Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 25

‫أسوار بغداد وأبوابها‬

‫د‪.‬سعد الفتال‬ ‫مقدمه‬


‫لقد تعددت الوسائل في الدفاع عن المدن المهمه والقلع في القرون‬
‫الماضيه‪ ,‬فمنها من أنشأ على أماكن عاليه وحتى على سفوح الجبال‪.‬‬
‫ولكن من أهم هذه الطرق هي أقامة السوار حولها وذلك لصد الهجمات‬
‫‪.‬الخارجيه والوقايه من خطر الفيضان أو كلهما‬

‫وقد أبدع الخليفه أبو جعفر المنصور في تخطيط وبناء مدينة بغداد‬
‫وتحصيناتها‪ ,‬فأختار موقعها على نهر دجله وأجرى خللها قنوات مستوره‪,‬‬
‫وجعل شكل المدينه مدّور لتكون جميع أطرافها قريبه من المركز حيث‬
‫يسهل الشراف والسيطره عليها‪ ,‬أضافة الى سرعة نقل المعلومات‬
‫‪.‬وألوامر من وألى مركز الخلفه خاصة في أوقات الحصار والحروب‬

‫كذلك أبتنى لها ثلث أسوار منيعه ويحيط بها خندق عميق‪ ,‬وجعل لها أربعة‬
‫‪.‬مداخل محصنه تحرسها خمسة أبواب محكمة الصنع والتصميم‬

‫وبعد أنشاء مدينة بغداد المدوره في الجهه الغربيه أي الكرخ‪ ,‬حدثت‬


‫تغييرات متتاليه في شكل المدينه وموقعها وذلك نتيجة التوسع العمراني‬
‫وأنتقال مركز الخلفه أضافة الى الفيضانات المتكرره التي أصابتها ودمار‬
‫‪.‬بعض مناطقها‬

‫‪Baghdad Wall,1860‬‬

‫وكما هو معلوم فأن شكل المدينه عند تأسيسها كان مدّورا‪ ,‬وتقع في جهة‬
‫الكرخ جنوب منطقة الكاظميه وعلى ضفاف نهر دجله‪ ,‬ثم توسعت الى جهة‬
‫الرصافة عند منطقة العظميه وامتدداها شمال الى منطقة الشماسيه أي‬
‫الصليخ وجنوبا الى منطقة المخرم أى العيواضيه‪ ,‬وأخيرا وبعد الدمار الذي‬
‫اصاب المدينه جراء الحروب والفيضانات أصبح مركز المدينه في الجهة‬
‫الشرقيه الجنوبيه الذي نعرفه الن حيث يحيط به سور مضلع الشكل وله‬
‫‪.‬أربعة أبواب‪ ,‬باب المعظم‪ ,‬باب ألوسطاني‪ ,‬باب الطلسم‪ ,‬والباب الشرقي‬

‫وفي جميع تلك المراحل وحتى قريبا كانت تحيط بمدينة بغداد حيث مركز‬
‫الخلفه والتجمع السكاني‪ ,‬عدد من السوار لحمايتها من الهجوم الخارجي‬
‫وأخطار الفيضان‪ ,‬وهذه السوارتشمل حسب التسلسل الزمني؛‬
‫أول‪ -‬أسوار مدينة بغداد المدوره‪ -‬الخليفه أبو جعفر المنصور‪762 -‬م‬
‫ثانيا‪ -‬سور منطقة المهديه‪ -‬الرصافه‪ -‬العظميه‪ -‬الخليفه المنصور‪768 -‬‬
‫ثالثا‪ -‬اسواربغداد الشرقيه والغربيه‪ -‬الخليفه المستعين بال‪865 -‬م‬
‫رابعا‪ -‬سور دار الخلفه‪ -‬الخليفه المعتضد وما بعده‪892 -‬م‬
‫خامسا‪ -‬سور بغداد الكبير‪ -‬الخليفه المستظهر‪1095 -‬م‬
‫سادسا‪ -‬سور القلعه‪ -‬وزارة الدفاع‪ -‬القرن الخامس عشر‬
‫سابعا‪ -‬سور بغداد الغربيه‪ -‬الكرخ‪ -‬الوالي سليمان باشا الكبير‪1779 -‬‬
‫ثامنا‪ -‬سور بغداد الشمالي‪ -‬شمال باب المعظم‪ -‬بداية القرن العشرين‬

‫تسمية بغداد‬

‫لقد أختلف المؤرخين في أصل تسمية بغداد فمنهم من قال أن أصلها بابلي‬
‫قديم من زمن حمورابي في القرن الثامن عشر قبل الميلد حيث كانت‬
‫تعرف بيت كدادا أي بيت الغنم‪ ,‬ومنهم من قال بانها سميت لحقا بعل جاد‬
‫‪.‬أي معسكر بعل‬
‫وهناك من رجح بان أصلها كلداني وهو بلداد ومعناها الة الحرب حين‬
‫أنتصر نبوخذ نصر ‪ 562-604‬ق‪.‬م في معركه حربيه في ذات المكان على‬
‫اعدائه‪.‬‬
‫كذلك يرى بعض الباحثين بأن أصل التسميه آري وكانت تسمى باغ داد أو‬
‫بستان داد‪ ,‬وقد سميت القريه تبعا للبستان‪.‬‬
‫وقد أستعملت كلمة بغداد لول مره في العصر الكيشي وذلك في بداية اللف‬
‫الثانيه قبل الميلد‪.‬‬
‫وقد ورد أسم مدينة بغداد في بداية العهد السلمي والموي‪ ,‬كذلك ذكرت‬
‫المصادر بأن الخليفه المنصور قام بتعويض ستين من اهالي بغداد نقدا‬
‫‪.‬عندما أنشأ مدينة بغداد في موقع مزرعه كبيره تعرف المباركه‬

‫‪The Round City of‬‬


‫‪Baghdad,762,‬‬
‫‪Al-Mansour City‬‬

‫مدينة بغداد المدوره‬

‫وبعد أستشارة الخليفه المنصور معاونيه واصحاب الرأي‪ ,‬تم أختيار الموقع‬
‫المناسب للمدينه حيث أمر بعدها بتخطيط شكل المدينه الهندسي ثم وضع‬
‫حبات القطن عليها وأضرم النار فيها حيث أصبح يتأمل موقعها وشكلها‬
‫‪.‬وهي في هذه الحال‬
‫بعدها أمر المنصور بأختيار قوم من ذي المانه والفقه والمعرفه الهندسيه‪,‬‬
‫وكان ممن حضر لذلك الحجاج بن أرطاة وألمام أبو حنيفه النعمان الكوفي‪,‬‬
‫ثم قام بتقسيم المدينه الى أربعة أركان وعهد لكل واحد منها الى احد الثقاة‬
‫‪.‬وأصحاب الخبره بالشراف على بنائها‬

‫وفي البدايه حاول الخليفه المنصور بأن ينقض أيوان كسرى في المدائن‬
‫وينقل مواده الى موضع البناء في بغداد‪ ,‬ولكنه أدرك بعد التجربه بأن‬
‫تكاليف النقض والنقل أكثر من تحضير اللبن وطبخه في الموقع ولذلك قرر‬
‫العدول عن رأيه حيث أستخدم اللبن المربع التام والذي قياسه ذراع في‬
‫ذراع ووزنه حوالي ‪ 200‬كيلوغرام‪ ,‬بالضافه الى اللبن المنصف والذي‬
‫قياسه نصف ذراع في نصف ذراع ووزنه حوالي مائة كيلوغرام‪ ,‬كذلك أمر‬
‫بطبخ اللبن وتحضيره ليصبح آجرا وبحفر البار لستخراج الماء‪ ,‬حيث‬
‫‪.‬كانت معظم منشأت بغداد من اللبن والقليل منها من الجر‬

‫وقد بدأ البناء في شهر آب ‪762‬م وليزال هذا التقليد جاريا عند أهالي بغداد‬
‫حيث يبدأ بناء الدور في أشهر الصيف فقط‪.‬ودام أنشاء المدينه فترة أربعة‬
‫سنوات وشهرين أل يوم واحد‪,‬وبلغت تكاليف بناؤها مبلغ أربعة مليين‬
‫وثمانية وثمانين ألف درهم‪,‬وشارك في أنجازها حوالي مائة ألف عامل‬
‫‪.‬وفني من أصحاب المهن والحرف‬

‫وكان لمدينة بغداد بعد أكمالها ألقاب عديده منها المدينه‪ ,‬مدينة المنصور‪,‬‬
‫مدينة السلم‪ ,‬دار السلم كما هو مذكور في القرأن الكريم‪ ,‬والزوراء وذلك‬
‫‪.‬لتزاور واجهة المسجد الجامع عن أتجاه القبله‬
‫لقد أختط الخليفه المنصور مدينة بغداد على شكل مدور وهي مشابهه‬
‫للتخطيط الساسي للمدن العراقيه القديمه مثل مدينة الحضر والمدائن أضافة‬
‫الى شكل القلع الشوريه المدوره‪,‬وبالرغم من كونها مركز الخلفه‬
‫وحاضرة المدنيه آنذاك فأنها تمثل حصن منيع لصد أي هجوم خارجي حيث‬
‫‪.‬تجتمع فيها سبل العيش والمقاومه عند أوقات ألحصار‬
‫‪Typical Tower of‬‬
‫‪Baghdad wall,762‬‬

‫ويحد مدينة بغداد من الشمال منطقة الكاظميه‪ ,‬ومن الغرب منطقة الكرخ‪,‬‬
‫ومن الشرق نهر دجله‪ ,‬وأما الجنوب فهي منطقة سونايا أو المنطقه حاليا‪,‬‬
‫ويبلغ محيط المدينه ‪ 8132‬متر وقطرها ‪ 2615‬متر‪ ,‬و تبلغ مساحتها الكليه‬
‫ويقع‬ ‫‪ 5,314,262‬متر مربع‪.‬‬
‫في وسط المدينه المسجد الجامع الذي يعرف بجامع المنصور‪ ,‬وأبتنى‬
‫بجانبه قصر الذهب ذات القبه الخضراء التي يعلوها الفارس العربي وبيده‬
‫‪.‬الرمح‪ ,‬وجعل حولها دوائر الدوله والسكك التي تحيط بها‬

‫وقد منح الخليفه المنصور ذوي قرابته وذريته وقواده ورجال دولته قطع‬
‫من الراضي يزيد عددها عن ‪ 54‬قطعه ولصاحبها أن يتصرف بها فيختار‬
‫سم ما حول المدينه الى أربعة‬
‫أن يجعلها قصرا أو بستانا أو كلهما‪ ,‬ثم ق ّ‬
‫أرباض كل منها أكبر من القطيعه حيث تضم قصورا وأسواق‪ ,‬حيث كان‬
‫‪.‬ربض حرب بن عبد ال البلخي أحد قواد المنصور أوسعها‬

‫وفي أخبار المصادر التي ذكرت بأن عدد الدروب في المدينه بلغ ستة الف‬
‫سكه‪ ,‬وثلثين ألف مسجد وعشرة الف حّمام ولربما في هذه الرقام بعض‬
‫‪.‬المبالغه‬

‫لقد أقتصر الدخول الى المدينه على أربعة ابواب فقط‪ ,‬كل أثنين منها‬
‫متقابلين وبذلك قسمت المدينه الى اربعة أطراف عند تقاطع الطريقين‬
‫المتعامدين كما هو مخطط في أرباضها‪.‬‬
‫وأما أسماء البواب فهي باب خرسان من الشرق وتعرف أيضا بباب الدوله‬
‫وباب القبال‪ ,‬ومن الغرب باب الكوفه‪ ,‬وفي جنوب المدينه باب البصره‬
‫‪.‬ويقابلها من الشمال باب الشام‬
‫وقد وردت أخبار عن ذكر كثير من البواب مثل باب التبن‪ ,‬باب حرب‪,‬‬
‫باب قطر بل‪ ,‬باب النبار‪ ,‬باب الشعير‪ ,‬باب الحديد‪ ,‬باب المحّول و باب‬
‫الكرخ‪ ,‬وعلى أغلب الظن أن هذه البواب تمثل منافذ ومداخل للدروب‬
‫‪.‬وألرباض في المدينه وما حولها والتي أندثرت فيما بعد‬
‫أسوار بغداد المدوره‬

‫أن أستحكامات المدينه تبدأ من الخارج حيث تم حفر خندق عميق وعريض‬
‫يدور حول بغداد‪ ,‬ويحده من جهة المدينه مسناة عاليه البناء تمثل‬
‫السور الخارجي ومبنيه من الجر والصاروج الذي يوازي بقوته‬
‫ولونه مادة السمنت‪ ,‬ويستمد الخندق ماؤه من نهر كرخايا الذي هو‬
‫أحد تفرعات نهر عيسى والفرات‪ ,‬وقد أستغرق بناء المسناة حوالي‬
‫أربعة سنوات ولذلك تعتبر أحد التحصينات الساسيه لمدينة بغداد‬
‫‪.‬المدوره‬

‫‪Baghdad Wall and Gates 1683‬‬

‫ويلي المسناة أرض خاليه عرضها ‪ 50‬مترا تعرف بالفصيل الخارجي أي‬
‫البعيد من العمران‪ ,‬لغراض الرقابه والدفاع ومنع نيران السهام من‬
‫‪.‬الوصول الى المباني والمناطق السكنيه‬
‫ويؤدي الفصيل الخارجي الى السور الكبير والذي اطلق عليه المؤرخ‬
‫اليعقوبي أسم السور العظم حيث يبلغ ارتفاعه حوالي ‪ 30‬مترا‬
‫وعرضه عند القاعده ‪ 25‬متر وعند القمه ‪ 12‬مترا‪ ,‬ويعادل ضعف‬
‫أرتفاع السور الداخلي‪ ,‬والسور مبني من اللبن ويبلغ عدد اللبنات في‬
‫كل طبقه من السور ‪162‬ألف لبنه المعروفه بأسم الجعفري المربع‬
‫‪.‬حيث يبلغ وزنها ‪ 117‬كيلوغرام ومساحتها ذراع في ذراع‬
‫وقد شيد السور بهذه الضخامه حتى يستطيع مقاومة عمليات التخريب‬
‫وضربات المنجنيق من الخارج‪ ,‬كذلك يمتاز السور بوجود البراج‬
‫الكبيره حيث يبلغ عددها ‪ 113‬برجا‪ ,‬ومابين باب وأخر ‪ 28‬برجا‬
‫ماعدامابين باب الكوفه والبصره فيبلغ ‪ 29‬برجا‪ ,‬ويكون أرتفاعها‬
‫حوالي مترين ونصف اعلى من مستوى السور أضافة الى وجود‬
‫‪.‬الشرفات التي تشرف على المنطقه لغراض الرقابه وألطلع‬

‫ويلي السور العظم ارض واسعه تعرف بالفصيل الداخلي يبلغ عرضها‬
‫‪ 150‬متر وتملئها الشوارع والسكك اضافة الى دور السكن‪ ,‬وينتهي‬
‫الفصيل الداخلي بسور صغير يعرف بالسور الداخلي حيث يبلغ‬
‫ارتفاعه ‪ 17‬متر وعرضه ‪ 10‬امتار وهو مبني من اللبن‬
‫ايضا‪,‬ويفصل مركز المدينه حيث الجامع وقصر الذهب عن‬
‫‪.‬السوار الخارجيه‬
Baghdad Round City and Wall on the
East ,Rusafa Side,900.
‫‪Bab-AlMudhum 1920.‬‬

‫أبواب بغداد المدوره‬

‫وتنحصر مداخل بغداد بأربعة أبواب فقط جميعها متشابهه بالتصميم والبناء‪,‬‬
‫ويجب على الداخل الى وسط المدينه أن يجتاز احد أبوابها بدءا بعبور‬
‫القنطره التي على الخندق العميق ثم يدخل من باب تؤدي الى الدهليز الذي‬
‫يقطع سور المسناة حيث يبلغ طوله ‪ 40‬مترا وله أروقه على جانبيه‬
‫ومعقوده بالجص والجر‪.‬‬
‫ويؤدي باب الدهليز الثانيه الى الرحبه المربعة الشكل حيث تبلغ مساحتها‬
‫‪ 60 × 40‬ذراع والمفروشه بالصخر وعلى جانبيها باب تؤدي الى الفصيل‬
‫‪.‬الخارجي ما بين سور المسناة والسور العظم‬

‫وبعد الرحبه الولى تمر بدهليز ثاني مساحته ‪ 6×10‬متر يخترق السور‬
‫الكبير وعليه بابان عظيمان مصنوعه من حديد وفوق كل باب قبه معقوده‬
‫ومذهبه وحولها مجلس او شرفه تطل على الطريق والبواب‪.‬‬
‫وتحتاج الباب الول لفتحه وغلقه عدد من الرجال الشداء‪ ,‬وأما الباب الثاني‬
‫فهي تؤدي الى رحبه أخرى مساحتها ‪ 10×10‬متر‪ ,‬والى طريق الطاقات‬
‫الذي يبلغ عددها ‪ 53‬طاقا ويتوسطها ممر عرضه ‪ 8‬أمتار وطوله ‪100‬‬
‫‪.‬مترا وفي سقفه فتحات لشعة الشمس والضوء‬
‫ويضم طريق الطاقات منازل المماليك والغلمان آضافة الى دكاكين‬
‫السواق‪ ,‬ولحقا أخلى الخليفه المنصور السواق وجعلها مراكز للشرطه‬
‫‪.‬وحرسها‬
‫وبعد أجتياز طريق الطاقات تمر بالرحبه الثالثه التي مساحتها ‪ 10×10‬متر‬
‫ثم الدهليز الكبير المعقود من الجص والجر والتي تؤدي بابه الى الرحبه‬
‫العظمى في وسط المدينه‪.‬‬
‫ويحرس هذه المداخل ألف جندي وعليهم قائد للحرس لكل منها‪ ,‬أضافة الى‬
‫خمسة أبواب‪ ,‬أثنان منها من الحديد على السور العظم وتعرف بباب‬
‫المدينه‪ ,‬والثلثه الباقيه على الدهاليز والرحبات ناهيك عن طريق الطاقات‬
‫ومراكز الشرطه والحرس‪.‬‬
‫كذلك حفر المنصور نفقا طوله فرسخين يمتد الى خارج المدينه لسهولة‬
‫‪.‬الهروب في أوقات الحروب والحصار‬
‫ولذلك بعد دراسة هذه الستحكامات فأن مدينة بغداد المدوره تعتبر مثال‬
‫لقوى المدن المحصنه في القرون الوسطى حيث تتجلى فيها عظمة الدوله‬
‫‪.‬العباسيه وحضارتها السلميه الزاهره‬

‫ومن الجدير بالذكر بان بعض الخراب قد اصاب قصر الذهب في اثناء‬
‫الحصار الول لبغداد سنة ‪ 814‬م أثر الصراعات والحروب التي حصلت‬
‫بين الخليفه المين والمأمون‪ ,‬وأما القبه الخضراء فقد أنهارت قمتها مع‬
‫الفارس العربي سنة ‪941‬م أثناء الصواعق والمطر الغزير أنذاك‪ ,‬وبقيت‬
‫جدرانها حتى نهاية العصر العباسي ‪ 1255‬م حيث أنهارت كليا أثر‬
‫‪.‬العواصف والمطر أيضا‬

‫سور الرصافه‪-‬عسكر المهدي‬

‫وفي سنة ‪ 768‬م عندما قدم المهدي مع جيشه من منطقة الري في بلد‬
‫فارس‪ ,‬أقام له والده الخليفه أبو جعفر المنصور في الجهه الخرى والمقابله‬
‫لبغداد المدوره‪ ,‬قصرا ودورا مع ميدان وبستان ويحيط بها سورا وخندق‬
‫وسمى المنطقه الرصافه أو عسكر المهدي أي العظميه حاليا‪,‬وهذه التسميه‬
‫شبيهه برصافة أبو العباس السفاح في النبار ورصافة الشام في زمن هشام‬
‫عبد الملك‪.‬‬
‫ومع التوسع العمراني والتغيرات التي حدثت في مركز الخلفه أندثرت‬
‫تدريجيا معالم السور حيث أقيمت أسوارا متعاقبه في المنطقه الشرقيه من‬
‫‪.‬بغداد‬
‫سور الخليفه المستعين‬

‫‪Bab Tallism,1910‬‬
‫أن من أهم التحصينات التي شيدها الخليفه المستعين بال سنة ‪ 865‬م هي‬
‫أسوار بغداد الشرقيه والغربيه‪ ,‬وذلك أثر الخلفات التي حصلت بينه وبين‬
‫أبن عمه المعتز بال وحرسه التركي المساند له‪,‬حيث ترك مركز الخلفه‬
‫في سامراء هربا وأحتمى في مدينة بغداد وبذلك بدء حصار بغداد الثاني‪,‬‬
‫مع العلم أن الحصار الول لبغداد كان في سنة ‪ 813‬م أثر الصراعات التي‬
‫‪.‬حصلت بين المين والمأمون‬
‫فقد أنشأ الخليفه المستعين سور بغداد الشرقيه والذي يحيط بمناطقها التي‬
‫تشمل الشماسيه أو الصليخ‪ ,‬الرصافه أو العظميه‪ ,‬والمخرم أوالعيواضيه‪.‬‬
‫كذلك شيد سور بغداد الغربيه أي جهة الكرخ حاليا والذي يحيط ببغداد‬
‫‪.‬المدوره والمناطق المحيطه بها‬

‫أن شكل المدينه قد تبدل كثيرا خاصة بعد أقامة السورين في جهتي بغداد‬
‫‪.‬ومن المعلوم أن الحصار قد دام حوالي عام كامل‬

‫وبعد هرب الخليفه المستعين من سامراء الى بغداد سنة ‪ 865‬م وأتخاذه من‬
‫منطقة الرصافه وقصر المهدي مقرا له‪ ,‬قام الحرس التركي بمحاصرة‬
‫بغداد وأتخاذهم المنطقه الشماليه من بغداد الشرقيه مركزا لهجومهم‪,‬حيث‬
‫‪.‬اعلن عن خلفة المعتز بال ومقره مدينة سامراء‬
‫وفي أثناء ذلك أصدر المستعين أوامره الى حاكم بغداد محمد بن عبد ال‬
‫حفيد طاهر أحد قواد المأمون بتنظيم دفاعات بغداد وذلك بقطع السدود‬
‫والقناطر شمال المدينه‪ ,‬أضافة الى أخلء المحلت والمساكن شمال السور‬
‫‪.‬الشرقي حتى ليتخذها المهاجمون مخبأ لهم‬
‫وقد أتخذ السور في جهتي بغداد شكل دائريا حيث يبدأالسور الغربي من‬
‫نهر دجله شمال ثم باب قطيعة زبيده وباب قطر بل ويمر بالخندق الطاهري‬
‫وباتجاه اقصى الغرب الى باب النبار وباب الحديد‪ ,‬ثم يمر بمنطقة باب‬
‫المحّول وموازي الى نهر عيسى بعدها يتجه شرقا الى نهر دجله جنوبا عند‬
‫‪.‬قصر حميد بن عبد الحميد ومصب نهر عيسى في دجله‬
‫وأما سور بغداد الشرقيه فهو نصف دائري أيضا ويبدا جنوبا من نهر دجله‬
‫جنوب الجسر السفل ثم يمر بباب سوق الثلثاء وباب أبرز‪ ,‬بعدها ينحرف‬
‫شمال وغربا الى باب خرسان وباب بردان‪ ,‬وينتهي شمال عند باب‬
‫الشماسيه المقابله لسور بغداد الغربي‪ ,‬وقد بلغت تكاليف بناء السور مبلغ‬
‫‪ 330000.‬دينار أو قطعه ذهبيه‬
‫وقد أستخدم المدافعين عن بغداد المنجنيق عند ابواب المدينه ضد‬
‫المهاجمين‪,‬وأنتهى الحصار عندما شب حريق في جسر الشماسيه الشمالي‬
‫حيث تسلل المحاصرين من خلله الى مركز المدينه وألستيلء عليها ثم‬
‫مقتل الخليفه المستعين بعد أن دام الحصار فترة سنه كامله‪.‬‬
‫ولم يبقى سور المستعين في جهتي بغداد فتره طويله فسرعان ما تهدمت‬
‫معالمه وأزيلت كليا‪ ,‬ولذلك لم يكن هناك أي سور يحمي المدينه من هجوم‬
‫العداء وخطر الفيضان حتى بداية أنشاء السور الكبير سنة ‪1095‬‬
‫وقد ترك الخليفه المعتضد أبن أخ المعتز بال سنة ‪ 892‬م مدينة سامراء‬
‫وأستقر في بغداد مره ثانيه حيث بنى دار الخلفه في بغداد الشرقيه والتي‬
‫‪.‬أصبحت قصورا للخلفاء والواقعه في منطقة القلعه‪,‬أووزارة الدفاع‬

‫سور دار الخلفه‬

‫عندما أستقر الخليفه المعتضد في بغداد سنة ‪ 892‬م‪ ,‬بنى مجموعه من‬
‫القصور والبنيه له ولحاشيته منها قصر التاج وهي المنطقه المحصوره بين‬
‫القلعه او وزارة الدفاع وألى مدرسة المستنصريه جنوبا‪ ,‬ثم أبتنى سورا‬
‫يحيط بجميع هذه البنيه يمتد من منطقة الحدائق شمال ويسير في طريق‬
‫شبه دائري الى جنوب قصر التاج حيث يمثل نهر دجله الحدود الغربيه لدار‬
‫الخلفه او الحريم‪ .‬ويوازي هذا السور‪ ,‬سور بغداد الكبير فيما بعد وله سبعة‬
‫أبواب‪ ,‬ثلثه منها في الشمال وأثنان في الشمال الشرقي واثنين في الجنوب‬
‫‪.‬وهناك باب صغيره أضافيه تعرف بباب الحديقه‬
‫وأما أسماء البواب فهي ؛‬
‫أول‪ -‬باب الغرابه‪ -‬وهذه الباب قريبه من مشرعة البريين ودار الخاتون‬
‫ودار السيده وهما بنات الخليفه المكتفي ‪,1094-1075‬وقد هدمت هذه‬
‫‪.‬القصور واصبح مكانها دار الرياحيين‬
‫ثانيا‪ -‬باب سوق التمر‪ -‬وتؤدي الى دار القطانيه والتي يكون مسارها نحو‬
‫الشمال بأتجاه باب السلطان أو باب المعظم‪ .‬ومن الجدير بالذكر بأن‬
‫المدرسه المستنصريه قد اقيمت على انقاض بعض من قصور دار الخلفه‬
‫‪.‬داخل محيط السور‬
‫ثالثا‪ -‬باب البدريه‪ -‬ويؤدي الى قصر بدر‪ ,‬أحد وزراء المعتضد والى خارج‬
‫‪.‬السور الى سور البدريه وكانت تعرف سابقا باب الخاصه‬
‫رابعا‪ -‬باب النوبي‪ -‬ويعتقد أن قسم من غنائم الصليبين موجوده عند الباب‬
‫بعد أن ارسلها صلح الدين اليوبي سنة ‪ 1189‬م‪ ,‬هديه الى الخليفه الناصر‬
‫‪.‬لدين ال عقب انتصاره في معركة حطين‬

‫خامسا‪ -‬باب المه‪ -‬وكانت تعرف سابقا باب عموريه حين فتح الخليفه‬
‫المعتصم سنة ‪ 838‬م المدينة وانتصر فيها على المبراطور البيزنطي‬
‫ثيوفلس‪ .‬كذلك كانت الباب الرئيسي والمدخل الى قصر المامون المسمى‬
‫‪.‬بالقصر الحسني‬
‫سادسا‪ -‬باب البستان‪ -‬حيث توجد فيها المنظره التي تشرف على جميع‬
‫‪.‬المكان المحيطه بها وتقع خارجها منطقة المأمونيه‬

‫سابعا‪ -‬باب المراتب‪ -‬وتقع على بعد ‪ 200‬يارده من نهر دجله قرب قصر‬
‫‪.‬التاج‬

‫‪Baghdad Wall&Gates‬‬
‫‪17th Century,1676‬‬
‫‪Bab Al-Sharqi,1900‬‬

‫سور بغداد الكبير ‪ 1095‬م‬

‫لم يبقى سور المستعين بال ‪ 865‬م فتره طويله فسرعان ما أند ثر وزال‪,‬‬
‫وفي السنين التي تلت في عهد كل من الخلفاء المعتمد‪ ,‬المعتضد‪ ,‬المكتفي‪,‬‬
‫المقتدر‪ ,‬القاهر‪ ,‬الراضي والمستكفي وعصر امارة المراء وبني بويه‬
‫وحتى سنة ‪ 1095‬م من العصر السلجوقي‪ ,‬لم يكن لبغداد سور يصونها من‬
‫الغرق حيث كانت مفتوحه للهجمات الخارجيه كما حدث مع معز الدوله‬
‫‪.‬احمد البويهي وأبي الحارث ارسلن البساسيري‬
‫وفي سنة ‪ 1073‬م حصل فيضان جارف خاصة بعد دمار سدة المعزيه‪,‬‬
‫حيث طغى الماء على كثير من المباني بما فيها قصور دار الخلفه‪ ,‬وقد‬
‫ذكر أبن الجوزي في تاريخه بأن الماء طفح من البريه على الحريم وهي‬
‫دار الخلفه‪,‬وأخربت أسوار المحال ونبع الماء من أسفل وجاء من فوق‬
‫وقلع الطوابيق في دار الخليفه ودور الناس ونبعت البلليع ووقع بعض‬
‫الدور على بعضها فصارت تلل عاليه وأثارا عافيه‪ ,‬أضافة الى غرق‬
‫‪.‬الجانب الغربي من بغداد ودخل الماء من شبابيك الجوامع والمساجد‬
‫قرر بعدها الخليفه المقتدر بناء دور ومحلت في منطقة المأمونيه المجاوره‬
‫لقصور الخلفه‪ ,‬ولذلك تجمعت الدور والمنازل السكنيه حول دار الخلفه‪,‬‬
‫حيث أعقبها خلل فترة حكم الخليفه المقتدي والمستظهر توسعا عمرانيا‬
‫جنوبا في الجهه الشرقيه من بغداد‪ ,‬وأصبحت الحاجه ضروريه لنشاء‬
‫‪.‬سور للمدينه لحمايتها من الهجوم الخارجي ومخاطر الفيضان‬

‫وفي زمن الخليفه العباسي المستظهر بال سنة ‪ 1094‬م قام وزير الدوله ابو‬
‫منصور محمد المعروف بابن جهير التغلبي‪ ,‬بتخطيط السور وأمر بجباية‬
‫الموال من الناس ذوي العقار والدور وذلك للنفاق على بناء السور‪ ,‬ومن‬
‫الجدير بالذكر بان الهالي قد شاركوا في بناء السور الولي والذي بلغ‬
‫طوله مائة قامه فقط‪ ,‬ولكن في تلك الفتره حصلت أظطرابات على السلطه‬
‫مما أدى الى وقف بناء السور حيث بقي على تلك الحال حتى توفي الخليفه‬
‫‪.‬المستظهر في سنة ‪ 1118‬م‬

‫بويع على اثرها أبنه المسترشد بال على الخلفه وكان هماما شجاعا‬
‫ومؤمنا‪ ,‬فقد قرر في سنة ‪ 1123‬م أكمال بناء السور وأمر بجباية الموال‬
‫ولكن الهالي جزعوا من هذا المر لقلة أمكانياتهم الماديه‪ ,‬ولذلك أعاد‬
‫الموال أليهم وأنفق من أمواله الخاصه لبناء السور وحث الناس على‬
‫المساعده في أنشاء السور حيث قام أهالي كل منطقه في بغداد بالمشاركه‬
‫في بناء السور الفعلي ولمدة أسبوع واحد حتى أكتمل بناء السور الكبير‬
‫وأبوابه الربعه‪ ,‬وأصبح يحيط بمدينة بغداد الحديثه ودور الخلفه‬
‫والمحلت المحيطه بها من ثلث جهات‪ ,‬ويمثل نهر دجله الحدود الغربيه‬
‫الرابعه‪ ,‬ويحيط بالسور خندق عميق‪ ,‬حيث بنيت مسناة للخندق لحقا‪,‬‬
‫ومن المعلوم بأن السور ظل قائما لفترة حوالي ‪ 800‬عام حتى زمن الوالي‬
‫المصلح مدحت باشا سنة ‪ 1869‬م حيث قام بتهديم السور لتوسيع طرق‬
‫بغداد انذاك وأستعمل مواد السور لنشاء بناية القشله والكرنتينه ومدرسة‬
‫‪.‬الصنايع في بغداد‬
‫لقد بني السور من الطين المفخور ويبلغ طوله ‪ 18000‬خطوه‪ ,‬وقد قام‬
‫‪.‬الخليفه المستظئ بال سنة ‪ 1173‬م بتجديد السور وترميمه‬
‫‪Bab Al-Mudhum from Outside,1920‬‬

‫ولقد ذكر كل من المؤرخين ابن حوقل وأبن الثير في رحلتهم الى بغداد‪,‬‬
‫وجود السور الكبير وابوابه وهو محاط بخندق عميق يجري فيه الماء‬
‫ويصب في نهر دجله شمال وجنوبا‪ ,‬وقد أصبحت المناطق الشماليه من‬
‫الجهه الشرقيه من بغداد أي شمال باب المعظم خرابا ماعدا المنطقه السكنيه‬
‫المحيطه بتربة المام ابو حنيفه النعمان والجامع الكبير في الرصافه أي‬
‫‪.‬منطقة العظميه‬
‫وتشمل أبواب السور مايلي ؛‬
‫أول‪ -‬الباب الشمالي‪ -‬باب السلطان‪ -‬باب سوق السلطان‪ -‬باب المعظم‪,‬وهذا‬
‫الباب في الحائط الشمالي للسور ويؤدي الى سوق السلطان ثم الى سوق‬
‫الثلثاء‪.‬وقد هدم الباب في سنة ‪ 1925‬عند توسيع شارع الرشيد من قبل‬
‫‪.‬أمانة العاصمه في بغداد‬
‫ثانيا‪ -‬باب الظفريه‪ -‬باب خرسان‪ -‬باب الوسطاني‪ ,‬وهي في حائط السور‬
‫الشرقي وقريبه من تربة الشيخ عمر السهروردي‪ ,‬وتؤدي الى منطقة‬
‫الظفريه نسبة الى ظفر أحد مماليك الخلفاء‪ ,‬والبنايه أصبحت مؤخرا متحفا‬
‫‪.‬للسلحه القديمه‪ .‬وهي الباب الوحيده الباقيه لحد الن‬
‫ثالثا‪ -‬باب الحلبه‪ -‬باب الطلسم‪ -‬وسميت الحلبه لقربها من حلبة السباق وهي‬
‫لعبة الصولجان أو البولو حديثا‪ ,‬ويقع في جنوب الحائط الشرقي للسور‪,‬‬
‫وقد جدد الباب في زمن الخليفه الناصر لدين ال سنة ‪ 1225-1180‬م‬
‫وجعل فوقها برجا كبيرا مع ذكر مشيده والسنه التي أنجزت فيها وأخيرا‬
‫‪.‬أصبحت تعرف بباب الطلسم لوجود الكتابه عليها‬
‫وقد ذكر أسم الباب في الحصار المغولي‪ ,‬ومنه دخل السلطان العثماني مراد‬
‫الرابع سنة ‪ 1638‬م مدينة بغداد ولهذا سميت ايضا برج الفتح‪ ,‬وقد بنيت‬
‫‪.‬الباب بعدها وأغلقت كامل لمنع أي هجوم خارجي‬

‫وفي سنة ‪ 1656‬م أصاب الباب خراب كبير اثر الفيضان الهائل الذي‬
‫أصاب بغداد‪ ,‬قام على أثرها الوالي محمد الخاصكي سنة ‪ 1657‬م بتجديده‬
‫‪.‬وترميمه‬
‫بقي باب الطلسم قائما حتى سنة ‪ 1917‬م عندما نسف الجيش العثماني عند‬
‫أنسحابه من بغداد الباب بالبارود وبذلك خسر التراث المعماري أجمل بابا‬
‫لمدينة بغداد الخالده‪ ,‬ويوجد مجسم لهذا الباب في متحف الثار العربيه في‬
‫‪.‬خان مرجان حيث صمم أستنادا للتصاوير المتوفره قبل سنة ‪ 1917‬م‬
‫وكما ذكرت سابقا فقد ورد أسم الباب في الحصار المغولي حيث يقع برج‬
‫قرب باب الحلبه في الزاويه الجنوبيه القريبه منها ويعرف ببرج العجمي‬
‫حيث كان الشيخ عبد القادر الكيلني يؤؤي أليه قبل أن يصبح مشهورا‬
‫ومعروفا‪ ,‬وقد كان البرج ضعيف البناء لذلك كانت الثغره التي دخل منها‬
‫الجيش المغولي الى بغداد وذلك بعد تدمير البرج‪.‬ولحقا سمي البرج تابيه‬
‫‪.‬الزاويه‬
‫وتؤلف الكتابه الجريه نطاقا طويل وجميل يحيط ببرج الباب من جميع‬
‫جهاته وهذا نصها ؛‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم وأذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت وأسماعيل‪,‬‬


‫ربنا تقبل منّا أنك أنت السميع العليم‪ .‬هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولنا‬
‫المام المفترض الطاعه على كافة النام أبو العباس احمد الناصر لدين ال‬
‫أمير المؤمين وخليفة رب العالمين وحجة ال عزوجل على الخلق‬
‫اجمعين‪,‬صلوات ال وسلمه عليه وعلى ابائه الطاهرين‪ ,‬ولزالت دعوته‬
‫الهاويه على بقاع الحق منارا والخلئق لها اتباعا وأنصارا‪ ,‬وطاعته‬
‫المفترضه للمؤمنين أسماعا وأبصارا‪ ,‬وافق الفراغ في سنة ثمان عشر‬
‫‪.‬وستمائه‪ ,‬وصلواته على سيدنا محمد النبي واله الطيبين الطاهرين‬
‫رابعا‪ -‬الباب الجنوبي‪ -‬باب كلواذا‪ -‬باب الشرقي‪ -‬باب الخلج‪ -‬باب البصليه‪.‬‬
‫وهي تؤدي الى قرية كلواذا أي الكراده الشرقيه حاليا‪ ,‬وسميت باب البصليه‬
‫نسبة الى محلة البصليه في زمن المقتدي بال ‪ 1094-1075‬م‪ ,‬وفي‬
‫الحصار المغولي أتخذها أحد قواد هولكو معسكرا ومقرا له‪ ,‬وفي خارج‬
‫هذه الباب لقى أخر الخلفاء العباسيين المستعصم بال حتفه سنة ‪ 1258‬م‪,‬‬
‫وقد أطلق عليه الكاتب الفارسي حمد ال أسم باب الخلج أو الخلوج‪ ,‬وقد‬
‫سماه الرحاله نيبور باب الظلمه‪ ,‬وفي زمن الحتلل البريطاني ‪1917‬‬
‫أتخذها النكليز كنيسة لهم‪ ,‬وفي سنة ‪ 1936-1935‬هدمت البنايه وذلك‬
‫‪.‬لتوسيع شارع الرشيد‬

‫‪Neipour map of‬‬


‫‪Baghdad,Wall,Gates,Qala’a ,‬‬
‫‪1768‬‬

‫ومن المعلوم بأنه تقع داخل مدينة بغداد الشرقيه أنذاك‪ ,‬عدة محلت وأسواق‬
‫لها أبواب خاصه بها ومن أشهرها باب الزج أي منطقة الشيخ عبد القادر‬
‫الكيلني حيث تعتبر هذه المنطقه أمتدادا لمحلة المأمونيه وقد أحترقت الباب‬
‫ثلث مرات عبر التاريخ في سنة ‪ 1156 ,1075 ,1048‬م وأمتدت النيران‬
‫‪.‬الى منطقة المأمونيه‬

‫‪Bab AlSharqi,1900‬‬

‫وصف الرحاله والمؤرخين‬


‫وقد ذكر المؤرخين سور بغداد الكبير وأبوابه الربعه ومنهم الرحاله‬
‫العربي أبن جبير ‪ 1184‬م‪ ,‬أبن بطوطه ‪ 1327‬م‪ ,‬حمد ال الفارسي ‪1339‬‬
‫وقد أشارت خريطة نصوح المطراقي سنة ‪ 1537‬م الى سور بغداد وأبوابه‬
‫‪.‬الثلثه حيث كانت باب الطلسم مغلقه‬
‫وقد ذكر الرحاله الطبيب اللماني روولف سنة ‪ 1574‬م أن الجانب الغربي‬
‫من بغداد مكشوف وان السور والبواب في الجانب الشرقي‪.‬‬
‫ثم وصف تافرينييه سنة ‪ 1652-1632‬م مدينة بغداد وذكر أن طول السور‬
‫حوالي ثلثة أميال‪ ,‬وأن السور مبني بالجر‪ ,‬ثم وضع خارطه لبغداد‬
‫الشرقيه سنة ‪ 1676‬م حيث حدود السور الضخم الذي يحيط بالمدينه وعليه‬
‫عدة ابراج كبيره وعلى أبعاد متباينه وعليها ‪ 60‬مدفع ويحيط بالسور خندق‬
‫عمقه ‪ 6-5‬قامات‪ ,‬وللسور ثلث أبواب والباب الخر هو صوقابي أي باب‬
‫‪.‬الجسر أو الماء وكانت باب الطلسم مغلوقه أنذاك‬

‫وفي سنة ‪ 1656‬م زار الرحاله الجغرافي التركي كاتب جلبي‪ ,‬مدينة بغداد‬
‫وذكر في كتابه جيهان نما‪,‬أن محيط سور بغداد يبلغ ‪ 12400‬ذراع وعليه‬
‫‪ 163.‬برج ويحيط بالسور خندق عميق‬

‫وفي سنة ‪ 1681‬م طبع كتاب لزيارة الدكتور أولفرت دابر للعراق ووضع‬
‫‪.‬خارطه لمدينه بغداد حيث أشارت الى سورها ومعالمها‬

‫ومن المؤلفات التي ظهرت في القرن الثامن عشر‪ ,‬كتاب كلشن خلفا باللغه‬
‫التركيه للكاتب مرتظى نظمي زاده وذلك بناء على طلب الوالي العثماني‬
‫‪.‬عمر باشا حيث بحث في تاريخ مدينة بغداد منذ تاسيسها ولحد ذاك الوقت‬

‫أن أول من وضع خارطه مفصله لمدينة بغداد بجانبيها الشرقي والغربي هو‬
‫الرحاله الدنماركي كارستن نيبور وذلك في سنة ‪ 1766‬م‪ ,‬وقد اشارت‬
‫الخارطه الى محلت بغداد وحدودها أضافة الى السور وابوابه‬
‫الربعه‪,‬حيث سمى باب كلواذا باب الظلمات أو باب قرولوق‪ ,‬وبقيت باب‬
‫الطلسم مغلوقه بعد دخول السلطان مراد الرابع سنة ‪ 1638‬م منها الى مدينة‬
‫بغداد منتصرا‪ ,‬كذلك اشارت الخارطه الى أن عدد الجوامع ذات المنائر‬
‫‪.‬العاليه يبلغ ‪ 20‬جامعا و ‪ 22‬خانا وعدد كبير من الحمامات الشعبيه‬
‫‪Tallism Gate,1900‬‬
‫‪Baghdad‬‬

‫وفي سنة ‪ 1779‬م وفد الى بغداد الرحاله صموئيل أيفز حيث ذكر أن نفوس‬
‫بغداد يبلغ ‪ 300000‬نسمه‪ ,‬وأن المدينه محصنه بسور عريض مبني من‬
‫الجر والطين وعليه ابراج عديده ويحيط بها خندق عميق وأن شكل السور‬
‫مربع غير تام وبعض اقسامه متهدم‪ ,‬بالضافه الى الشاره الى موقع القلعه‬
‫أو وزارة الدفاع وسورها وما عليه من أبراج ويحيط به خندق عمقه ‪25‬‬
‫‪.‬قدم‬
‫‪Felix Jones Map,Baghdad,1854‬‬

‫وقد سكن الرحاله الفرنسي جوزيف دي بوشام مدينة بغداد لعدة سنوات كان‬
‫اخرها ‪ 1782‬م وذكر بأن طول الرحله على ظهر الخيل حول السور‬
‫الخارجي تبلغ ساعه واحده‪ ,‬وأن أقساما من المدينه خاليه من العمران ويبلغ‬
‫عدد السكان حوالي ‪ 100000‬نسمه حيث تسبب وباء الطاعون سنة ‪1773‬‬
‫‪.‬في هلك كثير من الهالي‬

‫وفي بداية القرن التاسع عشر صدرت عدة كتب ومجلدات مع خرائط لعدد‬
‫‪.‬من العلماء والرحاله الفرنسيين والبريطانين بعد زيارتهم للمنطقه‬
‫وفي سنة ‪ 1822‬م دّون الرحاله المنشئ البغدادي باللغه الفارسيه زيارته‬
‫الى بغداد وذكر فيها مساجدها ومزارتها اضافة الى أسوار بغداد الشرقيه‬
‫والغربيه‪ ,‬بعد أن بنى الوالي سليمان باشا الكبير سنة ‪ 1802-1780‬م سور‬
‫‪.‬بغداد الغربي أي الكرخ‬
‫ولكن تبقى خارطة الكابتن فيليكس جونز سنة ‪ 1854‬م من أهم الخرائط‬
‫التفصيليه لمدينة بغداد حيث أشارت الى مناطق بغداد وحدودها أضافة الى‬
‫القلعه وسور بغداد الغربي وأبوابه الربعه‪ ,‬وقد أتخذت مدرسة المستنصريه‬
‫‪.‬مكانا للكمرك‬
‫وفي كتابه وصف السور الشرقي الضخم والخندق العميق من جهة‬
‫الصحراء وحمايته لبغداد من خطر الغرق حيث يجري الماء فيه من‬
‫الشمال الى الجنوب حول المدينه‪ ,‬وقدر طول السوربحوالي ‪ 9688‬مترا‬
‫ومساحة بغداد الشرقيه أو الرصافه ‪ 591‬أيكر وأما سور بغداد الغربيه أو‬
‫الكرخ فيبلغ ‪ 5800‬مترا ومساحتها ‪ 141‬أيكر‪ ,‬وله أربعة أبواب هي باب‬
‫‪.‬الكريمات‪ ,‬باب الحله‪ ,‬باب الشيخ معروف‪ ,‬باب الكاظميه‬

‫‪The wall of Samara’a and‬‬


‫‪Mulwiya,1920‬‬

‫وفي بداية القرن العشرين أشارت خريطة اللمان ساروهرتزفيلد ‪1900‬‬


‫وخارطة رشيد الخوجه ‪ 1908‬الى أبواب بغداد الشرقيه‪ ,‬بألضافه الى‬
‫سور جديد في بغداد الشماليه أي منطقة الكرنتينه وبنايات كلية الهندسه‬
‫مؤخرا حيث يحمي المدينه من خطر الغرق وقد قام بأنشائه الوالي ناظم‬
‫‪.‬باشاو كذلك اشارت الى سور بغداد الغربي وقد تهدمت بعض اقسامه‬

‫واما خارطة العالم الفرنسي ماسينيون سنة ‪ 1908‬فقد اشارت الى تهدم قسم‬
‫‪.‬من السور الغربي وذكر باب الحله فقط‬

‫وكما ذكرت سابقا نسفت بناية باب الطلسم عند أنسحاب الجيش العثماني من‬
‫بغداد ليلة ‪ ,11/3/1917‬وفي سنة ‪ 1925‬هدمت بناية باب المعظم‪ ,‬وفي‬
‫سنة ‪ 1935‬هدمت بناية باب الشرقي كذلك لتوسعة شارع الرشيد وبهذا‬
‫أصبح الثر الوحيد الباقي من سور بغداد وأبوابه هو باب الوسطاني فقط‪,‬‬
‫حيث أستخدم كمتحف للسلحه القديمه لحقا‪ ,‬ولربما يمثل منخفض الرض‬
‫عند حديقة المه بقايا الخندق الذي كان يحيط بسور بغداد الشرقيه او‬
‫‪.‬الرصافه‬

‫سور القلعه أو وزارة الدفاع‬

‫بالرغم من قلة المصادر التي تذكر تاسيس القلعه وسورها في بغداد‬


‫الشرقيه‪ ,‬ولكن على الغلب أنها أنشأت في القرن الخامس عشر‪ ,‬وقد‬
‫أشارت خارطة الفنان نصوح المطراقي سنة ‪ 1537‬م الى سور بغداد‬
‫الكبير بألضافه ولول مره الى القلعه وسورها على شكل ربع دائري في‬
‫الركن الشمالي الغربي من سور بغداد الشرقيه حيث يفصل سور القلعه عن‬
‫‪.‬محلت بغداد‬
‫وفي رحلة تافرنييه من وألى العراق بين سنة ‪ 1652-1632‬م ذكر سور‬
‫القلعه على شكل مربع في الركن الشمالي الغربي من المدينه وعلى خلف‬
‫‪.‬الشكل السابق‬

‫وفي رحلة صموئيل أيفز سنة ‪ 1779‬ذكر القلعه والسور المحيط بها‪ ,‬وعليه‬
‫عدة أبراج وفي كل برج مدفع طويل أضافة الى وجود أبراج صغيره‬
‫ومنافذ للبنادق‪ ,‬ويحيط بالسور خندق عمقه ‪ 25‬قدم ويأخذ ماؤه من نهر‬
‫دجله‪,‬وأنه لزال قسما من المدافع التي تركها نادر شاه عند أنسحابه من‬
‫صه يستعمل‬‫بغداد‪ ,‬كما يوجد في زاويه القلعه مدفع صغير منصوب على من ّ‬
‫‪.‬للتحيه العسكريه‬

‫وقد وصف الكابتن فيليكس جونز سنة ‪ 1854‬سور القلعه وسورها‬


‫وأبراجها ومدافعها‪ ,‬ومع التغيرات التي حصلت في القرن العشرين تحولت‬
‫‪.‬القلعه الى مقر وزارة الدفاع وقد زالت معالم سور القلعه تدريجيا‬
‫‪The Wall of Najaf,‬‬
‫‪1920‬‬
‫سور بغداد الغربيه ‪ -‬الكرخ‬

‫وعند أرتفاع منسوب المياه في نهر الفرات يمتلئ هور عكركوف ويفيض‬
‫على نهر المسعودي المتفرع من نهر الخر حيث يمر بموازات المناطق‬
‫السكنيه في الركن الشمالي في جهة الكرخ ويشكل خطرا عليها من دمار‬
‫‪.‬الغرق والفيضان‬

‫ولذلك أنشأ الوالي سليمان باشا الكبير سنة ‪ 1802-1779‬سورا حول‬


‫مناطق الكرخ لحمايتها من أخطار الفيضان‪ ,‬حيث هدم رباط زمرد خاتون‬
‫ومدرستها وأستخدم الجر والطين في أقامة السور وأبوابه الربعه وهي‬
‫باب الكاظميه شمال‪ ,‬وباب الكريمات الجنوبيه‪,‬وباب الحله وباب الشيخ‬
‫‪.‬معروف من جهة الشرق‬
‫وقد أشار الى هذا السور المنشئ البغدادي سنة ‪ ,1822‬كذلك خارطة الكابتن‬
‫‪.‬جونز ‪ 1854‬حيث السور وأبوابه الربعه في الجهه الغربيه من بغداد‬
‫وفي مطلع القرن العشرين أشارت خريطة اللمان ساروهرتزفيلد الى تهدم‬
‫أجزاء من السور الغربي وذكرت ثلث أبواب فقط وتشمل باب الكريمات‬
‫وباب الحله وباب الشيخ معروف‪ .‬وأكدت هذه المعلومات خريطة رشيد‬
‫الخوجه سنة ‪ 1908‬حيث زالت بعض معالم السور‪ ,‬وقد ذكر المستشرق‬
‫الفرنسي ماسينيون باب واحده وهي باب الحله‪ ,‬وفي حوالي ‪ 1920‬وبعد‬
‫‪.‬التوسع العمراني في جهة الكرخ زالت معظم أقسام السور وأندثرت معالمه‬

‫‪Bab AlWastani,1890‬‬
‫سور بغداد الشمالي‬

‫وفي بداية القرن العشرين أشارت مجموعة الخرائط المذكوره سابقا الى‬
‫وجود سور شمالي جديد في جهة الرصافه يمتد من الناحيه الشماليه الغربيه‬
‫عند القلعه ويتجه شمال حيث يضم منطقة الكرنتينه وبنايات كلية الهندسه‬
‫لحقا وقد أنشأ السور لحماية بغداد من خطر الفيضان في أواخر العهد‬
‫‪.‬العثماني‪ ,‬وبعد التوسع العمراني أندثرت أجزاء السور وزالت معالمه‬

‫وبعد سرد تاريخ أسوار بغداد وأبوابها منذ أنشأئها في العصر العباسي‬
‫ولحد الن‪ ,‬لم يبقى منها سوى الباب الوسطاني ولذلك يجب على الجميع‬
‫بضمنهم المسؤولين الحفاظ عليها وصيانتها ولربما أصدار طوابع بريديه‬
‫‪.‬يخلد هذا التاريخ الزاهر لمدينة بغداد الخالده‬

‫المصادر ؛‬
‫الدكتور مصطفى جواد وأحمد سوسه‬ ‫دليل خارطة بغداد‬
‫الدكتور محمد مكيه‬ ‫بغداد‬
‫العراق بين أحتللين الستاذ عباس العزاوي‬
‫بغداد المفيد والظريف الستاذ فخري الزبيدي‬
‫بغداد مدينة السلم ريشارد كوك‬
‫السيده ستيفنسن‬ ‫دجله والفرات‬
‫أرض الخلفه الشرقيه لي سترنج‬

‫‪Abu-Khazama Canon,‬‬
‫‪1920,Baghdad‬‬

You might also like