Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 12

‫ل‪ :‬اسمه ونسبه‬

‫أو ً‬

‫هو المام المجتهد الولي الصالح الداعية الستاذ سيدي محمد بن علي بن السنوسي بن العربي بن محمد بن عبد القادر بن شهيدة بن حم بن‬
‫القطب الشهير السيد يوسف بن القطب السيد عبد ال بن خطاب بن علي بن يحيى بن راشد بن أحمد المرابط بن منداس بن عبد القوي بن عبد‬
‫الرحمن بن يوسف بن زّيان بن زين العابدين بن يوسف بن حسن بن إدريس بن سعيد بن يعقوب بن داود بن حمزة بن علي بن عمران بن‬
‫إدريس الصغر بن إدريس الكبر بن عبد ال الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن سيدنا علي بن أبي طالب وسيدتنا فاطمة الزهراء‬
‫بنت إمام المرسلين مولنا وسيدنا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ]‪.[1‬‬
‫فالمام السنوسي ينتمي إلى السللة الطاهرة والنسب الطيب الشريف ‪ ،‬وهذا مما يوجب زيادة المحبة وزيادة التباع ‪ ،‬لما ورد في كتاب ال‬
‫تعالى‪ )) :‬قل ل أسئلكم عليه أجرًا إل المودة في القربى (( ‪.‬‬
‫والناظر في التاريخ السلمي يجد أن كثيرًا من الدعوات ‪ ،‬سواء الحقة والباطلة أول ما تبدأ تبدأ بالدعوة إلى مذهب العترة الطاهرة ‪ ،‬وذلك‬
‫لن المسلمين يكنون كل الحب والولء لهل بيت نبيهم عليه الصلة والسلم إذا كانوا على المحجة البيضاء ‪.‬‬
‫ويذهب بعض الباحثين إلى أن من عوامل حركة السيد السنوسي هو نسبه الطاهر ‪ ،‬حيث إن المنتسبين لل بيت الرسول الكريم صلوات ال‬
‫عليه وسلمه يشعرون ‪ -‬غالبًا ‪ -‬بثقل المانة ووجوبها عليهم ‪.‬‬
‫بالجوهر المضيء من ضوء سما‬
‫أجلت ظلمًا كان قبل قد طما‬
‫شمس عله بهرت شمس السما‬
‫روضًا نظيرًا ناميًا منمنا]‪[2‬‬
‫سلسلة من عسجد قد نظمت‬
‫فانبعثت شعشعة من نورها‬
‫وابتهجب بابن السنوسي الذي‬
‫فانظر هنا منثور در تنظرن‬
‫ثانيًا‪ :‬مولده ووفاته‬

‫لم تختلف المصادر التي تحدثت عن الحركة السنوسية في يوم مولد المام السنوسي ‪ ،‬ذلك أنه كان من الموافقات الربانية أن يولد المام‬
‫السنوسي في يوم ذكرى مولد النبي العظم صلى ال عليه وعلى آله وسلم من سنة ‪ 1202‬هـ ‪ ،‬الموافق لـ ‪ 1798 /12 /22‬م ‪ ،‬في بلدة‬
‫تسمى )مستغانم( من بلد الجزائر ‪.‬‬

‫ولذلك تبرك أهله بهذا اليوم فسموه محمدًا ‪.‬‬

‫وتشير المصادر أنه قد نشأ يتيمًا ‪ ،‬فقد توفي والده وهو صغير فنشأ في حجر عمته وكانت من الصالحات ‪ ،‬فأشغلته بعلم العقائد والتوحيد‬
‫صغرًا بعد أن جمع القرآن الكريم ]‪.[3‬‬

‫وفي قراءته على شيوخ بلده لحظ عليه شيوخه إتقان ما درس عليهم ‪ ،‬حتى قال له أحدهم‪ :‬إن هذا القدر الذي معك من أصول علم الدين‬
‫على صغر سنك ل يوجد عند أكابر علماء بلدك]‪. [4‬‬

‫وتجمع المصادر على أن المام السنوسي توفي في التاسع من صفر الخير سنة ست وسبعين ومائتين وألف ‪ 1276‬هـ بمدينة الجغبوب‬
‫بليبيا ‪ ،‬طيب ال ثراه وأعلى منزلته ‪.‬‬

‫وهذا يعني أنه عاش ‪ 74‬سنة ‪ ،‬تكللها العمل الدؤوب والحركة المستمرة ‪ ،‬لم توان خللها ولم يتوقف ‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬شيوخه ورحلته‬

‫وفي تاريخ المام السنوسي نجد أنه قد سار في طلب العلم ورحل ‪ ،‬وذلك شأن علماء هذه المة ‪.‬‬

‫فقد رحل أول طلبه العلم إلى فاس التي كانت تمثل كعبة العلم في بلد المغرب ‪ ،‬وذلك لوجود جامع القرويين بها الذي كان منارة المغرب ‪،‬‬
‫كما كان الجامع الزهر في مصر ‪.‬‬

‫ويلحظ على هذا المام أنه شغف بالعلم منذ صغره ‪ ،‬ولذا كان إلى وفاته معطاء لما حصله وغير متكبر على كل من يستفيد منه ‪.‬‬

‫ول شك أن بركة شيوخه واحترامه لهم وتقديره لجهودهم تنتقل إلى الطالب ‪ ،‬كما هو معلوم في آداب العلم والعلماء ‪.‬‬

‫وتشير المصادر إلى أنه مكث مدة تقارب الثمان سنوات ‪ ،‬درس فيها كثيرًا من العلوم ‪ ،‬ولم يتوقف طلبه على العلوم الدينية الشرعية ‪ ،‬بل‬
‫نراه قد قرأ العلوم العصرية على علماء فاس ‪ ،‬فقرأ الهندسة والحساب والهيئة والطبيعة ‪ ،‬وغيرها]‪. [5‬‬

‫ثم بعد إقامته بفاس سافر إلى الحجاز ومصر ‪ ،‬وفي هذه الفترة من حياته حدث في المة ‪ -‬أو ظهر فيها ‪ -‬الضعف ‪ ،‬فاحتلت الجزائر وبدأ‬
‫الفرنسيون الهجوم على تلك البقعة من العالم السلمي ‪ ،‬مما ل نشك أنها قد أخذت حيزًا من تفكيره في كيفية إعادة مجد هذه المة الذي بدأ‬
‫يبهت ‪.‬‬
‫ول بد لي من التعريج على ذكر بعض شيوخه من علماء عصره الذين أخذ عنهم العلم ‪ ،‬ولست أريد حصرهم هنا ‪ ،‬وإنما أذكر أشهرهم ‪.‬‬

‫‪ -1‬السيد محمد السنوسي ‪ ،‬وهو أول من قرأ عليه في بلده مستغانم ‪ ،‬فقرأ عليه القرآن الكريم وأتقنه ‪ ،‬وقرأ عليه ما تيسر من العربية والفقه‬
‫والتفسير والحديث والتصوف ‪ ،‬وكان هذا الشيخ من كبار مشايخ بلده ‪ ،‬ويبدو أنه من نفس العائلة أو القبيلة ‪.‬‬

‫‪ -2‬العلمة الوحد أبو عبد ال سيدي محمد بن الكندوز ‪ ،‬الذي قتله حاكم الجزائر حسي بك سنة ‪1244‬هـ ‪ ،‬وكان هذا الشهيد من أعاظم‬
‫علماء عصره وأجلهم مكانة وورعًا ‪.‬‬

‫‪ -3‬المام العارف بال سيدي أحمد بن محمد بن عجيبة الحسني المام الصوفي المحقق صاحب التفسير العجيب وشرح الحكم العطائية‬
‫والمباحث الصلية ‪.‬‬

‫‪ -4‬العلمة المام الصولي السيد الطيب بن كيران الفاسي ‪ ،‬شارح عقيدة ميارة ‪ ،‬وهو من أكابر علماء التوحيد وأصول الدين ‪ ،‬وتخرج‬
‫على يديه جمع من أكابر العلماء ‪.‬‬

‫‪ -5‬المام الولي الصوفي الشيخ العربي بن أحمد الدرقاوي الشريف الحسني ‪ ،‬من أهل الستقامة ‪ ،‬صاحب الطريقة الدرقاوية أحد فروع‬
‫الطريقة الشاذلية ‪.‬‬

‫‪ -6‬العلمة الهمام سيدي محمد بن طاهر الفيللي ‪ ،‬قرأ عليه مختصر السعد وجمع الجوامع لبن السبكي والسلم وجملة صالحة من مختصر‬
‫خليل في الفقه المالكي ‪ ،‬وهو يروي عن الحافظ بن كيران ‪.‬‬

‫‪ -7‬العلمة المتقي المتفنن أبو المواهب سيدي أبو بكر بن زياد الدريسي ‪ ،‬قرأ عليه الفرائض وعلوم الحساب والربعين ومضاعفاتها‬
‫والسطرلبين وصناعتها وعلوم الرياضة الربعة والهندسة والهيئة والطبيعة وغيرها من العلوم ‪.‬‬

‫‪ -8‬وقرأ أيضًا في مصر على الشيخ الصاوي المالكي ‪ ،‬والعلمة العطار ‪ ،‬والقويسني شارح السلم ‪ ،‬وغيرهم ‪.‬‬

‫وبالجملة فشيوخه كثر ‪ ،‬وله منهم الجازات بالسانيد العالية في علوم الرواية والدراية ‪.‬‬

‫ل‪:‬‬
‫وأسجل هنا كلمة لحد مشايخ الزهر ‪ ،‬قالها عند مجيء السيد السنوسي إليهم ‪ ،‬فقام قائ ً‬

‫) أنصتوا أيها العلماء ‪ ،‬لقد حل بين أظهركم إمام المة المحمدية ‪ ،‬ونبراس الشريعة المطهرة ‪ ،‬وشمس سماء المعارف اللهية ‪ ،‬أل وهو‬
‫الشيخ الكامل محمد بن علي السنوسي ( ]‪.[6‬‬

‫ل ‪ ،‬وإن كانوا فيما بعد من أحد المعوقات لدعوته الصلحية]‪. [7‬‬


‫وهنا نسجل مدى تقدير شيوخ الزهر لهذا المام أو ً‬

‫يقول الستاذ محمد الطيب الشهب‪ " :‬إن هذه السفار الشاقة التي قام بها المام الكبر السيد محمد بن علي السنوسي بين فاس إلى مصر‬
‫والحجاز ‪ ،‬باحثًا ومنقبًا عن الوسيلة التي تمكنه من خدمة السلم ورفع شأن المسلمين ‪ ،‬ما هي إل جزء من برنامج ضخم أخذ يعمل على‬
‫تنظيمه ووضع الخطط الخاصة به ‪.‬‬
‫ل من عوامل الطلع والستطلع إذ كان أثناء هذه التنقلت يقابل العلماء والحكام والفراد ‪ ،‬وكان يعمل على‬ ‫وفي الوقت نفسه كانت عام ً‬
‫توسيع مداركه وزيادة تعليمه وإن لم يكن في نظر عارفيه محتاجًا إلى علوم أخرى بالنسبة لما تحصل عليه ‪ ،‬إل أنه عليه رضوان ال كان‬
‫يتمثل له نصب عينيه قول ال تعالى‪ )) :‬وفوق كل ذي علم عليم (( ‪ ،‬وفي هذه السفار كان يتجلى له بوضوح كل ما يعانيه المسلمون من‬
‫تدهور وانحلل وتأخر وانحطاط ‪.‬‬
‫ل عظيمًا‬‫وفي ذلك يقول المؤرخ التركي شهبندر زادة ‪ ،‬عندما أخذ يتحدث عن زيارة المام لمصر فقال‪ :‬وقد أحدثت هذه الزيارة في نفسه تبد ً‬
‫‪ ،‬وانتقش في ذهنه أن الدولة العثمانية هي في طريق النحطاط والضمحلل " ]‪[8‬‬
‫وتجدر الشارة هنا إلى شخصية كان له أثر كبير في نفس وفكر المام السنوسي ‪ ،‬وهو المام العالم أحمد بن إدريس ‪ ،‬ذلك الصوفي الصالح‬
‫الذي أخذ عنه المام السنوسي حيث جعل السيد أحمد بن إدريس السنوسي خليفته في طريقته ودعوته ‪ ،‬وكأنما تبلورت فكرة العمل من خلل‬
‫الزاوية المتطورة ) الزاوية السنوسية ( بعد لقياه لهذا العالم ‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬مؤلفاته وآثاره‪:‬‬

‫ل شك أن عالمًا كبيرًا وداعية مجتهدًا مثل السيد السنوسي بما توفر فيه من نظر ورأي سديدين كان يبدي آراءه وينشرها بين أتباعه ‪ ،‬ولذا‬
‫فإنه كان مضطرًا في بعض الحايين إلى كتابه هذه الراء والجتهادات ‪.‬‬

‫كما أن الباحث ل يستطيع الحكم على الخرين إل من خلل آثارهم وما نقل عنهم ‪.‬‬

‫وللمام السنوسي رحمه ال مؤلفات كثيرة في مجالت شتى ‪ ،‬حصرها الدكتور الدجاني على النحو التالي‪:‬‬
‫ل‪ :‬المطبوع منها‪:‬‬
‫أو ً‬

‫‪ -1‬المسائل العشر المسماة‪ :‬بغية المقاصد في خلصة الراصد ‪ ،‬موضوعه عشر مسائل فقهية ‪ ،‬خالف فيها السنوسي مشهور مذهب المام‬
‫مالك رحمه ال تعالى ‪ ،‬بين أدلة مأخذه في هذه المسائل ‪ ،‬مناقشًا ومحررًا لمشهور المذهب في هذه المسائل ‪.‬‬

‫‪ -2‬السلسبيل المعين في الطرائق الربعين ‪ ،‬تكلم فيه عن سلسلة الطرق الصوفية الموجودة في وقته ‪ ،‬وبين طرق اتصالها إلى أصحابها ‪.‬‬

‫‪ -3‬إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن ‪ ،‬وهو في أصول الفقه ‪ ،‬بين فيه وجهة نظره في الجتهاد ‪.‬‬

‫‪ -4‬المنهل الروي الرائق في أسانيد العلم وأصول الطرائق ‪ ،‬بين فيه أسنايد روايته للكتب الحديثية والفقهية ‪ ،‬كتبه استجابة لمن سأله بيان‬
‫أسانيده في السنة ‪.‬‬

‫‪ -5‬الدرر السنية في أخبار السللة الدريسية ‪.‬‬

‫‪ -6‬المسلسلت العشرة في الحاديث النبوية ‪.‬‬

‫‪ -7‬رسالة مقدمة موطأ المام مالك رضي ال عنه ‪ ،‬مقدمة رائقة في بيان بعض تاريخ هذا الكتاب العظيم ‪ ،‬وذكر بعض شروحه ومنزلته من‬
‫كتب السنة ‪.‬‬

‫‪ -8‬شفاء الصدر بأري المسائل العشر ‪ ،‬وهو مختصر بغية المراصد السابق ذكره ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬المخطوط‪:‬‬

‫‪ -1‬الشموس الشارقة في أسانيد شيوخنا المغاربة والمشارقة ‪.‬‬

‫‪ -2‬البدور السافرة في عوالي السانيد الفاخرة ‪.‬‬

‫‪ -3‬الكواكب الدرية في أوائل الكتب الثرية ‪.‬‬

‫‪ -4‬سوابغ اليد بمرويات أبي زيد ‪.‬‬

‫‪ -5‬رسالة جامعة في أقوال السنن وأفعالها ‪.‬‬

‫‪ -6‬هداية الوسيلة في اتباع صاحب الوسيلة ‪.‬‬

‫‪ -7‬طواعن السنة في طاعني أهل السنة ‪.‬‬

‫‪ -8‬رسالة شاملة في مسألتي القبض والتقليد ‪.‬‬

‫‪ -9‬رسالة السلوك ‪.‬‬

‫‪ -10‬شذور الذهب في محض محقق النسب ‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬ما ذكر اسمه ولم يعلم مكانه ‪ ،‬وهي كثيرة جدًا تبلغ ‪ 23‬رسالة وكتاب]‪. [9‬‬

‫ويكون مجموعها أكثر من أربع وأربعين مصنفًا ‪ ،‬في مختلف العلوم وإن كان الغالب فيها السنة والتصوف ‪.‬‬

‫وفي هذه المؤلفات توجد ملحظة مهمة ‪ ،‬هي التأصيل الشرعي المستمد من تراث المة في السير بالدعوة والحركة والفكر ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫السس الفكرية للحركة السنوسية‬

‫بعد أن استعرضنا جزءًا من ترجمة المام السنوسي ل بد لنا من التطرق إلى السس والصول الفكرية التي دعا إليها المام السنوسي‬
‫وتلقاها أتباعه ودعوا إليها وساروا بها إلى الناس في حركتهم ‪.‬‬

‫والحقيقة التي يلحظها المتتبع لسير الحركة السنوسية أنها ) فكر وحركة ( ‪ ،‬و) تصور ومنهج( ‪ ) ،‬ومنهج وعمل ( ‪ ،‬وليست مجرد دعوة‬
‫فكرية أو مذهب أيدلوجي فحسب ‪.‬‬

‫يقول الستاذ أحمد حلمي زادة أحد مؤرخي تاريخ الدولة العثمانية‪:‬‬

‫) الطريقة السنوسية هي عبارة عن جمعية مذهبية وطريقة صوفية وسياسية واجتماعية ‪ ،‬ولو أنها من الناحية السياسية ليس لها أغراض‬
‫تمردية على الدولة (]‪. [10‬‬

‫وفي هذا إشارة إلى تكاملية الدعوة والحركة السنوسية ‪ ،‬فلم تقتصر على جانب دون جانب‪ ،‬وإن كانت تحكمها ظروف العصر ‪ ،‬فهي قد‬
‫نشأت في ظل الدولة العثمانية التي كانت دولة السلم والخلفة ‪.‬‬

‫وهذا يفسر لنا قول المؤرخ المذكور ) ليس لها أغراض تمردية على الدولة ( ‪ ،‬فذلك أنها ل تحارب دولة الخلفة ‪ ،‬وإنما ترفدها وتسندها ‪،‬‬
‫ل‪.‬‬‫على العكس مما كانت عليه بعض التيارات الخرى كالحركة الوهابية مث ً‬

‫ويمكن إرجاع السبب في هذا الفهم إلى كون المام السنوسي من العلماء الكبار في علوم الشريعة ‪ ،‬فهو المحدث الصولي الفقيه المجتهد ‪،‬‬
‫وهو الصوفي المربي ‪ ،‬وهو أيضًا ذو اطلع تاريخي وصاحب اطلع على علوم عصره من الهندسة وغيرها كما مر معنا ‪.‬‬

‫هذا كله مع السبب الول والمهم الذي هو توفيق ال تعالى ‪ ،‬الذي رعى هذه الدعوة ‪ ،‬وإل فلول ال لم يكن ما كان ‪.‬‬

‫وأستطيع أن أجمل السس الفكرية والتصورات التي سارت عليها الدعوة السنوسية فيما يلي‪:‬‬

‫ل‪ :‬دعوة الناس كافة إلى اللتزام بأحكام السلم الظاهرة والباطنة ‪ ،‬وذلك أن المسلمين في تلك الحقبة كان قد انتشر فيه الجهل وقلة‬ ‫أو ً‬
‫اللتزام ‪ ،‬فكان تعليم الناس أحكام الشريعة هدفًا أوليًا ‪ ،‬حتى يحقق المسلم معنى إسلمه ‪.‬‬

‫وفي ذلك يقول المام السنوسي في إحدى الرسائل التي بعثها إلى بعض رؤساء العشائر‪ " :‬وثانيًا فإنا ندعوكم بدعاية السلم من طاعة ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬قال تعالى في كتابه العزيز‪ )) :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول (( ‪ ،‬وقال تعالى‪ )) :‬من يطع الرسول فقد أطاع‬
‫ال (( ‪ ،‬وقال تعالى‪ )) :‬ومن يطع ال ورسوله فأولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك‬
‫رفيقًا (( ‪.‬‬

‫والطاعة هي امتثال أمر ال ورسوله من إقامة الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان وأداء زكاة الموال وحج بيت ال الحرام واجتناب ما‬
‫نهى ال عنه من الكذب والغيبة والنميمة وأكل أموال الناس بالباطل وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق وشهادة الزور وغير ذلك مما حرم‬
‫ال ورسوله فبذلك تنالون الخير البدي والربح السرمدي الذي ل يعتريه خسران ول يحوم حول حماه حرمان ‪.‬‬

‫وقد طلب منا أناس من ذلك الطرق أن نبعث معهم بعض إخواننا يذكرون عباد ال ويعلموهم ما فرض ال ورسوله عليه ويهدوهم إلى سبيل‬
‫الرشاد ‪ ،‬وعزمنا على ذلك لكون هذه الوظيفة هي التي أقامنا ال عليها‪ :‬ننبه الغافل ونعلم الجاهل ونرشد الضال " ]‪. [11‬‬

‫ويمكننا ملحظة عالمية الدعوة عند المام السنوسي من حرصه على إنشاء زواياه في كل مكان قدر عليه ‪ ،‬فأول زاوية أنشأها كانت في‬
‫الحجاز ‪ ،‬ثم في مصر وليبيا والجزائر والسودان الفريقي ) تشاد ومالي ( ‪.‬‬
‫وهذه سمة مهمة وخاصية تنبه لها المام بسبب حياته مع القرآن الدستور العالمي ‪ ،‬وملحظته ضعف المسلمين في كل مكان من العالم‬
‫السلمي ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬من خصائص وأسس الدعوة السنوسية ما يمكن تسميته بـ ) سياسية عدم المواجهة مع التجاهات السلمية ( ‪.‬‬

‫وهذا يتضح لنا جليًا من خلل عدة مواقف للمام ‪ ،‬مثل موقفه من الحركة المهدية ودعوتها ‪ ،‬وحيث بعث إليه محمد أحمد المهدي صاحب‬
‫الدعوة المهدية في السودان كتابًا فلم يرد عليه بنفي ول إثبات ‪ ،‬حيث ادعى المهدية ‪ ،‬أي أنه صاحب الدعوة في السودان ادعى أنه المهدي‬
‫المنتظر ‪ ،‬فلم يواجهه مع رفضه لفكره]‪. [12‬‬

‫وأيضًا عدم مواجهته الدعوة الوهابية ‪ ،‬مع أنها كانت ترى بطلن مبادئ المام السنوسي المتمثلة في التصوف والمعتقد السني الشعري ‍!!‬
‫ورغم ذلك فلم يؤثر عن المام السنوسي كلمات أو ردود على تلك الطائفة]‪. [13‬‬

‫استمع إلى المام السنوسي رحمه ال يقول في إحدى رسائله ‪ ،‬بعد أن سئل عن خلف بعض الناس في عصمة النبياء ‪ ،‬فأرشدهم إلى‬
‫مراجعة كتب أهل العلم من علماء المسلمين كاليجي والشريف الجرجاني والرازي والمدي وغيرهم ‪ ،‬ثم قال‪:‬‬

‫" إنكم تعلمون أن مادة الخصام ليس من دأبنا ‪ ،‬وقد علمتم أن شأننا هو امتثال قوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ) :‬من ترك الجدال وهو‬
‫مبطل بنى ال له بيتًا في الجنة ‪ ،‬ومن تركه وهو محق بنى ال له بيتًا في وسطها ‪ ،‬ومن حسن خلقه بنى ال له بيتًا في أعلها ( ‪.‬‬

‫هذا وشأن أهل ال أن يكونوا أرضًا لمن سواهم ‪ ،‬يحملون من الذى حملها وينتجون خيرها … وأما الخوض والجدال في المور العتقادية‬
‫فهو الطامة الكبرى والداهية الغرى " ]‪ [14‬؟! ‪.‬‬

‫وهذا يعطي لنا ضوءًا نفسر به انتشار الدعوة في بلد المغرب والحجاز وغيرها من أماكن الصراع الفكري ‪.‬‬

‫ويجب التنبيه هنا إلى أن هذا المبدأ ل يعني تمييع القضايا كما قد يفهمه البعض ‪ ،‬بل هو مبدأ ينطلق من العلم الشرعي الصحيح ‪ ،‬واختيار‬
‫الرأي الصحيح والترجيح ‪ ،‬ثم بعد ذلك ل نلتفت للخلف ‪ ،‬فهنا الخلف ليس معوقًا للحركة وإنما هو رصيد تختار منه ما تراه صوابًا وحقًا‬
‫ثم تتجاوزه ول تقف عنده ‪.‬‬

‫وأيضًا ل تقبل الدعوة البحث في المور العقائدية ‪ ،‬ذلك أن العقيدة أمر ل يسع الخلف فيه‪ ،‬لنها متقررة ثابتة متوارثة عبر أجيال‬
‫المسلمين ‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬من المور التي تميز هذه الدعوة عن غيرها من الدعوات في ذلك العصر هو رؤيتها الصحيحة للوضع السياسي ‪ ،‬ولذا نراها ل تواجه‬
‫الخلفة العثمانية ‪ ،‬وتعتقد صحتها ‪ ،‬وإن كان هناك بعض الملحظات من أهمها الضعف الديني وعدم استيفاء بعض الشروط كشرطية‬
‫القرشية في الخليفة ‪ ،‬ولم توجه حربتها إلى صدر الخلفة ‪.‬‬

‫هذا في حين نجد أن الدعوة الوهابية قد حملت السلح في وجه دولة الخلفة ‪ ،‬والحركة المهدية لم تعتبر ولم تقم للخلفة وزنًا ‪.‬‬

‫وهذا يفسر لنا سبب رضا الدولة العثمانية للحركة السنوسية ‪ ،‬فقد أصدرت الدولة العثمانية مراسيم تبين فيها رضاها عن الحركة وتقر فيها‬
‫أوقاف الحركة وزواياها وتوصي بدعمها ]‪. [15‬‬

‫يقول د‪ .‬الدجاني‪ " :‬وفي رأينا أن ابن السنوسي مع إيمانه بأحقية القرشي بالخلفة لم ير إثارة موضوع الخلفة ‪ ،‬لنه رأى أن من غير‬
‫المناسب وليس من مصلحة المسلمين إثارة هذا الخلف حول الخلفة ‪ ،‬ولذلك ركز تفكيره على جوانب الصلح الخرى "]‪. [16‬‬

‫وفي المقابل نرى المام السنوسي يعد ويستعد للمواجهة مع الدول الغربية التي احتلت الجزائر في تلك الفترة ‪ ،‬فوجه اهتمامه إليها ‪.‬‬

‫فل شك أنه قد تأثر بهذا الحدث في العالم السلمي ‪ ،‬فلم يستطع السكوت فيما بعد ‪ ،‬فكان يدعو الناس إلى الجهاد في سبيل ال ضد النصارى‬
‫والكفار ‪ ،‬وهذا أمر شعر به الفرنسيون وتنبهوا له ‪ ،‬فيقول الرحالة الفرنسي وفرير في ذلك‪:‬‬

‫" إن السنوسية هي المسؤولة عن جميع أعمال المقاومة التي قامت ضد فرنا في الجزائر " ‪ ،‬إلى أن يقول‪:‬‬

‫" إن الحقيقة التي يجب أن ل نغفل عنها أو نتغافلها هي أن الطريقة السنوسية أخطر أعداء نفوذنا ‪ -‬أي الفرنسيين ‪ -‬في شمالي أفريقيا وفي‬
‫السنغال ‪ ،‬وأنها العقبة الكأداء في سبيل توسعنا السياسي والقتصادي داخل إفريقيا " ‪.‬‬

‫وهذا جعل الحكومة الفرنسية تومي إلى الدولة العثمانية بأن الحركة السنوسية تدعو إلى إضعاف الدولة العثمانية مما أثار شكوك الدولة‬
‫العثمانية ‪ ،‬لكن تبين من خلل من أرسلته إليهم كذب الحكومة الفرنسية فلم تعبأ بها ]‪. [17‬‬

‫وفي هذا إشارات ودلئل للمسلم المعاصر أن ل يغفل عن عدوه الحقيقي ‪ ،‬وأن يكون ذا نظر ثاقب للمور ‪ ،‬يحلل بميزان السلم الطرق‬
‫والوسائل التي يتعامل بها مع الخرين ‪.‬‬

‫وكم جر على الحركات السلمية من مآسي جهلها بعدوها الحقيقي والفعلي !! فتراها تهاجم في غير عدو وتقاتل في غير مقتل ]‪!! [18‬‬

‫فليست الحركة السنوسية إذًا مجرد حركة صوفية خرافية !! كما يقول بعض السذج ‪ ،‬وإنما هي تربية وجهاد وعلم وعمل ومصحف وسيف‬
‫وفكر وحركة ‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬ومن آراء السيد محمد بن علي السنوسي البارزة هي دعوته إلى العمل بالكتاب والسنة في المجال الفقهي ‪ ،‬ورفضه للتقليد الذي أوجبه‬
‫المتأخرون وحملوا الناس عليه وأغلقوا باب الجتهاد !!‬

‫وهذا ل يعني رفض الجتهادات التي جاء بها الئمة الربعة واستقر عليها عمل المة قرونًا ودهورًا ‪ ،‬وإنما هو نظر واستدلل والوقوف مع‬
‫الدليل واتباعه إذا تبين لنا مخالفته للمذهب ‪.‬‬

‫ومع هذا فقد كان المام السنوسي يفتي بمذهب المام مالك مع ادعائه الجتهاد ]‪ ، [19‬وذلك لن المسلمين في بلد المغرب السلمي ) من‬
‫ليبيا إلى الندلس المسلوب أعاده ال دار إسلم ( كلها تدين ال سبحانه بعقيدة الشعري وفقه المام مالك رحمهم ال تعالى ‪.‬‬

‫فهو يرفض القول بإقفال باب الجتهاد ‪ ،‬ولكن ل يعني هذا أنه يولج بل شروط ول ضوابط ‪ -‬كما نرى بعض الناس يفعل ‪.‬‬

‫وإنما هو يدعو من استكمل آلة البحث والنظر إلى إبداء الرأي وعدم الوقوف على أقوال السابقين ‪.‬‬

‫وهذا الرأي طرحه المام السنوسي بشكل واضح في كتابه المسمى بـ ) إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن ( ‪.‬‬

‫وقد طبق المام رأيه هذا في كتابه‪ :‬بغية المقاصد في خلصة المراصد ‪ ،‬حيث ذكر فيه المسائل التي خالف فيها مذهب المالكية ‪.‬‬

‫وفي الحقيقة ليس من ضير على من بلغ رتبة النظر والرأي أن يجتهد في المسائل الفقهية ‪ ،‬وإنما الضير والحرج والخطأ في تسّور بعض‬
‫من ل يفهم من الذين لم يبلغوا رتبة من العلم هذا الباب ‪ ،‬ورفضهم آراء من سبق من العلماء !!‬
‫وقد ظن بعض الباحثين بأن هذه الفكرة تسربت إلى المام السنوسي جراء تأثره بالدعوة الوهابية ‪ ،‬وهذا ليس لزمًا ‪ ،‬فإن من علماء المغرب‬
‫من كان يدعو إلى هذا المنهج الفقهي ‪ ،‬مثل المام محمد بن ناصر الدين الدرعي الذي وصف بأنه مجدد المغرب وأنه أحيا السنة بالمغرب ‪.‬‬

‫وهذه الدعوة من المام السنوسي كان لها أثر إيجابي في سيره العلمي ‪ ،‬فقام بإقراء كتب الحديث الشريف فأحيا علوم السناد ‪ ،‬كما ترى في‬
‫مصنفاته ذلك ‪ ،‬وألف مقدمة لدارسي موطأ المام مالك ‪ ،‬وهذا أمر يحمد عليه رضي ال عنه ‪.‬‬

‫خامسًا‪ :‬ومن الخصائص التي امتازت بها الحركة السنوسية هي الربانية المتمثلة في الطريقة الصوفية السائرة على منهج الكتاب والسنة ‪.‬‬

‫ل من فكر المام السنوسي والدعوة السنوسية ‪ ،‬فالمام السنوسي هو أحد المتحققين في هذا الباب ‪ ،‬وله فيه‬
‫حيث تحتل الصوفية النقية مح ً‬
‫عدة مصنفات ‪ ،‬من أهمها ) السلسبيل المعين في الطرائق الربعين ( ‪.‬‬

‫فالطريقة الصوفية هي وسيلة للترقي بالنفس وتهذيبها ومعالجتها من شهواتها الفاسدة ‪ ،‬وتطويعها ل سبحانه ‪.‬‬

‫يقول السيد السنوسي في إحدى رسائله‪:‬‬

‫" وبعد ‪ ،‬أخي فالمطلوب منا جميعًا إقامة ما خلقنا لجله من العكوف على التزام محققات العبودية واجتناب دواهي منازعات الربوبية ‪،‬‬
‫بتعمير ظواهرنا بالدب على متابعة أفعال وأقوال عبده وصفيه النور صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬وذلك بتعمير بواطننا بمراقبته تعالى‬
‫في جميع حركاتنا وسكناتنا بحيث ل نفعل ول نقول إل ما نعلم أنه يرضى عنه ‪ ،‬وندع كل ما سواه ‪ ،‬ونخلص ذينك من شوائب الكدار‬
‫وملحظات الغيار بحيث يكون نصب العين في كل مشهد بكل ما يرى ويشهد " ]‪. [20‬‬

‫ل‪:‬‬
‫ثم يبين طريقة ذلك قائ ً‬

‫" ول سبيل إلى ذلك السبيل إل بالدخول من باب العلم الشرعي من حديث وتفسير وفقه على الوجه الكمل الذي كان عليه السلف وورثه‬
‫عنهم الخلف ‪ ،‬وهي طريقة الكمل من البرهان والعيان ‪ ،‬وهي أفضل الطريقتين وأكمل المنزلتين ‪.‬‬

‫وبالدخول من باب المجاهدة وارتكاب مشاق المكابدة بمخالفة النفوس وإذاقة البؤس وملزمة الذكار آناء الليل وأطراف النهار حتى تنقدح‬
‫النوار في قلب الذاكر فيستنير به الباطن والظاهر ‪ ،‬من باب أن النور إذا دخل القلب انشرح وانفسح ‪ ،‬قيل‪ :‬وهل لذلك علمة يا رسول ال ؟‬
‫قال‪ :‬التجافي عن دار الغرور والنابة إلى دار الخلود والستعداد إلى الموت قبل نزول الفوت ‪.‬‬

‫ل إل‬
‫فيستفيد العلوم منه به إليه ‪ ،‬ويستغني عن العالم في كل ما يؤول أمره إليه من باب )) اتقوا ال ويعلمكم ال (( ‪ ،‬وما اتخذ ال وليًا جاه ً‬
‫علمه ‪ ،‬وليس العلم بكثرة الرواية ‪ ،‬إنما هو نور يضعه ال في قلب من شاء " ]‪. [21‬‬

‫ويقول في كتابه السلسبيل المعين في الطرائق الربعين‪:‬‬

‫" ولنذكر وجهًا مختصرًا في تدريج المريد في مراتب السلوك فنقول بعون ال وتوفيقه‪:‬‬

‫يتعين عليه بعد تصحيح عقيدته بميزان اعتدال أهل السنة والجماعة كثر ال سوادهم وأدام إمدادهم أن ل يقدم على فعل شيء حتى يعلم حكم‬
‫ال فيه ‪ ،‬فيتعلم ما يحتاج إليه من المسائل الفقهية المتعلقة بظاهر البدن على مذهب من المذاهب الربعة ‪ ،‬ثم يتوجه إلى تزكية النفس وتهذيب‬
‫الخلق وتصفية القلب وتنقية السر ‪ ،‬لن ذلك من المهمات المطلوبة شرعًا ‪.‬‬

‫ومن أسباب حصولها‪ :‬طيب المطعم ‪ ،‬فإن من أكل حرامًا فعله في ظاهره أو باطنه ل محالة ‪.‬‬

‫ومن أسباب سماع أحاديث الترغيب والترهيب وحكايات الشيوخ في مجاهداتهم وشريف معاملتهم ‪ ،‬فإنها جند من جنود ال كما يشير إلى‬
‫ذلك قوله تعالى‪ )) :‬وكل نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك (( …" ]‪. [22‬‬

‫ولذا نجد المام السنوسي ينكر على من يخالف الكتاب والسنة من الصوفية ‪ ،‬من ذلك أنه أثناء مرضه بالحمى في سيوة سمع صيحة عند‬
‫الغروب ‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا الحس ؟ فقيل له‪ :‬هؤلء درقاوية ‪ ،‬فقال لهم‪ :‬يحرفون لفظ الجللة ‪ ،‬يقولون‪ :‬ل إلها إيلء ال ‪ ،‬يمدون الهاء من إله‬
‫ويولدون ياءين همزة الولى ويأتون همزة الستفهام قبل الجللة !! ثم قال لهم‪ :‬سيدي العربي الدرقاوي عند قرب وفاته جمع تلمذته وقال‬
‫لهم‪ :‬ما وافق الكتاب والسنة من طريقتنا هذه فخذوه ‪ ،‬وما خالفها فاتركوه ‪ ،‬ما كانت أفعله في حالة الجذب ل تفعلوه … ثم قال‪ :‬لي شيء‬
‫نأمرك بقراءة النحو ؟! لصلح ألسنتكم لكتاب ال وحديث الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم]‪. [23‬‬

‫وهذا يؤيد ما قاله السيد أحمد الشريف أن مبنى هذه الطريقة على متابعة السنة في القوال والفعال والحوال والشتغال بالصلة على النبي‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم في عموم الوقات ]‪.[24‬‬

‫وكان السيد السنوسي يأمر سالكي سبيل هذه الطريقة بقراءة صحيح البخاري والموطأ وبلوغ المرام في الحديث ورسالة ابن أبي زيد‬
‫القيرواني في الفقه والرسائل السبع في التصوف]‪. [25‬‬

‫فمن هذا يتبين لنا أن طريقة السيد السنوسي ليست كغيرها ‪ ،‬فهي صوفية ‪ ،‬ولكنها صوفية من نوع آخر ‪.‬‬

‫وتجدر الشارة هنا إلى أن أوراد السادة السنوسية هي أوراد سنية ‪ ،‬وبعضها متلقى عن بعض الولياء ‪ ،‬وليس في ذلك حرج كما ذكر ذلك‬
‫المام زروق في قواعد التصوف والمام الغزالي في الحياء ]‪. [26‬‬

‫وأضيف هنا ملحظة هامة هي أن السيد السنوسي كان قد اختار لتباعه أشياء تميزهم عن غيرهم ‪ ،‬فأول هذه الشياء كونهم علماء باحثين ‪،‬‬
‫وثانيها رقة قلوبهم وتصفية نفوسهم ‪ ،‬وأطلق عليهم تسمية خاصة بهم هي‪ :‬الخوان السنوسيين ‪ ،‬اسمتدادًا من قوله تعالى‪ )) :‬إنما المؤمنون‬
‫إخوة (( ‪.‬‬

‫قال الستاذ محمد الطيب الشهب‪:‬‬

‫" اختار المام السيد محمد بن علي السنوسي لتباعه في كل قطر تسمية كانت غاية في السمو الذي يربط بين مجموعة التباع روحًا ومعنى‬
‫وهي الخوان ‪ ،‬وكان من بينهم المراكشي والجزائري والتونسي والليبي والمصري والسوداني والحجازي واليمني والحبشي والهندي‬
‫والتركي والشامي إلى غير ذلك من مختلف الجناس واللغات" ]‪. [27‬‬

‫وفي هذا ما فيه من إعلن التميز والوحدة ‪ ،‬التميز عن العامة من الناس ‪ ،‬والوحدة الدينية بين المسلمين أتباع الدين ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬

‫الطار التنظيمي في الحركة السنوسية‬

‫"‪..‬ولكن الخطر المحتمل يأتي من أن الدعوة في أعوام غياب التخطيط قد تتحول إلى مجرد حركة مثقفين مدنية تهمل العامل والفلح ‪،‬‬
‫فتنصب العناية على المدارس والجامعات وطوائف الخريجين ‪ ،‬لما لهم من استعداد للمباحث الفكرية ‪ ،‬ول يكون ثمة نزول لمستوى العامل‬
‫والفلح ورعاية مشاكلهم وتبني حلولها …"]‪[28‬‬

‫فإن من الخطأ الجسيم أن توجد الفكرة ولكن ل تطبق ‪ ،‬أو يوجد المبدأ ولكن ل يوجد من يعمل به ‪.‬‬

‫والطار التنظيمي الذي طرحه المام السنوسي يمثل القمة في تكتيك العمل في تلك المرحلة من تاريخ المة ‪ ،‬فاق فيه الحركات التي ظهرت‬
‫في وقته ‪ ،‬ولكنها لم تتخذ الوسيلة الصحيحة للعمل ‪.‬‬
‫فالزاوية السنوسية كانت إطارًا عمليًا لنشر الدعوة بين المسلمين في زمن لم يعرف المسلمون فيه بعد ما يسمى بعلوم الدارة الحديثة‬
‫والتخطيط وغير ذلك ‪.‬‬

‫يقول د‪ .‬الدجاني‪:‬‬

‫"لكي يحقق ابن السنوسي هدفه أوجد نظامه الذي اشتهر باسمه وأشرف بنفسه على سير العمل فيه ‪ ،‬وهكذا فإنه قرن فكرته بالتطبيق‬
‫العملي ‪ ،‬وجمع بين كونه العقل المفكر للحركة واليد التي تنفذ ما يخططه العقل ‪ ،‬وقد ساعد هذا الجمع على إنجاح الحركة حيث خلصها من‬
‫متاعب ازدواج القيادتين الفكرية والعملية التي نراها في كثير من الحركات الخرى " ]‪. [29‬‬

‫وهذا هو معنى القدوة الصالحة في السلم ‪ ،‬فل انفصال بين العلم والعمل )) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس‬
‫ل (( ‪.‬‬
‫نز ً‬

‫ل ظنّ من يتوهم عدم وجوب شرط القدوة لمن يشتغل في مراكز الدعوة التي ليس فيها توجيه تربوي مباشر ‪ ،‬فالبعض يفصل بين‬ ‫) وباط ٌ‬
‫المربين من الدعاة وغيرهم ممن ينفذون العمال التي يتطلبها شمول الدعوة ‪ ،‬لكن تحليل الظاهرة التربوية ينفي ذلك ‪ ،‬فإنهم جزء مرئي من‬
‫هذه الدعوة ‪ ،‬يقلده الجدد والنصار ‪ ،‬ولسان ناطق يسمعه هؤلء فيتأثرون به ‪ ،‬ولذلك لم يفهم السلف فصل وظيفة رجل الدولة السلمية عن‬
‫التعليم والتربية ‪ ،‬وكانوا يرون أنه رجل تربية أيضًا (]‪. [30‬‬

‫نظام الزاوية السنوسية‬

‫ل إلى أن فكرة الزوايا كانت موجودة في العالم السلمي قبل ظهور الحركة السنوسية ‪ ،‬حيث كانت الزاوية هي المكان‬ ‫ل بد من الشارة أو ً‬
‫الذي يتجمع فيها الصوفية ‪ ،‬ويجلسون فيها يتلون أورادهم وصلواتهم الخاصة بهم ‪ ،‬ولم تكن وظيفة الزاوية إل كمركز للذكر فقط ‪ ،‬ولم‬
‫تتطور لتؤدي دورًا آخر إل في عهد المام السنوسي ‪.‬‬

‫فأخذ المام السنوسي هذا النظام وجعله منطلقًا للحركة ‪ ،‬فأضفى عليها الصبغة العلمية ‪.‬‬

‫يقول المام السنوسي في إحدى رسائله‪:‬‬

‫" والزاوية في الحقيقة إنما هي بيت من بيوت ال ومسجد من مساجده ‪ ،‬والزاوية إذا حلت بمحل نزلت فيه الرحمة وتعمر بها البلد ويحصل‬
‫بها النفع لهل الحاضرة والباد ‪ ،‬ولنها ما أسست إل لقراءة القرآن ولنشر شريعة أفضل ولد عدنان " ]‪. [31‬‬

‫فمن خلل هذا النص ندرك أن الزاوية تجمع إلى الذكر والترقي بالنفس وتطهيرها دراسة علوم الشريعة ونشرها ‪.‬‬

‫وأيضًا هي محل عمران ينتفع به الناس ‪ ،‬فتحل مشاكل الناس والنزاعات التي كانت تقوم بين مختلف القبائل والعشائر ‪.‬‬

‫وأنقل هنا صورة مصغرة عن اللوائح التي تنظم الزاوية السنوسية كما ذكرها صاحب كتاب السنوسي الكبير‪:‬‬

‫] )‪ (1‬وتبنى الزاوية على قطعة مختارة من الرض بالتفاق مع القبيلة أو القبائل صاحبة الشأن‪ ،‬وعادة تكون على ربوة عالية تشرف على‬
‫ما حولها ويتوخى فيها المناخ الصحي ‪.‬‬

‫ل عن السلطة الروحية ريثما يتم تعيين الشيخ ‪ ،‬وتعتبر‬ ‫ويمثل السلطة الروحية العليا في هذا التفاق شيخ الزاوية المقرر إنشاؤها أو وكي ً‬
‫قطعة الرض التي بنيت فوقهما الزاوية والمساحة المتفق عليها من جهاتها الربعة وقفًا [ ‪.‬‬

‫وفي هذا ضمان اقتصادي للزاوية ‪ ،‬فل يستطيع أحد أخذها ‪ ،‬ويسري عليها حكم البدية بإذن ال سبحانه ‪.‬‬

‫] )‪ (2‬تقوم القبيلة أو القبائل صاحبة الشأن بتكاليف بناء المسجد والمدرسة وبيت الشيخ ‪.‬‬

‫)‪ (3‬الحرم المتفق على تخطيطه حول الزاوية يكون حرمًا آمنًا لمن دخله واستجار به ‪ ،‬ول يجوز أن يطلق داخله الرصاص أو يشهر السلح‬
‫ل أو الخصام ‪ ،‬كما يمنع فيه رعاية الحيوانات ‪.‬‬
‫‪ ،‬وكذلك المشاجرة وإعلء الصوت بالغناء مث ً‬

‫)‪ (4‬يقوم أفراد القبيلة بتقديم عمل يوم واحد خدمة للزاوية أثناء بناءها وفي موسم الحرث والحصاد ‪.‬‬

‫)‪ (5‬يتألف كساء شيخ الزاوية سنويًا من عشر بدل ‪ ،‬وتتكون البدلة من قميص وسروال وغطاء رأس وحذاء ‪ ،‬شريطة أن ل يكون منها‬
‫حرير أو جوخ ‪ ،‬وكذلك حرامين صيفي ومثلهما شتوي وبرنس ‪.‬‬

‫)‪ (6‬لشيخ الزاوية الحق في تعيين معلم الصبيان والمنادي للصلة ) المؤذن ( وعدد من الخدم والعمال حسب مقتضيات الضرورة ‪ ،‬وتكون‬
‫نفقاتهم وأجورهم من موارد الزاوية ‪.‬‬

‫)‪ (7‬من واجبات شيخ الزاوية إحضار الطعام الكافئ لعشرة أشخاص يوميًا في موعدي الغذاء والعشاء ‪ ،‬وذلك باسم الضيوف المتمل‬
‫مجيؤهم للزاوية ‪ ،‬فإن نقص هذا العدد فعلى شيخ الزاوية أن يكمل العدد من الفقراء ومجاوري الزاوية ‪ ،‬وإذا تجاوز الضيوف هذا العدد‬
‫فعليه إحضار ما يكفي في وقته ‪ ،‬ول يتجاوز الطعام نوعًا واحدًا إل في الحالت الخاصة ‪.‬‬

‫)‪ (8‬إذا تجاوز عدد الضيوف خمسة أشخاص ورأى الشيخ أن ينحر لهم فله ذلك ‪.‬‬

‫)‪ (9‬لشيخ الزاوية الحق في أن يختص بالعشر من محصولت الزاوية وذلك للنفاق منها في حالته الخاصة وفيما يترتب عليه لقاربه الذين‬
‫ل حق لهم من موارد الزاوية ‪.‬‬

‫)‪ (10‬على الشيخ أن يحتفظ بما يكفي لنفقاتها سنويًا من مجموع الواردات وإرسال الباقي منها إلى المركز الرئيسي ‪.‬‬

‫)‪ (11‬ل حق لشيخ الزاوية أن يضيف أقاربه على حساب الزاوية ‪ ،‬وتفاديًا لضيق ذات يده فقد منح عشر الوارادت كما ذكرنا ‪ ،‬ويسمح له‬
‫بامتلك المواشي وتعاطي الزراعة لحسابه الخاص ‪ ،‬كي يواجه بذلك نفقاته الخاصة التي ل حق له في أخذها من أموال الزاوية ‪ ،‬وله الحق‬
‫في أن ينحر لنفسه وزوجته الولى وأولده منها شاتين أسبوعيًا ‪.‬‬

‫)‪ (12‬للعمال وخدم الزاوية الحق في أكل اللحم كل يوم جمعة من السبوع ‪.‬‬

‫)‪ (13‬لكل زاوية حدود تفصل بينها وبين الزاوية المتاخمة لها ‪ ،‬ول يجوز لشيخ الزاوية أن يتعدى هذه الحدود ‪.‬‬

‫)‪ (14‬على شيوخ الزوايا أن يجتمعوا سنويًا ‪ ،‬كلهم أو بعضهم ‪ ،‬إذا ما رأوا وجوب ذلك ‪.‬‬

‫وعليهم أن يتشاوروا في تحديد موعد الجتماع ومكانه إن لم يكن أحد شيوخ الزوايا هو الداعي لعقد الجتماع ‪.‬‬

‫)‪ (15‬إذا التجأ شخص أو أشخاص إلى إحدى الزوايا لسبب ما فعلى الزاوية والحالة هذه حمايته والسعي لزالة السبب الذي دفعه لللتجاء‬
‫بموجب نصوص الشريعة أو ما يتفق عليه من العرف والتقاليد المتبعة ‪.‬‬

‫)‪(16‬تتكون موارد الزاوية من الزراعة وتنمية المواشي والهبات الخيرية والزكاة الشرعية [ ]‪. [32‬‬

‫ل إلى السلطات العليا عن جميع أعماله ومقترحاته وما قام أو ينوي القيام به ‪.‬‬
‫هذا ويقدم شيخ الزاوية في نهاية كل سنة تقريرًا مفص ً‬

‫كما يقوم شيخ الزاوية من فترة لخرى بزيارة المركز الرئيسي ‪.‬‬

‫فتلحظ في هذا النظام المحكم أن الحركة من خلله وعن طريقه كانت منظمة ‪ ،‬ولم تكن عشوائية غوغائية ‍!!‬

‫وقد كان المام السنوسي حريصًا على فتح المراكز ) الزوايا السنوسية ( في كل مكان تحل فيه ‪ ،‬لما فيها من تحقيق للهدف السلمي ‪.‬‬
‫ومن خلل النص السابق نستطيع أن نتفهم حقيقة الزاوية وأنها مركز دعوي قائم بذاته ‪ ،‬له موارده المالية المتمثلة في الحصاد الزراعي‬
‫والتجارة وغير ذلك ‪ ،‬وله قيادة علمية هي شيخ الزاوية المعين من قبل المام ‪ ،‬وله ترتيب معين وطريقة في التصال بالمسؤول العلى ‪،‬‬
‫وهكذا ‪..‬‬

‫وقد أفادت الحركة السنوسية من الزوايا التي أنشأتها ‪ ،‬حيث جعلت منها بعد ذلك مركزًا للجهاد ضد الحتلل الذي قام به العدو الكافر ‪،‬‬
‫ل تبدأ من الزاوية ‪.‬‬
‫سواء اليطالي أو الفرنسي أو غيره ‪ ،‬فكانت مواجهة العدو اليطالي مث ً‬

‫وهناك ملحظة هامة وهي التميز في الموقع الذي تختار فيه الزاوية للبناء عليه ‪ ،‬يقول الدكتور الدجاني في ذلك‪:‬‬

‫"ويتميز موقع الزاوية بدقة الختيار ‪ ،‬فهي تبنى في غالب الحيان على ربوة عالية مشرفة على ما حولها ‪ ،‬ويتوخى في اختيار الموقع‬
‫المناخ الصحي والفوائد القتصادية والمركز الستراتيجي " ]‪. [33‬‬

‫وإذا استعرضنا وصف زاوية الجغبوب لوجدناها تحمل المواصفات المذكورة وزيادة ]‪. [34‬‬

‫خاتمة‬

‫معوقات سير الحركة‬

‫ل شك أن لكل دعوة في الدنيا عقبات وصعاب تواجها ‪ ،‬فإما أن تصمد أمامها وتسيرها ‪ ،‬أو أنها تستسلم وتسقط أمام هذه العقبة ‪ ،‬وهذه سنة‬
‫ال تعالى التي ل تتغير ول تتبدل في هذه الدنيا )) ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون (( ‪.‬‬

‫والحركة السنوسية استمرت بعد وفاة المام السنوسي وخلفه السيد محمد المهدي وقام بأعباء الحركة ‪.‬‬

‫إل أن الواقع العالمي والحداث الدولية قد تغيرت ‪ ،‬وأهم هذه الحداث هي سقوط الخلفة العثمانية ‪ ،‬الذي كان فاجعة للمسلمين ول يزال إلى‬
‫يومنا هذا ‪.‬‬

‫كما أن الستعمار الوروبي الصليبي كان قد مد جذوره في العالم السلمي ‪.‬‬

‫وحدث آخر هو ظهور التقدم المدني في أوروبا أو ما يسمى بالثورة الصناعية الكبرى ‪.‬‬

‫واستطاعت الحركة السنوسية أن تقوم بالجهاد على المدى الطويل مع الحتلل اليطالي في ليبيا والفرنسي في الجزائر والسباني في بلد‬
‫المغرب ‪.‬‬

‫إل أن فكر الحركة لم يستطع أن يواكب حدث سقوط الخلفة ‪ ،‬الذي يوجب ظهور معان أخرى وأهداف مختلفة للحركة ‪.‬‬
‫ولكن كان المر أكبر من هذه الحركة ‪ ،‬فرجالتها الكبار قد استشهد أغلبهم مما أوجد فراغًا في القيادة ‪.‬‬

‫وأثرت بعض المفاهيم غير الصحيحة على عوام الناس ‪ ،‬مثل أن السيد السنوسي لم يمت لنه المهدي المنتظر !! وأنه ل يسعنا إل‬
‫انتظاره !!‬

‫وبعد ذهاب الستعمار العسكري فرخ وراءه استعمارًا فكريًا بسبب انبهار المسلمين في تلك الحقبة بالغرب ‪ ،‬سواء مدنيًا أو عسكريًا أو غير‬
‫ذلك ‪ ،‬مما أوجد انحرافًا من داخل جسم المة ‪ ،‬عجزت معه الحركة السنوسية الضخمة عن المواجهة ‪.‬‬

‫وانحصر عمل السنوسية على الجانب الديني فقط ‪ ،‬فبنيت الجامعة السلمية بالبيضاء ) إحدى مدن برقة ( ‪ ،‬ولكن كانت مؤامرة قد حيكت‬
‫بليل ليجاد الفكر الشتراكي القومي الناتج من الفكر الشيوعي الشرقي سابقًا ‪ ،‬وجعله البديل في المنطقة ‪ ،‬وكانت الثورة الليبية الضربة‬
‫القاضية على مسيرة الحركة السنوسية ‪ ،‬بما ل تسع هذه الورقات لتفصيله ‪.‬‬

‫وهذا آخر هذه الورقة المتواضعة ‪.‬‬

‫وصلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا‬

‫قائمة المصادر المشار إليها في البحث‬

‫إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن ‪ ،‬تأليف‪ :‬المام محمد بن علي السنوسي ‪ ،‬ط دار القلم ‪1986‬م ‪.‬‬
‫معهد المارات التعليمي ‪www.uae.ii5ii.com‬‬
‫الحركة السنوسية ‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬أحمد صدقي الدجاني ) رسالة ماجستير ( ‪ ،‬الطبعةالثانية ‪1988‬م بدون دار نشر ‪.‬‬

‫السلسبيل المعين في الطرائق الربعين ‪ ،‬تأليف‪ :‬المام محمد بن علي السنوسي ‪ ،‬ط المملكة الليبية ‪.‬‬

‫السنوسي الكبير ‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد الطيب بن إدريس الشهب ‪ ،‬الطبعة الولى بدون تاريخ ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫مجموعة أحزاب وأوراد طريقة السادة السنوسية ‪ ،‬طبع على نفقة السيد عبد ال عابد السنوسي ‪1969 ،‬م‬

‫مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا ‪ ،‬ط دار الطباعة والنشر والتوزيع السلمي ‪ ،‬القاهرة ‪1992‬م ‪.‬‬

‫مقدمة موطأ المام مالك ‪ ،‬تأليف‪ :‬المام محمد بن علي السنوسي ‪ ،‬الطبعة الولى ‪1968‬م المملكة الليبية ‪.‬‬

‫المسار ‪ ،‬لمحمد أحمد الراشد ‪ ،‬دار المنطلق ‪ ،‬المارات ‪ 1989 ،‬م ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫المنطلق ‪ ،‬لمحمد أحمد الراشد ‪ ،‬ط دار الرسالة ‪1991 ،‬م الخامسة عشرة ‪.‬‬

You might also like