Professional Documents
Culture Documents
بحث أسماء قديم
بحث أسماء قديم
عرَفْ
ف من ل يُعَدّ العل ُم إل ما َ َأوْدَى جِماعُ العلم إِذ َأوْدَى خَلَ ْ
كنا متى ما نَ ْد ُن منه نَ ْغتَرفْ رواي ًة ل تُ ْج َتنَى من الصّحُفْ 0وكان
يختلف إلى أبى زيد النصاري فتعلم منه أيام النــاس ونظــر
في نحــو سيبوية حتى أصبح في الطبقــة الولــى من
المولدين ،وشعـره عشــرة أنواع أجـاد فيها كلها 0وأحسـن
عــلم اللغة وفروعها حتي قال فيه الجاحظ " :ما رأيت رجلً
أعــلم باللغــة من أبى نواس ول أفــصح لهجــة ،مع مجانبة
الستكــراه " وقال معــمـربن المثنى " :كـــان أبــى نـــواس
للمحدثين كأمرىء القيس للمتقدمين " وقد تقدم أن ذلك أولى
أن يقال لبشار لنه أسبق 0
ويروى عن أبى نواس أنه قال " :ما قلت الشعر
حتى رويت لستين أمرأمن العرب منهن الخنساء وليلى فما
ظنك بالرجال " وقال ابن السكيت " :اذا رويت من أشعار
الجاهليين فلمريء القيس ول العشى ،ومن والسلميين
فلجرير والفرذدق ،ومن المحدثين فلبى نواس ،فحسبك"
وهو يعد أيضاً من الشعراء المجان 0
ولم يكتف بالشعر واللغة فقد طلب الفقه والتفسير والحديث حتى
قالوا إنه ":كان عالماً عارفاً بالحكام والفُتيْا بصيراً بالختلف
صاحب حفظ ونظر ومعرفة بطرق الحديث ،يعرف ناسخ القرآن
ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه "0وطلب أيض ًا علم الكلم عند
ن أكّد
النظام وغيره من المتكلمين ،وبلغ من إتقانه لهذا العلم أ ّ
بعض الرواة أنه بدأ متكلم ًا ثم انتقل إلى نظم الشعر 0وقد وصل
هذا العلم بالثقافات التي كان يتصل بها المتكلمون ،فقد أخذ من
الثقافات الهندية ،ول شك أن اتصاله بالثقافتين الفارسية
واليونانية كان أكثر عمقاً فقد كان فارسى الصل ،وكان وكان
يحسن الفارسية إحسان ًا بعيداً جعله يلوك كثيرًا من كلماتها في
أشعاره ،ولبد أنه نظر في الفلسفة اليونانية وما اتصل بها من
منطق بحكم تفقهه في علم الكلم ،إذ كان المتكلم ليتمكن في هذا
العلم و ل يجمع أفكاره " حتى يكون الذي يحسن من كلم الدين
في وزن الذي يحسن من كلم الفلسفة "0و في خمرياته ما يدل
دللة واضحة على أنه وقف وقوفاً دقيقاً على طقوس المجوس
واليهود والنصارى وعقائدهم 0وتفرّغ للنوادر والملح وحفظ منها
شيئاً كثيراً ،وتصادف أن كان خفيف الروح ظريفاً ،مما أعدّه لتكثر
مطايبته و مداعبته وليكون سميراً للخلفاء والوزراء ويصف ذلك
من نفسه ليحي بن خالد البرمكى فيقول :
ويزيد في علمي حكاية من حكى إِني أَنا الرجلُ الحكيم بطبعه
ت به إليك لسركا لو قد نبذ ُ كم من حديثٍ معجبٍ لي عندكا
كيما أحدّث من أُحبّ فيضحكا أَتتبّع الظرفا َء أَكتب عنهمُ
وعلى الرغم من ظرفه لم يكن قريباًمن نفس المرأة الي
عاصرته ،فقد كانت تَزْرى فيه غلميته وسيرته الشاذة ،وكانت
أول امرأة شغفته حباً ،وهو ليزال فى البصرة يختلف إلى المبرد
روحلقات العلماء ،جنان جارية الثقفيين ،وقد عقد أبو الفرج
فصل في أغانيه لشعاره فيها وأخباره معها ،ونراه يرسل لها
بغزلياته ،وترسل له بسبّها وشتمها ،وهو يزداد به شغفاً ،حتى
ليقول :
حسْبيأَليس جرى بِفيكِ اسمي فَ َ سبّى
س ّبكِ لي ف ُ
أتاني عنك َ
فما ذا كلّه إِل لحُبّى وقُولي ما بدا لكِ أن تقولي
وغزله فيها غزل عفيف ل فحش فيه 0وجذبته بغداد فيمن
جذبت من شعراء البصرة ،ففارق موطنه إلى غير رجعة ل
باكياً عليه ول آسفاً ،إذ كانت حياته فيه سلسلة من الخفاق
في علقته بجنان وعلقته بالرفاق حتى كان يشعر كأنه
سليب الحرية وفى ذلك يقول :
ة أُصفى لهم ال ُودّا أيا من كنت بالبَصْر
عبْداومن كنت لهم َ ى
زمن كانوا موال ّ
صدّا
وإِن ملّ وإن َ ومن قد كنت أَرعاه
جدّا
فأنساناكم ِ شربنا ماءَ بغدادٍ
فما َن ْرعَى لكم عَهدا عهْدافل َترْعوا لن َ
ولم يلبث حين قدم بغداد أن قدّمه هرثمة بن أعين إلى الرشيد
فمدحه ونال جوائزه ،وأخذ ينفقها فى مباذله ،غير تارك
حانةً بالكرخ أو في ضواحي بغداد إل ارتادها ،ملمّا من حين
لخر بدير من الديرة المنبثّة على شواطئ دجلة ،وكأنما
تحولت حياته إلى حانة كبيرة يقترف منها كل ما لذ وطاب له
من إثم وفجور ،وارتقى ذلك إلى سمع الرشيد فحبسه مراراً
لعله يذدجر ،ولكنه كان سرعان ما يعود إلى سيرته السيئة
حين ُت ُردّ له حريته 0وقد غضب عليه غضباً شديدًا حين رآه
يهجو عدنان ويفتخر بقحطان ومواليه اليمنيين ،فأطال
حبسه ،ثم عاد فعفا عنه ،وربما كان للبرامكة أثر في هذا
العفو المتكرر ،فقد كانوا يقربونه منهم ويغدقون عليه من
ِبرّهم ونوالهم ال َغمْر ،ونراه يحزن عليهم حزناً عميقاً حين
ينكبهم الرشيد سنة 187للهجرة ويرثيهم بمثل قوله :
فيهم مصيباتُه دِراكا لم يظلم الدهرُ إذ توالتْ
منه فعاداهُم لذاكا كانوا يجيرون َمنْ يُعادي
ويولى وجهه نحو الفسطاط بمصر ،ليمدح والى الخراج بها
الخصيب بن عبد الحميد ،وكان فارسياً مثله ،وقد استقبله
استقبالً حافل ،وأضفى عليه من نواه كثيراً ،كما أضفى
عليه أبو نواس غير مدحه وله يقول :
حرُ
فتدفّقا فكلكما َب ْ صرُ
أنت الخصيب وهذه مِ ْ
ونداك ينعش أَهلَه ال َغ ْمرُ النيلُ يُنْعش ماؤه مصراً
وسرعان ما أخذ يحن حنيناً شديداً إلى بغداد حيث المجون
قائما على قدم وساق ،وصوّر هذا الحنين بصور مختلفة من
مثل قوله :
ولي نحو أَكناف العراق حنينُ حزَن ًا أَني بفسطاط نازحٌ
كفى َ
وعاد إلى بغداد ولم يلبث الرشيد أن توفي وخلفه المين وكان
يميل للهو وأتخذ أبا نواس نديم ًا له يمدحه وينظم له ما شاء
من غزل وخمر ،واستغل ذلك المأمون حين عزم على حرب
المين " ،فكان يعمل كتبا بعيوبه ُت ْقرَأ على المنابر
بخرسان ،وكان مما عاب به أن قال إنه استخلص رجلً
شاعراً ماجناً كافراً يقال له الحسن بن هانئ ليشرب معه
الخمر ويرتكب المآثم ويهتك المحارم ،وهو القائل :
ول تسقني سراً إذا أمكن الجه ُر أل فاسقني خمرًا وقل لي هي الخمرُ
فل خيرَفى اللذات من دونها سِتْرُ وبُحْ باسم من تهْوى و َدعْني من الكُنَى
وكان يقوم رجل بين يديه فينشد أشعار أبى نواس في
المجون " 0فاتصل ذلك بالمين فنهى أبا نواس عن الخمر
ولم ينته ،حينئذ أغراه الفضل بن الربيع وزيره بحبسه
فحبسه ،وقد مضى في حبسه يستعطف الفضل بأشعار
مشيعاً فيها روحه الفكهة بما يُصَوّر من نسكه وعلمات
السجود في جبهته وحمله للمسابيح أو السبح فى ذراعه
وللمصحف في لَبّته 0وعطف عليه الفضل فتلطف له عند
المين وردّ إليه حريته 0وكانت قد تقدمت به السن وعلته
كبرة وشيخوخة ،فأخذ يُنيب إلى ربه ،وينظم أبيات ًا مختلفة
في الزهد ،وفي أخباره ما يدل على أنه تنسك مراراً ،ثم عاد
إلى غَيّه ،وربما رقيت فترات هذا النسك إلى زمن الرشيد ،
وحين كان يُ ْلقَى به في السجن 0
وفاته
يقال إنه حجّ سنة 190للهجرة ،وكأنما هي صحوات كان
يفيق فيها ثم يرجع إلى خطاياه 0وتوفي المين ولم يلبث أن
توفي من بعده ،وقد اختلف الرواة في تاريخ وفاته 0فمنهم
من تقدم به إلى سنة 195ومنهم من تأخر به إلى سنة 199
وقيل بل توفي بعد المائتين بقليل وفي ديوانه رثاء للمين
يشهد بأن وفاته لم تكن قبل سنة 0 198واختلف الرواة
أيضاً في سبب وفاته ،فقيل إنه توفي وفاة طبيعية وقيل بل
هجا إسماعيل بن نوبخت هجاء مقذعا ذكر فيه أمه ورماه
بالبخل والرفض ،فدسّ له شربة من سمّ قتلته بعد أربعة
س له َمنْ ضربه حتى مات 0 أشهر ،وقيل بل د ّ
ى ومَـعا ُ
ن وِإذِ الشّـباك لنا خُـو ّ حـىّ الــدِيـارَ ِإذِ الــزّمـان
ولـربّما جـمعَ ال َهوَى سَـفَوانُ ن من مُتربّع يا حبّذا سفَوا ُ
وهو فى هذه القصيدة يقف علي ديار المحبوبة ،ثم ينتقل إلي
ممدوحه على ناقة قوية سريعة ويصف الناقة وصفاً دقيقاً ثم
يصل إلي ممدوحه أبى المناء حيث يقول :
لكن الخليفة الذي كان أبو نواس أقرب ما يكون إليه هو
المين فقد كان أبو نواس نديماً وصديقاً له 0
وهو في مدحه للمين يتخذ من شعره ربابة غناء يمزج في
ترانيمه عليها حب ًا لممدوحه من جهة وإبداعاً في تقاسيم فنه
ذي السمات التجديدية في المعاني والخيلة والنسيج من جهة
أخرى ،وهذه واحدة من أفضل مدائحهفي المين يقول في
مطلعها :
يا دار ما فـعـلتْ بــكِ اليـــــــام ُ ضـامتْك واليامُ ليس تُضامُ
ع َرمَ الزّمان على الذين عهدْتُهم بك قاطنين وللزّمان عُــرَامُ َ
أيــامُ ل أَغـشـى لهِـلـكِ مـَنـــْزل إِلّ مـراقــبـةً ،عـلـىّ ظـلمُ
دِمــنُ ألـمَ بها فــقــال ســـــــلمُ ك ْم ح َل عُقدة صبـِرة اللمامُ
ولقد نَهزْتُ مع الغُــواة بِدلْوهـم وأسمْتُ سَرْح اللّهوحيث أسامُوا
بحىّ على مالِ المير وأذّنَا إذا ضنّ ربّ المال أعـلن جُـودَه
صلْبِ ما ِلهِ نرى المال فيها بالمهَانةِ ُم ْذعِنا
فَ ِل ْلفَضْل صولتٌ على ُ
ك اسمي؟ َفحَسْبى
أليس جَرىَ بفي ِ أتانِى عنْك سـ ّبكِ لي فَسُـ ّ
ب
وقولِي ما بدا لكِ أن تـقـولى فـما ذا كــلّـه إِل لحُـبـــــــىّ
ن من تعذِيبِ قَلْبـى ؟ قُصَاراك الرجوعُ إلي وصال فما ت ْرَجِي َ
تشابهت الظنون عليكِ عندى وعِــلْم الغَـــيْبِ فيها عند ربـى