Professional Documents
Culture Documents
المسودة+ا
المسودة+ا
المسودة+ا
1
هوية العمارة اإلسالمية في ظل الحداثة في مدينة تونس
3
اإلهداء
4
الشكر
5
الملخص
يتناول هذا البحث هوية العمارة اإلسالمية في ظل الحداثة في مدينة تونس ,أي انه يقوم بدرس ما
آلت إليه هذه العمارة في عصرنا هذا في تونس المدينة وفق 6المتغيرات التي شهدتها البالد على
اختالفها أكانت تاريخية او إقتصادية ...و أيضا تتناول هذه الورقة البحثية كيفية أندماج مفردات
و بالتالي لدرس هوية العمارة اإلسالمية ,كان البد في البداية التعرض لمفهوم العمارة عموما ً و
وال يغفل لي في هذه الورقة البحثية التعرض لثالوث الماضي الحاضر و المستقبل أي بصيغة
أخرى ,التاريخ الواقع و الرؤيا المستقبلية للعمارة اإلسالمية .فبالنسبة للتاريخ ,القيت الضوء على
ابرز األحداث التاريخية للبالد لربطها بالمنتوج 6المعماري 6لمختلف الحقبات التي مرت على مدينة
تونس .
و من جهة أخرى و في هذا السياق تضم هذه الورقة البحثية تحليل لجماليات مفردات العمارة
اإلسالمية في مدينة تونس من خالل التعرض أوال الى مفهوم الجمال بشكل عام و من ثم حصرها
في المجتمعات األسالمية .و ال يغفل لنا أيضا التعرض للمرجعيات التي شكلت الرؤية الجمالية
للمجتمعات اإلسالمية ,و منها الى محاولة إلستكشاف أهم المفردات في العمارة اإلسالمية في مدينة
و في واقع هذه العمارة كان البد من التعرض لمتغيرات العصر الراهن ,و تأثير هذه المتغيرات
على صياغة المفردات المعمارية لهذه العمارة بتوجه آخر او استبدالها بعناصر 6اخرى تالئم و
المتغيرات الراهنة ,و أيضا محاولة إستكشاف 6بعض المالمح اإلسالمية في األبنية المعاصرة و
التطرق لآلثار السلبية التي ألحقتها منغيرات العصر بالعمارة اإلسالمية .
6
أما في ما يتعلق بالمستقبل ,فمن خالل ثنائية التاريخ و الواقع ,يمكننا القاء النظر الى العنصر
فهل العمارة اإلسالمية في مدينة تونس هي في طور اإلنقراض ,التطوير ؟ أم المحافظة عليها
7
المقدمة
مع مطلع األلفية الثالثة ،تعددت أوجه التطور 6الثقافي اإلجتماعي الديموغرافي 6و ،لتشمل تطبيقاتها6
أما بلدان المجتمعات النامية ،فقد تباين تأثر العمارة والعمران بهذه التطورات ،إما بسبب
الصعوبات االقتصادية ،أو الفنية الخاصة باستيعاب ما أستجد تحقيقه في مجاالت التطبيق ،وهو ما
كانت له انعكاساته أي ً
ضا على الصورة البصرية لهما .وبذلك 6فقد برز أهمية عامل مجال المحافظة
على اإلرث المعماري في إطار ما يشهده واقع العمارة والعمران من صعوبات 6وسلبيات ،وأصبح
من المحاورالدراسية الهامة التي يتزايد االهتمام بها ،من قبل مجتمعات البلدان المتقدمة والنامية
على السواء ،منذ العقدين األخيرين من القرن العشرين وما بعده .وهو ما ستتطرق إليه محاور
في الفصل األول تم التعرض الى مفهوم العمارة عموما ً و العمارة اإلسالمية خصوصاً 6لفتح اآلفاق
أما في الفصل الثاني فيلقي الضوء على أبرز المعطيات التاريخية العمرانية التي مرت بها تونس
عموما ً و العاصمة خصوصاً . 6و كانت هذه المعطيات التاريخية تقتصر 6ابرز المراحل التاريخية
التي مرت بها تونس المدينة ,مع ذكر أبر اإلنتاجات المعمارية لهذه الحقبات .
و في الفصل الثالث تمت دراسة جمالية مفردات العمارة اإلسالمية مع ذكر أبرز المرجعيات 6التي
و في الفصل الذي يليه محاولة إستكشاف بعض المالمح اإلسالمية في األبنية المعاصرة و
التطرق الى كيفية محاولة دمجها في العمارة الحديثة بصيغة مختلفة .و ال يخفى عنا التطرق6
الى دراسة الوجه السلبي للحداثة و اآلثار السلبية التي ألحقتها منغيرات العصر بالعمارة اإلسالمية .
8
و اخيراً فإن الفصل األخير يفتح افاق جديدة حول مستقبل العمارة اإلسالمية في مدينة تونس وفق
9
.1الفصل األول
العمارة هي فن وعلم تشييد و تصميم المباني ,ليغطي بها اإلنسان احتياجات مادية كالسكن مثال
و قد تعددت التعريفات لمفهوم العمارة ,بإختالف المدارس المعمارية و التوجهات المعتمدة .
" العمارة هي اللعب المتقن بالكتل المنظورة تحت الضوء " ,عند لوكوربيزييه .و من التعريفات
الشائعة ايضا ً أن العمارة هي بيت العلوم والفنون على مر العصور ,والعمارة هي السجل الموثق6
لتاريخ االنسان منذ نشأته على هذه األرض وحتى يوم بعثه .هي ذلك الفراغ من االبداع االنساني
الذي يؤطر 6الذاكرة ويعطيها 6شكال يحفظ ما اختزنته األجيال من صور 6ومفاهيم وتجارب وما
أرادت التعبير عنه من مواقف 6ومشاعر ومعتقدات .و العمارة أيضا ً هي فن تكوين الحجوم
والفراغات المخصصة الحتضان الوظائف والنشاطات 6االنسانية واالجتماعية بتنوعها وهي انطالقا
من ذلك تعكس في سماتها وأشكالها 6االنجازات التقنية والحضارية والتطلعات 6الجمالية والروحية
و على ضوء ما تقدم ,نستطيع ان نستنتج أن العمارة هي الفن العلمي القامة أبنية تتوفر فيها
عناصر المنفعة والمتانة والجمال واالقتصاد 6وتفي بحاجات الناس المادية والروحية ،في حدود
1
د .يحيى حسن وزيري – محاضر بكلية اآلثار – جامعة القاهرة
10
أوسع االمكانات وبأحسن الوسائل المتوفرة في العصر الذي تكون فيه ،وهي طريقة في العمل
العمارة هي وعاء الحضارة ،وهي تمثل بالخالصة الهُوية الثقافية والمستوى 6اإلبداعي والجمالي
لإلنسان .
استطاعت العمارة اإلسالمية أن تنتقل من المضارب في البوادي إلى األكواخ في القرى ،ثم
إلى المباني واألوابد 6في المدن ،حاملة مالمح أصيلة ،منسجمة مع متطلبات اإلنسان ومع تقاليده
وبيئته ،و تتميز الفنون اإلسالمية بأن هناك وحدة عامة تجمعها بحيث يمكن أن تميز أي قطعة
أنتجت في ظل الحضارة اإلسالمية في أي قطر من أقطار العالم اإلسالمي ،ولعل هذا سر من
أسرار تفوق الحضارة اإلسالمية وقدرتها 6الفنية على صبغ المنتجات الفنية في جميع األقطار 6بصبغة
واحدة .
• المجال األول :معماري تاريخي وعاطفي ،يعتمد على ثالثة محاور تنظيرية في تعريف
الحضارة االسالمية ،األول هو المحور 6الشكلي الذي يختزل العمارة االسالمية في اشكالها االكثر
رواجا ً كاألقواس والقباب والباحات الداخلية واألواوين والمشربيات 6والشادروانات ،ويعطي لهذه
االشكال وظائف خصوصية إسالمية نجد مرتكزاتها 6في فكر 6اسالمي موحد الجذور 6والمظاهر
أما المحور الثاني فهو المحور الروحاني 6الصوفي 6الذي يرى في التاريخ المعماري 6االسالمي6
انعكاسا ً مباشراً لنظريات تصوفية تعود العمال الصوفيين العظام من القرون الوسطى كابن العربي
11
وجالل الدين الرومي 6دون اي إثبات تاريخي 6على أن األفكار والمبادئ 6واإلرهاصات 6الصوفية قد
المحور البيئي هو المحور الثالث الذي يرى في االبداعات االسالمية -الشعبية والريفية خصوصاً- 6
ارتباطا ً ببيئتها وردود فعل خالقة لمعطيات هذه البيئة من حرارة زائدة وطقس جاف وندرة في الماء
والخضرة ،وعلى الرغم من أن السمة المناخية سائدة في غالبية مناطق العالم االسالمي إال أنها
ليست مطلقة.
تتقاطع هذه المحاور الثالثة لتعطي التعريف 6االكثر رواجاً 6في الوقت الحاضر للعمارة االسالمية
الذي يركز على االشكال المميزة للنماذج التاريخية وعلى البعد الروحاني 6الصوفي 6وعلى استجابة
• المجال الثاني :فهو أكاديمي محايد يعتمد على البعدين التاريخي والجغرافي ،فتاريخ العمارة
االسالمية يمتد ما بين القرن السابع وبداية القرن التاسع عشر الميالدي منذ ظهور اإلسالم وحتى
عصر الغزو األوروبي لمعظم األراضي 6اإلسالمية وهيمنة الحضارة الغربية الحديثة على أوجه
اإلنتاج الفني والثقافي 6كافة بعد زوال االستعمار 6في أواخر 6عصر التحرر الوطني ..
أما البعد الجغرافي فيرى أن العمارة االسالمية هي مجمل المباني والمنشآت التي تحفل بها مدن
العالم االسالمي ومناطقه بما فيها تلك التي شكلت يوما ً ما جزءاً منه ثم انتزعتها حضارات أخرى
كاألندلس وصقلية ،أو تلك التي ضمت اليه اخيراً كتركيا 6والبوسنة مثالً ،أو تلك التي لم تكن مكونا ً
سياسيا ً في دار اإلسالم حتى العصر الحديث ولكنها دارت في فلكه الثقافي أو التجاري قبل أن
تصبح
جزءاً منه مثل ماليزيا وجنوب الفلبين وبعض المناطق 6الصينية واالفريقية جنوب الصحراء الكبرى.
وبدأ اإلهتمام بالنتاج الثقافي وال سيما المعماري 6لإلسالم إبان ما دعي ( الصحوة اإلسالمية) في
12
ثمانينات القرن العشرين والتي أختلف مفهومها 6.وكان شوطها يمتد بين السطحية ودرجات 6العمق
المختلفة ،بما يناسب مستوي 6وعي الفرقاء ،فهو من سطحيتها المتعلق بمعالجة الواجهات ،إلي ما
يتعلق بالفكر اإلسالمي الموجه المتضمن للفكر والفلسفة اإلسالمية.مع طرق 6جوهري للجانب
ويجدر االنتباه إلي أن عمارة المسلمين كانت نتاج لحاجاتهم البيئية واالجتماعية ،ممتزجة مع الفكر
الذي يحرك السجايا ويتطور مع الزمن بحسب المتغيرات ،واليرسي علي ثبوت ،وال يمكث في عالم
المحنطات ويبقي قابعا 6في التاريخ .وهذا يشكل التباين بين مفهومي العمارة اإلسالمية كفكر وفلسفة
وعمارة المسلمين كنتاج وأشكال .أنكب بعض المستشرقين علي دراسة التراث اإلسالمي عن كثب
من خالل قراءة المدونات التي أسهبت بذكر المعالم وصفيا ومنها التواريخ وسير الملوك ووصف6
الرحالة .وقد توج ذلك بتحديد مواقع بعضها ،ثم تال ذلك مرحلة إسقاط الموصوفات علي الورق 6من
خالل تفسير وتصنيف 6المعلومات وتجسيدها في مخططات ،كما حدث مع الفرنسي جورج مارسيه
( 1876ــ )1962بما يخص الشام والمغرب العربي ،واألنكليزي 6كريزويل ( 1879ــ )1974
والعراقي 6مصطفي جواد ( 1904ــ .)1969والتزال تثار الشكوك حول مفهوم العمارة اإلسالمية،
ويطرح تساؤل فحواه هل لإلسالم عمارة تخصه أو هي في حقيقتها تطور لطرز 6عمارات إقليمية،
تمتد بجذورها في تراث تلك الثقافات والسيما ذات الباع الكبير منها في الشرق القديم.
وقد وردت عدة مصطلحات للداللة علي عمارة اإلسالم ،حيث لم يكن مفهومها محدد المعالم،
واختلف القوم Aحتي في تسميتها ومن هذه المصطلحات :
1ــ العمارة الساراسينية :فقد أستعملها (الن بول ) Lane-Poolesونجدها في كتابه (ملزمة
الفنون السراسينية ) Handbook of Sarascenic Art -أو (الفن السراسيني 6في مصر)
لعام .1886 ،وينحدر هذا المصطلح من اليونانية القديمة واستعمله المؤرخ بطليموس محددا هوية
13
العرب األنباط الذين يقطنون منطقة البتراء .ثم استعمله الرومان للداللة أهل البادية الذين يقطنون
الجزيرة الفراتية .وهكذا تم تحديد ذلك بالعرب دون سواهم خالل الحقب البيزنطية والتوسع 6في
الحروب الصليبية وشاع في القرن السابع عشر ،وتوسع 6معناه ليشمل القراصنة في البحرالمتوسط .
و أطلق علي المسلمين عموما .ويعزي البعض أنها محرفة من (شرقيين) أو (شرسين) أو
ويذهب البعض إلي أنها مركبة وتعني( 6عبيد سارة) أو أوالد إسماعيل ،وهو ابن السيدة هاجر،خادمة
السيدة سارة ،مستندين في ذلك علي مقتطف من (رسالة بولص الي أهل غالطية) .
2ــ العمارة المحمدية Mohammadan Architecture :وقد شاع إستعمالها 6منذ أواسط
القرن التاسع عشر ،ووردت لدي (مارتين بريكس )Martin S. Briggsفي كتابه (العمارة
3ــ العمارة العربية أو (عمارة العرب) : Arab Architectureبسبب ذلك التداخل بين اإلسالم
والعرب.وقد 6أستعمله المستشرقون ،ومنهم كوستاف 6لوبون الذي كتب (حضارة العرب) متضمن
كل نتاجها ومنها المعماري .وقد أنتقد ذلك (الن بوليس وسبيرس وفيركوسون وكذلك ريفويرا) ،لما
يعنيه من تحديد صفة العروبة بمن سكن الجزيرة العربية وأطرافه ،ومن نطق بها من المغرب حتي
وتحكم في هذا المصطلح الجانب اللغوي الي حد ما .ويمكن أعتبار ذلك المفهوم هو االقرب الي
الصواب .ومن أوائل من كتب بهذا المصطلح بالفرنسية (م .صالح الدين )M. Saladinفي
كتابه الذي أصدره عام 1907تحت عنوان (ملزمة الفن اإلسالمي Manuel d L art
تحفضهم على مشاركة معماريين او عمال مهرة من النصاري 6العرب واألجانب في بعض المعالم
14
المعمارية المنسوبة للحضارة اإلسالمية.
5ــ العمارة المورية ( : )Moorish archالذي أطلقها األسبان علي المغاربة ،ثم حدث أن
انتقلت لتدل علي المسلمين تحديدا وتوسعت حتي سمي بها مسلمي الفليبين وجزرالمحيط الهادي .
وقد أنتقلت الطرز (المورية) اإلسالمية الي أمريكا الالتينية ،وجزر 6المحيط الهادي خالل القرن
و أخيراً نستطيع ان نحدد مفهوم العمارة التقليدية اإلسالمية بأنها الخصائص البنائية التي استعملها
المسلمون لتكون هوية لهم ،وقد نشأت تلك العمارة بفضل اإلسالم وذلك في المناطق التي وصلها6
كشبه الجزيرة العربية ومصر وبالد الشام والمغرب العربي وتركيا 6ووإيران وغيرها باإلضافة إلى
المناطق التي حكمها لمدد طويلة مثل األندلس (أسبانيا حاليا) والهند .وتأثرت خصائص العمارة
اإلسالمية وصفاتها 6بشكل كبير بالدين اإلسالمي والنهضة العلمية التي تبعته .وتختلف من منطقة
ألخرى تبعا للطقس ولإلرث المعماري 6والحضاري 6السابق في المنطقة ,حيث ينتشر 6الصحن
المفتوح في الشام والعراق والجزيرة العربية بينما اختفى في تركيا نتيجة للجو البارد وفي اليمن
بسبب اإلرث المعماري .وكذلك نرى تطور الشكل والوظيفة عبر الزمن وبتغير 6الظروف السياسية
15