Professional Documents
Culture Documents
شرح متن شروط الصلاة وواجباتها واركانها الشيخ الجامي
شرح متن شروط الصلاة وواجباتها واركانها الشيخ الجامي
صلَة وَأْركانِها
شُروط ال َّ متن ُ َ
ح َ
شْر ُ
وَوَاجبَاتهَا
مد بن عَبد الوهَّاب
سلم مح َّ
تأليف شيخ ال ْ
ه تَعَالى
ه الل ُ
م ُ
ح َ
َر ِ
1115-1206هـ
شرح
َ ضيلَةِ ال َّ
مةشيِْخ العَل ّ َ فَ ِ
مد بن أ َ
ي
ّ م
ِ جا
َ ال علي َ ن
ُ ْ ب مان َ ح َّ ْ ْ ُ
م َ
ُ
ه تَعَالى
ه الل ُ
م ُ
ح َ
َر ِ
1416 -1349هـ
مُقَدّمَةٌ
الحمد ل الحق الحد ،الواحد الصمد ،واهب الصبر والجلد ،أحمده حمداً كثير على
جزيل نعمته ووافر رحمته ،أمّا بعد:
فلمّا كانت الصلة عمود الدين ،وأعظم العبادات العملية ،وثاني أركان دين المة
السلمية ،كان من أعظم فروض العين بعد معرفة التوحيد ،إقامتها كما أمرنا ال بها،
قال تعالى{:وَأَقِيمُواْ الصّلَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرّاكِعِينَ}[البقرة ،]43:وكما
صلّها رسول ال -صلى ال عليه وعلى آله وسلّم -القائل(( :صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي
أُصَلّي))( ).
1
فل يخفى عليك -عزيزي القارئ -أنّ كثيراً من الناس اليوم ل يعرفون كيفية
الصلة كما صلّها النبي -صلى ال عليه وعلى آله وسلّم ،-وهم كثر ،كأمثال المُسِيء
صلته المذكور في الحديث المشهور .ولكن المشكلة في كثير من الخوة الذين يظهر
عليهم الصلح والخير والستقامة وهم يعرفون ويهتمون بآداء صفة صلة النبي
-صلى ال عليه وسلّم -ولكنّهم ل يعرفون شروطها ،ول واجباتها ،ول حتى أركانها،
بل ل يعرفون حتى شروط الطهارة التي هي مفتاح الصلة.
ولمّا كان بعضهم قد بدأ يخوض ويَدْرُس بعضاً من تفريعات العلم الشرعي كعلم
المصطلح مثلً ،ويخوض في مسائل ومسائل وهو ل يعرف هذه الشياء التي هي من
أفرض ما يكون عليه.
ورأيت البعض الخر من طلبة العلم ممن علم هذه الشياء ،ولكنّه غير مشغولٍ
بالدعوة إليها ،فتذكرت كلم أبي حامدٍ الغزالي -رحمه ال -حيث قال:
"وكل عامِي عرف شروط الصلة؛ فعليه أن يُعرّف غيره ،و إلّ فهو شريك في الثم،
ومعلوم أنّ النسان ل يولد عالماً بالشرع ،وإنّما يجب التبليغ على أهل العلم ،فكل من
تعلّم مسألةً واحدةً فهو من أهل العلم بها ...إلى أن قال :فحقّ على كل مسلم أن يبدأ
بنفسه فيصلحها بالمواظبة على الفرائض وترك المحرمات ،ثم يُعلّم ذلك أهل بيته ،ثم
يتعدى بعد الفراغ منهم إلى جيرانه ،ثم إلى أهل محلته ،ثم إلى أهل بلده ،ثم إلى أهل
البوادي المكتنف ببلده ،ثم إلى أهل البوادي من الكراد والعرب وغيرهم ،وهكذا إلى
أقصى العالم ،فإن قام به الدنى سقط عن البعد ،و إلّ حرج به على كل قادر عليه
قريباً كان أو بعيداً ،ول يسقط الحرج مادام يبقى على وجه الرض جاهل بفرض من
فروض دينه وهو قادر على أن يسعى إليه بنفسه أو بغيره فيعلمه فرضه ،وهذا شغل
شاغل لمن يهمه أمر دينه يشغله عن تجزئة الوقات في التفريعات النادرة والتعمق في
دقائق العلوم التى هى من فروض الكفايات ،ول يتقدّم على هذا إل فرض عين أو
فرض كفاية هو أهم منه"( ) اهـ
1
ومن هذا المنطلق :ينبغي أن يسعى كل مُعلمٍ للخير في التركيز على الهم فالهم ،وأهم
الهم هو تعليم المسلم فرض العين من دينه.
فهذا الكتاب لك أخي المسلم أياّ كنت :طبيباً أو مهندساً أو مزارعاً ..إلى آخره ،وليس
من الكتب المعقدة أو صعبة العبارة ،بل هو لتعليمك أهم ما يجب عليك نحو صلتك.
ومن أحسن المتون المختصرة الميسرة التي تعنى بشرح شروط الصلة ،كتاب
"شروط الصلة وأركانها وواجباتها" للمام العلّمة مُحمد بن عبد الوهّاب التميمي
-رحمه ال تعالى.
ولكن هذه المتون المختصرة تحتاج إلى شرح ،فبحثت عن شرحٍ له ،فلم يقع بيدي غير
شرحٍ للشيخ العلّمة /مُحمد بن علي بن أمان الجامي -رحمه ال ،-ولكنّه في أشرطةٍ
وليس في كتاب ،وكما نعلم أن الكتاب أفضل من الشريط لعدّة اعتبارات ،فرأيت منه
نسخة مفرغّة قد فرّغها أخونا /أيمن الدبعي -جزاه ال خيراً ،-ولكنّها مجرد تفريغ فقط
يعوزه التدقيق والمراجعة والضبط للنصّ والشرح.
هذا وأسأل ال أن ينفعني والمسلمين بهذا الكتاب ،وأن يتعرفوا على صلة نبيهم
فيهتدوا بهديه فيها ،راجياً من المولى -سبحانه وتعالى -ما وعدنا به على لسان نبيه
-صلى ال عليه وسلم(( :-من دعا إلى هدى كان له من الجر مثل أجور من تبعه ،ل
ينقص ذلك من أجورهم شيئا ،) ())...إنه على كل شيءٍ قدير آخر دعوانا أن الحمد ل
1
حمَنِ ال ّرحِيمِ
بِسْمِ ال ال ّر ْ
الحديث رواه مسلم وغيره ،وهو مخرج في "الحاديث الصحيحة" رقم .863 )(1
لرسال أي ملحظة ،قم بإرسالها مشكوراً عن طريق خدمة المراسلة في الموقع الذي على غلف الكتاب. )(2
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 4 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
شُرُوطُ الصّلَةِ ِتسْعَةٌ ( ) :السْلَمُ ،وَالعَ ْقلُ ،وَال َتمْييزَُ ،و َرفْعُ الحَ َدثِ،
1
وَِإزَالَةُ النّجَاسَةَِ ،وسَ ْترُ العَ ْورَةِ ،وَدُخُولُ ال َو ْقتِ ،وَاسْتِقْبَالُ القِ ْبلَةِ،
وَالنّيَةُ( ). 2
لسْلَمُ َوضِدّهُ الكُفْر ،وَالكَا ِفرُ عَ َملُهُ َمرْدُودٌ َولَوْ شرْطُ الَوّلُ :ا ِ ال َ
ل قَوْلُهُ تَعَالى{:مَا كَانَ لِ ْل ُمشْرِكِينَ أَن يَ ْع ُمرُواْ عَمِلَ َأيّ عَمَلٍ ،وَالدّلِي ُ
عمَالُهُمْ َوفِي طتْ أَ ْ علَى أَن ُفسِهِمْ بِالْكُ ْفرِ أُوَْل ِئكَ حَبِ َ
َمسَاجِدَ ال شَاهِدِينَ َ
الشرط :مَا َيلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ِه العَدَمُ ،وَلَ َيلْزَمُ ِمنْ ُوجُودِهِ ُوجُو ٌد لِذَاتِهِ.
عدَ ُم الصّلَة ,أي عدم صحيتها ،ول يلزم من وجود بمعنى مثلًِ :منْ عَدَ ِم الطّهَارَةِ َيلْزَمُ َ
عدَمِهِ
الطهارة وجود الصلة؛ قد يتوضأ المرء ول يصلي ،هذا معنى قولهم :مَا َيلْزَمُ مِنْ َ
العَدَمُ ،وَلَ َيلْزَمُ مِنْ ُوجُو ِدهِ ُوجُو ٌد لِذَاتِه ؛ إل إذا صلى النسان.
يءِ مَاهِيّ ُتهُ.
أما الركن :رُ ْكنُ الشّ ْ
أركان الصلة ،ماهية الصلة ،حقيقة الصلة ،لن الصلة أقوال وأفعال ،تتكون ماهية
الصلة من القوال والفعال ،هذه الماهية المكونة من القوال والفعال هي الصلة،
هذه الشياء التي تتكون منها العبادة التي تسمى الصلة هي الركان ،والشروط في
الغالب خارجة عن ماهية الصلة .
لذلك اختلفوا في النية عند الحنابلة ،النية يعّدونها من الشروط ،وعند الشافعية مثلً
يعدّون النية من الركان ،ووجه الختلف باعتبار أولها :النية خارجة عن ماهية
الصلة وعن فعل الصلة ،لنك تنوي قبل أن تدخل في الصلة ،تنوي أن تكبر مثلً،
كذلك الوضوء.
ولكن باعتبار وجوب استدامتها واستمرارها إلى آخر الصلة ،اعتبرت ركناً من أركان
الصلة ،وباعتبار أولها تعتبر شرط.
ن اختلف أهل العلم في مثل هذا يعتبر اختلفاً غير جوهري ,اختلفٌ معنى هذا :أ ّ
صوريٌ شكلي ،بمعنى :الكل ُيلْزِمُ بأنّ النية لبد منها لي عمل(( ,إنما العمال
بالنيات)) ,لكن هل تسمى شرطًا أو تسمى ركناً؟ ل يضر مثل هذا الختلف.
() عدّد المؤلف -رحمه ال -شروط الصلة التسعة :السلم ،والعقل ،والتمييز ،ورفع 2
الحدث ،وإزالة النجاسة ،وستر العورة ،ودخول الوقت :أي العلم بدخول الوقت ،أن
يكون المصلي عالماً بدخول الوقت هذه هي الشروط ،ثم أخذ المؤلف -رحمه ال -يشرح
من عند نفسه ،ل يحتاج إلى شرح.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 5 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
عمِلُوا مِنْ
النّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [التوبة .]17 :قَالَ َتعَالىَ {:وقَدِ ْمنَا إِلَى مَا َ
ل فَجَ َعلْنَاهُ َهبَاء مّنثُورًا} [الفرقان.) (]32 :
1
عَمَ ٍ
عنْهُـ القَلَمُـ
جنُون ،وَالمَجْنُونُـ َم ْرفُوعٌـ َ شرْطُـ الثّانِي :العَقْلُ َوضِدّهُـ ال ُ
ال ّ
حَتّىـ يَفِيقَـ( ) ،وَالدّلِيلُ حَدِيثـُُ ( :رفِعـَ القَلَمُـ عَنـْ ثَلَثَةٍ :النَائِمُـ حَتَى 2
() الكافر عمله مردود ولو عمل أي عمل ,هذا معنى الشرطية ،أي عدم السلم يستلزم 1
عدم الصلة ،وعدم صحية أي عمل ،لن الكافر ل يقبل منه أي عمل.
ن ِللْمُشْ ِركِينَوجميع العمال الصالحة من شرطها السلم ،والدليل قوله تعالى{:مَا كَا َ
ت أَعْمَالُهُمْ َوفِي النّارِ هُمْ ط ْعلَى أَنفُسِهِمْ بِالْ ُكفْ ِر أُ ْولَ ِئكَ حَبِ َ
أَن يَعْمُرُواْ َمسَاجِ َد ال شَاهِدِينَ َ
خَالِدُونَ} [التوبة.]17 :
ل َفجَ َعلْنَاهُ هَبَاء
الشاهد :حبطت أعمالهم ،وقوله تعالىَ {:وقَدِمْنَا ِإلَى مَا عَ ِملُوا ِمنْ عَ َم ٍ
مّنثُورًا} [الفرقان.]32 :
أي :ل يثابون عليه.
() والمجنون ل تصح منه العمال ،ل الصلة ول غيرها ,مرفوع عنه القلم ،بمعنى :ل 2
تكتـب عنـه السـيئات ول تكتـب له الحسـنات ,هذا معنـى رفـع القلم ،أي قلم التكليـف ,ليـس
مكلفاً بالعمـل لنـه بدون عقـل ،والعقـل :هـو ذلك النور الذي يقذفـه ال سـبحانه وتعالى فـي
قلوب العباد ،يميزون به بين القبيح والحسن وغير ذلك.
() النائم في حال نومه معذور ,لذلك يُعَدّ النوم عذراً من أعذار الصلة ,فإذا استيقظ 3
صلى أداءً على الصح ل قضاءً(( ,من نسي صلة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها)),
من شُغل إلى أن نسي الصلة ،ثم تذكر؛ فعليه أن يبادر إلى الصلة ,ووقت تذكر الصلة
هو وقت صلته =
الثّاِلثُ :التّمْييزُ َوضِدّهُ الصّ َغرُ ،وَحَدّ ُه سَبْ ُع سِنِينَ ثُمّ يُ ْؤ َمرُ بِالصّلَةِ
لِقَ ْولِهِ -صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّمَُ (( :-مرُوا َأبْنَاءَكُمْ بِالصّلَةِ ِلسَبْعٍ،
شرٍ َو َف ّرقُوا بَيْ َنهُ ْم فِي ال َمضَاجِع))( ).
1
ضرِبُوهُمْ عََليْهَا لِ َع ْ
وَا ْ
شرْطُ الرّابِعُ:
ال ّ
َرفْعُ الحَ َدثِ ،وَهُوَ ال ُوضُوءُ ال َم ْعرُوفَ ،ومُوجِبُهُ الحَ َدثُ.
الصلة مرتبة.
() الصغير الذي دون السبع ل يعقل ,لذلك أُمرنا أن نأمر أولدنا بالصلة لسبع ,لنهم 1
قبل ذلك ل يعقلون ,وحَدّهُ سبع سنين ,ثم يؤمر بالصلة لقوله -صلى ال عليه وسلم:-
((مروا أبناءكم بالصلة لسبع اضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع)) ,هذه
آداب إسلمية ينبغي التقيد بها ،أمر الطفال بالصلة لسبع ,وليس معنى أمرهم أن تقول
له صلي بس ،يلزم من أمر رسول ال -عليه الصلة والسلم -أن نأمر أطفالنا بالصلة
أن نعلمهم الصلة ,وإل فكونك تقول للطفل -الذي يلعب عند الباب -إذهب إلى المسجد
صلّ ،وأنت ل علمته الطهارة ول علمته كيف يصلي ،ل تخرج من العهدة ,وإنما تخرج
من العهدة إذا علمته الطهارة ثم قلت له صلي ،هنا امتثلت ،وأما تساهل كثيرٍ من الناس
قد يحمل طفله إلى المسجد إما لسب ٍع أو دون السبع على غير طهارة ,وبدون معرفة
للصلة ,فيُوقف في الصف؛ فيُعتبر هذا الصف مقطوعاً بوقوف هذا الطفل في الصف؛
لنه غير مصلٍ ,ينطبق على هذا الشخص قوله -عليه الصلة والسلم(( :-من وصل
ل ل يعقل الصلة ,يُوقف في الصف وصله ال ،ومن قطع الصف قطعه ال)) ,تحمل طف ً
الصف الول خلف المام معك ،والناس تسكت مجاملة ،وهو ليس في الصلة ،ربما
ليس على طهارة حتى في بدنه ,لنك أخذته من أمام البيت قبل أن تعلمه الطهارة
والصلة ,هذا تصرف خطأ ,فالواجب أن تعلمه في البيت كيف يتطهر وكيف يصلي؛ ثم
تعلمه أين يقف ,ل يقف في الصف الول ،وإنما يقف حيث تقف الطفال ,إن كان
المأمومون يتكونون ويتألفون من صفين ,فلهم الصف الثاني -أي آخر الصفوف -بعد
صفوف الرجال ,هكذا أدبنا رسول ال = =صلى ال عليه وسلم؛ فيجب أن نلتزم بهذه
الداب ,فإذا بلغ الطفل عشر سنين ،وحصل منه نوعٌ من عدم المتثال والتمرد ,يضرب
ضرب تأديب وتخويف حتى يصلي ,مع المحافظة عليه.
وفي هذا السن يفرق بينهم في المضاجع كل طفل ينام منفرداً ,هكذا أدب السلم.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 7 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
() المراد به الوضوء المعروف ،وموجبه الحدث ,وشروطه عشرة ,السلم والعقل 1
أشرنا.
() واستصحاب حكمها يعني أنّه بهذا الستصحاب تعتبر ركناً ،ومعنى استصحاب حكم 3
النية أل ينوي قطع الصلة وذلك قطع الوضوء أو قطع أي عبادة نوى ،ل ينوي أنّه في
أثناء العمل أن يقطعه حتى تتم الطهارة ,لو نوى أن يترك الوضوء ،وهو في أثناء
الوضوء؛ فيجب عليه أن يستأنف من جديد بنية جديدة.
() انقطاع موجب ،الذي هو الحدث ،يجب عليه أن ينقطع ،أن يفرغ من البول ومن 4
قضاء حاجته ومن خروج الريح ،ينقطع من كل ذلك حتى يتوضأ ،أما مع وجود
وجريان الحدث فل يصح الوضوء.
() والستنجاء معروف ،وللنسان أن يجمع بينه [وبين الستجمار] ،وله أن يقتصر على 5
أحدهما.
() استنجاءٌ أو استجمارٌ قبله :يشترط أن يستنجي النسان قبل الوضوء أو يستجمر ،وله 6
تحت نعليه؛ فإن رأى فيهما قذراً؛ فليدلكهما بالرض؛ فليدخل بهما فليصلِ فيهما)) ,هذه
من السنن المهجورة اليوم ,بل من السنن المحاربة ,عند كثير من الناس تحارب ،بل تُعد
جريمة في بعض القطار -دخول المسجد بالنعال وبالحذية ،-لو اشتريت الن من
الدكان ولبست ودخلت بها المسجد ،عُدّ ذلك جريمة وعدم احترام للمساجد ولبيوت ال،
قلبت السنة بدعة والبدعة سنة ,الصلة في النعال كانت عند السلف أمراً معهوداً ل
يختلفون فيه ,بل كل ما في المر يتحفظ النسان ،فيلحظ نظافة نعليه عند دخوله
ل بالحديث الذي أشرنا إليه(( ,ثم ليدخل بهما فليصل بهما)) ,وإن خلعهما
للمسجد عم ً
جعلهما بين رجليه ،ل يجعلهما بين يديه ولخلفه ول يمين ول شمال ،لكي ل تؤذي
الناس ،بل يجعلهما بين رجليه ،بين قدميه ,هكذا جرت السنة ،ودرج على هذا سلف هذه
المة ,ول تزال هذه السنة معمول بها في بعض المناطق في هذا البلد ,ولكن في بعض
المناطق وفي بعض القطار الخرى في الخارج الموقف سيئ.
ولكن هنا ينبغي أن ننوه أن الصلة في النعال سنة ،وليس ذلك بواجب ول شرط لصحة
الصلة أو واجب من واجبات الصلة ،فهذه السنة إذا تعارضت مع مصلحة أخرى ،مع
بعض المساجد ،أو أدّى فتح الباب لدخول المساجد بها إلى إضاعة المال؛ فينبغي أن
تترك هذه السنة تركاً مؤقتاً ومقيداً بمكان مقيد ،حتى تحيى في أماكن أخرى مثل هذه
المساجد ,ل ينبغي أن يتسرع الشباب ليدخلوا بنعالهم؛ فيفتحوا بذلك باب دخول المساجد
بالنعال؛ فيدخل المتسرعون قبل أن ينظروا تحت نعالهم؛ فيؤدي ذلك إلى إضاعة هذه
الفرش ,فـقد نهينا عن إضاعة المال ,إضاعة المال حرام ،ودخول المساجد والصلة في
النعال سنة ,وإذا حصل تعارض ,نعمل بإحياء سنة الصلة في النعلين في غير هذه
المساجد ،في المساجد التي ل تزال على فطرتها ،المفروشة بالرمال والتراب ،أو في
بيوتنا ،أو في البرية عندما نخرج في الرحلة والمعسكرات ،والماكن كثيرة- ,معنى
ذلك -ل نحارب الصلة في النعال ،ول نبالغ إلى درجة أننا ندخل مثل هذا المساجد
-المساجد المفروشة بالنعال -فتضيع هذه الموال ،ولكن نجمع بين هذه المصالح وبين
هذه الحاديث بأن نحيي ونعمل بسنة الصلة في النعال في غير هذه المساجد ،والمساجد
كثيرة=
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 9 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
غَس ْـلُ الوَجْهـِ ،وَ ِمنْهُـ ال َمضْ َمضَةُ وَالس ْـ ِت ْنشَاق( ) ،وَحَدّهُـ طُولً مِنـْ
1
=والماكن كثيرة ،ول بد من الفقه في الدين ،والتوفيق بين النصوص ،ل يأخذ النسان
طرفاً أو نصاً أو حديثًا ويضيع النصوص الخرى؛ بل ل بد من التوفيق دائماً حسب
المكان.
() من شروط الوضوء أن يكون الماء طهوراً ،فالماء إمّا أن يكون نجساً أو طاهرًا أو 1
طهوراً.
إذاً أنواع المياه ثلثة:
•ماء نجس ل يستعمل ل في الطهارة ول في الشرب.
•ماء طاهر يستعمل في غير العبادة.
•ماء طهور يستعمل في العبادة.
قد يكون الماء طاهراً في نفسه غير مطهر,كالغسالة التي جمعت مثلً في مكان ,أو
ماء تغير بطاهرحتى سلب اسمه ,سُمي شايًا أومرقاً ,وهو ماء في الصل تغير
سلِب اسمه؛ فل تصح به الطهارة ،أو تغير بنجس ،تغير بطاهر بواسطة لحم أو شاي ُ
لونه أو طعمه أو ريحه ،ل يستعمل في الطهارة ،إذاً طهورية الماء أي أن يكون
طاهراً شرط.
() وأن يكون الماء مباحاً ل يكون مغصــــوباً ،لو غصــــبت ماء إنســــان وتوضأت بــــه 2
واغتسلت به ما صح ،مع الخلف في المسألة من أهل العلم ,فهناك من يصحح الوضوء
مـع الثـم ،و يقول أنّ الباحـة ليسـت بشرط ،ولكـن يأثـم مـن يسـتعمل الماء المغصـوب،
وهذا الخلف جاء فيمـــن يصـــلي بالثوب المغصـــوب والعمامـــة المغصـــوبة والرض
المغصــوبة والدار المغصــوبة ,هذه المســائل كلهــا محــل خلف ،أي فيهــا روايتان فــي
المذهب نفسه ,في مذهب أحمد ,وفي مسألتنا هذه ,القول الثاني أنّ إباحة الماء -أي كون
ل ليــس بمغصــوب -ليــس بشرط لصــحة الوضوء ،لكنّهــ واجــب على الماء مباحاً حل ً
النسان أن يتحرى ،ولو توضأ بماء المغصوب فوضوءه صحيح لكنه يأثم ,هذه الرواية
هـي التـي تترجـح عندنـا :أنّهـ يأثـم ولكـن الوضوء يصـح ،أي المسـألة خلفيـة ,وقلّمـا تسـلم
مسألة فقهية من خلف ,وال أعلم.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 10 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
قَوْلُهـُ َتعَالى{:يَا أَيّهَا الّذِينـَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمـْ إِلَى الصـّلةِ( ) فاغْسـِلُواْ
3
() أن يزيل النسان من أعضاء الوضوء ما يمنع وصول الماء إلى البشرة,كالذين 3
يشتغلون في (البويه) ,هذه المادة إذا كانت لصقة بأعضاء الوضوء ،مادة لصقة قوية
تمنع وصول الماء إلى البشرة ،يجب أن يزيلها بالمزيلت قبل الوضوء ،ومثل ما يسمى
(بالمناكير) التي تستعملها النساء في الظفار ،يجب إزالــــــــــــــة ذلك قبل الوضوء،
على المرأة المسلمة أن تزيل هذه المناكير عندما تريد أن تتوضأ أو تغتسل=
=غسل الجنابة ،لها أن تستعمل ذلك في بيتها بعد ذلك ،بعد التفاق مع زوجها على أنها
من وسائل الجمال والزينة.
() دخول وقت ـٍـ لفرضـــه ،أي لفرضـــه الحاضـــر على مـــن حدثـــه دائم كســـلس البول، 4
والسـتحاضة ،يجـب على المسـتحاضة أن تصـبر حتـى يدخـل الوقـت ،كذلك مـن بـه سـلس
البول ،ل يجوز لهم أن يتوضؤا قبل الوقت ،بمعنى يتوضؤن لكل وقت.
() هذا هو مذهب المام أحمد ،المضمضة والستنشاق داخلين في غسل الوجه ،أي 1
يجب على المتوضئ أن يتمضمض ويستنشق ويستنثر ،ويسبق ذلك غسل الكفين ثلث
مرات.
وهذه من المسائل التي بينتها السنة كما سيأتي ،جاء مجملً في القرآن وبينّته السنة.
ل فـي الوجـه ،الذقـن () وح ّد الوجـه طولً مـن منابـت شعـر الرأس إلى الذقـن ،الذقـن داخ ٌ 2
ملتقـى اللحييـن ،العظـم الذي عليـه اللحيـة يسـمى لحـم ,وملتقـى اللحييـن هنـا يسـمى ذقـن
-بالذال.-
ولذلك تسـمى العامـة اللحيـة ذقـن ،تحريـف ،الذقـن ملتقـى العظمييـن ل الشعـر ،الشعـر مـا
يسـمى ذقـن ،ول يسـمى ذقـن ,لغـة مُغّيّرة ،اللحيـة لحيـة ،سـميت لحيـة لنهـا تنبـت على
اللحييـن ،على اللحييـن مـع الذقـن تسـمى لحيـة ،اللحيـة شعـر الخدين والذقـن ،والذقـن داخـل
بالوجه ،إلى الذقن أي مع الذقن ،وعرضاً إلى فروع الذنين.
هل الذنين من الوجه أم ل ؟
هناك خلفٌ بين أهل العلم ,ويرى المام أحمد أنّ الذنين من الوجه ،بدليل أنّ من يمسح
رأسه يمسح الذنين مع الرأس ،ول يأخذ ماءً جديداً.
للشّيْخِ ُمحَمّد أَمَان الجَامِي 11 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شَرْحُ شُرُوطِ ال ّ
ث صَاحِبِ اللُ ْمعَةِ عَنِ النّ ِبيّ -صَلَى ال عََليْهِ لةِ حَدِي ُ وَدَلِيلُ ال ُموَا َ
َوسَلّمَ:-
صبْهَا المَاءُ
أَنّهُ لما رَأَى رَجُلً في قَدَمِهِ لمُعَ ًة قَ ْدرَ ال ّدرْهَمِ لَمْ ُي ِ
فَأَ َمرَهُ بِالِعَادَةِ( ).
1
وعلى كلٍ ،دخول الذنيــن فــي الوجــه محــل خلف ,وعلى القول أنّهمــا خارجتان عــن
الوجــه ،يكون معنــى قوله إلى فروع الذنيــن :إلى على بابهــا ،ليســت بمعنــى مــع فروع
الذنين ,غير داخلتين في الوجه.
() أي مع المرفقين[ ،إلى] هنا بمعنى [ :مع] ،المرفق يغسل ،بل يجب أن تشرع في 3
غسل العضد لنتأكد من غسل المرفق ،ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب ،الشروع في
غسل العضد واجب لتتأكد من غسل المرفقين ,لن المرفقين من اليد في باب الوضوء،
اليد لها معاني ،اليد تطلق على الكفين وتطلق على الذراعين ،وتطلق على اليد بطولها
إلى البط ،لكن اليد هنا مع المرفقين.
() كـم مرة؟ الجواب أنـه يمسـح مرة واحدة ،مسـح جميـع الرأس هذا هـو الصـحيح ,فليغيـر 4
وضوءه مـن ينتسـب إلى مذهـب المام الشافعـي أو مذهـب المام أبـي حنيفـة أو غيرهمـا,
ممـن يرون بأنـه ل يجـب مسـح جميـع الرأس,كمـا سـيأتي ذكـر سـبب الخلف عنـد اليـة،
الواجب هنا الرجوع إلى بيان رسول ال -صلى ال عليه وسلم -في كيفية مسح الرأس,
ومـا يفعله بعـض المنتسـبين إلى مذهـب المام الشافعـي مـن أن الواحـد يأخـذ الماء بطرف
إصــبعه ويعمــل هكذا -أي بطرف يده ,-ويكرر ثلث مرات ،ل ،خطــأ بــل فــي بعــض
فروعهم القول يجوز ولو مسح بعض شعره -يعني شعرة واحدة -بدعوى التبعيض وبأن
الباء للتبعيـض ،مـا هذا التفسـير بعـد بيان رسـول ال -صـلى ال عليـه وسـلم-؟!! ل يجوز
أن تتعصب وتتعلق بالمعنى اللغوي بعد بيان رسول ال -صلى ال عليه وسلم-؛ فرسول
ال -صـلى ال عليه وسلم -أعلم منك باللغة العربيـة؛ فالنـبي -عليه الصـلة والسلم -بيّن
كيفية مسح الرأس :أن تضع يديك على مقدم رأسك وتذهب بهما إلى القفا ،ثم تردهما إلى
حيث بدأت ،سواءٌ اعتبرت ذلك مرة أو مرتين ،الذي يفهمه أهل العلم أن هذه مرة ،بدليل
لنك لم ترفع اليدين ،ذهبت بهما ورددتهما لو أنك تعلمت هكذا ،ثم فعلت هكذا لعتبرت
مرتين ،ولكن في الصورة التي فعلها -عليه الصلة والسلم -حيث لم يرفع اليدين عند
القفا ،تعتبر هذه مرة ،أي تمسح رأسك مرة واحدة ثم تعم ,هذا الواجب.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 12 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
جسُحشُ النّ ِ وَ َنوَا ِقضُهُ ثَمَانِيةٌ :الخَارِجُ مِنَ السّبِيَليْنِ( ) ،وَالخَارِجُ الفَا ِ
1
وَ َمسّ ال َمرَْأةِ ِبشَهْ َوةٍ( ) ،وَ َمسّ ال َفرْجِ بِاليَ ِد قُبُلً كَانَ أَوْ ُدبُراً( ) ،وََأكْلُ
5 4
() هذه المسألة التي أشرنا إليها قول رسول ال -صلى ال عليه وسلم((:-الذنان من 5
الرأس)) ,أخذ منه أن الذنين من الرأس ل من الوجه ،الصل أو الصحيح عدم أخذ ماء
جديد لهما ،بل تمسحهما بالماء الذي أخذته لمسح الرأس مع الرأس ،وثبت عن عبد ال
بن عمر -رضي ال عنهما -أنه كان يأخذ لهما ماءً جديداً ,وربما حاول أن يخفي ذلك
عن بعض الناس ,لنّه يرى أن هذا خلف ما عليه الجمهور من الصحابة ،الجمهور من
الصحابة فهموا من قول الرسول -صلى ال عليه وسلم((:-الذنان من الرأس)) أنّه ل
يأخذ لهما ماءً جديداً ,بل بعد ما ينتهي من مسح الرأس ،يمسح الذنين ظاهرهما
وباطنهما بفضل ماء الرأس ،ول يأخذ لهما ماءً جديداً.
() يقال هنا ما قيل عند المرفقين ،غسل الكعبين واجب ,بل يجب أن تشرع في الساق، 1
في رأس الساق لتتأكد من غسل الكعبين ،في كل رجلٍ كعبان ،كعبٌ من الخارج ،وكعبٌ
من الداخل ،فيجب غسلهما ,وهما عظمان ناتئان في منتهى الساق.
() من واجبات الوضوء الترتيب بين العضاء ،والموالة بين العضاء ,وعدم وجود 2
سلُواْ
ن آمَنُواْ إِذَا قُمْتُ ْم ِإلَى الصّلةِ فاغْ ِ فاصل طويل عُرفاً ،والدليل قوله تعالى{:يَا أَيّهَا الّذِي َ
سحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ َوأَ ْرجُلَكُ ْم ِإلَى الْكَعْبَينِ}[المائدة :من الية .]6 ُوجُوهَكُمْ َوأَيْ ِديَكُ ْم ِإلَى الْمَرَافِقِ وَامْ َ
() قوله تعالى{:إِذَا قُمْتُ ْم ِإلَى الصّلةِ} :أي إذا أردتم القيام إلى الصلة. 3
سلُواْ ُوجُوهَكُمْ َوأَيْدِيَكُ ْم ِإلَى الْمَرَافِقِ} :أي مع المرافق. غِ () قوله تعالى{:فا ْ 4
() قوله{:وَامْسَـحُواْ بِ ُرؤُوسِـكُمْ} :هذه الباء هــي التــي اختلف فيهــا الفقهاء ،هــل الباء هنــا 5
جلَكُم ـْ} ،أي :فاغســلوا أرجلَكــم وامســحوا برؤوســكم ,والقراءة الخرى: بِرُؤُوس ـِكُمْ َوأَ ْر ُ
جلِكُمْ} ،أي :فامسحوا بأرجلِكم. سحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ َوأَ ْر ُ {وَامْ َ
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 13 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
متى تمسح الرجل؟ إذا كنت لبسًا للخفين أو الجوربين ،قراءة الجرّ تفسر بما إذا كان
النسـان لبسـاً للخفيـن أو الجوربيـن ،وأمـا فـي غيـر هذه الحالة؛ فيجـب غسـل الرجـل إلى
الكعـبين ،أي مـع الكعـبين ،هنـا اليـة{ :فاغْسِـلُواْ ُوجُوهَكُمـْ} .مـن أيـن لنـا أنّ المضمضـة
والستنشاق داخلن في غسل الوجه من السنة؟=
=السنة هنا تعتبر مُبَيّنَة ،السنة بينت الوجه أو كيفية غسل الوجه ،أي من غسل الوجه
المضمضة والستنشاق ،والسنة بينت أن المرافق والكعبين داخلن في غسل الرجلن
واليدين؛ لنّ النبي -عليه الصلة والسلم -كان يدير الماء على المرفقين حتى يأخذ في
العضد ,السنة تُبَيّنُ وتفسر القرآن ،وفي الرأس -كما تقدم -بَيّ َنتِ السنة معنى [الباء] هنا،
وأنّ مسح الرأس مرة واحدة مع الذنين.
ى بلفظ الخبر وبلفظ المر(( ،ابدءوا بما بدأ ال به)) ،يعني :يقول النبي () الحديث رُوِ َ 7
-عليه الصلة والسلم ،-عندما خرج من باب الصفا ،وأخذ يرقى على جبل الصفا ،قال:
((ابدءوا بما بدأ ال به)) ،أي في الرّقِيّ ،أو قال للصحابة(( :ابدءوا بما بدأ ال به)),
رُوِىَ هكذا وهكذا ،وعلى كلٍ؛ فهذا استنتاج دقيق من المام محمد بن عبد الوهاب
-رحمه ال ،-أخذ الترتيب من هذا,كأنّه يقول :إذا كان الرسول -صلى ال عليه وسلم-
صفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الّ}[البقرة :من الية { ,]158إِنّ
ن ال ّ
أخذ الترتيب من قوله تعالى{:إِ ّ
صفَا} :بدأ بالصفا ،أخذ من هذا الترتيب ،وقال(( :ابدءوا بما بدأ ال به)) ,أي بالصفا ال ّ
والمروة ،أو قال(( :ابدءوا بما بدأ ال به)) ،أي :بالصفا ل بالمروة ،إذاً ..نحن نُرَ ّتبُ لنّ
ال بدأ بغسل الوجه ثم عطف باقي العضاء على غسل الوجه ،علينا أن نرتب هذا
الترتيب ,هذا وجه الستدلل.
() المام روى الحديث بالمعنى ،ولكنه وافٍ؛ تجوز رواية الحديث بالمعنى إذا أدّت 1
المعنى المطلوب.
رأى رجلً في قدمه لمُعة لم يصبها الماء -أو مثل الظفر -لم يصبها الماء ،فأمره
بالعادة ،هنا محل الخلف ،هل أمره بأن يتقن وضوءه؟..
() واجب الوضوء التسمية مع الذّكر ،الحاديث التي وردت بهذا الحكم لم تسلم من 2
مقال ،ولكنها بمجموعها قد تنهض وتكون التسمية واجبة ,هذا عند المام ،وعند
الجمهور سنة ليست بواجبة ،والمام يشترط الذكر ،إذا لم يتذكر ونسي ليس عليه شيء,
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 14 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ل قَوْلُهُ تَعَالى{:يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِي َنتَكُمْعَ ْورَةٌ إِلّ وَجْهُهَا ،وَالدّلِي ُ
ل صَلَةٍ( ).
1
عِنْدَ ُكلّ َمسْجِدٍ}[الَعْرَافَُ .]31:أيْ :عِنْدَ كُ ّ
شرْطُ السّابِعُ :دُخُولُ ال َو ْقتِ. ال ّ
() الخارج من السبيلين -سواء كان معتاداً أو غير معتاد -كالحصى والدود (غير معتاد), 1
إذا خرج ،نقض الوضوء ،وأمّا بالنسبة للمعتاد كالبول والغائط فهو محل إجماع ,وفيما
عدا غير المعتاد مع الخلف.
() والخارج الفاحش النجس من الجسد :كالدم ،والقيح ،والقيء ،والقلس ،إذا خرج ،في 2
المشهور في مذهب المام أحمد أنّه ينقض الوضوء ،الرواية الثانية :الخارج من غير
السبيلين ل ينقض الوضوء سواء كان قليلً أو كثيراً.
وأمّا على هذه الرواية،كونه فاحشاً؛ فالمرجع العرف ،أي ما كان فاحشًا في العرف،
ماكان كثيرًا فاحشًا في العرف ,لنهم يختلفون ،وكل مالم يرد تحديده في الشرع ,المرجع
العرف.
ولكنّ الرواية مرجوحة ،الرواية الراجحة عدم نقض الوضوء بالخارج من غير
السبيلين ،لعدم وجود دليل صريح صحيح ,لنّ طلب العلم يفرقون بين الصحيح
والصريح ،قد يكون الدليل صحيحاً ولكنه غير صريح ،غير صريح في المسألة أي فيه
إحتمال ،والدلة هنا استدلوا بحديث القيء ,أنّه -عليه الصلة والسلم -قاء فتوضأ ,وقس
على ذلك الرعاف والدم الخارج من البدن ،والقلس وهو ما دون القيء ،ما يخرج من
الحلق ولم يصل إلى المعدة ،أي أنّهم قاسوا على القيء ،فهل حديث القيء صريح ،إن
كان صحيحًا أي صريح بأن الوضوء انتقض ،وهل مجرد كون النبي -عليه الصلة
والسلم -توضأ ولم يأمر بالوضوء ،يدل على الوجوب ،أو يدل على المشروعية ,على
مطلق المشروعية ,إذاً الدليل غير صريح ،هذا معنى قولنا :ل يوجد دليلٌ صريح.
بل المعروف عند الصحابة أنهم قد يخرج منهم دم في كثير من المناسبات ،كالجروح
في الجهاد ،وكأن يعصر أحداً بتره فيسيل ,أو دملً فيسيل منه الدم أو القيح ,فيصلون
ف الوضوء مما يخرج من البدن ،سواء كان كثيراً أو قليلً، ول يتوضئون ،وليس بمعرو ٍ
لذلك الرواية الثانية هي الراجح،ة وال أعلم ،والروايتان في المذهب ،ومسألة الترجيح
كما شرحنا.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 15 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
وَالدّلِيلُ مِنَ السّنّةِ حَدِيثُ جِ ْبرِيلَ -عَلَيْهِ السّلَمُ -أَنّهُ أَمّ ال َنبِي -صَلَى
حمّدُ
خرِهِ ،فَقَالَ(( :يَا مُ َ ال عََليْهِ َوسَلّمَ -في أوّلِ ال َو ْقتِ َوفِي آ ِ
الصّلَةُ بَيْنَ هَذَيْنِ ال َوقْ َتيْنِ)) ( ).
1
سواء كان قبلً أو دبراً ،والخلف في لمس فرج غيره ،ولكن إذا تتبعنا ألفاظ الحديث
الذي جاء في هذا ،نجد ما يدل على العموم ،والحوط أن يتوضأ النسان ولو لمس فرج
غيره.
() مسألة أخرى خلفية,لم يذهب إلى هذا المذهب من الئمة غير المام أحمد -رحمه 6
ال ،-وأمّا المام الشافعي لماّ بلغه الحديث -وهو حريص على تتبع السنة ,-من شدة
حرصه -رحمه ال -كان يقول لتلميذه المام أحمد بن حنبل :يا أخي! أنت أعلم منّا
بالحديث؛ فإذا بلغك حديث فأعلمنا ،فيطلب منه أن يعلمه ويخبره بثبوت حديثًا ما ،لنّ
المام أحمد كان معروفاً بحرصه على جمع الحديث ،ويدل على ذلك كتابه العظيم هذا,
الموسوعة العظيمة" ،مسند المام أحمد" ,والمام الشافعي كان كثير الستنباط حريصاً
على فقه الحديث ,فيطلب من المام أن يخبره ما ثبت عنده من الحاديث ،فلما بلغه هذا
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 16 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ن ُقرْآنَ
جرِ إِ ّ
الصّلَةَ لِدُلُوكِ الشّ ْمسِ( ) إِلى غَسَقِ اللّيْلِ َوقُرْآنَ الفَ ْ
1
الحديث(( :من أكل لحم جزور فليتوضأ)) ،قال المام الشافعي إن صح قلت به ،أي بلغه
ولم يصح عنده ،هذه من أسباب اختلف الفقهاء في المسائل الفقهية الفرعية,كما نصّ
على ذلك المام ابن تيمية في كتابه" :رفع الملم عن الئمة العلم"= .
=من أسباب اختلف أهل العلم ،أنه قد يبلغ الحديث إمام من الئمة ،مثل هذا الحديث
بالنسبة للمام الشافعي ,ولكن لم يصح عنده ،فعاش بقية حياته ولم يثبت عنده هذا
الحديث ,لم يصح عنده ،ليس مجرد الحديث يكفي ،إذاً ل بد أن يبلغك الحديث ويصح
عندك ,فيجب العمل به بعد ذلك ،مات المام الشافعي -رحمه ال -ولم يصح عنده هذا
الحديث ,فصح بعده عند كبار أصحابه ،يقول المام البيهقي :وقد صحّ عندنا ،ونقول به،
وهو مذهب الشافعي بناءاً على القاعدة التي قعدها المام الشافعي -رحمه ال(( :-إذا
ح الحديث فهو مذهبي ,وإن خالف قولي قول رسول ال -صلى ال عليه وسلم- صّ
فاضربوا بقولي عرض الحائط)) ،هكذا كان يقول المام الشافعي ،وقال قبله هذه المقالة
المام أبو حنيفة ،الذي يعتبر أتباعه -اليوم -أشد الناس تعصباً لراء الرجال ،والئمة
الربعة بريئون من المتعصبين ،من المقلدين المتعصبين الذين يقدمون آراءهم ومذاهبهم
على سنة رسول ال -صلى ال عليه وسلم ، -بل المام أبو حنيفة من أش ّد الناس في هذا
الباب ،يقول(( :حرامٌ على من يقلدنا ول يدري من أين أخذنا)) ،بهذه العبارة روى ابن
عبد البر وصاحب حاشية ابن عابدين تحريم المام أبي حنيفة التقليد ،حتى يعرف
النسان من أين أخذ هذا الرأي ,ومع ذلك بعض الناس يتعصبون تعصباً شديدًا للراء
المنسوبة إلى مذهبه ،وإن لم تكن من أقواله ،بمجرد إنتساب هذه الراء إلى مذهبه،
فيرى تقديمها على الحاديث الصحيحة؛ فيقول قائلهم :لو بلغني مائة حديث مخالفاً
للمذهب ،قدمت المذهب ،ما أسوء هذا القول ،يشبه قول رجال القانون الذين قدموا أراء
الرجال في المور الدستورية مع علمهم بصحة الدلة الشرعية ،يكون هذا غير متبع
لسنة الرسول -عليه الصلة والسلم ،-من بلغ به التعصب إلى هذه الدرجة؛ فليقرأ قوله
شجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمّ لَ َيجِدُو ْا فِي
ك فِيمَا َ
ن حَتّىَ ُيحَكّمُو َ
تعالى -لعله يتوب{:-فَلَ وَرَ ّبكَ لَ ُيؤْمِنُو َ
سلِيمًا}[النساء ,]65 :يجب على المسلم التسليم لرسول ال سلّمُواْ تَ ْ
أَنفُسِهِ ْم حَ َرجًا مّمّا َقضَ ْيتَ وَ ُي َ
-عليه الصلة والسلم ,-ليصح بذلك دعوى اليمان برسول ال -عليه الصلة والسلم.-
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 17 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ن المام الشافعي أوقف القول بهذا الحديث بصحته ولم يصح عنده ،ولكن صح الشاهد أ ّ
بعده ،ونحن صح عندنا الن؛ فيجب القول بهذا الحديث ،وإن كنتَ فيما سبق دارساً
للفقهيات على مذهب المام الشافعي؛ فتعلّم مذهبه ،وأنّ هذا موافق لمذهبه.
() كذلك من المسائل المختلف فيها تغسيل الميت ,على الصحيح أنه ل ينقض الوضوء، 7
ول يوجب الغسل ،الحديث الذي يقول(( :من غسل ميتاً فليغتسل ،ومن حمله فليتوضأ))
,حديث ضعيف ،ضعّفه المام أحمد نفسه ,وإن حسّنه غيره ,و إذا أردنا أن نجمع بين
الراء قلنا بالستحباب ,هذه أقصى درجة تقال ،أمّا الوجوب فل ،ليجب على من حمل
الميت أن يتوضأ ,وهذه الرواية مرجوحة والراجح المسألة الخرى ،أي الرواية التي في
المذهب ،وال اعلم.
() عن ذلك ل أعلم فيها خلفاً وال أعلم. 8
() لماذا من ثلث؟ ماذا ُنقَدّ ُر التمييز [هنا]؟ التمييز يكون هنا مجرور ،نقول" :من ثلث 1
جهات" ،والتركيب العربي يقتضي هذا ،وأمّا قولنا" :من ثلثة"؛ فيعني من ثلثة أشياء.
صلّي
() إزالة النجاسة من ثلثة أشياء :من البدن ،والثوب ،والبقعة ,أي المكان الذي ُي َ 2
ولكن في هذا الحديث فقه آخر ،وهو أنّه من صلى في ثيابٍ يظنها على طهارة؛ فعلم
-وهو في الصلة -أنّ غترته ,ليست بطاهرةٍ فماذا يفعل؟ الغترة ما يضع على الرأس.
الجواب :يرميها ويكمل صلته ,ل يستأنف.
لكن إن كان ليس بالمكان و ثوبه نجس كيف يفعل؟
الجواب :يقطع=.
=إذا كان في المكان أن يتخلص مما فيه نجاسة :كغترته ،وطاقيته ،وشاله ،ل يبطل
صلته؛ يرمي هذا الشيء فيتم صلته ،من أين نأخذ ذلك؟
النبي -صلى ال عليه وسلّم -لما أُخبر أنّ تحت نعليه قذراً ،خلع نعليه ثم استمر في
صلته ،فلم يقطع صلته؛ فصلته صحيحة؛ وعلى هذا؛ فلو خرجت من الصلة ،وبعد
أن خرجت من الصلة علمت أن ثوبك غير طاهر ،هل تعيد؟ ل؛ ولكن تُطّهر للمستقبل.
() أجمع أهل العلم على فساد صلة من صلى عرياناً وهو يقدر؛ قولي" :وهو يقدر"، 1
يشير إلى فاقد الطهورين ،إنسان فقد التراب والماء معاً؛ فيصلي على قدر حاله{:فَا ّتقُوا
الَّ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن :من الية ،]16حدّ عورة الرجل من السّرّ ِة إلى الركبة ،والفقهاء يدققون
فيقولون :هل السرة والركبة داخلن في العورة أم ل؟ أو هما حد فاصل بين العورة
وغير العورة؟ والحوط ستر السّرّة والركبة ،وإن كان يرى بعضهم أنهما ليسا من
العورة ,ولكن ما يتم الواجب به فهو واجب[ ،ل يتم ستر ما قبلهما إلّ بسترهما] ،والمة
كذلك أي كالرجل ،والحرة كلها عورة إل وجهها ،هذا في مذهب المام ،والصحيح إل
وجهها وكفيها ،المرأة عورة وهي في الصلة إل وجهها وكفيها ،ل يجب ستر وجهها
وكفيها في الصلة مالم تخف نظر أجنبيٍ إلى وجهها؛ فتستر كما تستر المحرمة وجهها؛
إذا خشيت الفتنة من نفسها أو على نفسها ،وجب عليها أن تستر وجهها،بصرف النظر
عن الخلف القائم بين أهل العلم ،هل الوجه عورة أم ل؟ أي في غير الصلة ،ولكن
ن الوجه محل الستر واجب ،سواء اقتنعت أنّ الوجه عورة أو لم تقتنع ،ولكنك مقتنع أ ّ
فتنة ،إذاً لدفع الفتنة يجب ستر الوجه ،سميت ذلك عورة أو لم تسمي ،والخلف لفظيٌ
على هذا= .
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 19 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
وََأرْكَانُ الصّلَةِ َأرْ َبعَةُ عَشَر :ال ِقيَامُ مَعَ القُ ْدرَةِ( ) ،وَ َتكْبِيرُ
1
جبرائيل -عليه السلم :-أنّه أمّ النبي -صلى ال عليه وسلّم -في أول الوقت وفي آخره؛
فقال(( :يا محمد الصلة بين هذين الوقتين)) ،وهذا دليلٌ على اهتمام الشريعة السلمية
بالصلة ،ال -سبحانه وتعالى -لمّا أوجب الصلة على النبي -عليه الصلة والسلم -ليلة
السراء والمعراج؛ فنزل النبي -عليه الصلة والسلم -؛ فأرسل إليه جبرائيل ليعلمه
كيفية الصلة ،ووقت الصلة ،ومحل الجهر ومحل السر؛ هذا الهتمام دليل على أنّ
الصلة كما تقدم عمود السلم ،وتهاون كثيرٍ من الناس بالصلة مع دعوى اليمان،
دعوى غير مسموعة.
مفروضاً في الوقات ،أي لم يطلقها الرب -سبحانه وتعالى -بل قيدها بالوقات؛ فيجب
أن تؤدى في الوقات ،لذلك من فوتها بغير عذرٍ؛ فلم يصلها في وقتها ،يختلف أهل العلم
ن الصلة فاتت بوقتها ،إل من نام أو نسي ،الثابت في في القضاء هل يقضي أم ل؟ ل ّ
السنة أن يصلي بعد خروج الوقت هو النائم أو الساهي ,أما من يتركها عمدًا يختلف أهل
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 20 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
وَالعْتِدَالُ ِمنْهُ ،وَالجَ ْلسَةُ َبيْنَ السّجْدَتّيْنِ ،وَالطُمَ ْأنِينَ ُة فِي جَمِيعِ
ل ْركَانِ( ) ،وَال ّترْتِيبُ ،وَال ّتشَهُدُ الَخِيرُ ،وَالجُلُوسُ لَهُ ،وَالصّلَةُ اَ 1
العلم في هل يقضي أم ل؟ أي ل قضاء لها ،لنها فاتت وقتها ،وال أعلم ،وعلى ك ٍ
ل
ينبغي على طلب العلم أن يُشعروا عوام المسلمين مكانة الصلة في السلم,كثيرٌ من
المسلمين المنتسبين إلى السلم على جهل ،ل يعرفون مكانة الصلة في السلم،
يتهاونون ،وقد يقعون في الكفر بالستخفاف بها وتركها سنوات؛ وهذا بالنسبة لمن يترك
الصلة ولم يجحد وجوبها ،ولكن تأثر بالبيئة التي يعيش فيها :يتكاسل ويتهاون؛ فيتركها
سنوات ،يعني :يضرب عنها إضراباً تاماً ،أمّا من جحد وجوبها؛ فيكفر بالجحود ،ولو
صلي مداراة ومجاملة ،يقول :أيش نسوي ما دام نحن معهم؟ لكن نصلي ما فيها شيء؛
هذا كافر وهو في صلة.
() {أَقِ ِم الصّلَةَ لِ ُدلُوكِ الشّمْسِ}[السراء ،]87:أي :لميل الشمس ،وميل الشمس يشمل ميلها 1
عند الزوال ،وميلها عند الغروب؛ فدخلت صلة الظهر وصلة العصر وصلة المغرب
والعشاء ،ثم قرآن الفجر ،أي :صلة الصبح ،بهذا تكون الية دلّت على الوقات.
ن ال َفجْرِ كَانَ َمشْهُودًا}[السراء :من الية ،]87أيّد بعض أهل العلم في هذه الية أنّ () {إِنّ قُرْآ َ 2
صلة الصبح هي الصلة الوسطى ،والخلف قوي ،وإن كان الذي عليه الجمهور أنّ
الصلة الوسطى هي صلة العصر ،لكن دللة هذه الية ،وما يحصل من اجتماع
الملئكة الذين يتعاقبون فينا بالليل والنهار ،يحصل اجتماعهم في الوقتين في صلة
العصر وفي صلة الصبح ،هذا الذي قوى هذا الخلف ،ولكن كثرة الدلة ،وكثرة من
ذهب إلى أن الصلة الوسطى هي صلة العصر ،تجعل النسان يهاب من هذه الكثرة=
=أن يخالفهم إلى ترجيح القول بأن الصلة الوسطى هي صلة الصبح ،وإل فالخلف
قوي جداً ،وال أعلم.
ك فِي السّمَاء}[البقرة :من الية ،]144خطاب للنبي -عليه () قوله تعالى{:قَدْ نَرَى َت َقلّبَ َوجْ ِه َ 1
الصلة والسلم -كان يتمنى أن يصلي إلى قبلة إبراهيم عليه السلم.
ك قِ ْبلَةً تَ ْرضَاهَا}[البقرة :من الية ،]144الكعبة.() {فَلَنُ َولّيَ ّن َ
2
،]144الشطر الجهة،كيفية الستقبال تختلف بالنسبة لمن هو داخل المسجد الحرام ،يجب
عليه أن يصيب عين الكعبة بصدره كله ل يخطئوها ،لو أخطأ بطلت صلته ،ومن كان
خارج الحرم -وهو في مكة -يجتهد ،يجب عليه أن يصيب المسجد الحرام ،ول يجب
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 21 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ل قَوْلُهُ تَعَالى{:حَافِظُواْ عَلَى الرّكْنُ الَوّلُ ال ِقيَامُ مَعَ القُ ْدرَةِ ،وَالدّلِي ُ
لِ قَانِتِينَ}( )[البقرة.]238:
1
الصّلَوَاتِ والصّلَةِ الْ ُوسْطَى َوقُومُواْ ّ
حرِي ُمهَا التّكْبِيرُ،حرَاِم ،وَالدّلِيلُ حَدِيثُ(( :تَ ْ الثّانِي :تَكْبِيرَةُ الِ ْ
حلِيُلهَا ال ّتسْلِيمُ( ))) .وَبَعْدَهَا السْتِفْتَاح -وَهُ َو سُنّةٌ -قَوْلُ:
2
وَتَ ْ
((سُبْحَا َنكَ اللّهُمّ( )
3
عليه أن يصيب الكعبة ،مع التحري ،يتحرى ،ومن كان خارج مكة -كحالنا -الواجب
الجهة ،وليس بلزم إذا صليت أن تكون صلتك على عين الكعبة ،أو عين المسجد
الحرام{ ،فَا ّتقُوا الَّ مَا اسْ َتطَعْتُمْ}[التغابن :من الية ،]16وعلى من كان بعيدًا أن يصلي إلى
الجهة ،فيتحرى ،وإن كانت هناك آلت تحاول أن تحدد ،ويمكن أن تستعمل أخبار
الثقات والمجرّبين ،يتحرى ،ولكن ل يجب عليه أن يصيب القبلة بعينها.
() سبق أن ذكرنا أن النية عند بعض أهل العلم ركنٌ ،ما وجه تعداد النية من الشرط؟ 1
علماً بأن النية داخلة في هيئة الصلة ،وفي هيكل الصلة؟ لماذا عددنا النية شرطاً؟ ولم
نَعُدّها ركناً بينما غيرنا عددها ركناً؟ ما وجهة ذلك؟ باعتبار المبدأ؛ لنك في البداية
تنوي ،والنية تسبق الصلة ،والشروط خارجة عن الصلة ،والنية باعتبار مبدأها
خارجة عن الصلة ،لكن باعتبار وجوب الستدامة هي داخلة في الصلة ،وتستمر معك
حتى تنتهي من الصلة ،هذا وجه الخرين الذين عَدّوا النية من الركان؛ والخلف
لفظي ،ومحلها القلب ،والتلفظ بها بدعة ،عند الشافعية :التلفظ بالنية سنة ،فقهائهم
المتأخرين يعللون فيقولون :ليساعد اللسان القلب ،لكن أين الدليل؟ يقول العلمة ابن القيم
-رحمه ال -وجزاه ال عنا وعن طلب العلم خير الجزاء ،نَبّهنا على مسألة لم نعلمها
ن الصلة ليست كالصيام ،وإنما يشرع فيها قبله ،يقول :شبهة الشافعية ،قول الشافعي :إ ّ
بذكر ال ،أساء الشافعية الفهم في هذا النص الشافعي ،ظنوا أن المراد بالذكر أن يقول
ت أداءً مستقبل القبلة مقتدياً بهذا المام(!)
المصلي :نويت أن أصلي العصر أربع ركعا ٍ
هكذا يقرءون قبل الصلة ،فسّروا بهذا ،يقول العلمة ابن القيم :مراد الشافعي أنّ
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 22 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
حمْ ِدكَ( )َ ،وتَبَا َركَ اسْ ُمكَ( ) ،وَ َتعَالَى جَ ُدكَ( )،
3 2 1
وَبِ َ
وَلَ إِلَهَ غَ ْي ُركَ( ))).
4
جئُ{أَعُوذُ بِال مِنَ الشّ ْيطَانِ الرّجِيمِ}َ ،معْنَى أَعُوذُ :أَلُوذُ وََألْتَ ِ
عنْ رَحْمَةِطرُودِ ال ُمبْعَدِ َ وَأَعْ َتصِمُ ِبكَ يَا ال مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ المَ ْ
ل فِي ُدنْيَايَ( ).
5
ضرّنِي فِي دِينِي وَ َ ال ،لَ َي ُ
الصلة يشرع فيها بذكر ال ،أي بالتكبير ،والصيام ليس فيه التكبير ،تنوي وتنام ،وتقوم
تمشي ل تأكل ول تشرب ،هل شرعت فيه بذكر اللسان؟ ،ذكر القلب ل بأس ،أمّا ذكر
اللسان لم يحصل ،أمّا الصلة فتشرع فيها بذكر لفظي ،وهو ال أكبر ،يقول هذا ،وهم
من الشافعية المنتسبين إلى المام الشافعي ،وَهِمُوا في فهم قوله ،وهذا مراده ،وهذا هو
الساس في الخلف؛ فطالب العلم علم هذا ،ل يقرأ هذه الجملة بعد اليوم قبل تكبيرة
الحرام ،إذا استقبل القبلة يكبر ،شوف الفرق بين أن يقال" :بدعة" ،وبين أن يقال:
"سنة" ،فرق بعيد ،القائل أنها بدعة أي :ل أصل لها غير مشروعة ،البدعة عمل غير
مشروع ،والسنة عمل مشروع ،وهل التلفظ بالنية مشروع؟ الجواب :ل ،عند طلب
العلم ،اللهم إل إذا كان في الحج والعمرة؛ أمّا في الوضوء ،وفي الصيام ،وفي الصلة،
لم يرد شيء؛ والتلفظ في هذه الماكن بدعة.
() وهذا حديث عظيم ،ويختلف أهل العلم :هل النية ركن من أركان الصلة أو شرط من 2
شروط الصلة؟ سبق لنا أن ذكرنا توجيه أهل العلم بين القولين ،وأن الخلف لفظيٌ،
وليس بجوهري ،أي :إن النية ل بد منها ،سواءً سميناها شرطًا لكونها أول ما تقع خارج
العمل ،أو سميناها ركناً باعتبار استدامتها ،بحيث لو نوى النسان قطع الصلة ،أو قطع
الوضوء ،في أثناء العمل ،تبطل الصلة ،ويبطل الوضوء ،إذاً :ل بد من استمرار النية؛
بهذا العتبار تعتبر ركناً من أركان الصلة ،النية عند الفقهاء لها معنى ،وعند أهل
الحديث والسلوك والعقيدة لها معنى ،النية عند الفقهاء" :القصد إلى العمل" ،أو" :الرادة
المتوجهة إلى العمل" ،تلك الرادة التي يتعين بها العمل ،تفرق بها بين الفرض والنفل،
تصلي الظهر ،تصلي ركعتين ،قبل الظهر أو بعد الظهر ،تصلي العصر أو الظهر،
تفرق بين هذه العمال بالنية(( ،إنما العمال بالنيات ،وإنما لكل امرئٍ ما نوى))،
القصد المتوجه إلى هذا العمل الذي يفرق بين الفرض والنفل ،ويعين نوع العمل ،هذا
القصد -أو الرادة -المتوجهة ،هي التي تسمى النية عند الفقهاء ،والحديث يشمل هذا
وذاك ،وعند أهل الحديث ،أهل السلوك والعقيدة ،المراد بالنية" :الخلص" ،أي إرادة
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 23 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ل صَلَةَ ِلمَنْ
ل رَكْعَةٍَ ،كمَا فِي حَدِيثَِ (( : ن فِي ُك ّ
َو ِقرَاءَةُ الفَاتِحَ ِة رُكْ ٌ
لَمْ يَ ْقرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ)) ،وَ ِهيَ أُمّ ال ُقرْآنِ( ).
1
وجه ال تعالى وابتغاء مرضاته في العمل ،فقوله -عليه الصلة والسلم(( :-إنما
العمال بالنيات)) ،يشمل هذا وذاك ،لذلك يعتبر هذا الحديث من جوامع كلمه وحكمه
-عليه الصلة والسلم -حيث يجمع جميع المعاني.
وهذا الحديث(( :إنما العمال بالنيات)) ،الذي استدل به المؤلف على شرطية النية
بقوله" :والدليل حديث(( :إنما العمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى))"؛ قال بعض
ن هذا الحديث يدخل في ثلثين باباً ،حتى قال المام الشافعي :يدخل في أهل العلم :إ ّ
سبعين باباً ،ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء ،من فتح ال عليه ،ورزقه الفقه في الدين،
استطاع أن يُدخل هذا الحديث في جميع البواب ،وقال بعضهم :إنّه ثلث العلم ،وَ َوجّه
الذهبي هذا الكلم فقال :لنّ كسب العبد إما بالقول ،أو بالقلب ،أو بالجوارح ،اكتساب
العبد العمال ،يكتسب العبد العمال بالقلب واللسان والجوارح ثلث ،النية محلها
القلب ،صارت الثلث؛ ثم إنّ العمال التي يكتسبها العبد باللسان وبالجوارح ل تستغني
عن النية ،والنية قد تستعمل عملً صالحاً مستقلً دون الجوارح ،وعمل اللسان انقطاع
ق إلىمن الحديث الشريف(( :نية العبد خير من عمله)) ،قد يعمل النسان عملً ل يُ َوفّ ُ
الخلص؛ فعمله لغٍ ،وقد يقول قولً ،ويقرأ كثيراً ،ل يوفق للخلص؛ فقوله وقراءته
ل صالحاً ،وأنت لم تعمل وذكره لغٍ ،ل أجر له ،لكنّ النية قد تنفرد وتستقل؛ فتعتبر عم ً
بجوارحك ول بلسانك ،كأن يعزم النسان عزماً على أن ينفق مبلغاً معيناً=
=من المال؛ فلم يتمكن من النفاق ،لظرف ما ،أو عازم على الجهاد في سبيل ال وحال
ل صالحٍ ولم يعمل لمانع منعه؛ يثاب على هذه النية؛ لن من بينه حائل ،عزم على عم ٍ
همّ بحسنةٍ ولم يعملها ،تكتب له حسنة ،وهو لم يعملها ل بالقول ول بالجوارح ،إذاً النية
قد تنفرد وتستقل؛ فتعتبر عملً مستقلً ،يثاب عليها المرء دون أن يعمل شيئاً ،لذلك النية
الصالحة الثلث ،خير من الثلث(( ،إنما العمال بالنيات))" ،إنَّمَا" :أداة حصر وقصر،
أي :إنما صحة العمال بالنيات ،وفي لفظ في الحديث(( :بالنية)) ،بالفراد ،بالنّيات:
جمع باعتبار تعدد العمال ،إنما العمال بالنيات ،سواء على الطلق الول ،إطلق
الفقهاء ،أو على الطلق الثاني ،المعنى صحيح ،إنما صحة العمال بالنيات ،بدون نية
ل صالحاً بنية صالحة صح عمل ،إن صالحة والعمل فاسد ،إذا صحت النية وعمل عم ً
ل والنية فاسدة؛ فسد عمله(( :إنما العمال بالنيات)) ،لذلك يستفتح كثير من عمل عم ً
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 24 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
جمِي ِع
لسْتِ ْغرَاقِ َ
لِلفُ وَاللّمُ ِ حمْدُ :ثَنَاءٌ ،وَا َ
{الحَمْدُ ل} ،ال َ
ل صُنْعَ لَ ُه فِيهِ ِمثْلُ الجَمَالِ وَنَحْ ِوهِ، المَحَامِدِ ،وَأَمّا الجَمِيلُ الذِي َ
فَالثّنَاءُ بِهِ ُيسَمّى مَدْحاً لَ حَمْداً.
{رَبّ العَالمَِينَ} ،ال ّربّ :هُوَ المَ ْعبُودُ ،الخَاِلقُ ،الرّازِقُ ،المَاِلكُ،
خلْقِ بِالنّعَمِ.جمِيعِ ال َ
ص ّرفُُ ،م َربِي َ المُ َت َ
المؤلفين الولين بهذا الحديث ،حديث عظيم مبارك ،ومن جوامع كلم النبي -عليه
الصلة والسلم.-
() وأمّا العاجز فيصلي حيث تيسر له ،وإن قاعدًا أو مضطجعاً ،ولو أدّى الحال إلى أنّه 1
عادم الحركة ،ولكنه عنده شعور يجري أعمال الصلة على قلبه ،وإلى هذه الدرجة
الصلة ل تسقط ،طالما النسان عنده شعور ،ولو كان ل يستطيع أن يتحرك ،أو لم يجد
من يساعده على الحركة ،عليه أن يجري أعمال الصلة على قلبه ،فإذا كانت الصلة
بهذه المثابة في السلم ،ول تسقط حتى عند الحرب في الخوف في القتال ،تجب بهيئة
معروفة ،فكيف يترك النسان الصلة ثم يدّعي أنّه مسلم ،فليتنبه.
() لنها مفتاح ،تحريم الصلة ومفتاح الصلة تكبيرة الحرام ،بها يدخل النسان في 2
الصلة.
() على الجميع أي على المام والمأموم والمنفرد على حدٍ سواء ،وعلى الصح ولو في 3
الصلة الجهرية ،استماع المأموم لقراءة المام والصغاء لها ،ل يسقط عنه قراءة
ح أقوال أهل العلم ،والمسألة خلفية ،لنّ قوله -عليه الصلة والسلم:- الفاتحة على أص ّ
((ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ،يشمل المام والمأموم والمنفرد ،قال:
((لصلة لمن لم يقرأ)) ،والستماع غير القراءة ،صحيح أنّه واجب على المأموم أن
يصغي لقراءة المام ،ولكن المقدار الذي يقرأ فيه فاتحة الكتاب يستثني ،سواء قرأ
الفاتحة مع المام يتابع ،أو يتمكن من قراءتها في سكتات المام ،أو يقرأ والمام يقرأ
السورة في أي حالة من الحالت ،إذ لم يرد تحديد لزمن قراءة المأموم للفاتحة ،ولكن ل
بد من قراءتها ،فصلة من لم يقرأ بفاتحة= =الكتاب باطلة ،سواء كان إماماً أو منفرداً،
وعلى الصحيح كما قلنا :ولو كان مأمومًا يصلي خلف إمام يجهر ،وأقوى دليل على
هذا ،الحديث القدسي الذي قال ال فيه(( :قسمت الصلة بيني وبين عبدي نصفين))،
المراد بالصلة هنا الفاتحة ،ال سمّى الفاتحة صلة(( ،قسمت الصلة بيني وبين عبدي
نصفين ،إذا قال العبد :الحمد ل رب العالمين ،قال ال -عزّ وجل :-حمدني عبدي ،وإذا
قال العبد :الرحمن الرحيم ،قال ال :أثنى علىّ عبدي ،وإذا قال العبد :مالك يوم الدين،
[أو ملك يوم الدين] ،قال ال :مجدني عبدي ،وإذا قال العبد :إياك نعبد وإياك نستعين،
قال ال :هذا بيني وبين عبدي نصفين ،ولعبدي ما سأل ،وإذا قال :إهدنا الصراط
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 25 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
المستقيم… الى آخر السورة ،قال ال :هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) ،تسمية الر ّ
ب
-سبحانه وتعالى -في الحديث القدسي الفاتحة صلة ،وهذا يشمل جميع المصلين،
بمعنى :من لم يقرأ الفاتحة ليس له صلة ،والحديث يفسّر بعضه بعضاً ،ويؤيد بعضه
بعضاً ،لذلك ل ينبغي للمأموم -ولو كان خلف إمام يجهر -أن يترك فاتحة الكتاب،
اعتمادا على ما قرأ في مذهب من المذاهب ،لنه إذا ثبت عنده مثل هذا الحديث،
والحديث الثاني(( :ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ،وما في معناهما من الحاديث
التي جاءت في فاتحة الكتاب ،ل يجوز له أن يعرض عن هذه الحاديث بدعوى أنه على
ن المذهب الفلني ل يوجب الفاتحة على المأموم ،وخصوصاً إذا كان مذهب فلن ،وأ ّ
المام يجهر ،هذا الموقف غير سليم ،وقد نصح المام مالك -رحمه ال -إمام دار الهجرة
وكبير المدرسين في [المسجد النبوي] في عهد تابع التابعين الذي كان يُدَرّسُ بجوار
الروضة ،كان يقول لصحابه" :كل إنسان يؤخذ من قوله ويرد عليه إل صاحب هذا
القبر" ،مشيرًا إلى قبر النبي -صلى ال عليه وسلم ،-والقبر بجوارهم ،وهذا معناه :ل
ينبغي لمسلم -خصوصاً طالب علم -اطلع على حديث رسول ال -عليه الصلة والسلم-
ن هذا الحديث معارض لمذهبنا؛ فيترك الحديث بدعوى إتباع المذاهب ،واتباع ويدعي أ ّ
المذاهب ليس بواجب ،ل يوجد مخلوقٌ يجب اتباعه ،ونسأل عن إتباعه إن قصرنا في
إتباعه ،إلّ رسول ال محمد -صلى ال عليه وسلّم ،-أبداً ،ل يوجد ،وقول من يقول:
"وواجبٌ تقليد حبرٍ منهم" ،كذا حكى القول ،بلفظ يُفهم كما حكى ذلك صاحب جوهرة
التوحيد ،هذا كلم باطل ،ل يجب تقليد أحد المذاهب الربعة ،ل يجب ،بل الصح ل
يجوز ،الوجوب حكم شرعي ،الحكم الشرعي ل يثبت إل بكتاب أو سنة ،من يدّعي
الوجوب عليه أن يأتي بالدليل ،ما معنى وجوب تقليد المام مالك وفي وقته يوجد ثلثة
من أئمة المسلمين في طبقته؟ ويعتبر الربعة أئمة الدنيا في عهد تابع التابعين كما قال
المام ابن تيميه" :أربعة من أئمة الدنيا في عصر تابع التابعين ،منهم المام مالك في
الحجاز ،والليث بن سعد بمصر ،والثوري في العراق ،والوزاعي في الشام" ،ثلثة ل
يجوز تقليدهم ،الرابع يجب تقليده؟!!! =
=من أين؟ ما الدليل؟ الثلثة ل يجوز ،مش ل يجب! ل يجوز ،مجرد الجواز ل يجوز،
ل يجوز أن نقلد ليثاً أو ثورياً أو الوزاعي في الشام ،لكن المام مالك يجب أن تقلده،
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 26 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
جزَاءِ وَالحِسَابِ ،يَوْمَ ُكلّ يُجَازَى بِ َعمَلِهِ، {مَاِلكِ َيوْمِ الدّينِ} :يَوْمُ ال َ
ل قَوْلُهُ تَعَالىَ {:ومَا أَ ْدرَاكَ مَاشرّ ،وَالدّلِي ُ ن شَرّا َف َإِنْ خَيْرًا فَخَ ْيرٌَ ،وإِ ْ
صلّى ال عَلَيْهِ َوسَلّمَ:-يَوْمُ الدّينِ}[النفطار ،]19-17:وَالحَدِيثُ عَنْهُ َ -
جزُ مَنْ أَ ْتبَعَ
((الكَ ّيسُ مَنْ دَانَ نَ ْفسَهُ وَعَمِلَ لِمَا َبعْدَ المَ ْوتِ ،وَالعَا ِ
لمَانِي))( ).
1
نَ ْفسَهُ هَوَاهَا َوتَمَنّى عَلَى ال ا َ
أيش هذا التقسيم من أين؟ من الذي يوجب هذا اليجاب؟ هل نزل وحيٌ يقول" :إذا بلغ
المام درجة المامة فيجب على المة تقليده" ،ل بُدّ من وجود نص كهذا ،هل يوجد؟!
لذلك دعوى تقليد أحد الربعة دعوى باطلة ،إنما مَ ّث ْلتُ بمالك ،لني استدللت بقوله ،ثم
تذكرت الثلثة الذين في طبقته ،وإل فالحكم واحد ،المام أبي حنيفة والشافعي ومالك
وأحمد كلهم من أئمة المسلمين ،ومعهم من هم مثلهم ،ألم يكونوا أعلم منهم؟ وقد قيل أن
الليث بن سعد أعلم من مالك ،الشاهد :الواجب الذي يجب اتباعه ،ونُسأل عن اتباعه ،هو
محمد -عليه الصلة والسلم -وكل مسلم يعلم ويحفظ السئلة الثلثة التي يسأل عنها في
القبر ،إذا دفن النسان يُسأل هذه السئلة الثلثة ،ول بد منها :من ربك؟ ومادينك؟ ومن
نبيك؟ وفي بعض اللفاظ :ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيكم؟ وهو محمد -عليه
الصلة والسلم ،-وليس في السئلة من إمامك؟ ما مذهبك؟ وما طريقتك؟ غير وارد،
إمامنا وقدوتنا ونيبنا وقائدنا إلى ال هو محمد -عليه الصلة والسلم -مالنا إمام آخر،
والئمة الربعة ومن في طبقتهم دعاة إلى اتباع هذا المام ،لم يأتوا ليدعوا الناس إلى
اتباع أنفسهم ،لذلك يقول المام أبو حنيفة :حرامٌ أن يقلدنا أح ٌد حتى يعرف من أين
أخذنا ،نقلها غير واحد من أهل العلم ،كابن عبد البر ،وابن عابدين في حاشيته الحنفية،
أريد أن أؤكد لطلب العلم أنّ تجريد المتابعة لرسول ال -عليه الصلة والسلم -ل تقل
عن تجريد العبادة ل ،لنّ تجريد العبادة ل :معنى ل إله إل ال ،وتجريد المتابعة
لرسول ال -عليه الصلة والسلم :-معنى قولك أشهد أنّ محمداً رسول ال ،كلمتان
ككلمة واحدة ،ل يتم الجزء الول بدون الثاني ،والجزء الثاني بدون الول ،فلنفهم جيداً.
إذاً فاتحة الكتاب ركنٌ مهم من أركان الصلة.
() يسمى العتدال ،سمّى الشيخ ما قبل الركوع قياماً ،ولم يسمي ما بعد الركوع قياماً، 4
قال الرفع منه ،يسمى الرفع من الركوع ويسمى العتدال ،هذا هو سبب اختلف أهل
العلم في مشروعية وضع اليمنى على اليسرى فوق الصدر بعد الركوع ،أي هل هذا
القيام داخل في عموم القيام؟ كان رسول ال -صلى ال عليه وسلم -إذا كان قائماً ،يضع
يمناه على يسراه على صدره ،إذا كان قائماً ،وهل إذا كان قائماً قبل الركوع؟ أو قبل
الركوع وبعد الركوع؟ احتمال ،لكن أقوى الحتمالين ما هو؟ قد يكون الحديث نصًا في
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 27 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
القيام الذي قبل الركوع ،والذي بعد الركوع ليس فيه نص ،ويعتبر ظاهراً ،ونحن نفرق
بين =
=النص وبين الظاهر ،النص ما ل يحتمل معنيين ،والظاهر يحتمل معنيين ،ما قبل
الركوع ل خلف فيه بأنه القيام ،وما بعد الركوع يحتمل أن يدخل في عموم الحديث،
ويحتمل أل يدخل ،ولعل هذا هو الذي جعل المام أحمد -رحمه ال -يخيّر المصلي
بالنسبة لوضع اليمنى على اليسرى على الصدر بعد الركوع ،إن شاء أرسل وإن شاء
ن الحديث فيه نص ،والذي بعد قبض ،ولم يخيرهذا التخيير بالنسبة لما قبل الركوع ،ل ّ
الركوع فيه احتمال ،إذا كان المر كذلك ،ل ينبغي أن يتشدد صغار الطلبة ،الذي يقبض
يبدع الذي ل يقبض ،والذي ل يقبض يبدع الذي يقبض ،هذا خطأ وتعجل ،وإن سبقكم
إلى هذا التعجل من هو أعلم منكم ،وأسن منكم ،وأكثر منكم علماً ،لكن كما قلنا :كل
إنسان يؤخذ من قوله ويرد عليه إل صاحب هذا القبر؛ وأنا أستغرب قول العلّمة
المُحَدّث الشيخ /ناصر اللباني في تبديع الوضع بعد الركوع ،يعتبره بدعة ،وهذا قول
في فهمنا ،قولٌ ل يؤخذ من الشيخ ناصر ،مع اعترافنا له بالعلم والفضل والورع ،حسب
ما يظهر لنا ،لنّنَا عاشرناه ،وحرصه على اتباع السنة والدعوة إلى السنة وسلمة
العقيدة -حسب علمنا -نشهد له بكل خير فيما نعلم ،ول نزكيه على ال ،مع ذلك في مثل
هذه المسألة ،وغيرها من بعض المسائل ،ينبغي التوقف في حكمه ،ولكن قديماً قد قيل:
"كفى بامرء فضلً أن تعد معايبه" ،نسأل ال أن يمد له في عمره في العمل الصالح
وخدمة السنة.
() العضاء السبعة :الجبهة مع النف ،واليدين ،والركبتين ،وأطراف أصابع الرجلين، 5
هذه العضاء من حيث التطبيق ُكلّها واضحة ،حتى عند العوام ،ولكن ننبه على
عضوين ،أحدهما النف ،بعض العوام يتكأتكاً على الجبهة حتى يكاد يسجد على رأسه،
ويرفع النف وهذا خطأ ،يجب أن تضع النف مع الجبهة ،المر الثاني :أطراف أصابع
الرجلين ،كثيراً ما يسجد بعض الناس على ظهور الصابع ،الواجب السجود على بطون
الصابع ،بطون أصابع الرجلين ،ل على ظهورها ،قد ل يفطن لهذا بعض الناس،
خصوصاً في السجود الثاني ،إذا جلس بين السجدتين ،ثم سجد ،يترك الرجلين ،ل ينتبه
لهما ،ويسجد على ظهور الصابع ،والواجب النصح لمن رأيناه يفعل ذلك نصحناه،
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 28 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ن الصلة والنصح شيء ،والتشدد والحكم بإبطال الصلة شيء آخر ،ل تتسرع بالحكم بأ ّ
باطلة ،لنّ هذه من المسائل الخفية ،المسائل الخفية -ولو كانت ركناً أو شرطاً -التي
تخفى على بعض العوام ،ل بد من التساهل فيها ،معرفة الناس
وجوب السجود على بطون أصابع الرجلين ،ليس كمعرفتهم السجود على الجبهة مثلً،
هذه قد تخفى ،وهذه لتخفى ،فلينتبه.
() الجلســة الهيئة ،هيئة معينــة ،ولمــا كانــت هذه الجلســة على هيئة معينــة ،فيمكــن أن 1
نسميها جلسة.
هنا :ننبه المنتسبين إلى مذهب المام أبي حنيفة ،بعدم اشتراط الطمأنينة في العتدال،
وفي الجلسة بين السجدتين ،يعتبرونهما ركنين خفيفين لتشترط الطمأنينة فيهما ،وعمل
الحناف يدل على ذلك ،لذلك تلحظون الخفة في صلتهم في الركنين ،إذا رفع من
الركوع ،قبل أن يعتدل يسجد ،وإذا رفع من السجود قبل أن يستقر يسجد ،نقول :كأنهم
تخرجوا من مدرسة واحدة ،فهذا خطأ؛ فإذا عرفت بأن الطمأنينة ركنٌ ،كما تعرف في
حديث المسيء صلته ،ل فرق بين الركوع والسجود ،وبين العتدال وبين الجلسة بين
السجدتين ،الطمأنينة واجبة وركن ،أو شرطٌ في هذه الركان كلها على حدٍ سواء ،وإذا
كنت حنفياً ،ثم اطلعت على صفة صلة النبي -عليه الصلة والسلم -يجب عليك أن
تترك حنفيتك لتكون محمديًا صرفاً بدون إضافة ،احذف الضافات التي بينك وبين
الرسول -عليه الصلة والسلم ،-اربط نفسك رأساً برسول ال -عليه الصلة والسلم-
يقودك إلى ال ،وأنت على بصيرة ،لتشك بأنك تصل إلى ال -إن شاء ال -إذا اتبعت
قيادة محمد رسول ال -عليه الصلة والسلم ،-احذف الضافات التي في الوسط.
() والتسليمتان ،لن إعراب التسليمتان معطوف على ما قبله من المرفوعات، 2
والمعطوف على المرفوع مرفوع ،وعلمة رفعه اللف والنون ،عوضاً عن التنوين في
السم المفرد ،وكون التسليمتين محل من أركان الصلة ليس محل اتفاق ،عند بعضهم
التسليمة الولى ،والثانية مؤكدة ،بدليل قد يجوز للنسان أن يكتفي بالتسليمة الولى
فقط ،وهذه رواية في المذهب.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 29 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
حسَبُونَ َأنّهُمْ يُحْسِنُونَل سَعْ ُيهُ ْم فِي الْحَيَاةِ الدّ ْنيَا وَهُمْ يَ ْ
ن ضَ ّ الّذِي َ
صلّى ال عَلَيْهِ َوسَلّمََ(( :-لتَتّبِعُنّ صُنْعًا}[الكهف ،]104،103:وَالحَدِيثُ عَنْهَُ -
ضبّسَنَنَ َمْن قَبَْلكُمْ حَ ْذوَ القُذّةِ بِالقُذّةِ حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْ َر َ
لَدَخَ ْلتُمُوهُ؛ قَالُوا يَا َرسُولَ ال :ا ْليَهُودُ وَال ّنصَارَى؟ قَالَ :فَمَْن))،
خرَجَاهُ( ).أَ ْ 1
في الحضور من ينتسبون إلى هذه المذاهب الربعة كلها ،ولو فرداً واحداً؛ فالواجب
علينا أن ننصح لكل منتسب إلى مذهب معين ليعلم أن دراسته للمذهب المعين للتفقه
وللدراسة وللتعليم وللوصول إلى العمل بالسنة ،دراسة المذاهب ليست محرمة ،لك أن
تدرس ما شئت من المذاهب الربعة ،وغير الربعة ،بل الولى لو تمكنت أن تدرس
الفقه على المذاهب الربعة ،هذا هو الولى ،لئل تخرج بربع فقه ،ل تكن ربع فقيه ،كن
فقيهاً ،اطلع على المذاهب الربعة= =حتى تكون فقيهاً ،أمّا كونك تقتصر على مذهب
معين وتتعصب ،ولو فرضنا أنّك فقيه؛ فإنك ربع فقيه ،إذاً ل تكن ربعاً ،تعلم وأطّلع،
الذي يعينك على هذا أن تطّلع على السنة ،وعلى شروح الحديث ،مثل نيل الوطار،
وسبل السلم ،وإن توسعت كثيراً فتح الباري ،هذه الكتب ،ونصب الراية ،الكتب هذه
تطلعك على المذاهب الربعة وأكثر من الربعة ،لتكون على بصيرة ،ولتحترم أئمة
المسلمين على حد سواء ،بدون غلو في إمام معين والنيل من الئمة الخرين ،وهذا ل
يجوز ،يجب أن تحبهم جميعاً لنهم جميعاً من الدعاة إلى السنة.
() الذي عليه جمهور أهل العلم ،أنّه ل يحصل الخروج من الصلة -التحليل -إل 2
بالتسليم ،وليس هناك ما يقوم مقام التسليم ،وما تسمعون أو تقرءون في بعض كتب
المتأخرين ،في بعض المذاهب ،أنّ النسان له أن يخرج من الصلة بأي شيء ولو غير
التسليم ،ولو بالحدث ،وهذا الكلم غير سليم ،وغير صحيح.
() ونصّ الشيخ -رحمه ال -على أن الستفتاح سنة ،وليس بركن ،ول واجب ،ول 3
شرط ،ولكنه سنّة ،واختار من أدعية الستفتاح نوعًا واحداً ،أقصر تلك الدعية وأشملها
ك اللّهُمّ
وأجمعها من حيث الثناء على ال والتمجيد والتعظيم ،وهو قول(( :سُ ْبحَا َن َ
ل ِإلَهَ غَيْ ُركَ)) ،وقد سرد العلمة ابن القيم وَ ِبحَمْ ِدكَ ،وَتَبَا َركَ اسْ ُمكَ ،وَ َتعَالَى جَ ُدكَ ،وَ َ
عدداً من أدعية الستفتاح في زاد المعاد ،ولكنه ّفضّل هذا الدعاء على غيره من تلك
الدعية الكثيرة ،وبعضها طويلة ،لما في هذا الدعاء الموجز من الثناء على ال،
والتمجيد والتعظيم ،مال يوجد في غيره ،وغيره أكثر دعاءً وطلباً ،وهذا تمجيد وتسبيح
وتعظيم ،وهو يتضمن الطلب(( :سُ ْبحَا َنكَ اللّهُمّ وَ ِبحَمْ ِدكَ ،وَتَبَا َركَ اسْ ُمكَ ،وَ َتعَالَى جَ ُدكَ،
ل ِإلَهَ غَيْ ُركَ)) ،وتولي المؤلف -رحمه ال -شرح هذا الدعاء ،وما بعده ،ومعنى: وَ َ
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 31 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ك اللّهُمّ)) ،أي :أنزهك يارب التنزيه اللئق بك ،التنزيه اللئق بجلله -سبحانه ((سُ ْبحَا َن َ
وتعالى ،-وهو المأخوذ من الكتاب والسنة ،وقد أفترقت الناس في باب التنزيه ،وجعل
بعض الناس التنزيه نفي الصفات ،لذلك نفت الجهمية والمعتزلة جميع الصفات بدعوى
التنزيه ،لن إثبات الصفات تؤدي إلى التشبيه ،والتنزيه بنفي الصفات عندهم ،كذلك
فعلت الشاعرة والماترودية بالنسبة للصفات الخبرية ،الصفات الخبرية :التي لمجال
للعقل إلى اثباتها إل بالسماع والدليل النقلي والخبري ،إثبات تلك الصفات على ظاهرها
يتنافى مع التنزيه في مفهوم الشاعرة=،
=وعمدوا إلى التاويل ،لم ينفوا كما نفى غيرهم ،ولكنهم زعموا أن ظاهر تلك النصوص
غير مراد ال ،فيجب تأويلها بدعوى التنزيه ،وأنت ترى كلٌ من النفاه والمؤولة
يزعمون التنزيه فيما ذهبوا إليه ،أي النفاه لم يقصدوا عندما نفوا صفات ال تعالى لم
يقصدوا الساءة إلى ال ،ولكن في زعمهم يريدون التنزيه ،ولكن أين التنزيه؟ ضلوا عن
التنزيه ،لماذا ضلوا؟ لنهم التمسوا الهدى في غير كتاب ال ،من التمس الهدى من غير
كتاب ال ،وفي غير ما جاء به الرسول -صلى ال عليه وسلم -يضل ول محالة ،هذه
قاعدة كل من يلتمس الهدى والحق في غير ما جاء به الرسول -عليه الصلة والسلم-؛
فهو يضل جزاءً لعراضه ،إذ الهدى والصواب والحق ينحصر فيما جاء به رسول ال
-صلى ال عليه وسلم ،-وإذا أردنا أن نعرف التنزيه الحق اللئق بال سبحانه وتعالى،
يءٌ وَهُوَ السّمِي ُع ال َبصِيرُ}[الشورى ،]11:أيوجد تنزيه أبلغ من
نقرأ قوله تعالى {ِ :لَيْسَ كَمِ ْثلِهِ شَ ْ
هذا التنزيه؟ يثبت ال سبحانه وتعالى لنفسه الصفات ،ينفي المماثلة فيما أثبت هذا ،هو
معنى التنزيه أن تثبت له ما أثبته لنفسه من صفات الكمال ومن السماء الحسنى ومن
الفعال ،تثبت له ما أثبته لنفسه ،ثم تنفي المماثلة فيما أثبت ،إذ ل يصف ال أعلم من
ال ،وتثبت له سبحانه ما وصفه به رسوله المين -صلى ال عليه وسلم -وتنفي المماثلة
فيما أثبت ،إذ ل يصف ال من خلق ال أعلم من رسول ال -عليه السلم ،-هكذا هدى
ال أهل الحق ،ودعاء الحق إلى هذا التنزيه ،وعرفوا كيف ينزهون دون تعطيل أو
تحريف ودون تشبيه أو تمثيل ،ودون نفي لصفات ال تعالى ،إلى هذا يشير الشيخ عندما
يقول :أي أنزهك التنزيه اللئق بجللك ،وهذا التنزيه اللئق بجلله سبحانه وتعالى ،أي
التنزيه المأخوذ من الكتاب والسنة.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 32 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ْهـ )،
1
من ُ(
السـعَةِ ،وَال ْعتِدَالُ ِ
َالسـجُودُ عَلَى الَ ْعضَاءِ ّبْ ْعـ ِمنْهـُ ،و ّ وَالرّكُوعـُ ،وَال ّرف ُ
ِينـ آ َمنُوا ارْكَعُوا
ُهـ تَعَال{:يَا َأيّهَا الّذ َ السـجْ َدَتْينِ ،وَالدّلِيلُ َقوْل ُ
ْنـ ّ ْسـةُ بَي َ
وَالَل َ
وَا سْجُدُوا}[ال ج :من الل ية ،]77وَالَدِي ثُ َعنْ هُ -صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّمَ(( :-أُ ِمرْ تُ أَ نْ
ْنـ
ِيبـ َبي َ
ِيعـ ا َلفْعَالِ وَالتّ ْرت ُ
ُمـ )) ،وَالطّمَ ْأنِينَةُ فِي جَم ِ
سـبْعَةِ أَ ْعظ ٍ
َسـجُدَ عَلَى َ أ ْ
() وبحمدك :أي مع الثناء عليك ،تنزيه مع الثناء على ال ،إذا نفيت صفات الكمال بم 1
تثني على ال تعالى؟! إذا كنت تنفي عنه الرحمة كيف تثني عليه ،تقول الرحمة مستحيلة
على ال ،والمحبة مستحيلة على ال ،ل يَحب ول يُحب ،كيف تثني عليه وأنت تنفي عنه
الرحمة ،وقد سمعت في الحديث القدسي حديث الفاتحة ((إذا قال العبد :الرحمن الرحيم،
يقول ال تعالى :أثنى عليّ عبدي)) ،ومن ينفي الرحمة ،ل يمكنه أن يثني على ال
تعالى ،وإنّما الثناء على ال بأسمائه وصفاته وأفعاله الحميدة.
() أي البركة تنال بذكرك ،تنزه اسمك وتُنال البركة بذكرك ،بذكر ال تعالى هكذا فسّر 2
المام.
() أي :جلت عظمتك ،الجد بمعنى العظمة وبمعنى الغنى ،جلت عظمتك وغناك. 3
() أي :ل معبود في الرض ول في السماء بحق سواك يال ،كلمة بحق ل بد من التيان 4
بها ،عندما تفسر ل إله إل ال ،يجب أن تأتي "بحق" ،أو "حق" ،وإل يكون المعنى
فاسداً ،لو قلت :ل معبود في السماء ول في الرض غيرك ،نحكي خلف الواقع،
المعبودون كثيرون ،لكن المعبود المنفي هو المعبود بالحق ،ل معبود في الرض ول
في السماء بحق غيرك ،وكل من عبد في السماء وفي الرض؛ فعبادتهم باطلة ،عبدت
الشمس والقمر عبادتها باطله ،عبدت الشجار ،وكثيراً من الدوحات ،ول تزال تعبد ،و
الحجار والضرحة والقباب؛ فعبادة هذه الشياء باطلة ،عبادة الجن ،عبادة القبور ،كلما
عبد فهو إله في اللغة ،ل يسمى ال ولكن يسمى إله ،لفظة إله عامة ،تشمل المعبود
بالحق والمعبود بالباطل ،ولكن لفظ الجللة "ال" ،خاص بالمعبود الحق ،خالق
السماوات والرض سبحانه ،لمعبود في السماء والرض سواك ياال.
() أي :ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا ال من الشيطان الرجيم المطرود المبعد من 5
رحمتك ،ل يؤثر في ديني وعقيدتي وعبادتي ،ومعنى الستعاذة :اللتجاء والعتصام.
() ولم يفصل الشيخ ،ولم يستثني المأموم الذي يصلي خلف المام الذي يجهر ،كما 1
ن الفاتحة ركن من أركان الصلة، يستثني غيره ،لكنه أطلق إشارة منه -رحمه ال -إلى أ ّ
وهي أ ّم الصلة،كما أنّها أ ّم القرآن؛ فهي أ ّم الصلة ،لصلة إل بها ،ولو كنت مأموماً
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 33 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
خلف إما ٍم يجهر على الصحيح ،لذلك لم يلتفت الشيخ إلى هذا الخلف ،ولم يشر إليه،
هذا هو الحق ،بل استدل على هذا الطلق بقوله" :كما في حديث(( :ل صلة لمن لم
ي كان هذا المصلي :إماماً ،أو مأموماً ،أو منفرداً ،وسواء كان يقرأ بفاتحة الكتاب)) ،أ ً
المأموم في الصلة السرية أو الجهريه؛ يؤكد هذا المعنى ليعلم بعض الناس الذين
يتساهلون بقراءة الفاتحه إذا كانوا مأمومين خلف إمام يجهر ،هذا الحديث الذي ذكرناه
سابقاً(( :قسمت الصلة بيني وبين عبدي نصفين)) ،هذان الحديثان وما في معناهما
ن فاتحة الكتاب ركن في الصلة على جميع المصلين. يؤكدان أ ّ
() وفي الحقيقة ،الشيخ كفانا مؤنة شرح البسملة والتعوذ ودعاء الستفتاح وفاتحة 2
ومن حيث السناد ضعيف ،ولكنّ معنى الحديث صحيح ،حديثٌ ضعيفٌ من حيث
السناد ،ولكنّه صحيح من حيث المعنى ،إذ تشهد له نصوص الكتاب والسنة ،تأمّل في
معنى الكيس العاقل الفطن من دان نفسه ،أي من أذل نفسه حتى لوامر رسوله -عليه
الصلة والسلم -وخضع لوامره ،وعمل لما بعد الموت ،وهل هذا المعنى فيه
ى صحيح مائه بالمائة ،العاقل الفطن الموّفق من أخضع غضاضة؟ وفيه توقف؟ ل ،معن ً
نفسه= =لوامر الكتاب والسنة ،وعمل لما بعد الموت ،ولم تشغله دنياه عن أخرته،
العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على ال الماني ،يترك الصلة ،ويرتكب المعاصي،
ويترك المأمورات ،ومع ذلك يتمنى على ال الماني ،أنّه في أعلى الفردوس ،في أعلى
الجنة ،لماذا؟ لن اليمان هنا! [في القلب] ،ل َيضُرّه ترك الصلة وارتكاب المعاصي،
هذا فيه نوعٌ من الرجاء ،وإن كان ل يدري عن نفسه؛ فهو مرجئ ،أي أن ترك
العمال ل يضرّ طالما عنده اعتقاد تصديق بالجملة ،لما جاء به رسول ال -عليه
الصلة والسلم ،-بعد ذلك فليفعل ما يريد من المعاصي ،فليترك ما يريد أن يترك من
المأمورات؛ فهو في الجنة(!) هذه الماني الكاذبة ،يُصاب بهذه الماني الكاذبة المرجئة،
الذين يرون أنّ اليمان ،إمّا ُمجَرّ ُد التلفظ بل إله إل ال ،أو مجرد التصديق بالقلب ،وإن
كان ذلك التصديق ل تصدقه العمال ،وقد أحسن المام الحسن البصري عندما قال:
((ليس اليمان بالتمني ول بالتحلي ،ولكن ما وقر في القلب ،وصدّقه العمل)) ،العمل
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 34 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
هو الذي يصدق ما وقر في القلب ،من ادعى أنّ إيمانه في قلبه لكن ل يعمل ،ل يتمثل و
لينتهي ،ودائمًا إيمانه في القلب ،كلما ينصحه ناصح أشار إلى صدره :اليمان هنا!،
هذا مخدوع ضائع؛ فنسأل ال أن يتوب علينا وعليه ،اليمان والعمل :إيمان القلب،
وأعمال الجوارح ،والنطق باللسان؛ من هذا يتكوّن اليمان الصحيح ،بهذا تكسب
الولية ،إذا كنت تريد أن تكون ولياً ل ،الولية مكتسبة بخلف النبوة ،النبوة والرسالة
بالصطفاء ،ال الذي يصطفي من الملئكة ومن النس من يشاء للرسالة والنبوة ،لكنّ
الولية مكتسبة ،تكتسب أنت بتوفيق ال تعالى باليمان الصادق ،والعمل الصالح ،حتى
ل من أداء الفرائض ،ثم تكثر من النوافل حتى يحبك ال، تكون ولياً ل تعالى ،تكثر أو ً
عند ذلك أصبحت ولياً ل ،يعطيك سؤلك ،ويعيذك إن استعذت به ،هكذا تكتسب الولية،
كلٌ يريد الولية ،لكنّ كثيراً من الناس ل يريد أن يكون هو الولي ،ولكنّ الولي في مكان
آخر ،يدعو ذلك الولي ،الناس حصرت الولية إما في بيوت معينة ،بيت ابن علوان بيت
الولية ،بيت غضنفر بيت الولية ،كل من يدلي من هذا البيت فهو ولي ،ولو كان فاسقاً
ل يصلي ،يتعلقون بهؤلء الولياء لنّهم من بيت فلن ،لكن ل يحاول المرء أن يكون
هو ولياً ،أترك أولئك ل ،أمرهم ل ،اكتسب الولية أنت باليمان الصحيح ،والعمل
الصالح ،الولية مكتسبة.
() أشار الشيخ في تفسيره إلى الحصر ،أي أن تقديم المعمول على العامل يفيد الحصر، 1
أي ل نعبد غيرك ،ول نستعين إل بك ،ثُمّ فسّر الصراط؛ فقال :الصراط السلم،
الصراط الرسول ،الصراط القرآن ،قال :والكل حق ،القرآن لنه يهدي للتي هي أقوم،
والرسول -عليه الصلة والسلم -يطلق عليه أنّه الصراط المستقيم ،لنّه يهديَ {:وإِ ّنكَ
لَتَهْدِي ِإلَى صِرَاطٍ مّسْ َتقِيمٍ}[الشورى ،]52:إذًا الصراط الحقيقي السلم ،ولكن القرآن يهدي
إلى ذلك ،يطلق عليه الصراط لنه يهدي إلى الصراط ،ويطلق الصراط على النبي
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 35 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
من كان قبلكم اليذاء والزعاج والضلل والبعد عن الحق ،كما يفعلون تفعلون ،ل
تتركون شيئاً ،قالوا يا رسول ال :اليهود والنصارى؟ أي :تعني اليهود والنصارى ،هل
هم اليهود والنصارى؟ جائ ٌز بالرفع والنصب ،ولكن الكثير على النصب ،أي :تعني
اليهود والنصارى ،قال :فمن؟ من غيرهما ،من الذي قبلكم غيرهما ،أي هم هم ،تتبعون
اليهود والنصارى بأخلقهم ،ومن يعبد ال على جهل تشبه بالنصارى ،ومن علم وترك
العمل بالعلم وضل تشبه باليهود ،هكذا الناس ينقسمون إلى قسمين في هذا التشبه ،إمّا
بالنصارى ،ل يشتغل بالعلم يكون جاهلً ضالً ،قد يفتي للناس على جهل ،يضل
ويضلل ،هذا فيه شبه النصارى ،والذين يعرفون الحق ويتركون الحق اتباعًا للهوى
والشهوات؛ فيهم شبه اليهود ،ولو تتبعت كثيراً من أحوال كثير من المسلمين لوجدت
الناس ل يخرجون من الفريقين ،إمّا هذا أو ذاك.
() هذا العدد ،ثلث وسـبعي فرقـة ،باعتبار أمهات الفرق ،الوارج والقدريـة والشيعـة والبيـة ،إذا 1
عددنا أمهات الفرق ،تصل أو تزيد على هذا ،لكن إذا نظرنا إل كل فرقة كم تفرقت ،الوارج افترقت
على عشر ين فر قة ،والعتزلة افتر قت على كذلك ،والشي عة ن و سبعة ع شر فر قة ،كل فر قة من الفرق
الرئي سية افتر قت إل فرق ،ول كن هذا الد يث ،إمّ ا يع ن أ صل هذه الفرق باعتبار أ صولا ل باعتبار=
=الفروع ال ت تفر عت -الروا فض أنف سهم قريبون من عشر ين فر قة ،-والروا فض طائ فة من الشي عة
الماميـة يقربون مـن عشريـن فرقـة ،إذا ،إذا نظرت فـ كتـب الفرق "كالفرق بيـ الفرق" للبغدادي،
و"مقالت السلميي" للشعري ،ل تندهش ول ترتبك ،كيف قال النب -عليه الصلة والسلم(( :-إنّ
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 36 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
سلَمُ َعَليْنَا وَعَلَى ِعبَادِ ال ال صّالِحِيَ أَ ْشهَدُ أَيّهَا الّنبِ يّ وَ َرحْمَةُ ال َوبَرَكَاتُ هُ ،ال ّ
حيّات :جَمِيعُ أَن لَ إِلَهَ إِلّ ال وَأَ ْشهَدُ أَنّ ُمحَمّدًا َعبْدُهُ وَرَسُولُهُ))( ) ،وَمَ ْعنَى التّ ِ
1
َالسـجُودِ وَالبَقَاءِ ُوعـ و ّ َاسـِحْقَاقًاِ ،مْثلُ النْحِنَاءِ وَالرّك ِ َاتـ ل ،مُلْكًا و ْت التّ ْعظِيم ِ
صرَفَ ِمْنهَا َشْيئًا لِ َغيْرِوَالدّوَامِ ،وَجَمِيعُ مَا يُعَظّمُ بِهِ رَبّ العَالَمِي َف ْهوَ ل ،فَمَنْ َ
هذه المة ستفترق على ثلث وسبعي فرقة)) ،والفرق اليوم تزيد على مائة ،تعد بالئات ل بالعشرات،
هذا باعتبار الفروع ،الفروع لتزال تزداد كـل يوم ،بأخـذ زعيـم يريـد أن [ينفصـل] مـن هذه الفرقـة
ويستقل ،يأخذ له مموعة فينفرد ويستقل؛ فيطلق عليها لقبا ،إن كان هو أسد؛ فتسمى أسدية ،إن كان
هو شيطان؛ فتسمى شيطانية ،وبالفعل توجد فرقة يقال لا" :الشيطانية" ،موجودة(!).
قال النب -صلى ال عليه وسلم(( :-كلّها ف النار إل واحدة)) ،أي :الفرق النتسبة إل السلم ،قالوا:
من هي يا رسول ال؟ قال(( :من كان على مثل ما أنا عليه وأصحاب)) ،أي :من ل يبدلوا ول يغيوا
ول يزيدوا ول ينقصوا ،اكتفوا با كان عليه رسول ال -عليه الصلة والسلم -والصحابة ،صراط ال
ال ستقيم ،الح جة البيضاء ال ت أشار إل يه ال نب -عل يه ال صلة وال سلم -ف آ خر حيا ته ،قال لل صحابة:
(( تركتكم على الحجة البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك)) ،ل يكن أن نعرف ،هل أنت
على ما كان عليه الرسول -عليه الصلة والسلم -وأصحابه؟ وهل أنت على ما كانت عليه الماعة؟!
لنّ ف ب عض التفا سي قال (( :هي الما عة)) ،الفر قة الناج ية هي الما عة ،ل كن ب تعرف الما عة؟
الماعات كثية ،ل بدّ من التف قه ف الدين ،وإلّ كل يدّعي وصلً بليلى ،وليلى ل ت قر لم بذاك ،كلٌ
يدعي :أنا من الفر قة الناجية ،وجاع ت من الفرقة الناجية ،ن ن الماعة السلمية ،ون ن ون ن…إل
آخره ،الدعاوى كثية ،لكن با تُحدد؟
بالفقه ف الدين ،إعرف تعرف ما كان عليه النب -عليه الصلة والسلم -ف عقيدته ،تعرف العقيدة الت
أخذها الصحابة من فّ رسول ال -عليه الصلة والسلم ،-وكيف كانوا ف عبادتم؟ وكيف كانوا ف
أخلقهم؟ وكيف كانوا ف معاملتم وإقتصاداتم وجيع أعمالم؟ ف سياستهم؟
كثير من الناس يتحاشون السياسة ،ويحسبون أنه ليس في السلم سياسة ،في السلم
سياسة ،وسياسة عميقة ،سياسة إسلمية يجهلها كثيرٌ من السياسيين اليوم ،السياسة اليوم:
المخادعة ،والكذب ،والملق ،والنفاق في الغالب الكثير ،لكنّ السياسة السلمية غير
هذه ،السياسة السلمية :حُسن التدبير ،وتعرف كيف تتخلص دون أن تقع في الكذب،
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 37 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
شرِ كٌ كَافِرٌ ،وَال صَّلوَاتُ مَ ْعنَاهَا :جَمِي عُ الدّ َعوَا تَِ .وقِيلَ ال صَّلوَاتُ ال َف ْهوَ مُ ْ
الَمْ سُ ،وَال ّطّيبَا تُ ل :ال َطِي بٌ ،وَلَ يَ ْقَبلُ مِ نَ ا َل ْقوَالِ وَالَ ْعمَالِ إِلّ َطيّبَهَا،
صلّى ال عََليْ هِسلَمُ َعَليْ كَ َأيّهَا النّبِ يّ َورَحْمَةُ ال َوَبرَكَاتُ هُ ،تَدْعُو لِ ْلّنبِ يّ َ -
ال ّ
وكيف تقدم المصالح على المفاسد ،كيف تقدم إذا كان هناك مفاسد ،كيف ترتكب أخف
مفسدة وتترك أعظمها مفسدة ،معرفتك لهذا من السياسة الشرعية ،ومن السياسة
الشرعية ،ترك الرسول -عليه الصلة والسلم -المنافقين بين صفوف الصحابة وهو
يعرفهم= =،خشية أن يقال :إن محمداً يقتل أصحابه ،لو قتل المنافقين الذين يعرفهم
بأسمائهم ،والناس الذين ل تعرف الحقائق تُكَبّرُ المسألة -كما يقولون ،-يبنون من الحبة
قبة؛ فيقولون :إن محمدًا بدأ في قتل أصحابه ،وهذا [يضر] بسير الدعوة ،والدعوة ل
تسير ،تقف ويكثر أعداءها ،إذاً من المصلحة أن يبقى هذا العدد بين المسلمين ،والدعوة
تسير في العالم ،ومن السياسة الشرعية رأى رسول ال -صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
كيف يتأذى كثيرٌ من الناس من باب الكعبة العالي ،همّ رسول ال -عليه الصلة والسلم-
أن يهدم الكعبة ،ويلصقها بالرض ،ويجعل بابين ،باب يدخل منه ،وباب يخرج منه،
بدلً من هذا التعب ،ثم قال لعائشة :لول أن قومك قريبوا عهد بالجاهلية لفعلت ذلك،
ولكن لو هدم ور ّد على بناء إبراهيم وألصق الباب بالرض ،وأراح الناس ،يدخلون من
هنا فيخرجون من هناك ،ل يوجد إلّ أن يصعد الناس يرصّ بعضهم فوق ظهور بعض،
من دفع شيئاً ،سحبوا بيده ،طلّعوه ،ومن لم يدفع ردوه ،ورموه في الرض ،لكنّ هذا
أخف -مع ما فيه من التعب والضرر على الناسّ ،-أخّفّ من أن يقال :إنّ محمداً بدأ يهدم
الكعبة ،لو شاع هذا الخبر في العالم ،سُدّ الناس عن الدخول في السلم؛ فترك ذلك
إرتكاباً لخف الضررين ،هذا من السياسة الشرعية ،وأمثال هذا كثير ،إذا قرأت في
السياسة الشرعية للمام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم ،وغيرهما ،لعرفت أنّ في السلم
سياسة ،لكن سياسة صادقة غير كاذبة ،فلنعلم ذلك تماماً ،وإذا عرفت السلم في عقيدته
في عبادته ومعاملته وجميع البواب التي ذكرناها ،عرفت ذلك تأخذ من المنبع
الصلي ،تأخذ من مشكاة النبوة ،عند ذلك تعرف أين الفرقة الناجية ،وقبل ذلك ل ،ل
تعرف ،إنّما تصفق مع كل من يصفق ،تسمعون الن بالتصفيق من الجماعة التي سمت
نفسها بالجماعة السلمية ،صفّقوا مع الشيوعيين ،ومع العلمانيين ،ومع القوميين ،في
مناصرة الظالم على المظلوم ،لماذا؟ لعدم الفقه في الدين ،مجرد دعوى السلم،
السلم ..السلم ،..ليست هذه لفظ ًة الجوفاء ،السلم دين عمل ،تعلم العلم قبل القول
ل يتمناها.
والعمل ،بذلك تعرف الفرقة الناجية ،وك ٌ
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 38 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
سلَمَةِ وَالرّ ْحمَةِ وَالبَرَكَةِ ،وَالّذِي يُدْعَى َل هُ ،مَا يُدْعَى مَ عَ ال( )،
1
وَ سَلّمَ -بِال ّ
ْسـكَ وَعَلَى ُكلّ َعبْدٍ
ُسـلّمُ َعلَى نَف ِ
السـلَمُ عََليْنَا َوعَلَى ِعبَادِ ال الصـّالِحِيَ ،ت َ
ّ
سلَمُ دُعَاءٌ ،وَالصّالِحُونَ يُدْعَى َلهُمْ وَلَ يُدْ َعوْنَ
صَالِحٍ فِي السّمَاءِ وَالَ ْرضِ ،وَال ّ
() الراد بالعتدال م نه ،أي :الر فع من ال سجود ،ودل يل ذلك قوله تعال{ :يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوا ارْ َكعُوا 1
وَاسْجُدُوا}[الج :من الية ،]77والديث عنه -صلى ال عليه وسلم(( :-أمرت أن اسجد على سبعة أعظم))،
أي :سبعة أعضاء ،ولعل ذلك معلوم لدى جيع الصلي ،البهة مع النف ،والكفان ،والركبتان= ،
=وبطون أصابع الرجلي ،سبق أن نبهنا على ما قد يفى على بعض الناس ،وهو كثي ،أما ينسى بعض
الصلي السجود على النف ،ويتكأ على البهة وينسى النف؛ فيجب التفطن ،لن بعض الذاهب ل
ت نص على هذا،ك ما نص مذ هب المام أحد ،فيطلقون الب هة؛ فيتركون ،ول كن المام أ خذ من السنة
العملية نص على هذه السألة ،وتبعه على ذلك المام الؤلف ،وهي من السائل الت قد تفى على بعض
العوام ،ينب غي التف طن لذلك ،لن ال سجود على ال نف جزء من ال سجود على الب هة ،تا بع ،فل ينب غي
الترك ،ول يلتفت إل اللف ،لنّ العبد ،خصوصا ف مثل هذه العبادات ،ينبغي أن يتاط ،لو قرأت ف
بعض الذاهب أنّ السجود على النف غي مطلوب ،وغي ركن ،وعلمت أنّه ركن ف بعض الذاهب،
والقول بأنّه رك نٌ هو القوى من حيث الدليل ،عليك أن تتبع وتتاط ،ولو ل يكن هناك دليل ،اختلفت
آراء الفقهاء استنتاجا واجتهادا ،من العقل أن تتبع ما فيه براءة الذمة ،وما فيه الحتياط ،وهو السجود
على ال نف ،كذلك م ا ينب غي الت نبيه عل يه من و قت ل خر ،ال سجود على بطون أ صابع الرجل ي ،يغ فل
ب عض الناس-ب عض ال صلي -وخ صوصا ف ال سجود الثا ن عن ال سجود على بطون أ صابع الرجل ي،
ويترك رجليه كما جلس ،أي يسجد على ظهور الصابع ،هذا السجود ل يصح ،إذا ل يصح السجود
على عضو من العضاء السبعة ،السجود كله يكون باطلً ،فإذا بطل السجود بطلت الصلة ،أم ٌر يتهاون
به ب عض الناس و هو صعب ،ينب غي الحتياط ،وهذا من التقان ،وعلى الرء أن يت قن عمله ،وخ صوصا
العمل الذي تتقرب [ به] إل ال -الفرائض -إتقان الفرائض ،وأداءه على الوجه الطلوب بسب المكان
مقد مٌ على الجتهاد ف السنن ،الجتهاد ف السنن والكثار من السنن ،يأت ذلك بعد إتقان العمل ،أي
بعد إتقان أداء الفرائض ،وال الوّفق.
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 39 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
لَ يُ ْعبَدُ فِي الِرْ ضِ وَلَ فِي ال سّمَاءِ بِحَ قٍ إِلّ ال ،وَ َشهَادَةُ أَنّ مُحَمّدًا رَ سُولُ
َهـ ال
َاعـ َوُيتَبَعـَْ ،ش ّرف ُ
ّهـ َعبْدٌ لَ يُ ْعبَدُ ،وَرَسـُولٌ لَ يُكَذّبـَُ ،بلْ يُط ُ ال( ) ،بَِأن ُ 2
ي المُسيء صلته ،في ذلك الوقت لعله يقل () قصة معروفة عند طلب العلم ،رجل سُمِ َ 1
أمثاله ،ولذلك أخذ اللقب ،أمّا اليوم المسيئين في صلتهم مثل ذلك المسيء ما أكثرهم،
ولعلّ [طلب العلم] الذين يَ َروْن [المسيئين لصلتهم] ،إمّا أنّهُم ل ُينَبّهُون مجاملةً ،أوظناً
منهم أنهم ما عليهم إل أن ُيؤَدُوا [الصلة فقط] ،وما عليهم وليس عليهم شيء بالنسبة
ل بأداء
ن المرء ل يهتم إ ّلغيرهم ،وهذا تصور خاطئ عند بعض طلب العلم ،يعني أ ّ
[العبادات] لنفسه ،وينسى مسألة المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والنصح لعباد ال.
والبعض الخر قد ل يفطن لذلك ،وأنّ ذلك يفسد صلته ،أي كالذين ينقرون في صلتهم
ويخففون الركن ،العتدال والجلسة بين السجدتين ،هذان الركنان يتساهل كثيرٌ من
المصلين فيهما؛ فينقرون في صلتهم ول يطمئنون ،ل يكاد يرفع ظهره -وقبل أن
يستقيم -يسجد ،ول يكاد يرفع رأسه من السجود الول -وقبل أن يطمئن -يسجد للسجود
الثاني ،ومن يفعل ذلك ،فصلته باطلة ،وهو المسمى بالمسيء صلته؛ فينبغي لطلب
العلم أن ينصحوا للمسيئين في صلتهم ،وهم كثر اليوم ،قصة الرجل معروفة لدى
طلب العلم ،دخل رجلٌ ورسول ال -عليه الصلة والسلم -بين أصحابه؛ فصلى فسلم
فجاء إلى النبي -عليه الصلة والسلم -وسلّم عليه ،فردّ عليه [النبي] السلم -ثم قال له:
((ارجع فصلّ؛ فإنّك لم تصلّ)) ،لم يعلمه من أول وهلة ،ولكنّه قال له(( :ارجع فصلّ؛
فإنّك لم تصلّ)) ،لنّه يحتمل أنّه يعلم ،ولكنّه استعجل وترك لظروف ما ،كما يحصل
لكثير من المستعجلين في صلتهم ،فرجع فصلى الرجل كما صلى في المرة الولى؛
فعاد فسلم على النبي -عليه الصلة والسلم-؛ فرد عليه السلم ،فقال له(( :ارجع فصلّ؛
فإنّك لم تصل))؛ فعاد فصلىّ كما صلىّ في المرة الولى ،ورجع في المرة الثالثة؛ فسلم،
فقال له النبي -عليه الصلة والسلم -بعد أن ردّ عليه السلم(( :ارجع فصلّ؛ فإنّك لم
تصل)) ،من هنا أعلن الرجل عن جهله ،قال :والذي بعثك بالحق ،ل أحسن غيرها ،هذه
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 40 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ُونـ
ِهـ ِليَك َ َانـ عَلَى َعبْد ِ
َكـ الّذِي َن ّزلَ الْفُ ْرق َ
ُهـ تَعَالَ{:تبَار َ
بِالْ ُعبُو ِديّةِ ،وَالدّلِيلُ َقوْل ُ
لِلْعَالَمِيَ نَذِيرًا}[الفرقان.) (]1:
1
صلّ عَلَى ُمحَمّدٍ َوعَلَى آلِ مُحَمّدٍ كَمَا صَّليْتَ عَلَى إِْبرَاهِي مَ إِنّ كَ حَمِيدٌ الّلهُمّ َ
صلَةُ مِ نَ الَ :ثنَاؤُ هُ َعلَى َعبْدِ هِ فِي ا َللِ ا َلعْلَى ،كَمَا حَكَى البُخَا ِريّ مَجِيدٌ ،ال ّ
هي التي أعرفها ،ما أعرف= =غيرها؛ بعد أن جعل النبي -عليه الصلة والسلم -يهتم
للرجل بهذا الهتمام ،بهذا التردد ،وتأكد بأنه ل يعلم غيرها ،وإنّما ترك ذلك جهلً ،وأنّ
هذا التردد أثار فيه النتباه ،وجعله مستعدًا للقبول [-في حيث أنّه] لو علمه من أول مرة،
ما اهتم هذا الهتمام ،ول قبل ذلك القبول؛ هذه من الحكم التي يذكرها أهل العلم في أن
حسَنُ للمعلمين أن يعاملوا طلب النبي -صلى ال عليه وسلّم -لم يعلّمه من أول مرة ،يُسْ َت ْ
العلم في بعض المسائل مثل هذه المعاملة؛ بأن يسأله فيخبره ما إذا يعلم من المسألة
الفلنيه [شيئاً ما]؛فإذا توقف ،ولم يعلم ،ل يبادر بالجواب حالً ،المعلم يتركه ليشغل باله،
وليفكر ،ويقول له :لتأتي بها غداً ،وهكذا ..إذا كانت المسائل ليست من المسائل
المستعجلة ،هكذا كان يفعل المعلمون الولون من المشايخ الذين أدركناهم ،يطرح
المسائل على طالب العلم الذي ل يستحضر ،ل يجاب؛ فيترك ليبحث ،ويأتي بالجواب
في جلسة أخرى ،وهذه من الحكم ،كذلك طرح النبي -عليه الصلة والسلم -أحياناً
السئلة على الصحابة حتى يقولوا :ال ورسوله أعلم ،يعلنون بجهلهم ،وبعد ذلك يعلمهم،
وهكذا عامل المسيء صلته ،بعد ذلك علمه :أنّه أوّل ما يستقبل القبلة فيكبر ،أي يشرع
في الصلة بتكبيرة الحرام ،وهذا دليل على أنّه ل يتلفظ بالنية قبل تكبيرة الحرام،
والنيّة محلها القلب ،والتلفظ بها بدعة -كما تقدم -لنّ كل ما علّم النبي -عليه الصلة
والسلم -المسيء صلته -في الغالب الكثير -إمّا ركن أو واجب ،وما لم يأتي ذكره في
هذا التعليم ليس بركن ول واجب ،عند الذين يفرقون بين الركن وبين الواجب هنا،
ل في باب وبعض المذاهب ل تفرّق بين الركن وبين الواجب ،والفرق [ل يكون عندهم] إ ّ
الحج والعمرة ،بخلف ما نحن عليه الن ،ثم أمره بعد تكبيرة الحرام أن يقرأ ما تيسر
معه من القرآن ،والذي يتيسر معه من القرآن فُسّر في رواية أخرى بفاتحة الكتاب ،أنّه
يقرأ فاتحة الكتاب ،لم يذكر دعاء الستفتاح ،ولكن ورد ذكره في بعض اللفاظ ،كذلك
التعوذ مشروع ،إذاً قد ل يكون كلّ ما ذكر في هذا الحديث ،يكون واجباً ،وإن كان
الفقهاء يختلفون في الوجوب والستحباب بالنسبة للتعوذ ودعاء الستفتاح ،ثم أمره أن
ن ال ّرجُلَ مِنَ الشياء التي تَرَكَهَا -وأهم ما
يركع فيطمئن راكعاً ،هذا هو محل الشاهد :ل ّ
ترك -الطمئنان ،ثم أمره أن يرفع فيعتدل قائماً ،هذا القيام الثاني يسمى اعتدال ،وقد
جاء التصريح في بعض الحاديث أنّه اعتدال ،وهذا ما استدل به بعض أهل العلم الذين
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 41 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
صلَةُ ال َثنَاؤُ هُ َعلَى َعبْدِ هِ فِي ا َللِ ا َلعْلَى، حهِ عَ نْ أَبِي العَاِليَةِ قَالََ : فِي صَحِي ِ
ِنـ الدَمِييَ: السـتِغْفَارُ ،وَم َ
لئِكَةِْ : ِنـ ا َل َ
َالصـوَابُ ا َل ّولُ ،وَم َ َوقِيلَ الرّحْمَةُ ،و ّ
الدّعَاءَُ ،وبَارِكْ وَمَا بَعْدَهَا ُسنَنُ َأ ْقوَالٍ َوَأفْعَالٍ.
يرون عدم وضع اليمنى على اليسرى فوق الصدر بعد الركوع ،لنّه ل يُسمّى قياماً إل
بقرينة؛ فإذا أطلق القيام فهو الذي قبل الركوع ،ليكون قول الصحابي(( :كان رسول ال
-صلى ال عليه وسلّم -إذا كان قائمًا في الصلة ،وضع يمناه على يسراه فوق صدره
قائماً)) ،معنى [ذلك أنّه] إذا أطلق هكذا فإنما يراد [به] القيام الذي قبل الركوع ،والقيام
الذي قبل الركوع ل يسمى قياماً إل بقرينة ،قد يسمى اعتدال ،سبق أن =
=نبّهنا على هذه المسألة ،وأن أدق فهم في هذه المسألة فهم المام أحمد بن حنبل ،وليس
ن المصلي مخير بالنسبة للقيام الذي بعد
يُستكثر عليه ذلك -رحمه ال :-حيث رأى أ ّ
الركوع في وضع اليمنى على اليسرى فوق الصدر؛ فمخيّر إن شاء وضع ،وإن شاء
أطلق ،لماذا؟ هذا من دقة الفقه ،لن الحديث ليس بنص بالنسبة لهذا القيام ،وهو نصٌ
بالنسبة للقيام الول ،ما كان نصاً ل ينبغي أن يُختلف فيه ،ومن خالف فيه ينصح ،وأمّا
الثاني الحديث الذي فيه ظاهر ليس بنص ،وما كان ظاهراً فهو مظنّةٌ لختلف الفقهاء؛
فإذا اختلف الفقهاء المتقدمون والمعاصرون في هذه المسألة ،ينبغي أن يعذر الجميع،
الذي يضع معذور ،لنّه أخذ من ظاهر الحديث ،أي من الحتمال ل من النص ،والذي
ن الحديث ليس بنص ،بل هو ظاهر -كما قلنا -وهذه من أسباب ترك كذلك يُعذر ل ّ
طلِع
اختلف الفقهاء في المسائل الفقهية الفرعية ،الذي يريد أن يتقن هذه السباب ،وي ّ
عليها من طلب العلم ،عليه أن يقرأ الكتيب الصغير العظيم من حيث المعنى" :رفع
الملم عن الئمة العلم" لتعرف أسباب اختلف الفقهاء ،وما نحن بصدده من
السباب ،كون أحدهم مثلً يفهم أنّ الدّلة تشمل القيام الول والثاني ،والخر يقول:
لتشمل إل القيام الوّل ،والثاني غير داخل لنّه يسمى إعتدالً[ ،ول يسمى قياماً] إلّ
ل فالقيام ينصرف إلى الول ،إذًا الحتمال قائم ،وال أعلم. بقرينة ،وإ ّ
() إذاً الطمأنينة في العتدال :إمّا شرطٌ أو ركن ،على الختلف الذي ذكرناه ،كذلك 1
ن الصّلة ل تصح إل الطمأنينة في الجلسة بين السجدتين :إمّا ركن أو شرط ،أي أ ّ
بالطمأنينة فيهما،كما ل تصح إلّ بالطمأنينة في الركوع والسجود.
() أيضاً مما ينبغي التنبيه عليه بالنسبة لطلب العلم[ ،أنّه] فلتكن دراسة الفقه على هذه 2
الطريقة التي سلكها هذا المؤلف ،أي تختار من كتب الفقه ،من جميع المذاهب ،الكتاب
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 42 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
سُبْحَانَ رَ ِبيَ ال َعظِي ِم فِي الرّكُوعَِ ،وقَوْلُ :سَمِعَ ال لِمَنْ َحِم َدهُ لِلِمَامِ
لعْلَى ن رَ ِبيَ ا َ ل رَ َبنَا وََلكَ الحَمْدُ ِللْ ُكلَّ ،وقَ ْولُ :سُبْحَا َ
وَالمُنْ َفرِدَِ ،وقَوْ ُ
فِي السّجُودَِ ،وقَ ْولَُ :ربّ اغْ ِفرْ لِي بَيْنَ السّجْدَ َتيْنِ ،وَال ّتشَهّدُ الَوّلُ
وَالجُلُوسُ لَهُ.
كثيرون ،كالحمّاديْن ،وعبد الرحمن بن مهدي ،وأبي عبيد ،ما أكثرهم ،كلّهم أئمة،
الشاهد :الذي يريد أن يتفقه في الدين فقهاً صحيحاً ،يدرس كتباً على هذا النمط ،كتباً
ل فآراء الرجال المجردة من ذكر الدلة ل تفقه النسان تذكر الحكام وتذكر الدلة ،وإ ّ
في الدين ،الفقه معناه :الفهم الصحيح في الدين(( ،من يرد ال به خيراً يفقه في الدين))،
ليس معنى ذلك أنّه يوّفقه ليحفظ آراء أهل العلم ،ل ،لتفهم الفهم الصحيح عن ال وعن
رسوله -صلى ال عليه وسلم.-
() هذا تشّهّدٌ مشهور ،وهناك تشهد آخر ،لك أن تحفظ ما شئت من ألفاظ التشهد ،ولكن 1
تختار المتفق عليه ،وإذا رأيت أنّ غيرك يتشهد بغير هذا التشهد ل تنكر عليه ،كذلك
ُيقَالُ في ألفاظ الصلة على النبي -صلى ال عليه وسلّم ،-إذا حفظت أنت هذه الصيغة
التي ذكرها المام ،وهناك صيغ أخرى نبّهنا غير مرة أنها كثيرة جداً ،وحاول أن
يجمعها ،ربما جمعها العلّمة ابن القيم في كتابه الفريد في بابه "جلء الفهام في الصلة
على خير النام" ،الصلة هذه تسمى" :الصلة البراهيمية" ولعلّ أجمعها الصيغة
علَىعلَى إِبْرَاهِيمَ وَ َ
صلّ ْيتَ َ
علَى آلِ ُمحَمّدٍ ،كَمَا َ علَى ُمحَمّدٍ وَ َصلّ َالمتفق عليها(( :اللّهُ ّم َ
علَى إِبْرَاهِيمَ
علَى آلِ ُمحَمّدٍ كَمَا بَارَكْتَ َعلَى ُمحَمّدٍ وَ َ ك حَمِيدٌ َمجِيدٌ ،وَبَا ِركْ َ
آلِ إِبْرَاهِي َم إِ ّن َ
ل إِبْرَاهِي َم إِ ّنكَ حَمِيدٌ َمجِيدٌ)) ،هذه صيغة متفق عليها ،وغيرها كثير ،لحظوا ،ل علَى آ ِ وَ َ
توجد في أي صيغة من صيغ الصلة البراهيمية التي ساقها العلّمة ابن القيّم في الكتاب
المذكور ،ل توجد كلمة اللهم صل على ((سَيّدِنَا)) محمد ،عند كثير من إخواننا المسلمين
العاطفيين ،إذا لم يذكر ((سَيّدِنَا)) في الصلة ،وقلت اللهم صل على محمدٍ ،ربما يسيئ
بك الظن ،يقول هذا ل ُيعَظّم الرسول -عليه الصلة والسلم ،-وحصل هذا بالفعل ،فقد
قال حاج مغربي لي :يا شيخ! كنت أحضر دروسك من أوّل إلى الن ،وأنا مسافر ،ولكن
ألحظ عليك أنّك عندما تصلي على النبي -عليه الصلة والسلم -تقول :اللهم صلّ على
محمد ،ولم أسمع مرة واحدة بأنّك تقول :اللهم صلّ على ((سيدنا)) محمد ،لماذا يا شيخ؟
وقد أحسن في السؤال ،بينّت له ،خفّفت ما يجد في نفسه من الستثقال ،يستثقل جداً كون
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 44 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
النسان يصلي على النبي -عليه الصلة والسلم -ل يقول :اللهم صلّ على سيدنا محمد،
عوام المسلمين ل يفرّقون بين المور ،ربما يحسبون أن من ترك لفظة ((سيدنا)) أنّه ل
يعظم النبي -عليه الصلة والسلم ،-ول يحبه المحبة اللئقة ،الجواب :هذا جهلٌ ،وربما
يسمى جهلً مركباً ،الجهل المركب :كون النسان يجهل ول يدري أنه يجهل ،إذا كنت
ل تدري بأنك ل تدري؛ فذلك إذًا جهلٌ مضاف إلى جهل مضاف ،والمضاف إليه جهل،
ما= =الذي يطلع؟ ل شيء ،الشاهد :محمد رسول ال -عليه الصلة والسلم -سيدنا،
وسيد الناس أجمعين ،سيد ولد آدم ،هذا ما أدين ال به ،يجب أن نعتقد ذلك تصديقاً
لخبره -عليه الصلة والسلم -حيث قال(( :أنا سيد الناس يوم القيامة ،أنا سيد ولد آدم
ول فخر)) ،يجب أن نعتقد أنّه سيد الناس أجمعين ،لكن مع ذلك ،إذا علّم الصحابة كيف
ن الَّ وَمَلَئِكَ َتهُ
يصلون عليه ،ولقّنهم الصلة البراهيمية في مناسبة نزول الية{ :إِ ّ
سلِيمًا}[الحزاب ،]56:الصحابة سلّمُوا تَ ْ
علَيْهِ َو َ
صلّوا َ
ن آمَنُوا َ
علَى النّبِيّ يَا أَيّهَا الّذِي َ
صلّونَ َ
ُي َ
سألوا :يا رسول ال ،علّمنا كيف نسلم عليك ،وقد أُمِرْنا أن نصلي ،أُمِرْنَا أن نصلي
عليك؛ فكيف نصلي عليك؟ لعلّ ذلك حصل في عدة مجالس ،بدليل تعدد هذه الصيغ؛
فعلّم النبي -عليه الصلة والسلم -الصحابة أن يقولوا هكذا(( :اللهم صلّ على محمد))،
وليس معنى ذلك أّنه تنازل عن سيادته ،أنّه ليس بسيد ،ل ،وأنتم تلحظون ،يُنكِرُ [النبي
-صلى ال عليه وسلّم] أحياناً ،على من يقول في بعض المناسبات ما يفهم منه الغلو
والطراء ،ينكر على من يقول له(( :أنت سيدنا ،وابن سيدنا ،وخيرنا ،وابن خيرنا))،
ن الرجل يُصاب بالغلو ،الغلو في الصالحين سبب وفي الواقع هو سيدنا ،لكن خَشِيَ أ ّ
خطير من أسباب عبادة غير ال ،حماي ًة لحمى التوحيد قال له :ل ،نهاه عن ذلك ،فقال:
((إنّما أنا عبد؛ فقولوا عبد ال ورسوله)) ،مع ما تقدم من إعلن أنّه سيد ولد آدم ،ل
ن لكلّ مقا ٍم مقال ،المقام الذي أنكر فيه ،مقام يقتضي النكار منافاة بين هذا وذاك ،ل ّ
والتوجيه ،المقام الذي أعلن فيه ،بمناسبة الشفاعة في حديث الشفاعة ،لبيان الواقع ،فهو
واقعه -عليه الصلة والسلم -أنّه سيد الناس أجمعين ،الشاهد :ينبغي أن يصلى على
النبي -عليه الصلة والسلم -بالصيغة الواردة ،ول تزيد لفظة سيدنا ،وهو سيدنا ،أرجو
أن يكون هذا الكلم مفهوم ،وبعد الشاهد أعود وأقول :نؤمن ونعتقد تصديقًا لخبره بأنّه
سيدنا ،ولكن عند الصلة عليه ،ل نقول :اللهم صل على سيدنا ،ولكن نقول :اللهم صل
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 45 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
على محمد ،تأسياً به وتمسكاً بتعليمه ،وتنفيذاً لهذا التعليم ،هذه العبارة أوقفت بعض
الناس ،لذلك أكرر وأقول أهل العلم اتفقوا على أنّه ل يجوز للمسلم الذي يريد أن يتعبد
باللفاظ والدعية المأثورة ،ل ينبغي له أن يزيد أو ينقص أو يغير أو يبدّل ،أهل الحديث
من دقة حفظهم يستدلون بعبارة واحدة ،قد ل يفطن لها غيرهم ،ذلك عند ما علم النبي
-عليه الصلة والسلم -أحد الصحابة الدعاء الذي يدعو به إذا أخذ مضجعه ،جاء في
ذلك الدعاء(( :آمنت بكتابك الذي أنزلت ،ونبيّك الذي أرسلت)) ،جعل الصحابي يكرر
ليحفظ ،وفي بعض المرات قال(( :ورسولك الذي أرسلت)) ،ماذا فعل؟ بدل لفظة بنبيك
أتى بلفظة رسولك ،يقول الصحابي :طعن النبي -عليه الصلة والسلم -في صدري
وقال :ل ،قل(( :ونبيك الذي أرسلت)) ،ماذا فعل؟ هل فعل منكراً؟ كون النبي -عليه
الصلة والسلم -لمجرد أنّه غير لفظة نبي برسول ،يطعن في= =صدره تأكيداً في
النكار ،ويقول له باللسان أيضاً :ل ،قل(( :ونبيك الذي أرسلت)) ،هذا دليل واضح أنّه
ل ينبغي للنسان الذي يريد أن يتأسى برسول ال -عليه الصلة والسلم -ويأخذ
تعليماته ،أن يريد من عند نفسه أو ينقص أو يغير أو يبدل ،الرسول والنبي لقبان من
ألقاب النبي -عليه الصلة والسلم ،-من اللقاب الشرعية ،ولكن الصيغة ل ينبغي
تغيرها عما وردت ،وردت هكذا؛ فالنبي -عليه الصلة والسلم -ل ينطق عن الهوى،
هذه اللفاظ [نزلت على] النبي -عليه الصلة والسلم -بوحيٍ من ال ،أي مشروعية هذا
الذكر عند النوم جاءت من السماء ،المشروعية جاءت من السماء ،ما كان من السماء
فبلغ النبي -عليه الصلة والسلم الصحابة كما جاء ،ل ينبغي للصحابة أن يغيروا،
ونحن تبعاً لهم ،وال أعلم.
() لماذا؟ لنه عبد ال ،ولكن هل يستحق أن يُدعى هو من دون ال ،أو مع ال؟ ل ،عبدٌ 1
قبل أن نقول شرعاً ومنقطعاً أن تدعوهم؟ عب ٌد صالح يحتاج إلى أن يدعى له،
وخصوصاً بعد موته ،وبحاج ٍة إلى دعائك ،لن هذا منقطع ،إلّ إذا كان معه أحد الثلثة،
بحاجة إلى الدعاء ،وهل من المنطق السليم أن تدعوه؟!= =تذهب إلى قبر الرجل
الصالح ،تسلم عليه ،وتدعو له ،وتترحم له ،هذا هو الشرع ،وهذا هو العقل ،وهذا هو
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 46 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
المنطق.
() الذي قلت بلسانك" :أشهد أن محمداً رسول ال" ،أي :رسولٌ ل يكذب ،تكذيبه كفرٌ 2
وردة ،رسول يطاع ،يطاع طاعة مطلقة ،وعدم طاعته معصية ،وهذه المعصية قد تصل
إلى الكفر ،وقد ل تصل ،له الطاعة المطلقة ،ل يوجد في المخلوقات من له طاعة مطلقة
غير رسول ال -عليه الصلة والسلم ،-استنتج ذلك أهل العلم ،من قوله تعالى{ :يَا أَيّهَا
ن آمَنُو ْا أَطِيعُو ْا الّ َوأَطِيعُواْ الرّسُولَ َوأُ ْولِي الَمْرِ مِنكُمْ }[النساء ،]59:قالوا أعاد الفعل
الّذِي َ
مع طاعة الرسول ،أطيعوا ال وأطيعوا الرسول ،إشعار بأن له الطاعة المطلقة ،أي لو
لم تجد ما أمرك به رسول ال -عليه الصلة والسلم -في كتاب ال ،أو نهاك عنه ،لم
تجد ذلك في كتاب ال ،وجب عليك أن تطيعه قبل أن تسأل ،هل يوجد نظيره في الكتاب
وحْيٌ يُوحَى}[النجم: ن الْهَوَى إِنْ ُه َو إِلّ َ
طقُ عَ ِ
أم ل؟ لنّه شهد له ربه سبحانه ،أنّه{:وَمَا يَن ِ
،]4،3فأخبر أنّ طاعته من طاعة ال ،ومعصيته من معصية ال ،لذلك :السنة المطهرة قد
تأتي أحياناً مؤسسة لحكام ل وجود لها في الكتاب ،حرّم رسول ال -عليه الصلة
والسلم -الحُمُرَ الهلية يوم خيبر ،وامتثل الصحابة لم يقولوا :إنه ل يوجد في
ل التي في الكتاب ،بل امتثلوا فحرّموا ،حرّم رسول ال -عليه الصلة المحرمات إ ّ
والسلم -الجمع بين المرأة وخالتها ،والمرأة وعمتها ،امتثلوا ،لم يقولوا :ما وجدنا ذلك
ل في الجمع بين الختين في الكتاب ،بل امتثلوا؛ فحرموا ،والذين سمّوا أنفسهم إّ
بالقرآنيين ،فرقة فاشلة ،نشئت أوّل ما نشئت في القارة الهندية ،ثم انتشرت في بعض
القطار السلمية العربية ،تسمّى "القرآنيون" الذين ل يعملون إل بالقرآن ،وقد كذبوا؛
ل إذا تركوا الصلة والصيام فهل يستطيعون أن يعملوا بالقرآن بدون السنة؟ ل يمكن ،إ ّ
والحج ،تفاصيل الصلة ،وتفاصيل كثير من الصيام والحج جاءت في السنة ،القرآن
قالَ {:وَأقِيمُو ْا الصّلَةَ} ،وهذه التفاصيل من عند تكبيرة الحرام التي مرت في حديث
صلّون لكتابالمسيء صلته ،هذه التفاصيل من أين؟ في السنة ،وهل القرآنيون ي َ
والسنة؟ أم بالكتاب فقط؟ ل يمكن ،وهل يحجّون بالكتاب فقط؟ ل يمكن ،ل يمكن أن
تعمل شيئًا إل بالكتاب والسنة معاً ،هل يمكن أن تقول:كتاب ال ليس بكافٍ ،أم هو بيان
وتبيان كل شيء ،الجواب :كتاب ال كافٍ ،وهل كلم الرسول -عليه الصلة والسلم-
خارج من كتاب ال؟ أليس ال قال{:أَطِيعُو ْا الّ َوأَطِيعُواْ الرّسُولَ}=،
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 47 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
ل ا ْلفُ ْرقَانَ
سيدنا ،لو وقفت على ذلك ،تجد ال سبحانه وتعالى يقول{: :تَبَا َركَ الّذِي نَ ّز َ
ه الْكِتَابَ}[الكهف: عبْدِ ِ
علَى َ ن ِللْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان{ ،]1:الْحَمْدُ لِّ الّذِي أَن َزلَ َ
علَى عَ ْبدِ ِه لِيَكُو َ
َ
ن الّذِي أَسْرَى بِعَبْ ِد ِه لَيْلً}[السراء :من الية ،]1العبودية من أعظم صفات النبي من الية { ،]1سُ ْبحَا َ
للشّيْخِ ُمحَمّد َأمَان الجَامِي 48 صلَ ِة وَأَرْ َكاِنهَا َووَاجِبَا ِت َهاِ
شرُوطِ ال ّ
شَرْحُ ُ
-عليه الصلة والسلم ،-لكونه حقق العبودية ،نال= =إمامة المرسلين ،وهو إمام
المرسلين ،أمّ المرسلين ليلة السراء والمعراج ،حقق العبودية؛ فوصل إلى حيث لم
يصل قبله أحدٌ من الرسل ،حيث وصل إلى حيث يسمع صريف القلم ،أقلم الملئكة
وهم يكتبون المقادير بإذن ال ،مخاطبة ال مباشرة دون واسطة جبرائيل ،حقق
العبودية؛ فصار يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ،ويقال له في ذلك؛ فيكون جوابه:
((أفل أكون عبداً شكوراً)).
() والواجبات ثمانية :جميع التكبيرات غير تكبيرة الحرام ،وقول :سبحان ربي العظيم 1
في الركوع ،وقول :سمع ال لمن حمده ،للمام والمنفرد ،إلى ماذا يشير الشيخ؟ يشير
الشيخ إلى خلفٍ فقهي ،هل المأموم يقول سمع ال لمن حمده؟ أو إذا قال المام سمع ال
لمن حمده ،يقول المأموم ربنا لك الحمد ،أو ربنا ولك الحمد؟ هذا المشهور ،ولكن
بعض أهل العلم ،وفي مقدمتهم المام الشافعي على مذهبه[ ،استدل] بقوله -عليه الصلة
والسلم(( :-صلّوا كما رأيتموني أصلي)) ،سواءً سلم الستدلل أو لم يسلم ،كما تقدم
أن بحثنا ،أهل العلم قد يختلفون في الستنباط من النصوص وفهم النصوص ،هذا هو
ن المأموم يقول كما قال المام :سمع ال فهم المام الشافعي -رحمة ال عليه ،-أنّه يرى أ ّ
لمن حمده ،المشهور عند كثير من أهل العلم ما ذكره المام محمد بن عبد الوهاب
-رحمه ال تعالى -أنّ قوله :سمع ال لمن حمده للمام والمنفرد ،والقول ربنا ولك الحمد
للكل ،وقول سبحان ربي العلى إلى آخره.
هكذا ننتهي من الشروط والركان والواجبات.
وصلى ال وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
() والحمد ل الذي ينعمته تتم الصالحات ،تم الفراغ من تنسيق وتنضيد وتشكيل هذا 1
الشرح المبارك صبيحة يوم الثنين بواسطة :أبي عبد ال الجّري ،أسأل ال أن ينفعنا به
ب العالمين.
يوم ل ينفع مالٌ ول بنون ،وآخر دعوانا أن الحمد ل ر ّ