Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 422

‫ل تحزن‬

‫‪1‬‬

‫ل تحزن‬
‫للشيخ ‪ /‬عائض القرني‬
‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪2‬‬

‫هذا الكتاب‬

‫ب‬ ‫ة ‪ ،‬تعنى بمعالجةِ الجان ِ‬ ‫خاذةٌ مسؤول ٌ‬ ‫دراسة ٌ جادة ٌ أ ّ‬


‫ب والقلق ‪،‬‬ ‫المأسوي من حياةِ البشريةِ جانب الضطرا ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬‫وفقدِ الثقةِ ‪ ،‬والحيرة ‪ ،‬والكآبةِ والتشاؤم ِ ‪ ،‬واله ّ‬
‫ط‪.‬‬‫ط والحبا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والكدرِ ‪ ،‬واليأس والقنو ِ‬ ‫والحز ِ‬
‫ت العصر على نورٍ من الوحي ‪ ،‬وهدي‬ ‫ل المشكل ِ‬ ‫وهو ح ّ‬
‫ب‬ ‫من الرسالة ‪ ،‬وموافقةٍ مع الفطرةِ السوي ّةِ ‪ ،‬والتجار ِ‬
‫ب‬ ‫ب ‪ ،‬والد ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ص الج ّ‬ ‫ل الحي ّةِ ‪ ،‬والقص ِ‬ ‫الراشدةِ ‪ ،‬والمثا ِ‬
‫ت عن الصحابة البرار ‪ ،‬والتابعين الخياِر‬ ‫ب ‪ ،‬وفيه نقول ٌ‬ ‫الخل ّ ِ‬
‫ة‬
‫ت من قصي ِدِ كبارِ الشعراء ‪ ،‬ووصايا جهابذ ِ‬ ‫‪ ،‬وفيه نفحا ٌ‬
‫ت العلماء ‪.‬‬ ‫ح الحكماِء ‪ ،‬وتوجيها ِ‬ ‫الطبا ُِء ‪ ،‬ونصائ ِ‬
‫ت للشرقيين والغربيين ‪ ،‬والقدامى‬ ‫وفي ثناياه أطروحا ٌ‬
‫ل‬ ‫مْته وسائ ُ‬ ‫ل ذلك مع ما يوافقُ الحقّ مما قد ّ َ‬ ‫والمحدثين ‪ .‬ك ّ‬
‫ت وملحق ونشرات ‪.‬‬ ‫ف ومجلت ‪ ،‬ودوريا ٍ‬ ‫العلم ‪ ،‬من صح ٍ‬
‫ب ‪ .‬وهو‬ ‫ب مشذ ّ ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وجهد ٌ مهذ ّ ٌ‬‫ج مرت ّ ٌ‬ ‫إن هذا الكتاب مزي ٌ‬
‫ل لك باختصار ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬

‫ن وأبشْر وتفاء ْ‬
‫ل ول تحزن ((‬ ‫)) اسعدْ واطمئ ّ‬

‫*************************************‬

‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪3‬‬
‫المقدمة‬
‫ل الله ‪،‬‬ ‫م على رسو ِ‬ ‫الحمد ُ لله ‪ ،‬والصلةُ والسل ُ‬
‫وعلى آله وصحبهِ وبعد ُ ‪:‬‬
‫ه‬
‫فهذا الكتاب ) ل تحزن ( ‪ ،‬عسى أن تسعد بقراءت ِ‬
‫ب أن تحاكمه‬ ‫والستفادةِ منه ‪ ،‬ولك قبل أن تقرأ هذا الكتا ٍ‬
‫ل الصحيِح ‪ ،‬وفوق هذا وذاك‬ ‫ق السليم ِ والعق ِ‬ ‫إلى المنط ِ‬
‫النْقل المعصوم ‪.‬‬
‫ه‬
‫ور ِ‬ ‫ل تص ّ‬ ‫مسبق على الشيِء قب َ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ف الحك َ‬ ‫ن من الحي ْ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫مهِ ‪ ،‬وإن من ظلم ِ المعرفةِ إصدار فتوى مسبق ٍ‬ ‫وذوقهِ وش ّ‬
‫ل ‪ ،‬وسماِع الدعوى ورؤيةِ الحجةِ ‪،‬‬ ‫م ِ‬ ‫ل الطلِع والتأ ّ‬ ‫قب َ‬
‫وقراءةِ البرهان ‪.‬‬
‫م أو‬ ‫م بهِ ه ّ‬‫ة أو أل ّ‬ ‫ت هذا الحديث لمن عاش ضائق ً‬ ‫كتب ُ‬
‫ض مضجعة‬ ‫ف من مصيبةٍ ‪ ،‬أو أق ّ‬ ‫ن ‪ ،‬أو طاف به طائ ٌ‬ ‫حز ٌ‬
‫مه قلقٌ ‪ .‬وأّينا يخلو من ذلك ؟!‬ ‫أرقٌ ‪ ،‬وشّرد َ نو َ‬
‫ل‬ ‫عبٌر ‪ ،‬وفوائد ُ وشوارد ُ ‪ ،‬وأمثا ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬وصوٌر و ِ‬ ‫ت وأبيا ٌ‬ ‫هنا آيا ٌ‬
‫ت فيها عصارة ما وصل إليه اللمعون ؛ من‬ ‫ص ‪ ،‬سكب ُ‬ ‫وقص ٌ‬
‫ة‬
‫س الحزين ِ‬ ‫ب المفجوِع ‪ ،‬والروِح المنهكةِ ‪ ،‬والنف ِ‬ ‫دواٍء للقل ِ‬
‫البائسةِ ‪.‬‬
‫ل واهدأ ‪ .‬بل‬ ‫شر واسعد ْ ‪ ،‬وتفاَء ْ‬ ‫ل لك ‪ :‬أب ِ‬ ‫ب يقو ُ‬ ‫هذا الكتا ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة رضّية بهيج ً‬ ‫ش الحياة كما هي ‪ ،‬طيب ً‬ ‫ع ِ‬ ‫ل‪ِ :‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ح لك أخطاء مخالفةِ الفطرة ‪ ،‬في‬ ‫ح ُ‬ ‫ب يص ّ‬ ‫هذا الكتا ٌ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن والمكا ِ‬ ‫س ‪ ،‬والشياِء ‪ ،‬والزما ِ‬ ‫ن والنا ِ‬ ‫ل مع السن ِ‬ ‫التعام ِ‬
‫إنه ينهاك نهيا ً جازما ً عن الصرارِ على مصادمةِ الحيا ِ‬
‫ة‬
‫ض الدليل ‪ ،‬بل‬ ‫ج ورف ِ‬ ‫ومعاكسةِ القضاِء ‪ ،‬ومخاصمةِ المنه ِ‬
‫ف‬ ‫سك ‪ ،‬ومن أطرا ِ‬ ‫ب من أقطارِ نف ِ‬ ‫ن قري ٍ‬ ‫ُيناديك من مكا ٍ‬
‫رك ‪ ،‬وتثق بمعطياِتك وتستثمر‬ ‫ن مصي ِ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫نل ُ‬ ‫حك أن تطمئ ّ‬ ‫ُرو ِ‬
‫ش ‪ ،‬وغصص العمرِ وأتعاب‬ ‫ت العي ِ‬ ‫مواهبك ‪ ،‬وتنسى منّغصا ِ‬
‫المسيرةِ ‪.‬‬
‫مة في أوله ‪:‬‬ ‫وأريد ُ التنبيه على مسائل ها ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪4‬‬
‫ب السعادةِ والهدوِء‬ ‫ن المقصد من الكتاب جل ْ ُ‬ ‫الولى ‪:‬أ ّ‬
‫ل‬ ‫ل والتفاؤ ِ‬ ‫ب الم ِ‬ ‫ح با ِ‬ ‫والسكينة وانشراح الصدرِ ‪ ،‬وفت ُ‬
‫ل الزاهرِ ‪.‬‬ ‫والفرج والمستقب ِ‬
‫ن‬ ‫ل عليه ‪ ،‬وحس ِ‬ ‫وهو تذكيٌر برحمة اللهِ وغفران ِهِ ‪ ،‬والتوك ّ ِ‬
‫ش في حدودِ‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬والعي ِ‬ ‫ن بهِ ‪ ،‬واليما ِ‬ ‫الظ ّ‬
‫ق على المستقبل ‪ ،‬وتذك ّرِ ن ِعَم ِ الله ‪.‬‬ ‫ك القل ِ‬ ‫اليوم ِ ‪ ،‬وتر ِ‬
‫م ‪ ،‬والحزن والسى ‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ة لطردِ اله ّ‬ ‫الّثانية ‪:‬وهو محاول ٌ‬
‫س‪،‬‬ ‫ق الصدرِ والنهيارِ واليأ ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وضي ِ‬ ‫ضطرا ِ‬ ‫ق وال ْ‬ ‫والقل ِ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ط والحبا ِ‬ ‫والقنو ِ‬
‫ل ‪ ،‬ومن‬ ‫ن التنزي ِ‬ ‫ك الموضوِع م ْ‬ ‫ت فيه ما يدوُر في فل ِ‬ ‫الثالثة ‪:‬جمع ُ‬
‫ص‬ ‫كلم المعصوم ِ‪ ، ‬ومن المثلةِ الشاردة ‪ ،‬والقص ِ‬
‫ه الحكماُء والطباُء‬ ‫ت المؤّثرةِ ‪ ،‬وما قال ُ‬ ‫المعبرةِ ‪ ،‬والبيا ِ‬
‫ن‬ ‫ب الماِثلة والبراهي ِ‬ ‫س من التجار ِ‬ ‫والدباُء ‪ ،‬وفيه قب ٌ‬
‫الساطعة ‪ ،‬والكلمةِ الجاد ّةِ وليس وعظا ً مجردا ً ‪ ،‬ول ترفا ً‬
‫ل‬ ‫ة من أج ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫مل ِ ّ‬‫فكري ّا ً ‪ ،‬ول طرحا ً سياسيا ً ؛ بل هو دعوةٌ ُ‬
‫سعادِتك ‪.‬‬
‫ت فيه المشاعر‬ ‫ب للمسلم وغيره ‪ ،‬فراعي ُ‬ ‫الرابعة ‪:‬هذا الكتا ُ‬
‫ي‬ ‫س النسانيةِ ؛ آخذا ً في العتبار المنهج الربان ّ‬ ‫ومنافذ النف ِ‬
‫رة ‪.‬‬ ‫ن الفط ِ‬ ‫الصحيح ‪ ،‬وهو دي ُ‬
‫ت عن شرقيين‬ ‫الخامسةِ ‪ :‬سوف تجد ُ في الكتاب ُنقول ٍ‬
‫ة‬ ‫ى في ذلك ؛ فالحكمة ضال ُ‬ ‫ّ‬
‫وغربّيين ‪ ،‬ولعله ل تثريب عل ّ‬
‫ن ‪ ،‬أّنى وجدها فهو أحقّ بها ‪.‬‬ ‫المؤم ِ‬
‫ل للكتاب حواشي ‪ ،‬تخفيفا ً للقارئ‬ ‫السادسة ‪ :‬لم أجع ْ‬
‫ت‬ ‫وتسهيل ً له ‪ ،‬لتكون قراءاته مستمّرة ً وفكُره متصل ً ‪ .‬وجعل ُ‬
‫ل الكتاب ‪.‬‬ ‫ل في أص ِ‬ ‫المرجع مع النق ِ‬
‫ن‬ ‫ل رقم الصفحةِ ول الجزِء ‪ ،‬مقتديا ً بم ْ‬ ‫السابعةِ ‪ :‬لم أنق ْ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ل بتصّر ٍ‬ ‫سبق في ذلك ؛ ورأيُته أنفع وأسهل ‪ ،‬فحينا ً أنق ُ‬
‫ب أو المقالةِ ‪.‬‬ ‫ص ‪ ،‬أو بما فهمُته من الكتا ِ‬ ‫وحينا ً بالن ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب ول على الفصو ِ‬ ‫ب هذا الكتاب على البوا ِ‬ ‫ة‪:‬لم أرت ْ‬‫الثامن ِ‬
‫ل‬ ‫ت ‪ ،‬وأنتق ُ‬ ‫ل بين الِفقرا ِ‬ ‫طرح ‪ ،‬فرّبما أداخ ُ‬ ‫ت فيه ال ّ‬ ‫وإنما نوع ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪5‬‬
‫ت ‪ ،‬ليكون أمتع‬ ‫ث بعد صفحا ٍ‬ ‫ث إلى آخر وأعود ُ للحدي ِ‬ ‫ن حدي ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ه وأطرف لنظرهِ ‪.‬‬ ‫للقارئ وألذ ّ ل ُ‬
‫ن كان‬ ‫ْ‬ ‫التاسعِة ‪:‬لم أ ُ‬
‫ج الحاديث ؛ فإ ْ‬ ‫ِ‬ ‫تخري‬ ‫أو‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫اليا‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫بأرقا‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ط‬
‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ه ‪ ،‬وإن كان صحيحا أو حسنا ذكر ُ‬ ‫ف بّينت ُ ُ‬ ‫ث فيه ضع ٌ‬ ‫الحدي ُ‬
‫ت ‪ .‬وهذا كّله طلبا ً للختصار ‪ ،‬وُبعدا ً عن التكراِر‬ ‫ذلك أو سك ّ‬
‫س‬ ‫ع بما لم ُيعط كلب ِ‬ ‫ل ‪ )) ،‬والمتشب ّ ُ‬ ‫والكثارِ والمل ِ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫ي ُزو ٍ‬
‫ثوب ْ‬
‫ظ القارئُ تكرارا ً لبعض المعاني في قوالب‬ ‫العاشرة ‪:‬ربما يْلح ُ‬
‫ت هذا‬ ‫ت ذلك وتعمد ُ‬ ‫شّتى ‪ ،‬وأساليب متنوعةٍ ‪ ،‬وأنا قصد ُ‬
‫ة‬‫ح ‪ ،‬وترسخ المعلوم ُ‬ ‫الصنيع لتثبت الفكرة ُ بأكثر من طر ٍ‬
‫ل ‪ ،‬ومن يتدب ّرِ القرآن يجد ْ ذلك ‪.‬‬ ‫بغزارةِ النق ِ‬
‫دمها لمن أراد أن يقرأ هذا الكتاب‬ ‫ة ‪ ،‬أق ّ‬ ‫تلك عشرةٌ كامل ٌ‬
‫دقا ً في الخبرِ ‪ ،‬وعدل ً في‬ ‫ل هذا الكتاب ص ْ‬ ‫‪ ،‬وعسى أن يحم ّ‬
‫ل ‪ ،‬ويقينا ً في المعرفةِ ‪ ،‬وسدادا ً‬ ‫الحكم ‪ ،‬وإنصافا ً في القو ِ‬
‫ي ‪ ،‬ونورا ً في البصيرة ‪.‬‬ ‫في الرأ ِ‬
‫ل ‪ ،‬ولم‬ ‫ب فيه الجميع ‪ ،‬وأتكلم ‪ ،‬فيه للك ّ‬ ‫إنني أخاط ُ‬
‫ة متحّيزة ً ‪ ،‬أو‬ ‫ة ‪ ،‬أو جيل ً بعينهِ ‪ ،‬أو فئ ً‬ ‫ص ً‬ ‫ة خا ّ‬ ‫صد ْ به طائف ً‬ ‫أق ِ‬
‫ن يحيا حياة سعيدة ً ‪.‬‬ ‫ل من أراد أ ْ‬ ‫بلدا ً بذاتهِ ‪ ،‬بل هو لك ّ‬

‫ه‬
‫ت في ِ‬ ‫ورصع ُ‬ ‫س‬
‫ُيضيءُ بل شم ٍ‬
‫ه‬‫سحت ُ ٌ ُ‬‫حتىهُ ترك‬
‫الدّّرفعينا‬ ‫ويسري بل قمر‬
‫ر‬ ‫وللهْ دّر الّرم ْ ِ‬
‫ش‬
‫ن مهن ّدٌ‬‫والجبي ُ‬ ‫د والحوْر‬ ‫والجي ِ‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪6‬‬
‫يــا الله‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ت واْل َ‬ ‫وا‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫﴿ يسأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ن ﴾ ‪ :‬إذا اضطرب البحرُ ‪ ،‬وهاج الموجُ ‪ ،‬وهبّت‬ ‫ْ‬ ‫في َ‬
‫شأ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الريحُ ‪ ،‬نادى أصحابُ السفينةِ ‪ :‬يا الله‪.‬‬
‫إذا ضلّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن‬
‫القافلة في السيرِ ‪ ،‬نادوا ‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الطريق ‪ ،‬وحارتِ‬ ‫ِ‬
‫الكارثة ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وحلتِ النكبةُ وجثمتِ‬ ‫ّ‬ ‫إذا وقعت المصيبةُ ‪،‬‬
‫نادى المصابُ المنكوبُ ‪ :‬يا الله‪.‬‬
‫سدلتِ الستور‬ ‫وأ ِ‬ ‫البواب أمام الطالبين ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وصدت‬
‫ِ‬ ‫إذا أُ‬
‫في وجوهِ السائلين ‪ ،‬صاحوا ‪ :‬يا الله ‪.‬‬
‫وتقطعت‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫المال‬ ‫ِ‬ ‫وانتهت‬ ‫إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبلُ‬
‫الحبال ‪ ،‬نادوا ‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رحبتْ وضاقتْ عليك نفسُك‬ ‫إذا ضاقتْ عليك الرضُ بما ُ‬
‫بما حملتْ ‪ ،‬فاهتفْ‪ :‬يا الله‪.‬‬
‫الخالص ‪ ،‬والهاتف‬ ‫ُ‬ ‫م الطيبُ ‪ ،‬والدعاءُ‬ ‫إليه يصعدُ الكلِ ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫مع البريءُ ‪ ،‬والتفجّع الوالِ ُ‬ ‫ادق ‪ ،‬والدّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الص‬
‫السحارِ ‪ ،‬واليادي في الحاجات ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ف في‬ ‫مد الكُ ّ‬ ‫إليه تُ ّ‬
‫ات ‪ ،‬والسئلةُ في الحوادث‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫والعينُ في المل ّ‬
‫باسمه تشدو اللسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي‪،‬وبذكره‬ ‫ِ‬
‫وتهدأ المشاعر وتبرد‬ ‫ُ‬ ‫تطمئن القلوبُ وتسكنُ الرواحُ ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ف‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫د ‪ ،‬ويستقرّ اليقينُ‪ ﴿ ،‬الل ّ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫الر ْ‬‫العصابُ ‪ ،‬ويثوبُ ّ‬
‫ه﴾‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫وأجمل الحروفِ ‪ ،‬وأصدق‬ ‫ُ‬ ‫الله ‪ :‬أحسنُ السماءِ‬
‫مي ّا ً ﴾ ؟! ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫الكلمات‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫العبارات ‪ ،‬وأثمنُ‬ ‫ِ‬
‫صرة ‪ ،‬والعز‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والن‬ ‫الله ‪ :‬فإذا الغنى والبقاءُ ‪ ،‬والقوةُ‬ ‫ُ‬
‫د‬
‫ح ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫م ل ِل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ك ال ْي َ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ة ‪ ﴿ ،‬لّ َ‬ ‫م ُ‬
‫ك َ‬ ‫والح ْ‬
‫ِ‬ ‫والقدرةُ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫ها ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ث والمددُ ‪ ،‬والوُد‬ ‫والعناية ‪ ،‬والغوْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله ‪ :‬فإذا اللطفُ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫والحسان ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪7‬‬
‫الجلل والعظمةِ ‪ ،‬والهيبةِ والجبروتِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ :‬ذو‬
‫اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ‪ ،‬وجزاء الحزنِ سرورا‬
‫بثلج اليقينِ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لعج القلبِ‬ ‫أمنًا‪ .‬اللهم أبردْ ِ‬
‫‪ ،‬وعند الخوفِ ْ‬
‫اليمان ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بماء‬ ‫جمر الرواحِ‬ ‫ْ‬ ‫ئ‬
‫وأطف ْ‬
‫اهرة نُعاسا ً أمنةً منك ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يا ربّ ‪ ،‬ألق على العيونِ السّ‬
‫فتحا قريباً‪ .‬يا رب‬ ‫ً‬ ‫طربة سكينة ‪ ،‬وأثبْها‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫المض‬ ‫وعلى النفوسِ‬
‫ك ‪ ،‬وضُلّل المناهجِ إلى‬ ‫اهد حيارى البصائرْ إلى نورِ ْ‬ ‫ِ‬
‫صراطكْ ‪ ،‬والزائغين عن السبيل إلى هداك ‪.‬‬
‫اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور ‪ ،‬وأزهق‬
‫بمدد من‬
‫ٍ‬ ‫لق من الحقّ ‪ ،‬وردّ كيد الشيطانِ‬ ‫بفي ٍ‬
‫باطل الضّمائرِ ْ‬
‫جنود عوِْنك مُسوّمين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الهم ‪ ،‬واطردْ من‬ ‫ّ‬ ‫اللهم أذهبْ عنّا الحزن ‪ ،‬وأزلْ عنا‬
‫نفوسنا القلق‪.‬‬
‫ِ‬
‫ف إل منْك ‪ ،‬والركونِ إل إليك ‪،‬‬ ‫نعوذ بك من الخوْ ِ‬
‫ُ‬
‫والتوكلِ إل عليك ‪ ،‬والسؤالِ إل منك ‪ ،‬والستعانِة إل بك ‪،‬‬
‫أنت وليّنا ‪ ،‬نعم المولى ونعم النصير‪.‬‬
‫***************************************‬
‫كن سعيدا ً‬
‫–اليمان والعمل الصالح هما سر حياتك الطيبة ‪ ،‬فاحرص‬
‫عليهما ‪.‬‬
‫–اطلب العلم والمعرفة ‪ ،‬وعليك بالقراءة فإنها تذهب الهم ‪.‬‬
‫–جدد التوبة واهجر المعاصي ؛ لنها تنغص عليك الحياة ‪.‬‬
‫–عليك بقراءة القرآن متدبرا ً ‪،‬وأكثر من ذكر الله دائما ً ‪.‬‬
‫–أحسن إلى الناس بأنواع الحسان ينشرح صدرك ‪.‬‬
‫–كن شجاعا ً ل وجل ً خائفا ً ‪ ،‬فالشجاع منشرح الصدر ‪.‬‬
‫–طهر قلبك من الحسد والحقد والدغل والغش وكل مرض ‪.‬‬
‫–اترك فضول النظر والكلم والستماع والمخالطة والكل‬
‫والنوم ‪.‬‬
‫س همومك وأحزانك ‪.‬‬ ‫–انهمك في عمل مثمر تن َ‬
‫–عش في حدود يومك وانس الماضي والمستقبل ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪8‬‬
‫–انظر إلى من هو دونك في الصورة والرزق والعافية‬
‫ونحوها ‪.‬‬
‫در أسوأ الحتمال ثم تعامل معه لو وقع ‪.‬‬ ‫–ق ّ‬
‫–ل تطاوع ذهنك في الذهاب وراء الخيالت المخيفة والفكار‬
‫السيئة ‪.‬‬
‫–ل تغضب ‪ ،‬واصبر واكظم واحلم وسامح ؛ فالعمر قصير ‪.‬‬
‫–ل تتوقع زوال النعم وحلول النقم ‪ ،‬بل على الله توكل ‪.‬‬
‫ط المشكلة حجمها الطبيعي ول تضخم الحوادث ‪.‬‬ ‫–أع ِ‬
‫–تخلص من عقدة المؤامرة وانتظار المكاره ‪.‬‬
‫سط الحياة واهجر الترف ‪ ،‬ففضول العيش شغل ‪،‬‬ ‫–ب ّ‬
‫ورفاهية الجسم عذاب للروح ‪.‬‬
‫–قارن بين النعم التي عندك والمصائب التي حلت بك لتجد‬
‫الرباح أعظم من الخسائر ‪.‬‬
‫–القوال السيئة التي قيلت فيك لن تضرك ‪ ،‬بل تضر صاحبها‬
‫فل تفكر فيها ‪.‬‬
‫–صحح تفكيرك ‪ ،‬ففكر في النعم والنجاح والفضيلة ‪.‬‬
‫–ل تنتظر شكرا ً من أحد ‪ ،‬فليس لك على أحد حق ‪ ،‬وافعل‬
‫الحسان لوجه الله فحسب ‪.‬‬
‫–حدد مشروعا ً نافعا ً لك ‪ ،‬وفكر فيه وتشاغل به لتنسى‬
‫همومك ‪.‬‬
‫–احسم عملك في الحال ول تؤخر عمل اليوم إلى غد ‪.‬‬
‫–تعلم العمل النافع الذي يناسبك ‪ ،‬واعمل العمل المفيد‬
‫الذي ترتاح إليه ‪.‬‬
‫–فكر في نعم الله عليك ‪ ،‬وتحدث بها واشكر الله عليها ‪.‬‬
‫–اقنع بما آتاك الله من صحة ومال وأهل وعمل ‪.‬‬
‫–تعامل مع القريب والبعيد برؤية المحاسن وغض الطرف‬
‫عن المعائب ‪.‬‬
‫–تغافل عن الزلت والشائعات وتتبع السقطات وأخبار‬
‫الناس ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪9‬‬
‫–عليك بالمشي والرياضة والهتمام بصحتك ؛ فالعقل‬
‫السليم في الجسم السليم ‪.‬‬
‫–ادع الله دائما ً بالعفو والعافية وصالح الحال والسلمة ‪.‬‬
‫*****************************‬

‫فكر واشكر‬
‫مرُك من‬ ‫المعنى ‪ :‬أن تذكر نِعم اللهِ عليك فإذا هي تغْ ُ‬
‫ه لَ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫دوا ْ ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫وِإن ت َ ُ‬ ‫فوقك ومن تحتِ قدميْك ﴿ َ‬ ‫ِ‬
‫وكساء ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ة في بدنٍ ‪ ،‬أمنٌ في وطن ‪ ،‬غذاءٌ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ص ّ‬ ‫ها ﴾ ِ‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫الحياة وأنت‬ ‫ً‬ ‫وهواء وماءٌ ‪ ،‬لديك الدنيا وأنت ما تشعرُ ‪ ،‬تملكُ‬ ‫ٌ‬
‫ه َ‬ ‫ل تعلمُ ﴿ َ‬
‫ة﴾ عندك‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬‫ع َ‬ ‫م نِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ي آَلء‬ ‫َ‬ ‫ويدان ورجلنِ ﴿ َ‬
‫فب ِأ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ان ‪،‬‬
‫عينان ‪ ،‬ولسانٌ وشفت ِ‬
‫أن تمشي على‬ ‫سهلة ْ‬‫ٌ‬ ‫ن ﴾ هلْ هي مسأ ٌ‬
‫لة‬ ‫ما ت ُك َذَّبا ِ‬ ‫َرب ّك ُ َ‬
‫أقدام؟! وأنْ تعتمِد على ساقيْك ‪ ،‬وقد‬ ‫ٌ‬ ‫قدميْك ‪ ،‬وقد بُتِ ْ‬
‫رت‬
‫ق أن تنام ملء عينيك وقدْ أطار اللم‬ ‫سوق؟! أحقي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫طعتْ‬ ‫ُق ِ‬
‫نوم الكثيرِ؟! وأنْ تمل معدتك من الطعامِ الشهيّ وأن تكرع‬
‫عكّر عليه الطعامُ ‪ ،‬ونُغّص عليه‬ ‫البارد وهناك من ُ‬ ‫ِ‬ ‫من الماءِ‬
‫وقد عُوفيت‬ ‫ْ‬ ‫قام ؟! تفكّر في سمْعِك‬ ‫بأمراض وأسْ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫راب‬ ‫الشّ‬
‫وقد سلمت من العمى ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫من الصّمم ‪ ،‬وتأملْ في نظرِك‬
‫ذام ‪ ،‬والمح‬ ‫والج ِ‬ ‫ُ‬ ‫دك وقد نجوْت من البرصِ‬ ‫وانظر إلى جِْل ِ‬
‫عقلك وقدْ أنعم عليك بحضورهِ ولم ُتفجعْ بالجنونِ والذهولِ ‪.‬‬
‫ذهبا ؟! أتحبّ بيع‬ ‫ً‬ ‫ح ٍ‬
‫د‬ ‫وحده كجبلِ ُأ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أتريدُ في بصرِك‬
‫سمعك وزن ثهلن فضةّ ؟! هل تشتري قصور الزهراء‬ ‫ِ‬
‫تقايض بيديك مقابل عقودِ اللؤلؤ‬ ‫ُ‬ ‫بلسانك فتكون أبكم؟! هلْ‬ ‫ِ‬
‫عميمة وأفضال‬ ‫ٍ‬ ‫والياقوتِ لتكون أقطع؟! إنك في ِنعمٍ‬
‫مغموما حزيناً كئيبا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مهموما‬ ‫تدري ‪ ،‬تعيشُ‬ ‫ْ‬ ‫جسيمةٍ ‪ ،‬ولكنك ل‬
‫ئ‪،‬‬ ‫البارد ‪ ،‬والنومُ الهان ُ‬ ‫ُ‬ ‫ئ ‪ ،‬والماءُ‬ ‫‪ ،‬وعندك الخبزُ الداف ُ‬
‫والعافية الوارفةُ ‪ ،‬تتفكرُ في المفقودِ ول تشكرُ الموجود‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ة وعندك مفتاحُ السعادة‪ ،‬وقناطيُر‬ ‫مالي ٍ‬
‫ّ‬ ‫تنزعجُ من خسارةٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪10‬‬
‫والنعم والشياءِ ‪ ،‬فكّرْ واشكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمواهب‬ ‫مقنطرةٌ من الخيرِ‬
‫َ‬ ‫في َأن ُ‬
‫ر في نفسك ‪ ،‬وأهلِك‬ ‫فك ْ‬
‫ن﴾ ّ‬ ‫صُرو َ‬ ‫فَل ت ُب ْ ِ‬‫مأ َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫و ِ‬
‫﴿ َ‬
‫وأصدقائك ‪ ،‬والدنيا من حولِك‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬وبيتك ‪ ،‬وعملِك ‪ ،‬وعافيتِك ‪،‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫م ُينك ُِرون َ َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬
‫م َ‬‫ع َ‬
‫ن نِ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫ر ُ‬
‫ع ِ‬‫﴿ي َ ْ‬
‫*****************************************‬

‫ما مضى فات‬


‫تذكّرُ الماضي والتفاعلُ معه واستحضارُه ‪ ،‬والحزن‬
‫الحاضرة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وتبديد للحياةِ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫للرادة‬ ‫وجنون ‪ ،‬وقتلٌ‬ ‫ٌ‬ ‫لمآسيه حمقٌ‬
‫ق عليه‬ ‫روى ‪ ،‬يُْغلَ ُ‬ ‫طوَى ول ُي ْ‬ ‫إن ملفّ الماضي عند العقلء يُ ْ‬
‫ية في سجنِ الهمال‬ ‫د بحبالٍ قوّ ٍ‬ ‫قي ُ‬‫زنزانة النسيانِ ‪ ،‬يُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫أبدا في‬
‫ً‬
‫د عليه فل يرى النورَ ؛ لنه مضى‬ ‫ص ُ‬‫و َ‬‫وي ْ‬
‫يخرج أبداً ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فل‬
‫حه‬ ‫ه ‪ ،‬ول الهمّ يصلحهُ ‪ ،‬ول الغمّ يصحّ ُ‬ ‫وانتهى ‪ ،‬ل الحزنُ يعيدُ َ‬
‫لنه عدمٌ ‪ ،‬ل تعشْ في كابوس الماضي‬ ‫الكدر يحييهِ ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬ل‬
‫وتحت مظلةِ الفائتِ ‪ ،‬أنقذْ نفسك من شبحِ الماضي ‪ ،‬أتريد‬
‫مصِّبهِ ‪ ،‬والشمس إلى مطلعِها ‪ ،‬والطفل‬ ‫أن ترُّد النهر إلى َ‬
‫ه ‪ ،‬واللبن إلى الثدي ‪ ،‬والدمعة إلى العينِ ‪ ،‬إن‬ ‫إلى بطن أمّ ِ‬
‫تفاعلك مع الماضي ‪ ،‬وقلقك منهُ واحتراقك بنارهِ ‪،‬‬
‫مفزع ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫مأساوي رهيبٌ مخيفٌ‬ ‫ّ‬ ‫أعتابه وضعٌ‬
‫ِ‬ ‫وانطراحك على‬
‫القراءة في دفتر الماضي ضياعٌ للحاضرِ ‪ ،‬وتمزيق‬ ‫ُ‬
‫ف للساعةِ الراهنةِ ‪ ،‬ذكر اللهُ المم وما فعلت‬ ‫ونس ٌ‬ ‫ْ‬ ‫للجهدِ ‪،‬‬
‫ُ‬
‫وقضِي ‪ ،‬ول‬ ‫ت ﴾ انتهى المرُ ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ثم قال ‪ ﴿ :‬ت ِل ْ َ‬
‫طائل من تشريحِ جثة الزمانِ ‪ ،‬وإعادةِ عجلةِ التاريخ‪.‬‬
‫إن الذي يعودُ للماضي ‪ ،‬كالذي يطحنُ الطحين وهو‬
‫نشارة الخشبِ ‪ .‬وقديماً قالوا‬ ‫ُ‬ ‫أصل ‪ ،‬وكالذي ينشرُ‬ ‫ً‬ ‫مطحونٌ‬
‫لمن يبكي على الماضي ‪ :‬ل تخرج الموات من قبورهم ‪،‬‬
‫أنهم قالوا للحمارِ ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫وقد ذكر من يتحدثُ على ألسنةِ البهائمِ‬
‫الكذب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لم ل تجترّ؟ قال ‪ :‬أكرهُ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪11‬‬
‫جز عن حاضِرنا ونشتغلُ بماضينا ‪ ،‬نهمل‬ ‫إن بلءنا أننا نعْ ُ‬
‫قصورنا الجميلة ‪ ،‬ونندبُ الطلل البالية ‪ ،‬ولئنِ اجتمعت‬
‫النس والجنّ على إعادةِ ما مضى لما استطاعوا ؛ لن هذا‬ ‫ُ‬
‫هو المحالُ بعينه ‪.‬‬
‫إن الناس ل ينظرون إلى الوراءِ ول يلتفتون إلى الخلف‬
‫والماء ينحدرُ إلى المامِ ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الريح تتجهُ إلى المامِ‬
‫؛ لنّ ّ‬
‫سنّة الحياة ‪.‬‬
‫تسير إلى المامِ ‪ ،‬فل تخالفْ ُ‬
‫ُ‬ ‫والقافلةُ‬
‫****************************************‬

‫يومك يومكَ‬
‫ب ستعيشُ ‪،‬‬ ‫إذا أصبحتَ فل تنتظر المساءُ ‪ ،‬اليوم فحسْ ُ‬
‫ه ‪ ،‬ول الغدُ الذي لم يأت‬ ‫وشر ِ‬
‫ِ‬ ‫أمس الذي ذهب بخيرِ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫فل‬
‫ه هو‬ ‫نهار ُ‬
‫ُ‬ ‫ك شمسُه ‪ ،‬وأدركك‬ ‫إلى الآن ‪ .‬اليومُ الذي أظلّتْ َ‬
‫واحد ‪ ،‬فاجعلْ في خلدِك العيش‬ ‫ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬عمرُك يومٌ‬ ‫يومك فحسْ ُ‬ ‫ُ‬
‫فيه ‪ ،‬حينها ل تتعثر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتموت‬ ‫لهذا اليومِ وكأنك ولدت فيهِ‬
‫وغمهِ ‪ ،‬وبين توقع‬ ‫ّ‬ ‫وهمهِ‬
‫ّ‬ ‫حياتُك بين هاجسِ الماضي‬
‫ه المرعبِ ‪ ،‬لليومِ فقط‬ ‫المخيف وزحفِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وشبح ِ‬
‫ه‬‫ِ‬ ‫المستقبلِ‬
‫وكدك وجدّك ‪ ،‬فلهذا‬ ‫ّ‬ ‫اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك‬ ‫ْ‬
‫بتدبر واطلعا‬ ‫ٍ‬ ‫خاشعة وتلوةً‬ ‫ً‬ ‫اليوم لبد أن تقدم صلةً‬ ‫ِ‬
‫سناً في‬ ‫وح ْ‬ ‫را بحضورٍ ‪ ،‬واتزاناً في المور ‪ُ ،‬‬ ‫بتأمل ‪ ،‬وذِْك ً‬ ‫ٍ‬
‫واهتماما بالمظهرِ ‪ ،‬واعتناء‬ ‫ً‬ ‫ورضا بالمقسومِ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خلق ‪،‬‬
‫ِ‬
‫بالجسمِ ‪ ،‬ونفعاً للخرين ‪.‬‬
‫فتقسّم ساعاتِه وتجعل من‬ ‫ُ‬ ‫لليوم هذا الذي أنت فيه‬
‫دقائقه سنواتٍ ‪ ،‬ومن ثوانيهِ شهورا ً ‪ ،‬تزرعُ فيه الخيْر ‪،‬‬
‫ُتسدي فيه الجميل ‪ ،‬تستغفرُ فيه من الذنب ‪ ،‬تذكرُ فيه الرب‬
‫وسرورا ‪ ،‬وأمنا‬
‫ً‬ ‫فرحا‬
‫ً‬ ‫للرحيل ‪ ،‬تعيشُ هذا اليوم‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬تتهيأ‬
‫وسكينة ‪ ،‬ترضى فيه برزقِك ‪ ،‬بزوجتِك‪ ،‬بأطفالِك بوظيفتك ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫م َ‬‫كن ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬‫ما آت َي ْت ُ َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫بمسْتواك ﴿ َ‬ ‫ببيتك ‪ ،‬بعلمِك ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪12‬‬
‫ن ول انزعاجٍ ‪ ،‬ول‬ ‫ز ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫تعيش هذا اليوم بل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن﴾‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫سخط ول حقدٍ ‪ ،‬ول حسدٍ ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إن عليك أن تكتب على لوحِ قلبك عبارةً واحدة تجعلُها‬
‫أيضا على مكتبك تقول العبارة ‪) :‬يومك يومُك(‪ .‬إذا أكلت‬ ‫ً‬
‫المس الجاف‬ ‫ِ‬ ‫شهيًا هذا اليوم فهل يضُرّك خبزُ‬ ‫ّ‬ ‫حارًا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خبزا‬
‫الغائب المنتظرِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الرديء ‪ ،‬أو خبزُ ٍ‬
‫غد‬
‫عذبا زللً هذا اليوْم ‪ ،‬فلماذا تحزنُ من‬ ‫ً‬ ‫إذا شربت ماءً‬
‫السن الحارّ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لماء ٍ‬
‫غد‬ ‫ِ‬ ‫الجاج ‪ ،‬أو تهتمّ‬
‫ِ‬ ‫ماء أمس الملحِ‬ ‫ِ‬
‫فولذية صارمةٍ عارمة‬ ‫ٍ‬ ‫إنك لو صدقت مع نفسِك بإرادةٍ‬
‫لخضعتها لنظرية‪) :‬لن أعيش إلى هذا اليوْم (‪ .‬حينها‬
‫كيانك وتنمية‬ ‫ِ‬ ‫كل لحظة في هذا اليوم في بناءِ‬ ‫ّ‬ ‫تستغلّ‬
‫هذبُ ألفاظي‬ ‫مواهبك ‪ ،‬وتزكيةِ عملكُ ‪ ،‬فتقول ‪ :‬لليوم فقطْ ُأ ّ‬
‫سبًا ‪ ،‬أو غيبةً ‪ ،‬لليوم فقط‬ ‫حشاً ‪ ،‬أو ّ‬ ‫جرا أو فُ ْ‬ ‫أنطق هُ ً‬ ‫ُ‬ ‫فل‬
‫سوف أرتبُ بيتي ومكتبتي ‪ ،‬فل ارتباكٌ ول بعثرةٌ ‪ ،‬وإنما‬
‫نظام ورتابةٌ‪ .‬لليوم فقط سوف أعيشُ فأعتني بنظافة‬ ‫ٌ‬
‫والهتمام بهندامي ‪ ،‬والتزانِ في‬ ‫ِ‬ ‫جسمي ‪ ،‬وتحسين مظهري‬
‫مشيتي وكلمي وحركاتي‪.‬‬
‫ربي ‪ ،‬وتأدية‬ ‫فأجتهد في طاعةِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫لليوم فقطْ سأعيشُ‬
‫وجه ‪ ،‬والتزودِ بالنوافلِ ‪ ،‬وتعاهد‬ ‫ِ‬ ‫صلتي على أكملِ‬
‫فائدة ‪ ،‬ومطالعةِ كتاب‬ ‫ٍ‬ ‫مصحفي ‪ ،‬والنظرِ في كتبي ‪ ،‬وحفظِ‬
‫نافع ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فأغرس في قلبي الفضيلةً وأجتث‬ ‫ُ‬ ‫فقط سأعيشُ‬ ‫ْ‬ ‫لليومِ‬
‫جب ورياء‬‫ٍ‬ ‫ر وعُ‬ ‫منه شجرة الشرّ بغصونِها الشائكةِ من كِبْ ٍ‬
‫وسوء ظنّ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وغ ّ‬
‫ل‬ ‫وحقد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وحسدٍ‬
‫لليوم فقط سوف أعيشُ فأنفعُ الآخرين ‪ ،‬وأسدي‬
‫ل حيران ‪،‬‬ ‫جنازة ‪ ،‬أدُ ّ‬ ‫ً‬ ‫الجميلَ إلى الغير ‪ ،‬أعودُ مريضاً ‪ ،‬أشيّ ُ‬
‫ع‬
‫ج عن مكروبٍ ‪ ،‬أقفٌ مع مظلومٍ ‪ ،‬أشفع‬ ‫أفر ُ‬
‫ّ‬ ‫ُأطعمُ جائعاً ‪،‬‬
‫أرحم صغيراً ‪ ،‬أجِل‬ ‫ُ‬ ‫كرم عالماً ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لضعيفٍ ‪ ،‬أواسي منكوباً‪ ،‬أ‬
‫كبيراً ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪13‬‬
‫لليوم فقط سأعيشُ ؛ فيا ماضٍ ذهب وانتهى اغرب‬
‫أقف لتذكرك لحظة‬ ‫ُ‬ ‫كشمِسك ‪ ،‬فلن أبكي عليك ولن تراني‬
‫؛ لنك تركتنا وهجرتنا وارتحلْت عنّا ولن تعود إلينا أبد الآبدين‬
‫‪.‬‬
‫أنت في عالمِ الغيبِ فلنْ أتعامل مع الحلم‬ ‫ويا مستقبلُ ْ‬
‫‪ ،‬ولن أبيع نفسي مع الوهام ولن أتعجّلَ ميلد مفقودٍ ‪ ،‬لن‬
‫غدا ل شيء ؛ لنه لم يخلق ولنه لم يكن مذكوراً‪.‬‬ ‫ً‬
‫أروع كلمةٍ في قاموس‬ ‫ُ‬ ‫يومك أيها النسانُ‬
‫ُ‬ ‫يومك‬
‫السعادةِ لمن أراد الحياة في أبهى صورِها وأجملِ حُِللها‪.‬‬
‫****************************************‬
‫اتركِ المستقبلَ حتى يأ َ‬
‫تي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ ل تستبقِ الحداث ‪،‬‬ ‫جُلو ُ‬ ‫ع ِ‬‫ست َ ْ‬‫فل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬‫مُر الل ّ ِ‬
‫﴿ أَتى أ ْ‬
‫قبل تمامِهِ؟! وقطف الثمرةِ قبل النضج‬ ‫أتريدُ إجهاض الحملِ ْ‬
‫إن غداً مفقودٌ ل حقيقة لهُ ‪ ،‬ليس له وجودٌ ‪ ،‬ول طعمٌ ‪،‬‬ ‫؟! ّ‬
‫س من مصائِِبهِ ‪،‬‬ ‫ول لونٌ ‪ ،‬فلماذا نشغلُ أنفسنا بهِ ‪ ،‬ونتوجّ ُ‬
‫كوارثه ‪ ،‬ول ندري هلْ ُيحالُ بيننا‬ ‫ُ‬ ‫ونهتمّ لحوادثهِ ‪ ،‬نتوقعُ‬
‫المهم أنه في‬ ‫ّ‬ ‫وحبور ؟!‬
‫ٌ‬ ‫وبينهُ ‪ ،‬أو نلقاهُ ‪ ،‬فإذا هو سرورٌ‬
‫د ‪ ،‬إن علينا أنْ ل نعبر‬ ‫بع َ‬‫عالمِ الغيبِ لم يصلْ إلى الرضِ ْ‬
‫نقف قبل وصولِ الجسر‬ ‫جسرا حتى نأتيه ‪ ،‬ومن يدري؟ لعلّنا ِ‬ ‫ً‬
‫ينهار قبْل وصولِنا ‪ ،‬وربّما وصلنا الجسر‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬أو لعلّ الجسرَ‬
‫ومررنا عليه بسلمٍ‪.‬‬
‫إن إعطاء الذهنِ مساحةً أوسع للتفكيرِ في المستقبل‬
‫وفتح كتابِ الغيبِ ثم الكتواءِ بالمزعجاتِ المتوقعةِ ممقوت‬ ‫ِ‬
‫مذموم عقلا ً ؛ لنه مصارعة‬ ‫ٌ‬ ‫أمل ‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬ ‫شرعا ؛ لنه طولُ‬ ‫ً‬
‫للظلّ‪ .‬إن كثيراً من هذا العالم يتوقُع في مُستقبلهِ الجوع‬
‫والفقر والمصائبَ ‪ ،‬وهذا كلّه من مُقررات‬ ‫َ‬ ‫العري والمرضَ‬
‫مُر ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫كم‬ ‫وي َأ ُ‬‫قَر َ‬‫ف ْ‬ ‫عدُك ُ ُ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫مدارس الشيطانِ ﴿ ال ّ‬ ‫ِ‬
‫ضل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫فَرةً ّ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬‫كم ّ‬ ‫عد ُ ُ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬‫شاء َ‬ ‫ح َ‬‫ف ْ‬‫ِبال ْ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪14‬‬
‫غدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫كثيرٌ همْ الذين يبكون ؛ لنهم سوف يجوعون‬
‫وسوف يمرضون بعد سنةٍ‪ ،‬وسوف ينتهي العالمُ بعد مائة‬
‫عام‪ .‬إنّ الذي عمرُه في يد غيره ل ينبغي لهُ أن يراهن على‬
‫له الشتغال‬ ‫العدم ‪ ،‬والذي ل يدرِي متى يموتُ ل يجوزُ ُ‬
‫ٍ‬
‫بشيء مفقودٍ ل حقيقة له‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اترك غداً حتى يأتيك ‪ ،‬ل تسأل عن أخبارِه ‪ ،‬ل تنتظر‬
‫زحوفه ‪ ،‬لنك مشغولٌ باليوم‪.‬‬
‫نقدا ليقضوه‬‫ً‬ ‫وإن تعجبْ فعجبٌ هؤلء يقترضون الهمّ‬
‫نسيئةً في يومٍ لم تُشرق شمسُه ولم ير النور ‪ ،‬فحذار من‬
‫طولِ الأملِ ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫كيف تواجه النقد الآثم ؟‬
‫السخفاءُ سب ّوا الخالق الرّازق جلّ في عله ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫قعاء‬ ‫ّ‬ ‫الر‬
‫وشتموا الواحد الحد ل إله إلا هو ‪ ،‬فماذا أتوقعُ أنا وأنت‬
‫ونحن أهل الحيف والخطأ ‪ ،‬إنك سوف تواجهُ في حياتِك‬ ‫ُ‬
‫المر ‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫قد الآ ِ‬
‫ثم‬ ‫وسا ل هوادة فيها من النّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫با! ضرُ‬ ‫حر ً‬
‫ْ‬
‫دة مادام‬‫التحطيم المدروسِ المقصودِ ‪ ،‬ومن الهانةِ المتعمّ ِ‬
‫وتلمع ‪ ،‬ولن يسكت هؤلء‬ ‫ُ‬ ‫وتؤثر وتسطعُ‬ ‫ُ‬ ‫أنك ُتعطي وتبني‬
‫نفقا في الرضِ أو سلماً في السماءِ فتفر‬ ‫ً‬ ‫عنك حتى تتخذ‬
‫فانتظر منهمْ ما يسوؤك‬ ‫ْ‬ ‫منهم ‪ ،‬أما وأنت بين أظهرِهِ ْ‬
‫م‬
‫ويدمي مقلتك ‪ ،‬ويقضّ مضجعك‪.‬‬ ‫ويُبكي عينك ‪ُ ،‬‬
‫إن الجالس على الرضِ ل يسقطُ ‪ ،‬والناسُ ل يرفسون‬
‫هم صلحاً ‪ ،‬أو‬ ‫قتَ ْ‬ ‫كلباً ميتاً ‪ ،‬لكنهم يغضبون عليك لنك ُف ْ‬
‫علما ‪ ،‬أو أدباً ‪ ،‬أو مالا ً ‪ ،‬فأنت عندهُم مُذنبٌ ل توبة لك حتى‬ ‫ً‬
‫صفات الحمد‬
‫ِ‬ ‫الله عليك ‪ ،‬وتنخلع من كلّ‬ ‫ِ‬ ‫تترك مواهبك ونِعَ َ‬
‫م‬
‫غبيا ‪ ،‬صفرا‬ ‫‪ ،‬وتنسلخ من كلّ معاني النبلِ ‪ ،‬وتبقى بليداً ! ّ‬
‫إذا فاصمد لكلم‬ ‫بالضبط ‪ً .‬‬‫ِ‬ ‫ه‬
‫مكدودا ‪ ،‬هذا ما يريدون ُ‬ ‫ً‬ ‫محطماً ‪،‬‬
‫ّ‬
‫حدٌ (( وكن‬ ‫هم )) أثبتْ ُأ ُ‬ ‫م وتحقيرِ ْ‬ ‫هؤلءِ ونقدهمْ وتشويهِِه ْ‬
‫ات البردِ لتثبت‬ ‫كالصخرةِ الصامتةِ المهيبةِ تتكسرُ عليها حبّ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪15‬‬
‫وجودها وقُدرتها على البقاءِ ‪ .‬إنك إنْ أصغيت لكلمِ هؤلء‬
‫حياتك وتكدير‬ ‫ِ‬ ‫وتفاعلت به حققت أمنيتهُم الغالية في تعكيرِ‬
‫فح الجميل ‪ ،‬أل فأعرضْ عنهمْ ول تك‬ ‫عمرك ‪ ،‬أل فاصفح الصّ ْ‬
‫في ضيقٍ مما يمكرون‪ .‬إن نقدهمُ السخيف ترجمةٌ محترمة‬
‫ثم المفتعلُ ‪.‬‬ ‫وزنك يكُون النقدُ الآ ُ‬ ‫ِ‬ ‫لك ‪ ،‬وبقدرِ‬
‫لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلءِ ‪ ،‬ولنْ تستطيع أن‬ ‫إنك ْ‬
‫تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيعُ أن تدفن نقدهُم وتجنّيهم‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫م!‪ُ ﴿ .‬‬ ‫لقواله ِ‬
‫ِ‬ ‫طراحك‬ ‫بتجافيك لهم ‪ ،‬وإهمالك لشأنهمْ ‪ ،‬وا ّ‬
‫تصب في أفواهِِهم‬ ‫ّ‬ ‫م ﴾ بل تستطيعُ ْ‬
‫أن‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬
‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫محاسنك وتقويم اعوجاجِك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بزيادة فضائلك وتربيةِ‬ ‫ِ‬ ‫الخرَد َ‬
‫ل‬ ‫ْ‬
‫إن كنت تُريد أن تكون مقبولا ً عند الجميع ‪ ،‬محبوباً لدى الكل‬ ‫ْ‬
‫وأملت‬ ‫ّ‬ ‫فقد طلبت مستحيلا ً‬ ‫ْ‬ ‫‪ ،‬سليماً من العيوبِ عند العالمِ ‪،‬‬
‫بعيدا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أملا ً‬
‫************************************************‬
‫شكرا من أحدٍ‬
‫ً‬ ‫ل تنتظرْ‬
‫ليذكروه ورزق اللهُ الخليقة ليشكروهُ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫خلق اللهُ العباد‬
‫فعبد الكثيرُ غيره ‪ ،‬وشكرَ الغالبُ سواه ‪ ،‬لنّ طبيعة الجحود‬
‫النعم غالبةٌ على النفوس ‪ ،‬فل‬ ‫ران ّ‬‫ِ‬ ‫والنكران والجفاءِ وكُ ْ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫دم إذا وجدت هؤلءِ قد كفروا جميلك ‪ ،‬وأحرقوا‬ ‫ص ْ‬ ‫ُت ْ‬
‫إحسانك ‪ ،‬ونسوا معروفك ‪ ،‬بل ربما ناصبوك العِداءَ ‪،‬‬
‫ورموك بمنجنيق الحقدِ الدفين ‪ ،‬ل لشيءٍ إلا لنك أحسنت‬
‫من‬ ‫ه ِ‬‫سول ُ ُ‬
‫وَر ُ‬
‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬‫غَنا ُ‬‫ن أَ ْ‬ ‫َ‬
‫موا ْ إ ِل ّ أ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬ ‫إليهمْ ﴿ َ‬
‫وطالع سجلّ العالمِ المشهود ‪ ،‬فإذا في فصولِه‬ ‫ْ‬ ‫ه﴾‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ف ْ‬
‫به ‪،‬‬
‫وأطعمه وسقاهُ ‪ ،‬وأدّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اه وكساهُ‬ ‫وغذ ُ‬
‫ّ‬ ‫ربى ابنهُ‬ ‫قصة أبٍ ّ‬ ‫ُ‬
‫وتعب ليرتاح ‪ ،‬فلمّا طر‬ ‫ِ‬ ‫مه ‪ ،‬سهر لينام ‪ ،‬وجاع ليشبع ‪،‬‬ ‫وعل ُ‬ ‫ّ‬
‫لوالده كالكلبِ العقور‬ ‫ِ‬ ‫شاربُ هذا البن وقوي ساعده ‪ ،‬أصبح‬
‫صارخا ‪ ،‬عذاباً وبيلا ً ‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬استخفافاً ‪ ،‬ازدراءً ‪ ،‬مقتاً ‪ ،‬عقوقاً‬
‫ل تحزن‬
‫‪16‬‬
‫هم عند منكوسي‬ ‫أل فليهدأ الذين احترقت أوراقُ جميلِ ْ‬
‫المثوبة عند‬ ‫ِ‬ ‫الرادات ‪ ،‬وليهنؤوا بعوضِ‬ ‫ِ‬ ‫طر ‪ ،‬ومحطّمي‬ ‫الفِ ِ‬
‫خزائنه ‪.‬‬‫ُ‬ ‫من ل تنفد ُ‬
‫الجميل ‪ ،‬وعدم‬ ‫ِ‬ ‫الحار ل يدعوك لتركِ‬ ‫ّ‬ ‫إن هذا الخطاب‬
‫الحسانِ للغير ‪ ،‬وإنما يوطُّنك على انتظار الجحودِ ‪ ،‬والتنكر‬
‫والحسان ‪ ،‬فل تبتئس بما كانوا يصنعون‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لهذا الجميلِ‬
‫ثم ل‬ ‫الله ؛ لنك الفائزُ على كل حالٍ ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وجهِ‬ ‫اعمل الخير ِل ْ‬
‫واحمد الله‬ ‫ِ‬ ‫ط من غمطك ‪ ،‬ول جحودُ من جحدك ‪،‬‬ ‫غم ُ‬‫يضرك ْ‬
‫ما‬‫لنك المحسنُ ‪ ،‬واليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى ﴿ إ ِن ّ َ‬
‫كورا ً ﴾‬ ‫وَل ُ‬
‫ش ُ‬ ‫جَزاء َ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ريدُ ِ‬ ‫ه َل ن ُ ِ‬ ‫ه الل ّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫م لِ َ‬‫مك ُ ْ‬
‫ع ُ‬ ‫ن ُطْ ِ‬
‫‪.‬‬
‫الجحود عند‬ ‫ِ‬ ‫وقد ذُهِل كثيرٌ من العقلءِ من جبلّةِ‬
‫الغوغاءِ ‪ ،‬وكأنهمْ ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على‬ ‫ْ‬
‫عَنا إ َِلى ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ضّر ّ‬ ‫م ي َدْ ُ‬ ‫مّر ك َأن ل ّ ْ‬ ‫وتمرده ﴿ َ‬
‫ُ‬ ‫وه‬‫الصنف عت ّ‬
‫ن ﴾ ل ُتفاجأ إذا‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫ر ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬ ‫ك ُزي ّ َ‬ ‫ك َذَل ِ َ‬
‫قلما فكتب به هجاءك ‪ ،‬أو منحت جافياً عصا‬ ‫ً‬ ‫أهديت بليداً‬
‫غنمه ‪ ،‬فشجّ بها رأسك ‪ ،‬هذا هو‬ ‫ِ‬ ‫يتوكأ عليها ويهشّ بها على‬
‫الجحود مع باريها‬ ‫ِ‬ ‫المحنطةِ في كفنِ‬ ‫ّ‬ ‫الصلُ عند هذهِ البشريةِ‬
‫جل في عله ‪ ،‬فكيف بها معي ومعك ؟! ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫****************************************‬
‫الحسانُ إلى الخرين انشراحٌ للصدر‬
‫ه‪.‬‬
‫كطعم ِ‬
‫ِ‬ ‫ه ‪ ،‬والخيرُ‬ ‫كاسمهِ ‪ ،‬والمعروفُ كرسمِ ِ‬‫ِ‬ ‫الجميلُ‬
‫اس همُ المتفضّلون بهذا‬ ‫ِ‬ ‫أولُ المستفيدين من إسعادِ ّ‬
‫الن‬
‫وأخلقهم ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫م‪،‬‬‫السعاد ‪ ،‬يجنون ثمرتهُ عاجلً في نفوسهِ ْ‬ ‫ِ‬
‫هم ‪ ،‬فيجدون النشراح والنبساط ‪ ،‬والهدوء‬ ‫وضمائرِ ِ‬
‫ِ‬
‫والسكينة‪.‬‬
‫فامنح غيرك‬
‫ْ‬ ‫م أو ألمّ بك غمّ‬ ‫فإذا طاف بك طائفٌ من ه ّ‬
‫أعط محروما ً ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫والراحة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫له جميلا ً تجدِ الفرج‬
‫وأسد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫معروفا‬
‫ل تحزن‬
‫‪17‬‬
‫د مريضا ً ‪،‬‬ ‫مكروبا ‪ ،‬أطعمْ جائعا ً ‪ ،‬عِ ْ‬ ‫ً‬ ‫انصر مظلوما ً ‪ ،‬أنقِ ْ‬
‫ذ‬
‫يديك ومنْ خلفِك‪.‬‬ ‫تجد السعادة تغمرُك من بين ْ‬ ‫ِ‬ ‫أعن منكوباً ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫فعل الخيرِ كالطيب ينفعُ حاملهُ وبائعه ومشتريهُ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إنّ‬
‫وعوائد الخيرِ النفسيّة عقاقيرُ مباركةٌ تصرفُ في صيدلية‬ ‫ُ‬
‫بالبر والحسان ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫رت قلوبُهم‬ ‫م ْ‬ ‫الذي عُ ِ‬
‫الخلق صدقة‬ ‫ِ‬ ‫إن توزيع البسماتِ المشرقةِ على فقراءِ‬
‫عالم القيمِ )) ولو أن تلقى أخاك بوجهِ طلْق‬ ‫ِ‬ ‫جارية في‬ ‫ٌ‬
‫ضروس على الخرين ل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حرب‬ ‫ُ‬ ‫إعلن‬ ‫(( وإن عبوس الوجهِ‬
‫م الغيوبِ ‪.‬‬ ‫يعلمُ قيامها إلا علا ّ ٌ‬
‫أثمرت دخول جنة‬ ‫ْ‬ ‫ماء من كفّ بغي لكلب عقورٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫شربة‬
‫غفور شكور‬ ‫ٌ‬ ‫والرض ؛ لنّ صاحب الثوابِ‬ ‫ُ‬ ‫عرضها السمواتُ‬ ‫ُ‬
‫حميد ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫جميل ‪ ،‬يحبّ الجميل ‪ ،‬غنيٌ‬ ‫ٌ‬
‫م كوابيسُ الشقاءِ والفزع والخوفِ هلموا‬ ‫ده ْ‬‫هد ُ‬ ‫يا منْ تُ ّ‬
‫المعروف وتشاغلوا بالخرين‪ ،‬عطاءً وضيافة‬ ‫ِ‬ ‫إلى بستانِ‬
‫وخدمة وستجدون السعادة طعما ً ولونا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإعانة‬ ‫ً‬ ‫ومواساة‬
‫جَزى}‪ {19‬إ ِّل‬ ‫ة تُ ْ‬‫م ٍ‬ ‫ع َ‬
‫من ن ّ ْ‬ ‫عندَهُ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ما ِل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫وذوقا ً ﴿ َ‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ي َْر َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫عَلى}‪َ {20‬‬ ‫ه اْل َ ْ‬ ‫ه َرب ّ ِ‬‫ج ِ‬ ‫و ْ‬‫غاء َ‬ ‫اب ْت ِ َ‬
‫*****************************************‬
‫طرد الفراغ بالعملِ‬
‫ِ‬ ‫ا‬
‫الفارغون في الحياةِ هم أهلُ الراجيفِ والشائعات لن‬
‫ف ﴾‪.‬‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬
‫خ َ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ضوا ْ ب َِأن ي َ ُ‬
‫عة ﴿ َر ُ‬ ‫أذهانهم موزّ ٌ‬
‫إن أخطر حالت الذهنِ يوم يفرغُ صاحبُه من العملِ ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فيبقى كالسيارةِ المسرعةِ في انحدارِ بل سائقٍ تجنحُ ذات‬
‫الشمال ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اليمين وذات‬
‫والغم والفزع‬ ‫ّ‬ ‫يوم تجدُ في حياتك فراغًا فتهيّأ حينها للهمّ‬
‫ات الماضي والحاضر‬ ‫ملف ِ‬
‫ّ‬ ‫‪ ،‬لن هذا الفراغ يسحبُ لك كلّ‬
‫مريج ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الحياة فيجعلك في أمرٍ‬ ‫ِ‬ ‫والمستقبلِ من أدراج‬
‫ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمالٍ مثمرةٍ بدلا ً من هذا‬
‫ن‪.‬‬ ‫وانتحار بكبسولٍ مسكّ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫خفي ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وأد‬ ‫القاتل لنهُ‬
‫ِ‬ ‫السترخاءِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪18‬‬
‫إن الفراغً أشبهُ بالتعذيب البطيءِ الذي يمارسُ في‬
‫ر كلّ دقيقة‬ ‫بوضع السجينِ تحت أنبوبٍ يقطُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫سجون الصينِ‬
‫ِ‬
‫انتظار هذه القطراتِ ُيصابُ السجين‬ ‫ِ‬ ‫قطرة ‪ ،‬وفي فتراتِ‬ ‫ً‬
‫بالجنونِ ‪.‬‬
‫محترفٌ ‪ ،‬وعقلك هو فريسة‬ ‫ِ‬ ‫غفلة ‪ ،‬والفراغُ لِ ّ‬
‫ص‬ ‫ٌ‬ ‫الراحةُ‬
‫قة لهذه الحروبِ الوهميّة ‪.‬‬ ‫ممز ٌ‬
‫ّ‬
‫ح ‪ ،‬أو طالعْ ‪ ،‬أو اكتبْ ‪،‬‬‫صل أو اقرأ ‪ ،‬أو سبّ ْ‬‫ّ‬ ‫إذا قم الن‬ ‫ً‬
‫أو رتّب مكتبك ‪ ،‬أو أصلح بيتك ‪ ،‬أو انفعْ غيرك حتى تقضي‬
‫على الفراغِ ‪ ،‬وإني لك من الناصحينْ ‪.‬‬
‫اذبح الفراغ بسكينِ العملِ ‪ ،‬ويضمن لك أطباءُ العالم‬ ‫ْ‬
‫ئ فحسب ‪،‬‬ ‫الجراء الطار ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ %50‬من السعادة مقابل هذا‬
‫انظر إلى الفلحين والخبازين والبنائين يغردون بالناشيد‬
‫وراحة وأنت على فراشك تمسح‬ ‫ٍ‬ ‫كالعصافيرِ في سعادةٍ‬
‫دموعك وتضطرُب لنك ملدوغٌ ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫ل تكن إمعة‬
‫تذب في الآخرين‪ .‬إن هذا‬ ‫ل تتقمص شخصية غيرك ول ُ‬
‫هو العذاب الدائم ‪ ،‬وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم‬
‫وحركاتهم ‪ ،‬وكلمَهم ‪ ،‬ومواهبهم ‪ ،‬وظروفهم ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأصواتِهم‬
‫ف والصّلفُ ‪،‬‬ ‫لينصْهرُوا في شخصيّات الآخرين ‪ ،‬فإذا التكلّ ُ‬
‫وللذات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والحتراقُ ‪ ،‬والعدامُ للكيان‬
‫من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورة‬
‫واحدة ‪ ،‬فلماذا يتفقون في المواهبِ والخلق ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي‬
‫مثُلك في الدنيا شبيه ‪.‬‬
‫أنت مختلف تماما ً عن زيد وعمرو فل تحشرْ نفسك في‬
‫سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان ‪.‬‬
‫س‬ ‫عل ِم ك ُ ّ ُ‬ ‫انطلق على هيئتك وسجيّتك ﴿ َ‬
‫ل أَنا ٍ‬ ‫قد ْ َ َ‬
‫قوا ْ‬
‫ست َب ِ ُ‬
‫فا ْ‬‫ها َ‬ ‫وّلي َ‬
‫م َ‬
‫و ُ‬‫ه َ‬
‫ة ُ‬‫ه ٌ‬
‫ج َ‬
‫و ْ‬ ‫ول ِك ُ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬‫ه ْ‬ ‫م ْ‬
‫شَرب َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪19‬‬
‫ت ﴾ عشْ كما خلقت ل تغير صوتك ‪ ،‬ل تبدل نبرتك ‪،‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫خي َْرا ِ‬
‫ل تخالف مشيتك ‪ ،‬هذب نفسك بالوحي ‪ ،‬ولكن ل تلغ‬
‫وجودك وتقتل استقللك‪.‬‬
‫أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا‬
‫وطعمك هذا ؛ لنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ))ل يكن‬
‫أحدكم إمّعة(( ‪.‬‬
‫بعالم الشجارِ ‪ :‬حلو‬
‫ِ‬ ‫إن الناس في طبائعهمْ أشبهُ‬ ‫ّ‬
‫وحامض ‪ ،‬وطويلٌ وقصيرٌ ‪ ،‬وهكذا فليكونوا‪ .‬فإن كنت كالموز‬ ‫ٌ‬
‫فل تتحولْ إلى سفرجل ؛ لن جمالك وقيمتك أن تكون‬
‫ية من‬‫موزا ً ‪ ،‬إن اختلف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آ ٌ‬
‫يات الباري فل تجحد آياته ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫آ‬
‫******************************‬
‫قضاء وقدر‬
‫في‬ ‫وَل ِ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫في اْل َ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫صي‬ ‫م‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫﴿ما أ َ‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م إ ِّل ِ‬ ‫َأن ُ‬
‫ها﴾ ‪ ،‬جف‬ ‫ل أن ن ّب َْرأ َ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ب ّ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫قل‬ ‫الصحف ‪ ،‬قضي المرُ ‪ ،‬كتبت المقادير ‪ُ ﴿ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫القلم ‪ُ ،‬رفعتِ‬ ‫ُ‬
‫ه ل ََنا ﴾ ‪ ،‬ما أصابك لم يكن‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ما ك َت َ َ‬ ‫صيب ََنا إ ِل ّ َ‬ ‫ّلن ي ُ ِ‬
‫أخطأك لم يكنْ ِليُصيِبك ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِليُخطئ ِك ‪ ،‬وما‬
‫إن هذه العقيدة إذا رسختْ في نفسك وقرّت في‬
‫مْنحةً ‪ ،‬وكلّ الوقائع‬ ‫حنةُ ِ‬ ‫والم ْ‬‫ِ‬ ‫ضميرك صارتْ البليةُ عطيةً ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب منه(( فل‬ ‫ص ْ‬‫الله به خيرا ً ُي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ر ِ‬
‫د‬ ‫جوائز وأوسمةً ))ومن يُ ِ‬
‫مالية ‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬ ‫ب ‪ ،‬أو خسارةٍ‬ ‫يصيبُك قلقٌ من مرضٍ أو موتِ قري ٍ‬
‫بيت ‪ ،‬فإنّ الباري قد قدّر والقضاءُ قد حلّ ‪ ،‬والختيار‬ ‫ٍ‬ ‫احتراقِ‬
‫فر ‪.‬هنيئا ً لهل‬ ‫هكذا ‪ ،‬والخيرةُ للهِ ‪ ،‬والجرُ حصل ‪ ،‬والذنبُ كُ ّ‬
‫المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذِ ‪ ،‬المعطي ‪ ،‬القابضِ ‪،‬‬
‫هم ي َ‬ ‫سأ َ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫سأُلو َ‬ ‫و ُ ْ ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ُ‬‫ف َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫ل َ‬ ‫الباسط ‪َ ﴿ ،‬ل ي ُ ْ‬
‫ولن تهدأ أعصابُك وتسكن بلبلُ نفسِك ‪ ،‬وتذْهب‬
‫جف القلمُ بما‬ ‫ّ‬ ‫وساوسُ صدِْرك حتى تؤمن بالقضاءِ والقدرِ ‪،‬‬
‫حسرات ‪ ،‬ل تظنّ أنه كان بوسعِك‬ ‫ٍ‬ ‫نفسك‬‫ُ‬ ‫ق فل تذهبْ‬ ‫أنت ل ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪20‬‬
‫ب ‪ ،‬ومَْنع‬ ‫أن ينْسكِ ُ‬ ‫س الماءِ ْ‬ ‫إيقاف الجدار أن ينهار ‪ ،‬وحبْ ُ‬‫ُ‬
‫الريحِ أن تهبّ ‪ ،‬وحفظُ الزجاج أن ينكسر ‪ ،‬هذا ليس بصحيح‬
‫ذ القضاءُ ‪،‬‬ ‫ف ُ‬
‫وين ُ‬
‫المقدور ‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫على رغمي ورغمك ‪ ،‬وسوف يقعُ‬
‫فْر‬‫فل ْي َك ْ ُ‬‫شاء َ‬ ‫من َ‬ ‫و َ‬
‫من َ‬
‫ؤ ِ‬‫فل ْي ُ ْ‬
‫شاء َ‬ ‫من َ‬‫ف َ‬‫ويحلّ المكتوبُ ﴿ َ‬
‫ِ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫خط والتذمّر‬ ‫استسلم للقدر قبْل أن تطوّق بجيش السّ ْ‬ ‫ْ‬
‫دم ‪ ،‬إذا‬ ‫الن ِ‬ ‫قبل أن يدهمك سيْلُ ّ‬ ‫والعويل ‪ ،‬اعترفْ بالقضاءِ ْ‬
‫بالك إذا فعلت السباب ‪ ،‬وبذلت الحِيل ‪ ،‬ثم وقع ما‬ ‫فليهدأ ُ‬
‫تقلْ ))لو‬ ‫كنت تحذرُ ‪ ،‬فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ‪ ،‬ول ُ‬
‫ل ‪ :‬قدّر الله‬ ‫أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ‪ ،‬ولكن قُ ْ‬
‫وما شاء فعلْ(( ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫سرا ً ﴾‬
‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬
‫﴿ إِ ّ‬
‫السهر‬
‫ّ‬ ‫ري ‪ ،‬وبعْ َ‬
‫د‬ ‫ّ‬ ‫الظمأ‬
‫ّ‬ ‫يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ ‪ ،‬وبعْ َ‬
‫د‬
‫د المرض عافيةٌ ‪ ،‬سوف يصلُ الغائبُ ‪ ،‬ويهتدي‬ ‫وبع َ‬‫ْ‬ ‫م‪،‬‬ ‫نو ٌ‬
‫ْ‬
‫ه َأن‬ ‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬‫فك العاني ‪ ،‬وينقشعُ الظلمُ ﴿ َ‬ ‫الضالّ ‪ ،‬ويُ ّ‬
‫فت ْح أ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫د ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ي ِبال ْ َ ِ ْ‬ ‫ي َأت ِ َ‬
‫وس الجبال ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ه على رؤِ‬ ‫بشر الليل بصبح صادق يطاردُ ُ‬ ‫ّ‬
‫يصلُ في‬ ‫ومسارب الوديةِ ‪ ،‬بشّر المهمومَ ِبفرجٍ مفاجئ ِ‬
‫ح البصرِ ‪ ،‬بشّرِ المنكوب بلطف خفيّ ‪،‬‬ ‫وِء ‪ ،‬ولمُ ِ‬ ‫سرعة الضّ ْ‬‫ِ‬
‫حانية وادعةٍ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وكف‬
‫إذا رأيت الصحراء تمتدّ وتمتدّ ‪ ،‬فاعلم أنّ وراءها رياضا‬
‫لل‪.‬‬
‫الظ ِ‬ ‫ّ‬ ‫خضراء وارفةّ‬
‫قطعِ ‪.‬‬‫ويشتد ‪ ،‬فاعلمْ أنه سوف يَنْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫إذا رأيت الحِْبل يشتدّ‬
‫ع سكينة‬ ‫ن ‪ ،‬ومع الفَزَ ِ‬ ‫بسمة ‪ ،‬ومع الخوفِ أمْ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫مع الدمعةِ‬
‫‪.‬‬
‫الرعاية الربانيّة‬ ‫َ‬ ‫ل ‪ ،‬لنّ‬ ‫النار ل تحرقُ إبراهيم الخلي ِ‬ ‫ُ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫هي َ‬ ‫عَلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫سَلما ً َ‬ ‫و َ‬ ‫ة ﴿ ب َْردا ً َ‬ ‫ذ َ‬
‫اف َ‬‫حت نَ ِ‬
‫ْ‬ ‫َفتَ‬
‫وتَ القوي‬ ‫ن ‪ ،‬لنّ الصّ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫يم الرّ ْ‬ ‫ق كَلِ َ‬ ‫ر ُ‬‫البحر ل يُغْ ِ‬
‫ُ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي َ ْ‬‫ي َرّبي َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ق بـ ﴿ ك َّل إ ِ ّ‬ ‫ط َ‬‫الصادق نَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪21‬‬
‫علهُ‬ ‫ل في ُ‬ ‫هج ّ‬ ‫د ْ‬
‫به بأنه وحْ َ‬ ‫صاح ُ‬
‫ِ‬ ‫بشرَ‬
‫المعصومُ في الغارِ ّ‬
‫ن والفتُح والسكينة ‪.‬‬ ‫معنا ؛ فنزل المْ ُ‬
‫م القاتمةِ ل‬ ‫ظروفِه ُ‬
‫ِ‬ ‫وأرّق َ‬
‫اء‬ ‫ِ‬ ‫إن عبيد ساعاتِهم الراهنةِ ‪،‬‬
‫يق والتّعاسةَ ‪ ،‬لنهم ل ينظرون إلا ّ إلى‬ ‫د والضّ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن إلا ّ النّ َ‬ ‫يرْو َ‬
‫َ‬
‫م وراء‬ ‫ه ْ‬‫دوا أبصارَ ُ‬ ‫م ّ‬
‫ب‪ .‬أل فلَْي ُ‬ ‫حسْ ُ‬ ‫ار َف َ‬ ‫جدار الغرفةِ وباب الدّ ِ‬
‫م إلى ما وراء السوارِ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا أعنة أفكارِ ِ‬ ‫طِل ُ‬
‫ب وليُ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫الحُ ُ‬
‫الحال ‪ ،‬وأفضل‬ ‫ِ‬ ‫حال دوامُ‬ ‫ِ‬ ‫ذرعا فمن المُ‬ ‫ً‬ ‫إذا فل تضِ ْ‬
‫ق‬ ‫ً‬
‫ول ‪ ،‬والدهرُ ُقّلبٌ ‪ ،‬والليالي‬ ‫انتظار الفرجِ ‪ ،‬اليامُ ُد ٌ‬ ‫ُ‬ ‫العبادِة‬
‫كل يوم هو في شأنٍ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حبَالى ‪ ،‬والغيبُ مستورٌ ‪ ،‬والحكيمُ‬ ‫ُ‬
‫سرا ً ‪ ،‬إن‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫دثُ بعد ذلك أمرا ً ‪ ،‬وإن مع العُسْ ِ‬ ‫ح ِ‬‫ولعل الله يُ ْ‬ ‫ّ‬
‫سرِ ُيسْرا ً ‪.‬‬ ‫مع العُ ْ‬
‫*******************************‬
‫اصنع من الليمون شراباً حلواً‬
‫ل الخسائر إلى أرباحٍ ‪ ،‬والجاهل‬ ‫الذكي الريبُ يحوّ ُ‬‫ّ‬
‫د يجعلُ المصيبة مصيبتينِ‪‍ ‍.‬‬ ‫دي ُ‬
‫الرّعْ ِ‬
‫الرسول ‪ ‬من مكةَ فأقامَ في المدينةِ دولةً ملت‬ ‫ُ‬ ‫طرَِد‬ ‫ُ‬
‫سمع التاريخِ وبصرهُ ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وحبس‬ ‫حنَْبلَ وجلد ‪ ،‬فصار إمام السنة ‪ُ ،‬‬ ‫سجن أحمدُ بنُ َ‬ ‫ُ‬
‫ووضع السرخسي‬ ‫جما ‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علما‬ ‫رج من حبسهِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ابن تيمية فأُ ْ‬ ‫ُ‬
‫قهِ ‪ ،‬وأقعد‬‫مجلدا في الفِ ْ‬ ‫ً‬ ‫بئرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين‬ ‫في قعْرِ ْ‬
‫ف جامع الصول والنهاية من أشهرِ وأنفعِ كتب‬ ‫ابن الثيرِ فصن ّ َ‬
‫ونفي ابنُ الجوزي من بغداد ‪ ،‬فجوّد القراءات‬ ‫الحديثِ ‪ُ ،‬‬
‫السبعِ ‪ ،‬وأصابتْ حمى الموتِ مالك بن الريبِ فأرسل‬
‫للعالمين قصيدتهُ الرائعة الذائعة التي تعدِلُ دواوين شعراء‬
‫الدولةِ العباسيةِ ‪ ،‬ومات أبناءُ أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم‬
‫وصفق لها‬‫ّ‬ ‫هل منها الجمهورُ ‪،‬‬ ‫بإلياذة أنْصت لها الدهرُ ‪ ،‬وذُ ِ‬
‫التاريخ ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ق منها ‪ ،‬وإذا‬ ‫فانظر في الجانبِ المشرِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫إذا داهمتك داهيةٌ‬
‫ة من سُكّر ‪ ،‬وإذا‬ ‫فنَ ً‬ ‫ح ْ‬‫فأضف إليهِ ِ‬
‫ْ‬ ‫هم كوب ليمونٍ‬ ‫ناولك أحدُ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪22‬‬
‫ه الثمين واتركْ باقيه ‪ ،‬وإذا لدغتْك‬ ‫د ُ‬‫جل َ‬‫ثعبانا فخذْ ْ‬
‫ً‬ ‫أهدى لك‬
‫م الحيات‬ ‫واق ومناعةٌ حصينة ضد سُ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عقربٌ فاعلم أنه مصلٌ‬
‫‪.‬‬
‫ووردا‬
‫ْ‬ ‫تكيف في ظرفكِ القاسي ‪ ،‬لتخرج لنا منهُ زهْ ً‬
‫را‬ ‫ّ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫و ُ‬ ‫سى َأن ت َك َْر ُ‬
‫هوا ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬
‫وياسميناً ﴿ َ‬
‫سجنت فرنسا قبل ثورتِها العارمةِ شاعرْين مجيديْن‬ ‫ْ‬
‫نافذة السجنِ ‪ .‬فأما‬ ‫ِ‬ ‫ومتشائما فأخرجا رأسيْهما من‬ ‫ً‬ ‫متفائلً‬
‫نظرة في النجومِ فضحك‪ .‬وأما المتشائم‬ ‫ٌ‬ ‫المتفائلُ فنظر‬
‫فنظر إلى الطينِ في الشارعِ المجاور فبكى‪ .‬انظرْ إلى‬
‫المحض ليس موجوداً ؛ بل‬ ‫ْ‬ ‫الوجه الآخر للمأساةِ ‪ ،‬لن الشرّ‬
‫جرٌ ‪.‬‬ ‫ح وأ ْ‬ ‫وفْت ٌ‬
‫ومكْسبٌ َ‬ ‫هناك خيرٌ َ‬
‫*****************************************‬
‫عاهُ ﴾‬ ‫ضطَّر إ ِ َ‬
‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫جي‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫﴿ أَ‬
‫ُ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫ّ‬
‫زع إليه المكروبُ ‪ ،‬ويستغيثُ به المنكوبً ‪،‬‬ ‫من الذي يفْ ُ‬
‫بذكرِه‬
‫ِ‬ ‫المخلوقات ‪ ،‬وتلهجُ‬‫ُ‬ ‫وتصمدُ إليه الكائناتُ ‪ ،‬وتسألهُ‬
‫ل هو‪.‬‬ ‫ه القلوب ؟ إنه اللهُ ل إله إ ّ‬ ‫ن وتُؤَّلُه ُ‬ ‫اللس ُ‬
‫ُ‬
‫ندعوه في الشدةِ والرّخاء‬ ‫ُ‬ ‫علي وعليك أن‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وحق‬
‫ل إليه في‬ ‫ونتوس ُ‬
‫ّ‬ ‫م ِ‬
‫ات‬ ‫راء والضّراءِ ‪ ،‬ونفزعُ إليه في المُِل ّ‬ ‫والس ِ‬ ‫ّ‬
‫بابه سائلين باكين ضارعين‬ ‫ِ‬ ‫الكرباتِ وننطرحُ على عتباتِ‬
‫حل‬ ‫وي ُ‬‫ه َ‬ ‫فرج ُ‬
‫ُ‬ ‫سرعٌ‬ ‫ل عوُْنه ‪ ،‬ويُ ْ‬ ‫ه ويصِ ُ‬ ‫منيبين ‪ ،‬حينها يأتي مددُ ْ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾ فينجي الغريق‬ ‫عا ُ‬‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫حهُ ﴿ أ ّ‬‫فت ُ‬‫ْ‬
‫دي الضال‬ ‫ويه ِ‬
‫ْ‬ ‫ويرد الغائب ويعافي المبتلي وينصرُ المظلوم‬ ‫ّ‬
‫في‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ج عن المكروبِ ﴿ َ‬ ‫ويفر ُ‬
‫ّ‬ ‫ويشفي المريض‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الهم والغمِ والحزن‬ ‫ِ‬ ‫سرُد عليك هنا أدعية إزاحةِ‬ ‫ولن أ ْ‬
‫ب السّّنةِ لتتعلم شريف‬ ‫حيلك إلى كُتُ ِ‬ ‫والكربِ ‪ ،‬ولكن أ ُ ُ‬
‫وتدعوه وترجوه‪ ،‬فإن وجدْته‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وتناديه‬ ‫ِ‬ ‫فتناجيه‬ ‫الخطابِ معه ؛‬
‫شيء ‪ ،‬وإن فقدت اليمان به فقدت كلّ شيء ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وجدْت كلّ‬
‫ة فوق‬ ‫إن دعاءك ربّك عبادةٌ أخرى ‪ ،‬وطاعةٌ عظمى ثاني ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪23‬‬
‫حري أن ل‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الدعاء‬ ‫يجيد فنّ‬
‫ُ‬ ‫المطلوب ‪ ،‬وإن عبداً‬‫ِ‬ ‫حصولِ‬
‫إل حبلُه كل‬ ‫يهتم ول يغتمّ ول يقلق كل الحبال تتصرّم ّ‬ ‫ّ‬
‫مجيب ‪ ،‬يجيب‬ ‫ٌ‬ ‫البواب توصدُ إلّ بابهُ وهو قريبٌ سميعٌ‬ ‫ِ‬
‫المحتاج ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫رك‪ -‬وأنت الفقيرُ الضعيفُ‬ ‫يأم ُ‬
‫المضطرّ إذا دعاه ُ‬
‫عوِني‬ ‫تدعوه ﴿ ادْ ُ‬ ‫الواحد الماجدُ ‪ -‬بأن ََ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫القوي‬ ‫وهو الغنيّ‬
‫َ‬
‫ت بك الخطوب‬ ‫م ﴾ إذا نزلتْ بك النوازلُ ‪ ،‬وألَمَّ ْ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫واسأله فتْحه‬ ‫ْ‬ ‫مدده‬
‫ُ‬ ‫باسمهِ ‪ ،‬واطلبْ‬ ‫ِ‬ ‫ه ‪ ،‬واهتفْ‬ ‫بذكر ِ‬
‫ِ‬ ‫فالهجْ‬‫ْ‬
‫اسمهِ ‪ ،‬لتحصل على تاج‬ ‫ِ‬ ‫ه ‪ ،‬مرّغِ الجبين لتقديسِ‬ ‫ونصرَ ُ‬
‫ْ‬
‫ه لتحوز وِسام النجاةِ ‪،‬‬ ‫النف في طين عبوديتِ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وأرغم ْ‬ ‫الحريّ ِ‬
‫ه ‪ ،‬بالغ‬ ‫ك ‪ ،‬أطلقْ لسانك ‪ ،‬أكثرْ من طلبِ ِ‬ ‫يديك ‪ ،‬ارفع كفّيْ َ‬ ‫مد ْ‬ ‫ّ‬
‫فتحه‬ ‫فه ‪ ،‬ترقبْ ْ‬ ‫ط ُ‬‫بابه ‪ ،‬انتظرْ لُ ْ‬
‫ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ألحّ عليه ‪ ،‬الز ْ‬
‫م‬ ‫في سؤالِ ِ‬
‫ل إليه‬ ‫ظنك فيه ‪ ،‬انقطعْ إليه ‪ ،‬تبتّ ْ‬ ‫ه ‪ ،‬أحسنْ ّ‬ ‫أشد ُ باسمِ ِ‬ ‫‪ْ ،‬‬
‫ح‪.‬‬‫فلِ َ‬ ‫تبتيلا ً حتى تسعد ُ‬
‫وت ْ‬
‫**************************************‬
‫وليسعك بيتك‬
‫ه ‪ ،‬والفارغين‬ ‫دك عن الشرّ وأهلِ ِ‬ ‫ة ‪ :‬بُْع ُ‬ ‫لة الشرعيّةُ السنيّ ُ‬ ‫العُزْ ُ‬
‫َواللاهين والفوضويين ‪ ،‬فيجتمعُ عليك شملُك ‪ ،‬ويهدأ بالُك ‪،‬‬
‫طرفك‬
‫ُ‬ ‫الحكم ‪ ،‬ويسرحُ‬ ‫ِ‬ ‫د ِ‬
‫رر‬ ‫ذهنك بِ ُ‬‫ُ‬ ‫خاطرك ‪ ،‬ويجودُ‬ ‫ُ‬ ‫ويرتاحُ‬
‫لمعارف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫في بستانِ ا‬
‫إن العزلة عن كلّ ما يشغلُ عن الخيرِ والطاعةِ دواء‬
‫به أطباءُ القلوبِ فنجح أّيما نجاحٍ ‪ ،‬وأنا أدّلك عليهِ ‪،‬‬ ‫جر ٌ‬
‫عزيزٌ ّ‬
‫كر ‪،‬‬ ‫للف ْ‬
‫تلقيح ِ‬ ‫ٌ‬ ‫واللغوِ وعن الدهماءِ‬ ‫ّ‬ ‫في العزلةِ عن الشرّ‬
‫بمولد النابةِ والتذكرِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وإقامةٌ لناموسِ الخشيةِ ‪ ،‬واحتفالٌ‬
‫الممدوح في‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والختلط‬ ‫ُ‬ ‫المحمود‬ ‫وإنما كان الجتماعُ‬
‫ر ‪ ،‬أما‬ ‫م والتعاونِ على الخيْ ِ‬ ‫ومجالس العِْل ِ‬
‫ِ‬ ‫معِ‬
‫والج َ‬
‫ُ‬ ‫الصلواتِ‬
‫بجلدك ‪ ،‬ابك‬ ‫ِ‬ ‫حذار ‪ ،‬اهربْ‬‫ِ‬ ‫والعطالة فحذارِ‬
‫ِ‬ ‫مجالس البطالةِ‬
‫ُ‬
‫على خطيئتك ‪ ،‬وأمسكْ عليك لسانك ‪ ،‬وليسعك بيتك ‪،‬‬
‫الختلط الهمجي حرب شعواء على النفس ‪ ،‬وتهديد خطير‬
‫تجالس أساطين‬ ‫ُ‬ ‫لدنيا المنِ والستقرارِ في نفسك ‪ ،‬لنك‬
‫ل تحزن‬
‫‪24‬‬
‫الشائعاتِ ‪ ،‬وأبطال الراجيفِ‪ ،‬وأساتذة التبشير بالفتن‬
‫مرات قبل أن‬‫ٍ‬ ‫سْبعَ‬
‫والكوارث والمحن‪ ،‬حتى تموت كلّ يومٍ َ‬
‫خَبال ً﴾ ‪.‬‬ ‫دوك ُ ْ‬
‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ما َزا ُ‬‫كم ّ‬ ‫جوا ْ ِ‬
‫في ُ‬ ‫خَر ُ‬
‫و َ‬ ‫يصلك الموتُ ﴿ ل َ ْ‬
‫إذا فرجائي الوحيدُ إقبالك على شانِك والنزواءُ في‬ ‫ً‬
‫تجد قلبك عاد‬ ‫ُ‬ ‫خير ‪ ،‬حينها‬ ‫ٍ‬ ‫خير أو فعلِ‬‫ٍ‬ ‫غرفتِك إلا ّ من قولِ‬
‫وقتك من الضياعٍ ‪ ،‬وعمرُك من الهدارِ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إليك ‪ ،‬فسلمَ‬
‫ولسانُك من الغيبةِ ‪ ،‬وقلبُك من القلقِ ‪ ،‬وأذنُك من الخنا‬
‫رفَ ‪ ،‬ومن أركب‬ ‫الظن ‪ ،‬ومن جرّب عَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ونفسك من سوءِ‬ ‫ُ‬
‫فقل عليه‬
‫ْ‬ ‫نفسه مطايا الوهامِ ‪ ،‬واسترسل مع العوامِ‬
‫السلم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫*************************************‬
‫العوض من الله‬
‫إل عوّضك خيراً منه ‪ ،‬إذا صبرْت‬ ‫ل يسلبك الله شيئا ّ‬
‫ضته منهما‬ ‫عو ُ‬ ‫ّ‬ ‫أخذت حبيبتيه فصبر‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫من‬ ‫ت ))‬ ‫سبْ َ‬ ‫واحتَ َ‬
‫ْ‬
‫ه من أهل الدنيا‬ ‫سلبت صفيّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجنة(( يعني عينيه ))من‬
‫ثم احتسب عوّضُْتهُ من الجن ّة(( من فقد ابنه وصبر بُني‬
‫س على هذا المنوالِ فإن هذا‬ ‫د ‪ ،‬وقِ ْ‬ ‫الحمد في الخُْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫له بَْيتُ‬
‫مجرد مثال ‪.‬‬‫ُ‬
‫فل تأسفْ على مصيبة فان الذي قدّرها عنده جنة‬
‫وض وأجرٌ عظيمٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وع‬
‫وثوابٌ ِ‬
‫ردوْس‬ ‫ه بهم في الفِ ْ‬ ‫ينو ُ‬
‫إن أولياء الله المصابين المبتلين ّ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫دا ِ‬
‫قَبى ال ّ‬ ‫ع ْ‬‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬
‫فن ِ ْ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫﴿ َ‬
‫عوض المصيبةِ وفي ثوابها وفي‬ ‫وحق علينا أن ننظر في ِ‬
‫ة‬
‫م ٌ‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫من‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫َ‬
‫لـ‬ ‫أو‬ ‫الخير ﴿ ُ‬‫ّ‬ ‫خلفها‬
‫ْ‬
‫ّ ِ ْ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫ن ﴾ هنيئاً للمصابين ‪ ،‬بشرى‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وأوَلـئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫للمنكوبين‪.‬‬
‫خرة خيرٌ وأبقى‬ ‫ُ‬ ‫وكنزها حقيرٌ ‪ ،‬والآ‬ ‫ُ‬ ‫مر الدنيا قصيرٌ‬ ‫إن عُ ْ‬
‫فمن أُصيب هنا كُوفِئ هناك ‪ ،‬ومن تعب هنا ارتاح هناك ‪ ،‬أما‬
‫المتعلقون بالدّنيا العاشقون لها الراكنون إليها ‪ ،‬فأشدّ ما‬
‫ل تحزن‬
‫‪25‬‬
‫على قلوبهم فوت حظوظ ُهم منها وتنغيصُ راحتهم فيها لنهم‬
‫المصائب وتكبرُ عندهم‬ ‫ُ‬ ‫م عليهمُ‬ ‫يريدونها وحدها فلذلك تعظُ ً‬
‫النكباتُ ؛ لنهمْ ينظرون تحت أقدامِهم فل يرون إلا ّ ّ‬
‫الدنيا‬
‫الفانية الزهيدة الرخيصة‪.‬‬
‫أيها المصابون ما فات شيٌء وأنتمُ الرابحون ‪ ،‬فقد بعث‬
‫وحسن‬ ‫وثواب ُ‬
‫ٌ‬ ‫وعط ٌ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ط ٌ‬
‫ف‬ ‫لكم برسالةٍ بين أسطرها لُ ْ‬ ‫ْ‬
‫اختيار‪ .‬إن على المصابِ الذي ضرب عليه سرادقُ المصيبة‬
‫ب‬ ‫ر لّ ُ‬
‫ه َبا ٌ‬ ‫سو ٍ‬‫هم ب ِ ُ‬ ‫ب ب َي ْن َ ُ‬‫ر َ‬‫ض ِ‬
‫ف ُ‬ ‫أن ينظر ليرى أن النتيجة ﴿ َ‬
‫ب﴾ ‪ ،‬وما‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬‫ه ال ْ َ‬ ‫قب َل ِ ِ‬‫من ِ‬ ‫هُرهُ ِ‬ ‫ظا ِ‬‫و َ‬
‫ة َ‬‫م ُ‬
‫ح َ‬
‫ه الّر ْ‬
‫في ِ‬
‫ه ِ‬‫َباطِن ُ ُ‬
‫وأجل وأعلى ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عند اللهِ خيرٌ وأبقى وأهنأ وأمرأُ‬
‫**************************************‬
‫اليمان هو الحياة‬
‫الشقياءُ بكلّ معاني الشقاءِ همُ المفلسون من كنوِز‬
‫ب‬ ‫م أبدا ً في تعاسةٍ وغض ٍ‬ ‫ن ‪ ،‬فه ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ومن رصي َد ِ اليقي ِ‬ ‫اليما ِ‬
‫ة‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ة﴿ َ‬ ‫ومهانةٍ وذل ّ ٍ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫مها‬ ‫بغ ّ‬ ‫حها ويذه ُ‬ ‫كيها ويطهُرها ويفر ُ‬ ‫ل ي ُسعد ُ النفس ويز ّ‬
‫ة‬
‫ب العالمين ‪ ،‬ل طعم للحيا ِ‬ ‫ن بالله ر ّ‬ ‫مها وقلقها إل ّ اليما ُ‬ ‫وه ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫أصل ً إل ّ باليما ِ‬
‫ن الطريقة المثلى للملحدةِ إن لم يؤمنوا أن ينتحُروا‬ ‫إ ّ‬
‫ت‬ ‫ل والظلما ِ‬ ‫حوا أنفسهم من هذه الصارِ والغل ِ‬ ‫ليري ُ‬
‫ة‬
‫ن لعن ٍ‬ ‫عسة بل إيمان ‪ ،‬يا لها م ْ‬ ‫ن حياةِ تا ِ‬ ‫والدواهي ‪ ،‬يا لها م ْ‬
‫ب‬ ‫قل ّ ُ‬‫ون ُ َ‬ ‫ت بالخارجين على منهج الله في الرض ﴿ َ‬ ‫أبديةٍ حاق ْ‬
‫ة‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫مّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ؤ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫صا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ف‬
‫ن للعالم ِ‬ ‫ن ﴾ وقد آن الوا ُ‬ ‫هو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫غَيان ِ ِ‬ ‫في طُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ون َذَُر ُ‬
‫َ‬
‫ن ل إله إل‬ ‫ن بأ ّ‬ ‫ل اليما ِ‬ ‫ل القناعة ‪ ،‬وأن يؤمن ك ّ‬ ‫أن يقتنع ك ّ‬
‫صل بعدها‬ ‫ن غابرةٍ تو ّ‬ ‫الله بعْد َ تجربةٍ طويلةٍ شاقةٍ عب َْر ُقرو ٍ‬
‫ن‬ ‫ة وأ ّ‬ ‫ذب ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬واللحاد ك ِ ْ‬ ‫ة والكفر لعن ٌ‬ ‫ل إلى أن الصنم خراف ٌ‬ ‫العْق ُ‬
‫ه الحمد ُ وهو‬ ‫ك ول ُ‬ ‫ن الله حقّ له المل ُ‬ ‫ل صادقون ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫س َ‬ ‫الّر ُ‬
‫ل شيء قديٌر ‪.‬‬ ‫على ك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪26‬‬
‫وبقدرِ إيماِنك قوةً وضعفا ً ‪ ،‬حرارة ً وبرودة ً ‪ ،‬تكون‬
‫سعادُتك وراحُتك وطمأنينُتك ‪.‬‬
‫م ْ‬ ‫ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ن‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫و أنَثى َ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫هم بأ َ‬ ‫ة ول َن َجزين ّهم أ َ‬
‫ما‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً َ ْ ِ َ ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬‫فل َن ُ ْ‬‫َ‬
‫سهم‬ ‫ة هي استقراُر نفو ِ‬ ‫ن ﴾ وهذه الحياةُ الطيب ُ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ب باريهم ‪ ،‬وطهارةُ‬ ‫ت قلوِبهم بح ّ‬ ‫ن موعودِ رّبهم ‪ ،‬وثبا ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ف ‪ ،‬وبرود ُ أعصاب ِِهم أمام‬ ‫رهم من أوضارِ النحرا ِ‬ ‫ضمائ ِ‬
‫ة قلوِبهم عند ْ وقِْع القضاِء ‪ ،‬ورضاهم في‬ ‫ث ‪ ،‬وسكين ُ‬ ‫الحواد ِ‬
‫مد ٍ‬‫ضوا باللهِ رب ّا ً وبالسلم دِينا ً ‪ ،‬وبمح ّ‬ ‫مواطن القدر ‪ ،‬لنهم ر ُ‬
‫‪ ‬نبيا ً ورسول ً ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫الخلية‬
‫ّ‬ ‫ن العسل ول تكسرِ‬
‫اج ِ‬
‫ه ‪ ،‬وما ُنزع من شيٍء إل ّ‬ ‫الرفقُ ما كان في شيٍء إل ّ زان ُ‬
‫ة على المحيا ‪،‬‬ ‫ة الرائق ُ‬ ‫ن في الخطاب ‪ ،‬البسم ُ‬ ‫شاُنه ‪ ،‬اللي ُ‬
‫ة يرتديها‬ ‫ل منسوج ٌ‬ ‫حل ُ ٌ‬‫ة عند اللقاِء ‪ ،‬هذه ُ‬ ‫ة الطيب ُ‬ ‫الكلم ُ‬
‫ل طّيبا ً وتصن ُ‬
‫ع‬ ‫ن كالنحلة تأك ُ‬ ‫م ِ‬‫ت المؤ ِ‬ ‫السعداُء ‪ ،‬وهي صفا ُ‬
‫ن الله يعطي‬ ‫ت على زهرةٍ ل تكسُرها ؛ ل ّ‬ ‫طّيبا ً ‪ ،‬وإذا وقع ْ‬
‫س من‬ ‫ن من النا ِ‬ ‫ف‪.‬إ ّ‬ ‫ق ما ل يعطي على العن ِ‬ ‫على الرف ِ‬
‫م البصاُر ‪،‬‬ ‫ص إلى طلعاِته ُ‬ ‫م العناقُ ‪ ،‬وتشخ ُ‬ ‫مهِ ُ‬ ‫ب لقدو ِ‬ ‫شَرئ ِ ّ‬‫ت ْ‬
‫ح ‪ ،‬لنهم محبون في‬ ‫م الروا ُ‬ ‫م الفئدةُ وتشّيعهُ ُ‬ ‫وتحييه ُ‬
‫كلمِهم ‪ ،‬في أخذهم وعطاِئهم ‪ ،‬في بيعِهم وشراِئهم ‪ ،‬في‬
‫عِهم ‪.‬‬ ‫لقاِئهم وودا ِ‬
‫س يجيد ُه ُ النبلُء البراُر ‪،‬‬ ‫ن مدرو ٌ‬ ‫إن اكتساب الصدقاِء ف ّ‬
‫ن حضروا‬ ‫س‪،‬إ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫م محفوفون دائما وأبدا بهالةٍ من النا ِ‬ ‫فه ْ‬
‫ل والدعاُء ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬وإن غابوا فالسؤا ُ‬ ‫شُر والن ُ‬ ‫فالب ِ ْ‬
‫ع‬ ‫ف ْ‬‫ق عنواُنه ‪ ﴿ :‬ادْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫م دستور أخل‬ ‫ن هؤلِء السعداء له ْ‬ ‫إ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬‫دا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬‫ك َ‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬‫ِبال ِّتي ِ‬
‫م الجّياشةِ ‪،‬‬ ‫طفت ِهِ ُ‬ ‫م يمتصون الحقاد بعا ِ‬ ‫م ﴾ فه ْ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫َ‬
‫حهم البريِء ‪ ،‬يتناسون الساءة‬ ‫م الداِفئ ‪ ،‬وصْف ِ‬ ‫مهِ ُ‬‫وحل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪27‬‬
‫ج‬‫ة فل تل ُ‬ ‫ت النابي ُ‬ ‫م الكلما ُ‬ ‫مّر به ُ‬ ‫ويحفظون الحسان ‪ ،‬ت ُ‬
‫م في راحةٍ ‪،‬‬ ‫جعةٍ ‪ .‬ه ْ‬‫ب بعيدا ً هناك إلى غيرِ ر ْ‬ ‫آذانهم ‪ ،‬بل تذه ُ‬
‫م في سلم‬ ‫ن ‪ ،‬والمسلمون منه ُ‬ ‫م في أم ٍ‬ ‫س منه ُ‬ ‫والنا ُ‬
‫ه‪،‬‬ ‫د ِ‬
‫ه وي َ ِ‬ ‫ن من ِلسان ِ ِ‬ ‫م من سِلم المسلمو ُ‬ ‫)) المسل ُ‬
‫س على دماِئهم وأمواِلهم ((‬ ‫ه النا ُ‬ ‫من َ ُ‬ ‫ن من أ ِ‬ ‫والمؤم ُ‬
‫و‬
‫ف َ‬‫ع ُ‬ ‫ن قطعني وأن أ ْ‬ ‫ن أصل م ْ‬ ‫)) إن الله أمرني أ ْ‬
‫مِني (( ﴿‬ ‫ُ‬
‫ن حَر َ‬ ‫من ظلمني وأن أعطي م ْ‬ ‫ع ّ‬
‫شْر هؤلء‬ ‫س﴾ب ّ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫في َ‬‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫َ‬
‫ل من الطمأنينةِ والسكينةِ والهدوِء ‪.‬‬ ‫ب عاج ٍ‬ ‫بثوا ٍ‬
‫ب غفورٍ في‬ ‫ب أخرويّ كبيرٍ في جوارِ ر ّ‬ ‫وبشرهم بثوا ٍ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫د ٍ‬‫قت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ّ‬ ‫مِلي ٍ‬
‫عندَ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫صد ْ ٍ‬‫د ِ‬ ‫ع ِ‬‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫في َ‬ ‫ت ون َهَرٍ ﴿ ِ‬ ‫جنا ٍ‬
‫**********************************‬
‫ب﴾‬ ‫ُ‬
‫لو‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫م‬‫ْ‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ك‬‫ذ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫﴿ أَ‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن القلو ِ‬ ‫ة صابو ُ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬والصراح ُ‬ ‫الصدقُ حبي ُ‬
‫ل‬ ‫ب أهله ‪ ،‬ولم يوجد ْ عم ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬والرائد ُ ل يكذ ُ‬ ‫ة برها ٌ‬ ‫والتجرب ُ‬
‫َ‬
‫م﴾‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫م للجرِ كالذكر ﴿ َ‬ ‫ح للصدرِ وأعظ ُ‬ ‫أشر ُ‬
‫م يدخْلها لم يدخل جنة‬ ‫ضهِ ‪ ،‬من ل ْ‬ ‫ه في أر ِ‬ ‫ه جن ّت ُ ُ‬ ‫وذكُرهُ سبحان ُ‬
‫الخرةِ ‪ ،‬وهو إنقاذ ٌ للنفس من أوصاِبها وأتعاِبها واضطراِبها ‪،‬‬
‫ع‬
‫ح ‪ .‬طال ْ‬ ‫ل فوزٍ وفل ٍ‬ ‫سٌر مختصٌر إلى ك ّ‬ ‫ل هو طريقٌ مي ّ‬ ‫ب ْ‬
‫ه‬‫ب مع اليام ِ بْلسم ُ‬ ‫جّر ْ‬ ‫دواوين الوحي لترى فوائد َ الذكرِ ‪ ،‬و َ‬
‫ل الشفاَء ‪.‬‬ ‫لتنا َ‬
‫م‬ ‫ف والَفَزِع واله ّ‬ ‫ب الخو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ه تنقشعُ ُ‬ ‫بذكره سبحان ُ‬
‫ب والغم ِ والسى ‪.‬‬ ‫ل الك َْر ِ‬ ‫ح جبا ُ‬ ‫ن ‪ .‬بذكره ُتزا ُ‬ ‫والحز ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل الصي ُ‬ ‫ن يرتاح الذاكرون ‪ ،‬فهذا هو الص ُ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ول عج َ‬
‫ش الغافلون عن ذك ِرِهِ ﴿‬ ‫ب كيف يعي ُ‬ ‫ب الُعجا َ‬ ‫ج َ‬‫لكن العَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫عُثو َ‬ ‫ن ي ُب ْ َ‬
‫ن أّيا َ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬
‫حَياء َ‬ ‫غي ُْر أ ْ‬ ‫موا ٌ‬ ‫أ ْ‬
‫جع من‬ ‫ن شكى الرق ‪ ،‬وبكى من اللم ‪ ،‬وتف ّ‬ ‫يا م ْ‬
‫ف باسمه المقدس ‪﴿ ،‬‬ ‫ب ‪ ،‬هيا اهت ْ‬ ‫ه الخطو ُ‬ ‫ث ‪ ،‬ورمت ْ ُ‬ ‫الحواد ِ‬
‫مي ّا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪28‬‬
‫ط خاطُرك ‪ ،‬يهدأ ُ قلُبك ‪،‬‬ ‫ره ينبس ُ‬ ‫بقدرِ إكثارك من ذك ِ‬
‫عله‬ ‫ل في ُ‬ ‫ح ضميرك ‪ ،‬لن في ذكره ج ّ‬ ‫سك ‪ ،‬يرتا ُ‬ ‫تسعد ُ نْف ُ‬
‫ل عليه ‪ ،‬والثقةِ به والعتمادِ عليه ‪ ،‬والرجوِع إليه‬ ‫معاني التوك ِ‬
‫ب إذا‬ ‫ن فيه ‪ ،‬وانتظار الفرِج مُنه ‪ ،‬فهو قري ٌ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫‪ ،‬وحس ِ‬
‫ع‬
‫ل ‪ ،‬فاضرع ْ واخض ْ‬ ‫سئ َ‬‫ب إذا ُ‬ ‫عي ‪ ،‬سميعٌ إذا ُنوِدي ‪ ،‬مجي ٌ‬ ‫دُ ِ‬
‫ه الطيب المبارك على لساِنك توحيدا ً‬ ‫واخشعْ ‪ ،‬وَرد ّد ِ اسم ُ‬
‫وثناًء ومدحا ً ودعاًء وسؤال ً واستغفارا ً ‪ ،‬وسوف تجد ُ – بحول ِ ِ‬
‫ه‬
‫م‬‫ه ُ‬‫فآَتا ُ‬‫ن والسرور والنور والحبوَر ﴿ َ‬ ‫وقوت ِهِ – السعادة والم َ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫خَر ِ‬‫ب ال ِ‬ ‫ن ثَ َ‬
‫وا ِ‬ ‫س َ‬‫ح ْ‬
‫و ُ‬‫ب الدّن َْيا َ‬‫وا َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه ثَ َ‬
‫*****************************‬
‫﴿ أَ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬ ‫عَلى َ‬
‫ما آَتا ُ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫دو‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬
‫ه﴾‬‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ن الحسد‬ ‫خرا ً ‪ ،‬إ ّ‬ ‫من ْ‬ ‫حةِ تنخُر العظ َ‬ ‫الحسد َ كالكلةِ المل ِ َ‬
‫ث في الجسم فسادا ً ‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬ل راحة‬ ‫ن يعي ُ‬ ‫ض مزم ٌ‬ ‫مر ٌ‬
‫ق‬ ‫ب صدي ٍ‬ ‫جْلبا ِ‬ ‫ب مظلوم ‪ ،‬وعدوّ في ِ‬ ‫م في ثو ِ‬ ‫لحسود فهو ظال ٌ‬
‫ه‪.‬‬‫ه ‪ ،‬بدأ بصاحبهِ فقت َل َ َ‬ ‫‪ .‬وقد قالوا ‪ :‬لله دّر الحسدِ ما أعْد َل َ ْ‬
‫ة بي وبك ‪،‬‬ ‫إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسدِ رحم ً‬
‫م‬ ‫م اله ّ‬ ‫م نطع ُ‬ ‫دنا له ْ‬ ‫ن نرحم الخرين ؛ لننا بحس ِ‬ ‫قبل أ ْ‬
‫م دماَءنا ‪ ،‬ونوّزعُ نوم جفوننا على‬ ‫لحومنا ‪ ،‬ونسقي الغ ّ‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫ص‬ ‫م فيه ‪ .‬التنغي ُ‬ ‫ل فرنا ً ساخنا ً ثم يقتح ُ‬ ‫شعِ ُ‬ ‫ن الحاسد ي ُ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ض يوّلدها الحسد ُ لتقضي على‬ ‫م الحاضُر أمرا ٌ‬ ‫والكدُر واله ّ‬
‫م‬ ‫ه خاص َ‬ ‫سدِ أن ُ‬ ‫ة الحا ِ‬ ‫الراحةِ والحياةِ الطيبةِ الجميلةِ ‪ .‬بل ِي ّ ُ‬
‫شرعْ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬وأساء الدب مع ال ّ‬ ‫القضاَء ‪ ،‬واتهم الباري في العد ْ ِ‬
‫ج‪.‬‬ ‫ب المْنه ِ‬ ‫وخالف صاح َ‬
‫ض ل ُيؤجُر عليهِ صاحُبه ‪ ،‬ومن بلٍء ل‬ ‫يا للحسد من مر ٍ‬
‫مب ْت ََلى به ‪ ،‬وسوف يبقى هذا الحاسد ُ في حرق ٍ‬
‫ة‬ ‫ب عليه ال ُ‬‫ُيثا ُ‬
‫ح إل ّ‬ ‫ل ُيصال ُ‬ ‫س عنهم ‪ .‬ك ّ‬ ‫م النا ِ‬ ‫ب ِنع ُ‬ ‫دائمةٍ حتى يموت أو تذ ْهَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪29‬‬
‫ح معه أن تتخّلى عن نعمٍ اللهِ وتتنازل عن‬ ‫الحاسد فالصل ُ‬
‫مواه ِِبك ‪ ،‬وت ُل ِْغي خصاِئصك ‪ ،‬ومناِقبك ‪ ،‬فإن فعلت ذلك‬
‫ض ‪ ،‬نعوذ ُ باللهِ من شّر حاسد إذا‬ ‫ه يرضى على مض ٍ‬ ‫فل َعَل ّ ُ‬
‫سام ل يقر قراره حتى‬ ‫ن السودِ ال ّ‬ ‫ح كالثعبا ِ‬‫حسد ْ ‪ ،‬فإنه يصب ُ‬
‫ه في جسم بريٍء ‪.‬‬ ‫ُيفرِغ َ س ّ‬
‫م ُ‬
‫سد ِ فإنه‬
‫فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ باللهِ من الحا ِ‬
‫لك بالمرصاد ِ ‪.‬‬
‫***********************************‬
‫ل الحياة كما هي‬
‫اقب ِ‬
‫ة‬ ‫ت ‪ ،‬جاهم ُ‬ ‫ت ‪ ،‬كثيرة ُ التبعا ِ‬ ‫ة اللذا ِ‬ ‫ل الدنيا منغص ُ‬ ‫حا ُ‬
‫ت بالّنكد ِ ‪،‬‬ ‫خِلط ْ‬ ‫ت بالكدرِ ‪ ،‬و ُ‬ ‫زج ْ‬‫م ِ‬ ‫ن‪ُ ،‬‬ ‫المحّيا ‪ ،‬كثيرة ُ التلوّ ِ‬
‫وأنت منها في ك ََبد ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬أو صديقا ً ‪ ،‬أو نبيل ً ‪ ،‬ول مسكنا ً‬ ‫ولن تجد والدا ً أو زوج ً‬
‫ة إل ّ وفيه ما يكد ُّر ‪ ،‬وعنده ما يسوُء أحيانا ً ‪ ،‬فأطفئ‬ ‫ول وظيف ً‬
‫ص‪.‬‬ ‫ح قصا ٌ‬ ‫جوَ رأسا ً برأس ‪ ،‬والجرو ُ‬ ‫حّر شّرهِ ببردِ خي ْرِهِ ‪ ،‬لتن ْ ُ‬
‫ن ‪ ،‬والنوعين‬ ‫ة للضدي ِ‬ ‫ه لهذه الدنيا أن تكون جامع ً‬ ‫أراد الل ُ‬
‫ح وفسادٍ ‪ ،‬سروٍر‬ ‫‪ ،‬والفريقين ‪ ،‬والرأيين خي ْرٍ وشرٍ ‪ ،‬صل ٍ‬
‫ح والسروُر في الجنةِ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬والصل ُ‬ ‫خي ُْر كل ّ ُ‬‫ن ‪ ،‬ثم يصفو ال َ‬ ‫حْز ٍ‬ ‫و ُ‬
‫ن في النارِ ‪ .‬في الحديث ‪:‬‬ ‫معُ الشّر كله والفساد ُ والحز ُ‬ ‫ج َ‬
‫وي ُ ْ‬
‫ه وما‬ ‫ن ما فيها إل ذكُر الل ِ‬ ‫ة ملعو ٌ‬ ‫)) الدنيا ملعون ٌ‬
‫ح من‬ ‫ك ول تسر ْ‬ ‫ش واقع َ‬ ‫م (( فع ْ‬ ‫م ومتعل ٌ‬ ‫والهُ وعال ٌ‬
‫ك كما هي ‪،‬‬ ‫ل دنيا َ‬ ‫ت ‪ ،‬اقب ْ‬‫ل ‪ ،‬وحل ّقْ في عالم ِ المثاليا ِ‬ ‫الخيا ِ‬
‫وع نفسك لمعايشتها ومواطنِتها ‪ ،‬فسوف ل يصفو لك‬ ‫وط ّ‬
‫صْفوَ والكمال‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل لك فيها أمٌر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ول يكم ُ‬ ‫فيها صاح ٌ‬
‫ن صفاِتها ‪.‬‬ ‫والتمام ليس من شأنها ول م ْ‬
‫ك‬ ‫ة ‪ ،‬وفي الحديث ‪ )) :‬ل يفر ُ‬ ‫لن تكمل لك زوج ٌ‬
‫ة إن كره منها خلقا ً رضي منها آخر (( ‪.‬‬ ‫ن مؤمن ً‬ ‫مؤم ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪30‬‬
‫خذ ما‬ ‫ح ‪ ،‬ونأ ُ‬
‫صف َ‬‫ن نسدد ونقارب ‪ ،‬ونعُْفوَ ون ْ‬‫فينبغي أ ْ‬
‫ض الط ّْرف أحيانا ً ‪ ،‬ونسدد ُ‬ ‫سر ونغ ّ‬‫سَر ‪ ،‬ونذر ما تع ّ‬
‫تي ّ‬
‫ل عن أمورٍ ‪.‬‬ ‫الخطى ‪ ،‬ونتغاف ُ‬
‫******************************************‬
‫ء‬
‫تعّز بأهلِ البل ِ‬
‫مبتلى ؟ وهل تشاهد ُ‬ ‫سَرةً ‪ ،‬فهل ترى إل ّ ُ‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫ت َل َّف ْ‬
‫معٌ ‪ ،‬وفي كل‬ ‫ة ‪ ،‬وعلى كل خد ّ د ْ‬ ‫إل ّ منكوبا ً في كل دارٍ نائح ٌ‬
‫وادٍ بنو سعد ‪.‬‬
‫م من الصابرين ‪ ،‬فلست أنت‬ ‫ب ‪ ،‬وك ْ‬ ‫ن المصائ ِ‬ ‫مم َ‬ ‫ك ْ‬
‫م‬ ‫ل‪،‬ك ْ‬ ‫رك قلي ٌ‬ ‫ك أنت بالنسبةِ لغي ِ‬ ‫وحدك المصاب ‪ ،‬بل مصاب ُ َ‬
‫ن‬ ‫ب ذات اليمي ِ‬ ‫ض على سريره من أعوام ٍ ‪ ،‬يتقل ُ‬ ‫من مري ٍ‬
‫سقم ‪.‬‬ ‫ح من ال ّ‬ ‫ن من اللم ِ ‪ ،‬ويصي ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ي َئ ِ ّ‬‫شما ِ‬ ‫وذات ال ّ‬
‫كم من محبوس مرت به سنوات ما رأى الشمس‬
‫بعينه ‪ ،‬وما عرف غير زنزانته ‪.‬‬
‫ة‬
‫هما في مي ْعَ ِ‬ ‫ت أكباد ِ‬ ‫ل وامرأةٍ فقدا فلذا ِ‬ ‫م من رج ٍ‬ ‫ك ْ‬
‫مرِ ‪.‬‬ ‫ن العُ ْ‬ ‫ب ورْيعا ِ‬ ‫الشبا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب ومنكو ٍ‬ ‫مصا ٍ‬ ‫نو ُ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ب وم ِ‬ ‫م من مكرو ٍ‬ ‫ك ْ‬
‫ن هذه‬ ‫م اليقين أ ّ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ن تعلم ِ‬ ‫آن لك أن تتعّز بهؤلِء ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ح‬ ‫ت ‪ ،‬تصب ُ‬ ‫ن والنكبا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وداٌر للحزا ِ‬ ‫ن للمؤم ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫الحياة س ْ‬
‫ة على عروشها ‪ ،‬بينها‬ ‫ة بأهلها وتمسي خاوي ً‬ ‫القصوُر حافل ً‬
‫ل وافرة ً ‪،‬‬ ‫ن في عافية ‪ ،‬والموا ُ‬ ‫معٌ ‪ ،‬والبدا ُ‬ ‫ل مجت ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ق‬
‫ت والفرا ُ‬ ‫م فإذا الفقُر والموْ ُ‬ ‫م ما هي إل ّ أيا ٌ‬ ‫كثٌر ‪ ،‬ث ّ‬ ‫والولد ُ ُ‬
‫م‬ ‫ضَرب َْنا ل َك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علَنا ب ِ ِ‬
‫ف َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م ك َي ْ َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫وت َب َي ّ َ‬ ‫ض﴿ َ‬ ‫والمرا ُ‬
‫ن حولك ‪ ،‬وبمن‬ ‫بم‬ ‫مصابك‬ ‫طن‬ ‫ّ‬ ‫تو‬ ‫أن‬ ‫فعليك‬ ‫﴾‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ثا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ال َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ى بالنسبة‬ ‫سبقك في مسيرةِ الدهرِ ‪ ،‬ليظهر لك أنك معاف ً‬
‫ة ‪ ،‬فاحمد ِ الله على‬ ‫ت سهل ٌ‬ ‫لهؤلِء ‪ ،‬وأنه لم يأتك إل وخزا ٌ‬
‫ن‬ ‫ب ما أخذ ‪ ،‬وتعّز بم ْ‬ ‫س ْ‬ ‫طفهِ ‪ ،‬واشكره على ما أبقى ‪ ،‬واحت ِ‬ ‫لُ ْ‬
‫حولك ‪.‬‬
‫ه‬
‫س ِ‬ ‫سلى على رأ ِ‬ ‫ولك في الرسول ‪ ‬قدوةٌ وقد ْ ُوضِع ال ّ‬
‫ب حتى أكل‬ ‫شع ِ‬ ‫صر في ال ّ‬ ‫ج وجُهه ‪ ،‬وحو ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ت قدماه و ُ‬ ‫مي ْ‬‫‪ ،‬وأد ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪31‬‬
‫ض‬
‫عْر ُ‬ ‫مي ِ‬ ‫ت ثنيُته ‪ ،‬وُر ِ‬ ‫سر ْ‬ ‫كة ‪ ،‬وك ُ ِ‬ ‫رد من م ّ‬ ‫ورق الشجرِ ‪ ،‬وط ُ ِ‬
‫ف ‪ ،‬وقُِتل سبعون من أصحابهِ ‪ ،‬وفقد ابنه ‪،‬‬ ‫زوجت ِهِ الشري ُ‬
‫وأكثر بناِته في حياتهِ ‪ ،‬وربط الحجر على بطِنه من الجوِع ‪،‬‬
‫ه من‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬صان ُ ُ‬ ‫ن كاذ ٌ‬ ‫حُر كاهن مجنو ٌ‬ ‫عٌر سا ِ‬ ‫ه شا ِ‬ ‫وات ِّهم بأن ُ‬
‫ه ‪ ،‬وقد ْ قُِتل‬ ‫ص ل أعظم من ُ‬ ‫ه وتمحي ٌ‬ ‫ذلك ‪ ،‬وهذا بلٌء لبد ّ من ُ‬
‫ل في النارِ ‪،‬‬ ‫جَر موسى ووضع الخلي ُ‬ ‫زكرّيا ‪ ،‬وذ ُِبح يحيى ‪ ،‬وهُ ّ‬
‫مهِ ‪ ،‬واغتيل‬ ‫مُر بد ِ‬ ‫ضّرج عُ َ‬ ‫ة على هذا الطريق ف ُ‬ ‫وسار الئم ُ‬
‫جن الخياُر‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫دتْ ظهوُر الئمةِ و ُ‬ ‫جل ِ َ‬‫ي‪،‬و ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وط ٌِعن عل ٌ‬ ‫عثما ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫ما ي َأت ِ ُ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬‫خُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫م أن ت َدْ ُ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ونكل بالبرار ﴿أ ْ‬
‫ْ‬
‫ضّراء‬ ‫وال ّ‬ ‫ساء َ‬ ‫م ال ْب َأ َ‬ ‫ه ُ‬‫ست ْ ُ‬ ‫م ّ‬‫كم ّ‬ ‫قب ْل ِ ُ‬‫من َ‬ ‫وا ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬
‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫مث َ ُ‬
‫ّ‬
‫زُلوا ْ﴾ ‪.‬‬ ‫وُزل ْ ِ‬ ‫َ‬
‫********************************‬

‫الصلة ‪ ..‬الصلة‬
‫ر‬ ‫ب‬‫ص‬‫بال‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬
‫ُ‬ ‫عي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫﴿ يا أ َ‬
‫ْ‬
‫ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صل َ ِ‬
‫ة﴾‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫م بتلبيبك ‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬وأخذ اله ّ‬ ‫وقك الحز ُ‬ ‫ف وط ّ‬ ‫خوْ ُ‬ ‫إذا داهمك ال َ‬
‫سك ‪ ،‬إن‬ ‫ن نف ُ‬ ‫حك ‪ ،‬وتطمئ ّ‬ ‫ب لك رو ُ‬ ‫م حال ً إلى الصلةِ ‪ ،‬تث ُ ْ‬ ‫فق ْ‬
‫ن‬
‫ت الحزا ِ‬ ‫ح مستعمرا ِ‬ ‫ن اللهِ باجتيا ِ‬ ‫ة – بأذ ِ‬ ‫الصلة كفيل ٌ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الكتئا ِ‬ ‫والغموم ِ ‪ ،‬ومطاردةِ فلو ِ‬
‫ة يا‬ ‫ه أمٌر قال ‪ )) :‬أرحنا بالصل ِ‬ ‫كان ‪ ‬إذا حزب َ ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه وبهجت َ ُ‬ ‫ت قُّرةَ عين ِهِ وسعادت ُ‬ ‫ل (( فكان ْ‬ ‫بل ُ‬
‫ت بهم‬ ‫ت إذا ضاق ْ‬ ‫سيُر قوم ٍ أفذاذ ٍ كان ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫وقد طالع ُ‬
‫ب ‪ ،‬فزعوا إلى‬ ‫م الخطو ُ‬ ‫ت في وجوهه ُ‬ ‫شر ْ‬ ‫الضوائقُ ‪ ،‬وك ّ‬
‫م‪.‬‬ ‫مهُ ْ‬‫م ُ‬‫م وإراداُتهم وه ِ َ‬ ‫صلةٍ خاشعةٍ ‪ ،‬فتعود ُ لهم ُقواهُ ْ‬
‫ب ‪ ،‬يوم‬ ‫ت ل ُِتوّدى في ساعةِ الرع ِ‬ ‫رض ْ‬ ‫ف فُ ِ‬ ‫ن صلة الخو ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ف‪،‬‬‫ت السيو ِ‬ ‫س على شفرا ِ‬ ‫ل النفو ُ‬ ‫م‪ ،‬وتسي ُ‬ ‫تتطايُر الجماج ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ل سكينةٍ صلةٌ خاشع ٌ‬ ‫ت وأج ّ‬ ‫م تثبي ٍ‬ ‫فإذا أعظ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪32‬‬
‫ة أن‬ ‫ض النفسي ُ‬ ‫ل الذي عصفت به المرا ُ‬ ‫ن على الجي ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ضي رّبه أوّل ً ‪،‬‬ ‫ه ل ِي ُْر ِ‬‫ف على المسجدِ ‪ ،‬وأن يمّرغَ جبين َ ُ‬ ‫يتعّر َ‬
‫ن الدمع‬ ‫ب ‪ ،‬وإل ّ فإ ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫ب الوا ِ‬ ‫ه من هذا العذا ِ‬ ‫ولينقذ نفس ُ‬
‫ه ‪ ،‬وليس‬ ‫م أعصاب ُ‬ ‫ه ‪ ،‬والحزن سوف يحط ُ‬ ‫سوف يحرقُ جْفن ُ‬
‫ن إل الصلة ُ ‪.‬‬ ‫ة تمد ّهُ بالسكينةِ والم ِ‬ ‫لديهِ طاق ٌ‬
‫س‬ ‫م ُ‬ ‫ت الخ ْ‬ ‫ل – هذهِ الصلوا ُ‬ ‫من أعظم ِ النعم ِ – لو كّنا نعق ُ‬
‫ة لدرجاِتنا عند رّبنا ‪ ،‬ثم هي‬ ‫ك ّ‬
‫ل يوم ٍ وليلةٍ كفارةٌ لذنوِبنا ‪ ،‬رفع ٌ‬
‫ب في‬ ‫ضنا ‪ ،‬تسك ُ‬ ‫جعٌ لمرا ِ‬ ‫م لمآسينا ‪ ،‬ودواٌء نا ِ‬ ‫ج عظي ٌ‬‫عل ٌ‬
‫ُ‬
‫رنا مقادير زاكيةً من اليقين ‪ ،‬وتمل جوانحنا بالّرضا أما‬ ‫ضمائ ِ‬
‫ن نكدٍ إلى‬ ‫أولئك الذين جانبوا المسجد ‪ ،‬وتركوا الصلة ‪ ،‬فم ْ‬
‫عسا ً‬ ‫ن ‪ ،‬ومن شقاٍء إلى شقاٍء ﴿ َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ن إلى حز ٍ‬ ‫نكدٍ ‪ ،‬ومن حز ٍ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫مال َ ُ‬ ‫ل أَ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ض ّ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫لّ ُ‬
‫*****************************‬

‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬


‫ل عليهِ ‪ ،‬والثقة بوعدِهِ ‪،‬‬ ‫ض المرِ إلى اللهِ ‪ ،‬والتوك ُ‬ ‫تفوي ُ‬
‫ه ؛ من‬ ‫ن بهِ ‪ ،‬وانتظاُر الفرِج من ُ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫حس ُ‬ ‫والرضا بصنيعهِ و ُ‬
‫ت المؤمنين ‪ ،‬وحينما‬ ‫ل صفا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وأج ّ‬ ‫ت اليما ِ‬ ‫أعظم ِ ثمرا ِ‬
‫ل‬ ‫ن العاقبةِ ‪ ،‬ويعتمد ُ على رب ّهِ في ك ّ‬ ‫ن العبد ُ إلى حس ٍ‬ ‫يطمئ ّ‬
‫شأِنه ‪ ،‬يجد الرعاية ‪ ،‬والولية ‪ ،‬والكفاية ‪ ،‬والتأييد َ ‪،‬‬
‫والنصرة َ ‪.‬‬
‫م في النارِ قال ‪ :‬حسبنا‬ ‫م عليه السل ُ‬ ‫لما ألقي إبراهي ُ‬
‫ه عليه بْردا ً وسلما ً ‪ ،‬ورسوُلنا‬ ‫ل ‪ ،‬فجعلها الل ُ‬ ‫م الوكي ُ‬ ‫ه ون ِعْ َ‬ ‫الل ُ‬
‫ة‬
‫ب الوثني ِ‬ ‫ش الكفار ‪ ،‬وكتائ ِ‬ ‫‪ ‬وأصحاُبه لما هُد ُّدوا بجيو ِ‬
‫قل َُبوا ْ‬ ‫فان َ‬ ‫ل}‪َ {173‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬‫ون ِ ْ‬‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قالوا ‪َ ﴿ :‬‬
‫عوا ْ‬ ‫وات ّب َ ُ‬‫سوءٌ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل لّ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬‫ع َ‬
‫ب ِن ِ ْ‬
‫ظيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬‫ل َ‬‫ض ٍ‬
‫ف ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫وا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬
‫ن يصارع الحداث ‪ ،‬ول‬ ‫ن النسان وحده ل يستطيعُ أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫خل ِقَ ضعيفا ً عاجزا ً‬ ‫ب ؛ لنه ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ول ينازل الخطو َ‬ ‫ما ِ‬‫يقاوم المل ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪33‬‬
‫ض المَر إليه ‪،‬‬ ‫ل على رّبه ويثقُ بموله ‪ ،‬ويفوّ ُ‬ ‫‪ ،‬إل حينما يتوك ُ‬
‫ه المصائب‬ ‫ة هذا العبد ِ الفقيرِ الحقيرِ إذا احتوشت ْ ُ‬ ‫وإل فما حيل ُ‬
‫كنُتم‬ ‫وك ُّلوا ْ ِإن ُ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬‫ت﴿ َ‬ ‫ت به النكبا ُ‬ ‫‪ ،‬وأحاط ْ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ل على القويّ الغن ّ‬ ‫فيا من أراد َ أن ينصح نفسه ‪ :‬توك ْ‬
‫ت ‪ ،‬ويخرجك من‬ ‫ذي الُقوّةِ المتين ‪ ،‬لينقذك من الويل ِ‬
‫م‬‫ع َ‬
‫ه ون ِ ْ‬
‫ك حسبنا الل ُ‬ ‫ل شِعاَرك ودثاَر َ‬ ‫ت ‪ ،‬واجع ْ‬ ‫الك ُُربا ِ‬
‫ت مواِردك ‪،‬‬ ‫ل ماُلك ‪ ،‬وكث َُر دي ُْنك ‪ ،‬وجّف ْ‬ ‫ل ‪ ،‬فإن ق ّ‬ ‫الوكي ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م الوكي ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ون ِ ْ‬ ‫ت مصادُِرك ‪ ،‬فنادِ ‪ :‬حسُبنا الل ِ‬ ‫ح ْ‬
‫وش ّ‬
‫ت من ظال ِم ٍ ‪ ،‬أو فزعت من‬ ‫ت من عدوّ ‪ ،‬أو ُرعب ْ َ‬ ‫وإذا خف َ‬
‫م الوكيل ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫ه ون ِ ْ‬ ‫ف ‪ :‬حسبنا الل ُ‬ ‫ب فاهت ْ‬ ‫خط ْ ٍ‬ ‫َ‬
‫صيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ون َ ِ‬ ‫هاِديا ً َ‬ ‫ك َ‬ ‫فى ب َِرب ّ َ‬ ‫وك َ َ‬‫﴿ َ‬
‫**********************************‬

‫ض﴾‬ ‫ر‬ ‫في ال َ‬


‫سيُروا ْ ِ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل ِ‬
‫ْ ِ‬
‫سَفُر‬ ‫م ‪ ،‬ال ّ‬‫م والغ ّ‬ ‫حب اله ّ‬ ‫س ُ‬
‫ح ُ‬ ‫صد َْر ‪ ،‬ويزي ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫مما يشر ُ‬
‫ض الواسعةِ ‪،‬‬ ‫ب في الر ِ‬ ‫في الديارِ ‪ ،‬وقَط ْعُ القفارِ ‪ ،‬والتقل ُ‬
‫ح لتشاهد أقلم القدرةِ وهي‬ ‫ن المفتو ِ‬ ‫ب الكو ِ‬ ‫والنظُر في كتا ِ‬
‫ل ‪ ،‬لترى حدائق ذات‬ ‫ت الجما ِ‬ ‫ت الوجودِ آيا ِ‬ ‫ب على صفحا ِ‬ ‫تكت ُ‬
‫ل ما‬ ‫ك وتأم ْ‬ ‫ج من بيت َ‬ ‫ت ألفا ً ‪ ،‬اخر ْ‬ ‫ة وجنا ٍ‬ ‫بهجةٍ ‪ ،‬ورياضا ً أنيق ً‬
‫ط الودية‬ ‫صعَد ِ الجبال ‪ ،‬اهب ِ‬ ‫حولك وما بين يديك وما خلفك ‪ ،‬ا ْ‬
‫ب من الماِء النميرِ ‪ ،‬ضعْ أنفك على‬ ‫ق الشجاَر ‪ ،‬عُ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،‬تسل ِ‬
‫ر‬
‫ة ‪ ،‬كالطائ ِ‬ ‫ن الياسمين ‪ ،‬حينها تجد ُ روحك حرةً طليق ً‬ ‫أغصا ِ‬
‫ق‬ ‫ج من بيِتك ‪ ،‬أل ِ‬ ‫ح في فضاِء السعادةِ ‪ ،‬اخر ْ‬ ‫الغّريدِ تسب ّ‬
‫ة‬
‫الغطاء السود َ عن عينيك ‪ ،‬ثم سْر في فجاِج اللهِ الواسع ِ‬
‫ذاكرا ً مسبحا ً ‪.‬‬
‫ق‬
‫ن النزواء في الغرفةِ الضّيقةِ مع الفراِغ القاتل طري ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‬ ‫م ‪ ،‬ولست أنت ك ّ‬ ‫ت غرفتك هي العال ُ‬ ‫ح للنتحارِ ‪ ،‬وليس ْ‬ ‫ناج ٌ‬
‫ف‬ ‫ب الحزان ؟ أل فاهت ْ‬ ‫م أمام كتائ ِ‬ ‫م الستسل ُ‬ ‫س فَل ِ َ‬‫النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪34‬‬
‫قال ً ﴾ ‪ ،‬تعال‬ ‫وث ِ َ‬ ‫فافا ً َ‬ ‫خ َ‬‫فُروا ْ ِ‬ ‫ك ‪ ﴿ :‬ان ْ ِ‬ ‫رك وسمِعك وقلب ِ َ‬ ‫ببص ِ‬
‫ن الطيورِ وهي‬ ‫ل والخماِئل ‪ ،‬ب َي ْ َ‬ ‫لتقرأ القرآن هنا بين الجداو ِ‬
‫ن الماِء وهو يروي قصة وصولهِ من‬ ‫ب ‪ ،‬وب َي ْ َ‬ ‫ب الح ّ‬ ‫خط َ َ‬ ‫تتلو ُ‬
‫ل‪.‬‬‫الت ّ‬
‫صي بها الطباُء‬ ‫ة يو ِ‬ ‫ب الرض متع ٌ‬ ‫ل في مسار ِ‬ ‫حا َ‬‫إن الّتر ْ‬
‫ة ‪ ،‬فهّيا‬ ‫ه الضيق ُ‬ ‫ت عليهِ غرفت ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وأظلم ْ‬ ‫س ُ‬‫ت عليه نف ُ‬ ‫لمن ث َُقل َ ْ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫بنا نساْفر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدّبر ﴿ َ‬
‫هذا َباطِل ً‬ ‫ت َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ما َ‬ ‫ض َرب َّنا َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬‫س َ‬‫ق ال ّ‬ ‫خل ِ‬
‫ك﴾ ‪.‬‬ ‫حان َ َ‬
‫سب ْ َ‬
‫ُ‬
‫************************************‬
‫فصبٌر جمي ٌ‬
‫ل‬
‫التحّلي بالصبر من شيم ِ الفذاذِ الذين يتلقون المكاره‬
‫ن لم أصبْر أنا‬ ‫صد ْرٍ وبقوةِ إرادةٍ ‪ ،‬ومناعةٍ أبّية ‪ .‬وإ ْ‬ ‫برحابةِ َ‬
‫وأنت فماذا نصنعُ ؟! ‪.‬‬
‫ل لنا غيُر الصبرِ ؟ هل تعلم لنا زادا ً غيَرهُ ؟‬ ‫هل عندك ح ّ‬
‫ب ‪ ،‬وميدانا ً‬ ‫ض فيه المصائ ُ‬ ‫كان أحد ُ العظماِء مسرحا ً ترك ُ‬
‫ة أخرى ‪،‬‬ ‫ه كرب ٌ‬ ‫ت كلما خرج من كربةٍ زارت ُ‬ ‫تتسابقُ فيهِ النكبا ُ‬
‫س بالصبرِ ‪ ،‬متدّرع ٌ بالثقةِ باللهِ ‪.‬‬ ‫وهو متتر ٌ‬
‫ت ويطرحون‬ ‫ما ِ‬‫ل النبلُء ‪ُ ،‬يصارعون المل ّ‬ ‫هكذا يفع ُ‬
‫ت أرضا ً ‪.‬‬ ‫النكبا ِ‬
‫ض ‪ ،‬قالوا‬ ‫ه‪ -‬وهو مري ٌ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫دخلوا على أبي بكر ‪-‬رضي الل ُ‬
‫ب قد رآني ‪ .‬قالوا ‪ :‬فماذا‬ ‫‪ :‬أل ندعو لك طبيبا ً ؟ قال ‪ :‬الطبي ُ‬
‫ل لما أريد ُ ‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬إني فّعا ٌ‬ ‫قال ؟ قال ‪ :‬يقو ُ‬
‫ج‪،‬‬ ‫ق بالفر ِ‬ ‫صب َْر واث ٍ‬‫واصبْر وما صبُرك إل ّ باللهِ ‪ ،‬اصبْر َ‬
‫ر‬
‫ب في تفكي ِ‬ ‫ب للجرِ ‪ ،‬راغ ٍ‬ ‫ن المصيرِ ‪ ،‬طال ٍ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬
‫عالم ب ُ‬
‫ت أمامك‬ ‫ب ‪ ،‬وأظلم ِ‬ ‫مت الخطو ُ‬ ‫ت ‪ ،‬اصبْر مهما ادله ّ‬ ‫السيئا ِ‬
‫ب ‪ ،‬وإن‬ ‫ن الفرج مع الك َْر ِ‬ ‫صب ْرِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن النصر مع ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬فإ ّ‬‫الدرو ُ‬
‫سرا ً ‪.‬‬
‫سرِ ي ُ ْ‬ ‫مع العُ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪35‬‬
‫ت لعظيم ِ‬ ‫ت سير عظماٍء مّروا في هذه الدنيا ‪ ،‬وذهل ُ‬ ‫قرأ ُ‬
‫سهم‬ ‫ب تقعُ على رؤو ِ‬ ‫م وقوةِ احتماِلهم ‪ ،‬كانت المصائ ُ‬ ‫صبرِهِ ْ‬
‫خ‬ ‫ل ‪ ،‬وفي رسو ِ‬ ‫ت الجبا ِ‬‫ت ماٍء باردةٍ ‪ ،‬وهم في ثبا ِ‬ ‫كأّنها قطرا ُ‬
‫ههم على طلئع‬ ‫ق ‪ ،‬فما هو إل ّ وقت قصيٌر فتشرقُ وجو ُ‬ ‫الح ِ‬
‫دهم ما‬ ‫فجرِ الفرِج ‪ ،‬وفرحةِ الفتِح ‪ ،‬وعصرِ النصرِ ‪ .‬وأح ُ‬
‫ه‬
‫ح في وج ِ‬ ‫ل الكواِرث ‪ ،‬وصا َ‬ ‫حد َهُ ‪ ،‬بل ناَز َ‬
‫اكتفى بالصبرِ وَ ْ‬
‫ديا ً ‪.‬‬
‫متح ّ‬
‫ب ُ‬ ‫المصائ ِ‬
‫***************************************‬
‫س َ‬
‫ك‬ ‫ل الكرة الرضية على رأ ِ‬
‫ل تحم ِ‬
‫ة ‪ ،‬وهم‬ ‫ب عالمي ّ ٌ‬ ‫سهم حْر ٌ‬ ‫س تدوُر في نفو ِ‬ ‫نفٌر من النا ِ‬
‫حة‬ ‫موا قُْر َ‬ ‫ب أوزارها غ َن ِ ُ‬ ‫ت الحْر ُ‬ ‫على فُُرش النوم ‪ ،‬فإذا وضع ِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫كريّ ‪ .‬يحترقون مع الحدا ِ‬ ‫م والس ّ‬ ‫ط الد ّ‬ ‫ضغْ َ‬ ‫المعدةِ ‪ ،‬و َ‬
‫جون‬ ‫يغضبون من غلِء السعارِ ‪ ،‬يثورون لتأخر المطارِ ‪ ،‬يض ّ‬
‫ب﴿‬ ‫ص ٍ‬ ‫ق وا ِ‬ ‫ض سعْرِ العملةِ ‪ ،‬فهم في انزعاٍج دائم ٍ ‪ ،‬وقل ٍ‬ ‫لنخفا ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬
‫صي ْ َ‬‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل الكرة الرضية على‬ ‫ن ل تحم ِ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ونصيحتي ل َ‬
‫ض ول تضْعها في أمعاِئك ‪ .‬إن‬ ‫ك ‪ ،‬دِع الحداث على الر ِ‬ ‫س َ‬ ‫رأ ِ‬
‫ت‬ ‫ب الشائعا ِ‬ ‫ب كالسفنجة يتشر ُ‬ ‫بعض الناس عنده قل ٌ‬
‫ب لك ّ‬
‫ل‬ ‫ت ‪ ،‬يضطر ُ‬ ‫ج للتوافِهِ ‪ ،‬يهتزِ للواردا ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ينزع ُ‬ ‫والراجي َ‬
‫ه ‪ ،‬وأن يهدم كيان‬ ‫ل أن يحطم صاحب ُ‬ ‫ب كفي ٌ‬ ‫شيٍء ‪ ،‬وهذا القل ُ‬
‫مل ِهِ ‪.‬‬‫حا ِ‬
‫ت إيمانا ً إلى‬ ‫دهم الِعبُر والعظا ُ‬ ‫ل المبدأ الحقّ تزي ُ‬ ‫أه ُ‬
‫ل خوفا ً إلى خوفِِهم ‪،‬‬ ‫دهم الزلز ُ‬ ‫ل الخورِ تزي ُ‬ ‫إيماِنهم ‪ ،‬وأهْ ُ‬
‫ب شجاٍع ‪ ،‬فإن‬ ‫وليس أنفع أمام الزوابع والدواهي من قل ٍ‬
‫خ‬‫ش ‪ ،‬راس ُ‬ ‫ت الجأ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ثاب ُ‬ ‫ل واسعُ البطا ِ‬ ‫مْقدام الباس َ‬ ‫ال ِ‬
‫ن فهو‬ ‫ح الصدر ‪ ،‬أما الجبا ُ‬ ‫ب ‪ ،‬منشر ُ‬ ‫ن ‪ ،‬بارد ُ العصا ِ‬ ‫اليقي ِ‬
‫ل يوم مرات بسيف التوّقعات‬ ‫يذبح فهو يذبح نفسه ك ّ‬
‫ف والوهام ِ والحلم ِ ‪ ،‬فإن كنت تريد ُ الحياة‬ ‫والراجي ِ‬
‫جهِ المور بشجاعةٍ وجلد ٍ ‪ ،‬ول يستخفّنك الذين‬ ‫المستقّرة َ فوا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪36‬‬
‫ن أصلب من‬ ‫ما يمكرون ‪ ،‬ك ْ‬ ‫قم ّ‬ ‫ل يوقنون ‪ ،‬ول تك في ضي ْ ٍ‬
‫ت ‪ ،‬وأقوى من العاصيرِ ‪،‬‬ ‫عتى من رياِح الزما ِ‬ ‫ث ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫الحدا ِ‬
‫زا ً ﴿‬
‫مه ّ‬ ‫ب الضعيفةِ ‪ ،‬كم تهّزهم اليا ُ‬ ‫ب القلو ِ‬‫وارحمتاه لصحا ِ‬
‫ة ﴾ ‪ ،‬وأما ا ُ‬ ‫ول َت َجدن ّهم أ َ‬
‫لباة ُ فهم‬ ‫عَلى َ‬
‫حَيا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ ِ َ ُ ْ‬
‫ة‬
‫كين َ َ‬ ‫َ‬
‫فأنَز َ‬‫ة﴿ َ‬
‫س ِ‬‫ل ال ّ‬ ‫مد َد ٍ ‪ ،‬وعلى الوعد ِ في ثق ٍ‬ ‫من اللهِ في َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫****************************************‬
‫ه‬
‫ل تحطمك التواف ُ‬
‫ه ل ي ُذ ْك َُر !! ‪.‬‬ ‫مهِ أمٌر حقيٌر تاف ٌ‬ ‫به ّ‬ ‫كم من مهموم ٍ سب ُ‬
‫مُهم ‪،‬وما أْبرد َ‬ ‫م َ‬ ‫انظر إلى المنافقين ‪ ،‬ما أسقط ه َ‬
‫ذن‬ ‫حّر ﴾ ‪ ﴿ ،‬ائ ْ َ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫م ‪ .‬هذه أقواُلهم ‪ ﴿ :‬ل َ َتن ِ‬ ‫مه ُ ْ‬‫عزائ ِ َ‬
‫َ‬
‫صيب ََنا‬ ‫شى أن ت ُ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ة ﴾ ‪ ﴿ ،‬نَ ْ‬ ‫وَر ٌ‬ ‫ع ْ‬ ‫فت ِّني ﴾ ‪ ﴿ ،‬ب ُُيوت ََنا َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ّلي َ‬
‫غُرورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬
‫ما َ‬ ‫ة﴾‪ّ ﴿،‬‬ ‫دآئ َِر ٌ‬ ‫َ‬
‫س‪.‬‬ ‫يا لخيبةِ هذ ِهِ المعاطس يا لتعاسةِ هذهِ النفو ِ‬
‫ن والدوُر والقصوُر ‪ ،‬لم يرفعوا‬ ‫ن والصحو ُ‬ ‫همهم البطو ُ‬
‫ل ‪ ،‬لم ينظروا أبدا ً إلى نجوم‬ ‫مث ُ ِ‬ ‫أبصارهم إلى سماء ال ُ‬
‫ه‬ ‫ه ومأدبت ُ ُ‬ ‫ه ونعل ُ ُ‬ ‫ه وثوب ُ ُ‬ ‫مهِ ‪ :‬داّبت ُ‬ ‫عل ْ ِ‬ ‫م ومبلغُ ِ‬ ‫م أحد ِه ِ ْ‬ ‫الفضائل ‪ .‬ه ّ‬
‫ب‬ ‫س تراهم صباح مساء سب ُ‬ ‫‪ ،‬وانظْر لق ّ‬
‫ن النا ِ‬ ‫لم َ‬ ‫طاٍع هائ ٍ‬
‫ب ‪ ،‬أو سماعُ‬ ‫ن ‪ ،‬أو القري ِ‬ ‫ف مع الزوجةِ ‪ ،‬أو الب ِ‬ ‫م خل ٌ‬ ‫همومه ْ‬
‫شرِ ‪،‬‬ ‫ب هؤلءِ الب َ‬ ‫ه ‪ .‬هذه مصائ ُ‬ ‫ف تاف ٌ‬ ‫كلمةٍ نابيةٍ ‪ ،‬أو موق ٌ‬
‫ليس عندهم من المقاصد ِ العليا ما يشغُلهم ‪ ،‬ليس عندهم‬
‫ت الجليلةِ ما يمل ُ وقتهم ‪ ،‬وقد ْ قالوا ‪ :‬إذا خرج‬ ‫من الهتماما ِ‬
‫م له‬ ‫الماُء من الناِء ملهُ الهواُء ‪ ،‬إذا ً ففكْر في المرِ الذي تهت ّ‬
‫ل يستحقُ هذا الجهد وهذا العناَء ‪ ،‬لنك أعطيته من‬ ‫م‪،‬ه ْ‬ ‫وتغت ّ‬
‫ة‬
‫ن في الصفق ِ‬ ‫مك وراحِتك ووقِتك ‪ ،‬وهذا غُب ْ ٌ‬ ‫مك ود َ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫عقِلك ول َ ْ‬
‫ل‬ ‫س يقولون ‪ :‬اجع ْ‬ ‫س ‪ ،‬وعلماُء النف ِ‬ ‫ة ثمُنها بخ ٌ‬ ‫‪ ،‬وخسارةٌ هائل ٌ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ه تعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل شيء حدا ً معقول ً ‪ ،‬وأصدق من هذا قول ُ‬ ‫لك ِ‬
‫جمها ووزنها‬ ‫ط القضية ح ْ‬ ‫درا ً ﴾ فأع ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ل ِك ُ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬
‫ج َ‬
‫َ‬
‫وإياك والظلم والغُل ُوّ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫درها‬ ‫وق ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪37‬‬
‫ة البراُر همهم تحت الشجرةِ الوفاُء بالبيعةِ‬ ‫هؤلِء الصحاب ُ‬
‫ه البيعُ‬ ‫ه حتى فات ُ‬ ‫مه جمل ُ ُ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل معهم أه ّ‬ ‫فنالوا ِرضوان اللهِ ‪ ،‬ور ُ‬
‫ت‪,‬‬ ‫ن والمق ُ‬‫فكان جزاءه ُ الحرما ُ‬
‫مك‬ ‫ن أكثر همو ِ‬ ‫فاطرِح التواِفه والشتغال بها تجد ْ أ ّ‬
‫رحا ً مسرورا ً ‪.‬‬ ‫ت فَ ِ‬ ‫ت عنك وع ُد ْ َ‬‫ذهب ْ‬
‫*******************************‬
‫هل َ‬
‫ك‬ ‫م الل ُ‬
‫ارض بما قس َ‬
‫س‬
‫ن أغنى النا ِ‬ ‫تك ْ‬
‫ه‬ ‫ض معاني هذا السبب ؛ لكنني أبسط ُ ُ‬ ‫مّر فيما سبق بع ُ‬
‫م لك من‬ ‫س َ‬ ‫ك أن تْقنع بما قُ ِ‬ ‫ن علي َ‬ ‫هنا لُيفهم أكثَر وهو ‪ :‬أ ّ‬
‫ن وموهبةٍ ‪ ،‬وهذا منطقُ القرآن ﴿‬ ‫ل وولدٍ وسك ٍ‬ ‫جسم ٍ وما ٍ‬
‫ب علماِء‬ ‫ن غال َ‬ ‫ن﴾ إ ّ‬ ‫ري َ‬
‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫و ُ‬‫ك َ‬ ‫ما آت َي ْت ُ َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ف ُ‬
‫ن لديهم‬ ‫ل كانوا فقراء لم يك ْ‬ ‫ل الو ِ‬ ‫ف وأكثر الجي ِ‬ ‫السل ِ‬
‫م ‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬ول حش ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬ول مراك ُ‬ ‫ن بهي ٌ‬ ‫ت ول مساك ُ‬ ‫أعطيا ٌ‬
‫جهوا ما‬ ‫أْثرُوا الحياة وأسعدوا أنفسهم والنسانية ‪ ،‬لنهم و ّ‬
‫ك لهم في‬ ‫ح ‪ ،‬فَُبورِ َ‬ ‫ه من خيرٍ في سبيل ِهِ الصحي ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫آتاه ُ‬
‫ك‬ ‫ف المبار ُ‬ ‫ل هذا الصن ُ‬ ‫أعماِرهم وأوقاِتهم ومواهبهم ‪ ،‬ويقاب ُ‬
‫ب‬ ‫مل ٌ ُ‬
‫ت سب َ‬ ‫ل والولد ِ والنعم ِ ‪ ،‬فكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫الموا‬ ‫من‬ ‫أعطوا‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫شقاِئهم وتعاسِتهم ‪ ،‬لنهم انحرفوا عن الفطرةِ السوي ّ ِ‬
‫ل‬ ‫تك ّ‬ ‫ن ساطعٌ على أن الشياَء ليس ْ‬ ‫والمنهِج الحقّ وهذا برها ٌ‬
‫ه نكرة ٌ من‬ ‫ة لكن ُ‬
‫ت عالمي ّ ً‬ ‫شيٍء ‪ ،‬انظْر إلى من حمل شهادا ٍ‬
‫م‬ ‫ت في عطائهِ وفهمهِ وأثرهِ ‪ ،‬بينما آخرون عندهم عل ٌ‬ ‫النكرا ِ‬
‫محدود ٌ ‪ ،‬وقد ْ جعلوا منه نهرا ً دافقا ً بالنفِع والصلِح والعمارِ ‪.‬‬
‫ه‬ ‫ض بصورِتك التي ركّبك الل ُ‬ ‫إن كنت تريد ُ السعادةُ فار َ‬
‫مك ‪،‬‬ ‫ك السري ‪ ،‬وصوِتك ‪ ،‬ومستوى فه ِ‬ ‫فيها ‪ ،‬وارض بوضع ِ‬
‫ن بعض المرّبين الزهادِ يذهبون إلى أبعد ِ من‬ ‫ودخِلك ‪ ،‬بل إ ّ‬
‫ما أنت فيهِ ودون ما أنت‬ ‫لم ّ‬ ‫ذلك فيقولون لك ‪ :‬ارض بأق ّ‬
‫عليهِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪38‬‬
‫ة باللمعين الذين بخسوا‬ ‫ة مليئ ً‬ ‫ة رائع ً‬ ‫هاك قائم ً‬
‫م الدنيوية ‪:‬‬ ‫حظوظهُ ُ‬
‫م الدنيا في عهدهِ ‪ ،‬مولى أسود ُ‬ ‫ن رباح عال ُ‬ ‫عطاءُ ب ُ‬
‫ل الشعرِ ‪.‬‬ ‫ل مفلف ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫سأ َ‬ ‫أفط ُ‬
‫ف‬ ‫ة ‪ ،‬نحي ُ‬ ‫ب قاطب ً‬ ‫م العر ِ‬ ‫ن قيس ‪ ،‬حلي ُ‬ ‫فب ُ‬ ‫الحن ُ‬
‫ف البنيةِ ‪.‬‬ ‫ب الظهرِ ‪ ،‬أحنى الساقين ‪ ،‬ضعي ُ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫سم ِ ‪ ،‬أ ْ‬
‫ج ْ‬
‫ال ِ‬
‫ف البصرِ ‪،‬‬ ‫ث الدنيا ‪ ،‬من الموالي ‪ ،‬ضعي ُ‬ ‫العمش محد ّ ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ث الهيئةِ والمنز ِ‬ ‫ب‪،‬ر ُ‬ ‫ت اليدِ ‪ ،‬ممزقُ الثيا ِ‬ ‫فقيُر ذا ِ‬
‫ل‬ ‫ه عليهم ‪ ،‬ك ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ت اللهِ وسل ُ‬ ‫م صلوا ُ‬ ‫بل النبياء الكرا ُ‬
‫دادا ً ‪ ،‬وزكريا نجارا ً ‪ ،‬وإدريس‬ ‫ح ّ‬‫م ‪ ،‬وكان داود ُ َ‬ ‫منهم رعى الغن َ َ‬
‫خي ُْر البشرِ ‪.‬‬ ‫سو َ‬ ‫ً‬
‫خياطا ‪ ،‬وهم صفوة ُ النا ِ‬
‫ح ‪ ،‬ونفُعك ‪،‬‬ ‫إذا ً فقيمُتك مواهُبك ‪ ،‬وعمُلك الصال ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل أو عيا ٍ‬ ‫ل أو ما ٍ‬ ‫وخلقك ‪ ،‬فل تأس على ما فات من جما ٍ‬
‫في‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫شت َ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫مَنا ب َي ْن َ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ن َ‬‫ح ُ‬ ‫مة اللهِ ﴿ ن َ ْ‬ ‫وارض بقس ِ‬
‫ة الدّن َْيا ﴾ ‪.‬‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫****************************************‬
‫ت‬
‫ضها السماوا ُ‬
‫ة عر ُ‬ ‫ذ ّ‬
‫كر نفسك بجن ٍ‬
‫ض‬
‫والر ُ‬
‫ت أو‬ ‫ت أو حزن َ‬ ‫ت في هذه الدارِ أو افتقر َ‬ ‫ن جمع َ‬ ‫إ ْ‬
‫كر نفسك بالنعيم ِ ‪،‬‬ ‫ت حقا ً أو ذقت ظلما ً فذ ّ‬ ‫ت أو بخس َ‬ ‫مرض َ‬
‫ت‬‫ت لهذا المصيرِ ‪ ،‬تحول ْ‬ ‫إنك إن اعتقدت هذه العقيدة وعمل َ‬
‫س‬
‫ل النا ِ‬ ‫خسائُرك إلى أرباِح ‪ ،‬وبلياك إلى عطايا ‪ .‬إن أعق َ‬
‫ن أحمق هذه‬ ‫هم ُ الذين يعملون للخرةِ لنها خيٌر وأبقى ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ن هذه الدنيا هي قراُرهم وداُرهم‬ ‫الخليقة هم الذين يرون أ ّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫س عند المصائ ِ‬ ‫دهم أجزع َ النا ِ‬ ‫ومنتهى أمانيهم ‪ ،‬فتج َ‬
‫م الزهيدة‬ ‫م ل يرون إل ّ حياته ْ‬ ‫ث ‪ ،‬لنه ْ‬‫وأندهم عند َ الحواد ِ‬
‫الحقيرة ‪ ،‬ل ينظرون إل ّ إلى هذهِ الفانيةِ ‪ ،‬ل يتفكرون في‬
‫كر لهم‬ ‫رها ول يعملون لسواها ‪ ،‬فل يريدون أن يع ّ‬ ‫غي ِ‬
‫م خلعوا حجاب‬ ‫حهم ‪ ،‬ولو أنه ْ‬ ‫در عليهم فر ُ‬ ‫سروُرهم ول يك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪39‬‬
‫م لحدثوا‬ ‫ل عن عيونهِ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وغطاء الجه ِ‬ ‫ن عن قلوبهِ ْ‬ ‫الرا ِ‬
‫مها ودوِرها وقصوِرها ‪ ،‬ولسمعوا‬ ‫أنفسهم بدارِ الخلدِ ونعي ِ‬
‫فها ‪ ،‬إنها واللهِ الداُر التي‬ ‫ي في وص ِ‬ ‫ب الوح ِ‬ ‫وأنصتوا لخطا ِ‬
‫تستحقّ الهتمام والكد ّ والجْهدَ ‪.‬‬
‫ل الجنة بأنهم ل يمرضون ول‬ ‫هل تأملنا طويل ً وصف أه ِ‬
‫يحزنون ول يموتون ‪ ،‬ول يفنى شباُبهم ‪ ،‬ول تبلى ثياُبهم ‪ ،‬في‬
‫ها ‪ ،‬فيها‬ ‫ف ُيرى ظاهُرها من باطِنها ‪ ،‬وباط ُِنها من ظاهر ِ‬ ‫غر ٍ‬
‫ُ‬
‫شرٍ ‪،‬‬ ‫ب بَ َ‬ ‫خط ََر على قل ِ‬ ‫ت ‪ ،‬ول َ‬ ‫ن سمع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬ول أذ ُ ٌ‬ ‫ن رأ ْ‬ ‫ما ل عي ٌ‬
‫ها مائة عام ٍ ل يقطُعها ‪،‬‬ ‫ب في شجرةٍ من أشجار ِ‬ ‫يسيُر الراك ُ‬
‫ردة ٌ قصوُرها‬ ‫مط ّ ِ‬
‫مةِ فيها ستون ميل ً ‪ ،‬أنهاُرها ُ‬ ‫طول الخي ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫سُرُرها مرفوع ٌ‬ ‫ة‪ُ ،‬‬ ‫ة ‪ ،‬عيوُنها جاري ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬قطوُفها داني ٌ‬ ‫منيف ٌ‬
‫م‬‫ة‪،‬ت ّ‬ ‫ة ‪ ،‬زرابّيها مبثوث ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬نمارُقها مصفوفَ ٌ‬ ‫أكواُبها موضوع ٌ‬
‫صُفها ‪ ،‬منتهى‬ ‫ظم و ْ‬ ‫ظم حبوُرها ‪ ،‬فاح عْرُفها ‪ ،‬ع ُ‬ ‫سرَورها ‪ ،‬ع ُ‬
‫الماني فيها ‪ ،‬فأين عقوُلنا ل تفكْر ؟! ما لنا ل نتدب ّْر ؟!‬
‫ب على‬ ‫ف المصائ ُ‬ ‫إذا كان المصيُر إلى هذه الدارِ ؛ فلتخ ّ‬
‫ب المعدمين‬ ‫ن المنكوبين ‪ ،‬ولتفرح قلو ُ‬ ‫المصابين ‪ ،‬ولت ََقّر عيو ْ‬
‫‪.‬‬
‫فيها أيها المسحوقون بالفقرِ ‪ ،‬المنهكون بالفاقةِ ‪،‬‬
‫المبتلون بالمصائب ‪ ،‬اعملوا صالحا ً ؛ لتسكنوا جنة الل ِ‬
‫ه‬
‫م‬‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫ؤه ﴿ َ‬ ‫ت أسما ُ‬ ‫وتجاوروه ُ تقدس ْ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫دا ِ‬ ‫قَبى ال ّ‬ ‫ع ْ‬
‫م ُ‬ ‫ع َ‬‫فن ِ ْ‬‫َ‬
‫****************************************‬
‫سطا ً ﴾‬ ‫ك جعل َْناك ُم أ ُ‬
‫و‬
‫َ َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م‬
‫ْ ّ‬ ‫وك َذَل ِ َ َ َ‬
‫﴿ َ‬
‫ي ‪ ،‬ل غُل ُوّ ول جفاٌء ‪ ،‬ل‬ ‫ي وشرع ّ‬ ‫ب عقل ّ‬ ‫ل مط ْل َ ٌ‬ ‫العد ُ‬
‫ن يضب َ‬
‫ط‬ ‫ن أراد السعادة فعليهِ أ ْ‬ ‫ط ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ط ول تفري ٌ‬ ‫إفرا ٌ‬
‫ن عادل ً في رضاهُ وغضب ِهِ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬واندفاعات ِهِ ‪ ،‬وليك ْ‬ ‫عواطف ُ‬
‫ة في التعامل مع‬ ‫ط والمبالغ َ‬‫شط َ َ‬ ‫حْزن ِهِ ؛ لن ال ّ‬‫وسرورِهِ و ُ‬
‫ن الشرع‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن الوسطي ّ َ‬ ‫حس َ‬ ‫س ‪ ،‬وما أ ْ‬‫م للنف ِ‬ ‫ث ظل ٌ‬ ‫الحدا ِ‬
‫ب‬‫ن أتع ِ‬‫قسط ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ت على ال ِ‬ ‫نزل بالميزان والحياةُ قام ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪40‬‬
‫ن طاوعَ هواه ‪ ،‬واستسلم لعواطِفهِ وميولِته ‪ ،‬حينها‬ ‫سم ْ‬ ‫النا ِ‬
‫م في قلِبه‬ ‫م لديه الزوايا ‪ ،‬وتقو ُ‬ ‫ظل ُ‬‫ث ‪ ،‬وت ِ‬ ‫م عنده الحواد ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫تتض ّ‬
‫ش‬
‫ن ‪ ،‬لنه يعي ُ‬ ‫ل والضغائ ِ‬ ‫ة من الحقادِ والدخائ ِ‬ ‫ك ضارب ٌ‬ ‫معار ُ‬
‫ن الجميع‬ ‫م يتصوُّر أ ّ‬ ‫ت ‪ ،‬حتى إن بعضه ْ‬ ‫في أوهام ٍ وخيال ٍ‬
‫مِلي عليه‬ ‫ن يحبكون مؤامرة ً لبادتهِ ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫ن الخري َ‬ ‫ضد ّهُ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ش في سح ٍ‬ ‫ن الدنيا له بالمرصاد ِ فلذلك يعي ُ‬ ‫سه أ ّ‬ ‫وساو ُ‬
‫ف والهّم ِ والغّم ِ ‪.‬‬ ‫سودٍ من الخو ِ‬
‫سه‬ ‫ص طبعا ً ‪ ،‬ول يمار ُ‬ ‫ف ممنوع ٌ شرعا ً ‪ ،‬رخي ٌ‬ ‫إن الرجا ُ‬
‫ة﴿‬ ‫ئ الرباني ّ ِ‬ ‫س مفلسون من القيم ِ الحي ّةِ والمباد ِ‬ ‫إل ّ أنا ٌ‬
‫و﴾‪.‬‬ ‫عدُ ّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ف ل يكو ُ‬ ‫ك على كرسّيه ‪ ،‬فأكثُر ما يخا ُ‬ ‫س قلبَ َ‬ ‫أجل ِ ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ف وقوعه أن تقد َّر أسوأ الحتمال ِ‬ ‫ل وقوع ما تخا ُ‬ ‫ولك قب ْ َ‬
‫ك على تقّبل هذا السوأ ‪ ،‬حينها تنجو من‬ ‫طن نفس ِ‬ ‫ثم تو ّ‬
‫ث‬ ‫حد َ ُ‬ ‫ن ي ََقعَ ال َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ت الجائرةِ التي تمّزقُ القلب قب َ‬ ‫التكّهنا ِ‬
‫فَي َب َْقى ‪.‬‬
‫خم‬ ‫ه ‪ ،‬ول تض ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ل شيء حج َ‬ ‫طك ّ‬ ‫ه ‪ :‬أع ِ‬ ‫ل الّناب ُ‬ ‫فيا أّيها العاق ُ‬
‫ض في‬ ‫ل والبغ ِ‬ ‫ف والقضايا ‪ ،‬بل اقتصد ْ واعد ْ‬ ‫الحداث والمواق َ‬
‫ونا ً ما ‪ ،‬فعسى أن يكون‬ ‫الحديث ‪ )) :‬أحبب حبيَبك ه ْ‬
‫ونا ً ما ‪ ،‬فعسى‬ ‫ك يوما ً ما ‪ ،‬وأبغض بغيضك ه ْ‬ ‫بغيض َ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ك يوما ً ما (( ﴿ َ‬ ‫أن يكون حبيب َ‬
‫قدِيٌر‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ودّةً َ‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫عادَي ُْتم ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫وب َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن كثيرا ً من التخويفات والراجيف ل حقيقة لها ‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫*********************************‬
‫ن ليس مطلوبا ً شرعا ً ‪ ،‬ول‬‫الحز ُ‬
‫مقصودا ً أصل ً‬
‫ول َ‬
‫هُنوا َ‬‫ول َ ت َ ِ‬
‫ه قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ي عن ُ‬ ‫ن منه ّ‬ ‫فالحز ُ‬
‫م ﴾ في غي ْرِ موضٍع ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حَز ْ‬ ‫حَزُنوا ﴾ ‪ .‬وقوِله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫تَ ْ‬
‫فل َ‬ ‫ي كقوله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫عَنا ﴾ ‪ .‬والمنف ّ‬‫م َ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ن إِ ّ‬ ‫وقوله ‪ ﴿ :‬ل َ ت َ ْ‬
‫حَز ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪41‬‬
‫ن خمود ٌ لجذ ْوَةِ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬فالحز ُ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬
‫َ‬
‫مى‬ ‫ح ّ‬‫س ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫مةِ ‪ ،‬وبرود ٌ في النف ِ‬ ‫همود ٌ لروِح اله ّ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫الطل ِ‬
‫م الحياةِ ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫لج ْ‬ ‫تش ّ‬
‫سّير ‪ ،‬ول مصلحة‬ ‫م َ‬ ‫ف غير ُ‬ ‫موَقّ ٌ‬ ‫وسّر ذلك ‪ :‬أن الحزن ُ‬
‫زن العبد‬ ‫ح ِ‬ ‫ب شيٍء إلى الشيطان ‪ :‬أن ي ُ ْ‬ ‫فيه للقلب ‪ ،‬وأح ّ‬
‫كه ‪ ،‬قال الله تعالى ‪﴿:‬‬ ‫ره ‪ ،‬ويوقفه عن سلو ِ‬ ‫ه عن سي ِ‬ ‫ليقطع ُ‬
‫مُنوا ﴾ ‪.‬‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حُز َ‬ ‫ن ل ِي َ ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫وى ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ث‬ ‫ن منهم دون الثال ِ‬ ‫جى اثنا ِ‬ ‫ي ‪ )) : ‬أن ي ََتنا َ‬ ‫ونهى النب ّ‬
‫ب ول‬ ‫ن غي ُْر مطلو ٍ‬ ‫ن المؤم ِ‬ ‫حْز ُ‬ ‫زُنه (( ‪ .‬و ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫‪ ،‬لن ذلك ي ُ ْ‬
‫ب النفس ‪ ،‬وقد‬ ‫ه من الذى الذي يصي ُ‬ ‫ب فيه لن ّ ُ‬ ‫مرغو ٍ‬
‫ل المشروعةِ ‪.‬‬ ‫ومغالبُته بالوسائ ِ‬
‫ب ‪ ،‬ول مقصودٍ ‪ ،‬ول فيه فائدة ٌ ‪،‬‬ ‫ن ليس بمطلو ٍ‬ ‫فالحز ُ‬
‫م إني أعوذُ بك‬ ‫ي ‪ ‬فقال ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫وقدِ استعاذ منه النب ّ‬
‫ن كان‬ ‫م ‪ ،‬والفْرقُ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن اله ّ‬ ‫ن (( فهو قري ُ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫من اله ّ‬
‫ب عن السيرِ ‪،‬‬ ‫ف للقل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وكلهما مضعِ ٌ‬ ‫حْز َ‬ ‫لما مضى أورثه ال ُ‬
‫مفت ٌّر للعزم ِ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ل سا ّ‬ ‫ش ‪ ،‬وهو مص ٌ‬ ‫ص للعي ِ‬ ‫ن تكديٌر للحياةِ وتنغي ٌ‬ ‫والحز ُ‬
‫للروِح ‪ ،‬يورُثها الفتور والنك ّد َ والحي َْرة ‪ ،‬ويصيُبها بوجوم ٍ قاتم ٍ‬
‫ئ عند‬ ‫ن ‪ ،‬وتنطف ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ‪ ،‬فتهوي عند ال ُ‬ ‫ل أمام الجما ِ‬ ‫متذب ّ ٍ‬
‫س الشؤم والحسرةِ واللم ِ ‪.‬‬ ‫مباهج الحياةِ ‪ ،‬فتحتسي كأ َ‬
‫ل‬ ‫ب الواقِع ‪ ،‬ولهذا يقو ُ‬ ‫ن نزول منزلت ِهِ ضروريٌ بحس ِ‬ ‫ولك ّ‬
‫عّنا‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي أ َذْ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل الجنةِ إذا دخلوها ‪﴿ :‬ال ْ َ‬ ‫أه ُ‬
‫م كان يصيُبهم في الدنيا‬ ‫ل على أنه ْ‬ ‫ن ﴾ فهذا يد ّ‬ ‫حَز َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ر‬
‫ب التي تجري عليهم بغي ِ‬ ‫ن ‪ ،‬كما يصيبُهم سائُر المصائ ِ‬ ‫الحز ُ‬
‫ة ‪ ،‬وليس‬ ‫س فيه حيل ٌ‬ ‫ن وليس للنف ِ‬ ‫حْز ُ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫اختياِرهم ‪ .‬فإذا ح ّ‬
‫ل فهي مأجورة ٌ على ما أصابها ؛ لنه‬ ‫لها في استجلبهِ سبي ٌ‬
‫ة‬
‫ن يدافعه إذا نزل بالدعي ِ‬ ‫ب فعلى العبدِ أ ْ‬ ‫نوْعٌ من المصائ ِ‬
‫ل الحي ّةِ الكفيلةِ بطرِده ‪.‬‬ ‫والوسائ ِ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫و َ‬ ‫ما أت َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫وأما قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫وّلوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه تَ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫م َ‬ ‫مل ُك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫جد ُ َ‬ ‫ت لَ أ ِ‬ ‫قل ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ِت َ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪42‬‬
‫َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫ما‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫حَزنا ً أل ّ ي َ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬
‫ن الدّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عي ُن ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ُين ِ‬
‫ل‬ ‫مدحوا على ما د ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وإنما ُ‬ ‫س الحز ِ‬ ‫م ُيمدحوا على نف ِ‬ ‫فل ْ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ن من قوةِ إيماِنهم ‪ ،‬حيث تخّلفوا عن رسو ِ‬ ‫عليه الحز ُ‬
‫ض بالمنافقين الذين لم‬ ‫قة ففيهِ تعري ٌ‬ ‫زهم عن النف ِ‬ ‫‪ِ ‬لعج ِ‬
‫طوا نفوسهم به ‪.‬‬ ‫يحزنوا على تخّلفهم ‪ ،‬بل غَب َ ُ‬
‫عهِ – وهو ما كان‬ ‫مد َ ب َعْد َ وقو ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫حْزن المحمود إ ْ‬ ‫فإن ال ُ‬
‫ن العبد ِ على‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وت طاعةٍ ‪ ،‬أو وقوع معصيةٍ – فإ ّ‬ ‫سبُبه ف ْ‬
‫ه‬
‫ل على حيات ِ‬ ‫ب موله ‪ :‬دلي ٌ‬ ‫جن ْ ِ‬ ‫تقصيرِهِ مع رّبه وتفريط ِهِ في َ‬
‫ة ‪ ،‬ونورِهِ واهتدائ ِهِ ‪.‬‬ ‫وقُبول ِهِ الهداي َ‬
‫ب‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬ما يصي ُ‬ ‫أما قوُله ‪ ‬في الحدي ِ‬
‫ه به‬ ‫م ول نصب ول حزن ‪ ،‬إل ّ كفر الل ُ‬ ‫المؤمن من ه ّ‬
‫ب‬ ‫ة من اللهِ يصي ُ‬ ‫ل على أنه مصيب ٌ‬ ‫من خطاياه (( ‪ .‬فهذا يد ّ‬
‫م‬ ‫ل على أنه مقا ٌ‬ ‫بها العب ْد َ ‪ ،‬يكّفُر بها من سيئاِته ‪ ،‬ول يد ّ‬
‫ينبغي طلُبه واستيطاُنه ‪ ،‬فليس للعبدِ أن يطلب الحزن‬
‫مَر‬ ‫َ‬
‫ث عليه ‪ ،‬أو أ َ‬ ‫ن الشارعَ ح ّ‬ ‫ه عبادة ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ويستدعّيه ويظ ّ‬
‫ه لعباد ِهِ ‪ ،‬ولو كان هذا صحيحا ً ل ََقط َ َ‬
‫ع‬ ‫شَرعَ ُ‬ ‫ه ‪ ،‬أو َ‬ ‫ضي َ ُ‬‫به ‪ ،‬أو َر ِ‬
‫ح‬ ‫شرِ ٌ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ف وصدُره ُ‬ ‫صَرفََها بالهموم ِ ‪ ،‬كي َ‬ ‫ن‪،‬و َ‬ ‫ه بالحزا ِ‬ ‫‪ ‬حيات َ ُ‬
‫ل السرورِ ؟! ‪.‬‬ ‫ض ‪ ،‬وهو متواص ُ‬ ‫م ‪ ،‬وقلُبه را ٍ‬ ‫ووجُهه باس ٌ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ث هن ْد ِ بن أبي هالة ‪ ،‬في صفةِ النب ّ‬ ‫وأما حدي ُ‬
‫ت ‪ ،‬وفي‬ ‫ث ل يثب ُ ُ‬ ‫ن (( ‪ ،‬فحدي ٌ‬ ‫ل الحزا ِ‬ ‫ه كان متواص َ‬ ‫)) أن ُ‬
‫ف ‪ ،‬وهو خلف واقعِهِ وحال ِهِ ‪. ‬‬ ‫إسنادهِ من ل ُيعَر ُ‬
‫ه عن‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وقد صان َ ُ‬ ‫ل الحزا ِ‬ ‫ن متواص َ‬ ‫وكيف يكو ُ‬
‫ن على الكفارِ ‪،‬‬ ‫ن على الدنيا وأسبابها ‪ ،‬ونهاهُ عن الحز ِ‬ ‫الحز ِ‬
‫ه‬
‫خَر ؟! فمن أين يأتي ِ‬ ‫دم من ذنب ِهِ وما تأ ّ‬ ‫وغ ََفَر له ما تق ّ‬
‫ب‬ ‫ل إلى قلب ِهِ ؟! ومن أي الطرق ينسا ُ‬ ‫ف َيص ُ‬ ‫ن ؟! وكي َ‬ ‫الحز ُ‬
‫ض‬ ‫ن بالستقامةِ ‪ ،‬فّيا ٌ‬ ‫ذكرِ ‪ ،‬رّيا ٌ‬ ‫إلى فؤاد ِهِ ‪ ،‬وهو معموٌر بال ّ‬
‫ن بوعدِ اللهِ ‪ ،‬راض بأحكامه‬ ‫بالهداية الربانيةِ ‪ ،‬مطمئ ّ‬
‫ن ‪ ،‬كما في‬ ‫س ّ‬‫شرِ ‪ ،‬ضحوك ال ّ‬ ‫م الب ِ ْ‬ ‫ن دائ َ‬ ‫ل كا َ‬ ‫وأفعاِله ؟! ب ْ‬
‫ضحوك القّتال (( ‪ ،‬صلوات الله وسلمه عليه ‪.‬‬ ‫صفته )) ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪43‬‬
‫جَلى‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ق حيات ِهِ وا ْ‬ ‫ص في أخبارهِ ودقّقَ في أعما ِ‬ ‫من غا َ‬ ‫و َ‬
‫م‬ ‫ق واله ّ‬ ‫َ‬
‫ض الَقل ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ود ْ‬ ‫ق الباط ِ‬ ‫ف أنه جاَء لزها ِ‬ ‫ه ‪ ،‬عََر َ‬ ‫م ْ‬ ‫أيا َ‬
‫ه‬
‫شب َ ِ‬ ‫س من استعمارِ ال ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وتحريرِ النفو ِ‬ ‫حْز ِ‬ ‫م وال ُ‬ ‫والغ ّ‬
‫ها من‬ ‫ب ‪ ،‬وإنقاذ ِ‬ ‫حي َْرةِ والضطرا ِ‬ ‫ك وال َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫والشكو ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫من َ ٍ‬ ‫شرِ من ِ‬ ‫م له على الب َ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فللهِ ك ْ‬ ‫مهاوي المهال ِ‬
‫ل قلب‬ ‫بك ّ‬ ‫وأما الخبُر المرويّ ‪ )) :‬إن الله يح ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫حت َ ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫من رواه ول نعلم ِ‬ ‫حزين (( فل ُيعرف إسناُده ‪ ،‬ول َ‬
‫ة بخلفِهِ ‪ ،‬والشرعُ‬ ‫ن هذا صحيحا ً ‪ ،‬وقد جاءت المل ّ ُ‬ ‫وكيف يكو ُ‬
‫ب‬ ‫ة من المصائ ِ‬ ‫ن مصيب ٌ‬ ‫ه؟! وعلى تقديرِ صحت ِهِ ‪ :‬فالحز ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫بنْق ِ‬
‫ه‬
‫ه بها ع َب ْد َهُ ‪ ،‬فإذا ابُتلي به العبد ُ فصيَر علي ِ‬ ‫التي يبتلي الل ُ‬
‫ه‬
‫ن وأشادوا ب ِ‬ ‫ب صبَره على بلئ ِهِ ‪ .‬والذين مدحوا الحز َ‬ ‫أح ّ‬
‫ل‬ ‫ونسُبوا إلى الشرِع المر به وتحبيذه ُ ؛ أخطؤوا في ذلك ؛ ب ْ‬
‫ه‬
‫ده ‪ ،‬من الفرِح برحمةِ الل ِ‬ ‫ه ‪ ،‬والمُر بض ّ‬ ‫ي عن ُ‬ ‫ما ورد إل ّ النه ّ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬والسروِر‬ ‫تعالى وبفضلهِ ‪ ،‬وبما أنزل على رسو ِ‬
‫ل من‬ ‫ك الذي ن ََز َ‬ ‫بهدايةِ اللهِ ‪ ،‬والنشراِح بهذا الخيرِ المبار ِ‬
‫ب الولياِء ‪.‬‬ ‫السماِء على قلو ِ‬
‫ب في‬ ‫ص َ‬ ‫ه عبدا ً ن َ َ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫خُر ‪ )) :‬إذا أح ّ‬ ‫وأما الث َُر ال َ‬
‫ل في قلبه‬ ‫ة ‪ ،‬وإذا أبغض عبدا ً جع َ‬ ‫ه نائح ً‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫ي ‪ ،‬قيل ‪ :‬إنه في التوراة ‪ .‬وله‬ ‫مْزمارا ً (( ‪ .‬فأثر إسرائيل ّ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫ن على ذنوبهِ ‪ ،‬والفاجُر ل ٍ‬ ‫ن حزي ٌ‬ ‫ن المؤم َ‬ ‫ح ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫معنى صحي ٌ‬
‫ن‬ ‫ب الصالحي َ‬ ‫سٌر في قلو ِ‬ ‫لك ْ‬ ‫ص َ‬
‫ح ‪ .‬وإذا ح َ‬ ‫م فَرِ ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬مترن ّ ٌ‬ ‫لع ٌ‬
‫صروا فيهِ من بلوِغ‬ ‫ت ‪ ،‬وق ّ‬ ‫ما فات َُهم من الخيرا ِ‬ ‫فإنما هو ل ِ‬
‫ن الُعصاةِ ‪،‬‬ ‫ت ‪ .‬خلف حز ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وارتكبوهُ من السيئا ِ‬ ‫الدرجا ِ‬
‫ت الدنيا وشهواِتها وملّذها ومكاسِبها‬ ‫ه على فو ِ‬ ‫فإن ّ ُ‬
‫م لها ‪ ،‬ومن أجِلها وفي‬ ‫م وحزن ُهُ ْ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ضها ‪ ،‬فه ّ‬ ‫وأغرا ِ‬
‫سبيِلها ‪.‬‬
‫ت‬ ‫ض ْ‬ ‫واب ْي َ ّ‬ ‫وأما قوُله تعالى عن نبي ّهِ إسرائيل ‪َ ﴿ :‬‬
‫((‬ ‫))‬

‫ه‬
‫م ﴾ ‪ :‬فهو إخباٌر عن حال ِ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ه َ‬‫ف ُ‬‫ن َ‬ ‫حْز ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عي َْناهُ ِ‬ ‫َ‬
‫بمصاِبه بفْقدِ ِولد ِهِ وحبيب ِهِ ‪ ،‬وأنه ابتله ُ بذلك كما ابتلهُ‬
‫ل على‬ ‫ه ‪ .‬ومجرد الخبارِ عن الشيِء ل يد ّ‬ ‫ه وبين َ ُ‬ ‫بالتفريق بين َ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪44‬‬
‫ن‬ ‫ث عليه ‪ ،‬بل أمرنا أ ْ‬ ‫ن ه ول على المرِ به ول الح ّ‬ ‫استحسا ِ‬
‫ل‬ ‫م طوي ٌ‬ ‫ة وليل جِاث ٌ‬ ‫ة ثقيل ٌ‬ ‫حاب َ ٌ‬‫س َ‬‫ه َ‬ ‫ن ‪ ،‬فإن ّ ُ‬ ‫نستعيذ َ باللهِ من الحز ِ‬
‫ق السائرِ إلى معالي المور ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وعائقٌ في طري ِ‬
‫ن الدنيا غ َي ُْر محمودٍ ‪،‬‬ ‫حْز َ‬
‫ن ُ‬ ‫ك على أ ّ‬ ‫ب السلو ِ‬ ‫وأجمع أربا ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ل وجهٍ فضيل ٌ‬ ‫ن بك ّ‬ ‫ل ‪ :‬الحز ُ‬ ‫ه قا َ‬ ‫إل أبا عثمان الجبريّ ‪ ،‬فإن ُ‬
‫ه إن‬ ‫ب معصيةٍ ‪ .‬قال ‪ :‬لن ُ‬ ‫ن بسب ِ‬ ‫م يك ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ما ل ْ‬ ‫وزيادة ٌ للمؤم ِ‬
‫ب تمحيصا ً ‪.‬‬ ‫ب تخصيصا ً ‪ ،‬فإنه ُيوج ُ‬ ‫لم ُيوج ْ‬
‫ض‬ ‫ة وبلٌء من اللهِ ‪ ،‬بمنزلةِ المر ِ‬ ‫ه محن ٌ‬ ‫ب أن ُ‬‫ل ‪ :‬ل َري ْ َ‬ ‫فُيقا ُ‬
‫ق ‪ ،‬فل ‪.‬‬ ‫ل الطري ِ‬ ‫ه من منازِ ِ‬ ‫ما أن ُ‬ ‫م وأ ّ‬ ‫م والغَ ّ‬ ‫واله ّ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ح ‪ ،‬وسؤا ِ‬ ‫ك بجلب السرورِ واستدعاِء النشرا ِ‬ ‫فعلي َ‬
‫ة الرضّية ‪ ،‬وصفاَء الخاطرِ ‪ ،‬ورحابة‬ ‫ة والعيش َ‬ ‫الحياةَ الطيب َ‬
‫ن في الدنيا‬ ‫ضهم ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫م عاجلة ‪ ،‬حتى قا َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإنها ِنع ٌ‬ ‫البا ِ‬
‫ة الخرةِ ‪.‬‬ ‫ل جن َ‬ ‫ن لم يدخلها لم يدخ ْ‬ ‫ة‪،‬م ْ‬ ‫جن ً‬
‫ن‪،‬‬ ‫حد َهْ أن يشرح صدوَرنا بنورِ اليقي ِ‬ ‫ل وَ ْ‬‫والله المسؤو ُ‬
‫ة‬
‫ن ينقذنا من حيا ِ‬ ‫ويهدي قلوبنا لصراط ِهِ المستقيم ِ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ك والضي ّ ِ‬ ‫ضن ْ ِ‬‫ال ّ‬
‫********************************‬

‫وقفــة‬
‫ه‬
‫ق ‪ .‬فإن ُ‬ ‫صاد ِ‬‫ك بهذا الدعاِء الحاّر ال ّ‬ ‫ن وإيا َ‬‫ف نح ُ‬ ‫هّيا نهت ْ‬
‫م‬ ‫ه العظي ُ‬ ‫ه إل الل ُ‬ ‫ن ‪ )) :‬ل إل َ‬‫م والحز ِ‬ ‫ب واله ّ‬ ‫ف الك َُر ِ‬
‫ِلكش ِ‬
‫ش العظيم ِ ‪ ،‬ل إله‬ ‫ب العر ِ‬ ‫هر ّ‬ ‫الحليم ‪ ،‬ل إله إل الل ُ‬
‫ش‬‫ب العر ِ‬ ‫ض ور ّ‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ت ور ّ‬ ‫ب السموا ِ‬ ‫هر ّ‬ ‫إل الل ُ‬
‫ت برحمتك‬ ‫م ل إله إل أن َ‬ ‫ي يا قيو ُ‬ ‫الكريم ِ ‪ ،‬يا ح ّ‬
‫ث (( ‪.‬‬
‫أستغي ُ‬
‫ك أرجو ‪ ،‬فل تك ِْلني إلى نفسي‬ ‫م رحمت َ‬ ‫)) الله ّ‬
‫ي كّله ‪ ،‬ل إله إل‬ ‫ح لي شأن َ‬ ‫ن ‪ ،‬وأصل ْ‬ ‫عي ْ ِ‬‫ة َ‬ ‫ف َ‬‫طْر َ‬
‫ت (( ‪.‬‬‫أن َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪45‬‬
‫م‬‫ي القيو َ‬ ‫)) استغفُر الله الذي ل إله إل هو الح ّ‬
‫ب إليه (( ‪.‬‬ ‫وأتو َ‬
‫ت من الظالمين‬ ‫))ل إله إل أنت سبحانك إني كن ُ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ن أمِتك ‪،‬‬ ‫دك ‪ ،‬اب ُ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫ك ‪ ،‬اب ُ‬ ‫م إني عبدُ ً‬ ‫)) الله ّ‬
‫ؤك‬ ‫ي قضا ُ‬ ‫لف ّ‬ ‫ك ‪ ،‬عد ْ ٌ‬ ‫م َ‬‫ي حك ُ‬ ‫ضف ّ‬ ‫دك ‪ ،‬ما ٍ‬ ‫ناصيتي بي ِ‬
‫ميت به نفسك ‪ ،‬أو‬ ‫ل اسم ٍ هو لك س ّ‬ ‫‪ ،‬أسألك بك ّ‬
‫ه أحدا ً من خلقك ‪ ،‬أو‬ ‫ك ‪ ،‬أو عّلمت ُ‬ ‫ه في كتاب َ‬ ‫أنزلت ُ‬
‫ن تجعل‬ ‫ك‪،‬أ ْ‬ ‫ب عند َ‬ ‫استأثرت به في علم ِ الغي ِ‬
‫مي ‪،‬‬ ‫القرآن ربيع قلبي ‪ ،‬ونور صدري ‪ ،‬وذهاب ه ّ‬
‫وجلء حزني (( ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫م والحز ِ‬ ‫م إني أعوذُ بك من اله ّ‬ ‫)) الله ّ‬
‫ن‬ ‫ع الدي ْ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وضل ِ‬ ‫جب ْ ِ‬
‫ل وال ُ‬ ‫خ ِ‬
‫ل ‪ ،‬والب ُ ْ‬‫س ِ‬ ‫جز والك َ َ‬ ‫ع ْ‬
‫وال َ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ة الّرجا ِ‬ ‫وغلب ِ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ه ونعم الوكي ُ‬ ‫)) حسبنا الل ُ‬
‫************************************‬
‫م‬
‫ابتس ْ‬
‫ن ‪ ،‬وله‬ ‫م للحزا ِ‬ ‫م للهموم ِ ومرهَ ٌ‬ ‫س ٌ‬‫ل بل ْ َ‬
‫ك المعتد ُ‬ ‫ح ُ‬‫ض ِ‬
‫ال ّ‬
‫ب ‪ ،‬حتى قال أبو‬ ‫ل القل ْ ِ‬ ‫جذ ِ‬ ‫ة في فرِح الروِح ‪ ،‬و َ‬ ‫قوةٌ عجيب ٌ‬
‫ن إجماما ً‬ ‫ه عنه ‪ : -‬إني لضحك حتى يكو َ‬ ‫الدرداء – رضي الل ُ‬
‫ذه‬‫ك أحيانا ً حتى تبدو نواج ُ‬ ‫م الناس ‪ ‬يضح ُ‬ ‫لقلبي ‪ .‬وكان أكر ُ‬
‫س ودواِئها ‪.‬‬ ‫ك العقلِء البصراِء بداِء النف ِ‬ ‫‪ ،‬وهذا ضح ُ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ة النبسا ِ‬ ‫ة الراحةِ ونهاي ُ‬ ‫م ُ‬‫والضحك ِذروةُ النشراِح وقِ ّ‬
‫ن كثرةَ‬ ‫ف ‪ )) :‬ل ُتكثرِ الضحك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ك بل إسرا ٍ‬ ‫ولكنه ضح ٌ‬
‫سمك في‬ ‫سط ‪ )) :‬وتب ّ‬ ‫ب (( ‪ .‬ولكنه التو ّ‬ ‫ت القل َ‬ ‫ك ُتمي ُ‬ ‫الضح ِ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ول ِ َ‬‫ق ْ‬ ‫من َ‬ ‫حكا ً ّ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬‫ة (( ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وجهِ أخيك صدق ٌ‬
‫ن‬ ‫م َ‬‫مُنوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫فال ْي َ ْ‬ ‫ك‪َ ﴿:‬‬ ‫ل الجنةِ الضح ُ‬ ‫ومن نعيم ِ أه ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض َ‬‫ر يَ ْ‬ ‫فا ِ‬ ‫ال ْك ُ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪46‬‬
‫ن ‪ ،‬وتجعُله دليل ً على‬ ‫س ّ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ح ضحو َ‬ ‫ب تمد ُ‬ ‫ت العر ُ‬ ‫وكان ِ‬
‫ف ‪ ،‬وسخاوةِ الطبِع ‪ ،‬وكرم ِ السجايا ‪،‬‬ ‫س وجودةِ الك ّ‬ ‫سعةِ النف ِ‬
‫ونداوةِ الخاطرِ ‪.‬‬
‫رم (( ‪:‬‬ ‫ل زهيٌر في )) هَ ِ‬ ‫وقا َ‬
‫ه‬‫تراه ُ إذا ما جئت َ ُ‬ ‫ك تعطيهِ الذي‬ ‫كأن َ‬
‫ل في‬ ‫ي على الوسطيةِ متهل ّل ً‬
‫والعتدا ِ‬ ‫هُبن َ‬‫مُ‬ ‫سائل َ‬ ‫السل‬ ‫أنت‬ ‫ن‬
‫ةأ ّ‬ ‫والحقيق ُ‬
‫ف‬ ‫س مخي ٌ‬ ‫ك ‪ ،‬فل عبو ٌ‬ ‫ق والسلو ِ‬ ‫العقائدِ والعبادات والخل ِ‬
‫ة روٍح‬ ‫ة لكنه جد ّ وقوٌر ‪ ،‬وخّف ُ‬ ‫ة مستمرةٌ عابث ٌ‬ ‫م ‪ ،‬ول قهقه ٌ‬ ‫قات ٌ‬
‫واثقةٍ ‪.‬‬
‫يقول أبو تمام ‪:‬‬
‫نفسي فداُء أبي‬ ‫ب‬ ‫ل كوك ُ‬ ‫م ِ‬‫ح المؤ ّ‬ ‫صب ُ‬
‫علي إنه‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫المتأ ّ‬
‫م الجد ّ ّأحيانُا ً‬ ‫ه يج ّ‬ ‫فَك ِ ٌ‬ ‫ش‬
‫ِ‬
‫ل عي ُ‬ ‫ضو ويهز ُ‬ ‫ين ُ‬
‫وقد ْ‬ ‫ل‬
‫من لم يهز ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫مرِ النف ِ‬ ‫ة على تذ ّ‬ ‫ض الوجهِ والعبوس علم ٌ‬ ‫إن انقبا َ‬
‫سَر ﴾ ‪.‬‬ ‫وب َ َ‬ ‫س َ‬ ‫عب َ َ‬ ‫م َ‬‫ن الخاطرِ ‪ ،‬وتعك ّرِ المزاِج ﴿ث ُ ّ‬ ‫وغليا ِ‬
‫ه طْلق « ‪.‬‬ ‫* » ولو أن تلقى أخاك بوج ٍ‬
‫ر « ‪)) :‬ليس‬ ‫ض الخاط ِ‬ ‫ل أحمد أمين في » في ْ ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل هم كذلك‬ ‫م فقط ‪ ،‬ب ْ‬ ‫سه ِ ْ‬‫المبتسمون للحياة أسعد َ حال ً لنف ِ‬
‫ح‬ ‫ل ‪ ،‬وأكثُر احتمال ً للمسؤوليةِ ‪ ،‬وأصل ُ‬ ‫أقدُر على العم ِ‬
‫ن بعظائم ِ الموِر‬ ‫ب ‪ ،‬والتيا ِ‬ ‫لمواجهةِ الشدائدِ ومعالجةِ الصعا ِ‬
‫م وتنفعُ الناس ‪.‬‬ ‫التي تنفعهُ ْ‬
‫س‬‫ب خطيرٍ ‪ ،‬وبين نف ٍ‬ ‫ل كثيرٍ أو منص ٍ‬ ‫ت بين ما ٍ‬ ‫خّير ُ‬ ‫لو ُ‬
‫س ؟!‬ ‫ل مع العبو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فما الما ُ‬ ‫ت الثاني َ‬ ‫راضيةٍ باسمةٍ ‪ ،‬لختر ُ‬
‫ل ما في الحياةِ إذا‬ ‫س ؟! وما ك ّ‬ ‫ض النف ِ‬ ‫ب مع انقبا ِ‬ ‫وما المنص ُ‬
‫ب؟! وما‬ ‫كان صاحُبه ضّيقا ً حرجا ً كأنه عائد ٌ من جنازة حبي ٍ‬
‫ت بيتها جحيما ً ؟! لخيٌر منها –‬ ‫ت وقلب ْ‬ ‫ل الزوجة إذا عبس ْ‬ ‫جما ُ‬
‫ت بيتها‬ ‫ل وجعل ْ‬ ‫ة لم تبلغْ مبلغها في الجما ِ‬ ‫ف مرةٍ – زوج ٌ‬ ‫أل َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫جن ّ ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪47‬‬
‫ة مما يعتري‬ ‫ت منبعث ً‬ ‫ة الظاهرةِ إل إذا كان ْ‬ ‫ة للبسم َ‬ ‫ول قيم َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت باسم ٌ‬ ‫م والغابا ُ‬ ‫س ٌ‬‫ن من شذوذ ‪ ،‬فالزهُر با ِ‬ ‫طبيعة النسا ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫م والطيوُر كّلها باسم ٌ‬ ‫والبحاُر والنهاُر والسماُء والنجو ُ‬
‫ض له من طمٍع وشّر‬ ‫ن بطبعهِ باسما ً لول ما يعر ُ‬ ‫وكان النسا ُ‬
‫ة‬
‫ت الطبيع ِ‬ ‫ه عابسا ً ‪ ،‬فكان بذلك نشازا ً في نغما ِ‬ ‫وأنانيةٍ تجعل ُ ُ‬
‫ت‬ ‫ل هذا ل يرى الجمال من عبس ْ‬ ‫ن اج ِ‬ ‫المنسجعةِ ‪ ،‬وم ْ‬
‫ن يرى‬ ‫ل إنسا ٍ‬ ‫ة من تدّنس قلُبه ‪ ،‬فك ّ‬ ‫سه ‪ ،‬ول يرى الحقيق َ‬ ‫نف ُ‬
‫ل طيبا ً‬ ‫عثه ‪ ،‬فإذا كان العم ُ‬ ‫ره وبوا ِ‬ ‫مله وفك ْ ِ‬ ‫الدنيا من خلل ع ِ‬
‫ث طاهرة ً ‪ ،‬كان منظاُره الذي يرى به‬ ‫والفكُر نظيفا ً والبواع ُ‬
‫ش‬ ‫ت ‪ ،‬وإل ّ تغب ّ َ‬ ‫خلق ْ‬ ‫ة كما ُ‬ ‫الدنيا نقيا ً ‪ ،‬فرأى الدنيا جميل ً‬
‫ل شيء أسود مغبشًا‪.‬‬ ‫جه ‪ ،‬فرأى ك ّ‬ ‫منظاُره‪ ،‬واسود ّ زجا ُ‬
‫ل شيء شقًاء ‪،‬‬ ‫س تستطيعُ أن تصنع من ك ّ‬ ‫هناك نفو ٌ‬
‫ل شيٍء سعادةً ‪ ،‬هناك‬ ‫س تستطيع أن تصنع من ك ّ‬ ‫ونفو ٌ‬
‫م أسود ُ ‪،‬‬ ‫ت ل تقعُ عيُنها إل على الخطأ ‪ ،‬فاليو ُ‬ ‫المرأةُ في البي ِ‬
‫سر ‪ ،‬ولن نوعا ً من الطعام ِ زاد الطاهي في‬ ‫ن طبقا ً ك ُ ِ‬ ‫ل ّ‬
‫ق في الحجرةِ ‪،‬‬ ‫ت على قطعةٍ من الور ِ‬ ‫حه ‪ ،‬أو لنها عثر ْ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ِ‬
‫ت ‪ ،‬وإذا‬ ‫ن في البي ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫ب إلى ك ّ‬ ‫دى السبا ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ويتع ّ‬ ‫ج وتس ّ‬ ‫فتهي ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫سه وعلى َ‬ ‫ص على نف ِ‬ ‫ل ينغّ ُ‬ ‫ة من نارِ ‪ ،‬وهناك رج ٌ‬ ‫هو شعل ٌ‬
‫ل‬ ‫ن عم ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫من كلمةٍ يسمُعها أو يؤّولها تأويل ً سّيئا ً ‪ ،‬أو ِ‬ ‫حوله ‪ِ ،‬‬
‫ح‬ ‫ن رِب ْ ٍ‬ ‫سره ُ ‪ ،‬أو م ْ‬ ‫ث منه ‪ ،‬أو من رِب ٍْح خ ِ‬ ‫ث له ‪ ،‬أو حد َ‬ ‫تافِهٍ حد َ‬
‫ث ‪ ،‬أو نحو ذلك ‪ ،‬فإذا الدنيا كّلها سوداُء‬ ‫كان ينتظُره فلم يحد ُ‬
‫م‬ ‫ن حوله ‪ .‬هؤلء عنده ْ‬ ‫ره ‪ ،‬ثم هو يسوُّدها على م ْ‬ ‫في نظ ِ‬
‫ة‪،‬‬ ‫قدرةٌ على المبالغةِ في الشّر ‪ ،‬فيجعلون من الحب ّةِ قُب ّ ً‬
‫م قدرةٌ على الخيرِ ‪ ،‬فل‬ ‫ومن البذرةِ شجرةً ‪ ،‬وليس عنده ْ‬
‫يفرحون بما ُأوتوا ولو كثيرا ً ‪ ،‬ول ينعمون بما نالوا ولو عظيما ً‬
‫‪.‬‬
‫جد ّ في‬ ‫ن أن ي َ ِ‬ ‫م ‪ ،‬ولخيٌر للنسا ِ‬ ‫ن ي َُتعل ّ ُ‬‫ن ‪ ،‬وف ّ‬ ‫الحياة ُ ف ّ‬
‫ب في حياتهِ ‪ ،‬من أن يجد ّ في‬ ‫ح ّ‬ ‫ن وال ُ‬ ‫وضِع الزهارِ والرياحي ِ‬
‫ت‬ ‫جه ْ‬ ‫ل في جيبهِ أو في مصرِفه ‪ .‬ما الحياة ُ إذا وُ ّ‬ ‫س الما ِ‬ ‫تكدي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪48‬‬
‫ه أيّ جهد ٍ لترقيةِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ل ‪ ،‬ولم ُيو ّ‬ ‫ل الجهودِ فيها لجمِع الما ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ل ؟!‬ ‫ب فيها والجما ِ‬ ‫جانب الرحمةِ والح ّ‬
‫ج الحياةِ ‪ ،‬وإنما‬ ‫م لمباه ِ‬ ‫س ل يفتحون أعينهُ ْ‬ ‫أكثُر النا ِ‬
‫يفتحونها للدرهم ِ والدينارِ ‪ ،‬يمّرون على الحديقةِ الغّناِء ‪،‬‬
‫ق ‪ ،‬والطيورِ المغّردةِ ‪ ،‬فل‬ ‫والزهارِ الجميلةِ ‪ ،‬والماِء المتدفّ ِ‬
‫ج ‪ .‬قد ْ كان‬ ‫ل ودينارٍ يخر ُ‬ ‫يأبهون لها ‪ ،‬وإنما يأبهون لدينارٍ يدخ ُ‬
‫ة للعيشةِ السعيدةِ ‪ ،‬فقلبوا الوضع وباعوا‬ ‫الديناُر وسيل ً‬
‫ن‬ ‫ت فينا العيو ُ‬ ‫كب ْ‬ ‫ل الدينارِ ‪ ،‬وقد ُر ّ‬ ‫العيشة السعيدة من أج ِ‬
‫ودناها أل تنظر إل ّ إلى الدينارِ ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬فع ّ‬ ‫لنظرِ الجما ِ‬
‫ن أردت‬ ‫س ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫س النفس والوجه كاليأ ِ‬ ‫ليس يعب ّ ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫ة لك وللنا ِ‬ ‫م فحارب اليأس ‪ .‬إن الفرصة سانح ً‬ ‫البتسا ُ‬
‫س ‪ ،‬فعوّد ْ عقلك تفّتح المل ‪،‬‬ ‫ح باُبه لك وللنا ِ‬ ‫ح مفتو ٌ‬ ‫والنجا ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫وتوّقع الخيرِ في المستقب ِ‬
‫م تبلغْ في‬ ‫إذا اعتقدت أنك مخلوقٌ للصغيرِ من المورِ ل ْ‬
‫الحياةِ إل الصغير ‪ ،‬وإذا اعتقدت أنك مخلوقٌ لعظائم ِ الموِر‬
‫مةٍ تكسُر الحدود والحواجز ‪ ،‬وتنفذ ُ منها إلى‬ ‫شعرت به ّ‬
‫ث‬ ‫صداقُ ذلك حاد ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ض السمى ‪ ،‬و ِ‬ ‫الساحةِ الفسيحةِ والغر ِ‬
‫ن دخل مسابقة مائةِ مترٍ شعر‬ ‫في الحياةِ الماديةِ ‪ ،‬فم ْ‬
‫م‬ ‫ب إذا هو قطعها ‪ ،‬ومن دخل مسابقة أربعمائ ِةِ مترٍ ل ْ‬ ‫بالتع ِ‬
‫س تعطيك من‬ ‫ن ‪ .‬فالنف ُ‬ ‫ب من المائةِ والمائتي ِ‬ ‫يشعْر بالتع ِ‬
‫ن ساميا ً‬ ‫ض ‪ .‬حد ّد ْ غرضك ‪ ،‬وليك ْ‬ ‫مةِ بقدرِ ما تحد ّد ُ من الغر ِ‬ ‫اله ّ‬
‫ل يوم ٍ‬ ‫ن ل عليك في ذلك ما دمت ك ّ‬ ‫ل ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫صْعب المنا ِ‬
‫سها ويجعُلها‬ ‫تخطو إليه خطوا ً جديدا ً ‪ .‬إنما يصد ّ النفس ويعب ّ َ‬
‫ة‬‫ة السيئ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والعيش ُ‬ ‫ن الم ِ‬ ‫س وفقدا ُ‬ ‫ن مظلم ٍ ‪ :‬اليأ ُ‬ ‫في سج ٍ‬
‫ق‬ ‫س ‪ ،‬والتشد ّ ِ‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ث عن معاي ِ‬ ‫برؤيةِ الشرورِ ‪ ،‬والبح ِ‬
‫ت العالم ِ ل غير ‪.‬‬ ‫ث عن سيئا ِ‬ ‫بالحدي ِ‬
‫ب‬ ‫مَر ّ‬ ‫ن في شيء كما ُيوفّقُ إلى ُ‬ ‫وليس ُيوفّقُ النسا ُ‬
‫ودهُ‬ ‫سعُ أفقه ‪ ،‬ويع ّ‬ ‫ل بينها ويو ّ‬ ‫مي ملكاتهِ الطبيعيةِ ‪ ،‬ويعاد ُ‬ ‫ين ّ‬
‫ه‬
‫ض يسعى إلي ِ‬ ‫خي َْر غر ٍ‬ ‫ه أن َ‬ ‫ة الصدرِ ‪ ،‬ويعّلم ُ‬ ‫سع َ‬ ‫ةو َ‬ ‫السماح َ‬
‫ن تكون‬ ‫ن مصدَر خيرٍ للناس بقدرِ ما يستطيعُ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫أن يكو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪49‬‬
‫ن يكون قلُبه‬ ‫ب والخيرِ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ة للضوِء والح ّ‬ ‫سه شمسا ً مشعّ ً‬ ‫نف ُ‬
‫ل الخيرِ لكّلمن‬ ‫مملوءا ً عطفا ً وبرا ً وإنسانية ‪ ،‬وحبا ً ليصا ٍ‬
‫اتصل به ‪.‬‬
‫ب عليها ‪،‬‬ ‫ذها التغل ّ ُ‬ ‫ب فيل ّ‬ ‫ة ترى الصعا َ‬ ‫س الباسم ُ‬ ‫النف ُ‬
‫م‪،‬‬ ‫ب عليها فتبس ْ‬ ‫م ‪ ،‬وتتغل ْ‬ ‫سم ‪ ،‬وتعالجها فتبس ْ‬ ‫تنظُرها فتب ّ‬
‫ة ل ترى صعابا ً فتخلفها ‪ ،‬وإذا رأْتها أكبرْتها‬ ‫س العابس ُ‬ ‫والنف ُ‬
‫ن ‪ .‬وما الدهُر الذي‬ ‫ت بلو وإذا وإ ْ‬ ‫متها وتعّلل ْ‬ ‫ته ّ‬ ‫واستصغر ْ‬
‫جه وتربيُته ‪ ،‬إنه يؤد ّ النجاح في الحياةِ ول يريد ُ‬ ‫يلعُنه إل مزا ُ‬
‫ل طريق أسدا ً رابضا ً ‪ ،‬إنه‬ ‫ه ‪ ،‬إنه يرى في ك ّ‬ ‫من َ ُ‬‫أن يدفع ث َ‬
‫ض عن ك َن ْزٍ ‪.‬‬ ‫ينتظُر حتى تمطَر السماُء ذهبا ً أو تنشقّ الر ُ‬
‫ب‬ ‫صعْ ٌ‬ ‫ل شيٍء َ‬ ‫ة ‪ ،‬فك ّ‬ ‫ب في الحياةِ أموٌر نسبي ٌ‬ ‫إن الصعا َ‬
‫ة عند‬ ‫س الصغيرةِ جدا ً ‪ ،‬ول صعوبة عظيم ً‬ ‫جدا عند النف ِ‬
‫ً‬
‫ة‬ ‫ة تزداد عظم ً‬ ‫س العظيم ُ‬ ‫س العظيمةِ ‪ ،‬وبينما النف ُ‬ ‫النف ِ‬
‫ب إذا بالنفوس الهزيلةِ تزداد ُ سقما ً بالفراِر‬ ‫صعا ِ‬ ‫بمغالبةِ ال ّ‬
‫ه‬ ‫ب العقورِ ‪ ،‬إذا رآك خفت من ُ‬ ‫ب كالكل ِ‬ ‫منها ‪ ،‬وإنما الصعا ُ‬
‫ك وعدا وراءك ‪ ،‬وإذا رءاك تهزأ ُ به ول تعيره‬ ‫ح َ‬ ‫ت ‪ ،‬ن َب َ َ‬ ‫وجري ْ َ‬
‫اهتماما ً وتبرقُ له عينك ‪ ،‬أفسح الطريق لك ‪ ،‬وانكمش في‬
‫ده منك ‪.‬‬ ‫جل ِ‬
‫ر‬
‫صغَ ِ‬ ‫ضعَِتها و ِ‬ ‫س من شعوِرها ب َ‬ ‫ل للنف ِ‬ ‫م ل شيء أقت ُ‬ ‫ث ّ‬
‫م‬ ‫ل عظي ٌ‬ ‫ن أن يصدر عنها عم ٌ‬ ‫شأِنها وقل ّةِ قيمتِها ‪ ،‬وأنها ل يمك ُ‬
‫ضعةِ ُيفِقد ُ النسان‬ ‫‪ ،‬ول ُينتظُر منها خيٌر كبيٌر ‪ .‬هذا الشعوُر بال ّ‬
‫ل ارتاب‬ ‫سه واليمان بقوِتها ‪ ،‬فإذا أقدم على عم ٍ‬ ‫الثقة بنف ِ‬
‫ل فيهِ ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫حه ‪ ،‬وعالجه بفتورٍ فف ِ‬ ‫ن نجا ِ‬ ‫في مقدرِته وفي إمكا ِ‬
‫ة كبرى عليها عماد ُ النجاِح في الحياةِ ‪،‬‬ ‫ة بالنفس فضيل ٌ‬ ‫الثق ُ‬
‫ن‬ ‫ة ‪ ،‬والفرقُ بينهما أ ّ‬ ‫وشّتان بينها وبين الغرورِ الذي ُيعد ّ رذيل ً‬
‫ف‪،‬‬ ‫ل وعلى الك ِب ْرِ الزائ ِ‬ ‫س على الخيا ِ‬ ‫الغرور اعتماد ُ النف ِ‬
‫ة‬
‫ل المسؤولي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ة بالنفس اعتماُدها على مقدرِتها على تح ّ‬ ‫والثق ُ‬
‫ن استعداِدها (( ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وعلى تقويةِ ملكاِتها وتحسي ِ‬
‫يقول إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫ة!‬ ‫ل ‪ » :‬السماُء كئيب ٌ‬ ‫قا َ‬ ‫م يكفي‬ ‫ت‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬
‫« وتجّهما‬ ‫م في السما !‬ ‫التجهّ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪50‬‬
‫ت‬ ‫صبا وّلى ! فقل ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف الصّبا‬ ‫لن ُيرجعَ الس ُ‬
‫م‬
‫سمائي‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫هْ‬
‫ل ‪ :‬التي كانل ُ‬ ‫قا ً‬ ‫لنفسيرما !‬
‫في‬ ‫ت المتص ّ‬ ‫صار ْ‬
‫الهوى‬
‫عهودي بعدما‬ ‫في‬ ‫ت‬
‫خان ْ‬ ‫أن‬ ‫قُّنما‬ ‫أطيجه‬ ‫الغرا ُم ِ‬
‫قلبي ‪ ،‬فكيف‬
‫ب‬ ‫واطرتها ْ‬ ‫م مّلك ُ‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬ ‫سما ّ!‬
‫ما‬ ‫متأل‬ ‫أتب ّ‬ ‫ك كّله‬ ‫ت عمر َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ق ّ‬
‫تهاٍع‬ ‫فيقارن ْ َ‬
‫صرا‬ ‫ل ‪ :‬الّتجارةُفلوْ‬ ‫قا َ‬ ‫ه!‬ ‫ل المسافرِ كاد يقتل ُ‬ ‫مث ُ‬
‫ل‬ ‫سلولةٍ هائ‬ ‫ظما‬ ‫لدم ‪ ،‬وتنُفث كلماال ّ‬
‫محتاجةٍ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫غاد‬ ‫أو‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫لهث‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫م ‪ ،‬ما أنت‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬ ‫ابتسمت‬ ‫ما !‬ ‫شفائها ‪ ،‬فإذا د َ َ‬ ‫و ِ‬
‫دائها‪،‬‬ ‫مجرما ً‬ ‫ب‬‫جال َ‬ ‫ن غيُرك‬ ‫أيكو ُ‬ ‫‪..‬‬
‫صرت‬ ‫ل كأنك أنتفرّبما‬ ‫وج ٍ‬
‫َُ‬
‫ت‬ ‫في ْ‬ ‫ت عل‬ ‫حولي ُ‬ ‫قال ‪ :‬الِعدى وتبي‬ ‫في‬ ‫جرما ؟‬ ‫حولي‬ ‫م ْ‬ ‫سّر والعداُءال ُ‬ ‫أأ َ‬
‫م‬ ‫مت ُهُ ْ‬ ‫صيحا ْ‬ ‫مىأج؟ ّ‬ ‫ح َْ‬ ‫منهِ‬ ‫ن ال‬
‫لم‬ ‫ت ‪ :‬ابتس‬ ‫قل ُ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫لو لم ت َك ُ ْ‬
‫ت‬ ‫مْ‬ ‫بد ْ‬ ‫مه‬ ‫بذ ّ‬ ‫يطلبوك قد‬ ‫م‬ ‫قال ‪ :‬المواس ُ‬ ‫وأعظما !‬
‫في‬ ‫ت لي‬ ‫وتعّرض ْ‬
‫ض‬ ‫مها ٌ‬ ‫فر ُ‬ ‫أعل‬ ‫ب‬‫ي للحبا ِ‬ ‫وعل ّ‬ ‫ك‬ ‫دمى ُ‬ ‫وال ّتمل‬ ‫س َ‬
‫س‬ ‫لي‬
‫في ِ‬ ‫الملب‬
‫نك ّ‬‫لك ّ‬
‫م‬
‫نك‬ ‫لز ٌ‬ ‫م يكفيك أ ّ‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬ ‫درهما ِ‬
‫ة‬ ‫ت من الحب ّ‬ ‫حيا ً ‪ ،‬ولس َ‬
‫لم تز ْ‬
‫ل‬ ‫ن!‬
‫رعتني‬ ‫قال ‪ :‬الليالي ج ّ‬ ‫معدما ْ‬ ‫م ُ ‪ ،‬ولئ‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬
‫علقما ً‬ ‫العلقما‬
‫جانبا ً وترّنما‬ ‫ت‬
‫الكآبةّرع َ‬ ‫ج‬
‫رآك‬ ‫ك إن‬ ‫ل غير َ‬ ‫فلع ّ‬ ‫ُ‬ ‫ط ََر َ‬
‫ح‬
‫نما ً‬ ‫أُتراك تغن ُ مر‬
‫م بالتب ّّر ِ‬
‫م‬ ‫ة‬
‫أم أنت تخسُر بالبشاش ِ‬
‫درهما ً‬
‫على‬ ‫يا صاِح ل خطٌر‬ ‫ن‬ ‫مغنما أ؟ ْ‬ ‫تتثّلما ‪ ،‬والوجهِ‬
‫يتح ّ‬
‫ب‬ ‫نَ‬ ‫ش أهْ ْ‬ ‫شفتيك ّ‬ ‫ن ال‬ ‫ك فإ ّ‬ ‫فاضح ْ‬ ‫ب‬ ‫طما ّ‬ ‫نح‬ ‫م ‪ ،‬ولذا‬ ‫جى متلط ِ ٌ‬
‫ك والد‬ ‫ةُ‬ ‫قال ‪ :‬تضح‬
‫ليسّ‬ ‫البشاش ُ‬ ‫ب‬ ‫ويذه ! ُ‬
‫جما‬ ‫الن ُ‬ ‫يأتي إلى الدنيا‬
‫مادام كائنا ً‬ ‫قلت ‪ :‬ابتسم ُتسعِد ُ‬ ‫مبعْرد ُ َ ل‬
‫بينك‬ ‫ن‬ ‫غما ْ‬ ‫شبٌر ‪ ،‬فإّنك ُ‬
‫دى ّ‬
‫صد ِْر‬ ‫والر ّال‬ ‫ح‬ ‫البسمةِ وطلقةِ الوجهِ ‪ ،‬وانشرا ِ‬
‫سما‬ ‫ما أحوجنا إلى تتب ّ‬
‫ن الله‬ ‫ب ‪)) ،‬إ ّ‬ ‫ن الجان ِ‬ ‫وأريحي ّةِ ال ُ ُ‬
‫ف الروِح ولي ِ‬ ‫ق ‪ ،‬ولط ِ‬ ‫خل ِ‬
‫د‬‫ي تواضعوا ‪ ،‬حتى ل يبغي أحدٌ على أح ٍ‬ ‫أوحى إل ّ‬
‫د (( ‪.‬‬ ‫ول يفخر أحدٌ على أح ٍ‬
‫******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪51‬‬
‫وقفــــة‬
‫شيئا ‪،‬‬‫ً‬ ‫فَع َ‬
‫ك‬ ‫بت الحزن بالمسِ فما َن َ‬ ‫ل تحزنْ ‪ :‬لنك جرّ َ‬
‫ح؟! مات والدُك فحزنت فهل‬ ‫ج َ‬ ‫ابنك فحزنتَ ‪ ،‬فهل َن َ‬ ‫ب ُ‬ ‫س َ‬‫َر َ‬
‫عاد حيّ َا ؟! خسِرت تجارتُك فحزنت‪ ،‬فهل عادتْ الخسائر‬ ‫َ‬
‫أرباحا؟!‬ ‫ً‬
‫مصائب ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ل تحزنْ ‪ :‬لنك حزنت من المصيبةِ فصارتْ‬
‫كداً ‪ ،‬وحزنتَ من كلم أعدائك‬ ‫ت نَ َ‬ ‫دد َ‬ ‫وحزنت من الفقرِ فازْ ْ‬ ‫َ‬
‫توقع مكروهٍ فما وقع ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فأعنتهمْ عليك ‪ ،‬وحزنْت من‬
‫زن دارٌ واسعةٌ ‪ ،‬ول‬ ‫لن ينفعك مع الحُ ْ‬ ‫فإنه ْ‬ ‫ُ‬ ‫تحزن ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫سام ‪ ،‬ول أولد‬ ‫ٍ‬ ‫حسناء ‪ ،‬ول مالٌ وفيرٌ ‪ ،‬ول منصبٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫زوجة‬
‫ُنجباءُ ‪.‬‬
‫علقما ً ‪،‬‬ ‫ن ُيريك الماءَ الزللَ ْ‬ ‫الحزْ َ‬ ‫ُ‬ ‫لن‬
‫ّ‬ ‫ل تحزنْ ‪:‬‬
‫صحراء قاحلةً ‪ ،‬والحياة سجناً ل‬ ‫َ‬ ‫ظَلةً ‪ ،‬والحديقةَ‬ ‫حنْ َ‬
‫والوردة َ‬
‫َ‬
‫طاق ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُي‬
‫وشفتان ويدان‬ ‫ِ‬ ‫وأذنان‬
‫ِ‬ ‫ل تحزنْ ‪ :‬وأنت عندك عينانِ‬
‫البدان ‪﴿ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وأمان وعافيةٌ في‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وأمن‬ ‫وجَن ٌ‬
‫ان‬ ‫ورجلن ولسانٌ ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫ما ت ُك َذَّبا ِ‬ ‫ي آَلء َرب ّك ُ َ‬ ‫فب ِأ ّ‬
‫تأكله‬
‫ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وخبزٌ‬ ‫ه ‪ ،‬وبيتٌ تسكُنُ ُ‬ ‫د ُ‬‫ق ُ‬ ‫ل تحزنْ ‪ :‬ولك دينٌ َتعَْت ِ‬
‫وزوجة تأوي إليها ‪ ،‬فلماذا‬ ‫ٌ‬ ‫سهُ ‪،‬‬ ‫وثوب تَْلبَ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تشربهُ ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وماءٌ‬
‫تحزن ؟!‬ ‫ْ‬
‫**********************************‬
‫نعمة اللم‬
‫أبدا ‪ ،‬فقدْ يكون‬ ‫ً‬ ‫اللم ليس مذموماً دائماً ‪ ،‬ول مكروها ً‬ ‫ُ‬
‫م‪.‬‬‫أن يتأَّل َ‬
‫للعبد ْ‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫خيرا‬
‫إنّ الدعاء الحاّر يأتي مع اللمِ ‪ ،‬والتسبيحَ الصادق‬
‫ن التحصيلِ وحمْله لعباء‬ ‫م َ‬
‫م ‪ ،‬وتألّم الطالبِ َز َ‬ ‫الل َ‬
‫يصاحبُ َ‬
‫ذا ‪ ،‬لنهُ احترق في البدايةِ فأشرق‬ ‫جْهبَ ً‬
‫ثمر عالماً َ‬
‫الطلب يُ ُ‬
‫ِ‬
‫أدبا مؤثرا‬‫ً‬ ‫ومعاناته لما يقولُ ُتنتجُ‬
‫ُ‬ ‫وتألم الشاعرِ‬
‫ّ‬ ‫في النهايةِ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪52‬‬
‫والدم فهز‬ ‫ِ‬ ‫با ‪ ،‬لنه انقدحَ مع اللمِ من القلبِ والعصبِ‬ ‫خل ً‬
‫ّ‬
‫تاجا حيّا‬ ‫ً‬ ‫ك الفئدةَ ‪ .‬ومعاناة الكاتبِ ُتخرجُ ِن‬ ‫وحر َ‬ ‫ّ‬ ‫المشاعرَ‬
‫والذكريات ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والصور‬ ‫بالعبرِ‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يمور‬ ‫جذّ ً‬
‫ابا‬
‫ذعه‬‫والراحة ولم تلْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫الدعةِ‬ ‫حياة ّ‬ ‫َ‬ ‫الطالب الذي عاشَ‬ ‫َ‬ ‫إنّ‬
‫ات ‪ ،‬إنّ هذا الطالبَ يبقى كسول‬ ‫م ُ‬ ‫الملِ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ولم تكْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ات ‪،‬‬ ‫م ُ‬ ‫الَز َ‬
‫َ‬
‫ل فاتراً ‪.‬‬ ‫مترهّ ً‬
‫ذاق المر ول تجرّع‬ ‫َ‬ ‫وإن الشاعر الذي ما عرفَ اللمَ ول‬ ‫ّ‬
‫وكتلً من‬ ‫كاما من رخيصِ الحديثِ ‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ص ‪ ،‬تبقى قصائدهُ ُر‬ ‫ص َ‬ ‫الغ َ‬‫ُ‬
‫ج من‬ ‫لسانهِ ولم تخرُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫خرجتْ من‬ ‫َ‬ ‫قصائد ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫زبدِ القولِ ‪ ،‬لنّ‬
‫حهُ ‪.‬‬ ‫وجوان ُ‬ ‫ِ‬ ‫يعشْها قلبُه‬ ‫ه ‪ ،‬وتلفّظ بها فهمه ولم ِ‬ ‫وجدانِ ِ‬
‫حياة المؤمنين الوّلين‬ ‫ُ‬ ‫المثلة وأرفعُ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وأسمى من هذهِ‬
‫وبداية البَْعثِ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الملةِ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ول َ‬
‫د‬ ‫الرسالة ومَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذين عاشوا فجْ َ‬
‫ر‬
‫لما‬
‫ع ْ‬ ‫وأعمقُ ِ‬ ‫ْ‬ ‫لهجةً ‪،‬‬ ‫إيمانا ‪ ،‬وأبرّ قلوباً ‪ ،‬وأصدقُ ْ‬ ‫ً‬ ‫فإنهم أعظمُ‬ ‫ُ‬
‫ر والتشريدِ ‪،‬‬ ‫ق ِ‬ ‫والمعاناة ‪ :‬ألمَ الجوع والفَ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬لنهم عاشوا الََل َ‬
‫م‬
‫جر‬ ‫المألوفات ‪ ،‬وهَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫والذى والطردِ والبعادِ‪ ،‬وفراقَ‬
‫والتعذيب ‪ ،‬فكانوا بحق‬ ‫ِ‬ ‫الجراح ‪ ،‬والقتلِ‬ ‫ِ‬ ‫المرغوباتِ ‪ ،‬وألمَ‬
‫اة ‪ ،‬آياتٍ في الطهرِ ‪،‬‬ ‫جَتبَ َ‬ ‫الم ْ‬ ‫الصفوة الصافيةَ ‪ ،‬والثل ّةَ ُ‬
‫م لَ‬ ‫وأعلماً في النبل ‪ ،‬ورموزاً في التضحية ‪ ﴿ ،‬ذَل ِ َ َ‬
‫ه ْ‬ ‫ك ب ِأن ّ ُ‬
‫يصيبهم ظَمأ ٌ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ِ ِ‬ ‫بي‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ٌ‬ ‫ص‬‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ُ ِ ُ ُ ْ‬
‫و‬‫عدُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َ ي ََناُلو َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫ظ ال ْك ُ ّ‬ ‫غي ُ‬ ‫طئا ً ي َ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫ول َ ي َطَ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جَر‬ ‫عأ ْ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ح إِ ّ‬ ‫صال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫هم ب ِ ِ‬ ‫بل ُ‬ ‫ن ّي ْل ً إ ِل ّ كت ِ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ‪ ،‬لنهم‬ ‫نتاجَُه ْ‬ ‫قدموا أروعَ ِ‬ ‫وفي عالم الدنيا أناسٌ ّ‬
‫مى فأنشدَ رائعته ‪:‬‬ ‫تألموا ‪ ،‬فالمتنبي وعَكَْته الحُ ّ‬ ‫ّ‬
‫وزائرتي كأنّ بها‬ ‫تزور إلّ في‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فليس‬
‫حياءم للناس ‪:‬‬ ‫المنذر بالقتلِ ‪ ،‬فقدّ َ‬ ‫ِ‬ ‫الظلمبنُ‬ ‫ُ‬ ‫النعمان‬ ‫ة خوَّفهُ‬ ‫والنابغ ُ‬
‫فإنك شمس‬ ‫َ‬ ‫إذا طلعتْ لم يبْ ُ‬
‫د‬
‫تألموا ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لنهم‬ ‫كواكبٌ‬ ‫الحياةَ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والملوك‬ ‫روا‬ ‫وكثيرٌ أولئك الذين أَْث َ‬ ‫منهنّ كَوكبُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪53‬‬
‫ف من المعاناةِ ‪ ،‬فربما‬ ‫خ َ‬ ‫إذنْ فل تجزعْ من اللم ول تَ َ‬
‫تعش مشبوب‬ ‫ْ‬ ‫كانت قوةً لك ومتاعاً إلى حين ‪ ،‬فإنكَ ْ‬
‫إن‬ ‫ْ‬
‫أرق وأصفى من أن‬ ‫ّ‬ ‫النفس ؛‬ ‫ِ‬ ‫وى ملذوعَ‬ ‫الج َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫محروق‬ ‫الفؤادِ‬
‫كن‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫س‪َ ﴿،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫الن ْ‬
‫ة خامدَ ّ‬ ‫م ِ‬‫اله ّ‬
‫فاتر ِ‬ ‫َ‬ ‫بارد المشاعرِ‬ ‫َ‬ ‫تعيشَ‬
‫ع‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فث َب ّطَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عاث َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ه انب ِ َ‬ ‫رهَ الل ّ ُ‬ ‫كَ ِ‬
‫ن﴾‬ ‫دي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫المعاناة والسى وألمَ الفراق‬ ‫َ‬ ‫ذكرتُ بهذا شاعراً عاش‬
‫سنِ ‪ ،‬ذائعة‬ ‫الح ْ‬ ‫ُ‬ ‫قصيدة بديعةِ‬ ‫ٍ‬ ‫أنفاسه الخيرةَ في‬ ‫َ‬ ‫وهو يلفظُ‬
‫الريب ‪،‬‬ ‫هرة بعيدةٍ عن التكلّف والتزويق ‪ :‬إنه مالك بن ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫الش‬
‫َيرثي نفسه ‪:‬‬
‫للة‬ ‫ت الضّ َ‬ ‫م َترَني ِبعْ ُ‬ ‫َأَل ْ‬ ‫ابن‬
‫ِ‬ ‫وأصبحتُ في جيش‬
‫ى‬
‫دك‬ ‫بالهُر َ‬
‫فلله دَّري يومَ ُأْت‬ ‫ِ‬ ‫بأعلى الرقمتيْن‬ ‫غازيَا‬ ‫انَبنِ ّ‬
‫ي‬ ‫عف َ‬ ‫ّ‬
‫طائعادنا‬
‫ي رحلي ً‬ ‫فيا صاحِبَ ْ‬ ‫وماليا‬
‫إني مقيمٌ لياليا‬ ‫برابية ّ‬
‫ٍ‬
‫فانزل‬
‫أو بَْعض‬ ‫الموتُ ْ‬ ‫َ‬ ‫اليوم‬ ‫أقيما عليّ‬ ‫ول ُتعجِلني قد تبيّن ما‬
‫طا بأطرافِ ليلة‬
‫السنة‬ ‫وخ ً‬ ‫ُ‬ ‫بيا‬
‫فضل‬ ‫ورّدا على عَيَْن ّ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫مضجعي‬
‫الله‬ ‫ول تحسُداني بارَك‬ ‫ردائيا‬
‫العرْض‬ ‫من الرضِ ذاتِ َ‬ ‫ِ‬
‫فيكما‬ ‫وسعَا ليا‬ ‫أن تُ ِ‬ ‫ْ‬
‫ج ‪ ،‬والعويلِ الثاكل ‪،‬‬ ‫المتهد ِ‬
‫ّ‬ ‫ذاك الصوتِ‬ ‫َ‬ ‫إلى آخرِ‬
‫قلب هذا الشاعر‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫من‬ ‫ثارت حمماً‬ ‫ْ‬ ‫والصرخةِ المفجوعةِ التي‬
‫المصاب في حياتهِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫المفجوعِ بنفسهِ‬
‫شغافِ القلوبِ ‪،‬‬ ‫ل كلماتُه إلى ِ‬ ‫إن الوعظَ المحترقَ َتصِ ُ‬
‫م‬ ‫عل ِ َ‬‫ف َ‬ ‫والمعاناة ﴿ َ‬ ‫َ‬ ‫الروحِ لنه يعيشُ اللمَ‬ ‫وتغوص في أعماقِ ّ‬ ‫ُ‬
‫فْتحا ً‬ ‫م َ‬ ‫عل َيهم َ‬ ‫فَأنَز َ‬ ‫م َ‬ ‫في ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫وأَثاب َ ُ‬ ‫ة َ ْ ِ ْ َ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬
‫َ‬
‫ريبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ق ِ‬ ‫َ‬
‫ل تعذلِ المشتاق‬ ‫يكون حشاك‬ ‫َ‬ ‫حتى‬
‫حياةَهفيها‪ ،‬ول‬ ‫أشواق‬
‫ِ‬ ‫في ل‬ ‫باردة‬
‫ً‬ ‫لشعراءَ ولكنها‬ ‫أحشائِه‬ ‫لقد رأيتُ في َ‬
‫دواوين‬
‫روح لنهمْ قالوها بل عَناء ‪ ،‬ونظموها في رخاء ‪ ،‬فجاءت‬
‫وكتل من الطينِ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قطعا من الثلجِ‬ ‫ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪54‬‬
‫شعرة ‪،‬‬
‫ً‬ ‫مصنفاتٍ في الوعظِ ل تهزّ في السامعِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ورأيت‬
‫قة ول‬ ‫ر ٍ‬ ‫ح ْ‬‫ة ‪ ،‬لنهم يقولونَها بل ُ‬ ‫ذر ً‬
‫صتِ ّ‬ ‫المنْ ِ‬
‫ك في ُ‬ ‫ول تحرّ ُ‬
‫َ‬
‫ما ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫هم ّ‬ ‫ه ِ‬‫وا ِ‬ ‫ف َ‬‫ن ب ِأ ْ‬‫قوُلو َ‬ ‫ألم ول معاناةٍ‪﴿ ،‬ي َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫لوعةٍ ‪ ،‬ول‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫رك ‪ ،‬فاحترقْ به أنت‬ ‫فإذا أردتَ أن تؤثّر بكلمِك أو بشعْ ِ‬
‫ه ‪ ،‬وسوفَ ترى أنك تؤثّر في‬ ‫وذقه وتفاعلْ مَعَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وتأثرْ به‬
‫ّ‬ ‫َقْبلُ ‪،‬‬
‫هت َزت وربت َ‬ ‫ذا َأنَزل َْنا َ‬
‫ت‬‫وأنب َت َ ْ‬ ‫ماء ا ْ ّ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫الناس ‪َ ﴿،‬‬
‫فإ ِ َ‬
‫ج﴾‪.‬‬ ‫هي ٍ‬ ‫ج بَ ِ‬ ‫و ٍ‬
‫ل َز ْ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫************************************‬
‫نعمة المعرفة‬
‫ك‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ت َك ُ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ظيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫للعمر ﴿ إ ِّني‬ ‫ِ‬ ‫ح ٌ‬
‫ق‬ ‫ح للحياةِ ‪ ،‬ومَ ْ‬ ‫للضمير وذَْب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الجهل موتٌ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ك أن ت َ ُ‬ ‫عظ ُ َ‬ ‫أ ِ‬
‫و‬ ‫َ‬
‫ود للطبعِ ‪ ﴿ ،‬أ َ‬ ‫وحياة للروحِ ‪ ،‬ووَُق ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نور البصيرة ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫والعلمُ‬
‫كان ميتا ً َ َ‬
‫في‬ ‫ه ِ‬ ‫شي ب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُنورا ً ي َ ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫حي َي َْناهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫من َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ر ٍ‬ ‫خا ِ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ت ل َي ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫في الظّل ُ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫مث َل ُ ُ‬ ‫من ّ‬ ‫س كَ َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫والنشراح يأتي معَ العلم ‪ ،‬لنّ العلمَ عثور‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫السرور‬ ‫إنّ‬
‫للمستور ‪،‬‬‫ِ‬ ‫الة ‪ ،‬واكتشافٌ‬ ‫على الغامضِ ‪ ،‬وحصولٌ على الضّ ّ‬
‫رفِ ‪.‬‬ ‫ط َ‬ ‫ستَ ْ‬ ‫والطلع على المُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجديد‬ ‫ولعةٌ بمعرفةِ‬ ‫م َ‬ ‫والنفسُ ُ‬
‫ن ‪ ،‬لنه حياةٌ ل جديدَ فيها ول‬ ‫ز ٌ‬ ‫وح ْ‬‫مَللٌ ُ‬ ‫أما الجهلُ فهوَ َ‬ ‫ّ‬
‫كالغد ‪.‬‬‫ِ‬ ‫أمس كاليومِ ‪ ،‬واليومَ‬ ‫ِ‬ ‫طريف ‪ ،‬و ل مستعذَبا ً ‪،‬‬ ‫َ‬
‫وابحث عن‬ ‫ْ‬ ‫كنت تريدُ السعادةَ فاطلبِ العلمَ‬ ‫َ‬ ‫فإنْ‬
‫الغموم والهموم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عنك‬ ‫وحصل الفوائدَ ‪ ،‬لتذهبَ‬ ‫ّ‬ ‫المعرفةِ‬
‫ْ‬ ‫عْلما ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬ا ْ‬ ‫و ُ‬
‫سم ِ‬ ‫قَرأ ِبا ْ‬ ‫زدِْني ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫قل ّر ّ‬ ‫والحزان ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ُ‬
‫يفقهه‬ ‫ّ‬ ‫الله به خيراً‬ ‫ُ‬ ‫ق ﴾ ‪)) .‬من يردِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ه ‪ ،‬وهو جاهل‬ ‫ه أو بجاهِ ِ‬ ‫بمال ِ‬‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫أحد‬ ‫في الدينِ ((‪ .‬ول يفخرْ‬
‫وعمره ليس‬ ‫ُ‬ ‫تامةً‬
‫حياته ليستْ ّ‬ ‫َ‬ ‫ر من المعرفةِ ‪ ،‬فإنّ‬ ‫صف ٌ‬ ‫ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪55‬‬
‫ق‬
‫ح ّ‬‫ك ال ْ َ‬ ‫من َرب ّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ز َ‬
‫ِ‬ ‫ما ُأن‬ ‫َ‬
‫م أن ّ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫كاملً ‪ ﴿ :‬أ َ َ‬
‫مى ﴾ ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫كَ َ‬
‫قال الزمخشريّ ‪:‬‬
‫سهري لتنقيح‬ ‫ل غانية‬ ‫ص ِ‬ ‫منَ َو ْ‬ ‫ِ‬
‫لي‬
‫ألذلحل‬ ‫طرَباً ّ‬ ‫العلومِ‬‫وتمايلي‬‫ُ‬ ‫اق‬
‫وأحلىعنِمن‬ ‫وطي ِ‬
‫ب‬ ‫أشهى ِ‬
‫عويصة‬
‫على‬ ‫وصرير أقلمي‬ ‫ُ‬ ‫ساقي‬
‫دامةِالدّْوكاء‬ ‫م من‬ ‫أحلى ُ‬
‫أوراقها‬
‫وألذ من نقرِ الفتاة‬ ‫ّ‬ ‫اق‬
‫الرمل‬ ‫والعشّ‬ ‫نقري لُلقي‬
‫ها‬ ‫لدّف‬
‫يحاول‬ ‫ُ‬ ‫يا مَنْ‬ ‫أوراقي‬
‫ستَْغل‬ ‫عن مُ ْ‬ ‫كم بين‬ ‫ْ‬
‫بالماني رُْتبتي‬
‫سهران‬ ‫أأبيتُ‬ ‫راقي‬
‫بعدَ ذاك‬ ‫نوما وتبغي َ‬
‫وآخر‬ ‫ً‬
‫وتبيتهوما أثلج‬ ‫النفسَ بها ‪،‬‬ ‫الدجى‬ ‫اقي ‪ ،‬وما أفرحَ ّ‬ ‫المعرفة‬ ‫ِ‬ ‫لح‬ ‫ما أشرفَ‬
‫ن‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫الصدر ببرْدها ‪ ،‬وما أرحبَ الخاطرَ بنزولها ‪ ﴿ ،‬أ َ‬
‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫عوا‬ ‫وات ّب َ ُ‬‫ه َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫سوءُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫من ُزي ّ َ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫عَلى ب َي ّن َ ٍ‬
‫َ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫واء ُ‬ ‫ه َ‬ ‫أ ْ‬
‫***************************************‬
‫فن السرور‬
‫ه‪،‬‬ ‫واستقراره وهدوؤُ ُ‬
‫ُ‬ ‫من أعظمِ النعمِ سرورُ القلبِ ‪،‬‬
‫النتاج وابتهاجِ النفسِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجودة‬ ‫ثبات الذهنِ‬ ‫ُ‬ ‫فإن في سرورهِ‬ ‫ّ‬
‫عرف كيفَ يجلبُه‬ ‫َ‬ ‫س ‪ ،‬فمنْ‬ ‫در ُ‬‫فن يُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫السرور‬ ‫وقالوا‪ .‬إنّ‬
‫الحياة ومسار‬ ‫ِ‬ ‫ويحصل عليه ‪ ،‬ويحظى به استفادَ من مباهجِ‬ ‫ُ‬
‫يديه ومن خلفِه‪ .‬والصل‬ ‫العيش ‪ ،‬والنعمِ التي من بينِ ْ‬ ‫ِ‬
‫الحتمال ‪ ،‬فل يهتزّ من‬ ‫ِ‬ ‫السرور قوةُ‬
‫ِ‬ ‫الصيلُ في طلبِ‬
‫للتوافهِ ‪ .‬وبحسب‬ ‫ِ‬ ‫للحوادث ‪ ،‬ول ينزعجُ‬ ‫ِ‬ ‫الزوابعِ ول يتحرّ ُ‬
‫ك‬
‫س‪.‬‬‫ف ُ‬ ‫وصفائهِ ‪ُ ،‬تشرقُ النّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫قوة القلبِ‬ ‫ِ‬
‫ع النفسِ ‪،‬‬ ‫وجزَ َ‬ ‫ف المقاومةِ َ‬ ‫وضْع َ‬‫َ‬ ‫إن خَوََر الطبيعةِ‬
‫فمن عوّد نفسَه التصبّر‬ ‫ْ‬ ‫رواحلُ للهمومِ والغمومِ والحزانِ ‪،‬‬
‫الزمات ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هانت عليه المزعجاتُ ‪ ،‬وخفّتْ عليهِ‬ ‫ْ‬ ‫والتجلّ َ‬
‫د‬
‫إذا اعتاد الفتى‬ ‫فأهون ما تمرّ به‬
‫ُ‬
‫خوض المنايا‬ ‫َ‬ ‫الوحول‬
‫ل تحزن‬
‫‪56‬‬
‫ة النظرةِ ‪،‬‬ ‫ق ‪ ،‬وضحالَ َ‬ ‫الُف ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫السرور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن أعداءِ‬
‫العالم وما فيه ‪ ،‬والله‬ ‫ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ونسيانُ‬ ‫حسْ ُ‬ ‫والهتمام بالنفس فَ َ‬ ‫ُ‬
‫م ﴾ ‪ ،‬فكأن هؤلء‬ ‫م أن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مت ْ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫بأنهم ﴿ أ َ‬ ‫ْ‬ ‫أعداء ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وصف‬ ‫قد‬
‫ْ‬
‫رون في‬ ‫َ‬ ‫ن في داخلِهم ‪ ،‬فل يفكّ‬ ‫رْون الكَوْ َ‬ ‫القاصرينَ َي َ‬
‫للخرين ‪ .‬إن‬ ‫َ‬ ‫م ‪ ،‬ول يهتمّونَ‬ ‫م ‪ ،‬ول يعيشوَن لسواهُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫غيرِ ِ‬
‫أحيانا ‪ ،‬ونبتعد عن ذواتِنا‬ ‫ً‬ ‫اغلَ عن أنفسِنَا‬ ‫أن نََتشَ َ‬ ‫وعليك ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫عل ّ‬
‫وأحزاننا ‪ ،‬فنكسبَ أمرْين ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سى جراحَنا وغمومَنا‬ ‫أزمانا لَِننْ َ‬ ‫ً‬
‫إسعادَ أنفسنِا ‪ ،‬وإسعادَ الخرين‪.‬‬
‫لجم تفكيرَك‬ ‫َ‬ ‫من الصولِ في فنّ السرورِ ‪ :‬أن تُ‬
‫إن تركت‬ ‫ت ول يهربُ ول يطيشُ ‪ ،‬فإنك ْ‬ ‫وتعصمهَ ‪ ،‬فل يتفلّ ُ‬
‫الحزان وقرأ‬ ‫ِ‬ ‫م ّ‬
‫لف‬ ‫عليك َ‬ ‫َ‬ ‫ح ‪ ،‬وأعادَ‬ ‫ف َ‬ ‫وط َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ح‬ ‫ج َ‬ ‫وشأنهُ َ‬ ‫َ‬ ‫تفكيرَ َ‬
‫ك‬
‫ك‪ .‬إنّ التفكيرَ إذا شرد‬ ‫ك أمّ َ‬ ‫ولدت َ‬‫ْ‬ ‫عليك كتابَ المآسي منذُ‬ ‫َ‬
‫المخيف ‪ ،‬فزلزل‬ ‫َ‬ ‫جَر المستقبلَ‬ ‫أعاد لك الماضي الجريحَ وجر َ‬ ‫َ‬
‫فاخطمه بخطام‬ ‫ْ‬ ‫وهز كيانَك وأحرقَ مشاعرَك ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أركانك ‪،‬‬ ‫َ‬
‫وك ّ ْ‬
‫ل‬ ‫وت َ َ‬ ‫المفيد ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المثمر‬ ‫ز على العملِ‬ ‫الجاد المركّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫التوج ِ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ت﴾ ‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ومن الصول أيضاً في دراسةِ السرورِ ‪ :‬أن‬
‫و ‪ ،‬ول‬ ‫نزلَها منزلتها ‪ ،‬فهي لهْ ٌ‬ ‫قيمتها ‪ ،‬وأنْ تُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الحياة‬ ‫ُتعطيَ‬
‫رضعة‬ ‫ر ومُ ِ‬ ‫أم الهجْ ِ‬ ‫والصدود ‪ ،‬لنها ّ‬ ‫َ‬ ‫منك إل العراضَ‬ ‫َ‬ ‫تستحقّ‬
‫هتم بها ‪،‬‬ ‫ن هذه صفتُها كيف يُ ّ‬ ‫فم ْ‬ ‫الفجائع ‪ ،‬وجالبةُ الكوارثِ ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫دٌر ‪ ،‬وبرقُها خُّلبٌ ‪،‬‬ ‫حزن على ما فات منها‪ .‬صفُوها كَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ويُ‬
‫وسيدها‬
‫ُ‬ ‫ومواعيدها سرابٌ بقيِعةٍ ‪ ،‬مولودُها مفقودٌ ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫دِرها ‪.‬‬ ‫غ ْ‬ ‫بسيف َ‬
‫ِ‬ ‫مها مهدٌّد ‪ ،‬وعاشقُها مقتولٌ‬ ‫محسودٌ ‪ ،‬ومنعّ ُ‬
‫ًأَبني أَِبينا نحنُ أهل‬ ‫ن فيها‬ ‫البيْ ِ‬ ‫راب َ‬ ‫ُ‬ ‫غ‬
‫أبدا ُ‬ ‫ً‬
‫منازل‬
‫وما‬ ‫نبكي على الدنيا‬ ‫ق‬
‫فلم‬ ‫م الدنياَيْنعِ‬ ‫جمعتُْه ُ‬
‫معشر‬
‫ة‬ ‫ابرَ‬ ‫أيننْ َ‬
‫الجبَ ِ‬ ‫مَ‬
‫ِ‬ ‫قوا‬
‫يتفر فل‬ ‫زوا الكنوزَ ّ‬ ‫َكنَ ْ‬
‫ضاق‬ ‫نالُلى‬ ‫الكاسرة ْ‬
‫مُ‬
‫من كلّ َ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬
‫لحد‬ ‫اه بَ ُ‬
‫ق‬ ‫فحَوَول‬ ‫حتى ثَوى َ‬
‫بقين‬
‫ه‬
‫كأن‬ ‫ودواَعيْ ِ‬
‫ش‬ ‫اء بِ‬ ‫ضنُ ُ‬ ‫إذا َ‬ ‫سالفَ‬ ‫ر ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬
‫لل‬ ‫ضيّ َ‬ ‫حَ‬ ‫أن الكلمَ لهم َ‬ ‫ّ‬
‫لم يعلمُوا‬ ‫ْ‬ ‫مطلَق‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪57‬‬
‫م والحِْلم‬ ‫بالتعل ِ‬ ‫ّ‬ ‫العلم‬
‫ُ‬ ‫وفي الحديثِ ‪ )) :‬إنما‬
‫م (( ‪.‬‬ ‫بالتحل ِ‬
‫ّ‬
‫باصطناعه واجتلب‬ ‫ِ‬ ‫الداب ‪ :‬وإنما السرورُ‬ ‫ِ‬ ‫وفي فنّ‬
‫بوادره ‪ ،‬حتى يكونَ طبْعا‬ ‫ِ‬ ‫وتكل ِ‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫أسبابهِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مِتهِ ‪ ،‬واقتناصِ‬ ‫س َ‬ ‫َب ْ‬
‫‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫ر والتبرّ َ‬ ‫والتذم َ‬ ‫ّ‬ ‫الدنيا ل تستحقّ منا العبوسَ‬ ‫إن الحياةَ ّ‬
‫المنيةِ في‬ ‫ّ‬ ‫حكْ ُ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ما هذهِ الدنيا بدار‬
‫ي‬
‫النسان‬ ‫ِ‬ ‫جار‬ ‫البريةِ‬ ‫بينا َترَى‬ ‫قرار‬
‫را مِن‬ ‫ه خََب ً‬ ‫ألفيْتَ ُ‬
‫خبِرا‬ ‫مُ‪ْ ،‬‬ ‫دٍر‬ ‫فيها َ‬‫طبَِعتْ على َك‬ ‫ُ‬ ‫الخبار‬
‫وا من القذار‬ ‫ف ً‬ ‫ص ْ‬ ‫َ‬
‫ام ضِد‬ ‫الي ِ‬ ‫فها ّ‬ ‫تريد ُ‬
‫ومكل ُ‬ ‫وأنتَ ّ‬ ‫والكدار‬
‫ب في الماء‬ ‫متطلّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫طباعِها‬ ‫ة نار‬ ‫ذَو َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ُ‬
‫أن تنزعَ من‬ ‫والحقيقةُ التي ل ريبَ فيها أنكَ ل تستطيعُ ْ‬
‫قَنا‬ ‫خل َ ْ‬‫قدْ َ‬ ‫خلقتْ هكذا ﴿ ل َ َ‬ ‫آثار الحزنِ ‪ ،‬لنّ الحياة َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك كلّ‬ ‫حياتِ َ‬
‫ة‬ ‫ف ٍ‬ ‫من ن ّطْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫قَنا َ ا ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫د ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِّنا َ‬ ‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْ‬
‫شاج ن ّبت َِليه ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل ِيبل ُوك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مل ً ﴾ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م أي ّك ُ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫م َ ٍ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫مك ‪ ،‬أما قَط ْ ُ‬
‫ع‬ ‫مك وغ ّ‬ ‫ف من حزِنك وه ّ‬ ‫المقصود َ أن تخّف ُ‬
‫ل‬ ‫ت النعيم ِ ؛ ولذلك يقو ُ‬ ‫ن بالكلي ّةِ فهذا في جنا ِ‬ ‫حْز ِ‬ ‫ال ُ‬
‫َ‬
‫عّنا‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي أذْ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫المنعمون في الجنة ‪ ﴿ :‬ال ْ َ‬
‫ك ‪ ،‬كما‬ ‫ه إل هنا َ‬ ‫ب عن ُ‬ ‫ه لم يذه ْ‬ ‫ل على أن ُ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وهذا دلي ٌ‬ ‫حَز َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ون ََز ْ‬ ‫ب إل في الجنةِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل ل يذه ُ‬ ‫ل الغِ ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ة الدنيا وصفتها ‪،‬‬ ‫ف حال َ‬ ‫ن عََر َ‬ ‫ل ﴾ ‪ ،‬فم ْ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬
‫ُ‬
‫م ان هذا طبُعها‬ ‫ع َذ ََرها على صدوِدها وجفاِئها وغ َد ِْرها ‪ ،‬وعَل ِ َ‬
‫وخل ُُقها ووصُفها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫نل‬ ‫ت لنا أ ْ‬ ‫حلف ْ‬ ‫ن‬‫ت لنا أ ْ‬ ‫حل ََف ْ‬ ‫فكأنها َ‬
‫تخون عهوَدنا‬ ‫ل ت َِفي‬
‫ي‬
‫ل ما وصْفنا ‪ ،‬والمُر ما ذكرنا ‪ ،‬فحرِ ّ‬ ‫فإذا كان الحا ُ‬
‫سه ‪ ،‬بالستسلم ِ للكدِر‬ ‫ن ل ُيعيَنها على نف ِ‬ ‫ب الناب ِهِ أ ْ‬ ‫بالري ِ‬
‫ل ما‬ ‫ت بك ّ‬ ‫ن ‪ ،‬بل يدافعُ هذه المنغصا ِ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫واله ّ‬
‫ة‬ ‫و ٍ‬ ‫ق ّ‬ ‫من ُ‬ ‫عُتم ّ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫دوا ْ ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫ي من قوةٍ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫أوت َ‬
‫م﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫وك ُ ْ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و الل ّ ِ‬ ‫عدْ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫هُبو َ‬ ‫ل ت ُْر ِ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬ ‫من ّرَبا ِ‬ ‫و ِ‬‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪58‬‬
‫فوا ْ‬ ‫َ‬
‫ع ُ‬‫ض ُ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سِبي ِ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫صاب َ ُ‬ ‫هُنوا ْ ل ِ َ‬
‫ما أ َ‬ ‫و َ‬
‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫كاُنوا ْ ﴾ ‪.‬‬
‫ست َ َ‬‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫**********************************‬
‫وقفـــة‬
‫ن‪،‬‬ ‫س في د َي ْ ٍ‬ ‫ت فقيرا ً فغيُرك محبو ٌ‬ ‫ن ‪ :‬إن كن َ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ل ‪ ،‬فسواك مبتوُر القدمين ‪ ،‬وإن‬ ‫ة ن َْق ٍ‬‫ك وسيل َ‬ ‫وإن كنت ل تمل ُ‬
‫سّرة البيضاِء‬ ‫كنت تشكو من آلم ٍ فالخرون يرقدون على ال ِ‬
‫ت ولدا ً فسواك فقد عددا ً من الولدِ‬ ‫ت ‪ ،‬وإن فقد َ‬ ‫ومنذ سنوا ٍ‬
‫ث واحد ٍ ‪.‬‬ ‫في حاد ٍ‬
‫ه‬
‫ت باللهِ وبرسل ِهِ وملئكت ِ ِ‬ ‫م آمن َ‬‫ن ‪ :‬لنك مسل ٌ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ب‬ ‫ك كفروا بالر ّ‬ ‫جرِ وبالقضاِء خيرِهِ وشّره ‪ ،‬وأولئ َ‬ ‫واليوم ِ ال ِ‬
‫م الخَر ‪،‬‬ ‫دوا اليو َ‬ ‫ح ُ‬
‫ج َ‬ ‫ب‪،‬و َ‬ ‫ل واختلفوا في الكتا ِ‬ ‫ذبوا الرس َ‬ ‫وك ّ‬
‫وألحدوا في القضاِء والَقد َرِ ‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬وإن أسأت فاستغفْر ‪ ،‬وإن‬ ‫ت فت ُ ْ‬ ‫ن ‪ :‬إن أذنب َ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ب مفتو ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬والبا ُ‬ ‫ة واسع ٌ‬ ‫ح ‪ ،‬فالرحم ُ‬ ‫أخطأت فأصل ِ ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة مقبول ٌ‬ ‫م ‪ ،‬والتوب ُ‬ ‫والغفران ج ّ‬
‫ب‬‫ن ‪ :‬لنك ُتقلقُ أعصاَبك ‪ ،‬وتهّز كيانك وُتتع ُ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫سهِْر ليَلك ‪.‬‬ ‫ض مضجَعك ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫قلَبك ‪ ،‬وُتق ّ‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫ق‬
‫ب نازلةٍ يضي ُ‬ ‫وَل َُر ّ‬ ‫ذ َْرعا ً وعند َ اللهِ منها‬
‫ضاقت فلمابها الفتى‬ ‫جل‬ ‫المخَر‬
‫نها ُ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ن يظ ّ‬‫ت وكا َ‬ ‫فُرِ َ‬
‫ج ْ‬
‫ت حلقاُتها‬ ‫استحكم ْ‬
‫************************************‬ ‫ج‬‫ُتفر ُ‬
‫ضب ْ ُ‬
‫ط العواطف‬
‫ف المشاعُر عند سببين ‪ :‬عند‬ ‫ف وتعص ُ‬ ‫ج العواط ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫تتأ ّ‬
‫ث‪:‬‬ ‫داهمةِ ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫الفرحةِ الغامرةِ ‪ ،‬والمصيبةِ ال ّ‬
‫ت‬‫ت عن صوتْين أحمقْين فاجرْين ‪ :‬صو ٍ‬ ‫هي ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫)) إني ن ُ‬
‫عَلى‬ ‫ْ‬
‫وا َ‬ ‫ة (( ﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ‬
‫س ْ‬ ‫ت عندَ مصيب ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬وصو ٍ‬ ‫عند نعم ٍ‬
‫م﴾ ‪ .‬ولذلك قال ‪: ‬‬ ‫ما آَتاك ُ ْ‬‫حوا ب ِ َ‬
‫فَر ُ‬‫وَل ت َ ْ‬
‫م َ‬‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪59‬‬
‫ك‬ ‫مل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫مة الولى (( ‪ .‬ف َ‬ ‫ر عند الصد ِ‬ ‫)) إنما الصب ِ‬
‫ق‬
‫دث الجاثم وعند الفرَح الغامرِ ‪ ،‬استح ّ‬ ‫مشاعره عند َ الح َ‬
‫ل سعادة الراحةِ ‪ ،‬ولذ َةَ‬ ‫ة الرسوِخ ‪ ،‬ونا َ‬ ‫ت ومنزل َ‬ ‫ة الثبا ِ‬ ‫مرتب َ‬
‫عله وصف النسان‬ ‫ل في ُ‬ ‫هج ّ‬ ‫س ‪ ،‬والل ُ‬ ‫النتصارِ على النف ِ‬
‫ه الخيُر‬ ‫س ُ‬ ‫سه الشّر جزوعا ً وإذا م ّ‬ ‫ح فخوٌر ‪ ،‬وإذا م ّ‬ ‫ه فرِ ٌ‬ ‫بأن ُ‬
‫منوعا ً ‪ ،‬إل ّ المصّلين ‪ .‬فَُهم على وسطيةٍ في الفرِح والجزِع ‪،‬‬
‫ن في الرخاِء ‪ ،‬ويصبرون في البلِء ‪.‬‬ ‫يشكرو َ‬
‫ه‬
‫ب ‪ ،‬وتضني ِ‬ ‫ب صاحبها أّيما ت َعَ ٍ‬ ‫ة ت ُت ْعِ ُ‬ ‫ن العواطف الهائج َ‬ ‫إ ّ‬
‫عد ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فإذا غضب احتد ّ وأزبد ‪ ،‬وأرعد وتو ّ‬ ‫ه وتؤّرقُ ُ‬ ‫م َ‬
‫وتؤل ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فيتجاوُز العَد ْ َ‬ ‫شت ُ ُ‬ ‫حشا َ‬ ‫ت ُ‬ ‫سهِ ‪ ،‬والتهب ْ‬ ‫ن نف ِ‬ ‫ت مكام ُ‬ ‫وثار ْ‬
‫سه في غمرةِ السروِر‬ ‫ي نف َ‬ ‫ش ‪ ،‬ونس َ‬ ‫ب وطا َ‬ ‫ح طرِ َ‬ ‫وإن فر َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫سي محاسن َ ُ‬ ‫مه ‪ ،‬ون ِ‬ ‫جَر أحدا ً ذ ّ‬ ‫دى قدره ‪ ،‬وإذا هَ َ‬ ‫وتع ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب آخر خلع عليه أوسمة التبجي ِ‬ ‫ه ‪ ،‬وإذا أح ّ‬ ‫وطمس فضائ ِل َ ُ‬
‫ب حبيبك‬ ‫ل ‪ .‬وفي الثر ‪ )) :‬أحب ْ‬ ‫وأوصله إلى ذورةِ الكما ِ‬
‫ض‬ ‫ونا ً ما ‪ ،‬فعسى أن يكون بغيضك يوما ً ما وأبغ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫بغيضك هونا ً ما ‪ ،‬فعسى أن يكون حبيبك يوما ً ما ((‬
‫‪ .‬وفي الحديث ‪ )) :‬وأسألك العدل في الغضب والرضا‬
‫(( ‪.‬‬
‫ن الشياء وجعل‬ ‫كم عقَله ‪ ،‬ووز َ‬ ‫ح ّ‬ ‫من ملك عاطفته و َ‬ ‫ف َ‬
‫ف الرشد َ ‪ ،‬ووقع على‬ ‫ل شيء قدرا ً ‪ ،‬أبصر الحقّ ‪ ،‬وعََر َ‬ ‫لك ّ‬
‫قد أ َرسل َْنا رسل ََنا بال ْبيَنات َ‬
‫م‬ ‫ه ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬‫وأنَزل َْنا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الحقيقةِ ‪ ﴿ ،‬ل َ َ ْ ْ َ‬
‫ط ﴾‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫س ِبال ْ ِ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ن ل ِي َ ُ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫وال ْ ِ‬‫ب َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ك ‪ ،‬مثلما‬ ‫ق والسلو ِ‬ ‫م والخل ِ‬ ‫ن السلم جاَء بميزان القي َ‬ ‫إ ّ‬
‫ي ‪ ،‬والمل ّةِ المقدسةِ ‪﴿ ،‬‬ ‫سويّ ‪ ،‬والشرِع الرض ّ‬ ‫من ْهَِج ال ّ‬ ‫جاء بال ِ‬
‫ُ‬
‫ق في‬ ‫ل ‪ ،‬الصد ِ‬ ‫سطا ً﴾ ‪ ،‬فالعد ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬ ‫مأ ّ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ك َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ق‪﴿،‬‬ ‫ل والخل ِ‬ ‫ل في الحكام ِ والقوال والفعا ِ‬ ‫الحبارِ ‪ ،‬والعد ِ‬
‫عدْل ً﴾ ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫دقا ً َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ت َرب ّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وت َ ّ‬ ‫َ‬
‫*********************************‬
‫د‪‬‬
‫ة بمحم ِ‬
‫سعادةُ الصحاب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪60‬‬
‫ُ‬
‫س بالدعوةِ الربانيةِ ‪ ،‬ولم‬ ‫لقد ْ جاَء رسولنا ‪ ‬إلى النا ِ‬
‫ت له جّنة‬ ‫م ُيلقَ إليه ك َن ٌْز ‪ ،‬وما كان ْ‬ ‫ن دنيا ‪ ،‬فل ْ‬ ‫ةم َ‬ ‫ن له دعاي ٌ‬ ‫يك ْ‬
‫ل المحّبون يبايعون على‬ ‫ن قصرا ً ‪ ،‬فأقب َ‬ ‫ل منها ‪ ،‬ولم يسك ْ‬ ‫يأك ُ‬
‫ش ‪ ،‬وذروةٍ من المشّقةِ ‪ ،‬يوم كانوا قليل ً‬ ‫ف من العي ِ‬ ‫شظ ٍ‬
‫س من‬ ‫م النا ُ‬ ‫ن يتخطفه ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ض يخافو َ‬ ‫مستضعفين في الر ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ِ‬ ‫عه ك ّ‬ ‫ه أتبا ُ‬ ‫م ‪ ،‬ومع ذلك أحب ّ ُ‬ ‫حوِله ْ‬
‫ق ‪ ،‬وابُتلوا‬ ‫م في الرز ِ‬ ‫ضّيق عليه ْ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫حوصروا في ال ّ‬ ‫ُ‬
‫س ‪ ،‬ومع‬ ‫ُ‬
‫حوربوا من القرابةِ ‪ ،‬وأو ُ‬
‫ذوا من النا ِ‬ ‫في السمعةِ ‪ ،‬و ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫هذا أحّبوه ك ّ‬
‫ن في العراِء‬ ‫س آخرو َ‬ ‫حب َ‬ ‫مضاِء ‪ ،‬و ُ‬ ‫ضهم على الر ْ‬ ‫ب بع ُ‬ ‫ح َ‬ ‫س ِ‬‫ُ‬
‫ل بهِ ‪،‬‬ ‫ن الكفاُر في تعذيبهِ ‪ ،‬وتأّنقوا في النكا ِ‬ ‫ن تفن ّ َ‬ ‫مم ْ‬ ‫‪ ،‬ومنه ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫ومعَ هذا أحّبوه ك ّ‬
‫طردوا من‬ ‫سلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫م ‪ ،‬ومع أحبوهُ‬ ‫م ومغاني أهلهِ ْ‬ ‫ب شبابه ْ‬ ‫م ‪ ،‬وملع ِ‬ ‫مراتِع صباه ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫ك ّ‬
‫زلوا زلزال ً شديدا ً ‪،‬‬ ‫ب دعوِته ‪ ،‬وُزل ْ ِ‬ ‫اُبتلي المؤمنون بسب ِ‬
‫ع‬
‫ب الحناجَر وظّنوا باللهِ الظنونا ‪ ،‬وم َ‬ ‫م القلو ُ‬ ‫ت منه ْ‬ ‫وبلغ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫أحبوه ك ّ‬
‫ت على‬ ‫صل َت َةِ ‪ ،‬فكان ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ال ُ‬ ‫م للسيو ِ‬ ‫ض صفوةُ شبابه ْ‬ ‫ع ُّر َ‬
‫ن الشجرةِ الوارفةِ ‪.‬‬ ‫سِهم كأغصا ِ‬ ‫رؤو ِ‬
‫ف‬ ‫ل السي ِ‬ ‫نظ ّ‬ ‫وكأ ّ‬ ‫ت حولنا‬ ‫خضراء ت ُن ْب ِ ُ‬
‫م في‬ ‫حديقةِكأنه ْ‬ ‫ت‬‫المو َ‬ ‫ظِ ّ‬
‫ل‬ ‫ن‬
‫للمعركةِ فكانوا يأتو َ‬ ‫م رجاُلهمالزهارا‬ ‫وقُد ّ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫م أحبوه ك ّ‬ ‫نزهةٍ ‪ ،‬او في ليلة عيدٍ ؛ لنه ْ‬
‫ن يعود َ بعدها إلى‬ ‫م أنه ل ْ‬ ‫م برسالةٍ وي َْعل ُ‬ ‫ده ْ‬ ‫ل أح ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ي ُْر َ‬
‫م‬ ‫مةٍ ويعل ُ‬ ‫م في مه ّ‬ ‫ث الواحد ُ منه ْ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬فيؤّدي رسالَته ‪ ،‬وُيبعَ ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫م أحبوه ك ّ‬ ‫ب راضيا ً ؛ لنه ْ‬ ‫ة فيذه ُ‬ ‫أنها النهاي ُ‬
‫دوا برسالِته ‪ ،‬واطمأّنوا المنهجهِ ‪،‬‬ ‫ن لماذا أحّبوه وسعِ ُ‬ ‫ولك ْ‬
‫جهدٍ‬ ‫ل مشقةٍ و ُ‬ ‫ل ألم ٍ وك ّ‬ ‫واستبشُروا بقدومهِ ‪ ،‬ونسوا ك ّ‬
‫عهِ ؟!‬ ‫ل اتبا ِ‬ ‫ومعاناةٍ من أج ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪61‬‬
‫ت‬ ‫ل علما ِ‬ ‫ل معاني الخيرِ والفرِح ‪ ،‬وك ّ‬ ‫م رأوا فيهِ ك ّ‬ ‫إنه ْ‬
‫ة للسائلين في معالي المورِ ‪ ،‬لقد ْ‬ ‫ن آي ً‬ ‫البّر والحقّ ‪ ،‬لقد ْ كا َ‬
‫م‬ ‫م بحديثهِ ‪ ،‬وأفْعَ َ‬ ‫ج صدوَره ْ‬ ‫م بحنان ِهِ ‪ ،‬وأثل َ‬ ‫ل قلوب ِهِ ْ‬ ‫َأبرد َ غلي َ‬
‫م برسالِته ‪.‬‬ ‫حهُ ْ‬ ‫أروا َ‬
‫م الرضا ‪ ،‬فما حسبوا لللم في‬ ‫ب في قلوبه ُ‬ ‫لقد ْ سك َ‬
‫ن ما‬ ‫ن اليقي ِ‬ ‫مم َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ض على نفو ِ‬ ‫ل دعوتهِ حسابا ً ‪ ،‬وأفا َ‬ ‫سبي ِ‬
‫ص‪.‬‬ ‫جْرٍح وك َد َرٍ وتنغي ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫مك ّ‬ ‫أنساه ْ‬
‫ل ضمائَرهم بهداهُ ‪ ،‬وأناَر بصائَرهم بسناه ُ ‪ ،‬ألقى‬ ‫صَق َ‬ ‫َ‬
‫ط عن ظهوِرهم أوزاَر‬ ‫م آصاَر الجاهليةِ ‪ ،‬وح ّ‬ ‫هله ْ‬ ‫عن كوا ِ‬
‫ل ‪ ،‬وأطفأ‬ ‫ك والضل ِ‬ ‫ت الشر ِ‬ ‫م تبعا ِ‬ ‫الوثنيةِ ‪ ،‬وخلعَ من رقاِبه ْ‬
‫ب على المشاعرِ ماَء‬ ‫م ناَر الحقدِ والعداوةِ ‪ ،‬وص ّ‬ ‫حه ْ‬ ‫من أروا ِ‬
‫ت‬ ‫م ‪ ،‬واطمأن ْ‬ ‫ت أبدان ُهُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وسكن َ ْ‬ ‫سه ْ‬ ‫ت نفو ُ‬ ‫اليقين ‪ ،‬فهدأ ْ‬
‫ت أعصاُبهم ‪.‬‬ ‫قلوُبهم ‪ ،‬وبرد ْ‬
‫س في قربهِ ‪ ،‬والرضا في‬ ‫ه ‪ ،‬والن َ‬ ‫ش مع ُ‬ ‫وجدوا لذ ّةُ العي ِ‬
‫ل أمرِهِ ‪ ،‬والِغنى‬ ‫ن في اتباعهِ ‪ ،‬والنجاة في امتثا ِ‬ ‫رحاب ِهِ ‪ ،‬والم َ‬
‫في القتداء به ‪.‬‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫وإ ِن ّ َ‬ ‫ن﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ة ل ّل ْ َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ك إ ِّل َر ْ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫قيم ٍ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫دي إ َِلى ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل َت َ ْ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫مّيي َ‬ ‫في اْل ّ‬ ‫ث ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي ب َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ر﴾‪ُ ﴿،‬‬ ‫ت إ َِلى الّنو ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫م‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫كي ِ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫م ي َت ُْلو َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫سول ً ّ‬ ‫َر ُ‬
‫ل‬ ‫ضَل ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل لَ ِ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫وِإن َ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ت‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿ ،‬‬ ‫مِبي ٍ‬
‫ّ‬
‫ما‬ ‫كم ل ِ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ل إِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫وِللّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جيُبوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬‫م﴾‪﴿،‬ا ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫عل َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫حِييك ُ ْ‬ ‫يُ ْ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫قذ َ ُ‬ ‫فأن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬
‫م‬ ‫حقّ له ْ‬ ‫م‪،‬و ُ‬ ‫م وقدوِته ْ‬ ‫مه ْ‬ ‫لقد ْ كانوا سعداء حّقا ً مع إما ِ‬
‫جوا ‪.‬‬ ‫دوا ويبته ُ‬ ‫ن يسع ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ل‬ ‫ل من أغل ِ‬ ‫م على محّررِ العقو ِ‬ ‫ل وسل ّ ْ‬ ‫مص ّ‬ ‫الله ّ‬
‫ض عن‬ ‫ت الغواي ِةِ ‪ ،‬وار َ‬ ‫س من ويل ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ومنقذ ِ النفو ِ‬ ‫النحرا ِ‬
‫موا ‪.‬‬ ‫ب والمجاد ِ ‪ ،‬جزاَء ما بذُلوا وقد ّ ُ‬ ‫الصحا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪62‬‬
‫**************************************‬
‫ن حيات ِ َ‬
‫ك‬ ‫م ْ‬ ‫مل َ َ‬
‫ل ِ‬ ‫اطرِد ال َ‬
‫ه‬ ‫ش عمَره ُ على وتيرةٍ واحدة جديٌر أن يصَيب ُ‬ ‫ن يعِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫إن َ‬
‫ة‬ ‫ل الحال َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن بطبعهِ ي َ َ‬ ‫ن النسا َ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل ؛ لن النفس ملول ٌ‬ ‫المل ُ‬
‫ه وتعالى بين الزمنةِ والمكنةِ ‪،‬‬ ‫ك غاي ََر سبحان َ ُ‬ ‫الواحدةَ ؛ ولذل َ‬
‫ل ونهاٌر ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬لي ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬والمخلوقا ِ‬ ‫ت والمشروبا ِ‬ ‫والمطعوما ِ‬
‫حُرور ‪،‬‬ ‫لو َ‬ ‫ض وأسود ُ ‪ ،‬وحاّر وبارد ٌ ‪ ،‬وظ ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وأبي ُ‬ ‫جب َ ٌ‬ ‫لو َ‬ ‫وسه ٌ‬
‫ف في‬ ‫ه هذا التّنوعَ والختل َ‬ ‫ض ‪ ،‬وقد ْ ذكر الل ُ‬ ‫حل ْوٌ وحام ٌ‬ ‫و ُ‬
‫خت َل ِ ٌ َ‬
‫ه﴾ ﴿‬ ‫وان ُ ُ‬ ‫ف أل ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫طون ِ َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫كتاب ِهِ ‪﴿ :‬ي َ ْ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫ه﴾ ﴿ َ‬ ‫شاب ِ ٍ‬ ‫مت َ َ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫و َ‬ ‫شاِبها ً َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن﴾ ﴿ ُ‬ ‫وا ٍ‬ ‫صن ْ َ‬ ‫غي ُْر ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صن ْ َ‬‫ِ‬
‫وت ِل ْ َ‬ ‫خت َل ِ ٌ َ‬
‫ك‬ ‫ها﴾ ﴿ َ‬ ‫وان ُ َ‬ ‫ف أل ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مٌر ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫جدَدٌ ِبي ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫س﴾ ‪.‬‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫م نُ َ‬ ‫الّيا ُ‬
‫كله ‪﴿ :‬‬ ‫م أداموا أ ْ‬ ‫ل بنو إسرائيل أجود الطعام ِ ؛ لنه ْ‬ ‫وقد م ّ‬
‫ن يقرأ ُ مرةً‬ ‫د﴾ ‪ .‬وكان المأمو ُ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫عام ٍ َ‬ ‫ى طَ َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫صب َِر َ‬ ‫َلن ن ّ ْ‬
‫س‬ ‫جالسا ً ‪ ،‬ومرةً قائما ً ‪ ،‬ومرةً وهو يمشي ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬النف ُ‬
‫ى‬ ‫عل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫عودا ً َ‬ ‫ق ُ‬ ‫و ُ‬ ‫قَياما ً َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن ي َذْك ُُرو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ‪﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫ملول ٌ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫جُنوب ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‬ ‫ل قلبي ّ ٌ‬ ‫جد ْ التنوّع َ والجد ّةَ ‪ ،‬فأعما ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬يَ ِ‬ ‫ل العبادا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ومن يتأ ّ‬
‫ج وجهاد ٌ ‪،‬‬ ‫م وح ّ‬ ‫ة ‪ ،‬صلة ٌ وزكاةٌ وصو ٌ‬ ‫ة ومالي ٌ‬ ‫ة وعملي ٌ‬ ‫وقولي ٌ‬
‫ن أراد الرتياح‬ ‫س ‪ ،‬فم ْ‬ ‫م وركوعٌ وسجود ٌ وجلو ٌ‬ ‫والصلةُ قيا ٌ‬
‫ة العطاِء فعليهِ بالتنويِع في عمل ِهِ ‪،‬‬ ‫والنشاط ومواصل َ‬
‫ن ‪ ،‬ما‬ ‫عهِ وحيات ِهِ اليومي ّةِ ‪ ،‬فعند َ القراءةِ مثل ً ينوّعُ الفنو َ‬ ‫واطل ِ‬
‫ة‬
‫ب وثقاف ٍ‬ ‫خ وأد ٍ‬ ‫ث وفقهٍ وتاري ٍ‬ ‫ن وتفسيرٍ وسيرةٍ وحدي ٍ‬ ‫بين قرآ ٍ‬
‫ة‬
‫ل مباٍح ‪ ،‬وزياد ٍ‬ ‫مةٍ ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬يوّزع وقته ما بين عبادةٍ وتناو ِ‬ ‫عا ّ‬
‫ه‬ ‫س ُ‬ ‫ف يجد ُ نف َ‬ ‫ف ‪ ،‬ورياضةٍ ونزهةٍ ‪ ،‬فسو َ‬ ‫ل ضيو ٍ‬ ‫واستقبا ِ‬
‫ح الجديد َ ‪.‬‬ ‫ب التنويعَ وتستمل ُ‬ ‫ة ؛ لنها تح ّ‬ ‫ة مشرق ً‬ ‫متوّثب ً‬
‫*************************************‬
‫قل َ َ‬
‫ق‬ ‫ع ال َ‬
‫د ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪63‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن ربك يقو ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫م لك ّ‬ ‫صدَْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫﴿ أَ‬
‫ل من ح َ‬ ‫ك ﴾ ‪ :‬وهذا عا ّ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫دى ‪.‬‬ ‫ك الهُ َ‬ ‫َ‬
‫الحقّ وأبصَر النوَر ‪ ،‬وسل َ‬
‫ر‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫﴿أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ ‪ :‬إذا ً‬ ‫ّ‬
‫ر الل ِ‬ ‫من ِذك ِ‬ ‫ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫سي َ ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل ل ّل ْ َ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ّ‬
‫سيها ‪.‬‬ ‫ل يق ّ‬ ‫ح الصدور ‪ ،‬وباط ٌ‬ ‫فهناك حقّ يشر ُ‬
‫سل َم ِ﴾ ‪:‬‬ ‫فمن يرد الل ّ َ‬
‫صدَْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫﴿ َ َ‬
‫دد ‪.‬‬ ‫ل إليها إل المس ّ‬ ‫ة ل يص ُ‬ ‫ن غاي ٌ‬ ‫فهذا الدي ُ‬
‫ن‬ ‫ن يتيّق َ‬ ‫لم ْ‬ ‫عَنا ﴾ ‪ :‬يقوُلها ك ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫﴿ ل َ تَ ْ‬
‫رعاية اللهِ ‪ ،‬ووليته ولطفه ونصَره‪.‬‬
‫م‬ ‫عوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫﴿ال ّ ِ‬
‫م‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فَزادَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ل ﴾ ‪ :‬كفايُته تكفيك ‪ ،‬ووليُته تحميك ‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫﴿يا أ َ‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ن سلك هذهِ الجاّدة حصل على هذا‬ ‫لم ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ :‬وك ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الفوزِ ‪.‬‬
‫ت﴾ ‪ :‬وما سواهُ‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ل وليس بعزيزٍ ‪.‬‬ ‫ق ‪ ،‬ذلي ٌ‬ ‫ل غ َي ُْر با ٍ‬ ‫ي ‪ ،‬زائ ٌ‬ ‫ت غَي ُْر ح ّ‬ ‫فمي ّ ٌ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ع‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن}‪ {127‬إ ِ ّ‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ق ّ‬ ‫ضي ْ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ن﴾ ‪ :‬فهذهِ معيت ُ‬ ‫سُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬ ‫ّ‬ ‫قوا ّ‬ ‫ْ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ِ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ظ والرعايةِ والتأييدِ والوليةِ ‪ ،‬بحس ِ‬ ‫ة لوليائ ِهِ بالحف ِ‬ ‫الخاص ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫م وجهاِده ْ‬ ‫تقواه ْ‬
‫م ال َ ْ‬ ‫﴿ول َ ت َهُنوا ول َ ت َحزُنوا َ‬
‫كنُتم‬ ‫ن ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫عل َ ْ‬ ‫وأنت ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪ :‬علوّا في العبوديةِ والمكانةِ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫وّلوك ُ ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫قات ُِلوك ُ ْ‬ ‫وِإن ي ُ َ‬ ‫ذى َ‬ ‫م إ ِل ّ أ ً‬ ‫ضّروك ُ ْ‬ ‫﴿ َلن ي َ ُ‬
‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ل َ ُين َ‬ ‫الدَُباَر ث ُ ّ‬
‫َ‬ ‫ه َل َ ْ‬
‫زيٌز‬ ‫ع ِ‬ ‫ي َ‬ ‫و ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سِلي إ ِ ّ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ن أَنا َ‬ ‫غل ِب َ ّ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫﴿ك َت َ َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪64‬‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫سل ََنا َ‬ ‫صُر ُر ُ‬ ‫﴿ إ ِّنا ل ََنن ُ‬
‫د ﴾‪.‬‬ ‫ها ُ‬ ‫ش َ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫خَر ‪.‬‬ ‫ن يتأ ّ‬ ‫ف ‪ ،‬ووعد ٌ ل ْ‬ ‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫ني ْ‬ ‫وهذا عهد ٌ ل ْ‬
‫صيٌر ِبال ْ ِ‬ ‫فوض أ َ‬ ‫﴿ وأ ُ‬
‫عَباِد}‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مك َُروا﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قاهُ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫‪َ {44‬‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫وك ّ ِ‬ ‫فل ْي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ش إل يوما ً واحدا ً فَ َ‬ ‫ك ل تعي ُ‬ ‫ن وقد ّْر أن َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب وتثوُر ؟!‬ ‫ن في هذا اليوم ِ ‪ ،‬وتغض ُ‬ ‫فلماذا تحز ُ‬
‫ت فل تنتظر المساءَ ‪ ،‬وإذا‬ ‫في الثرِ ‪ )) :‬إذا أصبح َ‬
‫ح (( ‪.‬‬ ‫ر الصبا َ‬ ‫ت فل تنتظ ِ‬ ‫أمسي َ‬
‫ب ‪ ،‬فل‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫مك فَ َ‬ ‫ش في حدودِ يو ِ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن تعي َ‬
‫ل ‪ .‬قال الشاعُر ‪:‬‬ ‫تذكرِ الماضي ‪ ،‬ول تقلقْ من المستقب ِ‬
‫ت‬ ‫ما مضى فا َ‬ ‫ة التي‬ ‫ولك الساع ُ‬
‫ب واجترار‬ ‫مل غَي ْ‬
‫الماضي ‪ٌ،‬‬ ‫والمؤ ّ‬ ‫بالماضي ‪ ،‬وتذك َّر‬ ‫لفيها‬ ‫أنت‬
‫الشتغا َ‬ ‫ن‬
‫إ ّ‬
‫ت ‪ ،‬إنما‬ ‫ث التي انته ْ‬ ‫ت ‪ ،‬والكوار َ‬ ‫ت ومض ْ‬ ‫ب التي حدث ْ‬ ‫المصائ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ق والجنو ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ب من ال ُ‬ ‫ضْر ٌ‬ ‫هو َ‬
‫سرا ً حتى تأتَيه ‪.‬‬ ‫ج ْ‬ ‫ي ‪ :‬ل تعبْر ِ‬ ‫ل الصين ّ‬ ‫مث َ ُ‬‫يقول ال َ‬
‫مها‬ ‫مها وغمو َ‬ ‫ث وهمو َ‬ ‫ل الحواد َ‬ ‫ومعنى ذلك ‪ :‬ل تستعج ِ‬
‫كها ‪.‬‬ ‫شها وتدر َ‬ ‫حتى تعي َ‬
‫ة أيام ٍ ‪:‬‬ ‫ت ثلث ُ‬ ‫يقو ُ َ‬
‫م ‪ ،‬إنما أن َ‬ ‫ف ‪ :‬يا ابن آد َ‬ ‫حد ُ السل ِ‬ ‫لأ َ‬
‫ه فيه ‪.‬‬ ‫مك فاتقّ الل َ‬ ‫ت ‪ ،‬ويو ُ‬ ‫م يأ ِ‬ ‫ك ول ْ‬ ‫ك وقد ْ وّلى ‪ ،‬وغد ُ َ‬ ‫س َ‬‫أم ُ‬
‫ل‬‫م الماضي واليوم ِ والمستقب ِ‬ ‫ل همو َ‬ ‫ن يحم ُ‬ ‫شم ْ‬ ‫كيف يعي ُ‬
‫ن يتذكُر ما صار وما جرى ؟! فيعيده ُ على‬ ‫حم ْ‬ ‫؟! كيف يرتا ُ‬
‫مه ل ينفُعه ! ‪.‬‬ ‫ه ‪ ،‬وأل ُ‬ ‫مل ُ‬ ‫ذاكرت ِهِ ‪ ،‬ويتأل ُ‬
‫ت فل تنتظر المساءَ ‪ ،‬وإذا‬ ‫ومعنى ‪ )) :‬إذا أصبح َ‬
‫ن قصيَر‬ ‫ح ((‪ :‬أيْ ‪ :‬أن تكو ُ‬ ‫ر الصبا َ‬ ‫ت فل تنتظ ِ‬ ‫أمسي َ‬
‫ح بهمومك‬ ‫ل ‪ ،‬فل تطم ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن العَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ل ‪ ،‬تنتظُر ال َ‬ ‫الم ِ‬
‫ك عليه ‪،‬‬ ‫ش فيه ‪ ،‬فترك َّز جهود َ‬ ‫لغيرِ هذا اليوم ِ الذي تعي ُ‬
‫ما ً‬‫ك مهت ّ‬ ‫خلَق َ‬ ‫سنا ً ُ‬ ‫مك فيهِ ‪ ،‬مح ّ‬ ‫ب اهتما َ‬ ‫ك ‪ ،‬وتص ّ‬ ‫ب أعمال َ َ‬ ‫وُترت ّ َ‬
‫ك مع الخرين ‪.‬‬ ‫بصحِتك ‪ ،‬مصلحا ً أخلقَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪65‬‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫وقفــ ٌ‬
‫ه ‪ ،‬والمقدوُر واقعٌ ‪،‬‬ ‫ن القضاَء مفروغٌ من ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل أمرٍ مستقّر ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وك ّ‬ ‫طوي ْ‬ ‫ف ُ‬
‫ت ‪ ،‬والصح ُ‬ ‫جّف ْ‬‫م َ‬ ‫والقل ُ‬
‫ص‬‫خُر ‪ ،‬ول يزيد ُ ول ُينِق ُ‬ ‫م في الواقِع شيئا ً ول يؤ ّ‬ ‫فحزُنك ل يقد ّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫س‬ ‫ن ‪ ،‬وحب َ‬ ‫ف الزم ِ‬ ‫ن ‪ :‬لنك بحزِنك تريد ُ إيقا َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ي إلى الخل ِ‬ ‫ب الساعةِ ‪ ،‬والمش َ‬ ‫س ‪ ،‬وإعادةَ عقار ِ‬ ‫الشم ِ‬
‫ورد ّ النهرِ إلى منبعِهِ ‪.‬‬
‫وجاِء ُتفسد ُ الهواَء ‪،‬‬ ‫ن كالريِح اله ْ‬ ‫ن الحَز َ‬‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫وُتبعثُر الماَء ‪ ،‬وتغي ُّر السماَء ‪ ،‬وتكسُر الورود َ اليانعة في‬
‫الحديقةِ الغّناِء ‪.‬‬
‫ق ينحدُر من‬ ‫ن المحزون كالنهرِ الحم ِ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة‬
‫ت غزلها من بعد ِ قو ٍ‬ ‫ب في البحرِ ‪ ،‬وكالتي نقض ْ‬ ‫البحرِ ويص ّ‬
‫ب بإصبعهِ على‬ ‫أنكاثا ً ‪ ،‬وكالنافِِخ في قربةٍ مثقوبةٍ ‪ ،‬والكات ِ‬
‫الماِء ‪.‬‬
‫ة باِلك ‪،‬‬ ‫ي سعادُتك وراح ُ‬ ‫ك الحقيق ّ‬ ‫ن عمر َ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫م ‪ ،‬وتوّزع‬ ‫ن ‪ ،‬وتبذ ّْر ليالَيك في اله ّ‬ ‫ك في الحْز ِ‬ ‫فل ُتنفقْ أيام َ‬
‫ن‬ ‫ف في إضاعةِ حياِتك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ساعاِتك على الغموم ِ ول تسر ْ‬
‫ب المسرفين ‪.‬‬ ‫الله ل يح ّ‬
‫******************************‬
‫لفرح بتوبة الله عليك‬
‫ب سعادتك‬ ‫مك ‪ ،‬ويجل ُ‬ ‫مك وغ ّ‬ ‫له ّ‬ ‫ك ‪ ،‬ويزي ُ‬ ‫ح صدر َ‬ ‫أل يشر ُ‬
‫َ‬
‫فوا‬ ‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬‫ي ال ّ ِ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ل في عله ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ل رّبك ج ّ‬ ‫قو ُ‬
‫عَلى َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬‫ة الل ّ ِ‬‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫م َل ت َ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫م﴾ ؟‬ ‫حي ُ‬‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ميعا ً إ ِن ّ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ج ِ‬
‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬‫يَ ْ‬
‫م‪،‬‬ ‫حهِ ْ‬‫م ‪ ،‬وتأنيسا ً لروا ِ‬ ‫م بـ »يا عبادي« تأليفا ً لقلوب ِهِ ْ‬ ‫فخاط َب َهُ ْ‬
‫ب والخطايا‬ ‫م المكثرون من الذنو ِ‬ ‫ص الذين أسرُفوا ‪ ،‬لنه ُ‬ ‫وخ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪66‬‬
‫س من المغفرةِ‬ ‫ط واليأ ِ‬ ‫ن القنو ِ‬ ‫هم ع ِ‬ ‫رهم ؟! ونها ْ‬ ‫فكيف بغي ِ‬
‫ن تاب ‪ ،‬كبيرها وصغيَرها ‪،‬‬ ‫وأخبر أنه يغفُر الذنوب كّلها لم ْ‬
‫ف نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ ‪ ،‬و »الـ‬ ‫دقيقها وجليَلها ‪ .‬ثم وص َ‬
‫و‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ف التي تقتضي كمال الصفةِ ‪ ،‬فقال ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫« التعري ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ذا‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ل في عله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ح بقول ِهِ ج ّ‬ ‫أل تسعد ُ وتفر ُ‬
‫ه‬ ‫م ذَك َُروا ْ الل ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا ْ أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ب إ ِل ّ الل ّ ُ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ ؟!‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صّروا ْ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫سوءا ً أ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ل في عله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وقول ِهِ ج ّ‬
‫حيما ً ﴾ ؟!‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ر الل ّ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫فْر‬ ‫ه ن ُك َ ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ت ُن ْ َ‬ ‫جت َن ُِبوا ْ ك ََبآئ َِر َ‬ ‫وقول ِهِ ‪ِ ﴿ :‬إن ت َ ْ‬
‫ريما ً ﴾ ؟!‬ ‫خل ً ك َ َ ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫ون ُدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫موا ْ أن ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م ِإذ ظّل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫وقول ِهِ عّز من قائ ٍ‬
‫ل‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫فُروا ْ الل ّ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫جآ ُ‬ ‫َ‬
‫حيما ً ﴾ ؟!‬ ‫وابا ً ّر ِ‬ ‫ه تَ ّ‬ ‫دوا ْ الل ّ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫لَ َ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫من َتا َ‬ ‫فاٌر ل ّ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫وقول ِهِ تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫دى ﴾ ؟!‬ ‫هت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫صاِلحا ً ث ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ب إ ِّني‬ ‫م نفسا ً قال ‪َ﴿ :‬ر ّ‬ ‫ل موسى عليه السل ُ‬ ‫ولما قَت َ َ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فْر ِلي َ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ظَل َ ْ‬
‫ك‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫فْرَنا ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وقال عن داود َ بعدما تاب وأناب ‪َ ﴿ :‬‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫مآ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫فى َ‬ ‫عندََنا ل َُزل ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ه !! حتى إنه عرض رحمته‬ ‫م ُ‬ ‫ه وأكر َ‬ ‫حم ُ‬ ‫ه ما أر َ‬ ‫سبحان َ ُ‬
‫فَر‬ ‫قد ْ ك َ َ‬ ‫ث ‪ ،‬فقال عنهم ‪ ﴿ :‬ل ّ َ‬ ‫ل يلبتثلي ِ‬ ‫ن قا َ‬ ‫ومغفرته لم ْ‬
‫ه‬ ‫ه إ ِل ّ إ َِلـ ٌ‬ ‫ن إ َِلـ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ث ث َل َث َ ٍ‬ ‫ه َثال ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ل َي َ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫م َينت َ ُ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬ ‫حد ٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ن إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫فل َ ي َُتوُبو َ‬ ‫م}‪ {73‬أ َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫كَ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫فُرون َ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ه تبار َ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ه ‪ )) :‬يقو ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫ل ‪ ‬فيما ص ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫وتعالى ‪ :‬يا ابن آدم ‪ ،‬إنك ما دعوتني ورجوتني إل‬
‫ل تحزن‬
‫‪67‬‬
‫ت لك على ما كان منك ول أبالي ‪ ،‬يا ابن آدم ‪،‬‬ ‫غفْر ُ‬
‫م استغفرتني‬ ‫ء‪،‬ث ّ‬ ‫ن السما ِ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ت ذنوُبك َ‬ ‫و بلغ ْ‬ ‫ل ْ‬
‫ب‬ ‫ت لك ول أبالي ‪ ،‬يا ابن آدم ‪ ،‬لو أتيتني ب ُ‬ ‫ُ‬
‫قرا ِ‬ ‫غفر ُ‬
‫ك بي شيئا ً ‪ ،‬لتيُتك‬ ‫ض خطايا ثم لقيتني ل تشر ُ‬ ‫الر ِ‬
‫بقراِبها مغفرةً (( ‪.‬‬
‫ه‬
‫ط يد ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن الله يب ُ‬ ‫ه ‪ ‬أنه قال ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي الصحيح عن ُ‬
‫ط يدهُ بالنهار‬ ‫س ُ‬ ‫ر ‪ ،‬ويب ُ‬ ‫ب مسيءُ النها ِ‬ ‫ل ليتو َ‬ ‫باللي ِ‬
‫س من‬ ‫ع الشم ُ‬ ‫ل ‪ ،‬حتى تطل َ‬ ‫ليتوب مسيءُ اللي ِ‬
‫مغرِبها (( ‪.‬‬
‫م ُتذنبون‬ ‫ي ‪ )) :‬يا عبادي ‪ ،‬إنك ْ‬ ‫وفي الحديث القدس ّ‬
‫ب جميعا ً ‪،‬‬ ‫ر ‪ ،‬وأنا أغفُر الذنو َ‬ ‫ل والنها ِ‬ ‫باللي ِ‬
‫فاستغفروني أغفْر لكم (( ‪.‬‬
‫ه ‪ ،‬لو‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬والذي نفسي بيد ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫م ولجاءَ بقوم ٍ آخرين يذنبون‬ ‫ه بك ْ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫م تذنُبوا لذه َ‬ ‫ل ْ‬
‫‪ ،‬فيستغفرون الله ‪ ،‬فيغفُر لهم (( ‪.‬‬
‫م‬ ‫ه لو ل ْ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬والذي نفسي بيد ِ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ب ‪ ،‬وهو‬ ‫ت عليكم ما هو أشدّ من الذن ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ْ‬‫تذنبوا ل َ ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ع ْ‬‫ال ُ‬
‫طاءٌ ‪ ،‬وخيُر‬ ‫مخ ّ‬ ‫ث الصحيح ‪ )) :‬كّلك ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫طائين التوابون (( ‪.‬‬ ‫الخ ّ‬
‫ده من‬ ‫ة عب ِ‬ ‫ح بتوب ِ‬ ‫ه أفر ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬لل ُ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قا َ‬ ‫وص ّ‬
‫ه وشرابه ‪،‬‬ ‫م ُ‬‫ه ‪ ،‬عليها طعا ُ‬ ‫أحدكم كان على راحلت ِ ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ه في الصحراء ‪ ،‬فبحث عنها حتى أي ِ َ‬ ‫فضّلت من ُ‬
‫سه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫فنام ثم استيقظ فإذا هي عند رأ ِ‬
‫ة‬ ‫شد ِ‬ ‫ك ‪ .‬أخطأ من ّ‬ ‫م أنت عبدي ‪ ،‬وأنا رب ّ َ‬ ‫الله ّ‬
‫ح (( ‪.‬‬ ‫الفر ِ‬
‫ن عبدا ً أذنب ذنبا ً‬ ‫ل ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قا َ‬ ‫وص ّ‬
‫ب‬ ‫ه ل يغفُر الذنو َ‬ ‫فقال ‪ :‬اللهم اغفْر لي ذنبي فإن ُ‬
‫م اغفْر لي‬ ‫إل أنت ‪ ،‬ثم أذنب ذنبا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫ب إل أنت ‪ ،‬ثم أذنب ذنبا ً ‪،‬‬ ‫ذنبي فإنه ل يغفُر الذنو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪68‬‬
‫ب‬ ‫م اغفْر لي ذنبي فإنه ل يغفُر الذنو َ‬ ‫فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫ن له رب ّا ً‬ ‫م عبدي أ ّ‬ ‫ل عل ِ َ‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫إل أنت ‪ .‬فقال الل ُ‬
‫ل عبدي ما‬ ‫ب ‪ ،‬فليفع ْ‬ ‫ب‪ ،‬ويعفو عن الذن ِ‬ ‫يأخذُ بالذن ِ‬
‫شاء((‪.‬‬
‫م ‪ ،‬فإني‬ ‫ب ويستغفُر ويند ُ‬ ‫ه يتو ُ‬
‫والمعنى ‪ :‬ما دام أن ُ‬
‫أغفُر له ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫در‬
‫ء وق َ‬
‫ء بقضا ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫ل شي ٍ‬
‫ل السلم ِ ‪ ،‬أتباِع‬ ‫ل شيٍء بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬وهذا معتقد ُ أه ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ه‬
‫ن إل بعلم ِ الل ِ‬ ‫ه ل يقعُ شيٌء في الكو ِ‬ ‫ل الهدى ‪ ‬؛ أن ُ‬ ‫رسو ِ‬
‫ره ‪.‬‬ ‫وبإذِنه وبتقدي ِ‬
‫في‬ ‫وَل ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ض َ‬ ‫في الْر َ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ك‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ها إ ِ ّ‬ ‫ل أن ن ّب َْرأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫تا‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أن‬
‫سيٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ّ‬
‫على الل ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫قدَ ٍ‬ ‫قَناهُ ب ِ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫﴿ إ ِّنا ك ُ ّ‬
‫ص‬ ‫ق ٍ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫جو ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خو ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ء ّ‬‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫والن ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫والث ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬
‫ّ‬
‫ه‬
‫ن أمر َ‬ ‫ن !! إ ّ‬ ‫ر المؤم ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬عجبا ً لم ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ه سّراءُ شكر فكان خيرا ً له ‪،‬‬ ‫ن أصاْبت ُ‬ ‫كّله له خير ‪ ،‬إ ْ‬
‫س ذلك‬ ‫ن أصابْته ضّراءُ صبر فكان خيرا ً له ‪ ،‬ولي َ‬ ‫وإ ْ‬
‫إل للمؤمن (( ‪.‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ل الل َ‬ ‫ت فاسأ ِ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قال ‪ )) :‬إذا سأل َ‬ ‫وص ّ‬
‫ة لو‬ ‫ن الم َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬واعل ْ‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫وإذا استعنت فاستع ْ‬
‫ك إل‬ ‫ء لم ينفعو َ‬ ‫ن ينفعوك بشي ٍ‬ ‫عوا على أ ْ‬ ‫اجتم ُ‬
‫ه لك ‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ء قد كتب ُ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ه‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ء قدْ كتب ُ‬ ‫ء لم يضّروك إل بشي ٍ‬ ‫ك بشي ٍ‬ ‫يضّرو َ‬
‫ف (( ‪.‬‬ ‫ت الصح ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ‪ ،‬وج ّ‬ ‫ت القل ُ‬ ‫ك ‪ُ ،‬رفع ِ‬ ‫علي َ‬
‫م أن ما أصابك‬ ‫ث الصحيح أيضا ً ‪ )) :‬واعل ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫م يكن ليصيَبك (( ‪.‬‬ ‫كل ْ‬ ‫لم يكنع ِليخطَئك ‪ ،‬وما أخطأ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪69‬‬
‫م يا أبا هريرة‬ ‫ف القل ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬ج ّ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قا َ‬ ‫وص ّ‬
‫ق (( ‪.‬‬ ‫بما أنت ل ٍ‬
‫عك ‪،‬‬ ‫ص على ما ينف ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬احر ْ‬ ‫ه قا َ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أن ُ‬ ‫وص ّ‬
‫ت‬ ‫ل ‪ :‬لو أني فعل ُ‬ ‫ه ول تعجْز ‪ ،‬ول تق ْ‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫واستع ُ‬
‫ه وما شاءَ‬ ‫در الل ُ‬ ‫ل‪:‬ق ّ‬ ‫نق ْ‬ ‫كذا لكان كذا وكذا ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ه قضاءً‬ ‫ح عنه ‪ )) : ‬ل يقضي الل ُ‬ ‫ث صحي ٍ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫د إل كان خيرا ً له (( ‪.‬‬ ‫للعب ِ‬
‫خي ٌْر‬ ‫ي َ‬ ‫له َ‬ ‫ة عن المعصيةِ ‪ :‬ه ْ‬ ‫ن تيمي َ‬ ‫خ السلم ِ اب ُ‬ ‫سئل شي ُ‬ ‫ُ‬
‫طها من الندم ِ والتوبةِ ‪ ،‬والستغفاِر‬ ‫م بشر ِ‬ ‫للعبد ِ ؟ قا َ‬
‫ل ‪ :‬نع ْ‬
‫والنكسارِ ‪.‬‬
‫و‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫وقوُله سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫عسى َ‬
‫ه‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫يئ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫بو‬‫ّ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫و َ َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م ل َ تَ ْ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ي المقاديُر فُلمني‬ ‫ه َ‬ ‫تجري المقاديُر على‬
‫أو فَذ َْر‬
‫*****************‬ ‫غْرزِ ال ِب َْر‬
‫************************‬
‫ج‬
‫ر الفَر َ‬
‫انتظ ِ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ل العباد ِ‬ ‫ث عند الترمذيّ ‪ » :‬أفض ُ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ري ٍ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫صب ْ ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ج « ‪ ﴿ .‬أل َي ْ َ‬ ‫فَر ِ‬ ‫انتظاُر ال َ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬فانظْر إلى الصبا ِ‬ ‫ح المهمومين والمغمومين ل َ‬ ‫صُب ْ ُ‬
‫ح من الفّتاِح ‪.‬‬ ‫ب الَفت ْ َ‬ ‫وارتق ِ‬
‫ل انقطع « ‪.‬‬ ‫ب ‪ » :‬إذا اشتد ّ الحب ُ‬ ‫ل العر ُ‬ ‫تقو ُ‬
‫ت الموُر ‪ ،‬فانتظْر فرجا ً ومخرجا ً ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬إذا تأّزم ِ‬
‫عل ل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وقالَ سبحان َ ُ‬
‫ه‬‫عن ْ ُ‬ ‫فْر َ‬ ‫ه ي ُك َ ّ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل شأُنه‪َ ﴿ :‬‬ ‫لج ّ‬ ‫خَرجا ً ﴾ ‪ .‬وقا َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫عل ل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ َِ‬ ‫و َ‬ ‫جرا ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫هأ ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عظ ِ ْ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫سرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ب‪:‬‬ ‫وقالت العََر ُ‬
‫ه‬
‫م ي َْنجِلين ّ ْ‬ ‫تث ّ‬ ‫مرا ُ‬ ‫الغَ َ‬ ‫ه‬
‫ن ول يجن ّ ْ‬ ‫ثم يذهب ْ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪70‬‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬
‫س قد‬ ‫م فرٍج ب َعْد َ إيا ٍ‬ ‫ك ْ‬ ‫م سرورٍ قد أتى ب َعْد َ‬ ‫وك ْ‬
‫من يحسن الظن أتى‬
‫بذي‬ ‫من‬ ‫السى‬ ‫حل ْوَ الجَنى الرائقَ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫جنىبي ‪،‬‬ ‫عبدي‬ ‫ش‬
‫العر ِ‬ ‫سفاِح ‪ )) :‬أنا عند ظ ّ‬
‫ن‬ ‫ك ال ّ‬
‫الصحي‬ ‫ث ِ‬ ‫شوْ ِ‬ ‫وفي الحدي َ‬
‫ن بي ما شاءَ (( ‪.‬‬ ‫فْليظ ّ‬
‫ذُبوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قدْ ك ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫ذا ا ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫شاء ﴾ ‪.‬‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ج َ‬ ‫فن ُ ّ‬ ‫صُرَنا َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاء ُ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫سرًا}‪ {5‬إ ِ ّ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫ه سبحان َ ُ‬ ‫وقول ُ‬
‫سرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن‬‫ه حديثا ً ‪ )) : -‬ل ْ‬ ‫ضُهم يجعل ُ ُ‬ ‫ض المفسرين – وبع ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫سَرْين (( ‪.‬‬ ‫سٌر ي ُ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫يغل َ‬
‫مرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ث بعد ذَل ِ َ َ‬
‫كأ ْ‬ ‫د ُ َ ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه ‪ ﴿ :‬لَ َ‬ ‫وقال سبحان ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ب ﴾ ‪ ﴿.‬إ ِ ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صَر الل ّ ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫مه‪﴿ :‬أل إ ِ ّ‬ ‫ل اس ُ‬ ‫لج ّ‬ ‫وقا َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫صَر مع‬ ‫ن الن ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ث الصحيح ‪ )) :‬واعل ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ع الك ُْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫فَر َ‬ ‫ر ‪ ،‬وأن ال َ‬ ‫صب ْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وقال الشاعُر ‪:‬‬
‫إذا تضايقَ أمٌر‬ ‫ب المرِ أدناهُ‬ ‫فأقر ُ‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬ ‫فانتظْر فََرحا ً‬ ‫إلى الَفرِج‬
‫ت‬ ‫ن ونام ْ‬ ‫ت أعي ٌ‬ ‫سهر ْ‬ ‫ن أو‬ ‫ن تكو ُ‬ ‫في شؤو ٍ‬
‫ن‬
‫عيو ُ‬
‫ما‬ ‫م‬ ‫فدِع اله ّ‬ ‫ن‬
‫ن‬ ‫تكو ُُ‬ ‫جنو‬ ‫مل ُ‬ ‫ـلُنك الهمو َ‬
‫مـ‬
‫ن‬‫كا ْ َ‬ ‫ح‬
‫تماف ِ‬ ‫ك َ‬ ‫استطع َ‬ ‫إن رب ّا ً كفا‬ ‫ك في غدٍ‬ ‫س سيكفي َ‬ ‫ـ ِ‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬ ‫بالمـ‬ ‫ن‬
‫ما يكو ُ‬
‫دِع المقاديَر تجري‬ ‫ن إل خالي‬ ‫ول تنام ّ‬
‫ع ّي ِْتها‬
‫ن‬ ‫غمضةِأعن‬ ‫ن في‬ ‫ما بي َ‬ ‫ل‬
‫ل‬ ‫البا ٍِ‬ ‫من حا‬ ‫ه ِ‬ ‫يغي ُّر الل ُ‬
‫ٍ‬
‫وانتباهِتها‬
‫**************************‬ ‫ل‬‫إلى حا ِ‬ ‫**********‬
‫وقفــة‬
‫ل تحزن‬
‫‪71‬‬
‫ن أموالك التي في خزانِتك وقصوَرك‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫س‪:‬‬ ‫ن والسى واليأ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وبساتيَنك الخضراَء ‪ ،‬مع الحز ِ‬ ‫السامق َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫م َ‬‫ك وغ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك وه ّ‬‫سِف َ‬‫زيادة ٌ في أ َ‬
‫ن عقاقير الطباء ‪ ،‬ودواء الصيادلةِ ‪،‬‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ك ‪ ،‬وقد ْ أسكنت الحزن قلَبك ‪،‬‬ ‫ب ل تسعد ُ َ‬ ‫ة الطبي ِ‬ ‫ووصف َ‬
‫دك ‪.‬‬ ‫حك ‪ ،‬وألحفَته جل َ‬ ‫ت له جوان َ‬ ‫ت له عينك ‪ ،‬وبسط َ‬ ‫وفرش َ‬
‫ك الدعاَء ‪ ،‬وُتجيد ُ النطراح على‬ ‫ن ‪ :‬وأنت تمل ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ك‬ ‫ك الملو ِ‬ ‫ن المسكنة على أبواب مل ِ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وُتحس ُ‬ ‫ت الربوبي ِ‬ ‫عتبا ِ‬
‫ن‬‫ة تمريغ الجبي ِ‬ ‫ك ساع ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ولدي َ‬ ‫ث الخيُر من اللي ِ‬ ‫ك الثل ُ‬ ‫‪ ،‬ومع َ‬
‫في السجودِ ‪.‬‬
‫ك الرض وما فيها ‪ ،‬وأنبت‬ ‫خل َقَ ل َ‬ ‫ن الله َ‬‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ج‪،‬‬ ‫ج بهي ٍ‬ ‫ل زو ٍ‬ ‫ت بهجةٍ ‪ ،‬وبساتين فيها من ك ّ‬ ‫لك حدائقَ ذا َ‬
‫ت ‪ ،‬وخمائل‬ ‫ت له طلعٌ نضيد ٌ ‪ ،‬ونجوما ً لمعا ٍ‬ ‫ونخل ً باسقا ٍ‬
‫وجداول ‪ ،‬ولكّنك تحزن !!‬
‫ق‬
‫ب الماء الزلل ‪ ،‬وتستنش ُ‬ ‫ن ‪ :‬فأنت تشر ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ك آمنا ً‬ ‫الهواء الط ّْلق ‪ ،‬وتمشي على قدمْيك معافى ‪ ،‬وتنام ليل َ‬
‫‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ر‬
‫أكث ِْر من الستغفا ِ‬
‫فارًا}‪{10‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫ل‬
‫وا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫ددْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫مدَْرارًا}‪َ {11‬‬ ‫كم ّ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬‫ي ُْر ِ‬
‫هارا ً﴾ ‪.‬‬ ‫وبِنين ويجعل ل ّك ُم جّنات ويجعل ل ّك ُ َ‬
‫م أن ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ل ‪ ،‬والرزق‬ ‫ة البا ِ‬ ‫ح وراح َ‬ ‫فأكثر من الستغفارِ ‪ ،‬لترى الفَر َ‬
‫ث الغزيَر ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬والغي َ‬ ‫ل ‪ ،‬والذرية الصالح َ‬ ‫الحل ِ‬
‫﴿ وأ َ‬
‫كم‬ ‫ع ُ‬ ‫مت ّ ْ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫م ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فُروا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫نا ْ‬ ‫َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ل‬‫ض ٍ‬‫ف ْ‬ ‫ل ِذي َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫مى َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٍ‬ ‫سنا إ ِلى أ َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَتاعا ً َ‬‫ّ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫ضل َ ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪72‬‬
‫ل‬‫ر جع َ‬ ‫ن الستغفا ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬من أكثر م َ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ق‬
‫ل ضي ٍ‬ ‫فَرجا ً ‪ ،‬ومن ك ّ‬‫م َ‬
‫له ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫هم ْ‬ ‫هل ُ‬
‫الل ُ‬
‫مخرجا ً (( ‪.‬‬
‫ث الذي في البخاري ‪)) :‬‬ ‫ك بسي ّدِ الستغفار ‪ ،‬الحدي ُ‬ ‫وعلي َ‬
‫دك ‪،‬‬ ‫ه إل أنت ‪ ،‬خلقتني وأنا عب ُ‬ ‫م أنت ربي ل إل َ‬ ‫الله ّ‬
‫ت ‪ ،‬أعوذُ بك من‬ ‫دك ما استطع ُ‬ ‫دك ووع ِ‬ ‫وأنا على عه ِ‬
‫ي ‪ ،‬وأبوءُ بذنبي‬ ‫ك بنعمِتك عل ّ‬ ‫ت ‪ ،‬أبوءُ ل َ‬ ‫شّر ما صنع ُ‬
‫ه ل يغفُر الذنوب إل أنت((‪.‬‬ ‫فْر لي ‪ ،‬فإن ُ‬ ‫فاغ ِ‬
‫**********************************‬
‫ه دائما ً‬
‫ر الل ِ‬ ‫علي َ‬
‫ك بذك ِ‬
‫َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذك ْ‬ ‫قال سبحانه ‪ ﴿ :‬أل َ ب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫م﴾ ‪ .‬وقال ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫وقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫حوهُ ب ُك َْر ً‬
‫ة‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫كرا ً ك َِثيرًا}‪َ {41‬‬ ‫ه ِذ ْ‬ ‫مُنوا اذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫آ َ‬
‫مُنوا َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫صيل ً ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه ﴾ ‪ .‬وقال ‪﴿ :‬‬ ‫ر الل ِ‬ ‫عن ِذك ِ‬ ‫م َ‬ ‫ولدُك ْ‬ ‫ول أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫والك ْ‬ ‫م َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫ت ُل ِ‬
‫ك‬ ‫د َرب ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ت ﴾ ‪ .‬وقال ‪َ ﴿ :‬‬ ‫سي َ‬ ‫ذا ن َ ِ‬ ‫ك إِ َ‬‫كر ّرب ّ َ‬ ‫واذْ ُ‬ ‫َ‬
‫جوم ِ‬ ‫وإ ِدَْباَر الن ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ُ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫م}‪َ {48‬‬ ‫قو ُ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ِ‬
‫ذا ل َ ِ‬ ‫مُنوا ْ إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫فئ َ ً‬ ‫م ِ‬ ‫قيت ُ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه ك َِثيرا ً ل ّ َ‬ ‫واذْك ُُروا ْ الل ّ َ‬ ‫فاث ْب ُُتوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل الذي يذكُر رّبه‬ ‫مث َ ُ‬ ‫ث الصحيِح ‪َ )) :‬‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ت (( ‪.‬‬ ‫ي والمي ِ‬ ‫ل الح ّ‬ ‫مث َ ُ‬‫والذي ل يذكُر رّبه ‪َ ،‬‬
‫ق المفّردون (( ‪ .‬قالوا ‪ :‬ما‬ ‫سب َ َ‬ ‫وقوله ‪َ )) : ‬‬
‫ل اللهِ ؟ قال )) الذاكرون الله كثيرا ً‬ ‫المّفردون يا رسو َ‬
‫والذاكرات (( ‪.‬‬
‫كم‬ ‫ل أعمال ِ ِ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬أل أخبُركم بأفض ِ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ب‬ ‫ق الذه ِ‬ ‫م من إنفا ِ‬ ‫ر لك ْ‬ ‫م وخي ْ ٍ‬ ‫‪ ،‬وأزكاها عند مليك ِك ُ ْ‬
‫وكم فتضربوا‬ ‫م من أن تلقوا عد ّ‬ ‫ر لك ْ‬ ‫ق ‪ ،‬وخي ٍ‬ ‫ر ِ‬ ‫والو ِ‬
‫م (( ؟ قالوا ‪ :‬بلى يا رسول‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫م ويضربوا أعنا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫أعناق ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫اللهِ ‪ .‬قال ‪ِ )) :‬ذك ُْر الل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪73‬‬
‫ن رجل ً أتى إلى رسول ‪ ‬فقال ‪:‬‬ ‫وفي حديث صحيح ‪ :‬أ ّ‬
‫ت‬‫ي ‪ ،‬وأنا ك َب ِْر ُ‬
‫ت عل ّ‬ ‫ن شرائع السلم قد ْ ُ‬
‫كثَر ْ‬ ‫يا رسول اللهِ إ ّ‬
‫ل لسان ُ َ‬
‫ك‬ ‫ث بهِ ‪ .‬قال ‪ )) :‬ل يزا ُ‬ ‫فأخبْرني بشيٍء أتشب ّ ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫طبا ً بذك ِ‬
‫ر الل ِ‬ ‫ر ْ‬
‫*****************************************‬
‫ه‬
‫ح الل ِ‬
‫و ِ‬
‫ن َر ْ‬
‫سم ْ‬
‫ل تيأ ْ‬
‫ن‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫﴿ إن ّه ل َ ييأ َ‬
‫﴾‬ ‫فُرو َ‬
‫كا ِ‬ ‫و ُ‬
‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫ّ ْ ِ‬ ‫من‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ ُ‬
‫‪.‬‬
‫ذُبوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قدْ ك ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫ذا ا ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫صُرَنا ﴾ ‪.‬‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاء ُ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫جي ال ْ ُ‬ ‫ك ُنن ِ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬‫م َ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬
‫﴿ َ‬
‫ي‬
‫ك اب ْت ُل ِ َ‬‫هَنال ِ َ‬ ‫ه الظُّنوَنا}‪ُ {10‬‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫وت َظُّنو َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ديدا ً﴾ ‪.‬‬ ‫ش ِ‬ ‫زل َْزال ً َ‬ ‫زلوا ِ‬
‫وُزل ْ ِ ُ‬‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫******************************************‬
‫من أساء إلي َ‬
‫ك‬ ‫فع ّ‬
‫اع ُ‬
‫م من‬ ‫ظ ‪ ،‬وهو الذي يدفُعه المنتق ُ‬ ‫ص الباه ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن الَق َ‬ ‫ثم ُ‬
‫مهِ ‪،‬‬ ‫مهِ ود ِ‬ ‫م ‪ :‬يدفُعه من قلِبه ‪ ،‬ومن لح ِ‬ ‫س ‪ ،‬الحاقد ُ عليه ْ‬ ‫النا ِ‬
‫ن‬
‫من أعصاِبه ومن راحت ِهِ ‪ ،‬وسعادِته وسرورِهِ ‪ ،‬إذا أراد أ ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫حَقد َ ‪ .‬إنه الخاسُر بل ش ّ‬ ‫م أو َ‬ ‫ب عليهِ ْ‬ ‫يتشّفى ‪ ،‬أو غض َ‬
‫جهِ ‪،‬‬ ‫ه سبحانه وتعالى بدواِء ذلك وعل ِ‬ ‫وقد ْ أخبَرنا الل ُ‬
‫س ﴾‪.‬‬ ‫ن َ الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫غي ْ َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫فقا َ‬
‫فو ْ‬
‫ن‬ ‫ع ِ‬‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫مْر ِبال ْ ُ‬ ‫وأ ُ‬ ‫ع ْ َ َ‬ ‫ذ ال ْ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل‪ُ ﴿:‬‬ ‫وقا َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ك‬‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬
‫ه‬ ‫ف ْ‬‫ل ‪ ﴿ :‬ادْ َ‬ ‫وقا َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫عداوةٌ ك َأ َ‬
‫مي ٌ‬‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ه َ َ َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬‫َ‬
‫*************************************‬
‫عندك نعم كثيرة‬
‫ل تحزن‬
‫‪74‬‬
‫فك ّْر في ن ِعَم ِ اللهِ الجليلةِ وفي أعطيات ِهِ الجزيلةِ ‪،‬‬
‫ك مغموٌر بأعطيات ِهِ ‪.‬‬ ‫م أن َ‬ ‫واشك ُْره ُ على هذهِ النعم ِ ‪ ،‬واعل ْ‬
‫ه لَ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫دوا ْ ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫وِإن ت َ ُ‬ ‫قال سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ه َ‬ ‫وقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م نِ َ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬‫غ َ‬
‫سب َ َ‬
‫وأ ْ‬‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬ ‫و َ‬‫وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫عل‬ ‫ج َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫مهِ عليهِ ‪ ﴿ :‬أل َ ْ‬ ‫وقال سبحانه وهو يقرُر العبد ُ بنع ِ‬
‫ه‬
‫هدَي َْنا ُ‬ ‫و َ‬‫ن}‪َ {9‬‬ ‫فت َي ْ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫و َ‬ ‫سانا ً َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ن}‪َ {8‬‬ ‫عي ْن َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫لّ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جدَي ْ ِ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫ة‬‫ة العافيةِ ‪ ،‬ونعم ُ‬ ‫ة الحياةِ ‪ ،‬ونعم ُ‬ ‫م ت َت َْرى ‪ :‬نعم ُ‬ ‫ع ٌ‬
‫نِ َ‬
‫ن والرجلْين ‪ ،‬والماِء والهواِء ‪،‬‬ ‫ة البصرِ ‪ ،‬واليدي ِ‬ ‫السمِع ‪ ،‬ونعم ُ‬
‫م(‪.‬‬ ‫ة الهدايةِ الربانية‪ ) :‬السل َ ُ‬ ‫والغذاِء ‪ ،‬ومن أجّلها نعم ُ‬
‫س ‪ :‬أتريد ُ بليون دولر في عينيك ؟ أترُيد بليون‬ ‫ل أحد ُ النا ِ‬‫يقو ُ‬
‫دولرٍ في أذنيك ؟ أتريد ُ بليون دولر في رجليك ؟ أتريد ُ بليون‬
‫م من‬ ‫دولرٍ في يديك ؟ أتريد ُ بليون دولرٍ في قلبك ؟ ك ْ‬
‫شك َْرها !! ‪.‬‬ ‫ت ُ‬ ‫ل الطائلةِ عندك وما أدي َ‬ ‫الموا ِ‬
‫****************************************‬
‫الدنيا ل تستحق الحزن عليها‬
‫م‬
‫ن ل تهت ّ‬ ‫ميها ويعمُقها ‪ :‬أ ْ‬ ‫ت السعادة وين ّ‬ ‫ن مما يثب ُ‬ ‫إ ّ‬
‫مه الخرة ُ ‪.‬‬ ‫ب الهمةِ العاليةِ ه ّ‬ ‫بتوافهِ المورِ ‪ ،‬فصاح ُ‬
‫م‬‫ل اله ّ‬ ‫صي أحد إخواِنه ‪ :‬اجع ْ‬ ‫ف وهو ُيو ِ‬ ‫قال أحد ُ السل ِ‬
‫ف‬ ‫م الوقو ِ‬ ‫م الخرة ‪ ،‬ه ّ‬ ‫م لقاِء اللهِ عز وجل ‪ ،‬ه ّ‬ ‫ما ً واحدا ً ‪ ،‬ه ّ‬ ‫ه ّ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫في َ ٌ‬‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫فى ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ن َل ت َ ْ‬ ‫ضو َ‬‫عَر ُ‬ ‫ذ تُ ْ‬ ‫مئ ِ ٍ‬ ‫و َ‬
‫بين يدي ْهِ ‪ ﴿ ،‬ي َ ْ‬
‫م هذه‬ ‫م ‪ ،‬أي ّ ه ّ‬ ‫ل من هذا اله ّ‬ ‫م إل وهي أق ّ‬ ‫فليس هناك همو ٌ‬
‫الحياةُ ؟ مناصِبها ووظاِئفها ‪ ،‬وذهِبها وفضِتها وأولِدها ‪،‬‬
‫هها وشهرِتها وقصوِرها ودوِرها ‪ ،‬ل شيء !!‬ ‫وأمواِلها وجا ِ‬
‫ءه ُ المنافقين فقال ‪﴿ :‬‬ ‫ل وعل قد وصف أعدا َ‬ ‫هج ّ‬ ‫والل ُ‬
‫مهم ‪:‬‬ ‫ق ﴾ ‪ ،‬فه ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫غي َْر ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م ي َظُّنو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َأن ُ‬‫ه ْ‬ ‫مت ْ ُ‬
‫ه ّ‬‫أَ َ‬
‫ة أبدا ً !‬ ‫م عالي ٌ‬ ‫م ٌ‬‫م هِ َ‬ ‫سْهم وبطوُنهم وشهواُتهم ‪ ،‬وليست له ْ‬ ‫أنف ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪75‬‬
‫ت الشجرةِ انفلت أحد ُ المنافقين‬ ‫ما بايع ‪ ‬الناس َنح َ‬ ‫ول ّ‬
‫حصولي على جملي هذا‬ ‫ل‪:‬ل ُ‬ ‫ه أحمر ‪ ،‬وقا َ‬ ‫لل ُ‬ ‫م ٍ‬‫ج َ‬
‫ث عن َ‬ ‫يبح ُ‬
‫ب‬ ‫م مغفوٌر له إل ّ صاح َ‬ ‫م ‪ .‬فوَرد َ ‪ » :‬كّلك ْ‬ ‫ي من بْيعت ِك ُ ْ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫أح ّ‬
‫ل الحمرِ « ‪.‬‬ ‫الجم ِ‬
‫ه ‪ ،‬وقال لصحابهِ ‪ :‬ل‬ ‫ه نفس ُ‬ ‫ن أحد المنافقين أهمت ْ ُ‬ ‫إ ّ‬
‫حّرا ً‬ ‫شد ّ َ‬ ‫م أَ َ‬ ‫هن ّ َ‬‫ج َ‬ ‫ل َناُر َ‬ ‫ق ْ‬ ‫تنفروا في الحّر ‪ .‬فقال سبحانه ‪ُ ﴿ :‬‬
‫﴾‪.‬‬
‫سه ‪،‬‬ ‫مه نف ُ‬ ‫فت ِّني ﴾ ‪ .‬وه ّ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ذن ّلي َ‬ ‫وقال آخُر ‪ ﴿ :‬ائ ْ َ‬
‫طوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ق ُ‬ ‫س َ‬‫ة َ‬ ‫في ال ْ ِ‬
‫فت ْن َ ِ‬ ‫فقال سبحانه ‪ ﴿ :‬أ َل َ ِ‬
‫وال َُنا‬ ‫َ‬
‫غل َت َْنا أ ْ‬
‫م َ‬ ‫ش َ‬ ‫هم ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م وأهلو ْ‬ ‫م أموال ُهُ ْ‬ ‫وآخرون أهمت ْهُ ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة الرخيص ُ‬ ‫م التافه ُ‬ ‫فْر ل ََنا ﴾ ‪ .‬إنِها الهمو ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫فا ْ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫هُلوَنا َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫التي يحمُلها التافهون الرخيصون ‪ ،‬أما الصحابة الجل ُّء فإنه ْ‬
‫يبتغون فضل ً من اللهِ ورضوانا ً ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫م‬
‫ن واطرِد اله ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة بطال َ ٌ‬‫ل ‪ ،‬والعطال َ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬والفراغُ قات ٌ‬ ‫ة المؤمن غ َْفل َ ٌ‬ ‫راح ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن الفارغو َ‬ ‫س هموما ً وغموما ً وكدرا ً العاطلو َ‬ ‫وأكثُر النا ِ‬
‫ل الجاد ّ‬ ‫س من العم ِ‬ ‫ل المفالي ِ‬ ‫س ما ِ‬‫س رأ ُ‬ ‫ف والهواج ُ‬ ‫والراجي ُ‬
‫المثمرِ ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ح ‪ ،‬واكت ْ‬ ‫ل وسب ّ ْ‬ ‫ل وطالعْ ‪ ،‬وات ْ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وزاو ْ‬ ‫فتحّرك واعم ْ‬
‫ة للفراِغ ‪ ،‬إنك يوم‬ ‫ل دقيق ً‬‫ن وقِتك ‪ ،‬ول تجع ْ‬ ‫وُزْر ‪ ،‬واستفد ْ م ْ‬
‫س‪،‬‬ ‫س والوساو ُ‬ ‫م ‪ ،‬والهاج ُ‬ ‫م والغ ّ‬‫ل عليك اله ّ‬ ‫تفرغ ُ يدخ ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ب الشيطا ِ‬ ‫ح ميدانا ً للعي ِ‬ ‫وتصب ُ‬
‫*************************************‬
‫اطلب ثوابك من ربك‬
‫ل عملك خالصا ً لوجهِ اللهِ ‪ ،‬ول تنتظْر شكرا ً من أحدٍ‬ ‫اجع ْ‬
‫س ‪ ،‬ووجدته‬ ‫م إذا أحسنت لحد ٍ من النا ِ‬ ‫م ول تغت ّ‬
‫‪ ،‬ول تهت ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪76‬‬
‫لئيما ً ‪ ،‬ل يقد ّْر هذهِ اليد البيضاء ‪ ،‬ول الحسنة التي أسديتها‬
‫ب أجرك من اللهِ ‪.‬‬ ‫إليه ‪ ،‬فاطل ْ‬
‫ه‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫يقول سبحانه عن أولياِئه ‪ ﴿ :‬ي َب ْت َ ُ‬
‫ضوانا ً ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه عن أنبياِئه ‪ ﴿ :‬وما أ َ َ‬
‫م‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ر ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م﴾ ‪﴿.‬‬ ‫و ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬‫ر َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ر﴾‪ُ ﴿.‬‬ ‫ج ٍ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ما ن ُطْ ِ‬ ‫جَزى﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِن ّ َ‬ ‫ة تُ ْ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬‫من ن ّ ْ‬ ‫عندَهُ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ما ِل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫كورا ً﴾ ‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫وَل ُ‬ ‫جَزاء َ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ريدُ ِ‬ ‫ه َل ن ُ ِ‬ ‫ه الل ّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫لِ َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ل الخيَر ل‬ ‫ن يفع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ف بين‬ ‫ب الُعر ُ‬ ‫ل يذه ُ‬
‫ه‬
‫بجوازِي َ ُ‬ ‫يعدم‬ ‫س‬ ‫اللدهِ والنا‬
‫ح‬ ‫ويعطي ويمن ُ‬ ‫وحدهُ فهو الذي ُيثي ْ ُ‬ ‫الحد ِ‬ ‫ل الواح َ‬ ‫فعام ِ‬
‫ه وتعالى ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬سبحان ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ويرضى ويغض ُ‬ ‫ب ويحاس ُ‬ ‫‪ ،‬ويعاق ُ‬
‫ل شهداُء بقندهار ‪ ،‬فقال عمُر للصحابةِ ‪ :‬من القتلى ؟‬ ‫ُقت َ‬
‫ت عينا‬ ‫س ل تعرُفهم ‪ .‬فدمع ْ‬ ‫ه السماء ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬وأنا ٌ‬ ‫فذكروا ل ُ‬
‫مهم ‪.‬‬ ‫ن الله يعل َ ُ‬ ‫عمَر ‪ ،‬وقال ‪ :‬ولك ّ‬
‫ذجا ً ) من أفخ ِ‬
‫ر‬ ‫م أحد ُ الصالحين رجل ً أعمى فالوْ َ‬ ‫وأطع َ‬
‫ل!‬ ‫ت ( ‪ ،‬فقال أهُله ‪ :‬هذا العمى ل يدري ماذا يأك ُ‬ ‫الكل ِ‬
‫ن الله يدري !‬ ‫ل ‪ :‬لك ّ‬ ‫فقا َ‬
‫دمته من خيرٍ ‪،‬‬ ‫م ما ق ّ‬ ‫مط ّل ِعٌ عليك ويعل ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ما دام أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬فما عليك من‬ ‫ن فض ٍ‬ ‫هم ْ‬ ‫وما عملته من ب ِّر وما أسديت ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫********************************‬
‫ل‬ ‫ع ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫ن وع ْ‬
‫ذل ال ُ‬ ‫لوم اللئمي َ‬
‫ضروك ُم إل ّ أ َ‬
‫ما‬‫م ّ‬
‫ق ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫﴿‬ ‫﴾‬ ‫ذى‬‫ً‬ ‫ْ َِ‬ ‫﴿ َلن ي َ ُ ّ‬
‫فى‬ ‫وك َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫عأ َ‬ ‫ود َ ْ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫مك ُُرو َ‬
‫يَ ْ‬
‫قاُلوا ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ما َ‬ ‫م ّ‬
‫ه ِ‬ ‫فب َّرأهُ الل ّ ُ‬ ‫كيل ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبالل ّ ِ‬
‫ل يضّر البحَر أمسى‬ ‫م‬ ‫ن رمى فيهِ غل ٌ‬ ‫أ ْ‬
‫قالا ً‪ )) : :‬ل‬ ‫ن الرسول ‪‬زاخر‬ ‫حسن أ ّ‬ ‫جْر‬ ‫ح َ‬ ‫وفي حدي ب ِ ٍ َ‬
‫ث‬
‫ج‬
‫ن أخر َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫تبّلغوني عن أصحابي سوءا ً ‪ ،‬فإني أ ُ ِ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫صد ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫م وأنا سلي ُ‬ ‫إليك َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪77‬‬
‫***********************************‬
‫د ‪ ،‬فإن‬
‫ت الي ِ‬
‫ة ذا ِ‬‫ن قل ّ ِ‬
‫نم ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة‬
‫سلم ُ‬ ‫ة معها ال ّ‬ ‫قل ّ ُ‬‫ال ِ‬
‫ة‪،‬‬‫ة فيها السلم ُ‬ ‫ح ‪ ،‬والقل ّ ُ‬ ‫ت الرو ُ‬ ‫م تعقد ِ‬ ‫ه الجس ُ‬ ‫كّلما ترفّ َ‬
‫ه لمن شاَء من‬ ‫دمها الل ُ‬ ‫ة يق ّ‬‫ة عاجل ٌ‬ ‫والزهد ُ في الدنيا راح ٌ‬
‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫ث اْلْر َ‬ ‫ر ُ‬
‫ن نَ ِ‬‫ح ُ‬ ‫عبادهِ ‪ ﴿ :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫قال أح ُ‬
‫ماٌء وخبٌز وظ ِ ّ‬
‫ل‬ ‫ل‬‫ج ّ‬ ‫م ال َ‬ ‫ذاك النعي ُ‬
‫ة رّبي‬ ‫ت نعم َ‬ ‫كفر ُ‬ ‫ل‬ ‫مق ّ‬ ‫ت إني ُ‬ ‫ن قل ُ‬ ‫إ ْ‬
‫ف !!‬ ‫ل وار ٌ‬ ‫ئ ‪ ،‬وظ ٌ‬ ‫ي الدنيا إل ماٌء بارد ٌ وخبٌز داف ٌ‬ ‫ما ه َ‬
‫وقال الشافعي ‪:‬‬
‫أمطري لؤلؤا ً سماء‬ ‫ب وفِيضي آباَر‬ ‫ـ َ‬
‫نديـ‬ ‫تسر‬ ‫برا‬ ‫رور ت‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫لسْ ُ‬ ‫ن عش ُ‬ ‫أنا إ ْ‬ ‫ت‬ ‫لس ِ ُ‬ ‫ت‬‫وإذا تمك ُ ّ‬
‫الملو ً‬
‫ك‬‫قوتا ِ‬ ‫م‬‫أعد ُ‬ ‫ة‬
‫م ُ‬‫متي هِ ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫ترى‬ ‫مّرقبرا‬ ‫أعدح ُ‬ ‫س‬
‫نف ُ‬
‫م‪،‬‬ ‫ونفسيدعوت ِهِ ْ‬ ‫صادقين في‬ ‫م ‪ ،‬ال ّ‬ ‫فرابمبادِئه ْ‬ ‫ة كُ ْ‬
‫الواثقين‬‫المذل ّ َ‬ ‫إنها عّزة ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫الجاّدين في رسالت ِهِ ْ‬
‫*********************************‬
‫و ّ‬
‫قع‬ ‫ما ي ُت َ َ‬
‫نم ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ن!‬ ‫ُوجد َ في التوراةِ مكتوبا ً ‪ :‬أكثُر ما ُيخاف ل يكو ُ‬
‫ن‬
‫س ل يقعُ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ه النا ُ‬ ‫ن كثيرا ً مما يتخوّفُ ُ‬ ‫ومعناه ُ ‪ :‬إ ّ‬
‫ن‪.‬‬‫ث في العيا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬أكُثر من الحواد ِ‬ ‫م في الذها ِ‬ ‫الوها َ‬
‫ن ول‬ ‫ل وتأ ّ‬ ‫ت بمصيبةٍ ‪ ،‬فتمهّ ْ‬ ‫ث ‪ ،‬وسمع َ‬ ‫إذا جاءك حد ٌ‬
‫حة لها ‪ ،‬إذا‬ ‫ن كثيرا ً من الخبارِ والتوّقعات ل ص ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫تحز ْ‬
‫ن فأين‬ ‫ه‪ ،‬وإذا لم يك ْ‬ ‫ث عن ُ‬ ‫ف للقدرٍ فُيبح ُ‬ ‫كان هناك صار ٌ‬
‫ن؟!‬ ‫يكو ُ‬
‫صيٌر ِبال ْ ِ‬ ‫فوض أ َ‬ ‫﴿ َأ ُ‬
‫عَباِد}‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه بَ ِ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مكُروا ﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫قاهُ الل ُ‬ ‫و َ‬
‫ف َ‬‫‪َ {44‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪78‬‬
‫***********************************‬
‫ساِد‬
‫ح ّ‬
‫ل وال ُ‬
‫ل الباط ِ‬ ‫ن ْ‬
‫قد أه ِ‬
‫م‬ ‫رك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م – على صب ِ‬ ‫م وحسدهِ ْ‬ ‫فإنك مأجوٌر – من نقده ْ‬
‫س كلبا ً ميتا ً ‪،‬‬ ‫ن الناس ل ترف ُ‬ ‫م يساوي قيمتك ‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫ن نقدهُ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ساد لهم ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫والتافهين ل ُ‬
‫م‪:‬‬ ‫ده ْ‬ ‫قال أح ُ‬
‫إن العرانين تلقاها‬ ‫س‬ ‫ول ترى ل ِل َِئام ِ النا ِ‬
‫سدةً‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫ُ‬ ‫سادا‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫وقال الخر ‪:‬‬
‫دوا الفتى إذ ْ لم‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬‫َ‬ ‫ه‬‫س أعداٌء ل ُ‬ ‫فالنا ُ‬
‫هِء‬ ‫ينالوا سعي َ‬
‫الحسنا ُ‬ ‫كضرائرِ‬ ‫م‬
‫ه‬ ‫وخصوإن ُ ُ‬ ‫حسدا ً ومقتا ً‬
‫قُْلن لوجهَِها‬ ‫م‬
‫لذمي ُ‬
‫وقال زهيٌر ‪:‬‬
‫دون على ما‬ ‫س ُ‬ ‫مح ّ‬ ‫ُ‬ ‫م ما‬ ‫ل ينزعُ الله منه ْ‬
‫وقالم ٍآخُر ‪:‬‬ ‫كان من ن ِعَ‬ ‫سدوا‬ ‫ح ِ‬ ‫له ُ‬
‫م يحسدوني على‬ ‫ه ْ‬ ‫تل‬ ‫حتى على المو ِ‬
‫موتي فوا أسفا ً‬ ‫ن الحسدِ‬ ‫م َ‬ ‫أخلو ِ‬
‫الشاعُر ‪:‬‬ ‫ل‬‫وقا ُ‬
‫من ظلم ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫وشكو َ‬ ‫ذا سؤددٍ إل ُأصيب‬
‫تجمد ِْ‬ ‫الكرا‬ ‫ن‬
‫سبطول ْ‬ ‫الوشاةِ‬
‫ل زلت يا ِ‬ ‫غي ُدِ‬
‫ر‬ ‫س‬
‫ح ّ‬ ‫نُ‬‫ه المسكي ب ُ‬ ‫والتاف ُ‬
‫ه‬
‫فقال الل ُ‬ ‫سدا ً‬ ‫مح ّ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫س عن ُ‬ ‫سدِيك ّ‬ ‫محأ ْ‬ ‫سأ َ‬
‫ة النا ِ‬ ‫ف ألسن َ‬ ‫نّ‬ ‫ب‬‫ل موسى ر ّ‬
‫ت ذلك لنفسي ‪،‬‬ ‫ل ‪ )) :‬يا موسى ‪ ،‬ما اتخذ ُ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫م ‪ ،‬وإنهم يسّبون َِني‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬‫قهم وأرز ُ‬ ‫إني أخل ُ‬
‫ويشُتمونِني (( !!‬
‫ل‪:‬‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ه قال ‪ )) :‬يقو ُ‬ ‫ه ‪ ‬أن ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫وص ّ‬
‫ن آدم ‪ ،‬وما ينبغي له‬ ‫م ‪ ،‬ويشتمني اب ُ‬ ‫ن آد َ‬ ‫يسّبني اب ُ‬
‫ب الدهر ‪ ،‬وأنا الدهُر ‪،‬‬ ‫ه يس ّ‬ ‫م سّبه إياي فإن ُ‬ ‫ذلك ‪ ،‬أ ّ‬
‫مه إياي ‪،‬‬ ‫ل والنهاَر كيف أشاءُ ‪ ،‬وأما شت ُ‬ ‫ب اللي َ‬ ‫أقل ّ ُ‬
‫ة‬‫س لي صاحب ٌ‬ ‫ة وولدا ً‪ ،‬ولي َ‬ ‫ن لي صاحب ً‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫فيقو ُ‬
‫د((‪.‬‬ ‫ول ول ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪79‬‬
‫ة البشرِ عن فْري‬ ‫ن تستطيع أن تعتقل ألسن َ‬ ‫كل ْ‬ ‫إن َ‬
‫ل الخيَر ‪ ،‬وتجتنب كلمهم‬ ‫ضك ‪ ،‬ولكنك تستطيعُ أن تفع َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ونقدهم ‪.‬‬
‫م‪:‬‬ ‫قال حات ٌ‬
‫ن‬
‫وكلمةِ حاسد ٍ م ْ‬ ‫مّري‬ ‫ت ٌ‬ ‫ت فقل ُ‬ ‫سمع ُ‬
‫يجْرم ِ‬
‫ولم‬ ‫علرِ ّ‬ ‫وعابوها غي‬ ‫فانفذيأبدا ً‬
‫ني‬ ‫ولم يند لها‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬ ‫تعِْبني‬ ‫جبيني‬
‫ولقد ْ أمّر على‬ ‫تل‬ ‫مة قل ُ‬ ‫ت ثَ ّ‬ ‫فمضي ُ‬
‫ث‪:‬‬ ‫بني ثال ٌ‬ ‫وقال‬ ‫س ّ‬‫السفيهِ ي ُ‬ ‫يعنيني‬
‫ه فل‬ ‫سفي ُ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫إذا ن َط َ َ‬ ‫ن إجاب ِِته‬ ‫م ْ‬ ‫فخيٌر ِ‬
‫من النبلِء‬ ‫ه‬
‫جب ْ ُ‬ ‫تُ‬
‫سافرا ً ِ‬ ‫ديا ً‬‫والمخوسين يجدون تح ّ‬ ‫ت‬‫ن التافهين السكو ُ‬ ‫إ ّ‬
‫واللمعين والجهابذةِ ‪.‬‬
‫إذا محاسني اللئي أ ُدِ ّ‬
‫ل‬ ‫ل لي‬ ‫ت ذنوبي فَُق ْ‬ ‫كان ْ‬
‫بها‬ ‫ً‬ ‫ُ كيف أعتذُر؟!‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ارتفع‬ ‫إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫اضطراب‬ ‫يعيشون‬ ‫ب‬ ‫أهل الثراِء في الغال ِ‬
‫ة‬ ‫مَز ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل ل ّك ُ ّ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ط الدم ِ عندهم ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ض ضغ ُ‬ ‫مهم انخف َ‬ ‫أسه ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫بأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه}‪ {2‬ي َ ْ‬ ‫عدّدَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫مال ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة}‪ {1‬ال ّ ِ‬ ‫مَز ٍ‬ ‫لّ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫حط َ َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه}‪ {3‬ك َّل ل َُينب َذَ ّ‬ ‫خل َدَ ُ‬‫ه أَ ْ‬ ‫مال َ ُ‬‫َ‬
‫صحيح ‪ ،‬ثم أدْر‬ ‫ٌ‬ ‫ل ما هو‬ ‫ب ‪ :‬افع ْ‬ ‫ل أحد ُ أدباِء الغَْر ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ف!‬ ‫ل نقد ٍ سخي ٍ‬ ‫ظهرك لك ّ‬
‫ة‬
‫ب ‪ :‬ل ترد ّ على كلمةٍ جارح ٍ‬ ‫د والتجار ِ‬ ‫ومن الفوائ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن المعاي ِ‬ ‫ل دف ُ‬ ‫ن الحتما َ‬ ‫فيك ‪ ،‬أو مقولةٍ أو قصيدةٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ة وشر ٌ‬ ‫والحلم عّز ‪ ،‬والصمت يقهُر العداء ‪ ،‬والعفو مثوب ٌ‬
‫ف الخُر ما‬ ‫ف الذين يقرؤون الشتم فيك نسوه ُ ‪ ،‬والنص ُ‬ ‫ونص ُ‬
‫خ‬ ‫س ْ‬ ‫ة ! فل ُتر ّ‬ ‫ب وما القضي ُ‬ ‫قرؤوه ‪ ،‬وغيرهم ل يدرون ما السب ُ‬
‫ه بالرد ّ على ما قيل ‪.‬‬ ‫مق ُ‬ ‫ذلك أنت وتع ّ‬
‫ص‬ ‫س مشغولون عني وعنك بنق ِ‬ ‫ل أحد ُ الحكماِء ‪ :‬النا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫دهم يُنسيهم موتي وموتك ‪.‬‬ ‫ن ظمأ أح ِ‬ ‫زهم ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫خب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪80‬‬
‫ت مليء‬‫ة مع خبز الشعيرِ ‪ ،‬خيٌر من بي ٍ‬
‫ت فيه سكين ٌ‬
‫بي ٌ‬
‫بأعدادٍ شهيةٍ من الطعمةِ ‪ ،‬ولكنه روضة للمشاغبة والضجيج‬
‫‪.‬‬
‫***********************************‬
‫وقفــة‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب يحو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والمصا َ‬ ‫ض يزو ُ‬ ‫ن المر َ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب‬ ‫ك ‪ ،‬والغائ َ‬ ‫س ُيف ّ‬‫ن ُيقضى ‪ ،‬والمحبو َ‬ ‫ب ُيغفُر ‪ ،‬والد ّي ْ َ‬ ‫والذن َ‬
‫ب ‪ ،‬والفقيَر يغتني ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬والعاصي يتو ُ‬ ‫يقد ُ‬
‫ن ‪ :‬أما ترى السحاب السود كيف ينقشعُ ‪،‬‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫صَر كيف تسك ُ‬ ‫صْر َ‬ ‫والليل البهيم كيف ينجلي ‪ ،‬والريح ال ّ‬
‫شك‬ ‫دك إلى رخاء ‪ ،‬وعي ُ‬ ‫والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذا ً فشدائ ُ‬
‫إلى هناء ‪ ،‬ومستقبُلك إلى ن َْعماِء ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وظمأ ُ‬ ‫ف الظ ّ‬ ‫ه وار ُ‬ ‫ب الشمس يطفئ ُ ُ‬ ‫ن ‪ :‬لهي ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫خب ُْز‬ ‫ة الجوِع ُيسك ُّنها ال ُ‬ ‫ض ٌ‬‫الهاجرةِ ُيبرُده الماُء النميُر ‪ ،‬وعَ ّ‬
‫ض‬
‫م المر ِ‬ ‫م لذيذ ٌ ‪ ،‬وآل ُ‬ ‫ه نو ٌ‬ ‫ئ ‪ ،‬ومعاناةُ السهرِ يعقب ُ ُ‬ ‫الدافِ ُ‬
‫ي َُزُيلها لذيذ ُ العافيةِ ‪ ،‬فما عليك إل الصبُر قليل ً والنتظاُر‬
‫ة‪.‬‬ ‫لحظ ً‬
‫ف‬ ‫جَز الحكماُء ‪ ،‬ووق َ‬ ‫ن ‪ :‬فقد ْ حارِ الطباُء ‪ ،‬وعَ َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ُ‬
‫ل الشعراء ‪ ،‬وبارت الحيل أمام نفاذِ القدرةِ ‪،‬‬ ‫العلماُء ‪ ،‬وتساء َ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ن جبل َ‬
‫يب ُ‬ ‫ووقوِع القضاِء ‪ ،‬وحتميةِ المقدورِ قال عل ّ‬
‫ن‬‫ج يكو ُ‬ ‫عسى فر ٌ‬ ‫ل نفسنا بعسى‬ ‫نعل ّ ُ‬
‫عسى‬
‫فل تقنط وإن لقْيـ‬ ‫ض‬‫ما ً يقب ُ‬ ‫ـت ه ّ‬
‫ن‬ ‫ب ما يكو ُ‬ ‫فأقر ُ‬ ‫سا‬‫ن فرٍج إذاال ّيئنف ِ َ‬
‫سا‬ ‫م ْ‬ ‫ُء ِ‬
‫المْر‬
‫***************************************‬
‫ه لك‬
‫اختْر لنفسك ما اختاره الل ُ‬
‫ن أقعدك ‪ ،‬واصبْر إذا أفقَرك ‪،‬‬
‫م إن أقامك ‪ ،‬واقعد ْ إ ْ‬
‫ق ْ‬
‫واشكْر إذا أغناك ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪81‬‬
‫ت باللهِ ربا ً ‪ ،‬وبالسلم ِ دينا ً ‪،‬‬
‫فهذه من لوازم ‪ )) :‬رضي ُ‬
‫وبمحمد ‪ ‬نبيا ً (( ‪.‬‬
‫م‪:‬‬ ‫قال أحد ُهُ ْ‬
‫ل ُتدب ّْر لك أمرا ً‬ ‫فأولوا التدبيرِ هْلكى‬
‫ض عّنا إن‬‫وار َ‬ ‫منكا‬
‫ن أولى ِبك ِ‬ ‫نح ُ‬
‫منا‬
‫حك ْ‬
‫َ‬
‫***************************************‬
‫ب تصّرفات الناس‬
‫ل تراق ْ‬
‫فإّنهم ل يملكون ضّرا ً ول نفعا ً ‪ ،‬ول موتا ً ول حياة ول‬
‫نشورا ً ‪ ،‬ول ثوابا ً ول عقابا ً ‪.‬‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫قال أح ُ‬
‫س‬
‫ن راقب النا َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫وفاز باللذةِ الجسوُر‬
‫شار ‪:‬‬ ‫وقال ب ّ‬‫ما ً‬ ‫ته ّ‬ ‫ما َ‬
‫من راقب الناس لم‬ ‫ت‬ ‫وفاز بالطيبا ِ‬
‫بحاجتلهِوْ علم بهِ‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫ع‬ ‫فيْر‬‫ج أدهم ‪ :‬نحنيظف‬ ‫بن ُ‬ ‫ِ‬ ‫مالل ّه‬ ‫لالفات ِ ُ‬
‫ك‬
‫إبراهي ُ‬ ‫قا َ‬
‫ٍ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ك لجالدونا عليهِ بالسيو ِ‬ ‫الملو ُ‬
‫ل ‪ :‬إن كان‬ ‫ل ‪ ،‬أقو ُ‬ ‫ب حا ٌ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬إنه ليمّر بالقل ِ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ش طي ٍ‬ ‫ل حاِلنا إنهم في عي ٍ‬ ‫ل الجنةِ في مث ِ‬ ‫أه ُ‬
‫ص طربا ً ‪ ،‬من‬ ‫ت يرق ُ‬ ‫ب حال ٌ‬ ‫قال أيضا ً ‪ :‬إنه ليمّر بالقل ِ‬
‫الفرِح بذكرهِ سبحانه وتعالى والنس به ‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬وقد ْ أغلق‬ ‫خل السج َ‬ ‫ن تيمية أيضا ً عندما ُأد ِ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ب‬ ‫ه َبا ٌ‬ ‫ر لّ ُ‬ ‫سو ٍ‬ ‫هم ب ِ ُ‬ ‫ب ب َي ْن َ ُ‬ ‫ر َ‬‫ض ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن الباب ‪ ،‬قال ﴿ َ‬ ‫جا ُ‬‫الس ّ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫قب َل ِ ِ‬‫من ِ‬ ‫هُرهُ ِ‬ ‫ظا ِ‬‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫ه الّر ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫َباطِن ُ ُ‬
‫ل أعدائي بي ؟! أنا‬ ‫وقال وهو في سجِنه ‪ :‬ماذا يفع ُ‬
‫ن قتلي‬ ‫ت فهي معي ‪ ،‬إ ّ‬ ‫جنتي وبستاني في صدري ‪ ،‬أّنى سْر ُ‬
‫ة وسجني خلوة ٌ ‪.‬‬ ‫شهادة ٌ ‪ ،‬وإخراجي من بلدي سياح ٌ‬
‫جد َ من فقد َ الله ؟! وأيّ شيٍء فقد َ‬ ‫يقولون ‪ :‬أيّ شيء وَ َ‬
‫ن وجد الله وجد ك ّ‬
‫ل‬ ‫من وجد الله ؟! ل يستويان أبدا ً ‪ ،‬م ْ‬
‫ل شيٍء ‪.‬‬ ‫ن فقد الله فقد ك ّ‬ ‫شيء ‪ ،‬وم ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪82‬‬
‫ه ‪ ،‬والحمدُ‬ ‫ل ‪ :‬سبحان الل ِ‬ ‫يقول ‪ )) : ‬لن أقو ُ‬
‫ي مما‬ ‫ب إل ّ‬ ‫ه أكبُر ‪ ،‬أح ّ‬ ‫ه ‪ ،‬والل ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول إله إل الل ُ‬ ‫لل ِ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫ت عليه الشم ُ‬ ‫طلع ْ‬
‫م‬ ‫م ودوِره ْ‬ ‫ن الثرياِء وقصوِره ْ‬ ‫فع ِ‬ ‫قال أحد ُ السل ِ‬
‫ب ‪ ،‬ويشربون ‪ ،‬وننظُر‬ ‫ل ويأكلون ‪ ،‬ونشر ُ‬ ‫م ‪ :‬نأك ُ‬ ‫وأمواله ْ‬
‫ب وُيحاسبون ‪.‬‬ ‫وينظرون ‪ ،‬ول ُنحاس ُ‬
‫قَناك ُ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫ة ﴾‬ ‫مّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ما َ‬ ‫دى ك َ َ‬ ‫فَرا َ‬ ‫موَنا ُ‬‫جئ ْت ُ ُ‬
‫قد ْ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫‪.‬‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه َر ُ‬ ‫صدَقَ الل ّ ُ‬ ‫المؤمنون يقولون ‪َ ﴿ :‬‬
‫غُرورا ً‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬‫ما َ‬ ‫والمنافقون يقولون ‪ّ ﴿ :‬‬
‫﴾‪.‬‬
‫ن صنع أفكاِرك فالفكاُر التي تستثمُرها وتفكُر‬ ‫حياُتك م ْ‬
‫ت في‬ ‫شها هي التي تؤثُر في حياِتك ‪ ،‬سواٌء كان ْ‬ ‫فيها وتعي ُ‬
‫سعادةٍ أو شقاوةٍ ‪.‬‬
‫ت‬ ‫ن ب ُت َِر ْ‬ ‫دهم ‪ :‬إذا كنت حافيا ً ‪ ،‬فانظْر لم ْ‬ ‫ل أح ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫جل َْين ‪.‬‬ ‫مد ْ رّبك على نعمةِ الر ْ‬ ‫ساقاه ‪ ،‬تح ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ل قلبي‬ ‫ل يمل ُ الهو ُ‬ ‫ول أضيقُ به ذرعا ً‬
‫قبل وقعت ِهِ‬
‫************************************‬ ‫إذا وقعا‬
‫أحسن إلى الناس‬
‫ق‬‫ة من طر ِ‬ ‫س طريقٌ واسع ٌ‬ ‫ن على النا ِ‬ ‫ن الحسا َ‬ ‫فإ ّ‬
‫ه‬
‫ل لعبد ِ‬ ‫ن الله يقو ُ‬ ‫ث صحيح ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫السعادةِ ‪ .‬وفي حدي ٍ‬
‫ت ولم‬ ‫ن آدم ‪ ،‬جع ُ‬ ‫ة ‪ :‬يا اب ّ‬ ‫ه يوم القيام ِ‬ ‫وهو يحاسب ُ ُ‬
‫ب‬ ‫مك وأنت ر ّ‬ ‫مني ‪ .‬قال ‪ :‬كيف أطع ُ‬ ‫تطع ْ‬
‫ن عبدي فلن ابن‬ ‫العالمين ؟! قال ‪ :‬أما علمت أ ّ‬
‫ت‬ ‫ه وجد َ‬‫مت َ ُ‬‫ك لو أطع ْ‬ ‫ه ‪ ،‬أما إن َ‬ ‫مت ُ‬
‫ن جاع فما أطع ْ‬ ‫فل ٍ‬
‫م تسقني ‪.‬‬ ‫ت فل ْ‬ ‫ذلك عندي ‪ .‬يا ابن آدم ‪ ،‬ظمئ ُ‬
‫ن! قال ‪ :‬أما‬ ‫ب العالمي َ‬ ‫قال ‪ :‬كيف أسقيك وأنت ر ّ‬
‫ئ فما أسقيته ‪،‬‬ ‫م َ‬‫نظ ِ‬ ‫ن عبدي فلن ابن فل ٍ‬ ‫علمت أ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪83‬‬
‫دت ذلك عندي ‪ .‬يا ابن آدم ‪،‬‬ ‫و أسقيته وج ْ‬ ‫أما إّنك ل ْ‬
‫ب‬ ‫دك وأنت ر ّ‬ ‫عدني ‪ .‬قال ‪ :‬كيف أعو ُ‬ ‫ت فلم ت ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫مر ْ‬
‫ن عبدي فلن ابن‬ ‫مت أ ّ‬ ‫العالمين ؟! قال ‪ :‬أما عل ْ‬
‫ه وجدتني‬ ‫و عدت ْ‬ ‫ه ‪ ،‬أما إنك ل ْ‬ ‫ن مرض فما عدْت َ ُ‬ ‫فل ٍ‬
‫عندهُ ؟! (( ‪.‬‬
‫ل كالسابقتين ‪:‬‬ ‫ة وهي وجدتني عنده ُ ‪ ،‬ولم يق ْ‬ ‫هنا لفت ٌ‬
‫سرة قلوُبهم ‪ ،‬كالمريض ‪.‬‬ ‫ن الله عند المنك ِ‬ ‫وجدته عندي ؛ ل ّ‬
‫ن‬ ‫مأ ّ‬ ‫ة أجٌر (( ‪ .‬واعل ْ‬ ‫د رطب ٍ‬ ‫ل كب ٍ‬ ‫ث ‪ )) :‬في ك ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ت كلبا ً‬ ‫ن بني إسرائيل الجنة ‪ ،‬لنها سق ْ‬ ‫أدخل امرأةً بغِي ّا ً م ْ‬
‫م وسقى ‪ ،‬ورفع الضائقة وكشف‬ ‫ن أطع َ‬ ‫على ظمأ ‪ .‬فكيف بم ْ‬
‫ة ؟!‬ ‫الك ُْرب َ َ‬
‫ل زاٍد‬ ‫ه فض ُ‬ ‫ن كان ل ُ‬ ‫م ْ‬‫ه قال ‪َ )) :‬‬ ‫ه ‪ ‬أن ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫وقد ْ ص ّ‬
‫ل‬ ‫ن كان له فض ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن ل زاد ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه على َ‬ ‫عد ب ِ‬ ‫فلي َ ُ‬
‫ه‬ ‫ه (( ‪ .‬أي ليس ل ُ‬ ‫ن ل ظهر ل ُ‬ ‫ه على م ْ‬ ‫ر فليعدْ ب ِ‬ ‫ه ٍ‬‫ظ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫مركو ٌ‬
‫ه‬‫صي خادم ُ‬ ‫ه جميلةٍ ‪ ،‬وهو ُيو ِ‬ ‫تل ُ‬ ‫م في أبيا ٍ‬ ‫وقد ْ قال حات ٌ‬
‫ن يلتمس ضيفا ً يقو ُ‬
‫ل‬ ‫أ ْ‬
‫ل‬ ‫ن الليل لي ٌ‬ ‫أوقد ْ فإ ّ‬ ‫ف فأنت‬ ‫إذا أتى ضي ٌ‬
‫ويقولقّرلمرأته ‪:‬‬ ‫حّر‬ ‫ُ‬
‫ت الزاد‬ ‫إذا ما صنع ِ‬ ‫ت‬ ‫أكيل ً فإني لس ُ‬
‫وقال أيضا ً ‪:‬‬ ‫ه‬‫فالتمسي ل ُ‬ ‫ه وحدي‬ ‫آكل ُ ُ‬
‫ن المال غادٍ‬ ‫أماويّ إ ّ‬ ‫ل‬ ‫ويبقى من الما ِ‬
‫حُء‬‫الثرا ٌ‬‫أماويّ ما ُيغنيورائ‬ ‫يومُرا ً‬ ‫والذ ّك ْ‬
‫ت‬ ‫ث‬‫الحادي ُ‬
‫حشرج ْ‬ ‫إذا‬
‫ن الفتى‬ ‫ع ِ‬ ‫وضاق بها الصدُر‬
‫ويقول ‪:‬‬
‫فما زادنا فخرا ً على‬ ‫ِغنانا ول أزرى‬
‫ذي قرابةٍ‬ ‫بأحسابنا الفْقُر‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫حزا‬ ‫ن‬‫ُ ُ‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫عرو‬ ‫وقال‬
‫أتهزأ ُ مني أن سمِنت‬ ‫ق‬
‫بوجهي شحوب الح ّ‬
‫وأن ترى‬ ‫والحقّ جاهد ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪84‬‬
‫أوّزعُ جسمي في‬ ‫وأحسو قراح الماِء‬
‫كثيرةٍفُيطعم‬ ‫م ٍ يبدأ‬ ‫فكان‬‫ه جاٌر يهوديٌ ‪،‬جسو‬ ‫كد ُ ل ُ‬ ‫بار ِ‬
‫المبار‬ ‫والماُء‬ ‫ن‬
‫وكان اب ُ‬
‫اليهوديّ قبل أبنائهِ ‪ ،‬ويكسوه قبل أبناِئه ‪ ،‬فقالوا لليهوديّ ‪:‬‬
‫ف‬ ‫ف قيمُتها ‪ ،‬وأل ٌ‬ ‫ي دينارٍ ‪ ،‬أل ٌ‬ ‫بعنا دارك ‪ .‬قال ‪ :‬داري بألف ْ‬
‫ك بذلك ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫ك ! ‪ .‬فسمع ابن المبار ِ‬ ‫جواُر ابن المبار ِ‬
‫ن اللهِ !‪.‬‬ ‫م اهدِهِ إلى السلم ِ ‪ .‬فأسلم بإذ ِ‬ ‫الله ّ‬
‫غرابا ً‬ ‫ت ُ‬ ‫جا ً بقافلةٍ ‪ ،‬فرأى امرأةً أخذ ْ‬ ‫ن المبارك حا ّ‬ ‫ومّر اب ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫رها غلمه فسألها ‪ ،‬فقال ْ‬ ‫ل في أث ِ‬ ‫ميتا ً من مزبلةٍ ‪ ،‬فأرس َ‬ ‫ْ‬
‫ت عيناهُ ‪ ،‬وأمر‬ ‫ما لنا منذ ُ ثلثةِ أيام ٍ إل ما ُيلقى بها ‪ .‬فدمع ْ‬
‫جته تلك السنةِ ‪،‬‬ ‫بتوزيِع القافلةِ في القريةِ ‪ ،‬وعاد وترك ح ّ‬
‫ي مشكوٌر ‪،‬‬ ‫ج مبروٌر ‪ ،‬وسع ٌ‬ ‫ل‪:‬ح ّ‬ ‫مهِ قائل ً يقو ُ‬ ‫فرأى في منا ِ‬
‫ب مغفوٌر ‪.‬‬ ‫وذن ٌ‬
‫عَلى َ‬
‫و‬‫ول َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬ ‫ن َ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫ؤث ُِرو َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫ل الل ُ‬‫ويقو ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫ص ٌ‬ ‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ن بِ ِ‬ ‫كا َ‬‫َ‬
‫م‪:‬‬ ‫ل أحد ُهُ ْ‬ ‫وقا َ‬
‫إني وأن كنت امرأ ً‬ ‫عن صاحبي في‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫لمفيدهمتباعدا ً‬ ‫دعو ِ ِهِ‬
‫وسمائ‬
‫نصري‬ ‫ُ‬ ‫ته‬ ‫ب‬ ‫هِ ُ‬ ‫أرض‬
‫ومجي‬
‫ثوبهِا ً‬ ‫ارتدىك َْرب‬ ‫ف‬
‫وكاش ُ‬ ‫ت ّندائه‬ ‫ياوصو‬
‫وإذا‬ ‫ن عل ِ ّ‬
‫ى‬ ‫ليت أ ُ‬
‫م أق ْ‬
‫ل‬ ‫ّ جميل ً ل ْ‬ ‫ل كسا ُئ ِهِ‬ ‫فض َ‬
‫يا للهِ ما أجم َ‬
‫ب ! وما أحسن‬ ‫ل الخلقَ ! وما أجل المواه َ‬
‫السجايا !‬
‫م‬ ‫ل احد ٌ ولو أسرف ‪ ،‬وإنما الند ُ‬ ‫ل الجمي ِ‬ ‫م على فعْ ِ‬ ‫ل يند ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫نق ّ‬ ‫ل الخطأ وإ ْ‬ ‫على فع ِ‬
‫م في هذا المعنى ‪:‬‬ ‫وقال أحد ُهُ ْ‬
‫ن‬ ‫الخيُر أبقى وإ ْ‬ ‫ث ما‬ ‫والشّر أخب ُ‬
‫ن بهِ‬ ‫طال الزما ُ‬
‫*****************************************‬ ‫ن َزادِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫أوْع َي ْ َ‬
‫ة‬
‫ة نابي ٌ‬ ‫إذا صك ّ ْ‬
‫ت أذانك كلم ٌ‬
‫ص على جمِع‬ ‫احرِ ْ‬ ‫ن‬ ‫م ْ‬‫ة َ‬‫واهجْر ملم َ‬
‫ل‬‫الفضائ ِ‬ ‫سد ْ‬‫ح َ‬‫تشّفى أو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪85‬‬
‫ن العمَر‬ ‫م بأ ّ‬ ‫واعل ْ‬ ‫ت‬ ‫ت وبعد المو ِ‬ ‫قُِبل ْ‬
‫ة‬
‫م طاع ٍ‬ ‫وس ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ينقطعُ الحسد ْ‬
‫ة‬
‫ِ‬ ‫الحساسي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫أه‬ ‫على‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫العص‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ل أحد ُ علما‬ ‫يقو ُ‬
‫ن يسكبوا في أعصاِبهم مقادير من‬ ‫المرهفة من النقد ِ أ ْ‬
‫البرود ِ أمام النقد ِ الظالم ِ الجائرِ ‪.‬‬
‫ه‬
‫ه ‪ ،‬بدأ بصاحب ِ ِ‬ ‫عدَل َ ُ‬ ‫د ما أ ْ‬ ‫و الحس ِ‬ ‫ه دَ ّ‬ ‫وقالوا ‪ » :‬لل ِ‬
‫ه «‪.‬‬‫فقتل ُ‬
‫وقال المتنبي ‪:‬‬
‫ذِك ُْر الفتى عمرهُ‬ ‫ل‬ ‫ما فاته وفضو ُ‬
‫الثاني وحاجتُه‬ ‫ل‬‫ش أشغا ُ‬ ‫العي ْ ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة حصين ٌ‬ ‫ل جن ٌ‬ ‫ه ‪ :‬الج ُ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي رضي الل ُ‬ ‫وقال عل ّ‬
‫ت ‪ ،‬والشجاعُ‬ ‫ت مّرا ٍ‬ ‫ن يمو ُ‬ ‫وقال أحد ُ الحكماء ‪ :‬الجبا ُ‬
‫ت مرةً واحدة ً ‪.‬‬ ‫يمو ُ‬
‫وإذا أراد الله بعبادهِ خيرا ً في وقت الزمات ألقى عليهم‬
‫ة منه‪ ،‬كما وقع النعاس على طلحة رضي الله‬ ‫من َ ً‬ ‫َ‬
‫النعاس أ َ‬
‫منا ً وراحة‬ ‫َ‬ ‫عنه في أ ُ‬
‫ده ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ني ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫مرا‬ ‫فه‬ ‫ُ‬ ‫سي‬ ‫سقط‬ ‫حتى‬ ‫‪،‬‬ ‫حد‬ ‫ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫با ٍ‬
‫ن يزيدٍ‬ ‫بب ُ‬ ‫عة ‪ ،‬فقد ْ نعس شبي ُ‬ ‫ل البد ِ‬ ‫س له ِ‬ ‫وهناك نعا ٌ‬
‫ة هي‬ ‫ه غزال ُ‬ ‫س ‪ ،‬وامرأت ُ ُ‬ ‫ن أشجِع النا ِ‬ ‫وهو على بغلت ِهِ ‪ ،‬وكان م ْ‬
‫جاج ‪ ،‬فقال الشاعُر ‪:‬‬ ‫ت الح ّ‬ ‫ة التي طرد ِ‬ ‫الشجاع ٌ‬
‫ي وفي‬ ‫أسد ٌ عل ّ‬ ‫من‬ ‫فتخاُء ت َن ِْفُر ِ‬
‫ة‬
‫نعام ٌَ‬
‫ة‬ ‫ب غزال‬ ‫الحرو ِ‬
‫إلى‬ ‫ت‬ ‫هل ّ برز َ‬ ‫في‬ ‫الصافرِ‬ ‫كانرِقلُبك‬ ‫أم صفي‬
‫في الوغى‬ ‫طائرِ‬ ‫ي‬
‫تعالى ْ‬‫جناح‬
‫ن ب َِنا إ ِل ّ‬ ‫صو‬
‫َ َ ّ ُ َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫وج‬ ‫ز‬
‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫وقال الل ُ‬
‫إحدى ال ْحسن َيين ون َحن ن َت َربص بك ُ َ‬
‫ه‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫صيب َك ُ ُ‬ ‫م أن ي ُ ِ‬ ‫َ ّ ُ ِ ْ‬ ‫ُ ْ َ ْ ِ َ ْ ُ‬ ‫ِ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫صوا ْ إ ِّنا َ‬ ‫فت ََرب ّ ُ‬ ‫ديَنا َ‬ ‫و ب ِأي ْ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫د ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫بِ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صو َ‬ ‫مت ََرب ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫فس أ َ‬ ‫ما َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫مو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ن ل ِن َ ْ ٍ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها‬ ‫من ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ؤت ِ ِ‬ ‫ب الدّن َْيا ن ُ ْ‬ ‫وا َ‬ ‫رد ْ ث َ َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫جل ً َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫م َ‬‫الله ك َِتابا ً ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪86‬‬
‫زي‬ ‫ج ِ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫ه ِ‬ ‫ة نُ ْ‬
‫ؤت ِ ِ‬ ‫خَر ِ‬
‫ب ال ِ‬ ‫وا َ‬ ‫رد ْ ث َ َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وقال الشاعُر ‪:‬‬
‫ت‬ ‫ل لها وقد ْ طار ْ‬ ‫أقو ُ‬ ‫ك‬ ‫ل وْيح ِ‬ ‫من البطا ِ‬ ‫ِ‬
‫شعاعا ً‬ ‫عي‬ ‫لل َ ْ‬
‫بقاء‬ ‫ت‬ ‫ك لو سأل ِ‬ ‫فإن ِ‬ ‫ك‬ ‫ترا ِل ِ‬
‫الذي‬‫ن ُ‬ ‫عن الج ِ‬
‫مجام ٍ ِ‬
‫ل‬ ‫فصبرا ً في يو‬ ‫تطاعي‬
‫ل ُالخلودِ‬ ‫فما نيلم ُ‬
‫ت صْبرا ً‬
‫الحياة‬ ‫المو ُ ِ‬
‫ب‬ ‫وما ثو‬ ‫الخنِع‬
‫ع‬ ‫بمستطا‬ ‫فُيخلعُ عن أِخ‬
‫ِ‬
‫عّز‬ ‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بثو‬ ‫ُ‬ ‫اليراِع‬
‫ة ول‬ ‫إي والله ‪ ،‬فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون عنه ساع ً‬
‫يستقدمون ‪.‬‬
‫ه عنه ‪:‬‬ ‫ي رضي الل ُ‬ ‫قال عل ّ‬
‫من‬ ‫ي ِ‬‫أيّ يوم ّ‬ ‫م يوم‬ ‫در أ ْ‬ ‫يوم ل قُ ّ‬
‫هّر‬
‫اف ُ‬ ‫ت‬
‫أرهب ُ‬ ‫المو ِ‬‫در ل‬ ‫يوم ل قُ ّ‬ ‫من المقدوقُرِد ِ ْلر‬ ‫و ِ‬
‫حذ ِْر‬ ‫ينجو ال َ‬
‫م‬
‫ب لك ُ‬ ‫ه عنه ‪ :‬اطلبوا الموت ُتوهَ ْ‬ ‫وقال أبو بكرٍ رضي الل ُ‬
‫الحياة ُ ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫وقفــة‬
‫ة تستغفُر لك‪،‬‬ ‫ن الله يدافعُ عنك‪ ،‬والملئك ُ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ي‪‬‬ ‫ل صلةٍ ‪ ،‬والنب ّ‬ ‫مك ّ‬‫والمؤمنون يشركونك في دعاِئه ْ‬
‫ة أرحم‬ ‫دك وعدا ً حسنا ً ‪ ،‬وفوق هذا رحم ُ‬ ‫ن ِيع ُ‬ ‫يشفعُ ‪ ،‬والقرآ ُ‬
‫الراحمين ‪.‬‬
‫ة‬
‫ن الحسنة بعشر أمثاِلها إلى سبعمائ ِ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن يعفوَ رّبك‬ ‫ة بمثلها إل أ ْ‬ ‫ف كثيرةٍ ‪ ،‬والسيئ ُ‬ ‫ف إلى أضعا ٍ‬ ‫ضعْ ٍ‬
‫ِ‬
‫سمع مثله ! ومن جود ٍ ل‬ ‫من كرم ٍ ما ُ‬ ‫م للهِ ِ‬ ‫ويتجاوز ‪ ،‬فك ْ‬
‫د!‬
‫جو ٌ‬ ‫يقارُبه ُ‬
‫حملةِ المل ّةِ وأه ِ‬
‫ل‬ ‫ن ‪ :‬فأنت من رّوادِ التوحيدِ و َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫م إذا‬ ‫ب رسوله ‪ ، ‬وتند ُ‬ ‫ب اللهِ وح ّ‬ ‫لح ّ‬ ‫القبلةِ ‪ ،‬وعندك أص ُ‬
‫ح إذا أحسنت ‪ ،‬فعندك خيٌر وأنت ل تدري ‪.‬‬ ‫أذنبت ‪ ،‬وتفر ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪87‬‬
‫ن ‪ :‬فأنت على خيرٍ في ضراِئك وسراِئك ‪،‬‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن‬‫ر المؤم ِ‬ ‫رك ‪ ،‬وشد ِّتك ورخاِئك ‪ )) ،‬عجبا ً لم ِ‬ ‫وغناك وفق ِ‬
‫ن‬
‫س ذلك إل للمؤمنِ ‪ْ ،‬‬ ‫خير ‪ ،‬ولي َ‬
‫ٌ‬ ‫ن أمرهَ كّله له‬ ‫‪،‬إ ّ‬
‫ن أصابْته‬‫أصاْبته سّراءَ فشكر كان خيرا ً له ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ضّراءُ فصبر فكان خيرا ً له (( ‪.‬‬
‫***********************************‬
‫د‬ ‫م ُ‬
‫ل الشدائ ِ‬ ‫ه وتح ّ‬‫ر ِ‬
‫الصبر على المكا ِ‬
‫ة‬
‫ح والسعاد ِ‬‫ز والنجا ِ‬‫ق الفو ِ‬
‫طري ُ‬
‫ل‬ ‫مي ٌ‬ ‫ج ِ‬ ‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫صْبرا ً‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿ .‬‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ما ت َ ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫والل ّ ُ‬‫َ‬
‫عَلى‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫ميل ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫طوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫وَراب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫صاب ُِروا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ُِروا ْ َ‬ ‫ك ﴾ ﴿ا ْ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫َ‬
‫ش «‬ ‫سن العي ِ‬ ‫ه ‪ » :‬بالصبرِ أدركنا ح ْ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫قال عمُر رضي الل ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن ‪ :‬الصبُر ‪،‬‬ ‫ة فنو ٍ‬ ‫ب ثلث ُ‬ ‫ل السنةِ عند المصائ ِ‬ ‫له ِ‬
‫ج‪.‬‬ ‫دعاُء ‪ ،‬وانتظاُر الَفَر ِ‬ ‫وال ّ‬
‫وقال الشاعُر ‪:‬‬
‫مو كأسا ً‬ ‫سقيناهُ ُ‬ ‫كنا على‬ ‫ولكّننا ُ‬
‫ونا بمثِلها‬ ‫ْ‬ ‫سق‬ ‫ت أصبر‬ ‫المو ِ‬
‫وفي حديث صحيح ‪ )) :‬ل أحد أصبُر على أذى‬
‫ن له ولدا ً‬ ‫ه ‪ :‬إنهم يزعمون أ ّ‬ ‫معه من الل ِ‬ ‫س ِ‬
‫قهم (( ‪ .‬وقال ‪: ‬‬ ‫ه يعافيهم ويرز ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وإن ُ‬ ‫وصاحب ً‬
‫ه موسى ‪ ،‬ابُتلي باكثر من هذا‬ ‫حم الل ُ‬ ‫)) ر ِ‬
‫فصبَر (( ‪.‬‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫وقال ‪ )) : ‬من يتصب ّْر ُيصّبرهْ الل ُ‬
‫ت للمجدِ‬ ‫دبب َ‬ ‫س وألقوا‬ ‫ِ‬ ‫جهد النفو‬
‫والساعون قد‬ ‫را‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫دونه ال ُ‬
‫حتى‬ ‫وكابدوا المجد‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫المجد َ ْ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫وعانق‬
‫م‬ ‫بأكثُره ْ‬
‫المجد‬ ‫لِ‬ ‫تحس ّ‬
‫ل م‬ ‫صبرا‬
‫المجد حتى‬ ‫ن‬
‫أوفى وم ْ‬ ‫ن تبلغ‬ ‫ل ْ‬
‫ه‬‫ت آكل ُ ُ‬ ‫تمرا ً أن َ‬ ‫صِبرا‬ ‫تْلعق ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪88‬‬
‫إن المعالي ل ُتنا ُ‬
‫ل بالحلم ِ ‪ ،‬ول بالرؤيا في المنام ِ ‪،‬‬
‫وإّنما بالحزم ِ والعَْزم ِ ‪.‬‬
‫************************************‬

‫ك‬‫ع َ‬
‫م َ‬
‫ق َ‬ ‫ل ال َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫فع ِ‬‫ن من ِ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ق‬
‫عِلهم مع الخال ِ‬ ‫وانظْر إلى ف ْ‬
‫ل ‪ )) :‬عجبا ً‬ ‫ب الزهد ِ ‪ ،‬أن الله يقو ُ‬
‫عند َ أحمد في كتا ِ‬
‫لك يا ابن آدم ! خلقُتك وتعبدُ غيري ‪ ،‬ورزقُتك‬
‫ي عنك ‪،‬‬ ‫ب إليك بالنعم ِ وأنا غن ّ‬ ‫وتشكُر سواي ‪ ،‬أتحب ّ ُ‬
‫ي ‪ ،‬خيري‬ ‫ي بالمعاصي وأنت فقيٌر إل ّ‬ ‫ض إل ّ‬
‫غ ُ‬
‫وتتب ّ‬
‫ي صاعدٌ (( !! ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬وشّرك إل ّ‬ ‫إليك ناز ٌ‬
‫م أنه داوى‬ ‫وقد ذكروا في سيرة عيسى عليه السل ُ‬
‫ده أعداًء ‪.‬‬ ‫ثلثين مريضا ً ‪ ،‬وأبرأ عميان كثيرين ‪ ،‬ثم انقلبوا ض ّ‬
‫************************************‬
‫ق‬
‫سر الرز ِ‬
‫ن تع ّ‬
‫نم ْ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ن الرّزاق هو الواحد ُ الحد ُ ‪ ،‬فعنده رِْزقُ العبادِ ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ما ُتو َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫رْز ُ‬‫ماء ِ‬ ‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ل بذلك ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫تكّف َ‬
‫ن‬ ‫ه هو الرزاقُ فِلم يتمل ّقُ البشُر ‪ ،‬وِلم ُتها ُ‬ ‫فإذا كان الل ُ‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ق لجل البشرِ ؟! قال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫الرز ِ‬ ‫ل‬‫س في سبي ِ‬ ‫النف ُ‬
‫ل‬ ‫ها ﴾ ‪ .‬وقال ج ّ‬ ‫رْز ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ق َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ة ِ‬‫دآب ّ ٍ‬‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫س َ‬‫م ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فَل ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ِللّنا ِ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫فت َ ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫مه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫اس ُ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫د ِ‬‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫فَل ُ‬‫ك َ‬ ‫س ْ‬‫م ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫لَ َ‬
‫*********************************‬
‫ن المصائب‬
‫و ُ‬
‫ب ته ّ‬
‫أسبا ٌ‬
‫ل‪﴿:‬‬‫انتظاُر الجرِ والمثوبةِ من عند اللهِ عّز وج ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و ّ‬
‫سا ٍ‬
‫ح َ‬
‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫هم ب ِ َ‬
‫جَر ُ‬
‫نأ ْ‬‫صاب ُِرو َ‬
‫فى ال ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬
‫إ ِن ّ َ‬
‫ة المصابين ‪:‬‬‫‪ .2‬رؤي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪89‬‬
‫كين‬ ‫ولول كثرةُ البا ِ‬ ‫ت‬ ‫م ل ََقت َل ْ ُ‬‫على إخواِنه ْ‬
‫حوليمصابا ً أو‬ ‫سَرةً ‪ ،‬هل ترى غل‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫ةنفسي‬
‫والتف ْ‬ ‫من َ ً‬‫ت يَ ْ‬‫ف ْ‬
‫فالت ِ‬
‫ل وادٍ بنو سعد ٍ ‪.‬‬ ‫ممتحنا ً ؟ وكما قيل ‪ :‬في ك ّ‬
‫رها ‪.‬‬ ‫ن غي ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫‪ .3‬وأنها أسه ُ‬
‫ن العبد ِ ‪ ،‬وإنما في دنياه ‪.‬‬ ‫ت في دي ِ ِ‬ ‫‪ .4‬وأنها ليس ْ‬
‫م منها‬ ‫ن العبودية في التسليم عند المكارهِ أعظ ُ‬ ‫‪ .5‬وأ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫أحيانا ً في المحا ّ‬
‫‪ .6‬وأنه ل حيلة ‪:‬‬
‫ك الحيلة في‬ ‫فاتر ِ‬ ‫ك‬
‫ة في ت َْر ِ‬ ‫إنما الحيل ُ‬
‫تحوِيلها‬ ‫الحي َ ْ‬
‫ل‬
‫سى َأن‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬‫ب العالمين ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن الخبرة للهِ ر ّ‬ ‫‪ .7‬وأ ّ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫و ُ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫*******************************‬
‫رك‬
‫ل تتقمص شخصية غي ِ‬
‫﴾﴿‬ ‫ت‬‫خي َْرا ِ‬ ‫قوا ْ ال ْ َ‬ ‫ست َب ِ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ها َ‬ ‫وّلي َ‬ ‫م َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬
‫ة ُ‬ ‫ه ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ول ِك ُ ّ‬
‫﴿ َ‬
‫ق‬
‫و َ‬ ‫ف ْ‬ ‫م َ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ع بَ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫وَر َ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ف ال َْر‬ ‫خل َئ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َك ُ ْ‬ ‫ج َ‬
‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬‫ه َ‬‫و ُ‬
‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫ت﴾﴿ َ‬
‫ه ْ‬‫شَرب َ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ل أَنا ٍ‬ ‫عل ِ َ‬
‫قد ْ َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ض دََر َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬ومن عظم ِ‬ ‫ت وصنعا ٌ‬ ‫ت وطاقا ٌ‬ ‫ب وقدرا ٌ‬ ‫س مواه ُ‬ ‫النا ُ‬
‫م‬ ‫ظف أصحابه حسب ُقدراِته ْ‬ ‫رسوِلنا ‪ ‬أنه و ّ‬
‫ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ي للقرآ ِ‬ ‫ي للقضاِء ‪ ،‬ومعاذ ٌ للعِل ْم ِ ‪ ،‬وأب ّ‬ ‫واستعداداِتهم ‪ ،‬فعل ّ‬
‫ن‬ ‫سب ُ‬ ‫ن للشِعر ‪ ،‬وقي ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وخالد للجهادِ ‪ ،‬وح ّ‬ ‫وزيد ٌ للفرائ ِ‬
‫ت للخطابةِ ‪.‬‬ ‫ثاب ٍ‬
‫ضعُ الندى في موضِع‬ ‫فو ْ‬ ‫ف في‬ ‫ضّر كوضِع السي ِ‬ ‫م ِ‬‫ُ‬
‫السيف بالُعل‬ ‫موضِع الندى‬
‫ت الخرين قتلٌ‬ ‫ص صفا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن في الغيرِ انتحاٌر تق ّ‬ ‫الذوبا ُ‬
‫جهٌِز‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫س‬‫ت النا ِ‬ ‫ف صفا ِ‬ ‫ل ‪ :‬اختل ُ‬ ‫ت اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ومنْ آيا ِ‬
‫ه‬
‫م ‪ ،‬فأبو بكر برحمت ِ ِ‬ ‫م وألواِنه ْ‬ ‫ف ألسنِته ْ‬ ‫م ‪ ،‬واختل ِ‬ ‫ومواهِبه ْ‬
‫م‬ ‫ة والمّلة ‪ ،‬وعمُر بشد ّت ِهِ وصلبت ِهِ نصر السل َ‬ ‫ورفِقهِ نفعَ الم َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪90‬‬
‫ة ‪ ،‬فاستثمرها‬ ‫وأهله ‪ ،‬فالرضا بما عندك من عطاٍء موهب ٌ‬
‫فسا ً إ ِل ّ‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫دمها وانفع بها ‪ ﴿ ،‬ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫مها وق ّ‬‫ون ّ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ع َ‬
‫س َ‬‫و ْ‬‫ُ‬
‫ت‬ ‫ن التقليد العمى والنصهار المسرف في شخصيا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ز‬
‫مد ٌ التمي ّ ِ‬ ‫ل للرادةِ وإلغاٌء متع ّ‬ ‫الخرين وأد ٌ للموهبةِ ‪ ،‬وقَت ْ ٌ‬
‫والتفّردِ المقصودِ من الخليقةِ ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫عـّز العزل ِ‬
‫ما‬ ‫ح ‪ ،‬وهي م ّ‬ ‫ل المبا ِ‬‫وأقصد ُ بها العزلة عن الشّر وفضو ِ‬
‫ب الحزن ‪.‬‬ ‫ح الخاطر وُيذه ُ‬ ‫يشر ُ‬
‫ره‬ ‫قال ابن تيمية ‪ :‬ل لبد ّ للعبدِ من عزلةٍ لعبادِته وذك ِ‬
‫ده عن‬ ‫سه ‪ ،‬ودعاِئه واستغفاِره ‪ ،‬وُبع ِ‬ ‫وتلوِته ‪ ،‬ومحاسبِته لنف ِ‬
‫الشّر ‪ ،‬ونحوِ ذلك ‪.‬‬
‫ل في ) صي ْدِ‬ ‫ن الجوزي ثلثة فصو ٍ‬ ‫ولقد عقد اب ُ‬
‫ت كالعزلة ‪،‬‬ ‫ت ول رأي ُ‬ ‫خصها أنه قال ‪ :‬ما سمع ُ‬ ‫الخاطرِ ( ‪ ،‬مل ّ‬
‫ونا ً‬ ‫ة وعّزا ً وشرفا ً ‪ ،‬وُبعدا ً عن السوِء وعن الشّر ‪ ،‬وص ْ‬ ‫راح ً‬
‫ساد ِ والثقلِء‬ ‫حفظا ً للعمرِ ‪ ،‬وبعدا ً عن الح ّ‬ ‫ت‪،‬و ِ‬ ‫للجاهِ والوق ِ‬
‫كرا ً في الخرةِ ‪ ،‬واستعدادا ً للقاِء اللهِ عّز‬ ‫والشامتين ‪ ،‬وتف ّ‬
‫ل ‪ ،‬واغتناما ً في الطاعةِ ‪ ،‬وجولن الفكر فيما ينفعُ ‪،‬‬ ‫وج ّ‬
‫ص‪.‬‬ ‫حك َم ِ ‪ ،‬والستنباط من النصو ِ‬ ‫وإخراج كنوزِ ال ِ‬
‫مهِ ذكره ُ في العزلةِ هذا معناه بتصّرف‬ ‫ونحو ذلك من كل ِ‬
‫‪.‬‬
‫جَنى الفكرِ ‪،‬‬ ‫ف َ‬ ‫ل ‪ ،‬وقط ْ ُ‬‫وفي العزلةِ استثماُر العق ِ‬
‫ي عن‬ ‫ة العْرض ‪ ،‬وموفوُر الجرِ ‪ ،‬والنه ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وسلم ُ‬ ‫ة القل ِ‬
‫وراح ُ‬
‫س في الطاعةِ ‪ ،‬وتذك ُّر الرحيم ِ ‪،‬‬ ‫م النفا ِ‬ ‫المنكر ‪ ،‬واغتنا ُ‬
‫ن ‪ ،‬والبعد ُ عن‬ ‫ت ‪ ،‬والفراُر من الفت ِ‬ ‫ت والمشغل ِ‬ ‫وهجُر الملهيا ِ‬
‫ت الحاسدِ ‪،‬‬ ‫ة الحاقد ِ ‪ ،‬ونظرا ِ‬ ‫مداراةِ العدوّ ‪ ،‬وشمات ِ‬
‫ة‬
‫ب ‪ ،‬ومطالب ِ‬ ‫ل ‪ ،‬والعتذارِ على المعات ِ ِ‬ ‫ومماطلةِ الثقي ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ق ‪ ،‬ومداجاةِ المتكب ّرِ ‪ ،‬والصبرِ على الحم ِ‬ ‫الحقو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪91‬‬
‫ت‬ ‫ن ‪ ،‬وعثرا ِ‬ ‫ت اللسا ِ‬ ‫ت ‪ :‬عورا ِ‬ ‫ست ٌْر للعورا ِ‬ ‫وفي العزلةِ َ‬
‫س‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ورعونةِ النف ِ‬ ‫ت الذه ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وفلتا ِ‬ ‫الحركا ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ف لد ُّر الفض ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وصد َ ٌ‬ ‫ب لوجهِ المحاس ِ‬ ‫ة حجا ٌ‬ ‫فالعزل ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ة مع الكتا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وما أحسن العزل َ‬ ‫م لطْلع المناق ِ‬ ‫وأكما ٌ‬
‫ة في الخلوةِ ‪ ،‬وسفرا ً‬ ‫ل ‪ ،‬وبحبوح ً‬ ‫ة للج ِ‬ ‫وفرةً للعمرِ ‪ ،‬وفسح ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫م ٍ‬‫ة في تأ ّ‬ ‫في طاعةِ ‪ ،‬وسياح ً‬
‫ف‬ ‫ص على المعاني ‪ ،‬وتحوُز على اللطائ ِ‬ ‫وفي العزلةِ تحر ُ‬
‫ل‬‫ي ‪ ،‬وتشيد ُ هْيك َ‬ ‫ل في المقاصدِ ‪ ،‬وتبني صرح الرأ ِ‬ ‫‪ ،‬وتتأم ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫العق ِ‬
‫ب في فََرٍح اكبَر ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬والقل ُ‬ ‫جذ ٍ‬ ‫ح في العزلةِ في َ‬ ‫والرو ُ‬
‫والخاطُر في اصطياد ِ الفوائد ِ ‪.‬‬
‫ه ‪ ،‬ول ُتسمِع‬ ‫ه ل يراك إل الل ُ‬ ‫ول ٌترائي في العزلةِ ‪ :‬لن ُ‬
‫مك بشرا ً فل يسمعك إل السميعُ البصيُر ‪.‬‬ ‫بكل ِ‬
‫رة والجهابذةِ وأساطين‬ ‫ل اللمعين والنافعين ‪ ،‬والعباق ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ن الدهرِ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬وعيو ِ‬ ‫شداةِ الفضائ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ورّوادِ التاريِخ ‪ ،‬و ُ‬ ‫الزم ِ‬
‫ة‬
‫س ن ُْبلهم من ماِء العزل ِ‬ ‫وا غ َْر َ‬ ‫سَق ْ‬‫ل ‪ ،‬كّلهم َ‬ ‫ب المحاف ِ‬ ‫وكواك ِ‬
‫ت‬ ‫ت شجرةُ عظمِتهم ‪ ،‬فآت ْ‬ ‫سوقِهِ ‪ ،‬فنبت ْ‬ ‫حتى استوى على ُ‬
‫ن رّبها ‪.‬‬ ‫ن بإذ ِ‬ ‫ل حي ٍ‬ ‫أ ُك َُلها ك ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫جْرجان ّ‬ ‫دالعزيز ال ُ‬ ‫ي عب ِ‬ ‫قال عل ّ‬
‫يقولون لي فيك‬ ‫ف‬ ‫رأوا رجل ً عن موق ِ‬
‫وإنما‬
‫ت‬ ‫ضد ٌ قل ُ‬ ‫مور ُ‬ ‫انقبا‬ ‫ل هذا‬ ‫إذا قي َ‬ ‫جماّر‬ ‫ح‬
‫ال ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نفس ْ‬‫لأ‬ ‫ولكنالذ ّ ّ‬
‫ّ‬
‫قّد ْ أَرى‬‫َ‬ ‫ولم أقض ح ق‬ ‫ّ‬ ‫تحتمص ُ‬
‫العلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ظما َ‬
‫ه لِ‬ ‫لّيرالت ُ ُ‬ ‫بدا طمعٌ‬
‫لماا ً‬ ‫تغَك ّ‬ ‫إذن فاتباع الجهل ُ ّ‬
‫أأشقىكنبه ُ ْ‬
‫رس‬ ‫إن‬ ‫لما‬
‫س قد ْ‬ ‫ّ ُ‬
‫ِ‬
‫م‬‫العل ّ ً‬
‫ة‬ ‫وأجنيهِ ذل‬ ‫ن أهل‬ ‫ولو أ ّ‬ ‫في‬ ‫أحزما‬ ‫ظموه‬ ‫كان‬ ‫ولو ع ّ‬
‫ِ‬
‫م‬‫نوهُصانه ْ‬
‫فهانوا‬ ‫صانوه‬ ‫ظما‬ ‫ععُ ّ‬ ‫بالطما ل َ‬
‫حّياهُالنفوس‬
‫ن أها ُ‬ ‫ْ‬ ‫ولك‬ ‫حتى‬ ‫ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ودّنسوا‬ ‫جما‬ ‫ته ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ل الحنبل ّ‬ ‫ن خلي ٍ‬ ‫وقال أحمد ُ ب ُ‬
‫ن أراد العّز والرا‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م طوي ِ‬ ‫من ه ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ح َ‬
‫ن فردا ً من النا‬ ‫ليك ُ ْ‬ ‫ل‬‫س ويرضى بالقلي ِ‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪92‬‬
‫ئ‬‫كيف يصفو لمر ٍ‬ ‫ش‬
‫ن عي ٍ‬ ‫م ْ‬‫عاش ِ‬
‫ما‬‫ل‬
‫ن ختو ٍ‬‫م ْ‬
‫بين غمزٍ ِ‬ ‫ل‬ ‫ومداجاةِ وِبي‬
‫ثقيل ِ‬
‫ومداراةِ حسودٍ‬ ‫ل‬
‫ومعاناةِ بخي ِ‬
‫ن معرفةِ النا‬ ‫آه ِ م ْ‬ ‫ل‬ ‫ل سبي ِ‬ ‫س على ك ّ‬
‫ِ‬
‫ي بن عبدالعزيزِ الجرجاّني ‪:‬‬ ‫وقال القاضي عل ّ‬
‫ت لذةَ‬ ‫ما تطّعم ُ‬ ‫ت‬ ‫ت للبي ِ‬ ‫صر ُ‬
‫من‬ ‫أعّزحّتى‬ ‫ش‬
‫العيٌء ِ‬ ‫ليس شي‬ ‫جليسا‬
‫أبتغي سواهُ‬ ‫ب‬
‫والكتا ِ‬
‫ـم فما‬
‫ذلالعلـ‬
‫في‬ ‫إّنما ال ّ‬ ‫أنيسا‬
‫ش‬ ‫ع ْ‬ ‫س فدع ُْهم و ِ‬ ‫ِ‬
‫مخالطةِ النا‬
‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫عزيزا رئيسا‬ ‫ً‬
‫ت بوحدتي‬ ‫س ُ‬ ‫أن ِ ْ‬ ‫ما‬ ‫فدام ِلي الهنا ون َ َ‬
‫بيتي‬
‫م فما‬ ‫تَ‬ ‫النا ُ‬ ‫زم‬‫ت ِ‬ ‫ول‬‫وقاطع ُ‬ ‫أم‬‫السروُر‬ ‫ش‬‫أساَر الجي ُ‬
‫دث ‪:‬‬ ‫أبالي‬
‫المح ّ‬ ‫وقال الحميدي‬ ‫ب الميُر‬ ‫رك ِ َ‬
‫س ليس‬ ‫لقاُء النا ِ‬ ‫ن‬ ‫سوى الكثارِ م ْ‬
‫لقاا ًِء‬‫نشيئ‬ ‫ليفيمد ُ ْ‬ ‫فأقْل ِ ُْ‬ ‫أو‬‫ل‬ ‫وقا ِ‬ ‫العلم ِ‬
‫ل‬
‫بقي ٍ‬ ‫لكس ِ‬
‫نل ّفارس ‪:‬‬ ‫س إُ‬
‫وقال اب ِ‬ ‫النا‬ ‫ل‬ ‫إصلِح حا ِ‬
‫وقالوا كيف حاُلك‬ ‫ت‬ ‫ة وتفو ُ‬ ‫ضى حاج ٌ‬ ‫ًتق ّ‬
‫ت همو ً‬
‫م‬ ‫خيرا ُ‬ ‫قل ْ ُ‬
‫ت‬ ‫إذا ازدحم‬ ‫ه‬ ‫ج‬
‫نحال ُ ُ‬ ‫عسى يوما ً يكو ُ‬
‫لنا‬ ‫الصدرِ ُ ْ‬
‫س‬ ‫وأنيق ُ‬ ‫نديمي هِّرتي‬ ‫لي‬ ‫ج‬‫انفرا ُ‬ ‫دفاتُر‬
‫نفسي‬ ‫ج‬‫ومعشوقي السرا ُ‬
‫ه ‪ .‬ولك أن تراجع‬ ‫عّز ل ُ‬ ‫ب العزلة فهي ِ‬ ‫ل من أح ّ‬ ‫قالوا ‪ :‬ك ّ‬
‫طابي ‪.‬‬‫ة(( للخ ّ‬ ‫كتاب )) العزل ِ‬
‫**********************************‬
‫فوائد الشدائد‬
‫م‬‫ص ُ‬
‫وي القلب ‪ ،‬وتمحو الذنب ‪ ،‬وتق ِ‬ ‫ن الشدائد تق ّ‬‫فإ ّ‬
‫ن للغفلةِ ‪ ،‬وإشعا ٌ‬
‫ل‬ ‫ف الك ِب َْر ‪ ،‬وهي ذوبا ٌ‬‫ب ‪ ،‬وتنس ُ‬ ‫ج َ‬
‫العُ ْ‬
‫ف المخلوقين ‪ ،‬ودعاٌء من الصالحين ‪،‬‬ ‫ب عط ِ‬‫للتذك ّرِ ‪ ،‬وجل ْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪93‬‬
‫جٌر حاضٌر ‪،‬‬‫م للواحد القهارِ ‪ ،‬وز ْ‬
‫ت ‪ ،‬واستسل ٌ‬ ‫وخضوعٌ للجبرو ِ‬
‫ب‬‫م ‪ ،‬وإحياٌء للذكرِ ‪ ،‬وتضّرع بالصبرِ ‪ ،‬واحتسا ٌ‬ ‫ونذيٌر مقد ٌ‬
‫ن‬
‫ج عن الركو ِ‬ ‫ة للقدوم ِ على المولى ‪ ،‬وإزعا ٌ‬ ‫ص ‪ ،‬وتهيئ ٌ‬
‫للغص ِ‬
‫على الدنيا والرضا بها والطمئنان إليها ‪ ،‬وما خفي من‬
‫عفي من‬ ‫ب أكبُر ‪ ،‬وما ُ‬
‫ست َِر من الذن ِ‬
‫م ‪ ،‬وما ُ‬
‫ف أعظ ُ‬ ‫اللط ِ‬
‫ل‪.‬‬‫الخطأ أج ّ‬
‫***********************************‬
‫ة‬
‫وقفـ ٌ‬
‫طلك‬ ‫ن الحزن يضعُفك في العبادةِ ‪ ،‬ويع ّ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫عن الجهادِ ‪ ،‬وُيورُثك الحباط ‪ ،‬ويدعوك إلى سوء الظ ّ‬
‫وُيوقُعك في التشاؤم ِ ‪.‬‬
‫ض‬‫س المرا ِ‬ ‫ن الحزن والقلق أسا ُ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫س‬ ‫النفسيةِ ‪ ،‬ومصدُر اللم ِ العصيبةِ ‪ ،‬ومادة ُ النهيارِ والوسوا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫والضطرا ِ‬
‫ن ‪ ،‬والذكُر ‪ ،‬والدعاُء ‪ ،‬والصلةُ ‪،‬‬ ‫ن ‪ :‬ومعك القرآ ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫مُر ‪.‬‬ ‫ل النافعُ المث ِ‬ ‫ف ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫ل المعرو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وفعْ ُ‬ ‫والصدق ُ‬
‫ق الفراِغ‬ ‫م للحزن عن طري ِ‬ ‫ن ‪ :‬ول تستسل ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل ‪..‬‬ ‫ل ‪ ..‬استقب ْ‬ ‫ب ‪ ..‬اعم ْ‬ ‫ْ‬ ‫والعطالةِ ‪ ،‬ص ّ‬
‫ح اقرأ ‪ ..‬اكت ْ‬ ‫ل ‪ ..‬سب ّ ْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُزْر ‪ ..‬تأ ّ‬
‫ضّرعا ً‬ ‫َ‬
‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ﴾ ﴿ ادْ ُ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫﴿ اد ْ ُ‬
‫ن‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ن﴾﴿ َ‬ ‫دي َ‬ ‫عت َ ِ‬‫م ْ‬‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ة إ ِن ّ ُ‬ ‫خ ْ‬
‫في َ ً‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ن أي ّا ً ّ‬ ‫مـ َ‬ ‫ح َ‬ ‫عوا ْ الّر ْ‬ ‫و اد ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫هأ‬‫عوا ْ الل ّ َ‬ ‫ل ادْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن﴾﴿ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫سَنى ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫عوا ْ َ‬ ‫ت َدْ ُ‬
‫*******************************‬
‫قواعد في السعادة‬
‫مك تشّتت ذهُنك ‪،‬‬‫ش في حدودِ يو ِ‬‫م أنك إذا لم تعِ ْ‬
‫‪.1‬اعل ْ‬
‫مك ‪،‬‬‫مك وغمو ُ‬
‫ت همو ُ‬ ‫ت عليك أموُرك ‪ ،‬وكثر ْ‬ ‫واضطرب ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪94‬‬
‫ر المساء ‪ ،‬وإذا‬ ‫وهذا معنى ‪ )) :‬إذا أصبحت فل تنتظ ِ‬
‫ر الصباح (( ‪.‬‬ ‫أمسيت فل تنتظ ِ‬
‫ق‬
‫م ٌ‬ ‫ح ْ‬ ‫م بما مضى وانتهى ُ‬ ‫‪.2‬اْنس الماضي بما فيه ‪ ،‬فالهتما ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫وجنو ٌ‬
‫ب ‪ ،‬ودِع التفكَر‬ ‫ل ‪ ،‬فهو في عالم ِ الغي ِ‬ ‫ل بالمستقب ِ‬ ‫‪.3‬ل تشتغ ْ‬
‫فيه حتى يأتي ‪.‬‬
‫ن النقد يساوي‬ ‫مأ ّ‬ ‫ت ‪ ،‬واعل ْ‬ ‫‪.4‬ل تهتّز من النقدِ ‪ ،‬واثب ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫مت َ َ‬‫قي َ‬
‫ة السعيدةُ ‪.‬‬ ‫ح هو الحياة ُ الطيب ُ‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫ن باللهِ ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫‪.5‬اليما ُ‬
‫ه‬
‫ة ‪ ،‬فعليه بذكرِ الل ِ‬ ‫‪.6‬من أراد الطمئنان والهدوء والراح َ‬
‫تعالى ‪.‬‬
‫ن شيٍء بقضاء وقدرٍ ‪.‬‬ ‫‪.7‬على العبد ِ أن يعلم أ ّ‬
‫‪.8‬ل تنتظْر شكرا ً من أحد ٍ ‪.‬‬
‫ض‪.‬‬ ‫ن نفسك على تلّقي أسوأ الفرو ِ‬ ‫‪.9‬وط َِ ْ‬
‫ل فيما حصل خيرا ً لك ‪.‬‬ ‫‪.10‬لع ّ‬
‫ل قضاٍء للمسلم ِ خيٌر له ‪.‬‬ ‫‪.11‬ك ّ‬
‫‪.12‬فك ّْر في النعم ِ واشكْر ‪.‬‬
‫س‪.‬‬ ‫‪.13‬أنت بما عندك فوق كثيرٍ من النا ِ‬
‫ج‪.‬‬ ‫‪.14‬من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ‬
‫ج الدعاُء ‪.‬‬ ‫خَر ُ‬‫ست َ ْ‬‫‪.15‬بالبلِء ي ُ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫م للبصائرِ وقوّة ٌ للقل ِ‬ ‫ب مراه ُ‬ ‫‪.16‬المصائ ُ‬
‫سرا ً ‪.‬‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬ ‫ن مع العُ ْ‬ ‫‪.17‬إ ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ض عليك التوافِ ُ‬ ‫‪.18‬ل تق ِ‬
‫‪.19‬إن ّربك واسعُ المغفرةِ ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫‪.20‬ل تغض ْ‬
‫ث بغير ذلك ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬فل تكتر ْ‬ ‫‪.21‬الحياة ُ خبٌز وماٌء وظ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬‫ما ُتو َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬‫رْز ُ‬ ‫ماء ِ‬‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫و ِ‬
‫‪َ ﴿.22‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫ف ل يكو ُ‬ ‫‪.23‬أكثر ما ٌيخا ْ‬
‫‪.24‬لك في المصابين ُأسوة ٌ ‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫ب قوما ً ابتلهُ ْ‬ ‫ن الله إذا أح ّ‬ ‫‪.25‬إ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪95‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ة الك َْر ِ‬
‫‪.26‬ك َّرْر أدعي َ‬
‫ل الجاد ّ المثمرِ ‪ ،‬واهجرِ الفراغ ‪.‬‬ ‫‪.27‬عليك بالعم ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ك الراجيف ‪ ،‬ول تصدقْ الشائعا ِ‬ ‫‪.28‬اتر ِ‬
‫ضّر‬
‫ك أكثر مما ي َ ُ‬ ‫حت ِ َ‬
‫ص ّ‬‫ضّر ب ِ‬
‫صك على النتقام ِ ي ُ‬ ‫‪.29‬حقد ُ َ‬
‫ك وحر ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫الخ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل ما يصيبك فهو كّفارةٌ للذنو ِ‬ ‫‪.30‬ك ّ‬
‫***********************************‬
‫ط؟‬
‫ة أخل ٍ‬
‫ن وعندك ست ّ ُ‬
‫وِلم الحز ُ‬
‫ن احد َ الحكماِء‬ ‫ب ) الفرِج بعد الشدةِ ( ‪ :‬أ ّ‬ ‫ذكر صاح ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ه في المصا ِ‬ ‫ل عليه إخواُنه يعّزون َ ُ‬ ‫ي بمصيبةٍ ‪ ،‬فدخ َ‬ ‫ابُتل َ‬
‫ط ‪ .‬قالوا ‪ :‬ما هي ؟‬ ‫ت دواًء من ستةِ أخل ٍ‬ ‫فقال ‪ :‬إني عمل ُ‬
‫ل‬‫نك ّ‬ ‫ة باللهِ ‪ .‬والثاني ‪ :‬علمي بأ ّ‬ ‫ط الو ُ‬
‫ل ‪ :‬الثق ُ‬ ‫قال ‪ :‬الخل ُ‬
‫ه الممتحُنون ‪.‬‬ ‫ث ‪ :‬الصبُر خيٌر ما استعمل ُ‬ ‫ن ‪ .‬والثال ُ‬
‫مقدور كائ ٌ‬
‫ن أعين‬‫ُ‬
‫ن لم أصبْر أنا فأيّ شيء أعمل ؟! ولم أك ْ‬ ‫والرابعُ ‪ :‬إ ْ‬
‫ن أن أكون في شّر‬ ‫س ‪ :‬قد يمك ُ‬ ‫على نفسي بالجزع ‪ .‬والخام ُ‬
‫ج‪.‬‬‫س ‪ :‬من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ‬ ‫مما أنا فيه ‪ .‬والساد ُ‬
‫**********************************‬
‫ب وداهمْتك‬
‫ك الصعا ُ‬‫ن إذا واجهت ْ َ‬
‫حَز ْ‬
‫ل تَ ْ‬
‫ل واعترضتك العوائق ‪ ،‬واصبر‬ ‫المشاك ُ‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫وتح ّ‬
‫ن عندك يا‬ ‫ن كا َ‬ ‫إ ْ‬ ‫م‬‫ن بهِ الكرا َ‬ ‫مما ُتهي ُ‬
‫ة‬
‫ن بقي ّ ٌ‬‫زما ُ‬ ‫فهاِتها‬
‫ف من‬ ‫ن التحمل أشر ُ‬ ‫ّ‬ ‫وإ‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫الجز‬ ‫من‬ ‫ن الصبر أرفقُ‬ ‫إ ّ‬
‫الخورِ ‪ ،‬وإن الذي ل يصبُر اختيارا ً سوف يصبُر اضطرارا ً ‪.‬‬
‫وقال المتنبي ‪:‬‬
‫رماني الدهُر‬ ‫فؤادي في غشاٍء‬
‫بالرزاِء حتى‬
‫أصابتني‬ ‫ت إذا‬ ‫فصر ُ‬ ‫ل‬‫لُ‬ ‫تمن نبا‬
‫النصا ِ‬ ‫سر ِ‬ ‫تك ّ‬
‫م‬‫سها ٌ‬ ‫فعشت ول ُ‬
‫أبالي‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫لْ‬‫النصابأ ِ‬
‫ت‬ ‫لني ماعلى‬
‫انتفع ُ‬
‫بالرزايا‬ ‫ُأبالي‬
‫ل تحزن‬
‫‪96‬‬
‫وقال أبو المظفر البيوردي ‪:‬‬
‫تنك َّر لي دهري ولم‬ ‫ن‬‫ث الزما ِ‬ ‫عّز وأحدا ُ‬ ‫أَ ِ‬
‫أننيُر‬
‫يرينيرِ الده‬
‫فبات ُ يد‬ ‫ت ُأريهِ تُهو ُ‬
‫ن‬
‫الصبر‬ ‫وب ِ ّ‬
‫كيف اعتداؤ ُهُ‬ ‫ن‬
‫كيف يكو ُ‬
‫شعْرِ ‪ ،‬وخبز الشعيرِ ‪ ،‬أعّز‬ ‫ة ال ّ‬
‫َ‬ ‫وخيم‬ ‫ي‪،‬‬‫إن الكوخ الخشب ّ‬
‫ن‬‫ض وصوْ َ‬ ‫ظ ماِء الوجهِ وكرامةِ العِْر ِ‬ ‫ف – مع حف ِ‬ ‫وأشر ُ‬
‫ف وحديقةٍ غّناَء مع التعكيرِ والك َد َرِ ‪.‬‬ ‫صرٍ مني ٍ‬ ‫س – من قَ ْ‬ ‫النف ِ‬
‫ة كالمرض ‪ ،‬لبد ّ له من زمن حتى يزول ‪ ،‬ومن‬ ‫المحن ُ‬
‫استعجل في زوالهِ أوشك أن يتضاعف ويستفحل ‪ ،‬فكذلك‬
‫ت ‪ ،‬حتى تزول آثاُرها ‪،‬‬ ‫ة لبد ّ لها من وق ٍ‬ ‫حن َ ُ‬
‫م ْ‬‫ة وال ِ‬ ‫المصيب ُ‬
‫دعاِء ‪.‬‬ ‫ة ال ّ‬ ‫ب المبتلي ‪ :‬الصبُر وانتظاُر الفرِج ومداوم ُ‬ ‫وواج ُ‬
‫*******************************‬
‫وقفـــة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬ ‫و ِ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َ ي َي ْأ ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫ح الل ّ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫سوا ْ ِ‬ ‫ول َ ت َي ْأ ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة‬‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬ ‫ضآّلو َ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ّ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫ك‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫د ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ري ل َ َ‬ ‫ن ﴾ ‪َ ﴿ .‬ل تََدْ ِ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى أن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫مرا ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫أ ْ‬
‫م‬ ‫عل َ ُ‬‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫شّر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫حّبوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت ُ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫مِتي‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫با‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ف‬
‫ٌ‬ ‫طي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫مو‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫و َ‬
‫أن‬
‫ْ‬
‫َ َ َ‬ ‫﴿‬ ‫‪.‬‬ ‫﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫﴿‬ ‫‪.‬‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عَنا ﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِ ْ‬
‫ذ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ء ﴾ ‪ ﴿ .‬ل َ تَ ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫و ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ب لك ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن َرب ّك ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫عون ََنا‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫مت َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫شُر َر ْ‬ ‫وَين ُ‬ ‫طوا َ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫كاُنوا ل ََنا َ‬ ‫و َ‬ ‫هبا ً َ‬ ‫وَر َ‬ ‫غبا ً َ‬ ‫َر َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫متى تصُفو لك الدنيا‬ ‫إذا لم ترض منها‬
‫الدنيا‬‫ألم تر جوهر بخيرٍ‬ ‫البحِج ِ‬
‫ر‬ ‫بالمزا‬ ‫ه من‬ ‫ومخرج ُ‬
‫فى‬ ‫ّ‬ ‫المص‬ ‫ج‬ ‫لجا‬ ‫ا ُ‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫فجأ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫مخيف‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫لك‬
‫ِ‬ ‫ت بمسّرةٍ‬ ‫جر ْ‬
‫ل‬
‫ِبهوْ ٍ‬ ‫وابتهاِج‬
‫ل تحزن‬
‫‪97‬‬
‫ب سلمةٍ ب َعْد َ‬
‫وُر ّ‬ ‫ب إقامةٍ ب َعْد َ‬
‫ور ّ‬
‫امتناٍع‬ ‫وجاِج‬ ‫اع ِ‬
‫*************************************‬

‫ب‬
‫س في النام ِ كتا ُ‬
‫وخيُر جلي ٍ‬
‫ن من أسباب السعادة ‪ :‬النقطاع إلى مطالعة الكتاب ‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫ل بالفوائد ِ ‪.‬‬‫والهتمام بالقراءة ‪ ،‬وتنمية العق ِ‬
‫صك بالكتاب والمطالعة ‪ ،‬لتطرد الحزن‬ ‫والجاحظ ُيو ِ‬
‫عنك فيقول ‪:‬‬
‫ريك ‪ ،‬والصديقُ الذي ل‬ ‫س الذي ل ُيط ِ‬ ‫والكتاب هو الجلي ُ‬
‫ح الذي ل‬ ‫مّلك ‪ ،‬والمستمي ُ‬ ‫ريك ‪ ،‬والرفيقُ الذي ل ي َ َ‬ ‫ُيغ ِ‬
‫يستريثك ‪ ،‬والجاُر الذي ل يستبطيك ‪ ،‬والصاحب الذي ل يريد‬
‫عك‬ ‫كر ‪ ،‬ول يخد ُ‬ ‫ق ‪ ،‬ول يعامُلك بالم ْ‬ ‫استخراج ما عندك بالمل ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل لك بالكذِ ِ‬ ‫بالنفاق ‪ ،‬ول يحتا ُ‬
‫والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك ‪ ،‬وشحذ‬
‫خم ألفاظك ‪،‬‬ ‫طباعك ‪ ،‬وبسط لسانك ‪ ،‬وجوّ بنانك ‪ ،‬وف ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫مَر صدرك ‪ ،‬ومنحك تعظيم العوا ّ‬ ‫وبحبح نفسك ‪ ،‬وع ّ‬
‫ه‬
‫وصداقة الملوك ‪ ،‬وعرفت به شهرٍ ما ل تعرفه من أفوا ِ‬
‫الرجال في دهْرٍ ‪ ،‬مع السلمة من الغُْرم ِ ‪ ،‬ومن كد ّ الطلب ‪،‬‬
‫ب المكتسب بالتعليم ‪ ،‬ومن الجلوس بين‬ ‫ف ببا ِ‬
‫ومن الوقو ِ‬
‫عرقا ً ‪ ،‬ومع‬ ‫م منه ِ‬ ‫خُلقا ُ ‪ ،‬وأكر ُ‬ ‫ل منه ُ‬ ‫من أنت أفض ُ‬ ‫يدي َ‬
‫السلمة من مجالسة البغضاء ‪ ،‬ومقارنة الغنياء ‪.‬‬
‫والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار ‪،‬‬
‫ل بنوم ٍ ‪ ،‬ول‬ ‫ضرِ ‪ ،‬ول يعت ّ‬ ‫ويطيعك في السفر كطاعته في الح َ‬
‫م الذي إن افتقرت إليه لم‬ ‫ل السهرِ ‪ ،‬وهو المعل ّ ُ‬ ‫يعتريهِ ك َل َ ُ‬
‫فْرك ‪ ،‬وإن قطعت عنه المادة لم يقطعْ عنك الفاِئدةَ ‪،‬‬ ‫خ ِ‬‫ي ْ‬
‫ب‬
‫ح أعاديك لم ينقل ْ‬ ‫وإن عزلته لم يدعْ طاعتك ‪ ،‬وإن هّبت ري ُ‬
‫عليك ‪ ،‬ومتى كنت معه متعّلقا ً بسبب أو معتصما ً بأدنى حْبل‬
‫ة الوحدة‬ ‫ى من غيره ‪ ،‬ولم تضّرك معه وحش ُ‬ ‫كان لك فيه غن ً‬
‫س السوِء ‪ ،‬ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه‬ ‫إلى جلي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪98‬‬
‫إليك إل ّ من ُْعه لك من الجلوس على باِبك ‪ ،‬والنظُر إلى‬
‫المارة بك ‪ .‬مع ما في ذلك من التعّرض للحقوق التي تلزم ‪،‬‬
‫ض فيما ل يعنيك ‪ ،‬ومن‬ ‫ل النظرِ ‪ ،‬ومن عادةِ الخوْ ِ‬ ‫ومن فضو ِ‬
‫س ‪ ،‬وحضورِ ألفاظهم الساقطة ‪،‬‬ ‫ملبسةِ صغارِ النا ِ‬
‫ومعانيهم الفاسدة ‪ ،‬وأخلِقهم الرديئة ‪ ،‬وجهالتهم‬
‫ة ‪ ،‬وإحراُز‬ ‫ة ثم الغنيم ُ‬‫المذمومة ‪ .‬لكان في ذلك السلم ُ‬
‫الصل مع استفادةِ الفْرِع ‪ ،‬ولو لم يكن في ذلك إل أنه‬
‫ب‪،‬‬ ‫منى ‪ ،‬وعن اعتياد الراحةِ وعن الّلع ِ‬ ‫يشغلك عن سخف ال ُ‬
‫وكل ما أشبه اللعب ‪ ،‬لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة‬
‫ة‪.‬‬ ‫من ّ َ‬
‫وأعظم ال ِ‬
‫وقد علمنا أن أفضل ما يقطع به الُفّراغُ نهارهم ‪،‬‬
‫ب ‪ ،‬وهو الشيء‬ ‫ت ليلهم ‪ :‬الكتا ُ‬ ‫وأصحاب الفكاهات ساعا ِ‬
‫الذي ل ُيرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ول عقل‬
‫ن ‪ ،‬ول‬ ‫عرض ‪ ،‬ول في إصلح دي ٍ‬ ‫ون ِ‬ ‫ول مروءة ‪ ،‬ول في ص ْ‬
‫في تثمير مال ‪ ،‬ول في رب صنيعةٍ ول في ابتداِء إنعام ٍ ‪.‬‬
‫ل في فضل الكتاب ‪:‬‬ ‫* أقوا ٌ‬
‫وقال أبو عبيدة ‪ :‬قال المهّلب لبنيه في وصيته ‪ :‬يا‬
‫ي ‪ ،‬ل تقوموا في السواق إل على زّراد أو وّراق ‪.‬‬ ‫ب َن ِ ّ‬
‫ت على شيخ شامي كتابا ً‬ ‫دثني صديق لي قال ‪ :‬قرأ ُ‬ ‫وح ّ‬
‫ت المكارم إل من الكتب ‪.‬‬ ‫فيه من مآثرِ غطفان ‪ ،‬فقال ‪ :‬ذهب ِ‬
‫ت‬ ‫ت أربعين عاما ً ما ِقل ُ‬ ‫ت الحسن اللؤلؤي يقول‪ :‬غبر ُ‬ ‫وسمع ُ‬
‫ت ‪ ،‬إل والكتاب موضوع على صدري ‪.‬‬ ‫ت ول اتكأ ُ‬ ‫ول ب ُ‬
‫وقال ابن الجهم ‪ :‬إذا غشيني النعاس في غير وقت‬
‫ت كتابا ً‬ ‫نوم ‪ .‬وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة ‪ .‬تناول ُ‬
‫حكم ‪ ،‬فأجد ُ اهتزازي للفوائد ‪ ،‬والريحية التي‬ ‫من كتب ال ِ‬
‫تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة ‪ ،‬والذي يغشى قلبي من‬
‫ق الحميرِ ‪،‬‬ ‫ً‬
‫سرور الستبانة ‪ ،‬وعّز التبين أشد ّ إيقاظا من نهي ِ‬
‫وهد ّةِ الهَد ْم ِ ‪.‬‬
‫ت الكتاب واستجدُته ‪،‬‬ ‫ن الجهم ‪ :‬إذا استحسن ُ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ت ذلك فيه ‪ ،‬فلو تراني وأنا ساعة‬ ‫ت منه الفائدة ‪ ،‬ورأي ُ‬ ‫ورجو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪99‬‬
‫بعد ساعة أنظُر كم بقي من ورقة مخافة استنفاده ‪،‬‬
‫ف عظيم الحجم ِ‬ ‫وانقطاع المادة من قلبه ‪ ،‬وإن كان المصح ُ‬
‫م عيشي وكمل سروري ‪.‬‬ ‫ق كثير العدد ِ فقد ت ّ‬ ‫كثير الور ِ‬
‫وذكر العتبي كتابا ً لبعض القدماء فقال ‪ :‬لول طوُله‬
‫غبني فيه‬ ‫وكثرةُ ورقِهِ لنسخُته ‪ .‬فقال ابن الجهم ‪ :‬لكني ما ر ّ‬
‫ط كتابا ً كبيرا ً فأخلني من‬ ‫تق ّ‬ ‫هدك فيه ‪ ،‬وما قرأ ُ‬ ‫إل الذي ز ّ‬
‫ت منها‬ ‫ت من صغار الكتب فخرج ُ‬ ‫فائدة ‪ ،‬وما أحصي كم قرأ ُ‬
‫ت!‪.‬‬ ‫كما دخل ُ‬
‫ك‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ز َ‬ ‫أن‬ ‫ل الكتب وأشرفها وأرفعها ‪ ﴿ :‬كَتاب ُ‬ ‫وأج ّ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫وِذك َْرى‬ ‫ه َ‬ ‫ذَر ب ِ ِ‬ ‫ه ل ُِتن ِ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ج ّ‬ ‫حَر ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫ر َ‬ ‫صدْ ِ‬
‫في َ‬ ‫كن ِ‬ ‫فل َ ي َ ُ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫* فوائد القراءة والمطالعة ‪:‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫م والحز ِ‬ ‫س واله ّ‬ ‫‪.1‬طرد ً الوسوا ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ض في الباط ِ‬ ‫ب الخو ِ‬ ‫‪.2‬اجتنا ُ‬
‫ل العطالةِ ‪.‬‬ ‫طالين وأه ِ‬ ‫ل عن الب ّ‬ ‫‪.3‬الشتغا ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ب على الكلم‪ ،‬والبعد ُ عن الل ّ ْ‬ ‫‪.4‬فت ْقُ اللسان وتدري ٌ‬
‫ة‪.‬‬
‫والتحلّي بالبلغةِ والفصاح ِ‬
‫ة الخاط ِرِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬وتصفي ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وتجويد ُ الذ ّهْ ِ‬ ‫ة العَْق ِ‬‫‪.5‬تنمي ُ‬
‫ظ والمفهوم ِ ‪.‬‬ ‫‪.6‬غزارةُ العلم ِ ‪ ،‬وكثرةُ المحفو ِ‬
‫س وحكم ِ الحكماِء‬ ‫ب النا ِ‬ ‫‪.7‬الستفادةُ من تجار ِ‬
‫ط العلماِء ‪.‬‬ ‫واستنبا ِ‬
‫ة على‬ ‫مل َك َةِ الهاضمةِ للعلوم ِ ‪ ،‬والمطالع ُ‬ ‫‪.8‬إيجاد ُ ال َ‬
‫الثقافات الواعية لدورها في الحياة ‪.‬‬
‫ل السلم ِ ‪،‬‬ ‫ب أه ِ‬ ‫ة في قراءة كت ِ‬ ‫ص ً‬ ‫ن خا ّ‬ ‫‪.9‬زيادةُ اليما ِ‬
‫ل‬ ‫عاظ ‪ ،‬ومن أج ّ‬ ‫فإن الكتاب من أعظم الو ّ‬
‫الزاجرين ‪ ،‬ومن أكبر الناهين ‪ ،‬ومن أحكم ِ المرين ‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬وللقلب من التشرذ ُم ِ ‪،‬‬ ‫ذهن من التشت ّ ِ‬ ‫ة لل ّ‬ ‫‪.10‬راح ٌ‬
‫ت من الضياِع ‪.‬‬ ‫وللوق ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪100‬‬
‫خ في فَهْم ِ الكلمةِ ‪ ،‬وصياغةِ المادةِ ‪،‬‬‫‪.11‬الرسو ُ‬
‫ل الجملةِ ‪ ،‬ومعرفةِ أسراِر‬ ‫ومقصودِ العبارةِ ‪ ،‬ومدلو ِ‬
‫الحكمةِ ‪.‬‬
‫ح‬
‫ح أروا ُ‬
‫ح الرو ِ‬
‫فرو ُ‬ ‫ن طعمت‬ ‫وليس بأ ْ‬
‫المعاني‬ ‫ول شربتا‬
‫***********************************‬
‫وقفــة‬
‫مرض أبو بكرٍ رضي الله عنه فعادوه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أل ندعو‬
‫لك الطبيب ؟ فقال ‪ :‬قد رآني الطبيب ‪ .‬قالوا ‪ :‬فأيّ شيء‬
‫ل لما أريد ُ ‪.‬‬ ‫قال لك ؟ قال ‪ :‬إني فّعا ٌ‬
‫خي َْر عيشِنا‬ ‫ب رضي الله عنه ‪ :‬وجدنا َ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫قال عمُر ب ُ‬
‫بالصبرِ ‪.‬‬
‫ن الصبر‬ ‫ش أدركناه بالصبر ‪ ،‬ولو أ ّ‬ ‫ل عي ٍ‬ ‫وقال أيضا ً ‪ :‬أفض ُ‬
‫ل كان كريما ً ‪.‬‬ ‫كان من الرجا ِ‬
‫صب َْر‬‫ي بن أبي طالب رضي الله عنه ‪ :‬أل إن ال ّ‬ ‫وقال عل ّ‬
‫س بار‬ ‫س من الجسد ِ ‪ ،‬فإذا ُقطع الرأ ُ‬ ‫من اليمان بمنزلة الرأ ِ‬
‫صب َْر له ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬ثم َرفَعَ صوَته فقال ‪ :‬إنه ل إيمان لمن ل َ‬ ‫الجس ُ‬
‫ة ل ت َك ُْبو ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬الصبُر مطي ّ ٌ‬
‫ه‬ ‫وقال الحسن ‪ :‬الصبر ك َن ٌْز من كنوزِ الخيرِ ‪ ،‬ل يعطيه الل ُ‬
‫إل لعبدٍ كريم ٍ عنده ‪.‬‬
‫ة‪،‬‬ ‫ه على عبد ٍ نعم ً‬ ‫ن عبدالعزيز ‪ :‬ما أنعم الل ُ‬ ‫وقال عمُر ب ُ‬
‫وضه خيرا ً‬ ‫عها منه ‪ ،‬فعاضه مكانها الصبر ‪ ،‬إل ّ كان ما ع ّ‬ ‫فانتز َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫مما انتزع ُ‬
‫ً‬
‫ن مهران ‪ :‬ما نال أحد شيئا من ختم ِ‬ ‫وقال ميمون ب ُ‬
‫الخيرِ فيما دونه إل الصبر ‪.‬‬
‫ل عمل ُيعرف ثوابه إل‬ ‫ن القاسم ‪ :‬ك ّ‬ ‫وقال سليمان ب ُ‬
‫هم‬ ‫جَر ُ‬ ‫َ‬ ‫و ّ‬
‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬‫فى ال ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬‫الصبّر ‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ َ‬
‫ب ﴾ قال ‪ :‬كالمال المنهمر ‪.‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫بِ َ‬
‫*****************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪101‬‬
‫ن هناك مشهدا ً آخر وحياةً‬ ‫نل ّ‬‫ل تحز ْ‬
‫أخرى ‪ ،‬ويوما ً ثانيا ً‬
‫ن‬ ‫يجمع الله فيه الّولين والخرين ‪ ،‬وهذا يجعلك تطمئ ّ‬
‫ظلم هنا‬ ‫ب ماُله هنا وجده هناك ‪ ،‬ومن ُ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ل اللهِ ‪ ،‬فَ َ‬
‫لعد ِ‬
‫عوِقب هناك !!‬ ‫ُأنصف هناك ‪ ،‬ومن جار هنا ُ‬
‫ُنقل عن » كانت « الفيلسوف اللماني أنه قال ‪ )) :‬إن‬
‫ن؛‬ ‫ل ب َعْد ُ ‪ ،‬ولبد ّ من مشهد ٍ ثا ٍ‬ ‫مسرحّية الحياة الدنيا لم تكتم ْ‬
‫لننا نرى هنا ظالما ً ومظلوما ً ولم نجد ْ النصاف ‪ ،‬وغالبا ً‬
‫م فيه‬ ‫ومغلوبا ً ولم نجد النتقام ‪ ،‬فلبد ّ إذن من عالم ٍ آخر يت ّ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫العَد ْ ُ‬
‫قال الشيخ علي الطنطاوي معّلقا ً ‪ :‬وهذا الكلم اعتراف‬
‫ضمني باليوم الخر والقيامة ‪ ،‬من هذا الجنبي ‪.‬‬
‫إذا جاَر الوزيُر وكاتِباهُ‬ ‫ض أجحف‬ ‫وقاضي الر ِ‬
‫م وي ْ ٌ‬ ‫فَوَي ْ ٌ‬ ‫القضاِء‬ ‫لقاضيفي‬
‫ل‬ ‫ل ثُ ّ‬‫ل ثم وَي ْ ٌ‬ ‫من‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫الر‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ع ال ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫السمال ِْء‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫قاضي‬
‫﴿ َل‬
‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ري ُ‬ ‫ِ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ظ‬
‫*********************************‬
‫ب‬
‫ت من تجار ِ‬
‫ة وُنقول ٌ‬ ‫أقوا ٌ‬
‫ل عالمي ٌ‬
‫القوم ِ‬
‫كتب » روبرت لويس ستيفنسون « ‪ )) :‬فكل إنسان‬
‫يستطيع القيام بعمله مهما كان شاقّا ً في يوم واحد ‪ ،‬وكل‬
‫س ‪ .‬وهذا‬ ‫ن يستطيعُ العيش بسعادة حتى تغيب الشم ُ‬ ‫إنسا ٍ‬
‫ما تعنيه الحياة (( ‪.‬‬
‫م واحد ‪،‬‬ ‫قال أحدهم ‪ )) :‬ليس لك من حياِتك إل يو ٌ‬
‫ت (( ‪.‬‬ ‫أمس ذهب ‪ ،‬وغَد ٌ لم يأ ِ‬
‫كتب » ستيفن ليكوك « ‪ :‬فالطفل يقول ‪ :‬حين أصبح‬
‫ي يقول ‪ :‬حين ُأصبح شاب ّا ً ‪ .‬وحين ُأصبح شاب ّا ً‬
‫صبي ّا ً ‪ ،‬والصب ّ‬
‫أتزوج ‪ .‬ولكن ماذا بعد الزواج؟ وماذا ب َعْد َ كل هذه المراحل؟‬
‫ل تحزن‬
‫‪102‬‬
‫عد ‪ .‬ينظر‬ ‫تتغيُر الفكرة نحو ‪ :‬حين أكون قادرا ً على التقا ُ‬
‫خلفه ‪ ،‬وتلفحه رياح باردة ‪ ،‬لقد فقد حياته التي وّلت دون أن‬
‫ن‬ ‫نأ ّ‬ ‫ت الوا ِ‬ ‫ة واحدة منها ‪ ،‬ونحن نتعّلم بعد فوا ِ‬ ‫يعيش دقيق ً‬
‫ل ساعة من يومنا الحاضرِ (( ‪.‬‬ ‫الحياة تقعُ في كل دقيقة وك ّ‬
‫وكذلك المسوُّفون بالتوبة ‪.‬‬
‫ة‬ ‫قال أحد السلف ‪ )) :‬أنذرُتكم ) سوف ( ‪ ،‬فغنها كلم ٌ‬
‫خرت من صلح (( ‪.‬‬ ‫كم منعت من خير وأ ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عوا ْ وي ُل ْههم ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هم يأ ْ‬
‫ف‬ ‫و َ‬ ‫ْ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫لو‬ ‫ك‬ ‫﴿ ذَْر ُ ْ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫يقول الفيلسوف الفرنسي » مونتين « ‪ )) :‬كانت حياتي‬
‫م أبدا ً (( ‪.‬‬ ‫ظ السيئ الذي لم يرح ْ‬ ‫مليئة بالح ّ‬
‫ت ‪ :‬هؤلء لم يعرفوا الحكمة من خْلقهم ‪ ،‬على الرغم‬ ‫قل ُ‬
‫من ذكائهم ومعارفهم ‪ ،‬لكن لم يهتدوا بهدي الله الذي بعث‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ُنورا ً َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ج َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫به رسوله ‪َ ﴿ ، ‬‬
‫فورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ما ك َ ُ‬ ‫كرا ً َ‬
‫وإ ِ ّ‬ ‫شا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫سِبي َ‬ ‫هدَي َْناهُ ال ّ‬ ‫ر﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِّنا َ‬‫ّنو ٍ‬
‫ة‬ ‫يقول ‪ » :‬دانسي « ‪ )) :‬فك ّْر إن هذا اليوم لن ينبثق ثاني ً‬
‫(( ‪.‬‬
‫ة‬
‫ل صل َ‬ ‫ل حديث ‪ )) :‬ص ّ‬ ‫ل منه وأكم ُ‬ ‫ت ‪ :‬وأجم ُ‬ ‫قل ُ‬
‫ع ((‬ ‫مودّ ٍ‬
‫ش فيه آخُر‬ ‫ومن جعل في خلدِهِ أن هذا اليوم الذي يعي ُ‬
‫ه‬
‫عة رب ّ ِ‬ ‫مهِ ‪ ،‬جد ّد َ توبته ‪ ،‬وأحسن عمله ‪ ،‬واجتهد في طا ِ‬ ‫أيا ِ‬
‫واتباِع رسول ِهِ ‪. ‬‬
‫كتب المثل المسرحي الهندي الشهير » كاليداسا « ‪:‬‬
‫ة للفجر‬ ‫تحي ً‬
‫انظْر إلى هذا النهار‬
‫لنه هو الحياة ‪ ،‬حياة الحياة‬
‫ق وجوِدك‬ ‫ف حقائ ِ‬ ‫في فترت ِهِ ‪ُ ،‬توجد مختل ُ‬
‫و‬
‫م ّ‬ ‫ة الن ّ ُ‬‫نعم ُ‬
‫ل المجيد ُ‬ ‫العم ُ‬
‫وبهاُء النتصاِر‬
‫ل تحزن‬
‫‪103‬‬
‫ولن المس ليس سوى ُ ُ‬
‫حلم ٍ‬
‫والغَد ُ ليس إل ُر ً‬
‫ؤى‬
‫حْلما ً جميل ً‬
‫ن اليوم الذي تعيشه بأكمله يجعل المس ُ‬
‫لك ّ‬
‫ل‬
‫ة للم ِ‬ ‫وكل غد رؤي ً‬
‫فانظر جّيدا ً إلى هذا النهار‬
‫هذه هي تحية الفجر‬
‫*********************************‬
‫اسأ ْ‬
‫ل نفسك هذه السئلة‬
‫أغلق البواب الحديدّية على الماضي والمستقبل ‪،‬‬
‫مك ‪:‬‬ ‫ش دقائقَ يو ِ‬ ‫وع ْ‬
‫ق‬‫جل حياتي الحاضرة من أجل القل ِ‬ ‫‪.1‬هل أقصد أن أؤ ّ‬
‫ن إلى )) حديقة سحرية‬ ‫ِ‬ ‫ل ‪ ،‬أو الحني‬ ‫ن المستقب ِ‬ ‫بشأ ِ‬
‫ُ‬
‫ق (( ؟‬ ‫وراء الفُ ِ‬
‫ث‬ ‫حد َي َ ْ‬ ‫‪.2‬هل أجعل حاضري مريرا ً بالتطل ِّع إلى أشياء َ‬
‫ن؟‬ ‫ت مع مرورِ الزم ِ‬ ‫ت وانقض ْ‬ ‫حد َث َ ْ‬
‫في الماضي ‪َ ،‬‬
‫ت على‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ظ في الصباِح ‪ ،‬وقد ص ّ‬ ‫‪.3‬هل أستيق ُ‬
‫ل النهارِ ‪ ،‬والفادةِ القصوى من الساعات‬ ‫استغل ِ‬
‫الربِع والعشرين المقبلة ؟‬
‫ت دقائق يومي ؟‬ ‫‪.4‬هل أستفيد من الحياة إذا ما عش ُ‬
‫‪.5‬متى سأبدأ ُ في القيام بذلك ؟ السبوع المقبل ؟ ‪..‬‬
‫م؟‬ ‫في الغد ِ ؟ ‪ ..‬أو اليو َ‬
‫دث ؟‬ ‫ُ‬ ‫‪.6‬اسأ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ل يمك ُ‬ ‫ل نفسك ‪ :‬ما اسوأ احتما ٍ‬
‫ثم ‪:‬‬
‫مل ِهِ ‪.‬‬ ‫‪ -‬جهّْز نفسك لقبولهِ وتح ّ‬
‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬ ‫شرِ بهدوٍء لتحسين ذلك الحتما ِ‬ ‫‪ -‬با ْ‬
‫م‬ ‫عوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬
‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫مانا ً َ‬‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬‫فَزادَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬
‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫فا ْ‬
‫ل﴾ ‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫َ‬
‫********************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪104‬‬
‫وقفــــة‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬‫وي َْرُز ْ‬‫خَرجًا}‪َ {2‬‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عل ل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ه ﴾‬‫سب ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ف ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫َ‬
‫سرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫عد َ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬‫سي َ ْ‬ ‫‪َ ﴿.‬‬
‫ر ‪ ،‬وأن الفرج مع‬ ‫)) واعلم أن النصر مع الصب ِ‬
‫سرا ً (( ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن مع ال ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الكْر ِ‬
‫ن بي ما شاء (( ‪.‬‬ ‫ن عبدي بي فل ْي َظُ ّ‬ ‫)) أنا عند ظ ّ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫عِلي ُ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فيك َ ُ‬ ‫سي َك ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫فت ْح أ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫فعسى الل ّ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫د ِ‬‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫م ٍ‬‫وأ ْ‬ ‫ي ِبال ْ َ ِ ْ‬ ‫ه أن ي َأت ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫﴿ َ َ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫ف ٌ‬‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫﴿ ل َي ْ َ‬
‫**************************************‬
‫وة ويهدّ الجسم‬ ‫ن يحطّ ُ‬
‫م الق ّ‬ ‫الحز ُ‬
‫قال الدكتور » ألكسيس كاريل « الحائز على جائزة‬
‫ل الذين ل يعرفون‬ ‫ب ‪ )) :‬إن رجال العما ِ‬ ‫نوبل في الط ّ‬
‫ق ‪ ،‬ويموتون باكرا ً (( ‪.‬‬ ‫مجابهة القل ِ‬
‫ل شيء بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬لكن قد يكون المعنى ‪:‬‬ ‫ت‪:‬ك ّ‬ ‫قل ُ‬
‫ق‬
‫طمة للكيان ‪ ،‬هو القل ُ‬ ‫أن من السباب المتلفة للجسم المح ّ‬
‫‪ .‬وهذا صحيح ‪.‬‬
‫ن أيضا ً يثيُر الُقْرحة! (( ‪:‬‬ ‫)) والحز ُ‬
‫يقول الدكتور » جوزيف ف ‪ .‬مونتاغيو « مؤلف كتاب ))‬
‫ة‬
‫ح ِ‬
‫مشكلة العصبية (( ‪ ،‬يقول فيه‪ )) :‬أنت ل ُتصاب بالُقْر َ‬
‫ب ما ي َأ ْك ُُلك (( !!‪.‬‬ ‫ل من طعام ٍ ‪ ،‬بل بسب ِ‬ ‫ب ما تتناو ُ‬‫بسب ِ‬
‫قال المتنبي ‪:‬‬
‫م‬
‫م يختر ُ‬‫واله ّ‬ ‫ب ناصية‬ ‫وُيشي ُ‬
‫ة‬
‫الجسيم نحاف ً‬
‫الدرجة‬ ‫ة في‬ ‫م« تأتي الُقْر َ‬
‫ح ُ‬ ‫»ِ وُيهرِ‬
‫ليف ُ‬ ‫الغلم‬
‫وطبقا ً لمجلة‬
‫العاشرةِ من المراض الفّتاكة ‪.‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫حْز ِ‬‫ر ال ُ‬‫وإليك بعض آثا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪105‬‬
‫ُترجمت لي قطعة من كتاب الدكتور إدوار بودولسكي ‪،‬‬
‫ل (( إليك بعضا ً من‬ ‫وعنوانه ‪ )) :‬دِع القلق وانطلق نحو الفض ِ‬
‫ل هذا الكتاب ‪:‬‬ ‫عناوين فصو ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل القلقُ بالقل ِ‬ ‫•ماذا يفع ُ‬
‫ذيه القلقُ ‪.‬‬ ‫ط الدم ِ المرتفع يغ ّ‬ ‫•ضغ ُ‬
‫َ‬
‫ض الروماتيزم ‪.‬‬ ‫•الَقلقُ يمكن أن يتسبب في أمرا ِ‬
‫ف من قلِقك إكراما ً لمعدِتك ‪.‬‬ ‫•خّف ْ‬
‫•كيف يمكن أن يكون القلقُ سببا ً للبرد ِ ‪.‬‬
‫ة‪.‬‬‫•القلق والغد ّةُ الدرقي ُ‬
‫ب السكري والقلقُ ‪.‬‬ ‫•مصا ُ‬
‫وفي ترجمة لكتاب د‪ .‬كارل مانينغر ‪ ،‬أحد الطباء‬
‫ب النفسي ‪ ،‬وعنوانه ‪ )) :‬النسان ضد ّ‬ ‫المتخصصين في الط ِ‬
‫نفسه (( ‪ ،‬يقول ‪ )) :‬ل يعطيك الدكتور مانينغر قواعد َ حو َ‬
‫ل‬
‫ق ‪ ،‬بل تقريرا ً مذهل ً عن كيف نحط ُ‬
‫م‬ ‫ب القل ِ‬‫كيفيةِ اجتنا ِ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬والحقد ِ والزدراِء ‪ ،‬والثور ِ‬ ‫ق والكب ْ ِ‬ ‫أجسادنا وعقولنا بالقل ِ‬
‫ف (( ‪.‬‬ ‫والخوْ ِ‬
‫ن‬‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫إن من أعظم منافع قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل‬‫ة البا ِ‬‫س ﴾ ‪ :‬راحة القلب ‪ ،‬وهدوَء الخاط ِرِ ‪ ،‬وسعَ َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫والسعادة ‪.‬‬
‫وفي مدينة » بوردو « الفرنسية ‪ ،‬يقول حاكمها‬
‫ب في معالجة‬ ‫الفيلسوف الفرنسي » مونتين « ‪ )) :‬أرغ ُ‬
‫ي (( ‪.‬‬ ‫مشاكلكم بيدي وليس بكبدي ورئت ّ‬
‫قد ُ ؟‬ ‫ح ْ‬
‫م وال ِ‬ ‫ن ‪ ،‬واله ّ‬ ‫ماذا يفعل الحز ُ‬
‫وضع الكتور راسل سيسيل – من جامعة » كورنيل « ‪،‬‬
‫ب‬
‫ب شائعة تسبب في التها ِ‬ ‫معهد الطب – أربعة أسبا ٍ‬
‫ل‪:‬‬‫المفاص ِ‬
‫‪.1‬انهياُر الزواِج ‪.‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة والحز ُ‬ ‫ث المادي ُ‬ ‫‪.2‬الكوار ُ‬
‫‪.3‬الوحدةُ والقلقُ ‪.‬‬
‫حْقد ُ ‪.‬‬ ‫‪.4‬الحتقاُر وال ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪106‬‬
‫وقال الدكتور وليم مالك غوينغل ‪ ،‬في خطاب لتحاد‬
‫مْثل‬ ‫أطباء السنان المريكيين ‪ )) :‬إن المشاعر غَي ْرِ الساّرةِ ِ‬
‫ف ‪ ..‬يمكن أن تؤثر في توزيع الكالسيوم في‬ ‫ق والخو ِ‬‫القل ِ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫ف السنا ِ‬ ‫الجسم ‪ ،‬وبالتالي تؤدي إلى ت َل َ ِ‬
‫وتناول أمورك بهدوء ‪:‬‬
‫يقول دايل كارنيجي ‪ )) :‬إن الزنوج الذين يعيشون في‬
‫ب‬ ‫ب البلدِ والصينيين نادرا ً ما ُيصابون بأمراض القل ِ‬ ‫جنو ِ‬
‫ق ؛ لنهم يتناولون المور بهدوء (( ‪.‬‬ ‫الناتجةِ عن القل ِ‬
‫ويقول ‪ )) :‬إن عدد المريكيين الذين ُيقبلون على‬
‫النتحار هو أكثر بكثير من الذين يموتون نتيجة للمراض‬
‫الخمسة الفّتاكة (( ‪.‬‬
‫وهذه حقيقة مذهلة تكاد ُ ل تصد ّقُ !‬
‫ن ظّنك برّبك ‪:‬‬ ‫س ْ‬ ‫ح ّ‬
‫قال وليم جايمس‪)) :‬إن الله يغفُر لنا خطايانا‪ ،‬لكن‬
‫جهازنا العصبي ل يفعل ذلك أبدًا((!‬
‫ذكر ابن الوزير في كتابه »العواصم والقواصم« ‪)) :‬إن‬
‫ويه‬ ‫د‪ ،‬ويق ّ‬ ‫ل ‪ -‬يفتح المل للعب ِ‬ ‫الرجاء في رحمة الله ‪ -‬عّز وج ّ‬
‫ل سابقا ً إلى‬ ‫على الطاعةِ ‪ ،‬ويجعُله نشيطا ً في النواف ِ‬
‫ت(( ‪.‬‬ ‫الخيرا ِ‬
‫ت ‪ :‬وهذا صحيح ‪ ،‬فإن بعض النفوس ل يصلحها إل‬ ‫قل ُ‬
‫كر رحمة الله وعفوه وتوبته وحلمه ‪ ،‬فتدنو منه ‪ ،‬وتجتهد ُ‬ ‫تذ ّ‬
‫وتثابُر ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫م ِبك الخيا ُ‬ ‫إذا ها َ‬
‫ُ‬
‫ة يلجأ إليها‬ ‫يقول توماس أدسون ‪ )) :‬ل توجد وسيل ٌ‬
‫ن هََربا ً من التفكير (( ‪.‬‬ ‫النسا ُ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫وهذا صحيح بالتجربة ‪ ،‬فإن النسان قد يقرأ أو يكت ُ‬
‫ل‬‫وهو يفكُر ‪ ،‬ولكن من أحسن ما يحد ّ التفكير ويضبطه العم ُ‬
‫ل وجنوٍح‬ ‫ل خيا ٍ‬ ‫الجاد ّ المثمُر النافعُ ‪ ،‬فإن أهل الفراغ أه ُ‬
‫وأراجيف ‪.‬‬
‫****************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪107‬‬
‫ء‬
‫د البّنا ِ‬
‫ب بالّنق ِ‬
‫ح ْ‬
‫ر ّ‬
‫ل ما يتفقُ مع رغباِتنا‬ ‫نك ّ‬ ‫ل أندريه مورو ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل ما هو غيُر ذلك ُيثير غضبنا ‪.‬‬ ‫الشخصيةِ يبدو حقيقي ّا ً ‪ ،‬وك ّ‬
‫ب المدح‬ ‫ب أننا نح ّ‬ ‫ت وكذلك النصائح والنقد ُ ‪ ،‬فالغال ُ‬ ‫قل ْ‬
‫م ولو كان حّقا ً‬ ‫ه ‪ ،‬ولو كان باطل ً ‪ ،‬ونكرهُ النقد والذ ّّ ّ‬ ‫بل ُ‬ ‫ون َط َْر ُ‬
‫ب وخطأ ٌ خطيٌر ‪.‬‬ ‫وهذا عي ٌ‬
‫ذا‬ ‫م إِ َ‬ ‫ه ْ‬‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫ه ل ِي َ ْ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬ ‫عوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ذا دُ ُ‬ ‫وإ ِ َ‬‫﴿ َ‬
‫ق‬ ‫ح ّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫وِإن ي َ ُ‬ ‫ن}‪َ {48‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬‫ِ‬ ‫ع‬
‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ق ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عِني َ‬ ‫مذ ْ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ي َأُتوا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ل إلى قراٍر‬ ‫م التوص ّ‬ ‫م جايمس ‪ )) :‬عندما يت ّ‬ ‫ل ولي ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫س اليوم ِ ‪ ،‬فإنك ستتخّلص كلي ّا ً من الهموم ِ لبتي‬ ‫ُينّفذ ُ في نف ِ‬
‫ستسيطُر عليك فيما أنت تفكُر بنتائِج المشكلةِ ‪ ،‬وهو يعني‬
‫ض في‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أنك إذا اتخذت قرارا حكيما يركُز على الوقائِع ‪ ،‬فام ِ‬
‫تنفيذ ِهِ ول تتوّقف مترّددا ً أو قِلقا ُ أو تتراجعٌ في خطواِتك ‪ ،‬ول‬
‫ك التي ل تلد ُ غل ّ الشكوك ‪ ،‬ول تستمّر‬ ‫تضي ّعْ نفسك بالشكو ِ‬
‫في النظرِ إلى ما وراِء ظهرك (( ‪.‬‬
‫واشدوا في ذلك ‪:‬‬
‫ت‬ ‫ت العزما ِ‬ ‫مشت ّ ُ‬ ‫و ٌ‬ ‫حيران ل ظفٌر ول‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬ ‫ُينفقُ عمره ُ‬ ‫إخفاقُ‬
‫إذا كنت ذا رأي‬ ‫ن فساد الرأي أة‬ ‫فإ ّ‬
‫فكن ذا عزيمة‬ ‫تترّددا‬
‫ق‬ ‫اتخاذِ القرارِ ُإنقاذ لك ٍمن القل ِ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫إن الشجاعة‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫صدَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫مُر َ‬‫م اْل ْ‬ ‫عَز َ‬‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ب‪َ ﴿.‬‬ ‫والضطرا ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫خْيرا ً ل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫**************************************‬
‫ددا ً‬
‫كرا ً أو متر ّ‬
‫ف متف ّ‬ ‫ل تتوق ْ‬
‫ر الفراغ‬ ‫ل واهج ِ‬ ‫ل وابذُ ْ‬
‫بل اعم ْ‬
‫ب في‬‫ل الدكتوُر ريتشاردز كابوت ‪ :‬أستاذ ُ الط ّ‬‫يقو ُ‬
‫ن(‪:‬‬
‫ش النسا ُ‬ ‫جامعةِ ) هارفرد ( ‪ ،‬في كتابةِ بعنوان ) بم يعي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪108‬‬
‫ل ( للمرضى الذين‬ ‫ح بعلِج ) العم ِ‬ ‫)) بصفتي طبيبا ً ‪ ،‬أنص ُ‬
‫ف ‪..‬‬ ‫ك والترد ّدِ والخو ِ‬ ‫ش الناتِج عن الشكو ِ‬ ‫يعانون من الرتعا ِ‬
‫ل العتماد ِ على‬ ‫ل لنا هي مث ُ‬ ‫حها العم ُ‬ ‫ة التي يمن ُ‬ ‫فالشجاع ُ‬
‫ن ( دائم الّروعةِ (( ‪.‬‬ ‫س الذي جعله ) أمرسو ُ‬ ‫ِ‬ ‫الّنف‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫في اْل َ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫صَلةُ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬ ‫ق ِ‬
‫ه ﴾ ‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫غوا ِ‬ ‫واب ْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن سّر التعاسةِ في أن‬ ‫ل جورج برناردشو ‪ )) :‬يمك ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت لرفاهيةِ التفكيرِ ‪ ،‬فيما إذا كنت سعيدا ً أو ل ‪،‬‬ ‫يتاح لك وق ٌ‬
‫م بالتفكيرِ في ذلك بل ابق منهمكا ً في العمل ‪ ،‬عندئذ‬ ‫فل تهت ّ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫ن ‪ ،‬وعُقلك بالتفكيرِ ‪ ،‬وسرعان ما ُتذهِ ُ‬ ‫مك في الدورا ِ‬ ‫يبدأ د ُ‬
‫ل وابق منهمكا ً في‬ ‫الحياة ُ الجديدة القلق من عقِلك ! عم ْ‬
‫ض وأفضُله ((‬ ‫ن أرخص دواٍء موجود ٍ على وجهِ الر ِ‬ ‫ل ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫العم ِ‬
‫‪.‬‬
‫سول ُ ُ‬
‫ه‬ ‫وَر ُ‬ ‫م َ‬ ‫مل َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مُلوا ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ل دزرائيلي ‪ » :‬الحياةُ قصيرة ٌ جدا ً ‪ ،‬لتكون تافه ً‬ ‫يقو ُ‬
‫ب ‪ » :‬الحياةُ أقصُر من أن‬ ‫وقال بعض حكماِء العر ِ‬
‫صرها بالشحناِء « ‪.‬‬ ‫نق ّ‬
‫ن}‪{112‬‬ ‫سِني َ‬ ‫عدَدَ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫في اْل َْر‬ ‫م ِ‬ ‫م ل َب ِث ْت ُ ْ‬ ‫ل كَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن}‪{113‬‬ ‫دي َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫سأ َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫ْ‬
‫قاُلوا ل َبث َْنا يوما ً أ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قِليل ً ل ّ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫م تَ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫و أن ّك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ل ِإن ل ّب ِث ْت ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬

‫حة لها ‪:‬‬ ‫تلص ّ‬ ‫أكثُر الشائعا ِ‬


‫ب‬ ‫م محار ٍ‬ ‫ل جورج كروك – وهو ربما أعظ ُ‬ ‫ل الجنرا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ي – في صفحة ‪ 77‬من مذكراته ‪:‬‬ ‫هنديّ في التاريخ المريك ّ‬
‫م‬ ‫ق وتعاسةِ الهنودِ تقريبا ً تصدُر من مخيلِته ْ‬ ‫ل قل ِ‬ ‫نك ّ‬ ‫»إ ّ‬
‫وليس من الواقِع « ‪.‬‬
‫م ﴾‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫عَلي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬
‫صي ْ َ‬
‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬‫ح َ‬ ‫ه وتعالى‪ ﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫قال سبحان ُ‬
‫عوا ْ‬ ‫ض ُ‬‫و َ‬ ‫خَبال ً ول ْ‬ ‫دوك ُ ْ‬
‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ما َزا ُ‬ ‫كم ّ‬‫في ُ‬‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬‫و َ‬‫﴿ لَ ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫خل َل َك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪109‬‬
‫س – من جامعة » كولومبيا « ‪ -‬إنه‬ ‫ل الستاذ ُ هوك ْ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل عل ّةٍ تحت‬ ‫اتخذ هذهِ الترنيمة واحدا ً من شعارات ِهِ ‪ » :‬لك ّ‬
‫ج‬‫ن كان يوجد ُ عل ٌ‬ ‫ج ‪ ،‬أو ل يوجد ُ أبدا ً ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫الشمس ُيوجد ُ عل ٌ‬
‫م بهِ « ‪.‬‬ ‫ن موجودا ً ل تهت ّ‬ ‫حاول أن تجدهُ ‪ ،‬وإن لم يك ْ‬
‫ء إل‬ ‫ه من دا ٍ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬ما أنزل الل ُ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫هل َ ُ‬ ‫نج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫ه وج ِ‬ ‫م ُ‬‫عل ِ َ‬
‫ه من َ‬ ‫أنزل له دواء عِلم ُ‬
‫ق يجنُبك المزالق ‪:‬‬ ‫الرف ُ‬
‫ص‪،‬‬ ‫صفصا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ي لتلميذهِ ‪ » :‬النحناُء مث ُ‬ ‫قال أستاذ ٌ يابان ّ‬
‫ل البّلوط « ‪.‬‬ ‫م المقاومةِ مث ُ‬ ‫وعد ُ‬
‫ع‪،‬‬ ‫ة من الزر ِ‬ ‫ن كالخام ِ‬ ‫وفي الحديث ‪ )) :‬المؤم ُ‬
‫سَرةً (( ‪.‬‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬‫ح يَ ْ‬ ‫تفيُئها الري ُ‬
‫ة‪ ،‬لكنه يأتيها‬ ‫م في الصخر ِ‬ ‫م كالماِء‪ ،‬ل يصطد ُ‬ ‫والحكي ُ‬
‫حتها‪.‬‬ ‫نت ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن فوِقها و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ويسَْرةُ و ِ‬ ‫من َ ً‬
‫يَ ْ‬
‫ُ‬
‫ف ‪ ،‬لو أنيخ‬ ‫ل الن ِ ِ‬ ‫ن كالجم ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬المؤم ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ة لناخ عليها (( ‪.‬‬ ‫على صخر ٍ‬
‫ما فات لن يعود ‪:‬‬
‫ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫وا َ‬ ‫س ْ‬‫﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ‬
‫ب إلى‬ ‫وقف الدكتوُر بول براندوني ‪ ،‬وألقى بزجاجةِ حلي ٍ‬
‫مراق « ‪.‬‬ ‫ك على الحليب ال ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وهتف قائل ً ‪ » :‬ل تب ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ب لك عسيٌر عليك ‪.‬‬ ‫مة ‪ :‬الذي لم ي ُك ْت َ ْ‬ ‫ت العا ّ‬ ‫وقال ِ‬
‫م ‪ :‬أتلومني على شيٍء‬ ‫م لموسى عليهما السل ُ‬ ‫وقال آد ُ‬
‫ل‬‫ي قبل أن يخلقني بأربعين عاما ً ؟ قال رسو ُ‬ ‫ه عل ّ‬ ‫ه الل ُ‬
‫كتب ُ‬
‫م موسى ‪،‬‬ ‫ج آد ُ‬ ‫م موسى ‪ ،‬فح ّ‬ ‫ج آد ُ‬ ‫اللهِ ‪ )) : ‬فح ّ‬
‫ج آدم موسى (( ‪.‬‬ ‫فح ّ‬
‫ك ل من‬ ‫ة في نفسك وداخل ِ‬ ‫وابحث عن السعاد ِ‬
‫جك ‪.‬‬ ‫حوِلك وخار ِ‬
‫ن العقل في‬ ‫قال الشاعُر النجليزيّ ميلتون ‪ )) :‬إ ّ‬
‫ع أن يجعل الجنة جحيما ً ‪،‬‬ ‫ه يستطي ُ‬ ‫س ِ‬‫ه وِبنف ِ‬ ‫مكان ِ‬
‫ة (( !‬ ‫والجحيم جن ً‬
‫قال المتنبي ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪110‬‬
‫ل يشقى‬ ‫ذو العْق ِ‬ ‫وأخو الجهالةِ في‬
‫في النعيم ِ بعقل ِهِ‬ ‫م‬
‫الشقاوةِ ينع ُ‬
‫ق الحزن ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تستح‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫فالحيا‬
‫ف ستة‬ ‫ن في » سانت هيلينا « ‪ » :‬لم أعر ْ‬ ‫قال نابليو ُ‬
‫أيام ٍ سعيدةِ في حياتي « !!‬
‫ت أيام‬ ‫ة‪ » .:-‬عدد ُ‬ ‫ك ‪-‬الخليف ُ‬ ‫دالمل ِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫مب ُ‬ ‫قال هشا ُ‬
‫شَر يوما ً «‬ ‫سعادتي فوجدُتها ثلثة عَ َ‬
‫م أتو ّ‬
‫ل‬ ‫ل ‪ » :‬يا ليتني ل ْ‬ ‫ك يتأّوه ويقو ُ‬ ‫دالمل ِ‬ ‫وكان أبوه عب ُ‬
‫الخلفة « ‪.‬‬
‫م يفّررون‬ ‫ب ‪ :‬الحمد ُ للهِ الذي جعلهُ ْ‬ ‫ن المسي ِ‬ ‫قال سعيد ُ ب ُ‬
‫إلينا ول نفّر إليهم ‪.‬‬
‫ظ على هارون الرشيد ِ ‪،‬‬ ‫ك الواع ُ‬ ‫ودخل ابن السما ِ‬
‫ك ‪ :‬لو‬ ‫ن السما ِ‬ ‫ن وطلب شْربة ماٍء ‪ ،‬فقال اب ُ‬ ‫فظمئ هارو ُ‬
‫ف‬‫ت هذهِ الشربة يا أمير المؤمنين ‪ ،‬أتفتديها بنص ِ‬ ‫منع َ‬‫ُ‬
‫منعت إخراجها ‪،‬‬ ‫ما شربها ‪ ،‬قال ‪ :‬لو ُ‬ ‫ملكك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬فل ّ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ن السما ِ‬ ‫أتدفعُ نصف ملكك لتخُرج ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال اب ُ‬
‫ك ل يساوي شربة ماٍء ‪.‬‬ ‫فل خير في مل ٍ‬
‫ن فل قيمة لها ول وزن ول‬ ‫ت من اليما ِ‬ ‫ن الدنيا إذا خل ْ‬ ‫إ ّ‬
‫معنى ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل إقبا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن ضاع فل‬ ‫إذا اليما ُ‬ ‫ن لم‬ ‫ول دنيا ِلم ْ‬
‫ن‬‫ومن رضي أما ٌ‬
‫الحياة‬ ‫لها‬‫الفناءدينا‬‫فقد ْ جعلُيحيي‬
‫ن‬ ‫بغي)رِ دي ٍ‬ ‫قرينا‬
‫العتماد ِ على‬ ‫ن في نهايةِ مقالتهِ عن‬ ‫قال أمرسو ُ‬
‫ي ‪ ،‬وارتفاع الجورِ ‪ ،‬وشفاءك‬ ‫ن النصر السياس ّ‬ ‫س(‪»:‬إ ّ‬ ‫النف ِ‬
‫ح أمامك ‪ ،‬فل‬ ‫ض ‪ ،‬أو عودة اليام ِ السعيدةِ تنفت ُ‬ ‫من المر ِ‬
‫ب لك‬ ‫ن المر لن يكون كذلك ‪ .‬ول شيء يجل ُ‬ ‫تصد ّقُ ذلك ؛ ل ّ‬
‫سك « ‪.‬‬ ‫الطمأنينة إل نف ُ‬
‫عي إ َِلى‬ ‫ج ِ‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫{‬ ‫‪27‬‬ ‫ة}‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫﴿ يا أ َ‬
‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫ضي ّ ً‬ ‫مْر ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫ضي َ ً‬ ‫ك َرا ِ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪111‬‬
‫ي أبيكتويتوس ‪ » :‬بوجوب‬ ‫ف الروائ ّ‬ ‫ذر الفيلسو ُ‬ ‫ح ّ‬
‫رنا ‪ ،‬أكثر من‬ ‫الهتمام ِ بإزالةِ الفكارِ الخاطئةِ من تفكي ِ‬
‫ن أجساِدنا « ‪.‬‬ ‫ضم ْ‬ ‫الهتمام ِ بإزالةِ الورم ِ والمر ِ‬
‫ن التحذير من المرض الفكريّ والعقائديّ في‬ ‫بأ ّ‬ ‫والعج ُ‬
‫في‬ ‫ي ‪ ،‬قال سبحانه ‪ِ ﴿ :‬‬ ‫ض الجسمان ّ‬ ‫ِ‬ ‫م من المر‬ ‫القرآن أعظ ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬
‫هم َ‬ ‫ول َ ُ‬‫مَرضا ً َ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ض َ‬
‫فَزادَ ُ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫هم ّ‬ ‫ِ‬ ‫قُلوب ِ‬
‫ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫قُلوب َ ُ‬‫ه ُ‬ ‫غ الل ّ ُ‬ ‫غوا أ ََزا َ‬ ‫ما َزا ُ‬ ‫فل َ ّ‬‫ن ﴾﴿ َ‬ ‫ذُبو َ‬‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬‫ما َ‬ ‫بِ َ‬
‫ت شعارا ً‬ ‫ي مونتين هذه الكلما ِ‬ ‫ف الفرنس ّ‬ ‫تبّنى الفيلسو ُ‬
‫ه‬
‫ث مثلما يتأثُر برأي ِ ِ‬ ‫ن بما يحد ُ‬ ‫في حيات ِهِ ‪ » :‬ل يتأثُر النسا ُ‬
‫ث«‪.‬‬ ‫حول ما يحد ُ‬
‫ضني بقضائك حتى أعلم‬ ‫وفي الثر ‪ )) :‬اللهم ر ّ‬
‫ن ليخطئني ‪ ،‬وما أخطأني لم‬ ‫أن ما أصابني لم يك ْ‬
‫يكن ليصيبني (( ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫وقفـــة‬
‫وفك‬ ‫جك من الماضي ‪ ،‬ويخ ّ‬ ‫ن الحزن ُيزع ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب عليك يومك ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬وُيذه ُ‬ ‫من المستقب ِ‬
‫س له‬ ‫ب ‪ ،‬ويعب ُ‬ ‫ض له القل ُ‬ ‫ن الحزن ينقب ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ح ‪ ،‬ويتلشى معه الم ُ‬ ‫ه الرو ُ‬ ‫ئ من ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وتنطف ُ‬ ‫الوج ُ‬
‫ظ الصديق ‪،‬‬ ‫ن الحزن يسّر العدوّ ‪ ،‬ويغي ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫مت بك الحاسد ‪ ،‬ويغي ُّر عليك الحقائق ‪.‬‬ ‫ش ِ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫م‬
‫ة للقضاِء ‪ ،‬وتبّر ٌ‬ ‫ن الحزن مخاصم ٌ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة على النعمةِ ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬ونقم ٌ‬ ‫ج على الن ِ‬ ‫بالمحتوم ِ ‪ ،‬وخرو ٌ‬
‫ث‬‫ن الحزن ل يرد ّ مفقودا ً وذاهبا ً ‪ ،‬ول يبع ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب نفعا ً ‪.‬‬ ‫مّيتا ‪ ،‬ول يرد ّ قدرا ً ‪ ،‬ول يجل ُ‬
‫م‪،‬‬ ‫س جاث ٌ‬ ‫ن يأ ٌ‬ ‫ن والحز ُ‬ ‫ن من الشيطا ِ‬ ‫ن ‪ :‬فالحز ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ط محّققٌ ‪ ،‬وإخفاقٌ ذريعٌ ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬وإحبا ٌ‬ ‫ط دائ ٌ‬ ‫وفقٌر حاضٌر ‪ ،‬وقنو ٌ‬
‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك}‬ ‫وْزَر َ‬ ‫ك ِ‬ ‫عن َ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ض ْ‬
‫و َ‬ ‫و َ‬‫ك}‪َ {1‬‬ ‫صدَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬‫﴿ أل َ ْ‬
‫ك}‪{4‬‬ ‫ك ِذك َْر َ‬ ‫عَنا ل َ َ‬ ‫وَر َ‬
‫ف ْ‬ ‫ك}‪َ {3‬‬ ‫هَر َ‬ ‫ض ظَ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذي َأن َ‬ ‫‪ {2‬ال ّ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪112‬‬
‫سرًا}‪{6‬‬‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫ن َ‬‫سرًا}‪ {5‬إ ِ ّ‬‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ ّ‬
‫ب﴾‪.‬‬
‫غ ْ‬‫فاْر َ‬
‫ك َ‬ ‫وإ َِلى َرب ّ َ‬ ‫ب}‪َ {7‬‬ ‫ص ْ‬
‫فان َ‬‫ت َ‬ ‫غ َ‬‫فَر ْ‬ ‫ذا َ‬‫فإ ِ َ‬‫َ‬
‫************************************‬
‫ت مؤمنا ً بالله‬
‫م َ‬
‫ن ما د ْ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ن‬ ‫ن ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن هذا اليمان هو سّر الرضا والهدوِء والم ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ت أذكياء – بل‬ ‫ك ‪ .‬ولقد ْ رأي ُ‬ ‫حي َْرةَ والشقاَء مع اللحادِ والش ّ‬ ‫ال َ‬
‫م‬ ‫ت ألسنُته ْ‬ ‫م من نورِ الرساِلة ‪ ،‬فطفح ْ‬ ‫ت أفئدُته ْ‬ ‫عباقرةً – خل ْ‬
‫ن الشريعةِ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬
‫ض ما لنا إل‬ ‫ن الشريعةِ ‪ :‬تناق ٌ‬ ‫ل أبو العلِء المعّريّ ع ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت له !!‬ ‫السكو ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫عقا ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل الرازيّ ‪ :‬نهاية إقدام ِ العقو ِ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ه ‪ :‬حّيرني‬ ‫ل الجويني ‪ ،‬وهو ل يدري أين الل ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي ‪ ،‬حيرني الهمدان ّ‬ ‫الهمدان ّ‬
‫ن‬ ‫ن العقل الفّعال هو المؤث ُّر في الكو ِ‬ ‫ن سينا ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫‪.‬‬
‫ل إيليا أبو ماضي ‪:‬‬ ‫ويقو ُ‬
‫من أين‬ ‫م ِ‬ ‫ت ل أعل ُ‬ ‫جئ ُ‬ ‫دامي‬ ‫ت قُ ّ‬ ‫ولقد أبصر ُ‬
‫طريقا ً‬
‫تا ً عن‬ ‫أتي ُ‬
‫بعد‬ ‫يً و ُ‬ ‫قرباّ‬‫ولكن‬
‫ت ُ‬ ‫ل التي تتفاو ُ‬ ‫ِ‬ ‫القوا‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫فمشي‬
‫من‬ ‫ذلك‬ ‫إلى ير‬
‫الحقّ ‪.‬‬
‫ه‬
‫ب حي ْرِت ِ ِ‬ ‫ب إيمان العبدِ يسعد ُ ‪ ،‬وبحس ِ‬ ‫ت أنه بحس ِ‬ ‫فعلم ُ‬
‫ت لتلك‬ ‫ت المتأخرةُ بنا ٌ‬ ‫كه يشقى ‪ ،‬وهذهِ الطروحا ُ‬ ‫وش ّ‬
‫م فرعون قال ‪:‬‬ ‫ف الثي ُ‬ ‫ت العاتيةِ منذ ُ الِقدم ‪ ،‬والمنحر ُ‬ ‫الكلما ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ري ﴾ ‪ .‬وقال ‪ ﴿ :‬أَنا َرب ّك ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه َ‬
‫غي ْ‬ ‫ن إ ِل َ ٍ‬‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ِ ْ‬‫ما َ‬ ‫﴿ َ‬
‫عَلى ﴾ ‪.‬‬ ‫اْل َ ْ‬
‫ت العالم ‪.‬‬ ‫مَر ِ‬ ‫تد ّ‬ ‫ويا لها من كفرّيا ٍ‬
‫ن‬ ‫ف كتاب » مثلما يفكُر النسا ُ‬ ‫ل جايمس ألين ‪ ،‬مؤل ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ه كلما غّير أفكاره إزاء الشياِء‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ف النسا ُ‬ ‫« ‪ » :‬سيكتش ُ‬
‫ص الخرون‬ ‫ص الخرين ‪ ،‬ستتغيُر الشياُء والشخا ُ‬ ‫والشخا ِ‬
‫ة‬
‫ش للسرع ِ‬ ‫م ‪ ..‬دعْ شخصا ً ما يغي ُّر أفكاره ُ ‪ ،‬وسنده ُ‬ ‫بدورِهِ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪113‬‬
‫س‬ ‫ف حيات ِهِ الماديةِ ‪ ،‬فالشيُء المقد ّ ُ‬ ‫التي ستتغيُر بها ظرو ُ‬
‫كل أهدافنا هو نفسنا ‪. « ..‬‬ ‫الذي يش ّ‬
‫ل‬ ‫ل سبحانه‪﴿ :‬ب َ ْ‬ ‫رها ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫وعن َالفكارِ الخاطئةِ وتأثي ِ‬
‫ن إ َِلى‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ب الّر ُ‬ ‫قل ِ َ‬ ‫م أن ّلن َين َ‬ ‫ظََننت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫أَ‬
‫ن‬ ‫م ظَ ّ‬ ‫وظََننت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫في ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫وُزي ّ َ‬ ‫م أَبدا ً َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ْ‬
‫ق‬‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫ه غي َْر ال َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن ِبالل ِ‬ ‫ُ‬
‫وما ُبورا ﴾ ‪ ﴿ .‬ي َظّنو َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مق ْ‬ ‫َ‬ ‫وكنت ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ء َ‬ ‫و ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫هل ل َّنا ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة يَ ُ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ظَ ّ‬
‫ه ل ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫مَر ك ُل ّ ُ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫ُ‬
‫ن هو‬ ‫ل ما ُيحّققه النسا ُ‬ ‫ل جايمس ألين أيضا ً ‪ » :‬وك ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ن يستطيعُ النهوض‬ ‫صةِ ‪ ..‬والنسا ُ‬ ‫ة مباشرةٌ لفكارهِ الخا ّ‬ ‫نتيج ٌ‬
‫ل أفكارِهِ ‪ ،‬وسيبقى‬ ‫ن خل ِ‬ ‫ط والنتصاَر وتحقيق أهدافِهِ م ْ‬ ‫فق ْ‬
‫ضعيفا ً وتِعسا ً إذا ما رفض ذلك « ‪.‬‬
‫ب‪﴿ :‬‬ ‫قال سبحانه عن العزيمةِ الصادقةِ والفكرِ الصائ ِ‬
‫ج لَ‬ ‫ول َو أ َ‬
‫ه‬ ‫رهَ الل ّ ُ‬ ‫كن ك َِ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫دو‬‫ّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫خ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫دو‬‫ُ‬ ‫را‬ ‫َ ْ َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عاث َ ُ‬ ‫انب ِ َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫خْيرا ً ّل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫﴾‪.‬‬
‫ة‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫فَأنَز َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلوب ِ ِ‬
‫في ُ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫*****************************************‬
‫سرها‬
‫ن الدنيا بأ ْ‬
‫ه فإ ّ‬
‫ف ِ‬‫ن للتوا ِ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ة‬
‫تافه ٌ‬
‫ه‬
‫ن السد ِ ‪ ،‬فأنجاه الل ُ‬ ‫ُرمي أحد ُ الصالحين الكباُر بين براث ِ ِ‬
‫ب‬‫كر في لعا ِ‬ ‫كر ؟ قال ‪ :‬أف ّ‬ ‫منه ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬فيم كنت تف ّ‬
‫ل هو طاهٌر أم ل !! ‪ .‬وماذا قال العلماُء فيهِ ‪.‬‬ ‫السدِ ‪ ،‬ه ْ‬
‫ت الله‬ ‫ولقد ذكر ُ‬ ‫للباسلين مع القنا‬
‫يوم الوغى الخ ّ‬
‫لذائهِذٍ‬
‫لخوفِ‬‫ساعة ّ‬
‫تك‬‫فنسي ُ‬ ‫طادرِ‬
‫للواح‬
‫جّياشةٍ‬ ‫القهاِر‬
‫ل تحزن‬
‫‪114‬‬
‫ب‬ ‫ل في عله – مايز بين الصحابةِ بحس ِ‬ ‫ن الله – ج ّ‬ ‫إ ّ‬
‫من‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫و ِ‬
‫ريدُ الدّن َْيا َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫م ‪ ،‬فقال ‪ِ ﴿ :‬‬ ‫مقاصده ِ ْ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫خَر َ‬ ‫ريدُ ال ِ‬ ‫يُ ِ‬
‫ن همُته ‪ ،‬وماذا يريد ُ ؟! ‪.‬‬ ‫ن قيمة النسا ِ‬ ‫ن القيم أ ّ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ك‬‫ل ُأخبْر َ‬ ‫وقال أحد ُ الحكماِء ‪ :‬أخبْرني عن اهتمام ِ الرج ِ‬
‫ل هو ‪.‬‬ ‫أيّ رج ٍ‬
‫ه الحمى‬ ‫أل بّلغ الل ُ‬ ‫حمى‬ ‫وبّلغ أكناف ال ِ‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬ ‫من يريد ُهُ‬ ‫دها‬ ‫من يري ُ‬
‫س‬ ‫ّ‬
‫فعادوا باللبا ِ‬ ‫ك‬
‫دنا بالملو ِ‬ ‫وع ْ‬
‫وبالمطاياِء ‪ ،‬فأخذ‬ ‫البحرِ ‪ ،‬فوقع عابد ٌ في الما‬ ‫فدينا‬ ‫مص ّ‬
‫في‬ ‫ب‬‫انقلب قار ٌ‬
‫ض ويستنشقُ ‪،‬‬ ‫ضئ أعضاءه عضوا ً عضوا ً ‪ ،‬ويتمضم ُ‬ ‫يو ّ‬
‫ت أن‬ ‫ن ذلك ؟ فقال ‪ :‬أرد ُ‬ ‫ه البحُر ونجا ‪ ،‬فسئل ع ْ‬ ‫فأخرج ُ‬
‫ت لكون على طهارةٍ ‪.‬‬ ‫أتوضأ قبل المو ِ‬
‫للهِ د َّرك ما نسيت‬ ‫ة ويداك في‬ ‫قدسي ً‬
‫ة‬
‫رسال ْ ً‬ ‫أفدي َ‬ ‫ب‬‫ل ّ ُِ‬ ‫الك ُ‬
‫ت‬ ‫ك ما رمش‬ ‫ت‬ ‫والمو‬ ‫ة‬
‫في ساع ُ‬
‫ه‬
‫ل لحيت ِ ِ‬ ‫ة‬‫ت المو ِ عيوُنك رمش ُ‬ ‫ب‬‫الهدا ِ‬ ‫فيفي‬
‫ت يشيُر إلى تخلي ِ‬ ‫سكرا ِ‬ ‫م أحمد ُ‬ ‫الما ُ‬
‫ضئونه !!‬ ‫م يو ّ‬ ‫بالماِء وه ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬
‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ب الدّن َْيا َ‬ ‫وا َ‬ ‫ه ثَ َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فآَتا ُ‬‫﴿ َ‬
‫***********************************‬
‫العفو العفوَ‬
‫ف‬ ‫ت نلت عّز الدنيا وشر َ‬ ‫ن عفوت وصفح َ‬ ‫فإنك إ ْ‬
‫فا وأ َصل َح َ َ‬
‫عَلى الل ّ ِ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ع َ َ ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬‫الخرةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫دوك ‪ ،‬لئل ّ‬ ‫ل شكسبيُر ‪ » :‬ل توقد ِ الفرن كثيرا ً لع ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫تحرق به نفسك « ‪.‬‬
‫ن الّرمدِ‬ ‫ل للعيو ِ‬ ‫فق ْ‬ ‫تراها بحقّ في‬
‫ن‬‫سا ً أعي ٌ‬ ‫للشم‬ ‫ع‬ ‫تستفي ْ‬
‫أطفأ‬ ‫عيون ِ‬ ‫ح‬
‫وسام ْ‬ ‫طل ِ ُ‬
‫ق‬ ‫ب وم‬ ‫مغيل ٍ‬
‫بأبصاِرها‬
‫ننورها‬
‫عمر العالم ِ‬ ‫هِ‬ ‫داللهاللب ُ‬‫ن عب ِ‬ ‫تعيلسالم ِ ب ِ‬ ‫دهم‬ ‫ول ُ‬
‫وقال أح‬
‫ل سوء! فقال ‪ :‬ما عََرَفني إل ّ أنت ‪.‬‬ ‫ي ‪ :‬إنك رج ُ‬ ‫التابع ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪115‬‬
‫ي‬‫طم الِعص ّ‬ ‫ن أن تح ّ‬ ‫ي ‪ » :‬يمك ُ‬ ‫ب أمريك ٌ‬ ‫قال أدي ٌ‬
‫ت النْيل مني « ‪.‬‬ ‫ن تستطيع الكلما ُ‬ ‫والحجارةُ عظامي ‪ ،‬لكنل ْ‬
‫ل معك‬ ‫قال رجل لبي بكر ‪ :‬واللهِ لسبّنك سب ّا ً يدخ ُ‬
‫ل معك قبرك أنت !! ‪.‬‬ ‫ل يدخ ُ‬ ‫قبرك ! فقال أبو بكر ‪ :‬ب ْ‬
‫ن لحرِبك ‪ .‬قال‬ ‫ص ‪ :‬لتفرغ ّ‬ ‫ل لعمروِ بن العا ِ‬ ‫وقال رج ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل الشاِغ ِ‬ ‫عمروٌ الن وقعت في الشغ ِ‬
‫ة من‬ ‫ل أيزنهاور‪» :‬دعونا ل نضي ّعُ دقيق ً‬ ‫ل الجنرا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ص الذين ل نحّبهم«‬ ‫التفكيرِ بالشخا ِ‬
‫ن أطير‬ ‫ة للنخلةِ ‪ :‬تماسكي ‪ ،‬فإني أريد ُ أ ْ‬ ‫ت البعوض ُ‬ ‫قال ِ‬
‫ي‬ ‫ت عل ّ‬ ‫ك حين هبط ِ‬ ‫تب ِ‬ ‫ة ‪ :‬واللهِ ما شعر ُ‬ ‫ت النخل ُ‬ ‫ك ‪ .‬قال ِ‬
‫وأد َعَ ِ‬
‫ت ؟!‬ ‫ك إذا طر ِ‬ ‫‪ ،‬فكيف أشعُر ب ِ‬
‫م‪:‬‬ ‫قال حات ٌ‬
‫وأغفُر عوراء الكريم‬ ‫ض عن شْتم‬ ‫أعر‬‫وُ‬
‫ُ‬
‫دخارهًُ‬ ‫ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللئيم ِ تكّرما‬
‫مّروا ك َِراما ﴾ ‪ .‬وقال‬ ‫و َ‬ ‫غ ِ‬‫مّروا ِبالل ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ﴿:‬‬
‫سَلما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫ن َ‬ ‫هُلو َ‬ ‫جا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬‫خاطَب َ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن الرجل الغاضب يمتلئ دائما ً‬ ‫قال كونفوشيوس ‪ » :‬إ ّ‬
‫ما ً « ‪.‬‬ ‫س ّ‬ ‫ُ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫ث ‪ )) :‬ل تغض ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫تغض ْ‬
‫ب جمرةٌ من النار (( ‪.‬‬ ‫وفيه ‪ )) :‬الغض ٌ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ث ‪ :‬الغض ِ‬ ‫ن الشيطان يصرع ُ العبد َ عند ثل ٍ‬ ‫إ ّ‬
‫شهوةِ ‪ ،‬والغَْفل َةِ ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫*****************************‬

‫خِلق هكذا‬
‫العالم ُ‬
‫ة ممن‬ ‫ل حكم ً‬ ‫ل ماركوس أويليوس – وهو من أكثر الرجا ِ‬‫يقو ُ‬
‫ل اليوم‬‫حكموا المبراطورية الرومانية – ذات يوم ‪ » :‬سأقاب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪116‬‬
‫أشخاصا ً يتكّلمون كثيرا ً ‪ ،‬أشخاصا ً أنانّيين جاحدين ‪ ،‬يحّبون‬
‫أنفسهم‪ ،‬لكن لن أكون مندهشا ً أو منزعجا ً من ذلك‪ ،‬لنني ل‬
‫ن أمثالهم «!‬ ‫ل العالم من دو ِ‬ ‫أتخي ُ‬
‫ل التي‬ ‫ح بالعما ِ‬ ‫ي يفر ُ‬
‫ن الرجل المثال ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل أرسطو ‪ » :‬إ ّ‬
‫ه ‪ ،‬لن‬ ‫ل إن أدى الخرون العمال ل ُ‬ ‫يؤديها للخرين ‪ ،‬وبخج ُ‬
‫ف هو دلي ُ‬
‫ل‬ ‫ن تلّقي العط ِ‬ ‫ق ‪ ،‬لك ْ‬‫ف هو من التفو ِ‬ ‫تقديم العط ِ‬
‫الفشل « ‪.‬‬
‫د السفلى‬ ‫وفي الحديث ‪ )) :‬اليدُ العليا خيٌر من الي ِ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬والسفلى هي الخذة ُ ‪.‬‬ ‫والعليا هي المعطي ُ‬
‫******************************************‬
‫ز‬
‫خب ْ ٍ‬
‫سرةُ ُ‬ ‫ن إذا كان معك ك ِ ْ‬ ‫حَز ْ‬
‫ل تَ ْ‬
‫ست ُُر َ‬
‫ك‬ ‫ب يَ ْ‬
‫و ٌ‬
‫ء وث ْ‬
‫ة ما ٍ‬
‫وغرف ُ‬
‫ط الهادي وبقي واحدا ً‬ ‫ل أحد ُ البحارةِ في المحي ِ‬ ‫ض ّ‬
‫س تعّلمه ‪،‬‬ ‫س عن أكبرِ در ٍ‬ ‫ه النا ُ‬ ‫وعشرين يوما ً ‪ ،‬ولما نجا سأل ُ‬
‫ن تلك التجربةِ هو ‪ :‬إذا كان‬ ‫س تعلمُته م ْ‬ ‫ن أكبر در ٍ‬ ‫فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫مر‬ ‫ن ل تتذ ّ‬ ‫بأ ْ‬ ‫م الكافي ‪ ،‬يج ُ‬ ‫لديك المال الصافي ‪ ،‬والطعا ُ‬
‫أبدا ً !‬
‫ل‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬وما بقي فض ٌ‬ ‫شْرب َ ٌ‬ ‫ةو َ‬ ‫دهم ‪ :‬الحياةُ كّلها لقم ٌ‬ ‫قال أح ُ‬
‫ن الوردي ‪:‬‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ه‬
‫كسرى عن ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫مل ْ ُ‬‫ُ‬ ‫ن البحرِ اجتزاٌء‬ ‫وع ِ‬
‫كسرة ٌ‬ ‫ن أفضلُتغني‬
‫الطباِِء‬ ‫ل‪ » :‬إ ّ‬ ‫سويفت ْ‬
‫ل جوناثان بالوش‬ ‫يقو ُ‬
‫في العالم ِ‬
‫ن‬
‫رح ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫م ‪ :‬الدكتوُر ريجيم‪ ،‬والدكتوُر هادئ ‪ ،‬والدكتوُر م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ل عنه‬ ‫ج ناجعٌ ل يسأ ُ‬ ‫تقليل الطعام ِ مع الهدوِء والسرورِ عل ٌ‬
‫«‪.‬‬
‫ة‬‫ب الِفطن َ‬ ‫ة ُتذه ُ‬ ‫ن ‪ ،‬والبطن ُ‬ ‫ض مزم ٌ‬ ‫ن السمنة مر ٌ‬ ‫ت‪:‬ل ّ‬ ‫قل ُ‬
‫ل‬ ‫ح سروٌر عاج ٌ‬ ‫ح ‪ ،‬والمر ُ‬ ‫ب وعيد ٌ للرو ِ‬ ‫ة للقل ِ‬
‫والهدُوء متع ٌ‬
‫وغذاٌء نافعٌ ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪117‬‬
‫ن مْنحة‬
‫ة فقدْ تكو ُ‬
‫ن من محن ٍ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ن عطية‬ ‫ة فقد تكو ُ‬‫ن من بلي ّ ٍ‬
‫ول تحز ْ‬
‫قال الدكتوُر صموئيل جونسون ‪ » :‬إن عادة النظر إلى‬
‫ن من الحصول على‬ ‫ل حادثةٍ ‪ ،‬لهو أثم ُ‬ ‫ب الصالِح من ك ّ‬ ‫الجان ِ‬
‫ف جنيهٍ في السنةِ « ‪.‬‬ ‫أل ِ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫عا‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫﴿أ َول َ يرون أ َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ٍ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫م ي َذّك ُّرو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ل َ ي َُتوُبو َ‬ ‫ن ثُ ّ‬ ‫مّرت َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ل المتنبي ‪:‬‬ ‫وعلى الضد ّ يقو ُ‬
‫ليت الحوادث باعتني‬ ‫مني بحلمي الذي‬
‫تجربة ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫أخذ ْ‬ ‫التيإل ذو‬ ‫وقال معاوية ‪ :‬ل حليم‬ ‫ت وتجريبي‬ ‫أعط ْ‬
‫قال أبو تمام ٍ في الفشين ‪:‬‬
‫ت‬ ‫م نعمةٍ لله كان ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ة‬
‫غرب ٍ‬ ‫فكأنها في ُ‬
‫أرى عليك‬ ‫عنده ُ‬
‫ل من المترفين ‪ :‬إني‬ ‫لرج ٍ‬ ‫وإسارِ‬ ‫ف‬
‫سل ِ‬ ‫قال أحد ُ ال ّ‬
‫دها بالشكرِ ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬فقي ّ ْ‬ ‫نعم ً‬
‫ول َِئن ك َ َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬ل َِئن َ‬
‫م‬ ‫فْرت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬ ‫مل ِ‬ ‫شك َْرت ُ ْ‬
‫ت‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫قْري َ ً‬ ‫مث َل ً َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫و َ‬ ‫ديدٌ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ذاِبي ل َ َ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫غدا ً ّ‬ ‫ها َر َ‬ ‫ق َ‬ ‫رْز ُ‬ ‫ِ‬ ‫ها‬ ‫ة ي َأِتي َ‬ ‫مئ ِن ّ ً‬ ‫مط ْ َ‬ ‫ة ّ‬
‫من َ ً‬ ‫آ ِ‬
‫س ال ْ‬ ‫ها الل ّ‬ ‫فأ َ‬ ‫عم الل ّ‬ ‫فرت بأ َ‬
‫ع‬ ‫ِ‬ ‫جو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫فك َ َ َ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫***********************************‬
‫كن نفسك‬
‫ن مشكلة‬ ‫ل الدكتور جايمس غوردون غليلكي ‪ » :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫م التاريخ ‪ ،‬وهي‬ ‫ة قِد َ َ‬
‫ن تكون نفسك ‪ ،‬هي قديم ٌ‬ ‫الرغبةِ في أ ْ‬
‫ن مشكلة عدم ِ الرغبةِ هي في‬ ‫ة كالحياةِ البشريةِ ‪ .‬كما أ ّ‬
‫م ٌ‬
‫عا ّ‬
‫ة‬
‫أن تكون َنفسك هي مصدُر الكثيرِ من التوترِ والُعقدِ النفسي ِ‬
‫«‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪118‬‬
‫وقال آخر ‪ » :‬أنت في الخليقةِ شيٌء آخُر ل يشبهك أحد ٌ‬
‫ل في عله – مايز بين‬ ‫ن الخالق – ج ّ‬ ‫ه أحدا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫‪ ،‬ول تشب ُ‬
‫شّتى ﴾ ‪.‬‬ ‫م لَ َ‬ ‫عي َك ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ن َ‬ ‫المخلوقين « ‪ .‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ت حول‬ ‫شَر كتابًا‪ ،‬وآلف المقال ِ‬ ‫كتب إنجيلو باتري ثلثة ع َ‬
‫ل ‪ » :‬ليس من أحدٍ‬ ‫ل« ‪ ،‬وهو يقو ُ‬ ‫ب الطف ِ‬ ‫موضوِع »تدري ِ‬
‫ن يكون غْير نفسهِ ‪ ،‬وغَي َْر جسد ِ‬
‫ه‬ ‫س كالذي يصبو إلى أ ْ‬ ‫تعِ ٍ‬
‫ره « ‪.‬‬ ‫وتفكي ِ‬
‫ماء‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قال سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬أنَز َ‬
‫َ‬ ‫فسال َت أ َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ب أحد ٌ في أحد ٍ ‪.‬‬ ‫ت فل يذو ُ‬ ‫ب وقدرا ٌ‬ ‫ت ومواه ُ‬ ‫ل صفا ٌ‬ ‫لك ّ‬
‫ها سعد ٌ وسعد ٌ‬ ‫أ َوَْرد َ َ‬ ‫ما هكذا ُتوَرد ُ يا‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫مشت َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫سعْد ُ الب ِ ْ‬
‫ل‬
‫ددا ً ‪ ،‬وكما‬ ‫ّ‬ ‫مح‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫عم‬ ‫لتودي‬ ‫ة‬
‫ّ ٍ‬‫دد‬ ‫مح‬ ‫خلقت بمواهب‬ ‫ك ُ‬ ‫إن َ‬
‫م‪.‬‬ ‫ك ‪ ،‬واعرف ماذا تقد ّ ُ‬ ‫قالوا ‪ :‬اقرأ نفس َ‬
‫س«‬ ‫ن في مقالت ِهِ حول » العتمادِ على النف ِ‬ ‫قال أمرسو ُ‬
‫ن‬ ‫ن إلى اليما ِ‬ ‫م النسا ِ‬ ‫ل فيه عل ُ‬ ‫ت الذي يص ُ‬ ‫‪ » :‬سيأتي الوق ُ‬
‫ل ‪ ،‬والتقليد َ هو النتحاُر ‪ ،‬وأن يعتبر‬ ‫جهْ ُ‬ ‫سد َ هو ال َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال َ‬‫بأ ّ‬
‫ه‬ ‫ن ذاك هو نصيُبه ‪ .‬وأن ُ‬ ‫ف؛ل ّ‬ ‫ن الظرو ُ‬ ‫نفسه كما هي مهما تك ِ‬
‫ة‬
‫ن يحصل على حب ّ ِ‬ ‫رغم امتلِء الكون بالشياِء الصالحةِ ‪ ،‬ل ْ‬
‫ه ‪ ،‬فالقوى‬ ‫ض المعطاةِ ل ُ‬ ‫ُذرةٍ إل بعد زراعةِ ورعايةِ الر ِ‬
‫ف‬ ‫ة في داخل ِهِ ‪ ،‬هي جديدة ٌ في الطبيعةِ ‪ ،‬ول أحد يعر ُ‬ ‫الكامن ُ‬
‫ف ‪ ،‬حتى يجّرب « ‪.‬‬ ‫مدى قدرِته ‪ ،‬حتى هو ل يعر ُ‬
‫ه‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫م َ‬ ‫مل َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مُلوا ْ َ‬ ‫ع َ‬
‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ُ‬‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫*********************************‬
‫وقفــة‬
‫ن‬
‫س ُ‬‫دك ‪ ،‬وتح ّ‬‫ض َ‬
‫وي من رجاِئك ‪ ،‬وتشد ّ عَ ُ‬
‫ت تق ّ‬
‫هذه آيا ٌ‬
‫ظّنك برّيك ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪119‬‬
‫م َل‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى َأن ُ‬ ‫فوا َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ميعا ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا ْ أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫فُر الذُّنو َ‬ ‫ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذَك َُروا ْ الل ّ َ‬
‫ب‬ ‫غ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صّروا ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِل ّ الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ر‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫سوءا ً أ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫حيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا سأ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫جي ُ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫﴿ َ‬
‫مُنوا ْ ِبي‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ول ْي ُ ْ‬ ‫جيُبوا ْ ِلي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ع إِ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬‫دَ ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ي َْر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫لَ َ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫سوءَ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش ُ‬ ‫وي َك ْ ِ‬ ‫عاهُ َ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫﴿أ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ما‬ ‫قِليل ً ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ض أإ ِل َ ٌ‬ ‫فاء الْر ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ُك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ت َذَك ُّرو َ‬
‫عوا ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فَزادَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ه‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫قل َُبوا ْ ب ِن ِ ْ‬ ‫فان َ‬ ‫ل}‪َ {173‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫وا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫سوءٌ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل لّ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫ظيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫فوض أ َ‬ ‫﴿ وأ ُ‬
‫عَباِد}‬ ‫صيٌر ِبال ِ‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مكُروا﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫قاهُ الل ُ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫‪َ {44‬‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫ة نافع ٌ‬
‫ب ضار ِ‬
‫ُر ّ‬
‫دنا إلى حد ّ غَي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ل وليم جايمس ‪ » :‬عاهاُتنا تساع ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ة‬ ‫ش دوستيوفسكي وتولستوي حياة ً أليم ً‬ ‫م يع ْ‬ ‫متوقٍّع ‪ ،‬ولو ل ْ‬
‫م ‪ ،‬والعمى ‪،‬‬ ‫ن يكتبا رواياِتهما الخالدة َ ‪ ،‬فالُيت ُ‬ ‫لما استطاعا أ ْ‬
‫ً‬
‫ن أسبابا للنبوِغ والنجازِ ‪ ،‬والتقدم ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والفقُر ‪ ،‬قد تكو ُ‬ ‫والغرب ُ‬
‫والعطاِء « ‪.‬‬
‫ه بالبلوى‬
‫م الل ُ‬‫قد يُنع ُ‬ ‫ه بعض‬ ‫ويبتلي الل ُ‬
‫ت‬‫ن عظم ْ‬ ‫وإ ْ‬ ‫القوم ِ بالنعم ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪120‬‬
‫فل َ‬ ‫ن البناء والثراَء ‪ ،‬قد يكونون سببا ً في الشقاِء ‪َ ﴿ :‬‬ ‫إ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫هم‬ ‫عذّب َ ُ‬ ‫ه ل ِي ُ َ‬ ‫ريدُ الل ّ ُ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َدُ ُ‬ ‫ول َ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫جب ْ َ‬
‫ع ِ‬
‫تُ ْ‬
‫ة الدّن َْيا ﴾ ‪.‬‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ل« ‪ ،‬و‬ ‫ه الرائعة ‪ ،‬كـ ‪» :‬جامِع الصو ِ‬ ‫كتب ُ‬ ‫ن الثيرِ ُ‬ ‫أّلف اب ُ‬
‫مْقعَد ٌ ‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ب أن ُ‬ ‫ة«‪ ،‬بسب ِ‬ ‫»النهاي ِ‬
‫وأّلف السرخسي كتابه الشهير » المبسوط « خمسة‬
‫ب!‬ ‫ج ّ‬ ‫س في ال ُ‬ ‫ه محبو ٌ‬ ‫عشر مجّلدا ً ؛ لن ُ‬
‫ن القيم ) زاد المعاد ( وهو مسافٌر !‬ ‫وكتب اب ُ‬
‫ر‬
‫ي ) صحيح مسلم ( وهو على ظه ِ‬ ‫وشرح القرطب ّ‬
‫السفينةِ !‬
‫س!‬ ‫ن تيمية كتبها وهو محبو ٌ‬ ‫ل فتاوى اب ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫و ُ‬
‫م فقراُء‬ ‫ث لنه ْ‬ ‫ف من الحادي ِ‬ ‫ت الل ِ‬ ‫دثون مئا ِ‬ ‫وجمع المح ّ‬
‫غرباُء ‪.‬‬
‫ه‬
‫سجن فحفظ في سجن ِ ِ‬ ‫وأخبرني أحد ُ الصالحين أنه ُ‬
‫القرآن كّله ‪ ،‬وقرأ أربعين مجّلدا ً !‬
‫وأملى أبو العلء المعري دواوينه وك ُُتبه وهو أعمى !‬
‫كراته ومصّنفاِته !‬ ‫وعمي طه حسين فكتب مذ ّ‬
‫دم للمةِ العلم‬ ‫زل من منصِبه ‪ ،‬فق ّ‬ ‫وكم من لمٍع ع ُ ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫دم مع المنص ِ‬ ‫والرأي أضفاف ما ق ّ‬
‫ل‬ ‫ل من الفلسفةِ يجع ُ‬ ‫س بايكون ‪ » :‬قلي ٌ‬ ‫ل فرانسي ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫مق في الفلسفةِ يقّرب‬ ‫ن التع ّ‬ ‫ل إلى اللحادِ ‪ ،‬لك ّ‬ ‫النسان يمي ُ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫عقل النسان من ال ّ‬
‫ه‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫عال ِ ُ‬‫ها إ ِّل ال ْ َ‬ ‫قل ُ َ‬‫ع ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ل ال ّذين ُ‬
‫م‬ ‫قدْ ل َب ِث ْت ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬ ‫وا ِْ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫توا‬ ‫ُ‬ ‫أو‬ ‫ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ث ﴾‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫وم ِ ال ْب َ ْ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫في ك َِتا ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ما أ َ ِ‬
‫مث َْنى‬ ‫ه َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ة أن ت َ ُ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عظ ُ ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫جن ّ ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫حب ِ ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫فك ُّروا َ‬ ‫م ت َت َ َ‬ ‫دى ث ُ ّ‬ ‫فَرا َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ن حقيقي ل ْ‬ ‫ن أيّ مؤم ٍ‬ ‫ل الدكتوُر أ‪ .‬أ ‪ .‬بريل ‪ » :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ي«‪.‬‬ ‫ض نفس ّ‬ ‫ُيصاب بمر ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪121‬‬
‫م‬ ‫ه ُ‬‫ل لَ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫﴿ إِ ّ‬
‫ودّا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬
‫الّر ْ‬
‫م ْ‬ ‫ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ن‬‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫و أنَثى َ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫فل َن ُ ْ‬
‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫قيم ٍ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫مُنوا إ َِلى ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫هاِد ال ّ ِ‬‫ه لَ َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫﴿ َ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫م دواء‬
‫ن أعظ ُ‬
‫اليما ُ‬
‫س الدكتوُر كارل جائغ في الصفحة‬ ‫يقول أبرُز أطباِء النف ِ‬
‫ح«‪:‬‬ ‫ن الرو ِ‬ ‫ث في بحثهِ ع ِ‬ ‫ن الحدي ُ‬ ‫)‪ (264‬من كتاب ِهِ » النسا ُ‬
‫ص من جميِع‬ ‫ت الثلثين الماضيةِ ‪ ،‬جاء أشخا ٌ‬ ‫» خلل السنوا ِ‬
‫ت المرضى ‪،‬‬ ‫ت مئا ِ‬ ‫أقطارِ العالم ِ لستشارتي ‪ ،‬وقد عالج ُ‬
‫ة‬
‫ف مرحلةِ الحياةِ ‪ ،‬أيْ فوق الخامس ِ‬ ‫مهم في منتص ِ‬ ‫ومعظ ُ‬
‫م من ل تعود ُ مشكلُته إلى‬ ‫ن بينه ْ‬ ‫م يك ْ‬ ‫والثلثين من العمرِ ‪ ،‬ول ْ‬
‫إيجادِ ملجأ ديني يتطّلع من خلل ِهِ إلى الحياةِ ‪ ،‬وباستطاعتي‬
‫ّ‬
‫ن‬‫ه الدي ُ‬ ‫منح ُ‬ ‫ه فقد ما َ‬ ‫رض لن ُ‬ ‫ن أقول ‪ :‬إن كل ّ منهم م ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ي«‪.‬‬ ‫م يستِعد إيمانه الحقيق ّ‬ ‫شف من ل ْ‬ ‫للمؤمنين ‪ ،‬ولم ي ُ ْ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫﴿ َ‬
‫ما‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫فُروا ْ الّر ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫في ُ‬ ‫قي ِ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬
‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫م ي َك َ ْ‬
‫د‬ ‫ج ي َدَهُ ل َ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ذا أ َ ْ‬ ‫ض إِ َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫وق َ ب َ ْ‬ ‫ف ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ض َ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫ما ٌ‬‫﴿ ظُل ُ َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫من ّنو ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ه ُنورا ً َ‬
‫ف َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫ي ََرا َ‬
‫**************************************‬
‫ضطّر‬
‫م ْ‬
‫ب ال ُ‬
‫ه يجي ُ‬
‫الل ُ‬
‫م الهنديّ بعد بوذا – ينهاُر لول‬ ‫كاد المهاتما غاندي – الزعي ُ‬
‫حها الصلةُ ‪ ،‬وكيف لي‬ ‫أنه استمد ّ اللهام من القوةِ التي تمن ُ‬
‫ت‬
‫ل لصبح ُ‬ ‫م أص ّ‬ ‫ه قال ‪ :‬لو ل ْ‬
‫ن غاندي نفس ُ‬ ‫ن أعلم ذلك ؟ ل ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ن طوي ٍ‬ ‫مجنونا منذ ُ زم ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪122‬‬
‫ه‬‫هذا وغاندي ليس مسلما ً ‪ ،‬وإنما هو على ضللةٍ ‪ ،‬لكن ُ‬
‫ه‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ب‪َ ﴿:‬‬ ‫على مذه ِ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ن﴾ ‪ ﴿.‬أ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ْ الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م دَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حيط ب ِ ِ‬
‫مأ ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ه﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫عا ُ‬
‫دَ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫م في‬ ‫ت أقوال علماِء السلم ِ ومؤرخيهم وأدباِئه ْ‬ ‫سبر ُ‬
‫ب‬ ‫ق والضطرا ِ‬ ‫م أجد ْ ذاك الكلم عن القل ِ‬ ‫الجملةِ ‪ ،‬فل ْ‬
‫م في أمن‬ ‫ب أنهم عاشوا من ديِنه ْ‬ ‫ض النفسيةِ ‪ ،‬والسب ُ‬ ‫والمرا ِ‬
‫ف‪﴿ :‬‬ ‫ت حياُتهم بعيدة ً عن التعقيدِ والتكل ّ ِ‬ ‫وهدوٍء ‪ ،‬وكان ْ‬
‫ل‬ ‫ما ن ُّز َ‬ ‫مُنوا ب ِ َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫فَر َ‬ ‫م كَ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫رب ّ ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫د َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫َ‬
‫سيَئات ِهم َ‬
‫م ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ح َبال َ ُ‬ ‫صل َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫َ ّ‬
‫ل ‪ » :‬إنما بيني وبين‬ ‫اسمعْ قول أبي حازم ٍ ‪ ،‬إذ ْ يقو ُ‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬ ‫ذته ‪ ،‬وأنا وهُ ْ‬ ‫س فل يجدون ل ّ‬ ‫م واحد ٌ ‪ ،‬أما أم ِ‬ ‫ك يو ٌ‬ ‫الملو ِ‬
‫م ‪ ،‬فما عسى أن يكون‬ ‫ل ‪ ،‬وإنما هو اليو ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫غدٍ على وَ َ‬
‫م ؟! « ‪.‬‬ ‫اليو ُ‬
‫خي َْر هذا اليوم ٍ‬ ‫م إني أساُلك َ‬ ‫ث‪ )) :‬الله ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ه ((‪.‬‬ ‫صَرهُ وُنوَرهُ وهدايت َ ُ‬ ‫‪ :‬بركته ون َ ْ‬
‫م ﴾ وقوٌله تعالى ‪:‬‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫مُنوا ْ ُ‬ ‫َ‬
‫حذَْرك ُ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫﴿ َيا أي ّ َ‬
‫حدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫عرن بك ُ َ‬ ‫وَل ي ُ ْ‬ ‫ول ْي َت َل َطّ ْ‬
‫مأ َ‬ ‫ش ِ َ ّ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫وقال الشاعر ‪:‬‬
‫م فينا‬ ‫ن اليا ُ‬ ‫ن تك ِ‬ ‫فإ ْ‬ ‫مى‬ ‫ب ُِبؤسى ون ُعْ َ‬
‫ت‬
‫قنا ْةً‬ ‫دل‬ ‫ت مّناتب ّ‬ ‫ل‬ ‫للتي تفع ُ‬ ‫ث‬ ‫والحودا ُ‬
‫فما لّين ْ‬ ‫ليس‬ ‫ول ذللتنا‬
‫صليبةا ً‬
‫ن رحلناها نفوس‬ ‫ل‬ ‫يستطا ُ‬ ‫ل مال ُ تجم‬ ‫م ُ‬
‫ولك ْ‬ ‫عُ‬ ‫ُتح ّ‬
‫ةّنا‬
‫كريمم ً‬ ‫ن الصبر‬ ‫بحس‬ ‫ينا‬ ‫وق‬ ‫ل‬
‫ض‬ ‫فتحم ُ‬ ‫ت لنا العرا‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وص ّ‬
‫نفوسناْر ل ََنا‬ ‫ف‬‫غ ِ‬ ‫قاُلوا ْ رب َّنا ا ْ‬ ‫م إ ِل ّ َأن َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬ ‫و ُل‬ ‫ن هُ َز‬
‫قّ ْ‬
‫س‬
‫كا ُ َ‬ ‫والنا َ‬ ‫ما‬‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫تأ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫سَرا َ‬
‫صْرَنا‬ ‫مَنا وان ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ق َ‬ ‫وث َب ّ ْ‬ ‫رَنا َ‬ ‫م ِ‬‫في أ ْ‬ ‫فَنا ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ذُُنوب ََنا َ‬
‫ب‬ ‫وا َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فآَتا ُ‬ ‫ن}‪َ {147‬‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫وم ِ ال ْ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫الدّن َْيا َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪123‬‬
‫****************************************‬
‫وُر‬
‫ما تتص ّ‬
‫ن فالحياةُ أقصُر م ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ة في أمعائه ‪،‬‬ ‫ة رجل أصاب َْته قُْرح ٌ‬ ‫ص َ‬ ‫ل كارنيجي ق َ‬ ‫ذكر داي ْ‬
‫ه أوان وفات ِهِ ‪ ،‬وأوعُزوا‬ ‫ددوا ل ُ‬ ‫ن الطباء ح ّ‬ ‫ن خطورِتها أ ّ‬ ‫بلغ م ْ‬
‫ه ‪ .‬قال ‪ :‬وفجأة اتخذ » هاني « ‪ -‬اسم‬ ‫ن يجهَّز ك ََفن َ ُ‬ ‫إليه أ ْ‬
‫سهِ ‪ :‬إذا لم يبق لي‬ ‫ه فك َّر في نف ِ‬ ‫ض – قرارا ً مدهشا ً إن ُ‬ ‫المري ِ‬
‫في هذهِ الحياةِ سوى أمدٍ قصيرٍ ‪ ،‬فلماذا ل أستمتعُ بهذا المدِ‬
‫ن أطوف حول العالم ِ قبل‬ ‫تأ ْ‬ ‫ل وجه ؟ لطالما تمني ُ‬ ‫على ك ّ‬
‫ت الذي أحّقق فيه‬ ‫ت ‪ ،‬ها هو ذا الوق ُ‬ ‫ن يدركني المو ُ‬ ‫أ ْ‬
‫أمنيتي ‪ .‬وابتاع تذكرة السفر ‪ ،‬فارتاع أطباؤه ‪ ،‬وقالوا له ‪:‬‬
‫ن في‬ ‫حذ ُّرك ‪ ،‬إنك إن أقدمت على هذهِ الرحلةِ فستدف ُ‬ ‫إننا ن ِ‬
‫ن يحدث شيٌء من هذا ‪ ،‬لقد ْ‬ ‫قاِع البحرِ !! لكنه أجاب ‪ :‬كل ل ْ‬
‫ت أقاربي أل يدفن جثماني إل في مقابرِ السرةِ ‪ .‬وركب‬ ‫عد ُ‬ ‫و ِ‬
‫ل الخيام ِ ‪:‬‬ ‫» هاني « السفينة ‪ ،‬وهو يتمّثل بقو ِ‬
‫ة‬
‫تعال نروي قص ً‬ ‫حل ْ ِ‬
‫و‬ ‫ونقطعُ العمَر ب ُ‬
‫ر‬
‫م‬‫للبش ُْ‬
‫فما أطال النو‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫س َ‬
‫العما ِْر‬ ‫صَر في ال ّ‬ ‫ق ّ‬
‫ومامسلم ‪.‬‬ ‫عمرا ًغير‬‫وهذه أبيات يقولها وثّني‬ ‫سهْر‬ ‫ل ال ّ‬ ‫طو ُ‬
‫ح والسرورِ ‪ ،‬وأرسل‬ ‫ة بالمر ِ‬ ‫مشبع ً‬ ‫ة ُ‬ ‫ل رحل ً‬ ‫وبدأ الرج ُ‬
‫ت ما لذ ّ وطاب‬ ‫ت وأكل ُ‬ ‫ل فيه ‪ :‬لقد شرب ُ‬ ‫خطابا ً لزوجت ِهِ يقو ُ‬
‫ت ألوان‬ ‫ت القصائد ‪ ،‬وأكل ُ‬ ‫على ظهرِ السفيِنة ‪ ،‬وأنشد ُ‬
‫ت في هذه‬ ‫سم المحظور منها‪ ،‬وتمتع ُ‬ ‫الطعام ِ كّلها حتى الد ّ ِ‬
‫الفترةِ بما لم أتمتعْ به في ماضي حياتي‪ .‬ثم ماذا؟!‬
‫ن‬ ‫ح من عل ّت ِهِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن الرجل ص ّ‬ ‫م دايل كارنيجي أ ّ‬ ‫ثم يزع ُ‬
‫ض‬‫ب ناجعٌ في قهْرِ المرا ِ‬ ‫السلوب الذي سار عليه أسلو ٌ‬
‫ومغالبةِ اللم ِ !!‬
‫ن فيها انحرافا ً عن‬ ‫ت الخّيام ِ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫إنني ل أوافقُ على أبيا ِ‬
‫ن المقصود من القصةِ ‪ :‬أن السرور‬ ‫ي ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫النهج الّربان ّ‬
‫م بكثيرٍ من العقاقيرِ الطبّية ‪.‬‬ ‫والفرح والرتياح أعظ ُ‬
‫****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪124‬‬
‫اقنع واهدأ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ن الروم ّ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫قا َ‬
‫ص مركبا ً‬ ‫حْر ُ‬ ‫قّرب ال ِ‬ ‫ب‬ ‫ص مرك ُ‬ ‫حْر ُ‬ ‫إنما ال ِ‬
‫ي‬ ‫لشق ّ‬
‫يأتي‬ ‫ف‬‫مرحبا ً بالكفا ِِ‬ ‫لِء‬
‫الشقيا ُ‬‫ت ذي‬ ‫متعبا ِ‬ ‫وعلى ال ُ‬
‫قربك ً‬ ‫لِءأ َ‬ ‫﴿ وما أ َ‬
‫عندََنا‬ ‫م ِ‬ ‫هنيئ ُا ْ‬ ‫كم ِبال ِّتي ت ُ َ ّ ُ‬ ‫وَلدُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫العفا‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬
‫جَزاء‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫صاِلحا ً َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فى إ ِّل َ‬ ‫ُزل ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫تآ ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫غُر َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ن الَقل َقَ هو‬ ‫يقول دايل كارنيجي ‪ » :‬لقد ْ أثبت الحصاُء أ ّ‬
‫ب‬ ‫ل سّني الحر ِ‬ ‫ل ) رقم ‪ (1‬في أمريكا ‪ ،‬ففي خل ِ‬ ‫القائ ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ث مليون مقات ٍ‬ ‫ل من أبناِئنا نحو ث ُل ُ ِ‬ ‫العالميةِ الخيرةِ ‪ ،‬قُت ِ َ‬
‫ي‬‫ب على مليون ْ‬ ‫سها قضى داُء القل ِ‬ ‫ل هذه الفترةِ نف ِ‬ ‫وفي خل ِ‬
‫م ناشئا ً‬ ‫ن نسمةٍ كان مرضهُ ْ‬ ‫نسمةٍ ‪ .‬ومن هؤلِء الخيرين مليو ُ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ق وتوت ّرِ العصا ِ‬ ‫ن القل ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ت‬ ‫ب من السباب الرئيسيةِ التي حد ْ‬ ‫ن مرض القل ِ‬ ‫مإ ّ‬ ‫نع ْ‬
‫بالدكتورِ » ألكسيس كاريل « على أن يقول‪» :‬إن رجال‬
‫ل الذين ل يعرفون كيف يكافحون القلق ‪ ،‬يموتون‬ ‫العما ِ‬
‫كرين«‬ ‫مب ّ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ل مفروغٌ منه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل ‪ ،‬والج ُ‬ ‫ب معقو ٌ‬ ‫والسب ُ‬
‫َ‬
‫جل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ؤ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن الله ك َِتابا ً ّ‬ ‫ت إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل ِن َ ْ‬
‫ض‬ ‫ج في أمريكا أو الصينيون بأمرا ِ‬ ‫ض الزنو ُ‬ ‫وقّلما يمر ُ‬
‫م يأخذون الحياة مأخذا ً سهل ً لّينا ً ‪ ،‬وإنك‬ ‫ب ‪ ،‬فهؤلِء أقوا ٌ‬ ‫القل ِ‬
‫لترى أن عدد الطباِء الذين يموتون بالسكتةِ القلبيةِ يزيد ُ‬
‫ضْعفا ً على عددِ الفلحين الذين يموتون بالعّلة‬ ‫عشرين ِ‬
‫ة ‪ ،‬يدفعون‬ ‫ون حياةً متوترةً عنيف ً‬ ‫ن الطباء يحي ْ‬ ‫سها ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫نف ِ‬
‫ل « !!‬ ‫ب يداوي الناس وهو علي ُ‬ ‫الثمن غاليا ً ‪ » .‬طبي ٌ‬
‫*******************************‬
‫حْزن‬
‫ب ال ُ‬
‫الرضا بما حصل ُيذه ُ‬
‫وفي الحديث ‪ )) :‬ول نقو ُ‬
‫ل إل ما ُيرضي رّبنا (( ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪125‬‬
‫م إذا‬ ‫دسا ً ‪ ،‬وهو النقياد ُ والتسلي ُ‬ ‫ن عليك واجبا ً مق ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ة لك ؛‬ ‫حك ‪ ،‬والعاقب ُ‬ ‫ة في صال ِ‬ ‫داهمك المقدوُر‪ ،‬لتكون النتيج ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫س الج ِ‬ ‫ل والفل ِ‬ ‫ط العاج ِ‬ ‫لنك بهذا تنجو من كارثةِ الحبا ِ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫شْيب لح‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ولما رأي ُ‬ ‫ت‬‫ق رأسي قل ُ‬ ‫مْفرِ ِ‬ ‫و َ‬
‫بعارضي‬
‫ن‬‫ت أني إ ْ‬ ‫خْف ُ‬ ‫ولو ِ‬ ‫مرحبا‬
‫ن‬
‫تأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫شيب ْ‬
‫عني ُر‬ ‫كب لل ّ‬ ‫تن ّ‬
‫تحيتي‬
‫ل ك ُْرهٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت‬‫ما ُ‬ ‫ولكن إذاك ََفْف‬ ‫يتنكبا‬
‫به النفسُ يوما ً كان‬
‫تذ ُ ‪ ،‬ولو‬ ‫ينُف ْ‬ ‫فسامح‬ ‫ه سوف‬ ‫إلْرهِأنأذهبا‬ ‫ل مفرللك ُ‬
‫تؤمن بالقدرِ ‪ ،‬فإن ُ‬ ‫ّ‬
‫دك وخرجت من ثياِبك !!‬ ‫انسلخت من جل ِ‬
‫ل عن إيمرسون في كتابه » القدرةُ على النجازِ «‬ ‫ن ُِق َ‬
‫ة ‪ :‬إن الحياة‬ ‫ن أين أ َت َْتنا الفكرة ُ القائل ُ‬ ‫حيث تساءل ‪ » :‬م ْ‬
‫ت‬ ‫ب والعقبا ِ‬ ‫الرغدة المستقرةَ الهادئة الخالية من الصعا ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ن المر على العك ِ‬ ‫ل أو عظماءهم ؟ إ ّ‬ ‫تخلقُ سعداء الرجا ِ‬
‫م سيواصلون الرثاَء لنفسهم‬ ‫فالذين اعتادوا الرثاء لنفسهِ ْ‬
‫خ يشهد ُ‬ ‫س ‪ .‬والتاري ُ‬ ‫دمق ِ‬ ‫ولو ناموا على الحريرِ ‪ ،‬وتقل ُّبوا في ال ّ‬
‫ت ل يتميُز فيها بين‬ ‫ث ‪ ،‬وبيئا ٌ‬ ‫ن العظمة والسعادة الخبي ُ‬ ‫بأ ّ‬
‫ل حملوا‬ ‫ت رجا ٌ‬ ‫ت ن َب َ َ‬ ‫ث ‪ ،‬في هذه البيئا ِ‬ ‫ب وخبي ٍ‬ ‫طي ٍ‬
‫ت على أكتاِفهم ‪ ،‬ولم يطرحوها وراء ظهوِرهم « ‪.‬‬ ‫المسؤوليا ِ‬
‫ن الذين رفعوا علم الهدايةِ الرباني ّةِ في اليام ِ الولى‬ ‫إ ّ‬
‫ل‬ ‫ج ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫للدعوةِ المحمدية هم الموالي والفقراُء والبؤساُء ‪ ،‬وإ ّ‬
‫م أولئك‬ ‫دس ه ْ‬ ‫ي المق ّ‬ ‫موا الزحف اليمان ّ‬ ‫الذين صاد ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ذا ت ُت َْلى َ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫علي ْ َِ‬ ‫المرموقون والوجهاِء والمترفون ‪َ ﴿ :‬‬
‫ي‬
‫مُنوا أ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فُروا ل ِل ّ ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ت َ‬ ‫آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ح ُ‬ ‫قاُلوا ن َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫دي ّا ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫قاما ً َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫قي ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ف‬
‫ن‬ ‫م ّ‬ ‫ؤلء َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ن ﴾ ‪﴿ .‬أ َ َ‬ ‫عذِّبي َ‬ ‫م َ‬‫ن بِ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫وَلدا ً َ‬ ‫وأ ْ‬
‫أ َك ْث َر أ َموال ً َ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫من ب َي ْن َِنا أل َي ْ َ‬ ‫هم ّ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ه َ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ما‬ ‫خْيرا ً ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا ل َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فُروا ل ِل ّ ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ي‬‫ذ َ‬ ‫ست َك ْب َُروا ْ إ ِّنا ِبال ّ ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫قوَنا إ ِل َي ْ ِ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَل ن ُّز َ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫منت ُ ْ‬ ‫آ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪126‬‬
‫ن‬
‫مو َ‬‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫م}‪ {31‬أ َ ُ‬ ‫ظي ٍ‬
‫ع ِ‬
‫ن َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قْري َت َي ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ل ّ‬ ‫عَلى َر ُ‬
‫ج ٍ‬ ‫َ‬
‫ك﴾‪.‬‬‫ة َرب ّ َ‬ ‫م َ‬‫ح َ‬‫َر ْ‬
‫ن قيمته في‬ ‫وإني لذكُر بيتا ً لعنترة ‪ ،‬وهو يخبُرنا أ ّ‬
‫سجاياه ومآث ِرِهِ ون ُب ْل ِهِ ل في أصل ِهِ وعنصرِهِ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ل‪:‬‬
‫ت فإني سيد ٌ‬ ‫إن كن ُ‬ ‫ن إني‬ ‫أوْ أسود اللو ِ‬
‫ك ََرما ً‬ ‫ق‬ ‫ض ال ُ ُ‬
‫*****************************************‬ ‫خل ِ‬ ‫أبي ُ‬
‫ة من جوارحك‬‫ن فقدت جارح ً‬ ‫إ ْ‬
‫ح‬
‫ت لك جوار ُ‬‫فقدْ بقي ْ‬
‫ن عباس ‪:‬‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ه من‬ ‫ن يأخذ ِ الل ُ‬ ‫إ ْ‬ ‫ففي لساني وسمعي‬
‫نورهما‬
‫ي وعقلي‬ ‫يّ‬‫عين ّ‬ ‫قلبي ذك‬ ‫مر‬‫نو ٌُ‬ ‫صار‬‫منهما‬ ‫وفي فمي‬
‫سى َأن‬ ‫ج‬‫عو ٍ َ‬ ‫و َِ‬
‫ع‬ ‫ذي َ‬ ‫ب‪﴿،‬‬ ‫ل لك من المصاغي ُِر‬ ‫مأثوُر َ‬ ‫ص‬
‫ح َ‬‫فيما َ‬‫ف‬‫كالسي ِ‬‫ل الخير‬ ‫ولع ّ‬
‫م﴾ ‪.‬‬‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا ْ َ‬‫ت َك َْر ُ‬
‫ن ب ُْردٍ ‪:‬‬ ‫شاُر ب ُ‬ ‫لب ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫وعّيرني العداُء‬ ‫فليس بعارٍ أن ُيقال‬
‫فيهمو‬
‫أبصر المرُء‬ ‫ب‬ ‫والعي ُ‬ ‫إذا‬ ‫ر‬
‫ن‬ ‫ضري ُِ‬
‫ن عمى العيني‬ ‫فإ ّ‬
‫تقى‬
‫أجرا ً‬ ‫وال ّ‬ ‫العمى‬ ‫المروءة‬ ‫ت‬‫رأي ُ‬ ‫ر‬
‫ث‬ ‫يضي ِ ُ‬
‫ليسالثل‬ ‫وإني إلى تلك‬
‫وبين ما‬ ‫ة‬
‫صم ً‬ ‫عرِ ْ‪،‬‬ ‫شاِ‬ ‫وب و ّ‬ ‫ذخرا ً‬ ‫س‬ ‫و ُ‬ ‫قفقيُر‬
‫ن عبا ٍ‬ ‫بين كلم ِ اب ِ‬ ‫انظْر إلى الفر ِ‬
‫عمي ‪:‬‬ ‫ما َ‬ ‫سل ّ‬ ‫ح بن عبدالقدو ِ‬ ‫قاله صال ُ‬
‫م‬‫على الدنيا السل ُ‬ ‫ن في‬ ‫ضريرِ العي ِ‬
‫وهو‬ ‫لشيٍخ‬ ‫المرُء‬ ‫ت فما‬ ‫يمو ُ‬ ‫ب‬
‫ل‬‫الم ُ ُ‬ ‫ه نصي‬ ‫الدنيا ُ‬
‫ف ظن ّ‬‫وُيخل ِ ُ‬
‫بً‬‫الطبيحي ّ ُا‬ ‫ُيمّنيني ي ُعَد ّ‬ ‫ب‬
‫من‬ ‫الكذو ِ ُ‬
‫ن البعض‬ ‫فإ ّ‬
‫عينيالقاِبل ل ُ‬
‫ه‬ ‫شفاءعلى‬ ‫سوف ينفذ ُ ل محالة ‪،‬‬ ‫قريب‬ ‫ض‬
‫القضاء‬‫إن بع ٍ‬
‫م ويشقى ‪.‬‬ ‫سعَد ُ ‪ ،‬وهذا يأث ُ‬ ‫جُر وي ْ‬ ‫ن ذاك ُيؤ َ‬ ‫ه ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ضل ُ‬
‫والراف ِ‬
‫كتب عمُر بن عبدالعزيزِ إلى ميمون بن مهران ‪ :‬كتبت‬
‫ما وقع‬ ‫ك ‪ ،‬وهذا أمٌر لم أزل أنتظره ُ ‪ ،‬فل ّ‬ ‫تعّزيني على عبدالمل ِ‬
‫لم أنك ِْرهُ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪127‬‬
‫*********************************‬
‫دو ٌ‬
‫ل‬ ‫م ُ‬
‫اليا ُ‬
‫ي بن مخلدٍ‬ ‫ن أحمد بن حنبل – رحمه الله‪ -‬زار بق ّ‬ ‫ُيروى أ ّ‬
‫ب‬ ‫ض له فقال له ‪ » :‬يا أبا عبدالرحمن ‪ ،‬أبشْر بثوا ِ‬ ‫في مر ٍ‬
‫حة فيها ‪..‬‬ ‫م السقم ِ ل ص ّ‬ ‫م فيها ‪ ،‬وأيا ُ‬ ‫سق َ‬ ‫حةِ ل ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫م ال ّ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬أيا ُ‬
‫«‪.‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫ض فيها بالبا ِ‬ ‫ض المر ُ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن أيام الصحةِ ل يعر ُ‬
‫م‬ ‫حه ‪ .‬وأيا ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وتكثر آماُله ‪ ،‬ويشتد ّ طمو ُ‬ ‫م النسا ِ‬ ‫فتقوى عزائ ُ‬
‫س‬ ‫ل ‪ ،‬فيخّيم على النف ِ‬ ‫ة بالبا ِ‬ ‫ض الصح ُ‬ ‫ض الشديدِ ل تعر ُ‬ ‫المر ِ‬
‫ل المام ِ‬ ‫مةِ وسلطان اليأس ‪ .‬وقو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وانقباض اله ّ‬ ‫ضعف الم ِ‬
‫مّنا‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا ال ِن ْ َ‬ ‫ن أ َذَ ْ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬ ‫أحمد مأخوذ ٌ من قولهِ تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫ول َئ ِ ْ‬ ‫فوٌر}‪َ {9‬‬ ‫س كَ ُ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫ه ل َي َ ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬‫من ْ ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫عَنا َ‬ ‫م ن ََز ْ‬ ‫ة ثُ ّ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬
‫َر ْ‬
‫ت‬ ‫سي َّئا ُ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ذَ َ‬ ‫قول َ ّ‬ ‫ه ل َي َ ُ‬ ‫ست ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ضّراء َ‬ ‫عد َ َ‬ ‫ماء ب َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫قَناهُ ن َ ْ‬ ‫أ َذَ ْ‬
‫مُلوا ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫صب َُروا ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫خوٌر}‪ {10‬إ ِل ّ ال ّ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ه لَ َ‬ ‫عّني إ ِن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جٌر ك َِبيٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ ْ‬ ‫فَرةٌ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ه تعالى‬ ‫ه ‪ » : -‬يخبُر الل ُ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن كثيرٍ – رحم ُ‬ ‫ظ اب ُ‬ ‫قال الحاف ُ‬
‫ه‬‫ن رحم الل ُ‬ ‫ت الذميمةِ ‪ ،‬إل م ْ‬ ‫ن وما فيهِ من الصفا ِ‬ ‫عن النسا ِ‬
‫من عباد ِهِ المؤمنين ‪ ،‬أنه إذا أصابْته شد ّة ٌ بعد نعمةٍ ‪ ،‬حصل‬
‫ل ‪ ،‬وكفٌر‬ ‫ط من الخيرِ بالنسبةِ إلى المستقب ِ‬ ‫س وقنو ٌ‬ ‫له يأ ٌ‬
‫ج فرجا ً « ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬كأنه لم ير خيرا ً ولم ير ُ‬ ‫وجحود ٌ لماضي الحا ِ‬
‫ب‬ ‫ه َ‬ ‫ن ذَ َ‬ ‫قول َ ّ‬ ‫ة بعد نقمةٍ ‪ ﴿ :‬ل َي َ ُ‬ ‫ه نعم ٌ‬ ‫وهكذا إن أصابت ُ‬
‫عّني ﴾ ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬ ‫م ول سوءٌ ‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ل ‪ :‬ما ينالني بعد هذا ضي ٌ‬ ‫أي يقو ُ‬
‫خوٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫ف ِ‬ ‫لَ َ‬
‫ه‬‫أي فرح بما في يد ِهِ ‪ ،‬بطٌر فخوٌر على غيره ‪ .‬قال الل ُ‬
‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫تأ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫صب َُروا ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى ‪ ﴿ :‬إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫فرةٌ َ‬
‫جٌر ك َِبيٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫***************************************‬
‫سيروا في الرض‬
‫ل تحزن‬
‫‪128‬‬

‫ب الهموم ‪.‬‬ ‫م ‪ :‬السفُر يذه ُ‬ ‫قال أحد ُهُ ْ‬


‫ل‬ ‫ث الفاض ُ‬ ‫ظ الرامهرمزيّ في كتاب ِهِ » المحد ّ ُ‬ ‫قال الحاف ُ‬
‫ة‬
‫ب العلم ِ والمتِع الحاصل ِ‬ ‫ن فوائد ِ الرحلةِ في طل ِ‬ ‫« ‪ ،‬في بيا ِ‬
‫ره الرحلة وعابها ما يلي ‪:‬‬ ‫بها ‪ ،‬رد ّا ً على من ك ِ‬
‫ل الّرحلةِ مقدار لذ ّ ِ‬
‫ة‬ ‫ن على أه ِ‬ ‫ف الطاع ُ‬ ‫» ولو ع ََر َ‬
‫ن وطنهِ ‪ ،‬واستلذاذِ‬ ‫ل في رحلت ِهِ ونشاط ِهِ عند فصول ِهِ م ْ‬ ‫الّراح ِ‬
‫ضها ‪ ،‬وحدائ ِِقها ‪،‬‬ ‫ف القطارِ وغيا ِ‬ ‫حهِ ‪ ،‬عند تصّر ِ‬ ‫جميِع جوار ِ‬
‫ب‬ ‫ن عجائ ِ‬ ‫م ير م ْ‬ ‫ضها ‪ ،‬وتصّفح الوجوهِ ‪ ،‬ومشاهدةِ ما ل ْ‬ ‫وريا ِ‬
‫ن ‪ ،‬والستراحةِ في أفياِء‬ ‫ف اللسنةِ واللوا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬واختل ِ‬ ‫البلدا ِ‬
‫ب‬ ‫ل في المساجدِ ‪ ،‬والشر ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والك ِ‬ ‫ل الغيطا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وظل ِ‬ ‫الحيطا ِ‬
‫ن‬ ‫بم ْ‬ ‫ل ‪ ،‬واستصحا ِ‬ ‫ه اللي ُ‬ ‫ث يدرك ُ‬ ‫من الوديةِ ‪ ،‬والنوم ِ حي ُ‬
‫ل ما‬ ‫ك التصن ِّع ‪ ،‬وك ّ‬ ‫ط الحشمةِ ‪ ،‬وتر ِ‬ ‫ت اللهِ بسقو ِ‬ ‫ه في ذا ِ‬ ‫يحب ّ ُ‬
‫ن ظفرِهِ ببغيت ِهِ ‪ ،‬ووصول ِهِ إلى‬ ‫ل إلى قلبهِ من السرورِ ع ْ‬ ‫يص ُ‬
‫ه ‪ ،‬وقطع‬ ‫مَر ل ُ‬
‫س الذي ش ّ‬ ‫مهِ على المجل ِ‬ ‫مقصدِهِ ‪ ،‬وهجو ِ‬
‫ة في محاسن‬ ‫ت الدنيا مجموع ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫نل ّ‬ ‫هأ ّ‬ ‫م ُ‬‫ة إليه – لعل ّ َ‬ ‫شّق َ‬ ‫ال ّ‬
‫ص تلك الفوائد ِ ‪،‬‬ ‫تلك المشاهدِ ‪ ،‬وحلوةِ تلك المناظرِ ‪ ،‬واقتنا ِ‬
‫ر‬
‫س من ذخائ ِ‬ ‫ن زهرِ الربيِع ‪ ،‬وأنف ُ‬ ‫التي هي عند أهِلها أبهى م ْ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ن وأشباهُ ُ‬ ‫رمها الطاع ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ث ُ‬ ‫ن ‪ ،‬من حي ُ‬ ‫الِعقيا ِ‬
‫ن‬‫ض خيامك ع ْ‬ ‫قوّ ْ‬ ‫ن‬
‫لإ ّ‬ ‫ب الذ ّ ّ‬ ‫وجان ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫الذ ّ ّ‬
‫رب ْهٍ أهِْنت ب ِ‬
‫*******************************************‬ ‫ب‬‫ل ُيجت َن َ ُ‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ن رضي‬ ‫ب قوما ً ابتلهم‪ ،‬فم ْ‬ ‫))إنّ الله إذا أح ّ‬
‫خ ُ‬
‫ط(( ‪.‬‬ ‫س ْ‬ ‫فل َ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫ط َ‬ ‫ن سخ َ‬ ‫فله الّرضا‪ ،‬وم ْ‬
‫ل‬ ‫ل فالمث ُ‬ ‫م المث ُ‬ ‫س بلء النبياءُ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫)) أشدّ النا ِ‬
‫ه‬
‫ن كان في دين ِ‬ ‫ه ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ر دين ِ‬‫ل على قد ِ‬ ‫ُيبتلى الرج ُ‬
‫ة ابُتلي‬ ‫ق ٌ‬ ‫ة أشتدّ بلؤه ‪ ،‬وإن كان في دينه ر ّ‬ ‫صلب ٌ‬
‫ه‬‫د ‪ ،‬حتى يترك ُ‬ ‫ح البلءُ بالعب ِ‬ ‫ر دينه ‪ ،‬فما يبر ُ‬ ‫على قد ِ‬
‫ة (( ‪.‬‬
‫ض وما عليه خطيئ ٌ‬ ‫يمشي على الر ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪129‬‬
‫ن أمّرهُ كّله خيٌر !! وليس‬ ‫نإ ّ‬
‫ر المؤم ِ‬ ‫)) عجبا ً لم ِ‬
‫ن ‪ ،‬إن أصابْته سّراء شكر فكان‬ ‫د إل للمؤم ِ‬ ‫ذاك لح ِ‬
‫ه ضّراء صبر فكان خيرا ً له (( ‪.‬‬ ‫ن أصابت ُ‬ ‫خيرا ً له ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن ينفعوك‬ ‫ت على أ ْ‬ ‫ن المة لو اجتمع ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫)) واعل ْ‬
‫ن‬‫ه لك ‪ ،‬وإ ِ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫ء قد كت ُ‬ ‫ء لم ينفعوك إل بشي ٍ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ء لم يضروك إل‬ ‫ن يضّروك بشي ٍ‬ ‫اجتمعوا على أ ْ‬
‫ه عليك ((‪.‬‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ء قدْ كتب ُ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ل فالمث ُ‬ ‫)) ُيبتلى الصالحون المث ُ‬
‫ة‬
‫ح َيمن ْ ً‬‫ع ُتفي ُّئها الري ُ‬ ‫ة من الزر ِ‬ ‫ن كالخام ِ‬ ‫)) المؤم ُ‬
‫سرةً (( ‪.‬‬ ‫وي َ ْ‬
‫********************************************‬
‫م‬
‫س ْ‬
‫ت تب ّ‬
‫ت المو ِ‬
‫حّتى في سكرا ِ‬
‫ي ) ت ‪ ، ( 440‬مع الفسحةِ في‬ ‫ن البيرون ّ‬ ‫فهذا أبو الريحا ِ‬
‫صب ّا ً‬‫من ْ َ‬ ‫ل العلوم ِ ‪ُ ،‬‬ ‫مك ِب ّا ً على تحصي ِ‬ ‫ة ُ‬ ‫التعميرِ فقد ْ عاش ‪ 78‬سن ً‬
‫ط بشواكِلها وأقراِبها –‬ ‫ح أبوابها ويحي ُ‬ ‫ب ‪ ،‬يفت ُ‬‫ف الكت ِ‬ ‫إلى تصني ِ‬
‫م ‪ ،‬وعينه‬ ‫ضها وجلّياِتها – ول يكاد ُ يفارقُ يده القل ُ‬ ‫يعنى ‪ :‬بغوام ِ‬
‫ش‬‫س إليه الحاجةُ في المعا ِ‬ ‫النظُر ‪ ،‬وقلبه الفكُر ‪ ،‬إل فيما تم ّ‬
‫ه–‬ ‫جيراهُ – أي د َي ْد َن ُ ُ‬ ‫ش ‪ ،‬ثم هِ ّ‬ ‫م ْ ْ‬
‫ن ب ُلغة الطعام ِ وعلقةِ الريا ِ‬
‫م ُيسفُر عن وجههِ قناع‬ ‫في سائرِ اليام ِ من السنةِ ‪ :‬عل ٌ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ل الغل ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ويحسُر عن ذراعي ْةِ أكما ُ‬ ‫الشكا ِ‬
‫ت‬ ‫ن عيسى ‪ ،‬قال ‪ :‬دخل ُ‬ ‫يب ُ‬‫ن عل ّ‬ ‫ه أبو الحس ِ‬ ‫دث الفقي ُ‬ ‫ح ّ‬
‫سهِ – أيْ وهو في نْزِع الروِح‬ ‫ن وهو يجود ُ ِبنْف ِ‬ ‫على أبي الريحا ِ‬
‫ه ‪ ،‬وضاق بها صدُرهُ ‪،‬‬ ‫س ُ‬‫ت نف ُ‬ ‫ت – قد حشرج ْ‬ ‫قارب المو َ‬
‫ب‬ ‫ل ‪ :‬كيف قلت لي يوما ً حسا ُ‬ ‫فقال لي في تلك الحا ِ‬
‫ن من ِقبل‬ ‫ث ‪ ،‬وهي التي تكو ُ‬ ‫ت الفاسدةِ ؟ أيْ الميرا ُ‬ ‫دا ِ‬‫الج ّ‬
‫ت له إشفاقا ً عليه ‪ :‬أفي هذهِ الحالةِ ؟ قال لي ‪ :‬يا‬ ‫م ‪ ،‬فقل ُ‬ ‫ال ّ‬
‫م بهذهِ المسألة ‪ ،‬أل يكون خيرا ً من‬ ‫هذا ‪ ،‬أود ّعُ الدنيا وأنا عال ٌ‬
‫ظ‬ ‫ت ذلك عليهِ ‪ ،‬وحِف َ‬ ‫ل بها ؟! فأعد ُ‬ ‫ن أخّليها وأنا جاه ٌ‬ ‫أ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪130‬‬
‫ت الصراخ!! إنها‬ ‫ت من عندِهِ فسمع ُ‬ ‫وعّلمني ما وعد ‪ ،‬وخرج ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ح ركام المخاو ِ‬ ‫م التي تجتا ُ‬ ‫الهم ُ‬
‫حه دما ً ‪،‬‬ ‫ب جر ُ‬ ‫ت ‪ ،‬يثع ُ‬ ‫ت المو ِ‬ ‫والفاروقُ عمُر في سكرا ِ‬
‫م ل ؟! ‪.‬‬ ‫هأ ْ‬ ‫ل أكمل صلت ُ‬ ‫ل الصحابة ‪ :‬ه ْ‬ ‫ويسأ ُ‬
‫ل‬ ‫د(( مضّرج بدمائ ِهِ ‪ ،‬وهو يسأ ُ‬ ‫ُ‬
‫ن الربيع في )) أح ٍ‬ ‫وسعد ُ ب ُ‬
‫ش وعماُر‬ ‫ة الجأ ِ‬ ‫ل ‪ ، ‬إنها ثبات ُ‬ ‫ق عن الرسو ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫في آخرِ َر َ‬
‫ب!‬ ‫القل ِ‬
‫ت‬ ‫ت ما في المو ِ‬ ‫وقف َ‬ ‫ن الردى‬ ‫كأنك في جف ِ‬
‫ف‬‫للواق ِ‬
‫كلمى‬ ‫كُ‬‫البطا ّ‬ ‫ك ش‬ ‫تمّر ب َ‬ ‫م‬‫نائ ُ‬
‫رك‬ ‫حوهو‬
‫وثغ ُ‬ ‫ووجُهك وضا ٌ‬
‫ة‬
‫هزيم ً‬ ‫م‬
‫باس ُ‬
‫ن الجراِح ‪ :‬مرض أبو يوسف فأتيُته‬ ‫مب ُ‬ ‫قال إبراهي ُ‬
‫ل‬ ‫ما أفاق قال لي ‪ :‬ما تقو ُ‬ ‫ى عليهِ ‪ ،‬فل ّ‬ ‫مْغم ً‬ ‫أعوُده ‪ ،‬فوجدُته ُ‬
‫ل ؟! قال ‪ :‬ل بأس‬ ‫ل هذه الحا ِ‬ ‫ت ‪ :‬في مث ِ‬ ‫في مسألةٍ ؟ قل ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫ّ‬
‫س بذلك لعله ينجو به نا ٍ‬ ‫ندر ُ‬
‫ل في رمي الجمارِ ‪ :‬أن‬ ‫م ‪ ،‬أّيما أفض ُ‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا إبراهي ُ‬
‫ت ‪ :‬راكبا ً ‪ .‬قال ‪ :‬أخطأت ‪.‬‬ ‫ل ماشيا ً أو راكبا ً ؟ قل ُ‬ ‫يرميها الرج ُ‬
‫ل ؟ قال ‪:‬‬ ‫ت ‪ :‬أّيهما أفض ُ‬ ‫ت ‪ :‬ماشيا ً ‪ .‬قال ‪ :‬أخطأت ‪ .‬قل ُ‬ ‫قل ُ‬
‫ن يرميه ماشيا ً ‪ ،‬وأما ما كان‬ ‫لأ ْ‬ ‫ف عندهُ فالفض ُ‬ ‫ما كان ُيوق ُ‬
‫ه‬
‫ت من عند ِ‬ ‫ل أن يرميه راكبا ً ‪ ،‬ثم قم ُ‬ ‫ف عنده ‪ ،‬فالفض ُ‬ ‫ل ُيوق ُ‬
‫ت الصراخ عليه وإذا هو قد ْ‬ ‫ت باب دارِهِ حتى سمع ُ‬ ‫فما بلغ ُ‬
‫ة الله عليه ‪.‬‬ ‫مات ‪ .‬رحم ُ‬
‫م‬ ‫ت جاث ٌ‬ ‫ب المعاصرين ‪ :‬هكذا كانوا !! المو ُ‬ ‫قال احد ُ الك ُّتا ِ‬
‫ة تشتد ّ في‬ ‫صهِ ‪ ،‬والحشرج ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫كرب ِهِ وغ ُ َ‬ ‫مب ُ‬ ‫س أحد ِه ِ ْ‬ ‫على رأ ِ‬
‫ط بهِ ‪ ،‬فإذا صحا أو‬ ‫ن محي ٌ‬ ‫سهِ وصدرِهِ ‪ ،‬والغماُء والغشيا ُ‬ ‫نف ِ‬
‫ل العلم ِ‬ ‫ض مسائ ِ‬ ‫ن بع ِ‬ ‫ت ‪ ،‬تساءل ع ْ‬ ‫أفاق من غشيت ِهِ لحظا ٍ‬
‫الفرعي ّةِ أو المندوبةِ ‪ ،‬ليتعّلمها أو ليعّلمها ‪ ،‬وهو في تلك‬
‫ت منه النفاس والتلبيب ‪.‬‬ ‫ل التي أخذ فيها المو ُ‬ ‫الحا ِ‬
‫ف نسي‬ ‫في موق ٍ‬ ‫ه‬
‫ش فيه الناب ِ ُ‬ ‫ويطي ُ‬
‫ل‬ ‫وما أشغ َ‬ ‫سدادهُ‬‫م !!‬ ‫م ْ‬ ‫الحلي ِ ُ‬
‫به‬ ‫أغلى العلم على قلو‬ ‫ماْيطاُر‬ ‫يا للهِ الب‬
‫ت ‪ ،‬لم‬ ‫م به !! حتى في ساعةِ النزِع والمو ِ‬ ‫م وعقول َهُ ْ‬ ‫خواطرهُ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪131‬‬
‫ة أو ولدا ً قريبا ً عزيزا ً ‪ ،‬وإنما تذكروا‬
‫يتذكروا فيها زوج ً‬
‫م ‪ .‬فبهذا صاروا أئمة في‬ ‫ة اللهِ تعالى عليه ْ‬‫العلم !! فرحم ُ‬
‫ن‪.‬‬‫دي ِ‬
‫العلم ِ وال ّ‬
‫*********************************‬
‫د‬
‫أسراُر الشدائ ِ‬
‫ي‬
‫ب المصر ّ‬ ‫ن يوسف الكات ُ‬ ‫ب أحمد ُ ب ُ‬ ‫خ الدي ُ‬ ‫أورد المؤر ُ‬
‫ن الُعقبى ( فقال ‪:‬‬ ‫ب الفريد ُ )المكافأة ُ وحس ُ‬ ‫في كتاب ِهِ المعج ُ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫سفوَر الحالةِ – أي انكشاف الغُ ّ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫وقد ْ علم النسا ُ‬
‫ل‬‫ن انجلء اللي ُ‬ ‫م لبد ّ منه ‪ ،‬كما علم أ ّ‬ ‫حت ْ ٌ‬
‫ده ‪َ ،‬‬ ‫والشد ّةِ – عن ض ّ‬
‫م النفس‬ ‫ن خور الطبيعةِ أشد ّ ما يلز ُ‬ ‫يسفُر عن النهار ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت العل ُ‬ ‫ج بالدواِء ‪ ،‬اشتد ّ ِ‬ ‫ث ‪ ،‬فإذا لم ُتعال ْ‬ ‫ل الكوار ِ‬ ‫عند َ نزو ِ‬
‫ن عند الشدائد ِ بما‬ ‫ة ‪ ،‬لن النفس إذا لم ت ُعَ ْ‬ ‫ت المحن ُ‬ ‫وازداد ِ‬
‫س فأهلكها ‪.‬‬ ‫يجد ّد ُ ُقواها ‪ ،‬توّلى عليها اليأ ُ‬
‫ب أخبارِ من ابتلي‬ ‫ب – با ِ‬ ‫والتفك ُّر في أخبارِ هذا البا ِ‬
‫جع النْفس‬ ‫ما ُيش ّ‬ ‫ره حسن العقبى – م ّ‬ ‫فصبر ‪ ،‬فكان ثمرة ُ صب ِ‬
‫ب عّز‬ ‫ب مع الر ّ‬ ‫ن الد ِ‬ ‫‪ ،‬ويبعُثها عن ملزمةِ الصبرِ وحس ِ‬
‫ن‬ ‫ن عند نهايةِ المتحا ِ‬ ‫ن في موافاةِ الحسا ِ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫ل ‪ ،‬بحس ِ‬ ‫وج ّ‬
‫‪.‬‬
‫ة ‪ :‬قال‬ ‫ب ‪ » : -‬خاتم ٌ‬ ‫وقال أيضا ً – في آخر الكتا ِ‬
‫ه الجوع قبل الطعام ِ‬ ‫ب ‪ ،‬تشب ُ‬ ‫مهَُر ‪ :‬الشدائد ُ قبل المواه ِ‬ ‫ب ُُزْرج ْ‬
‫ه «‪.‬‬ ‫ه ‪ ،‬ويلذ ّ معه تناول ُ‬ ‫س بهِ موقُعُ ُ‬
‫‪ ،‬يح ّ‬
‫س بمقدارِ ما‬ ‫ح من النف ِ‬ ‫ن ‪ » :‬الشدائد ُ ُتصل ِ ُ‬ ‫وقال أفلطو ُ‬
‫ف والترّفه – يفسد ُ‬ ‫ش ‪ ،‬والّتتّرف – أي التر ُ‬ ‫تفسد ُ من العي ِ‬
‫ش«‪.‬‬ ‫ح من العي ِ‬ ‫س بمقدارِ ما يصل ُ‬ ‫من النف ِ‬
‫ق أهدْته إليك‬ ‫ل صدي ٍ‬ ‫وقال أيضا ً ‪ » :‬حافظ على ك ّ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ق أهدْته إليك النعم ُ‬ ‫ل صدي ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫الشدائد ُ ‪ ،‬واْله ع ْ‬
‫ل فيه ما تصدُره‬ ‫ل ‪ ،‬ل تتأم ْ‬ ‫ه كاللي ِ‬ ‫وقال أيضا ً ‪ » :‬الترّفف ُ‬
‫رك‬ ‫أو تتناوُله ‪ ،‬والشدة كالنهارِ ‪ ،‬ترى فيها سعيك وسعي غي ِ‬
‫«‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪132‬‬
‫ل ترى به ما ل تراه بالنعمة‬ ‫ل أزدشير ‪ » :‬الشد ّةُ ك ُ ْ‬
‫ح ٌ‬ ‫وقا ُ‬
‫«‪.‬‬
‫ة‬
‫ك مصلحةِ المرِ في الشد ّ ِ‬ ‫مل ُ‬ ‫ويقول أيضا ً ‪ » :‬و ِ‬
‫مها‬‫ب صاحِبها على ما ينوُبه ‪ ،‬وأعظ ُ‬ ‫شيئان ‪ :‬أصغُرهما قوة ُ قل ِ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ضهِ إلى مالك ِهِ ورازقِ ِ‬ ‫ن تفوي ِ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫حْنه‬ ‫م يمت ِ‬ ‫هل ْ‬ ‫حوَ خالِقهِ ‪ ،‬علم أن ُ‬ ‫ل بفكرِهِ ن َ ْ‬ ‫مد َ الرج ُ‬ ‫ص َ‬ ‫وإذا َ‬
‫ص عنه كبيرة ً ‪ ،‬وهو مع هذا‬ ‫ح ُ‬ ‫ة ‪ ،‬أو يم ّ‬ ‫ب له مثوب ً‬ ‫إل بما يوج ُ‬
‫من اللهِ في أرباٍح متصلةٍ ‪ ،‬وفوائد متتابعةٍ ‪.‬‬
‫ت رذائُله ‪ ،‬وزاد‬ ‫فأما إذا اشتد ّ فكُرهُ تلقاء الخليقةِ ‪ ،‬كثر ْ‬
‫ملهِ ‪ ،‬واستطال من‬ ‫صر عن تأ ّ‬ ‫مه فيما ق ُ‬ ‫رم بمقا ِ‬ ‫تصّنعه ‪ ،‬وب ِ‬
‫ه‬
‫مهِ ‪ ،‬وخاف من المكرو ِ‬ ‫ن ما عسى أن ينقضي في يو ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ه‪.‬‬‫ن يخطئ ُ‬ ‫ما لعّله أ ْ‬
‫مهِ بما‬ ‫ل وبين رب ّهِ ‪ ،‬لعل ِ‬ ‫وإنما تصدقُ المناجاةِ بين الرج ِ‬
‫ه‬
‫ل وبين أشباه ِ ِ‬ ‫في السرائرِ وتأييدِهِ البصائر ‪ ،‬وهي بين الرج ِ‬
‫ة عن المصلحةِ ‪.‬‬ ‫كثيرةُ الذيةِ ‪ ،‬خارج ٌ‬
‫ن‬
‫ب به م ْ‬ ‫ه ‪ُ ،‬يصي ُ‬ ‫س من ُ‬ ‫ح يأتي عند اليأ ِ‬ ‫وللهِ تعالى َروْ ٌ‬
‫ل‬‫ب الفرِج ‪ ،‬وتسهي ِ‬ ‫ة في تقري ِ‬ ‫قهِ ‪ ،‬وإليهِ الرغب ُ‬ ‫يشاُء من خل ِ‬
‫ل ‪ ،‬وهو‬ ‫سؤ ْ ُ‬‫ل ما تطاول إليه ال ّ‬ ‫المرِ ‪ ،‬والرجوِع إلى أفض ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫حسبي ون ِْعم الوكي ُ‬
‫ت‬ ‫ي ‪ ،‬وكّرر ُ‬ ‫ج بعد الشدةِ ( للتنوخ ّ‬ ‫ت كتاب ) الفر ُ‬ ‫طالع ُ‬
‫ث فوائد َ ‪:‬‬ ‫ت منه بثل ِ‬ ‫قراءته فخرج ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫مسّلم ٌ‬ ‫ة ُ‬ ‫ة وقضي ٌ‬ ‫ة ماضي ٌ‬ ‫ب سن ّ ٌ‬ ‫ن الفرج بعد الكر ِ‬ ‫الولى ‪:‬أ ّ‬
‫ك فيه ول ريب ‪.‬‬ ‫ل‪،‬لش ّ‬ ‫كاليِح بعد اللي ِ‬
‫ل عائدةً ‪ ،‬وأرفعُ فائدةً‬ ‫ب أجم ُ‬ ‫ن المكاره مع الغال ِ‬ ‫ة ‪:‬أ ّ‬ ‫الثاني ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫للعبدِ في دين ِهِ ودنياهُ من المحا ّ‬
‫ة إنما هو الله ج ّ‬
‫ل‬ ‫ن جالب النفِع ودافع الضّر حقيق ٌ‬ ‫ة ‪:‬أ ّ‬ ‫الثال ُ‬
‫طئك وما أخطأك‬ ‫ن ِليخ ِ‬ ‫ن ما أصابك لم يك ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫في عله ‪ ،‬واعل ْ‬
‫ن ليصيبك ‪.‬‬ ‫م يك ْ‬ ‫ل ْ‬
‫**************************************‬
‫حقارةُ الدنيا‬
‫ل تحزن‬
‫‪133‬‬
‫ن زيدٍ‬‫م الشهير ‪ :‬قصيدةُ عديّ ب ِ‬ ‫ك العال ُ‬ ‫ن المبار ِ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن لو كان لي ‪.‬‬ ‫ن الحسي ِ‬ ‫ي من قصرِ الميرِ طاهرِ ب ِ‬ ‫ب غل ّ‬ ‫أح ّ‬
‫ة ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫ة الرائع ُ‬ ‫وهي القصيدة ُ الذائع ُ‬
‫معي ُّر‬‫ت ال ُ‬ ‫أّيها الشام ُ‬ ‫ـرِ أأنت المبّرؤُ‬
‫هـ‬
‫دّ ْ ُ‬
‫ق‬ ‫م لديك العهد ُ بال‬
‫الوثي‬ ‫أ ْ‬ ‫لر‬‫الموفو ٌُ‬
‫ل أنت جاه‬ ‫ـام ِ ب ْ‬
‫ن‬ ‫الّيـعهد ٌ أ ْ‬‫عندك‬ ‫ب الخرين‪ ،‬هل من‬ ‫بمصائ ِ‬‫مغروُر‬ ‫مت‬ ‫أيْ ‪ :‬يا من ش ِ‬
‫م ميثاقا ً‬ ‫ل منحْتك اليا ُ‬ ‫ة مثُلهم؟! أم ه ْ‬ ‫ل تصيبك أنت مصيب ٌ‬
‫ن؟‬ ‫ة إذ ْ‬ ‫ن ؟! فلماذا الشمات ُ‬ ‫ث والمح ِ‬ ‫لسلمِتك من الكوار ِ‬
‫ن الدنيا تساوي عند‬ ‫وأ ّ‬ ‫صحي ِِح ‪ )) :‬ل ْ‬ ‫ث ال ّ‬‫وفي الحدي ِ‬
‫ة ‪ ،‬ما سقى كافرا ً منها شربة‬ ‫ه جناح بعوض ِ‬ ‫الل ِ‬
‫ح البعوضةِ ‪،‬‬ ‫ن من جنا ِ‬ ‫ن الدنيا عند اللهِ تعالى أهو ُ‬ ‫ء (( ‪ .‬إ ّ‬‫ما ٍ‬
‫ة قيمِتها ووزِنها ‪ ،‬فِلم الجزعُ والهلعُ عليها ومن‬ ‫وهذه حقيق ُ‬
‫أجلِها ؟!‬
‫سك ومستقبلك‬ ‫ن على نف ِ‬ ‫ن تشعر بالم ِ‬ ‫السعادةُ ‪ :‬أ ْ‬
‫ه‬
‫ن والرضا الل ِ‬ ‫ة في اليما ِ‬ ‫وأهِلك ومعيشِتك ‪ ،‬وهي مجموع ٌ‬
‫ة ‪ :‬الصبُر ‪.‬‬ ‫وقضائهِ وقدرهِ ‪ ،‬والقناع ُ‬
‫*****************************************‬
‫ن‬
‫ة اليما ِ‬
‫قيم ُ‬
‫ْ‬ ‫عل َيك ُم أ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫لي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫دا‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه يَ ُ‬ ‫﴿ بَ ِ‬
‫ه إل ّ الفطناُء ‪ :‬نظُر المسلم ِ إلى‬ ‫من النعيم ِ الذي ل يدرك ُ ُ‬
‫ن‬‫الكافرِ ‪ ،‬وتذك ُّر نعمةِ اللهِ في الهدايةِ إلى دين السلم ِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ره‬ ‫ن تكون كهذا الكافرِ في كف ِ‬ ‫ل لم يقد ّْر لك أ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫برّبه وتمّردهِ عليهِ ‪ ،‬وإلحاِده في آياِته ‪ ،‬وجحودِ صفاِته ‪،‬‬
‫ومحاربِته لمولهُ وخالِقه ورازِقه ‪ ،‬وتكذيِبه لرسِله وكتبه ‪،‬‬
‫ن‬ ‫حد ٌ ‪ ،‬تؤم ُ‬ ‫م مو ّ‬ ‫وعصيان ِهِ أوامرهُ ‪ ،‬ثم تذك ّْر أنت أّنك مسل ٌ‬
‫دي الفرائض ولو على‬ ‫باللهِ ورسولهِ واليوم ِ الخرِ ‪ ،‬وتؤ ّ‬
‫در بثمن ول ُتباعُ‬ ‫ة ل ُتق ّ‬ ‫ن هذا في حد ّ ذاته نعم ٌ‬ ‫تقصيرٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪134‬‬
‫ن‪:‬‬‫ه في العيا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وليس لها شبي ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬ول تدوُر في الحسبا ِ‬ ‫بما ٍ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ أَ‬
‫وو َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫سق‬‫ِ‬ ‫فا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كا‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫من‬
‫ِ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫كا‬ ‫من‬‫َ‬ ‫ف‬
‫ظرهم‬ ‫ل الجن ّةِ ن ُ‬ ‫ن نعيم ِ أه ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫ض المفسرين أ ّ‬ ‫حتى ذكر بع ُ‬
‫دها‬‫هل النارِ ‪ ،‬فيشكرون رّبهم على هذا النعيم ِ ‪ » :‬وبض ّ‬ ‫إلى أ ِ‬
‫تتميُز الشياُء « ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ه‬
‫ه سبحان ُ‬ ‫ه ‪ :‬أيْ ل معبود بحقّ إل الل ُ‬ ‫ل إله إل الل ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ت الكما ِ‬ ‫ت اللوهي ّةِ ‪ ،‬وهي صفا ُ‬ ‫وتعالى ‪ ،‬لتفّردِهِ بصفا ِ‬
‫ل ثناؤه‬ ‫ب–ج ّ‬ ‫ح هذه الكلمةِ وسّرها ‪ :‬إفراد ُ الر ّ‬ ‫رو ُ‬
‫ده ‪ ،‬ول إله‬ ‫مه ‪ ،‬وتعالى ج ّ‬ ‫ؤه ‪ ،‬وتبارك اس ُ‬ ‫ت أسما ُ‬ ‫دس ْ‬
‫وتق ّ‬
‫ف والرجاِء ‪،‬‬ ‫ل والتعظيم ِ ‪ ،‬والخو ِ‬ ‫غيُرهُ – بالمحبةِ والجل ِ‬
‫ب‬‫ل والنابةِ والرغبةِ والرهبةِ ‪ ،‬فل ُيح ّ‬ ‫وتوابِع ذلك من التوك ّ ِ‬
‫ب تبعا ً لمحبِته ‪ ،‬وكوِنه‬ ‫ب غيُره فإنما ُيح ّ‬ ‫ل ما ُيح ّ‬‫سواهُ ‪ ،‬وك ّ‬
‫ف سواهُ ول ُيرجى سواهُ ‪،‬‬ ‫ة إلى زيادةِ محبِته ‪ ،‬ول ُيخا ُ‬ ‫وسيل ً‬
‫ه ‪ ،‬ول‬ ‫ب إل من ُ‬ ‫ب إل إليهِ ‪ ،‬ول ُيره ُ‬ ‫كل إل عليهِ ‪ ،‬ول ُيرغ ُ‬ ‫ول ُيتو ّ‬
‫ب إل إليهِ ‪ ،‬ول ُيطاعُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول ُيتا ُ‬‫مهِ ‪ ،‬ول ُينذُر إل ل ُ‬ ‫ف إل باس ِ‬ ‫ُيحل ُ‬
‫ث في الشدائد ِ إل‬ ‫ب إل بهِ ‪ ،‬ول ُيستغا ُ‬ ‫س ُ‬ ‫إل أمُره ‪ ،‬ول يتح ّ‬
‫ح إل له‬ ‫ه ‪ ،‬ول ُيذب ُ‬ ‫به ‪ ،‬ول ُيلتجأ إل إليهِ ‪ ،‬ول ُيسجد ُ إل ل ُ‬
‫ن ل ُيعبد إل‬ ‫ف واحدٍ ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬ ‫مهِ ‪ ،‬ويجتمعُ ذلك في حر ٍ‬ ‫وباس ِ‬
‫إياه ُ بجميِع أنواِع العبادةِ ‪.‬‬
‫******************************************‬
‫معاقون متفوقون‬
‫ظ العدد ُ ‪ 10262‬في ‪ 1415 / 4 / 7‬هـ ‪،‬‬ ‫عكا ٍ‬‫ق ُ‬‫في ملح ِ‬
‫ي ‪ ،‬درس‬ ‫ة مع كفيف ُيدعى ‪ :‬محمود بن محمدٍ المدن ّ‬ ‫مقابل ٌ‬
‫ت‬‫خ والمجل ِ‬‫ن الخرين ‪ ،‬وسمع كتب التاري ِ‬ ‫ب بعيو ِ‬‫كتب الد ِ‬
‫ت والصحف ‪ ،‬وربما قرأ بالسماِع على أحدِ أصدقاِئه‬ ‫والدوريا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪135‬‬
‫ف‬ ‫طر ِ‬ ‫حتى الثالثةِ صباحا ً حتى صار مرجعا ً في الدب وال ّ‬
‫والخبار ‪.‬‬
‫ق‬ ‫كتب مصطفى أمين في زاويةِ ) فكرة ( في الشر ِ‬
‫ً‬
‫ط كلما ‪ ،‬منه ‪ :‬اصبْر على كيد الكائدين ‪ ،‬وظلم ِ‬ ‫الوس ِ‬
‫ط‪،‬‬ ‫ن السوط سوف يسق ُ‬ ‫الظالمين ‪ ،‬وسطوةِ الجبابرةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ج ‪ ،‬والظلم‬ ‫والقيد سوف ينكسُر ‪ ،‬والمحبوس سوف يخر ُ‬
‫سوف ينقشعُ ‪ ،‬لكن عليك أن تصبر وتنتظر ‪.‬‬
‫ق‬
‫ب نازلةٍ يضي ُ‬ ‫وَل َُر ّ‬ ‫عند الله منها‬ ‫ذْرعا ً و ِ‬
‫سجن عشرين‬ ‫الفتى‬ ‫وقد ُ‬ ‫ج مفتي ألبانيا ‪ ،‬بها‬ ‫ضُ‬ ‫المخر‬
‫ت في الريا ِ‬ ‫قابل ُ‬
‫ل الشاقّةِ ‪،‬‬ ‫من قبل الشيوعيين في ألبانيا مع العما ِ‬ ‫ة ِ‬‫سن ً‬
‫ل والظلم ِ ‪ ،‬والظلم ِ وجوِع ‪ ،‬وكان‬ ‫كا ِ‬ ‫س والكيدِ ‪ ،‬والن ّ‬ ‫والحب ِ‬
‫ت الخمس في ناحيةٍ من دورةِ المياه خوفا ً‬ ‫يصّلى الصلوا ِ‬
‫ج ‪﴿ ،‬‬ ‫صب ََر واحتسب حتى جاءهُ الفر ُ‬ ‫م ‪ ،‬ومع هذا َ‬ ‫منه ْ‬
‫ل﴾‪.‬‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫قل َُبوا ْ ب ِن ِ ْ‬ ‫فان َ‬ ‫َ‬
‫سجن‬ ‫ب أفريقّية ‪ُ ،‬‬ ‫هذا ) نلسون مانديل ( رئيس جنو ِ‬
‫ه‬
‫ص شعب ِ‬ ‫متهِ ‪ ،‬وخلو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وهو ينادي بحري ّةِ أ ّ‬ ‫سبعا ً وعشرين سن ً‬
‫صّر صامد ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ت والستبداد ِ والظلم ِ ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫من القهرِ والكب ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫و ّ َ‬ ‫مواص ٌ‬
‫ف ْإ ِلي ْ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬حتى نال مجدهُ الدنيويّ ‪ ﴿ .‬ن ُ َ‬
‫ْ‬
‫ل مستمي ٌ‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫كوُنوا ْ ت َأل َ ُ‬ ‫ها ﴾ ﴿ ِإن ت َ ُ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال َ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ع َ‬
‫ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل َ ي َْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫وت َْر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ت َأَلمو َ‬ ‫كَ َ‬
‫ل‬‫وأشجعُ مني ك ُ ّ‬ ‫ت إل وفي‬ ‫وما ثبت ْ‬
‫َ‬
‫ه﴾‬ ‫مث ْل ُ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫سلمتي ٌ‬
‫قْر‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬ ‫يول ْم ٍَ‬‫سا‬ ‫م ّ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ر َ‬ ‫م ٌُ‬
‫ح‬ ‫قأْر ْ‬‫سها َ‬ ‫م‬‫سنفك ُ ْ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫﴿ ِإن ي َ ْ‬
‫‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ل تحزن إذا عرفت السلم‬
‫ف السلم ‪ ،‬ولم تهتدِ‬ ‫ما أشقى النفوس التي ل تعر ُ‬
‫ملت ِهِ ‪،‬‬
‫ح َ‬
‫ن أصحابهِ و َ‬‫ج إلى دعايةٍ م ْ‬‫ن السلم يحتا ُ‬ ‫إليه ‪ ،‬إ ّ‬
‫ب أن‬ ‫ة له يج ُ‬ ‫م ‪ ،‬والدعاي ُ‬
‫ه نبأ عظي ٌ‬‫ي هائل ‪ ،‬لن ُ‬‫وإعلن عالم ّ‬
‫ن إل‬ ‫ن سعادة البشريةِ ل تكو ُ‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫ة جذاب ً‬
‫ة مهذب ً‬
‫تكون راقي ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪136‬‬
‫سل َم ِ‬ ‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن الحقّ الخالدِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫في هذا الدي ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫ِدينا ً َ‬
‫م شهيٌر مدينة ميونخ اللمانية ‪ ،‬وعند‬ ‫ة مسل ٌ‬ ‫سكن داعي ٌ‬
‫ب عليها‬ ‫ة كبرى مكتو ٌ‬ ‫ة إعلني ٌ‬ ‫ل المدينةِ ُتوجد ُ لوح ٌ‬ ‫مدخ ِ‬
‫ت يوكوهاما « ‪ .‬فنصب هذا‬ ‫ف كفرا ِ‬ ‫باللمانيةِ ‪ » :‬أنت ل تعر ُ‬
‫ة كبرى بجانب هذه اللوحةِ كتب عليها ‪ » :‬أنت ل‬ ‫ة لوح ً‬ ‫الداعي ُ‬
‫ف‬ ‫ه ‪ ،‬فاتصل بنا على هات ِ‬ ‫ن أردت معرفت ُ‬ ‫ف السلم ‪ ،‬إ ْ‬ ‫تعر ُ‬
‫ل‬ ‫نك ّ‬ ‫نم ْ‬ ‫ت من اللما ِ‬ ‫ت عليه التصال ْ‬ ‫كذا وكذا « ‪ .‬وانهال ْ‬
‫ب وصوب ‪ ،‬حتى أسلم على يدهِ في سنةِ واحدة قرابة‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫َ‬
‫ل وامرأةٍ وأقام مسجدا ً ومركزا ً‬ ‫ي ما بين رج ٍ‬ ‫ف ألمان ّ‬ ‫مائة أل ِ‬
‫إسلميا ً ‪ ،‬ودارا ً للتعليم ِ ‪.‬‬
‫ن العظيم ِ ‪،‬‬ ‫سةِ إلى هذا الدي ِ‬ ‫إن البشرية حائٌر بحاجةٍ ما ّ‬
‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬‫ليرد ّ إليها أمنها وسكينتها وطمأنينتها ‪ ﴿ ،‬ي َ ْ‬
‫ت‬ ‫ما ِ‬ ‫ن الظّل ُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫سل َم ِ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ات ّب َ َ‬
‫قيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫م إ َِلى ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫إ َِلى الّنو ِ‬
‫ن في العالم أحدا ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫يقول أحد ُ العُّبادِ الكبارِ ‪ :‬ما ظنن ُ‬
‫ِ‬
‫يعبد ُ غير الله ‪.‬‬
‫ع‬ ‫وِإن ت ُطِ ْ‬ ‫كوُر ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ش ُ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ن﴿ َ‬ ‫لك ْ‬
‫في ال َ‬ ‫أَ‬
‫ه ِإن‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بي‬ ‫س‬‫َ‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫لو‬ ‫ّ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ك‬
‫ما أك ْث َُر‬ ‫َ‬ ‫م إ ِل ّ ي َ ْ‬ ‫ّ‬
‫و َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫صو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن إ ِل ّ الظ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َت ّب ِ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫حَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫وقد أخبرني أحد ُ العلماِء أن سوداني ّا ً مسلما ً قدم من‬
‫البادية إلى العاصمةِ الخرطوم ِ في أثناِء الستعماِر‬
‫ط المدينةِ ‪،‬‬ ‫النكليزيّ ‪ ،‬فرأى رجل مرورٍ بريطاني ّا ً في وس ِ‬
‫ن هذا ؟ قالوا ‪ :‬كافٌر ‪ .‬قال ‪ :‬كافٌر‬ ‫م‪:‬م ْ‬ ‫فسأل هذا المسل ُ‬
‫ل أحد ٌ يكفُر بالله ؟! فأمسك‬ ‫بماذا ؟ قالوا ‪ :‬باللهِ ‪ .‬قال ‪ :‬وه ْ‬
‫ما سمع ورأى ‪ ،‬ثم عاد إلى الباديةِ ‪﴿ .‬‬ ‫م تقّيأ م ّ‬ ‫على بطن ِهِ ث ّ‬
‫ن ﴾ ‪!.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م َل ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪137‬‬
‫ماء‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫وَر ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ي يقرأ ُ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ي ‪ :‬سمع أعراب ّ‬ ‫ل الصمع ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬قال‬ ‫قو َ‬ ‫م َتنطِ ُ‬ ‫ما أن ّك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ض إ ِن ّ ُ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ :‬سبحان اللهِ ‪ ،‬ومن أحوج العظيم حتى يقسم ؟!‬ ‫العراب ّ‬
‫ن والتطل ّعُ إلى كرم ِ المولى وإحساِنه‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫إنه حس ُ‬
‫ولطفه ورحمته ‪.‬‬
‫ن الرسول ‪ ‬قال ‪ )) :‬يضحك‬ ‫ثأ ّ‬ ‫ح في الحدي ِ‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ك خيرا ً ‪.‬‬ ‫ب يضح ُ‬ ‫نر ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫ي ‪ :‬لنعدا ُ‬ ‫رّبنا (( ‪ .‬فقال أعراب ّ‬
‫ن‬ ‫طوا ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫صَر‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ن ﴾ ﴿ أل إ ِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ل يستفيد ُ منها‬ ‫ُ‬
‫س وتراجم الرجا ِ‬ ‫ن يقرأ كتب سيرِ النا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ة منها ‪:‬‬ ‫ردةً ثابت ً‬ ‫مسائل مط ّ ِ‬
‫ي بن‬ ‫ة لعل ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وهي كلم ٌ‬ ‫ن ما ُيحس ُ‬ ‫ن قيمة النسا ِ‬ ‫‪.1‬أ ّ‬
‫ه أو‬ ‫ن أو أدب ُ‬ ‫ن علم النسا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ومعناها ‪ :‬أ ّ‬ ‫أبي طال ٍ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ه هي في الحقيقةِ قيمت ُ ُ‬ ‫ه أو خلق ُ‬ ‫ه أو كرم ُ‬ ‫عبادت ُ‬
‫س‬ ‫عب َ َ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫ه ومنصب ُ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ت صورُته أو هندا ُ‬ ‫وليس ْ‬
‫جاءهُ اْل َ ْ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عب ْ ٌ‬ ‫ول َ َ‬ ‫مى ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ع َ‬ ‫وّلى}‪ {1‬أن َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫جب َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ر ٍ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫مهِ وبذل ِهِ وتضحي َِته تكو ُ‬ ‫ن واهتما ِ‬ ‫مةِ النسا ِ‬ ‫‪.2‬بقدرِ ه ّ‬
‫جزافا ً ‪.‬‬ ‫جد ُ ُ‬ ‫ه الم ْ‬ ‫مكان ُُته ‪ ،‬ول يعطى ل ُ‬
‫ه ‪..‬‬ ‫ب المجد تمرا ً أنت آكل ُ ُ‬ ‫ل تحس ِ‬
‫ج لَ َ‬ ‫﴿ ول َ َ‬
‫عدّةً ﴾ ‪﴿ .‬‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا ْ ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫خُرو َ‬ ‫دوا ْ ال ْ ُ‬ ‫و أَرا ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫هاِد ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫في الل ّ ِ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن الله ‪،‬‬ ‫سهِ بإذ ِ‬ ‫ن النسان هو الذي يصنعُ تاريخه بنف ِ‬ ‫‪.3‬أ ّ‬
‫ه بأفعال ِهِ الجميلةِ أو القبيحةِ ‪:‬‬ ‫ب سيرت ُ‬ ‫وهو الذي يكت ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫وآَثاَر ُ‬ ‫موا َ‬ ‫قدّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ب َ‬ ‫ون َك ْت ُ ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ب‬ ‫م سريعا ً ‪ ،‬ويذه ُ‬ ‫ن عمر العبدِ قصيٌر ينصر ُ‬ ‫‪.4‬وإ ّ‬
‫والهموم ِ والغموم ِ‬ ‫ب‬ ‫عاجل ً ‪ ،‬فل يقصره بالذنو ِ‬
‫عشي ً َ‬
‫ها ﴾ ‪﴿ .‬‬ ‫حا َ‬ ‫ض َ‬ ‫و ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ي َل ْب َُثوا إ ِّل َ ِ ّ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬لَ ْ‬ ‫والحزا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪138‬‬
‫ن‬‫دي َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫سأ َ ْ‬‫فا ْ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ض يَ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫و بَ ْ‬
‫َ‬
‫وما ً أ ْ‬ ‫قاُلوا ل َب ِث َْنا ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ن الحياة‬ ‫كفى حزنا ً أ ّ‬ ‫ه‬
‫ل يرضى ب ِ‬ ‫ول عم ٌ‬
‫مريرةٌ‬ ‫ح‬‫ه صال ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ب السعاد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن أسبا‬ ‫•م ْ‬
‫و ُأنَثى‬ ‫رأ ْ‬
‫ل صاِلحا ً من ذَك َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح‪َ ﴿:‬‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫‪(1‬العم ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫فل َن ُ ْ‬ ‫ن َ‬‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫جَنا‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة ‪َ ﴿ :‬رب َّنا َ‬ ‫ة الصالح ُ‬ ‫‪(2‬الزوج ُ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وذُّرّيات َِنا ُ‬
‫عي ُ ٍ‬ ‫قّرةَ أ ْ‬ ‫َ‬
‫ع لي‬ ‫س ْ‬ ‫مو ّ‬ ‫ث ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫ع ‪ :‬وفي الحدي ِ‬ ‫ت الواس ُ‬ ‫‪(3‬البي ُ‬
‫في داري (( ‪.‬‬
‫بل‬ ‫ن الله طي ّ ٌ‬ ‫ث ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫ب ‪ :‬وفي الحدي ِ‬ ‫ب الطي ُ‬ ‫س ُ‬ ‫‪(4‬الك ْ‬
‫ل إل طّيبا ً (( ‪.‬‬ ‫يقب ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مَباَركا ً أي ْ َ‬ ‫عل َِني ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫س‪َ ﴿:‬‬ ‫ق والتودّدُ للنا ِ‬ ‫خل ُ‬‫ن ال ُ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫‪ُ (5‬‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫كن ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫ة ‪﴿ :‬‬ ‫ف في النفق ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ومن السرا ِ‬ ‫ة من الدّي ْ ِ‬ ‫‪(6‬السلم ُ‬
‫غُلول َ ً‬
‫ة‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ي َدَ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫قت ُُروا ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫فوا َ‬ ‫ر ُ‬‫س ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫ط ﴾‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ْب َ ْ‬ ‫ها ك ُ ّ‬ ‫سط ْ َ‬ ‫ول َ ت َب ْ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫عن ُ ِ‬ ‫إ َِلى ُ‬
‫•مقومات السعاد ِ‬
‫ة‪:‬‬
‫م صابٌر ‪.‬‬ ‫ن ذاكٌر ‪ ،‬وجس ٌ‬ ‫ب شاكٌر ‪ ،‬ولسا ٌ‬ ‫قل ٌ‬
‫وعليك بالشكر عن النعم والصبر عند النقم‬
‫والستغفار من الذنوب ‪.‬‬
‫ت لك عْلم العلماِء ‪ ،‬وحكمة الحكماِء ‪ ،‬وقصائد‬ ‫لوْ جمع ُ‬
‫ة صادقة‬ ‫ن السعادةِ ‪ ،‬لما وجدتها حتى تعزم عزيم ً‬ ‫الشعراِء ع ِ‬
‫ن‬‫دها ‪ » :‬م ْ‬ ‫ث عنها وطْرد ِ ما يضا ّ‬ ‫جل ِْبها ‪ ،‬والبح ِ‬‫على تذوِّقها و َ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ه هرول ً‬ ‫أتاني يمشي أتيت ُ‬
‫ره أموره ُ ‪.‬‬ ‫م أسرارِهِ وتدبي ِ‬ ‫د ‪ :‬كت ُ‬‫ة العب ِ‬ ‫ومن سعاد ِ‬
‫ن أعربي ّا ً اسُتؤمن على سّر مقابل عشر ِ‬
‫ة‬ ‫ذكروا أ ّ‬
‫ب الدنلنيرِ ‪،‬‬ ‫دنانير ‪ ،‬فضاق ذرعا ً بالسّر ‪ ،‬وذهب إلى صاح ِ‬
‫ج إلى‬ ‫ن الكتمان يحتا ُ‬ ‫ن ُيفشي السّر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ورّدها عليهِ مقابل أ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪139‬‬
‫ك﴾‪،‬‬ ‫وت ِ َ‬‫خ َ‬‫عَلى إ ِ ْ‬ ‫ك َ‬‫ؤَيا َ‬‫ص ُر ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ت وصبرٍ وعزيمةٍ ‪ ﴿ :‬ل َ ت َ ْ‬ ‫ثبا ٍ‬
‫س‪،‬‬ ‫ف أوراقِهِ للنا ِ‬ ‫ن كش ُ‬ ‫ف عند النسا ِ‬ ‫ن ِنقاط الضع ِ‬ ‫ل ّ‬
‫ل في‬ ‫ص ٌ‬‫م ‪ ،‬وداٌء متأ ّ‬ ‫ض قدي ٌ‬ ‫م ‪ ،‬وهو مر ٌ‬ ‫وإفشاُء أسراِره له ْ‬
‫ل الخبار ‪.‬‬ ‫ة بإفشاِء السرارِ ‪ ،‬ونْق ِ‬ ‫مولع ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫البشريةِ ‪ ،‬والنف ُ‬
‫ب‬‫ن أفشى أسراره فالغال ُ‬ ‫نم ْ‬ ‫ة هذا بموضوِع السعادةِ أ ّ‬ ‫وعلق ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫عليه أن يندم ويحزن ويْغت ّ‬
‫ب في رسائل ِهِ الدبيةِ ‪،‬‬ ‫م خل ّ ٌ‬ ‫ن كل ٌ‬ ‫ظ في الكتما ِ‬ ‫وللجاح ِ‬
‫وَل‬ ‫ف َ‬ ‫ول ْي َت َل َطّ ْ‬
‫ن أراد ‪ .‬وفي القرآن ‪َ ﴿ :‬‬ ‫فليعُد ْ إليها م ْ‬
‫حدا ً ﴾ ‪ ،‬وهذا أص ٌ‬ ‫َ‬
‫ن السّر ‪،‬‬ ‫ل في كتما ِ‬ ‫مأ َ‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬
‫عَر ّ‬ ‫يُ ْ‬
‫ش ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ة العن ِ‬ ‫م السّر فيه ضرب ُ‬ ‫ي يقول ‪ :‬وأكت ُ‬ ‫والعراب ّ‬
‫***************************************‬
‫لن تموت قبل أجِلك‬
‫ول َ‬ ‫ذا جاء أ َجل ُهم ل َ يست َأ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬ ‫ة‬‫ً‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫سا‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫فإ ِ َ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫د ُ‬‫ق ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت كثيرة ً قبل‬ ‫ة عزاٌء للجبناِء الذين يموتون مرا ٍ‬ ‫هذه الي ُ‬
‫ن هناك أجل ً مسمى ‪ ،‬ل تقديم ول تأخير ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬فْليعلموا أ ّ‬ ‫المو ِ‬
‫جله بشٌر ‪ ،‬ولو اجتمع أهل‬ ‫ل هذا الموت أحد ٌ ‪ ،‬ول يؤ ّ‬ ‫ج ُ‬‫ل يع ّ‬
‫ب للعبد ِ الطمأنينة‬ ‫الخافقْين ‪ ،‬وهذا في حد ّ ذاتهِ يجل ُ‬
‫ق﴾‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ِبال ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سك َْرةُ ال ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫جاء ْ‬ ‫و َ‬ ‫والسكينة والثبات ‪َ ﴿ :‬‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن التعّلق بغيرِ اللهِ شقاٌء ‪َ ﴿ :‬‬ ‫مأ ّ‬‫واعل ْ‬
‫ن‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬ ‫منت َ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬‫من ُ‬ ‫ه ِ‬‫صُرون َ ُ‬ ‫ة َين ُ‬‫فئ َ ٍ‬
‫ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ة وعشرون مجلدا ً ‪،‬‬ ‫ي ثلث ٌ‬ ‫سي َُر أعلم ِ النبلِء ( للذهب ّ‬ ‫) ِ‬
‫ك والمراِء‬ ‫ترجم فيها للمشاهيرِ من العلماِء والخلفاِء والملو ِ‬
‫ب تجد ُ‬ ‫والوزراِء والثرياِء والشعراِء ‪ ،‬وباستقراِء هذا الكتا ِ‬
‫حقيقتين مهمتين ‪:‬‬
‫ل أو ولد ٍ أو‬ ‫ن ما ٍ‬ ‫ن تعّلق بغيرِ اللهِ م ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫الولى ‪ :‬أ ّ‬
‫ه إلى هذا الشيِء ‪ ،‬وكان سبب‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ب أو حرفةٍ ‪ ،‬وكل ُ‬ ‫منص ٍ‬
‫ن‬ ‫ع ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دون َ ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬
‫قهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫حِقهِ وسح ِ‬ ‫شقائ ِهِ وعذاب ِهِ وم ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪140‬‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ص ُ‬ ‫ن والمن ِ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬فرعو ُ‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ل َ‬ ‫سِبي ِ‬
‫ال ّ‬
‫ف والتجارة ُ ‪ ،‬والوليد ُ والولد ُ ‪﴿ :‬‬
‫ُ‬ ‫ن والما ُ‬
‫ن خل ٍ‬ ‫ةب ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وأمي ّ ُ‬ ‫قارو ُ‬
‫حيدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫و ِ‬
‫ت َ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ذَْرِني َ‬
‫ب ‪ ،‬أبو مسلم‬ ‫ب والنس ُ‬ ‫أبو جهل والجاهُ ‪ ،‬أبو له ٍ‬
‫ض‪،‬‬ ‫جَاج والعلوّ في الر ِ‬ ‫ة ‪ ،‬المتنبئ والشهرةُ ‪ ،‬والح ّ‬ ‫والسلط ُ‬
‫ت والوزارة ُ ‪.‬‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫اب ُ‬
‫ن اعتّز باللهِ وعمل له وتقّرب منه ‪ ،‬أعّزه‬ ‫نم ِ‬ ‫ة‪:‬أ ّ‬ ‫الثاني ُ‬
‫ل ول‬ ‫ل ول ما ٍ‬ ‫ب ول أه ٍ‬ ‫ب ول منص ٍ‬ ‫ورفعه وشّرفه بل نس ٍ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ب والتضحي ُ‬ ‫صهي ٌ‬ ‫ن والخرة ُ ‪ُ ،‬‬ ‫ن ‪ ،‬سلما ُ‬ ‫ل والذا ُ‬ ‫عشيرةٍ ‪ :‬بل ُ‬
‫فَلى‬ ‫فُروا ْ ال ّ‬
‫س ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ك َل ِ َ‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫م‪َ ﴿،‬‬ ‫عطاٌء والعِل ْ ُ‬
‫عل َْيا ﴾ ‪.‬‬
‫ي ال ْ ُ‬‫ه َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫وك َل ِ َ‬ ‫َ‬
‫***************************************‬
‫ل والكرام ِ «‬
‫» يا ذا الجل ِ‬
‫ل والكرام ِ « ‪.‬‬ ‫ظوا بيا ذا الجل ِ‬ ‫ه قال ‪ » :‬أل ّ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أن ُ‬ ‫ص ّ‬
‫م‪:‬‬ ‫أي الزموها ‪ ،‬وأكثُروا منها ‪ ،‬وداوموا عليها ‪ ،‬ومثُلها وأعظ ْ‬
‫ب العالمين‬ ‫م لر ّ‬ ‫م العظ ُ‬ ‫م ‪ .‬وقيل ‪ :‬إنه الس ُ‬ ‫ي يا قيو ْ‬ ‫يا ح ّ‬
‫الذين إذا ُدعي به أجاب ‪ ،‬وإذا سئل به أعطى ‪ .‬فما للعبد ِ إل‬
‫ج‬ ‫ن يهتف بها وينادي ويستغيث ويدمن عليها ‪ ،‬ليرى الفَر َ‬ ‫أ ْ‬
‫م﴾‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ح ‪ ﴿ :‬إ ِذْ ت َ ْ‬ ‫والظفَر والفل َ‬
‫‪.‬‬
‫ة أيام ٍ كأنها أعياد ٌ ‪:‬‬ ‫في حياةِ المسلم ِ ثلث ُ‬
‫م من المعاصي‪:‬‬ ‫سل ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وي ْ‬ ‫دي فيه الفرائض جماع ً‬ ‫م يؤ ّ‬ ‫يو ٌ‬
‫كم ﴾ ‪.‬‬ ‫عا ُ‬‫ذا دَ َ‬ ‫ل إِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫وِللّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جيُبوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬‫﴿ا ْ‬
‫ب فيه من ذنب ِهِ ‪ ،‬وينخلعُ من معصيت ِهِ ‪ ،‬ويعود ُ‬ ‫م يتو ُ‬ ‫ويو ٌ‬
‫م ل ِي َُتوُبوا ْ ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م َتا َ‬ ‫إلى رب ِهِ ‪ ﴿ :‬ث ُ ّ‬
‫ل مبرورٍ ‪:‬‬ ‫م يلقى فيه رّبه على خاتمةٍ حسنةٍ وعم ٍ‬ ‫ويو ٌ‬
‫ه لقاءهُ (( ‪.‬‬ ‫ب الل ُ‬ ‫ب لقاء الله أح ّ‬ ‫ن أح ّ‬ ‫م ْ‬ ‫)) َ‬
‫ت آمالي‬ ‫شر ُ‬ ‫وب ّ‬ ‫ودارٍ هي الدنيا ويوم ٍ‬
‫ص هو الورى‬ ‫بشخ ٍ‬ ‫هو الدهُر‬
‫ل تحزن‬
‫‪141‬‬
‫ت‬ ‫ن اللهِ عليهم ‪ ، -‬فوجد ُ‬ ‫سير الصحابة – رضوا ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫قرأ ُ‬
‫م‪:‬‬ ‫ره ْ‬ ‫ن غي ِ‬ ‫م خمس مسائل تميُزهم ع ْ‬ ‫في حياِته ْ‬
‫ة وعدم التكّلف ‪،‬‬ ‫م ‪ ،‬والسهول ُ‬ ‫سُر في حيات ِهِ ْ‬ ‫الولى ‪ :‬الي ُ ْ‬
‫مق والتشديد ‪﴿ :‬‬ ‫وأخذ المور ببساطة ‪ ،‬وترك التنطع والتع ّ‬
‫سَرى ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬ ‫َ‬
‫ل‪،‬ل‬ ‫ل بالعم ِ‬ ‫ك متص ٌ‬ ‫عْلمهم غزيٌر مبار ٌ‬ ‫ة ‪ :‬أن ِ‬ ‫الثاني َ‬
‫ل فيه ول حواشي ‪ ،‬ول كثرة كلم ٍ ‪ ،‬ول رغوة أو تعقيد ‪:‬‬ ‫فضو َ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫﴿ إ ِن ّ َ‬
‫ل‬ ‫م من أعما ِ‬ ‫م أعظ ُ‬ ‫ب لديه ْ‬ ‫ن أعمال القلو ِ‬ ‫ة‪:‬أ ّ‬ ‫الثالث َ‬
‫ة‬ ‫ة والرغب ُ‬ ‫ل والمحب ُ‬ ‫ة والتوك ُ‬ ‫ص والناب ُ ُ‬ ‫م الخل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فعندهُ ُ‬ ‫البدا ِ‬
‫ل‬ ‫سرة ٌ في نواف ِ‬ ‫وها ‪ ،‬بينما أموُرهم مي ّ‬ ‫ة ونح ُ‬ ‫شي ُ‬ ‫ة والخ ْ‬ ‫والرهب ُ‬
‫م‬ ‫الصلةِ والصيام ِ ‪ ،‬حتى إن بعض التابعين أكثُر اجتهادا ً منه ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬ ‫ل الظاهرةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫في النواف ِ‬
‫عها ‪ ،‬وتخّفُفهم منها ‪،‬‬ ‫م من الدنيا ومتا ِ‬ ‫الرابعة ‪ :‬تقّلله ْ‬
‫ة‬ ‫ض عن بهارجها وزخارِفها ‪ ،‬مما أكسبهم راح ً‬ ‫والعرا ُ‬
‫عى‬ ‫س َ‬ ‫و َ‬ ‫خَرةَ َ‬ ‫ن أ ََرادَ ال ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ة‪َ ﴿:‬‬ ‫ة وسكين ً‬ ‫وسعادةً وطمأنين ً‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ها َ‬ ‫عي َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ها َ‬ ‫لَ َ‬
‫ل‬ ‫ره من العما ِ‬ ‫ب الجهادِ على غي ِ‬ ‫الخامسة ‪ :‬تغلي ُ‬
‫م ‪ ،‬ومْعلما ً وشعارا ً ‪ .‬وبالجهادِ‬ ‫ة له ْ‬ ‫سم ً‬ ‫الصالحةِ ‪ ،‬حتى صار ِ‬
‫ن فيه ذكرا ً‬ ‫م‪،‬ل ّ‬ ‫مهم وأحزاِنه ْ‬ ‫مهم وغمو ِ‬ ‫وا على همو ِ‬ ‫قض ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫وعمل ً وبذل ً وحرك ً‬
‫س حال ً ‪،‬‬ ‫ن أسعد ِ النا ِ‬ ‫فالمجاهد ُ في سبيل اللهِ م ْ‬
‫فيَنا‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫درا ً وأطيبِهم نفسا ً ‪َ ﴿ :‬‬ ‫حهم ص ْ‬ ‫وأشر ِ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫سب ُل ََنا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي َن ّ ُ‬‫ه ِ‬ ‫ل َن َ ْ‬
‫ل ‪ ،‬أذكُر ما‬ ‫ل ول تحو ُ‬ ‫ن ل تزو ُ‬ ‫سن ٌ‬ ‫في القرآن حقائقُ و ُ‬
‫ن‬ ‫سن ِ‬ ‫ن هذ ِهِ ال ّ‬ ‫يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بال ِهِ ‪ ،‬م ْ‬
‫الثابتةِ ‪:‬‬
‫ه‬ ‫صُروا الل ّ َ‬ ‫صَرهُ ‪ِ ﴿ :‬إن َتن ُ‬ ‫ن استنصر باللهِ ن َ َ‬ ‫ِ‬ ‫نم‬ ‫أ ّ‬
‫ه‪﴿:‬‬ ‫ه أجاب ُ‬ ‫ن سأل ُ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬وم ْ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ق َ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫وي ُث َب ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬ ‫َين ُ‬
‫َ‬
‫م ﴾ ‪ .‬ومن استغفره غََفَر له ‪﴿ :‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫ادْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪142‬‬
‫و‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ن تاب إليه قبل منه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬وم ْ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فْر ِلي َ‬ ‫غ ِ‬‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫كل عليهِ كفاهُ ‪:‬‬ ‫ن تو ّ‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬وم ْ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة َ‬ ‫وب َ َ‬ ‫ل الت ّ ْ‬ ‫قب َ ُ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ي‪﴿ :‬‬ ‫ه لهِلها بنكاِلها وجزائها ‪ :‬البغ ُ‬ ‫جُلها الل ُ‬ ‫ة يع ّ‬ ‫ن ثلث ً‬ ‫وأ ّ‬
‫ث‬ ‫من ن ّك َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ث‪َ ﴿:‬‬ ‫كم ﴾ ‪ ،‬والنك ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى َأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫غي ُك ُ ْ‬ ‫ما ب َ ْ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫مك ُْر‬ ‫ق ال ْ َ‬ ‫حي ُ‬ ‫وَل ي َ ِ‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬والمكُر ‪َ ﴿ :‬‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى ن َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫ما َينك ُ ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن يفلت من قبضةِ اللهِ ‪:‬‬ ‫ن الظالم ل ْ‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬وأ ّ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫ئ إ ِّل ب ِأ َ ْ‬ ‫سي ّ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ل‬ ‫ن ثمرة العم ِ‬ ‫موا ﴾ ‪ .‬وأ ّ‬ ‫ما ظَل َ ُ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫وي َ ً‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ب ُُيوت ُ ُ‬ ‫فت ِل ْ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ه‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فآَتا ُ‬ ‫ن الله غفوٌر شكوٌر ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫ة وآجل ٌ‬ ‫الصالِح عاجل ٌ‬
‫ة ﴾ ‪ ،‬وأن من أطاعه‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ب الدّن َْيا َ‬ ‫وا َ‬ ‫ثَ َ‬
‫ف العبد ُ ذلك‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬فإذا عََر َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬ ‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫فات ّب ِ ُ‬ ‫أحّبه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ه‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صُر ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬ ‫ب يرزقُ وي َن ْ ُ‬ ‫ل مع ر ّ‬ ‫سّر ‪ ،‬لنه يتعام ُ‬ ‫سعد و ُ‬
‫ر‪﴿ :‬‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬ويغف ُ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صُر إ ِل ّ ِ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ق﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫و الّرّزا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫وا ُ‬ ‫و الت ّ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ب ﴾ ‪ ،‬ويتو ُ‬ ‫من َتا َ‬ ‫فاٌر ل ّ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪،‬‬ ‫مو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫منت َ ِ‬ ‫ن أعدائ ِهِ ‪ ﴿ :‬إ ِّنا ُ‬ ‫م لوليائه م ْ‬ ‫م ﴾ ‪ ،‬وينتق ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫مي ّا ً ﴾ ؟! ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫ه وأجل ّ ُ‬ ‫فسبحانه ما أكمل ُ‬
‫ة‬‫ه – رسال ٌ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن سعديّ – رحم ُ‬ ‫نب ِ‬ ‫دالرحم ِ‬ ‫للشيِخ عب ِ‬
‫ل المفيدة ُ في الحياةِ السعيدةِ ( ‪ ،‬ذكر‬ ‫مها ) الوسائ ُ‬ ‫ة اس ُ‬ ‫قّيم ٌ‬
‫ه‬
‫ن ينظر العبد ُ إلى نعم ِ الل ِ‬ ‫ب السعادةِ أ ْ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫فيها ‪ » :‬إ ّ‬
‫حصى ‪،‬‬ ‫س ل تُ ْ‬ ‫ً‬
‫ه يفوقُ بها أمما من النا ِ‬ ‫عليه ‪ ،‬فسوف يرى أن ُ‬
‫حينها يستشعُر العبد ُ فضل اللهِ عليه « ‪.‬‬
‫جد انه‬ ‫ل ‪ :‬حتى في المورِ الديني ّةِ مع تقصيرٍ العبدِ ‪ ،‬ي ُ‬ ‫أقو ُ‬
‫ة‬ ‫س في المحافظةِ على الصلةِ جماع ً‬ ‫ن فئام ٍ من النا ِ‬ ‫أعلى م ْ‬
‫ةل‬ ‫ة جليل ٌ‬ ‫حو ذلك ‪ ،‬وهذه نعم ٌ‬ ‫‪ ،‬وقراءةِ القرآن والذكرِ ون ْ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ظا‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫غ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫تقدر بثمن ‪﴿ :‬وأ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ن عبدِ الباقي‬ ‫ث الكبيرِ اب ِ‬ ‫ي عن المحد ّ ِ‬ ‫وقد ْ ذكر الذهب ّ‬
‫جهم من جامِع ) دارِ السلم ِ (‬ ‫انه ‪ :‬استعرض الناس بعد خرو ِ‬
‫م يتمّنى أنه مكانه وفي مسلخه ‪.‬‬ ‫جد َ أحدا ً منه ُ‬ ‫ببغداد ‪ ،‬فما وَ َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ضل َْنا ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫و َ‬ ‫ي‪َ ﴿:‬‬ ‫ي وسلب ّ‬ ‫ب إيجاب ّ‬ ‫ولهذِهِ الكلمةِ جان ٌ‬
‫ضيل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ِ‬ ‫قَنا ت َ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫عَلى ك َِثي ٍ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪143‬‬
‫ق ِغّر‬ ‫ْ‬ ‫ك ّ‬ ‫م فاتر ْ‬
‫ل هذا الخل ِ‬ ‫ك‬ ‫منه ُ‬
‫وأنا‬ ‫م ْ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬
‫تفاصيل ال ُ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ت ‪ :‬قال‬ ‫ه عنها – قال ْ‬ ‫س – رضي الل ُ‬ ‫عمي ْ ٍ‬ ‫ت ُ‬ ‫عن أسماء بن ِ‬
‫ل الله ‪: ‬‬ ‫لي رسو ُ‬
‫ُ‬
‫ب ‪ .‬أو‬ ‫هن عند الكْر ِ‬ ‫ت تقوِلين ُ‬ ‫ك كلما ٍ‬ ‫)) أل أعّلم ِ‬
‫ك به شيئا ً (( ‪.‬‬ ‫ه رّبي ل ُأشر ُ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ب ‪ .‬؟ ‪ :‬الل ُ‬ ‫في الكْر ِ‬
‫م أو‬ ‫م أو سق ٌ‬ ‫م أو غ ّ‬ ‫هه ّ‬ ‫ن أصاب ُ‬ ‫ظ ‪ )) :‬م ْ‬ ‫وفي لف ٍ‬
‫شف ذلك‬ ‫ه ربي ‪ ،‬ل شريك له ‪ .‬ك ُ ِ‬ ‫شدّةٌ ‪ ،‬فقال ‪ :‬الل ُ‬ ‫ِ‬
‫عنه (( ‪.‬‬
‫ب سحائب‬ ‫ة تورِد ُ على القل ِ‬ ‫» هناك أموٌر مظلم ٌ‬
‫ة ‪ ،‬فإذا فّر إلى رب ّهِ ‪ ،‬وسّلم أمره إليهِ ‪،‬‬ ‫ت مظلم ً‬ ‫متراكما ٍ‬
‫ف‬
‫ش َ‬ ‫ق‪،‬ك َ‬ ‫ركةِ أحدٍ من الخل ِ‬ ‫ن غيرِ ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه بين يديهِ ِ‬ ‫وألقى نفس ُ‬
‫ل لهٍ ‪ ،‬فهيهات « ‪.‬‬ ‫ب غاف ٍ‬ ‫ن قال ذلك بقل ٍ‬ ‫ما م ْ‬ ‫عنه ذلك ‪ ،‬فأ ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫وما نبالي إذا‬ ‫ل‬
‫ن ما ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫بما فقدناهُ ِ‬
‫ب‬‫تٌ‬ ‫حنا سِلم‬
‫مكتس ْ‬ ‫أروا‬
‫فالما ٌ ُ‬
‫ل‬ ‫ب‬‫ش ِ‬
‫وقاها‬ ‫س نَ َ‬ ‫نُ‬
‫م ْ‬ ‫و‬
‫النفو ِ‬ ‫إذا‬
‫ع‬ ‫مْرتج‬‫والعِّز ُ‬
‫********************************** ٌ‬ ‫ب‬ ‫ن عَط َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫الل ُ‬
‫من خاف حاسدا ً‬
‫َ‬
‫شّر‬ ‫من َ‬ ‫و ِ‬ ‫ت مع الذكارِ والدعاِء عموما ً ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وذا ُ‬‫‪.1‬المع ّ‬
‫سدَ ﴾ ‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ذا َ‬ ‫د إِ َ‬ ‫س ٍ‬ ‫حا ِ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫من َبا ٍ‬ ‫خُلوا ْ ِ‬ ‫سد ِ ‪ ﴿ :‬ل َ ت َدْ ُ‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫ِ‬ ‫رك ع‬ ‫ِ‬ ‫ن أم‬ ‫كتما ُ‬
‫‪ِ .2‬‬
‫َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫ق ٍ‬‫فّر َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ب ّ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫خُلوا ْ ِ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫د َ‬‫ح ٍ‬‫وا ِ‬‫َ‬
‫ن ﴾‬ ‫زُلو ِ‬ ‫عت َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫مُنوا ِلي َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م تُ ْ‬‫ن لّ ْ‬‫وإ ِ ْ‬
‫‪.3‬البتعاد ُ عنه ‪َ ﴿ :‬‬
‫‪.‬‬
‫ي‬‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ف أذاهُ ‪ ﴿ :‬ادْ َ‬ ‫ن إليه ِلك ّ‬ ‫‪.4‬الحسا ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪144‬‬
‫************************************‬
‫ن خُلق َ‬
‫ك‬ ‫س ْ‬
‫ح ّ‬
‫م وشقاٌء ‪.‬‬ ‫شؤ ٌ‬ ‫ق ُ‬ ‫سوُء ال ُ ُ‬ ‫ن ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫ن وسعادةٌ ‪ ،‬و ُ‬ ‫م ٌ‬‫ق يُ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫ة الصائم ِ‬ ‫ه درج َ‬ ‫ق ِ‬ ‫)) إن المرء َليْبلغ بحسنِ خل ُ ِ‬
‫ُ‬
‫م مّني‬ ‫م وأقرب ِك ُ ْ‬ ‫القائم ِ(( ‪)) .‬أل أنب ُّئكم بأحّبك ُ‬
‫ك‬‫وإ ِن ّ َ‬ ‫م أخلقا ُ(( ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ة ؟! أحاسُنك ْ‬ ‫مجلسا ً يوم القيام ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ت لَ ُ‬ ‫ه ِلن َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ظيم ٍ ﴾‪َ ﴿ .‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ق َ‬ ‫على ُ ُ‬
‫خل ٍ‬ ‫لَ َ‬
‫ك﴾ ‪﴿.‬‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ضوا ْ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫لن َ‬ ‫ب َ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫غِلي َ‬‫فظّا ً َ‬ ‫ت َ‬ ‫كن َ‬‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫سنا ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫و ُ‬
‫قولوا ِللّنا ِ‬ ‫َ‬
‫ت الصديق – رضي الله‬ ‫ة بن ُ‬ ‫م المؤمنين عائش ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫وتقو ُ‬
‫مه ‪:‬‬ ‫عنهما – في وصفها المعصوم عليه صلة ُ ربي وسل ُ‬
‫قران (( ‪.‬‬ ‫ه ال ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫)) كان ُ‬
‫ل وسروٌر‬ ‫م عاج ٌ‬ ‫ه الخاطرِ ‪ :‬نعي ٌ‬ ‫سط َ َ‬ ‫خُلق وب َ ْ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫سعَ َ‬ ‫إن َ‬
‫ة‬
‫حد ّ ِ‬ ‫ل وال ِ‬ ‫ن سرعة النفعا ِ‬ ‫ه خْيرا ً ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫حاضٌر لمن أراد به الل ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫ب مقي ٌ‬ ‫ب ‪ :‬ن َك َد ٌ مستمّر وعذا ٌ‬ ‫وثورة الغض ِ‬
‫*************************************‬
‫ق‬
‫دواءُ الر ِ‬
‫ق؟‬ ‫بالر‬ ‫أصيب‬ ‫ل من ُ‬ ‫ماذا يفع ُ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ش‪.‬‬ ‫ل على الفرا ِ‬ ‫سُر النوم ِ ‪ ،‬والتملم ُ‬ ‫الرقُ تع ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ذك ْ ِ‬ ‫ة ‪ ﴿ :‬أل َ ب ِ ِ‬
‫‪.1‬الذكاُر الشرعي ّ ُ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫عل َْنا‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫سةٍ ‪َ ﴿:‬‬ ‫جُر النوم ِ بالنهارِ إل لحاجةٍ ما ّ‬ ‫‪.2‬هَ ْ‬
‫عاشا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫هاَر َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫زدِْني‬ ‫ب ِ‬ ‫قل ّر ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ة حتى النوم ِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫‪.3‬القراءةُ والكتاب ُ‬
‫عْلما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هاَر‬ ‫ل الن ّ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ل النافِع نهارا ً ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ب الجسم ِ بالعم ِ‬ ‫‪.4‬إتعا ُ‬
‫شورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫نُ ُ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ت كالقهوةِ والشا ِ‬ ‫ب المنّبها ِ‬ ‫ن شر ِ‬ ‫لم ْ‬‫‪.5‬التقلي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪145‬‬
‫ونا إلى أحباِبنا‬ ‫شك ْ‬ ‫فقالوا لنا ما أقصر‬
‫طول ليِلنا‬
‫النوم‬ ‫ن‬
‫وذاك بأ ّ‬ ‫عندنا‬
‫شي لنا‬ ‫الليل ِ‬
‫يقينا ً ول ُيغ‬
‫ن‪،‬‬‫عيونهماليما ِ‬ ‫وبشاشة‬ ‫شي‬‫يغ ‪ِ ،‬‬
‫عيناحلوة الطاع ُةِ‬ ‫مأ ْ‬
‫تنافي‬ ‫النو ُ‬
‫ب‬‫مرارة ُ الذن ِ‬
‫ومذاق السعادةِ ‪.‬‬
‫ن في‬ ‫ن الجول ِ‬ ‫بم َ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬المعاصي تمنعُ القل َ‬ ‫ل اب ُ‬‫يقو ُ‬
‫ت‬
‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ل انظُُروا ْ َ‬
‫ق ِ‬ ‫فضاِء التوحيد ِ ‪ُ ﴿ :‬‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ر‬ ‫وال َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫************************************‬
‫عواقب المعاصي‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ّرب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب بين العبدِ ورّبه ‪ ﴿ :‬ك َّل إ ِن ّ ُ‬ ‫‪.1‬حجا ٌ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جوُبو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ذ لّ َ‬ ‫مئ ِ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل المرِء‬ ‫ق ‪ :‬إذا ساء فع ُ‬ ‫ش المخلوق من الخال ِ‬ ‫‪ُ.2‬يوح ُ‬
‫ت ظنوُنه ‪.‬‬ ‫ساء ْ‬
‫ة‬ ‫ريب َ ً‬ ‫وا ْ ِ‬ ‫ذي ب َن َ ْ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل ب ُن َْيان ُ ُ‬ ‫ة ‪ ﴿ :‬ل َ ي ََزا ُ‬ ‫ة دائم ٌ‬ ‫‪.3‬كآب ٌ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫في‬ ‫قي ِ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬ ‫ب‪َ ﴿:‬‬ ‫ب واضطرا ٌ‬ ‫ف في القل ِ‬ ‫‪.4‬خو ٌ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫فُروا ْ الّر ْ‬ ‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫‪.5‬نكد ٌ في المعيشةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب َ ُ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ة‪َ ﴿:‬‬ ‫ب وظلم ٌ‬ ‫‪.6‬قسوةٌ في القل ِ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫سي َ ً‬ ‫قا ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ّ‬ ‫فأ َ‬ ‫س‪َ ﴿:‬‬
‫ود ّ ْ‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫‪.7‬سواد ٌ في الوجهِ وعبو ٌ‬
‫فْرُتم ﴾ ‪.‬‬ ‫م أك ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ُ‬
‫ق ‪ )) :‬أنتم شهداءُ اللهِ في‬ ‫ْ‬
‫ب الخل ِ‬ ‫ض في قلو ِ‬ ‫‪.8‬بغ ٌ‬
‫ضهِ (( ‪.‬‬ ‫أر ِ‬
‫ة‬
‫وَرا َ‬ ‫موا ْ الت ّ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬
‫‪.9‬ضيق في الرزق ‪ ﴿ :‬ول َ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫م لك َُلوا ْ‬ ‫ز َ َ‬ ‫ُ‬ ‫جي َ‬
‫ه ْ‬ ‫من ّر َب ّ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ل إ ِلي ِ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫و َ‬
‫ل َ‬ ‫لن ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫هم ﴾ ‪.‬‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ت أْر ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ق ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪146‬‬
‫ب‬‫ل المصائ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وحلو ُ‬ ‫ص اليما ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ونْق ُ‬ ‫ب الرحم ِ‬ ‫‪.10‬غض ُ‬
‫ب ﴾ ‪ ﴿.‬ب َ ْ‬
‫ل‬ ‫ض ٍ‬ ‫غ َ‬‫عَلى َ‬ ‫ب َ‬ ‫ض ٍ‬‫غ َ‬ ‫ؤوا ْ ب ِ َ‬ ‫ن‪َ ﴿:‬‬
‫فَبآ ُ‬ ‫والحزا ِ‬
‫ن﴾‪﴿.‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬
‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫عَلى ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ن َ‬
‫َرا َ‬
‫ف ﴾‪.‬‬ ‫غل ْ ٌ‬
‫قُلوب َُنا ُ‬‫قاُلوا ْ ُ‬
‫و َ‬‫َ‬
‫**************************************‬

‫ص‬
‫ر ْ‬
‫ب الرزق ول تح ِ‬
‫اطل ِ‬
‫ة‬ ‫دآب ّ ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب العالمين‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن يرزُقها ر ّ‬ ‫ِ‬ ‫الدودةُ في الط ِّي‬
‫ها﴾‪.‬‬ ‫رْز ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ق َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫مها الغفوُر الشكوُر ‪ )) :‬كما‬ ‫الطيوُر في الوكورِ يطع ُ‬
‫ح ِبطانا ً (( ‪.‬‬ ‫خماصا ً وترو ُ‬ ‫يرزقُ الطيَر ‪ ،‬تغدو ِ‬
‫م‬ ‫ع ُ‬‫ض والسماء ‪ ﴿ :‬ي ُطْ ِ‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ك في الماِء يرزُقه ر ّ‬ ‫السم ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ع ُ‬‫ول َ ي ُطْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ك ‪ ،‬فل تحز ْ‬ ‫وأنت أزكى من الدودةِ والطيرِ والسم ِ‬
‫على رزِقك ‪.‬‬
‫م الفقَر والكدُر وضيقُ الصدر إل‬ ‫ت أناسا ً ما أصاب ُهُ ُ‬ ‫عرف ُ‬
‫ل ‪ ،‬فتجد ُ أحدهم كان غني ّا ً ‪،‬‬ ‫دهم عن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ب بع ِ‬ ‫بسب ِ‬
‫ن موله ‪،‬‬ ‫ن رب ّهِ وفي خيرٍ م ْ‬ ‫ورزُقه واسعٌ وهو في عافيةٍ م ْ‬
‫فأعرض عن طاعةِ اللهِ ‪ ،‬وتهاون بالصلةِ ‪ ،‬واقترف كبائر‬
‫ر‬
‫ه رّبه عافية بدن ِهِ وسعة رزقِهِ ‪ ،‬وابتلهُ بالفْق ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فسلب َ َ‬ ‫الذنو ِ‬
‫ن بلٍء إلى بلٍء ‪﴿ :‬‬ ‫ن نكدٍ إلى نكدٍ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ‪ ،‬فأصبح م ْ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫واله ّ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪﴿ .‬‬
‫َ‬
‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِذك ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫على َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫ها َ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬‫ة أن ْ َ‬
‫َ‬
‫م ً‬‫ع َ‬ ‫غّيرا ن ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ك ُ‬ ‫هل ْ‬ ‫ن الل َ‬
‫غيروا ْ ما ب َ‬
‫ك ب ِأ ّ‬
‫ة‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫و َ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬ ‫َ ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫وأل ّ ِ‬ ‫ر﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫عن ك َِثي ٍ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫َ‬
‫دقا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ق ِ َ‬
‫ماء َ‬
‫غ َ‬ ‫هم ّ‬ ‫قي َْنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة َل ْ‬ ‫ري َ‬ ‫عَلى الطّ ِ‬ ‫موا َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫أتبكي على ليلى‬ ‫هنيئا ً مريئا ً أّيها‬
‫وأنت قتلتها‬
‫**************************************‬ ‫ب‬ ‫ص ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫القات ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪147‬‬
‫م﴾‬
‫قي َ‬
‫مست َ ِ‬
‫ط ال ُ‬‫صَرا َ‬
‫دَنــــا ال ّ‬
‫﴿ اه ِ‬
‫ة‬
‫سّر الهداي ِ‬
‫ن‬ ‫ن ينعم بها ‪ ،‬إل م ِ‬ ‫ن يجدها ول ْ‬ ‫ن يهتدي للسعادةِ ول ْ‬ ‫ول ْ‬
‫اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمد ٌ ‪ ‬على طرفِهِ ن‬
‫صَراطا ً‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫هدَي َْنا ُ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ت النعيم ِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وطرُفه الخُر في جنا ِ‬
‫قيما ً﴾‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫س ِ‬ ‫ن لح ْ‬ ‫ه مطمئ ّ‬ ‫فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أن ُ‬
‫ن إلى موعودِ رب ّهِ ‪،‬‬ ‫ب المصيرِ ‪ ،‬ساك ٌ‬ ‫ن طي ِ‬ ‫العاقبةِ ‪ ،‬واثقٌ م ْ‬
‫م‬ ‫ل ‪ ،‬يعل ُ‬ ‫ت في سلوك ِهِ هذا السبي ُ‬ ‫ض بقضاِء مولهُ ‪ ،‬مخب ٌ‬ ‫را ٍ‬
‫ق‬
‫م ل ينط ُ‬ ‫ط ‪ ،‬وهو معصو ٌ‬ ‫ن له هاديا ً يهديهِ على هذا الصرا ِ‬ ‫ا ّ‬
‫ة على الورى ‪،‬‬ ‫ج ٌ‬‫هح ّ‬ ‫ن غوى ‪ ،‬قَوْل ُ ُ‬ ‫عن الهوى ‪ ،‬ول يتبعُ م ْ‬
‫ت‬ ‫ن ‪ ،‬وسقطا ِ‬ ‫ت القرا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وعثرا ِ‬ ‫ت الشيطا ِ‬ ‫ن نزغا ِ‬ ‫ظم ْ‬ ‫محفو ٌ‬
‫ه‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ب َي ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫قَبا ٌ‬ ‫ع ّ‬
‫م َ‬ ‫ه ُ‬‫ن ‪ ﴿ :‬لَ ُ‬ ‫النسا ِ‬
‫ظون َه من أ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه‬ ‫وهذا العبد ُ يجد ُ السعادة في سلوك ِهِ هذا الصراط ؛ لن ُ‬
‫ه أسوةً ‪ ،‬وبيدِهِ كتابا ً ‪ ،‬وفي قلِبه‬ ‫ن له إلها ً ‪ ،‬وأمام ُ‬ ‫مأ ّ‬ ‫يعل ُ‬
‫ل‬ ‫ب إلى نعيم ٍ ‪ ،‬وعام ٌ‬ ‫ده ‪ ،‬واعظا ً ‪ ،‬وهو ذاه ٌ‬ ‫نورا ً ‪ ،‬وفي خل ِ‬
‫ه‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دى الل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫في طاعةٍ ‪ ،‬وساٍع إلى خيرٍ ‪ ﴿ :‬ذَل ِ َ‬
‫شاءُ ﴾ ‪.‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫َ‬
‫أين ما ُيدعى ظلما ً يا‬ ‫ن نور اللهِ في قلبي‬ ‫إ ّ‬
‫ط‬ ‫نا ُ‬ ‫ب أي ْ‬
‫صرا‬ ‫الدر‪ِ :‬‬ ‫فالمعنويّ‬ ‫ي ‪ ،‬رفيق‬ ‫س ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫معنويّ و ِ‬ ‫أراهُ‬ ‫وهما وهذا ما‬
‫صراطان ‪:‬‬
‫ن جهنم ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ي ‪ :‬الصراط على مت ْ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والحس ّ‬ ‫الهدايةِ واليما ِ‬
‫ب من‬ ‫ن الدنيا الفانيةِ له كللي ٌ‬ ‫فصرا ُ‬
‫ن على مت ِ‬ ‫ط اليما ِ‬
‫ب‬ ‫ن جهنم له كللي ُ‬ ‫ُ‬
‫ت ‪ ،‬والصراط الخرويّ على مت ْ ِ‬ ‫الشهوا ِ‬
‫ن تجاوز هذا الصراط بإيمان ِهِ تجاوز‬ ‫ن ‪ ،‬فم ْ‬ ‫ك السعدا ِ‬ ‫كشو ِ‬
‫ب إيقانهِ ‪ ،‬وإذا اهتدى العبد ُ إلى‬ ‫س ِ‬ ‫ذاك الصراط على ح ْ‬
‫مه وأحزاُنه ‪.‬‬ ‫مه وغمو ُ‬ ‫ت همو ُ‬ ‫ط المستقيم ِ زال ْ‬ ‫الصرا ِ‬
‫*******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪148‬‬
‫ن أراد‬ ‫ت يقط ُ‬
‫فها م ْ‬ ‫هرا ٍ‬
‫عشُر ز ِ‬
‫الحياة الطيبة‬
‫ن‬‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫سحر للستغفارِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ة في ال ّ‬ ‫‪.1‬جلس ٌ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫حا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ِبال ْ‬
‫ق‬ ‫في َ ْ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫‪.2‬وخلوةٌ للتفك ّرِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫خل ِ‬ ‫ن ِ‬
‫ت وال َ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫وا ِ َ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫صب ِْر ن َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة الصالحين ‪َ ﴿ :‬‬ ‫‪.3‬ومجالس ُ‬
‫هم ﴾ ‪.‬‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫كرا ً ك َِثيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ِذ ْ‬ ‫كر ‪ ﴿ :‬اذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫‪.4‬والذ ّ ْ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫في َ َ‬ ‫ن بخشوٍع ‪ ﴿ :‬ال ّ ِ‬
‫صلت ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪.5‬وركعتا ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫فل َ ي َت َدَب ُّرو َ‬ ‫‪.6‬وتلوةٌ بتدب ّرٍ ‪ ﴿ :‬أ َ َ‬
‫م يوم ٍ شديدِ الحّر ‪ )) :‬يدع طعامه وشرابه‬ ‫‪.7‬وصيا ُ‬
‫ن أجلي (( ‪.‬‬ ‫وشهواته م ْ‬
‫ه ما‬ ‫ة في خفاٍء ‪ )) :‬حتى ل تعلم شمال ُ‬ ‫‪.8‬وصدق ٌ‬
‫ق يميُنه (( ‪.‬‬ ‫تنف ُ‬
‫ن‬‫ن فّرج ع ْ‬ ‫ن مسلم ٍ ‪ )) :‬م ْ‬ ‫ف كربةٍ ع ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫‪.9‬وك ْ‬
‫ه عنه‬ ‫ب الدنيا فّرج الل ُ‬ ‫كر ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ةم ْ‬ ‫مسلم ِ كرب ً‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ب يوم ِ القيام ِ‬ ‫ن كر ِ‬ ‫ةم ْ‬ ‫كرب ً‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ َب ْ َ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫خَرةُ َ‬ ‫واْل ِ‬ ‫‪.10‬وزهْد ٌ في الفانيةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ة‪.‬‬ ‫تلك عشرة ٌ كامل ٌ‬
‫ل‬ ‫جب َ ٍ‬ ‫وي إ َِلى َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن نوٍح قوُله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن شقاِء اب ِ‬ ‫م ْ‬
‫ض والسماِء‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ماء ﴾ ‪ .‬ولو أوى إلى ر ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫مِني ِ‬‫ص ُ‬
‫ع ِ‬
‫يَ ْ‬
‫ل وأعّز وأمنع ‪.‬‬ ‫لكان أج ّ‬
‫مص‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت ‪ .‬فتق ّ‬ ‫ه ‪ :‬أنا أحيي وأمي ُ‬ ‫ومن شقاِء النمرودِ قول ُ‬
‫ل له ‪ ،‬فُب ِِهت وخسأ وخاب‬ ‫ة ل تح ّ‬ ‫ثوبا ً ليس له ‪ ،‬واغتصب صف ً‬
‫‪.‬‬
‫لوَلى ﴾ ‪.‬‬ ‫ة وا ْ ُ‬
‫خَر ِ َ‬ ‫ل اْل ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫خذَهُ الل ّ ُ‬ ‫فأ َ َ‬‫﴿ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪149‬‬
‫ة‬ ‫ث المل ّةِ عبارة ٌ ‪ ،‬وراي ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وميرا ُ‬ ‫ح السعادةِ كلم ٌ‬ ‫مفتا ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ة هي ‪ :‬ل إله إل الل ُ‬ ‫ة والعبارةُ والجمل ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فالكلم ُ‬ ‫ح جمل ٌ‬ ‫الفل ِ‬
‫ل اللهِ ‪. ‬‬ ‫محمد ٌ رسو ُ‬
‫ه في السماِء ‪:‬‬ ‫ض ‪ :‬أن ُيقال ل ُ‬ ‫ن نطقها في الر ِ‬ ‫سعادةُ م ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫صدّقَ ب ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫جاء ِبال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ت‪َ ﴿:‬‬ ‫صدقْ َ‬
‫شناِر‬ ‫ن ينجو من الدمارِ وال ّ‬ ‫ن عمل بها ‪ :‬أ ْ‬ ‫وسعادةُ م ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫فاَزت ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قوا ب ِ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫جي الل ّ ُ‬ ‫وي ُن َ ّ‬ ‫والعارِ والنارِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫شك ََر ‪َ ﴿ :‬‬ ‫صَر وي ُ ْ‬ ‫ن ٌيعان وي ُن ْ َ‬ ‫ن دعا إليها ‪ :‬أ ْ‬ ‫وسعادةُ م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫غال ُِبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جندََنا ل َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫ول ِل ّ ِ‬ ‫م وُيعّز ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن ُيرفع وُيكَر َ‬ ‫ن أحّبها ‪ :‬أ ْ‬ ‫وسعادةُ م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫ول َِر ُ‬ ‫عّزةُ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل الرقيقُ فأصبح حّرا ً ‪ ﴿ :‬ي ُ ْ‬ ‫هتف بها بل ٌ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫و ِ‬ ‫ت إ َِلى الن ّ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫ي ‪ ،‬فمات عبدا ً ذليل ً‬ ‫ب الهاشم ّ‬ ‫وتلعثم في نطقها ِ أبو له ٍ‬
‫رم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫مك ْ ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫حقيرا ً ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل الركام البشريّ الفاني إلى قمم ٍ‬ ‫إنها الكسي ُِر الذي يحو ّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َْناهُ ُنورا ً ن ّ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫كن َ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫ليمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ ‪َ ﴿ :‬‬
‫عَباِدَنا ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شاء ِ‬ ‫نّ َ‬
‫ن العذاب‬ ‫ن الخرةِ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ضت ع ِ‬ ‫ح بالدنيا إذا أعر ْ‬ ‫ل تفر ْ‬
‫غَنى‬ ‫ما أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل والّنكا ُ‬ ‫الواصب في طريِقك ‪ ،‬والغ ّ‬
‫ل ينتظُرك ‪َ ﴿ :‬‬
‫ك‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬ ‫طاِني ْ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫عّني ُ‬ ‫ك َ‬ ‫هل َ َ‬ ‫ه}‪َ {28‬‬ ‫ماِلي ْ‬ ‫عّني َ‬ ‫َ‬
‫صاِد ﴾ ‪.‬‬ ‫مْر َ‬ ‫ل َِبال ْ ِ‬
‫ن‬ ‫ح بالولدِ إذا أعرضت عن الواحد ِ الصمد ِ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ول تفر ْ‬
‫ة‬ ‫ن ‪ ،‬ونهاي ُ‬ ‫ة الخسرا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وغاي ُ‬ ‫ل الخذل ِ‬ ‫العراض عنه ك ّ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫سك َن َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م الذّل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ت َ َ‬ ‫رب َ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ن‪َ ﴿:‬‬ ‫الهوا ِ‬
‫ن إساءة العمل‬ ‫ل إذا أسأت العمال ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ح بالموا ِ‬ ‫ول تفر ْ‬
‫ة في الخرةِ ‪﴿ :‬‬ ‫ب في المصيرِ ‪ ،‬ولعن ٌ‬ ‫محقٌ للخاتمةِ وتبا ٌ‬
‫وَلدُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫كم‬ ‫وَل أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫و َ‬ ‫خَزى ﴾ ﴿ َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب اْل ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ول َ َ‬
‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فى إ ِّل َ‬ ‫عندََنا ُزل ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قّرب ُك ُ ْ‬ ‫ِبال ِّتي ت ُ َ‬
‫صاِلحا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪150‬‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫وقفــ ٌ‬
‫ث (( ‪ :‬في رفع‬ ‫م برحمِتك أستغي ُ‬ ‫ي يا قيو ُ‬ ‫)) يا ح ّ‬
‫ة لجميع‬ ‫من ً‬ ‫ن صفة الحياةِ متض ّ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة بديع ٌ‬ ‫هذا الدعاِء مناسب ٌ‬
‫ة‬ ‫من ٌ‬‫ة متض ّ‬ ‫ة القّيومي ُ‬ ‫ة لها ‪ ،‬وصف ُ‬ ‫ل ‪ ،‬مستلزم ٌ‬ ‫ت الكما ِ‬ ‫صفا ِ‬
‫م الذي إذا‬ ‫م اللهِ العظ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ولهذا كان اس ُ‬ ‫ت الفعا ِ‬ ‫لجميِع صفا ِ‬
‫م‪.‬‬ ‫ي القيو ُ‬ ‫م الح ّ‬ ‫سئل به أعطى ‪ :‬هو اس ُ‬ ‫ي به أجاب ‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫ع َ‬
‫دُ ِ‬
‫ت‬ ‫مل ْ‬ ‫مة تضاد ّ جميع السقام ِ واللم ؛ ولهذا لما ك ُ‬ ‫والحياةُ التا ّ‬
‫ن ول شيٌء‬ ‫حَز ٌ‬
‫م ول َ‬ ‫م ول غ ّ‬ ‫مه ّ‬ ‫م يلحْقهُ ْ‬ ‫ل الجنةِ ‪ ،‬ل ْ‬ ‫حياةُ أه ِ‬
‫ل ‪ ،‬وتنافي‬ ‫ن الحياةِ تضّر بالفعا ِ‬ ‫ت ‪ .‬ونقصا ُ‬ ‫من الفا ِ‬
‫ق‬
‫ي المطل ُ‬ ‫ل الحياةِ ‪ ،‬فالح ّ‬ ‫ل القيوميةِ لكما ِ‬ ‫القيومية ‪ ،‬فكما ُ‬
‫م ل يتعذ ُّر‬ ‫ل ألبتة ‪ ،‬والقيو ُ‬ ‫ة الكما ِ‬ ‫م الحياةِ ل تفوُته صف ُ‬ ‫التا ّ‬
‫ل بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له‬ ‫عليه فْعل ممكن ألبتة ‪ ،‬فالتوس ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫تأثيٌر في إزالةِ ما ُيضاد ّ الحياةَ ويضّر بالفعا ِ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن‬ ‫مُرك ما المكروه ُ م ْ‬ ‫لع ْ‬ ‫ب‬ ‫وتخشى ول المحبو ُ‬
‫تقي‬ ‫حيث ت‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ثمت َط ْ‬
‫س‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫النا‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫خو‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫وأكث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الذي‬ ‫كحياله ُ ّ‬ ‫من ُ‬
‫فما دْر‬
‫ن‬ ‫ليس بكائ‬
‫*************************************ِ‬ ‫ليس ينفعُ‬

‫ع‬
‫ر الواق ِ‬
‫ع الم ِ‬ ‫م ْ‬
‫لم َ‬ ‫تعا َ‬
‫ت‬ ‫ست من الشيِء سل ْ‬ ‫ونت ما قد ْ عّز هان ‪ ،‬وإذا أي ْ‬ ‫إذا ه ّ‬
‫ه إ ِّنا إ َِلى‬‫سول ُ ُ‬
‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫من َ‬
‫ف ْ‬ ‫ؤِتيَنا الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫سي ُ ْ‬‫سك ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه نف ُ‬
‫عن ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬
‫غُبو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ن نافذةٍ وكان بأصبِعه اليسرى‬ ‫ن رجل ً قفز م ْ‬ ‫تأ ّ‬‫قرأ ُ‬
‫ط‬‫م بمسمارِ في النافذةِ ‪ ،‬ومع سقو ِ‬ ‫خاتم ‪ ،‬فنشب الخات ُ‬
‫ل اقتلع المساُر أصبعه من أصلها ‪ ،‬وبقي بأربعُ أصابع ‪،‬‬ ‫الرج ِ‬
‫سهِ ‪ :‬ل أكاد ُ أتذك ُّر أن لي أربعُ أصابع في يدٍ‬ ‫ن نف ِ‬ ‫لع ْ‬‫يقو ُ‬
‫ت أصُبعا ً من أصابِعي إل حينما أتذكُر‬ ‫ب ‪ ،‬أو أنني فقد ُ‬ ‫فحس ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪151‬‬
‫ة بما‬ ‫م ‪ ،‬ونفسي راضي ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وإل فعلمي على ما يرا ُ‬ ‫تلك الواقع َ‬
‫ه وما شاء فعل (( ‪.‬‬ ‫در الل ُ‬ ‫حدث ‪ )) :‬ق ّ‬
‫ض‬ ‫ف لمر ٍ‬ ‫ده اليسرى من الكت ِ ِ‬ ‫تي ُ‬ ‫ف رجل ً ب ُِتر ْ‬ ‫وأعر ُ‬
‫ه‬ ‫ه ‪ ،‬فعاش طويل ً وتزّوج ‪ ،‬وُرزق بنين ‪ ،‬وهو يقود ُ سيارت ُ‬ ‫أصاب ُ‬
‫ن اللهِ لم يخلقْ له إل يدا ً‬ ‫بطلقةٍ ‪ ،‬ويؤدي عمله بارتياٍح ‪ ،‬وكأ ّ‬
‫ن أغنى الناس (( ‪.‬‬ ‫ه لك ‪ ،‬تك ْ‬ ‫واحدة ً ‪ )) :‬ارض بما قسم الل ُ‬
‫م مع‬ ‫ما أسرع ما نتكّيف مع واقِعنا ‪ ،‬وما أعجب ما نتأقل ُ‬
‫ن‬ ‫ت بساطا ً م ْ‬ ‫ة كان قاع ُ البي ِ‬ ‫وضِعنا وحياِتنا ‪ ،‬قبل خمسين سن ً‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن فخارٍ ‪ ،‬وقصع ً‬ ‫ل ‪ ،‬وقربة ماٍء ‪ ،‬وقدرا ً م ْ‬ ‫حصيرٍ النخ ِ‬
‫ت معيشُتنا ‪ ،‬لننا‬ ‫ت حياُتنا واستمر ْ‬ ‫ة‪ ،‬وإبريقا ً ‪ ،‬وقام ْ‬ ‫وجفن ً‬
‫منا إلى واقِعنا‪.‬‬ ‫رضينا وسّلمنا وتحاك ْ‬
‫ة إذا‬
‫س راغب ٌ‬ ‫والنف ُ‬ ‫ل‬
‫وإذا ُترد ّ إلى قلي ٍ‬
‫بتها المسجدِ‬ ‫ن في الكوفرةِغّ ْفي‬ ‫بين قبيلتي ِ‬ ‫ةْقنعُ‬‫ت قتن ت ٌ‬ ‫وقع ْ‬
‫ت‬ ‫الجامِع ‪ ،‬فسّلوا سيوفهم ‪ ،‬وامتشقوا رماحهم ‪ ،‬وهاج ْ‬
‫ل أحد ُ‬ ‫م تفارقُ الجساد َ ‪ ،‬وانس ّ‬ ‫ت الجماج ُ‬ ‫الدائرةُ ‪ ،‬وكاد ِ‬
‫ل‬ ‫ح الكبيرِ والرج ِ‬ ‫صل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س من المسجدِ ليبحث عن ال ُ‬ ‫النا ِ‬
‫ب غنمه ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬فوجدهُ في بيِته ِيحل ُ‬ ‫ن قي ٍ‬ ‫فب ِ‬ ‫الحليم ِ ‪ ،‬الحن ِ‬
‫ف‬ ‫ل الجسم ِ ‪ ،‬نحي ُ‬ ‫عليه كساٌء ل يساوي عشرة دراهم ‪ ،‬نحي ُ‬
‫ت في‬ ‫ف الرجلين ‪ ،‬فأخبروه الخبَر فما اهتز ْ‬ ‫البنيةِ ‪ ،‬أحن ُ‬
‫مهِ شعرةٌ ول اضطرب ؛ لنه قدِ اعتاد الكوارث ‪ ،‬وعاش‬ ‫جس ِ‬
‫دم له إفطاُره‬ ‫ه ‪ ،‬ثم قُ ّ‬ ‫ن شاء الل ُ‬ ‫الحوادث ‪ ،‬وقال لهم ‪ :‬خيرا ً إ ْ‬
‫س‬ ‫سرةٌ من الخبزِ الياب ِ‬ ‫ث شيٌء ‪ ،‬فإذا إفطارهٌ ك ِ ْ‬ ‫ن لم يحد ْ‬ ‫وكأ ْ‬
‫م حمد َ‬ ‫مى وأكل ‪ ،‬ث ّ‬ ‫س من الماِء ‪ ،‬فس ّ‬ ‫ح ‪ ،‬وكأ ٌ‬ ‫ت ومل ٌ‬ ‫‪ ،‬وزي ٌ‬
‫ت من الشام ِ ‪ ،‬مع ماِء‬ ‫ن ب ُّر العراق ‪ ،‬وزي ٌ‬ ‫ه ‪ ،‬وقال ‪ :‬ب ُّر م ْ‬ ‫الل َ‬
‫ه ‪ ،‬وأخذ‬ ‫ة ‪ .‬ثم لبس ثوب َ َ‬ ‫م جليل ٌ‬ ‫دجلة ‪ ،‬وملح مرو ‪ ،‬إنها لنع ٌ‬
‫ت إليه‬ ‫س اشرأب ّ ْ‬ ‫ما رآه النا ُ‬ ‫عصاهُ ‪ ،‬ثم دلف على الجموِع ‪ ،‬فل ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ت غليه عيوُنهم ‪ ،‬وأنصتوا لما يقو ُ‬ ‫أعناُقهم ‪ ،‬وطفح ْ‬
‫ل‬ ‫س التفّرق ‪ ،‬فذهب ك ّ‬ ‫م طلب من النا ِ‬ ‫صل ٍْح ‪ ،‬ث ّ‬ ‫فارتحل كلمة ُ‬
‫ت‬ ‫م ل يلوي على شيٍء ‪ ،‬وهدأت الثائرةُ ‪ ،‬ومات ِ‬ ‫واحدا ً منه ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الفتن ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪152‬‬
‫ك الشرف‬ ‫قد ْ يدر ُ‬ ‫صه‬ ‫ب قمي ِ‬ ‫خل َقٌ وجي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وردا‪،‬ؤُهُمنها ‪:‬‬ ‫س‬‫ة درو ٌ‬
‫في القص ِ الفتى‬ ‫رقوعُ‬ ‫َم ْ •‬
‫ن قّلة الشيِء‬ ‫ت بالبهةِ والمظهرِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن العظمة ليس ْ‬ ‫أ ّ‬
‫ت بكثرةِ‬ ‫ت دليل ً على الشقاِء ‪ ،‬وكذلك السعادة ُ ليس ْ‬ ‫ليس ْ‬
‫الشياِء والترفّه ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫ه‬ ‫ما اب ْت ََلهُ َرب ّ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫فأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ل ربي أ َك ْرمن}‪َ {15‬‬ ‫َ َ‬
‫ذا‬ ‫ما إ ِ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫قو ُ َ ّ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫فأك َْر َ‬
‫ل ربي أ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫قو ُ َ ّ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫رْز َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫قدََر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما اب ْت ََلهُ َ‬ ‫َ‬
‫ة النسان ‪ ،‬ل‬ ‫ت الساميةِ هي قيم ُ‬ ‫ن المواهب والصفا ِ‬ ‫وأ ّ‬
‫ه‬
‫ه في علمهِ وكرم ِ‬ ‫صُرهُ ول داُرهُ ‪ ،‬إنها وزن ُ‬ ‫ه ول قَ ْ‬ ‫ه ول نعل ُ ُ‬ ‫ثوْب ُ ُ‬
‫ة‬ ‫م ﴾ ‪ .‬وعلق ُ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ن أك َْر َ‬
‫َ‬
‫وحلمهِ وعقلهِ ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ش ‪ ،‬ول‬ ‫ت في الثراِء الفاح ِ‬ ‫عنا أن السعادة ليس ْ‬ ‫هذا بموضو ِ‬
‫ن السعادةَ‬ ‫ضةِ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ب والف ّ‬ ‫ف ‪ ،‬ول في الذه ِ‬ ‫صرِ المني ِ‬ ‫في الق ْ‬
‫فل َ‬ ‫ب بإيمانهِ ‪ ،‬برضاه ُ ‪ ،‬بأنسهِ ‪ ،‬بإشراقهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫في القل ِ‬
‫َ‬ ‫ت ُعجب َ َ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م﴾ ﴿ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َدُ ُ‬ ‫ول َ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫حوا ْ ُ‬ ‫فَر ُ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫فب ِذَل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ِ ِ‬ ‫ح َ‬‫وب َِر ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫عوّد ْ نفسك على التسليم ِ بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ماذا تفع ُ‬
‫ض نفقا ً أو‬ ‫ل تتخذ ُ في الر ِ‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ه ْ‬ ‫م تؤم ْ‬ ‫إذا ل ْ‬
‫ن ينقذك من القضاِء‬ ‫ن ينفعك ذلك ‪ ،‬ول ْ‬ ‫سّلما ً في السماِء ‪ ،‬ل ْ‬ ‫ُ‬
‫ل؟‬ ‫ن فما الح ّ‬ ‫والقدرِ ‪ .‬إذ ْ‬
‫ْ‬ ‫ل ‪ :‬رضينا وسّلمنا‪﴿ :‬أ َ‬
‫م‬ ‫ركك ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫الح ّ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫شي ّدَ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ج ّ‬ ‫في ب ُُرو ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ت في‬ ‫ف اليام في حياتي ‪ ،‬ومن أفظِع الوقا ِ‬ ‫ن أعن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ص‬ ‫ب المخت ّ‬ ‫ة التي أخبرني فيها الطبي ُ‬ ‫عمري ‪ :‬تلك الساع ُ‬
‫ف ‪ ،‬ونزل الخبُر‬ ‫ه – من الكت ِ‬ ‫ببترِ يد أخي محمد ٍ – رحمه الل ُ‬
‫ت روحي إلى‬ ‫ت نفسي ‪ ،‬وثاب ْ‬ ‫على سمعي كالقذيفةِ ‪ ،‬وغالب ُ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ل المولى ‪َ ﴿ :‬ا أ َ‬ ‫قو ِ‬
‫ن}‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬وقولهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫من ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫يُ ْ‬
‫‪ {155‬ال ّذين إ َ َ‬
‫وإ ِّنـا‬ ‫ه َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جعو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫ت بْردا ً وسلما ً ورْوحا ً ورْيحانا ً ‪.‬‬ ‫ت هذه اليا ُ‬ ‫كان ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪153‬‬
‫ن‬ ‫ة في اليما ِ‬ ‫ل ‪ ،‬إنما الحيل ُ‬ ‫وليس لنا من حيلةٍ فنحتا ُ‬
‫ن﴾﴿‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫والتسليم فَحسب ‪ ﴿ ،‬أ َم أ َ‬
‫مو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ َ ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫مر‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫موا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ ْ ُ‬
‫مرا ً َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ه﴾﴿ َ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫عَلى أ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫غال ِ ٌ‬‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫كن َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ة‬
‫ل أربع ِ‬ ‫ة ُتخبُر في لحظةٍ واحدةِ بقت ِ‬ ‫إن الخنساء النخعي َ‬
‫ن‬ ‫ل اللهِ بالقادسيةِ ‪ ،‬فما كان منها إل أ ْ‬ ‫أبناٍء لها في سبي ِ‬
‫ف‬ ‫سن الصنيِع ‪ ،‬ولط ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت مولها على ُ‬ ‫ت رّبها ‪ ،‬وشكر ْ‬ ‫حمد ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن هناك معينا ً من اليما ِ‬ ‫ل القضاِء ؛ ل ّ‬ ‫الختيارِ ‪ ،‬وحلو ِ‬
‫ن ل ينقطعُ ‪ ،‬فمثُلها تشكُر وُتؤجُر وتسعد ُ‬ ‫ورافدا من اليقي ِ‬
‫ً‬
‫ن ؟!‬ ‫ل إذ ْ‬ ‫ل هذا فما هو البدي ُ‬ ‫م تفع ْ‬ ‫في الدنيا والخرةِ ‪ ،‬وإذا ل ْ‬
‫ض ‪ ،‬ثم خسارة ُ الدنيا‬ ‫ض والرف ُ‬ ‫جُر والعترا ُ‬ ‫ط والتض ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫التس ّ‬
‫ن سخط‬ ‫ه الّرضا ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن رضي فل ُ‬ ‫والخرةِ ! )) فم ْ‬
‫ط (( ‪.‬‬ ‫فله السخ ُ‬
‫ت ‪ ،‬قوُلنا ‪ :‬إّنا للهِ وإّنا‬ ‫ب وعلج الزما ِ‬ ‫إن بلسم المصائ ِ‬
‫إليه راجعون ‪.‬‬
‫ن‬ ‫خل ُْقه وفي ملك ِهِ ‪ ،‬ونح ُ‬ ‫ن َ‬ ‫والمعنى ‪ :‬كّلنا للهِ ‪ ،‬فنح ُ‬
‫نعود ُ إليهِ ‪ ،‬فالمبدأ ُ منه ‪ ،‬والمعاد ُ إليه ‪ ،‬والمُر بيدهِ ‪ ،‬فليس‬
‫لنا من المرِ شيٌء ‪.‬‬
‫ك‬‫نفسي التي تمل ُ‬ ‫فكيف أبكي على‬
‫ها‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ة َ‬ ‫ن ٌ‬ ‫ذاهب‬
‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫الشياء‬
‫ه ﴾ ‪﴿ ،‬ك ُ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ك إ ِّل َ‬ ‫ذهبال ِ ٌ‬ ‫ها‬‫ء َ‬ ‫إذا ٍ‬
‫ي‬ ‫ش ْ‬ ‫شي ٍَء‬
‫﴿ك ُ ّ‬
‫ل‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مي ُّتو َ‬ ‫هم ّ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬‫ت َ‬ ‫مي ّ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫ن﴾ ‪﴿،‬إ ِن ّ َ‬ ‫فا ٍ‬ ‫َ‬
‫ت ابنك ‪ ،‬أو‬ ‫ق بيِتك ‪ ،‬أو مو ِ‬ ‫ق باحترا ِ‬ ‫لو فوجئت بخبرٍ صاع ِ‬
‫ن نفسك ‪،‬‬ ‫ن وط ّ ْ‬ ‫ن تفعل ؟ من ال ِ‬ ‫ب مالك فماذا عساك أ ْ‬ ‫ذها ِ‬
‫ص من القضاء والقدر‬ ‫ب ‪ ،‬ل يجدي الفراُر والتمل ّ ُ‬ ‫ل ينفعُ الهر ُ‬
‫ب‬ ‫ف بالواقِع ‪ ،‬واكتس ِ‬ ‫م بالمرِ ‪ ،‬وارض بالقدرِ ‪ ،‬واعتر ْ‬ ‫‪ ،‬سل ّ ْ‬
‫م هناك خياٌر آخُر ‪ ،‬ولكنه‬ ‫الجر ‪ ،‬لنه ليس أمامك إل هذا ‪ .‬نع ْ‬
‫جُر مما صار‬ ‫ل والتض ّ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫م بما َ‬ ‫ذرك مُنه ‪ ،‬إنه ‪ :‬التبّر ُ‬ ‫رديٌء أح ّ‬
‫ن‬ ‫ل على ماذا م ْ‬ ‫ن تحص ُ‬ ‫ب والهيجان ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫‪ ،‬والثورةُ والغض ُ‬
‫ل في علياِئه ‪،‬‬ ‫بج ّ‬ ‫ل غضب الر ّ‬ ‫هذا كّله ؟! إنك سوف تنا ُ‬
‫م ل يعود ُ‬ ‫جرِ ‪ ،‬وفادح الوزرِ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫س ‪ ،‬وذهاب ال ْ‬ ‫ومْقت النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪154‬‬
‫ف عنك‬ ‫ة ‪ ،‬ول ينصر ُ‬ ‫عليك المصاب ‪ ،‬ول ترتفعُ عنك المصيب ُ‬
‫ماء ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫س َ‬‫ب إ َِلى ال ّ‬ ‫سب َ ٍ‬
‫مدُدْ ب ِ َ‬‫فل ْي َ ْ‬
‫م‪َ ﴿:‬‬
‫المُر المحتو ُ‬
‫ظ﴾‪.‬‬ ‫غي ُ‬ ‫ن ك َي ْدُهُ َ‬
‫ما ي َ ِ‬ ‫هب َ ّ‬ ‫ه ْ‬
‫ل ي ُذْ ِ‬ ‫فل َْينظُْر َ‬ ‫قط َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫**************************************‬
‫ه سينتهي‬
‫ن لجل ِ ِ‬
‫ما تحز ُ‬
‫ل ‪ :‬الظالم ِ والمظلوم ِ ‪،‬‬ ‫م على الك ّ‬ ‫ت مقد ٌ‬ ‫ن المو َ‬ ‫فإ ّ‬
‫س‬ ‫ً‬
‫ي والفقيرِ ‪ ،‬فلست ِبدعا من النا ِ‬ ‫ف ‪ ،‬والغن ّ‬ ‫والقويّ والضعي ِ‬
‫م‪.‬‬ ‫ت أم ٌ‬ ‫م وبعدك تمو ُ‬ ‫ت أم ٌ‬ ‫ن تموت ‪ ،‬فقبلك مات ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ك‬ ‫ف مل ِ ٍ‬ ‫ل مقبرةً ُدفن أل ُ‬ ‫ن في الشما ِ‬ ‫ن بطوطة أ ّ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ب فيها ‪:‬‬ ‫ة مكتو ٌ‬ ‫عليها لوح ٌ‬
‫ل‬
‫وسلطيُنهم س ِ‬ ‫م‬ ‫س العظا ُ‬ ‫والرؤو ُ‬
‫مهذا الفناِء‬ ‫عنه ُ‬ ‫المذهل في ً‬
‫ن‬‫الطين ع ْ‬ ‫ن‬
‫ة النسا ِ‬ ‫عظاماهذا ‪ :‬غفل ُ‬ ‫ت‬‫ن المَرصار ْ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ه خالد ٌ مخل ّد ٌ منعّ ٌ‬ ‫المداهم ِ له صباح مساء ‪ ،‬وظّنه أن ُ‬
‫وتغافُله عن المصيرِ المحترم ِ وتراخيه عن النهايةِ الحّق ِ‬
‫ة‬
‫ن َزل َْزل َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫م إِ ّ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫ي ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫لح ّ‬ ‫لك ّ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ساب ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب ِللّنا ِ‬ ‫قت ََر َ‬ ‫م ﴾‪﴿،‬ا ْ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫يءٌ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ِ‬ ‫سا َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ّ‬ ‫فل َ ٍ‬‫غ ْ‬‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫َ‬
‫مَر الُقرى‬ ‫ه المم ‪ ،‬وأباد الشعوب ‪ ،‬ود ّ‬ ‫لما أهلك الل ُ‬
‫هم‬ ‫من ْ ُ‬‫س ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل تُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن قائل‪َ ﴿ :-‬‬ ‫م ْ‬‫ة وأهلها ‪ ،‬قال–عّز ِ‬ ‫الظالم َ‬
‫م‬ ‫كزا ً ﴾ ؟! انتهى ك ّ‬ ‫ر ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من أ َ‬
‫ل شيٍء عنه ْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫ُ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫ٍ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ّ ْ‬
‫إل الخبَر والحديث ‪.‬‬
‫ن‬‫م خبٌر م ْ‬ ‫هل عندك ْ‬ ‫ث‬‫فقد ْ مضى بحدي ِ‬
‫س‬
‫ل أندل ٍ‬ ‫أه ِ‬ ‫ن‬
‫********م ِ ركبا ُ‬ ‫القو‬
‫****************************‬
‫ة‬
‫وقفــ ٌ‬
‫ل على توحيد ِ اللهيةِ والربوبيةِ ‪،‬‬ ‫م ٌ‬
‫ب ‪ :‬مشت ِ‬ ‫دعاء الكر ِ‬
‫ن‬
‫ن الصفتا ِ‬ ‫حلم ِ ‪ ،‬وهاتا ِ‬
‫ه بالعظمةِ وال ِ‬
‫ب سبحان ُ‬ ‫ف الر ّ‬
‫ووص ِ‬
‫ن والتجاوزِ ‪،‬‬‫ل القدرةِ والرحمةِ ‪ ،‬والحسا ِ‬ ‫ن لكما ِ‬
‫مستلزمتا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪155‬‬
‫ش‬ ‫ي والعر ِ‬ ‫سفل ّ‬‫ل ربوبيِته للعالم ِ العلويّ وال ّ‬ ‫صفهِ بكما ِ‬ ‫وو ْ‬
‫مها ‪.‬‬‫ت وأعظ ُ‬ ‫ف المخلوقا ِ‬ ‫الذي هو سق ُ‬
‫ه الذي ل تنبغي‬ ‫م توحيده ‪ ،‬وأن ُ‬ ‫ة تستلز ُ‬ ‫م ُ‬‫ة التا ّ‬ ‫والربوبي ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ة إل ل ُ‬
‫ل والطاع ُ‬ ‫ف والرجاُء والجل ُ‬ ‫ب والخو ُ‬ ‫العبادةُ والح ّ‬
‫ل‬ ‫ه ‪ ،‬وسلب ك ّ‬ ‫لل ُ‬ ‫ل كما ٍ‬‫م إثبات ك ّ‬ ‫ة تستلز ُ‬ ‫وعظمُته المطلق ُ‬
‫ه‬
‫م كمال رحمت ِهِ وإحسان ِ ِ‬ ‫ه يستلز ُ‬ ‫م ُ‬‫حل ُ‬‫ه؛و ِ‬ ‫ل عن ُ‬ ‫ص وتمثي ٍ‬ ‫نق ٍ‬
‫إلى خلِقهِ ‪.‬‬
‫ه‬ ‫ه وإجلل ُ ُ‬ ‫ب محبت ُ ُ‬ ‫ه بذلك ُتوج ُ‬ ‫ب ومعرفت ُ ُ‬ ‫م القل ِ‬ ‫فعل ْ ُ‬
‫ع‬
‫ل له من البتهاِج واللذةِ والسرورِ ما يدف ُ‬ ‫وتوحيد ُهُ ‪ ،‬فيحص ُ‬
‫م ‪ ،‬وأنت تجد ُ المريض إذا ورد‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ب واله ّ‬ ‫كر ِ‬ ‫ه ألم ال ْ‬‫عن ُ‬
‫ة‬ ‫ه ‪ ،‬كيف تقوى الطبيع ُ‬ ‫وي نفس ُ‬ ‫حه ‪ ،‬وُيق ّ‬ ‫سّرهُ وُيفر ُ‬ ‫عليهِ ما ي ُ‬
‫ب‬ ‫ل هذا الشفاِء للقل ِ‬ ‫ي ‪ ،‬فحصو ُ‬ ‫ض الحس ّ‬ ‫على دفِع المر ِ‬
‫أولى وأحرى ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ء‬
‫ق الشقا ِ‬
‫ب طري ُ‬
‫الكتئا ُ‬
‫ت جريدةُ ) المسلمون ( عدد ‪ 240‬في شهرِ صفر‬ ‫ذكر ْ‬
‫ب على وجهِ‬ ‫ن هناك ‪ 200‬مليون مكتئ ٍ‬ ‫سنة ‪1410‬هـ ‪ ،‬أ ّ‬
‫ض!‬‫الر ِ‬
‫ب العالم!! ل يفّرقُ بين دولةٍ غربيةٍ وأخرى شرقية‬ ‫الكتئا ُ‬
‫ب الجميع ‪ ..‬ونهايُته في‬ ‫ض يصي ُ‬ ‫ي وفقيرٍ ‪ .‬إنه مر ٌ‬ ‫! أو غن ّ‬
‫ب النتحاُر !!‬ ‫الغال ِ‬
‫ل ‪ ،‬لكّنه‬ ‫ب والدو ِ‬ ‫ف بالسماِء والمناص ِ‬ ‫النتحاُر ل يعتر ُ‬
‫ن ضحاياه ُ وصلوا‬ ‫ض الرقام ِ تؤكد ُ أ ّ‬
‫ف من المؤمنين ‪ ،‬بع ُ‬ ‫يخا ُ‬
‫ن آخر‬ ‫ل أنحاِء العالم ِ ‪ ..‬إل ّ أ ّ‬ ‫ض في ك ّ‬‫إلى ‪ 200‬مليون مري ٍ‬
‫ل بين كل عشرةِ أفرادٍ‬ ‫ن واحدا ً على الق ّ‬ ‫ت تؤك ّد ُ أ ّ‬‫الحصاءا ِ‬
‫ض الخطير !!‬ ‫ب بهذا المر ِ‬ ‫ض مصا ٌ‬‫على وجهِ الر ِ‬
‫ب الكبار‬ ‫ض أنه ل يصي ُ‬ ‫ت خطورةُ هذا المر ِ‬ ‫وقد وصل ْ‬
‫مه !!‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن في بط ِ‬ ‫ل إلى حد ّ مداهمةِ الجني ِ‬ ‫ص ُ‬‫فقط ‪ ،‬بل ي ِ‬
‫ة النتحار ‪:‬‬ ‫ب بواب ُ‬ ‫•الكتئا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪156‬‬
‫م إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫قت ُُلوا ْ َأن ُ‬
‫ديك ُ ْ‬ ‫قوا ْ ب ِأي ْ ِ‬ ‫ول َ ت ُل ْ ُ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َل َ ت َ ْ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫هل ُك َ ِ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫ن مرض‬ ‫ت النباِء أ ّ‬ ‫تذكر الخباُر التي تناقلْتها ِوكال ُ‬
‫ت المتحدة‬ ‫س السابق للوليا ِ‬ ‫كن من الرئي ِ‬ ‫ب قد تم ّ‬ ‫الكتئا ِ‬
‫ة الرئيس المريكي‬ ‫المريكية )رونالد ْ ريجان(‪ .‬وتعود ُ إصاب ُ‬
‫ل‬ ‫ت الذي ل يزا ُ‬ ‫ن السبعين في الوق ِ‬ ‫ض لتجاوِزه س ّ‬ ‫بهذا المر ِ‬
‫ت‬ ‫ط عصبيةٍ كبيرةٍ ‪ ..‬بالضافةِ للعمليا ِ‬ ‫ض فيه لضغو ٍ‬ ‫يتعّر ُ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ت متلحقةٍ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ت له على فترا ٍ‬ ‫الجراحيةِ التي أجري ْ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫شي ّدَ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ج ّ‬ ‫في ب ُُرو ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن يعملون بالف ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ص ً‬ ‫وهناك الكثيُر من المشاهيرِ وخا ّ‬
‫ن لم‬ ‫ب سببا ً رئيسا ً – إ ْ‬ ‫ض ‪ ،‬وقد كان الكتئا ُ‬ ‫م هذا المر ُ‬ ‫مه ْ‬ ‫يداه ُ‬
‫ت الشاعرِ صلح جاهين ‪ ،‬وكذلك ُيقال ‪:‬‬ ‫ن الوحيد – في مو ِ‬ ‫يك ْ‬
‫ق‬ ‫ه َ‬ ‫وت َْز َ‬ ‫ن نابليون بونابرت مات مكتئبا ً في منفاهُ ﴿ َ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫أن ُ‬‫َ‬
‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬‫ف ُ‬
‫كالت النباِء ‪،‬‬ ‫وما زلنا نذكُر أيضا ً الخبر الذي طّيرْته و ِ‬
‫ف العالم ِ ‪ ،‬عن‬ ‫ب صح ِ‬ ‫ت الولى في أغل ِ‬ ‫ل صدر الصفحا ِ‬ ‫احت ّ‬
‫ن‬ ‫ل ثلثةٍ م ْ‬ ‫ة بقت ِ‬ ‫م ألماني ٌ‬ ‫الجريمةِ المرّوعةِ التي ارتكبْتها أ ّ‬
‫ب ‪ ،‬ولحّبها‬ ‫ضها بالكتئا ِ‬ ‫ن السبب هو مر ُ‬ ‫أطفالها‪ ،‬واتضح أ ّ‬
‫ن تورثهم العذاب والضيق الذي‬ ‫تأ ْ‬ ‫الشديدِ لطفالها خاف ْ‬
‫ب بقِتلهم‬ ‫ن هذا العذا ِ‬ ‫ت » إراحتهم« !! م ْ‬ ‫تشعُر بهِ ‪ ،‬فقّرر ْ‬
‫ت نفسها !!‪.‬‬ ‫الثلثةِ ‪ ..‬ثم قتل ْ‬
‫ة‬
‫ة( تشيُر إلى خطور ِ‬ ‫م )منظمةِ الصحةِ العالمي ِ‬ ‫وأرقا ُ‬
‫ب في‬ ‫ر‪ ..‬ففي عام ‪ 1973‬م كان عدد ُ المصابين بالكتئا ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ة لتصل إلى ‪ %5‬في عام‬ ‫ت هذه النسب ُ‬ ‫العالم ِ ‪ ، %3‬وارتفع ْ‬
‫ت إلى وجودِ فردٍ‬ ‫ض الدراسا ِ‬ ‫ت بع ُ‬ ‫‪ 1978‬م ‪ ،‬كما أشار ْ‬
‫ل أربعةٍ !! في حين أعلن‬ ‫نك ّ‬ ‫ب بالكتئاب م ْ‬ ‫ي مصا ٍ‬ ‫أمريك ّ‬
‫عقد في شيكاغو‬ ‫ي الذي ُ‬ ‫ب النفس ّ‬ ‫س مؤتمرِ الضطرا ِ‬ ‫رئي ُ‬
‫ص في العالم ِ‬ ‫ن شخ ٍ‬ ‫ن هناك ‪ 100‬مليو ِ‬ ‫عام ‪ 1981‬م أ ّ‬
‫ل العالم ِ المتقدم ‪،‬‬ ‫ن دو ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫ب ‪ ،‬أغلُبه ْ‬ ‫يعانون من الكتئا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪157‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ي ََر ْ‬ ‫ب!! ﴿أ َ‬ ‫م أخرى أنهم مائتا مليون مكتئ ٍ‬ ‫ت أرقا ٌ‬ ‫وقال ْ‬
‫ن﴾‬
‫َ‬ ‫في ك ُ ّ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫َ‬
‫مّرت َي ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫مّرةً أ ْ‬ ‫عام ٍ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فت َُنو َ‬ ‫ه ْ‬‫أن ّ ُ‬
‫حلوا ً ‪ .‬وقال‬ ‫ن شرابا ً ُ‬ ‫قال أحد ُ الحكماِء ‪ :‬اصنعْ من الليمو ِ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ن يزيد أرباح ُ‬ ‫ن الذي يستطيعُ أ ْ‬ ‫ي الفط ِ ُ‬ ‫دهم ‪ :‬ليس الذك ّ‬ ‫أح ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫لـ‬ ‫ل خسائره إلى أرباح ﴿ُأو َ‬ ‫ي الذي يحوّ ُ‬ ‫ن الذك ّ‬ ‫لك ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وُأوَلـئ ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬
‫َ‬
‫ل ‪ :‬ل تنطِح الحائط !!‬ ‫وفي المث ِ‬
‫ن عنادِهِ فائدة ً تعود ُ‬ ‫ن ل تستفيد ُ م ْ‬ ‫والمعنى ‪ :‬ل تعان ِد ْ م ْ‬
‫عليك بخي ْرٍ ‪.‬‬
‫إذا لم تستطعْ شيئا ً‬ ‫وجاوِْزه إلى ما‬
‫م ل ّك َي ْل َ‬ ‫هَ‬ ‫د َعبْ ِ ُ‬ ‫ما ً‬ ‫غ ّف‬ ‫الدقيق ‪َ َ ﴿ ،‬‬ ‫ع‬
‫تستطي ُ‬
‫غ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫فأَثاب َك ُ ْ‬ ‫ن‬ ‫وقالوا ‪ :‬ول تطح ِ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫حَزُنوا ْ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ت ل ينبغي‬ ‫ن المور التي ُفرغ منها وانته ْ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أ ّ‬
‫ن في ذلك قلقا ً واضطرابا ً وتضييعا ً‬ ‫أن ُتعاد وُتكّرر ؛ ل ّ‬
‫للوقت ‪.‬‬
‫ل إنكليزيٌ ‪ : -‬ل تنشرِ النشارة ‪.‬‬ ‫وقالوا أيضا ً – وهو مث ٌ‬
‫ب ‪ ،‬ل تأت وتنشْرها مرةً‬ ‫والمعنى ‪ :‬أي نشارةَ الخش ِ‬
‫ة ‪ ،‬فقد ْ فرغ منها ‪.‬‬ ‫ثاني ُ‬
‫ل بالتوافهِ ‪ ،‬واجترار الهموم ِ ‪،‬‬ ‫ن يشتغ ُ‬ ‫يقولون ذلك لم ْ‬
‫و‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬ ‫ع ُ‬‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا َن ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وإعادةِ الماضي ‪ ﴿ ،‬ال ّ ِ‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫و َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أن‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ؤوا‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫فا‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫لوا‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫عو‬‫ُ‬ ‫طا‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ِإن ُ‬
‫دها ‪،‬‬ ‫نس ّ‬ ‫ل يمك ُ‬ ‫ت للفارغين من العما ِ‬ ‫هناك مجال ٌ‬
‫ة‬
‫س ‪ ،‬وعيادةِ المرضى ‪ ،‬وزيار ِ‬ ‫ت ‪ ،‬ونْفِع النا ِ‬ ‫كالتزودِ بالصالحا ِ‬
‫ت‬ ‫المقابرِ ‪ ،‬والعنايةِ بالمساجدِ ‪ ،‬والمشاركةِ في الجمعيا ِ‬
‫ة‬
‫ل والمكتب ِ‬ ‫ب المنز ِ‬ ‫س الحّياِء ‪ ،‬وترتي ِ‬ ‫الخيريةِ ‪ ،‬ومجال ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل النفع للفقراِء والعجزةِ والرام ِ‬ ‫والرياضةِ النافعةِ ‪ ،‬وإيصا ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫قي ِ‬ ‫مَل ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫دحا ً َ‬ ‫ك كَ ْ‬ ‫ح إ َِلى َرب ّ َ‬ ‫كاِد ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫﴿ إ ِن ّ َ‬
‫ف‬ ‫ولم أر كالمعرو ِ‬ ‫ه‬‫فحلوٌ وأما ّ وجهُ ُ‬
‫ه‬‫ما مذاقُ ُ‬ ‫أ ّ‬ ‫ل‬ ‫فجمي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪158‬‬
‫اقرأ ِ التاريخ لتجد المنكوبين والمسلوبين والمصابين ‪.‬‬
‫ث سوف أطلعك على لوحةٍ‬ ‫ن هذا البح ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫وبعد فصو ٍ‬
‫ن للمنكوبين بعنوان ‪ :‬تعّز بالمنكوبين ‪.‬‬ ‫من الحز ِ‬
‫اقرأ التاريخ إذ ْ فيه‬ ‫م ليس‬ ‫ل قو ٌ‬ ‫ض ّ‬
‫َ‬
‫ه‬‫ت بِ ِ‬ ‫ماْرن ُث َب ّ ُ‬
‫لال َِعب‬ ‫س ِ‬ ‫ن أنَباء الّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫الخبْر َ‬
‫عل َي ْ‬‫يدرون َ‬ ‫ص‬
‫ق ّ‬ ‫كـل ّ ن ّ ُ‬ ‫و ُ‬‫﴿ َ‬
‫رةٌ ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫عب ْ َ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ك ﴾ ‪ ﴿ ،‬لَ َ‬ ‫ؤادَ َ‬
‫ف َ‬‫ُ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ص لَ َ‬‫ص َ‬ ‫ق َ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ب إل التمت ّعُ بمواط ِ‬ ‫ت وما لي مطل ٌ‬ ‫قال عمُر ‪ :‬أصبح ُ‬
‫القضاِء ‪.‬‬
‫ح لقضاِء اللهِ وقدرهِ ‪ ،‬سواٌء كان‬ ‫ومعنى ذلك ‪ :‬أنه مرتا ٌ‬
‫فيما يحلو له أو فيما كان مّرا ً ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ت‪،‬إ ْ‬ ‫ن ركب ُ‬ ‫م ‪ :‬ما أبالي على أيّ الراحلتي ْ ِ‬ ‫ضه ْ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ن كان الغنى لهو الشكُر ‪.‬‬ ‫كان الفقُر لهم الصبُر ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن‬ ‫ة من البناِء بالطاعو ِ‬ ‫ي ثماني ٌ‬ ‫ومات لبي ذؤيب الهذل ّ‬
‫ن يقول؟ إنه آمن وسّلم وأذعن‬ ‫في عام ٍ واحدٍ فماذا عسى أ ْ‬
‫لقضاِء ربهِ ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫وتجّلدي للشامتين‬ ‫ب الدهرِ ل‬ ‫أني لري ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ة أريه ُ‬
‫أنشبت‬ ‫وإذا المني ُ‬ ‫ع‬
‫أتضعض ُ‬
‫ل‬ ‫ل تميمةٍ‬ ‫ألفيت ك ّ‬
‫َ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫أظفارهاالل ّ ِ‬
‫ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬
‫ن‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫تنفعُ َ‬ ‫صا‬ ‫ما أ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫س بصره فقال – معّزيا ً نفسه ‪: -‬‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫وفقد اب ُ‬
‫ي‬
‫ن عين ّ‬ ‫هم ْ‬ ‫ن يأخذ ِ الل ُ‬ ‫إ ْ‬ ‫ففي فؤادي وقلبي‬
‫نورها‬
‫ي غيُر ذي‬ ‫مر‬‫نو ٌُ‬ ‫منهما‬
‫قلبي ذك ّ‬ ‫صار‬ ‫وفي فمي‬
‫فقدٍجالقليل‬ ‫عو‬ ‫ن الن ِّعم الكثيرةِ إذا ِ‬ ‫عنده م َ‬
‫مشهوُر‬ ‫فبما‬ ‫لي ِ‬ ‫كالسي‬
‫وهو التس ّ‬
‫منها ‪.‬‬
‫ل عروة بن الزبيرِ ‪ ،‬ومات ابُنه في يوم ٍ‬ ‫ج ُ‬ ‫ت رِ ْ‬ ‫وُبتر ْ‬
‫ن كنت أخذت فقد ْ‬ ‫مد ‪ ،‬إ ْ‬ ‫م ِلك الح ْ‬ ‫واحدا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫ت فقد ْ عافْيت ‪ ،‬منحتني أربعة‬ ‫ن كنت ابتلي ْ َ‬ ‫أعطْيت ‪ ،‬وإ ْ‬
‫أعضاِء ‪ ،‬وأخذت عضوا ً واحدا ً ‪ ،‬ومنحتني أربعة أبناءٍ وأخذت‬
‫ل تحزن‬
‫‪159‬‬
‫م‬‫سل َ ٌ‬ ‫ريرا ً﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ً‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جَزا ُ‬ ‫و َ‬ ‫ابنا ً واحدا ً ‪َ ﴿ .‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫مةِ أخو دريد ٍ ‪ ،‬فعّزى دريد ٌ نفسه‬ ‫ص ّ‬‫ن ال ّ‬ ‫داللهِ ب ُ‬ ‫وُقتل عب ُ‬
‫ن ل حيلة‬ ‫در المستطاِع ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫ن أخيهِ ق ْ‬ ‫بعد أن ذكر أنه دافع ع ْ‬
‫دالله فقال دريد ٌ ‪:‬‬ ‫في القضاِء ‪ ،‬مات أخوه عب ُ‬
‫ت عنه الخيل‬ ‫وطاعن ُ‬ ‫ك‬ ‫وحتى علني حال ِ ُ‬
‫ت‬‫دد ْ‬
‫آسى‬ ‫ئتب ّ‬ ‫حتى ِ‬ ‫طعان امر‬ ‫أسو ُدِ‬
‫ر‬ ‫المرء غي‬ ‫ن‬
‫ناللو ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ويعل ُ‬
‫بنفسهِ‬
‫أنني‬ ‫وجدي‬ ‫تأخاه ُ‬ ‫وخّفف ُ‬ ‫مخل ّدِ‬
‫بما‬ ‫كذبت ولم أبخ ْ‬
‫ل‬
‫للمصابين ‪: -‬‬ ‫ه‬‫لل ُ‬ ‫لما ً أق ْ‬ ‫ي – واعظا ً ومعّزي‬ ‫الشافع ّ‬ ‫دي‬ ‫تي ِ‬ ‫ن ْ‬ ‫ملك‬
‫ويروى ع ِ‬
‫ل ما‬ ‫دِع اليام تفع ْ‬ ‫ب نفسا ً إذا‬ ‫وط ِ ْ‬
‫تشاءءُُ‬
‫إذا نزل القضا‬ ‫ولُء‬ ‫القضا‬ ‫حكم تقيةِ‬ ‫ض‬
‫فل أر ٌ‬
‫العتاهيةِ ‪:‬‬ ‫قوم ٍ‬ ‫ضأبو‬ ‫وقال ِ‬ ‫بأر‬ ‫سماُء‬
‫ت بك‬ ‫م مرةِ حّف ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ه وأنت‬ ‫خار لك الل ُ‬
‫ره مْتنا ؟!‬ ‫المكا ِ‬
‫فما‬ ‫م؟مرةٍ خفنا من المو ِ‬
‫ت‬ ‫كارِكه ْ ْ‬
‫ة ‪ ،‬فإذا هي العودةُ‬ ‫ة وأنها النهاي ُ‬ ‫م مرةٍ ظننا انها القاضي ُ‬ ‫ك ْ‬
‫الجديدة ُ والقوة ُ والستمراُر ؟!‬
‫ل‪،‬‬ ‫ت بنا الحبا ُ‬ ‫طع ْ‬ ‫ل ‪ ،‬وتق ّ‬ ‫سب ُ ُ‬‫ت بنا ال ّ‬ ‫كم مرةٍ ضاق ْ‬
‫ح والنصُر والخيُر‬ ‫هنا الفاقُ ‪ ،‬وإذا هو الفت ُ‬ ‫ت في وجو ِ‬ ‫وأظلم ْ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ل ك َْر ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫ه ي ُن َ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫والِبشارة ُ ؟! ﴿ ُ‬
‫سنا‬ ‫ت علينا أنف ُ‬ ‫ت أمامنا دنيانا ‪ ،‬وضاق ْ‬ ‫م مرةٍ أظلم ْ‬ ‫ك ْ‬
‫م واليسُر والتأييد ُ ؟!‬ ‫ت ‪ ،‬فإذا هو الخيُر العمي ُ‬ ‫حب ْ‬ ‫ض بما ر ُ‬ ‫والر ُ‬
‫و﴾‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫فل َ َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫وِإن ي َ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ره‬ ‫ف أمر غي ِ‬ ‫ره ‪ ،‬كيف يخا ُ‬ ‫ب على أم ِ‬ ‫ن الله غال ٌ‬ ‫ن علم أ ّ‬ ‫م ْ‬
‫وفونك بالذين‬ ‫ل شيٍء دون اللهِ ‪ ،‬فكيف يخ ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ن علم أ ّ‬ ‫؟! م ْ‬
‫ره ‪ ،‬وهو‬ ‫ن غي ِ‬ ‫فم ْ‬ ‫ن خاف الله كيف يخا ُ‬ ‫ن دوِنه ؟! م ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫فو ِ‬ ‫خا ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فو ُ‬ ‫خا ُ‬ ‫فل َ ت َ َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ه العزةُ ‪ ،‬والعزة ُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين ‪.‬‬ ‫ه سبحان ُ ُ‬ ‫مع ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪160‬‬
‫صُر‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِّنا ل ََنن ُ‬ ‫غال ُِبو َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬‫جندََنا ل َ ُ‬‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫ة﴿ َ‬ ‫معه الغَل َب َ ُ‬
‫م‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬‫وي َ ْ‬‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬ ‫سل ََنا َ‬
‫ُر ُ‬
‫هادُ ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫اْل ْ‬
‫ش َ‬
‫ره أثرا ً قدسي ّا ً ‪ )) :‬وعزتي‬ ‫ن كثيرٍ في تفسي ِ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ت‬ ‫ت له السماوا ُ‬ ‫وجللي ما اعتصم بي عبدٌ ‪ ،‬فكاد ْ‬
‫ن بيِنها فرجا ً ومخرجا ً ‪.‬‬ ‫ت له م ْ‬ ‫ض ‪ ،‬إل جعل ُ‬ ‫والر ُ‬
‫ت‬ ‫خ ُ‬ ‫وعّزتي وجللي ما اعتصم عبدي بغيري إل أس ْ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ت قدمي ْ ِ‬ ‫الرض من تح ِ‬
‫ن تيمية ‪ :‬بـ )) ل حول ول قوة إل‬ ‫م اب ُ‬‫قال الما ُ‬
‫ف‬‫ل شري ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وُينا ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وُتكابد ُ الهوا ُ‬ ‫بالله (( ُتحمل الثقا ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الحوا ِ‬
‫ن‬
‫ن كنوزِ الجنةِ ‪ .‬وهي م ْ‬ ‫مها أيّ العبد ُ ! فإنها كنٌز م ْ‬ ‫فالز ْ‬
‫ت الراحةِ ‪ ،‬وانشراِح الصدرِ ‪.‬‬ ‫ن مسارا ِ‬ ‫بنودِ السعادةِ ‪ ،‬وم ْ‬
‫***************************************‬
‫ح القفال‬
‫الستغفاُر يفت ُ‬
‫ي ‪ ،‬فأستغفُر‬ ‫ن المسألة لتغلقُ عل ّ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬إ ّ‬ ‫يقول اب ُ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ه عل ّ‬ ‫حها الل ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فيفت ُ‬ ‫الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أق ّ‬
‫فارا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬‫﴿ َ‬
‫ل ‪ ،‬استغفار ذي الجلل ‪.‬‬ ‫ب راحةِ البا ِ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬ ‫ل قضاٍء خيٌر حتى المعصي ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وك ُ‬ ‫ب ضارةٍ نافع ٌ‬ ‫ُر ّ‬
‫طها ‪.‬‬ ‫بشر ِ‬
‫د قضاء‬ ‫ه للعب ِ‬ ‫فقد ْ ورد في المسند ِ ‪)) :‬ل يقضي الل ُ‬
‫إل كان خيرا ً له(( ‪ .‬قيل لبن تيمية‪ :‬حتى المعصية ؟ قال ‪:‬‬
‫م ‪ ،‬والستغفاُر والنكساُر ‪﴿ .‬‬ ‫ة والند ُ‬ ‫م ‪ ،‬إذا كان معها التوب ُ‬ ‫نع ْ‬
‫فُروا ْ‬ ‫َ‬
‫موا ْ أن ُ‬ ‫َ‬
‫غ َ‬‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫جآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬‫ف َ‬ ‫م ِإذ ظّل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬‫ول َ ْ‬
‫َ‬
‫وابا ً‬ ‫ه تَ ّ‬ ‫ّ‬
‫دوا الل َ‬ ‫ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫لل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬
‫فَر ل ُ‬ ‫غ َ‬
‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫الل َ‬
‫حيما ً﴾‬ ‫ّر ِ‬
‫س‪:‬‬ ‫قال أبو تمام ٍ في أيام ِ السعود ِ وأيام ِ النح ِ‬
‫ن‬
‫ت سنو ُ‬ ‫مّر ْ‬ ‫رها‬ ‫ص ِ‬ ‫ن قِ ْ‬ ‫م ْ‬‫فكأَنها ِ‬
‫بالسعودِ وبالهنا‬ ‫م‬
‫أّيا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪161‬‬
‫ر‬
‫م هج ٍ‬ ‫ت أيا ُ‬ ‫م اْنثن ْ‬ ‫ث ّ‬ ‫ن طوِلها‬ ‫فكأنها م ْ‬
‫بعدها‬
‫م انقضت تلك‬ ‫ث ّ‬ ‫م‬
‫م‬‫أعوا ُُ‬ ‫م أحل‬ ‫فكأّنها وكأن ّهُ ْ‬
‫ن‪ ﴿ ،‬ك ُ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫لها ُ‬ ‫وأهَأ َن ّ‬ ‫السنو﴾ ُ‬
‫س‬‫ِ‬ ‫ن الّنا‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫دا‬ ‫م نُ َ‬ ‫ك الّيا ُ‬ ‫وت ِل ْ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫عشي ً َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫حا َ‬ ‫ض َ‬ ‫و ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ي َل ْب َُثوا إ ِّل َ ِ ّ‬ ‫ها ل َ ْ‬ ‫ون َ َ‬ ‫ي ََر ْ‬
‫خ ‪ ،‬كانوا يستقبلون‬ ‫م التاري ُ‬ ‫ت لعظماء عََرفَهُ ُ‬ ‫عجب ُ‬
‫م ‪ ،‬وعلى‬ ‫ف النسي ُ‬ ‫ث ‪ ،‬أو هفي ُ‬ ‫ت الغي ِ‬ ‫المصائب كأّنها قطرا ُ‬
‫ل‬ ‫ق محمد ٌ ‪ ، ‬وهو في الغارِ ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ْ‬
‫س الجميع سيد ُ الخل ِ‬ ‫رأ ِ‬
‫ق الهجرةِ ‪،‬‬ ‫عَنا ﴾ ‪ .‬وفي طري ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫لصاحِبه ‪﴿ :‬ل َ ت َ ْ‬
‫شُر سراقة بأنه ُيسوُّر سواريْ كسرى !‬ ‫وهو مطارد ٌ مشّرد ٌ يب ّ‬
‫ب‬ ‫من الغي ِ‬ ‫ُبشرى ِ‬ ‫حيا ً وأفضت إلى‬ ‫و ْ‬
‫م‬ ‫هَز ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫في ‪:‬ف ﴿م ِ َ‬ ‫ل‬‫تيقو ُ‬ ‫وهو ْ‬ ‫في الدرع ‪ ‬ألق‬
‫ِ‬
‫بأسراِر‬ ‫ب‬‫الدنيايث ُ‬ ‫وفي بدر‬
‫ن الدّب َُر ﴾ ‪.‬‬ ‫وّلو َ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫أنت الشجاعُ إذا‬ ‫ل‬ ‫أد ّْبت في هوْ ِ‬
‫ل للصحابةِ ‪:‬‬ ‫ة– يقو ُ‬ ‫كتيب ً‬ ‫ح‬ ‫والجرا‬ ‫قيت‬ ‫ِ‬ ‫لل‬ ‫القت‬ ‫أبطالها‬
‫بعد‬ ‫–‬ ‫د‬ ‫أح‬‫وفي ُ‬
‫الردى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ح‬ ‫ة تنط ُ‬ ‫م نبوي ّ ٌ‬ ‫)) صّفوا خلفي ‪ُ ،‬‬
‫هم ٌ‬ ‫لثني على ربي (( ‪ .‬إنها ِ‬ ‫ُ‬
‫م نبويٌ يهّز الجبال ‪.‬‬ ‫الثرّيا ‪ ،‬وعْز ٌ‬
‫محتبيا ً‬ ‫ب ‪ ،‬كان ُ‬ ‫ن حلماِء العر ِ‬ ‫ن عاصم المْنقرِيّ م ْ‬ ‫سب ُ‬ ‫قي ُ‬
‫ه‬ ‫ل فقال ‪ :‬قُِتل ابُنك الن ‪ ،‬قَت َل َ ُ‬ ‫ه بقصةٍ ‪ ،‬فأتاه رج ٌ‬ ‫يكّلم قوم ُ‬
‫ن‬ ‫ه ‪ ،‬حتى انتهى م ْ‬ ‫صت ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول أنهى ق ّ‬ ‫حب ْوَت َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن فلنة ‪ .‬فما ح ّ‬ ‫اب ُ‬
‫ة‬
‫م آذِنوني بالصل ِ‬ ‫سلوا ابني وكّفنوه ‪ ،‬ث ّ‬ ‫مه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬غ ّ‬ ‫كل ِ‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫حي َ‬ ‫و ِ‬ ‫ضّراء َ‬ ‫ساء وال ّ‬ ‫في ال ْب َأ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫صاب ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫عليه ! ﴿ َ‬
‫س﴾‪.‬‬ ‫ال ْبأ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت المو ِ‬ ‫ل ُيعطى الماء في سكرا ِ‬ ‫ن أبي جه ٍ‬ ‫ةب ُ‬ ‫رم ُ‬
‫عك ِ‬ ‫و ِ‬
‫ث بن هشام ‪ ،‬فيتناولونه واحدا ً‬ ‫ً‬ ‫فيقو ُ‬
‫ِ‬ ‫ل ‪ :‬أعطوه فلنا ‪ .‬لحار ِ ِ‬
‫ت الجميعُ ‪.‬‬ ‫بعد واحدا ً ‪ ،‬حتى يمو ُ‬
‫**************************************‬
‫س عليك ل لك‬
‫النا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪162‬‬
‫ه ‪ ،‬فل يبني‬ ‫ل الناس عليهِ ل ل ُ‬ ‫ن العاقل الحصيف يجع ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م‬ ‫س ‪ ،‬إن الناس له ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫موقفا ‪ ،‬أو يتخذ قرارا يعتمد ُ فيهِ على النا ِ‬
‫م مدىً يصلون إليهِ في‬ ‫ن مع الغيرِ ‪ ،‬وله ْ‬ ‫حدود ٌ في التضام ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ل والتضحيةِ ل يتجاوزون ُ‬ ‫البذ ِ‬
‫ه وأرضاهُ –‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي – رضي الل ُ‬ ‫ن عل ّ‬ ‫نب ِ‬ ‫انظْر إلى الحسي ِ‬
‫ت شفةٍ ‪،‬‬ ‫ة ببن ِ‬ ‫م ُ‬
‫س ال ّ‬ ‫ل فل تنب ُ‬ ‫ل ‪ُ ، ‬يقت ُ‬ ‫ت الرسو ِ‬ ‫ن بن ِ‬ ‫وهو اب ُ‬
‫ّ‬
‫بل الذين قتلوه ُ يكّبرون ويهللون على هذا النتصارِ الضخم ِ‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫ه عنه ‪ .‬يقو ُ‬ ‫حهِ !! ‪ ،‬رضي الل ُ‬ ‫ِبذب ِ‬
‫سك يا ابن‬ ‫جاؤوا برأ ِ‬ ‫مل ً بدمائ ِهِ تزميل‬ ‫متز ّ‬‫ُ‬
‫محمدٍ‬
‫قتلت‬ ‫ن ُ‬ ‫تْ‬‫وُيكّبرونبنبأ ِ‬ ‫قتلوا بك التكبير‬
‫وإنما‬ ‫والتهليل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫س ‪ ،‬وُيجلد ُ جلدا رهيبا ‪،‬‬ ‫ل إلى الحب ِ‬ ‫ن حنب ٍ‬ ‫وُيساق أحمد ُ ب ُ‬
‫ه أحد ٌ ‪.‬‬ ‫ك مع ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فل يتحّر ُ‬ ‫ف على المو ِ‬ ‫ويشر ُ‬
‫ب البغل إلى مصر ‪ ،‬فل‬ ‫ن تيمية مأسورا ً ‪ ،‬ويرك ُ‬ ‫وُيؤخذ ُ اب ُ‬
‫م‬‫ن له ْ‬ ‫ه‪،‬ل ّ‬ ‫ت جنازت ُ‬ ‫ج تلك الجموعُ الهادرة ُ التي حضر ْ‬ ‫تمو ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن ِلن ُ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫ب‪َ ﴿،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫حدودا ً يصلون إليها فَ َ‬
‫شورا ً ﴾‬ ‫وَل ن ُ ُ‬ ‫حَياةً َ‬ ‫وَل َ‬ ‫وتا ً َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫فعا ً َ‬ ‫وَل ن َ ْ‬ ‫ضّرا ً َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ها الن ّب ِ ّ‬ ‫‪َ ﴿ ،‬يا أي ّ َ‬
‫ت﴾ ‪﴿،‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫شيئا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫عن َ‬ ‫غُنوا َ‬ ‫م َلن ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ل‬ ‫م يدْيك بحب ِ‬ ‫فالز ْ‬ ‫ن‬ ‫نإ ْ‬ ‫ه الرك ُ‬ ‫فإن ّ ُ‬
‫اللهِ معتصما ً‬
‫********************************************‬ ‫ن‬‫خان َْتك أركا ُ‬
‫***‬

‫صدَ «‬ ‫نا ْ‬
‫قت َ َ‬ ‫م‬ ‫عال‬ ‫ما‬ ‫»‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫بالما‬ ‫رفقا ً‬
‫ِ‬
‫م‪:‬‬
‫قال أحدهُ ْ‬
‫ن العِّز‬
‫اجمعْ نقودك إ ّ‬ ‫ن‬
‫ن ما شئت ع ْ‬ ‫واستغ ِ‬
‫ل‬‫في الما ِ‬ ‫ل‬
‫ن خا ِ‬
‫م وع ْ‬
‫ع ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪163‬‬
‫ل وتبديدهِ وإنفاِقه‬ ‫ن الفلسفة التي تدعو إلى تبذيرِ الما ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ت بصحيحةٍ ‪ ،‬وإنما هي‬ ‫جهِهِ أو عدم ِ جمِعه أصل ً ليس ْ‬ ‫في غيرِ و ْ‬
‫ن جهلةِ المتصوفةِ ‪.‬‬ ‫ن ع ُّبادِ الهنود ِ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ةم ْ‬ ‫منقول ٌ‬
‫ف ‪ ،‬وإلى جمِع‬ ‫ب الشري ِ‬ ‫ن السلم يدعو إلى الكس ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ف ‪ ،‬ليكون العبد ُ‬ ‫ف ‪ ،‬وإنفاقهِ في الوجهِ الشري ِ‬ ‫ل الشري ِ‬ ‫الما ِ‬
‫د‬‫ح في ي ِ‬ ‫عزيزا ً بماله‪ ،‬وقد ْ قال ‪ِ)) : ‬نعم المالُ الصال ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ث حس ٌ‬ ‫ح(( ‪ .‬وهو حدي ٌ‬ ‫ل الصال ِ‬ ‫الرج ِ‬
‫ن ‪ ،‬أو الفقُر‬ ‫ب الهموم والغموم كثرةُ الديو ِ‬ ‫ن مما يجل ُ‬ ‫وإ ّ‬
‫ل تنتظرون إل ّ غنى مطغيا ً أو‬ ‫المضني المهلك ‪ )) :‬فه ْ‬
‫فقرا ً منسيا ً (( ‪ .‬ولذا استعاذ ‪ ‬فقال ‪ )) :‬اللهم إني‬
‫ن‬ ‫قُر أ ْ‬ ‫ر (( ‪ .‬و )) كاد الف ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ر والف ْ‬ ‫ن الكف ِ‬ ‫أعوذُ بك م َ‬
‫يكون كفرا ً (( ‪.‬‬
‫ن ماجة ‪:‬‬ ‫ث الذي يرويه اب ُ‬ ‫ض مع الحدي ِ‬ ‫وهذا ل يتعار ُ‬
‫ه ‪ ،‬وازهدْ فيما عند‬ ‫)) ازهدْ في الدنيا يحّبك الل ُ‬
‫ن فيهِ ضعيفا ً ‪.‬‬ ‫س (( ‪ .‬على أ ّ‬ ‫س يحّبك النا ُ‬ ‫النا ِ‬
‫ف ‪ ،‬وما يكفيك عن‬ ‫ن المعنى ‪ :‬أن يكون لك الكفا ُ‬ ‫لك ّ‬
‫ن‬ ‫ل تكو ُ‬ ‫ل‪،‬ب ْ‬ ‫ب ما عندهم من الما ِ‬ ‫س وطل ِ‬ ‫استجداِء النا ِ‬
‫م ‪ )) ،‬ومن‬ ‫ك عنه ْ‬ ‫ف وجه َ‬ ‫شريفا ً نزيها ً ‪ ،‬عندك ما يك ّ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن ُيغِنه الل ُ‬ ‫يستغ ِ‬
‫ك أغنياء ‪ ،‬خيٌر‬ ‫ن ت َذَُر ورث َت َ َ‬ ‫وفي الصحيِح ‪ )) :‬إنك إ ْ‬
‫ن الناس (( ‪.‬‬ ‫ففو ُ‬ ‫ة يتك ّ‬ ‫م عال ً‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أن ت َذََر ُ‬ ‫م ْ‬
‫سد ّ به ما قد ْ أضاعوا‬ ‫َ‬
‫أ ُ‬ ‫س ما‬ ‫حقوق أنا ٍ‬
‫وفّرطوا‬ ‫دا‬ ‫استطاعوا لها س ّ‬
‫س‪:‬‬ ‫عّزةِ النف ِ‬ ‫دهم في ِ‬ ‫يقول أح ُ‬ ‫ُ‬
‫ل‬
‫ن القوا ِ‬ ‫أحس ُ‬ ‫ل كل ّ‬ ‫ح القوا ِ‬ ‫أقب ُ‬
‫السفلى‬ ‫اليدِخذ ْ ّ‬ ‫من لك‬ ‫لدُ العليا خيٌرقولي‬ ‫الي ْ‬
‫وفي الصحيح ‪)) :‬ولع‬
‫ة ‪﴿،‬‬ ‫سفلى الخذةُ أو السائل ُ‬ ‫ة ‪ ،‬واليد ُ ال ّ‬ ‫(( ‪ .‬اليد ُ العليا المعطي ُ‬
‫ف﴾ ‪.‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫ن الت ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫غن َِياء ِ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫جا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫سب ُ ُ‬‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م رزقا ً أو‬ ‫والمعنى ‪ :‬ل تتمّلق البشَر فتطلب منه ْ‬
‫ن‬ ‫ل والخل ْقَ ل ّ‬ ‫ن الرزق والج َ‬ ‫م َ‬ ‫لض ِ‬ ‫ن الله عّز وج ّ‬ ‫مكسبا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪164‬‬
‫سهم‬ ‫ن قعساُء ‪ ،‬وأهُله شرفاُء ‪ ،‬والعزة ُ لهم ‪ ،‬ورؤو ُ‬ ‫عّزةَ اليما ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ة ‪ ،‬وأنوُفهم دائما ً شامخ ٌ‬ ‫دائما ً مرتفع ٌ‬
‫ه ُ‬‫عندَ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫غو َ‬ ‫ة ‪ ﴿ :‬أي َب ْت َ ُ‬
‫ن الورديّ ‪:‬‬ ‫ميعا ً ﴾ ‪ .‬قال اب ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫عّزةَ ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫عّزةَ َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ب تقبيل يدٍ‬ ‫أنا ل أرغ ُ‬ ‫ن‬
‫نم ْ‬ ‫قط ُْعها أحس ُ‬
‫ن صنيِع‬ ‫ل‬ ‫رّقها أو لتلك الُقب ْ‬
‫ن جزْتني ع ْ‬ ‫إ ْ‬ ‫فيكفيني‬ ‫ِ‬
‫ت في‬ ‫كن ُ‬
‫*******************************************‬ ‫ل‬‫الخج ْ‬
‫ه‬
‫ر الل ِ‬
‫ق بغي ِ‬
‫ل تتعل ْ‬
‫ه ‪ ،‬فلماذا‬ ‫ت والرزاقُ هو الل ُ‬ ‫إذا كان المحيي والمي ُ‬
‫ب‬‫ن أكثر ما يجل ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ؟! ورأي ُ‬‫ف من الناس والقلقُ منه ُ‬ ‫الخو ُ‬
‫ب‬ ‫م ‪ ،‬والتقر ُ‬ ‫ب رضاه ْ‬ ‫س ‪ ،‬وطل ُ‬ ‫ّ‬
‫الهموم والغموم التعلقُ بالنا ِ‬
‫م ‪ ،‬وهذا من‬ ‫مه ْ‬‫ص على ثناِئهم ‪ ،‬والتضّرر بذ ّ‬ ‫م ‪ ،‬والحر ُ‬
‫منه ُ‬
‫ف التوحيد ِ ‪.‬‬ ‫ضع ِ‬
‫فليتك تحلو والحياةُ‬ ‫م‬
‫وليتك تْرضى والنا ُ‬
‫الوة ٌد ّ‬
‫مرير‬ ‫ح منك‬ ‫إذا ص ّ‬ ‫ب‬‫غضا ُ‬
‫فوق‬ ‫ل الذي‬‫وك ّ‬
‫ن‬ ‫ل هي ّ ٌ‬ ‫فالك ُ ّ‬
‫***************************************‬ ‫ب‬ ‫ب ترا ُ‬‫الترا ِ‬
‫ر‬
‫صدْ ِ‬
‫ح ال ّ‬
‫ب انشر ِ‬
‫أسبا ُ‬
‫ب صفائ ِهِ ونقاِئه يوسعُ‬ ‫ه ِبحس ِ‬ ‫مها ‪ :‬التوحيدُ ‪ :‬فإن ُ‬ ‫أه ّ‬
‫الصدَر ‪ ،‬حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها ‪.‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ل سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫حد ٍ ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ك ومل ِ‬ ‫مشر ٍ‬ ‫ول حياة ل ُ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫و َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ش‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ضنك‬‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ش‬ ‫عي‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ري‬ ‫َ ِ‬ ‫ك‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬
‫ه أن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مى ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ْ‬
‫رِد الل ُ‬ ‫ِ‬ ‫من ي ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ع َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ال ِ‬
‫من‬ ‫ف َ‬ ‫سل َم ِ ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪ ﴿ :‬أ َ َ‬ ‫صدَْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ر ّ‬ ‫عَلى ُنو ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬‫سَلم ِ َ‬ ‫صدَْرهُ ل ِْل ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫شَر َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫صدرِ والرهبةِ والخو ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ه أعداءه بضي ِ‬ ‫عد الل ُ‬ ‫وتو ّ‬
‫فُروا ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫في ُ‬ ‫قي ِ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬ ‫ب‪َ ﴿،‬‬ ‫ق والضطرا ِ‬
‫َ‬ ‫والقل ِ‬
‫طانا ً ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫م ي ُن َّز ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫الّر ْ‬
‫رِد‬ ‫من ي ُ َ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫من ِذك ْ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫سي َ ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل ل ّل ْ َ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫الل ّ َ‬
‫ردْ أن‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫سل َم ِ َ‬ ‫صدَْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪165‬‬
‫َ‬
‫في‬ ‫عد ُ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ي َ ّ‬ ‫حَرجا ً ك َأن ّ َ‬ ‫ضّيقا ً َ‬ ‫صدَْرهُ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ح‬ ‫م النافعُ ‪ ،‬فالعلماُء أشر ُ‬ ‫صد َْر ‪ :‬العل ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ومما يشر ُ‬
‫م سرورا ً ‪ ،‬لما‬ ‫مه ْ‬ ‫حبورا ً ‪ ،‬وأعظ ُ‬ ‫س صدورا ً ‪ ،‬وأكثُرهم ُ‬ ‫النا ِ‬
‫م‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ث المحمديّ النبويّ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م من الميرا ِ‬ ‫عنده ْ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ه إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ه َل إ ِل َ َ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫عل َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عل َ ُ‬‫ن تَ ْ‬ ‫ت َك ُ ْ‬
‫ن للحسنةِ نورا ً في‬ ‫ح ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫ومنها ‪ :‬العم ُ‬
‫ة في‬ ‫ق ‪ ،‬ومحب ً‬ ‫ة في الرز ِ‬ ‫سعَ َ‬ ‫ب ‪ ،‬وضياًء في الوجهِ ‪ ،‬و َ‬ ‫القل ِ‬
‫دقا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫غ َ‬ ‫ماء َ‬ ‫هم ّ‬ ‫قي َْنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ق ‪َ ﴿ ،‬ل ْ‬ ‫ب الخل ِ‬
‫ْ‬ ‫قلو ِ‬
‫ت‬ ‫ن ‪ ،‬ثاب ُ‬ ‫ة ‪ :‬فالشجاعُ واسعُ البطا ِ‬ ‫ومنها ‪ :‬الشجاع ُ‬
‫مه‬ ‫ن ‪ ،‬فل ته ّ‬ ‫ل على الرحم ِ‬ ‫ن ‪ ،‬لنه يؤو ُ‬ ‫ن ‪ ،‬قويّ الركا ِ‬ ‫جَنا ِ‬‫ال َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ه التوجسا ُ‬ ‫ف ‪ ،‬ول تزعزِعُ ُ‬ ‫ث ‪ ،‬ول تهّزهُ الراجي ُ‬ ‫الحواد ُ‬
‫مرا ً‬ ‫ح ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫ترّدى ثبات المو ِ‬ ‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل إل وهي ِ‬ ‫لها اللي ُ‬
‫أتى‬
‫فمامات‬ ‫وما مات حتى‬ ‫ر‬
‫ت‬ ‫ض ُْ‬ ‫خ‬
‫س ُ‬
‫واعتل ْ‬ ‫ب ٍ‬ ‫سند ِ‬ ‫من الضر‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫ب سيِف ِ‬ ‫مضر ُ‬ ‫مُر‬ ‫س ْ‬
‫القنا ال ّ‬ ‫عليه‬
‫ب المعاصي ‪ :‬فإنها ِ كدٌر حاضٌر ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اجتنا‬ ‫‪:‬‬ ‫ومنها‬
‫م‪.‬‬ ‫م قات ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وظل ٌ‬ ‫ة جاثم ٌ‬ ‫ووحش ٌ‬
‫ت‬ ‫ت الذنوب ُتمي ُ‬ ‫رأي ُ‬ ‫ل‬‫ث الذ ّ ّ‬ ‫وقد ْ ُيور ُ‬
‫القلوب‬ ‫إدماُنها‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫الكل‬ ‫من‬ ‫‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫المباحا‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫كثر‬ ‫ب‬
‫ومنها ‪ :‬اجتنا ُ‬
‫و‬‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫والطعام ِ والمنام والخلطةِ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫د‬
‫عِتي ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫قي ٌ‬ ‫ه َر ِ‬ ‫ل إ ِّل ل َدَي ْ ِ‬ ‫و ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫من َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ي َل ْ ِ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬‫ع ِ‬‫م ْ‬
‫ُ‬
‫فوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ر ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬ ‫شَرُبوا ْ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴾ ‪ ﴿ ،‬وك ُُلوا ْ َ‬
‫*************************************‬

‫ء‬
‫رغ من القضا ِ‬ ‫ُ‬
‫ف ِ‬
‫ق‬ ‫س والهموم ِ طبيب القل ِ‬ ‫سأ َ‬
‫ل أحد ُ المرضى بالهواج ِ‬
‫ن العالم قد ْ‬
‫مأ ّ‬‫م ‪ :‬اعل ْ‬
‫ب المسل ُ‬
‫ب ‪ ،‬فقال له الطبي ُ‬‫والضطرا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪166‬‬
‫س إل بإذن‬ ‫م ٌ‬‫ة ول هَ ْ‬ ‫ره ‪ ،‬ول يقعُ فيهِ حرك ٌ‬ ‫قهِ وتدبي ِ‬
‫ن خل ِ‬‫فرغَ م ْ‬
‫ق‬
‫ن الله كتب مقادير الخلئ ِ‬ ‫م؟! ))إ ّ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬فِلم اله ّ‬
‫ق الخْلق بخمسين ألف سن ٍ‬
‫ة(( ‪.‬‬ ‫خل ُ َ‬‫ن يَ ْ‬
‫قبل أ ْ‬
‫قال المتنبي على هذا ‪:‬‬
‫ن‬‫م في عي ِ‬ ‫وتعْظ ُ ُ‬ ‫ن‬‫وتصغُر في عي ِ‬
‫الصغيرِ صغاُرها‬ ‫م‬
‫العظيم ِ العظائ ِ ُ‬
‫*********************************‬
‫ة اللذيذُ‬
‫م الحري ّ ِ‬ ‫طَ ْ‬
‫ع ُ‬
‫ن عند َه ُ ثلثمائةٍ‬ ‫ب ) المسار ( ‪ :‬م ْ‬ ‫ل الراشد ُ في كتا ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ده‬ ‫ف وستمائة تمرة ‪ ،‬لم يستعب ْ‬ ‫ت وأل ٌ‬ ‫وستون رغيفا ً وجّرة زي ٍ‬
‫أحد ٌ ‪.‬‬
‫س والماِء ‪،‬‬ ‫بالخبزِ الياب ِ‬ ‫ن اكتفى‬ ‫ِ‬ ‫ف‪:‬م‬ ‫وقال أحد ُ السل ِ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬ ‫ع َ‬‫من ن ّ ْ‬ ‫عندَهُ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ما ِل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫سِلم من الّرقّ غل للهِ تعالى ﴿ َ‬
‫جَزى ﴾ ‪.‬‬ ‫تُ ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫قال أح ُ‬
‫ت مطامعي‬ ‫أطع ُ‬ ‫ت‬ ‫ولوْ أني قِن ِعْ ُ‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬ ‫فاستعبدتني‬ ‫ت حرا ً‬ ‫لكن ُ‬
‫س‬
‫أرى أشقياء النا ِ‬ ‫عراةٌ‬ ‫م فيها ُ‬ ‫على أّنه ْ‬
‫ت‬‫يسأمونها ْ‬
‫ن كان‬ ‫أراها وإ ْ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫جوّععُ ْ‬ ‫فُ‬‫ة صي و ٍ‬ ‫سحاب ُ‬
‫ب‬ ‫فإنهاالمنص ِ‬ ‫ل أو‬‫الماّر ِ‬‫س‬
‫ع السعادةِ بجمع ت ُ‬ ‫على ُ‬ ‫ونتق ّ‬
‫ش‬ ‫ل‬
‫قلي ْ ٍ‬‫ن الذين يسع‬ ‫إ ّ‬
‫م‬‫م الخاسرون حّقا ً ‪ ،‬وأنه ْ‬ ‫مه ُ‬ ‫أو الوظيفةِ ‪ ،‬سوف يعلمون أنه ْ‬
‫دى‬ ‫فَرا َ‬ ‫موَنا ُ‬ ‫جئ ْت ُ ُ‬ ‫قد ْ ِ‬ ‫ول َ َ‬‫ما جلبوا إل الهموم والغموم ‪َ ﴿ ،‬‬
‫قَناك ُ َ‬
‫وَراء‬ ‫م َ‬ ‫ول َْناك ُ ْ‬ ‫خ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫وت ََرك ُْتم ّ‬ ‫ة َ‬ ‫مّر ٍ‬‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ما َ‬
‫حَياةَ الدّن َْيا}‪{16‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ؤث ُِرو َ‬ ‫ل تُ ْ‬‫م ﴾ ‪ ﴿ ،‬بَ ْ‬ ‫رك ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫هو‬‫ظُ ُ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ َب ْ َ‬‫خي ٌْر َ‬ ‫خَرةُ َ‬ ‫واْل ِ‬ ‫َ‬
‫************************************‬
‫ب‬
‫ه الترا ُ‬
‫ي مخدّت ُ ُ‬
‫ن الثور ّ‬
‫سفيا ُ‬
‫ب في مزدلفة وهو‬ ‫ن الترا ِ‬
‫ةم ْ‬‫م ً‬
‫ن الثوريّ كو ْ‬
‫سد سفيا ُ‬
‫تو ّ‬
‫ب‬
‫سد ُ الترا َ‬
‫ن تتو ّ‬
‫ل هذا الموط ِ‬‫س ‪ :‬أفي مث ِ‬‫ج ‪ ،‬فقال له النا ُ‬
‫حا ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪167‬‬
‫ن مخدةِ‬ ‫مم ْ‬ ‫دتي هذهِ أعظ ُ‬ ‫ث الدنيا ؟ قال ‪ :‬لمخ ّ‬
‫محد ّ ُ‬
‫وأنت ُ‬
‫أبي جعفرٍ المنصورِ الخليفةِ ‪.‬‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ب الل ّ ُ‬‫ما ك َت َ َ‬
‫صيب ََنا إ ِل ّ َ‬‫قل ّلن ي ُ ِ‬
‫﴿ ُ‬
‫*********************************‬
‫ن‬
‫في َ‬
‫ج ِ‬
‫مر ِ‬
‫ن إلى ال ُ‬
‫ل ترك ْ‬
‫ة ‪ ،‬التي‬ ‫ة المغلوب ُ‬ ‫ت الخاطئ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬والرهاصا ُ‬ ‫الوعود ُ الكاذب ُ‬
‫ن‬‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬ ‫م ‪ ﴿ ،‬ال ّ‬ ‫س ‪ ،‬إنما هي أوها ٌ‬ ‫ف منها أكثُر النا ْ ِ‬ ‫يخا ُ‬
‫كم‬ ‫عدُ ُ‬‫ه يَ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬‫كم ِبال ْ َ‬‫مُر ُ‬ ‫وي َأ ُ‬ ‫قَر َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫عدُك ُ ُ‬
‫يَ ِ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫س ٌ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬‫ضل ً َ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫فَرةً ّ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ّ‬
‫س والشعوِر‬ ‫ت اليأ ِ‬ ‫ة المعدةِ ‪ :‬ثمرا ُ‬ ‫والقلقُ والرقُ وقُْرح ُ‬
‫ط والخفاق ‪.‬‬ ‫بالحبا ِ‬
‫***********************************‬
‫م‬ ‫ب وال ّ‬
‫شت ْ ُ‬ ‫ن يضّرك الس ّ‬
‫ل ْ‬
‫ل ‪ :‬أنا ل‬ ‫ي ) إبراهام لينكولن ( يقو ُ‬ ‫س المريك ّ‬ ‫كان الرئي ُ‬
‫ح مظروفها فضل ً‬ ‫ُ‬
‫ي ‪ ،‬ول أفت ُ‬ ‫جه إل ّ‬ ‫أقرأ رسائل الشتم ِ التي ُتو ّ‬
‫دمت شيئا ً لشعبي‬ ‫ما ق ّ‬ ‫ت بها ل َ‬ ‫عن الرد ّ عليها ؛ لنني لو اشتغل ُ‬
‫ل﴾‪﴿،‬‬ ‫مي َ‬‫ج ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ص َ‬
‫ف ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬
‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫فأ َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫سَل ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ص َ‬‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن‪:‬‬ ‫سا ُ‬ ‫قال ح ّ‬
‫ب‬
‫ما أبالي أن ّ‬ ‫ر‬
‫أو لحاني بظه ِ‬
‫سوالحقراِء‬ ‫ن ت َي ْ‬
‫والسخفاِء ٌ‬ ‫ت اللؤماِءبالحْز ِ‬ ‫مكلما ِ‬ ‫لئي ُ‬
‫بأ ّ‬
‫ن‬ ‫غ َي‬
‫المعنىْ ٍ‪:‬‬
‫م‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬ل تضّر ول ت ُهُ ّ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫الشّتامين المتسلقين على أعرا ِ‬
‫م ‪ ،‬أو أن يتحرك منها شجاعٌ ‪.‬‬ ‫ن يتلفت لها مسل ٌ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ول يمك ُ‬
‫ة‬
‫ب العالميةِ الثاني ِ‬ ‫كان قائد ُ البحريةِ المريكيةِ في الحر ِ‬
‫ة‬
‫ل مع مرؤوسي ِ‬ ‫ص على الشهرةِ ‪ ،‬فتعام َ‬ ‫رجل ً لمعا ً ‪ ،‬يحر ُ‬
‫ت ‪ ،‬حتى قال ‪:‬‬ ‫الذين كالوا له الشتائم والسباب والهانا ِ‬
‫م عودي ‪،‬‬ ‫ج َ‬ ‫ة ‪ ،‬لقد ْ عَ َ‬ ‫أصبح اليوم عندي من النقدِ مناع ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪168‬‬
‫سورا ً‬ ‫ف ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ول ين ِ‬ ‫ن الكلم ل يهد ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ت سني ‪ ،‬وعلم ُ‬ ‫وكبر ْ‬
‫حصينا ً ‪.‬‬
‫وماذا تبتغي‬ ‫ت حد ّ‬ ‫وقد ْ جاوز ُ‬
‫الشعراُء مّني‬ ‫الربعينا‬
‫ه قال ‪ :‬أحبوا‬ ‫م – أن ُ‬ ‫ُيذكُر عن عيسى – عليه السل ُ‬
‫أعداءكم ‪.‬‬
‫ما ً ‪ ،‬حتى‬ ‫م عفوا ً عا ّ‬ ‫ن ُتصدروا في أعداِئك ْ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أ ْ‬
‫م‪﴿ ،‬‬ ‫تسلموا من التشّفي والنتقام ِ والحقد ِ الذي ينهي حيات َك ُ ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫َ‬
‫م﴾‬ ‫و َ‬ ‫م ال ْي َ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬‫ب َ‬ ‫م الطلقاءُ(( ‪ ﴿ ،‬ل َ ت َث َْري َ‬ ‫))اذهبوا فأنت ُ‬
‫سَلف ﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه َ‬ ‫فا الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬‫‪َ ﴿،‬‬
‫*************************************‬
‫ن‬
‫و ِ‬
‫اقرأ الجمال في الك ْ‬
‫ل‬ ‫ق ذي الجل ِ‬ ‫ْ‬
‫ل في خل ِ‬ ‫ح الصدر قراءةُ الجما ِ‬ ‫مما يشر ُ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ب المفتو ُ‬ ‫ن‪ ،‬هذا الكتا ُ‬ ‫م‪ ،‬والتمت ّعُ بالنظرِ في الكو ِ‬ ‫ِ‬ ‫والكرا‬
‫ة﴾﴿‬ ‫ق َ‬ ‫ل في خلقه ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫ن الله يقو ُ‬
‫ج ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫دائ ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫فأنب َت َْنا ب ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪﴿،‬‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ق ال ّ ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما َ‬ ‫فأُروِني َ‬ ‫ه َ‬‫ق الل ّ ِ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫ه َ‬
‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ض﴾ ‪.‬‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ل انظُُروا ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ُ‬
‫ن ما‬ ‫ت ‪ ،‬من أخبارِ الكو ِ‬ ‫ل لك ‪ ،‬بعد صفحا ِ‬ ‫وسوف أنق ُ‬
‫ه‬‫ق ُ‬ ‫خل ْ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي أ َ ْ‬ ‫يدّلك على حكمةٍ وعظمةٍ ﴿ال ّ ِ‬
‫دى ﴾ ‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫وكتابي الفضاُء َأقرأ ُ‬ ‫صورا ً ما قرأُتها في‬
‫ه‬
‫في ِ‬ ‫كتابي‬
‫س اللمعةِ ‪ ،‬والنجوم ِ الساطعةِ ‪ ،‬في‬ ‫قراءة ٌ في الشم ِ‬
‫ة‬
‫ل ‪ ..‬في الشجرةِ ‪ ..‬في الثمر ِ‬ ‫ل ‪ ..‬في الت ّ‬ ‫النهرِ ‪ ..‬في الجدو ِ‬
‫‪ ..‬في الضياِء ‪ ..‬في الهواِء ‪ ..‬في الماِء ‪،‬‬
‫ه‬ ‫ل شيٍء ل ُ‬ ‫وفي ك ّ‬ ‫ل على أّنه الواحد ُ‬ ‫تد ّ‬
‫ة‬‫آي ٌ‬
‫يقول إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪169‬‬
‫أّيها الشاكي وما بك‬ ‫كيف تغدو إذا‬
‫فيءٌ‬ ‫أترى الشوك دا‬ ‫عليل َ‬
‫ندى‬ ‫غدوت ال ّ‬
‫ه‬
‫أن ترى فوق ُ‬
‫مى‬
‫ر‬ ‫سهت َعْ َ‬
‫نفدِ ُو‬
‫الورو‬ ‫الوجولدَِ‬
‫ل يرى في إكلي‬
‫بغي ِ‬ ‫والذي‬
‫ل‬‫جما ٍ‬ ‫شيئا ً جميل‬
‫*******************************************‬
‫ف‬
‫ْ َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬‫ين‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫﴿أ‬
‫ِِ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت﴾‬ ‫ق ْ‬‫خل ِ َ‬
‫ُ‬
‫ن المبدع‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن يعل ْ‬ ‫ن ينظْر إلى الكو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل أْينشتاين ‪َ :‬‬ ‫يقو ُ‬
‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪﴿،‬‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫شَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ب بالّنردِ ‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬ ‫م ل يلع ُ‬ ‫حكي ٌ‬
‫م‬‫قَناك ُ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ق ﴾ ‪ ﴿ ،‬أَ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما إ ِّل ِبال ْ َ‬ ‫ه َ‬
‫قَنا ُ‬ ‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫َ‬
‫عَبثا ً ﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ن وبحكمةٍ ‪ ،‬وبترتي ٍ‬ ‫سبا ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل شيٍء ب ِ ُ‬ ‫نك ّ‬ ‫ى‪:‬أ ّ‬ ‫والمعن ِ‬
‫ن هناك إلها ً قديرا ً ل‬ ‫ن يرى هذا الكون أ ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫وبنظام ٍ ‪ ،‬يعل ُ‬
‫ل في عله ُ ‪.‬‬ ‫ة‪،‬ج ّ‬ ‫ُيجري المور مجازف ً‬
‫مُر‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه وتعالى ‪ ﴿ :‬ال ّ‬ ‫ل سبحان ُ‬ ‫م يقو ُ‬ ‫ث ّ‬
‫ك ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫مَر‬ ‫ق َ‬ ‫ر َ‬ ‫ها أن ت ُدْ ِ‬ ‫غي ل َ َ‬ ‫س َينب َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ﴾ ‪َ ﴿ ،‬ل ال ّ‬ ‫سَبا ٍ‬ ‫ح ْ‬‫بِ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫سب َ ُ‬‫ك يَ ْ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫ر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ق الن ّ َ‬ ‫ساب ِ ُ‬‫ل َ‬ ‫وَل الل ّي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫ص‬
‫حْر ُ‬
‫ل يجدي ال ِ‬
‫س حتى تستكمل رْزقها‬ ‫ت نف ٌ‬ ‫ن تمو َ‬ ‫قال‪ )) : ‬ل ْ‬
‫ن‪،‬‬‫ص إذ ْ‬ ‫حْر ُ‬ ‫جَزعُ ؟!وِلم الهَل َعُ ؟! وِلم ال ِ‬ ‫وأجَلها (( ‪ .‬فِلم ال َ‬
‫ر﴾‪﴿،‬‬ ‫دا ٍ‬‫ق َ‬‫م ْ‬‫عندَهُ ب ِ ِ‬‫ء ِ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬‫ن هذا وفََرغ َ ؟! ﴿ َ‬
‫إذا انتهى م ْ‬
‫دورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ق ُ‬‫م ْ‬ ‫درا ً ّ‬
‫ق َ‬‫ه َ‬‫مُر الل ّ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫**************************************‬
‫ت‬ ‫ت تك ّ‬
‫فُر عنك السيئا ِ‬ ‫الزما ُ‬
‫ه ما أوطأ‬ ‫ه قال ‪ :‬آلل ُ‬ ‫ُيذك َُر عن الشاعرِ ابن المعتّز أن ُ‬
‫ق باللهِ !!‬
‫ة الواث ِ‬ ‫ة المتوكل على اللهِ ‪ ،‬وما أسرع أْوب َ‬ ‫راحل ً‬
‫ن‬
‫نم ْ‬ ‫ب المؤم َ‬ ‫ه قال ‪ )) :‬ما يصي ُ‬ ‫ه ‪ ‬أن ُ‬
‫ح عن ُ‬
‫وقد ص ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪170‬‬
‫ض‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬ول مر ٍ‬ ‫ب ‪ ،‬ول نص ٍ‬ ‫م ‪ ،‬ول وص ٍ‬ ‫م ‪ ،‬ول غ ّ‬ ‫ه ّ‬
‫ن‬ ‫ه بها م ْ‬ ‫فر الل ُ‬ ‫كها ‪ ،‬إل ك ّ‬ ‫ة ُيشا ُ‬ ‫حتى الشوك ُ‬
‫ه‬‫ف أن ُ‬ ‫خطاياهُ (( ‪ .‬فهذا لمن صبر واحتسب وأناب ‪ ،‬وعََر َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل مع الواحد ِ الوها ِ‬ ‫يتعام ُ‬
‫ت حكيمةٍ تضفي على العبد ِ قوةً‬ ‫قال المتنبي في أبيا ٍ‬
‫وانشراحا ً ‪:‬‬
‫ل تلق دهرك إل غي َْر‬ ‫ه‬
‫ب في ِ‬ ‫ما دام يصح ُ‬
‫ما‬ ‫ث‬‫مكترا ً ٍ‬
‫سرور‬ ‫م ُ‬ ‫فما ُيدي ُ‬ ‫ن‬
‫روحك البد ُ‬
‫الغائب‬ ‫ول يرد ّ ُعليك‬
‫ه‬
‫رتَر ب ُ ِ‬‫لرِت َْ ْ‬‫س‬ ‫ْ‬
‫ما‬ ‫حوا ب ِ َ‬ ‫ف‬ ‫و َُ‬‫م َ‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫نَلى َ‬
‫ما َ‬ ‫الحز َُ‬
‫ع‬ ‫وا‬
‫س ْ‬‫﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫آَتاك ُ ْ‬
‫**********************************‬
‫كي ُ‬
‫ل «‬ ‫م ال ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫ع َ‬
‫ون ِ ْ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ح ْ‬
‫» َ‬
‫م لما‬ ‫ل « ‪ :‬قالها إبراهي ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ح ْ‬‫» َ‬
‫ت برد ْا ً وسلما ً ‪ .‬وقال محمد ٌ ‪ ‬في‬ ‫ُ‬
‫ألقي في النارِ ‪ ،‬فصار ْ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حد ٍ ‪ ،‬فنصره الل ُ‬ ‫أ ُ‬
‫ي‬‫ل ‪ :‬ألك إل ّ‬ ‫ق قال له جبري ُ‬ ‫م في المنجني ِ‬ ‫ضع إبراهي ُ‬ ‫لما وُ ِ‬
‫ه‬
‫ما إلى الل ِ‬ ‫ما إليك فل ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫م‪:‬أ ّ‬ ‫ة ؟ فقال له إبراهي ُ‬ ‫حاج ٌ‬
‫م!‬ ‫فَن َعَ ْ‬
‫ت‬ ‫ف هذا ‪ ،‬وخمد ْ‬ ‫حرِقُ ‪ ،‬ولكن ج ّ‬ ‫البحُر ي ُْغرقُ ‪ ،‬والناُر ت َ ْ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬‫م ال ْ َ‬
‫ع َ‬‫ون ِ ْ‬
‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫تلك ‪ ،‬بسبب ‪َ » :‬‬
‫ل ك َّل‬ ‫قا َ‬ ‫رأى موسى البحَر أمامه والعد ّ خلفه ‪ ،‬فقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن اللهِ ‪.‬‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬فنجا بإذ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي َ ْ‬‫ي َرّبي َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬
‫ن َ‬‫إِ ّ‬
‫خ‬ ‫ن الرسول ‪ ‬لما دخل الغار ‪ ،‬س ّ‬ ‫كر في السيرةِ أ ّ‬ ‫ذُ ِ‬
‫شها ‪ ،‬والعنكبوت فبنت بيتها بفم ِ الغارِ ‪،‬‬ ‫تع ّ‬ ‫الله الحمام فبن ْ‬
‫فقال المشركون ‪ :‬ما دخل هنا محمد ٌ ‪.‬‬
‫ظّنوا الحمام وظّنوا‬ ‫خ‬ ‫س ْ‬ ‫خيرِ البريةِ لم تن ِ‬
‫ن‬ ‫العنكبوت على‬ ‫عام ٍ ِ‬ ‫ح‬
‫ن تَ ُ‬ ‫ولم‬
‫تع ْ‬ ‫ة اللهِ أغني ْ‬ ‫عناي ُ‬ ‫ل‬ ‫من الدروِع وع ْ‬
‫ة‬
‫مضاعف ٍ‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫من الط ُِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪171‬‬
‫ن هناك رب ّا ً‬ ‫محها العبد ُ ‪ ،‬ونظر أ ّ‬ ‫ة إذا تل ّ‬ ‫ة الرباني ُ‬ ‫إنها العناي ُ‬
‫ن العبد ُ إليه ‪.‬‬ ‫قديرا ً ناصرا ً ولي ّا ً راحما ً ‪ ،‬حينها يرك ُ‬
‫ل شوقي ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ك‬ ‫ة لحظت ْ َ‬ ‫وإذا العناي ُ‬ ‫ث ك ُّلهن‬ ‫م فالحواد ُ‬ ‫ن ْ‬
‫ه َ‬ ‫ك ب ِأ َ ْ‬
‫م‬ ‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬‫نها َ‬
‫وُ ُ‬‫عيو َ‬
‫فظا ً‬
‫حا ِ‬‫خي ٌْر َ‬
‫ه َ‬‫فالل ّ ُ‬‫ن َ‬
‫أما ﴿ ُ‬
‫عي ُن َِنا ﴾ ‪،‬‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬
‫ح ِ‬ ‫الّرا ِ‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫سعاد ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫ونا ُ‬
‫مك ّ‬
‫ه‪،‬‬ ‫سْرب ِ‬ ‫ن بات آمنا ً في ِ‬ ‫ه ‪ )) : ‬م ْ‬ ‫وعند الترمذيّ عن ُ‬
‫ت‬ ‫حيَز ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فكأنما ِ‬ ‫م ِ‬‫ت يو ِ‬ ‫ى في بدنه ‪ ،‬عندهُ قو ُ‬ ‫معاف ً‬
‫رها (( ‪.‬‬ ‫في ِ‬ ‫له الدنيا بحذا ِ‬
‫والمعنى ‪ :‬إذا حصل على غذاٍء ‪ ،‬وعلى مأًوى وكان‬
‫ت‪،‬‬ ‫ل الخيرا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وأفض ِ‬ ‫ن السعادا ِ‬ ‫ً‬
‫آمنا ‪ ،‬فقد ْ حصل على أحس ِ‬
‫م ل يذكرونه ‪ ،‬ول‬ ‫س ‪ ،‬لكنه ْ‬ ‫ل عليه كثيٌر من النا ِ‬ ‫وهذا يحص ُ‬
‫ينظرون إليه ول يلمسونه ‪.‬‬
‫ل سبحانه وتعالى لرسوله ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وأت ْ َ‬ ‫َ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل‪‬؟‬ ‫ت على الرسو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مِتي ﴾ ‪ .‬فأيّ نعمةٍ ت ّ‬ ‫ع َ‬ ‫نِ ْ‬
‫ب‬ ‫أهي المادةُ ؟ أهو الغذاُء ؟ أهي القصوُر والدوُر والذه ُ‬
‫ك من ذلك شيئا ً ؟‬ ‫ة ‪ ،‬ولم يمل ْ‬ ‫ض ُ‬‫والِف ّ‬
‫ن‬ ‫ن طي ٍ‬ ‫م في غرفةٍ م ْ‬ ‫ن هذا الرسول العظيم ‪ ‬كان ينا ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن على بطن ِهِ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬ويرب ُ‬
‫جري ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ط َ‬ ‫ن جريدِ النخ ِ‬ ‫‪ ،‬سقُفها م ْ‬
‫ل تؤّثر في جنبهِ ‪ ،‬ورهن‬ ‫سَعف النخ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سد ُ على مخد ّةٍ م ْ‬ ‫ويتو ّ‬
‫ر‪ ،‬ويدوُر ثلثة أيام ٍ‬ ‫ن شعي ٍ‬ ‫ه عند يهوديّ في ثلثين صاعا ً م ْ‬ ‫د ِْرع ُ‬
‫ل يجد ُ رديء التمرِ ليأكله ويشبع منه‪.‬‬
‫ن‬ ‫عك مرهو ٌ‬ ‫مت ودر ُ‬ ‫ِ‬ ‫شعيرِ وأبقى‬ ‫من ال ّ‬
‫ف‬ ‫شظ ُت ْ ٍ‬ ‫لن فيك على‬ ‫ل‬ ‫الجم ُ‬ ‫ك‬‫رهَ َ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ي‬‫ال‬ ‫معاني‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫اليتا‬ ‫حتى ُدعيت أبا‬
‫ه‬ ‫أعذب ُ ُ‬ ‫ل‬ ‫يا ب َط َ ُ‬
‫ت في قصيدةٍ أخرى ‪:‬‬ ‫وقل ُ‬
‫ر‬
‫ل قص ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫كفاك ع ْ‬ ‫ن أو‬ ‫ت من الطي ِ‬ ‫بي ٌ‬
‫ق عمدٍ‬ ‫شاه ٍ‬ ‫ف من العلم ِ‬ ‫كه ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪172‬‬
‫تبني الفضائل أبراجا ً‬ ‫ن‬‫ي الخيام ِ التي م ْ‬ ‫ص َ‬‫نُ ْ‬
‫ُ‬
‫ف‬
‫و َ‬ ‫س ْ‬‫يدل َة ً َ‬
‫و‬ ‫مش‬
‫ن اْلوَلى}‪َ ّ {4‬‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬‫م ِ لّ َ‬‫الخيي ٌْر‬
‫أروَرِعةُ َ‬
‫خ‬ ‫ول َْل ِ‬
‫خ‬ ‫﴿ َ‬
‫وث ََر ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ال ْك َ ْ‬ ‫ضى ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِّنا أ َ ْ‬
‫عطَي َْنا َ‬ ‫فت َْر َ‬‫ك َ‬ ‫ك َرب ّ َ‬‫طي َ‬‫ع ِ‬‫يُ ْ‬
‫***************************************‬
‫صب‬
‫من ْ ِ‬
‫صب ال َ‬
‫نَ َ‬
‫ن الورديّ ‪:‬‬ ‫ب ‪ ،‬قال اب ُ‬ ‫ب الحياةِ المنص ُ‬ ‫ن متاع ِ‬ ‫م ْ‬
‫ب‬ ‫ب المنص ِ‬ ‫نص ُ‬ ‫ة‬
‫ن مدارا ِ‬ ‫يا عنائي م ْ‬
‫لديتأخذ ُ ماء‬ ‫إنها‬‫ج َ‬ ‫أوهي ‪َ ،‬‬
‫ة‬ ‫ل‬‫السَف ْ‬
‫ب غالي ٌ‬ ‫ة المنص ِ‬ ‫ضريب َ‬ ‫ن‬‫والمعنى ‪ :‬ا ّ‬
‫ب‬ ‫ن تلك الضرائ ِ‬ ‫ن ينجو م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ة ‪ ،‬وقلي ٌ‬ ‫حة والراح َ‬ ‫ص ّ‬‫جهِ ‪ ،‬وال ّ‬
‫الوَ ْ‬
‫ن سمعِته ‪ ،‬من‬ ‫ن عرقِهِ ‪ ،‬من دِم ِ ‪ ،‬م ْ‬ ‫التي يدفُعها يومي ّا ً ‪ ،‬م ْ‬
‫ل‬ ‫ن كرامِته ‪)) ،‬ل تسأ ِ‬ ‫ن شرِفه ‪ ،‬م ْ‬ ‫ن عزِته ‪ ،‬م ْ‬ ‫راحِته ‪ ،‬م ْ‬
‫ة(( ﴿‬ ‫ة وِبئست الفاطم ُ‬ ‫ت المرضع ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬
‫ة(( ‪)) .‬ن ِ ْ‬ ‫المار َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫طاِني ْ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫عّني ُ‬ ‫ك َ‬ ‫هل َ َ‬‫َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ب الدنيا تصيُر‬ ‫ه ِ‬ ‫أليس مصيُر ذلك‬
‫غليك عفو ً‬
‫ب؟‬ ‫شيءا تذه ُ‬ ‫بكل شيٍء ‪ ،‬فإلى أي‬ ‫ل ؟!‬ ‫تِ‬ ‫للزوا ْ‬
‫ن الدنيا أت‬ ‫قد ّْر أ ّ‬
‫واْل ِك َْرام ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫جَل ِ‬ ‫ذو ال ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه َرب ّ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫و ْ‬ ‫قى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫إلى الفناِء ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ي رأسا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن‬ ‫ن يا ُبن ّ‬ ‫قال أحد ُ الصالحين لبنه ‪ :‬ل تك ْ‬
‫الرأس كثيُر الوجاِع ‪.‬‬
‫ن‬‫ؤس ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ب التصد َّر دائما ً والّتر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫والمعنى ‪ :‬ل ت ُ ِ‬
‫ل إل إلى‬ ‫ب ل تص ُ‬ ‫ت والضرائ ِ‬ ‫ت والشتائم ِ والحراجا ِ‬ ‫النتقادا ِ‬
‫دمين ‪.‬‬ ‫هؤلء المق ّ‬
‫س‬‫ن نصف النا ِ‬ ‫إ ّ‬ ‫ولي السْلطة هذا‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫أعداٌء ل ِ‬
‫*****************************************‬ ‫ل‬‫ن عد ْ‬ ‫إ ْ‬
‫هيا إلى الصلة‬
‫َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫صل َ ِ‬‫وال ّ‬
‫ر َ‬
‫صب ْ ِ‬‫عيُنوا ْ ِبال ّ‬ ‫مُنوا ْ ا ْ‬
‫ست َ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫﴿ َيا أي ّ َ‬
‫زع إلى الصلةِ ‪.‬‬ ‫كان ‪ ‬إذا حزبه أمٌر فَ ِ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫رحْنا بها يا بل ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬أ ِ‬ ‫وكان يقو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪173‬‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫جعلت قّرةُ عيني في الصل ِ‬ ‫ل ‪ُ )) :‬‬ ‫ويقو ُ‬
‫إذا ضاق الصدُر ‪ ،‬وصُعب المُر ‪ ،‬وكثر المك ُْر ‪ ،‬فاهرعْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫إلى المصّلى فص ّ‬
‫ت الليالي ‪ ،‬وتغي َّر‬ ‫م ‪ ،‬واختلف ْ‬ ‫ت في وجِهك اليا ُ‬ ‫إذا أظلم ْ‬
‫ب ‪ ،‬فعليك بالصلةِ ‪.‬‬ ‫الصحا ُ‬
‫ح صدره‬ ‫ت العظيمةِ يشر ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ي ‪ ‬في المه ّ‬ ‫كان النب ّ‬
‫ن ‪ .‬وذكروا‬ ‫رها من المواط ِ‬ ‫ب وغي ِ‬ ‫بالصلةِ ‪ ،‬كيوم ِ يد ْرٍ والحزا ِ‬
‫ة‬
‫ب ) الفتِح ( أنه ذهب إلى القلع ِ‬ ‫ظ ابن حجرٍ صاح ِ‬ ‫ن الحاف ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ص ‪ ،‬فقام يصلي ‪ ،‬ففّرج الل ُ‬ ‫بمصر فأحط به اللصو ُ‬
‫ن رجل ً من الصالحين‬ ‫ن القيم ِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫ن عساكر واب ُ‬ ‫وذكر اب ُ‬
‫ق الشام ِ ‪ ،‬فأجهز عليه ليقتله ‪،‬‬ ‫ص في إحدى طر ِ‬ ‫لقيه ل ّ‬
‫فطلب منه مهلةٍ ليصلي ركعتين ‪ ،‬فقام فافتتح الصلة ‪،‬‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫وتذك ّر قول الله تعالى ‪ ﴿ :‬أ َ‬
‫ه‬
‫عا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ل المجرم‬ ‫ك من السماِء بحربةٍ فََقت َ َ‬ ‫﴾ ‪ .‬فرّددها ثلثا ‪ ،‬فنزل مل ٌ‬ ‫ً‬
‫مْر‬ ‫ل من يجيب المضطر إذا دعاه ‪ْ ﴿ .‬‬ ‫‪ ،‬وقال ‪ :‬أنا رسو ُ‬
‫وأ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هى‬ ‫صَلةَ ت َن ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ها ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫صطَب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫هل َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫عَلى‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ر ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫منك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬‫شاء َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫قوتا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ك َِتابا ً ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ‪ ،‬الصلة ُ على‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ح الصدر ‪ ،‬ويزي ُ‬ ‫ما يشر ُ‬ ‫وإن م ّ‬
‫َ‬
‫موا‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫صّلوا َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫الرسول ‪َ ﴿ : ‬يا أي ّ َ‬
‫سِليما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫تَ ْ‬
‫ه‬ ‫صح ذلك عند الترمذي ‪ :‬أ ُ‬
‫ي بن كعب – رضي الل ُ‬ ‫ن أب َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل لك من صلتي ؟‬ ‫م أجع ُ‬ ‫ه – قال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬ك ْ‬ ‫عن ُ‬
‫قال ‪ )) :‬ما شئت (( ‪ .‬قال ‪ :‬الربع ؟ قال ‪ )) :‬ما شئت ‪،‬‬
‫ن زدت فخي ٌْر (( ‪ .‬قال ‪ :‬الث ُّلثْين ؟ قال ‪ )) :‬ما شئت ‪،‬‬ ‫وإ ْ‬
‫ل لك صلتي كلّها ؟ قال ‪:‬‬ ‫ن زدت فخيٌر (( ‪ .‬قال ‪ :‬أجع ُ‬ ‫وإ ْ‬
‫مك (( ‪.‬‬ ‫كفى ه ّ‬ ‫ن ُيغفُر ذنُبك ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫)) إذ ْ‬
‫ل بالصلةِ والسلم ِ على سيدِ‬ ‫م يزو ُ‬ ‫ن اله ّ‬ ‫وهنا الشاهد ُ ‪ ،‬أ ْ‬
‫ه‬ ‫ي صلةً واحدةً صّلى الل ُ‬ ‫ن صّلى عل ّ‬ ‫ق ‪ )) :‬م ْ‬ ‫ْ‬
‫الخل ِ‬
‫ي ليلة‬ ‫ة عل ّ‬ ‫كثروا من الصل ِ‬ ‫شرا ً (( ‪ )) .‬أ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه بها َ‬ ‫علي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪174‬‬
‫ة‬‫م معروض ٌ‬ ‫ن صلتك ْ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة ويوم الجمع ِ‬ ‫الجمع ِ‬
‫مت ؟! ‪-‬أي‬ ‫ض عليك صلُتنا وقد ْ أر ْ‬ ‫ي(( ‪ .‬قالوا ‪ :‬كيف ُتعر ُ‬ ‫عل ّ‬
‫ن تأكل‬ ‫ضأ ْ‬ ‫م على الر ِ‬ ‫ن الله حر ّ‬ ‫بليت‪ -‬قال‪)) :‬إ ّ‬
‫ن للذين يقتدون به ‪ ‬ويّتبعون النور‬ ‫ء(( ‪ .‬إ ّ‬ ‫أجساد النبيا ِ‬
‫ة‬
‫علوّ قدِره ورفع ِ‬ ‫ه نصيبا ً من انشراِح صدِره و ُ‬ ‫ل مع ُ‬‫الذي أ ُن ْزِ َ‬
‫ذكرهِ ‪.‬‬
‫ل ‪ ‬هي‬ ‫ل الصلةِ على الرسو ِ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬أكم ُ‬ ‫ل اب ُ‬‫يقو ُ‬
‫مد ٍ‬ ‫ل على محمدِ وعلى آل مح ّ‬ ‫ة ‪ :‬اللهم ص ّ‬ ‫الصلة ُ البراهيمي ُ‬
‫ك على‬ ‫كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ‪ ،‬وبار ْ‬
‫ل‬ ‫كت على إبراهيم وعلى آ ِ‬ ‫ل محمدٍ كما بار ْ‬ ‫محمد ٍ وعلى آ ِ‬
‫إبراهيم في العالمين ‪ .‬إنك حميد ٌ مجيد ٌ ‪.‬‬
‫نسينا في وداِدك‬ ‫م أغلى ما‬ ‫فأنت اليو َ‬
‫ل‬
‫تك ِْ‬
‫م‬ ‫م على ك ُ ّ‬
‫محب ّ ِغا‬
‫ل‬ ‫ُنل ُ‬ ‫مل َد َي ْ َ‬
‫نا‬
‫وما‬ ‫لنا شرفا ً نل ُ‬
‫ويكفي‬
‫****************************************‬ ‫علينا‬
‫ر‬
‫صدْ ِ‬
‫ة في ال ّ‬
‫سع ٌ‬
‫ة َ‬
‫دق ُ‬
‫ص َ‬
‫ال ّ‬
‫م‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ب السعادة ويزي ُ‬ ‫ل في عموم ِ ما يجل ُ‬ ‫ويدخ ُ‬
‫ر‬
‫ن ‪ ،‬من الصدقةِ والب ِّر ولسدا َِء الخي ِ‬ ‫ل الحسا ِ‬ ‫والكدر ‪ :‬فع ُ‬
‫قوا ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫صد ُْر ‪ ﴿ ،‬أن ِ‬ ‫سعُ بهِ ال ّ‬ ‫ن ما ُيو ّ‬ ‫ن أحس ِ‬ ‫ن هذا م ْ‬ ‫س ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫للنا ِ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫قا ِ‬ ‫صدّ َ‬ ‫مت َ َ‬‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫صد ّ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫كم﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫قَنا ُ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫جّبتا ِ‬ ‫م برجلْين عليهما ُ‬ ‫ل والكري ُ‬ ‫وقد ْ وصف ‪ ‬البخي ُ‬
‫ة والد ّْرعُ‬ ‫سعُ عليه الجب ّ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فتتو ّ‬ ‫م ُيعطي ويبذ ُ‬ ‫ل الكري ُ‬ ‫فل يزا ُ‬
‫ك ويمنعُ ‪،‬‬ ‫ل يمس ُ‬ ‫ل البخي ُ‬ ‫من الحديد ِ حتى يعُفوَ وأثُره ‪ ،‬ول يزا ُ‬
‫ل‬ ‫مث َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه!﴿ َ‬ ‫ه حتى تضيق عليهِ روح ُ‬ ‫فتتقّلص عليهِ ‪ ،‬فتخنق ُ‬
‫وت َث ِْبيتا ً‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫غاء َ‬ ‫م اب ْت ِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وال َ ُ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ُين ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ل َ‬ ‫فسهم ك َمث َل جن ّة بربو َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫فآت َ ْ‬ ‫واب ِ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫َ ِ َ ٍ ِ َ ْ َ ٍ‬ ‫ن أن ُ ِ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫فط َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ل ﴾ ‪ .‬وقال‬ ‫ل َ‬ ‫واب ِ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫فِإن ل ّ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫في ْ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫أك ُل َ َ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫عن ُ ِ‬ ‫ة إ َِلى ُ‬ ‫غُلول َ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ي َدَ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬‫ول َ ت َ ْ‬ ‫سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ق‬
‫ن البخلء أضي ُ‬ ‫ل اليد ِ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫نغ ّ‬ ‫ل الروِح جزٌء م ْ‬ ‫نغ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل اللهِ عّز وج ّ‬ ‫س صدورا ً وأخلقا ً ؛ لنهم بخُلوا بفض ِ‬ ‫النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪175‬‬
‫ب للسعادةِ ‪،‬‬ ‫ن ما يعطونه الناس إنما هو جل ٌ‬ ‫ولو عملوا أ ّ‬
‫قْرضا ً‬ ‫ه َ‬ ‫ضوا الل ّ َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل الخي ّرِ ‪ِ ﴿ ،‬إن ت ُ ْ‬ ‫لسارعوا إلى هذا الفع ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ع ْ‬‫ضا ِ‬ ‫سنا ً ي ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫من ُيوقَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وقال سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫َ ُ‬
‫ن﴾‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ُين ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫م ّ‬‫و ِ‬‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬‫ول َئ ِ َ‬
‫فأ ْ‬
‫ل‬ ‫ه أعطاك فابذ ْ‬ ‫الل ُ‬ ‫ة‬
‫ل عاري ٌ‬ ‫فالما ُ‬
‫ه‬
‫عطيت ْ ِ‬
‫ن‬ ‫كالماِء إ‬ ‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫الما ُ‬ ‫ب‬ ‫لْ‬‫حاذ ُ ُ‬ ‫يجُررِ ريع ّ‬ ‫والعم‬ ‫ن‬‫يأس ْ‬
‫م‪:‬‬ ‫ه حات ُ‬ ‫قيل ُ‬ ‫س سوا ِ‬
‫يقو‬ ‫تحب ْ‬ ‫ل‬‫منه سلسا ُ‬
‫م الغيب‬ ‫أما والذي ل يعل ُ‬ ‫وُيحيي العظام البيض‬
‫ت أطوي غيرهُ‬
‫البطن‬ ‫لقد ْ كن ُ‬
‫م‬‫مُ‬ ‫مخافة يوم أ ْ وهي رمي‬
‫ن ُيقال لئي ُ‬ ‫ٍ‬
‫يشتهىوأن‬ ‫ضيوفا ً ‪،‬‬ ‫والزاد ُ ُ‬ ‫ن تستضيف له‬ ‫ن هذا الكريم يأمُر امرأته أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫تنتظر رّواده ليأكلوا معه ‪ ،‬ويؤانسوه ُ ليشرح صدره ُ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ت الزاد‬ ‫إذا ما صنع ِ‬ ‫ت‬ ‫أكول ً فإني لس ُ‬
‫ة‬ ‫ه‬ ‫فالتمسي ل ُ‬ ‫وحدي‬ ‫له‬‫آك ُ‬ ‫م يقو ُ‬
‫وهي معادل ٌ‬ ‫ن فلسفته الواضحة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يعل‬ ‫وهو‬ ‫ل لها‬ ‫ث ّ‬
‫ة سافرة ٌ ‪:‬‬ ‫حسابي ٌ‬
‫أريني كريما ً مات‬ ‫فيرضى فؤادي أو‬
‫بخيل ً‬
‫ص‬ ‫ه ُينق ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫إنفاقُ ِ‬‫حين‬ ‫ل ِ‬ ‫قب ْ‬
‫لِ‬ ‫ن؟ ه‬ ‫به ْ‬‫م‬
‫في عمرِ صاح ِ ِ‬ ‫مخلدّا‬ ‫يزيد ُ‬ ‫ل‬‫معُ الما ِ‬ ‫لج ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫من أجِله ؟ ليس بصحي ٍ‬
‫***************************************‬
‫ب‬
‫ل تغض ْ‬
‫عذْ ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن ن َْز ٌ‬
‫غ َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ن ال ّ‬
‫م َ‬
‫ك ِ‬‫غن ّ َ‬
‫ما َينَز َ‬
‫وإ ِ ّ‬
‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫عِلي ٌ‬
‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬‫س ِ‬
‫ه َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫أوصى ‪ ‬أحد أصحابه فقال ‪ )) :‬ل تغض ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫تغض ْ‬
‫ن يستعيذ باللهِ من‬ ‫ل عنده فأمرهُ ‪ ‬أ ْ‬ ‫وغضب رج ٌ‬
‫ن الرجيم ِ ‪.‬‬ ‫الشيطا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪176‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫عوذُ ب ِ َ‬ ‫وأ َ ُ‬
‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫ضُرو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ب أن ي َ ْ‬ ‫ك َر ّ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن ت َذَك ُّروا ْ‬ ‫طا ِ‬‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫طائ ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫قوا ْ إ ِ َ‬
‫ن ات ّ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫مب ْ ِ‬‫هم ّ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬‫َ‬
‫ب ‪ ،‬وله‬ ‫حد ّةُ والغض ُ‬ ‫م والحزن ال ِ‬ ‫ث الك َد ََر واله ّ‬ ‫ما يورِ ُ‬ ‫نم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫أدواٌء عند المصطفى ‪. ‬‬
‫ب ‪﴿ ،‬‬ ‫ض ِ‬ ‫ك الغَ َ‬ ‫منها ‪ :‬مجاهدةُ الطبِع على تر ِ‬
‫ن﴾‬ ‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضُبوا ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ظ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫غي ْ َ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ب جمرة ٌ من النارِ ‪ ،‬والناُر‬ ‫ض َ‬ ‫ن الغَ َ‬ ‫ومنها ‪ :‬الوضوُء ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن (( ‪،‬‬ ‫يطفُئها الماُء ‪ )) ،‬الطهوُر شطُْر اليما ِ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫ح المؤم ِ‬ ‫)) الوضوءُ سل ُ‬
‫ومنها ‪ :‬إذا كان واقفا ً أن يجلس ‪ ،‬وإذا كان جالسا ً أن‬
‫يضطجع ‪.‬‬
‫ضب ‪.‬‬ ‫م إذا غ ِ‬ ‫ن يسكت فل يتكل ُ‬ ‫منها ‪ :‬أ ْ‬
‫ظهم ‪،‬‬ ‫ومنها أيضا ً ‪ :‬أن يتذكر ثواب الكاظمين لغي ِ‬
‫س المسامحين ‪.‬‬ ‫والعافين عن النا ِ‬
‫***************************************‬
‫ي‬
‫وْردٌ صباح ّ‬
‫ِ‬
‫م عليه ك ّ‬
‫ل صباٍح ‪،‬‬ ‫وسوف أخبُرك بوْرد من الذكارِ تداو ُ‬
‫س‬
‫ن الن ِ‬‫ن شّر شياطي ِ‬ ‫ليجلب لك السعادة ‪ ،‬ويحفظك م ْ‬
‫مك حتى ُتمسي ‪.‬‬ ‫صما ً ِ‬
‫طيلة يو ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ويكون لك عا ِ‬
‫والج ّ‬
‫ت عنه‬
‫ح ْ‬
‫ة ‪ ،‬وهي التي ص ّ‬
‫ه الدعي ِ‬
‫ن هذ ِ‬
‫م ْ‬
‫‪:‬‬
‫ه ‪ ،‬ول‬ ‫ه ‪ ،‬والحمدُ لل ِ‬ ‫‪.1‬أصبحنا وأصبح المل ُ‬
‫ك لل ِ‬
‫ك وله‬ ‫ه المل ُ‬ ‫ه‪،‬ل ُ‬‫حدَهُ ل شريك ل ُ‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬
‫إله إل الل ُ‬
‫ب‬‫ء قديٌر ‪ .‬ر ّ‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫الحمدُ ‪ ،‬وهو على ك ّ‬
‫خي َْر ما‬
‫ة‪،‬و َ‬ ‫خي َْر ما في هذه الليل ِ‬ ‫أسأُلك َ‬
‫ة وشّر‬ ‫ن شّر هذه الليل ِ‬ ‫بعدها ‪ ،‬وأعوذُ بك م ْ‬
‫ء‬
‫سو ِ‬
‫لو ُ‬ ‫ب أعوذُ بك من الكس ِ‬ ‫ما بعدها ‪ ،‬ر ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪177‬‬
‫ر‬ ‫ب في النا ِ‬ ‫ن عذا ٍ‬ ‫ب أعوذُ بك م ْ‬ ‫ر‪،‬ر ّ‬ ‫الكب ِ ِ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫ب في القب ِ‬ ‫وعذا ٍ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ب والشهاد ِ‬ ‫م عالم الغي ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫‪ .2‬وحدي ُ‬
‫ل شيء‬ ‫بك ّ‬ ‫ض‪،‬ر ّ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫فاطر السماوا ِ‬
‫ن ل إله إل أنت ‪ ،‬أعوذُ بك‬ ‫وملِيكه ‪ ،‬أشهدُ أ ْ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ن وشرك ِ‬ ‫ن شّر نفسي ‪ ،‬وشّر الشيطا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن أقترف على نفسي سوءا ً أو أجّره إلى‬ ‫وأ ْ‬
‫مسلم ٍ ((‪.‬‬
‫مه‬ ‫ه الذي ل يضّر مع اس ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬بسم ِ الل ِ‬ ‫‪.3‬وحدي ُ‬
‫ء ‪ ،‬وهو‬ ‫ض ول في السما ِ‬ ‫شيءٌ في الر ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫م (( ‪ .‬ثلث مرا ٍ‬ ‫ع العلي ُ‬ ‫السمي ُ‬
‫دك وأشهدُ حملة‬ ‫ت أشه ُ‬ ‫م إني أصبح ُ‬ ‫‪ )) .4‬الله ّ‬
‫قك أنك أنت‬ ‫شك وملئكتك وجميع خل ِ‬ ‫عر ِ‬
‫ه ل إله إل ّ أنت ‪ ،‬وحدك ل شريك لك ‪،‬‬ ‫الل ُ‬
‫دك ورسوُلك ‪ . (( ‬أربع‬ ‫ن محمدا ً عب ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫مرات ‪.‬‬
‫ن أشرك بك شيئا ً‬ ‫م إني أعوذُ بك أ ْ‬ ‫‪)).5‬الله ّ‬
‫م((‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬وأستغفُرك لما ل أعل ُ‬ ‫وأنا أعل ُ‬
‫ة‬
‫ة السلم ِ ‪ ،‬وعلى كلم ِ‬ ‫طر ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫‪ )).6‬أصبحنا على ِ‬
‫د‪ ، ‬وعلى‬ ‫ن نبّينا محم ٍ‬ ‫ص ‪ ،‬وعلى دي ِ‬ ‫الخل ِ‬
‫ة أبينا إبراهيم حنيفا ً مسلما ً وما كان من‬ ‫مل ّ ِ‬
‫المشركين (( ‪.‬‬
‫ه ‪ ،‬ورضا‬ ‫ق ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫عدَدَ َ‬ ‫ه‪َ :‬‬ ‫ه وبحمد ِ‬ ‫‪ )).7‬سبحان الل ِ‬
‫ه (( ‪ .‬ثلث‬ ‫مداد كلمات ِ ِ‬ ‫ه‪،‬و ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫زنه عر ِ‬ ‫ه‪،‬و ِ‬ ‫س ِ‬‫نف ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫مرا ٍ‬
‫ه َرب ّا ً ‪ ،‬وبالسلم دينا ً ‪،‬‬ ‫ت بالل ِ‬ ‫‪ )).8‬رضي ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫د ‪ ‬نبيا ً (( ‪ .‬ثلث مرا ٍ‬ ‫وبمحم ٍ‬
‫ن شُر ما‬ ‫تم ْ‬ ‫ما ِ‬‫ه التا ّ‬ ‫ت الل ِ‬ ‫‪ )).9‬أعوذُ بكلما ِ‬
‫ق (( ‪ .‬ثلثا ً في المساء ‪.‬‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪178‬‬
‫حيا‬‫حنا ‪ ،‬وبك أمسنا ‪ ،‬وبك ن ْ‬ ‫م بك أصب ْ‬ ‫‪ )).10‬الله ّ‬
‫ت ‪ ،‬وإليك النشوُر (( ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وبك نمو ُ‬
‫ه‬
‫ه‪،‬ل ُ‬ ‫ه وحده ل شريك ل ُ‬ ‫‪ )).11‬ل إله إل الل ُ‬
‫ء قديٌر‬ ‫ل شي ٍ‬‫مدُ ‪ ،‬وهو على ك ّ‬ ‫ه الح ْ‬
‫ك ول ُ‬‫مل ْ ُ‬
‫ال ُ‬
‫(( ‪ .‬مائة مرة ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫وقفـــة‬
‫ن‬‫ن القّيم ‪ )) :‬أجمع العارفون بالله على أ ّ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫سك ‪ ،‬وُيخّلي بينك وبينها ‪.‬‬ ‫ه على نف ِ‬ ‫ن يكلك الل ُ‬ ‫ذلن ‪ :‬أ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫ال ِ‬
‫سك ‪.‬‬ ‫ه إلى نف ِ‬ ‫كلك الل ُ‬ ‫نلي ِ‬ ‫والتوفيقُ أ ْ‬
‫ل العبد ُ في‬ ‫فالعبيد ُ متقّلبون بين توفيقهِ وخذلن ِهِ ‪ ،‬ب ِ‬
‫ن هذا وهذا ‪ ،‬فيطيعهِ وُيرضيهِ ‪،‬‬ ‫ل نصيبه م ْ‬ ‫الساعةِ الواحدةِ ينا ُ‬
‫طه‬‫خ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫قه له ‪ ،‬ثم يعصيهِ ويخالُفه ‪ ،‬وي ُ ْ‬ ‫ويذكُره ويشكُره بتوفي ِ‬
‫ذلن ِهِ ‪.‬‬ ‫خ ْ‬‫ل عنه بخذلن ِهِ له ‪ ،‬فهو دائٌر بين توفيِقه و ِ‬ ‫ويغف ُ‬
‫دة‬ ‫ش ّ‬
‫فمتى شِهد العبد ُ هذا المشهد وأعطاهُ حّقه ‪ ،‬عِلم ِ‬
‫ة‬
‫ل لحظ ٍ‬ ‫س وك ّ‬‫ل ن ََف ٍ‬ ‫ضرورِته وحاجِته إلى التوفيق في ك ّ‬
‫ن إيمانه وتوحيده بيدِهِ تعالى ‪ ،‬لو تخّلى عنه‬ ‫ن ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫وطْرفةِ عي ْ ٍ‬
‫ت سماُء إيمان ِهِ على‬ ‫خّر ْ‬‫ده ‪ ،‬ول َ‬‫ش توحي ِ‬‫ل عَْر ُ‬ ‫ن ل َث ُ ّ‬
‫طرفة عي ٍ‬
‫ن تقع‬ ‫ن يمسك السماء أ ْ‬ ‫ن الممسك له ‪ :‬هو م ْ‬ ‫ض ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الر ِ‬
‫ض إل بإذن ِهِ (( ‪.‬‬ ‫على الر ِ‬
‫*****************************************‬
‫ب المبار ُ‬
‫ك‬ ‫ن ‪ ..‬الكتا ُ‬
‫القرآ ُ‬
‫ب اللهِ‬ ‫ب السعادةِ وانشراِح الصدرِ قراءةُ كتا ِ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ف كتابه بأنه هدىً ونوٌر‬ ‫ص َ‬‫ن الله وَ َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ٍ‬‫ن وتأ ّ‬ ‫بتدب ّرٍ وتمعّ ٍ‬
‫كم‬ ‫جاءت ْ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ة‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وشفاٌء لما في الصدوِر‪ ،‬ووصفه بأنه رحم ٌ‬
‫فَل‬ ‫ر ﴾ ‪ ﴿ ،‬أَ َ‬ ‫ِ‬ ‫دو‬ ‫ص ُ‬‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫فاء ل ّ َ‬ ‫ش َ‬ ‫و ِ‬‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ة ّ‬‫عظ َ ٌ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فل َ‬ ‫ها﴾ ‪﴿ ،‬أ َ‬ ‫فال ُ َ‬‫ق َ‬‫بأ ْ‬ ‫قُلو ٍ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫دوا ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬‫ه لَ َ‬‫ر الل ّ ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫د َ‬ ‫عن ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪179‬‬
‫ك‬‫مَباَر ٌ‬ ‫ك ُ‬ ‫ب َأنَزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬ ‫لفا ً ك َِثيرا ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َِتا ٌ‬ ‫خت ِ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫في ِ‬‫ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ل ّي َدّب ُّروا آَيات ِ ِ‬
‫ل به ‪،‬‬ ‫ك في تلوت ِهِ ‪ ،‬والعم ِ‬ ‫ل العِل ْم ِ ‪ :‬مبار ٌ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ط منه ‪.‬‬ ‫مه والستنبا ِ‬ ‫وتحكي ِ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ه إل الل ُ‬ ‫م ل يعلم ُ‬ ‫ت بغ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫وقال أحد ُ الصالحين ‪ :‬أحس ْ‬
‫ت أتلو ‪ ،‬فزال عني –‬ ‫ت المصحف وبقي ُ‬ ‫م مقيم ٍ ‪ ،‬فأخذ ُ‬ ‫وبه ّ‬
‫ه سرورا ً وحبورا ً مكان‬ ‫م ‪ ،‬وأبدلني الل ُ‬ ‫والله – فجأةً هذا الغ ّ‬
‫َ‬
‫م﴾‪،‬‬ ‫و ُ‬ ‫ق َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ل ِل ِّتي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن يِ ْ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫هـ َ‬‫ن َ‬ ‫ذلك الكدرِ ‪ ﴿ .‬إ ِ ّ‬
‫سل َم ِ ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬‫ِ‬ ‫ع‬‫ن ات ّب َ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫دي ب ِ ِ‬‫ه ِ‬ ‫﴿ يَ ْ‬
‫رَنا ﴾ ‪.‬‬ ‫م‬ ‫ك روحا ً من أ َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ك أَ‬‫وك َذَل ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫ص على الشهر ِ‬ ‫ل تحر ْ‬
‫م‬
‫ر واله ّ‬‫ة من الكد ِ‬‫ن لها ضريب ً‬
‫فإ ّ‬
‫م‬
‫والغ ّ‬
‫ت القلب ويكد ُّر صفاءه واستقراره وهدوءه ‪:‬‬ ‫مما يشت ُ‬
‫س ‪َ ﴿ ،‬ل‬ ‫ب رضا النا ِ‬ ‫ص على الظهورِ والشهرةِ ‪ ،‬وطل ِ‬ ‫الحر ُ‬
‫سادا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫وَل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وا ً ِ‬
‫ف َ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫عل ُ ّ‬ ‫ن ُ‬
‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫دهم بالمقاب ِ‬ ‫ولذلك قال أح ُ‬
‫ن أخمل النفس‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ت طاويا ً منها‬ ‫ولم يب ْ‬
‫ت‬‫وحها ْ‬
‫اشتد ّ‬ ‫إذا ور ّ‬ ‫أحياها‬ ‫ن الرياح‬ ‫إ ّ‬ ‫ر‬
‫على ضج ِ‬
‫سوى‬ ‫فليس ترمي‬
‫عواصُفها‬ ‫ر‬
‫الشج ِ‬ ‫ن‬ ‫العالي م‬
‫راءى َ‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫وم‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫راءى‬ ‫ن‬‫))م ْ‬
‫َ‬
‫ما‬‫دوا ْ ب ِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن أن ي ُ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫وي ُ ِ‬
‫س﴾‪ّ ﴿،‬‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫ه(( ‪ ﴿ .‬ي َُرآ ُ‬ ‫ب ِ‬
‫هم‬ ‫ر ِ‬ ‫من ِدَيا ِ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫كال ّ ِ‬
‫كوُنوا ْ َ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫عُلوا ْ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫م يَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫لَ ْ‬
‫س﴾‪.‬‬‫رَئاء الّنا ِ‬ ‫و ِ‬ ‫طرا ً َ‬ ‫بَ َ‬
‫ف‬
‫ش ّ‬ ‫ب الرياِء ي ِ‬ ‫ثو ُ‬ ‫ه‬
‫فإذا الْتحْفت ب ِ‬
‫ه‬‫ما تحت ُ‬ ‫ع ّ‬
‫***********************************‬ ‫فإّنك عاري‬
‫ة‬
‫الحياةُ الطيب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪180‬‬
‫ب‬ ‫ن أعظم هذه السبا ِ‬ ‫من القضايا الكبرى المسّلمةِ أ ّ‬
‫ب‬ ‫ن باللهِ ر ّ‬ ‫ب السعادةِ هو اليما ُ‬ ‫التي أكتُبها هنا في جل ِ‬
‫ت والفوائد التي‬ ‫ن السباب الخرى والمعلوما ِ‬ ‫العالمين ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن باللهِ ‪،‬‬ ‫ص ولم يحص ْ‬ ‫جمعت إذا ُ‬
‫ل على اليما ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لشخ‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫أهدي‬ ‫ْ‬
‫ب‬ ‫ن تنفعه أبدا ً ‪ ،‬ول تفيده ‪ ،‬ول يتع ْ‬ ‫حْز ذلك الكْنز ‪ ،‬فل ْ‬ ‫ولم ي ُ‬
‫ث عنها ‪.‬‬ ‫نفسه في البح ِ‬
‫ن باللهِ رب ّا ً ‪ ،‬وبمحمدٍ نبي ّا ً ‪ ،‬وبالسلم دينا ً‬ ‫ن الصل اليما ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ِ‬
‫‪.‬‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫ل إقبا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن له‬ ‫إنما الكافُر حيرا ُ‬ ‫وأرى المؤمن كونا ً‬
‫ه‬
‫قُ ‪ِ:‬تي ﴿ ْ‬ ‫الفا‬ ‫ت الفاقُ فِيه‬ ‫تاه ِ‬
‫ن‬ ‫َ ْ‬ ‫م‬ ‫سبحانه‬ ‫بنا‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫قو‬ ‫‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫أصد‬ ‫و‬ ‫ذلك‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬‫وأعظ ُ‬
‫ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ه‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫فل َن ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫و أنَثى َ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬
‫َ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫هم ب ِأ ْ‬ ‫جَر ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫زي َن ّ ُ‬ ‫ول َن َ ْ‬
‫ج ِ‬ ‫ة َ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫يَ ْ‬
‫وهناك شرطان ‪:‬‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫ح ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬‫ل الصال ُ‬ ‫م العم ُ‬‫ن باللهِ ‪ ،‬ث ّ‬
‫اليما ُ‬
‫ودّا ً ﴾ ‪.‬‬
‫ن ُ‬‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫م الّر ْ‬ ‫ه ُ‬‫ل لَ ُ‬
‫ع ُ‬
‫ج َ‬
‫سي َ ْ‬
‫ت َ‬‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫وهناك فائدتان ‪:‬‬
‫م عند‬ ‫ة في الدنيا والخرةِ ‪ ،‬والجُر العظي ُ‬ ‫الحياةُ الطيب ُ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حيا ِ‬ ‫م ال ْب ُ ْ‬
‫شَرى ِ‬ ‫ه وتعالى ﴿ ل َ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫اللهِ سبحان ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫خَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫********************************‬

‫حك‬
‫البلءُ في صال ِ‬
‫ث ‪ ،‬ففي‬ ‫ث بالكوار ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ول تكتر ْ‬‫ل تجزعْ من المصائ ِ‬
‫ب قوما ً ابتلهم ‪ ،‬فم ُ‬
‫ن‬ ‫ث ‪ )) :‬إن الله إذا أح ّ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ه السخ ُ‬
‫ط (( ‪.‬‬ ‫فل َ ُ‬‫ن سخط َ‬ ‫ه الرضا ‪ ،‬وم ْ‬ ‫رضي فل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪181‬‬
‫**************************************‬
‫ن والتسليم ِ‬
‫ة الذعا ِ‬
‫عبودي ُ‬
‫﴿‬ ‫ن ترضى بالقدرِ خيرهِ وشّرهِ ‪،‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن لوازم ِ اليما ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ق ٍ‬ ‫ون َ ْ‬‫ع َ‬ ‫جو ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خو ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫َ‬
‫والن ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ن﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫والث ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال َ‬
‫ف‬‫ت على رغباِتنا دائما ً وإنما بقصوِرنا ل نعر ُ‬ ‫القدار ليس ْ‬
‫ح‪،‬‬ ‫سنا في مقام ِ القترا ِ‬ ‫الختيار في القضاِء والقدرِ ‪ ،‬فل ْ‬
‫ولكننا في مقام ِ العبودي ّةِ والتسليم ِ ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ع ُ‬ ‫ك كما ُيو َ‬ ‫ُيبتلى العبد ُ على قدرِ إيمانه ‪ُ )) ،‬أوع ُ‬
‫م‬ ‫س بلءً النبياءُ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ِ‬ ‫م (( ‪ )) ،‬أشدّ النا‬ ‫رجلن منك ْ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫عْزم ِ ِ‬ ‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫صب ََر أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫الصالحون (( ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ه (( ‪﴿ ،‬‬ ‫ب من ُ‬ ‫ه خيرا ً يص ْ‬ ‫هب ِ‬ ‫من يرِد الل ُ‬ ‫ل ﴾ ‪َ )) ،‬‬ ‫س ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬
‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫عل َ َ‬‫حّتى ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫فت َّنا ال ِ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫خَباَرك ُ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ون َب ْل َ‬ ‫َ‬
‫****************************************‬
‫من المارة إلى النجارة‬
‫ِ‬
‫ن خليفة – كان‬ ‫ن المأمون العباسي – أميٌر واب ُ‬ ‫يب ُ‬ ‫عل ّ‬
‫ل‬‫سرةٌ ‪ ،‬فأط ّ‬ ‫ة مي ّ‬‫ن قصرا ً فخما ً ‪ ،‬وعنده ُ الدنيا مبذول ٌ‬ ‫يسك ُ‬
‫ة النهارِ ‪،‬‬ ‫طيل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن شرفةِ القصرِ ‪ ،‬فرأى عامل ً يكد ُ‬ ‫ذات يوم ٍ م ْ‬
‫ضأ وصّلى ركعتين على شاطئ ِدجلة ‪،‬‬ ‫فإذا أضحى النهاُر تو ّ‬
‫ً‬
‫ب ذهب إلى أهِله ُ ‪ ،‬فدعاهُ يوما من اليام ِ‬ ‫فإذا اقترب الغرو ُ‬
‫ن ‪ ،‬وأنه ل‬ ‫ح عليه ّ‬ ‫ما ً يكد ُ‬
‫ة وأختين وأ ّ‬ ‫ه فأخبره أن له زوج ً‬ ‫فسأل ُ‬
‫ل‬ ‫مك ّ‬ ‫ق ‪ ،‬وأنه يصو ُ‬ ‫ه ول دخل إل ما يتكسُبه من السو ِ‬ ‫قوت ل ُ‬
‫ل تشكو‬ ‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فه ْ‬ ‫ب على ما يحص ُ‬ ‫يوم ٍ وُيفطُر مع الغرو ِ‬
‫ب العالمين ‪ .‬فترك القصر‬ ‫ن شيٍء ؟ قال ‪ :‬ل والحمد ُ للهِ ر ّ‬ ‫م ْ‬
‫ت‬ ‫‪ ،‬وترك المارة ‪ ،‬وهام على وجههِ ‪ ،‬وُوجد ميتا ً بعد سنوا ٍ‬
‫ه وجد‬ ‫ل في الخشب جهة خرسان ؛ لن ُ‬ ‫عديدةٍ وكان يعم ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪182‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫دها في القصرِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫السعادة في عمِله هذا ‪ ،‬ولم يج ْ‬
‫م ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وآَتا ُ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا َزادَ ُ‬ ‫هت َدَ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ف ‪ ،‬الذين كانوا في‬ ‫كرني هذه بقصةِ أصحاب الكه ِ‬ ‫يذ ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫دوا الضيقَ ‪ ،‬ووجدوا التشت ّ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فوج ُ‬ ‫القصور مع المل ِ‬
‫ن القصر ‪ ،‬فذهبوا ‪،‬‬ ‫ن الكفر يسك ُ‬ ‫ب؛ل ّ‬ ‫ووجدوا الضطرا َ‬
‫وقال قائُلهم ‪ْ َ ﴿ :‬‬
‫من‬ ‫كم ّ‬ ‫م َرب ّ ُ‬ ‫شْر ل َك ُ ْ‬ ‫ف َين ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ووا إ َِلى ال ْك َ ْ‬ ‫فأ ُ‬
‫فقا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫مْر َ‬ ‫ر ُ‬ ‫َ‬ ‫ئ لَ ُ‬
‫كم ّ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫هي ّ ْ‬ ‫ّرحمته وي ُ َ‬
‫ح‬‫ت تخفقُ الريا ُ‬ ‫لبي ٌ‬ ‫ر‬
‫ص ٍ‬ ‫نق ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إل ّ‬‫أح ّ‬
‫ن ‪...‬‬ ‫ميدا ُ‬ ‫ه‬
‫بفي ِ‬ ‫ط مع الحبا ِ‬ ‫خيا ِ‬ ‫م ال ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ف َ‬ ‫مني ِ‬
‫ن ‪ ،‬ومع‬ ‫ب واليما ِ‬ ‫ل الضّيق مع الح ّ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن المح ّ‬
‫ف الدار‬ ‫ل الكثير ‪)) ،‬جفاُننا لضيو ِ‬ ‫م ُ‬
‫المود ّةِ يّتسعُ ويتح ّ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫أجفا ُ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫د مجالس ُ‬
‫ر والنك ِ‬‫ب الكد ِ‬
‫ن أسبا ِ‬
‫م ْ‬
‫ء‬
‫الثقل ِ‬
‫ل ‪ :‬الحمقى ‪ .‬وقيل‬ ‫ل البدِع ‪ .‬وقي َ‬ ‫قال أحمد ُ ‪ :‬الثقلُء أه ُ‬
‫ب ‪ ،‬البارد ُ في‬ ‫ف في المشر ِ‬ ‫ن الطبِع ‪ ،‬المخال ُ‬ ‫ل ‪ :‬هو ثخي ُ‬ ‫الثقي ُ‬
‫سن ّدَةٌ ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َ ي َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫كا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ش ٌ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫تصرفاِته ‪ ﴿ ،‬ك َأن ّ ُ‬
‫ديثا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬ ‫نأ ّ‬ ‫ي فأظ ّ‬ ‫س إل ّ‬ ‫ن الثقيل ليجل ُ‬ ‫م‪:‬إ ّ‬ ‫ي عنه ْ‬ ‫قال الشافع ّ‬
‫ل في الجهةِ التي هو فيها‪.‬‬ ‫الرض تمي ُ‬
‫عّنا‬ ‫ف َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ش إذا رأى ثقيل ً ‪ ،‬قال ‪َ ﴿ :‬رب َّنا اك ْ ِ‬ ‫وكان العم ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ب إ ِّنا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫ال ْ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل بأس بالقوم ِ ِ‬ ‫م‬‫ل وأحل ُ‬ ‫م الِبغا ِ‬ ‫س ُ‬‫ج ْ‬ ‫ِ‬
‫ن ِقصر‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪ :‬و ِ‬ ‫ُ‬
‫ً طو‬
‫قال ٍ‬ ‫ر‬
‫العصافي ِ‬
‫ة ٍالثقلِء‬ ‫مجالس ُ‬ ‫جالس ثقيل ‪،‬‬ ‫ن تيمية إذا‬ ‫وكان اب ُ‬
‫َ‬
‫في آَيات َِنا‬ ‫ن ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫ذا َرأي ْ َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫مى الرب ِْع‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫م﴾ ‪)) .‬مث ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬‫ق ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫فأ َ ْ‬
‫َ‬
‫س‬
‫ل النا ِ‬ ‫من اثق ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ر(( ‪ .‬إ ّ‬ ‫ئ كنافخ الكي ِ‬ ‫س السي ّ ِ‬ ‫الجلي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪183‬‬
‫ل‪ ،‬الواقف‬ ‫مث ُ ِ‬ ‫ل الصغير في ال ُ‬ ‫ب العرِيّ من الفضائ ِ‬ ‫على القلو ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫على شهواِته ‪ ،‬المستسلم لرغباِته‪َ ﴿ ،‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫مث ْل ُ ُ‬‫م ِإذا ً ّ‬ ‫ه إ ِن ّك ُ ْ‬
‫ر ِ‬ ‫ث َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫في َ‬ ‫ضوا ْ ِ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ل وثقي ٌ‬
‫ل‬ ‫أنت يا هذا ثقي ٌ‬ ‫ن‬
‫أنت في المنظرِ إنسا ٌ‬
‫جسمك ‪،‬‬ ‫ل‬‫ل ‪ ،‬فسّلم له وثقي ْ‬ ‫لابُتليت بثقي ٍ‬ ‫إذا ْ‬
‫الميزان‪ِ :‬في‬ ‫وفي ُ‬
‫ن القيم ِ‬ ‫قال اب‬
‫ماء ‪،‬‬ ‫كه أذنا ً ص ّ‬ ‫ه وسافْر ‪ ،‬ومل ّ ْ‬ ‫ل عن ُ‬ ‫حك ‪ ،‬وانتق ْ‬ ‫وهاجْر برو ِ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وَل ت ُطِ ْ‬ ‫ه بينك وبينه ‪َ ﴿ .‬‬ ‫وعْينا ً عمياَء ‪ ،‬حتى يفتح الل ُ‬
‫فُرطا ً‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫مُرهُ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫ه َ‬‫ع َ‬ ‫وات ّب َ َ‬‫رَنا َ‬ ‫عن ِذك ِْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ب‬
‫ل المصائ ِ‬
‫إلى أه ِ‬
‫ه من‬ ‫ت صفي ّ ُ‬ ‫ن قبض ُ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬م ْ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫ه منه الجنة (( ‪ .‬رواه‬ ‫ه عوضت ُ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫حت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ل الدُْنيا ث ّ‬ ‫أه ِ‬
‫البخاري ‪.‬‬
‫ت في حياِتك‬ ‫وكان ْ‬ ‫فأنت اليوم أوع ُ‬
‫ظ‬
‫ه ) أي‬ ‫تي ْ ِ‬ ‫لي عظا ٌ‬
‫بحبيبت‬ ‫الصحيح ّا ً‪ )) :‬من ابتليُته‬ ‫ث منك حي‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫مى‬ ‫ع َ‬ ‫ها َل ت َ ْ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫ه ( عوضُته منهما الجنة (( ‪َ ﴿ .‬‬ ‫عيني ْ ِ‬
‫ب ال ِّتي ِ‬ ‫قُلو ُ‬ ‫مى ال ْ ُ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ع َ‬‫كن ت َ ْ‬ ‫صاُر َ‬ ‫اْلب ْ َ‬
‫ل – إذا‬ ‫ن الله – عّز وج ّ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ة ‪ :‬قبضُتم ابن‬ ‫ن قال للملئك ِ‬ ‫د المؤم ِ‬ ‫قبض ابن العب ِ‬
‫م ثمرة‬ ‫م ‪ .‬قال ‪ :‬قبضُته ْ‬ ‫ن ؟ قاُلوا ‪ :‬نع ْ‬ ‫عبدي المؤم ِ‬
‫فؤاِده ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬ماذا قال عبدي ؟ قالوا‬
‫ع ‪ .‬قال ‪ :‬اب ُْنوا لعبدي بيتا ً في‬ ‫ج َ‬ ‫ك واستر َ‬ ‫مد َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫‪َ :‬‬
‫د (( ‪ .‬رواه الترمذي ‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت ال َ‬ ‫موه ب َي ْ َ‬ ‫ة ‪ ،‬وس ّ‬ ‫الجن ِ‬
‫رضوا‬ ‫م قُ ِ‬ ‫س يوم القيامةِ أّنه ْ‬ ‫وفي الثرِ ‪ :‬يتمّنى أنا ٌ‬
‫ب المصابين ‪﴿ .‬‬ ‫عقبى وثوا ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما يرْون م ْ‬ ‫ض‪،‬ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالمقار‬
‫فى الصابرون أ َ‬
‫م‬‫سل َ ٌ‬ ‫ب﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫َ ِ‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫هم‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ ُ‬ ‫و ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫برا ً ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫ص ْ‬‫عل َي َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ر ْ‬‫ف ِ‬‫م ﴾ ‪َ ﴿ ،‬رب َّنا أ ْ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪184‬‬
‫ه‬‫عدَ الل ّ ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬‫فا ْ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬‫صب ِْر َ‬
‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ق﴾‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫عظم ِ البلِء ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م الجزاِء م ْ‬ ‫عظ َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن‬ ‫ه الّرضا ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن رضي فل ُ‬ ‫م ‪ ،‬فم ْ‬ ‫ب قوما ً ابتله ْ‬ ‫الله إذا أح ّ‬
‫ط (( ‪ .‬رواه الترمذي ‪.‬‬ ‫خط فُله السخ ُ‬ ‫س ِ‬
‫ل ‪ :‬الصبَر والقدَر والجَر ‪ ،‬وليعلم ِ‬ ‫ب مسائ َ‬ ‫ن في المصائ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن الذي سلب هو‬ ‫ن الذي أخذ هو الذي أعطى ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫العبد ُ ا ّ‬
‫ت إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ماَنا ِ‬ ‫دوا ْ ال َ‬ ‫م أن ُتؤ ّ‬‫مُرك ُ ْ‬ ‫ه ي َأ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫الذي منح‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫هل ِ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ل والهلون‬ ‫وما الما ُ‬ ‫ن ُترد ّ‬ ‫ولبد ّ يوما ً أ ْ‬
‫ة‬
‫إل وِديع ٌ‬
‫************************************‬ ‫الودائعُ‬
‫مشاهد التوحيد‬
‫ل الذى من‬ ‫ن مشاهد ِ التوحيد ِ عند الذي ّةِ ) استقبا ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫س ( أمورا ً ‪:‬‬ ‫النا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫و ‪ :‬وهو مشهد ُ سلمةِ القل ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ْ‬‫أوُلها مشهدُ ال َ‬
‫ة زائدة ٌ ‪.‬‬ ‫ب الخيرِ وهي درج ٌ‬ ‫ن آذاك ‪ ،‬وح ّ‬ ‫وصفائهِ ونقاِئه لم ْ‬
‫م ‪ ،‬فهي‬ ‫خي ْرِ والّنفِع له ‪ ،‬وهي درجة أعلى وأعظ ُ‬ ‫ل ال َ‬ ‫وإيصا ُ‬
‫م العفو ‪،‬‬ ‫ن آذاك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ن ل ُتؤذي م ْ‬ ‫ظ ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬ ‫تبدأ بكظ ْم ِ الغَي ْ ِ‬
‫ن‬
‫ن ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬ ‫ه ‪ .‬والحسا ِ‬ ‫ن تغفَر له زّلت ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن تسامح ُ‬ ‫وهو أ ْ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫تبادله مكان الساءةِ منه إحسانا ً منك ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ن﴾‪،‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ ِ‬ ‫عَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬‫وال ْ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫غي ْ َ‬
‫ال ْ َ‬
‫فوا‬ ‫ع ُ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ح َ‬‫صل َ َ‬‫وأ ْ‬ ‫فا َ‬ ‫ع َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫حوا ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫لم ْ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ن الله أمرني أ ْ‬ ‫وفي الثرِ ‪ )) :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ن أعطي م ْ‬ ‫ن ظلمِني وأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أعفو ع ّ‬ ‫قطعني ‪ ،‬وأ ْ‬
‫مِني (( ‪.‬‬ ‫حَر َ‬ ‫َ‬
‫ن تعلم أنه ما آذاك إل بقضاٍء‬ ‫ء ‪ :‬وهي أ ْ‬ ‫ومشهدُ القضا ِ‬
‫ن المقدر‬ ‫ب ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ب من السبا ِ‬ ‫ن العبد سب ٌ‬ ‫من اللهِ وقَد َرٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ذعن لمولك ‪.‬‬ ‫م وت ُ ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فتسل ّ َ‬ ‫والقاضي هو الل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪185‬‬
‫ن‬ ‫ن هذا الذى كفارة ٌ م ْ‬ ‫ة ‪ :‬وهي أ ّ‬ ‫ومشهدُ الكفار ِ‬
‫ة لدرجاِتك ‪﴿ ،‬‬ ‫ن سيئاِتك ‪ ،‬ومحوٌ لزل ِّتك ‪ ،‬ورفع ٌ‬ ‫طم ْ‬ ‫ذنوبك وح ّ‬
‫في‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫وُأو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫جو‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫هاجروا ْ وأ ُ‬
‫َ‬ ‫ن َ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫فال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫قت ُِلوا ْ ل ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ئا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫س‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫و ُ‬ ‫قات َُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫سِبيِلي َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫من الحكمةِ التي يؤتاها كثيٌر من المؤمنين ‪ ،‬ن َْزع ُ فتي ِ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫العداوةِ ‪ ﴿ ،‬ادْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬ ‫م ﴾ ‪ )) ،‬المسل ُ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ع َ‬‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن لساِنه ويد ِ‬ ‫سِلم المسلمون م ْ‬
‫ق‬ ‫ن آذاك ب ِِبشر وبكلمةٍ لينةٍ ‪ ،‬وبوجهٍ طلي ٍ‬ ‫أيْ ‪ :‬أن ت َل َْقى م ْ‬
‫قل‬ ‫و ُ‬ ‫مة ﴿ َ‬ ‫ه أتون العداوةِ ‪ ،‬وتطفئ نار الخصو ِ‬ ‫‪ ،‬لتنزع من ُ‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫ن َينَز ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوُلوا ْ ال ِّتي ِ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬ ‫لّ ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫ن‬‫شرِ إ ّ‬ ‫كن رّيق الب ِ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ة وعليها‬ ‫صحيف ٌ‬
‫هيؤذيك ‪:‬‬ ‫نت ُ ُ‬ ‫شيم ْ‬ ‫أذى م‬ ‫حّر‬ ‫في ُ‬ ‫مشاهدِ التوحيدِ ال‬ ‫ن‬ ‫عنوا ُ‬ ‫ن‬
‫وم ْ‬ ‫شُر‬ ‫الب ِ ْ‬
‫ط‬ ‫ن هذا لم ُيسل ّ ِ‬ ‫س ‪ :‬وهو ا ّ‬ ‫النف ِ‬ ‫مشهد ُ معرفةِ تقصيرِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ب منك أنت ‪﴿ ،‬أ َ‬ ‫عليك إل بذنو ٍ‬
‫د‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫م أ َّنى َ‬ ‫قل ْت ُ ْ‬ ‫ها ُ‬ ‫مث ْل َي ْ َ‬ ‫صب ُْتم ّ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ت‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫و َ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫َ‬
‫م ﴾‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ه‬
‫م ‪ ،‬وهو مشهد ٌ تحمد ُ الله علي ِ‬ ‫وهناك مشهد ٌ عظي ٌ‬
‫ن جعلك مظلوما ً ل ظالما ً ‪.‬‬ ‫وتشكُره ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬
‫م اجعْلني مظلوما ً ل‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ف كان يقو ُ‬ ‫ض السل ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫ت‬ ‫سط َ‬ ‫ي آدم ‪ ،‬إذ قال خيُرهما ‪ ﴿ :‬ل َِئن ب َ َ‬ ‫ظالما ً ‪ .‬وهذا كابن ْ ْ‬
‫قت ُل َ َ‬ ‫ك َل َ ْ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫د َ‬ ‫ط يَ ِ‬ ‫س ٍ‬ ‫ما أن َا ْ ب َِبا ِ‬ ‫قت ُل َِني َ‬ ‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫ي ي َدَ َ‬ ‫ّ‬ ‫إ ِل َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ف الل ّ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫إ ِّني أ َ َ‬
‫ف آخُر ‪ ،‬وهو ‪ :‬مشهد ُ الرحمةِ وهو ‪:‬‬ ‫وهناك مشهد ٌ لطي ٌ‬
‫ن إصراره على‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ه يستحقّ الرحم َ‬ ‫ن آذاك ‪ ،‬فإن ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫ح َ‬ ‫إن تْر َ‬
‫الذى ‪ ،‬وجرأته على مجاهرةِ اللهِ بأذيةِ مسلم ٍ ‪ :‬يستحقّ أن‬
‫ن تنقذه من هذا ‪ )) ،‬انصْر أخاك‬ ‫ه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن تر َ‬ ‫ه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ترقّ ل ُ‬
‫ظالما ً أو مظلوما ً (( ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪186‬‬
‫ضهِ وفي ابنت ِهِ عائشة ‪،‬‬ ‫عْر ِ‬ ‫ح أبا بكرٍ في ِ‬ ‫سط َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ما آذى ِ‬ ‫ول ّ‬
‫ح ‪ ،‬وكان فقيرا ً ينفقُ عليه‬ ‫حلف أبو بكرٍ ل ينفقُ على مسط ْ ٍ‬
‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫وَل ي َأت َ ِ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫أبو بكرٍ ‪ ،‬فأنزل الل ُ‬
‫ُ‬ ‫ة َأن ي ُ ْ‬
‫ن‬ ‫كي َ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫قْرَبى َ‬ ‫وِلي ال ْ ُ‬ ‫ؤُتوا أ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫س َ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫حوا أَل‬‫َ‬
‫ف ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ها ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب أن‬ ‫ح ّ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬قال أبو بكرٍ ‪ :‬بلى أ ِ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫فَر الل ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن أن ي َ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه لي ‪ .‬فأعاد له النفقة وعفا عن ُ‬ ‫يغفَر الل ُ‬
‫ن لعمر ‪ :‬هيهِ يا عمُر ؟ والله ما‬ ‫ص ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫هب ُ‬ ‫وقال عيين ُ‬
‫م به عمُر ‪ ،‬فقال‬ ‫ل ‪ .‬فه ّ‬ ‫م فينا بالعد ْ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ول تحك ُ‬ ‫جْز َ‬ ‫تعطينا ال َ‬
‫ذ‬‫خ ِ‬ ‫ن الله يقول ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ن قيس ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬إ ّ‬ ‫الحّر ب ُ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫مْر ِبال ْ ُ‬ ‫وأ ُ‬
‫فو ْ‬
‫ع ْ َ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ب اللهِ ‪.‬‬ ‫فواللهِ ما جاوزها عمُر ‪ ،‬وكان وّقفا ً عند كتا ِ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫م ال ْي َ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ل ل َ ت َث َْري َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف إخوت ِهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫س ُ‬ ‫وقال يو ُ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫فُر الل ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن كفاِر‬ ‫ن آذاه ُ وطرده وحاربه م ْ‬ ‫وأعلنها ‪ ‬في المل ِ فيم ْ‬
‫م الطلقاءُ (( قالها يوم‬ ‫قريش ‪ ،‬قال ‪ )) :‬اذهُبوا فأنت ُ‬
‫ة ‪ ،‬إّنما‬ ‫ع ِ‬ ‫صَر َ‬ ‫ث ‪ )) :‬ليس الشديدُ بال ّ‬ ‫ي الحدي ِ‬ ‫الفتِح ‪ ،‬وف ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ك نفسه عندَ الغض ِ‬ ‫الشديدُ الذي يمل ُ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ن المبار ِ‬ ‫قال اب ُ‬
‫إذا صاحبت قوما ً‬ ‫م كذي‬ ‫كن له ُ‬ ‫ف ْ‬
‫لّ‬ ‫أهل كوُد‬ ‫ول تأخذ ْ بزل ّةِ‬ ‫ق‬
‫ن‬‫الزما ِ‬ ‫فيالشفي‬ ‫حم ِ‬ ‫الّر‬
‫فتبقى ِ‬
‫ٍ‬ ‫قوم‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫بل رفي‬
‫ن أخطأ‬ ‫ضهم ‪ :‬موجود ٌ في النجيل ‪ :‬اغفْر لم ْ‬ ‫قال بع ُ‬
‫عَلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ َ‬‫وأ ْ‬ ‫فا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت﴿ َ‬ ‫عليك مرةً سبع مرا ٍ‬
‫ه﴾‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ن أخطأ عليك مرةً فكّرْر عليه العَْفوَ سبع مرا ٍ‬ ‫أيْ ‪ :‬م ْ‬
‫ن‬ ‫صم ْ‬ ‫صا َ‬ ‫ن الَق َ‬ ‫ضك ‪ ،‬ويرتاح قلُبك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫عْر ُ‬ ‫ليسلم لك ديُنك و ِ‬
‫ضك ‪،‬‬ ‫عر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن راحِتك وم ْ‬ ‫مك وم ْ‬ ‫ن نو ِ‬ ‫مك ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ند ِ‬ ‫أعصاِبك وم ْ‬
‫وليس من الخرين ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪187‬‬
‫ل لهم ‪ » :‬الذي يقهُر نفسه ‪ :‬أشجعُ من‬ ‫قال الهنود ُ في مث ٍ‬
‫َ‬
‫ء إ ِل ّ َ‬
‫ما‬ ‫سو ِ‬ ‫ماَرةٌ ِبال ّ‬
‫سل ّ‬ ‫ن الن ّ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ة « ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬‫ح مدين ً‬
‫الذي يفت ُ‬
‫ي﴾‪.‬‬ ‫م َرب ّ َ‬‫ح َ‬‫َر ِ‬
‫**********************************‬

‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ه‬
‫ل التوحيدِ والتنزي ِ‬ ‫ن كما ِ‬ ‫ن فيها م ْ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫» أما دعوةُ ذي النو ِ‬
‫ن أبلغ‬ ‫ف العبد ِ بظلمهِ وذنبه ‪ ،‬ما هو م ْ‬ ‫ب تعالى ‪ ،‬واعترا ِ‬ ‫للر ّ‬
‫ل إلى اللهِ سبحانه‬ ‫م ‪ ،‬وأبلغ الوسائ ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ب واله ّ‬ ‫أدويةِ الكر ِ‬
‫ل‬ ‫ن إثبات ك ّ‬ ‫منا ِ‬ ‫ه وتض ّ‬ ‫ن التوحيد والتنزي َ‬ ‫في قضاِء الحوائِج فإ ّ‬
‫ف‬ ‫ل عنه ‪ .‬والعترا ُ‬ ‫ب وتمثي ٍ‬ ‫ص وعي ٍ‬ ‫ل نق ٍ‬ ‫ل للهِ ‪ ،‬وسلب ك ّ‬ ‫كما ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب والعقا ِ‬ ‫ن إيمان العبدِ بالشرِع والثوا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫بالظلم ِ يتض ّ‬
‫ه إلى اللهِ ‪ ،‬واستقالته عثرته ‪،‬‬ ‫ب انكساره ورجوع ُ‬ ‫وُيوج ُ‬
‫والعتراف بعبوديتهِ وافتقاِره إلى رّبه فهاهنا أربعة أمورٍ قد ْ‬
‫ف‬ ‫ة ‪ ،‬والعترا ُ‬ ‫ه ‪ ،‬والعبودي ُ‬ ‫ل بها ‪ :‬التوحيد ُ ‪ ،‬والتنزي ُ‬ ‫س ُ‬ ‫وقع التو ّ‬
‫«‪.‬‬
‫شر الصابرين}‪ {155‬ال ّذين إ َ َ‬
‫هم‬ ‫صاب َت ْ ُ‬
‫ذا أ َ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ّ ِ ِ َ‬ ‫وب َ ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن}‪{156‬‬ ‫جعو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنـا إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫م‬ ‫وأوَلـئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫صل َ‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫ُأو َ‬
‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ٌ‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫لـ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬‫م ْ‬ ‫ال ُ‬ ‫ْ‬
‫**************************************‬
‫ن‬
‫ر والباط ِ‬
‫ن بالظاه ِ‬
‫اعت ِ‬
‫ف وشيٌء‬ ‫ب ‪ ،‬وهنا أمٌر لطي ٌ‬ ‫س بصفاِء الثو ِ‬ ‫صفاُء النف ِ‬
‫ن اتسخ ثوُبه ‪،‬‬ ‫ل‪:‬م ِ‬ ‫ن بعض الحكماءِ يقو ُ‬ ‫شريف ‪ ،‬وهو أ ّ‬
‫سه ‪ .‬وهذا أمٌر ظاهٌر ‪.‬‬ ‫ت نف ُ‬‫در ْ‬‫تك ّ‬
‫ر‬
‫ب اتساخ ثوْب ِهِ ‪ ،‬أو تغي ّ ِ‬‫س يأتيهِ الك َد َُر بسب ِ‬ ‫وكثيٌر من النا ِ‬
‫ق عنده ‪ ،‬أو‬ ‫ط الورا ِ‬ ‫ب مكتبت ِهِ ‪ ،‬أو اختل ِ‬ ‫مهِ ‪ ،‬أو عدم ِ ترتي ِ‬
‫هندا ِ‬
‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪188‬‬
‫ن ُبني على‬ ‫ي ‪ ،‬والكو ُ‬ ‫جه اليوم ّ‬ ‫م ِ‬‫ده وبرنا ِ‬ ‫ب مواعي ِ‬ ‫اضطرا ِ‬
‫ن ‪ ،‬علم أنه جاء لتنظيم ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ف حقيقة هذا ال ّ‬ ‫ن ع ََر َ‬ ‫النظام ِ ‪ ،‬فم ْ‬
‫ل شيٍء‬ ‫رها وجليِلها ‪ ،‬وك ّ‬ ‫رها ‪ ،‬صغي ِ‬ ‫حياةِ العبدِ ‪ ،‬قليِلها وكثي ِ‬
‫ء﴾‪.‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ب ِ‬ ‫في الك َِتا ِ‬ ‫فّرطَْنا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن﴿ ّ‬ ‫سبا ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫عنده ب ُ‬
‫ب‬ ‫ف يح ّ‬ ‫ن الله نظي ٌ‬ ‫ث عند الترمذيّ ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫النظافة (( ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ل يح ّ‬ ‫ن الله جمي ٌ‬ ‫وعند مسلم ٍ في الصحيِح ‪ )) :‬إ ّ‬
‫الجمال (( ‪.‬‬
‫م‬ ‫مُلوا حتى تكونوا كأنك ْ‬ ‫ن ‪ )) :‬تج ّ‬ ‫ث حس ٍ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫ن النا ِ‬ ‫ة في عيو ِ‬ ‫شام ٌ‬
‫ل‬
‫حل ِ‬ ‫يمشون في ال ُ‬ ‫ل إلى‬ ‫مشي الجما ِ‬
‫البخاري ‪:‬‬ ‫جها‬ ‫س ُ‬ ‫وعند ْ‬ ‫فن‬ ‫المضاع‪ِ .‬‬‫ل‬ ‫لالهتما ُ‬ ‫لب ُّز‪ِ :‬‬ ‫ل ال‬ ‫جما ِ‬ ‫لِ‬‫زأوال ُ‬
‫م بالغس ِ‬ ‫الجما ِ‬
‫ة أيام ٍ‬ ‫ل سبع ِ‬ ‫ن يغتسل في ك ّ‬ ‫ق على المسلم ِ أ ْ‬ ‫)) ح ّ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ل فيه رأسه وجسم ُ‬ ‫يوما ً ‪ ،‬يغس ُ‬
‫ل‬ ‫لك ّ‬ ‫ض الصالحين يغتس ُ‬ ‫ل تقديرٍ ‪ .‬وكان بع ُ‬ ‫هذا على أق ّ‬
‫ل‬ ‫س ٌ‬ ‫غت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه‪َ ﴿،‬‬ ‫ن عفان فيما ورد عن ُ‬ ‫يوم ٍ مرةً كعثمان ب ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫و َ‬ ‫رد ٌ َ‬ ‫َبا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ص الشار ِ‬ ‫ل الفطرةِ ‪ :‬كإعفاِء اللحِية وق ّ‬ ‫ومنها خصا ُ‬
‫ك‪،‬‬ ‫وتقليم ِ الظافرِ ‪ ،‬وأخذِ الشعرِ الزائدِ من الجسم ِ ‪ ،‬والسوا ِ‬
‫س ‪ ،‬والعتناِء‬ ‫وال ّ‬
‫ف الملب ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وتنظي ِ‬ ‫ل السنا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وتخلي ِ‬ ‫طي ِ‬
‫ح الخاطر ‪ .‬ومنها‬ ‫سعُ الصدر ويفس ُ‬ ‫ن هذا مما يو ّ‬ ‫بالمظهرِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫م‬ ‫فنوا فيه موتاك ْ‬ ‫ض ‪ )) ،‬البسوا البياض ‪ ،‬وك ّ‬ ‫س البيا ِ‬‫ُلب ُ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ل طّيبا ً‬ ‫رقاقُ النعا ِ‬ ‫ن يوم‬ ‫ُيحّيون بالّرْيحا ِ‬
‫تهم الملئكة‬ ‫)) ُإ ّ‬
‫ن‬ ‫جزا‬ ‫ح‪ُ :‬‬ ‫ضُ‬
‫س البيا ِ‬ ‫باب ‪ :‬لب ِ‬
‫ب‬ ‫س ِ‬ ‫السبايّ ِ‬‫وقد عقد البخار‬
‫ض (( ‪.‬‬ ‫م ِبي ٌ‬ ‫م عمائ ُ‬ ‫ض عليه ْ‬ ‫ب بي ٍ‬ ‫ل بثيا ٍ‬ ‫تنز ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫م الوق ِ‬ ‫ب المواعيدِ في دفترٍ صغيرٍ ‪ ،‬وتنظي ُ‬ ‫ومنها ترتي ُ‬
‫ت‬ ‫ت للمطالعةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫ت للعبادةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫ت للقراءةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫فوق ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪189‬‬
‫عندََنا‬ ‫ء إ ِل ّ ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫للراحة ‪ ﴿ ،‬ل ِك ُ ّ َ‬
‫ش ْ‬ ‫وِإن ّ‬ ‫ب﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ل ك َِتا ٌ‬ ‫ج ٍ‬ ‫لأ َ‬
‫عُلوم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫قدَ ٍ‬ ‫ه إ ِل ّ ب ِ َ‬ ‫ما ن ُن َّزل ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫خَزائ ِن ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ُبني‬ ‫ب عليها ‪ :‬الكو ُ‬ ‫ة مكتو ٌ‬ ‫س لوح ٌ‬ ‫في مكتبةِ الكونجر ِ‬
‫ح ‪ ،‬ففي الشرائِع السماويةِ الدعوةُ‬ ‫على النظام ِ ‪ .‬وهذا صحي ٌ‬
‫ب ‪ ،‬وأخبر – سبحانه وتعالى –‬ ‫ق والترتي ِ‬ ‫إلى التنظيم ِ والتنسي ِ‬
‫ن الكون ليس لْهوا ً ول عبثا ً ‪ ،‬وأنه بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬وأنه‬ ‫أ ّ‬
‫ن ﴾ ‪َ ﴿ .‬ل‬ ‫سَبا ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫مُر ب ِ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬ال ّ‬ ‫حسبا ٍ‬ ‫بترتيب وب ُ‬
‫وَل الل ّي ْ ُ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مَر َ‬ ‫ق َ‬ ‫ر َ‬ ‫ها أن ت ُدْ ِ‬ ‫غي ل َ َ‬ ‫س َينب َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬
‫قدّْرَنا ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫حو َ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫ر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ل‬ ‫عل َْنا الل ّي ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ديم ِ ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ق ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫جو ِ‬ ‫عْر ُ‬ ‫كال ْ ُ‬ ‫عادَ َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫مَنا ِ‬‫َ‬
‫ر‬ ‫ها ِ‬ ‫ة الن ّ َ‬ ‫عل َْنا آي َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ة الل ّي ْ ِ‬ ‫وَنا آي َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫هاَر آي َت َي ْ ِ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عدَ َ‬ ‫موا ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ول ِت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫غوا ْ َ‬ ‫صَرةً ل ِت َب ْت َ ُ‬ ‫مب ْ ِ‬‫ُ‬
‫صيل ً ﴾ ‪﴿.‬‬ ‫ف ِ‬ ‫صل َْناهُ ت َ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫ب َ‬ ‫سا َ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سِني َ‬ ‫ال ّ‬
‫ماء‬ ‫س َ‬ ‫قَنا ال ّ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫هذا َباطِل ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ت َ‬ ‫ق َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َرب َّنا َ‬
‫خ َ‬
‫ذ‬ ‫و أ ََردَْنا َأن ن ّت ّ ِ‬ ‫ن}‪ {16‬ل َ ْ‬ ‫عِبي َ‬ ‫ما َل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ب َي ْن َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عِلي َ‬ ‫فا ِ‬ ‫من ل ّدُّنا ِإن ك ُّنا َ‬ ‫خذَْناهُ ِ‬ ‫هوا ً ّلت ّ َ‬ ‫لَ ْ‬
‫مُلوا ْ ﴾ ‪:‬‬
‫ع َ‬
‫لا ْ‬ ‫و ُ‬
‫ق ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ب بالوهام ِ‬ ‫دوا معالجة المصا ِ‬ ‫ن إذا أرا ُ‬
‫كان حكماُء اليونا ِ‬
‫ل في الفلحة‬ ‫ه على العم ِ‬ ‫ض النفسيةِ ‪ :‬يجبرون ُ‬ ‫والقلق والمرا ِ‬
‫ت قصير إل وقد عادت إليه عافيته‬ ‫والبساتين ‪ ،‬فما يمّر وق ٌ‬
‫مُلوا ْ ﴾ ‪.‬‬
‫ع َ‬
‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬‫و ُ‬
‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬‫مَناك ِب ِ َ‬‫في َ‬ ‫شوا ِ‬ ‫م ُ‬
‫فا ْ‬ ‫وطمأنينته ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ة وسعادةً‬ ‫س راح ً‬ ‫م أكُثر النا ِ‬ ‫ل اليدوِية ه ْ‬‫ن أهل العما ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬ ‫ل كيف يملكون م ْ‬ ‫ما ِ‬
‫ل‪ ،‬وانظْر إلى هؤلِء الع ّ‬ ‫سطة با ٍ‬ ‫وب ْ‬
‫م‬ ‫طه ْ‬
‫م ونشا ِ‬ ‫ب حركِته ْ‬ ‫ل وقوةِ الجسام ِ ‪ ،‬بسب ِ‬ ‫البا ِ‬
‫ل (( ‪.‬‬
‫ز والكس ِ‬ ‫م ‪)) ،‬وأعوذُ بك من الع ْ‬
‫ج ِ‬ ‫ومزاولِته ْ‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫جئ إلى الله‬
‫الت ْ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪190‬‬
‫ف‪،‬‬ ‫ف المعار ِ‬ ‫م ‪ ،‬هو أعر ُ‬ ‫ل العظي ُ‬ ‫ه ‪ :‬هو السم الجلي ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ،‬وهو الذي تألهُ ُ‬ ‫ن أل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ‪ ،‬قيل ‪ :‬هو ِ‬ ‫ى لطي ٌ‬ ‫فيه معن ً‬
‫ن إليهِ ‪ ،‬ول‬ ‫ن إليه ‪ ،‬وترضى بهِ وترك ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وتحّبه ‪ ،‬وتسك ُ‬ ‫القلو ُ‬
‫ن لغيرهِ سبحانه‬ ‫ب أبدا ً أن يسكن أو يرتاح أو يطمئ ّ‬ ‫ن للقل ِ‬ ‫يمك ُ‬
‫ه‬ ‫ه ‪ ،‬الل ُ‬ ‫ب ‪ )) :‬الل ُ‬ ‫ه دعاء الكْر ِ‬ ‫‪ ،‬ولذلك عّلم ‪ ‬فاطمة ابنت ُ‬
‫ل‬ ‫ق ِ‬ ‫ح‪ُ ﴿،‬‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫ك به شيئا ً (( ‪ .‬وهو حدي ٌ‬ ‫ربي ل أشر ُ‬
‫هُر‬ ‫قا ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ن ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫عُبو َ‬ ‫م ي َل ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫و ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ذَْر ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫قدَُروا‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬الل ّ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫وق َ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫ميعا ً َ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ضت ُ ُ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬‫قد ْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ما‬ ‫ع ّ‬ ‫عاَلى َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫مين ِ ِ‬ ‫ت ب ِي َ ِ‬ ‫وّيا ٌ‬ ‫مطْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ُ‬ ‫سما َ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ج ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ماء ك َطَ‬ ‫س َ‬ ‫وي ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫م ن َطْ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾ ‪ْ ﴿،‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬‫يُ ْ‬
‫ض َأن‬ ‫واْلْر َ‬
‫َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫س ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ب ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫ل ِل ْك ُت ُ ِ‬
‫ت َُزوَل ﴾ ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ه توك ّل ْ ُ‬
‫ت‬ ‫علي ِ‬
‫ه إلى رّبه‬ ‫ن أعظم ِ ما ُيضفي السعادة على العبدِ ركون ُ ُ‬ ‫وم ْ‬
‫ه ْ‬
‫ل‬ ‫‪ ،‬وتوك ُّله عليهِ ‪ ،‬واكتفاؤه بوليتهِ ورعايتهِ وحراستهِ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ب‬ ‫ل ال ْك َِتا َ‬‫ذي ن َّز َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِّيـ‬ ‫مي ّا ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫م لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ول َِياء الل ّ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬أل إ ِ ّ‬ ‫حي َ‬ ‫وّلى ال ّ‬
‫صال ِ ِ‬ ‫و ي َت َ َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫عوا على ثلث ٍ‬
‫أجم ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ق والضطرا ِ‬‫ت الكتب التي تعتني بمسألةِ القل ِ‬ ‫طالع ُ‬
‫دثين وأدباء ومرّبين ومؤّرخين أو‬‫ت لسلِفنا من مح ّ‬ ‫سواٌء كان ْ‬
‫ب الشرقيةِ والغربيةِ والمترجمةِ ‪،‬‬‫ت والكت ِ‬ ‫م مع النشرا ِ‬ ‫ره ْ‬
‫لغي ِ‬
‫ة‬
‫ت الجميع مجمعين على ثلث ِ‬ ‫ت ‪ ،‬فوجد ُ‬ ‫ت والمجل ّ ِ‬ ‫والدوريا ِ‬
‫ن أراد الشفاء والعافية وانشراح الصدرِ ‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫س لم ْ‬ ‫أس ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪191‬‬
‫ل ‪ ،‬وعبوديُته ‪ ،‬وطاعُته‬ ‫ل باللهِ عّز وج ّ‬ ‫ل ‪ :‬التصا ُ‬ ‫الو ُ‬
‫ه‬
‫عب ُدْ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن الكبرى ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ة اليما ِ‬ ‫واللجوُء إليه ‪ ،‬وهي مسأل ُ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫عَبادَت ِ ِ‬ ‫صطَب ِْر ل ِ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫عه ‪،‬‬ ‫ف الماضي ‪ ،‬بمآسيهِ ودمو ِ‬ ‫الثاني ‪ :‬إغلقُ مل ّ‬
‫مه ‪ ،‬والبدِء بحياةٍ جديدةٍ مع‬ ‫مه وهمو ِ‬ ‫وأحزاِنه ومصائ ِِبه ‪ ،‬وآل ِ‬
‫يوم ٍ جديد ٍ ‪.‬‬
‫ه‬
‫لب ِ‬ ‫م الشتغا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫ل الغائ ِ‬ ‫ك المستقب ِ‬ ‫ث ‪ :‬تْر ُ‬ ‫الثال ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫جسا ِ‬ ‫ت والتو ّ‬ ‫ت والنتظارا ِ‬ ‫ك التوقعا ِ‬ ‫ك فيهِ ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫والنهما ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ش في حدودِ اليوم ِ فَ َ‬ ‫وإّنما العي ُ‬
‫وظَّنوا‬ ‫سي ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل ‪ ،‬فإّنه ي ُن ْ ِ‬ ‫م وطول الم ِ‬ ‫ي ‪ :‬إّياك ْ‬ ‫قال عل ّ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫ن‬ ‫ن الله قال ع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ف والشائعا ِ‬ ‫إّياك وتصديق الراجي ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫أعداِئه ‪ ﴿ :‬ي َ ْ‬
‫م ينتظرون أمورا ً‬ ‫ت عديدةٍ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ن سنوا ٍ‬ ‫ت أناسا ً م ْ‬ ‫وعرف ُ‬
‫وفون‬ ‫م تقعْ ‪ ،‬ول يزالون ُيخ ّ‬ ‫ومصائب وحوادث وكوارث ل ْ‬
‫ل‬ ‫مث َ ُ‬‫م !! و َ‬ ‫شه ْ‬ ‫أنفسهم وغيرهم منها‪ ،‬فسبحان الله ما أنكد ُ عَي ْ َ‬
‫م يجعلونه تحت‬ ‫ب عند الصينيين ‪ ،‬فإنه ْ‬ ‫ن المعذ ّ ِ‬ ‫هؤلِء كالسجي ِ‬
‫ة‬
‫سهِ قطرةً من الماِء في الدقيق ِ‬ ‫ب يقط ُُر على رأ ِ‬ ‫أنبو ٍ‬
‫م يصيُبه‬ ‫ل قطرةٍ ث ّ‬ ‫ن ينتظُر ك ّ‬ ‫الواحدةِ ‪ ،‬فيبقى هذا السجي ُ‬
‫ه أهل النارِ فقال ‪َ ﴿ :‬ل‬ ‫ن ‪ ،‬ويفقد ُ عقله ‪ .‬وقد ْ وصف الل ُ‬ ‫الجنو ُ‬
‫ها‬ ‫ذاب ِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ف َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫وَل ي ُ َ‬ ‫موُتوا َ‬ ‫م َ‬
‫في َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ق َ‬
‫ت‬ ‫ج ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ما ن َ ِ‬ ‫حيى ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك ُل ّ َ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫مو ُ‬ ‫﴾ ‪َ ﴿ ،‬ل ي َ ُ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫غي َْر َ‬ ‫جُلودا ً َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ب َدّل َْنا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُلودُ ُ‬ ‫ُ‬
‫****************************************‬
‫ح ْ‬
‫ل ظالمك على الله‬ ‫أ ِ‬
‫ن يوم‬
‫ديا ِ‬‫إلى ال ّ‬ ‫ع‬
‫وعند اللهِ تجتم ُ‬
‫ه‬
‫ه في ِ‬ ‫عُ الل ُ‬‫نمضي‬ ‫شرِ‬
‫يوما ً يجم‬ ‫ر ْ‬ ‫الح‬
‫ه ينتظ ُ‬ ‫وعد ْل ً أن ُ‬ ‫م‬
‫الخصو ُ‬
‫ويكفي العبد إنصافا ً‬
‫ه‬‫م هو الل ُ‬ ‫الولين والخرين ‪ ،‬ل ظلم في ذلك اليوم ِ ‪ ،‬والحك ُ‬
‫ط‬ ‫س َ‬‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫زي َ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ض ُ‬
‫ون َ َ‬‫ة‪َ ﴿،‬‬ ‫ل ‪ ،‬والشهود ُ الملئك ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪192‬‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫مث ْ َ‬
‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫وِإن َ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫فَل ت ُظْل َ ُ‬‫ة َ‬‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫وم ِ ال ْ ِ‬
‫ل ِي َ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫وك َ َ‬ ‫َ‬
‫سِبي َ‬ ‫حا ِ‬ ‫فى ب َِنا َ‬ ‫ها َ‬‫ل أت َي َْنا ب ِ َ‬ ‫خْردَ ٍ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ة ّ‬‫حب ّ ٍ‬‫َ‬
‫*****************************‬
‫ز‬
‫كسرى وعجو ٍ‬
‫ة كان‬ ‫ن عجوزا ً فارسي ً‬ ‫م فارس ‪ :‬أ ّ‬ ‫ذكر ُبزر جمهُر حكي ُ‬
‫ج في كوٍخ مجاورٍ لقصرِ كسرى الحاكم ِ ‪،‬‬ ‫عندها دجا ٌ‬
‫عك الدجاج‬ ‫ب أستود ُ‬ ‫ت ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫ت إلى قريةٍ أخرى ‪ ،‬فقال ْ‬ ‫فسافر ْ‬
‫ه‬‫صره وبستان ُ‬ ‫خها ليوسع ق ْ‬ ‫ت ‪ ،‬عدا كسرى على كو ِ‬ ‫ما غاب ْ‬ ‫‪ .‬فل ّ‬
‫ت العجوُز‬ ‫موا الكوخ ‪ ،‬فعاد ِ‬ ‫‪ ،‬فذبح جنوُده الدجاج ‪ ،‬وهد ُ‬
‫ت أنا فأين أنت !‬ ‫ب ‪ ،‬غب ُ‬ ‫ت ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫ت إلى السماِء وقال ْ‬ ‫فالتفت ْ‬
‫ن‬ ‫ن كسرى على أبيه بالسكي ِ‬ ‫ه وانتقم لها ‪ ،‬فعدا اب ُ‬ ‫فأنصفها الل ُ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫فون َ َ‬ ‫و ُ‬
‫خ ّ‬‫وي ُ َ‬
‫عب ْدَهُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫شهِ ‪ ﴿ .‬أل َي ْ َ‬ ‫ه على فرا ِ‬ ‫فََقَتل ُ‬
‫ن كخي َْري ابني آدم‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬ليتنا جميعا ً نكو ُ‬ ‫دون ِ ِ‬‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ِبال ّ ِ‬
‫ما أ َن َا ْ‬ ‫قت ُل َِني َ‬ ‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫ي ي َدَ َ‬ ‫ت إ ِل َ ّ‬ ‫سط َ‬ ‫ل ‪ ﴿ :‬ل َِئن ب َ َ‬ ‫القائ ِ‬
‫ه المقتول‬ ‫ن عبد الل ِ‬ ‫ك ﴾ ‪ )) .‬ك ْ‬ ‫ك َل َ ْ‬
‫قت ُل َ َ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬‫د َ‬ ‫ط يَ ِ‬‫س ٍ‬ ‫ب َِبا ِ‬
‫ن عند المسلم ِ مبدأ‬ ‫ن عبد الله القاتل (( ‪ ،‬إ ّ‬ ‫‪ ،‬ول تك ْ‬
‫حْقدِ‬ ‫م من النتقام ِ والتشفي وال ِ‬ ‫ة أعظ ُ‬ ‫ة وقضي ً‬ ‫ورسال ً‬
‫والكراهيةِ ‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ل‬ ‫مَرك ّ َ‬
‫ب كما ٍ‬ ‫ن ُ‬
‫ص قد يكو ُ‬
‫ق ِ‬ ‫مَرك ّ ُ‬
‫ب الن ْ‬ ‫ُ‬
‫ض‬
‫م ﴾ ‪ .‬بع ُ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫شّرا ً ل ّ ُ‬
‫كم ب َ ْ‬ ‫سُبوهُ َ‬
‫ح َ‬‫﴿ َل ت َ ْ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ص عار ٍ‬ ‫سهم بنق ٍ‬ ‫العباقرةِ شّقوا طريقهم بصمودٍ لحسا ِ‬
‫جبي ْرٍ ‪،‬‬
‫فكثيٌر من العلماِء كانوا موالي ‪ ،‬كعطاٍء ‪ ،‬وسعيدِ بن ُ‬
‫وقََتادَةَ ‪ ،‬والبخاريّ ‪ ،‬والترمذيّ ‪ ،‬وأبي حنيفة ‪.‬‬
‫ن أذكياِء العالم ِ وبحورِ الشريعةِ أصابُهم العمى ‪،‬‬ ‫وكثيٌر م ْ‬
‫ن‬‫ش ‪ ،‬ويزيد ِ ب ِ‬ ‫م مكتوم ‪ ،‬والعم ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫س ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬واب ِ‬ ‫كابن عبا ٍ‬
‫هارون ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪193‬‬
‫ن إبراهيم آل‬ ‫خ محمد ُ ب ُ‬ ‫ومن العلماء المتأخرين ‪ :‬الشي ُ‬
‫ن باٍز‬ ‫دالعزيزِ ب ُ‬ ‫خ عب ُ‬ ‫ن حميد ‪ ،‬والشي ُ‬ ‫داللهِ ب ُ‬ ‫خ عب ُ‬ ‫الشيخ ‪ ،‬والشي ُ‬
‫م‬ ‫ب كان به ْ‬ ‫ت عن أذكياء ومخترعين وعباقرةٍ ع ََر ٍ‬ ‫‪ .‬وقرأ ُ‬
‫مْقعد ٌ ‪،‬‬ ‫ن ُ‬ ‫ج ‪ ،‬وثا ٍ‬ ‫م وآخُر أعو ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فهذا أعمى ‪ ،‬وذاك أص ّ‬ ‫عاها ٌ‬
‫ومع ذلك أّثروا في التاريخ ‪ ،‬وأّثروا في حياةِ البشريةِ بالعلوم ِ‬
‫ه﴾‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫شو َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ُنورا ً ت َ ْ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬ ‫ف‪َ ﴿.‬‬ ‫ت والكشو ِ‬ ‫والختراعا ِ‬
‫‪.‬‬
‫م ول‬ ‫ل شيٍء ‪ ،‬ل تهت ّ‬ ‫ةك ّ‬ ‫ة الراقي ُ‬ ‫ت الشهادةُ العلمي ُ‬ ‫ليس ِ‬
‫ل الشهادة الجامعية ‪ ،‬أو‬ ‫ضقْ ذْرعا ً لنك لم تن ِ‬ ‫م ول ت ِ‬ ‫تغت ّ‬
‫ل شيء ‪ ،‬بإمكاِنك‬ ‫تك ّ‬ ‫الماجستير ‪ ،‬أو الدكتوراه ‪ ،‬فإنها ليس ْ‬
‫ن‬ ‫م تك ْ‬ ‫دم للمةِ خيرا ً كثيرا ً ‪ ،‬ولوْ ل ْ‬ ‫ن تق ّ‬ ‫ن تلمع وأ ْ‬ ‫ن تؤث َّر وأ ْ‬‫أ ْ‬
‫ل شهيرٍ خطيرٍ نافٍع ل‬ ‫ن رج ٍ‬ ‫مم ْ‬ ‫صاحب شهادةٍ علميةٍ ‪ .‬ك ْ‬
‫مِته‬ ‫حه وه ّ‬ ‫ل شهادةً ‪ ،‬إنما شقّ طريقه بعصامي ّت ِهِ وطمو ِ‬ ‫يحم ُ‬
‫ت كثيرا ً من‬ ‫رنا الحاضرِ فرأي ُ‬ ‫ت في عص ِ‬ ‫وصمودِه ‪ .‬نظر ُ‬
‫المؤّثرين في العالم ِ الشرعي والدعوةِ والوعي والتربي ِ‬
‫ة‬
‫ل‬ ‫ة ‪ ،‬مث ُ‬ ‫ت عالمي ٌ‬ ‫م شهادا ٌ‬ ‫ن عنده ْ‬ ‫ب ‪ ،‬لم يك ْ‬ ‫والفكرِ والد ِ‬
‫ي ‪ ،‬والعقاد ِ ‪ ،‬والطنطاوي ‪ ،‬وأبي‬ ‫ن نب ّ‬ ‫كب ِ‬ ‫الشيخ ابن بازِ ‪ ،‬ومال ِ‬
‫زهرة ‪ ،‬والمودوديّ والندويّ ‪ ،‬وجمٍع كثيرٍ ‪.‬‬
‫ف ‪ ،‬والعباقرة الذين مّروا في‬ ‫ودونك علماء السل ِ‬
‫ضلةِ ‪.‬‬ ‫ن المف ّ‬ ‫القرو ِ‬
‫ت‬ ‫ود ْ‬ ‫س عصام ٍ س ّ‬ ‫نف ُ‬ ‫ه الكّر‬ ‫وعّلمت ْ ُ‬
‫العالم ِ طول ً‬ ‫عصاما‬ ‫في‬ ‫ف الدكاترةِ ِ‬ ‫ذلك آل ُ‬ ‫والقداما‬
‫ن‬‫وعلى الضد ّ م ْ‬
‫حس من ْهم من أ َح َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫و تَ ْ‬ ‫دأ ْ‬ ‫ّ ْ َ ٍ‬ ‫ل تُ ِ ّ ِ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وعرضا ً ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ث الصحيِح ‪:‬‬ ‫م ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫ة ك َن ٌْز عظي ٌ‬ ‫كزا ً ﴾ ‪ .‬القناع ُ‬ ‫ر ْ‬‫ِ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫ن أغنى النا ِ‬ ‫ه لك ت َك ُ ْ‬ ‫)) ارض بما قسم الل ُ‬
‫خِلك ‪ ،‬بمْركِبك ‪ ،‬بأبناِئك ‪ ،‬بوظيفِتك ‪،‬‬ ‫ض بأهِلك ‪ ،‬بد ْ‬ ‫ار ْ‬
‫تجد ِ السعادة والطمأنينة ‪.‬‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫غنى النف ِ‬ ‫غنى ِ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬ال ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن راحة‬ ‫ب‪ ،‬لك ّ‬ ‫ل وبالمنص ِ‬ ‫ض ول بالموا ِ‬ ‫وليس بكثرةِ العر ِ‬
‫م الله‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫س ‪ ،‬ورضاها بما قَ َ‬ ‫النف ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪194‬‬
‫ي‬ ‫ب العبد الغن ّ‬ ‫ن الله يح ّ ُ‬ ‫ث الصحيِح ‪)) :‬إ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ل غناه في‬ ‫م اجع ْ‬ ‫ث ‪)) :‬الله ّ‬ ‫ي(( ‪ .‬وحدي ِ‬ ‫ي الخف ّ‬ ‫التق ّ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫قلب ِ ِ‬
‫ب سيارةٍ من المطارِ ‪،‬‬ ‫ت مع صاح ِ‬ ‫دهم ‪ :‬ركب ُ‬ ‫قال أح ُ‬
‫ت هذا السائق مسرورا ً‬ ‫ن ‪ ،‬فرأي ُ‬ ‫جها ً إلى مدينةٍ من المد ِ‬ ‫متو ّ‬
‫جذِل ً ‪ ،‬حامدا ً للهِ وشاكرا ً ‪ ،‬وذاكرا ً لموله ُ ‪ ،‬فسأُله عن أهِله‬
‫ه‬ ‫ن عشرةِ أبناٍء ‪ ،‬ودخل ُ ُ‬ ‫ن عنده أسرتين ‪ ،‬وأكثر م ْ‬ ‫فأخبرني أ ّ‬
‫ة‬ ‫ف قديم ٌ‬ ‫غر ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وعنده ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫في الشهرِ ثمانمائةِ ريا ٍ‬
‫م‬ ‫س َ‬ ‫ض بما قَ َ‬ ‫ه را ٍ‬ ‫ل ‪ ،‬لن ُ‬ ‫يسكُنها هو وأهُله ‪ ،‬وهو مرتاح البا ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫هل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ن‬ ‫س يملكو ُ‬ ‫ت بين هذا وبين أنا ٍ‬ ‫ت حينما قارن ُ‬ ‫قال ‪ :‬فعجب ُ‬
‫م يعيشون ضْنكا ً‬ ‫ل والقصورِ والدورِ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ت من الموا ِ‬ ‫مليارا ٍ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ت في الما ِ‬ ‫ت أن السعادة ليس ْ‬ ‫من المعيشةِ ‪ ،‬فعرف ُ‬
‫ف المليين‬ ‫خب ََر تاجرٍ كبيرٍ ‪ ،‬وثريّ شهيرٍ عنده ُ آل ُ‬ ‫ت َ‬ ‫عرف ُ‬
‫ق ‪ ،‬شرس‬ ‫ن ضّيق ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫ت القصورِ والدورِ ‪ ،‬وكا َ‬ ‫وعشرا ُ‬
‫ن أهِله ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬مات في غربةٍ ع ْ‬ ‫ل ثائر الطبع ‪ ،‬كاسف البا ِ‬ ‫التعام ِ‬
‫د}‬ ‫لنه لم يرض بما أعطاه الله إياه ‪ ﴿ ،‬ث ُم يطْمع أ َن أ َ‬
‫زي َ‬ ‫َ ُ ْ ِ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬
‫عِنيدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ِلَيات َِنا َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ {15‬ك َّل إ ِن ّ ُ‬
‫سه‬ ‫خُلو بنف ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ي القديم ِ أ ْ‬ ‫ل عند العرب ّ‬ ‫ن معالم ِ راحةِ البا ِ‬ ‫م ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫ل أح ُ‬ ‫ن الحياِء ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫في الصحراِء ‪ ،‬وينفرد ع ِ‬
‫ت‬‫ب فاستأنس ُ‬ ‫عوى الذئ ُ‬ ‫ت‬‫ن فك ِد ْ ُ‬ ‫وت إنسا ٌ‬ ‫وص ّ‬
‫عوى‪:‬‬ ‫ب إذ ْ‬ ‫بالذئ‬ ‫طير‬ ‫وقد خرج أبوأ ِ‬
‫ن الثوريّ‬ ‫ذر ُإلى الربذةِ ‪ .‬وقال سفيا ُِ‬ ‫ّ‬
‫ب ل يعرُفني أحد ٌ ! وفي‬ ‫شعا ِ‬ ‫ب من ال ّ‬ ‫شعْ ٍ‬ ‫ت أني في ِ‬ ‫ود ِد ْ ُ‬
‫م‬ ‫غن َ ٌ‬ ‫ل المسلم ِ ‪َ :‬‬ ‫خي َْر ما ِ‬ ‫ن يكون َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ث ‪ُ )) :‬يو ِ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ل ‪ ،‬ويفّر بديِنه‬ ‫ر وشعف الجبا ِ‬ ‫ع بها مواقع القط ِ‬ ‫يتب ُ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫فت ِ‬ ‫من ال ِ‬
‫م للعبدِ الفرار منها ‪ ،‬كما‬ ‫ن كان السل ُ‬ ‫ت الفت ُ‬ ‫فإذا حصل ِ‬
‫ن مسلمة لما قُِتل‬ ‫ن زيدٍ ومحمد ُ ب ُ‬ ‫ةب ُ‬ ‫عمَر وأسام ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫فعل اب ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫عثما ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪195‬‬
‫صد ْرِ إل‬ ‫م الفْقُر والكدُر وضي ِقُ ال ّ‬ ‫ت أناسا ً ما أصابه ُ‬ ‫عرفْ ُ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ ،‬فتجد ُ أحدهم كان غني ّا ً‬ ‫ن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫دهم ع ِ‬ ‫ب ب ُعْ ِ‬ ‫بسب ِ‬
‫ن‬ ‫ن رّبه ‪ ،‬وفي خيرٍ م ْ‬ ‫ه واسعا ً ‪ ،‬وهو في عافيةٍ م ْ‬ ‫ورزقُ ُ‬
‫عة اللهِ ‪ ،‬وتهاون بالصلةِ ‪ ،‬واقترف‬ ‫ن طا ِ‬ ‫موله ‪ ،‬فأعرض ع ْ‬
‫ة رِْزقِهِ ‪ ،‬وابتلهُ‬ ‫سعَ َ‬ ‫ب ‪ ،‬فسلَبه رّبه عافية بدِنه ‪ ،‬وَ َ‬ ‫كبائر الذنو ِ‬
‫ن بلٍء إلى‬ ‫ن نكد ٍ إلى ن َك َدٍ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ‪ ،‬فأصبح م ْ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫بالفْقرِ واله ّ‬
‫ضنكا ً‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِذك ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫بلٍء ‪َ ﴿ ،‬‬
‫عَلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها َ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫م ً‬ ‫ع َ‬ ‫غّيرا ً ن ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ك ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬ ‫﴾ ‪ ﴿ ،‬ذَل ِ َ‬
‫ما‬ ‫ُ‬ ‫غيروا ْ ما ب َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫م ﴾ ‪ ،‬وقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أن‬ ‫َ ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ ّ ُ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عن‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ق ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ك َِثير﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫هم‬ ‫قي َْنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة َل ْ‬ ‫ري َ‬ ‫عَلى الطّ ِ‬ ‫موا َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫وأن أل ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫دقا ً﴾‪.‬‬ ‫غ َ‬ ‫ماء َ‬ ‫ّ‬
‫ة سحرّية ألقيها على همومك‬ ‫ن عندي وصف ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫وِدد ُ‬
‫ن أين‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ف ما يأِفكون ‪ ،‬لك ْ‬ ‫مك وأحزاِنك ‪ ،‬فإذا هي تْلق ُ‬ ‫وغمو ِ‬
‫ن عيادةِ علماِء‬ ‫ن سوف أخبُرك بوصفةٍ طبي ّةٍ م ْ‬ ‫لي ؟! ولك ْ‬
‫ق‪،‬‬ ‫شريعةِ ‪ ،‬وهي ‪ :‬اعبد ِ الخالق ‪ ،‬وارض بالرز ِ‬ ‫المل ّةِ ورّواد ال ّ‬
‫صرِ المل ‪ .‬انتهى ‪.‬‬ ‫دنيا ‪ ،‬وق ّ‬ ‫م بالقضاِء ‪ ،‬وازهد ْ في ال ّ‬ ‫وسل ّ ْ‬
‫ه ) وليم‬ ‫م ُ‬ ‫ي ‪ ،‬اس ُ‬ ‫ت العاِلم نفساّني شهيرٍ أمريك ّ‬ ‫عجب ُ‬
‫ن‬ ‫ل ‪ :‬إننا نح ُ‬ ‫س عندهم ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫جايمس ( ‪ ،‬هو أبو عِلم النف ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك ‪ ،‬ول نشكُر الله على ما نمل ُ‬ ‫البشُر نفك ُّر فيما ل نمل ُ‬
‫ب المأسويّ المظلم ِ في حياِتنا ‪ ،‬ول ننظُر‬ ‫وننظُر إلى الجان ِ‬
‫صنا ‪ ،‬ول‬ ‫سُر على ما ينق ُ‬ ‫ق فيها ‪ ،‬ونتح ّ‬ ‫ِ‬ ‫شر‬ ‫إلى الجانب الم ْ‬
‫َ‬ ‫نسعد ُ بما عندنا ‪ ﴿ ،‬ل َِئن َ‬
‫م ﴾ ‪ )) ،‬وأعو ُ‬
‫ذ‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬ ‫مل ِ‬ ‫شك َْرت ُ ْ‬
‫ع (( ‪.‬‬ ‫شب َ ُ‬ ‫س ل تَ ْ‬ ‫ن نف ٍ‬ ‫هم ْ‬ ‫بالل ِ‬
‫مه ‪ ،‬جمع‬ ‫ن أصبح والخرةُ ه ّ‬ ‫ث ‪ )) :‬م ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ل غناه في قلِبه ‪ ،‬وأتْته الدنيا‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه شمله ‪ ،‬و َ‬ ‫الل ُ‬
‫ه‬ ‫مه ‪ ،‬فّرق الل ُ‬ ‫ن أصبح والدنيا ه ّ‬ ‫ة ‪ ،‬وم ْ‬ ‫وهي راغم ٌ‬
‫قَرهُ بين عي ْن َْيه ‪ ،‬ولم يأِته من‬ ‫ف ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه شمله ‪ ،‬وجع َ‬ ‫علي ِ‬
‫َ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫سأل ْت َ ُ‬ ‫ول َِئن َ‬ ‫الدنيا إل ّ ما ك ٌِتب له (( ‪َ ﴿ .‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪196‬‬
‫َ‬
‫قول ُ ّ‬
‫ن‬ ‫مَر ل َي َ ُ‬ ‫ق َ‬‫وال ْ َ‬
‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫خَر ال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫س ّ‬
‫و َ‬ ‫واْلْر َ‬
‫ض َ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ؤ َ‬‫فأّنى ي ُ ْ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ ُ‬
‫******************************************‬
‫وأخيرا ً اعتر ُ‬
‫فوا‬
‫ي ‪ ،‬ن ُِفي إلى جزيرةِ سيبيريا ‪،‬‬ ‫م روس ٌ‬ ‫) سخروف ( عال ٌ‬
‫ن‬ ‫لفكاِره المخالفةٍ لللحادِ ‪ ،‬والكفرِ باللهِ ‪ ،‬فكان ُينادي أ ّ‬
‫ة مؤثرة ً في العالم ِ خلف ما يقوُله‬ ‫هناك قوة ً فاعل ً‬
‫ن النفوس‬ ‫الشيوعّيون ‪ :‬ل إله ‪ ،‬والحياةُ مادةٌ ‪ .‬ومعنى هذا ‪ :‬أ ّ‬
‫س‬ ‫فطََر الّنا َ‬ ‫ه ال ِّتي َ‬ ‫فطَْرةَ الل ّ ِ‬ ‫مفطورةٌ على التوحيدِ ‪ِ ﴿ .‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ن الملحد ل مكان له هنا وهناك ؛ لنه منكو ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ج الل ِ‬ ‫الِف ْ‬
‫ف لمنه ِ‬ ‫طرةِ ‪ ،‬خاوي الضميرِ مبتوُر الرادةِ ‪ ،‬مخال ٌ‬
‫ض‪.‬‬ ‫في الر ِ‬
‫ي‬ ‫ت أستاذا ً مسلما ً في معهدِ الفكرِ السلم ّ‬ ‫قابل ُ‬
‫ي–‬ ‫ط الشيوعيةِ – أو التحادِ السوفيت ّ‬ ‫بواشنطن قبل سقو ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫فئ ِدَت َ ُ‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫قل ّ ُ‬ ‫بسنتين ‪ ،‬فذكر لي هذه الية ‪َ ﴿ :‬ن ُ َ‬
‫ؤمُنوا ْ ب َ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ون َذَُر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫مّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫م يُ ْ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاَر ُ‬ ‫وأب ْ َ‬ ‫َ‬
‫م‪﴿ :‬‬ ‫ة فيه ْ‬ ‫م هذه الي ُ‬ ‫ن ﴾ وقال‪ :‬سوف تت ّ‬ ‫هو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫غَيان ِ ِ‬ ‫طُ ْ‬
‫ف‬ ‫ق ُ‬ ‫س ْ‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫فأ َ‬‫َ‬
‫م ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫هم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫يا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫تى‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سي ْ َ‬ ‫عل َ‬ ‫سل ْ‬ ‫فأ َ‬ ‫َ‬ ‫فأ َ‬
‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫من َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ضوا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫و ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ِ‬
‫م َل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فك ُّل ً أ َ‬
‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫غت َ ً‬ ‫هم ب َ ْ‬ ‫في َأت ِي َ ُ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ذنب ِ ِ‬ ‫خذَْنا ب ِ َ‬ ‫رم ِ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫****************************************‬
‫ت مع الحمقى‬
‫لحظا ٌ‬
‫ة‬‫ة رائع ٌ‬
‫ب ‪ ،‬ومقال ٌ‬
‫م عجي ٌ‬
‫ت في مجلةِ ) الرسالة( كل ٌ‬ ‫للزّيا ِ‬
‫ف الشيوعيةِ ‪ ،‬حينما أرسلوا سفينة الفضاِء إلى‬ ‫في وص ِ‬
‫َ‬
‫حد ُ رّواِدها مقال ً في صحيف ِ‬
‫ة‬ ‫بأ َ‬‫ت ‪ ،‬فكت َ‬
‫القمرِ وعاد ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪197‬‬
‫م‬ ‫دنا إلى السماِء فل ْ‬ ‫ل فيها ‪ :‬صعِ ْ‬ ‫) البرافدا( الروسيةِ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة ول نارا ً ول ملئك ً‬ ‫نجد ْ هناك إلها ً ول جن ً‬
‫مُر‬ ‫ح ُ‬ ‫ة فيها ‪ » :‬عجبا ً لكم أّيها ال ُ‬ ‫ت مقال ً‬ ‫فكتب الزّيا ْ‬
‫شهِ بارزا ً‬ ‫كم على عر ِ‬ ‫ن رب ّ ُ‬ ‫م سوف ت ََروْ َ‬ ‫مقى !! أتظنون أنك ْ‬ ‫الح ْ‬
‫ت يمشين في الحريرِ ‪،‬‬ ‫حور الِعين في الجنا ِ‬ ‫‪ ،‬وسوف ترون ال ُ‬
‫مون رائحة‬ ‫وثرِ ‪ ،‬وسوف تش ّ‬ ‫وسوف تسمعون رقرقة الك ْ‬
‫ن ظننتم ذلك خسرُتم خسرانكم‬ ‫مإ ْ‬ ‫ذبين في النارِ ‪ ،‬إنك ْ‬ ‫المع ّ‬
‫ن ل أفسُر ذلك التيه والضلل والنحراف‬ ‫الذي تعيشونه ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ن‬ ‫م‪.‬إ ّ‬ ‫سك ْ‬ ‫مق إل بالشيوعيةِ واللحاد ِ الذي في رؤو ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫وال ُ‬
‫ل بل خاتمةٍ ‪،‬‬ ‫ض بل سماٍء ‪ ،‬وعم ٌ‬ ‫م بل غدٍ ‪ ،‬وأر ٌ‬ ‫الشيوعية يو ٌ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ي بل نتيجةٍ ‪ « ..‬إلى آخرِ ما قال ‪ ﴿ ،‬أ ْ‬ ‫وسع ٌ‬
‫َ‬ ‫أ َك ْث ََر ُ‬
‫ل‬ ‫عام ِ ب َ ْ‬ ‫كاْل َن ْ َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ها‬ ‫ن بِ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ب ل ّ يَ ْ‬ ‫قُلو ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫سِبيل ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن ل ّ يَ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫ن ل ّ ي ُب ْ ِ‬ ‫عي ُ ٌ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ه ْ‬ ‫مال ُ‬ ‫ع َ‬ ‫رم ٍ ﴾ ‪ ﴿ ،‬أ ْ‬ ‫مك ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫من ي ُ‬ ‫و َ‬ ‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫بِ َ‬
‫ح‬ ‫ه الّري ُ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫شت َدّ ْ‬ ‫ماٍد ا ْ‬ ‫م ك ََر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ة ﴾ ‪ ﴿ ،‬أَ ْ‬ ‫ع ٍ‬ ‫قي َ‬ ‫ب بِ ِ‬ ‫سَرا ٍ‬ ‫كَ َ‬
‫ف﴾‪.‬‬ ‫ص ٍ‬ ‫عا ِ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫في ي َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت(‪،‬‬ ‫ب ذوي العاها ِ‬ ‫ب ) مذاه ُ‬ ‫ومن كلم ِ العقادِ في كتا ِ‬
‫وهو ينهد ُ غاضبا ً على هذهِ الشيوعيةِ ‪ ،‬وعلى هذا اللحادِ‬
‫ن الفطرة‬ ‫م ما معناه ‪ :‬إ ّ‬ ‫ف الذي وقع في العالم ِ ‪ ،‬كل ٌ‬ ‫السخي ِ‬
‫ل هذا الدين الحقّ ‪ ،‬دين السلم ِ ‪ ،‬أما المعاقون‬ ‫السوّية تقب ُ‬
‫ن‬ ‫ل الفكارِ العِفنةِ القاصرةِ ‪ ،‬فإنها يمك ُ‬ ‫عقليا ً والمختلفون وأه ُ‬
‫م لَ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَلى ُ ُ‬ ‫وطُب ِ َ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ترتكب اللحاد ‪َ ﴿ .‬‬ ‫أ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه بما ُيحد ُّثه‬ ‫ة للفكرِ ‪ ،‬وهو أشب ُ‬ ‫ة قاصم ٌ‬ ‫ن اللحاد ضرب ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ف الدهُر أكبر منها‬ ‫ة ما عََر َ‬ ‫مهم ‪ ،‬وهو خطيئ ٌ‬ ‫ل في عال ِ‬ ‫الطفا ُ‬
‫ه‬‫في الل ّ ِ‬ ‫ه سبحانه وتعالى‪ ﴿ :‬أ َ ِ‬ ‫ة ‪ .‬ولذلك قال الل ُ‬ ‫خطيئ ً‬
‫ك‪!! ﴾....‬‬ ‫ش ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ل ذكر اب ُ‬ ‫ك فيه ‪ ،‬وهو ظاهٌر ‪ .‬ب ْ‬ ‫ن المر ل ش ّ‬ ‫يعني ‪ :‬أ ّ‬
‫تيمية ‪ :‬أن الصانع ‪ -‬يعني ‪ :‬الله سبحانه وتعالى – لم ينكْره‬
‫ل تحزن‬
‫‪198‬‬
‫ف به في‬ ‫ه معتر ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬مع العلم ٍ أن ُ‬ ‫أحد ٌ في الظاه ِرِ إل فرعو ُ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل موسى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫باطِنه ‪ ،‬وفي داخلهِ ‪ ،‬ولذلك يقو ُ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫ت وال َ‬ ‫وا‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ؤلء‬ ‫ُ‬ ‫هـ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ز‬ ‫عل ِمت ما َ‬
‫أن‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫َ‬
‫ن فرعون‬ ‫مث ُْبورا ً ﴾ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ن َ‬ ‫عو ُ‬ ‫فْر َ‬ ‫ك َيا ِ‬ ‫وإ ِّني َلظُن ّ َ‬ ‫صآئ َِر َ‬‫بَ َ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه ل إ ِِلـ َ‬ ‫ت أن ّ ُ‬ ‫من ُ‬ ‫ف صرخ بما في قلِبه ‪ ﴿ :‬آ َ‬ ‫في آخر المطا ِ‬
‫ل َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وأن َا ْ ِ‬ ‫سَراِئي َ َ‬ ‫ه ب َُنو إ ِ ْ‬‫ت بِ ِ‬ ‫من َ ْ‬
‫ذي آ َ‬‫إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫**************************************‬
‫ة‬
‫ق النجا ِ‬
‫ن طري ُ‬
‫اليما ُ‬
‫ه يتجّلى في عصرِ العلم ِ ( ‪ ،‬وكتاب‬ ‫ب ) الل ُ‬ ‫في كتا ِ‬
‫ن أكثر‬ ‫تأ ّ‬ ‫ة وهي ‪ :‬وجد ُ‬ ‫ن ( حقيق ٌ‬ ‫ب اليما ِ‬ ‫حرا ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫) الط ّ‬
‫ن‬ ‫مه ‪ ،‬هو اليما ُ‬ ‫مه وغمو ِ‬ ‫ن همو ِ‬ ‫معين للعبد ِ في التخّلص م ْ‬ ‫ُ‬
‫ري إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ُ‬ ‫باللهِ عّز وج ّ‬
‫م ِ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ض المرِ إليه ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل‪ ،‬وتفوي ُ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ه﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫من ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫للرضا والتسليم ِ‬ ‫ن هذا بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬يهد ِ قلبه‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن يعل ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل ال ِّتي‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬‫وي َ َ‬ ‫أو نحو ذلك ‪َ ﴿ ،‬‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كان َ ْ‬
‫م أني لم‬ ‫وأعل ُ‬ ‫من الله إل قد ْ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫صْبني مصيب ٌ‬ ‫تُ ِ‬ ‫ت فتى قبلي‬ ‫ُ أصاب ْ‬
‫ب ًاللمِعين ‪ ،‬مثل ) كرسي مريسون ( ‪ ،‬و‬ ‫ِ‬ ‫الغر‬ ‫إن كّتاب‬
‫ن المنقذ‬ ‫) ألكس كاريل ( ‪ ،‬و ) دايل كارنيجي ( ‪ ،‬يعترفون أ ّ‬
‫ن باللهِ عّز‬ ‫ب الماديّ المتدهورِ في حياتهم إنما هو اليما ُ‬ ‫للغر ِ‬
‫ث‬ ‫ن السبب الكبير والسّر العظم في حواد ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وذكروا أ ّ‬ ‫وج ّ‬
‫ب ‪ ،‬إّنما هو اللحاد ُ‬ ‫ت ظاهرة ً في الغر ِ‬ ‫ت التي أصبح ْ‬ ‫النتحارا ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ب العالمين ‪ ﴿ ،‬ل َ ُ‬ ‫ل–ر ّ‬ ‫ن الله – عّز وج ّ‬ ‫ضع ِ‬ ‫والعرا ُ‬
‫ك‬ ‫ر ْ‬‫ش َِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬‫سوا ي َ ْ‬ ‫ما ن َ ُ‬ ‫ديدٌ ب ِ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬
‫َ‬
‫بالل ّه َ َ‬
‫و‬ ‫ه الطّي ُْر أ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫خط َ ُ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫خّر ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فك َأن ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق ﴾‪.‬‬ ‫حي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫في َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه الّري ُ‬ ‫وي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ت جريدةُ ) الشرق الوسط ( في عددها بتاريخ ‪/21‬‬ ‫ذكر ْ‬
‫ي‬ ‫س المريك ّ‬ ‫ت عقيلةِ الرئي ِ‬ ‫ن مذكرا ِ‬ ‫‪ 1415 /4‬هـ ‪ ،‬نقل ً ع ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪199‬‬
‫ن مرةٍ ‪،‬‬ ‫ت النتحار أكثر م ْ‬ ‫ق ) جورج بوش ( ‪ :‬أّنها حاول ِ‬ ‫الساب ِ‬
‫ت‬ ‫ه ‪ ،‬وحاول ْ‬ ‫ب الموت مظان ّ ُ‬ ‫ت السيارة إلى الهاويةِ تطل ُ‬ ‫وقاد ِ‬
‫ن تختنق ‪.‬‬ ‫أ ْ‬
‫ل فيها مع المسلمين‬ ‫ن معركة ُأحد ٍ يقات ُ‬ ‫لقد ْ حضر قزما ُ‬
‫ة ‪ .‬فقال ‪: ‬‬ ‫س ‪ :‬هنيئا ً له الجن ُ‬ ‫ل قتال ً شديدا ً ‪ .‬قال النا ُ‬ ‫فقات ُ‬
‫حه فلم يصبْر ‪،‬‬ ‫ت به جرا ُ‬ ‫ر((!! فاشتد ْ‬ ‫ل النا ِ‬ ‫ن أه ِ‬ ‫هم ْ‬ ‫))إن ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عي ُ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف فمات‪﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫ل نفسه بالسي ِ‬ ‫فََقت َ َ‬
‫صْنعا ً﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن ُ‬ ‫سُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫عن‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫وهذا معنى قول ِهِ سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِذك ْ ِ‬
‫ت‬ ‫ل هذهِ المورِ ‪ ،‬مهما بلغ ْ‬ ‫م على مث ِ‬ ‫ن المسلم ل يقد ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن ُتنهيا‬ ‫ن ركعتين بوضوٍء وخشوٍع وخضوٍع كفيلتان أ ْ‬ ‫ل‪.‬إ ّ‬ ‫الحا ُ‬
‫ن آَناء الل ّي ْ ِ‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ط‪َ ﴿،‬‬ ‫م والحبا ِ‬ ‫م والكدرِ واله ّ‬ ‫ل هذا الغ ّ‬ ‫ك ّ‬
‫عل ّ َ‬ ‫فسبح وأ َ‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ت َْر َ‬ ‫ر لَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫را‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫َ َ ّ ْ َ‬
‫ن انحراِفه‬ ‫ن هذا العالم ِ ‪ ،‬وع ِ‬ ‫لع ْ‬ ‫ن القرآن يتساء ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾ ؟! ما هو الذي‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م َل ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫وضلِله فيقو ُ‬
‫ة‪،‬‬‫ت الحج ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وقام ِ‬ ‫ت المحج ُ‬ ‫ضح ِ‬ ‫ن‪ ،‬وقد ْ و ُ‬ ‫ن اليما ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫يرّده ْ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫سن ُ ِ‬ ‫ن‪َ ﴿ .‬‬ ‫وبان الدليلُ ‪ ،‬وظهر الحقّ ‪ ،‬وسطع البرها ُ‬
‫َ‬ ‫في َ‬
‫ه‬
‫م أن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫و ِ‬ ‫ق َ‬ ‫فا ِ‬ ‫في اْل َ‬ ‫آَيات َِنا ِ‬
‫ه‬
‫ن الله إل ٌ‬ ‫ن محمدا ً ‪ ‬صادقٌ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن له ْ‬ ‫ق﴾ ‪ ،‬يتبي ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن يعتنقه‬ ‫ل يستحقّ أ ْ‬ ‫ن كام ٌ‬ ‫ن السلم دي ٌ‬ ‫يستحقّ العبادة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫د‬
‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ِ ْ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م‪َ ﴿،‬‬ ‫العال ُ‬
‫قى﴾‪.‬‬ ‫وث ْ َ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫عْر َ‬ ‫ك ِبال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ست َ ْ‬‫ا ْ‬
‫******************************‬
‫ت‬ ‫حتى الك ُ ّ‬
‫فاُر درجا ٌ‬
‫س ) جورج بوش ( بعنوان ) سيرةٌ‬ ‫ت الرئي ِ‬‫في مذكرا ِ‬
‫س التحادِ‬‫إلى المام ِ ( ‪ :‬ذكر أّنه حضر جنازة برجنيف ( ‪ ،‬رئي ِ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة قاتم ً‬‫ي في موسكو ‪ ،‬قال فوجدُتها جنازةً مظلم ً‬ ‫السوفيت ّ‬
‫ي وأولئك‬ ‫ن )بوش ( نصران ّ‬ ‫ح‪.‬ل ّ‬‫ن ول رو ٌ‬‫ليس فيها إيما ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪200‬‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫مُنوا ْ ال ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ودّةً ل ّل ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫م ّ‬ ‫ه ْ‬‫قَرب َ ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫جد َ ّ‬ ‫ول َت َ ِ‬‫ملحدة ٌ ﴿ َ‬
‫ه‬
‫صاَرى ﴾ ‪ .‬فانظْر كيف أدرك هذا مع ضلل ِ ِ‬ ‫وا ْ إ ِّنا ن َ َ‬ ‫قال ُ َ‬
‫َ‬
‫ن المر أصبح نسبي ّا ً فكيف لو ع ََرف بوش‬ ‫انحراف أولئك ‪ ،‬ل ّ‬
‫سل َم ِدينا ً‬ ‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬
‫ِ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫و َ‬‫السلم ‪ ،‬دين اللهِ الحقّ ؟! ﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن تيمية ‪ ،‬وهو‬ ‫كرني هذا بمقالةٍ لشيِخ السلم ِ اب ِ‬ ‫وذ ّ‬
‫ق الضال ّةِ الصوفي ِ‬
‫ة‬ ‫ث عن أحدِ البطائحيةِ ) الفر ِ‬ ‫يتحد ّ ُ‬
‫م يا ابن‬ ‫ن تيمية ‪ :‬ما لك ْ‬ ‫ي لب ِ‬ ‫ل هذا البطائح ّ‬ ‫المنحرفةِ ( ‪ .‬يقو ُ‬
‫ت كرامُتنا‬ ‫م – يعني أهل السنةِ – بار ْ‬ ‫تيمية إذا جْئنا إليك ْ‬
‫ت كرامُتنا؟‬ ‫ل الكفارِ ظهر ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وإذا ذهْبنا إلى التِتر المغو ِ‬ ‫وبطل ْ‬
‫ل التتارِ ؟ أما‬ ‫كم ومث َ ُ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬أتدري ما مثُلنا ومثل ُ ُ‬ ‫قال اب ُ‬
‫سود ٌ ‪ ،‬فالبلقُ إذا دخل‬ ‫ض ‪ ،‬وأنتم ب ُل ْقٌ ‪ ،‬والتتُر ُ‬ ‫ل بي ٌ‬ ‫ن فخيو ٌ‬ ‫نح ُ‬
‫م‬ ‫بين السودِ أصبح أبيض ‪ ،‬وإذا خالط البض أصبح أسود ‪ ،‬فأنت ْ‬
‫ل الكفرِ ظ َهََر هذا‬ ‫م مع أه ِ‬ ‫ن نورٍ ‪ ،‬إذا دخلت ْ‬ ‫ةم ْ‬ ‫م بقي ٌ‬ ‫عندك ْ‬
‫ن أهل النورِ العظم ِ والسنة ‪ ،‬ظهر‬ ‫النوُر وإذا أتيُتم إلينا ونح ُ‬
‫ما‬ ‫ل التتار ‪َ ﴿ .‬‬ ‫كم ومثُلنا ومث ُ‬ ‫مكم وسواُدكم ‪ ،‬فهذا مثل ُ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ظل ُ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫في َر ْ‬ ‫ف ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬‫جو ُ‬ ‫و ُ‬‫ت ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫ن اب ْي َ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫إرادةٌ فولذي ٌ‬
‫ب ‪ ،‬وفي‬ ‫س في الغر ِ‬ ‫ن بلدِ السلم ِ يدر ُ‬ ‫بم ْ‬ ‫ذهب طال ٌ‬
‫ت ‪ ،‬فسكن مع أسرةٍ بريطانيةٍ كافرةٍ ‪ ،‬ليتعّلم‬ ‫لندن بالذا ِ‬
‫ب‬‫ظ مع الفجرِ الباكرِ ‪ ،‬فيذه ُ‬ ‫اللغة ‪ ،‬فكان متدّينا ً وكان يستيق ُ‬
‫ب إلى‬ ‫ً‬ ‫إلى صنبور الماِء ويتوضأ ُ‬
‫م يذه ُ‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫بارد‬ ‫ً‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫وكان‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ت عجوٌز في‬ ‫مد ُ ‪ ،‬وكان ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ح وي َ ْ‬‫مصل ّهُ فيسجد ُ لرّبه ويركعُ ويسب ُ‬
‫ل ؟ قال ‪:‬‬ ‫ه دائما ً ‪ ،‬فسألْته بعد أيام ٍ ‪ :‬ماذا تفع ُ‬ ‫ت تلحظ ُ‬ ‫البي ِ‬
‫خْرت الوقت الباكر‬ ‫ت ‪ :‬فلو أ ّ‬ ‫ن أفعل هذا ‪ .‬قال ْ‬ ‫أمرني ديني أ ْ‬
‫ن ربي ل يقب ُ‬
‫ل‬ ‫م تستيقظ ‪ .‬قال ‪ :‬لك ّ‬ ‫مك ث ّ‬‫حتى ترتاح في نو ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ت رأسها ‪ ،‬وقال ْ‬ ‫ت الصلة عن وقِتها ‪ .‬فهّز ْ‬ ‫خر ُ‬ ‫مّني إذا أ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪201‬‬
‫ع‬‫وَل ب َي ْ ٌ‬ ‫جاَرةٌ َ‬ ‫م تِ َ‬ ‫ه ْ‬
‫هي ِ‬
‫جا ٌ ّ ْ‬
‫ل ل ت ُل ِ‬ ‫ر َ‬ ‫إرادةٌ تكسُر الحديد !! ﴿ ِ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫صَل ِ‬ ‫قام ِ ال ّ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن التوحيد ِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬وسلطا ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وقوة ُ اليقي ِ‬ ‫إّنها إرادةُ اليما ِ‬
‫ت إلى سحرةِ فرعون وقد ْ آمنوا‬ ‫هذهِ الرادة ُ هي التي أوح ْ‬
‫ي بين موسى‬ ‫ب العالمين في لحظةِ الصراِع العالم ّ‬ ‫باللهِ ر ّ‬
‫ما‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤث َِر َ‬ ‫قاُلوا َلن ن ّ ْ‬ ‫وفرعون ‪ ،‬قالوا لفرعون ‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫فطََرَنا َ‬
‫ض‬
‫قا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫ما أن َ‬ ‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ت َ‬ ‫ن ال ْب َي َّنا ِ‬‫م َ‬
‫جاءَنا ِ‬
‫َ‬
‫دوا‬ ‫ن يؤ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫سمع بمثل ِهِ ‪ ،‬وأصبح عليه ْ‬ ‫دي الذي ما ُ‬ ‫﴾ ‪ .‬وهو التح ّ‬
‫ن يبّلغوا الكلمة الصادقة‬ ‫هذه الرسالة في هذه اللحظةِ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫القوية إلى هذا الملحدِ الجبارِ ‪.‬‬
‫ن زيد ٍ إلى مسيلمة يدعوه إلى‬ ‫بب ُ‬ ‫لقد ْ دخل حبي ُ‬
‫ة ‪ ،‬فما‬ ‫ة قطع ً‬ ‫ف قطع ً‬ ‫ه بالسي ِ‬ ‫ة يقطعُ ُ‬ ‫التوحيدِ ‪ ،‬فأخذ مسيلم ُ‬
‫داء‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب شهيدا ً ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ن ول صاح ول اهتّز حتى لقي ر ّ‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫وُنوُر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫م لَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عندَ َرب ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ‪ ،‬فأنشد ‪:‬‬ ‫ن عديّ على مشنقةِ المو ِ‬ ‫بب ُ‬ ‫خبي ُ‬‫وُرفع ُ‬
‫ت أبالي حين‬ ‫ولس ُ‬ ‫ب كان في‬ ‫على أيّ جن ٍ‬
‫ل مسلما ً‬ ‫ُأقت ُ‬ ‫اللهِ مصرعي‬
‫**************************************‬
‫ه‬
‫فطرة الل ِ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ت الري ُ‬ ‫م وزمجر الّرعْد ُ وقصف ِ‬ ‫إذا اشتد ّ الظل ُ‬
‫ج‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬
‫جاء ُ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫عا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ها‬
‫جاءت ْ َ‬ ‫ة‪َ ﴿ .‬‬ ‫ت الفطر ُ‬ ‫استيقظ ِ‬
‫ه‬ ‫وا ْ الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م دَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حيط ب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫م أُ ِ‬ ‫ه ْ‬
‫َ‬
‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬‫من ك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫ن المسلم يدعو رّبه في الشد ّ ِ‬ ‫ن﴾ ‪ .‬غَي َْر أ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬‫ن لَ ُ‬
‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫وَل أن ّ ُ‬ ‫فل َ ْ‬‫والرخاِء ‪ ،‬والسراِء والضراءِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫في ب َطْن ِ ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫ن}‪ {143‬ل َل َب ِ َ‬ ‫حي َ‬‫سب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ل الله وقت حاجِته وهو متضّرع ٌ إلى رّبه ‪،‬‬ ‫ن الكثير يسأ ُ‬ ‫‪.‬إ ّ‬
‫لل‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫فإذا تحّقق مطلُبه أعرض ونأى بجانِبه ‪ ،‬والل ُ‬
‫ن ‪ ،‬ول ُيخادعُ كما ُيخادعُ‬ ‫ب على الولدا ِ‬ ‫ب عليه كما ُيلع ُ‬ ‫ُيلع ُ‬
‫ن الذين‬ ‫م﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫ل ‪ ﴿ ،‬يُ َ‬ ‫الطف ُ‬
‫م إل تلميذ ٌ لذاك‬ ‫صنائِع ما ه ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫يلتجئون إلى اللهِ في وق ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪202‬‬
‫﴿‬ ‫ن‪:‬‬ ‫ت الوا ِ‬ ‫ه بعد فوا ِ‬ ‫ف فرعون ‪ ،‬الذي قيل ل ُ‬ ‫ل المنحر ِ‬‫الضا ّ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫و ُ‬
‫كن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت َ‬
‫قب ْ ُ‬ ‫صي ْ َ‬‫ع َ‬ ‫و َ‬
‫قدْ َ‬ ‫ن َ‬
‫آل َ‬
‫ق‬
‫ل العرا ُ‬ ‫ت هيئة الذاعةِ البريطانيةِ ُتخبُر حين احت ّ‬ ‫سمع ُ‬
‫الكويت ‪ :‬أن تاتشر رئيسة الوزراِء البريطانية السابقة كانت‬
‫ت إلى‬ ‫رع ْ‬ ‫ت الخبر هُ ِ‬ ‫في وليةِ كلورادو المريكيةِ ‪ ،‬فلما سمع ِ‬
‫ت!‬ ‫الكنيسةِ وسجد ْ‬
‫ل‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ظ الفطرةِ عند ِ‬ ‫ول أفسُر هذه الظاهرة إل باستيقا ِ‬
‫ن‬‫رهم وضلِلهم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل ‪ ،‬مع كف ِ‬ ‫رها عّز وج ّ‬ ‫هؤلِء إلى فاط ِ‬
‫ل مولوِد‬ ‫ن بهِ تعالى ‪ )) :‬ك ّ‬ ‫النفوس مفطورة ٌ على اليما ِ‬
‫صراِنه أو‬ ‫ه أو ين ّ‬ ‫ودان ِ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فأبواهُ يه ّ‬ ‫ُيولدُ على الفطر ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫جسان ِ ِ‬ ‫يم ّ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫ق ‪ ،‬فإّنه‬
‫خر الّرز ِ‬‫ن على تأ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ى‬
‫م ً‬‫ل مس ّ‬ ‫بأج ٍ‬
‫ق‬
‫ق ‪ ،‬ويبادُر الزمن ‪ ،‬ويقل ُ‬ ‫ل نصيبه من الّرز ِ‬ ‫الذي يستعج ُ‬
‫خرِ رغباِته ‪ ،‬كالذي يسابقُ المام في الصلةِ ‪ ،‬ويعُلم‬ ‫ن تأ ّ‬
‫م ْ‬
‫رغ‬ ‫درة ٌ ‪َ ،‬فُ ِ‬ ‫م إل بْعد المام! فالموُر والرزاقُ مق ّ‬ ‫أّنه ل يسل ّ ُ‬
‫مُر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق الخليقةِ ‪ ،‬بخمسين ألف سنةٍ ‪ ﴿ ،‬أَتى أ ْ‬ ‫منها قبل خل ِ‬
‫فل َ َرآ ّ‬
‫د‬ ‫ر َ‬ ‫خي ْ ٍ‬
‫ك بِ َ‬ ‫رد ْ َ‬
‫وِإن ي ُ ِ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫جُلو ُ‬ ‫ع ِ‬‫ست َ ْ‬‫فل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬ ‫لِ َ‬
‫م إني أعوذ ُ بك من جلد ِ الفاجرِ ‪،‬‬ ‫ل عمُر ‪ » :‬الّله ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت‬ ‫ة ‪ .‬فلقد ْ ط ُْف ُ‬ ‫ة صادق ٌ‬ ‫ة عظيم ٌ‬ ‫ة « ‪ .‬وهذهِ كلم ٌ‬ ‫وعجزِ الثق ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن أعداِء اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ت كثيرا ً م ْ‬ ‫بفكري في التاريِخ ‪ ،‬فوجد ُ‬
‫ب‬ ‫ج َ‬ ‫ح ‪ :‬العَ َ‬ ‫ّ‬
‫ب والجلدِ والمثابرةِ والطمو ِ‬ ‫دأ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫عنده ْ‬
‫ل‬
‫م من الكس ِ‬ ‫ت كثيرا ً من المسلمين عنده ْ‬ ‫ب ‪ .‬ووجد ُ‬ ‫الُعجا َ‬
‫مق‬ ‫ت عُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬فأدرك ُ‬ ‫ه به علي ٌ‬ ‫ل ‪ :‬ما الل ُ‬‫ل والّتخاذ ُ ِ‬ ‫والفتورِ والّتواك ُ ِ‬
‫ه عنه ‪. -‬‬ ‫مَر – رضي الل ُ‬ ‫كلمةِ عُ َ‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪203‬‬
‫ع‬
‫ل الناف ِ‬
‫س في العم ِ‬
‫انغم ْ‬
‫ف والعاص بن وائل‬ ‫خل َ ٍ‬ ‫ن الوليد بن المغيرةِ وُأمية بن َ‬ ‫أ ّ‬
‫ق﴿‬ ‫أنفقوا أموالهم في محاربةِ الرسالةِ ومجابهةِ الح ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫غل َُبو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫سَرةً ث ُ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ها ث ُ ّ‬ ‫قون َ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫سُين ِ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ،‬لئل ّ ُيشاد بها‬ ‫ن كثيرا ً من المسلمين يبخلون بأمواِله ْ‬ ‫ولك ّ‬
‫ما‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫ل َ‬ ‫خ ْ‬ ‫من ي َب ْ َ‬ ‫و َ‬‫ن﴿ َ‬ ‫ح اليما ِ‬ ‫مناُر الفضيلةِ ‪ ،‬وُيبنى بها صر ُ‬
‫جُز الثقةِ ‪.‬‬ ‫جر وع ْ‬ ‫جل َد ُ الفا ِ‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬وهذا َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ن ّ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ي َب ْ َ‬
‫ت ) جولدا مائير ( اليهوديةِ ‪ ،‬بعنوان ) الحقد (‬ ‫كرا ِ‬ ‫في مذ ّ‬
‫ت عشرة‬ ‫لس ّ‬ ‫ل حياِتها تعم ُ‬ ‫ن مراح ِ‬ ‫‪ :‬فإذا هي في مرحلةٍ م ْ‬
‫ضال ّةِ وأفكاِرها‬ ‫ة بل انقطاٍع ‪ ،‬في خدمةِ مبادِئها ال ّ‬ ‫ساع ً‬
‫ن شاء‬ ‫ة ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ت مع ) بن جوريون ( دول ً‬ ‫المنحرفةِ ‪ ،‬حتى أوجد ْ‬
‫فلينظ ُْر كتابها ‪.‬‬
‫ة‬‫ن أبناِء المسلمين ل يعملون ولو ساع ً‬ ‫ت ألوفا ً م ْ‬ ‫ورأي ُ‬
‫ما‬ ‫ب ونوم ٍ وضياٍع ﴿ َ‬ ‫شر ٍ‬ ‫لو ُ‬ ‫م في لهو وأك ٍ‬ ‫واحدةً ‪ ،‬إنما ه ْ‬
‫م إ َِلى‬ ‫قل ْت ُ ْ‬ ‫ه اّثا َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫م ان ِ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م إِ َ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ال َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫كان عمُر دؤوبا ً في عمله ليل ً ونهارا ً ‪ ،‬قليل النوم ‪ .‬فقال‬
‫سي ‪ ،‬ولو‬ ‫ت نْف ِ‬ ‫ل ضاع ْ‬ ‫ت في الّلي ِ‬ ‫م ؟ قال ‪ :‬لو نم ُ‬ ‫أهُله ‪ :‬أل تنا ُ‬
‫ت رعي ِّتي ‪.‬‬ ‫ت في النهارِ ضاع ْ‬ ‫نم ُ‬
‫ف‬ ‫ك ) موشى ديان ( بعنوان ) السي ُ‬ ‫ت الهال ِ‬ ‫في مذكرا ِ‬
‫ن مدينةٍ إلى‬ ‫م ( ‪ :‬كان يطيُر من دولةٍ إلى دولةٍ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫والحك ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫مدينةٍ ‪ ،‬نهارا ً وليل ً ‪ ،‬سّرا ً وجهرا ً ‪ ،‬ويحضُر الجتماعا ِ‬
‫ب‬ ‫ت ‪ ،‬والمعاهدات ‪ ،‬ويكت ُ‬ ‫صفقا ِ‬ ‫سقُ ال ّ‬ ‫ت ‪ ،‬وين ّ‬ ‫ويعقد ُ المؤتمرا ِ‬
‫ة‬
‫ن القرد ِ‬ ‫جل َد ُ إخوا ِ‬ ‫ت ‪ :‬واحسرتاه ُ ‪ ،‬هذا َ‬ ‫ت ‪ .‬فقل ُ‬ ‫كرا ِ‬ ‫المذ ّ‬
‫ن هذا جلد ُ‬ ‫جُز كثيرٍ من المسلمين ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫والخنازيرِ ‪ ،‬وذاك ع َ ْ‬
‫جُز الثقةِ ‪.‬‬ ‫الفاجرِ وعَ ْ‬
‫ن لم‬ ‫ن ماز ٍ‬ ‫تم ْ‬ ‫لو كن ُ‬ ‫ل‬‫ن ذ ُهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫بنو الّلقطيةِ ِ‬
‫بليوأخرج‬ ‫والفراغ ِ ‪،‬‬ ‫حإ‬‫يباناالعطالة والبطالةتستب ِ ْ‬ ‫عم ُْر‬‫نش‬ ‫حارب ِ‬ ‫ب‬ ‫لقد ْ‬
‫شبابا ً سكنوا المسجد ‪ ،‬فضربهم وقال ‪ :‬اخرجوا واطلبوا‬
‫ل تحزن‬
‫‪204‬‬
‫ن مع الفراغ‬ ‫ة‪.‬إ ّ‬ ‫ن السماء ل تمطُر ذهبا ً ول فض ً‬ ‫الّرزق ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ي والنهياًر‬ ‫ض النفس ّ‬ ‫والعطالةِ ‪ :‬الوساوس والكد ََر والمر َ‬
‫ط ‪ :‬السرور‬ ‫ل والنشا ِ‬ ‫ن مع العم ِ‬ ‫م ‪ .‬وإ ّ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ي واله ّ‬ ‫العصب ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬ ‫حُبور والسعادة ‪ .‬وسوف ينتهي عندنا القلقُ واله ّ‬ ‫وال ُ‬
‫ل بدورِهِ في‬ ‫ة إذا قام ك ّ‬ ‫ة والنفسي ّ ُ‬ ‫ة والعصبي ّ ُ‬ ‫ض العقلي ّ ُ‬ ‫والمرا ُ‬
‫ت‬ ‫ل ‪ ،‬وفتح ِ‬ ‫ت المعام ُ‬ ‫ت المصانعُ ‪ ،‬واشتغل ِ‬ ‫مل ِ‬ ‫الحياةِ ‪ ،‬فعُ ِ‬
‫ت‬ ‫ة ‪ ،‬والمخيما ُ‬ ‫ة والدعوي ّ ُ‬ ‫ة والتعاوني ّ ُ‬ ‫ت الخيري ّ ُ‬ ‫الجمعّيا ُ‬
‫رها ‪﴿ ..‬‬ ‫ة وغ َي ْ ُ‬ ‫ت العلمي ّ ُ‬ ‫دورا ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ت الدبي ّ ُ‬ ‫ملتقيا ُ‬ ‫والمراكُز وال ُ‬
‫قوا﴾‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مُلوا ْ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫و ُ‬
‫ض﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫في الْر ِ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫ع َ‬‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫َ‬
‫ل من‬ ‫ه داود كان يأك ُ‬ ‫ي الل ِ‬ ‫عوا ْ﴾ ‪ )) ،‬وإن نب ّ‬ ‫ر ُ‬
‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫‪َ ﴿،‬‬
‫ده (( ‪.‬‬ ‫لي ِ‬ ‫عم ِ‬
‫ن‬ ‫دث ع ْ‬ ‫ة الحياةِ ( ‪ ،‬تح ّ‬ ‫ب ‪ ،‬بعنوان ) صناع ُ‬ ‫وللّراشدِ كتا ٌ‬
‫س ل يقومون‬ ‫ً‬ ‫ب ‪ ،‬وذ َك ََر أ ّ‬
‫ن كثيرا من النا ِ‬ ‫هذهِ المسالةِ بإسها ٍ‬
‫بدوِرهم في الحياةِ ‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬ل ُيدركون‬ ‫س أحياٌء ‪ ،‬ولكّنهم كالموا ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكثيٌر من النا‬
‫م ‪ ،‬ول‬ ‫ُ‬
‫مِته ْ‬ ‫سّر حياِتهم ‪ ،‬ول ُيقدمون لمستقبلهم ول ل ّ‬
‫ف ﴾ ‪ ﴿ ،‬لّ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬ ‫ضوا ْ ب َِأن ي َ ُ‬ ‫سهم خيرا ً ﴿ َر ُ‬ ‫لنف ِ‬
‫ُ‬
‫ر‬ ‫ضَر ِ‬ ‫وِلي ال ّ‬ ‫غي ُْر أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬‫يَ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫م مسجد الرسول ‪‬‬ ‫ت تُق ّ‬ ‫ن المرأة السوداء التي كان ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬ ‫م ٌ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫دورِ الجنة ﴿ َ‬ ‫ت بهذا ال ّ‬ ‫ت بدوِرها في الحياةِ ‪ ،‬ودخل ْ‬ ‫قام ْ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫جب َت ْك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫رك َ ٍ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ة َ‬ ‫من َ ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ّ‬
‫ه‬
‫دى ما علي ِ‬ ‫ل‪‬أ ّ‬ ‫مْنبر للرسو ِ‬ ‫صن َعَ ال ِ‬ ‫م الذي َ‬ ‫وكذلك الغل ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ن موهلته في الّنجارةِ ﴿ َ‬ ‫‪ ،‬وكسب اجرا ً بهذا المرِ ‪ ،‬ل ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫هد َ ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن إ ِل ّ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل َ يَ ِ‬
‫ة عام ‪ 1985‬م‬ ‫ت المتحدةُ المريكي ّ ُ‬ ‫ت الوليا ُ‬ ‫سمح ِ‬
‫ن المجرمين‬ ‫دعاةِ المسلمين سجون أمريكا ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫بدخو ِ‬
‫ة ‪ ،‬إذا اهتد َْوا إلى السلم ِ ‪ ،‬أصبحوا أعضاًء‬ ‫والمرّوجين والَقت َل َ َ‬
‫كان ميتا ً َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫حي َي َْنا ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫من َ َ َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م﴿أ َ‬ ‫صالحين في مجتمعاِته ْ‬
‫س ﴾‪.‬‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫شي ب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُنورا ً ي َ ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪205‬‬
‫سداد في‬ ‫ن أراد ال ّ‬ ‫ن لم ْ‬ ‫ن ‪ ،‬نافعا ِ‬ ‫ن عظيما ِ‬ ‫ن اثنا ِ‬ ‫دعاءا ِ‬
‫ث والوقائِع ‪.‬‬ ‫س عند الحدا ِ‬ ‫ط النف ِ‬ ‫المورِ وضب ْ ِ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ن الرسول ‪ ‬قال ل ُ‬ ‫ي‪،‬أ ّ‬ ‫ث عل ّ‬ ‫ل ‪ :‬حدي ُ‬ ‫الو ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫دني (( ‪ .‬رواه ُ مسل ٌ‬ ‫م اهدِني وسدّ ْ‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫)) ُ‬
‫حصْين بن عبيدٍ ‪ ،‬عند أبي داود ‪ :‬قال‬ ‫ث ُ‬ ‫الثاني ‪ :‬حدي ُ‬
‫قني شّر‬ ‫دي ‪ ،‬و ِ‬ ‫م ألهمني ُرش ْ‬ ‫ل ‪ :‬الّله ّ‬ ‫له ‪ )) : ‬ق ْ‬
‫فسي (( ‪.‬‬ ‫نَ ّ‬
‫ن‬
‫ن عو ٌ‬ ‫م يك ْ‬ ‫إذا ل ْ‬ ‫فأكثُر ما يجني عليه‬
‫ة‬ ‫للفتىوكراهِي َ ُ‬ ‫ش‪،‬‬ ‫العي ْ ِ‬ ‫باللهِ‬ ‫من ّ‬ ‫شه ُقُ البقاِء ‪ ،‬وح‬ ‫اجتهاد ُ ْ‬
‫الّتعل ّقُ بالحياة ‪ ،‬وع‬
‫مل َقَ والقلق‬ ‫صدرِ وال َ‬ ‫ضيقَ ال ّ‬ ‫ت ‪ُ ،‬يورد ُ العبد َ ‪ :‬الكد ََر و ِ‬ ‫المو ِ‬
‫والرق والّرهق ‪ ،‬وقد لم الله اليهود على تعل ِّقهم بالحيا ِ‬
‫ة‬
‫الدنيا ‪ ،‬فقال ‪ ﴿ :‬ول َت َجدن ّهم أ َ‬
‫ة‬ ‫حَيا ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ص‬‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ َ ُ ْ‬
‫مُر أل ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ة‬ ‫سن َ ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ّ‬ ‫و يُ َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫حد ُ ُ‬ ‫ود ّ أ َ‬ ‫كوا ْ ي َ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫و ِ‬‫َ‬
‫َ‬
‫صيٌر‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ب أن ي ُ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ز ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مَز ْ‬ ‫و بِ ُ‬ ‫ه َ‬‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ي‬
‫وهنا قضايا ‪ ،‬منها ‪ :‬تنكيُر الحياةِ ‪ ،‬والمقصود ُ ‪ :‬أّنها أ ّ‬
‫ت‬ ‫ت ‪ ،‬ولو كان ْ‬ ‫جماوا ِ‬ ‫ت حياة البهائم ِ والع ْ‬ ‫حياةٍ ‪ ،‬ولو كان ْ‬
‫م يحرصون عليها ‪.‬‬ ‫ة فإّنه ْ‬ ‫ة رخيص ً‬ ‫شخصي ً‬
‫ن اليهوديّ كان يلقى‬ ‫ف سنةٍ ل ّ‬ ‫ظ ‪ :‬أل ِ‬ ‫ومنها ‪ :‬اختياُر لف ِ‬
‫ش ألف‬ ‫ع ْ‬ ‫م صباحا ً ألف سنةٍ ‪ .‬أي ‪ِ :‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ه‪ِ :‬‬ ‫لل ُ‬ ‫اليهوديّ فيقو ُ‬
‫م يريدون هذا العمر‬ ‫ه وتعالى أنه ْ‬ ‫سنةٍ ‪ .‬فذكر سبحان ُ‬
‫ة ؟! مصيُرهم إلى ناٍر‬ ‫ن لو عاشوهُ فما النهاي ُ‬ ‫الطويل ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م َل ُين َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫خَزى َ‬ ‫ة أَ ْ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب اْل ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ظى ﴿ َ‬ ‫تل ّ‬
‫دعى ‪.‬‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫م والل ُ‬ ‫ت العامةِ ‪ :‬ل ه ّ‬ ‫ن كلما ِ‬ ‫ن أحس ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه‬ ‫ب من ُ‬ ‫ن هناك إلها ً في السماِء ُيدعى ‪ ،‬وُيطل ُ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أ ّ‬
‫مك ‪،‬‬ ‫كلت رّبك به ّ‬ ‫م أنت في الرض ‪ ،‬فإذا و ّ‬ ‫الخي ُْر ‪ ،‬فلماذا تهت ّ‬
‫ِ‬ ‫شَفه وأزاله ﴿ أ َ‬
‫ف‬ ‫ش ُ‬ ‫وي َك ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫عا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫إ‬
‫ّ ِ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ض‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫جي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ك َ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا سأ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫سوءَ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ع إِ َ‬ ‫أُ‬
‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ِ‬ ‫دا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫جي‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪206‬‬
‫ن‬‫صبرِ أ ْ‬
‫أخل ِقْ بذي ال ّ‬ ‫ب‬‫ن القْرِع للبوا ِ‬
‫م ِ‬
‫مد ْ ِ‬
‫و ُ‬
‫يحظى بحاجت ِهِ‬ ‫أن يِلجا‬
‫**************************************‬
‫ة‬
‫ق غالي ٌ‬
‫في حياِتك دقائ ُ‬
‫ي‬
‫خ علي الطنطاو ّ‬ ‫ن للشي ِ‬ ‫معّبري ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مؤّثري ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ت موقفي ْ ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫كراتهِ ‪:‬‬ ‫في مذ ّ‬
‫سه وكاد يغرقُ على‬ ‫ث عن نف ِ‬ ‫ل ‪ :‬تحد ّ َ‬ ‫ف الو ُ‬ ‫الموق ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ح فأشرف على المو ِ‬ ‫ئ بيروت ‪ ،‬حينما كان يسب ُ‬ ‫شاط ِ‬
‫ن لموله ُ ‪،‬‬ ‫ع ُ‬ ‫ت ُيذ ِ‬ ‫مي ّا ً عليهِ ‪ ،‬وكان في تلك اللحظا ِ‬ ‫مغْ ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫و ُ‬
‫ه‬ ‫دد إيمانه وعمل ُ‬ ‫ة إلى الحياةِ ‪ ،‬ليج ّ‬ ‫ويود ّ لو عاد َ ولو ساع ً‬
‫ن عنده منتهاه ‪.‬‬ ‫ل اليما ُ‬ ‫صالح ‪ ،‬فَيص ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن سوريا إلى‬ ‫دم في قافلةٍ م ْ‬ ‫ف الثاني ‪ :‬ذ َك ََر أنه ق ِ‬ ‫والموق ُ‬
‫ق‪ ،‬وبينما هو في صحراِء تبوك ضّلوا وب َُقوا ثلثة‬ ‫ت اللهِ العتي ِ‬ ‫بي ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫مُهم واشراب ُُهم ‪ ،‬وأشرفوا على المو ِ‬ ‫أيام ‪ ،‬وانتهى طعا ُ‬
‫ة‬ ‫فقام وألقى في الجموِع خطبة الوداِع من الحياةِ ‪ ،‬خطب ً‬
‫ن اليمان‬ ‫سأ ّ‬ ‫توحيدّية حاّرةً رّنانة ‪ ،‬بكى وأبكى الناس ‪ ،‬وأح ّ‬
‫ل في عله ﴿‬ ‫هج ّ‬ ‫منقذ ٌ إل الل ُ‬ ‫ن ول ُ‬ ‫معي ٌ‬ ‫ارتفع ‪ ،‬وأنه ليس هناك ُ‬
‫في‬ ‫و ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ت واْل َ‬ ‫وا‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫يسأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫شأ ٍ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫قات َ َ‬ ‫ي َ‬ ‫من ن ّب ِ ّ‬ ‫وك َأّين ّ‬ ‫ه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل سبحان ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫هُنوا ْ ل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ك َِثيٌر َ‬ ‫رب ّّيو َ‬ ‫ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫كاُنوا ْ َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬ ‫فوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫دون أعداءهم‬ ‫ب المؤمنين القوياء الذين يتح ّ‬ ‫ن الله يح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫س ‪ ،‬ول‬ ‫ط واليأ ِ‬ ‫بصبرٍ وجلدةٍ ‪ ،‬فل يِهنون ‪ ،‬ول ُيصابون بالحبا ِ‬
‫ل ‪ ،‬بل‬ ‫ف والفش ِ‬ ‫هم ‪ ،‬ول يستكينون للذ ّل ّةِ والضعْ ِ‬ ‫تنهاُر قوا ُ‬
‫ة إيماِنهم برّبهم‬ ‫مدون وُيواصلون وُيرابطون ‪ ،‬وهي ضريب ُ‬ ‫يص ُ‬
‫ب إلى‬ ‫ي خيٌر وأح ّ‬ ‫ن القو ّ‬ ‫م )) المؤم ُ‬ ‫م وبديِنه ْ‬ ‫وبرسوِله ْ‬
‫ل خيٌر (( ‪.‬‬ ‫ف وفي ك ّ‬ ‫ضعي ِ‬ ‫ن وال ّ‬ ‫من المؤم ِ‬ ‫ه‬‫الل ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫ت الل ِ‬ ‫ه – في ذا ِ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫صب ُعُ أبي بكرٍ – رضي الل ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫جرح ْ‬ ‫ُ‬
‫فقال ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪207‬‬
‫ع‬
‫صب َ ٌ‬
‫ت إل إ ْ‬ ‫ل أن ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل الله ما‬ ‫وفي سبي ِ‬
‫ت‬‫مي ِ‬ ‫دَ ِ‬ ‫ت‬ ‫لِقي ِ‬
‫ب الغارِ ليحمي بها الرسول‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫في‬ ‫ه‬‫ووضع أبو بكرٍ إصبع ُ‬
‫ت بإِذن اللهِ ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬فُلدغ ‪ ،‬فقرأ عليها ‪ ‬فبرئ ْ‬ ‫‪ ‬من العقر ِ‬
‫ب‬ ‫سّر في شجاعِتك ‪ ،‬وأنك تِغل ُ‬ ‫ل لعنترة ‪ :‬ما ال ّ‬ ‫قال رج ٌ‬
‫خذ إصبعي في‬ ‫الّرجال ؟ قال ‪ :‬ضعْ إصبعك في فمي ‪ ،‬و ُ‬
‫ضعَ عنترة ُ إصبعه في فم ِ‬ ‫فمك ‪ .‬فوضعها في فم ِ عنترة ‪ ،‬وو َ‬
‫ل من اللم ‪،‬‬ ‫ض إصبع صاحِبه ‪ ،‬فصاح الرج ُ‬ ‫لع ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وك ّ‬ ‫الّرج ِ‬
‫ت‬ ‫ج له عنترةُ إصبعه ‪ ،‬وقال ‪ :‬بهذا غلب ُ‬ ‫ولم يصبْر فأخر َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫صبرِ والحتما ِ‬ ‫البطال ‪ .‬أي بال ّ‬
‫ف اللهِ ورحمته وعفوه‬ ‫ح المؤمن أن ُلط َ‬ ‫م ُيفر ُ‬ ‫نم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ب إيمان ِهِ ‪.‬‬ ‫ب منه‪ ،‬فيشعُر برعايةِ اللهِ ووليت ِهِ بحس ِ‬ ‫قري ٌ‬
‫ف تشعُر‬ ‫ت والطيوُر والزواح ُ‬ ‫ت والحياُء والعجماوا ُ‬ ‫والكائنا ُ‬
‫ح‬‫سب ّ ُ‬ ‫ء إ ِل ّ ي ُ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫وِإن ّ‬ ‫ن لها رب ّا ً خاِلقا ً ورازقا ً ﴿ َ‬ ‫بأ ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫ح ُ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫كن ل ّ ت َ ْ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مد َ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ب حمدا ً ليس‬ ‫يا ر ّ‬ ‫ل‬ ‫ه كُ ّ‬ ‫نل ُ‬ ‫يا م ْ‬
‫غيُرك ُيحمد ُ‬ ‫صمد ُ‬ ‫ق ت ْْ‬ ‫ِ‬ ‫الخلئ ِ‬
‫م في‬ ‫ب بأيديه ْ‬ ‫ث يرمون الح ّ‬ ‫ت الحْر ِ‬ ‫ة وَق َ‬ ‫م ُ‬ ‫عندنا ‪ ،‬العا ّ‬
‫س ‪ ،‬بين‬ ‫س ‪َ ،‬في بلد ٍ ياب ٍ‬ ‫ب ياب ٌ‬ ‫ض ‪ ،‬ويهتفون ‪ :‬ح ّ‬ ‫ق الر ِ‬ ‫شقو ِ‬
‫َ‬
‫ض﴿أ َ‬
‫ن}‬ ‫حُرُثو َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫فَرأي ُْتم ّ‬ ‫والر ِ‬ ‫يديك يا فاطر السماوات‬
‫ة‬
‫ن ﴾ ‪ .‬إّنها نزع ُ‬ ‫عون َه أ َ‬ ‫‪ {63‬أ َ َ‬
‫عو َ‬ ‫ر ُ‬‫ِ‬ ‫زا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ز‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أن‬
‫ه إليهِ ‪ ،‬سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫توحيدِ البري ‪ ،‬وتو ّ‬
‫ك – وهو أعمى –‬ ‫دالحميد ِ كش ُ‬ ‫صقعُ عب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫قام الخطي ُ‬
‫ب عليها‬ ‫ل ‪ ،‬مكتو ٌ‬ ‫ن جيبهِ سعفة نخ ٍ‬ ‫مْنبَر ‪ ،‬أخرج م ْ‬ ‫ما عل ال ِ‬ ‫فل ّ‬
‫ف في الجموِع‬ ‫ل ‪ ،‬ثم هَت َ َ‬ ‫ي الجمي ِ‬ ‫ط الكوف ّ‬ ‫ه ‪ ،‬بالخ ّ‬ ‫سها ‪ :‬الل ُ‬ ‫بنف ِ‬
‫‪:‬‬
‫شجرهْ‬ ‫انظ ُْر لتلك ال ّ‬ ‫ن‬ ‫صو ِ‬ ‫ت الغُ ُ‬ ‫ذا ِ‬
‫ن الذي أنبتها‬ ‫ضره‬
‫ه ْْ‬ ‫ضر‬ ‫بالخ ّ ِِ‬‫وزانها الن‬
‫م ِ‬
‫ه الذي‬
‫ذاك هو الل ُ‬ ‫درهْ‬ ‫ُقدرُته ُ‬
‫مْقت ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪208‬‬
‫س بالبكاِء ‪.‬‬ ‫جهش النا ُ‬ ‫فأ ْ‬
‫ة آياُته في‬ ‫ض مرسوم ٌ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫ه فاطُر السماوا ِ‬ ‫إن ُ‬
‫صمديةِ والربوبي ّةِ واللوهي ّةِ ﴿‬ ‫ت ‪ ،‬تنطقُ بالوحداني ّةِ وال ّ‬ ‫الكائنا ِ‬
‫هذا َباطِل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫ق َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َرب َّنا َ‬
‫ن هناك رب ّا ً‬ ‫شعَُر أ ّ‬ ‫نت ْ‬ ‫ح‪،‬أ ْ‬ ‫ن دعائم ِ السرورِ والرتيا ِ‬ ‫م ْ‬
‫شْر برحمةِ رّبك التي‬ ‫ن تاب ‪ ،‬فأب ِ‬ ‫ب على م ْ‬ ‫م ويغفُر ويتو ُ‬ ‫يرح ُ‬
‫مِتي‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫ت والرض ‪ ،‬قال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ت السماوا ِ‬ ‫وسع ِ‬
‫ه سبحانه وتعالى ‪،‬‬ ‫ء ﴾ ‪ ،‬وما أعظم لطف ُ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ ‪، ‬‬ ‫ن أعرابي ّا صلى مع رسو ِ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ث صحيٍح ‪ :‬أ ّ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫م ارحمني ومحمدا ً ‪ ،‬ول‬ ‫ما أصبح في الّتشهّد ِ قال ‪ :‬الله ّ‬ ‫فل ّ‬
‫م معنا أحدا ً ‪ .‬قال ‪ )) : ‬لقدْ حجرت واسعا ً (( ‪.‬‬ ‫ترح ْ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ل شيٍء ﴿ َ‬ ‫تك ّ‬ ‫ن رحمة الهِ وسع ْ‬ ‫أي ‪ :‬ضّيقت واسعا ً ‪ ،‬إ ّ‬
‫ه‬ ‫ن هذ ِ‬ ‫هم ْ‬ ‫م بعباِد ِ‬ ‫ه أرح ُ‬ ‫حيما ً ﴾ ‪ )) ،‬الل ُ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫دها (( ‪.‬‬ ‫بول ِ‬
‫لَ‪،‬‬ ‫ب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ن عذا ِ‬ ‫ل نفسه بالنارِ فرارا ً م ْ‬ ‫أحرق رج ٌ‬
‫مَلك‬ ‫ح َ‬ ‫دي ‪ ،‬ما َ‬ ‫فجمعه سبحانه وتعالى وقال له‪ )) :‬يا عب ْ ِ‬
‫ت‬ ‫فُتك ‪ ،‬وخشي ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ب‪ِ ،‬‬ ‫على ما صنعت ؟ قال ‪ :‬يا ر ّ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫ه الجّنة (( ‪ .‬حدي ٌ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ذنوبي ‪ .‬فأدخل ُ‬
‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫هى‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫﴿ وأ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وى ﴾ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وى}‪َ {40‬‬ ‫ْ‬
‫مأ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ال َ‬
‫م يجد ْ‬ ‫حدا ً‪ ،‬فل ْ‬ ‫سه مو ّ‬ ‫مسرفا ً على نف ِ‬ ‫ه رجل ً ُ‬ ‫حاسب الل ُ‬
‫ن‬ ‫ة ‪ ،‬لكّنه كان ُيتاجُر في الدنيا‪ ،‬ويتجاوُز ع ِ‬ ‫سن َ ً‬ ‫عنده ُ ح َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ن أوْلى بالكرم ِ منك ‪ ،‬تجاوزوا عن ُ‬ ‫ه‪ :‬نح ُ‬ ‫ر‪ ،‬قال الل ُ‬ ‫س ِ‬ ‫معْ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ه الجّنة ‪.‬‬ ‫فأدخله الل ُ‬
‫ن﴾‬ ‫دي‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫تي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ئ‬ ‫طي‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫﴿ وال ّذي أ َطْمع َ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫‪َ ﴿ ،‬ل ت َ ْ‬
‫س ‪ ،‬فقام رج ٌ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ن الرسول ‪ ‬صلى بالنا ِ‬ ‫عند مسلم ٍ ‪ :‬أ ّ‬
‫ي ‪ .‬قال ‪ )) :‬أصليت‬ ‫ه عل ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ت حد ّا ً ‪ ،‬فأقِ ْ‬ ‫فقال ‪ :‬أصب ْ ُ‬
‫فر لك ((‬ ‫غ ِ‬ ‫ب فقد ُ‬ ‫م ‪ .‬قال ‪ )) .‬اذه ْ‬ ‫معنا ؟ (( ‪ .‬قال ‪ :‬نع ْ‬
‫‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪209‬‬
‫َ‬
‫ر‬
‫ف ِ‬‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬‫س ُ‬ ‫ف َ‬‫م نَ ْ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫سوءا ً أ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬
‫ع َ‬‫من ي َ ْ‬‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫حيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬‫ه يَ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن خلفه ‪،‬‬ ‫مهِ وم ْ‬ ‫ن أما ِ‬ ‫م ْ‬‫كتنف العبد َ ‪ِ ،‬‬ ‫يي ْ‬
‫ف خف ّ‬ ‫هناك ُلط ٌ‬
‫ت قدمي ْهِ ‪،‬‬ ‫ن تح ِ‬ ‫ن فوِقه وم ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن شمال ِهِ ‪ ،‬و ِ‬ ‫وعن يمينهِ وع ْ‬
‫م‬‫ت عليه ُ‬ ‫ب العالمين ‪ ،‬انطبق ْ‬ ‫هر ّ‬ ‫ي هو الل ُ‬‫ف الخف ّ‬ ‫ب الّلط ِ‬‫صاح ُ‬
‫خرةُ في الغارِ ‪ ،‬وأْنجى إبراهيم من النارِ ‪ ،‬وأنجى موسى‬ ‫ص ْ‬
‫ال ّ‬
‫ب وأيوب‬ ‫ج ّ‬ ‫ن ‪ ،‬ويوسف من ال ُ‬ ‫طوفا ِ‬ ‫ق ‪ ،‬وُنوحا ً من ال ّ‬ ‫من الغر ِ‬
‫ض‪.‬‬‫من المر ِ‬
‫***************************************‬
‫وقفــة‬
‫ت رسول اللهِ ‪‬‬ ‫ت ‪ :‬سمع ُ‬ ‫ة أّنها قال ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫عن أ ّ‬
‫ل ما‬ ‫ة ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫ن مسلم ٍ ُتصيُبه مصيب ٌ‬ ‫ل ‪ )) :‬ما م ْ‬ ‫يقو ُ‬
‫م‬ ‫ن ﴾ الّله ّ‬ ‫جعو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنـا إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه ‪ ﴿ :‬إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫أمره الل ُ‬
‫ف لي خيرا ً مْنها ؛ إل ّ‬ ‫جْرني في مصيبتي وأخل ْ‬ ‫ا ُ‬
‫ه خيرا ً مْنها (( ‪.‬‬ ‫هل ُ‬ ‫أخلف الل ُ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ي ل واللهِ ما ِ‬ ‫خليل ّ‬ ‫ن‬‫ي وإ ْ‬ ‫م على ح ّ‬ ‫دو ُ‬‫ت ُ‬
‫فل‬ ‫مةٍ‬ ‫يوملا ِ ً ّ‬
‫م‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫ن نزل ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ت‬ ‫جل ّ ِ‬
‫إذا‬ ‫كوى‬ ‫هي‬ ‫شِ ْ‬‫ول ُتكِثر ال ّ‬
‫لها‬ ‫ن‬ ‫ضعَ‬
‫خ َ‬ ‫ل زل ّ‬ ‫حتى ُ‬
‫م ٍ قد ْ‬ ‫كري ْ‬ ‫مت ْ‬
‫نْ‬ ‫م ِ‬ ‫فك ْ‬ ‫ت‬‫ت‬ ‫مض ِْ‬ ‫فصابرها الّنع‬
‫ب‬
‫مِ‬‫اليا ٍ‬ ‫علىبنوائ‬ ‫ي‬
‫ت ُبل ْ‬ ‫وكان ْ‬ ‫ت‬
‫على‬ ‫واضمحل ّ ِ‬ ‫ت صبري‬ ‫ما رأ ْ‬ ‫فل ّ‬
‫وقالةً آخر ‪:‬‬ ‫نفسي عزيز‬ ‫ت‬ ‫ل ذل ّ ِ‬ ‫الذ ّ ّ‬
‫م‬ ‫يضيقُ صدري بغ ّ‬ ‫خير لي في‬ ‫وُرّبما ِ‬
‫ن‬ ‫ة يوم ٍ يكو ُ‬ ‫حاُرِدث ّ‬
‫بٍ‬ ‫عند و‬ ‫أحيانا‬
‫ره رْوحا ً‬ ‫م‬
‫الغ ِ ّ‬
‫وعند آخ‬
‫ه‬ ‫ما ً أّول ُ‬
‫عند‬ ‫رع ّ‬‫الغ‬
‫تذْ‬ ‫ضق ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫يحانا‬
‫ل‬ ‫قد ْ ح ّ‬ ‫ج ور‬ ‫إل ّ ولي فر ٌ‬
‫ة‬ ‫ناِئب‬
‫******************************** ٍ‬ ‫أوْ حانا‬
‫ة‬
‫ق السعاد ِ‬
‫ة طري ُ‬ ‫الفعا ُ‬
‫ل الجميل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪210‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ةل ُ‬ ‫ة جميل ً‬ ‫ي كلم ً‬ ‫طائ ّ‬ ‫ن حاتم ال ّ‬ ‫ل ديوا ِ‬ ‫ت في أوّ ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫ٍ‬
‫ه‪.‬‬ ‫شّر يكفيك ‪ ،‬فد َعْ ُ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ل فيها ‪ :‬إذا كان تر ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫شّر واجتناُبه ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫تع‬ ‫سكو ُ‬ ‫ومعناهُ ‪ :‬إذا كان يسع ال ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع أَ َ‬ ‫ود َ ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫فأ َ‬‫فحسُبه بذلك ﴿ َ‬
‫ح‬ ‫ك من الفّتا ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وعطاٌء مبار ٌ‬ ‫ة رّباني ّ ٌ‬ ‫س موهب ٌ‬ ‫ة للنا ِ‬ ‫محب ّ ُ‬
‫العليم ِ ‪.‬‬
‫ث‬ ‫ي ثل ُ‬ ‫ل‪:‬ف ّ‬ ‫دثا ً بنعمةِ اللهِ عّز وج ّ‬ ‫س متح ّ‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫يقول اب ُ‬
‫ت بذلك ‪،‬‬ ‫سرر ُ‬ ‫ت الله و ُ‬ ‫ض ‪ ،‬إل ّ حمد ُ‬ ‫ث بأر ٍ‬ ‫ل ‪ :‬ما نزل غي ٌ‬ ‫خصا ٍ‬
‫ل ‪ ،‬إل ّ‬ ‫ض عاد ٍ‬ ‫ت بقا ٍ‬ ‫وليس لي فيها شاةٌ ول بعيٌر ‪ .‬ول سمع ُ‬
‫ن‬ ‫ةم ْ‬ ‫ت آي ً‬ ‫ة ‪ .‬ول عََرف ُ‬ ‫ت الله له ‪ ،‬وليس عنده لي قضي ّ ٌ‬ ‫دعو ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ن الناس يعرفون منها ما أعر ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬إل ّ وِدد ُ‬ ‫كتا ِ‬
‫ة‬‫م وسلم ُ‬ ‫ة الفضيلةِ بينه ْ‬ ‫س ‪ ،‬وإشاع ُ‬ ‫ب الخيرِ للنا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫إنه ُ‬
‫ح للخليقةِ ‪.‬‬ ‫ل النص ِ‬ ‫حك ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫م ‪ ،‬والن ّ ْ‬ ‫صدرِ له ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ى ول‬ ‫ت عل ّ‬ ‫فل نزل ْ‬ ‫م‬
‫ب ليس تن ْت َظ ِ ُ‬ ‫سحائ ِ ُ‬
‫ما ً في‬ ‫بأرضي عا ّ‬ ‫ث‬
‫ة ‪ ،‬والغي ْ ُ‬ ‫م ً‬ ‫ة عا ّ‬ ‫البلدا الغمام ُ‬ ‫ن‬ ‫المعنى ‪ :‬إذا لم تك ِ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ت أناني ّا ً ﴿ال ّ ِ‬ ‫ة بي‪ ،‬فلس ُ‬ ‫ص ً‬‫ن تكون خا ّ‬ ‫دها أ ْ‬ ‫س ‪ ،‬فل أري ُ‬ ‫ٍ‬ ‫النا‬
‫س ِبال ْب ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫ه ُ‬ ‫ما آَتا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وي َك ْت ُ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وي َأ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ي َب ْ َ‬
‫ه﴾‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫حه الفّياضةِ ‪،‬‬ ‫ن ُرو ِ‬ ‫ثع ْ‬ ‫ل حاتم ٍ ‪ ،‬وهو يتحد ّ ُ‬ ‫أل ُيشجيك قوْ ُ‬
‫م‪:‬‬ ‫وعن خلِقهِ الج ّ‬
‫م الغيب‬ ‫أما والذي ل يعل ُ‬ ‫حيي الِعظام البيض‬ ‫وي ُ ْ‬
‫وي غيُره ُ‬
‫البطن‬ ‫ت أط ِ‬ ‫لقد ْ كن ُ‬ ‫ل‬ ‫مَ‬‫يقا ُ‬ ‫رمي‬‫أن ُ‬ ‫هي‬ ‫و ْ‬
‫مخافة يوم ٍ‬
‫والّزاد ُ ُيشتهى‬
‫*********************************‬ ‫م‬‫لئي ُ‬ ‫*******‬
‫ضاّر‬
‫م ال ّ‬
‫ع والعل ُ‬ ‫عل ْ ُ‬
‫م الناف ُ‬ ‫ال ِ‬
‫ن ُأوُتوا‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫م إذا دّلك على اللهِ ‪َ ﴿ .‬‬
‫و َ‬
‫قا َ‬ ‫ِليهِْنك العِل ْ ُ‬
‫ه إ َِلى ي َ ْ‬
‫وم ِ‬ ‫ب الل ّ ِ‬
‫في ك َِتا ِ‬‫م ِ‬ ‫قدْ ل َب ِث ْت ُ ْ‬
‫ن لَ َ‬
‫ما َ‬‫لي َ‬ ‫وا ْ ِ‬ ‫عل ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ل سبحانه‬ ‫ن هناك علما ً إيماني ّا ً ‪ ،‬وعلما ً كافرا ً ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ث﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْب َ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪211‬‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫هرا ً ّ‬ ‫ظا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن أعدائ ِهِ ‪ ﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫وتعالى ع ْ‬
‫ل‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬ويقول عنهم ‪ ﴿ :‬ب َ ِ‬ ‫فُلو َ‬ ‫غا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة ُ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ها ب َ ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ك ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ة بَ ْ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫داَر َ‬ ‫ا ّ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫غ ُ‬ ‫مب ْل َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ل عنهم ﴿ ذَل ِ َ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬ويقو ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫ذ َ‬ ‫م ن َب َأ ال ّ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ل َ َ‬ ‫وات ْ ُ‬ ‫ل وعل ‪َ ﴿ :‬‬ ‫لج ّ‬ ‫عل ْم ِ ‪ . ﴾ ....‬ويقو ُ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫شي ْ َ‬ ‫خ من ْها َ َ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫فأت ْب َ َ‬ ‫سل َ َ ِ َ‬ ‫فان َ‬ ‫آت َي َْناهُ آَيات َِنا َ‬
‫ه‬ ‫وَلـك ِن ّ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫عَناهُ ب ِ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫شئ َْنا ل ََر َ‬ ‫و ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ن}‪َ {175‬‬ ‫وي َ‬ ‫غا َِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫أَ‬
‫ب ِإن‬ ‫ل ال ْك َل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وم ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ل ال َ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫هث ذّل ِ َ‬ ‫ه ي َل َ‬ ‫و ت َت ُْرك ْ ُ‬ ‫ثأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ي َل َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫ص لَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ق َ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن ك َذُّبوا ْ ِبآَيات َِنا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫مهم ‪:‬‬ ‫ن عل ِ‬ ‫ن اليهودِ وع ْ‬ ‫سبحانه وتعالى ع ِ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وقال‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫حمار يحم ُ َ‬
‫م لكّنه ل يهدي ‪،‬‬ ‫فارا ً ﴾ ‪ :‬إّنه عل ٌ‬ ‫س َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ل ال ْ ِ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫﴿ كَ َ‬
‫ل‬ ‫ة ‪ ،‬ون َْق ٌ‬ ‫ج ً‬ ‫ة ول فال ِ‬ ‫ت قاطع ً‬ ‫ة ليس ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن ل يشفي ‪ ،‬وح ّ‬ ‫وبرها ٌ‬
‫ة ولكن إلى‬ ‫م ليس بحقّ ‪ ،‬ودلل ٌ‬ ‫ق ‪ ،‬وكل ٌ‬ ‫ليس بصادِ ٍ‬
‫ب هذا‬ ‫ي ‪ ،‬فكيف يجد ُ أصحا ُ‬ ‫ه ولكن إلى غ ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وتو ّ‬ ‫النحرا ِ‬
‫مهم ‪﴿ :‬‬ ‫ن يسحُقها بأقدا ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫م أو ّ ُ‬ ‫العلم ِ السعادة ‪ ،‬وه ْ‬
‫قُلوب َُنا‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ِ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫و َ‬ ‫دى ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫مى َ‬ ‫ع َ‬ ‫حّبوا ال ْ َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ها ب ِك ُ ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ ُ‬ ‫ل طَب َ َ‬ ‫ف بَ ْ‬ ‫غل ْ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫ب الهائلةِ المذهلةِ في مكتب ِ‬ ‫ف من الكت ِ‬ ‫ت اللو ِ‬ ‫ت مئا ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫ن‬ ‫ص‪،‬ع ْ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ل تخ ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫لف ّ‬ ‫الكونجرس بواشنطن‪ ،‬في ك ّ‬
‫ن المة التي‬ ‫ُ‬ ‫ك ّ‬
‫ب وأمةٍ وحضارةٍ وثقافةٍ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ل وشع ٍ‬ ‫ل جي ٍ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ة كافرةٌ برّبها ‪ ،‬إنها ل تعل ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ن هذه المكتبة العظمى ‪ ،‬أ ّ‬ ‫تحتض ُ‬
‫مع ول‬ ‫ما ما وراء ذلك فل س ْ‬ ‫إل العالم المنظور المشهود ‪ ،‬وأ ّ‬
‫صارا ً‬ ‫بصر ول قل ْب ول وع ْي ﴿ وجعل َْنا ل َهم سمعا ً َ‬
‫وأب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫وَل‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫صا‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نى‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫غ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫وأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ء﴾‪.‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫أ ْ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫فئ ِدَت ُ ُ‬
‫مَر‬ ‫ن الت ّ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن العن َْز مريض ٌ‬ ‫ضُر ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫إن الّرو َ‬
‫ل ‪ ،‬ولكن‬ ‫ب ُزل ٌ‬ ‫ن الُبخل مْروزِيّ ‪ ،‬وإن الماء عذ ْ ٌ‬ ‫مقفزيّ ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ة﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ة ب َي ّن َ ٍ‬ ‫ن آي َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫م آت َي َْنا ُ‬ ‫في الفم مرارةً ﴿ ك َ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪212‬‬
‫ها‬ ‫كاُنوا ْ َ‬‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ْ‬
‫عن ْ َ‬ ‫ه ْ‬
‫ت َرب ّ ِ‬
‫ن آَيا ِ‬
‫م ْ‬
‫ة ّ‬
‫ن آي َ ٍ‬
‫م ْ‬
‫هم ّ‬
‫ت َأِتي ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضي َ‬ ‫ر ِ‬
‫ع ِ‬‫م ْ‬‫ُ‬
‫***************************************‬
‫ل‬
‫م ِ‬
‫ع والّتأ ّ‬ ‫أك ْث ِْر من ال ّ‬
‫طل‬
‫ِ‬
‫ح الصدر ‪ :‬كْثرة ُ المعرفةِ ‪ ،‬وغزارةُ الماد ّةِ‬ ‫ما يشر ُ‬ ‫نم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ظرةِ ‪،‬‬ ‫عمقُ الفكرِ ‪ ،‬وُبعد ُ الن ّ ْ‬ ‫العلمي ّةِ ‪ ،‬واّتساعُ الثقافةِ ‪ ،‬و ُ‬
‫ة سّر‬ ‫ل ‪ ،‬ومعرف ُ‬ ‫ص على الدلي ِ‬ ‫ة الفهْم ِ ‪ ،‬والغوْ ُ‬ ‫وأصال ُ‬
‫ق الشياِء‬ ‫ف حقائ ِ‬ ‫ك مقاصدِ المورِ ‪ ،‬واكتشا ُ‬ ‫المسألةِ ‪ ،‬وإدرا ُ‬
‫ما‬ ‫ل ك َذُّبوا ْ ب ِ َ‬ ‫ماء ﴾ ‪ ﴿ ،‬ب َ ْ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬‫ما ي َ ْ‬‫﴿ إ ِن ّ َ‬
‫ل‬ ‫حب الصدرِ ‪ ،‬واسع البا ِ‬ ‫ن العاِلم ر ْ‬ ‫ه ﴾‪.‬إ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل ْ ِ‬ ‫طوا ْ ب ِ ِ‬‫حي ُ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫ح الخاطرِ ‪..‬‬ ‫س ‪ ،‬منشر ُ‬ ‫ن النْف ِ‬ ‫‪ ،‬مطمئ ّ‬
‫ق‬ ‫يزيد ُ بكْثرةِ النفا ِ‬ ‫ن به كّفا ً‬ ‫صإ ْ‬ ‫وينق ُ‬
‫ب ‪ :‬لي مل ّ منه‬ ‫شد ّْدتا‬
‫ج‬ ‫ف كبيٌر ُ في در ِ‬ ‫كري الغر ِ‬ ‫ل أحد مف‬ ‫يقو ُ‬
‫ل‬ ‫ت ارتكبُتها ‪ ،‬أكتُبه لك ّ‬ ‫ب عليه ‪ :‬حماقا ٌ‬ ‫مكتبي ‪ ،‬مكتو ٌ‬
‫ت أزاوُلها في يومي وليلتي ‪ ،‬لتخّلص‬ ‫ُ‬
‫ت وتوافه وعثرا ٍ‬ ‫سقطا ِ‬
‫منها ‪.‬‬
‫ة‬
‫محاسبةِ الدقيق ِ‬ ‫ُ‬
‫مةِ بال ُ‬ ‫ف هذه ال ّ‬ ‫قلت ‪ :‬سبقك علماُء سل ِ‬
‫والتنقيب المضني لنفسهم ﴿وَل أ ُ‬
‫ة﴾‬ ‫م ِ‬‫وا َ‬ ‫س الل ّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بال‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّْ ِ‬
‫‪.‬‬
‫ة من‬ ‫سب َ ً‬ ‫محا َ‬ ‫سهِ أشد ّ ُ‬ ‫م لنف ِ‬ ‫ن البصريّ ‪ :‬المسل ُ‬ ‫قال الحس ُ‬
‫ك لشريك ِهِ ‪.‬‬ ‫الشري ِ‬
‫ه من الجمعةِ إلى‬ ‫ب كلم ُ‬ ‫خثي ْم ٍ يكت ُ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫وكان الربيعُ ب ُ‬
‫ة‬ ‫جد َ سّيئ ً‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مد الله ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ةح ِ‬ ‫جد َ حسن ً‬ ‫ن وَ َ‬ ‫الجمعةِ ‪ ،‬فإ ْ‬
‫استغفر ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬وأنا‬ ‫ن أربعين سن ً‬ ‫بم ْ‬ ‫ف ‪ :‬لي ذن ٌ‬ ‫وقال أحد ُ السل ِ‬
‫ب المغفرةِ ﴿‬
‫ُ‬ ‫أسأ ُ‬
‫ح في طل ِ‬ ‫ت أل ّ‬ ‫ن يغفرهُ لي ‪ ،‬ول زل ُ‬ ‫ل الله أ ْ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫جل َ ٌ‬‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قُلوب ُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ما آَتوا ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫********************************‬
‫س َ‬
‫ك‬ ‫ب نَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫س ْ‬
‫حا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪213‬‬
‫كرةٍ لديك ‪ ،‬لُتحاسب بها نْفشك ‪ ،‬وتذكر فيها‬ ‫ظ بمذ ّ‬
‫احتف ِ‬
‫ت الملزمة لك ‪ ،‬وتبدأ بذ ْ‬
‫كر الّتقد ّم ِ في معالجِتها ‪.‬‬ ‫السلبّيا ِ‬
‫ن ُتحاسبوا ‪ ،‬وزُِنوها‬‫م قبل أ ْ‬ ‫سبوا أنُفسك ُ ْ‬
‫قال عمُر ‪ :‬حا ِ‬
‫ض الكبرِ ‪.‬‬‫قبل أن ُتوزنوا ‪ ،‬وتزّينوا للعر ِ‬
‫ء تتكّرُر في حياِتنا اليومية ‪:‬‬
‫ة أخطا ٍ‬
‫ثلث ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬ضياع ُ الوق ِ‬ ‫الو ُ‬
‫ن إسلم ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م فيما ل يعني ‪ِ )) :‬‬ ‫الثاني ‪ :‬الّتكل ّ ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ه ما ل يعني ِ‬ ‫ء ترك ُ‬ ‫المر ِ‬
‫ت‬ ‫م بتوافِهِ المورِ ‪ ،‬كسماِع تخويفا ِ‬ ‫ث ‪ :‬الهتما ُ‬ ‫الثال ُ‬
‫سين ‪،‬‬ ‫موسو ِ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هما ِ‬ ‫ت المثّبطين ‪ ،‬وتو ّ‬ ‫جفين ‪ ،‬وتوّقعا ِ‬ ‫مر ِ‬‫ال ُ‬
‫ة‬
‫ق السعادةِ وراح ِ‬ ‫ن عوائ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وهو م ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م مع ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وه ّ‬ ‫ك َد ٌَر عاج ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫البا ِ‬
‫س‪:‬‬ ‫ل امرؤُ القي ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫م صباحا ً أيها‬ ‫ع ْ‬ ‫أل ِ‬ ‫ن كان في‬ ‫نم ْ‬ ‫ل يِعم ْ‬ ‫وه ْ‬
‫البالي‬ ‫طل ُ‬
‫ل‬ ‫عمن ّ‬
‫إل سعيد ٌ‬ ‫ل ي ِال ْ‬ ‫وه ْ‬ ‫الخالي‬
‫ت‬ ‫صر ل يِبي ُ‬ ‫ل العُ ُ‬
‫الهموم‬ ‫قلي ُ‬
‫منعّم‬ ‫ل‬
‫بأوجاع ِ‬
‫م العباس دعاًء يجمعُ سعادة ٌالدنيا‬ ‫ّ‬ ‫ل‪‬‬ ‫عّلم الرسو ُ‬
‫و‬ ‫ف َ‬ ‫ع ْ‬ ‫والخرةِ ‪ ،‬وهو قوُله ‪)) : ‬الّلهم إني أسأُلك ال َ‬
‫والعافية (( ‪.‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل والج ِ‬ ‫ف فيه خيُر العاج ِ‬ ‫ف كا ٍ‬ ‫وهذا جامعٌ مانعٌ شا ٍ‬
‫ة﴾‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬
‫و ُ‬‫ب الدّن َْيا َ‬ ‫وا َ‬‫ه ثَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬‫فآَتا ُ‬‫﴿ َ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫ش َ‬‫وَل ي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫فَل ي َ ِ‬ ‫‪َ ﴿،‬‬
‫***************************************‬
‫حذَْرك َ ْ‬
‫م‬ ‫خذوا ِ‬
‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬مع‬‫ل السبا ِ‬ ‫حْيطةِ واستعما ُ‬ ‫خذ ُ ال َ‬‫ن سعادةِ العبد ِ ا ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل ‪ ،‬فإن الرسول ‪ ‬بارز في بع ِ‬
‫ض‬ ‫ل على اللهِ عّز وج ّ‬ ‫الّتوك ّ ِ‬
‫دهم لما‬ ‫كلين ‪ ،‬وقال لح ِ‬ ‫ت وعليه ِدرعٌ ‪ ،‬وهو سي ّد ُ المتو ّ‬ ‫الغزوا ِ‬
‫ل ؟ قال ‪ )) :‬اعِقلها‬‫قُلها يا رسول اللهِ ‪ ،‬أوْ أتوك ّ ُ‬ ‫قال له ‪ :‬أع ِ‬
‫كل (( ‪.‬‬‫وتو ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪214‬‬
‫ك‬‫م التوحيد ِ ‪ ،‬وتْر ُ‬ ‫ل على اللهِ ُقوا ُ‬ ‫ب والّتوك ّ ُ‬ ‫خذ ُ بالسب ِ‬ ‫فال ْ‬
‫ب‬ ‫ح في الشرِع ‪ ،‬وأخذ ُ السب ِ‬ ‫ل على اللهِ قد ْ ٌ‬ ‫السبب مع التوك ّ ِ‬
‫ح في التوحيد ِ ‪.‬‬ ‫ل على اللهِ قَد ْ ٌ‬ ‫ك التوك ّ ِ‬ ‫مع تْر ِ‬
‫ص ظفره ‪،‬‬ ‫ن رجل ً ق ّ‬ ‫ن الجوزيّ في هذا ‪ :‬أ ّ‬ ‫وذ َك ََر اب ُ‬
‫خذ ْ بالحْيطةِ ‪.‬‬ ‫فاستفحل عليه فمات ‪ ،‬ولم يأ ُ‬
‫ه‬
‫ن سردان ‪ ،‬فهصر بطن ُ‬ ‫ل على حمارٍ م ْ‬ ‫خ َ‬
‫ل دَ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ور ُ‬
‫فمات ‪.‬‬
‫ب المصريّ – أنه قال‬ ‫ن طه حسين – الكات ِ‬ ‫وذكروا ع ْ‬
‫كرين ‪.‬‬ ‫صل مب ّ‬ ‫لسائِقهِ ‪ :‬ل ُتسرعْ حتى ن ِ‬
‫ب رْيثا ً ‪.‬‬ ‫ب عجلةٍ ته ُ‬ ‫ل ‪ُ :‬ر ّ‬ ‫وهذا معنى مث ٍ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫متأّني‬ ‫ك ال ُ‬ ‫قد ُيدرِ ُ‬ ‫ن مع‬ ‫وقد ْ يكو ُ‬
‫بعض حاجِته‬ ‫ل الّزل ُ‬
‫ل‬ ‫قي ِ‬ ‫ج‬
‫المتع ّ‬
‫ُ‬
‫ن لب ّهِ ﴿‬ ‫ْ‬ ‫وم‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫من‬ ‫هو‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫‪،‬‬ ‫القدر‬ ‫ض‬‫ُ‬ ‫يعار‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫فالّتو ّ‬
‫ْ‬
‫م‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫كم ب َأ َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ل تَ ِ‬ ‫سَراِبي َ‬ ‫و َ‬‫حّر َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫قيك ُ ُ‬ ‫ف ﴾ ‪ ﴿ ،‬تَ ِ‬ ‫ول ْي َت َل َطّ ْ‬
‫َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ب الناس‬ ‫ا ْ‬
‫كس ِ‬
‫ب الناس ‪ ،‬واستجلب‬ ‫س ِ‬ ‫ن سعادةِ العبد ِ ُقدرُته على ك ْ‬ ‫وم ْ‬
‫عل ّلي‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬
‫م‪َ ﴿:‬‬ ‫م عليه السل ُ‬ ‫محب ِّتهم وعطِفهم ‪ ،‬قال إبراهي ُ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬قال المفسرون ‪ :‬الّثناُء‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫في اْل ِ‬
‫خ‬ ‫ق ِ‬‫ٍ‬ ‫صد ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لِ َ‬
‫ت‬ ‫قي ْ ُ‬‫وأ َل ْ َ‬‫ن موسى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن ‪ .‬وقال سبحانه وتعالى ع ْ‬ ‫الحس ُ‬
‫ضهم ‪ :‬ما رآك أحد ٌ إل أحّبك ‪.‬‬ ‫مّني ﴾ ‪ .‬قال بع ُ‬ ‫ة ّ‬ ‫حب ّ ً‬
‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ه في‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬أنتم شهداءُ الل ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫م الحقّ ‪.‬‬ ‫ق أقل ُ‬ ‫ْ‬
‫ة الخل ِ‬ ‫الرض (( ‪ .‬وألسن ُ‬
‫ن‬‫ء‪:‬إ ّ‬ ‫ل السما ِ‬ ‫ح ‪ )) :‬أن جبريل ُينادي في أه ِ‬ ‫وص ّ‬
‫ع له‬ ‫ء ‪ ،‬وُيوض ُ‬ ‫ل السما ِ‬ ‫ه أه ُ‬ ‫ب فلنا ً فأحّبوه ‪ ،‬فُيحب ّ ُ‬ ‫يح ّ‬
‫ض (( ‪.‬‬ ‫القُبول في الر ِ‬
‫ة‬
‫سعَ ُ‬ ‫ن الكلم ِ و َ‬ ‫ة الوجهِ وِلي ُ‬ ‫سط ُ‬ ‫ب الود ّ ‪ :‬ب ْ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫وم ْ‬
‫خلقُ ‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪215‬‬
‫س إليك ‪:‬‬ ‫ح النا ِ‬ ‫ب أروا ِ‬‫ل القويةِ في جل ْ ِ‬‫ن العوام ِ‬‫نم ْ‬‫إ ّ‬
‫ء‬
‫ق في شي ٍ‬ ‫ل ‪ )) : ‬ما كان الّرف ُ‬ ‫الّرفقُ ؛ ولذلك يقو ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ء إل شان ُ‬ ‫ن شي ٍ‬ ‫إل زانه ‪ ،‬وما ُنزع م ْ‬
‫ويقول ‪ )) :‬من ُيحرم الرفق ‪ُ ،‬يحرم الخير‬
‫كّله (( ‪.‬‬
‫حرها ‪.‬‬ ‫ج ْ‬‫قال أحد الحكماء ‪ :‬الرفق ُيخرج الحّية من ُ‬
‫سرِ الخل ِّية ‪.‬‬ ‫ن العسل ‪ ،‬ول ت َك ْ ِ‬ ‫ج ِ‬
‫قال الغربّيون ‪ :‬ا ْ‬
‫ل‬‫ة تأك ُ‬ ‫حل ِ‬ ‫من كالن ّ ْ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬المؤ ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ت على عوٍد ‪ ،‬لم‬ ‫ع طّيبا ً ‪ ،‬وإذا وقع ْ‬ ‫طّيبا ً ‪ ،‬وتض ُ‬
‫سْرهُ (( ‪.‬‬ ‫تك ِ‬
‫************************************‬
‫ت ال ُ‬
‫قدرة‬ ‫آيا‬ ‫ل في الديار واقرأ ْ‬ ‫تن ّ‬
‫ق ْ‬
‫ِ‬ ‫ّ ِ‬
‫دياِر‬‫ل في ال ّ‬ ‫سفاُر والّتنّق ُ‬ ‫سرور ‪ :‬ال ْ‬ ‫ما يجُلب الفرح وال ّ‬ ‫وم ّ‬
‫ن‬ ‫بع ْ‬ ‫ة في أّول هذا الكتا ِ‬ ‫ت كلم ٌ‬ ‫ة المصارِ ‪ ،‬وقد سبق ْ‬ ‫ورؤي ُ‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ذا ِ‬‫ما َ‬ ‫هذا ‪ .‬قال سبحانه ‪ ﴿ :‬انظُُروا ْ َ‬
‫في اْل َ‬ ‫وال َ‬
‫روا ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫فانظُ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫روا‬ ‫ُ‬ ‫سي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫﴿‬ ‫‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫فَينظُُروا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫سيُروا ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫أ َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ث ِبرب ٍْع فيه‬ ‫ول تلب ْ‬ ‫ن‬ ‫ب القلب إل إ ْ‬ ‫ُيذي ُ‬
‫فيه‬ ‫م‬
‫بضي ْ ٌ‬ ‫لتا‬ ‫وشرق إن برك ُب ِ ْ‬
‫ب فالّتغّر ُ‬ ‫وغّر ْ‬ ‫يقك‬ ‫ّ ْ ْ ِ ِِ‬
‫عفيها من‬ ‫ما ٌ‬ ‫طوطة ‪ ،‬على نْف‬ ‫رحلة ابن ب ّ‬ ‫شأ ْرِْقتا‬ ‫نقد ْيقر‬ ‫وم ْ‬
‫ِ‬
‫ق اللهِ سبحانه‬ ‫ْ‬
‫من خل ِ‬ ‫ب العجاب ِ‬ ‫ج َ‬ ‫جدِ العَ َ‬ ‫ت‪،‬ي ِ‬ ‫المبالغا ِ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬ويرى أنها من الِعبر العظيم ِ‬ ‫فه في الكو ِ‬ ‫وتعالى ‪ ،‬وتصري ِ‬
‫ن يّغيَر أجواءه‬ ‫ن يسافر ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ومن الراحةِ له أ ْ‬ ‫للمؤم ِ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ي المفتو ِ‬ ‫ب الكون ّ‬ ‫ومكانه ومحّله ‪ ،‬لقرأ في هذا الكتا ِ‬
‫ديارِ ‪: -‬‬ ‫ل في ال ّ‬ ‫دث عن التنق ِ‬ ‫ل أبو تمام – وهو يتح ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫شام ِ أهلي وبغداد ُ‬ ‫بال ّ‬ ‫ن‬ ‫بالّرْقمتي ِ‬
‫الهوى وأنا‬ ‫ط‬
‫وبالفسطا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪216‬‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫حوا ْ ِ‬ ‫ض﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫في اْل َْر‬ ‫﴿ ُ‬
‫ق ْ‬
‫في الْر ِ‬ ‫سي ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيُروا ِ‬ ‫ل ِ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ج َ‬ ‫م ْ‬ ‫غ َ‬ ‫حّتى أ َب ْل ُ َ‬ ‫س﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ش ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ر َ‬
‫ِ‬ ‫غ‬
‫م ْ‬ ‫ذا ب َل َ َ‬
‫غ َ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬‫﴾‪َ ﴿،‬‬
‫قبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح ُ‬
‫ي ُ‬ ‫ض َ‬ ‫م ِ‬‫وأ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ال ْب َ ْ‬
‫حَري ْ ِ‬
‫************************************‬
‫جدِين‬
‫جدْ مع المته ّ‬
‫ته ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م اللي ِ‬ ‫ح الصدر ‪ :‬قيا ُ‬ ‫ومما ُيسعد ُ الن ّْفس ويشر ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن العبد إذا قام من اللي ِ‬ ‫وقد ْ ذكر ‪ ‬في الصحيح ‪ :‬أ ّ‬
‫س ‪﴿.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ضأ وصلى ‪ ،‬أصبح نشيطا طّيب النْف ِ‬ ‫وذكر الله ‪ ،‬ثم تو ّ‬
‫ل‬‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫قِليل ً ّ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫َ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ة لّ َ‬ ‫فل َ ً‬ ‫ه َنا ِ‬ ‫جد ْ ب ِ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫فت َ َ‬‫َ‬
‫ث‬ ‫د ‪ ،‬وهو حدي ٌ‬ ‫داء عن الجس ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل ُيذه ُ‬ ‫م اللي ِ‬‫وقيا ُ‬
‫ن مْثل‬ ‫ح عند أبي داود ‪ )) :‬يا عبدالله ‪ ،‬ل ُتك ْ‬ ‫صحي ٌ‬
‫ل (( ‪،‬‬ ‫م اللي ِ‬ ‫ك قيا َ‬ ‫م الليل ‪ ،‬فَتر َ‬ ‫ن ‪ ،‬كان يقو ُ‬ ‫فل ٍ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫م من اللي ِ‬ ‫ه لو كان يقو ُ‬ ‫دالل ِ‬ ‫ل عب ُ‬ ‫م الرج ُ‬ ‫ع َ‬
‫)) ن ِ ْ‬
‫ة‬
‫ل شيٍء في هذه الحيا ِ‬ ‫ف على الشياِء الفانيةِ ‪ ،‬ك ّ‬ ‫ل تأس ْ‬
‫ه﴾‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ك إ ِّل َ‬ ‫هال ِ ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه سبحانه وتعالى ﴿ك ُ ّ‬ ‫جه ُ‬ ‫ن إل و ْ‬ ‫فا ٍ‬
‫ذو‬ ‫ك ُ‬ ‫ه َرب ّ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫و ْ‬ ‫قى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬‫ن}‪َ {26‬‬ ‫فا ٍ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ل َ‬ ‫‪ ﴿ ،‬كُ ّ‬
‫واْل ِك َْرام ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫جَل ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل الذي يبكي‬ ‫طف ِ‬ ‫ف على دنياه ‪ ،‬كال ّ‬ ‫ن النسان الذي يأس ُ‬ ‫إ ّ‬
‫على فْقدِ لعبت ِهِ ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ة‬ ‫ق َ‬
‫فـــ ٌ‬ ‫و ْ‬
‫َ‬
‫ن آلم ِ الّروح‬ ‫ن ‪ ،‬وهما م ْ‬ ‫ن منهما قرينا ِ‬ ‫»ك ّ‬
‫ل اثني ِ‬
‫شّر في‬ ‫م توّقع ال ّ‬ ‫ن اله ّ‬ ‫ذباِتها ‪ ،‬والفْرق بينهما أ ّ‬ ‫ومع ّ‬
‫ه في‬ ‫ل المكرو ِ‬ ‫صو ِ‬ ‫ح ُ‬‫م على ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والحُزن الّتأل ّ ُ‬ ‫المستقب ِ‬
‫ب يرِد ُ على‬ ‫م وعذا ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وكلهما تأل ّ ٌ‬ ‫ت المحبو ِ‬ ‫الماضي أو فوا ُ‬
‫ن تعّلق‬ ‫مي حزنا ً ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫س ّ‬‫ن تعّلق بالماضي ُ‬ ‫الّروِح ‪ ،‬فإ ْ‬
‫ما ً « ‪.‬‬
‫مي ه ّ‬ ‫س ّ‬‫ل ُ‬ ‫بالمستقب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪217‬‬
‫ة‬
‫دنيا والخر ِ‬ ‫م إني أسألك العافية في ال ّ‬ ‫)) الّله ّ‬
‫فو والعافية في دِيني‬ ‫م إني أسأُلك الع ْ‬ ‫‪ ،‬الّله ّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫م است ُْر عوراتي وآ ِ‬ ‫دنياي وأهلي ومالي ‪ ،‬الله ّ‬ ‫و ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫يو ِ‬ ‫ن يد ّ‬ ‫ن بي ِ‬ ‫وعاتي ‪ ،‬اللهم احفظني م ْ‬ ‫ر ْ‬
‫ن فوقي ‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫ن شمالي و ِ‬ ‫ن يميني وع ْ‬ ‫خْلفي ‪ ،‬وع ْ‬
‫ن تحتي (( ‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫غتال ِ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫وأعوذُ بعظمتك أ ْ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن رّبك ليس‬ ‫ألم تر أ ّ‬ ‫ة‬‫أياِديهِ الحديث ُ‬
‫ل ع تحصى‬ ‫ه‬
‫والقديم ْ‬
‫ن ٌالهموم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ّ‬‫تَ َ‬ ‫مك‬ ‫م ول همو ُ‬ ‫ُيقي ِ ُ‬
‫شيءٌ‬
‫بعد‬ ‫فليسظ ُُر‬
‫ل الله ين‬ ‫لع ّ‬ ‫ه‬
‫ه‬ ‫مقيم ْ ُْ‬ ‫إليك بال‬
‫بنظر ُةٍ ِ‬
‫من‬
‫هذا‬
‫**************************************‬ ‫ه‬ ‫رحِيم ْ‬

‫ة‬ ‫ثَ َ‬
‫مُنك الجن ّ ُ‬
‫ل للشاعُر ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ك‬‫سي التي تمل ِ ُ‬ ‫نف ْ‬ ‫فكيف أبكي على‬
‫ة‬
‫الشياء ذاهب ٌ‬ ‫شيٍء إذا ذهبا‬
‫ضِتها ومناصِبها وُدوِرها وقصوِرها ل‬ ‫ن الدْنيا بذهِبها وف ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ن الرسول ‪ ‬قال ‪)) :‬‬ ‫ل قطرة دمٍع ‪ ،‬فعند الترمذيّ أ ّ‬ ‫تستأه ُ‬
‫ه ‪ ،‬وما‬ ‫كر الل ِ‬ ‫ن ما فيها إل ذ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ملعو ٌ‬ ‫الدنيا ملعون ٌ‬
‫واله ‪ ،‬وعالما ً ومتعّلما ً (( ‪.‬‬
‫ل لِبيد ُ ‪:‬‬ ‫ب ‪ ،‬كما يقو ُ‬ ‫س ُ‬
‫إنها ودائعُ فح ْ‬
‫ل والهلون‬ ‫وما الما ُ‬ ‫ن ُترد ّ‬ ‫ولبد ّ يوما ً أ ْ‬
‫ة‬‫إل وِديع ٌ‬ ‫الودائعُ‬
‫ة‬
‫خُر لحظ ً‬ ‫ت ل تؤ ّ‬ ‫ت والسيارا ِ‬ ‫ت والعقارا ِ‬ ‫إن المليارا ِ‬
‫ي‪:‬‬ ‫طائ ّ‬‫م ال ّ‬ ‫ل العبد ِ ‪ ،‬قال حات ُ‬ ‫ن أج ِ‬‫واحدةً م ْ‬
‫ك ما ُيغني الّثراُء‬ ‫مُر َ‬‫لعَ ْ‬ ‫ت يوما ً‬ ‫إذا حشرج ْ‬
‫عن الفتى‬ ‫صد ُْر‬
‫وضاق بها ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪218‬‬
‫ن‬ ‫ل‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل للشيء ثمنا ً معقو ً‬ ‫ولذلك قال الحكماُء ‪ :‬اجع ْ‬
‫حَياةُ الدّن َْيا‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬‫ما َ‬‫و َ‬ ‫ن‪َ ﴿ :‬‬ ‫الدنيا وما فيها ل ُتساوي المؤم ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ع ٌ‬ ‫ول َ ِ‬
‫و َ‬ ‫ه ٌ‬‫إ ِّل ل َ ْ‬
‫سك ثمنا ً غير الجن ِ‬
‫ة‬ ‫ل لنف ِ‬ ‫ن البصريّ ‪ :‬ل تجع ْ‬ ‫ل الحس ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ص‪.‬‬ ‫خ ٍ‬ ‫ضهم يبيعها بُر ْ‬ ‫ة ‪ ،‬وبع ُ‬ ‫ن غالي ٌ‬ ‫ن نْفس المؤم ِ‬ ‫‪ ،‬فإ ّ‬
‫م وتهد ّم ِ بيوِتهم‬ ‫ب أمواِله ْ‬ ‫ن الذين ينوحون على ذها ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ص‬ ‫ق سياراِتهم ‪ ،‬ول يأسفون ويحزنون على نْق ِ‬ ‫واحترا ِ‬
‫ة‬
‫رهم في طاع ِ‬ ‫إيماِنهم وعلى أخطاِئهم وذنوِبهم ‪ ،‬وتقصي ِ‬
‫حوا على‬ ‫م كانوا تافهين بقد ْرِ ما نا ُ‬ ‫م سوف يعلمون أنه ْ‬ ‫رّبه ْ‬
‫ل‬ ‫مث ُ ٍ‬‫ة قيم ٍ و ُ‬ ‫ن المسألة مسأل ُ‬ ‫تلك ‪ ،‬ولم يأسفوا على هذهِ ؛ ل ّ‬
‫ن‬ ‫وي َذَُرو َ‬ ‫ة َ‬‫جل َ َ‬‫عا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫حّبو َ‬ ‫ؤَلء ي ُ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬
‫ة‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ومواقف ورسال ٍ‬
‫قيل ً﴾‪.‬‬ ‫وما ً ث َ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وَراء ُ‬ ‫َ‬
‫******************************************‬
‫ي‬
‫ب الحقيق ّ‬
‫الح ّ‬
‫ن أسعْدِ‬ ‫نم ْ‬ ‫سعد َ ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ن أولياِء اللهِ وأحبائهِ ِلت ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫كُ ْ‬
‫السعداِء ذاك الذي جعل هدفه السمى وغايُته المنشودة‬
‫ه﴾‬ ‫حّبون َ ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫حب ّ ُ‬ ‫ه ‪ ﴿ :‬يُ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وما أْلطف قول ُ‬ ‫ب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن قولهِ ‪ :‬يحّبونه ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫بم ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ضهم ‪ :‬ليس العَ َ‬ ‫قال بع ُ‬
‫هم‬ ‫ن قول ِهِ يحّبهم ؛ فهو الذي خلقهم ورزقهم وتول ّ ُ‬ ‫العجب م ْ‬
‫ه‬‫ن الل ّ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫م ‪ ،‬ثم يحّبهم ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫وأعطاهُ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬
‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫فات ّب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ج على‬ ‫ب ‪ ،‬وهي تا ٌ‬ ‫ن أبي طال ٍ‬ ‫يب ِ‬ ‫وانظْر إلى مكُرمةِ عل ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه ورسول ُ‬ ‫ب الله ورسوله ‪ ،‬ويحّبه الل ُ‬ ‫ل ُيح ّ‬ ‫رأسهِ ‪ :‬رج ٌ‬
‫هو الل ّ َ‬
‫د ﴾ ‪ ،‬فكان‬ ‫ح ٌ‬ ‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ب﴿ ُ‬ ‫ن رجل ً من الصحابة أح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫رها ‪ ،‬ويعيدها على لسانه ‪،‬‬ ‫ه بذك ْ ِ‬ ‫ل ركعةٍ ‪ ،‬ويَتول ّ ُ‬ ‫يرد ُّدها في ك ّ‬
‫ك بها وجدانه ‪ ،‬قال له ‪: ‬‬ ‫وُيشجي بها فؤاده ‪ ،‬ويحّر ُ‬
‫خَلك الجنة (( ‪.‬‬ ‫)) حّبك إّياها أدْ َ‬
‫ت أقرؤهما قديما ً ‪ ،‬في ترجمةٍ لحدِ‬ ‫ما أعجب بيتين كن ُ‬
‫العلماِء ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪219‬‬
‫ب الهاِئمين‬
‫ح ّ‬
‫إذا كان ُ‬ ‫ب‬‫بليلى وسلمى يسل ُ ُ‬
‫الورى‬
‫أن يفعل‬‫فماذا عسىمن‬ ‫والعْقل‬
‫على‬ ‫شوقا ً‬ ‫ب‬‫سَرى قلُبهالل ّ ّ‬‫َ‬
‫م َالذي‬ ‫الهائ ِ ُ‬ ‫العالم ِ العلى‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ن أب َْناء الل ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫صاَرى ن َ ْ‬ ‫والن ّ َ‬‫هودُ َ‬ ‫ت ال ْي َ ُ‬ ‫قال َ ِ‬‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫كم ﴾ ‪.‬‬ ‫كم ب ِذُُنوب ِ ُ‬ ‫عذّب ُ ُ‬
‫م يُ َ‬ ‫ل َ‬
‫فل ِ َ‬ ‫ؤهُ ُ‬
‫ق ْ‬ ‫حّبا ُ‬ ‫وأ َ ِ‬‫َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب ما ٍ‬ ‫ب امرأةٍ ‪ ،‬وقارون ح ّ‬ ‫هح ّ‬ ‫ن مجنون ليلى قتل ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ة حب ّا ً لله‬ ‫ب ‪ ،‬وُقتل حمزةُ وجعفُر وحنظل ُ‬ ‫ب منص ٍ‬ ‫وفرعون ح ّ‬
‫ولرسوله ‪ ،‬فيا لب ُعْد ِ ما بين الفريقين ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫وقفــــة‬
‫م عشرةٌ‬ ‫ط شرطةٍ سنوي ّا ً في أمريكا ‪ ،‬منه ْ‬ ‫» ينتحُر ‪ 300‬ضاب ِ‬
‫ضّباط‬ ‫في نيويورك وحدها ‪ ..‬ومنذ ُ عام ‪ 1987‬م يتزايد ُ عدد ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫سلطا ِ‬ ‫ت ال ّ‬‫رين هناك ‪ ..‬وهي ظاهرةٌ أقلق ِ‬ ‫ح ِ‬
‫منت ِ‬‫الشرطةِ ال ُ‬
‫حِثها ‪.‬‬ ‫ط الشرطةِ بب ْ‬ ‫ي لضّبا ِ‬ ‫وقام التحاد ُ الوطن ّ‬
‫ط هو ‪:‬‬ ‫ر الضبا ِ‬ ‫ب انتحا ِ‬ ‫ن أبرز أسبا ِ‬ ‫لقد ْ وجد التحاد ُ أ ّ‬
‫مطالبون‬ ‫م ُ‬ ‫دائم ِ الذي يعيشون فيه ‪ ،‬فه ْ‬ ‫ب ال ّ‬‫توت ُّر العصا ِ‬
‫ط المتزايدةِ مع‬ ‫ضغو ِ‬ ‫ل ال ّ‬‫م ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وتح ّ‬ ‫ت في الزما ِ‬ ‫دائما ً بالّثبا ِ‬
‫ل مع‬ ‫م ِ‬ ‫مل اللم ِ الّناتجة عن الّتعا ُ‬ ‫ارتفاِع نسبةِ الجريمةِ ‪ ،‬وتح ّ‬
‫ل ونساٍء وعجائز‪.‬‬ ‫ن أطفا ٍ‬ ‫ث الضحايا م ْ‬ ‫المجرمين‪ ،‬ورؤيةِ جث ِ‬
‫ل دائم ٍ ‪،‬‬ ‫م بشك ٍ‬ ‫ب الثاني هو ‪ :‬وجود ُ السلحةِ معه ْ‬ ‫والسب ُ‬
‫م عملّية النتحارِ ‪.‬‬ ‫ل عليه ُ‬ ‫دهم أو تسهّ ُ‬ ‫فهي ُتساع ُ‬
‫م‬‫ط تت ّ‬ ‫ث انتحارِ الضبا ِ‬ ‫ن حواد ِ‬ ‫ن ثمانين بالمائةِ م ْ‬ ‫وقد ُوجد أ ّ‬
‫ط‪،‬‬ ‫ضّبا ٍ‬ ‫ص ‪ ،‬في ثلثةِ أيام ٍ متتاليةٍ انتحر ثلُثة ُ‬ ‫حهم الخا ّ‬ ‫بسل ِ‬
‫سهِ الميري « ‪.‬‬ ‫طة مسد ِ‬ ‫ل منهم بواس ِ‬ ‫ك ّ‬
‫********************************‬
‫سرةٌ‬
‫مي ّ‬
‫ة ُ‬
‫هل ٌ‬
‫ةس ْ‬
‫شريع ٌ‬
‫سماحةِ في‬ ‫سرِ وال ّ‬ ‫ج صدر المسلم ظاهرة ُ الي ُ ْ‬ ‫ن مما ُيثل ُ‬
‫إ ّ‬
‫ن‬‫قْرآ َ‬‫ك ال ْ ُ‬ ‫ما َأنَزل َْنا َ‬
‫عل َي ْ َ‬ ‫الشريعةِ السلميةِ ﴿ طه}‪َ {1‬‬
‫فسا ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫سَرى﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َ ي ُك َل ّ ُ‬
‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬
‫سُر َ‬
‫ون ُي َ ّ‬
‫قى﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬‫ش َ‬‫ل ِت َ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪220‬‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫فسا ً إ ِّل َ‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫ها﴾ ‪َ ﴿ ،‬ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫إ ِل ّ ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫ج﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫حَر ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ع‬ ‫م َ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ت َ َ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫َ‬
‫وال ْ‬
‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫إِ ْ‬
‫سرا ً﴾ ‪َ ﴿ ،‬رب َّنا ل َ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫سرًا}‪ {5‬إ ِ ّ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ع ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫عل َي َْنا‬ ‫ْ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫خطَأَنا َرب َّنا َ‬ ‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا ِإن ن ّ ِ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫تُ َ‬
‫ول َ‬ ‫قب ْل َِنا َرب َّنا َ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ْت َ ُ‬
‫ح َ‬ ‫ما َ‬ ‫صرا ً ك َ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫فْر ل ََنا‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫عّنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ل ََنا ب ِ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫طا َ‬ ‫ما ل َ َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫تُ َ‬
‫ن﴾‬ ‫وم ِ ال ْ َ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ول ََنا َ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫صْرَنا َ‬ ‫فان ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا أن َ‬ ‫ح ْ‬ ‫واْر َ‬‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ن وما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫متي الخطأ والنسيا ُ‬ ‫نأ ّ‬ ‫)) ُرفع ع ْ‬
‫د‬
‫ن ُيشا ّ‬ ‫سٌر ‪ ،‬ول ْ‬ ‫دين ي ُ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ه (( ‪ )) ،‬إ ّ‬ ‫هوا علي ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫است ُك ْ ِ‬
‫شُروا (( ‪،‬‬ ‫رُبوا وأب ِ‬ ‫دوا وقا ِ‬ ‫الدين أحدٌ إل ّ غلبه (( ‪ ،‬سدّ ُ‬
‫خي ُْر دينكم‬ ‫ة (( ‪َ )) ،‬‬ ‫مح ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ت بالحنيفّية ال ّ‬ ‫)) ُبعث ُ‬
‫سُره (( ‪.‬‬ ‫أي ْ َ‬
‫لها ‪،‬‬ ‫ت على شاعرٍ معاصرٍ في دولةٍ وزارة ٌ يتو ّ‬ ‫رض ْ‬ ‫عُ ِ‬
‫ن يتُرك طموحاِته ورسالِته وأطُروحاِته الحّقةِ ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫على أ ْ‬
‫م‬‫ل دنياك ُ ُ‬ ‫خذوا ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫حرا ً طلِيقا ً‬ ‫فؤادي ُ‬
‫كوا‬ ‫واتر ُ‬ ‫غريبا‬
‫موني وحيدا ً‬
‫ثروةً‬ ‫مكم‬ ‫عظ ُ‬ ‫فإّني أ ْ‬ ‫خل ْت ُ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫وإ ْ‬
‫******************************************‬ ‫سلِينا‬
‫**‬
‫ة‬ ‫راح‬ ‫لل‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫أُ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ٌ‬
‫في مجل ّةِ ) أهل ً وسهل ً ( بتاريخ ‪1415 / 4 / 3‬هـ مقال ٌ‬
‫ة‬
‫ب القلق « بقلم د ‪ .‬حسان‬ ‫بعنوان » عشرون وصفةٍ لتجن ّ ِ‬
‫شمسي باشا ‪.‬‬
‫من معاني هذه المقالةِ ‪:‬‬
‫ل شيٍء بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬فل‬ ‫نك ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وإ ّ‬
‫رغ من ُ‬‫ل قد فُ ِ‬ ‫ن الج َ‬ ‫إ ّ‬
‫ي ْ‬
‫ق‬‫ِ‬ ‫المخلو‬ ‫رزق‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫يجري‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫يحز‬ ‫ول‬ ‫‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫العب‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫أس‬
‫ف فيه‬ ‫كه أحد ٌ ‪ ،‬ول يتصّر ُ‬ ‫ق في السماِء ‪ ،‬فل يمل ُ‬ ‫عند الخال ِ‬
‫مه‬ ‫ن الماضي قد ْ ذ َهَ َ‬
‫ب بهمو ِ‬ ‫ن ‪ .‬وإ ّ‬ ‫م ‪ ،‬ول يمنُعه إنسا ٌ‬ ‫قو ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪221‬‬
‫ره على‬ ‫س ِ‬ ‫م بأ ْ‬ ‫ن يعود‪ ،‬ولو اجتمع العال ُ‬ ‫مه ‪ ،‬وانتهى فل ْ‬ ‫وغمو ِ‬
‫ب ‪ ،‬ولم يحضْر إلى‬ ‫ن المستقبل في عالم ِ الغي ْ ِ‬ ‫إعادِته ‪ .‬وإ ّ‬
‫ن‬
‫عهِ حتى يأتي ‪ .‬وإ ّ‬ ‫ستد ْ ِ‬ ‫الن ‪ ،‬ولم يستأِذن عليك ‪ ،‬فل ت ْ‬
‫ب سرورا ً ‪ ،‬وعلى‬ ‫س ُيضفي على القل ِ‬ ‫الحسان إلى النا ِ‬
‫ب‬‫م بركةٍ وثوا ٍ‬ ‫مسدِيه أعْظ َ َ‬ ‫الصدرِ انشراحا ً ‪ ،‬وهو يعود ُ على ُ‬
‫ن ُأسدي إليهِ ‪.‬‬ ‫وأجرٍ وراحةٍ مم ْ‬
‫ث بالنْقد ِ الجائر الظالم ِ ‪،‬‬ ‫م الكترا ِ‬
‫ن عد ُ‬ ‫شيم المؤم ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ب العالمين ‪ ،‬الذي هو‬ ‫شت ْم ِ حتى ر ّ‬‫ب وال ّ‬ ‫س ّ‬ ‫م من ال ّ‬ ‫سل َ ْ‬‫م يَ ْ‬
‫فل ْ‬
‫ت أسما ُ‬
‫ؤه ‪.‬‬ ‫دس ْ‬ ‫ل ‪ ،‬تق ّ‬ ‫ل الجمي ُ‬‫ل الجلي ُ‬ ‫الكام ُ‬
‫ت لي ‪:‬‬ ‫ت في أبيا ٍ‬ ‫قل ُ‬
‫معا ً‬‫حرِقُ أد ُ‬ ‫فعلم ت َ ْ‬ ‫ل ي ُْقل ِقُ قل َْبك‬ ‫ويظ ّ‬
‫تً‬ ‫ضئ‬
‫ل بهاقدرب ّا ًوُ ّ‬
‫جلي ْ‬
‫ل‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫ب‬
‫ت‬‫الرها ُْ‬
‫ي ت ََفّتح‬‫نام الخل ِ ّ‬
‫كّلما‬
‫*************************************‬ ‫ب‬ ‫أبوا ُ‬
‫عشق‬
‫ر ال ِ‬
‫حذ ِ‬
‫ا ْ‬
‫ضر ‪ ،‬وك َد ٌَر مستمّر ‪.‬‬ ‫م حا ِ‬ ‫صورِ ‪ ،‬فإّنها ه ّ‬ ‫شق ال ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫إياك و ِ‬
‫ت الشعراءِ وولهِِهم‬ ‫ن تأّوها ِ‬ ‫ده ع ْ‬ ‫ن سعادةِ المسلم ِ ُيع ُ‬ ‫م ْ‬
‫ن‬ ‫ن هذا م ْ‬ ‫صل والفراق ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جر والو ْ‬ ‫هم اله ْ‬ ‫وعشِقهم ‪ ،‬وشكوا ُ‬
‫ه‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫خذَ إ ِل َ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫فرأ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فراغ القلب ﴿ أ َ‬
‫ِ‬
‫عَلى‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ِ‬ ‫س ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫م َ‬ ‫خت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫عل ْم ٍ َ‬ ‫عَلى ِ‬‫َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫و ً‬‫شا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ر ِ‬
‫ص ِ‬ ‫بَ َ‬
‫ب‬ ‫جل َ َ‬ ‫وأنا الذي َ‬ ‫ب‬ ‫مطال ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫فم ِ‬
‫ه‬ ‫تفُ‬ ‫طَ‬ ‫القات ِ ُ‬ ‫والقتي‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫الل‬ ‫من‬ ‫ُ‬ ‫يةُذق ُ‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫المن ّ‬
‫ما‬ ‫ل‬‫أستحقّ وأستأه ُ‬ ‫ل‬ ‫لإنني‬ ‫والمعنى‬
‫م فيما جرى لي ‪.‬‬ ‫ب العظ ُ‬ ‫والحسرةِ ؛ لنني المتسب ّ ُ‬
‫ل‬ ‫قه وولهِهِ ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫مه وعش ِ‬ ‫س يتباهى بكثرةِ هيا ِ‬ ‫وآخُر أندل ّ‬
‫‪:‬‬
‫ق‬ ‫شكا ألم الِفرا ِ‬ ‫ي‬‫وُرّوع بالجوى ح ّ‬
‫بلي‬
‫ت‬ ‫م ْ‬ ‫سضق ْ ّ‬ ‫ثلما ُ‬ ‫مال ّْنا‬ ‫ما ِ‬‫وأ ّ‬ ‫ت‬
‫ول‬ ‫ومي ْ ُ‬
‫ت‬ ‫فإّني ما سمع ُ‬
‫ضلوعي‬ ‫ت‬ ‫رأي ْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪222‬‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة ورّباني ّ ً‬ ‫ذكر وروحاني ّ ً‬ ‫م بين ضلوعهِ التقوى وال ْ‬ ‫ولو ض ّ‬
‫سَلك‬ ‫ل إلى الحقّ ‪ ،‬ول َعََر الدليل ‪ ،‬ولبصر الّرشد ‪ ،‬ول َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ل َوَ َ‬
‫ع ْ‬
‫ذ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ن ن َْز ٌ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫غن ّ َ‬ ‫ما َينَز َ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫الجاّدة ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫طائ ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫قوا ْ إ ِ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ه ﴾ ‪﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫ِبالل ّ ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن ت َذَك ُّروا ْ َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن ابن القي ّم ِ عالج هذهِ المسألة علجا ً شافيا ً كافيا ً في‬ ‫إ ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫جعْ إلي ِ‬ ‫كتاب ِهِ )الداُء والدواُء( فلي ُْر َ‬
‫إن للعشق أسبابا ً منها ‪:‬‬
‫ره‬ ‫شك ِ‬ ‫حّبه سبحانه وتعالى وذك ْرِهِ و ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫‪.1‬فراغُ م ْ‬
‫وعبادت ِهِ ‪.‬‬
‫ب أحزانا ً‬ ‫ب على القل ِ‬ ‫ه رائد ٌ يجل ُ‬ ‫‪.2‬إطلقُ البصرِ ‪ ،‬فإن ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫وهموما ً ‪ُ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫سهم م ْ‬ ‫ٌ‬ ‫م ﴾‪)) ،‬النظرةُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫سهام ِ إبليس((‪.‬‬
‫وأنت متى أرسلت‬ ‫ك‬ ‫ن أتعبت ْ َ‬ ‫ل عي ٍ‬ ‫إلى ك ّ‬
‫رائد ّا ً‬ ‫رفك ل ك ُ‬ ‫رأيتط ْ‬ ‫ر‬ ‫ظ‬
‫له‬ ‫الذي‬ ‫ضِ ُِ‬
‫ه‬ ‫المنا ِ‬
‫ن بع‬ ‫عليه ول ع ْ‬
‫دعاِء‬ ‫قادرٌِر وال ّ‬ ‫أنتالذ ّك ْ‬ ‫العبودي ّةِ ‪ ،‬والتقصيُر في‬ ‫أنت صاب ُِر‬ ‫‪.3‬التقصيُر في‬
‫شاء‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫هى َ‬ ‫صَلةَ ت َن ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل ﴿ إِ ّ‬ ‫والنواف ِ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫منك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ق ‪ ،‬فمن ْ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫م دواُء العِ ْ‬ ‫أ ّ‬
‫عَباِدَنا‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاء إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫سوءَ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ر َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫﴿ ك َذَل ِ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ل المولى‬ ‫ت العبودي ّةِ ‪ ،‬وسؤا ُ‬ ‫ح على عتبا ِ‬ ‫‪.1‬النطرا ُ‬
‫شفاء والعافية ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫م﴾‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ظ الفْرِج ﴿ َ‬ ‫ض البصرِ وحْف ُ‬ ‫‪.2‬وغ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ج ِ‬ ‫فُرو ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪َ ﴿،‬‬
‫ه‬
‫ك بيتهِ وموطن ِ ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫ن تعّلق بهِ القل ُ‬ ‫جُر ديارِ م ْ‬ ‫‪.3‬وه ْ‬
‫وذك ْرِهِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪223‬‬
‫كاُنوا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل الصالحةِ ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ل بالعما ِ‬ ‫‪.4‬والشتغا ُ‬
‫هبا ً‬ ‫وَر َ‬‫غبا ً َ‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َدْ ُ‬‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬
‫سا ِ‬
‫يُ َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫فانك ِ ُ‬ ‫ي﴿ َ‬ ‫شْرع ّ‬ ‫ج ال ّ‬ ‫‪.5‬والّزوا ُ‬
‫ق لَ ُ‬ ‫الن ّساء ﴾ ‪ ﴿ ،‬ومن آيات ِ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬‫هأ ْ‬ ‫َ ِ ْ َ ِ‬ ‫َ‬
‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ها ﴾ ‪ )) ،‬يا معشر‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬ ‫واجا ً ل ّت َ ْ‬‫م أْز َ‬ ‫أن ُ ِ ْ‬
‫م الباءة‬ ‫ن استطاع منك ُ‬ ‫ب‪،‬م ِ‬ ‫الشبا ِ‬
‫ج (( ‪.‬‬ ‫و ْ‬ ‫فليتز ّ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫و ِ‬
‫حقوقُ الخ ّ‬
‫ب السماءِ إليهِ ‪.‬‬ ‫ن ُتناديهِ بأح ّ‬ ‫مما ُيسعد ُ أخاك المسلم أ ْ‬
‫أ ُك ِْنيهِ حين ُأنادِيه‬ ‫سوَْءةُ‬ ‫ه وال ّ‬
‫ُ‬
‫ول ألّقب ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لقى أخاك‬ ‫رم ُ‬ ‫لك ْ ِ‬
‫نت‬ ‫في وجِهه )) ولو أ ْ‬ ‫ب‬ ‫شلق ُ‬ ‫ش وت َب َ ال ّ‬ ‫ن ته ّ‬ ‫وأ ْ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ه أخيك صدق ٌ‬ ‫مك في وج ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ق (( ‪ )) ،‬تب ّ‬ ‫ْ‬
‫بوجه طل ٍ‬
‫ة ليتكّلم‬ ‫ك له فرص ً‬ ‫ث معك – أي تتر َ‬ ‫ه على الحدي ِ‬ ‫جع ُ‬ ‫ن تش ّ‬ ‫وأ ْ‬
‫صةِ ‪،‬‬
‫مةِ والخا ّ‬ ‫ن أموِره العا ّ‬ ‫سه وعن أخبارِهِ – وتأل ع ْ‬ ‫ن نف ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ن لم‬ ‫م بأموره )) م ْ‬ ‫ن تهت ّ‬ ‫ل عنها ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ج في السؤا ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫التي ل َ‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫م (( ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ر المسلمين فليس منه ْ‬ ‫ِ‬ ‫م بأم‬ ‫يهت ّ‬
‫َ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬‫ع ُ‬
‫ت بَ ْ‬ ‫مَنا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ل تلومه ول تْعذله على شيٍء مضى وانتهى ‪،‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أ ْ‬
‫حه ‪ ،‬ول‬ ‫ز ْ‬ ‫ر أخاك ول ُتما ِ‬ ‫ول تحرجه بالمزاِح ‪ )) :‬ل ُتما ِ‬
‫خِلفه (( ‪.‬‬ ‫عدهُ موعدا ً فت ُ ْ‬ ‫ت ِ‬
‫*************************************‬
‫ب!‬
‫ن ل تذن ْ‬
‫ب ‪ ..‬ولك ْ‬
‫» أسراٌر في الذنو ِ‬
‫«‬
‫م على العبد ‪،‬‬ ‫ن الذنب كالخت ْ َ‬ ‫ل العلم ِ ‪ :‬أ ّ‬‫ض أه ِ‬
‫ذكر بع ُ‬
‫ب ‪ ،‬وكثرةُ‬
‫ج ِ‬‫م ظهر العُ ْ‬ ‫ص ُ‬‫ن أسرارها بعد التوبةِ ‪ :‬ق ْ‬ ‫وم ْ‬
‫ه والنكساُر والندامة ‪،‬‬ ‫ج ُ‬‫ة والّتو ّ‬
‫ة والناب ُ‬‫الستغفارِ والتوب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪224‬‬
‫مقابلةِ القضاِء‬ ‫م بعبودي ّةِ ُ‬
‫ووقوع القضاِء والقدرِ ‪ ،‬والّتسلي ُ‬
‫والقدرِ ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬‫ومنها ‪ :‬تحّققُ أسماِء اللهِ الحسنى وصفاِته الُعلى مث ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫وا ِ‬
‫الرحيم ِ والغفورِ والت ّ ّ‬
‫*************************************‬
‫ص‬
‫ر ْ‬ ‫اطْل ُ ِ‬
‫ب الرزق ول تح ِ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫ق ‪ ،‬أعطى الدودة َ رزقها في الطي ِ‬ ‫ق الراز ِ‬ ‫سبحان الخال ِ‬
‫ة في‬ ‫‪ ،‬والسمكة في الماِء ‪ ،‬والطائَر في الهواِء ‪ ،‬والنمل َ‬
‫ماِء ‪.‬‬ ‫ص ّ‬
‫ظلماِء ‪ ،‬والحّية بين الصخورِ ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ة عمياء‬ ‫ن حي ّ ُ‬ ‫ف‪:‬أ ّ‬ ‫ة من الّلطائ ِ‬ ‫ن الجوزيّ لطيف ً‬ ‫ذ َك ََر اب ُ‬
‫مه ‪،‬‬ ‫س نخلةٍ ‪ ،‬فكان يأتيها عصفوٌر بلحم ٍ في ف ِ‬ ‫ت في رأ ِ‬ ‫كان ْ‬
‫ه‬
‫ح فاها ‪ ،‬فيضعُ اللحم في ِ‬ ‫فإذا اقترب منها وَْروََر وصّفَر ‪ ،‬فتفت ُ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫جَنا َ‬ ‫طيُر ب ِ َ‬ ‫ر يَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫طائ ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ذه ﴿ َ‬ ‫ن سخّر هذا له ِ‬ ‫سبحان م ْ‬
‫كم ﴾ ‪.‬‬ ‫مَثال ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫م ٌ‬‫أ َ‬
‫وإذا ترى الثعبان‬ ‫ن ذا‬ ‫هم ْ‬ ‫فاسأل ُ‬
‫حشاكا ُ‬
‫هُ‬
‫ش‬ ‫م ُ‬ ‫تعي ّ‬ ‫س‬ ‫ث ُ‬ ‫ه ينُف ُ‬
‫كيف‬ ‫واسأل ُ‬ ‫مل‬ ‫م يَ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫سموالم ِ ّ‬ ‫تحيابال ّ‬
‫وهذا‬
‫ب‬ ‫فيأوالمحرا ِ‬ ‫ن‬ ‫ثعبا ُ‬ ‫رزُقها‬ ‫م يأتيها يا‬ ‫فاكا السل ُ‬ ‫م عليها‬ ‫ت مري ُ‬ ‫كان ْ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ك َ‬ ‫م أّنى ل َ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫صباح مساء ‪ ،‬فقيل لها ‪َ ﴿ :‬يا َ‬
‫ب‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫شاءُ ب ِ َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه ي َْرُزقُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫هإ ّ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ول َدَ ُ‬ ‫قت ُُلوا ْ أ ْ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ن﴿ َ‬ ‫ن فرزُقك مضمو ٌ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن رازق‬ ‫ةأ ّ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬لتعلم البشري ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وإ ِّيا ُ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ق نّ ْ‬ ‫مل َ ٍ‬ ‫إ ْ‬
‫م يولد ْ ‪.‬‬ ‫الوالدِ ‪ ،‬هو الذي لم يلد ْ ول ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ق نّ ْ‬ ‫مل ٍ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫شي َ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ولدَك ُ ْ‬ ‫قت ُُلوا ْ أ ْ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ل في علهُ قد تكّفل‬ ‫ن الكبرى ج ّ‬ ‫ن صاحب الخزائ ِ‬ ‫كم ﴾ إ ّ‬ ‫وإ ِّيا ُ‬‫َ‬
‫ه ؟!‬ ‫م بذلك الل ُ‬ ‫ق ‪ِ ،‬فبم القلقُ والزعي ُ‬ ‫بالرز ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫شك ُُروا ل َ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫دوهُ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه الّرْزقَ َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫غوا ِ‬ ‫فاب ْت َ ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫ع ُ‬ ‫و ي ُطْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي ُ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪225‬‬
‫*****************************************‬
‫وقفـــة‬
‫حه‬ ‫ُ‬
‫ب وتقويِته ‪ ،‬وشْر ِ‬ ‫ما الصلةُ فشأنها في تفريِغ القل ِ‬ ‫»أ ّ‬
‫ح‬ ‫ب والّرو ِ‬ ‫ل القل ٍ‬ ‫ن ‪ ،‬وفيها اّتصا ُ‬ ‫‪ ،‬وابتهاجهِ ولذ ِّته ‪ ،‬أكب َْر شأ ٍ‬
‫ف‬ ‫مناجاِته ‪ ،‬والوقو ِ‬ ‫باللهِ ‪ ،‬وُقرِبه والّتنعّم ِ بذكرِهِ ‪ ،‬والبتهاِج ب ُ‬
‫ن وُقواه ُ وآلت ِهِ في عبودي ّت ِهِ ‪،‬‬ ‫ل جميِع البد ِ‬ ‫بين يدي ْهِ ‪ ،‬واستعما ِ‬
‫ق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإعطاِء ك ّ‬
‫ق بالخل ِ‬ ‫ل عضو حظه منها ‪ ،‬واشتغاِله عن الّتعل ِ‬
‫حهِ إلى‬ ‫محاوََرِتهم ‪ ،‬وانجذاب قوى قلب ِهِ وجوار ِ‬ ‫ملبسِتهم و ُ‬ ‫و ُ‬
‫ه‬
‫تب ِ‬ ‫ن عدّوه حالة الصلةِ ما صار ْ‬ ‫رّبه وفاطرِهِ ‪ ،‬وراحتهِ م ْ‬
‫م إل القلوب‬ ‫ت والغذي ِةِ التي ل ُتلئ ُ‬ ‫ن أكبرِ الدويةِ والمفرحا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ‪ ،‬ل ُتناسبها إل ّ‬ ‫ة فهي كالبدا ِ‬ ‫ب العليل ُ‬ ‫ما القلو ُ‬ ‫الصحيحة ‪ .‬وأ ّ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ة الفاضل ُ‬ ‫الغذي ُ‬
‫ح الدنيا‬ ‫ل مصال ِ‬ ‫ن على تحصي ِ‬ ‫ن أكبرِ العوْ ِ‬ ‫» فالصلةُ م ْ‬
‫سد الدنيا والخرةِ ‪ ،‬وهي مْنهاة ٌ عن‬ ‫والخرةِ ‪ ،‬ودْفع مفا ِ‬
‫طردةٌ للداِء عن الجسدِ ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ة لدواِء القلو ِ‬ ‫الث ْم ِ ‪ ،‬ودافع ٌ‬
‫ح‬ ‫ة للجوار ِ‬ ‫شط ٌ‬ ‫ة للوجهِ ‪ ،‬ومن ّ‬ ‫مبّيض ٌ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫ورة ٌ للقل ِ‬ ‫من َ ّ‬
‫و ُ‬
‫صرةٌ‬ ‫ة للظ ّل ْم ِ ‪ ،‬ونا ِ‬ ‫ق ‪ ،‬ودافع ٌ‬ ‫ة للرز ِ‬ ‫س ‪ ،‬وجاِلب ٌ‬ ‫والنْف ِ‬
‫ة للنعمةِ ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وحافظ ٌ‬ ‫شهوا ِ‬‫ط ال ّ‬ ‫ة لخل ِ‬ ‫للمظلوم ‪ ،‬وقامع ٌ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ة للّغم ِ‬ ‫ة للرحمةِ ‪ ،‬وكاشف ٌ‬ ‫منزل ٌ‬ ‫ة للنقمةِ ‪ ،‬و ُ‬ ‫ودافع ٌ‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫مح ٌ‬
‫س ْ‬
‫ة َ‬
‫شريع ٌ‬
‫ب‬ ‫ح العبد المسلم ‪ ،‬ما في الشريعةِ من الّثوا ِ‬ ‫ما ُيفّر ُ‬‫م ّ‬
‫شرِ ‪،‬‬ ‫ت الع ْ‬‫خم ِ ‪ ،‬يتجّلى ذلك في المكّفرا ِ‬ ‫ل والعطاِء الض ْ‬ ‫الجزي ِ‬
‫ت الماحيةِ ‪،‬‬ ‫ب ‪ .‬والحسنا ِ‬ ‫كالتوحيدِ وما يكّفُره من الذنو ِ‬
‫كالصلةِ ‪ ،‬والجمعةِ إلى الجمعةِ ‪ ،‬والعمرةِ إلى العمرةِ ‪،‬‬
‫ل الصالحةِ ‪ .‬وما‬ ‫ج ‪ ،‬والصوم ِ ‪ ،‬ونحو ذلك من العما ِ‬ ‫والح ّ‬
‫ل الصالحةِ ‪ ،‬كالحسنةِ بعشرِ أمثاِلها‬ ‫مضاع ََفةِ العما ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫هناك م ْ‬
‫ب‬‫ج ّ‬‫ةت ُ‬ ‫ف كثيرةٍ ‪ .‬ومنها التوب ُ‬
‫ف إلى أضعا ٍ‬ ‫ضع ٍ‬
‫إلى سبعمائةِ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪226‬‬
‫ب المكّفرة ُ فل‬ ‫ب والخطايا ‪ .‬ومنها المصائ ُ‬ ‫ما قبلها من الذنو ِ‬
‫ن خطاياه ُ ‪ .‬ومنها‬ ‫ه بهِ م ْ‬ ‫ن أذىً إل كّفَر الل ُ‬ ‫ب المؤمن م ْ‬ ‫يصي ُ‬
‫ب ‪ .‬ومنها ما ُيصيُبه من‬ ‫ه بظهْرِ الغي ِ‬ ‫ت المسلمين ل ُ‬ ‫دعوا ُ‬
‫ة المسلمين له وقت‬ ‫ت ‪ .‬ومنها شفاع ُ‬ ‫ب وقت المو ِ‬ ‫الكْر ِ‬
‫ة أرحم‬ ‫ق ‪ ، ‬ورحم ُ‬ ‫ة سّيد الخل ِ‬ ‫الصلةِ عليهِ ‪ .‬ومنها شفاع ُ‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫ه لَ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ ن ِ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ع ّ‬ ‫وِإن ت َ ُ‬ ‫الراحمين تبارك وتعالى ﴿ َ‬
‫ه َ‬ ‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫وَباطِن َ ً‬‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬‫ع َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م نِ َ‬ ‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫صو َ‬‫ح ُ‬
‫تُ ْ‬
‫*****************************************‬
‫ت اْل َ ْ‬
‫عَلى ﴾‬ ‫ك َ‬
‫أن‬ ‫ف إ ِن ّ َ‬ ‫﴿ َل ت َ َ‬
‫خ ْ‬
‫َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ة ثلث مّرا ٍ‬ ‫خيف ً‬ ‫سهِ ِ‬ ‫أوجس موسى في نف ِ‬
‫الولى ‪ :‬عندما دخل ديوان الطاغيةِ فرعون ‪ ،‬فقال ‪﴿ :‬‬
‫ه‪:‬‬‫غى ﴾ ‪ ،‬قال الل ُ‬ ‫و َأن ي َطْ َ‬ ‫َ‬
‫عل َي َْنا أ ْ‬ ‫ط َ‬ ‫فُر َ‬ ‫ف َأن ي َ ْ‬ ‫خا ُ‬‫إ ِن َّنا ن َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َل ت َ َ‬
‫وأَرى ﴾ ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫عك ُ َ‬ ‫م َ‬
‫فا إ ِن ِّني َ‬ ‫خا َ‬ ‫قا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ده ‪ :‬ل‬ ‫ن أن تكون في ذاكرتهِ وفي خل ِ‬ ‫قيقٌ بالمؤم ِ‬ ‫وح ِ‬
‫ف ‪ ،‬إنني أسمعُ وأرى ‪.‬‬ ‫تخ ْ‬
‫صّيهم ‪ ،‬فأْوجس في‬ ‫ع ِ‬ ‫والثانية ‪ :‬عندما ألقى السحرة ُ ِ‬
‫ة موسى ‪.‬‬ ‫سه خِيف ً‬ ‫نف ِ‬
‫عَلى ﴾ ‪.‬‬ ‫ت اْل َ ْ‬ ‫ف إن ّ َ َ‬ ‫فقال الله تعالى ‪َ ﴿ :‬ل ت َ َ‬
‫ك أن َ‬ ‫خ ْ ِ‬
‫ه‪﴿ :‬‬ ‫ن بجنوِده ‪ ،‬فقال له الل ُ‬ ‫ه فرعو ٌ‬ ‫ة ‪ :‬لما أْتبع ُ‬ ‫الثالث ُ‬
‫ي َرّبي‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ﴾ وقال موسى‪﴿ :‬ك َّل إ ِ ّ‬ ‫صا َ‬ ‫ع َ‬ ‫رب ب ّ َ‬ ‫ض ِ‬‫ا ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫َ‬
‫*************************************‬
‫إياك وأربعا ً‬
‫ك المعيشةِ وك َد ََر الخاطرِ وضي ِقَ ال ّ‬
‫صد ْرِ ‪:‬‬ ‫ث ضن ْ َ‬ ‫أربعٌ ُتور ُ‬
‫م الّرضا‬ ‫ط من قضاِء اللهِ وقدِره ‪ ،‬وع َد َ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫الولى ‪ :‬الّتس ّ‬
‫بهِ ‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ة ‪ :‬الوقوعُ في المعاصي بل توبةٍ ﴿ ُ‬ ‫الثاني ُ‬
‫َ‬ ‫د أ َن ْ ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ِ‬
‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪227‬‬
‫م‪،‬‬‫ب النتقام ِ منه ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫س‪،‬و ُ‬ ‫ة ‪ :‬الحقد ُ على النا ِ‬ ‫الثالث ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫دو َ‬ ‫س ُ‬‫ح ُ‬‫م يَ ْ‬‫ن فضِله ﴿ أ ْ‬ ‫هم ْ‬ ‫م الل ُ‬ ‫دهم على ما آتاهُ ُ‬ ‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫و َ‬
‫ه ﴾ ‪ )) ،‬ل راحة‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫عَلى َ‬
‫ما آَتا ُ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا َ‬
‫لحسود ِ (( ‪.‬‬
‫عن‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن ذكرِ اللهِ ﴿ َ‬ ‫ضع ْ‬ ‫ة ‪ :‬العرا ُ‬ ‫الرابع ُ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ري َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ِذك ْ ِ‬
‫******************************************‬

‫اسك ُ ْ‬
‫ن إلى رّبك‬
‫ة العبد ِ في سكوِنه إلى رّبه سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫راح ُ‬
‫ن كتاِبه عّز من‬ ‫ة في مواطن م ْ‬ ‫ه السكين َ‬ ‫وقد ذ َك ََر الل ُ‬
‫عَلى‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫عَلى َر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫كين َت َ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فقال ‪ََ ﴿ :‬أنَز َ‬ ‫قائ ٍ‬
‫َ‬ ‫ة َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م أَنز َ‬ ‫م ﴾ ‪ ﴿ ،‬ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬‫عل َي ْ ِ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫فأنَز َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه‬
‫كين َت َ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫فأنَز َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫عَلى َر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫كين َت َ ُ‬ ‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫خ الجنان‬ ‫ب ‪ ،‬أو رسو ُ‬ ‫ب إلى الّر ّ‬ ‫ت القل ِ‬ ‫ة هي ثبا ُ‬ ‫سكين ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ن الخاطرِ توك ّل ً على القادرِ ‪.‬‬ ‫كو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ة بالرحم ِ‬ ‫ثق ً‬
‫سها‬ ‫س وسكوُنها ‪ ،‬واستئنا ُ‬ ‫عِج النْف ِ‬ ‫ة هدوُء لوا ِ‬ ‫والسكين ُ‬
‫ل‬‫ى بها أه ُ‬ ‫ة من المن ‪ ،‬ي َ ْ َ‬ ‫م تفل ِّتها ‪ ،‬وهي حال ٌ‬ ‫وُر ُ‬
‫حظ َ‬ ‫ِ‬ ‫كوُدها وعد ُ‬
‫ب ‪ ،‬ومهاوي‬ ‫ق الحْيرةِ والضطرا ِ‬ ‫ن مزال ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫ن ‪ُ ،‬تنقذ ُهُ ْ‬ ‫اليما ِ‬
‫ره‬ ‫ط ‪ ،‬وهي بحسب وليةِ العبد ِ لرّبه ‪ ،‬وذك ْ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ك والّتس ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ره لمولهُ ‪ ،‬واستقامِته على أمرهِ ‪ ،‬واّتباِع رسول ِهِ ‪، ‬‬ ‫شك ِ‬ ‫و ُ‬
‫ك أمرهِ ‪،‬‬ ‫قهِ ‪ ،‬وثقِته في مال ِ‬ ‫كه بهد ِْيه ‪ ،‬وحّبه لخال ِ‬ ‫س ِ‬ ‫وتم ّ‬
‫ه‪ ،‬ل يدعو إل الله‪ ،‬ول‬ ‫جر ما عدا ُ‬ ‫م سواهُ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ضع ّ‬ ‫والعرا ِ‬
‫ت‬ ‫ل الّثاب ِ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬‫مُنوا ْ ِبال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ت الل ّ ُ‬ ‫يعبد ُ إل أياهُ ﴿ ي ُث َب ّ ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪228‬‬
‫كلمتان عظيمتان‬
‫ه بهما في المحنةِ‬ ‫م أحمد ‪ :‬كلمتان نفعني الل ُ‬ ‫قال الما ُ‬
‫مرِ ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أحمد ُ‬ ‫ب الخ ْ‬ ‫حبس في شر ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫الولى ‪ :‬لر ُ‬
‫ر‬
‫ت في ْ الخم ِ‬ ‫جل ِد ُ ُ‬ ‫سن ّةِ ‪ ،‬وأنا ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فإنك ُتجلد ُ في ال ّ‬ ‫‪ ،‬اثب ْ‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫كوُنوا ْ ت َأل َ ُ‬ ‫ت ‪ِ ﴿ .‬إن ت َ ُ‬ ‫مرارا ً ‪ ،‬وقد ْ صبْر ُ‬
‫ْ‬
‫ن﴾ ‪﴿،‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل َ ي َْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫وت َْر ُ‬‫ن َ‬ ‫ما ت َأَلمو َ‬ ‫كَ َ‬
‫ن َل‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫فن ّ َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عدَ الل ّ ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫قُنو َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫م أحمد ُ قد ْ‬ ‫ي قال للمام ِ أحمد – والما ُ‬ ‫ة ‪ :‬لعراب ّ‬ ‫الثاني ُ‬
‫ل ‪ :‬يا أحمد ُ ‪ ،‬اصبْر ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أُ‬
‫س ‪ ،‬وهو مقي ّد ٌ بالسلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫الح‬ ‫إلى‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫شُر ُ‬ ‫ن هنا ‪ ﴿ .‬ي ُب َ ّ‬ ‫ل الجنة م ْ‬ ‫خ ُ‬‫ن هنا ‪ ،‬وتد ُ‬ ‫فإّنما ُتقتل م ْ‬
‫م‬ ‫عي ٌ‬ ‫ها ن َ ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت لّ ُ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ض َ‬‫ر ْ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫هم ب َِر ْ‬ ‫َرب ّ ُ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫قي ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫*******************************************‬
‫ب‬
‫د المصائ ِ‬
‫ن فوائ ِ‬
‫م ْ‬
‫دهم ‪ :‬سبحان‬ ‫ن عبوديةِ الدعاِء ‪ ،‬قال أح ُ‬ ‫ج مكنو ِ‬ ‫استخر ُ‬
‫ن الله ابتلى‬ ‫ن استخرج الدعاء بالبلِء ‪ .‬وذك َُروا في الثرِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫م ِ‬
‫ه ‪ .‬يعني‬ ‫ن عباد ِهِ ‪ ،‬وقال لملئكِته ‪ :‬لسمع صوت ُ‬ ‫عبدا ً صالحا ً م ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫حا ِ‬‫‪ :‬بالدعاِء والل ْ‬
‫ن الله يقول ‪﴿ :‬‬ ‫س وغّيها ؛ ل ّ‬ ‫ِ‬ ‫سُر جماِح النف‬ ‫ومنها ‪ :‬ك َ ْ‬
‫َ‬ ‫ن ل َي َطْ َ‬
‫غَنى ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ْ‬ ‫غى}‪ {6‬أن ّرآهُ ا ْ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫نا ِْ‬ ‫ك َّل إ ِ ّ‬
‫ن‬‫ب ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ؤهم للمصا ِ‬ ‫س وحّبهم ودعا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف النا‬ ‫ومنها ‪ :‬عط ُ‬
‫ن ابُتلي ‪.‬‬ ‫الناس يتضامنون ويتعاطفون مع م ُ‬
‫ن أصيب وم ِ‬ ‫ْ‬
‫ن تلك المصيبةِ ‪ ،‬فغنها‬ ‫مم ْ‬ ‫ف ما هو أعظ ُ‬ ‫ومنها ‪ :‬صْر ُ‬
‫ب والخطايا ‪،‬‬ ‫م هي كّفارةٌ للذنو ِ‬ ‫صغيرةٌ بالنسبةِ لكبر منها ‪ ،‬ث ّ‬
‫ة‬
‫ن هذه ثماُر المصيب ِ‬ ‫م العبد ُ أ ّ‬ ‫ة ‪ .‬فإذا ع َل ِ َ‬ ‫وأجٌر عند اللهِ ومثوب ٌ‬
‫فى‬ ‫و ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ط ﴿ إ ِن ّ َ‬ ‫ج وي َْقن ْ‬ ‫أنس بها وارتاح ‪ ،‬ولم ينزع ْ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪229‬‬
‫************************************‬
‫شفاءٌ ‪:‬‬
‫هدى و ِ‬
‫العلم ُ‬
‫ن فوائدِ‬ ‫نم ْ‬ ‫مداواة النفوس ( أ ّ‬ ‫ن حزم ٍ في ) ُ‬ ‫ذ َك ََر اب ُ‬
‫س ‪ ،‬وطْرد َ الهموم ِ والغموم ِ‬ ‫س عن الن ّْف ِ‬ ‫ي الوسوا ِ‬ ‫العلم ِ ‪ :‬ن َْف َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫والحزا ِ‬
‫ب العِْلم وشغف به‬ ‫ن أح ّ‬‫ة لم ْ‬ ‫ص ً‬
‫ح خا ّ‬‫م صحي ٌ‬ ‫وهذا كل ٌ‬
‫ه ‪ ،‬وعمل به وظهر عليه نْفُعه وأثُره ‪.‬‬ ‫وزاول ُ‬
‫ظ‬‫ت للحْف ِ‬ ‫ب العلم ِ أن يوّزع وقته ‪ ،‬فوق ٌ‬ ‫فعلى طال ِ‬
‫ت‬ ‫مةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫ت للمطالعةِ العا ّ‬ ‫والتكرارِ والعادةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬
‫ل والتدب ّرِ ‪.‬‬‫م ِ‬‫ت للتأ ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫مِع والّترتي ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ت لل َ‬ ‫ط ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫للستنبا ِ‬
‫جُله في‬ ‫جل ً رِ ْ‬‫نر ُ‬‫فك ُ ْ‬ ‫مت ِهِ في‬ ‫ة هِ ّ‬‫وهام ُ‬
‫الّثرى‬
‫*******************************************‬ ‫الّثرّيا‬
‫عسى أن يكون خيرا ً‬
‫ج في الفرج ( ‪ :‬ذ َك ََر م ْ‬
‫ن‬ ‫ب بعنوان ) الر ُ‬ ‫للسيوطي كتا ٌ‬
‫ب كثيرة ٌ في‬ ‫حا ّ‬‫ن الم َ‬ ‫دنا أ ّ‬
‫عه ُيفي ُ‬
‫ل العلم ِ ما مجمو ُ‬ ‫كلم ِ أه ِ‬
‫ن المصائب ُتسفُر عن عجائب وعن رغائب ل‬ ‫المكارهِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫فها وانجلِئها ‪.‬‬ ‫ش ِ‬‫كها العبد ُ ‪ ،‬إل بعد تك ّ‬ ‫ُيدر ُ‬
‫مُرك ما يدري‬ ‫لعَ ْ‬ ‫م‬‫دهرِ أ ْ‬ ‫نوائب هذا ال ّ‬
‫ما‬‫تقي‬ ‫الفتى كيف ي‬
‫الشيء ّ م ّ‬ ‫يرى‬ ‫حذُر‬
‫قي‬ ‫مماي ي ْ ِ‬ ‫وما ل يرىكيف‬
‫فه‬ ‫ُ‬ ‫فيخا‬ ‫تقى‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫الله أ َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫******************************************‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ة رّبانّية‬
‫السعادةُ موهب ٌ‬
‫س يجلسون على‬ ‫ن يكون هناك نفٌر من النا ِ‬ ‫ليس عجبا ً أ ْ‬
‫دهم إل ما يكفي يومه‬ ‫ل ل يجد ُ اح ُ‬ ‫ما ٌ‬
‫الرصفةِ ‪ ،‬وهم ع ُ ّ‬
‫ة‬
‫رح ٌ‬‫وليلته ‪ ،‬ومع ذلك يبتسمون للحياةِ ‪ ،‬صدوُرهم منش ِ‬
‫ة ‪ ،‬وما ذلك إل لّنهم‬ ‫ة ‪ ،‬وقلوُبهم مطمئن ّ ٌ‬ ‫مهم قوي ٌ‬ ‫وأجسا ُ‬
‫م ‪ ،‬ولم يشتغلوا بتذك ّرِ الماضي‬ ‫ن الحياة إنما هي اليو ُ‬ ‫ع ََرفوا أ ّ‬
‫وا أعمارهم في أعماِلهم ‪.‬‬ ‫ل وإنما أفن ْ‬ ‫ول بالمستقب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪230‬‬
‫وما ُأبالي إذا نفسي‬ ‫ن قد ْ‬ ‫على الّنجاةِ بم ْ‬
‫دور‬ ‫عني‬ ‫تطاو ُ‬ ‫وقار عاش أو هلكا‬
‫س يسكنون القصور وال ّ‬ ‫ن بين هؤلء وبين أنا ٍ‬ ‫ِ ْ‬
‫م ب َُقوا في فراٍغ وهواجس ووساوس ‪،‬‬ ‫الفاخرة ‪ ،‬ولكّنه ْ‬
‫ب‪.‬‬‫ل مذه ِ‬ ‫م ‪ ،‬وذهب بهم ك ّ‬ ‫م اله ّ‬
‫فشتتهُ ُ‬
‫دنيا‬
‫ه ذي ال ّ‬ ‫لحا الل ُ‬ ‫م فيها‬ ‫ل بعيدٍ اله ّ‬‫فك ُ ّ‬
‫ب‬‫مناخا ً لراك ِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫********************************************‬‫معذ ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫*‬
‫الذّك ُْر الجمي ُ‬
‫ل عمٌر طوي ٌ‬
‫ل‬
‫ن ‪ ،‬وهو‬ ‫ه عمٌر ثا ٍ‬ ‫ن يكون ل ُ‬ ‫ن سعاِدة العبد ِ المسلم ِ أ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن رخيصا ً ‪ ،‬ول ْ‬
‫م‬ ‫كر الحس َ‬ ‫ن وجد الذ ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وعجبا ً لم ْ‬ ‫الذ ّك ُْر الحس ُ‬
‫هه وسعِيه وعمِله ‪.‬‬ ‫يشترِهِ بماِله وجا ِ‬
‫ن رّبه‬ ‫م طلب م ْ‬ ‫ن إبراهيم عليهِ السل ُ‬ ‫وقد ْ سبق معنا أ ّ‬
‫ن ‪ ،‬والدعاُء له ‪.‬‬ ‫رين ‪ ،‬وهو ‪ :‬الّثناُء الحس ُ‬ ‫ق في الخ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لسان صد ْ‬
‫ن‬ ‫س خّلدوا ثناءً حسنا ً في العالم ِ ب ُ‬ ‫ُ‬
‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت لنا ٍ‬ ‫وعجب ْ ُ‬
‫ن‬‫رم ب ِ‬ ‫مَر سأل أبناء ه ِ‬ ‫صنيعِهم وبكرمِهم وبذ ِْلهم ‪ ،‬حتى إ ّ‬
‫ن عُ َ‬
‫حنا‬ ‫مد َ َ‬ ‫م زهيٌر ‪ ،‬وماذا أعطيُتموه ُ ؟ قالوا ‪َ :‬‬ ‫ن ‪ :‬ماذا أعطاك ْ‬ ‫سنا ٍ‬
‫‪ ،‬وأعطيناهُ مال ً ‪ .‬قال عمُر ‪ :‬ذهب واللهِ ما أعطيتموهُ ‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫وبقي ما أعطاك ْ‬
‫دهرِ ‪.‬‬ ‫م أبد ال ّ‬ ‫ح بقي له ْ‬ ‫يعني ‪ :‬الثناُء والمدي ُ‬
‫ن‬ ‫أولى البرِي ّةِ ط ُّرا أ ْ‬ ‫سرورِ الذي‬ ‫عند ال ّ‬
‫ه‬
‫سي ُ‬
‫ما‬ ‫إن الكرامُتواإذا ِ‬ ‫ن‬
‫الحز ِ‬
‫في‬ ‫فيُفهم‬ ‫واساك يأل‬
‫ن كان‬ ‫م ْ‬
‫روا‬ ‫ذك‬ ‫لوا‬‫ُ‬ ‫س‬ ‫ُ‬
‫أر‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫******************************************‬ ‫ل الخش ِ‬ ‫المنز ِ‬
‫ت المراثي‬ ‫مها‬ ‫أُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ت فيهم ‪:‬‬ ‫ن ِقيل ْ‬
‫تم ْ‬ ‫ث قصائد خّلد ْ‬ ‫هناك ثل ُ‬
‫ضد ُ الدولةِ ‪ ،‬فرثاه ُ أبو‬
‫ه عَ ُ‬
‫ن بقّية الوزيُر الشهيُر ‪ ،‬قتل ُ‬
‫اب ُ‬
‫ن النباريّ بقصيدِته الرائعةِ العامرةِ ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫الحس ِ‬
‫عُل ُوّ في الحياةِ وفي‬ ‫لحقّ ت ِْلك إحدى‬
‫ت‬‫المما ِ‬ ‫ت‬
‫معجزا ِ‬
‫ال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪231‬‬
‫ولك‬ ‫ن الناس ح ْ‬ ‫كأ ّ‬ ‫وفود ُ نداك أيام‬
‫ف فيهم‬ ‫واقِ ٌ‬ ‫قاموا‬ ‫حينكأّنك‬ ‫ت‬‫قيام ِا ً‬ ‫صل‬ ‫فوا ِّ‬ ‫م وق ُ ال‬ ‫وه ْ‬
‫خطيبا ً‬ ‫ة‬
‫يك‬ ‫مددت يد ْ‬ ‫مِ‬ ‫صل ْ‬ ‫إليه‬‫دهمالل ّ‬ ‫كم ّ‬
‫نءً‬ ‫اختفا ُ‬ ‫ضاق بط‬ ‫مو‬ ‫نحوه ُ‬‫ولما‬ ‫ت‬
‫تلك‬ ‫فيهِهبا ِ‬ ‫ُيواروا بال‬
‫قبرك‬ ‫ن‬‫نأ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫الجوّ‬ ‫ض‬‫الر ِ‬ ‫أصاروا‬ ‫ت‬
‫صوت‬ ‫اليومك ُْرما ِ‬ ‫عليك الم‬
‫واستعاضوا‬
‫ل‬ ‫ة فأقو ُ‬ ‫وما لك ُترب ٌ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫طْ ِِ‬ ‫ئحا‬ ‫صبّنا ِه‬ ‫لّنك ن ُ ْ ال‬
‫تسقى‬
‫ن‬ ‫عليك تحّية ُ‬ ‫ت‬
‫الفؤا ِدِ‬ ‫طل‬ ‫الها ِ‬
‫الرحم ِ‬ ‫ك‬‫بتبري ِ‬
‫ترى‬
‫مك ْفي‬ ‫ِلعظ ْ ِ ت‬ ‫ظ‬ ‫ت‬ ‫فا ِ ٍ‬ ‫ئحا‬ ‫ح ّ‬ ‫را ُِ‬ ‫سال ّو‬‫حرا ٍ‬ ‫ب ُ‬
‫ترعى‬
‫ن‬ ‫النيرا ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫حولك ُ‬ ‫س تبا‬ ‫فود ُ ِ‬‫وال ُن ّ ُ‬
‫توق‬ ‫ت‬
‫أيام‬ ‫كنتثقا ِ‬ ‫كذلك ُ‬
‫ه‬
‫ل هذ ِ‬ ‫ومال ًأن ْب َ َ‬ ‫ت ‪ ،‬لي‬ ‫ة وما أجمل البيا ِ‬ ‫الحيا‪ِ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ما أجمل العبارا ِ‬
‫جملها من‬ ‫مُثل ‪ ،‬وما أضخم هذهِ المعاني ‪ .‬الله ما أ ْ‬ ‫ال ُ‬
‫أوسمةٍ ‪ ،‬وما أحسنها من ِتيجان !!‬
‫ت‬ ‫ه ‪ ،‬دمع ْ‬ ‫ما سمع هذه البيات عضد ُ الدولة الذي قتل ُ‬ ‫ل ّ‬
‫ي‪.‬‬‫تف ّ‬ ‫ت ‪ ،‬وقِيل ْ‬ ‫صل ِب ْ َ‬
‫تو ُ‬ ‫ت واللهِ أنني ُقتل ُ‬ ‫عيناه وقال ‪ :‬ودد ُ‬
‫ل‬‫ل اللهِ ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫ي في سبي ِ‬ ‫ن حميد ٍ الطوس ّ‬ ‫ل محمد ُ ب ُ‬ ‫وُيقت ُ‬
‫أبو تمام يرثيه ‪:‬‬
‫ب‬ ‫ل الخط ُ‬ ‫كذا فليج ّ‬ ‫ض‬ ‫ف ْ‬ ‫ن لم ي ِ‬ ‫فلْيس ل ِعَي ْ ٍ‬
‫ر‬
‫بعد‬‫لالم ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ولي َْفد ِ‬
‫الما‬ ‫ت‬‫ُتوّفي ِ‬ ‫عنر‬ ‫ل ع ُذ ْ ُ‬ ‫ماؤها ٍ‬
‫شغ‬ ‫وأصبح في ُ‬
‫مرادًٍ‬ ‫م‬
‫مح ْ ّ‬ ‫ح‬
‫ترد ّ ثياب الموت ُ‬ ‫ن‬‫سف ُْر‬ ‫وهي ّم‬ ‫سفرِ ال‬ ‫لال ّ‬
‫إل‬ ‫لها اللي ُ‬
‫معها‬ ‫جى ِ‬ ‫فس‬ ‫فما ‪،‬د َ َ‬ ‫في تلك القصيدةِ الماِتعةِ‬ ‫ضُر‬ ‫قال ْ‬ ‫خ‬ ‫س ُ‬ ‫سرِن ْد ُما ٍ‬ ‫إلى آخ ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت فيه هذهِ البيا ُ‬ ‫م ‪ ،‬وقال ‪ :‬ما مات من ِقيل ْ‬ ‫المعتص ُ‬
‫ً‬
‫ن مسلم ٍ القائدِ‬ ‫ت كريما آخر في سللةِ ُقتيبة ب ِ‬ ‫ورأي ُ‬
‫ه ‪ ،‬وواسى المنكوبين ‪،‬‬ ‫م بذل ماله وجاه ُ‬ ‫الشهيرِ ‪ ،‬هذا الكري ُ‬
‫ووقف مع المصابين وأعطى المساكين ‪ ،‬وأطعم الجائعين ‪،‬‬
‫ما مات ‪ ،‬قال أحد ُ الشعراء ‪:‬‬ ‫وكان ملذا ً للخائفين ‪ ،‬فل ّ‬
‫ن سعيدٍ حين لم‬ ‫مضى اب ُ‬ ‫ه‬
‫ه في ِ‬ ‫ب غل ّ ل ُ‬ ‫ول مغرِ ٌ‬
‫ق‬
‫أدريرِ ٌ‬
‫ما‬ ‫يبق مش‬ ‫ت‬‫وما كن ُ‬ ‫ح‬
‫ه‬‫مادت ْ ُ ُ‬‫س حتى غّيب‬ ‫على النا ِ‬
‫ه‬
‫ل كّف ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫فوا ِ‬ ‫ح‬ ‫صفائ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪232‬‬
‫من‬ ‫وأصبح في لحد ٍ ِ‬ ‫ق‬
‫ضي ُ‬ ‫ت به حي ّا ً ت ِ‬ ‫وكان ْ‬
‫ق‬
‫ت‬‫فاضي ّ ْ ٍ‬
‫ضض‬ ‫الرما ِ‬ ‫سأبكيك‬ ‫ح‬
‫ن‬‫صحاص ُّ‬ ‫مني ّما ت ِ‬
‫ج‬ ‫سُبك ال‬ ‫فح ْ‬
‫ل‬‫ضّ‬ ‫نِف ج ْ‬ ‫وإ ت ْ‬ ‫ن‬
‫فإ ْ‬ ‫دموعيرْزٍء‬
‫ن ُ‬ ‫م ْ‬
‫فما أنا ِ‬ ‫ح‬
‫تك‬ ‫الجوا ِب ِ ُ‬
‫ول بسرورٍ بعد مو‬
‫ي جازِعٌ‬
‫سواك‬ ‫تح ّ‬ ‫ن لم ُيم ْ‬ ‫كأ ْ‬ ‫عليك‬ ‫ح‬‫على أحدٍ إل فارِ ُ‬
‫فيك‬ ‫م‬‫ت تُق ْ‬ ‫ولم‬
‫ظم ْ‬ ‫نع ُ‬ ‫لئ ْ‬ ‫ل‬‫ح‬ ‫قبئ ِ ُ‬ ‫نّنوا‬‫مال ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫لقد عظم ْ‬
‫جل‬ ‫رها ّ‬ ‫ويس‬ ‫وذك ْ ُ‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫المراثيْ‬
‫م‬
‫ب أميرِ ِ‬ ‫حتاريخ الخصي ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫المدائ‬
‫نواس يكت ُ‬ ‫وهذا أبو فيك‬
‫ل‪:‬‬‫ن اسمه فيقو ُ‬ ‫في دفترِ الزما ِ‬
‫إذا لم تُزْر أرض‬ ‫ن تزوُر‬ ‫فأيّ بلدٍ بعده ّ‬
‫بنا‬
‫ول‬ ‫ركا ُ‬ ‫بجود ٌ‬ ‫الخصيهُ ِ‬
‫فما جاز‬ ‫ن يسيُر الجود ُ‬ ‫ولك ْ‬
‫دونه‬
‫سن‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫يشتري ّ‬
‫ح‬ ‫ى‬ ‫يسي ُِر‬ ‫ثّ‬
‫نحيال ُ‬
‫فت ً‬ ‫ت‬ ‫دائرا‬ ‫مأ ّ‬‫ويعل ُ‬
‫مه إل‬ ‫أيا ِ‬ ‫بماِله‬ ‫ن‬ ‫تدوُرن حياةِ الخصي ِ الّثناِء‬ ‫ثم ل يذك ُُر النا ُ‬
‫ب ‪ ،‬ول م ْ‬ ‫سم ْ‬
‫هذهِ البيات ‪.‬‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫ة‬
‫وقفــــــ ٌ‬
‫ل به بيننا‬ ‫حو ُ‬ ‫ن خشيِتك ما ت ُ‬ ‫م ْ‬‫م لنا ِ‬ ‫قس ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫))الله ّ‬
‫غنا به جّنتك ‪،‬‬ ‫ن طاعِتك ما ُتبل ُ ُ‬ ‫وبين معاصيك ‪ ،‬وم ْ‬
‫ن به علينا مصائب الدنيا ‪،‬‬ ‫و ُ‬‫ن ما ُته ّ‬ ‫ومن اليقي ِ‬
‫حيْيتنا ‪،‬‬ ‫وِتنا ما أ ْ‬ ‫رنا وق ّ‬ ‫عنا وأبصا ِ‬ ‫عنا بأسما ِ‬ ‫ومت ّ ْ‬
‫منا ‪،‬‬‫ن ظَل َ َ‬ ‫ل ثأرنا على م ْ‬ ‫رث منا ‪ ،‬واجع ْ‬ ‫جعْله الوا ِ‬ ‫وا ْ‬
‫ل مصيبتنا في‬ ‫ن عادانا ‪ ،‬ول تجع ْ‬ ‫صْرنا على م ْ‬ ‫وان ُ‬
‫عل ْ ِ‬
‫منا ‪،‬‬ ‫دنيا أكبر همنا ‪ ،‬ول مبلغ ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫دينِنا ‪ ،‬ول تجع ِ‬
‫منا (( ‪.‬‬ ‫ن ل يرح ُ‬ ‫ط علينا بذنوبنا م ْ‬ ‫ول ت ُسل ّ ْ‬
‫ن مقلة ‪:‬‬ ‫يب ُ‬ ‫قال عل ّ‬
‫ت على‬ ‫إذا اشتمل ْ‬ ‫صدُر‬ ‫وضاق لما بهِ ال ّ‬
‫بهُ‬ ‫ت القلو‬
‫المكار ُ‬ ‫س‬
‫وطن ِ‬‫وأ ْاليأ‬ ‫ب‬
‫نها‬‫رحي ِ ُ‬‫أماك‬ ‫ت فيال ّ‬ ‫وأرس ْ‬
‫ت‬
‫ف‬ ‫لنكشان ّ ْ ِ‬
‫ولم تر واطمأ‬ ‫ب‬
‫ه‬ ‫الخطو‬
‫حيلت ِ ُ ِ‬ ‫ول أغنى ب ِ‬
‫ضّروجها ً‬ ‫ال ّ‬ ‫ب‬ ‫الري ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪233‬‬
‫طك‬ ‫أتاك على قُُنو ِ‬ ‫ب‬ ‫ن به القري ُ‬ ‫م ّ‬
‫ي ُ‬
‫ث‬‫تغَوْ ٌ‬
‫وإن‬ ‫ه ِ‬ ‫من‬
‫الحادثا ُ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫مستجي ِ‬
‫فر ُ ٌ‬
‫ج‬ ‫فموصوال ٌ‬
‫ل ُ بها‬
‫ت‬‫تناه ْ‬ ‫ب‬
‫قري ُ‬
‫****************************************‬
‫م‬
‫ض ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ب ل يظْل ِ ُ‬
‫م ول ي َ ْ‬ ‫ر ّ‬
‫ن تسكن إلى موعودِ‬ ‫ن تهدأ وأ ْ‬ ‫سعَد َ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫أل يحقّ لك أ ْ‬
‫منصفا ً ‪،‬‬ ‫ن في السماء رب ّا ً عادل ً ‪ ،‬وحكما ً ُ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬إذا علمت أ ّ‬
‫ب ‪ ،‬وأدخل امرأة ً النار في هِّرة ‪.‬‬ ‫أدخل امرأة ُ الجنة في كل ٍ‬
‫ت كلبا ً على‬ ‫ن بني إسرائيل ‪ ،‬سق ْ‬ ‫يم ْ‬ ‫فتلك امرأةٌ بغ ّ‬
‫ن‬ ‫ما قام في قلِبها م ْ‬ ‫ه لها وأدخلها الجنة ‪ ،‬ل ِ‬ ‫ظمأ ٍ ‪ ،‬فغفر الل ُ‬
‫ل للهِ ‪.‬‬ ‫ص العم ِ‬ ‫إخل ِ‬
‫غرفةٍ ‪ ،‬ل هي أطعمْتها ‪ ،‬ول‬ ‫ة في ُ‬ ‫وهذهِ حبست قط ّ ً‬
‫ه‬
‫ض ‪ ،‬فأدخلها الل ُ‬ ‫ش الر ِ‬ ‫ن خشا ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫سقْتها ‪ ،‬ول تركْتها تأك ُ‬
‫النار ‪.‬‬
‫م أنه سبحانه وتعالى‬ ‫ث تعل ُ‬ ‫ج صدرك بحي ُ‬ ‫فهذا ينفُعك وُيثل ُ‬
‫ئ‬ ‫ل الصغيرِ ‪ ،‬وُيكاف ُ‬ ‫ب على العم ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وُيثي ُ‬ ‫يجزي على القلي ِ‬
‫عبدهُ على الحقيرِ ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬أعلها‬ ‫صل ً‬ ‫وعند البخاريّ مرفوعا ً ‪ )) :‬أربعون خ ْ‬
‫ة منها رجاء‬ ‫ل بخصل ٍ‬ ‫ل يعم ُ‬ ‫ز ما من عام ٍ‬ ‫ة العن ِ‬ ‫مِنح ُ‬
‫ه الجنة (( ﴿‬ ‫موعوِدها وتصديق ثواِبها إل أدخله الل ُ‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه}‪َ {7‬‬ ‫خْيرا ً ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬‫من ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫ن‬ ‫هب ْ َ‬ ‫ت ي ُذْ ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ح َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫شّرا ً ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬‫ِ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫سـي َّئا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ط محروما ً ‪ ،‬وانصْر مظلوما ً ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬وأع ِ‬ ‫ن مكرو ٍ‬ ‫جع ْ‬ ‫فّر ْ‬
‫ق ظامئا ً ‪ ،‬وع ُد ْ مريضا ً ‪ ،‬وشّيع جنازةً ‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫م جائعا ً ‪ ،‬وا ْ‬ ‫وأطع ْ‬
‫شد ْ تاِئها ً ‪ ،‬وأكرم ضيفا ً ‪ ،‬وب ِّر‬ ‫ُ‬
‫س مصابا ً ‪ ،‬وقُد ْ أ ْ‬
‫عمى ‪ ،‬وأر ِ‬ ‫ووا ِ‬
‫ل طعامك ‪،‬‬ ‫م صغيرا ً ‪ ،‬وابذ ُ ْ‬ ‫م كبيرا ً ‪ ،‬وارح ْ‬ ‫جارا ً ‪ ،‬واحتر ْ‬
‫ة‬‫ف أذاك ‪ ،‬فإنه صدق ٌ‬ ‫ن لفظك ‪ ،‬وك ُ ّ‬ ‫س ْ‬ ‫مك ‪ ،‬وأح ِ‬ ‫وتصد ّقْ بدِْره ِ‬
‫لك ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪234‬‬
‫ن‬ ‫ت السامية ‪ ،‬م ْ‬ ‫ن هذه المعاني الجميلة ‪ ،‬والصفا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫م‬
‫ب السعادة ‪ ،‬وانشراح الصدرِ ‪ ،‬وطرد َ اله ّ‬ ‫أعظم ِ ما يجل ُ‬
‫م والقلق والحزن ‪.‬‬ ‫والغ ّ‬
‫ن‬‫س َ‬ ‫ل ‪ ،‬لو كان رجل ً لكان َ‬
‫ح َ‬ ‫ق الجمي ِ‬ ‫لله دِّر ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫ن الذك ْرِ ‪ ،‬با ِ‬
‫سم الوجهِ ‪.‬‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬‫شارةِ ‪ ،‬طّيب الرائحةِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫********************************************‬
‫سك‬ ‫ب تأريخك َبن ْ‬
‫ف ِ‬ ‫اكت ْ‬
‫ت جالسا ً في الحَرم ِ في شد ّةِ الحّر ‪ ،‬قبل صلةِ‬ ‫كن ُ‬
‫شُر على‬ ‫خ كبيٌر ‪ ،‬وأخذ ُيبا ِ‬ ‫ل شي ٌ‬ ‫الظهرِ بساعةٍ ‪ ،‬فقام رج ٌ‬
‫س بالماِء الباردِ ‪ ،‬فيأخذ ُ بيدهِ الُيمنى كوبا ً ‪ ،‬وفي الُيسرى‬ ‫النا ِ‬
‫ب ‪ ،‬عاد‬ ‫ن ماِء زمزم ‪ ،‬فكّلما شرب شار ٌ‬ ‫مم ْ‬ ‫كوبا ً ‪ ،‬ويسقيه ُ‬
‫ب‬ ‫س ‪ ،‬وعََرُقه يتصب ّ ُ‬ ‫ً‬
‫فأسقى جارهُ ‪ ،‬حتى أسقى ِفئاما من النا ِ‬
‫خ‬ ‫ن يد ِ هذه الشي ِ‬ ‫ل ينتظُر دوره ليشرب م ْ‬ ‫سك ّ‬ ‫س جلو ٌ‬ ‫‪ ،‬والنا ُ‬
‫ن حّبه للخيرِ ‪ ،‬ومن‬ ‫ن صبرِهِ وم ْ‬ ‫ن جلد ِهِ وم ْ‬ ‫تم ْ‬ ‫الكبيرِ ‪ ،‬فعجب ُ‬
‫ن الخير‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ‪ ،‬وعلم ُ‬ ‫س ُ‬‫س وهو يتب ّ‬ ‫إعطاِئه هذا الماَء للنا ِ‬
‫ل‬ ‫سهْ ٌ‬ ‫ل الجمِيل َ‬ ‫ن فِعْ َ‬
‫ه عليه ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن يسّره الل ُ‬ ‫يسيٌر على م ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ت من الحسا ِ‬ ‫ن للهِ اّدخارا ٍ‬ ‫ه اللهُ عليه ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن سّهل ُ‬ ‫على م ْ‬
‫ه ُيجري الفضائل ولو‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ن عبادهِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن يشاُء م ْ‬ ‫حها م ْ‬ ‫يمن ُ‬
‫س خيّرين ‪ ،‬يحّبون الخْير لعباد ِ اللهِ ‪،‬‬ ‫ة على يدِ أنا ٍ‬ ‫ت قليل ً‬ ‫كان ْ‬
‫شّر لهم ‪.‬‬ ‫ويكرهون ال ّ‬
‫ة‬‫ض نفسه للخطرِ في الهجرةِ ‪ ،‬حماي ً‬ ‫أبو بكر يعّر ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫للرسو ِ‬
‫م جائعا ً ‪ ،‬ليشبع ضيوفه ‪.‬‬ ‫م ينا ُ‬ ‫وحات ُ‬
‫ش المسلمين ‪.‬‬ ‫وأبو عبيدة يسهُر على راحةِ جي ِ‬
‫م‪.‬‬ ‫س نيا ٌ‬ ‫ف المدينة والنا ُ‬ ‫وعمُر يطو ُ‬
‫ويتلوى من الجوِع عام الّرمادة ‪ ،‬لُيطعم الناس ‪.‬‬
‫حد ٍ ‪ ،‬ليقي رسول اللهِ ‪‬‬ ‫ُ‬
‫وأبو طلحة يتلقى السهام في أ ُ‬
‫‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫س بالطعام ِ وهو صائ ٌ‬ ‫شُر على النا ِ‬ ‫ك ُيبا ِ‬ ‫ن المبار ِ‬ ‫واب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪235‬‬
‫ذهبوا يرون الذكر‬ ‫دون الثناء‬‫ومضوا يع ّ‬
‫ثانيا‬ ‫سا ً‬
‫عمر‬
‫وي َِتيما ً‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫كين‬‫ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫عَلى ُ‬
‫حب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫خلودا َ‬
‫عا َ‬ ‫ن الطّ‬‫مو َ‬ ‫وي ُطْ ِ‬
‫ع ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫سيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫********************************************‬
‫ه‬
‫ت لكلم ِ الل ِ‬
‫ص ْ‬
‫أن ْ ِ‬
‫ة‬
‫ممتع ً‬ ‫ب رّبك ‪ ،‬تلوة ً ُ‬ ‫ت إلى كتا ِ‬ ‫دئ أعصابك بالنصا ِ‬ ‫ه ّ‬
‫ن‬ ‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫ئ مجوّدٍ َ‬ ‫ن قار ٍ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬تسمُعها م ْ‬ ‫ن كتا ِ‬ ‫ة مؤّثرةً م ْ‬ ‫حسن ً‬
‫ل ‪ ،‬وُتضفي على‬ ‫ن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ت ‪ ،‬تصُلك على رضوا ِ‬ ‫الصو ِ‬
‫سك السكينة ‪ ،‬وعلى قلِبك يقينا ً وبردا ً وسلما ً ‪.‬‬ ‫نف ِ‬
‫ن غيرِهِ ‪ ،‬وكان ‪ ‬يتأث ُّر‬ ‫ن يسمع القرآن م ْ‬ ‫بأ ْ‬ ‫كان ‪ ‬يح ّ‬
‫ن‬ ‫ن أصحاِبه أ ْ‬ ‫بم ْ‬ ‫ن سواهُ ‪ ،‬وكان يطل ُ ُ‬ ‫إذا سمع القرآن م ْ‬
‫س‪‬‬ ‫ُ‬
‫ن هو ‪ ،‬فيستأن ُ‬ ‫يقرؤوا عليهِ ‪ ،‬وقد أنزل عليهِ القرآ ُ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ويخشعُ ويرتا ُ‬
‫ت من‬ ‫ن يكون لك دقائقُ ‪ ،‬أو وق ٌ‬ ‫ن لك فيهِ أسوةً أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫جل ً ‪ ،‬لتستمع إلى‬ ‫ح فيهِ المذياع أو مس ّ‬ ‫ل ‪ ،‬تفت ُ‬ ‫اليوم ِ أو اللي ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ئ الذي يعجُبك ‪ ،‬وهو يتلو كلم اللهِ عّز وج ّ‬ ‫القار ِ‬
‫س ‪ ،‬وتشويش الخرين ‪،‬‬ ‫جة الحياةِ وبلبلة النا ِ‬ ‫نض ّ‬ ‫إ ّ‬
‫رك ‪ .‬وليس لك‬ ‫ت خاط ِ‬ ‫جك ‪ ،‬وهد ّ ُقواك ‪ ،‬وبتشتي ِ‬ ‫ل بإزعا ِ‬ ‫كفي ٌ‬
‫ب رّبك وفي ذكرِ مولك ‪﴿ :‬‬ ‫ة ‪ ،‬إل ّ في كتا ِ‬ ‫ة ول طمأنين ٌ‬ ‫سكين ٌ‬
‫قُلوبهم بذك ْر الل ّ َ‬
‫ه‬‫ر الل ّ ِ‬ ‫ذك ْ ِ‬
‫ه أل َ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫وت َطْ َ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ت َطْ َ‬
‫ن سورةِ النساِء ‪،‬‬ ‫يأمُر ‪ ‬ابن مسعود ٍ ‪ ،‬فيقرأ عليه م ْ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ده ‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫عه على خ ّ‬ ‫فيبكي ‪ ‬حتى تنهمر دمو ُ‬
‫سُبك الن (( ‪.‬‬ ‫)) ح ْ‬
‫ويمّر بأبي موسى الشعريّ ‪ ،‬وهو يقرأ ُ في المسجدِ ‪،‬‬
‫ل له في الصباِح ‪ )) :‬لو رأيتني البارحة‬ ‫ه ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫تل ُ‬ ‫فُينص ُ‬
‫م يا‬ ‫ع لقراءِتك (( ‪ ،‬قال أبو موسى ‪ :‬لو أعل ُ‬ ‫وأنا أستم ُ‬
‫ه لك تحبيرا ً ‪.‬‬ ‫رسول الله أنك تستمعُ لي ‪ ،‬لحب ّْرت ُ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪236‬‬
‫ن وراِء‬ ‫عند ابن أبي حاتم يمّر ‪ ‬بعجوزٍ ‪ ،‬فُينصت إليها م ْ‬
‫دها‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬تعي ُ‬ ‫شي َ ِ‬ ‫غا ِ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ل أ ََتا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫بابها ‪ ،‬وهي تقرأ ُ ﴿ َ‬
‫ل ‪ )) :‬نعم أتاني ‪ ،‬نعم أتاني (( ‪.‬‬ ‫وتكّرُرها ‪ ،‬فيقو ُ‬
‫ت طلوة ً ‪.‬‬ ‫ن للستماِع حلوة ً ‪ ،‬وللنصا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ب اللمعين المسلمين سافر إلى أوربا ‪ ،‬فأبحر‬ ‫كتا ّ ِ‬ ‫أحد ُ ال ُ‬
‫ة‬‫ن يوغسلفيا ‪ ،‬شيوعي ّ ٌ‬ ‫ت معه امرأةٌ م ْ‬ ‫في سفينةٍ ‪ ،‬وركب ُ‬
‫ن قهرِ تيتو ‪ ،‬فأدركْته صلة ُ الجمعةِ مع‬ ‫ظلم ٍ وم ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫تم ْ‬ ‫فّر ْ‬
‫م وقرأ سورة العلى‬ ‫زملِئه ‪ ،‬فقام فخطبهم ‪ ،‬ثم صّلى به ْ‬
‫ت إلى‬ ‫ت ُتنص ُ‬ ‫ت المرأةُ ل تجيد ُ العربية ‪ ،‬كان ْ‬ ‫والغاشية ‪ ،‬وكان ِ‬
‫ت هذا‬ ‫س وإلى الّنغمةِ ‪ ،‬وبعد الصلةِ سأل ْ‬ ‫الكلم وإلى الجْر ِ‬
‫جل‬ ‫ت ؟ فأخبرها أنها من كلم ِ اللهِ عّز و ّ‬ ‫الكاتب عن هذهِ اليا ِ‬
‫عوها‬ ‫ة ‪ ،‬قال ‪ :‬ولم تمكّني لغتي لد ُ‬ ‫ة مذهول ً‬ ‫ت مدهوش ً‬ ‫‪ ،‬فبقي ْ‬
‫عَلى‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫لن ُ‬ ‫ت ْا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫جت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫قل لئ ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫إلى السلم ِ ‪ُ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َأن يأ ْ‬
‫كا َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫تو‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫ْ ِ‬ ‫رآ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذا‬ ‫هـ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫تو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ضظ ِ‬
‫َ‬
‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫ة على الرواِح ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬وهيب ٌ‬ ‫ن سلطانا ً على القلو ِ‬ ‫ن للقرآ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫س‪.‬‬
‫ة على النفو ِ‬ ‫وقوةً مؤّثرةً فاعل ً‬
‫دمين‬ ‫ف الخبارِ ‪ ،‬ومن المتق ّ‬ ‫س من السل ِ‬ ‫ت لنا ٍ‬ ‫عجب ُ‬
‫ة‬
‫دوا أمام تأثيرِ القرآن ‪،‬وأمام إيقاعاِته الهائل ِ‬ ‫البرار‪ ،‬انه ّ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫جب َ ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و أنَزل َْنا َ‬ ‫الصادقةِ النافذةِ ‪ ﴿ :‬ل َ ْ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫شي َ ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫دعا ً ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫مت َ َ‬ ‫شعا ً ّ‬ ‫خا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َّرأي ْت َ ُ‬
‫ما سمع أباه‬ ‫تل ّ‬ ‫ض يمو ُ‬ ‫ن الُفضيل بن عيا ٍ‬ ‫يب ُ‬ ‫فذاك عل ّ‬
‫م َل‬ ‫ُ‬
‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ن}‪َ {24‬‬ ‫سُئوُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫فو ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫و ِ‬ ‫يقرأ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫ت ََنا َ‬
‫عه ليةٍ ‪ ،‬ويبقى‬ ‫ن سما ِ‬ ‫ه عنه وأرضاهُ م ْ‬ ‫وعمُر رضي الل ُ‬
‫ض ‪ ،‬كما ذكر ذلك‬ ‫مريضا ً شهرا ً كامل ً ُيعاد ُ ‪ ،‬كما ُيعاد ُ المري ُ‬
‫قرآنا ً سيرت به ال ْجبا ُ َ‬ ‫ابن كثير ‪ ﴿ .‬ول َ َ‬
‫ت‬ ‫ع ْ‬ ‫قطّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ ّ َ ْ ِ ِ‬ ‫ن ُ ْ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وَتى ﴾ ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫و ك ُل ّ َ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫ه الْر ُ‬ ‫بِ ِ‬
‫ُ‬
‫ر يوم الجمعةِ فسمع غلما ً يقرأ ‪﴿ :‬‬
‫ُ‬ ‫ب‪،‬م ّ‬ ‫ن وه ٍ‬ ‫داللهِ ب ُ‬ ‫وعب ُ‬
‫ر‪ ﴾ ...‬فأغمي عليه ‪ ،‬وُنقل إلى‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫حا ّ‬ ‫وإ ِذْ ي َت َ َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪237‬‬
‫بيتهِ ‪ ،‬وبقي ثلثة أيام ٍ مريضا ً ‪ ،‬ومات في اليوم الرابِع ‪ .‬ذ َك ََره‬
‫ي‪.‬‬ ‫الذهب ّ‬
‫م أنه صّلى في المدينةِ ‪ ،‬فقرأ القار ُ‬
‫ئ‬ ‫وأخبرني عال ٌ‬
‫ل ما‬ ‫ل ومن الوج ِ‬ ‫بسورةِ الواقعةِ ‪ ،‬قال ‪ :‬فأصابني من الذهو ِ‬
‫ك بغيرِ إرادةٍ مني ‪ ،‬مع بكاٍء ‪،‬‬ ‫جعلني اهتّز مكاني ‪ ،‬وأتحّر ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عدَهُ ي ُ ْ‬ ‫ودمع غزير ‪َ َ ﴿ .‬‬
‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫فب ِأ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن السعادةِ ؟!‬ ‫عنا ع ِ‬ ‫ث بموضو ِ‬ ‫ة هذا الحدي ِ‬ ‫ن ما علق ُ‬ ‫ولك ْ‬
‫ن في الربِع والعشرين‬ ‫شه النسا ُ‬ ‫ن التشويش الذي يعي ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ه ‪ ،‬وأن ُيقلقه ‪ ،‬وأن ُيصيبه‬ ‫ن ُيفِقده وعي ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ة كفي ٌ‬ ‫ساع ً‬
‫معَ وتدّبر كلم المولى ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫جعَ وأنصت و َ‬ ‫ط ‪ ،‬فإذا َر َ‬ ‫بالحبا ِ‬
‫ت‬ ‫ده ‪ ،‬وعاد ْ‬ ‫ئ خاشٍع ‪ ،‬ثاب إليه ُرش ُ‬ ‫ن قار ٍ‬ ‫نم ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ت حس‬ ‫بصو ٍ‬
‫ذرك‬ ‫جه ‪ .‬إنني ُأح ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت لوا ِ‬ ‫ه ‪ ،‬وسكن ْ‬ ‫ت بلبل ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وقّر ْ‬ ‫إليه نفس ُ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫سه ْ‬ ‫ن قوم ٍ جعُلوا الموسيقى أسباب أن ِ‬ ‫بهذا الكلم ِ ع ْ‬
‫جح كثيٌر‬ ‫حهم ‪ ،‬وكتُبوا في ذلك ك ُُتبا ً ‪ ،‬وتب ّ‬ ‫م وارتيا ِ‬ ‫وسعادِته ْ‬
‫ن أجمل الوقات وأفضل الساعات يوم ُينصت إلى‬ ‫م بأ ّ‬ ‫منه ْ‬
‫ن الك ُّتاب الغربيين الذين كتُبوا عن السعاد ِ‬
‫ة‬ ‫لإ ّ‬ ‫الموسيقى ‪ ،‬ب ْ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ل السعادةِ الموسيقى ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ن عوام ِ‬ ‫ق يجعلون م ْ‬ ‫وطرد ِ القل ِ‬
‫مرا ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ة﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫دي َ ً‬ ‫ص ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫كاء َ‬ ‫م َ‬ ‫ت إ ِل ّ ُ‬ ‫عندَ ال ْب َي ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صل َت ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫جُرو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ل آِثم ‪ ،‬واستماع ٌ محّرم ‪ ،‬وعندنا الخي ُْر الذي‬ ‫ن هذا بدي ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ه الّراشد ُ الحكي ُ‬ ‫صدقُ والتوجي ُ‬ ‫نزل على محمد ٍ ‪ ، ‬وال ّ‬
‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫من‬ ‫ل ِ‬ ‫ل ‪َ ﴿ :‬ل ي َأِتي ِ‬ ‫منه كتاب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫الذي تض ّ‬
‫د ﴾‪.‬‬ ‫مي ٍ‬ ‫ح ِ‬‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬ ‫ه َتن ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ب َي ْ ِ‬
‫ي﴿‬ ‫ي محمديّ سن ّ‬ ‫ي شرع ّ‬ ‫ن سماع ٌ إيمان ّ‬ ‫عنا للقرآ ِ‬ ‫فسما ٌ‬
‫ت َرى أ َ‬
‫ق﴾‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫فوا ْ ِ‬ ‫عَر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م به إل‬ ‫ث ‪ ،‬ل يقو ُ‬ ‫عهم للموسيقى سماعٌ لهٍ عاب ٌ‬ ‫‪ ،‬وسما ُ‬
‫من‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫س﴿ َ‬ ‫سفهاُء من النا ِ‬ ‫ة والحمقى وال ّ‬ ‫جَهل ُ‬ ‫ال َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ث ل ِي ُ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ري ل َ ْ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫*****************************************‬
‫ن‬
‫ة ولك ْ‬
‫ن السعاد ِ‬
‫ثع ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ل يبح ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪238‬‬
‫ف التدبيرِ ( وهو‬ ‫ب بعنوان ) ل ُط ْ ُ‬ ‫ي كتا ٌ‬ ‫للعالم ِ السكاف ّ‬
‫دى الكلم ِ فيه‬ ‫ب ‪ ،‬مؤ ّ‬ ‫ب جل ّ ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫خاذ ٌ ج ّ‬ ‫م الفائدةِ ‪ ،‬أ ّ‬ ‫بج ّ‬ ‫كتا ٌ‬
‫ل والمكُر‬ ‫ث عن السيادةِ والسعادةِ والّريادةِ ‪ ،‬فإذا الحتيا ُ‬ ‫البح ُ‬
‫ن من اللتواِء ‪ ،‬فَ ًَعلها‬ ‫ب من السياسةِ ‪ ،‬وأفاني ُ‬ ‫ضْر ٌ‬ ‫والدهاُء ‪ ،‬و َ‬
‫ض‬ ‫ك والرؤساِء ‪ ،‬والدباِء والشعراءِ ‪ ،‬وبع ِ‬ ‫كثيٌر من الملو ِ‬
‫ن يحصل على‬ ‫ن يرتاح ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن يهدأ وأ ْ‬ ‫العلماِء ‪ ،‬كّلهم يريد ُ أ ْ‬
‫ب‪:‬‬ ‫ن هذا الكتا ِ‬ ‫ن عناوي ِ‬ ‫هم ْ‬ ‫مطلوبهِ ‪ ،‬حتى إن ّ ُ‬
‫ت‬ ‫ح ِنفارٍ أو ذا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وإصل ُ‬ ‫ف التدبيرِ ‪ ،‬تسكيُر شغْ ٍ‬ ‫في لط ِ‬
‫ر‬
‫مكاي َد َة ُ صغي ٍ‬ ‫م في مكائدِ العداِء ‪ُ ،‬‬ ‫ل المنهز ُ‬ ‫بْين ‪ ،‬ماذا يفع ُ‬
‫ل ‪ ،‬في دفِع مكروهٍ بمكروهٍ ‪ ،‬في‬ ‫لكبيرٍ ‪ ،‬في دفِع مكروهٍ بقو ٍ‬
‫ف التدبيرِ في دفِع مكروهٍ ‪ ،‬في‬ ‫ف ‪ ،‬في ُلط ِ‬ ‫دفِع مكروهٍ بُلط ٍ‬
‫ص‬ ‫ك ‪ ،‬في الخل ِ‬ ‫مل ٍ‬‫ن ساِلب ُ‬ ‫ن ‪ ،‬في النتقام ِ م ْ‬ ‫مداراةِ سلطا ٍ‬ ‫ُ‬
‫ك والحترازِ مُنه في إظهارِ أمرٍ لخفاِء‬ ‫ن ن ِْقمةٍ في الفت ْ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ره ‪ .‬إلى آخرِ تلك البوا ِ‬ ‫غي ِ‬
‫ن السعاِدة‬ ‫م يبحثون ع ِ‬ ‫ن الجميع كّله ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ووجد ُ‬
‫ن اهتدى إلى ذلك ووُّفق‬ ‫مم ِ‬ ‫ل منه ْ‬ ‫ن قلي ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫والطمئنا ِ‬
‫ث فوائد ‪:‬‬ ‫ب بثل ِ‬ ‫ت من الكتا ِ‬ ‫لني ِْلها ‪ .‬وخرج ُ‬
‫ت‬ ‫ل الله نصب عينيه ‪ ،‬عاد ْ‬ ‫ن لم يجع ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫الولى ‪ :‬أ ّ‬
‫ت ﴿‬ ‫حه أتراحا ً ‪ ،‬وخيراُته نكبا ٍ‬ ‫ده خساِئر وأفرا ُ‬ ‫فوائ ُ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ث ل َ يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ست َدْ ِ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫َ‬
‫صْعبة التي يسعى إليها‬ ‫ن الطرق الملتوية ال ّ‬ ‫ة‪:‬أ ّ‬ ‫الثاني ِ‬
‫ل السعادةِ ‪ ،‬يجدونها –‬ ‫س في غيرِ الشريعةِ ‪ ،‬لني ِ‬ ‫كثيٌر من النا ِ‬
‫و‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ب – في طريق الشرِع المحمديّ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل وأقَر َ‬ ‫ق أسهَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫بط ُُر‬
‫د‬
‫ش ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫خْيرا ً ل ّ ُ‬ ‫ن َ‬‫كا َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ظو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ما ُيو َ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬‫أن ّ ُ‬
‫َ‬
‫خي َْر الخرةِ ‪.‬‬ ‫خي َْر الدنيا و َ‬ ‫ت َث ِْبيتا ً ﴾ فينالون َ‬
‫الثالثة ‪ :‬أ ُ‬
‫م‬ ‫م دنياهم وأخراهم ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ت عليه ْ‬ ‫ن أناسا ً ذهب ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫صنعا ً ‪ ،‬وينالون سعادة ً ‪ ،‬فما ظفُروا‬ ‫يظ ُّنون أنهم ُيحسنون ُ‬
‫ق الصحيِح الذي‬ ‫ضهم عن الطري ِ‬ ‫ب إعرا ُ‬ ‫بهذه ول بتلك ‪ ،‬والسب ُ‬
‫ب الحقّ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬وأنزل به كتبه ‪ ،‬وهي طل ُ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ه به ُر ُ‬ ‫بعث الل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪239‬‬
‫ل‬
‫مب َدّ ِ‬ ‫عدْل ً ل ّ ُ‬ ‫و َ‬‫دقا ً َ‬‫ص ْ‬
‫ك ِ‬‫ت َرب ّ َ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬
‫م ُ‬ ‫م ْ‬
‫ق ‪َ ﴿ ،‬ت َ ّ‬ ‫وقو ُ‬
‫ل الصد ْ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫مات ِ ِ‬‫ل ِك َل ِ َ‬
‫م‪،‬‬‫م كات ِ ٌ‬ ‫كان أحد ُ الوزراِء في لهوهِ وطرِبه ‪ ،‬فأصابه غ ّ‬
‫م فصرخ ‪:‬‬ ‫م جاث ِ ٌ‬ ‫وه ّ‬
‫ت ُيباعُ‬ ‫أل مو ٌ‬ ‫ش ما ل‬ ‫فهذا العي ُ‬
‫ه‬
‫منِ‬ ‫ري‬
‫فأشت ِ‬
‫ت قبرا ً‬ ‫إذا أبصر ُ‬ ‫هِ‬
‫ما‬ ‫في ّ‬ ‫ت لو أخير‬
‫نني م‬ ‫ودد ُ‬
‫ن‬ ‫المهيمد ٍ ُ‬
‫بعي‬ ‫حم‬ ‫أل ر ِ‬ ‫دق بالوفاةِ يليِهِ‬
‫على‬ ‫تص ّ‬
‫حّر‬ ‫نْفس ُ‬
‫**************************************‬ ‫أخيهِ‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ل الّرفاهيةِ‬ ‫دعاء في الّرخاِء ‪ :‬أيْ في حا ِ‬ ‫» فلي ُك ْث ِرِ ال ّ‬
‫ن‬ ‫ن الشاكرِ الحازم ِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ن سمةِ المؤم ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن والعافيةِ ؛ ل ّ‬ ‫والم ِ‬
‫مي ‪ ،‬ويلتجئ إلى اللهِ قْبل الضطرارِ ‪،‬‬ ‫ريش الشهم قبل الر ْ‬ ‫ي ِ‬
‫ن‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫سا ِْ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ي﴿ َ‬ ‫ن الغب ّ‬ ‫ي والمؤم ِ‬ ‫شق ّ‬ ‫ف الكافرِ ال ّ‬ ‫بخل ِ‬
‫ي‬ ‫س َ‬ ‫ه نَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬ ‫ع َ‬ ‫ه نِ ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫مِنيبا ً إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬ ‫ضّر دَ َ‬ ‫ُ‬
‫دادا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ه أن َ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عو إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫شدائدِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ن ورطا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يريد ُ النجاةَ ِ‬ ‫فتعّين على م ْ‬
‫ة‬
‫جهِ إلى حضر ِ‬ ‫ن الّتو ّ‬ ‫ن ل يفعل بقلبهِ ولساِنه ع ِ‬ ‫والُغموم ِ ‪ ،‬أ ْ‬
‫ل إليه والّثناء عليه ‪ ،‬إذ‬ ‫مدِ والبتها ِ‬ ‫س – بالح ْ‬ ‫الحقّ – تقد ّ َ‬
‫المراد بالدعاء في الرخاء – كما قاله المام الحليمي – دعاء‬
‫ة‬
‫ق والمعون ِ‬ ‫ل التوفي ِ‬ ‫منن ‪ ،‬وسؤا ِ‬ ‫ف بال ِ‬ ‫شكرِ والعترا ِ‬ ‫الثناِء وال ّ‬
‫ن‬ ‫ن العبد – وإ ْ‬ ‫ض الّتقصيرِ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫والّتأييدِ ‪ .‬والستغفارِ لعوار ِ‬
‫ن غفل‬ ‫مها ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ق الله بتما ِ‬ ‫ن حقو ِ‬ ‫ف ما عليهِ م ْ‬ ‫جِهد – لم ُيو ّ‬
‫من ِهِ ‪ ،‬فقد ْ‬ ‫حت ِهِ وفراِغه وأ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ذلك ‪ ،‬ولم ُيلح ْ‬
‫م ِ‬ ‫ظه في َز َ‬ ‫ع ْ‬
‫وا‬ ‫ع ُ‬‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫صدقَ عليه قوُله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ذا ُ‬ ‫م إ َِلى ال ْب َّر إ ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جا ُ‬ ‫ما ن َ ّ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن﴾«‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫**************************************‬
‫م‬
‫م وجحي ٌ‬
‫نعي ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪240‬‬
‫س وزراِء‬ ‫ً‬
‫ة خبرا عن انتحارِ رئي ِ‬ ‫ف العالمي ُ‬ ‫ت الصح ُ‬ ‫نشر ْ‬
‫ن بعض‬ ‫ب في ذلك أ ّ‬ ‫س ميتران ‪ ،‬والسب ُ‬ ‫حكم ِ الرئي ِ‬ ‫فرنسا في ُ‬
‫ت عليهِ غارةً من النْقد ِ والشت ْم ِ‬ ‫ف الفرنسية شن ّ ْ‬ ‫الصح ِ‬
‫ة ول‬ ‫ن إيمانا ً ول سكين ً‬ ‫م يجد ْ هذا المسكي ُ‬ ‫والّتجريِح ‪ ،‬فل ْ‬
‫ق‬
‫ن إليه ‪ ،‬فبادر فأْزهَ َ‬ ‫ن يرك ُ‬ ‫استقرارا ً يعود ُ إليه ‪ ،‬ولم يجد ْ م ْ‬
‫حه ‪.‬‬ ‫ُرو َ‬
‫ن هذا الرجل المسكين الذي أقدم على النتحاِر لم‬ ‫إ ّ‬
‫ك‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫ة المتمّثلةِ في قول ِهِ سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫يهتدِ بالهدايةِ الّرّباني ّ ِ‬
‫ن ﴾ وقوِله سبحانه ‪َ ﴿ :‬لن‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫م ّ‬‫ق ّ‬ ‫ضي ْ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ذى ﴾ ‪ ،‬وقوله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م إ ِل ّ أ ً‬ ‫ضّروك ُ ْ‬
‫يَ ُ‬
‫ن الرجل فََقد َ مفتاح‬ ‫ميل ً ﴾ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫جرا ً َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫جْر ُ‬ ‫ه ُ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫سدادِ وسبيل الّرشادِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫الهدايةِ ‪ ،‬وطريق ال ّ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫هاِد َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ن‪،‬أ ْ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫ل باله ّ‬ ‫مْثق ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن وصايا الخرين لك ّ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ف النهرِ ‪ ،‬ويستمتع بالموسيقى ‪،‬‬ ‫س على ضفا ِ‬ ‫يأمروه بالجلو ِ‬
‫ّ‬
‫ج‪.‬‬ ‫ويلعب الن ّْرد ‪ ،‬ويتزلج على الْثل ِ‬
‫ة‬ ‫ل العبودي ّةِ الحّقةِ ‪ :‬جلس ٌ‬ ‫ن وصايا أهل السلم ِ ‪ ،‬وأه َ‬ ‫لك ْ‬
‫ف‬ ‫ض الجن ّةِ ‪ ،‬وهتا ٌ‬ ‫ن ريا ِ‬ ‫مة في روضةٍ م ْ‬ ‫ن والقا ِ‬ ‫بين الذا ِ‬
‫م بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ورضا ً بما قسم‬ ‫ذكرِ الواحد الحدِ ‪ ،‬وتسلي ٌ‬ ‫ب ِ‬
‫ل وعل ‪.‬‬ ‫ل على اللهِ ج ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وتؤك ّ ٌ‬ ‫الل ُ‬
‫************************************‬
‫صدَْر َ‬
‫ك﴾‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫﴿ أَ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت فيه هذهِ‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬فتحّقق ْ‬‫م على رسو ِ‬ ‫ل هذا الكل ُ‬ ‫ن ََز َ‬
‫ة ‪ ،‬فكان سهل الخاطرِ ‪ ،‬منشرح الصدرِ ‪ ،‬متفائل ً ‪،‬‬ ‫الكلم ُ‬
‫سرا ً في أمورِهِ ‪ ،‬قريبا ً من‬
‫ي العاطفةِ ‪ ،‬مي ّ‬ ‫ش الفؤادِ ‪ ،‬ح ّ‬ ‫جّيا َ‬
‫س في هيبةٍ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب ‪ ،‬بسيطا في عظمةٍ ‪ ،‬دانيا من النا ِ‬ ‫القلو ِ‬
‫متبسما ً في وقارٍ ‪ ،‬متحببا ُ في سموّ ‪ ،‬مألوفا ً للحاضر‬
‫محّيا ‪ ،‬مشرق الطْلعةِ ‪ ،‬غزير‬ ‫ق ‪ ،‬طل ْقَ ال ُ‬ ‫خل ِ‬
‫م ال ُ ُ‬
‫والبادي ‪ ،‬ج ّ‬
‫ش للقاِدم ‪ ،‬مسرورا ً بعطاِء اللهِ ‪،‬‬ ‫دعابةِ ‪ ،‬وي َب َ ّ‬ ‫ش لل ّ‬
‫الحياِء ‪ ،‬يه ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪241‬‬
‫ف الحباط ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬ول يعر ُ‬ ‫ت الّرباني ّةِ ‪ ،‬ل يعتريه اليأ ُ‬ ‫جذ ِل ُ بالِهبا ِ‬
‫ل‬ ‫ط ‪ ،‬وُيعجُبه الفأ ُ‬ ‫ف بالقنو ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ول يعتر ُ‬ ‫ذي ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ول يخلد ُ إلى الت ّ ْ‬
‫دق ‪ ،‬والّتفي ُْهق والّتكّلف‬ ‫مق والّتش ّ‬ ‫ن ‪ ،‬ويكرهُ الّتع ّ‬ ‫الحس ُ‬
‫مةٍ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ب رسالةٍ ‪ ،‬وحام ُ‬ ‫والّتن ّ‬
‫ل مبدأ ‪ ،‬وقدوة ُ أ ّ‬ ‫ه صاح ُ‬ ‫طع ؛ لن ُ‬
‫ُ‬
‫ل مجتمٍع ‪،‬‬ ‫ج ُ‬‫ب أسرةٍ ‪ ،‬ور ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ور ّ‬ ‫م شعو ٍ‬ ‫ل ‪ ،‬ومعل ّ ُ‬ ‫وأسوةُ أجيا ٍ‬
‫معُ فضائل ‪ ،‬وبحُر عطايا ‪ ،‬ومشرِقُ نورٍ ‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪،‬و َ‬ ‫مث ُ ٍ‬
‫وكْنز ُ‬
‫ع‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫إنه باختصارٍ ‪ :‬ميسٌر للُيسرى ‪ ، ،‬وإنه بإيجازٍ ﴿ َ‬
‫ة‬
‫م ﴾ أو بعبار ٍ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫شرا ً‬ ‫مب َ ّ‬‫و ُ‬ ‫هدا ً َ‬ ‫شا ِ‬ ‫ن ﴾ وكفى !! ﴿ َ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ة ل ّل ْ َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫أخرى ‪َ ﴿ :‬ر ْ‬
‫مِنيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫سَراجا ً ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫عيا ً إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ذيرًا}‪َ {45‬‬ ‫ون َ ِ‬ ‫َ‬
‫سرة السهلة ‪ :‬تنط ّ ُ‬
‫ع‬ ‫ض الرسالة المي ّ‬ ‫ن مما ُيعار ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ف‬ ‫ق عبيد ِ الدنيا ‪ ،‬وانحرا ُ‬ ‫ل المنط ِ‬ ‫الخوارِج ‪ ،‬وتزند ُقُ أه ِ‬
‫فوا ْ‬ ‫خت َل َ ُ‬‫ما ا ْ‬ ‫مُنوا ْ ل ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫دى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ف َ‬ ‫مرتزقةِ الفكار ﴿ َ‬
‫شاءُ إ َِلى‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫قيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ِ‬
‫******************************************‬
‫ة الطّّيب ِ‬
‫ة‬ ‫م الحيا ِ‬
‫مفهو ُ‬
‫ن‬ ‫وأنت في السج ِ‬ ‫ل أحد ُ أذكياِء النكليزِ ‪ :‬بإمكانك‬ ‫يقو ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رج‬ ‫خ ِ‬‫ن تُ ْ‬‫ق ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن تنظَر إلى الفُ ِ‬ ‫ن الحديديةِ أ ْ‬ ‫ن وراِء القضبا ِ‬ ‫م ْ‬
‫مها وتبتسم ‪ ،‬وأنت مكانك ‪ ،‬وبإمكاِنك‬ ‫ن جيِبك فت ُ‬
‫ش ّ‬ ‫زهرةً م ْ‬
‫ن تغضب‬ ‫ن تحتد ّ وأ ْ‬ ‫صرِ على الديباج والحريرِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫وأنت في الق ْ‬
‫ن بيِتك وأسرِتك وأمواِلك ‪.‬‬ ‫ن تثور ساخطا ً م ْ‬ ‫وأ ْ‬
‫ن ‪ ،‬ولكّنها‬ ‫ن ول في المكا ِ‬ ‫ت في الزما ِ‬ ‫ن السعادةُ ليس ْ‬ ‫إذ ْ‬
‫ل‬‫ب مح ّ‬ ‫ب ‪ .‬والقل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وفي القل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وفي طاعةِ الد َّيا ِ‬ ‫في اليما ِ‬
‫ت السعادة ُ ‪،‬‬ ‫ن فيه ‪ ،‬انبعث ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فإذا استقّر اليقي ُ‬ ‫نظرِ الّر ّ‬
‫س انشراحا ً وارتياحا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬ ‫ت على الروح وعلى النف ِ‬ ‫فأضف ْ‬
‫ن الودية‬ ‫ب وبطو ِ‬ ‫ت على الظّرا ِ‬ ‫ت على الخرين ‪ ،‬فصار ْ‬ ‫فاض ْ‬
‫ت الشجرِ ‪.‬‬ ‫ومناب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪242‬‬
‫ن حنبل عاش سعيدا ً ‪ ،‬وكان ثوُبه أبيض مرّقعا ً ‪،‬‬ ‫أحمد ُ ب ُ‬
‫كنها ‪ ،‬ول يجد ُ‬ ‫ن يس ُ‬ ‫ث ُ‬ ‫يخي ُ‬
‫ن طي ٍ‬ ‫فم ْ‬ ‫غر ٍ‬ ‫طه بيدِهِ ‪ ،‬وعنده ُ ثل ُ‬
‫ت ‪ ،‬وبقي حذاؤه – كما قال‬ ‫خب ْزِ مع الزي ِ‬ ‫كسَر ال ُ‬ ‫إل ِ‬
‫ل‬ ‫طها ‪ ،‬ويأك ُ‬ ‫ة يرّقعها ويخي ُ‬ ‫ه – سبع عشرة سن ً‬ ‫المترجمون عن ُ‬
‫م غالب اليام ‪ ،‬يذرع ُ الدنيا ذهابا ً‬ ‫اللحم في شهرٍ مّرةً ويصو ُ‬
‫ِ‬
‫ث ‪ ،‬ومع ذلك وجد الراحة والهدوء‬ ‫ب الحدي ِ‬ ‫وإيابا ً في طل َ ِ‬
‫ت القدم ‪ ،‬مرفوع ُ الهامةِ ‪،‬‬ ‫ه ثاب ُ‬ ‫والسكينة والطمئنان ؛ لن ُ‬
‫ل لخرةٍ ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬ساٍع لجرٍ ‪ ،‬عام ٌ‬ ‫ب لثوا ٍ‬ ‫ره ‪ ،‬طال ٌ‬ ‫ف بمصي ِ‬ ‫عار ٌ‬
‫ب في جن ّةٍ ‪.‬‬ ‫راغ ٌ‬
‫ن‬ ‫ده – الذين حكموا الدنيا – المأمو ُ‬ ‫وكان الخلفاُء في عه ِ‬
‫دوُر‬ ‫ل عندهم القصوُر وال ّ‬ ‫م ‪ ،‬والمتوك ُ‬ ‫‪ ،‬والواثقُ ‪ ،‬والمعتص ُ‬
‫ة‬ ‫م والوسم ُ‬ ‫ة والبنود ُ والجنود ُ ‪ ،‬والعل ُ‬ ‫ب والفض ُ‬ ‫والذه ُ‬
‫شوا‬ ‫م ما يشتهون ‪ ،‬ومع ذلك عا ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ومعه ْ‬ ‫ت والعقارا ُ‬ ‫والشارا ُ‬
‫ب‬ ‫م ‪ ،‬وفي قلقل وحرو ٍ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫وا حياَتهم في ه ّ‬ ‫ض ْ‬ ‫في ك َد َرٍ ‪ ،‬وقَ َ‬
‫ضهم كان يتأوّهُ في سكرات‬ ‫ب وضجيٍج ‪ ،‬وبع ُ‬ ‫شغَ ٍ‬ ‫تو َ‬ ‫وثورا ٍ‬
‫ب اللهِ ‪.‬‬ ‫ت نادما ً على ما فّرط ‪ ،‬وعلى ما فعل في جن ِ‬ ‫المو ِ‬
‫خ السلم ِ ‪ ،‬ل أهل ول دار ول أسرة ول‬ ‫ن تيمية شي ُ‬ ‫اب ُ‬
‫ب جامِع بني أمية يسكُنها ‪،‬‬ ‫ة بجان ِ‬ ‫مال ول منصب ‪ ،‬عندهُ غرف ٌ‬
‫م أحيانا ً‬ ‫ن يغّير هذا بهذا ‪ ،‬وينا ُ‬ ‫ف في اليوم ِ ‪ ،‬وله ثوبا ِ‬ ‫ه رغي ٌ‬ ‫ول ُ‬
‫صف نفسه ‪ :‬جن ُّته في صدِره ‪،‬‬ ‫ن كما وَ َ‬ ‫في المسجدِ ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ة؛‬ ‫ن بلد ِهِ سياح ٌ‬ ‫هم ْ‬ ‫خْلوةٌ ‪ ،‬وإخراج ُ‬ ‫جنه ِ‬ ‫وقت ُْله شهادةٌ ‪ ،‬وس ْ‬
‫سوِقها ‪ُ ،‬تؤتي‬ ‫ت على ُ‬ ‫ن في قلب ِهِ استقام ْ‬ ‫لن شجرة اليما ِ‬
‫ت العنايةِ الربانيةِ ‪﴿ ،‬‬ ‫دها زي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ن رّبها ي ُ‬ ‫ن بإذ ِ‬ ‫ل حي ٍ‬ ‫أ ُك َُلها ك ّ‬
‫ه‬‫دي الل ّ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ر يَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫عَلى ُنو‬ ‫ه َناٌر ّنوٌر َ‬ ‫س ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫و لَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ضيءُ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫صل َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫فَر َ‬ ‫شاءُ ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َ ّ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ل ُِنو ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫وآَتا ُ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫وا َزادَ ُ‬ ‫هت َدَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫م ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َبال َ ُ‬
‫عيم ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ضَرةَ الن ّ ِ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫في ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ﴾ ‪ ﴿،‬ت َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ه عنه وأرضاهُ إلى الّربذةِ ‪ ،‬فنصب‬ ‫خرج أبو ذّر رضي الل ُ‬
‫م كثيرا ً من‬ ‫ك ‪ ،‬وأتى بامرأِته وبنات ِهِ ‪ ،‬فكان يصو ُ‬ ‫ه هنا َ‬ ‫خيمت ُ‬
‫ُ‬
‫ه ‪ ،‬ويتعب ّد ُ ويقرأ ويتلو‬ ‫ح خالق ُ‬ ‫اليام ِ ‪ ،‬يذك ُُر مولهُ ‪ ،‬ويسب ّ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪243‬‬
‫ة من‬ ‫ة ‪ ،‬وقطع ً‬ ‫ة أو خيم ً‬ ‫مل ً‬‫ك من الدنيا إل ش ْ‬ ‫ل ‪ ،‬ل يمل ُ‬ ‫م ُ‬
‫ويتأ ّ‬
‫صعةٍ وعصا ‪ ،‬زاَرهُ أصحاُبه ذات يوم ‪،‬‬ ‫حفةٍ وق ْ‬ ‫الغنم ِ مع ص ْ‬
‫جه من الدنيا ‪،‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬أين الدنيا؟ قال ‪ :‬في بيتي ما أحتا ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫خ ّ‬ ‫ة كؤودا ً ل يجيُزها إل ال ُ‬
‫م ِ‬ ‫ن أمامنا عقب ً‬ ‫وقد ْ أخبرنا ‪ ‬أ ّ‬
‫جه‬ ‫ح الصدرِ ‪ ،‬ومنثلج الخاطرِ ‪ ،‬فعندهُ ما يحتا ُ‬ ‫كان منشر َ‬
‫م‬‫ت وهمو ٌ‬ ‫ل وتِبعا ٌ‬ ‫ما ما زاد على حاجِته ‪ ،‬فأشغا ٌ‬ ‫من الدنيا ‪ ،‬أ ّ‬
‫م‪.‬‬ ‫وغمو ٌ‬
‫س‬
‫ت في قصيدةٍ بعنوان ‪ :‬أبو ذّر في القرن الخام ِ‬ ‫قل ُ‬
‫غربةِ أبي ذّر وعن سعادِته ‪ ،‬وعن وحدِته‬ ‫ن ُ‬ ‫دثا ً ع ْ‬ ‫شَر ‪ ،‬متح ّ‬ ‫عَ َ‬
‫ث عن‬ ‫حه ومبادِئه ‪ ،‬وكأنه يتحد ُ‬ ‫وعزلِته ‪ ،‬وعن هجرِته برو ِ‬
‫سه ‪:‬‬ ‫نف ِ‬
‫لطُفوني هد ّد ُْتهم‬ ‫ت حتى‬ ‫بالمنايا لطف ُ‬
‫ب‬ ‫دوني ُ‬‫تد ّ ُأرك‬‫أركُبوني نزل ه ُ‬ ‫سا‬
‫في‬ ‫تأح ّ‬ ‫كب ُ‬ ‫أنزُلوني ر ِ‬
‫زمي‬
‫دما ً‬ ‫عْقْ ِ‬‫م‬
‫أطُرد ُ الموت ُ‬ ‫هي‬ ‫فسا‬ ‫حهان ْو ْ‬ ‫الح ُقّ‬ ‫والمنايا أجتا‬
‫لي‬ ‫فُيو ّ‬
‫غربتي‬ ‫ت‬
‫قد بك ْ‬ ‫ف‬‫سى ْ‬ ‫يا أبا ذّر نلعْ َ‬
‫تخ‬
‫ت‬ ‫ل وقال‬ ‫الرمال ُ‬ ‫سا‬ ‫ن يقيني ماوتأ ِ‬
‫لم‬ ‫خوف ْ‬ ‫ت‬
‫قل ُ‬ ‫ت‬ ‫م ّّ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫ب‬ ‫ْ‬ ‫حتى ُ‬
‫بي‬ ‫شبا ِ ٍ‬
‫ح‬
‫ِ‬ ‫صا‬ ‫في‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ل‬
‫عاهد‬‫أز‬ ‫أنا‬ ‫سا‬
‫ه‬
‫ِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫لي‬ ‫أد‬
‫أما‬ ‫ن‬‫تم ْ‬ ‫وتلّقن ْ ُ‬
‫وخليلي‬
‫******************‬ ‫دْرسا‬
‫**************************‬
‫*******‬
‫ن فما هي السعادةُ ؟!‬
‫إذ ْ‬
‫ب أو عابُر سبيل (( ‪،‬‬ ‫ن في الدنيا كأنك غري ٌ‬
‫)) ك ْ‬
‫ء (( ‪.‬‬
‫)) فطوبى للغربا ِ‬
‫ن مروان ‪ ،‬ول جيوش‬ ‫دالملك ب ِ‬‫س السعادةُ قصر عب ِ‬ ‫لي ِ‬
‫ص ‪ ،‬ول كنوز قارون ‪ ،‬ول‬ ‫صا ِ‬
‫ن الج ّ‬ ‫ن الرشيدِ ول ُدور اب ِ‬‫هارو ِ‬
‫ن المتنبي ‪ ،‬ول في‬ ‫ن سينا ‪ ،‬ول في ديوا ِ‬ ‫ب الشفاِء لب ِ‬
‫في كتا ِ‬
‫ن الزهراِء ‪.‬‬ ‫ق قرطبة ‪ ،‬أو بساتي ِ‬ ‫حدائ ِ‬
‫ف‬
‫ت اليد ِ ‪ ،‬وشظ ِ‬ ‫السعادةُ عند الصحاِبة مع قل ّةِ ذا ِ‬
‫ح الّنفقةِ ‪.‬‬
‫ش ّ‬‫المعيشةِ ‪ ،‬وزهادهِ الموارد ِ ‪ ،‬و ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪244‬‬
‫ب في تأل ِّهه ‪ ،‬وعند البخاري في‬ ‫ن المسي ِ‬ ‫السعادة ُ عند اب ِ‬
‫ي‬ ‫صد ْقِهِ ‪ ،‬ومع الشافع ّ‬ ‫ن البصريّ في ِ‬ ‫حهِ ‪ ،‬وعند الحس ِ‬ ‫صحي ِ‬
‫عهِ ‪،‬‬ ‫مراقبِته ‪ ،‬وأحمد في ور ِ‬ ‫ك في ُ‬ ‫في استنباطاِته ‪ ،‬ومال ٍ‬
‫ك بأ َن ّهم ل َ يصيبهم ظَمأ ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ ِ ُ ُ ْ‬ ‫ي في عبادتهِ ﴿ ذَل ِ َ ِ ُ ْ‬ ‫ت البنان ّ‬ ‫وثاب ٍ‬
‫ن‬ ‫ؤو َ‬ ‫ول َ ي َطَ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ص ٌ‬ ‫م َ‬ ‫خ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ول َ ن َ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫و ن ّي ْل ً إ ِل ّ ك ُت ِ َ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َ ي ََناُلو َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫ظ ال ْك ُ ّ‬ ‫غي ُ‬ ‫طئا ً ي َ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ح﴾ ‪.‬‬ ‫صال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫هم ب ِ ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫ة ُتشتَرى ‪ ،‬ول‬ ‫ف ‪ ،‬ول داب ً‬ ‫ت السعادةُ شيكا ً ُيصر ُ‬ ‫ليس ِ‬
‫ل ‪ ،‬ول بّزا ً ُينشُر ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬ول ب ُّرا ً ُيكا ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫وردةً ت ُ َ‬
‫ح صدرٍ لمبدأ‬ ‫مُله ‪ ،‬وانشرا ُ‬ ‫السعادة ُ سلوةُ خاطرٍ بحقّ يح ِ‬
‫كتن ُِفه‪.‬‬ ‫ب لخيرٍ ي ْ‬ ‫ة قل ٍ‬ ‫شه‪ ،‬وراح ُ‬ ‫يعي ُ‬
‫سِع في الد ِّور ‪ ،‬وكْثر ِ‬
‫ة‬ ‫ن أننا إذا أكْثرنا من التو ّ‬ ‫كّنا نظ ُ ّ‬
‫ت ‪ ،‬أننا‬ ‫ت والمشتهيا ِ‬ ‫غبا ِ‬ ‫ت والمر ّ‬ ‫مِع المسّهل ِ‬ ‫الشياِء ‪ ،‬وج ْ‬
‫م والك َد َِر‬ ‫ب اله ّ‬ ‫ح وُنسّر ‪ ،‬فإذا هي سب ُ‬ ‫ح ونمر ُ‬ ‫نسعد ُ ونفر ُ‬
‫حهِ ﴿‬ ‫مه وضريبةِ كد ّهِ وكد ْ ِ‬ ‫مه وغ ّ‬ ‫ل شيٍء به ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ص؛ل ّ‬ ‫ِ‬ ‫والتنغي‬
‫ك إَلى ما مت ّعَنا ب َ‬
‫ة‬
‫هَر َ‬ ‫م َز ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫واجا ً ّ‬ ‫ه أْز َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫عي ْن َي ْ َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مدّ ّ‬ ‫وَل ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فت ِن َ ُ‬ ‫دنَيا ل ِن َ ْ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل الهدى محمد ٌ ‪، ‬‬ ‫مصل ٍِح في العالم ِ رسو ُ‬ ‫ن أكبر ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ل التمرِ يسد ّ‬ ‫وى من الجوِع ‪ ،‬ل يجد ُ دقْ َ‬ ‫عاش فقيرا ً ‪ ،‬يتل ّ‬
‫ه ‪ ،‬وفي‬ ‫مه إل الل ُ‬ ‫جوعه ‪ ،‬ومع ذلك عاش في نعيم ٍ ل يعل ُ‬
‫ء وسكينةٍ ﴿‬ ‫ط ‪ ،‬وفي هدو ٍ‬ ‫ط واغتبا ٍ‬ ‫انشراٍح وارتياٍح ‪ ،‬وانبسا ٍ‬
‫ك﴾‪﴿،‬‬ ‫هَر َ‬ ‫ض ظَ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذي َأن َ‬ ‫ك}‪ {2‬ال ّ ِ‬ ‫وْزَر َ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬
‫ك‬ ‫عَنا َ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ث‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ظيما ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬الل ّ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫سال َت َ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ق ‪ ،‬والثم‬ ‫ن ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬الب ِّر ُ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫س ((‬ ‫هت أن يطلع عليه النا ُ‬ ‫رك وكر ْ‬ ‫ما حاك في صد ِ‬
‫‪.‬‬
‫س ‪ ،‬حتى قال‬ ‫ن للنف ِ‬ ‫ة للضميرِ ‪ ،‬وسكو ٌ‬ ‫ن البّر راح ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ضهم ‪:‬‬ ‫بع ُ‬
‫ن طال‬ ‫البّر أبقى وإ ْ‬ ‫ح ما‬ ‫م أقب ُ‬ ‫والث ُ‬
‫ن به‬ ‫الّزما ُ‬ ‫ن زادِ‬ ‫أوعيت م ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪245‬‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬والثم ريب ٌ‬ ‫طمأنين ٌ‬ ‫وفي الحديث ‪ )) :‬البّر ُ‬
‫ن المريب‬ ‫ة يبقى في هدوٍء وسكينةٍ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن المحسن صراح ً‬ ‫إ ّ‬
‫ت ﴿‬ ‫سكنا ِ‬ ‫ت وال ّ‬ ‫ت ومن الحركا ِ‬ ‫ث والخطرا ِ‬ ‫س من الحدا ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫يتو ّ‬
‫ب‬ ‫س ُ‬ ‫ب أنه أساء فح ْ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬والسب ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬ ‫ن يضطرب ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن يرتِبك وأ ْ‬ ‫ن يقلق وأ ْ‬ ‫ن المسيء لبد ّ أ ْ‬ ‫‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫خيف ً‬ ‫جس ِ‬ ‫يتو ّ‬
‫ل المرءِ‬ ‫إذا ساِء فِعْ ُ‬ ‫دق ما يعتاد ُهُ‬ ‫وص ّ‬
‫ن يتجّنب‬ ‫هْ‬‫وأُ ُ‬ ‫ظنون‬ ‫ت‬
‫دائما ً ‪،‬‬‫ساء ْ‬ ‫حسن‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫السعادة ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ن ت َوَهّم ِ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬
‫أراد ْ‬ ‫ل لم ْ‬ ‫والح ّ‬
‫سوا ْ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ﴿ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫ليكون في أم ٍ‬ ‫ُ‬
‫الساءة ‪،‬‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫هم ب ِظُل ْم ٍ أ ْ‬ ‫مان َ ُ‬‫ِإي َ‬
‫سهِ ‪،‬‬ ‫ن على رأ ِ‬ ‫ث السير ‪ ،‬يثوُر الغباُر م ْ‬ ‫ب يح ّ‬ ‫أقبل راك ٌ‬
‫ه في كب ِدِ‬ ‫ص ‪ ،‬وقد ْ ضرب سعد ٌ خيمت ُ‬ ‫يريد ُ سعد بن أبي وّقا ٍ‬
‫هماِء ‪،‬‬ ‫ت الد ّ ْ‬ ‫ن اهتماما ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ن الضجيِج ‪ ،‬بعيدا ع ِ‬ ‫الصحراِء ‪ ،‬بعيدا ع ِ‬
‫ه قطيعٌ من الغنم ِ ‪،‬‬ ‫سهِ وأهل ِهِ في خيمت ِهِ ‪ ،‬مع ُ‬ ‫منفردا ً بنف ِ‬
‫مُر ‪ ،‬فقال ابُنه له ‪ :‬يا أبتاهُ ‪،‬‬ ‫ب فإذا هو ابُنه ع ُ َ‬ ‫فاقترب الراك ُ‬
‫س يتنازعون الملك وأنت ترعى غنمك ‪ .‬قال ‪ :‬أعوذ ُ بالل ِ‬
‫ه‬ ‫النا ُ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ن شّرك ‪ ،‬إني أولى بالخلفةِ مّني بهذا الرداِء الذي عل ّ‬ ‫م ْ‬
‫ب العبد‬ ‫ن الله يح ّ‬ ‫ل ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫ت الرسول ‪ ‬يقو ُ‬ ‫ولكن سمع ُ‬
‫ي (( ‪.‬‬ ‫ي الخف ّ‬ ‫ي الّتق ّ‬ ‫الغن ّ‬
‫ك كسرى‬ ‫مل ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫عظ ُ‬ ‫إن سلمة المسلم ِ بديِنه أ ْ‬
‫ن الدين هو الذي يبقى معك حتى تستقّر في‬ ‫وقيصر ؛ ل ّ‬
‫ل ل محالة ﴿ إ ِّنا‬ ‫ه زائ ٌ‬ ‫ب فإن ّ ُ‬ ‫ك والمنص ُ‬ ‫ت النعيم ِ ‪ ،‬وأما المل ُ‬ ‫جنا ِ‬
‫وإ ِل َي َْنا ي ُْر َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫ث اْلْر َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ن نَ ِ‬
‫ح ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫*******************************************‬
‫م الطّي ّ ُ‬
‫ب‬ ‫ه يصعدُ الكل ِ ُ‬
‫إلي ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت الط ّّيبا ِ‬
‫ت المباركا ِ‬
‫كان للصحابةِ كنوٌز من الكلما ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ْ‬
‫عمهم إياها صفوة ُ الخل ِ‬ ‫التي ّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫دهم خيٌر من الدنيا وما فيها ‪ ،‬و ِ‬ ‫ل كلمةٍ عند أح ِ‬ ‫وك ّ‬
‫م معرفُتهم بقيمةِ الشياِء ومقاديرِ المورِ ‪.‬‬ ‫عظمِته ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪246‬‬
‫ن ُيعّلمه دعاًء ‪ ،‬فقال له ‪)) :‬‬ ‫ل الرسول ‪ ‬أ ْ‬ ‫أبو بكرٍ يسأ ُ‬
‫ظلما ً كثيرا ً ‪ ،‬ول يغفُر‬ ‫ت نفسي ُ‬ ‫ب إني ظلم ُ‬ ‫ل‪:‬ر ّ‬ ‫ق ْ‬
‫دك‬ ‫ن عن ِ‬ ‫الذنوب غل أنت ‪ ،‬فاغفْر لي مغفرةً م ْ‬
‫م (( ‪.‬‬ ‫وارحمني ‪ ،‬إنك أنت الغفوُر الرحي ُ‬
‫ل الله العفو‬ ‫س ‪ )) :‬اسأ ِ‬ ‫ل ‪ ‬للعبا ِ‬ ‫ويقو ُ‬
‫والعافية (( ‪.‬‬
‫دني (( ‪.‬‬ ‫م اهدِني وسدّ ْ‬ ‫ل ‪ :‬الّله ّ‬ ‫ي ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫ل لعل ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫مِني‬ ‫م أله ْ‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ن ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫ن حصي ٍ‬ ‫ل لعبيد ِ ب ِ‬‫ويقو ُ‬
‫سي (( ‪.‬‬ ‫قِني شّر نف ْ‬ ‫ُرشدي ‪ ،‬و ِ‬
‫م إني أساُلك‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫س ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫داد ِ بن أو ٍ‬ ‫ل لش ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫شكَر‬ ‫د‪،‬و ُ‬ ‫الثبات في المر ‪ ،‬والعزيمة على الرش ِ‬
‫ن عبادِتك ‪ ،‬وأسأُلك قلبا ً سليما ً ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬
‫نعمِتك ‪ ،‬و ُ‬
‫م ‪ ،‬وأعوذُ‬ ‫عل ُ‬‫ر ما ت ْ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ولسانا ً صادقا ً ‪ ،‬وأسأُلك ِ‬
‫م ‪ ،‬إنك‬ ‫م ‪ ،‬وأستغفُرك لما تعل ُ‬ ‫ن شّر ما تعل ُ‬ ‫بك م ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫م الغيو ِ‬ ‫أنت عل ّ ُ‬
‫رك‬ ‫م أعني على ذك ِ‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ل لمعاذ ٍ ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ن عبادِتك (( ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬
‫رك و ُ‬ ‫شك ْ ِ‬ ‫و ُ‬
‫ب‬ ‫و تح ّ‬ ‫ف ّ‬ ‫ل لعائشة ‪ )) :‬قولي ‪ :‬اللهم إنك ع ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ف عّني (( ‪.‬‬ ‫ع ُ‬ ‫و ‪ ،‬فا ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ال َ‬
‫ل‬‫ن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ل رضوا ِ‬ ‫ن الجامعَ لهذهِ الدعيةِ ‪ :‬سؤا ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن غضِبه ‪ ،‬وأليم ِ عقاِبه ‪،‬‬ ‫ورحمت ِهِ في الخرةِ ‪ ،‬والّنجاةِ م ْ‬
‫ره ‪.‬‬ ‫ن على عبادِته سبحانه وتعالى وشك ِ‬ ‫والعو ِ‬
‫م‬ ‫ضع ّ‬ ‫ب ما عند اللهِ ‪ ،‬والعرا ُ‬ ‫ن الّرابط بينها ‪ :‬ط َل َ ُ‬ ‫وإ َ‬
‫ل الدنيا الفانيةِ ‪،‬‬ ‫ب أموا ِ‬ ‫ه ليس فيها طل ُ‬ ‫في الدنيا ‪ .‬إن ُ‬
‫ص‪.‬‬ ‫رفها الرخي ِ‬ ‫ضها الزائِلة ‪ ،‬أو زخ ِ‬ ‫وأعرا ِ‬
‫**************************************‬
‫قَرى‬ ‫ذا أ َ َ‬
‫خذ َ ا ل ْ ُ‬ ‫ك إِ َ‬ ‫ك أَ ْ‬
‫خذُ َرب ّ َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬‫﴿ َ‬
‫ديدٌ ﴾‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫م‬ ‫لي‬ ‫خذَه أ َ‬ ‫ة إن أ َ‬ ‫ي َ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ٌ ِ ّ‬‫ظال ِ َ‬ ‫ه َ‬‫و ِ‬
‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪247‬‬
‫ط مكانت ِهِ ‪:‬‬ ‫مهِ وسقو ِ‬ ‫ن تِعاسةِ العبدِ ‪ ،‬وعْثرةِ قد ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫حُقه ضعيفهم ‪ ،‬حتى‬ ‫ه حقوقهم ‪ ،‬وس ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ه لعبادِ اللهِ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫م ُ‬‫ظل ُ‬‫ُ‬
‫من لم يجد ْ له عليك ناصرا ً إل‬ ‫فم ّ‬ ‫قال أحد ُ الحكماِء ‪ :‬خ ْ‬
‫الله ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ن عواق ِ‬ ‫نع ْ‬ ‫ة في الذها ِ‬ ‫خ المم ِ أمثل ً‬ ‫ولقد ْ حفظ لنا تاري ُ‬
‫ظلمةِ ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن الطفيل يكيد للرسول ‪ ، ‬ويحاو ُ‬
‫ل‬ ‫فهذا عامُر ب ُ‬
‫ره ‪،‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ه بغد ّةٍ في ن ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فيدعو عليه ‪ ، ‬فيبتليه الل ُ‬ ‫اغتيال ُ‬
‫خ من اللم ِ ‪.‬‬ ‫ت لساعِته ‪ ،‬وهو يصر ُ‬ ‫فيمو ُ‬
‫س يؤذي رسول اللهِ ‪ ، ‬ويسعى في تدبِير‬ ‫ن قي ٍ‬ ‫وأربد ُ ب ُ‬
‫ة تحرُقه هو‬ ‫ه عليه صاعق ً‬ ‫ل الل ُ‬ ‫قت ْل ِهِ ‪ ،‬فيدعو عليه ‪ ،‬فُينز ُ‬
‫وبعيُره ‪.‬‬
‫ت قصيرٍ ‪ ،‬دعا‬ ‫ج سعيد بن جبيرٍ بوق ٍ‬ ‫ن يقُتل الحجا ُ‬ ‫وقبل أ ْ‬
‫ه على أحدٍ بعدي ‪ .‬فأصاب‬ ‫م ل تسل ّط ْ ُ‬ ‫عليه سعيد ٌ وقال ‪ :‬الّله ّ‬
‫ور‬ ‫مهِ ‪ ،‬فأخذ يخ ُ‬ ‫م انتشر في جس ِ‬ ‫ج في يدهِ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫خّرا ٌ‬ ‫ج ُ‬ ‫الحجا َ‬
‫كما يخوُر الثوُر ‪ ،‬ثم مات في حالةٍ مؤسفةٍ ‪.‬‬
‫ن أبي جعفرِ المنصورِ ‪،‬‬ ‫وفا ً م ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن الثوريّ َ‬ ‫واختفى سفيا ُ‬
‫ن داخل الحرم ِ ‪،‬‬ ‫ي وسفيا ُ‬ ‫م المك ّ ّ‬ ‫وخرج أبو جعفر يريد ُ الحر َ‬
‫ل أن ل‬ ‫ن وأخذ بأستارِ الكعبةِ ‪ ،‬ودعا الله عّز وج ّ‬ ‫فقام سفيا ُ‬
‫ن قبل‬ ‫ل أبت جعفر بيته ‪ ،‬فمات أبو جعفر عند بئرِ ميمو ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫ي ُدِ ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫دخوِله مك ّ َ‬
‫ك في إيذاِء‬ ‫ي ُيشار ُ‬ ‫وأحمد ُ بن أبي دؤاد ٍ القاضي المعتزل ّ‬
‫ه بمرض‬ ‫المام ِ أحمد ِ بن حنبل فيدعو عليهم فُيصيُبه الل ُ‬
‫ب‬‫ف جسمي ‪ ،‬فلوْ وقع عليه الذبا ُ‬ ‫ما نص ُ‬ ‫الفالِج فكان يقول ‪ :‬أ ّ‬
‫رض‬ ‫ف الخُر ‪ ،‬فلو قُ ِ‬ ‫ما النص ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن القيامة قام ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫لظنن ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫بالمقاريض ما أحسس ُ‬
‫ت الوزيرِ ‪،‬‬ ‫ن حنبل أيضا ً على ابن الّزّيا ِ‬ ‫ويدعو أحمد ُ ب ُ‬
‫ن من نارٍ ‪،‬‬ ‫ه في فر ٍ‬ ‫ن أخذ َهُ ‪ ،‬وجعَل َ ُ‬ ‫ه عليه م ْ‬ ‫ط الل ُ‬ ‫فيسل ّ ُ‬
‫سه ‪.‬‬ ‫وضرب المسامير في رأ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪248‬‬
‫ل‬ ‫ن جما ِ‬ ‫ب المسلمين في سج ِ‬ ‫ي كان يعذ ّ ُ‬ ‫وحمزةُ البسيون ّ‬
‫ه‬ ‫م لضعَ ُ‬ ‫ل في كلمةٍ له مؤذية ‪ » :‬أين إُلهك ْ‬ ‫دالناصر ‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫عب ِ‬
‫ل الظالمون علوّا ً كبيرا ً ‪.‬‬ ‫ما يقو ُ‬ ‫هع ّ‬ ‫في الحديدِ « ؟ تعالى الل ُ‬
‫ة‬
‫ج من القاهرةِ إلى السكندري ِ‬ ‫ت سيارُته – وهو خار ٌ‬ ‫فاصطدم ْ‬
‫ن أعلى‬ ‫ل حديدا ً ‪ ،‬فدخل الحديد ُ في جسمه م ْ‬ ‫– بشاحنةٍ تحم ُ‬
‫وه إل قطعا ً ﴿‬ ‫ن ُيخرج ُ‬ ‫جَز المنقذون أ ْ‬ ‫سهِ إلى أحشاِئه ‪ ،‬وع َ َ‬ ‫رأ ِ‬
‫وظَّنوا‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ر ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫غي ْ‬ ‫ض بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫في اْل َْر‬ ‫جُنودُهُ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ست َك ْب ََر ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫و ً‬ ‫مّنا ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق ّ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قالوا َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِلي َْنا ل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة﴾‬ ‫و ً‬ ‫ق ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫وأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وا أ ّ‬ ‫م ي ََر ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫أ َ‬
‫‪.‬‬
‫ن أكثَر في‬ ‫م ْ‬ ‫دالناصرِ ‪ ،‬وم ّ‬ ‫ن قادةِ عب ِ‬ ‫ح نصرٍ م ْ‬ ‫وكذلك صل ُ‬
‫ض‬ ‫ن عشرةِ أمرا ٍ‬ ‫ض الظّلم والفساد ‪ ،‬أصيب بأكثر م ْ‬ ‫الر ِ‬
‫ن عمرِهِ في تعاسةٍ ‪،‬‬ ‫تم ْ‬ ‫دة سنوا ٍ‬ ‫منةٍ ‪ ،‬عاش ع ّ‬ ‫مز ِ‬ ‫مؤلمةٍ ُ‬
‫ب علجا ً ‪ ،‬حتى مات سجينا ً مزجوجا ً بهِ في‬ ‫ه الط ّ‬ ‫ولم يجد ْ ل ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫مه ْ‬ ‫ت زعماِئه الذين كان يخد ُ‬ ‫زنزانا ِ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫فأ َك ْث َُروا ِ‬ ‫في ال ْب َِلِد}‪َ {11‬‬ ‫وا ِ‬ ‫غ ْ‬ ‫ن طَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ب﴾ ‪،‬‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ط َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َرب ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬ ‫د}‪َ {12‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ف َ‬ ‫سا َ‬ ‫ف َ‬
‫ملي للظالم ِ ‪ ،‬حتى إذا أخذهُ لم‬ ‫ن الله لي ُ ْ‬ ‫)) إ ّ‬
‫ق دعوة المظلوم ِ ‪ ،‬فإنه ليس بينها‬ ‫فل ِْته (( ‪ )) ،‬وات ّ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ه حجا ٌ‬ ‫وبين الل ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫مني فأر َ‬ ‫ن الرجل ليظل ُ‬ ‫ي‪:‬إ ّ‬ ‫م التيم ّ‬ ‫قال إبراهي ُ‬
‫ن خراسان ‪ ،‬فجعل يبكي ‪،‬‬ ‫ل صالح م ْ‬ ‫ت دنانيُر لرج ٍ‬ ‫سرق ْ‬ ‫و ُ‬
‫ن الله سوف‬ ‫تأ ّ‬ ‫ل ‪ِ :‬لم تبكي ؟ قال ‪ :‬ذكر ُ‬ ‫فقال له الفضي ُ‬
‫ة له ‪.‬‬ ‫ت رحم ً‬ ‫ق يوم القيامةِ ‪ ،‬فبكي ُ‬ ‫يجمُعني بهذا السار ِ‬
‫ل تمرا ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ف ‪ ،‬فأهدى للر ُ‬ ‫ل أحد علماِء السل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫واغتاب ر ُ‬
‫ه صنع لي معروفا ً ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬لن ُ‬
‫*****************************************‬

‫ب أنا‬
‫ت ‪ :‬بالبا ِ‬
‫قل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪249‬‬
‫ب عليها‬ ‫ة ‪ ،‬مكتو ٌ‬
‫على هيئةِ المم ِ المتحدةِ بنيويورك لوح ٌ‬
‫ي السعدي الشيرازي ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫ة للشاعرِ العالم ّ‬
‫ة جميل ٌ‬‫قطع ٌ‬
‫ُ‬
‫ت إلى النجليزيةِ وهي تدعو إلى الخاِء واللفةِ والتحادِ‬ ‫ترجم ْ‬
‫‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫ب‬ ‫قال لي المحبو ُ‬ ‫ت‬ ‫ن ببابي قل ُ‬ ‫م ْ‬
‫أخطأت‬ ‫ه‬‫ما زرت ُ ُ‬ ‫قال ل‬
‫لي ّ‬ ‫فيه‬ ‫ب أنا‬ ‫بالبا ِ‬
‫رقت‬ ‫حينما ف ّ‬
‫الهوى‬
‫ما‬ ‫م فل ّ‬ ‫عا ٌ‬‫تعريف‬‫ومضى‬ ‫نا‬
‫عليه‬ ‫أطُرقُ الباب بي ْن َ َ‬
‫ه‬
‫ت‬‫جئت ُ َ ُ‬ ‫ن أن‬ ‫قال لي م ْ‬ ‫ب‬ ‫هنا ِ‬ ‫بالبا ِ‬‫مو‬ ‫ت ُ‬ ‫ثم ّ إل ّ أن َ‬
‫ليأن ْظ ُْر فما‬
‫أحسنت‬ ‫ت‬
‫قال ُ‬ ‫قل‬ ‫هنا‬
‫ب‬ ‫حُ ّ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫وع ََرفْ َ‬
‫تعريف الهوى‬ ‫ل يا أنا‬ ‫خ ْ‬ ‫فاد ُ‬
‫ح إليه ‪،‬‬ ‫س إليه ‪ ،‬ويرتا ُ‬ ‫ن أٍخ مفيدٍ يأن ُ‬ ‫لب ُد ّ للعبد م ْ‬
‫عل ّلي‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه ‪ ،‬ويبادُله ود ّا ً بود ّ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ه وأتراح ُ‬ ‫كه أفراح ُ‬ ‫وُيشار ُ‬
‫ه‬
‫شدُدْ ب ِ ِ‬ ‫خي}‪ {30‬ا ْ‬ ‫ن أَ ِ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫هِلي}‪َ {29‬‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫زيرا ً ّ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫سب ّ َ‬‫ي نُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫{‬ ‫‪32‬‬ ‫ري}‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫{‬ ‫‪31‬‬ ‫ري}‬ ‫ِ‬ ‫ز‬‫ْ‬
‫ً‬
‫ك كِثيرا ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون َذْكَر َ‬ ‫كِثيرا}‪َ {33‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ن شكوى إلى‬ ‫ولبد ّ م ْ‬ ‫ُيواسيك أو ُيسِليك أو‬
‫ذي قرابةٍ‬ ‫ع‬
‫ج ُ‬ ‫ي ََتو ّ‬
‫َ‬ ‫ضه م أ َ‬
‫ص‬‫صو ٌ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ن ّ‬ ‫هم ُبنَيا ٌ‬ ‫ض ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َأن ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ياء‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫ع ُ ُ ْ‬ ‫﴿ بَ ْ‬
‫وةٌ ﴾ ‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫م ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫لو‬ ‫ق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وأ َل ّ‬
‫‪َ ﴿،‬‬ ‫﴾‬
‫ِ‬
‫******************************************‬
‫ب‬
‫ن صاح ٍ‬
‫لبدّ م ْ‬
‫صحبُته ‪،‬‬
‫ن تنفُعك ُ‬‫ن تجد م ْ‬
‫ب السعادةِ أ ْ‬
‫ن أسبا ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫دك رفقُته ‪ )) .‬أين المتحاّبون في جللي ‪ ،‬اليوم‬ ‫وُتسع ُ‬
‫ل إل ظّلي (( ‪.‬‬ ‫م في ظِّلي يوم ل ظِ ّ‬ ‫ُ‬
‫أظِّله ْ‬
‫ه وتفّرقا‬ ‫ه ‪ ،‬اجتمعا علي ِ‬ ‫ن تحاّبا في الل ِ‬ ‫)) ورجل ِ‬
‫علِيه (( ‪.‬‬
‫*******************************************‬
‫ي‬
‫ي وعقل ّ‬
‫ب شرع ّ‬
‫ن مطل ٌ‬
‫م ُ‬
‫ال ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪250‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ذي‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬
‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫﴿أ ْ‬
‫خوف﴾ ‪﴿ ،‬أ َ‬ ‫أَ‬
‫كن‬ ‫م ّ‬ ‫م نُ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫هم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫َ‬ ‫وآ‬ ‫ٍ َ‬ ‫ع‬ ‫جو‬ ‫ُ‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫هم‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ه‬‫غ ُ‬ ‫م أب ْل ِ ْ‬ ‫منا ﴾ ‪ ﴿ ،‬ث ُ ّ‬ ‫نآ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫خل ُ‬ ‫من دَ َ‬ ‫و َ‬ ‫منا ً﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫حَرما ً آ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لّ ُ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫ْ‬
‫من َ ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ى في بدن ِ ِ‬ ‫معاف ً‬ ‫ه‪ُ ،‬‬ ‫سْرب ِ ِ‬ ‫منا ً في ِ‬ ‫ن بات آ ِ‬ ‫)) م ْ‬
‫رها‬ ‫ت له الدنيا بحذافي ِ‬ ‫حيز ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فكأّنما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ت يو ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫عنده ُ‬
‫(( ‪.‬‬
‫خه في معرفةِ الحقّ ‪،‬‬ ‫ب ‪ :‬إيماُنه ورسو ُ‬ ‫ن القل ِ‬ ‫فأم ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ؤه باليقي ِ‬ ‫وامتل ُ‬
‫ن‬ ‫ده ع ِ‬ ‫ف ‪ ،‬وب ُعْ ُ‬ ‫ت ‪ :‬سلمُته من النحرا ِ‬ ‫ن البي ِ‬ ‫م ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ن الّرّبان ّ‬ ‫الرذيلةِ ‪ ،‬وامتلؤ ُهُ بالسكينةِ ‪ ،‬واهتداؤه بالبرها ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫رها بالعَد ْ ِ‬ ‫ة أم ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وإقام ُ‬ ‫مُعها بالح ّ‬ ‫ة‪:‬ج ْ‬ ‫ن الم ِ‬ ‫م ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫ورعايُتها بالشريعةِ ‪.‬‬
‫ب﴾ ‪﴿،‬‬ ‫ق ُ‬ ‫خاِئفا ً ي َت ََر ّ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن﴿ َ‬ ‫والخوف عدوّ الم ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ن ِإن ُ‬ ‫فو ِ‬ ‫خا ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فو ُ‬ ‫خا ُ‬ ‫فل َ ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ض‪.‬‬ ‫حد ٍ ‪ ،‬ول عيش لمري ٍ‬ ‫من لمل ِ‬ ‫ف ول أ ْ‬ ‫ول راحة لخائ ٍ‬
‫ة‬‫ح ٌ‬ ‫إّنما الُعمُر ص ّ‬ ‫ر‬
‫فإذا وليا عن الُعم ِ‬
‫ف‬ ‫وكفا ٌ‬ ‫وّلى‬
‫ن‬ ‫تم ْ‬ ‫ب فسد ْ‬ ‫ن جان ٍ‬ ‫تم ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫نص ّ‬ ‫دنيا ‪ ،‬إ ْ‬ ‫س ال ّ‬ ‫للهِ ما أْتع َ‬
‫م‬ ‫ح الجس ُ‬ ‫نص ّ‬ ‫م ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ض الجس ُ‬ ‫مرِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أقبل الما ُ‬ ‫ب آخر ‪ ،‬إ ْ‬ ‫جان ٍ‬
‫ل‬ ‫ل واستقام المُر ح ّ‬ ‫ن صُلح الحا ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ت المصائ ُ‬ ‫حل ّ ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫المو ُ‬
‫ل‪‬‬ ‫ن ) نجد ٍ ( إلى الرسو ِ‬ ‫خرج الشاعُر العشى م ْ‬
‫م ‪ ،‬فعرض له أبو سفيان فأعطاه ُ مائة‬ ‫حه بقصيدةٍ ويسل ُ‬ ‫يمتد ُ‬
‫ن يترك سَفَره ُ ويعود إلى ديارِهِ ‪ ،‬فأخذ البل‬ ‫ناقةٍ ‪ ،‬على أ ْ‬
‫سهِ ‪،‬‬ ‫ت به ‪ ،‬فسقط على رأ ِ‬ ‫وعاد ‪ ،‬وركب أحدها فهو جل ْ‬
‫م قصيدُته‬ ‫ن ول دنيا‪ .‬أ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وفارق الحياة ‪ ،‬بل دي ٍ‬ ‫ت عنُق ُ‬ ‫فاندقّ ْ‬
‫التي هّيأها ليقولها بين يديْ رسول اللهِ ‪ ، ‬فهي بديع ُ‬
‫ة‬
‫ل فيها‪:‬‬ ‫ن يقو ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪251‬‬
‫ب‬ ‫ب وشي ٌ‬ ‫شبا ٌ‬ ‫دهُر كيف‬ ‫فلل ّهِ هذا ال ّ‬
‫وثرو ْةٌ‬
‫ل‬ ‫م تْرح‬ ‫وافتقاٌر ْ‬
‫إذا أنت ل‬ ‫ت‬‫ددا ِ‬
‫ولقيت بعد تر ّ‬
‫المو‬
‫تقى‬
‫نل‬ ‫علىالأ ّ ْ‬
‫متدٍ من‬ ‫ند ْبزا‬ ‫ودا‬
‫تز ّلما‬ ‫نت ُْرقد ْ ِ‬
‫صد ْ‬ ‫وأّنك لم ْ‬
‫مْ‬
‫تكون كمث ْل ِ ِ‬
‫ه‬ ‫دا‬‫كان أْرص َ‬
‫***************************************‬
‫ة‬
‫أمجادٌ زائل ٌ‬
‫ة‪،‬‬ ‫م ً‬ ‫ة تا ّ‬ ‫ن تكون دائم ً‬ ‫ن لوازم ِ السعادةِ الحّقةِ أ ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ب والشهادةِ ‪،‬‬ ‫ن تكون في الدنيا والخرةِ ‪ ،‬في الغي ِ‬ ‫مها أ ْ‬ ‫فدوا ُ‬
‫اليوم وغدا ً ‪.‬‬
‫سنها‬ ‫ه محا ِ‬ ‫ش وج ُ‬ ‫خد َ‬ ‫نلي ْ‬ ‫ن ل ُينّغصها نك َد ٌ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫مها أ ْ‬ ‫وتما ُ‬
‫ط‪.‬‬ ‫بسخ ٍ‬
‫ة‬
‫ق – تحت شجر ٍ‬ ‫ك العرا ِ‬ ‫ن المنذرِ – مل ُ‬ ‫نب ُ‬ ‫جلس النعما ُ‬
‫ن‬ ‫ن زيد – وكان حكيما ً – أ ْ‬ ‫مَر فأراد عديّ ب ُ‬ ‫خ ْ‬
‫ب ال َ‬ ‫متنّزها ً يشر ُ‬
‫ه‬
‫ل هذ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬أتدري ماذا تقو ُ‬ ‫ظ فقال له ‪ :‬أّيها المل ُ‬ ‫يعظه بلف ٍ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ك ‪ :‬ماذا تقول ‪ :‬قال عديّ ‪ :‬تقو ُ‬ ‫شجرةُ ؟ قال المل ُ‬ ‫ال ّ‬
‫خوا‬ ‫ب قد ْ أنا ُ‬ ‫ب رك ِ‬ ‫ُر ّ‬ ‫جون الخمر‬ ‫مُز ُ‬ ‫ي ْ‬
‫عب‬‫حولنا‬
‫م صاروا ل َ ِ‬ ‫ث ّ‬ ‫زلل ْ ً‬
‫ل‬ ‫دهُرال ّحا‬‫بالما ِّء‬
‫وكذاك ال‬
‫درا ً حتى‬ ‫م‬
‫وبقي به ْ‬
‫متك ّ‬ ‫ل‪ ،‬وترك الخمر ‪ ،‬الد ّهُْر‬ ‫ن ْ‬‫النعماحا ُ‬
‫ص بعد‬ ‫فتنغ ُ‬
‫مات ‪.‬‬
‫ة‬
‫ن وخمسمائ ِ‬ ‫وهذا شاهُ إيران الذي احتفل بمرورِ ألفي ِ‬
‫ط لتوسيِع نفوِذه‬ ‫سنةٍ على قيام الدولةِ الفارسي ّةِ ‪ ،‬وكان ُيخط ّ ُ‬
‫ن بلد ِهِ ‪ ،‬ثم ُيسلب سلطاُنه‬ ‫ط ملكهِ على بقعةٍ أكبر م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫‪ ،‬وب ْ‬
‫ع‬ ‫ز ُ‬ ‫وَتن ِ‬ ‫شاء َ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْ َ‬‫ؤِتي ال ْ ُ‬ ‫بين عشي ّةٍ وضحاها ﴿ ت ُ ْ‬
‫شاء ﴾ ‪.‬‬ ‫من ت َ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ك ِ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ت مشّردا ً‬ ‫ن قصورِهِ وُدورِهِ ودنياه طردا ً ‪ ،‬ويمو ُ‬ ‫ويطُرد ُ م ْ‬
‫من‬ ‫كوا ِ‬ ‫م ت ََر ُ‬ ‫بعيدا ً محُروما ً مفلسا ً ‪ ،‬ل يبكي عليه أحد ٌ ‪ ﴿ :‬ك َ ْ‬
‫م}‪{26‬‬ ‫ري ٍ‬ ‫قام ٍ ك َ ِ‬ ‫م َ‬‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫وُزُرو ٍ‬ ‫ن}‪َ {25‬‬ ‫عُيو ٍ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫هي َ‬ ‫فاك ِ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬‫ع َ‬
‫ون َ ْ‬‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪252‬‬
‫س رومانيا ‪ ،‬الذي حكم اثنتين‬ ‫وكذلك شاوشيسكو رئي ُ‬
‫م يحي ُ‬
‫ط‬ ‫ص سبعين ألفا ً ‪ ،‬ث ّ‬ ‫سه الخا ّ‬ ‫حَر ُ‬ ‫وعشرين سنة ‪ ،‬وكان َ‬
‫ه‬‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه وجنودهُ إربا ً إربا ً ﴿ َ‬ ‫شعُبه بقصرِهِ ‪ ،‬فيمّزقون ُ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫صُرون َ ُ‬ ‫ة َين ُ‬ ‫فئ َ ٍ‬
‫من ِ‬ ‫ِ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬لقد ْ ذهب ‪ ،‬فل دنيا ول آخرة ‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬‫منت َ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ن ماركوس ‪ :‬جمع الرئاسة والمال ‪،‬‬ ‫س الفلبي ِ‬ ‫وذاك رئي ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬وأسقاها كأس الهوا ِ‬ ‫مته أصناف الذ ّ ّ‬ ‫ولكّنه أذاق أ ّ‬
‫ن‬ ‫غصص التعاسةِ والشقاِء ‪ ،‬فإذا هو مشّرد ٌ م ْ‬ ‫ه ُ‬‫فأذاقه الل ُ‬
‫ت‬ ‫ك مأوى يأوي إليه ‪ ،‬ويمو ُ‬ ‫ن أهِله وسلطاِنه ‪ ،‬ل يمل ُ‬ ‫بلدِهِ وم ْ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن في بلد ِهِ ‪ ﴿ :‬أل َ ْ‬ ‫ه أن ُيدفَ َ‬ ‫ض شعب ُ ُ‬ ‫شقي ّا ً ‪ ،‬يرف ُ‬
‫ة‬ ‫خَر ِ‬ ‫ل اْل ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫خذَهُ الل ّ ُ‬‫فأ َ َ‬ ‫ل﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ضِلي ٍ‬ ‫في ت َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ك َي ْدَ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫ذنب ِ ِ‬ ‫خذَْنا ب ِ َ‬ ‫فك ُّل ً أ َ َ‬
‫لوَلى﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وا ْ ُ‬
‫َ‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫ب الفضائل أكالي ٌ‬
‫ل على هام ِ‬ ‫اكتسا ُ‬
‫ة‬
‫ة السعيد ِ‬
‫الحيا ِ‬
‫ي يكسب السعادة والمن‬ ‫ب من العبدِ لك ْ‬ ‫مطلو ٌ‬
‫ت‬ ‫ن ُيسارع إلى الصفا ِ‬ ‫والراحة ‪ ،‬أن ُيبادر إلى الفضائل ‪ ،‬وأ ْ‬
‫عك‬ ‫ص على ما ينف ُ‬ ‫ل الجميلةِ )) احر ْ‬ ‫الحميدةِ والفعا ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫ع ْ‬‫واست ِ‬
‫ة‬
‫ه في الجن ِ‬ ‫ل الرسول ‪ ‬مرافَقت َ ُ‬ ‫أحد ُ الصحابةِ يسأ ُ‬
‫ة السجوِد ‪ ،‬فإّنك‬ ‫سك بكْثر ِ‬ ‫عّني على نف ِ‬ ‫فيقول ‪ )) :‬أ ِ‬
‫عك بها درجة (( ‪ .‬والخُر‬ ‫ف َ‬‫ه سجدةً ‪ ،‬إل ّ َر َ‬ ‫جدُ لل ِ‬ ‫ل تس ُ‬
‫ل‬‫ل له ‪ )) :‬ل يزا ُ‬ ‫ب جامٍع من الخيرِ ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫ن با ٍ‬ ‫لع ْ‬ ‫يسأ ُ‬
‫ل له ‪:‬‬ ‫ل فيقو ُ‬ ‫ث يسأ ُ‬ ‫ه (( ‪ .‬وثال ٌ‬ ‫لساُنك رطبا ُ من ذكر الل ِ‬
‫د‬
‫ن أح ٌ‬ ‫دك أحدا ً ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ن بي ِ‬ ‫رب ّ‬ ‫ن أحدا ً ‪ ،‬ول تض ِ‬ ‫سب ّ ّ‬
‫)) ل ت ُ‬
‫م فيه ‪ ،‬ول‬ ‫سب ّّنه بما تعل ُ‬ ‫م فيك فل ت ُ‬ ‫سّبك بما يعل ُ‬
‫وك‬ ‫ن دَل ْ ِ‬‫رغ م ْ‬ ‫ف ِ‬‫ن تُ ْ‬ ‫ف شيئا ً ‪ ،‬ولو أ ْ‬ ‫ن من المعرو ِ‬ ‫قر ّ‬
‫تح ِ‬
‫ء المستقي (( ‪.‬‬ ‫في إنا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪253‬‬
‫روا‬ ‫مسارعة ‪ )) :‬باد ِ‬ ‫ن المر يقتضي المباد ََرة َ وال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫س (( ‪﴿ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ل فتنا ً (( ‪ )) ،‬اغتن ِ ْ‬
‫م خمسا قبل خم ٍ‬ ‫بالعما ِ‬
‫كاُنوا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة ﴾‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫جن ّ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عوا ْ إ َِلى َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫ل الب ِّر ‪ ،‬ول‬ ‫خي ْرِ ‪ ،‬ول تنتظْر في عم ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ل في فِعْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُته ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ب الفضائ ِ‬ ‫ف في ط َل َ ِ‬ ‫ُتسوّ ْ‬
‫ب المرءِ‬ ‫ت قل ِ‬ ‫دّقا ُ‬ ‫ق‬
‫ن الحياة دقائ ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫سو َ‬ ‫فله ُ‬ ‫نا ِ‬ ‫ة‬
‫قائل َ ٌ‬ ‫مت َ‬ ‫س ال ْ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫فل ْي َت ََنا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َ‬ ‫وثواذَل ِ‬ ‫في‬ ‫و ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫مه ‪ ،‬يرى شاب ّا ً يجّر‬ ‫جد ُ‬ ‫ن ط ُِعن وث َ ّ‬ ‫ب بعد أ ْ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫عمُر ب ُ‬
‫ع إزارك ‪،‬‬ ‫ف ْ‬ ‫إزاره ‪ ،‬فقال له عمُر ‪ )) :‬يا ابن أخي ‪ ،‬اْر َ‬
‫ه أتقى لرّبك ‪ ،‬وأْنقى لثوبك (( ‪ .‬وهذا أمٌر‬ ‫فإن ُ‬
‫م َأن‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫شاء ِ‬ ‫من َ‬ ‫ت ﴿ لِ َ‬ ‫ت المو ِ‬ ‫ف في سكرا ِ‬ ‫بالمعرو ِ‬
‫خَر ﴾ ‪.‬‬ ‫و ي َت َأ َ ّ‬ ‫مأ ْ‬
‫َ‬
‫قدّ َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ل ‪ ،‬والخلود ِ إلى‬ ‫ل بالنوم ِ الطوي ِ‬ ‫ن السعادة ل تحص ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ر َ‬ ‫كن ك َ ِ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫ل‪َ ﴿.‬‬ ‫طراِح الفضائ ِ‬ ‫جرِ المعالي ‪ ،‬وا ّ‬ ‫دعةِ ‪ ،‬وهَ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‬ ‫دي َ‬ ‫ع ِ‬‫قا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فث َب ّطَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عاث َ ُ‬ ‫ه انب ِ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫س الهابط ِ‬ ‫دني ّةِ والنفو ِ‬ ‫ب الهمم ِ ال ّ‬ ‫ن منطق أصحا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ما‬ ‫عندََنا َ‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫حّر ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل ّ ْ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫ل ‪ ﴿ :‬ل َ َتن ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫قت ُِلوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫ماُتوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ل الخيرِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن ِفع ِ‬ ‫وقد نهي العبد ُ بالوحي عن الّتأخرِ ع ْ‬
‫م إ َِلى‬ ‫قل ْت ُ ْ‬ ‫ه اّثا َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫م ان ِ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫خل َ َ‬
‫د‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫وَلـك ِن ّ ُ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫من ل ّي ُب َطّئ َ ّ‬ ‫م لَ َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ض﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫َ ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫ال َ‬
‫ب﴾‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫هـ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غَرا ِ‬ ‫ذا ال ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن أكو َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫جْز ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض﴾‪﴿،‬أ َ‬ ‫إ ِلى الْر َ ِ‬
‫ة﴾‪﴿،‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫عَلى ال ِ‬ ‫حَياةَ ال ْدّن َْيا َ‬ ‫حّبوا ْ ال ْ َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ب ِأن ّ ُ‬ ‫﴿ ذَل ِ َ‬
‫ة‬ ‫صل َ ِ‬ ‫موا ْ إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫شُلوا ْ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ف َ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫عوا ْ َ‬ ‫ول َ ت ََناَز ُ‬ ‫َ‬
‫م إني أعوذُ بك من‬ ‫ّ‬
‫سالى ﴾ ‪ )) ،‬الله ّ‬ ‫َ‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫َ‬
‫مل لما‬ ‫فسه وع ِ‬ ‫ن دان ن ْ‬ ‫سم ْ‬ ‫ل (( ‪ )) ،‬والكي ُ ُ‬ ‫الكس ِ‬
‫سه هواها ‪ ،‬وتمّنى‬ ‫ف َ‬ ‫ع نَ ْ‬ ‫ن أت ْب َ َ‬ ‫ت ‪ ،‬والعاجُز م ْ‬ ‫بعد المو ِ‬
‫ه الماني (( ‪.‬‬ ‫على الل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪254‬‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫هنا‬
‫م هناك ل ُ‬
‫خلدُ والنعي ُ‬
‫ال ُ‬
‫ن كنت‬ ‫ى غني ّا ً مخّلدا ً ؟ إ ْ‬ ‫معاف ً‬ ‫ل تريد ُ أن تبقى شاب ّا ً ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ن‬‫ل هناك في الخرةِ ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ه ليس في الدنيا ‪ ،‬ب ْ‬ ‫تريد ُ ذلك فإن ُ‬
‫ماها‬ ‫ه عليها الشقاء والفناء ‪ ،‬وس ّ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫هذهِ الحياة الدنيا ك َن َ َ‬
‫لهوا ً ولِعبا ً ومتاع الغرورِ ‪.‬‬
‫مِفلسا ً ‪ ،‬وهو في عنفوان‬ ‫عاش أحد ُ الشعراِء معدما ً ُ‬
‫ل عليها ‪،‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ة فل يح ُ‬ ‫شباب ِهِ ‪ ،‬يريد ُ درهما ً فل يجد ُهُ ‪ ،‬يريد ُ زوج ً‬
‫ن‬ ‫لم ْ‬ ‫ه ‪ ،‬جاءه ُ الما ُ‬ ‫م ُ‬ ‫سه ‪ ،‬ورقّ عَظ ْ ُ‬ ‫ن وشاب رأ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما كبر ْ‬ ‫فل ّ‬
‫ن هذه‬ ‫ل أمُر زواجهِ وسكِنه ‪ ،‬فتأّوه م ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وسهُ َ‬ ‫ل مكا ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫ت وأنشد ‪:‬‬ ‫المَتاّدا ِ‬
‫ت‬ ‫ت أرجوه ُ إذ كن ُ‬ ‫ما كن ُ‬ ‫ت‬‫ه بعد ما جاوز ُ‬ ‫مل ّك ْت ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫عشرينا‬
‫ت‬ ‫ن بنا ِ‬ ‫طو ُ ابن‬ ‫ت ُ‬ ‫بعينا‬ ‫ظباِء علىس ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مث ُ‬
‫ف بي م ْ‬ ‫ن‬
‫كثبا ِ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫زل ِ ٌ‬
‫ل‬ ‫طول أغ ْ ِ‬
‫اللي‬ ‫ك‬
‫قالوا أنيُنكالّتر ِ‬ ‫يبرينا‬
‫ت‬ ‫فما الذي تشتكي قل ُ‬
‫﴿ أَ‬
‫م‬ ‫رنا ُ ُ‬
‫جاءك‬ ‫سَهِ ُ‬ ‫و ْ‬ ‫من ت َذَك َّر ي َُ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫الثمانينا ي َت َذَك ُّر ِ‬
‫ما‬ ‫كم ّ‬ ‫مْر ُ‬
‫ع ّ‬‫م نُ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬‫م إ ِلي َْنا ل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظّنوا أن ّ ُ‬ ‫ذيُر ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫الن ّ ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ع ٌ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه ٌ‬‫حَياةُ الدّن َْيا إ ِّل ل َ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬ ‫ل تحت ظ ّ‬ ‫ل هذهِ الحياةِ الدنيا كمسافرٍ استظ ّ‬ ‫مث َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫إ ّ‬
‫شجرةٍ ثم ذهب وتركها ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ي‬
‫ج الّربان ّ‬
‫أعداءُ المنه ِ‬
‫ن منهج اللهِ شعرا ً‬ ‫صاّدين ع ْ‬
‫دة ال ّ‬ ‫ً‬
‫ت كتبا للملح ِ‬‫قرأ ُ‬
‫ج الله في‬ ‫ن منه ِ‬ ‫ت كلم هؤلِء المنحرفين ع ْ‬ ‫ونثرا ً ‪ ،‬فرأي ُ‬
‫ت العتداء الجارف على‬ ‫ت سخافاِتهم ‪ ،‬ووجد ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وطالع ُ‬ ‫الر ِ‬
‫ت هذا الّركام‬ ‫ئ الحقةِ ‪ ،‬وعلى التعاليم ِ الّرّبانّية ‪ ،‬ووجد ُ‬ ‫المباد ِ‬
‫ن‬ ‫سوِء أدِبهم ‪ ،‬وم ْ‬‫ن ُ‬‫تم ْ‬‫الرخص الذي تفوّهَ به هؤلء ورأي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪255‬‬
‫س ما قالوه وما‬ ‫ن ينُقل للنا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قل ّةِ حياِئهم‪ ،‬ما يستحي النسا ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫كتبوه وما أنشدو ُ‬
‫ل مبدأ ً ولم يستشعِْر‬ ‫م يحم ْ‬ ‫ن النسان إذا ل ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫وعلم ُ‬
‫ن ‪ ،‬وإلى‬ ‫سلخ إنسا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ل إلى داب ّةٍ في ِ‬ ‫ه يتحوّ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فإن ّ ُ‬ ‫رسال ً‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أ َك ْث ََر ُ‬ ‫بأ ّ‬
‫َ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م تَ ْ‬
‫َ‬
‫ل‪﴿:‬أ ْ‬ ‫ج ٍ‬ ‫لر ُ‬ ‫بهيمةٍ في هيك ٍ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫عام ِ ب َ ْ‬ ‫كاْل َن ْ َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سِبيل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫أَ َ‬
‫سعَد ُ هؤلِء‬ ‫ُ‬
‫ت نفسي ‪ ،‬وأنا أقرأ الكتاب ‪ :‬كيف ي َ ْ‬ ‫وسأل ُ‬
‫ك السعادة ويعطيها سبحانه‬ ‫ن اللهِ الذي يمل ُ‬ ‫ضوا ع ِ‬ ‫وقد ْ أعر ُ‬
‫ن يشاُء ؟!‬ ‫وتعالى لم ْ‬
‫كيف يسعد ُ هؤلِء وقد ْ قطعوا الحبال بينهم وبينه ‪،‬‬
‫ة‬
‫ض وبين رحم ِ‬ ‫سهم الهزيلةِ المري ِ‬ ‫وأغلقوا البواب بين أنف ِ‬
‫اللهِ الواسعةِ ؟!‬
‫كيف يسعد ُ هؤلِء وقد أغضُبوا الله ؟!‬
‫وكيف يجدون ارتياحا ً وقد ْ حارُبوه ؟!‬
‫ل أخذ ُيصيُبهم في هذه الداِر‬ ‫ن أول الّنكا ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ولكّني وجد ُ‬
‫ل‬ ‫م ‪ ،‬نكا ُ‬ ‫ن لم يتوبوا – في نار جهن ّ‬ ‫ل أخرويّ – إ ْ‬ ‫ت نكا ٍ‬ ‫دما ِ‬ ‫بمق ّ‬
‫ط‪﴿ :‬‬ ‫ضيقُ ‪ ،‬والنهياُر والحبا ُ‬ ‫م المبالةِ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫الشقاِء ‪ ،‬وعد ُ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ومن أ َ‬
‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عن ِذك ِْ‬ ‫ض َ‬ ‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ن تنتهي‬ ‫م ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن يزول العال ُ‬ ‫م يريد ُ أ ْ‬ ‫ن كثيرا ً منه ْ‬ ‫حتى إ ّ‬
‫ن ُتنسف الدنيا ‪ ،‬وأن ُيفارق هذه المعيشة ‪.‬‬ ‫الحياةُ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ن القاسم المشترك الذي يجمعُ الملحدة الّولين‬ ‫إ ّ‬
‫ة بالقيم ِ‬ ‫ب مع اللهِ ‪ ،‬والمجازف ُ‬ ‫خرين هو ‪ :‬سوُء الد ِ‬ ‫وال ِ‬
‫ض عن‬ ‫خذ ِ والعطاِء والعرا ُ‬ ‫ة في ال ْ‬ ‫عون ُ‬ ‫ئ ‪ ،‬والّر ُ‬ ‫والمباد ِ‬
‫م المبالةِ بما يقولون ويكتبون ويعملون ‪﴿ :‬‬ ‫ب ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫العواق ِ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫وا ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫وى‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫لى‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫س‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫ر‬ ‫ها‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫يا‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫خير َأم من أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ْ‬ ‫َ ْ ٌ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ر َ‬ ‫في َنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫هاَر ب ِ ِ‬ ‫فان ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪256‬‬
‫مهم‬ ‫ن همو ِ‬ ‫صم ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن الح ّ‬
‫ل الوحيد لهؤلِء الملحدةِ ‪ ،‬للّتخل ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن ينتحُروا وُينُهوا هذا‬ ‫ن لم يتوبوا ويهتدوا – أ ْ‬ ‫وأحزاِنهم – إ ّ‬
‫م‬‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫مّر ‪ ،‬والمَر التاِفه الرخيص‪ُ ﴿ :‬‬ ‫العيش ال ُ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ذَل ِك ُ ْ‬‫سك ُ ْ‬ ‫قت ُُلوا ْ َأن ُ‬
‫ف َ‬ ‫فا ْ‬
‫﴾‪َ ﴿،‬‬
‫*******************************************‬
‫دنيا‬
‫ة ال ّ‬
‫حقيق ُ‬
‫ن تقدير‬ ‫ب اللهِ العظيم ِ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن ميزان السعادةِ في كتا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬ ‫الشياِء في ذِك ْرِهِ الحكيم ‪ ،‬فهو يقّرُر الشيء وقيمت ُ‬
‫ن‬ ‫كو َ‬ ‫وَل َأن ي َ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫دنيا والخرةِ ﴿ َ‬ ‫ومردود َه ُ على العبد ِ في ال ّ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫م ِ‬‫ح َ‬ ‫فُر ِبالّر ْ‬ ‫من ي َك ْ ُ‬ ‫عل َْنا ل ِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫حدَةً ل َ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬‫سأ ّ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ن}‬ ‫هُرو َ‬ ‫ها ي َظْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ج َ‬ ‫ر َ‬ ‫عا ِ‬
‫م َ‬ ‫و َ‬‫ة َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ّ‬ ‫من َ‬ ‫قفا ً ّ‬ ‫س ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫ل ِب ُُيوت ِ ِ‬
‫َ‬
‫ن}‪{34‬‬ ‫ؤو َ‬ ‫ها ي َت ّك ِ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫سُررا ً َ‬ ‫و ُ‬ ‫وابا ً َ‬ ‫م أب ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ِب ُُيوت ِ ِ‬ ‫‪َ {33‬‬
‫ة‬
‫خَر ُ‬ ‫واْل ِ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مَتا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ك لَ ّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫وِإن ك ُ ّ‬ ‫خُرفا ً َ‬ ‫وُز ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬ ‫عندَ َرب ّ َ‬ ‫ِ‬
‫دوُرها ‪ ،‬وذهُبها‬ ‫ة الحياةِ ‪ ،‬وقصوُرها و ُ‬ ‫هذهِ هي حقيق ُ‬
‫ضُتها ومناصُبها ‪.‬‬ ‫وف ّ‬
‫ة واحدة ً ‪ ،‬وأن‬ ‫ن تعطي الكافر جمل ً‬ ‫ن تفاهِتها أ ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫س قيمة الحياةٍ الدنيا‪.‬‬ ‫ن ليبّين للنا ِ‬ ‫مَها المؤم ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ب وهو‬ ‫ي الشهير يستغر ُ‬ ‫ن عتبة بن غزوان الصحاب ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ن في حالةٍ مع رسو ِ‬ ‫ب الناس الجمعة ‪ :‬كيف يكو ُ‬ ‫يخط ُ‬
‫ل‬ ‫ه وََرقَ الشجرِ مجاهدا ً في سبي ِ‬ ‫ل مع ُ‬ ‫ق يأك ُ‬ ‫خل ِ‬
‫‪ ، ‬مع سي ّدِ ال َ ْ‬
‫ف‬ ‫م يتخل ّ ُ‬ ‫مهِ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ت عمرِهِ ‪ ،‬وأحلى أيا ِ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬في أْرضى ساعا ِ‬
‫ن أميرا ً على إقليم ٍ ‪ ،‬وحاكما ً على‬ ‫ل اللهِ ‪ ، ‬فيكو ُ‬ ‫ن رسو ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ل ‪ ‬حياةٌ‬ ‫ل بعد وفاةِ الرسو ِ‬ ‫ن الحياة التي ُتقب ُ‬ ‫مقاطعةٍ ‪ ،‬إ ّ‬
‫ة حّقا ً ‪.‬‬ ‫رخيص ٌ‬
‫س‬
‫أرى أشقياء النا ِ‬ ‫م فيها عراةٌ‬ ‫على أّنه ْ‬
‫مونها‬
‫يسأ ُكانت‬ ‫أراهال وإ ْ‬
‫ن‬ ‫نُ‬‫ع‬
‫جعوّ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ة صي ٍو‬ ‫سحاب ُ‬
‫فإنهاّلى إمرة‬ ‫سّر‬ ‫لُ ِ‬ ‫ه الذهو ت‬ ‫شع‬ ‫ل تق ّ‬ ‫قلي ٍ‬
‫وهو يتو‬ ‫ص يصيب ُ ُ‬ ‫أبي وّقا ُ ٍ‬ ‫ن‬
‫سعد ُ ب ُ‬
‫ل‬ ‫ل ‪ ، ‬وقد ْ أكل معه الشجر ‪ ،‬ويأك ُ‬ ‫الكوفةِ بعد َ وفاةِ الرسو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪257‬‬
‫م يسحُقه ‪ ،‬ثم يحتسيهِ على الماِء ‪ ،‬فما‬ ‫جلدا ً مّيتا ً ‪ ،‬يشويهِ ث ّ‬
‫ل‬ ‫ل بعد إدبارِ الرسو ِ‬ ‫لهذهِ الحياةِ وما لقصوِرها وُدوِرها ‪ُ ،‬تقب ُ‬
‫لو َ‬ ‫من ا ْ ُ‬ ‫خي ٌْر ل ّ َ‬ ‫ول َْل ِ‬
‫لى ﴾‬ ‫ك ِ َ‬ ‫خَرةُ َ‬ ‫‪ ، ‬وتأتي بعد ذهابهِ ‪َ ﴿ ‬‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫ن في المر شيٌء ‪ ،‬وفي المسألةِ سّر ‪ ،‬إنها تفاه ُ‬ ‫إذ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ما ٍ‬ ‫من ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫هم ب ِ ِ‬ ‫مدّ ُ‬ ‫ما ن ُ ِ‬ ‫ن أن ّ َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ﴿ أي َ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫الدنيا فَ َ‬
‫ت َبل ّل‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن}‪ {55‬ن ُ َ‬ ‫وب َِني َ‬ ‫َ‬
‫م (( ‪.‬‬ ‫ه ما الفقر أخشى عليك ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ )) ،‬والل ِ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫شَرِبة ‪،‬‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬وهو في الم ْ‬ ‫عمر على رسو ِ‬ ‫م دخل ُ‬ ‫ل ّ‬
‫ورآه على حصيرٍ أّثر في جنبهِ ‪ ،‬وما في بيتهِ إل شعيٌر معل ّقٌ ‪،‬‬
‫مَر ‪.‬‬ ‫ت عينا عُ َ‬ ‫دمع ْ‬
‫س‬‫ل الله ‪ ‬قدوةُ النا ِ‬ ‫ن يكون رسو ُ‬ ‫ن الموقف مؤث ٌّر ‪ ،‬أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‬ ‫سو ِ‬ ‫ذا الّر ُ‬ ‫ه َ‬‫ل َ‬ ‫ما ِ‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫و َ‬ ‫م الجميع ‪ ،‬في هذهِ الحالةِ ﴿ َ‬ ‫وإما ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق﴾‪.‬‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫في اْل ْ‬ ‫شي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عا َ‬ ‫ل الطّ َ‬ ‫ي َأك ُ ُ‬
‫ه عنه ‪ : -‬كسرى وقيصر‬ ‫مُر – رضي الل ُ‬ ‫ل له عُ َ‬ ‫م يقو ُ‬ ‫ث ّ‬
‫ل الله ‪ )) : ‬أفي‬ ‫م يا رسول اللهِ ! قال رسو ُ‬ ‫فيما تعل ُ‬
‫ك أنت يا بن الخطاب ‪ ،‬أما ترضى أن تكون لنا‬ ‫ش ّ‬
‫الخرةُ ولهم الدنيا (( ‪.‬‬
‫ن يرضى‬ ‫م ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ة ‪ ،‬فل ْي َْر َ‬ ‫ة عادل ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وقسم ٌ‬ ‫ة واضح ٌ‬ ‫إنها معادل ٌ‬
‫ن أرادها في‬ ‫ب السعادة م ْ‬ ‫ط ‪ ،‬وليطل ُ ِ‬ ‫ن يسخ ُ‬ ‫طم ْ‬ ‫‪ ،‬ول َْيسخ ْ‬
‫ن‬ ‫ل لها وحدها ‪ ،‬فل ْ‬ ‫درهم ِ والدينارِ والقصرِ والسيارةِ ويعم ْ‬ ‫ال ّ‬
‫يجدها والذي ل إله إل هو ‪.‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫و ّ َ‬ ‫ريدُ ال ْ َ‬ ‫من َ‬
‫ف ُإ ِلي ْ ِ‬ ‫ها ن ُ َ‬ ‫زين َت َ َ‬ ‫و ِ‬ ‫حَياةَ الدّن َْيا َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ك‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ن}‪ {15‬أ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ها ل َ ي ُب ْ َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ما‬ ‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة إ ِل ّ الّناُر َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ن ل َي ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ل ّ‬ ‫وَباطِ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫َ‬
‫عفاٌء على دنيا‬ ‫صالحين‬ ‫فليس بها لل ّ‬
‫رها‬ ‫ت لغي ِ‬
‫****************************************‬ ‫حل ْ ُ‬ ‫َر َ‬ ‫ج‬
‫معَّر ُ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫ح السعاد ِ‬
‫مفتا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪258‬‬
‫ه وأنت في كوٍخ ‪،‬‬ ‫ه وتأل ّْهت ُ‬
‫حته وعبد ْت َ ُ‬ ‫إذا عرفت الله وسب ّ ْ‬
‫خي َْر والسعادة َ والراحة والهدوء ‪.‬‬ ‫وجدت ال َ‬
‫ف ‪ ،‬فلوْ سكنت أرقى القصورِ ‪،‬‬ ‫ن عند النحرا ِ‬ ‫ولك ْ‬
‫م أّنها نهايُتك‬ ‫ل ما تشتهي‪ ،‬فاعل ْ‬ ‫وأوسع الدورِ ‪ ،‬وعندك ك ّ‬
‫ن مفتاح‬ ‫ة ؛ لنك ما ملكت إلى ال ِ‬ ‫مّرةُ ‪ ،‬وتعاسُتك المحقق ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ة‪.‬‬‫السعاد ِ‬
‫ة‬
‫صب َ ِ‬
‫ع ْ‬ ‫ه ل َت َُنوءُ ِبال ْ ُ‬‫ح ُ‬ ‫م َ‬
‫فات ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما إ ِ ّ‬‫ز َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ْك ُُنو‬
‫م َ‬‫وآت َي َْناهُ ِ‬
‫﴿ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫أوِلي ال ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫و ِ‬
‫ق ّ‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫م‬ ‫مُنوا ﴾ ‪ .‬إي ‪ :‬يدفعُ عنه ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ع َ‬‫ف ُ‬‫دا ِ‬
‫ه يُ َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫﴿ إِ ّ‬
‫شرور الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫» هذا إخباٌر ووعد ٌ وبشارةٌ من اللهِ للذين آمنوا ‪ ،‬أنه‬
‫ل‬ ‫ب إيماِنهم – ك ّ‬ ‫ل مكروهٍ ‪ ،‬ويدفعُ عنهم – بسب ِ‬ ‫مك ّ‬ ‫يدفعُ عنه ْ‬
‫ن ‪ ،‬وشروِر‬ ‫ن شرورِ الكفارِ ‪ ،‬وشرورِ وسوسةِ الشيطا ِ‬ ‫شّر م ْ‬
‫ل‬ ‫م عند نزو ِ‬ ‫ل عنه ْ‬ ‫ت أعماِلهم ‪ ،‬ويحم ُ‬ ‫سهم ‪ ،‬وسيئا ِ‬ ‫أنف ِ‬
‫ل‬ ‫ف‪،‬ك ّ‬ ‫م غاية التخفي ِ‬ ‫المكارهِ ما ل يتحملونه ‪ ،‬فُيخّفف عنه ْ‬
‫ن هذه المدافعةِ والفضيلةِ بحسب إيماِنه ‪،‬‬ ‫ن له م ْ‬ ‫مؤم ٍ‬
‫مستكث ٌِر « ‪.‬‬ ‫لو ُ‬ ‫مستق ّ‬ ‫ف ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن أنه ُيسّلى العبد ُ به عند المصائ ِ‬ ‫ت اليما ِ‬ ‫ن ثمرا ِ‬ ‫»م ْ‬
‫د‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫من ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬
‫ب﴿ َ‬ ‫ون عليه الشدائد ُ والّنوائ ُ‬ ‫وُته ّ‬
‫ن عندِ‬ ‫م أنها م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬فيعل ُ‬ ‫ه ﴾ وهو العبد ُ الذي تصيُبه المصيب ُ‬ ‫قل ْب َ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ن لُيخطئه ‪ ،‬وما أخطأه ُ لم يك ُ ْ‬ ‫ن ما أصابه لم يك ُ ْ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن عليه‬ ‫مة ‪ ،‬وتهو ُ‬ ‫م للقدارِ المؤل ِ‬ ‫سل ّ ُ‬
‫لُيصيبه ‪ ،‬فيرضى وي ُ َ‬
‫ن عندِ اللهِ ‪ ،‬وليصاِلها إلى‬ ‫ة ‪ ،‬لصدوِرها م ْ‬ ‫ب المزعج ُ‬ ‫المصائ ُ‬
‫ثواب ِهِ « ‪.‬‬
‫************************************‬
‫ش‬
‫كيف كاُنوا يعي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪259‬‬
‫ن أيام أحدِ الصحابةِ الخبارِ ‪ ،‬وعظماِئهم‬ ‫تعال إلى يوم ٍ م ْ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬مع‬ ‫ب مع ابنهِ رسو ِ‬ ‫ي بن أبي طال ٍ‬ ‫البرارِ ‪ ،‬عل ّ‬
‫ث هو‬ ‫ح الباكرِ ‪ ،‬فيبح ُ‬ ‫ي في الصبا ِ‬ ‫حو عل ّ‬ ‫فلذةِ كبدِهِ ‪ ،‬بص ُ‬
‫ن ‪ ،‬فيرتدي فروا ً على‬ ‫ن طعام ٍ فل يجدا ِ‬ ‫ة عن شيٍء م ْ‬ ‫وفاطم ُ‬
‫ف‬ ‫ب في أطرا ِ‬ ‫س ويذه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ج ‪ ،‬ويتل ّ‬ ‫ن شد ّةِ البردِ ويخر ُ‬ ‫مهِ م ْ‬ ‫جس ِ‬
‫ي عليه‬ ‫م عل ّ‬ ‫ة ‪ ،‬فيقتح ُ‬ ‫المدينةِ ‪ ،‬ويتذكُر يهودي ّا ً عنده مزرع ٌ‬
‫ل اليهوديّ ‪ :‬يا‬ ‫ل ‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫ق الصغيرِ ويدخ ُ‬ ‫ضي ّ ِ‬ ‫باب المزرعةِ ال ّ‬
‫و‬
‫ب هو الدل ُ‬ ‫ب بتمرةٍ ‪ .‬والغر ُ‬ ‫ل غ َْر ٍ‬ ‫رج ك ّ‬ ‫ي ‪ ،‬تعالى وأخ ِ‬ ‫أعراب ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ة مع الجم ِ‬ ‫معاوَن َ ً‬ ‫جه ‪ ،‬أيْ ‪ :‬إظهاُره من البئرِ ُ‬ ‫الكبيُر ‪ ،‬وإخرا ُ‬
‫ن ‪ ،‬حتى‬ ‫ة من الزم ِ‬ ‫ه بره ً‬ ‫ه – مع ُ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي – رضي الل ُ‬ ‫ل عل ّ‬ ‫فيشتغ ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ب تمرا ٍ‬ ‫مه ‪ ،‬فُيعطيهِ بعدد ِ الغرو ِ‬ ‫ل جس ُ‬ ‫رم يداه ويك ّ‬ ‫ت ِ‬
‫ل اللهِ ‪ ‬وُيعطيه منها ‪ ،‬ويبقى هو‬ ‫ب بها ويمّر برسو ِ‬ ‫ويذه ُ‬
‫ل طيلة النهارِ ‪.‬‬ ‫ن هذا التمرِ القلي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة يأكلن ِ‬ ‫وفاطم ُ‬
‫م قد امتل‬ ‫ن بيتهُ ْ‬ ‫هذهِ هي حياتهم ‪ ،‬لكّنهم يشعرون أ ّ‬
‫سعادةً وحبورا ً ونورا ً وسرورا ً ‪.‬‬
‫ل‬‫ث بها الرسو ُ‬ ‫ة التي ُبع َ‬ ‫ش المبادئ الحّق َ‬ ‫ن قلوبهم تعي ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م في‬ ‫مُثل السامية ‪ ،‬فه ْ‬ ‫‪ ، ‬وال ُ‬
‫ل قلبي ّةٍ ‪ ،‬وفي روحانّية ُقدسي ّةٍ ُيبصرون بها الحقّ ‪،‬‬ ‫أعما ٍ‬
‫وُينصرون بها الباطل ‪ ،‬فيعملون لذاك ويجتنبون هذا ‪،‬‬
‫وُيدركون قيمة الشيِء وحقيقة المرِ ‪ ،‬وسّر المسألةِ ‪.‬‬
‫ة هامان ؟!‬ ‫ح وسكين ُ‬ ‫أين سعادةُ قارون ‪ ،‬وسروُر وفر ُ‬
‫ب‬ ‫ج َ‬ ‫ع َ‬ ‫ث أَ ْ‬ ‫غي ْ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والثاني ملعون ﴿ك َ َ‬ ‫ل مدفو ٌ‬ ‫فالو ُ‬
‫طاما ً‬ ‫ح َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫فّرا ً ث ُ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫م ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ال ْك ُ ّ‬
‫م يَ ِ‬ ‫فاَر ن ََبات ُ ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ذن للحقّ ‪،‬‬ ‫ن بلل ً أ ّ‬ ‫مارٍ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل وسلمان وع ّ‬ ‫السعادة ُ عند بل ِ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫مارا ً وّفى الميثاق ﴿ أ ْ‬ ‫ق ‪ ،‬وع ّ‬ ‫صد َ ِ‬ ‫وسلمان آخى على ال ّ‬
‫عن‬ ‫وُز َ‬ ‫ون ََتجا َ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ّ ُ‬ ‫ن ن َت َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫كاُنوا‬ ‫ذي َ‬ ‫ق ال ّ ِ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫عدَ ال ّ‬ ‫و ْ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫في أ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ُيو َ‬
‫******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪260‬‬
‫ر‬
‫صب ْ ِ‬
‫ء في ال ّ‬ ‫أقوا ُ‬
‫ل الحكما ِ‬
‫ه قال ‪ :‬جميعُ المكارِهِ في الدنيا‬ ‫ن أنوشروان أن ُ‬ ‫ُيحكى ع ْ‬
‫ب‬ ‫ة ‪ ،‬فالضطرا ُ‬ ‫حيل ٌ‬ ‫ب فيه ِ‬ ‫م على ضربين ‪ :‬فضر ٌ‬ ‫تنقس ُ‬
‫ب ل حيلة فيه ‪ ،‬فالصطباُر شفاؤُه ُ ‪.‬‬ ‫دواؤه ‪ ،‬وضر ٌ‬
‫ة فيما ل حيلة فيه ‪،‬‬ ‫حيل ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ِ‬ ‫ض الحكماِء يقو ُ‬ ‫كان بع ُ‬
‫الصبُر ‪.‬‬
‫ه النصُر ‪.‬‬ ‫ن اّتبع الصبر ‪ ،‬اّتبعَ ُ‬ ‫ل‪:‬م ِ‬ ‫وكان يقا ُ‬
‫صب ََر قَد ََر‬ ‫ن َ‬ ‫ح الَفَرِج م ْ‬ ‫ل السائرة ‪ ،‬الصبُر مفتا ُ‬ ‫ومن المثا ِ‬
‫ظفُر ‪ ،‬عند اشتداد ِ البلِء يأتي الّرخاُء ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ثمرةُ الصبرِ ال ّ‬
‫ج النْفع‬ ‫ل المساّر ‪ ،‬وار ُ‬ ‫ن خل ِ‬ ‫ف المضاّر م ْ‬ ‫ل‪:‬خ ِ‬ ‫وكان يقا ُ‬
‫م‬‫ت ‪ ،‬فك ْ‬ ‫ب المو ِ‬ ‫ص على الحياةِ بطل ِ‬ ‫ن موضِع المن ِْع ‪ ،‬واحر ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن فناٍء سبُبه البقاِء ‪ ،‬وأكثُر‬ ‫ن بقاٍء سبُبه استدعاُء الفناِء ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِقبل الفزِع ‪.‬‬ ‫نم ْ‬ ‫ما يأتي الم ُ‬
‫خيارا ً ‪.‬‬ ‫ن في الشّر ِ‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫ب تقو ُ‬ ‫والعر ُ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ن بعْ ٍ‬ ‫نم ْ‬ ‫شّر أهو ُ‬ ‫ن بعض ال ّ‬ ‫ي ‪ :‬معناه ُ ‪ :‬أ ّ‬ ‫قال الصمع ّ‬
‫ه‬
‫م أن ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فاعل ْ‬ ‫وقال أبو عبيدة ‪ :‬معناه ُ ‪ :‬إذا أصابْتك مصيب ٌ‬
‫ن عليك مصيبُتك ‪.‬‬ ‫ل منها ‪ ،‬فلتهُ ْ‬ ‫ن أج ّ‬ ‫قد ْ يكو ُ‬
‫ه في الغيوب ‪،‬‬ ‫ب المورِ تتشاب ُ‬ ‫ض الحكماِء ‪ :‬عواق ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫م‬ ‫ب ‪ ،‬وك ْ‬ ‫ب في مكروهٍ ‪ ،‬ومكروهٍ في محبو ٍ‬ ‫ب محبو ٍ‬ ‫فُر ّ‬
‫ؤه ‪.‬‬ ‫ؤه ‪ ،‬ومرحوم ٍ من داٍء هو شفا ُ‬ ‫ط بنعمةٍ هي دا ُ‬ ‫مغبو ٍ‬
‫ن ضّر ‪.‬‬ ‫ن شّر ‪ ،‬ونفٍع م ْ‬ ‫ب خيرٍ م ْ‬ ‫ل ‪ُ :‬ر ّ‬ ‫وكان ُيقا ُ‬
‫شّر‬ ‫ي ‪ ،‬في كلم ٍ له ‪ :‬اصبْر على ال ّ‬ ‫ة السهم ّ‬ ‫وقال وداع ُ‬
‫ن‬ ‫حك ‪ ،‬وتحت الّرغوةِ اللب ُ‬ ‫جلى عما ُيفر ُ‬ ‫حك ‪ ،‬فرّبما أ ْ‬ ‫ن قَد َ َ‬
‫إ ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫صري ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ذا‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ه بالفرِح عند انقطاِع الم ِ‬ ‫يأتي الل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫جاء ُ‬ ‫ذُبوا ْ َ‬ ‫قدْ ك ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫ا ْ‬
‫فى‬ ‫و ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ن ﴾‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صُرَنا﴾ ‪﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫نَ ْ‬
‫ب﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪261‬‬
‫ل وعل – يأتي‬ ‫ن الله – ج ّ‬ ‫ب ‪ :‬وكما أ ّ‬ ‫ض الك ُّتا ِ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ح‬ ‫ه الذي قد ّّر ورود ّ المكروهِ منه‪ ،‬ويفت ُ‬ ‫ب من الوج ِ‬ ‫بالمحبو ِ‬
‫ض سائر‬ ‫ح ّ‬ ‫حيل‪ ،‬لي ُ‬ ‫ل‪ ،‬واستبهام ِ وجوهِ ال ِ‬ ‫بفرج عند انقطاِع الم ِ‬
‫خْلقه بما يريدهم من تمام قدرته ‪ ،‬على صرف الرجاء إليهِ ‪،‬‬
‫ن ل ي َْزُووا وجوهُهم في‬ ‫ل عليه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ص آماِلهم في الّتوك ّ ِ‬ ‫وإخل ِ‬
‫ن توقِّع الّروِْح منه ‪ ،‬فل يعدُلوا بآماِلهم‬ ‫تع ْ‬ ‫ت من الوقا ِ‬ ‫وق ٍ‬
‫در عنه ‪،‬‬ ‫ن انتظارِ فرٍج يص ُ‬ ‫ت‪،‬ع ِ‬ ‫ل من الحال ِ‬ ‫على أيّ حا ٍ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن كفاهم بمحنةٍ يسير ٍ‬ ‫وكذلك أيضا ً يسّرهم فيما ساءهم ‪ ،‬بأ ْ‬
‫م كان أنكى‬ ‫مةٍ سهلةٍ ‪ ،‬م ّ‬ ‫مل ِ ّ‬
‫مب ُ‬ ‫م منها‪ ،‬وافتداهُ ْ‬ ‫ما هو أعظ ُ‬
‫م‪.‬‬‫حقهُ ْ‬ ‫م لو ل ِ‬ ‫فيه ْ‬
‫ل عْتبك محمود ٌ‬ ‫لع ّ‬ ‫ت‬ ‫ح ِ‬ ‫فرّبما ص ّ‬
‫صه‬ ‫هةٍ يخل ّ ُ‬ ‫عواقب ُ‬
‫بمحن ُ‬ ‫ه العب ْد َ‬‫ن الل ُ‬ ‫ربما امتح َ‬ ‫ل‬
‫العابد ُبال‪ِ:‬عل ِ‬
‫م‬‫الجسا ُ‬ ‫قال إسحاقُ‬
‫ل نعمةٍ ‪.‬‬ ‫ة أج ّ‬ ‫بها من الهلكةِ ‪ ،‬فتكون تلك المحن ُ‬
‫ن احتمل المحنة ‪ ،‬ورضي بتدبيرِ اللهِ تعالى‬ ‫نم ِ‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫يقا ُ‬
‫ن منفعِتها ‪ ،‬حتى‬ ‫شد ّةِ ‪ ،‬كشف له ع ْ‬ ‫كبةِ ‪ ،‬وصبر على ال ّ‬ ‫في الن ْ‬
‫ن مصلحِتها ‪.‬‬ ‫يقف على المستورِ عنه م ْ‬
‫م‬ ‫م السل ُ‬ ‫ن بعض النبياِء عليه ُ‬ ‫ض النصارى أ ّ‬ ‫حكي عن بع ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫م ‪ ،‬فطوبى لم ْ‬ ‫ب ل يدو ُ‬ ‫ب من اللهِ ‪ ،‬والد ُ‬ ‫ن تأدي ٌ‬ ‫مح ُ‬ ‫قال ‪ :‬ال ِ‬
‫ب له ُلب ُ‬
‫س‬ ‫ب ‪ ،‬وتثّبت عند المحنةِ ‪ ،‬فيج ُ‬ ‫تصّبر على التأدي ِ‬
‫ل‬ ‫حّبيه ‪ ،‬وأه ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه به ُ‬ ‫ل الغَل َب َةِ ‪ ،‬وتاِج الفلِح ‪ ،‬الذي وعَد َ الل ُ‬ ‫إكلي ِ ِ‬
‫طاعت ِهِ ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫ة المح ِ‬ ‫سن ّ ُ‬ ‫جَر ‪ ،‬إذا أصابْتك أ ِ‬ ‫ض َ‬
‫قال إسحاقُ ‪ :‬احذرِ ال ّ‬
‫ب‬ ‫دي إلى النجاةِ صعْ ُ‬ ‫ن الطريق المؤ ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫فت ِ‬ ‫ض ال ِ‬ ‫وأعرا ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫سل ِ‬
‫الم ْ‬
‫ب الغتباط ‪.‬‬ ‫ج بالصبرِ ‪ُ ،‬يعق ُ‬ ‫قال بزرجمهُر ‪ :‬انتظاُر الَفَر ِ‬
‫******************************************‬
‫ب‬
‫ه ل يخي ُ‬ ‫ن الظّ ّ‬
‫ن بالل ِ‬ ‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫ن بي ما شاء (( ‪.‬‬
‫ن عبدي بي ‪ ،‬فليظ ّ‬
‫)) أنا عند ظ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪262‬‬
‫ن عليه ‪.‬‬ ‫معي ُ‬ ‫ن الرجاء ماد ّة ُ الصبرِ ‪ ،‬وال ُ‬ ‫ب‪:‬إ ّ‬ ‫ض الك ُّتا ِ‬ ‫لبع ِ‬
‫ن باللهِ ‪ ،‬الذي ل يجوُز‬ ‫ن الظ ّ ّ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫ه‪ُ ،‬‬ ‫ة الرجاِء وماّدت ُ‬ ‫عل ّ ُ‬‫فكذلك ِ‬
‫ن‬ ‫دهم يرفعون م ْ‬ ‫أن يخيب ‪ ،‬فإّنا قد نستقري الكرماء ‪ ،‬فنج ُ‬
‫م ‪ ،‬ويتحّر‬ ‫ن تخّيب أمُله فيه ْ‬ ‫م ‪ ،‬ويتحوُّبون م ْ‬ ‫ه به ْ‬ ‫أحسن ظن ّ ُ‬
‫دهم ‪ ،‬فكيف بأكرم ِ الكرمين ‪ ،‬الذي ل يعوُزه‬ ‫ن قص َ‬ ‫م ْ‬ ‫جون ِ‬
‫مليه ‪ ،‬ما يزيد ُ على أمانّيهم فيه ‪.‬‬ ‫ن يمنح مؤ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ده‬ ‫ك عب ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ذِك ُْره ‪ ،‬لتم ّ‬ ‫ل الشواهدِ بمحب ّةِ الله ج ّ‬ ‫وأعد ُ‬
‫ن النسان ل يأتيه‬ ‫ن ظل ّهِ ومآِبه ‪ ،‬أ ّ‬ ‫برحابهِ ‪ ،‬وانتظاُر الّروِح م ْ‬
‫ل ما كان‬ ‫ق أملهِ في ك ّ‬ ‫كه النجاةُ ‪ ،‬إل بعد إخفا ِ‬ ‫ج ‪ ،‬ول ُتدر ُ‬ ‫الَفَر َ‬
‫ز‬
‫ج ِ‬ ‫ق مطالب ِهِ ‪ ،‬وع َ ْ‬ ‫جه نحوه بأمِله ورغبِته ‪ ،‬وعند انغل ِ‬ ‫يتو ّ‬
‫ضّرهِ ومحنِته ‪ ،‬ليكون ذلك باعثا ً له على‬ ‫حيلِته ‪ ،‬وتناهي َ‬
‫ل ‪ ،‬وزاجرا ً له على تجاوز‬ ‫ف رجائ ِهِ أبدا ً إلى اللهِ عّز وج ّ‬ ‫صْر ِ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عَبا ٌ‬ ‫ه ِ‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫ن ظّنه به ﴿إ ِ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫جيُبوا ْ ل َك ُ ْ‬‫ست َ ِ‬‫فل ْي َ ْ‬‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫فادْ ُ‬‫م َ‬ ‫مَثال ُك ُ ْ‬‫أ ْ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬‫َ‬
‫**************************************‬

‫ر‬
‫مدَ المو ِ‬
‫ح َ‬
‫صُبوُر أ ْ‬ ‫ُيدر ُ‬
‫ك ال ّ‬
‫ح في اليقِين‬ ‫ج والرو ُ‬ ‫ن مسعود ٍ ‪ :‬الَفَر ُ‬ ‫دالله ب ِ‬ ‫ن عب ِ‬‫ُرِوي ع ْ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ك والسخ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن في ال ّ‬ ‫م والحز ُ‬ ‫والرضا ‪ ،‬واله ّ‬
‫حمد المورِ ‪.‬‬ ‫كأ ْ‬ ‫صُبوُر ‪ُ ،‬يدر ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ّ‬ ‫وكان يقو ُ‬
‫ل‬ ‫ن أْفض ِ‬ ‫ل‪:‬م ْ‬ ‫ت أعربي ّا ً يقو ُ‬ ‫ن تغلب ‪ :‬سمع ُ‬ ‫نب ُ‬ ‫قال أبا ُ‬
‫ة استعمل الصبر‬ ‫م جائح ٌ‬ ‫ده ْ‬ ‫ت بأح ِ‬ ‫ه إذا نزل ْ‬ ‫ل أن ُ‬‫آداب الرجا ِ‬
‫ن‬ ‫ره يعاي ُ‬ ‫عليها ‪ ،‬وألهم نْفسه الرجاء لزواِلها ‪ ،‬حتى كأنه لصب ِ‬
‫ن‬ ‫نظ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل‪،‬و ُ‬ ‫الخلص منها والعناء ‪ ،‬توك ّل ً على اللهِ عّز وج ّ‬
‫ه حاجته ‪،‬‬ ‫ث أن يقضي الل ُ‬ ‫زم هذه الصفة ‪ ،‬لم يلب ْ‬ ‫به ‪ ،‬فمتى ل ِ‬
‫ضه ومروءُته ‪.‬‬ ‫عر ُ‬ ‫ه ديُنه و ِ‬ ‫ه ‪ ،‬ومع ُ‬ ‫كربيه ‪ ،‬وُينجح ط ِْلبت ُ‬ ‫وُيزيل ُ‬
‫ن‬‫شّر م ْ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ي أنه قال ‪ :‬خ ِ‬ ‫ن أعراب ّ‬ ‫يع ْ‬ ‫روى الصمع ّ‬
‫ة‬
‫ب حيا ٍ‬ ‫شّر ‪ ،‬فُر ّ‬ ‫ن موضِع ال ّ‬ ‫ج الخي َْر م ْ‬ ‫موضِع الخي ْرِ ‪ ،‬وار ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪263‬‬
‫ب الحياةِ ‪ ،‬وأك ْث َُر ما‬ ‫ت سبُبه طل ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ومو ٍ‬ ‫ب المو ِ‬ ‫سبُبها طل ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ن من ناحِية الخوْ ِ‬ ‫يأتي الم ُ‬
‫ة لحظْتك‬ ‫وإذا العناي ُ‬ ‫ث كل ّهُ ّ‬
‫ن‬ ‫م فالحواد ِ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫الفجاءةِ ‪:‬‬ ‫عيوُنها‬‫ن‬‫وقال قطريّ ب ُ‬ ‫ن‬
‫أما ُ‬
‫ن أحد ٌ إلى‬ ‫ل ي َْرك َن َ ْ‬ ‫وفا ً‬ ‫خ ّ‬ ‫مت َ َ‬ ‫يوم الوغى ُ‬
‫مِ‬
‫ح‬ ‫الحجا‬
‫فلقد ْ أراني للّرما ِ‬ ‫ماّرمةًِ‬ ‫لحم ِ‬ ‫من عن يميني‬
‫دريئة‬
‫در‬ ‫ت بما تح ّ‬ ‫حتى خضب ُ‬ ‫عنان‬‫وأمامي‬ ‫أحناء سْرجي أو‬
‫دمي‬
‫ت وقد ْ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫انصرف‬ ‫ثم‬ ‫رح‬ ‫لجامي‬
‫ِ‬ ‫جذع البصيرةِ قا‬
‫ب‬ ‫أص‬ ‫أصبت ولم ُ‬ ‫ض القدام‬
‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫به‬ ‫ْ‬ ‫نزل‬ ‫ل يتعّزى ُ فيما‬ ‫الحكما ِِء ‪ :‬العاق ُ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ن‪:‬‬ ‫مكروهٍ بأمري ِ‬
‫أحدهما ‪ :‬السروُر بما بقي له ‪.‬‬
‫ه به ‪.‬‬ ‫ج مما ن ََزل َ ُ‬ ‫والخر ‪ :‬رجاُء الَفَر ِ‬
‫ن‪:‬‬ ‫والجاهل يجزعُ في محنت ِهِ بأمري ِ‬
‫أحدهما ‪ :‬استكثاُر ما أوى إليه ‪.‬‬
‫ه‪.‬‬ ‫والخر ‪ :‬تخوُّفه ما هو أشد ّ من ُ‬
‫ب‬ ‫ل لخلِقهِ ‪ ،‬وتأدي ُ‬ ‫ب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ن آدا ُ‬ ‫مح ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ِ‬ ‫وكان يقا ُ‬
‫ح القلوب والسماع والبصار ‪.‬‬ ‫اللهِ يفت ً‬
‫ص‬
‫محن فقال ‪ :‬فيها تمحي ٌ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫سهْ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫نب ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ووصف ال ّ‬
‫ب بالصبرِ ‪،‬‬ ‫ض للثوا ِ‬ ‫ه من الغفلةِ ‪ ،‬وتعّر ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وتنبي ٌ‬ ‫من الذن ِ‬
‫ل‬ ‫وتذكيٌر بالنعمةِ ‪ ،‬واستدعاٌء للمثوبةِ ‪ ،‬وفي نظرِ اللهِ عّز وج ّ‬
‫وقضائ ِهِ الخياُر ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ب الموت ‪ ،‬طلبا ً لحياةِ الذ ّك ْرِ ‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬ ‫فهذا من أح ّ‬
‫ل‬ ‫ق ْ‬ ‫قت ُِلوا ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫و أَ َ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬ ‫ع ُ‬
‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫وان ِ َ ِ‬‫خ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬‫َ‬
‫ب‪:‬‬
‫ن المصائ ِ‬ ‫أقوا ٌ‬
‫ل في تهوي ِ‬
‫ح ‪ ،‬إذا‬ ‫صغَر المصيبة بالربا ِ‬ ‫جارِ ‪ :‬ما أ ْ‬
‫ض عقلِء الت ّ ّ‬‫قال بع ُ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ت بسلمةِ الروا ِ‬ ‫عاد ْ‬
‫ة هَد ٌَر ‪.‬‬‫خل ُ‬
‫س ْ‬ ‫جل ّ ُ‬
‫ة فال ّ‬ ‫سلم ِ ال ِ‬‫نت ْ‬‫ب‪:‬إ ّ‬ ‫ل العر ِ‬ ‫ن قو ِ‬‫وكان م ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪264‬‬
‫ن ‪ ،‬وإن جفاها‬ ‫ض من عمرا ٍ‬ ‫س أر ٌ‬‫مهم ‪ :‬ل تيأ ْ‬ ‫ن كل ِ‬‫وم ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫الزما ُ‬
‫مة تقول ‪ :‬نهٌر جرى فيه الماُء لبد ّ أن يعود إليه ‪.‬‬ ‫والعا ّ‬
‫ن إل‬ ‫دي ِ‬
‫ل وال ّ‬
‫ل العقو ِ‬ ‫ل أه ُ‬
‫وقال ثامسطيوس ‪ :‬لم يتفاض ْ‬
‫ل‬
‫ل الُقدرةِ والنعمةِ ‪ ،‬وابتذا ِ‬ ‫ل في حا ِ‬‫ض ِ‬
‫ل الف ْ‬
‫في استعما ِ‬
‫شد ّةِ والمحنةِ ‪.‬‬ ‫ل ال ّ‬
‫الصبرِ في حا ِ‬
‫***************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ما ت َأَلمو َ‬ ‫ن كَ َ‬‫مو َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬
‫مو َ‬ ‫كوُنوا ْ ت َأل َ ُ‬‫﴿ ِإن ت َ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل َ ي َْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫وت َْر ُ‬‫َ‬
‫ولهذا يوجد ُ عند المؤمنين الصادقين حين تصيُبهم‬
‫طمأنيِنة‬ ‫ت وال ّ‬ ‫من الصبرِ والثبا ِ‬ ‫ل والبتلُء ِ‬ ‫ل والقلقِ ُ‬ ‫الّنواز ُ‬
‫مْعشارِهِ عند من‬ ‫شُر ِ‬ ‫ن والقيام ِ بحقّ اللهِ مال يوجد ُ عُ ْ‬ ‫كو ِ‬ ‫والس ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن واليقي ِ‬ ‫ليس كذلك ‪ ،‬وذلك لقوّةِ اليما ِ‬
‫ل‬ ‫ه عنه قال ‪ :‬قال رسو ُ‬ ‫ل بن يسارٍ رضي الل ُ‬ ‫عن معق ِ‬
‫ل رّبكم تبارك وتعالى ‪ :‬يا بن آدم ‪،‬‬ ‫اللهِ ‪ )) : ‬يقو ُ‬
‫زقا ً ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫غ لعبادتي ‪ ،‬أمل قلبك غنى ‪ ،‬وأمل يدْيك ر‬ ‫تفّر ْ‬
‫يا بن آدم ‪ ،‬ل تباعدْ مني ‪ ،‬فأمل ْ قلبك فقرا ً ‪ ،‬وأمل ْ‬
‫شغل ً (( ‪.‬‬ ‫يديك ُ‬
‫ه‬
‫ة إليه ‪ ،‬والّرضا ب ِ‬ ‫ل على اللهِ تعالى ‪ ،‬والناب ُ‬ ‫» القبا ُ‬
‫ح‬ ‫ج بذك ْرِهِ ‪ ،‬والفر ُ‬ ‫ب من محب ِّته ‪ ،‬والّله ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وامتلُء القل ِ‬ ‫وعن ُ‬
‫ش ‪ ،‬ل نسبة‬ ‫ة ‪ ،‬وعي ٌ‬ ‫جل ‪ ،‬وجن ّ ٌ‬ ‫ب عا ِ‬ ‫والسروُر بمعرفِته ثوا ٌ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ك إليه ألبت ّ َ‬ ‫ش الملو ِ‬ ‫لعي ِ‬
‫****************************************‬
‫ث حاُلك‬
‫ل ماُلك أو ر ّ‬
‫نق ّ‬ ‫نإ ْ‬
‫ل تحز ْ‬
‫فقِيمُتك شيءٌ آخُر‬
‫ن‬
‫س ُ‬
‫ئ ما ُيح ِ‬ ‫ةك ّ‬
‫ل امر ٍ‬ ‫ه ‪ :‬قيم ُ‬
‫ه عن ُ‬
‫ي رضي الل ُ‬
‫قال عل ّ‬
‫‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪265‬‬
‫ر‬
‫ة الشاع ِ‬ ‫ه أو ُ‬
‫كثَر ‪ ،‬وقيم ُ‬ ‫ل من ُ‬‫هق ّ‬ ‫م ُ‬‫عل ْ ُ‬‫ة العالم ِ ِ‬ ‫فقيم ُ‬
‫ب موهبةٍ أو حرفةٍ إنما‬ ‫ل صاح ِ‬ ‫شعُره أحسن فيهِ أو أساء ‪ .‬وك ّ‬
‫ة ليس إل ‪،‬‬ ‫ة أو تلك الحرف ُ‬ ‫قيمُته عند البشرِ تلك الموهب ُ‬
‫ه‬
‫ه ‪ ،‬وُيغلي ثمنه بعمل ِ ِ‬ ‫ن يرفع قيمت ُ‬ ‫ص العبد ُ على أ ْ‬ ‫فليحر ِ‬
‫جود ِهِ وحْفظ ِهِ ‪ ،‬ونبوِغه‬ ‫مه وحكمِته ‪ ،‬و ُ‬ ‫الصالِح ‪ ،‬وبعل ْ ِ‬
‫صهِ على الفائدةِ ‪،‬‬ ‫حْر ِ‬
‫حث ِهِ ‪ ،‬وسؤاِله و ِ‬ ‫مثابرِته وب ْ‬ ‫عه ‪ ،‬و ُ‬ ‫وا ّ‬
‫طل ِ‬
‫حهِ ‪،‬‬ ‫ل الطموِح في ُرو ِ‬ ‫ل ذهنهِ ‪ ،‬وإشعا ِ‬ ‫ف عْقل ِهِ وصْق ِ‬ ‫وتثقي ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة عالي ً‬‫سهِ ‪ ،‬لتكون قيمُته غالي ً‬ ‫ل في نف ِ‬ ‫والّنب ِ‬
‫*************************************‬
‫ة الك ُت ُ ِ‬
‫ب‬ ‫م أنك بوساط ِ‬
‫ن ‪ ،‬واعل ْ‬‫ل تحز ْ‬
‫مي مواهبك وقدراِتك‬ ‫ن أن ُتن ّ‬
‫يمك ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ذهن ‪ ،‬وتهدي الِعبر والعظا ِ‬ ‫ب ُتفت ّقُ ال ّ‬ ‫ة الكت ِ‬ ‫مطالع ُ‬
‫مي‬ ‫حكم ‪ ،‬وُتطلقُ اللسان ‪ ،‬وُتن ّ‬ ‫طلِع بمدد ٍ من ال ِ‬ ‫وتمد ّ الم ّ‬
‫ه ‪ ،‬وهي سلوةٌ‬ ‫شب َ َ‬‫خ الحقائق ‪ ،‬وتطرد ُ ال ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ة التفكيرِ ‪ ،‬وتر ّ‬ ‫مَلك َ‬
‫َ‬
‫ة‬‫ة للسامرِ ‪ ،‬ومتع ٌ‬ ‫للمتفّردِ ‪ ،‬ومناجاةٌ للخاطر ‪ ،‬ومحادث ٌ‬
‫ت‬ ‫ضبط ْ‬ ‫ةو ُ‬ ‫م ٌ‬
‫ت المعلو ُ‬ ‫ساري ‪ ،‬وكّلما ك ٌّرر ِ‬ ‫ج لل ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وسرا ٌ‬ ‫م ِ‬‫للمتأ ّ‬
‫ت على‬ ‫ت وحان ِقطاُفها ‪ ،‬واستو ْ‬ ‫ت وأينع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬أثمر ْ‬ ‫حص ْ‬ ‫م ّ‬ ‫‪،‬و ُ‬
‫ب بها‬ ‫كلها ك ّ‬ ‫ُ‬
‫سوِقها ‪ ،‬وآتت أ ُ‬
‫ن رّبها ‪ ،‬وبلغ الكتا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن بإذ‬ ‫ٍ‬ ‫ل حي‬
‫ه ‪ ،‬والنبأ ُ مستقّرهُ ‪.‬‬ ‫جل َ ُ‬
‫أ َ‬
‫ب والنفراد ُ بها ‪،‬‬ ‫ك النظرِ في الكت ِ‬ ‫جُر المطالعةِ ‪ ،‬وتْر ُ‬ ‫وه ْ‬
‫طبِع ‪ ،‬وركود ٌ للخاطرِ ‪ ،‬وفتوٌر‬ ‫صٌر لل ّ‬ ‫ح ْ‬
‫ن‪،‬و َ‬ ‫ه في اللسا ِ‬ ‫حْبس ٌ‬ ‫ُ‬
‫ل في رصيد ِ المعرفةِ ‪،‬‬ ‫ت للطبيعةِ ‪ ،‬وذبو ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬ومو ٌ‬ ‫للعق ِ‬
‫ل ‪ ،‬أو‬ ‫مث َ ٌ‬‫ب إل وفيهِ فائدة ٌ أو َ‬ ‫ن كتا ٍ‬ ‫ف للفكرِ ‪ ،‬وما م ْ‬ ‫وجفا ٌ‬
‫ة ‪ ،‬أو خاطرة ٌ أو نادرة ٌ ‪.‬‬ ‫ة أو حكاي ٌ‬ ‫طرف ٌ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ن مو ِ‬ ‫صرِ ‪ ،‬ونعوذ ُ باللهِ م ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫هذا وفوائد ُ القراءةِ فوق ال َ‬
‫ن أعظم ِ‬ ‫ح ‪ ،‬فإنها م ْ‬ ‫سةِ العزيمةِ ‪ ،‬وبرودِ الّرم ِ‬ ‫خ ّ‬ ‫الِهمم ِ و ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫المصائ ِ‬
‫****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪266‬‬
‫ه‬ ‫الل‬ ‫ق‬ ‫خل‬ ‫عجائب‬ ‫ل تحزن ‪ ،‬واقرأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫في الكو ِ‬
‫ب‬ ‫ب الُعجا َ‬ ‫ج َ‬ ‫صنعِهِ في المعمورةِ ‪ ،‬تجدِ العَ َ‬ ‫وطال ِعْ غرائب ُ‬
‫ة‬ ‫مولع ٌ‬ ‫ن الن ّْفس ُ‬ ‫مك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مك وغمو ِ‬ ‫‪ ،‬وتقضي على همو ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ف الغري ِ‬ ‫طري ِ‬ ‫بال ّ‬
‫ه‬‫داللهِ رضي الل ُ‬ ‫ن جابرِ بن عب ِ‬ ‫م‪،‬ع ْ‬ ‫َرَوى البخاريّ ومسل ٌ‬
‫مر علينا أبا عبيدة ‪،‬‬ ‫ل اللهِ ‪ ، ‬وأ ّ‬ ‫عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬ب َعََثنا رسو ُ‬
‫جد ْ لنا غَي َْره ‪،‬‬ ‫مي ِ‬ ‫ن تمرٍ ل ْ‬ ‫جرابا ً م ْ‬ ‫ش ‪ ،‬وزّودنا ِ‬ ‫عيرا لقري ٍ‬
‫نتلّقى ِ ً‬
‫فكان أبو عبيدة ُيطينا تمرة ً تمرة ً ‪.‬‬
‫م تصنعون‬ ‫ت ‪ :‬كيف كنت ُ ْ‬ ‫ن جابرٍ ‪ : -‬فقل ُ‬ ‫قال – الراوي ع ْ‬
‫ب عليها من‬ ‫م نشر ُ‬ ‫ي‪،‬ث ّ‬ ‫صب ّ‬ ‫ص ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫صها كما ي ُ‬ ‫بها ؟ قال ‪ :‬نم ّ‬
‫ط–‬ ‫خب َ َ‬ ‫ب ِبعصّينا ال َ‬ ‫ل ‪ ،‬وكّنا نضر ُ‬ ‫الماِء ‪ ،‬فتكفينا يومنا إلى اللي ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫أي ورق الشجرِ – ثم نب ُّله فنأك ُل َ ُ‬
‫ة‬
‫ل البحرِ فإذا شيٌء كهيئ ِ‬ ‫قال ‪ :‬وانطل ْْقنا على ساح ِ‬
‫ل‬ ‫ل الكبيرِ المستطي ِ‬ ‫ب الضخم ِ – أي كصورةِ الت ّ ّ‬ ‫الكثي ِ‬
‫ة ُتدعى العَن ْب ََر ‪.‬‬ ‫ل – فأتيناهُ ‪ ،‬فإذا هي داب ّ ٌ‬ ‫ب من الرم ِ‬ ‫حد َْود ِ‬‫م ْ‬
‫ال ُ‬
‫ل‬ ‫س ُ‬ ‫ن ُر ُ‬ ‫ل نح ُ‬ ‫ة ‪ .‬ثم قال ‪ :‬ل ب ْ‬ ‫ل أبو عبيدة ‪ :‬مْيت ٌ‬ ‫قال ‪ :‬قا َ‬
‫طرْرُتم فك ُُلوا ‪.‬‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬وقد ْ اض ُ‬ ‫رسول الله ‪ ، ‬وفي سبي ِ‬
‫مّنا ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫ن ثلثمائة حتى س ِ‬ ‫منا عليه شهرا ً ونح ُ‬ ‫قال ‪ :‬فأق ْ‬
‫ل عيِنه –‬ ‫ن داخ ِ‬ ‫ب عيِنه – أي م ْ‬ ‫ن وَقْ ِ‬ ‫فم ْ‬ ‫ولقد ْ رأيُتنا نغتر ُ‬
‫ن ‪ ،‬ونقتطعُ منه‬ ‫ل – أي بالجرارِ الكبيرةِ – الد ّهْ َ‬ ‫ونفرُقها بالقل ِ‬
‫الِفدر – أيْ الِقطع – كالثورِ أو قد ْرِ الثورِ ‪ .‬فلقد ْ أخذ منا أبو‬
‫ب عين ِهِ ‪ ،‬وأخذ‬ ‫عبيدة ثلثة عشَر رجل ً ‪ ،‬فأقعدهم في وق ِ‬
‫حل أعظم بعيرٍ ‪ ،‬ونظر إلى‬ ‫مر ّ‬ ‫عهِ فأقامها ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ن أضل ِ‬ ‫ضلعا ً م ْ‬
‫ن تحِتها ‪.‬‬ ‫ه عليهِ ‪ ،‬فمّر م ْ‬ ‫ل فحمل ُ‬ ‫ج ٍ‬‫لر ُ‬ ‫أطو ِ‬
‫منا المدينة ‪ ،‬أتينا‬ ‫ما قد ْ‬ ‫مه وشاِئق ‪ ،‬فل ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫نل ْ‬‫وتزوّْدنا م ْ‬
‫رسول اللهِ ‪ ، ‬فذكرنا له ذلك ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬هو رزقٌ أخرجه‬
‫مهِ شيٌء فُتطعمونا ؟ (( ‪،‬‬ ‫ن لح ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ‪ ،‬فهل معك ْ‬ ‫ه لك ْ‬‫الل ُ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬فأكل منه ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فأرسْلنا إلى رسو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪267‬‬
‫خل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫ت حتى تهتّز الر ُ‬ ‫ض ل تنب ُ‬ ‫ت في الر ِ‬ ‫ضع ْ‬ ‫البذرةُ إذا وُ ِ‬
‫ت‪﴿ :‬‬ ‫س البذرة ُ وتنب ُ‬ ‫خت ََر ‪ ،‬فتفق ُ‬ ‫ل بجهاز رِ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ة ‪ُ ،‬تس ّ‬ ‫ه ِّزة ً خفيف ً‬
‫ت﴾ ‪.‬‬ ‫وَرب َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫هت َّز ْ‬ ‫ماء ا ْ‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ذا َأنَزل َْنا َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ْ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي أ َ ْ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ب زكاةِ الزرِع ‪:‬‬ ‫قال أبو داود في كتابهِ ) السنن( في با ِ‬
‫ُ‬
‫ة على‬ ‫ج ً‬ ‫ت أت ُْر ّ‬ ‫شْبرا ً ‪ ،‬ورأي ُ‬ ‫ت قثاءة ً بمصر ثلثة عشر ِ‬ ‫شب َْر ُ‬ ‫َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل ِ ْ‬ ‫ت على مث ْ ِ‬ ‫بعيرٍ بقطعتْين ‪ُ ،‬قطع ْ‬
‫عدلي ِ‬ ‫ت وصي َّر ْ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ْ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي أ َ ْ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ت الكونيةِ – في‬ ‫س لليا ِ‬ ‫جاُر الدار ُ‬ ‫ل الن ّ‬ ‫ذكر الدكتوُر زغلو ُ‬
‫ف‬ ‫ن آل ِ‬ ‫تم ْ‬ ‫ن هناك نجوما ً انطلق ْ‬ ‫إحدى محاضراِته – أ ّ‬
‫ل حتى الن إلى‬ ‫ت ‪ ،‬وهي في سرعةِ الضوِء ‪ ،‬ولم تص ْ‬ ‫السنوا ِ‬
‫فَل أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وما بقي إل مواقُعها ﴿ َ‬
‫جوم ِ‬ ‫ع الن ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫الر ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫خل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫خ‬ ‫جاء في )جريدة الخبارِ الجديدة( في العددِ ‪ 396‬بتاري ِ‬
‫ل صباح اليوم ِ ) أونا(‬ ‫‪ 1953 /9 /27‬م ص ‪ 2‬أنه ‪ » :‬دخ ُ‬
‫ل البوليس‬ ‫ن رجا ِ‬ ‫تم ْ‬ ‫سه عشرا ُ‬ ‫باريس دخول الفاتحين ‪ ،‬يحر ُ‬
‫م‬ ‫ي ضخ ٌ‬ ‫ت نرويج ّ‬ ‫ما ) أونا ( هذا فهو حو ٌ‬ ‫ل‪.‬أ ّ‬ ‫ب والراج ِ‬ ‫‪ ،‬الراك ِ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ط ‪ ،‬وزنه ‪ 80000‬كيلو ‪ ،‬وكان محمول ً على عَ ْ‬ ‫محن ّ ٌ‬
‫ت‬ ‫ض الحو ُ‬ ‫ل ضخمةٍ ‪ ،‬وسُيعر ُ‬ ‫ت مربوطةٍ بسيارةِ نق ٍ‬ ‫جرارا ٍ‬
‫شهِ المضاِء بالكهرباِء ‪،‬‬ ‫ل كر ِ‬ ‫س بدخو ِ‬ ‫ح للنا ِ‬ ‫لمدةِ شْهر وُيسم ُ‬
‫ن يدخلوا بطَنه مّرة ً واحدة ً ‪.‬‬ ‫ويستطيعُ عشرةُ أشخاص أ ْ‬
‫ض ) أونا ( وبوليس المدينةِ ‪،‬‬ ‫ن المشرفين على معر ِ‬ ‫لك ّ‬
‫م يخشون‬ ‫ت ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ن الذي يوضعُ فيه الحو ُ‬ ‫لم يتفقا على المكا ِ‬
‫ن ينهار الشارعُ ‪.‬‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ي خشي َ‬ ‫ه فوق محطةِ القطارِ الرض ّ‬ ‫ضعَ ُ‬‫و ْ‬
‫ن‬ ‫ت ل يزيد ُ على ‪ 18‬شهرا ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن هذا الحو ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫وبرغم ِ أ ّ‬
‫ً‬
‫طوله ‪ 20‬مترا ‪ ،‬وقد صيد في شهرِ سبتمبر من العام ِ‬
‫ة قطاٍر‬ ‫ه عرب ُ‬ ‫تل ُ‬ ‫صِنع ْ‬ ‫الماضي في مياهِ النرويج ‪ ،‬وقد ْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪268‬‬
‫ت تحته ‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬لنْقِله في جولةٍ ع َب َْر أوربا ‪ ،‬ولكّنها انهار ْ‬ ‫ص ٌ‬ ‫خا ّ‬
‫ت له سيارةُ جّر ‪ ،‬طولها ‪ 30‬مترا ً « ‪.‬‬ ‫فصُنع ْ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ج في‬ ‫ف للشتاِء ؛ لّنها ل تخر ُ‬ ‫خُر ُقوتها من الصي ِ‬ ‫ة تد ّ ِ‬ ‫النمل ُ‬
‫ة ‪ ،‬كسرْتها نصفين ‪،‬‬ ‫ن تنبت الحب ّ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫الشتاِء ‪ ،‬فإذا خشي ْ‬
‫ة في الصحراِء إذا لم تجد ْ طعاما ً ‪ ،‬نصبت نفسها كالعودِ‬ ‫والحي ّ ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫‪ ،‬فيقعُ عليها الطائُر فتأكل ُ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ت معمر بن راشدٍ‬ ‫ي ‪ :‬سمع ُ‬ ‫ق الصنعان ّ‬ ‫دالرزا ِ‬ ‫قال عب ُ‬
‫م‪﴿.‬‬ ‫ل تا ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وقَْر ب َغْ ٍ‬ ‫ن عنقود عن ٍ‬ ‫ت باليم ِ‬ ‫ل ‪ :‬رأي ُ‬ ‫البصريّ يقو ُ‬
‫ل الشجاِر‬ ‫د﴾‪.‬ك ّ‬ ‫ضي ٌ‬ ‫ع نّ ِ‬ ‫ها طَل ْ ٌ‬ ‫ت لّ َ‬ ‫قا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫ل َبا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫والن ّ ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل بَ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ون ُ َ‬ ‫ت ُتسقى بماٍء واحد ٍ ﴿ َ‬ ‫والنباتا ِ‬
‫ُ‬
‫ة‬ ‫ة ‪ ،‬فمنها القوي ّ ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ة خا ّ‬ ‫ت مناع ٌ‬ ‫ل ﴾ ‪ .‬وللنباتا ِ‬ ‫في الك ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ة‬ ‫كها ‪ ،‬ومنها الحامض ُ‬ ‫ة التي تدافعُ بشو ِ‬ ‫بنفسِها ‪ ،‬ومنها الشوكي ّ ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الل ِّذع ُ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫صريّ في كتاِبه )الطالع‬ ‫ل الدين ا ُ‬ ‫قال كما ُ‬
‫م ْ‬ ‫لدفويّ ال ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫السعيد الجامع نجباء أنباء الصعيد( ‪ » :‬رأيت قطف عن ٍ‬
‫ت‬ ‫ب ‪ ،‬جاء ْ‬ ‫ة ُعن ٍ‬ ‫ت حب ّ ُ‬ ‫ي ‪ ،‬ووُِزن ْ‬ ‫ل بالّليث ّ‬ ‫ة أرطا ٍ‬ ‫ت زُنته ثماني ُ‬ ‫جاء ْ‬
‫دنا « ‪.‬‬ ‫زنُتها عشرةُ دراهم ‪ ،‬وذلك بأدفو بل ِ‬
‫خل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ل يّتسعُ شيئا ً‬ ‫ن الكون ل يزا ُ‬ ‫كأ ّ‬ ‫وقد ذكر علماُء الفل ِ‬
‫وإ ِّنا‬ ‫َ‬ ‫فشيئا ً كما تّتسع البالون ُ‬
‫د َ‬ ‫ها ب ِأي ْ ٍ‬ ‫ماء ب َن َي َْنا َ‬ ‫س َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ة‪َ ﴿:‬‬
‫ن‬ ‫ص ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن الرض اليابسة تنق ُ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وذكروا أ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫س ُ‬ ‫مو ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫ص َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ض َنن ُ‬ ‫وا ْ أّنا ن َأِتي الْر َ‬ ‫م ي ََر ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫المحيطات تّتسعُ ‪ ﴿ ،‬أ َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ف َ‬ ‫ن أ َطَْرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬

‫خل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬


‫دى ﴾ ‪:‬‬
‫ه َ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫م َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬
‫ي ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪269‬‬
‫جاء في مجلةِ ) الفيصل( عدد ‪ 62‬سنة ‪ 1402‬هـ ص‬
‫ب )ملفوف( وزنت ‪ 22‬كيلو غراما ً ‪،‬‬ ‫‪ 112‬صورة ٌ لثمرةِ كرن ٍ‬
‫وبلغ قطُرها مترا ً واحدا ً ‪ ،‬وصورة ٌ لبصلةٍ يابسةٍ واحدة ‪،‬‬
‫وزنت ‪ 2,3‬كيلو غراما ً ‪ ،‬وبلغ قطرها ‪ 30‬سم ‪.‬‬
‫ن ثمرة بندورةٍ )طماطم(‬ ‫ة عِقب ذلك ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ت المجل ُ‬ ‫وذكر ِ‬
‫ن هذه الشياء غَي َْر‬
‫ن ‪ 60‬سم ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫طها أكثر م ْ‬‫واحدةٍ بلغ محي ُ‬
‫مزارِِع المكسيكي ) جوزيه كارمن(‬ ‫ض ال ُ‬
‫ت في أر ِ‬ ‫العاديةِ ‪ ،‬نبت ْ‬
‫ض ‪ ،‬مما جعل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ذي الخبرةِ الطويلةِ في الزراعةِ والعنايةِ بالر ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫المزارع الّول في المكسي ِ‬
‫**************************************‬
‫يا الله يا الله‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ل ك َْر ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫ه ي ُن َ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫﴿ ُ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫عب ْدَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫﴿ أل َي ْ َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫ت ال ْب َّر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫من ظُل ُ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُن َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫فوا ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫ست ُ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ّ‬ ‫ريدُ أن ن ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ون ُ‬‫﴿ َ‬
‫ض ﴾‪.‬‬ ‫ْ َ‬
‫الْر ِ‬
‫دى ﴾‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فَتا َ‬ ‫ه َ‬ ‫جت ََباهُ َرب ّ ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫ن آدم ‪ ﴿ :‬ث ُ ّ‬ ‫وقال ع ْ‬
‫‪.‬‬
‫ظيم ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ن ال ْك َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫جي َْناهُ َ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ونوٍح ‪َ ﴿ :‬‬
‫عَلى‬ ‫سَلما ً َ‬ ‫و َ‬ ‫كوِني ب َْردا ً َ‬ ‫قل َْنا َيا َناُر ُ‬ ‫وإبراهيم ‪ُ ﴿ :‬‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫هي َ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫ميعا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫عسى الل ّه َأن يأ ْ‬
‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ َِ‬ ‫ب‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ويعقوب ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫ن َبي إ ِذْ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫م َ‬ ‫جِني ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫قد ْ أ ْ‬ ‫ويوسف ‪َ ﴿ :‬‬
‫و﴾‪.‬‬ ‫ن ال ْب َدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جاء ب ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫فى‬ ‫عندََنا ل َُزل ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫فْرَنا ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وداود ‪َ ﴿ :‬‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫مآ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ضّر ﴾ ‪.‬‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ب ِ ِ‬ ‫فَنا َ‬ ‫ش ْ‬ ‫فك َ َ‬ ‫وأيوب ‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ويونس ‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جي َْنا َ‬ ‫فن َ ّ‬ ‫وموسى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪270‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬أل َ ْ‬ ‫صَرهُ الل ّ ُ‬‫قدْ ن َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ومحمد ‪ ﴿ :‬إ ِل ّ َتن ُ‬
‫صُروهُ َ‬
‫دى}‪{7‬‬ ‫ه َ‬ ‫ف َ‬‫ضاّل ً َ‬‫ك َ‬ ‫جد َ َ‬‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫وى}‪َ {6‬‬ ‫فآ َ‬ ‫ك ي َِتيما ً َ‬
‫جد ْ َ‬
‫يَ ِ‬
‫غَنى ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫فأ ْ‬ ‫عائ ِل ً َ‬ ‫ك َ‬ ‫جد َ َ‬‫و َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫شأ ْ‬ ‫﴿ كُ ّ‬
‫في َ ٍ‬
‫ن﴾ ‪:‬‬ ‫و ِ‬
‫ه َ‬
‫وم ٍ ُ‬
‫ل يَ ْ‬
‫ف كْربا ً ‪ ،‬ويرفع أقواما ً ‪،‬‬ ‫ضهم ‪ :‬يغفُر ذنبا ً ‪ ،‬ويكش ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ويضعُ آخرين ‪.‬‬
‫ة‬
‫دي أزم ُ‬ ‫ا ْ‬
‫شت ّ‬ ‫ك‬ ‫ح ِ‬ ‫صب ْ ُ‬‫قد آذن ُ‬
‫رجي َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ف ٌ‬ ‫ش َ‬
‫كا ِ‬ ‫نْنفال ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دو ت ِ‬‫من ُ‬‫ها ِ‬ ‫ج َ‬
‫س لَ َ‬ ‫م تنقشع ‪:‬بال﴿ب َلل َ ِي ْ‬
‫سحابة ث ّ‬
‫﴾‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫و ٌ‬
‫ل‬ ‫ن اليام دُ َ‬
‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫م(‬‫ن )عار ٍ‬ ‫ن الزبير محمد بن الحنفي ّةِ في سج ِ‬ ‫ن اب ُ‬ ‫ج َ‬ ‫س َ‬
‫َ‬
‫بمكة ‪ ،‬فقال ك ُّثر عزة ‪:‬‬
‫دنيا‬ ‫وما رونقُ ال ّ‬ ‫دنيا‬ ‫وما شد ّة ُ ال ّ‬
‫لهلهاةٌ‬
‫مد ّ‬ ‫وهذا ُ‬ ‫ق‬‫لهذاببا ٍ‬ ‫لقيت ُم ِ ُ‬
‫ه‬ ‫حْربماةِ لزِ‬
‫بض‬
‫وُيصب ِ ُ‬
‫ن‬
‫الزبيرِ واب ُ‬‫تنقضي‬ ‫ن‬‫سوف اب ُ‬ ‫ن‪ ،‬فإذا‬ ‫الحدث بقرو ٍ‬ ‫ك‬ ‫حال ِ‬ ‫حلمهذا‬ ‫ت بعد‬ ‫مل ُ‬ ‫وتأ ّ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل تُ ِ‬‫ه ْ‬
‫م‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن عارم ِ كحلم ِ َحال ٍَ‬ ‫ج ُ‬‫س ْ‬ ‫الحنفية و ِ‬
‫كزا ً ﴾ ‪.‬‬
‫ر ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬‫م ُ‬ ‫س َ‬
‫و تَ ْ‬ ‫دأ ْ‬ ‫ح ٍ‬
‫أ َ‬
‫س‪.‬‬ ‫س والمحبو ُ‬ ‫م والحاب ُ‬ ‫م والمظلو ُ‬ ‫مات الظال ُ‬
‫ح‪.‬‬ ‫م بطو ٌ‬ ‫س له يو ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ك ّ‬
‫من النا ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل بطا ٍ‬
‫***************************************‬
‫م﴾‬
‫ه ْ‬
‫في َرب ّ ِ‬
‫موا ِ‬
‫ص ُ‬
‫خت َ َ‬
‫نا ْ‬
‫ما ِ‬
‫ص َ‬
‫خ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ها حتى‬ ‫ن الحقوق إلى أهل ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬لُتؤدّ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ء ((‬
‫ء من القْرنا ِ‬ ‫ة الجْلحا ِ‬
‫ُيقاد للشا ِ‬
‫سك أّيها‬ ‫ل أنْف ِ‬‫مث ّ ْ‬ ‫ة‬
‫يوم القيام ِ‬
‫ف‬‫المغروُر ُ‬
‫ب يخا‬ ‫هذا بل ذن ٍ‬ ‫تر‬‫تمو ْ ُ‬
‫الذيُء مّر‬
‫سما‬
‫وال ّ‬
‫كيف‬
‫ه‬
‫ِلهوْل ِ ِ‬ ‫عليهِ د ُهُوُُر‬
‫ل تحزن‬
‫‪271‬‬
‫***********************************‬
‫وك‬
‫ن ‪ ،‬فُيسّر عد ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ل المل ّ ِ‬
‫ة‬ ‫ن أصو ِ‬ ‫ح خصمك ‪ ،‬ولذلك كان م ْ‬ ‫ن حزنك ي ُْفر ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫وك ُ ْ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و الل ّ ِ‬ ‫عدْ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫هُبو َ‬ ‫م أعداِئها ‪ ﴿ :‬ت ُْر ِ‬ ‫إرغا ُ‬
‫ف متبخترا ً‬ ‫وقوُله ‪ ‬لبي ُدجانة ‪ ،‬وهو يخطُر في الصفو ِ‬
‫ه إل في هذا‬ ‫ُ‬
‫ضها الل ُ‬ ‫ة يبغ ُ‬ ‫حد ‪)) :‬إنها لمشي ٌ‬ ‫في أ ً‬
‫ت ‪ ،‬لُيظهروا‬ ‫ل البي ِ‬ ‫حوْ َ‬ ‫ه بالّرمل َ‬ ‫ن (( ‪ .‬وأمر أصحاب ُ‬ ‫الموط ِ‬
‫قوتهم للمشركين ‪.‬‬
‫طعون حسرةً‬ ‫ن أعداء الحقّ وخصوم الفضيلةِ سوف يتق ّ‬ ‫إ ّ‬
‫م‬ ‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫حنا وسروِرنا ‪ُ ﴿ ،‬‬ ‫موا بسعاِتنا وفر ِ‬ ‫إذا عل ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫عن ِت ّ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫و ّ‬ ‫م ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ة تَ ُ‬ ‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬ ‫ك َ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫﴾ ‪ِ ﴿ ،‬إن ت ُ ِ‬
‫ت‬
‫ن أنضج ُ‬ ‫بم ْ‬ ‫ُر ّ‬ ‫قد تمّنى لي شرا ً‬
‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫يوما ً قْلب ُ‬
‫ه‬ ‫ع‬
‫لم ُيط ْ‬
‫شامتين‬ ‫وتجّلدي لل ّ‬ ‫دهرِ ل‬ ‫ب ال ّ‬ ‫أّني لري ْ ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫دوا ً ول‬ ‫ع ُ‬ ‫يه ُ‬‫بي‬ ‫ت أر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ل ُتش ِ‬ ‫عالله ّ‬ ‫)) ُ‬ ‫أتض‪ْ:‬عض‬ ‫ث‬‫وفي الحدي ِ‬
‫سدا ً (( ‪.‬‬ ‫حا ِ‬
‫ء (( ‪.‬‬ ‫ة العدا ِ‬ ‫ن شمات ِ ِ‬ ‫وفيه ‪ )) :‬ونعوذُ بك م ْ‬
‫ب قد‬ ‫ل المصائ ِ‬ ‫كُ ّ‬ ‫ة‬
‫ن غير شمات ِ‬ ‫وتهو ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ويصبرون للمصائ ِ‬ ‫على الفتى‬ ‫ث‪،‬‬ ‫مد ِّر ِ‬ ‫ت‬
‫الحوا ُ‬ ‫في‬‫العداِء‬ ‫سمون‬ ‫وكانوا يتب ّ‬
‫ُ‬
‫ل الغْيظ‬ ‫مِتين ‪ ،‬وإدخا ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬لرغام ِ أُنو ِ‬ ‫دون للخطو ِ‬ ‫ويتجل ّ ُ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫هُنوا ْ ل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ب الحاسدين ‪َ ﴿ :‬‬ ‫في قلو ِ‬
‫كاُنوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬ ‫فوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫م‬ ‫تفاؤ ٌ‬
‫ل وتشاؤ ٌ‬
‫﴿ َ َ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫و ُ‬‫مانا ً َ‬‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُنوا ْ َ‬
‫فَزادَت ْ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬
‫فأ ّ‬
‫ض‬ ‫ق ُ‬‫ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫يست َبشرون}‪ {124‬وأ َ‬
‫مَر ٌ‬ ‫هم ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫لو‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ ِ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬‫ماُتوا ْ َ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫س ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫جسا ً إ َِلى ِ‬‫ر ْ‬‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫فَزادَت ْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪272‬‬
‫شاقّ العسير ‪ ،‬ورأْوا في‬ ‫كثيٌر من الخيارِ تفاءلوا بالمرِ ال ّ‬
‫شْيئا ً‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫سى أن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫ذلك خْيرا ً على المنهٍج الحقّ ‪َ ﴿ :‬‬
‫م ﴾‬ ‫شّر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫حّبوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت ُ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ب‬ ‫ب ثلثا ً يكر ُ‬ ‫فهذا أبو الدرداِء يقو ُ ُ‬
‫س ‪ :‬أح ّ‬ ‫هها النا ُ‬ ‫ل ‪ :‬أح ّ‬
‫ض كّفرةٌ‬ ‫ة ‪ ،‬والمر َ‬ ‫ن الفقَر مسكن ٌ‬ ‫ت‪،‬ل ّ‬ ‫ض والموْ َ‬ ‫الَفْقَر والمَر َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫‪ ،‬والموت لقاٌء باللهِ عّز وج ّ‬
‫ن الكلب حتى‬ ‫مه ‪ ،‬وُيخبُر أ ّ‬ ‫ن الخَر يكره ُ الفقر ويذ ُ ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫هي تكرهُ الفقير ‪:‬‬
‫ت يوما ً فقيرا ً‬ ‫إذا رأ ْ‬ ‫ت‬‫ت عليهِ وكشّر ْ‬ ‫هّر ْ‬
‫معدما ً‬
‫ضهم فقال ‪:‬‬ ‫حب بها ُبع ُ‬ ‫مى ر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫أنيابها وال ُ‬
‫ت مكّفرةُ‬ ‫زار ْ‬ ‫فسألُتها باللهِ أن ل‬
‫ل عنها ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬ ‫ة‬
‫سريع ً‬ ‫المتنبي‬ ‫ب‬‫الذنو ِ‬ ‫ن‬
‫لك ّ‬ ‫ت ُْقل ِِعي‬
‫ت لها المطارف‬ ‫بذل ُ‬ ‫ت في‬ ‫فعافْتها وبات ْ‬
‫والحشايا َ‬ ‫عظامي‬
‫ب‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬ال ّ‬ ‫ن السج ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫السل ُ‬ ‫ف علي ِهِ‬ ‫س ُ‬ ‫وقال يو ُ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫عون َِني إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ِ‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫س أيضا ً ‪:‬‬ ‫ن الحب ْ ِ‬ ‫لع ِ‬ ‫ن الجهم يقو ُ‬ ‫يب ُ‬ ‫وعل ّ‬
‫ت‬ ‫ست فقل ُ‬ ‫حب ِ ْ‬ ‫قالوا ُ‬ ‫سي وأيّ مهن ّدٍ ل‬ ‫حب ْ‬
‫ل‪:‬‬ ‫بضائرييقو ُ‬ ‫ليسد ٍ الكاتب‬ ‫ي بن محم‬ ‫ن عل ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫ي ُْغمد ُ‬
‫ت‬ ‫حبست فقل ُ‬ ‫قالوا ُ‬ ‫ن‬
‫ي به الزما ُ‬ ‫أْنحى عل ّ‬
‫لك ِ‪:‬د ٌ مرحبا ً‬ ‫يقو ن ُ‬‫خذ ٌط ْ ٌ‬
‫ب‬ ‫حبوا بهِ ‪ ،‬فمعا‬ ‫المرصد‬
‫ت أحّبهُ ْكثيٌر ُ ور ّ‬ ‫والمو ُ‬
‫ن ندم ‪.‬‬ ‫ب جاء على فاقةٍ ‪ ،‬أفلح م ْ‬ ‫ت ‪ ،‬حبي ٌ‬ ‫بالمو ِ‬
‫ن الحمام ِ ‪:‬‬ ‫حصُين ب ُ‬ ‫ل في ذلك ال ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ت أستبقي‬ ‫خر ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫لنفسي حياةً مْثل‬
‫ل‪.‬‬ ‫ت نز ْ‬ ‫المود ْ ُ‬ ‫ج‬
‫مأ ِ‬ ‫ت فل‬
‫إذا ْ‬ ‫الحياة‬
‫ما‪ :‬ل بأس بالمو ِ‬ ‫الخد ُّر َ‬
‫أن أتق‬ ‫ويقو ُ‬
‫ل‬
‫ه‪.‬‬ ‫ت وسّبوه وفّروا من ُ‬ ‫مُروا من المو ِ‬ ‫ن الخرين تذ ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪273‬‬
‫س على حياةٍ ‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‬ ‫ص النا ِ‬ ‫فاليهود ُ أحر ُ‬
‫ه‬
‫فإ ِن ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫فّرو َ‬ ‫ذي ت َ ِ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫م‪ُ ﴿:‬‬ ‫عنه ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫قيك ُ ْ‬ ‫مَل ِ‬ ‫ُ‬
‫ضهم ‪:‬‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ومالي بعد هذا‬ ‫ومالي بعد هذا‬
‫الشرفاِء ‪:‬‬ ‫ش‬‫عيرِ ٌ‬ ‫البرا‬ ‫ش‬‫عند ِ‬ ‫ة العي‬ ‫ذب ٌ‬ ‫ةع ْ‬ ‫س أمني ٌ‬ ‫سبيل رأاللهِ ُ‬ ‫س‬
‫ل فيالرأ ِ‬ ‫والقت ُ‬
‫من َينت َظُِر ﴾ ‪.‬‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬
‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫حب َ ُ‬‫ضى ن َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫من َ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن رواحة ينشد ُ ‪:‬‬ ‫واب ُ‬
‫لكّنني أسأ ُ‬
‫ل‬ ‫ة ذات فزٍع‬ ‫وطعن ً‬
‫ماح ‪:‬‬ ‫مغفرالةًط ّرِ ّ‬ ‫ن‬‫ل اب ُ‬ ‫نُ‬ ‫الرحم‬
‫ويقو َ‬ ‫ف الّزبدا‬ ‫تقذ ِ ُ‬
‫ب ل تجع ْ‬
‫ل‬ ‫أيا ر ّ‬ ‫جعَ يعلو‬ ‫على شْر َ‬
‫ت‬
‫في‬‫نا ًأت ْ‬ ‫ثاويْ‬ ‫تي إ‬ ‫شهيدا ً‬‫ن وفا ِ‬ ‫ف‬‫المطارِ ِ ِ‬
‫نفي ف ّ‬ ‫س‬
‫ح ْ‬
‫يصابون ِ‬ ‫ُ ب ُ‬
‫ولك ْ‬ ‫من‬ ‫ج‬
‫ة بثينة ‪:‬‬ ‫لٍ‬ ‫عصاب ُ‬
‫ل جمي‬ ‫ل وفّر منه ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫القت ْ َ‬ ‫ف‬ ‫خائ ِ‬‫ره‬ ‫مك ِ‬
‫الرض‬
‫ن بعضه ْ‬ ‫غير أ ّ‬
‫هد يا‬ ‫يقولون جا ِ‬ ‫ن‬‫وأيّ جهادٍ غيرهُ ّ‬
‫علىةٍفراشي ‪،‬‬ ‫الموت بغزو‬ ‫ل‬‫واللد ُهِ إني أكرهُ جمي ُ‬ ‫ي ‪ُ :‬أري‬ ‫وقال العراب ّ‬
‫م‬‫سك ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َأن ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فكيف أطلُبه في الثغورِ ﴿ ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫قل ل ّ ْ‬ ‫ن﴾‪ُ ﴿،‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل إ َِلى‬ ‫قت ْ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ب َ َ‬ ‫ن ك ُت ِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ل َب ََرَز ال ّ ِ‬ ‫ب ُُيوت ِك ُ ْ‬
‫ن النفوس هي التي‬ ‫ن الوقائع واحدة ٌ لك ّ‬ ‫م ﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫تختل ُ‬
‫***********************************‬
‫أّيها النسان‬
‫ل من الحياةِ ‪ ،‬وسِئم العيش ‪،‬‬ ‫نم ّ‬ ‫ن ‪ :‬يا م ْ‬ ‫أّيها النسا ُ‬
‫ن هناك فتحا ً مبينا ً ‪،‬‬ ‫وضاق ذرعا ً باليام ِ وذاق الُغصص ‪ ،‬أ ّ‬
‫سرٍ ‪.‬‬ ‫دة ‪ ،‬وُيسرا ً بعد ع ُ ْ‬ ‫ونصرا ً قريبا ً ‪ ،‬وفرجا ً بعد ش ّ‬
‫ن‬‫قك ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن خل ِ‬ ‫ن يدْيك وم ْ‬ ‫ن هناك ُلطفا ً خفي ّا ً م ْ‬
‫ن بي ِ‬ ‫إ ّ‬
‫د‬
‫ع َ‬ ‫و ْ‬‫هناك أمل ً مشرقا ً ‪ ،‬ومستقبل ً حافل ً ‪ ،‬ووعدا ً صادقا ً ‪َ ﴿ ،‬‬
‫شفا ً ‪،‬‬ ‫ة وك ْ‬ ‫ضيِقك فُْرج ً‬
‫ه ﴾ ‪ .‬إن ل ِ‬ ‫عدَ ُ‬‫و ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه َل ي ُ ْ‬
‫خل ِ ُ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪274‬‬
‫﴿‬ ‫ل ‪ ،‬وإن هناك أنسا ً وروحا ً وندىً وطل ً وظل ً ‪.‬‬ ‫ولمصيبِتك زوا ٌ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حَز َ‬ ‫عّنا ال ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي أذْ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ‪ ،‬والتواء‬ ‫كك باليقي ِ‬ ‫ن ُتداوي ش ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن‪:‬آ َ‬ ‫أّيها النسا ُ‬
‫ة‬
‫عوج الفكارِ بالُهدى ‪ ،‬واضطراب المسير ِ‬ ‫رك بالحقّ ‪ ،‬و ِ‬ ‫ضمي ِ‬
‫بالّرشد ِ ‪.‬‬
‫ق‪،‬‬ ‫جهِ الفجرِ الصاد ِ‬ ‫ن تقشع عنك غياهب الظلم ِ بو ْ‬ ‫آن أ ْ‬
‫ف ما‬ ‫س الِفتن بنورٍ يلق ُ‬ ‫ومرارةِ السى بحلوةِ الّرضا ‪ ،‬وحناد ِ‬
‫كون ‪.‬‬ ‫يأف ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫م القاحل ِةِ أرضا ً مطمئن ّ ً‬ ‫ن وراء بيداِئك ْ‬ ‫ن‪ :‬إ ّ‬ ‫أّيها النسا ُ‬
‫ن‬‫ل مكا ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫غدا ً م ْ‬ ‫يأتيها رزُقها َر َ‬
‫ة‬ ‫ضنى والجهاد ‪ ،‬جن ّ ً‬ ‫ل المشّقة وال ّ‬ ‫س جب ٍ‬ ‫ن على رأ ِ‬ ‫وإ ّ‬
‫ل من‬ ‫ل فط ّ‬ ‫ن لم يصْبها واب ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ممرع ً‬ ‫ل ‪ ،‬فهي ُ‬ ‫أصابها واب ٌ‬
‫ل المنشودِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬والم ِ‬ ‫ل الحس ِ‬ ‫الُبشرى والفأ ِ‬
‫ل ‪ :‬أل‬ ‫ه اللي ِ‬ ‫ن أصابه الرقُ ‪ ،‬وصرخ في وج ِ‬ ‫يا م ْ‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫صب ْ ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫شْر بالصبِح ﴿ أل َي ْ َ‬ ‫ل ‪ ،‬أب ِ‬ ‫ل أل اْنج ِ‬ ‫أّيها الليل الطوي ُ‬
‫ؤك نورا ً وحبورا ً وسرورا ً ‪.‬‬ ‫ح يمل ُ‬ ‫ب ﴾ ‪ .‬صب ٌ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫بِ َ‬
‫يا من أذهب ل ُبه الهم ‪ :‬رويدك ‪ ،‬فإن م ُ‬
‫ب‬ ‫ق الغي ِ‬ ‫ن أفُ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫سح ً‬ ‫ن الثابِتة الصادِقة فُ ْ‬ ‫سن ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫فََرجا ً ‪ ،‬ولك م ْ‬
‫ح‬ ‫ف دموعك ‪ ،‬وأرِ ْ‬ ‫ع ‪ :‬كْفك ِ ْ‬ ‫ملت عينك بالدم ِ‬ ‫ن‬‫يا م ْ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫ة ‪ ،‬وعليك م ْ‬ ‫ق الوجود ِ ولي ً‬ ‫ن خال ِ‬ ‫ن لك م ْ‬ ‫مقلتْيك ‪ ،‬اهدأ فإ ّ‬ ‫ُ‬
‫ن أّيها العبد ُ ‪ ،‬فقد ْ ُفرغ من القضاِء ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ة ‪ ،‬اطمئ‬ ‫لطفهِ رعاي ً‬
‫ف ‪ ،‬وذهب ظمأ ُ المشّقةِ ‪،‬‬ ‫ل الّلط ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫ووقع الختياُر ‪ ،‬و َ‬
‫ه‬
‫ب لدي ِ‬ ‫ن ل يخي ُ‬ ‫ت عروقُ الجهدِ ‪ ،‬وثبت الجُر عند م ْ‬ ‫وابتل ّ ْ‬
‫ي‪.‬‬ ‫السعْ ُ‬
‫ف‬ ‫ب على أمرِهِ ‪ ،‬لطي ٍ‬ ‫ل مع غال ٍ‬ ‫ن ‪ :‬فإنك تتعام ُ‬ ‫اطمئ ّ‬
‫صنِع في تدبيرِهِ ‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫قهِ ‪ ،‬حس ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫بعباِده ‪ ،‬رحيم ٍ ب ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬والنتائج مريح ٌ‬ ‫ن العواقب حسن ٌ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫اطمئ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫والخاتمة كريم ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪275‬‬
‫ق اجتماعٌ ‪،‬‬ ‫ظمأ رِيّ ‪ ،‬وبعد الفرا ِ‬ ‫بعد الفقرِ ِغّنى ‪ ،‬وبعد ال ّ‬
‫م‬ ‫سهادِ نو ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬وبعد ال ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وبعد النقطاِع اّتصا ٌ‬ ‫ص ٌ‬ ‫جر وَ ْ‬ ‫وبعد اله ْ‬
‫مرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫كأ ْ‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫د ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ري ل َ َ‬ ‫هادئٌ ‪َ ﴿ ،‬ل ت َدْ ِ‬
‫هم وْقد‬ ‫ت ناُر ُ‬ ‫لمع ْ‬ ‫ل الحادي‬ ‫ل وم ّ‬ ‫ـ ُ‬
‫كري الليـ‬ ‫س‬
‫سفِعَ ْ َ‬ ‫ملُتهاعو ْ‬ ‫ل‬ ‫وطد ّرِلي ُُ‬
‫من‬ ‫فتأ ّ‬ ‫ف‬ ‫وحار ال ْ‬ ‫ن علي ٌ‬
‫ل‬ ‫ـ ِ‬
‫يـ‬ ‫وفؤادي ذاك الب‬
‫الفؤا ْد ُ‬ ‫م‬‫ل‬ ‫الغرا ُُ‬
‫عيني كِلي‬ ‫وغرامي ذاك‬
‫نى‬ ‫وسأْلنا عن المع‬ ‫لِ‬ ‫خيإلي ُ‬ ‫هل ِ‬ ‫ت الد ّ‬
‫ل‬ ‫الوكيّ ِ‬ ‫ه‬ ‫ما ِ‬ ‫مل ِ ّ‬‫لل ُ‬
‫صاحب‬ ‫جى‬ ‫دناهالمر ّ‬ ‫فوج ْ‬ ‫؟‬
‫فرد ٌ‬ ‫ل‬‫سبي ُ‬ ‫مجزِِلين‬ ‫أكرم ال ُ‬
‫ط ُّر ً‬ ‫مل ْ‬ ‫جلي ُ‬
‫ضنى‬ ‫كا وال ّ‬ ‫ضن ْ ِ‬‫ك ّ‬ ‫وال ِ‬ ‫ض ‪ ،‬بالجوالِع ُ‬ ‫ل‬
‫أّيها المعذ ُّبون في الر ِ‬
‫ض ‪ ،‬أبشُروا ‪ ،‬فإنكم سوف تشبعون‬ ‫ِ‬ ‫واللم ِ والفْقرِ والمر‬
‫ل إ ِذْ أ َدْب ََر}‪{33‬‬ ‫والل ّي ْ ِ‬ ‫حون ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ص ّ‬‫وتسعدون ‪ ،‬وتفرحون وت ِ‬
‫فَر ﴾ ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫والصبح إ َ َ‬
‫ذا أ ْ‬ ‫ّ ْ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ن ينجل ِ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫فلب ُد ّ ل ِّلي ِ‬ ‫ن‬ ‫ولبد ّ للقي ْدِ أ ْ‬
‫صُعود‬ ‫ب ُ‬ ‫ن يتهي ّ ْ‬ ‫وم ْ‬ ‫سْر‬
‫بين‬ ‫ينك ِ‬ ‫ش أبد الد ّهْرِ‬ ‫يعِ ْ‬
‫ه‬‫ينتظر من ُ‬ ‫ل‬ ‫الجبا ِ‬ ‫ن برّبه خيرا ً ‪ ،‬وان‬ ‫أن يظ ُ ّ‬ ‫حفْر‬ ‫الد ِ ُ‬ ‫وحقّ على العب‬
‫ن أمُره في كلمةِ )‬ ‫نم ْ‬ ‫جو من مولهُ ُلطفا ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن ير ُ‬ ‫فضل ً ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ن ُيتعل ّقَ بعهودِهِ ‪ ،‬فل‬ ‫ن ُيوثق بموعود ِهِ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫كن( ‪ ،‬جديٌر أ ْ‬ ‫ُ‬
‫س‬‫ل نف ٍ‬ ‫ه في ك ّ‬ ‫ضّر إل هو ‪ ،‬ول ُ‬ ‫ب النفع إل هو ‪ ،‬ول يدفع ال ّ‬ ‫يجل ُ‬
‫ج ‪ ،‬جعل‬ ‫ل ساعةٍ فََر ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫ل حركةٍ حكم ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫ُلط ٌ‬
‫شكر ‪ ،‬ويبتلي‬ ‫ط غَْيثا ً ‪ُ ،‬يعطي لي ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صبحا ً ‪ ،‬وبعد الق ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫بعد َ اللي ِ‬
‫ط البلء‬ ‫ح الن ّْعماء ليسمع الّثناء ‪ ،‬وُيسل ّ ُ‬ ‫صب ُِر ‪ ،‬يمن ُ‬ ‫ليعلم من ي ْ‬
‫وي معه الّتصال ‪،‬‬ ‫دعاُء ‪ ،‬فحريّ بالعبد ِ أن يق ّ‬ ‫لُيرفع إليه ال ّ‬
‫ويمد إليه الحبال ‪ ،‬ويكثر السؤال ﴿ وا َ‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫سأُلوا ْ الل ّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫في َ ً‬ ‫خ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ضّرعا ً َ‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫ه ﴾ ‪﴿ ،‬ادْ ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫م ت ُرِد ْ نْيل ما‬ ‫لو ل ْ‬ ‫جودِ كّفك ما‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫الصحراِء‬ ‫ه‬‫في ْل ُب ُ ُ‬ ‫أرجوةِ وأط‬ ‫ض الصحاب‬ ‫ِ‬ ‫ببع‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الحضرم‬ ‫ن‬‫ُ‬
‫طلبا‬ ‫ب‬
‫متني ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ء‬ ‫العل‬ ‫ْ‬ ‫عل ّ‬
‫انقطع‬
‫ت ‪ ،‬فنادى العلُء رّبه‬ ‫ؤهم ‪ ،‬وأشرُفوا على المو ِ‬ ‫‪ ،‬ونِفد ما ُ‬
‫ي يا‬ ‫القريب ‪ ،‬وسأل إلها ً سميعا ً مجيبا ً ‪ ،‬وهتف بقول ِهِ ‪ :‬يا عل ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪276‬‬
‫ث في تلك اللحظةِ ‪،‬‬ ‫م ‪ .‬فنزل الغي ُ‬ ‫م يا حكي ُ‬ ‫م ‪ ،‬يا حكي ُ‬ ‫عظي ُ‬
‫ذي‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫وا دواّبهم ‪َ ﴿ .‬‬ ‫سق ْ‬‫فشرُبوا وتوضؤوا ‪ ،‬واغتسلوا و َ‬
‫و‬
‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مت َ ُ‬‫ح َ‬‫شُر َر ْ‬ ‫وَين ُ‬ ‫طوا َ‬‫قن َ ُ‬
‫ما َ‬
‫د َ‬‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬‫ث ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫ي ُن َّز ُ‬
‫د﴾‪.‬‬ ‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ول ِ ّ‬
‫***************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ن‬ ‫كو ُ‬ ‫س ُ‬
‫ره ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م ذِك ْ ِ‬ ‫ة اللهِ تعالى ‪ ،‬ومعرُفته ‪ ،‬ودوا ُ‬ ‫» محب ّ ُ‬
‫ف والرجاِء‬ ‫ب والخو ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة إليه ‪ ،‬وإفراُده بال ُ‬ ‫إليه ‪ ،‬والطمأنين ُ‬
‫حد َهُ المستولي على‬ ‫ث يكون هو وَ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬بحي ُ‬‫ل ‪ ،‬والمعامل ُ‬ ‫والّتوك ّ ُ‬
‫م الذي‬ ‫ة الدنيا ‪ ،‬والنعي ُ‬ ‫هموم ِ العبدِ وعزماِته وإرادِته ‪ .‬هو جن ّ ُ‬
‫حبين ‪ ،‬وحياة ُ العارفين « ‪.‬‬ ‫م ِ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م ‪ ،‬وهو قُّرة عي ِ‬ ‫ه نعي ٌ‬ ‫ل ُيشِبه ُ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ذكرِهِ والقناع ُ‬ ‫جب ِ‬ ‫ب باللهِ وحدهُ والّله ُ‬ ‫» تعل ّقُ القل ِ‬
‫ح الصدرِ والحياةُ‬ ‫ل الهموم ِ والغموم ِ ‪ ،‬وانشرا ُ‬ ‫ب لزوا ِ‬ ‫أسبا ٌ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ما ً ‪ ،‬م ّ‬
‫ضيقُ صدرا ً ‪ ،‬وأك ْث َُر ه ّ‬ ‫ضد ّ ‪ ،‬فل أ ْ‬ ‫الط ّّيبة ‪ .‬وال ّ‬
‫ضد ّ بال ّ‬
‫ه‬‫كر اللهِ ‪ ،‬ولم يْقن َعْ بما آتاه ُ الل ُ‬ ‫تعّلق قلُبه بغيرِ اللهِ ‪ ،‬ونسي ذ ِ ْ‬
‫ة أكبُر شاهدٍ « ‪.‬‬ ‫رب ُ‬
‫‪ ،‬والّتج ِ‬
‫*************************************‬
‫تعّز بالمنكوبين‬
‫ن ال ْ ُ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫َ‬ ‫قد أ َ‬
‫قَرى ﴾ ‪.‬‬ ‫م َ‬‫كم ّ‬ ‫ْ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ول َ َ ْ‬‫﴿ َ‬
‫ة ‪ُ ،‬أسرةُ‬ ‫ة ‪ :‬البرامك ُ‬ ‫ة ماحق ً‬ ‫ة ساحق ً‬ ‫ة دامي ً‬ ‫كب نكب ً‬ ‫ن نُ ِ‬‫م ْ‬ ‫وم ّ‬
‫كبُتهم‬‫تن ْ‬ ‫سخاِء ‪ ،‬وأصبح ْ‬ ‫ل وال ّ‬ ‫ف والبذ ْ ِ‬ ‫ال ُسرة ُ ال ُّبهةِ والت َّر ِ‬
‫م بْين‬ ‫ن هارون الرشيد سطا عليه ْ‬ ‫ة ومثل ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫عبرةً وعظ ً‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ضحاها ‪ ،‬وكانوا في النعيم ِ غافلين ‪ ،‬وفي لحا ِ‬ ‫عشي ّةٍ و ُ‬
‫ه‬
‫منّعين ‪ ،‬فجاءهم أمُر الل ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن التر ِ‬ ‫الّرغدِ داِفئين ‪ ،‬وفي بستا ِ‬
‫س إليهم ‪ ،‬فخّرب‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ى وهم يلعبون ‪ ،‬على يدِ أقر ِ‬ ‫ضح ً‬ ‫ُ‬
‫هم ‪ ،‬واستلب‬ ‫سُتور ُ‬
‫هم ‪ ،‬وهتك ُ‬ ‫م قصور ُ‬ ‫ُدورهم ‪ ،‬وهد َ‬
‫ح‬ ‫م ‪ ،‬وأسال دماءهم ‪ ،‬وأوردهم موارد الهاِلكين ‪ ،‬فَ َ‬
‫جَر َ‬ ‫عبيدهُ ْ‬
‫بمصاِبهم قلوب أحباِبهم ‪ ،‬وقّرح بنكاِلهم عيون أطفاِلهم ‪ ،‬فل‬
‫ل تحزن‬
‫‪277‬‬
‫ن‬ ‫ن عبرةٍ م ْ‬ ‫مم ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وك ْ‬ ‫سلب ْ‬ ‫ن نعمةٍ عليهم ُ‬ ‫ه ‪ ،‬كم م ْ‬ ‫إله إل الل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ر ﴾ ‪ .‬قبل‬ ‫صا ِ‬ ‫عت َب ُِروا َيا أوِلي اْلب ْ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ت‪َ ﴿،‬‬ ‫سفك ْ‬ ‫أجلِهم ُ‬
‫ديباِج‬ ‫نكبتهم بساعةٍ ‪ ،‬كانوا في الحرير يْرُفلون ‪ ،‬وعلى ال ّ‬
‫هم ‪،‬‬ ‫ل ما دها ُ‬ ‫عون ‪ ،‬فيها لهوْ ِ‬ ‫س الماني يتر ُ‬ ‫يزحفون ‪ ،‬وبكأ ِ‬
‫ويا لفجيعةِ ما علهم‬
‫ب وإل ّ‬ ‫هذا المصا ُ‬ ‫م‬ ‫وهكذا ُتمحقُ الّيا ُ‬
‫ة‬
‫الحدثان ‪ ،‬وغْفل ٍ‬ ‫غيُره جل ُ‬
‫ل‬ ‫ن من‬ ‫دو ُ‬
‫ل‬ ‫سنةٍوال ّ‬
‫م ٍ‬ ‫الدهرِ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫من‬ ‫اطمأنوا في ِ‬
‫موا ْ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫س َ‬
‫سـاك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫من اليام ِ ﴿ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ضَرب َْنا ل َك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬
‫ت على‬ ‫مَثا َ‬ ‫َ‬
‫م البنود ُ ‪ ،‬واصطّف ْ‬ ‫سه ِ ُ‬ ‫ت على رؤو ِ‬ ‫ل ﴾ ‪ .‬خفق ْ‬ ‫ال ْ‬
‫جوان ِِبهم الجنود ُ ‪.‬‬
‫كن بين‬ ‫ن لم ي ُ‬ ‫كأ ْ‬ ‫كة‬ ‫مْر بم ّ‬ ‫س ُ‬ ‫س ولم ي ْ‬ ‫أني ٌ‬
‫فوّفاالزمان‬ ‫الص‬ ‫إلىص ْ‬ ‫ن في‬ ‫عوا ِ‬‫جو‬ ‫وتمت ّ ُ ُ‬ ‫ح‬
‫ش لهين ‪ ،‬ال َ‬ ‫مر‬ ‫سا ِ‬
‫رتُعوا في لذ ّةِ العي ُ ِ‬
‫خُلودا ً ‪،‬‬ ‫حما ً ‪ ،‬والدنيا ُ‬ ‫آمِنين ‪ ،‬ظّنوا السراب ماًء ‪ ،‬والورم ش ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫والفناء بقاًء ‪ ،‬وحسبوا الوديعة ل ُتسترد ّ ‪ ،‬والعارية ل ُتضم ُ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا أن ّ ُ‬ ‫والمانة ل ُتؤّدى ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ن‬ ‫فجائعُ الدهرِ ألوا ٌ‬ ‫ت‬ ‫سّرا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫وللّزما ِ‬
‫ة‬
‫وع ٌ‬
‫تبقي‬ ‫من ّ‬ ‫وهذه الداُر ل ُ‬ ‫ن‬
‫ل‬ ‫حا ٍُ‬ ‫وأحزا‬ ‫م على‬ ‫ول يدو ُ‬
‫ن‬ ‫لحظةٍ م ْ‬ ‫وفيأحدٍ‬ ‫وا في القبورِ ‪،‬على‬ ‫وأمس ْ‬ ‫ن‬‫سرورٍشأ ُ‬ ‫أصبحوا في لها‬
‫م‪،‬‬ ‫ل سيف الّنقمةِ عليه ْ‬ ‫ن الرشيدِ ‪ ،‬س ّ‬ ‫ب هارو ِ‬ ‫ض ِ‬‫ت غَ َ‬ ‫لحظا ِ‬
‫م أحرق جثمانه ‪،‬‬ ‫هث ّ‬ ‫ي ‪ ،‬وصلب ُ‬ ‫فقتل جعفر بن يحيى البرمك ّ‬
‫ضل بن يحيى ‪ ،‬وصادر‬ ‫وسجن أباه يحيي بن خالدٍ ‪ ،‬وأخاه الف ْ‬
‫م وأملكهم ‪.‬‬ ‫أمواله ْ‬
‫داللهِ بن‬ ‫ل أبو جعفر المنصوُر محمد بن عب ِ‬ ‫ولما قَت َ َ‬
‫ن في‬ ‫داللهِ بن الحس ِ‬ ‫سهِ إلى أبيهِ عب ِ‬ ‫ن ‪ ،‬بعث برأ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال َ‬
‫س بين يديهِ ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫ن مع حاجب ِهِ الربيِع ‪ ،‬فوضعَ الرأ َ‬ ‫السج ِ‬
‫ه يا أبا القاسم ‪ ،‬فقد ْ كنت من الذين ُيفون بعهدِ‬ ‫رحمك الل ُ‬
‫ن‬ ‫ه بهِ أ ْ‬ ‫صلون ما أمر الل ُ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬ول ينُقضون الميثاق ‪ ،‬والذين ي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪278‬‬
‫ب ‪ ،‬ثم تمّثل‬ ‫ون رّبهم ويخافون سوء الحسا ِ‬ ‫ُيوصل ويخش ْ‬
‫ل الشاعرِ ‪:‬‬ ‫بقو ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫فتى كان يحميه ِ‬ ‫ت‬‫ويكفيه سوءا ِ‬
‫وقالُفهله ‪ :‬قُ ْ‬ ‫ل سي‬ ‫الذ ّ ّ‬ ‫اجتناُبها‬ ‫ِ‬ ‫المور‬
‫ل‬ ‫ب المنصورِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حاج‬ ‫الربيع‬ ‫إلى‬ ‫والتفت‬
‫مُثلها ‪،‬‬ ‫مك ِ‬ ‫ن نعي ِ‬ ‫مد ّة ٌ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫سنا ُ‬ ‫ن ُبؤ ِ‬ ‫لصاحِبك ‪ :‬قد ْ مضى م ْ‬
‫ه تعالى !‬ ‫والموعد ُ الل ُ‬
‫ف – وقيل ‪ :‬عمارةُ‬ ‫ن الحن ِ‬ ‫سب ُ‬ ‫وقد ْ أخذ هذا المعنى العبا ُ‬
‫ل – فقال ‪:‬‬ ‫ن عقي ٍ‬ ‫ب ُ‬
‫ن تلحظي حالي‬ ‫فإ ْ‬ ‫وى‬ ‫ن هَ َ‬ ‫نع ْ‬ ‫بنظرةِ عي ٍ‬
‫سً‬‫كبؤمّرة‬ ‫نجد ك ُ ّ وحال‬ ‫ب‬‫حج ُ‬ ‫س تُ ْ‬ ‫الن ّْف‬
‫ِ‬ ‫نِ ُ‬ ‫ل مّر م ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ن نعيم ِ‬ ‫م ِّر بيوم ٍ م ْ‬ ‫ي ُ‬
‫قول ( ‪.‬‬ ‫عيشتي‬ ‫ل على‬ ‫ب‬ ‫حس ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫كما في ) قو ٍ‬
‫ي ؟ أين‬ ‫والن ‪ :‬أين هارون الرشيد ُ وأين جعفُر البرمك ّ‬
‫ل ؟ أين المُر والمأموُر ؟ أين الذين أصدر‬ ‫ل والمقتو ُ‬ ‫القات ُ‬
‫صِلب ؟‬ ‫أمره وهو على سريرهِ في قصرهِ ؟ وأين الذي قِتل و ُ‬
‫م‬ ‫دابر ‪ ،‬وسوف يجمُعهم الحك ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ل شيء ‪ ،‬أصبحوا كأم ِ‬
‫ها‬ ‫م َ‬ ‫عل ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ضم ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل ليوم ِ ل ريب فيه ‪ ،‬فل ظ ُْلم ول ه ْ‬ ‫العد ْ ُ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫سى ﴾ ‪ ﴿ ،‬ي َ ْ‬ ‫وَل َين َ‬ ‫ل َرّبي َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ب ّل ي َ ِ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫عندَ َرّبي ِ‬ ‫ِ‬
‫ن َل‬ ‫ضو َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫ذ تُ ْ‬ ‫مئ ِ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬يَ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬‫ب ال ْ َ‬ ‫س ل َِر ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫في َ ٌ‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫فى ِ‬ ‫خ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫كبة ‪ ،‬هل‬ ‫ي ‪ :‬أرأيت هذه الن ْ‬ ‫قيل ليحيى بن خالدٍ البرمك ّ‬
‫ت في ظلم ِ‬ ‫تدري ما سبُبها ؟ قال ‪ :‬لعّلها دعوةُ مظلوم ٍ ‪ ،‬سر ْ‬
‫ن عنها غافلون ‪.‬‬ ‫ل ونح ُ‬ ‫اللي ِ‬
‫ن جعفر ‪ ،‬فقال‬ ‫داللهِ ب ِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫ن معاوية ب ِ‬ ‫دالله ب ُ‬ ‫وُنكب عب ُ‬
‫في حْبسهِ ‪:‬‬
‫ن‬ ‫جَنا من الدنيا ونح ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫َ‬ ‫ت فيها‬ ‫من الموا ِ‬ ‫سنا ِ‬ ‫فل ْ‬
‫لها‬
‫يوما ً‬ ‫ن أه ِ‬ ‫من ُ‬ ‫إذا دخل ال ّ ِ‬
‫سجا‬ ‫الحياء‬
‫هذا‬ ‫ولجاء‬ ‫جْبنا وقلنا ‪:‬‬ ‫ع ِ‬
‫ل‬ ‫جةٍ ّ‬ ‫لحاج ُ‬ ‫ؤيا ف‬ ‫ح بالّر ْ‬ ‫ونفر ُ‬ ‫دنيا‬
‫الحديث‬‫ن أصبحنامن ال ّ‬ ‫إذا نح ُ‬
‫ثنا ً‬ ‫بطيئا‬‫ت حدي ِ‬ ‫ت كان ْ‬ ‫سن ْ‬ ‫نح ُ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ؤيا‬ ‫عن الّر ْ‬
‫تنتظر‬ ‫ت لم‬ ‫ن قُبح ْ‬ ‫وإ ْ‬
‫مجيُئها‬ ‫ت سعيا‬ ‫وأت ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪279‬‬
‫ه‬ ‫م ‪ ،‬فكتب ل ُ‬ ‫ن حكماِئه ْ‬ ‫ك فارس حكيما ً م ْ‬ ‫ن أحد ُ ملو ِ‬ ‫سج َ‬
‫ة ‪ ،‬إل قّربْتني من‬ ‫ي فيها ساع ٌ‬ ‫مّر عل ّ‬ ‫نت ُ‬ ‫ل ‪ :‬إنها ل ْ‬ ‫ة يقو ُ‬ ‫رقع ً‬
‫سعة ‪ ،‬وأنت موعود ٌ‬ ‫الفرِج وقّربْتك من الّنقمةِ ‪ ،‬فأنا أنتظُر ال ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫بالضي ّ ِ‬
‫س ‪ ،‬عندما غلب عليه‬ ‫ن الندل ِ‬ ‫ن عّبادٍ سلطا ُ‬ ‫ب اب ُ‬ ‫وُينك ُ‬
‫ت الجواري‬ ‫ن الجاد ّةِ ‪ ،‬فكثُر ِ‬ ‫فع ِ‬ ‫ف ‪ ،‬وغلب عليهِ النحرا ُ‬ ‫التر ُ‬
‫ف وسماع ُ الغناِء ‪،‬‬ ‫طنابيُر ‪ ،‬والعْز ُ‬ ‫ف وال ّ‬ ‫دفو ُ‬ ‫في بيتهِ ‪ ،‬وال ّ‬
‫ب – على‬ ‫ن المغر ِ‬ ‫فاستغاث يوما ً بابن تاشفين – وهو سلطا ُ‬
‫ن تاشفين البحر ‪ ،‬ونصَر‬ ‫س ‪ ،‬فعبر اب ُ‬ ‫أعدائ ِهِ الروم في الندل ِ‬
‫دورِ ‪،‬‬ ‫ق والقصورِ وال ّ‬ ‫ن عّباد ٍ في الحدائ ِ‬ ‫ه اب ُ‬ ‫ابن عّبادِ ‪ ،‬فأنزل ُ‬
‫ن تاشفين كالسدِ ‪ ،‬ينظُر في‬ ‫حب به وأكرمه ‪ .‬وكان اب ُ‬ ‫ور ّ‬
‫ن في نفسه شيئا ً ‪.‬‬ ‫جها ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل المدينة وفي مخار ِ‬ ‫مداخ ِ‬
‫ة‬
‫ن تاشفين بجنوِده على المملك ِ‬ ‫وبعد ثلثةِ أيام هجم اب ُ‬
‫ملكه ‪ ،‬وأخذ ُدوره‬ ‫ب ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫الضعيفةِ ‪ ،‬وأسر ابن عّباد ٍ وقّيده و َ‬
‫ت(‬ ‫ده ) أغما ٍ‬ ‫ه إلى بل ِ‬ ‫قهِ ‪ ،‬ون ََقل َ ُ‬ ‫مر قصوره ‪ ،‬وعاث في حدائ ِ‬ ‫ود ّ‬
‫ن‬ ‫س ﴾ ‪ .‬فتقّلد اب ُ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬ ‫دا ِ‬
‫م نُ َ‬ ‫ك الّيا ُ‬ ‫وت ِل ْ َ‬‫أسيرا ً ‪َ ﴿ ،‬‬
‫م الذين‬ ‫سه ُ‬ ‫ن أهل الندل ِ‬ ‫حكم ِ ‪ ،‬وادعى أ ّ‬ ‫تاشفين ِزمام ال ُ‬
‫وه وأرادوه ‪.‬‬ ‫استدع ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ت ابن عّبادٍ ي ِ ْ‬
‫صلنه في السج ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ‪ ،‬وإذا ببنا ِ‬ ‫ت اليا ُ‬ ‫ومّر ِ‬
‫ب‬ ‫ن بكى عند البا ِ‬ ‫ما رآه ّ‬ ‫ت ‪ ،‬فل ّ‬ ‫ت جائعا ٍ‬ ‫ت كسِيفا ٍ‬ ‫ت باكيا ٍ‬ ‫حافيا ٍ‬
‫‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫كنت‬ ‫فيما مضى ُ‬ ‫فساءك العيد ُ في‬
‫مسرورا‬
‫في الطماِر‬ ‫بالعيادِ‬ ‫ترى بناِتك‬ ‫مأسورا‬
‫ما‬ ‫س‬ ‫أغمات‬ ‫ْ‬
‫يغزِلن للنا ِ‬
‫ة‬ ‫جائعم ً‬ ‫قطميرا‬ ‫كن‬‫مرل ِه ْ‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫تسلي‬ ‫ّ‬ ‫لل‬ ‫حوك‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ز‬‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫حسيرا‬ ‫أبصا ُْ ُ ّ‬
‫ن‬
‫ة‬
‫ن‬ ‫خاشع ً‬‫الطي‬ ‫في‬ ‫أن‬ ‫يط ْ‬ ‫سيرا‬
‫مسكا ً‬ ‫مكا ِ ِ‬ ‫َ‬
‫تطأ‬ ‫كأّنها لم‬
‫ِ‬
‫فقال له ‪:‬‬ ‫ة‬ ‫م‪ ،‬حافي ٌ‬ ‫والقدادٍ ُ‬
‫ن عّبا‬ ‫فورا ّ‬ ‫وكا ُ‬
‫ن اللبانةِ على اب ِ‬ ‫م دخل الشاعُر اب ُ‬ ‫ث ّ‬
‫سلم ِ‬ ‫شقْ رياحين ال ّ‬ ‫ت َن َ ّ‬ ‫سكا ً عليك‬ ‫م ْ‬ ‫ب بها ِ‬ ‫ص ّ‬‫أ ُ‬
‫نما‬
‫عدمت‬ ‫ل مجازا ً إن فإ ّ‬ ‫وقُ ْ‬ ‫فقد‬ ‫حن َْتما‬ ‫بأنك ذو ُ و َ‬
‫نعمى‬
‫ة‬
‫حقيق ً‬ ‫منعما‬ ‫كنت ُ‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪280‬‬
‫ح‬ ‫بكاك الحيا والري ُ‬ ‫عليها وتاه الّرعد ُ‬
‫ومدحها ‪.‬‬ ‫يُيوبها‬ ‫جّ‬ ‫الذهب ُ‬ ‫ت‬‫شّق ْ‬ ‫دها‬ ‫لماة ٌ بديعة ‪ ،‬أوَْر َ‬ ‫قصيد‬‫معْ ِ‬ ‫مك ُ‬ ‫وهي‬ ‫باس ِ‬
‫ه‬
‫ن عائشة – رضي الل ُ‬ ‫روى الترمذيّ ‪ ،‬عن عطاٍء ‪ ،‬ع ْ‬
‫دفن فيه‬ ‫دالله الذي ُ‬ ‫ت بقبرِ أخيها عب ِ‬ ‫عنها وأرضاها – أّنها مّر ْ‬
‫ت ‪ :‬يا عبداللهِ ‪ ،‬ما مثلي ومُثلك‬ ‫بمكة ‪ ،‬فسّلمت عليهِ ‪ ،‬وقال ْ‬
‫م‪:‬‬ ‫م ٌ‬ ‫مت ّ‬ ‫إل كما قال ُ‬
‫ة‬‫م َ‬ ‫جذي ْ َ‬ ‫دماني ُ‬ ‫وك ُّنا كن ْ‬ ‫من الدهرِ حتى ِقيل‬
‫ة‬
‫في‬‫شنا بخيرٍُبره ً‬ ‫ع ْ‬ ‫و ِ‬ ‫دعا‬
‫رهط‬ ‫يتص ّ‬ ‫المنايا‬‫ن‬‫أصاب ل ْ‬
‫وقبلنا‬
‫قنا كأّني‬ ‫الحيا ْةِ‬
‫ما تفّر‬ ‫فل ّ‬ ‫عت ُّبعا‬
‫لم‬ ‫اجتما و‬ ‫كسرى‬ ‫ل‬ ‫ل ُ‬
‫ٍ‬ ‫طو ِ‬
‫وماِلكا ً‬ ‫ة معا‬ ‫ت ليل ً‬ ‫نب ِ ْ‬
‫دعْته ‪.‬‬ ‫وو ّ‬ ‫ت‬ ‫م بك ْ‬ ‫ث ّ‬
‫مم ِ بن نويرة ‪ :‬يا‬ ‫ل لمت ّ‬ ‫ه يقو ُ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫وكان عمُر رضي الل ُ‬
‫ت أني شاعٌر فأرثي أخي‬ ‫مم ‪ ،‬والذي نفسي بيده ‪ ،‬ل َوَدِد ْ ُ‬ ‫مت ّ‬
‫ن نجد إل ّ جاءتني بريِح زيد ٍ ‪ .‬يا‬ ‫صبا م ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫زيدا ً ‪ ،‬واللهِ ما هب ّ ِ‬
‫م يبكي‬ ‫ن زيدا ً أسلم قبلي وهاجَر وقتل قبلي ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م‪،‬إ ّ‬ ‫متم ُ‬
‫مم ‪:‬‬ ‫عمر ‪ .‬يقول مت ّ‬
‫مري لقد لم‬ ‫لع ْ‬ ‫دموِع‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ذرا ِ‬ ‫حبيبي ِلت ْ‬
‫بكا‬
‫ر‬ ‫لال ُ‬ ‫على ّ‬ ‫ب‬‫الحبي ُ‬ ‫ك‬ ‫سوا ّفِ ِ‬ ‫بين ّال‬ ‫لقبر ثوى ال‬
‫قب ٍ‬ ‫أتبكي ك‬ ‫فقال‬ ‫لوى‬ ‫ٍ‬
‫ه‬‫ت له إن ال ّرأيت ُ‬
‫شجى‬ ‫فقل ُ‬ ‫ك‬ ‫قب ُِر‬ ‫دكاد ِ‬ ‫عني فهذافالكل ّ ّ ُ‬
‫ه‬ ‫فد ْ‬
‫شجىعبدون‬ ‫الشاعر ّ‬
‫ن‬‫ال اب ُ‬ ‫ث ُ‬ ‫الندلس ‪ ،‬فجاء يبع ُ‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫ُنكب بنو الحمرِ في‬
‫ُيعّزيهم في هذه المصيبةِ فقال ‪:‬‬
‫ن‬ ‫الد ّهُْر يفجعُ بعد العَي ْ ِ‬ ‫فما البكاُء على‬
‫ر‬
‫بالث ِ‬
‫لوك‬ ‫أنهاك أنهاك ل آ ُ‬ ‫ب‬ ‫صورِ ِ‬ ‫بين ّنا‬ ‫مِحةٍ وال‬ ‫الشبا َ‬
‫ن نوْ‬ ‫ع ْ‬
‫موعظةً‬ ‫ر‬
‫شاءُف ْ ِ‬ ‫ثنوالظ ّ‬ ‫ّ‬
‫ت عمرا‬ ‫وَل َْيتها إذ فد ْ‬ ‫ت‬ ‫ت علي ّالا ًلي ْبم ِ ْ‬ ‫فد ْ‬
‫فل َما جاء َ‬
‫ما‬ ‫بخارج ﴾ةٍ ‪ ﴿،‬إ ِن ّ َ‬ ‫ها‬ ‫فل َ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ها َ‬ ‫عال ِي َ َ‬ ‫عل َْنا َ‬ ‫ج َ‬ ‫ر َ‬ ‫البشَنا ِ‬ ‫مُر‬ ‫من أ ْ‬ ‫﴿ َ ّ َ‬
‫خت َل َ َ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫فا ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ماء أنَزل َْناهُ ِ‬ ‫ة الدّن َْيا ك َ َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث َ ُ‬
‫َ‬
‫ذا‬ ‫ى إِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ما ي َأك ُ ُ‬ ‫َ‬
‫حت ّ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫عا ُ‬
‫َ‬
‫والن ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ل الّنا ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫ت ال َْر ِ‬ ‫ه ن ََبا ُ‬
‫َ‬
‫بِ ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ها أن ّ ُ‬ ‫هل ُ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وظَ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫واّزي ّن َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ف َ‬ ‫خُر َ‬ ‫ض ُز ْ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫أ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪281‬‬
‫عل َْنا َ‬ ‫هارا ً َ‬ ‫َ‬ ‫عل َيها أ ََتا َ َ‬
‫ها‬ ‫ج َ‬ ‫ف َ‬ ‫و نَ َ‬ ‫مُرَنا ل َي ْل ً أ ْ‬‫ها أ ْ‬ ‫ن َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫قاِدُرو َ‬
‫س﴾‪.‬‬ ‫م‬ ‫غن بال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫حصيدا ً ك َ َ‬
‫أن‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬
‫**************************************‬
‫ت الّرضا اليانعة‬
‫ثمرا ُ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ضوا ْ َ‬
‫عن ْ ُ‬ ‫وَر ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫﴿ ّر ِ‬
‫ج عنه ‪ ،‬يرتفعُ بها‬ ‫ة كثيرة ٌ وافرةٌ تنت ُ‬ ‫ت إيماني ٌ‬‫وللرضا ثمرا ٌ‬
‫ح راسخا ً في يقِينه ‪ ،‬ثابتا ً‬ ‫ل ‪ ،‬فُيصب ُ‬ ‫الراضي إلى أعلى المناز ِ‬
‫في اعتقاِده ‪ ،‬وصادقا ً في أقواِله وأعماِله وأحواِله ‪.‬‬
‫ه من الحكام عليه ‪.‬‬ ‫ن ما يكرهُ ُ‬ ‫جَريا ِ‬ ‫م عبودي ِّته في َ‬ ‫فتما ُ‬
‫ن‬ ‫ب ‪ ،‬لكان أب َْعد شيٍء ع ْ‬ ‫جرِ عليه منها إل ّ ما يح ّ‬ ‫ولو لم ي ْ‬
‫ل والّرضا‬ ‫صبرِ والّتوك ِ‬ ‫م له عبودّية ‪ .‬من ال ّ‬ ‫عبودّية رّبه ‪ ،‬فل تت ّ‬
‫ن‬ ‫رها – إل ّ بجريا ِ‬ ‫ل والخضوِع وغ َي ْ ِ‬ ‫والتضّرِع والفتقارِ والذ ّ ّ‬
‫ن في الرضا بالقضاِء الملئم‬ ‫القدرِ له بما يكرهُ ‪ ،‬وليس الشأ ُ‬
‫مؤ ْل ِم ِ المنافِرِ للط ّب ِْع ‪.‬‬ ‫ن في القضاِء ال ُ‬ ‫للطبيعةِ ‪ ،‬إنما الشأ ُ‬
‫كم في قضاِء اللهِ وقدِره ‪ ،‬فيرضى بما‬ ‫ن يتح ّ‬
‫فليس للعبد ِ أ ْ‬
‫ل‬ ‫خي ََرة ُ ‪ ،‬ب ْ‬ ‫ن البشر ما كان لهم ِ ال ِ‬ ‫ض ما شاء ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫شاء ويرف ُ‬
‫م‬ ‫ل وأعلى ‪ ،‬لنه عال ُ‬ ‫م وأج ّ‬ ‫حك ُ‬ ‫م وأ ْ‬ ‫عل ُ‬‫الخيرةُ اللهِ ‪ ،‬فهو أ ْ‬
‫ط بها ‪.‬‬ ‫ب المحي ُ‬ ‫م بالعواق ِ‬ ‫ب المط ّل ِعُ على السرائرِ ‪ ،‬العال ُ‬ ‫الغي ِ‬
‫رضا ً برضا ‪:‬‬
‫ه وتعالى في جميِع‬ ‫ن رضاه عن رّبه سبحان ُ‬ ‫ول ْي َْعلم أ ّ‬
‫ل من‬ ‫مُر رضا رُبه عنه ‪ ،‬فإذا رضي عنه بالقلي ِ‬ ‫ت ‪ُ ،‬يث ِ‬ ‫الحال ِ‬
‫ل ‪ ،‬وإذا رضي عنه‬ ‫ل من العم ِ‬ ‫ق ‪ ،‬رضي رّبه عنه بالقلي ِ‬ ‫الّرز ِ‬
‫سَرع َ شيٍء إلى‬ ‫ت عنده ُ ‪ ،‬وجده ُ أ ْ‬ ‫ت ‪ ،‬واستو ْ‬ ‫في جميع الحال ِ‬
‫مخلصِين مع قِل ّ ِ‬
‫ة‬ ‫ضاه وتمّلقه ؛ ولذلك انظْر لل ُ‬ ‫رضاهُ إذا تر ّ‬
‫ه ورضي‬ ‫ضوا عن ُ‬ ‫مر ُ‬ ‫ه سعيهم لنه ْ‬ ‫عملِهم ‪ ،‬كيف رضي الل ُ‬
‫ه وكثيرهُ ؛‬ ‫ن الله رد ّ عملهم قليل ُ‬ ‫ف المنافقين ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ‪ ،‬بخل ِ‬ ‫عنه ْ‬
‫ه ‪ ،‬فأحبط أعمالهم‬ ‫هوا رضوان ُ‬‫ل الله وكر ُ‬‫طوا ما أنز َ‬ ‫خ ُ‬‫لنهم ِ س ِ‬
‫‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪282‬‬
‫خ ُ‬
‫ط‪:‬‬ ‫س ْ‬
‫ه ال ّ‬
‫خط فل ُ‬
‫نس ِ‬
‫م ْ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ت القل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وشتا ِ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ب اله ّ‬ ‫ط با ُ‬ ‫سخ ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ف ما هو‬ ‫ن بالله خل ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والظ ّ ّ‬ ‫سوِء الحا ِ‬ ‫ل‪،‬و ُ‬ ‫ف البا ِ‬ ‫وكس ِ‬
‫ح له باب جنةِ الدنيا‬ ‫ن ذلك كّله ‪ ،‬ويفت ُ‬ ‫صه م ْ‬ ‫أهُله ‪ .‬والرضا ُيخل ّ ُ‬
‫معاكسةِ القداِر‬ ‫مب ُ‬ ‫ي ل يت ّ‬ ‫ن الرتياح النفس ّ‬ ‫قبل الخرةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن مدّبر‬ ‫ل‪،‬ل ّ‬ ‫ن والقُبو ِ‬ ‫ومضاّدة القضاِء ‪ ،‬بل بالتسليم ِ والذعا ِ‬
‫ت أذكُر قصة‬ ‫م في قضاِئه وقدرهِ ‪ ،‬ول زل ُ‬ ‫م ل ي ُّته ُ‬ ‫المرِ حكي ٌ‬
‫ي الملحدِ ‪ ،‬وكان فقيرا ً ‪ ،‬فرأى‬ ‫ابن الراونديّ الفيلسوف الذ ّك ّ ِ‬
‫ل الطائلةِ ‪ ،‬فنظر إلى‬ ‫دورِ والقصورِ والموا ِ‬ ‫عامي ّا ً جاهل ً مع ال ّ‬
‫ش فقيرا ً ‪ ،‬وهذا بليد ٌ‬ ‫ف الدنيا وأعي ُ‬ ‫السماِء وقال ‪ :‬أنا فيلسو ُ‬
‫ه إل‬ ‫ضيزى ‪ .‬فما زاده ُ الل ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫ل ويحيا غني ّا ً ‪ ،‬وهذه ِقسم ٌ‬ ‫جاه ٌ‬
‫م َل‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫خَزى َ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫خَر ِ‬ ‫ب اْل ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ َ‬‫مْقتا ً وذ ُل ّ وضْنكا ً ﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫ُين َ‬
‫فوائدُ الّرضا ‪:‬‬
‫ه‬‫ب ‪ ،‬وسكون ُ‬ ‫طمأنينة ‪ ،‬وبرد القل ِ‬ ‫ب له ال ّ‬ ‫ج ُ‬
‫فالّرضا ُيو ِ‬
‫س والقضايا وكْثر ِ‬
‫ة‬ ‫شبهِ والتبا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ه عند اضطرا ِ‬ ‫وقراره وثبات ُ‬
‫ب بموعود ِ اللهِ وموعودِ رسوله ‪، ‬‬ ‫الواردِ ‪ ،‬فيثقُ هذا القل ُ‬
‫ه‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬
‫ما َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫ل لسا ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ليما ً ﴾‬ ‫س ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م إ ِّل ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما َزادَ ُ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫صدَقَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ‪ ،‬وع َد َ َ‬ ‫ه وانزعاج ُ‬ ‫ب اضطراب قلِبه ‪ ،‬وريبت ُ‬ ‫ط يوج ُ‬ ‫‪ .‬والسخ ُ‬
‫خطا ً متمّردا ً ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فيبقى قِلقا ً ناِقما ً سا ِ‬ ‫ه وتمّزق ُ‬ ‫قرارِهِ ‪ ،‬ومرض ُ‬
‫رورا ً ﴾‬ ‫غ ُ‬‫ه إ ِّل ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل‪ّ ﴿:‬‬ ‫ن حاِله يقو ُ‬ ‫فلسا ُ‬
‫م الحقّ ‪ ،‬يأتوا إليه‬ ‫كن له ُ‬ ‫ب إن ي ُ‬ ‫ب هذه القلو ِ‬ ‫‪ .‬فأصحا ُ‬
‫ن أصابهم‬ ‫صدِفون ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫مي ْ‬ ‫طوِلبوا بالحقّ إذا ه ْ‬ ‫عِنين ‪ ،‬وإن ُ‬ ‫مذ ِ‬‫ُ‬
‫ة انقلُبوا على وجوهِهم ‪،‬‬ ‫ن أصابتهم فتن ٌ‬ ‫خيٌر اطمأّنوا به ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬كما‬ ‫مِبي ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫و ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫خسُروا الدنيا والخرةِ ﴿ ذَل ِ َ‬
‫ل عليه السكينة التي ل أ َن َْفعَ له منها ‪ ،‬ومتى‬ ‫ن الرضا ُينز ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ت أحواُله ‪ ،‬وصلح باُله ‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬استقام وصلح ْ‬ ‫ت عليه السكين ُ‬ ‫نزل ْ‬
‫ه‬‫ت عن ُ‬ ‫حل ْ‬ ‫ب قل ِّته وكثرِته ‪ ،‬وإذا تر ّ‬ ‫ده منها بحس ِ‬ ‫سخط ُيبعِ ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪283‬‬
‫ب‬‫طي ُ‬‫ةو ِ‬
‫ن والراح ُ‬ ‫م ُ‬‫حل عنه السروُر وال ْ‬ ‫ة ‪ ،‬تر ّ‬‫السكين ُ‬
‫ة‬
‫ل السكين ِ‬‫ده ‪ :‬تنّز ُ‬‫ن أع ْظ َم ِ نعم ِ اللهِ على عب ِ‬
‫ش ‪ .‬فم ْ‬ ‫العي ِ‬
‫ت‪.‬‬‫ن أعظم ِ أسباِبها ‪ :‬الرضا عنه في جميِع الحال ِ‬ ‫عليهِ ‪ .‬وم ْ‬
‫صم رّبك ‪:‬‬
‫ل ُتخا ِ‬
‫ب تعالى في‬ ‫مخاصمةِ الر ّ‬ ‫ن ُ‬
‫ص العبد م ْ‬ ‫والرضا يخل ّ ُ‬
‫ة له فيما لم‬ ‫مخاصم ٌ‬ ‫سخط عليهِ ُ‬ ‫ن ال ّ‬‫مه وأقضيِته ‪ .‬فإ ّ‬ ‫أحكا ِ‬
‫ن عَد َم ِ رضاه‬ ‫ل مخاصمةِ إبليس لرّبه ‪ :‬م ْ‬ ‫يرض به العبد ُ ‪ ،‬وأص ُ‬
‫ن ألحد َ ‪،‬‬
‫دينِية والكونِية ‪ .‬وإّنما ألحد م ْ‬ ‫مه ال ّ‬‫ضي َِته ‪ ،‬وأحكا ِ‬‫بأقْ ِ‬
‫ه نازعَ رّبه رداء العظمةِ وإزار الكبرياِء ‪،‬‬ ‫ن جحد لن ُ‬ ‫حد َ م ْ‬‫ج ِ‬
‫و َ‬
‫ل الوامر ‪ ،‬وينتهِ ُ‬
‫ك‬ ‫ت ‪ ،‬فهو ُيعط ّ ُ‬
‫ن لمقام ِ الجبرو ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ولم ُيذ ِ‬
‫ن للقضاِء ‪.‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ط المقادير ‪ ،‬ولم ُيذ ِ‬ ‫خ ُ‬‫المناهي ‪ ،‬ويتس ّ‬
‫عد ْ ٌ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ض وقضاءٌ َ‬ ‫حك ْ ٌ‬
‫م ما ٍ‬ ‫ُ‬
‫ل فيه ‪ ،‬كما‬ ‫ؤه عد ْ ٌ‬ ‫ده ‪ ،‬وقضا ُ‬ ‫ض في عب ِ‬ ‫ب ما ٍ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫حك ُ‬ ‫و ُ‬
‫ل في‬ ‫عدْ ٌ‬ ‫مك ‪َ ،‬‬ ‫ي حك ُ‬ ‫ضف ّ‬ ‫ث ‪ )) :‬ما ٍ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫ّ‬
‫ل الظلم ِ‬ ‫ن أه ِ‬ ‫ل ‪ ،‬فهو م ْ‬ ‫ن لم يرض بالعد ِ‬ ‫قضاؤك (( ‪ .‬وم ْ‬
‫سه ‪،‬‬ ‫م على نف ِ‬ ‫م الحاكمين ‪ ،‬وقد ْ حّر الظل ّ َ‬ ‫ه أحك ُ‬ ‫والجوْرِ ‪ .‬والل ُ‬
‫دس سبحانه وتنّزه ع ْ ُ ْ‬ ‫وليس بظل ّم ٍ للعبيدِ ‪ ،‬وتق ّ‬
‫ن ظلم ِ‬
‫ن أن ُْفسهم يظلمون ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫النا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫م قضاء الذن ِ‬ ‫ل في قضاؤك (( ي َعُ ّ‬ ‫عد ْ ٌ‬‫وقوُله ‪َ )) :‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن قضاِئه عّز وج ّ‬ ‫نم ْ‬ ‫ن المري ِ‬ ‫وقضاء أثرِهِ وعقوبِته ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ب ‪ ،‬وفي قضاِئه‬ ‫ل العادلين في قضاِئه بالذن ِ‬ ‫وهو أعد ُ‬
‫ب على العبد ِ لسراٍر‬ ‫بعقوبِته ‪ .‬وقد يقضي سبحانه بالذن ِ‬
‫مة ما ل‬ ‫ن لها من المصالِح العظي ِ‬ ‫م بها ‪ ،‬قد يكو ُ‬ ‫وخفايا هو أع ْل َ ُ‬
‫هو ‪.‬‬ ‫مها إل ُ‬ ‫يعل ُ‬
‫ط‪:‬‬
‫سخ ِ‬
‫ل فائدة في ال ّ‬
‫م يحّبه‬‫ت ما أخطأهُ م ّ‬ ‫ن يكون لفوا ِ‬
‫ما أ ْ‬
‫م الّرضا ‪ :‬إ ّ‬ ‫وعد ُ‬
‫ن ما‬ ‫هه وُيسخ ُ‬
‫طه ‪ .‬فإذا تيّقن أ ّ‬ ‫ما لصابةٍ بما يكر ُ‬ ‫ويريدهُ ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ن لُيخطئه ‪ ،‬فل‬ ‫ن لُيصيَبه ‪ ،‬وما أصابه لم يك ْ‬‫أخطأه لم يك ُ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪284‬‬
‫ل ما‬ ‫ت ما ينفُعه ‪ ،‬وحصو ُ‬ ‫طه بعد ذلك إل فوا ُ‬‫فائدة في سخ ِ‬
‫ق يا أبا‬ ‫م بما أنت ل ٍ‬ ‫ف القل ُ‬ ‫يضّره ‪ .‬وفي الحديث ‪ )) :‬ج ّ‬
‫ر‪،‬‬ ‫هي من القد ِ‬ ‫ء ‪ ،‬وانت ُ ِ‬ ‫غ من القضا ِ‬ ‫ر َ‬
‫ف ِ‬‫هريرة ‪ ،‬فقدْ ُ‬
‫ت‬‫ف ِ‬ ‫م ‪ ،‬وج ّ‬ ‫ت القل ُ‬ ‫فع ِ‬ ‫ت المقاديُر ‪ ،‬وُر ِ‬‫وك ُِتب ِ‬
‫ف (( ‪.‬‬ ‫ح ُ‬‫ص ُ‬
‫ال ّ‬
‫ة مع الّرضا ‪:‬‬
‫السلم ُ‬
‫ه سليما ً ‪ ،‬نقي ّا ً‬ ‫ل قلب ُ‬ ‫ح له باب السلمةِ ‪ ،‬فيجع ُ‬ ‫والرضا يفت ُ‬
‫ن‬ ‫ب اللهِ إل م ْ‬ ‫ن عذا ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ول ينجو م ْ‬ ‫ل والغ ّ‬ ‫دغ ِ‬ ‫ش وال ّ‬ ‫من الغ ّ‬
‫ك‬ ‫ش ّ‬ ‫شبهِ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م من ال ّ‬ ‫سال ِ ُ‬ ‫ب سليم ٍ ‪ ،‬وهو ال ّ‬ ‫أتى الله بقل ٍ‬
‫ده‬ ‫ه‪ ،‬ووع ْ ِ‬ ‫ده ‪ ،‬وتخذيل ِهِ وتسويِف ِ‬ ‫جن ِ‬‫س إبليس و ُ‬ ‫ك ‪ ،‬وتلب ّ ِ‬ ‫شر ِ‬ ‫وال ّ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫م ذَْر ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ب ليس فيهِ إل الل ُ‬ ‫ده ‪ ،‬فهذا القل ُ‬ ‫ووعي ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫عُبو َ‬ ‫م ي َل ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫و ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ط وعدم ِ‬ ‫سخ ِ‬ ‫ب من ال ّ‬ ‫ة القل ِ‬ ‫ل سلم ُ‬ ‫وكذلك تستحي ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫سل َ َ‬
‫الرضا ‪ ،‬وكّلما كان العبد ُ أشد ّ رضا ً ‪ ،‬كان قلُبه أ ْ‬
‫ب‬ ‫ة القل ِ‬ ‫ط ‪ .‬وسلم ُ‬ ‫سخ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ش ‪ :‬قري ُ‬ ‫ل والغ ّ‬ ‫ث والد ّغ َ ُ‬‫فالخب ُ‬
‫ت‬ ‫ن ثمرا ِ‬ ‫ن الرضا ‪ .‬وكذلك الحسد ُ هو م ْ‬ ‫حه ‪ :‬قري ُ‬ ‫وبّره وُنص ُ‬
‫ت الرضا ‪ .‬فالرضا‬ ‫ن ثمرا ِ‬ ‫ه‪:‬م ْ‬ ‫ب من ُ‬ ‫ة القل ِ‬‫ط ‪ .‬وسلم ُ‬ ‫السخ ِ‬
‫ن التوحيد ِ ‪،‬‬ ‫ص في بستا ِ‬ ‫شجرةٌ طّيبة ‪ُ ،‬تسقى بماِء الخل ِ‬
‫ة‬ ‫ة ‪ ،‬ولها ثمرةٌ ياِنع ٌ‬ ‫ل الصالح ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وأغصاُنها العما ُ‬ ‫أصُلها اليما ُ‬
‫ن رضي‬ ‫نم ْ‬ ‫عم اليما ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬ذاق ط ْ‬ ‫حلوُتها ‪ .‬في الحدي ِ‬
‫د نبيا ً (( ‪ .‬وفي‬ ‫ه رب ّا ً ‪ ،‬وبالسلم دِينا ً ‪ ،‬وبحم ٍ‬ ‫بالل ِ‬
‫ن حلوة‬ ‫ن فيه وجد به ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ثم ْ‬ ‫الحديث أيضا ً ‪ )) :‬ثل ٌ‬
‫ن ‪. (( ....‬‬ ‫اليما ِ‬
‫ش ّ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫خ ُ‬
‫ط با ُ‬ ‫س ْ‬
‫ال ّ‬
‫ك في اللهِ ‪ ،‬وقضائه ‪،‬‬ ‫ش ّ‬‫ح عليهِ باب ال ّ‬ ‫سخ ُ‬
‫ط يفت ُ‬ ‫وال ّ‬
‫نش ّ‬
‫ك‬ ‫طم ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫سل َ َ‬
‫م السا ِ‬ ‫ن يَ ْ‬‫لأ ْ‬ ‫مهِ ‪ ،‬فق ّ‬ ‫وقدِره ‪ ،‬وحكمت ِهِ وعل ِ‬
‫ن كان ل يشعُر به ‪ ،‬فلوْ فّتش‬ ‫ل فيه ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ل قلبه ‪ ،‬ويتغلغ ُ‬‫ُيداخ ُ‬
‫ن الرضا‬‫ه معلول ً مدخول ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جد َ يقين ُ‬‫ش ‪ ،‬لوَ َ‬‫نفسه غاية التفتي ِ‬
‫ن ‪ ،‬وهذا‬‫سخط قرينا ِ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫ش ّ‬‫ن ‪ ،‬وال ّ‬ ‫مصطحبا ِ‬ ‫ن ُ‬‫واليقين أخوا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪285‬‬
‫ن استطعت أن‬ ‫ث الذي في الترمذيّ ‪ )) :‬إ ِ‬ ‫معنى الحدي ِ‬
‫ن ‪ ،‬فافعل ‪ .‬فإن لم‬ ‫تعمل بالّرضا مع اليقي ِ‬
‫س خْيرا ً‬ ‫تستطع ‪ ،‬فإن في الصبر على ما تكره الن ّ ْ‬
‫ف ُ‬
‫و‬
‫ل ‪ ،‬غاضِبون ول ْ‬ ‫ن الداخ ِ‬ ‫كثيرا ً (( ‪ .‬فالساخ ُ‬
‫طون ناِقمون م ْ‬
‫دها ‪ِ :‬لم هذا ؟‬ ‫ة ‪ ،‬مفا ُ‬ ‫ت وأسئل ٌ‬ ‫موا ‪ ،‬عندهم إشكال ٌ‬
‫م يتكل ّ‬‫ل ْ‬
‫ن هذا ؟ ولماذا وقع هذا ؟‬ ‫وكيف يكو ُ‬
‫ن‪:‬‬
‫م ٌ‬
‫ى وأ ْ‬
‫غن ً‬
‫الّرضا ِ‬
‫ى‬‫ه صدره ُ ِغن ً‬ ‫ن مل قلبه من الرضا بالقدر ‪ ،‬مل الل ُ‬ ‫وم ْ‬
‫ل عليه‬ ‫ة ‪ ،‬وفّرغ قلبه لمحب ِّته والناِبة إليه ‪ ،‬والّتوك ّ ِ‬ ‫منا ً وقناع ً‬
‫وأ ْ‬
‫ظه من الّرضا ‪ ،‬امتل قلُبه بضد ّ ذلك ‪ ،‬واشتغل‬ ‫ن فاته ح ّ‬ ‫‪ .‬وم ْ‬
‫حه ‪.‬‬ ‫ما فيه سعادُته وفل ُ‬ ‫ع ّ‬
‫ط يفّرغ ُ القلب من الل ِ‬
‫ه‬ ‫فالّرضا ُيفّرغ ُ القلب للهِ ‪ ،‬والسخ ُ‬
‫ط ‪ ،‬ول قرار لناقِم ٍ ‪ ،‬فهو في أمر مريٍج ‪،‬‬ ‫خ ٍ‬ ‫‪ ،‬ول عيش لسا ِ‬
‫ه زهيدةٌ ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬وعطّيت ُ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ه با ِ‬ ‫ص ‪ ،‬وحظ ّ ُ‬ ‫ه ناق ٌ‬ ‫ن رزق ُ‬ ‫يرى أ ّ‬
‫ل‬ ‫ن هذا ‪ ،‬وأرفع وأج ّ‬ ‫كثر م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬فيرى أنه يستحقّ أ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫هج ّ‬ ‫ومصائب ُ‬
‫ه وابتله ‪،‬‬ ‫مه ومنعَ ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫هو َ‬ ‫ن رّبه – في نظرِهِ – بخس ُ‬ ‫‪ ،‬لك ّ‬
‫س وكيف يرتاح ‪ ،‬وكيف يحيا ؟ ﴿‬ ‫وأضناهُ وأرهََقه ‪ ،‬فكيف يأن ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ك بأ َن ّهم ات ّبعوا ما أ َ‬
‫ه‬ ‫وان َ ُ‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫هوا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ط‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫س‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ذَل ِ َ ِ ُ ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫مال َ ُ‬ ‫ع َ‬‫ط أَ ْ‬ ‫حب َ َ‬ ‫فأ ْ‬
‫َ َ‬

‫شك ُْر ‪:‬‬


‫ثمرةُ الّرضا ال ّ‬
‫ت‬‫ن أعلى مقاما ِ‬ ‫والرضا ُيثمُر الشكر الذي هو م ْ‬
‫ر‬
‫ل شك ِ‬ ‫ن غاية المناز ِ‬ ‫ن ‪ .‬فإ ّ‬
‫ة اليما ِ‬‫ن ‪ ،‬بل هو حقيق ُ‬ ‫اليما ِ‬
‫مه ‪،‬‬ ‫ن يرضى بمواهبه وأحكا ِ‬ ‫المولى ‪ ،‬ول يشك ُُر الل ُ‬
‫هم ْ‬
‫س بال ً ‪،‬‬‫م النا ِ‬‫ذه وعطاِئه ‪ ،‬فالشاكُر أْنع ُ‬ ‫ره ‪ ،‬وأخ ِ‬
‫صنِعه وتدبي ِ‬
‫و ُ‬
‫وأحسُنهم حال ً ‪.‬‬
‫ط الكفُر ‪:‬‬
‫سخ ِ‬
‫ثمرةُ ال ّ‬
‫ده ‪ ،‬وهو ك ُْفُر الّنعم ِ ‪ ،‬وربما أثمر له‬
‫مر ض ّ‬ ‫والسخ ُ‬
‫ط ُيث ِ‬
‫ت‪،‬‬‫ك ُْفر المنِعم ‪ .‬فإذا رضي العبد ُ عن رّبه في جميِع الحال ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪286‬‬
‫ن من الراضين الشاكرين ‪ .‬وإذا‬ ‫شكره ‪ ،‬فيكو ُ‬ ‫أوجب له لذلك ُ‬
‫سُبل الكافرين ‪.‬‬ ‫ه الرضا ‪ ،‬كان من الساخطين ‪ ،‬وسلك ُ‬ ‫فات ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ل في الديانا ِ‬ ‫ت والخل ُ‬ ‫ف في العتقادا ِ‬ ‫وإنما وقع الحي ْ ُ‬
‫ل يقترحون‬ ‫ن كثيرٍ من العبيدِ يريدون أن يكونوا أربابا ً ‪ ،‬ب ْ‬ ‫كوْ ٍ‬
‫َ‬
‫ها‬‫حّلون على مولهم ما يريدون‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫على رّبهم ‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫سول ِ ِ‬‫وَر ُ‬ ‫ي الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن ي َدَ ِ‬
‫موا ب َي ْ َ‬ ‫مُنوا َل ت ُ َ‬
‫قدّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن‪:‬‬ ‫سخ ُ‬
‫ط مصيدةٌ للشيطا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ط‬‫ن غالبا ً عند السخ ِ‬ ‫ن إنما يظفُر بالنسا ِ‬ ‫والشيطا ُ‬
‫طه ‪،‬‬ ‫والشهوةِ ‪ ،‬فهناك يصطاُده ‪ ،‬ولسّيما إذا استحكم سخ ُ‬
‫ل ما ل ُيرضيه ‪ ،‬وينوي ما‬ ‫ب ‪ ،‬ويفع ُ‬ ‫ل ما ل ُيرضي الّر ّ‬ ‫ه يقو ُ‬‫فإن ُ‬
‫ي ‪ ‬عند موت ابنهِ إبراهيم ‪:‬‬ ‫ل ُيرضيهِ ‪ ،‬ولهذا قال النب ّ‬
‫ل إل ما‬ ‫ن ‪ ،‬ول نقو ُ‬ ‫ع العي ُ‬ ‫ب وتدم ُ‬ ‫ن القل ُ‬ ‫)) يحز ُ‬
‫ب‬ ‫ج ُ‬ ‫ض التي ُتو ِ‬ ‫ن موت البنين من العوار ِ‬ ‫ُيرضي رّبنا (( ‪ .‬فإ ّ‬
‫ل في‬ ‫ه ل يقو ُ‬ ‫ي ‪ ‬أن ُ‬ ‫للعبد ِ السخط على الَقد َرِ ‪ ،‬فأخبَر النب ّ‬
‫س ‪ ،‬فيتكّلمون بما‬ ‫ُ‬
‫ل هذا المقام ِ – الذي يسخطه أكثُر النا ِ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ل ُيرضي الله ‪ ،‬ويفعلون ما ل يرضيه – إل ما ُيرضي رّبه‬
‫تبارك وتعالى ‪ .‬ولو لمح العبد ُ في القضاِء بما يراه ُ مكروها ً‬
‫ب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫إلى ثلثةِ أمورٍ ‪ ،‬لهان عليه المصا ُ‬
‫خب َُر‬
‫هأ ْ‬ ‫ل في عله ‪ ،‬وأن ُ‬ ‫مه بحكمةِ المقد ّرِ ج ّ‬ ‫ولها ‪ :‬عل ُ‬ ‫أ ّ‬
‫بمصلحةِ العبدِ وما ينفُعه ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬كما‬ ‫ب الجزي ٍ‬ ‫ن ينظر للجرِ العظيم ِ والثوا ِ‬ ‫ثانيها ‪ :‬أ ْ‬
‫ن عباد ِهِ ‪.‬‬ ‫وعد الله م ُ‬
‫م ْ‬‫صيب فصبر ِ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬والتسليم والذعان‬ ‫حكم والمر للّر ّ‬ ‫ثالُثها ‪ :‬أن ال ُ‬
‫ك﴾ ‪.‬‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫م َ‬‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬‫مو َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫للعبد ِ ‪ ﴿ :‬أ َ ُ‬
‫ج الهوى ‪:‬‬
‫الّرضا ُيخر ُ‬
‫ب ‪ ،‬فالراضي هواه ُ تبعٌ‬ ‫ج الهوى من القل ِ‬‫والرضا ُيخر ُ‬
‫لمرادِ رّبه منه ‪ ،‬أعني المراد الذي يحّبه رّبه ويرضاه ُ ‪ ،‬فل‬
‫ه‬‫ن كان مع ُ‬ ‫ب أبدا ً ‪ ،‬وإ ْ‬
‫يجتمعُ الرضا واّتباعُ الهوى في القل ِ‬
‫ن هذا ‪ ،‬فهو للغاِلب عليه منهما ‪.‬‬ ‫ةم ْ‬
‫ن هذا ‪ ،‬وشعب ٌ‬ ‫ةم ْ‬ ‫ُ‬
‫شعب ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪287‬‬
‫كم في‬ ‫ن كان رضا ُ‬ ‫إ ْ‬ ‫م اللهِ على‬‫فسل ُ‬
‫سهري‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫سِني‬
‫وَ َ‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬
‫ب ل ِت َْر َ‬ ‫ر‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫َ ِ ُ ِ ْ‬‫ت‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫﴿‬

‫م ما‬ ‫ن كان سّرك ُ ُ‬ ‫إ ْ‬ ‫فما لجْرٍج إذا‬


‫دنا‬
‫س ُ‬‫قال حا ِ‬ ‫م‬
‫أرضاكمو أل ُ‬
‫******************************************‬
‫وقفـــة‬
‫فك في‬ ‫ء ‪ ،‬يعر ْ‬ ‫ه في الرخا ِ‬ ‫ف إلى الل ِ‬ ‫)) تعّر ْ‬
‫دة (( ‪.‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب‬ ‫ه( أيْ ‪ :‬تحب ّ ْ‬ ‫ف( بتشديدِ الّراِء )إلى الل ِ‬ ‫» )تعّر ْ‬
‫ه على سابِغ نعمِته ‪ ،‬والصبر‬ ‫شكرِ ل ُ‬ ‫ب إليهِ بطاعِته ‪ ،‬وال ّ‬ ‫وتقّر ْ‬
‫ل بلي ِّته ‪.‬‬ ‫ص قبل نزو ِ‬ ‫ق اللتجاِء الخا ِ‬ ‫ضيت ِهِ ‪ ،‬وصد ْ ِ‬ ‫مّر أقْ ِ‬‫تحت ُ‬
‫ر‬
‫سعَةِ العم ِ‬ ‫ن والنعمةِ و َ‬ ‫م ِ‬
‫دعةِ وال ْ‬ ‫ء( أيْ ‪ :‬في ال ّ‬ ‫)في الرخا ِ‬
‫ت ‪ ،‬حتى‬ ‫ت والنفاق في الُقُربا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬فالزم ِ الطاعا ِ‬ ‫حةِ البد ِ‬
‫وص ّ‬
‫فك في‬ ‫صفا ً عنده بذلك ‪ ،‬معروفا ً به ‪) .‬يعر ْ‬ ‫تكون مت ّ ِ‬
‫ق مخرجا ً ‪،‬‬ ‫ضي ٍ‬‫ل ِ‬ ‫نك ّ‬ ‫جها عنك ‪ ،‬وجعِْله لك م ْ‬ ‫دة( بتفري ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ف«‪.‬‬ ‫ن ذلك الّتعّر ِ‬ ‫م فرجا ً ‪ ،‬بما سلف م ْ‬ ‫له ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫وم ْ‬
‫ه‬
‫ة بقلب ِ ِ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ة خا ّ‬ ‫ن يكون بين العبد ِ وبين ّربهِ معرف ٌ‬ ‫» ينبغي أ ْ‬
‫س بهِ في خلوِته ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فيأن ُ‬ ‫ه من ُ‬ ‫ده قريبا ً للستغناِء ل ُ‬ ‫ث يج ُ‬‫‪ ،‬بحي ُ‬
‫ل العبد ُ‬ ‫ره ودعاِئه ومناجاِته وطاعِته ‪ ،‬ول يزا ُ‬ ‫ويجد ُ حلوة ذك ْ ِ‬
‫ف ‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ب في الدنيا والبْرزِخ والموق ِ‬ ‫كر ٍ‬ ‫يقع في شدائد و ُ‬
‫صة ‪ ،‬كفاه ُ ذلك كّله « ‪.‬‬ ‫ة خا ّ‬ ‫ه وبين رّبه معرف ٌ‬ ‫بين ُ‬
‫*************************************‬
‫ن‬
‫ت الخوا ِ‬
‫ن هفوا ِ‬
‫ِ‬ ‫الغضاءُ ع‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْ‬
‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬‫ن ال َ‬ ‫ع ِ‬‫ض َ‬‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬
‫وأ ْ‬
‫ف َ‬
‫عْر ِ‬
‫مْر ِبال ُ‬‫وأ ُ‬
‫و َ‬
‫ف َ‬ ‫ذ ال َ‬
‫خ ِ‬
‫﴿ ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫خل َُقْين‬‫ق أو ُ‬ ‫ن يزهد فيهِ – أي الخ‪ -‬ل ُ ُ‬
‫خل ٍ‬ ‫ل ينبغي أ ْ‬
‫ن‬
‫مه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫شي ِ‬‫مد أكثَر ِ‬ ‫ه‪ ،‬إذا رضي سائر أخلِقه ‪ ،‬وح ِ‬ ‫ينكُرهما من ُ‬
‫معوٌز ‪ ،‬وقد ْ قال الك ِْنديّ ‪ :‬كيف تريد ُ‬ ‫اليسير مغفوٌر ‪ ،‬والكمال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪288‬‬
‫ن نْفس‬ ‫خُلقا ً واحدا ً ‪ ،‬وهو ذو طبائع أربٍع ‪ .‬مع أ ّ‬ ‫ن صديِقك ُ‬ ‫م ْ‬
‫س به ‪ ،‬ومدّبرة ٌ باختياِره‬ ‫ص النفو ِ‬ ‫ن التي هي أخ ّ‬ ‫النسا ِ‬
‫ل ما يريد ُ ‪ ،‬ول ُتجيُبه إلى‬ ‫وإرادِته ‪ ،‬ل ُتعطيه قِيادها في ك ّ‬
‫ك‬ ‫ره ؟! ﴿ ك َذَل ِ َ‬ ‫س غي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فكيف بنف ِ‬ ‫ل ما يج ُ‬ ‫طاعِته في ك ّ‬
‫كوا‬ ‫فَل ت َُز ّ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬‫من َ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ُ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َأن ُ‬
‫ن أخيك أكثُره ‪ ،‬وقد ْ قال أبو‬ ‫ن يكون لك م ْ‬ ‫سُبك أ ْ‬ ‫وح ْ‬
‫ن‬
‫ده ‪ ،‬م ْ‬ ‫ن فْق ِ‬ ‫خي ٌْر م ْ‬ ‫ة الِخ َ‬ ‫معاتب َ ُ‬ ‫الدرداِء – رضي الله عنه ‪ُ : -‬‬
‫لك بأخيك كّله ؟! فأخذ الشعراُء هذا المعنى ‪ ،‬فقال أبو‬
‫العتاهية ‪:‬‬
‫من‬ ‫َُ‬ ‫نيا بك ّ‬
‫ن لك ِ‬ ‫يم ْ‬ ‫أأخ ّ‬ ‫ن‬ ‫ل أخيك م ْ‬
‫الد‬
‫بعضك ل‬ ‫ستب ْق بني‬ ‫فا‬ ‫ك‬
‫ط‬‫ِ‬ ‫ل من لم ت ُعْل ْ‬ ‫ـك ك ّ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وقال أبو تماي َم َ ّ‬ ‫ك ُل ّ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫م ٍلـالطائ ّ‬ ‫ك‬
‫ما غبن المغبون‬ ‫ن لك يوما ً بأخيك‬ ‫م ْ‬
‫ف‬ ‫هالنصا ِ‬ ‫عل ّْقل‬
‫ةِ ِ ِ‬ ‫نق‬ ‫مث ِ ْ ُ‬
‫ملْ‬ ‫ف‪ِ ،‬‬ ‫ب النصا ِ‬ ‫هط َل َ ُ‬ ‫ض الحكماءك ُ‪:‬ل ّ ِ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫‪.‬‬
‫سنا ‪ ،‬فكيف نرضى‬ ‫ن أنُف ِ‬ ‫ضينا ع ْ‬ ‫ن ما ر ِ‬ ‫ضهم ‪ :‬نح ُ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫رنا !!‬ ‫ن غي ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ل حمدت سيرته ‪،‬‬ ‫ض البلغاِء ‪ :‬ل ُيزهدّنك في رج ٍ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ب‬ ‫ضله ‪ ،‬وبطنت عقله – عَي ْ ٌ‬ ‫وارتضيت وتيرته ‪ ،‬وعرفت فَ ْ‬
‫ب صغيٌر تستغفُر له قوةُ‬ ‫ط به كثرةُ فضائِله ‪ ،‬أو ذن ٌ‬ ‫ي ‪ ،‬تحي ُ‬‫خف ّ‬
‫ن فيه‬ ‫ذبا ً ل يكو ُ‬ ‫مه ّ‬ ‫جد – ما بقيت – ُ‬ ‫نت ِ‬ ‫وسائِله ‪ ،‬فإنك ل ْ‬
‫ن‬‫ب ‪ ،‬فاعتبْر بنفسك بعد ُ أل ّ تراها بعي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ول يقعُ منه ذن ٌ‬ ‫عي ٌ‬
‫ن في اعتباِرك‬ ‫حكم ِ الهوى ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫الرضا ‪ ،‬ول تجري فيها على ُ‬
‫طفك على‬ ‫ب ‪ ،‬ويع ِ‬ ‫بها ‪ ،‬واختباِرك لها ‪ ،‬ما ُيواسيك مما تطل ُ‬
‫ب ‪ ،‬وقد قال الشاعُر ‪:‬‬ ‫ن ُيذن ُ‬ ‫م ْ‬
‫ن ذا الذي ُترضى‬ ‫وم ْ‬ ‫ن ُتعد ّ‬ ‫كفى المرء ُنبل ً أ ْ‬
‫لها‬ ‫سجاياه ُ ك ّ‬ ‫ه‬
‫معايب ُ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ذبيان‬ ‫ّ‬ ‫ة ال‬ ‫وقال النابغ ُ‬
‫ستب ْق أخا ً‬
‫م ْ ٍ‬ ‫ولست ب ُ‬ ‫ي‬
‫ثأ ّ‬ ‫على شع ٍ‬
‫ه‬‫م ُ‬ ‫ل تل ُ ّ‬ ‫ب‬‫ل المهذ ّ ِ‬ ‫الّرجا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪289‬‬
‫ن اختباِره ‪ ،‬واختباِر‬ ‫ض هذا القول ما وصفناه ُ م ْ‬ ‫وليس ينق ُ‬
‫ه ‪ ،‬هذا ل‬ ‫ن ما اعوز فيه معفوّ عن ُ‬ ‫ل الربع فيه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫الخصا ِ‬
‫ن في‬ ‫ن ُتسيء الظ ّ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬ول أ ْ‬ ‫دها من ُ‬ ‫ن ُتوحشك فترة ٌ تج ُ‬ ‫ينبغي أ ْ‬
‫كره ‪،‬‬ ‫ن منه ‪ ،‬ما لم تتحّقق تغّيره ‪ ،‬وتتيّقن تن ّ‬ ‫كبوةٍ تكو ُ‬
‫ت الخواطرِ ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬واستراحا ِ‬ ‫ت النفو ِ‬ ‫ف ذلك إلى فترا ِ‬ ‫وليصر ْ‬
‫ص‬‫سه التي هي أخ ّ‬ ‫مراعاةِ نف ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن النسان قد يتغي ُّر ع ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ل منها ‪.‬‬ ‫ن عداوةٍ لها ‪ ،‬ول مل ٍ‬ ‫ن ذلك م ْ‬ ‫س به ‪ ،‬ول يكو ُ‬ ‫النفو ِ‬
‫ق قد‬ ‫ن على صدي ٍ‬ ‫سدّنك الظ ّ ّ‬ ‫حكم ِ ‪ :‬ل ُيف ِ‬ ‫وقد ْ قيل في منثورِ ال ِ‬
‫ن‬ ‫ي‪،‬م ْ‬ ‫ن محمد ٍ لبِنه ‪ :‬يا ُبن ّ‬ ‫ن له ‪ .‬وقال جعفُر ب ُ‬ ‫أصلحك اليقي ُ‬
‫م يُقل فيك سوى الحقّ ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬فل ْ‬ ‫غضب من إخواِنك ثلث مّرا ٍ‬
‫ق‬ ‫ن حقو ٍ‬ ‫ب‪:‬م ْ‬ ‫ن وه ٍ‬ ‫نب ُ‬ ‫خل ّ ‪ .‬وقال الحس ُ‬ ‫سك ِ‬ ‫ذه لنف ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫فات ِ‬
‫ن ‪ ،‬والغضاُء عن تقصير إن كان ‪.‬‬ ‫خذ ُ ع َْفوِ الخوا ِ‬ ‫المود ّةِ أ ْ‬
‫ه – في قوِله تعالى ‪﴿ :‬‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي – رضي الل ُ‬ ‫ن عل ّ‬ ‫وقد روي ع ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل ﴾ ‪ ،‬قال ‪ :‬الّرضا بغيرِ عتا ٍ‬ ‫مي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ْ‬‫ح ال ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ص َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ن الروم ّ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫س والدنيا ولب ُد ّ‬ ‫م النا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫شربا‬ ‫ن أو ُيكد ُّر م ْ‬ ‫م بعي ٍ‬ ‫ي ُل ِ ّ‬
‫قذى‬
‫نك‬ ‫فأّ‬ ‫نِ‬ ‫م‬
‫النصا ْ‬ ‫ن قل ّةِ‬ ‫وم ْ‬ ‫ذب في الدنيا ولست‬ ‫مه ّ‬ ‫ـ ُ‬
‫الشعراِء ‪:‬‬ ‫ضتبتغي الـ‬ ‫وقال بع ُ‬ ‫ذبا‬ ‫المه َ‬
‫وا ُ ُ‬
‫صلنا على اليام ِ‬ ‫تَ َ‬ ‫ن هجُرنا مطُر‬ ‫ولك ْ‬
‫ق‬
‫ن‬‫لك ٍْ‬ ‫ه با‬ ‫صوْب ُ ُ‬ ‫عك َ‬ ‫يُرو ُ‬ ‫على عل ّت ِهِالّربيِع‬
‫داني‬
‫ن تراهُ‬
‫تلقى‬ ‫معاذ اللهِ أ ْ‬ ‫ع‬
‫زو ِِع‬ ‫المطا‬ ‫ل الن ّ ُ‬ ‫سوى د ُ‬
‫كم‬ ‫من ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫غضابا ً َ‬
‫ما َز‬ ‫ه َِ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مطيل ِّع ِ‬‫ل ُ ال‬ ‫ضال ُ‬ ‫على ْ‬‫ف‬‫وَل َ‬ ‫ول َ ْ‬‫﴿ َ‬
‫بدا ً ﴾‬
‫من أ َح َ‬
‫دأ َ‬ ‫ّ ْ َ ٍ‬
‫ذبا ً ل عيب‬ ‫مه ّ‬ ‫تريد ُ ُ‬ ‫ح بل‬ ‫عود ٌ يُفو ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫وه ْ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫فيهت ّ َ‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫عل َ‬ ‫ْ‬ ‫هو أ َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫س‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫أن‬ ‫كواُ َ‬
‫دخا‬ ‫فَل ت َُز ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫********************************************‬
‫****‬
‫ة والفرا ُ‬
‫غ‬ ‫ح ُ‬
‫ص ّ‬
‫ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪290‬‬
‫ر‬
‫مك ‪ ،‬وفراغ وقِتك ‪ ،‬بالتقصي ِ‬ ‫حة جس ِ‬ ‫ص ّ‬
‫ينبغي أل تضّيع ِ‬
‫ل الجتهاد‬ ‫ملك ‪ ،‬فاجع ْ‬ ‫فع ِ‬ ‫في طاعةِ رّبك ‪ ،‬والّثقةِ بسال ِ‬
‫ن‬ ‫ل الزما ِ‬ ‫حِتك ‪ ،‬والعمل فرصة فراِغك ‪ ،‬فليس ك ّ‬ ‫غنيمة ص ّ‬
‫ة‬
‫خلو ِ‬ ‫م ‪ ،‬ولل ْ‬ ‫مستعدا ً ول ما فات مستدركا ً ‪ ،‬وللفراِغ زي ْغٌ أو ند ٌ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ل أو أس ٌ‬ ‫مي ْ ٌ‬
‫َ‬
‫ة ‪ ،‬وللنساِء‬ ‫ل غْفل ٌ‬ ‫ة للرجا ِ‬‫ب ‪ :‬الراح ُ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫وقال عمُر ب ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫غُْلم ٌ‬
‫جَهدةً ‪ ،‬فالفراغُ‬ ‫م ْ‬
‫ل َ‬ ‫ن الشغ ُ‬ ‫ن يك ِ‬ ‫وقال بزرجمهُر ‪ :‬إ ْ‬
‫مْفسد َة ٌ ‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬فإنها ُتفسد ُ‬ ‫م والخلوا ِ‬ ‫ض الحكماِء ‪ :‬إّياك ْ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫العقول ‪ ،‬وتعِقد ُ المحلول ‪.‬‬
‫ض يومك في غير منفعةٍ ‪ ،‬ول‬ ‫ض البلغاِء ‪ :‬ل تم ِ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ر‬
‫ن ينَفد َ في غي ِ‬ ‫تضعْ مالك في غْير صنيعةٍ ‪ ،‬فالعمُر أقصُر م ْ‬
‫ن ُيصرف في غيرِ الصانع ‪،‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫ل أق ّ‬ ‫المنافِع ‪ ،‬والما ُ‬
‫ن ُيفني أيامه فيما ل يعود ُ عليه نفُعه‬ ‫نأ ْ‬ ‫لم ْ‬‫ل أج ّ‬ ‫والعاق ُ‬
‫جُره ‪.‬‬ ‫صل له ثواُبه وأ ْ‬ ‫ه فيما ل يح ُ‬ ‫وخيرهُ ‪ ،‬وُينفق أموال ُ‬
‫ل عيس ابن مريم ‪ ،‬على نبينا وعليه‬ ‫ن ذلك قو ُ‬ ‫وأبلغُ م ْ‬
‫ن كان‬ ‫ت ‪ ،‬فم ْ‬ ‫صم ُ‬ ‫ة ‪ :‬المنطقُ ‪ ،‬والّنظُر ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م ‪ :‬البّر ثلث ٌ‬
‫السل ُ‬
‫ن كان نظُره في غي ْرِ اعتباٍر‬ ‫منطُقه في غيرِ ذكرٍ فقد لغا‪ ،‬وم ْ‬
‫مته في غيرِ فِك ْرٍ فقد لها ‪.‬‬ ‫ن كان ص ْ‬ ‫فقد ْ سها ‪ ،‬وم ْ‬
‫********************************************‬
‫ي الذين آمُنوا‬
‫ه ول ّ‬
‫الل ُ‬
‫ى ‪ ،‬ولبد ّ‬ ‫العبد ُ بحاجةٍ إلى إلهٍ ‪ ،‬وفي ضرورةٍ إلى مول ً‬
‫حكم ِ ‪ ،‬والغنم ِ ‪ ،‬والغناِء‬
‫في اللهِ من الُقدرةِ والّنصرةِ ‪ ،‬وال ُ‬
‫ف بذلك هو الواحد ُ الحد ُ المل ُ‬
‫ك‬ ‫ص ِ‬‫مت ّ ِ‬
‫والقوةِ ‪ ،‬والبقاِء ‪ .‬وال ُ‬
‫ل في عله ‪.‬‬ ‫ن‪،‬ج ّ‬ ‫المهيم ُ‬
‫ن به ‪،‬‬ ‫كن العبد ُ إليهِ ويطمئ ّ‬ ‫ت ما يس ُ‬ ‫فليس في الكائنا ِ‬
‫ه سبحانه ‪ ،‬فهو ملذ ُ الخائفين ‪،‬‬ ‫جه إليه إل الل ُ‬ ‫م بالّتو ّ‬
‫ويتنعّ ُ‬
‫ث المستغيثين ‪ ،‬وجاُر المستجيرين ‪﴿ :‬‬ ‫ملجِئين ‪ ،‬وغوْ ُ‬ ‫ومعاذ ُ ال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪291‬‬
‫وَل‬ ‫جيُر َ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫إ ِذْ ت َ ْ‬
‫ع﴾‪،‬‬ ‫في ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫جاُر َ‬ ‫يُ َ‬
‫ة‬
‫ن أحّبه وحصل له به مود ّةٌ في الحيا ِ‬ ‫ن عبد غْير اللهِ ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫وم ْ‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬ ‫سدة ٌ لصاحبه أعظ ُ‬ ‫مْف َ‬ ‫ذةِ – فهو َ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬ونوع ٌ من الل ّ ّ‬
‫ة‬ ‫ه ٌ‬ ‫ما آل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ل الطعام ِ المسموم ِ ﴿ ل َ ْ‬ ‫مفسدةِ التذاذ ِ أك ِ‬
‫ما‬ ‫ع ّ‬ ‫ش َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫سدََتا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫إ ِّل الل ّ ُ‬
‫ن تألها الله الحقّ ‪ ،‬فلو كان‬ ‫ن قوامُهما بأ ْ‬ ‫ن ﴾ فإ ّ‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ي له‬ ‫م ّ‬ ‫هلس ِ‬ ‫ن إلها ً حّقا ً ‪ ،‬إذ الل ُ‬ ‫ة غيُر اللهِ ‪ ،‬لم يك ْ‬ ‫فيهما آله ٌ‬
‫حها ‪ ،‬هذا من‬ ‫سد ‪ ،‬لنتفاء ما به صل ُ‬ ‫ت تف ُ‬ ‫مْثل له ‪ ،‬فكان ْ‬ ‫ول ِ‬
‫جهة اللهية ‪ .‬فعُِلم بالضرورة اضطرار العبد ِ إلى إلهِهِ ومولهُ‬
‫ف‬ ‫ل الفاني بالباقي ‪ ،‬والضعي ِ‬ ‫ره ‪ ،‬وهو اّتصا ُ‬ ‫وكاِفيهِ وناص ِ‬
‫خذ الله رب ّا ً وإلها ً ‪،‬‬ ‫ن لم يت ّ ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫ي ‪ ،‬وك ّ‬ ‫بالقويّ ‪ ،‬والفقيرِ بالغن ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت والمرغوبا ِ‬ ‫اّتخذ غيره من الشياِء والصورِ والمحبوبا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫فصار عبدا ً لها وخادما ً ‪ ،‬ل محالة في ذلك ‪ ﴿ :‬أَرأي ْ َ‬
‫ة ﴾ ‪ .‬وفي‬ ‫ه ً‬ ‫ه آل ِ َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ذوا ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫وات ّ َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫وا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫خذَ إ ِل َ َ‬‫ات ّ َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬كم تعبدُ ؟ (( قال ‪ :‬أعبد ُ سبع ً‬ ‫حصي ْ ُ‬ ‫ث ‪ )) :‬يا ُ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ن‬ ‫ض ‪ ،‬وواحدا ً في السماِء ‪ .‬قال ‪ )) :‬فم ْ‬ ‫ة في الر ِ‬ ‫ست ً‬
‫ِلرغِبك وِلرهِبك ؟ (( ‪ .‬قال ‪ :‬الذي في السماِء ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ء‬
‫د الذي في السما ِ‬ ‫ض ‪ ،‬واعب ُ ِ‬ ‫ك التي في الر ِ‬ ‫)) فاتُر ِ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ك به‬ ‫ن يعبد الله ل ُيشر ُ‬ ‫ن فقر العبدِ إلى اللهِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫واعل ْ‬
‫ض‬ ‫ن بع ِ‬ ‫ه–م ْ‬ ‫ن ُيشب ِ ُ‬ ‫س به ‪ ،‬لك ْ‬ ‫شيئا ً ‪ ،‬ليس له نظيٌر فُيقا ُ‬
‫ب ‪ ،‬وبينهما‬ ‫الوجوهِ – حاجة الجسد ِ إلى الطعام ِ والشرا ِ‬
‫فروقٌ كثيرة ٌ ‪.‬‬
‫حه ‪ ،‬وهي ل صلح لها إل‬ ‫ن حقيقة العبد ِ قلُبه وُرو ُ‬ ‫فإ ّ‬
‫ره‬ ‫ن في الدنيا إل بذك ْ ِ‬ ‫بإلهها اللهِ الذي ل إله إل هو ‪ ،‬فل تطمئ ّ‬
‫ن لقاِئه ‪ ،‬ول‬ ‫ملقيُته ‪ ،‬ولب ُد ّ لها م ْ‬ ‫دحا ً ف ُ‬ ‫ة إليه ك ْ‬ ‫‪ ،‬وهي كادح ٌ‬
‫صلح لها إل بلقائ ِهِ ‪.‬‬
‫ن لقاء اللهِ قد‬ ‫وم ْ‬ ‫حّبا‬ ‫ه أشد ّ ُ‬ ‫كان له الل ُ‬
‫أحّبا‬
‫ل تحزن‬
‫‪292‬‬
‫سه الكارِهُ‬ ‫وعك ُ‬ ‫ه فضل ً ول‬ ‫حمت ُ‬ ‫ر ْ‬
‫م‬ ‫لفل يدو ُ‬ ‫اسأ‪ْ ،‬‬ ‫فاللهاللهِ‬ ‫لّ‬‫للعبدك ِل ْ‬
‫ولو حصل تت‬
‫ت أو سروٌر بغيرِ‬ ‫ذا ٌ‬
‫ص‪،‬‬ ‫إلى شخ ٍ‬ ‫ص‬
‫ٍ‬ ‫ن شخ‬ ‫ن نوع إلى نوع ‪ ،‬وم ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫ل ينتق ُ‬ ‫ذلك ‪ ،‬ب ْ‬
‫ل ‪ ،‬وتارة ً ُأخرى يكون‬ ‫ت وفي بعض الحوا ِ‬ ‫م بهذا في وق ٍ‬ ‫ويتنعّ ُ‬
‫ل قد‬ ‫ه ول ملتذ ّ له ‪ ،‬ب ْ‬ ‫م به ويلتذ ّ ‪ ،‬غير منعّم ٍ ل ُ‬ ‫ذلك الذي يتنعّ ُ‬
‫ده عنده ‪ ،‬ويضّره ذلك ‪.‬‬ ‫ُيؤذيهِ اّتصاُله به ووجو ُ‬
‫ت ‪ ،‬وأينما‬ ‫ل وق ِ‬ ‫ل وك ّ‬ ‫ل حا ٍ‬ ‫ه منه في ك ّ‬ ‫ه فلب ُد ّ ل ُ‬ ‫ما إله ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫كان فهو معه ‪.‬‬
‫ل‬ ‫عساك ترضى وك ّ‬ ‫منتهى‬ ‫إذا رضيت فهذا ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫ة‬
‫غاضب ٌ‬
‫النا‬ ‫ط‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬
‫بسخ‬ ‫ن أرضى الله النا‬ ‫أملي‬
‫ث ‪ )) :‬م‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ن أسخط‬ ‫رضي الله عليه ‪ ،‬وأرضى عنه الناس ‪ .‬وم ْ‬
‫ه‬‫ه عليه وأسخط علي ِ‬ ‫خط الل ُ‬ ‫الله برضا الناس ‪ ،‬س ِ‬
‫وك ( الشاعرِ وقد ْ مدح‬ ‫صة )العك ّ‬ ‫ت أذكُر ق ّ‬ ‫الناس (( ‪ .‬ول زل ُ‬
‫ف المير فقال ‪:‬‬ ‫أبا دل ٍ‬
‫ول مدْدت يدا ً بالخي ِ‬
‫ر‬ ‫ق‬‫إل ّ قضيت بأرزا ٍ‬
‫ب هذا‬ ‫بسب ِ‬ ‫ة‬‫هب ً‬ ‫المأمون فََقت ََله على بساط ِواهِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ه عليهِ وآجا ِ‬ ‫فسّلط الل ُ‬
‫كاُنوا ْ‬‫ما َ‬ ‫عضا ً ب ِ َ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ض ال ّ‬‫ع َ‬ ‫وّلي ب َ ْ‬ ‫ك نُ َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫البيت ﴿ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫ي َك ْ ِ‬
‫****************************************‬
‫حِثين‬
‫ق البا ِ‬
‫ت في طري ِ‬
‫إشارا ٌ‬
‫ت تظهُر ‪ ،‬وهي‬ ‫ح ‪ ،‬وإشارا ٌ‬ ‫ت تلو ُ‬ ‫للسعادةِ والفلِح علما ٌ‬
‫ن اّتصف‬ ‫ملها ‪ ،‬وفلِح م ِ‬ ‫ي صاحبها ‪ ،‬ونجاِح حا ِ‬ ‫شهود ٌ على رق ّ‬
‫بها ‪.‬‬
‫ن العبد كّلما زاد وُزنه‬ ‫ت السعادةِ والفلِح ‪ :‬أ ّ‬ ‫ن علما ِ‬ ‫فم ْ‬
‫ة‬
‫ن العلم موهب ٌ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ونفاسُته ‪ ،‬غاص في قاِع البحارِ ‪ ،‬فهو يعل ُ‬
‫شك ََرها ‪،‬‬ ‫ن ُ‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن شاء ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ه بها م ْ‬‫ن الل ُ‬‫ح ُ‬‫ة يمت ِ‬ ‫راسخ ٌ‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫ه ال ّ ِ‬‫ع الل ّ ُ‬‫ف ِ‬ ‫ت ﴿ ي َْر َ‬ ‫ه به درجا ٍ‬ ‫وأحسن في قُبول ِهِ ‪َ ،‬رفع ُ‬
‫ت ﴾ ‪ .‬وكّلما ِزيد‬ ‫جا ٍ‬ ‫م دََر َ‬ ‫عل ْ َ‬‫ن ُأوُتوا ال ْ ِ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م َ‬‫منك ُ ْ‬‫مُنوا ِ‬
‫آ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪293‬‬
‫ن عثرة القدم ِ ‪،‬‬ ‫حذ َِره ‪ ،‬فهو ل يأم ُ‬ ‫في عملهِ ‪ ،‬زيد في خوفِهِ و َ‬
‫ة‬
‫مراقب ٍ‬ ‫محاسبةٍ و ُ‬ ‫ب ‪ ،‬فهو في ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وتقّلب القل ِ‬ ‫وزّلة اللسا ِ‬
‫ف‬ ‫ذر ‪ ،‬كّلما وقع على شجرةٍ تركها لخرى ‪ ،‬يخا ُ‬ ‫كالطائرِ الح ِ‬
‫ره ‪،‬‬ ‫ص ‪ .‬وكّلما زيد في عم ِ‬ ‫مهارة القّناص ‪ ،‬وطائشة الرصا ِ‬
‫ه قدِ اقترب من‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫م علم اليقي ِ‬ ‫صهِ ويعل ُ‬ ‫حْر ِ‬ ‫نقص من ِ‬
‫المنتهى ‪ ،‬وقطع المرحلة ‪ ،‬وأشرف على وادي اليقين ‪ .‬وهو‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن المال عاري ٌ‬ ‫ذلهِ ؛ ل ّ‬ ‫كّلما ِزيد في ماِله ‪ ،‬زيد في سخاِئه وب ْ‬
‫ص ‪ ،‬والموت‬ ‫ن ُفر ٌ‬ ‫ت المكا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ومناسبا ِ‬ ‫والواهب ممتح ٌ‬
‫هه ‪ ،‬زيد في ُقرِبه‬ ‫بالمرصادِ ‪ .‬وهو كّلما زيد في قد ِْره وجا ِ‬
‫ل‬ ‫ن العباد عيا ُ‬ ‫ضِع لهم ؛ ل ّ‬ ‫جهم والّتوا ُ‬ ‫س وقضاِء حوائ ِ‬ ‫من النا ِ‬
‫الله ‪ ،‬وأحّبهم إلى اللهِ أنفُعهم لعياِله ‪.‬‬
‫مهِ ‪ ،‬زيد في‬ ‫ن كّلما زيد في عل ِ‬ ‫ت الشقاوةِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫وعلما ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫مه غيُر نافٍع ‪ ،‬وقلُبه خاوٍ ‪ ،‬وطبيعُته ثخين ٌ‬ ‫ك ِْبره وتيههِ ‪ ،‬فعل ْ ُ‬
‫خره‬ ‫كلما زيد في عمِله ‪ِ ،‬زيد في ف ْ‬ ‫عرةٌ ‪ .‬وهو ّ‬ ‫خو ْ‬ ‫سبا ٌ‬
‫وطينُته ِ‬
‫ن ظّنه بنفسهِ ‪ .‬فهو الناجي وحده ‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬‫واحتقاِره للناس ‪ ،‬و ُ‬
‫ن جواز المفازةِ ‪ ،‬والخرون على‬ ‫والباقون هْلكى ‪ ،‬وهو الضام ُ‬
‫صهِ ‪،‬‬ ‫حر ِ‬ ‫ره ‪ ،‬زيد في ِ‬ ‫ف ‪ .‬وهو كّلما ِزيد في عم ِ‬ ‫شفا المتال ِ ِ‬
‫عه‬ ‫ث ‪ ،‬ول ُتزعز ُ‬ ‫ه الحواد ِ ُ‬ ‫موعٌ مُنوعٌ ‪ ،‬ل ُتحّرك ُ‬ ‫فهو ج ُ‬
‫ه القوارِعُ ‪ .‬وهو كّلما ِزيد في ماِله ‪ ،‬زيد‬ ‫ب ‪ ،‬ول ُتوِقظ ُ‬ ‫المصائ ُ‬
‫ة‬ ‫كه ‪ ،‬فقل ُْبه مقفٌر من الِقيم ‪ ،‬وكّفه شحيح ٌ‬ ‫في ُبخِله وإمسا ِ‬
‫ل ‪ ،‬ووجُهه صفيقٌ عريّ من المكارم ِ ‪ .‬وهو كّلما زيد في‬ ‫بالبذ ْ ِ‬
‫ره وتي ِْهه ‪ ،‬فهو مغروٌر مدحوٌر ‪،‬‬ ‫كب ِ‬ ‫هه ‪ ،‬زِيد في ِ‬ ‫قد ِْره وجا ِ‬
‫ة‬
‫ح ‪ ،‬لكّنه في النهاي ِ‬ ‫ش الجنا ِ‬ ‫خ الّرئةِ ‪ ،‬مري ُ‬ ‫ش الرادةِ منتف ُ‬ ‫طائ ُ‬
‫ة في‬ ‫ل شيء ‪ُ )) :‬يحشر المتكّبرون يوم القيام ِ‬
‫ه‬
‫م (( ‪ .‬وهذ ِ‬ ‫مه ْ‬ ‫س بأقدا ِ‬ ‫م النا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة الذّّر ‪ ،‬يطؤ ُ‬ ‫صور ِ‬
‫سعد ُ بها‬ ‫ن ‪ ،‬ي َب َْتلي بها عباده في ْ‬ ‫ور ابتلٌء من اللهِ وامتحا ٌ‬ ‫الم ُ‬
‫م ‪ ،‬ويشقى بها آخرون ‪.‬‬ ‫أقوا ٌ‬
‫****************************************‬
‫ة ابتلءٌ‬
‫الكرام ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪294‬‬
‫ن‬ ‫سلطا ِ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫مل ْ ِ‬ ‫ن وابتلٌء ‪ ،‬كال ُ‬ ‫ت امتحا ٌ‬ ‫وكذلك الكراما ُ‬
‫عرش بلقيس‬ ‫ما رأى ِ‬ ‫ن نبّيه سليمان ل ّ‬ ‫ل ‪ ،‬قال تعالى ع ْ‬ ‫والما ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر﴾‬ ‫ف ُ‬‫م أك ْ ُ‬ ‫شك ُُر أ ْ‬ ‫وِني أأ ْ‬ ‫ل َرّبي ل ِي َب ْل ُ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عنده ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل حسن ‪،‬‬ ‫ن قِبلها بقُبو ٍ‬ ‫دي النعمة ليرى م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫‪ ،‬فهو سبحانه ي ُ ْ‬
‫ن أهلها‬ ‫مرها وانتفع ونفع بها ‪ ،‬وم ْ‬ ‫وشكرها وحفظها ‪ ،‬وث ّ‬
‫محاربةِ المعطي ‪ ،‬واستعان‬ ‫طلها ‪ ،‬وكفرها ً وصرفها في ُ‬ ‫وع ّ‬
‫عله ُ ‪.‬‬ ‫ل في ُ‬ ‫بج ّ‬ ‫محاد ّةِ الواه ِ‬ ‫بها في ُ‬
‫كوِر‬ ‫شك ُْر الش ُ‬ ‫ن ‪ ،‬يظهُر بها ُ‬ ‫م ابتلٌء من اللهِ وامتحا ٌ‬ ‫فالّنع ُ‬
‫سبحانه ‪ ،‬فهو يبتلي بالنعم ِ‬ ‫ه‬
‫ن من ُ‬ ‫ن المح َ‬ ‫كفُر الكفورِ ‪ .‬كما أ ّ‬ ‫و ُ‬
‫ما‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ما ا ِْ‬ ‫كما يبتلي بالمصائب قال تعالى ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫ذا َ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ابت ََله ربه َ َ‬
‫ن}‪{15‬‬ ‫م ِ‬ ‫ل َرّبي أك َْر َ‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬‫ون َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫فأك َْر َ‬ ‫ُ َ ّ ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ل َرّبي‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫رْز َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫قدََر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما اب ْت ََلهُ َ‬ ‫ذا َ‬‫ما إ ِ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ت علي ِ‬ ‫سعْ ُ‬ ‫نو ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ليس‬ ‫أي‬ ‫‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫‪....‬‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫{‬ ‫‪16‬‬ ‫ن}‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ها‬‫َ‬
‫ن‬ ‫لم ْ‬ ‫ن ذلك إكراما مني له ‪ ،‬ول ك ّ‬ ‫ً‬ ‫وأكرمُته ونّعمُته ‪ ،‬يكو ُ‬
‫ة مني له ‪.‬‬ ‫ن إهان ً‬ ‫ت عليهِ رزقه وابتليُته ‪ ،‬يكو ُ‬ ‫ضّيق ُ‬
‫************************************‬
‫ة‬
‫الكنوُز الباقي ُ‬
‫ن المواهب الجزيلة والعطايا الجليلة ‪ ،‬هي الكنوُز‬ ‫إ ّ‬
‫م إلى دارِ المقام ِ ‪ ،‬من‬ ‫ة معه ْ‬ ‫ة لصحابها ‪ ،‬الراحل ُ‬ ‫الباقي ُ‬
‫ن والبر والتّقى والهجرةِ والجهادِ‬ ‫ن والحسا ِ‬ ‫السلم ِ واليما ِ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫قب َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫و ُ‬‫وّلوا ْ ُ‬
‫س ال ْب ِّر أن ت ُ َ‬ ‫والتوبة والنابةِ ‪﴿ :‬ل ّي ْ َ‬
‫وم ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْب ِّر َ‬‫وَلـك ِ ّ‬
‫ب َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ َ‬ ‫ق َ‬‫ر ِ‬
‫ش ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫مت ّ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫ه ُ‬‫ر ‪ ﴾ ...‬إلى قولهِ تعالى ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫خ ِ‬‫ال ِ‬
‫**************************************‬
‫ح الّثرّيا‬
‫ة تنط ُ‬
‫م ٌ‬
‫ه ّ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫ت بهِ في درو ِ‬
‫ة كبرى ‪ ،‬ارتحل ْ‬‫م ً‬
‫إذا أعطي العبد ُ ه ّ‬
‫ت المعالي ‪.‬‬
‫ت بهِ في درجا ِ‬‫ل ‪ ،‬وصِعد ْ‬ ‫الفضائ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪295‬‬
‫مةِ ‪ ،‬وجللةِ‬ ‫كبر اله ّ‬ ‫ن سجايا السلم ِ الّتحّلي ب ِ‬ ‫وم ْ‬
‫مة هي مركُز‬ ‫ف ‪ ،‬وعظمةِ الغايةِ ‪ .‬فاله ّ‬ ‫المقصودِ ‪ ،‬وسموّ الهد ِ‬
‫حك ‪،‬‬ ‫ب على جوار ِ‬ ‫صك ‪ ،‬الرقي ُ‬ ‫ب في شخ ِ‬ ‫ب والموج ِ‬ ‫السال ِ‬
‫ة ‪ ،‬التي تمد ّ صاحبها‬ ‫ة الملتهب ُ‬ ‫ي والطاق ُ‬ ‫س ّ‬ ‫وهي الوقود ُ الح ّ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫مد ِ ‪ .‬وك ِب َُر اله ّ‬ ‫ب إلى المعالي والمسابقةِ إلى المحا ِ‬ ‫بالوثو ِ‬
‫ت‬ ‫ب لك ‪ .‬بإذن اللهِ خْيرا ً غير مجذوذ ٍ ‪ ،‬لترقى إلى درجا ِ‬ ‫يجل ُ‬
‫ض في‬ ‫ري في عروِقك دم الشهامةِ ‪ ،‬والرك ْ ِ‬ ‫ج ِ‬‫ل ‪ ،‬في ُ ْ‬ ‫الكما ِ‬
‫س واقفا ً إل على أبواب‬ ‫ل ‪ .‬فل يراك النا ُ‬ ‫ن العلم ِ والعم ِ‬ ‫ميدا ِ‬
‫س الّرّواد‬ ‫ت المورِ ‪ُ ،‬تناف ُ‬ ‫ما ِ‬‫ل ‪ ،‬ول باسطا ً يدْيك إل لمه ّ‬ ‫الفضائ ِ‬
‫سادة في المزايا ‪ ،‬ل ترضى‬ ‫م ال ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وُتزاح ُ‬ ‫في الفضائ ِ‬
‫ل ‪ .‬وبالتحّلي‬ ‫ل بالق ّ‬ ‫ف في الخيرِ ‪ ،‬ول تقب ُ‬ ‫دون ‪ ،‬ول تق ُ‬ ‫بال ّ‬
‫ث منك‬ ‫ل ‪ ،‬وُيجت ّ‬ ‫ب منك سفساف المال والعما ِ‬ ‫مةِ ‪ُ ،‬يسل ُ‬ ‫بالهِ ّ‬
‫ة‬ ‫م ُ‬ ‫ن ‪ ،‬والتمّلق ‪ ،‬والمداهنةِ ‪ ،‬فكبيُر الهِ ّ‬ ‫ل والهوا ِ‬ ‫شجرةُ الذ ّ ّ‬
‫ن ِرعديد ٌ ‪،‬‬ ‫دها جبا ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وفاق ُ‬ ‫ش ‪ ،‬ل ُترهُبه المواق ُ‬ ‫ت الجأ ِ‬ ‫ثاب ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ُتغلقُ فمه الفهاه ُ‬
‫كبرِ الهمة والك ِْبر ‪ ،‬فإن بينهما من‬ ‫خِلط بين ِ‬ ‫ط فت ْ‬ ‫ول تغل ْ‬
‫كبُر‬ ‫صد ِْع ‪ ،‬ف ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ض ذا ِ‬ ‫ت الّرجِع والر ِ‬ ‫الْرق كما بين السماء ذا ِ‬
‫حّر المثالي ‪ ،‬يسعى به دائما ً‬ ‫ب ال ُ‬‫رق القل ِ‬ ‫ج على مْف ِ‬ ‫مةِ تا ٌ‬ ‫اله ّ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫ل ‪ ،‬فكبيُر اله ّ‬ ‫طهرِ والقداسةِ والّزيادة والفض ِ‬ ‫وأبدا ً إلى ال ّ‬
‫سُر على ما فقده من‬ ‫ظ على ما فاته من محاسن ‪ ،‬ويتح ّ‬ ‫م ُ‬ ‫يتل ّ‬
‫ل إلى‬ ‫ب للوصو ِ‬ ‫ن مستمّر ‪ ،‬ونهم ٍ دؤو ٍ‬ ‫مآِثر ‪ ،‬فهو في حني ٍ‬
‫الغايةِ والنهايةِ ‪.‬‬
‫ة ورثةِ النبياِء ‪ ،‬والك ِب ُْر داُء المرضى بعّلة‬ ‫حْلي ُ‬ ‫مةِ ِ‬ ‫ك ِب َُر اله ّ‬
‫الجبابرةِ البؤساِء ‪.‬‬
‫ط‬ ‫ي ‪ ،‬والك ِب ُْر يهب ُ‬ ‫مةِ تصعَد ُ بصاحِبها أبدا ً إلى الّرق ّ‬ ‫كبُر اله ّ‬ ‫ف ِ‬
‫كبر‬ ‫م لنفسك ِ‬ ‫ض ‪ .‬فيا طالب العلم ‪ ،‬ارس ْ‬ ‫ً‬
‫به دائما إلى الحضي ِ‬
‫ت‬ ‫ت منها وقد أومأ الشرعُ إليها في فقهّيا ٍ‬ ‫مةِ ‪ ،‬ول تنفل ْ‬ ‫اله ّ‬
‫مها ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫ُتلبس حياتك ‪ ،‬لتكون دائما ً على يقظةٍ من اغتنا ِ‬
‫ل‬ ‫م إلزامهِ بقُبو ِ‬ ‫ف عند فْقد ِ الماِء ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫مم ِ للمكل ّ ٍ‬ ‫ة الّتي ّ‬ ‫إباح ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪296‬‬
‫ل من‬ ‫هبةٍ ثمن الماِء للوضوِء ‪ ،‬لما في ذلك من المن ّةِ التي تنا ُ‬ ‫ِ‬
‫س‪.‬‬‫مة منال ً ‪ ،‬وعلى هذا فقي ِ ْ‬ ‫اله ّ‬
‫ت‬‫ل سيِفها في غمرا ِ‬ ‫مةِ ‪ ،‬وس ّ‬‫فالله الله في الهتمام ِ باله ّ‬
‫الحياةِ ‪:‬‬
‫ضل‬‫دث حتى تف ُ‬ ‫ج ّ‬‫هو ال ِ‬ ‫م‬
‫وحّتى يكون اليو ُ‬
‫ن أختها‬
‫العي ُ‬ ‫لليوم ِ سّيدا‬
‫**********************************‬ ‫*****‬

‫قراءة العقول‬
‫ل في‬ ‫م ُ‬‫سّر الن ّْفس ‪ ،‬القراءةُ والتأ ّ‬ ‫ما يشرح الخاطر وي ُ‬ ‫م ّ‬
‫مطالِع‬ ‫ة يسلو بها ال ُ‬ ‫ل الِفطنةِ ‪ ،‬فإّنها متع ٌ‬
‫ل الذكياِء وأه ِ‬ ‫عقو ِ‬
‫ت البديعةِ من أولئك الفطناِء ‪ .‬وسي ّد ُ العارفين‬ ‫لتلك الشراقا ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ة النا ِ‬ ‫س عليهِ بقي ّ ُ‬ ‫وخيرةُ العالمين ‪ ،‬رسوُلنا ‪ ، ‬ول ُيقا ُ‬
‫ت‬‫ث باليا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬مبعو ٌ‬ ‫حي ‪ ،‬مصد ّقٌ بالمعجزا ِ‬ ‫ه مؤي ّد ٌ بالو ْ‬
‫لن ُ‬
‫موع الدباِء ‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬وهذا فوق ذكاِء الذكياء ول ُ‬ ‫البّينا ِ‬
‫***********************************‬
‫ن﴾‬
‫في ِ‬ ‫و يَ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت َ‬
‫ف ُ‬ ‫ض ُ‬
‫ر ْ‬
‫م ِ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ضاّر ‪ ،‬خيٌر من الكثارِ من‬ ‫ل من ال ّ‬‫ط ‪ » :‬القل ُ‬ ‫قال أبقرا ُ‬
‫ل عن‬ ‫س ِ‬
‫ك الّتكا ُ‬‫حة بتْر ِ‬‫ص ّ‬
‫النافِع « ‪ .‬وقال ‪ » :‬استديموا ال ّ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ك المتلِء من الطعام ِ والشرا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وبتر ِ‬ ‫التع ِ‬
‫ود الغداء‬ ‫ض الحكماِء ‪ » :‬من أراد الصحة ‪ :‬فلُيج ّ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ل من‬ ‫ب على ظماٍء ‪ ،‬ولُيقل ّ ْ‬ ‫ل على نفاٍء ‪ ،‬وليشر ْ‬ ‫‪ ،‬وليأك ُ ْ‬
‫ش بعد العشاِء ‪ ،‬ول‬ ‫ب الماِء ‪ ،‬ويتمد ّد ْ بعد الغداِء ‪ ،‬ويتم ّ‬ ‫شر ِ‬ ‫ُ‬
‫مام ِ‬ ‫حذْر دخول الح ّ‬ ‫ه على الخلِء ‪ ،‬ولي ْ‬ ‫م حتى يعرض نفس ُ‬ ‫ين ْ‬
‫ف خيٌر من عشرٍ في الشتاِء‬ ‫عقِيب المتلء ‪ ،‬ومّرةٌ في الصي ِ‬
‫«‪.‬‬
‫ر‬
‫ث ‪ » :‬من سّره البقاُء – ول بقاء – فلُيباك ِ ِ‬ ‫وقال الحار ُ‬
‫ل ِغشيان‬ ‫ف الّرداء ‪ ،‬ولُيق ّ‬‫ل العشاء ‪ ،‬وُلخّف ِ‬ ‫ج ِ‬
‫الغداَء ‪ ،‬ولُيع ّ‬
‫النساِء « ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪297‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫ن ‪ ،‬وربما قَت َل ْ َ‬ ‫س ُيذْبن الَبد َ‬ ‫وقال أفلطون ‪ » :‬خم ٌ‬
‫ظ ‪ ،‬ورد ّ الّنصح‬ ‫ت اليدِ ‪ ،‬وفراقُ الحب ّةِ ‪ ،‬وتجّرع ُ المغاي ِ‬ ‫صُر ذا ِ‬‫قِ َ‬
‫ل بالعقلِء « ‪.‬‬ ‫ك ذوي الجه ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫‪ ،‬وض ِ‬
‫ل كثيرٍ ‪ ،‬فهو‬ ‫ه‪»:‬ك ّ‬ ‫ت أبقراط قول ُ‬ ‫ومن جوامِع كلما ِ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫معاد ٍ للطبيع ِ‬ ‫ُ‬
‫ض ؟ فقال ‪ » :‬لني لم‬ ‫وقيل لجالينوس ‪ :‬ما لك ل تمر ُ‬
‫خل طعاما ً على طعام ٍ ‪،‬‬ ‫ن رديئينِ ‪ ،‬ولم ُأد ِ‬ ‫أجمعْ بين طعامي ْ ِ‬
‫ت منه « ‪.‬‬ ‫س في المعدةِ طعاما ً تأّذي ُ‬ ‫ولم أحب ِ ْ‬
‫م‬ ‫م الكثيُر ‪ ،‬والنو ُ‬ ‫سم ‪ :‬الكل ُ‬ ‫ض الج ْ‬ ‫ة أشياء ُتمر ُ‬ ‫وأربع ُ‬
‫م الكثيُر ‪:‬‬ ‫ل الكثيُر ‪ ،‬والجماع ُ الكثيُر ‪ .‬فالكل ُ‬ ‫الكثيُر ‪ ،‬والك ُ‬
‫م الكثيُر ‪:‬‬ ‫شْيب ‪ .‬والنو ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫دماِغ وُيضعُفه ‪ ،‬ويع ّ‬ ‫خ ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫يقّلل ُ‬
‫ل عن‬ ‫ج العين ‪ ،‬وُيكس ُ‬ ‫يصّفُر الوجه ‪ ،‬وُيعمي القلب ‪ ،‬وُيهي ّ ُ‬
‫سرة ‪ .‬والجماع ُ الكثيُر ‪:‬‬ ‫ل ‪ ،‬ويول ّد ُ الغليظة ‪ ،‬والدواء الع ِ‬ ‫العم ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫طوبات البد ِ‬ ‫ف ُر ُ‬ ‫ف الُقوى ‪ ،‬وُيجّف ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وُيضع ُ‬ ‫ي َهُد ّ ال ََبد َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫م ضرُرهُ جميع البد ِ‬ ‫سد َد َ ‪ ،‬ويعُ ّ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وُيور ُ‬ ‫وُيرخي العص َ‬
‫ح الّنفساني ‪.‬‬ ‫ه من الّرو ِ‬ ‫ل من ُ‬ ‫دماغ لكْثرةِ ما يتحل ّ ُ‬ ‫ض ال ّ‬‫ونخف ّ‬
‫رغ‬ ‫ت ‪ ،‬ويستف ِ‬ ‫ف جميِع المستفرغا ِ‬ ‫ه أكثر من إضعا ِ‬ ‫ولضعافُ ُ‬
‫ح شيئا ً كثيرا ً ‪.‬‬ ‫من جوهرِ الّرو ِ‬
‫سهُر ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬والجوع ُ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م ‪ ،‬والحز ُ‬ ‫ة تهدم البدن ‪ :‬اله ّ‬ ‫أربع ٌ‬
‫خضرةِ ‪ ،‬وإلى الماِء الجاري ‪،‬‬ ‫ح ‪ :‬الّنظُر إلى ال ُ‬ ‫وأربعة ُتفر ُ‬
‫ب ‪ ،‬والثمارِ ‪.‬‬ ‫والمحبو ِ‬
‫ح والمساُء‬ ‫ي حافيا ً ‪ ،‬والّتصب ّ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫وأربعة ُتظِلم البصر ‪ :‬الم ْ‬
‫ً‬
‫ل والعدوُ ‪ ،‬وكْثرة ُ الُبكاِء ‪ ،‬وكثرةُ الّنظ ِ‬
‫ر‬ ‫ض والثقي ِ‬ ‫بوجهِ البغي ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫في الخ ّ‬
‫دقي ِ‬ ‫ط ال ّ‬
‫مام ِ‬ ‫ل الح ّ‬ ‫س الناعم ِ ‪ ،‬ودخو ِ‬ ‫وي الجسم ‪ :‬ل ُب ْ ُ‬ ‫ة تق ّ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‬
‫ح الطّيب ِ‬ ‫م الروائ ِ‬ ‫دسم ِ ‪ ،‬وش ّ‬ ‫ل الطعام ِ الحلوِ وال ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وأك ُ‬ ‫المعتد ِ‬
‫‪.‬‬
‫ه‪:‬‬ ‫ه وطلقَت َ ُ‬ ‫ب ماءه وبهجت ُ‬ ‫ة ُتيّبس الوجه‪ ،‬وُتذه ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ل عن غيرِ علم ٍ ‪ ،‬وكْثرةُ‬ ‫ة ‪ ،‬وكْثرةُ السؤا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬والوقاح ُ‬ ‫الكذِ ُ‬
‫الفجورِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪298‬‬
‫ة تزيد ُ في ماِء الوجه وبهجِته ‪ :‬المروءة ُ ‪ ،‬والوُفاء ‪،‬‬ ‫وأربع ٌ‬
‫م ‪ ،‬والتقوى ‪.‬‬ ‫والكر ُ‬
‫ت ‪ :‬الك ِب ُْر ‪ ،‬والحسد ُ ‪،‬‬ ‫ب البغضاء والمْق َ‬ ‫ة تجل ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‪.‬‬‫ب ‪ ،‬والّنميم ُ‬ ‫والك َذِ ُ‬
‫ل ‪ ،‬وكْثرةُ الستغفاِر‬ ‫م اللي ِ‬ ‫ب الرزق ‪ :‬قيا ُ‬ ‫ة تجل ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫خره ‪.‬‬ ‫كر أول النهارِ وآ ِ‬ ‫بالسحارِ ‪ ،‬وتعاهُد ُ الصدقةِ ‪ ،‬والذ ّ ْ‬
‫ة الصلةِ ‪،‬‬ ‫صبحة ‪ ،‬وقل ّ ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ة تمنعُ الرزق ‪ :‬نو ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬والخيان ُ‬ ‫والكس ُ‬
‫ض‬‫ل الحام ِ‬ ‫ن أك ْ ِ‬ ‫ن ‪ :‬إدما ُ‬ ‫ة ُتضّر بالفهم ِ والذه ِ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬والغ ّ‬ ‫م على القفا ‪ ،‬واله ّ‬ ‫والفواكهِ ‪ ،‬والنو ُ‬
‫ة الّتمّلي من‬ ‫ب ‪ ،‬وقل ّ ُ‬ ‫ة تزيد ُ في الفهم ‪ :‬فراغُ القل ِ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‬
‫حلو ِ‬ ‫ن تدبيرِ الغذاِء بالشياِء ال ُ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬
‫ب‪،‬و ُ‬ ‫الطعام والشرا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ت المثّقلةِ للَبد ِ‬ ‫ج الفضل ِ‬ ‫سمةِ ‪ ،‬وإخرا ُ‬ ‫والد ّ ِ‬
‫**************************************‬
‫م‬ ‫ح ْ‬
‫ذرك ْ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا ِ‬ ‫ُ‬
‫مل ‪،‬‬ ‫ف حتى يرى ويبصر ‪ ،‬ويترّقب ‪ ،‬ويتأ ّ‬ ‫فالحازم يتوقّ ُ‬
‫ت ‪ ،‬وُيبرم‬ ‫در الخطوا ِ‬‫وُيعيد َ النظر ‪ ،‬ويقرأ العواقب ‪ ،‬ويق ّ‬
‫حذر ‪ ،‬لئل ّ يندم ‪ ،‬فإن وقع المُر على ما‬ ‫الرأي ‪ ،‬ويحتاط وي َ ْ‬
‫لخرى ‪ ،‬قال ‪ :‬قدّر‬ ‫تا ُ‬ ‫مد َ الله ‪ ،‬وشكر رأيه ‪ ،‬وإن كان ِ‬ ‫ح ِ‬
‫أراد ‪َ ،‬‬
‫ن‪.‬‬
‫ل ‪ .‬ورضي ولم يحز ْ‬ ‫ه ‪ ،‬وما شاء فَعَ َ‬‫الل ُ‬
‫*******************************************‬
‫فـتـبـي ّـُنوا‬
‫ْ‬ ‫فالعاق ُ‬
‫ت عليهِ‬‫ت القدم ِ ‪ ،‬سديد ُ الّرأي ‪ ،‬إذا هجم ْ‬ ‫ل ثاب ُ‬
‫جل‬‫خذ ُ بالبواِدر ‪ ،‬ول يتع ّ‬ ‫ل ‪ ،‬فل يأ ُ‬‫ت المسائ ُ‬ ‫الخباُر ‪ ،‬وأشكل ِ‬
‫ث‬
‫ب النظر ‪ ،‬وُيحاد ُ‬ ‫ص ما يسمعُ ‪ ،‬ويقل ّ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫حكم ‪ ،‬وإنما ُيم ّ‬‫ال ُ‬
‫ن الّرأي الخمير ‪ ،‬خيٌر من الرأي‬ ‫ْ‬
‫الفكر ‪ ،‬وُيشاوُِر العقلء ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن تخطئ‬ ‫نأ ْ‬ ‫الفطيرِ ‪ .‬وقالوا ‪ :‬لن ُتخطئ في العفوِ ‪ ،‬خيٌر م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫مي َ‬‫م َناِد ِ‬‫عل ْت ُ ْ‬
‫ف َ‬‫ما َ‬‫عَلى َ‬ ‫حوا َ‬ ‫صب ِ ُ‬‫فت ُ ْ‬ ‫في العقوبةِ ﴿ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪299‬‬
‫*****************************************‬
‫م‬
‫د ْ‬ ‫م وأ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫اعز ْ‬
‫عبر ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وأثرٍ و ِ‬ ‫ت وأبيا ٍ‬ ‫ن آيا ٍ‬ ‫ل ما أكتُبه هنا م ْ‬ ‫نك ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ؤها الرجاُء‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ن تبدأ حياةً جديدة ً ‪ِ ،‬‬ ‫حكم ‪ ،‬تدعوك بأ ْ‬ ‫صو ِ‬ ‫وقص ٍ‬
‫ج ‪ .‬ول‬ ‫ل النتائ ِ‬ ‫ل الختام ِ ‪ ،‬وأفض ِ‬ ‫ن العاقبةِ ‪ ،‬وجمي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫في ُ‬
‫ة‬
‫ث ‪ ،‬ورغب ٍ‬ ‫مةٍ صادقةٍ ‪ ،‬وعزم ٍ حثي ٍ‬ ‫تستطيعُ أن تستفيد إل به ّ‬
‫مك وغمومك وأحزاِنك‬ ‫ن همو ِ‬ ‫أكيدةٍ في أن تتخّلص م ْ‬
‫ب العبد ُ ؟ قال ‪ :‬لب ُد ّ له‬ ‫وكآبِتك ‪ .‬قيل لحدِ العلماِء ‪ :‬كيف يتو ُ‬
‫همم ِ ﴿‬
‫ُ‬
‫ه أولي العزم ِ بال ِ‬ ‫ط ع َْزم ٍ ‪ .‬ولذلك مّيز الل ُ‬
‫ُ‬
‫ن سوْ ِ‬ ‫م ْ‬
‫م ليس‬ ‫ل﴾ ‪ .‬وآد ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬‫عْزم ِ ِ‬ ‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫صب ََر أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫عْزما ً﴾‪ ،‬وكذلك‬ ‫ه َ‬ ‫جد ْ ل َ ُ‬
‫م نَ ِ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ي َ‬ ‫س َ‬ ‫من ُأولي العَْزم ِ ‪ ،‬لنه ﴿ َ‬
‫فن َ ِ‬
‫ن ُيشاِبه أباه فما‬ ‫م‪ ،‬وم ْ‬ ‫خز ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة نعرُفها ِ‬ ‫شن َ ٌ‬
‫شن ْ ِ‬‫أبناؤه ‪ ،‬فهي ِ‬
‫ه‬
‫ة‪ .‬والل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وُتخال ِْفه في التوب ِ‬ ‫م ‪ ،‬لكن ل تْقتد ِ به في الذن ِ‬ ‫ظل َ َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫المستعا ُ‬
‫***********************************‬
‫سب‬
‫ت حياُتنا الدنيا فح ْ‬
‫ليس ْ‬
‫ة بسعادةِ الدنيا ‪ ،‬وحقّ على العاِقل‬ ‫سعادةُ الخرةِ مرهون ٌ‬
‫ن هذه الحياة مّتصلة بتلك ‪ ،‬وأنها حياة واحدة ُ ‪،‬‬ ‫أن يعلم أ ّ‬
‫ن‬
‫م وغد ٌ ‪ .‬وظ ّ‬ ‫الغيب والشهادةُ ‪ ،‬والدنيا والخرة ‪ ،‬واليو ُ‬
‫سب ‪ ،‬فجمع فأوعى ‪ ،‬وتشّبث‬ ‫ن حياته هنا فح ْ‬ ‫ضهم أ ّ‬ ‫بع ُ‬
‫بالبقاِء ‪ ،‬وتعّلق بحياةِ الفناء ‪ ،‬ثم مات ومآُربه وطموحاُته‬
‫ومشاغُله في صدِره ‪.‬‬
‫ح ونغدو لحاجاِتنا‬ ‫نرو ُ‬ ‫ن عاش ل‬ ‫ةم ْ‬ ‫وحاج ُ‬
‫ر‬ ‫تنقضي‬
‫تموت مع الم ِ‬ ‫ما‬ ‫ة‬
‫وتْبقى له حاج ٌ‬
‫ه‬‫أشاب حاجات ُ‬
‫الصغير‬ ‫قي‬
‫ومّر‬ ‫ـّر الغداةِ ب ِ‬
‫وأفني الكبيـ‬
‫أهرمت‬ ‫ة‬
‫إذا ليل ٌ‬ ‫شي‬
‫م‬‫يو ٌ‬ ‫الع ِ‬
‫أتى بعد ذلك‬
‫ل بعيدة ٌ ‪،‬‬ ‫يومها ٌ‬
‫س من حولي ‪ :‬آما‬ ‫فِتي‬
‫لنفسي والنا ِ‬ ‫ت‬
‫وعجب ُ‬
‫ة ‪ ،‬ونوايا في البقاِء ‪،‬‬ ‫ت عارم ٌ‬ ‫م مديدةٌ وطموحا ٌ‬ ‫وأحل ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪300‬‬
‫ب الواحد ُ مّنا ول ُيشاوُر أو ُيخبُر أو‬ ‫ة ‪ ،‬ثم يذه ُ‬ ‫مذهل ٌ‬ ‫وتطّلعا ٌ‬
‫ت ُ‬
‫ري‬ ‫ما ت َدْ ِ‬ ‫و َ‬‫غدا ً َ‬‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫ذا ت َك ْ ِ‬
‫ما َ‬‫س ّ‬‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ما ت َدْ ِ‬ ‫و َ‬
‫ُيخب ُّر ﴿ َ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَ ْ‬
‫مو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬ ‫ي أْر ٍ‬ ‫س ب ِأ ّ‬ ‫ف ٌ‬
‫ض عليك ثلث حقائق ‪:‬‬ ‫وأنا أعر ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ح وتطمئ ّ‬ ‫ن أنك سوف تهدأ وترتا ُ‬ ‫الولى ‪ :‬متى تظ ّ‬
‫مه وأفعاِله وقضاِئه وقدِره ‪،‬‬ ‫ن أحكا ِ‬‫إذا لم ترض عن رّبك وع ْ‬
‫ن رزِقك ‪ ،‬ومواهِبك وما عندك!‬ ‫ولم ترض ع ْ‬
‫ل شكرت على ما عندك من الّنعم واليادي‬ ‫الثانية ‪ :‬ه ْ‬
‫جَز‬ ‫ن عَ َ‬ ‫نم ْ‬ ‫والخبرات حتى تطلب غيرها ‪ ،‬وتسأل سواها ؟! إ ّ‬
‫ل ‪ ،‬أْولى أن يعجز عن الكثير ‪.‬‬ ‫عن القلي ِ‬
‫ب اللهِ التي وهبنا‬ ‫الثالثة ‪ :‬لماذا ل نستفيد ُ من مواه ِ‬
‫ميها‪ ،‬ونوظ ُّفها توظيفا ً حسنا ً ‪ ،‬وننقيها‬ ‫مرُها‪ ،‬ونن ّ‬ ‫وأعطانا‪ ،‬فنث ّ‬
‫ب ‪ ،‬وننطلقُ بها في هذه الحياةِ نفعا ً‬ ‫شوائ ِ‬ ‫ب وال ّ‬ ‫من المثال ِ‬
‫وعطاًء وتأثيرا ً ‪.‬‬
‫ة في‬ ‫ت الحميدة والمواهب الجليلة ‪ ،‬كامن ٌ‬ ‫صفا ِ‬ ‫إن ال ّ‬
‫ة‬
‫ن الثمين ِ‬ ‫منا ‪ ،‬ولكّنها عند الكثير مّنا كالمعاد ِ‬ ‫عقوِلنا وأجسا ِ‬
‫جد حاذقا ً‬ ‫ة مغمورةٌ مطمورة ٌ ‪ ،‬لم ت ِ‬ ‫ب ‪ ،‬مدفون ٌ‬ ‫في الّترا ِ‬
‫ن ‪ ،‬فيغسُلها وينّقيها ‪ ،‬لتلمع وتشعّ وُتعرف‬ ‫جها من الطي ِ‬ ‫ُيخرِ ُ‬
‫مكانُتها ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ت‬ ‫ل مؤ ّ‬
‫ق ٌ‬ ‫طش ح ّ‬ ‫ري من الب ْ‬ ‫الّتوا ِ‬
‫ج‬
‫ريثما يبُرقُ الفر ُ‬
‫ت كتاب ) المتوارين ( لعبد ِ الغني الزديّ ‪ ،‬وهو‬ ‫قرأ ُ‬
‫من توارى خوفا ً من الحجاِج بن‬ ‫دث فيه ع ّ‬ ‫ذاب ‪ ،‬يتح ّ‬‫فج ّ‬
‫لطي ٌ‬
‫شّر خيارا ً ‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬وفي ال ّ‬ ‫ن في الحياةِ فسح ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫يوسف ‪ ،‬فعلم ُ‬
‫ة أحيانا ً ‪.‬‬
‫ن المكروهِ مندوح ً‬ ‫وع ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن للبيورديّ عن تواريهِ ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ت بيتي ِ‬
‫وذكر ُ‬
‫من دهري‬ ‫ت ِ‬‫تست ّْر ُ‬ ‫فعيني ترى دهري‬
‫ه‬
‫ح ِ‬ ‫بظ ِ ّ‬
‫ل جنا ِ‬ ‫وليس يراني‬
‫ل تحزن‬
‫‪301‬‬
‫ل اليام‬ ‫فلو تسأ ِ‬ ‫وأين مكاني ما‬
‫ن‬ ‫تعمرو ب ُ‬ ‫أبو ْ‬ ‫ما‪،‬د ََر‬ ‫نيدِقُ‬ ‫ح الع ُ ّ‬
‫صا‬ ‫اللمعُ الفصي ُ‬ ‫مكاني‬ ‫ب‬ ‫الدي ُ‬ ‫عرفت‬ ‫هذا القارئُ‬
‫معاناِته في حالة الختبار ‪ » :‬أخافني‬ ‫ل عن ُ‬ ‫العلِء ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ت‬ ‫ت بصنعاء ‪ ،‬فكن ُ‬ ‫ت في بي ٍ‬ ‫ت إلى اليمن ‪ ،‬فولج ُ‬ ‫ج فهرب ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫الح ّ‬
‫د‪:‬‬ ‫ت رجل ً ُينش ُ‬ ‫ت ‪ ،‬إذ ْ سمع ُ‬ ‫ت على سطِح ذلك البي ِ‬ ‫من الغدوا ِ‬
‫س‬
‫ُرّبما تجزعُ الّنفو ُ‬ ‫ة كح ّ‬
‫ل‬ ‫ج ٌ‬ ‫ه فُْر َ‬ ‫ـرِ ل ُ‬
‫ل‬ ‫قال ‪ :‬وقا َ‬ ‫من ‪.‬المـ‬ ‫ت بها‬ ‫سرر ُ‬ ‫ل‪ .‬قال ‪ :‬ف ُ‬ ‫عقا ٌ‬
‫ة ِ‬ ‫ت ‪ :‬فُال ْ ِ‬
‫رج‬ ‫قال ‪ :‬فقل ُ‬
‫سّر ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تأ َ‬ ‫ج ‪ .‬قال ‪ :‬فواللهِ ما أدري بأّيهما كن ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫آخَر ‪ :‬مات الح ّ‬
‫ج«‪.‬‬ ‫جا ُ‬ ‫ة ‪ .‬أو بقوِله ‪ :‬مات الح ّ‬ ‫بقولهِ ‪ :‬فْرج ٌ‬
‫ت‬ ‫ن القرار الوحيد النافذ ‪ ،‬عند من بيده ملكو ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫في َ‬ ‫ض ﴿ كُ ّ‬
‫شأ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫السماوا ِ‬
‫جاج ‪ ،‬فجاءه الخبُر‬ ‫ن عين الح ّ‬ ‫ن البصريّ ع ِ‬ ‫توارى الحس ُ‬
‫بموت ِهِ ‪ ،‬فسجد شكرا ً اللهِ ‪.‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫ضهم يمو ُ‬ ‫سبحان اللهِ الذي مايز بين خل ِْقه ‪ ،‬بع ُ‬
‫م‬ ‫ه ُ‬ ‫ت َ َ‬ ‫ما ب َك َ ْ‬ ‫شكر فرحا ً وسرورا ً ﴿ َ‬ ‫فُيسجد ُ غي ُْرهُ لل ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬وآخرون يموتون‬ ‫ري َ‬ ‫منظَ ِ‬ ‫كاُنوا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬‫ال ّ‬
‫ن بموتهم‬ ‫ن ‪ ،‬وُتطع ُ‬ ‫ح الجفا ُ‬ ‫ت إلى مآِتم ‪ ،‬وتقر ُ‬ ‫ل البيو ُ‬ ‫‪ ،‬فتتحوّ ُ‬
‫ب في سويداِئها ‪.‬‬ ‫القلو ُ‬
‫ه‬
‫جاج ‪ ،‬فجاءه الخبُر بموت ِ ِ‬ ‫ي من الح ّ‬ ‫م الّنخعِ ّ‬ ‫وتوارى إبراهي ُ‬
‫م فرحا ً ‪.‬‬ ‫‪ ،‬فبكى إبراهي ُ‬
‫ي‬‫طفح السروُر عل ّ‬ ‫ن عظم ِ ما قد‬ ‫م ْ‬
‫إنني‬ ‫حتى‬ ‫رني أبكاني‬ ‫ن هناك س ّ‬
‫الراحمين‬ ‫ت آمنة للخائفين في ك ََنف أرحم ِ‬ ‫ملذا ٍ‬ ‫إ ّ‬
‫‪ ،‬فهو يرى ويسمعُ وُيبصُر الظالمين والمظلومين ‪ ،‬والغالبين‬
‫فت ْن َ ً َ‬
‫ن‬ ‫صب ُِرو َ‬ ‫ة أت َ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ضك ُ ْ‬‫ع َ‬ ‫عل َْنا ب َ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫والمغلوبين ﴿ َ‬
‫صيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ك بَ ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ف على‬ ‫مرة ‪ ،‬جاءت ُترفر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫مى ال ُ‬ ‫ت بهذا طائرا ً يس ّ‬ ‫ذكر ُ‬
‫س مع أصحاِبه تحت شجرةٍ ‪ ،‬كأنها‬ ‫ل الله ‪ ، ‬وهو جال ٌ‬ ‫رسو ِ‬
‫ً‬
‫شها ‪ ،‬فقال ‪: ‬‬ ‫نع ّ‬ ‫ل تشكو رجل َ أخذ أفراخها م ْ‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫بلسا ِ‬
‫دوا عليها أفراخها (( ‪.‬‬ ‫خها ؟ ُر ّ‬ ‫ن فجع هذه بأفرا ِ‬ ‫)) م ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪302‬‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫ل أح ُ‬ ‫وفي مثل هذا يقو ُ‬
‫ة‬‫ت إليك حمام ٌ‬ ‫جاء ْ‬ ‫ب‬‫تشكو إليك بقل ِ‬
‫فوأنك ملجأ ٌ‬
‫ن‬ ‫ةّ‬
‫مشتاقأ ٌ‬
‫ن أخبر الو ُْرقاء‬
‫م ْ‬ ‫م ِ ّ‬ ‫واج ٌ‬ ‫ب َ‬
‫حَر‬ ‫ص ّ‬
‫جاج ‪،‬‬ ‫مكانكمالح ّ‬ ‫ت من‬ ‫للخائ ِف‬
‫جبي ِرٍ ‪ :‬واللهِ لقد فرر ُ‬ ‫ن‬
‫وقال سعيد ُ ب ُ‬
‫جاج ‪،‬‬ ‫ل ‪ .‬ثم جيَء به إلى الح ّ‬ ‫ت من اللهِ عّز وج ّ‬ ‫حتى استحيي ُ‬
‫ج ‪ِ :‬لم‬ ‫سم ‪ .‬قال الحجا ُ‬ ‫سه ‪ ،‬تب ّ‬ ‫ف على رأ ِ‬ ‫ل السي ُ‬ ‫س ّ‬‫ما ُ‬
‫فل ّ‬
‫حل ْم ِ الله‬‫جرأتك على اللهِ ‪ ،‬ومن ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫بم ْ‬ ‫م ؟ قال ‪ :‬أعج ُ‬ ‫تبتس ُ‬
‫س كبيرةٍ ‪ ،‬ومن ثقةٍ في وعد ِ اللهِ ‪،‬‬ ‫عليك ‪ .‬يا لها من نْف ٍ‬
‫ب ال ُ َ‬
‫منقلب ‪ .‬وهكذا فليك ُ ِ‬
‫ن‬ ‫طي ِ‬‫ن المصيرِ ‪ ،‬و ِ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬ ‫ن إلى ُ‬ ‫وسكو ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫اليما ُ‬
‫**************************************‬
‫أنت تتعام ُ‬
‫ل مع أرحم ِ الراحمين‬
‫ث ‪ ،‬فقد لفت نظري أيضا ً ‪،‬‬ ‫إن لفت ن َظ ََرك هذا الحدي ُ‬
‫ن شيخا ً‬ ‫ي‪،‬أ ّ‬ ‫وهو ما رواه أحمد وأبو يعلى والبزاُر والطبران ّ‬
‫ه‬
‫ي الل ِ‬ ‫م على عصا ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا نب ّ‬ ‫ع ٌ‬
‫مد ّ ِ‬‫كبيرا ً أتى النبي ‪ ‬وهو ُ‬
‫ت ‪ ،‬فهل ُيغفُر لي ؟ فقال النبي ‪: ‬‬ ‫ت وفجرا ِ‬ ‫ن لي غدرا ٍ‬ ‫‪،‬إ ّ‬
‫ن محمدا ً رسول‬ ‫ه وأ ّ‬
‫ن ل إله إل الل ُ‬ ‫)) تشهدُ أ ْ‬
‫م يا رسول اللهِ ‪ .‬قال ‪ )) :‬فإن الله قد‬ ‫الله ؟(( قال ‪ :‬نع ْ‬
‫ه‬ ‫غفر لك غدراِتك وفجراِتك(( ‪ .‬فانطلق وهو يقول ‪ :‬الل ُ‬
‫ه أكبُر ‪.‬‬‫أكبُر ‪ ،‬الل ُ‬
‫ة رحمةِ أرحم ِ‬ ‫م من الحديث مسائل ‪ :‬منها سع ُ‬ ‫أفه ُ‬
‫ب ما‬ ‫م ما قبله ‪ ،‬وأن التوبة تج ّ‬ ‫ن السلم يهد ُ‬ ‫الراحمين ‪ ،‬وأ ّ‬
‫لم الغيوب لشيٌء ‪،‬‬ ‫نع ّ‬‫قبلها ‪ ،‬وأن جبال الذنوب في غفرا ِ‬
‫مه‬ ‫ن بمولك ‪ ،‬والرجاُء في كر ِ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬‫ب عليك ُ‬ ‫وأنه يج ُ‬
‫العميم ِ ‪ ،‬ورحمِته الواسعةِ ‪.‬‬
‫*******************************‬
‫ل‬
‫ن تدعوك للتفاؤ ِ‬
‫براهي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪303‬‬
‫ه « لبن أبي الدنيا ‪ ،‬واحد ٌ‬ ‫ن بالل ِ‬‫ن الظ ّ ّ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬ ‫ب» ُ‬ ‫في كتا ِ‬
‫ص ‪ ،‬ما بين آيةٍ وحديث ‪ ،‬كّلها تدعوك إلى‬ ‫وخمسون ومائة ن ّ‬
‫ن‬‫ن الظ ّ ّ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫مثابَرة على ُ‬‫ط ‪ ،‬وال ُ‬‫س والقنو ِ‬ ‫ك اليأ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وتْر ِ‬‫التفاؤ ِ‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬‫ص الوعدِ أعْظ َ َ‬‫ل ‪ ،‬حتى إنك لتجد ُ نصو َ‬ ‫م ِ‬
‫ن العَ َ‬‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫و ُ‬
‫ل شيٍء‬ ‫ه لك ّ‬‫ة التهديدِ ‪ ،‬وقد جعل الل ُ‬ ‫ص الوعيدِ ‪ ،‬وأدل ّ َ‬ ‫نصو ِ‬
‫قدرا ً ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫حياةٌ كّلها تع ٌ‬
‫ب‬
‫ت‪.‬‬ ‫خلق ْ‬‫ن كدرِ الحياةِ ‪ ،‬فإنها هكذا ُ‬ ‫نم ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ضنى ‪ ،‬والسروُر‬ ‫ب وال ّ‬ ‫ن الصل في هذه الحياة المتاع ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ح فيها شيٌء نادٌر ‪ .‬تحلو لهذه الداِر‬ ‫فيها أمٌر طارئٌ ‪ ،‬والفر ُ‬
‫ه لم يْرضها لولياِئه مستقّرا ؟!‬ ‫والل ُ‬
‫ض والكداُر‬ ‫ن فيها المرا ُ‬ ‫ن الدنيا داُر ابتلٍء ‪ ،‬لم تك ُ ْ‬ ‫ولول أ ّ‬
‫م ُيعاني‬ ‫ش فيها على النبياء والخبار ‪ ،‬فآد ُ‬ ‫ق العي ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫‪ ،‬ولم ي ِ‬
‫ؤوا‬ ‫مه واستهز ُ‬ ‫ه قو ُ‬ ‫حك ّ‬
‫ذب ُ‬ ‫محن إلى أن خرج من الدنيا ‪ ،‬ونو ٌ‬ ‫ال ِ‬
‫ب بكى حتى‬ ‫ح الولد ‪ ،‬ويعقو ُ‬ ‫م ُيكاب ِد ُ النار وذ َب ْ َ‬‫به ‪ ،‬ولبراهي ُ‬
‫ظلم فرعون ‪ ،‬ويلقى من‬ ‫ذهب بصُره ‪ ،‬وموسى ُيقاسي ُ‬
‫ن مريم عاش معدما ً فقيرا ً ‪ ،‬ومحمد ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬وعيسى ب ُ‬ ‫مح َ‬ ‫قومه ال ِ‬
‫ب أقارِبه‬ ‫ن أح ّ‬ ‫مهِ حمزة ‪ ،‬وهو م ْ‬ ‫لع ّ‬ ‫‪ُ ‬يصاب ُِر الفْقر ‪ ،‬وقت ِ‬
‫ه ‪ .‬وغير هؤلء من النبياِء والولياِء مما‬ ‫مهِ من ُ‬‫إليه ‪ ،‬ونفورِ قو ِ‬
‫ظ‬ ‫ن للمؤمن ح ّ‬ ‫ة ‪ ،‬لم يك ْ‬ ‫ت الدنيا ل ِل ّذ ّ ِ‬ ‫خلق ِ‬ ‫طول ذ ِك ُْرهُ ‪ .‬ولو ُ‬ ‫ي ُ‬
‫ِ‬
‫ة‬ ‫ن ‪ ،‬وجن ّ ُ‬ ‫ن المؤم ِ‬ ‫منها ‪ .‬وقال النبي ‪ )) : ‬الدنيا سج ُ‬
‫صالحون‪ ،‬وابُتلي العلماُء‬ ‫جن ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ر (( ‪ .‬وفي الدنيا ُ‬ ‫الكاف ِ‬
‫ب‬ ‫ت مشارِ ُ‬ ‫در ْ‬‫العاملون ‪ ،‬ونّغص على كبارِ الولياِء ‪ .‬وك ّ‬
‫الصاد ِِقين‪.‬‬
‫*******************************‬

‫وقفـــــة‬
‫ل تحزن‬
‫‪304‬‬
‫ت‬ ‫ه عنه – قال ‪ :‬سمع ُ‬ ‫ت – رضي الل ُ‬ ‫ن ثاب ٍ‬ ‫عن زيد ِ ب ِ‬
‫ة ‪ ،‬فّرق‬ ‫م ُ‬ ‫ت الدنيا ه ّ‬ ‫ن كان ِ‬ ‫ل ‪)) :‬م ْ‬ ‫رسول اللهِ ‪ ‬يقو ُ‬
‫ه‬
‫ه أمرهُ ‪ ،‬وجعل فقرهُ بين عينْيه ‪ ،‬ولم يأت ِ ِ‬ ‫ه علي ِ‬ ‫الل ُ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ت الخرةُ ن ِّيت ُ‬ ‫ن كان ِ‬ ‫كتب له‪ .‬وم ْ‬ ‫ن الدنيا إل ما ُ‬ ‫م َ‬
‫ه ‪ ،‬وأتْته‬ ‫ه له أمرهُ ‪ ،‬وجعل غناهُ في قلب ِ ِ‬ ‫جمع الل ُ‬
‫ة((‪.‬‬ ‫الدنيا وهي راغم ٌ‬
‫ه عنه – قال ‪:‬‬ ‫دالله بن مسعودٍ – رضي الل ُ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫وع ْ‬
‫ن جعل الهموم هما ً واحدا ً‬ ‫ل ‪ )) :‬م ْ‬ ‫ت نبّيكم ‪ ‬يقو ُ‬ ‫سمع ُ‬
‫ت به‬ ‫ن تشعب ّ ْ‬ ‫م دنياه ‪ ،‬وم ْ‬ ‫هه ّ‬ ‫فاهُ الل ُ‬ ‫م آخرته ‪ ،‬ك َ َ‬ ‫‪ ،‬وه ّ‬
‫ي‬‫ه في أ ّ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫دنيا ‪ ،‬لم ُيبا ِ‬ ‫ل ال ّ‬‫م في أحوا ِ‬ ‫مو ُ‬ ‫ه ُ‬
‫ال ُ‬
‫ك (( ‪.‬‬ ‫هل َ َ‬ ‫وِديِتها َ‬ ‫َ‬
‫أ ْ‬
‫ف بـ » البْبغاء « ‪:‬‬ ‫ب المعرو ُ‬ ‫قال الكات ُ‬
‫ج‬ ‫ب الهم ِ‬ ‫ذه َ‬ ‫بم ْ‬ ‫تنك ّ ْ‬ ‫وعُذ ْ بالصبرِ تب ْت َهِِج‬
‫م الّيا‬ ‫مظل َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فإ ّ‬ ‫حجِج‬ ‫ج بل ُ‬ ‫م محجو ٌ‬
‫ر‬
‫شك ٍ‬ ‫حنا بل ُ‬ ‫ُتسام ُ‬ ‫من َُعنا بل حرِج‬ ‫وت ْ‬
‫ف الله في إتيا‬ ‫وُلط ُ‬ ‫من الّلجِج‬ ‫ح ِ‬ ‫نهِ فت ْ ٌ‬
‫ق إلى‬ ‫ضي ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫م إلى فرِج‬ ‫نغ ّ‬ ‫م ْ‬‫و ِ‬
‫ة‬
‫سع ٍ‬
‫*****************************************‬
‫ة نجاةٌ من الهلك‬
‫سطِي ّ ُ‬
‫و َ‬
‫ال َ‬
‫ي على ثلثةِ أشياء ‪:‬‬ ‫م السعادة مبن ّ‬‫تما ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الغض ِ‬ ‫‪.1‬اعتدا ِ‬
‫ل الشهوةِ ‪.‬‬ ‫‪.2‬اعتدا ِ‬
‫ل العِل ْم ِ ‪.‬‬‫‪.3‬اعتدا ِ‬
‫سطا ً ‪ ،‬لئل ّ تزيد قوةُ‬ ‫ج أن يكون أمُرها متو ّ‬ ‫فيحتا ُ‬
‫ص فيهِلك ‪ ،‬أو تزيد ُ قوةُ‬ ‫رجه إلى الّرخ ِ‬ ‫الشهوةِ ‪ ،‬فُتخ ِ‬
‫ر‬‫ب ‪ ،‬فيخُرج إلى الجموِح فيهلك ‪ )) .‬وخيُر المو ِ‬ ‫الغض ِ‬
‫طها (( ‪.‬‬ ‫أوس ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪305‬‬
‫ل على‬ ‫ن بإشارة قوّةِ العِل ْم ِ ‪ ،‬د ّ‬ ‫وتا ِ‬ ‫ت الُق ّ‬‫سط ِ‬ ‫فإذا تو ّ‬
‫ه‬
‫ب ‪ :‬إذا زاد ‪ ،‬سُهل علي ِ‬ ‫ق الهدايةِ ‪ .‬وكذلك الغض ُ‬ ‫طري ِ‬
‫ة في‬ ‫ت الغيرة ُ والحمي ّ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وإذا نقص ‪ ،‬ذهب ِ‬ ‫ب والقت ُ‬ ‫الضْر ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ح ْ‬
‫كم ُ‬ ‫ة وال ِ‬‫سط ‪ ،‬كان الصبُر والشجاع ُ‬ ‫ن والدنيا ‪ ،‬وإذا تو ّ‬ ‫الدي ِ‬
‫ن‬ ‫سقُ والفجوُر ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ت ‪ ،‬كان الِف ْ‬ ‫وكذلك الشهوةُ ‪ :‬إذا زاد ْ‬
‫ة‬ ‫ت العف ُ‬ ‫ت ‪ ،‬كان ِ‬ ‫سط ْ‬ ‫جُز والفتوُر ‪ ،‬وإن تو ّ‬ ‫ت ‪ ،‬كان العَ ْ‬ ‫نقص ْ‬
‫ديا ً‬‫ث )) عليكم ه ْ‬ ‫ل ذلك ‪ .‬وفي الحدي ِ‬ ‫ة وأمثا ُ‬ ‫والقناع ُ‬
‫سطا ً﴾‬ ‫ُ‬
‫و َ‬ ‫ة َ‬‫م ً‬‫مأ ّ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬‫ج َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫صدا ً (( ﴿ َ‬ ‫قا ِ‬
‫*************************************‬
‫ه الغاِلبة‬
‫صفات ِ ِ‬
‫المرءُ ب ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫ت الذ ّ ّ‬ ‫ت الخيرِ فيك صفا ِ‬ ‫ن تغِْلب صفا ُ‬ ‫ن سعادِتك أ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل‬ ‫فُيساقُ إليك الثناُء حتى على شيٍء ليس فيك ‪ ،‬ولم يْقب َ ِ‬
‫ن الماء إذا بلغ قُّلتين لم‬ ‫ما ولو كان صحيحا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫س فيك ذ ّ‬‫النا ُ‬
‫جٌر ‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الجبل ل يزيد ُ فيه حجٌر ول ينقص ُ‬ ‫ل الخبث ‪ .‬إ ّ‬ ‫يحم ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫س بن عاصم حليم ِ‬ ‫ت هجوما مقذعا في قي ِ‬ ‫طالع ُ‬
‫ب ‪ ،‬وفي البرامكةِ الكرماء ‪ ،‬وفي ُقتْيبة بن مسلم ٍ القائدِ‬ ‫العر ِ‬
‫ظ ولم‬ ‫جو ‪ ،‬لم ُيحف ْ‬ ‫ن هذا الشْتم واله ْ‬ ‫الشهيرِ ‪ ،‬ووجدت أ ّ‬
‫ن فغرق ‪،‬‬ ‫ل ولم ُيصد ّْقه أحد ٌ ‪ ،‬لنه سقط في بحرِ المحاس ِ‬ ‫ُينق ْ‬
‫جاج ‪ ،‬وفي‬ ‫دحا ً وثناًء في الح ّ‬ ‫ن ذلك م ْ‬ ‫ضد ّ م ْ‬
‫ت على ال ّ‬ ‫ووجد ُ‬
‫دي ‪،‬‬ ‫أبي مسلم ٍ الخراساني ‪ ،‬وفي الحاكم بأمر الله الُعبي ْ ِ‬
‫دقه أحد ٌ ‪ ،‬لنه ضاع في‬ ‫ل ولم ُيص ّ‬ ‫ظ ولم ُينق ْ‬ ‫ولكّنه لم ُيحف ْ‬
‫ل بين خل ِْقهِ ‪.‬‬ ‫مهم وتهوِّرهم ‪ ،‬فسبحان العاد ِ‬ ‫ركام ِ زيِفهم وظل ِ‬
‫*****************************************‬
‫خِلقت‬
‫هكذا ُ‬
‫خِلق له (( ‪ .‬فلماذا‬ ‫سٌر لما ُ‬ ‫مي َ ّ‬ ‫في الحديث ‪ )) :‬ك ّ‬
‫ل ُ‬
‫ت ل َّيا ؟! إن‬ ‫ت والقدرا ِ‬ ‫صفا ِ‬ ‫ب وي ُْلوى عنقُ ال ّ‬ ‫ف المواه ُ‬
‫ت ُْعس ُ‬
‫س نْفسا ً وأْنكد ُ‬
‫الله إذا أراد شيئا ً هّيأ أسبابه ‪ ،‬وما هناك أت ْعَ ُ‬
‫ب‬ ‫ي الري ُ‬ ‫سه ‪ ،‬والذك ّ‬ ‫ن يكون غَي َْر ن َْف ِ‬ ‫خاطرا ً من الذي يريد ُ أ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪306‬‬
‫ه ‪ ،‬ويسد ّ الفراغ الذي ُوضع له ‪ ،‬إن كان‬ ‫س نفس ُ‬ ‫هو الذي يدر ُ‬
‫ن كان في الحراسةِ كان‬ ‫ساقةِ ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ساقةِ كان في ال ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫حوِ ‪ ،‬تعّلم الحديث فأعياهُ‬ ‫في الحراسةِ ‪ ،‬هذا سيبويه شي ُ‬
‫خ الن ّ ْ‬
‫جب‬ ‫مهََر فيه وأتى بالعَ َ‬ ‫ه فيع ‪ ،‬فتعّلم النحو ‪ ،‬فَ َ‬ ‫س ُ‬‫‪ ،‬وتبّلد ح ّ‬
‫ن‬ ‫ل أحد ُ الحكماِء ‪ :‬الذي يريد ُ عمل ً ليس م ْ‬ ‫الُعجاب ‪ .‬يقو ُ‬
‫ج‬ ‫خل في غوطةِ دمشق ‪ ،‬ويزرع ُ الت ُْر ّ‬ ‫شأن ِهِ ‪ ،‬كالذي يزرعُ الن ّ ْ‬
‫في الحجازِ ‪.‬‬
‫ه ليس بلل ً ‪ ،‬وخالد ُ‬ ‫ت ل ُيجيد ُ الذان ‪ ،‬لن ُ‬ ‫ن ثاب ٍ‬
‫نب ُ‬ ‫حسا ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫م المواريث ‪ ،‬لنه ليس زيد بن ثاب ٍ‬ ‫ن الوليد ل يقس ُ‬ ‫ب ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫وعلماُء التربيةِ يقولون ‪ :‬حد ّد ْ موقِعَ َ‬
‫*********************************‬
‫من زكاء‬ ‫لب ُدّ لل ّ‬
‫ذكاء ِ‬
‫ل الكاتب‬ ‫ن محاولةِ اغتيا ِ‬ ‫ت إذاعة لندن ُتخبُر ع ْ‬ ‫سمع ُ‬
‫ت‬ ‫ب ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫ظ ‪ ،‬الحائزِ على جائزةِ نوبل في الد ِ‬ ‫ب محفو ٍ‬ ‫نجي ِ‬
‫ت لهذا‬ ‫ل ‪ ،‬وعجب ُ‬ ‫من قب ْ ُ‬ ‫ت قرأُتها ْ‬ ‫ب له كن ُ‬ ‫بذاكراتي إلى كت ٍ‬
‫ن‬‫ل ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫م من الخيا ِ‬ ‫ن الحقيقة أعظ ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ي ‪ ،‬كيف فات ُ‬ ‫ذك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سمى‬ ‫سماويّ أ ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ل من الفناِء ‪ ،‬وأن المبدأ الّرّبان ّ‬ ‫الخلود أج ّ‬
‫ق َأن‬ ‫ح ّ‬ ‫قأ َ‬
‫َ‬
‫ح ّ‬‫دي إ َِلى ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬‫من ي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫من المبدأ ِ البشريّ ﴿ أ َ َ‬
‫َ‬ ‫يت ّبع أ َ‬
‫ه كتب‬ ‫دى ﴾ ‪ .‬بمعنى أن ُ‬ ‫ه َ‬‫ي إ ِل ّ أن ي ُ ْ‬ ‫هد ّ َ‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ما ً قدراِته القوّية في‬ ‫مستخد ِ‬ ‫سج خيال ِهِ ‪ُ ،‬‬ ‫نن ْ‬ ‫تم ْ‬ ‫مسرحيا ٍ‬
‫حة لها ‪.‬‬ ‫ة أنها أخباٌر ل ص ّ‬ ‫ض والثارةِ ‪ ،‬والنهاي ُ‬ ‫التصويرِ والعر ِ‬
‫ن‬ ‫ة كبرى ‪ ،‬وهي أ ّ‬ ‫ت من قراءةِ حياِته مسأل ً‬ ‫لقد استفد ُ‬
‫ب سعادِتك وراحِتك‬ ‫ت سعاد الخرين على حسا ِ‬ ‫السعادة ليس ْ‬
‫ن‬ ‫م وحز ٍ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫س وأنت في ه ّ‬ ‫‪ ،‬فليس بصحيٍح أن ُيسّر بك النا ُ‬
‫ق‬
‫عين ‪ ،‬ويصُفه بأنه يحتر ُ‬ ‫مبد ِ‬ ‫ح بعض ال ُ‬ ‫ب يمد ُ‬ ‫كتّاا ِ‬ ‫ن بعض ال ُ‬ ‫‪،‬إ ّ‬
‫ل‬ ‫ت هو الذي يجع ُ‬ ‫سويّ الثاب ُ‬ ‫ج ال ّ‬ ‫لُيضيء للناس ‪ ،‬والمنه ُ‬
‫س ‪ ،‬ويعمُر نفسه‬ ‫سه ويضيُء للنا ِ‬ ‫المبدع ُيضيُء في نْف ِ‬
‫س بذلك ‪.‬‬ ‫بالخيرِ والهدى والّرشدِ ‪ ،‬ليعمر قلوب النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪307‬‬
‫ك كسرى‬ ‫مل ِ‬
‫وبعد هذا ‪ ،‬فماذا ينفعُ النسان لو حاز على ُ‬
‫ن قيصر وأمُله‬ ‫ل مكسوٌر ‪ ،‬وحصل على سلطا ِ‬ ‫وقلُبه بالباط ِ‬
‫ن سببا ً في النجا ِ‬
‫ة‬ ‫ة إذا لم تك ْ‬
‫ن الموهب َ‬
‫عن الخي ْرِ مقصوُر ؟! إ ّ‬
‫‪ ،‬فما نفُعها وما ثمرُتها ؟!‬
‫*****************************************‬

‫كُ ْ‬
‫ن جميل ً ت ََر الوجود جميل ً‬
‫ن نتمّتع بمباهج الحياةِ في حدودِ‬ ‫ن تمام ِ سعادِتنا أ ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬ ‫ه أنبت حدائق ذات بهجةٍ ‪ ،‬لن ُ‬ ‫س ‪ ،‬فالل ُ‬ ‫ق الشرِع المقد ّ ِ‬ ‫منط ِ‬
‫صنع‬ ‫ُ‬ ‫ب الجما َ‬ ‫جمي ُ‬
‫ل ‪ ،‬ولتقرأآيا ِ الوحدانية في هذا ال ّ‬ ‫ل يح ُ‬
‫ميعا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫في ال َ‬ ‫ق لَ ُ‬
‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫البهيج ﴿ ُ‬
‫ي ‪ ،‬تزيد ُ‬ ‫ي والمنظُر البه ّ‬ ‫م الشه ّ‬ ‫ة والمطع ُ‬ ‫ة الّزكي ُ‬ ‫فالرائح ُ‬
‫حل َل ً‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬ ‫صد َْر انشراحا ً والّروح فرحا ً ﴿ك ُُلوا ْ ِ‬
‫في الْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ال ّ‬
‫م‪:‬‬ ‫ي من دنياك ْ‬ ‫حّبب إل ّ‬ ‫طَّيبا ً ﴾ ‪ .‬وفي الحديث ‪ُ )) :‬‬
‫ة ((‬ ‫قّرةُ عيني في الصل ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫عل ْ‬ ‫ج ِ‬‫ب ‪ ،‬والنساءُ ‪ ،‬و ُ‬ ‫ال ّ‬
‫طي ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن‬ ‫مظِلم ‪ ،‬الذي دلف علينا م ْ‬ ‫ن الزهد َ القاِتم والورع ال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫شوا‬ ‫مّنا ‪ ،‬فعا ُ‬ ‫وه مباهج الحياةِ عند كثيرٍ ِ‬ ‫مناهج أرضي ّةٍ ‪ ،‬قد ْ ش ّ‬
‫ل رسوُلنا ‪: ‬‬ ‫ما وجوعا ً وسهرا ً وتبت ّل ً ‪ ،‬بقو ُ‬ ‫ما وغ ّ‬ ‫حياتهم ه ّ‬
‫ل‬ ‫ج النساء ‪ ،‬وآك ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫م وأفتُر ‪ ،‬وأتزوّ ُ‬ ‫م وأفطُر ‪ ،‬وأقو ُ‬ ‫)) لكّني أصو ُ‬
‫سّنتي فليس مني (( ‪.‬‬ ‫اللحم ‪ ،‬فمن رغب عن ُ‬
‫م!‬ ‫ف بأنفسه ْ‬ ‫ض الطوائ ِ‬ ‫ه بع ُ‬ ‫ب ما فعل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬فعج ٌ‬ ‫ن تعج ْ‬ ‫وإ ْ‬
‫ب الماء‬ ‫ك ‪ ،‬وآخُر ل يشر ُ‬ ‫ل الّرطب ‪ ،‬وذاك ل يضح ُ‬ ‫فهذا ل يأك ُ‬
‫س‬ ‫م ٌ‬ ‫س وط ْ‬ ‫للنف ِ‬ ‫ب‬‫ن هذا تعذي ٌ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫البارد ‪ ،‬وكأنهم ما عل ُ‬
‫ه‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ج لِ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ي أَ ْ‬ ‫ه ال ّت ِ َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫زين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫حّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫لشراقها ﴿ ُ‬
‫ق﴾ ‪.‬‬ ‫ن الّرْز ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وال ْطّي َّبا ِ‬ ‫َ‬
‫س في الدنيا ‪،‬‬ ‫ن رسولنا ‪ ‬أكل العسل وهو أْزهد ُ النا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ب‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫طون ِ َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ه خلق العسل لُيؤكل ‪﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫والل ُ‬
‫ت‬ ‫س ﴾ ‪ .‬وتزّوج الث ّّيبا ِ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫لل‬‫ِ‬ ‫فاء‬ ‫َ‬ ‫ش‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ف أ َل ْ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪308‬‬
‫مث َْنى‬ ‫ساء َ‬
‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬‫كم ّ‬ ‫ب لَ ُ‬‫طا َ‬‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫فانك ِ ُ‬ ‫والبكار ‪َ ﴿ :‬‬
‫ت العيادِ‬‫ب في مناسبا ِ‬ ‫ع ﴾ ‪ .‬ولِبس أجمل الثيا ِ‬ ‫وُرَبا َ‬
‫ث َ‬‫وث ُل َ َ‬
‫َ‬
‫د ﴾ ‪ .‬فهو ‪ ‬يجم ُ‬
‫ع‬ ‫ج ٍ‬‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل َ‬‫عندَ ك ُ ّ‬
‫م ِ‬ ‫زين َت َك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا ِ‬ ‫رها ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫وغي ِ‬
‫بين حقّ الّروِح وحقّ الجسدِ ‪ ،‬وسعادةِ الدنيا والخرةِ ‪ ،‬لنه‬
‫ه الناس عليها ‪.‬‬ ‫ن الفطرةِ التي فطَر الل ُ‬ ‫ُبعث بدي ِ‬
‫**************************************‬

‫ب‬ ‫شْر بال َ‬


‫فَرج القري ِ‬ ‫أب ِ‬
‫ن الشدائد – مهما‬ ‫ض مؤّلفي عصرنا ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫م على أصحاِبها ‪ ،‬ول تخل ّد ُ على‬ ‫ت ‪ .‬ل تدو ُ‬ ‫ت وامتد ّ ْ‬ ‫تعاظم ْ‬
‫ن اشتدادا ً وامتدادا ً واسودادا ً ‪،‬‬ ‫مصاِبها ‪ ،‬بل إنها أقوى ما تكو ُ‬
‫ة‪،‬‬‫سرٍ وملء ٍ‬ ‫ن انقشاعا ً وانفراجا ً وانبلجا ً ‪ ،‬عن ي ُ ْ‬ ‫ب ما تكو ُ‬‫أقر ُ‬
‫ن‬‫ضاءةٍ ‪ ،‬فيأتي العو ُ‬ ‫وفرٍج وهناءةٍ ‪ ،‬وحياةٍ رخي ّةٍ مشرقةٍ و ّ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬وهكذا نهاي ُ‬ ‫شد ّةِ والمتحا ِ‬ ‫ن عند ذروةِ ال ّ‬ ‫من اللهِ والحسا ُ‬
‫سق ‪ ،‬فجٌر صاد ِقٌ ‪.‬‬ ‫ل غا ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ل لي ٍ‬
‫ة ثُ ّ‬
‫م‬ ‫فما هي إل ساع ٌ‬ ‫ر‬
‫سي ْ ِ‬
‫ب ال ّ‬‫مد ُ ِغ ّ‬‫ح َ‬
‫وي َ ْ‬
‫تْنقضي‬
‫***********************************‬ ‫ن هو سائُر‬ ‫م ْ‬
‫ن الحقاد‬
‫م َ‬
‫ع ِ‬ ‫ت أْر َ‬
‫ف ُ‬ ‫أن َ‬
‫درا ً ‪ ،‬هو الذي يريد ُ‬ ‫حهم ص ْ‬ ‫أسعد ُ الناس حال ً وأشر ُ‬
‫ضل ِهِ ‪،‬‬‫نف ْ‬ ‫هم ْ‬ ‫سد ُ الناس على ما آتاهم الل ُ‬ ‫الخرة ‪ ،‬فل يح ُ‬
‫ن‬‫ة من الب ِّر والحسا ِ‬ ‫ل سامي ٌ‬ ‫مث ُ ٌ‬‫ة من الخيرِ و ُ‬ ‫وإنما عنده رسال ٌ‬
‫ف عنهم‬ ‫ن لم يستطعْ ‪ ،‬ك ّ‬ ‫س ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫‪ ،‬يريد ُ إيصال نْفِعه إلى النا ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن القرآ ِ‬ ‫جما ِ‬ ‫حرِ العلم ِ وتْر ُ‬ ‫سب ْ‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫أذاه ‪ .‬وانظْر إلى اب ِ‬
‫سه مساراِته الشرعّةِ ‪،‬‬ ‫م وسخاوةِ نف ِ‬ ‫خُلقه الج ّ‬‫كيف استطاع ب ُ‬
‫ن شايعهم‬ ‫ُ‬
‫ة وبني مروان وم ْ‬ ‫ن بني أمي ّ َ‬ ‫ول أعداءهُ م ْ‬ ‫ن يح ّ‬
‫أ ْ‬
‫مه وفْهمه ‪ ،‬فمل المجامع‬ ‫س بعل ْ ِ‬ ‫إلى أصدقاء ‪ ،‬فانتفع النا ُ‬
‫س أيام‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫ِفقها ً وذكرا ً وتفسيرا ً وخْيرا ً ‪ .‬لقد نسي اب ُ‬
‫ح‪،‬‬ ‫صّفين ‪ ،‬وما قبلها وما بعدها ‪ ،‬وانطلق يبني وُيصل ُ‬ ‫لو ِ‬ ‫م ِ‬
‫الج َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪309‬‬
‫ه الجميعُ ‪ ،‬وأصبح –‬ ‫ح الجراح ‪ ،‬فأحب ّ ُ‬ ‫ويرت ُقُ الفت ْقَ ‪ ،‬ويسم ُ‬
‫ه عنه‬ ‫ن الزبيرِ – رضي الل ُ‬ ‫بحقّ حب َْر المةِ المحمديةِ ‪ .‬وهذا اب ُ‬
‫مته وعبادِته وسموّ قدِره‬ ‫ن هو في كرم ِ أصل ِهِ وشها ِ‬ ‫‪ ، -‬وهو م ْ‬
‫ل‬ ‫شغِ َ‬ ‫ج أن ُ‬ ‫ً‬
‫ة مجتهدا في ذلك ‪ ،‬فكان من النتائ ِ‬ ‫جه َ‬‫مو َ‬ ‫ضل ال ُ‬ ‫‪،‬ف ّ‬
‫ت‬ ‫م حصل ِ‬ ‫معا ً كثيرا ً من المسلمين ‪ ،‬ث ّ‬ ‫سر ج ْ‬ ‫عن الّروايةِ ‪ ،‬وخ ِ‬
‫مجاوََرِته في الحرم ِ ‪ ،‬وذ ُِبح كثيُر‬ ‫ة لجل ُ‬ ‫ت الكعب ُ‬‫رب ِ‬‫ِ‬ ‫ض‬
‫ةف ُ‬ ‫الواقع ُ‬
‫درا ً‬ ‫َ‬
‫ق َ‬‫ه َ‬ ‫مُر الل ّ ِ‬‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬‫صِلب ﴿ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ‪ ،‬وقُِتل هو ث ّ‬ ‫من النا ِ‬
‫دورا ً ﴾ ‪ .‬وليس هذا تنّقصا ً للقوم ِ ‪ ،‬ول تطاوُل ً على‬ ‫ق ُ‬ ‫م ْ‬‫ّ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ة تاريخّية تجمعُ العِب ََر والِعظا ِ‬ ‫مكانِتهم ‪ ،‬وإنما هي دراس ٌ‬
‫ة‬‫ت ل يجمُعها إل ّ الِقل ّ ُ‬ ‫صفح والعْفو ‪ ،‬صفا ٌ‬ ‫ن الّرفق والّلين وال ّ‬ ‫إ ّ‬
‫سه ‪ ،‬وكْبح‬ ‫ضم نْف ِ‬ ‫ف النسان ه ْ‬ ‫ة من البشرِ ‪ ،‬لنها ُتكل ّ ُ‬ ‫القليل ُ‬
‫عه وتطل ِّعه ‪.‬‬ ‫حه ‪ ،‬وإلجام اندفا ِ‬ ‫طمو ِ‬
‫***********************************‬
‫وقفــــة‬
‫ء‪،‬‬ ‫ه في الرخا ِ‬ ‫ف إلى الل ِ‬ ‫ه ‪ )) : ‬تعّر ْ‬ ‫» قول ُ‬
‫ن العبد إذا اّتقى الله وحفظ‬ ‫دة (( يعنى أ ّ‬ ‫ش ّ‬‫يعرفك في ال ّ‬
‫ل رخاِئه ‪ ،‬فقد تعّرف بذلك‬ ‫ه في حا ِ‬ ‫حدوده ُ ‪ ،‬وراعى حقوق ُ‬
‫ه رّبه‬‫ة ‪ ،‬فمعرف ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ة خا ّ‬
‫إلى اللهِ ‪ ،‬وصار بينه وبين رّبه معرف ٌ‬
‫جاه ُ من‬ ‫ه إليه في الرخاِء ‪ ،‬فن ّ‬ ‫شد ّةِ ورعى له تعّرف ُ‬ ‫في ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬تقتضي ُقرب‬ ‫ص ٌ‬‫رفة خا ّ‬‫ذه المعرفة ‪ ،‬وهذه مع ِ‬ ‫الشدائد ِ به ِ‬
‫ه لدعاِئه « ‪.‬‬ ‫ه ومحّبته له وإجابت ُ‬ ‫العبدِ من رب ّ ْ‬
‫ة في‬ ‫محن ُ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫» الصبُر إذا قام به العبد كما ينبغي ‪ ،‬انقلب ْ‬
‫ت البلّية عطّية ‪ ،‬وصار المكروهُ‬ ‫ة ‪ ،‬واستحال ِ‬ ‫مْنح ً‬
‫حّقه ِ‬
‫ن الله سبحانه وتعالى لم يْبتل ِهِ عطّية ‪ ،‬وصار‬ ‫محبوبا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة في‬ ‫ن الله تعالى على العبد ِ عبودي ّ ً‬ ‫المكروهُ محبوبا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة عليه فيما‬ ‫سّراِء ‪ ،‬وله عبودي ّ ٌ‬ ‫ة في ال ّ‬ ‫ضراِء ‪ ،‬كما له عبودي ّ ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫ن في إعطاِء العبودي ّةِ في المكارِهِ ‪ ،‬ففيه‬ ‫يحّبونه ‪ ،‬والشأ ُ‬
‫ت منازُلهم عند اللهِ تعالى‬ ‫ب العبادِ ‪ ،‬وبحسِبه كان ْ‬ ‫ت مرات ِ‬ ‫تفاو ُ‬
‫«‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪310‬‬
‫******************************************‬
‫ر‬
‫س ِ‬
‫ح الي ُ ْ‬
‫مفتا ُ‬ ‫عل ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ن تنظر‬ ‫ن‪ ،‬ولك أ ْ‬ ‫ن شقيقا ِ‬ ‫سُر قرينان وأخوا ِ‬‫م والي ُ ْ‬‫العِل ْ ُ‬
‫في بحورِ الشريعةِ من العلماِء الراسخين ‪ ،‬ما أْيسَر حياتُهم ‪،‬‬
‫مل معهم! إنهم فهموا المقصد ‪ ،‬ووقُعوا على‬ ‫سهل الّتعا ُ‬ ‫وما أ ْ‬
‫ر‬
‫عس ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ق ‪ ،‬بينما تجد ُ ِ‬ ‫صوا في العما ِ‬ ‫المطلوب ‪ ،‬وغا ُ‬
‫ل‬‫هاد ُ الذين ق ّ‬ ‫س ‪ ،‬وأصعِبهم مراسا ً ‪ ،‬وأشّقهم طريق ً‬
‫ة الّز ّ‬ ‫النا ِ‬
‫جمل ً ما فهموها ‪ ،‬ومسائل‬ ‫نصيُبهم من العِل ْم ِ ‪ ،‬لنهم سمُعوا ُ‬
‫م‬‫مهِ ْ‬ ‫ن قل ّةِ عل ْ ِ‬‫ة الخوارج إل ّ م ْ‬ ‫ما ع ََرُفوها ‪ ،‬وما كان ْ‬
‫ت مصيب ُ‬
‫دوا‬‫ق‪ ،‬ولم يهت ُ‬ ‫م لم يقُعوا على الحقائ ِ‬ ‫مهم ؛ لنه ْ‬ ‫وضحالةِ فهْ ِ‬
‫ف‪ ،‬وضي ُّعوا المطالب‬ ‫ظوا على الّنت ِ‬‫إلى المقاصدِ ‪ ،‬فحاف ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫العالية‪ ،‬ووقُعوا في أمرٍ مري ٍ‬
‫*************************************‬
‫ما هكذا ُتوردُ ال ِِبل‬
‫ن فيهما سطوةً‬ ‫ن ‪ ،‬ل أرى إل ّ أ ّ‬ ‫ن شهيري ِ‬ ‫ت كتابي ِ‬‫طالع ُ‬
‫م‬ ‫ن أتى بهما الشارع ُ الحكي ُ‬ ‫سرِ اللذي ْ ِ‬
‫ة على السعادةِ والي ُ ْ‬ ‫عارم ً‬
‫‪.‬‬
‫ة‬‫ي ‪ ،‬دعوةٌ صارخ ٌ‬ ‫ن « للغزال ّ‬ ‫علوم الدي ِ‬ ‫ب » إحياء ِ‬ ‫فكتا ُ‬
‫ي أتى‬ ‫ل الت ِ‬ ‫ل والغل ِ‬ ‫للتجويِع والعُْريش ) والبهذلة( ‪ ،‬والصا ِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ن العالمين ‪ .‬فهو يجمعُ من الحادي ِ‬ ‫ضِعها ع ِ‬‫رسوُلنا ‪ ‬لو ْ‬
‫ة أو‬ ‫سب ُعُ ‪ ،‬وغالُبها ضعيف ٌ‬ ‫طيحة وما أكل ال ّ‬ ‫دية والن ِ‬ ‫المتر ّ‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫ص ُ‬‫ن أعظم ِ ما ُيو ّ‬ ‫صول ً يظّنها م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ثم يبني عليها أ ُ‬ ‫موضوع ٌ‬
‫العبد ُ إلى رّبه ‪.‬‬
‫ن الصحيحين للبخاري‬ ‫ت بين إحياِء علوم ِ الدين وبي ِ‬ ‫وقارن ُ‬
‫ة‬ ‫ت ومشّق ٌ‬ ‫ن وظهر الفْرقُ ‪ ،‬فذاك ع َن َ ٌ‬ ‫ومسلم ‪ ،‬فبان البو ُ‬
‫ت قول‬ ‫ة ‪ ،‬فأدرك ُ‬ ‫ة وسهول ٌ‬ ‫سُر وسماح ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وهذه ي ُ ْ‬ ‫وتكل ّ ٌ‬
‫رى ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬
‫س َ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬
‫البري ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪311‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫ب « لبي طالب المك ّ ّ‬ ‫ت القلو ِ‬ ‫ب الثاني ‪ُ » :‬قو ُ‬ ‫والكتا ُ‬
‫ك الحياة الدنيا والنزواء عنها ‪،‬‬ ‫ح منه لتْر ِ‬ ‫مل ِ ّ‬
‫ب ُ‬ ‫وهو طل ٌ‬
‫ق في‬ ‫ت ‪ ،‬والّتساب ُ ِ‬ ‫جرِ الط ّّيبا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ي والك ْ‬ ‫سعْ ِ‬‫وتعطيل ال ّ‬
‫دة ‪.‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ضنى وال ّ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫ضن ْ ِ‬‫ق ال َ‬ ‫طر ِ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ب المك ّ‬ ‫ي ‪ ،‬وأبو طال ٍ‬ ‫والمؤّلفان ‪ :‬أبو حامدٍ الغزال ّ‬
‫مْزجاةً‬ ‫ث ُ‬ ‫سن ّةِ والحدي ِ‬ ‫ن كانت بضاعُتهما في ال ّ‬ ‫خب َْر ‪ ،‬لك ْ‬
‫أرادا ال َ‬
‫ل ‪ ،‬ولب ُد ّ للدليل أن يكون ماهرا ً في‬ ‫خل َ ُ‬
‫ن هنا وقع ال َ‬ ‫‪ ،‬فم ْ‬
‫كوُنوا ْ‬ ‫كن ُ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫ك﴿ َ‬ ‫خّريتا ً في معرفة المسال ِ‬ ‫الطريق ِ‬
‫م‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫وب ِ َ‬‫ب َ‬ ‫ن ال ْك َِتا َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫م تُ َ‬‫كنت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫َرّبان ِّيي َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫سو َ‬ ‫ت َدُْر ُ‬
‫*****************************************‬
‫ح الناس صدرا ً‬ ‫أ ْ‬
‫شَر ُ‬
‫ِ‬
‫ح الصدِر‬ ‫معَل ّم ِ الخيرِ ‪ : ‬انشرا ُ‬‫ة البارزة ُ في ُ‬ ‫صف ُ‬
‫ال ّ‬
‫شٌر ‪ ،‬ينهى عن المشّقةِ والتنفير‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬فهو مب ّ‬ ‫والّرضا والّتفاؤ ُ‬
‫محّياه ‪ ،‬والّرضا‬ ‫ة على ُ‬
‫ف اليأس والحباط ‪ ،‬فالبسم ُ‬ ‫ول يعر ُ‬
‫سن ِّته ‪،‬‬‫ة في ُ‬ ‫سُر في شريعِته ‪ ،‬والوسطي ّ ُ‬ ‫ده ‪ ،‬والي ُ ْ‬ ‫في خل ِ‬
‫صرهم‬ ‫مت ِهِ أن يضع عنهم إ ْ‬ ‫ل مه ّ‬ ‫ج ّ‬ ‫مّلته ‪ .‬إ ّ‬
‫ن ُ‬ ‫والسعادةُ في ِ‬
‫ت عليهم ‪.‬‬ ‫والغلل التي كان ْ‬
‫*************************************‬
‫رويدا ً ‪ ..‬رويدا ً‬
‫مخاطبين بكلمة الوعي ‪،‬‬ ‫ن من إضفاء السعادة على ال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م ‪ ،‬يصد ّقُ هذا وصيُته ‪ ‬لمعاذ ٍ –‬ ‫ل ‪ ،‬اله ّ‬ ‫ج في المسائ ِ‬ ‫الّتدّر ُ‬
‫ول ما‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن ‪ )) :‬فليك ُ ْ‬ ‫ما أْر َ َ‬
‫سله إلى اليم ِ‬ ‫ه عنه – ل ّ‬
‫رضي الل ُ‬
‫ل‬‫ن ل إله إل الله وأني رسو ُ‬ ‫م إليه ‪ ،‬أ ْ‬ ‫تدعوه ْ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ن وثال ٌ‬ ‫ل وثا ٍ‬ ‫ه ‪ (( .....‬الحديث ‪ .‬إذن في المسألة أو ٌ‬ ‫الل ِ‬
‫حها‬ ‫م المسائل على المسائل إقحاما ً ‪ ،‬ولماذا نطر ُ‬ ‫فلماذا ُنقح ُ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ل َ‬ ‫وَل ن ُّز َ‬
‫فُروا ل َ ْ‬
‫ن كَ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬
‫ة واحدة ً ؟! ﴿ َ‬‫جمل ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪312‬‬
‫وَرت ّل َْنا ُ‬
‫ه‬ ‫ك َ‬ ‫ؤادَ َ‬ ‫ف َ‬‫ه ُ‬ ‫ك ل ِن ُث َب ّ َ‬
‫ت بِ ِ‬ ‫حدَةً ك َذَل ِ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫مل َ ً‬‫ج ْ‬‫ن ُ‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ت َْرِتيل ً ﴾ ‪.‬‬
‫ن يشُعروا بالرتياح‬ ‫مهم أ ْ‬ ‫ن من سعادةِ المسلمين بإسل ِ‬ ‫إ ّ‬
‫مه وبالُيسر في تلّقي أوامره ونواهيه ؛ لنه أتى أصل ً‬ ‫ن تعالي ِ‬ ‫م ْ‬
‫ت‬ ‫ي والّتفل ّ ِ‬ ‫ذهن ّ‬ ‫ي والّتشّررد ِ ال ّ‬ ‫ب النفس ّ‬ ‫لنقاذهم من الضطرا ِ‬
‫الجتماعي ‪.‬‬
‫ه‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫ت في الشرِع إل منفي ّا ً ﴿ ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ف لم يأ ِ‬ ‫» التكلي ُ‬
‫ت‬ ‫ن لم يأ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والدي ُ‬ ‫ن التكليف مشّق ٌ‬ ‫ها ﴾ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ع َ‬‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫فسا ً إ ِل ّ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫بالمشّقةِ ‪ ،‬وإنما أتي لزالِتها « ‪.‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ل ‪ ‬وصيت ُ‬ ‫ب من الرسو ِ‬ ‫ي كان يطل ُ‬ ‫ن الصحاب ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫صرٍ الحاضُر والبادي ‪ ،‬فإذا الواقعي ُ‬ ‫ث مخت َ َ‬ ‫فُيخبُره بحدي ٍ‬
‫ة البارزة ُ في تلك النصائِح‬ ‫سُر هي السم ُ‬ ‫ل والي ُ ْ‬ ‫ومراعاةُ الحا ِ‬
‫الغاليةِ ‪.‬‬
‫ل ما في جْعبِتنا‬ ‫سُرد ُ على المستمعين ك ّ‬ ‫ئ يوم ن ْ‬ ‫إننا نخط ُ‬
‫ن وآداب‪ ،‬في مقام ٍ واحد ٍ ﴿‬ ‫سن ٍ‬ ‫ن وصايا ونصائح ‪ ،‬وتعاليم و ُ‬ ‫م ْ‬
‫قرأ َ‬
‫ث‬ ‫مك ْ ٍ‬‫عَلى ُ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ع َ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫قَناهُ ل ِت َ ْ َ‬ ‫فَر ْ‬‫قْرآنا ً َ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫زيل ً﴾ ‪.‬‬ ‫ون َّزل َْناهُ َتن ِ‬ ‫َ‬
‫دها سعْد ٌ وسعد ٌ‬ ‫أوَْر َ‬ ‫ما هكذا ُتورد ُ يا‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫شت ِ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫********************************************‬ ‫سعْد ُ الب ِ ْ‬
‫ل‬
‫**‬

‫كيف تشك ُُر على الكثي ِ‬


‫ر‬
‫ل‬ ‫شك ْ ِ‬
‫ر القلي ِ‬ ‫صرت في ُ‬ ‫وقد ق ّ‬
‫ل‪،‬ل‬ ‫ن ل يحمد ُ الله على الماِء البارد ِ العذ ْ ِ‬
‫ب الّزل ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬‫ب الفاِرهةِ ‪ ،‬والبساتي ِ‬ ‫ده على القصورِ الفخمةِ ‪ ،‬والمراك ِ‬ ‫يحم ُ‬
‫الغّناِء ‪.‬‬
‫ئ ‪ ،‬ل يشكرهُ‬ ‫ن ل يشك ُُر الله على الخبزِ الداف ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫وإ ّ‬
‫حود‬ ‫ن الكُنود الج ُ‬‫ت الّلذيذةِ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫على الموائد ِ ال ّ‬
‫شهي ّةِ والوجبا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪313‬‬
‫ن هؤلء أعطى رّبه‬ ‫يرى القليل والكثير سواًء ‪ ،‬وكثيٌر م ْ‬
‫المواثيق الصارمة ‪ ،‬على أنه متى أنعم عليه وحباه ُ وأغدق‬
‫د‬
‫ه َ‬ ‫عا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫عليه فسوف يشك ُُر وُينفقُ ويتصد ّقُ ﴿ َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ول َن َ ُ‬‫ن َ‬ ‫ق ّ‬ ‫صدّ َ‬ ‫ه ل َن َ ّ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬‫من َ‬ ‫ن آَتاَنا ِ‬ ‫ه ل َئ ِ ْ‬‫الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫خُلوا ْ ب ِ ِ‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ما آَتا ُ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن}‪َ {75‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫وّلوا ْ ّ‬ ‫وت َ َ‬ ‫َ‬
‫ف بشرا ً كثيرا ً ‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ن هذا ال ّ‬ ‫ل يوم ٍ م ْ‬ ‫ظك ّ‬ ‫ن نلح ُ‬ ‫ونح ُ‬
‫در الخاطرِ ‪ ،‬خاوي الضميرِ ‪ ،‬ناقما ً على رّبه‬ ‫ل مك ّ‬ ‫كاسف البا ِ‬
‫ق واسٍع بينما هو‬ ‫ه برز ٍ‬ ‫جزل له العطّية ‪ ،‬ول أتحف ُ‬ ‫أنه ما أ ْ‬
‫ف ‪ ،‬ولم يشك ُْر وهو في فراٍغ‬ ‫حةٍ وعافيةٍ وكفا ٍ‬ ‫ل في ص ّ‬ ‫يرفُ ُ‬
‫دوِر‬ ‫شِغل مثل هذا الجاحد ُ بالكنوزِ وال ّ‬ ‫وفسحةٍ ‪ ،‬فكيف لو ُ‬
‫شُردا ً من رّبه ‪ ،‬وعقوقا ً لمولهُ‬ ‫كثَر ُ‬ ‫ن كان أ ْ‬ ‫والقصورِ ؟! إذ ْ‬
‫وسّيدهِ ‪.‬‬
‫حني حذاًء ‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫الحافي مّنا يقول ‪ :‬سوف أشكُر رّبي إذا َ‬
‫ة‬
‫صل على سّيارةٍ فاره ٍ‬ ‫كر حتى يح ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫جل ال ّ‬ ‫ب الحذاِء يؤ ّ‬ ‫وصاح ُ‬
‫ه‬
‫ة ‪ ،‬رغباُتنا على الل ِ‬ ‫كر نسيئ ًُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خذ النعيم ِ نْقدا ً ‪ ،‬وُنعطي ال ّ‬ ‫نأ ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ة المتثا ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وأوامُر اللهِ عندنا بطيئ ُ‬ ‫ح ٌ‬‫مل ّ‬
‫***********************************‬
‫ت‬
‫ث لوحا ٍ‬
‫ثل ُ‬
‫ت ثمينةٍ ‪:‬‬ ‫ض الذكياء عّلق على مكتب ِهِ ثلث لوحا ٍ‬ ‫بع ُ‬
‫ش في‬ ‫ع ْ‬ ‫مك ‪ .‬أي ِ‬ ‫مك يو ُ‬
‫و ُ‬
‫ب على الولى ‪ :‬ي ْ‬ ‫مكتو ٌ‬
‫حدود ِ اليوم ‪.‬‬
‫وعلى الثانيةِ ‪ :‬فك ّْر واشكْر ‪ .‬أي فك ّْر في ن ِعَم ِ الل ِ‬
‫ه‬
‫عليك ‪ ،‬واشك ُْره عليها ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫وعلى الثالثةِ ‪ :‬ل تغض ْ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ب الطر ِ‬ ‫ث وصايا تدّلك على السعادةِ م ْ‬
‫ن أْقر ِ‬ ‫إنها ثل ُ‬
‫كرِتك لتطاِلعها ك ّ‬
‫ل‬ ‫مف ّ‬‫ل ‪ ،‬ولك أن تكتبها في ُ‬
‫سب ُ ِ‬
‫ومن أْيسرِ ال ّ‬
‫يوم ٍ ‪.‬‬
‫***********************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪314‬‬
‫وقفــــة‬
‫سرِ ‪،‬‬ ‫ن الفرج بالكْرب ‪ ،‬والي ُ ْ‬ ‫ف أسرارِ اقترا ِ‬ ‫ن لطائ ِ‬ ‫»م ْ‬
‫س من‬ ‫ظم وتناهى ‪ ،‬وحصل للعبد اليأ ُ‬ ‫ن الكرب إذا اشتد ّ وع ُ‬ ‫أ ّ‬
‫فه من جهةِ المخلوقين تعّلق باللهِ وحده ‪ ،‬وهذا هو‬ ‫ش ِ‬‫ك ْ‬
‫ل على اللهِ ‪.‬‬ ‫ة الّتوك ّ ِ‬ ‫حقيق ُ‬
‫ن المؤمن إذا استبطأ الفرج ‪ ،‬وأِيس منه كْثر ِ‬
‫ة‬ ‫وأيضا ً فإ ّ‬
‫عه ‪ ،‬ولم يظهر عليه أثُر الجابةِ ‪ ،‬فرجع إلى‬ ‫دعاِئه وتضّر ِ‬
‫ك ‪ ،‬ولو كان‬ ‫ُ‬ ‫سه بال ّ‬
‫ن ِقبل ِ ِ‬‫تم ْ‬ ‫لئمةِ ‪ ،‬وقال لها ‪ :‬إنما أتي ُ‬ ‫نف ِ‬
‫ن كثيرٍ من‬ ‫ُ‬
‫ب إلى الله م ْ‬ ‫م أح ّ‬ ‫ت ‪ .‬وهذا اللو ُ‬ ‫فيك خيٌر لجب ْ ُ‬
‫ب انكسار العبدِ لموله ُ ‪ ،‬واعتراُفه له‬ ‫ت ‪ ،‬فإنه ُيوج ُ‬ ‫الطاعا ِ‬
‫ل لما نزل من البلِء ‪ ،‬وأنه ليس أهل ً لجابةِ الدعاِء ‪،‬‬ ‫بأنه أه ٌ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ج الكْر ِ‬ ‫ة الدعاِء وتفري ُ‬ ‫فلذلك ُتسرع ُ إليه حينئذ ٍ إجاب ُ‬
‫ش لو‬ ‫ن أدهم الزاهد ُ ‪ » .‬نحن في عي ٍ‬ ‫مب ُ‬ ‫ل إبراهي ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ف«‪.‬‬ ‫دونا عليه بالسيو ِ‬ ‫ك ‪ ،‬لجال ُ‬ ‫علم به الملو ُ‬
‫مّر بقلبي‬ ‫خ السلم ِ ‪ » :‬إنها ل َت َ ُ‬ ‫ن تيمية شي ُ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ل ما أنا فيه ‪ ،‬فهم‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ل الجنةِ في ِ‬ ‫ل ‪ :‬إن كان أه ُ‬ ‫ت أقو ُ‬ ‫ساعا ٌ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ش طي ّ ٍ‬ ‫في عي ٍ‬
‫************************************‬
‫س‬
‫اطمئ ِّنوا أّيها النا ُ‬
‫ن ثلثين كتابا ً ‪،‬‬‫كثر م ْ‬ ‫ة«أ ْ‬ ‫في كتاب » الَفَرِج بعد ال ّ‬
‫شد ّ ِ‬
‫ة‬
‫م ِ‬‫مدلِهمات انفراجا ً ‪ ،‬وفي ق ّ‬ ‫ن في ذروة ال ُ‬ ‫كّلها ُتخبُرنا أ ّ‬
‫ن أكثر ما تكون مكبوتا ً حزينا ً غارقا ً في‬ ‫ت انِبلجا ً ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الزما ِ‬
‫ن‬‫جم ْ‬ ‫سُهولةِ والخرو ِ‬
‫ن إلى الفت ِْح وال ّ‬ ‫ب ما تكو ُ‬ ‫كبةِ ‪ ،‬أقَْر ُ‬ ‫الن ْ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ي في كتاِبه الطويل الشائ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وساق لنا الّتنوخ ّ‬ ‫ضن ْ ِ‬‫هذا ال ّ‬
‫عزُلوا ‪ ،‬أو‬ ‫سوا أو ُ‬‫حب ُ‬‫صةٍ لمن ُنكُبوا ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ن مائتي ق ّ‬ ‫أكث ََر م ْ‬
‫دوا ‪ ،‬أو افتقُروا وأملقوا ‪ ،‬فما‬ ‫طرُدوا ‪ ،‬أو ع ُذ ُّبوا و ُ‬
‫جل ُ‬ ‫شّرُدوا و ُ‬ ‫ُ‬
‫هي إل أيام ‪ ،‬فإذا طلئع المداد وكتائب السعاد وافْتهم على‬
‫حين يأس ‪ ،‬وباشرْتهم على حين غفلةٍ ‪ ،‬ساقها لهم السميع‬
‫ل تحزن‬
‫‪315‬‬
‫ل للمصابين والمنكوبين ‪:‬‬ ‫ي يقو ُ‬ ‫ن التنوخ ّ‬ ‫المجيب ‪ .‬إ ّ‬
‫س‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اطمئّنوا ‪ ،‬فلقد سبق ُ‬
‫دمكم أنا ٌ‬ ‫ق وتق ّ‬ ‫كم فوقٌ في هذا الطري ِ‬
‫‪:‬‬
‫س قْبلنا‬ ‫حب النا ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن شأن ِهِ ما‬ ‫م ْ‬‫هم ِ‬ ‫وعنا ُ‬
‫زمانا‬
‫صِنيع‬ ‫ال ّ ّ‬‫ذا ال‬‫ن‬
‫س ُ‬ ‫ح ِ‬‫ُرّبما ت ُ ْ‬ ‫عنانا‬
‫ن ُتكد ُّر‬ ‫ـاِليه ولك ْ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ليـ ﴿ َ‬ ‫ء﴾‪،‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫حسانا ﴿ َ‬
‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫ماضية‬ ‫ةال ْ‬ ‫سن ّ ٌ‬‫ن فهذه ُ‬ ‫إذ ْ‬
‫ه‬‫حص الل ُ‬ ‫ن ُيم ّ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ة عادل ٌ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬إنها قضي ّ ٌ‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫فت َّنا ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن ُيغاِير‬ ‫م بالرخاِء ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫شد ّةِ كما تعّبدهُ ْ‬ ‫ن يتّعبدهم بال ّ‬ ‫عباده ‪ ،‬وأ ُ‬
‫عليهم الطوار كما غاير عليهم الليل والنهار ‪ ،‬فِلم إذن‬
‫َ‬ ‫و أ َّنا ك َت َب َْنا َ َ‬
‫ن‬ ‫مأ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫مُر ﴿ َ‬ ‫ض والّتذ ّ‬ ‫ط والعترا ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫الّتس ّ‬
‫عُلوهُ إ ِل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ر ُ‬‫من ِدَيا ِ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫مأ ِ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫ف َ‬ ‫قت ُُلوا ْ أن ُ‬ ‫ا ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫َ‬
‫*******************************************‬
‫ء‬
‫سو ِ‬
‫ف تقي مصارع ال ّ‬
‫ع المعرو ِ‬
‫صنائ ُ‬
‫صديق – رضي الله‬ ‫ل أبي بكرٍ ال ّ‬ ‫ت ‪ ،‬قو ُ‬ ‫ل الكلما ِ‬ ‫ن أجم ِ‬ ‫م ْ‬
‫م‬ ‫عنه ‪ : -‬صنائع المعروف تقي مصارع السوِء ‪ .‬وهذا كل ٌ‬
‫َ‬
‫ن}‬ ‫حي َ‬‫سب ّ ِ‬
‫م َ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫كا َ‬ ‫ه َ‬‫وَل أن ّ ُ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ل والعق ُ‬ ‫دقه الّنق ُ‬ ‫ُيص ّ‬
‫ل‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬تقو ُ‬ ‫عُثو َ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬
‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫في ب َطْن ِ ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫‪ {143‬ل َل َب ِ َ‬
‫ه أبدا ً‬ ‫ه ل ُيخزيك الل ُ‬ ‫ة للرسول ‪ )) : ‬كل والل ِ‬ ‫خديج ُ‬
‫ب المعدوم ‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وتك ِ‬ ‫ل الك ّ‬ ‫م ُ‬ ‫حم ‪ ،‬وتح ِ‬ ‫ل الّر ِ‬ ‫ص ُ‬‫لت ِ‬
‫ت‬ ‫ر (( ‪ .‬فانظ ُْر كيف استدل ّ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ب الدّ ْ‬ ‫ن على نوائ ِ ِ‬ ‫وُتعي ُ‬
‫ب ‪ ،‬وك ََرم ِ البدايةِ على‬ ‫ن العواق ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬‫ل على ُ‬ ‫ن الفعا ِ‬ ‫بمحاس ِ‬
‫جلِلة النهايةِ ‪.‬‬
‫ن‬ ‫وفي كتاب » الوزراء « للصابي ‪ ،‬و» المنتظم « لب ِ‬
‫ة ‪ ،‬مفاُدها ‪:‬‬ ‫ص ٌ‬
‫ة « للتنوخي ق ّ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫الجوزي ‪ ،‬و »الَفَرِج بعد ال ّ‬
‫ت الوزير ‪ ،‬كان يتتب ّعُ أبا جعفرٍ بن بسطام ٍ بالذِّية‬ ‫أن ابن الفرا ِ‬
‫ده بالمكاره ‪ ،‬فلقي منه في ذلك شدائد كثيرةً ‪،‬‬ ‫‪ ،‬ويقص ُ‬
‫وكانت أ ُ‬
‫ن تجعل‬ ‫ودته – منذ ُ كان طفل ً – أ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫قد‬ ‫جعفر‬ ‫أبي‬ ‫م‬‫ّ‬
‫ً‬
‫م عليها رغيفا من‬ ‫دته التي ينا ُ‬ ‫ل ليلةٍ ‪ ،‬تحت مخ ّ‬ ‫له في ك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪316‬‬
‫ما كان بعد‬ ‫ت به عنه ‪ .‬فل ّ‬ ‫دق ْ‬ ‫الخبزِ ‪ ،‬فإذا كان في غدٍ ‪ ،‬تص ّ‬
‫ت في‬ ‫ت له ‪ ،‬دخل إلى ابن الفرا ِ‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫دة من أذي ّةِ اب ِ‬ ‫م ّ‬
‫ُ‬
‫ت ‪ :‬لك مع‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫شيٍء احتاج إلى ذلك فيه ‪ ،‬فقال له اب ُ‬
‫دقني ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خب ٌْز في رغيف ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬فقال ‪ :‬لب ُد ّ أن تص ُ‬ ‫مك ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ب‬‫دثه به على سبيل الّتطاي ُ ِ‬ ‫فذكر أبو جعفر الحديث ‪ ،‬فح ّ‬
‫ل ‪ ،‬فإّني‬ ‫ت ‪ :‬ل تفع ْ‬ ‫ن الفرا ِ‬‫ل النساِء ‪ .‬فقال اب ُ‬ ‫ن أفعا ِ‬ ‫بذلك م ْ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫م لستأصل ُْتك ‪ ،‬فنم ُ‬ ‫ت البارحة ‪ ،‬وأنا أدب ُّر عليك تدبيرا ً لو ت ّ‬ ‫ب ّ‬
‫ن بيدي سيفا ً مسلول ً ‪ ،‬وقد قصدُتك‬ ‫ت في منامي كأ ّ‬ ‫‪ ،‬فرأي ُ‬
‫سك به مّني ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ف ُتتّر ُ‬ ‫دها رغي ٌ‬ ‫مك بي ِ‬ ‫لقتلك به ‪ ،‬فاعترضْتني أ ّ‬
‫ت ‪ .‬فعاتبه أبو جعفر على ما كان‬ ‫ت إليك ‪ ،‬وانتبه ُ‬ ‫فما وصل ُ‬
‫ن‬
‫هم ْ‬ ‫حه ‪ ،‬وبذل ل ُ‬ ‫بينهما ‪ ،‬وجعل ذلك طريقا ً إلى استصل ِ‬
‫ح حتى أرضاهُ ‪،‬‬ ‫ن الطاعةِ ‪ ،‬ولم يبر ْ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ده م ْ‬ ‫سه ما يري ُ‬ ‫نْف ِ‬
‫ت ‪ :‬واللهِ ‪ ،‬ل رأيت مّني‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫وصارا صديقْين ‪ .‬وقال له اب ُ‬
‫سوءا ً أبدا ً ‪.‬‬ ‫بعدها ُ‬
‫***************************************‬
‫ر‬
‫سي ْ ِ‬
‫ة ال ّ‬
‫مواصل ِ‬
‫ى ُ‬
‫م ُيعين عل ُ‬
‫استجما ٌ‬
‫ن العبد‬ ‫ة ‪ُ ،‬تعي ُ‬ ‫ة وُفسح ً‬ ‫سعَ ً‬ ‫ن في الشريعةِ َ‬ ‫من المعلوم ِ أ ّ‬
‫ح ‪ ،‬فرسوُلنا‬ ‫وعمِله الصال ِ‬ ‫على الستمرار في عبادِته وعطاِئه‬
‫ح ول‬ ‫كى ﴾ ‪ ،‬وكان يمز ُ‬ ‫وأ َب ْ َ‬‫ك َ‬ ‫ح َ‬ ‫ض َ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك﴿ َ‬
‫‪ ‬كان يضح ُ َ‬
‫وأن ّ ُ‬
‫ل‬‫ه عنها ‪ ،‬وكان يتخوّ ُ‬ ‫ل إل حّقا ً ‪ ،‬وسابق عائشة رضي الل ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫مة عليهم ‪ ،‬وكان ينهى عن‬ ‫سآ ِ‬‫هية ال ّ‬ ‫الصحابة بالموعظةِ ‪ ،‬كرا ِ‬
‫دين أحد ٌ ‪،‬‬ ‫ف والتشديدِ ‪ ،‬وُيخبُر أنه لن ُيشاد ّ ال ّ‬ ‫مق والّتكل ّ ِ‬ ‫الّتع ّ‬
‫ُ‬ ‫إل غ َل َب َ ُ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬فأوِغلوا فيه برفْ ٍ‬ ‫ن الدين متي ٌ‬ ‫ثأ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬
‫شد ّةُ‬‫شّرة ً ‪ ،‬وهي ال ّ‬ ‫ن لكل عابد ِ‬ ‫ث أيضا ً أ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن ينقطع ‪ ،‬لنه‬ ‫ث المتكل ّ ُ‬
‫ف إل أ ْ‬ ‫دفاعُ ‪ .‬ول يلب ُ‬ ‫ضراوةُ والن ِ‬ ‫وال ّ‬
‫دة ومللة‬ ‫م ّ‬‫طول ال ُ‬ ‫نظر إلى الحالةِ الراهنةِ ونسي الطوارئ و ُ‬
‫م عليه ‪،‬‬ ‫ل ُيداو ُ‬ ‫ل له حد ّ أدنى في العم ِ‬ ‫الن ّْفس ‪ ،‬وإل ّ فالعاق ُ‬
‫ن ضعف بقي على أصِله ‪ ،‬وهذا معنى‬ ‫ن نشط زاد ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫فإ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪317‬‬
‫س إقبال ً وإدبارا ً ‪،‬‬ ‫ن للنفو ِ‬ ‫ض الصحابة ‪ :‬إ ّ‬ ‫ن كلم ِ بع ِ‬ ‫الثر م ْ‬
‫فاغتنموها عند إقبالها ‪ ،‬وذُروها عند إدباِرها ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وأكث َُروا من النوافل ‪،‬‬ ‫ت نفرا ً زاُدوا في ال ْ‬
‫كي ِ‬ ‫وما رأي ُ‬
‫ل‬ ‫ما كانوا قب ْ َ‬ ‫فم ّ‬ ‫ضع َ‬ ‫ن ُيغالوا ‪ ،‬فانقطُعوا وعاُدوا أ ْ‬ ‫وحاولوا أ ْ‬
‫البدايةِ ‪.‬‬
‫ن‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ما َأنَزل َْنا َ‬ ‫ن أصل ً جاء للسعاد ﴿ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫وال ّ‬
‫طاقةِ ‪،‬‬ ‫ه قوما ً كل ُّفوا أنُفسهم فوق ال ّ‬ ‫قى ﴾ ‪ .‬وقد لم الل ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ل ِت َ ْ‬
‫موا أنفسهم به ﴿‬ ‫ض الواقع ناكِثين ما ألز ُ‬ ‫ن أر ِ‬ ‫ثم انسحبوا م ْ‬
‫غاء‬ ‫م إ ِّل اب ْت ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ها َ َ‬ ‫ما ك َت َب َْنا َ‬ ‫ها َ‬ ‫عو َ‬ ‫ة اب ْت َدَ ُ‬ ‫هَبان ِي ّ ً‬ ‫وَر ْ‬
‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫عاي َت ِ َ‬ ‫ر َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ها َ‬ ‫و َ‬ ‫ع ْ‬
‫ما َر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬
‫ن فطرةٍ ‪ ،‬وأنه‬ ‫ن أنه دي ُ‬ ‫وميزةُ السلم ِ على سائر الديا ُ‬
‫ر ﴿‬ ‫ط ‪ ،‬وأنه للّروِح والجسم ِ ‪ ،‬والدنيا والخرةِ ‪ ،‬وأنه ميس ٌ‬ ‫س ٌ‬ ‫وَ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫قي ّ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ي‪‬‬ ‫ي إلى النب ّ‬ ‫دريّ قال ‪ :‬جاء أعراب ّ‬ ‫خ ْ‬ ‫عن أبي سعيد ال ُ‬
‫ن‬ ‫م ٌ‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬أيّ الناس خي ٌْر ؟ قال‪)) :‬مؤ ِ‬
‫ل‬ ‫ج ٌ‬ ‫ه‪ ،‬ثم ر ُ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سه وماِله في سبي ِ‬ ‫هدٌ بنف ِ‬ ‫مجا ِ‬
‫ب يعُبد رّبه (( ‪ .‬وفي‬ ‫شعا ِ‬ ‫ب من ال ّ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ش ْ‬‫ل في ِ‬ ‫معتز ٌ‬
‫ن‬‫روايةٍ ‪ )) :‬يّتقي الله ويدع الناس من شّره (( ‪ ،‬وع ْ‬
‫ن‬ ‫كأ ْ‬ ‫ل ‪ُ )) :‬يوش ُ‬ ‫ت النبي ‪ ‬يقو ُ‬ ‫أبي سعيدٍ قال ‪ :‬سمع ُ‬
‫ل‬ ‫ف الجبا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ع بها ش ْ‬ ‫م يتب ُ‬ ‫ل المسلم غن ٌ‬ ‫يكون خير ما ِ‬
‫ن (( ‪ .‬رواه‬ ‫فت ِ‬ ‫ر ‪ ،‬يفّر بديِنه من ال ِ‬ ‫ومواقع القطْ ِ‬
‫البخاريّ ‪.‬‬
‫ن‬ ‫حس َ‬ ‫ة « ‪ .‬وما أ ْ‬ ‫ظكم من الُعزل ِ‬ ‫ذوا ح ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫قال عمُر ‪ُ » :‬‬
‫من مداراةِ الخلطةِ « ‪.‬‬ ‫مكابد َةُ العزلةِ أيسُر ْ‬ ‫قول الجنيد ِ ‪ُ » :‬‬
‫ة‬
‫ة من الغيب ِ‬ ‫ن في العزلةِ إل السلم ُ‬ ‫ي ‪ :‬لو لم يك ُ ْ‬ ‫طاب ّ‬ ‫وقال الخ ّ‬
‫ن رؤيةِ المنكرِ الذي ل يقدُر على إزالتهِ ‪ ،‬لكان ذلك خيرا ً‬ ‫‪ ،‬وم ْ‬
‫كثيرا ً ‪.‬‬
‫ن حديث أبي ذّر‬ ‫م‪،‬م ْ‬ ‫ه الحاك ُ‬ ‫وفي هذا معنى ما أخرج ُ‬
‫سوء (( ‪.‬‬ ‫س ال ّ‬ ‫دة خيٌر من جِلي ِ‬ ‫مرفوعا ً ‪ ،‬بلفظ ‪ )) :‬الوح ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وسنده َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪318‬‬
‫ن العزلة‬ ‫ي في » كتاب العزلة « أ ّ‬ ‫طاب ّ‬ ‫كر الخ ّ‬ ‫وذ َ َ‬
‫ة الواِردةُ‬ ‫ف متعلقاتهما ‪ ،‬فُتحمل الدل ّ ُ‬ ‫ف باختل ِ‬ ‫والختلط يختل ُ‬
‫ض على الجتماِع ‪ ،‬على ما يتعل ّقُ بطاعةِ الئم ِ‬
‫ة‬ ‫في الح ّ‬
‫ق‬
‫سهِ ‪ ،‬وأما الجتماع ُ والفترا ُ‬ ‫سها في عك ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وعك ُ‬ ‫وأمورِ الدي ِ‬
‫ه‬
‫ش ِ‬ ‫سه في حقّ معا ِ‬ ‫ف الكتفاء بنف ِ‬ ‫ن ع ََر َ‬ ‫ن ‪ ،‬فم ْ‬ ‫بالبدا ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ن مخالطةِ النا ِ‬ ‫فم ْ‬ ‫ه النكفا ُ‬ ‫ومحافظةِ دينهِ ‪ ،‬فالْولى ل ُ‬
‫ق‬ ‫سلم ِ والّرد ّ ‪ ،‬وحقو ِ‬ ‫عة ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ظ على الجما ِ‬ ‫ن ُيحاف َ‬ ‫طأ ْ‬
‫بشْر ِ‬
‫حوِ ذلك ‪.‬‬ ‫المسلمين من العيادةِ وشهود ِ الجنازةِ ‪ ،‬ون ْ‬
‫ن‬ ‫صحبةِ ‪ ،‬لما في ذلك م ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ك فضو ِ‬ ‫ب إنما هو تْر ُ‬ ‫والمطلو ُ‬
‫ل الجتماع‬ ‫ت ‪ ،‬ويجع ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫مه ّ‬ ‫ت عن ال ُ‬ ‫ل وتضييِع الوق ِ‬ ‫ل البا ِ‬ ‫شغِ ِ‬
‫بمنزلةِ الحتياِج إلى الغداِء والعشاِء ‪ ،‬فيقتصُر منه على ما‬
‫م‪.‬‬ ‫ه أعل ُ‬ ‫ب ‪ .‬والل ُ‬ ‫ن والقل ِ‬ ‫ح للب َد َ ِ‬ ‫لبد ّ له منه ‪ ،‬فهو أْروَ ُ‬
‫وقال الُقشيريّ في » الرسالة« ‪ :‬طريقُ من آثَر‬
‫ن‬ ‫س ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن شّره ‪ ،‬ل العك ُ‬ ‫سم ْ‬ ‫ة ‪ ،‬أن يعتقد سلمة النا ِ‬ ‫الُعزل َ‬
‫ة المتواضِع ‪،‬‬ ‫ه استصغاُره نْفسه ‪ ،‬وهي صف ُ‬ ‫الول ‪ُ :‬ينتج ُ‬
‫ة المتكب ّرِ ‪.‬‬ ‫ره ‪ ،‬وهذه صف ُ‬ ‫ة له على غي ِ‬ ‫والثاني ‪ :‬شهوُده مزي ً‬
‫ط‪.‬‬ ‫ن ووس ٌ‬ ‫س في مسألةِ الُعزلةِ والخلطةِ طرفا ِ‬ ‫والنا ُ‬
‫جمِع‬ ‫ل ‪ :‬من اعتزل الناس حتى عن ال ُ‬ ‫و ُ‬ ‫فالطرف ال ّ‬
‫ؤوا ‪.‬‬ ‫ت والعيادِ ومجامع الخي ْرِ ‪ ،‬وهؤلِء أخط ُ‬ ‫والجماعا ِ‬
‫س‬ ‫ن خالط الناس حتى في مجال ِ‬ ‫والطرف الثاني ‪ :‬م ْ‬
‫ؤوا ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬وهؤلء أخط ُ‬ ‫ل وتضييِع الّزما ِ‬ ‫ل والقا ِ‬ ‫الّلهوِ والّلغوِ والقي ِ‬
‫وم‬ ‫ت التي ل تق ُ‬ ‫ن خالط الناس في العبادا ِ‬ ‫والوسط ‪ :‬م ْ‬
‫ن على الب ِّر والتقوى‬ ‫إل باجتماٍع ‪ ،‬وشاركهم في ما فيه تعاو ٌ‬
‫ه‬
‫ض عن الل ِ‬ ‫والعرا ِ‬ ‫صد ّ‬
‫ت ال ّ‬ ‫ة ‪ ،‬واعتزال مناسبا ِ‬ ‫وأجٌر ومثوب ُ‬
‫سطا ً﴾ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬
‫مأ ّ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ك َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫ت﴿ َ‬ ‫ل المباحا ِ‬ ‫وفضو ِ‬
‫********************************************‬
‫****‬
‫وقفـــــة‬
‫ل تحزن‬
‫‪319‬‬
‫ل اللهِ ‪: ‬‬ ‫ت قال ‪ :‬قال رسو ُ‬ ‫ن الصام ِ‬ ‫عباد ب ِ‬ ‫عن ُ‬
‫ب من‬ ‫ه ‪ ،‬فإنه با ٌ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫م بالجهاد في سبي ِ‬ ‫)) عليك ْ‬
‫م (( ‪.‬‬ ‫م واله ّ‬ ‫ه به الغ ّ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة ‪ُ ،‬يذ ِ‬ ‫ب الجن ِ‬ ‫أبوا ِ‬
‫م‬‫م ‪ ،‬فأمٌر معلو ٌ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ما تأثيُر الجهاد في دْفع اله ّ‬ ‫» وأ ّ‬
‫ه‬
‫ل وصولت ُ‬ ‫ت صائل الباط ِ‬ ‫ن الن ّْفس متى ترك ْ‬ ‫بالوجدان ‪ ،‬فإ ّ‬
‫مها ‪ ،‬وكرُبها وخوُفها ‪ ،‬فإذا جاهدْته‬ ‫مها وغ ّ‬ ‫واستيلءهُ ‪ ،‬اشتد ّ ه ّ‬
‫حْزن فرحا ً ونشاطا ً وقوة ً ‪ ،‬كما‬ ‫م وال ُ‬ ‫ه ذلك اله ّ‬ ‫للهِ ‪ ،‬أبدل الل ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ز ِ‬
‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ه ب ِأي ْ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عذّب ْ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قات ُِلو ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن}‪{14‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫وم ٍ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫دوَر َ‬ ‫ص ُ‬‫ف ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َ َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫وَين ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫وى القل ِ‬ ‫ج َ‬ ‫بل َ‬ ‫م﴾ ‪ .‬فل شيء أْذه ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ظ ُ ُ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫وي ُذْ ِ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫ه المستعا ُ‬ ‫مه وحزِنه من الجهادِ ‪ ،‬والل ُ‬ ‫وغ ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ُ‬
‫ي‬‫وإني لغضي مقلت ّ‬ ‫ر‬
‫س ثوب الصب ِ‬ ‫وأل ْب َ ُ‬
‫القذى‬
‫لدعو الله‬ ‫وإنيعلى‬ ‫أن‬ ‫بلجا‬ ‫ينفأ ْ ّ‬
‫ك‬ ‫أبيض‬ ‫ي فما‬ ‫عل ّ‬
‫ت‬ ‫ضي ّد ّقٌ ْ‬‫ر ُ‬
‫س‬ ‫وكم منوالم ُ‬
‫فتى‬ ‫جا‬ ‫أصاب لها فيي َت ََفّر‬
‫دعو َ ِ‬
‫ة‬
‫ه‬
‫عليه وجوهُ ُ‬
‫*************************************‬ ‫خَرجا‬ ‫م ْ‬ ‫اللهِ َ‬
‫ح الّنظر في الملكوت‬
‫ر ُ‬
‫مسا ِ‬
‫َ‬
‫طة الخاطرِ ‪ ،‬الّتطل ّعُ إلى آثاِر‬ ‫س ِ‬ ‫ق الرتياِح وب ْ‬ ‫ن ط ُُر ِ‬
‫م ْ‬
‫ض ‪ ،‬فتستلذ ّ بالبهجة‬ ‫ت والر ِ‬ ‫الُقدرةِ في بديِع السماوا ِ‬
‫علهُ – في الزهرة ‪ ،‬في‬ ‫ل في ُ‬ ‫ق الباري – ج ّ‬ ‫العامرةِ في خل ِ‬
‫ل والجبل ‪ ،‬في‬ ‫ل ‪ ،‬في الخميلةِ ‪ ،‬في الت ّ‬ ‫الشجرةِ ‪ ،‬في الجدو ِ‬
‫س والقمرِ ‪،‬‬ ‫ل والنهارِ ‪ ،‬في الشم ِ‬ ‫ض والسماِء ‪ ،‬في اللي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬
‫لنس ‪ ،‬وتزداد ُ إيمانا ً وتسليما ً وانقيادا ً لهذا‬ ‫فتجد ُ المتعة وا ُ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫صا‬ ‫ب‬‫عت َبروا َيا ُأوِلي اْل َ‬ ‫ق العظيم ِ ﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فا ْ ِ ُ‬ ‫الخال ِ‬
‫ت في‬ ‫ت إذا شكك ْ ُ‬ ‫ن أسلموا ‪ :‬كن ُ‬ ‫يقول أحد ُ الفلسفةِ مم ْ‬
‫ف العجاِز‬ ‫حُر َ‬
‫لطالع فيه أ ْ‬ ‫الُقدرةِ ‪ ،‬نظرت إلى كتاب الكون ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والبداِع ‪ ،‬فأزداد ُ إيمانا ً ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪320‬‬
‫خطوات مدروسة‬
‫ُ‬
‫ض العلماِء فقال ‪ :‬ل تنقطِع‬ ‫ي ‪ :‬أوصاني بع ُ‬ ‫ل الشوكان ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت‬ ‫ن تكُتب في اليوم ِ سطرين ‪ .‬قال ‪ :‬فأخذ ُ‬ ‫عن التأليف ولو أ ْ‬
‫ت ثمرتها ‪.‬‬ ‫بوصي ِّته ‪ ،‬فوجد ُ‬
‫ل ما داوم عليه‬ ‫وهذا معنى الحديث ‪ )) :‬خيُر العم ِ‬
‫ل (( وقال ‪ :‬القطرة ُ مع القطرةِ تجتمعُ سيل ً‬ ‫نق ّ‬ ‫صاحُبه وإ ْ‬
‫عظيما ً ‪.‬‬
‫أما ت ََرى الحب َ‬
‫ل‬ ‫خر‬ ‫ص ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫على صلي ِ‬
‫المدى ّ‬
‫لنفعل ك‬ ‫ب من أننا نريبد ُ‬
‫طو‬ ‫قد ْ أ ّ‬
‫ل شيٍء‬ ‫أن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الضطراثرا ُ‬ ‫وإنما يأتينا‬
‫ذنا‬ ‫ك العمل ‪ ،‬ولو أننا أخ ْ‬ ‫ب ونتُر ُ‬ ‫ل ونتع ُ‬ ‫م ّ‬
‫مّرة ً واحدةً ‪ ،‬فن َ َ‬
‫عناه على مراحل ‪ ،‬لقطْعنا المراحل‬ ‫ملنا شيئا ً فشيئا ً ‪ ،‬ووّز ْ‬ ‫عَ َ‬
‫جعََلها في خمس ِ‬
‫ة‬ ‫شْرع َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫في هدوٍء ‪ ،‬واعتب ِْر بالصلةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ت متفّرقةٍ ‪ ،‬ليكون العبد ُ في استجمام ٍ وراحةٍ ‪ ،‬ويأتي لها‬ ‫أوقا ٍ‬
‫ث‪:‬‬ ‫ل العبد‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫ت ‪ ،‬لم ّ‬ ‫ت في وق ٍ‬ ‫جمع ْ‬ ‫بالشواق ‪ ،‬ولو ُ‬
‫جد‬ ‫هرا ً أْبقى ول أرضا ً قطع (( ‪ .‬ووُ ِ‬ ‫تلظ ْ‬ ‫مْنب ّ‬ ‫))إن ال ُ‬
‫ت ‪ُ ،‬ينجُز ما لم ُينجْزهُ‬ ‫ل على فترا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ن يأخذ ُ العَ َ‬ ‫نم ْ‬ ‫بالّتربةِ ‪ ،‬أ ّ‬
‫ح وتوقّدِ‬ ‫ة واحدةً ‪ ،‬مع بقاِء جذوةِ الّرو ِ‬ ‫ن أخذهُ دفع ً‬ ‫م ْ‬
‫العاطفةِ ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ن الصلوات ترت ّ ُ‬ ‫ن بعض العلماِء ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ومما استفدُته ع ْ‬
‫عَلى‬ ‫ت َ‬‫كان َ ْ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل الباري ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬ ‫ن قو ِ‬ ‫ت ‪ ،‬أخذا ً م ْ‬ ‫الوقا ِ‬
‫ه‬ ‫ن العبد وّزع أعمال ُ‬ ‫قوتا ً ﴾ ‪ .‬فلو أ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ك َِتابا ً ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ة في الوقت ‪،‬‬ ‫ل صلةٍ ‪ ،‬لوجد سع ً‬ ‫دنيوية بعد ك ّ‬ ‫الدينية وال ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة في الزم ِ‬ ‫وفسح ً‬
‫مث َل َ‪ :‬فلو أن طالب العِْلم‪ ،‬جعل ما بعد‬ ‫ب لك َ‬ ‫وأنا أضر ُ‬
‫ة‬
‫ظهر للقراء ِ‬ ‫ن شاء‪ ،‬وجعل بعد ال ّ‬ ‫ظ في أيّ ف ّ‬ ‫الفجرِ للحْف ِ‬
‫ث‬ ‫مة ‪ ،‬وجعل بعد العصر للبح ِ‬ ‫السْهلةِ في المجامع العا ّ‬
‫س ‪ ،‬وما بعد‬ ‫ُ‬
‫ب للّزيارةِ والن ِ‬ ‫ق ‪ ،‬وما بعد المغر ِ‬ ‫ي الدقي ِ‬ ‫العلم ّ‬
‫ت‬ ‫ث والدورّيا ِ‬ ‫ب العصري ّةِ والبحو ِ‬ ‫العشاِء لقراءة الك ُت ُ ِ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫والجلوس مع الهل ‪ ،‬لكان هذا حسنا ً ‪ ،‬والعاِقل له ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪321‬‬
‫﴾‬ ‫قانا ً‬
‫فْر َ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫مد َد ٌ ونوٌر ‪َ ﴿ .‬إن ت َت ّ ُ‬
‫بصيرِته َ‬
‫‪.‬‬
‫*******************************************‬
‫بل فوضوّية‬
‫ة التي‬ ‫ة الفكري ّ ُ‬ ‫ذهن ‪ ،‬الفوضوي ّ ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫مما ُيكد ُّر وُيشت ّ ُ‬
‫دد ُقدراِته ‪ ،‬ولم يقصد ْ إلى‬ ‫س ‪ ،‬فهو لم يح ّ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫شها بع ُ‬ ‫يعي ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب ودرو ٌ‬ ‫ره ؛ لن المعرفة شعو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫كرهِ ونظ‬ ‫ما يجمعُ شمل ف ْ‬
‫ن تحديد ِ آيِتها ومعرفةِ مسالكها ‪ ،‬وُيجمعُ رْأيه على‬ ‫ولب ُد ّ م ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ن الّتفرد مطلو ٌ‬ ‫ف‪،‬ل ّ‬ ‫ب معرو ٍ‬ ‫مشر ٍ‬
‫ن‬ ‫م ‪ ،‬الد ّي ْ ُ‬ ‫ت الذهن ‪ ،‬وُيوِرث الغ ّ‬ ‫ما يشت ّ ُ‬ ‫وكذلك م ّ‬
‫ل في‬ ‫ة ‪ .‬وهناك أصو ٌ‬ ‫ف المعيشي ّ ُ‬ ‫ة والتكالي ُ‬ ‫ت المالي ُ‬ ‫والتِبعا ُ‬
‫هذه المسألةِ أريد ُ ِذكرها ‪:‬‬
‫ن النفاق ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن اقتصد ُ ‪ :‬وم ْ‬ ‫أولها ‪ :‬ما غال م ِ‬
‫جد َ‬ ‫ه إل ّ للحاجة ‪ ،‬واجتنب التبذير والسراف ‪ ،‬وَ َ‬ ‫وحِفظ مال ُ‬
‫ن ﴾‬ ‫طي ِ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وا َ‬ ‫خ َ‬‫كاُنوا ْ إ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مب َذّ ِ‬ ‫العون من اللهِ ﴿ إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬‫قت ُُروا َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬‫فوا َ‬ ‫ر ُ‬‫س ِ‬‫م يُ ْ‬ ‫قوا ل َ ْ‬ ‫ف ُ‬‫ذا َأن َ‬ ‫ن إِ َ‬
‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫‪َ ﴿،‬‬
‫واما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ق َ‬‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ب َي ْ َ‬

‫جُر ك ّ‬
‫ل‬ ‫مباحةِ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫سب المال من الوجوهِ ال ُ‬ ‫الثاني ‪ :‬ك ْ‬
‫هل‬ ‫ل إل طّيبا ً ‪ ،‬والل ُ‬ ‫ب ل يقب ُ‬ ‫ن الله طي ّ ٌ‬ ‫ب محّرم ٍ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫كس ٍ‬
‫ك ك َث َْرةُ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ث﴾‬ ‫خِبي ِ‬ ‫جب َ َ‬ ‫ع َ‬‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬‫ث﴿ َ‬ ‫ب الخبي ِ‬ ‫ك في المكس ِ‬ ‫ُيبار ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن‬‫مُعه م ْ‬ ‫ل ‪ ،‬وج ْ‬ ‫ل الحل ِ‬ ‫ب الما ِ‬ ‫ي في طل ِ‬ ‫سعْ ُ‬ ‫الثالث ‪ :‬ال ّ‬
‫ت في‬ ‫ب إزجاِء الوقا ِ‬ ‫ك العطالةِ والبطالةِ ‪ ،‬واجتنا ِ‬ ‫حّله ‪ ،‬وتر ُ‬
‫ق‪﴿ :‬‬ ‫على السو ِ‬ ‫ن عوف يقول ‪ :‬د ُّلوني‬ ‫ت ‪ ،‬فهذا اب ُ‬ ‫التفاها ِ‬
‫غوا‬ ‫واب ْت َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫صَلةُ َ‬ ‫ذا ُ‬
‫فإ ِ َ‬‫َ‬
‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬
‫ق ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تُ ْ‬ ‫ه ك َِثيرا ً ل ّ َ‬ ‫واذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬‫ف ْ‬‫من َ‬ ‫ِ‬
‫******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪322‬‬
‫خل ُ ُ‬
‫قك‬ ‫ثمُنك إيماُنك و ُ‬
‫ة‬‫ل بالي ٌ‬ ‫م ‪ ،‬وعليهِ أسما ٌ‬ ‫ل الفقيُر المعدو ُ‬ ‫مّر هذا الرج ُ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫طن ‪ ،‬حافي القدم ِ ‪ ،‬مغمور الّنس ِ‬ ‫ب رّثة ‪ ،‬جائع الب ْ‬ ‫وثيا ٌ‬
‫ت يأوي إليهِ ‪ ،‬ول أثاث‬ ‫ل ول عشيرةٌ ‪ ،‬ليس له بي ٌ‬ ‫جاهٌ ول ما ٌ‬
‫مةِ بكّفْيه مع الواردين ‪،‬‬ ‫ض العا ّ‬ ‫ب من الحيا ِ‬ ‫ول متاع ‪ ،‬يشر ُ‬
‫شه البطحاُء ‪ ،‬لكّنه‬ ‫عه ‪ ،‬وفرا ُ‬ ‫م في المسجدِ ‪ ،‬مخد ُّته ذرا ُ‬ ‫وينا ُ‬
‫ف‬ ‫ص ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫بع ِ‬ ‫ب مولهُ ل يغي ُ‬ ‫ب ِذكرٍ لرّبه وتلوةٍ لكتا ِ‬ ‫صاح ُ‬
‫ل اللهِ ‪‬‬ ‫ل ‪ ،‬مّر ذات يوم ٍ برسو ِ‬ ‫ل في الصلةِ والقتا ِ‬ ‫الو ِ‬
‫ج ؟ (( ‪.‬‬ ‫و ُ‬ ‫ب أل تتز ّ‬ ‫جلْيبي ُ‬ ‫مهِ وصاح به ‪ )) :‬يا ُ‬ ‫فناداه ُ باس ِ‬
‫م‬ ‫ل ول جاه ٌ ؟ ث ّ‬ ‫جني ؟ ول ما ٌ‬ ‫ن ُيزوّ ُ‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬وم ْ‬
‫س‬ ‫ل ‪ ،‬وأجاب بنف ِ‬ ‫مّر به أخرى ‪ ،‬فقال له مْثل قولهِ الو ِ‬
‫ة ‪ ،‬فأعاد عليه السؤال وأعاد هو الجواب ‪،‬‬ ‫الجواب‪ ،‬ومّر ثالث ً‬
‫ن‬ ‫ت فل ٍ‬ ‫ق إلى بي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬انطل ِ ْ‬ ‫فقال ‪ )) : ‬يا جليبي ُ‬
‫ه ‪ ‬يقرُئك السلم ‪،‬‬ ‫ل الل ِ‬ ‫ل له ‪ :‬رسو ُ‬ ‫ق ْ‬‫يو ُ‬ ‫النصار ّ‬
‫وجني ب ِْنتك (( ‪.‬‬ ‫ب منك أن ُتز ّ‬ ‫ويطل ُ‬
‫ف وأسرةٍ موقرةٍ ‪ ،‬فانطلق‬ ‫ت شري ٍ‬ ‫ن بي ٍ‬‫وهذا النصاريّ م ْ‬
‫ب إلى هذا النصاريّ وطرق عليه الباب وأخبره بما‬ ‫جليبي ٌ‬
‫ل اللهِ ‪ ‬فقال النصاريّ ‪ :‬على رسول الله ‪‬‬ ‫أمره به رسو ُ‬
‫ل ول جاه ٌ ؟‬ ‫ب ول ما ٌ‬ ‫ُ‬
‫م ‪ ،‬وكيف أزّوجك بنتي يا جليبي ُ‬ ‫السل ُ‬
‫ل ول‬ ‫ب ! ل ما ٌ‬ ‫ل ‪ :‬جليبي ٌ‬ ‫ب وتتساء ُ‬ ‫خب ََر فتعج ُ‬ ‫وتسمعُ زوجُته ال َ‬
‫ل‬ ‫ب ورسالة الرسو ِ‬ ‫ة كلم جليبي ٍ‬ ‫ت المؤمن ُ‬ ‫مع البن ُ‬ ‫جاهٌ ؟ فتس ُ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬ل والذي‬ ‫ن طلب رسو ِ‬ ‫‪ ‬فتقول لبويها ‪ :‬أتُرّدا ِ‬
‫نفسي بيد ِهِ ‪.‬‬
‫ت العامُر ‪،‬‬ ‫ة والبي ُ‬ ‫ة المبارك ُ‬ ‫وحصل الزواج المبارك والذ ّّري ّ ُ‬
‫ن ‪ ،‬ونادى منادي الجهادِ‬ ‫س على تقوى من اللهِ ورضوا ٍ‬ ‫س ُ‬ ‫المؤ ّ‬
‫ة من الكفارِ ‪ ،‬ثم‬ ‫ب المعركة ‪ ،‬وقتل بيده سبع ً‬ ‫‪ ،‬وحضر جليبي ُ‬
‫ن‬ ‫ن رّبه وع ْ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬وتوسد الثرى راضيا ً ع ْ‬ ‫ُقتل في سبي ِ‬
‫ل‬ ‫ن أجل ِهِ ‪ ،‬ويتفّقد ُ الرسو ُ‬ ‫ن مبدِئه الذي مات م ْ‬ ‫رسوِله ‪ ‬وع ْ‬
‫س بأسماِئهم ‪ ،‬وينسون جليبيبا ً في‬ ‫‪ ‬القتلى ‪ ،‬فُيخبُره النا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪323‬‬
‫ن الرسول‬ ‫ه ليس لمعا ً ول مشهورا ً ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫غمرةِ الحديث ‪ ،‬لن ُ‬
‫ظ اسمه في الزحام ِ ول‬ ‫‪ ‬يذك ُُر جليبيبا ً ول ينساهُ ‪ ،‬ويحف ُ‬
‫قدُ جليبيبا ً (( ‪.‬‬ ‫ل ‪ )) :‬لكّنني أف ِ‬ ‫ُيغفله ‪ ،‬ويقو ُ‬
‫ض التراب عن وجهه‬ ‫ويجده وقد تدّثر بالتراب ‪ ،‬فينف ُ‬
‫قت ِْلت ؟ أنت مني وأنا‬ ‫ت سبعة ثم ُ‬ ‫قت َل ْ َ‬ ‫ل له ‪َ )) :‬‬ ‫ويقو ُ‬
‫منك ‪ ،‬أنت مني وأنا منك ‪ ،‬أنت مني وأنا منك (( ‪.‬‬
‫ويكفي هذا الوسام النبويّ جليبيبا ً عطاًء ومكافأةً وجائزة ً ‪.‬‬
‫ل اللهِ ‪ ‬له ‪،‬‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫ب ‪ ،‬إيماُنه وح ّ‬ ‫ن جليبي ٍ‬ ‫ن ثم َ‬‫إ ّ‬
‫ة‬ ‫مه وضآل ُ‬ ‫ن فقره وعد َ‬ ‫ورسالُته التي مات من أجِلها ‪ .‬إ ّ‬
‫ف العظيم ِ والمكسب الضخم ِ‬ ‫ن هذا الشر ِ‬ ‫خْره ع ْ‬ ‫أسرِته لم ُتؤ ّ‬
‫‪ ،‬لقد ْ حاز الشهادة والّرضا والقُبول والسعادة في الدنيا‬
‫ه‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما آَتا ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخرة ‪َ ﴿ :‬‬
‫ف‬
‫م أ َل ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫ح ُ ْ‬
‫قوا ب ِ ِ‬ ‫م ي َل ْ َ‬‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ِبال ّ ِ‬
‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ول َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫ن قيمتك في معانيك الجليلةِ وصفاِتك النبيلةِ ‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫وك ‪.‬‬ ‫ن سعادتك في معرفِتك للشياِء واهتماماِتك وسم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪-‬‬ ‫ً‬
‫ن الفقَر والعوز والخمول‪ ،‬ما كان ‪ -‬يوما من اليا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬ ‫ل والستعلِء ‪ .‬هنيئا ً لم ْ‬ ‫ق والوصو ِ‬ ‫عائقا ً في طريق الّتفوّ ِ‬
‫ه‬
‫ه بتوجيه ِ‬ ‫ن أسعد نفس ُ‬ ‫سه ‪ ،‬وهنيئا ً لم ْ‬ ‫ف ثمنه فعل ً بنف ِ‬ ‫عََر َ‬
‫ن مّرتْين ‪ ،‬وسعد في‬ ‫حس َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وجهاِده ون ُِبله ‪ ،‬وهنيئا ً لم ْ‬
‫دنيا والخرةِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ال ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وأفلح في الكرتي ْ ِ‬ ‫الحياتي ِ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫يا سعادة هؤلء‬
‫ها‬ ‫جن ّب ُ َ‬
‫سي ُ َ‬
‫و َ‬ ‫ه ‪ : -‬بآيةٍ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه عن ُ‬ ‫أبو بكرٍ – رضي الل ُ‬
‫كى ﴾ ‪.‬‬ ‫مال َ ُ‬
‫ه ي َت ََز ّ‬ ‫ؤِتي َ‬‫ذي ي ُ ْ‬ ‫قى}‪ {17‬ال ّ ِ‬ ‫اْل َت ْ َ‬
‫ت قصرا ً‬ ‫ث ‪ )) :‬رأي ُ‬ ‫عمُر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ : -‬بحدي ِ‬
‫ت ‪ :‬لمن هذا القصُر ؟ قيل لي‬ ‫ة ‪ ،‬قل ُ‬ ‫أبيض في الجن ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫‪ :‬لعمر بنش الخطا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪324‬‬
‫فر‬ ‫م اغ ْ‬ ‫ه ‪ : -‬بدعاِء ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫ن ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وعثما ُ‬
‫خر (( ‪.‬‬ ‫ن ذنِبه وما تأ ّ‬ ‫دم م ْ‬ ‫لعثمان ما تق ّ‬
‫ب الله‬ ‫ل يح ّ‬ ‫ج ٌ‬‫ه ‪ )) : -‬ر ُ‬ ‫ي ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وعل ّ‬
‫ورسوله ‪ ،‬ويحّبه الله ورسوُله (( ‪.‬‬
‫ش‬‫ه ‪ )) : -‬اهتّز له عر ُ‬ ‫ن معاذ ٍ ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وسعد ُ ب ُ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫الرحم ِ‬
‫ه ‪:-‬‬ ‫رو النصاريّ ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫م ٍ‬
‫داللهِ بن ع ْ‬ ‫وعب ُ‬
‫جمان (( ‪.‬‬ ‫كفاحا ً بل تْر ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫))كّلمه الل ُ‬
‫ة‬
‫ه ملئك ُ‬ ‫سلت ْ ُ‬ ‫ه ‪ )) : -‬غ ّ‬ ‫ة ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وحن ْظ َل َ ُ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫الرحم ِ‬
‫****************************************‬
‫ويا شقاوة هؤلء‬
‫شي ّا ً ﴾ ‪.‬‬‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫وا ً َ‬ ‫غدُ ّ‬ ‫ها ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ن َ‬ ‫ضو َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬الّناُر ي ُ ْ‬ ‫فرعو ُ‬
‫َ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ه اْلْر َ‬ ‫ر ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫وب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫فَنا ب ِ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن‪َ ﴿:‬‬
‫ف َ‬ ‫وقارو ُ‬
‫عودا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ُ‬
‫ص ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫سأْر ِ‬ ‫ن المغيرة ‪َ ﴿ :‬‬ ‫والوليد ُ ب ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫مَز ٍ‬ ‫ة لّ َ‬ ‫مَز ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل ل ّك ُ ّ‬ ‫وي ْ ٌ‬‫ن خلف ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ةب ُ‬ ‫وُأمي ّ ُ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأبو لهب ‪ ﴿ :‬ت َبت يدا أ َ‬
‫وت َ ّ‬‫َ‬ ‫ب‬‫ٍ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫ّ ْ َ َ ِ‬ ‫ٍ‬
‫مد ّ ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ون َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫سن َك ْت ُ ُ‬‫ل ‪ ﴿ :‬ك َّل َ‬ ‫ن وائ ٍ‬ ‫والعاص ب ُ‬
‫مدّا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫****************************************‬
‫وقفــــــة‬
‫ق وفساد ُ الرأي ‪ ،‬وخفاُء الحقّ وفساد ُ‬ ‫ة التوفي ِ‬ ‫» قل ّ ُ‬
‫ت ‪ ،‬ون َْفَرة ُ الخْلق ‪،‬‬ ‫ل الذ ّك ْرِ ‪ ،‬وإضاع ُ‬
‫ة الوق ِ‬ ‫القلب ‪ ،‬وخمو ُ‬
‫ة بين العبدِ وبين رّبه ‪ ،‬ومن ْعُ إجابةِ الدعاِء ‪ ،‬وقسوةُ‬ ‫حش ُ‬‫والو ْ‬
‫ن العلم ِ ‪،‬‬
‫ق والُعمرِ ‪ ،‬وحرما ُ‬ ‫حقُ البركةِ في الّرز ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وم ْ‬ ‫القل ِ‬
‫ة العدوّ وضيقُ الصدرِ ‪ ،‬والبتلُء بقرناِء‬ ‫ل ‪ ،‬وإهان ُ‬ ‫س الذ ّ ّ‬ ‫ولبا ُ‬
‫ل‬ ‫السوِء الذين ُيفسدون القلب وُيضّيعون الوقت ‪ ،‬وطو ُ‬
‫ل ‪ ...‬تتوّلد من المعصي ِ‬
‫ة‬ ‫ف البا ِ‬
‫س ُ‬‫ك المعيشةِ ‪ ،‬وك َ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وضن ْ ُ‬ ‫اله ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪325‬‬
‫والغفِلة عن ذكرِ اللهِ ‪ ،‬كما يتوّلد الزرع ُ عن الماِء ‪ ،‬والحراقُ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫عن النارِ ‪ .‬وأضداد ُ هذه تتول ّد ُ عن الطاع ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫م والضي ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ما تأثيُر الستغفارِ في دْفع اله ّ‬ ‫»أ ّ‬
‫ن‬
‫مة ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ل وعقلُء ك ّ‬
‫لأ ّ‬ ‫ل المل ِ‬‫ما اشترك في العل ْم ِ به أه ُ‬ ‫م ّ‬
‫ف ِ‬
‫م ‪ ،‬والخوف والحزن‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬ ‫جب اله ّ‬ ‫المعاصي والفساد ُتو ِ‬
‫ن أهلها ذا قضوا منها‬ ‫ضيق الصدر ‪ ،‬وأمراض القلب ‪ ،‬حتى إ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ه في‬ ‫سهم ‪ ،‬ارتكبوها دفعا ً لما يجدون ُ‬ ‫أوطارها ‪ ،‬وسئمْتها نفو ُ‬
‫ق‪:‬‬‫خ الفسو ِ‬ ‫م ‪ ،‬كما قال شي ُ‬ ‫م والغ ّ‬
‫ق واله ّ‬ ‫ضي ِ‬‫هم من ال ّ‬ ‫صدور ِ‬
‫ت على‬ ‫وُ‬
‫س شرِب ْ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وكأ‬ ‫نها‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫تداو‬ ‫أخرى‬
‫بذ ّةٍ‪ ،‬فل دواء‬ ‫ب والثام ِ في القلو ل ِ‬ ‫وإذا كان هذا تأثيُر بها‬
‫الذنو ِ‬
‫ة والستغفاُر« ‪.‬‬ ‫لها إل التوب ُ‬
‫*************************************‬
‫ققا ً بالقوارير‬
‫ر ْ‬
‫ِ‬
‫ودّةً‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل ب َي ْن َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ف ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ء خيرا ً ‪ ،‬فإنه ّ‬ ‫صوا بالنسا ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬استو ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن عندكم(( ‪.‬‬ ‫عوا ٍ‬
‫ه ‪ ،‬وأنا‬ ‫هل ِ‬ ‫ث آخر ‪ )) :‬خيُركم خيركم ل ِ‬ ‫وفي حدي ِ‬
‫خيُركم لهلي (( ‪.‬‬
‫ب‬ ‫م على الح ّ‬ ‫ُ‬
‫ت السعيد ُ هو العامُر باللفةِ ‪ ،‬القائ ُ‬ ‫البي ُ‬
‫عَلى‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المملوُء تقوى ورضوانا ً ‪ ﴿ :‬أ َ‬
‫س ب ُن َْيان َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫س ب ُن َْيان َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر أم ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫م َ‬ ‫وى ِ‬ ‫ق َ‬‫تَ ْ‬
‫ه‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫ر َ‬ ‫في َنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫هاَر ب ِ ِ‬ ‫فان ْ َ‬‫ر َ‬ ‫ها ٍ‬‫ف َ‬ ‫جُر ٍ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل َ يَ ْ‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫ة في البداي ِ‬
‫سم ٌ‬
‫بَ ْ‬
‫جها‬
‫لزو ِ‬ ‫سم الزوجةِ‬ ‫ل المقابلةِ تب ّ‬
‫ن الطالع وجمي ِ‬
‫حس ِ‬ ‫من ُ‬
‫ق‬
‫للوفا ِ‬ ‫ي‬‫ن مبدئ ّ‬
‫ج لزوجِته ‪ ،‬إن هذه البسمة إعل ٌ‬ ‫والزو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪326‬‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫سمك في وجه أخيك صدق ٌ‬ ‫والمصالحةِ ‪ )) :‬وتب ّ‬
‫ساما ً ‪.‬‬ ‫حاكا ً ب ّ‬ ‫وكان ‪ ‬ض ّ‬
‫ة‬‫حي ّ ً‬ ‫م تَ ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى َأن ُ‬ ‫موا َ‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫وفي البدايةِ بالسلم ِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫دهما‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬ورد ّ التحيةِ من أح ِ‬ ‫ة طَي ّب َ ً‬ ‫مَباَرك َ ً‬ ‫ه ُ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ها أ ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫حّيوا ْ ب ِأ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫حي ّ ٍ‬ ‫حي ّي ُْتم ب ِت َ ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫وإ ِ َ‬‫للخرِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ُر ّ‬
‫كثّير ‪:‬‬ ‫قال ُ‬
‫حي ّْتك عّزة ُ بالتسليم ِ‬ ‫فحّيها مثل ما حي ّْتك‬
‫ت‬ ‫تْ‬‫كان ْ‬ ‫وانصرف‬ ‫ليت التحية‬ ‫ييت‬ ‫ل‬ ‫جم ُ‬‫ح ّ‬ ‫لً ُ‬ ‫مكان يا جميا‬
‫م إني‬ ‫الله ّ‬ ‫فأشكرها‬ ‫ل ‪)) :‬‬ ‫لي‬ ‫ل‬ ‫رج ُ‬ ‫ومنها يا‬
‫عند دخول المنز ِ‬ ‫الدعاُء‬
‫ه‬
‫ج ‪ ،‬باسم الل ِ‬ ‫ج وخير المخر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫خي َْر الم ْ‬ ‫أسأُلك َ‬
‫ه رّبنا‬ ‫جنا ‪ ،‬وعلى الل ِ‬ ‫ه خر ْ‬ ‫جنا ‪ ،‬وباسم ِ الل ِ‬ ‫ول ْ‬
‫كلنا (( ‪.‬‬ ‫تو ّ‬
‫ب من الطرفين ‪:‬‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫ت ‪ِ :‬لي ُ‬ ‫ب سعادةِ البي ِ‬ ‫ومن أسبا ِ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوُلوا ْ ال ِّتي ِ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬ ‫قل ل ّ ِ‬ ‫و ُ‬‫﴿ َ‬
‫مها السحُر‬ ‫وكل ُ‬ ‫ن قتل المسلم ِ‬ ‫لم يج ِ‬
‫أنه‬
‫ن‬ ‫للووإ ْ‬ ‫لَ ْ‬ ‫م ُل‬
‫الحل ْ‬
‫م يُ‬ ‫ن طال ل ْ‬ ‫إ ْ‬ ‫لم‬ ‫أنهاّرزِ‬
‫المتح‬ ‫ث‬‫ود ّ المحد ّ ُ‬
‫ب كلم‬ ‫ت ُ‬ ‫يسح ْ‬ ‫منهماأوجز‬ ‫ل هي‬ ‫ليت المرأة ‪ ،‬ك ّ‬ ‫ز‬
‫وياتوج ِ‬ ‫يا ليت الرجل ُ‬
‫ن‬ ‫الساءةِ وجْرح المشاعرِ والستفزازِ ‪ ،‬يا ليت أنهما يذكرا ِ‬
‫ن الطْرف‬ ‫ضا ِ‬ ‫ل منهما ‪ ،‬ويغ ّ‬ ‫الجانب الجميل المشرق في ك ّ‬
‫ف البشريّ في كليهما ‪.‬‬ ‫ب الضعي ِ‬ ‫عن الجان ِ‬
‫دد محاسن امرأِته ‪ ،‬وتجافى عن‬ ‫إن الرجل إذا ع ّ‬
‫ن‬ ‫ك مؤم ٌ‬ ‫ث ‪ )) :‬ل يفُر ُ‬ ‫ص ‪ ،‬سِعد وارتاح ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫النق ِ‬
‫ة ‪ ،‬إن كره منها خُلقا ً رضي منها آخر (( ‪.‬‬ ‫مؤمن ً‬
‫ض ول يكره ‪.‬‬ ‫ومعنى ل يفرك ‪ :‬ل يبغ ِ‬
‫من ذا الذي ما ساء‬ ‫ن له الحسنى‬ ‫وم ْ‬
‫ط‬‫ف فضائله ول كبا جواد ق ْ‬ ‫من الذي ما ما نبا فق ْ‬
‫نه ‪﴿ :‬‬ ‫محاس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫سيط ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫ما َز َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ُ ُ‬‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫وَل َ‬‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫د أَبدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح ٍ‬ ‫أ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪327‬‬
‫ت من معاناةِ التوافهِ ومعايشةِ صغاِر‬ ‫ل البيو ِ‬ ‫أكثُر مشاك ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ت القضايا التي تنتهي بالفرا ِ‬ ‫ت عشرا ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وقد عش ُ‬ ‫المسائ ِ‬
‫ب أن البيت‬ ‫ة سهلة ‪ ،‬أحد ُ السبا ِ‬ ‫ب إيقاد ِ جذوتها أموٌر هين ٌ‬ ‫سب ُ‬
‫دم في وقِته ‪ ،‬وسبُبه عند‬ ‫لم يكن مرّتبا ً ‪ ،‬والطعام لم ِ يق ّ‬
‫ل‬‫آخرين أن المرأة تريد ُ من زوجها أن ل ُيكثر من استقبا ِ‬
‫ث اليُتم والمآسي‬ ‫ف ‪ ،‬وخذ ْ من هذه القائمة التي ُتور ُ‬ ‫الضيو ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫في البيو ِ‬
‫إن علينا جميعا ً أن نعترف بواِقعنا وحاِلنا وضعِفنا ‪ ،‬ول‬
‫ل إل لولي العزم ِ من‬ ‫ت ‪ ،‬التي ل تحص ُ‬ ‫ش الخيال والمثاليا ِ‬ ‫نعي ُ‬
‫أفرادِ العالم ِ ‪.‬‬
‫ئ ‪ ،‬وما معنا إل‬ ‫ف ونخط ُ‬ ‫ب ونحتد ّ ‪ ،‬ونضع ُ‬ ‫نحن بشٌر نغض ُ‬
‫ي في الموافقة الزوجيةِ حتى بعد هذه‬ ‫ث عن المرِ النسب ّ‬ ‫البح ُ‬
‫ت القصيرةِ بسلم ِ ‪.‬‬ ‫السنوا ِ‬
‫دم في هذه‬ ‫سن صحبته تق ّ‬ ‫ح ْ‬‫ن حنبل و ُ‬ ‫إن أريحية أحمد ب ِ‬
‫دالله ‪ :‬لقد صاحبُتها‬ ‫م عب ِ‬ ‫الكلمة ‪ ،‬إذ يقول بعد وفاة زوجتهِ أ ّ‬
‫ت معها في كلمةٍ ‪.‬‬ ‫ة ما اختلف ُ‬ ‫أربعين سن ً‬
‫ت زوجُته ‪ ،‬وعليها أن‬ ‫إن على الرجل أن يسكت إذا غضب ْ‬
‫ت هي إذا غضب ‪ ،‬حتى تهدأ الثائرة ُ ‪ ،‬وتبرد المشاعُر ‪،‬‬ ‫تسك ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫ت النف ِ‬ ‫وتسكن اضطرابا ُ‬
‫ر « ‪ » :‬متى رأيت‬ ‫ن الجوزيّ في » صيد ِ الخاط ِ‬ ‫قال اب ُ‬
‫ح ‪ ،‬فل ينبغي أن‬ ‫م بما ل يصل ُ‬ ‫ب وأخذ يتكل ّ ُ‬ ‫ض َ‬‫صاحبك قد غ َ ِ‬
‫ت إليه ( ‪،‬‬ ‫صرا ) أي ل تعتد ّ به ول تلتف ْ‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫تعقد على ما يقوُله ِ‬
‫ن ل يدري ما يجري‬ ‫ل السكرا ِ‬ ‫ول أن تؤاخذه به ‪ ،‬فإن حاله حا ُ‬
‫ل عليها ‪ ،‬فإن الشيطان قد‬ ‫‪ ،‬بل اصبْر ولو فترةً ‪ ،‬ول تعوّ ْ‬
‫ل قد استتر ‪ ،‬ومتى أخذت في‬ ‫غلبه ‪ ،‬والطبعُ قد هاج ‪ ،‬والعق ُ‬
‫سك عليه ‪ ،‬أو أجبته بمقتضى فْعله ‪ ،‬كنت كعاقل واجه‬ ‫نف ِ‬
‫ب لك‪ ،‬بل انظْر‬ ‫ى عليه ‪ ،‬فالذن ُ‬ ‫ً‬
‫ق عاتب مغم ً‬ ‫مجنونا ‪ ،‬أو مفي ٍ‬
‫ب‬ ‫ج في لع ِ‬ ‫ح تصريف القدر له ‪ ،‬وتفّر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الرحمةِ ‪ ،‬وتل ّ‬ ‫إليه بعي ِ‬
‫الطبِع به ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪328‬‬
‫ضل‬ ‫ف لك ف ْ‬ ‫دم على ما جرى ‪ ،‬وعََر َ‬ ‫واعلم أنه إذا انتبه ن ِ‬
‫ل في غضِبه إلى‬ ‫سِلمه فيما يفع ُ‬ ‫ل القسام ِ أن ت ُ ْ‬ ‫صب ْرِ ‪ ،‬وأق ّ‬
‫ال ّ‬
‫ح به ‪.‬‬ ‫ما يستري ُ‬
‫محها الولد ُ عند غضب الوالد ِ ‪،‬‬ ‫ة ينبغي أن يتل ّ‬ ‫وهذه الحال ُ‬
‫ل ‪ ،‬ول‬ ‫ب الزوج ‪ ،‬فتتركه يشفى بما يقو ُ‬ ‫ة عند غض ِ‬ ‫والزوج ُ‬
‫ل على ذلك ‪ ،‬فسيعود ُ نادما ً معتذرا ً ‪ ،‬ومتى ُقوبل على‬ ‫تعوّ ْ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬وجازى في الفاق ِ‬ ‫ت العداوةُ متم ّ‬
‫كن ً‬ ‫حالته ومقالِته صار ِ‬
‫سك ْرِ ‪.‬‬‫على ما فُِعل في حّقه وقت ال ّ‬
‫ق ‪ ،‬متى رأوا غضبان‬ ‫س على غي ْرِ هذا الطري ِ‬ ‫وأكثُر النا ِ‬
‫ل ‪ ،‬وهذا على غي ُْر مقتضى الحكمةِ ‪،‬‬ ‫ل ويعم ُ‬ ‫قابُلوه بما يقو ُ‬
‫ت ‪ ،‬وما يعقُلها إل العالمون « ‪.‬‬ ‫ة ما ذكر ُ‬ ‫حكم ُ‬ ‫بل ال ِ‬
‫*****************************************‬
‫م ُزعاف في‬‫س ّ‬
‫ب النتقام ِ ُ‬
‫ح ّ‬
‫ة‬
‫س الهائج ِ‬ ‫النفو ِ‬
‫ت‬‫ص وحكايا ٌ‬ ‫في كتاب » المصلوبون في التاريخ « قص ٌ‬
‫ت‬ ‫ش الذين أنزلوا بخصومهم أشد ّ العقوبا ِ‬ ‫ض أهل البط ِ‬ ‫لبع ِ‬
‫ل غليل ً ‪،‬‬ ‫مثلت ‪ ،‬ثم لما قتلوهم ما شفى لهم القت ُ‬ ‫وأقسى ال ُ‬
‫ب أن‬ ‫ج ُ‬ ‫شب ‪ ،‬والعَ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫هم على ال ُ‬ ‫ول أبرد لهم عليل ً ‪ ،‬حتى صلبو ُ‬
‫ب ‪ ،‬لن روحه‬ ‫س ول يتعذ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫المصلوب بعد قتل ِهِ ل يتأّلم ول ي ُ ِ‬
‫ح ‪ ،‬وُيسّر‬ ‫س ويرتا ُ‬‫ي القاتل يأن ُ‬ ‫ت جسمه ‪ ،‬ولكن الح ّ‬ ‫فارق ْ‬
‫مها‬ ‫مظة على خصو ِ‬ ‫ل ‪ .‬إن هذه النفوس المتل ّ‬ ‫بزيادةِ التنكي ِ‬
‫ة على أعداِئها لن تهدأ أبدا ً ولن تسعد ‪ ،‬لن نار‬ ‫المضطرم َ‬
‫م‪.‬‬‫مهِ ْ‬
‫مُرهم قبل خصو ِ‬ ‫النتقام ِ وبركان التشّفي يد ّ‬
‫ب من هذا أن بعض خلفاِء بني العباس فاته أن‬ ‫وأعج ُ‬
‫يقتل خصومه من بني أمية ‪ ،‬لنهم ماُتوا قبل أن يتوّلى ‪،‬‬
‫م فجلدهم ‪ ،‬ثم صلبهم ‪،‬‬ ‫ضهم رمي ٌ‬ ‫فأخرجهم من قبورهم وبع ُ‬
‫ثم أحرقهم ‪ .‬إنها ثورةُ الحقدِ العارم ِ الذي ُينهي على‬
‫س واستقراِرها ‪.‬‬ ‫ت وعلى مباهِج النف ِ‬ ‫المسّرا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪329‬‬
‫م ‪ ،‬لنه فََقد َ أعصاَبه وراحته‬ ‫إن الضرر على المنتقم ِ أعظ ُ‬
‫وهدوءه ُ وطمأنينته ‪.‬‬
‫ل يبلغُ العداُء من‬ ‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما يبلغُ الجاه ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫ظ ُ‬ ‫لَ‬
‫غي ْ ِ‬‫جاهل ْ ٍ‬
‫نا‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬‫م َ‬ ‫م ال ََنا ِ‬ ‫هَ‬
‫عل َي ْك ُ ُ‬‫س ِ‬ ‫ع ن َّْف‬
‫ضوا ْ ِ‬ ‫وا ْ َ‬
‫خل َ ْ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬‫ُ‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫» ليس للعبدِ إذا ب ُِغي عليه وُأوذي وتسّلط عليه‬
‫ة سعادِته‬ ‫مه ‪ ،‬شيء أنفعُ له من التوبةِ النصوِح ‪ ،‬وعلم ُ‬ ‫خصو ُ‬
‫سه وذنوِبه وعيوِبه ‪ ،‬فيشتغل‬ ‫أن يعكس فكره ونظره على نف ِ‬
‫بها وبإصلحها ‪ ،‬وبالتوبةِ منها ‪ ،‬فل يبقى فيه فراغٌ لتدّبر ما‬
‫ه يتولى‬ ‫ن ََزل به ‪ ،‬بل يتوّلى هو التوبة وإصلح عيوبه ‪ ،‬والل ُ‬
‫ُنصرته وحفظه والدفع عنه ولبد ّ ‪ ،‬فما أسعدهُ من عبدٍ ‪ ،‬وما‬
‫ت به ‪ ،‬وما أحسن أثرها عليه ‪ ،‬ولكن‬ ‫أبركها من نازلةٍ نزل ْ‬
‫معطي لما‬ ‫التوفيق والرشد بيد ِ اللهِ ‪ ،‬ل مانٍع لما أعطى ول ُ‬
‫ة به ‪ ،‬ول إرادة ً له ‪،‬‬ ‫ل أحد ٍ ُيوّفق لهذا ‪ ،‬ل معرف ً‬
‫منع ‪ ،‬فما ك ّ‬
‫ول قدرةً عليه ‪ ،‬ول حول ول قوة إل باللهِ « ‪.‬‬
‫ن يعفو‬ ‫سبحان م ْ‬ ‫ل مهما هفا‬ ‫ولم يز ْ‬
‫ونهفو دائما ً‬
‫يخطي‬ ‫ُيعطي الذي‬ ‫العبد ُ عفا‬
‫العطا‬ ‫جلُله عن‬
‫ول يمنُعه‬ ‫لذي الخطا‬
‫*******************************************‬
‫ة غيرك‬ ‫ل تذُ ْ‬
‫ب في شخصي ِ‬
‫ة أطوار ‪ :‬طوُْر التقليد ‪ ،‬وطوُر‬ ‫تمّر بالنسان ثلث ُ‬
‫الختيارِ ‪ ،‬وطوُر البتكارِ ‪ .‬فالتقليد ُ ‪ :‬هو المحاكاة ُ للخرين‬
‫ب‬ ‫ن فيهم ‪ ،‬وسب ُ‬‫ل صفاِتهم والذوبا ُ‬ ‫ص شخصياِتهم وانتحا ُ‬ ‫م ُ‬
‫وتق ّ‬
‫ل الشديد ُ ‪ ،‬وهذا‬ ‫ب والتعل ّقُ والمي ْ ُ‬‫هذا التقليدِ هو العجا ُ‬
‫ت‬ ‫التقليد ُ الغالي ليحمل بعضُهم على التقليد في الحركا ِ‬
‫ْ‬
‫ت ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬وهو وأد ٌ‬ ‫ت واللتفا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬ونْبرةِ الصو ِ‬
‫واللحظا ِ‬
‫معاناةِ هؤلِء من‬‫ت ‪ .‬ويا ل ُ‬ ‫للشخصية وانتحاٌر معنويّ للذا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪330‬‬
‫ف !!‬ ‫م ‪ ،‬ويسيرون إلى الخل ِ‬ ‫سهم ‪ ،‬وهم يعكسون اتجاههُ ْ‬ ‫أنف ِ‬
‫ة‬
‫جَر مشيته لمشي ِ‬ ‫ت الخرِ ‪ ،‬وهَ َ‬ ‫فالواحد ُ منهم ترك صوته لصو ِ‬
‫ت الممدوحةِ التي ُتثري‬ ‫ن ‪ ،‬ليت هذا التقليد كان للصفا ِ‬ ‫فل ٍ‬
‫ْ‬
‫السموّ والّرفعةِ ‪ ،‬كالعِلم ِ‬ ‫العمر وُتضفي عليه هالة من‬
‫والكرم ِ والحلم ِ ونحوها ‪ ،‬لكنك ُتفاجأ ُ أن هؤلء يقّلدون في‬
‫ف وطريقةِ الكلم ِ وإشارةِ اليد ِ !! ‪.‬‬ ‫مخارِج الحرو ِ‬
‫خل ْقٌ آخُر وشيٌء آخُر ‪،‬‬ ‫أريد ُ التأكيد عليك بما سبق ‪ :‬إنك َ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ل صفاِتك وقدراِتك ‪ ،‬فإنه منذ ُ َ‬ ‫جك أنت من خل ِ‬ ‫إنه نه ُ‬
‫ة‬
‫ن في الصور ِ‬ ‫ه العالم ‪ ،‬لم يتفقْ اثنا ِ‬ ‫ه آدم إلى أن ينهي الل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ل ذاك ‪:‬‬ ‫ل هذا على شك ِ‬ ‫ث ينطبق شك ُ‬ ‫الخارجيةِ للجسم ِ ‪ ،‬بحي ُ‬
‫ف أ َل ْسن َت ِك ُم َ‬
‫ن‬ ‫م ‪ ﴾......‬الية ‪ .‬فلماذا نح ُ‬ ‫وان ِك ُ ْ‬‫وأل ْ َ‬‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫خت َِل ُ‬
‫وا ْ‬‫﴿ َ‬
‫نريد ُ أن نتفقَ مع الخرين في صفاِتنا ومواهِبنا وقدراِتنا ؟!‬
‫سن إلقاِئك أن‬ ‫ح ْ‬ ‫إن جمال صوِتك أن يكون متفّردا ً ‪ ،‬وإن ُ‬
‫ف‬ ‫خت َل ِ ٌ‬‫م ْ‬‫مٌر ّ‬‫ح ْ‬ ‫و ُ‬
‫ض َ‬ ‫جدَدٌ ِبي ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬‫م َ‬ ‫يكون متمّيزا ً ‪َ ﴿ :‬‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫د﴾‪.‬‬ ‫سو ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫غَراِبي ُ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫أل ْ َ‬
‫وان ُ َ‬
‫************************************‬
‫المكظومون في انتظار ل ْ‬
‫طف الله‬
‫ت‬ ‫صقعُ ل يلتوي لساُنه إذا تراكض ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫هذا الخطي ُ‬
‫ن ‪ ،‬بل يمضي ساطعا ً صارما ً متدّفقا ً ‪.‬‬ ‫ن البيا ِ‬ ‫ظ في ميدا ِ‬ ‫اللفا ُ‬
‫ب ‪ ،‬وخطيب السلم‬ ‫س ُ‬ ‫ب الرسول ‪ ‬وح ْ‬ ‫هو خطي ُ‬
‫ب بين يدي رسول اللهِ ‪‬‬ ‫وكفى ‪ ،‬كان يرفع صوته بالخط ِ‬
‫ه‪﴿ :‬‬ ‫ماس ‪ ،‬وأنزل الل ُ‬ ‫س بن ش ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن قي‬ ‫تب ُ‬ ‫دين ‪ ،‬إنه ثاب ُ‬ ‫لنصرةِ ال ّ‬
‫َ‬ ‫مُنوا َل ت َْر َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫و ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫وق َ َ‬ ‫ف ْ‬‫م َ‬ ‫وات َك ُ ْ‬ ‫ص َ‬‫عوا أ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫َيا أي ّ َ‬
‫ض‬‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬‫ضك ُ ْ‬‫ع ِ‬ ‫ر بَ ْ‬ ‫ه ِ‬‫ج ْ‬ ‫ل كَ َ‬ ‫و ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ه ِبال ْ َ‬ ‫هُروا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫َالن ّب ِ ّ‬
‫م َل ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ن قي ٌ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وظ ّ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫حب َ َ‬ ‫أن ت َ ْ‬
‫أنه هو المقصود ُ ‪ ،‬فاعتزل الناس واختبأ في بيِته يبكي ‪،‬‬
‫خب ََر ‪،‬‬ ‫ة ال َ‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬فسأل عنه ‪ ،‬فأخبره الصحاب ُ‬ ‫وفقده رسو ُ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ل الجن ِ‬ ‫فقال ‪ )) :‬كل ّ ‪ ،‬بل هو من أه ِ‬
‫ت النذارة ُ بشارة ٌ ‪.‬‬ ‫فصار ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪331‬‬
‫هناٌء محا ذاك العزاء‬ ‫ن‬‫زع المحزو ُ‬ ‫فما ج ِ‬
‫عنها – تبكي‬ ‫دما‬‫المق ّ‬
‫ه‬
‫المؤمنين – رضي الل ُ‬ ‫سما‬ ‫ةتبأ ّ‬
‫مّ‬ ‫حتى ُ‬
‫وتبقى عائش‬
‫شهرا ً كامل ً ليل ً ونهارا ً ‪ ،‬حتى كاد البكاء يمّزقُ كِبدها ويفري‬
‫ف ‪ ،‬فجاء‬ ‫ف ‪ ،‬العفي ِ‬ ‫عْرضها الشري ِ‬ ‫ت في ِ‬ ‫طعن ْ‬ ‫جسمها ‪ ،‬لنها ُ‬
‫ت‬‫فَل ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫غا ِ‬ ‫صَنا ِ‬‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫الفرج ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ت الله‬ ‫ة ﴾ ‪ .‬وحمد ِ‬ ‫خَر ِ‬ ‫واْل ِ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫عُنوا ِ‬ ‫ت لُ ِ‬‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ت ‪ ،‬وفرح المؤمنون بهذا‬ ‫طهرِ ‪ ،‬كما كان ْ‬ ‫ت أطهر ال ّ‬ ‫وصار ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ح المبي ِ‬ ‫الفت ِ‬
‫م‬
‫ت عليه ْ‬ ‫ة الذين تخّلفوا عن غزوةِ تبوك ‪ ،‬وضاقْ ْ‬ ‫والّثلث ُ‬
‫سهم ‪ ،‬وظّنوا أن ل‬ ‫ت عليهم أنف ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وضاق ْ‬ ‫حب ْ‬ ‫ض بما ر ُ‬ ‫الر ُ‬
‫كه – سبحانه‪-‬‬ ‫ن يمل ُ‬ ‫ج مم ْ‬ ‫ملجأ من اللهِ إل إليه ‪ ،‬أتاهم الفر ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ث من السميِع القري ِ‬ ‫ونزل عليهم الغوْ ُ‬
‫*************************************‬
‫ه‬
‫حل ُ‬
‫ل الذي ترتا ُ‬
‫ص على العم ِ‬
‫احر ْ‬
‫ن‬
‫ب‪:‬إ ّ‬ ‫ض ‪ ،‬فقال لي الطبي ُ‬ ‫ل ابن تيمية ‪ » :‬ابتدأني مر ٌ‬ ‫يقو ُ‬
‫مطالعتك وكلمك في العلم ِ يزيد ُ المرض ‪ .‬فقلت له ‪ :‬ل‬
‫مك‬ ‫مك إلى عل ِ‬ ‫أصبُر على ذلك ‪ ،‬ل أصبُر على ذلك ‪ ،‬وأنا أحاك ُ‬
‫ت‬‫دفع ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فَ َ‬ ‫طبيع ُ‬ ‫ت ال ّ‬‫ت قوي ِ‬ ‫سّر ْ‬
‫تو ُ‬ ‫س إذا فرج ْ‬ ‫ت الّنف ُ‬ ‫‪ ،‬أليس ِ‬
‫ت له ‪ :‬فإن نفسي ُتسّر بالعلم ِ ‪،‬‬ ‫المرض ؟ فقال ‪ :‬بلى ‪ .‬فقل ُ‬
‫ج عن‬ ‫ة ‪ .‬فقال‪ :‬هذا خار ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬فأجد ُ راح ً‬ ‫فتقوى به الطبيع ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫كم ب َ ْ‬
‫ل ُ‬ ‫شّرا ً ل ّ ُ‬
‫سُبوهُ َ‬ ‫ح َ‬‫جنا« ﴿َل ت َ ْ‬‫عل ِ‬
‫ل عَت َْبك محمود ٌ‬ ‫لع ّ‬ ‫ت‬‫فرّبما صح ِ‬
‫ه‬
‫عواقب ُ ُ‬
‫********************************************‬ ‫ل‬
‫م بالِعل ِ‬
‫الجسا ُ‬
‫ء وهؤلء‬ ‫ك ُل ً ن ُ ِ‬
‫مدّ هؤل ِ‬
‫ما أحوجنا إلى المثابرةِ واستثمارِ الوقت ‪ ،‬ومسابقةِ‬
‫ل الصالِح النافِع المفيد ِ ‪ ،‬إننا سوف نسعد ُ يوم‬
‫س بالعم ِ‬
‫النفا ِ‬
‫ة وحضارةً ‪ ،‬وسوف‬ ‫دم للخرين نفعا ً ووعيا ً وخدمة وثقاف ً‬ ‫نق ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪332‬‬
‫خلقْ ع ََبثا ً‬ ‫دى ‪ ،‬ولم ن ُ ْ‬ ‫س ّ‬
‫ت إلى الحياةِ ُ‬ ‫منا أننا لم نأ ِ‬ ‫نسعد ُ إذا عل ْ‬
‫‪ ،‬ولم ُنوجد ْ لِعبا ً ‪.‬‬
‫ت تراجم‬ ‫ي فوجد ُ‬ ‫ت » العلم « للزركل ّ‬ ‫يوم تصّفح ُ‬
‫ة وعلماء ‪ ،‬وحكماء وأدباء وأطباء ‪،‬‬ ‫شرقيين وغربيين ‪ ،‬ساس ً‬
‫سيرهم‬ ‫ت في ِ‬ ‫يجمعهم أنهم نابغون مؤّثرون لمعون ‪ ،‬ووجد ُ‬
‫جميعا ً سنة اللهِ في خلِقه ‪ ،‬ووعد اللهِ في عباِده ‪ ،‬وهي أن‬
‫من أحسن من أجل الدنيا وُّفي نصيبه من الدنيا ‪ ،‬من الذيوِع‬
‫ب‬ ‫ل ومنص ٍ‬ ‫والشهرةِ والنتشارِ ‪ ،‬وما يلحقُ ذلك من ما ِ‬
‫ف ‪ ،‬ومن أحسن للخرةِ وجدها هنا وهناك ‪ ،‬من النفِع‬ ‫وإتحا ٍ‬
‫ؤلء‬ ‫هـ ُ‬ ‫مد ّ َ‬ ‫ل والرضا والجرِ والمثوبةِ ‪ ﴿ :‬ك ُل ّ ن ّ ِ‬ ‫والقبو ِ‬
‫ظورا ً‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫طاء َرب ّ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬‫و َ‬
‫ك َ‬ ‫طاء َرب ّ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ؤلء ِ‬ ‫هـ ُ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫دموا‬ ‫ب أيضا ً أن هؤلِء العباقرةِ الذين ق ّ‬ ‫ت في الكتا ِ‬ ‫ووجد ُ‬
‫ص منهم غْير‬ ‫للبشرية نفعا ً ونتاجا ً ولم يعمُلوا للخرة – وأخ ّ‬
‫المؤمنين باللهِ ولقاِئه – وجدُتهم أسعدوا الناس أكثر من‬
‫سهم ‪ ،‬وأفرحوا أرواح الخرين أكثر من أرواحِهم ‪ ،‬فإذا‬ ‫أنف ِ‬
‫ب من حيات ِهِ ‪،‬‬ ‫ضهم ينتحُر ‪ ،‬وبعضهم يثوُر من واقِعه ويغض ُ‬ ‫بع ُ‬
‫وآخرون منهم يعيشون بؤسا ً وضْنكا ً ‪.‬‬
‫م‬ ‫ت نفسي ‪ :‬ما هي الفائدة ُ إذا سعد بي قو ٌ‬ ‫وسأل ُ‬
‫مت أنا ؟!‬ ‫حر ِ‬ ‫ٌ‬
‫وشقيت أنا ‪ ،‬وانتفع بي مل و ُ‬
‫ل أحدٍ من هؤلِء البارزين ما‬ ‫ن الله أعطى ك ّ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ووجد ُ‬
‫معٌ منهم حصل على جائزةِ نوبل ‪،‬‬ ‫ده ‪ ،‬فج ْ‬ ‫أراد ‪ ،‬تحقيقا ً لوع ِ‬
‫وأ الصدارة في‬ ‫لنه أرادها وسعى لها ‪ ،‬ومنهم من تب ّ‬
‫جد َ‬ ‫الشهرةِ ‪ ،‬لنه بحث عنها وشغف بها ‪ ،‬ومنهم من وَ َ‬
‫المال ‪ ،‬لنه هام به وأجّبه ‪ ،‬ومنهم عباد ُ اللهِ الصالحون ‪،‬‬
‫ه‬ ‫ن شاء الل ُ‬ ‫ب الخرةِ – إ ْ‬ ‫ن ثوا ِ‬ ‫ب الدنيا وحس ِ‬ ‫حصُلوا على ثوا ِ‬
‫ضوانا ً ‪.‬‬ ‫‪ ، -‬يبتغون فضل ً من اللهِ ورِ ْ‬
‫ن من المعادلت الصحيحة المقبولة ‪ :‬أن المغمور‬ ‫إ ّ‬
‫م حظ ّا ً من اللمِع‬ ‫قه ‪ ،‬أنع ُ‬ ‫جه وطري ِ‬ ‫السعيد الواثق من منه ِ‬
‫ي بمبادِئه وفكرِهِ ‪.‬‬ ‫الشهيرِ الشق ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪333‬‬
‫ب أسعد ُ حال ً‬ ‫ل المسلم ِ في جزيرةِ العر ِ‬ ‫ن راعي الب ِ‬ ‫إ ّ‬
‫مه من » تولوستوي « الكاتب الروائي الشهيرِ ‪ ،‬لن‬ ‫بإسل ِ‬
‫ف مصيَرهُ‬ ‫الول قضى حياته مطمئنا ً راضيا ً ساكنا ً يعر ُ‬
‫ومنقلبه ‪ ،‬والثاني عاش ممّزق الرادةِ ‪ ،‬مبعثر الجهدِ ‪ ،‬لم‬
‫ه‪.‬‬‫ف مستقبل ُ‬ ‫يبرد ْ غليُله من مراِده ‪ ،‬ول يعر ْ‬
‫ل علٍج‬ ‫ة ‪ ،‬وأج ّ‬‫م دواٍء عرفْته البشري ُ‬ ‫عند المسلمين أعظ ُ‬
‫ن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬حتى قال‬ ‫ة ‪ .‬إنه اليما ُ‬‫اكتشفْته النساني ُ‬
‫ض الحكماِء ‪ :‬لن يسعد في الحياةِ كافٌر بالقضاءِ والقدرِ ‪.‬‬ ‫بع ُ‬
‫ت عليك هذا المعنى كثيرا ً ‪ ،‬وعرضُته لك في‬ ‫وقد أعد ُ‬
‫ف من نفسي ومن‬ ‫مد ‪ ،‬لنني أعر ُ‬ ‫أساليب شّتى ‪ ،‬وأنا على ع ْ‬
‫ط‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ فيما نحّبه ‪ ،‬وقد نتس ّ‬ ‫كثير مثلي أننا نؤم ُ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ط المل ّةِ وميثاقُ الوح ِ‬‫ه ‪ ،‬ولذلك كان شر ُ‬ ‫عليه فيما نكرهُ ُ‬
‫وه ومّره (( ‪.‬‬ ‫ره وشره ‪ ،‬حل ِ‬ ‫ر خي ِ‬‫)) أن تؤمن بالقد ِ‬
‫************************************‬
‫د قلَبه‬
‫ن بالله يه ِ‬
‫ومن يؤم ْ‬
‫ة لتظهر سعادة من رضي بالقضاءِ ‪،‬‬ ‫أسوقُ هنا قص ً‬
‫من القضاِء ‪:‬‬ ‫خط ِ‬ ‫نس ِ‬ ‫كم ْ‬ ‫در وش ّ‬ ‫وحيرة وتك ّ‬
‫ب‬‫ف كتا ِ‬ ‫مه » بودلي « مؤل ّ ُ‬ ‫ي لمعٌ ‪ ،‬اس ُ‬ ‫ب أمريك ٌ‬ ‫فهذا كات ٌ‬
‫» رياح على الصحراِء « ‪ ،‬و » الرسول ‪ « ‬وأربعة عشَر‬
‫كتابا ً أخرى ‪ ،‬وقد استوطن عام ‪ 1918‬م إفريقية الشمالية‬
‫حل البدوِ المسلمين ‪،‬‬ ‫الغربية ‪ ،‬حيث عاش مع قوم ٍ من الّر ّ‬
‫ده‬ ‫ض مشاه ِ‬ ‫ل عن بع ِ‬‫يصّلون ويصومون ويذكرون الله ‪ .‬يقو ُ‬
‫ة عاتية ‪ ،‬حملت رمال‬ ‫ت ذات يوم ٍ عاصف ٌ‬ ‫وهو معهم ‪ :‬هب ّ ْ‬
‫ت بها‬ ‫ت بها البحر البيض المتوسط ‪ ،‬ورم ْ‬ ‫الصحراِء وعبر ْ‬
‫وادي الرون في فرنسا ‪ ،‬وكانت العاصفة حارةً شديدةً‬
‫ه‬
‫ن شْعر رأسي يتزعزعُ من منابت ِ ِ‬ ‫ت كأ ّ‬ ‫الحرارةِ ‪ ،‬حتى أحسس ُ‬
‫ظ كأنني مدفوعٌ‬ ‫ط الغي ِ‬ ‫ت من فر ِ‬ ‫ط وطأةِ الحّر ‪ ،‬فأحسس ُ‬ ‫لفر ِ‬
‫ن العرب لم يشكوا إطلقا ً ‪ ،‬فقد هّزوا‬ ‫إلى الجنون ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ب ‪ .‬واندفعوا إلى العمل‬ ‫أكتافهم وقالوا ‪ :‬قضاٌء مكتو ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪334‬‬
‫خ ‪ :‬لم نفقد ِ الشيء‬ ‫س القبيلةِ الشي ُ‬ ‫ط ‪ ،‬وقال رئي ُ‬ ‫بنشا ٍ‬
‫ل شيٍء ‪ ،‬ولكن الحمد ُ‬ ‫الكثير ‪ ،‬فقد كنا خليقين بأن نفقد ك ّ‬
‫من ماشِيتنا ‪،‬‬ ‫للهِ وشكرا ً ‪ ،‬فإن لدنيا نحو أربعين في المائة ِ‬
‫عتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد ‪.‬‬ ‫وفي استطا ِ‬
‫ة‬
‫ة أخرى ‪ ..‬فقد ْ كنا نقطعُ الصحراء بالسيار ِ‬ ‫مة حادث ٌ‬ ‫وث ّ‬
‫يوما ً فانفجر أحد ُ الطارات ‪ ،‬وكان الشائقُ قد نسي‬
‫ق‬
‫ب ‪ ،‬وانتابني القل ُ‬ ‫ي ‪ ،‬وتولني الغض ُ‬ ‫استحضار إطار احتياط ّ‬
‫ب ‪ :‬ماذا عسى أن نفعل ؟‬ ‫ت صحبي من العرا ِ‬ ‫م ‪ ،‬وسأل ُ‬ ‫واله ّ‬
‫ب لن ُيجدي فتيل ً ‪ ،‬بل هو‬ ‫كروني بأن الندفاع إلى الغض ِ‬ ‫فذ ّ‬
‫ن ثم‬ ‫ق ‪ ،‬وم ْ‬‫م ِ‬‫ح ْ‬‫ش وال ُ‬ ‫خليقٌ أن يدفع النسان إلى الطي ِ‬
‫ت بنا السيارة وهي تجري على ثلثة إطارات ليس إل ‪،‬‬ ‫درج ْ‬
‫ت عن السير ‪ ،‬وعلمت أن البنزين قد‬ ‫لكنها ما لبثت أن كّف ْ‬
‫ب ‪ ،‬ول‬ ‫ن رفاقي العرا ِ‬ ‫نَفد َ ‪ ،‬وهناك أيضا ً لم تثْر ثائرة أحدٍ م ْ‬
‫وا يذرعون الطريق سيرا ً على‬ ‫فارقُهم هدوؤهم ‪ ،‬بل مض ْ‬
‫القدام ِ ‪ ،‬وهم يترّنمون بالغناِء !‬
‫ة التي قضيُتها في الصحراِء‬ ‫م السبع ُ‬ ‫قد أقنعتني العوا ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫ن الملتاثين ‪ ،‬ومرضى النفو ِ‬ ‫ل‪،‬أ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ب الر ّ‬ ‫بين العرا ِ‬
‫ل بهم أمريكا وأوربة ‪ ،‬ما هم إل‬ ‫والسكيرين ‪ ،‬الذين تحف ُ‬
‫ضحايا المدينةِ التي تتخذ ُ السرعة أساسا ً لها ‪.‬‬
‫ش في‬ ‫ط ‪ ،‬وأنا أعي ُ‬ ‫ن شيئا ً من القلق ق ّ‬ ‫إنني لم أعا ِ‬
‫ت السكينة والقناعة‬ ‫الصحراِء ‪ ،‬بل هنالك في جنةِ اللهِ ‪ ،‬وجد ُ‬
‫س يهزؤون بالجبريةِ التي يؤمن بها‬ ‫والرضا ‪ ،‬وكثيرون من النا ِ‬
‫ب ‪ ،‬ويسخرون من امتثال ِِهم للقضاِء والقدرِ ‪.‬‬ ‫العرا ُ‬
‫ل العراب أصاُبوا كِبد الحقيقة ‪،‬‬ ‫ن يدري ؟ فلع ّ‬ ‫ولكن م ْ‬
‫ض حياتي ‪ ،‬أرى‬ ‫فإني إذ أعود ُ بذاكرتي إلى الوراِء ‪ ..‬وأستعر ُ‬
‫ت متباعدةٍ تبعا ً لحوادث تطرأ‬ ‫ل في فترا ٍ‬ ‫جليا ً أنها كانت تتشك ّ ُ‬
‫ن أو مما أستطيعُ له دفعا ً ‪،‬‬ ‫حسبا ِ‬ ‫ط في ال ُ‬ ‫نق ّ‬ ‫عليها ‪ ،‬ولم تك ْ‬
‫در‬ ‫ب يطلقون على هذا اللون من الحوادث اسم ‪ » :‬ق َ‬ ‫والعر ُ‬
‫مه أنت ما شئت ‪.‬‬ ‫سمة« أو » قضاُء اللهِ « ‪ ،‬وس ّ‬ ‫« أو » قِ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪335‬‬
‫ة عشر عاما ً على‬ ‫ل ‪ :‬إنني بعد انقضاِء سبع َ‬ ‫ة القو ِ‬‫وخلص ُ‬
‫ب حيال قضاِء‬ ‫ت أتخذ موقف العر ِ‬ ‫مغادرتي الصحراء ‪ ،‬ما زل ُ‬
‫ل الحوادث التي ل حيلة لي فيها بالهدوء والمتثال‬ ‫اللهِ ‪ ،‬فأقاب ُ‬
‫والسكينة ‪ ،‬ولقد أفلحت هذه الطباعُ التي اكتسبُتها من‬
‫ت‬ ‫ح آلف المس ّ‬
‫كنا ِ‬ ‫العرب في تهدِئة أعصابي أكثر مما تفل ُ‬
‫والعقاقيرِ ! ‪...‬اهـ ‪.‬‬
‫ل ‪ :‬إن أعراب الصحراِء تلّقُنوا هذا الحقّ من مشكاةِ‬ ‫أقو ُ‬
‫س من‬ ‫محمدٍ ‪ ‬وإن خلصة رسالةِ المعصوم ِ هي إنقاذ النا ِ‬
‫ب‬ ‫ض الترا ِ‬ ‫ت إلى النورِ ‪ ،‬ونْف ِ‬ ‫جهم من الظلما ِ‬ ‫الّتيهِ ‪ ،‬وإخرا ِ‬
‫ن الوثيقة التي‬ ‫ل عنهم ‪ .‬إ ّ‬ ‫سهم ‪ ،‬ووضِع الصارِ والغل ِ‬ ‫عن رؤو ِ‬
‫ن ‪ ،‬وبها‬ ‫ل الُهدى ‪ ‬فيها أسراُر الهدوِء والم ِ‬ ‫ب ُِعث بها رسو ُ‬
‫ف بالقضاء وعمل‬ ‫م النجاةِ من الخفاق ‪ ،‬فهي اعترا ٌ‬ ‫معال ُ‬
‫بالدليل ‪ ،‬ووصول إلى غاية ‪ ،‬وسعي إلى نجاة ‪ ،‬وكدح‬
‫بنتيجة ‪ .‬إن الرسالة الربانية جاءت لتحدد لك موقعك في‬
‫الكون المأنوس ‪ ،‬ليسكن خاطرك ‪ ،‬ويطمئن قلبك ‪ ،‬ويزول‬
‫مل خلقك ‪ ،‬لتكون العبد المثالي‬ ‫همك ‪ ،‬ويزكو عملك ‪ ،‬ويج ُ‬
‫الذي عرف سّر وجوده ‪ ،‬وأدرك القصد من نشأته ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫سط‬
‫و َ‬
‫المنهج َ‬
‫سطا ً﴾ ‪.‬‬ ‫ك جعل َْناك ُ ُ‬
‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬
‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫وك َذَل ِ َ َ َ‬‫﴿ َ‬
‫جَفاَء ‪ ،‬ول إفراط ول‬ ‫ط ‪ ،‬فل غُل ُوّ ول َ‬ ‫س ِ‬‫السعادة في الوَ َ‬
‫ي حميد ٌ يمنعُ العبد من‬ ‫ج رّبان ّ‬‫مْنه ٌ‬‫تفريط ‪ ،‬وإن الوسطّية ِ‬
‫ن‬
‫ص السلم ِ أنه دي ُ‬ ‫ف إلى أحد ِ الطرفْين ‪ .‬إن من خصائ ِ‬ ‫حي ْ ِ‬
‫ال َ‬
‫ط بين اليهوديةِ والنصرانيةِ ‪ :‬اليهوديةِ التي‬ ‫ط ‪ ،‬فهو وس ٌ‬ ‫وس ٍ‬
‫ت في‬ ‫ل ‪ ،‬والنصرانيةِ التي غال ْ‬ ‫م ِ‬‫ت العَ َ‬‫ت الِعلم ِ وألغ ِ‬‫حمل ِ‬
‫ل‪،‬‬‫م ِ‬ ‫م بالعِل ْم ِ والعَ َ‬‫ت الدليل ‪ ،‬فجاء السل ُ‬ ‫العبادةِ وا ّ‬
‫طرح ِ‬
‫ل‪.‬‬‫ل والنق ِ‬ ‫سد ِ ‪ ،‬والعق ِ‬ ‫ج َ‬
‫والروِح وال َ‬
‫ة في‬ ‫دك في حياِتك الوسطية ‪ ،‬الوسطي ُ‬ ‫ما يسع ُ‬ ‫وإن م ّ‬
‫ل فتنهك جسمك وتقضي على نشاطك‬ ‫عبادِتك ‪ :‬فل تغْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪336‬‬
‫ومداومِتك‪ ،‬ول تجف فتطرح النوافل وتخدش الفرائض‬
‫ك‬ ‫ف أموالك وتهل ْ‬ ‫ك ‪ :‬فل تتل ْ‬ ‫ق ‪ .‬وفي إنفاق ِ‬ ‫وتركن إلى التسوي ِ‬
‫ل‬‫ك عطاءك وتبخ ْ‬ ‫مِلقا ً ‪ ،‬ول تمس ْ‬ ‫م ْ‬‫دخلك فتبقى حسيرا ً ُ‬
‫قك ‪ :‬بين‬ ‫ط في خل ِ‬ ‫بنوالك ‪ ،‬فتبقى ملوما ً محروما ً ‪ .‬ووس ٌ‬
‫ح‬ ‫ّ‬
‫س الكال ِ‬ ‫ن المتداعي ‪ ،‬بين العبو ِ‬ ‫ط واللي ِ‬ ‫الجد ّ المفر ِ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬بين العزلةِ الموحشةِ والخلطةِ الزائد ِ‬ ‫ك المتهاف ِ‬ ‫والضح ِ‬
‫على الحد ّ ‪.‬‬
‫ل في أخذِ المورِ ‪ ،‬والحكم ِ على الشياِء‬ ‫ج العتدا ِ‬ ‫منه ُ‬‫إّنه ِ‬
‫ل الِقيم ِ ‪ ،‬ول نْقص‬ ‫‪ ،‬ومعاملةِ الخرين ‪ ،‬فل زيادة يطفو بها كي ْ ُ‬
‫ف ‪ ،‬والنقص‬ ‫سر ٌ‬ ‫فو َ‬ ‫ل الخْير ‪ ،‬لن الزيادة تر ٌ‬ ‫ل به أص ُ‬ ‫يضمح ّ‬
‫فوا ْ‬ ‫خت َل َ ُ‬
‫ما ا ْ‬ ‫مُنوا ْ ل ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫دى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬‫ف َ‬‫جفاٌء و‘حفاٌء ‪َ ﴿ :‬‬
‫شاءُ إ َِلى‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫والل ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫ق ب ِإ ِذْن ِ ِ‬‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬‫ه ِ‬‫في ِ‬‫ِ‬
‫قيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن الحسنة بين السّيئتين ‪ :‬سيئة الفراط وسيئة‬ ‫إ ّ‬
‫التفريط ‪ ،‬وإن الخْير بين الشّرين ‪ :‬شّر الغُل ُوّ وشّر‬
‫ل‬ ‫ل الزيادةِ وباط ِ‬ ‫ن ‪ :‬باط ِ‬ ‫المجافاةِ ‪ ،‬وإن الحقّ بين الباطلي ِ‬
‫ص ‪ ،‬وإن السعادة بين الشقاءين ‪ :‬شقاِء التهورِ وشقاِء‬ ‫النق ِ‬
‫ص‪.‬‬ ‫النكو ِ‬
‫*************************************‬
‫ل هذا ول هذا‬
‫سي ْرِ الحقحقة ‪ .‬وهو‬ ‫ن عبدالله ‪ :‬أشّر ال ّ‬ ‫ل مطّرف ب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫الذي يجتهد في السيرِ حتى يضّر بنفسهِ ودابِته ‪ .‬وفي‬
‫ف‬
‫س ُ‬‫ة (( ‪ .‬وهو الذي يتع ّ‬ ‫حط َ َ‬
‫م ُ‬ ‫ث ‪ )) :‬شّر الّرعاء ال ُ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ه شأنه ‪ .‬إن الكرم بين‬ ‫في وليِته لهِله أو من وله الل ُ‬
‫ن والتهورِ ‪ ،‬وإن‬ ‫ل ‪ ،‬وإن الشجاعة بين الجب ِ‬ ‫ف والبخ ِ‬‫السرا ِ‬
‫الحلم بين الحد ّةِ والتبّلد ‪ ،‬وإن البسمة بين العبوس والضحك‬
‫ف‬‫‪ ،‬وإن الصبر بين القسوة والجزِع ‪ ،‬وللغلوّ دواٌء هو التخفي ُ‬
‫من هذا الغلوّ ‪ ،‬وإطفاُء شيٍء من هذا اللهيب المحرق‬
‫ة من‬ ‫مة ‪ ،‬وبارق ُ‬
‫ة هِ ّ‬
‫ط عزم ٍ ‪ ،‬وومض ُ‬ ‫وللجفاِء دواء هو سوْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪337‬‬
‫ط‬ ‫صَرا َ‬ ‫م}‪ِ {6‬‬ ‫قي َ‬
‫مست َ ِ‬ ‫ط ال ُ‬‫صَرا َ‬ ‫دَنــــا ال ّ‬
‫رجاٍء ‪ ﴿ ،‬اه ِ‬
‫ول َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫لي‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ضو‬‫ُ‬ ‫مغ‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫غي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫لي‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫عم‬ ‫ال ّذين َ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫ال ّ‬
‫*******************************‬

‫ة‬
‫وقفـــــ ٌ‬
‫ب من الصبرِ ‪ ،‬إما عن‬ ‫» ليس في الوجود شيٌء أصع ُ‬
‫ت‪ .‬وخصوصا ً إذا امتد ّ الزمان ‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬أو على المكروها ِ‬ ‫المحبو ِ‬
‫ع‬
‫ج إلى زاد ٍ ُيقط ُ‬ ‫س من الفرِج ‪ .‬وتلك المدة ُ تحتا ُ‬ ‫أو وقع اليأ ُ‬
‫س‪:‬‬ ‫به سفُرها ‪ ،‬والزاد يتنوعُ من أجنا ٍ‬
‫ن أن يكون أكثر ‪.‬‬ ‫ح مقدارِ البلِء ‪ ،‬وقد يمك ُ‬ ‫م ُ‬‫فمنه ‪ :‬تل ّ‬
‫م منها ‪ ،‬مثل أن ُيبتلى‬ ‫ل فوقها أعظ ُ‬ ‫ومنه ‪ :‬أنه في حا ِ‬
‫بفْقد ِ ولدٍ وعنده أعّز منه ‪.‬‬
‫ض في الدنيا ‪.‬‬ ‫ومن ذلك ‪ :‬رجاء الِعو ِ‬
‫مح الجرِ في الخرةِ ‪ .‬ومنه ‪ :‬التلذ ّذ ُ بتصوي ِ‬
‫ر‬ ‫ومنه ‪ :‬تل ّ‬
‫ق فيما يمدحون عليه ‪ ،‬والجُر من‬ ‫ْ‬
‫المدِح والثناِء من الخل ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الحقّ عّز وج ّ‬
‫ه‪.‬‬‫حب ُ‬‫ح صا ِ‬ ‫ومن ذلك ‪ :‬أن الجزع ل يفيد ُ ‪ ،‬بل يفض ُ‬
‫ل والفكُر ‪،‬‬ ‫حها العق ُ‬ ‫إلى غي ْرِ ذلك من الشياء التي يقد ُ‬
‫ة سواها ‪ ،‬فينبغي للصابرِ أن‬ ‫ق الصبرِ نفق ٌ‬ ‫فليس في طري ِ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ت ابتلئ ِ ِ‬
‫يشغل بها نفسه ‪ ،‬ويقطع بها ساعا ِ‬
‫*********************************************‬
‫م الولياءُ‬
‫ه ُ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫ق‪،‬‬‫ن بالشوا ِ‬ ‫من صفات الولياء ‪ :‬انتظاُر الذا ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ف الوّ ِ‬ ‫ت على تكبيرةِ الحرام ِ ‪ ،‬والوَل َ ُ‬
‫ه بالص ّ‬ ‫والّتهافُ ُ‬
‫ة الصدرِ ‪ ،‬وظهوُر‬ ‫س في الروضةِ ‪ ،‬وسلم ُ‬ ‫ومداومةِ الجلو ِ‬
‫ك ما ل‬ ‫ل ‪ ،‬وتر ُ‬
‫ذكرِ ‪ ،‬وأكل الحل ِ‬ ‫سن ّةِ ‪ ،‬وكثرةُ ال ّ‬
‫مراسيم ِ ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪338‬‬
‫ة‬‫ة ‪ ،‬وطلق ُ‬ ‫ي كتابا ً وسن ً‬ ‫م المح ِ‬ ‫ف ‪ ،‬وتعل ّ ُ‬
‫يعني ‪ ،‬والرضا بالكفا ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ك الخل ِ‬ ‫جعُ لمصائب المسلمين ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫حّيا ‪ ،‬والتو ّ‬
‫م َ‬‫ال ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ل المعرو ِ‬ ‫والصبُر للشدائد ِ ‪ ،‬وبذ ْ ُ‬
‫ن ‪ ،‬فل غنى مطغيا ً‬ ‫ل ما يكو ُ‬‫ط في المعيشةِ أفض ُ‬ ‫التوس ُ‬
‫ول فقرا ً منسيا ً ‪ ،‬وإنما ما كفى وشفى ‪ ،‬وقضى الغرض ‪،‬‬
‫ش عائدةً ‪،‬‬ ‫ل العي ِ‬ ‫وأتى بالمقصودِ في المعيشةِ ‪ ،‬فهو أج ّ‬
‫ت فائدة ً ‪.‬‬‫ن القو ِ‬ ‫وأحس ُ‬
‫ب‬ ‫ة تأوي إليها ‪ ،‬ومرك ٌ‬ ‫ه ‪ ،‬وزوج ٌ‬ ‫ت تس ُ‬
‫كن ُ‬ ‫ة ‪ :‬بي ٌ‬
‫والكفاي ُ‬
‫ل لسد ّ الحاجةِ وقضاِء اللزم ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وما يكفي من الما ِ‬ ‫س ٌ‬‫ح َ‬‫َ‬
‫********************************‬
‫ه‬
‫ف بعباِد ِ‬
‫ه لطي ٌ‬
‫الل ُ‬
‫ض أنه في عام ‪1376‬‬ ‫ن مدينةِ الريا ِ‬ ‫أخبرني أحد ُ أعيا ِ‬
‫ل إلى البحرِ ‪،‬‬ ‫ل الجبي ِ‬‫ة من البحارةِ من أه ِ‬ ‫هـ ‪ ،‬ذهب مجموع ٌ‬
‫ن لم‬ ‫ك ‪ ،‬ومكثوا ثلثة أيام بلياليه ّ‬ ‫يريدون اصطياد السم ِ‬
‫ت‬‫يحصُلوا على سمكةٍ واحدةٍ ‪ ،‬وكانوا يصلون الصلوا ِ‬
‫ة أخرى ل تسجد ُ للهِ سجدة ً ‪ ،‬ول‬ ‫الخمس ‪ ،‬وبجانبهم مجموع ٌ‬
‫تصّلي صلةً ‪ ،‬وإذا هم يصيدون ‪ ،‬ويحصلون على طلِبهم من‬
‫ض هؤلِء المجموعةِ ‪ :‬سبحان اللهِ ! نحن‬ ‫هذا البحرِ ‪ ،‬فقال بع ُ‬
‫ل صلةٍ ‪ ،‬وما حصْلنا على شيٍء من‬ ‫نصلي للهِ عّز وج ّ‬
‫دهم !!‬ ‫الصيدِ ‪ ،‬وهؤلء ل يسجدون للهِ سجدةً وها هو صي ُ‬
‫كوا صلة الفجرِ ‪،‬‬ ‫ك الصلةِ ‪ ،‬فتر ُ‬ ‫ن بتر ِ‬ ‫فوسوس لهم الشيطا ُ‬
‫وا‬ ‫ثم صلة الظهرِ ‪ ،‬ثم صلة العصرِ ‪ ،‬وبعد صلةِ العصرِ أت ْ‬
‫دا‬ ‫جوها وبقُروا بطنها ‪ ،‬فوج ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فأخر ُ‬ ‫إلى البحرِ فصاُدوا سمك ً‬
‫ده ‪ ،‬وقّلبها ونظر إليها ‪،‬‬ ‫دهم بي ِ‬‫ة ‪ ،‬فأخذها أح ُ‬ ‫فيها لؤلؤة ً ثمين ً‬
‫طعنا الله ما حصلنا عليها ‪ ،‬ولما‬ ‫وقال ‪ :‬سبحان اللهِ ! لما أ ْ‬
‫عيناه حصْلنا عليها !! إن هذا الرزق فيه نظٌر ‪ .‬ثم أخذ‬
‫ه ‪ ،‬واللهِ ل‬ ‫ضنا الل ُ‬
‫اللؤلؤة ورمى بها في البحرِ ‪ ،‬وقال ‪ :‬يعو ُ‬
‫كنا الصلة ‪ ،‬هيا ارتحُلوا بنا‬ ‫ت لنا بعد أن تر ْ‬ ‫ذها وقد حصل ْ‬ ‫آخ ُ‬
‫ب‬ ‫من هذا المكان الذي عصينا الله فيه ‪ ،‬فارتحُلوا ما يقار ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪339‬‬
‫ل ‪ ،‬ونزُلوا هناك في خيمِتهم ‪ ،‬ثم اقترُبوا من البح ِ‬
‫ر‬ ‫ثلثة أميا ٍ‬
‫ثانية ‪ ،‬فصاُدوا سمكة الكنعد ‪ ،‬فبقروا بطنها فوجدوا اللؤلؤة‬
‫في بطن تلك السمكةِ ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬الحمد ُ للهِ الذي رزقنا رزقا ً‬
‫ِ‬
‫ن بدؤوا يصلون ويذكرون الله ويستغفرونه ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫طيبا ً ‪ .‬بعد أ ْ‬
‫فأخذوا اللؤلؤة ‪ .‬اهـ ‪.‬‬
‫ن ذي قبل ‪ ،‬في وقت معصيةٍ ‪ ،‬وكان‬ ‫فانظْر كيف كان م ْ‬
‫ت طاعةٍ ‪ ،‬وأصبح‬ ‫رزقا ً خبيثا ً ‪ ،‬وانظر كيف أصبح الن في وق ِ‬
‫رزقا ً طيبا ً ‪ ﴿ .‬ول َو أ َ‬
‫ه‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫تا‬‫َ‬ ‫آ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ ْ‬
‫ه‬ ‫سول ُ‬‫ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫ؤِتيَنا الل ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫سب َُنا الل ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫غُبو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫إ ِّنا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه خيرا ً‬ ‫وضه الل ُ‬ ‫ف اللهِ ‪ ،‬ومن ترك شيئا ً للهِ ع ّ‬ ‫إنه لط ٌ‬
‫منه ‪.‬‬
‫ي – رضي الله عنه ‪ ، -‬وقد دخل‬ ‫كرني هذا بقصةٍ لعل ّ‬ ‫يذ ّ‬
‫مسجد الكوفةِ ليصلي ركعتي الضحى ‪ ،‬فوجد غلما ً عند‬
‫س بغلتي حتى أصلي ‪ .‬ودخل‬ ‫م ‪ ،‬احب ْ‬ ‫ب ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا غل ُ‬ ‫البا ِ‬
‫ي المسجد ‪ ،‬يريد ُ أن يعطي هذا الغلم درهما ً ‪ ،‬جزاء‬ ‫عل ّ‬
‫ي المسجد ‪ ،‬أتى الغلم إلى‬ ‫حْبسه للبغلةِ ‪ ،‬فلما دخل عل ّ‬
‫ق‬ ‫سها وذهب به إلى السو ِ‬ ‫ن رأ ِ‬ ‫خطام ِ البغلةِ ‪ ،‬فاقتلعه م ْ‬
‫ي فما وجد الغلم ‪ ،‬ووجد البغلة بل خطام ٍ ‪،‬‬ ‫ليبيعه ‪ ،‬وخرج عل ّ‬
‫ق ‪ ،‬لعّله يبي ُ‬
‫ع‬ ‫ب إلى السو ِ‬ ‫فأرسل رجل ً في أثرِهِ ‪ ،‬وقال ‪ :‬اذه ْ‬
‫ج على‬ ‫ل ‪ ،‬فوجد هذا الغلم يحّر ُ‬ ‫الخطام هناك ‪ .‬وذهب الرج ً‬
‫الخطام ِ ‪ ،‬فشراه بدرهم ٍ ‪ ،‬وعاد يخبُر عليا ً ‪ ،‬قال سبحان‬
‫ن‬ ‫ه درهما ً حلل ً ‪ ،‬فأبى إل أ ْ‬ ‫ت أن أعطي َ‬ ‫الله ! واللهِ لقد ْ نوي ُ‬
‫يكون حراما ً ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬يلحقُ عباده أينما ساُروا وأينما‬ ‫ف الله عّز وج ّ‬ ‫إنه لط ُ‬
‫ْ‬
‫ه‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ما ت َت ُْلو ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫شأ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫حّلوا وأينما ارتحُلوا ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل إ ِل ّ ك ُّنا َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫من‬ ‫ك ِ‬ ‫عن ّرب ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫عُز ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫في ُ‬ ‫هودا ً إ ِذْ ت ُ ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ُ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫ول َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫مث ْ َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ّ‬
‫********************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪340‬‬
‫ب﴾‬
‫س ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫وي َْرُز ْ‬
‫ق ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة « ما‬ ‫شد ّ ِ‬‫ج بعد ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ي في كتابهِ »الَفَر‬ ‫وقد ذ َك ََر التنوخ ّ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫ل ‪ ،‬وأغلق ْ‬ ‫حي ُ‬ ‫ت عليه ال ِ‬ ‫ب هذا المقام ‪ :‬أن رجل ً ضاق ْ‬ ‫يناس ُ‬
‫ب المعيشةِ ‪ ،‬وأصبح ذات يوم ٍ هو وأهُله ل شيء‬ ‫عليه أبوا ُ‬
‫وعى وفي‬ ‫في بيتهم ‪ ،‬قال ‪ :‬فبقيت أنا وأهلي اليوم الول ج ْ‬
‫ب ‪ ،‬قالت لي زوجتي ‪:‬‬ ‫س للمغي ِ‬ ‫ت الشم ُ‬ ‫الثاني ‪ ،‬فلما دن ِ‬
‫س لنا رزقا ً أو طعاما ً أو أكل ً ‪ ،‬فقد‬ ‫ب وانطلقْ والتم ْ‬ ‫اذه ْ‬
‫ت امرأةً قريبة لي ‪،‬‬ ‫كر ُ‬ ‫ت ‪ .‬قال ‪ :‬فتذ ّ‬ ‫أشرْفنا على المو ِ‬
‫ه‬
‫خب ََر ‪ ،‬قالت ‪ :‬ما في بيِتنا إل هذ ِ‬ ‫ت إليها وأخبرُتها ال َ‬ ‫فذهب ُ‬
‫ي بها ‪ ،‬فإنا قد أشرْفنا على‬ ‫ت ‪ :‬عل ّ‬ ‫ت ‪ .‬قل ُ‬ ‫ة وقد أنتن ْ‬ ‫السمك ُ‬
‫ت منها لؤلؤةً‬ ‫ت بطنها ‪ ،‬فأخرج ُ‬ ‫ت بها وبقر ُ‬ ‫ك ‪ .‬وذهب ُ‬ ‫الهل ِ‬
‫ت ‪ :‬ل آخذ ُ معكم‬ ‫ت قريبتي ‪ ،‬قال ْ‬ ‫ف الدنانيرِ ‪ ،‬وأخبر ُ‬ ‫بعُتها بآل ِ‬
‫ت من ذلك بيتي ‪،‬‬ ‫ت فيما بعد ُ ‪ ،‬وأّثث ُ‬ ‫إل قسمي ‪ .‬قال ‪ :‬فاغتني ُ‬
‫ه‬
‫ف الل ِ‬ ‫ت في رزقي ‪ .‬فهو لط ُ‬ ‫سع ُ‬ ‫ت حالي ‪ ،‬وتو ّ‬ ‫وأصلح ُ‬
‫سبحانه وتعالى ليس غيَره ُ ‪.‬‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬‫﴿ إ ِذْ ت َ ْ‬
‫******************************************‬
‫ث﴾‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫﴿ َ‬
‫دثنا أحد ُ الفضلِء من العُّباد ِ ‪ :‬أنه كان بأهِله في‬ ‫ح ّ‬
‫الصحراِء ‪ ،‬في جهةِ الباديةِ ‪ ،‬وكان عابدا ً قانتا ً منيبا ً ذاكرا ً‬
‫س‬‫ت ألتم ُ‬ ‫ت المياه ُ المجاورة ُ لنا ‪ ،‬وذهب ُ‬ ‫للهِ ‪ .‬قال ‪ :‬فانقطع ْ‬
‫ت إليهم ‪ ،‬ثم‬ ‫ف ‪ ،‬فُعد ُ‬ ‫ت أن الغدير قد ج ّ‬ ‫ماًء لهلي ‪ ،‬فوجد ُ‬
‫سَرةً ‪ ،‬قلم نجد ْ ولو قطرة ً ‪ ،‬وأدركنا‬ ‫ة وي ْ‬ ‫من ً‬ ‫سنا الماء ي ْ‬ ‫التم ْ‬
‫ب العزةِ –‬ ‫ُ‬
‫تر ّ‬ ‫الظمأ ‪ ،‬واحتاج أطفالي للماء ‪ ،‬فتذكر ُ‬
‫ت‬ ‫ت ‪ ،‬واستقبل ُ‬ ‫مم ُ‬ ‫ت فتي ّ‬
‫سبحانه‪ -‬القريب المجيب ‪ ،‬فقم ُ‬
‫ت‬ ‫ت ‪ ،‬وسال ْ‬ ‫ت يديّ وبكي ُ‬ ‫ت ركعتين ‪ ،‬ثم رفع ُ‬ ‫القبلة وصّلي ُ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫ت قوله ‪ ﴿ :‬أ ّ‬ ‫ت الله بإلحاٍح ‪ ،‬وتذكر ُ‬ ‫دموعي ‪ ،‬وسأل ُ‬
‫ه‪ ﴾.....‬الية ‪ ،‬وواللهِ ما هو إل أن‬ ‫عا ُ‬‫ذا دَ َ‬ ‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫م ْ‬‫ب ال ْ ُ‬
‫جي ُ‬‫يُ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪341‬‬
‫ت من مقامي ‪ ،‬وليس في السماء من سحاب ول غْيم ‪،‬‬ ‫قم ُ‬
‫ت مكاني ومنزلي في الصحراِء ‪،‬‬ ‫سط ْ‬ ‫وإذا بسحابة قد تو ّ‬
‫ن‬ ‫ت الغدرا ُ‬ ‫ت ماءها ‪ ،‬فامتل ِ‬ ‫ت على المكان ‪ ،‬ثم أنزل ْ‬ ‫واحتكم ْ‬
‫سلنا وتوضأنا‬ ‫من حوِلنا وعن يميننا وعن يساِرنا ‪ ،‬فشْربنا واغت ْ‬
‫ت قليل ً خْلف هذا‬ ‫دنا الله سبحانه وتعالى ‪ ،‬ثم ارتحل ُ‬ ‫‪ ،‬وحم ْ‬
‫ت أن الله ساقها لي‬ ‫ط ‪ ،‬فعلم ُ‬ ‫ب والقح ُ‬ ‫المكان ‪ ،‬وإذا الجد ْ ُ‬
‫ث‬ ‫غي ْ َ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ت الله عّز وج ّ‬ ‫بدعائي ‪ ،‬فحمد ُ‬
‫د‬
‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مت َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫شُر َر ْ‬ ‫وَين ُ‬ ‫طوا َ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬ ‫ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ح‬‫صل ِ ُ‬‫ح على اللهِ سبحانه وتعالى ‪ ،‬فإنه ل ي ُ ْ‬ ‫إنه لبد ّ أن نل ّ‬
‫ن‬ ‫ت ‪ ،‬ول يعي ُ‬ ‫النفس ‪ ،‬ول يرزقُ ول يهدي ‪ ،‬ول يوفّقُ ول يثب ّ ُ‬
‫ه ذك ََر أحد َ أنبيائه‬ ‫ث ‪ ،‬إل ّ هو سبحانه وتعالى ‪ .‬والل ُ‬ ‫ول يغي ُ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فقال ‪ ﴿ :‬وأ َ‬
‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫سا‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫نوا‬ ‫ُ‬ ‫كا‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ص‬
‫َ ْ‬
‫ن﴾‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا لَنا َ‬ ‫و َ‬ ‫هبا َ‬‫ً‬ ‫وَر َ‬ ‫غبا َ‬‫ً‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫‪.‬‬
‫************************************‬
‫ه خيرا ً من ُ‬
‫ه‬ ‫ه الل ُ‬
‫وض ُ‬
‫ع ّ‬
‫ن رجل ً من العُّباد ِ كان في مكة ‪،‬‬ ‫ن رجب وغيُره أ ّ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ت نفقُته ‪ ،‬وجاع جوعا ً شديدا ً ‪ ،‬وأشرف على الهل ِ‬ ‫وانقطع ْ‬
‫ل‬ ‫ن غا ٍ‬ ‫وبينما هو يدوُر في أحدِ أزقّةِ مكة إذ عثر على ِ‬
‫عْقدِ ثمي ٍ‬
‫ل ينشد ُ‬ ‫حَرم ِ وإذا برج ٍ‬ ‫مه وذهب إلى ال َ‬ ‫س ‪ ،‬فأخذه في ك ّ‬ ‫نفي ٍ‬
‫عن هذا العقد ‪ ،‬قال ‪ :‬فوصفه لي ‪ ،‬فما أخطأ من صفِته شيئا ً‬
‫ت له العِْقد على أن يعطيني شيئا ً ‪ .‬قال ‪ :‬فأخذ العقد‬ ‫‪ ،‬فدفع ُ‬
‫وذهب ‪ ،‬ل يلوي على شيء ‪ ،‬وما سّلمني درهما ً ول نقيرا ً ول‬
‫وضني خيرا ً‬ ‫ت هذا لك ‪ ،‬فع ّ‬ ‫م إني ترك ُ‬ ‫ت ‪ :‬الله ّ‬ ‫قطميرا ً ‪ .‬قل ُ‬
‫ح هوجاُء ‪،‬‬ ‫ت ري ٌ‬‫ب ‪ ،‬فهب ّ ْ‬ ‫منه ‪ ،‬ثم ركب جهة البحرِ فذهب بقار ٍ‬
‫ب ‪ ،‬وركب هذا الرجل على خشبةٍ ‪ ،‬وأصبح‬ ‫دع هذا القار ُ‬ ‫وتص ّ‬
‫سَرةً ‪ ،‬حتى ألقْته‬ ‫ة وي َ ْ‬‫من َ ً‬
‫ب به الريح ي ْ‬ ‫على سطِح الماِء تلع ُ‬
‫ل بها ‪ ،‬ووجد بها مسجدا ً وقوما ً يصّلون‬ ‫إلى جزيرةِ ‪ ،‬وَنز َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪342‬‬
‫ف فأخذ يقرأ ‪ ،‬قال أهل‬ ‫فصّلى ‪ ،‬ثم وجد أوراقا ً من المصح ِ‬
‫م‬ ‫م ‪ .‬قالوا ‪ :‬عل ّ ْ‬ ‫ت ‪ :‬نع ْ‬‫تلك الجزيرةِ ‪ :‬أئنك تقرأ القرآن ؟ قل ُ‬
‫ت خطا ً ‪ ،‬قالوا‬ ‫ت أعّلمهم بأجرةٍ ‪ ،‬ثم كتب ُ‬ ‫أبناءنا القرآن ‪ .‬فأخذ ُ‬
‫ت ‪ :‬نغم ‪ .‬فعّلمُتهم بأجرةٍ ‪.‬‬ ‫ط ؟ قل ُ‬ ‫‪ :‬أتعّلم أبناءنا الخ ّ‬
‫ل منا فيه خي ٌْر‬ ‫ة كانت لرج ٍ‬ ‫ثم قالوا ‪ :‬إن هنا بنتا ً يتيم ً‬
‫ت‪ :‬ل بأس‪ .‬قال‪:‬‬ ‫وُتوّفي عنها‪ ،‬هل لك أن تتزوجها؟ قل ُ‬
‫ت العْقد ذلك بعينهِ بعنِقها ‪.‬‬ ‫ت بها فوجد ُ‬ ‫فتزوجُتها ‪ ،‬ودخل ُ‬
‫ت أن أباها‬ ‫خب ََر ‪ ،‬وذكر ْ‬ ‫ت ال َ‬
‫ة هذا العقد ِ ؟ فأخبر ِ‬ ‫ت‪ :‬ما قص ُ‬‫قل ُ‬
‫ن‬‫ل فسّلمه إليه ‪ ،‬فكا َ‬ ‫أضاعه في مكة ذات يوم‪ ،‬فوجده رج ٌ‬
‫أبوها يدعو في سجوِده ‪ ،‬أن يرزق ابنته زوجا ً كذلك الرجل ‪.‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فأنا الرج ُ‬
‫وضه‬ ‫ل ‪ ،‬لنه ترك شيئا ً للهِ ‪ ،‬فع ّ‬ ‫فدخل عليه العِْقد ُ بالحل ِ‬
‫ل إل ّ طّيبا ً (( ‪.‬‬ ‫ب ل يقب ُ‬ ‫ن الله طي ٌ‬ ‫الله خيرا ً منه )) إ ّ‬
‫******************************************‬
‫ل الله‬
‫إذا سألت فاسأ ِ‬
‫ب ‪ ،‬وإن التقصير‬ ‫ب ‪ ،‬وإنه سميعٌ مجي ٌ‬ ‫ن لطف اللهِ قري ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ل نسأ ُ‬ ‫م ّ‬‫ح وندعوه ‪ ،‬ول ن َ َ‬ ‫سةٍ إلى أن نل ّ‬ ‫منا ‪ ،‬إننا بحاجةٍ ما ّ‬
‫ب لي ‪ .‬بل نمّرغُ‬ ‫ت فلم ُيستج ْ‬ ‫ت دعو ُ‬ ‫ل أحدنا ‪ :‬دعو ُ‬ ‫ول يقو ُ‬
‫ل‬ ‫ظ بـ )) يا ذا الجل ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ونل ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ونهت ُ‬ ‫وجوهنا في الترا ِ‬
‫ت‬ ‫والكرام ِ (( ‪ ،‬ونعيد ُ ونبدئُ تلك السماِء الحسنى والصفا ِ‬
‫ه سبحانه وتعالى طلبنا ‪ ، ،‬أو يختار لنا‬ ‫ب الل ُ‬‫الُعلى ‪ ،‬حتى يجي َ‬
‫ضّرعا ً‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬
‫خبرةً من عنده سبحانه وتعالى ﴿ ادْ ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫خ ْ‬
‫في َ ً‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ض رساِئله أن رجل ً مسلما ً ذهب‬ ‫ذكر أحد ُ الدعاةِ في بع ِ‬
‫هله إليها ‪ ،‬وطلب بأن تمنحه‬ ‫إلى إحدى الدول والتجأ بأ ِ‬
‫ل‬‫ب ‪ ،‬وحاول هذا الرجل ك ّ‬ ‫ت في وجههِ البوا ُ‬ ‫جنسية ‪ ،‬فأغلق ْ‬
‫ل معارِفه ‪،‬‬ ‫ض المَر على ك ّ‬ ‫المحاولةِ ‪ ،‬واستفرغ جهده ‪ ،‬وعر َ‬
‫ت السبل ‪ ،‬ثم لقي عالما ً وِرعا ً فشكا‬ ‫سد ّ ِ‬
‫ل‪،‬و ُ‬ ‫حي َ ُ‬
‫ت ال ِ‬
‫فبار ِ‬
‫ل ‪ ،‬ادع مولك‬ ‫إليه الحال ‪ ،‬قال ‪ :‬عليك بالثلث الخيرِ من اللي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪343‬‬
‫‪ ،‬فإنه الميسُر سبحانه وتعالى – وهذا معناه في الحديث ‪)) :‬‬
‫ن بالله‬‫ل الله ‪ ،‬وإذا استعنت فاستع ْ‬ ‫ت فاسأ ِ‬ ‫إذا سأل َ‬
‫م أن المة لو اجتمعوا على أن ينفعوك‬ ‫‪ ،‬واعل ْ‬
‫ه لك (( –‬ ‫ء قد كتبه الل ُ‬ ‫ء ‪ ،‬لم ينفعوك إل بشي ٍ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ت الذهاب إلى الناس ‪،‬‬ ‫قال هذا الرجل ‪ :‬فواللهِ لقد ترك ُ‬
‫م على الثلث الخير كما‬ ‫ت أداو ُ‬
‫وطلب الشفاعات ‪ ،‬وأخذ ُ‬
‫سحرِ وأدعوه ‪،‬‬ ‫ف للهِ في ال ّ‬ ‫ت أهت ُ‬ ‫أخبرني هذا العاِلم ‪ ،‬وكن ُ‬
‫ض عادي ولم أجعل‬ ‫ت بمعرو ٍ‬ ‫دم ُ‬ ‫فما هو إل بعد أيام ‪ ،‬وتق ّ‬
‫ب ‪ ،‬وما هو إل أيام‬ ‫بيني وبينهم واسطة ‪ ،‬فذهب هذا الخطا ُ‬
‫ُ‬
‫م الجنسية ‪ ،‬وكانت‬ ‫ت في بيتي ‪ ،‬وإذ أنا أدعى وأسل ّ ُ‬ ‫وفوجئ ْ ُ‬
‫ف صعبةٍ ‪.‬‬
‫في ظرو ٍ‬
‫********************************************‬
‫ه﴾‬
‫عَباِد ِ‬
‫ف بِ ِ‬ ‫ه لَ ِ‬
‫طي ٌ‬ ‫﴿ الل ّ ُ‬
‫ة‪:‬‬
‫ق الغالي ُ‬
‫الدقائ ُ‬
‫ماه –‬ ‫ي ‪ :‬أن أحد ُ الوزراءِ في بغداد – وقد س ّ‬ ‫ذكر التنوخ ّ‬
‫ل امرأةٍ عجوزٍ هناك ‪ ،‬فسلبها حقوقها‬ ‫اعتدى على أموا ِ‬
‫مه‬ ‫ت إليه تبكي وتشتكي من ظل ِ‬ ‫وصادر أملكها ‪ ،‬ذهب ْ‬
‫ن الله‬ ‫وجوِْزه ‪ ،‬فما ارتدع وما تاب وما أناب ‪ ،‬قالت ‪ :‬لدعو ّ‬
‫ث‬ ‫ك منها باستهزاٍء ‪ ،‬وقال ‪ :‬عليك بالثل ِ‬ ‫عليك ‪ ،‬فأخذ يضح ُ‬
‫سِقه يقول باستهزاٍء ‪،‬‬ ‫الخيرِ من الليل ‪ .‬وهذا لجبروِته وف ْ‬
‫ت قصيٌر‬ ‫ث الخير ‪ ،‬فما هو إل وق ٌ‬ ‫ت على الثل ِ‬ ‫ت وداوم ْ‬ ‫فذهب ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت أمواُله ‪ ،‬وأخذ عقاُره ‪ ،‬ثم أقيم‬ ‫سلب ْ‬ ‫زل هذا الوزيُر و ُ‬ ‫إذ ع ُ ِ‬
‫ت به‬ ‫س ‪ ،‬فمّر ْ‬ ‫ً‬
‫ق ُيجلد ُ تعزيرا له على أفعاِله بالنا ِ‬ ‫في السو ِ‬
‫ت! لقد وصفت لي الثلث الخير‬ ‫ت له ‪ :‬أحسن َ‬ ‫العجوُز ‪ ،‬فقال ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن ما يكو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فوجدُته أحس َ‬ ‫من اللي ِ‬
‫س في أوقاتنا ‪ ،‬يوم‬ ‫ن حياِتنا ‪ ،‬نفي ٌ‬ ‫لم ْ‬ ‫ن ذاك الثلث غا ٍ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬‫لم ْ‬ ‫ل فأعطيه ‪ ،‬ه ْ‬ ‫ن سائ ٍ‬ ‫لم ْ‬ ‫ب العزةِ ‪ )) :‬ه ْ‬ ‫لر ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ع فأجيبه (( ‪.‬‬ ‫ن دا ٍ‬ ‫لم ْ‬ ‫ر فأغفَر له ‪ ،‬ه ْ‬ ‫مستغف ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪344‬‬
‫ت‬ ‫ب ‪ .‬وسمع ُ‬ ‫ت في حياتي على أني شا ّ‬ ‫لقد عش ُ‬
‫ت ل أنساها أبد الدهرِ ‪ ،‬وما‬ ‫ت وأثر في حياتي حادثا ٌ‬ ‫سماعا ٍ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ج ‪ ،‬وعنده الغوْ ُ‬ ‫ب ‪ ،‬عنده الفر ُ‬ ‫ت أقرب من القري ِ‬ ‫وجد ُ‬
‫ف سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫وعنده اللط ُ‬
‫رة من أبها إلى‬ ‫س في طائ ٍ‬ ‫ت مع ن ََفرٍ من النا ِ‬ ‫ارتحل ُ‬
‫حنا في السماِء‬ ‫ض في أثناِء أزمةِ الخليِج ‪ ،‬فلما أصب ْ‬ ‫ُ الريا ِ‬
‫ل في‬ ‫ة إلى مطارٍ أبها لخل ٍ‬ ‫أخب ِْرنا أننا سوف نعود ُ مرة ً ثاني ً‬
‫عوا إصلحه ‪ ،‬ثم ارتحْلنا‬ ‫حوا ما استطا ُ‬ ‫دنا وأصل ُ‬ ‫رة ‪ ،‬وع ْ‬ ‫الطائ ِ‬
‫ن تنزل ‪،‬‬ ‫تأ ْ‬ ‫ت العجل ُ‬ ‫ض أب ْ‬ ‫مرةً أخرى ‪ ،‬فلما اقتربنا من الريا ِ‬
‫ل أكثر‬ ‫ة ‪ ،‬ويحاو ُ‬ ‫ة كامل ً‬ ‫ض ساع ً‬ ‫فأخذ يدوُر بنا على سماء الريا ِ‬
‫ل الهبوط فل‬ ‫ت يأتي المطار ويحاو ُ‬ ‫شرِ محاول ٍ‬ ‫نع ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل مرة ً أخرى ‪ ،‬وأصابنا الهلعُ ‪ ،‬وأصاب الكثير‬ ‫يستطيعُ ‪ ،‬فيرتح ُ‬
‫ل على‬ ‫ت الدموع تسي ُ‬ ‫النهياُر ‪ ،‬وكثُر بكاُء النساِء ‪ ،‬ورأي ُ‬
‫ض ننتظُر الموت أقرب‬ ‫حنا بين السماِء والر ِ‬ ‫الخدودِ ‪ ،‬وأصب ْ‬
‫ل‬‫ت كالعم ِ‬ ‫ل شيٍء فما وجد ُ‬ ‫تك ّ‬ ‫صرِ ‪ ،‬وتذكر ُ‬ ‫ن لمِح الب َ َ‬ ‫م ْ‬
‫ل وإلى الخرةِ ‪ ،‬فإذا‬ ‫ب إلى اللهِ عّز وج ّ‬ ‫الصالِح ‪ ،‬وارتحل القل ُ‬
‫ذنا نكّرر ‪)) :‬‬ ‫ص الدنيا ‪ ،‬وزهادة ُ الدنيا ‪ ،‬وأخ ْ‬ ‫ة الدنيا ‪ ،‬ورخ ُ‬ ‫تفاهَ ُ‬
‫ك وله‬ ‫ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬له المل ُ‬
‫ق ‪ ،‬وقام‬ ‫ف صاد ٍ‬ ‫ء قديٌر (( ‪ ،‬في هتا ٍ‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫الحمدُ وهو ك ّ‬
‫ن يدعوهُ‬ ‫ؤوا إلى اللهِ وأ ْ‬ ‫س أن يلج ُ‬ ‫ف بالنا ِ‬ ‫ن يهت ُ‬ ‫خ كبيٌر مس ّ‬ ‫شي ٌ‬
‫ن ينيُبوا له ‪.‬‬ ‫ن يستغفروه ُ وأ ْ‬ ‫‪ ،‬وأ ْ‬
‫في‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫س أنهم‪َ ﴿ :‬‬ ‫ُ‬
‫وقد ذكر اللهِ عن النا ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬
‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫حنا في‬ ‫ب المضطر إذا دعاه ‪ ،‬وألح ْ‬ ‫ونا الذي يجي ُ‬ ‫ودع ْ‬
‫ت ‪ ،‬ونعود ُ للمرةِ الحادية عشرة‬ ‫الدعاِء ‪ ،‬وما هو إل وق ٌ‬
‫جنا من‬ ‫ط بسلم ‪ ،‬فلما نزْلنا كأنا خر ْ‬ ‫والثانية عشرة ‪ ،‬فنهب ُ‬
‫ت الدموعُ ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وجف ِ‬ ‫س إلى ما كان ْ‬ ‫ت النفو ُ‬ ‫القبورِ ‪ ،‬وعاد ِ‬
‫ت ‪ ،‬فما أعظم لطف اللهِ سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫سما ُ‬ ‫ت الب َ َ‬‫وظهر ِ‬
‫ب الله في‬ ‫م نطل ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫ت بليانا‬ ‫ن تول ّ ْ‬ ‫فإ ْ‬
‫ل ِبنا‬ ‫ح ّ‬ ‫ضّر ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫سَيناهُ‬‫نَ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪345‬‬
‫ن‬
‫ندعوه في البحرِ أ ْ‬ ‫ن رجعنا إلى‬ ‫فإ ْ‬
‫ن‬ ‫سفينَتنا‬
‫نجي في‬‫ب ي ُ ْالجوّ‬ ‫عصيناله ُ ّ‬ ‫الشاطي‬
‫سق ْ‬
‫أم ٍ‬ ‫ونرك ُ‬ ‫ن‬ ‫طنا‬ ‫وما‬
‫وفي‪ ،‬د َع َةٍ‬
‫ليس إل ‪.‬‬ ‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬وعنايُته‬ ‫ه‬
‫الباري الل ُ‬
‫فالحافظ‬ ‫ه لط ُ‬
‫إن ُ‬
‫**************************************‬
‫ن ل ََنا وقت الضائق ِ‬
‫ة؟«‬ ‫م ْ‬
‫» َ‬
‫ت‬ ‫ة كان ْ‬ ‫ت جريدةُ » القصيم « ‪-‬وهي جريدةٌ قديم ٌ‬ ‫ذكر ْ‬
‫ت أن شاب ّا ً في دمشق حجَز ليسافَر ‪،‬‬ ‫در في البلد‪ -‬ذكر ْ‬ ‫تص ُ‬
‫ن موعد َ إقلِع الطائرةِ في الساعةِ كذا وكذا ‪،‬‬ ‫وأخبر والدته أ ّ‬
‫ت‬ ‫ب ‪ ،‬وسمع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬ونام هذا الشا ّ‬ ‫ن توقظه إذا دنا الوق ُ‬ ‫وعليها أ ْ‬
‫ن الرياح هوجاُء‬ ‫مه الحوال الجوية في أجهزةِ العلم ِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ت على‬ ‫ة ‪ ،‬فأشفق ْ‬ ‫ن هناك عواصف رملي ّ ً‬ ‫م ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن الجوّ غائ ٌ‬ ‫وأ ّ‬
‫ت بابنها ‪ ،‬فما أيقظْته أمل ً منها أن تفوته‬ ‫وحيدها وبخل ْ‬
‫ن الوضِع‬ ‫ن الجوّ ل يساعد ُ على السفرِ ‪ ،‬وخاْفت م ْ‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫الرحل ُ‬
‫ت‬ ‫ت ‪ ،‬وقد أقعل ِ‬ ‫ن الرحلة قد فات ْ‬ ‫ت من أ ّ‬ ‫كد ْ‬ ‫ئ ‪ ،‬فلما تأ ّ‬ ‫الطار ِ‬
‫ظه فوجدْته مّيتا ً في‬ ‫ت إلى ابِنها توق ُ‬ ‫كاِبها ‪ ،‬أت ْ‬ ‫الطائرة ُ بر ّ‬
‫شه ‪.‬‬ ‫فرا ِ‬
‫م‬ ‫قيك ُ ْ‬ ‫مَل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫فّرو َ‬
‫ذي ت َ ِ‬ ‫ت ال ّ ِ‬‫و َ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ما‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫في ُن َب ّئ ُ ُ‬‫ة َ‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬‫وال ّ‬‫ب َ‬‫غي ْ ِ‬‫عال ِم ِ ال ْ َ‬ ‫ن إ َِلى َ‬ ‫دو َ‬ ‫م ت َُر ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ت وََقع ‪.‬‬ ‫ت وفي المو ِ‬ ‫فّر من المو ِ‬
‫ق«‪.‬‬ ‫ة ‪ » :‬للناجي في البحر طري ٌ‬ ‫ت العام ُ‬ ‫وقد ْ قال ِ‬
‫ل النسان ‪.‬‬ ‫ل فأيّ شيء يقت ُ‬ ‫وإذا حضر الج ُ‬
‫*************************************‬
‫ت‬
‫ص المو ِ‬
‫ن قص ِ‬
‫م َ‬
‫خ علي الطنطاوي في سماعاِته ومشاهداِته ‪:‬‬ ‫ذكر الشي ُ‬
‫ل له سيارةُ لوري ‪ ،‬فركب معه‬ ‫ض الشام رج ٌ‬
‫أنه كان بأر ِ‬
‫ش مهّيأ‬
‫ل في ظهرِ السيارة ‪ ،‬وكان في ظهرِ السيارة َنع ٌ‬ ‫رج ٌ‬
‫ت‬‫ت الحاجةِ ‪ ،‬فأمطر ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وعلى هذا النعش شراعٌ لوق ِ‬ ‫للموا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪346‬‬
‫ب فدخل في النعش‬ ‫السماُء وسال الماُء فقام هذا الراك ُ‬
‫طى بالشراِع ‪ ،‬وركب آخُر فصِعد في ظهرِ الشاحنةِ‬ ‫وتغ ّ‬
‫ل‬ ‫ش أحدا ً ‪ ،‬واستمّر نزو ُ‬ ‫ن في النع ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ش ‪ ،‬ول يعل ُ‬ ‫ب النع ِ‬ ‫بجان ِ‬
‫ن أنه وحده في ظهر‬ ‫ب الثاني يظ ّ‬ ‫ل الراك ُ‬ ‫ث ‪ ،‬وهذا الرج ُ‬ ‫الغي ِ‬
‫ش ‪ ،‬ليرى ‪:‬‬ ‫ل يده من النع ِ‬ ‫السيارةِ ‪ ،‬وفجأة ً ْيخرج هذا الرج ُ‬
‫ح بها ‪ ،‬فأخذ‬ ‫ث أم ل ؟ ولما أخرج يده أخذ يلو ُ‬ ‫ف الغي ُ‬ ‫لك ّ‬ ‫ه ْ‬
‫ن أن هذا‬ ‫ف ‪ ،‬وظ ّ‬ ‫ي الهلعُ والجزعُ والخو ُ‬ ‫ب الثان ِ‬ ‫هذا الراك ُ‬
‫الميت قد عاد حي ّا ً ‪ ،‬فنسي نفسه وسقط من السيارةِ ‪ ،‬فوقع‬
‫م رأسهِ فمات ‪.‬‬ ‫على أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل هذا بهذهِ الطريقةِ ‪ .‬وأ ْ‬ ‫ه أن يكون أج ُ‬ ‫وهكذا كتب الل ُ‬
‫ت بهذه الوسيلةِ ‪.‬‬ ‫يكون المو ُ‬
‫ل شيٍء بقضاٍء‬ ‫ك ّ‬ ‫عبْر‬
‫عبٌر أيّ ِ‬ ‫والمنايا ِ‬
‫الموت ‪ ،‬وأنه‬ ‫ل وقدْر‬ ‫م ُ‬ ‫كر دائما ً أنه يح ِ‬ ‫ن يتذ ّ‬ ‫وعلى العبد ِ أ ْ‬
‫ت ‪ ،‬وأنه ينتظُر الموت صباح مساء ‪ ،‬وما‬ ‫يسعى إلى المو ِ‬
‫ن أبي طالب‬ ‫يب ُ‬‫أحسن الكلمة الرائقة الرائعة التي قالها عل ّ‬
‫ت‬ ‫ل ‪ )) :‬إن الخرة قد ارتحل ْ‬ ‫ه عنه – وهو يقو ُ‬ ‫– رضي الل ُ‬
‫مدِْبرة ‪ ،‬فكونوا من‬ ‫ت ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وإن الدنيا قد ارتحل ْ‬ ‫مقبل ً‬
‫أبناء الخرة ‪ ،‬ول تكونوا من أبناء الدنيا ‪ ،‬فإن اليوم‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ب ول عم ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وغدا ً حسا ٌ‬ ‫ل ول حسا ُ‬ ‫عم ٌ‬
‫ن على النسان أن يتهّيأ وأن يتجهّز وأن‬ ‫دنا أ ّ‬ ‫وهذا يفي ُ‬
‫ل مع‬ ‫دد توبته ‪ ،‬وأن يعلم أنه يتعام ُ‬ ‫ُيصلح من حاِله ‪ ،‬وأن ُيج ّ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ي عظيم ٍ لطي ٍ‬ ‫ب كريم ٍ قو ٍ‬ ‫ر ّ‬
‫ن على أحد ٍ ‪ ،‬ول يحابي أحدا ً ‪ ،‬ول‬ ‫إن الموت ل يستأذ ُ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ل ‪ ،‬وليس للموت إنذاٌر مبكر يخبُر به الناس‪َ ﴿ ،‬‬ ‫يجام ُ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫س ب ِأ ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬
‫ما ت َدْ َِ‬ ‫و َ‬ ‫غدا ً َ‬ ‫ب َ‬‫س ُ‬ ‫ذا ت َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ت َدْ ِ‬
‫ت﴾‬ ‫مو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬ ‫أْر ٍ‬
‫*****************************************‬
‫وَل‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫سا‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫ع‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫﴿ ّل ت َست َأ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن﴾‬ ‫مو َ‬ ‫د ُ‬‫ق ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫تَ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪347‬‬
‫ذكر الطنطاويّ أيضا ً في سماعاِته ومشاهداِته ‪ :‬أن باصا ً‬
‫سَرةً ‪ ،‬وفجأة‬ ‫ة وي ْ‬ ‫من َ ً‬
‫ت يَ ْ‬ ‫كان مليئا ً بالركاب ‪ ،‬وكان سائُقه يلتف ُ‬
‫ف لهذا الشيخ‬ ‫ف ؟ قال ‪ :‬أق ُ‬ ‫ب ‪ِ :‬لم تق ُ‬ ‫وقف ‪ ،‬فقال له الركا ُ‬
‫الكبيرِ الذي ُيشيُر بيده ليركب معنا ‪ .‬قالوا ‪ :‬ل نرى أحدا ً ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬انظروا إليه ‪ .‬قاُلوا ‪ :‬ل نرى أحدا ً ! قال ‪ :‬هو أقبل الن‬
‫س!‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ليركب معنا ‪ .‬قالوا كلهم ‪ :‬واللهِ ل نرى أحدا من النا ِ‬
‫وفجأة مات هذا السائقُ على مقعدِ سيارت ِهِ ‪.‬‬
‫ت وفاُته ‪ ،‬وكان هذا سببا ً ‪﴿ ،‬‬ ‫ت مني ُّته ‪ ،‬وحل ّ ْ‬ ‫لقد ْ حضر ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫د ُ‬
‫ق ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬‫ة َ‬ ‫ع ً‬‫سا َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ست َأ ِ‬ ‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جل ُ ُ‬ ‫جاء أ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫ن‬ ‫ن مظا ّ‬ ‫ف ‪ ،‬وينخلعُ قلبه م ِ‬ ‫ن النسان يجُبن من المخاو ِ‬ ‫﴾‪،‬إ ّ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫وان ِ ِ‬‫خ َ‬ ‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن تقتُله ‪ ﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫بالمآم ِ‬ ‫المنايا ‪ ،‬وإذا‬
‫ن‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬‫ق ْ‬ ‫قت ُِلوا ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫و أَ َ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ب فينا أننا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬والعجي ُ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫كن‬ ‫إن‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ك‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أن‬
‫ل ‪ ،‬ول في حقارةِ الدنيا ‪ ،‬ول في‬ ‫ل نفكُر في لقاِء اللهِ عّز وج ّ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ل منها إل ذا وقْعنا في المخاو ِ‬ ‫قصةِ الرتحا ِ‬
‫*************************************‬
‫ل‬
‫م بالعل ِ‬
‫ت الجسا ُ‬
‫ح ِ‬
‫فربما ص ّ‬
‫ل ‪ ،‬فُأقعد في بيته‬ ‫ل السي ّرِ ‪ :‬أن رجل ً أصابه الشل ُ‬ ‫ذكر أه ُ‬
‫ط‪،‬‬ ‫س والحبا ِ‬ ‫ل واليأ ِ‬‫ل من المل ِ‬ ‫ت طوا ٌ‬ ‫ت عليه سنوا ٌ‬ ‫‪ ،‬ومر ْ‬
‫جه ‪ ،‬وبّلغوا أهله وأبناءه ‪ ،‬وفي ذات‬ ‫جَز الطباُء في عل ِ‬ ‫وع َ َ‬
‫ف منزِله ‪ ،‬ولم يستطعْ أن‬ ‫ب من سق ِ‬ ‫ت عليه عقر ٌ‬ ‫يوم ٍ نزل ْ‬
‫ت‬‫سها ضربا ٍ‬ ‫سه وضربْته برأ ِ‬ ‫ت إلى رأ ِ‬ ‫يتحرك من مكاِنه ‪ ،‬فأت ْ‬
‫ش‬
‫ص قدميه إلى مشا ِ‬ ‫مه من أخم ِ‬ ‫ت ‪ ،‬فاهتّز جس ُ‬ ‫ولدغْته لدغا ٍ‬
‫ب في أعضاِئه ‪ ،‬وإذا بالُبرءِ والشفاء‬ ‫سه ‪ ،‬وإذا بالحياة ُ تد ّ‬ ‫رأ ِ‬
‫ل ويعود ُ نشيطا ً ‪ ،‬ثم‬ ‫ض الرج ُ‬ ‫مه ‪ ،‬وينتف ُ‬ ‫يسير في أنحاِء جس ِ‬
‫ح بابه ‪،‬‬ ‫ف على قدميه ‪ ،‬ثم يمشي في غرفِته ‪ ،‬ثم يفت ُ‬ ‫يق ُ‬
‫دقون‬ ‫ل واقفا ً ‪ ،‬فما كانوا يص ّ‬ ‫ويأتي أهله وأطفاله ‪ ،‬فإذا الرج ُ‬
‫خب ََر ‪.‬‬‫وكادوا من الذهول ُيصعقون ‪ ،‬فأخبرهم ال َ‬
‫ل في هذا !!‬ ‫فسبحان الذي جعل علج هذا الرج ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪348‬‬
‫دق المقولة ‪ ،‬وذك ََر أن‬ ‫ض الطباِء فص ّ‬
‫ت هذا لبع ِ‬ ‫وقد ذكر ُ‬
‫ج به هؤلِء‬ ‫ما ً ُيستخدم بتخفي ٍ‬
‫ف كيماويّ ‪ ،‬ويعال ُ‬ ‫صل ً سا ّ‬
‫هناك م ْ‬
‫المشلولون ‪.‬‬
‫ف في عله ‪ ،‬ما أنزل داًء إل وأنزل له دواًء ‪.‬‬ ‫ل اللطي ُ‬ ‫فج ّ‬
‫****************************************‬

‫وللولياء كرامات‬
‫ة بن أشيم العابد ُ الزاهد ُ من التابعين ‪ :‬يذهب‬ ‫هذا صل ُ‬
‫ب‬ ‫ل فيذه ُ‬ ‫مه اللي ُ‬ ‫ل ليجاهد في سبيل اللهِ ‪ ،‬ويض ّ‬ ‫إلى الشما ِ‬
‫ضأ ‪ ،‬ويقوم‬ ‫إلى غايةٍ ليصلي فيها ‪ ،‬ويدخل بين الشجرِ ويتو ّ‬
‫صلة « وهو‬ ‫ب من » ِ‬ ‫مصليا ً ‪ ،‬وينهد ّ عليه أسد ٌ كاسٌر ‪ ،‬ويقتر ُ‬
‫ع‬
‫ة في تبّتله مستمّر ‪ ،‬ولم يقط ْ‬ ‫في صلته ‪ ،‬ويدوُر به ‪ ،‬وصل ُ‬
‫ل‬ ‫ة بن أشيم من ركعتين ‪ ،‬ثم يقو ُ‬ ‫صلته وِذكره ‪ ،‬ويسل ّ ُ‬
‫م صل ُ‬
‫كني‬ ‫ؤمر فاتر ْ‬ ‫للسد ِ ‪ :‬إن كنت ُأمرت بقتلي فكْلني ‪ ،‬وإن ت ُ ْ‬
‫أناجي ربي ‪ .‬فأرخى السد ُ ذيله وذهب من المكان ‪ ،‬وترك‬
‫صلة يصلي ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ولك أن تنظر في » البداية والنهاية « وغيرها من كت ِ‬
‫ل اللهِ ‪ ‬في‬ ‫التاريِخ ‪ ،‬وهذا مذكوٌر عن »سفينة« مولى رسو ِ‬
‫ل‬ ‫ه من ساح ِ‬ ‫ة مع ُ‬ ‫ب تراجم ِ الصحابةِ ‪ ،‬أنه أتى هو ورْفق ٌ‬ ‫كت ِ‬
‫دهم ‪ ،‬فقال‬ ‫ل يري ُ‬ ‫مقب ٍ‬ ‫البحرِ ‪ ،‬فلما نزُلوا البّر فإذا بأسدٍ كاسر ُ‬
‫ل الله ‪ ‬وأنا‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫ة ‪ :‬يا أيها السد ُ أنا من أصحا ِ‬ ‫سفين ُ‬
‫مه ‪ ،‬وهؤلء رفقتي ول سبيل لك علينا ‪ .‬فوّلى السد ُ‬ ‫خاد ُ‬
‫ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫هاربا ً ‪ ،‬وزأر زأرةً كاد يمل بها ربوع المكا ِ‬
‫ث ل ينكُرها إل مكابٌر ‪ ،‬وإل ففي‬ ‫وهذه الوقائعُ والحدا ُ‬
‫ل المقام ِ‬ ‫ن اللهِ في خلِقهِ ما يشهد ُ بمثل هذا ‪ ،‬ولول طو ُ‬ ‫سن ِ‬‫ُ‬
‫ص الصحيحةِ الثابتةِ في هذا الباب ‪،‬‬ ‫ت القص ِ‬ ‫ت عشرا ِ‬ ‫لورد ْ ُ‬
‫ة من هذا الحديث ‪ ،‬لتعلم أن هناك رّبا لطيفا ً‬ ‫ن يكفيك دلل ً‬ ‫لك ْ‬
‫ة ‪ .‬إن علم الله يلحقُ الناس ‪،‬‬ ‫ب عنه غائب ٌ‬ ‫حكيما ً ل تغي ُ‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ولطفه سبحانه وتعالى وشهوده واطلعه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪349‬‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ة إ ِّل ُ‬ ‫س ٍ‬‫م َ‬ ‫وَل َ‬
‫خ ْ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬
‫ع ُ‬‫و َراب ِ ُ‬ ‫ة إ ِّل ُ‬
‫ه َ‬ ‫وى ث ََلث َ ٍ‬‫ج َ‬‫نّ ْ‬
‫َ‬
‫وَل أك ْث ََر إ ِّل ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ع ُ‬
‫م َ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫ك َ‬ ‫من ذَل ِ َ‬ ‫وَل أدَْنى ِ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬‫س ُ‬‫ساِد ُ‬
‫َ‬
‫كاُنوا ﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫أي ْ َ‬
‫*****************************************‬
‫ه وكيل ً وشهيدا ً‬
‫كفى بالل ِ‬
‫ذكر البخاريّ في صحيحهِ ‪ :‬أن رجل ً من بني إسرائيل‬
‫ل أن ُيقرضه ألف دينارٍ ‪ ،‬قال ‪ :‬هل لك شاهد ٌ ؟‬ ‫طلب من رج ٍ‬
‫ه ‪ .‬قال ‪ :‬كفى بالله شهيدا ً ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ما معي شاهد ٌ إل الل ُ‬
‫ه ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫ل ؟ قال ‪ :‬ما معي وكيل إل الل ُ‬ ‫قال ‪ :‬هل معك وكي ٌ‬
‫ل‪ .‬ثم أعطاه ألف دينار ‪ ،‬وذهب الرجل وكان‬ ‫كفى بالله وكي ًً‬
‫مى ‪ ،‬وبينهما نهٌر في تلك الديارِ ‪،‬‬ ‫ل مس ّ‬ ‫بينهما موعد ٌ وأج ٌ‬
‫ل‬‫ب الدنانيرِ ليعيدها لصاحِبها الو ِ‬ ‫فلما حان الموعد ُ أتى صاح ُ‬
‫‪ ،‬فوقف على شاطئ النهرِ ‪ ،‬يريد ُ قاربا ً يركُبه إليه ‪ ،‬فما وجد‬
‫ل وبقي وقتا ً طويل ً ‪ ،‬فلم يجد ْ من يحمُله ‪،‬‬ ‫شيئا ً ‪ ،‬وأتى اللي ُ‬
‫ت إل أنت ‪ ،‬وسألني‬ ‫م إنه سألني شهيدا ً فما وجد ُ‬ ‫فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫م بل ّْغه هذه الرسالة ‪ .‬ثم أخذ‬ ‫ت إل أنت ‪ ،‬الله ّ‬ ‫كفيل ً فما وجد ُ‬
‫ة ‪ ،‬ثم‬ ‫ة فنقرها وأدخل الدنانير فيها ‪ ،‬وكتب فيها رسال ً‬ ‫خشب ً‬
‫ف‬ ‫ن الله ‪ ،‬وبلط ِ‬ ‫ت بإذ ِ‬ ‫أخذ الخشبة ورماها في النهرِ ‪ ،‬فذهب ْ‬
‫ب‬ ‫ل صاح ُ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬وبعنايةِ اللهِ سبحانه وتعالى ‪ ،‬وخرج ذاك الرج ُ‬
‫ر‬
‫ل ينتظُر موعد صاحبهِ ‪ ،‬فوقف على شاطئ النه ِ‬ ‫الدنانير الو ُ‬
‫وانتظر فما وجد أحدا ً ‪ ،‬فقال ‪ِ :‬لم ل آخذ حطبا ً لهل بيتي ؟!‬
‫ة بالدنانير ‪ ،‬فأخذها وذهب بها إلى بيِته ‪،‬‬ ‫ت له الخشب ُ‬ ‫فعرض ْ‬
‫فكسرها فوجد الدنانير والرسالة ‪.‬‬
‫ن الشهيد سبحانه وتعالى أعان ‪ ،‬ولن الوكيل أّدى‬ ‫ل ّ‬
‫علهُ ‪.‬‬ ‫ه في ُ‬ ‫الوكالة ‪ ،‬فتعالى الل ُ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫وك ّ ِ‬‫فل ْي َت َ َ‬
‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫كنُتم ّ‬ ‫وك ُّلوا ْ ِإن ُ‬ ‫فت َ َ‬‫ه َ‬‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫ل تحزن‬
‫‪350‬‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫قال لبيد ُ ‪:‬‬
‫ب النفس إذا‬ ‫فاكذ ِ‬ ‫س‬ ‫دق النف ِ‬ ‫ص ْ‬‫ن ِ‬ ‫إ ّ‬
‫حد ّ ْ‬ ‫ي ُْزِري بالم ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ثتهاالبست ّ‬
‫وقال‬ ‫ل‬
‫أفِد ْ طبعك المكدود‬ ‫ه بشيٍء‬ ‫م وعل ّل ْ ُ‬ ‫تج ّ‬
‫ة‬
‫م راح ً‬
‫أعطيته‬ ‫ولكنباله‬
‫إذا ّ‬ ‫من ُالمْزِح‬
‫يعطى‬ ‫بمقدارِ ما‬
‫ْ‬
‫الشبل ‪:‬‬ ‫ن‬
‫فليك ْ‬
‫علي بن‬ ‫وقال أبو ذاك‬ ‫من الملِح‬ ‫م ِ‬ ‫الطعا ُ‬
‫ظ الجسم ِ تبقى‬ ‫بحف ِ‬ ‫ظ‬ ‫بقاء النارِ ُتحف ُ‬
‫ه‬
‫ض في ٍ‬
‫فل‬ ‫سّ‬
‫م ُ‬ ‫النف ِ‬
‫م‬
‫س ال ُ‬ ‫طولءِ‬ ‫ول تمدد ْ لهابالوعا‬
‫فباليأ ِ‬
‫مْتها‬
‫شدائدها‬ ‫دها في ت ُ ِ‬ ‫ع ْ‬
‫و ِ‬ ‫في‬ ‫الرجاِء‬‫وذك ّْرها الشدائد‬
‫هذاًء‬
‫حهارخا‬ ‫ُيعد ّ صل ُ‬ ‫ة‬‫الرخاعَِء ُ‬
‫من َْف‬
‫ب َ‬‫وبالتركي ِ‬
‫وهذا‬
‫*************************‬ ‫****************ءِ‬
‫الدوا‬
‫ة‬
‫ن مستجاب الدعو ِ‬
‫ب مطعمك تك ْ‬
‫أط ِ ْ‬
‫ك هذه الحقيقة ‪ ،‬وهو أحد ُ‬ ‫ن أبي وّقاص يدر ُ‬ ‫كان سعد ُ ب ُ‬
‫العشرةِ المبشرين بالجنةِ ‪ ،‬وقد دعا له ‪ ‬بسداد ِ الرمي‬
‫ح‪.‬‬ ‫الصب‬ ‫ق‬ ‫فل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ته‬ ‫دعو‬ ‫بت‬ ‫وإجابة الدعوة ‪ ،‬فكان إذا دعا ُ‬
‫أجي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه عنه – أناسا ً من الصحابة‬ ‫أرسل عمُر – رضي الل ُ‬
‫س عليه‬ ‫ل سعد ٍ في الكوفةِ ‪ ،‬فأثنى النا ُ‬ ‫يسألون عن عد ْ ِ‬
‫ل فقال‬ ‫س ‪ ،‬قام رج ٌ‬ ‫ي لبني عب ْ ٍ‬ ‫خْيرا ً ‪ ،‬ولما أْتوا في مسجد ِ ح ّ‬
‫ل في القضيةِ ‪ ،‬ول‬ ‫ن سعد ٍ ؟ فإنه ل يعد ُ‬ ‫‪ :‬أما سألتموني ع ْ‬
‫م‬ ‫سوي ّةِ ‪ ،‬ول يمشي مع الرعية ‪ .‬فقال سعد ٌ ‪ :‬الله ّ‬ ‫م بال ّ‬ ‫يحك ُ‬
‫ل عمره ‪،‬‬ ‫ة فأعْم ِ بصره ‪ ،‬وأط ْ‬ ‫ن كان قام هذا رياًء وسمع ً‬ ‫إ ْ‬
‫ل ‪ ،‬وسقط حاجباهُ‬ ‫مُر هذا الرج ِ‬ ‫ن ‪ .‬فطال ع ُ ْ‬ ‫ضه للفت ِ‬‫وعّر ْ‬
‫ن في شوارِع‬ ‫ض للجواري ويغمزهُ ّ‬ ‫على عينيه ‪ ،‬وأخذ يتعّر ُ‬
‫خ مفتون ‪ ، ،‬أصابْتني دعوة سعْد ٍ ‪.‬‬ ‫الكوفةِ ‪ ،‬ويقول ‪ :‬شي ٌ‬
‫ل ‪ ،‬وصدق النية معه ‪ ،‬والوثوق‬ ‫ل باللهِ عّز وج ّ‬ ‫إنه التصا ُ‬
‫ب العالمين ‪.‬‬ ‫هر ّ‬ ‫بموعوِده ‪ ،‬تبارك الل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪351‬‬
‫سعد أيضا ًَ ‪ :‬أن رجل ً‬ ‫وفي » سيرِ أعلم ِ النبلِء« ‪ :‬عن ُ‬
‫ه عنه– ‪ ،‬فدافع سعد ٌ عن علي ‪،‬‬ ‫ب عليا ً ‪-‬رضي الل ُ‬ ‫س ّ‬ ‫قام ي َ ُ‬
‫ب والشتم ِ ‪ ،‬فقال سعد ٌ ‪ :‬اللهم‬ ‫واستمّر الرجل في الس ّ‬
‫اكفنيه بما شئت ‪ .‬فانطلق بعيٌر من الكوفةِ فأقبل مسرعا ً ‪،‬‬
‫ل‬ ‫ص َ‬ ‫ن الناس حتى وَ َ‬ ‫ل يلوي على شيء ‪ ،‬وأخذ يدخل من بي ِ‬
‫ل ‪ ،‬ثم داسه بخّفْيه حتى قتله أمام مشهد ٍ ومرأى‬ ‫إلى الرج ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫من النا ِ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫سل ََنا َ‬ ‫صُر ُر ُ‬ ‫﴿ إ ِّنا ل ََنن ُ‬
‫د﴾ ‪.‬‬ ‫ها ُ‬ ‫ش َ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ض لك هذه القصص لتزداد إيمانا ً ووثوقا ً‬ ‫وإنني أعر ُ‬
‫بموعودِ رّبك فتدعوه وتناجيه ‪ ،‬وتعلم أن اللطف لطُفه‬
‫عوِني‬ ‫سبحانه ‪ ،‬وأنه قد أمرك في محكم التنزيل فقال ‪ ﴿ :‬ادْ ُ‬
‫فإ ِّني‬ ‫عّني َ‬ ‫عَباِدي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪.‬‬ ‫﴾‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ْ‬
‫أَ‬
‫ن ﴾ ‪..‬‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ب دَ ْ‬ ‫جي ُ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬
‫ج الحسن البصريّ ليبطش به ‪،‬‬ ‫جا ُ‬ ‫لقد استدعى الح ّ‬
‫ف الله ‪،‬‬ ‫ة اللهِ ولط ُ‬ ‫ن وما في ذهنه إل عناي ُ‬ ‫وذهب الحس ُ‬
‫ف بأسماِئه‬ ‫عد اللهِ ‪ ،‬فأخذ يدعو رّبه ‪ ،‬ويهت ُ‬ ‫والوثوقُ بو ِ‬
‫ه قلب الحجاِج ‪،‬‬ ‫ول الل ُ‬ ‫الحسنى ‪ ،‬وصفاِته العلى ‪ ،‬فيح ّ‬
‫ن إل وقد تهيأ‬ ‫س ُ‬ ‫ف في قلبه الرعب ‪ ،‬فما وصل الح َ‬ ‫ويقذ ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ‪ ،‬واستقبل ال َ‬ ‫ج لستقباِله ‪ ،‬وقام إلى البا ِ‬ ‫الحجا ُ‬
‫سه معه على السريرِ ‪ ،‬وأخذ ُيطّيب لحيته ‪ ،‬ويترفّقُ به ‪،‬‬ ‫وأجل َ‬
‫ة‬
‫ب العز ِ‬ ‫ب !! فما هو إل تسخيُر ر ّ‬ ‫ن له في الخطا ِ‬ ‫وُيلي ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫والجل ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن لطف اللهِ يسري في العالم ِ ‪ ،‬في عالم النسا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ل والنهارِ ‪ ،‬في‬ ‫حرِ ‪ ،‬في اللي ِ‬ ‫ن ‪ ،‬في البّر والب ْ‬ ‫في عالم ِ الحيوا ِ‬
‫ه‬ ‫مد َ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫ء إ ِل ّ ي ُ َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫وِإن ّ‬ ‫ن‪َ ﴿،‬‬ ‫ك والساك ِ‬ ‫المتحر ِ‬
‫فورا ً ﴾‬ ‫غ ُ‬ ‫حِليما ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬‫ح ُ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫هو َ‬ ‫ف َ‬
‫ق ُ‬ ‫كن ل ّ ت َ ْ‬ ‫وَلـ ِ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ن سليمان عليه السلم قد ُأوتي منطق الطيرِ ‪،‬‬ ‫ح‪:‬أ ّ‬ ‫ص ّ‬
‫ل‬ ‫س ‪ ،‬وفي طريِقه من بيِته إلى المص ّ‬ ‫ج يستسقي بالنا ِ‬ ‫خَر َ‬‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪352‬‬
‫زة ‪ ،‬تدعو الله الذي‬ ‫ب الع ِ‬ ‫ت رجليها تدعو ر ّ‬ ‫ة قد رفع ْ‬ ‫رأى نمل ً‬
‫س‪،‬‬ ‫ث ‪ ،‬فقال سليمان ‪ :‬أّيها النا ُ‬ ‫ف وُيغي ُ‬ ‫ح ويلط ُ‬ ‫يعطي ويمن ُ‬
‫ركم ‪.‬‬ ‫كفيُتم بدعاِء غي ِ‬ ‫عوُدوا فقد ُ‬
‫ث ينهمُر بدعاِء تلك النملةِ ‪ ،‬النملةِ التي فِهم‬ ‫فأخذ الغي ُ‬
‫ف بجيشه الجّرار ‪،‬‬ ‫م ‪ ،‬وهو يزج ُ‬ ‫ن عليه السل ُ‬ ‫كلمها سليما ُ‬
‫َ‬ ‫مل َ ٌ‬
‫ها‬‫ة َيا أي ّ َ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ظ أخواتها في عالم النم ِ‬ ‫فتع ُ‬
‫ن‬
‫ما ُ‬ ‫سل َي ْ َ‬‫م ُ‬ ‫من ّك ُ ْ‬ ‫حط ِ َ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ساك ِن َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خُلوا َ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫من‬ ‫حكا ً ّ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫ن}‪َ {18‬‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫جُنودُهُ َ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫ف البري سبحانه‬ ‫ها﴾ ‪ .‬في كثير من الحيان يأتي لط ُ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫وتعالى بسبب هذه العجماوا ِ‬
‫عّزتي‬ ‫ل ‪ )) :‬و ِ‬ ‫وقد ذكر أبو يعلى في قدسي أن الله يقو ُ‬
‫م ُرت ّعٌ ‪،‬‬ ‫ضعٌ ‪ ،‬وبهائ ُ‬ ‫خ ُرك ّعٌ ‪ ،‬وأطفال ُر ّ‬ ‫وجللي ‪ ،‬لول شيو ٌ‬
‫ت عنكم قط َْر السماِء (( ‪.‬‬ ‫لمنع ُ‬
‫********************************************‬
‫د رّبه‬
‫ح بحم ِ‬
‫ن شيء إل يسب ّ ُ‬
‫نم ْ‬
‫وإ ْ‬
‫ن لموله ُ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬وأذع ّ‬ ‫ن الهدد في عالم ِ الطيورِ عرف رب ّ ُ‬ ‫إ ّ‬
‫وأخبت لخالِقه ‪.‬‬
‫ت إلى‬ ‫ة ‪ ،‬وانته ْ‬ ‫ة الطويل ُ‬ ‫ذهب الهدهد ُ ‪ ،‬وكانت تلك القص ُ‬
‫ف‬ ‫تلك النتائِج التاريخيةِ ‪ ،‬وكان سببها هذا الطائُر الذي عََر َ‬
‫ب ! الهدد أذكى من‬ ‫ض العلماِء ‪ :‬عجي ٌ‬ ‫رّبه ‪ ،‬حتى قال بع ُ‬
‫دة‬ ‫ش ّ‬ ‫ن ك ََفرَ في الرخاِء فما نفعه إيماُنه في ال ّ‬ ‫فرعون ‪ ،‬فرعو ُ‬
‫شدةِ ‪.‬‬ ‫‪ ،‬والهدهد ُ آمن برّبه في الرخاِء ‪ ،‬فنفعه إيماُنه في ال ّ‬
‫َ‬
‫ج‬‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ذي ي ُ ْ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫دوا ل ِل ّ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ُ‬ ‫الهدهد ُ قال ‪ ﴿ :‬أّل ي َ ْ‬
‫ن إ ِل َ ٍ‬
‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ِ ْ‬‫ما َ‬ ‫ن يقول ‪َ ﴿ :‬‬ ‫بءَ‪ . ﴾......‬وفرعو ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ي من كان الهدهد أذكى منه ‪،‬‬ ‫ري‪ . ﴾ ......‬إن الشق ّ‬ ‫َ‬
‫غي ْ ِ‬
‫ت سُبله ‪،‬‬ ‫رها منه ‪ .‬وإن البليد من أظلم ْ‬ ‫م لمصي ِ‬ ‫والنملة أفه ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫حه عن النفِع ‪ ﴿ ،‬ل َ ُ‬ ‫ت جوار ُ‬ ‫طل ْ‬ ‫ت حباُله ‪ ،‬وتع ّ‬ ‫طع ْ‬ ‫وتق ّ‬
‫ها‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫ن ل ّ ي ُب ْ ِ‬ ‫عي ُ ٌ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ن بِ َ‬‫هو َ‬ ‫ف َ‬
‫ق ُ‬ ‫ب ل ّ يَ ْ‬‫قُلو ٌ‬ ‫ُ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ن بِ َ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬ ‫ن ل ّ يَ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬
‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪353‬‬
‫ري ‪،‬‬ ‫ف اللهِ يسري ‪ ،‬وخيُره يج ِ‬ ‫في عالم النحل لط ٌ‬
‫وعنايُته تلحقُ تلكم الحشرة الضئيلة المسكينة ‪ ،‬تنطلقُ من‬
‫س رزقها ‪ ،‬ل تقعُ إل على‬ ‫خلّيتها بتسخيرٍ من الباري ‪ ،‬تلتم ُ‬
‫ق‬
‫م بالورود ِ ‪ ،‬تعش ُ‬ ‫ص الرحيقَ ‪ ،‬تهي ُ‬ ‫ي الطاهرِ ‪ ،‬تم ّ‬ ‫ب النق ّ‬ ‫الطي ِ‬
‫ف ألواُنه فيه شفاٌء‬ ‫ب مختل ٍ‬ ‫ة بشرا ٍ‬ ‫مل ً‬ ‫هر ‪ ،‬تعود ُ مح ّ‬ ‫الّز ْ‬
‫ل‬ ‫س ‪ ،‬تعود ُ إلى خليِتها ل إلى خليةٍ أخرى ‪ ،‬ل تض ّ‬ ‫ِ‬ ‫للنا‬
‫طريقها ‪ ،‬ول تحار في سبِلها ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ل‬ ‫ح ِ‬ ‫ك إ َِلى الن ّ ْ‬ ‫حى َرب ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫ر‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫يوت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫خ‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫كي‬ ‫سل ِ‬ ‫ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ل الث ّ َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫م ك ُِلي ِ‬ ‫ن}‪ {68‬ث ُ ّ‬ ‫شو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬‫يَ ْ‬
‫ف‬ ‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫طون ِ َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ك ذُل ُل ً ي َ ْ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ة لّ َ‬ ‫َ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫ك لي َ ً‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫فاء ِللّنا ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وان ُ ُ‬ ‫أل ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ث ‪ ،‬ومن‬ ‫ن هذا القصص ‪ ،‬ومن هذا الحدي ِ‬ ‫إن سعادتك م ْ‬
‫هذه الِعبر ‪ :‬أن تعلم أن هناك لطفا ً خفيا ً للهِ الواحدِ الحدِ ‪،‬‬
‫ن عليك‬ ‫ه وحده ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫فتدعوه وحده ‪ ،‬وترجوه وحده ‪ ،‬وتسأل ُ‬
‫ي‬
‫ي ‪ ،‬وفي الن ّهِْج السماو ّ‬ ‫ق الربان ّ‬ ‫ل في الميثا ِ‬ ‫واجبا ً شرعيا ً نز َ‬
‫له ‪ ،‬وأن تتجه بقلِبك‬ ‫أن تسجد له ‪ ،‬وأن تشكره ‪ ،‬وأن تتو ّ‬
‫شَر الكثير وهذا العالم‬ ‫ن تعلم أن هذا الب َ‬ ‫إليه ‪ .‬إن عليك أ ْ‬
‫ن ‪ ،‬إنهم‬ ‫الضخم ‪ ،‬ل ُيغنون عنك من اللهِ شيئا ً ‪ ،‬إنهم مساكي ُ‬
‫كلهم محتاجون إلى اللهِ ‪ ،‬إنهم يطلبون رزقهم صباح مساء ‪،‬‬
‫حتهم وعافيتهم وأشياءهم وأموالهم‬ ‫ويطلبون سعادتهم وص ّ‬
‫ل شيٍء ‪.‬‬ ‫كك ّ‬ ‫ومناصبهم من اللهِ الذي يمل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قَراء إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫س أنت ُ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫﴿ َيا أي ّ َ‬
‫ن أنه ل يهديك‬ ‫د ﴾ ‪ ،‬إن عليك أن تعلم علم اليقي ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫غن ِ ّ‬‫ال ْ َ‬
‫حك‬ ‫ظك ‪ ،‬ول يمن ُ‬ ‫ول ينصُرنك ‪ ،‬ول يحميك ول يتولك ‪ ،‬ول يحف ُ‬
‫ب‬ ‫حد اتجاه القلبِ ‪ ،‬وتفرد الر ّ‬ ‫ه ‪ ،‬إن عليك أن تو ّ‬ ‫إل الل ُ‬
‫ل والستعانةِ والرجاِء ‪ ،‬وأن تعلم‬ ‫بالوحدانيةِ واللوهيةِ والسؤا ِ‬
‫ق ‪ ،‬وأن الفاني‬ ‫ج إلى الخال ِ‬ ‫ْقدر البشرِ ‪ ،‬وأن المخلوق يحتا ُ‬
‫ج إلى الغني ‪ ،‬وأن‬ ‫ج إلى الباقي ‪ ،‬وأن الفقيَر يحتا ُ‬ ‫يحتا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪354‬‬
‫ج إلى القويّ ‪ .‬والقوة ُ والغنى والبقاُء والعّزةُ‬ ‫الضعيف يحتا ُ‬
‫حد َه ُ ‪.‬‬
‫ه وَ ْ‬ ‫ة يمل ُ‬
‫كها الل ُ‬ ‫المطلق ُ‬
‫ل إليه ‪،‬‬ ‫إذا علمت ذلك ‪ ،‬فاسعد ْ بقربهِ وبعبادِته والتبت ِ‬
‫ن استغفرته غ ََفَر لك ‪ ،‬وإن تبت إليه تاب عليك ‪ ،‬وإن‬ ‫إليه ‪ ،‬إ ِ‬
‫سألته أعطاك ‪ ،‬وإن طلبت منه الرزق رزقك ‪ ،‬وإن‬
‫استنصرته نصرك ‪ ،‬وإن شكرته زادك ‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ارض عن الله عّز وج ّ‬
‫ل‬
‫ه ربا ً ‪ ،‬وبالسلم دينا ً‪،‬‬ ‫من لوازم ِ ))رضيتُ بالل ِ‬
‫د ‪ ‬نبيا ً((‪ .‬أن ترضى عن رّبك سبحانه وتعالى ‪،‬‬ ‫وبمحم ٍ‬
‫ره ‪،‬‬ ‫ره وش ِ‬ ‫مه ‪ ،‬وترضى بقضاِئه وقدرِهِ ‪ ،‬خي ِ‬ ‫فترضى بأحكا ِ‬
‫مّره ‪.‬‬ ‫وه و ُ‬ ‫حل ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت صحيح ً‬ ‫ن بالقضاءِ والقدرِ ليس ْ‬ ‫إن النتقائية باليما ِ‬
‫ب عند موافقةِ القضاِء لرغباِتك ‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وهي أن ترضى فَ َ‬
‫ن‬ ‫خط إذا خالف مرادك ومْيلك ‪ ،‬فهذا ليس من شأ ِ‬ ‫وتتس ّ‬
‫العبدِ ‪.‬‬
‫طوا في البلِء ‪،‬‬ ‫ضوا برّبهم في الرخاِء وسخ ُ‬ ‫إن قوما ً ر ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫دوا وقت النقمةِ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫صاب َ ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫وانقاُدوا في النعمةِ وعان ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خير اطْمأ َن به وإن أ َ‬
‫ه ِ‬ ‫ج‬
‫ْ‬
‫َ ِ‬ ‫و‬ ‫لى‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ان‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫َ‬ ‫َ ّ ِ ِ َ ِ ْ‬ ‫َ ْ ٌ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫خَر َ‬ ‫واْل ِ‬ ‫سَر الدّن َْيا َ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫دوا في السلم ِ‬ ‫سلمون ‪ ،‬فإذا وج ُ‬ ‫ب يُ ْ‬ ‫لقد ْ كان العرا ُ‬
‫ن‬ ‫ب ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذا دي ُ‬ ‫ت عش ٍ‬ ‫ن ‪ ،‬ونب ْ ِ‬ ‫ث ‪ ،‬ودّر لب ٍ‬ ‫ل غي ٍ‬‫رغدا ً بنزو ِ‬
‫خي ْرٍ ‪ .‬فانقاُدوا وحافظوا على ديِنهم ‪.‬‬
‫دبا ً واضحملل ً في‬ ‫حطا ً وج ْ‬ ‫دوا الخرى ‪ ،‬جفافا ً وق ْ‬ ‫فإذا وج ُ‬
‫كوا‬ ‫صوا على أعقابهم وتر ُ‬ ‫ل وفناًء للمرعى ‪ ،‬نك ُ‬ ‫الموا ِ‬
‫رسالتهم ودينهم ‪.‬‬
‫م الرغبةِ للنفس ‪ .‬إن هناك‬ ‫م الهوى ‪ ،‬وإسل ُ‬ ‫هذا إذن إسل ُ‬
‫ل ‪ ،‬لنهم يريدون ما عند اللهِ ‪،‬‬ ‫أناسا ً يرضون عن اللهِ عّز وج ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪355‬‬
‫يريدون وجهه ‪ ،‬يبتغون فضل ً من اللهِ ورضوانا ً ‪ ،‬يسعون‬
‫للخرةِ ‪.‬‬
‫م ربا ً‬ ‫رضينا بك الله ّ‬ ‫وبالمصطفى‬
‫وخالقا ً‬
‫ظم‬ ‫ما حياةٌ ن ّ‬ ‫فإ‬ ‫وهاديا‬
‫ر‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫نورا ً‬
‫ت‬ ‫المختارِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫فمو ٌ‬ ‫وإل‬
‫سيرها ويجتبيه‬ ‫يللخدمةِ‬ ‫الوح‬
‫ويصطفيه ُ‬ ‫للعبودي ّةِ‬ ‫العاديا‬ ‫ه‬‫حه الل ُ‬ ‫إن من يرش ُ‬
‫ح والصطفاِء‬ ‫ّ‬
‫لسدانةِ الملةِ ‪ ،‬ثم ل يرضى بهذا الترشي ِ‬
‫سرمديّ ‪﴿ :‬‬ ‫ط البدي والهلك ال ّ‬ ‫والجتباِء ‪ ،‬لهو حقيقٌ بالسقو ِ‬
‫شي ْ َ‬ ‫خ من ْها َ َ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫فأت ْب َ َ‬ ‫سل َ َ ِ َ‬ ‫فان َ‬ ‫آت َي َْناهُ آَيات َِنا َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬
‫م َ‬ ‫س َ‬‫خْيرا ً ّل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫وي َ‬
‫ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫غا‬ ‫م َ‬
‫ِ‬
‫ول َ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫وّلوا ْ ّ‬ ‫م ل َت َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ج المقّربون إلى‬ ‫ة الديانةِ الكبرى ‪ ،‬منها َيل ُ‬ ‫إن الّرضا بواب ُ‬
‫ره ‪ ،‬المستسلمون‬ ‫رّبهم ‪ ،‬الفرحون بهداه ‪ ،‬المنقادون لم ِ‬
‫لحكمه ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ن ‪ ،‬فأعطى كثيرا ً من رؤساِء العر ِ‬ ‫حن َي ْ ٍ‬‫م ‪ ‬غنائم ُ‬ ‫س َ‬‫قَ ّ‬
‫ة بما في قلوِبهم من‬ ‫ومتأخري العرب ‪ ،‬وترك النصار ‪ ،‬ثق ً‬
‫ن واليقين والخيرِ العميم ِ ‪ ،‬فكأنهم عتُبوا لن‬ ‫الرضى واليما ِ‬
‫سَر لهم السّر في‬ ‫المقصود لم يظهر لهم ‪ ،‬فجمعهم ‪ ‬وف ّ‬
‫المسألةِ ‪ ،‬وأخبرهم أنه معهم ‪ ،‬وأنه يحّبهم ‪ ،‬وأنه ما أعطى‬
‫ص ما عندهم من اليقين ‪ ،‬وأما‬ ‫ً‬
‫أولئك إل تأليفا لقلوبهم ‪ ،‬لنْق ِ‬
‫النصاُر فقال لهم ‪ )) :‬أما ترضون أن ينطلق الناس‬
‫ه ‪ ‬إلى‬ ‫ل الل ِ‬ ‫بالشاء والبعير ‪ ،‬وتنطلقون برسو ِ‬
‫ه‬ ‫س ِدثار ‪ ،‬رحم الل ُ‬ ‫رحاِلكم ؟! النصار شعاٌر ‪ ،‬والنا ُ‬
‫ر ‪ ،‬لو‬ ‫ء النصا ِ‬ ‫ر ‪ ،‬وأبناء أبنا ِ‬ ‫النصار ‪ ،‬وأبناء النصا ِ‬
‫عبا ً وواديا ً ‪ ،‬وسلك النصاُر شعبا ً‬ ‫ش ْ‬‫س ِ‬ ‫سلك النا ُ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫ب النصا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ش ْ‬ ‫رو ِ‬ ‫ت وادي النصا ِ‬ ‫وواديا ً لسلك ُ‬
‫ت عليهم‬ ‫ة ‪ .‬وملْتهم المسّرة ُ ‪ ،‬ونزل ْ‬ ‫فغمرْتهم الفرح ُ‬
‫ة ‪ ،‬وفازوا برضا اللهِ ورضا رسول ِهِ ‪. ‬‬ ‫السكين ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪356‬‬
‫وقون إلى جن ّةٍ‬ ‫ن اللهِ ويتش ّ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫إن الذين يتطلعون إلى رِ ْ‬
‫رها بدل ً‬ ‫ض ‪ ،‬ل يقبلون الدنيا بحذافي ِ‬ ‫ت والر ُ‬ ‫ضها السماوا ُ‬ ‫عر ُ‬
‫ل العظيم ِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ول عوضا ً عن هذا النوا ِ‬ ‫من هذا الرضوا ِ‬
‫ي بين يدي رسول اللهِ ‪ ‬فأعطاه ‪ ‬بعض‬ ‫أسلم أعراب ّ‬
‫ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬ما على هذا بايعُتك ‪ .‬فقال‬ ‫الما ِ‬
‫ل اللهِ ‪)) : ‬على ماذا بايعتني ؟(( قال ‪ :‬بايعُتك‬ ‫رسو ُ‬
‫م طائش فيقع هنا )وأشار إلى حل ِْقه(‬ ‫على أن يأتيني سه ٌ‬
‫ه‬ ‫ق الل ُ‬ ‫صدُ ِ‬ ‫ويخرج من هنا )وأشار إلى قفاه(‪.‬قال له‪)) :‬إن ت ْ‬
‫م طائش ونفذ من‬ ‫ك((‪ .‬وحضر المعركة‪ ،‬وجاءه سه ٌ‬ ‫ق َ‬ ‫يصد ُ‬
‫ره‪ ،‬ولقي رّبه راضيا ً مرضّيا ‪.‬‬ ‫نح ِ‬
‫م ما‬ ‫ل والّيا ُ‬ ‫ما الما ُ‬ ‫تلك الكنوُز من‬
‫وما‬
‫والقصُر‬ ‫دنيا‬
‫ما المجد ُال ّ‬ ‫ب‬‫سذ ّهَ ِ ْ‬
‫من‬ ‫الكداوال ُ‬
‫الجواهرِ‬‫ما هذه‬
‫المنى‬
‫وما نفيس ٍ‬
‫ة‬ ‫ف كُ ّ‬
‫ل‬ ‫شيء ُ‬ ‫لالمني‬ ‫ب‬ ‫النش ْ‬
‫أكرم‬ ‫ه‬ ‫أغلى‬
‫الل ُ‬ ‫تفنى ويبقى‬
‫الدين ‪،‬‬ ‫ة‬ ‫بل ً ‪ ،‬فأعطى أناسا ً ‪ .‬قليلي‬
‫مرغوب ٍ‬ ‫يوم وَهَ ْ‬
‫أموا‬ ‫ووّزع ‪ ‬ذات من‬
‫ت‬ ‫مُثل ‪ ،‬وترك أناسا ً ث ُّلم ْ‬ ‫ضحلى المانة ‪ ،‬مقفرين في عالم ال ُ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫جرح ْ‬ ‫ت أموُالهم‪ ،‬و ُ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬وأنفق ْ‬ ‫سيوُفهم في سبي ِ‬
‫ب عن المل ّةِ ‪ ،‬ثم قام ‪ ‬خطيبا ً‬ ‫مهم في الجهادِ والذ ّ‬ ‫أجسا ُ‬
‫في المسجدِ وأخبرهم بالمرِ ‪ ،‬وقال لهم ‪ )) :‬إني أعطي‬
‫ع‬ ‫ه في قلوِبهم من الجز ِ‬ ‫ما جعل الل ُ‬ ‫أناسا ً ل ِ‬
‫ه في قلوِبهم من‬ ‫ع أناسا ً لما جعل الل ُ‬ ‫ع ‪ ،‬وأدَ ُ‬ ‫والطم ِ‬
‫ن تغلب (( ‪.‬‬ ‫ر – منهم ‪ :‬عمرو ب ُ‬ ‫ن – أو الخي ْ ِ‬ ‫اليما ِ‬
‫ن لي بها الدنيا وما‬ ‫ة ما أريد ُ أ ّ‬ ‫ن تغلب ‪ :‬كلم ً‬ ‫ل عمروُ ب ُ‬ ‫فقا َ‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ل الرضا عن حك ْم ِ رسول ِ ِ‬
‫ه‬ ‫إنه الرضا عن اللهِ عّز وج ّ‬
‫ن الدنيا ل تساوي عند الصحابي‬ ‫ب ما عند َ اللهِ ‪ ،‬إ ّ‬ ‫‪ ، ‬طل َ‬
‫الواحد كلمة راضية باسمة منه ‪. ‬‬
‫لقد كانت ُوعود ُ الرسول ‪ ‬لصحاِبه ثوابا ً من عند ِ اللهِ ‪،‬‬
‫ة عنده ورضوانا ً منه ‪ ،‬لم ي َعِد ْ ‪ ‬أحدا ً منهم بقصرِ أو‬ ‫وجن ً‬
‫ل كذا وله‬ ‫وليةِ إقليم ٍ أو حديقةٍ ‪ .‬كان يقول لهم ‪ :‬من يفع ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪357‬‬
‫ل الذي‬ ‫ة ؟ ولخر ‪ :‬وهو رفيقي في الجنةِ ؟ لن البذ ُ‬ ‫الجن ُ‬
‫ل الذي أنفقوه والجهد ُ الذي قدموه ‪ ،‬ل جزاء له‬ ‫بذلوه والما ُ‬
‫ئ المجهود‬ ‫إل في الدارِ الخرةِ ‪ ،‬لن الدنيا بما فيها ل تكاف ُ‬
‫ل زهيد ٌ ‪.‬‬ ‫ص وبذ ْ ٌ‬ ‫س ‪ ،‬وعطاٌء رخي ٌ‬ ‫ن بخي ٌ‬ ‫الضخم ؛ لنها ثم ٌ‬
‫ه عنه ‪ -‬رسول‬ ‫ن عمُر ‪-‬رضي الل ُ‬ ‫وعند الترمذيّ ‪ :‬يستأذ ُ‬
‫اللهِ ‪ ‬في العمرةِ ‪ ،‬قال ‪)) :‬ل تنسنا من دعاِئك يا أخي‬
‫(( ‪.‬‬
‫م‬ ‫ل الهدى ‪ ، ‬الما ُ‬ ‫وقائل هذه الكلمة هو رسو ُ‬
‫ة‬ ‫ة عظيم ٌ‬ ‫م ‪ ،‬الذي ل ينطقُ عن الهوى ‪ ،‬ولكنها كلم ٌ‬ ‫المعصو ُ‬
‫ن لي بها‬ ‫ة ‪ ،‬قال عمُر فيما بعد ُ ‪ :‬كلمة ما أريد أ ّ‬ ‫ة ونفيس ٌ‬ ‫وثمين ٌ‬
‫الدنيا وما فيها ‪.‬‬
‫ك‪:‬‬ ‫ن تشعر أن رسول اللهِ ‪ ، ‬قال لك أنت بعين ِ‬ ‫ولك أ ْ‬
‫ل تْنسنا من دعائك يا أخي ‪.‬‬
‫كان رضا رسول الله ‪ ‬عن رّبه فوق ما يصُفه‬
‫ْ‬
‫ض في السلم ِ‬ ‫ض في الغنى والفقرِ ‪ ،‬را ٍ‬ ‫الواصفون ‪ ،‬فهو را ٍ‬
‫ة‬
‫ض وقت الصح ِ‬ ‫ف ‪ ،‬را ٍ‬ ‫ض وقت القوةٍ والضع ِ‬ ‫ب ‪ ،‬را ٍ‬ ‫والحر ِ‬
‫ض في الشدةِ والرخاِء ‪.‬‬ ‫والسقم ِ ‪ ،‬را ٍ‬
‫عاش ‪ ‬مرارة الي ُت ْم ِ ‪ ،‬وأسى اليتم ِ ‪ ،‬ولوعة اليتم ِ فكان‬
‫ل التمرِ – أي رديئه ‪، -‬‬ ‫راضيا ً ‪ ،‬وافتقر ‪ ‬حتى ما يجد د َقَ َ‬
‫ض‬ ‫ط الحجر على بطِنه من شد ّةِ الجوِع ‪ ،‬ويقتر ُ‬ ‫وكان يرب ُ‬
‫م على الحصير‬ ‫ن درعه عنده ‪ ،‬وينا ُ‬ ‫شعيرا ً من يهودي ويره ُ‬
‫ة أيام ل يجد ُ شيئا ً يأكُله ‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فيؤثُر في جنِبه ‪ ،‬وتمّر ثلث ُ‬
‫شاء‬ ‫ذي ِإن َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ب العالمين ﴿ ت ََباَر َ‬ ‫كان راضيا ً عن اللهِ ر ّ‬
‫ها‬ ‫حت ِ َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ك َ‬‫من ذَل ِ َ‬ ‫خْيرا ً ّ‬‫ك َ‬‫ل لَ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫صورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫عل ل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ق ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬
‫هاُر َ‬ ‫اْلن ْ َ‬
‫ف هو‬ ‫ورضي عن رّبه وقت المجابهةِ الولى ‪ ،‬يوم وقَ َ‬
‫ل الدنيا – تحارُبه بخيِلها‬ ‫ت الدنيا – ك ّ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬ووقف ِ‬ ‫في حز ِ‬
‫وها بخيلئها ‪ ،‬فكان راضيا ً عن‬ ‫جلها ‪ ،‬بغناها بزخرِفها ‪ ،‬بزه ِ‬ ‫ور ِ‬
‫مه‬ ‫ن اللهِ في الفترةِ الحرجةِ ‪ ،‬يوم مات ع ّ‬ ‫اللهِ ‪ .‬رضي ع ِ‬
‫ة ‪ ،‬وأوذي أشد ّ الذى ‪ ،‬و ُ‬ ‫ُ‬
‫كذب أشد ّ‬ ‫وماتت زوجٌته خديج ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪358‬‬
‫صد ْقِهِ ‪ ،‬فقيل له ‪:‬‬ ‫ت كرامُته ‪ ،‬وُرمي في ِ‬ ‫خدش ُ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬‫التكذي ِ‬
‫ن ‪ ،‬وشاعٌر ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ومجنو ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وساحٌر ‪ ،‬وكاه ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ك ّ‬
‫ع‬
‫ط رأسهِ ‪ ،‬فيها مرات ُ‬ ‫ده ‪ ،‬ومسق ِ‬ ‫رد من بل ِ‬ ‫ورضي يوم ط ُ ِ‬
‫ت إلى مكة‬ ‫ن شباِبه ‪ ،‬فيلتف ُ‬ ‫ب طفولِته ‪ ،‬وأفاني ُ‬ ‫صباه ‪ ،‬وملع ُ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ه إل ّ‬ ‫ب بلِد الل ِ‬ ‫ك أح ّ‬ ‫عه ‪ ،‬ويقول ‪ )) :‬إن ِ‬ ‫ل دمو ُ‬ ‫وتسي ُ‬
‫ت (( ‪.‬‬ ‫ن أهلك أخرجوني منك ما خرج ُ‬ ‫ولول أ ّ‬
‫رض‬ ‫ف ليع ِ‬ ‫ب إلى الطائ ِ‬ ‫ورضي عن اللهِ وهو يذه ُ‬
‫ل ‪ ،‬وُيرمى‬ ‫دعوته ‪ ،‬فُيواجه بأقبِح رد ّ ‪ ،‬وبأسوأ ِ استقبا ٍ‬
‫بالحجارةِ حتى تسيل قدماه ‪ ،‬فيرضى عن موله ‪.‬‬
‫ويرضى عن اللهِ وهو يخرج من مكة مرغما ً ‪ ،‬فيسير‬
‫ل في طريِقه‬ ‫ل ‪ ،‬وُتوضعُ العراقي ُ‬ ‫إلى المدينة وُيطارد ُ بالخي ِ‬
‫أينما ذهب ‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬وفي‬ ‫ن ‪ ،‬وفي كل مكا ٍ‬ ‫ل موط ٍ‬ ‫يرضى عن ربه في ك ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫كل زم ٍ‬ ‫ُ‬
‫سه ‪ ،‬وُتكسُر ثنيُته ‪ ،‬وُيقت ُ‬
‫ل‬ ‫ج رأ ُ‬ ‫حدا ً ‪ ‬فُيش ّ‬ ‫يحضر أ ُ‬
‫صّفوا‬ ‫شه ‪ ،‬فيقول ‪ُ )) :‬‬ ‫ب جي ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وُيغل ُ‬ ‫ح أصحاب ُ‬ ‫مه ‪ ،‬وُيذب ُ‬‫ع ّ‬
‫لثني على ربي (( ‪.‬‬ ‫ورائي ُ‬
‫ده من المنافقين‬ ‫ف كافٌر ض ّ‬ ‫حل ْ ٌ‬
‫يرضى عن رّبه وقد ظهر ِ‬
‫وضا ً‬ ‫واليهود والمشركين ‪ ،‬فيقف صامدا ً متوك ّل ً على اللهِ ‪ ،‬مف ّ‬
‫المر إليه ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ك َرب ّ َ‬ ‫طي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف يُ ْ‬
‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ول َ َ‬‫وجزاُء هذا الرضا منه ‪َ ﴿ : ‬‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫فت َْر َ‬ ‫َ‬
‫******************************************‬
‫ف في وادي نخلة‬
‫هتا ٌ‬
‫ِ‬
‫م ‪ ‬من مكة حيث أهُله وأبناؤه‬ ‫ُ‬
‫أخرج محمد ٌ المعصو ُ‬
‫شّرد تشريدا ً ‪ ،‬والتجأ إلى‬
‫طرد ُ طردا ً و ً‬
‫وداُره ووطُنه ‪ُ ،‬‬
‫ت عليه‬‫جوِبه بالجحود ِ ‪ ،‬وتهاو ْ‬‫بو ُ‬‫ف فُقوبل بالتكذي ِ‬
‫الطائ ِ‬
‫م‪.‬‬‫س والشت ُ‬‫الحجارة ُ والذى وال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪359‬‬
‫ن‬ ‫ن وقدماه بدماِء الطهرِ تنزفا ِ‬ ‫كفا ِ‬ ‫فعيناه بدموع السى ت ِ‬
‫ل‬‫ج ‪ ،‬فإلى من يلتجئ ؟ ومن يسأ ُ‬ ‫‪ ،‬وقلُبه بمرارةِ المصيبة ي َل ْعَ ُ‬
‫ي‬
‫؟ وإلى من يشكو ؟ وإلى من يقصد ُ ؟ إلى اللهِ إلى القو ّ‬
‫إلى القهارِ ‪ ،‬إلى العزيزِ ‪ ،‬إلى الناصرِ ‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬وشكر موله ‪،‬‬ ‫استقبل محمد ٌ ‪ ‬القبلة ‪ ،‬وقصد ر ّ‬
‫ب‬ ‫ق النجوى وأحّر الطل ِ‬ ‫ت الشكوى وصاد ِ‬ ‫ه بعبارا ِ‬ ‫وتدّفق لسان ُ‬
‫ح وبكى ‪ ،‬وشكا وتظّلم وتأّلم ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ودعا وأل ّ‬
‫المآقي من‬ ‫والمآسي على‬
‫تلثءُ ُ‬
‫م‬ ‫بمبكا‬ ‫الخطو‬
‫وشفاه ُ اليا ِ ِ‬
‫ظماد ُُء‬ ‫الخدودِ ِ‬
‫الرعو‬ ‫ه‬
‫حت َت ْ ُ‬
‫نَ َ‬
‫وجهإا ًذ ْ يقول ‪:‬‬ ‫‪ُ‬ء مولهُ وإلهه ليلة نخلة ‪،‬‬ ‫والنوا‬
‫اسمع سؤال النبي‬
‫قّلة حيلِتي‬ ‫عف قوتي و ِ‬ ‫)) اللهم إني أشكو إليك ض ْ‬
‫ب‬ ‫م الراحمين‪ ،‬ور ّ‬ ‫س ‪ ،‬أنت أرح ُ‬ ‫وهواني على النا ِ‬
‫المستضعفين ‪ ،‬وأنت ربي ‪ ،‬إلى من تك ُِلني ؟ إلى‬
‫و مل ّك َْته أمري ‪ ،‬إن لم‬ ‫مني ‪ ،‬أو إلى عد ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب يتج ّ‬ ‫قري ٍ‬
‫ب فل أبالي ‪ ،‬غير أن عافيتك هي‬ ‫ض ٌ‬ ‫غ َ‬ ‫ي َ‬ ‫يكن عل ّ‬
‫ُ‬
‫ت له‬ ‫هك الذي أشرق ْ‬ ‫أوسع لي ‪ ،‬أعوذُ بنور وج ِ‬
‫ل‬ ‫ة ‪ ،‬أن ينز ُ‬ ‫ح عليه أمُر الدنيا والخر ِ‬ ‫صل ُ َ‬ ‫ت‪،‬و َ‬ ‫الظلما ُ‬
‫عْتبى حتى‬ ‫طك ‪ ،‬لك ال ُ‬ ‫ل بي سخ ُ‬ ‫ضُبك ‪ ،‬أو يح ّ‬ ‫غ َ‬‫بي َ‬
‫ترضى ‪ ،‬ول حول ول قوة إل ب َ‬
‫ك (( ‪.‬‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫جوائز للرعيل الول‬
‫ت‬ ‫ح َ‬ ‫ك تَ ْ‬‫عون َ َ‬‫ن إ ِذْ ي َُباي ِ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬‫َ‬ ‫ض‬ ‫﴿ لَ َ‬
‫قدْ َر ِ‬
‫ة‬
‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬‫ل ال ّ‬ ‫فَأنَز َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلو َب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ة َ‬
‫ف َ‬ ‫جَر ِ‬‫ش َ‬‫ال ّ‬
‫ريبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫فْتحا ً َ‬
‫ق ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وأَثاب َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ة ما يتمناه المؤمنين وما يطلُبه الصادقون وما‬ ‫هذه غاي ُ‬
‫ل‬‫ن اللهِ ‪ .‬إن الرضا أج ّ‬ ‫ص عليه المفلحون ‪ ..‬رضوا ِ‬ ‫يحر ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل المقاصد ِ وأسمى المواه ِ‬ ‫ب وأنب ُ‬ ‫المطال ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪360‬‬
‫كر في موضٍع‬ ‫هنا في هذه الية جاء رضا اللهِ ‪ ،‬بينما ذ ُ ِ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذنب ِ َ‬ ‫من َ‬ ‫م ِ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫فَر ل َ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬ل ِي َ ْ‬ ‫آخر الغفرا ُ‬
‫عَلى‬ ‫ب الله َ‬ ‫ة ‪ ﴿:‬ل َ َ‬ ‫ت َأ َ‬
‫قد ّتا َ‬ ‫ن التوب ُ‬ ‫ن ثا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موط‬ ‫‪.‬وفي‬ ‫﴾‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ث العفوُ ‪﴿ :‬‬ ‫ر ﴾ ‪ .‬وفي ثال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صا‬ ‫والن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫وال ْ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّب ِ‬
‫َ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫م أِذن َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫عن َ‬ ‫ه َ‬ ‫فا الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫أما هنا ‪ :‬فالرضوان المحّققُ ‪ ،‬لنهم يبايعونك تحت‬
‫ة لرواحهم‬ ‫ه ما في قلوِبهم ‪ ،‬فبْيعُتهم بيع ٌ‬ ‫الشجرةِ وعلم الل ُ‬
‫ة لنفسهم‬ ‫ك الحقّ ‪ ،‬وبيع ٌ‬ ‫الثمينةِ عندهم لتزهق لمرضاةِ المل ِ‬
‫ة لوجودهم‬ ‫النفيسةِ لتذهب لمرضاةِ الواحد ِ القهارِ ‪ ،‬وبيع ٌ‬
‫ن في موتهم حياة للرسالة ‪ ،‬وفي قتلهم خلودا ً‬ ‫وحياتهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫للملة ‪ ،‬وفي ذهاِبهم بقاًء للميثا ِ‬
‫ن‬ ‫ن واليقي ِ‬ ‫ن المكي ِ‬ ‫علم ما في قلوبهم من اليما ِ‬ ‫و ِ‬
‫ق الوافي ‪ ،‬لقد تعُبوا‬ ‫ص الصافي والصد ِ‬ ‫المتين ‪ ،‬والخل ِ‬
‫عوا وظمُئوا ‪ ،‬وأصابهم الضرُر والضيقُ ‪،‬‬ ‫وسهُروا ‪ ،‬وجا ُ‬
‫ة والضنى ‪ ،‬لكنه رضي عنهم ‪.‬‬ ‫والمشق ُ‬
‫لقد فارُقوا الهل والموال والولد والديار ‪ ،‬وذاُقوا‬
‫ل‪،‬‬ ‫ق ولوعة الغربةِ ‪ ،‬ووعثاء السفرِ وكآبة الرتحا ِ‬ ‫مرارة الفرا ِ‬
‫لكنه رضي عنهم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫دوا ‪ ،‬لكّنه رضي‬ ‫شّردوا وط ُرُِدوا وفُّرُقوا وتعُِبوا وأجه ُ‬ ‫لقد ُ‬
‫عنهم ‪.‬‬
‫م‬ ‫هل جزاُء هؤلء المجاهدين والمنافحين عن الملةِ ‪ :‬غنائ ُ‬
‫من إبل وبقرٍ وغنم ٍ ؟ هل مكافأة ُ هؤلء المناضلين عن‬
‫ن أنه‬ ‫ة ؟ هل تظ ّ‬ ‫ض مالي ٌ‬ ‫عرو ٌ‬ ‫ن‪ُ :‬‬ ‫الرسالة الذاّبين عن الدي ِ‬
‫ُيبرِد ُ غليل هؤلِء الصفوةِ المجتباةِ والنخبةِ المصطفاةِ ‪،‬‬
‫ة؟ل‪.‬‬ ‫مق ٌ‬ ‫ن غّناء أو دوٌر من ّ‬ ‫م معدودةٌ أو بساتي ُ‬ ‫دراه ُ‬
‫ج‬ ‫حهم عفوُ اللهِ ‪ ،‬وُيثل ُ‬ ‫ن اللهِ ‪ ،‬وُيفر ُ‬ ‫ُيرضيهم رضوا ُ‬
‫ريرًا}‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬‫ة َ‬ ‫جن ّ ً‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جَزا ُ‬ ‫و َ‬‫صدورهم كلمةٍ ‪َ ﴿ :‬‬
‫مسا ً‬ ‫ش ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ك َل ي ََر ْ‬ ‫عَلى اْل ََرائ ِ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مت ّك ِِئي َ‬ ‫‪ُ {12‬‬
‫ت‬ ‫وذُل ّل َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫م ظَِلل ُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ة َ َ‬ ‫دان ِي َ ً‬ ‫و َ‬ ‫ريرًا}‪َ {13‬‬ ‫ه ِ‬ ‫م َ‬ ‫وَل َز ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ض ٍ‬ ‫ف ّ‬ ‫من ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫هم ِبآن ِي َ ٍ‬ ‫ف َ َ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ها ت َذِْلي ً‬ ‫طو ُ‬ ‫ق ُ‬
‫ُ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫ل}‪َ {14‬‬ ‫ف َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪361‬‬
‫ب َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ض ٍ‬‫ف ّ‬ ‫من ِ‬ ‫ريَر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ريَرا}‪َ {15‬‬
‫ق َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ت َ‬
‫ق َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫وأك ْ َ‬
‫وا ٍ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫ديرا ﴾ ‪.‬‬ ‫ها ت َ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫قدُّرو َ‬‫َ‬
‫****************************************‬
‫ضا‬
‫مر الغ َ‬
‫الرضا ولو على ج ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ث عن إبِله التي ضل ّ ْ‬ ‫س يبح ُ‬‫ل من بني عب ْ ٍ‬ ‫خرج رج ٌ‬
‫فذهب والتمسها ‪ ،‬ومكث ثلثة أيام ٍ في غياِبه ‪ ،‬وكان هذا‬
‫ر‬
‫ل والبق ِ‬ ‫ل والب ِ‬ ‫ه ما شاء من الما ِ‬ ‫الرجل غنيا ً ‪ ،‬أعطاه الل ُ‬
‫ل‬‫ل في منز ٍ‬ ‫ل واله ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وكان هذا الما ُ‬ ‫والغنم ِ والبنين والبنا ِ‬
‫ن‬ ‫ل في ديارِ بني عبس ‪ ،‬في رغد ٍ وأم ٍ‬ ‫ب على ممّر سي ْ ٍ‬ ‫ح ٍ‬‫ر ْ‬
‫دهم ولم يفكْر أبناؤه أن الحوادث قد‬ ‫ن ‪ ،‬لم يفكْر وال ُ‬ ‫وأما ٍ‬
‫حهم ‪.‬‬ ‫تزورهم ‪ ،‬وأن المصائب قد تجتا ُ‬
‫ل‬
‫يا راقد اللي ِ‬ ‫ن الحوادث قد‬ ‫إ ّ‬
‫مسرورا ً بأوِّله‬ ‫سحارا‬ ‫نأ ْ‬ ‫يط ُْرقْ َ‬
‫ل جميعا ً كباُرهم وصغاُرهم ‪ ،‬معهم أمواُلهم في‬ ‫نام اله ُ‬
‫ث عن ضال ِّته ‪ ،‬وأرسل‬ ‫ب يبح ُ‬ ‫ض مستوية ‪ ،‬ووالدهم غائ ٌ‬ ‫أر ٍ‬
‫ل الصخور‬ ‫ه عليهم سي ْل ً جارفا ً ل يلوي على شيٍء ‪ ،‬يحم ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ل ‪ ،‬فاجتاحهم‬ ‫ل التراب ‪ ،‬ومّر عليهم في آخر اللي ِ‬ ‫كما يحم ُ‬
‫جميعا ً ‪ ،‬واقتلع بيوتهم من أصلها ‪ ،‬وأخذ الموال معه جميعا ً ‪،‬‬
‫ق الماء ‪،‬‬ ‫حهم من تدفّ ِ‬ ‫ت أروا ُ‬‫وأخذ الهل جميعا ً ‪ ،‬وزهق ْ‬
‫ن ‪ ،‬فكأنهم لم يكونوا ‪ ،‬صاُروا حديثا ً ُيتلى‬ ‫ً‬
‫وصاُروا أثرا بعد عي ْ ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫على اللسا ِ‬
‫س أحدا ً ‪ ،‬ولم‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ثلثةِ أيام ٍ إلى الوادي ‪ ،‬فلم ي ُ ِ‬ ‫وعاد ال ُ‬
‫ن قاعٌ‬ ‫ي ول ناطق ول أنيس ‪ ،‬المكا ُ‬ ‫يسمعْ رافدا ً ‪ ،‬ل ح ّ‬
‫داهيةِ الدهياِء !! ل زوجة ل ابن ل‬ ‫ه !! يا لل ّ‬ ‫ف ‪ ،‬يا الل ُ‬ ‫ص ٌ‬‫صْف َ‬ ‫َ‬
‫ة ل شاةَ ل بقرة ‪ ،‬ل درهم ل دينار ‪ ،‬ل ثوب ل‬ ‫ابنة ‪ ،‬ل ناق َ‬
‫ة !!‬ ‫شيء ‪ ،‬إنها مصيب ٌ‬
‫ه ْقد شرد ‪ ،‬فحاول‬ ‫ن جمال ِ ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫وزيادة ً في البلء ‪ :‬إذا جم ٌ‬
‫ن يدركه وأخذ بذِيله عّلة أن يجد رجل ً يقوُده إلى مكان يأوي‬ ‫أ ْ‬
‫ي آخُر ‪،‬‬ ‫ت من هذا اليوم سمعه أعراب ّ‬ ‫ن ووق ٍ‬ ‫إليه ‪ ،‬وبعد حي ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪362‬‬
‫دالملك الخليفةِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫فأتى إليه وقاده ‪ ،‬وذهب به إلى الوليدِ ب ِ‬
‫ت ؟ قال ‪:‬‬ ‫ل ‪ :‬كيف أن َ‬ ‫خب ََر ‪ ،‬فقا َ‬ ‫في دمشق ‪ ،‬وأخبره ال َ‬
‫ت عن اللهِ ‪.‬‬ ‫رضي ُ‬
‫ة ‪ ،‬يقوُلها هذا المسُلم الذي‬ ‫ة كبيرة ٌ عظيم ٌ‬ ‫وهي كلم ٌ‬
‫ة‬‫ة للسائلين ‪ ،‬وعظ ِ ً‬ ‫ل التوحيد في قلِبه ‪ ،‬وأصبح آي ً‬ ‫م َ‬
‫ح َ‬‫َ‬
‫للمّتعظين ‪ ،‬وعبرة ً للمعتبرين ‪.‬‬
‫والشاهد ‪ :‬الرضا عن اللهِ ‪.‬‬
‫در ‪ ،‬فإن استطاع أن‬ ‫م للمق ّ‬ ‫والذي ل يرضى ول يسل ّ ُ‬
‫لما ً في السماء‪ ،‬وإن شاء‪﴿ :‬‬ ‫س ّ‬‫يبتغي نفقا ً في الرض أو ُ‬
‫ل‬ ‫ه ْ‬ ‫فل َْينظُْر َ‬ ‫ع َ‬ ‫قط َ ْ‬ ‫م ل ِي َ ْ‬‫ماء ث ُ ّ‬ ‫س َ‬‫ب إ َِلى ال ّ‬‫سب َ ٍ‬
‫مدُدْ ب ِ َ‬‫فل ْي َ ْ‬
‫َ‬
‫ظ﴾‬‫غي ُ‬‫ما ي َ ِ‬‫ن ك َي ْدُهُ َ‬‫هب َ ّ‬ ‫ي ُذْ ِ‬
‫********************************************‬
‫وقفــــــة‬
‫ن الشبل ‪:‬‬ ‫يب ِ‬ ‫قال أبو عل ّ‬
‫ج‬ ‫وإذا هممت فنا ِ‬ ‫ت‬ ‫عدا ً فخيرا ُ‬ ‫وَ ْ‬
‫منى‬
‫دون‬ ‫بال ُ‬
‫رجاءك‬‫لنفسك‬ ‫واجع ْ‬ ‫ت‬
‫مك‬ ‫عدا ّ ُ‬ ‫ن‬
‫تزول ِبه‬‫حتىالجنا ِ‬
‫ة‬ ‫جن‬
‫لسا ّ ًِء‬‫سك َ ُ‬‫ج‬
‫ال ُ‬‫واستْر عنيأ ِ‬ ‫تد ُ‬ ‫الوقا ّ ُ‬
‫سا‬ ‫ح‬
‫ؤك ال ُ‬ ‫جلسا ُ‬
‫إنما‬
‫ث‬ ‫للحواد ِ‬ ‫ودع التوّقع بّثك‬ ‫ل‬‫ت‬ ‫قب ُ ِ‬ ‫ما‬
‫ش ّ‬ ‫يوالم ّ ْ‬
‫ن‬ ‫للح ّ‬
‫ِ‬
‫إنه‬
‫ت‬ ‫ه ثبا ٌ‬ ‫م ليس ل ُ‬ ‫فاله ّ‬ ‫تِر‬ ‫ت مما ُ‬
‫للسرو‬ ‫المماما ِ‬
‫في أهل ِهِ‬
‫س‬ ‫ل ما‬ ‫ة مث ِ‬ ‫ت‬ ‫ثبا ُ‬
‫النفو ِ‬ ‫لول مغالط ُ‬ ‫للمتيقظين‬ ‫ف‬
‫ص ُ‬ ‫لم ت ْ‬
‫عقولها‬ ‫حياةُ‬
‫*******************************************‬
‫اتخاذُ القرار‬
‫ب‬ ‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫ه ﴾ ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬ ‫وك ّ ْ‬
‫ل َ‬ ‫ت َ‬
‫فت َ َ‬ ‫م َ‬
‫عَز ْ‬
‫ذا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫وك ِّلي َ‬‫مت َ َ‬‫ال ْ ُ‬
‫ب عندما يريد أن يتخذ قرارا ً ‪،‬‬ ‫إن كثيرا ً منا يضطر ُ‬
‫ك ‪ ،‬فيبقى في ألم ٍ‬ ‫ك والش ّ‬ ‫فيصيُبه القلقُ والحيرةُ والربا ُ‬
‫مستمرٍ وفي صداٍع دائم ٍ ‪ .‬إن على العبدِ أن يشاور وأن‬
‫ل تحزن‬
‫‪363‬‬
‫مل قليل ً ‪ ،‬فإذا غلب على ظنه الرأ ُ‬
‫ي‬ ‫ه ‪ ،‬وأن يتأ ّ‬ ‫يستخير الل َ‬
‫ت‬ ‫ن أقدم بل إحجام ‪ ،‬وانتهى وق ُ‬ ‫ك الحس ُ‬ ‫ب والمسل ُ‬ ‫الصو ُ‬
‫جَزم ‪ ،‬لينهي‬ ‫مم وَ َ‬ ‫كل ‪ ،‬وص ّ‬ ‫المشاورةِ والستخارةِ ‪ ،‬وَع ََزم وتو ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫دد والضطرا ِ‬ ‫حياة التر ّ‬
‫ُ‬
‫حد ‪ ،‬فأشاروا‬ ‫لقد شاور ‪ ‬الناس وهو على المنبر يوم أ ُ‬
‫ج‪ ،‬فلبس لمته وأخذ سيفه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لعّلنا أكرهناك يا‬ ‫بالخرو ِ‬
‫رسول الله ؟ لو بقيت في المدينةِ ‪ .‬قال ‪ )) :‬ما كان لنبي‬
‫ه بينه‬ ‫إذا لبس لمته أن ينزعها حتى يقضي الل ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫ه (( ‪ .‬وَعََزم ‪ ‬على الخرو ِ‬ ‫و ِ‬ ‫وبين عد ّ‬
‫ج إلى تردد ٍ ‪ ،‬بل إلى مضاٍء وتصميم ٍ‬ ‫إن المسألة ل تحتا ُ‬
‫وعزم ٍ أكيدٍ ‪ ،‬فإن الشجاعة والبسالة والقيادة في اتخاذِ‬
‫القرارِ ‪.‬‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫وْر ُ‬‫شا ِ‬ ‫و َ‬‫تداول ‪ ‬مع أصحاِبه الرأي في بدرٍ ‪َ ﴿ :‬‬
‫شوَرى ﴾ ‪ ،‬فأشاُروا عليه فَعََزم ‪‬‬ ‫م ُ‬ ‫ال َمر ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ه ْ‬
‫مُر ُ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬
‫وأقدم ‪ ،‬ولم يلوِ على شيٍء ‪.‬‬
‫خوٌر في‬ ‫مةِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ي ‪ ،‬وبرود ٌ في اله ّ‬ ‫إن الترّدد فساد ٌ في الرأ ِ‬
‫سي ْرِ ‪ .‬وهذا الترد ّد ُ‬ ‫ت للجهدِ ‪ ،‬وإخفاقٌ في ال ّ‬ ‫شتا ٌ‬ ‫التصميم ِ و َ‬
‫ف أناسا ً من‬ ‫ت ‪ .‬أعر ُ‬ ‫م والثبا ُ‬ ‫م والجز ُ‬ ‫ض ل دواء له إل العز ُ‬ ‫مر ٌ‬
‫ت صغيرةٍ ‪ ،‬وفي‬ ‫دمون وُيحجمون في قرارا ِ‬ ‫ت وهم ُيق ِ‬ ‫سنوا ٍ‬
‫ب‬ ‫ك والضطرا ِ‬ ‫ف عنهم إل روح الش ّ‬ ‫مسائل حقيرةٍ ‪ ،‬وما أعر ُ‬
‫سهم وفي من حولهم ‪.‬‬ ‫‪ ،‬في أنف ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ص َ‬ ‫حهم فَوَ َ‬ ‫ق أن يصل إلى أروا ِ‬ ‫إنهم سمحوا للخفا ِ‬
‫ت ليزور أذهانهم فزار ‪.‬‬ ‫حوا للتشت ّ ِ‬ ‫وسم ُ‬
‫مل‬ ‫إنه يجب عليك بعد أن تدرس الواقعة ‪ ،‬وتتأ ّ‬
‫ت‬ ‫ب السماوا ِ‬ ‫المسألة ‪ ،‬وتستشير أهل الرأي‪ ،‬وتستخير ر ّ‬
‫فذ ما ظهر لك عاجل ً‬ ‫جم ‪ ،‬وأن ت ُن ْ ِ‬ ‫دم ول ُتح ِ‬ ‫ض ‪ ،‬أن ُتق ِ‬ ‫والر ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫غير آج ٍ‬
‫ب‬ ‫ديق يستشيُر الناس في حرو ِ‬ ‫وقف أبو بكر الص ّ‬
‫ن هذا‬ ‫ل ‪ ،‬لك ّ‬ ‫س كلهم عليه بعدم ِ القتا ِ‬ ‫الردةِ ‪ ،‬فأشار النا ُ‬
‫ل ‪ ،‬لن هذا إعزاٌز‬ ‫ديق انشرح صدُره للقتا ِ‬ ‫الخليفة الص ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪364‬‬
‫ت الخارجةِ على‬ ‫للسلم ِ ‪ ،‬وقط ْعٌ لدابر الفتنةِ ‪ ،‬وسحقٌ للفئا ِ‬
‫مم على‬ ‫ن ‪ ،‬ورأى بنورِ اللهِ أن القتال خيٌر ‪ ،‬فص ّ‬ ‫قداسةِ الدي ِ‬
‫ن من فّرق بين‬ ‫ُ‬
‫رأيه ‪ ،‬وأقسم ‪ :‬والذي نفسي بيدهِ ‪ ،‬لقاتل ّ‬
‫ل‬ ‫دونه لرسو ِ‬ ‫الصلةِ والزكاةِ ‪ ،‬والله لو منعوني عقال ً كانوا يؤ ّ‬
‫ت أن الله شرح‬ ‫الله ‪ ‬لقاتلُتهم عليه ‪ .‬قال عمر ‪ :‬فلما علم ُ‬
‫ه‬ ‫ت أنه الحقّ ‪ .‬ومضى وانتصر وكان رأي ُ‬ ‫صدر أبي بكر ‪ ،‬علم ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫عوَ َ‬ ‫الطيب المبارك ‪ ،‬الصحيح الذي ل ل ُْبس فيه ول ِ‬
‫ح في أماكِننا ؟‬ ‫ب ؟ وإلى متى نراو ُ‬ ‫إلى متى نضطر ُ‬
‫دد في اتخاذِ القرارِ ؟‬ ‫وإلى متى نتر ّ‬
‫إذا كنت ذا رأي‬ ‫ن‬
‫ن فساد الرأي أ ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ة‬
‫ن ذا ّعزيم ٍ‬ ‫ْ‬ ‫فك‬ ‫تترّددا‬
‫ن طبيعةِ المنافقين إفشال الخطةِ بكثرةِ تكراِر‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ما‬ ‫كم ّ‬ ‫في ُ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫و َ‬ ‫ل ‪ ،‬وإعادةِ النظرِ في الرأي ‪﴿ :‬ل َ ْ‬ ‫القو ِ‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ة﴾‬ ‫فت ْن َ َ‬ ‫غون َك ُ ُ‬ ‫م ي َب ْ ُ‬ ‫خل َل َك ُ ْ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫و َ‬ ‫خَبال ً ول ْ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫دوك ُ ْ‬‫َزا ُ‬
‫ما‬ ‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫و أَ َ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وان ِ‬ ‫خ َ‬ ‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬
‫ِ‬
‫م‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َأن ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬‫ق ْ‬ ‫قت ُِلوا ُ‬ ‫ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫َ‬
‫إنهم يصطحبون » لو « دائما ً ‪ ،‬ويحبون » ليت «‬
‫ق ‪ ،‬وعلى‬ ‫ة على التسوي ِ‬ ‫ل « فحياُتهم مبني ٌ‬ ‫ويعشقون » لع ّ‬
‫ك لَ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ن ب َي ْ َ‬ ‫مذَب ْذَِبي َ‬ ‫ب‪ّ ﴿،‬‬ ‫القدام ِ والحجام ِ ‪ ،‬وعلى التذبذ ِ‬
‫ؤلء ﴾ ‪.‬‬ ‫هـ ُ‬ ‫ول َ إ َِلى َ‬ ‫ؤلء َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫إ َِلى َ‬
‫مرةً معنا ومرةً معهم ‪ ،‬مرة ً هنا ومرة ً هناك ‪.‬‬
‫ة بين‬ ‫ث ‪ )) :‬كالشاة العائر ِ‬ ‫كما في الحدي ِ‬
‫ت‬ ‫القطيعين من الغنم ِ (( وهو يقولون في أوقا ِ‬
‫م ﴾ ‪ .‬وهم كاذبون‬ ‫عَناك ُ ْ‬ ‫قَتال ً ل ّت ّب َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َ ُ‬‫و نَ ْ‬‫ت ‪ ﴿ :‬لَ ْ‬ ‫الزما ِ‬
‫على اللهِ ‪ ،‬كاذبون على أنفسهم ‪ ،‬فهم يسرون وقت‬
‫ول َ‬ ‫ذن ّلي َ‬ ‫دهم يقول ‪ ﴿ :‬ائ ْ َ‬ ‫الزمةِ ‪ ،‬ويأتون وقت الرخاِء وأح ُ‬
‫ط ‪ .‬ويقولون‬ ‫ق والحبا ِ‬ ‫فت ِّني ﴾ ‪ .‬إنه لم يتخذ إل قرار الخفا ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ة ﴾ ‪ .‬ولكّنه‬ ‫وَر ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫ي بِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫وَرةٌ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن ب ُُيوت ََنا َ‬ ‫ب ‪ ﴿ :‬إِ ّ‬ ‫في الحزا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ص من الحقّ المبي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬والتمل ّ ُ‬ ‫ص من الواج ِ‬ ‫التخل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪365‬‬
‫*******************************************‬
‫د‬‫ـ‬ ‫ح‬‫اثبت أ ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن ‪ :‬الثبات والتصميم والجزم‬ ‫ن طبيِعة المؤم ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫والعزم ‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫في َري ْب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ي َْرَتاُبوا ﴾ ‪ ،‬أما أولئك ‪َ ﴿ :‬‬
‫ف ُ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬وفي قراِرهم يضطربون ‪ ،‬وعلى أدباِرهم‬ ‫دو َ‬ ‫ي َت ََردّ ُ‬
‫ينكصون ‪ ،‬ولعهوِدهم ينقضون ‪ .‬إن عليك أّيها العبد ُ إذا لمع‬
‫جح لديك النفعُ ‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬وتر ّ‬ ‫ب الظ ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وظهر لك غال ُ‬ ‫بارقُ الصوا ِ‬
‫خرٍ ‪.‬‬ ‫دم بل التواٍء ول تأ ّ‬ ‫أن ُتق ِ‬
‫ح ليتا ً وسوفا ً‬ ‫ا ّ‬
‫طر ْ‬ ‫ض كالسيف على‬ ‫وام ِ‬
‫لّرْين ‪،‬‬ ‫لطلق زوجته التي أذاْقتهولع ْ‬
‫الم‬ ‫في ْ‬
‫لالبط‬ ‫ف ٌ‬ ‫لقد ترد ّد َك ّ‬
‫رج‬
‫وذهب إلى حكيم ٍ يشتكيه ‪ ،‬قال‪ :‬كم لك من سنة مع هذه‬
‫ت وأنت‬ ‫ت ‪ .‬قال ‪ :‬أربع سنوا ٍ‬ ‫الزوجةِ ؟ قال ‪ :‬أربع سنوا ٍ‬
‫م ؟!‬ ‫س ّ‬ ‫تحتسي ال ّ‬
‫مل ً وانتظارا ً ‪ ،‬لكن إلى متى ؟‬ ‫ح أن هناك صبرا ً وتح ّ‬ ‫صحي ٌ‬
‫ح أو ل‬ ‫م ‪ ،‬يصل ُ‬ ‫م أو ل يت ّ‬ ‫م أن هذا المرين يت ّ‬ ‫طن يعل ُ‬ ‫إن الف ِ‬
‫ح ‪ ،‬يستمّر أو ل يستر ‪ْ ،‬فليتخذ ْ قرارا ً ‪.‬‬ ‫يصل ُ‬
‫ل‪:‬‬ ‫والشاعُر يقو ُ‬
‫شتِهيـ‬ ‫ج ما ل ت ْ‬ ‫وعل ُ‬ ‫س تعج ُ‬
‫ل‬ ‫ـهِ النف ُ‬
‫س ‪ ،‬أن‬ ‫ل النا ِ‬ ‫سيرِ واستقراِء أحوا ِ‬ ‫قال ّ‬ ‫والذي يظهُرالفرا‬
‫من ِ‬
‫الرباك والحيرة يأتيهم في مواقف كثيرةٍ ‪ ،‬لكن غالب ما‬
‫يأتيهم في أربِع مسائل ‪:‬‬
‫ص ‪ ،‬فهو ل يدري‬ ‫ص ِ‬ ‫الولى ‪ :‬في الدراسةِ واختيارِ التخ ّ‬
‫لبا ً‬
‫ت طُ ّ‬ ‫كه ‪ ،‬فيبقى في ذلك فترة ً ‪ .‬وعرف ُ‬ ‫أيّ قسم يسل ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت بسبب ترد ِّدهم في القسام ِ ‪ ،‬وفي الكليا ِ‬ ‫ضي ُّعوا سنوا ٍ‬
‫ل‪،‬‬ ‫فيبقى بعضهم مترددا ً قبل التسجيل ‪ ،‬حتى يفوته التسجي ُ‬
‫ة أو سنتين ‪ ،‬فيرتضي الشريعة‬ ‫ل في قسم ٍ سن ً‬ ‫ضهم يدخ ُ‬ ‫وبع ُ‬
‫شذ ََر‬ ‫ب عمُر َ‬ ‫ب ‪ ،‬فيذه ُ‬ ‫ثم يرى القتصاد ‪ ،‬ثم يعود ُ إلى الط ّ‬
‫مذ ََر ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪366‬‬
‫ل أمرِهِ ‪،‬‬ ‫ولو أنه درس أمره وشاور واستخار الله في أو ِ‬
‫ثم ذهب ل يلوي على شيء ‪ ،‬لحرز عمره وصان وقته ‪،‬‬
‫ص‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ونال ما أراد من هذا التخ ّ‬
‫ف ما هو‬ ‫ب ‪ ،‬فبعضهم ل يعر ُ‬ ‫ل المناس ُ‬ ‫الثانية ‪ :‬العم ُ‬
‫كها ليذهب‬ ‫ة ‪ ،‬ثم يتر ُ‬ ‫العمل الذي يناسُبه ‪ ،‬فمرةً يعتنقُ وظيف ً‬
‫ت ‪ ،‬ثم‬ ‫إلى شركةٍ ‪ ،‬ثم يهجُر الشركة إلى عمل تجاري بح ٍ‬
‫ف‬ ‫م بيته مع صفو ِ‬ ‫س والفقرِ ثم يلز ُ‬ ‫ل على العدم ِ والفل ِ‬ ‫يحص ُ‬
‫العاطلين ‪.‬‬
‫ن‬‫ه ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ق فْليلز ْ‬
‫ب ُرز ٍ‬ ‫ل لهؤلِء ‪ :‬من ُفتح له با ُ‬ ‫وأقو ُ‬
‫ن لزم بابا ً أوتي سهولته وفَْتحه‬ ‫ن ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن هذا المكا ِ‬ ‫رزقه م ْ‬
‫وحكمته ‪.‬‬
‫ج ‪ ،‬وأكثُر ما يأتي الشباب الحيرةُ‬ ‫الثالثة ‪ :‬الزوا ُ‬
‫ل رأي‬ ‫ب في مسألةِ اختيارِ الزوجةِ ‪ ،‬وقد يدخ ُ‬ ‫والضطرا ُ‬
‫الخرين في الختيارِ ‪ ،‬فالوالد ُ يرى لولدهِ امرأة ً غير التي‬
‫ن رغبة‬ ‫م ‪ ،‬فربما وافق الب ُ‬ ‫ن أو التي تراها ال ّ‬ ‫يراها الب ُ‬
‫مه ‪.‬‬ ‫ده ‪ ،‬وما يحّبه ‪ ،‬وما ل يقد ُ‬ ‫ل ما ل يري ُ‬ ‫ده ‪ ،‬فيحص ُ‬ ‫وال ِ‬
‫موا في مسألة الزواِج‬ ‫ونصيحتي لهؤلِء أن ل ُيقد ُ‬
‫ب الدين‬ ‫ص إل على ما يرتاحون إليه في جان ِ‬ ‫بالخصو ِ‬
‫ة مصيرِ امرأةٍ ل‬ ‫ن والموافقةِ ‪ ،‬لن المسألة مسأل ُ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫وال ُ‬
‫مكان للمجازفةِ بها ‪.‬‬
‫ق‪،‬‬ ‫ب في مسألةِ الطل ِ‬ ‫الرابعة ‪ :‬تأتي الحيرةُ والضطرا ُ‬
‫فيوما ً يرى الفراق ويوما ً يرى المعايشة ويوما ً يرى أن ُينهي‬
‫المعايشة ‪ ،‬وآخر يرى أن يقطع الحْبل ‪ ،‬فيصيبه من العياء ‪،‬‬
‫ه به‬ ‫ت المرِ ‪ ،‬ما الل ُ‬ ‫مى الروِح ‪ ،‬وفسادِ الرأي ‪ ،‬وتشت ّ ِ‬ ‫ح ّ‬‫و ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫علي ٌ‬
‫إن على العبدِ أن ُينهي هذه الضوائق النفسية بقراِره‬
‫الصارم ِ ‪ ،‬إن العمر واحد ٌ ‪ ،‬وإن اليوم لن يتكّرر ‪ ،‬وإن الساعة‬
‫سه ‪،‬‬ ‫لن تعود ‪ ،‬فعليه أن يعيشها سعادة ً يشارك فيها بنف ِ‬
‫ب هذه السعادةِ ‪ ،‬وتأتي هذه‬ ‫سه في استجل ِ‬ ‫ك بنف ِ‬ ‫يشار ُ‬
‫م وعزم‬ ‫السعادةُ باتخاذ ِ القرارِ ‪ .‬إن العبد المسلم إذا ه ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪367‬‬
‫وتوكل على اللهِ بعد أن يستخير وُيشاِور ‪ ،‬صار كما قال‬
‫الول ‪:‬‬
‫م ألقى بين‬ ‫إذا ه ّ‬ ‫وأعرض عن ذك ْ ِ‬
‫ر‬
‫السييه ِعينه‬‫م ْ‬ ‫جانبا‪ ،‬ومضاٌء كمضاِء ه ّ‬ ‫ب‬‫العواق ِ‬
‫م‬ ‫ف ‪ُ ،‬وتصمي ٌ‬ ‫السيل‬ ‫م كإقدام‬ ‫إقدا ٌ‬
‫عوا ْ‬ ‫كتصميم الدهر ‪ ،‬وانطلقٌ كانطلق الفجر ‪َ َ ﴿ ،‬‬
‫م ُ‬ ‫ج ِ‬‫فأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ة ثُ ّ‬‫م ً‬ ‫غ ّ‬‫م ُ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مُرك ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ل َ ي َك ُ ْ‬ ‫كاءك ُ ْ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫شَر َ‬‫و ُ‬
‫م َ‬ ‫مَرك ُ ْ‬
‫أ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ول َ ُتنظُِرو ِ‬ ‫ي َ‬‫ضوا ْ إ ِل َ ّ‬‫ق ُ‬‫ا ْ‬
‫********************************************‬
‫***‬
‫كما تدين ُتدان‬
‫ب‬
‫ن نغض ُ‬ ‫س أن يكونوا حلماء ونح ُ‬ ‫ً‬
‫عجبا لنا ! نريد ُ من النا ِ‬
‫ل ‪ ،‬ونريد منهم‬ ‫‪ ،‬ونريد ُ منهم أن يكونوا كرماء ونحن نبخ ُ‬
‫الوفاء بحسن الخاِء ‪ ،‬ونحن ل نؤدي ذلك ‪.‬‬
‫ذبا ً ل عيب‬ ‫ُتريد ُ مه ّ‬ ‫ح بل‬ ‫عود ٌ يفو ُ‬‫وهل ُ‬
‫لخيك كّله ‪.‬‬‫ه‬
‫وقالوا ‪ :‬من في ِ‬ ‫ن‬
‫ُدخا ِ‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫ستب ْق أخا ً‬
‫م ْ ٍ‬ ‫ولست ب ِ ُ‬ ‫ي‬
‫ثأ ّ‬ ‫على شع ٍ‬
‫ي‪:‬‬‫هالروم ّ‬ ‫وقالل تابل ُ ُ ّ‬
‫م ُ‬
‫ن‬ ‫ب‬‫ل المهذ ّ ُ‬ ‫الرجا ِ‬
‫ب اليام ِ أّنك‬ ‫ن عج ِ‬ ‫م ْ‬
‫و ِ‬ ‫ذب في الدنيا‬ ‫ـمه ّ‬
‫تبتغي الـ‬
‫********************************************‬ ‫ذبا‬‫مه ّ‬ ‫ولست ُ‬
‫*****‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫قال إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫أّيها الشاكي وما بك‬ ‫كيف تغدو إذا غدوت‬
‫في‬ ‫جناةِ داءٌ‬ ‫ن شّر ال ُ‬‫إ ّ‬ ‫عليل‬
‫ل‬ ‫تتوّقى ‪،‬قبل الرحي ِ‬
‫في‬ ‫س‬‫نف ٌ‬ ‫وك‬ ‫الرض ْ‬
‫ش‬‫وترى ال ّ‬ ‫رحيل‬
‫الندى‬ ‫أن ترى فوقهاال ّ‬
‫مى‬
‫ة‬ ‫علىوتع ْ‬
‫الحيا ِ‬ ‫الوروِد‪،‬‬
‫هو عبٌء‬ ‫إكليل‬
‫ن الحياة عبئا ً‬‫ن يظ ُ ّ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ثقي ٌ‬ ‫ثقيل‬
‫ل تحزن‬
‫‪368‬‬
‫ه بغير‬ ‫س ُ‬ ‫والذي نف ُ‬ ‫ل يرى في الوجودِ‬
‫ل‬
‫ما‬‫جما ٍ‬‫صبِح‬ ‫بال‬ ‫ع‬ ‫ت‬‫فتم‬ ‫جميل‬
‫يزول‬ ‫نً‬
‫شيئ ْا‬
‫فأ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل تخ ْ‬
‫دمت ْ في ِ‬
‫ه‬
‫أسك‬ ‫لر‬ ‫وإذا ما أظ ُ ّ‬ ‫يل‬ ‫زول‬ ‫حتى ي‬
‫فيه ُ ك ْ‬ ‫صر البحث‬ ‫ق ّ‬
‫مُر‬ ‫ه ه‬ ‫طول ّ‬ ‫أن ُ‬‫من العارِ ي‬
‫طيو ّ‬ ‫ت ك ُن ْهَ َ‬ ‫أدرك ْ‬ ‫ل‬ ‫تظ‬ ‫ف ِ‬
‫روابي‬
‫ل‬‫والحق ُ‬ ‫ما تراها ال ّ‬ ‫هولً‬
‫رحا‬‫ج َُ‬‫س‬
‫م ْ‬ ‫ت فيه َ‬‫خذ ْ‬‫ت ِ‬
‫ك سواها‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫********************************************‬ ‫ومقيل‬
‫**‬
‫ة الكلم ِ الخل ّ ِ‬
‫ب‬ ‫ضريب ُ‬
‫منا بواجبنا مع خالِقنا ‪ ،‬ثم مع‬ ‫ل في قيا ِ‬ ‫ن سعادتنا تكم ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ل نطُقه‬ ‫ن ‪ .‬إن الكلم سه ٌ‬ ‫خل ِْقه ‪ ،‬مع اللهِ ثم مع النسا ِ‬
‫ل‬ ‫مث ُ ٍ‬ ‫وتجبيُره وزخرفُته ‪ ،‬لكن الصعب من ذلك صياغُته في ُ‬
‫ن‬ ‫َ ْ‬
‫مُرو َ‬ ‫ل الجليلةِ ﴿ أت َأ ُ‬ ‫ت الحميدةِ والعما ِ‬ ‫عليا من الصفا ِ‬
‫فسك ُم َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ن ال ْك َِتا َ‬ ‫م ت َت ُْلو َ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫ن أن ُ َ ْ َ‬ ‫و َ‬‫س ْ‬ ‫وَتن َ‬ ‫س ِبال ْب ِّر َ‬‫الّنا َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫أَ َ‬
‫ر‬
‫ف التارك له ‪ ،‬والناهي عن المنك ِ‬ ‫ن المر بالمعرو ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫الفاعل له ‪ُ ،‬يوضعُ – كما في الحديث الصحيح – يوم القيام ِ‬
‫في النارِ ‪ ،‬فيدوُر بأمعاِئه كما يدوُر الحماُر برحاهُ ‪ ،‬فيسأله‬
‫ف ول‬ ‫ت آمُركم بالمعرو ِ‬ ‫لكه ‪ ،‬فقال ‪ :‬كن ُ‬ ‫ل النارِ عن سّر ه ِ‬ ‫أه ُ‬
‫كم عن المنكرِ وآتيةِ ‪.‬‬ ‫آتيهِ ‪ ،‬وأنها ُ‬
‫ل‬‫يا أّيها الرج ُ‬ ‫سك كان ذا‬ ‫هل ّ لنف ِ‬
‫فبكى وأبكى‬ ‫غيرهُ‬ ‫الشهيُر أبو معاذ المعل ّ ُ‬
‫الرازي َ‬
‫م‬ ‫م‬
‫التعلي ُ‬‫وقف الوع ُ‬
‫ظ‬
‫الناس ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫ي يأمُر‬ ‫وغيُر نق ّ‬ ‫ب يداوي الناس‬ ‫طبي ٌ‬
‫بالصدقةِ ‪،‬‬ ‫بالتقى‬‫الناس‬ ‫الناس‬ ‫لإذا أراد أن يأمر‬ ‫فٌ‬‫علي ِ‬‫السل‬ ‫هو‬
‫ضو ُ‬
‫كان بع ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫دق هو أول ً ‪ ،‬ثم أمرهم ‪ ،‬فاستجاُبوا طواعي ً‬ ‫تص ّ‬
‫ضلةِ ‪ ،‬أراد أن‬ ‫ن المف ّ‬ ‫ت أن واعظا ً في عهدِ القرو ِ‬ ‫وقرأ ُ‬
‫ق ‪ ،‬وقد طلب منه كثيٌر من الرقيق أن‬ ‫يأمر الناس بالعِت ْ ِ‬
‫ت طويل ثم أعتق‬ ‫يسأل الناس ذلك ‪ ،‬فجمع نقودا ً في وق ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪369‬‬
‫س وأعتُقوا رقابا ً‬
‫م فأمَر بالعِْتق ‪ ،‬فاقتدى النا ُ‬
‫ة ‪ ،‬ثم أ ّ‬
‫رقب ً‬
‫كثيرة ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫ة في الجن ّ ِ‬
‫الراح ُ‬
‫د ﴾ ‪.‬‬ ‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫قَنا ا ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬‫قد ْ َ‬ ‫﴿ لَ َ‬
‫ة؟‬ ‫ل ‪ ،‬وقد قيل له ‪ :‬متى الراح ُ‬ ‫ن حنب َ‬ ‫ل أحمد ُ ب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫قال ‪ :‬إذا وضعت قدمك في الجنةِ ارتحت ‪.‬‬
‫ت وزعازعُ‬ ‫ل راحة قبل الجنةِ ‪ ،‬هنا في الدنيا إزعاجا ُ‬
‫ن‬‫م وحز ٌ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫ض وه ّ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ب ونكبا ُ‬ ‫ث ومصائ ُ‬ ‫ن وحواد ُ‬ ‫وفت ٌ‬
‫س‪.‬‬ ‫ويأ ٌ‬
‫ت على كدٍر‬ ‫ط ُب ِعَ ْ‬ ‫صفوا ً من القذاِء‬
‫ل ً صاحب‬ ‫دها‬ ‫وكانتري ُ‬
‫رج‬ ‫وأنت‬ ‫دراسةٍ من نيجيريا ‪،‬‬ ‫والكدارِ‬ ‫أخبرني زمي ُ‬
‫ل‬
‫ث الخير ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫ظه في الثل ِ‬ ‫مه كانت ُتوق ُ‬ ‫أمانةٍ ‪ ،‬أخبرني أن أ ّ‬
‫ماه ُ ‪ ،‬أريد الراحة قليل ً ‪ .‬قالت ‪ :‬ما أوقظك إل لراحِتك ‪ ،‬يا‬ ‫يا أ ّ‬
‫ح‪.‬‬ ‫بني إذا دخلت الجنة فارت ْ‬
‫م ساجدا ً ‪ ،‬فقال‬ ‫ف – ينا ُ‬ ‫كان مسروقٌ – أحد ُ علماِء السل ِ‬
‫ه ‪ :‬لو أرحت نفسك ‪ .‬قال ‪ :‬راحتها أريد ُ ‪.‬‬ ‫له أصحاب ُ‬
‫جلون‬ ‫ب ‪ ،‬إنما يتع ّ‬ ‫ك الواج ِ‬ ‫جلون الراحة بتر ِ‬ ‫إن الذين يتع ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫العذاب حقيق ً‬
‫دي‪،‬‬ ‫ة في أداِء العمل الصالِح ‪ ،‬والنفِع المتع ّ‬ ‫ن الراح ً‬ ‫إ ّ‬
‫ب من اللهِ ‪.‬‬ ‫ت فيما يقّر ُ‬ ‫واستثمارِ الوق ِ‬
‫ه هنا ‪ ،‬ولذلك يقولون ‪:‬‬ ‫ظه هنا ‪ ،‬وراحت َ ُ‬ ‫ن الكافر يريد ُ ح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ب﴾ ‪.‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وم ِ ال ْ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫قطَّنا َ‬ ‫جل ل َّنا ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫﴿ َرب َّنا َ‬
‫ظنا من‬ ‫خي ْرِ وح ّ‬ ‫سرين ‪ :‬أي ‪ :‬نصيبنا من ال َ‬ ‫ض المف ّ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ق قبل يوم ِ القيامةِ ‪.‬‬ ‫الرز ِ‬
‫كرون في الغدِ‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬ول يف ّ‬ ‫جل َ َ‬‫عا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ؤَلء ي ُ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬‫﴿ إِ ّ‬
‫ل ‪ ،‬ولذلك خسُروا اليوم والغد ‪ ،‬والعمل‬ ‫ول في المستقب ِ‬
‫والنتيجة ‪ ،‬والبداية والنهاية ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪370‬‬
‫ب مكد ٌّر ‪،‬‬ ‫ت الحياةِ ‪ ،‬خاتمُتها الفناُء فهي شر ٌ‬ ‫خلق ِ‬ ‫وهكذا ُ‬
‫ة ‪ ،‬شد ّةٌ‬ ‫ة ونقم ٌ‬ ‫ون ل تستقّر على شيء ‪ ،‬نعم ٌ‬ ‫ج مل ّ‬ ‫وهي مزا ٌ‬
‫ى وفقٌر ‪.‬‬ ‫ورخاٌء ‪ ،‬غن ً‬
‫هذه هي النهاية ‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬‫حك ْ ُ‬‫ه ال ْ ُ‬‫ق أل َ ل َ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ه ُ‬‫ول َ ُ‬‫م ْ‬
‫ه َ‬‫دوا ْ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ُر ّ‬ ‫﴿ ثُ ّ‬
‫ه َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫سِبي َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫سَر ُ‬‫وأ ْ‬ ‫و ُ َ‬ ‫َ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫ة‬
‫وقفـــــ ٌ‬
‫قال إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫ل إنك‬ ‫م تشتكي وتقو ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫كك والسما‬ ‫ض مل ُ‬
‫والر ُ‬
‫م‬ ‫وزهعُ ُدِ ُ‬
‫رها‬ ‫ل م‬ ‫ولك الحقو ُ‬ ‫م؟‬
‫ل‬ ‫جْلب ْ ُ‬ ‫مهاوالن‬
‫والب ُ ُ‬ ‫ونسي ُ‬
‫ة‬‫جها ٌ‬ ‫وأريف ُ ّ‬
‫ض‬ ‫والماُء حولك‬ ‫فوقك‬ ‫م‬‫المترن ّ ُ‬ ‫س‬
‫والشم ُ‬
‫ة‬
‫قراق ٌ‬
‫في‬ ‫والنور ر ْ‬
‫يبني‬ ‫م‬
‫وحينا ُ ً‬ ‫ةيتضّر‬ ‫مزخرفد ٌ ً‬
‫سج‬ ‫دورا ً ع ْ‬
‫ُ‬
‫ذرا‬
‫فما‬ ‫الدنياال ّ‬‫لكوفي‬ ‫سفوح‬
‫ش ّْ‬
‫ت‬ ‫هال ّ‬ ‫م‬
‫ل‬ ‫فعلمد ِ ُ‬ ‫يهْ‬ ‫ت‬
‫سم ْ‬ ‫وتب ّ‬
‫واجما ًقد‬
‫؟‬ ‫إن كنت لك‬
‫مكتئبا ً لعّز‬ ‫؟‬
‫إليك‬ ‫م‬
‫س ُ‬ ‫عه ّ‬ ‫تتب‬
‫هيهات ُيرج ُ‬
‫مضى‬
‫أو كنت ُتشفقُ من‬ ‫م‬
‫ل‬ ‫حد ّ ُّ‬ ‫ن تي َن َ ِ‬ ‫هيهات يمنعُ أ ْ‬
‫كنت مصيبةٍ‬
‫جاوزت‬ ‫ل‬‫أوحلو ِ‬ ‫م‬
‫ل‬ ‫فإنههّ ُ‬ ‫ن تج‬ ‫شاخ الزما ُ‬
‫ل‬ ‫لّ‬‫فل ت ُتقط ِ ْ‬‫ت‬ ‫الشباب‬
‫زال ْ‬ ‫انظْر فما‬ ‫م‬
‫نها‬ ‫ر ُ‬ ‫حسْ َ ِ‬ ‫صوٌر تكاد ُ ل ِ ي َهْ‬
‫من الّثرى‬
‫********************************************‬ ‫م‬ ‫تتكل ّ ُ‬
‫******‬
‫ل المقصوِد‬
‫ن على حصو ِ‬
‫ق ُيعي ُ‬ ‫الّر ْ‬
‫ف ُ‬
‫ق ‪ ،‬والرفقُ شفيعٌ ل ي َُرد ّ في‬ ‫ص في الرف ِ‬
‫ت آثاٌر ونصو ٌ‬‫مّر ْ‬
‫ت ‪ ،‬ولك أن تعلم أن الطريق الضيق بين‬ ‫ب الحاجا ِ‬
‫طل ِ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫س ُ‬ ‫جدارين ‪ ،‬الذي ل يتسع إل لمرور سيارةٍ واحدةٍ فَ َ‬
‫ح ْ‬
‫دها وحذرٍ وتوقّ ‪ ،‬بينما‬ ‫ق من قائ ِ‬ ‫ُ‬
‫تدخلها هذه السيارة إل برف ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪371‬‬
‫ق‬ ‫ً‬
‫لو أقبل بها مسرعا وأراد المرور من هذا المكان الضي ِ‬
‫زد‬ ‫ت سيارُته ‪ ،‬والطريقُ لم ي ِ‬ ‫سَرةً وتعطل ْ‬ ‫ة َوي ْ‬ ‫من ً‬‫لصطدم ي ْ‬
‫ن الطريقة هي التي‬ ‫ص ‪ ،‬والسيارة ُ هي هي ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ولم ينق ْ‬
‫ق وهذه بشد ّةٍ ‪ .‬والشجرة ُ الصغيرة ُ التي‬ ‫اختلفت‪ ،‬تلك برف ٍ‬
‫دنا ‪ ،‬إذا سكبت عليها الماء شيئا ً‬ ‫ض فناِء أح ِ‬ ‫سها في حو ِ‬ ‫نغر ُ‬
‫ة من هذا الماء‬ ‫ب منه وينفُعها ‪ ،‬فإذا أخذت كمي ً‬ ‫فشيئا ً تشر ُ‬
‫ة واحدة لقتلعت هذه النبتة من‬ ‫جمه وألقيته دفع ً‬ ‫بعينهِ وح ْ‬
‫مكاِنها ‪ ،‬إن كمية الماِء واحدة ٌ ولكن السلوب تغّير ‪.‬‬
‫ن سلمة ثوِبه ‪ ،‬خلف من‬ ‫ق يضم ُ‬ ‫ن يخلعُ ثوبه برف ٍ‬ ‫إن م ْ‬
‫يجذ ُِبه بقوةٍ ويسحُبه بسرعةٍ ‪ ،‬فإنه يشكو من تقط ِّع أزراِره‬
‫وتمّزقِهِ ‪.‬‬
‫ق إخوةِ يوسف في‬ ‫م صد ِ‬ ‫ف ع َد َ َ‬‫ومن اللطائف في انكشا ِ‬
‫مهم أن الذئب أكله ‪ :‬أنهم خلُعوا الثوب‬ ‫مجيِئهم بثوب ِهِ ‪ ،‬وزعْ ِ‬
‫ب كما زعموا‬ ‫برفق فلم يحصل فيه شقوقٌ ‪ ،‬ولو أكله الذئ ُ‬
‫ق ‪ ،‬ولم يخل ْْعه خْلعا ً ‪.‬‬ ‫ل ممّز ٍ‬ ‫لمّزق الثوب ك ّ‬
‫سنا ‪ )) :‬وإن‬ ‫ق نرفقُ بأنف ِ‬ ‫ج إلى رف ٍ‬ ‫إن حياتنا تحتا ُ‬
‫سك عليك حقا ً (( ‪ .‬نرفقُ بإخواننا ‪ )) :‬إن الله‬ ‫لنف ِ‬
‫رفيق يحب الرفق (( ‪ .‬نرفقُ بالمرأةِ ‪ )) :‬رفقا ً‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫بالقواري ِ‬
‫ت‬ ‫ك على ممرا ِ‬ ‫على الجسورِ الخشبِية التي بناها الترا ُ‬
‫ب في أول الجسرِ ‪ :‬رفقا ً رفقا ً ‪ .‬لن الماّر‬ ‫النهارِ ‪ ،‬مكتو ٌ‬
‫ط ‪،‬أما المسرعُ فجديُر أن يهوي إلى مستقّر‬ ‫بهدوٍء ل يسق ُ‬
‫النهر ‪.‬‬
‫ن في مدينة »‬ ‫ت لديب سوريّ كان يسك ُ‬ ‫كرا ٍ‬ ‫وفي مذ ّ‬
‫ة ‪ ،‬أراد أن يعبر بها على جسر‬ ‫ة ناري ٌ‬ ‫السلمية « ‪ ،‬وله دّراج ٌ‬
‫وه لمن أراد أن‬ ‫ب على النهرِ ‪ ،‬وهم بن ْ‬ ‫ك من الخش ِ‬ ‫بناه الترا ُ‬
‫ت‬ ‫يمشي بدراجته متئدا ً متأنيا ً ‪ ،‬قال هذا الرجل ‪ :‬فذهب ُ‬
‫ر‬
‫ت من أعلى الجس ِ‬ ‫مسرعا ً على جسري ‪ ،‬فلما أصبح ُ‬
‫سَرة ً ‪ ،‬وأنا لم أرفقْ بنفسي‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬
‫ت يَ ْ‬ ‫سطا ً النهر ‪ ،‬نظر ُ‬ ‫متو ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪372‬‬
‫ت بدراجتي‬ ‫ل نظري ‪ ،‬فوقع ُ‬ ‫ت بي واخت ّ‬ ‫ول بدراجتي فاضطرب ْ‬
‫ة طويلة ‪.‬‬ ‫في النهرِ ‪ ...‬وكانت قص ً‬
‫ن‬ ‫ض مد ِ‬ ‫ق الزهورِ والورود في بع ِ‬ ‫ل حدائ ٍ‬ ‫ن على مداخ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ق« ‪ ،‬لن الداخل مسرعا ً‬ ‫ة مكتوب فيها ‪» :‬ت ََرفّ ْ‬ ‫أوروبة ‪ :‬لوح ٌ‬
‫ن سلمة ذاك الوردِ‬ ‫ل يرى ذاك النبت الجميل ول يضم ُ‬
‫الباهي ‪ ،‬فيحصل الدعس والدفس والبادة ‪ ،‬لنه ما رفق ول‬
‫تأّنى ‪.‬‬
‫هناك معادلة تربوية تقول ‪ :‬إن العصفور تربوية تقول ‪:‬‬
‫ن‬ ‫إن العصفور ل يترفّقُ كالنحلة ‪ .‬وفي الحديث ‪ )) :‬المؤم ُ‬
‫ت على‬ ‫ع طيبا ً ‪ ،‬وإذا وقع ْ‬ ‫ل طيبا ً وتض ُ‬ ‫كالنحلة ‪ ،‬تأك ُ‬
‫س بها الزهرة ُ أبدا ً ‪،‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ره (( ‪ .‬فالنحلة ل ت ُ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫عوٍد لم تك ْ‬ ‫ُ‬
‫ق ‪ .‬والعصفوُر‬ ‫ل مطلوبها برف ٍ‬ ‫وهي تعلقُ الرحيق بهدوء ‪ ،‬وتنا ُ‬
‫مه يخبُر الناس بنزوِله على سنابل ‪ ،‬فإذا أراد‬ ‫على ضآلةِ جس ِ‬
‫النزول سقط سقوطا ً ‪ ،‬ووثب وْثبا ً ‪.‬‬
‫ة‬‫سام الهنديّ ‪ ،‬وقد رسم لوح ً‬ ‫ل أذكُر قصة الر ّ‬ ‫ول أزا ُ‬
‫ة قمح عليها عصفوٌر قد وقع ‪،‬‬ ‫خصها ‪ :‬سنبل ُ‬ ‫ن مل ّ‬ ‫بديعة الحس ِ‬
‫ل‬ ‫ة الطو ِ‬ ‫ة النموّ ‪ ،‬باسق ُ‬ ‫ب ‪ ،‬مترعرع ُ‬ ‫ة بالح ّ‬ ‫وهذه السنبلة مليئ ٌ‬
‫س يهّنئون‬ ‫ك على جدارِ ديواِنه ‪ ،‬ودخل النا ُ‬ ‫‪ ،‬وعّلقها المل ِ ُ‬
‫سام على حسِنها ‪ ،‬ودخل‬ ‫الملك بهذه اللوحةِ ويشكرون الر ّ‬
‫ط الزحام ِ فاعترض على اللوحةِ ‪،‬‬ ‫ل فقيٌر مغموٌر في وس ِ‬ ‫رج ٌ‬
‫جوا ‪ ،‬لنه خالف‬ ‫س به وص ّ‬ ‫ج النا ُ‬ ‫طأ ‪ ،‬وض ّ‬ ‫وأخبَر أنها خ ٌ‬
‫ق وقال ‪ :‬ما عندك؟ قال ‪:‬‬ ‫ك برف ٍ‬ ‫الجماع‪ ،‬فاستدعاه المل ُ‬
‫م ؟ قال ‪:‬‬ ‫ط عْرضها ‪ .‬قال ‪ :‬ول ِ َ‬ ‫غل ٌ‬ ‫مها ‪ ،‬وَ َ‬ ‫طأ رس ُ‬ ‫ةخ ٌ‬ ‫هذه اللوح ُ‬
‫م العصفور على السنبلةِ وترك السنبلة‬ ‫ن الرسام رس َ‬ ‫ل ّ‬
‫ن العصفور إذا نزل على‬ ‫طأ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة ممتدةً ‪ ،‬وهذا خ ٌ‬ ‫مستقيم ً‬
‫ك الرفق ‪.‬‬ ‫ل ل يمل ُ‬ ‫سنبلة القمِح أمالها‪ ،‬وأخضعها ‪ ،‬لنه ثقي ٌ‬
‫وحة ‪،‬‬ ‫س‪ :‬صدقت ‪ .‬وأنزل الل ّ ْ‬ ‫ك ‪ :‬صدقت ‪ .‬وقال النا ُ‬ ‫قال المل ُ‬
‫سحبت الجائزةُ من الرسام ِ ‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ج ‪ ،‬وفي‬ ‫ل العل ِ‬ ‫ق في تناو ِ‬ ‫ن الطباء ُيوصون بالرف ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ل والخذ ِ والعطاِء ‪.‬‬ ‫مزاولةِ العم ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪373‬‬
‫سه ‪ ،‬وآخر‬ ‫سّنه بنف ِ‬ ‫فذاك يقلعُ ظْفره بيده ‪ ،‬وذاك يباشُر ِ‬
‫ضغها ‪.‬‬ ‫كبَرها وما أحسن م ْ‬ ‫ص باللقمة ‪ ،‬لنه أ َ َ‬ ‫ي َغُ ّ‬
‫ض‬‫ت لبع ِ‬ ‫مُر ‪ .‬قرأ ُ‬ ‫إن الماء يترفّقُ ‪ ،‬وإن الريح ُتزمجُر فتد ّ‬
‫ه في دخوِله‬ ‫من فِْقهِ الرجل رِفَْق ُ‬ ‫ف أنه قال ‪ :‬إن ِ‬ ‫السل ِ‬
‫ب دابتهِ ‪.‬‬ ‫خل ِْع نعِله وركو ِ‬ ‫جه منه ‪ ،‬وارتداِء ثوِبه و َ‬ ‫وخرو ِ‬
‫ل‬ ‫ش في أخذ المورِ وتناو ِ‬ ‫ج والطي ْ َ‬ ‫ة والهو َ‬ ‫جل َ‬
‫إن العَ َ‬
‫خي َْر‬‫ت المنفِعة ‪ ،‬لن ال َ‬ ‫ل الضررِ وتفوي ِ‬ ‫ة بحصو ِ‬ ‫الشياء ‪ ،‬ك َِفيل ٌ‬
‫ق في شيء إل ّ‬ ‫ق ‪ )) :‬ما كان الرف ُ‬ ‫ُبني على الرف ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ق من شيء إل ّ شان ُ‬ ‫زانه ‪ ،‬وما ُنزع الرف ُ‬
‫ح ‪ ،‬وتنقاد ُ له‬ ‫ن له الروا ُ‬ ‫ل ُتذع ُ‬ ‫ن الرفق في التعام ِ‬ ‫إ ّ‬
‫س‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬وتخشعُ له النفو ُ‬ ‫القلو ُ‬
‫م له‬ ‫خي ْرٍ ‪ ،‬تستسل ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ح لك ّ‬ ‫مفتا ٌ‬ ‫إن الرفيق من البشرِ ِ‬
‫ما‬ ‫فب ِ َ‬‫ب الحاقدة ُ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ب إليه القلو ُ‬ ‫س المستعصية ‪ ،‬وتثو ُ‬ ‫النفو ُ‬
‫ب‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫غِلي َ‬ ‫فظّا ً َ‬ ‫ت َ‬ ‫كن َ‬ ‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ت لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ِلن َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ة ّ‬
‫م ٍ‬
‫ح َ‬
‫َر ْ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ح ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ْ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫لن َ‬ ‫َ‬
‫*******************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ث بصيغةِ الغائب ‪:‬‬ ‫طه حسين يتحد ّ ُ‬
‫س ُولد كما ُيولدون ‪،‬‬ ‫ً‬
‫» كان يرى نفسه إنسانا من النا ِ‬
‫سمون‬ ‫سم الوقت والنشاط فيما يق ّ‬ ‫وعاش كما يعيشون ‪ ،‬يق ّ‬
‫س إلى أحدٍ ‪ ،‬ولم‬ ‫ن يأن ُ‬ ‫فيه وقتهم ونشاطهم ‪ ،‬ولكنه لم يك ْ‬
‫س والشياء‬ ‫رب بينه وبين النا ِ‬ ‫ض ِ‬‫ن إلى شيء ‪ ،‬قد ُ‬ ‫ن يطمئ ّ‬ ‫يك ْ‬
‫ن ‪ ،‬وباطُنه من قِب َِله السخ ُ‬
‫ط‬ ‫ب ظاهُره الرضا والم ُ‬ ‫حجا ٌ‬
‫س ‪ ،‬في صحراء موحشة ل‬ ‫ب النف ِ‬ ‫ف والقلقُ واضطرا ُ‬ ‫والخو ُ‬
‫م فيها العلم ‪ ،‬ول يتبّين فيها طريقه‬ ‫دها الحدود ُ ‪ ،‬ول تقو ُ‬ ‫تح ّ‬
‫ن أن يسلكها ‪ ،‬وغايته التي يمكن أن ينتهي إليها « ‪.‬‬ ‫التي يمك ُ‬
‫ب‬‫ة ‪ » :‬إنها تمّر بالقل ِ‬ ‫ن تيمي َ‬
‫خ السلم ِ اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل شي ُ‬
‫ل هذا‬‫مث ْ ِ‬
‫ل الجنة في ِ‬ ‫ت من السرور أقول ‪ :‬إن كان أه ُ‬ ‫لحظا ٌ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ش طي ّ ٍ‬‫العيش ‪ ،‬إّنهم لفي عي ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪374‬‬
‫وقال إبراهيم بن أدهم ‪ » :‬نحن في عيش لو علم به‬
‫ف«‪.‬‬ ‫سيو ِ‬ ‫الملو ُ‬
‫ك لجالدونا عليه بال ّ‬
‫************************************‬
‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫حتى تكون أسعد الناس‬
‫ن‬‫ل الغموم ‪ ,‬وهو قرةُ عي ِ‬ ‫ب الهموم ‪,‬ويزي ُ‬ ‫ن ي ُذ ْهِ ُ‬‫•اليما ُ‬
‫الموحدين ‪ ,‬وسلوة ُ العابدين ‪.‬‬
‫ت ‪,‬فل تفكْر فيما مضى ‪ ,‬فقد‬ ‫ب ما َ‬ ‫ت ‪ ,‬وما ذه َ‬ ‫•ما مضى فا َ‬
‫ذهب وانقضى ‪.‬‬
‫ل شيٍء‬ ‫ق المقسوم ِ ‪ ,‬ك ّ‬ ‫•ارض بالقضاِء المحتوم ِ ‪ ,‬والرز ِ‬
‫جَر ‪.‬‬ ‫ض َ‬ ‫بقدرٍ ‪ ،‬فدِع ال ّ‬
‫ب ‪ ,‬وبه يرضى‬ ‫ط الذنو ُ‬ ‫ب ‪ ,‬وتح ّ‬ ‫ن القلو ُ‬ ‫•أل بذكر اللهِ تطمئ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ج الكرو ِ‬ ‫ب ‪ ,‬وبه تفر ُ‬ ‫م الغيو ِ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫•ل تنتظْر شكرا ً من أحدٍ ‪ ,‬ويكفي ثواب الصمدِ ‪ ,‬وما عليك‬
‫د‪ ,‬وحسد َ‪.‬‬ ‫ن جحد َ ‪ ,‬وحق َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬
‫ش في حدود ِ اليوم ِ ‪,‬‬ ‫•إذا أصبحت فل تنتظرِ المساء ‪ ,‬وع ْ‬
‫مك ‪.‬‬ ‫ح يو ِ‬ ‫مك لصل ِ‬ ‫وأجمعْ ه ّ‬
‫م بالغد ِ ؛ لنك إذا‬ ‫ل حتى يأتي ‪ ,‬ول تهت ّ‬ ‫ك المستقب َ‬ ‫•اتر ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫أصلحت يومك صلح غ َد ُ َ‬
‫ج منه‬ ‫•طهّْر قلبك من الحسدِ‪ ,‬ونّقهِ من الحقد ِ ‪ ,‬وأخر ْ‬
‫ل منه الشحناَء‪.‬‬ ‫البغضاء ‪ ,‬وأز ْ‬
‫ل على‬ ‫ل الناس إل من خيرٍ ‪ ,‬وكن جليس بيِتك ‪ ,‬وأقب ْ‬ ‫•اعتز ِ‬
‫ل من المخالطةِ ‪.‬‬ ‫شأِنك ‪ ,‬وقل ّ ْ‬
‫م‪,‬‬ ‫ب العِل ْ َ‬ ‫ب ‪ ,‬فسامرِ الكتب ‪ ,‬وصاح ِ‬ ‫ن الصحا ِ‬ ‫ب أحس ُ‬ ‫•الكتا ُ‬
‫ق المعرفة ‪.‬‬ ‫وراف ِ‬
‫سك‬ ‫ب في ملب ِ‬ ‫ن ُبني على النظام ِ ‪ ,‬فعليك بالترتي ِ‬ ‫•الكو ُ‬
‫وبيِتك ومكتِبك وواجِبك ‪.‬‬
‫ق‬ ‫ج في َ ْ‬ ‫•اخر ْ‬
‫خل ِ‬ ‫ج إلى الفضاِء ‪ ,‬وطالِع الحدائق الغناء وتفّر ْ‬
‫ق‪.‬‬ ‫الباري وإبداِع الخال ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪375‬‬
‫ل‪,‬‬ ‫ل والخمو َ‬ ‫س َ‬ ‫ب الك َ َ‬ ‫•عليك بالمشي والرياضةِ ‪ ,‬واجتن ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫واهجرِ الفراغَ والبطال َ‬
‫ع‬
‫خ ‪ ،‬وتفكْر في عجائبهِ ‪ ،‬وتدْبر غرائَبه واستمت ْ‬ ‫•اقرأ التاري َ‬
‫صه وأخباِره ‪.‬‬ ‫بقص ِ‬
‫ن‬ ‫ب معيشِتك ‪ ,‬وغي ّْر من الروتي ِ‬ ‫•جد ّد ْ حياَتك ‪ ,‬ونوّعْ أسالي َ‬
‫شه ‪.‬‬ ‫الذي تعي ُ‬
‫ة‪ ,‬واحذِر‬ ‫ت والكثار منها كالشاي والقهو ِ‬ ‫•اهجر المنبها ِ‬
‫ة وغَي َْرها‪.‬‬ ‫التدخين والشيش َ‬
‫رك مع‬ ‫ب مظه ِ‬ ‫ن رائحِتك وترتي ِ‬ ‫ن بنظافة ثوِبك وحس ِ‬ ‫•اعت ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ك والطي ِ‬ ‫السوا ِ‬
‫م والحبا َ‬ ‫ْ‬
‫س‬ ‫ط واليأ َ‬ ‫ب التي ترّبي التشاؤ َ‬ ‫•ل تقرأ بعض الكت ِ‬
‫ط‪.‬‬ ‫والقنو َ‬
‫ل التوبة ويعفو عن عباده ‪,‬‬ ‫•تذكْر أن رّبك واسعُ المغفرةِ يقب ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت حسنا ٍ‬ ‫ل السيئا ِ‬ ‫ويبد ُ‬
‫ر‬
‫ست ْ ِ‬ ‫ل والعافيةِ وال ّ‬ ‫ن والعق ِ‬ ‫•اشكُر رّبك على نعمةِ الدي ِ‬
‫رها ‪.‬‬ ‫ق والذريةِ وغي ِ‬ ‫والسمِع والبصرِ والرز ِ‬
‫حَته أو هو‬ ‫ص ّ‬ ‫م أن في الناس من فََقد َ عقله أو ِ‬ ‫•أل تعل ُ‬
‫ل أو مبتًلى ؟! ‪.‬‬ ‫س أو مشلو ٌ‬ ‫محبو ٌ‬
‫ن حفظا ً وتلوةٌ وسماعا ً وتدبرا ً فإنه من‬ ‫ش مع القرا ِ‬ ‫•ع ْ‬
‫م‪.‬‬ ‫ن واله ّ‬ ‫ج لطرد ِ الحز ِ‬ ‫أعظم ِ العل ِ‬
‫مه ‪ ,‬والجأ‬ ‫ض بحك ِ‬ ‫ض المَر إليه ‪ ,‬وار َ‬ ‫ل على اللهِ وفوّ ْ‬ ‫•توك ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫سُبك وكافي َ‬ ‫ح ْ‬ ‫مد عليه فهو َ‬ ‫إليه ‪ ,‬واعت ْ‬
‫مك ‪,‬‬ ‫ط من حر َ‬ ‫ل من قطَعك ‪ ,‬وأع ِ‬ ‫مك ‪ ,‬وص ْ‬ ‫ن ظل َ َ‬ ‫م ْ‬‫فع ّ‬ ‫•اع ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ك تجد ِ السروَر والم َ‬ ‫م على من أساَء إلي َ‬ ‫واحل ْ‬
‫ل‬ ‫ح البا َ‬ ‫ه « فإنها تشر ُ‬ ‫وة إل بالل ِ‬ ‫ل ول ق َ‬ ‫•ك َّرْر »ل حو َ‬
‫ل ‪ ,‬وترضي ذا الجلل ‪.‬‬ ‫ل ‪ ,‬وُتحمل بها الثقا ُ‬ ‫وتصلح الحا َ‬
‫م‬ ‫ة والعِل ْ ُ‬ ‫ج والذري ُ‬ ‫•أكثر من الستغفارِ ‪ ,‬فمَعه الرزقُ والفر ُ‬
‫ط الخطايا ‪.‬‬ ‫النافعُ والتيسيُر وح ّ‬
‫ة‬ ‫•اقنعْ بصورِتك وموهبِتك ودخِلك وأهِلك وبِيتك تجد ِ الراح َ‬
‫والسعادةَ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪376‬‬
‫ب وأنه ل‬ ‫ج مع الك َْر ِ‬ ‫•اعلم أن مع العسرِ يسرا ً ‪ ،‬وأن الفر َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م دو ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬وأن اليا َ‬ ‫م الحا ُ‬ ‫يدو ُ‬
‫ن برّبك وانتظْر منه‬ ‫س ‪ ,‬وأحسن الظ ّ‬ ‫ط ول تيأ ْ‬ ‫ل ول تقن ْ‬ ‫•تفاء ْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل خيرٍ وجمي ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ن‬‫حة فقد تكو ُ‬ ‫ح باختيارِ اللهِ لك ‪ ,‬فإنك ل تدري بالمصل ِ‬ ‫•افر ْ‬
‫الشدة ُ لك خْيرا ً من الرخاء ‪.‬‬
‫ب عنك‬ ‫ب بينك وبين اللهِ ويعّلمك الدعاء ويذه ُ‬ ‫•البلُء يقّر ُ‬
‫خَر ‪.‬‬ ‫ب والَف ْ‬ ‫ج َ‬ ‫الك ِب َْر والعُ ْ‬
‫سك قناطير النعم وكنوز الخيرات التي‬ ‫ل في نف ِ‬ ‫•أنت تحم ُ‬
‫وهبك الله إياها ‪.‬‬
‫•أحسن إلى الناس وقدم ِ الخير للبشرِ ؛ لتلقى السعادة من‬
‫ض وإعطاِء فقيرٍ والرحمةِ بيتيم ٍ ‪.‬‬ ‫عيادةِ مري ٍ‬
‫ت الفاسدةَ ‪،‬‬ ‫م ‪ ،‬والخيال ِ‬ ‫ن ‪ ،‬واطرِح الوها َ‬ ‫ب سوء الظ ّ‬ ‫•اجتن ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫والفكاَر المريض َ‬
‫م أحد ٌ ‪,‬‬ ‫م من اله ّ‬ ‫سل ِ َ‬‫ت الوحيد َ في البلِء ‪ ,‬فما َ‬ ‫•اعلم أنك لس َ‬
‫شٌر ‪.‬‬ ‫وما نجا من الشدةِ ب َ َ‬
‫ت وكدرٍ فاقبْلها على‬ ‫ن وبلٍء ومنّغصا ٍ‬ ‫•تيّقن أن الدنيا داُر مح ٍ‬
‫ن باللهِ ‪.‬‬ ‫حاِلها واستع ْ‬
‫س‬
‫حب ِ َ‬ ‫لو ُ‬ ‫من عُزِ َ‬ ‫•تفكْر فيمن سبقوك في مسيرةِ الحياةِ م ّ‬
‫ب وصودَر ‪.‬‬ ‫ي ونك َ‬ ‫ن وابتل َ‬ ‫ح َ‬‫مت ُ ِ‬‫ل وا ْ‬ ‫وقت َ‬
‫ن‬ ‫م والحز ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫•كل ما أصابك فأجُره على اللهِ من اله ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ن والمصائ ِ‬ ‫ض والد َي ْ ِ‬ ‫والجوِع والفقرِ والمر ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ح السماع والبصار وتحيي القل َ‬ ‫م أن الشدائد تفت ُ‬ ‫•اعل ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬وتذكر العبد َ وتزيد الثوا َ‬ ‫وتردعُ النف َ‬
‫ت‪,‬‬ ‫ق الشائعا ِ‬ ‫ث ‪ ,‬ول تنتظر السوَء‪ ,‬ول تصد ِ‬ ‫•ل تتوقِع الحواد َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫م للراجي ِ‬ ‫ول تستسل ْ‬
‫ب ما ُيسمع من مكروهٍ ل‬ ‫ن ‪ ,‬وغال ُ‬ ‫ف ل يكو ُ‬ ‫•أكثُر ما ُيخا ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة ومنه العَوْ ُ‬ ‫ة وعنده رعاي ٌ‬ ‫يقعُ ‪ ,‬وفي اللهِ كفاي ٌ‬
‫ح‪,‬‬ ‫مى الرو ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫دة فإنهم ُ‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫س الُبغضاَء والُثقلَء وال َ‬ ‫•ل تجال ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة الحزا ِ‬ ‫ل الك َد َرِ وحمل ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫وه ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪377‬‬
‫ث في‬ ‫مك ْ َ‬
‫ة ‪ ,‬وأكثرِ ال ُ‬ ‫ظ على تكبيرة الحرام ِ جماع ً‬ ‫•حاف ْ‬
‫سك المبادرةَ للصلةِ لتجد َ السروَر ‪.‬‬ ‫ود نف َ‬ ‫المسجدِ ‪ ,‬وع ّ‬
‫ن ‪ ،‬وهي سبب‬ ‫ب ‪ ,‬فإنها مصدُر الهموم ِ والحزا ِ‬ ‫•إياك والذنو َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ب والزما ِ‬ ‫ب المصائ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وبا ُ‬ ‫النكبا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ك إ ِّني ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه إ ِل ّ أن ْ َ‬ ‫م على ﴿ل إ ِل َ َ‬ ‫•داو ْ‬
‫كرب ‪ ,‬ونبأ ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫ب في كشف ال ْ ِ‬ ‫ن﴾ ‪ .‬فلها سّر عجي ٌ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫م في رفِع المح ِ‬ ‫عظي ٌ‬
‫ئ الذي يقال فيك ‪،‬‬ ‫ل القبيِح والكلم ِ السي ِ‬ ‫•ل تتأْثر من القو ِ‬
‫فإنه يؤذي قائَله ول يؤذيك ‪.‬‬
‫ساِدك يساوي قيمَتك ؛ لنك‬ ‫مح ّ‬ ‫ب أعدائك لك وشت ُ‬ ‫س ّ‬ ‫• َ‬
‫ت شيئا ً مذكورا ً ‪ ،‬ورجل ً مهما ً ‪.‬‬ ‫أصبح َ‬
‫ط من‬ ‫دى لك حسناِته ‪ ،‬وح ّ‬ ‫م أن من اغتابك فقد أه َ‬ ‫•اعل ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫سيئاِتك ‪ ،‬وجعَلك مشهورا ً‪ ،‬وهذه نعم ٌ‬
‫ة واقتصد ْ في‬ ‫سك في العبادةِ ‪ ,‬والزم ِ السن َ‬ ‫•ل تشد ّد ْ على نف ِ‬
‫ك والغُل ُوّ ‪.‬‬ ‫ط وإيا َ‬ ‫ك الوس َ‬ ‫الطاعةِ ‪ ,‬واسل ِ‬
‫ح صدُرك ‪ ,‬فبقدرِ صفاِء‬ ‫ص توحيدك لربك لينشر َ‬ ‫•أخل ْ‬
‫ن سعادُتك ‪.‬‬ ‫صك تكو ُ‬ ‫دك ونقاِء إخل ِ‬ ‫توحي ِ‬
‫ة‬‫س ‪ ،‬لديك هم ٌ‬ ‫ت النف ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ثاب َ‬ ‫•كن شجاعا ً قويّ القل ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ة ‪ ,‬ول تغرّنك الزوابعُ والراجي ُ‬ ‫وعزيم ٌ‬
‫ح وباله واسعٌ ‪،‬‬ ‫•عليك بالجود فإن صدَر الجوادِ منشر ٌ‬
‫ب ‪ ،‬مكدُر الخاطرِ ‪.‬‬ ‫م القل ِ‬ ‫ل ضيقُ الصدرِ ‪ ،‬مظل ُ‬ ‫والبخي ُ‬
‫م‬ ‫ن لهم الكل َ‬ ‫دهم ‪ ,‬وأل ْ‬ ‫بو ّ‬ ‫س تكس ْ‬ ‫•أبسط وجَهك للنا ِ‬
‫ضع لهم يجّلوك ‪.‬‬ ‫يحبوك ‪ ,‬وتوا ْ‬
‫ئ‬ ‫س ‪ ,‬وأطف ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وترفقْ بالنا ِ‬ ‫•ادفع بالتي هي أحس ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫م أعداُءك ‪ ,‬وكّثر أصدقاَء َ‬ ‫ت ‪ ,‬وسال ْ‬ ‫العداوا ِ‬
‫مه ببّرهما‬ ‫ب السعادةِ دعاُء الوالدين ‪ ,‬فاغتن ْ‬ ‫•من أعظم أبوا ِ‬
‫ل مكروهٍ ‪.‬‬ ‫ليكون لك دعاؤهما حصنا ً حصينا ً من ك ّ‬
‫م‬ ‫ح ما يبدُر منهم ‪ ,‬واعل ْ‬ ‫•اقبل الناس على ما هم عليه وسام ْ‬
‫س والحياةِ ‪.‬‬ ‫أن هذه هي سنة اللهِ في النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪378‬‬
‫ش واقَعك ‪ ,‬فأنت تريد ُ من‬ ‫ت بل ع ْ‬ ‫ش في المثالّيا ِ‬ ‫•ل تع ْ‬
‫ن عاد ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫س ما ل تستطيعه فك ْ‬ ‫النا ِ‬
‫خ‬ ‫ة والسراف والب َذ ْ َ‬ ‫ك والرفاهي َ‬ ‫ش حياة البساطةِ وإيا َ‬ ‫•ع ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ت الرو ُ‬ ‫م تعّقد ِ‬ ‫ه الجس ُ‬ ‫فكلما ترفّ َ‬
‫ة ‪ ,‬وفيها‬ ‫ظ لك وصيان ٌ‬ ‫ت فإنها حف ُ‬ ‫ظ على أذكارِ المناسبا ِ‬ ‫•حاف ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫م َ‬‫ح به يو ُ‬ ‫من السدادِ والرشاد ِ ما يصل ُ‬
‫ت واحدٍ ‪ ،‬بل اجعْلها في‬ ‫ل ول تجمْعها في وق ٍ‬ ‫•وّزِع العما َ‬
‫ؤك جيدا ً ‪.‬‬ ‫ن عطا ُ‬ ‫ت للراحةِ ليك ْ‬ ‫ت وبينها أوقا ُ‬ ‫فترا ٍ‬
‫ل‬ ‫•انظْر إلى من هو دونك في الجسم ِ والصورةِ والما ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫ف النا ِ‬ ‫م أنك فوقَ ألو ِ‬ ‫ت والوظيفةِ والذريةِ ‪ ،‬لتعل َ‬ ‫والبي ِ‬
‫ب‬ ‫ن وزوجةٍ قري ٌ‬ ‫ُ‬ ‫•تيّق ْ‬
‫خ واب ٍ‬ ‫ن أن كل من تعاملهم من أ ٍ‬
‫ل‬ ‫سك على تقب ِ‬ ‫ن نف َ‬ ‫ب‪ ،‬فوط ّ ْ‬ ‫وصديقٌ ل يخلو من عي ٍ‬
‫الجميِع ‪.‬‬
‫ق‬
‫ح له‪ ،‬والرز َ‬ ‫م الذي ترتا ُ‬ ‫•الزم ِ الموهبة التي أعطيتها‪ ،‬والعل َ‬
‫الذي فُِتح لك ‪ ،‬والعمل الذي يناسُبك‪.‬‬
‫ن‬ ‫م اللسا ِ‬ ‫ت‪ ،‬وكن سلي َ‬ ‫ص والهيئا ِ‬ ‫•إياك وتجريح الشخا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ن الجان ِ‬ ‫ظ ‪ ،‬مأمو َ‬ ‫ب اللفا ِ‬ ‫ب الكلم ِ ‪ ،‬عَذ ْ َ‬ ‫‪،‬طي َ‬
‫م ستٌر للخطايا ‪,‬‬ ‫ن للمعائب ‪،‬والحل َ‬ ‫ل دف ٌ‬ ‫م أن الحتما َ‬ ‫•اعل ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ص والمثال َ‬ ‫ب واسعٌ يغطي النقائ َ‬ ‫والجود َ ثو ٌ‬
‫ة تدب ُّر فيها أمورك ‪ ،‬وتراجعُ فيها‬ ‫سك ساع ً‬ ‫•انفرد ْ بنف ِ‬
‫ح بها دنياك ‪.‬‬ ‫نفسك ‪ ،‬وتتفكْر في آخرِتك ‪ ،‬وتصل ُ‬
‫ف ‪ ,‬وحديقُتك الغّناُء‬ ‫ة هي بستاُنك الوار ُ‬ ‫•مكتبُتك المنزلي ُ‬
‫‪,‬فتنّزهْ فيها مع العلماِء والحكماِء والدباِء والشعراِء ‪.‬‬
‫ل‬ ‫ب سؤا َ‬ ‫م ‪ ,‬واجتن ْ‬ ‫ك والحرا َ‬ ‫ل وإيا َ‬ ‫ب الرزقَ الحل َ‬ ‫•اكس ِ‬
‫ك‬ ‫ب بمال ِ ِ‬ ‫خي ٌْر من الوظيفةِ ‪ ,‬وضار ْ‬ ‫س ‪ ,‬والتجارةُ َ‬ ‫النا ِ‬
‫واقتصد ْ في المعيشةِ ‪.‬‬
‫س البائسين ‪ ,‬ول‬ ‫س المترفين ول لبا َ‬ ‫س وسطا ً ‪ ,‬ل لبا َ‬ ‫•الب ْ‬
‫س‪.‬‬ ‫كن كعامةِ النا ِ‬ ‫س‪,‬و ْ‬ ‫سك بلبا ٍ‬ ‫ُتشهْر نف َ‬
‫ج ‪ ،‬ويغّير الخلقَ ويسيُء‬ ‫ب يفسد ُ المزا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ب فإن الغَ َ‬ ‫•ل تغض ْ‬
‫العشرةَ ‪ ،‬ويفسد ُ المودة َ ‪ ،‬ويقطعُ الصلة ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪379‬‬
‫م أخرى ‪ ،‬وتشاهد َ‬ ‫•سافر أحيانا ً لتجدد حياتك ‪ ،‬وتطالعَ عوال َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫م جديدةً ‪ ،‬وبلدانا ً أخرى ‪ ،‬فالسفُر متع ٌ‬ ‫معال َ‬
‫م‬ ‫ب لك أعماَلك ‪ ،‬وتنظ ُ‬ ‫ظ بمذكرة في جيِبك ترت ّ ُ‬ ‫•احتف ُ‬
‫ب بها ملحظاتك‪.‬‬ ‫دك ‪ ،‬وتكت ُ‬ ‫أوقاِتك ‪ ،‬وتذكُرك بمواعي ِ‬
‫م الهتمام ؛‬ ‫عْره ُ‬ ‫س بالسلم ِ ‪ ،‬وحّيهم بالبسمةِ ‪ ،‬وأ ِ‬ ‫•ابدأ ِ النا َ‬
‫لتكون حبيبا ً إلى قلوبهم قريبا ً منهم ‪.‬‬
‫سك ول تعتمد ْ على الناس ‪ ،‬واعتبْر أنهم عليك ل لك‬ ‫•ثق بنف ِ‬
‫ن الرخاِء ‪.‬‬ ‫ه ول تغتّر بإخوا ِ‬ ‫وليس معك إل الل ُ‬
‫ف بأداء‬ ‫ل والتسوي َ‬ ‫•احذْر كلمة )سوف( وتأخيَر العما ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ل والخفا ِ‬ ‫ن الفش ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فإن هذ عنوا ُ‬ ‫الواج ِ‬
‫ب في‬ ‫•اترك التردد َ في اتخاذ ِ القرارِ ‪ ،‬وإياك والتذبذ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫م وتقد ْ‬ ‫م واعز ْ‬ ‫ف ‪ ،‬بل اجز ْ‬ ‫المواق ِ‬
‫ف‬ ‫ت والوظائ ِ‬ ‫ل بين التخصصا ِ‬ ‫•ل تضّيع عمرك في التنق ِ‬
‫ح في شيء‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬فإن معنى هذا أنك لم تنج ْ‬ ‫والمه ِ‬
‫ة‬
‫ب والتوب ِ‬ ‫ت ‪ ،‬والمصائ ِ‬ ‫ب كالصالحا ِ‬ ‫ت الذنو ِ‬ ‫ح بمكفرا ِ‬ ‫•افر ْ‬
‫ل‪. ‬‬ ‫ن‪ ،‬وشفاعةِ الرسو ِ‬ ‫ودعاِء المسلمين ‪ ،‬ورحمةِ الرحم ِ‬
‫ة ‪ ،‬وتسّر‬ ‫ئ الخطيئ َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإنها تطف ُ‬ ‫•عليك بالصدقةِ ولو بالقلي ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬وتزيد ُ في الرز ِ‬ ‫ب اله ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وت ُذ ْهِ ُ‬‫القل َ‬
‫ل قدوتك إمامك محمدا ً ‪ ‬فإنه القائد ُ إلى السعادةِ ‪,‬‬ ‫•اجع ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ل على النجاِح ‪ ،‬والمرشد ُ إلى النجاةِ والفل ِ‬ ‫والدا ّ‬
‫ف‬ ‫ن لتعر َ‬ ‫ج َ‬ ‫ة العافية ‪ ,‬والس ْ‬ ‫•ُزرِ المستشفى لتعرف نعم َ‬
‫ل ؛ لنك في‬ ‫ة العق ِ‬ ‫نعمة الحريةِ ‪ ,‬والمارستان لتعرف نعم َ‬
‫ن َِعم ل تدري بها ‪.‬‬
‫مها ‪,‬‬ ‫ة أكبَر من حج ِ‬ ‫ط المسأل َ‬ ‫ه ‪ ,‬ول تع ِ‬ ‫مك التوافِ ُ‬ ‫•ل تحط ْ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ل المورِ والمبالغةِ في الحدا ِ‬ ‫واحذْر من تهوي ِ‬
‫س العذاَر لمن أساَء إليك لتعش‬ ‫ق ‪ ،‬والتم ِ‬ ‫•كن واسع الفُ ِ‬
‫ة النتقام ِ ‪.‬‬ ‫في سكينةٍ وهدوٍء ‪ ,‬وإياك ومحاول َ‬
‫ح أعداءك بغضِبك وحزِنك فإن هذا ما يريدون ‪ ,‬فل‬ ‫•ل ُتفرِ ْ‬
‫تحققْ أمنيَتهم الغالية في تعكيرِ حياِتك ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪380‬‬
‫ض‬ ‫ت والحقادِ ‪ ،‬وبغ ِ‬ ‫•ل توقد فرنا ً في صدرك من العداوا ِ‬
‫م‪.‬‬ ‫ب دائ ٌ‬ ‫س ‪ ،‬وكرهِ الخرين ‪ ,‬فإن هذا عذا ٌ‬ ‫النا ِ‬
‫ه‬
‫ج ِ‬ ‫سك ‪ ,‬صموتا ً إل من خيرٍ ‪ ,‬طلق الوَ ْ‬ ‫•كن مهذبا ً في مجل ِ‬
‫سك ‪ ،‬منصتا ً لحديِثهم ‪ ,‬ول تقاط ِعُْهم أثناء‬ ‫محترما ً لجل ّ ِ‬
‫الكلم ِ ‪.‬‬
‫ح ‪ ,‬فإياك والوقوع َ في‬ ‫جْر ِ‬‫ب ل يقعُ إل على ال ُ‬ ‫ن كالذبا ِ‬ ‫•ل تك ْ‬
‫ب‬ ‫س وذكرِ مثالِبهم والفرِح بعثراِتهم وطل ِ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫أعرا ِ‬
‫زلِتهم ‪.‬‬
‫ب من‬ ‫م بها ‪ ،‬ول يره ُ‬ ‫ت الدنيا ول يهت ّ‬ ‫ن لفوا ِ‬ ‫ن ل يحز ُ‬ ‫•المؤم ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة حقيرة ٌ فاني ٌ‬ ‫ة ذاهب ُ‬ ‫كوارِثها ‪ ،‬لنها زائل ٌ‬
‫م ؛ فإنه عذاب للروِح‬ ‫ب المحر َ‬ ‫م ‪ ،‬والح ّ‬ ‫شقَ والغرا َ‬ ‫•اهجرِ العِ ْ‬
‫ره وطاعِته ‪.‬‬ ‫ب ‪ ,‬وافزع ْ إلى اللهِ وإلى ذك ِ‬ ‫ض للقل ِ‬ ‫‪ ،‬ومر ٌ‬
‫ث هموما ً وغموما ً وجراحا ً في‬ ‫•إطلقُ النظرِ إلى الحرام ِ يور ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ف رب ّ ُ‬ ‫ض بصَره وخا َ‬ ‫ب ‪ ,‬والسعيد ُ من غ ّ‬ ‫القل ِ‬
‫ت الطعام ِ ‪ ,‬وعليك بالمفيدِ ‪،‬‬ ‫ب وجبا ِ‬ ‫•احرص على ترتي ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫م وأنت شبعا ُ‬ ‫ب التخمة ‪ ،‬ول تن ْ‬ ‫واجتن ِ‬
‫ن‬ ‫ث ‪ ,‬ثم وط ّ ْ‬ ‫ف من الحواد ِ‬ ‫ت عند الخو ِ‬ ‫•قدّر أسوأ الحتمال ِ‬
‫ة واليسَر ‪.‬‬ ‫ل ذلك فسوف تجد ُ الراح َ‬ ‫نفسك لتقب َ‬
‫ق‬
‫شعَ ‪ ,‬وإذا ضا َ‬ ‫ل انق َ‬ ‫م اللي ُ‬ ‫ل انقط َعَ ‪ ,‬وإذا أظل َ‬ ‫•إذا اشتد ّ الحب ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫سَري ْ ِ‬‫سٌر ي ُ ْ‬ ‫ب عُ ْ‬ ‫سعَ ‪ ,‬ولن يغل َ‬ ‫المُر ات ّ َ‬
‫ت كلبًا‪ ،‬وعفا‬ ‫ي سق ْ‬ ‫ن ‪ ،‬غ ََفَر لبغ ّ‬ ‫•تفك ّْر في رحمةِ الرحم ِ‬
‫س ‪ ،‬وبسط يده للتائبين ‪ ،‬ودعا النصارى‬ ‫ة نف ٍ‬ ‫ل مائ َ‬ ‫عمن قَت َ َ‬
‫للتوبةِ ‪.‬‬
‫ة‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬وإثر المرض عافي ٌ‬ ‫•بعد َ الجوع شب َعٌ ‪ ،‬وعقب الظمأ ِ رِ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة ثابت ٌ‬ ‫سن ّ ٌ‬
‫م يتلوه السروُر ‪َ ،‬‬ ‫والفقُر يعقُبه الغنى ‪ ،‬واله ّ‬
‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك ﴾ وتذكْرها عند‬ ‫صدَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫•تدب ّْر سورة ﴿ أل َ ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫م أنها من أعظم ِ الدويةِ عند الزما ِ‬ ‫الشدائد ِ ‪ ،‬واعل ْ‬
‫م‬ ‫ه العظي ُ‬ ‫ب )) ل إله إل الل ُ‬ ‫•أين أنت من دعاِء الك َْر ِ‬
‫ش العظيم ‪،‬ل إله‬ ‫ب العر ِ‬ ‫هر ّ‬ ‫م ‪ ،‬ل إله إل الل ُ‬ ‫الحلي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪381‬‬
‫ش‬ ‫ب العر ِ‬ ‫ضر ّ‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ت ور ّ‬ ‫ب السموا ِ‬ ‫إل الله ر ّ‬
‫الكريم (( ‪.‬‬
‫ن وغي ّْر‬ ‫ت و تعوذ ْ من الشيطا ِ‬ ‫ت فاسك ْ‬ ‫ب إذا غضب َ‬ ‫•ل تغض ْ‬
‫س وتوضأ وأكثْر من الذكرِ ‪.‬‬ ‫مكانك ‪ ،‬وإن كنت قائما ً فاجل ْ‬
‫ة‬
‫م العافي ِ‬ ‫•ل تجَزعْ من الشدةِ فإنها تقوي قلَبك ‪ ،‬وتذيُقك طع َ‬
‫‪ ،‬وتشد ّ من أزِرك وترفعُ شأِنك ‪ ،‬وتظهُر صبَرك‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن الطحي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مقٌ وجنون ‪ ،‬وهو مثل ط َ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫•التفكر في الماضي ُ‬
‫ت من قبوِرهم ‪.‬‬ ‫ج الموا ِ‬ ‫شرِ النشارةِ وإخرا ُ‬ ‫ون َ ْ‬
‫ح أجرها ‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫ق من المصيبةِ ‪ ،‬وتل ّ‬ ‫ب المشر ِ‬ ‫•انظْر إلى الجان ِ‬
‫س بالمنكوبين ‪.‬‬ ‫رها ‪ ،‬وتأ ّ‬ ‫ل من غي ِ‬ ‫م أنها أسه ُ‬ ‫واعل ْ‬
‫ن ليصيَبك ‪,‬‬ ‫•ما أصابك لم يكن ليخطَئك ‪ ،‬وما أخطأك لم يك ْ‬
‫ق ‪ ,‬ول حيلة لك في القضاِء ‪.‬‬ ‫م بما أنت ل ٍ‬ ‫ف القل َ‬ ‫ج ّ‬ ‫و ُ‬
‫ن شرابا ً حلوا ً ‪,‬‬ ‫ول خسائرك إلى أرباٍح ‪ ,‬واصنعْ من الليمو ِ‬ ‫•ح ّ‬
‫ف مع ظرِفك ‪.‬‬ ‫ب حفنة سكرٍ ‪ ,‬وتكي ّ ْ‬ ‫ف إلى ماِء المصائ ِ‬ ‫وأض ْ‬
‫س من روِح الله ول تقنط من رحمة الله ‪ ،‬ول تنس‬ ‫•ل تيأ ْ‬
‫عون الله ‪ ,‬فإن المعونة تنزل على قدر المؤونةِ ‪.‬‬
‫حب ‪ ,‬وأنت ل تدري‬ ‫•الخيرةُ فيما تكرهُ أكثُر منها فيما ت ُ ّ‬
‫ي نقمةٍ ‪ ،‬ومن خيرٍ في‬ ‫ب ‪ ,‬وكم من نعمةٍ في ط ّ‬ ‫بالعواق ِ‬
‫ب شّر ‪.‬‬ ‫جلبا ِ‬
‫ل أن‬ ‫ح بك في أوديةِ الهموم ِ ‪ ,‬وحاو ْ‬ ‫•قي ّد ْ خياَلك لئل يجم َ‬
‫دك ‪.‬‬ ‫ت التي عن َ‬ ‫ب والفتوحا ِ‬ ‫تفكَر في النعم ِ والمواه ِ‬
‫ة في بيِتك ومكتِبك ‪ ,‬ومن علمات‬ ‫ب والضج َ‬ ‫•اجتنب الصخ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫ة والنظا ُ‬ ‫السعادةِ الهدوُء والسكين ُ‬
‫س في‬ ‫ب ‪ ,‬وهي تسمو بالنف ِ‬ ‫خي ُْر معين على المصاع ِ‬ ‫•الصلةُ َ‬
‫ق علويةٍ ‪ ،‬وتهاجُر بالروِح إلى فضاِء النورِ والفلِح ‪.‬‬ ‫آفا ٍ‬
‫ة‬
‫ت الشرير ِ‬ ‫س من النزوا ِ‬ ‫ل الجاد َ المثمَر يحرُر النف َ‬ ‫•إن العم َ‬
‫ت المحّرمةِ ‪.‬‬ ‫والخواطرِ الثمةِ ‪ ،‬والنزعا ِ‬
‫ن‬ ‫ؤها وضياؤها اليما ُ‬ ‫ؤها وهوا ُ‬ ‫ؤها وغذا ُ‬ ‫•السعادةُ شجرةٌ ما ُ‬
‫باللهِ ‪ ،‬والداُر الخرة ُ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪382‬‬
‫خل ُقٌ شري ٌ‬ ‫َ‬
‫ف ‪ ،‬أسعد َ‬ ‫مو ُ‬ ‫م ‪ ،‬وذوقٌ سلي ٌ‬ ‫بج ّ‬ ‫ده أد َ ٌ‬ ‫ن عن َ‬ ‫•م ْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل والحا ِ‬ ‫ح البا ِ‬ ‫س ‪ ،‬ونال صل َ‬ ‫سه وأسعد َ النا َ‬ ‫نف َ‬
‫ل ‪ ,‬ونوّع ْ عليه‬ ‫ل ويم ّ‬ ‫ب يك ّ ّ‬ ‫•رّوح على قلِبك فإن القل َ‬
‫س له فنون الحكمةِ وأنواع المعرفةِ ‪.‬‬ ‫ب ‪ ,‬والتم ْ‬ ‫السالي َ‬
‫ق‬
‫ح الفا َ‬ ‫ح الصدَر ‪ ،‬ويوسعُ مداِرك النظرِ ويفت ُ‬ ‫•العلم يشر ُ‬
‫مها وحزِنها ‪.‬‬ ‫مها وغ ّ‬ ‫ج من ه ّ‬ ‫س فتخر ُ‬ ‫م النف ِ‬ ‫أما َ‬
‫ب ‪ ,‬فلذةُ‬ ‫ة الصعا ِ‬ ‫ت ومغالب ُ‬ ‫•من السعادةِ النتصاُر على العقبا ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ح ل تساويها فرح ٌ‬ ‫الظفرِ ل تعدلها لذة ٌ ‪ ،‬وفرحة النجا ِ‬
‫ب أن‬ ‫مْلهم بما تح ّ‬ ‫س فعا ِ‬ ‫ت أن تسعد َ مع النا ِ‬ ‫•إذا أرد َ‬
‫سهم أشياَءهم ‪ ،‬ول تضعْ من‬ ‫خ ْ‬ ‫يعاملوك به ‪ .‬ول تب َ‬
‫أقداِرهم ‪.‬‬
‫سه ‪ ،‬والعلم الذي يناسُبه ‪ ،‬وقام به‬ ‫ن نف َ‬ ‫•إذا عرف النسا ُ‬
‫ل وجهٍ ؛ وجد لذة النجاح ومتعة النتصارِ ‪.‬‬ ‫على أكم ِ‬
‫ل ؛ لن‬ ‫م من رصيد ِ الما ِ‬ ‫ة والخبرة ُ أعظ ُ‬ ‫ة والتجرب ُ‬ ‫•المعرف ُ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي ‪ ،‬والفرح بالمعرفةِ إنسان ّ‬ ‫ل بهيم ّ‬ ‫الفرح بالما ِ‬
‫ل منهما‬ ‫لك ّ‬ ‫خُر ‪ ،‬وليْقب َ ْ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ب أحد ُ الزوجين فليصم ِ‬ ‫•إذا غض َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫الخَر على ما فيه فإنه لن يخلوَ أحد ٌ من عي ٍ‬
‫ب ويفتح لك‬ ‫ون عليك الصعا َ‬ ‫ل يه ّ‬ ‫ح المتفائ ُ‬ ‫س الصال ُ‬ ‫•الجلي ُ‬
‫م يسوّد ُ الدنيا في عينك ‪.‬‬ ‫ب الرجاِء ‪ ،‬والمتشائ ُ‬ ‫با َ‬
‫و‬
‫صْف َ‬ ‫ل فقد حاز َ‬ ‫ة ما ٍ‬ ‫ة وكفاي ٌ‬ ‫ت وصح ٌ‬ ‫ة وبي ٌ‬ ‫•من عنده زوج ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫ش ‪ ،‬فليحمد ِ الله وليقنعْ ‪ ،‬فما فوق ذلك إل اله ّ‬ ‫العي ِ‬
‫ى في‬ ‫ه ‪ ,‬معاف ً‬ ‫سْرب ِ ِ‬ ‫•))من أصبح منكم آمنا ً في ِ‬
‫حيزت له‬ ‫ه ‪ ،‬فكأنما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ت يو ِ‬ ‫ه ‪،‬عندهُ قو ُ‬ ‫د ِ‬ ‫جس ِ‬
‫الدنيا (( ‪.‬‬
‫د ‪‬‬ ‫ه ّربا ً وبالسلم ِ دينا ً ‪ ،‬وبمحم ٍ‬ ‫•)) من رضي بالل ِ‬
‫رسول ً ‪ ،‬كان حقا ً على الله أن يرضيه (( ‪ ،‬وهذه‬
‫ن الرضا‪.‬‬ ‫أركا ُ‬
‫ن‬ ‫ه عنك ‪ ،‬وأن يرضى عنك م ْ‬ ‫ح أن يرضى الل ُ‬ ‫ل النجا ِ‬ ‫•أصو ُ‬
‫سك راضية وأن تقدم عمل ً مثمرًا‪.‬‬ ‫ن نف ُ‬ ‫ك وأن تكو َ‬ ‫حوْل َ َ‬‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪383‬‬
‫ج‬ ‫م سعادةُ يوم ٍ ‪ ،‬والسفُر سعادة ُ أسبوٍع ‪ ،‬والزوا ُ‬ ‫•الطعا ُ‬
‫ر‬
‫ن سعادةُ العم ِ‬ ‫ة‪ ،‬واليما ُ‬ ‫ل سعادة ُ سن ٍ‬ ‫سعادة شهرٍ ‪ ،‬والما ُ‬
‫كّله ‪.‬‬
‫ب ول بالنكاِح ‪ ،‬وإنما‬ ‫ل ول بالشر ِ‬ ‫•لن تسعد َ بالنوم ِ ول بالك ِ‬
‫س‬ ‫ً‬
‫ل وهو الذي أوجد َ للعظماِء مكانا تحت الشم ِ‬ ‫تسعد ُ بالعم ِ‬
‫‪.‬‬
‫ق‬ ‫ت له القراءة ُ فإنه سعيد ٌ لنه يقطف من حدائ ِ‬ ‫•من تيسر ْ‬
‫ن‬ ‫ب الدنيا ويطوي الزما َ‬ ‫ف على عجائ ِ‬ ‫العالم ِ ‪ ،‬ويطو ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫والمكا َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ح البريُء راح ٌ‬ ‫ب الحزان ‪،‬والمزا ُ‬ ‫ة الخوان ت ُذ ْهِ ُ‬ ‫•محادث ُ‬
‫ح الخاطَر ‪.‬‬ ‫وسماع ُ الشعرِ يري ُ‬
‫رك إليها ‪،‬فحياُتك من صنِع‬ ‫ون حياَتك بنظ ِ‬ ‫•أنت الذي تل ّ‬
‫ك‪.‬‬ ‫أفكاِرك ‪ ،‬فل تضعْ نظارةً سوداَء على عيْني َ‬
‫ة واحدةً‬ ‫ط من تكرههم لحظ ً‬ ‫•فكْر في الذين تحبهم ول تع ِ‬
‫مك‪.‬‬ ‫من حياِتك ‪ ،‬فإنهم ل يعلمون عنك وعن ه ّ‬
‫ت‬ ‫ت أعصاُبك ‪ ،‬وسكن ْ‬ ‫ل المثمر برد ْ‬ ‫•إذا استغرْقت في العم ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ض من الطمئنا ِ‬ ‫ك في ٌ‬ ‫سك ‪ ،‬وغمَر َ‬ ‫نف ُ‬
‫ب‪ ،‬وإنما‬ ‫ب ول الذه ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ب ول الن ّ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت في ال َ‬ ‫•السعادةُ ليس ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب وبلوِغ الر ِ‬ ‫ن والعلم ِ والد ِ‬ ‫في الدي ِ‬
‫ف يدًا‪ ،‬وأكثُرهم‬ ‫ذلهم للمعرو ِ‬ ‫•أسعد ُ عباد ِ اللهِ عند اللهِ أب ُ‬
‫ن فضل ً ‪ ،‬وأحسُنهم على ذلك شكرًا‪.‬‬ ‫على الخوا ِ‬
‫ل‬ ‫•إذا لم تسعد ْ بساعِتك الراهنةِ فل تنتظْر سعادة ً سوف تط ّ‬
‫ل عليك من السماِء ‪.‬‬ ‫ق ‪ ،‬أو تنز ُ‬ ‫عليك من الف ِ‬
‫ح‬ ‫خي ْرٍ وافر ْ‬ ‫مته من َ‬ ‫•فك ُّر في نجاحاِتك وثمارِ عمِلك وما قد ْ َ‬
‫ح الصدَر ‪.‬‬ ‫به ‪ ،‬واحمد ِ الله عليه ‪ ،‬فإنه هذا مما يشر ُ‬
‫ل‬ ‫د‪ ،‬فتوك ْ‬ ‫مغ ٍ‬ ‫م اليوم ِ وه ّ‬ ‫س يكفيك ه ّ‬ ‫م أم ِ‬ ‫•الذي كفاك ه ّ‬
‫ف ؟ وإذا عليك فمن ترجو؟‬ ‫ن تخا ُ‬ ‫عليه‪ ،‬فإذا كان معك فم ْ‬
‫م واحد ٌ ‪ ،‬أما أمس فل يجدون لذَته ‪،‬‬ ‫•بينك وبين الثرياِء يو ٌ‬
‫م واحد ٌ ‪ ،‬فما أقله من‬ ‫وغد ٌ فليس لي ول لهم ‪ ،‬وإنما لهم يو ٌ‬
‫ن!‬ ‫زم ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪384‬‬
‫ن بين‬ ‫ب ‪ ،‬ويواز ُ‬ ‫ح القل َ‬ ‫س ‪ ،‬ويفر ُ‬ ‫ط النف َ‬ ‫•السرور ينش ُ‬
‫ة والعمَر فائدةً‬ ‫العضاِء ‪ ،‬ويجُلب القوة ‪ ،‬ويعطي الحياةَ قيم ً‬
‫‪.‬‬
‫ن وركائُز السعادةِ ‪ ،‬فل هناَء‬ ‫ة والدي ُ‬ ‫ن والصح ُ‬ ‫•الغنى والم ُ‬
‫ض ول كافَر ‪ ,‬بل هم في شقاء ‪.‬‬ ‫ف ول مري َ‬ ‫لمعدم ٍ ‪ ،‬ول خائ َ‬
‫ط‬ ‫ك التوس َ‬ ‫ف السعادة َ ‪ ,‬ومن سل َ‬ ‫ل عر َ‬ ‫•من عرف العتدا َ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ك الفوَز ‪ ,‬ومن اتبعَ اليسَر نال الفل َ‬ ‫أدر َ‬
‫ن ‪ ,‬وليس في‬ ‫ة واحدة ٌ ‪ :‬ال َ‬ ‫ن إل كلم ٌ‬ ‫•ليس في ساعةِ الزم ِ‬
‫س السعادة إل كلمة واحدة ٌ ‪ :‬الرضا ‪.‬‬ ‫قامو ِ‬
‫ن عليك‪ ,‬وتفك ّْر في‬ ‫ورها أكبَر ت َهُ ْ‬ ‫ة فتص ّ‬ ‫•إذا أصابْتك مصيب ٌ‬
‫ة الراحةِ ‪.‬‬ ‫ت فرح ُ‬ ‫ب الشدةِ ما ُرجي ْ‬ ‫سرعةِ زواِلها ‪ ,‬فلول كر ُ‬
‫ه‬‫ت بك ونجاك الل ُ‬ ‫•إذا وقعت في أزمة فتذكر كم أزمةٍ مر ْ‬
‫م أن من عافاك في الولى سيعافيك في‬ ‫منها ‪ ،‬حينها تعل ُ‬
‫الخرى ‪.‬‬
‫داه ‪،‬‬ ‫مه من أذهبه في غير حقّ قضاه ‪،‬أو فرض أ ّ‬ ‫•العاقّ ليو ِ‬
‫ة‬
‫مه‪ ،‬أو قراب ٍ‬ ‫صله ‪ ،‬أو علم ٍ تعل َ‬ ‫أو مجد ٍ شّيدهُ ‪ ،‬أو حمدٍ ح ّ‬
‫وصلها‪ ،‬أو خيرٍ أسداه‪.‬‬
‫ب دائم ؛ لن هناك‬ ‫•ينبغي أن يكون حولك أو في يدك كتا ُ‬
‫ت ويعمُر‬ ‫ظ به الوق ُ‬ ‫أوقاتا ً تذهب هدرًا‪ ،‬والكتاب خير ما يحف ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫به الزم ُ‬
‫ف النهارِ ل يشكو‬ ‫ل وأطرا َ‬ ‫ن ‪ ،‬التالي له آناَء اللي ِ‬ ‫ظ القرآ ِ‬ ‫•حاف ُ‬
‫ملل ول فراغا ول سأمًا‪ ،‬لن القرآن مل حياته سعادة ً ‪.‬‬
‫ة ‪ ,‬ثم استخرِ الله‬ ‫•ل تتخذ قرارا ً حتى تدرسه من جوانِبه كافّ ً‬
‫م‪.‬‬ ‫ل الثقة ‪ ,‬فإن نجحت فهذا المراد و إل فل تند ْ‬ ‫وشاوْر أه َ‬
‫ل‬ ‫ل أعداءه ‪ ،‬فإن الصديق يحص ُ‬ ‫•العاقل ُيكث ُِر أصدقاءه وُيقل ُ‬
‫في سنةٍ والعدو يحصل في يوم ‪ ،‬فطوبى لمن حببه الله‬
‫خل ِْقهِ ‪.‬‬ ‫إلى َ‬
‫•اجعل لمطالِبك الدنيوية حدا ً ترجع إليه ‪،‬وإل تشّتت قلُبك‬
‫شك ‪ ،‬وساء حاُلك ‪.‬‬ ‫وضاقَ صدُرك ‪ ،‬وتنّغص عي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪385‬‬
‫دها بالشكرِ ‪،‬‬ ‫م اللهِ أن يقي ّ َ‬ ‫ت عليه نع ُ‬ ‫•ينبغي لمن تظاهر ْ‬
‫م‪.‬‬ ‫ويحفظها بالطاعةِ ‪ ،‬ويرعاها بالتواضِع لتدو َ‬
‫ت‬ ‫صِقل َ ْ‬ ‫ن‪،‬و ُ‬ ‫سه بالتقوى ‪،‬وط َهَُر فكُره باليما ِ‬ ‫ت نف ُ‬ ‫•من صف ْ‬
‫س‪.‬‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب اللهِ و ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫خي ْرِ نال ُ‬ ‫أخلُقه بال َ‬
‫ل‬ ‫ة ‪ ،‬أما العام ُ‬ ‫ن حقيق ً‬ ‫ب الحزي ُ‬ ‫ل هو المتع ُ‬ ‫ل الخام ُ‬ ‫•الكسو ُ‬
‫ف يسعد ُ ‪.‬‬ ‫ف كي َ‬ ‫ش وَعََر َ‬ ‫جد ّ فهو الذي عرف كيف يعي ُ‬ ‫الم ِ‬
‫مها‪،‬‬ ‫ف مصائِبها وهمو ِ‬ ‫ف أضعا ِ‬ ‫•إن لذةَ الحياة ومتعَتها أضعا ُ‬
‫ن السّر كيف نصل إلى هذه المتعةِ بذكاٍء ‪.‬‬ ‫ولك ّ‬
‫ت العالم ِ ‪،‬‬ ‫ت لها شهادا ُ‬ ‫•لو ملكت المرأةُ الدنيا ‪ ،‬وسيق ْ‬
‫ج فهي مسكينة ‪.‬‬ ‫ل وسام ٍ وليس عندها زو ٌ‬ ‫ت على ك ّ‬ ‫وحصل ْ‬
‫ة أن تنفق شبابك في الطموِح ‪،‬ورجولتك في‬ ‫•الحياةُ الكامل ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ك في التأم ِ‬ ‫خت َ َ‬‫الكفاِح ‪،‬وشيخو َ‬
‫م أحدا ً ‪ ،‬فإن عندك من‬ ‫م نفسك على التقصير ‪ ،‬ول ت َل ْ ْ‬ ‫•ل ُ ْ‬
‫ك غيَرك ‪.‬‬ ‫حه فاتر ْ‬ ‫ت إصل ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ما يمل الوق َ‬ ‫العيو ِ‬
‫سّر‬ ‫ب يجلوُ الفهام ‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫ور والدورِ كتا ٌ‬ ‫ل من القص ِ‬ ‫•أجم ُ‬
‫ح الصدَر‪ ،‬وينمي الِفك َْر ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬ويشر ُ‬ ‫س النف َ‬ ‫القلوب ‪ ،‬ويؤن ُ‬
‫ل‬‫ة ‪ ،‬فإذا أعطيتُهما فقد حزت ك ّ‬ ‫•اسأل الله العَْفوَ والعافي َ‬
‫ل سعادةٍ ‪.‬‬ ‫ت بك ّ‬ ‫خي ْرٍ ‪ ،‬ونجوت من كل شّر ‪ ،‬فُْز َ‬ ‫َ‬
‫ب ماء ‪ ،‬وحصيٌر في‬ ‫ت ‪ ،‬وكو ُ‬ ‫ف واحد ٌ ‪ ،‬وسبعُ تمرا ٍ‬ ‫•رغي ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫ل على الدنيا السل ُ‬ ‫ف ‪ ،‬وق ْ‬ ‫غرفة مع مصح ٍ‬
‫ف‬ ‫ل الندى وك ّ‬ ‫ت ‪ ،‬وبذ ِ‬ ‫•السعادة في التضحية وإنكارِ الذا ِ‬
‫الذى ‪ ،‬والبعدِ عن النانيةِ والستئثارِ ‪.‬‬
‫ب‬ ‫س ‪ ،‬ويقوي القلب وي ُذ ْه ِ ُ‬ ‫ح النف َ‬ ‫ل يشر ُ‬ ‫ك المعتد ُ‬ ‫•الضح ُ‬
‫ل ‪ ،‬ويجلو الخاطَر ‪.‬‬ ‫ط على العم ِ‬ ‫ل وينش ُ‬ ‫مل َ َ‬
‫ال َ‬
‫م‬ ‫ح ‪ ،‬ومن لزِ َ‬ ‫•العبادةُ هي السعادةُ ‪ ،‬والصلح هو النجا ُ‬
‫ن الستغفاَر وأكثَر الفتقاَر فهو أحد ُ البرار ‪.‬‬ ‫الذكاَر ‪ ،‬وأدم َ‬
‫عبك ‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬وتفضي إليه بمتا ِ‬ ‫ب من تث ِقُ به وترتا ُ‬ ‫•خيُر الصحا ِ‬
‫مك ول يفشي سّرك ‪.‬‬ ‫ك همو َ‬ ‫ويشارك ُ َ‬
‫•ل تتوقعْ سعادة ً أكبر مما أنت فيه فتخسَر ما بين يديك ‪ ،‬ول‬
‫ن‪.‬‬ ‫حَز َ‬‫م وال َ‬ ‫ة فتستعجل اله ّ‬ ‫تنتظْر مصائب قادم ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪386‬‬
‫•ل تظن أنك تعطي كل شيء ‪ ،‬بل تعطي خيرا ً كثيرا ً ‪ ،‬أما‬
‫أن تحوي كل موهبة وكل عطية فهذا بعيد ٌ ‪.‬‬
‫ق ‪ ،‬وجاٌر‬ ‫ف من رز ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬وكفا ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وداٌر واسع ُ‬ ‫•امرأةٌ حسناُء تقي ٌ‬
‫م جهُلها الكثيُر ‪.‬‬ ‫ح ‪ِ ..‬نع ٌ‬ ‫صال ٌ‬
‫ة‬ ‫ة ‪ ،‬والغفل ُ‬ ‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬ ‫ة ‪ ،‬وتذك ُّر النعم ِ َ‬ ‫ن للمكروهِ نعم ٌ‬ ‫ن النسيا ِ‬ ‫•ف ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫س فضيل ٌ‬ ‫ب النا ِ‬ ‫عن عيو ِ‬
‫ة‬ ‫ل أمتعُ من الفراِغ ‪ ،‬والقناع ُ‬ ‫•العْفوُ ألذ ّ من النتقام ِ ‪ ،‬والعم ُ‬
‫خي ٌْر من الثروةِ ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬والصحة َ‬ ‫م من الما ِ‬ ‫أعظ ُ‬
‫خي ٌْر من‬ ‫ح َ‬ ‫س الصال ُ‬ ‫س السوِء ‪ ،‬والجلي ُ‬ ‫خي ٌْر من جلي ِ‬ ‫•الوحدةُ َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة عبادة ٌ ‪ ،‬والتفكُر طاع ٌ‬ ‫الوحدةِ ‪ ،‬والعزل ُ‬
‫ق‬
‫مقٌ ‪ ،‬والوثو ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ة الفكار ‪ ،‬وكثرةُ الخلطة ُ‬ ‫ة مملك ُ‬ ‫•العزل ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫شؤْ ٌ‬ ‫ؤهم ُ‬ ‫ه ‪ ،‬واستعدا ُ‬ ‫سَف ٌ‬ ‫س َ‬ ‫بالنا ِ‬
‫ع‬
‫ة ‪،‬وتتب ُ‬ ‫ة رذال ٌ‬ ‫م ‪ ،‬والغيب ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ب ‪،‬والحقد ُ ُ‬ ‫ق عذا ٌ‬ ‫•سوُء ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ذل ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫العثرا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب حياةُ القلو ِ‬ ‫ك الذنو ِ‬ ‫م ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫•شكُر النعم ِ يدفعُ النق َ‬
‫س لذة ُ العظماِء ‪.‬‬ ‫والنتصاُر على النف ِ‬
‫ة مع‬ ‫ف ‪ ،‬وخيم ُ‬ ‫ل مع الخو ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ألذ ّ من العَ َ‬ ‫•خبٌز جاف مع أم ٍ‬
‫ة‪.‬‬ ‫صرٍ فيه فتن ٌ‬ ‫ب من قَ ْ‬ ‫سترٍ أح ّ‬
‫ة‬ ‫ق ‪ ،‬وفرح ُ‬ ‫ده خالد ٌ ‪ ،‬وذكُره با ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬ومج ُ‬ ‫ة العلم ِ دائم ٌ‬ ‫•فرح ُ‬
‫ل ‪ ،‬وذكُره إلى نهايةٍ ‪.‬‬ ‫ده إلى الزوا ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬ومج ُ‬ ‫ل منصرم ٌ‬ ‫الما ِ‬
‫ح البراِر‬ ‫ن فََر ُ‬ ‫ح باليما ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والفر ُ‬ ‫ح الصبيا ِ‬ ‫ح بالدنيا فر ُ‬ ‫•الفر ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫شَر ٌ‬ ‫ل للهِ َ‬ ‫ل ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫لذ ّ‬ ‫ة الما ِ‬ ‫‪،‬وخدم ُ‬
‫ل‬ ‫ة‪ ،‬وعََرقُ العم ِ‬ ‫ب النجازِ راح ٌ‬ ‫ب ‪،‬وتع ُ‬ ‫ب الهمةِ ع َذ ْ ٌ‬ ‫•عذا ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫طي ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن أحس ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬
‫ك ‪،‬والثناُء ال َ‬ ‫س ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫سك ‪ ،‬وعمُلك هوايتك ‪،‬‬ ‫•السعادةُ أن يكون مصحُفك أ ني َ‬
‫وبيُتك صومعَتك ‪ ،‬وكنُزك قناعَتك ‪.‬‬
‫ن الثناِء‬ ‫ح بحس ِ‬ ‫ل ‪ ،‬والَفَر ُ‬ ‫ح الطفا ِ‬ ‫ل فر ٌ‬ ‫ح بالطعام ِ والما ِ‬ ‫•الفر َ‬
‫ل البّر مجد ٌ ل يَفنى ‪.‬‬ ‫ح العظماِء ‪ ،‬وعم ُ‬ ‫فََر ُ‬
‫ة‬
‫س من طهار ِ‬ ‫ب الخيرِ للنا ِ‬ ‫•صلة الليل بهاُء النهارِ ‪ ،‬وح ّ‬
‫ة‪.‬‬‫ج عباد ٌ‬ ‫الضميرِ ‪ ،‬وانتظاُر الفر ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪387‬‬
‫صب ْرِ ‪،‬‬ ‫ة ال ّ‬‫ب الجرِ ‪ ،‬ومعايش ُ‬ ‫ة فنون ‪ :‬احتسا ُ‬ ‫•في البلِء أربع ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ن الذ ّك ْرِ ‪ ،‬وتوقّعُ اللط ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬
‫ن ‪ ،‬وترك‬ ‫ب المسلمي ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وح ّ‬ ‫•الصلةُ جماعة‪ ،‬وأداُء الواج ِ‬
‫ح الدنيا والخرةِ ‪.‬‬ ‫ل صل ٌ‬ ‫ل الحل ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وأك ُ‬ ‫الذنو ِ‬
‫ص على‬ ‫ن رأسا ً فإن الرأس كثيُر الوجاِع ‪ ،‬ول تحر ْ‬ ‫•ل تك ْ‬
‫ل سعادة ٌ ‪.‬‬ ‫ف مع الخمو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والكفا ُ‬ ‫الشهرةِ فإن لهل ضريب ً‬
‫ت ‪،‬وتأخيُر التوبةِ ‪ ،‬واستعداُء‬ ‫ق ضياعُ الوق ِ‬ ‫م ِ‬‫ح ْ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫•علم ُ‬
‫س ‪ ،‬وعقوقُ الوالدين ‪ ،‬وإفشاُء السرارِ ‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫ن الذنوب ‪ ،‬وعدم ِ‬ ‫ك الطاعةِ ‪ ،‬وإدما ِ‬ ‫ب بتْر ِ‬ ‫ت القل ِ‬ ‫ف مو ُ‬ ‫•ي ُعَْر ُ‬
‫ن من مكرِ اللهِ ‪ ،‬واحتقاِر‬ ‫المبالةِ بسوِء الذكرِ ‪ ،‬والم ِ‬
‫الصالحين ‪.‬‬
‫ن آخَر ‪،‬ومن لم‬ ‫•من لم يسعد ْ في بيِته لن يسعد َ في مكا ٍ‬
‫ده‪.‬‬ ‫مه ضي ّعَ غ َ‬ ‫يحّبه أهُله لن يحّبه أحد ٌ ‪ ،‬ومن ضي ّعَ يو َ‬
‫ة‬ ‫ن باّر ‪ ،‬وزوج ٌ‬ ‫ب نافعٌ ‪ ،‬واب ٌ‬ ‫•أربعة يجلبون السعادة ‪ :‬كتا ٌ‬
‫ض عن الجميِع ‪.‬‬ ‫عو ٌ‬ ‫ح ‪ ،‬وفي اللهِ ِ‬ ‫س الصال ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وجلي ٌ‬ ‫محبوب ٌ‬
‫ص‬ ‫ب وعلم هي ملخ ُ‬ ‫ن وشبا ٌ‬ ‫ة وأم ٌ‬ ‫ى وحري ُ‬ ‫ة وغن ً‬ ‫ن وصح ُ‬ ‫•إيما ُ‬
‫ل أن تجتمعَ كّلها ‪.‬‬ ‫ما يسعى له العقلُء ‪ ،‬لكنها ق ّ‬
‫ن‬ ‫ن فليس عندك عهد ٌ ببقاِئك ‪ ،‬وليس لديك أما ٌ‬ ‫•اسعد ال َ‬
‫م ن َْقدا ً والسروَر د َْينًا‪.‬‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فل تجع ِ‬ ‫من روعةِ الزما ِ‬
‫ل‬ ‫م ‪ ،‬و عَْق ٌ‬ ‫خل ُقٌ مستقي ٌ‬ ‫ن صادقٌ ‪،‬و ُ‬ ‫•أفضل ما في العالم ِ إيما ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ئ وما سوى ذاك شغ ٌ‬ ‫م ‪ ،‬ورِْزقٌ هان ِ ٌ‬ ‫م سلي ٌ‬ ‫س ٌ‬ ‫ج ْ‬ ‫حو ِ‬ ‫صحي ٌ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن في الوطا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والم ُ‬ ‫ة في البدا ِ‬ ‫•نعمتان خفّيتان‪ :‬الصح ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة الصالح ُ‬ ‫ن‪ ،‬والذري ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نعمتان ظاهرتان‪ :‬الثناُء ال َ‬
‫ة‬‫س الراضي ُ‬ ‫ت البغضاِء ‪ ،‬والنف ُ‬ ‫ل ميكروبا ِ‬ ‫ج يقت ُ‬ ‫ب المبته ُ‬ ‫•القل ُ‬
‫ت الكراهيةِ ‪.‬‬ ‫تطارد ُ حشرا ِ‬
‫م ألذ ّ غذاٍء ‪،‬‬ ‫ة أسبغُ غطاٍء ‪ ،‬والعل ُ‬ ‫ن أمهد ُ وطاٍء ‪ ،‬والعافي ُ‬ ‫•الم ُ‬
‫ن كساٍء ‪.‬‬ ‫ب أنفعُ دواٍء ‪ ،‬والستُر أحس ُ‬ ‫والح ّ‬
‫•السعيد ل يكون فاسقا ً ول مريضا ول مدينا ً ول غريبا ً ول‬
‫حزينا ً ول سجينا ً ول مكروهًا‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪388‬‬
‫مل‬ ‫•السعيد‪ :‬انجلءُ الغمراتِ ‪ ،‬وإزالةُ العداواتِ ‪ ،‬وعَ َ‬
‫الصالحاتِ ‪ ،‬والنتصارُ على الشهواتِ‪.‬‬
‫الطرق خطرا ً طريقُك إلى بيتِك ‪ ،‬وأكثر اليامِ بركة‬ ‫ِ‬ ‫•أقلُ‬
‫لحد ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ن تسيء فيه‬ ‫ن زم ٌ‬ ‫يوم تعملُ صالحًا‪ ،‬وأشأمُ الزما ِ‬
‫ر فقد سبّوا ربهم تعالى ‪ ،‬أوجدهم من العَدَم ِ‬ ‫•إن سبّك بَشَ ٌ‬
‫ه‪،‬‬ ‫مُهم من جوعٍ فشكروا غيْرَ ُ‬ ‫فشكوا في وجودِه ‪ ،‬وأطعَ َ‬ ‫ّ‬
‫فحارُبوه ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫م من خوفٍ‬ ‫وآمنَُه ْ‬ ‫َ‬
‫أن الناس‬ ‫الرضية على رأسِك ‪،‬ول تظنّ ّ‬ ‫َ‬ ‫•ل تحملِ الكرةَ‬
‫يهمّهم أمرُنا إن زكاما ً يصيبُ أحدكم ينسيهم موتي‬
‫وموتك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ن ‪ ،‬وأمْنٌ من الفتنِ ‪،‬‬ ‫وسكَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫وسلمة‬
‫ٌ‬ ‫ووطن ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫كفاية‬ ‫•السرورُ‬
‫ونجاة من المِحن ‪ ،‬وشكرٌ على المننِ ‪ ،‬وعبادةٌ طيلة‬ ‫ٌ‬
‫الزمن ‪.‬‬‫ِ‬
‫•)) كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيلٍ ((‪،‬‬
‫م بكلمٍ تعتذر‬ ‫تكل ْ‬
‫ّ‬ ‫ع (( ‪ )) ،‬ول‬ ‫)) وصلّ صلة المودّ ٍ‬
‫وأجمع اليأس عما في أيدي‬ ‫ُ‬ ‫منه (( ‪)) ،‬‬ ‫ُ‬
‫الناس (( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يحبك‬ ‫ّ‬ ‫س‬
‫•ازهد في الدنيا يحبّك الله ‪ ،‬وازهدْ فيما عند النا ِ‬
‫الناسُ ‪ ،‬واقنعْ بالقليلِ واعملْ بالتنزيلِ واستعدّ للرحيلِ ‪،‬‬
‫وخف الجليلَ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫•ل عيش لممقوتٍ ‪ ،‬ول راحة لمعادٍ ‪ ،‬ول أمن لمذنبٍ ‪ ،‬ول‬
‫لفاجر ‪ ،‬ول ثناءَ على كاذبٍ ‪ ،‬ول ثقة بغادرٍ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محبّ‬
‫•)) عجبا ً لمر المؤمن إن أمره كلّه خَْيرٌ وليس ذاك‬
‫لحد إل للمؤمن إن أصابته سراءُ شكر فكان خيرا ً‬
‫صَبرَ فكان خيرا ً له (( ‪.‬‬ ‫له ‪،‬وأن أصابته ضراءُ َ‬
‫بابها ‪ ،‬والسروُر حديقتُها‬ ‫فتاحُ السعادةِ ‪ ،‬والحبّ ُ‬ ‫البتسامة مِ ْ‬
‫ُ‬ ‫•‬
‫ن جدارُها ‪.‬‬ ‫نورها ‪ ،‬والم ُ‬ ‫ُ‬ ‫واليمان‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫بارد ‪ ،‬وكتاب‬ ‫ٌ‬ ‫وروض أخضرُ‪ ،‬وماءٌ‬ ‫ٌ‬ ‫•البهجةُ ‪ :‬وجهٌ جميلٌ ‪،‬‬
‫مفيد مع قلب يقدُّر النعمة ويتركُ الثم ويحبّ الخيرَ ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪389‬‬
‫•ينام المعافى على صخر كأنه على ريش حريرٍ ‪ ،‬ويأكلُ خبز‬
‫الشعيرِ كالثريدِ ‪ ،‬ويسكنُ الكوخَ كأنه في إيوانِ كسرى‪.‬‬
‫لذريته ‪ ،‬حارسا ً‬ ‫ِ‬ ‫•البخيل يعيش فقيرا ً أو يموتُ غنيا ً خادما ً‬
‫لماله ‪ ،‬بغيضا ً عند الناسِ ‪ ،‬بعيدا ً من اللهِ ‪ ،‬سيئ السمعة‬ ‫ِ‬
‫في العالمِ ‪.‬‬
‫•الولد أفضلُ من الثروةِ ‪ ،‬والصحةُ خيرٌ من الغَِنى ‪،‬والمن‬
‫المال ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ن من السكنِ ‪ ،‬والتجربةُ أغلى من‬ ‫حسَ ُ‬ ‫َأ ْ‬
‫•اجعل الفرح شكرًا‪ ،‬والحزن صبرًا‪ ،‬والصمت تفكرًا‪ ،‬والنظر‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬والموت أمني ً‬ ‫اعتبارًا‪ ،‬والنطقِ ذِْكرا ً ‪ ،‬والحياء طاع ً‬
‫يهتم بغدٍ ول‬‫ّ‬ ‫مساء ‪،‬ول‬ ‫َ‬ ‫ن مثل الطائرِ يأتيه رزقُه صباحَ‬ ‫•كُ ْ‬
‫رفيق الحركةِ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بأحد ول يؤذي أحدًا‪ ،‬خفيف الظلّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يثق‬
‫الناس أهانُوه ‪ ،‬ومن بخلَ عليهم مقتوه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مخالطة‬ ‫•من أكثرَ‬
‫حلم عليهم وقّروه ‪ ،‬ومن أجادَ عليهم أحبوه ‪،‬ومن‬ ‫َ‬ ‫ومن‬
‫احتاج إليهم ابغضوه ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ل ‪،‬ومن المحال‬ ‫•الفلك يدورُ ‪ ،‬والليالي حبالى ‪ ،‬واليامُ ُدَو ٌ‬
‫شأن ‪ ..‬فلماذا‬ ‫ٍ‬ ‫كل يومٍ هو في‬ ‫ّ‬ ‫دوام الحالِ ‪ ،‬والرحمنُ‬ ‫ُ‬
‫تحزن ؟‪.‬‬‫ً‬
‫ف على أبوابِ السلطينِ ونواصيهم في قبضةِ رب‬ ‫•كيف تق ُ‬
‫فقير ‪ ،‬وتطلب بخيل ً ‪ ،‬وتشكو‬ ‫ٍ‬ ‫تسأل المال من‬‫ُ‬ ‫العالمين؟!‬
‫إلى جريحٍ !! ‪.‬‬
‫ابعث رسائل وقت السّحرِ ‪ :‬مدادُها الدمعُ وقراطيسُها‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫الخدودُ ‪ ،‬وبريدُها القبولُ ووجهتُها العرشُ ‪ :‬وانتظرِ الجواب‬
‫‪.‬‬
‫•إذا سجدت فأخبرْه بأمورك سرا ً فإنه يعلمُ السرّ وأخفى ‪،‬‬
‫سمع من بجوارِك ؛ لن للمحبةِ أسرارا ً والناسُ حاسد‬ ‫ْ‬ ‫ول ُت‬
‫وشافع ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ة ‪ ،‬والفتقار إليه غنىً ‪،‬‬ ‫ز ً‬‫الذل له عِ ّ‬
‫ّ‬ ‫جَعلَ‬
‫•سبحان من َ‬
‫ومسألته شرفا ً ‪،‬والخضوع له رِْفَعةً ‪ ،‬والتوكل عليه كفايةً ‪.‬‬
‫ببالك وأصبح حالُك من الحزنِ حالكِا ً ‪،‬وفجعت‬ ‫ِ‬ ‫•إذا دارهمّ‬
‫لعل الله يحدثُ بعد ذلك أمرا ً ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في أهلك ومالك ‪ ،‬فل تيأسْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪390‬‬
‫ل ﴾ فإنها تطفئ‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫•ل تنس ﴿ َ‬
‫الحريق ‪ ،‬وينجو بها الغريقُ ‪ ،‬ويعرف بها الطريق ‪ ،‬وفيها‬ ‫َ‬
‫العهد الوثيق ‪.‬‬
‫ترُد النهر ‪ ،‬وتسكن الشجر ‪ ،‬وتأكل‬ ‫•طوبى لك يا طائر ‪ِ :‬‬
‫قر ‪ ،‬فأنت أسعد‬ ‫س َ‬
‫الثمر‪ ،‬ول تتوقع الخطر ‪ ،‬ول تمرّ على َ‬
‫حال ً من البشرِ ‪.‬‬
‫والحزن كفارةٌ ‪ ،‬والغضب‬ ‫ُ‬ ‫مستعارة ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫لحظة‬ ‫•السرورُ‬
‫خسارة ‪ ،‬والعبادةُ تجارةٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫شرارةٌ ‪ ،‬والفراغُ‬
‫واليوم في السياقِ ‪ ،‬وغدا ً لم يولدْ ‪ ،‬وأنت اب ُ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫أمس ماتَ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫•‬
‫بأربح بضاعةٍ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫د لك‬ ‫فاجعلها طاعةً ‪َ ،‬تعُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫الساعةِ‬
‫•نديمك القلمُ ‪ ،‬وغديرُك الحبرُ‪ ،‬وصاحبك الكتابُ‪ ،‬ومملكتك‬
‫قوتك ‪ ،‬فل تأسفْ على ما فاتَ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بيتُك‪ ،‬وكنزُ َ‬
‫ك‬
‫أواخرها‪ ،‬كالسحابِ أوله‬ ‫ُ‬ ‫وسرتك‬ ‫ّ‬ ‫أوائل المورِ‬ ‫ُ‬ ‫•ربما ساءتْك‬
‫ورعد وآخره غيثٌ هنيء‬ ‫ٌ‬ ‫ر ٌ‬
‫ق‬ ‫َب ْ‬
‫هبُ الدغال‪،‬‬ ‫ذ ِ‬‫الستغفار يفتح القفال‪ ،‬ويشرحُ البالّ ‪ ،‬ويُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫وازة التوفيقِ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الرزق ودر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بون‬ ‫وهو عُرْ‬
‫ى ومروءةٌ وعفوٌ وعافية‬ ‫ست شافية كافية ‪ :‬دينٌ وعلمٌ وغن ً‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫•من الذي يجيبُ المضطر إذا دعاهُ ‪ ،‬وينقذُ الغريق إذا ناداه‪،‬‬
‫منْ؟ قال ‪ :‬يا اللهُ ؟ إنه اللهُ ‪.‬‬ ‫ويكشف الكرب عنا َ‬
‫•ابتعد عن الجدلِ العقيمِ ‪ ،‬والمجلسِ اللغي ‪ ،‬والصاحب‬
‫لص والعينَ سارقة‬ ‫ٌ‬ ‫السفيِه‪ ،‬فإن الصاحبَ ساحبٌ ‪ ،‬والطبعَ‬
‫‪.‬‬
‫الستماع ‪ ،‬وعدمِ مقاطعة المتحدثِ ‪ ،‬ولين‬ ‫ِ‬ ‫التحلي بحسنِ‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫صدور الحرارِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الخلق ‪ ،‬أوسمةٌ على‬ ‫ِ‬ ‫الخطاب ‪ ،‬ودماثةِ‬‫ِ‬
‫وإيمان وقرآن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ولسان‬ ‫ويدان ورجلنِ‬ ‫ِ‬ ‫•عندك عينانِ وأذنانِ‬
‫إنسان ﴿ َ َ‬
‫ما‬‫ء َرب ّك ُ َ‬ ‫ي آل ِ‬ ‫فب ِأ ّ‬ ‫ُ‬ ‫وأمان ‪ ..‬فأين الشكرُ يا‬ ‫ٌ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ت ُك َذَّبا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪391‬‬
‫وتعتمد على ساقُْيك‬ ‫ُ‬ ‫أقدام ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫رتْ‬ ‫•تمشي على قدميك وقد ُبتِ َ‬
‫نومه ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شرَد الل ُ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫وقد قُطعتْ سيقان ‪ ،‬وتنام وغيرك‬
‫وتشبع وسواك جائعٌ ‪.‬‬
‫م والعمى ‪ ،‬ونجوت من البرص‬ ‫ك ِ‬ ‫والب ْ‬
‫ُ‬ ‫•سلمت من الصّ ِ‬
‫مم‬
‫والجنون والجذام ‪ ،‬وعوفيت من السل والسرطان ‪ ،‬فهل‬
‫شكرت الرحمن ؟!‬
‫•مصيبتنا أننا نعجزُ عن حاضرنا و نشتغلُ بماضينا ‪ ،‬ونهمل‬
‫يومنا ونهتمّ بغدِنا فأين العقلُ وأين الحكمةُ ؟!‬
‫يستحق الذكر‪ ،‬وأنك‬ ‫ّ‬ ‫نقد الناسِ لك معناه أنك فعلت ما‬ ‫• ُ‬
‫فقتهم علما ً أو فَْهما ً أو مال ً أو مَْنصِبا ً أو جاهًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ص شخصية الغيرِ ‪ ،‬والذوبانُ في الخرين ‪ ،‬ومحاكاة‬ ‫•تقمّ ُ‬
‫وإزهاق لمعالم الشخصيةِ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫انتحار‬ ‫ِ‬ ‫الناس‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫ة‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫نا‬ ‫ل أُ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫•﴿ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫﴾‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫عل ِ َ‬‫قد ْ َ‬
‫غي ُْر‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صن ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫عة (( ‪،‬‬ ‫إم ً‬ ‫ها ))ل تكونوا ّ‬ ‫وّلي َ‬‫م َ‬ ‫ُ‬
‫د ﴾‪.‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫قى ب ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫وا ٍ‬ ‫صن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫حة ‪ ،‬ومع البليةِ عطيةٌ ‪،‬‬ ‫ر ٌ‬ ‫•مع الدمعةِ بسمةٌ ‪ ،‬ومع التّرحةِ َف ْ‬
‫مطردة ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وقاعدة‬ ‫ة ‪ ،‬سنة ثابتةٌ‬ ‫ومع المحنةِ مِنْح ٌ‬
‫•انظرْ هل ترى إل مبتلًى ‪،‬وهل تشاهدُ إل منكوبا ً ‪ ،‬في كل‬
‫د‪.‬‬ ‫دمع ‪ ،‬وفي كل وادٍ بنو سَعْ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫نائحة ‪ ،‬وعلى كل خدّ‬ ‫ٌ‬ ‫دارِ‬
‫الطيار ‪ ،‬و‬ ‫ِ‬ ‫معروفك أجملُ من تغريدِ‬ ‫ِ‬ ‫•صوتٌ من شكرِ‬
‫الوتار ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الشجار‪ ،‬وغناءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬وحفيف‬ ‫نسيم السحارِ‬ ‫ِ‬
‫بكلفة ‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫•إذا شربت الماء الساخن قلت الحمدُ ِ‬
‫لله‬
‫لله ‪.‬‬ ‫شربْت الماء البارد قال كل عضو فيك‪ :‬الحمدُ ِ‬
‫ك مال يعني ‪،‬‬ ‫ر ُ‬ ‫سوق العقلءِ تَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫أرخص سعادةٍ ُتباعُ في‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫الناس ويألفوك ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأغلى سلعةٍ عند العالمِ أن تألفَ‬
‫سلَ فإنه‬ ‫م ‪ ،‬والعجز فإنه موتٌ ‪ ،‬والكَ َ‬ ‫•إياك والهمّ فإنه سُ ّ‬
‫تدبير‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الرأي فإنه سوءٌ‬ ‫ِ‬ ‫خيبةٌ ‪ ،‬واضطرابَ‬
‫النسان ‪ ،‬واصطناعُ المعروف‬ ‫ِ‬ ‫شر من غربةِ‬ ‫ّ‬ ‫جار السوءِ‬ ‫• ُ‬
‫ن هو المجدُ ‪.‬‬ ‫الحسَ ُ‬ ‫َ‬ ‫أرفع من القصورِ الشاهقةِ ‪ ،‬والثناءُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪392‬‬
‫أحق الناس بزيادة النعمِ أشكرُهم ‪ ،‬وأولهم بالحبّ من‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫بذل نداه ومنعِ أذاه وأطلقِ محياه ‪.‬‬
‫ج إلى‬ ‫السرور محتاجٌ إلى المنِ ‪ ،‬والمالُ محتا ٌ‬ ‫•‬
‫محتاج إلى الشفاعةِ ‪ ،‬والسيادة محتاجة‬ ‫ٌ‬ ‫صدقة ‪ ،‬والجاهُ‬ ‫ِ‬
‫إلى التواضعِ ‪.‬‬
‫عة إل بالنّصب‬ ‫الد ُ‬‫الراحة إل بالتعبِ ‪ ،‬ول تدركُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ل تُنال‬ ‫•‬
‫‪،‬ول ُيحصلُ على الحبّ إل بالدبِ ‪.‬‬
‫صبِ ‪،‬‬ ‫منْ ِ‬ ‫ق أجلّ من ال َ‬ ‫أهم من الثروةِ ‪ ،‬والخُُل ُ‬ ‫ّ‬ ‫البناءُ‬ ‫•‬
‫المجد ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والتقوى أسمى من‬ ‫ر ِ‬
‫الخبْ َ‬‫ِ‬ ‫والهمة أعلى من‬ ‫ُ‬
‫صديق ‪ ،‬ول‬ ‫ٍ‬ ‫•ل تطمعْ في كل ما تسمعُ ‪ ،‬ول تركنْ لكل‬
‫سرك إلى امرأةٍ ‪ ،‬ول تذهبْ وراء كلّ أمنيةٍ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ف ِ‬
‫ش‬ ‫ُت ْ‬
‫•ما رأيتُ الراحة إل مع الخلوةِ ‪ ،‬ول المن إل مع الطاعةِ ‪،‬‬
‫ق‪.‬‬ ‫د ِ‬ ‫ول المحبةَ مع الوفاءِ ‪ ،‬ول الثقة إل مع الصّ ْ‬
‫عداوات ‪ ,‬وسيئةٍ تمنع‬ ‫ٍ‬ ‫ب أكلةٍ تمنع أكلتٍ ‪ ,‬وكلمة تجلبُ‬ ‫•ُر ّ‬
‫حسرات ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫قبَ‬‫ونظرة تُْع ِ‬
‫ٍ‬ ‫الخيراتٍ ‪,‬‬
‫رفا ً ‪ ،‬ول حياتك تَرَفا ً ‪ ،‬ول‬ ‫•ل يكنْ حبّك كَلفًا‪ ،‬ول بغضُك سَ َ‬
‫سفا ً ‪ ،‬ول قصدك شرفًا‪.‬‬ ‫رك أَ َ‬
‫تذك ُ‬
‫ّ‬
‫ر ‪ ،‬ول‬ ‫•كل امرئ في بيته أميرٌ ل يهيُنه أحدٌ ‪ ،‬ول يحجبُه َبشَ ٌ‬
‫ار ول يرده بخيلٌ ‪.‬‬ ‫ه جبّ ٌ‬ ‫يذلّ ُ‬
‫•أفضلُ اليام ما زادك حِْلما ً ‪ ،‬ومنحَك عِلْمًا‪ ،‬ومنََعك إثْما ً ‪،‬‬
‫فهمًا‪ ،‬ووهبَك عزْما ً ‪.‬‬ ‫وأعطاك ْ‬
‫•الحياة فرصةٌ ل نعرفُها إل بعد أن نفقدها ‪ ،‬والعافيةُ تاج‬
‫الصحاء ل يراها إل المرضى ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫على رؤوسِ‬
‫وزوجة مشاكسةٌ ‪ ،‬وجار‬ ‫ُ‬ ‫عاق ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من له ابنٌ‬‫ْ‬ ‫•متى يسعدُ‬
‫أمارة ‪ ،‬وهوًى متَّبعٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مؤذ ‪ ،‬وصاحبٌ ثقيلٌ ‪ ،‬ونفسٌ‬ ‫ٍ‬
‫•إن لرّبك عليك حقا ً ‪ ،‬ولنفسِك عليك حقا ً ‪ ،‬ولعينِك عليك‬
‫حقا ً ‪ ،‬ولزوجِك عليك حقا ً ‪ ،‬ولضيفِك عليك حقا ‪ ،‬فأعط كل‬
‫ذي حقّ حقههُ ‪.‬‬
‫•استمتعْ بالنظرِ إلى الصباحِ عند طلوعهِ فإن له جمال ً جلل ً‬
‫إشراقا ً يفتح لك المل والتفاؤل‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪393‬‬
‫ك من ذِْكرٍ أو‬ ‫ملَ َ‬ ‫•عليك بالبكورِ فإنه بركةٌ ‪ ،‬فأنجزْ فيه عَ َ‬
‫فرٍ ‪.‬‬ ‫تلوة أو حفظٍ أو مطالعةٍ أو تأليفٍ أو سَ ْ‬ ‫ٍ‬
‫وارض خالقا ً ‪ ،‬وارحمْ مخلوقا ً ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫•كنْ وسطا ً ‪ ،‬وامشِ جانبا ً ‪،‬‬
‫وأكملْ فريضةً ‪ ،‬وتزود بنافلةِ تكنْ راشدا ً ‪.‬‬
‫الخاتمة‪ ،‬وسدادُ القولِ ‪ ،‬وصلحُ العملِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫•التوفيق ‪ :‬حسنُ‬
‫م‪.‬‬
‫ح ِ‬ ‫والبعدُ عن الظلمِ‪ ،‬وقطيعةُ الرّ ِ‬
‫ة ‪ ،‬وكم من‬ ‫زلةٍ أ وجبتْ ِذلّ ً‬ ‫رب كلمةٍ سلبْت نعمةً ‪ ،‬وربّ ّ‬ ‫• ّ‬
‫عزّ له ‪.‬‬ ‫خلوة حلوةٍ ‪ ،‬وصاحبُ العزلة فيها ِ‬ ‫ٍ‬
‫• )) المسلم من سلم المسلمون من لسانِه ويدِه‪،‬‬
‫أمنه الناسُ على دمائِهم‬ ‫والمؤمنُ من ِ‬
‫جرَ ما نهى الله‬ ‫وأموالهم (( ‪ )) ،‬والمهاجرُ من هَ َ‬ ‫ِ‬
‫عنه(( ‪.‬‬
‫وخير البيوت‬ ‫ُ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫علمك ما َرَفَع َ‬ ‫ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وأجلّ‬ ‫فَع َ‬‫مالك ما نَ َ‬ ‫•خيرُ ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ك‪ ،‬وخيرُ الصحاب من َنصَ َ‬ ‫ما وسَِع َ‬
‫ر فيك ‪ ،‬وإذا لم يكن لك‬ ‫حاسد فل خَيْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫•إذا لم يكن لك‬
‫ق لك ‪ ،‬وإذا لم يكن لك دٌين فل مبدأ لك ‪.‬‬ ‫صاحبٌ فل خُلُ َ‬
‫ح قلبك بالتوبةِ من‬ ‫سّر نفسك بتذكرِ حسناتِك ‪ ،‬وأر ْ‬ ‫• ُ‬
‫سيئاتك ‪ ،‬وطوقِ العناق بأياديك البيضاءِ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ة ‪ ،‬وكثرةُ النومِ إخفاق‬ ‫طنَ َ‬
‫الف ْ‬ ‫•السمنة غفلةٌ ‪ ،‬والبطنةٌ تذهب ِ‬
‫عذاب ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ ،‬وكثرة الضحكِ ُتميتُ القلب ‪ ،‬والوسوسةُ‬
‫يذهبها‬ ‫ُ‬ ‫ة الوليةِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ر َ‬ ‫وف ْ‬
‫ة الرضاعِ مرة الفطامِ ‪َ ،‬‬ ‫و ُ‬‫حلْ َ‬
‫المارة ُ‬
‫ُ‬ ‫•‬
‫ار ‪.‬‬ ‫حزن العزلِ ‪ ،‬والكرسيّ دوّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬والبعدُ عمن‬ ‫ح ّ‬ ‫•من لذائد الدنيا ‪ :‬السفرُ مع من تُ ِ‬
‫تبغضُ ‪ ،‬والسلمةُ من يؤذي ‪ ،‬وتذكرُ النجاح ‪.‬‬
‫الحر ‪ ،‬والحسانُ يقيد النسانَ ‪ ،‬الحلمُ يقهر‬ ‫ّ‬ ‫•البرُّ يستبعدُ‬
‫مرَ‬ ‫الج ْ‬
‫َ‬ ‫م ‪ ،‬والصبر يطفئ‬ ‫الخصْ َ‬ ‫َ‬
‫أرخص ما تكون‬ ‫ُ‬ ‫هان ‪ ،‬والحاجةُ‬ ‫•الدنيا أهنأ ُ ما تكونُ حين ُت ُ‬
‫ى عنها ‪.‬‬ ‫حينما يُستْغنْ َ‬
‫•إذا أهّمك رزقُ غد فمن يكفلُ لك قدوم غٍد ‪ ،‬وإذا أحزنك ما‬
‫حدث بالمسِ فمن يعيدُ لك المسَ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪394‬‬
‫ة خَْيرٌ من‬ ‫خير من مالٍ كثيرٍ ‪ ،‬وعزلٌ في عزّ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫•توفيقٌ قليلٌ‬
‫وليةِ في ِذّلةٍ ‪ ،‬وخمولٌ في طاعةٍ خَْيرٌ من شدةٍ في‬
‫معصيةٍ ‪.‬‬
‫القانع ملكٌ ‪ ،‬والمسرفُ أهوجُ ‪ ،‬والغضبانُ مجنونٌ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫والحاسد ظالمٌ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والعجولُ طائشٌ ‪،‬‬
‫النسان ‪ ،‬ويخسئ‬ ‫َ‬ ‫الرحمن ‪ ،‬ويسعدُ‬ ‫َ‬ ‫ر اللهِ يرضي‬ ‫•ِذكْ ُ‬
‫ب الحزان ‪ ،‬ويمل الميزانَ ‪.‬‬ ‫ذهِ ُ‬ ‫الشيطان ‪ ،‬ويُ ْ‬
‫وموفق من كثُر مالُه‬ ‫ٌ‬ ‫•سعيدٌ من طال عمرُه وحسن عملُه ‪،‬‬
‫فزادت تقواه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫مه‬ ‫فكثر برّه ‪ ،‬ومباركٌ من زاد عل ُ‬
‫دم‬ ‫جزاء من اهتمّ بالناسِ أن ينسى همومه ‪ ،‬وثوابُ من خَ َ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫يأتيه‬
‫الناس ‪ ،‬وجائزةُ من ترك الدنيا أن َ‬ ‫ُ‬ ‫موله أن يخدمه‬
‫غد ا ً ‪.‬‬ ‫رزقه َر َ‬ ‫ُ‬
‫•ل تستقلّ شيئا ً من النعم مع العافيةِ ‪ ،‬ول تحتقرْ شيئا ً من‬
‫التوبة ‪ ،‬ول تكثرْ طاعةً مع عدم الخلصِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الذنب مع عدمِ‬ ‫ِ‬
‫فرح الطفالِ ‪ ،‬والفرح بالثناءِ الحسنِ فرح‬ ‫ُ‬ ‫•الفرح بالدنيا‬
‫الولياء البرارِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الرجالِ ‪ ،‬والفرحُ بما عند الله فرحٌ‬
‫صيانة ‪ ،‬والعلم‬ ‫ٌ‬ ‫ريبة‪ ،‬والحياءُ‬ ‫ٌ‬ ‫الصدق طمأنينةٌ‪ ،‬والكذبٌ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫جمال ‪ ،‬والصمتُ حكمةٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫جةٌ‪ ،‬والبيانُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫هب‬ ‫ذ ِ‬ ‫النتصار تُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ولذة‬
‫ُ‬ ‫حلوة الظفرِ تمحو مرارة الصبر ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫وإتقان العملِ يزيلُ مشقته‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وعثاء المعاناةِ ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الله ‪ ،‬وأحسنُ ما في الجنةِ رؤية‬ ‫ِ‬ ‫•أطيبُ ما في الدنيا محبةُ‬
‫الله ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫الخلق رسولُ‬ ‫ِ‬ ‫كتاب الله ‪ ،‬وأبرّ‬ ‫ُ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬وأنفعُ الكتبِ‬
‫‪.‬‬
‫لرمسه‬
‫ِ‬ ‫•السعيُد منِ اعتبر بأمسِه ‪ ،‬ونظر لنفسه ‪ ،‬وأعدّ‬
‫وراقبَ الله في جهرِه وهمسِه ‪.‬‬
‫خيبة ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫سةُ ‪ ،‬والهيبةُ‬ ‫ح خِ ّ‬ ‫والش ّ‬
‫ّ‬ ‫مهانة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والطمع‬ ‫الحرص ّ‬
‫ذل‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫والغفلةُ حجابٌ ‪.‬‬
‫احفظ الله تجدْه أمامك ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫• )) احفظِ الله يحفظْك ‪،‬‬
‫ه في الرخاءِ يعرفْك في الشدةِ ‪ ،‬إذا‬ ‫ف إلى الل ِ‬ ‫تعرّ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪395‬‬
‫فاسأل الله ‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن‬ ‫ِ‬ ‫سألت‬
‫بالله (( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مالك صيانة‬ ‫َ‬ ‫بلئك ‪ ،‬واجعلْ‬ ‫لزمان ِ‬ ‫ِ‬ ‫رخائك عدةً‬ ‫ِ‬ ‫•اجعلْ زمان‬
‫لحالك ‪ ،‬واجعلْ عمرك طاعةً لرّبكَ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لذة أو جبتْ حسرةً ‪ ،‬وزلةً أعقب ذِّلة ‪ ،‬ومعصيةٍ سلبت‬ ‫ٍ‬ ‫• ّ‬
‫رب‬
‫بكاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫جرتْ‬ ‫نعمة ‪ ،‬وضحكةٍ ّ‬ ‫ً‬
‫ت ‪ ،‬والدنيا إذا‬ ‫النعم إذا شكرتْ قّرتْ ‪ ،‬وإذا كفرتْ فّرَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫ت ‪ ،‬وإذا بّرتْ غّرتْ‪.‬‬ ‫سرتْ مّرَ ْ‬ ‫ّ‬
‫قلة الطعامِ ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫•السلمة إحدى الغنيمتين ‪ ،‬وصحةُ الجسمِ‬
‫الثام ‪ ,‬وصحة الوقتِ البعدُ عن المقْتِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الروح قلةُ‬
‫ِ‬ ‫وصحةُ‬
‫السرور قصيرة‬ ‫ِ‬ ‫دقيقة ‪ ,‬وليلةُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫اللذة‬ ‫اللم يوم ‪ ,‬ويومُ‬
‫ِ‬ ‫•دقيقةُ‬
‫طويل ثقيلٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ويوم الهمّ‬ ‫ُ‬ ‫‪,‬‬
‫حبب إليك الطعام ‪ ,‬والسجن‬ ‫ذكرك النعيم ‪ ,‬والجوع ّ‬ ‫•البؤسُ ّ‬
‫شوقك للعافيةِ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ثمّن لديك الحرية ‪ ,‬والمرضُ‬
‫ية وإياك وثلثة‬ ‫م ِ‬ ‫والراحة والحِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫•عليك بثلثة أطباء‪ :‬الفرحِ‬
‫والوهم والقنوطِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أعداءٍ ‪ :‬التشاؤمِ‬
‫•السعادةُ هي أن تصل النفس إلى درجة كمالِها‪ ,‬والفوز أن‬
‫تخدمه الدنيا بإقبالِها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تجد ثمرةَ أعمالها ‪ ,‬والحظّ أن‬
‫وجئنا‬‫ْ‬ ‫ك ‪ ،‬وأرسلْ عينيك وقلْ ‪:‬‬ ‫يدي َ‬‫ومد َ‬ ‫ّ‬ ‫•اجلسْ في السحرِ ‪،‬‬
‫فأوف لنا الكيل يا جليلُ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ببضاعةٍ مزجاةٍ‬
‫والسقم والهرمِ ‪ ,‬ول تشرب‬ ‫ِ‬ ‫•من النعم السلمةُ من اللمِ‬
‫تنم حتى تتعب‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫تجوع ‪ ,‬ول‬ ‫َ‬ ‫تظمأ ‪ ,‬ول تأكلْ حتى‬ ‫ً‬ ‫حتى‬
‫تعنى فبالفوِز‬ ‫تمنى ‪ ,‬ومن للخيرِ ّ‬ ‫•من تأنّى حصل على ما ّ‬
‫عقم ‪ ,‬والمانيّ إفلسٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫تهنّا ‪ ,‬والعجلةُ‬
‫•ارض عن اللهِ فيما فعله بك‪ ,‬ول تتمنّ زوال حالةٍ أقامك‬
‫فيها‪ ,‬فهو أدرى بك منك وأرحمُ بك من أمّك‪.‬‬
‫بشرطها من ندمٍ وتوبة‬ ‫ِ‬ ‫الله كلّه خَْيرٌ‪ ,‬حتى المعصيةُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قضاء‬ ‫•‬
‫جبِ ‪.‬‬ ‫واستغفار ‪ ,‬وإذهابِ الكبرٍ والعُ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ,‬وانكسارٍ‬
‫والنهار‪,‬‬
‫ِ‬ ‫داوم على الستغفارِ فإن للهِ نفحاتٍ في الليلِ‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫الدين ‪.‬‬‫ِ‬ ‫فعسى أن تصيبك منها نفحةٌ تسعدُ بها إلى يومِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪396‬‬
‫ر‪ ,‬وإذا أذنب‬ ‫ر ‪ ,‬وإذا ابتُِلي صَبَ َ‬ ‫وبى لمن إذا أُْنِعم عليه شَكَ َ‬ ‫ط ْ‬
‫• ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫د َ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫حكَ َ‬‫استغفر‪ ,‬وإذا غضِب حلمَ ‪ ,‬وإذا َ‬
‫اللسان ‪ ,‬وتنميةُ العقلِ ‪ ,‬وصفاء‬ ‫ِ‬ ‫•من فوائد القراءةِ فتقُ‬
‫الهم ‪ ,‬والستفادةُ من التجاربِ ‪ ،‬واكتساب‬ ‫ّ‬ ‫الخاطر ‪ ,‬وإزالةُ‬
‫ِ‬
‫الفضائل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والتوبة والنابةِ ‪ ,‬والتوكلِ على‬ ‫ِ‬ ‫•غذاءُ القلب في الخلصِ‬
‫الله ‪ ,‬والرغبةِ فيما عنده والرهبةِ من عذابهِ ‪ ,‬وحبِه تعالى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وداوم على )) يا‬ ‫ْ‬ ‫•الزم )) يا ذا الجلل والكرام ((‬
‫رج والفَرَح‬ ‫برحمتك استغيثُ (( لترى الفَ َ‬ ‫ِ‬ ‫حيّ يا قيومُ‬
‫والسكينةَ ‪.‬‬
‫وأجر الحلم ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فوَ ‪،‬‬ ‫الع ْ‬
‫ضلِ َ‬ ‫وف ّ‬ ‫•إذا آذاك أحد فتذكرِ القضاءَ ‪َ ،‬‬
‫وثواب الصبرِ ‪ ،‬وأنه ظالمٌ وأنت مظلومٌ ‪ ,‬فأنت أسعدُ حظا ً‬
‫‪.‬‬
‫الحزن ؟‬
‫ُ‬ ‫مقدر ‪ ,‬فلماذا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫والرزق‬ ‫•القضاء نافذُ والجلُ محتومٌ‬
‫بأجرها فلم الهمّ ؟‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والمصيبة‬ ‫والمرض والفقرُ‬ ‫ُ‬
‫•في الدنيا جنّةٌ من لم يدخلْها لم يدخلْ جنة الخرةِ‪ ,‬وهي‬
‫وحبه والنسُ به والشوقُ إليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ذكرُه سبحانه وطاعتُه‬
‫•رضي الله عنهم لنهم أطاعوا أمره واجتُنبوا نهيه ورضوا‬
‫عنه ؛ لنه أعطاهم ما أمُِلوا ‪ ،‬وآمنهم مما خافُوا ‪.‬‬
‫ويرزق ويرى‬ ‫ُ‬ ‫يقدر ويغفرُ ويسترُ‬ ‫ُ‬ ‫•كيف يخزنُ من عندَه ربّ‬
‫ه مقاليدُ المورِ‪.‬‬ ‫وبيد ِ‬
‫ِ‬ ‫ويسمع ‪،‬‬
‫ُ‬
‫مفتوح ‪ ،‬والعفوُ ممنوحٌ ‪ ،‬وعطاؤُه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والباب‬ ‫ٌ‬ ‫واسعة‬ ‫•الرحمةُ‬
‫ويروح ‪ ،‬والتوبةُ مقبولةٌ ‪ ،‬وحلمه كبيرٌ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يغدو‬
‫•ل تحزْن لن القضاء مفروغٌ منه ‪ ،‬والمقدور واقعٌ ‪ ،‬والقلم‬
‫حاصل ‪ ،‬والذنب مغفورٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والجر‬ ‫جفت ‪ ،‬والصحف طُوَِيتْ‬ ‫ْ‬
‫ر المَلَ ‪ ،‬وانتظرِ الجل ‪ ،‬وعش يومك ‪،‬‬ ‫•أحسِن العمل وقصّ ِ‬
‫زمانك واحفظْ لسانَك ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأقبل على شأنِك واعرفْ‬ ‫ْ‬
‫م من‬ ‫سأ َ َ‬ ‫ظ من قبرٍ ‪ ،‬ول أَ ْ‬ ‫د من كتابٍ ‪ ،‬ول َأْوعَ َ‬ ‫•ل أَْفيَ َ‬
‫أغنى من قناعةٍ ‪.‬‬ ‫زهد ‪ ،‬ول ْ‬ ‫ٍ‬ ‫رفَ من‬ ‫ش َ‬ ‫معصيةٍ ‪ ،‬ول أَ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪397‬‬
‫تاريخك‪ ،‬والمجدُ ل‬ ‫ُ‬ ‫•بقدر همتك وجدّك ومثابرتِك يُكتبُ‬
‫نال بتضحيةٍ ‪.‬‬ ‫وي ُ‬ ‫ُيعطى جزافا ً وإنما يؤخذ بجدارةٍ ُ‬
‫فحسب ‪ ،‬وتهيأ‬
‫ُ‬ ‫م الخرةِ‬ ‫•هوّن المر يَُهنْ ‪ ،‬واجعلِ الهمّ ه ّ‬
‫للقاءِ اللهِ تعالى ‪ ،‬واتركِ الفضولَ من كل شيٍء ‪.‬‬
‫المباحات من المزعجاتِ كفضولِ الكلمِ والطعام‬ ‫ِ‬ ‫•فضولُ‬
‫والضحك ‪ ,‬وهي سببُ الغمّ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والمنام والخلطةِ‬ ‫ِ‬
‫وندمًا‪,‬‬ ‫ْ‬
‫حسرة َ‬
‫ً‬ ‫م ﴾ فل تذوبوا‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫وا َ‬ ‫س ْ‬ ‫•﴿ ل ِك َْيل ت َأ َ‬
‫ول تهلكوا بكاًء وأسفًا‪ ,‬ول تنقطعوا عويل ً وتسخّطًا‪.‬‬
‫ن ﴾ يكفيكم‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫•﴿ َ‬
‫اللهُ فيسددكم ويرعاكم ويدفع عنكم ويحميكم فل تخافون‪.‬‬
‫وا ﴾ يدفع عنهم العداء ‪ ,‬يعافيهم‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫•﴿ إ ِ ّ‬
‫من البلءِ ‪ ,‬ويشافيهم من الداءِ ‪ ,‬يحفظُهم في البأساء‬
‫والضراءِ ‪.‬‬
‫عَنا ﴾ يرانا‪ ,‬يسمع كلمَنا‪ ,‬ينصرُنا على‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫•﴿ل ت َ ْ‬
‫عدونا‪ ,‬ييسرُ لنا ما أهمّنا‪ ,‬يكشفُ عنا ما أغمّنا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك ﴾ أما جعلناه فسيحا ً وسيعا ً‬ ‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫صدَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫•﴿ أل َ ْ‬
‫فرحا ً معمورا ً ؟!‬ ‫مبتهجا ً مسرورا ً ساكنا ً مطمئنا ً ِ‬
‫ن ﴾ فنحن نكفيك‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫م ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ضي ْ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫•﴿ َ‬
‫عنك كيدهم‪ ,‬ونردّ عنك أذاهم فل تضِق‬ ‫مكرهم‪ ,‬ونصدّ ْ‬
‫ذرْعًا‪.‬‬
‫حَزُنوا﴾ وأنتم العلون عقيدةٌ وشريعةٌ ‪,‬‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫هُنوا َ‬ ‫ِ‬ ‫ول ت َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫والعلون منهجا ً وسيرةً ‪ ,‬والعلون سندا ً ومبدأ ً‪ ,‬وأخلقا ً‬
‫وسلوكًا‪.‬‬
‫المذنب ‪ ,‬يقبل‬
‫ِ‬ ‫ة ﴾ يعفو عن‬ ‫فَر ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫•﴿ إ ِ ّ‬
‫التوبة‪ ,‬يقيلُ العثرة‪ ,‬يمحو الزلة‪ ,‬يستر الخطيئة‪ ,‬يتوبُ على‬
‫التائب‪.‬‬
‫•﴿ ول ت َيأ َ‬
‫ه ﴾ فإن فرجهٌ قريب‪ ,‬ولطفه‬ ‫ح الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫سوا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عاجل ‪ ,‬وتيسيرهُ حاصلٌ ‪ ,‬وكرمُه واسع‪ ,‬وفضله عامٌ ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫جتبي ويختار‪,‬‬ ‫ويعافي وَُي ِ‬ ‫ن﴾ ُيشافي ُ‬ ‫ه َ‬
‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫و ُ َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫ويحفظ ويتولى‪ ,‬ويسترُ ويغفرُ‪ ,‬ويحلمُ ويتكرمُ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪398‬‬
‫فظا ً ﴾ يحفظ الغائب‪ ,‬يرد الغريبَ ‪ ,‬يهدي‬ ‫حا ِ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫فالل ّ ُ‬ ‫•﴿ َ‬
‫الضال ‪ ,‬يعافي المبتلى ‪ ,‬يشفي المريضَ ‪ ,‬يكشفُ الكربِ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫فوضوا المر إليه‪ ,‬وأعيدوا الشأن‬ ‫وك ُّلوا﴾ ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫إليه‪ ,‬واشكوا الحال عليه‪ ,‬ارضوا بكفايته‪ ,‬اطمئنوا لرعايته ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ي ِبال ْ‬ ‫فعسى الل ّه أ َن يأ ْ‬
‫ح﴾ فيفتح القفال‪ ,‬ويكشف‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬‫ف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫•﴿ َ َ َ‬
‫ب الثقال‪ ,‬ويزيل الليالي الطوال‪ ,‬ويشرح البالَ ‪,‬‬ ‫الكُرَ َ‬
‫ويصلح الحالَ ‪.‬‬
‫مرا ً﴾ فيذهب غمّا ً‬ ‫ث بعد ذَل ِ َ َ‬
‫كأ ْ‬ ‫د ُ َ ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ري ل َ َ‬ ‫•﴿ ل ت َدْ ِ‬
‫ب بعيدًا‪.‬‬
‫ما ً ويزيلُ حزنا ً ويسهل أمرا ً ويُقرّ ُ‬ ‫ويطرد هَ ّ‬ ‫ُ‬
‫كربا ً ويغفرُ ذنبا ً ويعطي‬ ‫ن﴾ يكشفُ ْ‬ ‫في َ ْ‬ ‫•﴿ ك ُ ّ‬
‫شأ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫ويفك مأسورا ً ‪ ،‬ويجبر‬ ‫ّ‬ ‫ِرْزقا ً ويشفي مريضا ً ويعافي مبتلًى ‪،‬‬
‫كسيرا ً ‪.‬‬
‫سرا ً﴾ مع الفقرِ غنى‪ ,‬وبعد المرض‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫•﴿ َ‬
‫ة ‪ ,‬وبعد‬ ‫عافيةٌ ‪ ,‬وبعد الحزنِ سرورٌ ‪ ,‬وبعد الضيق سَعَ ٌ‬
‫شبع ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫انطلق ‪ ,‬وبعد الجوعِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الحبس‬
‫سيحلّ القيدُ ‪ ,‬وينقطع‬ ‫سرا ً﴾ ُ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫عد َ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫•﴿ َ‬
‫فتح البابُ ‪ ,‬وينزل الغيث ‪ ,‬ويصلُ الغائبُ ‪,‬‬ ‫الحبلُ ‪ ,‬ويُ ُ‬
‫وتصلح الحوالُ ‪.‬‬
‫ل﴾ فسوف يبدل الحالْ ‪ ,‬وتهدأُ النفسُ ‪,‬‬ ‫مي ٌ‬ ‫ج ِ‬ ‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫الصدر‪ ,‬ويسهل المرُ‪ ,‬وتحل العقدُ‪ ,‬وتنفرجُ الزمة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وينشرح‬
‫‪.‬‬
‫ت ﴾ ليصلح حالُك‪,‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي ل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫مالك ‪ ,‬ويرعى عيالُك ‪ ,‬ويكرم مآلُك‪,‬‬ ‫ويشرح بالُك‪ ,‬ويحفظ ُ‬
‫آمالك‪.‬‬‫ُ‬ ‫ويحقّ َ‬
‫ق‬ ‫ُ‬
‫ل﴾ يكشف عنا الكروب‪ ,‬ويزيل‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫•﴿ َ‬
‫عنا الخطوب‪ ,‬يغفرُ لنا الذنوب‪ ,‬يصلح لنا القلوب ‪ ,‬يذهب‬
‫عنا العيوبَ ‪.‬‬
‫مِبينا ً﴾ هديناك واجتبيناك‪,‬‬ ‫فْتحا ً ُ‬ ‫ك َ‬ ‫حَنا ل َ َ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫•﴿ إ ِّنا َ‬
‫وحفظناك ومكناك‪ ,‬ونصرناك وأكرمناك‪ ,‬ومن كل بلء‬
‫حسنٍ أبليناك‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪399‬‬
‫س﴾ فل ينالُك عدوّ ‪ ,‬ول يصل‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫•﴿ َ‬
‫إليك طاغيةٌ ‪ ,‬ول يغلبك حاسدٌ ‪ ,‬ول يعلو عليك حاقدٌ ‪ ,‬ول‬
‫يجتاحك جبارٌ ‪.‬‬
‫ظيما ً﴾ خلقك ورزقك ‪ ,‬علّمك‬ ‫ع ِ‬‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫وفهمك ‪ ,‬هداك وسددك‪ ,‬أرشدك وأدبك‪ ,‬نصرك وحفظك‪,‬‬ ‫ّ‬
‫تولك ورعاك‪.‬‬
‫ق والرزق ‪,‬‬ ‫الخلْ َ‬
‫َ‬ ‫ه﴾ أعطى‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ن نِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ب ِك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫والسمع والبصر ‪ ,‬والهداية والعافية ‪ ,‬والماء والهواء ‪,‬‬
‫والغذاء والدواء ‪ ,‬والمسكن والكساء ‪.‬‬
‫فاسأل الله تجدِ العون والكفاية والرشد والسداد‬ ‫ِ‬ ‫•إذا سألت‬
‫‪ ,‬واللطف والفرج ‪ ,‬والنصر والتأييدَ ‪.‬‬
‫•على الله توكلْنا وبدينِه آمنا ولرسولِه اتبعنا ولقولِه استمعنا‬
‫تحزن إنّ الله معنا‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وبدعوتِه اجتمعنا‪ ,‬فل‬
‫الله من ينصرُه ‪ ,‬فيرفُع قدره ‪ ،‬ويعلي شأنه ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫•ولينصرنّ‬
‫ويتولى أمره ‪ ،‬ويخذلُ عدوه ويكبتُ خصمه ويخزي من‬
‫كاده‪.‬‬
‫• )) ل حول ول قوة إل بالله(( ل إرادة ول قدرة ول‬
‫تأييدَ ول نصرَ ول فرجَ ول عونَ ول كفايةَ ول طاقةَ إل بالله‬
‫العظيمِ ‪.‬‬
‫ن﴾ يطالع كتابَ الكونِ ‪ ،‬ويقرأ دفتر‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل لَ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫•﴿ أ َل َ‬
‫ِ‬
‫سنِ ويسرحُ طرفه في‬ ‫الح ْ‬ ‫ُ‬ ‫الجمال ‪ ,‬ويتمتعُ بمشاهدِ‬ ‫ِ‬
‫الحياة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مهرجان‬
‫المشرق ‪ ,‬ينطق‬
‫ِ‬ ‫يتكلم بالبيانِ‬ ‫ُ‬ ‫ن﴾‬ ‫فت َي ْ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫و َ‬ ‫سانا ً َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫السرات ‪ ,‬يترجم عما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالكلمات‬ ‫الجذاب ‪ ,‬يتحدثُ‬ ‫ُ‬ ‫بالحديثِ‬
‫ه‪.‬‬
‫في قلبِ ِ‬
‫شك َرت ُم َل َ‬
‫فهمكم‬ ‫ُ‬ ‫م ﴾ فيعظم علمُكم ويزيد‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫•﴿ ل َئ ِ ْ‬
‫خيركم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويتحقق نصرُكم ويكثرُ‬ ‫ُ‬ ‫م‪،‬‬ ‫ك ْ‬ ‫رزق ُ‬‫ِ‬ ‫ويبارك في‬
‫ه َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫وخاصة ‪,‬‬
‫ً‬ ‫ة ﴾ عامةً‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م نِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫والمال ‪ ,‬في المواهب‬ ‫ِ‬ ‫في الدينِ والدنيا‪ ,‬في الهلِ‬
‫والجوارح ‪ ,‬في الروحِ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪400‬‬
‫َ‬ ‫وأ ُ َ‬
‫ه﴾ أرفع شكايتي إليه ‪ ,‬أعرض‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫•﴿ َ‬
‫ن ظني به ‪ ,‬أتوكلُ عليه‪ ,‬أرضى بحكمِه‪,‬‬ ‫حسّ ُ‬ ‫حالي عليه‪ ,‬أُ َ‬
‫أطمئنّ إلى كفايتِه‪.‬‬
‫ه﴾ يرزقهم إذا افتقروا ‪ ,‬يغيثهم إذا‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫•﴿الل ّ ُ‬
‫مرضوا‪,‬‬
‫ُ‬ ‫قحطُوا ‪ ,‬يغفرُ لهم إذا استغفروا‪ ,‬يشفيهم إذا‬
‫يعافيهم إذا ابتُلوا ‪.‬‬
‫ه﴾ لم يغلقْ بابه ‪ ,‬لم يسدل‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫• ﴿ل ت َ ْ‬
‫فضله‪ ,‬لم ينقطعْ حبلُه ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خزائنه ‪ ,‬لم ينتهِ‬ ‫ُ‬ ‫ف ْ‬
‫د‬ ‫تن َ‬‫حجابه‪ ,‬لم ْ‬
‫َ‬
‫أهمه وأغمّه ‪ ,‬يحميه‬ ‫ّ‬ ‫ه ﴾ يكفيه ما‬ ‫عب ْدَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫•﴿ أل َي ْ َ‬
‫ممن قصده ‪ ,‬يمنعه ممن كاد له ‪ ,‬يحفظُه ممّن مكر به‪.‬‬
‫ق ﴾ فعنده الخزائُن ‪ ،‬ولديه‬ ‫ه الّرْز َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫غوا ِ‬ ‫فاْبتَ ُ‬ ‫•﴿ َ‬
‫الفتاح العليمُ ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المنان‬ ‫الكنوز ‪ ،‬وبيده الخيرُ ‪ ,‬وهو الجوادُ‬ ‫ُ‬
‫ه﴾ يكشف كربه ويغفر ذنبه‪,‬‬ ‫قل ْب َ ُ‬‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫•﴿ َ‬
‫ويسدد خطاه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ويذهب غيظه وينيرُ طريقه‬
‫م ﴾ كنتم أمواتا ً فأحياكم ‪,‬‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫•﴿ اذْك ُُروا ن ِ ْ‬
‫فعلمكم‪,‬‬‫ّ‬ ‫لل ً فهداكُم ‪ ,‬وفقراءً فأغناكم ‪ ,‬وجهلةً‬ ‫وضُ ّ‬
‫ومستضعفين فنصركم‪.‬‬
‫•كم مرةٍ سألت فأعطاك ‪ ,‬كم مرةٍ طلبت فحباك ‪ ,‬كم مرة‬
‫عثرت فأقالك ‪ ,‬كم مرةٍ أعسرت فيسر عليك‪ ,‬كم مرة‬
‫دعوته فأجابَك‪.‬‬
‫الغموم ‪ ،‬وتزيل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تذهب‬ ‫والسلم على المعصومِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصلة‬ ‫•‬
‫الهموم ‪ ,‬وتشافي القلب المكلوم ‪ ،‬وتفتحُ العلوم ويحصل‬ ‫ُ‬
‫بها الفضلُ المقسومُ ‪.‬‬
‫َ‬
‫م ﴾ ارفعوا إلى الله أكفّكم ‪ ,‬قدموا‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫•﴿ادْ ُ‬
‫إليه حوائجكم ‪ ,‬اسألوه مرادكم ‪ ,‬اطلبوه رزقكم‪ ,‬اشكوا‬
‫عليه حالكم ‪.‬‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫عاهُ ﴾ فيزيل كربه وبلواه‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫•﴿ أ ّ‬
‫هبُ ما أضناه ‪ ,‬ويعطيه ما تمناه ‪ ,‬ويحققُ مبتغاه‪.‬‬ ‫ذ ِ‬‫ويُ ْ‬
‫الخلق ‪ ,‬واجعلْهم في حلّ إن‬ ‫ِ‬ ‫ضك على فقراءِ‬ ‫•تصدق بعَرْ ِ‬
‫ض‪.‬‬‫العوَ ُ‬‫شتموك أو سبوك أو آذوك فعند اللهِ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪401‬‬
‫•إذا خاف رُّبان السفينة نادى ‪ :‬يا اللهُ ‪ ,‬إذا ضلّ الحادي‬
‫هتف ‪ :‬يا اللهُ ‪ ,‬إذا اغتم السجين دعا ‪ :‬يا اللهُ ‪ ,‬إذا ضاق‬
‫المريض صاح ‪ :‬يا اللهُ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫تصمد إليه الكائناتُ ‪ ,‬تقصدُه المخلوقات‬ ‫ُ‬ ‫د﴾‬ ‫م ُ‬‫ص َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫•﴿ الل ّ ُ‬
‫‪ ,‬تدعوه البرياتُ بشتى اللغاتِ ومختلف اللهجاتِ في سائر‬
‫الحاجات ‪.‬‬
‫ِ‬
‫•﴿ ذَل ِ َ َ‬
‫مُنوا﴾ ينيرُ لهم الطريقِ ‪,‬‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وَلى ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬
‫جة ‪ ,‬يوضحُ لهم الهداية ‪ ,‬يحميهم من الضللة‬ ‫ح ّ‬‫يبين لهم المَ َ‬
‫الجهالة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ,‬يعلمُهم من‬
‫ورحمة بالناسِ ‪ ،‬ورويدا ً‬ ‫ً‬ ‫•رفقا ًَ بالقواريرِ ولطفا ً بالقلوبِ ‪،‬‬
‫العالم ‪ ..‬أيها‬ ‫ِ‬ ‫بالمشاعرِ ‪ ،‬وإحسانا ً للغيرِ ‪ ،‬وتفضل ً على‬
‫الناس ‪.‬‬
‫ُ‬
‫الزلة ‪ ,‬وتغاض عن الساءةِ ‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫اكتم الغيظ ‪ ,‬وتغافلْ عن‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫أحب الناسِ إلى‬ ‫ّ‬ ‫واعف عن الغلطةِ ‪ ,‬وادفنِ المعائب تكنْ‬ ‫ُ‬
‫الناس ‪.‬‬‫ِ‬
‫تدخلها الرياحُ ‪ ,‬وقلب مرتاحٌ ‪ ,‬مع‬ ‫ُ‬ ‫فتاحٌ ‪ ,‬وغرفةٌ‬ ‫وم ْ‬ ‫باب ِ‬ ‫ٌ‬ ‫•‬
‫تقوى وصلحٍ ‪ ,‬وقد نلت النجاح ‪.‬‬
‫•فضول العيشِ أشغالٌ ‪ ,‬والزائدُ عن الحاجة أثقالُ ‪ ,‬وعفاف‬
‫خ وإسرافٍ ‪.‬‬ ‫ذ ٍ‬‫في كفافٍ خَْيرٌ من َب ْ‬
‫الخرين ‪ ,‬ول‬ ‫ّ‬ ‫تربص‬
‫ِ‬ ‫•ل تحمل عقدة المؤامرةِ ‪ ,‬ول تفكْر في‬
‫ك يسبحون ‪.‬‬ ‫تظن أن الناسَ مشغولون بك‪ ,‬فكلّ في فَلَ ٍ‬
‫ه ﴾ فيرد كيدهم ويبطل مكرهمِ ‪،‬‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فيك َ ُ‬ ‫سي َك ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫هب‬ ‫ذ ِ‬
‫ويمحق قوتهم ‪ ,‬ويُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ويفل حدّهم‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫ويخذلُ جندهم ‪،‬‬
‫بأسهم ويشتتُ شملهم ‪.‬‬
‫م ﴾ فشفى غليلهم ‪ ,‬وأبرد‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫فأ َ‬‫•﴿ َ‬
‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫كي‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫وأراح ضمائرَهم ‪ ,‬وطهر‬ ‫َ‬ ‫عليلهم ‪ ,‬وأطفأ لهب صدورِهم ‪,‬‬
‫سرائرَهم‪.‬‬
‫• )) الكلمة الطيبة صدقةٌ (( لنها تفتحُ النفسَ ‪ ،‬وتسعد‬
‫وتدمل الجراح ‪ ،‬وتذهبُ الغيظ وتعلنُ السلم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫القلب ‪،‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪402‬‬
‫•)) تبسمك في وجهِ أخيك صدقةٌ (( لن الوجه‬
‫ورائد الضميرِ وأول‬ ‫ُ‬ ‫عنوانُ الكتاب ‪ ,‬وهو مرآةُ القلبِ ‪،‬‬
‫الفأل ‪.‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫بترك النتقامِ ‪ ،‬ولطف‬ ‫ِ‬ ‫ن﴾‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫•﴿ ادْ َ‬
‫الجانب ‪ ,‬والرفقِ في التعاملِ ونسيان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولين‬ ‫الخطابِ ‪،‬‬
‫الساءة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫قى﴾ ولكن لتسعد‬ ‫ش َ‬ ‫ن ل ِت َ ْ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ما أ َن َْزل َْنا َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫وتفرحَ روحُك ‪ ،‬وتسكنَ نفسُك ‪ ،‬وتدخل به جنةَ الفلحِ ‪،‬‬
‫وفردوس السعادةِ ‪.‬‬
‫ج﴾ بل يسر‬ ‫حَر ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫وسهولةٌ ‪ ،‬ومراعاةٌ للمشقةِ ‪ ،‬وبعدٌ عن الكلفةِ ‪ ،‬وسلمة‬
‫والرهاق ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫من التعبِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫غل َ‬ ‫واْل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫﴾ فيسعدون بعد شقاءٍ ويرتاحون بعد عناٍء ويأمنون بعد‬
‫ن‪.‬‬ ‫خوف ‪ ،‬ويسرون بعد حُزْ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ري‬ ‫َ‬ ‫با ْ‬ ‫قا َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫م ِ‬‫سْر ِلي أ ْ‬ ‫وي َ ّ‬ ‫ري * َ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ل َر ّ‬
‫وأحس الهدى بقلبي ‪ ،‬وأمسك الحبل‬ ‫ّ‬ ‫﴾ فأرى النور أمامي ‪،‬‬
‫بيدي ‪ ،‬وأنال النجاح في حياتي ‪ ،‬والفوز بعد مماتي ‪.‬‬
‫سَرى ﴾ فتعبد ربك بحبٍ وتطيعه بود‬ ‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬ ‫•﴿ َ‬
‫وتجاهد فيه بصدقٍ ؛ فيصبح العذابُ فيه عذابا ً ‪ ،‬والعلقم‬
‫في سبيلهِ شهْدًا‪.‬‬
‫ها ﴾ فل تكليف فوق‬ ‫ع َ‬‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫فسا ً إ ِّل ُ‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫•﴿ ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫الجهد وعلى قدرِ الموهبةِ وعلى‬ ‫ِ‬ ‫سبِ‬ ‫الطاقة ‪ ،‬وإنما على حَ َ‬ ‫ِ‬
‫مقدار القوةِ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م أحيانا ً ‪ ،‬ونغفل‬ ‫سيَنا﴾ فأنا نهِ ُ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬ ‫ؤا ِ‬‫•﴿ َرب َّنا ل ت ُ َ‬
‫رب ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أوقاتا ً ‪ ،‬ويصُيبنا الشرودُ ويعترينا الذهولُ فعفوك يا‬
‫خطَأ َْنا﴾ فلسنا معصومين ول من الذنب بسالمين ‪،‬‬ ‫و أَ ْ‬ ‫َ‬
‫•﴿ أ ْ‬
‫فضلك طامعون وفي رحمتك راغبون ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ولكنّا في‬
‫ل تحزن‬
‫‪403‬‬
‫صرا ً ﴾ فنحن عبادٌ ضعفاءٌ وبشر‬ ‫عل َي َْنا إ ِ ْ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫•﴿ َرب َّنا َ‬
‫فأجبنا كما‬‫ْ‬ ‫مساكينُ ‪ ،‬أنت الذي علمتنا كيف ندعوكَ‬
‫دعوتنا ‪.‬‬
‫فنعجزَ وتكل‬ ‫َ‬ ‫ة ل ََنا ب ِ ِ‬
‫ه﴾‬ ‫ق َ‬ ‫ما ل َ‬
‫طا َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ول ت ُ َ‬ ‫•﴿ َرب َّنا َ‬
‫قلوبنا وتملّ نفوسنا ‪ ،‬بل يسرْ علينا وقد فعلتَ ‪ ،‬وسهل‬ ‫ُ‬
‫علينا وقد أوجبتَ ‪.‬‬
‫عّنا ﴾ فنحن أهل الخطأ والحيفِ ومنا تبدر‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫•﴿ َ‬
‫ص وتقصيرٌ ‪ ،‬وأنت جوادٌ كريمٌ رحمان‬ ‫ق ٌ‬ ‫الساءة ‪ ،‬وفينا نَ ْ‬ ‫ُ‬
‫رحيم ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فْر ل ََنا ﴾ فل يغفرُ الذنوب إل أنت ‪ ،‬ول يسترُ العيوب‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬
‫•﴿ َ‬
‫إل أنت ‪ ،‬ول يحلمُ عن المقصر إل أنت ‪ ،‬ول يتفضلُ على‬
‫المسيء إل أنتَ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مَنا ﴾ فبرحمتك نسعدُ‪ ,‬وبرحمتِك تعيشُ آمالنا ‪,‬‬ ‫ح ْ‬ ‫واْر َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫أعمالنا ‪ ,‬وبرحمتك تصلح أحوالُنا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قبَ ُ‬
‫ل‬ ‫وبرحمتك تُ ْ‬
‫تنطع‬
‫ّ‬ ‫•)) بعثت بالحنيفة السمحة (( فلعََنتَ فيها ول‬
‫وسنة ويسر‬ ‫ٌ‬ ‫ف ول مشقةَ ول غلوّ ‪ ,‬بل فطرةٌ‬ ‫ول تكلّ َ‬
‫واقتصادٌ ‪.‬‬
‫•)) إياكم والغلو (( بل الزموا السنة‪ ,‬اتباعٌ ل ابتداعٌ ‪,‬‬
‫وسهولةٌ ل مشادةٌ ‪ ,‬وتوسطٌ ل تطرفٌ ‪ ,‬واقتفاءٌ بل زيادةٍ ‪.‬‬
‫•)) أمتي أمة مرحومة (( تولها ربها‪ ,‬فرسولُها سيد‬
‫المم وشريعتُها‬ ‫ِ‬ ‫الرسل ودينُها أحسنُ الديانِ ‪ ،‬وهي أفضل‬
‫أجمل الشرائعِ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫•)) ذاق طعم اليمانِ من رضى باللهِ ربا ً ‪،‬‬
‫وبالسلم دينا ً وبمحمدٍ رسول ً (( وهذه الثلثة أركان‬ ‫ِ‬
‫الرضا وأصول الفلحِ ‪.‬‬
‫م وشتات‬ ‫•إياك والتسخط فإنه باب الحزنِ والهمّ والغ ّ‬
‫وضياع العمرِ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وسوء الحالِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫البال‬ ‫ُ‬ ‫وكسف‬ ‫القلبِ‬
‫ة ‪ ،‬والراحة والمن‬ ‫والدعَ َ‬
‫ّ‬ ‫•الرضا يكسب في القلب السكينة‬
‫ح‪.‬‬ ‫والسرور والفَرَ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬والطمأنينة وطيبَ العيشِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪404‬‬
‫غل ‪ ،‬والغل‬ ‫•الرضا يجعل القلبُ سليما ً من الغشِ والد ِ‬
‫والضجر والتبرمِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والملل‬ ‫والعتراض والتذمرِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والتسخطِ ‪،‬‬
‫•من رضي عن الله مل قلبه نورا ً وإيمانا ً ‪ ،‬ويقينا ً وحبا ً‬
‫وإنابة وإخباتا ً ‪.‬‬‫ً‬ ‫ى وأمنا ً ‪،‬‬ ‫ى وغن ً‬ ‫وقناعة ورض ً‬ ‫ً‬
‫المال ‪,‬‬
‫ِ‬ ‫•أيها الفقير‪ :‬صبرٌ جميل ‪ ,‬فقد سلمتَ من تبعاتِ‬
‫معِ ‪ ،‬ومشقةِ وحراسةِ المال‬ ‫الج ْ‬
‫َ‬ ‫الثروة ‪ ,‬وعناءِ‬ ‫ِ‬ ‫وخدمةِ‬
‫وخدمتِه ‪ ،‬وطولِ الحسابِ عند اللهِ ‪.‬‬
‫بصره ‪ :‬أبشرْ بالجنة ثمنا ً لبصرِك ‪ ،‬واعلمْ أنك‬ ‫َ‬ ‫•يا من فقدَ‬
‫رؤية المنكراتِ ‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ت نورا ً في قلبِك ‪ ،‬وسلمت من‬ ‫ض َ‬ ‫عرّ ْ‬ ‫ُ‬
‫المزعجات والملهياتِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ومشاهدةِ‬
‫هذّْبتَ من الخطايا‬ ‫طهور إن شاء اللهُ فقد ُ‬ ‫ٌ‬ ‫•يا أيها المريض‪:‬‬
‫صقِل قلبكُ وانكسرتْ نفسُك ‪,‬‬ ‫قيت من الذنوبِ ‪ ,‬و ُ‬ ‫‪ ,‬ونُ ّ‬
‫جَبك ‪.‬‬ ‫رك وعَ ْ‬ ‫وذهب كِبْ ُ‬
‫•لماذا تفكر في المفقودِ ول تشكرُ على الموجودِ ‪ ,‬وتنسى‬
‫النعمة الحاضرة ‪ ,‬وتتحسرُ على النعمةِ الغائبةِ ‪ ,‬وتحسد‬
‫الناس وتغفلُ عما لديك ‪.‬‬
‫خبز ‪ ,‬وجرعة‬ ‫ٍ‬ ‫•)) كن في الدنيا كأنك غريب(( قطعةُ‬
‫ماء ‪ ,‬وكساءٍ ‪ ,‬وأيامٌ قليلةٌ ‪ ,‬وليالٍ معدودةٌ ‪ ,‬ثم ينتهي‬
‫العالم ‪ ,‬فإذا قبرُ أغنى الغنياءِ وأفقرِ الفقراءِ سواء ‪.‬‬
‫الحارس ‪,‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بجوار‬ ‫الخادم ‪ ,‬والرئيسُ‬‫ِ‬ ‫•يدفن الملكُ بجانبِ‬
‫والشاعرُ المشهورُ مع الفقيرِ الخاملِ ‪ ,‬والغنيُ مع‬
‫المسكينِ والفقيرُ والكسيرُ ‪ ,‬ولكنْ داخل القبرِ أعمال‬
‫ودرجات متباينةٌ ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫مختلفةٌ‬
‫فقل له مرحبا ً بضيفٍ كريم ‪ ,‬ثم أحسِن‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫جديد‬ ‫•إذا زارك يومٌ‬
‫وتوبة تجدُّد‪ ,‬ول‬ ‫ٍ‬ ‫م ُ‬
‫ل‬ ‫تؤدى ‪ ,‬وواجبٍ يُْع َ‬ ‫ّ‬ ‫ضيافتَه بفريضةٍ‬
‫والهموم فإنه لن يعود‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ره بالثامِ‬ ‫تكد ُ‬
‫ْ‬
‫•إذا تذكرت الماضي فاذكر تاريخك المشرق لتفرح ‪ ,‬وإذا‬
‫ذكرت يومك فاذكرْ إنجازك تسعدْ ‪ ,‬وإذا ذكرت الغد فاذكر‬
‫لتتفاءل ‪.‬‬
‫َ‬ ‫أحلمك الجميلةَ‬
‫ل تحزن‬
‫‪405‬‬
‫ة من المعارفِ ‪,‬‬ ‫ثروة من التجاربِ ‪ ,‬وجامع ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫العمر‬ ‫•طولُ‬
‫يوم تلقيت درسا ً‬ ‫ٌ‬ ‫ومستودعٌ من المعلوماتِ ‪ ,‬وكلما مرّ بك‬
‫لقوم يعقلون‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫بركة‬ ‫في فنّ الحياة ‪ ,‬إن طول العمرِ‬
‫•لبد من شيء من الخوفِ يذكرك المنَ ‪ ,‬ويحثك على‬
‫ويحذرك من خطرِ أعظم‬ ‫ّ‬ ‫الدعاءِ ‪ ,‬ويردعُك عن المخالفِة ‪,‬‬
‫‪.‬‬
‫العافية ‪ ,‬ويجتثّ شجرة‬ ‫َ‬ ‫•ولبد من شيء من المرضِ يذكرك‬
‫رقدة الغافلين ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب ليستيقظ قلبُك من‬ ‫ج ِ‬ ‫ر ودرجة العُ ْ‬ ‫الكِبْ َ‬
‫قليل فل‬ ‫ٌ‬ ‫قصيرة فل تقصّرْها أكثر بالنكدِ ‪ ,‬والصديقُ‬ ‫ٌ‬ ‫•الحياةُ‬
‫الخلُق‬ ‫ُ‬ ‫تخسره باللومِ ‪ ,‬والعداءُ كثير فل تزدْ عددهم بسوءِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫الشجرة مائةٍ مر ٍ‬ ‫َ‬ ‫•كن كالنملةِ في المثابرةِ ‪ ,‬فإنها تصعدُ‬
‫تمل ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتسقطُ ‪ ،‬ثم تعودُ صاعدةً حتى تصل ‪ ,‬ول تكلّ ول‬
‫لة فإنها تأكلُ طيبا ً ‪ ،‬وتضعُ طيبا ً ‪ ،‬وإذا وقعت‬ ‫•وكن كالنح ِ‬
‫تخدشها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫على عودٍ لم تكسِرْه ‪ ،‬وعلى زهرةٍ ل‬
‫•ل تدخل الملئكة بيتا ً فيه كلبٌ ‪ ,‬فكيف تدخل السكينُة قلبا ً‬
‫فيه كلبُ الشهواتِ والشبهاتِ ‪.‬‬
‫س‪,‬‬ ‫خ ٍ‬ ‫بثمن بَ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الدين‬ ‫•احذر مجالس الخصومات ففيها يباعُ‬
‫النذال ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأقدام‬ ‫ج على المروءةِ ‪ ,‬ويداسُ فيها العِرْ ُ‬
‫ض‬ ‫ويحر ُ‬
‫ّ‬
‫سابقوا ﴾‪ ,‬ليس إل المسابقة فالزمنُ يمضي ‪,‬‬ ‫و َ‬
‫•﴿ َ‬
‫تهب ‪ ,‬فل تقفْ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والشمس تجري ‪ ,‬والقمرُ يسير ‪ ,‬والريحُ‬ ‫ُ‬
‫الحياة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فلن تنتظرك قافلةُ‬
‫ه ‪ ,‬ولن‬ ‫ب َوْثبا ً إلى العلياءِ فإن المجد مناهَيَ ٌ‬ ‫عوا﴾ ِث ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫يقدم النصرُ على أقدام مًن ذهبٍ ولكنْ مع دموعٍ ودماء‬
‫ومشقة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ونصب وجوعٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وسهرٍ‬
‫سك القاعدِ ‪ ,‬وزفراتُ الكادح‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ق العامل أزكى من ْ‬ ‫عرَ ُ‬ ‫• َ‬
‫ألذ من خروف‬ ‫أناشيد الكسولِ ‪ ,‬ورغيفُ الجائع ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫أجملُ من‬
‫المترفِ ‪.‬‬
‫الشتم الذي يوجه للناجحين من حسادِهم هي طلقات‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫مجانية للتفوقِ ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الفوز ‪ ,‬ودعايةٌ‬
‫ِ‬ ‫فع النتصارِ ‪ ,‬وإعلناتُ‬ ‫د ِ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪406‬‬
‫واللقاب ومستوى‬ ‫ِ‬ ‫التفوق والمثابرةُ ل تعترفُ بالنسابِ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫ابة ‪ ,‬ونفسٌ متطلعة‪,‬‬ ‫وث ٌ‬‫همة ّ‬
‫ٌ‬ ‫الدخلِ والتعليمِ ‪ ,‬بل من عنده‬
‫وصبر جميلٌ ‪ ,‬أدركَ العلياءَ ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫•ل تتهيبِ المصاعب فإن السد يواجه القطيع من الجمال‬
‫يحمل الثقال‬ ‫ُ‬ ‫ك المتاعب فإن الحمارَ‬ ‫ش ُ‬
‫هياب ‪ ,‬ول َت ْ‬
‫ٍ‬ ‫غْيرَ‬
‫َ‬
‫يئن ‪ ,‬ول تضجرْ من مطلبِك فإن الكلب يطاردُ فريسته‬ ‫ّ‬ ‫ول‬
‫ولو في النار ‪.‬‬
‫•ل تستقلّ برأيك في المورِ بل شاورْ فإن رأي الثنين أقوى‬
‫الواحد ‪ ,‬كالحبلِ كلما ُقرن به حبل آخر قوي‬ ‫ِ‬ ‫من رأي‬
‫وأشتد ‪.‬‬
‫ّ‬
‫استفد منه‬
‫ْ‬ ‫نقد يوجّه إليك على أنه عداوة ٌ ‪ ,‬بل‬ ‫ٍ‬ ‫•ل تحملْ كلّ‬
‫صاحبه فإنك إلى التقويم أحوج‬ ‫ِ‬ ‫بغض النظرِ عن مقصدِ‬ ‫ِ‬
‫منك إلى المدحِ ‪.‬‬
‫استراح ‪ ,‬فل يطربْ لمدحهم ‪ ،‬ول يجزع‬ ‫َ‬ ‫رفَ الناس‬ ‫•من عَ َ‬
‫من ذمّهم ‪ ,‬لنهم سريعو الرضا ‪ ,‬سريعو الغضبِ ‪ ,‬والهوى‬
‫حركُهم‪.‬‬ ‫ُي ِ‬
‫•ل تظنّ العاهاتِ تمنعك من بلوغِ الغاياتِ ‪ ,‬فكم من فاضل‬
‫أعرج ‪ ,‬فالمسألة‬ ‫َ‬ ‫حاز المجدَ وهو أعمى أو أصمّ أو أشلّ أو‬
‫مسألة هممٍ ل أجسامٍ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رغبتك‬
‫ِ‬ ‫عطاء وحجزك عن‬ ‫ً‬ ‫•عسى أن يكون منعَه لك سبحانهُ‬
‫لطفا ً ‪ ,‬وتأخرك عن مرادك عنايةً ‪ ,‬فإنه أبصرُ بك منك ‪.‬‬
‫قشعُ ‪,‬‬ ‫صيف عن قليلٍ تُ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫•إذا زارتك شدةٌ فاعلمْ أنها سحابةُ‬
‫فك رعدُها ‪ ،‬ول يرهبْك برقُها فربما كانت محملة‬ ‫خ ُ‬
‫ول يُ ِ‬
‫بالغيثِ ‪.‬‬
‫•اخرجْ بأهلك في نزهةٍ عائلية كّل أسبوعٍ فإنها تعرّْفك‬
‫بأطفالِك أكثرَ وتجدد حياتك وتذهبُ عنك الملل ‪.‬‬
‫•من لم يسعد في بيته فلن يسعد في أي مكان ‪ ,‬واعلم أن‬
‫أنسب مكان لراحة النفس وهدوء البالِ ‪ ،‬والبعد عن‬
‫التكلف هو بيتُك‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪407‬‬
‫ف‪,‬‬ ‫خاصة لمن علّم الناسَ وألّ َ‬ ‫ً‬ ‫مجدها باقٍ‬ ‫ُ‬ ‫•العلم والثقافةُ‬
‫زائف ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وطيف‬
‫ٌ‬ ‫فظل زائل ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مجد الشهرةٍ والمنصبٍ‬ ‫ُ‬ ‫أما‬
‫ر اللَم‬ ‫ج ّ‬
‫•الفكر إذا ُترك ذهب إلى خانةِ المآسي ‪ ,‬فَ َ‬
‫يش ولكن قيدْه فيما ينفع ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫والحزانَ ‪ ,‬فل تتركْه يطِ‬
‫الناس وسماع‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مخالطة‬ ‫•مما يشوش البالَ ويقسي القلبَ‬
‫كلمهم اللهي ‪ ،‬وطول مجالستهم ‪ ,‬وما أحسنَ العزلةِ مع‬
‫العبادةِ والعلمِ ‪.‬‬
‫الطرق طريقُك‬ ‫ِ‬ ‫•أشرف السبل سبيلكَ إلى المسجدِ ‪ ,‬وآمنُ‬
‫إلى بيتِك ‪ ,‬وأصعبُ المواقفِ وقوفك أمام السلطانِ ‪,‬‬
‫وأعظم الهيئاتِ سجودُك للديانِ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ن‪ ,‬والذكرُ بقلبٍ حاضرٍ ‪ ,‬والنفاق‬ ‫حسَ ٍ‬ ‫القرآن بصوتٍ َ‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سماع‬ ‫•‬
‫موائد للنفس‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫فصيح‬ ‫ٍ‬ ‫بلسان‬ ‫من مالٍ حللٍ ‪ ,‬والوعظُ‬
‫وبساتينُ للقلبِ ‪.‬‬
‫•الخلق الجميلة والسجايا النبيلة‪ ,‬أجملُ من وسامةِ الوجوه‬
‫الخدود ؛ لن جمال المعنى أجل‬ ‫ِ‬ ‫ورقة‬
‫ِ‬ ‫وسواد العيونِ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬
‫جمال الشكلِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫صنائع المعروفِ تقي مصارع السوءِ ‪ ,‬وجدارُ العقلِ يمنع‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫التجارب أنفعُ من ألفِ واعظ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫من مزالقِ الهوى ‪ ,‬ومطار ُ‬
‫‪.‬‬
‫•إذا رأيت اللوف من البشرِ وقد أذهبُوا أعمارهم في الفن‬
‫والضياع فاحمدَ الله على ما عندك من خير‬ ‫َ‬ ‫واللهو واللعبِ‬
‫المبتلى سرورٌ للمعافى ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ,‬فرؤيةُ‬
‫الله على السلمِ ‪ ,‬وإذا رأيت‬ ‫َ‬ ‫•إذا رأيت الكافر فاحمدِ‬
‫الفاجر فاحمدِ الله على التقوى ‪ ,‬وإذا رأيت الجاهلَ فاحمد‬ ‫َ‬
‫فاحمد الله على‬ ‫ِ‬ ‫الله على العلم ‪ ,‬وإذا رأيت المبتلى‬
‫العافية ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرياح لك‬
‫ُ‬ ‫الشمس لك فاغتسلْ بضيائها ‪ ,‬وخلقتِ‬ ‫ُ‬ ‫•خلقت‬
‫النهار لك فتلذذْ بمائها ‪ ,‬وخلقت‬ ‫ُ‬ ‫بهوائها ‪ ,‬وخلقتِ‬‫ِ‬ ‫فاستمتعْ‬
‫الثماُر لك فاهنأْ بغذائها‪ ,‬واحمد من أعطى جل في عله‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪408‬‬
‫والصم يتمنى سماع‬ ‫ّ‬ ‫العالم ‪,‬‬
‫َ‬ ‫•العمى يتمنى أن يشاهدَ‬
‫خطوات ‪ ,‬والبكمُ يتمنى‬ ‫ٍ‬ ‫الصواتِ ‪ ,‬والمقعدُ يتمنى المشي‬
‫أن يقول كلماتٍ ‪ ,‬وأنت تشاهدُ وتسمع وتتكلمُ ‪.‬‬
‫•ل تظنّ أن الحياة كملتْ لحدٍ ‪ ,‬من عنده بيتٌ ليس عنده‬
‫سيارة ‪ ,‬ومن عنده زوجةٌ ليس عنده وظيفةٌ ‪ ,‬ومن عنده‬ ‫ٌ‬
‫مِنعَ من‬‫الطعام ‪ ,‬ومن عنده المأكولتُ ُ‬ ‫َ‬ ‫شهيةٌ قد ل يجد‬
‫الكلِ ‪.‬‬
‫العمر ‪ ,‬والعمل‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صديق‬ ‫سوق الخرة ‪ ,‬والكتابُ‬ ‫ٌ‬ ‫•المسجدُ‬
‫تاج الشرفِ ‪ ,‬والكرم‬ ‫ُ‬ ‫ق الحسنُ‬ ‫والخلَ ُ‬
‫َ‬ ‫أنيس في القبر ‪,‬‬ ‫ُ‬
‫ثوب ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أجملُ‬
‫دة فإن فيها رجسا ً ينجسُ القلبَ ‪ ,‬وسما ً‬ ‫الملح ِ‬
‫ِ‬ ‫•إياك وكتاب‬
‫ة تعصفُ بالضميرِ ‪ ،‬وليس أصلح لك من‬ ‫النفس ‪ ,‬ولوث ً‬
‫َ‬ ‫يقتلُ‬
‫ك‪.‬‬
‫روحك ويشفى داءَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يطهر‬ ‫الوحيِ ‪،‬‬
‫ب فتندم ؛ لن الغضبان بفقد‬ ‫•ل تتخذْ قرارا ً وأنت مغضَ ٌ‬
‫الروية ‪ ،‬وينقصُه التأملُ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الصواب ‪ ،‬وتفوته‬
‫الحزن ل يرد الغائبَ ‪ ,‬والخوفُ ل يصلحُ للمستقبلُ ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫والقلق ل يحققُ النجاحَ ‪ ,‬بل النفسُ السويةُ ‪ ،‬والقلب‬ ‫ُ‬
‫الراضي هما جناحا السعادةِ ‪.‬‬
‫•ل تطالبِ الناس باحترامِك حتى تحترمهم ‪ ,‬ول َتُلمّهم على‬
‫ق حصل لك ‪ ,‬بل ُلمّ نفسك ‪ ,‬وإن أردت أن يكرمَك‬ ‫إخفا ٍ‬
‫فأكرم نفسك ‪.‬‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الناس‬
‫•على صاحبِ الكوخِ أن يرضى بكوخِه إذا علم أن القصور‬
‫الممزقة أن يقنع بثيابِه‬
‫ِ‬ ‫سوف تخربُ ‪ ,‬وعلى لبس الثيابِ‬
‫إذا تيقن أن الحرير سوف يبلى ‪.‬‬
‫قلبه ‪ ,‬وضاع أمُره ‪,‬‬ ‫•من أعطى نفسَه كلما تطلبُ تشتّتَ ُ‬
‫ارة ‪.‬‬
‫ارة غرّ ٌ‬
‫النفس فهي أمّ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫لنه ل حدّ لمطالبِ‬ ‫وكثر همّه ؛ ّ‬ ‫ُ‬
‫•يا من فقد ابنه ‪ :‬لك قصرُ الحمد في الجنةِ ‪ ,‬ويا من فاته‬
‫عدن تنتظرك ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫نصيُبه من الدنيا ‪ :‬نصيبك في جناتِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪409‬‬
‫رزقه في العشِ ‪ ,‬والسدُ ل تقدم له وجبتُه‬ ‫ُ‬ ‫•الطائرُ ل يأتيه‬
‫في العرين ‪ ,‬والنملةُ ل تعطي طعامها في مسكنِها‪ ,‬ولكن‬
‫كلهم يطلبون ويبحثون فاطلبْ كما طلبوا تجدْ ما وجدوا ‪.‬‬
‫م ﴾ يموتون قبلَ الموتِ ‪,‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬
‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬‫• ﴿ يَ ْ‬
‫وينتظرون كلّ مصيبةٍ ‪ ,‬ويتوقعون كل كارثةٍ ‪ ,‬ويخافون من‬
‫وحركةِ ؛ لن قلوبَهم هواءٌ ونفوسهم‬ ‫ٍ‬ ‫كلّ صوتٍ وخيالٍ‬
‫ممزقة ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫•إذا أقامَك اللهُ في حالةٍ فل تطلبْ غيرها لنه عليمٌ بك ‪,‬‬
‫أمرضك فل تقلْ ليته‬ ‫َ‬ ‫أفقرك فل تقل ليته أغناني ‪ ،‬وإن‬ ‫َ‬ ‫فإن‬
‫شفاني ‪.‬‬
‫حرمانك زوجة‬ ‫ُ‬ ‫•عسى تأخيرُك عن سفرٍ خيرا ً ‪ ,‬وعسى‬
‫بركة ‪ ,‬وعسى ردك عن وظيفة مصلحةً ‪ ,‬لنه يعلمُ وأنت ل‬ ‫ً‬
‫تعلمُ ‪.‬‬
‫الصخر أقوى من الشجر ‪ ,‬والحديدُ أقوى من الصخرِ ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫الحديد ‪ ,‬والريح أقوى من النارِ ‪ ,‬واليمان‬ ‫ِ‬ ‫والنار أقوى من‬ ‫ُ‬
‫المرسلة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أقوى من الريحِ‬
‫سى ‪ ,‬وكلّ مصيبة‬ ‫تصيبك فهي درسٌ ل يُنْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫مأساة‬ ‫•كلّ‬
‫تصيبُك فهي محفورةُ في ذاكرتك‪ ,‬ولهذا هي النصوص‬
‫الباقية في الذهنِ ‪.‬‬
‫والجراحات والهات‬ ‫ِ‬ ‫المعاناة والغصصِ‬‫ِ‬ ‫•النجاحُ قطراتٌ من‬
‫قطرات من الخمولِ والكسل‬ ‫ٌ‬ ‫ق‬
‫والمزعجاتِ ‪ ,‬الخفا ُ‬
‫و ِر ‪.‬‬ ‫والخ َ‬
‫َ‬ ‫والعجزِ والمهانةِ‬
‫•الذي يحرص على الشهرةِ المؤقتةِ ‪ ،‬ول يسعى للخلودِ بثناء‬
‫صالح ‪ ،‬إنما هو رجلٌ بسيطٌ ل همةَ له ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نافع‬ ‫سنٍ ‪ ،‬وعلمٍ‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫أقم الصلةَ ‪ ,‬أرحْنا بها (( لن الصلة‬ ‫ِ‬ ‫•)) يا بلل‪,‬‬
‫طيبة باردة‬ ‫ٌ‬ ‫المن ‪ ,‬وريحٌ‬
‫ِ‬ ‫فيض من السكينةِ ‪ ,‬ونهرٌ من‬ ‫ٌ‬
‫والحزن ‪.‬‬‫ِ‬ ‫نار الخوفِ‬ ‫ئ َ‬ ‫تهبّ على النفسِ فتطف َ‬
‫•إذا لم َتْعص ربا ً ؛ ولم تظلمْ أحدا ً ‪ ،‬فنم قرير العينِ ‪ ,‬وهنيئا ً‬
‫د عل حظك وطاب سعيُك فليس لك عدوٌ ‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫لك َف َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪410‬‬
‫•هنيئا ً لمن بات والناسُ يدعون له‪ ,‬وويلٌ لمن نامَ والناس‬
‫رى لمنى أحبته القلوبُ ‪ ,‬وخسارةً لمن‬ ‫وبشْ َ‬ ‫يدعون عليه ‪ُ ,‬‬
‫لعنتْه اللسنُ ‪.‬‬
‫ملفك لمحكمة‬ ‫ّ‬ ‫•إذا لم تجدْ عدل ً في محكمة الدنيا فارفعْ‬
‫الخرة فإن الشهود ملئكةٌ ‪ ,‬والدعوى محفوظةُ ‪ ,‬والقاضي‬
‫أحكم الحاكمين‪.‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫م ﴾ لولم يكن للذكر من فائدةٍ إل‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫•﴿ َ‬
‫لم يكنْ له نفعٌ إل أن يذكرك ربّك لكفى به‬ ‫هذه لكفى ‪ ,‬ولو ْ‬
‫وزْلفى وشرفٍ ‪.‬‬ ‫وسؤدد ُ‬
‫ٍ‬ ‫ج ٍ‬
‫د‬ ‫نفعا ً ‪ ,‬فيا له من مَ ْ‬ ‫ْ‬
‫شطر اليمان فهو يذهبُ الخطايا‬ ‫ُ‬ ‫•بشرى لك‪ . .‬فالطهورُ‬
‫ويغسل السيئاتِ غسل ً ‪ ،‬ويطهرك لمقابلةِ ملكِ الملوك‬ ‫ُ‬
‫تعالى ‪.‬‬
‫كفارة تذهبُ ما قبلها ‪ ,‬وتمحو ما أمامها‬ ‫ٌ‬ ‫طوَْبى لك فالصلةُ‬ ‫• ُ‬
‫بعدها ‪ ,‬وتفك السر عن صاحبِها ‪ ,‬فهي قرة‬ ‫َ‬ ‫‪ ,‬وتصلح ما‬
‫العيون ‪.‬‬
‫•الرجل الذي يسعى دائما ً للظفر باحترام الناس ول يتعرض‬
‫لنقدهم ‪ ,‬كثيرا ً ما يعيشُ شقيا ً بائسا ً ‪ ,‬والسعيُ وراء‬
‫دٌو للسعادةِ ‪.‬‬ ‫ع ُ‬
‫الظهور والشهرةِ َ‬
‫ِ‬
‫والدروس في فنّ السعادةِ ل تكفى ‪ ,‬بل لبدّ من‬ ‫ُ‬ ‫•النظرياتُ‬
‫وعمل وتصرفٍ كالمشي كل يوم ساعة أو السفرِ أو‬ ‫ٍ‬ ‫حركةٍ‬
‫الذهاب إلى المنتزهاتِ ‪.‬‬‫ِ‬
‫للسد كثيرا ً وتحاولُ إيذاءه فل يعيرُها‬ ‫ِ‬ ‫تتعرض البعوضةُ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫بمقاصده عنها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اهتماما ً ول يلتفتُ إليها ‪ ،‬لنه مشغولٌ‬
‫•احذر المتشائم ‪ ,‬فإنك تريهِ الزهرة فيريك شوكَها ‪ ,‬وتعرض‬
‫فيخرج لك منه القذى ‪ ,‬وتمدحُ له الشمس‬ ‫ُ‬ ‫عليه الماءَ‬
‫فيشكو حرارتَها ‪.‬‬
‫أتريد السعادة حقا ً ؟! ل تبحثُ عنها بعيدا ً ‪ ,‬إنها فيك ؛ في‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫الجميل ‪ ,‬في إرادتِك المتفائلة‬
‫ِ‬ ‫تفكيرِك المبدعِ ‪ ,‬في خيالك‬
‫‪ ,‬في قلبك المشرقِ بالخيرِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪411‬‬
‫ه على من حولَك دونَ أن‬ ‫طرٌ ل يستطيعُ أن ترشّ ُ‬ ‫•السعادةُ عِ ْ‬
‫تعلق به قطراتٌ منه‪.‬‬
‫•مصيبُتنا أننا نخافُ من غيرِ اللهِ في اليومِ أكثر من مائة‬
‫مرةٍ ‪ :‬نخاف أن نتأخر ‪ ,‬نخافُ أن نخطئ ‪ ,‬نخافُ أن‬
‫يشك فلنٌ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فلن ‪ ,‬نخافُ أن‬ ‫ٌ‬ ‫نستعجلَ ‪ ,‬نخافُ أن يغضبَ‬
‫سرور زائلٌ ولكنّهم‬ ‫ٍ‬ ‫•كثيرون من الناس يعتقدون أن كلّ‬
‫حزن دائمٌ ‪ ,‬فهم يؤمنون بموتِ السرورِ ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن كلّ‬
‫يعتقدون ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫الحزْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويكفرون بموتِ‬
‫العمياء تظنّ وهي في البحرِ أنها في‬ ‫ِ‬ ‫•بعضُنا مِْثلِ السمكةِ‬
‫كأس صغيرٍ ‪ ,‬فنحن خلقنا في عالم اليمانِ فأحطنا أنفسنا‬ ‫ٍ‬
‫والحزن ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعداوة‬ ‫ه والخوفِ‬ ‫بجبال الكر ِ‬
‫ِ‬
‫•إن الحياة كريمةٌ ‪ ،‬ولكن الهدية تحتاجُ لمن يستحقّها‪ ,‬وإن‬
‫وتبتسم لهم وهم‬ ‫ُ‬ ‫الذين تضحكُ لهم الحياة وهم يبكون ‪،‬‬
‫يكشرون ل يستحقون البقاءَ ‪.‬‬
‫صياد حمامة في قفصٍ فأخذت تغني فقال الصيادُ ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫•وضع‬
‫ج‪.‬‬
‫ر ٌ‬ ‫أهذا وقتُ الغناء ؟! فقالت ‪ :‬من ساعةٍ إلى ساعةٍ َف َ‬
‫•قيل لحكيمٍ ‪ :‬لماذا ل تذهبُ إلى السلطانِ فإنه يعطي‬
‫أكياسَ الذهبِ ؟ قال ‪ :‬أخشى منه إذا غضب أن يقطع‬
‫رأسي ويضعه في أحد تلك الكياسِ ويقدمه هدية‬
‫لزوجتي !!‪.‬‬
‫الحمام ؟! لماذا‬ ‫ِ‬ ‫•لماذا تسمع نُباح الكلبِ ول تنصتُ لغناءِ‬
‫والنجوم ؟!‬
‫ِ‬ ‫مرِ‬ ‫ترى من الليل سواده ‪ ،‬ول تشاهدْ حسنَ القَ َ‬
‫ل ؟!‪.‬‬ ‫ع النحلِ وتنسى حلوة العَسَ ِ‬ ‫لماذا تشكو لَسْ َ‬
‫•تاب أبوك آدمُ من الذنبِ فاجتباه ربك واصطفاه وهداه ‪,‬‬
‫وعلماء وأولياءَ ‪ ,‬فصار‬ ‫َ‬ ‫وأخرج من صلبِه أنبياءَ وشهداءَ‬ ‫َ‬
‫أعلى بعد الذنبِ منه قبل أن يذنبَ ‪.‬‬
‫•ناح نوح والطوفان كالبركان فهتف ‪ :‬يا رحمانُ يا منانُ ‪,‬‬
‫فجاءه الغوثُ في لمحِ البصرِ فانتصر وظفرَ ‪ ,‬أما من كفر‬
‫فقد خسرَ واندحرَ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪412‬‬
‫ظلمات ثلث فأرسل‬ ‫ٍ‬ ‫•أصبح يونس في قاع البحرِ في‬
‫رسالة عاجلةُ فبها اعترافُ بالقترافِ ‪ ,‬واعتذرٌ عن التقصير‬
‫‪ ,‬فجاء الغوث كالبرقِ لن البرقية صادقةٌ ‪.‬‬
‫توبته أبيض ؛ لن‬ ‫•غسل داود بدموعه ذنوبه فصار ثوبُ ِ‬
‫سلَ الثوب‬ ‫أمين ‪ ,‬وغُ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والخياط‬ ‫ج في المحرابِ‬ ‫القماشَ ُنسِ َ‬
‫حرِ ‪.‬‬ ‫في السّ َ‬
‫ربُ وجاءك اليأسُ ؛‬ ‫وضاق بك الكَ ْ‬ ‫َ‬ ‫•إذا اشتد عليك المرُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫الفرَ َ‬ ‫فانتظرِ َ‬
‫طمعك في أي‬ ‫َ‬ ‫•إذا أردت الله يفرجَ عنك ما أهمك فاقطعْ‬
‫ر اللهِ ‪،‬‬ ‫أحد أمل ً غَيْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ق على‬ ‫مخلوقٍ صغرَ أم كبر ‪ ,‬ول تعلّ ْ‬
‫كافة ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ِ‬ ‫الناس‬ ‫وأجمع اليأسَ في‬
‫•نفسك كالسائل الذي يلوّن الناء بلونه ‪ ،‬فإن كانت نفسُك‬
‫والجمال ‪ ،‬وإن كانت‬ ‫َ‬ ‫راضيةً سعيدة رأيت السعادة والخيرَ‬
‫ح‪.‬‬ ‫والشر والقُبْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ضيقة متشائمة رأيتَ الشقاءَ‬ ‫َ‬
‫بالموجود ‪ ،‬وسلوتَ عن‬ ‫ِ‬ ‫•إذا أطعمت المعبودَ ‪ ،‬ورضيتَ‬
‫محمود ‪.‬‬‫ٍ‬ ‫كل مطلبٍ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وأدركت‬ ‫المفقودِ ‪ ،‬فقد نلتَ المقصودَ‬
‫اليمان والذكرِ ‪ ،‬ولديه‬ ‫ِ‬ ‫•من عنده بستان في صدره من‬
‫يأسف على ما‬ ‫ْ‬ ‫ب فل‬ ‫حديقةٌ في ذهنِه من العلمِ والتجار ِ‬
‫فاته من الدنيا ‪.‬‬
‫•إنّ من مؤخر السعادة حتى يعود ابنه الغائبُ ‪ ,‬ويبني بيته‬
‫ويجد وظيفة تناسبه‪ ،‬إنما هو مخدوع بالسرابِ ‪ ،‬مغرور‬ ‫ُ‬
‫بأحلمِ اليقظةِ ‪.‬‬
‫واطراح‬ ‫ّ‬ ‫وهجر التوقعاتِ‬ ‫ُ‬ ‫عدم الهتمامِ ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫السعادة ‪ :‬هي‬
‫ُ‬ ‫•‬
‫التخويفات ‪.‬‬
‫ِ‬
‫•البسمة ‪ :‬هي السحرُ الحللُ ‪ ،‬وهي عُربونُ المودة‬
‫والحب ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخاء ‪ ،‬وهي رسالةٌ عاجلة تحملُ السلمَ‬ ‫ِ‬ ‫وإعلنُ‬
‫ة متقلبةٌ تدلّ على أن صاحبَها راضٍ مطمئن‬ ‫دَق ٌ‬ ‫وهي صَ َ‬
‫ثابتٌ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪413‬‬
‫والرتباك والفوضويةِ ‪ ,‬وسببها ترك‬ ‫ِ‬ ‫الضطراب‬
‫ِ‬ ‫•أنهاك عن‬
‫والحل أن يكون للنسانِ جدول‬ ‫ّ‬ ‫وإهمال الترتيبِ ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫النظام‬
‫ِ‬
‫ومران ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫متزنٌ فيه واقعيّ ٌ‬
‫ة‬
‫يمر ؛ لنه‬ ‫ّ‬ ‫شدة فافرحْ بكل يومٍ‬ ‫ٌ‬ ‫•إذا وقعت عليك مصيبةٌ أو‬
‫وينقص من عمرِها‪ ,‬لن للشدة عمرا ً كعمر‬ ‫ُ‬ ‫يخفف منها‬
‫ُ‬
‫النسانِ ل تتعداه ‪.‬‬
‫•ينبغي أن يكون لك حدّ من المطالبِ الدنيوية تنتهي إليه ‪,‬‬
‫تحملك ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وسيارة‬ ‫فمثل ً تطلبُ بيتا ً تسكنه وعمل ً يناسبك ‪،‬‬
‫أما فتحُ شهيةِ الطمعِ على مصراعيها فهذا شقاءٌ ‪.‬‬
‫سنّةٌ ل تتغيرُ لهذا‬ ‫د﴾ ُ‬‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا اْل ِن ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬‫قدْ َ‬ ‫•﴿ل َ َ‬
‫ومعاناة ‪ ,‬فلبد أن‬ ‫ٍ‬ ‫النسان فهو في مجاهدةٍ ومشقةٍ‬
‫حياته ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يعترف بواقعِه ويتعاملَ مع‬
‫يظن من يقطعُ يومَه كله في اللعبِ أو الصيدِ أو اللهو أنه‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫سوف يسعدُ نفسه ‪ ,‬وما علم أنه سوف يدفع هذا الثمن‬
‫درا ً دائما ً ؛ لنه أهمل الموازنة بين الواجبات‬ ‫هما ً متصل ً َ‬
‫وك َ‬
‫والمسلياتِ ‪.‬‬
‫الوراق الزائدةُ في‬ ‫ُ‬ ‫تخلص من الفضولِ في حياتِك‪ ,‬حتى‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫جيبك أو على مكتبك‪ ,‬لن ما زاد عن الحاجةِ ‪ -‬في كل‬ ‫ِ‬
‫شيء ‪ -‬ما كان ضارا ً ‪.‬‬
‫•كان الصحابة أسعدَ الناسِ لنهم لم يكونوا يتعمقون في‬
‫ووساوس النفسِ ‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ودقائق السلوكِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫خطراتِ القلوبِ ‪،‬‬
‫بل اهتموا بالصولِ ‪ ،‬واشتغلوا بالمقاصدِ ‪.‬‬
‫•ينبغي أن تهتمّ بالتركيزِ ‪ ،‬وحضورِ القلب عند أداء العبادات‬
‫صلة بل خشوعٍ ‪ ,‬ول قراءة‬ ‫ٍ‬ ‫ه ‪ ,‬ول‬ ‫ق ٍ‬‫‪ ,‬فل خَْيرَ في علم بل ِف ْ‬
‫دّبرِ ‪.‬‬ ‫بل تَ َ‬
‫ن ﴾ فالطّيباتُ من القوالِ والعمال‬ ‫ت ِللطّي ِّبي َ‬ ‫والطّي َّبا ُ‬ ‫•﴿ َ‬
‫البرار ‪ ,‬لتتمَ السعادة‬ ‫ِ‬ ‫والزوجات للخيارِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخلق‬ ‫ِ‬ ‫والداب‬
‫والفلح ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الْن ُ‬
‫س‬ ‫بهذا اللقاءِ ‪ ،‬ويحصلَ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪414‬‬
‫ظ﴾ يكظمونه في صدورِهم فل تظهر‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫•﴿ َ‬
‫والعداوة ‪ ,‬بل قهروا‬
‫ِ‬ ‫آثاره من السبّ والشتمِ والذى‬ ‫ُ‬
‫أنفسهم وتركوا النتقامَ ‪.‬‬
‫فو‬ ‫س ﴾ وهم الذين أظهروا العَ ْ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫•﴿ َ‬
‫والمغفرة وأعلنوا السماحَ وأعتقوا من آذاهم من طلب‬ ‫َ‬
‫الحلم والصفحُ عليهم‬ ‫ُ‬ ‫ظَهرَ‬ ‫سبُ بل َ‬ ‫ح ْ‬‫الثأرِ ‪ ,‬فلم يكظمُوا َف َ‬
‫‪.‬‬
‫ن﴾ وهم الذين عفوا عمن ظلمهم‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬‫•﴿ َ‬
‫بل أحسنوا إليه وأعانوه بمالهم وجاهِهم وكرمِهم‪ ,‬فهو‬
‫يسيَء وهم يحسنون إليه‪ ,‬ولهذا أعلى المراتبِ وأجل‬
‫المقاماتِ ‪.‬‬
‫سجل قائمة بأسعد‬ ‫ْ‬ ‫•حدد بالضبطِ المر الذي يسعدُك ‪.‬‬
‫حالتك ‪ :‬هل تحدث بعد مقابلةِ شخص معين ؟ أو ذهابك‬
‫إلى مكان محددٍ ؟ أو بعد أدائك عمل ً بذاته ؟ إذا كنت تتبع‬
‫روتينا ً جيدًا‪ ,‬ضعه في قائمتك‪ .‬تجدْ بعد أسبوع أنك ملكت‬
‫بالفكار التي تجعلُك سعيدا ً ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قائمة واضحة‬ ‫ً‬
‫السارة ‪ :‬بعد تحديدِ المورِ التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشياء‬ ‫تعوْد على عملِ‬ ‫• ّ‬
‫أكد المور‬ ‫ِ‬ ‫المور الخرى عن ذهنِك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تسعدُك أبعدْ كل‬
‫المور التي ل تسعدُك ‪ .‬وليكن قرارك‬ ‫َ‬ ‫السعيدةَ ‪ ,‬وانس‬
‫ذاتها ‪.‬‬‫تجربة سارةً في حدّ ِ‬ ‫ً‬ ‫بلوغ السعادةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمحاولة‬
‫•ارض عن نفسِك وتقبّْلها ‪ :‬من المهم جدا ً أن تنتهي إلى‬
‫قرار بالرضا عن نفسِك‪ ,‬والثقةِ في تصرفاتِك‪ ,‬وعدم‬ ‫ٍ‬
‫الهتمامِ بما يوجّه إليك من نقدٍ ‪ ,‬طالما أنت ملتزم‬
‫بالصراطِ المستقيمِ ‪ ,‬فالسعادةُ تهربُ من حيثُ يدخل‬
‫بالذنب ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الشك أو الشعورُ‬
‫ّ‬
‫ل‪,‬‬‫تبق وحيدا ً معزو ً‬ ‫اصنع المعروف واخدِم الخرين ‪ :‬ل ْ‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫والتوتر تختفي‬‫ِ‬ ‫الكآبة والتعاسةِ‬ ‫ِ‬ ‫تعاسة ‪ ,‬كلّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫مصدر‬ ‫فالعزلةُ‬
‫بأسرتك والناسِ ‪ ,‬وتقدمُ شيئا ً من الخدمات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حينما تلتحمُ‬
‫وقد وصف العمل أسبوعين في خدمة الخرين علجا ً‬
‫لحالت الكتئاب‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪415‬‬
‫•أشغل نفسك دائما ً ‪ :‬يجب أن تحاول – بوعي وإرادة –‬
‫استخدم المزيدِ من إمكاناتِك ‪ .‬سوف تسعدُ أكثر إن‬
‫شغلت نفسك بعملِ أشياء بديعةٍ ‪ ,‬فالكسلُ ينمي الكتئاب‬
‫‪.‬‬
‫•حاربِ النكد والكآبة ‪ :‬إذا أزعجك أمرٌ ‪ ,‬قمْ بعمل جسماني‬
‫تحبه تجدْ أن حالتك النفسية والذهنية قد تحسنت‪ .‬ويمكنك‬ ‫ّ‬
‫أن تمارسَ مسلكا ً كانت تسعدك ممارسته في الماضي‪,‬‬
‫كأن تزاول رياضة معينة أو رحلةً مع أصدقاء ‪.‬‬
‫ل تبتئسْ على عمل ل تكملْه ‪ :‬يجب أن تعرف أن‬ ‫•‬
‫عمل الكبارِ ل ينتهي‪ .‬من الناسِ من يشعرون أنهم لن‬
‫أنجزوا كل‬ ‫ُ‬ ‫يكونوا سعداء راضين عن أنفسِهم إل إذا‬
‫أعمالهم‪ .‬والشخصُ المسؤولُ يستطيع أن يؤدي القدر‬
‫الممكن من عمله بل تهاون‪ ,‬ويستمتع بالبهجة في الوقت‬
‫نفسه ‪ ,‬مادام لم يقصرْ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ل تبالغْ في المنافسة والتحدي ‪ :‬تعلّم أل تقسو على‬ ‫•‬
‫نفسك‪ ,‬خاصة حينما تباري أحدا ً في عمل ما بدون أن‬
‫تشترط لشعورك بالسعادة أن تفوزَ ‪.‬‬
‫يسبب التوتر‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ل تحبسْ مشاعرك ‪ :‬كبتُ المشاعرِ‬ ‫•‬
‫ويحولُ دون الشعورِ بالسعادةِ ‪ .‬ل تكتم مشاعرك‪ .‬عبر‬
‫عنها بأسلوبٍ مناسبٍ ينفثُ عن ضغوطِها في نفسِك‪.‬‬
‫الناس بالبتئاسِ ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫•ل تتحملْ وزر غيرك ‪ :‬كثيرا ً ما يشعرُ‬
‫آخر ‪ ,‬رغم‬ ‫َ‬ ‫والمسؤوليةِ ‪ ,‬والذنبِ ‪ ,‬بسبب اكتئابِ شخصٍ‬
‫أنهم برءاء مما هو فيه‪ ,‬تذكرْ أن كلّ إنسان مسؤولٌ عن‬
‫نفسه‪ ,‬وأن للتعاطف والتعاون حدودا ً وأولوياتٍ ‪ .‬وأن‬
‫خَرى‬ ‫وْزَر أ ُ ْ‬‫زَرةٌ ِ‬ ‫وا ِ‬
‫زُر َ‬ ‫ول ت َ ِ‬
‫النسان على نفسِه بصيرة ﴿ َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫قراراته‬
‫ِ‬ ‫اتخذ قراراتِك فورا ً ‪ :‬إن الشخص الذي يؤجل‬ ‫•‬
‫وقتا ً طويل ً ‪ ,‬فإنه يسلبُ من وقتِ سعادته ساعاتٍ ‪ ,‬وأياما‬
‫القرار الن ل يعني‬ ‫ِ‬ ‫‪ ,‬بل وشهورًا‪ .‬تذكر إن إصدار‬
‫د‪.‬‬‫بالضرورة عدم التراجعِ عنه أو تعديله فيما بَْع ُ‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪416‬‬
‫اعرف قدر نفسِك ‪ :‬حينما تفكرُ في الإقدام ِ على‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫رفَ قدر‬ ‫تذكر الحكمة القائلة ‪ )) :‬رحم الله ًًًًامرءا ً عَ َ‬ ‫ِ‬ ‫عملٍ‬
‫ًًً‬
‫وأردت أن تمارس‬ ‫ًًً‬ ‫نفسه(( إذا بلغت الخمسين من عمرك‪,‬‬ ‫ِ‬
‫التنس – مثل ً – ول‬ ‫ًًً‬ ‫رياضة‪ ,‬فكر في المشي أو السباحة أو‬
‫ًًً‬
‫مهاراتك باستمرار‪.‬‬ ‫ًًً‬ ‫تفكر في كرةِ القدم‪ .‬وحاول تنمية‬
‫الندفاعُ في خضِم‬ ‫ًًً‬ ‫تعلم كيف تعرف نفسك ‪ :‬أما‬ ‫•‬
‫ًًً‬
‫كي تقّيم أوضاعك‬ ‫الحياة دون إتاحة الفرصة لنفسك ًًً‬ ‫ِ‬
‫ًًً‬
‫ومسؤولياتك في الحياة‪ ,‬فحماقة كبرى‪ ًً .‬فهؤلء الذين ل‬
‫يعرفوا إمكاناتهم‪.‬‬ ‫يفهمون أنفسهم لن ًًً‬
‫ً‬
‫اعتدل في حياتِك العملية ‪ :‬اعمل إن ًًًًاستطعت جزءا ً‬
‫ًًً‬ ‫•‬
‫من الوقت ‪ ،‬فقد كان الغريق يؤمنون بأن ًًالرجال ل يمكن‬
‫ًًً‬
‫الفراغ والسترخاء‬ ‫ًًً‬ ‫م من الوقت‬ ‫ر َ‬ ‫ح ِ‬
‫أن يحتفظ بإنسانيته إذا ُ‬
‫الطريقة الوحيدة لحياة‬ ‫ًًً‬ ‫•كن مستعدا ً لخوض مغامرات ‪:‬‬
‫ًًً‬
‫أخطارها المحسوبة ‪ ًًً ،‬لن تتعلم ما لم‬ ‫ِ‬ ‫ممتعة هي اقتحامُ‬
‫م مثل ًًً بتعلم السباحِة‬ ‫تكن عازما ً على مواجهة المخاطرِ ‪ ،‬ق ْ‬
‫ق‪.‬‬ ‫الغرَ ِ‬ ‫بمواجهة خطرِ َ‬ ‫ِ‬
‫ك‪ ،‬ول بعيد إل‬ ‫ف ّ‬ ‫فَتحُ ‪ ،‬ول قيد إل سوف ُي َ‬ ‫•ل قفل إل سوف يُ ْ‬
‫سوف يقربُ ‪ ،‬ول غائب إل سوف يصلُ‪ ..‬ولكن بأجل‬
‫مى ‪.‬‬ ‫مس ّ‬
‫الحياة ‪ ،‬وزاد‬ ‫ِ‬ ‫ة فهما َو ُ‬
‫قود‬ ‫صل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ر َ‬ ‫صب ْ ِ‬ ‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬‫•﴿ ا ْ‬
‫ج ‪ ،‬ومن لزم الصبرَ ‪،‬‬ ‫ر ِ‬‫السير ‪ ،‬وباب الملِ ‪ ،‬ومفتاحُ الفَ َ‬ ‫ِ‬
‫وحافظ على الصلةِ ؛ فبشّرْه بفجرٍ صادقٍ ‪ ،‬وفتحٍ مبينٍ ‪،‬‬
‫قريب ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ونصر‬
‫حد‬ ‫د َأ َ‬ ‫يردد ‪ :‬أحَ ٌ‬‫ُ‬ ‫حب وطُرَِد فأخذ‬ ‫وس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ذ َ‬
‫ب‬ ‫وضرب عُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫جلد بل ٌ‬
‫ل‬ ‫• ُ‬
‫َ‬
‫د ﴾‪ ،‬فلما دخل الجنة احتقر‬ ‫ح ٌ‬ ‫هأ َ‬ ‫و الل ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫‪ ،‬لنّه حفظ ﴿ ُ‬
‫ق ْ‬
‫ما بذل ‪ ،‬واستقلّ ما قدم لن السّلعة أغلى من الثمن‬
‫أضعافا ً مضاعفة ‪.‬‬
‫ب إن غاليت فيه خدمته‬ ‫ما هي الدنيا ؟ هل هي الثو ُ‬ ‫•‬
‫وما خدمك ‪ ،‬أو زوجةٌ إن كانت جميلة تعذبُ قلبها بحبها ‪،‬‬
‫خزنها ؟‬ ‫ُ‬ ‫أو مال كثرَ أصبحتَ له خازنا ً ‪ ..‬هذا سرورها فكيف‬
‫ل تحزن‬
‫‪417‬‬
‫كل العقلء يسعون لجلبِ السعادةِ بالعلمِ أو بالمال‬ ‫•‬
‫أو بالجاهِ ‪ ،‬وأسعدُهم بها صاحبُ اليمانِ لن سعادته دائمة‬
‫ه‪.‬‬ ‫رب ُ‬‫على كل حالٍ حتى يلقى ّ‬
‫•من السعادة سلمةُ القلبِ من المراضِ العقدية كالشك‬
‫ة والشهوةِ ‪.‬‬ ‫والريبة والشبه ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسخط والعتراضِ‬ ‫ِ‬
‫تصرفاتهم‬ ‫ِ‬ ‫أعذرهم للناسِ ‪ ،‬فهو يحمل‬ ‫ُ‬ ‫أعقل الناسِ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫المحامل ‪ ،‬فهو الذي أراح‬ ‫ِ‬ ‫وأقوالهَم على أحسنِ‬
‫واستراح ‪.‬‬
‫َ‬
‫اقنع بما‬ ‫ْ‬ ‫ن﴾‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ما آت َي ْت ُ َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫بقسمك ‪ ،‬استثمرْ ما عندك من موهبةٍ ‪ ،‬وظّف‬ ‫ِ‬ ‫عنك ‪ ،‬ارض‬
‫واحمد الله على ما أولك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫طاقتك فيما ينفعُ‬
‫فظا ً‬ ‫ل يكن يومُك كلّه قراءةً أو تفكرا ً أو تأليفا ً أو حِ ْ‬ ‫•‬
‫ع فيه العمالَ فهذا أنشط‬ ‫ونو ْ‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بطرف‬ ‫خذ من كل عملٍ‬ ‫بل ْ‬
‫للنفسِ ‪.‬‬
‫فجعل كل صلة عملً من العمال‬ ‫ْ‬ ‫ترتب الوقاتِ‬ ‫ُ‬ ‫•الصلواتُ‬
‫النافعة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وأرحم به‬ ‫ْ‬ ‫ربه ‪ ،‬فإنه أعلمُ به‬ ‫•إن الخير للعبدِ فيما اختار له ّ‬
‫من أمه التي ولدته ‪ ،‬فما للعبد إل أن يرضى بحكم ربه ‪،‬‬
‫ويفوض المر إليه ويكتفي بكفاية ربه وخالقِه وموله‪.‬‬
‫حجب الغيبِ ‪ ،‬فهو‬ ‫ِ‬ ‫•ولعبدُ لضعفه ولعجزِه ل يدري ما وراء‬
‫المور أما الخوافي فعلمُها عند ربي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ل يرى إل ظواهر‬
‫ة وكم من بليةٍ أصبحت عطية‬ ‫فكم من محنةٍ ‪ .‬صارت منح ً‬
‫‪ ،‬فالخيرُ كامنٌ في المكروهِ ‪.‬‬
‫ربه فأهبطَه إلى‬ ‫وعصَى ّ‬ ‫أبونا آدم أكلَ من الشجرةِ َ‬ ‫•‬
‫ض ‪ ،‬فظاهرِ المسألة أن آدم ترك الحسنَ والصوب‬ ‫الر ِ‬
‫عظيم وفضل‬ ‫ٌ‬ ‫ووقع عليه المكروه ‪ ،‬ولكن عاقبة أمره خيرٌ‬
‫تاب عليه وهداه واجتباه وجعله نبيا ً‬ ‫َ‬ ‫جسيم ‪ ،‬فإن الله‬
‫وشهداء وأولياء‬ ‫َ‬ ‫سل ً وأنبياءَ وعلماءَ‬ ‫وأخرج من صلبِه ُر ُ‬
‫ومجاهدين وعابدين ومنفقين ‪ ،‬فسبحان الله كم بين قوله ﴿‬
‫ه‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫﴿‬ ‫قوله‬ ‫وبين‬ ‫‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫اسك ُن أ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪418‬‬
‫دى﴾ فإن حالة الول سكنٌ وأكل‬ ‫ه َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فَتا َ‬ ‫ه َ‬ ‫َرب ّ ُ‬
‫وشربٌ وهذا حال عامة الناس الذين ل همّ لهم ول‬
‫طموحات ‪ ،‬وأما حاله بعد الجتباءِ والصطفاء والنبوة‬
‫باذخ ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فحال عظيمة ومنزلةٌ كريمة وشرفٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫والهداية‬
‫وهذا داودُ عليه السلم ارتكب الخطيئةَ فندم وبكى‪,‬‬ ‫•‬
‫فكانت في حقّه نعمةٌ من أجلّ النعم‪ ,‬فإنه عرف ربه‬
‫الطائع الذليل الخاشعِ المنكسرِ ‪ ,‬وهذا مقصود‬ ‫ِ‬ ‫معرفة العبدِ‬
‫وجل‪.‬‬‫ّ‬ ‫الذل للهِ عزّ‬
‫ّ‬ ‫العبودية فإن من أركانِ العبودية تمامُ‬
‫ابن تيمية عن قوله ‪)) : ‬عجبا ً‬ ‫ُ‬ ‫وقد سئِل شيخ السلمِ‬
‫للمؤمن ل يقضي اللهُ له شيئا ً إل كان خيرا ً له((‬ ‫ِ‬
‫هل يشمل هذا قضاء المعصيةِ على العبدِ ؟ ‪ ,‬قال نعم ؛‬
‫والتوبة والستغفارِ والنكسارِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بشرطها من الندمِ‬ ‫ِ‬
‫وباطنه‬
‫ُ‬ ‫مكروه على العبدِ ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ر المعصيةِ‬ ‫المر في تقدي ِ‬ ‫ِ‬ ‫فظاهرُ‬
‫محبوبٌ إذا اقترن بشرطِه ‪.‬‬
‫ظاهرة باهرةٌ ‪ ,‬فإن كل‬ ‫ٌ‬ ‫لله وللرسولِ محمدٍ ‪‬‬ ‫•وخيرة ا ِ‬
‫صار محبوبا ً مرغوبا ً ‪ ,‬فإن تكذيب قومِه له ؛‬ ‫َ‬ ‫وقع له‬‫َ‬ ‫مكروهٍ‬
‫ومحاربتِهم إياه كان سببا ً في إقامةِ سوق الجهادِ ‪،‬‬
‫الله والتضحيةِ في سبيلِه ‪ ,‬فكانت تلك الغزوات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومناصرة‬
‫التي نصر اللهُ فيها رسوله ‪ ,‬فتحا ً عليه‪ ,‬واتخذ فيها من‬
‫ورثة جنة النعيم‪ ,‬ولول تلك‬ ‫ِ‬ ‫المؤمنين شهداء جعلهم من‬
‫المجابهة من الكفار لم يحصلْ هذا الخيرُ الكبير والفوز‬
‫رد ‪ ‬من مكة كان ظاهرُ المرِ مكروها ً‬ ‫العظيمُ ‪ ,‬ولما طُ ِ‬
‫ة ‪ ,‬فإنه بهذه الهجرة‬ ‫والفلح والمنّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ولكن في باطنِه الخيرُ‬
‫أقام ‪ ‬دولة السلمِ ‪ ،‬ووجد أنصارا ً ‪ ،‬وتميز أهلُ اليمان‬
‫إيمانه وهجرته وجهادِه‬ ‫ِ‬ ‫رفَ الصادق في‬ ‫من أهلِ الكفرِ ‪ ,‬وعُ ِ‬
‫غلب عليه الصلة والسلم وأصحابُه في‬ ‫من الكاذبِ‪ .‬ولما ُ‬
‫أحدٍ كان المرُ مكروها ً في ظاهرِه ‪ ،‬شديدا ً على النفوسِ ‪،‬‬
‫الختيار ما يفوقُ الوصف‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحسن‬ ‫لكن ظهر له من الخيرِ‬
‫بانتصار يوم بدرٍ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فقد ذهب من بعضِ النفوسِ العجبُ‬
‫والعتماد عليها ‪ ,‬واتخذ اللهُ من‬ ‫ُ‬ ‫بالنفس ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫والثقةُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪419‬‬
‫المسلمين شهداء أكرمهم بالقتلِ كحمزة سيدِ الشهداء ‪,‬‬
‫سفير السلم ‪ ,‬وعبدِالله ابن عمرٍو والدِ جابر‬ ‫ِ‬ ‫ومصعبِ‬
‫الذي كلمه اللهُ وغيرهم ‪ ,‬وامتاز المنافقون بغزوةِ أحد ‪،‬‬
‫م‪. .‬‬ ‫الله أسرارهم وهتك أستارَهُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكشف‬ ‫وفضح أمرهم ‪،‬‬
‫وقس على ذلك أحواله ‪ ، ‬ومقاماته التي ظاهرُها‬ ‫ْ‬
‫له وللمسلمين ‪.‬‬ ‫المكروهُ ‪ ،‬وباطنُها الخيرُ ُ‬
‫الله لعبدِه هانتْ عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اختيار‬ ‫سنَ‬ ‫ف حُ ْ‬‫ومن عَرَ َ‬ ‫•‬
‫وسهلت عليه المصاعبُ ‪ ,‬وتوقعَ اللطفَ من‬ ‫ْ‬ ‫المصائبُ ‪،‬‬
‫الله وكرمِه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ثقة بلطفِ‬ ‫ً‬ ‫اللهِ ‪ ،‬واستبشر بما حصل ‪،‬‬
‫صدره ‪,‬‬‫ِ‬ ‫حزنه وضجرُه وضيقُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يذهب‬ ‫اختياره ‪ ،‬حينها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحسن‬
‫ويسلم المر لربه جلّ في عله ‪ ،‬فل يتسخطُ ول يعترضُ ‪،‬‬
‫ر ‪ ،‬بل يشكرُ ويصبرُ ‪ ،‬حتى تلوح له العواقبُ ‪،‬‬ ‫ول يتذمّ ُ‬
‫المصائب ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وتنقشعُ عنه سحبُ‬
‫ألف عام إل خمسين عاما ً في‬ ‫َ‬ ‫نوح عليه السلمُ ُيؤذى‬ ‫ٌ‬ ‫•‬
‫ويستمر في نشرِ دعوتِه‬ ‫ّ‬ ‫دعوتهِ ‪ ,‬فيصبرُ ويحتسبُ‬ ‫ِ‬ ‫سبيلِ‬
‫إلى التوحيدِ ليل ً ونهارا ً ‪ ,‬سرا ً وجهرا ً ‪ ,‬حتى ينجيه ربّه‬
‫ويهلك عدوه بالطوفانِ ‪.‬‬
‫فيجعلها الله عليه‬ ‫ُ‬ ‫إبراهيمُ عليه السلمُ ُيلقى في النارِ‬ ‫•‬
‫بردا ً وسلما ً ‪ ,‬ويحميه من النمرودِ ‪ ،‬وينجيهِ من كيدِ قومه‬ ‫ْ‬
‫وينصره عليهم ‪ ،‬ويجعلُ دينه خالدا ً في الرضِ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫موسى عليه السلم يتربصُ به فرعونُ الدوائر ‪،‬‬ ‫•‬
‫ويطارده ‪ ,‬فينصرُه‬ ‫ُ‬ ‫ويحيك له المكائد ‪ ،‬ويتفننُ في إيذائه‬ ‫ُ‬
‫ويشق له البحر‬ ‫ُ‬ ‫الله عليه ويعطيه العصا تلقفُ ما يأفكون ‪,‬‬ ‫ُ‬
‫الله عدوّه ويخزيه ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويخرج منه بمعجزةٍ ‪ ،‬ويهلكُ‬ ‫ُ‬
‫عيسى عليه السلمُ يحاربُه بنو إسرائيل ‪ ،‬ويؤذونه‬ ‫•‬
‫في سمعته وأمّه ورسالتِه ‪ ,‬ويريدون قتله فيرفعُه اللهُ إليه‬
‫ويبوء أعداؤه بالخسرانِ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وينصرُه نصرا ً مؤزرا ً ‪،‬‬
‫رسولُنا محمد ‪ ‬يؤذيه المشركون واليهودُ والنصارى‬ ‫•‬
‫صنوف البلءِ ‪ ،‬من تكذيبٍ ومجابهة‬ ‫َ‬ ‫اليذاء ‪ ,‬ويذوقُ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أشد‬
‫وشتم واتهامِ بالجنون‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وسب‬ ‫ٍ‬ ‫وسخرية‬ ‫ورد واستهزاءٍ‬ ‫ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪420‬‬
‫يحاربُ وُيقتل‬ ‫والسحر والفتراءِ ‪ ,‬وُيطردُ و ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫والكهانةِ والشعرِ‬
‫ويذوق أصناف‬ ‫ُ‬ ‫زوجته ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بأتباعه‪ ,‬وُيتهمُ في‬ ‫ِ‬ ‫أصحابه وُينكّلُ‬‫ُ‬
‫النكباتِ ‪ ،‬ويهدد بالغاراتِ ‪ ،‬ويمر بأزماتٍ ‪ ,‬ويجوع ويفتقرُ ‪،‬‬
‫ويفقد عمه أبا طالب‬ ‫ُ‬ ‫رأسه‬
‫ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ويشج‬ ‫ويجرحُ ‪ ،‬وتكسر ثنيتُ ُ‬
‫صر‬ ‫ح َ‬‫الذي ناصره ‪ ,‬وتذهب زوجتُه خديجة التي واسته ‪ ,‬ويُ ْ‬
‫في الشعب حتى يأكل هو وأصحابه أوراق الشجرِ ‪ ,‬وتموت‬
‫ابنه إبراهيم بين يديهِ ‪ ,‬وُيغلب‬ ‫روح ِ‬
‫ُ‬ ‫حياته وتسيلُ‬ ‫ِ‬ ‫بناتُه في‬
‫ق عمه حمزةُ ‪ ,‬ويتعرض لعدة محاولت‬ ‫في أحد ‪ ,‬وُيمزّ ُ‬
‫جرَ على بطنِه من الجوعِ ول يجدُ أحيانا ً‬ ‫الح َ‬ ‫َ‬ ‫ويربط‬
‫ُ‬ ‫اغتيال ‪,‬‬
‫خبز الشعيرِ ول رديءَ التمر ‪ ,‬ويذوقُ الغصص ويتجرع كأس‬ ‫َ‬
‫المعاناة ‪ ,‬وُيزلزلُ مع أصحابِه زلزال ً شديدا ً وتبلغُ قلوبهُم‬
‫الحناجر ‪ ,‬وتعكس مقاصدُه أحيانا ً ‪ ،‬ويبتلى بتيه الجبابرة‬
‫أدب العرابِ وعجبِ الغنياء ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ف المتكبرين وسوءِ‬ ‫وصََل ِ‬
‫الناس ‪ ,‬ثم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫استجابة‬ ‫طِء‬
‫ومكر المنافقين ‪ ،‬وبُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وحقد اليهودِ ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والفوز رفيقه ‪ ،‬فيظهر‬ ‫ُ‬ ‫تكون العاقبةُ له ‪ ،‬والنصرُ حليفه ‪،‬‬
‫الله دينه ‪ ،‬وينصرُ عبده ‪ ،‬ويهزم الحزاب وحده ‪ ،‬ويخذل‬ ‫ُ‬
‫أعداءه ويكبتهم ويخزيهم ‪ ,‬واللهُ غالبٌ على أمرِه ولكن‬
‫أكثر الناسِ ل يعلمون ‪.‬‬
‫•وهذا أبو بكر يتحملُ الشدائد ‪ ،‬ويستسهلُ الصعابَ في‬
‫وينفق ماله ويبذلُ جاهه ‪ ،‬ويقدم الغالي‬ ‫ُ‬ ‫سبيل دينِه‬
‫الصديق ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والرخيصَ في سبيلِ اللهِ ‪ ،‬حتى يفوز بلقبِ‬
‫بدمائه في المحرابِ ‪ ،‬بعد حياة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يضرج‬ ‫بن الخطابِ‬ ‫وعمر ُ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫والتقشف وإقامة‬
‫ُ‬ ‫والبذل والتضحيةُ والزهدُ‬ ‫ُ‬ ‫ملؤها الجهادُ‬
‫العدل بين الناسِ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫روحه ثمنا ً‬
‫ُ‬ ‫ح وهو يتلو القرآن ‪ ,‬وذهبتْ‬ ‫وعثمان بن عفانَ ُذبِ َ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫لمبادئِه ورسالتِه‪.‬‬
‫د مواقف‬ ‫•وعلي بن أبي طالبٍ ُيغتالُ في المسجدِ ‪ ،‬بَْع َ‬
‫جليلةٍ ومقاماتٍ عظيمة من التضحيةِ والنصرِ والفداء‬
‫والصدقِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪421‬‬
‫قَتلُ بسيف‬ ‫والحسينُ بن علي يرزقُه اللهٌ الشهادة ويُ ْ‬ ‫•‬
‫الظلمِ والعدوانِ ‪.‬‬
‫بإثمهِ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الحجاج فيبوءُ‬
‫ُ‬ ‫العالم الزاهدُ يقتله‬ ‫ُ‬ ‫بن حبيرٍ‬ ‫وسعيد ُ‬
‫ُ‬ ‫•‬
‫الشهادة في الحرِم على يد‬ ‫ِ‬ ‫يكرمه اللهُ‬
‫ُ‬ ‫وابن الزبيرِ‬
‫ُ‬ ‫•‬
‫بن يوسف الظالمِ ‪.‬‬ ‫الحجاجِ ِ‬
‫بن حنبلَ في الحق ‪ ،‬وُيجلد‬ ‫وُيحبس المامُ أحمدُ ُ‬ ‫•‬
‫والجماعة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أهل السنةِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫إمام‬ ‫فيصيرُ‬
‫المام أحمدَ بن نصرٍ الخزاعي الداعيةَ إلى‬ ‫َ‬ ‫•ويقتل الواثقُ‬
‫بقوله كلمة الحقّ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫السنةِ‬
‫وأصحابه‬
‫ِ‬ ‫ابن تيميةَ يسجن وُيمنعُ من أهلِه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫السلم‬ ‫وشيخ‬
‫ُ‬ ‫•‬
‫الله ذكرهُ في العالمين ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكتبه ‪ ,‬فيرفعُ‬ ‫ِ‬
‫المام أبو حنيفة من قَِبل أبو جعفر المنصور ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫•وقد جُِل َ‬
‫د‬
‫جلد سعيدُ بن المسيب العالم الرباني ‪ ,‬جلده أميرُ المدينة‬ ‫•و ُ‬
‫‪.‬‬
‫المحدث ‪ ,‬ضربه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العالم‬ ‫ن‬ ‫•وضرب المام بن عبدُالله بن عو ٍ‬
‫بل ل بن أبي برده‪.‬‬
‫سجن أو جلدٍ أو قتلٍ أو‬ ‫ٍ‬ ‫ى بعزل أو‬ ‫•ولو ذهبت أعدد من ابتلُ َ‬
‫المقام ولكثرَ الكلمَ ‪ ,‬وفيما ذكرت كفايةٌ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أذى لطالَ‬

‫وفي الختام ‪ ،‬تقبل تحياتي ‪ ،‬وهاك سلمي مقرونا ً‬


‫بدعائي لك بالسعادة ‪...‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ل إله أنت‬
‫أستغفرك زأتوب إليك ‪.‬‬
‫***************************************‬

‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪422‬‬
‫الخاتـمـة‬
‫ي الواحد الماجد ‪ ،‬الحد الصمد َ‬ ‫أنا وأنت ‪ ،‬هّيا نقصد الغن ّ‬
‫طرح على عتبةِ ربوبيِته‬ ‫ل والكرام ِ ‪ ،‬لنن ّ ِ‬ ‫م ‪ ،‬ذا الجل ِ‬ ‫ي القيو َ‬ ‫الح ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ح في السؤا ِ‬ ‫ب وحدانيِته ‪ ،‬نسأله وُنل ّ‬ ‫‪ ،‬ونلتجئ إلى با ِ‬
‫ل ‪ ،‬فهو المعافي الشافي الكافي وهو‬ ‫ونطلُبه وننتظُر الّنوا َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫الخالق الرزاقُ المحيي الممي ُ‬
‫قَنا‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬
‫ح َ‬‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫﴿ َرب َّنا آت َِنا ِ‬
‫ب الّناِر ﴾ ‪.‬‬ ‫ذا َ‬‫ع َ‬ ‫َ‬
‫)) اللهم إنا نسأُلك العفو والعافية والمعافاة‬
‫الدائمة في الدنيا والخرة ((‪.‬‬
‫)) اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبّيك‬
‫محمدٌ ‪ ، ‬ونعوذُ بك من شّر ما استعاذك منه نبّيك‬
‫محمدٌ ‪. (( ‬‬
‫ز ‪ ،‬ونعوذُ بك من‬ ‫م والح ِ‬ ‫)) اللهم إنا نعوذُ بك من اله ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫جب ْ ِ‬
‫ل وال ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ونعوذُ بك من البخ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ز والك َ َ‬‫ج ِ‬‫ع ْ‬
‫ال َ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ر الرجا ِ‬ ‫ه ِ‬
‫ن وق ْ‬ ‫ة الدي ِ‬ ‫ونعوذُ بك من غل َب َ ِ‬

‫م على المرسلين‬ ‫ب العزةِ عما يصفون ‪ ،‬وسل ٌ‬


‫سبحان ربك ر ّ‬
‫ب العالمين ‪.‬‬
‫‪ ،‬والحمد ُ للهِ ر ّ‬

‫**********************************************‬

‫‪/http://www.saaid.net‬‬

You might also like