَل الْ َمإَلِ اأْل َْعلَى َويُ ْق َذفُو َن ِم ْن ُك ِّل َجانب‬ ‫‪ )6‬و ِح ْفظًا ِمن ُك ِّل َشيطَ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف اخْلَطْ َفةَ فَأَْتَب َعهُ ش َه ٌ‬ ‫ب إِاَّل َم ْن َخط َ‬
‫(‪)9‬‬
‫ب) (الصافات ‪-1 :‬‬ ‫اب ثَاق ٌ‬ ‫اب َواص ٌ‬ ‫ورا َوهَلُ ْم َع َذ ٌ‬ ‫ُد ُح ً‬
‫‪. )10‬‬
‫ض ِربُ َها‬ ‫ال نَ ْ‬ ‫ِّعا ِم ْن َخ ْشيَ ِة اللَّ ِه َوتِْل َ‬
‫ك اأْل َْمثَ ُ‬ ‫صد ً‬
‫ِ‬
‫ـ (لَ ْو أَْنَزلْنَا َه َذا الْ ُق ْرآ َن َعلَى َجبَ ٍل لََرأ َْيتَهُ َخاش ًعا ُمتَ َ‬
‫َّه َاد ِة ُه َو الرَّمْح َا ُن‬ ‫ِ‬ ‫َّاس لَعلَّهم يتف َّكرو َن (‪ )21‬هو اللَّه الذى اَل إِلَه إِاَّل هو عامِل‬ ‫ِ‬
‫الش‬ ‫و‬ ‫ب‬
‫َ َُ َ ُ ْ َ َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ي‬‫َ‬‫غ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َُ ُ‬ ‫للن ِ َ ُ ْ ََ َ ُ‬
‫الساَل ُم الْ ُم ْؤ ِم ُ‪7‬ن الْ ُم َهْي ِم ُن الْ َع ِز ُيز اجْلَبَّ ُار‬ ‫ُّوس َّ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫الر ِحيم (‪ )22‬هو اللَّه الذى‪ 7‬اَل إِلَه إِاَّل هو الْملِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫ص ِّو ُ‪7‬ر لَهُ اأْل َمْسَاءُ احْلُ ْسىَن يُ َسبِّ ُح‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ئ‬
‫‪7‬‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫ْ‬‫ل‬‫ا‬ ‫ق‬ ‫الْمت َكِّبر سبحا َن اللَّ ِه ع َّما ي ْش ِر ُكو َن (‪ )23‬هو اللَّه اخْل الِ‬
‫ُ َ‬ ‫َُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ ُ ُْ َ‬
‫يم) (احلشر ‪. )24 - 21 :‬‬ ‫ض وهو الْع ِزيز احْل ِ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫‪7‬‬ ‫َر‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ات‬‫السماو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أْل‬ ‫َ‬ ‫لَهُ َما ىف َّ َ َ‬
‫احبَةً َواَل َولَ ًدا) (اجلن ‪. )3 :‬‬ ‫ـ (وأَنَّه َتعاىَل ج ُّد ر ِّبنَا ما اخَّتَ َ‪7‬ذ ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪228‬‬

‫الصم ُ‪7‬د (‪ )2‬مَل يلِ‬ ‫َّ‬ ‫ـ (قُ ْل ُه َو اللَّهُ أ َ‬


‫(‪)3‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫َح ٌد)‬
‫أ‬ ‫‪7‬‬
‫ا‬ ‫و‬‫ف‬‫ُ‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫َ َْ ْ ُ ً َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫مَل‬‫و‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬‫ي‬ ‫مَل‬
‫َْ َ ُْ‬‫و‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َح ٌد‬
‫(اإلخالص) ‪.‬‬
‫اس ٍق إِ َذا وقَب (‪ )3‬و ِمن َشِّر الن ََّّفاثَ ِ‬
‫ات‬ ‫ب الْ َفلَ ِق (‪ِ )1‬من َشِّر ما خلَق (‪ )2‬و ِمن َشِّر َغ ِ‬ ‫ـ (قُ ْل أَعُوذُ بَِر ِّ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ‬
‫اس ٍد إِذَا َح َس َد) (الفلق) ‪.‬‬ ‫ىف الْع َق ِ‪7‬د (‪ )4‬و ِمن َشِّر ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫اس اخْلَن ِ‬‫َّاس (‪ِ )3‬م ْن َشِّر الْ َو ْس َو ِ‬ ‫َّاس (‪ )2‬إِلَِه الن ِ‬
‫ك الن ِ‬ ‫َّاس (‪ )1‬ملِ ِ‬ ‫ـ (قُ ْل أَعُوذُ بَِر ِّ‬
‫َّاس (‪ )4‬الذى‪7‬‬ ‫ب الن ِ َ‬
‫َّاس) (الناس) (‪. )1‬‬ ‫َّاس (‪ِ )5‬م ْن اجْلِن َِّة َوالن ِ‬
‫ص ُدو ِ‪7‬ر الن ِ‬‫س ىف ُ‬ ‫ِ‬
‫يُ َو ْسو ُ‬
‫السحر ‪:‬‬ ‫ـ آيات فك ِّ‬
‫ني َك َف ُروا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني َعلَى م ْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ُسلَْي َما َن َو َما َك َفَر ُسلَْي َما ُن َولَك َّن الشَّيَاط َ‬ ‫ُ‬ ‫(واتََّبعُوا َما َتْتلُو الشَّيَاط ُ‬ ‫‪َ ㅊ-‬‬
‫َح ٍد‬ ‫ِِ‬
‫وت َو َما يُ َعلِّ َمان م ْن أ َ‬ ‫وت َو َم ُار َ‬ ‫الس ْحَر َو َما أُن ِز َل َعلَى الْ َملَ َكنْي ِ بِبَابِ َل َه ُار َ‬
‫َّاس ِّ‬ ‫يُ َعلِّ ُمو َن الن َ‬
‫َح ٍد إِاَّل بِِإ ْذ ِن اللَّ ِه َو َيَت َعلَّ ُمو َن َما‬ ‫حىَّت ي ُقواَل إِمَّنَا حَنْن فِْتنَةٌ فَاَل تَ ْك ُفر وما هم بِض ِّار ِِ ِ‬
‫ين به م ْن أ َ‬‫ْ ََ ُ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫س َما َشَر ْوا بِِه‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ضُّر ُه ْم َواَل يَن َفعُ ُه ْم َولََق ْد َعل ُموا لَ َم ْن ا ْشَتَراهُ َما لَهُ ىف اآْل خَرة م ْن َخاَل ق َولَبْئ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫أَن ُف َس ُه ْ‪7‬م لَ ْو َكانُوا َي ْعلَ ُمو َن) (البقرة ‪. )102 :‬‬
‫ف َما يَأْفِ ُكو َن (‪َ )117‬ف َوقَ َع احْلَ ُّق َوبَطَ َل َما‬ ‫اك فَِإ َذا هى َت ْل َق ُ‬ ‫صَ‬ ‫وسى أَ ْن أَلْ ِق َع َ‬ ‫ِ‬
‫(وأ َْو َحْينَا إىَل ُم َ‬ ‫‪َ ㅋ-‬‬
‫(‪)120‬‬
‫ين‬ ‫اج ِ‬
‫د‬ ‫السحرةُ س ِ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫اغ ِرين (‪ )119‬وأُلْ ِ‬
‫ق‬ ‫ك وان َقلَبوا ص ِ‬ ‫َكانُوا يعملُو َن (‪َ )118‬فغُلِبوا هنالِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫ُ َُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫وسى َو َه ُارو َن) (األعراف ‪. )122 - 117 :‬‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫(‪)121‬‬
‫ني‬ ‫قَالُوا آمنَّا بِر ِّ ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫َ َ‬
‫صلِ ُح َع َم َل‬ ‫ِ‬ ‫وسى َما ِجْئتُ ْم بِِه ِّ‬
‫الس ْح ُر إِ َّن اللَّهَ َسيُْبطلُهُ إِ َّن اللَّهَ اَل يُ ْ‬ ‫ال ُم َ‬ ‫‪َ ( ㅌ-‬فلَ َّما أَلْ َق ْوا‪ 7‬قَ َ‬
‫ين (‪َ )81‬وحُيِ ُّق اللَّهُ احْلَ َّق بِ َكلِ َماتِِه َولَ ْو َك ِر َه الْ ُم ْج ِر ُمو َن) (يونس ‪. )82 - 81 :‬‬ ‫الْ ُم ْف ِس ِد َ‪7‬‬
‫ث أَتَى)‬ ‫اح ُر َحْي ُ‬ ‫اح ٍر َواَل يُ ْفلِ ُح َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ف ما صَنعوا إِمَّنَا صَنعوا َكي ُد س ِ‬
‫َُ ْ َ‬ ‫ك َت ْل َق ْ َ َ ُ‬ ‫(وأَلْ ِق َما ىف مَيِينِ َ‬ ‫‪َ ㅍ-‬‬
‫(طه ‪. )69 :‬‬
‫ـ وميكن للقارئ أن يقرأ أيضاً اآليات التالية وهى الىت تتحدث عن العذاب والنار ‪ ،‬وهى‬
‫مما ثبت أهنا تعذب اجلىن جداً ‪ ،‬وتعجل خبروجه وهروبه من جسد املريض إن شاء اهلل تعاىل ‪،‬‬
‫وهى ‪:‬‬

‫(‪ )1‬ويمكن قراءة هذه اآليات أيضا ً على المحسود مع قراءة األذكار "الصحيحة" الواردة عن النبى ‪ ، ‬وستأتى فى نهاية الرسالة إن شاء هللا تعالى ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪229‬‬

‫ـ واآليــات ‪:‬‬
‫النساء ‪ ، )173-167( :‬املائدة ‪ ، )34-33( :‬األنفال ‪ ، )12( :‬احلجر ‪، )18-16( :‬‬
‫اإلسراء ‪ ، )111 – 110( :‬األنبياء ‪ ، )70( :‬احلج ‪ ، )20-19( :‬النور‪، )35( : 7‬‬
‫الفرقان ‪ ، )23( :‬الصافات ‪ ، )88( :‬غافر ‪ ، )78( :‬فصلت ‪ ، )42( :‬الدخان ‪-43( :‬‬
‫‪ ، )50‬األحقاف ‪ ، )34-29( :‬الزلزلة ‪ ،‬العصر ‪ ،‬الربوج ‪ ،‬الطارق ‪ ،‬الكافرون ‪.‬‬
‫ـ وآيات الشفاء ‪:‬‬
‫الست ‪ :‬التوبة ‪ ، )14( :‬يونس ‪ ، )57( :‬النحل ‪ ، )69( :‬اإلسراء ‪ ، )82( :‬الشعراء ‪:‬‬
‫(‪ ، )80‬فصلت ‪. )44( :‬‬
‫ـ على أن يراعى كما تقدم استحضار نية الشفاء وطرد اجلن من جسد املريض ـ كما تقدم ـ‬
‫هذا وال يتعجل املريض الشفاء‪ ،‬فإمنا هو األخذ باألسباب واهلل تعاىل هو الشاىف ‪.‬‬
‫ـ مث يشرب منه املريض ويغتسل به ـ ىف أى حجرة من حجرات البيت‪ 7‬ـ وال يغتسل هبذا‪ 7‬املاء‬
‫الذى قُرأ عليه القرآن ىف "احلمام" أو يرمى به فيه ‪ -‬وما ينزل من املريض من ماء االغتسال ىف‬
‫"طبق بالستيك أو طشت" يسقى به شجرة ‪ ،‬أو "يرشه" ىف أرجاء البيت طرداً ألى جىن قد‬
‫يكون ساكناً للبيت ‪.‬‬
‫السحر‪7‬‬‫ـ وكيفيته ‪ :‬أن يأخذ من املاء ـ الذى‪ 7‬قُرأ عليه آيات الرقية أو آيات الرقية وآيات فك ِّ‬
‫ـ بكوب صغري مث يرش كل ركن من أركان البيت ببعضه ‪ ،‬وقبل أن يرش يسمي اهلل تعاىل‬
‫عمار البيت ـ حىت ال يؤذيهم ‪ ،‬وكذا‪ 7‬ىف كل ركن من أركان البيت‪، 7‬‬ ‫تنبيهاً للجن املسلم ـ َّ‬
‫حىت املطبخ ‪ ،‬إال احلمام لِما تقدم من أنه مكان جنس وال جيوز إلقاء هذا املاء فيه ‪.‬‬
‫وعند شرب املريض هلذا املاء قد يصاحبه نوع من القئ خاصة إذا كان "العمل مشروباً إذا‬
‫السحر بإذن اهلل تعاىل ‪،‬‬ ‫أكثر املريض من شرب هذا املاء ‪ ،‬وقد خيرج "العمل" مع القئ فيبطل ِّ‬
‫وإذا مل يتقيأ املريض وعند اغتسال املريض هبذا املاء سوف يشعر بنوع من "السخونة" أو‬
‫"الدفء" ينبعث من جسده ‪ ،‬وكأنه املاء حاراً ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪230‬‬

‫ـ كما تظهر على املسحور ـ عند قراءة اآليات السابقة عليه أو شرهبا ـ أعراض أخرى منها ‪:‬‬
‫امحرار شديد بالعينني ‪ ،‬شعور وكأن حجراً ثقيالً أو حنوه ىف بطنه ‪ ،‬وعند شربه املاء قد يشعر‬
‫بنار تتأجج ىف بطنه أو حلقه أو ىف جسده كله ‪.‬‬
‫ـ يستمر شرب املاء واالغتسال به طوال ثالثة أو سبعة أيام ‪ ،‬مرة أو مرتني يومياً ‪ ،‬حىت‬
‫السحر بإذن اهلل تعاىل ‪ ،‬وال يدخل اليأس نفس املريض وليعلم أن الشفاء مرتبط بإذن اهلل‬ ‫يُبطل ِّ‬
‫تعاىل بالشفاء ‪ ،‬ال بتقوى املعاجل ـ وإن كانت سبباً ـ أو بشهرة املعاجل ‪ ،‬أو مبا يأخذه املعاجل‬
‫(‪. )1‬‬
‫ـ هذا إذا فُقد املعاجل أو ُوجد ‪ ،‬و ىف حالة وجود من يعاجل ـ لذى خرب هذا العلم وعمل به ـ‬
‫فإنه يبدأ بقراءة آيات الرقية ىف أذن املريض ـ مستحضراً‪ 7‬نية الشفاء وطرد اجلن ـ حىت إذا بدأت‬
‫األعراض تظهر على املريض يتعامل معها ِوفق ما يعلم بفضل اهلل تعاىل ‪ ،‬فإذا شعر املريض‬
‫بنوع "تنميل" ىف يديه أو رجليه أو ىف أى مكان جبسده ‪ ،‬أو صداع ‪ ،‬أو شعر بنوع ضيق ‪،‬‬
‫أو كأن هناك من ميسك برأسه ‪ ،‬أو يضغط على صدره أو قلبه ‪ ،‬فهذا يعىن وجود اجلىن ىف‬
‫هذا املكان ‪ ،‬بدأ املعاجل ىف قراءة اآليات الىت تتحدث عن العذاب والنار‪ ، 7‬وقد تقدم ذكر‬
‫بعضها ‪.‬‬
‫ـ وإذا "حضر" اجلىن على جسد املريض بدأ املعاجل ىف التعامل معه سؤاله عن سبب دخوله ـ‬
‫عشقاً أو سحراً أو حسداً ـ وعن ديانته ‪ ،‬فإن كان مسلماً بينا له عدم جواز هذا ‪ ،‬وإن كان‬
‫كافراً عرضنا عليه اإلسالم فإن استجاب وإال أُنذر كليهما بقراءة اآليات عليهما ‪ ،‬ويراعى‬
‫عدم اإلطالة ىف احلديث مع اجلىن حىت ال يهرب أو يأتى مبن يساعده ىف التخلص من هذا األمر‬
‫‪،‬كما ال يستجاب له ىف أى طلب يطلبه كأن يأمر أن يذبح له كذا وكذا‪ ، 7‬أو تلبس املرأة‬
‫كذا وكذا‪ 7‬ـ لزوجها ـ أو تطوف باألولياء ‪،‬أو يلبس الرجل خامتاً شكله كذا ‪ ،‬فكل هذا يُعترب‬
‫ضرباً من الشرك ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ومما يجب التنبيه عليه أنه ال حرج فى أخذ األجرة على العالج ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪231‬‬

‫الس ِم ‪ِ 7‬‬ ‫ِ‬


‫يم) (البقرة ‪:‬‬ ‫ـ وللمعاجل أن يقرأ وقتها قوله تعاىل ‪( :‬فَ َسيَ ْكفي َك ُه ْم اللَّهُ َو ُه َو َّ ُ‬
‫يع الْ َعل ُ‬
‫ت بِ ُك ْم اللَّهُ مَجِ ًيعا إِ َّن اللَّهَ َعلَى ُك ِّل شئ قَ ِد ٌير)‬‫‪ ، )137‬وقوله تعاىل ‪( :‬أَين ما تَ ُكونُوا يأْ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫وه ْم إِنَّ ُه ْم َم ْسئُولُو َن) (الصافات ‪ ،)24 :‬وقوله تعاىل ‪:‬‬ ‫(البقرة ‪ ، )148 :‬وقوله تعاىل ‪ِ :‬‬
‫(وق ُف ُ‬
‫َ‬
‫وج ُم َشيَّ َد ٍة) (النساء ‪)78 :‬‬ ‫ت َولَ ْو ُكنتُ ْم ىف بُُر ٍ‬‫(أ َْينَ َما تَ ُكونُوا يُ ْد ِر ُّك ْ‪7‬م الْ َم ْو ُ‬
‫ـ فإذا شعر املريض بنوع سخونة ىف مكان "التنميل" أو الضغط‪ 7‬مثالً ‪ ،‬فهذا يعىن بداية هناية‬
‫العمل وإبطاله ‪ ،‬فيستمر املعاجل ىف القراءة حىت تنتهى هذه السخونة‪ 7‬أو الدفء ‪ ،‬يعود جسد‬
‫املريض إىل حالته الطبيعية ‪ ،‬مث يعود املعاجل فيقرأ اآليات مرة أخري حىت إذا ظهرت األعراض‬
‫السحر‬
‫مرة أخرى بدأ ىف إبطاهلا بإذن اهلل تعاىل ‪ ،‬حىت إذا مسع املريض آيات الرقية وآيات فك ِّ‬
‫ومل يشعر بأي نوع من التعب‪ ، 7‬علمنا أن العمل قد بطُل وانتهى بفضل اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ـ هذا ومما يشعر به املريض بعد الشفاء ‪ :‬كأن هناك محالً ثقيالً كان على كتفه قد أختفى‬
‫أو ُرفع ‪ ،‬أوكأن "طاقية "من حديد كانت على رأسه فرفعت‪. 7‬‬
‫بنوع من الصداع ـ قد يتشابه مبا كان يشعر به من‬ ‫ـ وقد يشعر أيضاً املريض بعد الشفاء ٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫قبل ـ ومرجع هذا إىل عمل "القرين" الذى‪ 7‬تعلم من اجلىن "الضيف" املوكل بالعمل أموراً‬
‫جديدة ‪ ،‬فيبدأ هو ىف تنفيذها وإعادهتا مرة أخرى على املريض حىت يلتبس على املريض األمر‬
‫بعد ‪ ،‬ليأخذه إىل دوامة العالج بالقرآن أو غريه ‪ ،‬والىت لن خيرج منها‬ ‫‪ ،‬فيظن أنه مل يشف ُ‬
‫ساملاً ـ إال أن يشاء اهلل تعاىل ـ إال أن املعاجل يستطيع أن يفرق بني هذا األمل وذاك ‪ ،‬بعدم شعور‬
‫املريض بذلك الدفء الذى كان يشعر به عن شربه للماء ‪.‬‬
‫هنا يبدأ املعاجل ىف كتابة هذه اآليات ‪ ،‬أو قراءهتا على بعض املاء‪ ،‬وهى ‪:‬‬
‫الفاحتة ‪.‬‬ ‫‪ㅎ-‬‬
‫سورة البقرة ‪ :‬اآليات (‪. )4-1‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫البقرة ‪ :‬اآليات (‪. )164-163‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫آية الكرسى ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫(‪ )1‬وقد صحّ عن النبى قوله ‪" :‬و ِكل بكل من قرين من الجن وقرين من المالئكة" وليس هو أخت الولد التى يعيش تحت األرض ‪ ،‬أو أخ البنت الذى يعيش‬
‫‪‬‬

‫تحت األرض ‪ ،‬فهذا كله ضرب من الخزعبالت ‪.‬‬


‫تحفة العروسين‬ ‫‪232‬‬

‫‪ ㄹ-‬سورة "ق" ‪ :‬اآليات (‪. )29-23‬‬


‫‪ ㅁ-‬اإلخالص ‪.‬‬
‫‪ ㅂ-‬املعوذتني ‪.‬‬
‫أخطاء يقع فيها بعض المعالجين ‪:‬‬
‫ومن األخطاء الىت استُحدثت بعد انتشار العالج بالقرآن ‪ ،‬ظاهرة العالج اجلماعى والىت‬
‫تبنتها بعض املساجد أو املراكز ‪ ،‬فأصبحنا نرى عشرات احلاالت الىت تعاىن من أعراض املس‬
‫أو السحر وقد مُج عت ىف مكان واحد ‪ ،‬وأُعطيت كل حالة "مساعة" تضعها على الرأس مث تبدأ‬
‫"الرقية" املسجلة تدق أذن احلالة ‪ ،‬وال بأس ىف مساع املريض للرقية الشرعية "مسجلة" ‪ ،‬ولكن‬
‫احلرج يقع أن يكون وسط هذا احلشد من املرضى خروج اجلن من جسد ودخوله إىل آخر ‪،‬‬
‫وقد يكون من بينهم من ليس به مس أو سحر ‪ ،‬وإمنا هى أعراض قد تشابه أعراض املمسوس‬
‫أو املسحور ‪ ،‬فيشار عليه بالذهاب إىل املسجد أو املركز للعالج ‪ ،‬وجسده خاىل من املس أو‬
‫السحر ‪ ،‬وىف أثناء مساع هذا احلشد اهلائل لآليات تبدأ بعض احلاالت ىف التشنج فريتاع‬
‫بعد ‪ ،‬وقد يكون بني احلاالت كما تقدم من ليس مبمسوس‬ ‫وخياف من مل تظهر عليه األعراض‪ُ 7‬‬
‫أو مسحور ‪ ،‬فيخرج اجلىن من جسد املريض مث يدخل جسد هذا املرتاع أو اخلائف ‪ ،‬أو‬
‫جسد من يعاىن من أعراض تشابه أعراض املمسوس أو املسحور ‪.‬‬
‫وقد شاهدنا الكثري والكثري من هذه احلاالت الىت دخلها اجلىن ‪ ،‬وبسؤاله‪ 7‬يقول ‪ :‬لقد‬
‫خرجت ىف اجللسة كذا من جسد املريض فالن عند مساعه للقرآن ‪ ،‬مث صعدت عالياً مث نظرت‬
‫فرأيت فالن جيلس خائفاً من هذا املنظر "تشنج بعض املرضى" فدخلت‬ ‫ُ‬ ‫إىل هذه احلاالت كلها‬
‫ىف جسده !‬
‫فينتج من ظاهرة العالج اجلماعى إصابة بعض احلاالت السليمة باملس ظلماً من اجلىن ‪،‬‬
‫وجهالً من املعاجل ‪ ،‬فليكن هذا منك على بال ‪.‬‬
‫ـ ومن األخطاء الىت صاحبت انتشار العالج بالقرآن منذ بداياته ‪ :‬االستعانة باجلن "املسلم"‬
‫ىف العالج ‪ ،‬فرتى اجلىن خيرج من جسد املريض وقد تاب وأناب على يد الشيخ املعاجل ‪ ،‬مث‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪233‬‬

‫يعرض عليه أن يساعده ىف العالج طلباً لتكفري ما سلف من أذى للمريض ‪ ،‬وأن يكون عوناً‬
‫للمعاجل على اجلن الكافر أو الظامل ‪ ،‬خاصة وهو يرى ما ال يراه املعاجل من عدد اجلن جبسد‬
‫املريض أو هروب اجلىن عند حضور املعاجل ‪ ،‬فيقوم اجلىن املساعد بتقيد اجلىن ِ‬
‫املاس جسد‬
‫املريض أو ضربه أو االستعانة ببعض اجلن الطيار على طرد اجلىن املاس جسد املريض إىل غري‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫ـ ويرد بعضهم على هذا أنه ال يستخدم اجلىن ىف "الشر" وإمنا يستخدمه ىف "اخلري" ومساعدة‬
‫املرضى وعاجلهم ‪ ،‬ولو كان ذلك كذلك لكان األوىل به رسول اهلل ‪ ، ‬وقد قرأ القرآن على‬
‫اجلن فأسلم ‪ ،‬ومل يستعن هبم أو يستخدمهم‪ 7‬ىف حربه ضد "الكفار" ‪ ،‬فلم يرسل جنياً الغتيال‬
‫أىب جهل أو أىب هلب ! ‪.‬‬
‫ـ ومن األخطاء أيضاً الىت صاحبت انتشار العالج بالقرآن ‪ :‬قراءة بعضهم بعض اآليات على‬
‫"كف يده" مث يقول ‪ :‬أقسمت عليكم يا خدام هذه اآليات الشريفة أن تفعلوا كذا‪ 7‬وكذا‬
‫بفالن ـ من اإلنس ـ من مرض وحنوه ! مث ينفث ىف كفه ليطريوا ! ‪.‬‬
‫كيف تكتشف أن املعاجل دجال ‪:‬‬
‫ـ إذا رأيت الذى‪ 7‬يدَّعى العالج يقرأ بعض اآليات بصوت ٍ‬
‫عال مث يُسر ببعض الكالم الغري‬
‫مفهوم ‪ ،‬فاعلم أنه دجال ‪.‬‬
‫ـ إذا أعطاك الشيخ (‪ )1‬حجاباً وقد طواه بشكله اهلندسى ‪ ،‬وغلّفه بكيس من البالستيك أو‬
‫الشمع‪، 7‬فاعلم أنه دجال ‪.‬‬
‫نظرت فيه فرأيت فيه "دوائر" و‬
‫َ‬ ‫ـ إذا أعطاك الشيخ حجاباً مفتوحاً أو مغلفاً ـ كما تقدم ـ مث‬
‫"مربعات" و "مثلثات" فيها كلمات مفهومة أو غري مفهومة فاعلم أنه دجال ‪.‬‬
‫ـ إذا أعطاك الشيخ حجاباً ـ كما تقدم ـ فيه كلمات وقد كتبت حبروف "مفردة" كما‬
‫يكتب بعضهم ‪" :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم" ‪" :‬ب س م ا ل ل ه ا ل ر ح م ن ا ل ر ح ى‬

‫(‪ )1‬استخدمت وصف الشيخ النتشاره ووصف به كل من يعالج بالقرآن أو بغيره ‪ ،‬واألخير يعلم من نفسه ما هو وصفه ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪234‬‬

‫م" أو آية الكرسى أو غريها من اآليات فاعلم أنه دجال ‪ ،‬وقل له ‪ :‬اتق اهلل فهذا‪ 7‬حتريف ىف‬
‫كتاب اهلل تعاىل (‪. )1‬‬
‫ـ إذا طلب منك الشيخ امسك واسم أمك ‪ ،‬أو قطعة من أث ٍر ‪ ،‬وحنو هذا فاعلم أنه دجال ‪.‬‬
‫_ إذا طلب منك الشيخ كتابة بعض اآليات على "بيضة" ! وأكلها أو أن تفعل هبا كذا وكذا‪7‬‬
‫فاعلم أنه دجال ‪.‬‬
‫ـ هذا وكل من يدعى قراءة الفنجان‪ ، 7‬والكف ‪ ،‬والطالع‪ 7‬ـ والنازل ! ـ وضرب الرمل ‪،‬‬
‫وفتح املندل ‪ ،‬وقياس األثر ‪ ،‬وفتح الكتاب بوضع "مفتاح" ليشري على السارق وحنو هذا ‪.‬‬
‫فاعلم أنه دجال ‪ ،‬وأن هذا الفعل يؤدى بصاحبه إىل الشرك والكفر ‪ ،‬فكن منه على حذر ‪.‬‬
‫ـ كل هذا وإن ادعى "الشيخ" أنه ال يأخذ أجرة على هذا العمل ‪ ،‬وإمنا هو "شئ هلل" !!! ‪.‬‬
‫ـ وكذا كل من يدعى علم "التنومي املنغاطيسى" و "حتضري األراوح"‪ 7‬و "الزار" فاعلم أن هذا‬
‫كله دجل ‪ ،‬فكن منه على حذر ‪.‬‬
‫تحصينات قرآنية ‪:‬‬
‫ومنها قراءة فاحتة الكتاب ‪ ،‬آية الكرسى ‪ ،‬آخر آيتني من سورة البقرة ‪ ،‬اإلخالص ‪،‬‬
‫املعوذتني ‪.‬‬
‫تحصينات نبوية ضد السحر والمس ‪:‬‬
‫‪ -1‬كثرة االستغفار ‪ ،‬واحلوقلة ‪ ،‬أى قول ‪ :‬ال حول و قوة إال باهلل ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪ ،‬له امللك وله احلمد وهو على كل شئ قدير يقال مائة‬
‫مرة صباحاً ومائة مرة مساءاً (‪. )1‬‬
‫‪ -2‬أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق (‪. )2‬‬
‫‪ -3‬أعوذ بكلمات التامة من شيطان وهامة ومن كل عني المة (‪. )3‬‬

‫(‪ )1‬وهناك الكثير ممن يفعل هذا ويظن الناس به خيراً وهو معدود فى الكفار بكفره‪ S‬بآيات هللا تعالى واستهزاءه بها ‪ ،‬مع سحره وكهانته ‪ ،‬ثم يطلب "المسلم" من‬
‫"الكافر" المعونة فى طلب إخراج وإبطال العمل !!! ‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى (‪ )3293‬ومسلم (‪. )2692‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه مسلم (‪. )2709‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى (‪ 119\4‬ـ فتح) ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪235‬‬

‫‪ -4‬أعوذ بكلمات التامات الىت ال جياوزهن بر وال فاجر ‪ ،‬من شر ما خلق وذرأ وبرأ ‪ ،‬ومن‬
‫شر ما ينزل من السماء ‪ ،‬ومن شر ما يعرج فيها ‪ ،‬ومن شر ما ذرأ ىف األرض ومن شر ما‬
‫خيرج منها ‪ ،‬ومن شر فنت الليل والنهار‪ ، 7‬ومن شر طوارق الليل والنهار ‪ ،‬إال طارقاً يطرق‬
‫خبري يارمحن (‪. )4‬‬
‫‪ -5‬اللهم أنت رىب ال إله إال أنت خلقتىن وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ‪،‬‬
‫ىل ‪ ،‬فإنه ال يغفر‬ ‫أعوذ بك من شر ما صنعت ‪ ،‬أبوء لك بنعمتك على ‪ ،‬وأبوء بذنىب ‪ ،‬فاغفر ّ‬
‫الذنوب إال أنت (‪. )1‬‬
‫ىف حكمك ‪ ،‬عدلك ىف قضاؤك ‪،‬‬ ‫‪ -6‬اللهم إىن عبدك ‪ ،‬ابن عبدك ‪ ،‬ناصيىت بيدك ‪ٍ ،‬‬
‫ماض َّ‬
‫أحد من خلقك ‪،‬‬ ‫أسألك بكل اسم هو لك مسيت به نفسك ‪ ،‬أو أنزلته ىف كتابك أو علمته ٍ‬
‫أو استأثرت به ىف علم الغيب‪ 7‬عندك ‪ ،‬أن جتعل القرآن العظيم ربيع قلىب ونور صدرى‪ 7‬وجالء‬
‫وذهاب مهى (‪. )2‬‬ ‫حزىن ِ‬
‫‪ -7‬بسم اهلل الذى‪ 7‬ال يضر مع امسه شئ ىف األرض وال ىف السماء‪ ، 7‬وهو السميع‪ 7‬العليم‬
‫(ثالث مرات صباحاً ‪ ،‬وثالث مساءاً) (‪. )3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -8‬حسىب اهلل ال إله إال هو ‪ ،‬عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (سبع مرات صباحاً‬
‫ومساءاً) ‪.‬‬
‫رب‬
‫‪ -9‬ال إله إال اهلل العظيم احلليم ‪ ،‬ال إله إال اهلل رب العرش العظيم ‪ ،‬ال إله إال اهلل ُّ‬
‫السموات السبع ورب العرش الكرمي (‪. )5‬‬
‫واحلزن ‪ ،‬والعجز والكسل ‪ ،‬والبخل واجلنب ‪ ،‬وضلع ال ّدين‬ ‫اهلم َ‬‫‪ -10‬اللهم إىن أعوذ بك من ّ‬
‫‪ ،‬وغلبة الرجال (‪. )6‬‬

‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد (‪. )419\3‬‬


‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى (‪ )6306‬ومسلم (‪. )2722‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه أحمد(‪. )391\1‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪. )5088‬‬
‫(‪ )4‬حسن ‪ :‬أخرجه أبو داود (‪. )5081‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى (‪ 154\7‬ـ فتح) ومسلم (‪. )2092\4‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه البخارى (‪ 173\11‬ـ فتح) ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪236‬‬

‫كنت من الظاملني (‪. )1‬‬


‫‪ -11‬ال إله إال أنت سبحانك إىن ُ‬
‫‪ -12‬اللهم أنت عضدى وأنت نصريى ‪ ،‬بك أجول وبك أصول وبك أقاتل (‪. )2‬‬
‫‪ -13‬حسبنا اهلل ونعم الوكيل (‪. )3‬‬
‫‪ -14‬سبحان اهلل وحبمده عدد خلقه ‪ ،‬ورضا نفسه ‪ ،‬و ِزنة عرشه ‪ ،‬ومداد كلماته (‪. )4‬‬
‫ـ تحصينات عامة ‪:‬‬
‫اإلستعاذة عند دخول احلمام ‪ ،‬ونفض املكان عند اجللوس أو النوم‪ ، 7‬احملافظة على أذكار‬
‫الصباح واملساء ‪ ،‬كثرة اإلستغفار‪ 7‬واحلوقلة وااللتجاء إىل اهلل تعاىل ‪ ،‬واإلكثار من قراءة القرآن‬
‫‪ ،‬واحملافظة على الصلوات ىف اجلماعة ‪ ،‬والصيام‪ ، 7‬ومصاحبة األخيار ‪ ،‬والبعد عن أصدقاء‬
‫الشر والسوء ‪ ،‬والتسمية عند فتح "صنبور" املياه الساخنة "السخان" عند "احلوض" باملطبخ ‪،‬‬
‫السر عند فتحه ىف احلمام (‪ ، )5‬وكذا‪ 7‬عند رمى "موسى" احلالقة ىف‬ ‫وقبل دخول احلمام أو ىف ِّ‬
‫(‪)6‬‬
‫صب املاء الساخن ىف "احلمام" أو احلوض‬ ‫ّ‬ ‫عدم‬ ‫يراعى‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫احلوض أو غريه بعد احلالقة‬
‫إال بعد التسمية‪ ، 7‬كما يراعى عند مرور الرجل على حجر كبري ىف الطريق فرييد إبعاده عن‬
‫وسط الطريق ‪ ،‬فرتاه وقد محله مث ألقى به بعيداً ‪ ،‬دون أن يسمى اهلل عند إلقاءه ‪ ،‬خشية أن‬
‫يلقيه على بعض اجلن اجلالس ىف الطريق دون أن يالحظ رمى الرجل للحجر ! ‪.‬‬
‫ـ وكذا من أوقات "مس" اجلن لإلنسان ‪ :‬وقت اخلوف الشديد‪ ، 7‬كمن يسري ىف طريق بعينه‬
‫كل يوم ىف ساعة متأخرة من الليل ‪ ،‬ومل حيدث نفسه بشئ عن مس اجلن له ‪ ،‬مث إذا مسع عن‬

‫(‪ )1‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى (‪. )168\3‬‬


‫(‪ )2‬صحيح ‪ :‬أخرجه الترمذى (‪. )183\3‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ :‬أخرجه البخارى (‪ 172\5‬ـ فتح) ‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ‪ :‬أخرجه مسلم (‪. )2726‬‬
‫(‪ )5‬فقد التبس أحد الجن بجسد أحد المرضى ‪ ،‬وبسؤال الجنى ‪ :‬متى لبسته وكيف ؟ قال ‪ :‬فى يوم كذا ‪ ،‬وقد دخل "الحمام" ففتح صنبور المياه الساخن وكنت‪ S‬أنا‬
‫بداخل الصنبور ‪ ،‬فأحرق يدى ! فلبسته ثأراً وانتقاما ً ‪.‬‬
‫(‪ )6‬وإن كان مما هو معلوم من النهى عن حالقة اللحية ‪ ،‬لما فى ذلك من التشبه بالنساء ‪ ،‬وقد لعن رسول هللا ـ واللعن هو الطرد من رحمة هللا تعالى ـ‬
‫‪‬‬

‫المتشبهين من الرجال بالنساء ‪ ،‬والمتشبهات‪ S‬من النساء بالرجال ‪ ،‬إلى غير ذلك من األحاديث واألدلة الكثيرة‪ S‬الدالة على إثم حالق اللحية ‪.‬‬
‫ـ وقد التبس أحد الجن بجسد أحد المرضى ‪ ،‬وبسؤاله عن سبب دخوله جسد المريض ‪ ،‬قال ‪ :‬لقد كان "يحلق" ذقنه ذات يوم ثم رمى بموسى الحالقة فى‬
‫الحوض ‪ ،‬وكان أخى يجلس فى الحوض وقع الموسى على رقبته فقتله ‪ ،‬وكان ابن عمى يقف فى الحمام ‪ ،‬فلما شاهد ما جرى جاءنى من مصر إلى "استراليا"‬
‫وأبلغنى خبر موت "قتل" أخى فجئت طالبا ً للثأر من هذا الرجل ‍‪.‬‬
‫ـ كما يراعى عدم رمى الموسى أو أى ألة حادة و "سنجة" اإلبرة والزجاج أيضا ً ونحو هذا فى "سلة القمامة" محافظة على أيدى من يقومون بهذا العمل ‪،‬‬
‫فيمكن جمع أمواس الحالقة أو الزجاج فى علبة ما ثم إغالقها جيداً بحيث ال تفتح بسهولة عند "قلب" القمامة" حتى ال تؤذى أحداً ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪237‬‬

‫مس اجلن لإلنسان ‪ ،‬وأن من مساكن اجلن أماكن الفضاء "اخلالية" يأخذه اخلوف من مس‬
‫اجلن له ! فيمسه اجلن ! ‪.‬‬
‫ـ وكذا ما هم منتشر بني كثري من الفتيات ‪ :‬من دخوهلن احلمام وبصحبتهن أجهزة‬
‫"التسجيل" أو االستماع إليها والرقص على نغماهتا داخل احلمام ‪ ،‬وكما هو مقرر أن عامل‬
‫اجلن كعامل اإلنس ‪ ،‬فيه اجلىن الشاب واملراهق والكهل والطفل الصغري وغري هذا مما هو ىف‬
‫عامل اإلنس ‪ ،‬وقد يشاهد اجلىن الشاب أو املراهق الفتاة وهى ترقص عارية ىف احلمام ‪ -‬أو‬
‫أمام املرآة ‪ -‬فيعشقها فيلتبس جبسدها ‪ ،‬وكذا‪ 7‬كثرة الوقوف أمام املرآة ناظرة إىل مفاتنها‬
‫وجسدها (‪. )1‬‬
‫ـ وكذا قد يلتبس اجلىن باإلنسان ىف حالة الشهوة‪ 7‬احملرمة ‪.‬‬
‫ـ وكذا هذا التربج والزينة املغاىل فيها الىت نراها ىف فتيات ونساء "املسلمني" (‪ )2‬وتلك‬
‫املالبس الضيقة والىت تكون كالرسالة إىل اجلن ودعوته إىل دخول هذا اجلسد ‪ ،‬حىت إذا‬
‫دخل اجلىن جسد الفتاة ـ وهرب منها ُخطاهبا ـ جرت مسرعة باحثة عن العالج وطرد اجلىن‬
‫العاشق من جسدها ! ‪.‬‬
‫من اهلل تعاىل عليها بالشفاء عادت سريهتا األوىل إىل التربج والسفور‪ ، 7‬ضاربة‬ ‫ـ حىت إذا َّ‬
‫بتنبيهات "املعاجل" ودعوته إياها إىل االلتزام بدين اهلل تعاىل وأوامره عرض احلائط ‪.‬‬

‫ن‪‬‬
‫ُوَ‬
‫َح‬‫تسْر‬
‫ََ‬‫َحِين‬
‫نو‬‫ُوَ‬
‫ِيح‬
‫تر‬ ‫ل حِين‬
‫َُ‬ ‫َاٌ‬
‫َم‬‫ها ج‬
‫ِيَ‬
‫ْف‬ ‫ََلك‬
‫ُم‬ ‫‪‬و‬

‫مجدى بن منصور بن سيد الشورى‬

‫(‪ )1‬وما يقال أن أخ الفتاة الذى يسكن "تحت األرض" وكذا الشاب الذى تسكن أخته "تحت األرض" وانهما‪ S‬يغاران ونحو هذا فكل هذا سفه وباطل وخرافات ال‬
‫صحة لها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬وكما يقول البعض ‪ :‬لو أن امرأة من أصحاب "الرايات الحمراء" التى كانت فى الجاهلية األولى خرجت اليوم على نساء "المسلمين" ورأت منهن هذا‬
‫الستحت وقالت ‪ :‬أهؤالء هم أتباع محمد ‪ ‬؟! كيف ال وهى التى كانت فى فجرها تكشف الجزء العلوى من صدرها "فقط" ‪ ،‬ماذا والمرأة "المسلمة" اليوم‬
‫قد كشفت عن رأسها وصدرها وإبطيها وبطنها‪ S‬وفخذيها وساقيها ‪.‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪238‬‬

‫الفهرس‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪3‬‬ ‫مقدمة ‪-------------------------------------‬‬
‫‪6‬‬ ‫كلمة شكر ‪---------------------------------‬‬
‫‪7‬‬ ‫الرتغيب ىف الزواج ‪------------------------------‬‬
‫‪12‬‬ ‫التحذير من الزنا ‪--------------------------------‬‬
‫‪14‬‬ ‫حمبة الزوجة ‪----------------------------------‬‬
‫‪16‬‬ ‫أزواج النىب ‪--------------------------------- ‬‬
‫‪20‬‬ ‫سرارى‪ 7‬النىب ‪----------------------------- ‬‬
‫‪20‬‬ ‫الزواج ىف اجلاهلية ‪-----------------------------‬‬
‫‪21‬‬ ‫أسس اختيار الزوجة ‪-----------------------------‬‬
‫‪21‬‬ ‫مواصفات الزوجة الصاحلة ‪--------------------------‬‬
‫‪28‬‬ ‫أسس اختيار الزوج ‪-----------------------------‬‬
‫‪31‬‬ ‫الكفاءة ىف النكاح ‪------------------------------‬‬
‫‪34‬‬ ‫صالة االستخارة ‪--------------------------------‬‬
‫‪36‬‬ ‫إباحة النظر إىل وجه املخطوبة‬
‫‪-------------------------‬‬
‫‪43‬‬ ‫النهى عن املغاالة ىف املهور ‪--------------------------‬‬
‫‪45‬‬ ‫دبلة اخلطوبة ‪----------------------------------‬‬
‫‪49‬‬ ‫ما يباح للخاطب بعد اخلطبة ‪-------------------------‬‬
‫‪50‬‬ ‫النفقة على الزوجة ‪------------------------------‬‬
‫‪50‬‬ ‫العروس ليلة الزفاف ‪-----------------------------‬‬
‫‪51‬‬ ‫حكم الذهاب إىل الكوافري ‪--------------------------‬‬
‫‪52‬‬ ‫نتف احلواجب ‪---------------------------------‬‬
‫‪52‬‬ ‫املانيكري ‪-------------------------------------‬‬
‫‪52‬‬ ‫الغناء ىف العرس ‪--------------------------------‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪239‬‬

‫‪56‬‬ ‫ال نكاح إال بوىل ‪-------------------------------‬‬


‫‪56‬‬ ‫الفاظ التزويج ‪---------------------------------‬‬
‫‪58‬‬ ‫الفرق بني النكاح والزواج ‪------------------------‬‬
‫‪60‬‬ ‫الدعاء للعروسني ‪-------------------------------‬‬
‫‪61‬‬ ‫ليلة الزفاف ‪-----------------------------------‬‬
‫‪62‬‬ ‫وضع على رأس الزوجة ‪--------------------------‬‬
‫‪62‬‬ ‫قصة من الواقع‪-------------------------------- 7‬‬
‫‪65‬‬ ‫ما يقول الرجل حني جيامع أهله‬
‫‪------------------------‬‬
‫‪66‬‬ ‫فض غشاء البكارة ‪-------------------------------‬‬
‫‪67‬‬ ‫كيف يأتى الرجل أهله ‪--------------------------‬‬
‫‪69‬‬ ‫الوليمة ‪-------------------------------------‬‬
‫القسم‪ 7‬الثاىن‬
‫‪71‬‬ ‫الشروط ىف النكاح ‪------------------------------‬‬
‫‪72‬‬ ‫حكم اإلسالم ىف من تزوج بامرأة فوجدها حبلى ‪--------------‬‬
‫‪72‬‬ ‫احملرمات من النساء ‪----------------------------‬‬
‫‪77‬‬ ‫فصل ‪--------------------------------------‬‬
‫‪78‬‬ ‫فصل ‪--------------------------------------‬‬
‫‪79‬‬ ‫فصل ‪--------------------------------------‬‬
‫‪80‬‬ ‫فصل ‪--------------------------------------‬‬
‫‪83‬‬ ‫نكاح التفويض‪--------------------------------- 7‬‬
‫‪84‬‬ ‫نكاح الشغار ‪----------------------------------‬‬
‫‪85‬‬ ‫نكاح احمللل ‪-----------------------------------‬‬
‫‪85‬‬ ‫نكاح املتعة ‪-----------------------------------‬‬
‫‪86‬‬ ‫نكاح احملرم ‪-----------------------------------‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪240‬‬

‫‪86‬‬ ‫نكاح الزانية ‪----------------------------------‬‬


‫‪86‬‬ ‫أنكحة فاسدة ‪---------------------------------‬‬
‫‪87‬‬ ‫اخللع ‪--------------------------------------‬‬
‫‪96‬‬ ‫زواج املسيار ‪----------------------------------‬‬
‫‪96‬‬ ‫زوج اهلبة ‪------------------------------------‬‬
‫‪96‬‬ ‫الزواج العرىف ‪----------------------------------‬‬
‫‪99‬‬ ‫األدلة على فساد النكاح بدون وىل ‪---------------------‬‬
‫‪101‬‬ ‫الرد على اإلمام أىب حنيفة ‪---------------------------‬‬
‫‪102‬‬ ‫الدليل الذى‪ 7‬اعتمده اإلمام والرد عليه ‪-------------------‬‬
‫‪105‬‬ ‫أسباب اللجوء إىل الزواج العرىف ‪----------------------‬‬
‫‪106‬‬ ‫تعدد الزوجات ‪---------------------------------‬‬
‫‪110‬‬ ‫صبغ املرأة لشعرها ‪-----------------------------‬‬
‫‪110‬‬ ‫تفسري ‪ :‬احلمو ‪---------------------------------‬‬
‫‪111‬‬ ‫اخلالف بني الزوجني ‪----------------------------‬‬
‫‪112‬‬ ‫حق الزوج ‪----------------------------------‬‬
‫‪115‬‬ ‫من حقوق الزوج أيضاً ‪---------------------------‬‬
‫‪118‬‬ ‫النهى عن وضع املرأة ثياهبا ىف غري بيتها ‪-------------------‬‬
‫‪118‬‬ ‫النهى عن صيام املرأة وزوجها شاهد ‪--------------------‬‬
‫‪119‬‬ ‫النهى عن إنفاق املرأة إال بإذن زوجها ‪-------------------‬‬
‫‪120‬‬ ‫النهى طلب الطالق ‪------------------------------‬‬
‫‪120‬‬ ‫الصرب على فقر الزوج ‪---------------------------‬‬
‫‪121‬‬ ‫النهى عن هجر الفرش ‪---------------------------‬‬
‫‪123‬‬ ‫حق الزوجة ‪----------------------------------‬‬
‫‪125‬‬ ‫النهى عن اهلجر إال ىف البيت ‪------------------------‬‬
‫‪126‬‬ ‫مساعدة الرجل زوجته ىف شئون البيت ‪--------------------‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪241‬‬

‫‪126‬‬ ‫صرب الرجل وحلمه ‪------------------------------‬‬


‫‪127‬‬ ‫التحذير عن التلويح بالطالق ‪-------------------------‬‬
‫‪127‬‬ ‫النهى عن إطالة فرتة الغياب ‪-------------------------‬‬
‫‪128‬‬ ‫وصايا الزوجني ‪---------------------------------‬‬
‫‪130‬‬ ‫سلوكيات ‪-----------------------------------‬‬
‫‪130‬‬ ‫حسن العشرة حديث أم زرع ‪-------------------------‬‬
‫‪139‬‬ ‫من صور حسن العشرة أيضاً ‪-------------------------‬‬
‫‪139‬‬ ‫النهى عن الطرق ليالً ‪----------------------------‬‬
‫‪140‬‬ ‫مراعاة غرية النساء ‪------------------------------‬‬
‫‪143‬‬ ‫النهى عن الضرب املربح ‪------------------------‬‬
‫‪146‬‬ ‫سلوكيات ‪-----------------------------------‬‬
‫‪146‬‬ ‫ترخيم اسم الزوجة ‪------------------------------‬‬
‫‪148‬‬ ‫سلوكيات الزوجة ‪-------------------------------‬‬
‫‪148‬‬ ‫حترمي إفشاء سر اإلفضاء ‪------------------------‬‬
‫‪150‬‬ ‫التحذير من كفران العشري ‪------------------------‬‬
‫‪151‬‬ ‫إظهار املرأة غضبها ‪----------------------------‬‬
‫‪152‬‬ ‫الزوجة ال حتمد‪ 7‬زوجها ‪-------------------------‬‬
‫‪153‬‬ ‫كيف يستدمي حمبة زوجته ‪--------------------------‬‬
‫‪156‬‬ ‫النهى عن طاعة الزوج فيما خيالف الشرع ‪-----------------‬‬
‫‪157‬‬ ‫النساء ناقصات عقل ودين ‪--------------------------‬‬
‫‪159‬‬ ‫الزواج ىف بيت األهل ‪---------------------------‬‬
‫‪160‬‬ ‫كذب الرجل على زوجته ‪-------------------------‬‬
‫‪160‬‬ ‫كذب املرأة على زوجها ‪-------------------------‬‬
‫‪160‬‬ ‫فىت األحالم ‪----------------------------------‬‬
‫‪162‬‬ ‫الفرق بني الزوج واملرأة ‪-------------------------‬‬
‫تحفة العروسين‬ ‫‪242‬‬

‫‪167‬‬ ‫الفرق بني البعل والزوج ‪--------------------------‬‬


‫‪168‬‬ ‫أبواب اجلماع ‪---------------------------------‬‬
‫‪168‬‬ ‫أحكام اجلماع ‪---------------------------------‬‬
‫‪173‬‬ ‫فنون اجلماع وأشكاهلا ‪--------------------------‬‬
‫‪181‬‬ ‫ُشبه وردود ‪-----------------------------------‬‬
‫‪212‬‬ ‫أحكام الوطء ىف الدبر ‪--------------------------‬‬
‫‪121‬‬ ‫أحكام الوطء ىف احليض ‪------------------------‬‬
‫‪131‬‬ ‫حكم العزل‬
‫‪-----------------------------------‬‬
‫‪134‬‬ ‫أضرار العادة السرية ‪-----------------------------‬‬
‫‪136‬‬ ‫كيفية العالج ‪----------------------------------‬‬
‫‪264‬‬ ‫كيفية عالج املربوط ‪----------------------------‬‬

You might also like