Professional Documents
Culture Documents
لا تحزن
لا تحزن
1
ل تحزن
للشيخ /عائض القرني
/http://www.saaid.net
ل تحزن
2
هذا الكتاب
ن وأبشْر وتفاء ْ
ل ول تحزن (( )) اسعدْ واطمئ ّ
*************************************
/http://www.saaid.net
ل تحزن
3
المقدمة
ل الله ، م على رسو ِ الحمد ُ لله ،والصلةُ والسل ُ
وعلى آله وصحبهِ وبعد ُ :
ه
فهذا الكتاب ) ل تحزن ( ،عسى أن تسعد بقراءت ِ
ب أن تحاكمه والستفادةِ منه ،ولك قبل أن تقرأ هذا الكتا ٍ
ل الصحيِح ،وفوق هذا وذاك ق السليم ِ والعق ِ إلى المنط ِ
النْقل المعصوم .
ه
ور ِ ل تص ّ مسبق على الشيِء قب َ م ال ُ ف الحك َ ن من الحي ْ ِ إ ّ
ة
مهِ ،وإن من ظلم ِ المعرفةِ إصدار فتوى مسبق ٍ وذوقهِ وش ّ
ل ،وسماِع الدعوى ورؤيةِ الحجةِ ، م ِ ل الطلِع والتأ ّ قب َ
وقراءةِ البرهان .
م أو م بهِ ه ّة أو أل ّ ت هذا الحديث لمن عاش ضائق ً كتب ُ
ض مضجعة ف من مصيبةٍ ،أو أق ّ ن ،أو طاف به طائ ٌ حز ٌ
مه قلقٌ .وأّينا يخلو من ذلك ؟! أرقٌ ،وشّرد َ نو َ
ل عبٌر ،وفوائد ُ وشوارد ُ ،وأمثا ٌ ت ،وصوٌر و ِ ت وأبيا ٌ هنا آيا ٌ
ت فيها عصارة ما وصل إليه اللمعون ؛ من ص ،سكب ُ وقص ٌ
ة
س الحزين ِ ب المفجوِع ،والروِح المنهكةِ ،والنف ِ دواٍء للقل ِ
البائسةِ .
ل واهدأ .بل شر واسعد ْ ،وتفاَء ْ ل لك :أب ِ ب يقو ُ هذا الكتا ُ
ة. ة رضّية بهيج ً ش الحياة كما هي ،طيب ً ع ِ لِ : يقو ُ
ح لك أخطاء مخالفةِ الفطرة ،في ح ُ ب يص ّ هذا الكتا ٌ
ن. ن والمكا ِ س ،والشياِء ،والزما ِ ن والنا ِ ل مع السن ِ التعام ِ
إنه ينهاك نهيا ً جازما ً عن الصرارِ على مصادمةِ الحيا ِ
ة
ض الدليل ،بل ج ورف ِ ومعاكسةِ القضاِء ،ومخاصمةِ المنه ِ
ف سك ،ومن أطرا ِ ب من أقطارِ نف ِ ن قري ٍ ُيناديك من مكا ٍ
رك ،وتثق بمعطياِتك وتستثمر ن مصي ِ س ِح ْ نل ُ حك أن تطمئ ّ ُرو ِ
ش ،وغصص العمرِ وأتعاب ت العي ِ مواهبك ،وتنسى منّغصا ِ
المسيرةِ .
مة في أوله : وأريد ُ التنبيه على مسائل ها ّ
ل تحزن
4
ب السعادةِ والهدوِء ن المقصد من الكتاب جل ْ ُ الولى :أ ّ
ل ل والتفاؤ ِ ب الم ِ ح با ِ والسكينة وانشراح الصدرِ ،وفت ُ
ل الزاهرِ . والفرج والمستقب ِ
ن ل عليه ،وحس ِ وهو تذكيٌر برحمة اللهِ وغفران ِهِ ،والتوك ّ ِ
ش في حدودِ ن بالقضاِء والقدرِ ،والعي ِ ن بهِ ،واليما ِ الظ ّ
ق على المستقبل ،وتذك ّرِ ن ِعَم ِ الله . ك القل ِ اليوم ِ ،وتر ِ
م ،والحزن والسى ، م والغ ّ ة لطردِ اله ّ الّثانية :وهو محاول ٌ
س، ق الصدرِ والنهيارِ واليأ ِ ب ،وضي ِ ضطرا ِ ق وال ْ والقل ِ
ط. ط والحبا ِ والقنو ِ
ل ،ومن ن التنزي ِ ك الموضوِع م ْ ت فيه ما يدوُر في فل ِ الثالثة :جمع ُ
ص كلم المعصوم ِ ، ومن المثلةِ الشاردة ،والقص ِ
ه الحكماُء والطباُء ت المؤّثرةِ ،وما قال ُ المعبرةِ ،والبيا ِ
ن ب الماِثلة والبراهي ِ س من التجار ِ والدباُء ،وفيه قب ٌ
الساطعة ،والكلمةِ الجاد ّةِ وليس وعظا ً مجردا ً ،ول ترفا ً
ل ة من أج ِ ح ٌ مل ِ ّفكري ّا ً ،ول طرحا ً سياسيا ً ؛ بل هو دعوةٌ ُ
سعادِتك .
ت فيه المشاعر ب للمسلم وغيره ،فراعي ُ الرابعة :هذا الكتا ُ
ي س النسانيةِ ؛ آخذا ً في العتبار المنهج الربان ّ ومنافذ النف ِ
رة . ن الفط ِ الصحيح ،وهو دي ُ
ت عن شرقيين الخامسةِ :سوف تجد ُ في الكتاب ُنقول ٍ
ة ى في ذلك ؛ فالحكمة ضال ُ ّ
وغربّيين ،ولعله ل تثريب عل ّ
ن ،أّنى وجدها فهو أحقّ بها . المؤم ِ
ل للكتاب حواشي ،تخفيفا ً للقارئ السادسة :لم أجع ْ
ت وتسهيل ً له ،لتكون قراءاته مستمّرة ً وفكُره متصل ً .وجعل ُ
ل الكتاب . ل في أص ِ المرجع مع النق ِ
ن ل رقم الصفحةِ ول الجزِء ،مقتديا ً بم ْ السابعةِ :لم أنق ْ
ف، ل بتصّر ٍ سبق في ذلك ؛ ورأيُته أنفع وأسهل ،فحينا ً أنق ُ
ب أو المقالةِ . ص ،أو بما فهمُته من الكتا ِ وحينا ً بالن ّ
ل، ب ول على الفصو ِ ب هذا الكتاب على البوا ِ ة:لم أرت ْالثامن ِ
ل ت ،وأنتق ُ ل بين الِفقرا ِ طرح ،فرّبما أداخ ُ ت فيه ال ّ وإنما نوع ُ
ل تحزن
5
ت ،ليكون أمتع ث بعد صفحا ٍ ث إلى آخر وأعود ُ للحدي ِ ن حدي ٍ م ْ
ه وأطرف لنظرهِ . للقارئ وألذ ّ ل ُ
ن كان ْ التاسعِة :لم أ ُ
ج الحاديث ؛ فإ ْ ِ تخري أو ت
ِ اليا ِ م بأرقا ل ِ ط
ت ً ً
ه ،وإن كان صحيحا أو حسنا ذكر ُ ف بّينت ُ ُ ث فيه ضع ٌ الحدي ُ
ت .وهذا كّله طلبا ً للختصار ،وُبعدا ً عن التكراِر ذلك أو سك ّ
س ع بما لم ُيعط كلب ِ ل )) ،والمتشب ّ ُ والكثارِ والمل ِ
ر (( . ي ُزو ٍ
ثوب ْ
ظ القارئُ تكرارا ً لبعض المعاني في قوالب العاشرة :ربما يْلح ُ
ت هذا ت ذلك وتعمد ُ شّتى ،وأساليب متنوعةٍ ،وأنا قصد ُ
ةح ،وترسخ المعلوم ُ الصنيع لتثبت الفكرة ُ بأكثر من طر ٍ
ل ،ومن يتدب ّرِ القرآن يجد ْ ذلك . بغزارةِ النق ِ
دمها لمن أراد أن يقرأ هذا الكتاب ة ،أق ّ تلك عشرةٌ كامل ٌ
دقا ً في الخبرِ ،وعدل ً في ل هذا الكتاب ص ْ ،وعسى أن يحم ّ
ل ،ويقينا ً في المعرفةِ ،وسدادا ً الحكم ،وإنصافا ً في القو ِ
ي ،ونورا ً في البصيرة . في الرأ ِ
ل ،ولم ب فيه الجميع ،وأتكلم ،فيه للك ّ إنني أخاط ُ
ة متحّيزة ً ،أو ة ،أو جيل ً بعينهِ ،أو فئ ً ص ً ة خا ّ صد ْ به طائف ً أق ِ
ن يحيا حياة سعيدة ً . ل من أراد أ ْ بلدا ً بذاتهِ ،بل هو لك ّ
ه
ت في ِ ورصع ُ س
ُيضيءُ بل شم ٍ
هسحت ُ ٌ ُحتىهُ ترك
الدّّرفعينا ويسري بل قمر
ر وللهْ دّر الّرم ْ ِ
ش
ن مهن ّدٌوالجبي ُ د والحوْر والجي ِ
*****************************************
ل تحزن
6
يــا الله
و ه ُ م و ي لّ ُ ك ض ر ت واْل َ وا ما س ال في ِ من ه ُ ل ﴿ يسأ َ
َ ْ ٍ َ ْ ِ َ ِ َ َ ّ َ ُ َ ْ
ن ﴾ :إذا اضطرب البحرُ ،وهاج الموجُ ،وهبّت ْ في َ
شأ ٍ ِ
الريحُ ،نادى أصحابُ السفينةِ :يا الله.
إذا ضلّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن
القافلة في السيرِ ،نادوا :يا الله. ُ الطريق ،وحارتِ ِ
الكارثة ،
ُ وحلتِ النكبةُ وجثمتِ ّ إذا وقعت المصيبةُ ،
نادى المصابُ المنكوبُ :يا الله.
سدلتِ الستور وأ ِ البواب أمام الطالبين ُ ، ُ وصدت
ِ إذا أُ
في وجوهِ السائلين ،صاحوا :يا الله .
وتقطعت ّ ُ المال ِ وانتهت إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبلُ
الحبال ،نادوا :يا الله. ُ
رحبتْ وضاقتْ عليك نفسُك إذا ضاقتْ عليك الرضُ بما ُ
بما حملتْ ،فاهتفْ :يا الله.
الخالص ،والهاتف ُ م الطيبُ ،والدعاءُ إليه يصعدُ الكلِ ُ
ه. مع البريءُ ،والتفجّع الوالِ ُ ادق ،والدّ ُ ُ ّ الص
السحارِ ،واليادي في الحاجات ، ْ ف في مد الكُ ّ إليه تُ ّ
ات ،والسئلةُ في الحوادث. م ِ والعينُ في المل ّ
باسمه تشدو اللسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكره ِ
وتهدأ المشاعر وتبرد ُ تطمئن القلوبُ وتسكنُ الرواحُ ، ّ
ف طي ٌ ه لَ ِ د ،ويستقرّ اليقينُ ﴿ ،الل ّ ُ ش ُ الر ْالعصابُ ،ويثوبُ ّ
ه﴾ عَباِد ِ بِ ِ
وأجمل الحروفِ ،وأصدق ُ الله :أحسنُ السماءِ
مي ّا ً ﴾ ؟! . س ِ ه َ م لَ ُ عل َ ُ ل تَ ْه ْ الكلماتَ ﴿ ، ِ العبارات ،وأثمنُ ِ
صرة ،والعز ُ ّ والن الله :فإذا الغنى والبقاءُ ،والقوةُ ُ
د
ح ِ وا ِ ه ال ْ َ م ل ِل ّ ِ و َ ك ال ْي َ ْ مل ْ ُن ال ْ ُ م ِ ة ﴿ ،لّ َ م ُ
ك َ والح ْ
ِ والقدرةُ
ر﴾ . ها ِ ق ّ ال ْ َ
ث والمددُ ،والوُد والعناية ،والغوْ ُ ُ الله :فإذا اللطفُ
ه﴾ . ن الل ّ ِ م َ ف ِ ة َ م ٍ ع َ من ن ّ ْ كم ّ ما ب ِ ُ و َ والحسان َ ﴿ ،
ل تحزن
7
الجلل والعظمةِ ،والهيبةِ والجبروتِ. ِ الله :ذو
اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ،وجزاء الحزنِ سرورا
بثلج اليقينِ ،
ِ لعج القلبِ أمنًا .اللهم أبردْ ِ
،وعند الخوفِ ْ
اليمان .
ِ ِ بماء جمر الرواحِ ْ ئ
وأطف ْ
اهرة نُعاسا ً أمنةً منك ، ِ يا ربّ ،ألق على العيونِ السّ
فتحا قريباً .يا رب ً طربة سكينة ،وأثبْها
ِ ْ المض وعلى النفوسِ
ك ،وضُلّل المناهجِ إلى اهد حيارى البصائرْ إلى نورِ ْ ِ
صراطكْ ،والزائغين عن السبيل إلى هداك .
اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور ،وأزهق
بمدد من
ٍ لق من الحقّ ،وردّ كيد الشيطانِ بفي ٍ
باطل الضّمائرِ ْ
جنود عوِْنك مُسوّمين. ِ
الهم ،واطردْ من ّ اللهم أذهبْ عنّا الحزن ،وأزلْ عنا
نفوسنا القلق.
ِ
ف إل منْك ،والركونِ إل إليك ، نعوذ بك من الخوْ ِ
ُ
والتوكلِ إل عليك ،والسؤالِ إل منك ،والستعانِة إل بك ،
أنت وليّنا ،نعم المولى ونعم النصير.
***************************************
كن سعيدا ً
–اليمان والعمل الصالح هما سر حياتك الطيبة ،فاحرص
عليهما .
–اطلب العلم والمعرفة ،وعليك بالقراءة فإنها تذهب الهم .
–جدد التوبة واهجر المعاصي ؛ لنها تنغص عليك الحياة .
–عليك بقراءة القرآن متدبرا ً ،وأكثر من ذكر الله دائما ً .
–أحسن إلى الناس بأنواع الحسان ينشرح صدرك .
–كن شجاعا ً ل وجل ً خائفا ً ،فالشجاع منشرح الصدر .
–طهر قلبك من الحسد والحقد والدغل والغش وكل مرض .
–اترك فضول النظر والكلم والستماع والمخالطة والكل
والنوم .
س همومك وأحزانك . –انهمك في عمل مثمر تن َ
–عش في حدود يومك وانس الماضي والمستقبل .
ل تحزن
8
–انظر إلى من هو دونك في الصورة والرزق والعافية
ونحوها .
در أسوأ الحتمال ثم تعامل معه لو وقع . –ق ّ
–ل تطاوع ذهنك في الذهاب وراء الخيالت المخيفة والفكار
السيئة .
–ل تغضب ،واصبر واكظم واحلم وسامح ؛ فالعمر قصير .
–ل تتوقع زوال النعم وحلول النقم ،بل على الله توكل .
ط المشكلة حجمها الطبيعي ول تضخم الحوادث . –أع ِ
–تخلص من عقدة المؤامرة وانتظار المكاره .
سط الحياة واهجر الترف ،ففضول العيش شغل ، –ب ّ
ورفاهية الجسم عذاب للروح .
–قارن بين النعم التي عندك والمصائب التي حلت بك لتجد
الرباح أعظم من الخسائر .
–القوال السيئة التي قيلت فيك لن تضرك ،بل تضر صاحبها
فل تفكر فيها .
–صحح تفكيرك ،ففكر في النعم والنجاح والفضيلة .
–ل تنتظر شكرا ً من أحد ،فليس لك على أحد حق ،وافعل
الحسان لوجه الله فحسب .
–حدد مشروعا ً نافعا ً لك ،وفكر فيه وتشاغل به لتنسى
همومك .
–احسم عملك في الحال ول تؤخر عمل اليوم إلى غد .
–تعلم العمل النافع الذي يناسبك ،واعمل العمل المفيد
الذي ترتاح إليه .
–فكر في نعم الله عليك ،وتحدث بها واشكر الله عليها .
–اقنع بما آتاك الله من صحة ومال وأهل وعمل .
–تعامل مع القريب والبعيد برؤية المحاسن وغض الطرف
عن المعائب .
–تغافل عن الزلت والشائعات وتتبع السقطات وأخبار
الناس .
ل تحزن
9
–عليك بالمشي والرياضة والهتمام بصحتك ؛ فالعقل
السليم في الجسم السليم .
–ادع الله دائما ً بالعفو والعافية وصالح الحال والسلمة .
*****************************
فكر واشكر
مرُك من المعنى :أن تذكر نِعم اللهِ عليك فإذا هي تغْ ُ
ه لَ ة الل ّ ِ م َ ع َ دوا ْ ن ِ ْ ع ّ وِإن ت َ ُ فوقك ومن تحتِ قدميْك ﴿ َ ِ
وكساء ،
ٌ ة في بدنٍ ،أمنٌ في وطن ،غذاءٌ ح ٌ ص ّ ها ﴾ ِ صو َ ح ُ تُ ْ
الحياة وأنت ً وهواء وماءٌ ،لديك الدنيا وأنت ما تشعرُ ،تملكُ ٌ
ه َ ل تعلمُ ﴿ َ
ة﴾ عندك وَباطِن َ ً هَرةً َ ظا ِ م ُع َ م نِ َ عل َي ْك ُ ْ
غ َ سب َ َ وأ ْ َ
ي آَلء َ ويدان ورجلنِ ﴿ َ
فب ِأ ّ ِ ان ،
عينان ،ولسانٌ وشفت ِ
أن تمشي على سهلة ٌْ ن ﴾ هلْ هي مسأ ٌ
لة ما ت ُك َذَّبا ِ َرب ّك ُ َ
أقدام؟! وأنْ تعتمِد على ساقيْك ،وقد ٌ قدميْك ،وقد بُتِ ْ
رت
ق أن تنام ملء عينيك وقدْ أطار اللم سوق؟! أحقي ٌ ٌ طعتْ ُق ِ
نوم الكثيرِ؟! وأنْ تمل معدتك من الطعامِ الشهيّ وأن تكرع
عكّر عليه الطعامُ ،ونُغّص عليه البارد وهناك من ُ ِ من الماءِ
وقد عُوفيت ْ قام ؟! تفكّر في سمْعِك بأمراض وأسْ ٍ ٍ ُ راب الشّ
وقد سلمت من العمى ، ْ من الصّمم ،وتأملْ في نظرِك
ذام ،والمح والج ِ ُ دك وقد نجوْت من البرصِ وانظر إلى جِْل ِ
عقلك وقدْ أنعم عليك بحضورهِ ولم ُتفجعْ بالجنونِ والذهولِ .
ذهبا ؟! أتحبّ بيع ً ح ٍ
د وحده كجبلِ ُأ ُ ُ أتريدُ في بصرِك
سمعك وزن ثهلن فضةّ ؟! هل تشتري قصور الزهراء ِ
تقايض بيديك مقابل عقودِ اللؤلؤ ُ بلسانك فتكون أبكم؟! هلْ ِ
عميمة وأفضال ٍ والياقوتِ لتكون أقطع؟! إنك في ِنعمٍ
مغموما حزيناً كئيبا ً ً ً مهموما تدري ،تعيشُ ْ جسيمةٍ ،ولكنك ل
ئ، البارد ،والنومُ الهان ُ ُ ئ ،والماءُ ،وعندك الخبزُ الداف ُ
والعافية الوارفةُ ،تتفكرُ في المفقودِ ول تشكرُ الموجود، ُ
ة وعندك مفتاحُ السعادة ،وقناطيُر مالي ٍ
ّ تنزعجُ من خسارةٍ
ل تحزن
10
والنعم والشياءِ ،فكّرْ واشكر ِ ِ والمواهب مقنطرةٌ من الخيرِ
َ في َأن ُ
ر في نفسك ،وأهلِك فك ْ
ن﴾ ّ صُرو َ فَل ت ُب ْ ِمأ َ سك ُ ْ
ف ِ و ِ
﴿ َ
وأصدقائك ،والدنيا من حولِك ِ ،وبيتك ،وعملِك ،وعافيتِك ،
ها ﴾ . ه ثُ ّ
م ُينك ُِرون َ َ ت الل ّ ِ
م َع َ
ن نِ ْ فو َ ر ُ
ع ِ﴿ي َ ْ
*****************************************
يومك يومكَ
ب ستعيشُ ، إذا أصبحتَ فل تنتظر المساءُ ،اليوم فحسْ ُ
ه ،ول الغدُ الذي لم يأت وشر ِ
ِ أمس الذي ذهب بخيرِ ِ
ه ُ فل
ه هو نهار ُ
ُ ك شمسُه ،وأدركك إلى الآن .اليومُ الذي أظلّتْ َ
واحد ،فاجعلْ في خلدِك العيش ٌ ب ،عمرُك يومٌ يومك فحسْ ُ ُ
فيه ،حينها ل تتعثر ِ ُ وتموت لهذا اليومِ وكأنك ولدت فيهِ
وغمهِ ،وبين توقع ّ وهمهِ
ّ حياتُك بين هاجسِ الماضي
ه المرعبِ ،لليومِ فقط المخيف وزحفِ ِ ِ وشبح ِ
هِ المستقبلِ
وكدك وجدّك ،فلهذا ّ اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك ْ
بتدبر واطلعا ٍ خاشعة وتلوةً ً اليوم لبد أن تقدم صلةً ِ
سناً في وح ْ را بحضورٍ ،واتزاناً في المور ُ ، بتأمل ،وذِْك ً ٍ
واهتماما بالمظهرِ ،واعتناء ً ورضا بالمقسومِ ، ً خلق ،
ِ
بالجسمِ ،ونفعاً للخرين .
فتقسّم ساعاتِه وتجعل من ُ لليوم هذا الذي أنت فيه
دقائقه سنواتٍ ،ومن ثوانيهِ شهورا ً ،تزرعُ فيه الخيْر ،
ُتسدي فيه الجميل ،تستغفرُ فيه من الذنب ،تذكرُ فيه الرب
وسرورا ،وأمنا
ً فرحا
ً للرحيل ،تعيشُ هذا اليوم ِ ،تتهيأ
وسكينة ،ترضى فيه برزقِك ،بزوجتِك ،بأطفالِك بوظيفتك ، ً
ن
م َكن ّ و ُ ك َما آت َي ْت ُ َ خذ ْ َ ف ُ بمسْتواك ﴿ َ ببيتك ،بعلمِك ُ ، ِ
ل تحزن
12
ن ول انزعاجٍ ،ول ز ٍ ح ْ تعيش هذا اليوم بل ُ ُ ن﴾ ري َ شاك ِ ِ ال ّ
سخط ول حقدٍ ،ول حسدٍ . ٍ
إن عليك أن تكتب على لوحِ قلبك عبارةً واحدة تجعلُها
أيضا على مكتبك تقول العبارة ) :يومك يومُك( .إذا أكلت ً
المس الجاف ِ شهيًا هذا اليوم فهل يضُرّك خبزُ ّ حارًا
ّ ً خبزا
الغائب المنتظرِ . ِ الرديء ،أو خبزُ ٍ
غد
عذبا زللً هذا اليوْم ،فلماذا تحزنُ من ً إذا شربت ماءً
السن الحارّ. ِ لماء ٍ
غد ِ الجاج ،أو تهتمّ
ِ ماء أمس الملحِ ِ
فولذية صارمةٍ عارمة ٍ إنك لو صدقت مع نفسِك بإرادةٍ
لخضعتها لنظرية) :لن أعيش إلى هذا اليوْم ( .حينها
كيانك وتنمية ِ كل لحظة في هذا اليوم في بناءِ ّ تستغلّ
هذبُ ألفاظي مواهبك ،وتزكيةِ عملكُ ،فتقول :لليوم فقطْ ُأ ّ
سبًا ،أو غيبةً ،لليوم فقط حشاً ،أو ّ جرا أو فُ ْ أنطق هُ ً ُ فل
سوف أرتبُ بيتي ومكتبتي ،فل ارتباكٌ ول بعثرةٌ ،وإنما
نظام ورتابةٌ .لليوم فقط سوف أعيشُ فأعتني بنظافة ٌ
والهتمام بهندامي ،والتزانِ في ِ جسمي ،وتحسين مظهري
مشيتي وكلمي وحركاتي.
ربي ،وتأدية فأجتهد في طاعةِ ّ ُ لليوم فقطْ سأعيشُ
وجه ،والتزودِ بالنوافلِ ،وتعاهد ِ صلتي على أكملِ
فائدة ،ومطالعةِ كتاب ٍ مصحفي ،والنظرِ في كتبي ،وحفظِ
نافع .
ٍ
فأغرس في قلبي الفضيلةً وأجتث ُ فقط سأعيشُ ْ لليومِ
جب ورياءٍ ر وعُ منه شجرة الشرّ بغصونِها الشائكةِ من كِبْ ٍ
وسوء ظنّ .
ِ وغ ّ
ل وحقد ِ ٍ وحسدٍ
لليوم فقط سوف أعيشُ فأنفعُ الآخرين ،وأسدي
ل حيران ، جنازة ،أدُ ّ ً الجميلَ إلى الغير ،أعودُ مريضاً ،أشيّ ُ
ع
ج عن مكروبٍ ،أقفٌ مع مظلومٍ ،أشفع أفر ُ
ّ ُأطعمُ جائعاً ،
أرحم صغيراً ،أجِل ُ كرم عالماً ، ُ لضعيفٍ ،أواسي منكوباً ،أ
كبيراً .
ل تحزن
13
لليوم فقط سأعيشُ ؛ فيا ماضٍ ذهب وانتهى اغرب
أقف لتذكرك لحظة ُ كشمِسك ،فلن أبكي عليك ولن تراني
؛ لنك تركتنا وهجرتنا وارتحلْت عنّا ولن تعود إلينا أبد الآبدين
.
أنت في عالمِ الغيبِ فلنْ أتعامل مع الحلم ويا مستقبلُ ْ
،ولن أبيع نفسي مع الوهام ولن أتعجّلَ ميلد مفقودٍ ،لن
غدا ل شيء ؛ لنه لم يخلق ولنه لم يكن مذكوراً. ً
أروع كلمةٍ في قاموس ُ يومك أيها النسانُ
ُ يومك
السعادةِ لمن أراد الحياة في أبهى صورِها وأجملِ حُِللها.
****************************************
اتركِ المستقبلَ حتى يأ َ
تي
َ َ
ه ﴾ ل تستبقِ الحداث ، جُلو ُ ع ِست َ ْفل َ ت َ ْ ه َمُر الل ّ ِ
﴿ أَتى أ ْ
قبل تمامِهِ؟! وقطف الثمرةِ قبل النضج أتريدُ إجهاض الحملِ ْ
إن غداً مفقودٌ ل حقيقة لهُ ،ليس له وجودٌ ،ول طعمٌ ، ؟! ّ
س من مصائِِبهِ ، ول لونٌ ،فلماذا نشغلُ أنفسنا بهِ ،ونتوجّ ُ
كوارثه ،ول ندري هلْ ُيحالُ بيننا ُ ونهتمّ لحوادثهِ ،نتوقعُ
المهم أنه في ّ وحبور ؟!
ٌ وبينهُ ،أو نلقاهُ ،فإذا هو سرورٌ
د ،إن علينا أنْ ل نعبر بع َعالمِ الغيبِ لم يصلْ إلى الرضِ ْ
نقف قبل وصولِ الجسر جسرا حتى نأتيه ،ومن يدري؟ لعلّنا ِ ً
ينهار قبْل وصولِنا ،وربّما وصلنا الجسر ُ ،أو لعلّ الجسرَ
ومررنا عليه بسلمٍ.
إن إعطاء الذهنِ مساحةً أوسع للتفكيرِ في المستقبل
وفتح كتابِ الغيبِ ثم الكتواءِ بالمزعجاتِ المتوقعةِ ممقوت ِ
مذموم عقلا ً ؛ لنه مصارعة ٌ أمل ،وهو ٍ شرعا ؛ لنه طولُ ً
للظلّ .إن كثيراً من هذا العالم يتوقُع في مُستقبلهِ الجوع
والفقر والمصائبَ ،وهذا كلّه من مُقررات َ العري والمرضَ
مُر ُ ْ م ال ْ َ شي ْ َ
كم وي َأ ُقَر َف ْ عدُك ُ ُ ن يَ ِ طا ُ مدارس الشيطانِ ﴿ ال ّ ِ
ضل ً ﴾ . ف ْ و َ
ه َمن ْ ُفَرةً ّ غ ِ م ْكم ّ عد ُ ُ ه يَ ِ والل ّ ُشاء َ ح َف ِْبال ْ َ
ل تحزن
14
غدا،
ً كثيرٌ همْ الذين يبكون ؛ لنهم سوف يجوعون
وسوف يمرضون بعد سنةٍ ،وسوف ينتهي العالمُ بعد مائة
عام .إنّ الذي عمرُه في يد غيره ل ينبغي لهُ أن يراهن على
له الشتغال العدم ،والذي ل يدرِي متى يموتُ ل يجوزُ ُ
ٍ
بشيء مفقودٍ ل حقيقة له. ٍ
اترك غداً حتى يأتيك ،ل تسأل عن أخبارِه ،ل تنتظر
زحوفه ،لنك مشغولٌ باليوم.
نقدا ليقضوهً وإن تعجبْ فعجبٌ هؤلء يقترضون الهمّ
نسيئةً في يومٍ لم تُشرق شمسُه ولم ير النور ،فحذار من
طولِ الأملِ .
****************************************
كيف تواجه النقد الآثم ؟
السخفاءُ سب ّوا الخالق الرّازق جلّ في عله ، ّ ُ قعاء ّ الر
وشتموا الواحد الحد ل إله إلا هو ،فماذا أتوقعُ أنا وأنت
ونحن أهل الحيف والخطأ ،إنك سوف تواجهُ في حياتِك ُ
المر ،ومن ّ قد الآ ِ
ثم وسا ل هوادة فيها من النّ ِ ُ با! ضرُ حر ً
ْ
دة مادامالتحطيم المدروسِ المقصودِ ،ومن الهانةِ المتعمّ ِ
وتلمع ،ولن يسكت هؤلء ُ وتؤثر وتسطعُ ُ أنك ُتعطي وتبني
نفقا في الرضِ أو سلماً في السماءِ فتفر ً عنك حتى تتخذ
فانتظر منهمْ ما يسوؤك ْ منهم ،أما وأنت بين أظهرِهِ ْ
م
ويدمي مقلتك ،ويقضّ مضجعك. ويُبكي عينك ُ ،
إن الجالس على الرضِ ل يسقطُ ،والناسُ ل يرفسون
هم صلحاً ،أو قتَ ْ كلباً ميتاً ،لكنهم يغضبون عليك لنك ُف ْ
علما ،أو أدباً ،أو مالا ً ،فأنت عندهُم مُذنبٌ ل توبة لك حتى ً
صفات الحمد
ِ الله عليك ،وتنخلع من كلّ ِ تترك مواهبك ونِعَ َ
م
غبيا ،صفرا ،وتنسلخ من كلّ معاني النبلِ ،وتبقى بليداً ! ّ
إذا فاصمد لكلم بالضبط ً .ِ ه
مكدودا ،هذا ما يريدون ُ ً محطماً ،
ّ
حدٌ (( وكن هم )) أثبتْ ُأ ُ م وتحقيرِ ْ هؤلءِ ونقدهمْ وتشويهِِه ْ
ات البردِ لتثبت كالصخرةِ الصامتةِ المهيبةِ تتكسرُ عليها حبّ ُ
ل تحزن
15
وجودها وقُدرتها على البقاءِ .إنك إنْ أصغيت لكلمِ هؤلء
حياتك وتكدير ِ وتفاعلت به حققت أمنيتهُم الغالية في تعكيرِ
فح الجميل ،أل فأعرضْ عنهمْ ول تك عمرك ،أل فاصفح الصّ ْ
في ضيقٍ مما يمكرون .إن نقدهمُ السخيف ترجمةٌ محترمة
ثم المفتعلُ . وزنك يكُون النقدُ الآ ُ ِ لك ،وبقدرِ
لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلءِ ،ولنْ تستطيع أن إنك ْ
تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيعُ أن تدفن نقدهُم وتجنّيهم
ق ْ
ل م!ُ ﴿ . لقواله ِ
ِ طراحك بتجافيك لهم ،وإهمالك لشأنهمْ ،وا ّ
تصب في أفواهِِهم ّ م ﴾ بل تستطيعُ ْ
أن موُتوا ْ ب ِ َ
غي ْظِك ُ ْ ُ
محاسنك وتقويم اعوجاجِك . ِ بزيادة فضائلك وتربيةِ ِ الخرَد َ
ل ْ
إن كنت تُريد أن تكون مقبولا ً عند الجميع ،محبوباً لدى الكل ْ
وأملت ّ فقد طلبت مستحيلا ً ْ ،سليماً من العيوبِ عند العالمِ ،
بعيدا .
ً أملا ً
************************************************
شكرا من أحدٍ
ً ل تنتظرْ
ليذكروه ورزق اللهُ الخليقة ليشكروهُ ، ُ خلق اللهُ العباد
فعبد الكثيرُ غيره ،وشكرَ الغالبُ سواه ،لنّ طبيعة الجحود
النعم غالبةٌ على النفوس ،فل ران ِّ والنكران والجفاءِ وكُ ْ
ف ِ
دم إذا وجدت هؤلءِ قد كفروا جميلك ،وأحرقوا ص ْ ُت ْ
إحسانك ،ونسوا معروفك ،بل ربما ناصبوك العِداءَ ،
ورموك بمنجنيق الحقدِ الدفين ،ل لشيءٍ إلا لنك أحسنت
من ه ِسول ُ ُ
وَر ُ
ه َ م الل ّ ُ ه ُغَنا ُن أَ ْ َ
موا ْ إ ِل ّ أ ْ ق ُ ما ن َ َ
و َ إليهمْ ﴿ َ
وطالع سجلّ العالمِ المشهود ،فإذا في فصولِه ْ ه﴾
ضل ِ ِ َ
ف ْ
به ،
وأطعمه وسقاهُ ،وأدّ ُ ُ اه وكساهُ وغذ ُ
ّ ربى ابنهُ قصة أبٍ ّ ُ
وتعب ليرتاح ،فلمّا طر ِ مه ،سهر لينام ،وجاع ليشبع ، وعل ُ ّ
لوالده كالكلبِ العقور ِ شاربُ هذا البن وقوي ساعده ،أصبح
صارخا ،عذاباً وبيلا ً .
ً ،استخفافاً ،ازدراءً ،مقتاً ،عقوقاً
ل تحزن
16
هم عند منكوسي أل فليهدأ الذين احترقت أوراقُ جميلِ ْ
المثوبة عند ِ الرادات ،وليهنؤوا بعوضِ ِ طر ،ومحطّمي الفِ ِ
خزائنه .ُ من ل تنفد ُ
الجميل ،وعدم ِ الحار ل يدعوك لتركِ ّ إن هذا الخطاب
الحسانِ للغير ،وإنما يوطُّنك على انتظار الجحودِ ،والتنكر
والحسان ،فل تبتئس بما كانوا يصنعون. ِ لهذا الجميلِ
ثم ل الله ؛ لنك الفائزُ على كل حالٍ ّ ، ِ وجهِ اعمل الخير ِل ْ
واحمد الله ِ ط من غمطك ،ول جحودُ من جحدك ، غم ُيضرك ْ
مالنك المحسنُ ،واليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى ﴿ إ ِن ّ َ
كورا ً ﴾ وَل ُ
ش ُ جَزاء َ م َ منك ُ ْ ريدُ ِ ه َل ن ُ ِ ه الل ّ ِ ج ِ و ْ م لِ َمك ُ ْ
ع ُ ن ُطْ ِ
.
الجحود عند ِ وقد ذُهِل كثيرٌ من العقلءِ من جبلّةِ
الغوغاءِ ،وكأنهمْ ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على ْ
عَنا إ َِلى ُ َ
ه
س ُ م ّ ضّر ّ م ي َدْ ُ مّر ك َأن ل ّ ْ وتمرده ﴿ َ
ُ وهالصنف عت ّ
ن ﴾ ل ُتفاجأ إذا مُلو َ ع َ كاُنوا ْ ي َ ْ ما َ ن َ في َ ر ِ س ِ م ْ ن ل ِل ْ ُ ك ُزي ّ َ ك َذَل ِ َ
قلما فكتب به هجاءك ،أو منحت جافياً عصا ً أهديت بليداً
غنمه ،فشجّ بها رأسك ،هذا هو ِ يتوكأ عليها ويهشّ بها على
الجحود مع باريها ِ المحنطةِ في كفنِ ّ الصلُ عند هذهِ البشريةِ
جل في عله ،فكيف بها معي ومعك ؟! . ّ
****************************************
الحسانُ إلى الخرين انشراحٌ للصدر
ه.
كطعم ِ
ِ ه ،والخيرُ كاسمهِ ،والمعروفُ كرسمِ ِِ الجميلُ
اس همُ المتفضّلون بهذا ِ أولُ المستفيدين من إسعادِ ّ
الن
وأخلقهم ،
ِ م،السعاد ،يجنون ثمرتهُ عاجلً في نفوسهِ ْ ِ
هم ،فيجدون النشراح والنبساط ،والهدوء وضمائرِ ِ
ِ
والسكينة.
فامنح غيرك
ْ م أو ألمّ بك غمّ فإذا طاف بك طائفٌ من ه ّ
أعط محروما ً ،
ِ والراحة.
ّ له جميلا ً تجدِ الفرج
وأسد ُ ِ ً معروفا
ل تحزن
17
د مريضا ً ، مكروبا ،أطعمْ جائعا ً ،عِ ْ ً انصر مظلوما ً ،أنقِ ْ
ذ
يديك ومنْ خلفِك. تجد السعادة تغمرُك من بين ْ ِ أعن منكوباً ، ْ
فعل الخيرِ كالطيب ينفعُ حاملهُ وبائعه ومشتريهُ ، َ إنّ
وعوائد الخيرِ النفسيّة عقاقيرُ مباركةٌ تصرفُ في صيدلية ُ
بالبر والحسان . ّ رت قلوبُهم م ْ الذي عُ ِ
الخلق صدقة ِ إن توزيع البسماتِ المشرقةِ على فقراءِ
عالم القيمِ )) ولو أن تلقى أخاك بوجهِ طلْق ِ جارية في ٌ
ضروس على الخرين ل ٍ ٍ حرب ُ إعلن (( وإن عبوس الوجهِ
م الغيوبِ . يعلمُ قيامها إلا علا ّ ٌ
أثمرت دخول جنة ْ ماء من كفّ بغي لكلب عقورٍ ِ ُ شربة
غفور شكور ٌ والرض ؛ لنّ صاحب الثوابِ ُ عرضها السمواتُ ُ
حميد .
ٌ جميل ،يحبّ الجميل ،غنيٌ ٌ
م كوابيسُ الشقاءِ والفزع والخوفِ هلموا ده ْهد ُ يا منْ تُ ّ
المعروف وتشاغلوا بالخرين ،عطاءً وضيافة ِ إلى بستانِ
وخدمة وستجدون السعادة طعما ً ولونا ً ً ً وإعانة ً ومواساة
جَزى} {19إ ِّل ة تُ ْم ٍ ع َ
من ن ّ ْ عندَهُ ِ د ِ ح ٍ ما ِل َ َ و َ وذوقا ً ﴿ َ
ضى ﴾ . ف ي َْر َ و َ س ْ ول َ َ
عَلى}َ {20 ه اْل َ ْ ه َرب ّ ِج ِ و ْغاء َ اب ْت ِ َ
*****************************************
طرد الفراغ بالعملِ
ِ ا
الفارغون في الحياةِ هم أهلُ الراجيفِ والشائعات لن
ف ﴾. وال ِ ِ ع ال ْ َ
خ َ كوُنوا ْ َ
م َ ضوا ْ ب َِأن ي َ ُ
عة ﴿ َر ُ أذهانهم موزّ ٌ
إن أخطر حالت الذهنِ يوم يفرغُ صاحبُه من العملِ ، ّ
فيبقى كالسيارةِ المسرعةِ في انحدارِ بل سائقٍ تجنحُ ذات
الشمال .
ِ اليمين وذات
والغم والفزع ّ يوم تجدُ في حياتك فراغًا فتهيّأ حينها للهمّ
ات الماضي والحاضر ملف ِ
ّ ،لن هذا الفراغ يسحبُ لك كلّ
مريج ،
ٍ الحياة فيجعلك في أمرٍ ِ والمستقبلِ من أدراج
ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمالٍ مثمرةٍ بدلا ً من هذا
ن. وانتحار بكبسولٍ مسكّ ٍ ٌ خفي ،
ّ ٌ وأد القاتل لنهُ
ِ السترخاءِ
ل تحزن
18
إن الفراغً أشبهُ بالتعذيب البطيءِ الذي يمارسُ في
ر كلّ دقيقة بوضع السجينِ تحت أنبوبٍ يقطُ ُ ِ سجون الصينِ
ِ
انتظار هذه القطراتِ ُيصابُ السجين ِ قطرة ،وفي فتراتِ ً
بالجنونِ .
محترفٌ ،وعقلك هو فريسة ِ غفلة ،والفراغُ لِ ّ
ص ٌ الراحةُ
قة لهذه الحروبِ الوهميّة . ممز ٌ
ّ
ح ،أو طالعْ ،أو اكتبْ ،صل أو اقرأ ،أو سبّ ّْ إذا قم الن ً
أو رتّب مكتبك ،أو أصلح بيتك ،أو انفعْ غيرك حتى تقضي
على الفراغِ ،وإني لك من الناصحينْ .
اذبح الفراغ بسكينِ العملِ ،ويضمن لك أطباءُ العالم ْ
ئ فحسب ، الجراء الطار ِ
ِ %50من السعادة مقابل هذا
انظر إلى الفلحين والخبازين والبنائين يغردون بالناشيد
وراحة وأنت على فراشك تمسح ٍ كالعصافيرِ في سعادةٍ
دموعك وتضطرُب لنك ملدوغٌ .
****************************************
ل تكن إمعة
تذب في الآخرين .إن هذا ل تتقمص شخصية غيرك ول ُ
هو العذاب الدائم ،وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم
وحركاتهم ،وكلمَهم ،ومواهبهم ،وظروفهم ، ِ وأصواتِهم
ف والصّلفُ ، لينصْهرُوا في شخصيّات الآخرين ،فإذا التكلّ ُ
وللذات.
ّ والحتراقُ ،والعدامُ للكيان
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورة
واحدة ،فلماذا يتفقون في المواهبِ والخلق . ٍ
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي
مثُلك في الدنيا شبيه .
أنت مختلف تماما ً عن زيد وعمرو فل تحشرْ نفسك في
سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .
س عل ِم ك ُ ّ ُ انطلق على هيئتك وسجيّتك ﴿ َ
ل أَنا ٍ قد ْ َ َ
قوا ْ
ست َب ِ ُ
فا ْها َ وّلي َ
م َ
و ُه َ
ة ُه ٌ
ج َ
و ْ ول ِك ُ ّ
ل ِ م﴾َ ﴿،ه ْ م ْ
شَرب َ ُ ّ
ل تحزن
19
ت ﴾ عشْ كما خلقت ل تغير صوتك ،ل تبدل نبرتك ، ال ْ َ
خي َْرا ِ
ل تخالف مشيتك ،هذب نفسك بالوحي ،ولكن ل تلغ
وجودك وتقتل استقللك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا
وطعمك هذا ؛ لنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ))ل يكن
أحدكم إمّعة(( .
بعالم الشجارِ :حلو
ِ إن الناس في طبائعهمْ أشبهُ ّ
وحامض ،وطويلٌ وقصيرٌ ،وهكذا فليكونوا .فإن كنت كالموز ٌ
فل تتحولْ إلى سفرجل ؛ لن جمالك وقيمتك أن تكون
ية منموزا ً ،إن اختلف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آ ٌ
يات الباري فل تجحد آياته . ِ آ
******************************
قضاء وقدر
في وَل ِ ض ر في اْل َ ِ ة ب صي م من ب صا ﴿ما أ َ
ْ ِ َ ٍ َ ِ ّ ِ َ َ َ
َ َ م إ ِّل ِ َأن ُ
ها﴾ ،جف ل أن ن ّب َْرأ َ قب ْ ِ من َ ب ّ في ك َِتا ٍ سك ُ ْ ف ِ
قل الصحف ،قضي المرُ ،كتبت المقادير ُ ﴿ ، ُ القلم ُ ،رفعتِ ُ
ه ل ََنا ﴾ ،ما أصابك لم يكن ب الل ّ ُ ما ك َت َ َ صيب ََنا إ ِل ّ َ ّلن ي ُ ِ
أخطأك لم يكنْ ِليُصيِبك . َ ِليُخطئ ِك ،وما
إن هذه العقيدة إذا رسختْ في نفسك وقرّت في
مْنحةً ،وكلّ الوقائع حنةُ ِ والم ِْ ضميرك صارتْ البليةُ عطيةً ، ِ
ب منه(( فل ص ْالله به خيرا ً ُي ِ ُ ر ِ
د جوائز وأوسمةً ))ومن يُ ِ
مالية ،أو
ٍ ب ،أو خسارةٍ يصيبُك قلقٌ من مرضٍ أو موتِ قري ٍ
بيت ،فإنّ الباري قد قدّر والقضاءُ قد حلّ ،والختيار ٍ احتراقِ
فر .هنيئا ً لهل هكذا ،والخيرةُ للهِ ،والجرُ حصل ،والذنبُ كُ ّ
المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذِ ،المعطي ،القابضِ ،
هم ي َ سأ َ ُ
ن﴾. سأُلو َ و ُ ْ ُ ْ ل َ ع ُف َ ما ي َ ْ ع ّ ل َ الباسط َ ﴿ ،ل ي ُ ْ
ولن تهدأ أعصابُك وتسكن بلبلُ نفسِك ،وتذْهب
جف القلمُ بما ّ وساوسُ صدِْرك حتى تؤمن بالقضاءِ والقدرِ ،
حسرات ،ل تظنّ أنه كان بوسعِك ٍ نفسكُ ق فل تذهبْ أنت ل ٍ
ل تحزن
20
ب ،ومَْنع أن ينْسكِ ُ س الماءِ ْ إيقاف الجدار أن ينهار ،وحبْ ُُ
الريحِ أن تهبّ ،وحفظُ الزجاج أن ينكسر ،هذا ليس بصحيح
ذ القضاءُ ، ف ُ
وين ُ
المقدور ْ ،
ُ على رغمي ورغمك ،وسوف يقعُ
فْرفل ْي َك ْ ُشاء َ من َ و َ
من َ
ؤ ِفل ْي ُ ْ
شاء َ من َف َويحلّ المكتوبُ ﴿ َ
ِ
﴾ .
خط والتذمّر استسلم للقدر قبْل أن تطوّق بجيش السّ ْ ْ
دم ،إذا الن ِ قبل أن يدهمك سيْلُ ّ والعويل ،اعترفْ بالقضاءِ ْ
بالك إذا فعلت السباب ،وبذلت الحِيل ،ثم وقع ما فليهدأ ُ
تقلْ ))لو كنت تحذرُ ،فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ،ول ُ
ل :قدّر الله أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ،ولكن قُ ْ
وما شاء فعلْ(( .
***************************************
سرا ً ﴾
ر يُ ْ
س ِ ع ال ْ ُ
ع ْ م َ
ن َ
﴿ إِ ّ
السهر
ّ ري ،وبعْ َ
د ّ الظمأ
ّ يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ ،وبعْ َ
د
د المرض عافيةٌ ،سوف يصلُ الغائبُ ،ويهتدي وبع َْ م، نو ٌ
ْ
ه َأن سى الل ّ ُ ع َ ف َفك العاني ،وينقشعُ الظلمُ ﴿ َ الضالّ ،ويُ ّ
فت ْح أ َ َ ْ
ه﴾. د ِ عن ِ ن ِ م ْ ر ّ م ٍ وأ ْ ي ِبال ْ َ ِ ْ ي َأت ِ َ
وس الجبال ، ِ ه على رؤِ بشر الليل بصبح صادق يطاردُ ُ ّ
يصلُ في ومسارب الوديةِ ،بشّر المهمومَ ِبفرجٍ مفاجئ ِ
ح البصرِ ،بشّرِ المنكوب بلطف خفيّ ، وِء ،ولمُ ِ سرعة الضّ ِْ
حانية وادعةٍ . ٍ ٍ وكف
إذا رأيت الصحراء تمتدّ وتمتدّ ،فاعلم أنّ وراءها رياضا
لل.
الظ ِ ّ خضراء وارفةّ
قطعِ .ويشتد ،فاعلمْ أنه سوف يَنْ ُ ّ إذا رأيت الحِْبل يشتدّ
ع سكينة ن ،ومع الفَزَ ِ بسمة ،ومع الخوفِ أمْ ٌ ٌ مع الدمعةِ
.
الرعاية الربانيّة َ ل ،لنّ النار ل تحرقُ إبراهيم الخلي ِ ُ
م﴾ . هي َ عَلى إ ِب َْرا ِ سَلما ً َ و َ ة ﴿ ب َْردا ً َ ذ َ
اف َحت نَ ِ
ْ َفتَ
وتَ القوي ن ،لنّ الصّ ْ م ِ ح َيم الرّ ْ ق كَلِ َ ر ُالبحر ل يُغْ ِ
ُ
ن﴾ . دي ِ ه ِ سي َ ْي َرّبي َ ع َ م ِ ن َ ق بـ ﴿ ك َّل إ ِ ّ ط َالصادق نَ َ
ل تحزن
21
علهُ ل في ُ هج ّ د ْ
به بأنه وحْ َ صاح ُ
ِ بشرَ
المعصومُ في الغارِ ّ
ن والفتُح والسكينة . معنا ؛ فنزل المْ ُ
م القاتمةِ ل ظروفِه ُ
ِ وأرّق َ
اء ِ إن عبيد ساعاتِهم الراهنةِ ،
يق والتّعاسةَ ،لنهم ل ينظرون إلا ّ إلى د والضّ َ ك َ ن إلا ّ النّ َ يرْو َ
َ
م وراء ه ْدوا أبصارَ ُ م ّ
ب .أل فلَْي ُ حسْ ُ ار َف َ جدار الغرفةِ وباب الدّ ِ
م إلى ما وراء السوارِ. ه ْ قوا أعنة أفكارِ ِ طِل ُ
ب وليُ ْ ج ِ الحُ ُ
الحال ،وأفضل ِ حال دوامُ ِ ذرعا فمن المُ ً إذا فل تضِ ْ
ق ً
ول ،والدهرُ ُقّلبٌ ،والليالي انتظار الفرجِ ،اليامُ ُد ٌ ُ العبادِة
كل يوم هو في شأنٍ ، ّ حبَالى ،والغيبُ مستورٌ ،والحكيمُ ُ
سرا ً ،إن ر يُ ْ دثُ بعد ذلك أمرا ً ،وإن مع العُسْ ِ ح ِولعل الله يُ ْ ّ
سرِ ُيسْرا ً . مع العُ ْ
*******************************
اصنع من الليمون شراباً حلواً
ل الخسائر إلى أرباحٍ ،والجاهل الذكي الريبُ يحوّ ُّ
د يجعلُ المصيبة مصيبتينِ . دي ُ
الرّعْ ِ
الرسول من مكةَ فأقامَ في المدينةِ دولةً ملت ُ طرَِد ُ
سمع التاريخِ وبصرهُ . ْ
وحبس حنَْبلَ وجلد ،فصار إمام السنة ُ ، سجن أحمدُ بنُ َ ُ
ووضع السرخسي جما ُ ، ً ً علما رج من حبسهِ خ ِ ابن تيمية فأُ ْ ُ
قهِ ،وأقعدمجلدا في الفِ ْ ً بئرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين في قعْرِ ْ
ف جامع الصول والنهاية من أشهرِ وأنفعِ كتب ابن الثيرِ فصن ّ َ
ونفي ابنُ الجوزي من بغداد ،فجوّد القراءات الحديثِ ُ ،
السبعِ ،وأصابتْ حمى الموتِ مالك بن الريبِ فأرسل
للعالمين قصيدتهُ الرائعة الذائعة التي تعدِلُ دواوين شعراء
الدولةِ العباسيةِ ،ومات أبناءُ أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم
وصفق لهاّ هل منها الجمهورُ ، بإلياذة أنْصت لها الدهرُ ،وذُ ِ
التاريخ .
ُ
ق منها ،وإذا فانظر في الجانبِ المشرِ ِ ْ إذا داهمتك داهيةٌ
ة من سُكّر ،وإذا فنَ ً ح ْفأضف إليهِ ِ
ْ هم كوب ليمونٍ ناولك أحدُ ْ
ل تحزن
22
ه الثمين واتركْ باقيه ،وإذا لدغتْك د ُجل َثعبانا فخذْ ْ
ً أهدى لك
م الحيات واق ومناعةٌ حصينة ضد سُ ّ ٍ عقربٌ فاعلم أنه مصلٌ
.
ووردا
ْ تكيف في ظرفكِ القاسي ،لتخرج لنا منهُ زهْ ً
را ّ
م﴾ . خي ٌْر ل ّك ُ ْ
و َ ه َ شْيئا ً َ
و ُ سى َأن ت َك َْر ُ
هوا ْ َ ع َ و َ
وياسميناً ﴿ َ
سجنت فرنسا قبل ثورتِها العارمةِ شاعرْين مجيديْن ْ
نافذة السجنِ .فأما ِ ومتشائما فأخرجا رأسيْهما من ً متفائلً
نظرة في النجومِ فضحك .وأما المتشائم ٌ المتفائلُ فنظر
فنظر إلى الطينِ في الشارعِ المجاور فبكى .انظرْ إلى
المحض ليس موجوداً ؛ بل ْ الوجه الآخر للمأساةِ ،لن الشرّ
جرٌ . ح وأ ْ وفْت ٌ
ومكْسبٌ َ هناك خيرٌ َ
*****************************************
عاهُ ﴾ ضطَّر إ ِ َ
ذا دَ َ م ْ ْ ل ا ب جي ي من ﴿ أَ
ُ ُ ِ ُ ّ
زع إليه المكروبُ ،ويستغيثُ به المنكوبً ، من الذي يفْ ُ
بذكرِه
ِ المخلوقات ،وتلهجُُ وتصمدُ إليه الكائناتُ ،وتسألهُ
ل هو. ه القلوب ؟ إنه اللهُ ل إله إ ّ ن وتُؤَّلُه ُ اللس ُ
ُ
ندعوه في الشدةِ والرّخاء ُ علي وعليك أن ّ ٌ وحق
ل إليه في ونتوس ُ
ّ م ِ
ات راء والضّراءِ ،ونفزعُ إليه في المُِل ّ والس ِ ّ
بابه سائلين باكين ضارعين ِ الكرباتِ وننطرحُ على عتباتِ
حل وي ُه َ فرج ُ
ُ سرعٌ ل عوُْنه ،ويُ ْ ه ويصِ ُ منيبين ،حينها يأتي مددُ ْ
ضطَّر إ ِ َ َ
ه﴾ فينجي الغريق عا ُذا دَ َ م ْ ب ال ْ ُ جي ُ من ي ُ ِ حهُ ﴿ أ ّفت ُْ
دي الضال ويه ِ
ْ ويرد الغائب ويعافي المبتلي وينصرُ المظلوم ّ
في ذا َرك ُِبوا ِ فإ ِ َ ج عن المكروبِ ﴿ َ ويفر ُ
ّ ويشفي المريض
ن﴾ . دي َ ه ال ّ ن لَ ُ صي َ خل ِ ِ م ْ ه ُ وا الل ّ َ ع ُ ك دَ َ فل ْ ِ ال ْ ُ
الهم والغمِ والحزن ِ سرُد عليك هنا أدعية إزاحةِ ولن أ ْ
ب السّّنةِ لتتعلم شريف حيلك إلى كُتُ ِ والكربِ ،ولكن أ ُ ُ
وتدعوه وترجوه ،فإن وجدْته ُ ِ وتناديه ِ فتناجيه الخطابِ معه ؛
شيء ،وإن فقدت اليمان به فقدت كلّ شيء ، ٍ وجدْت كلّ
ة فوق إن دعاءك ربّك عبادةٌ أخرى ،وطاعةٌ عظمى ثاني ٌ
ل تحزن
23
حري أن ل ّ ِ الدعاء يجيد فنّ
ُ المطلوب ،وإن عبداًِ حصولِ
إل حبلُه كل يهتم ول يغتمّ ول يقلق كل الحبال تتصرّم ّ ّ
مجيب ،يجيب ٌ البواب توصدُ إلّ بابهُ وهو قريبٌ سميعٌ ِ
المحتاج ،
ُ رك -وأنت الفقيرُ الضعيفُ يأم ُ
المضطرّ إذا دعاه ُ
عوِني تدعوه ﴿ ادْ ُ الواحد الماجدُ -بأن ََ ُ ّ القوي وهو الغنيّ
َ
ت بك الخطوب م ﴾ إذا نزلتْ بك النوازلُ ،وألَمَّ ْ ب ل َك ُ ْ ج ْ ست َ ِ أ ْ
واسأله فتْحه ْ مدده
ُ باسمهِ ،واطلبْ ِ ه ،واهتفْ بذكر ِ
ِ فالهجْْ
اسمهِ ،لتحصل على تاج ِ ه ،مرّغِ الجبين لتقديسِ ونصرَ ُ
ْ
ه لتحوز وِسام النجاةِ ، النف في طين عبوديتِ ِ ة ،وأرغم ْ الحريّ ِ
ه ،بالغ ك ،أطلقْ لسانك ،أكثرْ من طلبِ ِ يديك ،ارفع كفّيْ َ مد ْ ّ
فتحه فه ،ترقبْ ْ ط ُبابه ،انتظرْ لُ ْ
ُ ه ،ألحّ عليه ،الز ْ
م في سؤالِ ِ
ل إليه ظنك فيه ،انقطعْ إليه ،تبتّ ْ ه ،أحسنْ ّ أشد ُ باسمِ ِ ْ ،
ح.فلِ َ تبتيلا ً حتى تسعد ُ
وت ْ
**************************************
وليسعك بيتك
ه ،والفارغين دك عن الشرّ وأهلِ ِ ة :بُْع ُ لة الشرعيّةُ السنيّ ُ العُزْ ُ
َواللاهين والفوضويين ،فيجتمعُ عليك شملُك ،ويهدأ بالُك ،
طرفك
ُ الحكم ،ويسرحُ ِ د ِ
رر ذهنك بِ ُُ خاطرك ،ويجودُ ُ ويرتاحُ
لمعارف.
ِ في بستانِ ا
إن العزلة عن كلّ ما يشغلُ عن الخيرِ والطاعةِ دواء
به أطباءُ القلوبِ فنجح أّيما نجاحٍ ،وأنا أدّلك عليهِ ، جر ٌ
عزيزٌ ّ
كر ، للف ْ
تلقيح ِ ٌ واللغوِ وعن الدهماءِ ّ في العزلةِ عن الشرّ
بمولد النابةِ والتذكرِ ، ِ وإقامةٌ لناموسِ الخشيةِ ،واحتفالٌ
الممدوح في
ُ ُ والختلط ُ المحمود وإنما كان الجتماعُ
ر ،أما م والتعاونِ على الخيْ ِ ومجالس العِْل ِ
ِ معِ
والج َ
ُ الصلواتِ
بجلدك ،ابك ِ حذار ،اهربِْ والعطالة فحذارِ
ِ مجالس البطالةِ
ُ
على خطيئتك ،وأمسكْ عليك لسانك ،وليسعك بيتك ،
الختلط الهمجي حرب شعواء على النفس ،وتهديد خطير
تجالس أساطين ُ لدنيا المنِ والستقرارِ في نفسك ،لنك
ل تحزن
24
الشائعاتِ ،وأبطال الراجيفِ ،وأساتذة التبشير بالفتن
مرات قبل أنٍ سْبعَ
والكوارث والمحن ،حتى تموت كلّ يومٍ َ
خَبال ً﴾ . دوك ُ ْ
م إ ِل ّ َ ما َزا ُكم ّ جوا ْ ِ
في ُ خَر ُ
و َ يصلك الموتُ ﴿ ل َ ْ
إذا فرجائي الوحيدُ إقبالك على شانِك والنزواءُ في ً
تجد قلبك عاد ُ خير ،حينها ٍ خير أو فعلٍِ غرفتِك إلا ّ من قولِ
وقتك من الضياعٍ ،وعمرُك من الهدارِ ، ُ إليك ،فسلمَ
ولسانُك من الغيبةِ ،وقلبُك من القلقِ ،وأذنُك من الخنا
رفَ ،ومن أركب الظن ،ومن جرّب عَ َ ِ ونفسك من سوءِ ُ
فقل عليه
ْ نفسه مطايا الوهامِ ،واسترسل مع العوامِ
السلم .
ُ
*************************************
العوض من الله
إل عوّضك خيراً منه ،إذا صبرْت ل يسلبك الله شيئا ّ
ضته منهما عو ُ ّ أخذت حبيبتيه فصبر ُ ْ من ت )) سبْ َ واحتَ َ
ْ
ه من أهل الدنيا سلبت صفيّ ُ ُ الجنة(( يعني عينيه ))من
ثم احتسب عوّضُْتهُ من الجن ّة(( من فقد ابنه وصبر بُني
س على هذا المنوالِ فإن هذا د ،وقِ ْ الحمد في الخُْل ِ ِ له بَْيتُ
مجرد مثال .ُ
فل تأسفْ على مصيبة فان الذي قدّرها عنده جنة
وض وأجرٌ عظيمٌ . ٌ وع
وثوابٌ ِ
ردوْس ه بهم في الفِ ْ ينو ُ
إن أولياء الله المصابين المبتلين ّ
ر﴾ . دا ِ
قَبى ال ّ ع ْم ُ ع َ م َ
فن ِ ْ صب َْرت ُ ْ ما َ كم ب ِ َ عل َي ْ ُ م َ سل َ ٌ ﴿ َ
عوض المصيبةِ وفي ثوابها وفي وحق علينا أن ننظر في ِ
ة
م ٌ ح ر و م ه ب ر من ت وا َ ل ص م ه ي َ ل ع
َ َ
ك ِ ئ َ
لـ أو الخير ﴿ ُّ خلفها
ْ
ّ ِ ْ َ َ َ ّ ّ ٌ ِ ْ َ َ ْ
ُ
ن ﴾ هنيئاً للمصابين ،بشرى دو َ هت َ ُ
م ْ م ال ْ ُ ه ُ ك ُ وأوَلـئ ِ َ َ
للمنكوبين.
خرة خيرٌ وأبقى ُ وكنزها حقيرٌ ،والآ ُ مر الدنيا قصيرٌ إن عُ ْ
فمن أُصيب هنا كُوفِئ هناك ،ومن تعب هنا ارتاح هناك ،أما
المتعلقون بالدّنيا العاشقون لها الراكنون إليها ،فأشدّ ما
ل تحزن
25
على قلوبهم فوت حظوظ ُهم منها وتنغيصُ راحتهم فيها لنهم
المصائب وتكبرُ عندهم ُ م عليهمُ يريدونها وحدها فلذلك تعظُ ً
النكباتُ ؛ لنهمْ ينظرون تحت أقدامِهم فل يرون إلا ّ ّ
الدنيا
الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون ما فات شيٌء وأنتمُ الرابحون ،فقد بعث
وحسن وثواب ُ
ٌ وعط ٌ
ف ْ ط ٌ
ف لكم برسالةٍ بين أسطرها لُ ْ ْ
اختيار .إن على المصابِ الذي ضرب عليه سرادقُ المصيبة
ب ر لّ ُ
ه َبا ٌ سو ٍهم ب ِ ُ ب ب َي ْن َ ُر َض ِ
ف ُ أن ينظر ليرى أن النتيجة ﴿ َ
ب﴾ ،وما ذا ُ ع َه ال ْ َ قب َل ِ ِمن ِ هُرهُ ِ ظا ِو َ
ة َم ُ
ح َ
ه الّر ْ
في ِ
ه َِباطِن ُ ُ
وأجل وأعلى . ّ عند اللهِ خيرٌ وأبقى وأهنأ وأمرأُ
**************************************
اليمان هو الحياة
الشقياءُ بكلّ معاني الشقاءِ همُ المفلسون من كنوِز
ب م أبدا ً في تعاسةٍ وغض ٍ ن ،فه ْ ن ،ومن رصي َد ِ اليقي ِ اليما ِ
ة ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ ري َ عن ِذك ْ ِ ض َ عَر َ نأ ْ م ْ و َ ة﴿ َ ومهانةٍ وذل ّ ٍ
ضنكا ً ﴾ . َ
مها بغ ّ حها ويذه ُ كيها ويطهُرها ويفر ُ ل ي ُسعد ُ النفس ويز ّ
ة
ب العالمين ،ل طعم للحيا ِ ن بالله ر ّ مها وقلقها إل ّ اليما ُ وه ّ
ن. أصل ً إل ّ باليما ِ
ن الطريقة المثلى للملحدةِ إن لم يؤمنوا أن ينتحُروا إ ّ
ت ل والظلما ِ حوا أنفسهم من هذه الصارِ والغل ِ ليري ُ
ة
ن لعن ٍ عسة بل إيمان ،يا لها م ْ ن حياةِ تا ِ والدواهي ،يا لها م ْ
ب قل ّ ُون ُ َ ت بالخارجين على منهج الله في الرض ﴿ َ أبديةٍ حاق ْ
ة و َ َ ْ ْ َ َ َ ْ أَ
مّر ٍ ل َ ّ أ ه
ِ ِ ب ا نو ُ م
ِ ؤ ُ ي م
ْ ل ما
َ ك مْ ه
ُ ر َ صا
َ ْ ب أ و
َ م
ْ هُ َ ت َ د ِ ئ ف
ن للعالم ِ ن ﴾ وقد آن الوا ُ هو َ م ُ ع َم يَ ْ ه ْ غَيان ِ ِ في طُ ْ م ِ ه ْ ون َذَُر ُ
َ
ن ل إله إل ن بأ ّ ل اليما ِ ل القناعة ،وأن يؤمن ك ّ أن يقتنع ك ّ
صل بعدها ن غابرةٍ تو ّ الله بعْد َ تجربةٍ طويلةٍ شاقةٍ عب َْر ُقرو ٍ
ن ة وأ ّ ذب ٌ ة ،واللحاد ك ِ ْ ة والكفر لعن ٌ ل إلى أن الصنم خراف ٌ العْق ُ
ه الحمد ُ وهو ك ول ُ ن الله حقّ له المل ُ ل صادقون ،وأ ّ س َ الّر ُ
ل شيء قديٌر . على ك ّ
ل تحزن
26
وبقدرِ إيماِنك قوةً وضعفا ً ،حرارة ً وبرودة ً ،تكون
سعادُتك وراحُتك وطمأنينُتك .
م ْ ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ
ن م ٌ ؤ ِ و ُه َو ُ و أنَثى َ ٍ ْ ّ م َ َ ع ِن َ م ْ ﴿ َ
هم بأ َ ة ول َن َجزين ّهم أ َ
ما ن َ ِ س
َ ح
ْ ِ ُ ر
َ ج
ْ حَياةً طَي ّب َ ً َ ْ ِ َ ُ ْ ه َ حي ِي َن ّ ُفل َن ُ َْ
سهم ة هي استقراُر نفو ِ ن ﴾ وهذه الحياةُ الطيب ُ مُلو َ ع َ كاُنوا ْ ي َ ْ َ
ب باريهم ،وطهارةُ ت قلوِبهم بح ّ ن موعودِ رّبهم ،وثبا ُ س ِ ح ْ لَ ُ
ف ،وبرود ُ أعصاب ِِهم أمام رهم من أوضارِ النحرا ِ ضمائ ِ
ة قلوِبهم عند ْ وقِْع القضاِء ،ورضاهم في ث ،وسكين ُ الحواد ِ
مد ٍضوا باللهِ رب ّا ً وبالسلم دِينا ً ،وبمح ّ مواطن القدر ،لنهم ر ُ
نبيا ً ورسول ً .
*************************************
الخلية
ّ ن العسل ول تكسرِ
اج ِ
ه ،وما ُنزع من شيٍء إل ّ الرفقُ ما كان في شيٍء إل ّ زان ُ
ة على المحيا ، ة الرائق ُ ن في الخطاب ،البسم ُ شاُنه ،اللي ُ
ة يرتديها ل منسوج ٌ حل ُ ٌة عند اللقاِء ،هذه ُ ة الطيب ُ الكلم ُ
ل طّيبا ً وتصن ُ
ع ن كالنحلة تأك ُ م ِت المؤ ِ السعداُء ،وهي صفا ُ
ن الله يعطي ت على زهرةٍ ل تكسُرها ؛ ل ّ طّيبا ً ،وإذا وقع ْ
س من ن من النا ِ ف.إ ّ ق ما ل يعطي على العن ِ على الرف ِ
م البصاُر ، ص إلى طلعاِته ُ م العناقُ ،وتشخ ُ مهِ ُ ب لقدو ِ شَرئ ِ ّت ْ
ح ،لنهم محبون في م الروا ُ م الفئدةُ وتشّيعهُ ُ وتحييه ُ
كلمِهم ،في أخذهم وعطاِئهم ،في بيعِهم وشراِئهم ،في
عِهم . لقاِئهم وودا ِ
س يجيد ُه ُ النبلُء البراُر ، ن مدرو ٌ إن اكتساب الصدقاِء ف ّ
ن حضروا س،إ ْ ً ً
م محفوفون دائما وأبدا بهالةٍ من النا ِ فه ْ
ل والدعاُء . س ،وإن غابوا فالسؤا ُ شُر والن ُ فالب ِ ْ
ع ف ْق عنواُنه ﴿ :ادْ َ ٍ م دستور أخل ن هؤلِء السعداء له ْ إ ّ
َ َ
ه وةٌ ك َأن ّ ُدا َ ع َ ه َ وب َي ْن َ ُك َ ذي ب َي ْن َ َ ذا ال ّ ِ ن َ
فإ ِ َ س ُح َ يأ ْ ه َِبال ِّتي ِ
م الجّياشةِ ، طفت ِهِ ُ م يمتصون الحقاد بعا ِ م ﴾ فه ْ مي ٌ ح ِي َ ول ِ ّ َ
حهم البريِء ،يتناسون الساءة م الداِفئ ،وصْف ِ مهِ ُوحل ِ
ل تحزن
27
جة فل تل ُ ت النابي ُ م الكلما ُ مّر به ُ ويحفظون الحسان ،ت ُ
م في راحةٍ ، جعةٍ .ه ْب بعيدا ً هناك إلى غيرِ ر ْ آذانهم ،بل تذه ُ
م في سلم ن ،والمسلمون منه ُ م في أم ٍ س منه ُ والنا ُ
ه، د ِ
ه وي َ ِ ن من ِلسان ِ ِ م من سِلم المسلمو ُ )) المسل ُ
س على دماِئهم وأمواِلهم (( ه النا ُ من َ ُ ن من أ ِ والمؤم ُ
و
ف َع ُ ن قطعني وأن أ ْ ن أصل م ْ )) إن الله أمرني أ ْ
مِني (( ﴿ ُ
ن حَر َ من ظلمني وأن أعطي م ْ ع ّ
شْر هؤلء س﴾ب ّ ن الّنا ِ ع ِن َ في َعا ِ وال ْ َ ظ َ غي ْ َ ن ال ْ َ مي َكاظِ ِ وال ْ َ
َ
ل من الطمأنينةِ والسكينةِ والهدوِء . ب عاج ٍ بثوا ٍ
ب غفورٍ في ب أخرويّ كبيرٍ في جوارِ ر ّ وبشرهم بثوا ٍ
ر﴾ . د ٍقت َ ِ م ْ ك ّ مِلي ٍ
عندَ َ ق ِ صد ْ ٍد ِ ع ِق َ م ْ في َ ت ون َهَرٍ ﴿ ِ جنا ٍ
**********************************
ب﴾ ُ
لو ُ
ق ْ لا ن ِ ئمْ طَ ت ه ّ لال رْ كذ ب َ ل﴿ أَ
ُ َ ّ ِ ِ ِ ِ
ب، ن القلو ِ ة صابو ُ ب اللهِ ،والصراح ُ الصدقُ حبي ُ
ل ب أهله ،ولم يوجد ْ عم ٌ ن ،والرائد ُ ل يكذ ُ ة برها ٌ والتجرب ُ
َ
م﴾ فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ م للجرِ كالذكر ﴿ َ ح للصدرِ وأعظ ُ أشر ُ
م يدخْلها لم يدخل جنة ضهِ ،من ل ْ ه في أر ِ ه جن ّت ُ ُ وذكُرهُ سبحان ُ
الخرةِ ،وهو إنقاذ ٌ للنفس من أوصاِبها وأتعاِبها واضطراِبها ،
ع
ح .طال ْ ل فوزٍ وفل ٍ سٌر مختصٌر إلى ك ّ ل هو طريقٌ مي ّ ب ْ
هب مع اليام ِ بْلسم ُ جّر ْ دواوين الوحي لترى فوائد َ الذكرِ ،و َ
ل الشفاَء . لتنا َ
م ف والَفَزِع واله ّ ب الخو ِ ح ُ س ُ ه تنقشعُ ُ بذكره سبحان ُ
ب والغم ِ والسى . ل الك َْر ِ ح جبا ُ ن .بذكره ُتزا ُ والحز ِ
ل، ل الصي ُ ن يرتاح الذاكرون ،فهذا هو الص ُ بأ ْ ول عج َ
ش الغافلون عن ذك ِرِهِ ﴿ ب كيف يعي ُ ب الُعجا َ ج َلكن العَ َ
َ َ ت َ َ
ن﴾ . عُثو َ ن ي ُب ْ َ
ن أّيا َ عُرو َ ش ُما ي َ ْ و َ
حَياء َ غي ُْر أ ْ موا ٌ أ ْ
جع من ن شكى الرق ،وبكى من اللم ،وتف ّ يا م ْ
ف باسمه المقدس ﴿ ، ب ،هيا اهت ْ ه الخطو ُ ث ،ورمت ْ ُ الحواد ِ
مي ّا ً ﴾ . س ِه َ م لَ ُ عل َ ُ ل تَ ْ ه ْ َ
ل تحزن
28
ط خاطُرك ،يهدأ ُ قلُبك ، ره ينبس ُ بقدرِ إكثارك من ذك ِ
عله ل في ُ ح ضميرك ،لن في ذكره ج ّ سك ،يرتا ُ تسعد ُ نْف ُ
ل عليه ،والثقةِ به والعتمادِ عليه ،والرجوِع إليه معاني التوك ِ
ب إذا ن فيه ،وانتظار الفرِج مُنه ،فهو قري ٌ ن الظ ّ ،وحس ِ
ع
ل ،فاضرع ْ واخض ْ سئ َب إذا ُ عي ،سميعٌ إذا ُنوِدي ،مجي ٌ دُ ِ
ه الطيب المبارك على لساِنك توحيدا ً واخشعْ ،وَرد ّد ِ اسم ُ
وثناًء ومدحا ً ودعاًء وسؤال ً واستغفارا ً ،وسوف تجد ُ – بحول ِ ِ
ه
مه ُفآَتا ُن والسرور والنور والحبوَر ﴿ َ وقوت ِهِ – السعادة والم َ
ة﴾ . خَر ِب ال ِ ن ثَ َ
وا ِ س َح ْ
و ُب الدّن َْيا َوا َ الل ّ ُ
ه ثَ َ
*****************************
﴿ أَ
م الل ّ ُ
ه ه ُ عَلى َ
ما آَتا ُ س َ َ نا
ّ ال ن
َ دو
ُ س
ُ ح
ْ َ ي م
ْ
ه﴾ضل ِ ِ
ف ْمن َ ِ
ن الحسد خرا ً ،إ ّ من ْ حةِ تنخُر العظ َ الحسد َ كالكلةِ المل ِ َ
ث في الجسم فسادا ً ،وقد قيل :ل راحة ن يعي ُ ض مزم ٌ مر ٌ
ق ب صدي ٍ جْلبا ِ ب مظلوم ،وعدوّ في ِ م في ثو ِ لحسود فهو ظال ٌ
ه.ه ،بدأ بصاحبهِ فقت َل َ َ .وقد قالوا :لله دّر الحسدِ ما أعْد َل َ ْ
ة بي وبك ، إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسدِ رحم ً
م م اله ّ م نطع ُ دنا له ْ ن نرحم الخرين ؛ لننا بحس ِ قبل أ ْ
م دماَءنا ،ونوّزعُ نوم جفوننا على لحومنا ،ونسقي الغ ّ
الخرين .
ص م فيه .التنغي ُ ل فرنا ً ساخنا ً ثم يقتح ُ شعِ ُ ن الحاسد ي ُ ْ إ ّ
ض يوّلدها الحسد ُ لتقضي على م الحاضُر أمرا ٌ والكدُر واله ّ
م ه خاص َ سدِ أن ُ ة الحا ِ الراحةِ والحياةِ الطيبةِ الجميلةِ .بل ِي ّ ُ
شرعْ ، ل ،وأساء الدب مع ال ّ القضاَء ،واتهم الباري في العد ْ ِ
ج. ب المْنه ِ وخالف صاح َ
ض ل ُيؤجُر عليهِ صاحُبه ،ومن بلٍء ل يا للحسد من مر ٍ
مب ْت ََلى به ،وسوف يبقى هذا الحاسد ُ في حرق ٍ
ة ب عليه ال ُُيثا ُ
ح إل ّ ل ُيصال ُ س عنهم .ك ّ م النا ِ ب ِنع ُ دائمةٍ حتى يموت أو تذ ْهَ َ
ل تحزن
29
ح معه أن تتخّلى عن نعمٍ اللهِ وتتنازل عن الحاسد فالصل ُ
مواه ِِبك ،وت ُل ِْغي خصاِئصك ،ومناِقبك ،فإن فعلت ذلك
ض ،نعوذ ُ باللهِ من شّر حاسد إذا ه يرضى على مض ٍ فل َعَل ّ ُ
سام ل يقر قراره حتى ن السودِ ال ّ ح كالثعبا ِحسد ْ ،فإنه يصب ُ
ه في جسم بريٍء . ُيفرِغ َ س ّ
م ُ
سد ِ فإنه
فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ باللهِ من الحا ِ
لك بالمرصاد ِ .
***********************************
ل الحياة كما هي
اقب ِ
ة ت ،جاهم ُ ت ،كثيرة ُ التبعا ِ ة اللذا ِ ل الدنيا منغص ُ حا ُ
ت بالّنكد ِ ، خِلط ْ ت بالكدرِ ،و ُ زج ْم ِ نُ ، المحّيا ،كثيرة ُ التلوّ ِ
وأنت منها في ك ََبد .
ة ،أو صديقا ً ،أو نبيل ً ،ول مسكنا ً ولن تجد والدا ً أو زوج ً
ة إل ّ وفيه ما يكد ُّر ،وعنده ما يسوُء أحيانا ً ،فأطفئ ول وظيف ً
ص. ح قصا ٌ جوَ رأسا ً برأس ،والجرو ُ حّر شّرهِ ببردِ خي ْرِهِ ،لتن ْ ُ
ن ،والنوعين ة للضدي ِ ه لهذه الدنيا أن تكون جامع ً أراد الل ُ
ح وفسادٍ ،سروٍر ،والفريقين ،والرأيين خي ْرٍ وشرٍ ،صل ٍ
ح والسروُر في الجنةِ ، ه ،والصل ُ خي ُْر كل ّ ُن ،ثم يصفو ال َ حْز ٍ و ُ
ن في النارِ .في الحديث : معُ الشّر كله والفساد ُ والحز ُ ج َ
وي ُ ْ
ه وما ن ما فيها إل ذكُر الل ِ ة ملعو ٌ )) الدنيا ملعون ٌ
ح من ك ول تسر ْ ش واقع َ م (( فع ْ م ومتعل ٌ والهُ وعال ٌ
ك كما هي ، ل دنيا َ ت ،اقب ْل ،وحل ّقْ في عالم ِ المثاليا ِ الخيا ِ
وع نفسك لمعايشتها ومواطنِتها ،فسوف ل يصفو لك وط ّ
صْفوَ والكمال ن ال ّ ل لك فيها أمٌر ،ل ّ ب ،ول يكم ُ فيها صاح ٌ
ن صفاِتها . والتمام ليس من شأنها ول م ْ
ك ة ،وفي الحديث )) :ل يفر ُ لن تكمل لك زوج ٌ
ة إن كره منها خلقا ً رضي منها آخر (( . ن مؤمن ً مؤم ٌ
ل تحزن
30
خذ ما ح ،ونأ ُ
صف َن نسدد ونقارب ،ونعُْفوَ ون ْفينبغي أ ْ
ض الط ّْرف أحيانا ً ،ونسدد ُ سر ونغ ّسَر ،ونذر ما تع ّ
تي ّ
ل عن أمورٍ . الخطى ،ونتغاف ُ
******************************************
ء
تعّز بأهلِ البل ِ
مبتلى ؟ وهل تشاهد ُ سَرةً ،فهل ترى إل ّ ُ ة وي َ ْ من َ ً ت يَ ْ ت َل َّف ْ
معٌ ،وفي كل ة ،وعلى كل خد ّ د ْ إل ّ منكوبا ً في كل دارٍ نائح ٌ
وادٍ بنو سعد .
م من الصابرين ،فلست أنت ب ،وك ْ ن المصائ ِ مم َ ك ْ
م ل،ك ْ رك قلي ٌ ك أنت بالنسبةِ لغي ِ وحدك المصاب ،بل مصاب ُ َ
ن ب ذات اليمي ِ ض على سريره من أعوام ٍ ،يتقل ُ من مري ٍ
سقم . ح من ال ّ ن من اللم ِ ،ويصي ُ ل ،ي َئ ِ ّشما ِ وذات ال ّ
كم من محبوس مرت به سنوات ما رأى الشمس
بعينه ،وما عرف غير زنزانته .
ة
هما في مي ْعَ ِ ت أكباد ِ ل وامرأةٍ فقدا فلذا ِ م من رج ٍ ك ْ
مرِ . ن العُ ْ ب ورْيعا ِ الشبا ِ
ب. ب ومنكو ٍ مصا ٍ نو ُ دي ٍ ب وم ِ م من مكرو ٍ ك ْ
ن هذه م اليقين أ ّ عل ْ َ ن تعلم ِ آن لك أن تتعّز بهؤلِء ،وأ ْ
ح ت ،تصب ُ ن والنكبا ِ ن ،وداٌر للحزا ِ ن للمؤم ِ ج ٌ الحياة س ْ
ة على عروشها ،بينها ة بأهلها وتمسي خاوي ً القصوُر حافل ً
ل وافرة ً ، ن في عافية ،والموا ُ معٌ ،والبدا ُ ل مجت ِ م ُ ش ْ ال ّ
ق
ت والفرا ُ م فإذا الفقُر والموْ ُ م ما هي إل ّ أيا ٌ كثٌر ،ث ّ والولد ُ ُ
م ضَرب َْنا ل َك ُ ُ و َ م َ ه ْ علَنا ب ِ ِ
ف َ ْ ف َ م ك َي ْ َ ن ل َك ُ ْ وت َب َي ّ َ ض﴿ َ والمرا ُ
ن حولك ،وبمن بم مصابك طن ّ تو أن فعليك ﴾ َ
ل ثا َ م ال َ
ْ ْ
ى بالنسبة سبقك في مسيرةِ الدهرِ ،ليظهر لك أنك معاف ً
ة ،فاحمد ِ الله على ت سهل ٌ لهؤلِء ،وأنه لم يأتك إل وخزا ٌ
ن ب ما أخذ ،وتعّز بم ْ س ْ طفهِ ،واشكره على ما أبقى ،واحت ِ لُ ْ
حولك .
ه
س ِ سلى على رأ ِ ولك في الرسول قدوةٌ وقد ْ ُوضِع ال ّ
ب حتى أكل شع ِ صر في ال ّ ج وجُهه ،وحو ِ ش ّ ت قدماه و ُ مي ْ ،وأد ِ
ل تحزن
31
ض
عْر ُ مي ِ ت ثنيُته ،وُر ِ سر ْ كة ،وك ُ ِ رد من م ّ ورق الشجرِ ،وط ُ ِ
ف ،وقُِتل سبعون من أصحابهِ ،وفقد ابنه ، زوجت ِهِ الشري ُ
وأكثر بناِته في حياتهِ ،وربط الحجر على بطِنه من الجوِع ،
ه من ه الل ُ ب ،صان ُ ُ ن كاذ ٌ حُر كاهن مجنو ٌ عٌر سا ِ ه شا ِ وات ِّهم بأن ُ
ه ،وقد ْ قُِتل ص ل أعظم من ُ ه وتمحي ٌ ذلك ،وهذا بلٌء لبد ّ من ُ
ل في النارِ ، جَر موسى ووضع الخلي ُ زكرّيا ،وذ ُِبح يحيى ،وهُ ّ
مهِ ،واغتيل مُر بد ِ ضّرج عُ َ ة على هذا الطريق ف ُ وسار الئم ُ
جن الخياُر، س ِ دتْ ظهوُر الئمةِ و ُ جل ِ َي،و ُ ن ،وط ٌِعن عل ٌ عثما ُ
ْ َ َ
كم ما ي َأت ِ ُ ول َ ّ ة َ جن ّ َخُلوا ْ ال ْ َ م أن ت َدْ ُ سب ْت ُ ْ
ح ِ م َ ونكل بالبرار ﴿أ ْ
ْ
ضّراء وال ّ ساء َ م ال ْب َأ َ ه ُست ْ ُ م ّكم ّ قب ْل ِ ُمن َ وا ْ ِ خل َ ْ ن َ
ذي َ ل ال ّ ِ
مث َ ُ
ّ
زُلوا ْ﴾ . وُزل ْ ِ َ
********************************
الصلة ..الصلة
ر بصبال ْ ا نو
ُ عي
ِ َ تس ا ْ ا نوُ م آ ن ذي ّ ل ا ها ي﴿ يا أ َ
ْ
ّ ِ ِ ْ َ َ ِ َ ّ َ
صل َ ِ
ة﴾ وال ّ َ
م بتلبيبك ، ن ،وأخذ اله ّ وقك الحز ُ ف وط ّ خوْ ُ إذا داهمك ال َ
سك ،إن ن نف ُ حك ،وتطمئ ّ ب لك رو ُ م حال ً إلى الصلةِ ،تث ُ ْ فق ْ
ن
ت الحزا ِ ح مستعمرا ِ ن اللهِ باجتيا ِ ة – بأذ ِ الصلة كفيل ٌ
ب. ل الكتئا ِ والغموم ِ ،ومطاردةِ فلو ِ
ة يا ه أمٌر قال )) :أرحنا بالصل ِ كان إذا حزب َ ُ
ه. ه وبهجت َ ُ ت قُّرةَ عين ِهِ وسعادت ُ ل (( فكان ْ بل ُ
ت بهم ت إذا ضاق ْ سيُر قوم ٍ أفذاذ ٍ كان ْ ت ِ وقد طالع ُ
ب ،فزعوا إلى م الخطو ُ ت في وجوهه ُ شر ْ الضوائقُ ،وك ّ
م. مهُ ْم ُم وإراداُتهم وه ِ َ صلةٍ خاشعةٍ ،فتعود ُ لهم ُقواهُ ْ
ب ،يوم ت ل ُِتوّدى في ساعةِ الرع ِ رض ْ ف فُ ِ ن صلة الخو ِ إ ّ
ف،ت السيو ِ س على شفرا ِ ل النفو ُ م ،وتسي ُ تتطايُر الجماج ُ
ة. ل سكينةٍ صلةٌ خاشع ٌ ت وأج ّ م تثبي ٍ فإذا أعظ ُ
ل تحزن
32
ة أن ض النفسي ُ ل الذي عصفت به المرا ُ ن على الجي ِ إ ّ
ضي رّبه أوّل ً ، ه ل ِي ُْر ِف على المسجدِ ،وأن يمّرغَ جبين َ ُ يتعّر َ
ن الدمع ب ،وإل ّ فإ ّ ص ِ ب الوا ِ ه من هذا العذا ِ ولينقذ نفس ُ
ه ،وليس م أعصاب ُ ه ،والحزن سوف يحط ُ سوف يحرقُ جْفن ُ
ن إل الصلة ُ . ة تمد ّهُ بالسكينةِ والم ِ لديهِ طاق ٌ
س م ُ ت الخ ْ ل – هذهِ الصلوا ُ من أعظم ِ النعم ِ – لو كّنا نعق ُ
ة لدرجاِتنا عند رّبنا ،ثم هي ك ّ
ل يوم ٍ وليلةٍ كفارةٌ لذنوِبنا ،رفع ٌ
ب في ضنا ،تسك ُ جعٌ لمرا ِ م لمآسينا ،ودواٌء نا ِ ج عظي ٌعل ٌ
ُ
رنا مقادير زاكيةً من اليقين ،وتمل جوانحنا بالّرضا أما ضمائ ِ
ن نكدٍ إلى أولئك الذين جانبوا المسجد ،وتركوا الصلة ،فم ْ
عسا ً ن ،ومن شقاٍء إلى شقاٍء ﴿ َ
فت َ ْ ن إلى حز ٍ نكدٍ ،ومن حز ٍ
م﴾ . ه ْ مال َ ُ ل أَ ْ
ع َ ض ّ وأ َ َ م َه ْ لّ ُ
*****************************
ه
م ﴾ :فهو إخباٌر عن حال ِ ظي ٌ و كَ ِ ه َف ُن َ حْز ِ ن ال ْ ُ م َ عي َْناهُ ِ َ
بمصاِبه بفْقدِ ِولد ِهِ وحبيب ِهِ ،وأنه ابتله ُ بذلك كما ابتلهُ
ل على ه .ومجرد الخبارِ عن الشيِء ل يد ّ ه وبين َ ُ بالتفريق بين َ ُ
ل تحزن
44
ن ث عليه ،بل أمرنا أ ْ ن ه ول على المرِ به ول الح ّ استحسا ِ
ل م طوي ٌ ة وليل جِاث ٌ ة ثقيل ٌ حاب َ ٌس َه َ ن ،فإن ّ ُ نستعيذ َ باللهِ من الحز ِ
ق السائرِ إلى معالي المور . ،وعائقٌ في طري ِ
ن الدنيا غ َي ُْر محمودٍ ، حْز َ
ن ُ ك على أ ّ ب السلو ِ وأجمع أربا ُ
ة، ل وجهٍ فضيل ٌ ن بك ّ ل :الحز ُ ه قا َ إل أبا عثمان الجبريّ ،فإن ُ
ه إن ب معصيةٍ .قال :لن ُ ن بسب ِ م يك ْ ن ،ما ل ْ وزيادة ٌ للمؤم ِ
ب تمحيصا ً . ب تخصيصا ً ،فإنه ُيوج ُ لم ُيوج ْ
ض ة وبلٌء من اللهِ ،بمنزلةِ المر ِ ه محن ٌ ب أن ُل :ل َري ْ َ فُيقا ُ
ق ،فل . ل الطري ِ ه من منازِ ِ ما أن ُ م وأ ّ م والغَ ّ واله ّ
ه
ل الل ِ ح ،وسؤا ِ ك بجلب السرورِ واستدعاِء النشرا ِ فعلي َ
ة الرضّية ،وصفاَء الخاطرِ ،ورحابة ة والعيش َ الحياةَ الطيب َ
ن في الدنيا ضهم :إ ّ ل بع ُ م عاجلة ،حتى قا َ ل ،فإنها ِنع ٌ البا ِ
ة الخرةِ . ل جن َ ن لم يدخلها لم يدخ ْ ة،م ْ جن ً
ن، حد َهْ أن يشرح صدوَرنا بنورِ اليقي ِ ل وَ ْوالله المسؤو ُ
ة
ن ينقذنا من حيا ِ ويهدي قلوبنا لصراط ِهِ المستقيم ِ ،وأ ْ
ق. ك والضي ّ ِ ضن ْ ِال ّ
********************************
وقفــة
ه
ق .فإن ُ صاد ِك بهذا الدعاِء الحاّر ال ّ ن وإيا َف نح ُ هّيا نهت ْ
م ه العظي ُ ه إل الل ُ ن )) :ل إل َم والحز ِ ب واله ّ ف الك َُر ِ
ِلكش ِ
ش العظيم ِ ،ل إله ب العر ِ هر ّ الحليم ،ل إله إل الل ُ
شب العر ِ ض ور ّ ب الر ِ ت ور ّ ب السموا ِ هر ّ إل الل ُ
ت برحمتك م ل إله إل أن َ ي يا قيو ُ الكريم ِ ،يا ح ّ
ث (( .
أستغي ُ
ك أرجو ،فل تك ِْلني إلى نفسي م رحمت َ )) الله ّ
ي كّله ،ل إله إل ح لي شأن َ ن ،وأصل ْ عي ْ ِة َ ف َطْر َ
ت (( .أن َ
ل تحزن
45
مي القيو َ )) استغفُر الله الذي ل إله إل هو الح ّ
ب إليه (( . وأتو َ
ت من الظالمين ))ل إله إل أنت سبحانك إني كن ُ
(( .
ن أمِتك ، دك ،اب ُ ن عب ِ ك ،اب ُ م إني عبدُ ً )) الله ّ
ؤك ي قضا ُ لف ّ ك ،عد ْ ٌ م َي حك ُ ضف ّ دك ،ما ٍ ناصيتي بي ِ
ميت به نفسك ،أو ل اسم ٍ هو لك س ّ ،أسألك بك ّ
ه أحدا ً من خلقك ،أو ك ،أو عّلمت ُ ه في كتاب َ أنزلت ُ
ن تجعل ك،أ ْ ب عند َ استأثرت به في علم ِ الغي ِ
مي ، القرآن ربيع قلبي ،ونور صدري ،وذهاب ه ّ
وجلء حزني (( .
ن، م والحز ِ م إني أعوذُ بك من اله ّ )) الله ّ
ن ع الدي ْ ِ ن ،وضل ِ جب ْ ِ
ل وال ُ خ ِ
ل ،والب ُ ْس ِ جز والك َ َ ع ْ
وال َ
ل (( . ة الّرجا ِ وغلب ِ
ل (( . ه ونعم الوكي ُ )) حسبنا الل ُ
************************************
م
ابتس ْ
ن ،وله م للحزا ِ م للهموم ِ ومرهَ ٌ س ٌل بل ْ َ
ك المعتد ُ ح ُض ِ
ال ّ
ب ،حتى قال أبو ل القل ْ ِ جذ ِ ة في فرِح الروِح ،و َ قوةٌ عجيب ٌ
ن إجماما ً ه عنه : -إني لضحك حتى يكو َ الدرداء – رضي الل ُ
ذهك أحيانا ً حتى تبدو نواج ُ م الناس يضح ُ لقلبي .وكان أكر ُ
س ودواِئها . ك العقلِء البصراِء بداِء النف ِ ،وهذا ضح ُ
ط. ة النبسا ِ ة الراحةِ ونهاي ُ م ُوالضحك ِذروةُ النشراِح وقِ ّ
ن كثرةَ ف )) :ل ُتكثرِ الضحك ،فإ ّ ك بل إسرا ٍ ولكنه ضح ٌ
سمك في سط )) :وتب ّ ب (( .ولكنه التو ّ ت القل َ ك ُتمي ُ الضح ِ
ها ﴾ . ول ِ َق ْ من َ حكا ً ّ ضا ِ م َ س َ فت َب َ ّة (( َ ﴿ ، وجهِ أخيك صدق ٌ
ن م َمُنوا ْ ِ نآ َ ذي َ م ال ّ ِ و َ فال ْي َ ْ كَ ﴿: ل الجنةِ الضح ُ ومن نعيم ِ أه ِ
ن﴾. كو َ ح ُ ض َر يَ ْ فا ِ ال ْك ُ ّ
ل تحزن
46
ن ،وتجعُله دليل ً على س ّ ك ال ّ ح ضحو َ ب تمد ُ ت العر ُ وكان ِ
ف ،وسخاوةِ الطبِع ،وكرم ِ السجايا ، س وجودةِ الك ّ سعةِ النف ِ
ونداوةِ الخاطرِ .
رم (( : ل زهيٌر في )) هَ ِ وقا َ
هتراه ُ إذا ما جئت َ ُ ك تعطيهِ الذي كأن َ
ل في ي على الوسطيةِ متهل ّل ً
والعتدا ِ هُبن َمُ سائل َ السل أنت ن
ةأ ّ والحقيق ُ
ف س مخي ٌ ك ،فل عبو ٌ ق والسلو ِ العقائدِ والعبادات والخل ِ
ة روٍح ة لكنه جد ّ وقوٌر ،وخّف ُ ة مستمرةٌ عابث ٌ م ،ول قهقه ٌ قات ٌ
واثقةٍ .
يقول أبو تمام :
نفسي فداُء أبي ب ل كوك ُ م ِح المؤ ّ صب ُ
علي إنه ل م
المتأ ّ
م الجد ّ ّأحيانُا ً ه يج ّ فَك ِ ٌ ش
ِ
ل عي ُ ضو ويهز ُ ين ُ
وقد ْ ل
من لم يهز ِ
س، مرِ النف ِ ة على تذ ّ ض الوجهِ والعبوس علم ٌ إن انقبا َ
سَر ﴾ . وب َ َ س َ عب َ َ م َن الخاطرِ ،وتعك ّرِ المزاِج ﴿ث ُ ّ وغليا ِ
ه طْلق « . * » ولو أن تلقى أخاك بوج ٍ
ر « )) :ليس ض الخاط ِ ل أحمد أمين في » في ْ ِ يقو ُ
ل هم كذلك م فقط ،ب ْ سه ِ ْالمبتسمون للحياة أسعد َ حال ً لنف ِ
ح ل ،وأكثُر احتمال ً للمسؤوليةِ ،وأصل ُ أقدُر على العم ِ
ن بعظائم ِ الموِر ب ،والتيا ِ لمواجهةِ الشدائدِ ومعالجةِ الصعا ِ
م وتنفعُ الناس . التي تنفعهُ ْ
سب خطيرٍ ،وبين نف ٍ ل كثيرٍ أو منص ٍ ت بين ما ٍ خّير ُ لو ُ
س ؟! ل مع العبو ِ ة ،فما الما ُ ت الثاني َ راضيةٍ باسمةٍ ،لختر ُ
ل ما في الحياةِ إذا س ؟! وما ك ّ ض النف ِ ب مع انقبا ِ وما المنص ُ
ب؟! وما كان صاحُبه ضّيقا ً حرجا ً كأنه عائد ٌ من جنازة حبي ٍ
ت بيتها جحيما ً ؟! لخيٌر منها – ت وقلب ْ ل الزوجة إذا عبس ْ جما ُ
ت بيتها ل وجعل ْ ة لم تبلغْ مبلغها في الجما ِ ف مرةٍ – زوج ٌ أل َ
ة. جن ّ ً
ل تحزن
47
ة مما يعتري ت منبعث ً ة الظاهرةِ إل إذا كان ْ ة للبسم َ ول قيم َ
ة، ت باسم ٌ م والغابا ُ س ٌن من شذوذ ،فالزهُر با ِ طبيعة النسا ِ
ة. م والطيوُر كّلها باسم ٌ والبحاُر والنهاُر والسماُء والنجو ُ
ض له من طمٍع وشّر ن بطبعهِ باسما ً لول ما يعر ُ وكان النسا ُ
ة
ت الطبيع ِ ه عابسا ً ،فكان بذلك نشازا ً في نغما ِ وأنانيةٍ تجعل ُ ُ
ت ل هذا ل يرى الجمال من عبس ْ ن اج ِ المنسجعةِ ،وم ْ
ن يرى ل إنسا ٍ ة من تدّنس قلُبه ،فك ّ سه ،ول يرى الحقيق َ نف ُ
ل طيبا ً عثه ،فإذا كان العم ُ ره وبوا ِ مله وفك ْ ِ الدنيا من خلل ع ِ
ث طاهرة ً ،كان منظاُره الذي يرى به والفكُر نظيفا ً والبواع ُ
ش ت ،وإل ّ تغب ّ َ خلق ْ ة كما ُ الدنيا نقيا ً ،فرأى الدنيا جميل ً
ل شيء أسود مغبشًا. جه ،فرأى ك ّ منظاُره ،واسود ّ زجا ُ
ل شيء شقًاء ، س تستطيعُ أن تصنع من ك ّ هناك نفو ٌ
ل شيٍء سعادةً ،هناك س تستطيع أن تصنع من ك ّ ونفو ٌ
م أسود ُ ، ت ل تقعُ عيُنها إل على الخطأ ،فاليو ُ المرأةُ في البي ِ
سر ،ولن نوعا ً من الطعام ِ زاد الطاهي في ن طبقا ً ك ُ ِ ل ّ
ق في الحجرةِ ، ت على قطعةٍ من الور ِ حه ،أو لنها عثر ْ مل ْ ِ
ِ
ت ،وإذا ن في البي ِ لم ْ ب إلى ك ّ دى السبا ُ ب ،ويتع ّ ج وتس ّ فتهي ُ
ن م ْ سه وعلى َ ص على نف ِ ل ينغّ ُ ة من نارِ ،وهناك رج ٌ هو شعل ٌ
ل ن عم ٍ م ْ من كلمةٍ يسمُعها أو يؤّولها تأويل ً سّيئا ً ،أو ِ حوله ِ ،
ح ن رِب ْ ٍ سره ُ ،أو م ْ ث منه ،أو من رِب ٍْح خ ِ ث له ،أو حد َ تافِهٍ حد َ
ث ،أو نحو ذلك ،فإذا الدنيا كّلها سوداُء كان ينتظُره فلم يحد ُ
م ن حوله .هؤلء عنده ْ ره ،ثم هو يسوُّدها على م ْ في نظ ِ
ة، قدرةٌ على المبالغةِ في الشّر ،فيجعلون من الحب ّةِ قُب ّ ً
م قدرةٌ على الخيرِ ،فل ومن البذرةِ شجرةً ،وليس عنده ْ
يفرحون بما ُأوتوا ولو كثيرا ً ،ول ينعمون بما نالوا ولو عظيما ً
.
جد ّ في ن أن ي َ ِ م ،ولخيٌر للنسا ِ ن ي َُتعل ّ ُن ،وف ّ الحياة ُ ف ّ
ب في حياتهِ ،من أن يجد ّ في ح ّ ن وال ُ وضِع الزهارِ والرياحي ِ
ت جه ْ ل في جيبهِ أو في مصرِفه .ما الحياة ُ إذا وُ ّ س الما ِ تكدي ِ
ل تحزن
48
ه أيّ جهد ٍ لترقيةِ ج ْ ل ،ولم ُيو ّ ل الجهودِ فيها لجمِع الما ِ ك ّ
ل ؟! ب فيها والجما ِ جانب الرحمةِ والح ّ
ج الحياةِ ،وإنما م لمباه ِ س ل يفتحون أعينهُ ْ أكثُر النا ِ
يفتحونها للدرهم ِ والدينارِ ،يمّرون على الحديقةِ الغّناِء ،
ق ،والطيورِ المغّردةِ ،فل والزهارِ الجميلةِ ،والماِء المتدفّ ِ
ج .قد ْ كان ل ودينارٍ يخر ُ يأبهون لها ،وإنما يأبهون لدينارٍ يدخ ُ
ة للعيشةِ السعيدةِ ،فقلبوا الوضع وباعوا الديناُر وسيل ً
ن ت فينا العيو ُ كب ْ ل الدينارِ ،وقد ُر ّ العيشة السعيدة من أج ِ
ودناها أل تنظر إل ّ إلى الدينارِ . ل ،فع ّ لنظرِ الجما ِ
ن أردت س ،فإ ْ س النفس والوجه كاليأ ِ ليس يعب ّ ُ
س، ة لك وللنا ِ م فحارب اليأس .إن الفرصة سانح ً البتسا ُ
س ،فعوّد ْ عقلك تفّتح المل ، ح باُبه لك وللنا ِ ح مفتو ٌ والنجا ُ
ل. وتوّقع الخيرِ في المستقب ِ
م تبلغْ في إذا اعتقدت أنك مخلوقٌ للصغيرِ من المورِ ل ْ
الحياةِ إل الصغير ،وإذا اعتقدت أنك مخلوقٌ لعظائم ِ الموِر
مةٍ تكسُر الحدود والحواجز ،وتنفذ ُ منها إلى شعرت به ّ
ث صداقُ ذلك حاد ٌ م ْ ض السمى ،و ِ الساحةِ الفسيحةِ والغر ِ
ن دخل مسابقة مائةِ مترٍ شعر في الحياةِ الماديةِ ،فم ْ
م ب إذا هو قطعها ،ومن دخل مسابقة أربعمائ ِةِ مترٍ ل ْ بالتع ِ
س تعطيك من ن .فالنف ُ ب من المائةِ والمائتي ِ يشعْر بالتع ِ
ن ساميا ً ض .حد ّد ْ غرضك ،وليك ْ مةِ بقدرِ ما تحد ّد ُ من الغر ِ اله ّ
ل يوم ٍ ن ل عليك في ذلك ما دمت ك ّ ل ،ولك ْ صْعب المنا ِ
سها ويجعُلها تخطو إليه خطوا ً جديدا ً .إنما يصد ّ النفس ويعب ّ َ
ةة السيئ ُ ل ،والعيش ُ ن الم ِ س وفقدا ُ ن مظلم ٍ :اليأ ُ في سج ٍ
ق س ،والتشد ّ ِ ب النا ِ ث عن معاي ِ برؤيةِ الشرورِ ،والبح ِ
ت العالم ِ ل غير . ث عن سيئا ِ بالحدي ِ
ب مَر ّ ن في شيء كما ُيوفّقُ إلى ُ وليس ُيوفّقُ النسا ُ
ودهُ سعُ أفقه ،ويع ّ ل بينها ويو ّ مي ملكاتهِ الطبيعيةِ ،ويعاد ُ ين ّ
ه
ض يسعى إلي ِ خي َْر غر ٍ ه أن َ ة الصدرِ ،ويعّلم ُ سع َ ةو َ السماح َ
ن تكون ن مصدَر خيرٍ للناس بقدرِ ما يستطيعُ ،وأ ْ أن يكو َ
ل تحزن
49
ن يكون قلُبه ب والخيرِ ،وأ ْ ة للضوِء والح ّ سه شمسا ً مشعّ ً نف ُ
ل الخيرِ لكّلمن مملوءا ً عطفا ً وبرا ً وإنسانية ،وحبا ً ليصا ٍ
اتصل به .
ب عليها ، ذها التغل ّ ُ ب فيل ّ ة ترى الصعا َ س الباسم ُ النف ُ
م، ب عليها فتبس ْ م ،وتتغل ْ سم ،وتعالجها فتبس ْ تنظُرها فتب ّ
ة ل ترى صعابا ً فتخلفها ،وإذا رأْتها أكبرْتها س العابس ُ والنف ُ
ن .وما الدهُر الذي ت بلو وإذا وإ ْ متها وتعّلل ْ ته ّ واستصغر ْ
جه وتربيُته ،إنه يؤد ّ النجاح في الحياةِ ول يريد ُ يلعُنه إل مزا ُ
ل طريق أسدا ً رابضا ً ،إنه ه ،إنه يرى في ك ّ من َ ُأن يدفع ث َ
ض عن ك َن ْزٍ . ينتظُر حتى تمطَر السماُء ذهبا ً أو تنشقّ الر ُ
ب صعْ ٌ ل شيٍء َ ة ،فك ّ ب في الحياةِ أموٌر نسبي ٌ إن الصعا َ
ة عند س الصغيرةِ جدا ً ،ول صعوبة عظيم ً جدا عند النف ِ
ً
ة ة تزداد عظم ً س العظيم ُ س العظيمةِ ،وبينما النف ُ النف ِ
ب إذا بالنفوس الهزيلةِ تزداد ُ سقما ً بالفراِر صعا ِ بمغالبةِ ال ّ
ه ب العقورِ ،إذا رآك خفت من ُ ب كالكل ِ منها ،وإنما الصعا ُ
ك وعدا وراءك ،وإذا رءاك تهزأ ُ به ول تعيره ح َ ت ،ن َب َ َ وجري ْ َ
اهتماما ً وتبرقُ له عينك ،أفسح الطريق لك ،وانكمش في
ده منك . جل ِ
ر
صغَ ِ ضعَِتها و ِ س من شعوِرها ب َ ل للنف ِ م ل شيء أقت ُ ث ّ
م ل عظي ٌ ن أن يصدر عنها عم ٌ شأِنها وقل ّةِ قيمتِها ،وأنها ل يمك ُ
ضعةِ ُيفِقد ُ النسان ،ول ُينتظُر منها خيٌر كبيٌر .هذا الشعوُر بال ّ
ل ارتاب سه واليمان بقوِتها ،فإذا أقدم على عم ٍ الثقة بنف ِ
ل فيهِ . ش َ حه ،وعالجه بفتورٍ فف ِ ن نجا ِ في مقدرِته وفي إمكا ِ
ة كبرى عليها عماد ُ النجاِح في الحياةِ ، ة بالنفس فضيل ٌ الثق ُ
ن ة ،والفرقُ بينهما أ ّ وشّتان بينها وبين الغرورِ الذي ُيعد ّ رذيل ً
ف، ل وعلى الك ِب ْرِ الزائ ِ س على الخيا ِ الغرور اعتماد ُ النف ِ
ة
ل المسؤولي ِ م ِ ة بالنفس اعتماُدها على مقدرِتها على تح ّ والثق ُ
ن استعداِدها (( . ،وعلى تقويةِ ملكاِتها وتحسي ِ
يقول إيليا أبو ماضي :
ة! ل » :السماُء كئيب ٌ قا َ م يكفي ت :ابتس ْ قل ُ
« وتجّهما م في السما ! التجهّ ُ
ل تحزن
50
ت صبا وّلى ! فقل ُ ل :ال ّ قا َ ف الصّبا لن ُيرجعَ الس ُ
م
سمائي ت :ابتس ْ هْ
ل :التي كانل ُ قا ً لنفسيرما !
في ت المتص ّ صار ْ
الهوى
عهودي بعدما في ت
خان ْ أن قُّنما أطيجه الغرا ُم ِ
قلبي ،فكيف
ب واطرتها ْ م مّلك ُ ت :ابتس ْ قل ُ سما ّ!
ما متأل أتب ّ ك كّله ت عمر َ ضي ْ َ ق ّ
تهاٍع فيقارن ْ َ
صرا ل :الّتجارةُفلوْ قا َ ه! ل المسافرِ كاد يقتل ُ مث ُ
ل سلولةٍ هائ ظما لدم ،وتنُفث كلماال ّ
محتاجةٍ ْ م ٍ ة غاد أو ت ْ لهث ّ ُ ٍ
م ،ما أنت ت :ابتس ْ قل ُ ابتسمت ما ! شفائها ،فإذا د َ َ و ِ
دائها، مجرما ً بجال َ ن غيُرك أيكو ُ ..
صرت ل كأنك أنتفرّبما وج ٍ
َُ
ت في ْ ت عل حولي ُ قال :الِعدى وتبي في جرما ؟ حولي م ْ سّر والعداُءال ُ أأ َ
م مت ُهُ ْ صيحا ْ مىأج؟ ّ ح َْ منهِ ن ال
لم ت :ابتس قل ُ ل م لو لم ت َك ُ ْ
ت مْ بد ْ مه بذ ّ يطلبوك قد م قال :المواس ُ وأعظما !
في ت لي وتعّرض ْ
ض مها ٌ فر ُ أعل بي للحبا ِ وعل ّ ك دمى ُ وال ّتمل س َ
س لي
في ِ الملب
نك ّلك ّ
م
نك لز ٌ م يكفيك أ ّ ت :ابتس ْ قل ُ درهما ِ
ة ت من الحب ّ حيا ً ،ولس َ
لم تز ْ
ل ن!
رعتني قال :الليالي ج ّ معدما ْ م ُ ،ولئ ت :ابتس ْ قل ُ
علقما ً العلقما
جانبا ً وترّنما ت
الكآبةّرع َ ج
رآك ك إن ل غير َ فلع ّ ُ ط ََر َ
ح
نما ً أُتراك تغن ُ مر
م بالتب ّّر ِ
م ة
أم أنت تخسُر بالبشاش ِ
درهما ً
على يا صاِح ل خطٌر ن مغنما أ؟ ْ تتثّلما ،والوجهِ
يتح ّ
ب نَ ش أهْ ْ شفتيك ّ ن ال ك فإ ّ فاضح ْ ب طما ّ نح م ،ولذا جى متلط ِ ٌ
ك والد ةُ قال :تضح
ليسّ البشاش ُ ب ويذه ! ُ
جما الن ُ يأتي إلى الدنيا
مادام كائنا ً قلت :ابتسم ُتسعِد ُ مبعْرد ُ َ ل
بينك ن غما ْ شبٌر ،فإّنك ُ
دى ّ
صد ِْر والر ّال ح البسمةِ وطلقةِ الوجهِ ،وانشرا ِ
سما ما أحوجنا إلى تتب ّ
ن الله ب )) ،إ ّ ن الجان ِ وأريحي ّةِ ال ُ ُ
ف الروِح ولي ِ ق ،ولط ِ خل ِ
دي تواضعوا ،حتى ل يبغي أحدٌ على أح ٍ أوحى إل ّ
د (( . ول يفخر أحدٌ على أح ٍ
******************************************
ل تحزن
51
وقفــــة
شيئا ،ً فَع َ
ك بت الحزن بالمسِ فما َن َ ل تحزنْ :لنك جرّ َ
ح؟! مات والدُك فحزنت فهل ج َ ابنك فحزنتَ ،فهل َن َ ب ُ س ََر َ
عاد حيّ َا ؟! خسِرت تجارتُك فحزنت ،فهل عادتْ الخسائر َ
أرباحا؟! ً
مصائب ، َ ل تحزنْ :لنك حزنت من المصيبةِ فصارتْ
كداً ،وحزنتَ من كلم أعدائك ت نَ َ دد َ وحزنت من الفقرِ فازْ ْ َ
توقع مكروهٍ فما وقع . ّ فأعنتهمْ عليك ،وحزنْت من
زن دارٌ واسعةٌ ،ول لن ينفعك مع الحُ ْ فإنه ْ ُ تحزن : ْ ل
سام ،ول أولد ٍ حسناء ،ول مالٌ وفيرٌ ،ول منصبٌ ُ ٌ زوجة
ُنجباءُ .
علقما ً ، ن ُيريك الماءَ الزللَ ْ الحزْ َ ُ لن
ّ ل تحزنْ :
صحراء قاحلةً ،والحياة سجناً ل َ ظَلةً ،والحديقةَ حنْ َ
والوردة َ
َ
طاق .
ُ ُي
وشفتان ويدان ِ وأذنان
ِ ل تحزنْ :وأنت عندك عينانِ
البدان ﴿ : ِ وأمان وعافيةٌ في ٌ ٌ وأمن وجَن ٌ
ان ورجلن ولسانٌ َ ، ِ
َ َ
ن﴾ . ما ت ُك َذَّبا ِ ي آَلء َرب ّك ُ َ فب ِأ ّ
تأكله
ُ ه ،وخبزٌ ه ،وبيتٌ تسكُنُ ُ د ُق ُ ل تحزنْ :ولك دينٌ َتعَْت ِ
وزوجة تأوي إليها ،فلماذا ٌ سهُ ، وثوب تَْلبَ ُ ٌ تشربهُ ،
ُ ،وماءٌ
تحزن ؟! ْ
**********************************
نعمة اللم
أبدا ،فقدْ يكون ً اللم ليس مذموماً دائماً ،ول مكروها ً ُ
م.أن يتأَّل َ
للعبد ْ
ِ ً خيرا
إنّ الدعاء الحاّر يأتي مع اللمِ ،والتسبيحَ الصادق
ن التحصيلِ وحمْله لعباء م َ
م ،وتألّم الطالبِ َز َ الل َ
يصاحبُ َ
ذا ،لنهُ احترق في البدايةِ فأشرق جْهبَ ً
ثمر عالماً َ
الطلب يُ ُ
ِ
أدبا مؤثراً ومعاناته لما يقولُ ُتنتجُ
ُ وتألم الشاعرِ
ّ في النهايةِ.
ل تحزن
52
والدم فهز ِ با ،لنه انقدحَ مع اللمِ من القلبِ والعصبِ خل ً
ّ
تاجا حيّا ً ك الفئدةَ .ومعاناة الكاتبِ ُتخرجُ ِن وحر َ ّ المشاعرَ
والذكريات .
ِ ِ والصور بالعبرِِ ُ يمور جذّ ً
ابا
ذعهوالراحة ولم تلْ ْ ِ الدعةِ حياة ّ َ الطالب الذي عاشَ َ إنّ
ات ،إنّ هذا الطالبَ يبقى كسول م ُ الملِ ّ ه ُ و ِ ولم تكْ ِ ْ ات ، م ُ الَز َ
َ
ل فاتراً . مترهّ ً
ذاق المر ول تجرّع َ وإن الشاعر الذي ما عرفَ اللمَ ول ّ
وكتلً من كاما من رخيصِ الحديثِ ُ ، ً ص ،تبقى قصائدهُ ُر ص َ الغ َُ
ج من لسانهِ ولم تخرُ ْ ِ خرجتْ من َ قصائد ُ
ه َ زبدِ القولِ ،لنّ
حهُ . وجوان ُ ِ يعشْها قلبُه ه ،وتلفّظ بها فهمه ولم ِ وجدانِ ِ
حياة المؤمنين الوّلين ُ المثلة وأرفعُ : ِ وأسمى من هذهِ
وبداية البَْعثِ ، َ الملةِ ، ّ ول َ
د الرسالة ومَ ِ ِ الذين عاشوا فجْ َ
ر
لما
ع ْ وأعمقُ ِ ْ لهجةً ، إيمانا ،وأبرّ قلوباً ،وأصدقُ ْ ً فإنهم أعظمُ ُ
ر والتشريدِ ، ق ِ والمعاناة :ألمَ الجوع والفَ ْ َ ،لنهم عاشوا الََل َ
م
جر المألوفات ،وهَ ْ ِ والذى والطردِ والبعادِ ،وفراقَ
والتعذيب ،فكانوا بحق ِ الجراح ،والقتلِ ِ المرغوباتِ ،وألمَ
اة ،آياتٍ في الطهرِ ، جَتبَ َ الم ْ الصفوة الصافيةَ ،والثل ّةَ ُ
م لَ وأعلماً في النبل ،ورموزاً في التضحية ﴿ ،ذَل ِ َ َ
ه ْ ك ب ِأن ّ ُ
يصيبهم ظَمأ ٌ
ل الل ّ ِ
ه ِ ِ بي س
َ في ِ ة ٌ صَ م
َ خ
ْ م
َ َ ل و
َ ب ٌ ص َ َ ن َ ل و
َ َ ُ ِ ُ ُ ْ
وعدُ ّ ن َ م ْ ن ِ ول َ ي ََناُلو َ فاَر َ ظ ال ْك ُ ّ غي ُ طئا ً ي َ ِ و ِ م ْ ن َ ؤو َ ول َ ي َطَ ُ َ
َ ّ َ ُ
جَر عأ ْ ضي ُ ه ل َ يُ ِ ن الل َ ح إِ ّ صال ِ ٌ ل َ م ٌ ع َ ه َ هم ب ِ ِ بل ُ ن ّي ْل ً إ ِل ّ كت ِ َ
ن ﴾. سِني َ ح ِ م ْ ال ْ ُ
م ،لنهم نتاجَُه ْ قدموا أروعَ ِ وفي عالم الدنيا أناسٌ ّ
مى فأنشدَ رائعته : تألموا ،فالمتنبي وعَكَْته الحُ ّ ّ
وزائرتي كأنّ بها تزور إلّ في ُ َ فليس
حياءم للناس : المنذر بالقتلِ ،فقدّ َ ِ الظلمبنُ ُ النعمان ة خوَّفهُ والنابغ ُ
فإنك شمس َ إذا طلعتْ لم يبْ ُ
د
تألموا . ّ لنهم كواكبٌ الحياةَ ، ُ والملوك روا وكثيرٌ أولئك الذين أَْث َ منهنّ كَوكبُ
ل تحزن
53
ف من المعاناةِ ،فربما خ َ إذنْ فل تجزعْ من اللم ول تَ َ
تعش مشبوب ْ كانت قوةً لك ومتاعاً إلى حين ،فإنكَ ْ
إن ْ
أرق وأصفى من أن ّ النفس ؛ ِ وى ملذوعَ الج َ
َ َ محروق الفؤادِ
كن وَلـ ِ سَ ﴿، ف ِ الن ْ
ة خامدَ ّ م ِاله ّ
فاتر ِ َ بارد المشاعرِ َ تعيشَ
ع م َ دوا ْ َ ع ُ ق ُ لا ْ قي َ و ِ م َ ه ْ فث َب ّطَ ُ م َ عاث َ ُ
ه ْ ه انب ِ َ رهَ الل ّ ُ كَ ِ
ن﴾ دي َ ع ِ قا ِ ال ْ َ
المعاناة والسى وألمَ الفراق َ ذكرتُ بهذا شاعراً عاش
سنِ ،ذائعة الح ْ ُ قصيدة بديعةِ ٍ أنفاسه الخيرةَ في َ وهو يلفظُ
الريب ، هرة بعيدةٍ عن التكلّف والتزويق :إنه مالك بن ّ ِ ّ الش
َيرثي نفسه :
للة ت الضّ َ م َترَني ِبعْ ُ َأَل ْ ابن
ِ وأصبحتُ في جيش
ى
دك بالهُر َ
فلله دَّري يومَ ُأْت ِ بأعلى الرقمتيْن غازيَا انَبنِ ّ
ي عف َ ّ
طائعادنا
ي رحلي ً فيا صاحِبَ ْ وماليا
إني مقيمٌ لياليا برابية ّ
ٍ
فانزل
أو بَْعض الموتُ ْ َ اليوم أقيما عليّ ول ُتعجِلني قد تبيّن ما
طا بأطرافِ ليلة
السنة وخ ً ُ بيا
فضل ورّدا على عَيَْن ّ
ي ُ
مضجعي
الله ول تحسُداني بارَك ردائيا
العرْض من الرضِ ذاتِ َ ِ
فيكما وسعَا ليا أن تُ ِ ْ
ج ،والعويلِ الثاكل ، المتهد ِ
ّ ذاك الصوتِ َ إلى آخرِ
قلب هذا الشاعر ِ ْ من ثارت حمماً ْ والصرخةِ المفجوعةِ التي
المصاب في حياتهِ . ِ المفجوعِ بنفسهِ
شغافِ القلوبِ ، ل كلماتُه إلى ِ إن الوعظَ المحترقَ َتصِ ُ
م عل ِ َف َ والمعاناة ﴿ َ َ الروحِ لنه يعيشُ اللمَ وتغوص في أعماقِ ّ ُ
فْتحا ً م َ عل َيهم َ فَأنَز َ م َ في ُ ُ
ه ْ وأَثاب َ ُ ة َ ْ ِ ْ َ كين َ َ س ِ ل ال ّ ه ْ قلوب ِ ِ ما ِ
َ
ريبا ً ﴾ . ق ِ َ
ل تعذلِ المشتاق يكون حشاك َ حتى
حياةَهفيها ،ول أشواق
ِ في ل باردة
ً لشعراءَ ولكنها أحشائِه لقد رأيتُ في َ
دواوين
روح لنهمْ قالوها بل عَناء ،ونظموها في رخاء ،فجاءت
وكتل من الطينِ . ً قطعا من الثلجِ ً
ل تحزن
54
شعرة ،
ً مصنفاتٍ في الوعظِ ل تهزّ في السامعِ ّ ُ ورأيت
قة ول ر ٍ ح ْة ،لنهم يقولونَها بل ُ ذر ً
صتِ ّ المنْ ِ
ك في ُ ول تحرّ ُ
َ
ما ل َي ْ َ
س هم ّ ه ِوا ِ ف َن ب ِأ ْقوُلو َ ألم ول معاناةٍ﴿ ،ي َ ُ ٍ لوعةٍ ،ول
م﴾ . ه ْ في ُ ُ
قلوب ِ ِ ِ
رك ،فاحترقْ به أنت فإذا أردتَ أن تؤثّر بكلمِك أو بشعْ ِ
ه ،وسوفَ ترى أنك تؤثّر في وذقه وتفاعلْ مَعَ ُ ْ وتأثرْ به
ّ َقْبلُ ،
هت َزت وربت َ ذا َأنَزل َْنا َ
توأنب َت َ ْ ماء ا ْ ّ ْ َ َ َ ْ َ ها ال ْ َ عل َي ْ َ الناس َ ﴿،
فإ ِ َ
ج﴾. هي ٍ ج بَ ِ و ٍ
ل َز ْ من ك ُ ّ ِ
************************************
نعمة المعرفة
ك عل َي ْ َ ه َ ل الل ّ ِ ض ُ ف ْ ن َ كا َ و َ م َ عل َ ُ ن تَ ْ م ت َك ُ ْ ما ل َ ْ ك َ م َ عل ّ َ و َ ﴿ َ
ظيما ً ﴾ . ع ِ َ
للعمر ﴿ إ ِّني ِ ح ٌ
ق ح للحياةِ ،ومَ ْ للضمير وذَْب ٌ ِ الجهل موتٌ ُ
َ َ
ن﴾. هِلي َ جا ِ ن ال ْ َ م َ ن ِ كو َ ك أن ت َ ُ عظ ُ َ أ ِ
و َ
ود للطبعِ ﴿ ،أ َ وحياة للروحِ ،ووَُق ٌ ٌ نور البصيرة ، ٌ والعلمُ
كان ميتا ً َ َ
في ه ِ شي ب ِ ِ م ِ ه ُنورا ً ي َ ْ عل َْنا ل َ ُ ج َ و َ حي َي َْناهُ َ فأ ْ من َ َ َ ْ َ
ها ﴾ . من ْ َ ج ّ ر ٍ خا ِ س بِ َ ت ل َي ْ َ ما ِ في الظّل ُ َ ه ِ مث َل ُ ُ من ّ س كَ َ الّنا ِ
والنشراح يأتي معَ العلم ،لنّ العلمَ عثور َ َ السرور إنّ
للمستور ،ِ الة ،واكتشافٌ على الغامضِ ،وحصولٌ على الضّ ّ
رفِ . ط َ ستَ ْ والطلع على المُ ْ ِ ِ الجديد ولعةٌ بمعرفةِ م َ والنفسُ ُ
ن ،لنه حياةٌ ل جديدَ فيها ول ز ٌ وح ْمَللٌ ُ أما الجهلُ فهوَ َ ّ
كالغد .ِ أمس كاليومِ ،واليومَ ِ طريف ،و ل مستعذَبا ً ، َ
وابحث عن ْ كنت تريدُ السعادةَ فاطلبِ العلمَ َ فإنْ
الغموم والهموم ُ َ عنك وحصل الفوائدَ ،لتذهبَ ّ المعرفةِ
ْ عْلما ً ﴾ ﴿ ،ا ْ و ُ
سم ِ قَرأ ِبا ْ زدِْني ِ ب ِ قل ّر ّ والحزان َ ﴿ ، ُ
يفقهه ّ الله به خيراً ُ ق ﴾ )) .من يردِ خل َ َ ذي َ ك ال ّ ِ َرب ّ َ
ه ،وهو جاهل ه أو بجاهِ ِ بمال ِِ ٌ أحد في الدينِ (( .ول يفخرْ
وعمره ليس ُ تامةً
حياته ليستْ ّ َ ر من المعرفةِ ،فإنّ صف ٌ ْ
ل تحزن
55
ق
ح ّك ال ْ َ من َرب ّ َ ك ِ ل إ ِل َي ْ َ ز َ
ِ ما ُأن َ
م أن ّ َ عل َ ُ من ي َ ْ ف َ كاملً ﴿ :أ َ َ
مى ﴾ . ع َ و أَ ْ ه َ ن ُ م ْ كَ َ
قال الزمخشريّ :
سهري لتنقيح ل غانية ص ِ منَ َو ْ ِ
لي
ألذلحل طرَباً ّ العلومِوتمايليُ اق
وأحلىعنِمن وطي ِ
ب أشهى ِ
عويصة
على وصرير أقلمي ُ ساقي
دامةِالدّْوكاء م من أحلى ُ
أوراقها
وألذ من نقرِ الفتاة ّ اق
الرمل والعشّ نقري لُلقي
ها لدّف
يحاول ُ يا مَنْ أوراقي
ستَْغل عن مُ ْ كم بين ْ
بالماني رُْتبتي
سهران أأبيتُ راقي
بعدَ ذاك نوما وتبغي َ
وآخر ً
وتبيتهوما أثلج النفسَ بها ، الدجى اقي ،وما أفرحَ ّ المعرفة ِ لح ما أشرفَ
ن من َ َ
الصدر ببرْدها ،وما أرحبَ الخاطرَ بنزولها ﴿ ،أ َ
كا َ ف َ َ
عوا وات ّب َ ُه َ مل ِ ِ ع َ سوءُ َ ه ُ ن لَ ُ من ُزي ّ َ ه كَ َ من ّرب ّ ِ ة ّ عَلى ب َي ّن َ ٍ
َ
م﴾ . َ
ه ْ واء ُ ه َ أ ْ
***************************************
فن السرور
ه، واستقراره وهدوؤُ ُ
ُ من أعظمِ النعمِ سرورُ القلبِ ،
النتاج وابتهاجِ النفسِ ، ِ ِ وجودة ثبات الذهنِ ُ فإن في سرورهِ ّ
عرف كيفَ يجلبُه َ س ،فمنْ در ُفن يُ ّ ّ َ السرور وقالوا .إنّ
الحياة ومسار ِ ويحصل عليه ،ويحظى به استفادَ من مباهجِ ُ
يديه ومن خلفِه .والصل العيش ،والنعمِ التي من بينِ ْ ِ
الحتمال ،فل يهتزّ من ِ السرور قوةُ
ِ الصيلُ في طلبِ
للتوافهِ .وبحسب ِ للحوادث ،ول ينزعجُ ِ الزوابعِ ول يتحرّ ُ
ك
س.ف ُ وصفائهِ ُ ،تشرقُ النّ ْ ِ قوة القلبِ ِ
ع النفسِ ، وجزَ َ ف المقاومةِ َ وضْع ََ إن خَوََر الطبيعةِ
فمن عوّد نفسَه التصبّر ْ رواحلُ للهمومِ والغمومِ والحزانِ ،
الزمات .
ُ هانت عليه المزعجاتُ ،وخفّتْ عليهِ ْ والتجلّ َ
د
إذا اعتاد الفتى فأهون ما تمرّ به
ُ
خوض المنايا َ الوحول
ل تحزن
56
ة النظرةِ ، ق ،وضحالَ َ الُف ِ ق ُ ضي ُ السرور ِ ِ ومن أعداءِ
العالم وما فيه ،والله ِ ب ،ونسيانُ حسْ ُ والهتمام بالنفس فَ َ ُ
م ﴾ ،فكأن هؤلء م أن ُ َ َ
ه ْ س ُ ف ُ ه ْ مت ْ ُ ه ّ بأنهم ﴿ أ َ ْ أعداء ُ
ه َ َ وصف قد
ْ
رون في َ ن في داخلِهم ،فل يفكّ رْون الكَوْ َ القاصرينَ َي َ
للخرين .إن َ م ،ول يهتمّونَ م ،ول يعيشوَن لسواهُ ْ ه ْ غيرِ ِ
أحيانا ،ونبتعد عن ذواتِنا ً اغلَ عن أنفسِنَا أن نََتشَ َ وعليك ْ َ ي
عل ّ
وأحزاننا ،فنكسبَ أمرْين : َ سى جراحَنا وغمومَنا أزمانا لَِننْ َ ً
إسعادَ أنفسنِا ،وإسعادَ الخرين.
لجم تفكيرَك َ من الصولِ في فنّ السرورِ :أن تُ
إن تركت ت ول يهربُ ول يطيشُ ،فإنك ْ وتعصمهَ ،فل يتفلّ ُ
الحزان وقرأ ِ م ّ
لف عليك َ َ ح ،وأعادَ ف َ وط َ َ م َ
ح ج َ وشأنهُ َ َ تفكيرَ َ
ك
ك .إنّ التفكيرَ إذا شرد ك أمّ َ ولدت َْ عليك كتابَ المآسي منذُ َ
المخيف ،فزلزل َ جَر المستقبلَ أعاد لك الماضي الجريحَ وجر َ َ
فاخطمه بخطام ْ وهز كيانَك وأحرقَ مشاعرَك ، ّ أركانك ، َ
وك ّ ْ
ل وت َ َ المفيد َ ﴿ ، ِ ِ المثمر ز على العملِ الجاد المركّ ِ ّ التوج ِ
ه ّ
ت﴾ . مو ُ ذي َل ي َ ُ ي ال ّ ِ ح ّ عَلى ال ْ َ َ
ومن الصول أيضاً في دراسةِ السرورِ :أن
و ،ول نزلَها منزلتها ،فهي لهْ ٌ قيمتها ،وأنْ تُ َ َ َ الحياة ُتعطيَ
رضعة ر ومُ ِ أم الهجْ ِ والصدود ،لنها ّ َ منك إل العراضَ َ تستحقّ
هتم بها ، ن هذه صفتُها كيف يُ ّ فم ْ الفجائع ،وجالبةُ الكوارثِ َ ، ِ
دٌر ،وبرقُها خُّلبٌ ، حزن على ما فات منها .صفُوها كَ َ ُ ويُ
وسيدها
ُ ومواعيدها سرابٌ بقيِعةٍ ،مولودُها مفقودٌ ، ُ
دِرها . غ ْ بسيف َ
ِ مها مهدٌّد ،وعاشقُها مقتولٌ محسودٌ ،ومنعّ ُ
ًأَبني أَِبينا نحنُ أهل ن فيها البيْ ِ راب َ ُ غ
أبدا ُ ً
منازل
وما نبكي على الدنيا ق
فلم م الدنياَيْنعِ جمعتُْه ُ
معشر
ة ابرَ أيننْ َ
الجبَ ِ مَ
ِ قوا
يتفر فل زوا الكنوزَ ّ َكنَ ْ
ضاق نالُلى الكاسرة ْ
مُ
من كلّ َ ِ وا
لحد اه بَ ُ
ق فحَوَول حتى ثَوى َ
بقين
ه
كأن ودواَعيْ ِ
ش اء بِ ضنُ ُ إذا َ سالفَ ر ٌ خ ْ ُ ق
لل ضيّ َ حَ أن الكلمَ لهم َ ّ
لم يعلمُوا ْ مطلَق ُ
ل تحزن
57
م والحِْلم بالتعل ِ ّ العلم
ُ وفي الحديثِ )) :إنما
م (( . بالتحل ِ
ّ
باصطناعه واجتلب ِ الداب :وإنما السرورُ ِ وفي فنّ
بوادره ،حتى يكونَ طبْعا ِ وتكل ِ
ف ّ أسبابهِ ، ِ مِتهِ ،واقتناصِ س َ َب ْ
.
م. ر والتبرّ َ والتذم َ ّ الدنيا ل تستحقّ منا العبوسَ إن الحياةَ ّ
المنيةِ في ّ حكْ ُ
م ُ ما هذهِ الدنيا بدار
ي
النسان ِ جار البريةِ بينا َترَى قرار
را مِن ه خََب ً ألفيْتَ ُ
خبِرا مُْ ، دٍر فيها َطبَِعتْ على َك ُ الخبار
وا من القذار ف ً ص ْ َ
ام ضِد الي ِ فها ّ تريد ُ
ومكل ُ وأنتَ ّ والكدار
ب في الماء متطلّ ٌ ُ
طباعِها ة نار ذَو َ ج ْ ُ
أن تنزعَ من والحقيقةُ التي ل ريبَ فيها أنكَ ل تستطيعُ ْ
قَنا خل َ ْقدْ َ خلقتْ هكذا ﴿ ل َ َ آثار الحزنِ ،لنّ الحياة َ ُ ِ ك كلّ حياتِ َ
ة ف ٍ من ن ّطْ َ ن ِ سا َ لن َ قَنا َ ا ْ ِ خل َ ْ د ﴾ ﴿ ،إ ِّنا َ في ك َب َ ٍ ن ِ سا َ لن َ ِ ا ْ
شاج ن ّبت َِليه ﴾ ﴿ ،ل ِيبل ُوك ُ َ َ
ن مل ً ﴾ ،ولك ّ ع َ ن َ س ُ ح َ مأ ْ م أي ّك ُ ْ َ ْ َ ْ ِ م َ ٍ ْ أ ْ
مك ،أما قَط ْ ُ
ع مك وغ ّ ف من حزِنك وه ّ المقصود َ أن تخّف ُ
ل ت النعيم ِ ؛ ولذلك يقو ُ ن بالكلي ّةِ فهذا في جنا ِ حْز ِ ال ُ
َ
عّنا ب َ ه َ ذي أذْ َ ه ال ّ ِ مدُ ل ِل ّ ِ ح ْ المنعمون في الجنة ﴿ :ال ْ َ
ك ،كما ه إل هنا َ ب عن ُ ه لم يذه ْ ل على أن ُ ن ﴾ .وهذا دلي ٌ حَز َ ال ْ َ
في ما ِ عَنا َ ون ََز ْ ب إل في الجنةِ َ ﴿ ، ل ل يذه ُ ل الغِ ّ نك ّ أ ّ
ة الدنيا وصفتها ، ف حال َ ن عََر َ ل ﴾ ،فم ْ غ ّ ن ِ م ْ هم ّ ر ِ دو ِ ص ُ
ُ
م ان هذا طبُعها ع َذ ََرها على صدوِدها وجفاِئها وغ َد ِْرها ،وعَل ِ َ
وخل ُُقها ووصُفها .
ّ
نل ت لنا أ ْ حلف ْ نت لنا أ ْ حل ََف ْ فكأنها َ
تخون عهوَدنا ل ت َِفي
ي
ل ما وصْفنا ،والمُر ما ذكرنا ،فحرِ ّ فإذا كان الحا ُ
سه ،بالستسلم ِ للكدِر ن ل ُيعيَنها على نف ِ ب الناب ِهِ أ ْ بالري ِ
ل ما ت بك ّ ن ،بل يدافعُ هذه المنغصا ِ م والحز ِ م والغ ّ واله ّ
ة و ٍ ق ّ من ُ عُتم ّ ست َطَ ْ ما ا ْ هم ّ دوا ْ ل َ ُ ع ّ وأ َ ِ ي من قوةٍ َ ﴿ ، أوت َ
م﴾ ﴿ ، وك ُ ْ عدُ ّ و َ ه َ و الل ّ ِ عدْ ّ ه َ ن بِ ِ هُبو َ ل ت ُْر ِ خي ْ ِ ط ال ْ َ من ّرَبا ِ و َِ
ل تحزن
58
فوا ْ َ
ع ُض ُ
ما َ و َ ل الل ّ ِ
ه َ سِبي ِ
في َ
م ِ
ه ْ
صاب َ ُ هُنوا ْ ل ِ َ
ما أ َ و َ
ما َ َ
ف َ
كاُنوا ْ ﴾ .
ست َ َما ا ْ و َ
َ
**********************************
وقفـــة
ن، س في د َي ْ ٍ ت فقيرا ً فغيُرك محبو ٌ ن :إن كن َ ل تحَز ْ
ل ،فسواك مبتوُر القدمين ،وإن ة ن َْق ٍك وسيل َ وإن كنت ل تمل ُ
سّرة البيضاِء كنت تشكو من آلم ٍ فالخرون يرقدون على ال ِ
ت ولدا ً فسواك فقد عددا ً من الولدِ ت ،وإن فقد َ ومنذ سنوا ٍ
ث واحد ٍ . في حاد ٍ
ه
ت باللهِ وبرسل ِهِ وملئكت ِ ِ م آمن َن :لنك مسل ٌ ل تحَز ْ
ب ك كفروا بالر ّ جرِ وبالقضاِء خيرِهِ وشّره ،وأولئ َ واليوم ِ ال ِ
م الخَر ، دوا اليو َ ح ُ
ج َ ب،و َ ل واختلفوا في الكتا ِ ذبوا الرس َ وك ّ
وألحدوا في القضاِء والَقد َرِ .
ب ،وإن أسأت فاستغفْر ،وإن ت فت ُ ْ ن :إن أذنب َ ل تحَز ْ
ح، ب مفتو ٌ ة ،والبا ُ ة واسع ٌ ح ،فالرحم ُ أخطأت فأصل ِ ْ
ة. ة مقبول ٌ م ،والتوب ُ والغفران ج ّ
بن :لنك ُتقلقُ أعصاَبك ،وتهّز كيانك وُتتع ُ ل تحَز ْ
سهِْر ليَلك . ض مضجَعك ،وت ُ ْ قلَبك ،وُتق ّ
قال الشاعر :
ق
ب نازلةٍ يضي ُ وَل َُر ّ ذ َْرعا ً وعند َ اللهِ منها
ضاقت فلمابها الفتى جل المخَر
نها ُ
ّ ْ ن يظ ّت وكا َ فُرِ َ
ج ْ
ت حلقاُتها استحكم ْ
************************************ جُتفر ُ
ضب ْ ُ
ط العواطف
ف المشاعُر عند سببين :عند ف وتعص ُ ج العواط ُ ج ُ تتأ ّ
ث: داهمةِ ،وفي الحدي ِ الفرحةِ الغامرةِ ،والمصيبةِ ال ّ
تت عن صوتْين أحمقْين فاجرْين :صو ٍ هي ْ ُ ِ )) إني ن ُ
عَلى ْ
وا َ ة (( ﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ
س ْ ت عندَ مصيب ٍ ة ،وصو ٍ عند نعم ٍ
م﴾ .ولذلك قال : ما آَتاك ُ ْحوا ب ِ َ
فَر ُوَل ت َ ْ
م َفات َك ُ ْ ما َ
َ
ل تحزن
59
ك مل َ َ ن َ م ِ مة الولى (( .ف َ ر عند الصد ِ )) إنما الصب ِ
ق
دث الجاثم وعند الفرَح الغامرِ ،استح ّ مشاعره عند َ الح َ
ل سعادة الراحةِ ،ولذ َةَ ة الرسوِخ ،ونا َ ت ومنزل َ ة الثبا ِ مرتب َ
عله وصف النسان ل في ُ هج ّ س ،والل ُ النتصارِ على النف ِ
ه الخيُر س ُ سه الشّر جزوعا ً وإذا م ّ ح فخوٌر ،وإذا م ّ ه فرِ ٌ بأن ُ
منوعا ً ،إل ّ المصّلين .فَُهم على وسطيةٍ في الفرِح والجزِع ،
ن في الرخاِء ،ويصبرون في البلِء . يشكرو َ
ه
ب ،وتضني ِ ب صاحبها أّيما ت َعَ ٍ ة ت ُت ْعِ ُ ن العواطف الهائج َ إ ّ
عد ، ه ،فإذا غضب احتد ّ وأزبد ،وأرعد وتو ّ ه وتؤّرقُ ُ م َ
وتؤل ُ
ل، ه ،فيتجاوُز العَد ْ َ شت ُ ُ حشا َ ت ُ سهِ ،والتهب ْ ن نف ِ ت مكام ُ وثار ْ
سه في غمرةِ السروِر ي نف َ ش ،ونس َ ب وطا َ ح طرِ َ وإن فر َ
ه، سي محاسن َ ُ مه ،ون ِ جَر أحدا ً ذ ّ دى قدره ،وإذا هَ َ وتع ّ
ل، ب آخر خلع عليه أوسمة التبجي ِ ه ،وإذا أح ّ وطمس فضائ ِل َ ُ
ب حبيبك ل .وفي الثر )) :أحب ْ وأوصله إلى ذورةِ الكما ِ
ض ونا ً ما ،فعسى أن يكون بغيضك يوما ً ما وأبغ ْ ه ْ
بغيضك هونا ً ما ،فعسى أن يكون حبيبك يوما ً ما ((
.وفي الحديث )) :وأسألك العدل في الغضب والرضا
(( .
ن الشياء وجعل كم عقَله ،ووز َ ح ّ من ملك عاطفته و َ ف َ
ف الرشد َ ،ووقع على ل شيء قدرا ً ،أبصر الحقّ ،وعََر َ لك ّ
قد أ َرسل َْنا رسل ََنا بال ْبيَنات َ
م ه ُ ع ُ م َوأنَزل َْنا َ ِ َ ِ َ ّ ُ ُ الحقيقةِ ﴿ ،ل َ َ ْ ْ َ
ط ﴾. س ِ ق ْ س ِبال ْ ِ م الّنا ُ قو َ ن ل ِي َ ُ ميَزا َ وال ْ ِب َ ال ْك َِتا َ
ك ،مثلما ق والسلو ِ م والخل ِ ن السلم جاَء بميزان القي َ إ ّ
ي ،والمل ّةِ المقدسةِ ﴿ ، سويّ ،والشرِع الرض ّ من ْهَِج ال ّ جاء بال ِ
ُ
ق في ل ،الصد ِ سطا ً﴾ ،فالعد ِ و َ ة َ م ً مأ ّ عل َْناك ُ ْ ج َ ك َ وك َذَل ِ َ َ
ق﴿، ل والخل ِ ل في الحكام ِ والقوال والفعا ِ الحبارِ ،والعد ِ
عدْل ً﴾ . و َ دقا ً َ ص ْ ك ِ ت َرب ّ َ م ُ ت ك َل ِ َ م ْ وت َ ّ َ
*********************************
د
ة بمحم ِ
سعادةُ الصحاب ِ
ل تحزن
60
ُ
س بالدعوةِ الربانيةِ ،ولم لقد ْ جاَء رسولنا إلى النا ِ
ت له جّنة م ُيلقَ إليه ك َن ٌْز ،وما كان ْ ن دنيا ،فل ْ ةم َ ن له دعاي ٌ يك ْ
ل المحّبون يبايعون على ن قصرا ً ،فأقب َ ل منها ،ولم يسك ْ يأك ُ
ش ،وذروةٍ من المشّقةِ ،يوم كانوا قليل ً ف من العي ِ شظ ٍ
س من م النا ُ ن يتخطفه ُ نأ ْ ض يخافو َ مستضعفين في الر ِ
ب. ل الح ِ عه ك ّ ه أتبا ُ م ،ومع ذلك أحب ّ ُ حوِله ْ
ق ،وابُتلوا م في الرز ِ ضّيق عليه ْ ب،و ُ شعْ ِ حوصروا في ال ّ ُ
س ،ومع ُ
حوربوا من القرابةِ ،وأو ُ
ذوا من النا ِ في السمعةِ ،و ُ
ب. ل الح ّ هذا أحّبوه ك ّ
ن في العراِء س آخرو َ حب َ مضاِء ،و ُ ضهم على الر ْ ب بع ُ ح َ س ُِ
ل بهِ ، ن الكفاُر في تعذيبهِ ،وتأّنقوا في النكا ِ ن تفن ّ َ مم ْ ،ومنه ْ
ب. ل الح ّ ومعَ هذا أحّبوه ك ّ
طردوا من سلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم ُ ، ُ
م ،ومع أحبوهُ م ومغاني أهلهِ ْ ب شبابه ْ م ،وملع ِ مراتِع صباه ْ
ب. ل الح ّ ك ّ
زلوا زلزال ً شديدا ً ، ب دعوِته ،وُزل ْ ِ اُبتلي المؤمنون بسب ِ
ع
ب الحناجَر وظّنوا باللهِ الظنونا ،وم َ م القلو ُ ت منه ْ وبلغ ْ
ب. ل الح ّ أحبوه ك ّ
ت على صل َت َةِ ،فكان ْ م ْ ف ال ُ م للسيو ِ ض صفوةُ شبابه ْ ع ُّر َ
ن الشجرةِ الوارفةِ . سِهم كأغصا ِ رؤو ِ
ف ل السي ِ نظ ّ وكأ ّ ت حولنا خضراء ت ُن ْب ِ ُ
م في حديقةِكأنه ْ تالمو َ ظِ ّ
ل ن
للمعركةِ فكانوا يأتو َ م رجاُلهمالزهارا وقُد ّ َ
ب. ل الح ّ م أحبوه ك ّ نزهةٍ ،او في ليلة عيدٍ ؛ لنه ْ
ن يعود َ بعدها إلى م أنه ل ْ م برسالةٍ وي َْعل ُ ده ْ ل أح ُ س ُ ي ُْر َ
م مةٍ ويعل ُ م في مه ّ ث الواحد ُ منه ْ الدنيا ،فيؤّدي رسالَته ،وُيبعَ ُ
ب. ل الح ّ م أحبوه ك ّ ب راضيا ً ؛ لنه ْ ة فيذه ُ أنها النهاي ُ
دوا برسالِته ،واطمأّنوا المنهجهِ ، ن لماذا أحّبوه وسعِ ُ ولك ْ
جهدٍ ل مشقةٍ و ُ ل ألم ٍ وك ّ واستبشُروا بقدومهِ ،ونسوا ك ّ
عهِ ؟! ل اتبا ِ ومعاناةٍ من أج ِ
ل تحزن
61
ت ل علما ِ ل معاني الخيرِ والفرِح ،وك ّ م رأوا فيهِ ك ّ إنه ْ
ة للسائلين في معالي المورِ ،لقد ْ ن آي ً البّر والحقّ ،لقد ْ كا َ
م م بحديثهِ ،وأفْعَ َ ج صدوَره ْ م بحنان ِهِ ،وأثل َ ل قلوب ِهِ ْ َأبرد َ غلي َ
م برسالِته . حهُ ْ أروا َ
م الرضا ،فما حسبوا لللم في ب في قلوبه ُ لقد ْ سك َ
ن ما ن اليقي ِ مم َ سهِ ْ ض على نفو ِ ل دعوتهِ حسابا ً ،وأفا َ سبي ِ
ص. جْرٍح وك َد َرٍ وتنغي ٍ ل ُ مك ّ أنساه ْ
ل ضمائَرهم بهداهُ ،وأناَر بصائَرهم بسناه ُ ،ألقى صَق َ َ
ط عن ظهوِرهم أوزاَر م آصاَر الجاهليةِ ،وح ّ هله ْ عن كوا ِ
ل ،وأطفأ ك والضل ِ ت الشر ِ م تبعا ِ الوثنيةِ ،وخلعَ من رقاِبه ْ
ب على المشاعرِ ماَء م ناَر الحقدِ والعداوةِ ،وص ّ حه ْ من أروا ِ
ت م ،واطمأن ْ ت أبدان ُهُ ْ م ،وسكن َ ْ سه ْ ت نفو ُ اليقين ،فهدأ ْ
ت أعصاُبهم . قلوُبهم ،وبرد ْ
س في قربهِ ،والرضا في ه ،والن َ ش مع ُ وجدوا لذ ّةُ العي ِ
ل أمرِهِ ،والِغنى ن في اتباعهِ ،والنجاة في امتثا ِ رحاب ِهِ ،والم َ
في القتداء به .
َ
ك وإ ِن ّ َ ن﴾ َ ﴿، مي َ عال َ ِ ة ل ّل ْ َ م ً ح َ ك إ ِّل َر ْ سل َْنا َ ما أْر َ و َ ﴿ َ
ن م ِ هم ّ ج ُ ر ُ ِ خ وي ُ ْ قيم ٍ ﴾ َ ﴿ ، ست َ ِ م ْ ط ّ صَرا ٍ دي إ َِلى ِ ه ِ ل َت َ ْ
ُ
ن مّيي َ في اْل ّ ث ِ ع َ ذي ب َ َ و ال ّ ِ ه َ ر﴾ُ ﴿، ت إ َِلى الّنو ِ ما ِ الظّل ُ َ
م ه ُ م ُ عل ّ ُ وي ُ َ م َ ه ْ كي ِ وي َُز ّ ه َ م آَيات ِ ِ ه ْ علي ْ ِ
م ي َت ُْلو َ َ ه ْ من ْ ُ سول ً ّ َر ُ
ل ضَل ٍ في َ ل لَ ِ قب ْ ُ من َ كاُنوا ِ وِإن َ ة َ م َ حك ْ َ وال ْ ِ ب َ ال ْك َِتا َ
ت كان َ ْ ل ال ِّتي َ غل َ َ وال َ ْ م َ ه ْ صَر ُ م إِ ْ ه ْ عن ْ ُ ع َ ض ُ وي َ َ ن ﴾َ ﴿ ، مِبي ٍ
ّ
ما كم ل ِ َ عا ُ ذا دَ َ ل إِ َ سو ِ وِللّر ُ ه َ جيُبوا ْ ل ِل ّ ِ ست َ ِم﴾﴿،ا ْ ه ْ َ َ
علي ْ ِ
ر ن الّنا ِ م َ ة ّ فَر ٍ ح ْ فا ُ ش َ ى َ َ عل َ م َ كنت ُ ْ و ُ م﴾َ ﴿، حِييك ُ ْ يُ ْ
ها ﴾ . قذ َ ُ فأن َ َ َ
من ْ َ كم ّ
م حقّ له ْ م،و ُ م وقدوِته ْ مه ْ لقد ْ كانوا سعداء حّقا ً مع إما ِ
جوا . دوا ويبته ُ ن يسع ُ أ ْ
ل ل من أغل ِ م على محّررِ العقو ِ ل وسل ّ ْ مص ّ الله ّ
ض عن ت الغواي ِةِ ،وار َ س من ويل ِ ف ،ومنقذ ِ النفو ِ النحرا ِ
موا . ب والمجاد ِ ،جزاَء ما بذُلوا وقد ّ ُ الصحا ِ
ل تحزن
62
**************************************
ن حيات ِ َ
ك م ْ مل َ َ
ل ِ اطرِد ال َ
ه ش عمَره ُ على وتيرةٍ واحدة جديٌر أن يصَيب ُ ن يعِ ْ م ْ إن َ
ة ل الحال َ م ّ ن بطبعهِ ي َ َ ن النسا َ ة ،فإ ّ ل ؛ لن النفس ملول ٌ المل ُ
ه وتعالى بين الزمنةِ والمكنةِ ، ك غاي ََر سبحان َ ُ الواحدةَ ؛ ولذل َ
ل ونهاٌر ، ت ،لي ٌ ت ،والمخلوقا ِ ت والمشروبا ِ والمطعوما ِ
حُرور ، لو َ ض وأسود ُ ،وحاّر وبارد ٌ ،وظ ّ ل ،وأبي ُ جب َ ٌ لو َ وسه ٌ
ف في ه هذا التّنوعَ والختل َ ض ،وقد ْ ذكر الل ُ حل ْوٌ وحام ٌ و ُ
خت َل ِ ٌ َ
ه﴾ ﴿ وان ُ ُ ف أل ْ َ م ْ ب ّ شَرا ٌ ها َ طون ِ َ من ب ُ ُ ج ِ خُر ُ كتاب ِهِ ﴿ :ي َ ْ
ن م َ و ِ ه﴾ ﴿ َ شاب ِ ٍ مت َ َ غي َْر ُ و َ شاِبها ً َ مت َ َ ن﴾ ﴿ ُ وا ٍ صن ْ َ غي ُْر ِ و َ ن َ وا ٌ صن ْ َِ
وت ِل ْ َ خت َل ِ ٌ َ
ك ها﴾ ﴿ َ وان ُ َ ف أل ْ َ م ْ مٌر ّ ح ْ و ُ ض َ جدَدٌ ِبي ٌ ل ُ جَبا ِ ال ْ ِ
س﴾ . ن الّنا ِ ها ب َي ْ َ ول ُ َ دا ِ م نُ َ الّيا ُ
كله ﴿ : م أداموا أ ْ ل بنو إسرائيل أجود الطعام ِ ؛ لنه ْ وقد م ّ
ن يقرأ ُ مرةً د﴾ .وكان المأمو ُ ح ٍ وا ِ عام ٍ َ ى طَ َ عل َ َ صب َِر َ َلن ن ّ ْ
س جالسا ً ،ومرةً قائما ً ،ومرةً وهو يمشي ،ثم قال :النف ُ
ى عل َ َ و َ عودا ً َ ق ُ و ُ قَياما ً َ ه ِ ن الل ّ َ ن ي َذْك ُُرو َ ذي َ ة ﴿ ،ال ّ ِ ملول ٌ
م﴾ . ه ْ جُنوب ِ ِ ُ
ة ل قلبي ّ ٌ جد ْ التنوّع َ والجد ّةَ ،فأعما ٌ ت ،يَ ِ ل العبادا ِ م ِ ومن يتأ ّ
ج وجهاد ٌ ، م وح ّ ة ،صلة ٌ وزكاةٌ وصو ٌ ة ومالي ٌ ة وعملي ٌ وقولي ٌ
ن أراد الرتياح س ،فم ْ م وركوعٌ وسجود ٌ وجلو ٌ والصلةُ قيا ٌ
ة العطاِء فعليهِ بالتنويِع في عمل ِهِ ، والنشاط ومواصل َ
ن ،ما عهِ وحيات ِهِ اليومي ّةِ ،فعند َ القراءةِ مثل ً ينوّعُ الفنو َ واطل ِ
ة
ب وثقاف ٍ خ وأد ٍ ث وفقهٍ وتاري ٍ ن وتفسيرٍ وسيرةٍ وحدي ٍ بين قرآ ٍ
ة
ل مباٍح ،وزياد ٍ مةٍ ،وهكذا ،يوّزع وقته ما بين عبادةٍ وتناو ِ عا ّ
ه س ُ ف يجد ُ نف َ ف ،ورياضةٍ ونزهةٍ ،فسو َ ل ضيو ٍ واستقبا ِ
ح الجديد َ . ب التنويعَ وتستمل ُ ة ؛ لنها تح ّ ة مشرق ً متوّثب ً
*************************************
قل َ َ
ق ع ال َ
د ِ
ل تحزن
63
ل: ن ربك يقو ُ ن ،فإ ّ ل تحز ْ
ل م َ م لك ّ صدَْر َ َ َ ْ َ ﴿ أَ
ل من ح َ ك ﴾ :وهذا عا ّ َ ك ل حْ رَ ش َ ن م
ْ ل
دى . ك الهُ َ َ
الحقّ وأبصَر النوَر ،وسل َ
ر نو ُ لى َ ع
َ و ه َ
ف م ل َ س لْ ِ ل ه ر د ص ه ّ ل ال ح ر ش َ من ف َ ﴿أ َ
ٍ َ ُ ِ ْ ِ ُ َ ْ َ ُ َ َ َ
ه ﴾ :إذا ً ّ
ر الل ِ من ِذك ِ ْ هم ّ قُلوب ُ ُ ة ُ سي َ ِ قا ِ ل ل ّل ْ َ وي ْ ٌ ف َ ه َ من ّرب ّ ِ ّ
سيها . ل يق ّ ح الصدور ،وباط ٌ فهناك حقّ يشر ُ
سل َم ِ﴾ : فمن يرد الل ّ َ
صدَْرهُ ل ِل ِ ْ ح َ شَر ْ ه يَ ْ دي َ ُ ه ِ ه أن ي َ ْ ُ ُ ِ ِ ﴿ َ َ
دد . ل إليها إل المس ّ ة ل يص ُ ن غاي ٌ فهذا الدي ُ
ن ن يتيّق َ لم ْ عَنا ﴾ :يقوُلها ك ّ م َ ه َ ن الل ّ َ ن إِ ّ حَز ْ ﴿ ل َ تَ ْ
رعاية اللهِ ،ووليته ولطفه ونصَره.
م عوا ْ ل َك ُ ْ م ُ ج َ قدْ َ س َ ن الّنا َ س إِ ّ م الّنا ُ ه ُ ل لَ ُ قا َ ن َ ذي َ ﴿ال ّ ِ
م ع َ ون ِ ْ ه َ سب َُنا الل ّ ُ ح ْ قاُلوا ْ َ و َ مانا ً َ م ِإي َ ه ْ فَزادَ ُ م َ ه ْ و ُ ش ْ خ َ فا ْ َ
ل ﴾ :كفايُته تكفيك ،ووليُته تحميك . كي ُ و ِ ال ْ َ
ن ع َ ّ َ ﴿يا أ َ
م َ ك ِ ن ات ّب َ َ َ ِ م َ و ه
ُ ل ال ك ُ ب س
ْ ح َ يّ ِ ب ّ ن ال ها َ ّ ي َ
ن سلك هذهِ الجاّدة حصل على هذا لم ْ ن ﴾ :وك ّ مِني َ ؤ ِ م ْ ال ْ ُ
الفوزِ .
ت﴾ :وما سواهُ مو ُ ذي َل ي َ ُ ي ال ّ ِ ح ّ عَلى ال ْ َ ل َ وك ّ ْ وت َ َ ﴿ َ
ل وليس بعزيزٍ . ق ،ذلي ٌ ل غ َي ُْر با ٍ ي ،زائ ٌ ت غَي ُْر ح ّ فمي ّ ٌ
م ه ْ ن َ َ ول َ ت َ ْ ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ صب ُْر َ
علي ْ ِ حَز ْ ه َ ما َ و َ صب ِْر َ وا ْ ﴿ َ
ع م َ ه َ ن الل ّ َ ن} {127إ ِ ّ مك ُُرو َ ما ي َ ْ م ّ ق ّ ضي ْ ٍ في َ ك ِ ول َ ت َ ُ َ
هن﴾ :فهذهِ معيت ُ سُنو َ ح ِ م ْ هم ّ ن ُ ذي َ وال ِ ّ قوا ّ ْ ن ات ّ َ ذي َ ال ِ ّ
ب ظ والرعايةِ والتأييدِ والوليةِ ،بحس ِ ة لوليائ ِهِ بالحف ِ الخاص ُ
م. م وجهاِده ْ تقواه ْ
م ال َ ْ ﴿ول َ ت َهُنوا ول َ ت َحزُنوا َ
كنُتم ن ِإن ُ و َ عل َ ْ وأنت ُ ُ َ ْ َ َ ِ َ
ن﴾ :علوّا في العبوديةِ والمكانةِ . ً مِني َ ؤ ِ م ْ ّ
َ
م وّلوك ُ ُ م يُ َ قات ُِلوك ُ ْ وِإن ي ُ َ ذى َ م إ ِل ّ أ ً ضّروك ُ ْ ﴿ َلن ي َ ُ
َ
ن ﴾. صُرو َ م ل َ ُين َ الدَُباَر ث ُ ّ
َ ه َل َ ْ
زيٌز ع ِ ي َ و ّ ق ِ ه َ ن الل ّ َ سِلي إ ِ ّ وُر ُ ن أَنا َ غل ِب َ ّ ب الل ّ ُ ﴿ك َت َ َ
﴾.
ل تحزن
64
ة الدّن َْيا حَيا ِ في ال ْ َ مُنوا ِ نآ َ ذي َ وال ّ ِ سل ََنا َ صُر ُر ُ ﴿ إ ِّنا ل ََنن ُ
د ﴾. ها ُ ش َ م اْل َ ْ قو ُ م يَ ُ و َ وي َ ْ َ
خَر . ن يتأ ّ ف ،ووعد ٌ ل ْ خل َ َ ني ْ وهذا عهد ٌ ل ْ
صيٌر ِبال ْ ِ فوض أ َ ﴿ وأ ُ
عَباِد} ه بَ ِ ن الل ّ َ ه إِ ّ ري إ َِلى الل ّ ِ ِ مْ ُ ّ َ َ
مك َُروا﴾ . ما َ ت َ سي َّئا ِ ه َ قاهُ الل ّ ُ و َ ف َ َ {44
ن ﴾. مُنو َ ؤ ِ م ْ ل ال ْ ُ وك ّ ِ فل ْي َت َ َ ه َ عَلى الل ّ ِ و َ ﴿ َ
ب، س ُ ح ْ ش إل يوما ً واحدا ً فَ َ ك ل تعي ُ ن وقد ّْر أن َ ل تحز ْ
ب وتثوُر ؟! ن في هذا اليوم ِ ،وتغض ُ فلماذا تحز ُ
ت فل تنتظر المساءَ ،وإذا في الثرِ )) :إذا أصبح َ
ح (( . ر الصبا َ ت فل تنتظ ِ أمسي َ
ب ،فل س ُ ح ْ مك فَ َ ش في حدودِ يو ِ والمعنى :أن تعي َ
ل .قال الشاعُر : تذكرِ الماضي ،ول تقلقْ من المستقب ِ
ت ما مضى فا َ ة التي ولك الساع ُ
ب واجترار مل غَي ْ
الماضي ٌ، والمؤ ّ بالماضي ،وتذك َّر لفيها أنت
الشتغا َ ن
إ ّ
ت ،إنما ث التي انته ْ ت ،والكوار َ ت ومض ْ ب التي حدث ْ المصائ ِ
ن. ق والجنو ِ م ِ ح ْ ب من ال ُ ضْر ٌ هو َ
سرا ً حتى تأتَيه . ج ْ ي :ل تعبْر ِ ل الصين ّ مث َ ُيقول ال َ
مها مها وغمو َ ث وهمو َ ل الحواد َ ومعنى ذلك :ل تستعج ِ
كها . شها وتدر َ حتى تعي َ
ة أيام ٍ : ت ثلث ُ يقو ُ َ
م ،إنما أن َ ف :يا ابن آد َ حد ُ السل ِ لأ َ
ه فيه . مك فاتقّ الل َ ت ،ويو ُ م يأ ِ ك ول ْ ك وقد ْ وّلى ،وغد ُ َ س َأم ُ
لم الماضي واليوم ِ والمستقب ِ ل همو َ ن يحم ُ شم ْ كيف يعي ُ
ن يتذكُر ما صار وما جرى ؟! فيعيده ُ على حم ْ ؟! كيف يرتا ُ
مه ل ينفُعه ! . ه ،وأل ُ مل ُ ذاكرت ِهِ ،ويتأل ُ
ت فل تنتظر المساءَ ،وإذا ومعنى )) :إذا أصبح َ
ن قصيَر ح (( :أيْ :أن تكو ُ ر الصبا َ ت فل تنتظ ِ أمسي َ
ح بهمومك ل ،فل تطم ْ م َ ن العَ َ س ُ ح ِ ل ،وت ُ ْ ج َ ل ،تنتظُر ال َ الم ِ
ك عليه ، ش فيه ،فترك َّز جهود َ لغيرِ هذا اليوم ِ الذي تعي ُ
ما ًك مهت ّ خلَق َ سنا ً ُ مك فيهِ ،مح ّ ب اهتما َ ك ،وتص ّ ب أعمال َ َ وُترت ّ َ
ك مع الخرين . بصحِتك ،مصلحا ً أخلقَ َ
ل تحزن
65
*************************************
ة
وقفــ ٌ
ه ،والمقدوُر واقعٌ ، ن القضاَء مفروغٌ من ُ ن:ل ّ ل تحز ْ
ل أمرٍ مستقّر ، ت ،وك ّ طوي ْ ف ُ
ت ،والصح ُ جّف ْم َ والقل ُ
صخُر ،ول يزيد ُ ول ُينِق ُ م في الواقِع شيئا ً ول يؤ ّ فحزُنك ل يقد ّ ُ
.
س ن ،وحب َ ف الزم ِ ن :لنك بحزِنك تريد ُ إيقا َ ل تحز ْ
ف، ي إلى الخل ِ ب الساعةِ ،والمش َ س ،وإعادةَ عقار ِ الشم ِ
ورد ّ النهرِ إلى منبعِهِ .
وجاِء ُتفسد ُ الهواَء ، ن كالريِح اله ْ ن الحَز َن:ل ّ ل تحز ْ
وُتبعثُر الماَء ،وتغي ُّر السماَء ،وتكسُر الورود َ اليانعة في
الحديقةِ الغّناِء .
ق ينحدُر من ن المحزون كالنهرِ الحم ِ ن:ل ّ ل تحز ْ
ة
ت غزلها من بعد ِ قو ٍ ب في البحرِ ،وكالتي نقض ْ البحرِ ويص ّ
ب بإصبعهِ على أنكاثا ً ،وكالنافِِخ في قربةٍ مثقوبةٍ ،والكات ِ
الماِء .
ة باِلك ، ي سعادُتك وراح ُ ك الحقيق ّ ن عمر َ ن :فإ ّ ل تحز ْ
م ،وتوّزع ن ،وتبذ ّْر ليالَيك في اله ّ ك في الحْز ِ فل ُتنفقْ أيام َ
ن ف في إضاعةِ حياِتك ،فإ ّ ساعاِتك على الغموم ِ ول تسر ْ
ب المسرفين . الله ل يح ّ
******************************
لفرح بتوبة الله عليك
ب سعادتك مك ،ويجل ُ مك وغ ّ له ّ ك ،ويزي ُ ح صدر َ أل يشر ُ
َ
فوا سَر ُ نأ ْ ذي َي ال ّ ِ عَباِد َ ل َيا ِ ق ْ ل في عله ُ ﴿ : ل رّبك ج ّ قو ُ
عَلى َ
ن الل ّ َ
ه ه إِ ّة الل ّ ِم ِ ح َ من ّر ْ طوا ِ قن َ ُ م َل ت َ ْ
ه ْ ِ س
ِ ُ
ف أن َ
م﴾ ؟ حي ُفوُر الّر ِ غ ُو ال ْ َ ه َ ميعا ً إ ِن ّ ُ
ه ُ ج ِ
ب َ فُر الذُّنو َ غ ِيَ ْ
م، حهِ ْم ،وتأنيسا ً لروا ِ م بـ »يا عبادي« تأليفا ً لقلوب ِهِ ْ فخاط َب َهُ ْ
ب والخطايا م المكثرون من الذنو ِ ص الذين أسرُفوا ،لنه ُ وخ ّ
ل تحزن
66
س من المغفرةِ ط واليأ ِ ن القنو ِ هم ع ِ رهم ؟! ونها ْ فكيف بغي ِ
ن تاب ،كبيرها وصغيَرها ، وأخبر أنه يغفُر الذنوب كّلها لم ْ
ف نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ ،و »الـ دقيقها وجليَلها .ثم وص َ
و ه َ ه ُ ف التي تقتضي كمال الصفةِ ،فقال ﴿ :إ ِن ّ ُ « التعري ِ
م﴾. حي ُ فوُر الّر ِ غ ُ ال ْ َ
ذا ن إِ َ ذي َ وال ّ ِ ل في عله َ ﴿ : ح بقول ِهِ ج ّ أل تسعد ُ وتفر ُ
ه م ذَك َُروا ْ الل ّ َ ه ْ س ُ ف َ موا ْ أ َن ْ ُ و ظَل َ ُ ةأ ْ
ش ً َ ح َ فا ِ عُلوا ْ َ ف َ َ
م ول َ ْ ه َ ب إ ِل ّ الل ّ ُ فُر الذُّنو َ غ ِ من ي َ ْ و َ م َ ه ْ فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ
ْ غ َ ست َ ْ فا ْ َ
ن ﴾ ؟! مو َ عل َ ُ م يَ ْ ه ْ و ُ عُلوا ْ َ ف َ ما َ عَلى َ صّروا ْ َ يُ ِ
َ
م و ي َظْل ِ ْ سوءا ً أ ْ ل ُ م ْ ع َ من ي َ ْ و َ ل في عله َ ﴿ : وقول ِهِ ج ّ
حيما ً ﴾ ؟! فورا ً ّر ِ غ ُ ه َ د الل ّ َ ج ِ ه يَ ِ ر الل ّ َ ف ِ غ ِ ست َ ْ م يَ ْ ه ثُ ّ س ُ ف َ نَ ْ
فْر ه ن ُك َ ّ عن ْ ُ ن َ و َ ه ْ ما ت ُن ْ َ جت َن ُِبوا ْ ك ََبآئ َِر َ وقول ِهِ ِ ﴿ :إن ت َ ْ
ريما ً ﴾ ؟! خل ً ك َ َ ِ مد ْ َ كم ّ خل ْ ُ ون ُدْ ِ م َ سي َّئات ِك ُ ْ م َ عنك ُ ْ َ
موا ْ أن ُ َ
م ه ْ س ُ ف َ م ِإذ ظّل َ ُ ه ْ و أن ّ ُ ول َ ْ لَ ﴿: وقول ِهِ عّز من قائ ٍ
ل سو ُ م الّر ُ ه ُ فَر ل َ ُ غ َ ست َ ْ وا ْ ه َ فُروا ْ الل ّ َ غ َ ست َ ْ فا ْ ك َ ؤو َ جآ ُ َ
حيما ً ﴾ ؟! وابا ً ّر ِ ه تَ ّ دوا ْ الل ّ َ ج ُ و َ لَ َ
ل م َ ع ِ و َ ن َ م َ وآ َ ب َ من َتا َ فاٌر ل ّ َ غ ّ وإ ِّني ل َ َ وقول ِهِ تعالى َ ﴿ :
دى ﴾ ؟! هت َ َ ما ْ صاِلحا ً ث ُ ّ َ
ب إ ِّني م نفسا ً قال َ﴿ :ر ّ ل موسى عليه السل ُ ولما قَت َ َ
ه ﴾. فَر ل َ ُ غ َ ف َ فْر ِلي َ غ ِ فا ْ سي َ ف ِ ت نَ ْ م ُ ظَل َ ْ
ك ه ذَل ِ َ فْرَنا ل َ ُ غ َ ف َ وقال عن داود َ بعدما تاب وأناب َ ﴿ :
ب﴾. مآ ٍ ن َ س َ ح ْ و ُ فى َ عندََنا ل َُزل ْ َ ه ِ ن لَ ُ وإ ِ ّ َ
ه !! حتى إنه عرض رحمته م ُ ه وأكر َ حم ُ ه ما أر َ سبحان َ ُ
فَر قد ْ ك َ َ ث ،فقال عنهم ﴿ :ل ّ َ ل يلبتثلي ِ ن قا َ ومغفرته لم ْ
ه ه إ ِل ّ إ َِلـ ٌ ن إ َِلـ ٍ م ْ ما ِ و َ ة َ ث ث َل َث َ ٍ ه َثال ِ ُ ن الل ّ َ قاُلوا ْ إ ِ ّ ن َ ذي َ ال ّ ِ
ن ذي َ ن ال ّ ِ س ّ م ّ ن ل َي َ َ قوُلو َ ما ي َ ُ ع ّ هوا ْ َ م َينت َ ُ وِإن ل ّ ْ حد ٌ َ وا ِ َ
َ َ
هن إ َِلى الل ّ ِ فل َ ي َُتوُبو َ م} {73أ َ ب أِلي ٌ ذا ٌ ع َ م َ ه ْ من ْ ُ فُروا ْ ِ كَ َ
م﴾. حي ٌ فوٌر ّر ِ غ ُ ه َ والل ّ ُ ه َ فُرون َ ُ غ ِ ست َ ْ وي َ ْ َ
ك ه تبار َ ل الل ُ ه )) :يقو ُ ح عن ُ ل فيما ص ّ ويقو ُ
وتعالى :يا ابن آدم ،إنك ما دعوتني ورجوتني إل
ل تحزن
67
ت لك على ما كان منك ول أبالي ،يا ابن آدم ، غفْر ُ
م استغفرتني ء،ث ّ ن السما ِ عَنا َ ت ذنوُبك َ و بلغ ْ ل ْ
ب ت لك ول أبالي ،يا ابن آدم ،لو أتيتني ب ُ ُ
قرا ِ غفر ُ
ك بي شيئا ً ،لتيُتك ض خطايا ثم لقيتني ل تشر ُ الر ِ
بقراِبها مغفرةً (( .
ه
ط يد ُ س ُ ن الله يب ُ ه أنه قال )) :إ ّ وفي الصحيح عن ُ
ط يدهُ بالنهار س ُ ر ،ويب ُ ب مسيءُ النها ِ ل ليتو َ باللي ِ
س من ع الشم ُ ل ،حتى تطل َ ليتوب مسيءُ اللي ِ
مغرِبها (( .
م ُتذنبون ي )) :يا عبادي ،إنك ْ وفي الحديث القدس ّ
ب جميعا ً ، ر ،وأنا أغفُر الذنو َ ل والنها ِ باللي ِ
فاستغفروني أغفْر لكم (( .
ه ،لو ث الصحيِح )) :والذي نفسي بيد ِ وفي الحدي ِ
م ولجاءَ بقوم ٍ آخرين يذنبون ه بك ْ ب الل ُ م تذنُبوا لذه َ ل ْ
،فيستغفرون الله ،فيغفُر لهم (( .
م ه لو ل ْ ث صحيٍح )) :والذي نفسي بيد ِ وفي حدي ٍ
ب ،وهو ت عليكم ما هو أشدّ من الذن ِ ف ُ خ ْتذنبوا ل َ ِ
ب (( . ج ُ ع ْال ُ
طاءٌ ،وخيُر مخ ّ ث الصحيح )) :كّلك ْ وفي الحدي ِ
طائين التوابون (( . الخ ّ
ده من ة عب ِ ح بتوب ِ ه أفر ُ ل )) :لل ُ ح عنه أنه قا َ وص ّ
ه وشرابه ، م ُه ،عليها طعا ُ أحدكم كان على راحلت ِ ِ
س، ه في الصحراء ،فبحث عنها حتى أي ِ َ فضّلت من ُ
سه ،فقال : فنام ثم استيقظ فإذا هي عند رأ ِ
ة شد ِ ك .أخطأ من ّ م أنت عبدي ،وأنا رب ّ َ الله ّ
ح (( . الفر ِ
ن عبدا ً أذنب ذنبا ً ل )) :إ ّ ح عنه أنه قا َ وص ّ
ب ه ل يغفُر الذنو َ فقال :اللهم اغفْر لي ذنبي فإن ُ
م اغفْر لي إل أنت ،ثم أذنب ذنبا ً ،فقال :الله ّ
ب إل أنت ،ثم أذنب ذنبا ً ، ذنبي فإنه ل يغفُر الذنو َ
ل تحزن
68
ب م اغفْر لي ذنبي فإنه ل يغفُر الذنو َ فقال :الله ّ
ن له رب ّا ً م عبدي أ ّ ل عل ِ َ ه عّز وج ّ إل أنت .فقال الل ُ
ل عبدي ما ب ،فليفع ْ ب ،ويعفو عن الذن ِ يأخذُ بالذن ِ
شاء((.
م ،فإني ب ويستغفُر ويند ُ ه يتو ُ
والمعنى :ما دام أن ُ
أغفُر له .
***************************************
در
ء وق َ
ء بقضا ٍ ك ّ
ل شي ٍ
ل السلم ِ ،أتباِع ل شيٍء بقضاٍء وقدرٍ ،وهذا معتقد ُ أه ِ ك ّ
ه
ن إل بعلم ِ الل ِ ه ل يقعُ شيٌء في الكو ِ ل الهدى ؛ أن ُ رسو ِ
ره . وبإذِنه وبتقدي ِ
في وَل ِ ْ َ َ
ض َ في الْر َ ِ ة ِ صيب َ ٍ م ِ من ّ ب ِ صا َ ما أ َ ﴿ َ
ك ن ذَل ِ َ َ َ ّ ُ ُ َ
ها إ ِ ّ ل أن ن ّب َْرأ َ ِ ْ ب ق من ّ ب ٍ تا
َ ِ ك في ِ ل ِ إ م
ْ ك س
ِ ف أن
سيٌر ﴾ . ه يَ ِ ّ
على الل ِ َ َ
ر﴾. قدَ ٍ قَناهُ ب ِ َ خل َ ْ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ ﴿ إ ِّنا ك ُ ّ
ص ق ٍ ون َ ْ ع َ جو ِ وال ْ ُ ف َ خو ْ ن ال ْ َ م َ ء ّي ٍ ش ْ م بِ َ ون ّك ُ ْ ول َن َب ْل ُ َ ﴿ َ
والن ُ َ
ن﴾. ري َ صاب ِ ِ ر ال ّ ش ِ وب َ ّ ت َ مَرا ِ والث ّ َ س َ ف ِ ل َ وا ِ م َ ن ال َ م َ
ّ
ه
ن أمر َ ن !! إ ّ ر المؤم ِ ث )) :عجبا ً لم ِ وفي الحدي ِ
ه سّراءُ شكر فكان خيرا ً له ، ن أصاْبت ُ كّله له خير ،إ ْ
س ذلك ن أصابْته ضّراءُ صبر فكان خيرا ً له ،ولي َ وإ ْ
إل للمؤمن (( .
ه، ل الل َ ت فاسأ ِ ح عنه أنه قال )) :إذا سأل َ وص ّ
ة لو ن الم َ مأ ّ ه ،واعل ْ ن بالل ِ وإذا استعنت فاستع ْ
ك إل ء لم ينفعو َ ن ينفعوك بشي ٍ عوا على أ ْ اجتم ُ
ه لك ،وإن اجتمعوا على أن ه الل ُ ء قد كتب ُ بشي ٍ
ه ه الل ُ ء قدْ كتب ُ ء لم يضّروك إل بشي ٍ ك بشي ٍ يضّرو َ
ف (( . ت الصح ُ ف ِ م ،وج ّ ت القل ُ ك ُ ،رفع ِ علي َ
م أن ما أصابك ث الصحيح أيضا ً )) :واعل ْ وفي الحدي ِ
م يكن ليصيَبك (( . كل ْ لم يكنع ِليخطَئك ،وما أخطأ َ
ل تحزن
69
م يا أبا هريرة ف القل ُ ل )) :ج ّ ح عنه أنه قا َ وص ّ
ق (( . بما أنت ل ٍ
عك ، ص على ما ينف ُ ل )) :احر ْ ه قا َ ح عنه أن ُ وص ّ
ت ل :لو أني فعل ُ ه ول تعجْز ،ول تق ْ ن بالل ِ واستع ُ
ه وما شاءَ در الل ُ ل:ق ّ نق ْ كذا لكان كذا وكذا ،ولك ْ
ل (( . ع َ ف َ َ
ه قضاءً ح عنه )) : ل يقضي الل ُ ث صحي ٍ وفي حدي ٍ
د إل كان خيرا ً له (( . للعب ِ
خي ٌْر ي َ له َ ة عن المعصيةِ :ه ْ ن تيمي َ خ السلم ِ اب ُ سئل شي ُ ُ
طها من الندم ِ والتوبةِ ،والستغفاِر م بشر ِ للعبد ِ ؟ قا َ
ل :نع ْ
والنكسارِ .
و ه َو ُشْيئا ً َ هوا ْ َ سى َأن ت َك َْر ُ ع َ و َ وقوُله سبحانه َ ﴿ :
عسى َ
ه والل ّ ُ َ مْ ُ ك ّ ل ر
ّ َ
ش و
َ َ ه
ُ و ً ا يئ ْ َ
ش ْ ا بوّ حِ ُ ت أن و َ َ م َ خي ٌْر ل ّك ُ ْ
َ
َ
ن﴾ . مو َ عل َ ُ م ل َ تَ ْ وأنت ُ ْ م َ عل َ ُ يَ ْ
ي المقاديُر فُلمني ه َ تجري المقاديُر على
أو فَذ َْر
***************** غْرزِ ال ِب َْر
************************
ج
ر الفَر َ
انتظ ِ
ة: ل العباد ِ ث عند الترمذيّ » :أفض ُ في الحدي ِ
َ
ب﴾. ري ٍ ق ِ ح بِ َ صب ْ ُ س ال ّ ج « ﴿ .أل َي ْ َ فَر ِ انتظاُر ال َ
ح، ح ،فانظْر إلى الصبا ِ ح المهمومين والمغمومين ل َ صُب ْ ُ
ح من الفّتاِح . ب الَفت ْ َ وارتق ِ
ل انقطع « . ب » :إذا اشتد ّ الحب ُ ل العر ُ تقو ُ
ت الموُر ،فانتظْر فرجا ً ومخرجا ً . والمعنى :إذا تأّزم ِ
عل ل ّ ُ
ه ج َ ه يَ ْ ق الل ّ َ من ي َت ّ ِ و َ ه وتعالى َ ﴿ : وقالَ سبحان َ ُ
هعن ْ ُ فْر َ ه ي ُك َ ّ ق الل ّ َ من ي َت ّ ِ و َ ل شأُنهَ ﴿ : لج ّ خَرجا ً ﴾ .وقا َ م ْ َ
َ
ه عل ل ّ ُ ج َ ه يَ ْ ق الل ّ َ من ي َت ّ َِ و َ جرا ً ﴾ َ ﴿ . هأ ْ م لَ ُ عظ ِ ْ وي ُ ْ سي َّئات ِ ِ
ه َ َ
سرا ً ﴾ . ه يُ ْ ر ِ م ِ نأ ْ م ْ ِ
ب: وقالت العََر ُ
ه
م ي َْنجِلين ّ ْ تث ّ مرا ُ الغَ َ ه
ن ول يجن ّ ْ ثم يذهب ْ َ
ل تحزن
70
وقال آخُر :
س قد م فرٍج ب َعْد َ إيا ٍ ك ْ م سرورٍ قد أتى ب َعْد َ وك ْ
من يحسن الظن أتى
بذي من السى حل ْوَ الجَنى الرائقَ ُ
ّ ِ
جنىبي ، عبدي ش
العر ِ سفاِح )) :أنا عند ظ ّ
ن ك ال ّ
الصحي ث ِ شوْ ِ وفي الحدي َ
ن بي ما شاءَ (( . فْليظ ّ
ذُبوا ْ َ َ
قدْ ك ُ ِ م َ ه ْ وظَّنوا ْ أن ّ ُ ل َ س ُ س الّر ُ ست َي ْأ َ ذا ا ْ حّتى إ ِ َ ﴿ َ
شاء ﴾ . من ن ّ َ ي َ ج َ فن ُ ّ صُرَنا َ م نَ ْ ه ْ جاء ُ َ
ع
م َ ن َ سرًا} {5إ ِ ّ ر يُ ْ س ِ ع ْ ع ال ْ ُ م َ
ن َ فإ ِ ّ هَ ﴿: ه سبحان َ ُ وقول ُ
سرا ً ﴾ . ر يُ ْ س ِ ع ْ ال ْ ُ
نه حديثا ً )) : -ل ْ ضُهم يجعل ُ ُ ض المفسرين – وبع ُ قال بع ُ
سَرْين (( . سٌر ي ُ ْ ع ْ ب ُ يغل َ
مرا ً ﴾ . ث بعد ذَل ِ َ َ
كأ ْ د ُ َ ْ َ ح ِ ه يُ ْ ل الل ّ َ ع ّ ه ﴿ :لَ َ وقال سبحان ُ
َ
ن ب ﴾ ﴿.إ ِ ّ ري ٌ ق ِ ه َ صَر الل ّ ِ ن نَ ْ مه﴿ :أل إ ِ ّ ل اس ُ لج ّ وقا َ
ن﴾ .سِني َ ح ِ م ْ ن ال ْ ُ م َ ب ّ ري ٌ ق ِ ه َ ت الل ّ ِ م َ ح َ َر ْ
صَر مع ن الن ْ مأ ّ ث الصحيح )) :واعل ْ وفي الحدي ِ
ب (( . ع الك ُْر ِ م َ ج َ فَر َ ر ،وأن ال َ صب ْ ِ ال ّ
وقال الشاعُر :
إذا تضايقَ أمٌر ب المرِ أدناهُ فأقر ُ
وقال آخُر : فانتظْر فََرحا ً إلى الَفرِج
ت ن ونام ْ ت أعي ٌ سهر ْ ن أو ن تكو ُ في شؤو ٍ
ن
عيو ُ
ما م فدِع اله ّ ن
ن تكو ُُ جنو مل ُ ـلُنك الهمو َ
مـ
نكا ْ َ ح
تماف ِ ك َ استطع َ إن رب ّا ً كفا ك في غدٍ س سيكفي َ ـ ِ
وقال آخُر : بالمـ ن
ما يكو ُ
دِع المقاديَر تجري ن إل خالي ول تنام ّ
ع ّي ِْتها
ن غمضةِأعن ن في ما بي َ ل
ل البا ٍِ من حا ه ِ يغي ُّر الل ُ
ٍ
وانتباهِتها
************************** لإلى حا ِ **********
وقفــة
ل تحزن
71
ن أموالك التي في خزانِتك وقصوَرك ن :فإ ّ ل تحز ْ
س: ن والسى واليأ ِ ة ،وبساتيَنك الخضراَء ،مع الحز ِ السامق َ
ك. م َك وغ ّ م َ ك وه ّسِف َزيادة ٌ في أ َ
ن عقاقير الطباء ،ودواء الصيادلةِ ، ن :فإ ّ ل تحز ْ
ك ،وقد ْ أسكنت الحزن قلَبك ، ب ل تسعد ُ َ ة الطبي ِ ووصف َ
دك . حك ،وألحفَته جل َ ت له جوان َ ت له عينك ،وبسط َ وفرش َ
ك الدعاَء ،وُتجيد ُ النطراح على ن :وأنت تمل ُ ل تحز ْ
ك ك الملو ِ ن المسكنة على أبواب مل ِ ِ ة ،وُتحس ُ ت الربوبي ِ عتبا ِ
نة تمريغ الجبي ِ ك ساع ُ ل ،ولدي َ ث الخيُر من اللي ِ ك الثل ُ ،ومع َ
في السجودِ .
ك الرض وما فيها ،وأنبت خل َقَ ل َ ن الله َن :فإ ّ ل تحز ْ
ج، ج بهي ٍ ل زو ٍ ت بهجةٍ ،وبساتين فيها من ك ّ لك حدائقَ ذا َ
ت ،وخمائل ت له طلعٌ نضيد ٌ ،ونجوما ً لمعا ٍ ونخل ً باسقا ٍ
وجداول ،ولكّنك تحزن !!
ق
ب الماء الزلل ،وتستنش ُ ن :فأنت تشر ُ ل تحز ْ
ك آمنا ً الهواء الط ّْلق ،وتمشي على قدمْيك معافى ،وتنام ليل َ
.
***************************************
ر
أكث ِْر من الستغفا ِ
فارًا}{10 غ ّ ن َ كا َ ه َ فُروا َرب ّك ُ ْ
م إ ِن ّ ُ غ ِ ست َ ْ تا ْ قل ْ ُ ف ُ﴿ َ
َ
ل
وا ٍ م َ م ب ِأ ْ ددْك ُ ْ م ِ وي ُ ْ مدَْرارًا}َ {11 كم ّ عل َي ْ ُ ماء َ س َ ل ال ّ س ِي ُْر ِ
هارا ً﴾ . وبِنين ويجعل ل ّك ُم جّنات ويجعل ل ّك ُ َ
م أن ْ َ ْ ٍ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ
ل ،والرزق ة البا ِ ح وراح َ فأكثر من الستغفارِ ،لترى الفَر َ
ث الغزيَر . ة ،والغي َ ل ،والذرية الصالح َ الحل ِ
﴿ وأ َ
كم ع ُ مت ّ ْ ه يُ َ م ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْ ِ م ثُ ّ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ غ ِ ست َ ْنا ْ َ ِ
َ َ ً
لض ٍف ْ ل ِذي َ ت كُ ّ ؤ ِ وي ُ ْ
مى َ س ّ م َ ل ّ ج ٍ سنا إ ِلى أ َ ح َ مَتاعا ً َّ
ه ﴾. ضل َ ُ ف ْ َ
ل تحزن
72
لر جع َ ن الستغفا ِ ث )) :من أكثر م َ وفي الحدي ِ
ق
ل ضي ٍ فَرجا ً ،ومن ك ّم َ
له ّ نك ّ هم ْ هل ُ
الل ُ
مخرجا ً (( .
ث الذي في البخاري )) : ك بسي ّدِ الستغفار ،الحدي ُ وعلي َ
دك ، ه إل أنت ،خلقتني وأنا عب ُ م أنت ربي ل إل َ الله ّ
ت ،أعوذُ بك من دك ما استطع ُ دك ووع ِ وأنا على عه ِ
ي ،وأبوءُ بذنبي ك بنعمِتك عل ّ ت ،أبوءُ ل َ شّر ما صنع ُ
ه ل يغفُر الذنوب إل أنت((. فْر لي ،فإن ُ فاغ ِ
**********************************
ه دائما ً
ر الل ِ علي َ
ك بذك ِ
َ
ب﴾. قُلو ُ ن ال ْ ُ مئ ِ ّ ه ت َطْ َ ر الل ّ ِ ِ ذك ْ قال سبحانه ﴿ :أل َ ب ِ ِ
َ َ
ن ذي َ ها ال ّ ِ م﴾ .وقال َ ﴿ :يا أي ّ َ فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ وقال َ ﴿ :
حوهُ ب ُك َْر ً
ة سب ّ ُ و َ كرا ً ك َِثيرًا}َ {41 ه ِذ ْ مُنوا اذْك ُُروا الل ّ َ آ َ
مُنوا َل َ َ
نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ صيل ً ﴾ .وقال سبحانه َ ﴿ :يا أي ّ َ وأ ِ َ
ّ ْ ُ َ َ َ ُ ُ َ ْ
ه ﴾ .وقال ﴿ : ر الل ِ عن ِذك ِ م َ ولدُك ْ ول أ ْ م َ والك ْ م َ مأ ْ هك ُ ْ ت ُل ِ
ك د َرب ّ َ م ِ ح ْ ح بِ َ سب ّ ْ و َ ت ﴾ .وقال َ ﴿ : سي َ ذا ن َ ِ ك إِ َكر ّرب ّ َ واذْ ُ َ
جوم ِ وإ ِدَْباَر الن ّ ُ ه َ ح ُ سب ّ ْ ف َ ل َ ن الل ّي ْ ِ م َ و ِ م}َ {48 قو ُ ن تَ ُ حي َ ِ
ذا ل َ ِ مُنوا ْ إ ِ َ َ
ة فئ َ ً م ِ قيت ُ ْ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ ﴾ .وقال سبحانه َ ﴿ :يا أي ّ َ
ن ﴾. حو َ فل َ ُ م تُ ْ عل ّك ُ ْ ه ك َِثيرا ً ل ّ َ واذْك ُُروا ْ الل ّ َ فاث ْب ُُتوا ْ َ َ
ل الذي يذكُر رّبه مث َ ُ ث الصحيِح َ )) : وفي الحدي ِ
ت (( . ي والمي ِ ل الح ّ مث َ ُوالذي ل يذكُر رّبه َ ،
ق المفّردون (( .قالوا :ما سب َ َ وقوله َ )) :
ل اللهِ ؟ قال )) الذاكرون الله كثيرا ً المّفردون يا رسو َ
والذاكرات (( .
كم ل أعمال ِ ِ ث صحيٍح )) :أل أخبُركم بأفض ِ وفي حدي ٍ
ب ق الذه ِ م من إنفا ِ ر لك ْ م وخي ْ ٍ ،وأزكاها عند مليك ِك ُ ْ
وكم فتضربوا م من أن تلقوا عد ّ ر لك ْ ق ،وخي ٍ ر ِ والو ِ
م (( ؟ قالوا :بلى يا رسول قك ُ ْ م ويضربوا أعنا ُ ه ْ أعناق ُ
ه (( . اللهِ .قال ِ )) :ذك ُْر الل ِ
ل تحزن
73
ن رجل ً أتى إلى رسول فقال : وفي حديث صحيح :أ ّ
تي ،وأنا ك َب ِْر ُ
ت عل ّ ن شرائع السلم قد ْ ُ
كثَر ْ يا رسول اللهِ إ ّ
ل لسان ُ َ
ك ث بهِ .قال )) :ل يزا ُ فأخبْرني بشيٍء أتشب ّ ُ
ه (( . طبا ً بذك ِ
ر الل ِ ر ْ
*****************************************
ه
ح الل ِ
و ِ
ن َر ْ
سم ْ
ل تيأ ْ
ن م ال ْ َ َ ْ ّ ّ ﴿ إن ّه ل َ ييأ َ
﴾ فُرو َ
كا ِ و ُ
ْ ق ل ا لِ إ ه
ِ ل ال ح و ر
ّ ْ ِ من
ِ س
ُ َ ْ ِ ُ
.
ذُبوا ْ َ َ
قدْ ك ُ ِ م َ ه ْ وظَّنوا ْ أن ّ ُ ل َ س ُ س الّر ُ ست َي ْأ َ ذا ا ْ حّتى إ ِ َ ﴿ َ
صُرَنا ﴾ . م نَ ْ ه ْ جاء ُ َ
ن ﴾. مِني َ م ْ
ؤ ِ جي ال ْ ُ ك ُنن ِ وك َذَل ِ َم َ غ ّ ن ال ْ َ م َ جي َْناهُ ِ ون َ ّ
﴿ َ
ي
ك اب ْت ُل ِ َهَنال ِ َ ه الظُّنوَنا}ُ {10 ن ِبالل ّ ِ وت َظُّنو َ ﴿ َ
ديدا ً﴾ . ش ِ زل َْزال ً َ زلوا ِ
وُزل ْ ِ ُن َ مُنو َ ؤ ِ م ْال ْ ُ
******************************************
من أساء إلي َ
ك فع ّ
اع ُ
م من ظ ،وهو الذي يدفُعه المنتق ُ ص الباه ِ صا ِ ن الَق َ ثم ُ
مهِ ، مهِ ود ِ م :يدفُعه من قلِبه ،ومن لح ِ س ،الحاقد ُ عليه ْ النا ِ
ن
من أعصاِبه ومن راحت ِهِ ،وسعادِته وسرورِهِ ،إذا أراد أ ْ
ك. حَقد َ .إنه الخاسُر بل ش ّ م أو َ ب عليهِ ْ يتشّفى ،أو غض َ
جهِ ، ه سبحانه وتعالى بدواِء ذلك وعل ِ وقد ْ أخبَرنا الل ُ
س ﴾. ن َ الّنا ِ ع ِ ن َ في َ عا ِ وال ْ َ ظ َ غي ْ َن ال ْ َ مي َ كاظِ ِ وال ْ َلَ ﴿: فقا َ
فو ْ
ن ع ِض َ ر ْ ع ِ وأ ْ ف َ عْر ِ مْر ِبال ْ ُ وأ ُ ع ْ َ َ ذ ال ْ َ خ ِ لُ ﴿: وقا َ
ن ﴾. هِلي َ جا ِ ال ْ َ
َ
كذي ب َي ْن َ َ ذا ال ّ ِ فإ ِ َ ن َ س ُ ح َ يأ ْ َ ع ِبال ِّتي ِ
ه ف ْل ﴿ :ادْ َ وقا َ
م﴾. عداوةٌ ك َأ َ
مي ٌح ِ ي َ َ ّ ِ ل و ه
ُ ّ ن ه َ َ َ وب َي ْن َ َُ
*************************************
عندك نعم كثيرة
ل تحزن
74
فك ّْر في ن ِعَم ِ اللهِ الجليلةِ وفي أعطيات ِهِ الجزيلةِ ،
ك مغموٌر بأعطيات ِهِ . م أن َ واشك ُْره ُ على هذهِ النعم ِ ،واعل ْ
ه لَ ة الل ّ ِ م َ ع َ دوا ْ ن ِ ْ ع ّ وِإن ت َ ُ قال سبحانه وتعالى َ ﴿ :
ها ﴾ . صو َ ح ُ تُ ْ
ه َ وقال َ ﴿ :
ة ﴾. وَباطِن َ ً هَرةً َ ظا ِ م ُ ع َ م نِ َعل َي ْك ُ ْغ َ
سب َ َ
وأ َْ
ه﴾. ن الل ّ ِ م َ ف ِ ة َ م ٍ ع َمن ن ّ ْ كم ّ ما ب ِ ُ و َوقال سبحانه َ ﴿ :
َ
عل ج َ م نَ ْ مهِ عليهِ ﴿ :أل َ ْ وقال سبحانه وهو يقرُر العبد ُ بنع ِ
ه
هدَي َْنا ُ و َن}َ {9 فت َي ْ ِ ش َ و َ سانا ً َ ول ِ َ ن}َ {8 عي ْن َي ْ ِه َ لّ ُ
ن﴾. جدَي ْ ِ الن ّ ْ
ةة العافيةِ ،ونعم ُ ة الحياةِ ،ونعم ُ م ت َت َْرى :نعم ُ ع ٌ
نِ َ
ن والرجلْين ،والماِء والهواِء ، ة البصرِ ،واليدي ِ السمِع ،ونعم ُ
م(. ة الهدايةِ الربانية ) :السل َ ُ والغذاِء ،ومن أجّلها نعم ُ
س :أتريد ُ بليون دولر في عينيك ؟ أترُيد بليون ل أحد ُ النا ِيقو ُ
دولرٍ في أذنيك ؟ أتريد ُ بليون دولر في رجليك ؟ أتريد ُ بليون
م من دولرٍ في يديك ؟ أتريد ُ بليون دولرٍ في قلبك ؟ ك ْ
شك َْرها !! . ت ُ ل الطائلةِ عندك وما أدي َ الموا ِ
****************************************
الدنيا ل تستحق الحزن عليها
م
ن ل تهت ّ ميها ويعمُقها :أ ْ ت السعادة وين ّ ن مما يثب ُ إ ّ
مه الخرة ُ . ب الهمةِ العاليةِ ه ّ بتوافهِ المورِ ،فصاح ُ
مل اله ّ صي أحد إخواِنه :اجع ْ ف وهو ُيو ِ قال أحد ُ السل ِ
ف م الوقو ِ م الخرة ،ه ّ م لقاِء اللهِ عز وجل ،ه ّ ما ً واحدا ً ،ه ّ ه ّ
ة ﴾. في َ ٌخا ِ م َ منك ُ ْ فى ِ خ َ ن َل ت َ ْ ضو َعَر ُ ذ تُ ْ مئ ِ ٍ و َ
بين يدي ْهِ ﴿ ،ي َ ْ
م هذه م ،أي ّ ه ّ ل من هذا اله ّ م إل وهي أق ّ فليس هناك همو ٌ
الحياةُ ؟ مناصِبها ووظاِئفها ،وذهِبها وفضِتها وأولِدها ،
هها وشهرِتها وقصوِرها ودوِرها ،ل شيء !! وأمواِلها وجا ِ
ءه ُ المنافقين فقال ﴿ : ل وعل قد وصف أعدا َ هج ّ والل ُ
مهم : ق ﴾ ،فه ّ ح ّ غي َْر ال ْ َ ه َ ن ِبالل ّ ِ م ي َظُّنو َ ه ْ س ُ ف ُ م َأن ُه ْ مت ْ ُ
ه ّأَ َ
ة أبدا ً ! م عالي ٌ م ٌم هِ َ سْهم وبطوُنهم وشهواُتهم ،وليست له ْ أنف ُ
ل تحزن
75
ت الشجرةِ انفلت أحد ُ المنافقين ما بايع الناس َنح َ ول ّ
حصولي على جملي هذا ل:ل ُ ه أحمر ،وقا َ لل ُ م ٍج َ
ث عن َ يبح ُ
ب م مغفوٌر له إل ّ صاح َ م .فوَرد َ » :كّلك ْ ي من بْيعت ِك ُ ْ ب إل ّ أح ّ
ل الحمرِ « . الجم ِ
ه ،وقال لصحابهِ :ل ه نفس ُ ن أحد المنافقين أهمت ْ ُ إ ّ
حّرا ً شد ّ َ م أَ َ هن ّ َج َ ل َناُر َ ق ْ تنفروا في الحّر .فقال سبحانه ُ ﴿ :
﴾.
سه ، مه نف ُ فت ِّني ﴾ .وه ّ ول َ ت َ ْ ذن ّلي َ وقال آخُر ﴿ :ائ ْ َ
طوا ْ ﴾ . ق ُ س َة َ في ال ْ ِ
فت ْن َ ِ فقال سبحانه ﴿ :أ َل َ ِ
وال َُنا َ
غل َت َْنا أ ْ
م َ ش َ هم َ ﴿ : م وأهلو ْ م أموال ُهُ ْ وآخرون أهمت ْهُ ْ
ة، ة الرخيص ُ م التافه ُ فْر ل ََنا ﴾ .إنِها الهمو ُ غ ِ ست َ ْفا ْ وأ َ ْ
هُلوَنا َ َ
مالتي يحمُلها التافهون الرخيصون ،أما الصحابة الجل ُّء فإنه ْ
يبتغون فضل ً من اللهِ ورضوانا ً .
**********************************
م
ن واطرِد اله ّ
ل تحز ْ
ة، ة بطال َ ٌل ،والعطال َ ُ ة ،والفراغُ قات ٌ ة المؤمن غ َْفل َ ٌ راح ُ
ن. ن الفارغو َ س هموما ً وغموما ً وكدرا ً العاطلو َ وأكثُر النا ِ
ل الجاد ّ س من العم ِ ل المفالي ِ س ما ِس رأ ُ ف والهواج ُ والراجي ُ
المثمرِ .
ب ح ،واكت ْ ل وسب ّ ْ ل وطالعْ ،وات ْ ُ ل ،وزاو ْ فتحّرك واعم ْ
ة للفراِغ ،إنك يوم ل دقيق ًن وقِتك ،ول تجع ْ وُزْر ،واستفد ْ م ْ
س، س والوساو ُ م ،والهاج ُ م والغ ّل عليك اله ّ تفرغ ُ يدخ ُ
ن. ب الشيطا ِ ح ميدانا ً للعي ِ وتصب ُ
*************************************
اطلب ثوابك من ربك
ل عملك خالصا ً لوجهِ اللهِ ،ول تنتظْر شكرا ً من أحدٍ اجع ْ
س ،ووجدته م إذا أحسنت لحد ٍ من النا ِ م ول تغت ّ
،ول تهت ّ
ل تحزن
76
لئيما ً ،ل يقد ّْر هذهِ اليد البيضاء ،ول الحسنة التي أسديتها
ب أجرك من اللهِ . إليه ،فاطل ْ
هن الل ّ ِ م َ ضل ً ّ ف ْ ن َ غو َ يقول سبحانه عن أولياِئه ﴿ :ي َب ْت َ ُ
ضوانا ً ﴾ .وقال سبحانه عن أنبياِئه ﴿ :وما أ َ َ
م سأل ُك ُ ْ ْ َ َ ر ْ َ ِ و
َ
َ َ َ
م﴾ ﴿. و ل َك ُ ْ ه َ ف ُر َ ج ٍ نأ ْ م ْ كم ّ سأل ْت ُ ُ ما َ ل َ ق ْ ر﴾ُ ﴿. ج ٍ نأ ْ م ْ ه ِ عل َي ْ ِ
َ
م مك ُ ْ ع ُ ما ن ُطْ ِ جَزى﴾ ﴿ .إ ِن ّ َ ة تُ ْ م ٍ ع َمن ن ّ ْ عندَهُ ِ د ِ ح ٍ ما ِل َ َ و َ َ
كورا ً﴾ . ش ُ وَل ُ جَزاء َ م َ منك ُ ْ ريدُ ِ ه َل ن ُ ِ ه الل ّ ِ ج ِ و ْ لِ َ
قال الشاعُر :
ل الخيَر ل ن يفع ِ م ْ َ ف بين ب الُعر ُ ل يذه ُ
ه
بجوازِي َ ُ يعدم س اللدهِ والنا
ح ويعطي ويمن ُ وحدهُ فهو الذي ُيثي ْ ُ الحد ِ ل الواح َ فعام ِ
ه وتعالى . ب ،سبحان ُ ب ،ويرضى ويغض ُ ب ويحاس ُ ،ويعاق ُ
ل شهداُء بقندهار ،فقال عمُر للصحابةِ :من القتلى ؟ ُقت َ
ت عينا س ل تعرُفهم .فدمع ْ ه السماء ،فقالوا :وأنا ٌ فذكروا ل ُ
مهم . ن الله يعل َ ُ عمَر ،وقال :ولك ّ
ذجا ً ) من أفخ ِ
ر م أحد ُ الصالحين رجل ً أعمى فالوْ َ وأطع َ
ل! ت ( ،فقال أهُله :هذا العمى ل يدري ماذا يأك ُ الكل ِ
ن الله يدري ! ل :لك ّ فقا َ
دمته من خيرٍ ، م ما ق ّ مط ّل ِعٌ عليك ويعل ُ ه ُ ن الل َ ما دام أ ّ
ل ،فما عليك من ن فض ٍ هم ْ وما عملته من ب ِّر وما أسديت ُ
س. النا ِ
********************************
ل ع ّ
ذا ِ ن وع ْ
ذل ال ُ لوم اللئمي َ
ضروك ُم إل ّ أ َ
مام ّ
ق ّ ٍ ْ ي ض
َ في ِ ك ُ َ ت َ ل و
َ ﴿ ﴾ ذىً ْ َِ ﴿ َلن ي َ ُ ّ
فى وك َ َ ه َ عَلى الل ّ ِ ل َ وك ّ ْ وت َ َ م َ ه ْ ذا ُ عأ َ ود َ ْ ن﴾َ ﴿. مك ُُرو َ
يَ ْ
قاُلوا ﴾ . َ
ما َ م ّ
ه ِ فب َّرأهُ الل ّ ُ كيل ً ﴾ َ ﴿ . و ِ ه َ ِبالل ّ ِ
ل يضّر البحَر أمسى م ن رمى فيهِ غل ٌ أ ْ
قالا ً )) : :ل ن الرسول زاخر حسن أ ّ جْر ح َ وفي حدي ب ِ ٍ َ
ث
ج
ن أخر َ بأ ْ ح ّ تبّلغوني عن أصحابي سوءا ً ،فإني أ ُ ِ
ر (( . صد ِ م ال ّ م وأنا سلي ُ إليك َ
ل تحزن
77
***********************************
د ،فإن
ت الي ِ
ة ذا ِن قل ّ ِ
نم ْ ل تحز ْ
ة
سلم ُ ة معها ال ّ قل ّ ُال ِ
ة،ة فيها السلم ُ ح ،والقل ّ ُ ت الرو ُ م تعقد ِ ه الجس ُ كّلما ترفّ َ
ه لمن شاَء من دمها الل ُ ة يق ّة عاجل ٌ والزهد ُ في الدنيا راح ٌ
َ
ها ﴾ . عل َي ْ َ ن َ م ْ
و َ ض َ ث اْلْر َ ر ُ
ن نَ ِح ُ عبادهِ ﴿ :إ ِّنا ن َ ْ
دهم : قال أح ُ
ماٌء وخبٌز وظ ِ ّ
ل لج ّ م ال َ ذاك النعي ُ
ة رّبي ت نعم َ كفر ُ ل مق ّ ت إني ُ ن قل ُ إ ْ
ف !! ل وار ٌ ئ ،وظ ٌ ي الدنيا إل ماٌء بارد ٌ وخبٌز داف ٌ ما ه َ
وقال الشافعي :
أمطري لؤلؤا ً سماء ب وفِيضي آباَر ـ َ
نديـ تسر برا رور ت ْ
ت لسْ ُ ن عش ُ أنا إ ْ ت لس ِ ُ توإذا تمك ُ ّ
الملو ً
كقوتا ِ مأعد ُ ة
م ُمتي هِ ّ ه ّ ترى مّرقبرا أعدح ُ س
نف ُ
م، ونفسيدعوت ِهِ ْ صادقين في م ،ال ّ فرابمبادِئه ْ ة كُ ْ
الواثقينالمذل ّ َ إنها عّزة ُ
م. الجاّدين في رسالت ِهِ ْ
*********************************
و ّ
قع ما ي ُت َ َ
نم ّ
ل تحز ْ
ن! ُوجد َ في التوراةِ مكتوبا ً :أكثُر ما ُيخاف ل يكو ُ
ن
س ل يقعُ ،فإ ّ ه النا ُ ن كثيرا ً مما يتخوّفُ ُ ومعناه ُ :إ ّ
ن.ث في العيا ِ ن ،أكُثر من الحواد ِ م في الذها ِ الوها َ
ن ول ل وتأ ّ ت بمصيبةٍ ،فتمهّ ْ ث ،وسمع َ إذا جاءك حد ٌ
حة لها ،إذا ن كثيرا ً من الخبارِ والتوّقعات ل ص ّ ن ،فإ ّ تحز ْ
ن فأين ه ،وإذا لم يك ْ ث عن ُ ف للقدرٍ فُيبح ُ كان هناك صار ٌ
ن؟! يكو ُ
صيٌر ِبال ْ ِ فوض أ َ ﴿ َأ ُ
عَباِد} ن الل ّ َ
ه بَ ِ ه إِ ّ ري إ َِلى الل ّ ِ ِ م
ْ ُ ّ َ
مكُروا ﴾. َ ما َ ت َ سي َّئا ِ ه َ ّ
قاهُ الل ُ و َ
ف ََ {44
ل تحزن
78
***********************************
ساِد
ح ّ
ل وال ُ
ل الباط ِ ن ْ
قد أه ِ
م رك ،ث ّ م – على صب ِ م وحسدهِ ْ فإنك مأجوٌر – من نقده ْ
س كلبا ً ميتا ً ، ن الناس ل ترف ُ م يساوي قيمتك ،ثم إ ّ ن نقدهُ ْ إ ّ
ساد لهم . ح ّ والتافهين ل ُ
م: ده ْ قال أح ُ
إن العرانين تلقاها س ول ترى ل ِل َِئام ِ النا ِ
سدةً ح ّ م َُ سادا ح ّ ُ
وقال الخر :
دوا الفتى إذ ْ لم س ُ ح ََ هس أعداٌء ل ُ فالنا ُ
هِء ينالوا سعي َ
الحسنا ُ كضرائرِ م
ه وخصوإن ُ ُ حسدا ً ومقتا ً
قُْلن لوجهَِها م
لذمي ُ
وقال زهيٌر :
دون على ما س ُ مح ّ ُ م ما ل ينزعُ الله منه ْ
وقالم ٍآخُر : كان من ن ِعَ سدوا ح ِ له ُ
م يحسدوني على ه ْ تل حتى على المو ِ
موتي فوا أسفا ً ن الحسدِ م َ أخلو ِ
الشاعُر : لوقا ُ
من ظلم ِ ت ِ وشكو َ ذا سؤددٍ إل ُأصيب
تجمد ِْ الكرا ن
سبطول ْ الوشاةِ
ل زلت يا ِ غي ُدِ
ر س
ح ّ نُه المسكي ب ُ والتاف ُ
ه
فقال الل ُ سدا ً مح ّ ه، س عن ُ سدِيك ّ محأ ْ سأ َ
ة النا ِ ف ألسن َ نّ بل موسى ر ّ
ت ذلك لنفسي ، ل )) :يا موسى ،ما اتخذ ُ عّز وج ّ
م ،وإنهم يسّبون َِني ه ْ ق ُقهم وأرز ُ إني أخل ُ
ويشُتمونِني (( !!
ل: ه عّز وج ّ ل الل ُ ه قال )) :يقو ُ ه أن ُ ح عن ُ وص ّ
ن آدم ،وما ينبغي له م ،ويشتمني اب ُ ن آد َ يسّبني اب ُ
ب الدهر ،وأنا الدهُر ، ه يس ّ م سّبه إياي فإن ُ ذلك ،أ ّ
مه إياي ، ل والنهاَر كيف أشاءُ ،وأما شت ُ ب اللي َ أقل ّ ُ
ةس لي صاحب ٌ ة وولدا ً ،ولي َ ن لي صاحب ً ل:إ ّ فيقو ُ
د((. ول ول ٌ
ل تحزن
79
ة البشرِ عن فْري ن تستطيع أن تعتقل ألسن َ كل ْ إن َ
ل الخيَر ،وتجتنب كلمهم ضك ،ولكنك تستطيعُ أن تفع َ عْر ِ ِ
ونقدهم .
م: قال حات ٌ
ن
وكلمةِ حاسد ٍ م ْ مّري ت ٌ ت فقل ُ سمع ُ
يجْرم ِ
ولم علرِ ّ وعابوها غي فانفذيأبدا ً
ني ولم يند لها
وقال آخُر : تعِْبني جبيني
ولقد ْ أمّر على تل مة قل ُ ت ثَ ّ فمضي ُ
ث: بني ثال ٌ وقال س ّالسفيهِ ي ُ يعنيني
ه فل سفي ُ ق ال ّ إذا ن َط َ َ ن إجاب ِِته م ْ فخيٌر ِ
من النبلِء ه
جب ْ ُ تُ
سافرا ً ِ ديا ًوالمخوسين يجدون تح ّ تن التافهين السكو ُ إ ّ
واللمعين والجهابذةِ .
إذا محاسني اللئي أ ُدِ ّ
ل ل لي ت ذنوبي فَُق ْ كان ْ
بها ً ُ كيف أعتذُر؟!
ت ْ ارتفع إذا ، ا اضطراب يعيشون ب أهل الثراِء في الغال ِ
ة مَز ٍ ه َ ل ُ ل ل ّك ُ ّ وي ْ ٌ ط الدم ِ عندهم َ ﴿ ، ض ضغ ُ مهم انخف َ أسه ُ
َ
ن بأ ّ س ُ ح َ ه} {2ي َ ْ عدّدَ ُ و َ مال ً َ ع َ م َ ج َ ذي َ ة} {1ال ّ ِ مَز ٍ لّ َ
ة﴾. م ِ حط َ َ في ال ْ ُ ن ِ ه} {3ك َّل ل َُينب َذَ ّ خل َدَ ُه أَ ْ مال َ َُ
صحيح ،ثم أدْر ٌ ل ما هو ب :افع ْ ل أحد ُ أدباِء الغَْر ِ يقو ُ
ف! ل نقد ٍ سخي ٍ ظهرك لك ّ
ة
ب :ل ترد ّ على كلمةٍ جارح ٍ د والتجار ِ ومن الفوائ ِ
ب، ن المعاي ِ ل دف ُ ن الحتما َ فيك ،أو مقولةٍ أو قصيدةٍ ،فإ ّ
ف، ة وشر ٌ والحلم عّز ،والصمت يقهُر العداء ،والعفو مثوب ٌ
ف الخُر ما ف الذين يقرؤون الشتم فيك نسوه ُ ،والنص ُ ونص ُ
خ س ْ ة ! فل ُتر ّ ب وما القضي ُ قرؤوه ،وغيرهم ل يدرون ما السب ُ
ه بالرد ّ على ما قيل . مق ُ ذلك أنت وتع ّ
ص س مشغولون عني وعنك بنق ِ ل أحد ُ الحكماِء :النا ُ يقو ُ
دهم يُنسيهم موتي وموتك . ن ظمأ أح ِ زهم ،وإ ّ خب ِ
ل تحزن
80
ت مليءة مع خبز الشعيرِ ،خيٌر من بي ٍ
ت فيه سكين ٌ
بي ٌ
بأعدادٍ شهيةٍ من الطعمةِ ،ولكنه روضة للمشاغبة والضجيج
.
***********************************
وقفــة
ل، ب يحو ُ ل ،والمصا َ ض يزو ُ ن المر َ ن :فإ ّ ل تحز ْ
ب ك ،والغائ َ س ُيف ّن ُيقضى ،والمحبو َ ب ُيغفُر ،والد ّي ْ َ والذن َ
ب ،والفقيَر يغتني . م ،والعاصي يتو ُ يقد ُ
ن :أما ترى السحاب السود كيف ينقشعُ ، ل تحز ْ
ن، صَر كيف تسك ُ صْر َ والليل البهيم كيف ينجلي ،والريح ال ّ
شك دك إلى رخاء ،وعي ُ والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذا ً فشدائ ُ
إلى هناء ،ومستقبُلك إلى ن َْعماِء .
ل ،وظمأ ُ ف الظ ّ ه وار ُ ب الشمس يطفئ ُ ُ ن :لهي ُ ل تحز ْ
خب ُْز ة الجوِع ُيسك ُّنها ال ُ ض ٌالهاجرةِ ُيبرُده الماُء النميُر ،وعَ ّ
ض
م المر ِ م لذيذ ٌ ،وآل ُ ه نو ٌ ئ ،ومعاناةُ السهرِ يعقب ُ ُ الدافِ ُ
ي َُزُيلها لذيذ ُ العافيةِ ،فما عليك إل الصبُر قليل ً والنتظاُر
ة. لحظ ً
ف جَز الحكماُء ،ووق َ ن :فقد ْ حارِ الطباُء ،وعَ َ ل تحز ْ
ُ
ل الشعراء ،وبارت الحيل أمام نفاذِ القدرةِ ، العلماُء ،وتساء َ
ة: ن جبل َ
يب ُ ووقوِع القضاِء ،وحتميةِ المقدورِ قال عل ّ
نج يكو ُ عسى فر ٌ ل نفسنا بعسى نعل ّ ُ
عسى
فل تقنط وإن لقْيـ ضما ً يقب ُ ـت ه ّ
ن ب ما يكو ُ فأقر ُ سان فرٍج إذاال ّيئنف ِ َ
سا م ْ ُء ِ
المْر
***************************************
ه لك
اختْر لنفسك ما اختاره الل ُ
ن أقعدك ،واصبْر إذا أفقَرك ،
م إن أقامك ،واقعد ْ إ ْ
ق ْ
واشكْر إذا أغناك .
ل تحزن
81
ت باللهِ ربا ً ،وبالسلم ِ دينا ً ،
فهذه من لوازم )) :رضي ُ
وبمحمد نبيا ً (( .
م: قال أحد ُهُ ْ
ل ُتدب ّْر لك أمرا ً فأولوا التدبيرِ هْلكى
ض عّنا إنوار َ منكا
ن أولى ِبك ِ نح ُ
منا
حك ْ
َ
***************************************
ب تصّرفات الناس
ل تراق ْ
فإّنهم ل يملكون ضّرا ً ول نفعا ً ،ول موتا ً ول حياة ول
نشورا ً ،ول ثوابا ً ول عقابا ً .
دهم : قال أح ُ
س
ن راقب النا َ م ْ َ وفاز باللذةِ الجسوُر
شار : وقال ب ّما ً ته ّ ما َ
من راقب الناس لم ت وفاز بالطيبا ِ
بحاجتلهِوْ علم بهِ ش ْ يع فيْرج أدهم :نحنيظف بن ُ ِ مالل ّه لالفات ِ ُ
ك
إبراهي ُ قا َ
ٍ
ف. ك لجالدونا عليهِ بالسيو ِ الملو ُ
ل :إن كان ل ،أقو ُ ب حا ٌ ن تيمية :إنه ليمّر بالقل ِ وقال اب ُ
ب. ش طي ٍ ل حاِلنا إنهم في عي ٍ ل الجنةِ في مث ِ أه ُ
ص طربا ً ،من ت يرق ُ ب حال ٌ قال أيضا ً :إنه ليمّر بالقل ِ
الفرِح بذكرهِ سبحانه وتعالى والنس به .
ن ،وقد ْ أغلق خل السج َ ن تيمية أيضا ً عندما ُأد ِ وقال اب ُ
ب ه َبا ٌ ر لّ ُ سو ٍ هم ب ِ ُ ب ب َي ْن َ ُ ر َض ِ ف ُ ن الباب ،قال ﴿ َ جا ُالس ّ
ب﴾. ذا ُ ع َ ه ال ْ َ قب َل ِ ِمن ِ هُرهُ ِ ظا ِو َ ة َ م ُ ح َه الّر ْ في ِ ه ِ َباطِن ُ ُ
ل أعدائي بي ؟! أنا وقال وهو في سجِنه :ماذا يفع ُ
ن قتلي ت فهي معي ،إ ّ جنتي وبستاني في صدري ،أّنى سْر ُ
ة وسجني خلوة ٌ . شهادة ٌ ،وإخراجي من بلدي سياح ٌ
جد َ من فقد َ الله ؟! وأيّ شيٍء فقد َ يقولون :أيّ شيء وَ َ
ن وجد الله وجد ك ّ
ل من وجد الله ؟! ل يستويان أبدا ً ،م ْ
ل شيٍء . ن فقد الله فقد ك ّ شيء ،وم ْ
ل تحزن
82
ه ،والحمدُ ل :سبحان الل ِ يقول )) : لن أقو ُ
ي مما ب إل ّ ه أكبُر ،أح ّ ه ،والل ُ ه ،ول إله إل الل ُ لل ِ
س (( . ت عليه الشم ُ طلع ْ
م م ودوِره ْ ن الثرياِء وقصوِره ْ فع ِ قال أحد ُ السل ِ
ب ،ويشربون ،وننظُر ل ويأكلون ،ونشر ُ م :نأك ُ وأمواله ْ
ب وُيحاسبون . وينظرون ،ول ُنحاس ُ
قَناك ُ َ خل َ ْ ول َ َ
ة ﴾ مّر ٍ ل َ و َ مأ ّ ْ ما َ دى ك َ َ فَرا َ موَنا ُجئ ْت ُ ُ
قد ْ ِ ﴿ َ
.
ه﴾. سول َ ُ ه َر ُ صدَقَ الل ّ ُ المؤمنون يقولون َ ﴿ :
غُرورا ً ه إ ِّل ُ سول ُ ُ وَر ُ ه َ عدََنا الل ّ ُ و َما َ والمنافقون يقولون ّ ﴿ :
﴾.
ن صنع أفكاِرك فالفكاُر التي تستثمُرها وتفكُر حياُتك م ْ
ت في شها هي التي تؤثُر في حياِتك ،سواٌء كان ْ فيها وتعي ُ
سعادةٍ أو شقاوةٍ .
ت ن ب ُت َِر ْ دهم :إذا كنت حافيا ً ،فانظْر لم ْ ل أح ُ يقو ُ
جل َْين . مد ْ رّبك على نعمةِ الر ْ ساقاه ،تح ّ
قال الشاعُر :
ل قلبي ل يمل ُ الهو ُ ول أضيقُ به ذرعا ً
قبل وقعت ِهِ
************************************ إذا وقعا
أحسن إلى الناس
قة من طر ِ س طريقٌ واسع ٌ ن على النا ِ ن الحسا َ فإ ّ
ه
ل لعبد ِ ن الله يقو ُ ث صحيح )) :إ ّ السعادةِ .وفي حدي ٍ
ت ولم ن آدم ،جع ُ ة :يا اب ّ ه يوم القيام ِ وهو يحاسب ُ ُ
ب مك وأنت ر ّ مني .قال :كيف أطع ُ تطع ْ
ن عبدي فلن ابن العالمين ؟! قال :أما علمت أ ّ
ت ه وجد َمت َ ُك لو أطع ْ ه ،أما إن َ مت ُ
ن جاع فما أطع ْ فل ٍ
م تسقني . ت فل ْ ذلك عندي .يا ابن آدم ،ظمئ ُ
ن! قال :أما ب العالمي َ قال :كيف أسقيك وأنت ر ّ
ئ فما أسقيته ، م َنظ ِ ن عبدي فلن ابن فل ٍ علمت أ ّ
ل تحزن
83
دت ذلك عندي .يا ابن آدم ، و أسقيته وج ْ أما إّنك ل ْ
ب دك وأنت ر ّ عدني .قال :كيف أعو ُ ت فلم ت ُ ض ُ مر ْ
ن عبدي فلن ابن مت أ ّ العالمين ؟! قال :أما عل ْ
ه وجدتني و عدت ْ ه ،أما إنك ل ْ ن مرض فما عدْت َ ُ فل ٍ
عندهُ ؟! (( .
ل كالسابقتين : ة وهي وجدتني عنده ُ ،ولم يق ْ هنا لفت ٌ
سرة قلوُبهم ،كالمريض . ن الله عند المنك ِ وجدته عندي ؛ ل ّ
ن مأ ّ ة أجٌر (( .واعل ْ د رطب ٍ ل كب ٍ ث )) :في ك ّ وفي الحدي ِ
ت كلبا ً ن بني إسرائيل الجنة ،لنها سق ْ أدخل امرأةً بغِي ّا ً م ْ
م وسقى ،ورفع الضائقة وكشف ن أطع َ على ظمأ .فكيف بم ْ
ة ؟! الك ُْرب َ َ
ل زاٍد ه فض ُ ن كان ل ُ م ْه قال َ )) : ه أن ُ ح عن ُ وقد ْ ص ّ
ل ن كان له فض ُ ه ،وم ْ ن ل زاد ل ُ م ْ ه على َ عد ب ِ فلي َ ُ
ه ه (( .أي ليس ل ُ ن ل ظهر ل ُ ه على م ْ ر فليعدْ ب ِ ه ٍظ ْ
ب. مركو ٌ
هصي خادم ُ ه جميلةٍ ،وهو ُيو ِ تل ُ م في أبيا ٍ وقد ْ قال حات ٌ
ن يلتمس ضيفا ً يقو ُ
ل أ ْ
ل ن الليل لي ٌ أوقد ْ فإ ّ ف فأنت إذا أتى ضي ٌ
ويقولقّرلمرأته : حّر ُ
ت الزاد إذا ما صنع ِ ت أكيل ً فإني لس ُ
وقال أيضا ً : هفالتمسي ل ُ ه وحدي آكل ُ ُ
ن المال غادٍ أماويّ إ ّ ل ويبقى من الما ِ
حُءالثرا ٌأماويّ ما ُيغنيورائ يومُرا ً والذ ّك ْ
ت ثالحادي ُ
حشرج ْ إذا
ن الفتى ع ِ وضاق بها الصدُر
ويقول :
فما زادنا فخرا ً على ِغنانا ول أزرى
ذي قرابةٍ بأحسابنا الفْقُر
ٍ م حزا نُ ُ ب ة عرو وقال
أتهزأ ُ مني أن سمِنت ق
بوجهي شحوب الح ّ
وأن ترى والحقّ جاهد ُ
ل تحزن
84
أوّزعُ جسمي في وأحسو قراح الماِء
كثيرةٍفُيطعم م ٍ يبدأ فكانه جاٌر يهوديٌ ،جسو كد ُ ل ُ بار ِ
المبار والماُء ن
وكان اب ُ
اليهوديّ قبل أبنائهِ ،ويكسوه قبل أبناِئه ،فقالوا لليهوديّ :
ف ف قيمُتها ،وأل ٌ ي دينارٍ ،أل ٌ بعنا دارك .قال :داري بألف ْ
ك بذلك ،فقال : ك ! .فسمع ابن المبار ِ جواُر ابن المبار ِ
ن اللهِ !. م اهدِهِ إلى السلم ِ .فأسلم بإذ ِ الله ّ
غرابا ً ت ُ جا ً بقافلةٍ ،فرأى امرأةً أخذ ْ ن المبارك حا ّ ومّر اب ُ
ت: رها غلمه فسألها ،فقال ْ ل في أث ِ ميتا ً من مزبلةٍ ،فأرس َ ْ
ت عيناهُ ،وأمر ما لنا منذ ُ ثلثةِ أيام ٍ إل ما ُيلقى بها .فدمع ْ
جته تلك السنةِ ، بتوزيِع القافلةِ في القريةِ ،وعاد وترك ح ّ
ي مشكوٌر ، ج مبروٌر ،وسع ٌ ل:ح ّ مهِ قائل ً يقو ُ فرأى في منا ِ
ب مغفوٌر . وذن ٌ
عَلى َ
وول َ ْ م َ ه ْ ِ سِ ُ
ف أن ن َ وي ُ ْ
ؤث ُِرو َ لَ ﴿: ه عّز وج ّ ل الل ُويقو ُ
ة ﴾. ص ٌ صا َ خ َ م َ ه ْن بِ ِ كا ََ
م: ل أحد ُهُ ْ وقا َ
إني وأن كنت امرأ ً عن صاحبي في
ُ ْ
لمفيدهمتباعدا ً دعو ِ ِهِ
وسمائ
نصري ُ ته ب هِ ُ أرض
ومجي
ثوبهِا ً ارتدىك َْرب ف
وكاش ُ ت ّندائه ياوصو
وإذا ن عل ِ ّ
ى ليت أ ُ
م أق ْ
ل ّ جميل ً ل ْ ل كسا ُئ ِهِ فض َ
يا للهِ ما أجم َ
ب ! وما أحسن ل الخلقَ ! وما أجل المواه َ
السجايا !
م ل احد ٌ ولو أسرف ،وإنما الند ُ ل الجمي ِ م على فعْ ِ ل يند ُ
ل. نق ّ ل الخطأ وإ ْ على فع ِ
م في هذا المعنى : وقال أحد ُهُ ْ
ن الخيُر أبقى وإ ْ ث ما والشّر أخب ُ
ن بهِ طال الزما ُ
***************************************** ن َزادِ م ْ ت ِ أوْع َي ْ َ
ة
ة نابي ٌ إذا صك ّ ْ
ت أذانك كلم ٌ
ص على جمِع احرِ ْ ن م ْة َواهجْر ملم َ
لالفضائ ِ سد ْح َتشّفى أو َ
ل تحزن
85
ن العمَر م بأ ّ واعل ْ ت ت وبعد المو ِ قُِبل ْ
ة
م طاع ٍ وس ُ م ْ ينقطعُ الحسد ْ
ة
ِ الحساسي ل
ِ أه على ن
ّ إ : ِ ر العص ِ ء ل أحد ُ علما يقو ُ
ن يسكبوا في أعصاِبهم مقادير من المرهفة من النقد ِ أ ْ
البرود ِ أمام النقد ِ الظالم ِ الجائرِ .
ه
ه ،بدأ بصاحب ِ ِ عدَل َ ُ د ما أ ْ و الحس ِ ه دَ ّ وقالوا » :لل ِ
ه «.فقتل ُ
وقال المتنبي :
ذِك ُْر الفتى عمرهُ ل ما فاته وفضو ُ
الثاني وحاجتُه لش أشغا ُ العي ْ ِ
ة. ة حصين ٌ ل جن ٌ ه :الج ُ ه عن ُ ي رضي الل ُ وقال عل ّ
ت ،والشجاعُ ت مّرا ٍ ن يمو ُ وقال أحد ُ الحكماء :الجبا ُ
ت مرةً واحدة ً . يمو ُ
وإذا أراد الله بعبادهِ خيرا ً في وقت الزمات ألقى عليهم
ة منه ،كما وقع النعاس على طلحة رضي الله من َ ً َ
النعاس أ َ
منا ً وراحة َ عنه في أ ُ
ده ،أ ْ ني ِ ْ م ت ٍ مرا فه ُ سي سقط حتى ، حد ُ
ل. با ٍ
ن يزيدٍ بب ُ عة ،فقد ْ نعس شبي ُ ل البد ِ س له ِ وهناك نعا ٌ
ة هي ه غزال ُ س ،وامرأت ُ ُ ن أشجِع النا ِ وهو على بغلت ِهِ ،وكان م ْ
جاج ،فقال الشاعُر : ت الح ّ ة التي طرد ِ الشجاع ٌ
ي وفي أسد ٌ عل ّ من فتخاُء ت َن ِْفُر ِ
ة
نعام ٌَ
ة ب غزال الحرو ِ
إلى ت هل ّ برز َ في الصافرِ كانرِقلُبك أم صفي
في الوغى طائرِ ي
تعالى ْجناح
ن ب َِنا إ ِل ّ صو
َ َ ّ ُ َ ب ر ت لْ ه
َ لْ قُ ﴿ : ّ
ل وج ز
ّ ع ه
وقال الل ُ
إحدى ال ْحسن َيين ون َحن ن َت َربص بك ُ َ
ه م الل ّ ُ صيب َك ُ ُ م أن ي ُ ِ َ ّ ُ ِ ْ ُ ْ َ ْ ِ َ ْ ُ ِ ْ َ
َ َ
كم ع ُ م َ صوا ْ إ ِّنا َ فت ََرب ّ ُ ديَنا َ و ب ِأي ْ ِ هأ ْ د ِ عن ِ ن ِ م ْ ب ّ ذا ٍ ع َ بِ َ
ن﴾. صو َ مت ََرب ّ ُ ّ
ّ فس أ َ ما َ
ن ْ ذ
ِ ِ ِ ِ إ ب ل إ تَ مو ُ َ ت ن
ْ ن ل ِن َ ْ ٍ كا َ و َ وقال سبحانه َ ﴿ :
ها من ْ َ ه ِ ؤت ِ ِ ب الدّن َْيا ن ُ ْ وا َ رد ْ ث َ َ من ي ُ ِ و َ جل ً َ ؤ ّ م َالله ك َِتابا ً ّ
ل تحزن
86
زي ج ِ سن َ ْ و َ ها َ من ْ َه ِ ة نُ ْ
ؤت ِ ِ خَر ِ
ب ال ِ وا َ رد ْ ث َ َ من ي ُ ِ و َ
َ
ن﴾. ري َ شاك ِ ِ ال ّ
وقال الشاعُر :
ت ل لها وقد ْ طار ْ أقو ُ ك ل وْيح ِ من البطا ِ ِ
شعاعا ً عي لل َ ْ
بقاء ت ك لو سأل ِ فإن ِ ك ترا ِل ِ
الذين ُ عن الج ِ
مجام ٍ ِ
ل فصبرا ً في يو تطاعي
ل ُالخلودِ فما نيلم ُ
ت صْبرا ً
الحياة المو ُ ِ
ب وما ثو الخنِع
ع بمستطا فُيخلعُ عن أِخ
ِ
عّز ب ِ ِ بثو ُ اليراِع
ة ول إي والله ،فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون عنه ساع ً
يستقدمون .
ه عنه : ي رضي الل ُ قال عل ّ
من ي ِأيّ يوم ّ م يوم در أ ْ يوم ل قُ ّ
هّر
اف ُ ت
أرهب ُ المو ِدر ل يوم ل قُ ّ من المقدوقُرِد ِ ْلر و ِ
حذ ِْر ينجو ال َ
م
ب لك ُ ه عنه :اطلبوا الموت ُتوهَ ْ وقال أبو بكرٍ رضي الل ُ
الحياة ُ .
*********************************
وقفــة
ة تستغفُر لك، ن الله يدافعُ عنك ،والملئك ُ ن :فإ ّ ل تحز ْ
ي ل صلةٍ ،والنب ّ مك ّوالمؤمنون يشركونك في دعاِئه ْ
ة أرحم دك وعدا ً حسنا ً ،وفوق هذا رحم ُ ن ِيع ُ يشفعُ ،والقرآ ُ
الراحمين .
ة
ن الحسنة بعشر أمثاِلها إلى سبعمائ ِ ن :فإ ّ ل تحز ْ
ن يعفوَ رّبك ة بمثلها إل أ ْ ف كثيرةٍ ،والسيئ ُ ف إلى أضعا ٍ ضعْ ٍ
ِ
سمع مثله ! ومن جود ٍ ل من كرم ٍ ما ُ م للهِ ِ ويتجاوز ،فك ْ
د!
جو ٌ يقارُبه ُ
حملةِ المل ّةِ وأه ِ
ل ن :فأنت من رّوادِ التوحيدِ و َ ل تحز ْ
م إذا ب رسوله ، وتند ُ ب اللهِ وح ّ لح ّ القبلةِ ،وعندك أص ُ
ح إذا أحسنت ،فعندك خيٌر وأنت ل تدري . أذنبت ،وتفر ُ
ل تحزن
87
ن :فأنت على خيرٍ في ضراِئك وسراِئك ، ل تحز ْ
نر المؤم ِ رك ،وشد ِّتك ورخاِئك )) ،عجبا ً لم ِ وغناك وفق ِ
ن
س ذلك إل للمؤمنِ ْ ، خير ،ولي َ
ٌ ن أمرهَ كّله له ،إ ّ
ن أصابْتهأصاْبته سّراءَ فشكر كان خيرا ً له ،وإ ْ
ضّراءُ فصبر فكان خيرا ً له (( .
***********************************
د م ُ
ل الشدائ ِ ه وتح ّر ِ
الصبر على المكا ِ
ة
ح والسعاد ِز والنجا ِق الفو ِ
طري ُ
ل مي ٌ ج ِ صب ٌْر َ ف َ ه﴾َ ﴿. ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ صب ُْر َ ما َ و َ صب ِْر َ وا ْ ﴿ َ
صْبرا ً صب ِْر َ فا ْ ن ﴾َ ﴿ . فو َ ص ُ ما ت َ ِ عَلى َ ن َ عا ُ ست َ َ م ْ ه ال ْ ُ
والل ّ َُ
عَلى صب ِْر َ وا ْ م﴾َ ﴿. صب َْرت ُ ْ ما َ كم ب ِ َ عل َي ْ ُ م َ سل َ ٌ ميل ً ﴾ َ ﴿ . ج ِ َ
طوا ْ ﴾ . وَراب ِ ُ َ
صاب ُِروا ْ َ و َ صب ُِروا ْ َ ك ﴾ ﴿ا ْ صاب َ َ ما أ َ َ
ش « سن العي ِ ه » :بالصبرِ أدركنا ح ْ ه عن ُ قال عمُر رضي الل ُ
.
ن :الصبُر ، ة فنو ٍ ب ثلث ُ ل السنةِ عند المصائ ِ له ِ
ج. دعاُء ،وانتظاُر الَفَر ِ وال ّ
وقال الشاعُر :
مو كأسا ً سقيناهُ ُ كنا على ولكّننا ُ
ونا بمثِلها ْ سق ت أصبر المو ِ
وفي حديث صحيح )) :ل أحد أصبُر على أذى
ن له ولدا ً ه :إنهم يزعمون أ ّ معه من الل ِ س ِ
قهم (( .وقال : ه يعافيهم ويرز ُ ة ،وإن ُ وصاحب ً
ه موسى ،ابُتلي باكثر من هذا حم الل ُ )) ر ِ
فصبَر (( .
ه (( . وقال )) : من يتصب ّْر ُيصّبرهْ الل ُ
ت للمجدِ دبب َ س وألقوا ِ جهد النفو
والساعون قد را ز ُ دونه ال ُ
حتى وكابدوا المجد ن َ
المجد َ ْ
م ُ وعانق
م بأكثُره ْ
المجد لِ تحس ّ
ل م صبرا
المجد حتى ن
أوفى وم ْ ن تبلغ ل ْ
هت آكل ُ ُ تمرا ً أن َ صِبرا تْلعق ال ّ
ل تحزن
88
إن المعالي ل ُتنا ُ
ل بالحلم ِ ،ول بالرؤيا في المنام ِ ،
وإّنما بالحزم ِ والعَْزم ِ .
************************************
كع َ
م َ
ق َ ل ال َ ْ
خل ِ فع ِن من ِ
ل تحز ْ
ق
عِلهم مع الخال ِ وانظْر إلى ف ْ
ل )) :عجبا ً ب الزهد ِ ،أن الله يقو ُ
عند َ أحمد في كتا ِ
لك يا ابن آدم ! خلقُتك وتعبدُ غيري ،ورزقُتك
ي عنك ، ب إليك بالنعم ِ وأنا غن ّ وتشكُر سواي ،أتحب ّ ُ
ي ،خيري ي بالمعاصي وأنت فقيٌر إل ّ ض إل ّ
غ ُ
وتتب ّ
ي صاعدٌ (( !! . ل ،وشّرك إل ّ إليك ناز ٌ
م أنه داوى وقد ذكروا في سيرة عيسى عليه السل ُ
ده أعداًء . ثلثين مريضا ً ،وأبرأ عميان كثيرين ،ثم انقلبوا ض ّ
************************************
ق
سر الرز ِ
ن تع ّ
نم ْ
ل تحز ْ
ن الرّزاق هو الواحد ُ الحد ُ ،فعنده رِْزقُ العبادِ ،وقد ْ فإ ّ
ن ﴾. دو َ ع ُ ما ُتو َ و َ م َ قك ُ ْ رْز ُماء ِ س َفي ال ّ و ِ ل بذلك َ ﴿ ، تكّف َ
ن ه هو الرزاقُ فِلم يتمل ّقُ البشُر ،وِلم ُتها ُ فإذا كان الل ُ
ما و َق لجل البشرِ ؟! قال سبحانه َ ﴿ : الرز ِ لس في سبي ِ النف ُ
ل ها ﴾ .وقال ج ّ رْز ُ عَلى الل ّ ِ ض إ ِل ّ َ َ
ق َ ه ِ في الْر ِ ة ِدآب ّ ٍمن َ ِ
ك س َم ِ م ْ فَل ُ ة َ م ٍ ح َ من ّر ْ س ِ ه ِللّنا ِ ح الل ّ ُ فت َ ِ ما ي َ ْمه َ ﴿ : اس ُ
ه ﴾. د ِع ِ من ب َ ْ ه ِ ل لَ ُ س َ مْر ِ فَل ُك َ س ْم ِ ما ي ُ ْ و َ ها َ لَ َ
*********************************
ن المصائب
و ُ
ب ته ّ
أسبا ٌ
ل﴿:انتظاُر الجرِ والمثوبةِ من عند اللهِ عّز وج ّ .1
ب﴾. َ و ّ
سا ٍ
ح َ
ر ِ غي ْ ِ
هم ب ِ َ
جَر ُ
نأ ْصاب ُِرو َ
فى ال ّ ما ي ُ َ
إ ِن ّ َ
ة المصابين : .2رؤي ُ
ل تحزن
89
كين ولول كثرةُ البا ِ ت م ل ََقت َل ْ ُعلى إخواِنه ْ
حوليمصابا ً أو سَرةً ،هل ترى غل ت يَ ْ ةنفسي
والتف ْ من َ ًت يَ ْف ْ
فالت ِ
ل وادٍ بنو سعد ٍ . ممتحنا ً ؟ وكما قيل :في ك ّ
رها . ن غي ِ لم ْ .3وأنها أسه ُ
ن العبد ِ ،وإنما في دنياه . ت في دي ِ ِ .4وأنها ليس ْ
م منها ن العبودية في التسليم عند المكارهِ أعظ ُ .5وأ ّ
ب. أحيانا ً في المحا ّ
.6وأنه ل حيلة :
ك الحيلة في فاتر ِ ك
ة في ت َْر ِ إنما الحيل ُ
تحوِيلها الحي َ ْ
ل
سى َأن ع َ و َب العالمين َ ﴿ : ن الخبرة للهِ ر ّ .7وأ ّ
م ﴾. خي ٌْر ل ّك ُ ْو َ ه َ شْيئا ً َ
و ُ هوا ْ َ ت َك َْر ُ
*******************************
رك
ل تتقمص شخصية غي ِ
﴾﴿ تخي َْرا ِ قوا ْ ال ْ َ ست َب ِ ُ فا ْ ها َ وّلي َ م َو ُ ه َ
ة ُ ه ٌ ج َ و ْ ِ لول ِك ُ ّ
﴿ َ
ق
و َ ف ْ م َ ضك ُ ْ ع َ ع بَ ْ ف َ وَر َ ض َ ِ ف ال َْر خل َئ ِ َ م َ عل َك ُ ْ ج َ
ذي َ و ال ّ ِه َو ُ
َ
م﴾. م ْ ُ م كُ ّ ت﴾﴿ َ
ه ْشَرب َ ُ س ّ ل أَنا ٍ عل ِ َ
قد ْ َ جا ٍ ض دََر َ ع ٍ بَ ْ
ة
ت ،ومن عظم ِ ت وصنعا ٌ ت وطاقا ٌ ب وقدرا ٌ س مواه ُ النا ُ
م ظف أصحابه حسب ُقدراِته ْ رسوِلنا أنه و ّ
ُ
ن، ي للقرآ ِ ي للقضاِء ،ومعاذ ٌ للعِل ْم ِ ،وأب ّ واستعداداِتهم ،فعل ّ
ن سب ُ ن للشِعر ،وقي ُ سا ُ ض ،وخالد للجهادِ ،وح ّ وزيد ٌ للفرائ ِ
ت للخطابةِ . ثاب ٍ
ضعُ الندى في موضِع فو ْ ف في ضّر كوضِع السي ِ م ُِ
السيف بالُعل موضِع الندى
ت الخرين قتلٌ ص صفا ِ م ُ ن في الغيرِ انتحاٌر تق ّ الذوبا ُ
جهٌِز. م ْ ُ
ست النا ِ ف صفا ِ ل :اختل ُ ت اللهِ عّز وج ّ ومنْ آيا ِ
ه
م ،فأبو بكر برحمت ِ ِ م وألواِنه ْ ف ألسنِته ْ م ،واختل ِ ومواهِبه ْ
م ة والمّلة ،وعمُر بشد ّت ِهِ وصلبت ِهِ نصر السل َ ورفِقهِ نفعَ الم َ
ل تحزن
90
ة ،فاستثمرها وأهله ،فالرضا بما عندك من عطاٍء موهب ٌ
فسا ً إ ِل ّ ه نَ ْ ف الل ّ ُ
دمها وانفع بها ﴿ ،ل َ ي ُك َل ّ ُ مها وق ّون ّ
ها ﴾ . ع َ
س َو ُْ
ت ن التقليد العمى والنصهار المسرف في شخصيا ِ إ ّ
ز
مد ٌ التمي ّ ِ ل للرادةِ وإلغاٌء متع ّ الخرين وأد ٌ للموهبةِ ،وقَت ْ ٌ
والتفّردِ المقصودِ من الخليقةِ .
**********************************
ة
عـّز العزل ِ
ما ح ،وهي م ّ ل المبا ِوأقصد ُ بها العزلة عن الشّر وفضو ِ
ب الحزن . ح الخاطر وُيذه ُ يشر ُ
ره قال ابن تيمية :ل لبد ّ للعبدِ من عزلةٍ لعبادِته وذك ِ
ده عن سه ،ودعاِئه واستغفاِره ،وُبع ِ وتلوِته ،ومحاسبِته لنف ِ
الشّر ،ونحوِ ذلك .
ل في ) صي ْدِ ن الجوزي ثلثة فصو ٍ ولقد عقد اب ُ
ت كالعزلة ، ت ول رأي ُ خصها أنه قال :ما سمع ُ الخاطرِ ( ،مل ّ
ونا ً ة وعّزا ً وشرفا ً ،وُبعدا ً عن السوِء وعن الشّر ،وص ْ راح ً
ساد ِ والثقلِء حفظا ً للعمرِ ،وبعدا ً عن الح ّ ت،و ِ للجاهِ والوق ِ
كرا ً في الخرةِ ،واستعدادا ً للقاِء اللهِ عّز والشامتين ،وتف ّ
ل ،واغتناما ً في الطاعةِ ،وجولن الفكر فيما ينفعُ ، وج ّ
ص. حك َم ِ ،والستنباط من النصو ِ وإخراج كنوزِ ال ِ
مهِ ذكره ُ في العزلةِ هذا معناه بتصّرف ونحو ذلك من كل ِ
.
جَنى الفكرِ ، ف َ ل ،وقط ْ ُوفي العزلةِ استثماُر العق ِ
ي عن ة العْرض ،وموفوُر الجرِ ،والنه ُ ب ،وسلم ُ ة القل ِ
وراح ُ
س في الطاعةِ ،وتذك ُّر الرحيم ِ ، م النفا ِ المنكر ،واغتنا ُ
ن ،والبعد ُ عن ت ،والفراُر من الفت ِ ت والمشغل ِ وهجُر الملهيا ِ
ت الحاسدِ ، ة الحاقد ِ ،ونظرا ِ مداراةِ العدوّ ،وشمات ِ
ة
ب ،ومطالب ِ ل ،والعتذارِ على المعات ِ ِ ومماطلةِ الثقي ِ
ق. ق ،ومداجاةِ المتكب ّرِ ،والصبرِ على الحم ِ الحقو ِ
ل تحزن
91
ت ن ،وعثرا ِ ت اللسا ِ ت :عورا ِ ست ٌْر للعورا ِ وفي العزلةِ َ
س. ن ،ورعونةِ النف ِ ت الذه ِ ت ،وفلتا ِ الحركا ِ
ل، ف لد ُّر الفض ِ ن ،وصد َ ٌ ب لوجهِ المحاس ِ ة حجا ٌ فالعزل ُ
ب، ة مع الكتا ِ ب ،وما أحسن العزل َ م لطْلع المناق ِ وأكما ٌ
ة في الخلوةِ ،وسفرا ً ل ،وبحبوح ً ة للج ِ وفرةً للعمرِ ،وفسح ً
ل. م ٍة في تأ ّ في طاعةِ ،وسياح ً
ف ص على المعاني ،وتحوُز على اللطائ ِ وفي العزلةِ تحر ُ
لي ،وتشيد ُ هْيك َ ل في المقاصدِ ،وتبني صرح الرأ ِ ،وتتأم ُ
ل. العق ِ
ب في فََرٍح اكبَر ، ل ،والقل ُ جذ ٍ ح في العزلةِ في َ والرو ُ
والخاطُر في اصطياد ِ الفوائد ِ .
ه ،ول ُتسمِع ه ل يراك إل الل ُ ول ٌترائي في العزلةِ :لن ُ
مك بشرا ً فل يسمعك إل السميعُ البصيُر . بكل ِ
رة والجهابذةِ وأساطين ل اللمعين والنافعين ،والعباق ِ ك ّ
ن الدهرِ ، ل ،وعيو ِ شداةِ الفضائ ِ ن ،ورّوادِ التاريِخ ،و ُ الزم ِ
ة
س ن ُْبلهم من ماِء العزل ِ وا غ َْر َ سَق ْل ،كّلهم َ ب المحاف ِ وكواك ِ
ت ت شجرةُ عظمِتهم ،فآت ْ سوقِهِ ،فنبت ْ حتى استوى على ُ
ن رّبها . ن بإذ ِ ل حي ٍ أ ُك َُلها ك ّ
ي: جْرجان ّ دالعزيز ال ُ ي عب ِ قال عل ّ
يقولون لي فيك ف رأوا رجل ً عن موق ِ
وإنما
ت ضد ٌ قل ُ مور ُ انقبا ل هذا إذا قي َ جماّر ح
ال ُ ح َ نفس ْلأ ولكنالذ ّ ّ
ّ
قّد ْ أَرىَ ولم أقض ح ق ّ تحتمص ُ
العلم ِ ِ ي ظما َ
ه لِ لّيرالت ُ ُ بدا طمعٌ
لماا ً تغَك ّ إذن فاتباع الجهل ُ ّ
أأشقىكنبه ُ ْ
رس إن لما
س قد ْ ّ ُ
ِ
مالعل ّ ً
ة وأجنيهِ ذل ن أهل ولو أ ّ في أحزما ظموه كان ولو ع ّ
ِ
منوهُصانه ْ
فهانوا صانوه ظما ععُ ّ بالطما ل َ
حّياهُالنفوس
ن أها ُ ْ ولك حتى ِ ِ م َ ُ
ودّنسوا جما ته ّ
ي: ل الحنبل ّ ن خلي ٍ وقال أحمد ُ ب ُ
ن أراد العّز والرا م ْ َ ل م طوي ِ من ه ّ ة ِ ح َ
ن فردا ً من النا ليك ُ ْ لس ويرضى بالقلي ِ ِ
ل تحزن
92
ئكيف يصفو لمر ٍ ش
ن عي ٍ م ْعاش ِ
مال
ن ختو ٍم ْ
بين غمزٍ ِ ل ومداجاةِ وِبي
ثقيل ِ
ومداراةِ حسودٍ ل
ومعاناةِ بخي ِ
ن معرفةِ النا آه ِ م ْ ل ل سبي ِ س على ك ّ
ِ
ي بن عبدالعزيزِ الجرجاّني : وقال القاضي عل ّ
ت لذةَ ما تطّعم ُ ت ت للبي ِ صر ُ
من أعّزحّتى ش
العيٌء ِ ليس شي جليسا
أبتغي سواهُ ب
والكتا ِ
ـم فما
ذلالعلـ
في إّنما ال ّ أنيسا
ش ع ْ س فدع ُْهم و ِ ِ
مخالطةِ النا
وقال آخر : ً عزيزا رئيسا ً
ت بوحدتي س ُ أن ِ ْ ما فدام ِلي الهنا ون َ َ
بيتي
م فما تَ النا ُ زمت ِ ولوقاطع ُ أمالسروُر شأساَر الجي ُ
دث : أبالي
المح ّ وقال الحميدي ب الميُر رك ِ َ
س ليس لقاُء النا ِ ن سوى الكثارِ م ْ
لقاا ًِءنشيئ ليفيمد ُ ْ فأقْل ِ ُْ أول وقا ِ العلم ِ
ل
بقي ٍ لكس ِ
نل ّفارس : س إُ
وقال اب ِ النا ل إصلِح حا ِ
وقالوا كيف حاُلك ت ة وتفو ُ ضى حاج ٌ ًتق ّ
ت همو ً
م خيرا ُ قل ْ ُ
ت إذا ازدحم ه ج
نحال ُ ُ عسى يوما ً يكو ُ
لنا الصدرِ ُ ْ
س وأنيق ُ نديمي هِّرتي لي جانفرا ُ دفاتُر
نفسي جومعشوقي السرا ُ
ه .ولك أن تراجع عّز ل ُ ب العزلة فهي ِ ل من أح ّ قالوا :ك ّ
طابي .ة(( للخ ّ كتاب )) العزل ِ
**********************************
فوائد الشدائد
مص ُ
وي القلب ،وتمحو الذنب ،وتق ِ ن الشدائد تق ّفإ ّ
ن للغفلةِ ،وإشعا ٌ
ل ف الك ِب َْر ،وهي ذوبا ٌب ،وتنس ُ ج َ
العُ ْ
ف المخلوقين ،ودعاٌء من الصالحين ، ب عط ِللتذك ّرِ ،وجل ْ ُ
ل تحزن
93
جٌر حاضٌر ،م للواحد القهارِ ،وز ْ
ت ،واستسل ٌ وخضوعٌ للجبرو ِ
بم ،وإحياٌء للذكرِ ،وتضّرع بالصبرِ ،واحتسا ٌ ونذيٌر مقد ٌ
ن
ج عن الركو ِ ة للقدوم ِ على المولى ،وإزعا ٌ ص ،وتهيئ ٌ
للغص ِ
على الدنيا والرضا بها والطمئنان إليها ،وما خفي من
عفي من ب أكبُر ،وما ُ
ست َِر من الذن ِ
م ،وما ُ
ف أعظ ُ اللط ِ
ل.الخطأ أج ّ
***********************************
ة
وقفـ ٌ
طلك ن الحزن يضعُفك في العبادةِ ،ويع ّ ن:ل ّ ل تحز ْ
ن، عن الجهادِ ،وُيورُثك الحباط ،ويدعوك إلى سوء الظ ّ
وُيوقُعك في التشاؤم ِ .
ضس المرا ِ ن الحزن والقلق أسا ُ ن :فإ ّ ل تحز ْ
س النفسيةِ ،ومصدُر اللم ِ العصيبةِ ،ومادة ُ النهيارِ والوسوا ِ
ب. والضطرا ِ
ن ،والذكُر ،والدعاُء ،والصلةُ ، ن :ومعك القرآ ُ ل تحز ْ
مُر . ل النافعُ المث ِ ف ،والعم ُ ل المعرو ِ ة ،وفعْ ُ والصدق ُ
ق الفراِغ م للحزن عن طري ِ ن :ول تستسل ْ ل تحز ْ
ل .. ل ..استقب ْ ب ..اعم ْ ْ والعطالةِ ،ص ّ
ح اقرأ ..اكت ْ ل ..سب ّ ْ
ل. م ْ ُزْر ..تأ ّ
ضّرعا ً َ
م تَ َ عوا ْ َرب ّك ُ ْ م ﴾ ﴿ ادْ ُ ب ل َك ُ ْ ج ْ ست َ ِ عوِني أ ْ ﴿ اد ْ ُ
ن صي َ خل ِ ِم ْ ه ُ عوا الل ّ َ فادْ ُ ن﴾﴿ َ دي َ عت َ ِم ْب ال ْ ُ ح ّ ه ل َ يُ ِ ة إ ِن ّ ُ خ ْ
في َ ً و َُ
َ َ
ما ن أي ّا ً ّ مـ َ ح َ عوا ْ الّر ْ و اد ْ ُ ِ هأعوا ْ الل ّ َ ل ادْ ُ ق ِ ن﴾﴿ ُ دي َ ه ال ّ لَ ُ
ماء ال ْ ُ َ
سَنى ﴾ . ح ْ س َ ه ال ْ فل َ ُ عوا ْ َ ت َدْ ُ
*******************************
قواعد في السعادة
مك تشّتت ذهُنك ،ش في حدودِ يو ِم أنك إذا لم تعِ ْ
.1اعل ْ
مك ،مك وغمو ُ
ت همو ُ ت عليك أموُرك ،وكثر ْ واضطرب ْ
ل تحزن
94
ر المساء ،وإذا وهذا معنى )) :إذا أصبحت فل تنتظ ِ
ر الصباح (( . أمسيت فل تنتظ ِ
ق
م ٌ ح ْ م بما مضى وانتهى ُ .2اْنس الماضي بما فيه ،فالهتما ُ
ن. وجنو ٌ
ب ،ودِع التفكَر ل ،فهو في عالم ِ الغي ِ ل بالمستقب ِ .3ل تشتغ ْ
فيه حتى يأتي .
ن النقد يساوي مأ ّ ت ،واعل ْ .4ل تهتّز من النقدِ ،واثب ْ
ك. مت َ َقي َ
ة السعيدةُ . ح هو الحياة ُ الطيب ُ ل الصال ُ ن باللهِ ،والعم ُ .5اليما ُ
ه
ة ،فعليه بذكرِ الل ِ .6من أراد الطمئنان والهدوء والراح َ
تعالى .
ن شيٍء بقضاء وقدرٍ . .7على العبد ِ أن يعلم أ ّ
.8ل تنتظْر شكرا ً من أحد ٍ .
ض. ن نفسك على تلّقي أسوأ الفرو ِ .9وط َِ ْ
ل فيما حصل خيرا ً لك . .10لع ّ
ل قضاٍء للمسلم ِ خيٌر له . .11ك ّ
.12فك ّْر في النعم ِ واشكْر .
س. .13أنت بما عندك فوق كثيرٍ من النا ِ
ج. .14من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ
ج الدعاُء . خَر ُست َ ْ.15بالبلِء ي ُ ْ
ب. م للبصائرِ وقوّة ٌ للقل ِ ب مراه ُ .16المصائ ُ
سرا ً . سرِ ي ُ ْ ن مع العُ ْ .17إ ّ
ه. ض عليك التوافِ ُ .18ل تق ِ
.19إن ّربك واسعُ المغفرةِ .
ب. ب ،ل تغض ْ ب ،ل تغض ْ .20ل تغض ْ
ث بغير ذلك . ل ،فل تكتر ْ .21الحياة ُ خبٌز وماٌء وظ ّ
ن﴾. دو َ ع ُما ُتو َ و َ م َ قك ُ ْرْز ُ ماء ِس َفي ال ّ و ِ
َ ﴿.22
ن. ف ل يكو ُ .23أكثر ما ٌيخا ْ
.24لك في المصابين ُأسوة ٌ .
م. ب قوما ً ابتلهُ ْ ن الله إذا أح ّ .25إ ّ
ل تحزن
95
ب. ة الك َْر ِ
.26ك َّرْر أدعي َ
ل الجاد ّ المثمرِ ،واهجرِ الفراغ . .27عليك بالعم ِ
ت. ك الراجيف ،ول تصدقْ الشائعا ِ .28اتر ِ
ضّر
ك أكثر مما ي َ ُ حت ِ َ
ص ّضّر ب ِ
صك على النتقام ِ ي ُ .29حقد ُ َ
ك وحر ُ
م. ص ُ الخ ّ
ب. ل ما يصيبك فهو كّفارةٌ للذنو ِ .30ك ّ
***********************************
ط؟
ة أخل ٍ
ن وعندك ست ّ ُ
وِلم الحز ُ
ن احد َ الحكماِء ب ) الفرِج بعد الشدةِ ( :أ ّ ذكر صاح ُ
ب، ه في المصا ِ ل عليه إخواُنه يعّزون َ ُ ي بمصيبةٍ ،فدخ َ ابُتل َ
ط .قالوا :ما هي ؟ ت دواًء من ستةِ أخل ٍ فقال :إني عمل ُ
لنك ّ ة باللهِ .والثاني :علمي بأ ّ ط الو ُ
ل :الثق ُ قال :الخل ُ
ه الممتحُنون . ث :الصبُر خيٌر ما استعمل ُ ن .والثال ُ
مقدور كائ ٌ
ن أعينُ
ن لم أصبْر أنا فأيّ شيء أعمل ؟! ولم أك ْ والرابعُ :إ ْ
ن أن أكون في شّر س :قد يمك ُ على نفسي بالجزع .والخام ُ
ج.س :من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ مما أنا فيه .والساد ُ
**********************************
ب وداهمْتك
ك الصعا ُن إذا واجهت ْ َ
حَز ْ
ل تَ ْ
ل واعترضتك العوائق ،واصبر المشاك ُ
م ُ
ل وتح ّ
ن عندك يا ن كا َ إ ْ من بهِ الكرا َ مما ُتهي ُ
ة
ن بقي ّ ٌزما ُ فهاِتها
ف من ن التحمل أشر ُ ّ وإ ، ع
ِ الجز من ن الصبر أرفقُ إ ّ
الخورِ ،وإن الذي ل يصبُر اختيارا ً سوف يصبُر اضطرارا ً .
وقال المتنبي :
رماني الدهُر فؤادي في غشاٍء
بالرزاِء حتى
أصابتني ت إذا فصر ُ للُ تمن نبا
النصا ِ سر ِ تك ّ
مسها ٌ فعشت ول ُ
أبالي ُ نلْالنصابأ ِ
ت لني ماعلى
انتفع ُ
بالرزايا ُأبالي
ل تحزن
96
وقال أبو المظفر البيوردي :
تنك َّر لي دهري ولم نث الزما ِ عّز وأحدا ُ أَ ِ
أننيُر
يرينيرِ الده
فبات ُ يد ت ُأريهِ تُهو ُ
ن
الصبر وب ِ ّ
كيف اعتداؤ ُهُ ن
كيف يكو ُ
شعْرِ ،وخبز الشعيرِ ،أعّز ة ال ّ
َ وخيم ي،إن الكوخ الخشب ّ
نض وصوْ َ ظ ماِء الوجهِ وكرامةِ العِْر ِ ف – مع حف ِ وأشر ُ
ف وحديقةٍ غّناَء مع التعكيرِ والك َد َرِ . صرٍ مني ٍ س – من قَ ْ النف ِ
ة كالمرض ،لبد ّ له من زمن حتى يزول ،ومن المحن ُ
استعجل في زوالهِ أوشك أن يتضاعف ويستفحل ،فكذلك
ت ،حتى تزول آثاُرها ، ة لبد ّ لها من وق ٍ حن َ ُ
م ْة وال ِ المصيب ُ
دعاِء . ة ال ّ ب المبتلي :الصبُر وانتظاُر الفرِج ومداوم ُ وواج ُ
*******************************
وقفـــة
َ َ
ح و ِ من ّر ْ س ِ ه ل َ ي َي ْأ ُ ه إ ِن ّ ُ ح الل ّ ِ و ِ من ّر ْ سوا ْ ِ ول َ ت َي ْأ ُ ﴿ َ
ةم ِ ح َ من ّر ْ ط ِ قن َ ُ من ي َ ْ و َ ن﴾َ ﴿. فُرو َ كا ِ م ال ْ َ و ُ ق ْ ه إ ِل ّ ال ْ َ الل ّ ِ
ن م َ ب ّ ري ٌ ق ِ ه َ ت الل ّ ِ م َ ح َ ن َر ْ ن ﴾ ﴿ .إِ ّ ضآّلو َ ه إ ِل ّ ال ّ َرب ّ ِ
ك عدَ ذَل ِ َ ث بَ ْ د ُ ح ِ ه يُ ْ ل الل ّ َ ع ّ ري ل َ َ ن ﴾ َ ﴿ .ل تََدْ ِ سِني َ ح ِ م ْ ال ْ ُ
َ
م خي ٌْر ل ّك ُ ْ و َ ه َ و ُ شْيئا ً َ هوا ْ َ سى أن ت َك َْر ُ ع َ و َ مرا ً ﴾ َ ﴿ . أ ْ
م عل َ ُه يَ ْ والل ّ ُ م َ شّر ل ّك ُ ْ و َ ه َ و ُ شْيئا ً َ حّبوا ْ َ سى َأن ت ُ ِ ع َ و َ َ
مِتي ح ر و ه د با ع
ِ ب ف
ٌ طي َ ل ه ّ ل ال ن مو َ ل ع َ ت َ ل م ُ ت و َ
أن
ْ
َ َ َ ﴿ . ﴾ ِ ِ َ ِ ِ ُ ﴿ . ﴾ َ ُ ْ ْ َ
عَنا ﴾ ﴿ .إ ِ ْ
ذ م َ ه َ ّ
ن الل َ ن إِ ّ حَز ْ ء ﴾ ﴿ .ل َ تَ ْ ي ٍ ش ْ ل َ ت كُ ّ ع ْ س َ و ِ َ
ل ذي ي ُن َّز ُ و ال ِ ّ ه َ و ُ م﴾َ ﴿. ب لك ْ ُ َ جا َ ست َ َ فا ْ م َ ُ
ن َرب ّك ْ غيُثو َ ست َ ِ تَ ْ
عون ََنا وي َدْ ُ ه﴾َ ﴿. مت َ ُ ح َ شُر َر ْ وَين ُ طوا َ قن َ ُ ما َ د َ ع ِ من ب َ ْ ث ِ غي ْ َ ال ْ َ
ن﴾. عي َ ش ِ خا ِ كاُنوا ل ََنا َ و َ هبا ً َ وَر َ غبا ً َ َر َ
قال الشاعُر :
متى تصُفو لك الدنيا إذا لم ترض منها
الدنياألم تر جوهر بخيرٍ البحِج ِ
ر بالمزا ه من ومخرج ُ
فى ّ المص ج لجا ا ُ
ت ْ فجأ ٍ ة مخيف ُ ب ّ ر
ُ و لك
ِ ت بمسّرةٍ جر ْ
ل
ِبهوْ ٍ وابتهاِج
ل تحزن
97
ب سلمةٍ ب َعْد َ
وُر ّ ب إقامةٍ ب َعْد َ
ور ّ
امتناٍع وجاِج اع ِ
*************************************
ب
س في النام ِ كتا ُ
وخيُر جلي ٍ
ن من أسباب السعادة :النقطاع إلى مطالعة الكتاب ، إ ّ
ل بالفوائد ِ .والهتمام بالقراءة ،وتنمية العق ِ
صك بالكتاب والمطالعة ،لتطرد الحزن والجاحظ ُيو ِ
عنك فيقول :
ريك ،والصديقُ الذي ل س الذي ل ُيط ِ والكتاب هو الجلي ُ
ح الذي ل مّلك ،والمستمي ُ ريك ،والرفيقُ الذي ل ي َ َ ُيغ ِ
يستريثك ،والجاُر الذي ل يستبطيك ،والصاحب الذي ل يريد
عك كر ،ول يخد ُ ق ،ول يعامُلك بالم ْ استخراج ما عندك بالمل ِ
ب. ل لك بالكذِ ِ بالنفاق ،ول يحتا ُ
والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك ،وشحذ
خم ألفاظك ، طباعك ،وبسط لسانك ،وجوّ بنانك ،وف ّ
م، مَر صدرك ،ومنحك تعظيم العوا ّ وبحبح نفسك ،وع ّ
ه
وصداقة الملوك ،وعرفت به شهرٍ ما ل تعرفه من أفوا ِ
الرجال في دهْرٍ ،مع السلمة من الغُْرم ِ ،ومن كد ّ الطلب ،
ب المكتسب بالتعليم ،ومن الجلوس بين ف ببا ِ
ومن الوقو ِ
عرقا ً ،ومع م منه ِ خُلقا ُ ،وأكر ُ ل منه ُ من أنت أفض ُ يدي َ
السلمة من مجالسة البغضاء ،ومقارنة الغنياء .
والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار ،
ل بنوم ٍ ،ول ضرِ ،ول يعت ّ ويطيعك في السفر كطاعته في الح َ
م الذي إن افتقرت إليه لم ل السهرِ ،وهو المعل ّ ُ يعتريهِ ك َل َ ُ
فْرك ،وإن قطعت عنه المادة لم يقطعْ عنك الفاِئدةَ ، خ ِي ْ
ب
ح أعاديك لم ينقل ْ وإن عزلته لم يدعْ طاعتك ،وإن هّبت ري ُ
عليك ،ومتى كنت معه متعّلقا ً بسبب أو معتصما ً بأدنى حْبل
ة الوحدة ى من غيره ،ولم تضّرك معه وحش ُ كان لك فيه غن ً
س السوِء ،ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه إلى جلي ِ
ل تحزن
98
إليك إل ّ من ُْعه لك من الجلوس على باِبك ،والنظُر إلى
المارة بك .مع ما في ذلك من التعّرض للحقوق التي تلزم ،
ض فيما ل يعنيك ،ومن ل النظرِ ،ومن عادةِ الخوْ ِ ومن فضو ِ
س ،وحضورِ ألفاظهم الساقطة ، ملبسةِ صغارِ النا ِ
ومعانيهم الفاسدة ،وأخلِقهم الرديئة ،وجهالتهم
ة ،وإحراُز ة ثم الغنيم ُالمذمومة .لكان في ذلك السلم ُ
الصل مع استفادةِ الفْرِع ،ولو لم يكن في ذلك إل أنه
ب، منى ،وعن اعتياد الراحةِ وعن الّلع ِ يشغلك عن سخف ال ُ
وكل ما أشبه اللعب ،لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة
ة. من ّ َ
وأعظم ال ِ
وقد علمنا أن أفضل ما يقطع به الُفّراغُ نهارهم ،
ب ،وهو الشيء ت ليلهم :الكتا ُ وأصحاب الفكاهات ساعا ِ
الذي ل ُيرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ول عقل
ن ،ول عرض ،ول في إصلح دي ٍ ون ِ ول مروءة ،ول في ص ْ
في تثمير مال ،ول في رب صنيعةٍ ول في ابتداِء إنعام ٍ .
ل في فضل الكتاب : * أقوا ٌ
وقال أبو عبيدة :قال المهّلب لبنيه في وصيته :يا
ي ،ل تقوموا في السواق إل على زّراد أو وّراق . ب َن ِ ّ
ت على شيخ شامي كتابا ً دثني صديق لي قال :قرأ ُ وح ّ
ت المكارم إل من الكتب . فيه من مآثرِ غطفان ،فقال :ذهب ِ
ت ت أربعين عاما ً ما ِقل ُ ت الحسن اللؤلؤي يقول :غبر ُ وسمع ُ
ت ،إل والكتاب موضوع على صدري . ت ول اتكأ ُ ول ب ُ
وقال ابن الجهم :إذا غشيني النعاس في غير وقت
ت كتابا ً نوم .وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة .تناول ُ
حكم ،فأجد ُ اهتزازي للفوائد ،والريحية التي من كتب ال ِ
تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة ،والذي يغشى قلبي من
ق الحميرِ ، ً
سرور الستبانة ،وعّز التبين أشد ّ إيقاظا من نهي ِ
وهد ّةِ الهَد ْم ِ .
ت الكتاب واستجدُته ، ن الجهم :إذا استحسن ُ وقال اب ُ
ت ذلك فيه ،فلو تراني وأنا ساعة ت منه الفائدة ،ورأي ُ ورجو ُ
ل تحزن
99
بعد ساعة أنظُر كم بقي من ورقة مخافة استنفاده ،
ف عظيم الحجم ِ وانقطاع المادة من قلبه ،وإن كان المصح ُ
م عيشي وكمل سروري . ق كثير العدد ِ فقد ت ّ كثير الور ِ
وذكر العتبي كتابا ً لبعض القدماء فقال :لول طوُله
غبني فيه وكثرةُ ورقِهِ لنسخُته .فقال ابن الجهم :لكني ما ر ّ
ط كتابا ً كبيرا ً فأخلني من تق ّ هدك فيه ،وما قرأ ُ إل الذي ز ّ
ت منها ت من صغار الكتب فخرج ُ فائدة ،وما أحصي كم قرأ ُ
ت!. كما دخل ُ
ك ل إ ِل َي ْ َ ز َ أن ل الكتب وأشرفها وأرفعها ﴿ :كَتاب ُ وأج ّ
ِ ٌ ِ
وِذك َْرى ه َ ذَر ب ِ ِ ه ل ُِتن ِ من ْ ُ
ج ّ حَر ٌ ك َ ر َ صدْ ِ
في َ كن ِ فل َ ي َ ُ
َ
ن﴾ . مِني َ ؤ ِ م ْ ل ِل ْ ُ
* فوائد القراءة والمطالعة :
ن. م والحز ِ س واله ّ .1طرد ً الوسوا ِ
ل. ض في الباط ِ ب الخو ِ .2اجتنا ُ
ل العطالةِ . طالين وأه ِ ل عن الب ّ .3الشتغا ُ
ن، ح ِ ب على الكلم ،والبعد ُ عن الل ّ ْ .4فت ْقُ اللسان وتدري ٌ
ة.
والتحلّي بالبلغةِ والفصاح ِ
ة الخاط ِرِ . ن ،وتصفي ُ ل ،وتجويد ُ الذ ّهْ ِ ة العَْق ِ.5تنمي ُ
ظ والمفهوم ِ . .6غزارةُ العلم ِ ،وكثرةُ المحفو ِ
س وحكم ِ الحكماِء ب النا ِ .7الستفادةُ من تجار ِ
ط العلماِء . واستنبا ِ
ة على مل َك َةِ الهاضمةِ للعلوم ِ ،والمطالع ُ .8إيجاد ُ ال َ
الثقافات الواعية لدورها في الحياة .
ل السلم ِ ، ب أه ِ ة في قراءة كت ِ ص ً ن خا ّ .9زيادةُ اليما ِ
ل عاظ ،ومن أج ّ فإن الكتاب من أعظم الو ّ
الزاجرين ،ومن أكبر الناهين ،ومن أحكم ِ المرين .
ت ،وللقلب من التشرذ ُم ِ ، ذهن من التشت ّ ِ ة لل ّ .10راح ٌ
ت من الضياِع . وللوق ِ
ل تحزن
100
خ في فَهْم ِ الكلمةِ ،وصياغةِ المادةِ ،.11الرسو ُ
ل الجملةِ ،ومعرفةِ أسراِر ومقصودِ العبارةِ ،ومدلو ِ
الحكمةِ .
ح
ح أروا ُ
ح الرو ِ
فرو ُ ن طعمت وليس بأ ْ
المعاني ول شربتا
***********************************
وقفــة
مرض أبو بكرٍ رضي الله عنه فعادوه ،فقالوا :أل ندعو
لك الطبيب ؟ فقال :قد رآني الطبيب .قالوا :فأيّ شيء
ل لما أريد ُ . قال لك ؟ قال :إني فّعا ٌ
خي َْر عيشِنا ب رضي الله عنه :وجدنا َ ن الخطا ِ قال عمُر ب ُ
بالصبرِ .
ن الصبر ش أدركناه بالصبر ،ولو أ ّ ل عي ٍ وقال أيضا ً :أفض ُ
ل كان كريما ً . كان من الرجا ِ
صب َْري بن أبي طالب رضي الله عنه :أل إن ال ّ وقال عل ّ
س بار س من الجسد ِ ،فإذا ُقطع الرأ ُ من اليمان بمنزلة الرأ ِ
صب َْر له . م ،ثم َرفَعَ صوَته فقال :إنه ل إيمان لمن ل َ الجس ُ
ة ل ت َك ُْبو . وقال :الصبُر مطي ّ ٌ
ه وقال الحسن :الصبر ك َن ٌْز من كنوزِ الخيرِ ،ل يعطيه الل ُ
إل لعبدٍ كريم ٍ عنده .
ة، ه على عبد ٍ نعم ً ن عبدالعزيز :ما أنعم الل ُ وقال عمُر ب ُ
وضه خيرا ً عها منه ،فعاضه مكانها الصبر ،إل ّ كان ما ع ّ فانتز َ
ه. مما انتزع ُ
ً
ن مهران :ما نال أحد شيئا من ختم ِ وقال ميمون ب ُ
الخيرِ فيما دونه إل الصبر .
ل عمل ُيعرف ثوابه إل ن القاسم :ك ّ وقال سليمان ب ُ
هم جَر ُ َ و ّ
نأ ْ صاب ُِرو َفى ال ّ ما ي ُ َالصبّر ،قال تعالى ﴿ :إ ِن ّ َ
ب ﴾ قال :كالمال المنهمر . سا ٍ ح َ ر ِ غي ْ ِبِ َ
*****************************
ل تحزن
101
ن هناك مشهدا ً آخر وحياةً نل ّل تحز ْ
أخرى ،ويوما ً ثانيا ً
ن يجمع الله فيه الّولين والخرين ،وهذا يجعلك تطمئ ّ
ظلم هنا ب ماُله هنا وجده هناك ،ومن ُ سل ِ َ ن ُ م ْل اللهِ ،فَ َ
لعد ِ
عوِقب هناك !! ُأنصف هناك ،ومن جار هنا ُ
ُنقل عن » كانت « الفيلسوف اللماني أنه قال )) :إن
ن؛ ل ب َعْد ُ ،ولبد ّ من مشهد ٍ ثا ٍ مسرحّية الحياة الدنيا لم تكتم ْ
لننا نرى هنا ظالما ً ومظلوما ً ولم نجد ْ النصاف ،وغالبا ً
م فيه ومغلوبا ً ولم نجد النتقام ،فلبد ّ إذن من عالم ٍ آخر يت ّ
ل (( . العَد ْ ُ
قال الشيخ علي الطنطاوي معّلقا ً :وهذا الكلم اعتراف
ضمني باليوم الخر والقيامة ،من هذا الجنبي .
إذا جاَر الوزيُر وكاتِباهُ ض أجحف وقاضي الر ِ
م وي ْ ٌ فَوَي ْ ٌ القضاِء لقاضيفي
ل ل ثُ ّل ثم وَي ْ ٌ من ض
ِ الر
ب﴾. ع ال ْ ِ ّ السمال ِْء ْ ُ قاضي
﴿ َل
سا ِ ح َ ري ُ ِ سَ هَ لال ن
ّ ِ إ م
َ و
ْ َ ي ا م
َ ل ظ
*********************************
ب
ت من تجار ِ
ة وُنقول ٌ أقوا ٌ
ل عالمي ٌ
القوم ِ
كتب » روبرت لويس ستيفنسون « )) :فكل إنسان
يستطيع القيام بعمله مهما كان شاقّا ً في يوم واحد ،وكل
س .وهذا ن يستطيعُ العيش بسعادة حتى تغيب الشم ُ إنسا ٍ
ما تعنيه الحياة (( .
م واحد ، قال أحدهم )) :ليس لك من حياِتك إل يو ٌ
ت (( . أمس ذهب ،وغَد ٌ لم يأ ِ
كتب » ستيفن ليكوك « :فالطفل يقول :حين أصبح
ي يقول :حين ُأصبح شاب ّا ً .وحين ُأصبح شاب ّا ً
صبي ّا ً ،والصب ّ
أتزوج .ولكن ماذا بعد الزواج؟ وماذا ب َعْد َ كل هذه المراحل؟
ل تحزن
102
عد .ينظر تتغيُر الفكرة نحو :حين أكون قادرا ً على التقا ُ
خلفه ،وتلفحه رياح باردة ،لقد فقد حياته التي وّلت دون أن
ن نأ ّ ت الوا ِ ة واحدة منها ،ونحن نتعّلم بعد فوا ِ يعيش دقيق ً
ل ساعة من يومنا الحاضرِ (( . الحياة تقعُ في كل دقيقة وك ّ
وكذلك المسوُّفون بالتوبة .
ة قال أحد السلف )) :أنذرُتكم ) سوف ( ،فغنها كلم ٌ
خرت من صلح (( . كم منعت من خير وأ ّ
َ ُ عوا ْ وي ُل ْههم ال َ ْ ُ ُ هم يأ ْ
ف و َ ْ س
َ ف ل م
َ ُ َ ِ ِ ُ ّ ت م
َ َ تَ ي و
َ ا لو ك ﴿ ذَْر ُ ْ َ
ن﴾ . مو َ عل َ ُ يَ ْ
يقول الفيلسوف الفرنسي » مونتين « )) :كانت حياتي
م أبدا ً (( . ظ السيئ الذي لم يرح ْ مليئة بالح ّ
ت :هؤلء لم يعرفوا الحكمة من خْلقهم ،على الرغم قل ُ
من ذكائهم ومعارفهم ،لكن لم يهتدوا بهدي الله الذي بعث
من ه ِ ما ل َ ُ ف َ ه ُنورا ً َ ه لَ ُ ل الل ّ ُ ع ِ ج َ م يَ ْ من ل ّ ْ و َ به رسوله َ ﴿ ،
فورا ً ﴾ . ما ك َ ُ كرا ً َ
وإ ِ ّ شا ِ ما َ ل إِ ّ سِبي َ هدَي َْناهُ ال ّ ر﴾ ﴿ .إ ِّنا َّنو ٍ
ة يقول » :دانسي « )) :فك ّْر إن هذا اليوم لن ينبثق ثاني ً
(( .
ة
ل صل َ ل حديث )) :ص ّ ل منه وأكم ُ ت :وأجم ُ قل ُ
ع (( مودّ ٍ
ش فيه آخُر ومن جعل في خلدِهِ أن هذا اليوم الذي يعي ُ
ه
عة رب ّ ِ مهِ ،جد ّد َ توبته ،وأحسن عمله ،واجتهد في طا ِ أيا ِ
واتباِع رسول ِهِ .
كتب المثل المسرحي الهندي الشهير » كاليداسا « :
ة للفجر تحي ً
انظْر إلى هذا النهار
لنه هو الحياة ،حياة الحياة
ق وجوِدك ف حقائ ِ في فترت ِهِ ُ ،توجد مختل ُ
و
م ّ ة الن ّ ُنعم ُ
ل المجيد ُ العم ُ
وبهاُء النتصاِر
ل تحزن
103
ولن المس ليس سوى ُ ُ
حلم ٍ
والغَد ُ ليس إل ُر ً
ؤى
حْلما ً جميل ً
ن اليوم الذي تعيشه بأكمله يجعل المس ُ
لك ّ
ل
ة للم ِ وكل غد رؤي ً
فانظر جّيدا ً إلى هذا النهار
هذه هي تحية الفجر
*********************************
اسأ ْ
ل نفسك هذه السئلة
أغلق البواب الحديدّية على الماضي والمستقبل ،
مك : ش دقائقَ يو ِ وع ْ
قجل حياتي الحاضرة من أجل القل ِ .1هل أقصد أن أؤ ّ
ن إلى )) حديقة سحرية ِ ل ،أو الحني ن المستقب ِ بشأ ِ
ُ
ق (( ؟ وراء الفُ ِ
ث حد َي َ ْ .2هل أجعل حاضري مريرا ً بالتطل ِّع إلى أشياء َ
ن؟ ت مع مرورِ الزم ِ ت وانقض ْ حد َث َ ْ
في الماضي َ ،
ت على م ُ م ْ ظ في الصباِح ،وقد ص ّ .3هل أستيق ُ
ل النهارِ ،والفادةِ القصوى من الساعات استغل ِ
الربِع والعشرين المقبلة ؟
ت دقائق يومي ؟ .4هل أستفيد من الحياة إذا ما عش ُ
.5متى سأبدأ ُ في القيام بذلك ؟ السبوع المقبل ؟ ..
م؟ في الغد ِ ؟ ..أو اليو َ
دث ؟ ُ .6اسأ ْ
ح ُ ن يَ ْ نأ ْ ل يمك ُ ل نفسك :ما اسوأ احتما ٍ
ثم :
مل ِهِ . -جهّْز نفسك لقبولهِ وتح ّ
ل قا َ ن َ ذي َ ل ﴿ .ال ّ ِ شرِ بهدوٍء لتحسين ذلك الحتما ِ -با ْ
م عوا ْ ل َك ُ ْ م ُ ج َ قدْ َ س َ ن الّنا َ س إِ ّ م الّنا ُ ه ُ لَ ُ
سب َُنا الل ّ ُ
ه ح ْ قاُلوا ْ َ و َ مانا ً َم ِإي َ ه ْفَزادَ ُ م َ ه ْ و ُ
ش ْ خ َ َ
فا ْ
ل﴾ . كي ُ و ِ م ال ْ َ ع َ ون ِ ْ َ
********************************
ل تحزن
104
وقفــــة
ن
م ْه ِ ق ُوي َْرُز ْخَرجًا}َ {2 م ْ ه َ عل ل ّ ُ ج َ ه يَ ْ ق الل ّ َ من ي َت ّ ِ و َ ﴿ َ
ه ﴾سب ُ ُ ح ْ و َ ه َ ه َ
ف ُ عَلى الل ّ ِ ل َ وك ّ ْ من ي َت َ َ و َ ب َ س ُ حت َ ِ ث َل ي َ ْ حي ْ ُ
َ
سرا ً ﴾ . ر يُ ْ س ٍ ع ْ عد َ ُ ه بَ ْ ل الل ّ ُ ع ُ ج َسي َ ْ َ ﴿.
ر ،وأن الفرج مع )) واعلم أن النصر مع الصب ِ
سرا ً (( . ر يُ ْ س ِ ع ْ ن مع ال ُ ب ،وأ ّ الكْر ِ
ن بي ما شاء (( . ن عبدي بي فل ْي َظُ ّ )) أنا عند ظ ّ
م﴾ . عِلي ُ ع ال ْ َ مي ُ س ِو ال ّ ه َ و ُ ه َ م الل ّ ُ ه ُ فيك َ ُ سي َك ْ ِ ف َ ﴿ َ
ت﴾. مو ُ ذي َل ي َ ُ ي ال ّ ِ ّ حعَلى ال ْ َ ل َ وك ّ ْ وت َ َ ﴿ َ
فت ْح أ َ َ ْ فعسى الل ّ َ
ه﴾. د ِعن ِ ن ِم ْ ر ّ م ٍوأ ْ ي ِبال ْ َ ِ ْ ه أن ي َأت ِ َ ُ ﴿ َ َ َ
ة﴾. ف ٌش َ كا ِ ه َ ن الل ّ ِ دو ِ من ُ ها ِ س لَ َ ﴿ ل َي ْ َ
**************************************
وة ويهدّ الجسم ن يحطّ ُ
م الق ّ الحز ُ
قال الدكتور » ألكسيس كاريل « الحائز على جائزة
ل الذين ل يعرفون ب )) :إن رجال العما ِ نوبل في الط ّ
ق ،ويموتون باكرا ً (( . مجابهة القل ِ
ل شيء بقضاٍء وقدرٍ ،لكن قد يكون المعنى : ت:ك ّ قل ُ
ق
طمة للكيان ،هو القل ُ أن من السباب المتلفة للجسم المح ّ
.وهذا صحيح .
ن أيضا ً يثيُر الُقْرحة! (( : )) والحز ُ
يقول الدكتور » جوزيف ف .مونتاغيو « مؤلف كتاب ))
ة
ح ِ
مشكلة العصبية (( ،يقول فيه )) :أنت ل ُتصاب بالُقْر َ
ب ما ي َأ ْك ُُلك (( !!. ل من طعام ٍ ،بل بسب ِ ب ما تتناو ُبسب ِ
قال المتنبي :
م
م يختر ُواله ّ ب ناصية وُيشي ُ
ة
الجسيم نحاف ً
الدرجة ة في م« تأتي الُقْر َ
ح ُ »ِ وُيهرِ
ليف ُ الغلم
وطبقا ً لمجلة
العاشرةِ من المراض الفّتاكة .
ن: حْز ِر ال ُوإليك بعض آثا ِ
ل تحزن
105
ُترجمت لي قطعة من كتاب الدكتور إدوار بودولسكي ،
ل (( إليك بعضا ً من وعنوانه )) :دِع القلق وانطلق نحو الفض ِ
ل هذا الكتاب : عناوين فصو ِ
ب. ل القلقُ بالقل ِ •ماذا يفع ُ
ذيه القلقُ . ط الدم ِ المرتفع يغ ّ •ضغ ُ
َ
ض الروماتيزم . •الَقلقُ يمكن أن يتسبب في أمرا ِ
ف من قلِقك إكراما ً لمعدِتك . •خّف ْ
•كيف يمكن أن يكون القلقُ سببا ً للبرد ِ .
ة.•القلق والغد ّةُ الدرقي ُ
ب السكري والقلقُ . •مصا ُ
وفي ترجمة لكتاب د .كارل مانينغر ،أحد الطباء
ب النفسي ،وعنوانه )) :النسان ضد ّ المتخصصين في الط ِ
نفسه (( ،يقول )) :ل يعطيك الدكتور مانينغر قواعد َ حو َ
ل
ق ،بل تقريرا ً مذهل ً عن كيف نحط ُ
م ب القل ِكيفيةِ اجتنا ِ
ة
ت ،والحقد ِ والزدراِء ،والثور ِ ق والكب ْ ِ أجسادنا وعقولنا بالقل ِ
ف (( . والخوْ ِ
نع ِ ن َ في َ وال ْ َ
عا ِ إن من أعظم منافع قوله تعالى َ ﴿ :
لة البا ِس ﴾ :راحة القلب ،وهدوَء الخاط ِرِ ،وسعَ َ الّنا ِ
والسعادة .
وفي مدينة » بوردو « الفرنسية ،يقول حاكمها
ب في معالجة الفيلسوف الفرنسي » مونتين « )) :أرغ ُ
ي (( . مشاكلكم بيدي وليس بكبدي ورئت ّ
قد ُ ؟ ح ْ
م وال ِ ن ،واله ّ ماذا يفعل الحز ُ
وضع الكتور راسل سيسيل – من جامعة » كورنيل « ،
ب
ب شائعة تسبب في التها ِ معهد الطب – أربعة أسبا ٍ
ل:المفاص ِ
.1انهياُر الزواِج .
ن. ة والحز ُ ث المادي ُ .2الكوار ُ
.3الوحدةُ والقلقُ .
حْقد ُ . .4الحتقاُر وال ِ
ل تحزن
106
وقال الدكتور وليم مالك غوينغل ،في خطاب لتحاد
مْثل أطباء السنان المريكيين )) :إن المشاعر غَي ْرِ الساّرةِ ِ
ف ..يمكن أن تؤثر في توزيع الكالسيوم في ق والخو ِالقل ِ
ن (( . ف السنا ِ الجسم ،وبالتالي تؤدي إلى ت َل َ ِ
وتناول أمورك بهدوء :
يقول دايل كارنيجي )) :إن الزنوج الذين يعيشون في
ب ب البلدِ والصينيين نادرا ً ما ُيصابون بأمراض القل ِ جنو ِ
ق ؛ لنهم يتناولون المور بهدوء (( . الناتجةِ عن القل ِ
ويقول )) :إن عدد المريكيين الذين ُيقبلون على
النتحار هو أكثر بكثير من الذين يموتون نتيجة للمراض
الخمسة الفّتاكة (( .
وهذه حقيقة مذهلة تكاد ُ ل تصد ّقُ !
ن ظّنك برّبك : س ْ ح ّ
قال وليم جايمس)) :إن الله يغفُر لنا خطايانا ،لكن
جهازنا العصبي ل يفعل ذلك أبدًا((!
ذكر ابن الوزير في كتابه »العواصم والقواصم« )) :إن
ويه د ،ويق ّ ل -يفتح المل للعب ِ الرجاء في رحمة الله -عّز وج ّ
ل سابقا ً إلى على الطاعةِ ،ويجعُله نشيطا ً في النواف ِ
ت(( . الخيرا ِ
ت :وهذا صحيح ،فإن بعض النفوس ل يصلحها إل قل ُ
كر رحمة الله وعفوه وتوبته وحلمه ،فتدنو منه ،وتجتهد ُ تذ ّ
وتثابُر .
ل: م ِبك الخيا ُ إذا ها َ
ُ
ة يلجأ إليها يقول توماس أدسون )) :ل توجد وسيل ٌ
ن هََربا ً من التفكير (( . النسا ُ
ب ُ
وهذا صحيح بالتجربة ،فإن النسان قد يقرأ أو يكت ُ
لوهو يفكُر ،ولكن من أحسن ما يحد ّ التفكير ويضبطه العم ُ
ل وجنوٍح ل خيا ٍ الجاد ّ المثمُر النافعُ ،فإن أهل الفراغ أه ُ
وأراجيف .
****************************
ل تحزن
107
ء
د البّنا ِ
ب بالّنق ِ
ح ْ
ر ّ
ل ما يتفقُ مع رغباِتنا نك ّ ل أندريه مورو )) :إ ّ يقو ُ
ل ما هو غيُر ذلك ُيثير غضبنا . الشخصيةِ يبدو حقيقي ّا ً ،وك ّ
ب المدح ب أننا نح ّ ت وكذلك النصائح والنقد ُ ،فالغال ُ قل ْ
م ولو كان حّقا ً ه ،ولو كان باطل ً ،ونكرهُ النقد والذ ّّ ّ بل ُ ون َط َْر ُ
ب وخطأ ٌ خطيٌر . وهذا عي ٌ
ذا م إِ َ ه ْم ب َي ْن َ ُ حك ُ َ ه ل ِي َ ْ سول ِ ِ وَر ُه َ عوا إ َِلى الل ّ ِ ذا دُ ُ وإ ِ َ﴿ َ
ق ح ّ م ال ْ َ ه ُ كن ل ّ ُ وِإن ي َ ُ ن}َ {48 ضو َ ر ُِ ع
م ْهم ّ من ْ ُ
ق ّ ري ٌ ِ َ
ف
ْ
ن﴾. عِني َ مذ ْ ِ ه ُ ي َأُتوا إ ِل َي ْ ِ
ل إلى قراٍر م التوص ّ م جايمس )) :عندما يت ّ ل ولي ُ يقو ُ
س اليوم ِ ،فإنك ستتخّلص كلي ّا ً من الهموم ِ لبتي ُينّفذ ُ في نف ِ
ستسيطُر عليك فيما أنت تفكُر بنتائِج المشكلةِ ،وهو يعني
ض في ً ً
أنك إذا اتخذت قرارا حكيما يركُز على الوقائِع ،فام ِ
تنفيذ ِهِ ول تتوّقف مترّددا ً أو قِلقا ُ أو تتراجعٌ في خطواِتك ،ول
ك التي ل تلد ُ غل ّ الشكوك ،ول تستمّر تضي ّعْ نفسك بالشكو ِ
في النظرِ إلى ما وراِء ظهرك (( .
واشدوا في ذلك :
ت ت العزما ِ مشت ّ ُ و ٌ حيران ل ظفٌر ول
وقال آخُر : ُينفقُ عمره ُ إخفاقُ
إذا كنت ذا رأي ن فساد الرأي أة فإ ّ
فكن ذا عزيمة تترّددا
ق اتخاذِ القرارِ ُإنقاذ لك ٍمن القل ِ َ
في إن الشجاعة
ن كا َ ه لَ َ قوا الل ّ َ صدَ ُ و َ فل َ ْ مُر َم اْل ْ عَز َذا َ فإ ِ َبَ ﴿. والضطرا ِ
م﴾. ه ْ خْيرا ً ل ّ ُ َ
**************************************
ددا ً
كرا ً أو متر ّ
ف متف ّ ل تتوق ْ
ر الفراغ ل واهج ِ ل وابذُ ْ
بل اعم ْ
ب فيل الدكتوُر ريتشاردز كابوت :أستاذ ُ الط ّيقو ُ
ن(:
ش النسا ُ جامعةِ ) هارفرد ( ،في كتابةِ بعنوان ) بم يعي ُ
ل تحزن
108
ل ( للمرضى الذين ح بعلِج ) العم ِ )) بصفتي طبيبا ً ،أنص ُ
ف .. ك والترد ّدِ والخو ِ ش الناتِج عن الشكو ِ يعانون من الرتعا ِ
ل العتماد ِ على ل لنا هي مث ُ حها العم ُ ة التي يمن ُ فالشجاع ُ
ن ( دائم الّروعةِ (( . س الذي جعله ) أمرسو ُ ِ الّنف
ض ر في اْل َ شُروا ِ فانت َ ِ صَلةُ َ ذا ُ فإ ِ َ ﴿ َ
ِ ْ ت ال ّ ضي َ ِ ق ِ
ه ﴾ . ل الل ّ ِ ض ِ ف ْ من َ غوا ِ واب ْت َ ُ َ
ن سّر التعاسةِ في أن ل جورج برناردشو )) :يمك ُ يقو ُ
ت لرفاهيةِ التفكيرِ ،فيما إذا كنت سعيدا ً أو ل ، يتاح لك وق ٌ
م بالتفكيرِ في ذلك بل ابق منهمكا ً في العمل ،عندئذ فل تهت ّ
ب ُ
ن ،وعُقلك بالتفكيرِ ،وسرعان ما ُتذهِ ُ مك في الدورا ِ يبدأ د ُ
ل وابق منهمكا ً في الحياة ُ الجديدة القلق من عقِلك ! عم ْ
ض وأفضُله (( ن أرخص دواٍء موجود ٍ على وجهِ الر ِ ل ،فإ ّ العم ِ
.
سول ُ ُ
ه وَر ُ م َ مل َك ُ ْ ع َ ه َ سي ََرى الل ّ ُ ف َ مُلوا ْ َ ع َ لا ْ ق ِ و ُ ﴿ َ
ن﴾. مُنو َ ؤ ِ م ْ وال ْ ُ َ
ة«. ل دزرائيلي » :الحياةُ قصيرة ٌ جدا ً ،لتكون تافه ً يقو ُ
ب » :الحياةُ أقصُر من أن وقال بعض حكماِء العر ِ
صرها بالشحناِء « . نق ّ
ن}{112 سِني َ عدَدَ ِ ض َ ِ في اْل َْر م ِ م ل َب ِث ْت ُ ْ ل كَ ْ قا َ ﴿ َ
ن}{113 دي َ عا ّ ل ال ْ َ سأ َ ْ فا ْ وم ٍ َ ْ َ ي ضَ ع
ْ َ ب و
ْ
قاُلوا ل َبث َْنا يوما ً أ َ
َ ْ ِ َ
قِليل ً ل ّ َ
ن﴾. مو َ عل َ ُم تَ ْ كنت ُ ْ م ُ و أن ّك ُ ْ ْ م إ ِّل َ ل ِإن ل ّب ِث ْت ُ ْ قا َ َ
خِلق هكذا
العالم ُ
ة ممن ل حكم ً ل ماركوس أويليوس – وهو من أكثر الرجا ِيقو ُ
ل اليومحكموا المبراطورية الرومانية – ذات يوم » :سأقاب ُ
ل تحزن
116
أشخاصا ً يتكّلمون كثيرا ً ،أشخاصا ً أنانّيين جاحدين ،يحّبون
أنفسهم ،لكن لن أكون مندهشا ً أو منزعجا ً من ذلك ،لنني ل
ن أمثالهم «! ل العالم من دو ِ أتخي ُ
ل التي ح بالعما ِ ي يفر ُ
ن الرجل المثال ّ يقو ُ
ل أرسطو » :إ ّ
ه ،لن ل إن أدى الخرون العمال ل ُ يؤديها للخرين ،وبخج ُ
ف هو دلي ُ
ل ن تلّقي العط ِ ق ،لك ْف هو من التفو ِ تقديم العط ِ
الفشل « .
د السفلى وفي الحديث )) :اليدُ العليا خيٌر من الي ِ
(( .
ة ،والسفلى هي الخذة ُ . والعليا هي المعطي ُ
******************************************
ز
خب ْ ٍ
سرةُ ُ ن إذا كان معك ك ِ ْ حَز ْ
ل تَ ْ
ست ُُر َ
ك ب يَ ْ
و ٌ
ء وث ْ
ة ما ٍ
وغرف ُ
ط الهادي وبقي واحدا ً ل أحد ُ البحارةِ في المحي ِ ض ّ
س تعّلمه ، س عن أكبرِ در ٍ ه النا ُ وعشرين يوما ً ،ولما نجا سأل ُ
ن تلك التجربةِ هو :إذا كان س تعلمُته م ْ ن أكبر در ٍ فقال :إ ّ
مر ن ل تتذ ّ بأ ْ م الكافي ،يج ُ لديك المال الصافي ،والطعا ُ
أبدا ً !
ل. ة ،وما بقي فض ٌ شْرب َ ٌ ةو َ دهم :الحياةُ كّلها لقم ٌ قال أح ُ
ن الوردي : وقال اب ُ
ه
كسرى عن ُ ك ِ مل ْ ُُ ن البحرِ اجتزاٌء وع ِ
كسرة ٌ ن أفضلُتغني
الطباِِء ل » :إ ّ سويفت ْ
ل جوناثان بالوش يقو ُ
في العالم ِ
ن
رح ،وإ ّ م :الدكتوُر ريجيم ،والدكتوُر هادئ ،والدكتوُر م ِ ه ْ
ل عنه ج ناجعٌ ل يسأ ُ تقليل الطعام ِ مع الهدوِء والسرورِ عل ٌ
«.
ةب الِفطن َ ة ُتذه ُ ن ،والبطن ُ ض مزم ٌ ن السمنة مر ٌ ت:ل ّ قل ُ
ل ح سروٌر عاج ٌ ح ،والمر ُ ب وعيد ٌ للرو ِ ة للقل ِ
والهدُوء متع ٌ
وغذاٌء نافعٌ .
*************************************
ل تحزن
117
ن مْنحة
ة فقدْ تكو ُ
ن من محن ٍ ل تحَز ْ
ن عطية ة فقد تكو ُن من بلي ّ ٍ
ول تحز ْ
قال الدكتوُر صموئيل جونسون » :إن عادة النظر إلى
ن من الحصول على ل حادثةٍ ،لهو أثم ُ ب الصالِح من ك ّ الجان ِ
ف جنيهٍ في السنةِ « . أل ِ
و َ أ ً ة ر م م عاَ ّ
ل ُ ك في ِ ن نو ُ َ ت فْ ي م ه ّ ن ﴿أ َول َ يرون أ َ
ْ ّ
ٍ ّ َ ُ ْ ُ َ َ ْ َ َ
ن﴾ . م ي َذّك ُّرو َ ه ْ ول َ ُ ن َ م ل َ ي َُتوُبو َ ن ثُ ّ مّرت َي ْ ِ َ
ل المتنبي : وعلى الضد ّ يقو ُ
ليت الحوادث باعتني مني بحلمي الذي
تجربة . ت أخذ ْ التيإل ذو وقال معاوية :ل حليم ت وتجريبي أعط ْ
قال أبو تمام ٍ في الفشين :
ت م نعمةٍ لله كان ْ ك ْ ة
غرب ٍ فكأنها في ُ
أرى عليك عنده ُ
ل من المترفين :إني لرج ٍ وإسارِ ف
سل ِ قال أحد ُ ال ّ
دها بالشكرِ . ة ،فقي ّ ْ نعم ً
ول َِئن ك َ َ َ قال تعالى ﴿ :ل َِئن َ
م فْرت ُ ْ م َ زيدَن ّك ُ ْ مل ِ شك َْرت ُ ْ
ت كان َ ْ ة َ قْري َ ً مث َل ً َ ه َ ب الل ّ ُ ضَر َ و َ ديدٌ ﴾ َ ﴿ ، ش ِ ذاِبي ل َ َ ع َن َ إِ ّ
ْ
ن كا ٍ م َ ل َ من ك ُ ّ غدا ً ّ ها َر َ ق َ رْز ُ ِ ها ة ي َأِتي َ مئ ِن ّ ً مط ْ َ ة ّ
من َ ً آ ِ
س ال ْ ها الل ّ فأ َ عم الل ّ فرت بأ َ
ع ِ جو ُ َ با َ ِ ل ه
ُ َ َ
ق َ
ذا َ ه
ِ ِ ُ ْ ن فك َ َ َ ْ ِ َ
ن﴾. عو َ صن َ ُ كاُنوا ْ ي َ ْ ما َ ف بِ َ و ِ خ ْ وال ْ َ َ
***********************************
كن نفسك
ن مشكلة ل الدكتور جايمس غوردون غليلكي » :إ ّ يقو ُ
م التاريخ ،وهي ة قِد َ َ
ن تكون نفسك ،هي قديم ٌ الرغبةِ في أ ْ
ن مشكلة عدم ِ الرغبةِ هي في ة كالحياةِ البشريةِ .كما أ ّ
م ٌ
عا ّ
ة
أن تكون َنفسك هي مصدُر الكثيرِ من التوترِ والُعقدِ النفسي ِ
«.
ل تحزن
118
وقال آخر » :أنت في الخليقةِ شيٌء آخُر ل يشبهك أحد ٌ
ل في عله – مايز بين ن الخالق – ج ّ ه أحدا ً ،ل ّ ،ول تشب ُ
شّتى ﴾ . م لَ َ عي َك ُ ْ س ْ ن َ المخلوقين « .قال تعالى ﴿ :إ ِ ّ
ت حول شَر كتابًا ،وآلف المقال ِ كتب إنجيلو باتري ثلثة ع َ
ل » :ليس من أحدٍ ل« ،وهو يقو ُ ب الطف ِ موضوِع »تدري ِ
ن يكون غْير نفسهِ ،وغَي َْر جسد ِ
ه س كالذي يصبو إلى أ ْ تعِ ٍ
ره « . وتفكي ِ
ماء ماء َ س َ ن ال ّ م َ ل ِ قال سبحانه وتعالى َ ﴿ :أنَز َ
َ فسال َت أ َ
ها ﴾ . ر َ ِ َ د ق ِ ب ة
ٌ َ ي د
ِ وْ ْ َ َ
ب أحد ٌ في أحد ٍ . ت فل يذو ُ ب وقدرا ٌ ت ومواه ُ ل صفا ٌ لك ّ
ها سعد ٌ وسعد ٌ أ َوَْرد َ َ ما هكذا ُتوَرد ُ يا
ل م ْ مشت َ ِ ُ سعْد ُ الب ِ ْ
ل
ددا ً ،وكما ّ مح ً ل عم لتودي ة
ّ ٍدد مح خلقت بمواهب ك ُ إن َ
م. ك ،واعرف ماذا تقد ّ ُ قالوا :اقرأ نفس َ
س« ن في مقالت ِهِ حول » العتمادِ على النف ِ قال أمرسو ُ
ن ن إلى اليما ِ م النسا ِ ل فيه عل ُ ت الذي يص ُ » :سيأتي الوق ُ
ل ،والتقليد َ هو النتحاُر ،وأن يعتبر جهْ ُ سد َ هو ال َ ح َ ن ال َبأ ّ
ه ن ذاك هو نصيُبه .وأن ُ ف؛ل ّ ن الظرو ُ نفسه كما هي مهما تك ِ
ة
ن يحصل على حب ّ ِ رغم امتلِء الكون بالشياِء الصالحةِ ،ل ْ
ه ،فالقوى ض المعطاةِ ل ُ ُذرةٍ إل بعد زراعةِ ورعايةِ الر ِ
ف ة في داخل ِهِ ،هي جديدة ٌ في الطبيعةِ ،ول أحد يعر ُ الكامن ُ
ف ،حتى يجّرب « . مدى قدرِته ،حتى هو ل يعر ُ
ه سول ُ ُ وَر ُ م َ مل َك ُ ْ ع َ ه َ سي ََرى الل ّ ُ ف َ مُلوا ْ َ ع َ
لا ْ ق ِ و ُ﴿ َ
ن﴾. مُنو َ ؤ ِ م ْ وال ْ ُ َ
*********************************
وقفــة
ن
س ُدك ،وتح ّض َ
وي من رجاِئك ،وتشد ّ عَ ُ
ت تق ّ
هذه آيا ٌ
ظّنك برّيك .
ل تحزن
119
م َل ه ْ س ِ ف ِ عَلى َأن ُ فوا َ سَر ُ نأ ْ
َ
ذي َ ي ال ّ ِ عَباِد َ ل َيا ِ ق ْ ﴿ ُ
ميعا ً ج ِ ب َ فُر الذُّنو َ غ ِ ه يَ ْ ن الل ّ َ ه إِ ّ ة الل ّ ِ م ِ ح َ من ّر ْ طوا ِ قن َ ُ تَ ْ
م ﴾. حي ُ فوُر الّر ِ غ ُ و ال ْ َ ه َ ه ُ إ ِن ّ ُ
م ه ْ س ُ ف َ موا ْ أ َن ْ ُ و ظَل َ ُ ةأ ْ
ش ً َ ح َ فا ِ عُلوا ْ َ ف َ ذا َ ن إِ َ ذي َ وال ّ ِ ﴿ َ
فُر الذُّنو َ ْ غ َ ه َ ذَك َُروا ْ الل ّ َ
ب غ ِ من ي َ ْ و َ م َ ه ْ فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ ست َ ْ فا ْ
ن ﴾. مو َ عل َ ُ م يَ ْ ه ْ و ُ عُلوا ْ َ ف َ ما َ عَلى َ صّروا ْ َ م يُ ِ ول َ ْ ه َ إ ِل ّ الل ّ ُ
َ
ر ف ِ غ ِ ست َ ْ م يَ ْ ه ثُ ّ س ُ ف َ م نَ ْ و ي َظْل ِ ْ سوءا ً أ ْ ل ُ م ْ ع َ من ي َ ْ و َ ﴿ َ
حيما ً ﴾ . فورا ً ّر ِ غ ُ ه َ د الل ّ َ ج ِ ه يَ ِ الل ّ َ
ب ُ َ َ َ َ ذا سأ َ وإ ِ َ
جي ُ بأ ِ ري ٌ ِ ق ني ّ ِ إ ف ني ّ ع
َ دي ِ با َ ع
ِ ك ل َ ﴿ َ
مُنوا ْ ِبي ؤ ِ ول ْي ُ ْ جيُبوا ْ ِلي َ ست َ ِ فل ْي َ ْ ن َ عا ِ ذا دَ َ ع إِ َ دا ِ وةَ ال ّ ع َدَ ْ
ن ﴾. دو َ ش ُ م ي َْر ُ ه ْ عل ّ ُ لَ َ
ضطَّر إ ِ َ َ
سوءَ ف ال ّ ش ُ وي َك ْ ِ عاهُ َ ذا دَ َ م ْ ب ال ْ ُ جي ُ من ي ُ ِ ﴿أ ّ
َ ْ َ
ما قِليل ً ّ ه َ ع الل ّ ِ م َ ه ّ ض أإ ِل َ ٌ فاء الْر ِ خل َ َ م ُ عل ُك ُ ْ ج َ وي َ ْ َ
ن﴾. ت َذَك ُّرو َ
عوا ْ م ُ ج َ قدْ َ س َ ن الّنا َ س إِ ّ م الّنا ُ ه ُ ل لَ ُ قا َ ن َ ذي َ ﴿ ال ّ ِ
ه سب َُنا الل ّ ُ ح ْ قاُلوا ْ َ و َ مانا ً َ م ِإي َ ه ْ فَزادَ ُ م َ ه ْ و ُ ش ْ خ َ فا ْ م َ ل َك ُ ْ
ه ن الل ّ ِ م َ ة ّ م ٍ ع َ قل َُبوا ْ ب ِن ِ ْ فان َ ل}َ {173 كي ُ و ِ م ال ْ َ ع َ ون ِ ْ َ
ه ن الل ّ ِ وا َ ض َ ر ْ عوا ْ ِ وات ّب َ ُ سوءٌ َ م ُ ه ْ س ُ س ْ م َ م يَ ْ ل لّ ْ ض ٍ ف ْ و ََ
ظيم ٍ ﴾ . ع ِ ل َ ض ٍ ف ْ ذو َ ه ُ والل ّ ُ َ
ْ ّ فوض أ َ ﴿ وأ ُ
عَباِد} صيٌر ِبال ِ ه بَ ِ ن الل َ ه إِ ّ ري إ َِلى الل ّ ِ ِ مْ ُ ّ َ َ
مكُروا﴾ . َ ما َ ت َ سي َّئا ِ ه َ ّ
قاهُ الل ُ و َ ف َ َ {44
*****************************************
ة
ة نافع ٌ
ب ضار ِ
ُر ّ
دنا إلى حد ّ غَي ْ ِ
ر ل وليم جايمس » :عاهاُتنا تساع ُ يقو ُ
ة ش دوستيوفسكي وتولستوي حياة ً أليم ً م يع ْ متوقٍّع ،ولو ل ْ
م ،والعمى ، ن يكتبا رواياِتهما الخالدة َ ،فالُيت ُ لما استطاعا أ ْ
ً
ن أسبابا للنبوِغ والنجازِ ،والتقدم ِ ة ،والفقُر ،قد تكو ُ والغرب ُ
والعطاِء « .
ه بالبلوى
م الل ُقد يُنع ُ ه بعض ويبتلي الل ُ
تن عظم ْ وإ ْ القوم ِ بالنعم ِ
ل تحزن
120
فل َ ن البناء والثراَء ،قد يكونون سببا ً في الشقاِء َ ﴿ : إ ّ
َ َ
هم عذّب َ ُ ه ل ِي ُ َ ريدُ الل ّ ُ ما ي ُ ِ م إ ِن ّ َ ه ْ ول َدُ ُ ول َ أ ْ م َ ه ْ وال ُ ُ م َ كأ ْ جب ْ َ
ع ِ
تُ ْ
ة الدّن َْيا ﴾ . حَيا ِ في ال ْ َ ها ِ بِ َ
ل« ،و ه الرائعة ،كـ » :جامِع الصو ِ كتب ُ ن الثيرِ ُ أّلف اب ُ
مْقعَد ٌ . ه ُ ب أن ُ ة« ،بسب ِ »النهاي ِ
وأّلف السرخسي كتابه الشهير » المبسوط « خمسة
ب! ج ّ س في ال ُ ه محبو ٌ عشر مجّلدا ً ؛ لن ُ
ن القيم ) زاد المعاد ( وهو مسافٌر ! وكتب اب ُ
ر
ي ) صحيح مسلم ( وهو على ظه ِ وشرح القرطب ّ
السفينةِ !
س! ن تيمية كتبها وهو محبو ٌ ل فتاوى اب ِ ج ّ و ُ
م فقراُء ث لنه ْ ف من الحادي ِ ت الل ِ دثون مئا ِ وجمع المح ّ
غرباُء .
ه
سجن فحفظ في سجن ِ ِ وأخبرني أحد ُ الصالحين أنه ُ
القرآن كّله ،وقرأ أربعين مجّلدا ً !
وأملى أبو العلء المعري دواوينه وك ُُتبه وهو أعمى !
كراته ومصّنفاِته ! وعمي طه حسين فكتب مذ ّ
دم للمةِ العلم زل من منصِبه ،فق ّ وكم من لمٍع ع ُ ِ
ب. دم مع المنص ِ والرأي أضفاف ما ق ّ
ل ل من الفلسفةِ يجع ُ س بايكون » :قلي ٌ ل فرانسي ُ يقو ُ
مق في الفلسفةِ يقّرب ن التع ّ ل إلى اللحادِ ،لك ّ النسان يمي ُ
ن«. دي ِ عقل النسان من ال ّ
ه شى الل ّ َ خ َ ما ي َ ْ ن ﴾ ﴿ .إ ِن ّ َ مو َ عال ِ ُها إ ِّل ال ْ َ قل ُ َع ِ ما ي َ ْ و َ ﴿ َ
ماء ﴾ . عل َ َ ه ال ْ ُ عَباِد ِ ن ِ م ْ ِ
ل ال ّذين ُ
م قدْ ل َب ِث ْت ُ ْ ن لَ َ ما َ لي َ وا ِْ َ م
َ ْ ل ع
ِ ْ ل ا توا ُ أو ِ َ قا َ و َ ﴿ َ
ث ﴾. ع ِ وم ِ ال ْب َ ْ ه إ َِلى ي َ ْ ب الل ّ ِ في ك َِتا ِ ِ
َ ما أ َ ِ
مث َْنى ه َ موا ل ِل ّ ِ قو ُ ة أن ت َ ُ حدَ ٍ وا ِ كم ب ِ َ عظ ُ ُ ل إ ِن ّ َ ق ْ ﴿ ُ
ة ﴾. جن ّ ٍ من ِ كم ّ حب ِ ُ صا ِ ما ب ِ َ فك ُّروا َ م ت َت َ َ دى ث ُ ّ فَرا َ و ُ َ
ن ن حقيقي ل ْ ن أيّ مؤم ٍ ل الدكتوُر أ .أ .بريل » :إ ّ يقو ُ
ي«. ض نفس ّ ُيصاب بمر ٍ
ل تحزن
121
م ه ُل لَ ُ ع ُ ج َ سي َ ْ ت َ حا ِ صال ِ َمُلوا ال ّ ع ِو َمُنوا َ نآ َ ذي َ ن ال ّ ِ ﴿ إِ ّ
ودّا ً ﴾ . ن ُ م ُ ح َ
الّر ْ
م ْ ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ
نم ٌ ؤ ِ و ُ ه َ و ُو أنَثى َ ٍ ْ ّ م َ َ ع ِن َ م ْ ﴿ َ
ة ﴾. حَياةً طَي ّب َ ً ه َ فل َن ُ ْ
حي ِي َن ّ ُ َ
قيم ٍ ست َ ِ م ْ ط ّ صَرا ٍ مُنوا إ َِلى ِ نآ َ ذي َهاِد ال ّ ِه لَ َن الل ّ َ وإ ِ ّ
﴿ َ
﴾ .
**********************************
م دواء
ن أعظ ُ
اليما ُ
س الدكتوُر كارل جائغ في الصفحة يقول أبرُز أطباِء النف ِ
ح«: ن الرو ِ ث في بحثهِ ع ِ ن الحدي ُ ) (264من كتاب ِهِ » النسا ُ
ص من جميِع ت الثلثين الماضيةِ ،جاء أشخا ٌ » خلل السنوا ِ
ت المرضى ، ت مئا ِ أقطارِ العالم ِ لستشارتي ،وقد عالج ُ
ة
ف مرحلةِ الحياةِ ،أيْ فوق الخامس ِ مهم في منتص ِ ومعظ ُ
م من ل تعود ُ مشكلُته إلى ن بينه ْ م يك ْ والثلثين من العمرِ ،ول ْ
إيجادِ ملجأ ديني يتطّلع من خلل ِهِ إلى الحياةِ ،وباستطاعتي
ّ
نه الدي ُ منح ُ ه فقد ما َ رض لن ُ ن أقول :إن كل ّ منهم م ِ أ ْ
ي«. م يستِعد إيمانه الحقيق ّ شف من ل ْ للمؤمنين ،ولم ي ُ ْ
ضنكا ً ﴾ . ة َ ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ ري َ عن ِذك ْ ِ ض َ عَر َ ن أَ ْ م ْ و َ
﴿ َ
ما ب بِ َ ع َ فُروا ْ الّر ْ ن كَ َ ذي َ ب ال ّ ِ قُلو ِ في ُ قي ِ سن ُل ْ ِ
﴿ َ
َ
ه﴾. كوا ْ ِبالل ّ ِ شَر ُ أ ْ
م ي َك َ ْ
د ج ي َدَهُ ل َ ْ خَر َ ذا أ َ ْ ض إِ َ ع ٍ وق َ ب َ ْ ف ْ ها َ ض َع ُ ت بَ ْ ما ٌ﴿ ظُل ُ َ
ر﴾. من ّنو ٍ ه ِ ما ل َ ُ ه ُنورا ً َ
ف َ ه لَ ُ ل الل ّ ُ ع ِج َ م يَ ْ من ل ّ ْ و َ ها َ ي ََرا َ
**************************************
ضطّر
م ْ
ب ال ُ
ه يجي ُ
الل ُ
م الهنديّ بعد بوذا – ينهاُر لول كاد المهاتما غاندي – الزعي ُ
حها الصلةُ ،وكيف لي أنه استمد ّ اللهام من القوةِ التي تمن ُ
ت
ل لصبح ُ م أص ّ ه قال :لو ل ْ
ن غاندي نفس ُ ن أعلم ذلك ؟ ل ّ أ ْ
ً
ل.
ن طوي ٍ مجنونا منذ ُ زم ٍ
ل تحزن
122
ههذا وغاندي ليس مسلما ً ،وإنما هو على ضللةٍ ،لكن ُ
ه وا الل ّ َ ع ُ ك دَ َ فل ْ ِ في ال ْ ُ ذا َرك ُِبوا ِ فإ ِ َ بَ ﴿: على مذه ِ
ضطَّر إ ِ َ َ
ذا م ْ ب ال ْ ُ جي ُ من ي ُ ِ ن﴾ ﴿.أ ّ دي َ ه ال ّ ن لَ ُ صي َ خل ِ ِ م ْ ُ
ُ َ
ن صي َ خل ِ ِ م ْ ه ُ وا ْ الل ّ َ ع ُ م دَ َ ه ْ حيط ب ِ ِ
مأ ِ َ ه ْ وظَّنوا ْ أن ّ ُ ه﴾ َ ﴿ . عا ُ
دَ َ
ن﴾ . دي َ ه ال ّ لَ ُ
م في ت أقوال علماِء السلم ِ ومؤرخيهم وأدباِئه ْ سبر ُ
ب ق والضطرا ِ م أجد ْ ذاك الكلم عن القل ِ الجملةِ ،فل ْ
م في أمن ب أنهم عاشوا من ديِنه ْ ض النفسيةِ ،والسب ُ والمرا ِ
ف﴿ : ت حياُتهم بعيدة ً عن التعقيدِ والتكل ّ ِ وهدوٍء ،وكان ْ
ل ما ن ُّز َ مُنوا ب ِ َ وآ َ ت َ حا ِ صال ِ َ مُلوا ال ّ ع ِ و َ مُنوا َ نآ َ ذي َ وال ّ ِ َ
م ه ْ عن ْ ُ فَر َ م كَ ّ ه ْ رب ّ ِ من ّ ق ِ ح ّ و ال ْ َ ه َ و ُ د َ م ٍ ح ّ م َ عَلى ُ َ
سيَئات ِهم َ
م ﴾ . ه ْ ح َبال َ ُ صل َ َ وأ ْ ِ ْ َ َ ّ
ل » :إنما بيني وبين اسمعْ قول أبي حازم ٍ ،إذ ْ يقو ُ
ن مم ْ ذته ،وأنا وهُ ْ س فل يجدون ل ّ م واحد ٌ ،أما أم ِ ك يو ٌ الملو ِ
م ،فما عسى أن يكون ل ،وإنما هو اليو ُ ج ٍ غدٍ على وَ َ
م ؟! « . اليو ُ
خي َْر هذا اليوم ٍ م إني أساُلك َ ث )) :الله ّ وفي الحدي ِ
ه ((. صَرهُ وُنوَرهُ وهدايت َ ُ :بركته ون َ ْ
م ﴾ وقوٌله تعالى : ذوا ْ ِ مُنوا ْ ُ َ
حذَْرك ُ ْ خ ُ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ ﴿ َيا أي ّ َ
حدا ً ﴾ . عرن بك ُ َ وَل ي ُ ْ ول ْي َت َل َطّ ْ
مأ َ ش ِ َ ّ ِ ْ ف َ ﴿ َ
وقال الشاعر :
م فينا ن اليا ُ ن تك ِ فإ ْ مى ب ُِبؤسى ون ُعْ َ
ت
قنا ْةً دل ت مّناتب ّ ل للتي تفع ُ ث والحودا ُ
فما لّين ْ ليس ول ذللتنا
صليبةا ً
ن رحلناها نفوس ل يستطا ُ ل مال ُ تجم م ُ
ولك ْ عُ ُتح ّ
ةّنا
كريمم ً ن الصبر بحس ينا وق ل
ض فتحم ُ ت لنا العرا
ِ ْ ُ ح ْ وص ّ
نفوسناْر ل ََنا فغ ِ قاُلوا ْ رب َّنا ا ْ م إ ِل ّ َأن َ ه ْ لَ ُ و ُل ن هُ َز
قّ ْ
س
كا ُ َ والنا َ ماو َ ﴿ َ
تأ َْ َ سَرا َ
صْرَنا مَنا وان ُ دا َ ق َ وث َب ّ ْ رَنا َ م ِفي أ ْ فَنا ِ وإ ِ ْ ذُُنوب ََنا َ
ب وا َ ه ثَ َ م الل ّ ُ ه ُ فآَتا ُ ن}َ {147 ري َ ف ِ كا ِ وم ِ ال ْ َ ق ْ عَلى ال ْ َ َ
ة ﴾. خَر ِ ب ال ِ وا ِ ن ثَ َ س َ ح ْ و ُ الدّن َْيا َ
ل تحزن
123
****************************************
وُر
ما تتص ّ
ن فالحياةُ أقصُر م ّ
ل تحز ْ
ة في أمعائه ، ة رجل أصاب َْته قُْرح ٌ ص َ ل كارنيجي ق َ ذكر داي ْ
ه أوان وفات ِهِ ،وأوعُزوا ددوا ل ُ ن الطباء ح ّ ن خطورِتها أ ّ بلغ م ْ
ه .قال :وفجأة اتخذ » هاني « -اسم ن يجهَّز ك ََفن َ ُ إليه أ ْ
سهِ :إذا لم يبق لي ه فك َّر في نف ِ ض – قرارا ً مدهشا ً إن ُ المري ِ
في هذهِ الحياةِ سوى أمدٍ قصيرٍ ،فلماذا ل أستمتعُ بهذا المدِ
ن أطوف حول العالم ِ قبل تأ ْ ل وجه ؟ لطالما تمني ُ على ك ّ
ت الذي أحّقق فيه ت ،ها هو ذا الوق ُ ن يدركني المو ُ أ ْ
أمنيتي .وابتاع تذكرة السفر ،فارتاع أطباؤه ،وقالوا له :
ن في حذ ُّرك ،إنك إن أقدمت على هذهِ الرحلةِ فستدف ُ إننا ن ِ
ن يحدث شيٌء من هذا ،لقد ْ قاِع البحرِ !! لكنه أجاب :كل ل ْ
ت أقاربي أل يدفن جثماني إل في مقابرِ السرةِ .وركب عد ُ و ِ
ل الخيام ِ : » هاني « السفينة ،وهو يتمّثل بقو ِ
ة
تعال نروي قص ً حل ْ ِ
و ونقطعُ العمَر ب ُ
ر
مللبش ُْ
فما أطال النو ر م
س َ
العما ِْر صَر في ال ّ ق ّ
ومامسلم . عمرا ًغيروهذه أبيات يقولها وثّني سهْر ل ال ّ طو ُ
ح والسرورِ ،وأرسل ة بالمر ِ مشبع ً ة ُ ل رحل ً وبدأ الرج ُ
ت ما لذ ّ وطاب ت وأكل ُ ل فيه :لقد شرب ُ خطابا ً لزوجت ِهِ يقو ُ
ت ألوان ت القصائد ،وأكل ُ على ظهرِ السفيِنة ،وأنشد ُ
ت في هذه سم المحظور منها ،وتمتع ُ الطعام ِ كّلها حتى الد ّ ِ
الفترةِ بما لم أتمتعْ به في ماضي حياتي .ثم ماذا؟!
ن ح من عل ّت ِهِ ،وأ ّ ن الرجل ص ّ م دايل كارنيجي أ ّ ثم يزع ُ
ضب ناجعٌ في قهْرِ المرا ِ السلوب الذي سار عليه أسلو ٌ
ومغالبةِ اللم ِ !!
ن فيها انحرافا ً عن ت الخّيام ِ ،ل ّ إنني ل أوافقُ على أبيا ِ
ن المقصود من القصةِ :أن السرور ي ،ولك ّ النهج الّربان ّ
م بكثيرٍ من العقاقيرِ الطبّية . والفرح والرتياح أعظ ُ
****************************************
ل تحزن
124
اقنع واهدأ
ي: ن الروم ّ ل اب ُ قا َ
ص مركبا ً حْر ُ قّرب ال ِ ب ص مرك ُ حْر ُ إنما ال ِ
ي لشق ّ
يأتي فمرحبا ً بالكفا ِِ لِء
الشقيا ُت ذي متعبا ِ وعلى ال ُ
قربك ً لِءأ َ ﴿ وما أ َ
عندََنا م ِ هنيئ ُا ْ كم ِبال ِّتي ت ُ َ ّ ُ وَلدُ ُ ْ العفا
َ و
َ مْ ُ ك ُ ل وا َ م
ْ َ َ
ُ
جَزاء م َ ه ْ ك لَ ُ ول َئ ِ َ فأ ْ صاِلحا ً َ ل َ م َ ع ِ و َ ن َ م َ نآ َ م ْ فى إ ِّل َ ُزل ْ َ
ن﴾. مُنو َ تآ ِ فا ِ غُر َ في ال ْ ُ م ِ ه ْ و ُ مُلوا َ ع ِ ما َ ف بِ َ ع ِ ض ْ ال ّ
ن الَقل َقَ هو يقول دايل كارنيجي » :لقد ْ أثبت الحصاُء أ ّ
ب ل سّني الحر ِ ل ) رقم (1في أمريكا ،ففي خل ِ القائ ُ
ل، ث مليون مقات ٍ ل من أبناِئنا نحو ث ُل ُ ِ العالميةِ الخيرةِ ،قُت ِ َ
يب على مليون ْ سها قضى داُء القل ِ ل هذه الفترةِ نف ِ وفي خل ِ
م ناشئا ً ن نسمةٍ كان مرضهُ ْ نسمةٍ .ومن هؤلِء الخيرين مليو ُ
ب«. ق وتوت ّرِ العصا ِ ن القل ِ ع ِ
ت ب من السباب الرئيسيةِ التي حد ْ ن مرض القل ِ مإ ّ نع ْ
بالدكتورِ » ألكسيس كاريل « على أن يقول» :إن رجال
ل الذين ل يعرفون كيف يكافحون القلق ،يموتون العما ِ
كرين« مب ّ
ن كا َ ما َ و َ ل مفروغٌ منه َ ﴿ : ل ،والج ُ ب معقو ٌ والسب ُ
َ
جل ً ﴾ . ؤ ّ م َ ن الله ك َِتابا ً ّ ت إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ مو َ ن تَ ُ سأ ْ ف ٍ ل ِن َ ْ
ض ج في أمريكا أو الصينيون بأمرا ِ ض الزنو ُ وقّلما يمر ُ
م يأخذون الحياة مأخذا ً سهل ً لّينا ً ،وإنك ب ،فهؤلِء أقوا ٌ القل ِ
لترى أن عدد الطباِء الذين يموتون بالسكتةِ القلبيةِ يزيد ُ
ضْعفا ً على عددِ الفلحين الذين يموتون بالعّلة عشرين ِ
ة ،يدفعون ون حياةً متوترةً عنيف ً ن الطباء يحي ْ سها ،فإ ّ نف ِ
ل « !! ب يداوي الناس وهو علي ُ الثمن غاليا ً » .طبي ٌ
*******************************
حْزن
ب ال ُ
الرضا بما حصل ُيذه ُ
وفي الحديث )) :ول نقو ُ
ل إل ما ُيرضي رّبنا (( .
ل تحزن
125
م إذا دسا ً ،وهو النقياد ُ والتسلي ُ ن عليك واجبا ً مق ّ إ ّ
ة لك ؛ حك ،والعاقب ُ ة في صال ِ داهمك المقدوُر ،لتكون النتيج ُ
ل. س الج ِ ل والفل ِ ط العاج ِ لنك بهذا تنجو من كارثةِ الحبا ِ
قال الشاعُر :
شْيب لح ت ال ّ ولما رأي ُ تق رأسي قل ُ مْفرِ ِ و َ
بعارضي
نت أني إ ْ خْف ُ ولو ِ مرحبا
ن
تأ ْ م ُ شيب ْ
عني ُر كب لل ّ تن ّ
تحيتي
ل ك ُْرهٌ ح ّ تما ُ ولكن إذاك ََفْف يتنكبا
به النفسُ يوما ً كان
تذ ُ ،ولو ينُف ْ فسامح ه سوف إلْرهِأنأذهبا ل مفرللك ُ
تؤمن بالقدرِ ،فإن ُ ّ
دك وخرجت من ثياِبك !! انسلخت من جل ِ
ل عن إيمرسون في كتابه » القدرةُ على النجازِ « ن ُِق َ
ة :إن الحياة ن أين أ َت َْتنا الفكرة ُ القائل ُ حيث تساءل » :م ْ
ت ب والعقبا ِ الرغدة المستقرةَ الهادئة الخالية من الصعا ِ
س، ن المر على العك ِ ل أو عظماءهم ؟ إ ّ تخلقُ سعداء الرجا ِ
م سيواصلون الرثاَء لنفسهم فالذين اعتادوا الرثاء لنفسهِ ْ
خ يشهد ُ س .والتاري ُ دمق ِ ولو ناموا على الحريرِ ،وتقل ُّبوا في ال ّ
ت ل يتميُز فيها بين ث ،وبيئا ٌ ن العظمة والسعادة الخبي ُ بأ ّ
ل حملوا ت رجا ٌ ت ن َب َ َ ث ،في هذه البيئا ِ ب وخبي ٍ طي ٍ
ت على أكتاِفهم ،ولم يطرحوها وراء ظهوِرهم « . المسؤوليا ِ
ن الذين رفعوا علم الهدايةِ الرباني ّةِ في اليام ِ الولى إ ّ
ل ج ّ ن ُ للدعوةِ المحمدية هم الموالي والفقراُء والبؤساُء ،وإ ّ
م أولئك دس ه ْ ي المق ّ موا الزحف اليمان ّ الذين صاد ُ
م ه ْ ذا ت ُت َْلى َ َ وإ ِ َ
علي ْ َِ المرموقون والوجهاِء والمترفون َ ﴿ :
ي
مُنوا أ ّ نآ َ ذي َ فُروا ل ِل ّ ِ ن كَ َ ذي َ ل ال ّ ِ قا َ ت َ آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ
َ
ن ح ُ قاُلوا ن َ ْ و َ دي ّا ً ﴾ َ ﴿ . ن نَ ِ س ُ ح َ وأ ْ قاما ً َ م َ خي ٌْر ّ ن َ ِ قي ْ ري َ ِ ال ْ َ
ف
ن م ّ ؤلء َ هـ ُ ن ﴾ ﴿ .أ َ َ عذِّبي َ م َن بِ ُ ح ُ ما ن َ ْ و َ وَلدا ً َ وأ ْ
أ َك ْث َر أ َموال ً َ
َ ُ ْ َ
َ َ
ن ﴾. ري َ شاك ِ ِ م ِبال ّ عل َ َ ه ب ِأ ْ س الل ّ ُ من ب َي ْن َِنا أل َي ْ َ هم ّ علي ْ ِ
ه َ َ الل ّ ُ
ما خْيرا ً ّ ن َ كا َ و َ مُنوا ل َ ْ نآ َ ذي َ فُروا ل ِل ّ ِ ن كَ َ ذي َ ل ال ّ ِ قا َ و َ ﴿ َ
يذ َ ست َك ْب َُروا ْ إ ِّنا ِبال ّ ِ نا ْ ذي َ ل ال ّ ِ قا َ ه ﴾َ ﴿. قوَنا إ ِل َي ْ ِ سب َ ُ َ
ن قْرآ ُ ذا ال ْ ُ ه َ ل َ وَل ن ُّز َ قاُلوا ل َ ْ و َ ن ﴾َ ﴿. فُرو َ كا ِ ه َ م بِ ِ منت ُ ْ آ َ
ل تحزن
126
ن
مو َس ُ ق ِ م يَ ْ ه ْم} {31أ َ ُ ظي ٍ
ع ِ
ن َ ن ال ْ َ
قْري َت َي ْ ِ م َ
ل ّ عَلى َر ُ
ج ٍ َ
ك﴾.ة َرب ّ َ م َح ََر ْ
ن قيمته في وإني لذكُر بيتا ً لعنترة ،وهو يخبُرنا أ ّ
سجاياه ومآث ِرِهِ ون ُب ْل ِهِ ل في أصل ِهِ وعنصرِهِ ،يقو ُ
ل:
ت فإني سيد ٌ إن كن ُ ن إني أوْ أسود اللو ِ
ك ََرما ً ق ض ال ُ ُ
***************************************** خل ِ أبي ُ
ة من جوارحكن فقدت جارح ً إ ْ
ح
ت لك جوار ُفقدْ بقي ْ
ن عباس : ل اب ُ يقو ُ
ه من ن يأخذ ِ الل ُ إ ْ ففي لساني وسمعي
نورهما
ي وعقلي يّعين ّ قلبي ذك مرنو ٌُ صارمنهما وفي فمي
سى َأن جعو ٍ َ و َِ
ع ذي َ ب﴿، ل لك من المصاغي ُِر مأثوُر َ ص
ح َفيما َفكالسي ِل الخير ولع ّ
م﴾ .خي ٌْر ل ّك ُ ْ و َ ه َ و ُ شْيئا ً َ هوا ْ َت َك َْر ُ
ن ب ُْردٍ : شاُر ب ُ لب ّ يقو ُ
وعّيرني العداُء فليس بعارٍ أن ُيقال
فيهمو
أبصر المرُء ب والعي ُ إذا ر
ن ضري ُِ
ن عمى العيني فإ ّ
تقى
أجرا ً وال ّ العمى المروءة ترأي ُ ر
ث يضي ِ ُ
ليسالثل وإني إلى تلك
وبين ما ة
صم ً عرِ ْ، شاِ وب و ّ ذخرا ً س و ُ قفقيُر
ن عبا ٍ بين كلم ِ اب ِ انظْر إلى الفر ِ
عمي : ما َ سل ّ ح بن عبدالقدو ِ قاله صال ُ
معلى الدنيا السل ُ ن في ضريرِ العي ِ
وهو لشيٍخ المرُء ت فما يمو ُ ب
لالم ُ ُ ه نصي الدنيا ُ
ف ظن ّوُيخل ِ ُ
بًالطبيحي ّ ُا ُيمّنيني ي ُعَد ّ ب
من الكذو ِ ُ
ن البعض فإ ّ
عينيالقاِبل ل ُ
ه شفاءعلى سوف ينفذ ُ ل محالة ، قريب ض
القضاءإن بع ٍ
م ويشقى . سعَد ُ ،وهذا يأث ُ جُر وي ْ ن ذاك ُيؤ َ ه ،لك ّ ضل ُ
والراف ِ
كتب عمُر بن عبدالعزيزِ إلى ميمون بن مهران :كتبت
ما وقع ك ،وهذا أمٌر لم أزل أنتظره ُ ،فل ّ تعّزيني على عبدالمل ِ
لم أنك ِْرهُ . ُ
ل تحزن
127
*********************************
دو ٌ
ل م ُ
اليا ُ
ي بن مخلدٍ ن أحمد بن حنبل – رحمه الله -زار بق ّ ُيروى أ ّ
ب ض له فقال له » :يا أبا عبدالرحمن ،أبشْر بثوا ِ في مر ٍ
حة فيها .. م السقم ِ ل ص ّ م فيها ،وأيا ُ سق َ حةِ ل ُ ص ّ م ال ّ اللهِ ،أيا ُ
«.
ل، ض فيها بالبا ِ ض المر ُ والمعنى :أن أيام الصحةِ ل يعر ُ
م حه .وأيا ُ ن ،وتكثر آماُله ،ويشتد ّ طمو ُ م النسا ِ فتقوى عزائ ُ
س ل ،فيخّيم على النف ِ ة بالبا ِ ض الصح ُ ض الشديدِ ل تعر ُ المر ِ
ل المام ِ مةِ وسلطان اليأس .وقو ُ ل ،وانقباض اله ّ ضعف الم ِ
مّنا ن ِ سا َ قَنا ال ِن ْ َ ن أ َذَ ْ ول َئ ِ ْ أحمد مأخوذ ٌ من قولهِ تعالى َ ﴿ :
ن ول َئ ِ ْ فوٌر}َ {9 س كَ ُ ؤو ٌ ه ل َي َ ُ ه إ ِن ّ ُمن ْ ُ ها ِ عَنا َ م ن ََز ْ ة ثُ ّ م ً ح َ
َر ْ
ت سي َّئا ُ ب ال ّ ه َ ن ذَ َ قول َ ّ ه ل َي َ ُ ست ْ ُ م ّ ضّراء َ عد َ َ ماء ب َ ْ ع َ قَناهُ ن َ ْ أ َذَ ْ
مُلوا ْ ع ِ و َ صب َُروا ْ َ ن َ ذي َ خوٌر} {10إ ِل ّ ال ّ ِ ف ُ ح َ ر ٌ ِ ف ه لَ َ عّني إ ِن ّ ُ َ
َ ُ
جٌر ك َِبيٌر ﴾ . وأ ْ فَرةٌ َ غ ِ م ْ هم ّ ك لَ ُ وَلـئ ِ َ تأ ْ حا ِ صال ِ َ ال ّ
ه تعالى ه » : -يخبُر الل ُ ه الل ُ ن كثيرٍ – رحم ُ ظ اب ُ قال الحاف ُ
هن رحم الل ُ ت الذميمةِ ،إل م ْ ن وما فيهِ من الصفا ِ عن النسا ِ
من عباد ِهِ المؤمنين ،أنه إذا أصابْته شد ّة ٌ بعد نعمةٍ ،حصل
ل ،وكفٌر ط من الخيرِ بالنسبةِ إلى المستقب ِ س وقنو ٌ له يأ ٌ
ج فرجا ً « . ل ،كأنه لم ير خيرا ً ولم ير ُ وجحود ٌ لماضي الحا ِ
ب ه َ ن ذَ َ قول َ ّ ة بعد نقمةٍ ﴿ :ل َي َ ُ ه نعم ٌ وهكذا إن أصابت ُ
عّني ﴾ . ت َ سي َّئا ُ ال ّ
ه م ول سوءٌ ﴿ ،إ ِن ّ ُ ل :ما ينالني بعد هذا ضي ٌ أي يقو ُ
خوٌر ﴾ . ف ُ ح َ ر ٌ ف ِ لَ َ
هأي فرح بما في يد ِهِ ،بطٌر فخوٌر على غيره .قال الل ُ
وَلـئ ِ َ ُ
ك تأ ْ حا ِ صال ِ َ مُلوا ْ ال ّ ع ِ و َ صب َُروا ْ َ ن َ ذي َ تعالى ﴿ :إ ِل ّ ال ّ ِ
فرةٌ َ
جٌر ك َِبيٌر ﴾ . وأ ْ َ غ ِ َ م ْ هم ّ لَ ُ
***************************************
سيروا في الرض
ل تحزن
128
ص
ر ْ
ب الرزق ول تح ِ
اطل ِ
ة دآب ّ ٍ من َ ما ِ و َ ب العالمينَ ﴿ : ن يرزُقها ر ّ ِ الدودةُ في الط ِّي
ها﴾. رْز ُ عَلى الل ّ ِ ض إ ِل ّ َ َ
ق َ ه ِ في الْر ِ ِ
مها الغفوُر الشكوُر )) :كما الطيوُر في الوكورِ يطع ُ
ح ِبطانا ً (( . خماصا ً وترو ُ يرزقُ الطيَر ،تغدو ِ
م ع ُض والسماء ﴿ :ي ُطْ ِ ب الر ِ ك في الماِء يرزُقه ر ّ السم ُ
م﴾. ع ُول َ ي ُطْ َ َ
ن ك ،فل تحز ْ وأنت أزكى من الدودةِ والطيرِ والسم ِ
على رزِقك .
م الفقَر والكدُر وضيقُ الصدر إل ت أناسا ً ما أصاب ُهُ ُ عرف ُ
ل ،فتجد ُ أحدهم كان غني ّا ً ، دهم عن اللهِ عّز وج ّ ب بع ِ بسب ِ
ن موله ، ن رب ّهِ وفي خيرٍ م ْ ورزُقه واسعٌ وهو في عافيةٍ م ْ
فأعرض عن طاعةِ اللهِ ،وتهاون بالصلةِ ،واقترف كبائر
ر
ه رّبه عافية بدن ِهِ وسعة رزقِهِ ،وابتلهُ بالفْق ِ ب ،فسلب َ َ الذنو ِ
ن بلٍء إلى بلٍء ﴿ : ن نكدٍ إلى نكدٍ ،وم ْ م ،فأصبح م ْ م والغ ّ واله ّ
ضنكا ً ﴾ ﴿ .
َ
ة َ ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ ري َ ِ عن ِذك ْ ض َ عَر َ نأ ْ م ْ و َ َ
على َ َ َ ً م يَ ُ َ ّ َ ذَل ِ َ
وم ٍ ق ْ ها َ م َ ع َة أن ْ َ
َ
م ًع َ غّيرا ن ّ ْ م َ ك ُ هل ْ ن الل َ
غيروا ْ ما ب َ
ك ب ِأ ّ
ة صيب َ ٍ م ِ من ّ كم ّ صاب َ ُ ما أ َ و َ م ﴾َ ﴿. ه ْ ِ س
ِ ُ
ف أن َ ِ حّتى ي ُ َ ّ ُ َ
َ َ
و وأل ّ ِ ر﴾َ ﴿. عن ك َِثي ٍ فو َ ع ُ وي َ ْ م َ ديك ُ ْ ت أي ْ ِ سب َ ْ ما ك َ َ فب ِ َ َ
دقا ً ﴾ . ق ِ َ
ماء َ
غ َ هم ّ قي َْنا ُ س َ ة َل ْ ري َ عَلى الطّ ِ موا َ قا ُ ست َ َ ا ْ
أتبكي على ليلى هنيئا ً مريئا ً أّيها
وأنت قتلتها
************************************** ب ص ّ ل ال ّ القات ُ
ل تحزن
147
م﴾
قي َ
مست َ ِ
ط ال ُصَرا َ
دَنــــا ال ّ
﴿ اه ِ
ة
سّر الهداي ِ
ن ن ينعم بها ،إل م ِ ن يجدها ول ْ ن يهتدي للسعادةِ ول ْ ول ْ
اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمد ٌ على طرفِهِ ن
صَراطا ً م ِ ه ْ هدَي َْنا ُ ول َ َ ت النعيم ِ َ ﴿ : وطرُفه الخُر في جنا ِ
قيما ً﴾. ست َ ِ م ْ ّ
ن س ِ ن لح ْ ه مطمئ ّ فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أن ُ
ن إلى موعودِ رب ّهِ ، ب المصيرِ ،ساك ٌ ن طي ِ العاقبةِ ،واثقٌ م ْ
م ل ،يعل ُ ت في سلوك ِهِ هذا السبي ُ ض بقضاِء مولهُ ،مخب ٌ را ٍ
ق
م ل ينط ُ ط ،وهو معصو ٌ ن له هاديا ً يهديهِ على هذا الصرا ِ ا ّ
ة على الورى ، ج ٌهح ّ ن غوى ،قَوْل ُ ُ عن الهوى ،ول يتبعُ م ْ
ت ن ،وسقطا ِ ت القرا ِ ن ،وعثرا ِ ت الشيطا ِ ن نزغا ِ ظم ْ محفو ٌ
ه ف ِ خل ْ ِ ن َ م ْ و ِ ه َ ن ي َدَي ْ ِ ِ من ب َي ْ ت ّ قَبا ٌ ع ّ
م َ ه ُن ﴿ :لَ ُ النسا ِ
ظون َه من أ َ
ه﴾. ر الل ّ ِ ِ مْ ُ ِ ْ ف ُ ح َ يَ ْ
ه وهذا العبد ُ يجد ُ السعادة في سلوك ِهِ هذا الصراط ؛ لن ُ
ه أسوةً ،وبيدِهِ كتابا ً ،وفي قلِبه ن له إلها ً ،وأمام ُ مأ ّ يعل ُ
ل ب إلى نعيم ٍ ،وعام ٌ ده ،واعظا ً ،وهو ذاه ٌ نورا ً ،وفي خل ِ
ه دي ب ِ ِ ه ِ ه يَ ْ دى الل ّ ِ ه َ ك ُ في طاعةٍ ،وساٍع إلى خيرٍ ﴿ :ذَل ِ َ
شاءُ ﴾ . من ي َ َ َ
أين ما ُيدعى ظلما ً يا ن نور اللهِ في قلبي إ ّ
ط نا ُ ب أي ْ
صرا الدرِ : فالمعنويّ ي ،رفيق س ّ ح ّ معنويّ و ِ أراهُ وهما وهذا ما
صراطان :
ن جهنم ، ُ
ي :الصراط على مت ْ ِ ن ،والحس ّ الهدايةِ واليما ِ
ب من ن الدنيا الفانيةِ له كللي ٌ فصرا ُ
ن على مت ِ ط اليما ِ
ب ن جهنم له كللي ُ ُ
ت ،والصراط الخرويّ على مت ْ ِ الشهوا ِ
ن تجاوز هذا الصراط بإيمان ِهِ تجاوز ن ،فم ْ ك السعدا ِ كشو ِ
ب إيقانهِ ،وإذا اهتدى العبد ُ إلى س ِ ذاك الصراط على ح ْ
مه وأحزاُنه . مه وغمو ُ ت همو ُ ط المستقيم ِ زال ْ الصرا ِ
*******************************************
ل تحزن
148
ن أراد ت يقط ُ
فها م ْ هرا ٍ
عشُر ز ِ
الحياة الطيبة
نري َ ف ِ غ ِ ست َ ْ م ْ وال ْ ُ سحر للستغفارِ َ ﴿ : ة في ال ّ .1جلس ٌ
ر﴾. َ
حا ِ س َ ِبال ْ
ق في َ ْ فك ُّرو َ وي َت َ َ .2وخلوةٌ للتفك ّرِ َ ﴿ :
خل ِ ن ِ
ت وال َ
ض﴾. ِ رْ وا ِ َ ما َ س َ ال ّ
ن ذي َ ع ال ّ ِ م َ ك َ س َ ف َ صب ِْر ن َ ْ وا ْ ة الصالحين َ ﴿ : .3ومجالس ُ
هم ﴾ . ن َرب ّ ُ عو َ ي َدْ ُ
كرا ً ك َِثيرا ً ﴾ . ه ِذ ْ كر ﴿ :اذْك ُُروا الل ّ َ .4والذ ّ ْ
م ه ْ في َ َ ن بخشوٍع ﴿ :ال ّ ِ
صلت ِ ِ م ِ ه ْ ن ُ ذي َ .5وركعتا ِ
ن﴾. عو َ ش ُ خا ِ َ
ن﴾. قْرآ َ ن ال ْ ُ فل َ ي َت َدَب ُّرو َ .6وتلوةٌ بتدب ّرٍ ﴿ :أ َ َ
م يوم ٍ شديدِ الحّر )) :يدع طعامه وشرابه .7وصيا ُ
ن أجلي (( . وشهواته م ْ
ه ما ة في خفاٍء )) :حتى ل تعلم شمال ُ .8وصدق ٌ
ق يميُنه (( . تنف ُ
نن فّرج ع ْ ن مسلم ٍ )) :م ْ ف كربةٍ ع ْ ش ُ .9وك ْ
ه عنه ب الدنيا فّرج الل ُ كر ِ ن ُ ةم ْ مسلم ِ كرب ً
ة (( . ب يوم ِ القيام ِ ن كر ِ ةم ْ كرب ً
قى ﴾ . وأ َب ْ َ خي ٌْر َ خَرةُ َ واْل ِ .10وزهْد ٌ في الفانيةِ َ ﴿ :
ة. تلك عشرة ٌ كامل ٌ
ل جب َ ٍ وي إ َِلى َ سآ ِ ن نوٍح قوُله َ ﴿ : ن شقاِء اب ِ م ْ
ض والسماِء ب الر ِ ماء ﴾ .ولو أوى إلى ر ّ ن ال ْ َ م َمِني ِص ُ
ع ِ
يَ ْ
ل وأعّز وأمنع . لكان أج ّ
مص ُ ُ
ت .فتق ّ ه :أنا أحيي وأمي ُ ومن شقاِء النمرودِ قول ُ
ل له ،فُب ِِهت وخسأ وخاب ة ل تح ّ ثوبا ً ليس له ،واغتصب صف ً
.
لوَلى ﴾ . ة وا ْ ُ
خَر ِ َ ل اْل ِ كا َ ه نَ َ خذَهُ الل ّ ُ فأ َ َ﴿ َ
ل تحزن
149
ة ث المل ّةِ عبارة ٌ ،وراي ُ ة ،وميرا ُ ح السعادةِ كلم ٌ مفتا ُ
ه. ة هي :ل إله إل الل ُ ة والعبارةُ والجمل ُ ة ،فالكلم ُ ح جمل ٌ الفل ِ
ل اللهِ . محمد ٌ رسو ُ
ه في السماِء : ض :أن ُيقال ل ُ ن نطقها في الر ِ سعادةُ م ْ
ه﴾. صدّقَ ب ِ ِ و َ ق َ صد ْ ِ جاء ِبال ّ ذي َ وال ّ ِ تَ ﴿: صدقْ َ
شناِر ن ينجو من الدمارِ وال ّ ن عمل بها :أ ْ وسعادةُ م ْ
م﴾. ه ْ فاَزت ِ ِ م َ قوا ب ِ َ ن ات ّ َ ذي َ ه ال ّ ِ جي الل ّ ُ وي ُن َ ّ والعارِ والنارِ َ ﴿ :
ن وإ ِ ّ شك ََر َ ﴿ : صَر وي ُ ْ ن ٌيعان وي ُن ْ َ ن دعا إليها :أ ْ وسعادةُ م ْ
ن﴾. غال ُِبو َ م ال ْ َ ه ُ جندََنا ل َ ُ ُ
ه ول ِل ّ ِ م وُيعّز َ ﴿ : ن ُيرفع وُيكَر َ ن أحّبها :أ ْ وسعادةُ م ْ
ن﴾. مِني َ ؤ ِ م ْ ول ِل ْ ُ ه َ سول ِ ِ ول َِر ُ عّزةُ َ ال ْ ِ
ن م َ هم ّ ج ُ ر ُ خ ِ ل الرقيقُ فأصبح حّرا ً ﴿ :ي ُ ْ هتف بها بل ٌ
ر﴾. و ِ ت إ َِلى الن ّ ُ ما ِ الظّل ُ َ
ي ،فمات عبدا ً ذليل ً ب الهاشم ّ وتلعثم في نطقها ِ أبو له ٍ
رم ٍ ﴾ . مك ْ ِ من ّ ه ِ ما ل َ ُ ف َ ه َ ن الل ّ ُ ه ِ من ي ُ ِ و َ حقيرا ً َ ﴿ :
ل الركام البشريّ الفاني إلى قمم ٍ إنها الكسي ُِر الذي يحو ّ
ن م ْ ه َ دي ب ِ ِ ه ِ عل َْناهُ ُنورا ً ن ّ ْ ج َ كن َ ول َ ِ ليمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ َ ﴿ :
عَباِدَنا ﴾ . ن ِ م ْ شاء ِ نّ َ
ن العذاب ن الخرةِ ،فإ ّ ضت ع ِ ح بالدنيا إذا أعر ْ ل تفر ْ
غَنى ما أ ْ َ ل والّنكا ُ الواصب في طريِقك ،والغ ّ
ل ينتظُرك َ ﴿ :
ك ن َرب ّ َ ه ﴾ ﴿ .إِ ّ طاِني ْ سل ْ َ عّني ُ ك َ هل َ َ ه}َ {28 ماِلي ْ عّني َ َ
صاِد ﴾ . مْر َ ل َِبال ْ ِ
ن ح بالولدِ إذا أعرضت عن الواحد ِ الصمد ِ ،فإ ّ ول تفر ْ
ة ن ،ونهاي ُ ة الخسرا ِ ن ،وغاي ُ ل الخذل ِ العراض عنه ك ّ
ة﴾. سك َن َ ُ م ْ وال ْ َ ة َ م الذّل ّ ُ ه ُ علي ْ ِ
ت َ َ رب َ ْ ض ِ و ُ نَ ﴿: الهوا ِ
ن إساءة العمل ل إذا أسأت العمال ،فإ ّ ح بالموا ِ ول تفر ْ
ة في الخرةِ ﴿ : ب في المصيرِ ،ولعن ٌ محقٌ للخاتمةِ وتبا ٌ
وَلدُ ُ َ َ ة أَ ْ
كم وَل أ ْ م َ وال ُك ُ ْ م َ ما أ ْ و َ خَزى ﴾ ﴿ َ خَر ِ ب اْل ِ ذا ُ ول َ َ
ع َ َ
ل م َ ع ِ و َ ن َ م َ نآ َ م ْ فى إ ِّل َ عندََنا ُزل ْ َ م ِ قّرب ُك ُ ْ ِبال ِّتي ت ُ َ
صاِلحا ً ﴾ . َ
ل تحزن
150
*************************************
ة
وقفــ ٌ
ث (( :في رفع م برحمِتك أستغي ُ ي يا قيو ُ )) يا ح ّ
ة لجميع من ً ن صفة الحياةِ متض ّ ة ،فإ ّ ة بديع ٌ هذا الدعاِء مناسب ٌ
ة من ٌة متض ّ ة القّيومي ُ ة لها ،وصف ُ ل ،مستلزم ٌ ت الكما ِ صفا ِ
م الذي إذا م اللهِ العظ ُ ل ،ولهذا كان اس ُ ت الفعا ِ لجميِع صفا ِ
م. ي القيو ُ م الح ّ سئل به أعطى :هو اس ُ ي به أجاب ،وإذا ُ ع َ
دُ ِ
ت مل ْ مة تضاد ّ جميع السقام ِ واللم ؛ ولهذا لما ك ُ والحياةُ التا ّ
ن ول شيٌء حَز ٌ
م ول َ م ول غ ّ مه ّ م يلحْقهُ ْ ل الجنةِ ،ل ْ حياةُ أه ِ
ل ،وتنافي ن الحياةِ تضّر بالفعا ِ ت .ونقصا ُ من الفا ِ
ق
ي المطل ُ ل الحياةِ ،فالح ّ ل القيوميةِ لكما ِ القيومية ،فكما ُ
م ل يتعذ ُّر ل ألبتة ،والقيو ُ ة الكما ِ م الحياةِ ل تفوُته صف ُ التا ّ
ل بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له عليه فْعل ممكن ألبتة ،فالتوس ُ
ل. تأثيٌر في إزالةِ ما ُيضاد ّ الحياةَ ويضّر بالفعا ِ
قال الشاعُر :
ن مُرك ما المكروه ُ م ْ لع ْ ب وتخشى ول المحبو ُ
تقي حيث ت ع م ثمت َط ْ
س
ِ ّ
النا ف
ِ خو رُ وأكث ُ َ
الذي كحياله ُ ّ من ُ
فما دْر
ن ليس بكائ
*************************************ِ ليس ينفعُ
ع
ر الواق ِ
ع الم ِ م ْ
لم َ تعا َ
ت ست من الشيِء سل ْ ونت ما قد ْ عّز هان ،وإذا أي ْ إذا ه ّ
ه إ ِّنا إ َِلىسول ُ ُ
وَر ُ ه َ
ضل ِ ِ من َ
ف ْ ؤِتيَنا الل ّ ُ
ه ِ سي ُ ْسك َ ﴿ : ه نف ُ
عن ُ
ن﴾.
غُبو َ ه َرا ِ الل ّ ِ
ن نافذةٍ وكان بأصبِعه اليسرى ن رجل ً قفز م ْ تأ ّقرأ ُ
طم بمسمارِ في النافذةِ ،ومع سقو ِ خاتم ،فنشب الخات ُ
ل اقتلع المساُر أصبعه من أصلها ،وبقي بأربعُ أصابع ، الرج ِ
سهِ :ل أكاد ُ أتذك ُّر أن لي أربعُ أصابع في يدٍ ن نف ِ لع ْيقو ُ
ت أصُبعا ً من أصابِعي إل حينما أتذكُر ب ،أو أنني فقد ُ فحس ُ
ل تحزن
151
ة بما م ،ونفسي راضي ٌ ة ،وإل فعلمي على ما يرا ُ تلك الواقع َ
ه وما شاء فعل (( . در الل ُ حدث )) :ق ّ
ض ف لمر ٍ ده اليسرى من الكت ِ ِ تي ُ ف رجل ً ب ُِتر ْ وأعر ُ
ه ه ،فعاش طويل ً وتزّوج ،وُرزق بنين ،وهو يقود ُ سيارت ُ أصاب ُ
ن اللهِ لم يخلقْ له إل يدا ً بطلقةٍ ،ويؤدي عمله بارتياٍح ،وكأ ّ
ن أغنى الناس (( . ه لك ،تك ْ واحدة ً )) :ارض بما قسم الل ُ
م مع ما أسرع ما نتكّيف مع واقِعنا ،وما أعجب ما نتأقل ُ
ن ت بساطا ً م ْ ة كان قاع ُ البي ِ وضِعنا وحياِتنا ،قبل خمسين سن ً
ة، ن فخارٍ ،وقصع ً ل ،وقربة ماٍء ،وقدرا ً م ْ حصيرٍ النخ ِ
ت معيشُتنا ،لننا ت حياُتنا واستمر ْ ة ،وإبريقا ً ،وقام ْ وجفن ً
منا إلى واقِعنا. رضينا وسّلمنا وتحاك ْ
ة إذا
س راغب ٌ والنف ُ ل
وإذا ُترد ّ إلى قلي ٍ
بتها المسجدِ ن في الكوفرةِغّ ْفي بين قبيلتي ِ ةْقنعُت قتن ت ٌ وقع ْ
ت الجامِع ،فسّلوا سيوفهم ،وامتشقوا رماحهم ،وهاج ْ
ل أحد ُ م تفارقُ الجساد َ ،وانس ّ ت الجماج ُ الدائرةُ ،وكاد ِ
ل ح الكبيرِ والرج ِ صل ِ م ْ س من المسجدِ ليبحث عن ال ُ النا ِ
ب غنمه ، س ،فوجدهُ في بيِته ِيحل ُ ن قي ٍ فب ِ الحليم ِ ،الحن ِ
ف ل الجسم ِ ،نحي ُ عليه كساٌء ل يساوي عشرة دراهم ،نحي ُ
ت في ف الرجلين ،فأخبروه الخبَر فما اهتز ْ البنيةِ ،أحن ُ
مهِ شعرةٌ ول اضطرب ؛ لنه قدِ اعتاد الكوارث ،وعاش جس ِ
دم له إفطاُره ه ،ثم قُ ّ ن شاء الل ُ الحوادث ،وقال لهم :خيرا ً إ ْ
س سرةٌ من الخبزِ الياب ِ ث شيٌء ،فإذا إفطارهٌ ك ِ ْ ن لم يحد ْ وكأ ْ
م حمد َ مى وأكل ،ث ّ س من الماِء ،فس ّ ح ،وكأ ٌ ت ومل ٌ ،وزي ٌ
ت من الشام ِ ،مع ماِء ن ب ُّر العراق ،وزي ٌ ه ،وقال :ب ُّر م ْ الل َ
ه ،وأخذ ة .ثم لبس ثوب َ َ م جليل ٌ دجلة ،وملح مرو ،إنها لنع ٌ
ت إليه س اشرأب ّ ْ ما رآه النا ُ عصاهُ ،ثم دلف على الجموِع ،فل ّ
ل، ت غليه عيوُنهم ،وأنصتوا لما يقو ُ أعناُقهم ،وطفح ْ
ل س التفّرق ،فذهب ك ّ م طلب من النا ِ صل ٍْح ،ث ّ فارتحل كلمة ُ
ت م ل يلوي على شيٍء ،وهدأت الثائرةُ ،ومات ِ واحدا ً منه ْ
ة. الفتن ُ
ل تحزن
152
ك الشرف قد ْ يدر ُ صه ب قمي ِ خل َقٌ وجي ْ ُ َ
وردا،ؤُهُمنها : سة درو ٌ
في القص ِ الفتى رقوعُ َم ْ •
ن قّلة الشيِء ت بالبهةِ والمظهرِ ،وأ ّ ن العظمة ليس ْ أ ّ
ت بكثرةِ ت دليل ً على الشقاِء ،وكذلك السعادة ُ ليس ْ ليس ْ
الشياِء والترفّه َ َ ﴿ :
ه ما اب ْت ََلهُ َرب ّ ُ ذا َ ن إِ َ سا ُ لن َ ِ ما ا ْ فأ ّ ِ
ل ربي أ َك ْرمن}َ {15 َ َ
ذا ما إ ِ َ وأ ّ َ ِ َ َ قو ُ َ ّ في َ ُ ه َ م ُ ع َ ون َ ّ ه َ م ُ فأك َْر َ
ل ربي أ َ
ن﴾. ِ َ ن ها َ قو ُ َ ّ في َ ُ ه َ ق ُ رْز َ ه ِ عل َي ْ ِ قدََر َ ف َ ما اب ْت ََلهُ َ َ
ة النسان ،ل ت الساميةِ هي قيم ُ ن المواهب والصفا ِ وأ ّ
ه
ه في علمهِ وكرم ِ صُرهُ ول داُرهُ ،إنها وزن ُ ه ول قَ ْ ه ول نعل ُ ُ ثوْب ُ ُ
ة م ﴾ .وعلق ُ قاك ُ ْ ه أ َت ْ َ عندَ الل ّ ِ م ِ مك ُ ْ ن أك َْر َ
َ
وحلمهِ وعقلهِ ﴿ :إ ِ ّ
ش ،ول ت في الثراِء الفاح ِ عنا أن السعادة ليس ْ هذا بموضو ِ
ن السعادةَ ضةِ ،ولك ّ ب والف ّ ف ،ول في الذه ِ صرِ المني ِ في الق ْ
فل َ ب بإيمانهِ ،برضاه ُ ،بأنسهِ ،بإشراقهِ َ ﴿ : في القل ِ
َ ت ُعجب َ َ
ه ل الل ّ ِ ض ِ ف ْ ل بِ َ ق ْ م﴾ ﴿ ُ ه ْ ول َدُ ُ ول َ أ ْ م َ ه ْ وال ُ ُ م َ كأ ْ ْ ِ ْ
ن﴾. عو َ م ُ ج َ ما ي َ ْ م ّ خي ٌْر ّ و َ ه َ حوا ْ ُ فَر ُ فل ْي َ ْ ك َ فب ِذَل ِ َ ه َ مت ِ ِ ح َوب َِر ْ َ
ل عوّد ْ نفسك على التسليم ِ بالقضاِء والقدرِ ،ماذا تفع ُ
ض نفقا ً أو ل تتخذ ُ في الر ِ ن بالقضاِء والقدرِ ،ه ْ م تؤم ْ إذا ل ْ
ن ينقذك من القضاِء ن ينفعك ذلك ،ول ْ سّلما ً في السماِء ،ل ْ ُ
ل؟ ن فما الح ّ والقدرِ .إذ ْ
ْ ل :رضينا وسّلمنا﴿ :أ َ
م ركك ّ ُ ِ ْ د ُ ي ا نو ُ كو ُ َ ت ما َ َ ن ْ ي الح ّ
ة ﴾. شي ّدَ ٍ م َ ج ّ في ب ُُرو ٍ م ِ كنت ُ ْ و ُ ول َ ْ ت َ و ُ م ْ ال ْ َ
ت في ف اليام في حياتي ،ومن أفظِع الوقا ِ ن أعن ِ م ْ
ص ب المخت ّ ة التي أخبرني فيها الطبي ُ عمري :تلك الساع ُ
ف ،ونزل الخبُر ه – من الكت ِ ببترِ يد أخي محمد ٍ – رحمه الل ُ
ت روحي إلى ت نفسي ،وثاب ْ على سمعي كالقذيفةِ ،وغالب ُ
َ
من و َ ه َ ن الل ّ ِ ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ صيب َ ٍ م ِ من ّ ب ِ صا َ ل المولى َ ﴿ :ا أ َ قو ِ
ن} ري َ صاب ِ ِ ر ال ّ ش ِ وب َ ّ ه ﴾ ،وقولهِ َ ﴿ : قل ْب َ ُ د َ ه ِ ه يَ ْ من ِبالل ّ ِ ؤ ِيُ ْ
{155ال ّذين إ َ َ
وإ ِّنـا ه َ قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِل ّ ِ ة َ صيب َ ٌ م ِ هم ّ صاب َت ْ ُ ذا أ َ ِ َ ِ
ن﴾. جعو َ ه َرا ِ إ ِل َي ْ ِ
ت بْردا ً وسلما ً ورْوحا ً ورْيحانا ً . ت هذه اليا ُ كان ْ
ل تحزن
153
ن ة في اليما ِ ل ،إنما الحيل ُ وليس لنا من حيلةٍ فنحتا ُ
ن﴾﴿ َ ً َ والتسليم فَحسب ﴿ ،أ َم أ َ
مو َ ر ُ ْ
ِ َ ِ ب م
ُ نا
ّ إ ف ا مر ْ أ موا ُ ر َ ْ ب ْ ِ َ ْ ُ
مرا ً َ َ
ما فإ ِن ّ َ ضى أ ْ ق َ ذا َ وإ ِ َ ه﴾﴿ َ ر ِ م ِ عَلى أ ْ ب َ غال ِ ٌه َ والل ّ ُ َ
ن﴾. كو ُ في َ ُ كن َ ه ُ ل لَ ُ قو ُ يَ ُ
ة
ل أربع ِ ة ُتخبُر في لحظةٍ واحدةِ بقت ِ إن الخنساء النخعي َ
ن ل اللهِ بالقادسيةِ ،فما كان منها إل أ ْ أبناٍء لها في سبي ِ
ف سن الصنيِع ،ولط ِ ح ْ ت مولها على ُ ت رّبها ،وشكر ْ حمد ِ
ن، ن هناك معينا ً من اليما ِ ل القضاِء ؛ ل ّ الختيارِ ،وحلو ِ
ن ل ينقطعُ ،فمثُلها تشكُر وُتؤجُر وتسعد ُ ورافدا من اليقي ِ
ً
ن ؟! ل إذ ْ ل هذا فما هو البدي ُ م تفع ْ في الدنيا والخرةِ ،وإذا ل ْ
ض ،ثم خسارة ُ الدنيا ض والرف ُ جُر والعترا ُ ط والتض ّ خ ُ التس ّ
ن سخط ه الّرضا ،وم ْ ن رضي فل ُ والخرةِ ! )) فم ْ
ط (( . فله السخ ُ
ت ،قوُلنا :إّنا للهِ وإّنا ب وعلج الزما ِ إن بلسم المصائ ِ
إليه راجعون .
ن خل ُْقه وفي ملك ِهِ ،ونح ُ ن َ والمعنى :كّلنا للهِ ،فنح ُ
نعود ُ إليهِ ،فالمبدأ ُ منه ،والمعاد ُ إليه ،والمُر بيدهِ ،فليس
لنا من المرِ شيٌء .
كنفسي التي تمل ُ فكيف أبكي على
ها عل َي ْ َ
ة َ ن ٌ ذاهب
م ْ ل َ الشياء
ه ﴾ ﴿ ،ك ُ ّ ه ُ ج َ و ْ ك إ ِّل َ ذهبال ِ ٌ هاء َ إذا ٍ
ي ش ْ شي ٍَء
﴿ك ُ ّ
ل
ن﴾ . مي ُّتو َ هم ّ وإ ِن ّ ُت َ مي ّ ٌ ك َ ن﴾ ﴿،إ ِن ّ َ فا ٍ َ
ت ابنك ،أو ق بيِتك ،أو مو ِ ق باحترا ِ لو فوجئت بخبرٍ صاع ِ
ن نفسك ، ن وط ّ ْ ن تفعل ؟ من ال ِ ب مالك فماذا عساك أ ْ ذها ِ
ص من القضاء والقدر ب ،ل يجدي الفراُر والتمل ّ ُ ل ينفعُ الهر ُ
ب ف بالواقِع ،واكتس ِ م بالمرِ ،وارض بالقدرِ ،واعتر ْ ،سل ّ ْ
م هناك خياٌر آخُر ،ولكنه الجر ،لنه ليس أمامك إل هذا .نع ْ
جُر مما صار ل والتض ّ ص َ ح َ م بما َ ذرك مُنه ،إنه :التبّر ُ رديٌء أح ّ
ن ل على ماذا م ْ ن تحص ُ ب والهيجان ،ولك ْ ،والثورةُ والغض ُ
ل في علياِئه ، بج ّ ل غضب الر ّ هذا كّله ؟! إنك سوف تنا ُ
م ل يعود ُ جرِ ،وفادح الوزرِ ،ث ّ س ،وذهاب ال ْ ومْقت النا ِ
ل تحزن
154
ف عنك ة ،ول ينصر ُ عليك المصاب ،ول ترتفعُ عنك المصيب ُ
ماء ث ُ ّ
م س َب إ َِلى ال ّ سب َ ٍ
مدُدْ ب ِ َفل ْي َ ْ
مَ ﴿:
المُر المحتو ُ
ظ﴾. غي ُ ن ك َي ْدُهُ َ
ما ي َ ِ هب َ ّ ه ْ
ل ي ُذْ ِ فل َْينظُْر َ قط َ ْ
ع َ ل ِي َ ْ
**************************************
ه سينتهي
ن لجل ِ ِ
ما تحز ُ
ل :الظالم ِ والمظلوم ِ ، م على الك ّ ت مقد ٌ ن المو َ فإ ّ
س ً
ي والفقيرِ ،فلست ِبدعا من النا ِ ف ،والغن ّ والقويّ والضعي ِ
م. ت أم ٌ م وبعدك تمو ُ ت أم ٌ ن تموت ،فقبلك مات ْ أ ْ
ك ف مل ِ ٍ ل مقبرةً ُدفن أل ُ ن في الشما ِ ن بطوطة أ ّ ذكر اب ُ
ب فيها : ة مكتو ٌ عليها لوح ٌ
ل
وسلطيُنهم س ِ م س العظا ُ والرؤو ُ
مهذا الفناِء عنه ُ المذهل في ً
نالطين ع ْ ن
ة النسا ِ عظاماهذا :غفل ُ تن المَرصار ْ إ ّ
م، ه خالد ٌ مخل ّد ٌ منعّ ٌ المداهم ِ له صباح مساء ،وظّنه أن ُ
وتغافُله عن المصيرِ المحترم ِ وتراخيه عن النهايةِ الحّق ِ
ة
ن َزل َْزل َ َ َ
ة م إِ ّ قوا َرب ّك ُ ْ س ات ّ ُ ها الّنا ُ ي َ ﴿ :يا أي ّ َ لح ّ لك ّ
م ه ْساب ُ ُ ح َ س ِ ب ِللّنا ِ قت ََر َ م ﴾﴿،ا ْ ظي ٌ ع ِ يءٌ َ ش ْ ة َ ع ِ سا َ ال ّ
ن﴾. ضو َ ر ُ ع ِ م ْة ّ فل َ ٍغ ْفي َ م ِ ه ْو ُ َ
مَر الُقرى ه المم ،وأباد الشعوب ،ود ّ لما أهلك الل ُ
هم من ْ ُس ِ ح ّ ل تُ ِ ه ْ ن قائلَ ﴿ :- م ْة وأهلها ،قال–عّز ِ الظالم َ
م كزا ً ﴾ ؟! انتهى ك ّ ر ْ َ َ من أ َ
ل شيٍء عنه ْ ِ مْ ه
ُ ل عُ مَ س
ْ َ ت وْ أ د
ٍ ح
َ ّ ْ
إل الخبَر والحديث .
نم خبٌر م ْ هل عندك ْ ثفقد ْ مضى بحدي ِ
س
ل أندل ٍ أه ِ ن
********م ِ ركبا ُ القو
****************************
ة
وقفــ ٌ
ل على توحيد ِ اللهيةِ والربوبيةِ ، م ٌ
ب :مشت ِ دعاء الكر ِ
ن
ن الصفتا ِ حلم ِ ،وهاتا ِ
ه بالعظمةِ وال ِ
ب سبحان ُ ف الر ّ
ووص ِ
ن والتجاوزِ ،ل القدرةِ والرحمةِ ،والحسا ِ ن لكما ِ
مستلزمتا ِ
ل تحزن
155
ش ي والعر ِ سفل ّل ربوبيِته للعالم ِ العلويّ وال ّ صفهِ بكما ِ وو ْ
مها .ت وأعظ ُ ف المخلوقا ِ الذي هو سق ُ
ه الذي ل تنبغي م توحيده ،وأن ُ ة تستلز ُ م ُة التا ّ والربوبي ُ
ه. ة إل ل ُ
ل والطاع ُ ف والرجاُء والجل ُ ب والخو ُ العبادةُ والح ّ
ل ه ،وسلب ك ّ لل ُ ل كما ٍم إثبات ك ّ ة تستلز ُ وعظمُته المطلق ُ
ه
م كمال رحمت ِهِ وإحسان ِ ِ ه يستلز ُ م ُحل ُه؛و ِ ل عن ُ ص وتمثي ٍ نق ٍ
إلى خلِقهِ .
ه ه وإجلل ُ ُ ب محبت ُ ُ ه بذلك ُتوج ُ ب ومعرفت ُ ُ م القل ِ فعل ْ ُ
ع
ل له من البتهاِج واللذةِ والسرورِ ما يدف ُ وتوحيد ُهُ ،فيحص ُ
م ،وأنت تجد ُ المريض إذا ورد م والغ ّ ب واله ّ كر ِ ه ألم ال ْعن ُ
ة ه ،كيف تقوى الطبيع ُ وي نفس ُ حه ،وُيق ّ سّرهُ وُيفر ُ عليهِ ما ي ُ
ب ل هذا الشفاِء للقل ِ ي ،فحصو ُ ض الحس ّ على دفِع المر ِ
أولى وأحرى .
***************************************
ء
ق الشقا ِ
ب طري ُ
الكتئا ُ
ت جريدةُ ) المسلمون ( عدد 240في شهرِ صفر ذكر ْ
ب على وجهِ ن هناك 200مليون مكتئ ٍ سنة 1410هـ ،أ ّ
ض!الر ِ
ب العالم!! ل يفّرقُ بين دولةٍ غربيةٍ وأخرى شرقية الكتئا ُ
ب الجميع ..ونهايُته في ض يصي ُ ي وفقيرٍ .إنه مر ٌ ! أو غن ّ
ب النتحاُر !! الغال ِ
ل ،لكّنه ب والدو ِ ف بالسماِء والمناص ِ النتحاُر ل يعتر ُ
ن ضحاياه ُ وصلوا ض الرقام ِ تؤكد ُ أ ّ
ف من المؤمنين ،بع ُ يخا ُ
ن آخر ل أنحاِء العالم ِ ..إل ّ أ ّ ض في ك ّإلى 200مليون مري ٍ
ل بين كل عشرةِ أفرادٍ ن واحدا ً على الق ّ ت تؤك ّد ُ أ ّالحصاءا ِ
ض الخطير !! ب بهذا المر ِ ض مصا ٌعلى وجهِ الر ِ
ب الكبار ض أنه ل يصي ُ ت خطورةُ هذا المر ِ وقد وصل ْ
مه !! نأ ّ ن في بط ِ ل إلى حد ّ مداهمةِ الجني ِ ص ُفقط ،بل ي ِ
ة النتحار : ب بواب ُ •الكتئا ُ
ل تحزن
156
م إ َِلى َ قت ُُلوا ْ َأن ُ
ديك ُ ْ قوا ْ ب ِأي ْ ِ ول َ ت ُل ْ ُ م﴾َ ﴿، سك ُ ْ ف َ ﴿ َل َ ت َ ْ
ة﴾. هل ُك َ ِ الت ّ ْ
ن مرض ت النباِء أ ّ تذكر الخباُر التي تناقلْتها ِوكال ُ
ت المتحدة س السابق للوليا ِ كن من الرئي ِ ب قد تم ّ الكتئا ِ
ة الرئيس المريكي المريكية )رونالد ْ ريجان( .وتعود ُ إصاب ُ
ل ت الذي ل يزا ُ ن السبعين في الوق ِ ض لتجاوِزه س ّ بهذا المر ِ
ت ط عصبيةٍ كبيرةٍ ..بالضافةِ للعمليا ِ ض فيه لضغو ٍ يتعّر ُ
ُ
م كنت ُ ْ و ُ ول َ ْ ت متلحقةٍ َ ﴿، ت له على فترا ٍ الجراحيةِ التي أجري ْ
ة﴾. شي ّدَ ٍ م َ ج ّ في ب ُُرو ٍ ِ
ن، ن يعملون بالف ّ م ْ ة َ ص ً وهناك الكثيُر من المشاهيرِ وخا ّ
ن لم ب سببا ً رئيسا ً – إ ْ ض ،وقد كان الكتئا ُ م هذا المر ُ مه ْ يداه ُ
ت الشاعرِ صلح جاهين ،وكذلك ُيقال : ن الوحيد – في مو ِ يك ْ
ق ه َ وت َْز َ ن نابليون بونابرت مات مكتئبا ً في منفاهُ ﴿ َ إ ّ
ن﴾. م َ أن َُ
فُرو َ كا ِ ه ْ و ُ م َ ه ْ س ُف ُ
كالت النباِء ، وما زلنا نذكُر أيضا ً الخبر الذي طّيرْته و ِ
ف العالم ِ ،عن ب صح ِ ت الولى في أغل ِ ل صدر الصفحا ِ احت ّ
ن ل ثلثةٍ م ْ ة بقت ِ م ألماني ٌ الجريمةِ المرّوعةِ التي ارتكبْتها أ ّ
ب ،ولحّبها ضها بالكتئا ِ ن السبب هو مر ُ أطفالها ،واتضح أ ّ
ن تورثهم العذاب والضيق الذي تأ ْ الشديدِ لطفالها خاف ْ
ب بقِتلهم ن هذا العذا ِ ت » إراحتهم« !! م ْ تشعُر بهِ ،فقّرر ْ
ت نفسها !!. الثلثةِ ..ثم قتل ْ
ة
ة( تشيُر إلى خطور ِ م )منظمةِ الصحةِ العالمي ِ وأرقا ُ
ب في ر ..ففي عام 1973م كان عدد ُ المصابين بالكتئا ِ الم ِ
ة لتصل إلى %5في عام ت هذه النسب ُ العالم ِ ، %3وارتفع ْ
ت إلى وجودِ فردٍ ض الدراسا ِ ت بع ُ 1978م ،كما أشار ْ
ل أربعةٍ !! في حين أعلن نك ّ ب بالكتئاب م ْ ي مصا ٍ أمريك ّ
عقد في شيكاغو ي الذي ُ ب النفس ّ س مؤتمرِ الضطرا ِ رئي ُ
ص في العالم ِ ن شخ ٍ ن هناك 100مليو ِ عام 1981م أ ّ
ل العالم ِ المتقدم ، ن دو ِ مم ْ ب ،أغلُبه ْ يعانون من الكتئا ِ
ل تحزن
157
َ
ن و َ ول َ ي ََر ْ ب!! ﴿أ َ م أخرى أنهم مائتا مليون مكتئ ٍ ت أرقا ٌ وقال ْ
ن﴾
َ في ك ُ ّ م يُ ْ َ
مّرت َي ْ ِ و َ مّرةً أ ْ عام ٍ ّ ل َ ن ِ فت َُنو َ ه ْأن ّ ُ
حلوا ً .وقال ن شرابا ً ُ قال أحد ُ الحكماِء :اصنعْ من الليمو ِ
ه، ن يزيد أرباح ُ ن الذي يستطيعُ أ ْ ي الفط ِ ُ دهم :ليس الذك ّ أح ُ
م ه ْ ْ ي عل َ َ ك َ ِ ئ لـ ل خسائره إلى أرباح ﴿ُأو َ ي الذي يحوّ ُ ن الذك ّ لك ّ
ِ ٍ
ن﴾. دو َ هت َ ُ م ْ م ال ْ ُ ه ُ ك ُ وُأوَلـئ ِ َ ة َ م ٌ ح َ وَر ْ م َ ه ْ من ّرب ّ ِ ت ّ وا ٌ صل َ َ
َ
ل :ل تنطِح الحائط !! وفي المث ِ
ن عنادِهِ فائدة ً تعود ُ ن ل تستفيد ُ م ْ والمعنى :ل تعان ِد ْ م ْ
عليك بخي ْرٍ .
إذا لم تستطعْ شيئا ً وجاوِْزه إلى ما
م ل ّك َي ْل َ هَ د َعبْ ِ ُ ما ً غ ّف الدقيق َ َ ﴿ ، ع
تستطي ُ
غ ّ م ُ فأَثاب َك ُ ْ ن وقالوا :ول تطح ِ
م﴾ . فات َك ُ ْ ما َ عَلى َ حَزُنوا ْ َ تَ ْ
ت ل ينبغي ن المور التي ُفرغ منها وانته ْ والمعنى :أ ّ
ن في ذلك قلقا ً واضطرابا ً وتضييعا ً أن ُتعاد وُتكّرر ؛ ل ّ
للوقت .
ل إنكليزيٌ : -ل تنشرِ النشارة . وقالوا أيضا ً – وهو مث ٌ
ب ،ل تأت وتنشْرها مرةً والمعنى :أي نشارةَ الخش ِ
ة ،فقد ْ فرغ منها . ثاني ُ
ل بالتوافهِ ،واجترار الهموم ِ ، ن يشتغ ُ يقولون ذلك لم ْ
و دوا ْ ل َ ْ ع ُق َ و َ م َ ه ْ وا َن ِ ِ خ َ قاُلوا ْ ل ِ ْ ن َ ذي َ وإعادةِ الماضي ﴿ ،ال ّ ِ
ت ْ ُ ُ ُ َ ْ ُ ُ ُ َ أَ
و َ ْ م َ ل ا م ُ ك س
ِ ف أن ن
ْ ع
َ ؤوا ر
َ ْ د فا ل ق لوا ِ ت ق ماَ نا
َ عوُ طا
ن﴾. قي َ صاِد ِ م َ كنت ُ ْ ِإن ُ
دها ، نس ّ ل يمك ُ ت للفارغين من العما ِ هناك مجال ٌ
ة
س ،وعيادةِ المرضى ،وزيار ِ ت ،ونْفِع النا ِ كالتزودِ بالصالحا ِ
ت المقابرِ ،والعنايةِ بالمساجدِ ،والمشاركةِ في الجمعيا ِ
ة
ل والمكتب ِ ب المنز ِ س الحّياِء ،وترتي ِ الخيريةِ ،ومجال ِ
ل، ل النفع للفقراِء والعجزةِ والرام ِ والرياضةِ النافعةِ ،وإيصا ِ
ه﴾. قي ِ مَل ِ ف ُ دحا ً َ ك كَ ْ ح إ َِلى َرب ّ َ كاِد ٌ ك َ ﴿ إ ِن ّ َ
ف ولم أر كالمعرو ِ هفحلوٌ وأما ّ وجهُ ُ
هما مذاقُ ُ أ ّ ل فجمي ُ
ل تحزن
158
اقرأ ِ التاريخ لتجد المنكوبين والمسلوبين والمصابين .
ث سوف أطلعك على لوحةٍ ن هذا البح ِ لم ْ وبعد فصو ٍ
ن للمنكوبين بعنوان :تعّز بالمنكوبين . من الحز ِ
اقرأ التاريخ إذ ْ فيه م ليس ل قو ٌ ض ّ
َ
هت بِ ِ ماْرن ُث َب ّ ُ
لال َِعب س ِ ن أنَباء الّر ُ م ْ ك ِ الخبْر َ
عل َي ْيدرون َ ص
ق ّ كـل ّ ن ّ ُ و ُ﴿ َ
رةٌ ﴾ ﴿ ، عب ْ َم ِ ه ْ ص ِ ص ِ ق َ في َ ن ِ كا َ قد ْ َ ك ﴾ ﴿ ،لَ َ ؤادَ َ
ف َُ
ن ﴾ . فك ُّرو َ م ي َت َ َ عل ّ ُ
ه ْ ص لَ َص َ ق َ ص ال ْ َ ص ِ ق ُ فا ْ َ
ن ب إل التمت ّعُ بمواط ِ ت وما لي مطل ٌ قال عمُر :أصبح ُ
القضاِء .
ح لقضاِء اللهِ وقدرهِ ،سواٌء كان ومعنى ذلك :أنه مرتا ٌ
فيما يحلو له أو فيما كان مّرا ً .
ن ت،إ ْ ن ركب ُ م :ما أبالي على أيّ الراحلتي ْ ِ ضه ْ وقال بع ُ
ن كان الغنى لهو الشكُر . كان الفقُر لهم الصبُر ،وإ ْ
ن ة من البناِء بالطاعو ِ ي ثماني ٌ ومات لبي ذؤيب الهذل ّ
ن يقول؟ إنه آمن وسّلم وأذعن في عام ٍ واحدٍ فماذا عسى أ ْ
لقضاِء ربهِ ،وقال :
وتجّلدي للشامتين ب الدهرِ ل أني لري ِ
م ُ
ة أريه ُ
أنشبت وإذا المني ُ ع
أتضعض ُ
ل ل تميمةٍ ألفيت ك ّ
َ
ه ﴾. أظفارهاالل ّ ِ
ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ
ن صيب َ ٍ م ِ من ّ ب ِ تنفعُ َ صا ما أ َ ﴿ َ
س بصره فقال – معّزيا ً نفسه : - ن عبا ٍ وفقد اب ُ
ي
ن عين ّ هم ْ ن يأخذ ِ الل ُ إ ْ ففي فؤادي وقلبي
نورها
ي غيُر ذي مرنو ٌُ منهما
قلبي ذك ّ صار وفي فمي
فقدٍجالقليل عو ن الن ِّعم الكثيرةِ إذا ِ عنده م َ
مشهوُر فبما لي ِ كالسي
وهو التس ّ
منها .
ل عروة بن الزبيرِ ،ومات ابُنه في يوم ٍ ج ُ ت رِ ْ وُبتر ْ
ن كنت أخذت فقد ْ مد ،إ ْ م ِلك الح ْ واحدا ً ،فقال :الله ّ
ت فقد ْ عافْيت ،منحتني أربعة ن كنت ابتلي ْ َ أعطْيت ،وإ ْ
أعضاِء ،وأخذت عضوا ً واحدا ً ،ومنحتني أربعة أبناءٍ وأخذت
ل تحزن
159
مسل َ ٌ ريرا ً﴾ َ ﴿ ، ح ِ و َ ة َ جن ّ ً صب َُروا َ ما َ هم ب ِ َ جَزا ُ و َ ابنا ً واحدا ً َ ﴿ .
م﴾. صب َْرت ُ ْ ما َ كم ب ِ َ عل َي ْ ُ َ
مةِ أخو دريد ٍ ،فعّزى دريد ٌ نفسه ص ّن ال ّ داللهِ ب ُ وُقتل عب ُ
ن ل حيلة در المستطاِع ،ولك ْ ن أخيهِ ق ْ بعد أن ذكر أنه دافع ع ْ
دالله فقال دريد ٌ : في القضاِء ،مات أخوه عب ُ
ت عنه الخيل وطاعن ُ ك وحتى علني حال ِ ُ
تدد ْ
آسى ئتب ّ حتى ِ طعان امر أسو ُدِ
ر المرء غي ن
ناللو ِ مأ ّ ويعل ُ
بنفسهِ
أنني وجدي تأخاه ُ وخّفف ُ مخل ّدِ
بما كذبت ولم أبخ ْ
ل
للمصابين : - هلل ُ لما ً أق ْ ي – واعظا ً ومعّزي الشافع ّ دي تي ِ ن ْ ملك
ويروى ع ِ
ل ما دِع اليام تفع ْ ب نفسا ً إذا وط ِ ْ
تشاءءُُ
إذا نزل القضا ولُء القضا حكم تقيةِ ض
فل أر ٌ
العتاهيةِ : قوم ٍ ضأبو وقال ِ بأر سماُء
ت بك م مرةِ حّف ْ ك ْ ه وأنت خار لك الل ُ
ره مْتنا ؟! المكا ِ
فما م؟مرةٍ خفنا من المو ِ
ت كارِكه ْ ْ
ة ،فإذا هي العودةُ ة وأنها النهاي ُ م مرةٍ ظننا انها القاضي ُ ك ْ
الجديدة ُ والقوة ُ والستمراُر ؟!
ل، ت بنا الحبا ُ طع ْ ل ،وتق ّ سب ُ ُت بنا ال ّ كم مرةٍ ضاق ْ
ح والنصُر والخيُر هنا الفاقُ ،وإذا هو الفت ُ ت في وجو ِ وأظلم ْ
ب﴾. ل ك َْر ٍ من ك ُ ّ و ِ ها َ من ْ َ كم ّ جي ُ ه ي ُن َ ّ ل الل ّ ُ ق ِ والِبشارة ُ ؟! ﴿ ُ
سنا ت علينا أنف ُ ت أمامنا دنيانا ،وضاق ْ م مرةٍ أظلم ْ ك ْ
م واليسُر والتأييد ُ ؟! ت ،فإذا هو الخيُر العمي ُ حب ْ ض بما ر ُ والر ُ
و﴾. ه َ ه إ ِل ّ ُ ف لَ ُ ش َ كا ِ فل َ َ ضّر َ ه بِ ُ ك الل ّ ُ س َ س ْ م َ وِإن ي َ ْ ﴿ َ
ره ف أمر غي ِ ره ،كيف يخا ُ ب على أم ِ ن الله غال ٌ ن علم أ ّ م ْ
وفونك بالذين ل شيٍء دون اللهِ ،فكيف يخ ّ نك ّ ن علم أ ّ ؟! م ْ
ره ،وهو ن غي ِ فم ْ ن خاف الله كيف يخا ُ ن دوِنه ؟! م ْ م ْ
ن﴾. فو ِ خا ُ و َ م َ ه ْ فو ُ خا ُ فل َ ت َ َ لَ ﴿: يقو ُ
ه العزةُ ،والعزة ُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين . ه سبحان ُ ُ مع ُ
ل تحزن
160
صُر ن ﴾ ﴿ ،إ ِّنا ل ََنن ُ غال ُِبو َم ال ْ َ ه ُجندََنا ل َ ُن ُ وإ ِ ّ
ة﴿ َ معه الغَل َب َ ُ
م قو ُ م يَ ُ و َوي َ ْة الدّن َْيا َ حَيا ِ في ال ْ َ مُنوا ِ نآ َ ذي َوال ّ ِ سل ََنا َ
ُر ُ
هادُ ﴾ . َ
اْل ْ
ش َ
ره أثرا ً قدسي ّا ً )) :وعزتي ن كثيرٍ في تفسي ِ ذكر اب ُ
ت ت له السماوا ُ وجللي ما اعتصم بي عبدٌ ،فكاد ْ
ن بيِنها فرجا ً ومخرجا ً . ت له م ْ ض ،إل جعل ُ والر ُ
ت خ ُ وعّزتي وجللي ما اعتصم عبدي بغيري إل أس ْ
ه (( . ت قدمي ْ ِ الرض من تح ِ
ن تيمية :بـ )) ل حول ول قوة إل م اب ُقال الما ُ
فل شري ُ ل ،وُينا ُ ل ،وُتكابد ُ الهوا ُ بالله (( ُتحمل الثقا ُ
ل. الحوا ِ
ن
ن كنوزِ الجنةِ .وهي م ْ مها أيّ العبد ُ ! فإنها كنٌز م ْ فالز ْ
ت الراحةِ ،وانشراِح الصدرِ . ن مسارا ِ بنودِ السعادةِ ،وم ْ
***************************************
ح القفال
الستغفاُر يفت ُ
ي ،فأستغفُر ن المسألة لتغلقُ عل ّ ن تيمية :إ ّ يقول اب ُ
ي. ه عل ّ حها الل ُ ل ،فيفت ُ الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أق ّ
فارا ً ﴾ . غ ّ ن َ كا َه َ م إ ِن ّ ُ فُروا َرب ّك ُ ْ غ ِ ست َ ْ تا ْ قل ْ ُ ف ُ﴿ َ
ل ،استغفار ذي الجلل . ب راحةِ البا ِ ن أسبا ِ نم ْ إ ّ
ة ل قضاٍء خيٌر حتى المعصي ُ ة ،وك ُ ب ضارةٍ نافع ٌ ُر ّ
طها . بشر ِ
د قضاء ه للعب ِ فقد ْ ورد في المسند ِ )) :ل يقضي الل ُ
إل كان خيرا ً له(( .قيل لبن تيمية :حتى المعصية ؟ قال :
م ،والستغفاُر والنكساُر ﴿ . ة والند ُ م ،إذا كان معها التوب ُ نع ْ
فُروا ْ َ
موا ْ أن ُ َ
غ َست َ ْ فا ْ ك َ ؤو َ جآ ُ م َ ه ْ س ُف َ م ِإذ ظّل َ ُ ه ْ و أن ّ ُول َ ْ
َ
وابا ً ه تَ ّ ّ
دوا الل َ ْ ج ُ و َ َ
لل َ سو ُ م الّر ُ ه ُ َ
فَر ل ُ غ َ
ست َ ْ وا ْ ه َ ّ
الل َ
حيما ً﴾ ّر ِ
س: قال أبو تمام ٍ في أيام ِ السعود ِ وأيام ِ النح ِ
ن
ت سنو ُ مّر ْ رها ص ِ ن قِ ْ م ْفكأَنها ِ
بالسعودِ وبالهنا م
أّيا ُ
ل تحزن
161
ر
م هج ٍ ت أيا ُ م اْنثن ْ ث ّ ن طوِلها فكأنها م ْ
بعدها
م انقضت تلك ث ّ م
مأعوا ُُ م أحل فكأّنها وكأن ّهُ ْ
ن ﴿ ،ك ُ
م و َ م يَ ْ ه ْ لها ُ وأهَأ َن ّ السنو﴾ ُ
سِ ن الّنا ها ب َي ْ َ ول ُ َ ِ دا م نُ َ ك الّيا ُ وت ِل ْ َ ﴿ َ
عشي ً َ
ها ﴾ . حا َ ض َ و ُ ةأ ْ م ي َل ْب َُثوا إ ِّل َ ِ ّ ها ل َ ْ ون َ َ ي ََر ْ
خ ،كانوا يستقبلون م التاري ُ ت لعظماء عََرفَهُ ُ عجب ُ
م ،وعلى ف النسي ُ ث ،أو هفي ُ ت الغي ِ المصائب كأّنها قطرا ُ
ل ق محمد ٌ ، وهو في الغارِ ،يقو ُ ْ
س الجميع سيد ُ الخل ِ رأ ِ
ق الهجرةِ ، عَنا ﴾ .وفي طري ِ م َ ه َ ن الل ّ َ ن إِ ّ حَز ْ لصاحِبه ﴿ :ل َ ت َ ْ
شُر سراقة بأنه ُيسوُّر سواريْ كسرى ! وهو مطارد ٌ مشّرد ٌ يب ّ
ب من الغي ِ ُبشرى ِ حيا ً وأفضت إلى و ْ
م هَز ُ سي ُ ْ في :ف ﴿م ِ َ لتيقو ُ وهو ْ في الدرع ألق
ِ
بأسراِر بالدنيايث ُ وفي بدر
ن الدّب َُر ﴾ . وّلو َ وي ُ َ ع َ م ُ ج ْ ال ْ َ
أنت الشجاعُ إذا ل أد ّْبت في هوْ ِ
ل للصحابةِ : ة– يقو ُ كتيب ً ح والجرا قيت ِ لل القت أبطالها
بعد – د أحوفي ُ
الردى
ِ ِ ٍ
ح ة تنط ُ م نبوي ّ ٌ )) صّفوا خلفي ُ ،
هم ٌ لثني على ربي (( .إنها ِ ُ
م نبويٌ يهّز الجبال . الثرّيا ،وعْز ٌ
محتبيا ً ب ،كان ُ ن حلماِء العر ِ ن عاصم المْنقرِيّ م ْ سب ُ قي ُ
ه ل فقال :قُِتل ابُنك الن ،قَت َل َ ُ ه بقصةٍ ،فأتاه رج ٌ يكّلم قوم ُ
ن ه ،حتى انتهى م ْ صت ُ ه ،ول أنهى ق ّ حب ْوَت َ ُ ل َ ن فلنة .فما ح ّ اب ُ
ة
م آذِنوني بالصل ِ سلوا ابني وكّفنوه ،ث ّ مه ،ثم قال :غ ّ كل ِ
ْ
ن حي َ و ِ ضّراء َ ساء وال ّ في ال ْب َأ َ ن ِ ري َ ِ صاب ِ وال ّ عليه ! ﴿ َ
س﴾. ال ْبأ ْ
ِ َ
ت، ت المو ِ ل ُيعطى الماء في سكرا ِ ن أبي جه ٍ ةب ُ رم ُ
عك ِ و ِ
ث بن هشام ،فيتناولونه واحدا ً ً فيقو ُ
ِ ل :أعطوه فلنا .لحار ِ ِ
ت الجميعُ . بعد واحدا ً ،حتى يمو ُ
**************************************
س عليك ل لك
النا ُ
ل تحزن
162
ه ،فل يبني ل الناس عليهِ ل ل ُ ن العاقل الحصيف يجع ُ إ ّ
م س ،إن الناس له ْ ً ً
موقفا ،أو يتخذ قرارا يعتمد ُ فيهِ على النا ِ
م مدىً يصلون إليهِ في ن مع الغيرِ ،وله ْ حدود ٌ في التضام ِ
ه. ل والتضحيةِ ل يتجاوزون ُ البذ ِ
ه وأرضاهُ – ه عن ُ ي – رضي الل ُ ن عل ّ نب ِ انظْر إلى الحسي ِ
ت شفةٍ ، ة ببن ِ م ُ
س ال ّ ل فل تنب ُ ل ُ ، يقت ُ ت الرسو ِ ن بن ِ وهو اب ُ
ّ
بل الذين قتلوه ُ يكّبرون ويهللون على هذا النتصارِ الضخم ِ
ل الشاعُر : ه عنه .يقو ُ حهِ !! ،رضي الل ُ ِبذب ِ
سك يا ابن جاؤوا برأ ِ مل ً بدمائ ِهِ تزميل متز ُّ
محمدٍ
قتلت ن ُ تْوُيكّبرونبنبأ ِ قتلوا بك التكبير
وإنما والتهليل
ً ً
س ،وُيجلد ُ جلدا رهيبا ، ل إلى الحب ِ ن حنب ٍ وُيساق أحمد ُ ب ُ
ه أحد ٌ . ك مع ُ ت ،فل يتحّر ُ ف على المو ِ ويشر ُ
ب البغل إلى مصر ،فل ن تيمية مأسورا ً ،ويرك ُ وُيؤخذ ُ اب ُ
من له ْ ه،ل ّ ت جنازت ُ ج تلك الجموعُ الهادرة ُ التي حضر ْ تمو ُ
َ
م ه ْ س ِ ف ِ ن ِلن ُ كو َ مل ِ ُ وَل ي َ ْ بَ ﴿، س ُ ح ْ حدودا ً يصلون إليها فَ َ
شورا ً ﴾ وَل ن ُ ُ حَياةً َ وَل َ وتا ً َ م ْ ن َ كو َ مل ِ ُ وَل ي َ ْ فعا ً َ وَل ن َ ْ ضّرا ً َ َ
َ
ن م َ ك ِ ع َ ن ات ّب َ َ م ِ و َ ه َ ك الل ّ ُ سب ُ َ ح ْ ي َ ها الن ّب ِ ّ َ ﴿ ،يا أي ّ َ
ت﴾ ﴿، مو ُ ذي َل ي َ ُ ي ال ّ ِ ح ّ عَلى ال ْ َ ل َ وك ّ ْ وت َ َ ن﴾َ ﴿، مِني َ ؤ ِ م ْ ال ْ ُ
شيئا ً ﴾ . ه َ ن الل ّ ِ م َ ك ِ عن َ غُنوا َ م َلن ي ُ ْ ه ْ إ ِن ّ ُ
ل م يدْيك بحب ِ فالز ْ ن نإ ْ ه الرك ُ فإن ّ ُ
اللهِ معتصما ً
******************************************** نخان َْتك أركا ُ
***
صدَ « نا ْ
قت َ َ م عال ما » ل
ِ بالما رفقا ً
ِ
م:
قال أحدهُ ْ
ن العِّز
اجمعْ نقودك إ ّ ن
ن ما شئت ع ْ واستغ ِ
لفي الما ِ ل
ن خا ِ
م وع ْ
ع ّ
ل تحزن
163
ل وتبديدهِ وإنفاِقه ن الفلسفة التي تدعو إلى تبذيرِ الما ِ إ ّ
ت بصحيحةٍ ،وإنما هي جهِهِ أو عدم ِ جمِعه أصل ً ليس ْ في غيرِ و ْ
ن جهلةِ المتصوفةِ . ن ع ُّبادِ الهنود ِ ،وم ْ ةم ْ منقول ٌ
ف ،وإلى جمِع ب الشري ِ ن السلم يدعو إلى الكس ِ إ ّ
ف ،ليكون العبد ُ ف ،وإنفاقهِ في الوجهِ الشري ِ ل الشري ِ الما ِ
دح في ي ِ عزيزا ً بماله ،وقد ْ قال ِ)) : نعم المالُ الصال ُ
ن. ث حس ٌ ح(( .وهو حدي ٌ ل الصال ِ الرج ِ
ن ،أو الفقُر ب الهموم والغموم كثرةُ الديو ِ ن مما يجل ُ وإ ّ
ل تنتظرون إل ّ غنى مطغيا ً أو المضني المهلك )) :فه ْ
فقرا ً منسيا ً (( .ولذا استعاذ فقال )) :اللهم إني
ن قُر أ ْ ر (( .و )) كاد الف ْ ق ِ ر والف ْ ن الكف ِ أعوذُ بك م َ
يكون كفرا ً (( .
ن ماجة : ث الذي يرويه اب ُ ض مع الحدي ِ وهذا ل يتعار ُ
ه ،وازهدْ فيما عند )) ازهدْ في الدنيا يحّبك الل ُ
ن فيهِ ضعيفا ً . س (( .على أ ّ س يحّبك النا ُ النا ِ
ف ،وما يكفيك عن ن المعنى :أن يكون لك الكفا ُ لك ّ
ن ل تكو ُ ل،ب ْ ب ما عندهم من الما ِ س وطل ِ استجداِء النا ِ
م )) ،ومن ك عنه ْ ف وجه َ شريفا ً نزيها ً ،عندك ما يك ّ
ه (( . ن ُيغِنه الل ُ يستغ ِ
ك أغنياء ،خيٌر ن ت َذَُر ورث َت َ َ وفي الصحيِح )) :إنك إ ْ
ن الناس (( . ففو ُ ة يتك ّ م عال ً ه ْ ن أن ت َذََر ُ م ْ
سد ّ به ما قد ْ أضاعوا َ
أ ُ س ما حقوق أنا ٍ
وفّرطوا دا استطاعوا لها س ّ
س: عّزةِ النف ِ دهم في ِ يقول أح ُ ُ
ل
ن القوا ِ أحس ُ ل كل ّ ح القوا ِ أقب ُ
السفلى اليدِخذ ْ ّ من لك لدُ العليا خيٌرقولي الي ْ
وفي الصحيح )) :ولع
ة ﴿، سفلى الخذةُ أو السائل ُ ة ،واليد ُ ال ّ (( .اليد ُ العليا المعطي ُ
ف﴾ . ف ِ ع ّ ن الت ّ َ م َ غن َِياء ِ ل أَ ْ ه ُ م ال ْ َ
جا ِ ه ُ سب ُ ُح َ يَ ْ
م رزقا ً أو والمعنى :ل تتمّلق البشَر فتطلب منه ْ
ن ل والخل ْقَ ل ّ ن الرزق والج َ م َ لض ِ ن الله عّز وج ّ مكسبا ً ،فإ ّ
ل تحزن
164
سهم ن قعساُء ،وأهُله شرفاُء ،والعزة ُ لهم ،ورؤو ُ عّزةَ اليما ِ
م َ ة ،وأنوُفهم دائما ً شامخ ٌ دائما ً مرتفع ٌ
ه ُعندَ ُ
ن ِ غو َ ة ﴿ :أي َب ْت َ ُ
ن الورديّ : ميعا ً ﴾ .قال اب ُ ج ِ عّزةَ ل ِل ّ ِ
ه َ ن ال ِ عّزةَ َ
فإ ِ ّ ال ْ ِ
ب تقبيل يدٍ أنا ل أرغ ُ ن
نم ْ قط ُْعها أحس ُ
ن صنيِع ل رّقها أو لتلك الُقب ْ
ن جزْتني ع ْ إ ْ فيكفيني ِ
ت في كن ُ
******************************************* لالخج ْ
ه
ر الل ِ
ق بغي ِ
ل تتعل ْ
ه ،فلماذا ت والرزاقُ هو الل ُ إذا كان المحيي والمي ُ
بن أكثر ما يجل ُ تأ ّ م ؟! ورأي ُف من الناس والقلقُ منه ُ الخو ُ
ب م ،والتقر ُ ب رضاه ْ س ،وطل ُ ّ
الهموم والغموم التعلقُ بالنا ِ
م ،وهذا من مه ْص على ثناِئهم ،والتضّرر بذ ّ م ،والحر ُ
منه ُ
ف التوحيد ِ . ضع ِ
فليتك تحلو والحياةُ م
وليتك تْرضى والنا ُ
الوة ٌد ّ
مرير ح منك إذا ص ّ بغضا ُ
فوق ل الذيوك ّ
ن ل هي ّ ٌ فالك ُ ّ
*************************************** ب ب ترا ُالترا ِ
ر
صدْ ِ
ح ال ّ
ب انشر ِ
أسبا ُ
ب صفائ ِهِ ونقاِئه يوسعُ ه ِبحس ِ مها :التوحيدُ :فإن ُ أه ّ
الصدَر ،حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها .
نم ْ و َ ل سبحانه وتعالى َ ﴿ : حد ٍ ،يقو ُ ك ومل ِ مشر ٍ ول حياة ل ُ
م ُ ً َ َ َ ْ أَ
و َ ْ َ ي ُ ه ر
ُ ش ح ْ َ ن و
َ ا ضنكَ ة
ً ش عي ِ مَ ه
ُ ل ن
ّ ِ إ ف ري َ ِ ك ذِ عن َ ض
َ ر َ ع
ْ
ه أن َ ّ مى ﴾ .وقال سبحانه َ ﴿ : ْ
رِد الل ُ ِ من ي ُ ف َ ع َ ةأ ْ م ِ قَيا َ ال ِ
من ف َ سل َم ِ ﴾ .وقال سبحانه ﴿ :أ َ َ صدَْرهُ ل ِل ِ ْ ح َ شَر ْ ه يَ ْ دي َ ُ ه ِ يَ ْ
ه﴾. من ّرب ّ ِ ر ّ عَلى ُنو ٍ و َ ه َ ف ُسَلم ِ َ صدَْرهُ ل ِْل ِ ْ ه َ ح الل ّ ُ شَر َ َ
ف صدرِ والرهبةِ والخو ِ ق ال ّ ه أعداءه بضي ِ عد الل ُ وتو ّ
فُروا ْ ن كَ َ ذي َ ب ال ّ ِ قُلو ِ في ُ قي ِ سن ُل ْ ِ بَ ﴿، ق والضطرا ِ
َ والقل ِ
طانا ً ﴾ ﴿ ، سل ْ َ ه ُ ل بِ ِ م ي ُن َّز ْ ما ل َ ْ ه َ كوا ْ ِبالل ّ ِ شَر ُ ما أ ْ ب بِ َ ع َ الّر ْ
رِد من ي ُ َ ِ ف َ ه﴾َ ﴿، ر الل ّ ِ من ِذك ْ ِ هم ّ قُلوب ُ ُ ة ُ سي َ ِ قا ِ ل ل ّل ْ َ وي ْ ٌ ف َ َ
الل ّ َ
ردْ أن من ي ُ ِ و َ سل َم ِ َ صدَْرهُ ل ِل ِ ْ ح َ شَر ْ ه يَ ْ دي َ ُ ه ِ ه أن ي َ ْ ُ
ل تحزن
165
َ
في عد ُ ِ ص ّ ما ي َ ّ حَرجا ً ك َأن ّ َ ضّيقا ً َ صدَْرهُ َ ل َ ع ْ ج َه يَ ْ ضل ّ ُ يُ ِ
ماء ﴾ . س َ ال ّ
ح م النافعُ ،فالعلماُء أشر ُ صد َْر :العل ُ ح ال ّ ومما يشر ُ
م سرورا ً ،لما مه ْ حبورا ً ،وأعظ ُ س صدورا ً ،وأكثُرهم ُ النا ِ
م ما ل َ ْ ك َ م َ عل ّ َ و َ ث المحمديّ النبويّ َ ﴿ : م من الميرا ِ عنده ْ
َ
ه﴾. ه إ ِّل الل ّ ُ ه َل إ ِل َ َ م أن ّ ُ عل َ ْ فا ْ م﴾َ ﴿، عل َ ُن تَ ْ ت َك ُ ْ
ن للحسنةِ نورا ً في ح :فإ ّ ل الصال ُ ومنها :العم ُ
ة في ق ،ومحب ً ة في الرز ِ سعَ َ ب ،وضياًء في الوجهِ ،و َ القل ِ
دقا ً ﴾ . َ
غ َ ماء َ هم ّ قي َْنا ُ س َ ق َ ﴿ ،ل ْ ب الخل ِ
ْ قلو ِ
ت ن ،ثاب ُ ة :فالشجاعُ واسعُ البطا ِ ومنها :الشجاع ُ
مه ن ،فل ته ّ ل على الرحم ِ ن ،لنه يؤو ُ ن ،قويّ الركا ِ جَنا ِال َ
ت. ه التوجسا ُ ف ،ول تزعزِعُ ُ ث ،ول تهّزهُ الراجي ُ الحواد ُ
مرا ً ح ْ ت ُ ترّدى ثبات المو ِ نم ْ ل إل وهي ِ لها اللي ُ
أتى
فمامات وما مات حتى ر
ت ض ُْ خ
س ُ
واعتل ْ ب ٍ سند ِ من الضر ِ
ه
ب سيِف ِ مضر ُ مُر س ْ
القنا ال ّ عليه
ب المعاصي :فإنها ِ كدٌر حاضٌر ، ُ اجتنا : ومنها
م. م قات ٌ ة ،وظل ٌ ة جاثم ٌ ووحش ٌ
ت ت الذنوب ُتمي ُ رأي ُ لث الذ ّ ّ وقد ْ ُيور ُ
القلوب إدماُنها
ِ م الكل من : ت ِ المباحا ة
ِ كثر ب
ومنها :اجتنا ُ
وغ ِ ن الل ّ ْ ع ِ م َ ه ْ ن ُ ذي َ وال ّ ِ والطعام ِ والمنام والخلطةِ َ ﴿ ،
د
عِتي ٌ ب َ قي ٌ ه َر ِ ل إ ِّل ل َدَي ْ ِ و ٍ ق ْ من َ ظ ِ ف ُ ما ي َل ْ ِ ن ﴾َ ﴿، ضو َ ر ُع ِم ْ
ُ
فوا ْ ﴾ . ر ُ س ِ ول َ ت ُ ْ شَرُبوا ْ َ وا ْ ﴾ ﴿ ،وك ُُلوا ْ َ
*************************************
ء
رغ من القضا ِ ُ
ف ِ
ق س والهموم ِ طبيب القل ِ سأ َ
ل أحد ُ المرضى بالهواج ِ
ن العالم قد ْ
مأ ّم :اعل ْ
ب المسل ُ
ب ،فقال له الطبي ُوالضطرا ِ
ل تحزن
166
س إل بإذن م ٌة ول هَ ْ ره ،ول يقعُ فيهِ حرك ٌ قهِ وتدبي ِ
ن خل ِفرغَ م ْ
ق
ن الله كتب مقادير الخلئ ِ م؟! ))إ ّ م والغ ّ اللهِ ،فِلم اله ّ
ق الخْلق بخمسين ألف سن ٍ
ة(( . خل ُ َن يَ ْ
قبل أ ْ
قال المتنبي على هذا :
نم في عي ِ وتعْظ ُ ُ نوتصغُر في عي ِ
الصغيرِ صغاُرها م
العظيم ِ العظائ ِ ُ
*********************************
ة اللذيذُ
م الحري ّ ِ طَ ْ
ع ُ
ن عند َه ُ ثلثمائةٍ ب ) المسار ( :م ْ ل الراشد ُ في كتا ِ يقو ُ
ده ف وستمائة تمرة ،لم يستعب ْ ت وأل ٌ وستون رغيفا ً وجّرة زي ٍ
أحد ٌ .
س والماِء ، بالخبزِ الياب ِ ن اكتفى ِ ف:م وقال أحد ُ السل ِ
ة
م ٍ ع َمن ن ّ ْ عندَهُ ِ د ِ ح ٍ ما ِل َ َ و َ سِلم من الّرقّ غل للهِ تعالى ﴿ َ
جَزى ﴾ . تُ ْ
دهم : قال أح ُ
ت مطامعي أطع ُ ت ولوْ أني قِن ِعْ ُ
وقال آخُر : فاستعبدتني ت حرا ً لكن ُ
س
أرى أشقياء النا ِ عراةٌ م فيها ُ على أّنه ْ
تيسأمونها ْ
ن كان أراها وإ ْ ل ن جوّععُ ْ فُة صي و ٍ سحاب ُ
ب فإنهاالمنص ِ ل أوالماّر ِس
ع السعادةِ بجمع ت ُ على ُ ونتق ّ
ش ل
قلي ْ ٍن الذين يسع إ ّ
مم الخاسرون حّقا ً ،وأنه ْ مه ُ أو الوظيفةِ ،سوف يعلمون أنه ْ
دى فَرا َ موَنا ُ جئ ْت ُ ُ قد ْ ِ ول َ َما جلبوا إل الهموم والغموم َ ﴿ ،
قَناك ُ َ
وَراء م َ ول َْناك ُ ْ خ ّ ما َ وت ََرك ُْتم ّ ة َ مّر ٍل َ و َ مأ ّ ْ خل َ ْ كَ َ
ما َ
حَياةَ الدّن َْيا}{16 ن ال ْ َ ؤث ُِرو َ ل تُ ْم ﴾ ﴿ ،بَ ْ رك ُ ْ ِ هوظُ ُ
قى ﴾ . وأ َب ْ َخي ٌْر َ خَرةُ َ واْل ِ َ
************************************
ب
ه الترا ُ
ي مخدّت ُ ُ
ن الثور ّ
سفيا ُ
ب في مزدلفة وهو ن الترا ِ
ةم ْم ً
ن الثوريّ كو ْ
سد سفيا ُ
تو ّ
ب
سد ُ الترا َ
ن تتو ّ
ل هذا الموط ِس :أفي مث ِج ،فقال له النا ُ
حا ّ
ل تحزن
167
ن مخدةِ مم ْ دتي هذهِ أعظ ُ ث الدنيا ؟ قال :لمخ ّ
محد ّ ُ
وأنت ُ
أبي جعفرٍ المنصورِ الخليفةِ .
ه﴾. ب الل ّ ُما ك َت َ َ
صيب ََنا إ ِل ّ َقل ّلن ي ُ ِ
﴿ ُ
*********************************
ن
في َ
ج ِ
مر ِ
ن إلى ال ُ
ل ترك ْ
ة ،التي ة المغلوب ُ ت الخاطئ ُ ة ،والرهاصا ُ الوعود ُ الكاذب ُ
نطا ُشي ْ َ م ﴿ ،ال ّ س ،إنما هي أوها ٌ ف منها أكثُر النا ْ ِ يخا ُ
كم عدُ ُه يَ ِ والل ّ ُ شاء َ ح َ ف ْكم ِبال ْ َمُر ُ وي َأ ُ قَر َ م ال ْ َ
ف ْ عدُك ُ ُ
يَ ِ
م ﴾. عِلي ٌ ع َ س ٌ وا ِ ه َ والل ّ ُضل ً َ ف ْ و َه َ من ْ ُ
فَرةً ّ غ ِ م ْ
ّ
س والشعوِر ت اليأ ِ ة المعدةِ :ثمرا ُ والقلقُ والرقُ وقُْرح ُ
ط والخفاق . بالحبا ِ
***********************************
م ب وال ّ
شت ْ ُ ن يضّرك الس ّ
ل ْ
ل :أنا ل ي ) إبراهام لينكولن ( يقو ُ س المريك ّ كان الرئي ُ
ح مظروفها فضل ً ُ
ي ،ول أفت ُ جه إل ّ أقرأ رسائل الشتم ِ التي ُتو ّ
دمت شيئا ً لشعبي ما ق ّ ت بها ل َ عن الرد ّ عليها ؛ لنني لو اشتغل ُ
ل﴾﴿، مي َج ِ ح ال ْ َ ف َ ص ْ ح ال ّ ص َ
ف ِ فا ْ م﴾َ ﴿، ه ْعن ْ ُ
ض َ ر ْ فأ َ ْ
ع ِ ﴿ َ
م﴾. سَل ٌ ل َ ق ْ و ُ م َ ه ْعن ْ ُح َ ف ْ ص َفا ْ َ
ن: سا ُ قال ح ّ
ب
ما أبالي أن ّ ر
أو لحاني بظه ِ
سوالحقراِء ن ت َي ْ
والسخفاِء ٌ ت اللؤماِءبالحْز ِ مكلما ِ لئي ُ
بأ ّ
ن غ َي
المعنىْ ٍ:
م، س ،ل تضّر ول ت ُهُ ّ ض النا ِ الشّتامين المتسلقين على أعرا ِ
م ،أو أن يتحرك منها شجاعٌ . ن يتلفت لها مسل ٌ نأ ْ ول يمك ُ
ة
ب العالميةِ الثاني ِ كان قائد ُ البحريةِ المريكيةِ في الحر ِ
ة
ل مع مرؤوسي ِ ص على الشهرةِ ،فتعام َ رجل ً لمعا ً ،يحر ُ
ت ،حتى قال : الذين كالوا له الشتائم والسباب والهانا ِ
م عودي ، ج َ ة ،لقد ْ عَ َ أصبح اليوم عندي من النقدِ مناع ٌ
ل تحزن
168
سورا ً ف ُ س ُ م ول ين ِ ن الكلم ل يهد ُ تأ ّ ت سني ،وعلم ُ وكبر ْ
حصينا ً .
وماذا تبتغي ت حد ّ وقد ْ جاوز ُ
الشعراُء مّني الربعينا
ه قال :أحبوا م – أن ُ ُيذكُر عن عيسى – عليه السل ُ
أعداءكم .
ما ً ،حتى م عفوا ً عا ّ ن ُتصدروا في أعداِئك ْ والمعنى :أ ْ
م﴿ ، تسلموا من التشّفي والنتقام ِ والحقد ِ الذي ينهي حيات َك ُ ْ
ن ﴾. سِني َ ح ِ ب ال ْ ُ
م ْ ح ّ والل ّ ُ
ه يُ ِ س َ
ن الّنا ِ ع ِن َ في َ وال ْ َ
عا ِ َ
م﴾ و َ م ال ْي َ ْ عل َي ْك ُ ُب َ م الطلقاءُ(( ﴿ ،ل َ ت َث َْري َ ))اذهبوا فأنت ُ
سَلف ﴾ . ما َ ع ّ ه َ فا الل ّ ُ ع ََ ﴿،
*************************************
ن
و ِ
اقرأ الجمال في الك ْ
ل ق ذي الجل ِ ْ
ل في خل ِ ح الصدر قراءةُ الجما ِ مما يشر ُ
ح، ب المفتو ُ ن ،هذا الكتا ُ م ،والتمت ّعُ بالنظرِ في الكو ِ ِ والكرا
ة﴾﴿ ق َ ل في خلقه َ َ ﴿ : ن الله يقو ُ
ج ٍ ه َ ت بَ ْ ذا َ دائ ِ َ ح َ ه َ فأنب َت َْنا ب ِ ِ ِ ِ إ ّ
َ
ه﴾﴿، دون ِ ِ من ُ ن ِ ذي َ ق ال ّ ِ خل َ َ ذا َ ما َ فأُروِني َ ه َق الل ّ ِ خل ْ ُ ه َ
ذا َ َ
َ
ض﴾ . والْر ِ ت َ وا ِ ما َس َ في ال ّ ذا ِ ما َ ل انظُُروا ْ َ ق ِ ُ
ن ما ت ،من أخبارِ الكو ِ ل لك ،بعد صفحا ِ وسوف أنق ُ
هق ُ خل ْ َ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ طى ك ُ ّ ع َ ذي أ َ ْ يدّلك على حكمةٍ وعظمةٍ ﴿ال ّ ِ
دى ﴾ . ه َ م َ ثُ ّ
قال الشاعُر :
وكتابي الفضاُء َأقرأ ُ صورا ً ما قرأُتها في
ه
في ِ كتابي
س اللمعةِ ،والنجوم ِ الساطعةِ ،في قراءة ٌ في الشم ِ
ة
ل ..في الشجرةِ ..في الثمر ِ ل ..في الت ّ النهرِ ..في الجدو ِ
..في الضياِء ..في الهواِء ..في الماِء ،
ه ل شيٍء ل ُ وفي ك ّ ل على أّنه الواحد ُ تد ّ
ةآي ٌ
يقول إيليا أبو ماضي :
ل تحزن
169
أّيها الشاكي وما بك كيف تغدو إذا
فيءٌ أترى الشوك دا عليل َ
ندى غدوت ال ّ
ه
أن ترى فوق ُ
مى
ر سهت َعْ َ
نفدِ ُو
الورو الوجولدَِ
ل يرى في إكلي
بغي ِ والذي
لجما ٍ شيئا ً جميل
*******************************************
ف
ْ َ يَ ك ل ب ْ
ل ا لىَ إ ن رو ُ ظين َ
ل َ
ف َ ﴿أ
ِِ ِ َ ِ ُ َ
ت﴾ ق ْخل ِ َ
ُ
ن المبدع مأ ّ ن يعل ْ ن ينظْر إلى الكو ِ م ْ ل أْينشتاين َ : يقو ُ
خل َ َ َ
ه﴾﴿، ق ُ ء َ ي ٍ شَ ْ ل َ ن كُ ّ س َ ح َ ذي أ ْ ب بالّنردِ ﴿ .ال ّ ِ م ل يلع ُ حكي ٌ
مقَناك ُ ْ خل َ ْ ما َ م أن ّ َ سب ْت ُ ْ ح ِ ف َ ق ﴾ ﴿ ،أَ َ ح ّ ما إ ِّل ِبال ْ َ ه َ
قَنا ُ خل َ ْما َ َ
عَبثا ً ﴾. َ
ب ن وبحكمةٍ ،وبترتي ٍ سبا ٍ ح ْ ل شيٍء ب ِ ُ نك ّ ى:أ ّ والمعن ِ
ن هناك إلها ً قديرا ً ل ن يرى هذا الكون أ ّ مم ْ وبنظام ٍ ،يعل ُ
ل في عله ُ . ة،ج ّ ُيجري المور مجازف ً
مُر ق َ وال ْ َ س َ م ُ ش ْ ه وتعالى ﴿ :ال ّ ل سبحان ُ م يقو ُ ث ّ
ك ال ْ َ َ
مَر ق َ ر َ ها أن ت ُدْ ِ غي ل َ َ س َينب َ ِ م ُ ش ْ ن ﴾ َ ﴿ ،ل ال ّ سَبا ٍ ح ْبِ ُ
ن﴾. حو َ سب َ ُك يَ ْ فل َ ٍ في َ ل ِ وك ُ ّ ر َ ها ِ ق الن ّ َ ساب ِ ُل َ وَل الل ّي ْ ُ َ
**********************************
ص
حْر ُ
ل يجدي ال ِ
س حتى تستكمل رْزقها ت نف ٌ ن تمو َ قال )) : ل ْ
ن،ص إذ ْ حْر ُ جَزعُ ؟!وِلم الهَل َعُ ؟! وِلم ال ِ وأجَلها (( .فِلم ال َ
ر﴾﴿، دا ٍق َم ْعندَهُ ب ِ ِء ِي ٍش ْ ل َ وك ُ ّن هذا وفََرغ َ ؟! ﴿ َ
إذا انتهى م ْ
دورا ً ﴾ . َ
ق ُم ْ درا ً ّ
ق َه َمُر الل ّ ِ
نأ ْ كا َو َ
َ
**************************************
ت ت تك ّ
فُر عنك السيئا ِ الزما ُ
ه ما أوطأ ه قال :آلل ُ ُيذك َُر عن الشاعرِ ابن المعتّز أن ُ
ق باللهِ !!
ة الواث ِ ة المتوكل على اللهِ ،وما أسرع أْوب َ راحل ً
ن
نم ْ ب المؤم َ ه قال )) :ما يصي ُ ه أن ُ
ح عن ُ
وقد ص ّ
ل تحزن
170
ض، ب ،ول مر ٍ ب ،ول نص ٍ م ،ول وص ٍ م ،ول غ ّ ه ّ
ن ه بها م ْ فر الل ُ كها ،إل ك ّ ة ُيشا ُ حتى الشوك ُ
هف أن ُ خطاياهُ (( .فهذا لمن صبر واحتسب وأناب ،وعََر َ
ب. ل مع الواحد ِ الوها ِ يتعام ُ
ت حكيمةٍ تضفي على العبد ِ قوةً قال المتنبي في أبيا ٍ
وانشراحا ً :
ل تلق دهرك إل غي َْر ه
ب في ِ ما دام يصح ُ
ما ثمكترا ً ٍ
سرور م ُ فما ُيدي ُ ن
روحك البد ُ
الغائب ول يرد ّ ُعليك
ه
رتَر ب ُ ِلرِت َْ ْس ْ
ما حوا ب ِ َ ف و َُم َ فات َك ُ ْ نَلى َ
ما َ الحز َُ
ع وا
س ْ﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ
م﴾. آَتاك ُ ْ
**********************************
كي ُ
ل « م ال ْ َ
و ِ ع َ
ون ِ ْ سب َُنا الل ّ ُ
ه َ ح ْ
» َ
م لما ل « :قالها إبراهي ُ كي ُ و ِ م ال ْ َ ع َ ون ِ ْ ه َ سب َُنا الل ّ ُ
ح ْ» َ
ت برد ْا ً وسلما ً .وقال محمد ٌ في ُ
ألقي في النارِ ،فصار ْ
ه. ُ
حد ٍ ،فنصره الل ُ أ ُ
يل :ألك إل ّ ق قال له جبري ُ م في المنجني ِ ضع إبراهي ُ لما وُ ِ
ه
ما إلى الل ِ ما إليك فل ،وأ ّ م:أ ّ ة ؟ فقال له إبراهي ُ حاج ٌ
م! فَن َعَ ْ
ت ف هذا ،وخمد ْ حرِقُ ،ولكن ج ّ البحُر ي ُْغرقُ ،والناُر ت َ ْ
ل«. كي ُ و ِم ال ْ َ
ع َون ِ ْ
ه َ سب َُنا الل ّ ُ ح ْ تلك ،بسبب َ » :
ل ك َّل قا َ رأى موسى البحَر أمامه والعد ّ خلفه ،فقال َ ﴿ :
ن اللهِ . ن ﴾ .فنجا بإذ ِ دي ِ ه ِ سي َ ْي َرّبي َ ع َ م ِ
ن َإِ ّ
خ ن الرسول لما دخل الغار ،س ّ كر في السيرةِ أ ّ ذُ ِ
شها ،والعنكبوت فبنت بيتها بفم ِ الغارِ ، تع ّ الله الحمام فبن ْ
فقال المشركون :ما دخل هنا محمد ٌ .
ظّنوا الحمام وظّنوا خ س ْ خيرِ البريةِ لم تن ِ
ن العنكبوت على عام ٍ ِ ح
ن تَ ُ ولم
تع ْ ة اللهِ أغني ْ عناي ُ ل من الدروِع وع ْ
ة
مضاعف ٍ م ُ
من الط ُِ
ل تحزن
171
ن هناك رب ّا ً محها العبد ُ ،ونظر أ ّ ة إذا تل ّ ة الرباني ُ إنها العناي ُ
ن العبد ُ إليه . قديرا ً ناصرا ً ولي ّا ً راحما ً ،حينها يرك ُ
ل شوقي : يقو ُ
ك ة لحظت ْ َ وإذا العناي ُ ث ك ُّلهن م فالحواد ُ ن ْ
ه َ ك ب ِأ َ ْ
م ح ُ و أْر َنها َ
وُ ُعيو َ
فظا ً
حا ِخي ٌْر َ
ه َفالل ّ ُن َ
أما ﴿ ُ
عي ُن َِنا ﴾ ، فإ ِن ّ َ﴿ َ
ن﴾. مي َ
ح ِ الّرا ِ
*************************************
ة
سعاد ِ
ت ال ّ
ونا ُ
مك ّ
ه، سْرب ِ ن بات آمنا ً في ِ ه )) : م ْ وعند الترمذيّ عن ُ
ت حيَز ْ ه ،فكأنما ِ م ِت يو ِ ى في بدنه ،عندهُ قو ُ معاف ً
رها (( . في ِ له الدنيا بحذا ِ
والمعنى :إذا حصل على غذاٍء ،وعلى مأًوى وكان
ت، ل الخيرا ِ ت ،وأفض ِ ن السعادا ِ ً
آمنا ،فقد ْ حصل على أحس ِ
م ل يذكرونه ،ول س ،لكنه ْ ل عليه كثيٌر من النا ِ وهذا يحص ُ
ينظرون إليه ول يلمسونه .
ل سبحانه وتعالى لرسوله َ ﴿ :
م عل َي ْك ُ ْت َ م ُ م ْ وأت ْ َ َ يقو ُ
ل؟ ت على الرسو ِ م ْ مِتي ﴾ .فأيّ نعمةٍ ت ّ ع َ نِ ْ
ب أهي المادةُ ؟ أهو الغذاُء ؟ أهي القصوُر والدوُر والذه ُ
ك من ذلك شيئا ً ؟ ة ،ولم يمل ْ ض ُوالِف ّ
ن ن طي ٍ م في غرفةٍ م ْ ن هذا الرسول العظيم كان ينا ُ إ ّ
ن على بطن ِهِ ، ل ،ويرب ُ
جري ْ ِ ح َ ط َ ن جريدِ النخ ِ ،سقُفها م ْ
ل تؤّثر في جنبهِ ،ورهن سَعف النخ ِ ن َ سد ُ على مخد ّةٍ م ْ ويتو ّ
ر ،ويدوُر ثلثة أيام ٍ ن شعي ٍ ه عند يهوديّ في ثلثين صاعا ً م ْ د ِْرع ُ
ل يجد ُ رديء التمرِ ليأكله ويشبع منه.
ن عك مرهو ٌ مت ودر ُ ِ شعيرِ وأبقى من ال ّ
ف شظ ُت ْ ٍ لن فيك على ل الجم ُ كرهَ َ
ِ م يال معاني ّ ِ اليتا حتى ُدعيت أبا
ه أعذب ُ ُ ل يا ب َط َ ُ
ت في قصيدةٍ أخرى : وقل ُ
ر
ل قص ٍ نك ّ كفاك ع ْ ن أو ت من الطي ِ بي ٌ
ق عمدٍ شاه ٍ ف من العلم ِ كه ٌ
ل تحزن
172
تبني الفضائل أبراجا ً ني الخيام ِ التي م ْ ص َنُ ْ
ُ
ف
و َ س ْيدل َة ً َ
و مش
ن اْلوَلى}َ ّ {4 م َ ك ِم ِ لّ َالخيي ٌْر
أروَرِعةُ َ
خ ول َْل ِ
خ ﴿ َ
وث ََر ﴾ . ك ال ْك َ ْ ضى ﴾ ﴿ ،إ ِّنا أ َ ْ
عطَي َْنا َ فت َْر َك َ ك َرب ّ َطي َع ِيُ ْ
***************************************
صب
من ْ ِ
صب ال َ
نَ َ
ن الورديّ : ب ،قال اب ُ ب الحياةِ المنص ُ ن متاع ِ م ْ
ب ب المنص ِ نص ُ ة
ن مدارا ِ يا عنائي م ْ
لديتأخذ ُ ماء إنهاج َ أوهي َ ،
ة لالسَف ْ
ب غالي ٌ ة المنص ِ ضريب َ نوالمعنى :ا ّ
ب ن تلك الضرائ ِ ن ينجو م ْ م ْ ل َ ة ،وقلي ٌ حة والراح َ ص ّجهِ ،وال ّ
الوَ ْ
ن سمعِته ،من ن عرقِهِ ،من دِم ِ ،م ْ التي يدفُعها يومي ّا ً ،م ْ
ل ن كرامِته )) ،ل تسأ ِ ن شرِفه ،م ْ ن عزِته ،م ْ راحِته ،م ْ
ة(( ﴿ ة وِبئست الفاطم ُ ت المرضع ُ م ِ ع َ
ة(( )) .ن ِ ْ المار َ
ه﴾. طاِني ْ سل ْ َ عّني ُ ك َ هل َ ََ
قال الشاعُر :
ب الدنيا تصيُر ه ِ أليس مصيُر ذلك
غليك عفو ً
ب؟ شيءا تذه ُ بكل شيٍء ،فإلى أي ل ؟! تِ للزوا ْ
ن الدنيا أت قد ّْر أ ّ
واْل ِك َْرام ِ ﴾ . ل َ جَل ِ ذو ال ْ َ ك ُ ه َرب ّ َ ج ُ و ْ قى َ وي َب ْ َ
إلى الفناِء َ ﴿ ،
ي رأسا ً ،فإ ّ
ن ن يا ُبن ّ قال أحد ُ الصالحين لبنه :ل تك ْ
الرأس كثيُر الوجاِع .
نؤس ،فإ ّ ب التصد َّر دائما ً والّتر ّ ح ّ والمعنى :ل ت ُ ِ
ل إل إلى ب ل تص ُ ت والضرائ ِ ت والشتائم ِ والحراجا ِ النتقادا ِ
دمين . هؤلء المق ّ
سن نصف النا ِ إ ّ ولي السْلطة هذا
ن م ْ أعداٌء ل ِ
***************************************** لن عد ْ إ ْ
هيا إلى الصلة
َ
ة﴾. صل َ ِوال ّ
ر َ
صب ْ ِعيُنوا ْ ِبال ّ مُنوا ْ ا ْ
ست َ ِ نآ َ ها ال ّ ِ
ذي َ ﴿ َيا أي ّ َ
زع إلى الصلةِ . كان إذا حزبه أمٌر فَ ِ
ل (( . رحْنا بها يا بل ُ ل )) :أ ِ وكان يقو ُ
ل تحزن
173
ة (( . جعلت قّرةُ عيني في الصل ِ ل ُ )) : ويقو ُ
إذا ضاق الصدُر ،وصُعب المُر ،وكثر المك ُْر ،فاهرعْ
ل. إلى المصّلى فص ّ
ت الليالي ،وتغي َّر م ،واختلف ْ ت في وجِهك اليا ُ إذا أظلم ْ
ب ،فعليك بالصلةِ . الصحا ُ
ح صدره ت العظيمةِ يشر ُ ما ِ ي في المه ّ كان النب ّ
ن .وذكروا رها من المواط ِ ب وغي ِ بالصلةِ ،كيوم ِ يد ْرٍ والحزا ِ
ة
ب ) الفتِح ( أنه ذهب إلى القلع ِ ظ ابن حجرٍ صاح ِ ن الحاف ِ ع ِ
ه. ه عن ُ ص ،فقام يصلي ،ففّرج الل ُ بمصر فأحط به اللصو ُ
ن رجل ً من الصالحين ن القيم ِ :أ ّ ن عساكر واب ُ وذكر اب ُ
ق الشام ِ ،فأجهز عليه ليقتله ، ص في إحدى طر ِ لقيه ل ّ
فطلب منه مهلةٍ ليصلي ركعتين ،فقام فافتتح الصلة ،
ضطَّر إ ِ َ وتذك ّر قول الله تعالى ﴿ :أ َ
ه
عا ُ ذا دَ َ م ْ ب ال ْ ُ جي ُ ِ ُ ي من ّ ِ َ
ل المجرم ك من السماِء بحربةٍ فََقت َ َ ﴾ .فرّددها ثلثا ،فنزل مل ٌ ً
مْر ل من يجيب المضطر إذا دعاه ْ ﴿ . ،وقال :أنا رسو ُ
وأ ُ َ ُ ّ ُ ْ
هى صَلةَ ت َن ْ َ ن ال ّ ها ﴾ ﴿ ،إ ِ ّ عل َي ْ َ صطَب ِْر َ وا ْ ة َ صَل ِ ك ِبال ّ هل َ َ أَ ْ
عَلى ت َ كان َ ْ صل َةَ َ ن ال ّ ر ﴾ ﴿ ،إِ ّ منك َ ِ وال ْ ُشاء َ ح َ ف ْ ن ال ْ َ ع ِ َ
قوتا ً ﴾ . و ُ م ْ ن ك َِتابا ً ّ مِني َ ؤ ِ م ْ ال ْ ُ
م ،الصلة ُ على م والغ ّ ل اله ّ ح الصدر ،ويزي ُ ما يشر ُ وإن م ّ
َ
موا سل ّ ُ و َ ه َ عل َي ْ ِ
صّلوا َ مُنوا َ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ الرسول َ ﴿ : يا أي ّ َ
سِليما ً ﴾ . تَ ْ
ه صح ذلك عند الترمذي :أ ُ
ي بن كعب – رضي الل ُ ن أب َ ّ ّ ّ ّ
ل لك من صلتي ؟ م أجع ُ ه – قال :يا رسول اللهِ ،ك ْ عن ُ
قال )) :ما شئت (( .قال :الربع ؟ قال )) :ما شئت ،
ن زدت فخي ٌْر (( .قال :الث ُّلثْين ؟ قال )) :ما شئت ، وإ ْ
ل لك صلتي كلّها ؟ قال : ن زدت فخيٌر (( .قال :أجع ُ وإ ْ
مك (( . كفى ه ّ ن ُيغفُر ذنُبك ،وت ُ ْ )) إذ ْ
ل بالصلةِ والسلم ِ على سيدِ م يزو ُ ن اله ّ وهنا الشاهد ُ ،أ ْ
ه ي صلةً واحدةً صّلى الل ُ ن صّلى عل ّ ق )) :م ْ ْ
الخل ِ
ي ليلة ة عل ّ كثروا من الصل ِ شرا ً (( )) .أ ِ ع ْ ه بها َ علي ِ
ل تحزن
174
ةم معروض ٌ ن صلتك ْ ة ،فإ ّ ة ويوم الجمع ِ الجمع ِ
مت ؟! -أي ض عليك صلُتنا وقد ْ أر ْ ي(( .قالوا :كيف ُتعر ُ عل ّ
ن تأكل ضأ ْ م على الر ِ ن الله حر ّ بليت -قال)) :إ ّ
ن للذين يقتدون به ويّتبعون النور ء(( .إ ّ أجساد النبيا ِ
ة
علوّ قدِره ورفع ِ ه نصيبا ً من انشراِح صدِره و ُ ل مع ُالذي أ ُن ْزِ َ
ذكرهِ .
ل هي ل الصلةِ على الرسو ِ ن تيمية :أكم ُ ل اب ُيقو ُ
مد ٍ ل على محمدِ وعلى آل مح ّ ة :اللهم ص ّ الصلة ُ البراهيمي ُ
ك على كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ،وبار ْ
ل كت على إبراهيم وعلى آ ِ ل محمدٍ كما بار ْ محمد ٍ وعلى آ ِ
إبراهيم في العالمين .إنك حميد ٌ مجيد ٌ .
نسينا في وداِدك م أغلى ما فأنت اليو َ
ل
تك ِْ
م م على ك ُ ّ
محب ّ ِغا
ل ُنل ُ مل َد َي ْ َ
نا
وما لنا شرفا ً نل ُ
ويكفي
**************************************** علينا
ر
صدْ ِ
ة في ال ّ
سع ٌ
ة َ
دق ُ
ص َ
ال ّ
م ل اله ّ ب السعادة ويزي ُ ل في عموم ِ ما يجل ُ ويدخ ُ
ر
ن ،من الصدقةِ والب ِّر ولسدا َِء الخي ِ ل الحسا ِ والكدر :فع ُ
قوا ْ ف ُ صد ُْر ﴿ ،أن ِ سعُ بهِ ال ّ ن ما ُيو ّ ن أحس ِ ن هذا م ْ س ،فإ ّ للنا ِ
ت﴾. قا ِ صدّ َ مت َ َوال ْ ُ ن َ قي َ صد ّ ِ مت َ َ وال ْ ُ كم﴾ َ ﴿ ، قَنا ُ ما َرَز ْ م ّ ِ
ن، جّبتا ِ م برجلْين عليهما ُ ل والكري ُ وقد ْ وصف البخي ُ
ة والد ّْرعُ سعُ عليه الجب ّ ُ ل ،فتتو ّ م ُيعطي ويبذ ُ ل الكري ُ فل يزا ُ
ك ويمنعُ ، ل يمس ُ ل البخي ُ من الحديد ِ حتى يعُفوَ وأثُره ،ول يزا ُ
ل مث َ ُ و َ ه!﴿ َ ه حتى تضيق عليهِ روح ُ فتتقّلص عليهِ ،فتخنق ُ
وت َث ِْبيتا ً َ
ه َ ت الل ّ ِ ضا ِ مْر َ غاء َ م اب ْت ِ َ ه ُ وال َ ُ م َنأ ْ قو َ ف ُ ن ُين ِ ذي َ ال ّ ِ
ل َ فسهم ك َمث َل جن ّة بربو َ َ
ت فآت َ ْ واب ِ ٌ ها َ صاب َ َ ةأ َ َ ِ َ ٍ ِ َ ْ َ ٍ ن أن ُ ِ ِ ْ م ْ ّ
فط َ ّ ُ
ل ﴾ .وقال ل َ واب ِ ٌ ها َ صب ْ َ م يُ ِ فِإن ل ّ ْ ن َ في ْ ِ ع َ ض ْ ها ِ أك ُل َ َ
ك﴾. ق َ عن ُ ِ ة إ َِلى ُ غُلول َ ً م ْ ك َ ل ي َدَ َ ع ْ ج َول َ ت َ ْ سبحانه وتعالى َ ﴿ :
ق
ن البخلء أضي ُ ل اليد ِ ،وإ ّ نغ ّ ل الروِح جزٌء م ْ نغ ّ إ ّ
ل، ل اللهِ عّز وج ّ س صدورا ً وأخلقا ً ؛ لنهم بخُلوا بفض ِ النا ِ
ل تحزن
175
ب للسعادةِ ، ن ما يعطونه الناس إنما هو جل ٌ ولو عملوا أ ّ
قْرضا ً ه َ ضوا الل ّ َ ر ُ ق ِ ل الخي ّرِ ِ ﴿ ،إن ت ُ ْ لسارعوا إلى هذا الفع ِ
م﴾. فْر ل َك ُ ْ غ ِ وي َ ْ م َ ه ل َك ُ ْ ف ُ ع ْضا ِ سنا ً ي ُ َ ح َ َ
هس ِ ف ِ ح نَ ْ ش ّ من ُيوقَ ُ و َ وقال سبحانه وتعالى َ ﴿ :
َ ُ
ن﴾ قو َ ف ُ م ُين ِ ه ْ قَنا ُ ما َرَز ْ م ّو ِن﴾َ ﴿، حو َ فل ِ ُ م ْ م ال ْ ُه ُ ك ُول َئ ِ َ
فأ ْ
ل ه أعطاك فابذ ْ الل ُ ة
ل عاري ٌ فالما ُ
ه
عطيت ْ ِ
ن كالماِء إ ن
م ْ ل ِ الما ُ ب لْحاذ ُ ُ يجُررِ ريع ّ والعم نيأس ْ
م: ه حات ُ قيل ُ س سوا ِ
يقو تحب ْ لمنه سلسا ُ
م الغيب أما والذي ل يعل ُ وُيحيي العظام البيض
ت أطوي غيرهُ
البطن لقد ْ كن ُ
ممُ مخافة يوم أ ْ وهي رمي
ن ُيقال لئي ُ ٍ
يشتهىوأن ضيوفا ً ، والزاد ُ ُ ن تستضيف له ن هذا الكريم يأمُر امرأته أ ْ إ ّ
ل: تنتظر رّواده ليأكلوا معه ،ويؤانسوه ُ ليشرح صدره ُ ،يقو ُ
ت الزاد إذا ما صنع ِ ت أكول ً فإني لس ُ
ة ه فالتمسي ل ُ وحدي لهآك ُ م يقو ُ
وهي معادل ٌ ن فلسفته الواضحة ، ُ يعل وهو ل لها ث ّ
ة سافرة ٌ : حسابي ٌ
أريني كريما ً مات فيرضى فؤادي أو
بخيل ً
ص ه ُينق ُ ه ُ إنفاقُ ِحين ل ِ قب ْ
لِ ن؟ ه به ْم
في عمرِ صاح ِ ِ مخلدّا يزيد ُ لمعُ الما ِ لج ْ ه ْ
ح. من أجِله ؟ ليس بصحي ٍ
***************************************
ب
ل تغض ْ
عذْ ِبالل ّ ِ
ه ست َ ِ فا ْ ن ن َْز ٌ
غ َ شي ْ َ
طا ِ ن ال ّ
م َ
ك ِغن ّ َ
ما َينَز َ
وإ ِ ّ
﴿ َ
م﴾. عِلي ٌ
ع َ مي ٌس ِ
ه َ إ ِن ّ ُ
ب،ل أوصى أحد أصحابه فقال )) :ل تغض ْ
ب (( . ب ،ل تغض ْ تغض ْ
ن يستعيذ باللهِ من ل عنده فأمرهُ أ ْ وغضب رج ٌ
ن الرجيم ِ . الشيطا ِ
ل تحزن
176
ن َ عوذُ ب ِ َ وأ َ ُ
ن ﴾ ﴿ ،إِ ّ ضُرو ِ ح ُ ب أن ي َ ْ ك َر ّ وقال تعالى َ ﴿ :
ن ت َذَك ُّروا ْ طا ِشي ْ َ ن ال ّ م َ ف ّ طائ ِ ٌ م َ ه ْس ُ م ّ ذا َ قوا ْ إ ِ َ
ن ات ّ َ
ذي َ ال ّ ِ
ن ﴾. صُرو َ مب ْ ِهم ّ ذا ُ فإ ِ ََ
ب ،وله حد ّةُ والغض ُ م والحزن ال ِ ث الك َد ََر واله ّ ما يورِ ُ نم ّ إ ّ
أدواٌء عند المصطفى .
ب ﴿ ، ض ِ ك الغَ َ منها :مجاهدةُ الطبِع على تر ِ
ن﴾ فُرو َ غ ِم يَ ْ ه ْ ضُبوا ُ غ ِ ما َ ذا َ وإ ِ َ
ظ﴾ َ ﴿، غي ْ َ
ن ال ْ َ مي َكاظِ ِ وال ْ َ َ
.
ب جمرة ٌ من النارِ ،والناُر ض َ ن الغَ َ ومنها :الوضوُء ،فإ ّ
ن (( ، يطفُئها الماُء )) ،الطهوُر شطُْر اليما ِ
ن (( . ح المؤم ِ )) الوضوءُ سل ُ
ومنها :إذا كان واقفا ً أن يجلس ،وإذا كان جالسا ً أن
يضطجع .
ضب . م إذا غ ِ ن يسكت فل يتكل ُ منها :أ ْ
ظهم ، ومنها أيضا ً :أن يتذكر ثواب الكاظمين لغي ِ
س المسامحين . والعافين عن النا ِ
***************************************
ي
وْردٌ صباح ّ
ِ
م عليه ك ّ
ل صباٍح ، وسوف أخبُرك بوْرد من الذكارِ تداو ُ
س
ن الن ِن شّر شياطي ِ ليجلب لك السعادة ،ويحفظك م ْ
مك حتى ُتمسي . صما ً ِ
طيلة يو ِ ن ،ويكون لك عا ِ
والج ّ
ت عنه
ح ْ
ة ،وهي التي ص ّ
ه الدعي ِ
ن هذ ِ
م ْ
:
ه ،ول ه ،والحمدُ لل ِ .1أصبحنا وأصبح المل ُ
ك لل ِ
ك وله ه المل ُ ه،ل ُحدَهُ ل شريك ل ُ و ْه َ
إله إل الل ُ
بء قديٌر .ر ّ ل شي ٍ الحمدُ ،وهو على ك ّ
خي َْر ما
ة،و َ خي َْر ما في هذه الليل ِ أسأُلك َ
ة وشّر ن شّر هذه الليل ِ بعدها ،وأعوذُ بك م ْ
ء
سو ِ
لو ُ ب أعوذُ بك من الكس ِ ما بعدها ،ر ّ
ل تحزن
177
ر ب في النا ِ ن عذا ٍ ب أعوذُ بك م ْ ر،ر ّ الكب ِ ِ
ر (( . ب في القب ِ وعذا ٍ
ة، ب والشهاد ِ م عالم الغي ِ ث )) :الله ّ .2وحدي ُ
ل شيء بك ّ ض،ر ّ ت والر ِ فاطر السماوا ِ
ن ل إله إل أنت ،أعوذُ بك وملِيكه ،أشهدُ أ ْ
ه، ن وشرك ِ ن شّر نفسي ،وشّر الشيطا ِ م ْ
ن أقترف على نفسي سوءا ً أو أجّره إلى وأ ْ
مسلم ٍ ((.
مه ه الذي ل يضّر مع اس ِ ث )) :بسم ِ الل ِ .3وحدي ُ
ء ،وهو ض ول في السما ِ شيءٌ في الر ِ
ت. م (( .ثلث مرا ٍ ع العلي ُ السمي ُ
دك وأشهدُ حملة ت أشه ُ م إني أصبح ُ )) .4الله ّ
قك أنك أنت شك وملئكتك وجميع خل ِ عر ِ
ه ل إله إل ّ أنت ،وحدك ل شريك لك ، الل ُ
دك ورسوُلك . (( أربع ن محمدا ً عب ُ وأ ّ
مرات .
ن أشرك بك شيئا ً م إني أعوذُ بك أ ْ )).5الله ّ
م((. م ،وأستغفُرك لما ل أعل ُ وأنا أعل ُ
ة
ة السلم ِ ،وعلى كلم ِ طر ِ ف ْ )).6أصبحنا على ِ
د ، وعلى ن نبّينا محم ٍ ص ،وعلى دي ِ الخل ِ
ة أبينا إبراهيم حنيفا ً مسلما ً وما كان من مل ّ ِ
المشركين (( .
ه ،ورضا ق ِ خل ْ ِ عدَدَ َ هَ : ه وبحمد ِ )).7سبحان الل ِ
ه (( .ثلث مداد كلمات ِ ِ ه،و ِ ش ِ زنه عر ِ ه،و ِ س ِنف ِ
ت. مرا ٍ
ه َرب ّا ً ،وبالسلم دينا ً ، ت بالل ِ )).8رضي ُ
ت. د نبيا ً (( .ثلث مرا ٍ وبمحم ٍ
ن شُر ما تم ْ ما ِه التا ّ ت الل ِ )).9أعوذُ بكلما ِ
ق (( .ثلثا ً في المساء . خل َ َ َ
ل تحزن
178
حياحنا ،وبك أمسنا ،وبك ن ْ م بك أصب ْ )).10الله ّ
ت ،وإليك النشوُر (( . ،وبك نمو ُ
ه
ه،ل ُ ه وحده ل شريك ل ُ )).11ل إله إل الل ُ
ء قديٌر ل شي ٍمدُ ،وهو على ك ّ ه الح ْ
ك ول ُمل ْ ُ
ال ُ
(( .مائة مرة .
*********************************
وقفـــة
نن القّيم )) :أجمع العارفون بالله على أ ّ ل اب ُ يقو ُ
سك ،وُيخّلي بينك وبينها . ه على نف ِ ن يكلك الل ُ ذلن :أ ْ خ ْ
ال ِ
سك . ه إلى نف ِ كلك الل ُ نلي ِ والتوفيقُ أ ْ
ل العبد ُ في فالعبيد ُ متقّلبون بين توفيقهِ وخذلن ِهِ ،ب ِ
ن هذا وهذا ،فيطيعهِ وُيرضيهِ ، ل نصيبه م ْ الساعةِ الواحدةِ ينا ُ
طهخ ُ س ِ قه له ،ثم يعصيهِ ويخالُفه ،وي ُ ْ ويذكُره ويشكُره بتوفي ِ
ذلن ِهِ . خ ْل عنه بخذلن ِهِ له ،فهو دائٌر بين توفيِقه و ِ ويغف ُ
دة ش ّ
فمتى شِهد العبد ُ هذا المشهد وأعطاهُ حّقه ،عِلم ِ
ة
ل لحظ ٍ س وك ّل ن ََف ٍ ضرورِته وحاجِته إلى التوفيق في ك ّ
ن إيمانه وتوحيده بيدِهِ تعالى ،لو تخّلى عنه ن ،وأ ّ وطْرفةِ عي ْ ٍ
ت سماُء إيمان ِهِ على خّر ْده ،ول َش توحي ِل عَْر ُ ن ل َث ُ ّ
طرفة عي ٍ
ن تقع ن يمسك السماء أ ْ ن الممسك له :هو م ْ ض ،وأ ّ الر ِ
ض إل بإذن ِهِ (( . على الر ِ
*****************************************
ب المبار ُ
ك ن ..الكتا ُ
القرآ ُ
ب اللهِ ب السعادةِ وانشراِح الصدرِ قراءةُ كتا ِ ن أسبا ِ وم ْ
ف كتابه بأنه هدىً ونوٌر ص َن الله وَ َ ل ،فإ ّ م ٍن وتأ ّ بتدب ّرٍ وتمعّ ٍ
كم جاءت ْ ُ قد ْ َ ةَ ﴿ ، وشفاٌء لما في الصدوِر ،ووصفه بأنه رحم ٌ
فَل ر ﴾ ﴿ ،أَ َ ِ دو ص ُفي ال ّ ما ِ فاء ل ّ َ ش َ و ِم َ من ّرب ّك ُ ْ ة ّعظ َ ٌ و ِ م ْ
ّ
َ َ َ
فل َ ها﴾ ﴿ ،أ َ فال ُ َق َبأ ْ قُلو ٍ عَلى ُ م َ نأ ْ قْرآ َ ن ال ْ ُي َت َدَب ُّرو َ
دوا ْ ج ُ و َه لَ َر الل ّ ِ غي ْ ِد َ عن ِن ِ م ْ ن ِكا َ و َ ول َ ْ
ن َ قْرآ َ ن ال ْ ُي َت َدَب ُّرو َ
ل تحزن
179
كمَباَر ٌ ك ُ ب َأنَزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ لفا ً ك َِثيرا ً ﴾ ﴿ ،ك َِتا ٌ خت ِ َ ها ْ في ِِ
ه﴾. ل ّي َدّب ُّروا آَيات ِ ِ
ل به ، ك في تلوت ِهِ ،والعم ِ ل العِل ْم ِ :مبار ٌ ض أه ِ قال بع ُ
ط منه . مه والستنبا ِ وتحكي ِ
ه، ه إل الل ُ م ل يعلم ُ ت بغ ّ س ُ وقال أحد ُ الصالحين :أحس ْ
ت أتلو ،فزال عني – ت المصحف وبقي ُ م مقيم ٍ ،فأخذ ُ وبه ّ
ه سرورا ً وحبورا ً مكان م ،وأبدلني الل ُ والله – فجأةً هذا الغ ّ
َ
م﴾، و ُ ق َ يأ ْ ه َ دي ل ِل ِّتي ِ ه ِ ن يِ ْ قْرآ َ ذا ال ْ ُ هـ َن َ ذلك الكدرِ ﴿ .إ ِ ّ
سل َم ِ ﴾ ﴿ ، ل ال ّ سب ُ َ ه ُ وان َ ُ ض َ ر ِْ عن ات ّب َ َ ِ مه َ ه الل ّ ُ دي ب ِ ِه ِ ﴿ يَ ْ
رَنا ﴾ . م ك روحا ً من أ َ َ ي َ ل إ نا َ ي ح و ك أَوك َذَل ِ َ
ِ ْ ْ ّ ُ ْ ِ ْ َ ْ َ
****************************************
ة
ص على الشهر ِ ل تحر ْ
م
ر واله ّة من الكد ِن لها ضريب ً
فإ ّ
م
والغ ّ
ت القلب ويكد ُّر صفاءه واستقراره وهدوءه : مما يشت ُ
س َ ﴿ ،ل ب رضا النا ِ ص على الظهورِ والشهرةِ ،وطل ِ الحر ُ
سادا ً ﴾ . وَل َ َ ْ وا ً ِ
ف َ ض َ في الْر ِ عل ُ ّ ن ُ
دو َ ري ُ يُ ِ
ل: دهم بالمقاب ِ ولذلك قال أح ُ
ن أخمل النفس م ْ َ ت طاويا ً منها ولم يب ْ
توحها ْ
اشتد ّ إذا ور ّ أحياها ن الرياح إ ّ ر
على ضج ِ
سوى فليس ترمي
عواصُفها ر
الشج ِ ن العالي م
راءى َ
ه
ُ الل مع ّ س مع ّ س ن
ْ وم ، ه
ِ ب ه
ُ الل راءى ن))م ْ
َ
مادوا ْ ب ِ َ م ُ ح َ ن أن ي ُ ْ حّبو َ وي ُ ِ
س﴾ّ ﴿، ن الّنا َ ؤو َ ه(( ﴿ .ي َُرآ ُ ب ِ
هم ر ِ من ِدَيا ِ جوا ْ ِ خَر ُ ن َ ذي َكال ّ ِ
كوُنوا ْ َ ول َ ت َ ُ عُلوا ْ ﴾ َ ﴿ ، م يَ ْ
ف َ لَ ْ
س﴾.رَئاء الّنا ِ و ِ طرا ً َ بَ َ
ف
ش ّ ب الرياِء ي ِ ثو ُ ه
فإذا الْتحْفت ب ِ
هما تحت ُ ع ّ
*********************************** فإّنك عاري
ة
الحياةُ الطيب ُ
ل تحزن
180
ب ن أعظم هذه السبا ِ من القضايا الكبرى المسّلمةِ أ ّ
ب ن باللهِ ر ّ ب السعادةِ هو اليما ُ التي أكتُبها هنا في جل ِ
ت والفوائد التي ن السباب الخرى والمعلوما ِ العالمين ،وأ ّ
ن باللهِ ، ص ولم يحص ْ جمعت إذا ُ
ل على اليما ِ ٍ لشخ ت
ْ أهدي ْ
ب ن تنفعه أبدا ً ،ول تفيده ،ول يتع ْ حْز ذلك الكْنز ،فل ْ ولم ي ُ
ث عنها . نفسه في البح ِ
ن باللهِ رب ّا ً ،وبمحمدٍ نبي ّا ً ،وبالسلم دينا ً ن الصل اليما ُ إ ّ
ِ
.
ل الشاعُر : ل إقبا ُ يقو ُ
ن له إنما الكافُر حيرا ُ وأرى المؤمن كونا ً
ه
قُ ِ:تي ﴿ ْ الفا ت الفاقُ فِيه تاه ِ
ن َ ْ م سبحانه بنا ّ ر لُ قو ، ُ ق أصد و ذلك ن ْ م موأعظ ُ
ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ
ه حي ِي َن ّ ُ فل َن ُ ْ ن َ م ٌؤ ِم ْو ُ ه َ و ُ و أنَثى َ ٍ ْ ّ م َ َ ع ِ
َ
كاُنوا ْ َ َ
ما َ ن َ س ِ ح َ هم ب ِأ ْ جَر ُ
مأ ْ ه ْزي َن ّ ُ ول َن َ ْ
ج ِ ة َ حَياةً طَي ّب َ ً َ
ن﴾. مُلو َ ع َيَ ْ
وهناك شرطان :
مُنوا نآ َ ذي َن ال ّ ِح ﴿ ،إِ ّل الصال ُ م العم ُن باللهِ ،ث ّ
اليما ُ
ودّا ً ﴾ .
ن ُم ُ ح َم الّر ْ ه ُل لَ ُ
ع ُ
ج َ
سي َ ْ
ت َحا ِ مُلوا ال ّ
صال ِ َ ع ِ
و َ
َ
وهناك فائدتان :
م عند ة في الدنيا والخرةِ ،والجُر العظي ُ الحياةُ الطيب ُ
ة الدّن َْيا في ال ْ َ
حيا ِ م ال ْب ُ ْ
شَرى ِ ه وتعالى ﴿ ل َ ُ
ه ُ اللهِ سبحان ُ
ة﴾. خَر ِفي ال ِ و ِ
َ
********************************
حك
البلءُ في صال ِ
ث ،ففي ث بالكوار ِ ب ،ول تكتر ْل تجزعْ من المصائ ِ
ب قوما ً ابتلهم ،فم ُ
ن ث )) :إن الله إذا أح ّ الحدي ِ
ه السخ ُ
ط (( . فل َ ُن سخط َ ه الرضا ،وم ْ رضي فل ُ
ل تحزن
181
**************************************
ن والتسليم ِ
ة الذعا ِ
عبودي ُ
﴿ ن ترضى بالقدرِ خيرهِ وشّرهِ ، نأ ْ ن لوازم ِ اليما ِ وم ْ
ن م َ ص ّ ق ٍ ون َ ْع َ جو ِ وال ْ ُ ف َ خو ْ ن ال ْ َ م َ ء ّ ي ٍش ْ م بِ َ ون ّك ُ ْ ول َن َب ْل ُ َ َ
والن ُ َ
ن
ن﴾.إ ّ ري َ صاب ِ ِ ر ال ّ ش ِ وب َ ّ ت َ مَرا ِ والث ّ َ س َ ف ِ ل َ وا ِ م َ ال َ
فت على رغباِتنا دائما ً وإنما بقصوِرنا ل نعر ُ القدار ليس ْ
ح، سنا في مقام ِ القترا ِ الختيار في القضاِء والقدرِ ،فل ْ
ولكننا في مقام ِ العبودي ّةِ والتسليم ِ .
ك ع ُ ك كما ُيو َ ُيبتلى العبد ُ على قدرِ إيمانه ُ )) ،أوع ُ
م س بلءً النبياءُ ،ث ّ ِ م (( )) ،أشدّ النا رجلن منك ْ
ُ
ن م َ عْزم ِ ِ وُلوا ال ْ َ صب ََر أ ْ ما َ صب ِْر ك َ َ فا ْ الصالحون (( َ ﴿ ،
ه (( ﴿ ، ب من ُ ه خيرا ً يص ْ هب ِ من يرِد الل ُ ل ﴾ َ )) ، س ِ الّر ُ
ن ري َ صاب ِ ِوال ّ م َ منك ُ ْ ن ِ دي َ ه ِ
جا ِ م َ م ال ْ ُ عل َ َحّتى ن َ ْ م َ ون ّك ُ ْ ول َن َب ْل ُ َ َ
ّ َ َ ُ
م ﴾. ه ْقب ْل ِ ِ من َ ن ِ ذي َ فت َّنا ال ِ قد ْ َ ول َ م ﴾َ ﴿، خَباَرك ُ ْ وأ ْ ون َب ْل َ َ
****************************************
من المارة إلى النجارة
ِ
ن خليفة – كان ن المأمون العباسي – أميٌر واب ُ يب ُ عل ّ
لسرةٌ ،فأط ّ ة مي ّن قصرا ً فخما ً ،وعنده ُ الدنيا مبذول ٌ يسك ُ
ة النهارِ ، طيل َ ح ِ ن شرفةِ القصرِ ،فرأى عامل ً يكد ُ ذات يوم ٍ م ْ
ضأ وصّلى ركعتين على شاطئ ِدجلة ، فإذا أضحى النهاُر تو ّ
ً
ب ذهب إلى أهِله ُ ،فدعاهُ يوما من اليام ِ فإذا اقترب الغرو ُ
ن ،وأنه ل ح عليه ّ ما ً يكد ُ
ة وأختين وأ ّ ه فأخبره أن له زوج ً فسأل ُ
ل مك ّ ق ،وأنه يصو ُ ه ول دخل إل ما يتكسُبه من السو ِ قوت ل ُ
ل تشكو ل ،قال :فه ْ ب على ما يحص ُ يوم ٍ وُيفطُر مع الغرو ِ
ب العالمين .فترك القصر ن شيٍء ؟ قال :ل والحمد ُ للهِ ر ّ م ْ
ت ،وترك المارة ،وهام على وجههِ ،وُوجد ميتا ً بعد سنوا ٍ
ه وجد ل في الخشب جهة خرسان ؛ لن ُ عديدةٍ وكان يعم ُ
ل تحزن
182
ن
ذي َ وال ّ ِ دها في القصرِ َ ﴿ ، السعادة في عمِله هذا ،ولم يج ْ
م ﴾ . ه ْ قوا ُ م تَ ْ ه ْ وآَتا ُ دى َ ه ً م ُ ه ْ وا َزادَ ُ هت َدَ ْ ا ْ
ف ،الذين كانوا في كرني هذه بقصةِ أصحاب الكه ِ يذ ّ
ت، دوا الضيقَ ،ووجدوا التشت ّ َ ك ،فوج ُ القصور مع المل ِ
ن القصر ،فذهبوا ، ن الكفر يسك ُ ب؛ل ّ ووجدوا الضطرا َ
وقال قائُلهم ْ َ ﴿ :
من كم ّ م َرب ّ ُ شْر ل َك ُ ْ ف َين ُ ه ِ ووا إ َِلى ال ْك َ ْ فأ ُ
فقا ً ﴾ . مْر َ ر ُ َ ئ لَ ُ
كم ّ م ِ نأ ْ م ْ كم ّ هي ّ ْ ّرحمته وي ُ َ
حت تخفقُ الريا ُ لبي ٌ ر
ص ٍ نق ْ م ْ ي ِ ب إل ّأح ّ
ن ... ميدا ُ ه
بفي ِ ط مع الحبا ِ خيا ِ م ال ِ س ّ ف َ مني ِ
ن ،ومع ب واليما ِ ل الضّيق مع الح ّ والمعنى :أن المح ّ
ف الدار ل الكثير )) ،جفاُننا لضيو ِ م ُ
المود ّةِ يّتسعُ ويتح ّ
ن (( . أجفا ُ
****************************************
ة
د مجالس ُ
ر والنك ِب الكد ِ
ن أسبا ِ
م ْ
ء
الثقل ِ
ل :الحمقى .وقيل ل البدِع .وقي َ قال أحمد ُ :الثقلُء أه ُ
ب ،البارد ُ في ف في المشر ِ ن الطبِع ،المخال ُ ل :هو ثخي ُ الثقي ُ
سن ّدَةٌ ﴾ ﴿ ،ل َ ي َ َ َ
ن دو َ كا ُ م َ ب ّ ش ٌ خ ُ م ُ ه ْ تصرفاِته ﴿ ،ك َأن ّ ُ
ديثا ً ﴾ . ح ِ ن َ هو َ ق ُ ف َ يَ ْ
ن نأ ّ ي فأظ ّ س إل ّ ن الثقيل ليجل ُ م:إ ّ ي عنه ْ قال الشافع ّ
ل في الجهةِ التي هو فيها. الرض تمي ُ
عّنا ف َ ش ْ ش إذا رأى ثقيل ً ،قال َ ﴿ :رب َّنا اك ْ ِ وكان العم ُ
ن﴾. مُنو َ ؤ ِم ْ ب إ ِّنا ُ ذا َ ع َال ْ َ
ن
م ْ ل بأس بالقوم ِ ِ مل وأحل ُ م الِبغا ِ س ُج ْ ِ
ن ِقصر م ْ ل :و ِ ُ
ً طو
قال ٍ ر
العصافي ِ
ة ٍالثقلِء مجالس ُ جالس ثقيل ، ن تيمية إذا وكان اب ُ
َ
في آَيات َِنا ن ِ ضو َ خو ُ ن يَ ُ ذي َ ت ال ّ ِ ذا َرأي ْ َ وإ ِ َمى الرب ِْعَ ﴿ ، ح ّ
ل م﴾ )) .مث ُ ه ْ ع ُم َ دوا ْ َ ع ُق ُ فل َ ت َ ْ م ﴾َ ﴿. ه ْ عن ْ ُض َ ر ْ ع ِ فأ َ ْ
َ
س
ل النا ِ من اثق ِ ن ِ ر(( .إ ّ ئ كنافخ الكي ِ س السي ّ ِ الجلي ِ
ل تحزن
183
ل ،الواقف مث ُ ِ ل الصغير في ال ُ ب العرِيّ من الفضائ ِ على القلو ِ
م ه ْع ُ م َ دوا ْ َ ع ُ ق ُ فل َ ت َ ْ على شهواِته ،المستسلم لرغباِتهَ ﴿ ،
م﴾. ه ْ مث ْل ُ ُم ِإذا ً ّ ه إ ِن ّك ُ ْ
ر ِ ث َ
غي ْ ِ دي ٍ ح ِ في َ ضوا ْ ِ خو ُ حّتى ي َ ُ َ
قال الشاعُر :
ل وثقي ٌ
ل أنت يا هذا ثقي ٌ ن
أنت في المنظرِ إنسا ٌ
جسمك ، لل ،فسّلم له وثقي ْ لابُتليت بثقي ٍ إذا ْ
الميزانِ :في وفي ُ
ن القيم ِ قال اب
ماء ، كه أذنا ً ص ّ ه وسافْر ،ومل ّ ْ ل عن ُ حك ،وانتق ْ وهاجْر برو ِ
ن م ْ ع َ وَل ت ُطِ ْ ه بينك وبينه َ ﴿ . وعْينا ً عمياَء ،حتى يفتح الل ُ
فُرطا ً َ أَ ْ
مُرهُ ُ نأ ْ كا َ و َ واهُ َ ه َع َ وات ّب َ َرَنا َ عن ِذك ِْ ه َ قل ْب َ ُفل َْنا َ غ َ
﴾.
**********************************
ب
ل المصائ ِ
إلى أه ِ
ه من ت صفي ّ ُ ن قبض ُ ث الصحيِح )) :م ْ في الحدي ِ
ه منه الجنة (( .رواه ه عوضت ُ سب َ ُ حت َ َ ما ْ ل الدُْنيا ث ّ أه ِ
البخاري .
ت في حياِتك وكان ْ فأنت اليوم أوع ُ
ظ
ه ) أي تي ْ ِ لي عظا ٌ
بحبيبت الصحيح ّا ً )) :من ابتليُته ث منك حي وفي الحدي ِ
مى ع َ ها َل ت َ ْ فإ ِن ّ َه ( عوضُته منهما الجنة (( َ ﴿ . عيني ْ ِ
ب ال ِّتي ِ قُلو ُ مى ال ْ ُ ول َ ِ َ
ر﴾. دو ِ ص ُ في ال ّ ع َكن ت َ ْ صاُر َ اْلب ْ َ
ل – إذا ن الله – عّز وج ّ ث صحيٍح )) :إ ّ وفي حدي ٍ
ة :قبضُتم ابن ن قال للملئك ِ د المؤم ِ قبض ابن العب ِ
م ثمرة م .قال :قبضُته ْ ن ؟ قاُلوا :نع ْ عبدي المؤم ِ
فؤاِده ؟ قالوا :نعم .قال :ماذا قال عبدي ؟ قالوا
ع .قال :اب ُْنوا لعبدي بيتا ً في ج َ ك واستر َ مد َ َ ح َ َ :
د (( .رواه الترمذي . م ِ ح ْ ت ال َ موه ب َي ْ َ ة ،وس ّ الجن ِ
رضوا م قُ ِ س يوم القيامةِ أّنه ْ وفي الثرِ :يتمّنى أنا ٌ
ب المصابين ﴿ . عقبى وثوا ِ ن ُ س ِ ح ْ ن ُ ما يرْون م ْ ض،ل ِ ِ بالمقار
فى الصابرون أ َ
مسل َ ٌ ب﴾َ ﴿، سا ٍ ح َ ر ِ َ ِْ ي غ
َ ِ ب هم ُ ر
َ ج
ْ َ ّ ِ ُ و ّ ما ي ُ َ إ ِن ّ َ
برا ً ﴾ ﴿ ، ص ْعل َي َْنا َ غ َ ر ْف ِم ﴾ َ ﴿ ،رب َّنا أ ْ صب َْرت ُ ْ ما َ كم ب ِ َ عل َي ْ ُ َ
ل تحزن
184
هعدَ الل ّ ِ و ْ ن َ صب ِْر إ ِ ّفا ْ ه﴾َ ﴿، ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ صب ُْر َما َ و َصب ِْر َ
وا ْ َ
ق﴾. ح ّ َ
ن عظم ِ البلِء ،وإ ّ ن ِ م الجزاِء م ْ عظ َ َ ن ِ ث )) :إ ّ وفي الحدي ِ
ن ه الّرضا ،وم ْ ن رضي فل ُ م ،فم ْ ب قوما ً ابتله ْ الله إذا أح ّ
ط (( .رواه الترمذي . خط فُله السخ ُ س ِ
ل :الصبَر والقدَر والجَر ،وليعلم ِ ب مسائ َ ن في المصائ ِ إ ّ
ن الذي سلب هو ن الذي أخذ هو الذي أعطى ،وأ ّ العبد ُ ا ّ
ت إ َِلى َ َ ْ
ماَنا ِ دوا ْ ال َ م أن ُتؤ ّمُرك ُ ْ ه ي َأ ُ ن الل ّ َ الذي منح ﴿ ،إ ِ ّ
ها ﴾ . َ
هل ِ َ أ ْ
ل والهلون وما الما ُ ن ُترد ّ ولبد ّ يوما ً أ ْ
ة
إل وِديع ٌ
************************************ الودائعُ
مشاهد التوحيد
ل الذى من ن مشاهد ِ التوحيد ِ عند الذي ّةِ ) استقبا ِ نم ْ إ ّ
س ( أمورا ً : النا ِ
ب، و :وهو مشهد ُ سلمةِ القل ِ ف ِ ع ْأوُلها مشهدُ ال َ
ة زائدة ٌ . ب الخيرِ وهي درج ٌ ن آذاك ،وح ّ وصفائهِ ونقاِئه لم ْ
م ،فهي خي ْرِ والّنفِع له ،وهي درجة أعلى وأعظ ُ ل ال َ وإيصا ُ
م العفو ، ن آذاك ،ث ّ ن ل ُتؤذي م ْ ظ ،وهو :أ ْ تبدأ بكظ ْم ِ الغَي ْ ِ
ن
ن ،وهو :أ ْ ه .والحسا ِ ن تغفَر له زّلت ُ ه ،وأ ْ ن تسامح ُ وهو أ ْ
نمي َ كاظِ ِ وال ْ َ تبادله مكان الساءةِ منه إحسانا ً منك َ ﴿ ،
ن﴾، سِني َ ح ِ م ْ ب ال ْ ُ ح ّ والل ّ ُ
ه يُ ِ س َ ن الّنا َ ِ عَ ِ ن َ في َ عا ِوال ْ َ ظ َ غي ْ َ
ال ْ َ
فوا ع ُ ول ْي َ ْ ه﴾َ ﴿، عَلى الل ّ ِ جُرهُ َ فأ ْ ح َصل َ َوأ ْ فا َ ع َ
ن َ م ْ ف َ ﴿ َ
حوا ﴾ . ف ُ ص َ ول ْي َ ْ َ
ن لم ْ ص َ نأ ِ ن الله أمرني أ ْ وفي الثرِ )) :إ ّ
ن ُ
ن أعطي م ْ ن ظلمِني وأ ْ م ْ ن أعفو ع ّ قطعني ،وأ ْ
مِني (( . حَر َ َ
ن تعلم أنه ما آذاك إل بقضاٍء ء :وهي أ ْ ومشهدُ القضا ِ
ن المقدر ب ،وأ ّ ب من السبا ِ ن العبد سب ٌ من اللهِ وقَد َرٍ ،فإ ّ
ذعن لمولك . م وت ُ ْ ه ،فتسل ّ َ والقاضي هو الل ُ
ل تحزن
185
ن ن هذا الذى كفارة ٌ م ْ ة :وهي أ ّ ومشهدُ الكفار ِ
ة لدرجاِتك ﴿ ، ن سيئاِتك ،ومحوٌ لزل ِّتك ،ورفع ٌ طم ْ ذنوبك وح ّ
في ذوا ْ ِ وُأو ُ م َ ه ْ ر ِ ِ يا َ د
ِ من ِ ْ ا جو ُ ر
ِ خْ هاجروا ْ وأ ُ
َ ن َ َ ُ ذي َ فال ّ ِ َ
قت ُِلوا ْ ل ُ
م﴾. ه ْ ِ ِ ت ئا َ ّ ي سَ م ْ هُ ْ ن ع
َ ن ّ ر َ ف ّ َ ك و ُ قات َُلوا ْ َ و َ سِبيِلي َ َ
ل من الحكمةِ التي يؤتاها كثيٌر من المؤمنين ،ن َْزع ُ فتي ِ
َ
ك ذي ب َي ْن َ َ ذا ال ّ ِ فإ ِ َ ن َ س ُ ح َ يأ ْ ه َ ع ِبال ِّتي ِ ف ْ العداوةِ ﴿ ،ادْ َ
َ
ن مم ْ م ﴾ )) ،المسل ُ مي ٌ ح ِ ي َ ول ِ ّ ه َ وةٌ ك َأن ّ ُ دا َ ع َه َ وب َي ْن َ ُ َ
ه (( . ن لساِنه ويد ِ سِلم المسلمون م ْ
ق ن آذاك ب ِِبشر وبكلمةٍ لينةٍ ،وبوجهٍ طلي ٍ أيْ :أن ت َل َْقى م ْ
قل و ُ مة ﴿ َ ه أتون العداوةِ ،وتطفئ نار الخصو ِ ،لتنزع من ُ
شي ْ َ َ
غ ن َينَز ُ طا َ ن ال ّ ن إِ ّ س ُ ح َ يأ ْ ه َ قوُلوا ْ ال ِّتي ِ عَباِدي ي َ ُ لّ ِ
م﴾. ه ْ ب َي ْن َ ُ
نشرِ إ ّ كن رّيق الب ِ ْ ٌ ة وعليها صحيف ٌ
هيؤذيك : نت ُ ُ شيم ْ أذى م حّر في ُ مشاهدِ التوحيدِ ال ن عنوا ُ ن
وم ْ شُر الب ِ ْ
ط ن هذا لم ُيسل ّ ِ س :وهو ا ّ النف ِ مشهد ُ معرفةِ تقصيرِ
َ َ
د
ق ْ ة َ صيب َ ٌ م ِ كم ّ صاب َت ْ ُ ما أ َ ول َ ّ ب منك أنت ﴿ ،أ َ عليك إل بذنو ٍ
د عن ِ ن ِ م ْ و ِ ه َ ل ُ ق ْ ذا ُ هـ َ م أ َّنى َ قل ْت ُ ْ ها ُ مث ْل َي ْ َ صب ُْتم ّ أ َ
َ
َ أ َن ْ ُ
ت سب َ ْ ما ك َ َ فب ِ َ ة َ صيب َ ٍ م ِ من ّ كم ّ صاب َ ُ ما أ َ و َ م﴾َ ﴿، سك ُ ْ ف ِ
َ
م ﴾ ديك ُ ْ أي ْ ِ
ه
م ،وهو مشهد ٌ تحمد ُ الله علي ِ وهناك مشهد ٌ عظي ٌ
ن جعلك مظلوما ً ل ظالما ً . وتشكُره ،وهو :أ ْ
م اجعْلني مظلوما ً ل ل :الله ّ ف كان يقو ُ ض السل ِ وبع ُ
ت سط َ ي آدم ،إذ قال خيُرهما ﴿ :ل َِئن ب َ َ ظالما ً .وهذا كابن ْ ْ
قت ُل َ َ ك َل َ ْ ي إ ِل َي ْ َ َ
ك د َ ط يَ ِ س ٍ ما أن َا ْ ب َِبا ِ قت ُل َِني َ ك ل ِت َ ْ ي ي َدَ َ ّ إ ِل َ
ن﴾. مي َ عال َ ِ ب ال ْ َ ه َر ّ ف الل ّ َ خا ُ إ ِّني أ َ َ
ف آخُر ،وهو :مشهد ُ الرحمةِ وهو : وهناك مشهد ٌ لطي ٌ
ن إصراره على ة ،فإ ّ ه يستحقّ الرحم َ ن آذاك ،فإن ُ مم ْ ح َ إن تْر َ
الذى ،وجرأته على مجاهرةِ اللهِ بأذيةِ مسلم ٍ :يستحقّ أن
ن تنقذه من هذا )) ،انصْر أخاك ه ،وأ ْ م ُ ح َ ن تر َ ه ،وأ ْ ترقّ ل ُ
ظالما ً أو مظلوما ً (( .
ل تحزن
186
ضهِ وفي ابنت ِهِ عائشة ، عْر ِ ح أبا بكرٍ في ِ سط َ ٌ م ْ ما آذى ِ ول ّ
ح ،وكان فقيرا ً ينفقُ عليه حلف أبو بكرٍ ل ينفقُ على مسط ْ ٍ
وُلوا ال ْ َ ُ
م منك ُ ْ ل ِ ض ِ ف ْ لأ ْ وَل ي َأت َ ِ هَ ﴿: أبو بكرٍ ،فأنزل الل ُ
ُ ة َأن ي ُ ْ
ن كي َ سا ِ م َ وال ْ َ قْرَبى َ وِلي ال ْ ُ ؤُتوا أ ْ ع ِ س َ وال ّ َ
حوا أَلَ
ف ُ ص َ ول ْي َ ْ فوا َ ع ُ ول ْي َ ْ ه َ ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ ن ِ ري َ ِ ج
ها ِ وال ْ ُ
م َ َ
ُ َ
ب أن ح ّ م ﴾ .قال أبو بكرٍ :بلى أ ِ ه ل َك ُ ْ فَر الل ّ ُ غ ِ ن أن ي َ ْ حّبو َ تُ ِ
ه. ه لي .فأعاد له النفقة وعفا عن ُ يغفَر الل ُ
ن لعمر :هيهِ يا عمُر ؟ والله ما ص ٍ ح ْ ن ِ هب ُ وقال عيين ُ
م به عمُر ،فقال ل .فه ّ م فينا بالعد ْ ِ ل ،ول تحك ُ جْز َ تعطينا ال َ
ذخ ِ ن الله يقول ُ ﴿ : ن قيس :يا أمير المؤمنين ،إ ّ الحّر ب ُ
ن ﴾ ،قال : هِلي َ جا ِ ن ال ْ َ ع ِ ض َ ر ْ ع ِ وأ َ ْ ف َ عْر ِ مْر ِبال ْ ُ وأ ُ
فو ْ
ع ْ َ َ ال ْ َ
ب اللهِ . فواللهِ ما جاوزها عمُر ،وكان وّقفا ً عند كتا ِ
م و َ م ال ْي َ ْ عل َي ْك ُ ُ ب َ ل ل َ ت َث َْري َ قا َ ف إخوت ِهِ َ ﴿ : س ُ وقال يو ُ
َ
ن﴾ . مي َ ح ِ م الّرا ِ ح ُ و أْر َ ه َ و ُ م َ ه ل َك ُ ْ فُر الل ّ ُ غ ِ يَ ْ
ن كفاِر ن آذاه ُ وطرده وحاربه م ْ وأعلنها في المل ِ فيم ْ
م الطلقاءُ (( قالها يوم قريش ،قال )) :اذهُبوا فأنت ُ
ة ،إّنما ع ِ صَر َ ث )) :ليس الشديدُ بال ّ ي الحدي ِ الفتِح ،وف ِ
ب (( . ك نفسه عندَ الغض ِ الشديدُ الذي يمل ُ
ك: ن المبار ِ قال اب ُ
إذا صاحبت قوما ً م كذي كن له ُ ف ْ
لّ أهل كوُد ول تأخذ ْ بزل ّةِ ق
نالزما ِ فيالشفي حم ِ الّر
فتبقى ِ
ٍ قوم ق ِ بل رفي
ن أخطأ ضهم :موجود ٌ في النجيل :اغفْر لم ْ قال بع ُ
عَلى َ َ
جُرهُ َ فأ ْ ح َ صل َ َوأ ْ فا َ ع َ ن َ م ْ ت﴿ َ عليك مرةً سبع مرا ٍ
ه﴾ الل ّ ِ
ت، ن أخطأ عليك مرةً فكّرْر عليه العَْفوَ سبع مرا ٍ أيْ :م ْ
ن صم ْ صا َ ن الَق َ ضك ،ويرتاح قلُبك ،فإ ّ عْر ُ ليسلم لك ديُنك و ِ
ضك ، عر ِ ن ِ ن راحِتك وم ْ مك وم ْ ن نو ِ مك ،وم ْ ند ِ أعصاِبك وم ْ
وليس من الخرين .
ل تحزن
187
ل لهم » :الذي يقهُر نفسه :أشجعُ من قال الهنود ُ في مث ٍ
َ
ء إ ِل ّ َ
ما سو ِ ماَرةٌ ِبال ّ
سل ّ ن الن ّ ْ
ف َ ة « ﴿ .إِ ّح مدين ً
الذي يفت ُ
ي﴾. م َرب ّ َح ََر ِ
**********************************
ة
وقفـــ ٌ
ه
ل التوحيدِ والتنزي ِ ن كما ِ ن فيها م ْ ن ،فإ ّ » أما دعوةُ ذي النو ِ
ن أبلغ ف العبد ِ بظلمهِ وذنبه ،ما هو م ْ ب تعالى ،واعترا ِ للر ّ
ل إلى اللهِ سبحانه م ،وأبلغ الوسائ ِ م والغ ّ ب واله ّ أدويةِ الكر ِ
ل ن إثبات ك ّ منا ِ ه وتض ّ ن التوحيد والتنزي َ في قضاِء الحوائِج فإ ّ
ف ل عنه .والعترا ُ ب وتمثي ٍ ص وعي ٍ ل نق ٍ ل للهِ ،وسلب ك ّ كما ٍ
ب، ب والعقا ِ ن إيمان العبدِ بالشرِع والثوا ِ م ُ بالظلم ِ يتض ّ
ه إلى اللهِ ،واستقالته عثرته ، ب انكساره ورجوع ُ وُيوج ُ
والعتراف بعبوديتهِ وافتقاِره إلى رّبه فهاهنا أربعة أمورٍ قد ْ
ف ة ،والعترا ُ ه ،والعبودي ُ ل بها :التوحيد ُ ،والتنزي ُ س ُ وقع التو ّ
«.
شر الصابرين} {155ال ّذين إ َ َ
هم صاب َت ْ ُ
ذا أ َ ِ َ ِ ّ ِ ِ َ وب َ ّ ِ ﴿ َ
ن}{156 جعو َ ه َرا ِ وإ ِّنـا إ ِل َي ْ ِ ه َ قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِل ّ ِ ة َ صيب َ ٌ م ِ ّ
م وأوَلـئ ِ َ ُ صل َ عل َ َ ُأو َ
ه ُك ُ ة َ م ٌ
ح َ وَر ْ م َ ه ْ ِ ّ ب ر
ّ من ّ ت ٌ واَ َ م
ْ هِ ْ ي َ ك ِ ئ لـ
ن﴾. دو َ هت َ ُم ْ ال ُ ْ
**************************************
ن
ر والباط ِ
ن بالظاه ِ
اعت ِ
ف وشيٌء ب ،وهنا أمٌر لطي ٌ س بصفاِء الثو ِ صفاُء النف ِ
ن اتسخ ثوُبه ، ل:م ِ ن بعض الحكماءِ يقو ُ شريف ،وهو أ ّ
سه .وهذا أمٌر ظاهٌر . ت نف ُدر ْتك ّ
ر
ب اتساخ ثوْب ِهِ ،أو تغي ّ ِس يأتيهِ الك َد َُر بسب ِ وكثيٌر من النا ِ
ق عنده ،أو ط الورا ِ ب مكتبت ِهِ ،أو اختل ِ مهِ ،أو عدم ِ ترتي ِ
هندا ِ
ِ
ل تحزن
188
ن ُبني على ي ،والكو ُ جه اليوم ّ م ِده وبرنا ِ ب مواعي ِ اضطرا ِ
ن ،علم أنه جاء لتنظيم ِ دي ِ ف حقيقة هذا ال ّ ن ع ََر َ النظام ِ ،فم ْ
ل شيٍء رها وجليِلها ،وك ّ رها ،صغي ِ حياةِ العبدِ ،قليِلها وكثي ِ
ء﴾. ي ٍ ش ْ من َ ب ِ في الك َِتا ِ فّرطَْنا ِ ما َ ن﴿ ّ سبا ٍ ح ْ عنده ب ُ
ب ف يح ّ ن الله نظي ٌ ث عند الترمذيّ )) :إ ّ وفي حدي ٍ
النظافة (( .
ب ل يح ّ ن الله جمي ٌ وعند مسلم ٍ في الصحيِح )) :إ ّ
الجمال (( .
م مُلوا حتى تكونوا كأنك ْ ن )) :تج ّ ث حس ٍ وفي حدي ٍ
س (( . ن النا ِ ة في عيو ِ شام ٌ
ل
حل ِ يمشون في ال ُ ل إلى مشي الجما ِ
البخاري : جها س ُ وعند ْ فن المضاعِ .ل لالهتما ُ لب ُّزِ : ل ال جما ِ لِزأوال ُ
م بالغس ِ الجما ِ
ة أيام ٍ ل سبع ِ ن يغتسل في ك ّ ق على المسلم ِ أ ْ )) ح ّ
ه (( . ل فيه رأسه وجسم ُ يوما ً ،يغس ُ
ل لك ّ ض الصالحين يغتس ُ ل تقديرٍ .وكان بع ُ هذا على أق ّ
ل س ٌ غت َ َ م ْ ذا ُ ه َ هَ ﴿، ن عفان فيما ورد عن ُ يوم ٍ مرةً كعثمان ب ِ
ب﴾. شَرا ٌ و َ رد ٌ َ َبا ِ
ب، ص الشار ِ ل الفطرةِ :كإعفاِء اللحِية وق ّ ومنها خصا ُ
ك، وتقليم ِ الظافرِ ،وأخذِ الشعرِ الزائدِ من الجسم ِ ،والسوا ِ
س ،والعتناِء وال ّ
ف الملب ِ ن ،وتنظي ِ ل السنا ِ ب ،وتخلي ِ طي ِ
ح الخاطر .ومنها سعُ الصدر ويفس ُ ن هذا مما يو ّ بالمظهرِ ،فإ ّ
م فنوا فيه موتاك ْ ض )) ،البسوا البياض ،وك ّ س البيا ُِلب ُ
(( .
ل طّيبا ً رقاقُ النعا ِ ن يوم ُيحّيون بالّرْيحا ِ
تهم الملئكة )) ُإ ّ
ن جزا حُ : ضُ
س البيا ِ باب :لب ِ
ب س ِ السبايّ ِوقد عقد البخار
ض (( . م ِبي ٌ م عمائ ُ ض عليه ْ ب بي ٍ ل بثيا ٍ تنز ُ
ت، م الوق ِ ب المواعيدِ في دفترٍ صغيرٍ ،وتنظي ُ ومنها ترتي ُ
ت ت للمطالعةِ ،ووق ٌ ت للعبادةِ ،ووق ٌ ت للقراءةِ ،ووق ٌ فوق ٌ
ل تحزن
189
عندََنا ء إ ِل ّ ِ ي ٍ من َ للراحة ﴿ ،ل ِك ُ ّ َ
ش ْ وِإن ّ ب﴾َ ﴿، ل ك َِتا ٌ ج ٍ لأ َ
عُلوم ٍ ﴾ . م ْ ر ّ قدَ ٍ ه إ ِل ّ ب ِ َ ما ن ُن َّزل ُ ُ و َ ه َ خَزائ ِن ُ ُ َ
ن ُبني ب عليها :الكو ُ ة مكتو ٌ س لوح ٌ في مكتبةِ الكونجر ِ
ح ،ففي الشرائِع السماويةِ الدعوةُ على النظام ِ .وهذا صحي ٌ
ب ،وأخبر – سبحانه وتعالى – ق والترتي ِ إلى التنظيم ِ والتنسي ِ
ن الكون ليس لْهوا ً ول عبثا ً ،وأنه بقضاٍء وقدرٍ ،وأنه أ ّ
ن ﴾ َ ﴿ .ل سَبا ٍ ح ْ مُر ب ِ ُ ق َ وال ْ َ س َ م ُ ش ْ ن ﴿ :ال ّ حسبا ٍ بترتيب وب ُ
وَل الل ّي ْ ُ ك ال ْ َ َ
ق ساب ِ ُ ل َ مَر َ ق َ ر َ ها أن ت ُدْ ِ غي ل َ َ س َينب َ ِ م ُ ش ْ ال ّ
ه
قدّْرَنا ُ مَر َ ق َ وال ْ َ ن ﴾َ ﴿. حو َ سب َ ُ ك يَ ْ فل َ ٍ في َ ل ِ وك ُ ّ ر َ ها ِ الن ّ َ
ل عل َْنا الل ّي ْ َ ج َ و َ ديم ِ ﴾ َ ﴿ . ق ِ ن ال ْ َ جو ِ عْر ُ كال ْ ُ عادَ َ حّتى َ ل َ ز َ مَنا َِ
ر ها ِ ة الن ّ َ عل َْنا آي َ َ ج َ و َ ل َ ة الل ّي ْ ِ وَنا آي َ َ ح ْ م َ ف َ ن َ هاَر آي َت َي ْ ِ والن ّ َ َ
د
عدَ َ موا ْ َ عل َ ُ ول ِت َ ْ م َ من ّرب ّك ُ ْ ضل ً ّ ف ْ غوا ْ َ صَرةً ل ِت َب ْت َ ُ مب ْ ُِ
صيل ً ﴾ ﴿. ف ِ صل َْناهُ ت َ ْ ف ّ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ وك ُ ّ ب َ سا َ ح َ وال ْ ِ ن َ سِني َ ال ّ
ماء س َ قَنا ال ّ خل َ ْ ما َ و َ هذا َباطِل ً ﴾ َ ﴿ . ت َ ق َ خل َ ْ ما َ َرب َّنا َ
خ َ
ذ و أ ََردَْنا َأن ن ّت ّ ِ ن} {16ل َ ْ عِبي َ ما َل ِ ه َ ما ب َي ْن َ ُ و َ ض َ واْلْر َ
َ
َ
ن﴾. عِلي َ فا ِ من ل ّدُّنا ِإن ك ُّنا َ خذَْناهُ ِ هوا ً ّلت ّ َ لَ ْ
مُلوا ْ ﴾ :
ع َ
لا ْ و ُ
ق ِ ﴿ َ
ب بالوهام ِ دوا معالجة المصا ِ ن إذا أرا ُ
كان حكماُء اليونا ِ
ل في الفلحة ه على العم ِ ض النفسيةِ :يجبرون ُ والقلق والمرا ِ
ت قصير إل وقد عادت إليه عافيته والبساتين ،فما يمّر وق ٌ
مُلوا ْ ﴾ .
ع َ
لا ْ ق ِو ُ
ها ﴾ َ ﴿ ،مَناك ِب ِ َفي َ شوا ِ م ُ
فا ْ وطمأنينته َ ﴿ ،
ة وسعادةً س راح ً م أكُثر النا ِ ل اليدوِية ه ْن أهل العما ِ إ ّ
ن ل كيف يملكون م ْ ما ِ
ل ،وانظْر إلى هؤلِء الع ّ سطة با ٍ وب ْ
م طه ْ
م ونشا ِ ب حركِته ْ ل وقوةِ الجسام ِ ،بسب ِ البا ِ
ل (( .
ز والكس ِ م )) ،وأعوذُ بك من الع ْ
ج ِ ومزاولِته ْ
********************************************
*
جئ إلى الله
الت ْ ِ
ل تحزن
190
ف، ف المعار ِ م ،هو أعر ُ ل العظي ُ ه :هو السم الجلي ُ الل ُ
ه َ
ه ،وهو الذي تألهُ ُ ن أل َ م ْ ف ،قيل :هو ِ ى لطي ٌ فيه معن ً
ن إليهِ ،ول ن إليه ،وترضى بهِ وترك ُ ب ،وتحّبه ،وتسك ُ القلو ُ
ن لغيرهِ سبحانه ب أبدا ً أن يسكن أو يرتاح أو يطمئ ّ ن للقل ِ يمك ُ
ه ه ،الل ُ ب )) :الل ُ ه دعاء الكْر ِ ،ولذلك عّلم فاطمة ابنت ُ
ل ق ِ حُ ﴿، ث صحي ٌ ك به شيئا ً (( .وهو حدي ٌ ربي ل أشر ُ
هُر قا ِ و ال ْ َ ه َ و ُ ن ﴾ َ ﴿، عُبو َ م ي َل ْ َ ه ْ ض ِ و ِ خ ْ في َ م ِ ه ْ م ذَْر ُ ه ثُ ّ الل ّ ُ
قدَُروا ما َ و َ ه﴾ َ ﴿ ، عَباِد ِ ف بِ ِ طي ٌ ه لَ ِ ه ﴾ ﴿ ،الل ّ ُ عَباِد ِ وق َ ِ ف ْ َ
م ال ْ ِ ميعا ً َ َ
ةم ِ قَيا َ و َ ه يَ ْ ضت ُ ُ قب ْ َ ج ِ ض َ واْلْر ُ ه َ ر ِقد ْ ِ ق َ ح ّ ه َ الل ّ َ
ما ع ّ عاَلى َ وت َ َ ه َ حان َ ُ سب ْ َ ه ُ مين ِ ِ ت ب ِي َ ِ وّيا ٌ مطْ ِ ت َ وا ُ سما َ وال ّ َ
ل ج ّ س ِ ي ال ّ ّ ماء ك َطَ س َ وي ال ّ ِ م ن َطْ و َ ن ﴾ ْ ﴿، كو َ ر ُ ِ شيُ ْ
ض َأن واْلْر َ
َ
ت َ وا ِ ما َ س َ ك ال ّ س ُ م ِ ه يُ ْ ن الل ّ َ ب ﴾ ﴿ ،إِ ّ ل ِل ْك ُت ُ ِ
ت َُزوَل ﴾ .
***************************************
ه توك ّل ْ ُ
ت علي ِ
ه إلى رّبه ن أعظم ِ ما ُيضفي السعادة على العبدِ ركون ُ ُ وم ْ
ه ْ
ل ،وتوك ُّله عليهِ ،واكتفاؤه بوليتهِ ورعايتهِ وحراستهِ َ ﴿ ،
ب ل ال ْك َِتا َذي ن َّز َ ه ال ّ ِ ي الل ّ ُ َ ول ِّيـ مي ّا ً ﴾ ﴿ ،إ ِ ّ
ن َ س ِ م لَ ُ
ه َ عل َ ُ
تَ ْ
َ َ
فو ٌ خ ْ ه لَ َ ول َِياء الل ّ ِ
نأ ْ ن ﴾ ﴿ ،أل إ ِ ّ حي َ وّلى ال ّ
صال ِ ِ و ي َت َ َ ه َو َُ
ن﴾. حَزُنو َ م يَ ْ ول َ ُ
ه ْ م َ ه ْ َ َ
علي ْ ِ
**********************************
ة
عوا على ثلث ٍ
أجم ُ
ب، ق والضطرا ِت الكتب التي تعتني بمسألةِ القل ِ طالع ُ
دثين وأدباء ومرّبين ومؤّرخين أوت لسلِفنا من مح ّ سواٌء كان ْ
ب الشرقيةِ والغربيةِ والمترجمةِ ،ت والكت ِ م مع النشرا ِ ره ْ
لغي ِ
ة
ت الجميع مجمعين على ثلث ِ ت ،فوجد ُ ت والمجل ّ ِ والدوريا ِ
ن أراد الشفاء والعافية وانشراح الصدرِ ،وهي : س لم ْ أس ِ
ل تحزن
191
ل ،وعبوديُته ،وطاعُته ل باللهِ عّز وج ّ ل :التصا ُ الو ُ
ه
عب ُدْ ُ فا ْ ن الكبرى َ ﴿ ، ة اليما ِ واللجوُء إليه ،وهي مسأل ُ
ه﴾ . عَبادَت ِ ِ صطَب ِْر ل ِ ِ وا ْ َ
عه ، ف الماضي ،بمآسيهِ ودمو ِ الثاني :إغلقُ مل ّ
مه ،والبدِء بحياةٍ جديدةٍ مع مه وهمو ِ وأحزاِنه ومصائ ِِبه ،وآل ِ
يوم ٍ جديد ٍ .
ه
لب ِ م الشتغا ِ ب ،وعد ُ ل الغائ ِ ك المستقب ِ ث :تْر ُ الثال ُ
ت، جسا ِ ت والتو ّ ت والنتظارا ِ ك التوقعا ِ ك فيهِ ،وتر ُ والنهما ُ
ب. س ُ ح ْ ش في حدودِ اليوم ِ فَ َ وإّنما العي ُ
وظَّنوا سي َ ﴿ ، ل ،فإّنه ي ُن ْ ِ م وطول الم ِ ي :إّياك ْ قال عل ّ
َ
ن﴾. عو َ ج ُ م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ ه ْ أن ّ ُ
ن ن الله قال ع ْ ت ،فإ ّ ف والشائعا ِ إّياك وتصديق الراجي ِ
م﴾. ه ْ ة َ َ ن كُ ّ
علي ْ ِ ح ٍ صي ْ َ ل َ سُبو َ ح َ أعداِئه ﴿ :ي َ ْ
م ينتظرون أمورا ً ت عديدةٍ ،وه ْ ن سنوا ٍ ت أناسا ً م ْ وعرف ُ
وفون م تقعْ ،ول يزالون ُيخ ّ ومصائب وحوادث وكوارث ل ْ
ل مث َ ُم !! و َ شه ْ أنفسهم وغيرهم منها ،فسبحان الله ما أنكد ُ عَي ْ َ
م يجعلونه تحت ب عند الصينيين ،فإنه ْ ن المعذ ّ ِ هؤلِء كالسجي ِ
ة
سهِ قطرةً من الماِء في الدقيق ِ ب يقط ُُر على رأ ِ أنبو ٍ
م يصيُبه ل قطرةٍ ث ّ ن ينتظُر ك ّ الواحدةِ ،فيبقى هذا السجي ُ
ه أهل النارِ فقال َ ﴿ :ل ن ،ويفقد ُ عقله .وقد ْ وصف الل ُ الجنو ُ
ها ذاب ِ َ ع َ ن َ م ْ هم ّ عن ْ ُف َ ف ُ خ ّ وَل ي ُ َ موُتوا َ م َ
في َ ُ ه ْ ضى َ َ
علي ْ ِ يُ ْ
ق َ
ت ج ْ ض َ ما ن َ ِ حيى ﴾ ﴿ ،ك ُل ّ َ وَل ي َ ْ ها َ في َ ت ِ مو ُ ﴾ َ ﴿ ،ل ي َ ُ
ها ﴾ . غي َْر َ جُلودا ً َ م ُ ه ْ م ب َدّل َْنا ُ ه ْ جُلودُ ُ ُ
****************************************
ح ْ
ل ظالمك على الله أ ِ
ن يوم
ديا ِإلى ال ّ ع
وعند اللهِ تجتم ُ
ه
ه في ِ عُ الل ُنمضي شرِ
يوما ً يجم ر ْ الح
ه ينتظ ُ وعد ْل ً أن ُ م
الخصو ُ
ويكفي العبد إنصافا ً
هم هو الل ُ الولين والخرين ،ل ظلم في ذلك اليوم ِ ،والحك ُ
ط س َق ْ ن ال ْ ِ
زي َ ع ال ْ َ عّز وج ّ
وا ِ م َ ض ُ
ون َ َةَ ﴿، ل ،والشهود ُ الملئك ُ
ل تحزن
192
قا َ
ل مث ْ َ
ن ِ كا َوِإن َ شْيئا ً َ س َ ف ٌ م نَ ْ فَل ت ُظْل َ ُة َم ِقَيا َ وم ِ ال ْ ِ
ل ِي َ ْ
ن﴾. وك َ َ َ
سِبي َ حا ِ فى ب َِنا َ ها َل أت َي َْنا ب ِ َ خْردَ ٍن َم ْ ة ّحب ّ ٍَ
*****************************
ز
كسرى وعجو ٍ
ة كان ن عجوزا ً فارسي ً م فارس :أ ّ ذكر ُبزر جمهُر حكي ُ
ج في كوٍخ مجاورٍ لقصرِ كسرى الحاكم ِ ، عندها دجا ٌ
عك الدجاج ب أستود ُ ت :يا ر ّ ت إلى قريةٍ أخرى ،فقال ْ فسافر ْ
هصره وبستان ُ خها ليوسع ق ْ ت ،عدا كسرى على كو ِ ما غاب ْ .فل ّ
ت العجوُز موا الكوخ ،فعاد ِ ،فذبح جنوُده الدجاج ،وهد ُ
ت أنا فأين أنت ! ب ،غب ُ ت :يا ر ّ ت إلى السماِء وقال ْ فالتفت ْ
ن ن كسرى على أبيه بالسكي ِ ه وانتقم لها ،فعدا اب ُ فأنصفها الل ُ
َ
ك فون َ َ و ُ
خ ّوي ُ َ
عب ْدَهُ َ ف َ كا ٍ ه بِ َ س الل ّ ُ شهِ ﴿ .أل َي ْ َ ه على فرا ِ فََقَتل ُ
ن كخي َْري ابني آدم ه ﴾ ،ليتنا جميعا ً نكو ُ دون ِ ِمن ُ ن ِ ذي َ ِبال ّ ِ
ما أ َن َا ْ قت ُل َِني َ ك ل ِت َ ْ ي ي َدَ َ ت إ ِل َ ّ سط َ ل ﴿ :ل َِئن ب َ َ القائ ِ
ه المقتول ن عبد الل ِ ك ﴾ )) .ك ْ ك َل َ ْ
قت ُل َ َ ي إ ِل َي ْ َد َ ط يَ ِس ٍ ب َِبا ِ
ن عند المسلم ِ مبدأ ن عبد الله القاتل (( ،إ ّ ،ول تك ْ
حْقدِ م من النتقام ِ والتشفي وال ِ ة أعظ ُ ة وقضي ً ورسال ً
والكراهيةِ .
******************************************
ل مَرك ّ َ
ب كما ٍ ن ُ
ص قد يكو ُ
ق ِ مَرك ّ ُ
ب الن ْ ُ
ض
م ﴾ .بع ُ خي ٌْر ل ّك ُ ْ
و َه َ
ل ُ شّرا ً ل ّ ُ
كم ب َ ْ سُبوهُ َ
ح َ﴿ َل ت َ ْ
ض، ص عار ٍ سهم بنق ٍ العباقرةِ شّقوا طريقهم بصمودٍ لحسا ِ
جبي ْرٍ ،
فكثيٌر من العلماِء كانوا موالي ،كعطاٍء ،وسعيدِ بن ُ
وقََتادَةَ ،والبخاريّ ،والترمذيّ ،وأبي حنيفة .
ن أذكياِء العالم ِ وبحورِ الشريعةِ أصابُهم العمى ، وكثيٌر م ْ
نش ،ويزيد ِ ب ِ م مكتوم ،والعم ِ نأ ّ س ،وقتادة ،واب ِ كابن عبا ٍ
هارون .
ل تحزن
193
ن إبراهيم آل خ محمد ُ ب ُ ومن العلماء المتأخرين :الشي ُ
ن باٍز دالعزيزِ ب ُ خ عب ُ ن حميد ،والشي ُ داللهِ ب ُ خ عب ُ الشيخ ،والشي ُ
م ب كان به ْ ت عن أذكياء ومخترعين وعباقرةٍ ع ََر ٍ .وقرأ ُ
مْقعد ٌ ، ن ُ ج ،وثا ٍ م وآخُر أعو ُ ت ،فهذا أعمى ،وذاك أص ّ عاها ٌ
ومع ذلك أّثروا في التاريخ ،وأّثروا في حياةِ البشريةِ بالعلوم ِ
ه﴾ ن بِ ِ شو َ م ُ م ُنورا ً ت َ ْ عل ل ّك ُ ْ ج َوي َ ْ فَ ﴿. ت والكشو ِ والختراعا ِ
.
م ول ل شيٍء ،ل تهت ّ ةك ّ ة الراقي ُ ت الشهادةُ العلمي ُ ليس ِ
ل الشهادة الجامعية ،أو ضقْ ذْرعا ً لنك لم تن ِ م ول ت ِ تغت ّ
ل شيء ،بإمكاِنك تك ّ الماجستير ،أو الدكتوراه ،فإنها ليس ْ
ن م تك ْ دم للمةِ خيرا ً كثيرا ً ،ولوْ ل ْ ن تق ّ ن تلمع وأ ْ ن تؤث َّر وأ ْأ ْ
ل شهيرٍ خطيرٍ نافٍع ل ن رج ٍ مم ْ صاحب شهادةٍ علميةٍ .ك ْ
مِته حه وه ّ ل شهادةً ،إنما شقّ طريقه بعصامي ّت ِهِ وطمو ِ يحم ُ
ت كثيرا ً من رنا الحاضرِ فرأي ُ ت في عص ِ وصمودِه .نظر ُ
المؤّثرين في العالم ِ الشرعي والدعوةِ والوعي والتربي ِ
ة
ل ة ،مث ُ ت عالمي ٌ م شهادا ٌ ن عنده ْ ب ،لم يك ْ والفكرِ والد ِ
ي ،والعقاد ِ ،والطنطاوي ،وأبي ن نب ّ كب ِ الشيخ ابن بازِ ،ومال ِ
زهرة ،والمودوديّ والندويّ ،وجمٍع كثيرٍ .
ف ،والعباقرة الذين مّروا في ودونك علماء السل ِ
ضلةِ . ن المف ّ القرو ِ
ت ود ْ س عصام ٍ س ّ نف ُ ه الكّر وعّلمت ْ ُ
العالم ِ طول ً عصاما في ف الدكاترةِ ِ ذلك آل ُ والقداما
نوعلى الضد ّ م ْ
حس من ْهم من أ َح َ
م ه ْ ع لَ ُ م ُ س َ و تَ ْ دأ ْ ّ ْ َ ٍ ل تُ ِ ّ ِ ُ ه ْ وعرضا ً َ ﴿ ،
ث الصحيِح : م ،وفي الحدي ِ ة ك َن ٌْز عظي ٌ كزا ً ﴾ .القناع ُ ر ِْ
س (( . ن أغنى النا ِ ه لك ت َك ُ ْ )) ارض بما قسم الل ُ
خِلك ،بمْركِبك ،بأبناِئك ،بوظيفِتك ، ض بأهِلك ،بد ْ ار ْ
تجد ِ السعادة والطمأنينة .
س (( . غنى النف ِ غنى ِ ث الصحيِح )) :ال ِ وفي الحدي ِ
ن راحة ب ،لك ّ ل وبالمنص ِ ض ول بالموا ِ وليس بكثرةِ العر ِ
م الله. س َ س ،ورضاها بما قَ َ النف ِ
ل تحزن
194
ي ب العبد الغن ّ ن الله يح ّ ُ ث الصحيِح )) :إ ّ وفي الحدي ِ
ل غناه في م اجع ْ ث )) :الله ّ ي(( .وحدي ِ ي الخف ّ التق ّ
ه (( . قلب ِ ِ
ب سيارةٍ من المطارِ ، ت مع صاح ِ دهم :ركب ُ قال أح ُ
ت هذا السائق مسرورا ً ن ،فرأي ُ جها ً إلى مدينةٍ من المد ِ متو ّ
جذِل ً ،حامدا ً للهِ وشاكرا ً ،وذاكرا ً لموله ُ ،فسأُله عن أهِله
ه ن عشرةِ أبناٍء ،ودخل ُ ُ ن عنده أسرتين ،وأكثر م ْ فأخبرني أ ّ
ة ف قديم ٌ غر ٌ ب ،وعنده ُ س ُ ح ْ ل فَ َ في الشهرِ ثمانمائةِ ريا ٍ
م س َ ض بما قَ َ ه را ٍ ل ،لن ُ يسكُنها هو وأهُله ،وهو مرتاح البا ِ
ه. هل ُ الل ُ
ن س يملكو ُ ت بين هذا وبين أنا ٍ ت حينما قارن ُ قال :فعجب ُ
م يعيشون ضْنكا ً ل والقصورِ والدورِ ،وه ْ ت من الموا ِ مليارا ٍ
ل. ت في الما ِ ت أن السعادة ليس ْ من المعيشةِ ،فعرف ُ
ف المليين خب ََر تاجرٍ كبيرٍ ،وثريّ شهيرٍ عنده ُ آل ُ ت َ عرف ُ
ق ،شرس ن ضّيق ال ُ ُ
خل ِ ت القصورِ والدورِ ،وكا َ وعشرا ُ
ن أهِله ، ل ،مات في غربةٍ ع ْ ل ثائر الطبع ،كاسف البا ِ التعام ِ
د} لنه لم يرض بما أعطاه الله إياه ﴿ ،ث ُم يطْمع أ َن أ َ
زي َ َ ُ ْ ِ ّ َ ُ ُ َْ َ ُ
عِنيدا ً ﴾ . ن ِلَيات َِنا َ كا َ ه َ {15ك َّل إ ِن ّ ُ
سه خُلو بنف ِ ن يَ ْ ي القديم ِ أ ْ ل عند العرب ّ ن معالم ِ راحةِ البا ِ م ْ
دهم : ل أح ُ ن الحياِء ،يقو ُ في الصحراِء ،وينفرد ع ِ
تب فاستأنس ُ عوى الذئ ُ تن فك ِد ْ ُ وت إنسا ٌ وص ّ
عوى: ب إذ ْ بالذئ طير وقد خرج أبوأ ِ
ن الثوريّ ذر ُإلى الربذةِ .وقال سفيا ُِ ّ
ب ل يعرُفني أحد ٌ ! وفي شعا ِ ب من ال ّ شعْ ٍ ت أني في ِ ود ِد ْ ُ
م غن َ ٌ ل المسلم ِ َ : خي َْر ما ِ ن يكون َ كأ ْ ش ُ ث ُ )) :يو ِ الحدي ِ
ل ،ويفّر بديِنه ر وشعف الجبا ِ ع بها مواقع القط ِ يتب ُ
ن (( . فت ِ من ال ِ
م للعبدِ الفرار منها ،كما ن كان السل ُ ت الفت ُ فإذا حصل ِ
ن مسلمة لما قُِتل ن زيدٍ ومحمد ُ ب ُ ةب ُ عمَر وأسام ُ ن ُ فعل اب ُ
ن. عثما ُ
ل تحزن
195
صد ْرِ إل م الفْقُر والكدُر وضي ِقُ ال ّ ت أناسا ً ما أصابه ُ عرفْ ُ َ
ل ،فتجد ُ أحدهم كان غني ّا ً ن اللهِ عّز وج ّ دهم ع ِ ب ب ُعْ ِ بسب ِ
ن ن رّبه ،وفي خيرٍ م ْ ه واسعا ً ،وهو في عافيةٍ م ْ ورزقُ ُ
عة اللهِ ،وتهاون بالصلةِ ،واقترف ن طا ِ موله ،فأعرض ع ْ
ة رِْزقِهِ ،وابتلهُ سعَ َ ب ،فسلَبه رّبه عافية بدِنه ،وَ َ كبائر الذنو ِ
ن بلٍء إلى ن نكد ٍ إلى ن َك َدٍ ،وم ْ م ،فأصبح م ْ م والغ ّ بالفْقرِ واله ّ
ضنكا ً ة َ ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ ري َ ِ عن ِذك ْ ض َ عَر َ ن أَ ْ م ْ و َ بلٍء َ ﴿ ،
عَلى َ َ
ها َ م َ ع َ ة أن ْ َ م ً ع َ غّيرا ً ن ّ ْ م َ ك ُ م يَ ُ ه لَ ْ ن الل ّ َ ك ب ِأ ّ ﴾ ﴿ ،ذَل ِ َ
ما ُ غيروا ْ ما ب َ َ
و َ م ﴾ ،وقوله تعالى َ ﴿ : ه ْ ِ س
ِ ف أن َ ِ حّتى ي ُ َ ّ ُ وم ٍ َ ق ْ
َ َ
عن فو َ ع ُ وي َ ْ م َ ديك ُ ْ ت أي ْ ِ سب َ ْ ما ك َ َ فب ِ َ ة َ صيب َ ٍ م ِ من ّ كم ّ صاب َ ُ أ َ
ق ِ َ َ ك َِثير﴾ َ ﴿ ،
هم قي َْنا ُ س َ ة َل ْ ري َ عَلى الطّ ِ موا َ قا ُ ست َ َ وا ْ وأن أل ّ ِ َ ٍ
دقا ً﴾. غ َ ماء َ ّ
ة سحرّية ألقيها على همومك ن عندي وصف ً تأ ّ وِدد ُ
ن أين م ْ ن ِ ف ما يأِفكون ،لك ْ مك وأحزاِنك ،فإذا هي تْلق ُ وغمو ِ
ن عيادةِ علماِء ن سوف أخبُرك بوصفةٍ طبي ّةٍ م ْ لي ؟! ولك ْ
ق، شريعةِ ،وهي :اعبد ِ الخالق ،وارض بالرز ِ المل ّةِ ورّواد ال ّ
صرِ المل .انتهى . دنيا ،وق ّ م بالقضاِء ،وازهد ْ في ال ّ وسل ّ ْ
ه ) وليم م ُ ي ،اس ُ ت العاِلم نفساّني شهيرٍ أمريك ّ عجب ُ
ن ل :إننا نح ُ س عندهم ،يقو ُ جايمس ( ،هو أبو عِلم النف ِ
ك، ك ،ول نشكُر الله على ما نمل ُ البشُر نفك ُّر فيما ل نمل ُ
ب المأسويّ المظلم ِ في حياِتنا ،ول ننظُر وننظُر إلى الجان ِ
صنا ،ول سُر على ما ينق ُ ق فيها ،ونتح ّ ِ شر إلى الجانب الم ْ
َ نسعد ُ بما عندنا ﴿ ،ل َِئن َ
م ﴾ )) ،وأعو ُ
ذ زيدَن ّك ُ ْ مل ِ شك َْرت ُ ْ
ع (( . شب َ ُ س ل تَ ْ ن نف ٍ هم ْ بالل ِ
مه ،جمع ن أصبح والخرةُ ه ّ ث )) :م ْ وفي الحدي ِ
ل غناه في قلِبه ،وأتْته الدنيا ع َ ج َ ه شمله ،و َ الل ُ
ه مه ،فّرق الل ُ ن أصبح والدنيا ه ّ ة ،وم ْ وهي راغم ٌ
قَرهُ بين عي ْن َْيه ،ولم يأِته من ف ْ ل َ ه شمله ،وجع َ علي ِ
َ
خل َ َ
ق ن َ م ْ هم ّ سأل ْت َ ُ ول َِئن َ الدنيا إل ّ ما ك ٌِتب له (( َ ﴿ .
ل تحزن
196
َ
قول ُ ّ
ن مَر ل َي َ ُ ق َوال ْ َ
س َ م َ خَر ال ّ
ش ْ س ّ
و َ واْلْر َ
ض َ ت َ
وا ِ
ما َ
س َ
ال ّ
َ
ن﴾. كو َ ف ُ ؤ َفأّنى ي ُ ْ ه َالل ّ ُ
******************************************
وأخيرا ً اعتر ُ
فوا
ي ،ن ُِفي إلى جزيرةِ سيبيريا ، م روس ٌ ) سخروف ( عال ٌ
ن لفكاِره المخالفةٍ لللحادِ ،والكفرِ باللهِ ،فكان ُينادي أ ّ
ة مؤثرة ً في العالم ِ خلف ما يقوُله هناك قوة ً فاعل ً
ن النفوس الشيوعّيون :ل إله ،والحياةُ مادةٌ .ومعنى هذا :أ ّ
س فطََر الّنا َ ه ال ِّتي َ فطَْرةَ الل ّ ِ مفطورةٌ على التوحيدِ ِ ﴿ .
ها ﴾ . عل َي ْ َ َ
سن الملحد ل مكان له هنا وهناك ؛ لنه منكو ُ إ ّ
ه
ج الل ِ الِف ْ
ف لمنه ِ طرةِ ،خاوي الضميرِ مبتوُر الرادةِ ،مخال ٌ
ض. في الر ِ
ي ت أستاذا ً مسلما ً في معهدِ الفكرِ السلم ّ قابل ُ
ي– ط الشيوعيةِ – أو التحادِ السوفيت ّ بواشنطن قبل سقو ِ
م ه ْ فئ ِدَت َ ُ ب أَ ْ قل ّ ُ بسنتين ،فذكر لي هذه الية َ ﴿ :ن ُ َ
ؤمُنوا ْ ب َ َ
في م ِ ه ْ ون َذَُر ُ ة َ مّر ٍ ل َ و َ هأ ّ ِ ِ م يُ ْ ِ ما ل َ ْ م كَ َ ه ْ صاَر ُ وأب ْ َ َ
م﴿ : ة فيه ْ م هذه الي ُ ن ﴾ وقال :سوف تت ّ هو َ م ُ ع َ م يَ ْ ه ْ غَيان ِ ِ طُ ْ
ف ق ُ س ْ عل َ َ َ ْ ّ فأ ََ
م ال ّ ه ُ ِ ْ ي َ ر
ّ خ َ ف د
ِ عِ وا َ ق ل ا نَ مّ هم ُ َ ن ياَ ْ ن ُ ب ه
ُ ل ال تى َ
ل سي ْ َ عل َ سل ْ فأ َ َ فأ َ
م﴾َ ﴿، من َ
م َ ه ْ ِ ْ ي َ نا
َ َ ر
ْ ضوا ُ ر
َ ع
ْ ه ْ ِ ق
و ِ ف ْ ِ
م َل ْ َ
فك ُّل ً أ َ
ه ْ و ُ ة َ غت َ ً هم ب َ ْ في َأت ِي َ ُ ه﴾َ ﴿، ذنب ِ ِ خذَْنا ب ِ َ رم ِ ﴾ َ ﴿ ، ع ِ ال ْ َ
ن ﴾ . عُرو َ ش ُ يَ ْ
****************************************
ت مع الحمقى
لحظا ٌ
ةة رائع ٌ
ب ،ومقال ٌ
م عجي ٌ
ت في مجلةِ ) الرسالة( كل ٌ للزّيا ِ
ف الشيوعيةِ ،حينما أرسلوا سفينة الفضاِء إلى في وص ِ
َ
حد ُ رّواِدها مقال ً في صحيف ِ
ة بأ َت ،فكت َ
القمرِ وعاد ْ
ل تحزن
197
م دنا إلى السماِء فل ْ ل فيها :صعِ ْ ) البرافدا( الروسيةِ ،يقو ُ
ة. ة ول نارا ً ول ملئك ً نجد ْ هناك إلها ً ول جن ً
مُر ح ُ ة فيها » :عجبا ً لكم أّيها ال ُ ت مقال ً فكتب الزّيا ْ
شهِ بارزا ً كم على عر ِ ن رب ّ ُ م سوف ت ََروْ َ مقى !! أتظنون أنك ْ الح ْ
ت يمشين في الحريرِ ، حور الِعين في الجنا ِ ،وسوف ترون ال ُ
مون رائحة وثرِ ،وسوف تش ّ وسوف تسمعون رقرقة الك ْ
ن ظننتم ذلك خسرُتم خسرانكم مإ ْ ذبين في النارِ ،إنك ْ المع ّ
ن ل أفسُر ذلك التيه والضلل والنحراف الذي تعيشونه ،ولك ْ
ن م.إ ّ سك ْ مق إل بالشيوعيةِ واللحاد ِ الذي في رؤو ِ ح ْ وال ُ
ل بل خاتمةٍ ، ض بل سماٍء ،وعم ٌ م بل غدٍ ،وأر ٌ الشيوعية يو ٌ
ن َ َ
بأ ّ س ُ ح َ م تَ ْ ي بل نتيجةٍ « ..إلى آخرِ ما قال ﴿ ،أ ْ وسع ٌ
َ أ َك ْث ََر ُ
ل عام ِ ب َ ْ كاْل َن ْ َ م إ ِّل َ ه ْ ن ُ ن إِ ْ قُلو َ ع ِ و يَ ْ نأ ْ عو َ م ُ س َ م يَ ْ ه ْ
ها ن بِ َ هو َ ق ُ ف َ ب ل ّ يَ ْ قُلو ٌ م ُ ه ْ سِبيل ً ﴾ ﴿ ،ل َ ُ ل َ ض ّ م أَ َ ه ْ ُ
َ
ن عو َ م ُ س َ ن ل ّ يَ ْ ذا ٌ مآ َ ه ْ ول َ ُ ها َ ن بِ َ صُرو َ ن ل ّ ي ُب ْ ِ عي ُ ٌ مأ ْ ه ْ ول َ َُ
م ُ َ ْ َ ه َ ّ
ه ْ مال ُ ع َ رم ٍ ﴾ ﴿ ،أ ْ مك ِ من ّ ه ِ ما ل ُ ف َ ن الل ُ ِ ه
ِ من ي ُ و َ ها ﴾ َ ﴿ ، بِ َ
ح ه الّري ُ ت بِ ِ شت َدّ ْ ماٍد ا ْ م ك ََر َ ه ْ مال ُ ُ ع َ ة ﴾ ﴿ ،أَ ْ ع ٍ قي َ ب بِ ِ سَرا ٍ كَ َ
ف﴾. ص ٍ عا ِ وم ٍ َ في ي َ ْ ِ
ت(، ب ذوي العاها ِ ب ) مذاه ُ ومن كلم ِ العقادِ في كتا ِ
وهو ينهد ُ غاضبا ً على هذهِ الشيوعيةِ ،وعلى هذا اللحادِ
ن الفطرة م ما معناه :إ ّ ف الذي وقع في العالم ِ ،كل ٌ السخي ِ
ل هذا الدين الحقّ ،دين السلم ِ ،أما المعاقون السوّية تقب ُ
ن ل الفكارِ العِفنةِ القاصرةِ ،فإنها يمك ُ عقليا ً والمختلفون وأه ُ
م لَ ه ْ ف ُ م َ ه ْ عَلى ُ ُ وطُب ِ َ
قلوب ِ ِ ع َ ن ترتكب اللحاد َ ﴿ . أ ْ
ن﴾. هو َ ق ُ ف َ يَ ْ
ه بما ُيحد ُّثه ة للفكرِ ،وهو أشب ُ ة قاصم ٌ ن اللحاد ضرب ٌ إ ّ
ف الدهُر أكبر منها ة ما عََر َ مهم ،وهو خطيئ ٌ ل في عال ِ الطفا ُ
هفي الل ّ ِ ه سبحانه وتعالى ﴿ :أ َ ِ ة .ولذلك قال الل ُ خطيئ ً
ك!! ﴾.... ش ّ َ
ن ل ذكر اب ُ ك فيه ،وهو ظاهٌر .ب ْ ن المر ل ش ّ يعني :أ ّ
تيمية :أن الصانع -يعني :الله سبحانه وتعالى – لم ينكْره
ل تحزن
198
ف به في ه معتر ٌ ن ،مع العلم ٍ أن ُ أحد ٌ في الظاه ِرِ إل فرعو ُ
د
ق ْ ل لَ َ قا َ ل موسى َ ﴿ : باطِنه ،وفي داخلهِ ،ولذلك يقو ُ
ض ر ت وال َ وا ما س ال ب ر ّ ل إ ؤلء ُ هـ لَ ز عل ِمت ما َ
أن
ِ ْ َ ِ َ َ ّ ّ َ ِ َ َ َ ْ َ َ
َ
ن فرعون مث ُْبورا ً ﴾ ،ولك ّ ن َ عو ُ فْر َ ك َيا ِ وإ ِّني َلظُن ّ َ صآئ َِر َبَ َ
ه َ
ه ل إ ِِلـ َ ت أن ّ ُ من ُ ف صرخ بما في قلِبه ﴿ :آ َ في آخر المطا ِ
ل َ
ن﴾. مي َ سل ِ ِ م ْ ن ال ْ ُ م َ وأن َا ْ ِ سَراِئي َ َ ه ب َُنو إ ِ ْت بِ ِ من َ ْ
ذي آ َإ ِل ّ ال ّ ِ
**************************************
ة
ق النجا ِ
ن طري ُ
اليما ُ
ه يتجّلى في عصرِ العلم ِ ( ،وكتاب ب ) الل ُ في كتا ِ
ن أكثر تأ ّ ة وهي :وجد ُ ن ( حقيق ٌ ب اليما ِ حرا ُ م ْ ب ِ ) الط ّ
ن مه ،هو اليما ُ مه وغمو ِ ن همو ِ معين للعبد ِ في التخّلص م ْ ُ
ري إ َِلى َ وأ َ ُ باللهِ عّز وج ّ
م ِ ضأ ْ و ُ ف ّ ض المرِ إليه َ ﴿ ، ل ،وتفوي ُ
َ
من و َ ه َ ن الل ّ ِ ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ صيب َ ٍ م ِ من ّ ب ِ صا َ ما أ َ ه﴾ َ ﴿، الل ّ ِ
ه﴾. قل ْب َ ُ د َ ه ِ ه يَ ْ من ِبالل ّ ِ ؤ ِ يُ ْ
للرضا والتسليم ِ ن هذا بقضاٍء وقدرٍ ،يهد ِ قلبه مأ ّ ن يعل ْ م ْ
ل ال ِّتي غل َ َ وال َ ْ م َ ه ْ صَر ُ م إِ ْ ه ْعن ْ ُ ع َ ض ُوي َ َ أو نحو ذلك َ ﴿ ،
م ﴾. ه ْ ت َ َ َ
علي ْ ِ كان َ ْ
م أني لم وأعل ُ من الله إل قد ْ ِ
ة
صْبني مصيب ٌ تُ ِ ت فتى قبلي ُ أصاب ْ
ب ًاللمِعين ،مثل ) كرسي مريسون ( ،و ِ الغر إن كّتاب
ن المنقذ ) ألكس كاريل ( ،و ) دايل كارنيجي ( ،يعترفون أ ّ
ن باللهِ عّز ب الماديّ المتدهورِ في حياتهم إنما هو اليما ُ للغر ِ
ث ن السبب الكبير والسّر العظم في حواد ِ ل ،وذكروا أ ّ وج ّ
ب ،إّنما هو اللحاد ُ ت ظاهرة ً في الغر ِ ت التي أصبح ْ النتحارا ِ
م ه ْ ب العالمين ﴿ ،ل َ ُ ل–ر ّ ن الله – عّز وج ّ ضع ِ والعرا ُ
ك ر ْش َِ من ي ُ ْ و َ ب﴾َ ﴿، سا ِ ح َ م ال ْ ِ و َسوا ي َ ْ ما ن َ ُ ديدٌ ب ِ َ ش ِ ب َ ذا ٌ ع َ
َ
بالل ّه َ َ
و ه الطّي ُْر أ ْ ف ُ خط َ ُ فت َ ْ ماء َ س َ ن ال ّ م َ خّر ِ ما َ فك َأن ّ َ ِ ِ
ق ﴾. حي ٍ س ِ ن َ كا ٍ م َ في َ ح ِ ه الّري ُ وي ب ِ ِ ه ِ تَ ْ
ت جريدةُ ) الشرق الوسط ( في عددها بتاريخ /21 ذكر ْ
ي س المريك ّ ت عقيلةِ الرئي ِ ن مذكرا ِ 1415 /4هـ ،نقل ً ع ْ
ل تحزن
199
ن مرةٍ ، ت النتحار أكثر م ْ ق ) جورج بوش ( :أّنها حاول ِ الساب ِ
ت ه ،وحاول ْ ب الموت مظان ّ ُ ت السيارة إلى الهاويةِ تطل ُ وقاد ِ
ن تختنق . أ ْ
ل فيها مع المسلمين ن معركة ُأحد ٍ يقات ُ لقد ْ حضر قزما ُ
ة .فقال : س :هنيئا ً له الجن ُ ل قتال ً شديدا ً .قال النا ُ فقات ُ
حه فلم يصبْر ، ت به جرا ُ ر((!! فاشتد ْ ل النا ِ ن أه ِ هم ْ ))إن ُ
في م ِ ه ْ عي ُ ُ س ْ ل َ ض ّ ن َ ذي َ ف فمات﴿ ،ال ّ ِ ل نفسه بالسي ِ فََقت َ َ
صْنعا ً﴾. َ
ن ُ سُنو َ ح ِ م يُ ْ ه ْ ن أن ّ ُ سُبو َ ح َ م يَ ْ ه ْ و ُ ة الدّن َْيا َ حَيا ِ ال ْ َ
عن ض َ عَر َ ن أَ ْ م ْ و َ وهذا معنى قول ِهِ سبحانه وتعالىَ ﴿ :
ضنكا ً ﴾ . ة َ ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ ري َ ِذك ْ ِ
ت ل هذهِ المورِ ،مهما بلغ ْ م على مث ِ ن المسلم ل يقد ُ إ ّ
ن ُتنهيا ن ركعتين بوضوٍء وخشوٍع وخضوٍع كفيلتان أ ْ ل.إ ّ الحا ُ
ن آَناء الل ّي ْ ِ
ل م ْ و ِ طَ ﴿، م والحبا ِ م والكدرِ واله ّ ل هذا الغ ّ ك ّ
عل ّ َ فسبح وأ َ
ضى ﴾ . ك ت َْر َ ر لَ َ ِ ها َ ّ ن ال ف َ راَ ْ ط َ َ ّ ْ َ
ن انحراِفه ن هذا العالم ِ ،وع ِ لع ْ ن القرآن يتساء ُ إ ّ
ن﴾ ؟! ما هو الذي مُنو َ ؤ ِ م َل ي ُ ْ ه ْ ما ل َ ُ ف َ لَ ﴿: وضلِله فيقو ُ
ة،ت الحج ُ ة ،وقام ِ ت المحج ُ ضح ِ ن ،وقد ْ و ُ ن اليما ِ مع ِ يرّده ْ
مه ْ ري ِ سن ُ ِ نَ ﴿ . وبان الدليلُ ،وظهر الحقّ ،وسطع البرها ُ
َ في َ
ه
م أن ّ ُ ه ْ ن لَ ُ حّتى ي َت َب َي ّ َ م َ ه ْ ِ س
ِ ف ُ أن و ِ ق َ فا ِ في اْل َ آَيات َِنا ِ
ه
ن الله إل ٌ ن محمدا ً صادقٌ ،وأ ّ مأ ّ ن له ْ ق﴾ ،يتبي ُ ح ّ ال ْ َ
ن يعتنقه ل يستحقّ أ ْ ن كام ٌ ن السلم دي ٌ يستحقّ العبادة ،وأ ّ
د
ق ِ ف َ ن َ س ٌ ح ِ م ْ و ُ ه َ و ُ ه َ ه إ َِلى الل ّ ِ ه ُ ج َ و ْ م َ سل ِ ْ من ي ُ ْ و َ مَ ﴿، العال ُ
قى﴾. وث ْ َ ة ال ْ ُ و ِ عْر َ ك ِبال ْ ُ س َ م َ ست َ ْا ْ
******************************
ت حتى الك ُ ّ
فاُر درجا ٌ
س ) جورج بوش ( بعنوان ) سيرةٌ ت الرئي ِفي مذكرا ِ
س التحادِإلى المام ِ ( :ذكر أّنه حضر جنازة برجنيف ( ،رئي ِ
ة، ة قاتم ًي في موسكو ،قال فوجدُتها جنازةً مظلم ً السوفيت ّ
ي وأولئك ن )بوش ( نصران ّ ح.ل ّن ول رو ٌليس فيها إيما ٌ
ل تحزن
200
ن ذي َ مُنوا ْ ال ّ ِ نآ َ ذي َ ودّةً ل ّل ّ ِ م َ
م ّ ه ْقَرب َ ُ ن أَ ْ جد َ ّ ول َت َ ِملحدة ٌ ﴿ َ
ه
صاَرى ﴾ .فانظْر كيف أدرك هذا مع ضلل ِ ِ وا ْ إ ِّنا ن َ َ قال ُ َ
َ
ن المر أصبح نسبي ّا ً فكيف لو ع ََرف بوش انحراف أولئك ،ل ّ
سل َم ِدينا ً غي َْر ال ِ ْ غ َ
ِ من ي َب ْت َ ِ و َالسلم ،دين اللهِ الحقّ ؟! ﴿ َ
ن﴾. ري َ س ِ خا ِ ن ال ْ َ م َ ة ِ خَر ِ في ال ِ و ِ ه َ و ُه َ من ْ ُل ِ قب َ َفَلن ي ُ ْ َ
ن تيمية ،وهو كرني هذا بمقالةٍ لشيِخ السلم ِ اب ِ وذ ّ
ق الضال ّةِ الصوفي ِ
ة ث عن أحدِ البطائحيةِ ) الفر ِ يتحد ّ ُ
م يا ابن ن تيمية :ما لك ْ ي لب ِ ل هذا البطائح ّ المنحرفةِ ( .يقو ُ
ت كرامُتنا م – يعني أهل السنةِ – بار ْ تيمية إذا جْئنا إليك ْ
ت كرامُتنا؟ ل الكفارِ ظهر ْ ت ،وإذا ذهْبنا إلى التِتر المغو ِ وبطل ْ
ل التتارِ ؟ أما كم ومث َ ُ ن تيمية :أتدري ما مثُلنا ومثل ُ ُ قال اب ُ
سود ٌ ،فالبلقُ إذا دخل ض ،وأنتم ب ُل ْقٌ ،والتتُر ُ ل بي ٌ ن فخيو ٌ نح ُ
م بين السودِ أصبح أبيض ،وإذا خالط البض أصبح أسود ،فأنت ْ
ل الكفرِ ظ َهََر هذا م مع أه ِ ن نورٍ ،إذا دخلت ْ ةم ْ م بقي ٌ عندك ْ
ن أهل النورِ العظم ِ والسنة ،ظهر النوُر وإذا أتيُتم إلينا ونح ُ
ما ل التتار َ ﴿ . كم ومثُلنا ومث ُ مكم وسواُدكم ،فهذا مثل ُ
وأ ّ َ ِ ظل ُ
ها في َ م ِ ه ْ ه ُ ة الل ّ ِ م ِ ح َ في َر ْ ف ِم َ ه ْ ه ُجو ُ و ُت ُ ض ْ ن اب ْي َ ّ ذي َ ال ّ ِ
ن﴾ . دو َ خال ِ ُ َ
**********************************
ة
إرادةٌ فولذي ٌ
ب ،وفي س في الغر ِ ن بلدِ السلم ِ يدر ُ بم ْ ذهب طال ٌ
ت ،فسكن مع أسرةٍ بريطانيةٍ كافرةٍ ،ليتعّلم لندن بالذا ِ
بظ مع الفجرِ الباكرِ ،فيذه ُ اللغة ،فكان متدّينا ً وكان يستيق ُ
ب إلى ً إلى صنبور الماِء ويتوضأ ُ
م يذه ُ ّ ث ، ا بارد ً ء ما وكان ، ِ
ت عجوٌز في مد ُ ،وكان ْ ح َ ح وي َ ْمصل ّهُ فيسجد ُ لرّبه ويركعُ ويسب ُ
ل ؟ قال : ه دائما ً ،فسألْته بعد أيام ٍ :ماذا تفع ُ ت تلحظ ُ البي ِ
خْرت الوقت الباكر ت :فلو أ ّ ن أفعل هذا .قال ْ أمرني ديني أ ْ
ن ربي ل يقب ُ
ل م تستيقظ .قال :لك ّ مك ث ّحتى ترتاح في نو ِ
ت: ت رأسها ،وقال ْ ت الصلة عن وقِتها .فهّز ْ خر ُ مّني إذا أ ّ
ل تحزن
201
عوَل ب َي ْ ٌ جاَرةٌ َ م تِ َ ه ْ
هي ِ
جا ٌ ّ ْ
ل ل ت ُل ِ ر َ إرادةٌ تكسُر الحديد !! ﴿ ِ
ة﴾. صَل ِ قام ِ ال ّ وإ ِ َ ه َ ر الل ّ ِ عن ِذك ْ ِ َ
ن التوحيد ِ . ن ،وسلطا ُ ن ،وقوة ُ اليقي ِ إّنها إرادةُ اليما ِ
ت إلى سحرةِ فرعون وقد ْ آمنوا هذهِ الرادة ُ هي التي أوح ْ
ي بين موسى ب العالمين في لحظةِ الصراِع العالم ّ باللهِ ر ّ
ما عَلى َ ك َ ؤث َِر َ قاُلوا َلن ن ّ ْ وفرعون ،قالوا لفرعون َ ﴿ :
َ فطََرَنا َ
ض
قا ٍ ت َ ما أن َ ض َ ق ِ فا ْ ذي َ وال ّ ِ
ت َ ن ال ْب َي َّنا ِم َ
جاءَنا ِ
َ
دوا ن يؤ ّ مأ ْ سمع بمثل ِهِ ،وأصبح عليه ْ دي الذي ما ُ ﴾ .وهو التح ّ
ن يبّلغوا الكلمة الصادقة هذه الرسالة في هذه اللحظةِ ،وأ ْ
القوية إلى هذا الملحدِ الجبارِ .
ن زيد ٍ إلى مسيلمة يدعوه إلى بب ُ لقد ْ دخل حبي ُ
ة ،فما ة قطع ً ف قطع ً ه بالسي ِ ة يقطعُ ُ التوحيدِ ،فأخذ مسيلم ُ
داء ه َ ش َ وال ّ ب شهيدا ً َ ﴿ ، ن ول صاح ول اهتّز حتى لقي ر ّ أ ّ
َ
م ﴾. ه ْ وُنوُر ُ م َ ه ْ جُر ُ مأ ْ ه ْم لَ ُ ه ْ عندَ َرب ّ ِ ِ
ت ،فأنشد : ن عديّ على مشنقةِ المو ِ بب ُ خبي ُوُرفع ُ
ت أبالي حين ولس ُ ب كان في على أيّ جن ٍ
ل مسلما ً ُأقت ُ اللهِ مصرعي
**************************************
ه
فطرة الل ِ
ح، ت الري ُ م وزمجر الّرعْد ُ وقصف ِ إذا اشتد ّ الظل ُ
ج و ُ م ْم ال ْ َ ه ُ
جاء ُ و َ ف َ ص ٌ عا ِ ح َ ري ٌ ِ ها
جاءت ْ َ ةَ ﴿ . ت الفطر ُ استيقظ ِ
ه وا ْ الل ّ َ ع ُ م دَ َ ه ْ حيط ب ِ ِ
َ م أُ ِ ه ْ
َ
وظَّنوا ْ أن ّ ُ ن َ كا ٍ م َ ل َمن ك ُ ّ ِ
ة
ن المسلم يدعو رّبه في الشد ّ ِ ن﴾ .غَي َْر أ ّ دي َ ه ال ّن لَ ُ
صي َ خل ِ ِ
م ْ ُ
َ
ن م ْ ن ِ كا َ ه َ وَل أن ّ ُ فل َ ْوالرخاِء ،والسراِء والضراءِ َ ﴿ :
ن﴾ عُثو َ وم ِ ي ُب ْ َ ه إ َِلى ي َ ْ في ب َطْن ِ ِ ث ِ ن} {143ل َل َب ِ َ حي َسب ّ ِ م َ ال ْ ُ
ل الله وقت حاجِته وهو متضّرع ٌ إلى رّبه ، ن الكثير يسأ ُ .إ ّ
لل ه عّز وج ّ فإذا تحّقق مطلُبه أعرض ونأى بجانِبه ،والل ُ
ن ،ول ُيخادعُ كما ُيخادعُ ب على الولدا ِ ب عليه كما ُيلع ُ ُيلع ُ
ن الذين م﴾.إ ّ ه ْ ع ُ خاِد ُ و َ ه َ
و ُ ه َ ن الل ّ َ عو َ خاِد ُ ل ﴿ ،يُ َ الطف ُ
م إل تلميذ ٌ لذاك صنائِع ما ه ْ ت ال ّ يلتجئون إلى اللهِ في وق ِ
ل تحزن
202
﴿ ن: ت الوا ِ ه بعد فوا ِ ف فرعون ،الذي قيل ل ُ ل المنحر ِالضا ّ
ن ﴾. دي َ س ِ ف ِ ن ال ْ ُ
م ْ م َت ِ و ُ
كن َ ل َ ت َ
قب ْ ُ صي ْ َع َ و َ
قدْ َ ن َ
آل َ
ق
ل العرا ُ ت هيئة الذاعةِ البريطانيةِ ُتخبُر حين احت ّ سمع ُ
الكويت :أن تاتشر رئيسة الوزراِء البريطانية السابقة كانت
ت إلى رع ْ ت الخبر هُ ِ في وليةِ كلورادو المريكيةِ ،فلما سمع ِ
ت! الكنيسةِ وسجد ْ
ل مث ْ ِ
ظ الفطرةِ عند ِ ول أفسُر هذه الظاهرة إل باستيقا ِ
نرهم وضلِلهم ،ل ّ ل ،مع كف ِ رها عّز وج ّ هؤلِء إلى فاط ِ
ل مولوِد ن بهِ تعالى )) :ك ّ النفوس مفطورة ٌ على اليما ِ
صراِنه أو ه أو ين ّ ودان ِ ِ ة ،فأبواهُ يه ّ ُيولدُ على الفطر ِ
ه (( . جسان ِ ِ يم ّ
********************************************
**
ق ،فإّنه
خر الّرز ِن على تأ ّ ل تحز ْ
ى
م ًل مس ّ بأج ٍ
ق
ق ،ويبادُر الزمن ،ويقل ُ ل نصيبه من الّرز ِ الذي يستعج ُ
خرِ رغباِته ،كالذي يسابقُ المام في الصلةِ ،ويعُلم ن تأ ّ
م ْ
رغ درة ٌ َ ،فُ ِ م إل بْعد المام! فالموُر والرزاقُ مق ّ أّنه ل يسل ّ ُ
مُر َ ْ
ق الخليقةِ ،بخمسين ألف سنةٍ ﴿ ،أَتى أ ْ منها قبل خل ِ
فل َ َرآ ّ
د ر َ خي ْ ٍ
ك بِ َ رد ْ َ
وِإن ي ُ ِ ه﴾َ ﴿، جُلو ُ ع ِست َ ْفل َ ت َ ْ ه َالل ّ ِ
ه﴾. ضل ِ ِ
ف ْ لِ َ
م إني أعوذ ُ بك من جلد ِ الفاجرِ ، ل عمُر » :الّله ّ يقو ُ
ت ة .فلقد ْ ط ُْف ُ ة صادق ٌ ة عظيم ٌ ة « .وهذهِ كلم ٌ وعجزِ الثق ِ
ل، ن أعداِء اللهِ عّز وج ّ ت كثيرا ً م ْ بفكري في التاريِخ ،فوجد ُ
ب ج َ ح :العَ َ ّ
ب والجلدِ والمثابرةِ والطمو ِ دأ ِ ن ال ّ مم ْ عنده ْ
ل
م من الكس ِ ت كثيرا ً من المسلمين عنده ْ ب .ووجد ُ الُعجا َ
مق ت عُ ْ م ،فأدرك ُ ه به علي ٌ ل :ما الل ُل والّتخاذ ُ ِ والفتورِ والّتواك ُ ِ
ه عنه . - مَر – رضي الل ُ كلمةِ عُ َ
*****************************************
ل تحزن
203
ع
ل الناف ِ
س في العم ِ
انغم ْ
ف والعاص بن وائل خل َ ٍ ن الوليد بن المغيرةِ وُأمية بن َ أ ّ
ق﴿ أنفقوا أموالهم في محاربةِ الرسالةِ ومجابهةِ الح ِ
ن﴾. غل َُبو َ م يُ ْ سَرةً ث ُ ّ ح ْ م َ ه ْ ن َ َ
علي ْ ِ كو ُ م تَ ُ ها ث ُ ّ قون َ َ ف ُ سُين ِ ف َ َ
م ،لئل ّ ُيشاد بها ن كثيرا ً من المسلمين يبخلون بأمواِله ْ ولك ّ
ما فإ ِن ّ َل َ خ ْ من ي َب ْ َ و َن﴿ َ ح اليما ِ مناُر الفضيلةِ ،وُيبنى بها صر ُ
جُز الثقةِ . جر وع ْ جل َد ُ الفا ِ ه ﴾ ،وهذا َ س ِ ف ِ عن ن ّ ْ ل َ خ ُ ي َب ْ َ
ت ) جولدا مائير ( اليهوديةِ ،بعنوان ) الحقد ( كرا ِ في مذ ّ
ت عشرة لس ّ ل حياِتها تعم ُ ن مراح ِ :فإذا هي في مرحلةٍ م ْ
ضال ّةِ وأفكاِرها ة بل انقطاٍع ،في خدمةِ مبادِئها ال ّ ساع ً
ن شاء ة ،وم ْ ت مع ) بن جوريون ( دول ً المنحرفةِ ،حتى أوجد ْ
فلينظ ُْر كتابها .
ةن أبناِء المسلمين ل يعملون ولو ساع ً ت ألوفا ً م ْ ورأي ُ
ما ب ونوم ٍ وضياٍع ﴿ َ شر ٍ لو ُ م في لهو وأك ٍ واحدةً ،إنما ه ْ
م إ َِلى قل ْت ُ ْ ه اّثا َ ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ فُروا ْ ِ م ان ِ ل ل َك ُ ُ قي َ ذا ِ ل َك ُ ْ
م إِ َ
ض﴾. ر ال َ
ِ ْ
كان عمُر دؤوبا ً في عمله ليل ً ونهارا ً ،قليل النوم .فقال
سي ،ولو ت نْف ِ ل ضاع ْ ت في الّلي ِ م ؟ قال :لو نم ُ أهُله :أل تنا ُ
ت رعي ِّتي . ت في النهارِ ضاع ْ نم ُ
ف ك ) موشى ديان ( بعنوان ) السي ُ ت الهال ِ في مذكرا ِ
ن مدينةٍ إلى م ( :كان يطيُر من دولةٍ إلى دولةٍ ،وم ْ والحك ُ
ت، مدينةٍ ،نهارا ً وليل ً ،سّرا ً وجهرا ً ،ويحضُر الجتماعا ِ
ب ت ،والمعاهدات ،ويكت ُ صفقا ِ سقُ ال ّ ت ،وين ّ ويعقد ُ المؤتمرا ِ
ة
ن القرد ِ جل َد ُ إخوا ِ ت :واحسرتاه ُ ،هذا َ ت .فقل ُ كرا ِ المذ ّ
ن هذا جلد ُ جُز كثيرٍ من المسلمين ،ولك ْ والخنازيرِ ،وذاك ع َ ْ
جُز الثقةِ . الفاجرِ وعَ ْ
ن لم ن ماز ٍ تم ْ لو كن ُ لن ذ ُهْ ِ م ْ بنو الّلقطيةِ ِ
بليوأخرج والفراغ ِ ، حإيباناالعطالة والبطالةتستب ِ ْ عم ُْرنش حارب ِ ب لقد ْ
شبابا ً سكنوا المسجد ،فضربهم وقال :اخرجوا واطلبوا
ل تحزن
204
ن مع الفراغ ة.إ ّ ن السماء ل تمطُر ذهبا ً ول فض ً الّرزق ،فإ ّ
ي والنهياًر ض النفس ّ والعطالةِ :الوساوس والكد ََر والمر َ
ط :السرور ل والنشا ِ ن مع العم ِ م .وإ ّ م والغ ّ ي واله ّ العصب ّ
م، م والغ ّ حُبور والسعادة .وسوف ينتهي عندنا القلقُ واله ّ وال ُ
ل بدورِهِ في ة إذا قام ك ّ ة والنفسي ّ ُ ة والعصبي ّ ُ ض العقلي ّ ُ والمرا ُ
ت ل ،وفتح ِ ت المعام ُ ت المصانعُ ،واشتغل ِ مل ِ الحياةِ ،فعُ ِ
ت ة ،والمخيما ُ ة والدعوي ّ ُ ة والتعاوني ّ ُ ت الخيري ّ ُ الجمعّيا ُ
رها ﴿ .. ة وغ َي ْ ُ ت العلمي ّ ُ دورا ُ ة ،وال ّ ت الدبي ّ ُ ملتقيا ُ والمراكُز وال ُ
قوا﴾ ساب ِ ُ َ ْ مُلوا ْ ﴾ َ ﴿ ، و ُ
ض﴾ َ ﴿، في الْر ِ شُروا ِ فانت َ ِ ع َلا ْ ق ِ َ
ل من ه داود كان يأك ُ ي الل ِ عوا ْ﴾ )) ،وإن نب ّ ر ُ
سا ِ و َ َ ﴿،
ده (( . لي ِ عم ِ
ن دث ع ْ ة الحياةِ ( ،تح ّ ب ،بعنوان ) صناع ُ وللّراشدِ كتا ٌ
س ل يقومون ً ب ،وذ َك ََر أ ّ
ن كثيرا من النا ِ هذهِ المسالةِ بإسها ٍ
بدوِرهم في الحياةِ .
ت ،ل ُيدركون س أحياٌء ،ولكّنهم كالموا ِ ِ وكثيٌر من النا
م ،ول ُ
مِته ْ سّر حياِتهم ،ول ُيقدمون لمستقبلهم ول ل ّ
ف ﴾ ﴿ ،لّ وال ِ ِ خ َ ع ال ْ َ م َ كوُنوا ْ َ ضوا ْ ب َِأن ي َ ُ سهم خيرا ً ﴿ َر ُ لنف ِ
ُ
ر ضَر ِ وِلي ال ّ غي ُْر أ ْ ن َ مِني َ ؤ ِ م ْ ن ال ْ ُ م َ ن ِ دو َ ع ُ قا ِ وي ال ْ َ ست َ ِيَ ْ
ه﴾. ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ ن ِ دو َ ه ُ جا ِ م َ وال ْ ُ َ
م مسجد الرسول ت تُق ّ ن المرأة السوداء التي كان ْ إ ّ
ة م ٌ َ
ول َ دورِ الجنة ﴿ َ ت بهذا ال ّ ت بدوِرها في الحياةِ ،ودخل ْ قام ْ
م ﴾. جب َت ْك ُ ْ ع َ و أَ ْ ول َ ْ ة َ رك َ ٍ ش ِ م ْ من ّ خي ٌْر ّ ة َ من َ ٌ ؤ ِ م ّْ
ه
دى ما علي ِ لأ ّ مْنبر للرسو ِ صن َعَ ال ِ م الذي َ وكذلك الغل ُ
ن ذي َ وال ّ ِ ن موهلته في الّنجارةِ ﴿ َ ،وكسب اجرا ً بهذا المرِ ،ل ّ
م﴾. ه ْ هد َ ُ ج ْ ن إ ِل ّ ُ دو َ ج ُ ل َ يَ ِ
ة عام 1985م ت المتحدةُ المريكي ّ ُ ت الوليا ُ سمح ِ
ن المجرمين دعاةِ المسلمين سجون أمريكا ،ل ّ ل ال ّ بدخو ِ
ة ،إذا اهتد َْوا إلى السلم ِ ،أصبحوا أعضاًء والمرّوجين والَقت َل َ َ
كان ميتا ً َ َ َ
ه
حي َي َْنا ُ فأ ْ من َ َ َ ْ و َ م﴿أ َ صالحين في مجتمعاِته ْ
س ﴾. في الّنا ِ ه ِ شي ب ِ ِ م ِ ه ُنورا ً ي َ ْ عل َْنا ل َ ُ ج َ و َ َ
ل تحزن
205
سداد في ن أراد ال ّ ن لم ْ ن ،نافعا ِ ن عظيما ِ ن اثنا ِ دعاءا ِ
ث والوقائِع . س عند الحدا ِ ط النف ِ المورِ وضب ْ ِ
ه: ن الرسول قال ل ُ ي،أ ّ ث عل ّ ل :حدي ُ الو ُ
م. دني (( .رواه ُ مسل ٌ م اهدِني وسدّ ْ ل :الله ّ ق ْ )) ُ
حصْين بن عبيدٍ ،عند أبي داود :قال ث ُ الثاني :حدي ُ
قني شّر دي ،و ِ م ألهمني ُرش ْ ل :الّله ّ له )) : ق ْ
فسي (( . نَ ّ
ن
ن عو ٌ م يك ْ إذا ل ْ فأكثُر ما يجني عليه
ة للفتىوكراهِي َ ُ ش، العي ْ ِ باللهِ من ّ شه ُقُ البقاِء ،وح اجتهاد ُ ْ
الّتعل ّقُ بالحياة ،وع
مل َقَ والقلق صدرِ وال َ ضيقَ ال ّ ت ُ ،يورد ُ العبد َ :الكد ََر و ِ المو ِ
والرق والّرهق ،وقد لم الله اليهود على تعل ِّقهم بالحيا ِ
ة
الدنيا ،فقال ﴿ :ول َت َجدن ّهم أ َ
ة حَيا ٍ عَلى َ س َ ِ ناّ ال صَ ر
َ ح ْ َ ِ َ ُ ْ
مُر أل ْ َ َ َ ن أَ ْ
ة سن َ ٍ ف َ ع ّ و يُ َ م لَ ْ ه ْ حد ُ ُ ود ّ أ َ كوا ْ ي َ َ شَر ُ ذي َ ن ال ّ ِ م َ
و َِ
َ
صيٌر ه بَ ِ والل ّ ُ مَر َ ع ّ ب أن ي ُ َ ذا ِ ع َ ن ال ْ َ م َ ه ِ ح ِ ز ِ ح ِ مَز ْ و بِ ُ ه َما ُ و َ َ
ن﴾. ملو َ ُ ع َ ما ي َ ْ بِ َ
ي
وهنا قضايا ،منها :تنكيُر الحياةِ ،والمقصود ُ :أّنها أ ّ
ت ت ،ولو كان ْ جماوا ِ ت حياة البهائم ِ والع ْ حياةٍ ،ولو كان ْ
م يحرصون عليها . ة فإّنه ْ ة رخيص ً شخصي ً
ن اليهوديّ كان يلقى ف سنةٍ ل ّ ظ :أل ِ ومنها :اختياُر لف ِ
ش ألف ع ْ م صباحا ً ألف سنةٍ .أي ِ : ع ْ هِ : لل ُ اليهوديّ فيقو ُ
م يريدون هذا العمر ه وتعالى أنه ْ سنةٍ .فذكر سبحان ُ
ة ؟! مصيُرهم إلى ناٍر ن لو عاشوهُ فما النهاي ُ الطويل ،ولك ْ
ن﴾. صُرو َ م َل ُين َ ه ْ و ُ خَزى َ ة أَ ْ خَر ِ ب اْل ِ ذا ُ ع َ ول َ َ ظى ﴿ َ تل ّ
دعى . ه يُ ْ م والل ُ ت العامةِ :ل ه ّ ن كلما ِ ن أحس ِ م ْ
ه ب من ُ ن هناك إلها ً في السماِء ُيدعى ،وُيطل ُ والمعنى :أ ّ
مك ، كلت رّبك به ّ م أنت في الرض ،فإذا و ّ الخي ُْر ،فلماذا تهت ّ
ِ شَفه وأزاله ﴿ أ َ
ف ش ُ وي َك ْ ِ َ ُ ه عا َ َ د ذا َ إ
ّ ِ ر َ ط ض ْ مُ ْ ل ا ب ُ جي ِ ُ ي من ّ ك َ
ب َ َ َ َ ذا سأ َ وإ ِ َ
ري ٌ ِ ق ني ّ ِ إ ف ني ّ ع َ دي ِ با َ عِ ك ل َ سوءَ ﴾ َ ﴿ ، ال ّ
ن﴾. ع إِ َ أُ
عا ِ ذا دَ َ ِ دا ّ ال َ ة و
َ ع
ْ َ د ب ُ جي ِ
ل تحزن
206
نصبرِ أ ْ
أخل ِقْ بذي ال ّ بن القْرِع للبوا ِ
م ِ
مد ْ ِ
و ُ
يحظى بحاجت ِهِ أن يِلجا
**************************************
ة
ق غالي ٌ
في حياِتك دقائ ُ
ي
خ علي الطنطاو ّ ن للشي ِ معّبري ْ ِ ن ُ مؤّثري ْ ِ ن ُ ت موقفي ْ ِ رأي ُ
كراتهِ : في مذ ّ
سه وكاد يغرقُ على ث عن نف ِ ل :تحد ّ َ ف الو ُ الموق ُ
ت، ح فأشرف على المو ِ ئ بيروت ،حينما كان يسب ُ شاط ِ
ن لموله ُ ، ع ُ ت ُيذ ِ مي ّا ً عليهِ ،وكان في تلك اللحظا ِ مغْ ِ مل َ ح ِ و ُ
ه دد إيمانه وعمل ُ ة إلى الحياةِ ،ليج ّ ويود ّ لو عاد َ ولو ساع ً
ن عنده منتهاه . ل اليما ُ صالح ،فَيص ِ ال ّ
ن سوريا إلى دم في قافلةٍ م ْ ف الثاني :ذ َك ََر أنه ق ِ والموق ُ
ق ،وبينما هو في صحراِء تبوك ضّلوا وب َُقوا ثلثة ت اللهِ العتي ِ بي ِ
ت، مُهم واشراب ُُهم ،وأشرفوا على المو ِ أيام ،وانتهى طعا ُ
ة فقام وألقى في الجموِع خطبة الوداِع من الحياةِ ،خطب ً
ن اليمان سأ ّ توحيدّية حاّرةً رّنانة ،بكى وأبكى الناس ،وأح ّ
ل في عله ﴿ هج ّ منقذ ٌ إل الل ُ ن ول ُ معي ٌ ارتفع ،وأنه ليس هناك ُ
في و ِ ه
ُ م و ي لّ ُ ك ض ر ت واْل َ وا ما س ال في ِ من ه ُ ليسأ َ
َ ْ ٍ َ ْ ِ َ ِ َ َ ّ َ ُ َ ْ
ن ﴾. ْ َ
شأ ٍ
َ
ه ع ُم َ ل َ قات َ َ ي َ من ن ّب ِ ّ وك َأّين ّ ه وتعالى َ ﴿ : ل سبحان ُ يقو ُ
َ
ه ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ م ِ ه ْ صاب َ ُ ما أ َ هُنوا ْ ل ِ َ و َ ما َ ف َ ن ك َِثيٌر َ رب ّّيو َ ِ
ن ﴾. ري َ صاب ِ ِ ب ال ّ ح ّ ه يُ ِ والل ّ ُ كاُنوا ْ َ ست َ َ ما ا ْ و َ فوا ْ َ ع ُ ض ُ ما َ و َ َ
دون أعداءهم ب المؤمنين القوياء الذين يتح ّ ن الله يح ّ إ ّ
س ،ول ط واليأ ِ بصبرٍ وجلدةٍ ،فل يِهنون ،ول ُيصابون بالحبا ِ
ل ،بل ف والفش ِ هم ،ول يستكينون للذ ّل ّةِ والضعْ ِ تنهاُر قوا ُ
ة إيماِنهم برّبهم مدون وُيواصلون وُيرابطون ،وهي ضريب ُ يص ُ
ب إلى ي خيٌر وأح ّ ن القو ّ م )) المؤم ُ م وبديِنه ْ وبرسوِله ْ
ل خيٌر (( . ف وفي ك ّ ضعي ِ ن وال ّ من المؤم ِ هالل ِ
ه ُ
ت الل ِ ه – في ذا ِ ه عن ُ صب ُعُ أبي بكرٍ – رضي الل ُ تأ ْ جرح ْ ُ
فقال :
ل تحزن
207
ع
صب َ ٌ
ت إل إ ْ ل أن ِ ه ْ ل الله ما وفي سبي ِ
تمي ِ دَ ِ ت لِقي ِ
ب الغارِ ليحمي بها الرسول ِ ق
ْ َ ث في هووضع أبو بكرٍ إصبع ُ
ت بإِذن اللهِ . ب ،فُلدغ ،فقرأ عليها فبرئ ْ من العقر ِ
ب سّر في شجاعِتك ،وأنك تِغل ُ ل لعنترة :ما ال ّ قال رج ٌ
خذ إصبعي في الّرجال ؟ قال :ضعْ إصبعك في فمي ،و ُ
ضعَ عنترة ُ إصبعه في فم ِ فمك .فوضعها في فم ِ عنترة ،وو َ
ل من اللم ، ض إصبع صاحِبه ،فصاح الرج ُ لع ّ ل ،وك ّ الّرج ِ
ت ج له عنترةُ إصبعه ،وقال :بهذا غلب ُ ولم يصبْر فأخر َ
ل. صبرِ والحتما ِ البطال .أي بال ّ
ف اللهِ ورحمته وعفوه ح المؤمن أن ُلط َ م ُيفر ُ نم ّ إ ّ
ب إيمان ِهِ . ب منه ،فيشعُر برعايةِ اللهِ ووليت ِهِ بحس ِ قري ٌ
ف تشعُر ت والطيوُر والزواح ُ ت والحياُء والعجماوا ُ والكائنا ُ
حسب ّ ُ ء إ ِل ّ ي ُ َ ي ٍ ش ْ من َ وِإن ّ ن لها رب ّا ً خاِلقا ً ورازقا ً ﴿ َ بأ ّ
م﴾. ه ْح ُ سِبي َ ن تَ ْ هو َ ق ُ ف َ كن ل ّ ت َ ْ وَلـ ِ ه َ مد َ ِ ح ْ بِ َ
ب حمدا ً ليس يا ر ّ ل ه كُ ّ نل ُ يا م ْ
غيُرك ُيحمد ُ صمد ُ ق ت ْْ ِ الخلئ ِ
م في ب بأيديه ْ ث يرمون الح ّ ت الحْر ِ ة وَق َ م ُ عندنا ،العا ّ
س ،بين س َ ،في بلد ٍ ياب ٍ ب ياب ٌ ض ،ويهتفون :ح ّ ق الر ِ شقو ِ
َ
ض﴿أ َ
ن} حُرُثو َ ما ت َ ْ فَرأي ُْتم ّ والر ِ يديك يا فاطر السماوات
ة
ن ﴾ .إّنها نزع ُ عون َه أ َ {63أ َ َ
عو َ ر ُِ زا ّ ال نُ ح
ْ َ ن مْ ُ ُ رَ زْ َ ت م ْ ُ ت أن
ه إليهِ ،سبحانه وتعالى . ج ُ توحيدِ البري ،وتو ّ
ك – وهو أعمى – دالحميد ِ كش ُ صقعُ عب ُ م ْ ب ال ِ قام الخطي ُ
ب عليها ل ،مكتو ٌ ن جيبهِ سعفة نخ ٍ مْنبَر ،أخرج م ْ ما عل ال ِ فل ّ
ف في الجموِع ل ،ثم هَت َ َ ي الجمي ِ ط الكوف ّ ه ،بالخ ّ سها :الل ُ بنف ِ
:
شجرهْ انظ ُْر لتلك ال ّ ن صو ِ ت الغُ ُ ذا ِ
ن الذي أنبتها ضره
ه ْْ ضر بالخ ّ ِِوزانها الن
م ِ
ه الذي
ذاك هو الل ُ درهْ ُقدرُته ُ
مْقت ِ
ل تحزن
208
س بالبكاِء . جهش النا ُ فأ ْ
ة آياُته في ض مرسوم ٌ ت والر ِ ه فاطُر السماوا ِ إن ُ
صمديةِ والربوبي ّةِ واللوهي ّةِ ﴿ ت ،تنطقُ بالوحداني ّةِ وال ّ الكائنا ِ
هذا َباطِل ً ﴾ . ت َ ق َ خل َ ْ ما َ َرب َّنا َ
ن هناك رب ّا ً شعَُر أ ّ نت ْ ح،أ ْ ن دعائم ِ السرورِ والرتيا ِ م ْ
شْر برحمةِ رّبك التي ن تاب ،فأب ِ ب على م ْ م ويغفُر ويتو ُ يرح ُ
مِتي ح َ وَر ْ ت والرض ،قال سبحانه َ ﴿ : ت السماوا ِ وسع ِ
ه سبحانه وتعالى ، ء ﴾ ،وما أعظم لطف ُ ي ٍ ش ْ ل َ ت كُ ّ ع ْ س َ و ِ َ
ل اللهِ ، ن أعرابي ّا صلى مع رسو ِ ّ ً ث صحيٍح :أ ّ وفي حدي ٍ
م ارحمني ومحمدا ً ،ول ما أصبح في الّتشهّد ِ قال :الله ّ فل ّ
م معنا أحدا ً .قال )) : لقدْ حجرت واسعا ً (( . ترح ْ
ن كا َ و َ ل شيٍء ﴿ َ تك ّ ن رحمة الهِ وسع ْ أي :ضّيقت واسعا ً ،إ ّ
ه ن هذ ِ هم ْ م بعباِد ِ ه أرح ُ حيما ً ﴾ )) ،الل ُ ن َر ِ مِني َ ؤ ِ م ْ ِبال ْ ُ
دها (( . بول ِ
لَ، ب اللهِ عّز وج ّ ن عذا ِ ل نفسه بالنارِ فرارا ً م ْ أحرق رج ٌ
مَلك ح َ دي ،ما َ فجمعه سبحانه وتعالى وقال له )) :يا عب ْ ِ
ت فُتك ،وخشي ُ خ ْ بِ ، على ما صنعت ؟ قال :يا ر ّ
ح. ث صحي ٌ ه الجّنة (( .حدي ٌ ه الل ُ ذنوبي .فأدخل ُ
ن ع
َ س ف ْ ّ ن ال هى َ ن و ه ب ر م قا َ م ف َ خا َ ن م ما ﴿ وأ َ
ِ َ َ َ ِ ّ َ َ َ ْ َ ّ َ
وى ﴾ . ْ ْ ْ وى}َ {40 ْ
مأ َ ي ال َ ه َ ة ِ جن ّ َ ن ال َ فإ ِ ّ ه َ ال َ
م يجد ْ حدا ً ،فل ْ سه مو ّ مسرفا ً على نف ِ ه رجل ً ُ حاسب الل ُ
ن ة ،لكّنه كان ُيتاجُر في الدنيا ،ويتجاوُز ع ِ سن َ ً عنده ُ ح َ
ه. ن أوْلى بالكرم ِ منك ،تجاوزوا عن ُ ه :نح ُ ر ،قال الل ُ س ِ معْ ِ ال ُ
ه الجّنة . فأدخله الل ُ
ن﴾ دي ال م و ي تي ِ َ ئ طي خ َ لي ِ ر فِ غ
ْ ي أن ﴿ وال ّذي أ َطْمع َ
ِ ّ َ ْ َ ِ َ َ َ ُ َ ِ
ه﴾. ة الل ّ ِ م ِ ح َ من ّر ْ طوا ِ قن َ ُ َ ﴿ ،ل ت َ ْ
س ،فقام رج ٌ ّ
ل ن الرسول صلى بالنا ِ عند مسلم ٍ :أ ّ
ي .قال )) :أصليت ه عل ّ م ُ ت حد ّا ً ،فأقِ ْ فقال :أصب ْ ُ
فر لك (( غ ِ ب فقد ُ م .قال )) .اذه ْ معنا ؟ (( .قال :نع ْ
.
ل تحزن
209
َ
ر
ف ِغ ِ ست َ ْ
م يَ ْ ه ثُ ّس ُ ف َم نَ ْ و ي َظْل ِ ْ سوءا ً أ ْ ل ُ م ْ
ع َمن ي َ ْو َ﴿ َ
حيما ً ﴾ . فورا ً ّر ِ غ ُه َ د الل ّ َ ج ِه يَ ِ الل ّ َ
ن خلفه ، مهِ وم ْ ن أما ِ م ْكتنف العبد َ ِ ، يي ْ
ف خف ّ هناك ُلط ٌ
ت قدمي ْهِ ، ن تح ِ ن فوِقه وم ْ م ْ ن شمال ِهِ ،و ِ وعن يمينهِ وع ْ
مت عليه ُ ب العالمين ،انطبق ْ هر ّ ي هو الل ُف الخف ّ ب الّلط ِصاح ُ
خرةُ في الغارِ ،وأْنجى إبراهيم من النارِ ،وأنجى موسى ص ْ
ال ّ
ب وأيوب ج ّ ن ،ويوسف من ال ُ طوفا ِ ق ،وُنوحا ً من ال ّ من الغر ِ
ض.من المر ِ
***************************************
وقفــة
ت رسول اللهِ ت :سمع ُ ة أّنها قال ْ م َ سل َ َ م َ عن أ ّ
ل ما ة ،فيقو ُ ن مسلم ٍ ُتصيُبه مصيب ٌ ل )) :ما م ْ يقو ُ
م ن ﴾ الّله ّ جعو َ ه َرا ِ وإ ِّنـا إ ِل َي ْ ِ ه ﴿ :إ ِّنا ل ِل ّ ِ
ه َ أمره الل ُ
ف لي خيرا ً مْنها ؛ إل ّ جْرني في مصيبتي وأخل ْ ا ُ
ه خيرا ً مْنها (( . هل ُ أخلف الل ُ
قال الشاعُر :
ن م ْ ي ل واللهِ ما ِ خليل ّ ني وإ ْ م على ح ّ دو ُت ُ
فل مةٍ يوملا ِ ً ّ
م
ُ تن نزل ْ فإ ْ ت جل ّ ِ
إذا كوى هي شِ ْول ُتكِثر ال ّ
لها ن ضعَ
خ َ ل زل ّ حتى ُ
م ٍ قد ْ كري ْ مت ْ
نْ م ِ فك ْ تت مض ِْ فصابرها الّنع
ب
مِاليا ٍ علىبنوائ ي
ت ُبل ْ وكان ْ ت
على واضمحل ّ ِ ت صبري ما رأ ْ فل ّ
وقالةً آخر : نفسي عزيز ت ل ذل ّ ِ الذ ّ ّ
م يضيقُ صدري بغ ّ خير لي في وُرّبما ِ
ن ة يوم ٍ يكو ُ حاُرِدث ّ
بٍ عند و أحيانا
ره رْوحا ً م
الغ ِ ّ
وعند آخ
ه ما ً أّول ُ
عند رع ّالغ
تذْ ضق ُ ما ِ يحانا
ل قد ْ ح ّ ج ور إل ّ ولي فر ٌ
ة ناِئب
******************************** ٍ أوْ حانا
ة
ق السعاد ِ
ة طري ُ الفعا ُ
ل الجميل ُ
ل تحزن
210
ه، ةل ُ ة جميل ً ي كلم ً طائ ّ ن حاتم ال ّ ل ديوا ِ ت في أوّ ِ رأي ُ
ٍ
ه. شّر يكفيك ،فد َعْ ُ ك ال ّ ل فيها :إذا كان تر ُ يقو ُ
شّر واجتناُبه ، ن ال ّ ِ تع سكو ُ ومعناهُ :إذا كان يسع ال ّ
م﴾. ه ْ ذا ُ ع أَ َ ود َ ْ م﴾َ ﴿، ه ْ عن ْ ُ ض َ ر ْ ِ ع
ْ فأ َفحسُبه بذلك ﴿ َ
ح ك من الفّتا ِ ة ،وعطاٌء مبار ٌ ة رّباني ّ ٌ س موهب ٌ ة للنا ِ محب ّ ُ
العليم ِ .
ث ي ثل ُ ل:ف ّ دثا ً بنعمةِ اللهِ عّز وج ّ س متح ّ ن عبا ٍ يقول اب ُ
ت بذلك ، سرر ُ ت الله و ُ ض ،إل ّ حمد ُ ث بأر ٍ ل :ما نزل غي ٌ خصا ٍ
ل ،إل ّ ض عاد ٍ ت بقا ٍ وليس لي فيها شاةٌ ول بعيٌر .ول سمع ُ
ن ةم ْ ت آي ً ة .ول عََرف ُ ت الله له ،وليس عنده لي قضي ّ ٌ دعو ُ
ف. ن الناس يعرفون منها ما أعر ُ تأ ّ ب اللهِ ،إل ّ وِدد ُ كتا ِ
ةم وسلم ُ ة الفضيلةِ بينه ْ س ،وإشاع ُ ب الخيرِ للنا ِ ح ّ إنه ُ
ح للخليقةِ . ل النص ِ حك ّ ص ُ م ،والن ّ ْ صدرِ له ْ ال ّ
ل الشاعُر : يقو ُ
ى ول ت عل ّ فل نزل ْ م
ب ليس تن ْت َظ ِ ُ سحائ ِ ُ
ما ً في بأرضي عا ّ ث
ة ،والغي ْ ُ م ً ة عا ّ البلدا الغمام ُ ن المعنى :إذا لم تك ِ
ن ذي َ ت أناني ّا ً ﴿ال ّ ِ ة بي ،فلس ُ ص ًن تكون خا ّ دها أ ْ س ،فل أري ُ ٍ النا
س ِبال ْب ُ ْ ْ
م ه ُ ما آَتا ُ ن َ مو َ وي َك ْت ُ ُ ل َ خ ِ ن الّنا َ مُرو َ وي َأ ُ ن َ خُلو َ ي َب ْ َ
ه﴾
ضل ِ ِ ف ْ من َ ه ِ الل ّ ُ
حه الفّياضةِ ، ن ُرو ِ ثع ْ ل حاتم ٍ ،وهو يتحد ّ ُ أل ُيشجيك قوْ ُ
م: وعن خلِقهِ الج ّ
م الغيب أما والذي ل يعل ُ حيي الِعظام البيض وي ُ ْ
وي غيُره ُ
البطن ت أط ِ لقد ْ كن ُ ل مَيقا ُ رميأن ُ هي و ْ
مخافة يوم ٍ
والّزاد ُ ُيشتهى
********************************* ملئي ُ *******
ضاّر
م ال ّ
ع والعل ُ عل ْ ُ
م الناف ُ ال ِ
ن ُأوُتوا ذي َ ل ال ّ ِ م إذا دّلك على اللهِ َ ﴿ .
و َ
قا َ ِليهِْنك العِل ْ ُ
ه إ َِلى ي َ ْ
وم ِ ب الل ّ ِ
في ك َِتا ِم ِ قدْ ل َب ِث ْت ُ ْ
ن لَ َ
ما َلي َ وا ْ ِ عل ْ َ
م َ ال ْ ِ
ل سبحانه ن هناك علما ً إيماني ّا ً ،وعلما ً كافرا ً ،يقو ُ ث﴾.إ ّ ع ِ ال ْب َ ْ
ل تحزن
211
ة الدّن َْيا حَيا ِ ن ال ْ َ م َ هرا ً ّ ظا ِ ن َ مو َ عل َ ُ ن أعدائ ِهِ ﴿ :ي َ ْ وتعالى ع ْ
ل ن ﴾ .ويقول عنهم ﴿ :ب َ ِ فُلو َ غا ِ م َ ه ْ ة ُ خَر ِ ن اْل ِ ع ِ م َ ه ْ و ُ َ
ل ها ب َ ْ من ْ َ ك ّ ش ّ في َ م ِ ه ْ ل ُ ة بَ ْ خَر ِ في ال ِ ْ م ِ ه ْ م ُ عل ُ ْ ك ِ داَر َ ا ّ
ن م َ هم ّ غ ُ مب ْل َ ُ ك َ ل عنهم ﴿ ذَل ِ َ ن ﴾ .ويقو ُ مو َ ع ِ ها َ من ْ َ هم ّ ُ
َ
ي ذ َ م ن َب َأ ال ّ ِ ه ْ علي ْ ِ
ل َ َ وات ْ ُ ل وعل َ ﴿ : لج ّ عل ْم ِ . ﴾ ....ويقو ُ ال ْ ِ
شي ْ َ خ من ْها َ َ
ن كا َ ف َ ن َ طا ُ ه ال ّ ع ُ فأت ْب َ َ سل َ َ ِ َ فان َ آت َي َْناهُ آَيات َِنا َ
ه وَلـك ِن ّ ُ ها َ عَناهُ ب ِ َ ف ْ شئ َْنا ل ََر َ و ِ ول َ ْ ن}َ {175 وي َ غا َِ ن ال ْ َ م َ ِ
أَ
ب ِإن ل ال ْك َل ْ ِ ِ َ ث مَ َ ك ه
ُ ُ ل َ ث مَ فَ ُ ه وا َ ه
َ عَ َ ب ّ ت وا ْ ِ َ ض ر ل ا لى َ ِ إ َ د َ ل خ ْ
ْ ْ َ ْ َ
وم ِ ق ْ ل ال َ مث َ ُ ك َ هث ذّل ِ َ ه ي َل َ و ت َت ُْرك ْ ُ ثأ ْ ه ْ ه ي َل َ علي ْ ِ ل َ م ْ ح ِ تَ ْ
م ه ْ عل ّ ُ ص لَ َ ص َ ق َ ص ال ْ َ ص ِ ق ُ فا ْ ن ك َذُّبوا ْ ِبآَيات َِنا َ ذي َ ال ّ ِ
مهم : ن عل ِ ن اليهودِ وع ْ سبحانه وتعالى ع ِ ن ﴾ .وقال فك ُّرو َ ي َت َ َ
حمار يحم ُ َ
م لكّنه ل يهدي ، فارا ً ﴾ :إّنه عل ٌ س َ لأ ْ ل ال ْ ِ َ ِ َ ْ ِ مث َ ِ ﴿ كَ َ
ل ة ،ون َْق ٌ ج ً ة ول فال ِ ت قاطع ً ة ليس ْ ج ٌ ن ل يشفي ،وح ّ وبرها ٌ
ة ولكن إلى م ليس بحقّ ،ودلل ٌ ق ،وكل ٌ ليس بصادِ ٍ
ب هذا ي ،فكيف يجد ُ أصحا ُ ه ولكن إلى غ ّ ج ٌ ف ،وتو ّ النحرا ِ
مهم ﴿ : ن يسحُقها بأقدا ِ لم ْ م أو ّ ُ العلم ِ السعادة ،وه ْ
قُلوب َُنا م ُ ه ْ ول ِ ِ ق ْ و َ دى ﴾ َ ﴿ ، ه َ عَلى ال ْ ُ مى َ ع َ حّبوا ال ْ َ ست َ َ فا ْ َ
م﴾. ه ْ ر ِ ف ِ ها ب ِك ُ ْ عل َي ْ َ ه َ ع الل ّ ُ ل طَب َ َ ف بَ ْ غل ْ ٌ ُ
ة
ب الهائلةِ المذهلةِ في مكتب ِ ف من الكت ِ ت اللو ِ ت مئا ِ رأي ُ
ن ص،ع ْ ص ٍ ل تخ ّ ن ،وفي ك ّ لف ّ الكونجرس بواشنطن ،في ك ّ
ن المة التي ُ ك ّ
ب وأمةٍ وحضارةٍ وثقافةٍ ،ولك ّ ل وشع ٍ ل جي ٍ
م ُ
ة كافرةٌ برّبها ،إنها ل تعل ُ م ٌ ن هذه المكتبة العظمى ،أ ّ تحتض ُ
مع ول ما ما وراء ذلك فل س ْ إل العالم المنظور المشهود ،وأ ّ
صارا ً بصر ول قل ْب ول وع ْي ﴿ وجعل َْنا ل َهم سمعا ً َ
وأب ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
وَل م ه
ُ ر صا ب َ أ ل َ و م ه ع م س م ه ْ ن ع
َ نى َ ْ
غ َ أ ما َ
ف ً ة د ِ ئ ْ
ف وأ َ
َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ
ء﴾. ي ٍ من َ أ ْ َ
ش ْ هم ّ فئ ِدَت ُ ُ
مَر ن الت ّ ْ ة ،وإ ّ ن العن َْز مريض ٌ ضُر ،ولك ّ خ َ ضأ ْ إن الّرو َ
ل ،ولكن ب ُزل ٌ ن الُبخل مْروزِيّ ،وإن الماء عذ ْ ٌ مقفزيّ ،ولك ّ
ما و َ ة﴾َ ﴿. ة ب َي ّن َ ٍ ن آي َ ٍ م ْ هم ّ م آت َي َْنا ُ في الفم مرارةً ﴿ ك َ ْ
ل تحزن
212
ها كاُنوا ْ َم إ ِل ّ َ ْ
عن ْ َ ه ْ
ت َرب ّ ِ
ن آَيا ِ
م ْ
ة ّ
ن آي َ ٍ
م ْ
هم ّ
ت َأِتي ِ
ن﴾. ضي َ ر ِ
ع ِم ُْ
***************************************
ل
م ِ
ع والّتأ ّ أك ْث ِْر من ال ّ
طل
ِ
ح الصدر :كْثرة ُ المعرفةِ ،وغزارةُ الماد ّةِ ما يشر ُ نم ّ إ ّ
ظرةِ ، عمقُ الفكرِ ،وُبعد ُ الن ّ ْ العلمي ّةِ ،واّتساعُ الثقافةِ ،و ُ
ة سّر ل ،ومعرف ُ ص على الدلي ِ ة الفهْم ِ ،والغوْ ُ وأصال ُ
ق الشياِء ف حقائ ِ ك مقاصدِ المورِ ،واكتشا ُ المسألةِ ،وإدرا ُ
ما ل ك َذُّبوا ْ ب ِ َ ماء ﴾ ﴿ ،ب َ ْ عل َ َ ه ال ْ ُ عَباِد ِ ن ِ م ْ ه ِ شى الل ّ َ خ َما ي َ ْ﴿ إ ِن ّ َ
ل حب الصدرِ ،واسع البا ِ ن العاِلم ر ْ ه ﴾.إ ّ م ِ عل ْ ِ طوا ْ ب ِ ِحي ُ م يُ ِ لَ ْ
ح الخاطرِ .. س ،منشر ُ ن النْف ِ ،مطمئ ّ
ق يزيد ُ بكْثرةِ النفا ِ ن به كّفا ً صإ ْ وينق ُ
ب :لي مل ّ منه شد ّْدتا
ج ف كبيٌر ُ في در ِ كري الغر ِ ل أحد مف يقو ُ
ل ت ارتكبُتها ،أكتُبه لك ّ ب عليه :حماقا ٌ مكتبي ،مكتو ٌ
ت أزاوُلها في يومي وليلتي ،لتخّلص ُ
ت وتوافه وعثرا ٍ سقطا ِ
منها .
ة
محاسبةِ الدقيق ِ ُ
مةِ بال ُ ف هذه ال ّ قلت :سبقك علماُء سل ِ
والتنقيب المضني لنفسهم ﴿وَل أ ُ
ة﴾ م ِوا َ س الل ّ ّ ِ ْ
ف ّ ن بالِ م ُ س ِ ْ
ق َ ِ ُ ّْ ِ
.
ة من سب َ ً محا َ سهِ أشد ّ ُ م لنف ِ ن البصريّ :المسل ُ قال الحس ُ
ك لشريك ِهِ . الشري ِ
ه من الجمعةِ إلى ب كلم ُ خثي ْم ٍ يكت ُ ُ ن ُ وكان الربيعُ ب ُ
ة جد َ سّيئ ً ن وَ َ مد الله ،وإ ْ ةح ِ جد َ حسن ً ن وَ َ الجمعةِ ،فإ ْ
استغفر .
ة ،وأنا ن أربعين سن ً بم ْ ف :لي ذن ٌ وقال أحد ُ السل ِ
ب المغفرةِ ﴿
ُ أسأ ُ
ح في طل ِ ت أل ّ ن يغفرهُ لي ،ول زل ُ ل الله أ ْ
ة﴾ . جل َ ٌو ِ م َ ه ْقُلوب ُ ُ و ُ ما آَتوا ّ ن َ ؤُتو َ ن يُ ْ ذي َ وال ّ ِ َ
********************************
س َ
ك ب نَ ْ
ف َ س ْ
حا ِ
ل تحزن
213
كرةٍ لديك ،لُتحاسب بها نْفشك ،وتذكر فيها ظ بمذ ّ
احتف ِ
ت الملزمة لك ،وتبدأ بذ ْ
كر الّتقد ّم ِ في معالجِتها . السلبّيا ِ
ن ُتحاسبوا ،وزُِنوهام قبل أ ْ سبوا أنُفسك ُ ْ
قال عمُر :حا ِ
ض الكبرِ .قبل أن ُتوزنوا ،وتزّينوا للعر ِ
ء تتكّرُر في حياِتنا اليومية :
ة أخطا ٍ
ثلث ُ
ت. ل :ضياع ُ الوق ِ الو ُ
ن إسلم ِ س ِ ح ْ ن ُ م ْ م فيما ل يعني ِ )) : الثاني :الّتكل ّ ُ
ه (( . ه ما ل يعني ِ ء ترك ُ المر ِ
ت م بتوافِهِ المورِ ،كسماِع تخويفا ِ ث :الهتما ُ الثال ُ
سين ، موسو ِ ت ال ُ هما ِ ت المثّبطين ،وتو ّ جفين ،وتوّقعا ِ مر ِال ُ
ة
ق السعادةِ وراح ِ ن عوائ ِ ل ،وهو م ْ ج ٌ م مع ّ ل ،وه ّ ك َد ٌَر عاج ٌ
ل. البا ِ
س: ل امرؤُ القي ِ يقو ُ
م صباحا ً أيها ع ْ أل ِ ن كان في نم ْ ل يِعم ْ وه ْ
البالي طل ُ
ل عمن ّ
إل سعيد ٌ ل ي ِال ْ وه ْ الخالي
ت صر ل يِبي ُ ل العُ ُ
الهموم قلي ُ
منعّم ل
بأوجاع ِ
م العباس دعاًء يجمعُ سعادة ٌالدنيا ّ ل عّلم الرسو ُ
و ف َ ع ْ والخرةِ ،وهو قوُله )) : الّلهم إني أسأُلك ال َ
والعافية (( .
ل. ل والج ِ ف فيه خيُر العاج ِ ف كا ٍ وهذا جامعٌ مانعٌ شا ٍ
ة﴾ خَر ِ ب ال ِ وا ِ ن ثَ َ س َ ح ْ
و ُب الدّن َْيا َ وا َه ثَ َ م الل ّ ُ ه ُفآَتا ُ﴿ َ
قى ﴾ . ش َوَل ي َ ْ ل َ ض ّ فَل ي َ ِ َ ﴿،
***************************************
حذَْرك َ ْ
م خذوا ِ
ُ
ب ،معل السبا ِ حْيطةِ واستعما ُ خذ ُ ال َن سعادةِ العبد ِ ا ْ م ْ
ل ،فإن الرسول بارز في بع ِ
ض ل على اللهِ عّز وج ّ الّتوك ّ ِ
دهم لما كلين ،وقال لح ِ ت وعليه ِدرعٌ ،وهو سي ّد ُ المتو ّ الغزوا ِ
ل ؟ قال )) :اعِقلهاقُلها يا رسول اللهِ ،أوْ أتوك ّ ُ قال له :أع ِ
كل (( .وتو ّ
ل تحزن
214
كم التوحيد ِ ،وتْر ُ ل على اللهِ ُقوا ُ ب والّتوك ّ ُ خذ ُ بالسب ِ فال ْ
ب ح في الشرِع ،وأخذ ُ السب ِ ل على اللهِ قد ْ ٌ السبب مع التوك ّ ِ
ح في التوحيد ِ . ل على اللهِ قَد ْ ٌ ك التوك ّ ِ مع تْر ِ
ص ظفره ، ن رجل ً ق ّ ن الجوزيّ في هذا :أ ّ وذ َك ََر اب ُ
خذ ْ بالحْيطةِ . فاستفحل عليه فمات ،ولم يأ ُ
ه
ن سردان ،فهصر بطن ُ ل على حمارٍ م ْ خ َ
ل دَ َ ج ٌ ور ُ
فمات .
ب المصريّ – أنه قال ن طه حسين – الكات ِ وذكروا ع ْ
كرين . صل مب ّ لسائِقهِ :ل ُتسرعْ حتى ن ِ
ب رْيثا ً . ب عجلةٍ ته ُ ل ُ :ر ّ وهذا معنى مث ٍ
قال الشاعُر :
متأّني ك ال ُ قد ُيدرِ ُ ن مع وقد ْ يكو ُ
بعض حاجِته ل الّزل ُ
ل قي ِ ج
المتع ّ
ُ
ن لب ّهِ ﴿ ْ وم ، ه
ُ من هو ْ
ل ب ، القدر ضُ يعار ُ ل فالّتو ّ
ْ
م سك ُ ْ كم ب َأ َ قي ُ ل تَ ِ سَراِبي َ و َحّر َ م ال ْ َ قيك ُ ُ ف ﴾ ﴿ ،تَ ِ ول ْي َت َل َطّ ْ
َ
﴾.
******************************************
ب الناس ا ْ
كس ِ
ب الناس ،واستجلب س ِ ن سعادةِ العبد ِ ُقدرُته على ك ْ وم ْ
عل ّلي ج َ وا ْ
مَ ﴿: م عليه السل ُ محب ِّتهم وعطِفهم ،قال إبراهي ُ
ن ﴾ ،قال المفسرون :الّثناُء ري َ ِ في اْل ِ
خ ق ٍِ صد ْ ن ِ سا َ لِ َ
ت قي ْ ُوأ َل ْ َن موسى َ ﴿ : ن .وقال سبحانه وتعالى ع ْ الحس ُ
ضهم :ما رآك أحد ٌ إل أحّبك . مّني ﴾ .قال بع ُ ة ّ حب ّ ً
م َ ك َ عل َي ْ َ
َ
ه في ث الصحيِح )) :أنتم شهداءُ الل ِ وفي الحدي ِ
م الحقّ . ق أقل ُ ْ
ة الخل ِ الرض (( .وألسن ُ
نء:إ ّ ل السما ِ ح )) :أن جبريل ُينادي في أه ِ وص ّ
ع له ء ،وُيوض ُ ل السما ِ ه أه ُ ب فلنا ً فأحّبوه ،فُيحب ّ ُ يح ّ
ض (( . القُبول في الر ِ
ة
سعَ ُ ن الكلم ِ و َ ة الوجهِ وِلي ُ سط ُ ب الود ّ :ب ْ ن أسبا ِ وم ْ
خلقُ . ال ُ
ل تحزن
215
س إليك : ح النا ِ ب أروا ِل القويةِ في جل ْ ِن العوام ِنم ْإ ّ
ء
ق في شي ٍ ل )) : ما كان الّرف ُ الّرفقُ ؛ ولذلك يقو ُ
ه (( . ء إل شان ُ ن شي ٍ إل زانه ،وما ُنزع م ْ
ويقول )) :من ُيحرم الرفق ُ ،يحرم الخير
كّله (( .
حرها . ج ْقال أحد الحكماء :الرفق ُيخرج الحّية من ُ
سرِ الخل ِّية . ن العسل ،ول ت َك ْ ِ ج ِ
قال الغربّيون :ا ْ
لة تأك ُ حل ِ من كالن ّ ْ ث الصحيِح )) :المؤ ُ وفي الحدي ِ
ت على عوٍد ،لم ع طّيبا ً ،وإذا وقع ْ طّيبا ً ،وتض ُ
سْرهُ (( . تك ِ
************************************
ت ال ُ
قدرة آيا ل في الديار واقرأ ْ تن ّ
ق ْ
ِ ّ ِ
دياِرل في ال ّ سفاُر والّتنّق ُ سرور :ال ْ ما يجُلب الفرح وال ّ وم ّ
ن بع ْ ة في أّول هذا الكتا ِ ت كلم ٌ ة المصارِ ،وقد سبق ْ ورؤي ُ
ت وا ِ ما َس َ في ال ّ ذا ِما َ هذا .قال سبحانه ﴿ :انظُُروا ْ َ
في اْل َ وال َ
روا ﴾ ﴿ ، فانظُ ُ ض َ َ ِ رْ ِ روا ُ سي ِ ل ْ ُ
ق ﴿ ، ﴾ ض
ِ رْ َ
فَينظُُروا ْ ﴾ . سيُروا ْ ِ َ
ض َ في الْر ِ م يَ ِ فل َ ْ أ َ
قال الشاعُر :
ث ِبرب ٍْع فيه ول تلب ْ ن ب القلب إل إ ْ ُيذي ُ
فيه م
بضي ْ ٌ لتا وشرق إن برك ُب ِ ْ
ب فالّتغّر ُ وغّر ْ يقك ّ ْ ْ ِ ِِ
عفيها من ما ٌ طوطة ،على نْف رحلة ابن ب ّ شأ ْرِْقتا نقد ْيقر وم ْ
ِ
ق اللهِ سبحانه ْ
من خل ِ ب العجاب ِ ج َ جدِ العَ َ ت،ي ِ المبالغا ِ
ة
ن ،ويرى أنها من الِعبر العظيم ِ فه في الكو ِ وتعالى ،وتصري ِ
ن يّغيَر أجواءه ن يسافر ،وأ ْ ن ،ومن الراحةِ له أ ْ للمؤم ِ
ح. ي المفتو ِ ب الكون ّ ومكانه ومحّله ،لقرأ في هذا الكتا ِ
ديارِ : - ل في ال ّ دث عن التنق ِ ل أبو تمام – وهو يتح ّ يقو ُ
شام ِ أهلي وبغداد ُ بال ّ ن بالّرْقمتي ِ
الهوى وأنا ط
وبالفسطا ِ
ل تحزن
216
ض َ حوا ْ ِ ض﴾َ ﴿، في اْل َْر ﴿ ُ
ق ْ
في الْر ِ سي ُ ف ِ ِ سيُروا ِ ل ِ
ع
م َج َ م ْ غ َ حّتى أ َب ْل ُ َ س﴾َ ﴿، ِ م
ش ْ ب ال ّ ر َ
ِ غ
م ْ ذا ب َل َ َ
غ َ حّتى إ ِ َ﴾َ ﴿،
قبا ً ﴾ . َ َ
ح ُ
ي ُ ض َ م ِوأ ْ نأ ْ ال ْب َ ْ
حَري ْ ِ
************************************
جدِين
جدْ مع المته ّ
ته ّ
ل. م اللي ِ ح الصدر :قيا ُ ومما ُيسعد ُ الن ّْفس ويشر ُ
ل، ن العبد إذا قام من اللي ِ وقد ْ ذكر في الصحيح :أ ّ
س ﴿. ً ّ
ضأ وصلى ،أصبح نشيطا طّيب النْف ِ وذكر الله ،ثم تو ّ
لن الل ّي ْ ِ م َ و ِ ن﴾َ ﴿، عو َ ج ُ ه َ ما ي َ ْ ن الل ّي ْ ِ
ل َ م َ قِليل ً ّ كاُنوا َ َ
ك﴾. ة لّ َ فل َ ً ه َنا ِ جد ْ ب ِ ِ ه ّ فت َ ََ
ث د ،وهو حدي ٌ داء عن الجس ِ ب ال ّ ل ُيذه ُ م اللي ِوقيا ُ
ن مْثل ح عند أبي داود )) :يا عبدالله ،ل ُتك ْ صحي ٌ
ل (( ، م اللي ِ ك قيا َ م الليل ،فَتر َ ن ،كان يقو ُ فل ٍ
ل (( . م من اللي ِ ه لو كان يقو ُ دالل ِ ل عب ُ م الرج ُ ع َ
)) ن ِ ْ
ة
ل شيٍء في هذه الحيا ِ ف على الشياِء الفانيةِ ،ك ّ ل تأس ْ
ه﴾ ه ُ ج َ و ْ ك إ ِّل َ هال ِ ٌ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ ه سبحانه وتعالى ﴿ك ُ ّ جه ُ ن إل و ْ فا ٍ
ذو ك ُ ه َرب ّ َ ج ُ و ْ قى َ وي َب ْ َن}َ {26 فا ٍ ها َ عل َي ْ َن َ م ْ
ل َ ﴿ ،كُ ّ
واْل ِك َْرام ِ ﴾ . ل َ جَل ِ ال ْ َ
ل الذي يبكي طف ِ ف على دنياه ،كال ّ ن النسان الذي يأس ُ إ ّ
على فْقدِ لعبت ِهِ .
**********************************
ة ق َ
فـــ ٌ و ْ
َ
ن آلم ِ الّروح ن ،وهما م ْ ن منهما قرينا ِ »ك ّ
ل اثني ِ
شّر في م توّقع ال ّ ن اله ّ ذباِتها ،والفْرق بينهما أ ّ ومع ّ
ه في ل المكرو ِ صو ِ ح ُم على ُ ل ،والحُزن الّتأل ّ ُ المستقب ِ
ب يرِد ُ على م وعذا ٌ ب ،وكلهما تأل ّ ٌ ت المحبو ِ الماضي أو فوا ُ
ن تعّلق مي حزنا ً ،وإ ْ س ّن تعّلق بالماضي ُ الّروِح ،فإ ْ
ما ً « .
مي ه ّ س ّل ُ بالمستقب ِ
ل تحزن
217
ة
دنيا والخر ِ م إني أسألك العافية في ال ّ )) الّله ّ
فو والعافية في دِيني م إني أسأُلك الع ْ ،الّله ّ
ن م ْ م است ُْر عوراتي وآ ِ دنياي وأهلي ومالي ،الله ّ و ُ
نم ْ يو ِ ن يد ّ ن بي ِ وعاتي ،اللهم احفظني م ْ ر ْ
ن فوقي ، م ْ ن شمالي و ِ ن يميني وع ْ خْلفي ،وع ْ
ن تحتي (( . م ْ
غتال ِ ن أُ ْ وأعوذُ بعظمتك أ ْ
قال الشاعُر :
ن رّبك ليس ألم تر أ ّ ةأياِديهِ الحديث ُ
ل ع تحصى ه
والقديم ْ
ن ٌالهموم ِ ِ س ّتَ َ مك م ول همو ُ ُيقي ِ ُ
شيءٌ
بعد فليسظ ُُر
ل الله ين لع ّ ه
ه مقيم ْ ُْ إليك بال
بنظر ُةٍ ِ
من
هذا
************************************** ه رحِيم ْ
ة ثَ َ
مُنك الجن ّ ُ
ل للشاعُر : يقو ُ
كسي التي تمل ِ ُ نف ْ فكيف أبكي على
ة
الشياء ذاهب ٌ شيٍء إذا ذهبا
ضِتها ومناصِبها وُدوِرها وقصوِرها ل ن الدْنيا بذهِبها وف ّ إ ّ
ن الرسول قال )) : ل قطرة دمٍع ،فعند الترمذيّ أ ّ تستأه ُ
ه ،وما كر الل ِ ن ما فيها إل ذ ْ ة ،ملعو ٌ الدنيا ملعون ٌ
واله ،وعالما ً ومتعّلما ً (( .
ل لِبيد ُ : ب ،كما يقو ُ س ُ
إنها ودائعُ فح ْ
ل والهلون وما الما ُ ن ُترد ّ ولبد ّ يوما ً أ ْ
ةإل وِديع ٌ الودائعُ
ة
خُر لحظ ً ت ل تؤ ّ ت والسيارا ِ ت والعقارا ِ إن المليارا ِ
ي: طائ ّم ال ّ ل العبد ِ ،قال حات ُ ن أج ِواحدةً م ْ
ك ما ُيغني الّثراُء مُر َلعَ ْ ت يوما ً إذا حشرج ْ
عن الفتى صد ُْر
وضاق بها ال ّ
ل تحزن
218
ن ل ،فإ ّ ل للشيء ثمنا ً معقو ً ولذلك قال الحكماُء :اجع ْ
حَياةُ الدّن َْيا ه ال ْ َ ذ ِ ه ِما َو َ نَ ﴿ : الدنيا وما فيها ل ُتساوي المؤم ِ
ب﴾. ع ٌ ول َ ِ
و َ ه ٌإ ِّل ل َ ْ
سك ثمنا ً غير الجن ِ
ة ل لنف ِ ن البصريّ :ل تجع ْ ل الحس ُ ويقو ُ
ص. خ ٍ ضهم يبيعها بُر ْ ة ،وبع ُ ن غالي ٌ ن نْفس المؤم ِ ،فإ ّ
م وتهد ّم ِ بيوِتهم ب أمواِله ْ ن الذين ينوحون على ذها ِ إ ّ
ص ق سياراِتهم ،ول يأسفون ويحزنون على نْق ِ واحترا ِ
ة
رهم في طاع ِ إيماِنهم وعلى أخطاِئهم وذنوِبهم ،وتقصي ِ
حوا على م كانوا تافهين بقد ْرِ ما نا ُ م سوف يعلمون أنه ْ رّبه ْ
ل مث ُ ٍة قيم ٍ و ُ ن المسألة مسأل ُ تلك ،ولم يأسفوا على هذهِ ؛ ل ّ
ن وي َذَُرو َ ة َجل َ َعا ِ ن ال ْ َحّبو َ ؤَلء ي ُ ِ ه ُ ن َ
ة﴿ :إ ِ ّ
ومواقف ورسال ٍ
قيل ً﴾. وما ً ث َ ِ م يَ ْ ه ْ وَراء ُ َ
******************************************
ي
ب الحقيق ّ
الح ّ
ن أسعْدِ نم ْ سعد َ ،إ ّ ن أولياِء اللهِ وأحبائهِ ِلت ْ نم ْ كُ ْ
السعداِء ذاك الذي جعل هدفه السمى وغايُته المنشودة
ه﴾ حّبون َ ُ وي ُ ِم َ ه ْحب ّ ُ ه ﴿ :يُ ِ ل ،وما أْلطف قول ُ ب اللهِ عّز وج ّ ح ّ ُ
.
ن ن قولهِ :يحّبونه ،ولك ّ بم ْ ج ُ ضهم :ليس العَ َ قال بع ُ
هم ن قول ِهِ يحّبهم ؛ فهو الذي خلقهم ورزقهم وتول ّ ُ العجب م ْ
هن الل ّ َ حّبو َ م تُ ِ كنت ُ ْ ل ِإن ُ ق ْ م ،ثم يحّبهم ُ ﴿ : وأعطاهُ ْ
ه﴾. م الل ّ ُ حب ِب ْك ُ ُ
عوِني ي ُ ْ فات ّب ِ ُ َ
ج على ب ،وهي تا ٌ ن أبي طال ٍ يب ِ وانظْر إلى مكُرمةِ عل ّ
ه. ه ورسول ُ ب الله ورسوله ،ويحّبه الل ُ ل ُيح ّ رأسهِ :رج ٌ
هو الل ّ َ
د ﴾ ،فكان ح ٌ هأ َ ُ ل ُ َ ق ْ ب﴿ ُ ن رجل ً من الصحابة أح ّ إ ّ
رها ،ويعيدها على لسانه ، ه بذك ْ ِ ل ركعةٍ ،ويَتول ّ ُ يرد ُّدها في ك ّ
ك بها وجدانه ،قال له : وُيشجي بها فؤاده ،ويحّر ُ
خَلك الجنة (( . )) حّبك إّياها أدْ َ
ت أقرؤهما قديما ً ،في ترجمةٍ لحدِ ما أعجب بيتين كن ُ
العلماِء ،يقول :
ل تحزن
219
ب الهاِئمين
ح ّ
إذا كان ُ ببليلى وسلمى يسل ُ ُ
الورى
أن يفعلفماذا عسىمن والعْقل
على شوقا ً بسَرى قلُبهالل ّ َّ
م َالذي الهائ ِ ُ العالم ِ العلى
ه ّ
ن أب َْناء الل ِ ح ُ صاَرى ن َ ْ والن ّ َهودُ َ ت ال ْي َ ُ قال َ ِو َ﴿ َ
كم ﴾ . كم ب ِذُُنوب ِ ُ عذّب ُ ُ
م يُ َ ل َ
فل ِ َ ؤهُ ُ
ق ْ حّبا ُ وأ َ َِ
ل، ب ما ٍ ب امرأةٍ ،وقارون ح ّ هح ّ ن مجنون ليلى قتل ُ إ ّ
ة حب ّا ً لله ب ،وُقتل حمزةُ وجعفُر وحنظل ُ ب منص ٍ وفرعون ح ّ
ولرسوله ،فيا لب ُعْد ِ ما بين الفريقين .
****************************************
وقفــــة
م عشرةٌ ط شرطةٍ سنوي ّا ً في أمريكا ،منه ْ » ينتحُر 300ضاب ِ
ضّباط في نيويورك وحدها ..ومنذ ُ عام 1987م يتزايد ُ عدد ُ
ت، سلطا ِ ت ال ّرين هناك ..وهي ظاهرةٌ أقلق ِ ح ِ
منت ِالشرطةِ ال ُ
حِثها . ط الشرطةِ بب ْ ي لضّبا ِ وقام التحاد ُ الوطن ّ
ط هو : ر الضبا ِ ب انتحا ِ ن أبرز أسبا ِ لقد ْ وجد التحاد ُ أ ّ
مطالبون م ُ دائم ِ الذي يعيشون فيه ،فه ْ ب ال ّتوت ُّر العصا ِ
ط المتزايدةِ مع ضغو ِ ل ال ّم ِ ت ،وتح ّ ت في الزما ِ دائما ً بالّثبا ِ
ل مع م ِ مل اللم ِ الّناتجة عن الّتعا ُ ارتفاِع نسبةِ الجريمةِ ،وتح ّ
ل ونساٍء وعجائز. ن أطفا ٍ ث الضحايا م ْ المجرمين ،ورؤيةِ جث ِ
ل دائم ٍ ، م بشك ٍ ب الثاني هو :وجود ُ السلحةِ معه ْ والسب ُ
م عملّية النتحارِ . ل عليه ُ دهم أو تسهّ ُ فهي ُتساع ُ
مط تت ّ ث انتحارِ الضبا ِ ن حواد ِ ن ثمانين بالمائةِ م ْ وقد ُوجد أ ّ
ط، ضّبا ٍ ص ،في ثلثةِ أيام ٍ متتاليةٍ انتحر ثلُثة ُ حهم الخا ّ بسل ِ
سهِ الميري « . طة مسد ِ ل منهم بواس ِ ك ّ
********************************
سرةٌ
مي ّ
ة ُ
هل ٌ
ةس ْ
شريع ٌ
سماحةِ في سرِ وال ّ ج صدر المسلم ظاهرة ُ الي ُ ْ ن مما ُيثل ُ
إ ّ
نقْرآ َك ال ْ ُ ما َأنَزل َْنا َ
عل َي ْ َ الشريعةِ السلميةِ ﴿ طه}َ {1
فسا ً ه نَ ْ ف الل ّ ُ سَرى﴾ ﴿ ،ل َ ي ُك َل ّ ُ
ك ل ِل ْي ُ ْ
سُر َ
ون ُي َ ّ
قى﴾ َ ﴿ ،ش َل ِت َ ْ
ل تحزن
220
ما و َ ها ﴾ َ ﴿ ، ما آَتا َ فسا ً إ ِّل َ ه نَ ْ ف الل ّ ُ ها﴾ َ ﴿ ،ل ي ُك َل ّ ُ ع َ س َ و ْ إ ِل ّ ُ
م ه ْ عن ْ ُ ع َ ض ُ وي َ َ ج﴾َ ﴿، حَر ٍ ن َ م ْ ن ِ دي ِ في ال ّ م ِ عل َي ْك ُ ْ ل َ ع َ ج َ َ
ع م َ م﴾َ ﴿، ت َ َ ل ال ِّتي َ غل َ َ َ
وال ْ
ن َ فإ ِ ّ ه ْ علي ْ ِ كان َ ْ م َ ه ْ صَر ُ إِ ْ
سرا ً﴾ َ ﴿ ،رب َّنا ل َ ر يُ ْ س ِ ع ْ ع ال ْ ُ م َ ن َ سرًا} {5إ ِ ّ ر يُ ْ ِ س ع ْ ال ْ ُ
عل َي َْنا ْ و أَ ْ َ
ل َ م ْ ح ِ ول َ ت َ ْ خطَأَنا َرب َّنا َ سيَنا أ ْ خذَْنا ِإن ن ّ ِ ؤا ِ تُ َ
ول َ قب ْل َِنا َرب َّنا َ من َ ن ِ ذي َ عَلى ال ّ ِ ه َ مل ْت َ ُ
ح َ ما َ صرا ً ك َ َ إِ ْ
فْر ل ََنا غ ِ وا ْ عّنا َ ف َ ع ُ وا ْ ه َ ة ل ََنا ب ِ ِ ق َ طا َ ما ل َ َ مل َْنا َ ح ّ تُ َ
ن﴾ وم ِ ال ْ َ عَلى ال ْ َ ول ََنا َ َ
ري َ ف ِ كا ِ ق ْ صْرَنا َ فان ُ م ْ ت َ مَنا أن َ ح ْ واْر ََ
.
ن وما ُ ُ
متي الخطأ والنسيا ُ نأ ّ )) ُرفع ع ْ
د
ن ُيشا ّ سٌر ،ول ْ دين ي ُ ْ ن ال ّ ه (( )) ،إ ّ هوا علي ِ ر ُ است ُك ْ ِ
شُروا (( ، رُبوا وأب ِ دوا وقا ِ الدين أحدٌ إل ّ غلبه (( ،سدّ ُ
خي ُْر دينكم ة (( َ )) ، مح ِ س ْ ت بالحنيفّية ال ّ )) ُبعث ُ
سُره (( . أي ْ َ
لها ، ت على شاعرٍ معاصرٍ في دولةٍ وزارة ٌ يتو ّ رض ْ عُ ِ
ن يتُرك طموحاِته ورسالِته وأطُروحاِته الحّقةِ ،فقال : على أ ْ
مل دنياك ُ ُ خذوا ك ّ ُ حرا ً طلِيقا ً فؤادي ُ
كوا واتر ُ غريبا
موني وحيدا ً
ثروةً مكم عظ ُ فإّني أ ْ خل ْت ُ ُ
ن ِ وإ ْ
****************************************** سلِينا
**
ة راح لل س س أُ
ِ ّ ُ ٌ
في مجل ّةِ ) أهل ً وسهل ً ( بتاريخ 1415 / 4 / 3هـ مقال ٌ
ة
ب القلق « بقلم د .حسان بعنوان » عشرون وصفةٍ لتجن ّ ِ
شمسي باشا .
من معاني هذه المقالةِ :
ل شيٍء بقضاٍء وقدرٍ ،فل نك ّ ه ،وإ ّ
رغ من ُل قد فُ ِ ن الج َ إ ّ
ي ْ
قِ المخلو رزق ن
ّ إ . يجري ما على ن
ْ يحز ول ، ُ د العب فِ أس
ف فيه كه أحد ٌ ،ول يتصّر ُ ق في السماِء ،فل يمل ُ عند الخال ِ
مه ن الماضي قد ْ ذ َهَ َ
ب بهمو ِ ن .وإ ّ م ،ول يمنُعه إنسا ٌ قو ٌ
ل تحزن
221
ره على س ِ م بأ ْ ن يعود ،ولو اجتمع العال ُ مه ،وانتهى فل ْ وغمو ِ
ب ،ولم يحضْر إلى ن المستقبل في عالم ِ الغي ْ ِ إعادِته .وإ ّ
ن
عهِ حتى يأتي .وإ ّ ستد ْ ِ الن ،ولم يستأِذن عليك ،فل ت ْ
ب سرورا ً ،وعلى س ُيضفي على القل ِ الحسان إلى النا ِ
بم بركةٍ وثوا ٍ مسدِيه أعْظ َ َ الصدرِ انشراحا ً ،وهو يعود ُ على ُ
ن ُأسدي إليهِ . وأجرٍ وراحةٍ مم ْ
ث بالنْقد ِ الجائر الظالم ِ ، م الكترا ِ
ن عد ُ شيم المؤم ِ ن ِ وم ْ
ب العالمين ،الذي هو شت ْم ِ حتى ر ّب وال ّ س ّ م من ال ّ سل َ ْم يَ ْ
فل ْ
ت أسما ُ
ؤه . دس ْ ل ،تق ّ ل الجمي ُل الجلي ُ الكام ُ
ت لي : ت في أبيا ٍ قل ُ
معا ًحرِقُ أد ُ فعلم ت َ ْ ل ي ُْقل ِقُ قل َْبك ويظ ّ
تً ضئ
ل بهاقدرب ّا ًوُ ّ
جلي ْ
ل وك ّ ْ ب
تالرها ُْ
ي ت ََفّتحنام الخل ِ ّ
كّلما
************************************* ب أبوا ُ
عشق
ر ال ِ
حذ ِ
ا ْ
ضر ،وك َد ٌَر مستمّر . م حا ِ صورِ ،فإّنها ه ّ شق ال ّ ع ْ إياك و ِ
ت الشعراءِ وولهِِهم ن تأّوها ِ ده ع ْ ن سعادةِ المسلم ِ ُيع ُ م ْ
ن ن هذا م ْ صل والفراق ،فإ ّ جر والو ْ هم اله ْ وعشِقهم ،وشكوا ُ
ه ه الل ّ ُ ضل ّ ُ وأ َ َ واهُ َ ه َ ه َ ه ُ خذَ إ ِل َ َ ن ات ّ َ
ِ م
َ ت َ ْ ي فرأ َ
َ َ فراغ القلب ﴿ أ َ
ِ
عَلى ل َ ع َ ج َو َ ه َ قل ْب ِ ِ و َ ه َ ع ِ م ِ س ْ عَلى َ م َ خت َ َ و َ عل ْم ٍ َ عَلى َِ
ة﴾. و ًشا َ غ َ ه ِ ر ِ
ص ِ بَ َ
ب جل َ َ وأنا الذي َ ب مطال ُ ن ال ُ فم ِ
ه تفُ طَ القات ِ ُ والقتيُ :
ِ م الل من ُ يةُذق ُ
ر ْ المن ّ
ما لأستحقّ وأستأه ُ ل لإنني والمعنى
م فيما جرى لي . ب العظ ُ والحسرةِ ؛ لنني المتسب ّ ُ
ل قه وولهِهِ ،فيقو ُ مه وعش ِ س يتباهى بكثرةِ هيا ِ وآخُر أندل ّ
:
ق شكا ألم الِفرا ِ يوُرّوع بالجوى ح ّ
بلي
ت م ْ سضق ْ ّ ثلما ُ مال ّْنا ما ِوأ ّ ت
ول ومي ْ ُ
ت فإّني ما سمع ُ
ضلوعي ت رأي ْ ُ
ل تحزن
222
ة، ة ورّباني ّ ً ذكر وروحاني ّ ً م بين ضلوعهِ التقوى وال ْ ولو ض ّ
سَلك ل إلى الحقّ ،ول َعََر الدليل ،ولبصر الّرشد ،ول َ َ ص َ ل َوَ َ
ع ْ
ذ ست َ ِ فا ْ غ َ ن ن َْز ٌ طا ِ شي ْ َ ن ال ّ م َ ك ِ غن ّ َ ما َينَز َ وإ ِ ّ
الجاّدة َ ﴿ :
ن م َ ف ّ طائ ِ ٌ م َ ه ْ س ُ م ّ ذا َ قوا ْ إ ِ َ ن ات ّ َ ذي َ ن ال ّ ِ ه ﴾ ﴿ ،إ ِ ّ ِبالل ّ ِ
ن ﴾. صُرو َ مب ْ ِ هم ّ ذا ُ فإ ِ َ ن ت َذَك ُّروا ْ َ طا ِ شي ْ َ ال ّ
ن ابن القي ّم ِ عالج هذهِ المسألة علجا ً شافيا ً كافيا ً في إ ّ
ه. جعْ إلي ِ كتاب ِهِ )الداُء والدواُء( فلي ُْر َ
إن للعشق أسبابا ً منها :
ره شك ِ حّبه سبحانه وتعالى وذك ْرِهِ و ُ ن ُ .1فراغُ م ْ
وعبادت ِهِ .
ب أحزانا ً ب على القل ِ ه رائد ٌ يجل ُ .2إطلقُ البصرِ ،فإن ُ
َ
م ه ْ ر ِ صا ِ ن أب ْ َ م ْ ضوا ِ غ ّ ن يَ ُ مِني َ ؤ ِم ْ قل ل ّل ْ ُ وهموما ً ُ ﴿ :
ن سهم م ْ ٌ م ﴾)) ،النظرةُ ه ْ ج ُ فُرو َ ظوا ُ ف ُ ح َ وي َ ْ َ
سهام ِ إبليس((.
وأنت متى أرسلت ك ن أتعبت ْ َ ل عي ٍ إلى ك ّ
رائد ّا ً رفك ل ك ُ رأيتط ْ ر ظ
له الذي ضِ ُِ
ه المنا ِ
ن بع عليه ول ع ْ
دعاِء قادرٌِر وال ّ أنتالذ ّك ْ العبودي ّةِ ،والتقصيُر في أنت صاب ُِر .3التقصيُر في
شاء ح َ ف ْ ن ال ْ َ ع ِ هى َ صَلةَ ت َن ْ َ ن ال ّ ل ﴿ إِ ّ والنواف ِ
ر﴾. منك َ ِ وال ْ ُ َ
ه: ق ،فمن ْ ُ ش ِ م دواُء العِ ْ أ ّ
عَباِدَنا ن ِ م ْ ه ِ شاء إ ِن ّ ُ ح َ ف ْ وال ْ َ سوءَ َ ه ال ّ عن ْ ُ ف َ ر َ ص ِ ك ل ِن َ ْ ﴿ ك َذَل ِ َ
ن﴾. صي َ خل َ ِ م ْ ال ْ ُ
ل المولى ت العبودي ّةِ ،وسؤا ُ ح على عتبا ِ .1النطرا ُ
شفاء والعافية . ال ّ
م﴾ ه ْ ج ُ فُرو َ ظوا ُ ف ُ ح َ وي َ ْ ظ الفْرِج ﴿ َ ض البصرِ وحْف ُ .2وغ ّ
ن﴾. ظو َ ف ُ حا ِ م َ ه ْ م لِ ُ وال ّ ِ
ج ِ فُرو ِ ه ْ ن ُ ذي َ َ ﴿،
ه
ك بيتهِ وموطن ِ ِ ب ،وتر ُ ن تعّلق بهِ القل ُ جُر ديارِ م ْ .3وه ْ
وذك ْرِهِ .
ل تحزن
223
كاُنوا م َ ه ْ ل الصالحةِ ﴿ :إ ِن ّ ُ ل بالعما ِ .4والشتغا ُ
هبا ً وَر َغبا ً َ عون ََنا َر َ وي َدْ ُت َ خي َْرا ِفي ال ْ َ ن ِ عو َ ر ُ
سا ِ
يُ َ
﴾.
نم َ كم ّ ب لَ ُ طا َ ما َ حوا ْ َ فانك ِ ُ ي﴿ َ شْرع ّ ج ال ّ .5والّزوا ُ
ق لَ ُ الن ّساء ﴾ ﴿ ،ومن آيات ِ َ
ن
م ْ كم ّ خل َ َ ن َهأ ْ َ ِ ْ َ ِ َ
فسك ُ َ َ
ها ﴾ )) ،يا معشر سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ واجا ً ل ّت َ ْم أْز َ أن ُ ِ ْ
م الباءة ن استطاع منك ُ ب،م ِ الشبا ِ
ج (( . و ْ فليتز ّ
****************************************
ة
و ِ
حقوقُ الخ ّ
ب السماءِ إليهِ . ن ُتناديهِ بأح ّ مما ُيسعد ُ أخاك المسلم أ ْ
أ ُك ِْنيهِ حين ُأنادِيه سوَْءةُ ه وال ّ
ُ
ول ألّقب ُ ُ
ه ُ ّ
لقى أخاك رم ُ لك ْ ِ
نت في وجِهه )) ولو أ ْ ب شلق ُ ش وت َب َ ال ّ ن ته ّ وأ ْ
ة (( . ه أخيك صدق ٌ مك في وج ِ س ُ ق (( )) ،تب ّ ْ
بوجه طل ٍ
ة ليتكّلم ك له فرص ً ث معك – أي تتر َ ه على الحدي ِ جع ُ ن تش ّ وأ ْ
صةِ ،
مةِ والخا ّ ن أموِره العا ّ سه وعن أخبارِهِ – وتأل ع ْ ن نف ِ ع ْ
ن لم م بأموره )) م ْ ن تهت ّ ل عنها ،وأ ْ ج في السؤا ِ حَر َ التي ل َ
ن
مُنو َ م ْ
ؤ ِ وال ْ ُ م (( َ ﴿ ، ر المسلمين فليس منه ْ ِ م بأم يهت ّ
َ
ض﴾. ع ٍ ول َِياء ب َ ْ مأ ْ ه ْ ض ُع ُ
ت بَ ْ مَنا ُ
ؤ ِ م ْ وال ْ ُ َ
ن ل تلومه ول تْعذله على شيٍء مضى وانتهى ، ومنها :أ ْ
حه ،ول ز ْ ر أخاك ول ُتما ِ ول تحرجه بالمزاِح )) :ل ُتما ِ
خِلفه (( . عدهُ موعدا ً فت ُ ْ ت ِ
*************************************
ب!
ن ل تذن ْ
ب ..ولك ْ
» أسراٌر في الذنو ِ
«
م على العبد ، ن الذنب كالخت ْ َ ل العلم ِ :أ ّض أه ِ
ذكر بع ُ
ب ،وكثرةُ
ج ِم ظهر العُ ْ ص ُن أسرارها بعد التوبةِ :ق ْ وم ْ
ه والنكساُر والندامة ، ج ُة والّتو ّ
ة والناب ُالستغفارِ والتوب ُ
ل تحزن
224
مقابلةِ القضاِء م بعبودي ّةِ ُ
ووقوع القضاِء والقدرِ ،والّتسلي ُ
والقدرِ .
ل:ومنها :تحّققُ أسماِء اللهِ الحسنى وصفاِته الُعلى مث ِ
ب. وا ِ
الرحيم ِ والغفورِ والت ّ ّ
*************************************
ص
ر ْ اطْل ُ ِ
ب الرزق ول تح ِ
ن ّ
ق ،أعطى الدودة َ رزقها في الطي ِ ق الراز ِ سبحان الخال ِ
ة في ،والسمكة في الماِء ،والطائَر في الهواِء ،والنمل َ
ماِء . ص ّ
ظلماِء ،والحّية بين الصخورِ ال ّ ال ّ
ة عمياء ن حي ّ ُ ف:أ ّ ة من الّلطائ ِ ن الجوزيّ لطيف ً ذ َك ََر اب ُ
مه ، س نخلةٍ ،فكان يأتيها عصفوٌر بلحم ٍ في ف ِ ت في رأ ِ كان ْ
ه
ح فاها ،فيضعُ اللحم في ِ فإذا اقترب منها وَْروََر وصّفَر ،فتفت ُ
ه إ ِل ّ حي ْ ِ جَنا َ طيُر ب ِ َ ر يَ ِ ٍ طائ ِ ول َ َ ذه ﴿ َ ن سخّر هذا له ِ سبحان م ْ
كم ﴾ . مَثال ُ ُ َ ُ
مأ ْ م ٌأ َ
وإذا ترى الثعبان ن ذا هم ْ فاسأل ُ
حشاكا ُ
هُ
ش م ُ تعي ّ س ث ُ ه ينُف ُ
كيف واسأل ُ مل م يَ ْ س ّ سموالم ِ ّ تحيابال ّ
وهذا
ب فيأوالمحرا ِ ن ثعبا ُ رزُقها م يأتيها يا فاكا السل ُ م عليها ت مري ُ كان ْ
َ
ت قال َ ْ ذا َ هـ َ ك َ م أّنى ل َ ِ مْري َ ُ صباح مساء ،فقيل لها َ ﴿ :يا َ
ب سا ٍ ح َ ر ِ غي ْ ِ شاءُ ب ِ َ من ي َ َ ه ي َْرُزقُ َ ن الل ّ َ هإ ّ د الل ّ ِ عن ِ ن ِ م ْ و ِ ه َُ
﴾.
َ
ن م ْ كم ّ ول َدَ ُ قت ُُلوا ْ أ ْ ول َ ت َ ْ ن﴿ َ ن فرزُقك مضمو ٌ ل تحز ْ
ن رازق ةأ ّ م ﴾ .لتعلم البشري ّ ُ ه ْ وإ ِّيا ُ م َ قك ُ ْ ن ن َْرُز ُ ح ُ ق نّ ْ مل َ ٍ إ ْ
م يولد ْ . الوالدِ ،هو الذي لم يلد ْ ول ْ
َ
م ه ْ ق ُ ن ن َْرُز ُ ح ُ ق نّ ْ مل ٍ ة إِ ْ شي َ َ خ ْ م َ ولدَك ُ ْ قت ُُلوا ْ أ ْ ول َ ت َ ْ ﴿ َ
ل في علهُ قد تكّفل ن الكبرى ج ّ ن صاحب الخزائ ِ كم ﴾ إ ّ وإ ِّيا َُ
ه ؟! م بذلك الل ُ ق ِ ،فبم القلقُ والزعي ُ بالرز ِ
ه﴾. شك ُُروا ل َ ُ وا ْ دوهُ َ عب ُ ُ وا ْ ه الّرْزقَ َ عندَ الل ّ ِ غوا ِ فاب ْت َ ُ ﴿ َ
ن﴾. قي ِ س ِ وي َ ْ مِني َ ع ُ و ي ُطْ ِ ه َ ذي ُ وال ّ ِ ﴿ َ
ل تحزن
225
*****************************************
وقفـــة
حه ُ
ب وتقويِته ،وشْر ِ ما الصلةُ فشأنها في تفريِغ القل ِ »أ ّ
ح ب والّرو ِ ل القل ٍ ن ،وفيها اّتصا ُ ،وابتهاجهِ ولذ ِّته ،أكب َْر شأ ٍ
ف مناجاِته ،والوقو ِ باللهِ ،وُقرِبه والّتنعّم ِ بذكرِهِ ،والبتهاِج ب ُ
ن وُقواه ُ وآلت ِهِ في عبودي ّت ِهِ ، ل جميِع البد ِ بين يدي ْهِ ،واستعما ِ
ق ّ ّ وإعطاِء ك ّ
ق بالخل ِ ل عضو حظه منها ،واشتغاِله عن الّتعل ِ
حهِ إلى محاوََرِتهم ،وانجذاب قوى قلب ِهِ وجوار ِ ملبسِتهم و ُ و ُ
ه
تب ِ ن عدّوه حالة الصلةِ ما صار ْ رّبه وفاطرِهِ ،وراحتهِ م ْ
م إل القلوب ت والغذي ِةِ التي ل ُتلئ ُ ن أكبرِ الدويةِ والمفرحا ِ م ْ
ن ،ل ُتناسبها إل ّ ة فهي كالبدا ِ ب العليل ُ ما القلو ُ الصحيحة .وأ ّ
ة«. ة الفاضل ُ الغذي ُ
ح الدنيا ل مصال ِ ن على تحصي ِ ن أكبرِ العوْ ِ » فالصلةُ م ْ
سد الدنيا والخرةِ ،وهي مْنهاة ٌ عن والخرةِ ،ودْفع مفا ِ
طردةٌ للداِء عن الجسدِ ، ب ،وم ْ ة لدواِء القلو ِ الث ْم ِ ،ودافع ٌ
ح ة للجوار ِ شط ٌ ة للوجهِ ،ومن ّ مبّيض ٌ ب،و ُ ورة ٌ للقل ِ من َ ّ
و ُ
صرةٌ ة للظ ّل ْم ِ ،ونا ِ ق ،ودافع ٌ ة للرز ِ س ،وجاِلب ٌ والنْف ِ
ة للنعمةِ ، ت ،وحافظ ٌ شهوا ِط ال ّ ة لخل ِ للمظلوم ،وقامع ٌ
ة«. ة للّغم ِ ة للرحمةِ ،وكاشف ٌ منزل ٌ ة للنقمةِ ،و ُ ودافع ٌ
*************************************
ة
مح ٌ
س ْ
ة َ
شريع ٌ
ب ح العبد المسلم ،ما في الشريعةِ من الّثوا ِ ما ُيفّر ُم ّ
شرِ ، ت الع ْخم ِ ،يتجّلى ذلك في المكّفرا ِ ل والعطاِء الض ْ الجزي ِ
ت الماحيةِ ، ب .والحسنا ِ كالتوحيدِ وما يكّفُره من الذنو ِ
كالصلةِ ،والجمعةِ إلى الجمعةِ ،والعمرةِ إلى العمرةِ ،
ل الصالحةِ .وما ج ،والصوم ِ ،ونحو ذلك من العما ِ والح ّ
ل الصالحةِ ،كالحسنةِ بعشرِ أمثاِلها مضاع ََفةِ العما ِ ن ُ هناك م ْ
بج ّةت ُ ف كثيرةٍ .ومنها التوب ُ
ف إلى أضعا ٍ ضع ٍ
إلى سبعمائةِ ِ
ل تحزن
226
ب المكّفرة ُ فل ب والخطايا .ومنها المصائ ُ ما قبلها من الذنو ِ
ن خطاياه ُ .ومنها ه بهِ م ْ ن أذىً إل كّفَر الل ُ ب المؤمن م ْ يصي ُ
ب .ومنها ما ُيصيُبه من ه بظهْرِ الغي ِ ت المسلمين ل ُ دعوا ُ
ة المسلمين له وقت ت .ومنها شفاع ُ ب وقت المو ِ الكْر ِ
ة أرحم ق ، ورحم ُ ة سّيد الخل ِ الصلةِ عليهِ .ومنها شفاع ُ
ة الل ّ ِ
ه لَ م َ دوا ْ ن ِ ْ
ع َ ع ّ وِإن ت َ ُ الراحمين تبارك وتعالى ﴿ َ
ه َ ها ﴾ َ ﴿ ،
ة﴾. وَباطِن َ ًهَرةً َ ظا ِ م ُع َ عل َي ْك ُ ْ
م نِ َ غ َ سب َ َوأ َْ صو َح ُ
تُ ْ
*****************************************
ت اْل َ ْ
عَلى ﴾ ك َ
أن ف إ ِن ّ َ ﴿ َل ت َ َ
خ ْ
َ
ت: ة ثلث مّرا ٍ خيف ً سهِ ِ أوجس موسى في نف ِ
الولى :عندما دخل ديوان الطاغيةِ فرعون ،فقال ﴿ :
ه:غى ﴾ ،قال الل ُ و َأن ي َطْ َ َ
عل َي َْنا أ ْ ط َ فُر َ ف َأن ي َ ْ خا ُإ ِن َّنا ن َ َ
َ َ ل َل ت َ َ
وأَرى ﴾ . ع َ م ُ س َ ما أ ْ عك ُ َ م َ
فا إ ِن ِّني َ خا َ قا َ ﴿ َ
ده :ل ن أن تكون في ذاكرتهِ وفي خل ِ قيقٌ بالمؤم ِ وح ِ
ف ،إنني أسمعُ وأرى . تخ ْ
صّيهم ،فأْوجس في ع ِ والثانية :عندما ألقى السحرة ُ ِ
ة موسى . سه خِيف ً نف ِ
عَلى ﴾ . ت اْل َ ْ ف إن ّ َ َ فقال الله تعالى َ ﴿ :ل ت َ َ
ك أن َ خ ْ ِ
ه﴿ : ن بجنوِده ،فقال له الل ُ ه فرعو ٌ ة :لما أْتبع ُ الثالث ُ
ي َرّبي ع َ م ِ ن َ ك ﴾ وقال موسى﴿ :ك َّل إ ِ ّ صا َ ع َ رب ب ّ َ ض ِا ْ
ن ﴾. دي ِ ه ِ سي َ ْ َ
*************************************
إياك وأربعا ً
ك المعيشةِ وك َد ََر الخاطرِ وضي ِقَ ال ّ
صد ْرِ : ث ضن ْ َ أربعٌ ُتور ُ
م الّرضا ط من قضاِء اللهِ وقدِره ،وع َد َ ُ خ ُ الولى :الّتس ّ
بهِ .
ن
م ْ و ِ ه َل ُ ق ْ ة :الوقوعُ في المعاصي بل توبةٍ ﴿ ُ الثاني ُ
َ د أ َن ْ ُ
م﴾. ديك ُ ْ ت أي ْ ِ ما ك َ َ
سب َ ْ فب ِ َ سك ُ ْ
م ﴾ َ ﴿، ف ِ عن ِ
ِ
ل تحزن
227
م،ب النتقام ِ منه ْ ح ّ س،و ُ ة :الحقد ُ على النا ِ الثالث ُ
ن َ
دو َ س ُح ُم يَ ْن فضِله ﴿ أ ْ هم ْ م الل ُ دهم على ما آتاهُ ُ س ُ
ح َ
و َ
ه ﴾ )) ،ل راحة ضل ِ ِ ف ْ من َ ه ِم الل ّ ُ ه ُ عَلى َ
ما آَتا ُ س َ الّنا َ
لحسود ِ (( .
عن ض َ عَر َ ن أَ ْ م ْ و َ ن ذكرِ اللهِ ﴿ َ ضع ْ ة :العرا ُ الرابع ُ
ضنكا ً ﴾ . ة َ ش ًعي َ م ِ ه َ ن لَ ُ ري َ
فإ ِ ّ ِذك ْ ِ
******************************************
اسك ُ ْ
ن إلى رّبك
ة العبد ِ في سكوِنه إلى رّبه سبحانه وتعالى . راح ُ
ن كتاِبه عّز من ة في مواطن م ْ ه السكين َ وقد ذ َك ََر الل ُ
عَلى و َ ه َ سول ِ ِ عَلى َر ُ ه َ كين َت َ ُ س ِ ه َ ل الل ّ ُ ل ،فقال ََ ﴿ :أنَز َ قائ ٍ
َ ة َ َ َ
ل م أَنز َ م ﴾ ﴿ ،ثُ ّ ه ْعل َي ْ ِ كين َ َ س ِ ل ال ّ فأنَز َ ن﴾َ ﴿، مِني َ ؤ ِ م ْ ال ْ ُ
ه
كين َت َ ُ س ِ ه َ ل الل ّ ُ فأنَز َ ه﴾َ ﴿، سول ِ ِ عَلى َر ُ ه َ كين َت َ ُ س ِه َ الل ّ ُ
ه ﴾. عل َي ْ ِ َ
خ الجنان ب ،أو رسو ُ ب إلى الّر ّ ت القل ِ ة هي ثبا ُ سكين ُ وال ّ
ن الخاطرِ توك ّل ً على القادرِ . كو ُ س ُ ن ،أو ُ ة بالرحم ِ ثق ً
سها س وسكوُنها ،واستئنا ُ عِج النْف ِ ة هدوُء لوا ِ والسكين ُ
لى بها أه ُ ة من المن ،ي َ ْ َ م تفل ِّتها ،وهي حال ٌ وُر ُ
حظ َ ِ كوُدها وعد ُ
ب ،ومهاوي ق الحْيرةِ والضطرا ِ ن مزال ِ مم ْ ن ُ ،تنقذ ُهُ ْ اليما ِ
ره ط ،وهي بحسب وليةِ العبد ِ لرّبه ،وذك ْ ِ خ ِ ك والّتس ّ ش ّ ال ّ
ره لمولهُ ،واستقامِته على أمرهِ ،واّتباِع رسول ِهِ ، شك ِ و ُ
ك أمرهِ ، قهِ ،وثقِته في مال ِ كه بهد ِْيه ،وحّبه لخال ِ س ِ وتم ّ
ه ،ل يدعو إل الله ،ول جر ما عدا ُ م سواهُ ،وه ْ ضع ّ والعرا ِ
ت ل الّثاب ِ ِ و ِ ق ْمُنوا ْ ِبال ْ َ نآ َ ذي َ ه ال ّ ِ ت الل ّ ُ يعبد ُ إل أياهُ ﴿ ي ُث َب ّ ُ
ة ﴾. خَر ِ في ال ِ و ِ ة الدّن َْيا َ حَيا ِ في ال ْ َ ِ
*****************************************
ل تحزن
228
كلمتان عظيمتان
ه بهما في المحنةِ م أحمد :كلمتان نفعني الل ُ قال الما ُ
مرِ ،فقال :يا أحمد ُ ب الخ ْ حبس في شر ِ ل ُ ج ٍ الولى :لر ُ
ر
ت في ْ الخم ِ جل ِد ُ ُ سن ّةِ ،وأنا ُ ت ،فإنك ُتجلد ُ في ال ّ ،اثب ْ
ْ
ن مو َ م ي َأل َ ُ ه ْ فإ ِن ّ ُ ن َ مو َ كوُنوا ْ ت َأل َ ُ ت ِ ﴿ .إن ت َ ُ مرارا ً ،وقد ْ صبْر ُ
ْ
ن﴾ ﴿، جو َ ما ل َ ي َْر ُ ه َ ن الل ّ ِ م َ ن ِ جو َ وت َْر ُن َ ما ت َأَلمو َ كَ َ
ن َل ذي َ ك ال ّ ِ فن ّ َ خ ّ ست َ ِ وَل ي َ ْ ق َ ح ّ ه َ عدَ الل ّ ِ و ْ ن َ صب ِْر إ ِ ّ فا ْ َ
ن﴾ . قُنو َ ُيو ِ
م أحمد ُ قد ْ ي قال للمام ِ أحمد – والما ُ ة :لعراب ّ الثاني ُ
ل :يا أحمد ُ ،اصبْر ، َ أُ
س ،وهو مقي ّد ٌ بالسلس ِ ِ ْ بالح إلى ذ خ
ِ
م ه ْ شُر ُ ن هنا ﴿ .ي ُب َ ّ ل الجنة م ْ خ ُن هنا ،وتد ُ فإّنما ُتقتل م ْ
م عي ٌ ها ن َ ِ في َ م ِ ه ْ ت لّ ُ جّنا ٍ و َن َ وا ٍ ض َر ْ و ِه َ من ْ ُة ّ م ٍ ح َ هم ب َِر ْ َرب ّ ُ
م﴾ . قي ٌ م ِ ّ
*******************************************
ب
د المصائ ِ
ن فوائ ِ
م ْ
دهم :سبحان ن عبوديةِ الدعاِء ،قال أح ُ ج مكنو ِ استخر ُ
ن الله ابتلى ن استخرج الدعاء بالبلِء .وذك َُروا في الثرِ :أ ّ م ِ
ه .يعني ن عباد ِهِ ،وقال لملئكِته :لسمع صوت ُ عبدا ً صالحا ً م ْ
ح. حا ِ :بالدعاِء والل ْ
ن الله يقول ﴿ : س وغّيها ؛ ل ّ ِ سُر جماِح النف ومنها :ك َ ْ
َ ن ل َي َطْ َ
غَنى ﴾ . ست َ ْ غى} {6أن ّرآهُ ا ْ سا َ لن َ نا ِْ ك َّل إ ِ ّ
نب ،فإ ّ ؤهم للمصا ِ س وحّبهم ودعا ُ ِ ف النا ومنها :عط ُ
ن ابُتلي . الناس يتضامنون ويتعاطفون مع م ُ
ن أصيب وم ِ ْ
ن تلك المصيبةِ ،فغنها مم ْ ف ما هو أعظ ُ ومنها :صْر ُ
ب والخطايا ، م هي كّفارةٌ للذنو ِ صغيرةٌ بالنسبةِ لكبر منها ،ث ّ
ة
ن هذه ثماُر المصيب ِ م العبد ُ أ ّ ة .فإذا ع َل ِ َ وأجٌر عند اللهِ ومثوب ٌ
فى و ّ ما ي ُ َ ط ﴿ إ ِن ّ َ ج وي َْقن ْ أنس بها وارتاح ،ولم ينزع ْ
ب﴾. َ
سا ٍ ح َ ر ِ غي ْ ِ هم ب ِ َ جَر ُ نأ ْ صاب ُِرو َ ال ّ
ل تحزن
229
************************************
شفاءٌ :
هدى و ِ
العلم ُ
ن فوائدِ نم ْ مداواة النفوس ( أ ّ ن حزم ٍ في ) ُ ذ َك ََر اب ُ
س ،وطْرد َ الهموم ِ والغموم ِ س عن الن ّْف ِ ي الوسوا ِ العلم ِ :ن َْف َ
ن. والحزا ِ
ب العِْلم وشغف به ن أح ّة لم ْ ص ً
ح خا ّم صحي ٌ وهذا كل ٌ
ه ،وعمل به وظهر عليه نْفُعه وأثُره . وزاول ُ
ظت للحْف ِ ب العلم ِ أن يوّزع وقته ،فوق ٌ فعلى طال ِ
ت مةِ ،ووق ٌ ت للمطالعةِ العا ّ والتكرارِ والعادةِ ،ووق ٌ
ل والتدب ّرِ .م ِت للتأ ّ ب ،ووق ٌ مِع والّترتي ِ ج ْ ت لل َ ط ،ووق ٌ للستنبا ِ
جُله في جل ً رِ ْنر ُفك ُ ْ مت ِهِ في ة هِ ّوهام ُ
الّثرى
******************************************* الّثرّيا
عسى أن يكون خيرا ً
ج في الفرج ( :ذ َك ََر م ْ
ن ب بعنوان ) الر ُ للسيوطي كتا ٌ
ب كثيرة ٌ في حا ّن الم َ دنا أ ّ
عه ُيفي ُ
ل العلم ِ ما مجمو ُ كلم ِ أه ِ
ن المصائب ُتسفُر عن عجائب وعن رغائب ل المكارهِ ،وأ ّ
فها وانجلِئها . ش ِكها العبد ُ ،إل بعد تك ّ ُيدر ُ
مُرك ما يدري لعَ ْ مدهرِ أ ْ نوائب هذا ال ّ
ماتقي الفتى كيف ي
الشيء ّ م ّ يرى حذُر
قي مماي ي ْ ِ وما ل يرىكيف
فه ُ فيخا تقى ي ر بْ ك الله أ َ
ّ ُ
****************************************** ُ َ ُ
ة رّبانّية
السعادةُ موهب ٌ
س يجلسون على ن يكون هناك نفٌر من النا ِ ليس عجبا ً أ ْ
دهم إل ما يكفي يومه ل ل يجد ُ اح ُ ما ٌ
الرصفةِ ،وهم ع ُ ّ
ة
رح ٌوليلته ،ومع ذلك يبتسمون للحياةِ ،صدوُرهم منش ِ
ة ،وما ذلك إل لّنهم ة ،وقلوُبهم مطمئن ّ ٌ مهم قوي ٌ وأجسا ُ
م ،ولم يشتغلوا بتذك ّرِ الماضي ن الحياة إنما هي اليو ُ ع ََرفوا أ ّ
وا أعمارهم في أعماِلهم . ل وإنما أفن ْ ول بالمستقب ِ
ل تحزن
230
وما ُأبالي إذا نفسي ن قد ْ على الّنجاةِ بم ْ
دور عني تطاو ُ وقار عاش أو هلكا
س يسكنون القصور وال ّ ن بين هؤلء وبين أنا ٍ ِ ْ
م ب َُقوا في فراٍغ وهواجس ووساوس ، الفاخرة ،ولكّنه ْ
ب.ل مذه ِ م ،وذهب بهم ك ّ م اله ّ
فشتتهُ ُ
دنيا
ه ذي ال ّ لحا الل ُ م فيها ل بعيدٍ اله ّفك ُ ّ
بمناخا ً لراك ِ ٍ
ُ ب
********************************************معذ ّ ُ ُ
*
الذّك ُْر الجمي ُ
ل عمٌر طوي ٌ
ل
ن ،وهو ه عمٌر ثا ٍ ن يكون ل ُ ن سعاِدة العبد ِ المسلم ِ أ ْ م ْ
ن رخيصا ً ،ول ْ
م كر الحس َ ن وجد الذ ْ ن ،وعجبا ً لم ْ الذ ّك ُْر الحس ُ
هه وسعِيه وعمِله . يشترِهِ بماِله وجا ِ
ن رّبه م طلب م ْ ن إبراهيم عليهِ السل ُ وقد ْ سبق معنا أ ّ
ن ،والدعاُء له . رين ،وهو :الّثناُء الحس ُ ق في الخ ِ ٍ لسان صد ْ
ن س خّلدوا ثناءً حسنا ً في العالم ِ ب ُ ُ
س ِ ح ْ ت لنا ٍ وعجب ْ ُ
نرم ب ِ مَر سأل أبناء ه ِ صنيعِهم وبكرمِهم وبذ ِْلهم ،حتى إ ّ
ن عُ َ
حنا مد َ َ م زهيٌر ،وماذا أعطيُتموه ُ ؟ قالوا َ : ن :ماذا أعطاك ْ سنا ٍ
،وأعطيناهُ مال ً .قال عمُر :ذهب واللهِ ما أعطيتموهُ ،
م. وبقي ما أعطاك ْ
دهرِ . م أبد ال ّ ح بقي له ْ يعني :الثناُء والمدي ُ
ن أولى البرِي ّةِ ط ُّرا أ ْ سرورِ الذي عند ال ّ
ه
سي ُ
ما إن الكرامُتواإذا ِ ن
الحز ِ
في فيُفهم واساك يأل
ن كان م ْ
روا ذك لواُ س ُ
أر ن
ُ ِ
****************************************** ل الخش ِ المنز ِ
ت المراثي مها أُ
ُ ّ
ت فيهم : ن ِقيل ْ
تم ْ ث قصائد خّلد ْ هناك ثل ُ
ضد ُ الدولةِ ،فرثاه ُ أبو
ه عَ ُ
ن بقّية الوزيُر الشهيُر ،قتل ُ
اب ُ
ن النباريّ بقصيدِته الرائعةِ العامرةِ ،ومنها : الحس ِ
عُل ُوّ في الحياةِ وفي لحقّ ت ِْلك إحدى
تالمما ِ ت
معجزا ِ
ال ُ
ل تحزن
231
ولك ن الناس ح ْ كأ ّ وفود ُ نداك أيام
ف فيهم واقِ ٌ قاموا حينكأّنك تقيام ِا ً صل فوا ِّ م وق ُ ال وه ْ
خطيبا ً ة
يك مددت يد ْ مِ صل ْ إليهدهمالل ّ كم ّ
نءً اختفا ُ ضاق بط مو نحوه ُولما ت
تلك فيهِهبا ِ ُيواروا بال
قبرك ننأ ْ ع ْ الجوّ ضالر ِ أصاروا ت
صوت اليومك ُْرما ِ عليك الم
واستعاضوا
ل ة فأقو ُ وما لك ُترب ٌ ل ت طْ ِِ ئحا صبّنا ِه لّنك ن ُ ْ ال
تسقى
ن عليك تحّية ُ ت
الفؤا ِدِ طل الها ِ
الرحم ِ كبتبري ِ
ترى
مك ْفي ِلعظ ْ ِ ت ظ ت فا ِ ٍ ئحا ح ّ را ُِ سال ّوحرا ٍ ب ُ
ترعى
ن النيرا ُ ت ُ حولك ُ س تبا فود ُ ِوال ُن ّ ُ
توق ت
أيام كنتثقا ِ كذلك ُ
ه
ل هذ ِ ومال ًأن ْب َ َ ت ،لي ة وما أجمل البيا ِ الحياِ ، ت ما أجمل العبارا ِ
جملها من مُثل ،وما أضخم هذهِ المعاني .الله ما أ ْ ال ُ
أوسمةٍ ،وما أحسنها من ِتيجان !!
ت ه ،دمع ْ ما سمع هذه البيات عضد ُ الدولة الذي قتل ُ ل ّ
ي.تف ّ ت ،وقِيل ْ صل ِب ْ َ
تو ُ ت واللهِ أنني ُقتل ُ عيناه وقال :ودد ُ
لل اللهِ ،فيقو ُ ي في سبي ِ ن حميد ٍ الطوس ّ ل محمد ُ ب ُ وُيقت ُ
أبو تمام يرثيه :
ب ل الخط ُ كذا فليج ّ ض ف ْ ن لم ي ِ فلْيس ل ِعَي ْ ٍ
ر
بعدلالم ُ ح ُ ولي َْفد ِ
الما تُتوّفي ِ عنر ل ع ُذ ْ ُ ماؤها ٍ
شغ وأصبح في ُ
مرادًٍ م
مح ْ ّ ح
ترد ّ ثياب الموت ُ نسف ُْر وهي ّم سفرِ ال لال ّ
إل لها اللي ُ
معها جى ِ فس فما ،د َ َ في تلك القصيدةِ الماِتعةِ ضُر قال ْ خ س ُ سرِن ْد ُما ٍ إلى آخ ُ
ت. ت فيه هذهِ البيا ُ م ،وقال :ما مات من ِقيل ْ المعتص ُ
ً
ن مسلم ٍ القائدِ ت كريما آخر في سللةِ ُقتيبة ب ِ ورأي ُ
ه ،وواسى المنكوبين ، م بذل ماله وجاه ُ الشهيرِ ،هذا الكري ُ
ووقف مع المصابين وأعطى المساكين ،وأطعم الجائعين ،
ما مات ،قال أحد ُ الشعراء : وكان ملذا ً للخائفين ،فل ّ
ن سعيدٍ حين لم مضى اب ُ ه
ه في ِ ب غل ّ ل ُ ول مغرِ ٌ
ق
أدريرِ ٌ
ما يبق مش توما كن ُ ح
همادت ْ ُ ُس حتى غّيب على النا ِ
ه
ل كّف ِ ض ُ فوا ِ ح صفائ ُ ال ّ
ل تحزن
232
من وأصبح في لحد ٍ ِ ق
ضي ُ ت به حي ّا ً ت ِ وكان ْ
ق
تفاضي ّ ْ ٍ
ضض الرما ِ سأبكيك ح
نصحاص ُّ مني ّما ت ِ
ج سُبك ال فح ْ
لضّ نِف ج ْ وإ ت ْ ن
فإ ْ دموعيرْزٍء
ن ُ م ْ
فما أنا ِ ح
تك الجوا ِب ِ ُ
ول بسرورٍ بعد مو
ي جازِعٌ
سواك تح ّ ن لم ُيم ْ كأ ْ عليك حعلى أحدٍ إل فارِ ُ
فيك مت تُق ْ ولم
ظم ْ نع ُ لئ ْ لح قبئ ِ ُ نّنوامال ْ ت ِ لقد عظم ْ
جل رها ّ ويس وذك ْ ُ ر، ص ِ المراثيْ
م
ب أميرِ ِ حتاريخ الخصي ِ ب ُ المدائ
نواس يكت ُ وهذا أبو فيك
ل:ن اسمه فيقو ُ في دفترِ الزما ِ
إذا لم تُزْر أرض ن تزوُر فأيّ بلدٍ بعده ّ
بنا
ول ركا ُ بجود ٌ الخصيهُ ِ
فما جاز ن يسيُر الجود ُ ولك ْ
دونه
سن ح ْ ل ُ يشتري ّ
ح ى يسي ُِر ثّ
نحيال ُ
فت ً ت دائرا مأ ّويعل ُ
مه إل أيا ِ بماِله ن تدوُرن حياةِ الخصي ِ الّثناِء ثم ل يذك ُُر النا ُ
ب ،ول م ْ سم ْ
هذهِ البيات .
********************************************
*
ة
وقفــــــ ٌ
ل به بيننا حو ُ ن خشيِتك ما ت ُ م ْم لنا ِ قس ْ ما ِ ))الله ّ
غنا به جّنتك ، ن طاعِتك ما ُتبل ُ ُ وبين معاصيك ،وم ْ
ن به علينا مصائب الدنيا ، و ُن ما ُته ّ ومن اليقي ِ
حيْيتنا ، وِتنا ما أ ْ رنا وق ّ عنا وأبصا ِ عنا بأسما ِ ومت ّ ْ
منا ،ن ظَل َ َ ل ثأرنا على م ْ رث منا ،واجع ْ جعْله الوا ِ وا ْ
ل مصيبتنا في ن عادانا ،ول تجع ْ صْرنا على م ْ وان ُ
عل ْ ِ
منا ، دنيا أكبر همنا ،ول مبلغ ِ ل ال ّ دينِنا ،ول تجع ِ
منا (( . ن ل يرح ُ ط علينا بذنوبنا م ْ ول ت ُسل ّ ْ
ن مقلة : يب ُ قال عل ّ
ت على إذا اشتمل ْ صدُر وضاق لما بهِ ال ّ
بهُ ت القلو
المكار ُ س
وطن ِوأ ْاليأ ب
نهارحي ِ ُأماك ت فيال ّ وأرس ْ
ت
ف لنكشان ّ ْ ِ
ولم تر واطمأ ب
ه الخطو
حيلت ِ ُ ِ ول أغنى ب ِ
ضّروجها ً ال ّ ب الري ُ
ل تحزن
233
طك أتاك على قُُنو ِ ب ن به القري ُ م ّ
ي ُ
ثتغَوْ ٌ
وإن ه ِ من
الحادثا ُ وك ُ ّ
ل ب مستجي ِ
فر ُ ٌ
ج فموصوال ٌ
ل ُ بها
تتناه ْ ب
قري ُ
****************************************
م
ض ُ
ه ِ ب ل يظْل ِ ُ
م ول ي َ ْ ر ّ
ن تسكن إلى موعودِ ن تهدأ وأ ْ سعَد َ ،وأ ْ ن تَ ْ أل يحقّ لك أ ْ
منصفا ً ، ن في السماء رب ّا ً عادل ً ،وحكما ً ُ اللهِ ،إذا علمت أ ّ
ب ،وأدخل امرأة ً النار في هِّرة . أدخل امرأة ُ الجنة في كل ٍ
ت كلبا ً على ن بني إسرائيل ،سق ْ يم ْ فتلك امرأةٌ بغ ّ
ن ما قام في قلِبها م ْ ه لها وأدخلها الجنة ،ل ِ ظمأ ٍ ،فغفر الل ُ
ل للهِ . ص العم ِ إخل ِ
غرفةٍ ،ل هي أطعمْتها ،ول ة في ُ وهذهِ حبست قط ّ ً
ه
ض ،فأدخلها الل ُ ش الر ِ ن خشا ِ لم ْ سقْتها ،ول تركْتها تأك ُ
النار .
م أنه سبحانه وتعالى ث تعل ُ ج صدرك بحي ُ فهذا ينفُعك وُيثل ُ
ئ ل الصغيرِ ،وُيكاف ُ ب على العم ِ ل ،وُيثي ُ يجزي على القلي ِ
عبدهُ على الحقيرِ .
ة ،أعلها صل ً وعند البخاريّ مرفوعا ً )) :أربعون خ ْ
ة منها رجاء ل بخصل ٍ ل يعم ُ ز ما من عام ٍ ة العن ِ مِنح ُ
ه الجنة (( ﴿ موعوِدها وتصديق ثواِبها إل أدخله الل ُ
ل م ْ ع َ من ي َ ْ و َ ه}َ {7 خْيرا ً ي ََر ُ ة َ ل ذَّر ٍ قا َ مث ْ َ ل ِ م ْ ع َمن ي َ ْ َ
ف َ
ن هب ْ َ ت ي ُذْ ِ سَنا ِ ح َن ال ْ َ ه ﴾ ﴿ ،إِ ّ شّرا ً ي ََر ُ ة َ ل ذَّر ٍ قا َ مث ْ َِ
ت﴾. سـي َّئا ِ ال ّ
ط محروما ً ،وانصْر مظلوما ً ، ب ،وأع ِ ن مكرو ٍ جع ْ فّر ْ
ق ظامئا ً ،وع ُد ْ مريضا ً ،وشّيع جنازةً ، س ِ م جائعا ً ،وا ْ وأطع ْ
شد ْ تاِئها ً ،وأكرم ضيفا ً ،وب ِّر ُ
س مصابا ً ،وقُد ْ أ ْ
عمى ،وأر ِ ووا ِ
ل طعامك ، م صغيرا ً ،وابذ ُ ْ م كبيرا ً ،وارح ْ جارا ً ،واحتر ْ
ةف أذاك ،فإنه صدق ٌ ن لفظك ،وك ُ ّ س ْ مك ،وأح ِ وتصد ّقْ بدِْره ِ
لك .
ل تحزن
234
ن ت السامية ،م ْ ن هذه المعاني الجميلة ،والصفا ِ إ ّ
م
ب السعادة ،وانشراح الصدرِ ،وطرد َ اله ّ أعظم ِ ما يجل ُ
م والقلق والحزن . والغ ّ
نس َ ل ،لو كان رجل ً لكان َ
ح َ ق الجمي ِ لله دِّر ال ُ ُ
خل ِ
ن الذك ْرِ ،با ِ
سم الوجهِ . س َ
ح َشارةِ ،طّيب الرائحةِ َ ال ّ
********************************************
سك ب تأريخك َبن ْ
ف ِ اكت ْ
ت جالسا ً في الحَرم ِ في شد ّةِ الحّر ،قبل صلةِ كن ُ
شُر على خ كبيٌر ،وأخذ ُيبا ِ ل شي ٌ الظهرِ بساعةٍ ،فقام رج ٌ
س بالماِء الباردِ ،فيأخذ ُ بيدهِ الُيمنى كوبا ً ،وفي الُيسرى النا ِ
ب ،عاد ن ماِء زمزم ،فكّلما شرب شار ٌ مم ْ كوبا ً ،ويسقيه ُ
ب س ،وعََرُقه يتصب ّ ُ ً
فأسقى جارهُ ،حتى أسقى ِفئاما من النا ِ
خ ن يد ِ هذه الشي ِ ل ينتظُر دوره ليشرب م ْ سك ّ س جلو ٌ ،والنا ُ
ن حّبه للخيرِ ،ومن ن صبرِهِ وم ْ ن جلد ِهِ وم ْ تم ْ الكبيرِ ،فعجب ُ
ن الخير تأ ّ م ،وعلم ُ س ُس وهو يتب ّ إعطاِئه هذا الماَء للنا ِ
ل سهْ ٌ ل الجمِيل َ ن فِعْ َ
ه عليه ،وأ ّ ن يسّره الل ُ يسيٌر على م ْ
ن، ت من الحسا ِ ن للهِ اّدخارا ٍ ه اللهُ عليه ،وأ ّ ن سّهل ُ على م ْ
ه ُيجري الفضائل ولو ن الل ُ ن عبادهِ ،وأ ّ ن يشاُء م ْ حها م ْ يمن ُ
س خيّرين ،يحّبون الخْير لعباد ِ اللهِ ، ة على يدِ أنا ٍ ت قليل ً كان ْ
شّر لهم . ويكرهون ال ّ
ةض نفسه للخطرِ في الهجرةِ ،حماي ً أبو بكر يعّر ُ
ل. للرسو ِ
م جائعا ً ،ليشبع ضيوفه . م ينا ُ وحات ُ
ش المسلمين . وأبو عبيدة يسهُر على راحةِ جي ِ
م. س نيا ٌ ف المدينة والنا ُ وعمُر يطو ُ
ويتلوى من الجوِع عام الّرمادة ،لُيطعم الناس .
حد ٍ ،ليقي رسول اللهِ ُ
وأبو طلحة يتلقى السهام في أ ُ
.
م. س بالطعام ِ وهو صائ ٌ شُر على النا ِ ك ُيبا ِ ن المبار ِ واب ُ
ل تحزن
235
ذهبوا يرون الذكر دون الثناءومضوا يع ّ
ثانيا سا ً
عمر
وي َِتيما ً
َ ً ا كينِ م ْ
ه ِ عَلى ُ
حب ّ ِ م َ خلودا َ
عا َ ن الطّمو َ وي ُطْ ِ
ع ُ ﴿ َ
سيرا ً ﴾ . َ
وأ ِ َ
********************************************
ه
ت لكلم ِ الل ِ
ص ْ
أن ْ ِ
ة
ممتع ً ب رّبك ،تلوة ً ُ ت إلى كتا ِ دئ أعصابك بالنصا ِ ه ّ
ن س ِح َ ئ مجوّدٍ َ ن قار ٍ ب اللهِ ،تسمُعها م ْ ن كتا ِ ة مؤّثرةً م ْ حسن ً
ل ،وُتضفي على ن اللهِ عّز وج ّ ت ،تصُلك على رضوا ِ الصو ِ
سك السكينة ،وعلى قلِبك يقينا ً وبردا ً وسلما ً . نف ِ
ن غيرِهِ ،وكان يتأث ُّر ن يسمع القرآن م ْ بأ ْ كان يح ّ
ن ن أصحاِبه أ ْ بم ْ ن سواهُ ،وكان يطل ُ ُ إذا سمع القرآن م ْ
س ُ
ن هو ،فيستأن ُ يقرؤوا عليهِ ،وقد أنزل عليهِ القرآ ُ
ح. ويخشعُ ويرتا ُ
ت من ن يكون لك دقائقُ ،أو وق ٌ ن لك فيهِ أسوةً أ ْ إ ّ
جل ً ،لتستمع إلى ح فيهِ المذياع أو مس ّ ل ،تفت ُ اليوم ِ أو اللي ِ
ل. ئ الذي يعجُبك ،وهو يتلو كلم اللهِ عّز وج ّ القار ِ
س ،وتشويش الخرين ، جة الحياةِ وبلبلة النا ِ نض ّ إ ّ
رك .وليس لك ت خاط ِ جك ،وهد ّ ُقواك ،وبتشتي ِ ل بإزعا ِ كفي ٌ
ب رّبك وفي ذكرِ مولك ﴿ : ة ،إل ّ في كتا ِ ة ول طمأنين ٌ سكين ٌ
قُلوبهم بذك ْر الل ّ َ
هر الل ّ ِ ذك ْ ِ
ه أل َ ب ِ ِ ِ ِ ِ ِ ُ ُ ن ُ مئ ِ ّ وت َطْ َ مُنوا ْ َ نآ َ ال ّ ِ
ذي َ
ب﴾. قُلو ُ ن ال ْ ُ مئ ِ ّ ت َطْ َ
ن سورةِ النساِء ، يأمُر ابن مسعود ٍ ،فيقرأ عليه م ْ
ل: ده ،ويقو ُ عه على خ ّ فيبكي حتى تنهمر دمو ُ
سُبك الن (( . )) ح ْ
ويمّر بأبي موسى الشعريّ ،وهو يقرأ ُ في المسجدِ ،
ل له في الصباِح )) :لو رأيتني البارحة ه ،فيقو ُ تل ُ فُينص ُ
م يا ع لقراءِتك (( ،قال أبو موسى :لو أعل ُ وأنا أستم ُ
ه لك تحبيرا ً . رسول الله أنك تستمعُ لي ،لحب ّْرت ُ ُ
ل تحزن
236
ن وراِء عند ابن أبي حاتم يمّر بعجوزٍ ،فُينصت إليها م ْ
دها ة ﴾ ،تعي ُ شي َ ِ غا ِ ث ال ْ َ دي ُ ح ِ ك َ ل أ ََتا َ ه ْ بابها ،وهي تقرأ ُ ﴿ َ
ل )) :نعم أتاني ،نعم أتاني (( . وتكّرُرها ،فيقو ُ
ت طلوة ً . ن للستماِع حلوة ً ،وللنصا ِ إ ّ
ب اللمعين المسلمين سافر إلى أوربا ،فأبحر كتا ّ ِ أحد ُ ال ُ
ةن يوغسلفيا ،شيوعي ّ ٌ ت معه امرأةٌ م ْ في سفينةٍ ،وركب ُ
ن قهرِ تيتو ،فأدركْته صلة ُ الجمعةِ مع ظلم ٍ وم ْ ن ُ تم ْ فّر ْ
م وقرأ سورة العلى زملِئه ،فقام فخطبهم ،ثم صّلى به ْ
ت إلى ت ُتنص ُ ت المرأةُ ل تجيد ُ العربية ،كان ْ والغاشية ،وكان ِ
ت هذا س وإلى الّنغمةِ ،وبعد الصلةِ سأل ْ الكلم وإلى الجْر ِ
جل ت ؟ فأخبرها أنها من كلم ِ اللهِ عّز و ّ الكاتب عن هذهِ اليا ِ
عوها ة ،قال :ولم تمكّني لغتي لد ُ ة مذهول ً ت مدهوش ً ،فبقي ْ
عَلى ن َ ج ّ وال ْ ِ س َ لن ُ ت ْا ِ ع ِ م َ جت َ َ نا ْ قل لئ ِ ِ
ّ إلى السلم ِ ُ ﴿ :
ن و َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ْ َأن يأ ْ
كا َ َ ْ ل و هِ ِ ل ث مِ ِ ب نَ تو ُ أ َ ي ل ن
ْ ِ رآ ق ل ا ذا هـ َ ل ِ ث مِ ِ ب ا تو ُ َ
هيرا ً ﴾ . ضظ ِ
َ
ع ٍ م ل ِب َ ْ ه ْ ض ُ ع ُ بَ ْ
ة على الرواِح ، ب ،وهيب ٌ ن سلطانا ً على القلو ِ ن للقرآ ِ إ ّ
س.
ة على النفو ِ وقوةً مؤّثرةً فاعل ً
دمين ف الخبارِ ،ومن المتق ّ س من السل ِ ت لنا ٍ عجب ُ
ة
دوا أمام تأثيرِ القرآن ،وأمام إيقاعاِته الهائل ِ البرار ،انه ّ
َ
ل جب َ ٍ عَلى َ ن َ قْرآ َ ذا ال ْ ُ ه َ و أنَزل َْنا َ الصادقةِ النافذةِ ﴿ :ل َ ْ
َ
ه﴾. ة الل ّ ِ شي َ ِ خ ْ ن َ م ْ دعا ً ّ ص ّ مت َ َ شعا ً ّ خا ِ ه َ ل َّرأي ْت َ ُ
ما سمع أباه تل ّ ض يمو ُ ن الُفضيل بن عيا ٍ يب ُ فذاك عل ّ
م َل ُ
ما ل َك ُ ْ ن}َ {24 سُئوُلو َ م ْ هم ّ م إ ِن ّ ُ ه ْ فو ُ ق ُ و ِ يقرأ َ ﴿ :
ن﴾ . صُرو َ ت ََنا َ
عه ليةٍ ،ويبقى ن سما ِ ه عنه وأرضاهُ م ْ وعمُر رضي الل ُ
ض ،كما ذكر ذلك مريضا ً شهرا ً كامل ً ُيعاد ُ ،كما ُيعاد ُ المري ُ
قرآنا ً سيرت به ال ْجبا ُ َ ابن كثير ﴿ .ول َ َ
ت ع ْ قطّ َ و ُ لأ ْ ِ َ ُ ّ َ ْ ِ ِ ن ُ ْ وأ ّ َ ْ ٍ ُ
َ َ
وَتى ﴾ . م ْ ه ال ْ َ م بِ ِ و ك ُل ّ َ ضأ ْ ه الْر ُ بِ ِ
ُ
ر يوم الجمعةِ فسمع غلما ً يقرأ ﴿ :
ُ ب،م ّ ن وه ٍ داللهِ ب ُ وعب ُ
ر ﴾ ...فأغمي عليه ،وُنقل إلى في الّنا ِ ن ِ جو َ حا ّ وإ ِذْ ي َت َ َ َ
ل تحزن
237
بيتهِ ،وبقي ثلثة أيام ٍ مريضا ً ،ومات في اليوم الرابِع .ذ َك ََره
ي. الذهب ّ
م أنه صّلى في المدينةِ ،فقرأ القار ُ
ئ وأخبرني عال ٌ
ل ما ل ومن الوج ِ بسورةِ الواقعةِ ،قال :فأصابني من الذهو ِ
ك بغيرِ إرادةٍ مني ،مع بكاٍء ، جعلني اهتّز مكاني ،وأتحّر ُ
ن﴾. عدَهُ ي ُ ْ ودمع غزير َ َ ﴿ .
مُنو َ ؤ ِ ث بَ ْ دي ٍ ح ِ ي َ فب ِأ ّ ٍ ِ
ن السعادةِ ؟! عنا ع ِ ث بموضو ِ ة هذا الحدي ِ ن ما علق ُ ولك ْ
ن في الربِع والعشرين شه النسا ُ ن التشويش الذي يعي ُ إ ّ
ه ،وأن ُيقلقه ،وأن ُيصيبه ن ُيفِقده وعي ُ لأ ْ ة كفي ٌ ساع ً
معَ وتدّبر كلم المولى ، س َ جعَ وأنصت و َ ط ،فإذا َر َ بالحبا ِ
ت ده ،وعاد ْ ئ خاشٍع ،ثاب إليه ُرش ُ ن قار ٍ نم ْ ٍ ت حس بصو ٍ
ذرك جه .إنني ُأح ّ ع ُ ت لوا ِ ه ،وسكن ْ ت بلبل ُ ه ،وقّر ْ إليه نفس ُ
ُ
م سه ْ ن قوم ٍ جعُلوا الموسيقى أسباب أن ِ بهذا الكلم ِ ع ْ
جح كثيٌر حهم ،وكتُبوا في ذلك ك ُُتبا ً ،وتب ّ م وارتيا ِ وسعادِته ْ
ن أجمل الوقات وأفضل الساعات يوم ُينصت إلى م بأ ّ منه ْ
ن الك ُّتاب الغربيين الذين كتُبوا عن السعاد ِ
ة لإ ّ الموسيقى ،ب ْ
ما و َ ل السعادةِ الموسيقى َ ﴿ . ن عوام ِ ق يجعلون م ْ وطرد ِ القل ِ
مرا ً سا ِ ة﴾ َ ﴿، دي َ ً ص ِ وت َ ْ كاء َ م َ ت إ ِل ّ ُ عندَ ال ْب َي ْ ِ م ِ ه ْ صل َت ُ ُ ن َ كا ََ
ن﴾ . جُرو َ ه ُ تَ ْ
ل آِثم ،واستماع ٌ محّرم ،وعندنا الخي ُْر الذي ن هذا بدي ٌ إ ّ
م، ه الّراشد ُ الحكي ُ صدقُ والتوجي ُ نزل على محمد ٍ ، وال ّ
ه ال َْباطِ ُ ْ
من ل ِ ل َ ﴿ :ل ي َأِتي ِ منه كتاب اللهِ عّز وج ّ الذي تض ّ
د ﴾. مي ٍ ح ِكيم ٍ َ ح ِ ن َ م ْ ل ّ زي ٌ ه َتن ِ ف ِ خل ْ ِ ن َ م ْ وَل ِ ه َ ن ي َدَي ْ ِ ب َي ْ ِ
ي﴿ ي محمديّ سن ّ ي شرع ّ ن سماع ٌ إيمان ّ عنا للقرآ ِ فسما ٌ
ت َرى أ َ
ق﴾ ح ّ ن ال ْ َ م َ فوا ْ ِ عَر ُ ما َ م ّ ع ِ ِ م
ْ ّ د ال نَ مِ ض
ُ في ِ َ ت مْ ه
ُ َ نُ ي ع
ْ َ
م به إل ث ،ل يقو ُ عهم للموسيقى سماعٌ لهٍ عاب ٌ ،وسما ُ
من س َ ن الّنا ِ م َ و ِ س﴿ َ سفهاُء من النا ِ ة والحمقى وال ّ جَهل ُ ال َ
ه﴾. ل الل ّ ِ سِبي ِ عن َ ل َ ض ّ ث ل ِي ُ ِ دي ِ ح ِ و ال ْ َ ه َ ري ل َ ْ شت َ ِ يَ ْ
*****************************************
ن
ة ولك ْ
ن السعاد ِ
ثع ِ ك ّ
ل يبح ُ
ل تحزن
238
ف التدبيرِ ( وهو ب بعنوان ) ل ُط ْ ُ ي كتا ٌ للعالم ِ السكاف ّ
دى الكلم ِ فيه ب ،مؤ ّ ب جل ّ ٌ ذا ٌ خاذ ٌ ج ّ م الفائدةِ ،أ ّ بج ّ كتا ٌ
ل والمكُر ث عن السيادةِ والسعادةِ والّريادةِ ،فإذا الحتيا ُ البح ُ
ن من اللتواِء ،فَ ًَعلها ب من السياسةِ ،وأفاني ُ ضْر ٌ والدهاُء ،و َ
ض ك والرؤساِء ،والدباِء والشعراءِ ،وبع ِ كثيٌر من الملو ِ
ن يحصل على ن يرتاح ،وأ ْ ن يهدأ وأ ْ العلماِء ،كّلهم يريد ُ أ ْ
ب: ن هذا الكتا ِ ن عناوي ِ هم ْ مطلوبهِ ،حتى إن ّ ُ
ت ح ِنفارٍ أو ذا ِ ب ،وإصل ُ ف التدبيرِ ،تسكيُر شغْ ٍ في لط ِ
ر
مكاي َد َة ُ صغي ٍ م في مكائدِ العداِء ُ ، ل المنهز ُ بْين ،ماذا يفع ُ
ل ،في دفِع مكروهٍ بمكروهٍ ،في لكبيرٍ ،في دفِع مكروهٍ بقو ٍ
ف التدبيرِ في دفِع مكروهٍ ،في ف ،في ُلط ِ دفِع مكروهٍ بُلط ٍ
ص ك ،في الخل ِ مل ٍن ساِلب ُ ن ،في النتقام ِ م ْ مداراةِ سلطا ٍ ُ
ك والحترازِ مُنه في إظهارِ أمرٍ لخفاِء ن ن ِْقمةٍ في الفت ْ ِ م ْ
ب. ره .إلى آخرِ تلك البوا ِ غي ِ
ن السعاِدة م يبحثون ع ِ ن الجميع كّله ْ تأ ّ ووجد ُ
ن اهتدى إلى ذلك ووُّفق مم ِ ل منه ْ ن قلي ٌ ن ،ولك ْ والطمئنا ِ
ث فوائد : ب بثل ِ ت من الكتا ِ لني ِْلها .وخرج ُ
ت ل الله نصب عينيه ،عاد ْ ن لم يجع ِ نم ْ الولى :أ ّ
ت ﴿ حه أتراحا ً ،وخيراُته نكبا ٍ ده خساِئر وأفرا ُ فوائ ُ
ن ﴾ . مو َ عل َ ُ ث ل َ يَ ْ حي ْ ُ ن َ م ْ هم ّ ج ُ ر ُ ست َدْ ِ سن َ ْ َ
صْعبة التي يسعى إليها ن الطرق الملتوية ال ّ ة:أ ّ الثاني ِ
ل السعادةِ ،يجدونها – س في غيرِ الشريعةِ ،لني ِ كثيٌر من النا ِ
و ول َ ْ ب – في طريق الشرِع المحمديّ َ ﴿ ، ل وأقَر َ ق أسهَ َ ٍ بط ُُر
د
ش ّ وأ َ َ
م َه ْ خْيرا ً ل ّ ُ ن َكا َ ه لَ َ ن بِ ِ ظو َ ع ُ ما ُيو َ عُلوا ْ َ ف َ م َه ْأن ّ ُ
َ
خي َْر الخرةِ . خي َْر الدنيا و َ ت َث ِْبيتا ً ﴾ فينالون َ
الثالثة :أ ُ
م م دنياهم وأخراهم ،وه ْ ت عليه ْ ن أناسا ً ذهب ْ ّ ِ
صنعا ً ،وينالون سعادة ً ،فما ظفُروا يظ ُّنون أنهم ُيحسنون ُ
ق الصحيِح الذي ضهم عن الطري ِ ب إعرا ُ بهذه ول بتلك ،والسب ُ
ب الحقّ ، ه ،وأنزل به كتبه ،وهي طل ُ سل َ ُ ه به ُر ُ بعث الل ُ
ل تحزن
239
ل
مب َدّ ِ عدْل ً ل ّ ُ و َدقا ً َص ْ
ك ِت َرب ّ َ ت ك َل ِ َ
م ُ م ْ
ق َ ﴿ ،ت َ ّ وقو ُ
ل الصد ْ ِ
ه﴾. مات ِ ِل ِك َل ِ َ
م،م كات ِ ٌ كان أحد ُ الوزراِء في لهوهِ وطرِبه ،فأصابه غ ّ
م فصرخ : م جاث ِ ٌ وه ّ
ت ُيباعُ أل مو ٌ ش ما ل فهذا العي ُ
ه
منِ ري
فأشت ِ
ت قبرا ً إذا أبصر ُ هِ
ما في ّ ت لو أخير
نني م ودد ُ
ن المهيمد ٍ ُ
بعي حم أل ر ِ دق بالوفاةِ يليِهِ
على تص ّ
حّر نْفس ُ
************************************** أخيهِ
ة
وقفــــ ٌ
ل الّرفاهيةِ دعاء في الّرخاِء :أيْ في حا ِ » فلي ُك ْث ِرِ ال ّ
ن ن الشاكرِ الحازم ِ ،أ ْ ن سمةِ المؤم ِ م ْ ن ِ ن والعافيةِ ؛ ل ّ والم ِ
مي ،ويلتجئ إلى اللهِ قْبل الضطرارِ ، ريش الشهم قبل الر ْ ي ِ
ن سا َ لن َ سا ِْ م ّ ذا َ وإ ِ َ ي﴿ َ ن الغب ّ ي والمؤم ِ شق ّ ف الكافرِ ال ّ بخل ِ
ي س َ ه نَ ِ من ْ ُ ة ّ م ً ع َ ه نِ ْ ول َ ُ خ ّ ذا َ م إِ َ ه ثُ ّ مِنيبا ً إ ِل َي ْ ِ ه ُ عا َرب ّ ُ ضّر دَ َ ُ
دادا ً ﴾ . َ
ه أن َ ل ل ِل ّ ِ ع َ ج َ و َ ل َ قب ْ ُ من َ ه ِ عو إ ِل َي ْ ِ ن ي َدْ ُ كا َ ما َ َ
شدائدِ ت ال ّ ن ورطا ِ م ْ ن يريد ُ النجاةَ ِ فتعّين على م ْ
ة
جهِ إلى حضر ِ ن الّتو ّ ن ل يفعل بقلبهِ ولساِنه ع ِ والُغموم ِ ،أ ْ
ل إليه والّثناء عليه ،إذ مدِ والبتها ِ س – بالح ْ الحقّ – تقد ّ َ
المراد بالدعاء في الرخاء – كما قاله المام الحليمي – دعاء
ة
ق والمعون ِ ل التوفي ِ منن ،وسؤا ِ ف بال ِ شكرِ والعترا ِ الثناِء وال ّ
ن ن العبد – وإ ْ ض الّتقصيرِ ،فإ ّ والّتأييدِ .والستغفارِ لعوار ِ
ن غفل مها ،وم ْ ق الله بتما ِ ن حقو ِ ف ما عليهِ م ْ جِهد – لم ُيو ّ
من ِهِ ،فقد ْ حت ِهِ وفراِغه وأ ْ ص ّ ن ِ ن ذلك ،ولم ُيلح ْ
م ِ ظه في َز َ ع ْ
وا ع ُك دَ َ فل ْ ِ في ال ْ ُ ذا َرك ُِبوا ِ فإ ِ َ صدقَ عليه قوُله تعالى َ ﴿ :
م ه ْذا ُ م إ َِلى ال ْب َّر إ ِ َ ه ْ جا ُ ما ن َ ّ فل َ ّ ن َ دي َ ه ال ّ ن لَ ُ صي َ خل ِ ِم ْ ه ُ الل ّ َ
ن﴾«. كو َ ر ُ ش ِ يُ ْ
**************************************
م
م وجحي ٌ
نعي ٌ
ل تحزن
240
س وزراِء ً
ة خبرا عن انتحارِ رئي ِ ف العالمي ُ ت الصح ُ نشر ْ
ن بعض ب في ذلك أ ّ س ميتران ،والسب ُ حكم ِ الرئي ِ فرنسا في ُ
ت عليهِ غارةً من النْقد ِ والشت ْم ِ ف الفرنسية شن ّ ْ الصح ِ
ة ول ن إيمانا ً ول سكين ً م يجد ْ هذا المسكي ُ والّتجريِح ،فل ْ
ق
ن إليه ،فبادر فأْزهَ َ ن يرك ُ استقرارا ً يعود ُ إليه ،ولم يجد ْ م ْ
حه . ُرو َ
ن هذا الرجل المسكين الذي أقدم على النتحاِر لم إ ّ
ك ول َ ت َ ُ ة المتمّثلةِ في قول ِهِ سبحانه َ ﴿ : يهتدِ بالهدايةِ الّرّباني ّ ِ
ن ﴾ وقوِله سبحانه َ ﴿ :لن مك ُُرو َ ما ي َ ْ
م ّق ّ ضي ْ ٍ في َ ِ
َ
ن قوُلو َ ما ي َ ُ عَلى َ صب ِْر َ وا ْ ذى ﴾ ،وقوله َ ﴿ : م إ ِل ّ أ ً ضّروك ُ ْ
يَ ُ
ن الرجل فََقد َ مفتاح ميل ً ﴾ ،ل ّ ج ِ جرا ً َ ه ْ م َ ه ْجْر ُ ه ُوا ْ َ
ه ل الل ّ ُ ضل ِ ِ من ي ُ ْ سدادِ وسبيل الّرشادِ َ ﴿ : الهدايةِ ،وطريق ال ّ
ه﴾ . ي لَ ُ هاِد َ فل َ َ َ
ن ن،أ ْ م والحز ِ ل باله ّ مْثق ٍ ل ُ ن وصايا الخرين لك ّ نم ْ إ ّ
ف النهرِ ،ويستمتع بالموسيقى ، س على ضفا ِ يأمروه بالجلو ِ
ّ
ج. ويلعب الن ّْرد ،ويتزلج على الْثل ِ
ة ل العبودي ّةِ الحّقةِ :جلس ٌ ن وصايا أهل السلم ِ ،وأه َ لك ْ
ف ض الجن ّةِ ،وهتا ٌ ن ريا ِ مة في روضةٍ م ْ ن والقا ِ بين الذا ِ
م بالقضاِء والقدرِ ،ورضا ً بما قسم ذكرِ الواحد الحدِ ،وتسلي ٌ ب ِ
ل وعل . ل على اللهِ ج ّ ه ،وتؤك ّ ٌ الل ُ
************************************
صدَْر َ
ك﴾ َ
ك َ ل ح ر ْ
ش َ ن م َ ل﴿ أَ
َ ْ َ ْ
ت فيه هذهِ ل اللهِ فتحّقق ْم على رسو ِ ل هذا الكل ُ ن ََز َ
ة ،فكان سهل الخاطرِ ،منشرح الصدرِ ،متفائل ً ، الكلم ُ
سرا ً في أمورِهِ ،قريبا ً من
ي العاطفةِ ،مي ّ ش الفؤادِ ،ح ّ جّيا َ
س في هيبةٍ ، ً ً
ب ،بسيطا في عظمةٍ ،دانيا من النا ِ القلو ِ
متبسما ً في وقارٍ ،متحببا ُ في سموّ ،مألوفا ً للحاضر
محّيا ،مشرق الطْلعةِ ،غزير ق ،طل ْقَ ال ُ خل ِ
م ال ُ ُ
والبادي ،ج ّ
ش للقاِدم ،مسرورا ً بعطاِء اللهِ ، دعابةِ ،وي َب َ ّ ش لل ّ
الحياِء ،يه ّ
ل تحزن
241
ف الحباط ، س ،ول يعر ُ ت الّرباني ّةِ ،ل يعتريه اليأ ُ جذ ِل ُ بالِهبا ِ
ل ط ،وُيعجُبه الفأ ُ ف بالقنو ِ ل ،ول يعتر ُ ذي ِ خ ِ ول يخلد ُ إلى الت ّ ْ
دق ،والّتفي ُْهق والّتكّلف مق والّتش ّ ن ،ويكرهُ الّتع ّ الحس ُ
مةٍ ، ُ ب رسالةٍ ،وحام ُ والّتن ّ
ل مبدأ ،وقدوة ُ أ ّ ه صاح ُ طع ؛ لن ُ
ُ
ل مجتمٍع ، ج ُب أسرةٍ ،ور ُ ب ،ور ّ م شعو ٍ ل ،ومعل ّ ُ وأسوةُ أجيا ٍ
معُ فضائل ،وبحُر عطايا ،ومشرِقُ نورٍ . ج َ م ْ ل،و َ مث ُ ٍ
وكْنز ُ
ع ض ُ وي َ َ إنه باختصارٍ :ميسٌر للُيسرى ، ،وإنه بإيجازٍ ﴿ َ
ة
م ﴾ أو بعبار ٍ ه ْ ت َ َ
علي ْ ِ كان َ ْ ل ال ِّتي َ غل َ َ وال َ ْ م َ ه ْ صَر ُ م إِ ْه ْعن ْ ُ َ
شرا ً مب َ ّو ُ هدا ً َ شا ِ ن ﴾ وكفى !! ﴿ َ مي َ عال َ ِ ة ل ّل ْ َ م ً ح َ أخرى َ ﴿ :ر ْ
مِنيرا ً ﴾ . سَراجا ً ّ و ِ ه َ ه ب ِإ ِذْن ِ ِ عيا ً إ َِلى الل ّ ِ دا ِ و َ ذيرًا}َ {45 ون َ ِ َ
سرة السهلة :تنط ّ ُ
ع ض الرسالة المي ّ ن مما ُيعار ُ إ ّ
ف ق عبيد ِ الدنيا ،وانحرا ُ ل المنط ِ الخوارِج ،وتزند ُقُ أه ِ
فوا ْ خت َل َ ُما ا ْ مُنوا ْ ل ِ َ نآ َ ذي َ ه ال ّ ِ دى الل ّ ُ ه َ ف َ مرتزقةِ الفكار ﴿ َ
شاءُ إ َِلى من ي َ َ دي َ ه ِ ه يَ ْ والل ّ ُ ه َ ق ب ِإ ِذْن ِ ِ ح ّ ن ال ْ َ م َ ه ِ في ِ ِ
قيم ٍ ﴾ . ست َ ِ م ْ ط ّ صَرا ٍ ِ
******************************************
ة الطّّيب ِ
ة م الحيا ِ
مفهو ُ
ن وأنت في السج ِ ل أحد ُ أذكياِء النكليزِ :بإمكانك يقو ُ
ُ ُ
رج خ ِن تُ ْق ،وأ ْ ن تنظَر إلى الفُ ِ ن الحديديةِ أ ْ ن وراِء القضبا ِ م ْ
مها وتبتسم ،وأنت مكانك ،وبإمكاِنك ن جيِبك فت ُ
ش ّ زهرةً م ْ
ن تغضب ن تحتد ّ وأ ْ صرِ على الديباج والحريرِ ،أ ْ وأنت في الق ْ
ن بيِتك وأسرِتك وأمواِلك . ن تثور ساخطا ً م ْ وأ ْ
ن ،ولكّنها ن ول في المكا ِ ت في الزما ِ ن السعادةُ ليس ْ إذ ْ
لب مح ّ ب .والقل ُ ن ،وفي القل ِ ن ،وفي طاعةِ الد َّيا ِ في اليما ِ
ت السعادة ُ ، ن فيه ،انبعث ِ ب ،فإذا استقّر اليقي ُ نظرِ الّر ّ
س انشراحا ً وارتياحا ً ،ث ّ
م ت على الروح وعلى النف ِ فأضف ْ
ن الودية ب وبطو ِ ت على الظّرا ِ ت على الخرين ،فصار ْ فاض ْ
ت الشجرِ . ومناب ِ
ل تحزن
242
ن حنبل عاش سعيدا ً ،وكان ثوُبه أبيض مرّقعا ً ، أحمد ُ ب ُ
كنها ،ول يجد ُ ن يس ُ ث ُ يخي ُ
ن طي ٍ فم ْ غر ٍ طه بيدِهِ ،وعنده ُ ثل ُ
ت ،وبقي حذاؤه – كما قال خب ْزِ مع الزي ِ كسَر ال ُ إل ِ
ل طها ،ويأك ُ ة يرّقعها ويخي ُ ه – سبع عشرة سن ً المترجمون عن ُ
م غالب اليام ،يذرع ُ الدنيا ذهابا ً اللحم في شهرٍ مّرةً ويصو ُ
ِ
ث ،ومع ذلك وجد الراحة والهدوء ب الحدي ِ وإيابا ً في طل َ ِ
ت القدم ،مرفوع ُ الهامةِ ، ه ثاب ُ والسكينة والطمئنان ؛ لن ُ
ل لخرةٍ ، ب ،ساٍع لجرٍ ،عام ٌ ب لثوا ٍ ره ،طال ٌ ف بمصي ِ عار ٌ
ب في جن ّةٍ . راغ ٌ
ن ده – الذين حكموا الدنيا – المأمو ُ وكان الخلفاُء في عه ِ
دوُر ل عندهم القصوُر وال ّ م ،والمتوك ُ ،والواثقُ ،والمعتص ُ
ة م والوسم ُ ة والبنود ُ والجنود ُ ،والعل ُ ب والفض ُ والذه ُ
شوا م ما يشتهون ،ومع ذلك عا ُ ت ،ومعه ْ ت والعقارا ُ والشارا ُ
ب م ،وفي قلقل وحرو ٍ م وغ ّ وا حياَتهم في ه ّ ض ْ في ك َد َرٍ ،وقَ َ
ضهم كان يتأوّهُ في سكرات ب وضجيٍج ،وبع ُ شغَ ٍ تو َ وثورا ٍ
ب اللهِ . ت نادما ً على ما فّرط ،وعلى ما فعل في جن ِ المو ِ
خ السلم ِ ،ل أهل ول دار ول أسرة ول ن تيمية شي ُ اب ُ
ب جامِع بني أمية يسكُنها ، ة بجان ِ مال ول منصب ،عندهُ غرف ٌ
م أحيانا ً ن يغّير هذا بهذا ،وينا ُ ف في اليوم ِ ،وله ثوبا ِ ه رغي ٌ ول ُ
صف نفسه :جن ُّته في صدِره ، ن كما وَ َ في المسجدِ ،ولك ْ
ة؛ ن بلد ِهِ سياح ٌ هم ْ خْلوةٌ ،وإخراج ُ جنه ِ وقت ُْله شهادةٌ ،وس ْ
سوِقها ُ ،تؤتي ت على ُ ن في قلب ِهِ استقام ْ لن شجرة اليما ِ
ت العنايةِ الربانيةِ ﴿ ، دها زي ُ م ّ ن رّبها ي ُ ن بإذ ِ ل حي ٍ أ ُك َُلها ك ّ
هدي الل ّ ُ ه ِ ر يَ ْ ٍ عَلى ُنو ه َناٌر ّنوٌر َ س ُ س ْ م َ م تَ ْ و لَ ْ ول َ ْ ضيءُ َ يُ ِ
َ
ح صل َ َ وأ ْ م َ ه ْ سي َّئات ِ ِ م َ ه ْ عن ْ ُ فَر َ شاءُ ﴾ ﴿ ،ك َ ّ من ي َ َ ه َ ر ِ ل ُِنو ِ
م ه ْ وآَتا ُ دى َ ه ً م ُ ه ْوا َزادَ ُ هت َدَ ْ نا ْ ذي َ وال ّ ِ م ﴾ َ ﴿، ه ْ َبال َ ُ
عيم ِ ﴾ . ضَرةَ الن ّ ِ م نَ ْ ه ْ ه ِ جو ِ و ُ في ُ ف ِ ر ُ ع ِ م ﴾ ﴿،ت َ ْ ه ْ قوا ُ تَ ْ
ه عنه وأرضاهُ إلى الّربذةِ ،فنصب خرج أبو ذّر رضي الل ُ
م كثيرا ً من ك ،وأتى بامرأِته وبنات ِهِ ،فكان يصو ُ ه هنا َ خيمت ُ
ُ
ه ،ويتعب ّد ُ ويقرأ ويتلو ح خالق ُ اليام ِ ،يذك ُُر مولهُ ،ويسب ّ ُ
ل تحزن
243
ة من ة ،وقطع ً ة أو خيم ً مل ًك من الدنيا إل ش ْ ل ،ل يمل ُ م ُ
ويتأ ّ
صعةٍ وعصا ،زاَرهُ أصحاُبه ذات يوم ، حفةٍ وق ْ الغنم ِ مع ص ْ
جه من الدنيا ، فقالوا :أين الدنيا؟ قال :في بيتي ما أحتا ُ
ف. خ ّ ة كؤودا ً ل يجيُزها إل ال ُ
م ِ ن أمامنا عقب ً وقد ْ أخبرنا أ ّ
جه ح الصدرِ ،ومنثلج الخاطرِ ،فعندهُ ما يحتا ُ كان منشر َ
مت وهمو ٌ ل وتِبعا ٌ ما ما زاد على حاجِته ،فأشغا ٌ من الدنيا ،أ ّ
م. وغمو ٌ
س
ت في قصيدةٍ بعنوان :أبو ذّر في القرن الخام ِ قل ُ
غربةِ أبي ذّر وعن سعادِته ،وعن وحدِته ن ُ دثا ً ع ْ شَر ،متح ّ عَ َ
ث عن حه ومبادِئه ،وكأنه يتحد ُ وعزلِته ،وعن هجرِته برو ِ
سه : نف ِ
لطُفوني هد ّد ُْتهم ت حتى بالمنايا لطف ُ
ب دوني ُتد ّ ُأركأركُبوني نزل ه ُ سا
في تأح ّ كب ُ أنزُلوني ر ِ
زمي
دما ً عْقْ ِم
أطُرد ُ الموت ُ هي فسا حهان ْو ْ الح ُقّ والمنايا أجتا
لي فُيو ّ
غربتي ت
قد بك ْ فسى ْ يا أبا ذّر نلعْ َ
تخ
ت ل وقال الرمال ُ سا ن يقيني ماوتأ ِ
لم خوف ْ ت
قل ُ ت م ّّ م ِْ
ب ْ حتى ُ
بي شبا ِ ٍ
ح
ِ صا في تُ ل
عاهدأز أنا سا
ه
ِ ِ ّ لي أد
أما نتم ْ وتلّقن ْ ُ
وخليلي
****************** دْرسا
**************************
*******
ن فما هي السعادةُ ؟!
إذ ْ
ب أو عابُر سبيل (( ، ن في الدنيا كأنك غري ٌ
)) ك ْ
ء (( .
)) فطوبى للغربا ِ
ن مروان ،ول جيوش دالملك ب ِس السعادةُ قصر عب ِ لي ِ
ص ،ول كنوز قارون ،ول صا ِ
ن الج ّ ن الرشيدِ ول ُدور اب ِهارو ِ
ن المتنبي ،ول في ن سينا ،ول في ديوا ِ ب الشفاِء لب ِ
في كتا ِ
ن الزهراِء . ق قرطبة ،أو بساتي ِ حدائ ِ
ف
ت اليد ِ ،وشظ ِ السعادةُ عند الصحاِبة مع قل ّةِ ذا ِ
ح الّنفقةِ .
ش ّالمعيشةِ ،وزهادهِ الموارد ِ ،و ُ
ل تحزن
244
ب في تأل ِّهه ،وعند البخاري في ن المسي ِ السعادة ُ عند اب ِ
ي صد ْقِهِ ،ومع الشافع ّ ن البصريّ في ِ حهِ ،وعند الحس ِ صحي ِ
عهِ ، مراقبِته ،وأحمد في ور ِ ك في ُ في استنباطاِته ،ومال ٍ
ك بأ َن ّهم ل َ يصيبهم ظَمأ ٌ
َ ُ ِ ُ ُ ْ ي في عبادتهِ ﴿ ذَل ِ َ ِ ُ ْ ت البنان ّ وثاب ٍ
ن ؤو َ ول َ ي َطَ ُ ه َ ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ ة ِ ص ٌ م َ خ َ م ْ ول َ َ ب َ ص ٌ ول َ ن َ َ َ
ب و ن ّي ْل ً إ ِل ّ ك ُت ِ َ عدُ ّ ن َ م ْ ن ِ ول َ ي ََناُلو َ فاَر َ ظ ال ْك ُ ّ غي ُ طئا ً ي َ ِ و ِ م ْ َ
ح﴾ . صال ِ ٌ ل َ م ٌ ع َ ه َ هم ب ِ ِ لَ ُ
ة ُتشتَرى ،ول ف ،ول داب ً ت السعادةُ شيكا ً ُيصر ُ ليس ِ
ل ،ول بّزا ً ُينشُر . م ،ول ب ُّرا ً ُيكا ُ ش ّ وردةً ت ُ َ
ح صدرٍ لمبدأ مُله ،وانشرا ُ السعادة ُ سلوةُ خاطرٍ بحقّ يح ِ
كتن ُِفه. ب لخيرٍ ي ْ ة قل ٍ شه ،وراح ُ يعي ُ
سِع في الد ِّور ،وكْثر ِ
ة ن أننا إذا أكْثرنا من التو ّ كّنا نظ ُ ّ
ت ،أننا ت والمشتهيا ِ غبا ِ ت والمر ّ مِع المسّهل ِ الشياِء ،وج ْ
م والك َد َِر ب اله ّ ح وُنسّر ،فإذا هي سب ُ ح ونمر ُ نسعد ُ ونفر ُ
حهِ ﴿ مه وضريبةِ كد ّهِ وكد ْ ِ مه وغ ّ ل شيٍء به ّ نك ّ ص؛ل ّ ِ والتنغي
ك إَلى ما مت ّعَنا ب َ
ة
هَر َ م َز ْ ه ْ من ْ ُ واجا ً ّ ه أْز َ ِ ِ َ َ ْ عي ْن َي ْ َ ِ ن َ مدّ ّ وَل ت َ ُ َ
ه﴾. في ِ م ِ ه ْ فت ِن َ ُ دنَيا ل ِن َ ْ ة ال ّ حَيا ِ ال ْ َ
ل الهدى محمد ٌ ، مصل ٍِح في العالم ِ رسو ُ ن أكبر ُ إ ّ
ل التمرِ يسد ّ وى من الجوِع ،ل يجد ُ دقْ َ عاش فقيرا ً ،يتل ّ
ه ،وفي مه إل الل ُ جوعه ،ومع ذلك عاش في نعيم ٍ ل يعل ُ
ء وسكينةٍ ﴿ ط ،وفي هدو ٍ ط واغتبا ٍ انشراٍح وارتياٍح ،وانبسا ٍ
ك﴾﴿، هَر َ ض ظَ ْ ق َ ذي َأن َ ك} {2ال ّ ِ وْزَر َ ِ عن َ
ك عَنا َ ض ْ و َ و َ َ
َ
ث حي ْ ُ م َ عل َ ُ هأ ْ ظيما ً ﴾ ﴿ ،الل ّ ُ ع ِ ك َ عل َي ْ َ ه َ ل الل ّ ِ ض ُ ف ْ ن َ كا َ و َ َ
ه﴾. سال َت َ ُ ر َ ل ِ ع ُ ج َ يَ ْ
ق ،والثم ن ال ُ ُ
خل ِ س ُ ح ْ ث الصحيِح )) :الب ِّر ُ في الحدي ِ
س (( هت أن يطلع عليه النا ُ رك وكر ْ ما حاك في صد ِ
.
س ،حتى قال ن للنف ِ ة للضميرِ ،وسكو ٌ ن البّر راح ٌ إ ّ
ضهم : بع ُ
ن طال البّر أبقى وإ ْ ح ما م أقب ُ والث ُ
ن به الّزما ُ ن زادِ أوعيت م ْ
ل تحزن
245
ة (( . ة ،والثم ريب ٌ طمأنين ٌ وفي الحديث )) :البّر ُ
ن المريب ة يبقى في هدوٍء وسكينةٍ ،وإ ّ ن المحسن صراح ً إ ّ
ت ﴿ سكنا ِ ت وال ّ ت ومن الحركا ِ ث والخطرا ِ س من الحدا ِ ج ُ يتو ّ
ب س ُ ب أنه أساء فح ْ م ﴾ .والسب ُ ه ْ ة َ َ ن كُ ّ
علي ْ ِ ح ٍ صي ْ َ ل َ سُبو َ ح َ يَ ْ
ن ن يضطرب ،وأ ْ ن يرتِبك وأ ْ ن يقلق وأ ْ ن المسيء لبد ّ أ ْ ،فإ ّ
ة. خيف ً جس ِ يتو ّ
ل المرءِ إذا ساِء فِعْ ُ دق ما يعتاد ُهُ وص ّ
ن يتجّنب هْوأُ ُ ظنون ت
دائما ً ،ساء ْ حسن ن يُ ْ السعادة ،أ ْ ن ت َوَهّم ِ م
ن ِ
أراد ْ ل لم ْ والح ّ
سوا ْ م ي َل ْب ِ ُ ول َ ْ مُنوا ْ َ نآ َ ذي َ ن ﴿ال ّ ِ
َ ليكون في أم ٍ ُ
الساءة ،
ن﴾. دو َ هت َ ُ م ْ هم ّ و ُ ن َ م ُ م ال ْ ه ُ ك لَ ُ وَلـئ ِ َ هم ب ِظُل ْم ٍ أ ْ مان َ ُِإي َ
سهِ ، ن على رأ ِ ث السير ،يثوُر الغباُر م ْ ب يح ّ أقبل راك ٌ
ه في كب ِدِ ص ،وقد ْ ضرب سعد ٌ خيمت ُ يريد ُ سعد بن أبي وّقا ٍ
هماِء ، ت الد ّ ْ ن اهتماما ِ ً ً
ن الضجيِج ،بعيدا ع ِ الصحراِء ،بعيدا ع ِ
ه قطيعٌ من الغنم ِ ، سهِ وأهل ِهِ في خيمت ِهِ ،مع ُ منفردا ً بنف ِ
مُر ،فقال ابُنه له :يا أبتاهُ ، ب فإذا هو ابُنه ع ُ َ فاقترب الراك ُ
س يتنازعون الملك وأنت ترعى غنمك .قال :أعوذ ُ بالل ِ
ه النا ُ
ي، ن شّرك ،إني أولى بالخلفةِ مّني بهذا الرداِء الذي عل ّ م ْ
ب العبد ن الله يح ّ ل )) :إ ّ ت الرسول يقو ُ ولكن سمع ُ
ي (( . ي الخف ّ ي الّتق ّ الغن ّ
ك كسرى مل ِ ن ُ مم ْ عظ ُ إن سلمة المسلم ِ بديِنه أ ْ
ن الدين هو الذي يبقى معك حتى تستقّر في وقيصر ؛ ل ّ
ل ل محالة ﴿ إ ِّنا ه زائ ٌ ب فإن ّ ُ ك والمنص ُ ت النعيم ِ ،وأما المل ُ جنا ِ
وإ ِل َي َْنا ي ُْر َ َ
ن﴾. عو َ ج ُ ها َ عل َي ْ َ ن َ م ْ و َ ض َ ث اْلْر َ ر ُ ن نَ ِ
ح ُ نَ ْ
*******************************************
م الطّي ّ ُ
ب ه يصعدُ الكل ِ ُ
إلي ِ
ت، ت الط ّّيبا ِ
ت المباركا ِ
كان للصحابةِ كنوٌز من الكلما ِ
ق. ْ
عمهم إياها صفوة ُ الخل ِ التي ّ
ن
م ْدهم خيٌر من الدنيا وما فيها ،و ِ ل كلمةٍ عند أح ِ وك ّ
م معرفُتهم بقيمةِ الشياِء ومقاديرِ المورِ . عظمِته ْ
ل تحزن
246
ن ُيعّلمه دعاًء ،فقال له )) : ل الرسول أ ْ أبو بكرٍ يسأ ُ
ظلما ً كثيرا ً ،ول يغفُر ت نفسي ُ ب إني ظلم ُ ل:ر ّ ق ْ
دك ن عن ِ الذنوب غل أنت ،فاغفْر لي مغفرةً م ْ
م (( . وارحمني ،إنك أنت الغفوُر الرحي ُ
ل الله العفو س )) :اسأ ِ ل للعبا ِ ويقو ُ
والعافية (( .
دني (( . م اهدِني وسدّ ْ ل :الّله ّ ي )) :ق ْ ل لعل ّ ويقو ُ
مِني م أله ْ ل :الله ّ ن )) :ق ْ ن حصي ٍ ل لعبيد ِ ب ِويقو ُ
سي (( . قِني شّر نف ْ ُرشدي ،و ِ
م إني أساُلك ل :الله ّ س )) :ق ْ داد ِ بن أو ٍ ل لش ّ ويقو ُ
شكَر د،و ُ الثبات في المر ،والعزيمة على الرش ِ
ن عبادِتك ،وأسأُلك قلبا ً سليما ً ، س َ ح ْ
نعمِتك ،و ُ
م ،وأعوذُ عل ُر ما ت ْ خي ْ ِ ن َ م ْ ولسانا ً صادقا ً ،وأسأُلك ِ
م ،إنك م ،وأستغفُرك لما تعل ُ ن شّر ما تعل ُ بك م ْ
ب (( . م الغيو ِ أنت عل ّ ُ
رك م أعني على ذك ِ ل :الله ّ ل لمعاذ ٍ )) :ق ْ ويقو ُ
ن عبادِتك (( . س ِ ح ْ
رك و ُ شك ْ ِ و ُ
ب و تح ّ ف ّ ل لعائشة )) :قولي :اللهم إنك ع ُ ويقو ُ
ف عّني (( . ع ُ و ،فا ْ ف َ ع ْ ال َ
لن اللهِ عّز وج ّ ل رضوا ِ ن الجامعَ لهذهِ الدعيةِ :سؤا ُ إ ّ
ن غضِبه ،وأليم ِ عقاِبه ، ورحمت ِهِ في الخرةِ ،والّنجاةِ م ْ
ره . ن على عبادِته سبحانه وتعالى وشك ِ والعو ِ
م ضع ّ ب ما عند اللهِ ،والعرا ُ ن الّرابط بينها :ط َل َ ُ وإ َ
ل الدنيا الفانيةِ ، ب أموا ِ ه ليس فيها طل ُ في الدنيا .إن ُ
ص. رفها الرخي ِ ضها الزائِلة ،أو زخ ِ وأعرا ِ
**************************************
قَرى ذا أ َ َ
خذ َ ا ل ْ ُ ك إِ َ ك أَ ْ
خذُ َرب ّ َ وك َذَل ِ َ﴿ َ
ديدٌ ﴾ شَ م لي خذَه أ َ ة إن أ َ ي َ
ِ ٌ ِ ُ ْ م ٌ ِ ّظال ِ َ ه َو ِ
َ
ل تحزن
247
ط مكانت ِهِ : مهِ وسقو ِ ن تِعاسةِ العبدِ ،وعْثرةِ قد ِ نم ْ إ ّ
حُقه ضعيفهم ،حتى ه حقوقهم ،وس ْ م ُ ض ُ ه لعبادِ اللهِ ،وه ْ م ُظل ُُ
من لم يجد ْ له عليك ناصرا ً إل فم ّ قال أحد ُ الحكماِء :خ ْ
الله .
ب ن عواق ِ نع ْ ة في الذها ِ خ المم ِ أمثل ً ولقد ْ حفظ لنا تاري ُ
ظلمةِ . ال ّ
ن الطفيل يكيد للرسول ، ويحاو ُ
ل فهذا عامُر ب ُ
ره ، ح ِ ه بغد ّةٍ في ن ْ ه ،فيدعو عليه ، فيبتليه الل ُ اغتيال ُ
خ من اللم ِ . ت لساعِته ،وهو يصر ُ فيمو ُ
س يؤذي رسول اللهِ ، ويسعى في تدبِير ن قي ٍ وأربد ُ ب ُ
ة تحرُقه هو ه عليه صاعق ً ل الل ُ قت ْل ِهِ ،فيدعو عليه ،فُينز ُ
وبعيُره .
ت قصيرٍ ،دعا ج سعيد بن جبيرٍ بوق ٍ ن يقُتل الحجا ُ وقبل أ ْ
ه على أحدٍ بعدي .فأصاب م ل تسل ّط ْ ُ عليه سعيد ٌ وقال :الّله ّ
ور مهِ ،فأخذ يخ ُ م انتشر في جس ِ ج في يدهِ ،ث ّ خّرا ٌ ج ُ الحجا َ
كما يخوُر الثوُر ،ثم مات في حالةٍ مؤسفةٍ .
ن أبي جعفرِ المنصورِ ، وفا ً م ْ خ ْ ن الثوريّ َ واختفى سفيا ُ
ن داخل الحرم ِ ، ي وسفيا ُ م المك ّ ّ وخرج أبو جعفر يريد ُ الحر َ
ل أن ل ن وأخذ بأستارِ الكعبةِ ،ودعا الله عّز وج ّ فقام سفيا ُ
ن قبل ل أبت جعفر بيته ،فمات أبو جعفر عند بئرِ ميمو ٍ خ َ ي ُدِ ِ
ة. دخوِله مك ّ َ
ك في إيذاِء ي ُيشار ُ وأحمد ُ بن أبي دؤاد ٍ القاضي المعتزل ّ
ه بمرض المام ِ أحمد ِ بن حنبل فيدعو عليهم فُيصيُبه الل ُ
بف جسمي ،فلوْ وقع عليه الذبا ُ ما نص ُ الفالِج فكان يقول :أ ّ
رض ف الخُر ،فلو قُ ِ ما النص ُ ت ،وأ ّ ن القيامة قام ْ تأ ّ لظنن ُ
ت. بالمقاريض ما أحسس ُ
ت الوزيرِ ، ن حنبل أيضا ً على ابن الّزّيا ِ ويدعو أحمد ُ ب ُ
ن من نارٍ ، ه في فر ٍ ن أخذ َهُ ،وجعَل َ ُ ه عليه م ْ ط الل ُ فيسل ّ ُ
سه . وضرب المسامير في رأ ِ
ل تحزن
248
ل ن جما ِ ب المسلمين في سج ِ ي كان يعذ ّ ُ وحمزةُ البسيون ّ
ه م لضعَ ُ ل في كلمةٍ له مؤذية » :أين إُلهك ْ دالناصر ،ويقو ُ عب ِ
ل الظالمون علوّا ً كبيرا ً . ما يقو ُ هع ّ في الحديدِ « ؟ تعالى الل ُ
ة
ج من القاهرةِ إلى السكندري ِ ت سيارُته – وهو خار ٌ فاصطدم ْ
ن أعلى ل حديدا ً ،فدخل الحديد ُ في جسمه م ْ – بشاحنةٍ تحم ُ
وه إل قطعا ً ﴿ ن ُيخرج ُ جَز المنقذون أ ْ سهِ إلى أحشاِئه ،وع َ َ رأ ِ
وظَّنوا ق َ ح ّ ر ال ْ َ ِ غي ْ ض بِ َ ِ في اْل َْر جُنودُهُ ِ و ُ و َ ه َ ست َك ْب ََر ُ وا ْ َ
ة
و ً مّنا ُ نأ َ َ ُ و َ َ َ َ
ق ّ شد ّ ِ م ْ قالوا َ ن ﴾َ ﴿، عو َ ج ُ م إ ِلي َْنا ل ي ُْر َ ه ْ أن ّ ُ
َ خل َ َ َ َ
ة﴾ و ً ق ّ م ُ ه ْ من ْ ُ شد ّ ِ وأ َ ه َ م ُ ه ْ ق ُ ذي َ ه ال ّ ِ ن الل ّ َ وا أ ّ م ي ََر ْ ول َ ْ أ َ
.
ن أكثَر في م ْ دالناصرِ ،وم ّ ن قادةِ عب ِ ح نصرٍ م ْ وكذلك صل ُ
ض ن عشرةِ أمرا ٍ ض الظّلم والفساد ،أصيب بأكثر م ْ الر ِ
ن عمرِهِ في تعاسةٍ ، تم ْ دة سنوا ٍ منةٍ ،عاش ع ّ مز ِ مؤلمةٍ ُ
ب علجا ً ،حتى مات سجينا ً مزجوجا ً بهِ في ه الط ّ ولم يجد ْ ل ُ
م. مه ْ ت زعماِئه الذين كان يخد ُ زنزانا ِ
ها في َ فأ َك ْث َُروا ِ في ال ْب َِلِد}َ {11 وا ِ غ ْ ن طَ َ ذي َ ﴿ ال ّ ِ
ب﴾ ، ذا ٍ ع َ ط َ و َ س ْ ك َ م َرب ّ َ ه ْ ب َ َ د}َ {12 ال ْ َ
علي ْ ِ ص ّ ف َ سا َ ف َ
ملي للظالم ِ ،حتى إذا أخذهُ لم ن الله لي ُ ْ )) إ ّ
ق دعوة المظلوم ِ ،فإنه ليس بينها فل ِْته (( )) ،وات ّ ِ يُ ْ
ب (( . ه حجا ٌ وبين الل ِ
ه. م ُ ح ُ مني فأر َ ن الرجل ليظل ُ ي:إ ّ م التيم ّ قال إبراهي ُ
ن خراسان ،فجعل يبكي ، ل صالح م ْ ت دنانيُر لرج ٍ سرق ْ و ُ
ن الله سوف تأ ّ ل ِ :لم تبكي ؟ قال :ذكر ُ فقال له الفضي ُ
ة له . ت رحم ً ق يوم القيامةِ ،فبكي ُ يجمُعني بهذا السار ِ
ل تمرا ً ج ِ ف ،فأهدى للر ُ ل أحد علماِء السل ِ ج ٌ واغتاب ر ُ
ه صنع لي معروفا ً . وقال :لن ُ
*****************************************
ب أنا
ت :بالبا ِ
قل ُ
ل تحزن
249
ب عليها ة ،مكتو ٌ
على هيئةِ المم ِ المتحدةِ بنيويورك لوح ٌ
ي السعدي الشيرازي ،وقد ْ ة للشاعرِ العالم ّ
ة جميل ٌقطع ٌ
ُ
ت إلى النجليزيةِ وهي تدعو إلى الخاِء واللفةِ والتحادِ ترجم ْ
،يقول:
ب قال لي المحبو ُ ت ن ببابي قل ُ م ْ
أخطأت هما زرت ُ ُ قال ل
لي ّ فيه ب أنا بالبا ِ
رقت حينما ف ّ
الهوى
ما م فل ّ عا ٌتعريفومضى نا
عليه أطُرقُ الباب بي ْن َ َ
ه
تجئت ُ َ ُ ن أن قال لي م ْ ب هنا ِ بالبا ِمو ت ُ ثم ّ إل ّ أن َ
ليأن ْظ ُْر فما
أحسنت ت
قال ُ قل هنا
ب حُ ّ ت ال ُ وع ََرفْ َ
تعريف الهوى ل يا أنا خ ْ فاد ُ
ح إليه ، س إليه ،ويرتا ُ ن أٍخ مفيدٍ يأن ُ لب ُد ّ للعبد م ْ
عل ّلي ج َ وا ْ ه ،ويبادُله ود ّا ً بود ّ َ ﴿ . ه وأتراح ُ كه أفراح ُ وُيشار ُ
ه
شدُدْ ب ِ ِ خي} {30ا ْ ن أَ ِ هاُرو َ هِلي}َ {29 ن أَ ْ م ْ زيرا ً ّ و ِ َ
ك ح َ َ َ ْ ْ َ أَ
سب ّ َي نُ َ ْ ك { 32 ري} ِ م
ْ أ في ِ ه
ُ ك ر ِ ش أ و
َ { 31 ري} ِ زْ
ً
ك كِثيرا ﴾ . َ ُ
ون َذْكَر َ كِثيرا}َ {33 ً َ
ن شكوى إلى ولبد ّ م ْ ُيواسيك أو ُيسِليك أو
ذي قرابةٍ ع
ج ُ ي ََتو ّ
َ ضه م أ َ
صصو ٌ مْر ُ ن ّ هم ُبنَيا ٌ ض ﴾ ﴿ ،ك َأن ّ ُ ٍ عْ َ ب ياء َ ِ ل و
ْ ع ُ ُ ْ ﴿ بَ ْ
وةٌ ﴾ . خ َ ن إِ ْ مُنو َ م ْ
ؤ ِ ما ال ْ ُ م ﴾ ﴿ ،إ ِن ّ َ ه ْ ِ ب لو ق ُ ُ ن
َ ْ يَ ب ف
َ وأ َل ّ
َ ﴿، ﴾
ِ
******************************************
ب
ن صاح ٍ
لبدّ م ْ
صحبُته ،
ن تنفُعك ُن تجد م ْ
ب السعادةِ أ ْ
ن أسبا ِ نم ْ إ ّ
دك رفقُته )) .أين المتحاّبون في جللي ،اليوم وُتسع ُ
ل إل ظّلي (( . م في ظِّلي يوم ل ظِ ّ ُ
أظِّله ْ
ه وتفّرقا ه ،اجتمعا علي ِ ن تحاّبا في الل ِ )) ورجل ِ
علِيه (( .
*******************************************
ي
ي وعقل ّ
ب شرع ّ
ن مطل ٌ
م ُ
ال ْ
ل تحزن
250
َ ُ
ذي ن ﴾ ﴿ ،ال ّ ِ دو َ هت َ ُ م ْ
هم ّ و ُ ن َ م ُ م ال ْ ه ُ ك لَ ُ وَلـئ ِ َ ﴿أ ْ
خوف﴾ ﴿ ،أ َ أَ
كن م ّ م نُ َ ول َ ْ َ ٍ ْ َ ن ْ م
ّ هم ُ َ ن مَ وآ ٍ َ ع جو ُ من ّ هم ُ م
َ ع
َ ْ ط
َ ً َ
هغ ُ م أب ْل ِ ْ منا ﴾ ﴿ ،ث ُ ّ نآ ِ كا َ ه َ خل ُ من دَ َ و َ منا ً﴾ َ ﴿ ، حَرما ً آ ِ م َ ه ْ لّ ُ
ه ﴾. ْ
من َ ُ مأ َ َ
ه، ى في بدن ِ ِ معاف ً هُ ، سْرب ِ ِ منا ً في ِ ن بات آ ِ )) م ْ
رها ت له الدنيا بحذافي ِ حيز ْ ه ،فكأّنما ِ م ِ ت يو ِ قو ُ عنده ُ
(( .
خه في معرفةِ الحقّ ، ب :إيماُنه ورسو ُ ن القل ِ فأم ُ
ن. ؤه باليقي ِ وامتل ُ
ن ده ع ِ ف ،وب ُعْ ُ ت :سلمُته من النحرا ِ ن البي ِ م ُ وأ ْ
ي. ن الّرّبان ّ الرذيلةِ ،وامتلؤ ُهُ بالسكينةِ ،واهتداؤه بالبرها ِ
ل، رها بالعَد ْ ِ ة أم ِ ب ،وإقام ُ مُعها بالح ّ ة:ج ْ ن الم ِ م ُ وأ ْ
ورعايُتها بالشريعةِ .
ب﴾ ﴿، ق ُ خاِئفا ً ي َت ََر ّ ها َ من ْ َ ج ِ خَر َ ف َ ن﴿ َ والخوف عدوّ الم ِ
ن﴾. مِني َ ؤ ِ م ْ كنُتم ّ ن ِإن ُ فو ِ خا ُ و َ م َ ه ْ فو ُ خا ُ فل َ ت َ َ َ
ض. حد ٍ ،ول عيش لمري ٍ من لمل ِ ف ول أ ْ ول راحة لخائ ٍ
ةح ٌ إّنما الُعمُر ص ّ ر
فإذا وليا عن الُعم ِ
ف وكفا ٌ وّلى
ن تم ْ ب فسد ْ ن جان ٍ تم ْ ح ْ نص ّ دنيا ،إ ْ س ال ّ للهِ ما أْتع َ
م ح الجس ُ نص ّ م ،وإ ْ ض الجس ُ مرِ َ ل َ ن أقبل الما ُ ب آخر ،إ ْ جان ٍ
ل ل واستقام المُر ح ّ ن صُلح الحا ُ ب ،وإ ْ ت المصائ ُ حل ّ ِ
ت. المو ُ
ل ن ) نجد ٍ ( إلى الرسو ِ خرج الشاعُر العشى م ْ
م ،فعرض له أبو سفيان فأعطاه ُ مائة حه بقصيدةٍ ويسل ُ يمتد ُ
ن يترك سَفَره ُ ويعود إلى ديارِهِ ،فأخذ البل ناقةٍ ،على أ ْ
سهِ ، ت به ،فسقط على رأ ِ وعاد ،وركب أحدها فهو جل ْ
م قصيدُته ن ول دنيا .أ ّ ه ،وفارق الحياة ،بل دي ٍ ت عنُق ُ فاندقّ ْ
التي هّيأها ليقولها بين يديْ رسول اللهِ ، فهي بديع ُ
ة
ل فيها: ن يقو ُ س ِ ح ْ ال ُ
ل تحزن
251
ب ب وشي ٌ شبا ٌ دهُر كيف فلل ّهِ هذا ال ّ
وثرو ْةٌ
ل م تْرح وافتقاٌر ْ
إذا أنت ل تددا ِ
ولقيت بعد تر ّ
المو
تقى
نل علىالأ ّ ْ
متدٍ من ند ْبزا ودا
تز ّلما نت ُْرقد ْ ِ
صد ْ وأّنك لم ْ
مْ
تكون كمث ْل ِ ِ
ه داكان أْرص َ
***************************************
ة
أمجادٌ زائل ٌ
ة، م ً ة تا ّ ن تكون دائم ً ن لوازم ِ السعادةِ الحّقةِ أ ْ نم ْ إ ّ
ب والشهادةِ ، ن تكون في الدنيا والخرةِ ،في الغي ِ مها أ ْ فدوا ُ
اليوم وغدا ً .
سنها ه محا ِ ش وج ُ خد َ نلي ْ ن ل ُينّغصها نك َد ٌ ،وأ ْ مها أ ْ وتما ُ
ط. بسخ ٍ
ة
ق – تحت شجر ٍ ك العرا ِ ن المنذرِ – مل ُ نب ُ جلس النعما ُ
ن ن زيد – وكان حكيما ً – أ ْ مَر فأراد عديّ ب ُ خ ْ
ب ال َ متنّزها ً يشر ُ
ه
ل هذ ِ ك ،أتدري ماذا تقو ُ ظ فقال له :أّيها المل ُ يعظه بلف ٍ
ل: ك :ماذا تقول :قال عديّ :تقو ُ شجرةُ ؟ قال المل ُ ال ّ
خوا ب قد ْ أنا ُ ب رك ِ ُر ّ جون الخمر مُز ُ ي ْ
عبحولنا
م صاروا ل َ ِ ث ّ زلل ْ ً
ل دهُرال ّحابالما ِّء
وكذاك ال
درا ً حتى م
وبقي به ْ
متك ّ ل ،وترك الخمر ،الد ّهُْر ن ْالنعماحا ُ
ص بعد فتنغ ُ
مات .
ة
ن وخمسمائ ِ وهذا شاهُ إيران الذي احتفل بمرورِ ألفي ِ
ط لتوسيِع نفوِذه سنةٍ على قيام الدولةِ الفارسي ّةِ ،وكان ُيخط ّ ُ
ن بلد ِهِ ،ثم ُيسلب سلطاُنه ط ملكهِ على بقعةٍ أكبر م ْ س ِ ،وب ْ
ع ز ُ وَتن ِ شاء َ من ت َ َ ك َ مل ْ َؤِتي ال ْ ُ بين عشي ّةٍ وضحاها ﴿ ت ُ ْ
شاء ﴾ . من ت َ َ م ّ ك ِ مل ْ َ ال ْ ُ
ت مشّردا ً ن قصورِهِ وُدورِهِ ودنياه طردا ً ،ويمو ُ ويطُرد ُ م ْ
من كوا ِ م ت ََر ُ بعيدا ً محُروما ً مفلسا ً ،ل يبكي عليه أحد ٌ ﴿ :ك َ ْ
م}{26 ري ٍ قام ٍ ك َ ِ م َو َ ع َ وُزُرو ٍ ن}َ {25 عُيو ٍ و ُ ت َ جّنا ٍ َ
ن﴾. هي َ فاك ِ ِ ها َ في َ كاُنوا ِ ة َ م ٍع َ
ون َ َْ
ل تحزن
252
س رومانيا ،الذي حكم اثنتين وكذلك شاوشيسكو رئي ُ
م يحي ُ
ط ص سبعين ألفا ً ،ث ّ سه الخا ّ حَر ُ وعشرين سنة ،وكان َ
هن لَ ُ كا َ ما َ ف َ ه وجنودهُ إربا ً إربا ً ﴿ َ شعُبه بقصرِهِ ،فيمّزقون ُ
ن م َ ن ِ كا َ ما َ و َ ه َ ن الل ّ ِدو ِ من ُ ه ِ صُرون َ ُ ة َين ُ فئ َ ٍ
من ِ ِ
ن ﴾ .لقد ْ ذهب ،فل دنيا ول آخرة . ري َ ص ِمنت َ ِ ال ُ
ن ماركوس :جمع الرئاسة والمال ، س الفلبي ِ وذاك رئي ُ
ن، ل ،وأسقاها كأس الهوا ِ مته أصناف الذ ّ ّ ولكّنه أذاق أ ّ
ن غصص التعاسةِ والشقاِء ،فإذا هو مشّرد ٌ م ْ ه ُفأذاقه الل ُ
ت ك مأوى يأوي إليه ،ويمو ُ ن أهِله وسلطاِنه ،ل يمل ُ بلدِهِ وم ْ
َ
ل ع ْ ج َ م يَ ْ ن في بلد ِهِ ﴿ :أل َ ْ ه أن ُيدفَ َ ض شعب ُ ُ شقي ّا ً ،يرف ُ
ة خَر ِ ل اْل ِ كا َ ه نَ َ خذَهُ الل ّ ُفأ َ َ ل﴾ َ ﴿ ، ضِلي ٍ في ت َ ْ م ِ ك َي ْدَ ُ
ه ْ
ه﴾ . ذنب ِ ِ خذَْنا ب ِ َ فك ُّل ً أ َ َ
لوَلى﴾ َ ﴿ ، وا ْ ُ
َ
********************************************
*
ب الفضائل أكالي ٌ
ل على هام ِ اكتسا ُ
ة
ة السعيد ِ
الحيا ِ
ي يكسب السعادة والمن ب من العبدِ لك ْ مطلو ٌ
ت ن ُيسارع إلى الصفا ِ والراحة ،أن ُيبادر إلى الفضائل ،وأ ْ
عك ص على ما ينف ُ ل الجميلةِ )) احر ْ الحميدةِ والفعا ِ
ه (( . ن بالل ِ ع ْواست ِ
ة
ه في الجن ِ ل الرسول مرافَقت َ ُ أحد ُ الصحابةِ يسأ ُ
ة السجوِد ،فإّنك سك بكْثر ِ عّني على نف ِ فيقول )) :أ ِ
عك بها درجة (( .والخُر ف َه سجدةً ،إل ّ َر َ جدُ لل ِ ل تس ُ
لل له )) :ل يزا ُ ب جامٍع من الخيرِ ،فيقو ُ ن با ٍ لع ْ يسأ ُ
ل له : ل فيقو ُ ث يسأ ُ ه (( .وثال ٌ لساُنك رطبا ُ من ذكر الل ِ
د
ن أح ٌ دك أحدا ً ،وإ ْ ن بي ِ رب ّ ن أحدا ً ،ول تض ِ سب ّ ّ
)) ل ت ُ
م فيه ،ول سب ّّنه بما تعل ُ م فيك فل ت ُ سّبك بما يعل ُ
وك ن دَل ْ ِرغ م ْ ف ِن تُ ْ ف شيئا ً ،ولو أ ْ ن من المعرو ِ قر ّ
تح ِ
ء المستقي (( . في إنا ِ
ل تحزن
253
روا مسارعة )) :باد ِ ن المر يقتضي المباد ََرة َ وال ُ إ ّ
س (( ﴿ ، ً ل فتنا ً (( )) ،اغتن ِ ْ
م خمسا قبل خم ٍ بالعما ِ
كاُنوا م َ ه ْ ة ﴾ ﴿ ،إ ِن ّ ُ جن ّ ٍ و َ م َ من ّرب ّك ُ ْ ة ّ فَر ٍ غ ِ م ْ عوا ْ إ َِلى َ ر ُ سا ِ و َ َ
ن﴾. قو َ ساب ِ ُ ن ال ّ قو َ ساب ِ ُ وال ّ ت﴾ َ ﴿ ، خي َْرا ِ في ال ْ َ ن ِ عو َ ر ُ سا ِ يُ َ
ل الب ِّر ،ول خي ْرِ ،ول تنتظْر في عم ِ ل ال َ ل في فِعْ ِ م ْ ل ُته ِ
ل: ب الفضائ ِ ف في ط َل َ ِ ُتسوّ ْ
ب المرءِ ت قل ِ دّقا ُ ق
ن الحياة دقائ ٌ إ ّ
ن﴾. سو َ فله ُ نا ِ ة
قائل َ ٌ مت َ س ال ْ ُ ف ِ فل ْي َت ََنا َ ك َ ن َ وثواذَل ِ في و ِ ﴿ َ
مه ،يرى شاب ّا ً يجّر جد ُ ن ط ُِعن وث َ ّ ب بعد أ ْ ن الخطا ِ عمُر ب ُ
ع إزارك ، ف ْ إزاره ،فقال له عمُر )) :يا ابن أخي ،اْر َ
ه أتقى لرّبك ،وأْنقى لثوبك (( .وهذا أمٌر فإن ُ
م َأن منك ُ ْ شاء ِ من َ ت ﴿ لِ َ ت المو ِ ف في سكرا ِ بالمعرو ِ
خَر ﴾ . و ي َت َأ َ ّ مأ ْ
َ
قدّ َ ي َت َ َ
ل ،والخلود ِ إلى ل بالنوم ِ الطوي ِ ن السعادة ل تحص ُ إ ّ
ه
ر َ كن ك َ ِ وَلـ ِ لَ ﴿. طراِح الفضائ ِ جرِ المعالي ،وا ّ دعةِ ،وهَ ْ ال ّ
ن﴾ دي َ ع ِقا ِ ع ال ْ َ م َ دوا ْ َ ع ُ ق ُ لا ْ قي َ و ِ م َ ه ْ فث َب ّطَ ُ م َ ه ْ عاث َ ُ ه انب ِ َ الل ّ ُ
.
ة
س الهابط ِ دني ّةِ والنفو ِ ب الهمم ِ ال ّ ن منطق أصحا ِ إ ّ
ما عندََنا َ كاُنوا ْ ِ و َ حّر ﴾ ﴿ ،ل ّ ْ في ال ْ َ فُروا ْ ِ ل ﴿ :ل َ َتن ِ يقو ُ
قت ُِلوا ْ ﴾ . ما ُ و َ ماُتوا ْ َ َ
ما ل الخيرِ َ ﴿ : ن ِفع ِ وقد نهي العبد ُ بالوحي عن الّتأخرِ ع ْ
م إ َِلى قل ْت ُ ْ ه اّثا َ ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ فُروا ْ ِ م ان ِ ل ل َك ُ ُ قي َ ذا ِ م إِ َ ل َك ُ ْ
خل َ َ
د ه أَ ْ وَلـك ِن ّ ُ ن﴾َ ﴿، من ل ّي ُب َطّئ َ ّ م لَ َ منك ُ ْ ن ِ وإ ِ ّ ض﴾َ ﴿، َ ِ ر
ْ
ال َ
ب﴾، ْ هـ َ مث ْ َ ُ َ َ َ َ
غَرا ِ ذا ال ُ ل َ ن ِ ن أكو َ تأ ْ جْز ُ ع َ ض﴾﴿،أ َ إ ِلى الْر َ ِ
ة﴾﴿، خَر ِ عَلى ال ِ حَياةَ ال ْدّن َْيا َ حّبوا ْ ال ْ َ ست َ َ ما ْ ه ُ ك ب ِأن ّ ُ ﴿ ذَل ِ َ
ة صل َ ِ موا ْ إ َِلى ال ّ قا ُ ذا َ وإ ِ َ شُلوا ْ ﴾ َ ﴿ ، ف َ فت َ ْ عوا ْ َ ول َ ت ََناَز ُ َ
م إني أعوذُ بك من ّ
سالى ﴾ )) ،الله ّ َ موا ك ُ َ ْ قا ُ َ
مل لما فسه وع ِ ن دان ن ْ سم ْ ل (( )) ،والكي ُ ُ الكس ِ
سه هواها ،وتمّنى ف َ ع نَ ْ ن أت ْب َ َ ت ،والعاجُز م ْ بعد المو ِ
ه الماني (( . على الل ِ
ل تحزن
254
********************************************
*
هنا
م هناك ل ُ
خلدُ والنعي ُ
ال ُ
ن كنت ى غني ّا ً مخّلدا ً ؟ إ ْ معاف ً ل تريد ُ أن تبقى شاب ّا ً ُ ه ْ
نل هناك في الخرةِ ،إ ّ ه ليس في الدنيا ،ب ْ تريد ُ ذلك فإن ُ
ماها ه عليها الشقاء والفناء ،وس ّ ب الل ُ هذهِ الحياة الدنيا ك َن َ َ
لهوا ً ولِعبا ً ومتاع الغرورِ .
مِفلسا ً ،وهو في عنفوان عاش أحد ُ الشعراِء معدما ً ُ
ل عليها ، ص ُ ة فل يح ُ شباب ِهِ ،يريد ُ درهما ً فل يجد ُهُ ،يريد ُ زوج ً
ن لم ْ ه ،جاءه ُ الما ُ م ُ سه ،ورقّ عَظ ْ ُ ن وشاب رأ ُ س ّ ت ِ ما كبر ْ فل ّ
ن هذه ل أمُر زواجهِ وسكِنه ،فتأّوه م ْ ن ،وسهُ َ ل مكا ٍ ك ّ
ت وأنشد : المَتاّدا ِ
ت ت أرجوه ُ إذ كن ُ ما كن ُ ته بعد ما جاوز ُ مل ّك ْت ُ ُ ُ
عشرينا
ت ن بنا ِ طو ُ ابن ت ُ بعينا ظباِء علىس ُ ل ال ّ مث ُ
ف بي م ْ ن
كثبا ِ ِ
ة
زل ِ ٌ
ل طول أغ ْ ِ
اللي ك
قالوا أنيُنكالّتر ِ يبرينا
ت فما الذي تشتكي قل ُ
﴿ أَ
م رنا ُ ُ
جاءك سَهِ ُ و ْ من ت َذَك َّر ي َُ ه َ في ِ الثمانينا ي َت َذَك ُّر ِ
ما كم ّ مْر ُ
ع ّم نُ َ ول َ ْ َ
ه َ َ َ َ
ذ ِ ه ِ ما َ و َ ن ﴾َ ﴿، عو َ ج ُم إ ِلي َْنا ل ي ُْر َ ه ْ وظّنوا أن ّ ُ ذيُر ﴾ َ ﴿ ، الن ّ ِ
ب﴾. ع ٌ ول َ ِ و َ ه ٌحَياةُ الدّن َْيا إ ِّل ل َ ْ ال ْ َ
ل ل تحت ظ ّ ل هذهِ الحياةِ الدنيا كمسافرٍ استظ ّ مث َ َ ن َ إ ّ
شجرةٍ ثم ذهب وتركها .
**********************************
ي
ج الّربان ّ
أعداءُ المنه ِ
ن منهج اللهِ شعرا ً صاّدين ع ْ
دة ال ّ ً
ت كتبا للملح ِقرأ ُ
ج الله في ن منه ِ ت كلم هؤلِء المنحرفين ع ْ ونثرا ً ،فرأي ُ
ت العتداء الجارف على ت سخافاِتهم ،ووجد ُ ض ،وطالع ُ الر ِ
ت هذا الّركام ئ الحقةِ ،وعلى التعاليم ِ الّرّبانّية ،ووجد ُ المباد ِ
ن سوِء أدِبهم ،وم ْن ُتم ْالرخص الذي تفوّهَ به هؤلء ورأي ُ
ل تحزن
255
س ما قالوه وما ن ينُقل للنا ِ نأ ْ قل ّةِ حياِئهم ،ما يستحي النسا ُ
ه. كتبوه وما أنشدو ُ
ل مبدأ ً ولم يستشعِْر م يحم ْ ن النسان إذا ل ْ تأ ّ وعلم ُ
ن ،وإلى سلخ إنسا ٍ م ْ ل إلى داب ّةٍ في ِ ه يتحوّ ُ ة ،فإن ّ ُ رسال ً
م ه ْ ن أ َك ْث ََر ُ بأ ّ
َ
س ُ ح َ م تَ ْ
َ
ل﴿:أ ْ ج ٍ لر ُ بهيمةٍ في هيك ٍ
َ
م ه ْ ل ُ عام ِ ب َ ْ كاْل َن ْ َ م إ ِّل َ ه ْ ن ُ ن إِ ْ قُلو َ ع ِ و يَ ْ نأ ْ عو َ م ُ س َ يَ ْ
سِبيل ً ﴾ . ل َ ض ّ أَ َ
سعَد ُ هؤلِء ُ
ت نفسي ،وأنا أقرأ الكتاب :كيف ي َ ْ وسأل ُ
ك السعادة ويعطيها سبحانه ن اللهِ الذي يمل ُ ضوا ع ِ وقد ْ أعر ُ
ن يشاُء ؟! وتعالى لم ْ
كيف يسعد ُ هؤلِء وقد ْ قطعوا الحبال بينهم وبينه ،
ة
ض وبين رحم ِ سهم الهزيلةِ المري ِ وأغلقوا البواب بين أنف ِ
اللهِ الواسعةِ ؟!
كيف يسعد ُ هؤلِء وقد أغضُبوا الله ؟!
وكيف يجدون ارتياحا ً وقد ْ حارُبوه ؟!
ل أخذ ُيصيُبهم في هذه الداِر ن أول الّنكا ِ تأ ّ ولكّني وجد ُ
ل م ،نكا ُ ن لم يتوبوا – في نار جهن ّ ل أخرويّ – إ ْ ت نكا ٍ دما ِ بمق ّ
ط﴿ : ضيقُ ،والنهياُر والحبا ُ م المبالةِ ،وال ّ الشقاِء ،وعد ُ
ضنكا ً ﴾ . ومن أ َ
ة َ ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ ري َ عن ِذك ِْ ض َ َ َ ر ع
ْ َ َ ْ
ن تنتهي م ،وأ ْ ن يزول العال ُ م يريد ُ أ ْ ن كثيرا ً منه ْ حتى إ ّ
ن ُتنسف الدنيا ،وأن ُيفارق هذه المعيشة . الحياةُ ،وأ ْ
ن القاسم المشترك الذي يجمعُ الملحدة الّولين إ ّ
ة بالقيم ِ ب مع اللهِ ،والمجازف ُ خرين هو :سوُء الد ِ وال ِ
ض عن خذ ِ والعطاِء والعرا ُ ة في ال ْ عون ُ ئ ،والّر ُ والمباد ِ
م المبالةِ بما يقولون ويكتبون ويعملون ﴿ : ب ،وعد ُ العواق ِ
ن ّ ْ َ َ َ أَ
وا ٍ ض َ ر ْ ِ و
َ ه
ِ ل ال ن َ م
ِ وى َ ق َ ت لى ع
َ ه
ُ َ ن يا َ ْ ن ُ ب س َ سّ أ نْ م
َ ف
ر ها ف ر ج فا َ شَ ى َ لع ه ن يا ن ب س س خير َأم من أ َ
ٍ َ ٍ ُ ُ َ َ ُ َ َ ْ ُ َ ّ ّ ْ َ ْ ٌ
م و َ ق ْ دي ال ْ َ ه ِ ه ل َ يَ ْ والل ّ ُ م َ هن ّ َ ج َ ر َ في َنا ِ ه ِ هاَر ب ِ ِ فان ْ َ َ
ن ﴾. مي َ ظال ِ ِ ال ّ
ل تحزن
256
مهم ن همو ِ صم ْ ّ ن الح ّ
ل الوحيد لهؤلِء الملحدةِ ،للّتخل ِ إ ّ
ن ينتحُروا وُينُهوا هذا ن لم يتوبوا ويهتدوا – أ ْ وأحزاِنهم – إ ّ
مغي ْظِك ُ ْ موُتوا ْ ب ِ َ ل ُ ق ْ مّر ،والمَر التاِفه الرخيصُ ﴿ : العيش ال ُ
م﴾ . خي ٌْر ل ّك ُ ْ م َ م ذَل ِك ُ ْسك ُ ْ قت ُُلوا ْ َأن ُ
ف َ فا ْ
﴾َ ﴿،
*******************************************
دنيا
ة ال ّ
حقيق ُ
ن تقدير ب اللهِ العظيم ِ ،وإ ّ ن ميزان السعادةِ في كتا ِ إ ّ
ه الشياِء في ذِك ْرِهِ الحكيم ،فهو يقّرُر الشيء وقيمت ُ
ن كو َ وَل َأن ي َ ُ ول َ ْ دنيا والخرةِ ﴿ َ ومردود َه ُ على العبد ِ في ال ّ
ُ
ن م ِح َ فُر ِبالّر ْ من ي َك ْ ُ عل َْنا ل ِ َ ج َ حدَةً ل َ َ وا ِ ة َ م ًسأ ّ الّنا ُ
ن} هُرو َ ها ي َظْ َ عل َي ْ َج َ ر َ عا ِ
م َ و َة َ ض ٍ ف ّ من َ قفا ً ّ س ُ م ُ ه ْل ِب ُُيوت ِ ِ
َ
ن}{34 ؤو َ ها ي َت ّك ِ ُ عل َي ْ َسُررا ً َ و ُ وابا ً َ م أب ْ َ ه ْ ول ِب ُُيوت ِ ِ َ {33
ة
خَر ُ واْل ِ ة الدّن َْيا َ حَيا ِ ع ال ْ َ مَتا ُ ما َ ك لَ ّ ل ذَل ِ َ وِإن ك ُ ّ خُرفا ً َ وُز ْ َ
ن﴾. قي َ مت ّ ِ ك ل ِل ْ ُ عندَ َرب ّ َ ِ
دوُرها ،وذهُبها ة الحياةِ ،وقصوُرها و ُ هذهِ هي حقيق ُ
ضُتها ومناصُبها . وف ّ
ة واحدة ً ،وأن ن تعطي الكافر جمل ً ن تفاهِتها أ ْ نم ْ إ ّ
س قيمة الحياةٍ الدنيا. ن ليبّين للنا ِ مَها المؤم ُ حَر َ يُ ْ
ب وهو ي الشهير يستغر ُ ن عتبة بن غزوان الصحاب ّ إ ّ
ه
ل الل ِ ن في حالةٍ مع رسو ِ ب الناس الجمعة :كيف يكو ُ يخط ُ
ل ه وََرقَ الشجرِ مجاهدا ً في سبي ِ ل مع ُ ق يأك ُ خل ِ
، مع سي ّدِ ال َ ْ
ف م يتخل ّ ُ مهِ ،ث ّ ت عمرِهِ ،وأحلى أيا ِ اللهِ ،في أْرضى ساعا ِ
ن أميرا ً على إقليم ٍ ،وحاكما ً على ل اللهِ ، فيكو ُ ن رسو ِ ع ْ
ل حياةٌ ل بعد وفاةِ الرسو ِ ن الحياة التي ُتقب ُ مقاطعةٍ ،إ ّ
ة حّقا ً . رخيص ٌ
س
أرى أشقياء النا ِ م فيها عراةٌ على أّنه ْ
مونها
يسأ ُكانت أراهال وإ ْ
ن نُع
جعوّ ْ ف ُ ة صي ٍو سحاب ُ
فإنهاّلى إمرة سّر لُ ِ ه الذهو ت شع ل تق ّ قلي ٍ
وهو يتو ص يصيب ُ ُ أبي وّقا ُ ٍ ن
سعد ُ ب ُ
ل ل ، وقد ْ أكل معه الشجر ،ويأك ُ الكوفةِ بعد َ وفاةِ الرسو ِ
ل تحزن
257
م يسحُقه ،ثم يحتسيهِ على الماِء ،فما جلدا ً مّيتا ً ،يشويهِ ث ّ
ل ل بعد إدبارِ الرسو ِ لهذهِ الحياةِ وما لقصوِرها وُدوِرها ُ ،تقب ُ
لو َ من ا ْ ُ خي ٌْر ل ّ َ ول َْل ِ
لى ﴾ ك ِ َ خَرةُ َ ، وتأتي بعد ذهابهِ َ ﴿
.
ة
ن في المر شيٌء ،وفي المسألةِ سّر ،إنها تفاه ُ إذ ْ
َ َ
ل ما ٍ من ّ ه ِ هم ب ِ ِ مدّ ُ ما ن ُ ِ ن أن ّ َ سُبو َ ح َ ب ﴿ أي َ ْ س ُ ح ْ الدنيا فَ َ
ت َبل ّل خي َْرا ِ في ال ْ َ م ِ ه ْ ع لَ ُ ر ُ سا ِ ن} {55ن ُ َ وب َِني َ َ
م (( . ه ما الفقر أخشى عليك ْ ن ﴾ )) ،والل ِ عُرو َ ش ُ يَ ْ
شَرِبة ، ل اللهِ وهو في الم ْ عمر على رسو ِ م دخل ُ ل ّ
ورآه على حصيرٍ أّثر في جنبهِ ،وما في بيتهِ إل شعيٌر معل ّقٌ ،
مَر . ت عينا عُ َ دمع ْ
سل الله قدوةُ النا ِ ن يكون رسو ُ ن الموقف مؤث ٌّر ،أ ْ إ ّ
ل سو ِ ذا الّر ُ ه َل َ ما ِ قاُلوا َ و َ م الجميع ،في هذهِ الحالةِ ﴿ َ وإما ُ
َ ْ
ق﴾. وا ِ س َ في اْل ْ شي ِ م ِ وي َ ْ م َ عا َ ل الطّ َ ي َأك ُ ُ
ه عنه : -كسرى وقيصر مُر – رضي الل ُ ل له عُ َ م يقو ُ ث ّ
ل الله )) : أفي م يا رسول اللهِ ! قال رسو ُ فيما تعل ُ
ك أنت يا بن الخطاب ،أما ترضى أن تكون لنا ش ّ
الخرةُ ولهم الدنيا (( .
ن يرضى م ْ ض َ ة ،فل ْي َْر َ ة عادل ٌ ة ،وقسم ٌ ة واضح ٌ إنها معادل ٌ
ن أرادها في ب السعادة م ْ ط ،وليطل ُ ِ ن يسخ ُ طم ْ ،ول َْيسخ ْ
ن ل لها وحدها ،فل ْ درهم ِ والدينارِ والقصرِ والسيارةِ ويعم ْ ال ّ
يجدها والذي ل إله إل هو .
م ه ْ و ّ َ ريدُ ال ْ َ من َ
ف ُإ ِلي ْ ِ ها ن ُ َ زين َت َ َ و ِ حَياةَ الدّن َْيا َ ن يُ ِ كا َ ﴿ َ
ك وَلـئ ِ َ ن} {15أ ْ سو َ خ ُ ها ل َ ي ُب ْ َ في َ م ِ ه ْ و ُ ها َ في َ م ِ ه ْ مال َ ُ ع َ أَ ْ
ما ط َ حب ِ َ و َ ة إ ِل ّ الّناُر َ خَر ِ في ال ِ م ِ ه ْ س لَ ُ ن ل َي ْ َ ذي َ ال ّ ِ
ن﴾ . مُلو َ ع َ كاُنوا ْ ي َ ْ ما َ ل ّ وَباطِ ٌ ها َ في َ عوا ْ ِ صن َ ُ َ
عفاٌء على دنيا صالحين فليس بها لل ّ
رها ت لغي ِ
**************************************** حل ْ ُ َر َ ج
معَّر ُ ُ
ة
ح السعاد ِ
مفتا ُ
ل تحزن
258
ه وأنت في كوٍخ ، ه وتأل ّْهت ُ
حته وعبد ْت َ ُ إذا عرفت الله وسب ّ ْ
خي َْر والسعادة َ والراحة والهدوء . وجدت ال َ
ف ،فلوْ سكنت أرقى القصورِ ، ن عند النحرا ِ ولك ْ
م أّنها نهايُتك ل ما تشتهي ،فاعل ْ وأوسع الدورِ ،وعندك ك ّ
ن مفتاح ة ؛ لنك ما ملكت إلى ال ِ مّرةُ ،وتعاسُتك المحقق ُ ال ُ
ة.السعاد ِ
ة
صب َ ِ
ع ْ ه ل َت َُنوءُ ِبال ْ ُح ُ م َ
فات ِ َ ن َ ما إ ِ ّز َ ِ ن ال ْك ُُنو
م َوآت َي َْناهُ ِ
﴿ َ
ة﴾. أوِلي ال ْ ُ ُ
و ِ
ق ّ
*****************************************
ة
وقفـــ ٌ
م مُنوا ﴾ .إي :يدفعُ عنه ُ نآ َ ن ال ّ ِ
ذي َ ع ِ ع َف ُدا ِ
ه يُ َن الل ّ َ ﴿ إِ ّ
شرور الدنيا والخرة .
» هذا إخباٌر ووعد ٌ وبشارةٌ من اللهِ للذين آمنوا ،أنه
ل ب إيماِنهم – ك ّ ل مكروهٍ ،ويدفعُ عنهم – بسب ِ مك ّ يدفعُ عنه ْ
ن ،وشروِر ن شرورِ الكفارِ ،وشرورِ وسوسةِ الشيطا ِ شّر م ْ
ل م عند نزو ِ ل عنه ْ ت أعماِلهم ،ويحم ُ سهم ،وسيئا ِ أنف ِ
ل ف،ك ّ م غاية التخفي ِ المكارهِ ما ل يتحملونه ،فُيخّفف عنه ْ
ن هذه المدافعةِ والفضيلةِ بحسب إيماِنه ، ن له م ْ مؤم ٍ
مستكث ٌِر « . لو ُ مستق ّ ف ُ
ب، ن أنه ُيسّلى العبد ُ به عند المصائ ِ ت اليما ِ ن ثمرا ِ »م ْ
د ه ِ ه يَ ْمن ِبالل ّ ِ ؤ ِمن ي ُ ْ و َ
ب﴿ َ ون عليه الشدائد ُ والّنوائ ُ وُته ّ
ن عندِ م أنها م ْ ة ،فيعل ُ ه ﴾ وهو العبد ُ الذي تصيُبه المصيب ُ قل ْب َ ُ
َ
ن ن لُيخطئه ،وما أخطأه ُ لم يك ُ ْ ن ما أصابه لم يك ُ ْ اللهِ ،وأ ّ
ن عليه مة ،وتهو ُ م للقدارِ المؤل ِ سل ّ ُ
لُيصيبه ،فيرضى وي ُ َ
ن عندِ اللهِ ،وليصاِلها إلى ة ،لصدوِرها م ْ ب المزعج ُ المصائ ُ
ثواب ِهِ « .
************************************
ش
كيف كاُنوا يعي ُ
ل تحزن
259
ن أيام أحدِ الصحابةِ الخبارِ ،وعظماِئهم تعال إلى يوم ٍ م ْ
ل اللهِ ، مع ب مع ابنهِ رسو ِ ي بن أبي طال ٍ البرارِ ،عل ّ
ث هو ح الباكرِ ،فيبح ُ ي في الصبا ِ حو عل ّ فلذةِ كبدِهِ ،بص ُ
ن ،فيرتدي فروا ً على ن طعام ٍ فل يجدا ِ ة عن شيٍء م ْ وفاطم ُ
ف ب في أطرا ِ س ويذه ُ م ُ ج ،ويتل ّ ن شد ّةِ البردِ ويخر ُ مهِ م ْ جس ِ
ي عليه م عل ّ ة ،فيقتح ُ المدينةِ ،ويتذكُر يهودي ّا ً عنده مزرع ٌ
ل اليهوديّ :يا ل ،ويقو ُ ق الصغيرِ ويدخ ُ ضي ّ ِ باب المزرعةِ ال ّ
و
ب هو الدل ُ ب بتمرةٍ .والغر ُ ل غ َْر ٍ رج ك ّ ي ،تعالى وأخ ِ أعراب ّ
ل. ة مع الجم ِ معاوَن َ ً جه ،أيْ :إظهاُره من البئرِ ُ الكبيُر ،وإخرا ُ
ن ،حتى ة من الزم ِ ه بره ً ه – مع ُ ه عن ُ ي – رضي الل ُ ل عل ّ فيشتغ ُ
ت، ب تمرا ٍ مه ،فُيعطيهِ بعدد ِ الغرو ِ ل جس ُ رم يداه ويك ّ ت ِ
ل اللهِ وُيعطيه منها ،ويبقى هو ب بها ويمّر برسو ِ ويذه ُ
ل طيلة النهارِ . ن هذا التمرِ القلي ِ م ْ ة يأكلن ِ وفاطم ُ
م قد امتل ن بيتهُ ْ هذهِ هي حياتهم ،لكّنهم يشعرون أ ّ
سعادةً وحبورا ً ونورا ً وسرورا ً .
لث بها الرسو ُ ة التي ُبع َ ش المبادئ الحّق َ ن قلوبهم تعي ُ إ ّ
م في مُثل السامية ،فه ْ ، وال ُ
ل قلبي ّةٍ ،وفي روحانّية ُقدسي ّةٍ ُيبصرون بها الحقّ ، أعما ٍ
وُينصرون بها الباطل ،فيعملون لذاك ويجتنبون هذا ،
وُيدركون قيمة الشيِء وحقيقة المرِ ،وسّر المسألةِ .
ة هامان ؟! ح وسكين ُ أين سعادةُ قارون ،وسروُر وفر ُ
ب ج َ ع َ ث أَ ْ غي ْ ٍ ل َ مث َ ِ ن ،والثاني ملعون ﴿ك َ َ ل مدفو ٌ فالو ُ
طاما ً ح َ ن ُ كو ُ م يَ ُ فّرا ً ث ُ ّ ص َ م ْ فت ََراهُ ُ ج َ هي ُ ه ثُ ّ ال ْك ُ ّ
م يَ ِ فاَر ن ََبات ُ ُ
﴾.
ذن للحقّ ، ن بلل ً أ ّ مارٍ ،ل ّ ل وسلمان وع ّ السعادة ُ عند بل ِ
ول َئ ِ َ ُ
ك مارا ً وّفى الميثاق ﴿ أ ْ ق ،وع ّ صد َ ِ وسلمان آخى على ال ّ
عن وُز َ ون ََتجا َ مُلوا َ ع ِ ما َ ن َ س َ ح َ مأ ْ ه ْ عن ْ ُ ل َ قب ّ ُ ن ن َت َ َ ذي َ ال ّ ِ
َ
كاُنوا ذي َ ق ال ّ ِ صد ْ ِ عدَ ال ّ و ْ ة َ جن ّ ِب ال ْ َ حا ِ ص َ في أ ْ م ِ ه ْ سي َّئات ِ ِ َ
ن﴾. دو َ ع ُ ُيو َ
******************************************
ل تحزن
260
ر
صب ْ ِ
ء في ال ّ أقوا ُ
ل الحكما ِ
ه قال :جميعُ المكارِهِ في الدنيا ن أنوشروان أن ُ ُيحكى ع ْ
ب ة ،فالضطرا ُ حيل ٌ ب فيه ِ م على ضربين :فضر ٌ تنقس ُ
ب ل حيلة فيه ،فالصطباُر شفاؤُه ُ . دواؤه ،وضر ٌ
ة فيما ل حيلة فيه ، حيل ُ ل :ال ِ ض الحكماِء يقو ُ كان بع ُ
الصبُر .
ه النصُر . ن اّتبع الصبر ،اّتبعَ ُ ل:م ِ وكان يقا ُ
صب ََر قَد ََر ن َ ح الَفَرِج م ْ ل السائرة ،الصبُر مفتا ُ ومن المثا ِ
ظفُر ،عند اشتداد ِ البلِء يأتي الّرخاُء . ،ثمرةُ الصبرِ ال ّ
ج النْفع ل المساّر ،وار ُ ن خل ِ ف المضاّر م ْ ل:خ ِ وكان يقا ُ
مت ،فك ْ ب المو ِ ص على الحياةِ بطل ِ ن موضِع المن ِْع ،واحر ْ م ْ
ن فناٍء سبُبه البقاِء ،وأكثُر ن بقاٍء سبُبه استدعاُء الفناِء ،وم ْ م ْ
ن ِقبل الفزِع . نم ْ ما يأتي الم ُ
خيارا ً . ن في الشّر ِ ل:إ ّ ب تقو ُ والعر ُ
ض. ن بعْ ٍ نم ْ شّر أهو ُ ن بعض ال ّ ي :معناه ُ :أ ّ قال الصمع ّ
ه
م أن ُ ة ،فاعل ْ وقال أبو عبيدة :معناه ُ :إذا أصابْتك مصيب ٌ
ن عليك مصيبُتك . ل منها ،فلتهُ ْ ن أج ّ قد ْ يكو ُ
ه في الغيوب ، ب المورِ تتشاب ُ ض الحكماِء :عواق ُ قال بع ُ
م ب ،وك ْ ب في مكروهٍ ،ومكروهٍ في محبو ٍ ب محبو ٍ فُر ّ
ؤه . ؤه ،ومرحوم ٍ من داٍء هو شفا ُ ط بنعمةٍ هي دا ُ مغبو ٍ
ن ضّر . ن شّر ،ونفٍع م ْ ب خيرٍ م ْ ل ُ :ر ّ وكان ُيقا ُ
شّر ي ،في كلم ٍ له :اصبْر على ال ّ ة السهم ّ وقال وداع ُ
ن حك ،وتحت الّرغوةِ اللب ُ جلى عما ُيفر ُ حك ،فرّبما أ ْ ن قَد َ َ
إ ْ
ح. صري ُ ال ّ
ذا حّتى إ ِ َ لَ ﴿: ه بالفرِح عند انقطاِع الم ِ يأتي الل ُ
َ َ
م ه ْ جاء ُ ذُبوا ْ َ قدْ ك ُ ِ م َ ه ْ وظَّنوا ْ أن ّ ُ ل َ س ُ س الّر ُ ست َي ْأ َ ا ْ
فى و ّ ما ي ُ َ ن ﴾ ﴿ ،إ ِن ّ َ ري َ صاب ِ ِ ع ال ّ م َ ه َ ن الل ّ َ صُرَنا﴾ ﴿ ،إ ِ ّ نَ ْ
ب﴾ . َ
سا ٍ ح َ ر ِ غي ْ ِ هم ب ِ َ جَر ُ نأ ْ صاب ُِرو َ ال ّ
ل تحزن
261
ل وعل – يأتي ن الله – ج ّ ب :وكما أ ّ ض الك ُّتا ِ ل بع ُ يقو ُ
ح ه الذي قد ّّر ورود ّ المكروهِ منه ،ويفت ُ ب من الوج ِ بالمحبو ِ
ض سائر ح ّ حيل ،لي ُ ل ،واستبهام ِ وجوهِ ال ِ بفرج عند انقطاِع الم ِ
خْلقه بما يريدهم من تمام قدرته ،على صرف الرجاء إليهِ ،
ن ل ي َْزُووا وجوهُهم في ل عليه ،وأ ْ ص آماِلهم في الّتوك ّ ِ وإخل ِ
ن توقِّع الّروِْح منه ،فل يعدُلوا بآماِلهم تع ْ ت من الوقا ِ وق ٍ
در عنه ، ن انتظارِ فرٍج يص ُ ت،ع ِ ل من الحال ِ على أيّ حا ٍ
ة، ن كفاهم بمحنةٍ يسير ٍ وكذلك أيضا ً يسّرهم فيما ساءهم ،بأ ْ
م كان أنكى مةٍ سهلةٍ ،م ّ مل ِ ّ
مب ُ م منها ،وافتداهُ ْ ما هو أعظ ُ
م.حقهُ ْ م لو ل ِ فيه ْ
ل عْتبك محمود ٌ لع ّ ت ح ِ فرّبما ص ّ
صه هةٍ يخل ّ ُ عواقب ُ
بمحن ُ ه العب ْد َن الل ُ ربما امتح َ ل
العابد ُبالِ:عل ِ
مالجسا ُ قال إسحاقُ
ل نعمةٍ . ة أج ّ بها من الهلكةِ ،فتكون تلك المحن ُ
ن احتمل المحنة ،ورضي بتدبيرِ اللهِ تعالى نم ِ ل:إ ّ يقا ُ
ن منفعِتها ،حتى شد ّةِ ،كشف له ع ْ كبةِ ،وصبر على ال ّ في الن ْ
ن مصلحِتها . يقف على المستورِ عنه م ْ
م م السل ُ ن بعض النبياِء عليه ُ ض النصارى أ ّ حكي عن بع ِ ُ
نم ،فطوبى لم ْ ب ل يدو ُ ب من اللهِ ،والد ُ ن تأدي ٌ مح ُ قال :ال ِ
ب له ُلب ُ
س ب ،وتثّبت عند المحنةِ ،فيج ُ تصّبر على التأدي ِ
ل حّبيه ،وأه ِ م ِ ه به ُ ل الغَل َب َةِ ،وتاِج الفلِح ،الذي وعَد َ الل ُ إكلي ِ ِ
طاعت ِهِ .
ن، ة المح ِ سن ّ ُ جَر ،إذا أصابْتك أ ِ ض َ
قال إسحاقُ :احذرِ ال ّ
ب دي إلى النجاةِ صعْ ُ ن الطريق المؤ ّ ن ،فإ ّ فت ِ ض ال ِ وأعرا ُ
ك. سل ِ
الم ْ
ب الغتباط . ج بالصبرِ ُ ،يعق ُ قال بزرجمهُر :انتظاُر الَفَر ِ
******************************************
ب
ه ل يخي ُ ن الظّ ّ
ن بالل ِ س ُ
ح ْ
ُ
ن بي ما شاء (( .
ن عبدي بي ،فليظ ّ
)) أنا عند ظ ّ
ل تحزن
262
ن عليه . معي ُ ن الرجاء ماد ّة ُ الصبرِ ،وال ُ ب:إ ّ ض الك ُّتا ِ لبع ِ
ن باللهِ ،الذي ل يجوُز ن الظ ّ ّ س ُح ْ هُ ، ة الرجاِء وماّدت ُ عل ّ ُفكذلك ِ
ن دهم يرفعون م ْ أن يخيب ،فإّنا قد نستقري الكرماء ،فنج ُ
م ،ويتحّر ن تخّيب أمُله فيه ْ م ،ويتحوُّبون م ْ ه به ْ أحسن ظن ّ ُ
دهم ،فكيف بأكرم ِ الكرمين ،الذي ل يعوُزه ن قص َ م ْ جون ِ
مليه ،ما يزيد ُ على أمانّيهم فيه . ن يمنح مؤ ّ أ ْ
ده ك عب ِ س ِ ل ذِك ُْره ،لتم ّ ل الشواهدِ بمحب ّةِ الله ج ّ وأعد ُ
ن النسان ل يأتيه ن ظل ّهِ ومآِبه ،أ ّ برحابهِ ،وانتظاُر الّروِح م ْ
ل ما كان ق أملهِ في ك ّ كه النجاةُ ،إل بعد إخفا ِ ج ،ول ُتدر ُ الَفَر َ
ز
ج ِ ق مطالب ِهِ ،وع َ ْ جه نحوه بأمِله ورغبِته ،وعند انغل ِ يتو ّ
ضّرهِ ومحنِته ،ليكون ذلك باعثا ً له على حيلِته ،وتناهي َ
ل ،وزاجرا ً له على تجاوز ف رجائ ِهِ أبدا ً إلى اللهِ عّز وج ّ صْر ِ َ
د
عَبا ٌ ه ِن الل ّ ِ دو ِ من ُ ن ِ عو َ ن ت َدْ ُذي َ ن ال ّ ِن ظّنه به ﴿إ ِ ّ س ِ ح ُْ
َ
م كنت ُ ْ م ِإن ُ جيُبوا ْ ل َك ُ ْست َ ِفل ْي َ ْم َه ْ عو ُ فادْ ُم َ مَثال ُك ُ ْأ ْ
ن﴾ . قي َ صاِد َِ
**************************************
ر
مدَ المو ِ
ح َ
صُبوُر أ ْ ُيدر ُ
ك ال ّ
ح في اليقِين ج والرو ُ ن مسعود ٍ :الَفَر ُ دالله ب ِ ن عب ُِرِوي ع ْ
ط. ك والسخ ِ ش ّ ن في ال ّ م والحز ُ والرضا ،واله ّ
حمد المورِ . كأ ْ صُبوُر ُ ،يدر ُ ل :ال ّ وكان يقو ُ
ل ن أْفض ِ ل:م ْ ت أعربي ّا ً يقو ُ ن تغلب :سمع ُ نب ُ قال أبا ُ
ة استعمل الصبر م جائح ٌ ده ْ ت بأح ِ ه إذا نزل ْ ل أن ُآداب الرجا ِ
ن ره يعاي ُ عليها ،وألهم نْفسه الرجاء لزواِلها ،حتى كأنه لصب ِ
ن نظ ّ س ِ ح ْ ل،و ُ الخلص منها والعناء ،توك ّل ً على اللهِ عّز وج ّ
ه حاجته ، ث أن يقضي الل ُ زم هذه الصفة ،لم يلب ْ به ،فمتى ل ِ
ضه ومروءُته . عر ُ ه ديُنه و ِ ه ،ومع ُ كربيه ،وُينجح ط ِْلبت ُ وُيزيل ُ
نشّر م ْ ف ال ّ ي أنه قال :خ ِ ن أعراب ّ يع ْ روى الصمع ّ
ة
ب حيا ٍ شّر ،فُر ّ ن موضِع ال ّ ج الخي َْر م ْ موضِع الخي ْرِ ،وار ُ
ل تحزن
263
ب الحياةِ ،وأك ْث َُر ما ت سبُبه طل ُ ت ،ومو ٍ ب المو ِ سبُبها طل ُ
ف. ن من ناحِية الخوْ ِ يأتي الم ُ
ة لحظْتك وإذا العناي ُ ث كل ّهُ ّ
ن م فالحواد ِ ُ نَ ْ
الفجاءةِ : عيوُنهانوقال قطريّ ب ُ ن
أما ُ
ن أحد ٌ إلى ل ي َْرك َن َ ْ وفا ً خ ّ مت َ َ يوم الوغى ُ
مِ
ح الحجا
فلقد ْ أراني للّرما ِ ماّرمةًِ لحم ِ من عن يميني
دريئة
در ت بما تح ّ حتى خضب ُ عنانوأمامي أحناء سْرجي أو
دمي
ت وقد ْ من ُ ِ
انصرف ثم رح لجامي
ِ جذع البصيرةِ قا
ب أص أصبت ولم ُ ض القدام
نْ م به ْ نزل ل يتعّزى ُ فيما الحكما ِِء :العاق ُ وقال بع ُ
ن: مكروهٍ بأمري ِ
أحدهما :السروُر بما بقي له .
ه به . ج مما ن ََزل َ ُ والخر :رجاُء الَفَر ِ
ن: والجاهل يجزعُ في محنت ِهِ بأمري ِ
أحدهما :استكثاُر ما أوى إليه .
ه. والخر :تخوُّفه ما هو أشد ّ من ُ
ب ل لخلِقهِ ،وتأدي ُ ب اللهِ عّز وج ّ ن آدا ُ مح ُ ل :ال ِ وكان يقا ُ
ح القلوب والسماع والبصار . اللهِ يفت ً
ص
محن فقال :فيها تمحي ٌ ل ال ِ سهْ ٍ ن َ نب ُ س ُ ح َ ووصف ال ّ
ب بالصبرِ ، ض للثوا ِ ه من الغفلةِ ،وتعّر ٌ ب ،وتنبي ٌ من الذن ِ
ل وتذكيٌر بالنعمةِ ،واستدعاٌء للمثوبةِ ،وفي نظرِ اللهِ عّز وج ّ
وقضائ ِهِ الخياُر .
ن ذي َ ب الموت ،طلبا ً لحياةِ الذ ّك ْرِ ﴿ .ال ّ ِ فهذا من أح ّ
ل ق ْ قت ُِلوا ُ ما ُ عوَنا َ طا ُ و أَ َ دوا ْ ل َ ْ ع ُ
ق َ و َ م َ ه ْ قاُلوا ْ ل ِ ْ َ
وان ِ َ ِخ َ
ن ﴾. قي َ صاِد ِ م َ كنت ُ ْ ت ِإن ُ و َ م ْم ال ْ َ سك ُ ُ ف ِ ن أن ُ ع ْ ؤوا َ فادَْر َُ
ب:
ن المصائ ِ أقوا ٌ
ل في تهوي ِ
ح ،إذا صغَر المصيبة بالربا ِ جارِ :ما أ ْ
ض عقلِء الت ّ ّقال بع ُ
ح. ت بسلمةِ الروا ِ عاد ْ
ة هَد ٌَر .خل ُ
س ْ جل ّ ُ
ة فال ّ سلم ِ ال ِنت ْب:إ ّ ل العر ِ ن قو ِوكان م ْ
ل تحزن
264
ن ،وإن جفاها ض من عمرا ٍ س أر ٌمهم :ل تيأ ْ ن كل ِوم ْ
ن. الزما ُ
مة تقول :نهٌر جرى فيه الماُء لبد ّ أن يعود إليه . والعا ّ
ن إل دي ِ
ل وال ّ
ل العقو ِ ل أه ُ
وقال ثامسطيوس :لم يتفاض ْ
ل
ل الُقدرةِ والنعمةِ ،وابتذا ِ ل في حا ِض ِ
ل الف ْ
في استعما ِ
شد ّةِ والمحنةِ . ل ال ّ
الصبرِ في حا ِ
***************************************
ة
وقفــــ ٌ
ْ ْ ْ
ن ما ت َأَلمو َ ن كَ َمو َ م ي َأل َ ُ ه ْ
فإ ِن ّ ُ ن َ
مو َ كوُنوا ْ ت َأل َ ُ﴿ ِإن ت َ ُ
ن﴾. جو َ ما ل َ ي َْر ُ ه َ ن الل ّ ِ م َ ن ِ جو َ وت َْر َُ
ولهذا يوجد ُ عند المؤمنين الصادقين حين تصيُبهم
طمأنيِنة ت وال ّ من الصبرِ والثبا ِ ل والبتلُء ِ ل والقلقِ ُ الّنواز ُ
مْعشارِهِ عند من شُر ِ ن والقيام ِ بحقّ اللهِ مال يوجد ُ عُ ْ كو ِ والس ّ
ن. ن واليقي ِ ليس كذلك ،وذلك لقوّةِ اليما ِ
ل ه عنه قال :قال رسو ُ ل بن يسارٍ رضي الل ُ عن معق ِ
ل رّبكم تبارك وتعالى :يا بن آدم ، اللهِ )) : يقو ُ
زقا ً . ِ غ لعبادتي ،أمل قلبك غنى ،وأمل يدْيك ر تفّر ْ
يا بن آدم ،ل تباعدْ مني ،فأمل ْ قلبك فقرا ً ،وأمل ْ
شغل ً (( . يديك ُ
ه
ة إليه ،والّرضا ب ِ ل على اللهِ تعالى ،والناب ُ » القبا ُ
ح ج بذك ْرِهِ ،والفر ُ ب من محب ِّته ،والّله ُ ه ،وامتلُء القل ِ وعن ُ
ش ،ل نسبة ة ،وعي ٌ جل ،وجن ّ ٌ ب عا ِ والسروُر بمعرفِته ثوا ٌ
ة«. ك إليه ألبت ّ َ ش الملو ِ لعي ِ
****************************************
ث حاُلك
ل ماُلك أو ر ّ
نق ّ نإ ْ
ل تحز ْ
فقِيمُتك شيءٌ آخُر
ن
س ُ
ئ ما ُيح ِ ةك ّ
ل امر ٍ ه :قيم ُ
ه عن ُ
ي رضي الل ُ
قال عل ّ
.
ل تحزن
265
ر
ة الشاع ِ ه أو ُ
كثَر ،وقيم ُ ل من ُهق ّ م ُعل ْ ُة العالم ِ ِ فقيم ُ
ب موهبةٍ أو حرفةٍ إنما ل صاح ِ شعُره أحسن فيهِ أو أساء .وك ّ
ة ليس إل ، ة أو تلك الحرف ُ قيمُته عند البشرِ تلك الموهب ُ
ه
ه ،وُيغلي ثمنه بعمل ِ ِ ن يرفع قيمت ُ ص العبد ُ على أ ْ فليحر ِ
جود ِهِ وحْفظ ِهِ ،ونبوِغه مه وحكمِته ،و ُ الصالِح ،وبعل ْ ِ
صهِ على الفائدةِ ، حْر ِ
حث ِهِ ،وسؤاِله و ِ مثابرِته وب ْ عه ،و ُ وا ّ
طل ِ
حهِ ، ل الطموِح في ُرو ِ ل ذهنهِ ،وإشعا ِ ف عْقل ِهِ وصْق ِ وتثقي ِ
ة. ة عالي ًسهِ ،لتكون قيمُته غالي ً ل في نف ِ والّنب ِ
*************************************
ة الك ُت ُ ِ
ب م أنك بوساط ِ
ن ،واعل ْل تحز ْ
مي مواهبك وقدراِتك ن أن ُتن ّ
يمك ُ
ت، ذهن ،وتهدي الِعبر والعظا ِ ب ُتفت ّقُ ال ّ ة الكت ِ مطالع ُ
مي حكم ،وُتطلقُ اللسان ،وُتن ّ طلِع بمدد ٍ من ال ِ وتمد ّ الم ّ
ه ،وهي سلوةٌ شب َ َخ الحقائق ،وتطرد ُ ال ّ س ُ ة التفكيرِ ،وتر ّ مَلك َ
َ
ةة للسامرِ ،ومتع ٌ للمتفّردِ ،ومناجاةٌ للخاطر ،ومحادث ٌ
ت ضبط ْ ةو ُ م ٌ
ت المعلو ُ ساري ،وكّلما ك ٌّرر ِ ج لل ّ ل ،وسرا ٌ م ِللمتأ ّ
ت على ت وحان ِقطاُفها ،واستو ْ ت وأينع ْ ت ،أثمر ْ حص ْ م ّ ،و ُ
ب بها كلها ك ّ ُ
سوِقها ،وآتت أ ُ
ن رّبها ،وبلغ الكتا ُ ِ ن بإذ ٍ ل حي
ه ،والنبأ ُ مستقّرهُ . جل َ ُ
أ َ
ب والنفراد ُ بها ، ك النظرِ في الكت ِ جُر المطالعةِ ،وتْر ُ وه ْ
طبِع ،وركود ٌ للخاطرِ ،وفتوٌر صٌر لل ّ ح ْ
ن،و َ ه في اللسا ِ حْبس ٌ ُ
ل في رصيد ِ المعرفةِ ، ت للطبيعةِ ،وذبو ٌ ل ،ومو ٌ للعق ِ
ل ،أو مث َ ٌب إل وفيهِ فائدة ٌ أو َ ن كتا ٍ ف للفكرِ ،وما م ْ وجفا ٌ
ة ،أو خاطرة ٌ أو نادرة ٌ . ة أو حكاي ٌ طرف ٌ ُ
ت ن مو ِ صرِ ،ونعوذ ُ باللهِ م ْ ح ْ هذا وفوائد ُ القراءةِ فوق ال َ
ن أعظم ِ ح ،فإنها م ْ سةِ العزيمةِ ،وبرودِ الّرم ِ خ ّ الِهمم ِ و ِ
ب. المصائ ِ
****************************************
ل تحزن
266
ه الل ق خل عجائب ل تحزن ،واقرأ ْ
ِ ِ ْ
نفي الكو ِ
ب ب الُعجا َ ج َ صنعِهِ في المعمورةِ ،تجدِ العَ َ وطال ِعْ غرائب ُ
ة مولع ٌ ن الن ّْفس ُ مك ،فإ ّ مك وغمو ِ ،وتقضي على همو ِ
ب. ف الغري ِ طري ِ بال ّ
هداللهِ رضي الل ُ ن جابرِ بن عب ِ م،ع ْ َرَوى البخاريّ ومسل ٌ
مر علينا أبا عبيدة ، ل اللهِ ، وأ ّ عنه ،قال :ب َعََثنا رسو ُ
جد ْ لنا غَي َْره ، مي ِ ن تمرٍ ل ْ جرابا ً م ْ ش ،وزّودنا ِ عيرا لقري ٍ
نتلّقى ِ ً
فكان أبو عبيدة ُيطينا تمرة ً تمرة ً .
م تصنعون ت :كيف كنت ُ ْ ن جابرٍ : -فقل ُ قال – الراوي ع ْ
ب عليها من م نشر ُ ي،ث ّ صب ّ ص ال ّ م ّ صها كما ي ُ بها ؟ قال :نم ّ
ط– خب َ َ ب ِبعصّينا ال َ ل ،وكّنا نضر ُ الماِء ،فتكفينا يومنا إلى اللي ِ
ه. أي ورق الشجرِ – ثم نب ُّله فنأك ُل َ ُ
ة
ل البحرِ فإذا شيٌء كهيئ ِ قال :وانطل ْْقنا على ساح ِ
ل ل الكبيرِ المستطي ِ ب الضخم ِ – أي كصورةِ الت ّ ّ الكثي ِ
ة ُتدعى العَن ْب ََر . ل – فأتيناهُ ،فإذا هي داب ّ ٌ ب من الرم ِ حد َْود ِم ْ
ال ُ
ل س ُ ن ُر ُ ل نح ُ ة .ثم قال :ل ب ْ ل أبو عبيدة :مْيت ٌ قال :قا َ
طرْرُتم فك ُُلوا . ل اللهِ ،وقد ْ اض ُ رسول الله ، وفي سبي ِ
مّنا .قال : ن ثلثمائة حتى س ِ منا عليه شهرا ً ونح ُ قال :فأق ْ
ل عيِنه – ن داخ ِ ب عيِنه – أي م ْ ن وَقْ ِ فم ْ ولقد ْ رأيُتنا نغتر ُ
ن ،ونقتطعُ منه ل – أي بالجرارِ الكبيرةِ – الد ّهْ َ ونفرُقها بالقل ِ
الِفدر – أيْ الِقطع – كالثورِ أو قد ْرِ الثورِ .فلقد ْ أخذ منا أبو
ب عين ِهِ ،وأخذ عبيدة ثلثة عشَر رجل ً ،فأقعدهم في وق ِ
حل أعظم بعيرٍ ،ونظر إلى مر ّ عهِ فأقامها ،ث ّ ن أضل ِ ضلعا ً م ْ
ن تحِتها . ه عليهِ ،فمّر م ْ ل فحمل ُ ج ٍلر ُ أطو ِ
منا المدينة ،أتينا ما قد ْ مه وشاِئق ،فل ّ ح ِ نل ْوتزوّْدنا م ْ
رسول اللهِ ، فذكرنا له ذلك ،فقال )) :هو رزقٌ أخرجه
مهِ شيٌء فُتطعمونا ؟ (( ، ن لح ِ مم ْ م ،فهل معك ْ ه لك ْالل ُ
ل اللهِ ، فأكل منه . قال :فأرسْلنا إلى رسو ِ
ل تحزن
267
خل ْ َ ُ َ ﴿ ال ّذي أ َ
دى ﴾ : ه َ م َ ه ثُ ّ ق ُ ء َ ي ٍ ْ ش َ لّ ك طى ع
ْ ِ
ض ت حتى تهتّز الر ُ ض ل تنب ُ ت في الر ِ ضع ْ البذرةُ إذا وُ ِ
ت﴿ : س البذرة ُ وتنب ُ خت ََر ،فتفق ُ ل بجهاز رِ ْ ج ُ ة ُ ،تس ّ ه ِّزة ً خفيف ً
ت﴾ . وَرب َ ْ ت َ هت َّز ْ ماء ا ْ ها ال ْ َ عل َي ْ َ ذا َأنَزل َْنا َ فإ ِ َ َ
دى ﴾ : ه َ م َ ه ثُ ّ ق ُ خل ْ َ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ طى ك ُ ّ ع َ ذي أ َ ْ ﴿ ال ّ ِ
ب زكاةِ الزرِع : قال أبو داود في كتابهِ ) السنن( في با ِ
ُ
ة على ج ً ت أت ُْر ّ شْبرا ً ،ورأي ُ ت قثاءة ً بمصر ثلثة عشر ِ شب َْر ُ َ
ن. ل ِ ْ ت على مث ْ ِ بعيرٍ بقطعتْين ُ ،قطع ْ
عدلي ِ ت وصي َّر ْ
دى ﴾ : ه َ م َ ه ثُ ّ ق ُ خل ْ َ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ طى ك ُ ّ ع َ ذي أ َ ْ ﴿ ال ّ ِ
ت الكونيةِ – في س لليا ِ جاُر الدار ُ ل الن ّ ذكر الدكتوُر زغلو ُ
ف ن آل ِ تم ْ ن هناك نجوما ً انطلق ْ إحدى محاضراِته – أ ّ
ل حتى الن إلى ت ،وهي في سرعةِ الضوِء ،ولم تص ْ السنوا ِ
فَل أ ْ ُ ض ،وما بقي إل مواقُعها ﴿ َ
جوم ِ ع الن ّ ُ ق ِ وا ِ م َ م بِ َ س ُ ق ِ الر ِ
﴾.
خل ْ َ ُ َ ﴿ ال ّذي أ َ
دى ﴾ : ه َ م َ ه ثُ ّ ق ُ ء َ ي ٍ ْ ش َ ل ّ ك طى ع ْ ِ
خ جاء في )جريدة الخبارِ الجديدة( في العددِ 396بتاري ِ
ل صباح اليوم ِ ) أونا( 1953 /9 /27م ص 2أنه » :دخ ُ
ل البوليس ن رجا ِ تم ْ سه عشرا ُ باريس دخول الفاتحين ،يحر ُ
م ي ضخ ٌ ت نرويج ّ ما ) أونا ( هذا فهو حو ٌ ل.أ ّ ب والراج ِ ،الراك ِ
ر
ش ِ ط ،وزنه 80000كيلو ،وكان محمول ً على عَ ْ محن ّ ٌ
ت ض الحو ُ ل ضخمةٍ ،وسُيعر ُ ت مربوطةٍ بسيارةِ نق ٍ جرارا ٍ
شهِ المضاِء بالكهرباِء ، ل كر ِ س بدخو ِ ح للنا ِ لمدةِ شْهر وُيسم ُ
ن يدخلوا بطَنه مّرة ً واحدة ً . ويستطيعُ عشرةُ أشخاص أ ْ
ض ) أونا ( وبوليس المدينةِ ، ن المشرفين على معر ِ لك ّ
م يخشون ت ،وه ْ ن الذي يوضعُ فيه الحو ُ لم يتفقا على المكا ِ
ن ينهار الشارعُ . ةأ ْ ي خشي َ ه فوق محطةِ القطارِ الرض ّ ضعَ ُو ْ
ن ت ل يزيد ُ على 18شهرا ً ،فإ ّ ن هذا الحو ِ س ّ ن ِ وبرغم ِ أ ّ
ً
طوله 20مترا ،وقد صيد في شهرِ سبتمبر من العام ِ
ة قطاٍر ه عرب ُ تل ُ صِنع ْ الماضي في مياهِ النرويج ،وقد ْ ُ
ل تحزن
268
ت تحته ، ة ،لنْقِله في جولةٍ ع َب َْر أوربا ،ولكّنها انهار ْ ص ٌ خا ّ
ت له سيارةُ جّر ،طولها 30مترا ً « . فصُنع ْ
دى ﴾ : ُ َ ْ َ ّ ُ َ ﴿ ال ّذي أ َ
ه َ م َ ُ ّ ث ه ق ل خَ ء
ٍ ي
ْ ش ل ك طى ع
ْ ِ
ج في ف للشتاِء ؛ لّنها ل تخر ُ خُر ُقوتها من الصي ِ ة تد ّ ِ النمل ُ
ة ،كسرْتها نصفين ، ن تنبت الحب ّ ُ تأ ْ الشتاِء ،فإذا خشي ْ
ة في الصحراِء إذا لم تجد ْ طعاما ً ،نصبت نفسها كالعودِ والحي ّ ُ
ه. ،فيقعُ عليها الطائُر فتأكل ُ
دى ﴾ : ُ َ ْ َ ّ ُ َ ﴿ ال ّذي أ َ
ه َ م َ ُ ّ ث ه ق ل خ َ ء ٍ ي ْ ش ل ك طى ع ْ ِ
ت معمر بن راشدٍ ي :سمع ُ ق الصنعان ّ دالرزا ِ قال عب ُ
م﴿. ل تا ّ ب ،وقَْر ب َغْ ٍ ن عنقود عن ٍ ت باليم ِ ل :رأي ُ البصريّ يقو ُ
ل الشجاِر د﴾.ك ّ ضي ٌ ع نّ ِ ها طَل ْ ٌ ت لّ َ قا ٍ س َ ل َبا ِ خ َ والن ّ ْ َ
ض ع ٍ عَلى ب َ ْ ها َ ض َ ع َ ل بَ ْ ض ُ ف ّ ون ُ َ ت ُتسقى بماٍء واحد ٍ ﴿ َ والنباتا ِ
ُ
ة ة ،فمنها القوي ّ ُ ص ٌ ة خا ّ ت مناع ٌ ل ﴾ .وللنباتا ِ في الك ُ ِ ِ
ة كها ،ومنها الحامض ُ ة التي تدافعُ بشو ِ بنفسِها ،ومنها الشوكي ّ ُ
ة. الل ِّذع ُ
دى ﴾ : ُ َ ْ َ ّ ُ َ ﴿ ال ّذي أ َ
ه َ م َ ُ ّ ث ه ق ل خ َ ء ٍ ي ْ ش ل ك طى ع ْ ِ
صريّ في كتاِبه )الطالع ل الدين ا ُ قال كما ُ
م ْ لدفويّ ال ِ
ب، السعيد الجامع نجباء أنباء الصعيد( » :رأيت قطف عن ٍ
ت ب ،جاء ْ ة ُعن ٍ ت حب ّ ُ ي ،ووُِزن ْ ل بالّليث ّ ة أرطا ٍ ت زُنته ثماني ُ جاء ْ
دنا « . زنُتها عشرةُ دراهم ،وذلك بأدفو بل ِ
خل ْ َ ُ َ ﴿ ال ّذي أ َ
دى ﴾ : ه َ م َ ه ثُ ّ ق ُ ء َ ي ٍ ْ ش َ ل ّ ك طى ع ْ ِ
ل يّتسعُ شيئا ً ن الكون ل يزا ُ كأ ّ وقد ذكر علماُء الفل ِ
وإ ِّنا َ فشيئا ً كما تّتسع البالون ُ
د َ ها ب ِأي ْ ٍ ماء ب َن َي َْنا َ س َ وال ّ ةَ ﴿:
ن ص ،وأ ّ ن الرض اليابسة تنق ُ ن ﴾ .وذكروا أ ّ عو َ س ُ مو ِ لَ ُ
َ ْ َ َ
ها ص َ ق ُ ض َنن ُ وا ْ أّنا ن َأِتي الْر َ م ي ََر ْ ول َ ْ المحيطات تّتسعُ ﴿ ،أ َ
ها ﴾ . ف َ ن أ َطَْرا ِ م ْ ِ
قراءة العقول
ل في م ُسّر الن ّْفس ،القراءةُ والتأ ّ ما يشرح الخاطر وي ُ م ّ
مطالِع ة يسلو بها ال ُ ل الِفطنةِ ،فإّنها متع ٌ
ل الذكياِء وأه ِ عقو ِ
ت البديعةِ من أولئك الفطناِء .وسي ّد ُ العارفين لتلك الشراقا ِ
س، ة النا ِ س عليهِ بقي ّ ُ وخيرةُ العالمين ،رسوُلنا ، ول ُيقا ُ
تث باليا ِ ت ،مبعو ٌ حي ،مصد ّقٌ بالمعجزا ِ ه مؤي ّد ٌ بالو ْ
لن ُ
موع الدباِء . ت ،وهذا فوق ذكاِء الذكياء ول ُ البّينا ِ
***********************************
ن﴾
في ِ و يَ ْ
ش ِ ه َ ت َ
ف ُ ض ُ
ر ْ
م ِ وإ ِ َ
ذا َ ﴿ َ
ضاّر ،خيٌر من الكثارِ من ل من ال ّط » :القل ُ قال أبقرا ُ
ل عن س ِ
ك الّتكا ُحة بتْر ِص ّ
النافِع « .وقال » :استديموا ال ّ
ب«. ك المتلِء من الطعام ِ والشرا ِ ب ،وبتر ِ التع ِ
ود الغداء ض الحكماِء » :من أراد الصحة :فلُيج ّ وقال بع ُ
ل من ب على ظماٍء ،ولُيقل ّ ْ ل على نفاٍء ،وليشر ْ ،وليأك ُ ْ
ش بعد العشاِء ،ول ب الماِء ،ويتمد ّد ْ بعد الغداِء ،ويتم ّ شر ِ ُ
مام ِ حذْر دخول الح ّ ه على الخلِء ،ولي ْ م حتى يعرض نفس ُ ين ْ
ف خيٌر من عشرٍ في الشتاِء عقِيب المتلء ،ومّرةٌ في الصي ِ
«.
ر
ث » :من سّره البقاُء – ول بقاء – فلُيباك ِ ِ وقال الحار ُ
ل ِغشيان ف الّرداء ،ولُيق ّل العشاء ،وُلخّف ِ ج ِ
الغداَء ،ولُيع ّ
النساِء « .
ل تحزن
297
ن: ن ،وربما قَت َل ْ َ س ُيذْبن الَبد َ وقال أفلطون » :خم ٌ
ظ ،ورد ّ الّنصح ت اليدِ ،وفراقُ الحب ّةِ ،وتجّرع ُ المغاي ِ صُر ذا ِقِ َ
ل بالعقلِء « . ك ذوي الجه ِ ح ُ ،وض ِ
ل كثيرٍ ،فهو ه»:ك ّ ت أبقراط قول ُ ومن جوامِع كلما ِ
ة«. معاد ٍ للطبيع ِ ُ
ض ؟ فقال » :لني لم وقيل لجالينوس :ما لك ل تمر ُ
خل طعاما ً على طعام ٍ ، ن رديئينِ ،ولم ُأد ِ أجمعْ بين طعامي ْ ِ
ت منه « . س في المعدةِ طعاما ً تأّذي ُ ولم أحب ِ ْ
م م الكثيُر ،والنو ُ سم :الكل ُ ض الج ْ ة أشياء ُتمر ُ وأربع ُ
م الكثيُر : ل الكثيُر ،والجماع ُ الكثيُر .فالكل ُ الكثيُر ،والك ُ
م الكثيُر : شْيب .والنو ُ ل ال ّ ج ُ دماِغ وُيضعُفه ،ويع ّ خ ال ّ م ّ يقّلل ُ
ل عن ج العين ،وُيكس ُ يصّفُر الوجه ،وُيعمي القلب ،وُيهي ّ ُ
سرة .والجماع ُ الكثيُر : ل ،ويول ّد ُ الغليظة ،والدواء الع ِ العم ِ
ن، طوبات البد ِ ف ُر ُ ف الُقوى ،وُيجّف ُ ن ،وُيضع ُ ي َهُد ّ ال ََبد َ
ن، م ضرُرهُ جميع البد ِ سد َد َ ،ويعُ ّ ث ال ّ ب ،وُيور ُ وُيرخي العص َ
ح الّنفساني . ه من الّرو ِ ل من ُ دماغ لكْثرةِ ما يتحل ّ ُ ض ال ّونخف ّ
رغ ت ،ويستف ِ ف جميِع المستفرغا ِ ه أكثر من إضعا ِ ولضعافُ ُ
ح شيئا ً كثيرا ً . من جوهرِ الّرو ِ
سهُر . ن ،والجوع ُ ،وال ّ م ،والحز ُ ة تهدم البدن :اله ّ أربع ٌ
خضرةِ ،وإلى الماِء الجاري ، ح :الّنظُر إلى ال ُ وأربعة ُتفر ُ
ب ،والثمارِ . والمحبو ِ
ح والمساُء ي حافيا ً ،والّتصب ّ ُ ش ُ وأربعة ُتظِلم البصر :الم ْ
ً
ل والعدوُ ،وكْثرة ُ الُبكاِء ،وكثرةُ الّنظ ِ
ر ض والثقي ِ بوجهِ البغي ِ
ق. في الخ ّ
دقي ِ ط ال ّ
مام ِ ل الح ّ س الناعم ِ ،ودخو ِ وي الجسم :ل ُب ْ ُ ة تق ّ وأربع ٌ
ة
ح الطّيب ِ م الروائ ِ دسم ِ ،وش ّ ل الطعام ِ الحلوِ وال ّ ل ،وأك ُ المعتد ِ
.
ه: ه وطلقَت َ ُ ب ماءه وبهجت ُ ة ُتيّبس الوجه ،وُتذه ُ وأربع ٌ
ل عن غيرِ علم ٍ ،وكْثرةُ ة ،وكْثرةُ السؤا ِ ب ،والوقاح ُ الكذِ ُ
الفجورِ .
ل تحزن
298
ة تزيد ُ في ماِء الوجه وبهجِته :المروءة ُ ،والوُفاء ، وأربع ٌ
م ،والتقوى . والكر ُ
ت :الك ِب ُْر ،والحسد ُ ، ب البغضاء والمْق َ ة تجل ُ وأربع ٌ
ة.ب ،والّنميم ُ والك َذِ ُ
ل ،وكْثرةُ الستغفاِر م اللي ِ ب الرزق :قيا ُ ة تجل ُ وأربع ٌ
خره . كر أول النهارِ وآ ِ بالسحارِ ،وتعاهُد ُ الصدقةِ ،والذ ّ ْ
ة الصلةِ ، صبحة ،وقل ّ ُ م ال ّ ة تمنعُ الرزق :نو ُ وأربع ٌ
ة. ل ،والخيان ُ والكس ُ
ضل الحام ِ ن أك ْ ِ ن :إدما ُ ة ُتضّر بالفهم ِ والذه ِ وأربع ٌ
م. م ،والغ ّ م على القفا ،واله ّ والفواكهِ ،والنو ُ
ة الّتمّلي من ب ،وقل ّ ُ ة تزيد ُ في الفهم :فراغُ القل ِ وأربع ٌ
ة
حلو ِ ن تدبيرِ الغذاِء بالشياِء ال ُ س ِح ْ
ب،و ُ الطعام والشرا ِ
ن. ت المثّقلةِ للَبد ِ ج الفضل ِ سمةِ ،وإخرا ُ والد ّ ِ
**************************************
م ح ْ
ذرك ْ خ ُ
ذوا ِ ُ
مل ، ف حتى يرى ويبصر ،ويترّقب ،ويتأ ّ فالحازم يتوقّ ُ
ت ،وُيبرم در الخطوا ِوُيعيد َ النظر ،ويقرأ العواقب ،ويق ّ
حذر ،لئل ّ يندم ،فإن وقع المُر على ما الرأي ،ويحتاط وي َ ْ
لخرى ،قال :قدّر تا ُ مد َ الله ،وشكر رأيه ،وإن كان ِ ح ِ
أراد َ ،
ن.
ل .ورضي ولم يحز ْ ه ،وما شاء فَعَ َالل ُ
*******************************************
فـتـبـي ّـُنوا
ْ فالعاق ُ
ت عليهِت القدم ِ ،سديد ُ الّرأي ،إذا هجم ْ ل ثاب ُ
جلخذ ُ بالبواِدر ،ول يتع ّ ل ،فل يأ ُت المسائ ُ الخباُر ،وأشكل ِ
ث
ب النظر ،وُيحاد ُ ص ما يسمعُ ،ويقل ّ ُ ح ُ حكم ،وإنما ُيم ّال ُ
ن الّرأي الخمير ،خيٌر من الرأي ْ
الفكر ،وُيشاوُِر العقلء ،فإ ّ
ن تخطئ نأ ْ الفطيرِ .وقالوا :لن ُتخطئ في العفوِ ،خيٌر م ْ
ن﴾.مي َم َناِد ِعل ْت ُ ْ
ف َما َعَلى َ حوا َ صب ِ ُفت ُ ْ في العقوبةِ ﴿ َ
ل تحزن
299
*****************************************
م
د ْ م وأ ْ
ق ِ اعز ْ
عبر ، ت ،وأثرٍ و ِ ت وأبيا ٍ ن آيا ٍ ل ما أكتُبه هنا م ْ نك ّ إ ّ
ؤها الرجاُء مل ْ ُ
ن تبدأ حياةً جديدة ً ِ ، حكم ،تدعوك بأ ْ صو ِ وقص ٍ
ج .ول ل النتائ ِ ل الختام ِ ،وأفض ِ ن العاقبةِ ،وجمي ِ س ِ ح ْ في ُ
ة
ث ،ورغب ٍ مةٍ صادقةٍ ،وعزم ٍ حثي ٍ تستطيعُ أن تستفيد إل به ّ
مك وغمومك وأحزاِنك ن همو ِ أكيدةٍ في أن تتخّلص م ْ
ب العبد ُ ؟ قال :لب ُد ّ له وكآبِتك .قيل لحدِ العلماِء :كيف يتو ُ
همم ِ ﴿
ُ
ه أولي العزم ِ بال ِ ط ع َْزم ٍ .ولذلك مّيز الل ُ
ُ
ن سوْ ِ م ْ
م ليس ل﴾ .وآد ُ س ِ ن الّر ُ م َعْزم ِ ِ وُلوا ال ْ َ صب ََر أ ْ ما َ صب ِْر ك َ َفا ْ َ
عْزما ً﴾ ،وكذلك ه َ جد ْ ل َ ُ
م نَ ِ ول َ ْ
ي َ س َ من ُأولي العَْزم ِ ،لنه ﴿ َ
فن َ ِ
ن ُيشاِبه أباه فما م ،وم ْ خز ِ نأ ْ م ْ ة نعرُفها ِ شن َ ٌ
شن ْ ِأبناؤه ،فهي ِ
ه
ة .والل ُ ب ،وُتخال ِْفه في التوب ِ م ،لكن ل تْقتد ِ به في الذن ِ ظل َ َ
ن. المستعا ُ
***********************************
سب
ت حياُتنا الدنيا فح ْ
ليس ْ
ة بسعادةِ الدنيا ،وحقّ على العاِقل سعادةُ الخرةِ مرهون ٌ
ن هذه الحياة مّتصلة بتلك ،وأنها حياة واحدة ُ ، أن يعلم أ ّ
ن
م وغد ٌ .وظ ّ الغيب والشهادةُ ،والدنيا والخرة ،واليو ُ
سب ،فجمع فأوعى ،وتشّبث ن حياته هنا فح ْ ضهم أ ّ بع ُ
بالبقاِء ،وتعّلق بحياةِ الفناء ،ثم مات ومآُربه وطموحاُته
ومشاغُله في صدِره .
ح ونغدو لحاجاِتنا نرو ُ ن عاش ل ةم ْ وحاج ُ
ر تنقضي
تموت مع الم ِ ما ة
وتْبقى له حاج ٌ
هأشاب حاجات ُ
الصغير قي
ومّر ـّر الغداةِ ب ِ
وأفني الكبيـ
أهرمت ة
إذا ليل ٌ شي
ميو ٌ الع ِ
أتى بعد ذلك
ل بعيدة ٌ ، يومها ٌ
س من حولي :آما فِتي
لنفسي والنا ِ ت
وعجب ُ
ة ،ونوايا في البقاِء ، ت عارم ٌ م مديدةٌ وطموحا ٌ وأحل ٌ
ل تحزن
300
ب الواحد ُ مّنا ول ُيشاوُر أو ُيخبُر أو ة ،ثم يذه ُ مذهل ٌ وتطّلعا ٌ
ت ُ
ري ما ت َدْ ِ و َغدا ً َب َ س ُ ذا ت َك ْ ِ
ما َس ّف ٌ ري ن َ ْ ما ت َدْ ِ و َ
ُيخب ُّر ﴿ َ
ت﴾. َ َ نَ ْ
مو ُ ض تَ ُ ي أْر ٍ س ب ِأ ّ ف ٌ
ض عليك ثلث حقائق : وأنا أعر ُ
ن، ُ
ح وتطمئ ّ ن أنك سوف تهدأ وترتا ُ الولى :متى تظ ّ
مه وأفعاِله وقضاِئه وقدِره ، ن أحكا ِإذا لم ترض عن رّبك وع ْ
ن رزِقك ،ومواهِبك وما عندك! ولم ترض ع ْ
ل شكرت على ما عندك من الّنعم واليادي الثانية :ه ْ
جَز ن عَ َ نم ْ والخبرات حتى تطلب غيرها ،وتسأل سواها ؟! إ ّ
ل ،أْولى أن يعجز عن الكثير . عن القلي ِ
ب اللهِ التي وهبنا الثالثة :لماذا ل نستفيد ُ من مواه ِ
ميها ،ونوظ ُّفها توظيفا ً حسنا ً ،وننقيها مرُها ،ونن ّ وأعطانا ،فنث ّ
ب ،وننطلقُ بها في هذه الحياةِ نفعا ً شوائ ِ ب وال ّ من المثال ِ
وعطاًء وتأثيرا ً .
ة في ت الحميدة والمواهب الجليلة ،كامن ٌ صفا ِ إن ال ّ
ة
ن الثمين ِ منا ،ولكّنها عند الكثير مّنا كالمعاد ِ عقوِلنا وأجسا ِ
جد حاذقا ً ة مغمورةٌ مطمورة ٌ ،لم ت ِ ب ،مدفون ٌ في الّترا ِ
ن ،فيغسُلها وينّقيها ،لتلمع وتشعّ وُتعرف جها من الطي ِ ُيخرِ ُ
مكانُتها .
***************************************
ت ل مؤ ّ
ق ٌ طش ح ّ ري من الب ْ الّتوا ِ
ج
ريثما يبُرقُ الفر ُ
ت كتاب ) المتوارين ( لعبد ِ الغني الزديّ ،وهو قرأ ُ
من توارى خوفا ً من الحجاِج بن دث فيه ع ّ ذاب ،يتح ّفج ّ
لطي ٌ
شّر خيارا ً ، ة ،وفي ال ّ ن في الحياةِ فسح ً تأ ّ يوسف ،فعلم ُ
ة أحيانا ً .
ن المكروهِ مندوح ً وع ِ
ل: ن للبيورديّ عن تواريهِ ،يقو ُ ت بيتي ِ
وذكر ُ
من دهري ت ِتست ّْر ُ فعيني ترى دهري
ه
ح ِ بظ ِ ّ
ل جنا ِ وليس يراني
ل تحزن
301
ل اليام فلو تسأ ِ وأين مكاني ما
ن تعمرو ب ُ أبو ْ ما،د ََر نيدِقُ ح الع ُ ّ
صا اللمعُ الفصي ُ مكاني ب الدي ُ عرفت هذا القارئُ
معاناِته في حالة الختبار » :أخافني ل عن ُ العلِء ،يقو ُ
ت ت بصنعاء ،فكن ُ ت في بي ٍ ت إلى اليمن ،فولج ُ ج فهرب ُ جا ُ الح ّ
د: ت رجل ً ُينش ُ ت ،إذ ْ سمع ُ ت على سطِح ذلك البي ِ من الغدوا ِ
س
ُرّبما تجزعُ الّنفو ُ ة كح ّ
ل ج ٌ ه فُْر َ ـرِ ل ُ
ل قال :وقا َ من .المـ ت بها سرر ُ ل .قال :ف ُ عقا ٌ
ة ِ ت :فُال ْ ِ
رج قال :فقل ُ
سّر ، ُ
تأ َ ج .قال :فواللهِ ما أدري بأّيهما كن ُ جا ُ آخَر :مات الح ّ
ج«. جا ُ ة .أو بقوِله :مات الح ّ بقولهِ :فْرج ٌ
ت ن القرار الوحيد النافذ ،عند من بيده ملكو ُ إ ّ
ن﴾. ْ في َ ض ﴿ كُ ّ
شأ ٍ و ِ ه َ وم ٍ ُ ل يَ ْ ت والر ِ السماوا ِ
جاج ،فجاءه الخبُر ن عين الح ّ ن البصريّ ع ِ توارى الحس ُ
بموت ِهِ ،فسجد شكرا ً اللهِ .
ت، ضهم يمو ُ سبحان اللهِ الذي مايز بين خل ِْقه ،بع ُ
م ه ُ ت َ َ ما ب َك َ ْ شكر فرحا ً وسرورا ً ﴿ َ فُيسجد ُ غي ُْرهُ لل ّ
علي ْ ِ ف َ
َ
ن ﴾ .وآخرون يموتون ري َ منظَ ِ كاُنوا ُ ما َ و َ ض َ واْلْر ُ ماء َ س َال ّ
ن بموتهم ن ،وُتطع ُ ح الجفا ُ ت إلى مآِتم ،وتقر ُ ل البيو ُ ،فتتحوّ ُ
ب في سويداِئها . القلو ُ
ه
جاج ،فجاءه الخبُر بموت ِ ِ ي من الح ّ م الّنخعِ ّ وتوارى إبراهي ُ
م فرحا ً . ،فبكى إبراهي ُ
يطفح السروُر عل ّ ن عظم ِ ما قد م ْ
إنني حتى رني أبكاني ن هناك س ّ
الراحمين ت آمنة للخائفين في ك ََنف أرحم ِ ملذا ٍ إ ّ
،فهو يرى ويسمعُ وُيبصُر الظالمين والمظلومين ،والغالبين
فت ْن َ ً َ
ن صب ُِرو َ ة أت َ ْ ض ِ ع ٍ م ل ِب َ ْ ضك ُ ْع َ عل َْنا ب َ ْ ج َ و َ والمغلوبين ﴿ َ
صيرا ً ﴾ . ك بَ ِ ن َرب ّ َ كا َ و َ َ
ف على مرة ،جاءت ُترفر ُ ح ّ مى ال ُ ت بهذا طائرا ً يس ّ ذكر ُ
س مع أصحاِبه تحت شجرةٍ ،كأنها ل الله ، وهو جال ٌ رسو ِ
ً
شها ،فقال : نع ّ ل تشكو رجل َ أخذ أفراخها م ْ ن الحا ِ بلسا ِ
دوا عليها أفراخها (( . خها ؟ ُر ّ ن فجع هذه بأفرا ِ )) م ْ
ل تحزن
302
دهم : ل أح ُ وفي مثل هذا يقو ُ
ةت إليك حمام ٌ جاء ْ بتشكو إليك بقل ِ
فوأنك ملجأ ٌ
ن ةّ
مشتاقأ ٌ
ن أخبر الو ُْرقاء
م ْ م ِ ّ واج ٌ ب َ
حَر ص ّ
جاج ، مكانكمالح ّ ت من للخائ ِف
جبي ِرٍ :واللهِ لقد فرر ُ ن
وقال سعيد ُ ب ُ
جاج ، ل .ثم جيَء به إلى الح ّ ت من اللهِ عّز وج ّ حتى استحيي ُ
ج ِ :لم سم .قال الحجا ُ سه ،تب ّ ف على رأ ِ ل السي ُ س ّما ُ
فل ّ
حل ْم ِ اللهجرأتك على اللهِ ،ومن ِ ن ُ بم ْ م ؟ قال :أعج ُ تبتس ُ
س كبيرةٍ ،ومن ثقةٍ في وعد ِ اللهِ ، عليك .يا لها من نْف ٍ
ب ال ُ َ
منقلب .وهكذا فليك ُ ِ
ن طي ِن المصيرِ ،و ِ س ِ
ح ْ ن إلى ُ وسكو ٍ
ن. اليما ُ
**************************************
أنت تتعام ُ
ل مع أرحم ِ الراحمين
ث ،فقد لفت نظري أيضا ً ، إن لفت ن َظ ََرك هذا الحدي ُ
ن شيخا ً ي،أ ّ وهو ما رواه أحمد وأبو يعلى والبزاُر والطبران ّ
ه
ي الل ِ م على عصا ،فقال :يا نب ّ ع ٌ
مد ّ ِكبيرا ً أتى النبي وهو ُ
ت ،فهل ُيغفُر لي ؟ فقال النبي : ت وفجرا ِ ن لي غدرا ٍ ،إ ّ
ن محمدا ً رسول ه وأ ّ
ن ل إله إل الل ُ )) تشهدُ أ ْ
م يا رسول اللهِ .قال )) :فإن الله قد الله ؟(( قال :نع ْ
ه غفر لك غدراِتك وفجراِتك(( .فانطلق وهو يقول :الل ُ
ه أكبُر .أكبُر ،الل ُ
ة رحمةِ أرحم ِ م من الحديث مسائل :منها سع ُ أفه ُ
ب ما م ما قبله ،وأن التوبة تج ّ ن السلم يهد ُ الراحمين ،وأ ّ
لم الغيوب لشيٌء ، نع ّقبلها ،وأن جبال الذنوب في غفرا ِ
مه ن بمولك ،والرجاُء في كر ِ ن الظ ّ ّ س ُح ْب عليك ُ وأنه يج ُ
العميم ِ ،ورحمِته الواسعةِ .
*******************************
ل
ن تدعوك للتفاؤ ِ
براهي ُ
ل تحزن
303
ه « لبن أبي الدنيا ،واحد ٌ ن بالل ِن الظ ّ ّ س ِ
ح ْ ب» ُ في كتا ِ
ص ،ما بين آيةٍ وحديث ،كّلها تدعوك إلى وخمسون ومائة ن ّ
نن الظ ّ ّ س ِ
ح ْ
مثابَرة على ُط ،وال ُس والقنو ِ ك اليأ ِ ل ،وتْر ِالتفاؤ ِ
ن مم ْص الوعدِ أعْظ َ َل ،حتى إنك لتجد ُ نصو َ م ِ
ن العَ َس ِ
ح ْ
و ُ
ل شيٍء ه لك ّة التهديدِ ،وقد جعل الل ُ ص الوعيدِ ،وأدل ّ َ نصو ِ
قدرا ً .
***************************************
حياةٌ كّلها تع ٌ
ب
ت. خلق ْن كدرِ الحياةِ ،فإنها هكذا ُ نم ْ ل تحز ْ
ضنى ،والسروُر ب وال ّ ن الصل في هذه الحياة المتاع ُ إ ّ
ح فيها شيٌء نادٌر .تحلو لهذه الداِر فيها أمٌر طارئٌ ،والفر ُ
ه لم يْرضها لولياِئه مستقّرا ؟! والل ُ
ض والكداُر ن فيها المرا ُ ن الدنيا داُر ابتلٍء ،لم تك ُ ْ ولول أ ّ
م ُيعاني ش فيها على النبياء والخبار ،فآد ُ ق العي ُ ض ِ ،ولم ي ِ
ؤوا مه واستهز ُ ه قو ُ حك ّ
ذب ُ محن إلى أن خرج من الدنيا ،ونو ٌ ال ِ
ب بكى حتى ح الولد ،ويعقو ُ م ُيكاب ِد ُ النار وذ َب ْ َبه ،ولبراهي ُ
ظلم فرعون ،ويلقى من ذهب بصُره ،وموسى ُيقاسي ُ
ن مريم عاش معدما ً فقيرا ً ،ومحمد ٌ ن ،وعيسى ب ُ مح َ قومه ال ِ
ب أقارِبه ن أح ّ مهِ حمزة ،وهو م ْ لع ّ ُ يصاب ُِر الفْقر ،وقت ِ
ه .وغير هؤلء من النبياِء والولياِء مما مهِ من ُإليه ،ونفورِ قو ِ
ظ ن للمؤمن ح ّ ة ،لم يك ْ ت الدنيا ل ِل ّذ ّ ِ خلق ِ طول ذ ِك ُْرهُ .ولو ُ ي ُ
ِ
ة ن ،وجن ّ ُ ن المؤم ِ منها .وقال النبي )) : الدنيا سج ُ
صالحون ،وابُتلي العلماُء جن ال ّ س ِ ر (( .وفي الدنيا ُ الكاف ِ
ب ت مشارِ ُ در ْالعاملون ،ونّغص على كبارِ الولياِء .وك ّ
الصاد ِِقين.
*******************************
وقفـــــة
ل تحزن
304
ت ه عنه – قال :سمع ُ ت – رضي الل ُ ن ثاب ٍ عن زيد ِ ب ِ
ة ،فّرق م ُ ت الدنيا ه ّ ن كان ِ ل )) :م ْ رسول اللهِ يقو ُ
ه
ه أمرهُ ،وجعل فقرهُ بين عينْيه ،ولم يأت ِ ِ ه علي ِ الل ُ
ه، ت الخرةُ ن ِّيت ُ ن كان ِ كتب له .وم ْ ن الدنيا إل ما ُ م َ
ه ،وأتْته ه له أمرهُ ،وجعل غناهُ في قلب ِ ِ جمع الل ُ
ة((. الدنيا وهي راغم ٌ
ه عنه – قال : دالله بن مسعودٍ – رضي الل ُ ن عب ِ وع ْ
ن جعل الهموم هما ً واحدا ً ل )) :م ْ ت نبّيكم يقو ُ سمع ُ
ت به ن تشعب ّ ْ م دنياه ،وم ْ هه ّ فاهُ الل ُ م آخرته ،ك َ َ ،وه ّ
يه في أ ّ ل الل ُ دنيا ،لم ُيبا ِ ل ال ّم في أحوا ِ مو ُ ه ُ
ال ُ
ك (( . هل َ َ وِديِتها َ َ
أ ْ
ف بـ » البْبغاء « : ب المعرو ُ قال الكات ُ
ج ب الهم ِ ذه َ بم ْ تنك ّ ْ وعُذ ْ بالصبرِ تب ْت َهِِج
م الّيا مظل َ ن ُ فإ ّ حجِج ج بل ُ م محجو ٌ
ر
شك ٍ حنا بل ُ ُتسام ُ من َُعنا بل حرِج وت ْ
ف الله في إتيا وُلط ُ من الّلجِج ح ِ نهِ فت ْ ٌ
ق إلى ضي ٍ ن ِ م ْ ف ِ م إلى فرِج نغ ّ م ْو ِ
ة
سع ٍ
*****************************************
ة نجاةٌ من الهلك
سطِي ّ ُ
و َ
ال َ
ي على ثلثةِ أشياء : م السعادة مبن ّتما ُ
ب. ل الغض ِ .1اعتدا ِ
ل الشهوةِ . .2اعتدا ِ
ل العِل ْم ِ ..3اعتدا ِ
سطا ً ،لئل ّ تزيد قوةُ ج أن يكون أمُرها متو ّ فيحتا ُ
ص فيهِلك ،أو تزيد ُ قوةُ رجه إلى الّرخ ِ الشهوةِ ،فُتخ ِ
رب ،فيخُرج إلى الجموِح فيهلك )) .وخيُر المو ِ الغض ِ
طها (( . أوس ُ
ل تحزن
305
ل على ن بإشارة قوّةِ العِل ْم ِ ،د ّ وتا ِ ت الُق ّسط ِ فإذا تو ّ
ه
ب :إذا زاد ،سُهل علي ِ ق الهدايةِ .وكذلك الغض ُ طري ِ
ة في ت الغيرة ُ والحمي ّ ُ ل ،وإذا نقص ،ذهب ِ ب والقت ُ الضْر ُ
ة. ح ْ
كم ُ ة وال ِسط ،كان الصبُر والشجاع ُ ن والدنيا ،وإذا تو ّ الدي ِ
ن سقُ والفجوُر ،وإ ْ ت ،كان الِف ْ وكذلك الشهوةُ :إذا زاد ْ
ة ت العف ُ ت ،كان ِ سط ْ جُز والفتوُر ،وإن تو ّ ت ،كان العَ ْ نقص ْ
ديا ًث )) عليكم ه ْ ل ذلك .وفي الحدي ِ ة وأمثا ُ والقناع ُ
سطا ً﴾ ُ
و َ ة َم ًمأ ّ عل َْناك ُ ْج َ وك َذَل ِ َ
ك َ صدا ً (( ﴿ َ قا ِ
*************************************
ه الغاِلبة
صفات ِ ِ
المرءُ ب ِ
م، ت الذ ّ ّ ت الخيرِ فيك صفا ِ ن تغِْلب صفا ُ ن سعادِتك أ ْ م ْ
ل فُيساقُ إليك الثناُء حتى على شيٍء ليس فيك ،ولم يْقب َ ِ
ن الماء إذا بلغ قُّلتين لم ما ولو كان صحيحا ً ،ل ّ س فيك ذ ّالنا ُ
جٌر . ح َ ه َ ن الجبل ل يزيد ُ فيه حجٌر ول ينقص ُ ل الخبث .إ ّ يحم ِ
ً ً
س بن عاصم حليم ِ ت هجوما مقذعا في قي ِ طالع ُ
ب ،وفي البرامكةِ الكرماء ،وفي ُقتْيبة بن مسلم ٍ القائدِ العر ِ
ظ ولم جو ،لم ُيحف ْ ن هذا الشْتم واله ْ الشهيرِ ،ووجدت أ ّ
ن فغرق ، ل ولم ُيصد ّْقه أحد ٌ ،لنه سقط في بحرِ المحاس ِ ُينق ْ
جاج ،وفي دحا ً وثناًء في الح ّ ن ذلك م ْ ضد ّ م ْ
ت على ال ّ ووجد ُ
دي ، أبي مسلم ٍ الخراساني ،وفي الحاكم بأمر الله الُعبي ْ ِ
دقه أحد ٌ ،لنه ضاع في ل ولم ُيص ّ ظ ولم ُينق ْ ولكّنه لم ُيحف ْ
ل بين خل ِْقهِ . مهم وتهوِّرهم ،فسبحان العاد ِ ركام ِ زيِفهم وظل ِ
*****************************************
خِلقت
هكذا ُ
خِلق له (( .فلماذا سٌر لما ُ مي َ ّ في الحديث )) :ك ّ
ل ُ
ت ل َّيا ؟! إن ت والقدرا ِ صفا ِ ب وي ُْلوى عنقُ ال ّ ف المواه ُ
ت ُْعس ُ
س نْفسا ً وأْنكد ُ
الله إذا أراد شيئا ً هّيأ أسبابه ،وما هناك أت ْعَ ُ
ب ي الري ُ سه ،والذك ّ ن يكون غَي َْر ن َْف ِ خاطرا ً من الذي يريد ُ أ ْ
ل تحزن
306
ه ،ويسد ّ الفراغ الذي ُوضع له ،إن كان س نفس ُ هو الذي يدر ُ
ن كان في الحراسةِ كان ساقةِ ،وإ ْ ساقةِ كان في ال ّ في ال ّ
حوِ ،تعّلم الحديث فأعياهُ في الحراسةِ ،هذا سيبويه شي ُ
خ الن ّ ْ
جب مهََر فيه وأتى بالعَ َ ه فيع ،فتعّلم النحو ،فَ َ س ُ ،وتبّلد ح ّ
ن ل أحد ُ الحكماِء :الذي يريد ُ عمل ً ليس م ْ الُعجاب .يقو ُ
ج خل في غوطةِ دمشق ،ويزرع ُ الت ُْر ّ شأن ِهِ ،كالذي يزرعُ الن ّ ْ
في الحجازِ .
ه ليس بلل ً ،وخالد ُ ت ل ُيجيد ُ الذان ،لن ُ ن ثاب ٍ
نب ُ حسا ُ
ت، م المواريث ،لنه ليس زيد بن ثاب ٍ ن الوليد ل يقس ُ ب ُ
ك. وعلماُء التربيةِ يقولون :حد ّد ْ موقِعَ َ
*********************************
من زكاء لب ُدّ لل ّ
ذكاء ِ
ل الكاتب ن محاولةِ اغتيا ِ ت إذاعة لندن ُتخبُر ع ْ سمع ُ
ت ب ،وعد ُ ظ ،الحائزِ على جائزةِ نوبل في الد ِ ب محفو ٍ نجي ِ
ت لهذا ل ،وعجب ُ من قب ْ ُ ت قرأُتها ْ ب له كن ُ بذاكراتي إلى كت ٍ
نل ،وأ ّ م من الخيا ِ ن الحقيقة أعظ ُ هأ ّ ي ،كيف فات ُ ذك ّ ال ّ
سمى سماويّ أ ْ ي ال ّ ل من الفناِء ،وأن المبدأ الّرّبان ّ الخلود أج ّ
ق َأن ح ّ قأ َ
َ
ح ّدي إ َِلى ال ْ َ ه ِمن ي َ ْ ف َ من المبدأ ِ البشريّ ﴿ أ َ َ
َ يت ّبع أ َ
ه كتب دى ﴾ .بمعنى أن ُ ه َي إ ِل ّ أن ي ُ ْ هد ّ َِ َ ي ّ ل من ّ ُ َ َ
ما ً قدراِته القوّية في مستخد ِ سج خيال ِهِ ُ ، نن ْ تم ْ مسرحيا ٍ
حة لها . ة أنها أخباٌر ل ص ّ ض والثارةِ ،والنهاي ُ التصويرِ والعر ِ
ن ة كبرى ،وهي أ ّ ت من قراءةِ حياِته مسأل ً لقد استفد ُ
ب سعادِتك وراحِتك ت سعاد الخرين على حسا ِ السعادة ليس ْ
ن م وحز ٍ م وغ ّ س وأنت في ه ّ ،فليس بصحيٍح أن ُيسّر بك النا ُ
ق
عين ،ويصُفه بأنه يحتر ُ مبد ِ ح بعض ال ُ ب يمد ُ كتّاا ِ ن بعض ال ُ ،إ ّ
ل ت هو الذي يجع ُ سويّ الثاب ُ ج ال ّ لُيضيء للناس ،والمنه ُ
س ،ويعمُر نفسه سه ويضيُء للنا ِ المبدع ُيضيُء في نْف ِ
س بذلك . بالخيرِ والهدى والّرشدِ ،ليعمر قلوب النا ِ
ل تحزن
307
ك كسرى مل ِ
وبعد هذا ،فماذا ينفعُ النسان لو حاز على ُ
ن قيصر وأمُله ل مكسوٌر ،وحصل على سلطا ِ وقلُبه بالباط ِ
ن سببا ً في النجا ِ
ة ة إذا لم تك ْ
ن الموهب َ
عن الخي ْرِ مقصوُر ؟! إ ّ
،فما نفُعها وما ثمرُتها ؟!
*****************************************
كُ ْ
ن جميل ً ت ََر الوجود جميل ً
ن نتمّتع بمباهج الحياةِ في حدودِ ن تمام ِ سعادِتنا أ ْ نم ْ إ ّ
ه ه أنبت حدائق ذات بهجةٍ ،لن ُ س ،فالل ُ ق الشرِع المقد ّ ِ منط ِ
صنع ُ ب الجما َ جمي ُ
ل ،ولتقرأآيا ِ الوحدانية في هذا ال ّ ل يح ُ
ميعا ً ﴾ . في ال َ ق لَ ُ
ج ِ ض َ ِ ر
ْ ما ِ كم ّ خل َ َ ذي َ و ال ّ ِ ه َ البهيج ﴿ ُ
ي ،تزيد ُ ي والمنظُر البه ّ م الشه ّ ة والمطع ُ ة الّزكي ُ فالرائح ُ
حل َل ً ض َ َ صد َْر انشراحا ً والّروح فرحا ً ﴿ك ُُلوا ْ ِ
في الْر ِ ما ِ م ّ ال ّ
م: ي من دنياك ْ حّبب إل ّ طَّيبا ً ﴾ .وفي الحديث ُ )) :
ة (( قّرةُ عيني في الصل ِ ت ُ عل ْ ج ِب ،والنساءُ ،و ُ ال ّ
طي ُ
.
ن مظِلم ،الذي دلف علينا م ْ ن الزهد َ القاِتم والورع ال ُ إ ّ
شوا مّنا ،فعا ُ وه مباهج الحياةِ عند كثيرٍ ِ مناهج أرضي ّةٍ ،قد ْ ش ّ
ل رسوُلنا : ما وجوعا ً وسهرا ً وتبت ّل ً ،بقو ُ ما وغ ّ حياتهم ه ّ
ل ج النساء ،وآك ُ ُ ُ
م وأفتُر ،وأتزوّ ُ م وأفطُر ،وأقو ُ )) لكّني أصو ُ
سّنتي فليس مني (( . اللحم ،فمن رغب عن ُ
م! ف بأنفسه ْ ض الطوائ ِ ه بع ُ ب ما فعل ُ ب ،فعج ٌ ن تعج ْ وإ ْ
ب الماء ك ،وآخُر ل يشر ُ ل الّرطب ،وذاك ل يضح ُ فهذا ل يأك ُ
س م ٌ س وط ْ للنف ِ بن هذا تعذي ٌ موا أ ّ البارد ،وكأنهم ما عل ُ
ه عَباِد ِ ج لِ ِ خَر َ ي أَ ْ ه ال ّت ِ َ ة الل ّ ِ زين َ َ م ِ حّر َ ن َ م ْ ل َ ق ْ لشراقها ﴿ ُ
ق﴾ . ن الّرْز ِ م َ ت ِ وال ْطّي َّبا ِ َ
س في الدنيا ، ن رسولنا أكل العسل وهو أْزهد ُ النا ِ إ ّ
ب شَرا ٌ ها َ طون ِ َ من ب ُ ُ ج ِ خُر ُ ه خلق العسل لُيؤكل ﴿ :ي َ ْ والل ُ
ت س ﴾ .وتزّوج الث ّّيبا ِ نا ّ للِ فاء َ شِ هِ في ِ ه
ُ ُ ن واَ ف أ َل ْ خت َل ِ ٌ م ْ ّ
ِ
ل تحزن
308
مث َْنى ساء َ
ن الن ّ َ م َكم ّ ب لَ ُطا َما َ حوا ْ َ فانك ِ ُ والبكار َ ﴿ :
ت العيادِب في مناسبا ِ ع ﴾ .ولِبس أجمل الثيا ِ وُرَبا َ
ث َوث ُل َ َ
َ
د ﴾ .فهو يجم ُ
ع ج ٍس ِ
م ْ ل َعندَ ك ُ ّ
م ِ زين َت َك ُ ْ ْ خ ُ
ذوا ِ رها ُ ﴿ : وغي ِ
بين حقّ الّروِح وحقّ الجسدِ ،وسعادةِ الدنيا والخرةِ ،لنه
ه الناس عليها . ن الفطرةِ التي فطَر الل ُ ُبعث بدي ِ
**************************************
جُر ك ّ
ل مباحةِ ،وه ْ سب المال من الوجوهِ ال ُ الثاني :ك ْ
هل ل إل طّيبا ً ،والل ُ ب ل يقب ُ ن الله طي ّ ٌ ب محّرم ٍ ،فإ ّ كس ٍ
ك ك َث َْرةُ ال ْ َ َ
ث﴾ خِبي ِ جب َ َ ع َوأ ْ ول َ ْث﴿ َ ب الخبي ِ ك في المكس ِ ُيبار ُ
.
نمُعه م ْ ل ،وج ْ ل الحل ِ ب الما ِ ي في طل ِ سعْ ُ الثالث :ال ّ
ت في ب إزجاِء الوقا ِ ك العطالةِ والبطالةِ ،واجتنا ِ حّله ،وتر ُ
ق﴿ : على السو ِ ن عوف يقول :د ُّلوني ت ،فهذا اب ُ التفاها ِ
غوا واب ْت َ ُ ْ َ صَلةُ َ ذا ُ
فإ ِ ََ
ض َ في الْر ِ شُروا ِ فانت َ ِ ت ال ّ ضي َ ِ
ق ِ
ن﴾. حو َ فل ِ ُ عل ّك ُ ْ
م تُ ْ ه ك َِثيرا ً ل ّ َ واذْك ُُروا الل ّ َ ه َ ل الل ّ ِ ض ِف ْمن َ ِ
******************************************
ل تحزن
322
خل ُ ُ
قك ثمُنك إيماُنك و ُ
ةل بالي ٌ م ،وعليهِ أسما ٌ ل الفقيُر المعدو ُ مّر هذا الرج ُ
ب،ل طن ،حافي القدم ِ ،مغمور الّنس ِ ب رّثة ،جائع الب ْ وثيا ٌ
ت يأوي إليهِ ،ول أثاث ل ول عشيرةٌ ،ليس له بي ٌ جاهٌ ول ما ٌ
مةِ بكّفْيه مع الواردين ، ض العا ّ ب من الحيا ِ ول متاع ،يشر ُ
شه البطحاُء ،لكّنه عه ،وفرا ُ م في المسجدِ ،مخد ُّته ذرا ُ وينا ُ
ف ص ّ ن ال ّ بع ِ ب مولهُ ل يغي ُ ب ِذكرٍ لرّبه وتلوةٍ لكتا ِ صاح ُ
ل اللهِ ل ،مّر ذات يوم ٍ برسو ِ ل في الصلةِ والقتا ِ الو ِ
ج ؟ (( . و ُ ب أل تتز ّ جلْيبي ُ مهِ وصاح به )) :يا ُ فناداه ُ باس ِ
م ل ول جاه ٌ ؟ ث ّ جني ؟ ول ما ٌ ن ُيزوّ ُ قال :يا رسول اللهِ ،وم ْ
س ل ،وأجاب بنف ِ مّر به أخرى ،فقال له مْثل قولهِ الو ِ
ة ،فأعاد عليه السؤال وأعاد هو الجواب ، الجواب ،ومّر ثالث ً
ن ت فل ٍ ق إلى بي ِ ب ،انطل ِ ْ فقال )) : يا جليبي ُ
ه يقرُئك السلم ، ل الل ِ ل له :رسو ُ ق ْيو ُ النصار ّ
وجني ب ِْنتك (( . ب منك أن ُتز ّ ويطل ُ
ف وأسرةٍ موقرةٍ ،فانطلق ت شري ٍ ن بي ٍوهذا النصاريّ م ْ
ب إلى هذا النصاريّ وطرق عليه الباب وأخبره بما جليبي ٌ
ل اللهِ فقال النصاريّ :على رسول الله أمره به رسو ُ
ل ول جاه ٌ ؟ ب ول ما ٌ ُ
م ،وكيف أزّوجك بنتي يا جليبي ُ السل ُ
ل ول ب ! ل ما ٌ ل :جليبي ٌ ب وتتساء ُ خب ََر فتعج ُ وتسمعُ زوجُته ال َ
ل ب ورسالة الرسو ِ ة كلم جليبي ٍ ت المؤمن ُ مع البن ُ جاهٌ ؟ فتس ُ
ل اللهِ ، ل والذي ن طلب رسو ِ فتقول لبويها :أتُرّدا ِ
نفسي بيد ِهِ .
ت العامُر ، ة والبي ُ ة المبارك ُ وحصل الزواج المبارك والذ ّّري ّ ُ
ن ،ونادى منادي الجهادِ س على تقوى من اللهِ ورضوا ٍ س ُ المؤ ّ
ة من الكفارِ ،ثم ب المعركة ،وقتل بيده سبع ً ،وحضر جليبي ُ
ن ن رّبه وع ْ ل اللهِ ،وتوسد الثرى راضيا ً ع ْ ُقتل في سبي ِ
ل ن أجل ِهِ ،ويتفّقد ُ الرسو ُ ن مبدِئه الذي مات م ْ رسوِله وع ْ
س بأسماِئهم ،وينسون جليبيبا ً في القتلى ،فُيخبُره النا ُ
ل تحزن
323
ن الرسول ه ليس لمعا ً ول مشهورا ً ،ولك ّ غمرةِ الحديث ،لن ُ
ظ اسمه في الزحام ِ ول يذك ُُر جليبيبا ً ول ينساهُ ،ويحف ُ
قدُ جليبيبا ً (( . ل )) :لكّنني أف ِ ُيغفله ،ويقو ُ
ض التراب عن وجهه ويجده وقد تدّثر بالتراب ،فينف ُ
قت ِْلت ؟ أنت مني وأنا ت سبعة ثم ُ قت َل ْ َ ل له َ )) : ويقو ُ
منك ،أنت مني وأنا منك ،أنت مني وأنا منك (( .
ويكفي هذا الوسام النبويّ جليبيبا ً عطاًء ومكافأةً وجائزة ً .
ل اللهِ له ، ب رسو ِ ب ،إيماُنه وح ّ ن جليبي ٍ ن ثم َإ ّ
ة مه وضآل ُ ن فقره وعد َ ورسالُته التي مات من أجِلها .إ ّ
ف العظيم ِ والمكسب الضخم ِ ن هذا الشر ِ خْره ع ْ أسرِته لم ُتؤ ّ
،لقد ْ حاز الشهادة والّرضا والقُبول والسعادة في الدنيا
ه ضل ِ ِ ف ْ من َ ه ِ م الل ّ ُ ه ُ ما آَتا ُ ن بِ َ حي َ ر ِ ِ والخرة َ ﴿ :
ف
م أ َل ّ ه ْ خل ْ ِ
ف ِ ن َ م ْهم ّ ح ُ ْ
قوا ب ِ ِ م ي َل ْ َن لَ ْ ذي َ ن ِبال ّ ِ
شُرو َ ست َب ْ ِ
وي َ ْ
َ
ن﴾ . حَزُنو َ م يَ ْ ه ْول َ ُ م َ ه ْ َ
علي ْ ِ ف َ و ٌ خ ْ َ
ن قيمتك في معانيك الجليلةِ وصفاِتك النبيلةِ . إ ّ
وك . ن سعادتك في معرفِتك للشياِء واهتماماِتك وسم ّ إ ّ
م- ً
ن الفقَر والعوز والخمول ،ما كان -يوما من اليا ِ إ ّ
ن ل والستعلِء .هنيئا ً لم ْ ق والوصو ِ عائقا ً في طريق الّتفوّ ِ
ه
ه بتوجيه ِ ن أسعد نفس ُ سه ،وهنيئا ً لم ْ ف ثمنه فعل ً بنف ِ عََر َ
ن مّرتْين ،وسعد في حس َ نأ ْ وجهاِده ون ُِبله ،وهنيئا ً لم ْ
دنيا والخرةِ . ن ،ال ّ ن ،وأفلح في الكرتي ْ ِ الحياتي ِ
********************************************
**
يا سعادة هؤلء
ها جن ّب ُ َ
سي ُ َ
و َ ه : -بآيةٍ َ ﴿ : ه عن ُ أبو بكرٍ – رضي الل ُ
كى ﴾ . مال َ ُ
ه ي َت ََز ّ ؤِتي َذي ي ُ ْ قى} {17ال ّ ِ اْل َت ْ َ
ت قصرا ً ث )) :رأي ُ عمُر -رضي الله عنه : -بحدي ِ
ت :لمن هذا القصُر ؟ قيل لي ة ،قل ُ أبيض في الجن ِ
ب (( . :لعمر بنش الخطا ِ
ل تحزن
324
فر م اغ ْ ه : -بدعاِء )) :الله ّ ن -رضي الله عن ُ وعثما ُ
خر (( . ن ذنِبه وما تأ ّ دم م ْ لعثمان ما تق ّ
ب الله ل يح ّ ج ٌه )) : -ر ُ ي -رضي الله عن ُ وعل ّ
ورسوله ،ويحّبه الله ورسوُله (( .
شه )) : -اهتّز له عر ُ ن معاذ ٍ -رضي الله عن ُ وسعد ُ ب ُ
ن (( . الرحم ِ
ه :- رو النصاريّ -رضي الله عن ُ م ٍ
داللهِ بن ع ْ وعب ُ
جمان (( . كفاحا ً بل تْر ُ ه ِ ))كّلمه الل ُ
ة
ه ملئك ُ سلت ْ ُ ه )) : -غ ّ ة -رضي الله عن ُ وحن ْظ َل َ ُ
ن (( . الرحم ِ
****************************************
ويا شقاوة هؤلء
شي ّا ً ﴾ .ع ِ و َ وا ً َ غدُ ّ ها ُ عل َي ْ َن َ ضو َ عَر ُ ن ﴿ :الّناُر ي ُ ْ فرعو ُ
َ
ض﴾. ه اْلْر َ ر ِ دا ِ وب ِ َ ه َ فَنا ب ِ ِ س ْ خ َ نَ ﴿:
ف َ وقارو ُ
عودا ً ﴾ . ه ُ ُ
ص ُ ه َ ق ُ سأْر ِ ن المغيرة َ ﴿ : والوليد ُ ب ُ
ة﴾. مَز ٍ ة لّ َ مَز ٍ ه َ ل ُ ل ل ّك ُ ّ وي ْ ٌن خلف َ ﴿ : ةب ُ وُأمي ّ ُ
ب﴾. َ وأبو لهب ﴿ :ت َبت يدا أ َ
وت َ َّ بٍ هَ ل بي ّ ْ َ َ ِ ٍ
مد ّ ل َ ُ
ه ون َ ُ ل َ قو ُ ما ي َ ُ ب َ سن َك ْت ُ ُل ﴿ :ك َّل َ ن وائ ٍ والعاص ب ُ
مدّا ً ﴾ . ب َ ذا ِ ع َ ن ال ْ َ م َ ِ
****************************************
وقفــــــة
ق وفساد ُ الرأي ،وخفاُء الحقّ وفساد ُ ة التوفي ِ » قل ّ ُ
ت ،ون َْفَرة ُ الخْلق ، ل الذ ّك ْرِ ،وإضاع ُ
ة الوق ِ القلب ،وخمو ُ
ة بين العبدِ وبين رّبه ،ومن ْعُ إجابةِ الدعاِء ،وقسوةُ حش ُوالو ْ
ن العلم ِ ،
ق والُعمرِ ،وحرما ُ حقُ البركةِ في الّرز ِ ب ،وم ْ القل ِ
ة العدوّ وضيقُ الصدرِ ،والبتلُء بقرناِء ل ،وإهان ُ س الذ ّ ّ ولبا ُ
ل السوِء الذين ُيفسدون القلب وُيضّيعون الوقت ،وطو ُ
ل ...تتوّلد من المعصي ِ
ة ف البا ِ
س ُك المعيشةِ ،وك َ ْ م ،وضن ْ ُ اله ّ
ل تحزن
325
والغفِلة عن ذكرِ اللهِ ،كما يتوّلد الزرع ُ عن الماِء ،والحراقُ
ة«. عن النارِ .وأضداد ُ هذه تتول ّد ُ عن الطاع ِ
ق، م والضي ِ م والغ ّ ما تأثيُر الستغفارِ في دْفع اله ّ »أ ّ
ن
مة ،إ ّ ل وعقلُء ك ّ
لأ ّ ل المل ِما اشترك في العل ْم ِ به أه ُ م ّ
ف ِ
م ،والخوف والحزن، م والغ ّ جب اله ّ المعاصي والفساد ُتو ِ
ن أهلها ذا قضوا منها ضيق الصدر ،وأمراض القلب ،حتى إ ّ و ِ
ه في سهم ،ارتكبوها دفعا ً لما يجدون ُ أوطارها ،وسئمْتها نفو ُ
ق:خ الفسو ِ م ،كما قال شي ُ م والغ ّ
ق واله ّ ضي ِهم من ال ّ صدور ِ
ت على وُ
س شرِب ْ ُ ٍ وكأ نها ْ م
ِ ت
ُ ْ ي تداو أخرى
بذ ّةٍ ،فل دواء ب والثام ِ في القلو ل ِ وإذا كان هذا تأثيُر بها
الذنو ِ
ة والستغفاُر« . لها إل التوب ُ
*************************************
ققا ً بالقوارير
ر ْ
ِ
ودّةً م َ كم ّ ل ب َي ْن َ ُ ع َ ج َ و َ ف ﴾َ ﴿. عُرو ِ ن ِبال ْ َ
م ْ ه ّ شُرو ُ عا ِ و َ﴿ َ
ة﴾. م ً ح َ وَر ْ َ
ن ء خيرا ً ،فإنه ّ صوا بالنسا ِ ث )) :استو ُ وفي الحدي ِ
ن عندكم(( . عوا ٍ
ه ،وأنا هل ِ ث آخر )) :خيُركم خيركم ل ِ وفي حدي ِ
خيُركم لهلي (( .
ب م على الح ّ ُ
ت السعيد ُ هو العامُر باللفةِ ،القائ ُ البي ُ
عَلى ه َ َ َ
المملوُء تقوى ورضوانا ً ﴿ :أ َ
س ب ُن َْيان َ ُ س َ نأ ّ م ْ ف َ
َ َ
هس ب ُن َْيان َ ُ س َ نأ ّ م ْ خي ٌْر أم ّ ن َ وا ٍ ض َ ر ْ و ِ
ه َ ن الل ّ ِم َ وى ِ ق َتَ ْ
ه والل ّ ُ م َ هن ّ َ ج َر َ في َنا ِ ه ِ هاَر ب ِ ِ فان ْ َر َ ها ٍف َ جُر ٍ فا ُ ش َى َ عل َ َ
َ
ن﴾ . مي َ ظال ِ ِ م ال ّ و َ ق ْدي ال ْ َ ه ِ ل َ يَ ْ
*****************************************
ة
ة في البداي ِ
سم ٌ
بَ ْ
جها
لزو ِ سم الزوجةِ ل المقابلةِ تب ّ
ن الطالع وجمي ِ
حس ِ من ُ
ق
للوفا ِ ين مبدئ ّ
ج لزوجِته ،إن هذه البسمة إعل ٌ والزو ُ
ل تحزن
326
ة (( . سمك في وجه أخيك صدق ٌ والمصالحةِ )) :وتب ّ
ساما ً . حاكا ً ب ّ وكان ض ّ
ةحي ّ ً م تَ ِ سك ُ ْ ف ِ عَلى َأن ُ موا َ سل ّ ُ ف َ وفي البدايةِ بالسلم ِ َ ﴿ :
دهما ة ﴾ ،ورد ّ التحيةِ من أح ِ ة طَي ّب َ ً مَباَرك َ ً ه ُ د الل ّ ِ عن ِ ن ِ
م ْ ّ
َ َ
و ها أ ْ من ْ َ ن ِ س َ ح َ حّيوا ْ ب ِأ ْ ف َ ة َ حي ّ ٍ حي ّي ُْتم ب ِت َ ِ ذا ُ وإ ِ َللخرِ َ ﴿ :
ها ﴾ . دو َ ُر ّ
كثّير : قال ُ
حي ّْتك عّزة ُ بالتسليم ِ فحّيها مثل ما حي ّْتك
ت تْكان ْ وانصرف ليت التحية ييت ل جم ُح ّ لً ُ مكان يا جميا
م إني الله ّ فأشكرها ل )) : لي ل رج ُ ومنها يا
عند دخول المنز ِ الدعاُء
ه
ج ،باسم الل ِ ج وخير المخر ِ ول ِ خي َْر الم ْ أسأُلك َ
ه رّبنا جنا ،وعلى الل ِ ه خر ْ جنا ،وباسم ِ الل ِ ول ْ
كلنا (( . تو ّ
ب من الطرفين : ن الخطا ِ ت ِ :لي ُ ب سعادةِ البي ِ ومن أسبا ِ
َ
ن﴾. س ُ ح َ يأ ْ ه َ قوُلوا ْ ال ِّتي ِ عَباِدي ي َ ُ قل ل ّ ِ و ُ﴿ َ
مها السحُر وكل ُ ن قتل المسلم ِ لم يج ِ
أنه
ن للووإ ْ لَ ْ م ُل
الحل ْ
م يُ ن طال ل ْ إ ْ لم أنهاّرزِ
المتح ثود ّ المحد ّ ُ
ب كلم ت ُ يسح ْ منهماأوجز ل هي ليت المرأة ،ك ّ ز
وياتوج ِ يا ليت الرجل ُ
ن الساءةِ وجْرح المشاعرِ والستفزازِ ،يا ليت أنهما يذكرا ِ
ن الطْرف ضا ِ ل منهما ،ويغ ّ الجانب الجميل المشرق في ك ّ
ف البشريّ في كليهما . ب الضعي ِ عن الجان ِ
دد محاسن امرأِته ،وتجافى عن إن الرجل إذا ع ّ
ن ك مؤم ٌ ث )) :ل يفُر ُ ص ،سِعد وارتاح ،وفي الحدي ِ النق ِ
ة ،إن كره منها خُلقا ً رضي منها آخر (( . مؤمن ً
ض ول يكره . ومعنى ل يفرك :ل يبغ ِ
من ذا الذي ما ساء ن له الحسنى وم ْ
طف فضائله ول كبا جواد ق ْ من الذي ما ما نبا فق ْ
نه ﴿ : محاس ِ ُ ِ سيط ُ
ن م ْ كم ّ من ُ كا ِ ما َز َ ه َ مت ُ ُح َ وَر ْ م َ عل َي ْك ُ ْ ه َ ل الل ّ ِ ض ُ ف ْ وَل َول َ ْ َ
د أَبدا ً ﴾ . َ َ
ح ٍ أ َ
ل تحزن
327
ت من معاناةِ التوافهِ ومعايشةِ صغاِر ل البيو ِ أكثُر مشاك ِ
ق، ت القضايا التي تنتهي بالفرا ِ ت عشرا ِ ل ،وقد عش ُ المسائ ِ
ب أن البيت ة سهلة ،أحد ُ السبا ِ ب إيقاد ِ جذوتها أموٌر هين ٌ سب ُ
دم في وقِته ،وسبُبه عند لم يكن مرّتبا ً ،والطعام لم ِ يق ّ
لآخرين أن المرأة تريد ُ من زوجها أن ل ُيكثر من استقبا ِ
ث اليُتم والمآسي ف ،وخذ ْ من هذه القائمة التي ُتور ُ الضيو ِ
ت. في البيو ِ
إن علينا جميعا ً أن نعترف بواِقعنا وحاِلنا وضعِفنا ،ول
ل إل لولي العزم ِ من ت ،التي ل تحص ُ ش الخيال والمثاليا ِ نعي ُ
أفرادِ العالم ِ .
ئ ،وما معنا إل ف ونخط ُ ب ونحتد ّ ،ونضع ُ نحن بشٌر نغض ُ
ي في الموافقة الزوجيةِ حتى بعد هذه ث عن المرِ النسب ّ البح ُ
ت القصيرةِ بسلم ِ . السنوا ِ
دم في هذه سن صحبته تق ّ ح ْن حنبل و ُ إن أريحية أحمد ب ِ
دالله :لقد صاحبُتها م عب ِ الكلمة ،إذ يقول بعد وفاة زوجتهِ أ ّ
ت معها في كلمةٍ . ة ما اختلف ُ أربعين سن ً
ت زوجُته ،وعليها أن إن على الرجل أن يسكت إذا غضب ْ
ت هي إذا غضب ،حتى تهدأ الثائرة ُ ،وتبرد المشاعُر ، تسك ُ
س. ت النف ِ وتسكن اضطرابا ُ
ر « » :متى رأيت ن الجوزيّ في » صيد ِ الخاط ِ قال اب ُ
ح ،فل ينبغي أن م بما ل يصل ُ ب وأخذ يتكل ّ ُ ض َصاحبك قد غ َ ِ
ت إليه ( ، صرا ) أي ل تعتد ّ به ول تلتف ْ خن ْ ِ تعقد على ما يقوُله ِ
ن ل يدري ما يجري ل السكرا ِ ول أن تؤاخذه به ،فإن حاله حا ُ
ل عليها ،فإن الشيطان قد ،بل اصبْر ولو فترةً ،ول تعوّ ْ
ل قد استتر ،ومتى أخذت في غلبه ،والطبعُ قد هاج ،والعق ُ
سك عليه ،أو أجبته بمقتضى فْعله ،كنت كعاقل واجه نف ِ
ب لك ،بل انظْر ى عليه ،فالذن ُ ً
ق عاتب مغم ً مجنونا ،أو مفي ٍ
ب ج في لع ِ ح تصريف القدر له ،وتفّر ْ م ْ ن الرحمةِ ،وتل ّ إليه بعي ِ
الطبِع به .
ل تحزن
328
ضل ف لك ف ْ دم على ما جرى ،وعََر َ واعلم أنه إذا انتبه ن ِ
ل في غضِبه إلى سِلمه فيما يفع ُ ل القسام ِ أن ت ُ ْ صب ْرِ ،وأق ّ
ال ّ
ح به . ما يستري ُ
محها الولد ُ عند غضب الوالد ِ ، ة ينبغي أن يتل ّ وهذه الحال ُ
ل ،ول ب الزوج ،فتتركه يشفى بما يقو ُ ة عند غض ِ والزوج ُ
ل على ذلك ،فسيعود ُ نادما ً معتذرا ً ،ومتى ُقوبل على تعوّ ْ
ة
ة ،وجازى في الفاق ِ ت العداوةُ متم ّ
كن ً حالته ومقالِته صار ِ
سك ْرِ .على ما فُِعل في حّقه وقت ال ّ
ق ،متى رأوا غضبان س على غي ْرِ هذا الطري ِ وأكثُر النا ِ
ل ،وهذا على غي ُْر مقتضى الحكمةِ ، ل ويعم ُ قابُلوه بما يقو ُ
ت ،وما يعقُلها إل العالمون « . ة ما ذكر ُ حكم ُ بل ال ِ
*****************************************
م ُزعاف فيس ّ
ب النتقام ِ ُ
ح ّ
ة
س الهائج ِ النفو ِ
تص وحكايا ٌ في كتاب » المصلوبون في التاريخ « قص ٌ
ت ش الذين أنزلوا بخصومهم أشد ّ العقوبا ِ ض أهل البط ِ لبع ِ
ل غليل ً ، مثلت ،ثم لما قتلوهم ما شفى لهم القت ُ وأقسى ال ُ
ب أن ج ُ شب ،والعَ َ خ ُ هم على ال ُ ول أبرد لهم عليل ً ،حتى صلبو ُ
ب ،لن روحه س ول يتعذ ُ ح ّ المصلوب بعد قتل ِهِ ل يتأّلم ول ي ُ ِ
ح ،وُيسّر س ويرتا ُي القاتل يأن ُ ت جسمه ،ولكن الح ّ فارق ْ
مها مظة على خصو ِ ل .إن هذه النفوس المتل ّ بزيادةِ التنكي ِ
ة على أعداِئها لن تهدأ أبدا ً ولن تسعد ،لن نار المضطرم َ
م.مهِ ْ
مُرهم قبل خصو ِ النتقام ِ وبركان التشّفي يد ّ
ب من هذا أن بعض خلفاِء بني العباس فاته أن وأعج ُ
يقتل خصومه من بني أمية ،لنهم ماُتوا قبل أن يتوّلى ،
م فجلدهم ،ثم صلبهم ، ضهم رمي ٌ فأخرجهم من قبورهم وبع ُ
ثم أحرقهم .إنها ثورةُ الحقدِ العارم ِ الذي ُينهي على
س واستقراِرها . ت وعلى مباهِج النف ِ المسّرا ِ
ل تحزن
329
م ،لنه فََقد َ أعصاَبه وراحته إن الضرر على المنتقم ِ أعظ ُ
وهدوءه ُ وطمأنينته .
ل يبلغُ العداُء من نم ْ ل ِ ما يبلغُ الجاه ُ
ق ْ
ل ظ ُ لَ
غي ْ ِجاهل ْ ٍ
نا م َ ل ِم َ م ال ََنا ِ هَ
عل َي ْك ُ ُس ِ ع ن َّْف
ضوا ْ ِ وا ْ َ
خل َ ْ وإ ِ َ
ذا َ ﴿ َ
م ﴾. غي ْظِك ُ ْ موُتوا ْ ب ِ َُ
*****************************************
ة
وقفــــ ٌ
» ليس للعبدِ إذا ب ُِغي عليه وُأوذي وتسّلط عليه
ة سعادِته مه ،شيء أنفعُ له من التوبةِ النصوِح ،وعلم ُ خصو ُ
سه وذنوِبه وعيوِبه ،فيشتغل أن يعكس فكره ونظره على نف ِ
بها وبإصلحها ،وبالتوبةِ منها ،فل يبقى فيه فراغٌ لتدّبر ما
ه يتولى ن ََزل به ،بل يتوّلى هو التوبة وإصلح عيوبه ،والل ُ
ُنصرته وحفظه والدفع عنه ولبد ّ ،فما أسعدهُ من عبدٍ ،وما
ت به ،وما أحسن أثرها عليه ،ولكن أبركها من نازلةٍ نزل ْ
معطي لما التوفيق والرشد بيد ِ اللهِ ،ل مانٍع لما أعطى ول ُ
ة به ،ول إرادة ً له ، ل أحد ٍ ُيوّفق لهذا ،ل معرف ً
منع ،فما ك ّ
ول قدرةً عليه ،ول حول ول قوة إل باللهِ « .
ن يعفو سبحان م ْ ل مهما هفا ولم يز ْ
ونهفو دائما ً
يخطي ُيعطي الذي العبد ُ عفا
العطا جلُله عن
ول يمنُعه لذي الخطا
*******************************************
ة غيرك ل تذُ ْ
ب في شخصي ِ
ة أطوار :طوُْر التقليد ،وطوُر تمّر بالنسان ثلث ُ
الختيارِ ،وطوُر البتكارِ .فالتقليد ُ :هو المحاكاة ُ للخرين
ب ن فيهم ،وسب ُل صفاِتهم والذوبا ُ ص شخصياِتهم وانتحا ُ م ُ
وتق ّ
ل الشديد ُ ،وهذا ب والتعل ّقُ والمي ْ ُهذا التقليدِ هو العجا ُ
ت التقليد ُ الغالي ليحمل بعضُهم على التقليد في الحركا ِ
ْ
ت ،ونحو ذلك ،وهو وأد ٌ ت واللتفا ِ ت ،ونْبرةِ الصو ِ
واللحظا ِ
معاناةِ هؤلِء منت .ويا ل ُ للشخصية وانتحاٌر معنويّ للذا ِ
ل تحزن
330
ف !! م ،ويسيرون إلى الخل ِ سهم ،وهم يعكسون اتجاههُ ْ أنف ِ
ة
جَر مشيته لمشي ِ ت الخرِ ،وهَ َ فالواحد ُ منهم ترك صوته لصو ِ
ت الممدوحةِ التي ُتثري ن ،ليت هذا التقليد كان للصفا ِ فل ٍ
ْ
السموّ والّرفعةِ ،كالعِلم ِ العمر وُتضفي عليه هالة من
والكرم ِ والحلم ِ ونحوها ،لكنك ُتفاجأ ُ أن هؤلء يقّلدون في
ف وطريقةِ الكلم ِ وإشارةِ اليد ِ !! . مخارِج الحرو ِ
خل ْقٌ آخُر وشيٌء آخُر ، أريد ُ التأكيد عليك بما سبق :إنك َ
خل َ َ
ق ل صفاِتك وقدراِتك ،فإنه منذ ُ َ جك أنت من خل ِ إنه نه ُ
ة
ن في الصور ِ ه العالم ،لم يتفقْ اثنا ِ ه آدم إلى أن ينهي الل ُ الل ُ
ل ذاك : ل هذا على شك ِ ث ينطبق شك ُ الخارجيةِ للجسم ِ ،بحي ُ
ف أ َل ْسن َت ِك ُم َ
ن م ﴾......الية .فلماذا نح ُ وان ِك ُ ْوأل ْ َْ َ ِ خت َِل ُ
وا ْ﴿ َ
نريد ُ أن نتفقَ مع الخرين في صفاِتنا ومواهِبنا وقدراِتنا ؟!
سن إلقاِئك أن ح ْ إن جمال صوِتك أن يكون متفّردا ً ،وإن ُ
ف خت َل ِ ٌم ْمٌر ّح ْ و ُ
ض َ جدَدٌ ِبي ٌ ل ُ جَبا ِ ن ال ْ ِم َ يكون متمّيزا ً َ ﴿ :
و ِ
َ
د﴾. سو ٌ ب ُ غَراِبي ُ و َ ها َ أل ْ َ
وان ُ َ
************************************
المكظومون في انتظار ل ْ
طف الله
ت صقعُ ل يلتوي لساُنه إذا تراكض ِ م ْ ب ال ِ هذا الخطي ُ
ن ،بل يمضي ساطعا ً صارما ً متدّفقا ً . ن البيا ِ ظ في ميدا ِ اللفا ُ
ب ،وخطيب السلم س ُ ب الرسول وح ْ هو خطي ُ
ب بين يدي رسول اللهِ وكفى ،كان يرفع صوته بالخط ِ
ه﴿ : ماس ،وأنزل الل ُ س بن ش ّ ِ ن قي تب ُ دين ،إنه ثاب ُ لنصرةِ ال ّ
َ مُنوا َل ت َْر َ َ
ت و ِ ص ْ وق َ َ ف ْم َ وات َك ُ ْ ص َعوا أ ْ ف ُ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ َيا أي ّ َ
ضع ٍ م ل ِب َ ْضك ُ ْع ِ ر بَ ْ ه ِج ْ ل كَ َ و ِ
ق ْ ه ِبال ْ َ هُروا ل َ ُ ج َ وَل ت َ ْ ي َ َالن ّب ِ ّ
م َل ت َ ْ َ َ
س
ن قي ٌ ن ﴾ .وظ ّ عُرو َ ش ُ وأنت ُ ْ م َ مال ُك ُ ْ ع َ طأ ْ حب َ َ أن ت َ ْ
أنه هو المقصود ُ ،فاعتزل الناس واختبأ في بيِته يبكي ،
خب ََر ، ة ال َ ل اللهِ فسأل عنه ،فأخبره الصحاب ُ وفقده رسو ُ
ة (( . ل الجن ِ فقال )) :كل ّ ،بل هو من أه ِ
ت النذارة ُ بشارة ٌ . فصار ِ
ل تحزن
331
هناٌء محا ذاك العزاء نزع المحزو ُ فما ج ِ
عنها – تبكي دماالمق ّ
ه
المؤمنين – رضي الل ُ سما ةتبأ ّ
مّ حتى ُ
وتبقى عائش
شهرا ً كامل ً ليل ً ونهارا ً ،حتى كاد البكاء يمّزقُ كِبدها ويفري
ف ،فجاء ف ،العفي ِ عْرضها الشري ِ ت في ِ طعن ْ جسمها ،لنها ُ
تفَل ِ ت ال ْ َ
غا ِ صَنا ِح َ م ْ ن ال ْ ُ مو َ ن ي َْر ُ ذي َ ن ال ّ ِ الفرج ﴿ :إ ِ ّ
ت الله ة ﴾ .وحمد ِ خَر ِ واْل ِ في الدّن َْيا َ عُنوا ِ ت لُ ِمَنا ِ ؤ ِ ال ْ ُ
م ْ
ت ،وفرح المؤمنون بهذا طهرِ ،كما كان ْ ت أطهر ال ّ وصار ْ
ن. ح المبي ِ الفت ِ
م
ت عليه ْ ة الذين تخّلفوا عن غزوةِ تبوك ،وضاقْ ْ والّثلث ُ
سهم ،وظّنوا أن ل ت عليهم أنف ُ ت ،وضاق ْ حب ْ ض بما ر ُ الر ُ
كه – سبحانه- ن يمل ُ ج مم ْ ملجأ من اللهِ إل إليه ،أتاهم الفر ُ
ب. ث من السميِع القري ِ ونزل عليهم الغوْ ُ
*************************************
ه
حل ُ
ل الذي ترتا ُ
ص على العم ِ
احر ْ
ن
ب:إ ّ ض ،فقال لي الطبي ُ ل ابن تيمية » :ابتدأني مر ٌ يقو ُ
مطالعتك وكلمك في العلم ِ يزيد ُ المرض .فقلت له :ل
مك مك إلى عل ِ أصبُر على ذلك ،ل أصبُر على ذلك ،وأنا أحاك ُ
تدفع ِ ة ،فَ َ طبيع ُ ت ال ّت قوي ِ سّر ْ
تو ُ س إذا فرج ْ ت الّنف ُ ،أليس ِ
ت له :فإن نفسي ُتسّر بالعلم ِ ، المرض ؟ فقال :بلى .فقل ُ
ج عن ة .فقال :هذا خار ٌ ة ،فأجد ُ راح ً فتقوى به الطبيع ُ
م﴾. خي ٌْر ل ّك ُ ْ
و َه َ كم ب َ ْ
ل ُ شّرا ً ل ّ ُ
سُبوهُ َ ح َجنا« ﴿َل ت َ ْعل ِ
ل عَت َْبك محمود ٌ لع ّ تفرّبما صح ِ
ه
عواقب ُ ُ
******************************************** ل
م بالِعل ِ
الجسا ُ
ء وهؤلء ك ُل ً ن ُ ِ
مدّ هؤل ِ
ما أحوجنا إلى المثابرةِ واستثمارِ الوقت ،ومسابقةِ
ل الصالِح النافِع المفيد ِ ،إننا سوف نسعد ُ يوم
س بالعم ِ
النفا ِ
ة وحضارةً ،وسوف دم للخرين نفعا ً ووعيا ً وخدمة وثقاف ً نق ّ
ل تحزن
332
خلقْ ع ََبثا ً دى ،ولم ن ُ ْ س ّ
ت إلى الحياةِ ُ منا أننا لم نأ ِ نسعد ُ إذا عل ْ
،ولم ُنوجد ْ لِعبا ً .
ت تراجم ي فوجد ُ ت » العلم « للزركل ّ يوم تصّفح ُ
ة وعلماء ،وحكماء وأدباء وأطباء ، شرقيين وغربيين ،ساس ً
سيرهم ت في ِ يجمعهم أنهم نابغون مؤّثرون لمعون ،ووجد ُ
جميعا ً سنة اللهِ في خلِقه ،ووعد اللهِ في عباِده ،وهي أن
من أحسن من أجل الدنيا وُّفي نصيبه من الدنيا ،من الذيوِع
ب ل ومنص ٍ والشهرةِ والنتشارِ ،وما يلحقُ ذلك من ما ِ
ف ،ومن أحسن للخرةِ وجدها هنا وهناك ،من النفِع وإتحا ٍ
ؤلء هـ ُ مد ّ َ ل والرضا والجرِ والمثوبةِ ﴿ :ك ُل ّ ن ّ ِ والقبو ِ
ظورا ً ح ُ م ْ ك َ طاء َرب ّ َ ع َ ن َ كا َما َو َ
ك َ طاء َرب ّ َ ع َ ن َ م ْ ؤلء ِ هـ ُو َ
َ
﴾ .
دموا ب أيضا ً أن هؤلِء العباقرةِ الذين ق ّ ت في الكتا ِ ووجد ُ
ص منهم غْير للبشرية نفعا ً ونتاجا ً ولم يعمُلوا للخرة – وأخ ّ
المؤمنين باللهِ ولقاِئه – وجدُتهم أسعدوا الناس أكثر من
سهم ،وأفرحوا أرواح الخرين أكثر من أرواحِهم ،فإذا أنف ِ
ب من حيات ِهِ ، ضهم ينتحُر ،وبعضهم يثوُر من واقِعه ويغض ُ بع ُ
وآخرون منهم يعيشون بؤسا ً وضْنكا ً .
م ت نفسي :ما هي الفائدة ُ إذا سعد بي قو ٌ وسأل ُ
مت أنا ؟! حر ِ ٌ
وشقيت أنا ،وانتفع بي مل و ُ
ل أحدٍ من هؤلِء البارزين ما ن الله أعطى ك ّ تأ ّ ووجد ُ
معٌ منهم حصل على جائزةِ نوبل ، ده ،فج ْ أراد ،تحقيقا ً لوع ِ
وأ الصدارة في لنه أرادها وسعى لها ،ومنهم من تب ّ
جد َ الشهرةِ ،لنه بحث عنها وشغف بها ،ومنهم من وَ َ
المال ،لنه هام به وأجّبه ،ومنهم عباد ُ اللهِ الصالحون ،
ه ن شاء الل ُ ب الخرةِ – إ ْ ن ثوا ِ ب الدنيا وحس ِ حصُلوا على ثوا ِ
ضوانا ً . ، -يبتغون فضل ً من اللهِ ورِ ْ
ن من المعادلت الصحيحة المقبولة :أن المغمور إ ّ
م حظ ّا ً من اللمِع قه ،أنع ُ جه وطري ِ السعيد الواثق من منه ِ
ي بمبادِئه وفكرِهِ . الشهيرِ الشق ّ
ل تحزن
333
ب أسعد ُ حال ً ل المسلم ِ في جزيرةِ العر ِ ن راعي الب ِ إ ّ
مه من » تولوستوي « الكاتب الروائي الشهيرِ ،لن بإسل ِ
ف مصيَرهُ الول قضى حياته مطمئنا ً راضيا ً ساكنا ً يعر ُ
ومنقلبه ،والثاني عاش ممّزق الرادةِ ،مبعثر الجهدِ ،لم
ه.ف مستقبل ُ يبرد ْ غليُله من مراِده ،ول يعر ْ
ل علٍج ة ،وأج ّم دواٍء عرفْته البشري ُ عند المسلمين أعظ ُ
ن بالقضاِء والقدرِ ،حتى قال ة .إنه اليما ُاكتشفْته النساني ُ
ض الحكماِء :لن يسعد في الحياةِ كافٌر بالقضاءِ والقدرِ . بع ُ
ت عليك هذا المعنى كثيرا ً ،وعرضُته لك في وقد أعد ُ
ف من نفسي ومن مد ،لنني أعر ُ أساليب شّتى ،وأنا على ع ْ
ط خ ُ ن بالقضاِء والقدرِ فيما نحّبه ،وقد نتس ّ كثير مثلي أننا نؤم ُ
ي: ط المل ّةِ وميثاقُ الوح ِه ،ولذلك كان شر ُ عليه فيما نكرهُ ُ
وه ومّره (( . ره وشره ،حل ِ ر خي ِ)) أن تؤمن بالقد ِ
************************************
د قلَبه
ن بالله يه ِ
ومن يؤم ْ
ة لتظهر سعادة من رضي بالقضاءِ ، أسوقُ هنا قص ً
من القضاِء : خط ِ نس ِ كم ْ در وش ّ وحيرة وتك ّ
بف كتا ِ مه » بودلي « مؤل ّ ُ ي لمعٌ ،اس ُ ب أمريك ٌ فهذا كات ٌ
» رياح على الصحراِء « ،و » الرسول « وأربعة عشَر
كتابا ً أخرى ،وقد استوطن عام 1918م إفريقية الشمالية
حل البدوِ المسلمين ، الغربية ،حيث عاش مع قوم ٍ من الّر ّ
ده ض مشاه ِ ل عن بع ِيصّلون ويصومون ويذكرون الله .يقو ُ
ة عاتية ،حملت رمال ت ذات يوم ٍ عاصف ٌ وهو معهم :هب ّ ْ
ت بها ت بها البحر البيض المتوسط ،ورم ْ الصحراِء وعبر ْ
وادي الرون في فرنسا ،وكانت العاصفة حارةً شديدةً
ه
ن شْعر رأسي يتزعزعُ من منابت ِ ِ ت كأ ّ الحرارةِ ،حتى أحسس ُ
ظ كأنني مدفوعٌ ط الغي ِ ت من فر ِ ط وطأةِ الحّر ،فأحسس ُ لفر ِ
ن العرب لم يشكوا إطلقا ً ،فقد هّزوا إلى الجنون ،ولك ّ
ب .واندفعوا إلى العمل أكتافهم وقالوا :قضاٌء مكتو ٌ
ل تحزن
334
خ :لم نفقد ِ الشيء س القبيلةِ الشي ُ ط ،وقال رئي ُ بنشا ٍ
ل شيٍء ،ولكن الحمد ُ الكثير ،فقد كنا خليقين بأن نفقد ك ّ
من ماشِيتنا ، للهِ وشكرا ً ،فإن لدنيا نحو أربعين في المائة ِ
عتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد . وفي استطا ِ
ة
ة أخرى ..فقد ْ كنا نقطعُ الصحراء بالسيار ِ مة حادث ٌ وث ّ
يوما ً فانفجر أحد ُ الطارات ،وكان الشائقُ قد نسي
ق
ب ،وانتابني القل ُ ي ،وتولني الغض ُ استحضار إطار احتياط ّ
ب :ماذا عسى أن نفعل ؟ ت صحبي من العرا ِ م ،وسأل ُ واله ّ
ب لن ُيجدي فتيل ً ،بل هو كروني بأن الندفاع إلى الغض ِ فذ ّ
ن ثم ق ،وم ْم ِح ْش وال ُ خليقٌ أن يدفع النسان إلى الطي ِ
ت بنا السيارة وهي تجري على ثلثة إطارات ليس إل ، درج ْ
ت عن السير ،وعلمت أن البنزين قد لكنها ما لبثت أن كّف ْ
ب ،ول ن رفاقي العرا ِ نَفد َ ،وهناك أيضا ً لم تثْر ثائرة أحدٍ م ْ
وا يذرعون الطريق سيرا ً على فارقُهم هدوؤهم ،بل مض ْ
القدام ِ ،وهم يترّنمون بالغناِء !
ة التي قضيُتها في الصحراِء م السبع ُ قد أقنعتني العوا ُ
س، ن الملتاثين ،ومرضى النفو ِ ل،أ ّ ح ِ ب الر ّ بين العرا ِ
ل بهم أمريكا وأوربة ،ما هم إل والسكيرين ،الذين تحف ُ
ضحايا المدينةِ التي تتخذ ُ السرعة أساسا ً لها .
ش في ط ،وأنا أعي ُ ن شيئا ً من القلق ق ّ إنني لم أعا ِ
ت السكينة والقناعة الصحراِء ،بل هنالك في جنةِ اللهِ ،وجد ُ
س يهزؤون بالجبريةِ التي يؤمن بها والرضا ،وكثيرون من النا ِ
ب ،ويسخرون من امتثال ِِهم للقضاِء والقدرِ . العرا ُ
ل العراب أصاُبوا كِبد الحقيقة ، ن يدري ؟ فلع ّ ولكن م ْ
ض حياتي ،أرى فإني إذ أعود ُ بذاكرتي إلى الوراِء ..وأستعر ُ
ت متباعدةٍ تبعا ً لحوادث تطرأ ل في فترا ٍ جليا ً أنها كانت تتشك ّ ُ
ن أو مما أستطيعُ له دفعا ً ، حسبا ِ ط في ال ُ نق ّ عليها ،ولم تك ْ
در ب يطلقون على هذا اللون من الحوادث اسم » :ق َ والعر ُ
مه أنت ما شئت . سمة« أو » قضاُء اللهِ « ،وس ّ « أو » قِ ْ
ل تحزن
335
ة عشر عاما ً على ل :إنني بعد انقضاِء سبع َ ة القو ِوخلص ُ
ب حيال قضاِء ت أتخذ موقف العر ِ مغادرتي الصحراء ،ما زل ُ
ل الحوادث التي ل حيلة لي فيها بالهدوء والمتثال اللهِ ،فأقاب ُ
والسكينة ،ولقد أفلحت هذه الطباعُ التي اكتسبُتها من
ت ح آلف المس ّ
كنا ِ العرب في تهدِئة أعصابي أكثر مما تفل ُ
والعقاقيرِ ! ...اهـ .
ل :إن أعراب الصحراِء تلّقُنوا هذا الحقّ من مشكاةِ أقو ُ
س من محمدٍ وإن خلصة رسالةِ المعصوم ِ هي إنقاذ النا ِ
ب ض الترا ِ ت إلى النورِ ،ونْف ِ جهم من الظلما ِ الّتيهِ ،وإخرا ِ
ن الوثيقة التي ل عنهم .إ ّ سهم ،ووضِع الصارِ والغل ِ عن رؤو ِ
ن ،وبها ل الُهدى فيها أسراُر الهدوِء والم ِ ب ُِعث بها رسو ُ
ف بالقضاء وعمل م النجاةِ من الخفاق ،فهي اعترا ٌ معال ُ
بالدليل ،ووصول إلى غاية ،وسعي إلى نجاة ،وكدح
بنتيجة .إن الرسالة الربانية جاءت لتحدد لك موقعك في
الكون المأنوس ،ليسكن خاطرك ،ويطمئن قلبك ،ويزول
مل خلقك ،لتكون العبد المثالي همك ،ويزكو عملك ،ويج ُ
الذي عرف سّر وجوده ،وأدرك القصد من نشأته .
***************************************
سط
و َ
المنهج َ
سطا ً﴾ . ك جعل َْناك ُ ُ
و َ ة َ م ً
مأ ّ ْ وك َذَل ِ َ َ َ﴿ َ
جَفاَء ،ول إفراط ول ط ،فل غُل ُوّ ول َ س ِالسعادة في الوَ َ
ي حميد ٌ يمنعُ العبد من ج رّبان ّمْنه ٌتفريط ،وإن الوسطّية ِ
ن
ص السلم ِ أنه دي ُ ف إلى أحد ِ الطرفْين .إن من خصائ ِ حي ْ ِ
ال َ
ط بين اليهوديةِ والنصرانيةِ :اليهوديةِ التي ط ،فهو وس ٌ وس ٍ
ت في ل ،والنصرانيةِ التي غال ْ م ِت العَ َت الِعلم ِ وألغ ِحمل ِ
ل،م ِ م بالعِل ْم ِ والعَ َت الدليل ،فجاء السل ُ العبادةِ وا ّ
طرح ِ
ل.ل والنق ِ سد ِ ،والعق ِ ج َ
والروِح وال َ
ة في دك في حياِتك الوسطية ،الوسطي ُ ما يسع ُ وإن م ّ
ل فتنهك جسمك وتقضي على نشاطك عبادِتك :فل تغْ ُ
ل تحزن
336
ومداومِتك ،ول تجف فتطرح النوافل وتخدش الفرائض
ك ف أموالك وتهل ْ ك :فل تتل ْ ق .وفي إنفاق ِ وتركن إلى التسوي ِ
لك عطاءك وتبخ ْ مِلقا ً ،ول تمس ْ م ْدخلك فتبقى حسيرا ً ُ
قك :بين ط في خل ِ بنوالك ،فتبقى ملوما ً محروما ً .ووس ٌ
ح ّ
س الكال ِ ن المتداعي ،بين العبو ِ ط واللي ِ الجد ّ المفر ِ
ة
ت ،بين العزلةِ الموحشةِ والخلطةِ الزائد ِ ك المتهاف ِ والضح ِ
على الحد ّ .
ل في أخذِ المورِ ،والحكم ِ على الشياِء ج العتدا ِ منه ُإّنه ِ
ل الِقيم ِ ،ول نْقص ،ومعاملةِ الخرين ،فل زيادة يطفو بها كي ْ ُ
ف ،والنقص سر ٌ فو َ ل الخْير ،لن الزيادة تر ٌ ل به أص ُ يضمح ّ
فوا ْ خت َل َ ُ
ما ا ْ مُنوا ْ ل ِ َ نآ َ ذي َ ه ال ّ ِدى الل ّ ُ ه َف َجفاٌء و‘حفاٌء َ ﴿ :
شاءُ إ َِلى من ي َ َ دي َ ه ِ ه يَ ْوالل ّ ُه َ ق ب ِإ ِذْن ِ ِح ّ ن ال ْ َ
م َه ِفي ِِ
قيم ٍ ﴾ . ست َ ِ
م ْ ط ّ صَرا ٍ ِ
ن الحسنة بين السّيئتين :سيئة الفراط وسيئة إ ّ
التفريط ،وإن الخْير بين الشّرين :شّر الغُل ُوّ وشّر
ل ل الزيادةِ وباط ِ ن :باط ِ المجافاةِ ،وإن الحقّ بين الباطلي ِ
ص ،وإن السعادة بين الشقاءين :شقاِء التهورِ وشقاِء النق ِ
ص. النكو ِ
*************************************
ل هذا ول هذا
سي ْرِ الحقحقة .وهو ن عبدالله :أشّر ال ّ ل مطّرف ب ُ يقو ُ
الذي يجتهد في السيرِ حتى يضّر بنفسهِ ودابِته .وفي
ف
س ُة (( .وهو الذي يتع ّ حط َ َ
م ُ ث )) :شّر الّرعاء ال ُ الحدي ِ
ه شأنه .إن الكرم بين في وليِته لهِله أو من وله الل ُ
ن والتهورِ ،وإن ل ،وإن الشجاعة بين الجب ِ ف والبخ ِالسرا ِ
الحلم بين الحد ّةِ والتبّلد ،وإن البسمة بين العبوس والضحك
ف ،وإن الصبر بين القسوة والجزِع ،وللغلوّ دواٌء هو التخفي ُ
من هذا الغلوّ ،وإطفاُء شيٍء من هذا اللهيب المحرق
ة من مة ،وبارق ُ
ة هِ ّ
ط عزم ٍ ،وومض ُ وللجفاِء دواء هو سوْ ُ
ل تحزن
337
ط صَرا َ م}ِ {6 قي َ
مست َ ِ ط ال ُصَرا َ دَنــــا ال ّ
رجاٍء ﴿ ،اه ِ
ول َ م ه ليَ ع
َ ب ضوُ مغ ال ر َ
غي م ه َ
لي ع
َ ت عم ال ّذين َ
أن
َ ْ ِ ِ َ ِ ْ ِ َ َ ِ َ
ن﴾ . ضاّلي َ ال ّ
*******************************
ة
وقفـــــ ٌ
ب من الصبرِ ،إما عن » ليس في الوجود شيٌء أصع ُ
ت .وخصوصا ً إذا امتد ّ الزمان ، ب ،أو على المكروها ِ المحبو ِ
ع
ج إلى زاد ٍ ُيقط ُ س من الفرِج .وتلك المدة ُ تحتا ُ أو وقع اليأ ُ
س: به سفُرها ،والزاد يتنوعُ من أجنا ٍ
ن أن يكون أكثر . ح مقدارِ البلِء ،وقد يمك ُ م ُفمنه :تل ّ
م منها ،مثل أن ُيبتلى ل فوقها أعظ ُ ومنه :أنه في حا ِ
بفْقد ِ ولدٍ وعنده أعّز منه .
ض في الدنيا . ومن ذلك :رجاء الِعو ِ
مح الجرِ في الخرةِ .ومنه :التلذ ّذ ُ بتصوي ِ
ر ومنه :تل ّ
ق فيما يمدحون عليه ،والجُر من ْ
المدِح والثناِء من الخل ِ
ل. الحقّ عّز وج ّ
ه.حب ُح صا ِ ومن ذلك :أن الجزع ل يفيد ُ ،بل يفض ُ
ل والفكُر ، حها العق ُ إلى غي ْرِ ذلك من الشياء التي يقد ُ
ة سواها ،فينبغي للصابرِ أن ق الصبرِ نفق ٌ فليس في طري ِ
ه«. ت ابتلئ ِ ِ
يشغل بها نفسه ،ويقطع بها ساعا ِ
*********************************************
م الولياءُ
ه ُ
ن ُ
م ْ
َ
ق،ن بالشوا ِ من صفات الولياء :انتظاُر الذا ِ
ل، ف الوّ ِ ت على تكبيرةِ الحرام ِ ،والوَل َ ُ
ه بالص ّ والّتهافُ ُ
ة الصدرِ ،وظهوُر س في الروضةِ ،وسلم ُ ومداومةِ الجلو ِ
ك ما ل ل ،وتر ُ
ذكرِ ،وأكل الحل ِ سن ّةِ ،وكثرةُ ال ّ
مراسيم ِ ال ّ
ل تحزن
338
ةة ،وطلق ُ ي كتابا ً وسن ً م المح ِ ف ،وتعل ّ ُ
يعني ،والرضا بالكفا ِ
ف، ك الخل ِ جعُ لمصائب المسلمين ،وتر ُ حّيا ،والتو ّ
م َال ُ
ف. ل المعرو ِ والصبُر للشدائد ِ ،وبذ ْ ُ
ن ،فل غنى مطغيا ً ل ما يكو ُط في المعيشةِ أفض ُ التوس ُ
ول فقرا ً منسيا ً ،وإنما ما كفى وشفى ،وقضى الغرض ،
ش عائدةً ، ل العي ِ وأتى بالمقصودِ في المعيشةِ ،فهو أج ّ
ت فائدة ً .ن القو ِ وأحس ُ
ب ة تأوي إليها ،ومرك ٌ ه ،وزوج ٌ ت تس ُ
كن ُ ة :بي ٌ
والكفاي ُ
ل لسد ّ الحاجةِ وقضاِء اللزم ِ ن ،وما يكفي من الما ِ س ٌح ََ
********************************
ه
ف بعباِد ِ
ه لطي ٌ
الل ُ
ض أنه في عام 1376 ن مدينةِ الريا ِ أخبرني أحد ُ أعيا ِ
ل إلى البحرِ ، ل الجبي ِة من البحارةِ من أه ِ هـ ،ذهب مجموع ٌ
ن لم ك ،ومكثوا ثلثة أيام بلياليه ّ يريدون اصطياد السم ِ
تيحصُلوا على سمكةٍ واحدةٍ ،وكانوا يصلون الصلوا ِ
ة أخرى ل تسجد ُ للهِ سجدة ً ،ول الخمس ،وبجانبهم مجموع ٌ
تصّلي صلةً ،وإذا هم يصيدون ،ويحصلون على طلِبهم من
ض هؤلِء المجموعةِ :سبحان اللهِ ! نحن هذا البحرِ ،فقال بع ُ
ل صلةٍ ،وما حصْلنا على شيٍء من نصلي للهِ عّز وج ّ
دهم !! الصيدِ ،وهؤلء ل يسجدون للهِ سجدةً وها هو صي ُ
كوا صلة الفجرِ ، ك الصلةِ ،فتر ُ ن بتر ِ فوسوس لهم الشيطا ُ
وا ثم صلة الظهرِ ،ثم صلة العصرِ ،وبعد صلةِ العصرِ أت ْ
دا جوها وبقُروا بطنها ،فوج ُ ة ،فأخر ُ إلى البحرِ فصاُدوا سمك ً
ده ،وقّلبها ونظر إليها ، دهم بي ِة ،فأخذها أح ُ فيها لؤلؤة ً ثمين ً
طعنا الله ما حصلنا عليها ،ولما وقال :سبحان اللهِ ! لما أ ْ
عيناه حصْلنا عليها !! إن هذا الرزق فيه نظٌر .ثم أخذ
ه ،واللهِ ل ضنا الل ُ
اللؤلؤة ورمى بها في البحرِ ،وقال :يعو ُ
كنا الصلة ،هيا ارتحُلوا بنا ت لنا بعد أن تر ْ ذها وقد حصل ْ آخ ُ
ب من هذا المكان الذي عصينا الله فيه ،فارتحُلوا ما يقار ُ
ل تحزن
339
ل ،ونزُلوا هناك في خيمِتهم ،ثم اقترُبوا من البح ِ
ر ثلثة أميا ٍ
ثانية ،فصاُدوا سمكة الكنعد ،فبقروا بطنها فوجدوا اللؤلؤة
في بطن تلك السمكةِ ،وقالوا :الحمد ُ للهِ الذي رزقنا رزقا ً
ِ
ن بدؤوا يصلون ويذكرون الله ويستغفرونه ، ّ طيبا ً .بعد أ ْ
فأخذوا اللؤلؤة .اهـ .
ن ذي قبل ،في وقت معصيةٍ ،وكان فانظْر كيف كان م ْ
ت طاعةٍ ،وأصبح رزقا ً خبيثا ً ،وانظر كيف أصبح الن في وق ِ
رزقا ً طيبا ً ﴿ .ول َو أ َ
ه سول ُ ُ وَر ُ َ هُ ّ ل ال م ُ ه
ُ تاَ آ ما َ ْ ا و
ْ ض
ُ ر َ مْ هُ ّ ن َ ْ
ه سول ُُ وَر ُ ه َضل ِ ِ ف ْ من َ ه ِ ّ
ؤِتيَنا الل ُ سي ُ ْ ه َ ّ
سب َُنا الل ُ ح ْ قاُلوا ْ َ و ََ
ن﴾ . غُبو َ ه َرا ِ إ ِّنا إ َِلى الل ّ ِ
ه خيرا ً وضه الل ُ ف اللهِ ،ومن ترك شيئا ً للهِ ع ّ إنه لط ٌ
منه .
ي – رضي الله عنه ، -وقد دخل كرني هذا بقصةٍ لعل ّ يذ ّ
مسجد الكوفةِ ليصلي ركعتي الضحى ،فوجد غلما ً عند
س بغلتي حتى أصلي .ودخل م ،احب ْ ب ،فقال :يا غل ُ البا ِ
ي المسجد ،يريد ُ أن يعطي هذا الغلم درهما ً ،جزاء عل ّ
ي المسجد ،أتى الغلم إلى حْبسه للبغلةِ ،فلما دخل عل ّ
ق سها وذهب به إلى السو ِ ن رأ ِ خطام ِ البغلةِ ،فاقتلعه م ْ
ي فما وجد الغلم ،ووجد البغلة بل خطام ٍ ، ليبيعه ،وخرج عل ّ
ق ،لعّله يبي ُ
ع ب إلى السو ِ فأرسل رجل ً في أثرِهِ ،وقال :اذه ْ
ج على ل ،فوجد هذا الغلم يحّر ُ الخطام هناك .وذهب الرج ً
الخطام ِ ،فشراه بدرهم ٍ ،وعاد يخبُر عليا ً ،قال سبحان
ن ه درهما ً حلل ً ،فأبى إل أ ْ ت أن أعطي َ الله ! واللهِ لقد ْ نوي ُ
يكون حراما ً .
ل ،يلحقُ عباده أينما ساُروا وأينما ف الله عّز وج ّ إنه لط ُ
ْ
ه من ْ ُ ما ت َت ُْلو ِ و َ ن َ شأ ٍ في َ ن ِ كو ُ ما ت َ ُ و َ حّلوا وأينما ارتحُلوا َ ﴿ :
م عل َي ْك ُ ْ ل إ ِل ّ ك ُّنا َ م ٍ ع َ ن َ م ْ ن ِ مُلو َ ع َ ول َ ت َ ْ ن َ قْرآ ٍ من ُ ِ
من ك ِ عن ّرب ّ َ ب َ عُز ُ ما ي َ ْ و َ ه َ في ِ ن ِ ضو َ في ُ هودا ً إ ِذْ ت ُ ِ ش ُ ُ
ماء ﴾ . ول َ ِ َ ل ذَّر ٍ مث ْ َ
س َ
في ال ّ ض َ في الْر ِ ة ِ قا ِ ّ
********************************************
ل تحزن
340
ب﴾
س ُ ث َل ي َ ْ
حت َ ِ حي ْ ُ
ن َ
م ْ
ه ِ وي َْرُز ْ
ق ُ ﴿ َ
ة « ما شد ّ ِج بعد ال ّ ِ ي في كتابهِ »الَفَر وقد ذ َك ََر التنوخ ّ
ُ
ت ل ،وأغلق ْ حي ُ ت عليه ال ِ ب هذا المقام :أن رجل ً ضاق ْ يناس ُ
ب المعيشةِ ،وأصبح ذات يوم ٍ هو وأهُله ل شيء عليه أبوا ُ
وعى وفي في بيتهم ،قال :فبقيت أنا وأهلي اليوم الول ج ْ
ب ،قالت لي زوجتي : س للمغي ِ ت الشم ُ الثاني ،فلما دن ِ
س لنا رزقا ً أو طعاما ً أو أكل ً ،فقد ب وانطلقْ والتم ْ اذه ْ
ت امرأةً قريبة لي ، كر ُ ت .قال :فتذ ّ أشرْفنا على المو ِ
ه
خب ََر ،قالت :ما في بيِتنا إل هذ ِ ت إليها وأخبرُتها ال َ فذهب ُ
ي بها ،فإنا قد أشرْفنا على ت :عل ّ ت .قل ُ ة وقد أنتن ْ السمك ُ
ت منها لؤلؤةً ت بطنها ،فأخرج ُ ت بها وبقر ُ ك .وذهب ُ الهل ِ
ت :ل آخذ ُ معكم ت قريبتي ،قال ْ ف الدنانيرِ ،وأخبر ُ بعُتها بآل ِ
ت من ذلك بيتي ، ت فيما بعد ُ ،وأّثث ُ إل قسمي .قال :فاغتني ُ
ه
ف الل ِ ت في رزقي .فهو لط ُ سع ُ ت حالي ،وتو ّ وأصلح ُ
سبحانه وتعالى ليس غيَره ُ .
ه﴾. ن الل ّ ِ م َ ف ِ ة َ م ٍ ع َمن ن ّ ْ كم ّ ما ب ِ ُ و َ ﴿ َ
م﴾. ب ل َك ُ ْ جا َ ست َ َفا ْ م َ ن َرب ّك ُ ْغيُثو َ ست َ ِ﴿ إ ِذْ ت َ ْ
******************************************
ث﴾ ل ال ْ َ
غي ْ َ و ال ّ ِ
ذي ي ُن َّز ُ ه َ
و ُ
﴿ َ
دثنا أحد ُ الفضلِء من العُّباد ِ :أنه كان بأهِله في ح ّ
الصحراِء ،في جهةِ الباديةِ ،وكان عابدا ً قانتا ً منيبا ً ذاكرا ً
ست ألتم ُ ت المياه ُ المجاورة ُ لنا ،وذهب ُ للهِ .قال :فانقطع ْ
ت إليهم ،ثم ف ،فُعد ُ ت أن الغدير قد ج ّ ماًء لهلي ،فوجد ُ
سَرةً ،قلم نجد ْ ولو قطرة ً ،وأدركنا ة وي ْ من ً سنا الماء ي ْ التم ْ
ب العزةِ – ُ
تر ّ الظمأ ،واحتاج أطفالي للماء ،فتذكر ُ
ت ت ،واستقبل ُ مم ُ ت فتي ّ
سبحانه -القريب المجيب ،فقم ُ
ت ت ،وسال ْ ت يديّ وبكي ُ ت ركعتين ،ثم رفع ُ القبلة وصّلي ُ
من َ
ت قوله ﴿ :أ ّ ت الله بإلحاٍح ،وتذكر ُ دموعي ،وسأل ُ
ه ﴾.....الية ،وواللهِ ما هو إل أن عا ُذا دَ َ ضطَّر إ ِ َ م ْب ال ْ ُ
جي ُيُ ِ
ل تحزن
341
ت من مقامي ،وليس في السماء من سحاب ول غْيم ، قم ُ
ت مكاني ومنزلي في الصحراِء ، سط ْ وإذا بسحابة قد تو ّ
ن ت الغدرا ُ ت ماءها ،فامتل ِ ت على المكان ،ثم أنزل ْ واحتكم ْ
سلنا وتوضأنا من حوِلنا وعن يميننا وعن يساِرنا ،فشْربنا واغت ْ
ت قليل ً خْلف هذا دنا الله سبحانه وتعالى ،ثم ارتحل ُ ،وحم ْ
ت أن الله ساقها لي ط ،فعلم ُ ب والقح ُ المكان ،وإذا الجد ْ ُ
ث غي ْ َل ال ْ َ ذي ي ُن َّز ُ و ال ّ ِ ه َ و ُ لَ ﴿: ت الله عّز وج ّ بدعائي ،فحمد ُ
د
مي ُ ح ِ ي ال ْ َ ول ِ ّ و ال ْ َ ه َ و ُ ه َ مت َ ُ ح َ شُر َر ْ وَين ُ طوا َ قن َ ُ ما َ د َ ع ِ
من ب َ ْ ِ
﴾.
حصل ِ ُح على اللهِ سبحانه وتعالى ،فإنه ل ي ُ ْ إنه لبد ّ أن نل ّ
ن ت ،ول يعي ُ النفس ،ول يرزقُ ول يهدي ،ول يوفّقُ ول يثب ّ ُ
ه ذك ََر أحد َ أنبيائه ث ،إل ّ هو سبحانه وتعالى .والل ُ ول يغي ُ
في ن ِ َ َ َ فقال ﴿ :وأ َ
عو َ ر ُ ِ ساَ ُ ي نوا ُ كا مْ ه
ُ ّ نِ إ ه
ُ ج
َ وْ زَ ه
ُ ل ناَ ح
ْ ل ص
َ ْ
ن﴾ عي َ ش ِ خا ِ َ
كاُنوا لَنا َ و َ هبا ًَ وَر َ غبا ًَ عون ََنا َر َ وي َدْ ُ ت َ خي َْرا ِ ال ْ َ
.
************************************
ه خيرا ً من ُ
ه ه الل ُ
وض ُ
ع ّ
ن رجل ً من العُّباد ِ كان في مكة ، ن رجب وغيُره أ ّ ذكر اب ُ
ك، ت نفقُته ،وجاع جوعا ً شديدا ً ،وأشرف على الهل ِ وانقطع ْ
ل ن غا ٍ وبينما هو يدوُر في أحدِ أزقّةِ مكة إذ عثر على ِ
عْقدِ ثمي ٍ
ل ينشد ُ حَرم ِ وإذا برج ٍ مه وذهب إلى ال َ س ،فأخذه في ك ّ نفي ٍ
عن هذا العقد ،قال :فوصفه لي ،فما أخطأ من صفِته شيئا ً
ت له العِْقد على أن يعطيني شيئا ً .قال :فأخذ العقد ،فدفع ُ
وذهب ،ل يلوي على شيء ،وما سّلمني درهما ً ول نقيرا ً ول
وضني خيرا ً ت هذا لك ،فع ّ م إني ترك ُ ت :الله ّ قطميرا ً .قل ُ
ح هوجاُء ، ت ري ٌب ،فهب ّ ْ منه ،ثم ركب جهة البحرِ فذهب بقار ٍ
ب ،وركب هذا الرجل على خشبةٍ ،وأصبح دع هذا القار ُ وتص ّ
سَرةً ،حتى ألقْته ة وي َ ْمن َ ً
ب به الريح ي ْ على سطِح الماِء تلع ُ
ل بها ،ووجد بها مسجدا ً وقوما ً يصّلون إلى جزيرةِ ،وَنز َ
ل تحزن
342
ف فأخذ يقرأ ،قال أهل فصّلى ،ثم وجد أوراقا ً من المصح ِ
م م .قالوا :عل ّ ْ ت :نع ْتلك الجزيرةِ :أئنك تقرأ القرآن ؟ قل ُ
ت خطا ً ،قالوا ت أعّلمهم بأجرةٍ ،ثم كتب ُ أبناءنا القرآن .فأخذ ُ
ت :نغم .فعّلمُتهم بأجرةٍ . ط ؟ قل ُ :أتعّلم أبناءنا الخ ّ
ل منا فيه خي ٌْر ة كانت لرج ٍ ثم قالوا :إن هنا بنتا ً يتيم ً
ت :ل بأس .قال: وُتوّفي عنها ،هل لك أن تتزوجها؟ قل ُ
ت العْقد ذلك بعينهِ بعنِقها . ت بها فوجد ُ فتزوجُتها ،ودخل ُ
ت أن أباها خب ََر ،وذكر ْ ت ال َ
ة هذا العقد ِ ؟ فأخبر ِ ت :ما قص ُقل ُ
نل فسّلمه إليه ،فكا َ أضاعه في مكة ذات يوم ،فوجده رج ٌ
أبوها يدعو في سجوِده ،أن يرزق ابنته زوجا ً كذلك الرجل .
ل. قال :فأنا الرج ُ
وضه ل ،لنه ترك شيئا ً للهِ ،فع ّ فدخل عليه العِْقد ُ بالحل ِ
ل إل ّ طّيبا ً (( . ب ل يقب ُ ن الله طي ٌ الله خيرا ً منه )) إ ّ
******************************************
ل الله
إذا سألت فاسأ ِ
ب ،وإن التقصير ب ،وإنه سميعٌ مجي ٌ ن لطف اللهِ قري ٌ إ ّ
م، ل نسأ ُ م ّح وندعوه ،ول ن َ َ سةٍ إلى أن نل ّ منا ،إننا بحاجةٍ ما ّ
ب لي .بل نمّرغُ ت فلم ُيستج ْ ت دعو ُ ل أحدنا :دعو ُ ول يقو ُ
ل ظ بـ )) يا ذا الجل ِ ف ،ونل ّ ب ،ونهت ُ وجوهنا في الترا ِ
ت والكرام ِ (( ،ونعيد ُ ونبدئُ تلك السماِء الحسنى والصفا ِ
ه سبحانه وتعالى طلبنا ، ،أو يختار لنا ب الل ُالُعلى ،حتى يجي َ
ضّرعا ً م تَ َ عوا ْ َرب ّك ُ ْ
خبرةً من عنده سبحانه وتعالى ﴿ ادْ ُ
ة﴾. خ ْ
في َ ً و ُ َ
ض رساِئله أن رجل ً مسلما ً ذهب ذكر أحد ُ الدعاةِ في بع ِ
هله إليها ،وطلب بأن تمنحه إلى إحدى الدول والتجأ بأ ِ
لب ،وحاول هذا الرجل ك ّ ت في وجههِ البوا ُ جنسية ،فأغلق ْ
ل معارِفه ، ض المَر على ك ّ المحاولةِ ،واستفرغ جهده ،وعر َ
ت السبل ،ثم لقي عالما ً وِرعا ً فشكا سد ّ ِ
ل،و ُ حي َ ُ
ت ال ِ
فبار ِ
ل ،ادع مولك إليه الحال ،قال :عليك بالثلث الخيرِ من اللي ِ
ل تحزن
343
،فإنه الميسُر سبحانه وتعالى – وهذا معناه في الحديث )) :
ن باللهل الله ،وإذا استعنت فاستع ْ ت فاسأ ِ إذا سأل َ
م أن المة لو اجتمعوا على أن ينفعوك ،واعل ْ
ه لك (( – ء قد كتبه الل ُ ء ،لم ينفعوك إل بشي ٍ بشي ٍ
ت الذهاب إلى الناس ، قال هذا الرجل :فواللهِ لقد ترك ُ
م على الثلث الخير كما ت أداو ُ
وطلب الشفاعات ،وأخذ ُ
سحرِ وأدعوه ، ف للهِ في ال ّ ت أهت ُ أخبرني هذا العاِلم ،وكن ُ
ض عادي ولم أجعل ت بمعرو ٍ دم ُ فما هو إل بعد أيام ،وتق ّ
ب ،وما هو إل أيام بيني وبينهم واسطة ،فذهب هذا الخطا ُ
ُ
م الجنسية ،وكانت ت في بيتي ،وإذ أنا أدعى وأسل ّ ُ وفوجئ ْ ُ
ف صعبةٍ .
في ظرو ٍ
********************************************
ه﴾
عَباِد ِ
ف بِ ِ ه لَ ِ
طي ٌ ﴿ الل ّ ُ
ة:
ق الغالي ُ
الدقائ ُ
ماه – ي :أن أحد ُ الوزراءِ في بغداد – وقد س ّ ذكر التنوخ ّ
ل امرأةٍ عجوزٍ هناك ،فسلبها حقوقها اعتدى على أموا ِ
مه ت إليه تبكي وتشتكي من ظل ِ وصادر أملكها ،ذهب ْ
ن الله وجوِْزه ،فما ارتدع وما تاب وما أناب ،قالت :لدعو ّ
ث ك منها باستهزاٍء ،وقال :عليك بالثل ِ عليك ،فأخذ يضح ُ
سِقه يقول باستهزاٍء ، الخيرِ من الليل .وهذا لجبروِته وف ْ
ت قصيٌر ث الخير ،فما هو إل وق ٌ ت على الثل ِ ت وداوم ْ فذهب ْ
ُ ُ
ت أمواُله ،وأخذ عقاُره ،ثم أقيم سلب ْ زل هذا الوزيُر و ُ إذ ع ُ ِ
ت به س ،فمّر ْ ً
ق ُيجلد ُ تعزيرا له على أفعاِله بالنا ِ في السو ِ
ت! لقد وصفت لي الثلث الخير ت له :أحسن َ العجوُز ،فقال ْ
ن. ن ما يكو ُ ل ،فوجدُته أحس َ من اللي ِ
س في أوقاتنا ،يوم ن حياِتنا ،نفي ٌ لم ْ ن ذاك الثلث غا ٍ إ ّ
نلم ْ ل فأعطيه ،ه ْ ن سائ ٍ لم ْ ب العزةِ )) :ه ْ لر ّ يقو ُ
ع فأجيبه (( . ن دا ٍ لم ْ ر فأغفَر له ،ه ْ مستغف ٍ
ل تحزن
344
ت ب .وسمع ُ ت في حياتي على أني شا ّ لقد عش ُ
ت ل أنساها أبد الدهرِ ،وما ت وأثر في حياتي حادثا ٌ سماعا ٍ
ث، ج ،وعنده الغوْ ُ ب ،عنده الفر ُ ت أقرب من القري ِ وجد ُ
ف سبحانه وتعالى . وعنده اللط ُ
رة من أبها إلى س في طائ ٍ ت مع ن ََفرٍ من النا ِ ارتحل ُ
حنا في السماِء ض في أثناِء أزمةِ الخليِج ،فلما أصب ْ ُ الريا ِ
ل في ة إلى مطارٍ أبها لخل ٍ أخب ِْرنا أننا سوف نعود ُ مرة ً ثاني ً
عوا إصلحه ،ثم ارتحْلنا حوا ما استطا ُ دنا وأصل ُ رة ،وع ْ الطائ ِ
ن تنزل ، تأ ْ ت العجل ُ ض أب ْ مرةً أخرى ،فلما اقتربنا من الريا ِ
ل أكثر ة ،ويحاو ُ ة كامل ً ض ساع ً فأخذ يدوُر بنا على سماء الريا ِ
ل الهبوط فل ت يأتي المطار ويحاو ُ شرِ محاول ٍ نع ْ م ْ
ل مرة ً أخرى ،وأصابنا الهلعُ ،وأصاب الكثير يستطيعُ ،فيرتح ُ
ل على ت الدموع تسي ُ النهياُر ،وكثُر بكاُء النساِء ،ورأي ُ
ض ننتظُر الموت أقرب حنا بين السماِء والر ِ الخدودِ ،وأصب ْ
لت كالعم ِ ل شيٍء فما وجد ُ تك ّ صرِ ،وتذكر ُ ن لمِح الب َ َ م ْ
ل وإلى الخرةِ ،فإذا ب إلى اللهِ عّز وج ّ الصالِح ،وارتحل القل ُ
ذنا نكّرر )) : ص الدنيا ،وزهادة ُ الدنيا ،وأخ ْ ة الدنيا ،ورخ ُ تفاهَ ُ
ك وله ل إله إل الله وحده ل شريك له ،له المل ُ
ق ،وقام ف صاد ٍ ء قديٌر (( ،في هتا ٍ ل شي ٍ الحمدُ وهو ك ّ
ن يدعوهُ ؤوا إلى اللهِ وأ ْ س أن يلج ُ ف بالنا ِ ن يهت ُ خ كبيٌر مس ّ شي ٌ
ن ينيُبوا له . ن يستغفروه ُ وأ ْ ،وأ ْ
في ذا َرك ُِبوا ِ فإ ِ َ س أنهمَ ﴿ : ُ
وقد ذكر اللهِ عن النا ِ
ن ﴾.
دي َ ه ال ّ ن لَ ُ صي َ خل ِ ِ م ْ ه ُ وا الل ّ َ ع ُ ك دَ َ فل ْ ِ ال ْ ُ
حنا في ب المضطر إذا دعاه ،وألح ْ ونا الذي يجي ُ ودع ْ
ت ،ونعود ُ للمرةِ الحادية عشرة الدعاِء ،وما هو إل وق ٌ
جنا من ط بسلم ،فلما نزْلنا كأنا خر ْ والثانية عشرة ،فنهب ُ
ت الدموعُ ، ت ،وجف ِ س إلى ما كان ْ ت النفو ُ القبورِ ،وعاد ِ
ت ،فما أعظم لطف اللهِ سبحانه وتعالى . سما ُ ت الب َ َوظهر ِ
ب الله في م نطل ُ ك ْ ت بليانا ن تول ّ ْ فإ ْ
ل ِبنا ح ّ ضّر ي ِ ُ سَيناهُنَ ِ
ل تحزن
345
ن
ندعوه في البحرِ أ ْ ن رجعنا إلى فإ ْ
ن سفينَتنا
نجي فيب ي ُ ْالجوّ عصيناله ُ ّ الشاطي
سق ْ
أم ٍ ونرك ُ ن طنا وما
وفي ،د َع َةٍ
ليس إل . سبحانه وتعالى ،وعنايُته ه
الباري الل ُ
فالحافظ ه لط ُ
إن ُ
**************************************
ن ل ََنا وقت الضائق ِ
ة؟« م ْ
» َ
ت ة كان ْ ت جريدةُ » القصيم « -وهي جريدةٌ قديم ٌ ذكر ْ
ت أن شاب ّا ً في دمشق حجَز ليسافَر ، در في البلد -ذكر ْ تص ُ
ن موعد َ إقلِع الطائرةِ في الساعةِ كذا وكذا ، وأخبر والدته أ ّ
ت ب ،وسمع ْ ت ،ونام هذا الشا ّ ن توقظه إذا دنا الوق ُ وعليها أ ْ
ن الرياح هوجاُء مه الحوال الجوية في أجهزةِ العلم ِ ،وأ ّ أ ّ
ت على ة ،فأشفق ْ ن هناك عواصف رملي ّ ً م ،وأ ّ ن الجوّ غائ ٌ وأ ّ
ت بابنها ،فما أيقظْته أمل ً منها أن تفوته وحيدها وبخل ْ
ن الوضِع ن الجوّ ل يساعد ُ على السفرِ ،وخاْفت م ْ ة،ل ّ الرحل ُ
ت ت ،وقد أقعل ِ ن الرحلة قد فات ْ ت من أ ّ كد ْ ئ ،فلما تأ ّ الطار ِ
ظه فوجدْته مّيتا ً في ت إلى ابِنها توق ُ كاِبها ،أت ْ الطائرة ُ بر ّ
شه . فرا ِ
م قيك ُ ْ مَل ِ ه ُ فإ ِن ّ ُ ه َ من ْ ُ ن ِ فّرو َ
ذي ت َ ِ ت ال ّ ِو َ م ْن ال ْ َ ل إِ ّ ق ْ ﴿ ُ
ما كم ب ِ َ في ُن َب ّئ ُ ُة َ هادَ ِ ش َوال ّب َغي ْ ِعال ِم ِ ال ْ َ ن إ َِلى َ دو َ م ت َُر ّ ثُ ّ
ن﴾ . مُلو َ ع َ م تَ ْ كنت ُ ْ ُ
ت وََقع . ت وفي المو ِ فّر من المو ِ
ق«. ة » :للناجي في البحر طري ٌ ت العام ُ وقد ْ قال ِ
ل النسان . ل فأيّ شيء يقت ُ وإذا حضر الج ُ
*************************************
ت
ص المو ِ
ن قص ِ
م َ
خ علي الطنطاوي في سماعاِته ومشاهداِته : ذكر الشي ُ
ل له سيارةُ لوري ،فركب معه ض الشام رج ٌ
أنه كان بأر ِ
ش مهّيأ
ل في ظهرِ السيارة ،وكان في ظهرِ السيارة َنع ٌ رج ٌ
تت الحاجةِ ،فأمطر ِ ت ،وعلى هذا النعش شراعٌ لوق ِ للموا ِ
ل تحزن
346
ب فدخل في النعش السماُء وسال الماُء فقام هذا الراك ُ
طى بالشراِع ،وركب آخُر فصِعد في ظهرِ الشاحنةِ وتغ ّ
ل ش أحدا ً ،واستمّر نزو ُ ن في النع ِ مأ ّ ش ،ول يعل ُ ب النع ِ بجان ِ
ن أنه وحده في ظهر ب الثاني يظ ّ ل الراك ُ ث ،وهذا الرج ُ الغي ِ
ش ،ليرى : ل يده من النع ِ السيارةِ ،وفجأة ً ْيخرج هذا الرج ُ
ح بها ،فأخذ ث أم ل ؟ ولما أخرج يده أخذ يلو ُ ف الغي ُ لك ّ ه ْ
ن أن هذا ف ،وظ ّ ي الهلعُ والجزعُ والخو ُ ب الثان ِ هذا الراك ُ
الميت قد عاد حي ّا ً ،فنسي نفسه وسقط من السيارةِ ،فوقع
م رأسهِ فمات . على أ ّ
ن ل هذا بهذهِ الطريقةِ .وأ ْ ه أن يكون أج ُ وهكذا كتب الل ُ
ت بهذه الوسيلةِ . يكون المو ُ
ل شيٍء بقضاٍء ك ّ عبْر
عبٌر أيّ ِ والمنايا ِ
الموت ،وأنه ل وقدْر م ُ كر دائما ً أنه يح ِ ن يتذ ّ وعلى العبد ِ أ ْ
ت ،وأنه ينتظُر الموت صباح مساء ،وما يسعى إلى المو ِ
ن أبي طالب يب ُأحسن الكلمة الرائقة الرائعة التي قالها عل ّ
ت ل )) :إن الخرة قد ارتحل ْ ه عنه – وهو يقو ُ – رضي الل ُ
مدِْبرة ،فكونوا من ت ُ ة ،وإن الدنيا قد ارتحل ْ مقبل ً
أبناء الخرة ،ول تكونوا من أبناء الدنيا ،فإن اليوم
ل (( . ب ول عم ٌ ب ،وغدا ً حسا ٌ ل ول حسا ُ عم ٌ
ن على النسان أن يتهّيأ وأن يتجهّز وأن دنا أ ّ وهذا يفي ُ
ل مع دد توبته ،وأن يعلم أنه يتعام ُ ُيصلح من حاِله ،وأن ُيج ّ
ف. ي عظيم ٍ لطي ٍ ب كريم ٍ قو ٍ ر ّ
ن على أحد ٍ ،ول يحابي أحدا ً ،ول إن الموت ل يستأذ ُ
ما و َ ل ،وليس للموت إنذاٌر مبكر يخبُر به الناسَ ﴿ ، يجام ُ
َ
ي
س ب ِأ ّ ف ٌ ري ن َ ْ
ما ت َدْ َِ و َ غدا ً َ ب َس ُ ذا ت َك ْ ِ ما َ س ّ ف ٌ ري ن َ ْ ت َدْ ِ
ت﴾ مو ُ ض تَ ُ أْر ٍ
*****************************************
وَل ة
ً ع
َ سا ه ْ نعَ ن رو خ
ِ ﴿ ّل ت َست َأ ْ
َ ُ َ َ ُ ْ
ن﴾ مو َ د ُق ِست َ ْ تَ ْ
ل تحزن
347
ذكر الطنطاويّ أيضا ً في سماعاِته ومشاهداِته :أن باصا ً
سَرةً ،وفجأة ة وي ْ من َ ً
ت يَ ْ كان مليئا ً بالركاب ،وكان سائُقه يلتف ُ
ف لهذا الشيخ ف ؟ قال :أق ُ ب ِ :لم تق ُ وقف ،فقال له الركا ُ
الكبيرِ الذي ُيشيُر بيده ليركب معنا .قالوا :ل نرى أحدا ً ،
قال :انظروا إليه .قاُلوا :ل نرى أحدا ً ! قال :هو أقبل الن
س! ً ّ
ليركب معنا .قالوا كلهم :واللهِ ل نرى أحدا من النا ِ
وفجأة مات هذا السائقُ على مقعدِ سيارت ِهِ .
ت وفاُته ،وكان هذا سببا ً ﴿ ، ت مني ُّته ،وحل ّ ْ لقد ْ حضر ْ
ْ َ
ن مو َ د ُ
ق ِست َ ْ ول َ ي َ ْة َ ع ًسا َ ن َ خُرو َ ست َأ ِ م ل َ يَ ْ ه ْ جل ُ ُ جاء أ َ ذا َ َ
فإ ِ َ
ن ن مظا ّ ف ،وينخلعُ قلبه م ِ ن النسان يجُبن من المخاو ِ ﴾،إ ّ
م ه ْوان ِ ِخ َ قاُلوا ْ ل ِ ْ ن َ ذي َ ن تقتُله ﴿ ،ال ّ ِ بالمآم ِ المنايا ،وإذا
ن ع ْ ؤوا َ فادَْر ُ ل َق ْ قت ُِلوا ُ ما ُ عوَنا َ طا ُ و أَ َ دوا ْ ل َ ْ ع ُ ق َ و َ َ
ب فينا أننا ُ ْ ُ ُ َ
ن ﴾ .والعجي ُ قي َ صاِد ِ َ مْ ُ ت كن إن ِ تَ و
ْ مَ ل ا م
ُ ك سِ ف أن
ل ،ول في حقارةِ الدنيا ،ول في ل نفكُر في لقاِء اللهِ عّز وج ّ
ف. ل منها إل ذا وقْعنا في المخاو ِ قصةِ الرتحا ِ
*************************************
ل
م بالعل ِ
ت الجسا ُ
ح ِ
فربما ص ّ
ل ،فُأقعد في بيته ل السي ّرِ :أن رجل ً أصابه الشل ُ ذكر أه ُ
ط، س والحبا ِ ل واليأ ِل من المل ِ ت طوا ٌ ت عليه سنوا ٌ ،ومر ْ
جه ،وبّلغوا أهله وأبناءه ،وفي ذات جَز الطباُء في عل ِ وع َ َ
ف منزِله ،ولم يستطعْ أن ب من سق ِ ت عليه عقر ٌ يوم ٍ نزل ْ
تسها ضربا ٍ سه وضربْته برأ ِ ت إلى رأ ِ يتحرك من مكاِنه ،فأت ْ
ش
ص قدميه إلى مشا ِ مه من أخم ِ ت ،فاهتّز جس ُ ولدغْته لدغا ٍ
ب في أعضاِئه ،وإذا بالُبرءِ والشفاء سه ،وإذا بالحياة ُ تد ّ رأ ِ
ل ويعود ُ نشيطا ً ،ثم ض الرج ُ مه ،وينتف ُ يسير في أنحاِء جس ِ
ح بابه ، ف على قدميه ،ثم يمشي في غرفِته ،ثم يفت ُ يق ُ
دقون ل واقفا ً ،فما كانوا يص ّ ويأتي أهله وأطفاله ،فإذا الرج ُ
خب ََر .وكادوا من الذهول ُيصعقون ،فأخبرهم ال َ
ل في هذا !! فسبحان الذي جعل علج هذا الرج ِ
ل تحزن
348
دق المقولة ،وذك ََر أن ض الطباِء فص ّ
ت هذا لبع ِ وقد ذكر ُ
ج به هؤلِء ما ً ُيستخدم بتخفي ٍ
ف كيماويّ ،ويعال ُ صل ً سا ّ
هناك م ْ
المشلولون .
ف في عله ،ما أنزل داًء إل وأنزل له دواًء . ل اللطي ُ فج ّ
****************************************
وللولياء كرامات
ة بن أشيم العابد ُ الزاهد ُ من التابعين :يذهب هذا صل ُ
ب ل فيذه ُ مه اللي ُ ل ليجاهد في سبيل اللهِ ،ويض ّ إلى الشما ِ
ضأ ،ويقوم إلى غايةٍ ليصلي فيها ،ويدخل بين الشجرِ ويتو ّ
صلة « وهو ب من » ِ مصليا ً ،وينهد ّ عليه أسد ٌ كاسٌر ،ويقتر ُ
ع
ة في تبّتله مستمّر ،ولم يقط ْ في صلته ،ويدوُر به ،وصل ُ
ل ة بن أشيم من ركعتين ،ثم يقو ُ صلته وِذكره ،ويسل ّ ُ
م صل ُ
كني ؤمر فاتر ْ للسد ِ :إن كنت ُأمرت بقتلي فكْلني ،وإن ت ُ ْ
أناجي ربي .فأرخى السد ُ ذيله وذهب من المكان ،وترك
صلة يصلي .
ب ولك أن تنظر في » البداية والنهاية « وغيرها من كت ِ
ل اللهِ في التاريِخ ،وهذا مذكوٌر عن »سفينة« مولى رسو ِ
ل ه من ساح ِ ة مع ُ ب تراجم ِ الصحابةِ ،أنه أتى هو ورْفق ٌ كت ِ
دهم ،فقال ل يري ُ مقب ٍ البحرِ ،فلما نزُلوا البّر فإذا بأسدٍ كاسر ُ
ل الله وأنا ب رسو ِ ة :يا أيها السد ُ أنا من أصحا ِ سفين ُ
مه ،وهؤلء رفقتي ول سبيل لك علينا .فوّلى السد ُ خاد ُ
ْ
ن. هاربا ً ،وزأر زأرةً كاد يمل بها ربوع المكا ِ
ث ل ينكُرها إل مكابٌر ،وإل ففي وهذه الوقائعُ والحدا ُ
ل المقام ِ ن اللهِ في خلِقهِ ما يشهد ُ بمثل هذا ،ولول طو ُ سن ُِ
ص الصحيحةِ الثابتةِ في هذا الباب ، ت القص ِ ت عشرا ِ لورد ْ ُ
ة من هذا الحديث ،لتعلم أن هناك رّبا لطيفا ً ن يكفيك دلل ً لك ْ
ة .إن علم الله يلحقُ الناس ، ب عنه غائب ٌ حكيما ً ل تغي ُ
من ن ِ كو ُ ما ي َ ُ ولطفه سبحانه وتعالى وشهوده واطلعه َ ﴿ :
ل تحزن
349
و
ه َة إ ِّل ُ س ٍم َ وَل َ
خ ْ م َه ْ
ع ُو َراب ِ ُ ة إ ِّل ُ
ه َ وى ث ََلث َ ٍج َنّ ْ
َ
وَل أك ْث ََر إ ِّل ُ َ
مه ْع ُ
م َ
و َه َ ك َ من ذَل ِ َ وَل أدَْنى ِ م َه ْس ُساِد ُ
َ
كاُنوا ﴾ . ما َ َ
ن َ أي ْ َ
*****************************************
ه وكيل ً وشهيدا ً
كفى بالل ِ
ذكر البخاريّ في صحيحهِ :أن رجل ً من بني إسرائيل
ل أن ُيقرضه ألف دينارٍ ،قال :هل لك شاهد ٌ ؟ طلب من رج ٍ
ه .قال :كفى بالله شهيدا ً . قال :ما معي شاهد ٌ إل الل ُ
ه .قال : ل ؟ قال :ما معي وكيل إل الل ُ قال :هل معك وكي ٌ
ل .ثم أعطاه ألف دينار ،وذهب الرجل وكان كفى بالله وكي ًً
مى ،وبينهما نهٌر في تلك الديارِ ، ل مس ّ بينهما موعد ٌ وأج ٌ
لب الدنانيرِ ليعيدها لصاحِبها الو ِ فلما حان الموعد ُ أتى صاح ُ
،فوقف على شاطئ النهرِ ،يريد ُ قاربا ً يركُبه إليه ،فما وجد
ل وبقي وقتا ً طويل ً ،فلم يجد ْ من يحمُله ، شيئا ً ،وأتى اللي ُ
ت إل أنت ،وسألني م إنه سألني شهيدا ً فما وجد ُ فقال :الله ّ
م بل ّْغه هذه الرسالة .ثم أخذ ت إل أنت ،الله ّ كفيل ً فما وجد ُ
ة ،ثم ة فنقرها وأدخل الدنانير فيها ،وكتب فيها رسال ً خشب ً
ف ن الله ،وبلط ِ ت بإذ ِ أخذ الخشبة ورماها في النهرِ ،فذهب ْ
ب ل صاح ُ اللهِ ،وبعنايةِ اللهِ سبحانه وتعالى ،وخرج ذاك الرج ُ
ر
ل ينتظُر موعد صاحبهِ ،فوقف على شاطئ النه ِ الدنانير الو ُ
وانتظر فما وجد أحدا ً ،فقال ِ :لم ل آخذ حطبا ً لهل بيتي ؟!
ة بالدنانير ،فأخذها وذهب بها إلى بيِته ، ت له الخشب ُ فعرض ْ
فكسرها فوجد الدنانير والرسالة .
ن الشهيد سبحانه وتعالى أعان ،ولن الوكيل أّدى ل ّ
علهُ . ه في ُ الوكالة ،فتعالى الل ُ
ن ﴾. مُنو َ ؤ ِم ْ ل ال ْ ُوك ّ ِفل ْي َت َ َ
ه َ عَلى الل ّ ِ و َ ﴿ َ
ن﴾. مِني َ ؤ ِم ْكنُتم ّ وك ُّلوا ْ ِإن ُ فت َ َه َعَلى الل ّ ِ و َ﴿ َ
********************************************
**
ل تحزن
350
ة
وقفــــ ٌ
قال لبيد ُ :
ب النفس إذا فاكذ ِ س دق النف ِ ص ْن ِ إ ّ
حد ّ ْ ي ُْزِري بالم ْ
ي: ثتهاالبست ّ
وقال ل
أفِد ْ طبعك المكدود ه بشيٍء م وعل ّل ْ ُ تج ّ
ة
م راح ً
أعطيته ولكنباله
إذا ّ من ُالمْزِح
يعطى بمقدارِ ما
ْ
الشبل : ن
فليك ْ
علي بن وقال أبو ذاك من الملِح م ِ الطعا ُ
ظ الجسم ِ تبقى بحف ِ ظ بقاء النارِ ُتحف ُ
ه
ض في ٍ
فل سّ
م ُ النف ِ
م
س ال ُ طولءِ ول تمدد ْ لهابالوعا
فباليأ ِ
مْتها
شدائدها دها في ت ُ ِ ع ْ
و ِ في الرجاِءوذك ّْرها الشدائد
هذاًء
حهارخا ُيعد ّ صل ُ ةالرخاعَِء ُ
من َْف
ب َوبالتركي ِ
وهذا
************************* ****************ءِ
الدوا
ة
ن مستجاب الدعو ِ
ب مطعمك تك ْ
أط ِ ْ
ك هذه الحقيقة ،وهو أحد ُ ن أبي وّقاص يدر ُ كان سعد ُ ب ُ
العشرةِ المبشرين بالجنةِ ،وقد دعا له بسداد ِ الرمي
ح. الصب ق فل َ َ ك ته دعو بت وإجابة الدعوة ،فكان إذا دعا ُ
أجي
ِ ِ ُ ْ ِ ِ
ه عنه – أناسا ً من الصحابة أرسل عمُر – رضي الل ُ
س عليه ل سعد ٍ في الكوفةِ ،فأثنى النا ُ يسألون عن عد ْ ِ
ل فقال س ،قام رج ٌ ي لبني عب ْ ٍ خْيرا ً ،ولما أْتوا في مسجد ِ ح ّ
ل في القضيةِ ،ول ن سعد ٍ ؟ فإنه ل يعد ُ :أما سألتموني ع ْ
م سوي ّةِ ،ول يمشي مع الرعية .فقال سعد ٌ :الله ّ م بال ّ يحك ُ
ل عمره ، ة فأعْم ِ بصره ،وأط ْ ن كان قام هذا رياًء وسمع ً إ ْ
ل ،وسقط حاجباهُ مُر هذا الرج ِ ن .فطال ع ُ ْ ضه للفت ِوعّر ْ
ن في شوارِع ض للجواري ويغمزهُ ّ على عينيه ،وأخذ يتعّر ُ
خ مفتون ، ،أصابْتني دعوة سعْد ٍ . الكوفةِ ،ويقول :شي ٌ
ل ،وصدق النية معه ،والوثوق ل باللهِ عّز وج ّ إنه التصا ُ
ب العالمين . هر ّ بموعوِده ،تبارك الل ُ
ل تحزن
351
سعد أيضا ًَ :أن رجل ً وفي » سيرِ أعلم ِ النبلِء« :عن ُ
ه عنه– ،فدافع سعد ٌ عن علي ، ب عليا ً -رضي الل ُ س ّ قام ي َ ُ
ب والشتم ِ ،فقال سعد ٌ :اللهم واستمّر الرجل في الس ّ
اكفنيه بما شئت .فانطلق بعيٌر من الكوفةِ فأقبل مسرعا ً ،
ل ص َ ن الناس حتى وَ َ ل يلوي على شيء ،وأخذ يدخل من بي ِ
ل ،ثم داسه بخّفْيه حتى قتله أمام مشهد ٍ ومرأى إلى الرج ِ
س. من النا ِ
ة الدّن َْيا حَيا ِ في ال ْ َ مُنوا ِ نآ َ ذي َ وال ّ ِ سل ََنا َ صُر ُر ُ ﴿ إ ِّنا ل ََنن ُ
د﴾ . ها ُ ش َ م اْل َ ْ قو ُ م يَ ُ و َ وي َ ْ َ
ض لك هذه القصص لتزداد إيمانا ً ووثوقا ً وإنني أعر ُ
بموعودِ رّبك فتدعوه وتناجيه ،وتعلم أن اللطف لطُفه
عوِني سبحانه ،وأنه قد أمرك في محكم التنزيل فقال ﴿ :ادْ ُ
فإ ِّني عّني َ عَباِدي َ ك ِ سأ َل َ َ ذا َ وإ ِ َ َ ﴿ . ﴾ م
ْ ُ ك َ ل بْ ج ِ َ ت سْ
أَ
ن ﴾ .. ع إِ َ ُ َ
عا ِ ذا دَ َ دا ِ وةَ ال ّ ع َ ب دَ ْ جي ُ بأ ِ ري ٌ ق ِ
ج الحسن البصريّ ليبطش به ، جا ُ لقد استدعى الح ّ
ف الله ، ة اللهِ ولط ُ ن وما في ذهنه إل عناي ُ وذهب الحس ُ
ف بأسماِئه عد اللهِ ،فأخذ يدعو رّبه ،ويهت ُ والوثوقُ بو ِ
ه قلب الحجاِج ، ول الل ُ الحسنى ،وصفاِته العلى ،فيح ّ
ن إل وقد تهيأ س ُ ف في قلبه الرعب ،فما وصل الح َ ويقذ ُ
ن، س َ ح َ ب ،واستقبل ال َ ج لستقباِله ،وقام إلى البا ِ الحجا ُ
سه معه على السريرِ ،وأخذ ُيطّيب لحيته ،ويترفّقُ به ، وأجل َ
ة
ب العز ِ ب !! فما هو إل تسخيُر ر ّ ن له في الخطا ِ وُيلي ُ
ل. والجل ِ
ن، ن لطف اللهِ يسري في العالم ِ ،في عالم النسا ِ إ ّ
ل والنهارِ ،في حرِ ،في اللي ِ ن ،في البّر والب ْ في عالم ِ الحيوا ِ
ه مد َ ِ ح ْ ح بِ َ سب ّ ُ ء إ ِل ّ ي ُ َ ي ٍش ْ من َ وِإن ّ نَ ﴿، ك والساك ِ المتحر ِ
فورا ً ﴾ غ ُ حِليما ً َ ن َ كا َ ه َ م إ ِن ّ ُ ه ْح ُ سِبي َ ن تَ ْ هو َ ف َ
ق ُ كن ل ّ ت َ ْ وَلـ ِ
َ
.
ن سليمان عليه السلم قد ُأوتي منطق الطيرِ ، ح:أ ّ ص ّ
ل س ،وفي طريِقه من بيِته إلى المص ّ ج يستسقي بالنا ِ خَر ََ
ل تحزن
352
زة ،تدعو الله الذي ب الع ِ ت رجليها تدعو ر ّ ة قد رفع ْ رأى نمل ً
س، ث ،فقال سليمان :أّيها النا ُ ف وُيغي ُ ح ويلط ُ يعطي ويمن ُ
ركم . كفيُتم بدعاِء غي ِ عوُدوا فقد ُ
ث ينهمُر بدعاِء تلك النملةِ ،النملةِ التي فِهم فأخذ الغي ُ
ف بجيشه الجّرار ، م ،وهو يزج ُ ن عليه السل ُ كلمها سليما ُ
َ مل َ ٌ
هاة َيا أي ّ َ ت نَ ْ قال َ ْ لَ ﴿: ظ أخواتها في عالم النم ِ فتع ُ
ن
ما ُ سل َي ْ َم ُ من ّك ُ ْ حط ِ َ م َل ي َ ْ ساك ِن َك ُ ْ م َ خُلوا َ ل اد ْ ُ م ُ الن ّ ْ
من حكا ً ّ ضا ِ م َ س َ فت َب َ ّ ن}َ {18 عُرو َ ش ُ م َل ي َ ْ ه ْ
و ُ جُنودُهُ َ و ُ
َ
ف البري سبحانه ها﴾ .في كثير من الحيان يأتي لط ُ ول ِ َ َ
ق ْ
ت. وتعالى بسبب هذه العجماوا ِ
عّزتي ل )) :و ِ وقد ذكر أبو يعلى في قدسي أن الله يقو ُ
م ُرت ّعٌ ، ضعٌ ،وبهائ ُ خ ُرك ّعٌ ،وأطفال ُر ّ وجللي ،لول شيو ٌ
ت عنكم قط َْر السماِء (( . لمنع ُ
********************************************
د رّبه
ح بحم ِ
ن شيء إل يسب ّ ُ
نم ْ
وإ ْ
ن لموله ُ ، ه ،وأذع ّ ن الهدد في عالم ِ الطيورِ عرف رب ّ ُ إ ّ
وأخبت لخالِقه .
ت إلى ة ،وانته ْ ة الطويل ُ ذهب الهدهد ُ ،وكانت تلك القص ُ
ف تلك النتائِج التاريخيةِ ،وكان سببها هذا الطائُر الذي عََر َ
ب ! الهدد أذكى من ض العلماِء :عجي ٌ رّبه ،حتى قال بع ُ
دة ش ّ ن ك ََفرَ في الرخاِء فما نفعه إيماُنه في ال ّ فرعون ،فرعو ُ
شدةِ . ،والهدهد ُ آمن برّبه في الرخاِء ،فنفعه إيماُنه في ال ّ
َ
جر ُ خ ِ ذي ي ُ ْ ه ال ّ ِ دوا ل ِل ّ ِ ج ُ س ُ الهدهد ُ قال ﴿ :أّل ي َ ْ
ن إ ِل َ ٍ
ه م ْ كم ّ ت لَ ُ م ُ عل ِ ْما َ ن يقول َ ﴿ : بءَ . ﴾......وفرعو ُ خ ْ ال ْ َ
ي من كان الهدهد أذكى منه ، ري . ﴾ ......إن الشق ّ َ
غي ْ ِ
ت سُبله ، رها منه .وإن البليد من أظلم ْ م لمصي ِ والنملة أفه ُ
م ه ْ حه عن النفِع ﴿ ،ل َ ُ ت جوار ُ طل ْ ت حباُله ،وتع ّ طع ْ وتق ّ
ها ن بِ َ صُرو َ ن ل ّ ي ُب ْ ِ عي ُ ٌ م أَ ْ ول َ ُ
ه ْ ها َ ن بِ َهو َ ف َ
ق ُ ب ل ّ يَ ْقُلو ٌ ُ
ها ﴾ . ن بِ َ عو َ م ُس َ ن ل ّ يَ ْ ذا ٌ مآ َ ه ْ ول َ ُ
َ
ل تحزن
353
ري ، ف اللهِ يسري ،وخيُره يج ِ في عالم النحل لط ٌ
وعنايُته تلحقُ تلكم الحشرة الضئيلة المسكينة ،تنطلقُ من
س رزقها ،ل تقعُ إل على خلّيتها بتسخيرٍ من الباري ،تلتم ُ
ق
م بالورود ِ ،تعش ُ ص الرحيقَ ،تهي ُ ي الطاهرِ ،تم ّ ب النق ّ الطي ِ
ف ألواُنه فيه شفاٌء ب مختل ٍ ة بشرا ٍ مل ً هر ،تعود ُ مح ّ الّز ْ
ل س ،تعود ُ إلى خليِتها ل إلى خليةٍ أخرى ،ل تض ّ ِ للنا
طريقها ،ول تحار في سبِلها َ ﴿ ،
ل ح ِ ك إ َِلى الن ّ ْ حى َرب ّ َ و َ وأ ْ َ ُ
ما ّ ً ْ أَ
م ّ و ِ ِ َ ر ج
َ ش ال ن
َ م
ِ و
َ ا يوت ُ ُ ب لِ با
َ ج
ِ ل ا ن
َ م
ِ ذي ِ خِ ّ ت ا ن ِ
كي سل ِ ُ فا ْ ت َ مَرا ِ ل الث ّ َ من ك ُ ّ م ك ُِلي ِ ن} {68ث ُ ّ شو َ ر ُ ع ِيَ ْ
ف خت َل ِ ٌ م ْ ب ّ شَرا ٌ ها َ طون ِ َ من ب ُ ُ ج ِ خُر ُ ك ذُل ُل ً ي َ ْ ل َرب ّ ِ سب ُ َ ُ
ة لّ َ َ
وم ٍ ق ْ ك لي َ ً في ذَل ِ َ ن ِ س إِ ّ فاء ِللّنا ِ ش َ ه ِ في ِ ه ِ وان ُ ُ أل ْ َ
ن﴾. فك ُّرو َ ي َت َ َ
ث ،ومن ن هذا القصص ،ومن هذا الحدي ِ إن سعادتك م ْ
هذه الِعبر :أن تعلم أن هناك لطفا ً خفيا ً للهِ الواحدِ الحدِ ،
ن عليك ه وحده ،وأ ّ فتدعوه وحده ،وترجوه وحده ،وتسأل ُ
ي
ي ،وفي الن ّهِْج السماو ّ ق الربان ّ ل في الميثا ِ واجبا ً شرعيا ً نز َ
له ،وأن تتجه بقلِبك أن تسجد له ،وأن تشكره ،وأن تتو ّ
شَر الكثير وهذا العالم ن تعلم أن هذا الب َ إليه .إن عليك أ ْ
ن ،إنهم الضخم ،ل ُيغنون عنك من اللهِ شيئا ً ،إنهم مساكي ُ
كلهم محتاجون إلى اللهِ ،إنهم يطلبون رزقهم صباح مساء ،
حتهم وعافيتهم وأشياءهم وأموالهم ويطلبون سعادتهم وص ّ
ل شيٍء . كك ّ ومناصبهم من اللهِ الذي يمل ُ
َ َ
و ه َ ه ُ والل ّ ُ ه َ قَراء إ َِلى الل ّ ِ ف َ م ال ْ ُ س أنت ُ ُ ها الّنا ُ ﴿ َيا أي ّ َ
ن أنه ل يهديك د ﴾ ،إن عليك أن تعلم علم اليقي ِ مي ُ ح ِ ي ال ْ َ غن ِ ّال ْ َ
حك ظك ،ول يمن ُ ول ينصُرنك ،ول يحميك ول يتولك ،ول يحف ُ
ب حد اتجاه القلبِ ،وتفرد الر ّ ه ،إن عليك أن تو ّ إل الل ُ
ل والستعانةِ والرجاِء ،وأن تعلم بالوحدانيةِ واللوهيةِ والسؤا ِ
ق ،وأن الفاني ج إلى الخال ِ ْقدر البشرِ ،وأن المخلوق يحتا ُ
ج إلى الغني ،وأن ج إلى الباقي ،وأن الفقيَر يحتا ُ يحتا ُ
ل تحزن
354
ج إلى القويّ .والقوة ُ والغنى والبقاُء والعّزةُ الضعيف يحتا ُ
حد َه ُ .
ه وَ ْ ة يمل ُ
كها الل ُ المطلق ُ
ل إليه ، إذا علمت ذلك ،فاسعد ْ بقربهِ وبعبادِته والتبت ِ
ن استغفرته غ ََفَر لك ،وإن تبت إليه تاب عليك ،وإن إليه ،إ ِ
سألته أعطاك ،وإن طلبت منه الرزق رزقك ،وإن
استنصرته نصرك ،وإن شكرته زادك .
******************************************
ارض عن الله عّز وج ّ
ل
ه ربا ً ،وبالسلم دينا ً، من لوازم ِ ))رضيتُ بالل ِ
د نبيا ً(( .أن ترضى عن رّبك سبحانه وتعالى ، وبمحم ٍ
ره ، ره وش ِ مه ،وترضى بقضاِئه وقدرِهِ ،خي ِ فترضى بأحكا ِ
مّره . وه و ُ حل ِ ُ
ة، ت صحيح ً ن بالقضاءِ والقدرِ ليس ْ إن النتقائية باليما ِ
ب عند موافقةِ القضاِء لرغباِتك ، س ُ ح ْ وهي أن ترضى فَ َ
ن خط إذا خالف مرادك ومْيلك ،فهذا ليس من شأ ِ وتتس ّ
العبدِ .
طوا في البلِء ، ضوا برّبهم في الرخاِء وسخ ُ إن قوما ً ر ُ
ه َ دوا وقت النقمةِ َ ﴿ ،
صاب َ ُ نأ َ فإ ِ ْ وانقاُدوا في النعمةِ وعان ُ
ه َ َ َ خير اطْمأ َن به وإن أ َ
ه ِ ج
ْ
َ ِ و لى ع
َ ب
َ ل ق ان ة
ٌ َ نْ ت ف
ِ ه
ُ ْ تَ ب صا َ َ ّ ِ ِ َ ِ ْ َ ْ ٌ
ة﴾ . خَر َ واْل ِ سَر الدّن َْيا َ خ ِ َ
دوا في السلم ِ سلمون ،فإذا وج ُ ب يُ ْ لقد ْ كان العرا ُ
ن ب ،قالوا :هذا دي ُ ت عش ٍ ن ،ونب ْ ِ ث ،ودّر لب ٍ ل غي ٍرغدا ً بنزو ِ
خي ْرٍ .فانقاُدوا وحافظوا على ديِنهم .
دبا ً واضحملل ً في حطا ً وج ْ دوا الخرى ،جفافا ً وق ْ فإذا وج ُ
كوا صوا على أعقابهم وتر ُ ل وفناًء للمرعى ،نك ُ الموا ِ
رسالتهم ودينهم .
م الرغبةِ للنفس .إن هناك م الهوى ،وإسل ُ هذا إذن إسل ُ
ل ،لنهم يريدون ما عند اللهِ ، أناسا ً يرضون عن اللهِ عّز وج ّ
ل تحزن
355
يريدون وجهه ،يبتغون فضل ً من اللهِ ورضوانا ً ،يسعون
للخرةِ .
م ربا ً رضينا بك الله ّ وبالمصطفى
وخالقا ً
ظم ما حياةٌ ن ّ فإ وهاديا
ر س ي ل نورا ً
ت المختارِ
ّ ّ ُ فمو ٌ وإل
سيرها ويجتبيه يللخدمةِ الوح
ويصطفيه ُ للعبودي ّةِ العاديا هحه الل ُ إن من يرش ُ
ح والصطفاِء ّ
لسدانةِ الملةِ ،ثم ل يرضى بهذا الترشي ِ
سرمديّ ﴿ : ط البدي والهلك ال ّ والجتباِء ،لهو حقيقٌ بالسقو ِ
شي ْ َ خ من ْها َ َ
ن كا َ ف َن َ طا ُ ه ال ّ ع ُ فأت ْب َ َ سل َ َ ِ َ فان َ آت َي َْناهُ آَيات َِنا َ
م ه ْ ع ُ
م َ س َخْيرا ً ّل ْ م َ ه ْ في ِ ه ِ م الل ّ ُ عل ِ َ و َ ول َ ْ ن﴾َ ﴿، وي َ
ِ ن ال ْ َ
غا م َ
ِ
ول َ َ
ن﴾. ضو َ ر ُ ع ِم ْ هم ّ و ُ وّلوا ْ ّ م ل َت َ َ ه ْ ع ُم َ س َ وأ ْ َ ْ
ج المقّربون إلى ة الديانةِ الكبرى ،منها َيل ُ إن الّرضا بواب ُ
ره ،المستسلمون رّبهم ،الفرحون بهداه ،المنقادون لم ِ
لحكمه .
ب ن ،فأعطى كثيرا ً من رؤساِء العر ِ حن َي ْ ٍم غنائم ُ س َقَ ّ
ة بما في قلوِبهم من ومتأخري العرب ،وترك النصار ،ثق ً
ن واليقين والخيرِ العميم ِ ،فكأنهم عتُبوا لن الرضى واليما ِ
سَر لهم السّر في المقصود لم يظهر لهم ،فجمعهم وف ّ
المسألةِ ،وأخبرهم أنه معهم ،وأنه يحّبهم ،وأنه ما أعطى
ص ما عندهم من اليقين ،وأما ً
أولئك إل تأليفا لقلوبهم ،لنْق ِ
النصاُر فقال لهم )) :أما ترضون أن ينطلق الناس
ه إلى ل الل ِ بالشاء والبعير ،وتنطلقون برسو ِ
ه س ِدثار ،رحم الل ُ رحاِلكم ؟! النصار شعاٌر ،والنا ُ
ر ،لو ء النصا ِ ر ،وأبناء أبنا ِ النصار ،وأبناء النصا ِ
عبا ً وواديا ً ،وسلك النصاُر شعبا ً ش ْس ِ سلك النا ُ
ر (( . ب النصا ِ ع َ ش ْ رو ِ ت وادي النصا ِ وواديا ً لسلك ُ
ت عليهم ة .وملْتهم المسّرة ُ ،ونزل ْ فغمرْتهم الفرح ُ
ة ،وفازوا برضا اللهِ ورضا رسول ِهِ . السكين ُ
ل تحزن
356
وقون إلى جن ّةٍ ن اللهِ ويتش ّ ضوا ِ إن الذين يتطلعون إلى رِ ْ
رها بدل ً ض ،ل يقبلون الدنيا بحذافي ِ ت والر ُ ضها السماوا ُ عر ُ
ل العظيم ِ . ن ،ول عوضا ً عن هذا النوا ِ من هذا الرضوا ِ
ي بين يدي رسول اللهِ فأعطاه بعض أسلم أعراب ّ
ل ،فقال :يا رسول اللهِ ،ما على هذا بايعُتك .فقال الما ِ
ل اللهِ )) : على ماذا بايعتني ؟(( قال :بايعُتك رسو ُ
م طائش فيقع هنا )وأشار إلى حل ِْقه( على أن يأتيني سه ٌ
ه ق الل ُ صدُ ِ ويخرج من هنا )وأشار إلى قفاه(.قال له)) :إن ت ْ
م طائش ونفذ من ك(( .وحضر المعركة ،وجاءه سه ٌ ق َ يصد ُ
ره ،ولقي رّبه راضيا ً مرضّيا . نح ِ
م ما ل والّيا ُ ما الما ُ تلك الكنوُز من
وما
والقصُر دنيا
ما المجد ُال ّ بسذ ّهَ ِ ْ
من الكداوال ُ
الجواهرِما هذه
المنى
وما نفيس ٍ
ة ف كُ ّ
ل شيء ُ لالمني ب النش ْ
أكرم ه أغلى
الل ُ تفنى ويبقى
الدين ، ة بل ً ،فأعطى أناسا ً .قليلي
مرغوب ٍ يوم وَهَ ْ
أموا ووّزع ذات من
ت مُثل ،وترك أناسا ً ث ُّلم ْ ضحلى المانة ،مقفرين في عالم ال ُ
ُ
ت جرح ْ ت أموُالهم ،و ُ ل اللهِ ،وأنفق ْ سيوُفهم في سبي ِ
ب عن المل ّةِ ،ثم قام خطيبا ً مهم في الجهادِ والذ ّ أجسا ُ
في المسجدِ وأخبرهم بالمرِ ،وقال لهم )) :إني أعطي
ع ه في قلوِبهم من الجز ِ ما جعل الل ُ أناسا ً ل ِ
ه في قلوِبهم من ع أناسا ً لما جعل الل ُ ع ،وأدَ ُ والطم ِ
ن تغلب (( . ر – منهم :عمرو ب ُ ن – أو الخي ْ ِ اليما ِ
ن لي بها الدنيا وما ة ما أريد ُ أ ّ ن تغلب :كلم ً ل عمروُ ب ُ فقا َ
فيها .
ل الرضا عن حك ْم ِ رسول ِ ِ
ه إنه الرضا عن اللهِ عّز وج ّ
ن الدنيا ل تساوي عند الصحابي ب ما عند َ اللهِ ،إ ّ ، طل َ
الواحد كلمة راضية باسمة منه .
لقد كانت ُوعود ُ الرسول لصحاِبه ثوابا ً من عند ِ اللهِ ،
ة عنده ورضوانا ً منه ،لم ي َعِد ْ أحدا ً منهم بقصرِ أو وجن ً
ل كذا وله وليةِ إقليم ٍ أو حديقةٍ .كان يقول لهم :من يفع ُ
ل تحزن
357
ل الذي ة ؟ ولخر :وهو رفيقي في الجنةِ ؟ لن البذ ُ الجن ُ
ل الذي أنفقوه والجهد ُ الذي قدموه ،ل جزاء له بذلوه والما ُ
ئ المجهود إل في الدارِ الخرةِ ،لن الدنيا بما فيها ل تكاف ُ
ل زهيد ٌ . ص وبذ ْ ٌ س ،وعطاٌء رخي ٌ ن بخي ٌ الضخم ؛ لنها ثم ٌ
ه عنه -رسول ن عمُر -رضي الل ُ وعند الترمذيّ :يستأذ ُ
اللهِ في العمرةِ ،قال )) :ل تنسنا من دعاِئك يا أخي
(( .
م ل الهدى ، الما ُ وقائل هذه الكلمة هو رسو ُ
ة ة عظيم ٌ م ،الذي ل ينطقُ عن الهوى ،ولكنها كلم ٌ المعصو ُ
ن لي بها ة ،قال عمُر فيما بعد ُ :كلمة ما أريد أ ّ ة ونفيس ٌ وثمين ٌ
الدنيا وما فيها .
ك: ن تشعر أن رسول اللهِ ، قال لك أنت بعين ِ ولك أ ْ
ل تْنسنا من دعائك يا أخي .
كان رضا رسول الله عن رّبه فوق ما يصُفه
ْ
ض في السلم ِ ض في الغنى والفقرِ ،را ٍ الواصفون ،فهو را ٍ
ة
ض وقت الصح ِ ف ،را ٍ ض وقت القوةٍ والضع ِ ب ،را ٍ والحر ِ
ض في الشدةِ والرخاِء . والسقم ِ ،را ٍ
عاش مرارة الي ُت ْم ِ ،وأسى اليتم ِ ،ولوعة اليتم ِ فكان
ل التمرِ – أي رديئه ، - راضيا ً ،وافتقر حتى ما يجد د َقَ َ
ض ط الحجر على بطِنه من شد ّةِ الجوِع ،ويقتر ُ وكان يرب ُ
م على الحصير ن درعه عنده ،وينا ُ شعيرا ً من يهودي ويره ُ
ة أيام ل يجد ُ شيئا ً يأكُله ،ومع ذلك فيؤثُر في جنِبه ،وتمّر ثلث ُ
شاء ذي ِإن َ ك ال ّ ِ ب العالمين ﴿ ت ََباَر َ كان راضيا ً عن اللهِ ر ّ
ها حت ِ َ من ت َ ْ ري ِ ج ِ
ت تَ ْ جّنا ٍ ك َمن ذَل ِ َ خْيرا ً ّك َل لَ َ ع َ ج َ َ
صورا ً ﴾ . عل ل ّ َ َ
ق ُ ك ُ ج َوي َ ْ
هاُر َ اْلن ْ َ
ف هو ورضي عن رّبه وقت المجابهةِ الولى ،يوم وقَ َ
ل الدنيا – تحارُبه بخيِلها ت الدنيا – ك ّ ب اللهِ ،ووقف ِ في حز ِ
وها بخيلئها ،فكان راضيا ً عن جلها ،بغناها بزخرِفها ،بزه ِ ور ِ
مه ن اللهِ في الفترةِ الحرجةِ ،يوم مات ع ّ اللهِ .رضي ع ِ
ة ،وأوذي أشد ّ الذى ،و ُ ُ
كذب أشد ّ وماتت زوجٌته خديج ُ
ل تحزن
358
صد ْقِهِ ،فقيل له : ت كرامُته ،وُرمي في ِ خدش ُ ب،و ُالتكذي ِ
ن ،وشاعٌر . ن ،ومجنو ٌ ب ،وساحٌر ،وكاه ٌ ذا ٌ ك ّ
ع
ط رأسهِ ،فيها مرات ُ ده ،ومسق ِ رد من بل ِ ورضي يوم ط ُ ِ
ت إلى مكة ن شباِبه ،فيلتف ُ ب طفولِته ،وأفاني ُ صباه ،وملع ُ
ي، ه إل ّ ب بلِد الل ِ ك أح ّ عه ،ويقول )) :إن ِ ل دمو ُ وتسي ُ
ت (( . ن أهلك أخرجوني منك ما خرج ُ ولول أ ّ
رض ف ليع ِ ب إلى الطائ ِ ورضي عن اللهِ وهو يذه ُ
ل ،وُيرمى دعوته ،فُيواجه بأقبِح رد ّ ،وبأسوأ ِ استقبا ٍ
بالحجارةِ حتى تسيل قدماه ،فيرضى عن موله .
ويرضى عن اللهِ وهو يخرج من مكة مرغما ً ،فيسير
ل في طريِقه ل ،وُتوضعُ العراقي ُ إلى المدينة وُيطارد ُ بالخي ِ
أينما ذهب .
ن ،وفي ن ،وفي كل مكا ٍ ل موط ٍ يرضى عن ربه في ك ّ
ن. كل زم ٍ ُ
سه ،وُتكسُر ثنيُته ،وُيقت ُ
ل ج رأ ُ حدا ً فُيش ّ يحضر أ ُ
صّفوا شه ،فيقول ُ )) : ب جي ُ ه ،وُيغل ُ ح أصحاب ُ مه ،وُيذب ُع ّ
لثني على ربي (( . ورائي ُ
ده من المنافقين ف كافٌر ض ّ حل ْ ٌ
يرضى عن رّبه وقد ظهر ِ
وضا ً واليهود والمشركين ،فيقف صامدا ً متوك ّل ً على اللهِ ،مف ّ
المر إليه .
ك ك َرب ّ َ طي َ ع ِ ف يُ ْ
و َ س ْ ول َ َوجزاُء هذا الرضا منه َ ﴿ :
ضى ﴾ . فت َْر َ َ
******************************************
ف في وادي نخلة
هتا ٌ
ِ
م من مكة حيث أهُله وأبناؤه ُ
أخرج محمد ٌ المعصو ُ
شّرد تشريدا ً ،والتجأ إلى
طرد ُ طردا ً و ً
وداُره ووطُنه ُ ،
ت عليهجوِبه بالجحود ِ ،وتهاو ْبو ُف فُقوبل بالتكذي ِ
الطائ ِ
م.س والشت ُالحجارة ُ والذى وال ّ
ل تحزن
359
ن ن وقدماه بدماِء الطهرِ تنزفا ِ كفا ِ فعيناه بدموع السى ت ِ
لج ،فإلى من يلتجئ ؟ ومن يسأ ُ ،وقلُبه بمرارةِ المصيبة ي َل ْعَ ُ
ي
؟ وإلى من يشكو ؟ وإلى من يقصد ُ ؟ إلى اللهِ إلى القو ّ
إلى القهارِ ،إلى العزيزِ ،إلى الناصرِ .
ب ،وشكر موله ، استقبل محمد ٌ القبلة ،وقصد ر ّ
ب ق النجوى وأحّر الطل ِ ت الشكوى وصاد ِ ه بعبارا ِ وتدّفق لسان ُ
ح وبكى ،وشكا وتظّلم وتأّلم . ،ودعا وأل ّ
المآقي من والمآسي على
تلثءُ ُ
م بمبكا الخطو
وشفاه ُ اليا ِ ِ
ظماد ُُء الخدودِ ِ
الرعو ه
حت َت ْ ُ
نَ َ
وجهإا ًذ ْ يقول : ُء مولهُ وإلهه ليلة نخلة ، والنوا
اسمع سؤال النبي
قّلة حيلِتي عف قوتي و ِ )) اللهم إني أشكو إليك ض ْ
ب م الراحمين ،ور ّ س ،أنت أرح ُ وهواني على النا ِ
المستضعفين ،وأنت ربي ،إلى من تك ُِلني ؟ إلى
و مل ّك َْته أمري ،إن لم مني ،أو إلى عد ّ ه ُ ب يتج ّ قري ٍ
ب فل أبالي ،غير أن عافيتك هي ض ٌ غ َ ي َ يكن عل ّ
ُ
ت له هك الذي أشرق ْ أوسع لي ،أعوذُ بنور وج ِ
ل ة ،أن ينز ُ ح عليه أمُر الدنيا والخر ِ صل ُ َ ت،و َ الظلما ُ
عْتبى حتى طك ،لك ال ُ ل بي سخ ُ ضُبك ،أو يح ّ غ َبي َ
ترضى ،ول حول ول قوة إل ب َ
ك (( .
********************************************
**
جوائز للرعيل الول
ت ح َ ك تَ ْعون َ َن إ ِذْ ي َُباي ِ ُ مِني َ م ْ
ؤ ِ ن ال ْ ُ ِ ع
ه َ ي الل ّ َُ ض ﴿ لَ َ
قدْ َر ِ
ة
كين َ َ س ِل ال ّ فَأنَز َ م َ ه ْ في ُ ُ
قلو َب ِ ِ ما ِ م َ عل ِ َ ة َ
ف َ جَر ِش َال ّ
ريبا ً ﴾ . فْتحا ً َ
ق ِ م َ ه ْوأَثاب َ ُ م َ ه ْ َ َ
علي ْ ِ
ة ما يتمناه المؤمنين وما يطلُبه الصادقون وما هذه غاي ُ
لن اللهِ .إن الرضا أج ّ ص عليه المفلحون ..رضوا ِ يحر ُ
ب. ل المقاصد ِ وأسمى المواه ِ ب وأنب ُ المطال ِ
ل تحزن
360
كر في موضٍع هنا في هذه الية جاء رضا اللهِ ،بينما ذ ُ ِ
ما و َ ك َ ذنب ِ َ من َ م ِ قد ّ َ ما ت َ َ ه َ ك الل ّ ُ فَر ل َ َ غ ِ ن ﴿ :ل ِي َ ْ آخر الغفرا ُ
عَلى ب الله َ ة ﴿:ل َ َ ت َأ َ
قد ّتا َ ن التوب ُ ن ثا ٍ ٍ موط .وفي ﴾ رَ خ ّ
َ
ث العفوُ ﴿ : ر ﴾ .وفي ثال ٍ ِ صا والن َ ن َ ري َ ِ ج
ها ِ م َوال ْ ُ ي َ ّ الن ّب ِ
َ
م﴾ . ه ْ ت لَ ُ م أِذن َ ك لِ َ عن َ ه َ فا الل ّ ُ ع َ َ
أما هنا :فالرضوان المحّققُ ،لنهم يبايعونك تحت
ة لرواحهم ه ما في قلوِبهم ،فبْيعُتهم بيع ٌ الشجرةِ وعلم الل ُ
ة لنفسهم ك الحقّ ،وبيع ٌ الثمينةِ عندهم لتزهق لمرضاةِ المل ِ
ة لوجودهم النفيسةِ لتذهب لمرضاةِ الواحد ِ القهارِ ،وبيع ٌ
ن في موتهم حياة للرسالة ،وفي قتلهم خلودا ً وحياتهم ،ل ّ
ق. للملة ،وفي ذهاِبهم بقاًء للميثا ِ
ن ن واليقي ِ ن المكي ِ علم ما في قلوبهم من اليما ِ و ِ
ق الوافي ،لقد تعُبوا ص الصافي والصد ِ المتين ،والخل ِ
عوا وظمُئوا ،وأصابهم الضرُر والضيقُ ، وسهُروا ،وجا ُ
ة والضنى ،لكنه رضي عنهم . والمشق ُ
لقد فارُقوا الهل والموال والولد والديار ،وذاُقوا
ل، ق ولوعة الغربةِ ،ووعثاء السفرِ وكآبة الرتحا ِ مرارة الفرا ِ
لكنه رضي عنهم .
ُ
دوا ،لكّنه رضي شّردوا وط ُرُِدوا وفُّرُقوا وتعُِبوا وأجه ُ لقد ُ
عنهم .
م هل جزاُء هؤلء المجاهدين والمنافحين عن الملةِ :غنائ ُ
من إبل وبقرٍ وغنم ٍ ؟ هل مكافأة ُ هؤلء المناضلين عن
ن أنه ة ؟ هل تظ ّ ض مالي ٌ عرو ٌ نُ : الرسالة الذاّبين عن الدي ِ
ُيبرِد ُ غليل هؤلِء الصفوةِ المجتباةِ والنخبةِ المصطفاةِ ،
ة؟ل. مق ٌ ن غّناء أو دوٌر من ّ م معدودةٌ أو بساتي ُ دراه ُ
ج حهم عفوُ اللهِ ،وُيثل ُ ن اللهِ ،وُيفر ُ ُيرضيهم رضوا ُ
ريرًا} ح ِ و َة َ جن ّ ً صب َُروا َ ما َ هم ب ِ َ جَزا ُ و َصدورهم كلمةٍ َ ﴿ :
مسا ً ش ْ ها َ في َ ن ِ و َ ك َل ي ََر ْ عَلى اْل ََرائ ِ ِ ها َ في َ ن ِ مت ّك ِِئي َ ُ {12
ت وذُل ّل َ ْ ها َ م ظَِلل ُ َ ه ْ علي ْ ِ
ة َ َ دان ِي َ ً و َ ريرًا}َ {13 ه ِ م َ وَل َز ْ َ
ة
ض ٍ ف ّ من ِ ة ّ هم ِبآن ِي َ ٍ ف َ َ وي ُ َ ها ت َذِْلي ً طو ُ ق ُ
ُ
علي ْ ِ طا ُ ل}َ {14 ف َ
ل تحزن
361
ب َ َ
ة
ض ٍف ّ من ِ ريَر ِ وا ِ ريَرا}َ {15
ق َ وا ِ ت َ
ق َ كان َ ْ وأك ْ َ
وا ٍ َ
ً
ديرا ﴾ . ها ت َ ْ
ق ِ قدُّرو ََ
****************************************
ضا
مر الغ َ
الرضا ولو على ج ْ
ت، ث عن إبِله التي ضل ّ ْ س يبح ُل من بني عب ْ ٍ خرج رج ٌ
فذهب والتمسها ،ومكث ثلثة أيام ٍ في غياِبه ،وكان هذا
ر
ل والبق ِ ل والب ِ ه ما شاء من الما ِ الرجل غنيا ً ،أعطاه الل ُ
لل في منز ٍ ل واله ُ ت ،وكان هذا الما ُ والغنم ِ والبنين والبنا ِ
ن ل في ديارِ بني عبس ،في رغد ٍ وأم ٍ ب على ممّر سي ْ ٍ ح ٍر ْ
دهم ولم يفكْر أبناؤه أن الحوادث قد ن ،لم يفكْر وال ُ وأما ٍ
حهم . تزورهم ،وأن المصائب قد تجتا ُ
ل
يا راقد اللي ِ ن الحوادث قد إ ّ
مسرورا ً بأوِّله سحارا نأ ْ يط ُْرقْ َ
ل جميعا ً كباُرهم وصغاُرهم ،معهم أمواُلهم في نام اله ُ
ث عن ضال ِّته ،وأرسل ب يبح ُ ض مستوية ،ووالدهم غائ ٌ أر ٍ
ل الصخور ه عليهم سي ْل ً جارفا ً ل يلوي على شيٍء ،يحم ُ الل ُ
ل ،فاجتاحهم ل التراب ،ومّر عليهم في آخر اللي ِ كما يحم ُ
جميعا ً ،واقتلع بيوتهم من أصلها ،وأخذ الموال معه جميعا ً ،
ق الماء ، حهم من تدفّ ِ ت أروا ُوأخذ الهل جميعا ً ،وزهق ْ
ن ،فكأنهم لم يكونوا ،صاُروا حديثا ً ُيتلى ً
وصاُروا أثرا بعد عي ْ ٍ
ن. على اللسا ِ
س أحدا ً ،ولم ح ّ ب ثلثةِ أيام ٍ إلى الوادي ،فلم ي ُ ِ وعاد ال ُ
ن قاعٌ ي ول ناطق ول أنيس ،المكا ُ يسمعْ رافدا ً ،ل ح ّ
داهيةِ الدهياِء !! ل زوجة ل ابن ل ه !! يا لل ّ ف ،يا الل ُ ص ٌصْف َ َ
ة ل شاةَ ل بقرة ،ل درهم ل دينار ،ل ثوب ل ابنة ،ل ناق َ
ة !! شيء ،إنها مصيب ٌ
ه ْقد شرد ،فحاول ن جمال ِ ْ لم ْ وزيادة ً في البلء :إذا جم ٌ
ن يدركه وأخذ بذِيله عّلة أن يجد رجل ً يقوُده إلى مكان يأوي أ ْ
ي آخُر ، ت من هذا اليوم سمعه أعراب ّ ن ووق ٍ إليه ،وبعد حي ٍ
ل تحزن
362
دالملك الخليفةِ ن عب ِ فأتى إليه وقاده ،وذهب به إلى الوليدِ ب ِ
ت ؟ قال : ل :كيف أن َ خب ََر ،فقا َ في دمشق ،وأخبره ال َ
ت عن اللهِ . رضي ُ
ة ،يقوُلها هذا المسُلم الذي ة كبيرة ٌ عظيم ٌ وهي كلم ٌ
ةة للسائلين ،وعظ ِ ً ل التوحيد في قلِبه ،وأصبح آي ً م َ
ح ََ
للمّتعظين ،وعبرة ً للمعتبرين .
والشاهد :الرضا عن اللهِ .
در ،فإن استطاع أن م للمق ّ والذي ل يرضى ول يسل ّ ُ
لما ً في السماء ،وإن شاء﴿ : س ّيبتغي نفقا ً في الرض أو ُ
ل ه ْ فل َْينظُْر َ ع َ قط َ ْ م ل ِي َ ْماء ث ُ ّ س َب إ َِلى ال ّسب َ ٍ
مدُدْ ب ِ َفل ْي َ ْ
َ
ظ﴾غي ُما ي َ ِن ك َي ْدُهُ َهب َ ّ ي ُذْ ِ
********************************************
وقفــــــة
ن الشبل : يب ِ قال أبو عل ّ
ج وإذا هممت فنا ِ ت عدا ً فخيرا ُ وَ ْ
منى
دون بال ُ
رجاءكلنفسك واجع ْ ت
مك عدا ّ ُ ن
تزول ِبهحتىالجنا ِ
ة جن
لسا ّ ًِءسك َ ُج
ال ُواستْر عنيأ ِ تد ُ الوقا ّ ُ
سا ح
ؤك ال ُ جلسا ُ
إنما
ث للحواد ِ ودع التوّقع بّثك لت قب ُ ِ ما
ش ّ يوالم ّ ْ
ن للح ّ
ِ
إنه
ت ه ثبا ٌ م ليس ل ُ فاله ّ تِر ت مما ُ
للسرو المماما ِ
في أهل ِهِ
س ل ما ة مث ِ ت ثبا ُ
النفو ِ لول مغالط ُ للمتيقظين ف
ص ُ لم ت ْ
عقولها حياةُ
*******************************************
اتخاذُ القرار
ب ح ّ ن الل ّ َ
ه يُ ِ عَلى الل ّ ِ
ه ﴾ ﴿ .إِ ّ وك ّ ْ
ل َ ت َ
فت َ َ م َ
عَز ْ
ذا َ ﴿ َ
فإ ِ َ
ن﴾. وك ِّلي َمت َ َال ْ ُ
ب عندما يريد أن يتخذ قرارا ً ، إن كثيرا ً منا يضطر ُ
ك ،فيبقى في ألم ٍ ك والش ّ فيصيُبه القلقُ والحيرةُ والربا ُ
مستمرٍ وفي صداٍع دائم ٍ .إن على العبدِ أن يشاور وأن
ل تحزن
363
مل قليل ً ،فإذا غلب على ظنه الرأ ُ
ي ه ،وأن يتأ ّ يستخير الل َ
ت ن أقدم بل إحجام ،وانتهى وق ُ ك الحس ُ ب والمسل ُ الصو ُ
جَزم ،لينهي مم وَ َ كل ،وص ّ المشاورةِ والستخارةِ ،وَع ََزم وتو ّ
ب. دد والضطرا ِ حياة التر ّ
ُ
حد ،فأشاروا لقد شاور الناس وهو على المنبر يوم أ ُ
ج ،فلبس لمته وأخذ سيفه ،قالوا :لعّلنا أكرهناك يا بالخرو ِ
رسول الله ؟ لو بقيت في المدينةِ .قال )) :ما كان لنبي
ه بينه إذا لبس لمته أن ينزعها حتى يقضي الل ُ
ج. ه (( .وَعََزم على الخرو ِ و ِ وبين عد ّ
ج إلى تردد ٍ ،بل إلى مضاٍء وتصميم ٍ إن المسألة ل تحتا ُ
وعزم ٍ أكيدٍ ،فإن الشجاعة والبسالة والقيادة في اتخاذِ
القرارِ .
في م ِ ه ْ وْر ُشا ِ و َتداول مع أصحاِبه الرأي في بدرٍ َ ﴿ :
شوَرى ﴾ ،فأشاُروا عليه فَعََزم م ُ ال َمر ﴾ َ ﴿ ،
ه ْ
مُر ُوأ ْ َ ْ ِ
وأقدم ،ولم يلوِ على شيٍء .
خوٌر في مةِ ،وَ َ ي ،وبرود ٌ في اله ّ إن الترّدد فساد ٌ في الرأ ِ
سي ْرِ .وهذا الترد ّد ُ ت للجهدِ ،وإخفاقٌ في ال ّ شتا ٌ التصميم ِ و َ
ف أناسا ً من ت .أعر ُ م والثبا ُ م والجز ُ ض ل دواء له إل العز ُ مر ٌ
ت صغيرةٍ ،وفي دمون وُيحجمون في قرارا ِ ت وهم ُيق ِ سنوا ٍ
ب ك والضطرا ِ ف عنهم إل روح الش ّ مسائل حقيرةٍ ،وما أعر ُ
سهم وفي من حولهم . ،في أنف ِ
ل، ص َ حهم فَوَ َ ق أن يصل إلى أروا ِ إنهم سمحوا للخفا ِ
ت ليزور أذهانهم فزار . حوا للتشت ّ ِ وسم ُ
مل إنه يجب عليك بعد أن تدرس الواقعة ،وتتأ ّ
ت ب السماوا ِ المسألة ،وتستشير أهل الرأي ،وتستخير ر ّ
فذ ما ظهر لك عاجل ً جم ،وأن ت ُن ْ ِ دم ول ُتح ِ ض ،أن ُتق ِ والر ِ
ل. غير آج ٍ
ب ديق يستشيُر الناس في حرو ِ وقف أبو بكر الص ّ
ن هذا ل ،لك ّ س كلهم عليه بعدم ِ القتا ِ الردةِ ،فأشار النا ُ
ل ،لن هذا إعزاٌز ديق انشرح صدُره للقتا ِ الخليفة الص ّ
ل تحزن
364
ت الخارجةِ على للسلم ِ ،وقط ْعٌ لدابر الفتنةِ ،وسحقٌ للفئا ِ
مم على ن ،ورأى بنورِ اللهِ أن القتال خيٌر ،فص ّ قداسةِ الدي ِ
ن من فّرق بين ُ
رأيه ،وأقسم :والذي نفسي بيدهِ ،لقاتل ّ
ل دونه لرسو ِ الصلةِ والزكاةِ ،والله لو منعوني عقال ً كانوا يؤ ّ
ت أن الله شرح الله لقاتلُتهم عليه .قال عمر :فلما علم ُ
ه ت أنه الحقّ .ومضى وانتصر وكان رأي ُ صدر أبي بكر ،علم ُ
ج. عوَ َ الطيب المبارك ،الصحيح الذي ل ل ُْبس فيه ول ِ
ح في أماكِننا ؟ ب ؟ وإلى متى نراو ُ إلى متى نضطر ُ
دد في اتخاذِ القرارِ ؟ وإلى متى نتر ّ
إذا كنت ذا رأي ن
ن فساد الرأي أ ْ فإ ّ
ة
ن ذا ّعزيم ٍ ْ فك تترّددا
ن طبيعةِ المنافقين إفشال الخطةِ بكثرةِ تكراِر نم ْ إ ّ
ما كم ّ في ُ جوا ْ ِ خَر ُ و َ ل ،وإعادةِ النظرِ في الرأي ﴿ :ل َ ْ القو ِ
م ال ْ ِ َ
ة﴾ فت ْن َ َ غون َك ُ ُ م ي َب ْ ُ خل َل َك ُ ْ عوا ْ ِ ض ُ و َ خَبال ً ول ْ م إ ِل ّ َ دوك ُ َْزا ُ
ما عوَنا َ طا ُ و أَ َ دوا ْ ل َ ْ ع ُ ق َ و َ م َ ه ْ وان ِ خ َ قاُلوا ْ ل ِ ْ ن َ ذي َ ﴿ .ال ّ ِ
ِ
م كنت ُ ْ ت ِإن ُ و َ م ْ م ال ْ َ سك ُ ُ ف ِ ن َأن ُ ع ْ ؤوا َ فادَْر ُ ل َق ْ قت ُِلوا ُ ُ
ن﴾. قي َ صاِد ِ َ
إنهم يصطحبون » لو « دائما ً ،ويحبون » ليت «
ق ،وعلى ة على التسوي ِ ل « فحياُتهم مبني ٌ ويعشقون » لع ّ
ك لَ ن ذَل ِ َ ن ب َي ْ َ مذَب ْذَِبي َ بّ ﴿، القدام ِ والحجام ِ ،وعلى التذبذ ِ
ؤلء ﴾ . هـ ُ ول َ إ َِلى َ ؤلء َ هـ ُ إ َِلى َ
مرةً معنا ومرةً معهم ،مرة ً هنا ومرة ً هناك .
ة بين ث )) :كالشاة العائر ِ كما في الحدي ِ
ت القطيعين من الغنم ِ (( وهو يقولون في أوقا ِ
م ﴾ .وهم كاذبون عَناك ُ ْ قَتال ً ل ّت ّب َ ْ م ِ عل َ ُو نَ ْت ﴿ :لَ ْ الزما ِ
على اللهِ ،كاذبون على أنفسهم ،فهم يسرون وقت
ول َ ذن ّلي َ دهم يقول ﴿ :ائ ْ َ الزمةِ ،ويأتون وقت الرخاِء وأح ُ
ط .ويقولون ق والحبا ِ فت ِّني ﴾ .إنه لم يتخذ إل قرار الخفا ِ تَ ْ
ة ﴾ .ولكّنه وَر ٍ ع ْ ي بِ َ ه َ ما ِ و َ وَرةٌ َ ع ْ ن ب ُُيوت ََنا َ ب ﴿ :إِ ّ في الحزا ِ
ن. ص من الحقّ المبي ِ ب ،والتمل ّ ُ ص من الواج ِ التخل ُ
ل تحزن
365
*******************************************
دـ حاثبت أ ُ
ُ ُ ْ
ن :الثبات والتصميم والجزم ن طبيِعة المؤم ِ نم ْ إ ّ
هسول ِ ِ وَر ُ ه َ مُنوا ِبالل ّ ِ نآ َ ن ال ّ ِ
ذي َ مُنو َ م ْ
ؤ ِ ما ال ْ ُ والعزم ﴿ ،إ ِن ّ َ
م ه ْ في َري ْب ِ ِ م ِ ه ْ م ي َْرَتاُبوا ﴾ ،أما أولئك َ ﴿ :
ف ُ م لَ ْ ثُ ّ
ن ﴾ ،وفي قراِرهم يضطربون ،وعلى أدباِرهم دو َ ي َت ََردّ ُ
ينكصون ،ولعهوِدهم ينقضون .إن عليك أّيها العبد ُ إذا لمع
جح لديك النفعُ ، ن ،وتر ّ ب الظ ّ ب ،وظهر لك غال ُ بارقُ الصوا ِ
خرٍ . دم بل التواٍء ول تأ ّ أن ُتق ِ
ح ليتا ً وسوفا ً ا ّ
طر ْ ض كالسيف على وام ِ
لّرْين ، لطلق زوجته التي أذاْقتهولع ْ
الم في ْ
لالبط ف ٌ لقد ترد ّد َك ّ
رج
وذهب إلى حكيم ٍ يشتكيه ،قال :كم لك من سنة مع هذه
ت وأنت ت .قال :أربع سنوا ٍ الزوجةِ ؟ قال :أربع سنوا ٍ
م ؟! س ّ تحتسي ال ّ
مل ً وانتظارا ً ،لكن إلى متى ؟ ح أن هناك صبرا ً وتح ّ صحي ٌ
ح أو ل م ،يصل ُ م أو ل يت ّ م أن هذا المرين يت ّ طن يعل ُ إن الف ِ
ح ،يستمّر أو ل يستر ْ ،فليتخذ ْ قرارا ً . يصل ُ
ل: والشاعُر يقو ُ
شتِهيـ ج ما ل ت ْ وعل ُ س تعج ُ
ل ـهِ النف ُ
س ،أن ل النا ِ سيرِ واستقراِء أحوا ِ قال ّ والذي يظهُرالفرا
من ِ
الرباك والحيرة يأتيهم في مواقف كثيرةٍ ،لكن غالب ما
يأتيهم في أربِع مسائل :
ص ،فهو ل يدري ص ِ الولى :في الدراسةِ واختيارِ التخ ّ
لبا ً
ت طُ ّ كه ،فيبقى في ذلك فترة ً .وعرف ُ أيّ قسم يسل ُ
ت، ت بسبب ترد ِّدهم في القسام ِ ،وفي الكليا ِ ضي ُّعوا سنوا ٍ
ل، فيبقى بعضهم مترددا ً قبل التسجيل ،حتى يفوته التسجي ُ
ة أو سنتين ،فيرتضي الشريعة ل في قسم ٍ سن ً ضهم يدخ ُ وبع ُ
شذ ََر ب عمُر َ ب ،فيذه ُ ثم يرى القتصاد ،ثم يعود ُ إلى الط ّ
مذ ََر . َ
ل تحزن
366
ل أمرِهِ ، ولو أنه درس أمره وشاور واستخار الله في أو ِ
ثم ذهب ل يلوي على شيء ،لحرز عمره وصان وقته ،
ص. ص ِ ونال ما أراد من هذا التخ ّ
ف ما هو ب ،فبعضهم ل يعر ُ ل المناس ُ الثانية :العم ُ
كها ليذهب ة ،ثم يتر ُ العمل الذي يناسُبه ،فمرةً يعتنقُ وظيف ً
ت ،ثم إلى شركةٍ ،ثم يهجُر الشركة إلى عمل تجاري بح ٍ
ف م بيته مع صفو ِ س والفقرِ ثم يلز ُ ل على العدم ِ والفل ِ يحص ُ
العاطلين .
نه ،فإ ّ م ُ ق فْليلز ْ
ب ُرز ٍ ل لهؤلِء :من ُفتح له با ُ وأقو ُ
ن لزم بابا ً أوتي سهولته وفَْتحه ن ،وم ْ ن هذا المكا ِ رزقه م ْ
وحكمته .
ج ،وأكثُر ما يأتي الشباب الحيرةُ الثالثة :الزوا ُ
ل رأي ب في مسألةِ اختيارِ الزوجةِ ،وقد يدخ ُ والضطرا ُ
الخرين في الختيارِ ،فالوالد ُ يرى لولدهِ امرأة ً غير التي
ن رغبة م ،فربما وافق الب ُ ن أو التي تراها ال ّ يراها الب ُ
مه . ده ،وما يحّبه ،وما ل يقد ُ ل ما ل يري ُ ده ،فيحص ُ وال ِ
موا في مسألة الزواِج ونصيحتي لهؤلِء أن ل ُيقد ُ
ب الدين ص إل على ما يرتاحون إليه في جان ِ بالخصو ِ
ة مصيرِ امرأةٍ ل ن والموافقةِ ،لن المسألة مسأل ُ س ِح ْ وال ُ
مكان للمجازفةِ بها .
ق، ب في مسألةِ الطل ِ الرابعة :تأتي الحيرةُ والضطرا ُ
فيوما ً يرى الفراق ويوما ً يرى المعايشة ويوما ً يرى أن ُينهي
المعايشة ،وآخر يرى أن يقطع الحْبل ،فيصيبه من العياء ،
ه به ت المرِ ،ما الل ُ مى الروِح ،وفسادِ الرأي ،وتشت ّ ِ ح ّو ُ
م. علي ٌ
إن على العبدِ أن ُينهي هذه الضوائق النفسية بقراِره
الصارم ِ ،إن العمر واحد ٌ ،وإن اليوم لن يتكّرر ،وإن الساعة
سه ، لن تعود ،فعليه أن يعيشها سعادة ً يشارك فيها بنف ِ
ب هذه السعادةِ ،وتأتي هذه سه في استجل ِ ك بنف ِ يشار ُ
م وعزم السعادةُ باتخاذ ِ القرارِ .إن العبد المسلم إذا ه ّ
ل تحزن
367
وتوكل على اللهِ بعد أن يستخير وُيشاِور ،صار كما قال
الول :
م ألقى بين إذا ه ّ وأعرض عن ذك ْ ِ
ر
السييه ِعينهم ْ جانبا ،ومضاٌء كمضاِء ه ّ بالعواق ِ
م ف ُ ،وتصمي ٌ السيل م كإقدام إقدا ٌ
عوا ْ كتصميم الدهر ،وانطلقٌ كانطلق الفجر َ َ ﴿ ،
م ُ ج ِفأ ْ ِ َ ِ ِ ِ َ
م ة ثُ ّم ً غ ّم ُ عل َي ْك ُ ْ م َ مُرك ُ ْ نأ ْ م ل َ ي َك ُ ْ كاءك ُ ْ
م ثُ ّ شَر َو ُ
م َ مَرك ُ ْ
أ ْ
ن﴾. ول َ ُتنظُِرو ِ ي َضوا ْ إ ِل َ ّق ُا ْ
********************************************
***
كما تدين ُتدان
ب
ن نغض ُ س أن يكونوا حلماء ونح ُ ً
عجبا لنا ! نريد ُ من النا ِ
ل ،ونريد منهم ،ونريد ُ منهم أن يكونوا كرماء ونحن نبخ ُ
الوفاء بحسن الخاِء ،ونحن ل نؤدي ذلك .
ذبا ً ل عيب ُتريد ُ مه ّ ح بل عود ٌ يفو ُوهل ُ
لخيك كّله .ه
وقالوا :من في ِ ن
ُدخا ِ
وقال آخر :
ستب ْق أخا ً
م ْ ٍ ولست ب ِ ُ ي
ثأ ّ على شع ٍ
ي:هالروم ّ وقالل تابل ُ ُ ّ
م ُ
ن بل المهذ ّ ُ الرجا ِ
ب اليام ِ أّنك ن عج ِ م ْ
و ِ ذب في الدنيا ـمه ّ
تبتغي الـ
******************************************** ذبامه ّ ولست ُ
*****
ة
وقفــــ ٌ
قال إيليا أبو ماضي :
أّيها الشاكي وما بك كيف تغدو إذا غدوت
في جناةِ داءٌ ن شّر ال ُإ ّ عليل
ل تتوّقى ،قبل الرحي ِ
في سنف ٌ وك الرض ْ
شوترى ال ّ رحيل
الندى أن ترى فوقهاال ّ
مى
ة علىوتع ْ
الحيا ِ الوروِد،
هو عبٌء إكليل
ن الحياة عبئا ًن يظ ُ ّ
م ْ
َ
لثقي ٌ ثقيل
ل تحزن
368
ه بغير س ُ والذي نف ُ ل يرى في الوجودِ
ل
ماجما ٍصبِح بال ع تفتم جميل
يزول نً
شيئ ْا
فأ
ّ ْ ّ ل تخ ْ
دمت ْ في ِ
ه
أسك لر وإذا ما أظ ُ ّ يل زول حتى ي
فيه ُ ك ْ صر البحث ق ّ
مُر ه ه طول ّ أن ُمن العارِ ي
طيو ّ ت ك ُن ْهَ َ أدرك ْ ل تظ ف ِ
روابي
لوالحق ُ ما تراها ال ّ هولً
رحاج َُس
م ْ ت فيه َخذ ْت ِ
ك سواها مل ْ ُ ِ
******************************************** ومقيل
**
ة الكلم ِ الخل ّ ِ
ب ضريب ُ
منا بواجبنا مع خالِقنا ،ثم مع ل في قيا ِ ن سعادتنا تكم ُ إ ّ
ل نطُقه ن .إن الكلم سه ٌ خل ِْقه ،مع اللهِ ثم مع النسا ِ
ل مث ُ ٍ وتجبيُره وزخرفُته ،لكن الصعب من ذلك صياغُته في ُ
ن َ ْ
مُرو َ ل الجليلةِ ﴿ أت َأ ُ ت الحميدةِ والعما ِ عليا من الصفا ِ
فسك ُم َ َ
ب ن ال ْك َِتا َ م ت َت ُْلو َ وأنت ُ ْ ن أن ُ َ ْ َ و َس ْ وَتن َ س ِبال ْب ِّر َالّنا َ
ن﴾ . قُلو َ فل َ ت َ ْ
ع ِ أَ َ
ر
ف التارك له ،والناهي عن المنك ِ ن المر بالمعرو ِ إ ّ
ة
الفاعل له ُ ،يوضعُ – كما في الحديث الصحيح – يوم القيام ِ
في النارِ ،فيدوُر بأمعاِئه كما يدوُر الحماُر برحاهُ ،فيسأله
ف ول ت آمُركم بالمعرو ِ لكه ،فقال :كن ُ ل النارِ عن سّر ه ِ أه ُ
كم عن المنكرِ وآتيةِ . آتيهِ ،وأنها ُ
ليا أّيها الرج ُ سك كان ذا هل ّ لنف ِ
فبكى وأبكى غيرهُ الشهيُر أبو معاذ المعل ّ ُ
الرازي َ
م م
التعلي ُوقف الوع ُ
ظ
الناس ،ثم قال :
ي يأمُر وغيُر نق ّ ب يداوي الناس طبي ٌ
بالصدقةِ ، بالتقىالناس الناس لإذا أراد أن يأمر فٌعلي ِالسل هو
ضو ُ
كان بع ُ
ة. دق هو أول ً ،ثم أمرهم ،فاستجاُبوا طواعي ً تص ّ
ضلةِ ،أراد أن ن المف ّ ت أن واعظا ً في عهدِ القرو ِ وقرأ ُ
ق ،وقد طلب منه كثيٌر من الرقيق أن يأمر الناس بالعِت ْ ِ
ت طويل ثم أعتق يسأل الناس ذلك ،فجمع نقودا ً في وق ٍ
ل تحزن
369
س وأعتُقوا رقابا ً
م فأمَر بالعِْتق ،فاقتدى النا ُ
ة ،ثم أ ّ
رقب ً
كثيرة .
**********************************
ة
ة في الجن ّ ِ
الراح ُ
د ﴾ . في ك َب َ ٍ ن ِ سا َ لن َ قَنا ا ْ ِ خل َ ْقد ْ َ ﴿ لَ َ
ة؟ ل ،وقد قيل له :متى الراح ُ ن حنب َ ل أحمد ُ ب ُ يقو ُ
قال :إذا وضعت قدمك في الجنةِ ارتحت .
ت وزعازعُ ل راحة قبل الجنةِ ،هنا في الدنيا إزعاجا ُ
نم وحز ٌ م وغ ّ ض وه ّ مَر ٌ تَ ، ب ونكبا ُ ث ومصائ ُ ن وحواد ُ وفت ٌ
س. ويأ ٌ
ت على كدٍر ط ُب ِعَ ْ صفوا ً من القذاِء
ل ً صاحب دها وكانتري ُ
رج وأنت دراسةٍ من نيجيريا ، والكدارِ أخبرني زمي ُ
ل
ث الخير ،قال : ظه في الثل ِ مه كانت ُتوق ُ أمانةٍ ،أخبرني أن أ ّ
ماه ُ ،أريد الراحة قليل ً .قالت :ما أوقظك إل لراحِتك ،يا يا أ ّ
ح. بني إذا دخلت الجنة فارت ْ
م ساجدا ً ،فقال ف – ينا ُ كان مسروقٌ – أحد ُ علماِء السل ِ
ه :لو أرحت نفسك .قال :راحتها أريد ُ . له أصحاب ُ
جلون ب ،إنما يتع ّ ك الواج ِ جلون الراحة بتر ِ إن الذين يتع ّ
ة. العذاب حقيق ً
دي، ة في أداِء العمل الصالِح ،والنفِع المتع ّ ن الراح ً إ ّ
ب من اللهِ . ت فيما يقّر ُ واستثمارِ الوق ِ
ه هنا ،ولذلك يقولون : ظه هنا ،وراحت َ ُ ن الكافر يريد ُ ح ّ إ ّ
ب﴾ . سا ِ ح َ وم ِ ال ْ ِ ل يَ ْ قب ْ َ قطَّنا َ جل ل َّنا ِ ع ّ ﴿ َرب َّنا َ
ظنا من خي ْرِ وح ّ سرين :أي :نصيبنا من ال َ ض المف ّ قال بع ُ
ق قبل يوم ِ القيامةِ . الرز ِ
كرون في الغدِ ة ﴾ ،ول يف ّ جل َ َعا ِ ن ال ْ َ حّبو َ ؤَلء ي ُ ِ ه ُ ن َ﴿ إِ ّ
ل ،ولذلك خسُروا اليوم والغد ،والعمل ول في المستقب ِ
والنتيجة ،والبداية والنهاية .
ل تحزن
370
ب مكد ٌّر ، ت الحياةِ ،خاتمُتها الفناُء فهي شر ٌ خلق ِ وهكذا ُ
ة ،شد ّةٌ ة ونقم ٌ ون ل تستقّر على شيء ،نعم ٌ ج مل ّ وهي مزا ٌ
ى وفقٌر . ورخاٌء ،غن ً
هذه هي النهاية :
َ
محك ْ ُه ال ْ ُق أل َ ل َ ُ ح ّ م ال ْ َ
ه ُول َ ُم ْ
ه َدوا ْ إ َِلى الل ّ ِ م ُر ّ ﴿ ثُ ّ
ه َ
ن﴾. سِبي َ حا ِ ع ال ْ َ سَر ُوأ ْ و ُ َ َ
********************************************
**
ة
وقفـــــ ٌ
قال إيليا أبو ماضي :
ل إنك م تشتكي وتقو ُ ك ْ كك والسما ض مل ُ
والر ُ
م وزهعُ ُدِ ُ
رها ل م ولك الحقو ُ م؟
ل جْلب ْ ُ مهاوالن
والب ُ ُ ونسي ُ
ةجها ٌ وأريف ُ ّ
ض والماُء حولك فوقك مالمترن ّ ُ س
والشم ُ
ة
قراق ٌ
في والنور ر ْ
يبني م
وحينا ُ ً ةيتضّر مزخرفد ٌ ً
سج دورا ً ع ْ
ُ
ذرا
فما الدنياال ّلكوفي سفوح
ش ّْ
ت هال ّ م
ل فعلمد ِ ُ يهْ ت
سم ْ وتب ّ
واجما ًقد
؟ إن كنت لك
مكتئبا ً لعّز ؟
إليك م
س ُ عه ّ تتب
هيهات ُيرج ُ
مضى
أو كنت ُتشفقُ من م
ل حد ّ ُّ ن تي َن َ ِ هيهات يمنعُ أ ْ
كنت مصيبةٍ
جاوزت لأوحلو ِ م
ل فإنههّ ُ ن تج شاخ الزما ُ
ل لّفل ت ُتقط ِ ْت الشباب
زال ْ انظْر فما م
نها ر ُ حسْ َ ِ صوٌر تكاد ُ ل ِ ي َهْ
من الّثرى
******************************************** م تتكل ّ ُ
******
ل المقصوِد
ن على حصو ِ
ق ُيعي ُ الّر ْ
ف ُ
ق ،والرفقُ شفيعٌ ل ي َُرد ّ في ص في الرف ِ
ت آثاٌر ونصو ٌمّر ْ
ت ،ولك أن تعلم أن الطريق الضيق بين ب الحاجا ِ
طل ِ
ب،ل س ُ جدارين ،الذي ل يتسع إل لمرور سيارةٍ واحدةٍ فَ َ
ح ْ
دها وحذرٍ وتوقّ ،بينما ق من قائ ِ ُ
تدخلها هذه السيارة إل برف ٍ
ل تحزن
371
ق ً
لو أقبل بها مسرعا وأراد المرور من هذا المكان الضي ِ
زد ت سيارُته ،والطريقُ لم ي ِ سَرةً وتعطل ْ ة َوي ْ من ًلصطدم ي ْ
ن الطريقة هي التي ص ،والسيارة ُ هي هي ،لك ّ ولم ينق ْ
ق وهذه بشد ّةٍ .والشجرة ُ الصغيرة ُ التي اختلفت ،تلك برف ٍ
دنا ،إذا سكبت عليها الماء شيئا ً ض فناِء أح ِ سها في حو ِ نغر ُ
ة من هذا الماء ب منه وينفُعها ،فإذا أخذت كمي ً فشيئا ً تشر ُ
ة واحدة لقتلعت هذه النبتة من جمه وألقيته دفع ً بعينهِ وح ْ
مكاِنها ،إن كمية الماِء واحدة ٌ ولكن السلوب تغّير .
ن سلمة ثوِبه ،خلف من ق يضم ُ ن يخلعُ ثوبه برف ٍ إن م ْ
يجذ ُِبه بقوةٍ ويسحُبه بسرعةٍ ،فإنه يشكو من تقط ِّع أزراِره
وتمّزقِهِ .
ق إخوةِ يوسف في م صد ِ ف ع َد َ َومن اللطائف في انكشا ِ
مهم أن الذئب أكله :أنهم خلُعوا الثوب مجيِئهم بثوب ِهِ ،وزعْ ِ
ب كما زعموا برفق فلم يحصل فيه شقوقٌ ،ولو أكله الذئ ُ
ق ،ولم يخل ْْعه خْلعا ً . ل ممّز ٍ لمّزق الثوب ك ّ
سنا )) :وإن ق نرفقُ بأنف ِ ج إلى رف ٍ إن حياتنا تحتا ُ
سك عليك حقا ً (( .نرفقُ بإخواننا )) :إن الله لنف ِ
رفيق يحب الرفق (( .نرفقُ بالمرأةِ )) :رفقا ً
ر (( . بالقواري ِ
ت ك على ممرا ِ على الجسورِ الخشبِية التي بناها الترا ُ
ب في أول الجسرِ :رفقا ً رفقا ً .لن الماّر النهارِ ،مكتو ٌ
ط ،أما المسرعُ فجديُر أن يهوي إلى مستقّر بهدوٍء ل يسق ُ
النهر .
ن في مدينة » ت لديب سوريّ كان يسك ُ كرا ٍ وفي مذ ّ
ة ،أراد أن يعبر بها على جسر ة ناري ٌ السلمية « ،وله دّراج ٌ
وه لمن أراد أن ب على النهرِ ،وهم بن ْ ك من الخش ِ بناه الترا ُ
ت يمشي بدراجته متئدا ً متأنيا ً ،قال هذا الرجل :فذهب ُ
ر
ت من أعلى الجس ِ مسرعا ً على جسري ،فلما أصبح ُ
سَرة ً ،وأنا لم أرفقْ بنفسي ة وي َ ْ من َ ً
ت يَ ْ سطا ً النهر ،نظر ُ متو ّ
ل تحزن
372
ت بدراجتي ل نظري ،فوقع ُ ت بي واخت ّ ول بدراجتي فاضطرب ْ
ة طويلة . في النهرِ ...وكانت قص ً
ن ض مد ِ ق الزهورِ والورود في بع ِ ل حدائ ٍ ن على مداخ ِ إ ّ
ق« ،لن الداخل مسرعا ً ة مكتوب فيها » :ت ََرفّ ْ أوروبة :لوح ٌ
ن سلمة ذاك الوردِ ل يرى ذاك النبت الجميل ول يضم ُ
الباهي ،فيحصل الدعس والدفس والبادة ،لنه ما رفق ول
تأّنى .
هناك معادلة تربوية تقول :إن العصفور تربوية تقول :
ن إن العصفور ل يترفّقُ كالنحلة .وفي الحديث )) :المؤم ُ
ت على ع طيبا ً ،وإذا وقع ْ ل طيبا ً وتض ُ كالنحلة ،تأك ُ
س بها الزهرة ُ أبدا ً ، ح ّ ره (( .فالنحلة ل ت ُ ِ س ِ عوٍد لم تك ْ ُ
ق .والعصفوُر ل مطلوبها برف ٍ وهي تعلقُ الرحيق بهدوء ،وتنا ُ
مه يخبُر الناس بنزوِله على سنابل ،فإذا أراد على ضآلةِ جس ِ
النزول سقط سقوطا ً ،ووثب وْثبا ً .
ةسام الهنديّ ،وقد رسم لوح ً ل أذكُر قصة الر ّ ول أزا ُ
ة قمح عليها عصفوٌر قد وقع ، خصها :سنبل ُ ن مل ّ بديعة الحس ِ
ل ة الطو ِ ة النموّ ،باسق ُ ب ،مترعرع ُ ة بالح ّ وهذه السنبلة مليئ ٌ
س يهّنئون ك على جدارِ ديواِنه ،ودخل النا ُ ،وعّلقها المل ِ ُ
سام على حسِنها ،ودخل الملك بهذه اللوحةِ ويشكرون الر ّ
ط الزحام ِ فاعترض على اللوحةِ ، ل فقيٌر مغموٌر في وس ِ رج ٌ
جوا ،لنه خالف س به وص ّ ج النا ُ طأ ،وض ّ وأخبَر أنها خ ٌ
ق وقال :ما عندك؟ قال : ك برف ٍ الجماع ،فاستدعاه المل ُ
م ؟ قال : ط عْرضها .قال :ول ِ َ غل ٌ مها ،وَ َ طأ رس ُ ةخ ٌ هذه اللوح ُ
م العصفور على السنبلةِ وترك السنبلة ن الرسام رس َ ل ّ
ن العصفور إذا نزل على طأ ،فإ ّ ة ممتدةً ،وهذا خ ٌ مستقيم ً
ك الرفق . ل ل يمل ُ سنبلة القمِح أمالها ،وأخضعها ،لنه ثقي ٌ
وحة ، س :صدقت .وأنزل الل ّ ْ ك :صدقت .وقال النا ُ قال المل ُ
سحبت الجائزةُ من الرسام ِ . و ُ
ج ،وفي ل العل ِ ق في تناو ِ ن الطباء ُيوصون بالرف ِ إ ّ
ل والخذ ِ والعطاِء . مزاولةِ العم ِ
ل تحزن
373
سه ،وآخر سّنه بنف ِ فذاك يقلعُ ظْفره بيده ،وذاك يباشُر ِ
ضغها . كبَرها وما أحسن م ْ ص باللقمة ،لنه أ َ َ ي َغُ ّ
ضت لبع ِ مُر .قرأ ُ إن الماء يترفّقُ ،وإن الريح ُتزمجُر فتد ّ
ه في دخوِله من فِْقهِ الرجل رِفَْق ُ ف أنه قال :إن ِ السل ِ
ب دابتهِ . خل ِْع نعِله وركو ِ جه منه ،وارتداِء ثوِبه و َ وخرو ِ
ل ش في أخذ المورِ وتناو ِ ج والطي ْ َ ة والهو َ جل َ
إن العَ َ
خي َْرت المنفِعة ،لن ال َ ل الضررِ وتفوي ِ ة بحصو ِ الشياء ،ك َِفيل ٌ
ق في شيء إل ّ ق )) :ما كان الرف ُ ُبني على الرف ِ
ه (( . ق من شيء إل ّ شان ُ زانه ،وما ُنزع الرف ُ
ح ،وتنقاد ُ له ن له الروا ُ ل ُتذع ُ ن الرفق في التعام ِ إ ّ
س. ب ،وتخشعُ له النفو ُ القلو ُ
م له خي ْرٍ ،تستسل ُ ل َ ح لك ّ مفتا ٌ إن الرفيق من البشرِ ِ
ما فب ِ َب الحاقدة ُ َ ﴿ ، ب إليه القلو ُ س المستعصية ،وتثو ُ النفو ُ
ب قل ْ ِ ظ ال ْ َ غِلي َ فظّا ً َ ت َ كن َ و ُ ول َ ْ
م َ ت لَ ُ
ه ْ ه ِلن َ ن الل ّ ِ م َة ّ
م ٍ
ح َ
َر ْ
ك﴾. ول ِ َ ح ْن َ م ْ ضوا ْ ِ ف ّ لن َ َ
*******************************************
ة
وقفــــ ٌ
ث بصيغةِ الغائب : طه حسين يتحد ّ ُ
س ُولد كما ُيولدون ، ً
» كان يرى نفسه إنسانا من النا ِ
سمون سم الوقت والنشاط فيما يق ّ وعاش كما يعيشون ،يق ّ
س إلى أحدٍ ،ولم ن يأن ُ فيه وقتهم ونشاطهم ،ولكنه لم يك ْ
س والشياء رب بينه وبين النا ِ ض ِن إلى شيء ،قد ُ ن يطمئ ّ يك ْ
ن ،وباطُنه من قِب َِله السخ ُ
ط ب ظاهُره الرضا والم ُ حجا ٌ
س ،في صحراء موحشة ل ب النف ِ ف والقلقُ واضطرا ُ والخو ُ
م فيها العلم ،ول يتبّين فيها طريقه دها الحدود ُ ،ول تقو ُ تح ّ
ن أن يسلكها ،وغايته التي يمكن أن ينتهي إليها « . التي يمك ُ
بة » :إنها تمّر بالقل ِ ن تيمي َ
خ السلم ِ اب ُ يقو ُ
ل شي ُ
ل هذامث ْ ِ
ل الجنة في ِ ت من السرور أقول :إن كان أه ُ لحظا ٌ
ب«. ش طي ّ ٍالعيش ،إّنهم لفي عي ٍ
ل تحزن
374
وقال إبراهيم بن أدهم » :نحن في عيش لو علم به
ف«. سيو ِ الملو ُ
ك لجالدونا عليه بال ّ
************************************
/http://www.saaid.net
حتى تكون أسعد الناس
نل الغموم ,وهو قرةُ عي ِ ب الهموم ,ويزي ُ ن ي ُذ ْهِ ُ•اليما ُ
الموحدين ,وسلوة ُ العابدين .
ت ,فل تفكْر فيما مضى ,فقد ب ما َ ت ,وما ذه َ •ما مضى فا َ
ذهب وانقضى .
ل شيٍء ق المقسوم ِ ,ك ّ •ارض بالقضاِء المحتوم ِ ,والرز ِ
جَر . ض َ بقدرٍ ،فدِع ال ّ
ب ,وبه يرضى ط الذنو ُ ب ,وتح ّ ن القلو ُ •أل بذكر اللهِ تطمئ ّ
ب. ج الكرو ِ ب ,وبه تفر ُ م الغيو ِ عل ّ ُ
•ل تنتظْر شكرا ً من أحدٍ ,ويكفي ثواب الصمدِ ,وما عليك
د ,وحسد َ. ن جحد َ ,وحق َ م ْ م ّ
ش في حدود ِ اليوم ِ , •إذا أصبحت فل تنتظرِ المساء ,وع ْ
مك . ح يو ِ مك لصل ِ وأجمعْ ه ّ
م بالغد ِ ؛ لنك إذا ل حتى يأتي ,ول تهت ّ ك المستقب َ •اتر ِ
ك. أصلحت يومك صلح غ َد ُ َ
ج منه •طهّْر قلبك من الحسدِ ,ونّقهِ من الحقد ِ ,وأخر ْ
ل منه الشحناَء. البغضاء ,وأز ْ
ل على ل الناس إل من خيرٍ ,وكن جليس بيِتك ,وأقب ْ •اعتز ِ
ل من المخالطةِ . شأِنك ,وقل ّ ْ
م, ب العِل ْ َ ب ,فسامرِ الكتب ,وصاح ِ ن الصحا ِ ب أحس ُ •الكتا ُ
ق المعرفة . وراف ِ
سك ب في ملب ِ ن ُبني على النظام ِ ,فعليك بالترتي ِ •الكو ُ
وبيِتك ومكتِبك وواجِبك .
ق ج في َ ْ •اخر ْ
خل ِ ج إلى الفضاِء ,وطالِع الحدائق الغناء وتفّر ْ
ق. الباري وإبداِع الخال ِ
ل تحزن
375
ل, ل والخمو َ س َ ب الك َ َ •عليك بالمشي والرياضةِ ,واجتن ِ
ة. واهجرِ الفراغَ والبطال َ
ع
خ ،وتفكْر في عجائبهِ ،وتدْبر غرائَبه واستمت ْ •اقرأ التاري َ
صه وأخباِره . بقص ِ
ن ب معيشِتك ,وغي ّْر من الروتي ِ •جد ّد ْ حياَتك ,ونوّعْ أسالي َ
شه . الذي تعي ُ
ة ,واحذِر ت والكثار منها كالشاي والقهو ِ •اهجر المنبها ِ
ة وغَي َْرها. التدخين والشيش َ
رك مع ب مظه ِ ن رائحِتك وترتي ِ ن بنظافة ثوِبك وحس ِ •اعت ِ
ب. ك والطي ِ السوا ِ
م والحبا َ ْ
س ط واليأ َ ب التي ترّبي التشاؤ َ •ل تقرأ بعض الكت ِ
ط. والقنو َ
ل التوبة ويعفو عن عباده , •تذكْر أن رّبك واسعُ المغفرةِ يقب ُ
ت. ت حسنا ٍ ل السيئا ِ ويبد ُ
ر
ست ْ ِ ل والعافيةِ وال ّ ن والعق ِ •اشكُر رّبك على نعمةِ الدي ِ
رها . ق والذريةِ وغي ِ والسمِع والبصرِ والرز ِ
حَته أو هو ص ّ م أن في الناس من فََقد َ عقله أو ِ •أل تعل ُ
ل أو مبتًلى ؟! . س أو مشلو ٌ محبو ٌ
ن حفظا ً وتلوةٌ وسماعا ً وتدبرا ً فإنه من ش مع القرا ِ •ع ْ
م. ن واله ّ ج لطرد ِ الحز ِ أعظم ِ العل ِ
مه ,والجأ ض بحك ِ ض المَر إليه ,وار َ ل على اللهِ وفوّ ْ •توك ْ
ك. سُبك وكافي َ ح ْ مد عليه فهو َ إليه ,واعت ْ
مك , ط من حر َ ل من قطَعك ,وأع ِ مك ,وص ْ ن ظل َ َ م ْفع ّ •اع ُ
ن. ك تجد ِ السروَر والم َ م على من أساَء إلي َ واحل ْ
ل ح البا َ ه « فإنها تشر ُ وة إل بالل ِ ل ول ق َ •ك َّرْر »ل حو َ
ل ,وترضي ذا الجلل . ل ,وُتحمل بها الثقا ُ وتصلح الحا َ
م ة والعِل ْ ُ ج والذري ُ •أكثر من الستغفارِ ,فمَعه الرزقُ والفر ُ
ط الخطايا . النافعُ والتيسيُر وح ّ
ة •اقنعْ بصورِتك وموهبِتك ودخِلك وأهِلك وبِيتك تجد ِ الراح َ
والسعادةَ .
ل تحزن
376
ب وأنه ل ج مع الك َْر ِ •اعلم أن مع العسرِ يسرا ً ،وأن الفر َ
ل. م دو ٌ ل ،وأن اليا َ م الحا ُ يدو ُ
ن برّبك وانتظْر منه س ,وأحسن الظ ّ ط ول تيأ ْ ل ول تقن ْ •تفاء ْ
ل. ل خيرٍ وجمي ِ ك ّ
نحة فقد تكو ُ ح باختيارِ اللهِ لك ,فإنك ل تدري بالمصل ِ •افر ْ
الشدة ُ لك خْيرا ً من الرخاء .
ب عنك ب بينك وبين اللهِ ويعّلمك الدعاء ويذه ُ •البلُء يقّر ُ
خَر . ب والَف ْ ج َ الك ِب َْر والعُ ْ
سك قناطير النعم وكنوز الخيرات التي ل في نف ِ •أنت تحم ُ
وهبك الله إياها .
•أحسن إلى الناس وقدم ِ الخير للبشرِ ؛ لتلقى السعادة من
ض وإعطاِء فقيرٍ والرحمةِ بيتيم ٍ . عيادةِ مري ٍ
ت الفاسدةَ ، م ،والخيال ِ ن ،واطرِح الوها َ ب سوء الظ ّ •اجتن ْ
ة. والفكاَر المريض َ
م أحد ٌ , م من اله ّ سل ِ َت الوحيد َ في البلِء ,فما َ •اعلم أنك لس َ
شٌر . وما نجا من الشدةِ ب َ َ
ت وكدرٍ فاقبْلها على ن وبلٍء ومنّغصا ٍ •تيّقن أن الدنيا داُر مح ٍ
ن باللهِ . حاِلها واستع ْ
س
حب ِ َ لو ُ من عُزِ َ •تفكْر فيمن سبقوك في مسيرةِ الحياةِ م ّ
ب وصودَر . ي ونك َ ن وابتل َ ح َمت ُ ِل وا ْ وقت َ
ن م والحز ِ م والغ ّ •كل ما أصابك فأجُره على اللهِ من اله ّ
ب. ن والمصائ ِ ض والد َي ْ ِ والجوِع والفقرِ والمر ِ
ب، ح السماع والبصار وتحيي القل َ م أن الشدائد تفت ُ •اعل ْ
ب. س ،وتذكر العبد َ وتزيد الثوا َ وتردعُ النف َ
ت, ق الشائعا ِ ث ,ول تنتظر السوَء ,ول تصد ِ •ل تتوقِع الحواد َ
ف. م للراجي ِ ول تستسل ْ
ب ما ُيسمع من مكروهٍ ل ن ,وغال ُ ف ل يكو ُ •أكثُر ما ُيخا ُ
ن. ة ومنه العَوْ ُ ة وعنده رعاي ٌ يقعُ ,وفي اللهِ كفاي ٌ
ح, مى الرو ِ ح ّ دة فإنهم ُ س َح َ س الُبغضاَء والُثقلَء وال َ •ل تجال ِ
ن. ة الحزا ِ ل الك َد َرِ وحمل ُ س ُ م ُر ُ وه ْ
ل تحزن
377
ث في مك ْ َ
ة ,وأكثرِ ال ُ ظ على تكبيرة الحرام ِ جماع ً •حاف ْ
سك المبادرةَ للصلةِ لتجد َ السروَر . ود نف َ المسجدِ ,وع ّ
ن ،وهي سبب ب ,فإنها مصدُر الهموم ِ والحزا ِ •إياك والذنو َ
ت. ب والزما ِ ب المصائ ِ ت ،وبا ُ النكبا ِ
َ
ن م ْ ت ِ كن ُ ك إ ِّني ُ حان َ َ سب ْ َ ت ُ ه إ ِل ّ أن ْ َ م على ﴿ل إ ِل َ َ •داو ْ
كرب ,ونبأ ٌ ال ّ
ب في كشف ال ْ ِ ن﴾ .فلها سّر عجي ٌ مي َ ظال ِ ِ
ن. م في رفِع المح ِ عظي ٌ
ئ الذي يقال فيك ، ل القبيِح والكلم ِ السي ِ •ل تتأْثر من القو ِ
فإنه يؤذي قائَله ول يؤذيك .
ساِدك يساوي قيمَتك ؛ لنك مح ّ ب أعدائك لك وشت ُ س ّ • َ
ت شيئا ً مذكورا ً ،ورجل ً مهما ً . أصبح َ
ط من دى لك حسناِته ،وح ّ م أن من اغتابك فقد أه َ •اعل ْ
ة. سيئاِتك ،وجعَلك مشهورا ً ،وهذه نعم ٌ
ة واقتصد ْ في سك في العبادةِ ,والزم ِ السن َ •ل تشد ّد ْ على نف ِ
ك والغُل ُوّ . ط وإيا َ ك الوس َ الطاعةِ ,واسل ِ
ح صدُرك ,فبقدرِ صفاِء ص توحيدك لربك لينشر َ •أخل ْ
ن سعادُتك . صك تكو ُ دك ونقاِء إخل ِ توحي ِ
ةس ،لديك هم ٌ ت النف ِ ب ،ثاب َ •كن شجاعا ً قويّ القل ِ
ف. ة ,ول تغرّنك الزوابعُ والراجي ُ وعزيم ٌ
ح وباله واسعٌ ، •عليك بالجود فإن صدَر الجوادِ منشر ٌ
ب ،مكدُر الخاطرِ . م القل ِ ل ضيقُ الصدرِ ،مظل ُ والبخي ُ
م ن لهم الكل َ دهم ,وأل ْ بو ّ س تكس ْ •أبسط وجَهك للنا ِ
ضع لهم يجّلوك . يحبوك ,وتوا ْ
ئ س ,وأطف ِ ن ,وترفقْ بالنا ِ •ادفع بالتي هي أحس ُ
ك. م أعداُءك ,وكّثر أصدقاَء َ ت ,وسال ْ العداوا ِ
مه ببّرهما ب السعادةِ دعاُء الوالدين ,فاغتن ْ •من أعظم أبوا ِ
ل مكروهٍ . ليكون لك دعاؤهما حصنا ً حصينا ً من ك ّ
م ح ما يبدُر منهم ,واعل ْ •اقبل الناس على ما هم عليه وسام ْ
س والحياةِ . أن هذه هي سنة اللهِ في النا ِ
ل تحزن
378
ش واقَعك ,فأنت تريد ُ من ت بل ع ْ ش في المثالّيا ِ •ل تع ْ
ن عاد ً
ل. س ما ل تستطيعه فك ْ النا ِ
خ ة والسراف والب َذ ْ َ ك والرفاهي َ ش حياة البساطةِ وإيا َ •ع ْ
ح. ت الرو ُ م تعّقد ِ ه الجس ُ فكلما ترفّ َ
ة ,وفيها ظ لك وصيان ٌ ت فإنها حف ُ ظ على أذكارِ المناسبا ِ •حاف ْ
ك. م َح به يو ُ من السدادِ والرشاد ِ ما يصل ُ
ت واحدٍ ،بل اجعْلها في ل ول تجمْعها في وق ٍ •وّزِع العما َ
ؤك جيدا ً . ن عطا ُ ت للراحةِ ليك ْ ت وبينها أوقا ُ فترا ٍ
ل •انظْر إلى من هو دونك في الجسم ِ والصورةِ والما ِ
س. ف النا ِ م أنك فوقَ ألو ِ ت والوظيفةِ والذريةِ ،لتعل َ والبي ِ
ب ن وزوجةٍ قري ٌ ُ •تيّق ْ
خ واب ٍ ن أن كل من تعاملهم من أ ٍ
ل سك على تقب ِ ن نف َ ب ،فوط ّ ْ وصديقٌ ل يخلو من عي ٍ
الجميِع .
ق
ح له ،والرز َ م الذي ترتا ُ •الزم ِ الموهبة التي أعطيتها ،والعل َ
الذي فُِتح لك ،والعمل الذي يناسُبك.
ن م اللسا ِ ت ،وكن سلي َ ص والهيئا ِ •إياك وتجريح الشخا ِ
ب. ن الجان ِ ظ ،مأمو َ ب اللفا ِ ب الكلم ِ ،عَذ ْ َ ،طي َ
م ستٌر للخطايا , ن للمعائب ،والحل َ ل دف ٌ م أن الحتما َ •اعل ْ
ب. ص والمثال َ ب واسعٌ يغطي النقائ َ والجود َ ثو ٌ
ة تدب ُّر فيها أمورك ،وتراجعُ فيها سك ساع ً •انفرد ْ بنف ِ
ح بها دنياك . نفسك ،وتتفكْر في آخرِتك ،وتصل ُ
ف ,وحديقُتك الغّناُء ة هي بستاُنك الوار ُ •مكتبُتك المنزلي ُ
,فتنّزهْ فيها مع العلماِء والحكماِء والدباِء والشعراِء .
ل ب سؤا َ م ,واجتن ْ ك والحرا َ ل وإيا َ ب الرزقَ الحل َ •اكس ِ
ك ب بمال ِ ِ خي ٌْر من الوظيفةِ ,وضار ْ س ,والتجارةُ َ النا ِ
واقتصد ْ في المعيشةِ .
س البائسين ,ول س المترفين ول لبا َ س وسطا ً ,ل لبا َ •الب ْ
س. كن كعامةِ النا ِ س,و ْ سك بلبا ٍ ُتشهْر نف َ
ج ،ويغّير الخلقَ ويسيُء ب يفسد ُ المزا َ ض َ ب فإن الغَ َ •ل تغض ْ
العشرةَ ،ويفسد ُ المودة َ ،ويقطعُ الصلة .
ل تحزن
379
م أخرى ،وتشاهد َ •سافر أحيانا ً لتجدد حياتك ،وتطالعَ عوال َ
ة. م جديدةً ،وبلدانا ً أخرى ،فالسفُر متع ٌ معال َ
م ب لك أعماَلك ،وتنظ ُ ظ بمذكرة في جيِبك ترت ّ ُ •احتف ُ
ب بها ملحظاتك. دك ،وتكت ُ أوقاِتك ،وتذكُرك بمواعي ِ
م الهتمام ؛ عْره ُ س بالسلم ِ ،وحّيهم بالبسمةِ ،وأ ِ •ابدأ ِ النا َ
لتكون حبيبا ً إلى قلوبهم قريبا ً منهم .
سك ول تعتمد ْ على الناس ،واعتبْر أنهم عليك ل لك •ثق بنف ِ
ن الرخاِء . ه ول تغتّر بإخوا ِ وليس معك إل الل ُ
ف بأداء ل والتسوي َ •احذْر كلمة )سوف( وتأخيَر العما ِ
ق. ل والخفا ِ ن الفش ِ ب ،فإن هذ عنوا ُ الواج ِ
ب في •اترك التردد َ في اتخاذ ِ القرارِ ،وإياك والتذبذ َ
م. م وتقد ْ م واعز ْ ف ،بل اجز ْ المواق ِ
ف ت والوظائ ِ ل بين التخصصا ِ •ل تضّيع عمرك في التنق ِ
ح في شيء. ن ،فإن معنى هذا أنك لم تنج ْ والمه ِ
ة
ب والتوب ِ ت ،والمصائ ِ ب كالصالحا ِ ت الذنو ِ ح بمكفرا ِ •افر ْ
ل. ن ،وشفاعةِ الرسو ِ ودعاِء المسلمين ،ورحمةِ الرحم ِ
ة ،وتسّر ئ الخطيئ َ ل ،فإنها تطف ُ •عليك بالصدقةِ ولو بالقلي ِ
ق. م ،وتزيد ُ في الرز ِ ب اله ّ ب ،وت ُذ ْهِ ُالقل َ
ل قدوتك إمامك محمدا ً فإنه القائد ُ إلى السعادةِ , •اجع ْ
ح. ل على النجاِح ،والمرشد ُ إلى النجاةِ والفل ِ والدا ّ
ف ن لتعر َ ج َ ة العافية ,والس ْ •ُزرِ المستشفى لتعرف نعم َ
ل ؛ لنك في ة العق ِ نعمة الحريةِ ,والمارستان لتعرف نعم َ
ن َِعم ل تدري بها .
مها , ة أكبَر من حج ِ ط المسأل َ ه ,ول تع ِ مك التوافِ ُ •ل تحط ْ
ث. ل المورِ والمبالغةِ في الحدا ِ واحذْر من تهوي ِ
س العذاَر لمن أساَء إليك لتعش ق ،والتم ِ •كن واسع الفُ ِ
ة النتقام ِ . في سكينةٍ وهدوٍء ,وإياك ومحاول َ
ح أعداءك بغضِبك وحزِنك فإن هذا ما يريدون ,فل •ل ُتفرِ ْ
تحققْ أمنيَتهم الغالية في تعكيرِ حياِتك .
ل تحزن
380
ض ت والحقادِ ،وبغ ِ •ل توقد فرنا ً في صدرك من العداوا ِ
م. ب دائ ٌ س ،وكرهِ الخرين ,فإن هذا عذا ٌ النا ِ
ه
ج ِ سك ,صموتا ً إل من خيرٍ ,طلق الوَ ْ •كن مهذبا ً في مجل ِ
سك ،منصتا ً لحديِثهم ,ول تقاط ِعُْهم أثناء محترما ً لجل ّ ِ
الكلم ِ .
ح ,فإياك والوقوع َ في جْر ِب ل يقعُ إل على ال ُ ن كالذبا ِ •ل تك ْ
ب س وذكرِ مثالِبهم والفرِح بعثراِتهم وطل ِ ض النا ِ أعرا ِ
زلِتهم .
ب من م بها ،ول يره ُ ت الدنيا ول يهت ّ ن لفوا ِ ن ل يحز ُ •المؤم ُ
ة. ة حقيرة ٌ فاني ٌ ة ذاهب ُ كوارِثها ،لنها زائل ٌ
م ؛ فإنه عذاب للروِح ب المحر َ م ،والح ّ شقَ والغرا َ •اهجرِ العِ ْ
ره وطاعِته . ب ,وافزع ْ إلى اللهِ وإلى ذك ِ ض للقل ِ ،ومر ٌ
ث هموما ً وغموما ً وجراحا ً في •إطلقُ النظرِ إلى الحرام ِ يور ُ
ه. ف رب ّ ُ ض بصَره وخا َ ب ,والسعيد ُ من غ ّ القل ِ
ت الطعام ِ ,وعليك بالمفيدِ ، ب وجبا ِ •احرص على ترتي ِ
ن. م وأنت شبعا ُ ب التخمة ،ول تن ْ واجتن ِ
ن ث ,ثم وط ّ ْ ف من الحواد ِ ت عند الخو ِ •قدّر أسوأ الحتمال ِ
ة واليسَر . ل ذلك فسوف تجد ُ الراح َ نفسك لتقب َ
ق
شعَ ,وإذا ضا َ ل انق َ م اللي ُ ل انقط َعَ ,وإذا أظل َ •إذا اشتد ّ الحب ُ
ن. سَري ْ ِسٌر ي ُ ْ ب عُ ْ سعَ ,ولن يغل َ المُر ات ّ َ
ت كلبًا ،وعفا ي سق ْ ن ،غ ََفَر لبغ ّ •تفك ّْر في رحمةِ الرحم ِ
س ،وبسط يده للتائبين ،ودعا النصارى ة نف ٍ ل مائ َ عمن قَت َ َ
للتوبةِ .
ة، ي ،وإثر المرض عافي ٌ •بعد َ الجوع شب َعٌ ،وعقب الظمأ ِ رِ ّ
ة. ة ثابت ٌ سن ّ ٌ
م يتلوه السروُر َ ، والفقُر يعقُبه الغنى ،واله ّ
ح لَ َ َ
ك ﴾ وتذكْرها عند صدَْر َ ك َ شَر ْ م نَ ْ •تدب ّْر سورة ﴿ أل َ ْ
ت. م أنها من أعظم ِ الدويةِ عند الزما ِ الشدائد ِ ،واعل ْ
م ه العظي ُ ب )) ل إله إل الل ُ •أين أنت من دعاِء الك َْر ِ
ش العظيم ،ل إله ب العر ِ هر ّ م ،ل إله إل الل ُ الحلي ُ
ل تحزن
381
ش ب العر ِ ضر ّ ب الر ِ ت ور ّ ب السموا ِ إل الله ر ّ
الكريم (( .
ن وغي ّْر ت و تعوذ ْ من الشيطا ِ ت فاسك ْ ب إذا غضب َ •ل تغض ْ
س وتوضأ وأكثْر من الذكرِ . مكانك ،وإن كنت قائما ً فاجل ْ
ة
م العافي ِ •ل تجَزعْ من الشدةِ فإنها تقوي قلَبك ،وتذيُقك طع َ
،وتشد ّ من أزِرك وترفعُ شأِنك ،وتظهُر صبَرك.
ن ن الطحي ِ ح ِ مقٌ وجنون ،وهو مثل ط َ ْ ح ْ •التفكر في الماضي ُ
ت من قبوِرهم . ج الموا ِ شرِ النشارةِ وإخرا ُ ون َ ْ
ح أجرها ، م ْ ق من المصيبةِ ،وتل ّ ب المشر ِ •انظْر إلى الجان ِ
س بالمنكوبين . رها ،وتأ ّ ل من غي ِ م أنها أسه ُ واعل ْ
ن ليصيَبك , •ما أصابك لم يكن ليخطَئك ،وما أخطأك لم يك ْ
ق ,ول حيلة لك في القضاِء . م بما أنت ل ٍ ف القل َ ج ّ و ُ
ن شرابا ً حلوا ً , ول خسائرك إلى أرباٍح ,واصنعْ من الليمو ِ •ح ّ
ف مع ظرِفك . ب حفنة سكرٍ ,وتكي ّ ْ ف إلى ماِء المصائ ِ وأض ْ
س من روِح الله ول تقنط من رحمة الله ،ول تنس •ل تيأ ْ
عون الله ,فإن المعونة تنزل على قدر المؤونةِ .
حب ,وأنت ل تدري •الخيرةُ فيما تكرهُ أكثُر منها فيما ت ُ ّ
ي نقمةٍ ،ومن خيرٍ في ب ,وكم من نعمةٍ في ط ّ بالعواق ِ
ب شّر . جلبا ِ
ل أن ح بك في أوديةِ الهموم ِ ,وحاو ْ •قي ّد ْ خياَلك لئل يجم َ
دك . ت التي عن َ ب والفتوحا ِ تفكَر في النعم ِ والمواه ِ
ة في بيِتك ومكتِبك ,ومن علمات ب والضج َ •اجتنب الصخ َ
م. ة والنظا ُ السعادةِ الهدوُء والسكين ُ
س في ب ,وهي تسمو بالنف ِ خي ُْر معين على المصاع ِ •الصلةُ َ
ق علويةٍ ،وتهاجُر بالروِح إلى فضاِء النورِ والفلِح . آفا ٍ
ة
ت الشرير ِ س من النزوا ِ ل الجاد َ المثمَر يحرُر النف َ •إن العم َ
ت المحّرمةِ . والخواطرِ الثمةِ ،والنزعا ِ
ن ؤها وضياؤها اليما ُ ؤها وهوا ُ ؤها وغذا ُ •السعادةُ شجرةٌ ما ُ
باللهِ ،والداُر الخرة ُ .
ل تحزن
382
خل ُقٌ شري ٌ َ
ف ،أسعد َ مو ُ م ،وذوقٌ سلي ٌ بج ّ ده أد َ ٌ ن عن َ •م ْ
ل. ل والحا ِ ح البا ِ س ،ونال صل َ سه وأسعد َ النا َ نف َ
ل ,ونوّع ْ عليه ل ويم ّ ب يك ّ ّ •رّوح على قلِبك فإن القل َ
س له فنون الحكمةِ وأنواع المعرفةِ . ب ,والتم ْ السالي َ
ق
ح الفا َ ح الصدَر ،ويوسعُ مداِرك النظرِ ويفت ُ •العلم يشر ُ
مها وحزِنها . مها وغ ّ ج من ه ّ س فتخر ُ م النف ِ أما َ
ب ,فلذةُ ة الصعا ِ ت ومغالب ُ •من السعادةِ النتصاُر على العقبا ِ
ة. ح ل تساويها فرح ٌ الظفرِ ل تعدلها لذة ٌ ،وفرحة النجا ِ
ب أن مْلهم بما تح ّ س فعا ِ ت أن تسعد َ مع النا ِ •إذا أرد َ
سهم أشياَءهم ،ول تضعْ من خ ْ يعاملوك به .ول تب َ
أقداِرهم .
سه ،والعلم الذي يناسُبه ،وقام به ن نف َ •إذا عرف النسا ُ
ل وجهٍ ؛ وجد لذة النجاح ومتعة النتصارِ . على أكم ِ
ل ؛ لن م من رصيد ِ الما ِ ة والخبرة ُ أعظ ُ ة والتجرب ُ •المعرف ُ
ي. ي ،والفرح بالمعرفةِ إنسان ّ ل بهيم ّ الفرح بالما ِ
ل منهما لك ّ خُر ،وليْقب َ ْ ت ال َ ب أحد ُ الزوجين فليصم ِ •إذا غض َ
ب. الخَر على ما فيه فإنه لن يخلوَ أحد ٌ من عي ٍ
ب ويفتح لك ون عليك الصعا َ ل يه ّ ح المتفائ ُ س الصال ُ •الجلي ُ
م يسوّد ُ الدنيا في عينك . ب الرجاِء ،والمتشائ ُ با َ
و
صْف َ ل فقد حاز َ ة ما ٍ ة وكفاي ٌ ت وصح ٌ ة وبي ٌ •من عنده زوج ٌ
م. ش ،فليحمد ِ الله وليقنعْ ،فما فوق ذلك إل اله ّ العي ِ
ى في ه ,معاف ً سْرب ِ ِ •))من أصبح منكم آمنا ً في ِ
حيزت له ه ،فكأنما ِ م ِ ت يو ِ ه ،عندهُ قو ُ د ِ جس ِ
الدنيا (( .
د ه ّربا ً وبالسلم ِ دينا ً ،وبمحم ٍ •)) من رضي بالل ِ
رسول ً ،كان حقا ً على الله أن يرضيه (( ،وهذه
ن الرضا. أركا ُ
ن ه عنك ،وأن يرضى عنك م ْ ح أن يرضى الل ُ ل النجا ِ •أصو ُ
سك راضية وأن تقدم عمل ً مثمرًا. ن نف ُ ك وأن تكو َ حوْل َ ََ
ل تحزن
383
ج م سعادةُ يوم ٍ ،والسفُر سعادة ُ أسبوٍع ،والزوا ُ •الطعا ُ
ر
ن سعادةُ العم ِ ة ،واليما ُ ل سعادة ُ سن ٍ سعادة شهرٍ ،والما ُ
كّله .
ب ول بالنكاِح ،وإنما ل ول بالشر ِ •لن تسعد َ بالنوم ِ ول بالك ِ
س ً
ل وهو الذي أوجد َ للعظماِء مكانا تحت الشم ِ تسعد ُ بالعم ِ
.
ق ت له القراءة ُ فإنه سعيد ٌ لنه يقطف من حدائ ِ •من تيسر ْ
ن ب الدنيا ويطوي الزما َ ف على عجائ ِ العالم ِ ،ويطو ُ
ن. والمكا َ
ة، ح البريُء راح ٌ ب الحزان ،والمزا ُ ة الخوان ت ُذ ْهِ ُ •محادث ُ
ح الخاطَر . وسماع ُ الشعرِ يري ُ
رك إليها ،فحياُتك من صنِع ون حياَتك بنظ ِ •أنت الذي تل ّ
ك. أفكاِرك ،فل تضعْ نظارةً سوداَء على عيْني َ
ة واحدةً ط من تكرههم لحظ ً •فكْر في الذين تحبهم ول تع ِ
مك. من حياِتك ،فإنهم ل يعلمون عنك وعن ه ّ
ت ت أعصاُبك ،وسكن ْ ل المثمر برد ْ •إذا استغرْقت في العم ِ
ن. ض من الطمئنا ِ ك في ٌ سك ،وغمَر َ نف ُ
ب ،وإنما ب ول الذه ِ س ِ ب ول الن ّ َ س ِ ح َ ت في ال َ •السعادةُ ليس ْ
ب. ب وبلوِغ الر ِ ن والعلم ِ والد ِ في الدي ِ
ف يدًا ،وأكثُرهم ذلهم للمعرو ِ •أسعد ُ عباد ِ اللهِ عند اللهِ أب ُ
ن فضل ً ،وأحسُنهم على ذلك شكرًا. على الخوا ِ
ل •إذا لم تسعد ْ بساعِتك الراهنةِ فل تنتظْر سعادة ً سوف تط ّ
ل عليك من السماِء . ق ،أو تنز ُ عليك من الف ِ
ح خي ْرٍ وافر ْ مته من َ •فك ُّر في نجاحاِتك وثمارِ عمِلك وما قد ْ َ
ح الصدَر . به ،واحمد ِ الله عليه ،فإنه هذا مما يشر ُ
ل د ،فتوك ْ مغ ٍ م اليوم ِ وه ّ س يكفيك ه ّ م أم ِ •الذي كفاك ه ّ
ف ؟ وإذا عليك فمن ترجو؟ ن تخا ُ عليه ،فإذا كان معك فم ْ
م واحد ٌ ،أما أمس فل يجدون لذَته ، •بينك وبين الثرياِء يو ٌ
م واحد ٌ ،فما أقله من وغد ٌ فليس لي ول لهم ،وإنما لهم يو ٌ
ن! زم ٍ
ل تحزن
384
ن بين ب ،ويواز ُ ح القل َ س ،ويفر ُ ط النف َ •السرور ينش ُ
ة والعمَر فائدةً العضاِء ،ويجُلب القوة ،ويعطي الحياةَ قيم ً
.
ن وركائُز السعادةِ ،فل هناَء ة والدي ُ ن والصح ُ •الغنى والم ُ
ض ول كافَر ,بل هم في شقاء . ف ول مري َ لمعدم ٍ ،ول خائ َ
ط ك التوس َ ف السعادة َ ,ومن سل َ ل عر َ •من عرف العتدا َ
ح. ك الفوَز ,ومن اتبعَ اليسَر نال الفل َ أدر َ
ن ,وليس في ة واحدة ٌ :ال َ ن إل كلم ٌ •ليس في ساعةِ الزم ِ
س السعادة إل كلمة واحدة ٌ :الرضا . قامو ِ
ن عليك ,وتفك ّْر في ورها أكبَر ت َهُ ْ ة فتص ّ •إذا أصابْتك مصيب ٌ
ة الراحةِ . ت فرح ُ ب الشدةِ ما ُرجي ْ سرعةِ زواِلها ,فلول كر ُ
هت بك ونجاك الل ُ •إذا وقعت في أزمة فتذكر كم أزمةٍ مر ْ
م أن من عافاك في الولى سيعافيك في منها ،حينها تعل ُ
الخرى .
داه ، مه من أذهبه في غير حقّ قضاه ،أو فرض أ ّ •العاقّ ليو ِ
ة
مه ،أو قراب ٍ صله ،أو علم ٍ تعل َ أو مجد ٍ شّيدهُ ،أو حمدٍ ح ّ
وصلها ،أو خيرٍ أسداه.
ب دائم ؛ لن هناك •ينبغي أن يكون حولك أو في يدك كتا ُ
ت ويعمُر ظ به الوق ُ أوقاتا ً تذهب هدرًا ،والكتاب خير ما يحف ُ
ن. به الزم ُ
ف النهارِ ل يشكو ل وأطرا َ ن ،التالي له آناَء اللي ِ ظ القرآ ِ •حاف ُ
ملل ول فراغا ول سأمًا ،لن القرآن مل حياته سعادة ً .
ة ,ثم استخرِ الله •ل تتخذ قرارا ً حتى تدرسه من جوانِبه كافّ ً
م. ل الثقة ,فإن نجحت فهذا المراد و إل فل تند ْ وشاوْر أه َ
ل ل أعداءه ،فإن الصديق يحص ُ •العاقل ُيكث ُِر أصدقاءه وُيقل ُ
في سنةٍ والعدو يحصل في يوم ،فطوبى لمن حببه الله
خل ِْقهِ . إلى َ
•اجعل لمطالِبك الدنيوية حدا ً ترجع إليه ،وإل تشّتت قلُبك
شك ،وساء حاُلك . وضاقَ صدُرك ،وتنّغص عي ُ
ل تحزن
385
دها بالشكرِ ، م اللهِ أن يقي ّ َ ت عليه نع ُ •ينبغي لمن تظاهر ْ
م. ويحفظها بالطاعةِ ،ويرعاها بالتواضِع لتدو َ
ت صِقل َ ْ ن،و ُ سه بالتقوى ،وط َهَُر فكُره باليما ِ ت نف ُ •من صف ْ
س. ب النا ِ ح ّ ب اللهِ و ُ ح ّ خي ْرِ نال ُ أخلُقه بال َ
ل ة ،أما العام ُ ن حقيق ً ب الحزي ُ ل هو المتع ُ ل الخام ُ •الكسو ُ
ف يسعد ُ . ف كي َ ش وَعََر َ جد ّ فهو الذي عرف كيف يعي ُ الم ِ
مها، ف مصائِبها وهمو ِ ف أضعا ِ •إن لذةَ الحياة ومتعَتها أضعا ُ
ن السّر كيف نصل إلى هذه المتعةِ بذكاٍء . ولك ّ
ت العالم ِ ، ت لها شهادا ُ •لو ملكت المرأةُ الدنيا ،وسيق ْ
ج فهي مسكينة . ل وسام ٍ وليس عندها زو ٌ ت على ك ّ وحصل ْ
ة أن تنفق شبابك في الطموِح ،ورجولتك في •الحياةُ الكامل ُ
ل. ك في التأم ِ خت َ َالكفاِح ،وشيخو َ
م أحدا ً ،فإن عندك من م نفسك على التقصير ،ول ت َل ْ ْ •ل ُ ْ
ك غيَرك . حه فاتر ْ ت إصل ُ ُ
ب ما يمل الوق َ العيو ِ
سّر ب يجلوُ الفهام ،وي ُ ِ ور والدورِ كتا ٌ ل من القص ِ •أجم ُ
ح الصدَر ،وينمي الِفك َْر . س ،ويشر ُ س النف َ القلوب ،ويؤن ُ
لة ،فإذا أعطيتُهما فقد حزت ك ّ •اسأل الله العَْفوَ والعافي َ
ل سعادةٍ . ت بك ّ خي ْرٍ ،ونجوت من كل شّر ،فُْز َ َ
ب ماء ،وحصيٌر في ت ،وكو ُ ف واحد ٌ ،وسبعُ تمرا ٍ •رغي ٌ
م. ل على الدنيا السل ُ ف ،وق ْ غرفة مع مصح ٍ
ف ل الندى وك ّ ت ،وبذ ِ •السعادة في التضحية وإنكارِ الذا ِ
الذى ،والبعدِ عن النانيةِ والستئثارِ .
ب س ،ويقوي القلب وي ُذ ْه ِ ُ ح النف َ ل يشر ُ ك المعتد ُ •الضح ُ
ل ،ويجلو الخاطَر . ط على العم ِ ل وينش ُ مل َ َ
ال َ
م ح ،ومن لزِ َ •العبادةُ هي السعادةُ ،والصلح هو النجا ُ
ن الستغفاَر وأكثَر الفتقاَر فهو أحد ُ البرار . الذكاَر ،وأدم َ
عبك ، ح ،وتفضي إليه بمتا ِ ب من تث ِقُ به وترتا ُ •خيُر الصحا ِ
مك ول يفشي سّرك . ك همو َ ويشارك ُ َ
•ل تتوقعْ سعادة ً أكبر مما أنت فيه فتخسَر ما بين يديك ،ول
ن. حَز َم وال َ ة فتستعجل اله ّ تنتظْر مصائب قادم ً
ل تحزن
386
•ل تظن أنك تعطي كل شيء ،بل تعطي خيرا ً كثيرا ً ،أما
أن تحوي كل موهبة وكل عطية فهذا بعيد ٌ .
ق ،وجاٌر ف من رز ٍ ة ،وكفا ٌ ة ،وداٌر واسع ُ •امرأةٌ حسناُء تقي ٌ
م جهُلها الكثيُر . ح ِ ..نع ٌ صال ٌ
ة ة ،والغفل ُ سن َ ٌح َ ة ،وتذك ُّر النعم ِ َ ن للمكروهِ نعم ٌ ن النسيا ِ •ف ّ
ة. س فضيل ٌ ب النا ِ عن عيو ِ
ة ل أمتعُ من الفراِغ ،والقناع ُ •العْفوُ ألذ ّ من النتقام ِ ،والعم ُ
خي ٌْر من الثروةِ . ل ،والصحة َ م من الما ِ أعظ ُ
خي ٌْر من ح َ س الصال ُ س السوِء ،والجلي ُ خي ٌْر من جلي ِ •الوحدةُ َ
ة. ة عبادة ٌ ،والتفكُر طاع ٌ الوحدةِ ،والعزل ُ
ق
مقٌ ،والوثو ُ ح ْ ة الفكار ،وكثرةُ الخلطة ُ ة مملك ُ •العزل ُ
م. شؤْ ٌ ؤهم ُ ه ،واستعدا ُ سَف ٌ س َ بالنا ِ
ع
ة ،وتتب ُ ة رذال ٌ م ،والغيب ُ س ّ ب ،والحقد ُ ُ ق عذا ٌ •سوُء ال ُ ُ
خل ِ
ن. ذل ٌ خ ْ ت ِ العثرا ِ
ب، ب حياةُ القلو ِ ك الذنو ِ م ،وتر ُ •شكُر النعم ِ يدفعُ النق َ
س لذة ُ العظماِء . والنتصاُر على النف ِ
ة مع ف ،وخيم ُ ل مع الخو ِ س ِ ن ألذ ّ من العَ َ •خبٌز جاف مع أم ٍ
ة. صرٍ فيه فتن ٌ ب من قَ ْ سترٍ أح ّ
ة ق ،وفرح ُ ده خالد ٌ ،وذكُره با ٍ ة ،ومج ُ ة العلم ِ دائم ٌ •فرح ُ
ل ،وذكُره إلى نهايةٍ . ده إلى الزوا ٍ ة ،ومج ُ ل منصرم ٌ الما ِ
ح البراِر ن فََر ُ ح باليما ِ ن ،والفر ُ ح الصبيا ِ ح بالدنيا فر ُ •الفر ُ
ف. شَر ٌ ل للهِ َ ل ،والعم ُ لذ ّ ة الما ِ ،وخدم ُ
ل ة ،وعََرقُ العم ِ ب النجازِ راح ٌ ب ،وتع ُ ب الهمةِ ع َذ ْ ٌ •عذا ُ
ب. طي ٍ ن ِ ن أحس ُ س ُ ح َ
ك ،والثناُء ال َ س ٌ م ْ ِ
سك ،وعمُلك هوايتك ، •السعادةُ أن يكون مصحُفك أ ني َ
وبيُتك صومعَتك ،وكنُزك قناعَتك .
ن الثناِء ح بحس ِ ل ،والَفَر ُ ح الطفا ِ ل فر ٌ ح بالطعام ِ والما ِ •الفر َ
ل البّر مجد ٌ ل يَفنى . ح العظماِء ،وعم ُ فََر ُ
ة
س من طهار ِ ب الخيرِ للنا ِ •صلة الليل بهاُء النهارِ ،وح ّ
ة.ج عباد ٌ الضميرِ ،وانتظاُر الفر ِ
ل تحزن
387
صب ْرِ ، ة ال ّب الجرِ ،ومعايش ُ ة فنون :احتسا ُ •في البلِء أربع ُ
ف. ن الذ ّك ْرِ ،وتوقّعُ اللط ِ س ُ ح ْ و ُ
ن ،وترك ب المسلمي ُ ب ،وح ّ •الصلةُ جماعة ،وأداُء الواج ِ
ح الدنيا والخرةِ . ل صل ٌ ل الحل ِ ب ،وأك ُ الذنو ِ
ص على ن رأسا ً فإن الرأس كثيُر الوجاِع ،ول تحر ْ •ل تك ْ
ل سعادة ٌ . ف مع الخمو ِ ة ،والكفا ُ الشهرةِ فإن لهل ضريب ً
ت ،وتأخيُر التوبةِ ،واستعداُء ق ضياعُ الوق ِ م ِح ْ ة ال ُ •علم ُ
س ،وعقوقُ الوالدين ،وإفشاُء السرارِ . النا ِ
ن الذنوب ،وعدم ِ ك الطاعةِ ،وإدما ِ ب بتْر ِ ت القل ِ ف مو ُ •ي ُعَْر ُ
ن من مكرِ اللهِ ،واحتقاِر المبالةِ بسوِء الذكرِ ،والم ِ
الصالحين .
ن آخَر ،ومن لم •من لم يسعد ْ في بيِته لن يسعد َ في مكا ٍ
ده. مه ضي ّعَ غ َ يحّبه أهُله لن يحّبه أحد ٌ ،ومن ضي ّعَ يو َ
ة ن باّر ،وزوج ٌ ب نافعٌ ،واب ٌ •أربعة يجلبون السعادة :كتا ٌ
ض عن الجميِع . عو ٌ ح ،وفي اللهِ ِ س الصال ٌ ة ،وجلي ٌ محبوب ٌ
ص ب وعلم هي ملخ ُ ن وشبا ٌ ة وأم ٌ ى وحري ُ ة وغن ً ن وصح ُ •إيما ُ
ل أن تجتمعَ كّلها . ما يسعى له العقلُء ،لكنها ق ّ
ن ن فليس عندك عهد ٌ ببقاِئك ،وليس لديك أما ٌ •اسعد ال َ
م ن َْقدا ً والسروَر د َْينًا. ل اله ّ ن ،فل تجع ِ من روعةِ الزما ِ
ل م ،و عَْق ٌ خل ُقٌ مستقي ٌ ن صادقٌ ،و ُ •أفضل ما في العالم ِ إيما ٌ
ل. ئ وما سوى ذاك شغ ٌ م ،ورِْزقٌ هان ِ ٌ م سلي ٌ س ٌ ج ْ حو ِ صحي ٌ
ن. ن في الوطا ِ ن ،والم ُ ة في البدا ِ •نعمتان خفّيتان :الصح ُ
ة. ة الصالح ُ ن ،والذري ُ س ُ ح َ نعمتان ظاهرتان :الثناُء ال َ
ةس الراضي ُ ت البغضاِء ،والنف ُ ل ميكروبا ِ ج يقت ُ ب المبته ُ •القل ُ
ت الكراهيةِ . تطارد ُ حشرا ِ
م ألذ ّ غذاٍء ، ة أسبغُ غطاٍء ،والعل ُ ن أمهد ُ وطاٍء ،والعافي ُ •الم ُ
ن كساٍء . ب أنفعُ دواٍء ،والستُر أحس ُ والح ّ
•السعيد ل يكون فاسقا ً ول مريضا ول مدينا ً ول غريبا ً ول
حزينا ً ول سجينا ً ول مكروهًا.
ل تحزن
388
مل •السعيد :انجلءُ الغمراتِ ،وإزالةُ العداواتِ ،وعَ َ
الصالحاتِ ،والنتصارُ على الشهواتِ.
الطرق خطرا ً طريقُك إلى بيتِك ،وأكثر اليامِ بركة ِ •أقلُ
لحد .
ٍ ن تسيء فيه ن زم ٌ يوم تعملُ صالحًا ،وأشأمُ الزما ِ
ر فقد سبّوا ربهم تعالى ،أوجدهم من العَدَم ِ •إن سبّك بَشَ ٌ
ه، مُهم من جوعٍ فشكروا غيْرَ ُ فشكوا في وجودِه ،وأطعَ َ ّ
فحارُبوه . َ م من خوفٍ وآمنَُه ْ َ
أن الناس الرضية على رأسِك ،ول تظنّ ّ َ •ل تحملِ الكرةَ
يهمّهم أمرُنا إن زكاما ً يصيبُ أحدكم ينسيهم موتي
وموتك . ِ
ن ،وأمْنٌ من الفتنِ ، وسكَ ٌ َ وسلمة
ٌ ووطن ،
ٌ ٌ كفاية •السرورُ
ونجاة من المِحن ،وشكرٌ على المننِ ،وعبادةٌ طيلة ٌ
الزمن .ِ
•)) كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيلٍ ((،
م بكلمٍ تعتذر تكل ْ
ّ ع (( )) ،ول )) وصلّ صلة المودّ ٍ
وأجمع اليأس عما في أيدي ُ منه (( )) ، ُ
الناس (( . ِ
يحبك ّ س
•ازهد في الدنيا يحبّك الله ،وازهدْ فيما عند النا ِ
الناسُ ،واقنعْ بالقليلِ واعملْ بالتنزيلِ واستعدّ للرحيلِ ،
وخف الجليلَ . ِ
•ل عيش لممقوتٍ ،ول راحة لمعادٍ ،ول أمن لمذنبٍ ،ول
لفاجر ،ول ثناءَ على كاذبٍ ،ول ثقة بغادرٍ . ٍ محبّ
•)) عجبا ً لمر المؤمن إن أمره كلّه خَْيرٌ وليس ذاك
لحد إل للمؤمن إن أصابته سراءُ شكر فكان خيرا ً
صَبرَ فكان خيرا ً له (( . له ،وأن أصابته ضراءُ َ
بابها ،والسروُر حديقتُها فتاحُ السعادةِ ،والحبّ ُ البتسامة مِ ْ
ُ •
ن جدارُها . نورها ،والم ُ ُ واليمان
ُ ،
بارد ،وكتاب ٌ وروض أخضرُ ،وماءٌ ٌ •البهجةُ :وجهٌ جميلٌ ،
مفيد مع قلب يقدُّر النعمة ويتركُ الثم ويحبّ الخيرَ . ٌ
ل تحزن
389
•ينام المعافى على صخر كأنه على ريش حريرٍ ،ويأكلُ خبز
الشعيرِ كالثريدِ ،ويسكنُ الكوخَ كأنه في إيوانِ كسرى.
لذريته ،حارسا ً ِ •البخيل يعيش فقيرا ً أو يموتُ غنيا ً خادما ً
لماله ،بغيضا ً عند الناسِ ،بعيدا ً من اللهِ ،سيئ السمعة ِ
في العالمِ .
•الولد أفضلُ من الثروةِ ،والصحةُ خيرٌ من الغَِنى ،والمن
المال .
ِ ن من السكنِ ،والتجربةُ أغلى من حسَ ُ َأ ْ
•اجعل الفرح شكرًا ،والحزن صبرًا ،والصمت تفكرًا ،والنظر
ة. ة ،والموت أمني ً اعتبارًا ،والنطقِ ذِْكرا ً ،والحياء طاع ً
يهتم بغدٍ ولّ مساء ،ول َ ن مثل الطائرِ يأتيه رزقُه صباحَ •كُ ْ
رفيق الحركةِ . َ بأحد ول يؤذي أحدًا ،خفيف الظلّ ٍ ُ يثق
الناس أهانُوه ،ومن بخلَ عليهم مقتوه ، ِ َ مخالطة •من أكثرَ
حلم عليهم وقّروه ،ومن أجادَ عليهم أحبوه ،ومن َ ومن
احتاج إليهم ابغضوه . َ
ل ،ومن المحال •الفلك يدورُ ،والليالي حبالى ،واليامُ ُدَو ٌ
شأن ..فلماذا ٍ كل يومٍ هو في ّ دوام الحالِ ،والرحمنُ ُ
تحزن ؟.ً
ف على أبوابِ السلطينِ ونواصيهم في قبضةِ رب •كيف تق ُ
فقير ،وتطلب بخيل ً ،وتشكو ٍ تسأل المال منُ العالمين؟!
إلى جريحٍ !! .
ابعث رسائل وقت السّحرِ :مدادُها الدمعُ وقراطيسُها ْ •
الخدودُ ،وبريدُها القبولُ ووجهتُها العرشُ :وانتظرِ الجواب
.
•إذا سجدت فأخبرْه بأمورك سرا ً فإنه يعلمُ السرّ وأخفى ،
سمع من بجوارِك ؛ لن للمحبةِ أسرارا ً والناسُ حاسد ْ ول ُت
وشافع .
ٌ
ة ،والفتقار إليه غنىً ، ز ًالذل له عِ ّ
ّ جَعلَ
•سبحان من َ
ومسألته شرفا ً ،والخضوع له رِْفَعةً ،والتوكل عليه كفايةً .
ببالك وأصبح حالُك من الحزنِ حالكِا ً ،وفجعت ِ •إذا دارهمّ
لعل الله يحدثُ بعد ذلك أمرا ً . ّ في أهلك ومالك ،فل تيأسْ
ل تحزن
390
ل ﴾ فإنها تطفئ كي ُ و ِ م ال ْ َ ع َون ِ ْ ه َ سب َُنا الل ّ ُ ح ْ •ل تنس ﴿ َ
الحريق ،وينجو بها الغريقُ ،ويعرف بها الطريق ،وفيها َ
العهد الوثيق .
ترُد النهر ،وتسكن الشجر ،وتأكل •طوبى لك يا طائر ِ :
قر ،فأنت أسعد س َ
الثمر ،ول تتوقع الخطر ،ول تمرّ على َ
حال ً من البشرِ .
والحزن كفارةٌ ،والغضب ُ مستعارة ،
ٌ ٌ لحظة •السرورُ
خسارة ،والعبادةُ تجارةٌ . ٌ شرارةٌ ،والفراغُ
واليوم في السياقِ ،وغدا ً لم يولدْ ،وأنت اب ُ
ن ُ أمس ماتَ ،
ِ •
بأربح بضاعةٍ . ِ د لك فاجعلها طاعةً َ ،تعُ ْ ْ الساعةِ
•نديمك القلمُ ،وغديرُك الحبرُ ،وصاحبك الكتابُ ،ومملكتك
قوتك ،فل تأسفْ على ما فاتَ . ُ بيتُك ،وكنزُ َ
ك
أواخرها ،كالسحابِ أوله ُ وسرتك ّ أوائل المورِ ُ •ربما ساءتْك
ورعد وآخره غيثٌ هنيء ٌ ر ٌ
ق َب ْ
هبُ الدغال، ذ ِالستغفار يفتح القفال ،ويشرحُ البالّ ،ويُ ْ ُ •
وازة التوفيقِ . ُ الرزق ودر ِ ُ بون وهو عُرْ
ى ومروءةٌ وعفوٌ وعافية ست شافية كافية :دينٌ وعلمٌ وغن ً ّ •
.
•من الذي يجيبُ المضطر إذا دعاهُ ،وينقذُ الغريق إذا ناداه،
منْ؟ قال :يا اللهُ ؟ إنه اللهُ . ويكشف الكرب عنا َ
•ابتعد عن الجدلِ العقيمِ ،والمجلسِ اللغي ،والصاحب
لص والعينَ سارقة ٌ السفيِه ،فإن الصاحبَ ساحبٌ ،والطبعَ
.
الستماع ،وعدمِ مقاطعة المتحدثِ ،ولين ِ التحلي بحسنِ ّ •
صدور الحرارِ . ِ الخلق ،أوسمةٌ على ِ الخطاب ،ودماثةِِ
وإيمان وقرآن ٌ ٌ ولسان ويدان ورجلنِ ِ •عندك عينانِ وأذنانِ
إنسان ﴿ َ َ
ماء َرب ّك ُ َ ي آل ِ فب ِأ ّ ُ وأمان ..فأين الشكرُ يا ٌ
ن﴾. ت ُك َذَّبا ِ
ل تحزن
391
وتعتمد على ساقُْيك ُ أقدام ،
ٌ رتْ •تمشي على قدميك وقد ُبتِ َ
نومه ، ً شرَد الل ُ
م ّ وقد قُطعتْ سيقان ،وتنام وغيرك
وتشبع وسواك جائعٌ .
م والعمى ،ونجوت من البرص ك ِ والب ْ
ُ •سلمت من الصّ ِ
مم
والجنون والجذام ،وعوفيت من السل والسرطان ،فهل
شكرت الرحمن ؟!
•مصيبتنا أننا نعجزُ عن حاضرنا و نشتغلُ بماضينا ،ونهمل
يومنا ونهتمّ بغدِنا فأين العقلُ وأين الحكمةُ ؟!
يستحق الذكر ،وأنك ّ نقد الناسِ لك معناه أنك فعلت ما • ُ
فقتهم علما ً أو فَْهما ً أو مال ً أو مَْنصِبا ً أو جاهًا. ُ
ص شخصية الغيرِ ،والذوبانُ في الخرين ،ومحاكاة •تقمّ ُ
وإزهاق لمعالم الشخصيةِ . ٌ ٌ انتحار ِ الناس
و ه ة ه ج و لّ ُ ك ل و ، م ه ب ر ش ْ م س نا ل أُ م كُ ّ •﴿ َ
َ ُ ٌ َ ْ ِ ِ َ ﴾ ْ ُ َ َ َ ٍ َ عل ِ َقد ْ َ
غي ُْر و َ ن َ وا ٌ صن ْ َ ِ عة (( ، إم ً ها ))ل تكونوا ّ وّلي َم َ ُ
د ﴾. ح ٍ وا ِ ء َ ما ٍ قى ب ِ َ س َ ن يُ ْ وا ٍ صن ْ َ ِ
حة ،ومع البليةِ عطيةٌ ، ر ٌ •مع الدمعةِ بسمةٌ ،ومع التّرحةِ َف ْ
مطردة .
ٌ ٌ وقاعدة ة ،سنة ثابتةٌ ومع المحنةِ مِنْح ٌ
•انظرْ هل ترى إل مبتلًى ،وهل تشاهدُ إل منكوبا ً ،في كل
د. دمع ،وفي كل وادٍ بنو سَعْ ٍ ٌ نائحة ،وعلى كل خدّ ٌ دارِ
الطيار ،و ِ معروفك أجملُ من تغريدِ ِ •صوتٌ من شكرِ
الوتار . ِ الشجار ،وغناءِ ِ ِ ،وحفيف نسيم السحارِ ِ
بكلفة ،وإذا ٍ •إذا شربت الماء الساخن قلت الحمدُ ِ
لله
لله . شربْت الماء البارد قال كل عضو فيك :الحمدُ ِ
ك مال يعني ، ر ُ سوق العقلءِ تَ ْ ِ أرخص سعادةٍ ُتباعُ في ُ •
الناس ويألفوك . َ وأغلى سلعةٍ عند العالمِ أن تألفَ
سلَ فإنه م ،والعجز فإنه موتٌ ،والكَ َ •إياك والهمّ فإنه سُ ّ
تدبير.
ٍ الرأي فإنه سوءٌ ِ خيبةٌ ،واضطرابَ
النسان ،واصطناعُ المعروف ِ شر من غربةِ ّ جار السوءِ • ُ
ن هو المجدُ . الحسَ ُ َ أرفع من القصورِ الشاهقةِ ،والثناءُ
ل تحزن
392
أحق الناس بزيادة النعمِ أشكرُهم ،وأولهم بالحبّ من ّ •
بذل نداه ومنعِ أذاه وأطلقِ محياه .
ج إلى السرور محتاجٌ إلى المنِ ،والمالُ محتا ٌ •
محتاج إلى الشفاعةِ ،والسيادة محتاجة ٌ صدقة ،والجاهُ ِ
إلى التواضعِ .
عة إل بالنّصب الد ُالراحة إل بالتعبِ ،ول تدركُ ّ ُ ل تُنال •
،ول ُيحصلُ على الحبّ إل بالدبِ .
صبِ ، منْ ِ ق أجلّ من ال َ أهم من الثروةِ ،والخُُل ُ ّ البناءُ •
المجد .
ِ ة ،والتقوى أسمى من ر ِ
الخبْ َِ والهمة أعلى من ُ
صديق ،ول ٍ •ل تطمعْ في كل ما تسمعُ ،ول تركنْ لكل
سرك إلى امرأةٍ ،ول تذهبْ وراء كلّ أمنيةٍ . ّ ف ِ
ش ُت ْ
•ما رأيتُ الراحة إل مع الخلوةِ ،ول المن إل مع الطاعةِ ،
ق. د ِ ول المحبةَ مع الوفاءِ ،ول الثقة إل مع الصّ ْ
عداوات ,وسيئةٍ تمنع ٍ ب أكلةٍ تمنع أكلتٍ ,وكلمة تجلبُ •ُر ّ
حسرات .
ٍ قبَونظرة تُْع ِ
ٍ الخيراتٍ ,
رفا ً ،ول حياتك تَرَفا ً ،ول •ل يكنْ حبّك كَلفًا ،ول بغضُك سَ َ
سفا ً ،ول قصدك شرفًا. رك أَ َ
تذك ُ
ّ
ر ،ول •كل امرئ في بيته أميرٌ ل يهيُنه أحدٌ ،ول يحجبُه َبشَ ٌ
ار ول يرده بخيلٌ . ه جبّ ٌ يذلّ ُ
•أفضلُ اليام ما زادك حِْلما ً ،ومنحَك عِلْمًا ،ومنََعك إثْما ً ،
فهمًا ،ووهبَك عزْما ً . وأعطاك ْ
•الحياة فرصةٌ ل نعرفُها إل بعد أن نفقدها ،والعافيةُ تاج
الصحاء ل يراها إل المرضى . ِ على رؤوسِ
وزوجة مشاكسةٌ ،وجار ُ عاق ،
ّ من له ابنٌْ •متى يسعدُ
أمارة ،وهوًى متَّبعٌ . ٌ مؤذ ،وصاحبٌ ثقيلٌ ،ونفسٌ ٍ
•إن لرّبك عليك حقا ً ،ولنفسِك عليك حقا ً ،ولعينِك عليك
حقا ً ،ولزوجِك عليك حقا ً ،ولضيفِك عليك حقا ،فأعط كل
ذي حقّ حقههُ .
•استمتعْ بالنظرِ إلى الصباحِ عند طلوعهِ فإن له جمال ً جلل ً
إشراقا ً يفتح لك المل والتفاؤل.
ل تحزن
393
ك من ذِْكرٍ أو ملَ َ •عليك بالبكورِ فإنه بركةٌ ،فأنجزْ فيه عَ َ
فرٍ . تلوة أو حفظٍ أو مطالعةٍ أو تأليفٍ أو سَ ْ ٍ
وارض خالقا ً ،وارحمْ مخلوقا ً ، ِ •كنْ وسطا ً ،وامشِ جانبا ً ،
وأكملْ فريضةً ،وتزود بنافلةِ تكنْ راشدا ً .
الخاتمة ،وسدادُ القولِ ،وصلحُ العملِ ، ِ •التوفيق :حسنُ
م.
ح ِ والبعدُ عن الظلمِ ،وقطيعةُ الرّ ِ
ة ،وكم من زلةٍ أ وجبتْ ِذلّ ً رب كلمةٍ سلبْت نعمةً ،وربّ ّ • ّ
عزّ له . خلوة حلوةٍ ،وصاحبُ العزلة فيها ِ ٍ
• )) المسلم من سلم المسلمون من لسانِه ويدِه،
أمنه الناسُ على دمائِهم والمؤمنُ من ِ
جرَ ما نهى الله وأموالهم (( )) ،والمهاجرُ من هَ َ ِ
عنه(( .
وخير البيوت ُ ك، علمك ما َرَفَع َ ِ ك ،وأجلّ فَع َمالك ما نَ َ •خيرُ ِ
ك. ح َ ك ،وخيرُ الصحاب من َنصَ َ ما وسَِع َ
ر فيك ،وإذا لم يكن لك حاسد فل خَيْ َ ٌ •إذا لم يكن لك
ق لك ،وإذا لم يكن لك دٌين فل مبدأ لك . صاحبٌ فل خُلُ َ
ح قلبك بالتوبةِ من سّر نفسك بتذكرِ حسناتِك ،وأر ْ • ُ
سيئاتك ،وطوقِ العناق بأياديك البيضاءِ . ِ
ة ،وكثرةُ النومِ إخفاق طنَ َ
الف ْ •السمنة غفلةٌ ،والبطنةٌ تذهب ِ
عذاب .
ٌ ،وكثرة الضحكِ ُتميتُ القلب ،والوسوسةُ
يذهبها ُ ة الوليةِ ح ُ ر َ وف ْ
ة الرضاعِ مرة الفطامِ َ ، و ُحلْ َ
المارة ُ
ُ •
ار . حزن العزلِ ،والكرسيّ دوّ ٌ ُ
ب ،والبعدُ عمن ح ّ •من لذائد الدنيا :السفرُ مع من تُ ِ
تبغضُ ،والسلمةُ من يؤذي ،وتذكرُ النجاح .
الحر ،والحسانُ يقيد النسانَ ،الحلمُ يقهر ّ •البرُّ يستبعدُ
مرَ الج ْ
َ م ،والصبر يطفئ الخصْ َ َ
أرخص ما تكون ُ هان ،والحاجةُ •الدنيا أهنأ ُ ما تكونُ حين ُت ُ
ى عنها . حينما يُستْغنْ َ
•إذا أهّمك رزقُ غد فمن يكفلُ لك قدوم غٍد ،وإذا أحزنك ما
حدث بالمسِ فمن يعيدُ لك المسَ .
ل تحزن
394
ة خَْيرٌ من خير من مالٍ كثيرٍ ،وعزلٌ في عزّ ٍ ٌ •توفيقٌ قليلٌ
وليةِ في ِذّلةٍ ،وخمولٌ في طاعةٍ خَْيرٌ من شدةٍ في
معصيةٍ .
القانع ملكٌ ،والمسرفُ أهوجُ ،والغضبانُ مجنونٌ ، ُ •
والحاسد ظالمٌ . ُ والعجولُ طائشٌ ،
النسان ،ويخسئ َ الرحمن ،ويسعدُ َ ر اللهِ يرضي •ِذكْ ُ
ب الحزان ،ويمل الميزانَ . ذهِ ُ الشيطان ،ويُ ْ
وموفق من كثُر مالُه ٌ •سعيدٌ من طال عمرُه وحسن عملُه ،
فزادت تقواه. ْ مه فكثر برّه ،ومباركٌ من زاد عل ُ
دم جزاء من اهتمّ بالناسِ أن ينسى همومه ،وثوابُ من خَ َ ُ •
يأتيه
الناس ،وجائزةُ من ترك الدنيا أن َ ُ موله أن يخدمه
غد ا ً . رزقه َر َ ُ
•ل تستقلّ شيئا ً من النعم مع العافيةِ ،ول تحتقرْ شيئا ً من
التوبة ،ول تكثرْ طاعةً مع عدم الخلصِ . ِ الذنب مع عدمِ ِ
فرح الطفالِ ،والفرح بالثناءِ الحسنِ فرح ُ •الفرح بالدنيا
الولياء البرارِ . ِ الرجالِ ،والفرحُ بما عند الله فرحٌ
صيانة ،والعلم ٌ ريبة ،والحياءُ ٌ الصدق طمأنينةٌ ،والكذبٌ ُ •
جمال ،والصمتُ حكمةٌ . ٌ جةٌ ،والبيانُ ح ّ ُ
هب ذ ِ النتصار تُ ْ
ِ ولذة
ُ حلوة الظفرِ تمحو مرارة الصبر ، ُ •
وإتقان العملِ يزيلُ مشقته. ٌ وعثاء المعاناةِ ، ِ
الله ،وأحسنُ ما في الجنةِ رؤية ِ •أطيبُ ما في الدنيا محبةُ
الله ِ الخلق رسولُ ِ كتاب الله ،وأبرّ ُ اللهِ ،وأنفعُ الكتبِ
.
لرمسه
ِ •السعيُد منِ اعتبر بأمسِه ،ونظر لنفسه ،وأعدّ
وراقبَ الله في جهرِه وهمسِه .
خيبة ، ٌ سةُ ،والهيبةُ ح خِ ّ والش ّ
ّ مهانة،
ٌ ُ والطمع الحرص ّ
ذل ُ •
والغفلةُ حجابٌ .
احفظ الله تجدْه أمامك ، ِ • )) احفظِ الله يحفظْك ،
ه في الرخاءِ يعرفْك في الشدةِ ،إذا ف إلى الل ِ تعرّ ْ
ل تحزن
395
فاسأل الله ،وإذا استعنت فاستعن ِ سألت
بالله (( . ِ
مالك صيانة َ بلئك ،واجعلْ لزمان ِ ِ رخائك عدةً ِ •اجعلْ زمان
لحالك ،واجعلْ عمرك طاعةً لرّبكَ . ِ
لذة أو جبتْ حسرةً ،وزلةً أعقب ذِّلة ،ومعصيةٍ سلبت ٍ • ّ
رب
بكاء.
ً جرتْ نعمة ،وضحكةٍ ّ ً
ت ،والدنيا إذا النعم إذا شكرتْ قّرتْ ،وإذا كفرتْ فّرَ ْ ُ •
ت ،وإذا بّرتْ غّرتْ. سرتْ مّرَ ْ ّ
قلة الطعامِ , ُ •السلمة إحدى الغنيمتين ،وصحةُ الجسمِ
الثام ,وصحة الوقتِ البعدُ عن المقْتِ . ِ الروح قلةُ
ِ وصحةُ
السرور قصيرة ِ دقيقة ,وليلةُ ٌ ِ اللذة اللم يوم ,ويومُ
ِ •دقيقةُ
طويل ثقيلٌ . ٌ ويوم الهمّ ُ ,
حبب إليك الطعام ,والسجن ذكرك النعيم ,والجوع ّ •البؤسُ ّ
شوقك للعافيةِ . ّ ثمّن لديك الحرية ,والمرضُ
ية وإياك وثلثة م ِ والراحة والحِ ْ ِ •عليك بثلثة أطباء :الفرحِ
والوهم والقنوطِ . ِ أعداءٍ :التشاؤمِ
•السعادةُ هي أن تصل النفس إلى درجة كمالِها ,والفوز أن
تخدمه الدنيا بإقبالِها. ُ تجد ثمرةَ أعمالها ,والحظّ أن
وجئناْ ك ،وأرسلْ عينيك وقلْ : يدي َومد َ ّ •اجلسْ في السحرِ ،
فأوف لنا الكيل يا جليلُ . ِ ببضاعةٍ مزجاةٍ
والسقم والهرمِ ,ول تشرب ِ •من النعم السلمةُ من اللمِ
تنم حتى تتعب. ْ تجوع ,ول َ تظمأ ,ول تأكلْ حتى ً حتى
تعنى فبالفوِز تمنى ,ومن للخيرِ ّ •من تأنّى حصل على ما ّ
عقم ,والمانيّ إفلسٌ . ٌ تهنّا ,والعجلةُ
•ارض عن اللهِ فيما فعله بك ,ول تتمنّ زوال حالةٍ أقامك
فيها ,فهو أدرى بك منك وأرحمُ بك من أمّك.
بشرطها من ندمٍ وتوبة ِ الله كلّه خَْيرٌ ,حتى المعصيةُ ِ ُ قضاء •
جبِ . واستغفار ,وإذهابِ الكبرٍ والعُ ْ ٍ ,وانكسارٍ
والنهار,
ِ داوم على الستغفارِ فإن للهِ نفحاتٍ في الليلِ ْ •
الدين .ِ فعسى أن تصيبك منها نفحةٌ تسعدُ بها إلى يومِ
ل تحزن
396
ر ,وإذا أذنب ر ,وإذا ابتُِلي صَبَ َ وبى لمن إذا أُْنِعم عليه شَكَ َ ط ْ
• ُ
ل. د َ ع َ م َ حكَ َاستغفر ,وإذا غضِب حلمَ ,وإذا َ
اللسان ,وتنميةُ العقلِ ,وصفاء ِ •من فوائد القراءةِ فتقُ
الهم ,والستفادةُ من التجاربِ ،واكتساب ّ الخاطر ,وإزالةُ
ِ
الفضائل . ِ
والتوبة والنابةِ ,والتوكلِ على ِ •غذاءُ القلب في الخلصِ
الله ,والرغبةِ فيما عنده والرهبةِ من عذابهِ ,وحبِه تعالى. ِ
وداوم على )) يا ْ •الزم )) يا ذا الجلل والكرام ((
رج والفَرَح برحمتك استغيثُ (( لترى الفَ َ ِ حيّ يا قيومُ
والسكينةَ .
وأجر الحلم ، ِ فوَ ، الع ْ
ضلِ َ وف ّ •إذا آذاك أحد فتذكرِ القضاءَ َ ،
وثواب الصبرِ ،وأنه ظالمٌ وأنت مظلومٌ ,فأنت أسعدُ حظا ً
.
الحزن ؟
ُ مقدر ,فلماذا ّ ُ والرزق •القضاء نافذُ والجلُ محتومٌ
بأجرها فلم الهمّ ؟. ِ ُ والمصيبة والمرض والفقرُ ُ
•في الدنيا جنّةٌ من لم يدخلْها لم يدخلْ جنة الخرةِ ,وهي
وحبه والنسُ به والشوقُ إليه. ّ ذكرُه سبحانه وطاعتُه
•رضي الله عنهم لنهم أطاعوا أمره واجتُنبوا نهيه ورضوا
عنه ؛ لنه أعطاهم ما أمُِلوا ،وآمنهم مما خافُوا .
ويرزق ويرى ُ يقدر ويغفرُ ويسترُ ُ •كيف يخزنُ من عندَه ربّ
ه مقاليدُ المورِ. وبيد ِ
ِ ويسمع ،
ُ
مفتوح ،والعفوُ ممنوحٌ ،وعطاؤُه ٌ ُ والباب ٌ واسعة •الرحمةُ
ويروح ،والتوبةُ مقبولةٌ ،وحلمه كبيرٌ . ُ يغدو
•ل تحزْن لن القضاء مفروغٌ منه ،والمقدور واقعٌ ،والقلم
حاصل ،والذنب مغفورٌ . ٌ ُ والجر جفت ،والصحف طُوَِيتْ ْ
ر المَلَ ،وانتظرِ الجل ،وعش يومك ، •أحسِن العمل وقصّ ِ
زمانك واحفظْ لسانَك . َ وأقبل على شأنِك واعرفْ ْ
م من سأ َ َ ظ من قبرٍ ،ول أَ ْ د من كتابٍ ،ول َأْوعَ َ •ل أَْفيَ َ
أغنى من قناعةٍ . زهد ،ول ْ ٍ رفَ من ش َ معصيةٍ ،ول أَ ْ
ل تحزن
397
تاريخك ،والمجدُ ل ُ •بقدر همتك وجدّك ومثابرتِك يُكتبُ
نال بتضحيةٍ . وي ُ ُيعطى جزافا ً وإنما يؤخذ بجدارةٍ ُ
فحسب ،وتهيأ
ُ م الخرةِ •هوّن المر يَُهنْ ،واجعلِ الهمّ ه ّ
للقاءِ اللهِ تعالى ،واتركِ الفضولَ من كل شيٍء .
المباحات من المزعجاتِ كفضولِ الكلمِ والطعام ِ •فضولُ
والضحك ,وهي سببُ الغمّ . ِ والمنام والخلطةِ ِ
وندمًا, ْ
حسرة َ
ً م ﴾ فل تذوبوا فات َك ُ ْ ما َ عَلى َ وا َ س ْ •﴿ ل ِك َْيل ت َأ َ
ول تهلكوا بكاًء وأسفًا ,ول تنقطعوا عويل ً وتسخّطًا.
ن ﴾ يكفيكم مِني َ ؤ ِ ن ال ْ ُ
م ْ م ْ ك ِ ع َ ن ات ّب َ َ م ْ و َ ه َ ك الل ّ ُ سب ُ َ ح ْ •﴿ َ
اللهُ فيسددكم ويرعاكم ويدفع عنكم ويحميكم فل تخافون.
وا ﴾ يدفع عنهم العداء ,يعافيهم ق ْ ن ات ّ َ ذي َ ع ال ّ ِ م َ ه َ ن الل ّ َ •﴿ إ ِ ّ
من البلءِ ,ويشافيهم من الداءِ ,يحفظُهم في البأساء
والضراءِ .
عَنا ﴾ يرانا ,يسمع كلمَنا ,ينصرُنا على م َ ه َ ن الل ّ َ ن إِ ّ حَز ْ •﴿ل ت َ ْ
عدونا ,ييسرُ لنا ما أهمّنا ,يكشفُ عنا ما أغمّنا. ِ
ك ﴾ أما جعلناه فسيحا ً وسيعا ً ح لَ َ َ
صدَْر َ ك َ شَر ْ م نَ ْ •﴿ أل َ ْ
فرحا ً معمورا ً ؟! مبتهجا ً مسرورا ً ساكنا ً مطمئنا ً ِ
ن ﴾ فنحن نكفيك مك ُُرو َ ما ي َ ْ
م ّ ق ِ ضي ْ ٍ في َ ك ِ ول ت َ ُ •﴿ َ
عنك كيدهم ,ونردّ عنك أذاهم فل تضِق مكرهم ,ونصدّ ْ
ذرْعًا.
حَزُنوا﴾ وأنتم العلون عقيدةٌ وشريعةٌ , ول ت َ ْ هُنوا َ ِ ول ت َ •﴿ َ
والعلون منهجا ً وسيرةً ,والعلون سندا ً ومبدأ ً ,وأخلقا ً
وسلوكًا.
المذنب ,يقبل
ِ ة ﴾ يعفو عن فَر ِ غ ِ م ْ ع ال ْ َ س ُ وا ِ ك َ ن َرب ّ َ •﴿ إ ِ ّ
التوبة ,يقيلُ العثرة ,يمحو الزلة ,يستر الخطيئة ,يتوبُ على
التائب.
•﴿ ول ت َيأ َ
ه ﴾ فإن فرجهٌ قريب ,ولطفه ح الل ّ ِ ِ و
ْ رَ ن
ْ مِ سوا ُ ْ َ
عاجل ,وتيسيرهُ حاصلٌ ,وكرمُه واسع ,وفضله عامٌ . ٌ
جتبي ويختار, ويعافي وَُي ِ ن﴾ ُيشافي ُ ه َ
مي َ ح ِ م الّرا ِ ح ُ و أْر َ و ُ َ •﴿ َ
ويحفظ ويتولى ,ويسترُ ويغفرُ ,ويحلمُ ويتكرمُ . ُ
ل تحزن
398
فظا ً ﴾ يحفظ الغائب ,يرد الغريبَ ,يهدي حا ِ خي ٌْر َ ه َ فالل ّ ُ •﴿ َ
الضال ,يعافي المبتلى ,يشفي المريضَ ,يكشفُ الكربِ . َ
فوضوا المر إليه ,وأعيدوا الشأن وك ُّلوا﴾ ّ فت َ َ ه َ عَلى الل ّ ِ و َ •﴿ َ
إليه ,واشكوا الحال عليه ,ارضوا بكفايته ,اطمئنوا لرعايته .
َ ي ِبال ْ فعسى الل ّه أ َن يأ ْ
ح﴾ فيفتح القفال ,ويكشف ِ ْ تف َ ِ ت ُ ْ َ •﴿ َ َ َ
ب الثقال ,ويزيل الليالي الطوال ,ويشرح البالَ , الكُرَ َ
ويصلح الحالَ .
مرا ً﴾ فيذهب غمّا ً ث بعد ذَل ِ َ َ
كأ ْ د ُ َ ْ َ ح ِ ه يُ ْ ل الل ّ َ ع ّ ري ل َ َ •﴿ ل ت َدْ ِ
ب بعيدًا.
ما ً ويزيلُ حزنا ً ويسهل أمرا ً ويُقرّ ُ ويطرد هَ ّ ُ
كربا ً ويغفرُ ذنبا ً ويعطي ن﴾ يكشفُ ْ في َ ْ •﴿ ك ُ ّ
شأ ٍ و ِ ه َ وم ٍ ُ ل يَ ْ
ويفك مأسورا ً ،ويجبر ّ ِرْزقا ً ويشفي مريضا ً ويعافي مبتلًى ،
كسيرا ً .
سرا ً﴾ مع الفقرِ غنى ,وبعد المرض ر يُ ْ س ِ ع ْ ع ال ْ ُ م َ ن َ فإ ِ ّ •﴿ َ
ة ,وبعد عافيةٌ ,وبعد الحزنِ سرورٌ ,وبعد الضيق سَعَ ٌ
شبع .
ٌ انطلق ,وبعد الجوعِ ٌ ِ الحبس
سيحلّ القيدُ ,وينقطع سرا ً﴾ ُ ر يُ ْ س ٍ ع ْ عد َ ُ ه بَ ْ ل الل ّ ُ ع ُ ج َ سي َ ْ •﴿ َ
فتح البابُ ,وينزل الغيث ,ويصلُ الغائبُ , الحبلُ ,ويُ ُ
وتصلح الحوالُ .
ل﴾ فسوف يبدل الحالْ ,وتهدأُ النفسُ , مي ٌ ج ِ صب ٌْر َ ف َ •﴿ َ
الصدر ,ويسهل المرُ ,وتحل العقدُ ,وتنفرجُ الزمة ُ ُ وينشرح
.
ت ﴾ ليصلح حالُك, مو ُ ذي ل ي َ ُ ي ال ّ ِ ح ّ عَلى ال ْ َ ل َ وك ّ ْ وت َ َ •﴿ َ
مالك ,ويرعى عيالُك ,ويكرم مآلُك, ويشرح بالُك ,ويحفظ ُ
آمالك.ُ ويحقّ َ
ق ُ
ل﴾ يكشف عنا الكروب ,ويزيل كي ُ و ِ م ال ْ َ ع َ ون ِ ْ ه َ سب َُنا الل ّ ُ ح ْ •﴿ َ
عنا الخطوب ,يغفرُ لنا الذنوب ,يصلح لنا القلوب ,يذهب
عنا العيوبَ .
مِبينا ً﴾ هديناك واجتبيناك, فْتحا ً ُ ك َ حَنا ل َ َ فت َ ْ •﴿ إ ِّنا َ
وحفظناك ومكناك ,ونصرناك وأكرمناك ,ومن كل بلء
حسنٍ أبليناك.
ل تحزن
399
س﴾ فل ينالُك عدوّ ,ول يصل ن الّنا ِ م َ ك ِ م َ ص ُ ع ِ ه يَ ْ والل ّ ُ •﴿ َ
إليك طاغيةٌ ,ول يغلبك حاسدٌ ,ول يعلو عليك حاقدٌ ,ول
يجتاحك جبارٌ .
ظيما ً﴾ خلقك ورزقك ,علّمك ع ِك َ عل َي ْ َ ه َ ل الل ّ ِ ض ُ ف ْ ن َ كا َ و َ •﴿ َ
وفهمك ,هداك وسددك ,أرشدك وأدبك ,نصرك وحفظك, ّ
تولك ورعاك.
ق والرزق , الخلْ َ
َ ه﴾ أعطى ن الل ّ ِ م َ ف ِ ة َ م ٍ ع َ ن نِ ْ م ْ م ِ ما ب ِك ُ ْ و َ •﴿ َ
والسمع والبصر ,والهداية والعافية ,والماء والهواء ,
والغذاء والدواء ,والمسكن والكساء .
فاسأل الله تجدِ العون والكفاية والرشد والسداد ِ •إذا سألت
,واللطف والفرج ,والنصر والتأييدَ .
•على الله توكلْنا وبدينِه آمنا ولرسولِه اتبعنا ولقولِه استمعنا
تحزن إنّ الله معنا. ْ وبدعوتِه اجتمعنا ,فل
الله من ينصرُه ,فيرفُع قدره ،ويعلي شأنه ، ُ •ولينصرنّ
ويتولى أمره ،ويخذلُ عدوه ويكبتُ خصمه ويخزي من
كاده.
• )) ل حول ول قوة إل بالله(( ل إرادة ول قدرة ول
تأييدَ ول نصرَ ول فرجَ ول عونَ ول كفايةَ ول طاقةَ إل بالله
العظيمِ .
ن﴾ يطالع كتابَ الكونِ ،ويقرأ دفتر ْ ي َ ن ْ ي ع
َ ه
ُ ل لَ ْ عَ ج
ْ َ ن م
ْ •﴿ أ َل َ
ِ
سنِ ويسرحُ طرفه في الح ْ ُ الجمال ,ويتمتعُ بمشاهدِ ِ
الحياة .
ِ ِ مهرجان
المشرق ,ينطق
ِ يتكلم بالبيانِ ُ ن﴾ فت َي ْ ِ ش َ و َ سانا ً َ ول ِ َ •﴿ َ
السرات ,يترجم عما ِ ِ بالكلمات الجذاب ,يتحدثُ ُ بالحديثِ
ه.
في قلبِ ِ
شك َرت ُم َل َ
فهمكم ُ م ﴾ فيعظم علمُكم ويزيد زيدَن ّك ُ ْ ِ ن َ ْ ْ •﴿ ل َئ ِ ْ
خيركم. ُ ويتحقق نصرُكم ويكثرُ ُ م، ك ْ رزق ُِ ويبارك في
ه َ •﴿ َ
وخاصة ,
ً ة ﴾ عامةً وَباطِن َ ً هَرةً َ ظا ِ م ُ ع َ م نِ َ عل َي ْك ُ ْ غ َ سب َ َ وأ ْ َ
والمال ,في المواهب ِ في الدينِ والدنيا ,في الهلِ
والجوارح ,في الروحِ . ِ
ل تحزن
400
َ وأ ُ َ
ه﴾ أرفع شكايتي إليه ,أعرض ري إ َِلى الل ّ ِ م ِ ضأ ْ و ُ ف ّ •﴿ َ
ن ظني به ,أتوكلُ عليه ,أرضى بحكمِه, حسّ ُ حالي عليه ,أُ َ
أطمئنّ إلى كفايتِه.
ه﴾ يرزقهم إذا افتقروا ,يغيثهم إذا عَباِد ِ ف بِ ِ طي ٌ ه لَ ِ •﴿الل ّ ُ
مرضوا,
ُ قحطُوا ,يغفرُ لهم إذا استغفروا ,يشفيهم إذا
يعافيهم إذا ابتُلوا .
ه﴾ لم يغلقْ بابه ,لم يسدل ة الل ّ ِ م ِ ح َ ن َر ْ م ْ طوا ِ قن َ ُ • ﴿ل ت َ ْ
فضله ,لم ينقطعْ حبلُه . ُ خزائنه ,لم ينتهِ ُ ف ْ
د تن َحجابه ,لم ْ
َ
أهمه وأغمّه ,يحميه ّ ه ﴾ يكفيه ما عب ْدَ ُ ف َ كا ٍ ه بِ َ س الل ّ ُ •﴿ أل َي ْ َ
ممن قصده ,يمنعه ممن كاد له ,يحفظُه ممّن مكر به.
ق ﴾ فعنده الخزائُن ،ولديه ه الّرْز َ عن ْدَ الل ّ ِ غوا ِ فاْبتَ ُ •﴿ َ
الفتاح العليمُ .
ُ ُ المنان الكنوز ،وبيده الخيرُ ,وهو الجوادُ ُ
ه﴾ يكشف كربه ويغفر ذنبه, قل ْب َ ُد َ ه ِ ه يَ ْ ن ِبالل ّ ِ م ْ ؤ ِ ن يُ ْ م ْ و َ•﴿ َ
ويسدد خطاه.
ُ ويذهب غيظه وينيرُ طريقه
م ﴾ كنتم أمواتا ً فأحياكم , عل َي ْك ُ ْه َ ة الل ّ ِ م َ ع َ •﴿ اذْك ُُروا ن ِ ْ
فعلمكم,ّ لل ً فهداكُم ,وفقراءً فأغناكم ,وجهلةً وضُ ّ
ومستضعفين فنصركم.
•كم مرةٍ سألت فأعطاك ,كم مرةٍ طلبت فحباك ,كم مرة
عثرت فأقالك ,كم مرةٍ أعسرت فيسر عليك ,كم مرة
دعوته فأجابَك.
الغموم ،وتزيل
ُ ُ تذهب والسلم على المعصومِ ُ ُ الصلة •
الهموم ,وتشافي القلب المكلوم ،وتفتحُ العلوم ويحصل ُ
بها الفضلُ المقسومُ .
َ
م ﴾ ارفعوا إلى الله أكفّكم ,قدموا ب ل َك ُ ْ ج ْ ست َ ِ عوِني أ ْ •﴿ادْ ُ
إليه حوائجكم ,اسألوه مرادكم ,اطلبوه رزقكم ,اشكوا
عليه حالكم .
ضطَّر إ ِ َ َ
عاهُ ﴾ فيزيل كربه وبلواه ذا دَ َ م ْ ب ال ْ ُ جي ُ ن يُ ِ م ْ •﴿ أ ّ
هبُ ما أضناه ,ويعطيه ما تمناه ,ويحققُ مبتغاه. ذ ِويُ ْ
الخلق ,واجعلْهم في حلّ إن ِ ضك على فقراءِ •تصدق بعَرْ ِ
ض.العوَ ُشتموك أو سبوك أو آذوك فعند اللهِ ِ
ل تحزن
401
•إذا خاف رُّبان السفينة نادى :يا اللهُ ,إذا ضلّ الحادي
هتف :يا اللهُ ,إذا اغتم السجين دعا :يا اللهُ ,إذا ضاق
المريض صاح :يا اللهُ . ُ
تصمد إليه الكائناتُ ,تقصدُه المخلوقات ُ د﴾ م ُص َ ه ال ّ •﴿ الل ّ ُ
,تدعوه البرياتُ بشتى اللغاتِ ومختلف اللهجاتِ في سائر
الحاجات .
ِ
•﴿ ذَل ِ َ َ
مُنوا﴾ ينيرُ لهم الطريقِ , نآ َ ذي َ وَلى ال ّ ِ م ْ ه َ ن الل ّ َ ك ب ِأ ّ
جة ,يوضحُ لهم الهداية ,يحميهم من الضللة ح ّيبين لهم المَ َ
الجهالة.
ِ ,يعلمُهم من
ورحمة بالناسِ ،ورويدا ً ً •رفقا ًَ بالقواريرِ ولطفا ً بالقلوبِ ،
العالم ..أيها ِ بالمشاعرِ ،وإحسانا ً للغيرِ ،وتفضل ً على
الناس .
ُ
الزلة ,وتغاض عن الساءةِ , ِ اكتم الغيظ ,وتغافلْ عن ِ •
أحب الناسِ إلى ّ واعف عن الغلطةِ ,وادفنِ المعائب تكنْ ُ
الناس .ِ
تدخلها الرياحُ ,وقلب مرتاحٌ ,مع ُ فتاحٌ ,وغرفةٌ وم ْ باب ِ ٌ •
تقوى وصلحٍ ,وقد نلت النجاح .
•فضول العيشِ أشغالٌ ,والزائدُ عن الحاجة أثقالُ ,وعفاف
خ وإسرافٍ . ذ ٍفي كفافٍ خَْيرٌ من َب ْ
الخرين ,ول ّ تربص
ِ •ل تحمل عقدة المؤامرةِ ,ول تفكْر في
ك يسبحون . تظن أن الناسَ مشغولون بك ,فكلّ في فَلَ ٍ
ه ﴾ فيرد كيدهم ويبطل مكرهمِ ، م الل ّ ُ ه ُ فيك َ ُ سي َك ْ ِ ف َ •﴿ َ
هب ذ ِ
ويمحق قوتهم ,ويُ ْ ُ ويفل حدّهم, ّ ويخذلُ جندهم ،
بأسهم ويشتتُ شملهم .
م ﴾ فشفى غليلهم ,وأبرد عل َ َ فأ َ•﴿ َ
ه ِْ ْ ي َ ة
َ َ ن كي
ِ س
ّ ال ل زَ ْ ن
وأراح ضمائرَهم ,وطهر َ عليلهم ,وأطفأ لهب صدورِهم ,
سرائرَهم.
• )) الكلمة الطيبة صدقةٌ (( لنها تفتحُ النفسَ ،وتسعد
وتدمل الجراح ،وتذهبُ الغيظ وتعلنُ السلم . ُ القلب ،
ل تحزن
402
•)) تبسمك في وجهِ أخيك صدقةٌ (( لن الوجه
ورائد الضميرِ وأول ُ عنوانُ الكتاب ,وهو مرآةُ القلبِ ،
الفأل .
َ
َ
بترك النتقامِ ،ولطف ِ ن﴾ س ُ ح َ يأ ْ ه َ ع ِبال ِّتي ِ ف ْ •﴿ ادْ َ
الجانب ,والرفقِ في التعاملِ ونسيان ِ ِ ولين الخطابِ ،
الساءة .
ِ
قى﴾ ولكن لتسعد ش َ ن ل ِت َ ْ قْرآ َ ك ال ْ ُ عل َي ْ َ ما أ َن َْزل َْنا َ •﴿ َ
وتفرحَ روحُك ،وتسكنَ نفسُك ،وتدخل به جنةَ الفلحِ ،
وفردوس السعادةِ .
ج﴾ بل يسر حَر ٍ ن َ م ْ ن ِ دي ِ في ال ّ م ِ عل َي ْك ُ ْ ل َ ع َ ج َما َ و َ •﴿ َ
وسهولةٌ ،ومراعاةٌ للمشقةِ ،وبعدٌ عن الكلفةِ ،وسلمة
والرهاق .
ِ من التعبِ
مه ْ ت َ َ
علي ْ ِ ل ال ِّتي َ
كان َ ْ غل َ واْل َ ْ م َ ه ْ صَر ُ م إِ ْ ه ْ عن ْ ُ
ع َ ض ُ وي َ َ •﴿ َ
﴾ فيسعدون بعد شقاءٍ ويرتاحون بعد عناٍء ويأمنون بعد
ن. خوف ،ويسرون بعد حُزْ ٍ ٍ
ري َ با ْ قا َ •﴿ َ
م ِسْر ِلي أ ْ وي َ ّ ري * َ صد ْ ِ ح ِلي َ شَر ْ ل َر ّ
وأحس الهدى بقلبي ،وأمسك الحبل ّ ﴾ فأرى النور أمامي ،
بيدي ،وأنال النجاح في حياتي ،والفوز بعد مماتي .
سَرى ﴾ فتعبد ربك بحبٍ وتطيعه بود ك ل ِل ْي ُ ْ سُر َ ون ُي َ ّ •﴿ َ
وتجاهد فيه بصدقٍ ؛ فيصبح العذابُ فيه عذابا ً ،والعلقم
في سبيلهِ شهْدًا.
ها ﴾ فل تكليف فوق ع َس َ و ْ فسا ً إ ِّل ُ ه نَ ْ ف الل ّ ُ •﴿ ل ي ُك َل ّ ُ
الجهد وعلى قدرِ الموهبةِ وعلى ِ سبِ الطاقة ،وإنما على حَ َ ِ
مقدار القوةِ . ِ
م أحيانا ً ،ونغفل سيَنا﴾ فأنا نهِ ُ ن نَ ِ خذَْنا إ ِ ْ ؤا ِ•﴿ َرب َّنا ل ت ُ َ
رب . ّ أوقاتا ً ،ويصُيبنا الشرودُ ويعترينا الذهولُ فعفوك يا
خطَأ َْنا﴾ فلسنا معصومين ول من الذنب بسالمين ، و أَ ْ َ
•﴿ أ ْ
فضلك طامعون وفي رحمتك راغبون . ِ ولكنّا في
ل تحزن
403
صرا ً ﴾ فنحن عبادٌ ضعفاءٌ وبشر عل َي َْنا إ ِ ْ
ل َ م ْ ح ِ ول ت َ ْ •﴿ َرب َّنا َ
فأجبنا كماْ مساكينُ ،أنت الذي علمتنا كيف ندعوكَ
دعوتنا .
فنعجزَ وتكل َ ة ل ََنا ب ِ ِ
ه﴾ ق َ ما ل َ
طا َ مل َْنا َ ح ّ ول ت ُ َ •﴿ َرب َّنا َ
قلوبنا وتملّ نفوسنا ،بل يسرْ علينا وقد فعلتَ ،وسهل ُ
علينا وقد أوجبتَ .
عّنا ﴾ فنحن أهل الخطأ والحيفِ ومنا تبدر ف َ ع ُ وا ْ •﴿ َ
ص وتقصيرٌ ،وأنت جوادٌ كريمٌ رحمان ق ٌ الساءة ،وفينا نَ ْ ُ
رحيم .
ٌ
فْر ل ََنا ﴾ فل يغفرُ الذنوب إل أنت ،ول يسترُ العيوب غ ِ وا ْ
•﴿ َ
إل أنت ،ول يحلمُ عن المقصر إل أنت ،ول يتفضلُ على
المسيء إل أنتَ . ِ
مَنا ﴾ فبرحمتك نسعدُ ,وبرحمتِك تعيشُ آمالنا , ح ْ واْر َ •﴿ َ
أعمالنا ,وبرحمتك تصلح أحوالُنا. ُ قبَ ُ
ل وبرحمتك تُ ْ
تنطع
ّ •)) بعثت بالحنيفة السمحة (( فلعََنتَ فيها ول
وسنة ويسر ٌ ف ول مشقةَ ول غلوّ ,بل فطرةٌ ول تكلّ َ
واقتصادٌ .
•)) إياكم والغلو (( بل الزموا السنة ,اتباعٌ ل ابتداعٌ ,
وسهولةٌ ل مشادةٌ ,وتوسطٌ ل تطرفٌ ,واقتفاءٌ بل زيادةٍ .
•)) أمتي أمة مرحومة (( تولها ربها ,فرسولُها سيد
المم وشريعتُها ِ الرسل ودينُها أحسنُ الديانِ ،وهي أفضل
أجمل الشرائعِ . ُ
•)) ذاق طعم اليمانِ من رضى باللهِ ربا ً ،
وبالسلم دينا ً وبمحمدٍ رسول ً (( وهذه الثلثة أركان ِ
الرضا وأصول الفلحِ .
م وشتات •إياك والتسخط فإنه باب الحزنِ والهمّ والغ ّ
وضياع العمرِ . ُ وسوء الحالِ ُ ِ البال ُ وكسف القلبِ
ة ،والراحة والمن والدعَ َ
ّ •الرضا يكسب في القلب السكينة
ح. والسرور والفَرَ َ َ ،والطمأنينة وطيبَ العيشِ
ل تحزن
404
غل ،والغل •الرضا يجعل القلبُ سليما ً من الغشِ والد ِ
والضجر والتبرمِ . ِ ِ والملل والعتراض والتذمرِ ، ِ والتسخطِ ،
•من رضي عن الله مل قلبه نورا ً وإيمانا ً ،ويقينا ً وحبا ً
وإنابة وإخباتا ً .ً ى وأمنا ً ، ى وغن ً وقناعة ورض ً ً
المال ,
ِ •أيها الفقير :صبرٌ جميل ,فقد سلمتَ من تبعاتِ
معِ ،ومشقةِ وحراسةِ المال الج ْ
َ الثروة ,وعناءِ ِ وخدمةِ
وخدمتِه ،وطولِ الحسابِ عند اللهِ .
بصره :أبشرْ بالجنة ثمنا ً لبصرِك ،واعلمْ أنك َ •يا من فقدَ
رؤية المنكراتِ , ِ ت نورا ً في قلبِك ،وسلمت من ض َ عرّ ْ ُ
المزعجات والملهياتِ . ِ ومشاهدةِ
هذّْبتَ من الخطايا طهور إن شاء اللهُ فقد ُ ٌ •يا أيها المريض:
صقِل قلبكُ وانكسرتْ نفسُك , قيت من الذنوبِ ,و ُ ,ونُ ّ
جَبك . رك وعَ ْ وذهب كِبْ ُ
•لماذا تفكر في المفقودِ ول تشكرُ على الموجودِ ,وتنسى
النعمة الحاضرة ,وتتحسرُ على النعمةِ الغائبةِ ,وتحسد
الناس وتغفلُ عما لديك .
خبز ,وجرعة ٍ •)) كن في الدنيا كأنك غريب(( قطعةُ
ماء ,وكساءٍ ,وأيامٌ قليلةٌ ,وليالٍ معدودةٌ ,ثم ينتهي
العالم ,فإذا قبرُ أغنى الغنياءِ وأفقرِ الفقراءِ سواء .
الحارس ,
ِ ِ بجوار الخادم ,والرئيسُِ •يدفن الملكُ بجانبِ
والشاعرُ المشهورُ مع الفقيرِ الخاملِ ,والغنيُ مع
المسكينِ والفقيرُ والكسيرُ ,ولكنْ داخل القبرِ أعمال
ودرجات متباينةٌ .
ٌ مختلفةٌ
فقل له مرحبا ً بضيفٍ كريم ,ثم أحسِن ْ ٌ جديد •إذا زارك يومٌ
وتوبة تجدُّد ,ول ٍ م ُ
ل تؤدى ,وواجبٍ يُْع َ ّ ضيافتَه بفريضةٍ
والهموم فإنه لن يعود. ِ ره بالثامِ تكد ُ
ْ
•إذا تذكرت الماضي فاذكر تاريخك المشرق لتفرح ,وإذا
ذكرت يومك فاذكرْ إنجازك تسعدْ ,وإذا ذكرت الغد فاذكر
لتتفاءل .
َ أحلمك الجميلةَ
ل تحزن
405
ة من المعارفِ , ثروة من التجاربِ ,وجامع ٌ ٌ ِ العمر •طولُ
يوم تلقيت درسا ً ٌ ومستودعٌ من المعلوماتِ ,وكلما مرّ بك
لقوم يعقلون. ٍ ٌ بركة في فنّ الحياة ,إن طول العمرِ
•لبد من شيء من الخوفِ يذكرك المنَ ,ويحثك على
ويحذرك من خطرِ أعظم ّ الدعاءِ ,ويردعُك عن المخالفِة ,
.
العافية ,ويجتثّ شجرة َ •ولبد من شيء من المرضِ يذكرك
رقدة الغافلين . ِ ب ليستيقظ قلبُك من ج ِ ر ودرجة العُ ْ الكِبْ َ
قليل فل ٌ قصيرة فل تقصّرْها أكثر بالنكدِ ,والصديقُ ٌ •الحياةُ
الخلُق ُ تخسره باللومِ ,والعداءُ كثير فل تزدْ عددهم بسوءِ ْ
.
ة
الشجرة مائةٍ مر ٍ َ •كن كالنملةِ في المثابرةِ ,فإنها تصعدُ
تمل . ّ وتسقطُ ،ثم تعودُ صاعدةً حتى تصل ,ول تكلّ ول
لة فإنها تأكلُ طيبا ً ،وتضعُ طيبا ً ،وإذا وقعت •وكن كالنح ِ
تخدشها. ُ على عودٍ لم تكسِرْه ،وعلى زهرةٍ ل
•ل تدخل الملئكة بيتا ً فيه كلبٌ ,فكيف تدخل السكينُة قلبا ً
فيه كلبُ الشهواتِ والشبهاتِ .
س, خ ٍ بثمن بَ ْ
ٍ ُ الدين •احذر مجالس الخصومات ففيها يباعُ
النذال .
ِ ِ بأقدام ج على المروءةِ ,ويداسُ فيها العِرْ ُ
ض ويحر ُ
ّ
سابقوا ﴾ ,ليس إل المسابقة فالزمنُ يمضي , و َ
•﴿ َ
تهب ,فل تقفْ ، ّ والشمس تجري ,والقمرُ يسير ,والريحُ ُ
الحياة . ِ فلن تنتظرك قافلةُ
ه ,ولن ب َوْثبا ً إلى العلياءِ فإن المجد مناهَيَ ٌ عوا﴾ ِث ْ ر ُ سا ِ و َ •﴿ َ
يقدم النصرُ على أقدام مًن ذهبٍ ولكنْ مع دموعٍ ودماء
ومشقة . ٍ ونصب وجوعٍ ٍ وسهرٍ
سك القاعدِ ,وزفراتُ الكادح ِ م
ق العامل أزكى من ْ عرَ ُ • َ
ألذ من خروف أناشيد الكسولِ ,ورغيفُ الجائع ِ ّ ِ أجملُ من
المترفِ .
الشتم الذي يوجه للناجحين من حسادِهم هي طلقات ُ •
مجانية للتفوقِ . ٌ الفوز ,ودعايةٌ
ِ فع النتصارِ ,وإعلناتُ د ِ م ِْ
ل تحزن
406
واللقاب ومستوى ِ التفوق والمثابرةُ ل تعترفُ بالنسابِ ُ •
ابة ,ونفسٌ متطلعة, وث ٌهمة ّ
ٌ الدخلِ والتعليمِ ,بل من عنده
وصبر جميلٌ ,أدركَ العلياءَ . ٌ
•ل تتهيبِ المصاعب فإن السد يواجه القطيع من الجمال
يحمل الثقال ُ ك المتاعب فإن الحمارَ ش ُ
هياب ,ول َت ْ
ٍ غْيرَ
َ
يئن ,ول تضجرْ من مطلبِك فإن الكلب يطاردُ فريسته ّ ول
ولو في النار .
•ل تستقلّ برأيك في المورِ بل شاورْ فإن رأي الثنين أقوى
الواحد ,كالحبلِ كلما ُقرن به حبل آخر قوي ِ من رأي
وأشتد .
ّ
استفد منه
ْ نقد يوجّه إليك على أنه عداوة ٌ ,بل ٍ •ل تحملْ كلّ
صاحبه فإنك إلى التقويم أحوج ِ بغض النظرِ عن مقصدِ ِ
منك إلى المدحِ .
استراح ,فل يطربْ لمدحهم ،ول يجزع َ رفَ الناس •من عَ َ
من ذمّهم ,لنهم سريعو الرضا ,سريعو الغضبِ ,والهوى
حركُهم. ُي ِ
•ل تظنّ العاهاتِ تمنعك من بلوغِ الغاياتِ ,فكم من فاضل
أعرج ,فالمسألة َ حاز المجدَ وهو أعمى أو أصمّ أو أشلّ أو
مسألة هممٍ ل أجسامٍ . ُ
رغبتك
ِ عطاء وحجزك عن ً •عسى أن يكون منعَه لك سبحانهُ
لطفا ً ,وتأخرك عن مرادك عنايةً ,فإنه أبصرُ بك منك .
قشعُ , صيف عن قليلٍ تُ ْ ٍ •إذا زارتك شدةٌ فاعلمْ أنها سحابةُ
فك رعدُها ،ول يرهبْك برقُها فربما كانت محملة خ ُ
ول يُ ِ
بالغيثِ .
•اخرجْ بأهلك في نزهةٍ عائلية كّل أسبوعٍ فإنها تعرّْفك
بأطفالِك أكثرَ وتجدد حياتك وتذهبُ عنك الملل .
•من لم يسعد في بيته فلن يسعد في أي مكان ,واعلم أن
أنسب مكان لراحة النفس وهدوء البالِ ،والبعد عن
التكلف هو بيتُك.
ل تحزن
407
ف, خاصة لمن علّم الناسَ وألّ َ ً مجدها باقٍ ُ •العلم والثقافةُ
زائف .
ٌ وطيف
ٌ فظل زائل ، ّ مجد الشهرةٍ والمنصبٍ ُ أما
ر اللَم ج ّ
•الفكر إذا ُترك ذهب إلى خانةِ المآسي ,فَ َ
يش ولكن قيدْه فيما ينفع . ْ والحزانَ ,فل تتركْه يطِ
الناس وسماع ِ ُ مخالطة •مما يشوش البالَ ويقسي القلبَ
كلمهم اللهي ،وطول مجالستهم ,وما أحسنَ العزلةِ مع
العبادةِ والعلمِ .
الطرق طريقُك ِ •أشرف السبل سبيلكَ إلى المسجدِ ,وآمنُ
إلى بيتِك ,وأصعبُ المواقفِ وقوفك أمام السلطانِ ,
وأعظم الهيئاتِ سجودُك للديانِ . ُ
ن ,والذكرُ بقلبٍ حاضرٍ ,والنفاق حسَ ٍ القرآن بصوتٍ َِ َ سماع •
موائد للنفس ُ ٍ فصيح ٍ بلسان من مالٍ حللٍ ,والوعظُ
وبساتينُ للقلبِ .
•الخلق الجميلة والسجايا النبيلة ,أجملُ من وسامةِ الوجوه
الخدود ؛ لن جمال المعنى أجل ِ ورقة
ِ وسواد العيونِ ،
ِ ،
جمال الشكلِ . ِ من
صنائع المعروفِ تقي مصارع السوءِ ,وجدارُ العقلِ يمنع ُ •
التجارب أنفعُ من ألفِ واعظ ِ ق
من مزالقِ الهوى ,ومطار ُ
.
•إذا رأيت اللوف من البشرِ وقد أذهبُوا أعمارهم في الفن
والضياع فاحمدَ الله على ما عندك من خير َ واللهو واللعبِ
المبتلى سرورٌ للمعافى . َ ,فرؤيةُ
الله على السلمِ ,وإذا رأيت َ •إذا رأيت الكافر فاحمدِ
الفاجر فاحمدِ الله على التقوى ,وإذا رأيت الجاهلَ فاحمد َ
فاحمد الله على ِ الله على العلم ,وإذا رأيت المبتلى
العافية .
ِ
الرياح لك
ُ الشمس لك فاغتسلْ بضيائها ,وخلقتِ ُ •خلقت
النهار لك فتلذذْ بمائها ,وخلقت ُ بهوائها ,وخلقتِِ فاستمتعْ
الثماُر لك فاهنأْ بغذائها ,واحمد من أعطى جل في عله.
ل تحزن
408
والصم يتمنى سماع ّ العالم ,
َ •العمى يتمنى أن يشاهدَ
خطوات ,والبكمُ يتمنى ٍ الصواتِ ,والمقعدُ يتمنى المشي
أن يقول كلماتٍ ,وأنت تشاهدُ وتسمع وتتكلمُ .
•ل تظنّ أن الحياة كملتْ لحدٍ ,من عنده بيتٌ ليس عنده
سيارة ,ومن عنده زوجةٌ ليس عنده وظيفةٌ ,ومن عنده ٌ
مِنعَ منالطعام ,ومن عنده المأكولتُ ُ َ شهيةٌ قد ل يجد
الكلِ .
العمر ,والعملِ ُ صديق سوق الخرة ,والكتابُ ٌ •المسجدُ
تاج الشرفِ ,والكرم ُ ق الحسنُ والخلَ ُ
َ أنيس في القبر , ُ
ثوب .
ٍ أجملُ
دة فإن فيها رجسا ً ينجسُ القلبَ ,وسما ً الملح ِ
ِ •إياك وكتاب
ة تعصفُ بالضميرِ ،وليس أصلح لك من النفس ,ولوث ً
َ يقتلُ
ك.
روحك ويشفى داءَ َ َ ُ يطهر الوحيِ ،
ب فتندم ؛ لن الغضبان بفقد •ل تتخذْ قرارا ً وأنت مغضَ ٌ
الروية ،وينقصُه التأملُ . ّ الصواب ،وتفوته
الحزن ل يرد الغائبَ ,والخوفُ ل يصلحُ للمستقبلُ , ُ •
والقلق ل يحققُ النجاحَ ,بل النفسُ السويةُ ،والقلب ُ
الراضي هما جناحا السعادةِ .
•ل تطالبِ الناس باحترامِك حتى تحترمهم ,ول َتُلمّهم على
ق حصل لك ,بل ُلمّ نفسك ,وإن أردت أن يكرمَك إخفا ٍ
فأكرم نفسك .ْ ُ الناس
•على صاحبِ الكوخِ أن يرضى بكوخِه إذا علم أن القصور
الممزقة أن يقنع بثيابِه
ِ سوف تخربُ ,وعلى لبس الثيابِ
إذا تيقن أن الحرير سوف يبلى .
قلبه ,وضاع أمُره , •من أعطى نفسَه كلما تطلبُ تشتّتَ ُ
ارة .
ارة غرّ ٌ
النفس فهي أمّ ٌ ِ لنه ل حدّ لمطالبِ وكثر همّه ؛ ّ ُ
•يا من فقد ابنه :لك قصرُ الحمد في الجنةِ ,ويا من فاته
عدن تنتظرك . ٍ نصيُبه من الدنيا :نصيبك في جناتِ
ل تحزن
409
رزقه في العشِ ,والسدُ ل تقدم له وجبتُه ُ •الطائرُ ل يأتيه
في العرين ,والنملةُ ل تعطي طعامها في مسكنِها ,ولكن
كلهم يطلبون ويبحثون فاطلبْ كما طلبوا تجدْ ما وجدوا .
م ﴾ يموتون قبلَ الموتِ , ه ْ ة َ َ ن كُ ّ
علي ْ ِ ح ٍ
صي ْ َ ل َ سُبو َ ح َ• ﴿ يَ ْ
وينتظرون كلّ مصيبةٍ ,ويتوقعون كل كارثةٍ ,ويخافون من
وحركةِ ؛ لن قلوبَهم هواءٌ ونفوسهم ٍ كلّ صوتٍ وخيالٍ
ممزقة .
ٌ
•إذا أقامَك اللهُ في حالةٍ فل تطلبْ غيرها لنه عليمٌ بك ,
أمرضك فل تقلْ ليته َ أفقرك فل تقل ليته أغناني ،وإن َ فإن
شفاني .
حرمانك زوجة ُ •عسى تأخيرُك عن سفرٍ خيرا ً ,وعسى
بركة ,وعسى ردك عن وظيفة مصلحةً ,لنه يعلمُ وأنت ل ً
تعلمُ .
الصخر أقوى من الشجر ,والحديدُ أقوى من الصخرِ , ُ •
الحديد ,والريح أقوى من النارِ ,واليمان ِ والنار أقوى من ُ
المرسلة .
ِ أقوى من الريحِ
سى ,وكلّ مصيبة تصيبك فهي درسٌ ل يُنْ َ ُ ٍ مأساة •كلّ
تصيبُك فهي محفورةُ في ذاكرتك ,ولهذا هي النصوص
الباقية في الذهنِ .
والجراحات والهات ِ المعاناة والغصصِِ •النجاحُ قطراتٌ من
قطرات من الخمولِ والكسل ٌ ق
والمزعجاتِ ,الخفا ُ
و ِر . والخ َ
َ والعجزِ والمهانةِ
•الذي يحرص على الشهرةِ المؤقتةِ ،ول يسعى للخلودِ بثناء
صالح ،إنما هو رجلٌ بسيطٌ ل همةَ له . ٍ ٍ نافع سنٍ ،وعلمٍ ح َ
َ
أقم الصلةَ ,أرحْنا بها (( لن الصلة ِ •)) يا بلل,
طيبة باردة ٌ المن ,وريحٌ
ِ فيض من السكينةِ ,ونهرٌ من ٌ
والحزن .ِ نار الخوفِ ئ َ تهبّ على النفسِ فتطف َ
•إذا لم َتْعص ربا ً ؛ ولم تظلمْ أحدا ً ،فنم قرير العينِ ,وهنيئا ً
د عل حظك وطاب سعيُك فليس لك عدوٌ . ق َ لك َف َ
ل تحزن
410
•هنيئا ً لمن بات والناسُ يدعون له ,وويلٌ لمن نامَ والناس
رى لمنى أحبته القلوبُ ,وخسارةً لمن وبشْ َ يدعون عليه ُ ,
لعنتْه اللسنُ .
ملفك لمحكمة ّ •إذا لم تجدْ عدل ً في محكمة الدنيا فارفعْ
الخرة فإن الشهود ملئكةٌ ,والدعوى محفوظةُ ,والقاضي
أحكم الحاكمين.
ُ
َ
م ﴾ لولم يكن للذكر من فائدةٍ إل فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ •﴿ َ
لم يكنْ له نفعٌ إل أن يذكرك ربّك لكفى به هذه لكفى ,ولو ْ
وزْلفى وشرفٍ . وسؤدد ُ
ٍ ج ٍ
د نفعا ً ,فيا له من مَ ْ ْ
شطر اليمان فهو يذهبُ الخطايا ُ •بشرى لك . .فالطهورُ
ويغسل السيئاتِ غسل ً ،ويطهرك لمقابلةِ ملكِ الملوك ُ
تعالى .
كفارة تذهبُ ما قبلها ,وتمحو ما أمامها ٌ طوَْبى لك فالصلةُ • ُ
بعدها ,وتفك السر عن صاحبِها ,فهي قرة َ ,وتصلح ما
العيون .
•الرجل الذي يسعى دائما ً للظفر باحترام الناس ول يتعرض
لنقدهم ,كثيرا ً ما يعيشُ شقيا ً بائسا ً ,والسعيُ وراء
دٌو للسعادةِ . ع ُ
الظهور والشهرةِ َ
ِ
والدروس في فنّ السعادةِ ل تكفى ,بل لبدّ من ُ •النظرياتُ
وعمل وتصرفٍ كالمشي كل يوم ساعة أو السفرِ أو ٍ حركةٍ
الذهاب إلى المنتزهاتِ .ِ
للسد كثيرا ً وتحاولُ إيذاءه فل يعيرُها ِ تتعرض البعوضةُ ُ •
بمقاصده عنها .
ِ اهتماما ً ول يلتفتُ إليها ،لنه مشغولٌ
•احذر المتشائم ,فإنك تريهِ الزهرة فيريك شوكَها ,وتعرض
فيخرج لك منه القذى ,وتمدحُ له الشمس ُ عليه الماءَ
فيشكو حرارتَها .
أتريد السعادة حقا ً ؟! ل تبحثُ عنها بعيدا ً ,إنها فيك ؛ في ُ •
الجميل ,في إرادتِك المتفائلة
ِ تفكيرِك المبدعِ ,في خيالك
,في قلبك المشرقِ بالخيرِ .
ل تحزن
411
ه على من حولَك دونَ أن طرٌ ل يستطيعُ أن ترشّ ُ •السعادةُ عِ ْ
تعلق به قطراتٌ منه.
•مصيبُتنا أننا نخافُ من غيرِ اللهِ في اليومِ أكثر من مائة
مرةٍ :نخاف أن نتأخر ,نخافُ أن نخطئ ,نخافُ أن
يشك فلنٌ . ّ فلن ,نخافُ أن ٌ نستعجلَ ,نخافُ أن يغضبَ
سرور زائلٌ ولكنّهم ٍ •كثيرون من الناس يعتقدون أن كلّ
حزن دائمٌ ,فهم يؤمنون بموتِ السرورِ ، ٍ أن كلّ
يعتقدون ّ
ن. الحزْ ِ ُ ويكفرون بموتِ
العمياء تظنّ وهي في البحرِ أنها في ِ •بعضُنا مِْثلِ السمكةِ
كأس صغيرٍ ,فنحن خلقنا في عالم اليمانِ فأحطنا أنفسنا ٍ
والحزن .
ِ ِ والعداوة ه والخوفِ بجبال الكر ِ
ِ
•إن الحياة كريمةٌ ،ولكن الهدية تحتاجُ لمن يستحقّها ,وإن
وتبتسم لهم وهم ُ الذين تضحكُ لهم الحياة وهم يبكون ،
يكشرون ل يستحقون البقاءَ .
صياد حمامة في قفصٍ فأخذت تغني فقال الصيادُ : ٌ •وضع
ج.
ر ٌ أهذا وقتُ الغناء ؟! فقالت :من ساعةٍ إلى ساعةٍ َف َ
•قيل لحكيمٍ :لماذا ل تذهبُ إلى السلطانِ فإنه يعطي
أكياسَ الذهبِ ؟ قال :أخشى منه إذا غضب أن يقطع
رأسي ويضعه في أحد تلك الكياسِ ويقدمه هدية
لزوجتي !!.
الحمام ؟! لماذا ِ •لماذا تسمع نُباح الكلبِ ول تنصتُ لغناءِ
والنجوم ؟!
ِ مرِ ترى من الليل سواده ،ول تشاهدْ حسنَ القَ َ
ل ؟!. ع النحلِ وتنسى حلوة العَسَ ِ لماذا تشكو لَسْ َ
•تاب أبوك آدمُ من الذنبِ فاجتباه ربك واصطفاه وهداه ,
وعلماء وأولياءَ ,فصار َ وأخرج من صلبِه أنبياءَ وشهداءَ َ
أعلى بعد الذنبِ منه قبل أن يذنبَ .
•ناح نوح والطوفان كالبركان فهتف :يا رحمانُ يا منانُ ,
فجاءه الغوثُ في لمحِ البصرِ فانتصر وظفرَ ,أما من كفر
فقد خسرَ واندحرَ .
ل تحزن
412
ظلمات ثلث فأرسل ٍ •أصبح يونس في قاع البحرِ في
رسالة عاجلةُ فبها اعترافُ بالقترافِ ,واعتذرٌ عن التقصير
,فجاء الغوث كالبرقِ لن البرقية صادقةٌ .
توبته أبيض ؛ لن •غسل داود بدموعه ذنوبه فصار ثوبُ ِ
سلَ الثوب أمين ,وغُ ِ ٌ ُ والخياط ج في المحرابِ القماشَ ُنسِ َ
حرِ . في السّ َ
ربُ وجاءك اليأسُ ؛ وضاق بك الكَ ْ َ •إذا اشتد عليك المرُ
ج. الفرَ َ فانتظرِ َ
طمعك في أي َ •إذا أردت الله يفرجَ عنك ما أهمك فاقطعْ
ر اللهِ ، أحد أمل ً غَيْ َ ٍ ق على مخلوقٍ صغرَ أم كبر ,ول تعلّ ْ
كافة .
ً ِ الناس وأجمع اليأسَ في
•نفسك كالسائل الذي يلوّن الناء بلونه ،فإن كانت نفسُك
والجمال ،وإن كانت َ راضيةً سعيدة رأيت السعادة والخيرَ
ح. والشر والقُبْ َ ّ ضيقة متشائمة رأيتَ الشقاءَ َ
بالموجود ،وسلوتَ عن ِ •إذا أطعمت المعبودَ ،ورضيتَ
محمود .ٍ كل مطلبٍ ّ َ وأدركت المفقودِ ،فقد نلتَ المقصودَ
اليمان والذكرِ ،ولديه ِ •من عنده بستان في صدره من
يأسف على ما ْ ب فل حديقةٌ في ذهنِه من العلمِ والتجار ِ
فاته من الدنيا .
•إنّ من مؤخر السعادة حتى يعود ابنه الغائبُ ,ويبني بيته
ويجد وظيفة تناسبه ،إنما هو مخدوع بالسرابِ ،مغرور ُ
بأحلمِ اليقظةِ .
واطراح ّ وهجر التوقعاتِ ُ عدم الهتمامِ ،
ُ السعادة :هي
ُ •
التخويفات .
ِ
•البسمة :هي السحرُ الحللُ ،وهي عُربونُ المودة
والحب ، ّ الخاء ،وهي رسالةٌ عاجلة تحملُ السلمَ ِ وإعلنُ
ة متقلبةٌ تدلّ على أن صاحبَها راضٍ مطمئن دَق ٌ وهي صَ َ
ثابتٌ .
ل تحزن
413
والرتباك والفوضويةِ ,وسببها ترك ِ الضطراب
ِ •أنهاك عن
والحل أن يكون للنسانِ جدول ّ وإهمال الترتيبِ , ُ النظام
ِ
ومران .
ٌ متزنٌ فيه واقعيّ ٌ
ة
يمر ؛ لنه ّ شدة فافرحْ بكل يومٍ ٌ •إذا وقعت عليك مصيبةٌ أو
وينقص من عمرِها ,لن للشدة عمرا ً كعمر ُ يخفف منها
ُ
النسانِ ل تتعداه .
•ينبغي أن يكون لك حدّ من المطالبِ الدنيوية تنتهي إليه ,
تحملك , ُ ً وسيارة فمثل ً تطلبُ بيتا ً تسكنه وعمل ً يناسبك ،
أما فتحُ شهيةِ الطمعِ على مصراعيها فهذا شقاءٌ .
سنّةٌ ل تتغيرُ لهذا د﴾ ُفي ك َب َ ٍ ن ِ سا َ قَنا اْل ِن ْ َ خل َ ْقدْ َ •﴿ل َ َ
ومعاناة ,فلبد أن ٍ النسان فهو في مجاهدةٍ ومشقةٍ
حياته . ِ يعترف بواقعِه ويتعاملَ مع
يظن من يقطعُ يومَه كله في اللعبِ أو الصيدِ أو اللهو أنه ّ •
سوف يسعدُ نفسه ,وما علم أنه سوف يدفع هذا الثمن
درا ً دائما ً ؛ لنه أهمل الموازنة بين الواجبات هما ً متصل ً َ
وك َ
والمسلياتِ .
الوراق الزائدةُ في ُ تخلص من الفضولِ في حياتِك ,حتى ْ •
جيبك أو على مكتبك ,لن ما زاد عن الحاجةِ -في كل ِ
شيء -ما كان ضارا ً .
•كان الصحابة أسعدَ الناسِ لنهم لم يكونوا يتعمقون في
ووساوس النفسِ , ِ ودقائق السلوكِ ، ِ خطراتِ القلوبِ ،
بل اهتموا بالصولِ ،واشتغلوا بالمقاصدِ .
•ينبغي أن تهتمّ بالتركيزِ ،وحضورِ القلب عند أداء العبادات
صلة بل خشوعٍ ,ول قراءة ٍ ه ,ول ق ٍ ,فل خَْيرَ في علم بل ِف ْ
دّبرِ . بل تَ َ
ن ﴾ فالطّيباتُ من القوالِ والعمال ت ِللطّي ِّبي َ والطّي َّبا ُ •﴿ َ
البرار ,لتتمَ السعادة ِ والزوجات للخيارِ
ِ ِ والخلق ِ والداب
والفلح .
ُ الْن ُ
س بهذا اللقاءِ ،ويحصلَ ُ
ل تحزن
414
ظ﴾ يكظمونه في صدورِهم فل تظهر غي ْ َ ن ال ْ َ مي َ كاظِ ِ وال ْ َ•﴿ َ
والعداوة ,بل قهروا
ِ آثاره من السبّ والشتمِ والذى ُ
أنفسهم وتركوا النتقامَ .
فو س ﴾ وهم الذين أظهروا العَ ْ ن الّنا ِ ع ِ ن َ في َ عا ِ وال ْ َ •﴿ َ
والمغفرة وأعلنوا السماحَ وأعتقوا من آذاهم من طلب َ
الحلم والصفحُ عليهم ُ ظَهرَ سبُ بل َ ح ْالثأرِ ,فلم يكظمُوا َف َ
.
ن﴾ وهم الذين عفوا عمن ظلمهم سِني َ ح ِ م ْ ب ال ْ ُ ح ّ ه يُ ِ والل ّ ُ•﴿ َ
بل أحسنوا إليه وأعانوه بمالهم وجاهِهم وكرمِهم ,فهو
يسيَء وهم يحسنون إليه ,ولهذا أعلى المراتبِ وأجل
المقاماتِ .
سجل قائمة بأسعد ْ •حدد بالضبطِ المر الذي يسعدُك .
حالتك :هل تحدث بعد مقابلةِ شخص معين ؟ أو ذهابك
إلى مكان محددٍ ؟ أو بعد أدائك عمل ً بذاته ؟ إذا كنت تتبع
روتينا ً جيدًا ,ضعه في قائمتك .تجدْ بعد أسبوع أنك ملكت
بالفكار التي تجعلُك سعيدا ً . ِ قائمة واضحة ً
السارة :بعد تحديدِ المورِ التي ِ ِ الشياء تعوْد على عملِ • ّ
أكد المور ِ المور الخرى عن ذهنِك. ِ تسعدُك أبعدْ كل
المور التي ل تسعدُك .وليكن قرارك َ السعيدةَ ,وانس
ذاتها .تجربة سارةً في حدّ ِ ً بلوغ السعادةِ ِ ِ بمحاولة
•ارض عن نفسِك وتقبّْلها :من المهم جدا ً أن تنتهي إلى
قرار بالرضا عن نفسِك ,والثقةِ في تصرفاتِك ,وعدم ٍ
الهتمامِ بما يوجّه إليك من نقدٍ ,طالما أنت ملتزم
بالصراطِ المستقيمِ ,فالسعادةُ تهربُ من حيثُ يدخل
بالذنب .
ِ الشك أو الشعورُ
ّ
ل,تبق وحيدا ً معزو ً اصنع المعروف واخدِم الخرين :ل ْ ِ •
والتوتر تختفيِ الكآبة والتعاسةِ ِ تعاسة ,كلّ ٍ ُ مصدر فالعزلةُ
بأسرتك والناسِ ,وتقدمُ شيئا ً من الخدمات. ِ حينما تلتحمُ
وقد وصف العمل أسبوعين في خدمة الخرين علجا ً
لحالت الكتئاب.
ل تحزن
415
•أشغل نفسك دائما ً :يجب أن تحاول – بوعي وإرادة –
استخدم المزيدِ من إمكاناتِك .سوف تسعدُ أكثر إن
شغلت نفسك بعملِ أشياء بديعةٍ ,فالكسلُ ينمي الكتئاب
.
•حاربِ النكد والكآبة :إذا أزعجك أمرٌ ,قمْ بعمل جسماني
تحبه تجدْ أن حالتك النفسية والذهنية قد تحسنت .ويمكنك ّ
أن تمارسَ مسلكا ً كانت تسعدك ممارسته في الماضي,
كأن تزاول رياضة معينة أو رحلةً مع أصدقاء .
ل تبتئسْ على عمل ل تكملْه :يجب أن تعرف أن •
عمل الكبارِ ل ينتهي .من الناسِ من يشعرون أنهم لن
أنجزوا كل ُ يكونوا سعداء راضين عن أنفسِهم إل إذا
أعمالهم .والشخصُ المسؤولُ يستطيع أن يؤدي القدر
الممكن من عمله بل تهاون ,ويستمتع بالبهجة في الوقت
نفسه ,مادام لم يقصرْ . ِ
ل تبالغْ في المنافسة والتحدي :تعلّم أل تقسو على •
نفسك ,خاصة حينما تباري أحدا ً في عمل ما بدون أن
تشترط لشعورك بالسعادة أن تفوزَ .
يسبب التوتر, ُ ل تحبسْ مشاعرك :كبتُ المشاعرِ •
ويحولُ دون الشعورِ بالسعادةِ .ل تكتم مشاعرك .عبر
عنها بأسلوبٍ مناسبٍ ينفثُ عن ضغوطِها في نفسِك.
الناس بالبتئاسِ , ُ •ل تتحملْ وزر غيرك :كثيرا ً ما يشعرُ
آخر ,رغم َ والمسؤوليةِ ,والذنبِ ,بسبب اكتئابِ شخصٍ
أنهم برءاء مما هو فيه ,تذكرْ أن كلّ إنسان مسؤولٌ عن
نفسه ,وأن للتعاطف والتعاون حدودا ً وأولوياتٍ .وأن
خَرى وْزَر أ ُ ْزَرةٌ ِ وا ِ
زُر َ ول ت َ ِ
النسان على نفسِه بصيرة ﴿ َ
﴾.
قراراته
ِ اتخذ قراراتِك فورا ً :إن الشخص الذي يؤجل •
وقتا ً طويل ً ,فإنه يسلبُ من وقتِ سعادته ساعاتٍ ,وأياما
القرار الن ل يعني ِ ,بل وشهورًا .تذكر إن إصدار
د.بالضرورة عدم التراجعِ عنه أو تعديله فيما بَْع ُ ِ
ل تحزن
416
اعرف قدر نفسِك :حينما تفكرُ في الإقدام ِ على ْ •
رفَ قدر تذكر الحكمة القائلة )) :رحم الله ًًًًامرءا ً عَ َ ِ عملٍ
ًًً
وأردت أن تمارس ًًً نفسه(( إذا بلغت الخمسين من عمرك, ِ
التنس – مثل ً – ول ًًً رياضة ,فكر في المشي أو السباحة أو
ًًً
مهاراتك باستمرار. ًًً تفكر في كرةِ القدم .وحاول تنمية
الندفاعُ في خضِم ًًً تعلم كيف تعرف نفسك :أما •
ًًً
كي تقّيم أوضاعك الحياة دون إتاحة الفرصة لنفسك ًًً ِ
ًًً
ومسؤولياتك في الحياة ,فحماقة كبرى ًً .فهؤلء الذين ل
يعرفوا إمكاناتهم. يفهمون أنفسهم لن ًًً
ً
اعتدل في حياتِك العملية :اعمل إن ًًًًاستطعت جزءا ً
ًًً •
من الوقت ،فقد كان الغريق يؤمنون بأن ًًالرجال ل يمكن
ًًً
الفراغ والسترخاء ًًً م من الوقت ر َ ح ِ
أن يحتفظ بإنسانيته إذا ُ
الطريقة الوحيدة لحياة ًًً •كن مستعدا ً لخوض مغامرات :
ًًً
أخطارها المحسوبة ًًً ،لن تتعلم ما لم ِ ممتعة هي اقتحامُ
م مثل ًًً بتعلم السباحِة تكن عازما ً على مواجهة المخاطرِ ،ق ْ
ق. الغرَ ِ بمواجهة خطرِ َ ِ
ك ،ول بعيد إل ف ّ فَتحُ ،ول قيد إل سوف ُي َ •ل قفل إل سوف يُ ْ
سوف يقربُ ،ول غائب إل سوف يصلُ ..ولكن بأجل
مى . مس ّ
الحياة ،وزاد ِ ة فهما َو ُ
قود صل ِ وال ّ ر َ صب ْ ِ عيُنوا ِبال ّ ست َ ِ•﴿ ا ْ
ج ،ومن لزم الصبرَ ، ر ِالسير ،وباب الملِ ،ومفتاحُ الفَ َ ِ
وحافظ على الصلةِ ؛ فبشّرْه بفجرٍ صادقٍ ،وفتحٍ مبينٍ ،
قريب .
ٍ ٍ ونصر
حد د َأ َ يردد :أحَ ٌُ حب وطُرَِد فأخذ وس ِ ُ ذ َ
ب وضرب عُ ّ ُ جلد بل ٌ
ل • ُ
َ
د ﴾ ،فلما دخل الجنة احتقر ح ٌ هأ َ و الل ّ ُه َ ل ُ ،لنّه حفظ ﴿ ُ
ق ْ
ما بذل ،واستقلّ ما قدم لن السّلعة أغلى من الثمن
أضعافا ً مضاعفة .
ب إن غاليت فيه خدمته ما هي الدنيا ؟ هل هي الثو ُ •
وما خدمك ،أو زوجةٌ إن كانت جميلة تعذبُ قلبها بحبها ،
خزنها ؟ ُ أو مال كثرَ أصبحتَ له خازنا ً ..هذا سرورها فكيف
ل تحزن
417
كل العقلء يسعون لجلبِ السعادةِ بالعلمِ أو بالمال •
أو بالجاهِ ،وأسعدُهم بها صاحبُ اليمانِ لن سعادته دائمة
ه. رب ُعلى كل حالٍ حتى يلقى ّ
•من السعادة سلمةُ القلبِ من المراضِ العقدية كالشك
ة والشهوةِ . والريبة والشبه ِ ِ والسخط والعتراضِ ِ
تصرفاتهم ِ أعذرهم للناسِ ،فهو يحمل ُ أعقل الناسِ ُ •
المحامل ،فهو الذي أراح ِ وأقوالهَم على أحسنِ
واستراح .
َ
اقنع بما ْ ن﴾ ري َ شاك ِ ِ ن ال ّ م َ كن ّ و ُ ك َ ما آت َي ْت ُ َ خذ ْ َ ف ُ ﴿ َ •
بقسمك ،استثمرْ ما عندك من موهبةٍ ،وظّف ِ عنك ،ارض
واحمد الله على ما أولك . ِ طاقتك فيما ينفعُ
فظا ً ل يكن يومُك كلّه قراءةً أو تفكرا ً أو تأليفا ً أو حِ ْ •
ع فيه العمالَ فهذا أنشط ونو ْ
ّ ٍ بطرف خذ من كل عملٍ بل ْ
للنفسِ .
فجعل كل صلة عملً من العمال ْ ترتب الوقاتِ ُ •الصلواتُ
النافعة .
ِ
وأرحم به ْ ربه ،فإنه أعلمُ به •إن الخير للعبدِ فيما اختار له ّ
من أمه التي ولدته ،فما للعبد إل أن يرضى بحكم ربه ،
ويفوض المر إليه ويكتفي بكفاية ربه وخالقِه وموله.
حجب الغيبِ ،فهو ِ •ولعبدُ لضعفه ولعجزِه ل يدري ما وراء
المور أما الخوافي فعلمُها عند ربي، ِ ل يرى إل ظواهر
ة وكم من بليةٍ أصبحت عطية فكم من محنةٍ .صارت منح ً
،فالخيرُ كامنٌ في المكروهِ .
ربه فأهبطَه إلى وعصَى ّ أبونا آدم أكلَ من الشجرةِ َ •
ض ،فظاهرِ المسألة أن آدم ترك الحسنَ والصوب الر ِ
عظيم وفضل ٌ ووقع عليه المكروه ،ولكن عاقبة أمره خيرٌ
تاب عليه وهداه واجتباه وجعله نبيا ً َ جسيم ،فإن الله
وشهداء وأولياء َ سل ً وأنبياءَ وعلماءَ وأخرج من صلبِه ُر ُ
ومجاهدين وعابدين ومنفقين ،فسبحان الله كم بين قوله ﴿
ه با َ ت ج ا م ُ ث ﴿ قوله وبين ، ﴾ ة َ ّ ن ج ْ لا كَ ج و ز و ت ْ ن اسك ُن أ َ
ُ َ ْ ّ َ ُ َ ْ َ َ ْ ْ
ل تحزن
418
دى﴾ فإن حالة الول سكنٌ وأكل ه َو َ ه َ عل َي ْ ِ ب َ فَتا َ ه َ َرب ّ ُ
وشربٌ وهذا حال عامة الناس الذين ل همّ لهم ول
طموحات ،وأما حاله بعد الجتباءِ والصطفاء والنبوة
باذخ .
ٌ فحال عظيمة ومنزلةٌ كريمة وشرفٌ ٌ ِ والهداية
وهذا داودُ عليه السلم ارتكب الخطيئةَ فندم وبكى, •
فكانت في حقّه نعمةٌ من أجلّ النعم ,فإنه عرف ربه
الطائع الذليل الخاشعِ المنكسرِ ,وهذا مقصود ِ معرفة العبدِ
وجل.ّ الذل للهِ عزّ
ّ العبودية فإن من أركانِ العبودية تمامُ
ابن تيمية عن قوله )) : عجبا ً ُ وقد سئِل شيخ السلمِ
للمؤمن ل يقضي اللهُ له شيئا ً إل كان خيرا ً له(( ِ
هل يشمل هذا قضاء المعصيةِ على العبدِ ؟ ,قال نعم ؛
والتوبة والستغفارِ والنكسارِ. ِ بشرطها من الندمِ ِ
وباطنه
ُ مكروه على العبدِ ، ٌ ر المعصيةِ المر في تقدي ِ ِ فظاهرُ
محبوبٌ إذا اقترن بشرطِه .
ظاهرة باهرةٌ ,فإن كل ٌ لله وللرسولِ محمدٍ •وخيرة ا ِ
صار محبوبا ً مرغوبا ً ,فإن تكذيب قومِه له ؛ َ وقع لهَ مكروهٍ
ومحاربتِهم إياه كان سببا ً في إقامةِ سوق الجهادِ ،
الله والتضحيةِ في سبيلِه ,فكانت تلك الغزوات ِ ِ ومناصرة
التي نصر اللهُ فيها رسوله ,فتحا ً عليه ,واتخذ فيها من
ورثة جنة النعيم ,ولول تلك ِ المؤمنين شهداء جعلهم من
المجابهة من الكفار لم يحصلْ هذا الخيرُ الكبير والفوز
رد من مكة كان ظاهرُ المرِ مكروها ً العظيمُ ,ولما طُ ِ
ة ,فإنه بهذه الهجرة والفلح والمنّ ُ
ُ ولكن في باطنِه الخيرُ
أقام دولة السلمِ ،ووجد أنصارا ً ،وتميز أهلُ اليمان
إيمانه وهجرته وجهادِه ِ رفَ الصادق في من أهلِ الكفرِ ,وعُ ِ
غلب عليه الصلة والسلم وأصحابُه في من الكاذبِ .ولما ُ
أحدٍ كان المرُ مكروها ً في ظاهرِه ،شديدا ً على النفوسِ ،
الختيار ما يفوقُ الوصف, ِ ِ وحسن لكن ظهر له من الخيرِ
بانتصار يوم بدرٍ ،
ِ فقد ذهب من بعضِ النفوسِ العجبُ
والعتماد عليها ,واتخذ اللهُ من ُ بالنفس ،
ِ والثقةُ
ل تحزن
419
المسلمين شهداء أكرمهم بالقتلِ كحمزة سيدِ الشهداء ,
سفير السلم ,وعبدِالله ابن عمرٍو والدِ جابر ِ ومصعبِ
الذي كلمه اللهُ وغيرهم ,وامتاز المنافقون بغزوةِ أحد ،
م. . الله أسرارهم وهتك أستارَهُ ْ ُ ُ وكشف وفضح أمرهم ،
وقس على ذلك أحواله ، ومقاماته التي ظاهرُها ْ
له وللمسلمين . المكروهُ ،وباطنُها الخيرُ ُ
الله لعبدِه هانتْ عليه ِ ِ اختيار سنَ ف حُ ْومن عَرَ َ •
وسهلت عليه المصاعبُ ,وتوقعَ اللطفَ من ْ المصائبُ ،
الله وكرمِه ، ِ ثقة بلطفِ ً اللهِ ،واستبشر بما حصل ،
صدره ,ِ حزنه وضجرُه وضيقُ ُ ُ يذهب اختياره ،حينها ِ ِ وحسن
ويسلم المر لربه جلّ في عله ،فل يتسخطُ ول يعترضُ ،
ر ،بل يشكرُ ويصبرُ ،حتى تلوح له العواقبُ ، ول يتذمّ ُ
المصائب .
ِ وتنقشعُ عنه سحبُ
ألف عام إل خمسين عاما ً في َ نوح عليه السلمُ ُيؤذى ٌ •
ويستمر في نشرِ دعوتِه ّ دعوتهِ ,فيصبرُ ويحتسبُ ِ سبيلِ
إلى التوحيدِ ليل ً ونهارا ً ,سرا ً وجهرا ً ,حتى ينجيه ربّه
ويهلك عدوه بالطوفانِ .
فيجعلها الله عليه ُ إبراهيمُ عليه السلمُ ُيلقى في النارِ •
بردا ً وسلما ً ,ويحميه من النمرودِ ،وينجيهِ من كيدِ قومه ْ
وينصره عليهم ،ويجعلُ دينه خالدا ً في الرضِ . ُ
موسى عليه السلم يتربصُ به فرعونُ الدوائر ، •
ويطارده ,فينصرُه ُ ويحيك له المكائد ،ويتفننُ في إيذائه ُ
ويشق له البحر ُ الله عليه ويعطيه العصا تلقفُ ما يأفكون , ُ
الله عدوّه ويخزيه . ُ ويخرج منه بمعجزةٍ ،ويهلكُ ُ
عيسى عليه السلمُ يحاربُه بنو إسرائيل ،ويؤذونه •
في سمعته وأمّه ورسالتِه ,ويريدون قتله فيرفعُه اللهُ إليه
ويبوء أعداؤه بالخسرانِ . ُ وينصرُه نصرا ً مؤزرا ً ،
رسولُنا محمد يؤذيه المشركون واليهودُ والنصارى •
صنوف البلءِ ،من تكذيبٍ ومجابهة َ اليذاء ,ويذوقُ
ِ ّ أشد
وشتم واتهامِ بالجنون ٍ ّ وسب ٍ وسخرية ورد واستهزاءٍ ٍ
ل تحزن
420
يحاربُ وُيقتل والسحر والفتراءِ ,وُيطردُ و ُ َ ِ والكهانةِ والشعرِ
ويذوق أصناف ُ زوجته ،
ِ بأتباعه ,وُيتهمُ في ِ أصحابه وُينكّلُُ
النكباتِ ،ويهدد بالغاراتِ ،ويمر بأزماتٍ ,ويجوع ويفتقرُ ،
ويفقد عمه أبا طالب ُ رأسه
ُ ه ،ويشج ويجرحُ ،وتكسر ثنيتُ ُ
صر ح َالذي ناصره ,وتذهب زوجتُه خديجة التي واسته ,ويُ ْ
في الشعب حتى يأكل هو وأصحابه أوراق الشجرِ ,وتموت
ابنه إبراهيم بين يديهِ ,وُيغلب روح ِ
ُ حياته وتسيلُ ِ بناتُه في
ق عمه حمزةُ ,ويتعرض لعدة محاولت في أحد ,وُيمزّ ُ
جرَ على بطنِه من الجوعِ ول يجدُ أحيانا ً الح َ َ ويربط
ُ اغتيال ,
خبز الشعيرِ ول رديءَ التمر ,ويذوقُ الغصص ويتجرع كأس َ
المعاناة ,وُيزلزلُ مع أصحابِه زلزال ً شديدا ً وتبلغُ قلوبهُم
الحناجر ,وتعكس مقاصدُه أحيانا ً ،ويبتلى بتيه الجبابرة
أدب العرابِ وعجبِ الغنياء ، ِ ف المتكبرين وسوءِ وصََل ِ
الناس ,ثم
ِ ِ استجابة طِء
ومكر المنافقين ،وبُ ْ ِ وحقد اليهودِ ، ِ
والفوز رفيقه ،فيظهر ُ تكون العاقبةُ له ،والنصرُ حليفه ،
الله دينه ،وينصرُ عبده ،ويهزم الحزاب وحده ،ويخذل ُ
أعداءه ويكبتهم ويخزيهم ,واللهُ غالبٌ على أمرِه ولكن
أكثر الناسِ ل يعلمون .
•وهذا أبو بكر يتحملُ الشدائد ،ويستسهلُ الصعابَ في
وينفق ماله ويبذلُ جاهه ،ويقدم الغالي ُ سبيل دينِه
الصديق .
ِ والرخيصَ في سبيلِ اللهِ ،حتى يفوز بلقبِ
بدمائه في المحرابِ ،بعد حياة ِ ُ يضرج بن الخطابِ وعمر ُ ُ •
والتقشف وإقامة
ُ والبذل والتضحيةُ والزهدُ ُ ملؤها الجهادُ
العدل بين الناسِ . ِ
روحه ثمنا ً
ُ ح وهو يتلو القرآن ,وذهبتْ وعثمان بن عفانَ ُذبِ َ ُ •
لمبادئِه ورسالتِه.
د مواقف •وعلي بن أبي طالبٍ ُيغتالُ في المسجدِ ،بَْع َ
جليلةٍ ومقاماتٍ عظيمة من التضحيةِ والنصرِ والفداء
والصدقِ .
ل تحزن
421
قَتلُ بسيف والحسينُ بن علي يرزقُه اللهٌ الشهادة ويُ ْ •
الظلمِ والعدوانِ .
بإثمهِ .
ِ الحجاج فيبوءُ
ُ العالم الزاهدُ يقتله ُ بن حبيرٍ وسعيد ُ
ُ •
الشهادة في الحرِم على يد ِ يكرمه اللهُ
ُ وابن الزبيرِ
ُ •
بن يوسف الظالمِ . الحجاجِ ِ
بن حنبلَ في الحق ،وُيجلد وُيحبس المامُ أحمدُ ُ •
والجماعة .
ِ أهل السنةِ ِ َ إمام فيصيرُ
المام أحمدَ بن نصرٍ الخزاعي الداعيةَ إلى َ •ويقتل الواثقُ
بقوله كلمة الحقّ . ِ السنةِ
وأصحابه
ِ ابن تيميةَ يسجن وُيمنعُ من أهلِه ُ ِ السلم وشيخ
ُ •
الله ذكرهُ في العالمين . ُ وكتبه ,فيرفعُ ِ
المام أبو حنيفة من قَِبل أبو جعفر المنصور . ُ •وقد جُِل َ
د
جلد سعيدُ بن المسيب العالم الرباني ,جلده أميرُ المدينة •و ُ
.
المحدث ,ضربه
ُ ُ العالم ن •وضرب المام بن عبدُالله بن عو ٍ
بل ل بن أبي برده.
سجن أو جلدٍ أو قتلٍ أو ٍ ى بعزل أو •ولو ذهبت أعدد من ابتلُ َ
المقام ولكثرَ الكلمَ ,وفيما ذكرت كفايةٌ . َ أذى لطالَ
/http://www.saaid.net
ل تحزن
422
الخاتـمـة
ي الواحد الماجد ،الحد الصمد َ أنا وأنت ،هّيا نقصد الغن ّ
طرح على عتبةِ ربوبيِته ل والكرام ِ ،لنن ّ ِ م ،ذا الجل ِ ي القيو َ الح ّ
ل، ح في السؤا ِ ب وحدانيِته ،نسأله وُنل ّ ،ونلتجئ إلى با ِ
ل ،فهو المعافي الشافي الكافي وهو ونطلُبه وننتظُر الّنوا َ
ت. الخالق الرزاقُ المحيي الممي ُ
قَنا و ِة َ سن َ ً
ح َة َ خَر ِ في ال ِ و ِة َسن َ ً ح َ في الدّن َْيا َ ﴿ َرب َّنا آت َِنا ِ
ب الّناِر ﴾ . ذا َع َ َ
)) اللهم إنا نسأُلك العفو والعافية والمعافاة
الدائمة في الدنيا والخرة ((.
)) اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبّيك
محمدٌ ، ونعوذُ بك من شّر ما استعاذك منه نبّيك
محمدٌ . ((
ز ،ونعوذُ بك من م والح ِ )) اللهم إنا نعوذُ بك من اله ّ
ن، جب ْ ِ
ل وال ُ ل ،ونعوذُ بك من البخ ِ س ِ ز والك َ َج ِع ْ
ال َ
ل (( . ر الرجا ِ ه ِ
ن وق ْ ة الدي ِ ونعوذُ بك من غل َب َ ِ
**********************************************
/http://www.saaid.net