تفسير الطبري 2

You might also like

Download as rtf, pdf, or txt
Download as rtf, pdf, or txt
You are on page 1of 56

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪174‬‬

‫(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون (‪17‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬إن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف قيل { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } وقد علمت أن الاء واليم من قوله { مثلهم } كناية جاع من الرجال أو الرجال والنساء و { الذي } دللة‬
‫على واحد من الذكور ؟ فكيف جعل الب عن واحد مثل لماعة ؟ وهل قيل ‪ :‬مثلهم كمثل الذين استوقدوا نارا ؟ وإن جاز عندك أن تثل الماعة بالواحد فتجيز لقائل رأي جاعة من‬
‫الرجال فأعجبته صورهم وتام خلقهم وأجسامهم أن يقول ‪ :‬كأن هؤلء أو كأن أجسام هؤلء نلة ؟ قيل ‪ :‬أما ف الوضع الذي مثل ربنا جل ثناؤه جاعة من النافقي بالواحد الذي جعله‬
‫لفعالم مثل فجائز حسن وف نظائره كما قال جل ثناؤه ف نظي ذلك ‪ { :‬تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الوت } ( الحزاب ‪ ) 19 :‬يعن كدوران عي الذي يغشى عليه من الوت‬
‫وكقوله ‪ { :‬ما خلقكم ول بعثكم إل كنفس واحدة } ( لقمان ‪ ) 28 :‬بعن ‪ :‬إل كبعث نفس واحدة‬
‫وأما ف تثيل أجسام الماعة من الرجال ف الطول وتام اللق بالواحدة من النخيل فغي جائز ول ف نظائره لفرق بينهما‬
‫فأما تثيل الماعة من النافقي بالستوقد الواحد فإنا جاز لن الراد من الب عن مثل النافقي الب عن مثل استضاءتم با أظهروا بألسنتهم من القرار وهم لغيه مستبطنون من اعتقاداتم‬
‫الرديئة وخلطهم نفاقهم الباطن بالقرار باليان الظاهر والستضاءة وان اختلفت أشخاص أهلها معن واحد ل معان متلفة فالثل لا ف معن الثل للشخص الواحد من الشياء الختلفة‬
‫الشخاص‬
‫وتأويل ذلك ‪ :‬مثل استضاءة النافقي با أظهروه من القرار بال وبحمد صلى ال عليه وسلم وبا جاء به قول وهم به مكذبون اعتقادا كمثل استضاءة الوقد نارا ث أسقط ذكر الستضاءة‬
‫‪ :‬وأضيف الثل إليهم كما قال نابغة بن جعدة‬
‫( وكيف تواصل من أصبحت ‪ ...‬خللته كأب مرحب )‬
‫يريد ‪ :‬كخللة أب مرحب فأسقط حللة إذ كان فيما أظهر من الكلم دللة لسامعيه على ما حذف منه فكذلك القول ف قوله ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } لا كان معلوما عند‬
‫سامعيه با أظهر من الكلم أن الثل إنا ضرب لستضاءة القوم بالقرار دون أعيان أجسامهم حسن حذف ذكر الستضاءة وإضافة الثل إل أهله والقصود بالثل ما ذكرنا فلما وصفنا جاز‬
‫وحسن قوله ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } ويشبه مثل الماعة ف اللفظ بالواحد إذ كان الراد بالثل الواحد ف العن‬
‫وأما إذا أريد تشبيه الماعة من أعيان بن آدم أو أعيان ذوي الصور والجسام بشيء فالصواب من الكلم تشبيه الماعة بالماعة والواحد بالواحد لن عي كل واحد منهم غي أعيان‬
‫الخرين‬
‫ولذلك من العن افترق القول ف تشبيه الفعال والساء فجاز تشبيه أفعال الماعة من الناس وغيهم إذا كانت بعن واحد بفعل الواحد ث حذف أساء الفعال وإضافة الثل والتشبيه إل‬
‫الذين لم الفعل فيقال ‪ :‬ما أفعالكم إل كفعل الكلب ث يذف فيقال ‪ :‬ما أفعالكم ال كالكلب أو كالكلب وأنت تعن ‪ :‬إل كفعل الكلب وإل كفعل الكلب ول يز أن تقول ‪ :‬ما هم إل‬
‫نلة وأنت تريد تشبيه أجسامهم بالنخل ف الطول والتمام‬
‫‪ :‬وأما قوله ‪ { :‬استوقد نارا } فإنه ف تأويل ‪ :‬أوقد كما قال الشاعر‬
‫( وداع دعا ‪ :‬يامن ييب إل الندى ‪ ...‬فلم يستجبه عند ذاك ميب )‬
‫يريد ‪ :‬فلم يبه فكان معن الكلم إذا ‪ :‬مثل استضاءة هؤلء النافقي ف إظهارهم لرسول ال صلى ال عليه وسلم وللمؤمني بألسنتهم من قولم ‪ :‬آمنا بال وباليوم الخر وصدقنا بحمد وبا‬
‫جاء به وهم للكفر مستبطنون فيما ال فاعل بم مثل استضاءة موقد نار بناره حت أضاءت له النار ما حوله يعن ‪ :‬ما حول الستوقد‬
‫وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة ‪ :‬أن { الذي } ف قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } بعن الذين كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم التقون }‬
‫‪ ( :‬الزمر ‪ ) 33 :‬وكما قال الشاعر‬
‫( فإن الذي حانت بفلج دماؤهم ‪ ...‬هم القوم كل القوم يا أم خالد )‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والقول الول هو القول لا وصفنا من العلة وقد أغفل قائل ذلك فرق ما بي الذي ف اليتي وف البيت لن الذي ف قوله ‪ { :‬والذي جاء بالصدق } قد جاءت الدللة على‬
‫أن معناها المع وهو قوله ‪ { :‬أولئك هم التقون } وكذلك الذي ف البيت وهو قوله ‪ ( -‬دماؤهم ) وليست هذه الدللة ف قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } فذلك فرق ما بي { الذي }‬
‫ف قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } وسائر شواهده الت استشهد با على أن معن { الذي } ف قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } بعن الماع وغي جائز لحد نقل الكلمة الت هي‬
‫الغلب ف استعمال العرب على معن إل غيه إل بجة يب التسليم لا‬
‫ث اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك فروي عن ابن عباس فيه أقوال ‪ :‬أحدها ‪ :‬ما‬
‫حدثنا به ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال ‪ :‬ضرب ال للمنافقي مثل فقال ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي‬
‫استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون } أي يبصرون الق ويقولون به حت إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم به ونفاقهم فيه‬
‫فتركهم ف ظلمات الكفر فهم ل يبصرون هدى ول يستقيمون على حق‬
‫والخر ‪ :‬ماحدثنا به الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو صال قال ‪ :‬حدثنا معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } إل آخر الية ‪ :‬هذا مثل‬
‫ضربه ال للمنافقي أنم كانوا يعتزون بالسلم فيناكحهم السلمون ويوارثونم ويقاسونم الفيء فلما ماتوا سلبهم ال ذلك العز كما سلب صاحب النار ضوءه { وتركهم ف ظلمات } يقول‬
‫‪ :‬ف عذاب‬
‫والثالث ‪ :‬ما حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون } زعم أن أناسا دخلوا ف السلم مقدم النب‬
‫صلى ال عليه وسلم الدينة ث إنم نافقوا فكان مثلهم كمثل رجل كان ف ظلمة فأوقد نارا فأضاءت له ما حوله ف قذى أو أذى فأبصره حت عرف ما يتقي فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره‬
‫فأقبل ل يدري ما يتقي من أذى فكذلك النافق ‪ :‬كان ف ظلمة الشرك فأسلم فعرف اللل من الرام والي من الشر فبينا هو كذلك إذ كفر فصار ل يعرف اللل من الرام ول الي من‬
‫الشر وأما النور فاليان با جاء به ممد صلى ال عليه وسلم وكانت الظلمة نفاقهم‬
‫والخر ‪ :‬ما حدثن به ممد بن سعد قال ‪ :‬حدثن أب سعد بن ممد قال ‪ :‬حدثن عمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس ‪ :‬قوله ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } إل { فهم ل يرجعون }‬
‫ضربه ال مثل للمنافق وقوله ‪ { :‬ذهب ال بنورهم } قال ‪ :‬أما النور فهو إيانم الذي يتكلمون به وأما الظلمة فهي ضللتهم وكفرهم يتكلمون به وهم قوم كانوا على هدى ث نزع منهم‬
‫فعتوا بعد ذلك‬
‫وقال آخرون ‪ :‬با حدثن به بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات‬
‫ل يبصرون } وأن النافق تكلم بل إله إل ال فأضاءت له ف الدنيا فناكح با السلمي وغازى با السلمي ووارث با السلمي وحقن با دمه وماله فلما كان عند الوت سلبها النافق لنه ل‬
‫يكن لا أصل ف قلبه ولحقيقة ف علمه‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله } هي ‪ :‬ل إله إل ال أضاءت لم فأكلوا با وشربوا‬
‫وأمنوا ف الدنيا ونكحوا النساء وحقنوا با دماءهم حت إذا ماتوا ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن أبو تيلة عن عبيد بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله } قال ‪ :‬أما النور فهو إيانم‬
‫الذي يتكلمون به وأما الظلمات فهي ضللتهم وكفرهم‬
‫وقال آخرون با ‪ :‬حدثن به ممد بن عمرو الباهلي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى بن ميمون قال ‪ :‬حدثنا ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا‬
‫فلما أضاءت ما حوله } قال ‪ :‬أما إضاءة النار فإقبالم إل الؤمني والدى وذهاب نورهم إقبالم إل الكافرين والضللة‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة عن شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله } أما إضاءة النار فإقبالم إل الؤمني والدى‬
‫وذهاب نورهم إقبالم إل الكافرين والضللة‬
‫حدثن القاسم قال ‪ :‬حدثن السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد مثله‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق بن الجاج عن عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال ‪ :‬ضرب مثل أهل النفاق فقال ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } قال ‪ :‬إنا ضوء النار‬
‫ونورها ما أوقدتا فإذا خدت ذهب نورها كذلك النافق كلما تكلم بكلمة الخلص أضاء له فإذا شك وقع ف الظلمة‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬حدثن عبد الرحن بن زيد ف قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } إل آخر الية فقال ‪ :‬هذه صفة النافقي كانوا قد آمنوا حت‬
‫أضاء اليان ف قلوبم كما أضاءت النار لؤلء الذين استوقدوا ث كفروا فذهب ال بنورهم فانتزعه كما ذهب بضوء هذه النار فتركهم ف ظلمات ل يبصرون‬
‫وأول التأويلت بالية ما قاله قتادة و الضحاك وما رواه علي بن أب طلحة عن ابن عباس وذلك ‪ :‬أن ال جل ثناؤه إنا ضرب هذا الثل للمنافقي الذين وصف صفتهم وقص قصصهم من‬
‫لدن ابتدأ بذكرهم بقوله ‪ { :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني } ل العلني بالكفر الجاهرين بالشرك ولو كان الثل لن آمن إيانا صحيحا ث أعلن بالكفر إعلنا‬
‫صحيحا على ما ظن التأول قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون } ‪ :‬أن ضوء النار مثل ليانم الذي كان‬
‫منهم عنده على صحة وأن ذهاب نورهم مثل لرتدادهم وإعلنم الكفر على صحة ل يكن هناك من القوم خداع ول استهزاء عند أنفسهم ول نفاق وأن يكون خداع ونفاق من ل يبد لك‬
‫قول ول فعل إل ما أوجب لك العلم باله الت هو لك عليها وبعزية نفسه الت هو مقيم عليها ؟ إن هذا بغي شك من النفاق بعيد ومن الداع بريء وإذ كان القوم ل تكن لم إل حالتان ‪:‬‬
‫حال إيان ظاهر وحال كفر ظاهر فقد سقط عن القوم اسم النفاق لنم ف حال ايانم الصحيح كانوا مؤمني وف حال كفرهم الصحيح كانوا كافرين ول حالة هناك ثالثة كانوا با منافقي‬
‫وف وصف ال جل ثناؤه إياهم بصفة النفاق ما ينبء عن أن القول غي القول الذي زعمه من زعم ‪ :‬أن القوم كانوا مؤمني ث ارتدوا إل الكفر فأقاموا عليه إل أن يكون قائل ذلك أراد أنم‬
‫انتقلوا من إيانم الذي كانوا عليه ال الكفر الذي هو نفاق وذلك قول إن قاله ل تدرك صحته إل بب مستفيض أو ببعض العان الوجبة صحته فأما ف ظاهر الكتاب فل دللة على صحته‬
‫لحتماله من التأويل ما هو أول به منه‬
‫فإذ كان المر على ما وصفنا ف ذلك فأول تأويلت الية بالية ‪ :‬مثل استضاءة النافقي با أظهروا بألسنتهم لرسول ال صلى ال عليه وسلم من القرار به وقولم له وللمؤمني ‪ :‬آمنا بال‬
‫وكتبه ورسله واليوم الخر حت حكم لم بذلك ف عاجل الدنيا بكم السلمي ‪ :‬ف حقن الدماء والموال والمن على الذرية من السباء وف الناكحة والوارثة كمثل استضاءة الوقد النار‬
‫بالنار حت إذا ارتفق بضيائها وأبصر ما حوله مستضيئا بنوره من الظلمة خدت النار وانطفأت فذهب نوره وعاد الستضيءبه ف ظلمة وحية‬
‫وذلك أن النافق ل يزل مستضيئا بضوء القول الذي دافع عنه ف حياته القتل والسباء مع استبطانه ما كان مستوجبا به القتل وسلب الال لو أظهره بلسانه تيل إليه بذلك نفسه أنه بال‬
‫ورسوله والؤمني مستهزىء مادع حت سولت له نفسه إذ ورد على ربه ف الخرة أنه ناج منه بثل الذي نا به ف الدنيا من الكذب والنفاق أو ما تسمع ال جل ثناؤه يقول إذ نعتهم ث أخب‬
‫خبها عند ورودهم عليه ‪ { :‬يوم يبعثهم ال جيعا فيحلفون له كما يلفون لكم ويسبون أنم على شيء أل إنم هم الكاذبون } ( الجادلة ‪ ) 18 :‬ظنا من القوم أن ناتم من عذاب ال ف‬
‫الخرة ف مثل الذي كان به ناؤهم من القتل والسباء وسلب الال ف الدنيا ‪ :‬من الكذب والفك وأن خداعهم نافعهم هنالك نفعه إياهم ف الدنيا حت عاينوا من أمر ال ما أيقنوا أنم كانوا‬
‫من ظنونم ف غرور وضلل واستهزاء بأنفسهم وخداع إذ أطفأ ال نورهم يوم القيامة فاستنظروا الؤمني ليقتبسوا من نورهم فقيل لم ‪ :‬ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا واصلوا سعيا فذلك‬
‫حي ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون كما انطفأت نار الستوقد النار بعد إضاءتا له فبقي ف ظلمته حيان تائها يقول ال جل ثناؤه ‪ { :‬يوم يقول النافقون والنافقات للذين‬
‫آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحة وظاهره من قبله العذاب * ينادونم أل نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم‬
‫أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم المان حت جاء أمر ال وغركم بال الغرور * فاليوم ل يؤخذ منكم فدية ول من الذين كفروا مأواكم النار هي مولكم وبئس الصي } ( الديد ‪- 13 :‬‬
‫( ‪15‬‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬إنك ذكرت أن معن قول ال تعال ذكره { كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله } ‪ :‬خدت وانطفأت وليس ذلك بوجود ف القرآن فما دللتك على أن ذلك‬
‫معناه ؟‬
‫‪ :‬قيل ‪ :‬قد قلنا إن من شأن العرب الياز والختصار إذا كان فيما نطقت به الدللة الكافية على ما حذفت وتركت كما قال أبو ذؤيب الذل‬
‫( عصيت إليها القلب إن لمرها ‪ ...‬سيع فما أدري أرشد طلبا )‬
‫‪ :‬يعن بذلك ‪ :‬فما أدري أرشد طلبا أم غي فحذف ذكر أم غي إذ كان فيما نطق به الدللة عليها وكما قال ذو الرمة ف نعت حي‬
‫( فلما لبسن الليل أوحي نصبت ‪ ...‬له من خذا آذانا وهو جانح )‬
‫يعن ‪ :‬أو حي أقبل الليل ف نظائر لذلك كثية كرهنا إطالة الكتاب بذكرها فكذلك قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله } لا كان فيه وفيما بعده من قوله ‪ { :‬ذهب ال‬
‫بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون } دللة على التروك كافية من ذكره اختصر الكلم طلب الياز‬
‫وكذلك حذف ما حذف واختصار ما اختصر من الب عن مثل النافقي بعده نظي ما اختصر من الب عن مثل الستوقد النار لن معن الكلم ‪ :‬فكذلك النافقون ذهب ال بنورهم وتركهم‬
‫ف ظلمات ل يبصرون بعد الضياء الذي كانوا فيه ف الدنيا با كانوا يظهرون بألسنتهم من القرار بالسلم وهم لغيه مستبطنون كما ذهب ضوء نار هذا الستوقد بانطفاء ناره وخودها فبقي‬
‫ف ظلمة ليبصر‬
‫{ والاء واليم ف قوله { ذهب ال بنورهم } عائدة على الاء واليم ف قوله { مثلهم‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪179‬‬

‫(صم بكم عمي فهم ل يرجعون (‪18‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬وإذ كان تأويل قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون } هو ما وصفنا من أن ذلك خب من ال جل ثناؤه عما هو فاعل بالنافقي ف الخرة‬
‫عند هتك أستارهم وإظهاره فضائح أسرارهم وسلبه ضياء أنوارهم من تركهم ف ظلم أهوال يوم القيامة يترددون وف حنادسها ل يبصرون فبي أن قوله جل ثناؤه ‪ { :‬صم بكم عمي فهم ل‬
‫يرجعون } من الؤخر الذي معناه التقدي وأن معن الكلم ‪ :‬أولئك الذين اشتروا الضللة بالدى فما ربت تارتم وما كانوا مهتدين صم بكم عمي فهم ليرجعون مثلهم كمثل الذي استوقد‬
‫نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون أو كمثل صيب من السماء‬
‫وإذ كان ذلك معن الكلم فمعلوم أن قوله ‪ { :‬صم بكم عمي } يأتيه الرفع من وجهي والنصب من وجهي ‪ :‬فأما أحد وجهي الرفع ‪ :‬فعلى الستئناف لا فيه من الذم وقد تفعل العرب ذلك‬
‫‪ :‬ف الدح والذم فتنصب وترفع وإن كان خبا عن معرفة كما قال الشاعر‬
‫( ل يبعدن قومي الذين هم ‪ ...‬سم العداة وآفة الزر )‬
‫( النازلي بكل معترك ‪ ...‬والطيبي معاقدالزر )‬
‫فيوى ‪ :‬النازلون و النازلي وكذلك الطيبون و الطيبي على ما وصفت من الدح والوجه الخر ‪ :‬على نية التكرير من { أولئك } فيكون العن حينئذ ‪ :‬أولئك الذين اشتروا الضللة بالدى‬
‫فما ربت تارتم وما كانوا مهتدين أولئك صم بكم عمي فهم ل يرجعون وأما أحد وجهي النصب ‪ :‬فأن يكون قطعا ما ف { مهتدين } من ذكر { أولئك } لن الذي فيه من ذكرهم معرفة‬
‫والصم نكرة‬
‫والخر ‪ :‬أن يكون قطعا من { الذين } لن { الذين } معرفة و الصم نكرة‬
‫وقد يوز النصب فيه أيضا على وجه الذم فيكون ذلك وجها من النصب ثالثا‬
‫فأما على تأويل ما روينا عن ابن عباس من غي وجه رواية علي بن أب طلحة عنه فإنه ل يوز فيه الرفع إل من وجه واحد وهو الستئناف وأما النصب فقد يوز فيه من وجهي ‪ :‬أحدها ‪:‬‬
‫{ الذم والخر ‪ :‬القطع من الاء واليم اللتي ف تركهم أو من ذكرهم ف { ل يبصرون‬
‫وقد بينا القول الذي هو أول بالصواب ف تأويل ذلك والقراءة الت هي القراءة الرفع دون النصب لنه ليس لحد خلف رسوم مصاحف السلمي وإذا قرىء نصبا كانت قراءة مالفة رسم‬
‫مصاحفهم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا خب من ال جل ثناؤه عن النافقي ‪ :‬أنم باشترائهم الضللة بالدى ل يكونوا للهدى والق مهتدين بل هم صم عنهما فل يسمعونما لغلبة خذلن ال عليهم بكم عن‬
‫القيل بما فل ينطقون بما والبكم ‪ :‬الرس وهو جاع أبكم عمي عن أن يبصروها فيعقلوها لن ال قد طبع على قلوبم بنفاقهم فل يهتدون‬
‫‪ :‬وبثل ما قلنا ف ذلك قال علماء أهل التأويل‬
‫حدثنا ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ممد بن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬صم بكم عمي } عن الي‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن صال قال ‪ :‬حدثن معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس ‪ { :‬صم بكم عمي } يقول ‪ :‬ل يسمعون الدى ول يبصرونه ول‬
‫يعقلونه‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬بكم } هم الرس‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله { صم بكم عمي } ‪ :‬صم عن الق فل يسمعونه عمي عن الق فل يبصرونه بكم عن الق فل ينطقون به‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬فهم ل يرجعون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقوله { فهم ل يرجعون } إخبار من ال جل ثناؤه عن هؤلء النافقي الذين نعتهم ال باشترائهم الضللة بالدى وصممهم عن ساع الي والق وبكمهم عن القيل بما‬
‫وعماهم عن إبصارها أنم ل يرجعون إل القلع عن ضللتهم ول يتوبون إل النابة من نفاقهم فآيس الؤمني من أن يبصر هؤلء رشدا أو يقولوا حقا أو يسمعوا داعيا إل الدى أو أن‬
‫يذكروا فيتوبوا من ضللتهم كما آيس من توبة قادة كفار أهل الكتاب والشركي وأحبارهم الذين وصفهم بأنه قد ختم على قلوبم وعلى سعهم وغشى على أبصارهم‬
‫‪ :‬وبثل الذي قلنا ف تأويل ذلك قال أهل التأويل‬
‫‪ :‬ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬فهم ل يرجعون } أي ‪ :‬ل يتوبون ول يذكرون‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬فهم ل يرجعون } ‪ :‬فهم ل يرجعون إل السلم‬
‫‪ :‬وقد روي عن ابن عباس قول يالف معناه معن هذا الب وهو ما‬
‫حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ممد بن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬فهم ل يرجعون } أي ‪ :‬فل يرجعون‬
‫إل الدى ول إل خي فل يصيبون ناة ما كانوا على ما هم عليه‬
‫وهذا تأويل ظاهر التلوة بلفه وذلك أن ال جل ثناؤه أخب عن القوم أنم ل يرجعون عن اشترائهم الضللة بالدى إل ابتغاء الدى وإبصار الق من غي حصر منه جل ذكره ذلك من‬
‫حالم على وقت دون وقت وحال دون حال وهذا الب الذي ذكرناه عن ابن عباس ينبء أن ذلك من صفتهم مصور على وقت وهو ما كانوا على أمرهم مقيمي وأن لم السبيل إل‬
‫الرجوع عنه وذلك من التأويل دعوى باطلة ل دللة عليها من ظاهر ول من خب تقوم بثله الجة فيسلم لا‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪182‬‬

‫(أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يعلون أصابعهم ف آذانم من الصواعق حذر الوت وال ميط بالكافرين (‪19‬‬

‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬والصيب الفيعل من قولك ‪ :‬صاب الطر يصوب صوبا إذا اندر ونزل كما قال الشاعر‬
‫( فلست لنسي ولكن للك ‪ ...‬تنل من جو السماء يصوب )‬
‫‪ :‬وكما قال علقمة بن عبدة‬
‫( كأنم صابت عليهم سحابة ‪ ...‬صواعقها لطيهن دبيب )‬
‫( فل تعدل بين وبي مغمر ‪ ...‬سقيت روايا الزن حي تصوب )‬
‫يعن ‪ :‬حي تنحدر وهو ف الصل صيوب ولكن الواو لا سبقتها ياء ساكنة صيتا جيعا ياء مشددة كما قيل ‪ :‬سيد من ساد يسود وجيد من جاد يود وكذلك تفعل العرب بالواو إذا كانت‬
‫متحركة وقبلها ياء ساكنة تصيها جيعا ياء مشددة‬
‫وبا قلنا من القول ف ذلك قال أهل التأويل‬
‫‪ :‬ذكر من قال ذلك‬
‫حدثن ممد بن إسعيل الحسي قال ‪ :‬حدثنا ممد بن عبيد قال ‪ :‬حدثنا هرون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس ف قوله { أو كصيب من السماء } قال ‪ :‬القطر‬
‫حدثن عباس بن ممد قال ‪ :‬حدثنا حجاج قال ‪ :‬قال ابن جريج ‪ :‬قال ل عطاء ‪ :‬الصيب الطر‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو صال قال ‪ :‬حدثن معاوية بن صال عن علي عن ابن عباس قال ‪ :‬الصيب الطر‬
‫حدثن موسى قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ :‬الصيب الطر‬
‫حدثن ممد بن سعد قال ‪ :‬حدثن أب سعد قال ‪ :‬حدثن عمي السي عن أبيه عن جده عن ابن عباس مثله‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ :‬أو كصيب يقول ‪ :‬الطر‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أنبأنا معمر عن قتادة مثله‬
‫حدثن ممد بن عمرو الباهلي و عمرو بن علي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى بن ميمون عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ :‬الصيب الربيع‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ :‬الصيب الطر‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق عن ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ :‬الصيب الطر‬
‫حدثت عن النجاب قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قال ‪ :‬الصيب الطر‬
‫حدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال عبد الرحن بن زيد ‪ { :‬أو كصيب من السماء } قال ‪ :‬أو كغيث من السماء‬
‫حدثنا سوار بن عبدال العنبي قال ‪ :‬قال سفيان ‪ :‬الصيب الذي فيه الطر‬
‫حدثنا عمرو بن علي قال ‪ :‬حدثنا أبو معاوية قال ‪ :‬حدثنا ابن جريج عن عطاء ف قوله ‪ { :‬أو كصيب من السماء } قال ‪ :‬الطر‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل ذلك ‪ :‬مثل استضاءة النافقي بضوء إقرارهم بالسلم مع استسرارهم الكفر مثل إضاءة موقد نار بضوء ناره على ما وصف جل ثناؤه من صفته أو كمثل مطر مظلم‬
‫ودقه تدر من السماء تمله مزنة ظلماء ف ليلة مظلمة وذلك هو الظلمات الت أخب ال جل ثناؤه أنا فيه‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬أخبنا عن هذين الثلي ‪ :‬أها مثلن للمنافقي أو أحدها ؟ فإن يكونا مثلي للمنافقي فكيف قيل ‪ :‬أو كصيب و أو تأت بعن الشك ف الكلم ول يقل وكصيب بالواو الت‬
‫تلحق الثل الثان بالثل الول أو يكون مثل القوم أحدها فما وجه ذكر الخر بـ أو وقد علمت أن أو إذا كانت ف الكلم فإنا تدخل فيه على وجه الشك من الخب فيما أخب عنه كقول‬
‫القائل ‪ :‬لقين أخوك أو أبوك وإنا لقيه أحدها ولكنه جهل عي الذي لقيه منهما مع علمه أن أحدها قد لقيه وغي جائز ف ال جل ثناؤه أن يضاف إليه الشك ف شيء أو عزوب علم شيء‬
‫عنه فيما أخب أو ترك الب عنه‬
‫قيل له ‪ :‬إن المر ف ذلك بلف الذي ذهبت إليه و أو وإن كانت ف بعض الكلم تأت بعن الشك فإنا قد تأت دالة على مثل ما تدل عليه الواو إما بسابق من الكلم قبلها وإما با يأتى‬
‫‪ :‬بعدها كقول توبة بن المي‬
‫( وقد زعمت ليلى بأن فاجر ‪ ...‬لنفسي تقاها أو عليها فجورها )‬
‫‪ :‬ومعلوم أن ذلك من توبة على غي وجه الشك فيما قال ولكن لا كانت أو ف هذا الوضع دالة على مثل الذي كانت تدل عليه الواو لو كانت مكانا وضعها موضعها وكذلك قول جرير‬
‫( نال اللفة أو كانت له قدرا ‪ ...‬كما أتى ربه موسى على قدر )‬
‫‪ :‬وكما قال الخر‬
‫( فلو كان البكاء يرد شيئا ‪ ...‬بكيت على بي أو عفاق )‬
‫( على الرأين إذ مضيا جيعا ‪ ...‬لشأنما بزن واشتياق )‬
‫فقد دل بقوله على الرأين إذ مضيا جيعا أن بكاءه الذي أراد أن يبكيه ل يرد أن يقصد به أحدها دون الخر بل أراد أن يبكيهما جيعا فكذلك ذلك ف قول ال جل ثناؤه { أو كصيب من‬
‫السماء } لا كان معلوما أن أو دالة ف ذلك على مثل الذي كانت تدل عليه الواو لو كانت مكانا كان سواء نطق فيه بـ أو أو بـ الواو وكذلك وجه حذف الثل من قوله { أو كصيب }‬
‫لا كان قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } دال على أن معناه ‪ :‬كمثل صيب حذف الثل واكتفى بدللة ما مضى من الكلم ف قوله ‪ { :‬كمثل الذي استوقد نارا } على أن معناه ‪ :‬أو كمثل‬
‫صيب من إعادة ذكر الثل طلب الياز والختصار‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فأما الظلمات فجمع واحدها ظلمة‬
‫‪ :‬أما الرعد فإن أهل العلم اختلفوا فيه‬
‫‪ :‬فقال بعضهم ‪ :‬هو ملك يزجر السحاب ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا ممد بن الثن قال ‪ :‬حدثنا ممد بن جعفر قال ‪ :‬حدثنا شعبة عن الكم عن ماهد قال الرعد ملك يزجر السحاب بصوته‬
‫حدثنا ممد بن الثن قال ‪ :‬حدثنا ابن أب عدي عن شعبة عن الكم عن ماهد مثله‬
‫حدثن يي بن طلحة اليبوعي قال ‪ :‬حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن ماهد مثله‬
‫حدثن يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا هشيم قال ‪ :‬أنبأنا إسعيل بن سال عن أب صال قال ‪ :‬الرعد ملك من اللئكة يسبح‬
‫حدثن نصر بن عبد الرحن الزدي قال ‪ :‬حدثنا ممد بن يعلى عن أب الطاب البصري عن شهر بن حوشب قال ‪ :‬الرعد ملك موكل بالسحاب يسوقه كما يسوق الادي البل يسبح كلما‬
‫خالفت سحابة سحابة صاح با فإذا اشتد غضبه طارت النار من فيه فهي الصواعق الت رأيتم‬
‫حدثت عن النجاب بن الارث قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قال ‪ :‬الرعد ملك من اللئكة اسه الرعد وهو الذي تسمعون صوته‬
‫حدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد قال ‪ :‬حدثنا عبد اللك بن حسي عن السدي عن أب مالك عن ابن عباس قال ‪ :‬الرعد ملك يزجر السحاب بالتسبيح والتكبي‬
‫وحدثنا السن بن ممد قال ‪ :‬حدثنا علي بن عاصم عن ابن جريج عن ماهد عن ابن عباس قال ‪ :‬الرعد اسم ملك وصوته هذا تسبيحه فإذا اشتد زجره السحاب اضطرب السحاب واحتك‬
‫فتخرج الصواعق من بينه‬
‫حدثنا السن قال ‪ :‬حدثنا عفان قال ‪ :‬حدثنا أبو عوانة عن موسى البزار عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال ‪ :‬الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الادي البل بدائه‬
‫حدثنا السن بن ممد قال ‪ :‬حدثنا يي بن عباد و شبابة قال ‪ :‬حدثنا شعبة عن الكم عن ماهد قال ‪ :‬الرعد ملك يزجر السحاب‬
‫حدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا عتاب بن زياد عن عكرمة قال ‪ :‬الرعد ملك ف السحاب يمع السحاب كما يمع الراعي البل‬
‫وحدثنا بشر قال ‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة قال ‪ :‬الرعد خلق من خلق ال جل وعز سامع مطيع ل جل وعز‬
‫حدثنا القاسم بن السن قال ‪ :‬حدثنا السي بن داود قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن عكرمة قال ‪ :‬إن الرعد ملك يؤمر بإزجاء السحاب فيؤلف بينه فذلك الصوت تسبيحه‬
‫وحدثنا القاسم قال حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد قال ‪ :‬الرعد ملك‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا الجاج بن النهال قال ‪ :‬حدثنا حاد بن سلمة عن الغية بن سال عن أبيه أو غيه أن علي بن أب طالب قال ‪ :‬الرعد ملك‬
‫حدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا حجاج قال ‪ :‬حدثنا حاد قال ‪ :‬أخبنا موسى بن سال أبو جهضم مول ابن عباس قال ‪ :‬كتب ابن عباس إل أب اللد يسأله عن الرعد فقال ‪ :‬الرعد ملك‬
‫حدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا مسلم بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا عمر بن الوليد الشن عن عكرمة قال ‪ :‬الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الراعي البل‬
‫حدثن سعد بن عبدال بن عبد الكم قال ‪ :‬حدثنا حفص بن عمر قال ‪ :‬حدثنا الكم بن أبان عن عكرمة قال ‪ :‬كان ابن عباس إذا سع الرعد قال ‪ :‬سبحان الذي سبحت له قال ‪ :‬وكان‬
‫يقول ‪ :‬إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه‬
‫وقال آخرون ‪ :‬إن الرعد ريح تتنق تت السحاب فتصاعد فيكون منه ذلك الصوت‬
‫‪ :‬ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا بشر بن إسعيل عن أب كثي قال ‪ :‬كنت عند أب اللد إذ جاءه رسول ابن عباس بكتاب إليه فكتب إليه ‪ :‬كتبت تسألن عن‬
‫الرعد فالرعد الريح‬
‫حدثن إبراهيم بن عبدال قال ‪ :‬حدثنا عمران بن ميسرة قال ‪ :‬حدثنا ابن إدريس عن السن بن الفرات عن أبيه قال ‪ :‬كتب ابن عباس إل ابن أب اللد يسأله عن الرعد فقال ‪ :‬الرعد ريح‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن كان الرعد ما ذكره ابن عباس و ماهد فمعن الية ‪ :‬أوكصيب من السماء فيه ظلمات وصوت رعد لن الرعد إن كان ملكا يسوق السحاب فغي كائن ف الصيب لن‬
‫الصيب إنا هو ما تدر من صوب السحاب والرعد إنا هو ف جو السماء يسوق السحاب على أنه لو كان فيه ث ل يكن له صوت مسموع ل يكن هنالك رعب يرعب به أحد لنه قد قيل ‪:‬‬
‫إن مع كل قطرة من قطر الطر ملكا فل يعدو اللك الذي اسه الرعد لو كان مع الصيب إذا ل يكن مسموعا صوته أن يكون كبعض تلك اللئكة الت تنل مع القطر إل الرض ف أن ل‬
‫رعب على أحد بكونه فيه فقد علم إذ كان المر على ما وصفنا من قول ابن عباس أن معن الية ‪ :‬أو كمثل غيث تدر من السماء فيه ظلمات وصوت رعد إن كان الرعد هو ما قاله ابن‬
‫عباس وأنه استغن بدللة ذكر الرعد باسه على الراد ف الكلم من ذكر صوته وإن كان الرعد ما قاله أبو اللد فل شيء ف قوله { فيه ظلمات ورعد } متروك لن معن الكلم حينئذ ‪ :‬فيه‬
‫ظلمات ورعد الذي هو ما وصفنا صفته‬
‫‪ :‬وأما البق فإن أهل العلم اختلفوا فيه ‪ :‬فقال بعضهم با‬
‫حدثنا مطر بن ممد الضب قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم وحدثن ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثن عبد الرحن بن مهدي وحدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قالوا جيعا ‪:‬‬
‫حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن أشوع عن ربيعة بن البيض عن علي قال ‪ :‬البق ماريق اللئكة‬
‫حدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا عبد اللك بن السي عن أب مالك عن السدي عن ابن عباس ‪ :‬البق ماريق بأيدي اللئكة يزجرون با السحاب‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا الجاج قال ‪ :‬حدثنا حاد عن الغية بن سال عن أبيه أو غيه أن علي بن أب طالب قال ‪ :‬الرعد اللك والبق ضربه السحاب بخراق من حديد‬
‫وقال آخرون ‪ :‬هو سوط من نور يزجي به اللك السحاب‬
‫‪ :‬ذكر من قال ذلك‬
‫حدثت عن النجاب بن الارث قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس بذلك‬
‫وقال آخرون ‪ :‬هو ماء‬
‫‪ :‬ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا بشر بن إسعيل عن أب كثي قال ‪ :‬كنت عند أب اللد إذ جاء رسول ابن عباس بكتاب إليه فكتب إليه ‪ :‬كتبت إل‬
‫تسألن عن البق فالبق الاء‬
‫حدثنا إبراهيم بن عبدال قال ‪ :‬حدثنا عمران بن ميسرة قال ‪ :‬حدثنا ابن إدريس عن السن بن الفرات عن أبيه قال ‪ :‬كتب ابن عباس إل أب اللد يسأله عن البق فقال ‪ :‬البق ماء‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا جرير عن عطاء عن رجل من أهل البصرة من قرائهم قال ‪ :‬كتب ابن عباس إل أب اللد رجل من أهل هجر يسأله عن البق فكتب إليه ‪ :‬أكتبت إل تسألن عن‬
‫البق وإنه من الاء‬
‫وقال آخرون ‪ :‬هو مصع ملك‬
‫حدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا عبد الرحن بن مهدي قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عثمان بن السود عن ماهد قال ‪ :‬البق مصع ملك‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا هشام عن ممد بن مسلم الطائفي قال ‪ :‬بلغن أن البق ملك له أربعة أوجه وجه إنسان ووجه ثور ووجه نسر ووجه أسد فإذا مصع بأجنحته‬
‫فذلك البق‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن و هب بن سليمان عن شعيب البائي قال ‪ :‬ف كتاب ال ‪ :‬اللئكة حلة العرش لكل ملك منهم وجه إنسان وثور‬
‫وأسد فإذا حركوا أجنحتهم فهو البق‬
‫‪ :‬وقال أمية بن أب الصلت‬
‫( رجل وثور تت رجل يينه ‪ ...‬والنسر للخرى وليث مرصد )‬
‫حدثنا السي بن ممد قال ‪ :‬حدثنا علي بن عاصم عن ابن جريج عن ماهد عن ابن عباس ‪ :‬البق ملك‬
‫وقد حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قال ‪ :‬الصواعق ملك يضرب السحاب بالخاريق يصيب منه من يشاء‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقد يتمل أن يكون ما قاله علي بن أب طالب وابن عباس وماهد بعن واحد وذلك أن تكون الخاريق الت ذكر علي رضي ال عنه أنا هي البق هي السياط الت هي من‬
‫نور الت يزجي با اللك السحاب كما قال ابن عباس ويكون إزجاء اللك با السحاب مصعه إياه وذلك أن الصاع عند العرب أصله ‪ :‬الجالدة بالسيوف ث تستعمله ف كل شيء جولد به ف‬
‫‪ :‬حرب وغي حرب كما قال أعشى بن ثعلبة وهو يصف جواري يلعب بليهن ويالدن به‬
‫( إذا هن نازلن أقرانن ‪ ...‬وكان الصاع با ف الون )‬
‫يقال منه ‪ :‬ماصعه مصاعا وكأن ماهدا إنا قال ‪ :‬مصع ملك إذ كان السحاب ل ياصع اللك وإنا الرعد هو الماصع له فجعله مصدرا من مصعه يصعه مصعا‬
‫وقد ذكرنا ما ف معن الصاعقة ما قال شهر بن حوشب فيما مضى‬
‫‪ :‬وأما تأويل الية فإن أهل التأويل متلفون فيه‬
‫فروي عن ابن عباس ف ذلك أقوال ‪ :‬أحدها ‪ :‬ما‬
‫حدثنا به ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال ‪ :‬حدثنا ممد بن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬أو كصيب من السماء‬
‫فيه ظلمات ورعد وبرق يعلون أصابعهم ف آذانم من الصواعق حذر الوت } ‪ :‬أي هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر والذر من القتل على الذي هم عليه من اللف والتخوف منكم‬
‫على مثل ما وصف من الذي هو ف ظلمة الصيب فجعل أصابعه ف أذنيه من الصواعق حذر الوت يكاد البق يطف أبصارهم أي لشدة ضوء الق كلما أضاء لم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم‬
‫قاموا أي يعرفون الق ويتكلمون به فهم من قولم به على استقامة فإذا ارتكسوا منه إل الكفر قاموا متحيين‬
‫والخر ‪ :‬ما‬
‫حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وسلم { أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق } إل { إن ال على كل شيء قدير } أما الصيب فالطر كان رجلن من النافقي من أهل الدينة هربا من رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إل الشركي فأصابما هذا الطر الذي ذكر ال فيه رعد شديد وصواعق وبرق فجعل كلما أضاء لما الصواعق جعل أصابعهما ف آذانما من الفرق أن تدخل الصواعق‬
‫ف مسامعهما فتقتلهما وإذا لع البق مشيا ف ضوئه وإذا ل يلمع ل يبصرا وقاما مكانما ل يشيان فجعل يقولن ‪ :‬ليتنا قد أصبحنا فنأت ممدا فنضع أيدينا ف يده فأصبحا فأتياه فأسلما‬
‫ووضعا أيديهما ف يده وحسن إسلمهما فضرب ال شأن هذين النافقي الارجي مثل للمنافقي الذين بالدينة وكان النافقون إذا حضروا ملس النب صلى ال عليه وسلم جعلوا أصابعهم ف‬
‫آذانم فرقا من كلم النب صلى ال عليه وسلم أن ينل فيهم شيء أو يذكروا بشيء فيقتلوا كما كان ذانك النافقان الارجان يعلن أصابعهما ف آذانما وإذا أضاء لم مشوا فيه فإذا‬
‫كثرت أموالم وولد لم الغلمان وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه وقالوا ‪ :‬إن دين ممد صلى ال عليه وسلم دين صدق فاستقاموا عليه كما كان ذانك النافقان يشيان إذا أضاء لم البق‬
‫مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا فكانوا إذا هلكت أموالم وولد لم الواري وأصابم البلء قالوا ‪ :‬هذا من أجل دين ممد فارتدوا كفارا كما قام ذانك النافقان حي أظلم البق عليهما‬
‫والثالث ‪ :‬ما‬
‫حدثن به ممد بن سعد قال ‪ :‬حدثن أب قال ‪ :‬حدثن عمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس ‪ { :‬أو كصيب من السماء } كمطر { فيه ظلمات ورعد وبرق } إل آخر الية هو مثل النافق ف‬
‫ضوء ما تكلم با معه من كتاب ال وعمل مراءاة للناس فإذا خل وحده عمل بغيه فهو ف ظلمة ما أقام على ذلك وأما الظلمات فالضللة وأما البق فاليان وهم أهل الكتاب وإذا أظلم‬
‫عليهم فهو رجل يأخذ بطرف الق ل يستطيع أن ياوزه‬
‫والرابع ‪ :‬ما‬
‫حدثن به الثن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن صال قال ‪ :‬حدثن معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس ‪ { :‬أو كصيب من السماء } وهو الطر ضرب مثله ف القرآن يقول ‪ { :‬فيه‬
‫ظلمات } يقول ‪ :‬ابتلء { ورعد } يقول ‪ :‬فيه تويف { وبرق } { يكاد البق يطف أبصارهم } يقول ‪ :‬يكاد مكم القرآن يدل على عورات النافقي { كلما أضاء لم مشوا فيه } يقول ‪:‬‬
‫كلما أصاب النافقون من السلم عزا اطمأنوا وإن أصاب السلم نكبة قاموا ليجعوا إل الكفر يقول ‪ { :‬وإذا أظلم عليهم قاموا } كقوله ‪ { :‬ومن الناس من يعبد ال على حرف فإن أصابه‬
‫( خي اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو السران البي } ( الج ‪11 :‬‬
‫ث اختلف سائر أهل التأويل بعد ف ذلك نظي ما روي عن ابن عباس من الختلف ‪ :‬فحدثن ممد بن عمرو الباهلي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى بن ميمون عن ابن أب نيح عن ماهد‬
‫قال ‪ :‬إضاءة البق وإظلمه على نو ذلك الثل‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫حدثنا عمروبن علي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫وحدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة ف قول ال ‪ { :‬فيه ظلمات ورعد وبرق } إل قوله { وإذا أظلم عليهم قاموا } فالنافق إذا رأى ف السلم رخاء أو طمأنينة‬
‫أو سلوة من عيش قال ‪ :‬أنا معكم وأنا منكم وإذا أصابته شديدة حقحق وال عندها فانقطع به فلم يصب على بلئها ول يتسب أجرها ول يرج عاقبتها‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ‪ { :‬فيه ظلمات ورعد وبرق } يقول ‪ :‬أجب قوم ل يسمعون شيئا إل إذا ظنوا أنم هالكون فيه حذرا من الوت‬
‫وال ميط بالكافرين ث ضرب لم مثل آخر فقال ‪ { :‬يكاد البق يطف أبصارهم كلما أضاء لم مشوا فيه } يقول ‪ :‬هذا النافق إذا كثر ماله وكثرت ماشيته وأصابته عافية قال ‪ :‬ل يصبن‬
‫منذ دخلت ف دين هذا إل خي { وإذا أظلم عليهم قاموا } يقول ‪ :‬إذا ذهبت أموالم وهلكت مواشيهم وأصابم البلء قاموا متحيين‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق بن الجاج عن عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬فيه ظلمات ورعد وبرق } قال ‪ :‬مثلهم كمثل قوم ساروا ف ليلة مظلمة ولا مطر ورعد‬
‫وبرق على جادة فلما أبرقت أبصروا الادة فمضوا فيها وإذا ذهب البق تيوا وكذلك النافق كلما تكلم بكلمة الخلص أضاء له فإذا شك تي ووقع ف الظلمة فكذلك قوله ‪ { :‬كلما‬
‫{ أضاء لم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا } ث قال ‪ :‬ف أساعهم وأبصارهم الت عاشوا با ف الناس { ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا أبو تيلة عن عبيد بن سليمان الباهلي عن الضحاك بن مزاحم { فيه ظلمات } قال ‪ :‬أما الظلمات فالضللة والبق اليان‬
‫حدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال حدثن عبد الرحن بن زيد ف قوله ‪ { :‬فيه ظلمات ورعد وبرق } فقرأ حت بلغ ‪ { :‬إن ال على كل شيء قدير } قال ‪ :‬هذا أيضا مثل ضربه ال‬
‫للمنافقي كانوا قد استناروا بالسلم كما استنار هذا بنور هذا البق‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج قال ‪ :‬قال ابن جريج ‪ :‬ليس ف الرض شيء سعه النافق إل ظن أنه يراد به وأنه الوت كراهية له والنافق أكره خلق ال للموت كما‬
‫إذا كانوا بالباز ف الطر فروا من الصواعق‬
‫حدثنا عمرو بن علي قال ‪ :‬حدثنا أبو معاوية قال ‪ :‬حدثنا ابن جريج عن عطاء ف قوله ‪ { :‬أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق } قال ‪ :‬مثل ضرب للكافر‬
‫وهذه القوال الت ذكرنا عمن رويناها عنه فإنا وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات العان لنا جيعا تنبء عن أن ال ضرب الصيب لظاهر إيان النافق مثل ومثل ما فيه من ظلمات‬
‫لضللته وما فيه من ضياء برق لنور إيانه واتقاءه من الصواعق بتصيي أصابعه ف أذنيه لضعف جنانه ونب فؤاده من حلول عقوبة ال بساحته ومشيه ف ضوء البق لستقامته على نور‬
‫إيانه ؟ وقيامه ف الظلم ليته ف ضللته وارتكاسه ف عمهه‬
‫فتأويل الية إذا إذ كان المر على ما وصفنا ‪ :‬أو مثل ما استضاء به النافقون من قيلهم لرسول ال صلى ال عليه وسلم وللمؤمني بألسنتهم ‪ :‬آمنا بال وباليوم الخر وبحمد وما جاء به حت‬
‫صار لم بذلك ف الدنيا أحكام الؤمني وهم مع إظهارهم بألسنتهم ما يظهرون بال وبرسوله صلى ال عليه وسلم وما جاء به من عند ال وباليوم الخر مكذبون وللف ما يظهرون باللسن‬
‫ف قلوبم معتقدون على عمى منهم وجهالة با هم عليه من الضلل ل يدرون أي المرين اللذين قد شرعا لم فيه الداية ‪ :‬أف الكفر الذي كانوا عليه قبل إرسال ال ممدا صلى ال عليه‬
‫وسلم با أرسله به إليهم أم ف الذي أتاهم به ممد صلى ال عليه وسلم من عند ربم ؟ فهم من وعيد ال إياهم على لسان ممد صلى ال عليه وسلم وجلون وهم مع وجلهم من ذلك ف‬
‫حقيقته شاكون ف قلوبم مرض فزادهم ال مرضا كمثل غيث سرى ليل ف مزنة ظلماء وليلة مظلمة يدوها رعد ويستطي ف حافاتا برق شديد لعانه كثي خطرانه يكاد سنا برقه يذهب‬
‫بالبصار ويتطفها من شدة ضيائه ونور شعاعه وينهبط منها تارات صواعق تكاد تدع النفوس من شدة أهوالا زواهق‬
‫فالصيب مثل لظاهر ما أظهر النافقون بألسنتهم من القرار والتصديق والظلمات الت هى فيه لظلمات ما هم مستبطنون من الشك والتكذيب ومرض القلوب وأما الرعد والصواعق فلما هم‬
‫عليه من الوجل من وعيد ال إياهم على لسان رسوله صلى ال عليه وسلم ف أي كتابه إما ف العاجل وإما ف الجل أن يل بم مع شكهم ف ذلك ‪ :‬هل هو كائن أم غي كائن ؟ وهل له‬
‫حقيقة أم ذلك كذب وباطل ؟ مثل فهم من وجلهم أن يكون ذلك حقا يتقونه بالقرار با جاء به ممد صلى ال عليه وسلم بألسنتهم مافة على أنفسهم من اللك ونزول النقمات وذلك‬
‫تأويل قوله جل ثناؤه { يعلون أصابعهم ف آذانم من الصواعق حذر الوت } يعن بذلك ‪ :‬يتقون وعيد ال الذي أنزله ف كتابه على لسان رسوله صلى ال عليه وسلم با يبدونه بألسنتهم‬
‫من ظاهر القرار كما يتقي الائف أصوات الصواعق بتغطية أذنيه وتصيي أصابعه فيها حذرا على نفسه منها‬
‫وقد ذكرنا الب الذي روي عن ابن مسعود وابن عباس أنما كانا يقولن ‪ :‬إن النافقي كانوا إذا حضروا ملس رسول ال صلى ال عليه وسلم أدخلوا أصابعهم ف آذانم فرقا من كلم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ينل فيهم شيء أو يذكروا بشيء فيقتلوا فإن كان ذلك صحيحا ولست أعلمه صحيحا إذ كنت بإسناده مرتابا فإن القول الذي روي عنهما هو القول وإن‬
‫يكن غي صحيح فأول بتأويل الية ما قلنا لن ال إنا قص علينا من خبهم ف أول مبتدأ قصتهم ‪ :‬أنم يادعون ال ورسوله والؤمني بقولم ‪ :‬آمنا بال وباليوم الخر مع شك قلوبم ومرض‬
‫أفئدتم ف حقيقة ما زعموا أنم به مؤمنون ما جاءهم به رسول ال صلى ال عليه وسلم من عند ربم وبذلك وصفهم ف جيع آي القرآن الت ذكر فيها صفتهم فكذلك ذلك ف هذه الية‬
‫وإنا جعل ال إدخالم أصابعهم ف آذانم مثل لتقائهم رسول ال صلى ال عليه وسلم والؤمني با ذكرنا أنم يتقونم به كما يتقي سامع صوت الصاعقة بإدخال أصابعه ف أذنيه وذلك من‬
‫الثل نظي تثيل ال جل ثناؤه ما أنزل فيهم من الوعيد ف آي كتابه بأصوات الصواعق وكذلك قوله { حذر الوت } جعله جل ثناؤه مثل لوفهم وإشفاقهم من حلول عاجل العقاب الهلكهم‬
‫الذي توعدوه بساحتهم كما يعل سامع أصوات الصواعق أصابعه ف أذنيه حذر العطب والوت على نفسه أن تزهق من شدتا‬
‫وإنا نصب قوله { حذر الوت } على نو ما تنصب به التكرمة ف قولك ‪ :‬زرتك تكرمة لك تريد بذلك ‪ :‬من أجل تكرمتك وكما قال جل ثناؤه ‪ { :‬ويدعوننا رغبا ورهبا } ( النبياء ‪:‬‬
‫‪ ) 90‬على التفسي للفعل‬
‫وقد روي عن قتادة أنه كان يتأول قوله ‪ { :‬حذر الوت } حذرا من الوت‬
‫حدثنا بذلك السن بن يي قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أنبأنا معمر عنه‬
‫وذلك مذهب من التأويل ضعيف لن القوم ل يعلوا أصابعهم ف آذانم حذرا من الوت فيكون معناه ما قال إنه يراد به ‪ :‬حذرا من الوت وإنا جعلوها من حذار الوت ف آذانم‬
‫وكان قتادة و ابن جريج يتأولن قوله ‪ { :‬يعلون أصابعهم ف آذانم من الصواعق حذر الوت } أن ذلك من ال جل ثناؤه صفة للمنافقي باللع وضعف القلوب وكراهة الوت ويتأولن ف‬
‫( ذلك قوله ‪ { :‬يسبون كل صيحة عليهم } ( النافقون ‪4 :‬‬
‫وليس المر ف ذلك عندي كالذي قال وذلك أنه قد كان فيهم من ل تنكر شجاعته ول تدفع بسالته كقزمان الذي ل يقم مقامه أحد من الؤمني بأحد أو دونه وإنا كانت كراهتهم شهود‬
‫الشاهد مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وتركهم معاونته على أعدائه لنم ل يكونوا ف أديانم مستبصرين ول برسول ال صلى ال عليه وسلم مصدقي فكانوا للحضور معه مشاهده‬
‫كارهي إل بالتخذيل عنه ولكن ذلك وصف من ال جل ثناؤه لم بالشفاق من حلول عقوبة ال بم على نفاقهم إما عاجل وإما آجل ث أخب جل ثناؤه أن النافقي الذين نعتهم ال النعت‬
‫الذي ذكر وضرب لم المثال الت وصف وإن اتقوا عقابه وأشفقوا عذابه إشفاق الاعل ف أذنيه أصابعه حذار حلول الوعيد الذي توعدهم به ف أي كتابه غي منجيهم ذلك من نزوله‬
‫بعقوتم وحلوله بساحتهم إما عاجل ف الدنيا وإما آجل ف الخرة للذي ف قلوبم من مرضها والشك ف اعتقادها فقال ‪ { :‬وال ميط بالكافرين } بعن جامعهم فمحل بم عقوبته‬
‫وكان ماهد يتأول ذلك كما ‪ :‬حدثن ممد بن عمرو الباهلي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى بن ميمون عن عبدال بن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬وال ميط بالكافرين } قال ‪:‬‬
‫جامعهم ف جهنم‬
‫وأما ابن عباس فروي عنه ف ذلك ما ‪ :‬حدثن به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪:‬‬
‫{ وال ميط بالكافرين } يقول ‪ :‬ال منل ذلك بم من النقمة‬
‫حدثنا القاسم قال حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا حجاج عن ابن جريج عن ماهد ف قوله ‪ { :‬وال ميط بالكافرين } قال ‪ :‬جامعهم‬
‫ث عاد جل ذكره إل نعت إقرار النافقي بألسنتهم والب عنه وعنهم وعن نفاقهم وإتام الثل الذي ابتدأ ضربه لم ولشكهم ومرض قلوبم فقال ‪ { :‬يكاد البق } يعن بالبق القرار الذي‬
‫أظهروه بألسنتهم بال وبرسوله وما جاء به من عند ربم فجعل البق له مثل على ما قدمنا صفته‬
‫يطف أبصارهم } يعن ‪ :‬يذهب با ويستلبها ويلتمعها من شدة ضيائه ونور شعاعه }‬
‫كما حدثت عن النجاب بن الارث قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬يكاد البق يطف أبصارهم } قال ‪ :‬يلتمع أبصارهم ولا يفعل‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والطف السلب ومنه الب الذي روي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه نى عن الطفة يعن با النهبة ومنه قيل للخطاف الذي يرج به الدلو من البئر خطاف لختطافه‬
‫‪ :‬واستلبه ما علق به ومنه قول نابغة بن ذبيان‬
‫( خطاطيف حجن ف حبال متينة ‪ ...‬تد با أيد إليك نوازع )‬
‫فجعل ضوء البق وشدة شعاع نوره كضوء إقرارهم بألسنتهم بال وبرسوله ست وبا جاء به من عند ال واليوم الخر وشعاع نوره مثل‬
‫ث قال تعال ذكره ‪ { :‬كلما أضاء لم } يعن أن البق كلما أضاء لم وجعل البق ليانم مثل وإنا أراد بذلك ‪ :‬أنم كلما أضاء لم اليان وإضاءته لم ‪ :‬أن يروا فيه ما يعجبهم ف عاجل‬
‫دنياهم من النصرة على العداء وإصابة الغنائم ف الغازي وكثرة الفتوح ومنافعها والثراء ف الموال والسلمة ف البدان والهل والولد فذلك إضاءته لم لنم إنا يظهرون بألسنتهم ما‬
‫يظهرونه من القرار ابتغاء ذلك ومدافعة عن أنفسهم وأموالم وأهليهم وذراريهم وهم كما وصفهم ال جل ثناؤه بقوله ‪ { :‬ومن الناس من يعبد ال على حرف فإن أصابه خي اطمأن به وإن‬
‫( أصابته فتنة انقلب على وجهه } ( الج ‪11 :‬‬
‫ويعن بقوله { مشوا فيه } مشوا ف ضوء البق وإنا ذلك مثل لقرارهم على ما وصفنا فمعناه ‪ :‬كلما رأوا ف اليان ما يعجبهم ف عاجل دنياهم على ما وصفنا ثبتوا عليه وأقاموا فيه كما‬
‫يشي السائر ف ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه إذا برقت فيها بارقة أبصر طريقه فيها‬
‫وإذا أظلم } يعن ‪ :‬ذهب ضوء البق عنهم }‬
‫ويعن بقوله { عليهم } على السائرين ف الصيب الذي وصف جل ذكره وذلك للمنافقي مثل ومعن إظلم ذلك ‪ :‬أن النافقي كلما ل يروا ف السلم ما يعجبهم ف دنياهم عند ابتلء ال‬
‫مؤمن عباده بالضراء وتحيصه إياهم بالشدائد والبلء من إخفاقهم ف مغزاهم وإدالة عدوهم منهم أو إدبار من دنياهم عنهم أقاموا على نفاقهم وثبتوا على ضللتهم كما قام السائر ف‬
‫الصيب الذي وصف جل ذكره إذا أظلم وخفت ضوء البق فحار ف طريقه فلم يعرف منهجه‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وإنا خص جل ذكره السمع والبصار بأنه لو شاء أذهبها من النافقي دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها ف اليتي أعن قوله ‪ { :‬يعلون أصابعهم ف آذانم‬
‫من الصواعق } وقوله ‪ { :‬يكاد البق يطف أبصارهم كلما أضاء لم مشوا فيه } فجرى ذكرها ف اليتي على وجه الثل ث عقب جل ثناؤه ذكر ذلك بأنه لو شاء أذهبه من النافقي عقوبة‬
‫لم على نفاقهم وكفرهم وعيدا من ال لم كما توعدهم ف الية الت قبلها بقوله ‪ { :‬وال ميط بالكافرين } واصفا بذلك جل ذكره نفسه أنه القتدر عليهم وعلى جعهم لحلل سخطه بم‬
‫وإنزال نقمته عليهم ومذرهم بذلك سطوته وموفهم به عقوبته ليتقوا بأسه وبسارعوا إليه بالتوبة‬
‫كما حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم } لا تركوا من الق‬
‫بعد معرفته‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال ‪ :‬ث قال يعن قال ال ف أساعهم يعن أساع النافقي وأبصارهم الت عاشوا با ف الناس ‪ { :‬ولو‬
‫{ شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وإنا معن قوله ‪ { :‬لذهب بسمعهم وأبصارهم } لذهب سعهم وأبصارهم ولكن العرب إذا أدخلوا الباء ف مثل ذلك قالوا ‪ :‬ذهبت ببصره وإذا حذفوا الباء قالوا ‪ :‬أذهبت‬
‫بصره كما قال جل ثناؤه { آتنا غداءنا } ( الكهف‪ ) 62‬ولو أدخلت الباء ف الغداء لقيل ‪ :‬ائتنا بغدائنا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف قيل ‪ { :‬لذهب بسمعهم } فوحد وقال ‪ { :‬وأبصارهم } فجمع ؟ وقد علمت أن الب ف السمع خب عن سع جاعة كما الب عن البصار خب عن‬
‫أبصار جاعة ؟‬
‫قيل ‪ :‬قد اختلف أهل العربية ف ذلك فقال بعض نوي الكوفة ‪ :‬وحد السمع لنه عن به الصدر وقصد به الرق وجع البصار لنه عن به العي وكان بعض نوي البصرة يزعم ‪ :‬أن‬
‫السمع وإن كان ف لفظ واحد فإنه بعن جاعة ويتج ف ذلك بقول ال ‪ { :‬ل يرتد إليهم طرفهم } ( إبراهيم ‪ ) 43 :‬يريد ‪ :‬ل ترتد إليهم أطرافهم وبقوله ‪ { :‬ويولون الدبر } ( القمر ‪:‬‬
‫‪ ) ، 45‬يراد به أدبارهم وإنا جاز ذلك عندي لن ف الكلم ما يدل على أنه مراد به المع فكان ف دللته على الراد منه وأداء معن الواحد من السمع عن معن جاعة مغنيا عن جاعه ولو‬
‫‪ :‬فعل بالبصر نظي الذي فعل بالسمع أو فعل بالسمع نظي الذي فعل بالبصار من المع والتوحيد كان فصيحا صحيحا لا ذكرنا من العلة كما قال الشاعر‬
‫( كلوا ف بعض بطنكم تعفوا ‪ ...‬فإن زماننا زمن خيص )‬
‫فوحد البطن والراد منه البطون لا وصفنا من العلة‬
‫{ القول ف تأويل قوله جل ثناؤه ‪ { :‬إن ال على كل شيء قدير‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وإنا وصف ال نفسه جل ذكره بالقدرة على كل شيء ف هذا الوضع لنه حذر النافقي بأسه وسطوته وأخبهم أنه بم ميط وعلى إذهاب أساعهم وأبصارهم قدير ث قال ‪:‬‬
‫فاتقون أيها النافقون واحذروا خداعي وخداع رسول وأهل اليان ب ل أحل بكم نقمت فإن على ذلك وعلى غيه من الشياء قدير ومعن { قدير } قادر كما معن عليم عال على ما‬
‫وصفت فيما تقدم من نظائره من زيادة معن فعيل على فاعل ف الدح والذم‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪184‬‬


‫(يكاد البق يطف أبصارهم كلما أضاء لم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم إن ال على كل شيء قدير (‪20‬‬

‫{ يكاد البق يطف أبصارهم كلما أضاء لم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم إن ال على كل شيء قدير }‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪195‬‬

‫(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون (‪21‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬فأمر جل ثناؤه الفريقي اللذين أخب ال عن أحدها أنه سواء عليهم أأنذروا أم ل ينذروا أنم ل يؤمنون لطبعه على قلوبم وعلى سعهم وعن الخر أنه يادع ال والذين آمنوا‬
‫با يبدي بلسانه من قيله ‪ :‬آمنا بال وباليوم الخر مع استبطانه خلف ذلك ومرض قلبه وشكه ف حقيقة ما يبدي من ذلك وغيهم من سائر خلقه الكففي بالستكانة والضوع له بالطاعة‬
‫وإفراد الربوبية له والعبادة دون الوثان والصنام واللة لنه جل ذكره هو خالقهم وخالق من قبلهم من آبائهم وأجدادهم وخالق أصنامهم وأوثانم وآلتهم فقال لم جل ذكره ‪ :‬فالذي‬
‫خلقكم وخلق آباءكم وأجدادكم وسائر اللق غيكم وهو يقدر على ضركم ونفعكم أول بالطاعة من ليقدرلكم على نفع ول ضر‬
‫وكان ابن عباس فيما روي لنا عنه يقول ف ذلك نظي ما قلنا فيه غي أنه ذكر عنه أنه كان يقول ف معن { اعبدوا ربكم } ‪ :‬وحدوا ربكم وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معن‬
‫العبادة ‪ :‬الضوع ل بالطاعة والتذلل له بالستكانة والذي أراد ابن عباس إن شاء ال بقوله ف تأويل قوله ‪ { :‬اعبدوا ربكم } وحدوه أي أفردوا الطاعة والعبادة لربكم دون سائر خلقه‬
‫حدثنا ممدبن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممدبن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال ‪ :‬قال ال ‪ { :‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم } للفريقي جيعا من‬
‫الكفار والنافقي أي وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد عن أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم } يقول ‪ :‬خلقكم وخلق الذين من قبلكم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذه الية من أدل دليل على فساد قول من زعم ‪ :‬أن تكليف ما ل يطاق إل بعونة ال غي جائز إل بعد إعطاء ال الكلف العونة على ما كلفه وذلك أن ال أمر من وصفنا‬
‫بعبادته والتوبة من كفره بعد إخباره عنهم أنم ل يؤمنون وأنم عن ضللتهم ل يرجعون‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬لعلكم تتقون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل ذلك ‪ :‬لعلكم تتقون بعبادتكم ربكم الذي خلقكم وطاعتكم إياه فيما أمركم به وناكم عنه وإفرادكم له العبادة لتتقوا سخطه وغضبه أن يل عليكم وتكونوا من‬
‫التقي الذين رضي عنهم ربم‬
‫وكان ماهد يقول ف تأويل قوله ‪ { :‬لعلكم تتقون } ‪ :‬تطيعون‬
‫حدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثن أب عن سفيان عن ابن أب نيح عن ماهد ف قوله ‪ { :‬لعلكم تتقون } قال ‪ :‬لعلكم تطيعون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والذي أظن أن ماهدا أراد بقوله هذا ‪ :‬لعلكم أن تتقوا ربكم بطاعتكم إياه وإقلعكم عن ضللتكم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن قال لنا قائل ‪ :‬فكيف قال جل ثناؤه ‪ { :‬لعلكم تتقون } ؟ أول يكن عالا با يصي إليه أمرهم إذا هم عبدوه وأطاعوه حت قال لم ‪ :‬لعلكم إذا فعلتم ذلك أن تتقوا فأخرج‬
‫الب عن عاقبة عبادتم إياه مرج الشك ؟‬
‫‪ :‬قيل له ‪ :‬ذلك على غي العن الذي توهت وإنا معن ذلك ‪ :‬اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لتتقوه بطاعته وتوحيده وإفراده بالربوبية والعبادة كما قال الشاعر‬
‫( وقلتم لنا ‪ :‬كفوا الروب لعلنا ‪ ...‬نكف ! ووثقتم لنا كل موثق )‬
‫( فلما كففنا الرب كانت عهودكم ‪ ...‬كلمح سراب ف الفل متألق )‬
‫يريد بذلك ‪ :‬قلتم لنا كفوا لنكف وذلك أن لعل ف هذا الوضع لو كان شكا ل يكونوا وثقواكل موثق‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪197‬‬

‫(الذي جعل لكم الرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون (‪22‬‬

‫وقوله ‪ { :‬الذي جعل لكم الرض فراشا } مردود على { الذي } الول ف قوله { اعبدوا ربكم الذي خلقكم } وها جيعا من نعت { ربكم } فكأنه قال ‪ :‬اعبدوا ربكم الالقكم والالق‬
‫الذين من قبلكم الاعل لكم الرض فراشا يعن بذلك أنه جعل لكم الرض مهادا موطأ وقرارا يستقر عليها يذكر ربنا جل ذكره بذلك من قيله عباده نعمه عندهم وآلءه لديهم ليذكروا‬
‫أياديه عندهم فينيبوا إل طاعته تعطفا منه بذلك عليهم ورأفة منه بم ورحة لم من غي ما حاجة منه إل عبادتم ولكن ليتم نعمته عليهم ولعلهم يهتدون‬
‫كما حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬الذي جعل لكم الرض فراشا } فهي فراش يشى عليها وهي الهاد والقرار‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬الذي جعل لكم الرض فراشا } قال ‪ :‬مهادا لكم‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق عن عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬الذي جعل لكم الرض فراشا } أي مهادا‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬والسماء بناء‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وإنا سيت السماء ساء لعلوها على الرض وعلى سكانا من خلقه وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لا تته ساة ولذلك قيل لسقف البيت ‪ :‬ساوة لنه فوقه مرتفع عليه‬
‫‪ :‬ولذلك قيل ‪ :‬سا فلن لفلن إذا أشرف له وقصد نوه عاليا عليه كما قال الفرزدق‬
‫( سونا لنجران اليمان وأهله ‪ ...‬ونران أرض ل تديث مقاوله )‬
‫‪ :‬وكما قال نابغة بن ذبيان‬
‫( ست ل نظرة فرأيت منها ‪ ...‬تيت الدر واضعة القرام )‬
‫يريد بذلك ‪ :‬أشرفت ل نظرة وبدت فكذلك السماء سيت للرض ‪ :‬ساء لعلوها وإشرافها عليها‬
‫كما حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬والسماء بناء } فبناء السماء على الرض كهيئة القبة وهي سقف على الرض‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ف قول ال ‪ { :‬والسماء بناء } قال ‪ :‬جعل السماء سقفا لك‬
‫وإنا ذكر تعال ذكره السماء والرض فيما عدد عليهم من نعمه الت أنعمها عليهم لن منهما أقواتم وأرزاقهم ومعايشهم وبما قوام دنياهم فأعلمهم أن الذي خلقهما وخلق جيع ما فيهما‬
‫وما هم فيه من النعم هو الستحق عليهم الطاعة والستوجب منهم الشكر والعبادة دون الصنام والوثان الت ل تضر ول تنفع‬
‫{ القول ف تأويل قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم‬
‫يعن تعال ذكره بذلك أنه أنزل من السماء مطرا فأخرج بذلك الطر ما أنبتوه ف الرض من زرعهم وغرسهم ثرات رزقا لم غذاء وأقواتا فنبههم بذلك على قدرته وسلطانه وذكرهم به‬
‫آلءه لديهم وأنه هو الذي خلقهم وهو الذي يرزقهم ويكفلهم دون من جعلوه له ندا وعدل من الوثان واللة ث زجرهم عن أن يعلوا له ندا مع علمهم بأن ذلك كما أخبهم وأنه ل ند له‬
‫ول عدل ول لم نافع ول ضار ول خالق ول رازق سواه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬والنداد جع ند والند ‪ :‬العدل والثل كما قال حسان بن ثابت‬
‫( أتجوه ولست له بند ؟ ‪ ...‬فشركما لي كما الفداء )‬
‫يعن بقوله ‪ :‬ولست له بند لست له بثل ولعدل وكل شيء كان نظيا لشيء وله شبيها فهوله ند‬
‫كما حدثنا بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا } أي عدلء‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثن أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا } أي عدلء‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا } قال ‪ :‬أكفاء من الرجال تطيعونم ف معصية ال حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ف قول ال ‪ { :‬فل‬
‫تعلوا ل أندادا } قال ‪ :‬النداد ‪ :‬اللة الت جعلوها معه وجعلوا لا مثل ما جعلوا له حدثت عن النجاب قال ‪ :‬حدثنا بشر عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬فل تعلوا ل‬
‫أندادا } قال ‪ :‬أشباها‬
‫حدثن ممدبن سنان قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن شبيب عن عكرمة ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا } أن تقولوا ‪ :‬لول كلبنا لدخل علينا اللص الدار لول كلبنا صاح ف الدار ونو ذلك‬
‫فنهاهم ال تعال أن يشركوا به شيئا وأن يعبدوا غيه أو يتخذوا له ندا وعدل ف الطاعة فقال ‪ :‬كما ل شريك ل ف خلقكم وف رزقكم الذي أرزقكم وملكي إياكم ونعمي الت أنعمتها‬
‫عليكم فكذلك فأفردوا ل الطاعة وأخلصوا ل العبادة ول تعلوا ل شريكا وندا من خلقي فإنكم تعلمون أن كل نعمة عليكم فمن‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬وأنتم تعلمون‬
‫اختلف أهل التأويل ف الذين عنوا بذه الية ‪ :‬فقال بعضهم ‪ :‬عن با جيع الشركي من مشركي العرب وأهل الكتاب‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬عن بذلك أهل الكتابي أهل التوراة والنيل‬
‫ذكر من قال ‪ :‬عن با جيع عبدة الوثان من العرب وكفار أهل الكتابي ‪ :‬حدثنا ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل عن ممدبن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن‬
‫عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال ‪ :‬نزل ذلك ف الفريقي جيعا من الكفار والنافقي وإنا عن تعال ذكره بقوله ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون } أي ل تشركوا بال‬
‫غيه من النداد الت ل تنفع ول تضر وأنتم تعلمون أنه ل رب لكم يرزقكم غيه وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الق ل شك‬
‫حدثنا بشر قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ف قوله ‪ { :‬وأنتم تعلمون } أي تعلمون أن ال خلقكم وخلق السموات والرض ث تعلون له أندادا‬
‫‪ :‬ذكر من قال ‪ :‬عن بذلك أهل الكتابي‬
‫حدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن ماهد ‪ { :‬فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون } أنه إله واحد ف التوراة والنيل‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا قبيصة قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن ماهد مثله‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬وأنتم تعلمون } يقول ‪ :‬وأنتم تعلمون أنه ل ند له ف التوراة والنيل‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأحسب أن الذي دعا ماهدا إل هذا التأويل وإضافة ذلك إل أنه خطاب لهل التوراة والنيل دون غيهم الظن منه بالعرب أنا ل تكن تعلم أن ال خالقها ورازقها‬
‫بحودها وحدانية ربا وإشراكها معه ف العبادة غيه وإن ذلك لقول ! ولكن ال جل ثناؤه قد أخب ف كتابه عنها أنا كانت تقر بوحدانيته غي أنا كانت تشرك ف عبادته ما كانت تشرك‬
‫فيها فقال جل ثناؤه ‪ { :‬ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن ال } ( الزخرف ‪ ) ، 87 :‬وقال ‪ { :‬قل من يرزقكم من السماء والرض أمن يلك السمع والبصار ومن يرج الي من اليت‬
‫( ويرج اليت من الي ومن يدبر المر فسيقولون ال فقل أفل تتقون } ( يونس ‪31 :‬‬
‫فالذي هو أول بتأويل قوله ‪ { :‬وأنتم تعلمون } إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانية ال وأنه مبدع اللق وخالقهم ورازقهم نظي الذي كان من ذلك عند أهل الكتابي ول يكن ف‬
‫الية دللة على أن ال جل ثناؤه عن بقوله ‪ { :‬وأنتم تعلمون } أحد الزبي بل مرج الطاب بذلك عام للناس كافة لم لنه تدى الناس كلهم بقوله ‪ { :‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم } أن‬
‫يكون تأويله ما قاله ابن عباس و قتادة من أنه يعن بذلك كل مكلف عال بوحدانية ال وأنه ل شريك له ف خلقه يشرك معه ف عبادته غيه كائنا من كان من الناس عربيا كان أو أعجميا‬
‫كاتبا أو أميا وإن كان الطاب لكفار أهل الكتاب الذين كانوا حوال دار هجرة رسول ال صلى ال عليه وسلم وأهل النفاق منهم ومن بي ظهرانيهم من كان مشركا فانتقل إل النفاق بقدم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪200‬‬

‫(وإن كنتم ف ريب ما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون ال إن كنتم صادقي (‪23‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا من ال عز وجل احتجاج لنبيه ممد صلى ال عليه وسلم على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب وضللم الذين افتتح بقصصهم قوله جل ثناؤه ‪:‬‬
‫{ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتم أم ل تنذرهم } ( البقرة ‪ ) 6 :‬وإياهم ياطب بذه اليات وضرباءهم يعن با قال ال جل ثناؤه لم ‪ :‬وإن كنتم أيها الشركون من العرب والكفار من‬
‫أهل الكتابي ف شك وهو الريب ما نزلنا على عبدنا ممد صلى ال عليه وسلم من النور والبهان وآيات الفرقان ‪ :‬أنه من عندي وأن الذي أنزلته إليه فلم تؤمنوا به ول تصدقوه فيما يقول‬
‫فأتوا بجة تدفع حجته لنكم تعلمون أن حجة كل ذي نبوة على صدقه ف دعواه النبوة ‪ :‬أن يأت ببهان يعجز عن أن يأت بثله جيع اللق ومن حجة ممد صلى ال عليه وسلم على صدقه‬
‫وبرهانه على حقيقة نبوته وأن ما جاء به من عندي عجز جيعكم وجيع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم عن أن تأتوا بسورة من مثله وإذا عجزت عن ذلك وأنتم أهل الباعة ف‬
‫الفصاحة والبلغة والذرابة فقد علمتم أن غيكم عما عجزت عنه من ذلك أعجز كما كان برهان من سلف من رسلي وأنبيائي على صدقه وحجته على نبوته من اليات ما يعجز عن التيان‬
‫بثله جيع خلقي فيتقرر حينئذ عندكم أن ممدا ل يتقوله ول يتلقه لن ذلك لو كان منه اختلفا وتقول ل تعجزوا وجيع خلقي عن التيان بثله لن ممدا صلى ال عليه وسلم ل يعد أن يكون‬
‫بشرا مثلكم وف مثل حالكم ف السم وبسطة اللق وذرابة اللسان فيمكن أن يظن به اقتدار على ما عجزت عنه أو يتوهم منكم عجز عما اقتدر عليه‬
‫{ ث اختلف أهل التأويل ف تأويل قوله ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله‬
‫فحدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله } يعن ‪ :‬من مثل هذا القرآن حقا وصدقا ل باطل فيه ول كذب‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أنبأنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله } يقول ‪ :‬بسورة مثل هذا القرآن‬
‫حدثن ممد بن عمرو الباهلي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى بن ميمون عن عبدال بن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله } مثل القرآن‬
‫حدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله } قال ‪ { :‬مثله } مثل القرآن‬
‫فمعن قول ماهد و قتادة الذي ذكرنا عنهما ‪ :‬أن ال جل ذكره قال لن حاجه ف نبيه ممد صلى ال عليه وسلم من الكفار ‪ :‬فأتوا بسورة من مثل هذا القرآن من كلمكم أيها العرب كما‬
‫أتى به ممد بلغاتكم ومعان منطقكم‬
‫وقد قال قوم آخرون ‪ :‬إن معن قوله ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله } من مثل ممد من البشر لن ممدا بشر مثلكم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والتأويل الول الذي قاله ماهد و قتادة هو التأويل الصحيح لن ال جل ثناؤه قال ف سورة أخرى ‪ { :‬أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله } ( يونس ‪ ) 38 :‬ومعلوم أن‬
‫السورة ليست لحمد بنظي ول شبيه فيجوز أن يقال ‪ :‬فأتوا بسورة مثل ممد‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬فإنك ذكرت أن ال عن بقوله ‪ { :‬فاتوا بسورة من مثله } من مثل هذا القرآن فهل للقرآن من مثل فيقال ‪ :‬ائتوا بسورة من مثله ؟‬
‫قيل ‪ :‬إنه ل يعن به ‪ :‬ائتوا بسورة من مثله ف التأليف والعان الت باين با سائر الكلم غيه وإنا عن ‪ :‬ائتوا بسورة من مثله ف البيان لن القرآن أنزله ال بلسان عرب فكلم العرب ل شك‬
‫له مثل ف معن العربية فأما ف العن الذي باين به القرآن سائر كلم الخلوقي فل مثل له من ذلك الوجه ول نظيول شبيه‬
‫وإنا احتج ال جل ثناؤه عليهم لنبيه صلى ال عليه وسلم با احتج به له عليهم من القرآن إذ ظهر عجز القوم عن أن يأتوا بسورة من مثله ف البيان إذ كان القرآن بيانا مثل بيانم وكلما‬
‫نزل بلسانم فقال لم جل ثناؤه ‪ :‬وإن كنتم ف ريب من أن ما أنزلت على عبدي من القرآن من عندي فأتوا بسورة من كلمكم الذي هو مثله ف العربية إذ كنتم عربا وهو بيان نظي بيانكم‬
‫وكلم شبيه كلمكم فلم يكلفهم جل ثناؤه أن يأتوا بسورة من غي اللسان الذي هو نظي اللسان الذي نزل به القرآن فيقدروا أن يقولوا ‪ :‬كلفتنا ما لو أحسناه أتينا به وإنا ل نقدر على‬
‫التيان به لنا لسنا من أهل اللسان الذي كلفتنا التيان به فليس لك علينا بذا حجة لنا وإن عجزنا عن أن نأت بثله من غي ألسنتنا لنا لسنا من أهله ففي الناس خلق كثي من غي أهل‬
‫لساننا يقدر على أن يأت بثله من اللسان الذي كلفتنا التيان به ولكنه جل ثناؤه قال لم ‪ :‬ائتوا بسورة من مثله لن مثله من اللسن ألسنتكم وأنتم إن كان ممد اختلقه وافتراه إذا اجتمعتم‬
‫وتظاهرت على التيان بثل سورة منه من لسانكم وبيانكم أقدر على اختلقه ورصفه وتأليفه من ممد صلى ال عليه وسلم وإن ل تكونوا أقدر عليه منه فلن تعجزوا وأنتم جيع عما قدر عليه‬
‫ممد من ذلك وهو وحيد إن كنتم صادقي ف دعواكم وزعمكم أن ممدا افتراه واختلقه وأنه من عند غيي‬
‫{ واختلف أهل التأويل ف تأويل قوله ‪ { :‬وادعوا شهداءكم من دون ال إن كنتم صادقي‬
‫فقال ابن عباس با ‪ :‬حدثنا به ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممدبن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد عن ابن عباس ‪ { :‬وادعوا شهداءكم من دون‬
‫ال } يعن أعوانكم على ما أنتم عليه إن كنتم صادقي‬
‫حدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبوعاصم عن عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬وادعوا شهداءكم } ناس يشهدون‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫حدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن ماهد قال ‪ :‬قوم يشهدون لكم‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬وادعوا شهداءكم } قال ‪ :‬ناس يشهدون قال ابن جريج ‪ { :‬شهداءكم } عليها إذا أتيتم با أنا مثله مثل‬
‫القرآن‬
‫وذلك قول ال لن شك من الكفار فيما جاء به ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ :‬وقوله فادعوا يعن ‪ :‬استنصروا واستغيثوا كما قال الشاعر‬
‫( فلما التقت فرساننا ورجالم ‪ ...‬دعوا ‪ :‬يالكعب ! واعتزينا لعامر )‬
‫يعن بقوله ‪ :‬دعوا يا لكعب استنصروا كعبا واستغاثوا بم وأما الشهداء فإنا جع شهيد كما الشركاء جع شريك والطباء جع خطيب والشهيد يسمى به الشاهد على الشيء لغيه با يقق‬
‫دعواه وقد يسمى به الشاهد للشيء كما يقال ‪ :‬فلن جليس فلن يعن به مالسه ونديه يعن به منادمه وكذلك يقال ‪ :‬شهيده يعن به مشاهده‬
‫فإذا كانت الشهداء متملة أن تكون جع الشهيد الذي هو منصرف للمعنيي اللذين وصفت فأول وجهيه بتأويل الية ما قاله ابن عباس وهو أن يكون معناه ‪ :‬واستنصروا على أن تأتوا بسورة‬
‫من مثله أعوانكم وشهداءكم الذين يشاهدونكم ويعاونونكم على تكذيبكم ال ورسوله ويظاهرونكم على كفركم ونفاقكم إن كنتم مقي ف جحودكم أن ما جاءكم به ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم اختلق وافتراء لتمتحنوا أنفسكم وغيكم ‪ :‬هل تقدرون على أن تأتوا بسورة من مثله فيقدر ممد على أن يأت بميعه من قبل نفسه اختلقا ؟‬
‫وأما ما قاله ماهد و ابن جريج ف تأويل ذلك فل وجه له لن القوم كانوا على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم أصنافا ثلثة ‪ :‬أهل إيان صحيح وأهل كفر صحيح وأهل نفاق بي ذلك‬
‫فأهل اليان كانوا بال وبرسوله مؤمني فكان من الحال أن يدعي الكفار أن لم شهداء على حقيقة ما كانوا يأتون به لو أتوا باختلق من الرسالة ث ادعوا أنه للقرآن نظي من الؤمني فأما‬
‫أهل النفاق والكفر فل شك أنم لو دعوا إل تقيق الباطل وإبطال الق لتنازعوا إليه مع كفرهم وضللم فمن أي الفريقي كانت تكون شهداؤهم لو ادعوا أنم قد أتوا بسورة من مثل‬
‫القرآن ؟‬
‫ولكن ذلك كماقال جل ثناؤه ‪ { :‬قل لئن اجتمعت النس والن على أن يأتوا بثل هذا القرآن ل يأتون بثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيا } ( السراء ‪ ) 188 :‬فأخب جل ثناؤه ف هذه‬
‫الية أن مثل القرآن ل يأت به الن والنس ولو تظاهروا وتعاونوا على التيان به وتداهم بعن التوبيخ لم ف ضض فقال تعال ‪ { :‬وإن كنتم ف ريب ما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من‬
‫مثله وادعوا شهداءكم من دون ال إن كنتم صادقي } يعن بذلك ‪ :‬ان كنتم ف شك ف صدق ممد فيما جاءكم به من عندي أنه من عندي فأتوا بسورة من مثله وليستنصر بعضكم بعضا‬
‫على ذلك إن كنتم صادقي ف زعمكم حت تعلموا أنكم إذ عجزت عن ذلك أنه ل يقدر على أن يأت به ممد صلى ال عليه وسلم ول من البشر أحد ويصح عندكم أنه تنيلي ووحيي إل‬
‫عبدي‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪203‬‬

‫(فإن ل تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت وقودها الناس والجارة أعدت للكافرين (‪24‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن تعال ذكره بقوله ‪ { :‬فإن ل تفعلوا } إن ل تأتوا بسورة من مثله فقد تظاهرت أنتم وشركاؤكم عليه وأعوانكم فتبي لكم بامتحانكم واختباركم عجزكم وعجز جيع‬
‫خلقي عنه وعلمتم أنه من عندي ث أقمتم على التكذيب به‬
‫وقوله ‪ { :‬ولن تفعلوا } أي لن تأتوا بسورة من مثله أبدا‬
‫كما حدثنا بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬فإن ل تفعلوا ولن تفعلوا } أي ل تقدرون على ذلك ول تطيقونه‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيدبن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬فإن ل تفعلوا ولن تفعلوا } فقد بي لكم الق‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬فاتقوا النار الت وقودها الناس والجارة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن جل ثناؤه بقوله { فاتقوا النار } يقول ‪ :‬فاتقوا أن تصلوا النار بتكذيبكم رسول با جاءكم به من عندي أنه من وحيي وتنيلي بعد تبينكم أنه كتاب ومن عندي وقيام‬
‫الجة عليكم بأنه كلمي ووحي بعجزكم وعجز جيع خلقي عن أن يأتوا بثله‬
‫ث وصف جل ثناؤه النار الت حذرهم صليها فأخبهم أن الناس وقودها وأن الجارة وقودها فقال ‪ { :‬الت وقودها الناس والجارة } يعن بقوله ‪ { :‬وقودها } حطبها والعرب تعله مصدرا‬
‫وهو اسم إذا فتحت الواو بنلة الطب فإذا ضمت الواو من الوقود كان مصدرا من قول القائل ‪ :‬وقدت النار فهي تقد وقودا وقدة ووقدانا ووقدا يراد بذلك أنا التهبت‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬وكيف خصت الجارة فقرنت بالناس حت جعلت لنار جهنم حطبا ؟‬
‫قيل ‪ :‬إنا حجارة الكبيت وهي أشد الجارة فيما بلغنا حرا إذا أحيت‬
‫كما حدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا أبو معاوية عن مسعر عن عبد اللك بن ميسرة الزراد عن عبد الرحن بن سابط عن عمروبن ميمون عن عبد ال ابن مسعود ف قوله ‪ { :‬وقودها الناس‬
‫والجارة } قال ‪ :‬هي حجارة من كبيت خلقها ال يوم خلق السموات والرض ف السماء الدنيا يعدها للكافرين‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أنبأنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أنبأنا ابن عيينة عن مسعر عن عبد اللك الزراد عن عمروبن ميمون عن ابن مسعود ف قوله ‪ { :‬وقودها الناس والجارة } قال ‪ :‬حجارة‬
‫الكبيت جعلها ال كما شاء‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمروبن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬اتقوا النار الت وقودها الناس والجارة } أما الجارة فهي حجارة ف النار من كبيت أسود يعذبون به مع النار‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج ف قوله ‪ { :‬وقودها الناس والجارة } قال ‪ :‬حجارة من كبيت أسود ف النار قال ‪ :‬وقال ل عمرو بن دينار ‪ :‬حجارة‬
‫أصلب من هذه وأعظم‬
‫حدثنا سفيان بن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أب عن مسعر عن عبد اللك بن ميسرة عن عبد الرحن بن سابط عن عمرو بن ميمون عن عبدال بن مسعود قال ‪ :‬حجارة من الكبيت‬
‫خلقها ال عنده كيف شاء وكما شاء‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬أعدت للكافرين‬
‫قد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن الكافر ف كلم العرب هو الساتر شيئا بغطاء وأن ال جل ثناؤه إنا سى الكافر كافرا لحوده آلءه عنده وتغطيته نعماءه قبله‬
‫فمعن قوله إذا ‪ { :‬أعدت للكافرين } أعدت النار للجاحدين أن ال ربم التوحد بلقهم وخلق الذين من قبلهم الذي جعل لم الرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به‬
‫من الثمرات رزقا لم الشركي معه ف عبادته النداد واللة وهو التفرد لم بالنشاء والتوحد بالقوات والرزاق‬
‫كما حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ممد بن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد عن ابن عباس ‪ { :‬أعدت للكافرين } أي لن كان على مثل ما‬
‫أنتم عليه من الكفر‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪205‬‬

‫وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالات أن لم جنات تري من تتها النار كلما رزقوا منها من ثرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابا ولم فيها أزواج مطهرة وهم فيها‬
‫(خالدون (‪25‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬أما قوله تعال ‪ { :‬وبشر } فإنه يعن ‪ :‬أخبهم والبشارة أصلها الب با يسر به الخب إذا كان سابقا به كل مب سواه‬
‫وهذا أمر من ال تعال نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم بإبلغ بشارته خلقه الذين آمنوا به وبحمد صلى ال عليه وسلم وبا جاء به من عند ربه وصدقوا إيانم ذلك وإقرارهم بأعمالم‬
‫الصالة فقال له ‪ :‬يا ممد بشر من صدقك أنك رسول وأن ما جئت به من الدى والنور فمن عندي وحقق تصديقه ذلك قول بأداء الصال من العمال الت افترضتها عليه وأوجبتها ف‬
‫كتاب على لسانك عليه أن له جنات تري من تتها النار خاصة دون من كذب بك وأنكر ما جئته به من الدى من عندي وعاندك ودون من أظهر تصديقك وأقر أن ما جئته به فمن عندي‬
‫قول وجحده اعتقادا ول يققه عمل فإن لولئك النار الت وقودها الناس والجارة معدة عندي‬
‫والنات ‪ :‬جع جنة والنة ‪ :‬البستان‬
‫وإنا عن جل ذكره بذكر النة ‪ :‬ما ف النة من أشجارها وثارها وغروسها دون أرضها ولذلك قال عز ذكره ‪ { :‬تري من تتها النار } لنه معلوم أنه إنا أراد جل ثناؤه الب عن ماء‬
‫أنارها أنه جار تت أشجارها وغروسها وثارها ل أنه جار تت أرضها لن الاء إذا كان جاريا تت الرض فل حظ فيها لعيون من فوقها إل بكشف الساتر بينها وبينه على أن الذي توصف‬
‫به أنار النة أنا جارية ف غي أخاديد‬
‫كما حدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا الشجعي عن سفيان عن عمرو بن مرة عن أب عبيدة عن مسروق قال ‪ :‬نل النة نضيد من أصلها إل فرعها وثرها أمثال القلل كلما نزعت ثرة عادت‬
‫مكانا أخرى وماؤها يري ف غي أخدود‬
‫حدثنا ماهد بن موسى قال ‪ :‬حدثنا يزيد قال ‪ :‬أخبنا مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن أب عبيدة بنحوه‬
‫وحدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا ابن مهدي قال ‪ :‬حدثنا سفيان قال ‪ :‬سعت عمرو بن مرة يدث عن أب عبيدة فذكر مثله قال ‪ :‬فقلت لب عبيدة ‪ :‬من حدثك ؟ فغضب وقال ‪ :‬مسروق‬
‫فإذا كان المر كذلك ف أن أنارها جارية ف غي أخاديد فل شك أن الذي أريد بالنات ‪ :‬أشجار النات وغروسها وثارها دون أرضها إذ كانت أنارها تري فوق أرضها وتت غروسها‬
‫وأشجارها على ما ذكره مسروق وذلك أول بصفة النة من أن تكون أنارها جارية تت أرضها‬
‫وإنا رغب ال جل ثناؤه بذه الية عباده ف اليان وحضهم على عبادته با أخبهم أنه أعده لهل طاعته واليان به عنده كما حذرهم ف الية الت قبلها با أخب من إعداده ما أعد لهل‬
‫الكفر به الاعلي معه اللة والنداد من عقابه عن إشراك غيه معه والتعرض لعقوبته بركوب معصيته وترك طاعته‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬كلما رزقوا منها من ثرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن تعال ذكره بقوله ‪ { :‬كلما رزقوا منها } ‪ :‬من النات والاء راجعة على النات وإنا العن أشجارها فكأنه قال ‪ :‬كلما رزقوا من أشجار البساتي الت أعدها ال للذين‬
‫آمنوا وعملوا الصالات ف جناته من ثرة من ثارها رزقا قالوا ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل‬
‫{ ث اختلف أهل التأويل ف تأويل قوله ‪ { :‬هذا الذي رزقنا من قبل‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬تأويل ذلك ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل هذا ف الدنيا‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود‬
‫وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم قالوا ‪ { :‬هذا الذي رزقنا من قبل } قال ‪ :‬إنم أتوا بالثمرة ف النة فلما نظروا إليها قالوا ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل ف الدنيا‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } أي ف الدنيا‬
‫حدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى بن ميمون عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } يقولون ‪ :‬ما أشبهه به‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد مثله‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ { :‬قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } ف الدنيا قال ‪ { :‬وأتوا به متشابا } يعرفونه‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقال آخرون ‪ :‬بل تأويل ذلك ‪ :‬هذا الذي رزقنا من ثار النة من قبل هذا لشدة مشابة بعض ذلك ف اللون والطعم بعضا ومن علة قائلي هذا القول ‪ :‬أن ثار النة كلما‬
‫نزع منها شيء عاد مكانه آخر مثله‬
‫كما حدثنا ابن بشار قال ‪ :‬حدثنا ابن مهدي قال ‪ :‬حدثنا سفيان قال ‪ :‬سعت عمروبن مرة يدث عن أب عبيدة قال ‪ :‬نل النة نضيد من أصلها إل فرعها وثرها مثل القلل كلما نزعت‬
‫منها ثرة عادت مكانا أخرى‬
‫قالوا ‪ :‬فإنا اشتبهت عند أهل النة لن الت عادت نظية الت نزعت فأكلت ف كل معانيها قالوا ‪ :‬ولذلك قال ال جل ثناؤه ‪ { :‬وأتوا به متشابا } لشتباه جيعه ف كل معانيه وقال بعضهم‬
‫‪ :‬بل قالوا ‪ { :‬هذا الذي رزقنا من قبل } لشابته الذي قبله ف اللون وإن خالفه ف الطعم‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا القاسم بن السي قال ‪ :‬حدثنا السي بن داود قال ‪ :‬حدثنا شيخ من الصيصة عن الوزاعي عن يي بن أب كثي قال ‪ :‬يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها ث يؤتى‬
‫بأخرى فيقول ‪ :‬هذا الذي أتينا به من قبل فيقول اللك ‪ :‬كل فاللون واحد والطعم متلف وهذا التأويل مذهب من تأول الية غي أنه يدفع صحته ظاهر التلوة والذي يدل على صحته ظاهر‬
‫الية ويقق صحته قول القائلي ‪ :‬إن معن ذلك ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل ف الدنيا وذلك أن ال جل ثناؤه قال ‪ { :‬كلما رزقوا منها من ثرة رزقا } فأخب جل ثناؤه أن من قيل أهل النة‬
‫كلما رزقوا من ثر النة رزقا أن يقولوا ‪ { :‬هذا الذي رزقنا من قبل } ول يصص بأن ذلك من قيلهم ف بعض ذلك دون بعض فإذ كان قد أخب جل ذكره عنهم أن ذلك من قيلهم ف كل‬
‫ما رزقوا من ثرها فل شك أن ذلك من قيلهم ف أول رزق رزقوه من ثارها أتوا به بعد دخولم النة واستقرارهم فيها الذي ل يتقدمه عندهم من ثارها ثرة فإذ كان ل شك أن ذلك من‬
‫قيلهم ف أوله كما هو من قيلهم ف أوسطه وما يتلوه فمعلوم أنه مال أن يكون من قيلهم لول رزق رزقوه من ثار النة ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل هذا من ثار النة وكيف يوز أن يقولوا‬
‫لول رزق رزقوه من ثارها ولا يتقدمه عندهم غيه ‪ :‬هذا هو الذي رزقناه من قبل ؟ إل أن ينسبهم ذو غية وضلل إل قيل الكذب الذي قد طهرهم ال منه أو يدفع دافع أن يكون ذلك من‬
‫قيلهم لول رزق رزقوه منها من ثارها فيدفع صحة ما أوجب ال صحته بقوله ‪ { :‬كلما رزقوا منها من ثرة رزقا } من غي نصب دللة على أنه معن به حال من أحوالم دون حال‬
‫فقد تبي با بينا أن معن الية ‪ :‬كلما رزق الذين آمنوا وعملوا الصالات من ثرة من ثار النة ف النة رزقا قالوا ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل هذا ف الدنيا‬
‫فإن سألنا سائل فقال ‪ :‬وكيف قال القوم ‪ :‬هذا الذي رزقنا من قبل والذي رزقوه من قبل قد عدم بأكلهم إياه ؟ وكيف يوز أن يقول أهل النة قول ل حقيقة له ؟‬
‫قيل ‪ :‬إن المر على غي ما ذهبت إليه ف ذلك وإنا معناه ‪ :‬هذا من النوع الذي رزقناه من قبل هذا من الثمار والرزق كالرجل يقول لخر ‪ :‬قد أعد لك فلن من الطعام كذا وكذا من ألوان‬
‫الطبيخ والشواء واللوى فيقول القول له ذاك ‪ :‬هذا طعامي ف منل يعن بذلك ‪ :‬أن النوع الذي ذكر له صاحبه أنه أعده له من الطعام هو طعامه ل أن أعيان ما أخبه صاحبه أنه قد أعده‬
‫له هو طعامه بل ذلك ما ل يوز لسامع سعه يقول ذلك أن يتوهم أنه أراده أو قصده لن ذلك خلف خرج كلم التكلم وإنا يوجه كلم كل متكلم إل العروف ف الناس من مارجه دون‬
‫الجهول من معانيه فكذلك ذلك ف قوله ‪ { :‬قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } إذ كان ما كانوا رزقوه من قبل قد فن وعدم فمعلوم أنم عنوا بذلك ‪ :‬هذا من النوع الذي رزقناه من قبل ومن‬
‫جنسه ف السمات واللوان على ما قد بينا من القول ف ذلك ف كتابنا هذا‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬وأتوا به متشابا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والاء ف قوله ‪ { :‬وأتوا به متشابا } عائدة على الرزق فتأويله ‪ :‬وأتوا بالذي رزقوا من ثارها متشابا‬
‫وقد اختلف أهل التأويل ف تأويل التشابه ف ذلك ‪ :‬فقال بعضهم ‪ :‬تشابه أن كله خيار ل رذل فيه‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا خلد بن أسلم قال ‪ :‬أخبنا النضربن شيل قال ‪ :‬أخبنا أبو عامر عن السن ف قوله ‪ :‬متشابا قال ‪ :‬خيارا كلها ل رذل فيها‬
‫حدثن يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا ابن علية عن أب رجاء ‪ :‬قرأ السن آيات من البقرة فأتى على هذه الية ‪ { :‬وأتوا به متشابا } قال ‪ :‬أل تروا إل ثار الدنيا كيف ترذلون بعضه ؟ وإن‬
‫ذلك ليس فيه رذل‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر قال ‪ :‬قال السن ‪ { :‬وأتوا به متشابا } قال ‪ :‬يشبه بعضه بعضا ليس فيه من رذل‬
‫حدثنا بشر قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬وأتوا به متشابا } أي خيارا ل رذل فيه وإن ثار الدنيا ينقى منها وبرذل منها وثار النة خيار كله ل يرذل منه شيء‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قال ثر الدنيا منه ما يرذل ومنه نقاوة وثر النة نقاوة كله يشبه بعضه بعضا ف الطيب ليس منه مرذول‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬تشابه ف اللون وهو متلف ف الطعم‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثن موسى قال حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬وأتوا به متشابا } ف اللون والرأى وليس يشبه الطعم‬
‫حدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبوعاصم عن عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬وأتوا به متشابا } مثل اليار‬
‫حدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ :‬وأتوا به متشابا لونه متلفا طعمه مثل اليار من القثاء‬
‫حدثت عن عماربن السن قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬وأتوا به متشابا } يشبه بعضه بعضا ويتلف الطعم‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أنبأنا الثوري عن ابن أب نيح عن ماهد ف قوله ‪ :‬متشابا قال ‪ :‬مشتبها ف اللون ومتلفا ف الطعم‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬وأتوا به متشابا } مثل اليار‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬تشابه ف اللون والطعم‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أب عن سفيان عن رجل عن ماهد قوله ‪ :‬متشابا قال ‪ :‬اللون والطعم‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أب نيح عن ماهد و يي بن سعيد ‪ :‬متشابا قال ‪ :‬ف اللون والطعم‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬تشابه تشابه ثر النة وثر الدنيا ف اللون وإن اختلف طعومهما‬
‫‪ :‬ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أنبأنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة‬
‫وأتوا به متشابا } قال ‪ :‬يشبه ثر الدنيا غي أن ثر النة أطيب }‬
‫حدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬قال حفص بن عمر قال ‪ :‬حدثنا الكم بن أبان عن عكرمة ف قوله ‪ { :‬وأتوا به متشابا } قال ‪ :‬يشبه ثر الدنيا غي أن ثر النة أطيب وقال بعضهم ‪:‬‬
‫ل يشبه شيء ما ف النة ما ف الدنيا إل الساء‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثن أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا الشجعي ح وحدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا مؤمل قال جيعا ‪ :‬حدثنا سفيان عن العمش عن أب ظبيان عن ابن عباس قال أبو كريب‬
‫ف حديثه عن الشجعي ‪ :‬ل يشبه شيء ما ف النة ما ف الدنيا إل الساء وقال ابن بشارف حديثه عن مؤمل قال ‪ :‬ليس ف الدنيا ما ف النة إل الساء‬
‫حدثنا عباس بن ممد قال ‪ :‬حدثنا ممد بن عبيد عن العمش عن أب ظبيان عن ابن عباس قال ‪ :‬ليس ف الدنيا من النة شيء إل الساء‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أنبأنا ابن وهب قال ‪ :‬قال عبد الرحن بن زيد ف قوله ‪ { :‬وأتوا به متشابا } قال ‪ :‬يعرفون أساءه كما كانوا ف الدنيا التفاح بالتفاح والرمان بالرمان قالوا‬
‫ف النة ‪ { :‬هذا الذي رزقنا من قبل } ف الدنيا { وأتوا به متشابا } يعرفونه وليس هومثله ف الطعم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأول هذه التأويلت بتأويل الية تأويل من قال ‪ :‬وأتوا به متشابا ف اللون والنظر والطعم متلف يعن بذلك اشتباه ثر النة وثر الدنيا ف النظر واللون متلفا ف الطعم‬
‫والذوق لا قدمنا من العلة ف تأويل قوله ‪ { :‬كلما رزقوا منها من ثرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } وأن معناه ‪ :‬كلما رزقوا من النان من ثرة من ثارها رزقا قالوا ‪ :‬هذا الذي رزقنا‬
‫من قبل هذا ف الدنياة فأخب ال جل ثناؤه عنهم أنم قالوا ذلك ومن أجل أنم أتوا با أتوا به من ذلك ف النة متشابا يعن بذلك تشابه ما أتوا به ف النة منه والذي كانوا رزقوه ف الدنيا ف‬
‫اللون والرأى والنظر وإن اختلفا ف الطعم والذوق فتباينا فلم يكن لشيء ما ف النة من ذلك نظي ف الدنيا‬
‫وقد دللنا على فساد قول من زعم أن معن قوله ‪ { :‬قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } إنا هوقول من أهل النة ف تشبيههم بعض ثر النة ببعض وتلك الدللة على فساد ذلك القول هي‬
‫الدللة على فساد قول من خالف قولنا ف تأويل قوله ‪ { :‬وأتوا به متشابا } لن ال جل ثناؤه إنا أخب عن العن الذي من أجله قال القوم ‪ { :‬هذا الذي رزقنا من قبل } بقوله ‪ { :‬وأتوا به‬
‫{ متشابا‬
‫ويسأل من أنكر ذلك فزعم أنه غي جائز أن يكون شيء ما ف النة نظيا لشيء ما ف الدنيا بوجه من الوجوه فيقال له ‪ :‬أيوز أن يكون أساء ما ف النة من ثارها وأطعمتها وأشربتها‬
‫نظائرأساء ما ف الدنيا منها ؟‬
‫فإن أنكر ذلك خالف نص كتاب ال لن ال جل ثناؤه إنا عرف عباده ف الدنيا ما هو عنده ف النة بالساء الت يسمى با ما ف الدنيا من ذلك‬
‫وإن قال ‪ :‬ذلك جائز بل هو كذلك‬
‫قيل ‪ :‬فما أنكرت أن يكون ألوان ما فيها من ذلك نظي ألوان ما ف الدنيا منه بعن البياض والمرة والصفرة وسائر صنوف اللوان وإن تباينت فتفاضلت بفضل حسن الرآة والنظر فكان لا‬
‫ف النة من ذلك من البهاء والمال وحسن الرآة والنظر خلف الذي لا ف الدنيا منه كما كان جائزا ف الساء مع اختلف السميات بالفضل ف أجسامها ؟ ث يعكس عليه القول ف ذلك‬
‫فلن يقول ف أحدها شيئا إل ألزم ف الخر مثله‬
‫وكان أبو موسى الشعري يقول ف ذلك با ‪ :‬حدثن به ابن بشار قال ‪ :‬حدثنا ابن أب عدي و عبد الوهاب و ممد بن جعفر عن عوف عن قسامة عن الشعري قال ‪ :‬إن ال لا أخرج آدم‬
‫من النة زوده من ثار النة وعلمه صنعة كل شيء فثماركم هذه من ثار النة غي أن هذه تغي وتلك ل تغي‬
‫وقد زعم بعض أهل العربية أن معن قوله ‪ { :‬وأتوا به متشابا } أنه متشابه ف الفضل أي كل واحد منه له من الفضل ف نوه مثل الذي للخر ف نوه‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وليس هذا قول نستجيز التشاغل بالدللة على فساده لروجه عن قول جيع علماء أهل التأويل وحسب قول بروجه عن قول جيع أهل العلم دللة على خطئه‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والاء واليم اللتان ف لم عائدتان على الذين آمنوا وعملوا الصالات والاء واللف اللتان ف فيها عائدتان على النات وتأويل ذلك ‪ :‬وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالات‬
‫أن لم جنات فيها أزواج مطهرة‬
‫والزواج جع زوج وهي امرأة الرجل يقال ‪ :‬فلنة زوج فلن وزوجته‬
‫وأما قوله ‪ { :‬مطهرة } فإن تأويله أنن طهرن من كل أذى وقذى وريبة ما يكون ف نساء أهل الدنيا من اليض والنفاس والغائط والبول والخاط والبصاق والن وما أشبه ذلك من الذى‬
‫والدناس والريب والكاره‬
‫كما حدثنا به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أما أزواج مطهرة فإنن ل يضن ول يدثن ول يتنخمن‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن صال قال ‪ :‬حدثنا معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس قوله ‪ { :‬أزواج مطهرة } يقول ‪ :‬مطهرة من القذر والذى‬
‫حدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا يي القطان عن سفيان عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال ‪ :‬ل يبلن ول يتغوطن ول يذين‬
‫حدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن ابن أب نيح عن ماهد نوه إل أنه زاد فيه ‪ :‬ول يني ول يضن‬
‫حدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال تعال ذكره ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال ‪ :‬مطهرة من اليض والغائط والبول والنخام‬
‫والبزاق والن والولد‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا سويد بن نصر قال ‪ :‬حدثنا ابن البارك عن ابن جريج عن ماهد مثله‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا الثوري عن ابن أب نيح عن ماهد قال ‪ :‬ل يبلن ول يتغوطن ول يضن ول يلدن ول يني ول يبزقن‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد نوحديث ممد بن عمرو عن أب عاصم‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } إي وال من الث والذى‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال ‪ :‬طهرهن ال من كل بول وغائط وقذر ومن كل مأث‬
‫حدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثن ابن أب جعفر عن أبيه عن قتادة قال مطهرة من اليض والبل والذى‬
‫حدثت عن عماربن السن قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن ليث عن ماهد قال ‪ :‬الطهره من اليض والبل‬
‫حدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب عن عبد الرحن بن زيد ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال ‪ :‬الطهرة الت ل تيض قال ‪ :‬وأزواج الدنيا ليست بطهرة أل تراهن يدمي ويتركن الصلة‬
‫والصيام ؟ قال ابن زيد ‪ :‬وكذلك خلقت حواء حت عصت فلما عصت قال ال ‪ :‬إن خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة‬
‫حدثت عن عمار قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع عن السن ف قوله ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال يقول ‪ :‬مطهرة من اليض‬
‫حدثنا عمرو بن علي قال ‪ :‬حدثنا خالد بن يزيد قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن السن ف قوله ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال ‪ :‬من اليض‬
‫حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو معاوية قال ‪ :‬حدثنا ابن جريج عن عطاء قوله ‪ { :‬ولم فيها أزواج مطهرة } قال ‪ :‬من الولد واليض والغائط والبول وذكر أشياء من هذا النحو القول ف تأويل‬
‫{ قوله ‪ { :‬وهم فيها خالدون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن تعال ذكره بذلك ‪ :‬والذين آمنوا وعملوا الصالات ف النات خالدون‬
‫والاء واليم من قوله وهم عائدة على الذين آمنوا وعملوا الصالات والاء واللف ف فيهاعلى النات وخلودهم فيها دوام بقائهم فيها على ما أعطاهم ال فيها من البة والنعيم القيم‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪213‬‬

‫إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الق من ربم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد ال بذا مثل يضل به كثيا ويهدي به كثيا وما يضل‬
‫(به إل الفاسقي (‪26‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التاويل ف العن الذي أنزل ال جل ثناؤه فيه هذه الية وف تأويلها‬
‫فقال بعضهم با ‪ :‬حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود‬
‫وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬لا ضرب ال هذين الثلي للمنافقي يعن قوله ‪ { :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } وقوله ‪ { :‬أو كصيب من السماء } اليات الثلث‬
‫{ قال النافقون ‪ :‬ال أعلى وأجل من أن يضرب هذه المثال فأنزل ال ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة } إل قوله ‪ { :‬أولئك هم الاسرون‬
‫وقال آخرون با ‪ :‬حدثن به أحد بن إبراهيم قال حدثنا قراد عن أب جعفر الرازي عن الربيع بن أنس ف قوله تعال ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها } قال ‪ :‬هذا‬
‫مثل ضربه ال للدنيا إن البعوضة تيا ما جاعت فإذا سنت ماتت وكذلك مثل هؤلء القوم الذين ضرب ال لم هذا الثل ف القرآن ‪ :‬إذا امتلوا من الدنيا ريا أخذهم ال عند ذلك قال ‪ :‬ث‬
‫( تل ‪ { :‬فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حت إذا فرحوا با أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } ( النعام ‪44 :‬‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا إسحق بن الجاج قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس بنحوه إل أنه قال ‪ :‬فإذا خلت آجالم وانقطعت مدتم صاروا كالبعوضة تيا ما‬
‫جاعت وتوت إذا رويت فكذلك هؤلء الذين ضرب ال لم هذا الثل إذا امتلئوا من الدنيا ريا أخذهم ال فأهلكهم فذلك قوله ‪ { :‬حت إذا فرحوا با أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون }‬
‫( ( النعام ‪44 :‬‬
‫وقال آخرون با ‪ :‬حدثنا به بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها } أي إن ال ل يستحيي من الق أن يذكرمنه‬
‫{ شيئا ما قل منه أو كثر إن ال حي ذكر ف كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضللة ‪ :‬ما أراد ال من ذكر هذا ؟ فأنزل ال ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة قال ‪ :‬لا ذكر ال العنكبوت والذباب قال الشركون ‪ :‬ما بال العنكبوت والذباب يذكران ؟ فأنزل ال ‪ { :‬إن ال‬
‫{ ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها‬
‫وقد ذهب كل قائل من ذكرنا قوله ف هذه الية وف العن الذي نزلت فيه مذهبا غيأن أول ذلك بالصواب وأشبهه بالق ما ذكرنا من قول ابن مسعود وابن عباس‬
‫وذلك أن ال جل ذكره أخب عباده أنه ل يستحي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها عقيب أمثال قد تقدمت ف هذه السورة ضربا للمنافقي دون المثال الت ضربا ف سائر السور غيها‬
‫فلن يكون هذا القول أعن قوله ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما } جوابا لنكي الكفار والنافقي ما ضرب لم من المثال ف هذه السورة أحق وأول من أن يكون ذلك جوابا‬
‫لنكيهم ما ضرب لم من المثال ف غيها من السور‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬إنا أوجب أن يكون ذلك جوابا لنكيهم ما ضرب من المثال ف سائر السور لن المثال الت ضربا ال لم وللتهم ف سائر السور أمثال موافقة العن لا أخب عنه ‪ :‬أنه ل‬
‫يستحيي أن يضربه مثل إذ كان بعضها تثيل للتهم بالعنكبوت وبعضها تشبيها لا ف الضعف والهانة بالذباب وليس ذكر شيء من ذلك بوجود ف هذه السورة فيجوز أن يقال ‪ :‬إن ال ل‬
‫يستحيي أن يضربه مثل‬
‫فإن ذلك بلف ما ظن وذلك أن قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها } إنا هو خب منه جل ذكره أنه ليستحيي أن يضرب ف الق من المثال‬
‫صغيها وكبيها ابتلء بذلك عباده واختبارا منه لم ليميز به أهل اليان والتصديق به من أهل الضلل والكفر به إضلل منه به لقوم وهداية منه به لخرين‬
‫كما حدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد ف قوله ‪ { :‬مثل ما بعوضة } يعن المثال صغيها وكبيها يؤمن با الؤمنون ويعلمون أنا الق من‬
‫ربم ويهديهم ال با ويضل با الفاسقي يقول ‪ :‬يعرفه الؤمنون فيؤمنون به ويعرفه الفاسقون فيكفرون به‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫حدثن القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد مثله‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬ل أنه جل ذكره قصد الب عن عي البعوضة أنه ل يستحيي من ضرب الثل با ولكن البعوضة لا كانت أضعف اللق‬
‫كما حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا أبو سفيان عن معمر عن قتادة قال ‪ :‬البعوضة أضعف ما خلق ال‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج بنحوه‬
‫خصها ال بالذكر ف القلة فأخب أنه ل يستحيي أن يضرب أقل المثال ف الق وأحقرها وأعلها إل غي ناية ف الرتفاع جوابا منه جل ذكره لن أنكر من منافقي خلقه ما ضرب لم من‬
‫الثل بوقد النار والصيب من السماء على ما نعتهما به من نعتهما‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬وأين ذكر نكي النافقي المثال الت وصفت الذي هذا الب جوابه فنعلم أن القول ف ذلك ما قلت ؟‬
‫قيل ‪ :‬الدللة على ذلك بينة ف قول ال تعال ذكره ‪ { :‬فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الق من ربم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد ال بذا مثل يضل به كثيا ويهدي به كثيا } ( البقرة‬
‫‪ ) 26 :‬وإن القوم الذين ضرب لم المثال ف اليتي القدمتي اللتي مثل ما عليه النافقون مقيمون فيهما ‪ :‬بوقد النار والصيب من السماء على ما وصف من ذلك قبل قوله ‪ { :‬إن ال ل‬
‫يستحيي أن يضرب مثل } قد أنكروا الثل وقالوا ‪ :‬ماذا أراد ال بذا مثل ؟ فأوضح لم تعال ذكره خطأ قيلهم ذلك وقبح لم ما نطقوا به وأخبهم بكمهم ف قيلهم ما قالوا منه وأنه ضلل‬
‫وفسوق وأن الصواب والدى ما قاله الؤمنون دون ما قالوه‬
‫وأما تأويل قوله ‪ { :‬إن ال ل يستحيي } فإن بعض النسوبي إل العرفة بلغة العرب كان يتأول معن { إن ال ل يستحيي } ‪ :‬إن ال ل يشى أن يضرب مثل ويستشهد على ذلك من قوله‬
‫بقول ال تعال ‪ { :‬وتشى الناس وال أحق أن تشاه } ( الحزاب ‪ ) ، 37 :‬ويزعم أن معن ذلك ‪ :‬وتستحي الناس وال أحق أن تستحيه فيقول ‪ :‬الستحياء بعن الشية والشية بعن‬
‫الستحياء‬
‫‪ :‬وأما معن قوله ‪ { :‬أن يضرب مثل } فهو أن يبي ويصف كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬ضرب لكم مثل من أنفسكم } ( الروم ‪ ) 28 :‬بعن وصف لكم وكما قال الكميت‬
‫( وذلك ضرب أخاس أريدت ‪ ...‬لسداس عسى أن ل تكونا )‬
‫بعن ‪ :‬وصف أخاس‬
‫‪ :‬والثل ‪ :‬الشبه يقال ‪ :‬هذا مثل هذا ومثله كما يقال ‪ :‬شبهه وشبهه ومنه قول كعب بن زهي‬
‫( كانت مواعيدعرقوب لامثل ‪ ...‬وما مواعيدها إل الباطيل )‬
‫يعن شبها فمعن قوله إذا ‪ { :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل } ‪ :‬إن ال ل يشى أن يصف شبها لاشبه به‬
‫وأما ما الت مع أمثل فإنا بعن الذي لن معن الكلم ‪ :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضة ف الصغر والقلة فما فوقها مثل‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬فإن كان القول ف ذلك ما قلت فما وجه نصب البعوضة وقد علمت أن تأويل الكلم ما تأولت ‪ :‬أن ال ل يستحيي أن يضرب مثل الذي هو بعوضة ؟ فالبعوضة على‬
‫قولك ف مل الرفع ؟ فأن أتاها النصب ؟‬
‫‪ :‬قيل ‪ :‬أتاها النصب من وجهي ‪ :‬أحدها أن ما لا كانت ف مل نصب بقوله يضرب وكانت البعوضة لا صلة عربت بتعريبها فألزمت إعرابا كما قال حسان بن ثابت‬
‫( وكفى بنا فضلعلى من غينا ‪ ...‬حب النب ممد إيانا )‬
‫فعربت غي بإعراب من والعرب تفعل ذلك خاصة ف من و ما تعرب صلتما بإعرابما لنما يكونان معرفة أحيانا ونكرة أحيانا‬
‫وأما الوجه الخر فأن يكون معن الكلم ‪ :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب مثل ما بي البعوضة إل ما فوقها ث حذف ذكر بي و إل إذ كان ف نصب البعوضة ودخول الفاء ف ما الثانية دللة‬
‫عليهما كما قالت العرب ‪ :‬مطرنا ما زبالة فالثعلبية و له عشرون ما ناقة فجمل و هي أحسن الناس ما قرنا فقدما يعنون ‪ :‬ما بي قرنا إل قدمها وكذلك يقولون ف كل ما حسن فيه من‬
‫{ الكلم دخول ‪ :‬ما بي كذا إل كذا ينصبون الول والثان ليدل النصب فيهما على الحذوف من الكلم فكذلك ذلك ف قوله ‪ { :‬ما بعوضة فما فوقها‬
‫وقد زعم بعض أهل العربية أن ما الت مع الثل صلة ف الكلم بعن التطول وأن معن الكلم ‪ :‬إن ال ل يستحيي أن يضرب بعوضة مثل بعوضة فما فوقها فعلى هذا التأويل يب أن تكون‬
‫بعوضة منصوبة ب يضرب وأن تكون ما الثانية الت ف فما فوقها معطوفة على البعوضة ل على ما‬
‫وأما تأويل قوله { فما فوقها } ‪ :‬فما هو أعظم منها عندي لا ذكرنا قبل من قول قتادة و ابن جريج ‪ :‬أن البعوضة أضعف خلق ال فإذ كانت أضعف خلق ال فهي ناية ف القلة والضعف وإذ‬
‫كانت كذلك فل شك أن ما فوق أضعف الشياء ل يكون إل أقوى منه فقد يب أن يكون العن على ما قاله فما فوقها ف العظم والكب إذ كانت البعوضة ناية ف الضعف والقلة وقيل ف‬
‫تأويل قوله { فما فوقها } ف الصغر والقلة كما يقال ف الرجل يذكره الذاكر فيصفه باللؤم والشح فيقول السامع ‪ :‬نعم وفوق ذاك يعن فوق الذي وصفت ف الشح واللؤم وهذا قول خلف‬
‫تأويل أهل العلم الذين ترتضى معرفتهم بتأويل القران‬
‫فقد تبي إذا با وصفنا أن معن الكلم ‪ :‬إن ال ليستحي أن يصف شبها لا شبه به الذي هو ما بي بعوضة إل ما فوق البعوضة‬
‫فأما تأويل الكلم لو رفعت البعوضة فغي جائز ف ما إل ما قلنا من أن تكون اسا ل صلة بعن التطول‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الق من ربم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد ال بذا مثل‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن تعال ذكره بقوله ‪ { :‬فأما الذين آمنوا } فأما الذين صدقوا ال ورسوله وقوله ‪ { :‬فيعلمون أنه الق من ربم } يعن ‪ :‬فيعرفون أن الثل الذي ضربه ال لا ضربه له مثل‬
‫كما حدثن به الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق بن الجاج قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الق من ربم } أن هذا الثل الق من ربم‬
‫وأنه كلم ال ومن عنده‬
‫وكما حدثنا بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الق من ربم } أي يعلمون أنه كلم الرحن وأنه الق من ال { وأما الذين‬
‫{ كفروا فيقولون ماذا أراد ال بذا مثل‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقوله { وأما الذين كفروا } يعن الذين جحدوا آيات ال وأنكروا ما عرفوا وستروا ما علموا أنه حق وذلك صفة النافقي وإياهم عن ال جل وعز ومن كان من نظرائهم‬
‫وشركائهم من الشركي من أهل الكتاب وغيهم بذه الية فيقولون ‪ :‬ماذا أراد ال بذا مثل كما قد ذكرنا قبل من الب الذي رويناه عن ماهد الذي ‪ :‬حدثنا به ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا‬
‫أبو عاصم عن عيسى عن ابن أب نيح‬
‫عن ماهد ‪ { :‬فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الق من ربم } الية قال ‪ :‬يؤمن با الؤمنون ويعلمون أنا الق من ربم ويهديهم ال با ويضل با الفاسقون يقول ‪ :‬يعرفه الؤمنون فيؤمنون به‬
‫ويعرفه الفاسقون فيكفرون به‬
‫وتأويل قوله ‪ { :‬ماذا أراد ال بذا مثل } ما الذي أراد ال بذا الثل مثل فذا الذي مع ما ف معن الذي وأراد صلته وهذا إشارة إل الثل‬
‫{ القول ف تأويل قوله جل ثناؤه ‪ { :‬يضل به كثيا ويهدي به كثيا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله جل وعز ‪ { :‬يضل به كثيا } يضل ال به كثيا من خلقه والاء ف به من ذكر الثل وهذا خب من ال جل ثناؤه مبتدأ ومعن الكلم ‪ :‬أن ال يضل بالثل الذي‬
‫يضربه كثيا من أهل النفاق والكفر ‪ :‬كما حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن‬
‫مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬يضل به كثيا } يعن النافقي { ويهدي به كثيا } يعن الؤمني فيزيد هؤلء ضلل إل ضللم لتكذيبهم با قد‬
‫علموه حقا يقينا من الثل الذي ضربه ال لا ضربه له وأنه لا ضربه له موافق فذلك إضلل ال إياهم به و { يهدي به } يعن الثل كثيا من أهل اليان والتصديق فيزيدهم هدى إل هداهم‬
‫وإيانا إل إيانم لتصديقهم با قد علموه حقا يقينا أنه موافق ما ضربه ال له مثل وإقرارهم به وذلك هداية من ال لم به وقد زعم بعضهم أن ذلك خب عن النافقي كأنم قالوا ‪ :‬ماذا أراد‬
‫ال بثل ل يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدي به هذا ث استؤنف الكلم والب عن ال فقال ال ‪ { :‬وما يضل به إل الفاسقي } وفيما ف سورة الدثر من قول ال ‪ { :‬وليقول الذين ف‬
‫قلوبم مرض والكافرون ماذا أراد ال بذا مثل كذلك يضل ال من يشاء ويهدي من يشاء } ( الدثر ‪ ) 31 :‬ماينبء عن أنه ف سورة البقرة كذلك مبتدأ أعن قوله ‪ { :‬يضل به كثيا‬
‫{ ويهدي به كثيا‬
‫{ القول ف تأويل قوله جل ثناؤه ‪ { :‬وما يضل به إل الفاسقي‬
‫وتأويل ذلك ما ‪ :‬حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس‬
‫من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬وما يضل به إل الفاسقي } هم النافقون‬
‫وحدثنا بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬وما يضل به إل الفاسقي } فسقوا فأضلهم ال على فسقهم‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬وما يضل به إل الفاسقي } هم أهل النفاق‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأصل الفسق ف كلم العرب ‪ :‬الروج عن الشيء يقال منه ‪ :‬فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها ومن ذلك سيت الفأرة فويسفة لروجها عن جحرها فكذلك النافق‬
‫والكافر سيا فاسقي لروجهما عن طاعة ربما ولذلك قال جل ذكره ف صفة إبليس ‪ { :‬إل إبليس كان من الن ففسق عن أمر ربه } ( الكهف ‪ ) 50 :‬يعن به خرج عن طاعته واتباع أمره‬
‫كما حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال ‪ :‬حدثن ابن إسحق عن داود بن الصي عن عكرمة مول ابن عباس عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬با كانوا يفسقون } ( البقرة ‪ ) 59 :‬أي با بعدوا‬
‫عن أمري‬
‫فمعن قوله ‪ { :‬وما يضل به إل الفاسقي } وما يضل ال بالثل الذي يضربه لهل الضلل والنفاق إل الارجي عن طاعته والتاركي اتباع أمره من أهل الكفر به من أهل الكتاب وأهل‬
‫الضلل من أهل النفاق‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪219‬‬


‫(الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل ويفسدون ف الرض أولئك هم الاسرون (‪27‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا وصف من ال جل ذكره الفاسقي الذين أخب أنه ل يضل بالثل الذي ضربه النفاق غيهم فقال ‪ :‬وما يضل ال بالثل الذي يضربه على ما وصف قبل ف اليات التقدمة‬
‫إل الفاسقي الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه‬
‫‪ :‬ث اختلف أهل العرفة ف معن العهد الذي وصف ال هؤلء الفاسقي بنقضه‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬هو وصية ال إل خلقه وأمره إياهم با أمرهم به من طاعته ونيه إياهم عما ناهم عنه من معصيته ف كتبه وعلى لسان رسوله صلى ال عليه وسلم ونقضهم ذلك تركهم العمل‬
‫به‬
‫وقال آخرون ‪ :‬إنا نزلت هذه اليات ف كفار أهل الكتاب والنافقي منهم وإياهم عن ال جل ذكره بقوله ‪ { :‬إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتم } ( البقرة ‪ ) 6 :‬وبقوله ‪ { :‬ومن الناس‬
‫من يقول آمنا بال وباليوم الخر } ( البقرة ‪ ) 8 :‬فكل ما ف هذه اليات فعذل لم وتوبيخ إل انقضاء قصصهم قالوا ‪ :‬فعهد ال الذي نقضوه بعد ميثاقه هو ما أخذه ال عليهم ف التوراة من‬
‫العمل با فيها واتباع ممد صلى ال عليه وسلم إذا بعث والتصديق به وبا جاء به من عند ربم ونقضهم ذلك هو جحودهم به بعد معرفتهم بقيقته وإنكارهم ذلك وكتمانم علم ذلك الناس‬
‫بعد إعطائهم ال من أنفسهم اليثاق ليبيننه للناس ول يكتمونه فأخب ال جل ثناؤه أنم نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثنا قليل‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬إن ال عن بذه الية جيع أهل الشرك والكفر والنفاق وعهده إل جيعهم ف توحيده ‪ :‬ما وضع لم من الدلة الدالة على ربوبيته وعهده إليهم ف أمره ونيه ‪ :‬ما احتج به‬
‫لرسله من العجزات الت ل يقدر أحد من الناس غيهم أن يأت بثلها الشاهدة لم على صدقهم قالوا ‪ :‬ونقضهم ذلك تركهم القرار با قد تبينت لم صحته بالدلة وتكذيبهم الرسل والكتب‬
‫مع علمهم أن ما أتوا به حق‬
‫وقال آخرون ‪ :‬العهد الذي ذكره ال جل ذكره هو العهد الذي أخذه عليهم حي أخرجهم من صلب آدم الذي وصفه ف قوله ‪ { :‬وإذ أخذ ربك من بن آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم‬
‫على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلي * أو تقولوا إنا أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا با فعل البطلون } ( العراف ‪:‬‬
‫‪ ) 173 - 172‬ونقضهم ذلك تركهم الوفاء به‬
‫وأول القوال عندي بالصواب ف ذلك قول من قال ‪ :‬إن هذه اليات نزلت ف كفار أحبار اليهود الذين كانوا بي ظهران مهاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم وما قرب منها من بقايا بن‬
‫إسرائيل ومن كان على شركه من أهل النفاق الذين قد بينا قصصهم فيما مضى من كتابنا هذا‬
‫وقد دللنا على أن قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬إن الذين كفروا سواء عليهم } ( البقرة ‪ ) 6 :‬وقوله ‪ { :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر } ( البقرة ‪ ) 8 :‬فيهم أنزلت وفيمن كان على‬
‫مثل الذي هم عليه من الشرك بال غي أن هذه اليات عندي وإن كانت فيهم نزلت فإنه معن با كل من كان على مثل ما كانوا عليه من الضلل ومعن با وافق منها صفة النافقي خاصة‬
‫جيع النافقي ؟ وبا وافق منها صفة كفار أحبار اليهود جيع من كان لم نظيا ف كفرهم‬
‫وذلك أن ال جل ثناؤه يعم أحيانا جيعهم بالصفة لتقديه ذكر جيعهم ف أول اليات الت ذكرت قصصهم وشخص أحيانا بالصفة بعضهم لتفضيله ف أول اليات بي فريقيهم أعن ‪ :‬فريق‬
‫النافقي من عبدة الوثان وأهل الشرك بال وفريق كفار أحبار اليهود فالذين ينقضون عهد ال هم التاركون ما عهد ال إليهم من القرار بحمد صلى ال عليه وسلم وبا جاء به وتبيي نبوته‬
‫للناس الكاتون بيان ذلك بعد علمهم به وبا قد أخذ ال عليهم ف ذلك كما قال ال جل ذكره ‪ { :‬وإذ أخذ ال ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ول تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم }‬
‫( آل عمران ‪ ) 187 :‬ونبذهم ذلك وراء ظهورهم هو نقضهم العهد الذي عهد اليهم ف التوراة الذي وصفناه وتركهم العمل به‬
‫وإنا قلت ‪ :‬إنه عن بذه اليات من قلت أنه عن با لن اليات من مبتدأ اليات المس والست من سورة البقرة فيهم نزلت إل تام قصصهم وف الية الت بعد الب عن خلق آدم وبيانه ف‬
‫قوله ‪ { :‬يا بن إسرائيل اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } ( البقرة ‪ ) 40 :‬وخطابه إياهم جل ذكره بالوفاء بذلك خاصة دون سائر البشر ما يدل على أن قوله‬
‫‪ { :‬الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه } مقصود به كفارهم ومنافقوهم ومن كان من أشياعهم من مشركي عبدة الوثان على ضللم غي أن الطاب وإن كان لن وصفت من الفريقي‬
‫فداخل ف أحكامهم وفيما أوجب ال لم من الوعيد والذم والتوبيخ كل من كان على سبيلهم ومنهاجهم من جيع اللق وأصناف المم الخاطبي بالمر والنهي‬
‫فمعن الية إذا ‪ :‬وما يضل به إل التاركي طاعة ال الارجي عن اتباع أمره ونيه الناكثي عهود ال الت عهدها إليهم ف الكتب الت أنزلا إل رسله وعلى ألسن أنبيائه باتباع أمر رسوله ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم وما جاء به وطاعة ال فيما افترض عليهم ف التوراة من تبيي أمره للناس وإخبارهم إياهم أنم يدونه مكتوبا عندهم أنه رسول من عند ال مفترضة طاعته وترك كتمان‬
‫ذلك لم ونكثهم ذلك ونقضهم إياه هو مالفتهم ال ف عهده إليهم فيما وصفت أنه عهد إليهم بعد إعطائهم ربم اليثاق بالوفاء بذلك كما وصفهم به ربنا تعال ذكره بقوله ‪ { :‬فخلف من‬
‫( بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الدن ويقولون سيغفر لنا وإن يأتم عرض مثله يأخذوه أل يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن ل يقولوا على ال إل الق } ( العراف ‪169 :‬‬
‫وأما قوله ‪ { :‬من بعد ميثاقه } فإنه يعن ‪ :‬من بعد توثق ال فيه بأخذ عهوده بالوفاء له با عهد إليهم ف ذلك غي أن التوثق مصدر من قولك ‪ :‬توثقت من فلن توثقا واليثاق اسم منه‬
‫والاء ف اليثاق عائدة على اسم ال‬
‫وقد يدخل ف حكم هذه الية كل من كان بالصفة الت وصف ال با هؤلء الفاسقي من النافقي والكفار ف نقض العهد وقطع الرحم والفساد ف الرض‬
‫كما حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه } فإياكم ونقض هذا اليثاق فإن ال قد كره نقضه وأوعد فيه وقدم فيه ف آي‬
‫القرآن حجة وموعظة ونصيحة وإنا ل نعلم ال جل ذكره أوعد ف ذنب ما أوعد ف نقض اليثاق فمن أعطى عهد ال وميثاقه من ثرة قلبه فليف به ل‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع ف قوله ‪ { :‬الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل ويفسدون ف الرض أولئك‬
‫هم الاسرون } فهي ست خلل ف أهل النفاق إذا كانت لم الظهرة أظهروا هذه اللل الست جيعا ‪ :‬إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا وإذا اؤتنوا خانوا ونقضوا عهد ال من بعد‬
‫ميثاقه وقطعوا ما أمر ال به أن يوصل وأفسدوا ف الرض وإذا كانت عليهم الظهرة أظهروا اللل الثلث إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا و إذا اؤتنوا خانوا‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والذي رغب ال ف وصله وذم على قطعه ف هذه الية ‪ :‬الرحم وقد بي ذلك ف كتابه فقال تعال ‪ { :‬فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا ف الرض وتقطعوا أرحامكم }‬
‫( ممد ‪ ) 22 :‬وإنا عن بالرحم أهل الرحم الذين جعتهم وإياه رحم والدة واحدة وقطع ذلك ‪ :‬ظلمه ف ترك أداء ما ألزم ال من حقوقها وأوجب من برها ووصلها ‪ :‬أداء الواجب لا إليها‬
‫من حقوق ال الت أوجب لا والتعطف عليها با يق التعطف به عليها‬
‫وأن الت مع يوصل ف مل خفض بعن ردها على موضع الاء الت ف به ‪ :‬فكان معن الكلم ‪ :‬ويقطعون الذي أمر ال بأن يوصل والاء الت ف به هي كناية عن ذكر أن يوصل وبا قلنا ف‬
‫‪ :‬تأويل قوله ‪ { :‬ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل } وأنه الرحم كان قتادة يقول‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ‪ { :‬ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل } فقطع وال ما أمر ال به أن يوصل بقطيعة الرحم والقرابة‬
‫وقد تأول بعضهم ذلك ‪ :‬أن ال ذمهم بقطعهم رسول ال صلى ال عليه وسلم والؤمني به وأرحامهم واستشهد على ذلك بعموم ظاهر الية وأن ل دللة على أنه معن با بعض ما أمر ال‬
‫بوصله دون بعض‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا مذهب من تأويل الية غي بعيد من الصواب ولكن ال جل ثناؤه قد ذكر النافقي ف غي آية من كتابه فوصفهم بقطع الرحام فهذه نظية تلك غي أنا وإن كانت‬
‫كذلك فهي دالة على ذم ال كل قاطع قطع ما أمر ال بوصله رحا كانت أو غيها‬
‫{ القول ف تأويل قوله جل ثناؤه ‪ { :‬ويفسدون ف الرض‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وفسادهم ف الرض ‪ :‬هو ما تقدم وصفناه قبل من معصيتهم ربم وكفرهم به وتكذيبهم رسوله وجحدهم نبوته وإنكارهم ما أتاهم به من عند ال أنه حق من عنده‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬أولئك هم الاسرون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والاسرون جع خاسر والاسرون ‪ :‬الناقصون أنفسهم حظوظها بعصيتهم ال من رحته كما يسر الرجل ف تارته بأن يوضع من رأس ماله ف بيعه فكذلك الكافر والنافق‬
‫‪ :‬خسر برمان ال إياه رحته الت خلقها لعباده ف القيامة أحوج ما كان إل رحته يقال منه ‪ :‬خسر الرجل يسر خسرا وخسرانا وخسارا كما قال جرير بن عطية‬
‫( إن سليطا ف السار إنه ‪ ...‬أولد قوم خلقوا أقنه )‬
‫يعن بقوله ‪ :‬ف السار أي فيما يوكسهم حظوظهم من الشرف والكرم وقد قيل ‪ :‬إن معن { أولئك هم الاسرون } ‪ :‬أولئك هم الالكون وقد يوز أن يكون قائل ذلك أراد ما قلنا من‬
‫هلك الذي وصف ال صفته بالصفة الت وصفه با ف هذه الية برمان ال إياه ما حرمه من رحته بعصيته إياه وكفره به فحمل تأويل الكلم على معناه دون البيان عن تأويل عي الكلمة‬
‫بعينها فإن أهل التأويل ربا فعلوا ذلك لعلل كثية تدعوهم إليه‬
‫‪ :‬وقال بعضهم ف ذلك با‬
‫حدثت به عن النجاب قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قال ‪ :‬كل شيء نسبه ال إل غي أهل السلم من اسم مثل خاسر فإنا يعن به الكفر وما نسبه إل‬
‫أهل السلم فإنا يعن به الذنب‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪222‬‬

‫(كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم ث إليه ترجعون (‪28‬‬

‫‪ :‬اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك‬


‫‪ :‬فقال بعضهم با‬
‫حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم } يقول ‪ :‬ل تكونوا شيئا فخلقكم ث ييتكم ث يييكم يوم القيامة‬
‫حدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا عبد الرحن بن مهدي قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن أب إسحق عن أب الحوص عن عبدال ف قوله ‪ { :‬أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } ( غافر ‪ ) 11 :‬قال ‪ :‬هي‬
‫{ كالت ف البقرة ‪ { :‬كنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم‬
‫حدثن أبو حصي عبدال بن أحد بن عبدال بن يونس قال ‪ :‬حدثنا عبثر قال ‪ :‬حدثنا حصي عن أب مالك ف قوله ‪ { :‬أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } قال ‪ :‬خلقتنا ول نكن شيئا ث أمتنا ث‬
‫أحييتنا‬
‫حدثن يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا هشيم عن حصي عن أب مالك ف قوله ‪ { :‬أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } قال ‪ :‬كانوا أمواتا فأحياهم ال ث أماتم ث أحياهم‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي بن داود قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ف قوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم } قال ‪ :‬ل تكونوا شيئا‬
‫حي خلقكم ث ييتكم الوتة الق ث يييكم وقوله ‪ { :‬أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } مثلها‬
‫{ حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قال ‪ :‬حدثن عطاء الراسان عن ابن عباس قال ‪ :‬هو قوله ‪ { :‬أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي‬
‫حدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع قال ‪ :‬حدثن أبو العالية ف قول ال ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا } يقول ‪ :‬حي ل يكونوا شيئا ث‬
‫أحياهم حي خلقهم ث أماتم ث أحياهم يوم القيامة ث رجعوا إليه بعد الياة‬
‫حدثت عن النجاب قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } قال ‪ :‬كنتم ترابا قبل أن يلقكم فهذه ميتة ث أحياكم‬
‫فخلقكم فهذه إحياءة ث ييتكم فترجعون إل القبور فهذه ميتة أخرى ث يبعثكم يوم القيامة فهذه إحياءة فهما ميتتان وحياتان فهو قوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم‬
‫{ ث يييكم ث إليه ترجعون‬
‫‪ :‬وقال آخرون با‬
‫حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن أب صال ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم ث إليه ترجعون } قال ‪ :‬يييكم ف القب ث‬
‫ييتكم‬
‫‪ :‬وقال آخرون با‬
‫حدثنا به بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا } الية قال ‪ :‬كانوا أمواتا ف أصلب آبائهم فأحياهم ال وخلقهم ث أماتم‬
‫‪ :‬الوتة الت ل بد منها ث أحياهم للبعث يوم القيامة فهما حياتان وموتتان وقال بعضهم با‬
‫حدثن به يونس قال ‪ :‬أنبأنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ف قول ال تعال ‪ { :‬ربنا أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } قال ‪ :‬خلقهم من ظهر آدم حي أخذ عليهم اليثاق وقرأ ‪ { :‬وإذ أخذ ربك من‬
‫بن آدم من ظهورهم ذريتهم } حت بلغ ‪ { :‬أو تقولوا إنا أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا با فعل البطلون } ( العراف ‪ ) 173 - 172 :‬قال ‪ :‬فكسبهم العقل وأخذ‬
‫عليهم اليثاق قال ‪ :‬وانتزع ضلعا من أضلع آدم القصيى فخلق منه حواء ذكره عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬وذلك قول ال تعال ‪ { :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من‬
‫نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيا ونساء } ( النساء ‪ ) 1 :‬قال ‪ :‬وبث منهما بعد ذلك ف الرحام خلقا كثيا وقرأ ‪ { :‬يلقكم ف بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق }‬
‫( الزمر ‪ ) 6 :‬قال ‪ :‬خلقا بعد ذلك قال ‪ :‬فلما أخذ عليهم اليثاق أماتم ث خلقهم ف الرحام ث أماتم ث أحياهم يوم القيامة فذلك قول ال ‪ { :‬ربنا أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي فاعترفنا بذنوبنا‬
‫} ( غافر ‪ ) 11 :‬وقرأ قول ال ‪ { :‬وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } ( الحزاب ‪ ) 7 :‬قال ‪ :‬يومئذ قال ‪ :‬وقرأ قول ال ‪ { :‬واذكروا نعمة ال عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سعنا‬
‫( وأطعنا } ( الائدة ‪7 :‬‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬ولكل قول من هذه القوال الت حكيناها عمن رويناها عنه وجه ومذهب من التأوبل‬
‫فأما وجه تأويل من تأول قوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم } أي ل تكونوا شيئا فإنه ذهب إل نو قول العرب للشيء الدارس والمر الامل الذكر ‪ :‬هذا شيء ميت وهذا‬
‫أمر ميت يراد بوصفه بالوت ‪ :‬خول ذكره ودروس أثره من الناس وكذلك يقال ف ضد ذلك وخلفه ‪ :‬هذا أمر حي وذكر حي يراد بوصفه بذلك أنه نابه متعال ف الناس كما قال أبو نيلة‬
‫‪ :‬السعدي‬
‫( فأحييت ل ذكري وما كنت خامل ‪ ...‬ولكن بعض الذكر انبه من بعض )‬
‫يريد بقوله ‪ :‬فأحييت ل ذكري أي ‪ :‬رفعته وشهرته ف الناس حت نبه فصار مذكورا حيا بعد أن كان خامل ميتا فكذلك تأويل قول من قال ف قوله ‪ { :‬وكنتم أمواتا } ل تكونوا شيئا أي‬
‫كنتم خول ل ذكر لكم وذلك كان موتكم فأحياكم فجعلكم بشرا أحياء تذكرون وتعرفون ث ييتكم بقبض أرواحكم وإعادتكم كالذي كنتم قبل أن يييكم من دروس ذكركم وتعفي‬
‫آثاركم وخول أموركم ث يييكم بإعادة أجسامكم إل هيئاتا ونفخ الروح فيها وتصييكم بشرا كالذي كنتم قبل الماتة تتعارفون ف بعثكم وعند حشركم‬
‫وأما وجه تأويل من تأول ذلك ‪ :‬أنه الماتة الت هي خروج الروح من السد فإنه ينبغي أن يكون ذهب بقوله { وكنتم أمواتا } إل أنه خطاب لهل القبور بعد إحيائهم ف قبورهم وذلك‬
‫معن بعيد لن التوبيخ هنالك إنا هو توبيخ على ما سلف وفرط من إجرامهم ل استعتاب واسترجاع وقوله جل ذكره ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا } توبيخ مستعتب عباده وتأنيب‬
‫مسترجع خلقه من العاصي إل الطاعة ومن الضللة إل النابة ول إنابة ف القبور بعد المات ول توبة فيها بعد الوفاة‬
‫وأما وجه تأويل قول قتادة ذلك ‪ :‬أنم كانوا أمواتا ف أصلب آبائهم فإنه عن بذلك أنم كانوا نطفا ل أرواح فيها فكانت بعن سائر الشياء الوات الت ل أرواح فيها وإحياؤه إياها تعال‬
‫ذكره نفخه الرواح فيها وإماتته إياهم بعد ذلك قبضه أرواحهم وإحياؤه إياهم بعد ذلك نفخ الرواح ف أجسامهم يوم ينفخ ف الصور ويبعث اللق للموعود‬
‫وأما ابن زيد فقد أبان عن نفسه ما قصد بتأويله ذلك وأن الماتة الول عنده إعادة ال جل ثناؤه عباده ف أصلب آبائهم بعدما أخذهم من صلب آدم وأن الحياء الخر هو نفخ الرواح‬
‫فيهم ف بطون أمهاتم وأن الماتة الثانية هي قبض أرواحهم للعود إل التراب والصي ف البزخ إل يوم البعث وأن الحياء الثالث هو نفخ الرواح فيهم لبعث الساعة ونشر القيامة‬
‫وهذا تأويل إذا تدبره التدبر وجده خلفا لظاهر قول ال الذي زعم مفسره أن الذي وصفنا من قوله تفسيه وذلك أن ال جل ثناؤه أخب ف كتابه عن الذين أخب عنهم من خلقه أنم قالوا ‪:‬‬
‫{ ربنا أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } وزعم ابن زيد ف تفسيه أن ال أحياهم ثلث إحياءات وأماتم ثلث إماتات والمر عندنا وإن كان فيما وصف من استخراج ال جل ذكره من صلب‬
‫آدم ذريته وأخذه ميثاقه عليهم كما وصف فليس ذلك من تأويل هاتي اليتي أعن قوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا } الية وقوله ‪ { :‬ربنا أمتنا اثنتي وأحييتنا اثنتي } ف شيء لن‬
‫أحدا ل يذع أن ال أمات من ذرأ يومئذ غي الماتة الت صار با ف البزخ إل يوم البعث فيكون جائزا أن يوجه تأويل الية إل ما وجهه إليه ابن زيد‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬الوتة الول مفارقة نطفة الرجل جسده إل رحم الرأة فهي ميتة من لدن فراقها جسده إل نفخ الروح فيها ث يييها ال بنفخ الروح فيها فيجعلها بشرا سويا بعد تارات تأت‬
‫عليها ث ييته اليتة الثانية بقبض الروح منه فهو ف البزخ ميت إل يوم ينفخ ف الصور فيد ف جسده روحه فيعود حيا سويا لبعث القيامة فذلك موتتان وحياتان وإنا دعا هؤلء إل هذا‬
‫القول لنم قالوا ‪ :‬موت ذي الروح مفارقة الروح إياه فزعموا أن كل شيء من ابن آدم حي ما ل يفارق جسده الي ذا الروح فكل ما فارق جسده الي ذا الروح فارقته الياة فصار ميتا‬
‫كالعضو من أعضائه مثل اليد من يديه والرجل من رجليه لو قطعت فأبينت والقطوع ذلك منه حي كان الذي بان من جسده ميتا ل روح فيه بفراقه سائر جسده الذي فيه الروح قالوا ‪:‬‬
‫فكذلك نطفته حية بياته ما ل تفارق جسده ذا الروح فإذا فارقته مباينة له صارت ميتة نظي ما وصفنا من حكم اليد والرجل وسائر أعضائه وهذا قول ووجه من التأويل لو كان به قائل من‬
‫أهل القدوة الذين يرتضى للقرآن تأويلهم‬
‫وأول ما ذكرنا من القوال الت بينا بتأويل قول ال جل ذكره ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم } الية القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وعن ابن عباس ‪ :‬من أن معن قوله ‪:‬‬
‫{ وكنتم أمواتا } أموات الذكر خول ف أصلب آبائكم نطفا ل تعرفون ول تذكرون فأحياكم بإنشائكم بشرا سويا حت ذكرت وعرفتم وحييتم ث ييتكم بقبض أرواحكم وإعادتكم رفاتا ل‬
‫تعرفون ول تذكرون ف البزخ إل يوم تبعثون ث يييكم بعد ذلك بنفخ الرواح فيكم لبعث الساعة وصيحة القيامة ث إل ال ترجعون بعد ذلك كما قال ‪ { :‬ث إليه ترجعون } لن ال جل‬
‫ثناؤه يييهم ف قبورهم قبل حشرهم ث يشرهم لوقف الساب كما قال جل ذكره ‪ { :‬يوم يرجون من الجداث سراعا كأنم إل نصب يوفضون } ( العارج ‪ ) 143 :‬وقال ‪ { :‬ونفخ ف‬
‫( الصور فإذا هم من الجداث إل ربم ينسلون } ( يس ‪51 :‬‬
‫والعلة الت من أجلها اخترنا هذا التأويل ما قد قدمنا ذكره للقائلي به وفساد ما خالفه با قد أوضحناه قبل‬
‫وهذه الية توبيخ من ال جل ثناؤه للقائلي ‪ { :‬آمنا بال وباليوم الخر } الذين أخب ال عنهم أنم مع قيلهم ذلك بأفواههم غي مؤمني به وأنم إنا يقولون ذلك خداعا ل وللمؤمني فعذلم‬
‫ال بقوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم } ووبهم واحتج عليهم ف نكيهم ما أنكروا من ذلك وجحودهم ما جحدوا بقلوبم الريضة فقال ‪ :‬كيف تكفرون بال فتجحدون‬
‫قدرته على إحيائكم بعد إماتتكم لبعث القيامة ومازاة السيء منكم بالساءة والحسن بالحسان وقد كنتم نطفا أمواتا ف أصلب آبائكم فأنشأكم خلقا سويا وجعلكم أحياء ث أماتكم بعد‬
‫إنشائكم فقد علمتم أن من فعل ذلك بقدرته غي معجزه بالقدرة الت فعل ذلك بكم إحياؤكم بعد إماتتكم وإعادتكم بعد إفنائكم وحشركم إليه لجازاتكم بأعمالكم‬
‫ث عدد ربنا تعال ذكره عليهم وعلى أوليائهم من أحبار اليهود الذين جع بي قصصهم وقصص النافقي ف كثي من آي هذه السورة الت افتتح الب عنهم فيها بقوله ‪ { :‬إن الذين كفروا‬
‫سواء عليهم أأنذرتم أم ل تنذرهم ل يؤمنون } نعمه الت سلفت منه إليهم وإل آبائهم الت عظمت منهم مواقعها ث سلب كثيا منهم كثيا منها با ركبوا من الثام واجترموا من الجرام‬
‫وخالفوا من الطاعة إل العصية مذرهم بذلك تعجيل العقوبة لم كالت عجلها للسلف والفراط قبلهم وموفهم حلول مثلته بساحتهم كالذي أحل بأوليهم ومعرفهم ما لم من النجاة ف‬
‫سرعة الوبة إليه وتعجيل التوبة ومن اللص لم يوم القيامة من العقاب‬
‫فبدأ بعد تعديده عليهم ما عدد من نعمه الت هم فيها مقيمون بذكر أبينا وأبيهم آدم أب البشر صلوات ال عليه وما سلف منه من كرامته إليه وآلئه لديه وما أحل به وبعدوه إبليس من‬
‫عاجل عقوبته بعصيتهما الت كانت منهما ومالفتهما أمره الذي أمرها به وما كان من تغمده آدم برحته إذ تاب وأناب إليه وما كان من إحلله بإبليس من لعنته ف العاجل وإعداده له ما أعد‬
‫له من العذاب القيم ف الجل إذ استكب وأب التوبة إليه والنابة منبها لم على حكمه ف النيبي إليه بالتوبة وقضائه ف الستكبين عن النابة إعذارا من ال بذلك إليهم وإنذارا لم ليتدبروا‬
‫آياته وليتذكر منهم أولو اللباب وخاصا أهل الكتاب با ذكر من قصص آدم وسائر القصص الت ذكرها معها وبعدها ما علمه أهل الكتاب وجهلته المة المية من مشركي عبدة الوثان‬
‫بالحتجاج عليهم دون غيهم من سائر أصناف المم الذين ل علم عندهم بذلك لنبيه ممد صلى ال عليه وسلم ليعلموا بإخباره إياهم بذلك أنه ل رسول مبعوث وأن ما جاءهم به فمن‬
‫عنده إذ كان ما اقتص عليهم من هذه القصص من مكنون علومهم ومصون ما ف كتبهم وخفي أمورهم الت ل يكن يدعي معرفة علمها غيهم وغي من أخذ عنهم وقرأ كتبهم‬
‫وكان معلوما من ممد صلى ال عليه وسلم أنه ل يكن قط كاتبا ول لسفارهم تاليا ول لحد منهم مصاحبا ول مالسا فيمكنهم أن يدعوا أنه أخذ ذلك من كتبهم أو عن بعضهم فقال جل‬
‫ذكره ف تعديده عليهم ما هم فيه مقيمون من نعمه مع كفرهم به وتركهم شكره عليها با يب له عليهم من طاعته ‪ { :‬هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا ث استوى إل السماء فسواهن‬
‫سبع ساوات وهو بكل شيء عليم } فأخبهم جل ذكره أنه خلق لم ما ف الرض جيعا لن الرض وجيع ما فيها لبن آدم منافع أما ف الدين فدليل على وحدانية ربم وأما ف الدنيا فمعاش‬
‫وبلغ لم إل طاعته وأداء فرائضه‬
‫{ فلذلك قال جل ذكره ‪ { :‬هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا‬
‫{ وقوله ‪ :‬هو مكن من اسم ال جل ذكره عائد على اسه ف قوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال‬
‫ومعن خلقه ما خلق جل ثناؤه إنشاؤه عينه وإخراجه من حال العدم إل الوجود و ما بعن الذي‬
‫فمعن الكلم إذا ‪ :‬كيف تكفرون بال وكنتم نطفا ف أصلب آبائكم فجعلكم بشرا أحياء ث ييتكم ث هو مييكم بعد ذلك وباعثكم يوم الشر للثواب والعقاب وهو النعم عليكم با خلق‬
‫لكم ف الرض من معايشكم وأدلتكم على وحدانية ربكم‬
‫و كيف بعن التعجب والتوبيخ ل بعن الستفهام كأنه قال ‪ :‬ويكم كيف تكفرون بال كما قال ‪ { :‬فأين تذهبون } ( التكوير ‪ ) 26 :‬وحل قوله ‪ { :‬وكنتم أمواتا فأحياكم } مل الال‬
‫وفيه ضمي قد ولكنها حذفت لا ف الكلم من الدليل عليها وذلك أن فعل إذا حلت مل الال كان معلوما أنا مقتضية قد كما قال جل ثناؤه { أو جاؤوكم حصرت صدورهم } ( النساء ‪:‬‬
‫‪ ) 90‬بعن ‪ :‬قد حصرت صدورهم وكما تقول للرجل ‪ :‬أصبحت كثرت ماشيتك تريد ‪ :‬قد كثرت ماشيتك‬
‫وبنحو الذي قلنا ف قوله ‪ { :‬هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا } كان قتادة يقول‬
‫حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا } نعم وال سخر لكم ما ف الرض‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات‬
‫{ قال أبو جعفر ‪ :‬اختلفوا ف تأويل قوله ‪ { :‬ث استوى إل السماء‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬معن استوى إل السماء أقبل عليها كما تقول ‪ :‬كان فلن مقبل على فلن ث استوى علي يشاتن واستوى إل يشاتن بعن أقبل علي وإل يشاتن واستشهد على ان الستواء‬
‫‪ :‬بعن القبال بقول الشاعر‬
‫( أقول وقد قطعن بنا شرورى ‪ ...‬سوامد واستوين من الضجوع )‬
‫فزعم أنه عن به أنن خرجن من الضجوع وكان ذلك عندهم بعن ‪ :‬أقبلن وهذا من التأويل ف هذا البيت خطأ وإنا معن قوله ‪ :‬واستوين من الضجوع استوين على الطريق خارجات بعن‬
‫استقمن عليه‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬ل يكن ذلك من ال جل ذكره بتحول ولكنه بعن فعله كما تقول ‪ :‬كان الليفة ف أهل العراق يواليهم ث تول إل الشام إنا يريد ‪ :‬تول فعله وقال بعضهم ‪ :‬قوله ‪ { :‬ث‬
‫‪ :‬استوى إل السماء } يعن به ‪ :‬استوت كما قال الشاعر‬
‫( أقول له لا استوى ف ترابه ‪ ...‬على أي دين قتل الناس مصعب )‬
‫وقال بعضهم ‪ { :‬ث استوى إل السماء } عمد لا وقال ‪ :‬بل كل تارك عمل كان فيه إل آخر فهو مستو لا عمد له ومستو إليه‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬الستواء هو العلو والعلو هو الرتفاع ومن قال ذلك الربيع بن أنس‬
‫حدثت بذلك عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬ث استوى إل السماء } يقول ‪ :‬ارتفع إل السماء‬
‫ث اختلف متأولو الستواء بعن العلو والرتفاع ف الذي استوى إل السماء فقال بعضهم ‪ :‬الذي استوى إل السماء وعل عليها هو خالقها ومنشئها وقال بعضهم ‪ :‬بل العال عليها ‪ :‬الدخان‬
‫الذي جعله ال للرض ساء‬
‫قال أبوجعفر ‪ :‬الستواء ف كلم العرب منصرف على وجوه ‪ :‬منها انتهاء شباب الرجل وقوته فيقال إذا صار كذلك ‪ :‬قد استوى الرجل ومنها ‪ :‬استقامة ما كان فيه أود من المور‬
‫‪ :‬والسباب يقال منه ‪ :‬استوى لفلن أمره إذا استقام بعد أود ومنه قول الطرماح بن حكيم‬
‫( طال على رسم مهدد أبده ‪ ...‬وعفا واستوى به بلده )‬
‫يعن ‪ :‬استقام به ومنها ‪ :‬القبال على الشيء يقال استوى فلن على فلن با يكرهه ويسوءه بعد الحسان إليه ومنها ‪ :‬الحتياز والستيلء كقولم ‪ :‬استوى فلن على الملكة بعن احتوى‬
‫عليها وحازها ومنها ‪ :‬العلو والرتفاع كقول القائل استوى فلن على سريره يعن به علوه عليه وأول العان بقول ال جل ثناؤه ‪ { :‬ث استوى إل السماء فسواهن } عل عليهن وارتفع‬
‫فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سوات‬
‫والعجب من أنكر العن الفهوم من كلم العرب ف تأويل قول ال ‪ { :‬ث استوى إل السماء } الذي هو بعن العلو والرتفاع هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بعناه الفهوم‬
‫كذلك أن يكون إنا عل وارتفع بعد أن كان تتها إل أن تأوله بالجهول من تأويله الستنكر ث ل ينج ما هرب منه فيقال له ‪ :‬زعمت أن تأويل قوله { استوى } أقبل أفكان مدبرا عن السماء‬
‫فأقبل إليها فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبي قيل له ‪ :‬فكذلك فقل ‪ :‬عل عليها علو ملك وسلطان ل علو انتقال وزوال ث لن يقول ف شيء من ذلك قول إل ألزم ف‬
‫الخر مثله ولول أنا كرهنا إطالة الكتاب با ليس من جنسه لنبأنا عن فساد قول كل قائل قال ف ذلك قول لقول أهل الق فيه مالفا وفيما بينا منه ما يشرف بذي الفهم على ما فيه له‬
‫الكفاية إن شاء ال تعال‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن قال لنا قائل ‪ :‬أخبنا عن استواء ال جل ثناؤه إل السماء كان قبل خلق السماء أم بعده ؟‬
‫قيل ‪ :‬بعده وقبل أن يسويهن سبع سوات كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬ث استوى إل السماء وهي دخان فقال لا وللرض ائتيا طوعا أو كرها } ( فصلت ‪ ) 11 :‬والستواء كان بعد أن خلقها‬
‫دخانا وقبل أن يسويها سبع سوات‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬إنا قال ‪ { :‬استوى إل السماء } ول ساء كقول الرجل لخر ‪ :‬اعمل هذا الثوب وإنا معه غزل‬
‫وأما قوله { فسواهن } فإنه يعن هيأهن وخلقهن ودبرهن وقومهن والتسوية ف كلم العرب التقوي والصلح والتوطئة كما يقال ‪ :‬سوى فلن لفلن هذا المر إذا قومه وأصلحه ووطأه له‬
‫فكذلك تسوية ال جل ثناؤه سواته ‪ :‬تقويه إياهن على مشيئته وتدبيه لن على إرادته وتفتيقهن بعد ارتتاقهن‬
‫{ كما ‪ :‬حدثت عن عمار قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬فسواهن سبع ساوات } يقول ‪ :‬سوى خلقهن { وهو بكل شيء عليم‬
‫وقال جل ذكره ‪ { :‬فسواهن } فأخرج مكنيهن مرج مكن الميع وقد قال قبل ‪ { :‬ث استوى إل السماء } فأخرجها على تقدير الواحد وإنا أخرج مكنيهن مرج مكن الميع لن السماء‬
‫جع واحدها ساوة فتقدير واحدتا وجيعها إذا تقدير بقرة وبقر ونلة ونل وما أشبه ذلك ولذلك أنثت السماء مرة فقيل ‪ :‬هذه ساة وذكرت أخرى فقيل ‪ { :‬السماء منفطر به } ( الزمل ‪:‬‬
‫‪ ) 18‬كما يفعل ذلك بالميع الذي ل فرق بينه وبي واحده غي دخول الاء وخروجها فيقال ‪ :‬هذا بقر وهذه بقر وهذا نل وهذه نل وما أشبه ذلك‬
‫وكان بعض أهل العربية يزعم أن السماء واحدة غي أنا تدل على السموات فقيل ‪ { :‬فسواهن } يراد بذلك الت ذكرت وما دلت عليه من سائر السموات الت ل تذكر معها قال ‪ :‬وانا‬
‫‪ :‬تذكر إذا ذكرت وهي مؤنثة فيقال ‪ :‬السماء منفطر به كما يذكر الؤنث وكما قال الشاعر‬
‫( فل مزنة ودقت ودقها ‪ ...‬ول أرض أبقل إبقالا )‬
‫‪ :‬وكما قال أعشى بن ثعلبة‬
‫( فإما تري لت بدلت ‪ ...‬فإن الوادث أزرى با )‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬السماء وإن كانت ساء فوق ساء وأرضا فوق أرض فهي ف التأويل واحدة إن شئت ث تكون تلك الواحدة جاعا كما يقال ‪ :‬ثوب أخلق وأسال وبرمة أعشار للمتكسرة‬
‫وبرمة أكسار وأجبار وأخلق أي أن نواحيه أخلق‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬فإنك قد قلت إن ال جل ثناؤه استوى إل السماء وهي دخان قبل أن يسويها سبع سوات ث سواها سبعا بعد استوائه إليها فكيف زعمت أنا جاع ؟‬
‫قيل ‪ :‬إنن كن سبعا غي مستويات فلذلك قال جل ذكره ‪ :‬فسواهن سبعا كما ‪ :‬حدثن ممد بن حيد قال حدثنا سلمة بن الفضل قال ‪ :‬قال ممد بن إسحق ‪ :‬كان أول ما خلق ال تبارك‬
‫وتعال النور والظلمة ث ميز بينهما فجعل الظلمة ليل أسود مظلما وجعل النور نارا مضيئا مبصرا ث سك السموات السبع من دخان يقال وال أعلم من دخان الاء حت استقللن ول يبكهن‬
‫وقد أغطش ف السماء الدنيا ليلها وأخرج ضحاها فجرى فيها الليل والنهار وليس فيها شس ول قمر ول نوم ث دحا الرض وأرساها بالبال وقدر فيها القوات وبث فيها ما أراد من اللق‬
‫ففرغ من الرض وما قدر فيها من أقواتا ف أربعة أيام ث استوى إل السماء هي دخان كما قال فحبكهن وجعل ف السماء الدنيا شسها وقمرها ونومها وأوحى ف كل ساء أمرها فأكمل‬
‫خلقهن ف يومي ففرغ من خلق السموات والرض ف ستة أيام ث استوى ف اليوم السابع فوق سواته ث قال للسموات والرض ‪ :‬ائتيا طوعا أو كرها لا أردت بكما فاطمئنا عليه طوعا أو‬
‫كرها قالتا ‪ :‬أتينا طائعي‬
‫فقد أخب ابن إسحق أن ال جل ثناؤه استوى إل السماء بعد خلق الرض وما فيها وهن سبع من دخان فسواهن كما وصف وإنا استشهدنا لقولنا الذي قلنا ف ذلك بقول ابن إسحق لنه‬
‫أوضح بيانا عن خلق السموات أنن كن سبعا من دخان قبل استواء ربنا إليها لتسويتها من غيه وأحسن شرحا لا أردنا الستدلل به من أن معن السماء الت قال ال تعال ذكره فيها ‪ { :‬ث‬
‫استوى إل السماء } بعن الميع على ما وصفنا وأنه إنا قال جل ثناؤه ‪ { :‬فسواهن } إذ كانت السماء بعن الميع على ما بينا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن قال لنا قائل ‪ :‬فما صفة تسوية ال جل ثناؤه السموات الت ذكرها ف قوله { فسواهن } إذ كن قد خلقن سبعا قبل تسويته إياهن ؟ وما وجه ذكر خلقهن بعد ذكر خلق‬
‫الرض ؟ ألنا خلقت قبلها أم لعن غي ذلك ؟‬
‫‪ :‬قيل ‪ :‬قد ذكرنا ذلك ف الب الذي رويناه عن ابن إسحق ونؤكد تأكيدا با نضم إليه من أخبار بعض السلف التقدمي وأقوالم‬
‫فحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات } قال ‪ :‬إن ال تبارك وتعال كان عرشه على الاء ول يلق شيئا غي‬
‫ما خلق قبل الاء فلما أراد أن يلق اللق أخرج من الاء دخانا فارتفع فوق الاء فسما عليه فسماه ساء ث أيبس الاء فجعله أرضا واحدة ث فتقها فجعل سبع أرضي ف يومي ف الحد والثني‬
‫فخلق الرض على حوت والوت هو النون الذي ذكره ال ف القرآن ‪ ( :‬ن والقلم ) والوت ف الاء والاء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك واللك على صخرة والصخرة ف الريح‬
‫وهي الصخرة الت ذكر لقمان ليست ف السماء ول ف الرض ‪ :‬فتحرك الوت فاضطرب فتزلزلت الرض فأرسى عليها البال فقرت فالبال تفخر على الرض فذلك قوله ‪ { :‬وألقى ف‬
‫الرض رواسي أن تيد بكم } ( النحل ‪ ) 15 :‬وخلق البال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لا ف يومي ف الثلثاء والربعاء وذلك حي يقول ‪ { :‬أإنكم لتكفرون بالذي خلق‬
‫الرض ف يومي وتعلون له أندادا ذلك رب العالي * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها } يقول ‪ :‬أنبت شجرها { وقدر فيها أقواتا } يقول ‪ :‬أقواتا لهلها { ف أربعة أيام سواء‬
‫للسائلي } يقول ‪ :‬قل لن يسألك ‪ :‬هكذا المر { ث استوى إل السماء وهي دخان } ( فصلت ‪ ) 11 - 9 :‬وكان ذلك الدخان من تنفس الاء حي تنفس فجعلها ساء واحدة ث فتقها‬
‫فجعلها سبع سوات ف يومي ف الميس والمعة وإنا سي يوم المعة لنه جع فيه خلق السموات والرض وأوحى ف كل ساء أمرها قال ‪ :‬خلق ف كل ساء خلقها من اللئكة واللق‬
‫الذي فيها من البحار وجبال البد وما ل يعلم ث زين السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة وحفظا تفظ من الشياطي فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش فذلك حي يقول ‪:‬‬
‫( { خلق السموات والرض ف ستة أيام } ( العراف ‪ ) 54 :‬ويقول ‪ { :‬كانتا رتقا ففتقناها } ( النبياء ‪30 :‬‬
‫وحدثن السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن ابن أب نيح عن ماهد ف قوله ‪ { :‬هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا ث استوى إل السماء } قال ‪ :‬خلق الرض‬
‫قبل السماء فلما خلق الرض ثار منها دخان فذلك حي يقول ‪ { :‬ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات } قال ‪ :‬بعضهن فوق بعض وسبع أرضي بعضهن تت بعض‬
‫حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أنبأنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬فسواهن سبع ساوات } قال ‪ :‬بعضهن فوق بعض بي كل ساءين مسية خسمئة عام‬
‫حدثنا الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو صال قال ‪ :‬حدثن معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس ف قوله ‪ :‬حيث ذكر خلق الرض قبل السماء ث ذكر السماء قبل الرض‬
‫وذلك أن ال خلق الرض بأقواتا من غي أن يدحوها قبل السماء { ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات } ث دحا الرض بعد ذلك فذلك قوله ‪ { :‬والرض بعد ذلك دحاها }‬
‫( ( النازعات ‪30 :‬‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن صال قال حدثن أبو معشر عن سعيد بن أب سعيد عن عبدال بن سلم أنه قال ‪ :‬إن ال بدأ اللق يوم الحد فخلق الرضي ف الحد والثني وخلق‬
‫القوات والرواسي ف الثلثاء والربعاء وخلق السموات ف الميس والمعة وفرغ ف آخر ساعة من يوم المعة فخلق فيها آدم على عجل فتلك الساعة الت تقوم فيها الساعة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فمعن الكلم إذا ‪ :‬هو الذي أنعم عليكم فخلق لكم ما ف الرض جيعا وسخره لكم تفضل منه بذلك عليكم ليكون لكم بلغا ف دنياكم ومتاعا إل موافاة آجالكم ودليل‬
‫لكم على وحدانية ربكم ث عل إل السموات السبع وهي دخان فسواهن وحبكهن وأجرى ف بعضهن شسه وقمره ونومه وقدرف كل واحدة منهن ما قدر من خلقه‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬وهو بكل شيء عليم‬
‫يعن بقوله جل جلله ‪ { :‬وهو } نفسه وبقوله ‪ { :‬بكل شيء عليم } أن الذي خلقكم وخلق لكم ما ف الرض جيعا وسوى السموات السبع با فيهن فأحكمهن من دخان الاء وأتقن‬
‫صنعهن ل يفى عليه ‪ -‬أيها النافقون واللحدون الكافرون به من أهل الكتاب ما تبدون وما تكتمون ف أنفسكم وإن أبدى منافقوكم بألسنتهم قولم ‪ :‬آمنا بال وباليوم الخر وهم على‬
‫التكذيب به منطوون وكذبت أحباركم با أتاهم به رسول من الدى والنور وهم بصحته عارفون وجحدوه وكتموا ما قد أخذت عليهم ببيانه للقي من أمر ممد ونبوته الواثيق وهم به‬
‫عالون بل أنا عال بذلك من أمركم وغيه من أموركم وأمور غيكم إن بكل شيء عليم‬
‫وقوله ‪ { :‬عليم } بعن عال وروي عن ابن عباس أنه كان يقول ‪ :‬هو الذي قد كمل ف علمه‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن صال قال ‪ :‬حدثنا معاوية بن صال قال ‪ :‬حدثن علي بن أب طلحة عن ابن عباس قال ‪ :‬العال الذي قد كمل ف علمه‬

‫(هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات وهو بكل شيء عليم (‪29‬‬

‫{ هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات وهو بكل شيء عليم }‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪232‬‬

‫(وإذ قال ربك للملئكة إن جاعل ف الرض خليفة قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون (‪30‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬زعم بعض النسوبي إل العلم بلغات العرب من أهل البصرة ‪ :‬أن تأويل قوله ‪ { :‬وإذ قال ربك } وقال ربك وأن { إذ } من الروف الزوائد وأن معناها الذف واعتل لقوله‬
‫‪ :‬الذي وصفنا عنه ف ذلك ببيت السود بن يعفر‬
‫( فإذا وذلك لمهاه لذكره ‪ ...‬والدهريعقب صالا بفساد )‬
‫‪ :‬ث قال ‪ :‬ومعناها ‪ :‬وذلك لمهاه لذكره وببيت عبد مناف بن ربع الذل‬
‫( حت إذا أسلكوهم ف قتائدة ‪ ...‬شل كما تطرد المالة الشردا )‬
‫وقال ‪ :‬معناه حت أسلكوهم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والمر ف ذلك بلف ما قال ‪ :‬وذلك أن إذ حرف يأت بعن الزاء ويدل على مهول من الوقت وغي جائز إبطال حرف كان دليل على معن ف الكلم إذ سواء قيل قائل ‪:‬‬
‫هو بعن التطول وهو ف الكلم دليل على معن مفهوم وقيل آخر ف جيع الكلم الذي نطق به دليل على ما أريد به ‪ :‬هو بعن التطول‬
‫‪ :‬وليس لا ادعى الذي وصفنا قوله ف بيت السود بن يعفر ‪ :‬أن إذا بعن التطول وجه مفهوم بل ذلك لو حذف من الكلم لبطل العن الذي أراده السود بن يعفر من قوله‬
‫( فإذا وذلك لمهاه لذكره )‬
‫وذلك أنه أراد بقوله ‪ :‬فإذا الذي نن فيه وما مضى من عيشنا وأشار بقوله ذلك إل ما تقدم وصفه من عيشه الذي كان فيه لمهاه لذكره يعن ل طعم ول فضل لعقاب الدهر صال ذلك‬
‫‪ :‬بفساد وكذلك معن قول عبد مناف بن ربع‬
‫( ‪ ...‬حت إذا أسلكوهم ف قتائدة شل )‬
‫لو أسقط منه إذا بطل معن الكلم لن معناه ‪ :‬حت إذا أسلكوهم ف قتائدة سلكوا شل فدل قوله ‪ :‬أسلكوهم شل على معن الحذوف فاستغن عن ذكره بدللة إذا عليه فحذف كما دل ما‬
‫‪ :‬قد ذكرنا فيما مضى ف كتابنا على ما تفعل العرب ف نظائر ذلك وكما قال النمربن تولب‬
‫( فإن النية من يشها ‪ ...‬فسوف تصادفه أينما )‬
‫وهو يريد ‪ :‬أينما ذهب وكما تقول العرب ‪ :‬أتيتك من قبل ومن بعد تريد من قبل ذلك ومن بعد ذلك فكذلك ذلك ف إذا كما يقول القائل ‪ :‬إذا أكرمك أخوك فأكرمه وإذا ل فل يريد ‪:‬‬
‫‪ :‬وإذا ل يكرمك فل تكرمه ومن ذلك قول الخر‬
‫( فإذا وذلك ل يضرك ضره ‪ ...‬ف يوم أسأل نائل أو أنكد )‬
‫نظي ما ذكرنا من العن ف بيت السود بن يعفر وكذلك معن قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬وإذ قال ربك للملئكة } لو أبطلت { إذ } وحذفت من الكلم لستحال عن معناه الذي هو به وفيه‬
‫{ { إذ‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬فما معن ذلك ؟ وما الالب لـ { إذ } إذ ل يكن ف الكلم قبله ما يعطف به عليه ؟‬
‫قيل له ‪ :‬قد ذكرنا فيما مضى ‪ :‬أن ال جل ثناؤه خاطب الذين خاطبهم بقوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم } بذه اليات والت بعدها موبهم مقبحا إليهم سوء فعالم‬
‫ومقامهم على ضللم مع النعم الت أنعمها عليهم وعلى أسلفهم ؟ ومذكرهم بتعديد نعمه عليهم وعلى أسلفهم بأسه أن يسلكوا سبيل من هلك من أسلفهم ف معصيته فيسلك بم سبيلهم‬
‫ف عقوبته ؟ ومعرفهم ما كان منه من تعطفه على التائب منهم استيعابا منه لم فكان ما عدد من نعمه عليهم أنه خلق لم ما ف الرض جيعا وسخرلم ما ف السموات من شسها وقمرها‬
‫ونومها وغي ذلك من منافعها الت جعلها لم ولسائر بن آدم معهم منافع فكان ف قوله تعال ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم ث إليه ترجعون } معن ‪:‬‬
‫اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم إذ خلقتكم ول تكونوا شيئا وخلقت لكم ما ف الرض جيعا وسويت لكم ما ف السماء ث عطف بقوله ‪ { :‬وإذ قال ربك للملئكة } على العن القتضى‬
‫بقوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال } إذ كان مقتضيا ما وصفت من قوله ‪ :‬اذكروا نعمت إذ فعلت بكم وفعلت واذكروا فعلي بأبيكم آدم إذ قلت للملئكة إن جاعل ف الرض خليفة‬
‫‪ :‬فإن قال قائل ‪ :‬فهل لذلك من نظي ف كلم العرب نعلم به صحة ماقلت ؟ قيل ‪ :‬نعم أكثر من أن يصى من ذلك قول الشاعر‬
‫( أجدك لن ترى بثعيلبات ‪ ...‬ول بيدان ناجية ذمول )‬
‫( ول متدارك والشمس طفل ‪ ...‬ببعض نواشغ الوادي حول )‬
‫فقال ‪ :‬ول متدارك ول يتقدمه فعل بلفظه يعطفه عليه ول حرف معرب إعرابه فيد متدارك عليه ف إعرابه ولكنه لا تقدمه فعل محود بـ ( لن ) يدل على العن الطلوب ف الكلم من‬
‫‪ :‬الحذوف استغن بدللة ما ظهر منه عن إظهار ما حذف وعامل الكلم ف العن والعراب معاملته أن لو كان ما هو مذوف منه ظاهرا لن قوله‬
‫( أجدك لن ترى بثعيلبات )‬
‫بعن ‪ :‬أجدك لست براء فرد متداركا على موضع ترى كأن لست والباء موجودتان ف الكلم فكذلك قوله ‪ { :‬وإذ قال ربك } لا سلف قبله تذكي ال الخاطبي به ما سلف قبلهم وقبل‬
‫آبائهم من أياديه وآلئه وكان قوله ‪ { :‬وإذ قال ربك للملئكة } مع ما بعده من النعم الت عذدها عليهم ونبههم على مواقعها رد { إذ } على موضع { وكنتم أمواتا فأحياكم } لن معن‬
‫ذلك ‪ :‬اذكروا هذه من نعمي وهذه الت قلت فيها للملئكة فلما كانت الول مقتضية { إذ } عطف بـ { إذ } على موضعها ف الول كما وصفنا من قول الشاعر ف ول متدارك‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬للملئكة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬واللئكة جع ملك غي أن أحدهم بغي المزة أكثر وأشهر ف كلم العرب منه بالمز وذلك أنم يقولون ف واحدهم ‪ :‬ملك من اللئكة فيحذفون المز منه ويركون اللم‬
‫الت كانت مسكنة لو هز السم وإنا يركونا بالفتح لنم ينقلون حركة المزة الت فيه بسقوطها إل الرف الساكن قبلها ؟ فإذا جعوا واحدهم ردوا المع إل الصل وهزوا فقالوا ‪:‬‬
‫ملئكة‬
‫وقد تفعل العرب نو ذلك كثيا ف كلمها فتترك المز ف الكلمة الت هي مهموزة فيجري كلمهم بترك هزها ف حال وبمزها ف أخرى كقولم ‪ :‬رأيت فلنا فجرى كلمهم بمز رأيت ث‬
‫قالوا ‪ :‬نرى وترى ويرى فجرى كلمهم ف يفعل ونظائرها بترك المز حت صار المز معها شاذا مع كون المز فيها أصل فكذلك ذلك ف ملك وملئكة جرى كلمهم بترك المز من‬
‫‪ :‬واحدهم وبالمز ف جيعهم وربا جاء الواحد مهموزا كما قال الشاعر‬
‫( فلست لنسي ولكن للك ‪ ...‬تدرمن جو السماء يصوب )‬
‫وقد يقال ف واحدهم مألك فيكون ذلك مثل قولم ‪ :‬جبذ وجذب وشأمل وشأل وماأشبه ذلك من الروف القلوبة غي أن الذي يب إذا سي واحدهم مألك أن يمع إذا جع على ذلك‬
‫‪ :‬مآلك ولست أحفظ جعهم كذلك ساعا ولكنهم قد يمعون ‪ :‬ملئك وملئكة كما يمع أشعث ‪ :‬أشاعث وأشاعثة ومسمع ‪ :‬مسامع ومسامعة قال أمية بن أب الصلت ف جعهم كذلك‬
‫( وفيهما من عباد ال قوم ‪ ...‬ملئك ذللوا وهم صعاب )‬
‫‪ :‬وأصل اللك ‪ :‬الرسالة كما قال عدي بن زيد العبادي‬
‫( أبلغ النعمان عن ملكا ‪ ...‬إنه قد طال حبسي وانتظاري )‬
‫وقد ينشد ‪ :‬مألكا على اللغة الخرى فمن قال ‪ :‬ملكا فهو مفعل من لك إليه يلك إذا أرسل إليه رسالة ملكة ؟ ومن قال ‪ :‬مألكا فهو مفعل من ألكت إليه آلك ‪ :‬إذا أرسلت إليه مألكة‬
‫‪ :‬وألوكا كما قال لبيد بن ربيعة‬
‫( وغلم أرسلته أمه ‪ ...‬بألوك فبذلنا ما سأل )‬
‫‪ :‬فهذا من ألكت ومنه قول نابغة بن ذبيان‬
‫( ألكن يا عيي إليك قول ‪ ...‬سأهديه إليك إليك عن )‬
‫‪ :‬وقال عبد بن السحاس‬
‫( ألكن إليها عمرك ال يافت ‪ ...‬بآية ما جاءت إلينا تاديا )‬
‫يعن بذلك ‪ :‬أبلغها رسالت فسميت اللئكة ملئكة بالرسالة لنا رسل ال بينه وبي أنبيائه ومن أرسلت إليه من عباده‬
‫{ القول ف تأويل قوله جل ثناؤه ‪ { :‬إن جاعل ف الرض‬
‫اختلف أهل التأويل ف قوله ‪ { :‬إن جاعل } فقال بعضهم ‪ :‬إن فاعل‬
‫ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا القاسم بن السن قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن جرير بن حازم و مبارك ف السن وأب بكر يعن الذل عن السن و قتادة قالوا ‪ :‬قال ال تعال‬
‫ذكره للئكته ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } قال لم ‪ :‬إن فاعل‬
‫وقال آخرون ‪ :‬إن خالق ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثت عن النجاب بن الارث قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق قال ‪ :‬كل شيء ف القرآن جعل فهوخلق‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والصواب ف تأويل قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } ‪ :‬أي مستخلف ف الرض خليفة ومصي فيها خلفا وذلك أشبه بتأويل قول السن و قتادة‬
‫وقيل ‪ :‬إن الرض الت ذكرها ال ف هذه الية هي مكة ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا جرير عن عطاء عن ابن سابط أن [ النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬دحيت الرض‬
‫من مكة وكانت اللئكة تطوف بالبيت فهي أول من طاف به وهي الرض ] الت قال ال ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } وكان النب إذا هلك قومه ونا هو والصالون أتاها هو ومن معه‬
‫فعبدوا ال با حت يوتوا فإن قب نوح وهود وصال وشعيب بي زمزم والركن والقام‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬خليفة‬
‫والليفة الفعيلة من قولك ‪ :‬خلف فلن فلنا ف هذا المر إذا قام مقامه فيه بعده كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬ث جعلناكم خلئف ف الرض من بعدهم لننظر كيف تعملون } ( يونس ‪) 14 :‬‬
‫يعن بذلك أنه أبدلكم ف الرض منهم فجعلكم خلفاء بعدهم من ذلك قيل للسلطان العظم ‪ :‬خليفة لنه خلف الذي كان قبله فقام بالمر مقامه فكان منه خلفا يقال منه ‪ :‬خلف الليفة‬
‫يلف خلفة وخليفى‬
‫وكان ابن إسحاق يقول با ‪ :‬حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق { إن جاعل ف الرض خليفة } يقول ‪ :‬ساكنا وعامرا يسكنها ويعمرها خلفا ليس منكم‬
‫وليس الذي قال ابن إسحاق ف معن الليفة بتأويلها وإن كان ال جل ثناؤه إنا أخب ملئكته أنه جاعل ف الرض خليفة يسكنها ولكن معناها ما وصفت قبل‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬فما الذي كان ف الرض قبل بن ادم لا عامرا فكان بنو آدم منه بدل وفيها منه خلفا ؟‬
‫قيل ‪ :‬قد اختلف أهل التأويل ف ذلك ‪ :‬فحدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قال ‪ :‬أول من سكن الرض‬
‫الن فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء وقتل بعضهم بعضا فبعث ال إليهم إبليس ف جند من اللئكة فقتلهم إبليس ومن معه حت ألقهم بزائر البحور وأطراف البال ث خلق آدم فأسكنه‬
‫{ إياها فلذلك قال ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة‬
‫فعلى هذا القول ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } من الن يلفونم فيها فيسكنونا ويعمرونا‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ف قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } الية قال ‪ :‬إن ال خلق اللئكة يوم الربعاء وخلق‬
‫الن يوم الميس وخلق آدم يوم المعة فكفر قوم من الن فكانت اللئكة تبط إليهم ف الرض فتقاتلهم فكانت الدماء وكان الفساد ف الرض‬
‫وقال آخرون ف تأويل قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } أي خلفا يلف بعضهم بعضا وهم ولد آدم الذين يلفون أباهم آدم ويلف كل قرن منهم القرن الذي سلف قبله وهذا قول‬
‫حكي عن السن البصري‬
‫ونظيله ما ‪ :‬حدثن به ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن ابن سابط ف قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } قالوا أتعل فيها من‬
‫يفسد فيها ويسفك الدماء قال ‪ :‬يعنون به بن آدم صلى ال عليه وسلم‬
‫حدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ :‬قال ال تعال ذكره للملئكة ‪ :‬إن أريد أن أخلق ف الرض خلقا وأجعل فيها خليفة وليس ل يومئذ خلق إل اللئكة والرض ليس‬
‫فيها خلق‬
‫وهذا القول يتمل ما حكي عن السن ويتمل أن يكون أراد ابن زيد أن ال أخب اللئكة أنه جاعل ف الرض خليفة له يكم فيها بي خلقه بكمه نظي ما ‪ :‬حدثن به موسى بن هرون قال‬
‫‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫أن ال جل ثناؤه قال للملئكة ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } قالوا ‪ :‬ربنا وما يكون ذلك الليفة ؟ قال ‪ :‬يكون له ذرية يفسدون ف الرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا‬
‫فكان تأويل الية على هذه الرواية الت ذكرناها عن ابن مسعود وابن عباس ‪ :‬إن جاعل ف الرض خليفة من يلفن ف الكم بي خلقي وذلك الليفة هوآدم ومن قام مقامه ف طاعة ال‬
‫والكم بالعدل بي خلقه وأما الفساد وسفك الدماء بغي حقها فمن غي خلفائه ومن غي آدم ومن قام مقامه ف عباد ال لنما أخبا أن ال جل ثناؤه قال للئكته إذ سألوه ‪ :‬ما ذاك‬
‫الليفة ؟ ‪ :‬إنه خليفة يكون له ذرية يفسدون ف الرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا فأضاف الفساد وسفك الدماء بغي حقها إل ذرية خليفته دونه وأخرج منه خليفته‬
‫وهذا التأويل وإن كان مالفا ف معن الليفة ما حكي عن السن من وجه فموافق له من وجه فأما موافقته إياه فصرف متأوليه إضافة الفساد ف الرض وسفك الدماء فيها إل غي الليفة‬
‫وأما مالفته إياه فإضافتهما اللفة إل آدم بعن استخلف ال إياه فيها وإضافة السن اللفة إل ولده بعن خلفة بعضهم بعضا وقيام قرن منهم مقام قرن قبلهم وإضافة الفساد ف الرض‬
‫وسفك الدماء إل الليفة‬
‫والذي دعا التأولي قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } ف التأويل الذي ذكر عن السن إل ما قالوا ف ذلك أنم قالوا إن اللئكة إنا قالت لربا إذ قال لم ربم ‪ { :‬إن جاعل ف الرض‬
‫خليفة } ‪ :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء إخبارا منها بذلك عن الليفة الذي أخب ال جل ثناؤه أنه جاعله ف الرض ل عن غيه لن الحاورة بي اللئكة وبي ربا عنه جرت‬
‫قالوا ‪ :‬فإذا كان ذلك كذلك وكان ال قد برأ آدم من الفساد ف الرض وسفك الدماء وطهره من ذلك علم أن الذي عن به غيه من ذريته فثبت أن الليفة الذي يفسد ف الرض ويسفك‬
‫الدماء هو غي آدم وأنم ولده الذين فعلوا ذلك وأن معن اللفة الت ذكرها ال إنا هي خلفة قرن منهم قرنا غيهم لا وصفنا‬
‫وأغفل قائلو هذه القالة ومتأولو الية هذا التأويل سبيل التأويل وذلك أن اللئكة إذ قال لا ربا ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } ل تضف الفساد وسفك الدماء ف جوابا ربا إل خليفته ف‬
‫أرضه بل قالت ‪ :‬أتعل فيها من يفسد فيها ؟ وغي منكر أن يكون ربا أعلمها أنه يكون لليفته ذلك ذرية يكون منهم الفساد وسفك الدماء فقالت ‪ :‬يا ربنا أتعل فيها من يفسد فيها‬
‫ويسفك الدماء كما قال ابن مسعود وابن عباس ومن حكينا ذلك عنه من أهل التأويل‬
‫القول ف تأويل قوله جل ثناؤه خبا عن ملئكته ‪ :‬قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬إن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف قالت اللئكة لربا إذ أخبها أنه جاعل ف الرض خليفة ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } ول يكن آدم بعد ملوقا ول ذريته فيعلموا‬
‫ما يفعلون عيانا ؟ أعلمت الغيب فقالت ذلك أم قالت ما قالت من ذلك ظنا ؟ فذلك شهادة منها بالظن وقول با ل تعلم وذلك ليس من صفتها أم ما وجه قيلها ذلك لربا ؟‬
‫قيل ‪ :‬قد قالت العلماء من أهل التأويل ف ذلك أقوال ونن ذاكرو أقوالم ف ذلك ث مبون بأصحها برهانا وأوضحها حجة فروي عن ابن عباس ف ذلك ما ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪:‬‬
‫حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قال ‪ :‬كان إبليس من حي من أحياء اللئكة يقال لم الن خلقوا من نار السموم من بي اللئكة‬
‫قال ‪ :‬وكان اسه الارث قال ‪ :‬وكان خازنا من خزان النة قال ‪ :‬وخلقت اللئكة كلهم من نور غي هذا الي قال ‪ :‬وخلقت الن الذين ذكروا ف القرآن من مارج من نار وهو لسان النار‬
‫الذي يكون ف طرفها إذا ألبت قال ‪ :‬وخلق النسان من طي فأول من سكن الرض الن فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا قال ‪ :‬فبعث ال إليهم إبليس ف جند من اللئكة‬
‫وهم هذا الي الذين يقال لم الن فقتلهم إبليس ومن معه حت ألقهم بزائر البحور وأطراف البال فلما فعل إبليس ذلك اغتر ف نفسه وقال ‪ :‬قد صنعت شيئا ل يصنعه أحد قال ‪ :‬فاطلع‬
‫ال على ذلك من قلبه ول تطلع عليه اللئكة الذين كانوا معه فقال ال للملئكة الذين معه ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } فقالت اللئكة ميبي له ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك‬
‫الدماء } كما أفسدت الن وسفكت الدماء وإنا بعثنا عليهم لذلك فقال ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } يقول ‪ :‬إن قد اطلعت من قلب إبليس على ما ل تطلعوا عليه من كبه واغتراره قال ‪:‬‬
‫ث أمر بتربة آدم فرفعت فخلق ال آدم من طي لزب واللزب ‪ :‬اللزج الصلب من حأ مسنون ‪ -‬منت قال ‪ :‬وإنا كان حأ مسنونا بعد التراب قال ‪ :‬فخلق منه آدم بيده قال فمكث أربعي‬
‫ليلة جسدا ملقى فكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل أي فيصوت قال ‪ :‬فهو قول ال ‪ { :‬من صلصال كالفخار } ( الرحن ‪ ) 14 :‬يقول ‪ :‬كالشيء النفوخ الذي ليس بصمت قال ‪:‬‬
‫ث يدخل ف فيه ويرج من دبره ويدخل من دبره ويرج من فيه ث يقول ‪ :‬لست شيئا للصلصلة ولشيء ماخلقت لئن سلطت عليك لهلكنك ولئن سلطت علي لعصينك قال ‪ :‬فلما نفخ‬
‫ال فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه فجعل ل يري شيء منها ف جسده إل صار لما ودما فلما انتهت النفخة إل سرته نظر إل جسده فأعجبه ما رأى من حسنه فذهب لينهض فلم‬
‫يقدر فهو قول ال ‪ { :‬وكان النسان عجول } ( السراء ‪ ) 11 :‬قال ‪ :‬ضجرا ل صب له على سراء ول ضراء قال ‪ :‬فلما تت النفخة ف جسده عطس فقال ‪ :‬المد ل رب العالي بإلام‬
‫من ال تعال فقال ال له ‪ :‬يرحك ال يا آدم قال ‪ :‬ث قال ال للملئكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون اللئكة الذين ف السموات ‪ :‬اسجدوا لدم فسجدوا كلهم أجعون إل إبليس أب‬
‫واستكب لا كان حدث به نفسه من كبه واغتراره فقال ‪ :‬ل أسجد له وأنا خي منه وأكب سنا وأقوى خلقا خلقتن من نار وخلقته من طي يقول ‪ :‬إن النار أقوى من الطي قال ‪ :‬فلما أب‬
‫إبليس أن يسجد أبلسه ال أي آيسه من الي كله وجعله شيطانا رجيما عقوبة لعصيته ث علم آدم الساء كلها وهي هذه الساء الت يتعارف با الناس ‪ :‬إنسان ودابة وأرض وسهل وبر‬
‫وجبل وحار وأشباه ذلك من المم وغيها ث عرض هذه الساء على أولئك اللئكة يعن اللئكة الذين كانوا مع إبليس الذين خلقوا من نار السموم وقال لم ‪ :‬أنبئون بأساء هؤلء يقول ‪:‬‬
‫أخبون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي إن كنتم تعلمون أن ل أجعل خليفة ف الرض قال ‪ :‬فلما علمت اللئكة مؤاخذة ال عليهم فيما تكلموا به من علم الغيب الذي ل يعلمه غيه الذي‬
‫ليس لم به علم قالوا ‪ :‬سبحانك تنيها ل من أن يكون أحد يعلم الغيب غيه تبنا إليك ل علم لنا إل ما علمتنا تبيا منهم من علم الغيب إل ما علمتنا كما علمت آدم فقال ‪ :‬يا آدم أنبئهم‬
‫بأسائهم يقول ‪ :‬أخبهم بأسائهم فلما أنباهم بأسائهم قال ‪ :‬أل أقل لكم أيها اللئكة خاصة إن أعلم غيب السموات والرض ول يعلمه غيي وأعلم ما تبدون يقول ‪ :‬ما تظهرون وما كنتم‬
‫تكتمون يقول ‪ :‬أعلم السر كما أعلم العلنية يعن ما كتم إبليس ف نفسه من الكب والغترار‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذه الرواية عن ابن عباس تنبء عن أن قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬وإذ قال ربك للملئكة إن جاعل ف الرض خليفة } خطاب من ال جل ثناؤه لاص من اللئكة دون الميع‬
‫وأن الذين قيل لم ذلك من اللئكة كانوا قبيلة إبليس خاصة الذين قاتلوا معه جن الرض قبل خلق آدم وأن ال إنا خصهم بقيل ذلك امتحانا منه لم وابتلء ليعرفهم قصور علمهم وفضل‬
‫كثي من هو أضعف خلقا منهم من خلقه عليهم وأن كرامته ل تنال بقوى البدان وشدة الجسام كما ظنه إبليس عدو ال ومصرح بأن قيلهم لربم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك‬
‫الدماء } كانت هفوة منهم ورجا بالغيب ؟ وأن ال جل ثناؤه أطلعهم على مكروه ما نطقوا به من ذلك ووقفهم عليه حت تابوا وأنابوا إليه ما قالوا ونطقوا من رجم الغيب بالظنون وتبأوا‬
‫إليه أن يعلم الغيب غيه وأظهر لم من إبليس ما كان منطويا عليه من الكب الذي قد كان عنهم مستخفيا‬
‫‪ :‬وقد روي عن ابن عباس خلف هذه الرواية وهو ما‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪240‬‬

‫(وإذ قال ربك للملئكة إن جاعل ف الرض خليفة قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون (‪30‬‬

‫حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬لا فرغ ال من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك ساء الدنيا وكان من قبيلة من اللئكة يقال لم الن وإنا سوا الن لنم‬
‫خزان النة وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع ف صدره كب وقال ‪ :‬ما أعطان ال هذا إل لزية ل هكذا قال موسى بن هرون وقد حدثن به غيه وقال ‪ :‬لزية ل على اللئكة فلما وقع ذلك‬
‫الكب ف نفسه اطلع ال على ذلك منه فقال ال للملئكة ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } قالوا ‪ :‬ربنا وما يكون ذلك الليفة ؟ قال ‪ :‬يكون له ذرية يفسدون ف الرض ويتحاسدون ويقتل‬
‫بعضهم بعضا قالوا ‪ :‬ربنا { أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون } يعن من شأن إبليس فبعث جبيل إل الرض ليأتيه بطي‬
‫منها فقالت الرض ‪ :‬إن أعوذ بال منك أن تنقص من أو تشينن فرجع ول يأخذ وقال ‪ :‬رب إنا عاذت بك فأعذتا فبعث ال ميكائيل فعاذت منه فأعاذها فرجع فقال كما قال جبيل فبعث‬
‫ملك الوت فعاذت منه فقال ‪ :‬وأنا أعوذ بال أن أرجع ول أنفذ أمره فأخذ من وجه الرض وخلط فلم يأخذ من مكان واحد وأخذ من تربة حراء وبيضاء وسوداء فلذلك خرج بنو آدم‬
‫متلفي فصعد به فبل التراب حت عاد طينا لزبا واللزب ‪ :‬هو الذي يلتزق بعضه ببعض ث ترك حت أنت وتغي وذلك حي يقول ‪ { :‬من حإ مسنون } ( الجر ‪ ) 28 :‬قال ‪ :‬منت ث قال‬
‫للملئكة ‪ { :‬إن خالق بشرا من طي * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } ( ص ‪ ) 72 - 71 :‬فخلقه ال بيديه لكيل يتكب إبليس عنه ليقول له ‪ :‬تتكب عما عملت‬
‫بيدي ول أتكب أنا عنه ؟ فخلقه بشرا فكان جسدا من طي أربعي سنة من مقدار يوم المعة فمرت به اللئكة ففزعوا منه لا رأوه وكان أشدهم منه فزعا ابليس فكان ير به فيضربه فيصوت‬
‫السد كما يصوت الفخار وتكون له صلصلة فذلك حي يقول ‪ { :‬من صلصال كالفخار } ( الرحن ‪ ) 14 :‬ويقول لمر ما خلقت ودخل من فيه فخرج من دبره فقال للملئكة ‪ :‬ل ترهبوا‬
‫من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوف لئن سلطت عليه لهلكنه فلما بلغ الي الذي يريد ال جل ثناؤه أن ينفخ فيه الروح قال للملئكة ‪ :‬إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له فلما نفخ فيه‬
‫الروح فدخل الروح ف رأسه عطس فقالت له اللئكة ‪ :‬قل المد ل فقال ‪ :‬المد ل فقال له ال ‪ :‬رحك ربك فلما دخل الروح ف عينيه نظر إل ثار النة فلما دخل ف جوفه اشتهى الطعام‬
‫فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلن إل ثار النة فذلك حي يقول ‪ { :‬خلق النسان من عجل } ( النبياء ‪ ) 37 :‬فسجد اللئكة كلهم أجعون إل إبليس أب أن يكون مع الساجدين‬
‫أي استكب وكان من الكافرين قال ال له ‪ :‬ما منعك أن تسجد إذ أمرتك لا خلقت بيدي ؟ قال ‪ :‬أنا خي منه ل أكن لسجد لبشر خلقته من طي قال ال له ‪ :‬اخرج منها فما يكون لك يعن‬
‫ما ينبغي لك أن تتكب فيها فاخرج انك من الصاغرين والصغار ‪ :‬هو الذل قال وعلم آدم الساء كلها ث عرض اللق على اللئكة فقال أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي أن بن آدم‬
‫يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء فقالوا له ‪ :‬سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الكيم قال ال ‪ :‬يا آدم أنبئهم بأسائهم فلما أنبأهم بأسائهم قال ‪ :‬أل أقل لكم إن أعلم‬
‫غيب السموات والرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قال قولم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } فهذا الذي أبدوا { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } يعن ما أسر إبليس ف نفسه‬
‫من الكب‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فهذا الب أوله مالف معناه معن الرواية الت رويت عن ابن عباس من رواية الضحاك الت قد قدمنا ذكرها قبل وموافق معن آخره معناها وذلك أنه ذكر ف أوله أن اللئكة‬
‫سألت ربا ‪ :‬ما ذاك الليفة ؟ حي قال لا ‪ :‬إن جاعل ف الرض خليفة فأجابا أنه تكون له ذرية يفسدون ف الرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا فقالت اللئكة حينئذ ‪ :‬أتعل فيها من‬
‫يفسد فيها ويسفك الدماء ؟ فكان قول اللئكة ما قالت من ذلك لربا بعد إعلم ال إياها أن ذلك كائن من ذرية الليفة الذي يعله ف الرض فذلك معن خلف أوله معن خب الضحاك‬
‫الذي ذكرناه‬
‫وأما موافقته إياه ف آخره فهو قولم ف تأويل قوله ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } ‪ :‬أن بن آدم يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء وأن اللئكة قالت إذ قال لا ربا ذلك تبيا‬
‫{ من علم الغيب ‪ { : -‬سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الكيم‬
‫وهذا إذا تدبره ذو الفهم علم أن أوله يفسد آخره وأن آخره يبطل معن أوله وذلك أن ال جل ثناؤه إن كان أخب اللئكة أن ذرية الليفة الذي يعله ف الرض تفسد فيها وتسفك الدماء‬
‫فقالت اللئكة لربا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } ؟ فل وجه لتوبيخها على أن أخبت عمن أخبها ال عنه أنه يفسد ف الرض ويسفك الدماء بثل الذي أخبها عنهم ربا‬
‫فيجوز أن يقال لا فيما طوي عنها من العلوم ‪ :‬إن كنتم صادقي فيما علمتم بب ال إياكم أنه كائن من المور فأخبت به فأخبونا بالذي قد طوى ال عنكم علمه كما قد أخبتونا بالذي قد‬
‫أطلعكم ال عليه بل ذلك خلف من التأويل ودعوى على ال ما ل يوز أن يكون له صفة وأخشى أن يكون بعض نقلة هذا الب هو الذي غلط على من رواه عنه من الصحابة وأن يكون‬
‫التأويل منهم كان على ذلك ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } فيما ظننتم أنكم أدركتموه من العلم ببي إياكم أن بن آدم يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء حت استجزت أن‬
‫تقولوا ‪ :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فيكون التوبيخ حينئذ واقعا على ما ظنوا أنم قد أدركوا بقول ال لم ‪ :‬إنه يكون له ذرية يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء ل على‬
‫إخبارهم با أخبهم ال به أنه كائن وذلك أن ال جل ثناؤه وإن كان أخبهم عما يكون من بعض ذرية خليفته ف الرض ما يكون منه فيها من الفساد وسفك الدماء فقد كان طوى عنهم‬
‫الب عما يكون من كثي منهم ما يكون من طاعتهم ربم وإصلحهم ف أرضه وحقن الدماء ورفعه منلتهم وكرامتهم عليه فلم يبهم بذلك فقالت اللئكة ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها‬
‫ويسفك الدماء } على ظن منها على تأويل هذين البين اللذين ذكرت وظاهرها أن جيع ذرية الليفة الذي يعله ف الرض يفسدون فيها ويسفكون فيها الدماء فقال ال لم إذ علم آدم‬
‫الساء كلها ‪ : -‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي أنكم تعلمون أن جيع بن آدم يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء على ما ظننتم ف أنفسكم إنكارا منه جل ثناؤه لقيلهم ما قالوا من‬
‫ذلك على الميع والعموم وهو من صفة خاص ذرية الليفة منهم وهذا الذي ذكرنا هو صفة منا لتأويل الب ل القول الذي نتاره ف تأويل الية‬
‫‪ :‬وما يدل على ما ذكرنا من توجيه خب اللئكة عن إفساد ذرية الليفة وسفكها الدماء على العموم ما‬
‫حدثنا به أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبدالرحن بن سابط قوله ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } قال ‪:‬‬
‫يعنون الناس‬
‫‪ :‬وقال اخرون ف ذلك با‬
‫حدثنا به بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬وإذ قال ربك للملئكة إن جاعل ف الرض خليفة } فاستشار اللئكة ف خلق آدم فقالوا ‪ { :‬أتعل فيها من‬
‫يفسد فيها ويسفك الدماء } وقد علمت اللئكة من علم ال أنه ل شيء أكره إل ال من سفك الدماء والفساد ف الرض { ونن نسبح بمدك ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون }‬
‫فكان ف علم ال جل ثناؤه أنه سيكون من ذلك الليفة أنبياء ورسل وقوم صالون وساكنو النة قال ‪ :‬وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول ‪ :‬إن ال لا أخذ ف خلق آدم قالت اللئكة ‪ :‬ما ال‬
‫( خالق خلقا أكرم عليه منا ول أعلم منا فابتلوا بلق آدم وكل خلق مبتلى كما ابتليت السموات والرض بالطاعة فقال ال ‪ { :‬ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعي } ( فصلت ‪11 :‬‬
‫وهذا الب عن قتادة يدل على أن قتادة كان يرى أن اللئكة قالت ما قالت من قولا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } على غي يقي علم تقدم منها بأن ذلك كائن ولكن على‬
‫الرأي منها والظن وأن ال جل ثناؤه أنكر ذلك من قيلها ورد عليها ما رأت بقوله ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } من أنه يكون من ذرية ذلك الليفة النبياء والرسل والجتهد ف طاعة ال‬
‫‪ :‬وقد روي عن قتادة خلف هذا التأويل وهو ما‬
‫حدثنا به السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } قال ‪ :‬كان ال أعلمهم إذا كان ف الرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا‬
‫{ الدماء فذلك قوله ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها‬
‫‪ :‬وبثل قول قتادة قال جاعة من أهل التأويل منهم السن البصري‬
‫حدثنا القاسم قال حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن جرير بن حازم و مبارك عن السن و أب بكر عن السن و قتادة قال ‪ :‬قال ال للئكته ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } قال لم ‪:‬‬
‫إن فاعل فعرضوا برأيهم فعلمهم علما وطوى عنهم علما علمه ل يعلمونه فقالوا بالعلم الذي علمهم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } وقد كانت اللئكة علمت من علم ال‬
‫أنه ل ذنب أعظم عند ال من سفك الدماء { ونن نسبح بمدك ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون } فلما أخذ ف خلق آدم هست اللئكة فيما بينها فقالوا ‪ :‬ليخلق ربنا ما شاء أن‬
‫يلق فلن يلق خلقا إل كنا أعلم منه وأكرم عليه منه فلما خلقه ونفخ فيه من روحه أمرهم أن يسجدوا له لا قالوا ففضله عليهم فعلموا أنم ليسوا بي منه فقالوا ‪ :‬إن ل نكن خيا منه فنحن‬
‫أعلم منه لنا كنا قبله وخلقت المم قبله فلما أعجبوا بعملهم ابتلوا فـ { علم آدم الساء كلها ث عرضهم على اللئكة فقال أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } أن ل أخلق خلقا إل‬
‫كنتم أعلم منه فأخبون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي قال ‪ :‬ففزع القوم إل التوبة وإليها يفزع كل مؤمن فقالوا ‪ { :‬سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الكيم * قال يا آدم‬
‫أنبئهم بأسائهم فلما أنبأهم بأسائهم قال أل أقل لكم إن أعلم غيب السماوات والرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } لقولم ‪ :‬ليخلق ربنا ما شاء فلن يلق خلقا أكرم عليه منا ول‬
‫أعلم منا قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء هذه البال وهذه البغال والبل والن والوحش وجعل يسمي كل شيء باسه وعرضت عليه كل أمة فقال ‪ { :‬أل أقل لكم إن أعلم غيب السماوات‬
‫والرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال ‪ :‬أما ما أبدوا فقولم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } وأما ما كتموا فقول بعضهم لبعض ‪ :‬نن خي منه وأعلم‬
‫وحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا إسحق بن الجاج قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ف قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } الية قال ‪ :‬إن ال خلق اللئكة يوم‬
‫الربعاء وخلق الن يوم الميس وخلق آدم يوم المعة قال ‪ :‬فكفر قوم من الن فكانت اللئكة تبط إليهم ف الرض فتقاتلهم فكانت الدماء وكان الفساد ف الرض فمن ث قالوا ‪:‬‬
‫{ أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } الية‬
‫حدثنا ممد بن جرير قال ‪ :‬حدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬أخبنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بثله ‪ { :‬ث عرضهم على اللئكة فقال أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي }‬
‫إل قوله ‪ { :‬إنك أنت العليم الكيم } قال ‪ :‬وذلك حي قالوا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك } قال ‪ :‬فلما عرفوا أنه جاعل ف الرض خليفة‬
‫قالوا بينهم ‪ :‬لن يلق ال خلقا إل كنا نن أعلم منه وأكرم فأراد ال أن يبهم أنه قد فضل عليهم آدم وعلم آدم الساء كلها فقال للملئكة ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } إل‬
‫قوله ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } وكان الذي أبدوا حي قالوا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } وكان الذي كتموه بينهم قولم ‪ :‬لن يلق ال خلقا إل كنا نن‬
‫أعلم منه وأكرم فعرفوا أن ال فضل عليهم آدم ف العلم والكرم‬
‫‪ :‬وقال ابن زيد با‬
‫حدثن به يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ :‬لا خلق ال النار ذعرت منها اللئكة ذعرا شديدا وقالوا ‪ :‬ربنا ل خلقت هذه النار ؟ ولي شيء خلقتها ؟ قال ‪:‬‬
‫لن عصان من خلقي قال ‪ :‬ول يكن ل خلق يومئذ إل اللئكة والرض ليس فيها خلق إنا خلق آدم بعد ذلك وقرأ قول ال ‪ { :‬هل أتى على النسان حي من الدهر ل يكن شيئا مذكورا } (‬
‫النسان ‪ ) 1 :‬قال ‪ :‬قال عمر بن الطاب ‪ :‬يا رسول ال ليت ذلك الي ث قال ‪ :‬قالت اللئكة ‪ :‬يا رب أو يأت علينا دهر نعصيك فيه ل يرون له خلقا غيهم قال ‪ :‬ل إن أريد أن أخلق ف‬
‫الرض خلقا وأجعل فيها خليفة يسفكون الدماء ويفسدون ف الرض فقالت اللئكة ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } ؟ وقد اخترتنا فاجعلنا نن فيها فنحن نسبح بمدك‬
‫ونقدس لك ونعمل فيها بطاعتك وأعظمت اللئكة أن يعل ال ف الرض من يعصيه فقال ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } { يا آدم أنبئهم بأسائهم } فقال ‪ :‬فلن وفلن قال ‪ :‬فلما رأوا ما‬
‫أعطاه ال من العلم أقروا لدم بالفضل عليهم وأب البيث إبليس أن يقر له قال ‪ :‬أنا خي منه خلقتن من نار وخلقته من طي ( العراف ‪ ) 7 :‬قال ‪ { :‬فاهبط منها فما يكون لك أن تتكب‬
‫( فيها } ( البقرة ‪74 :‬‬
‫‪ :‬وقال ابن إسحق با‬
‫حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل عن ممد بن إسحق قال ‪ :‬لا أراد ال أن يلق آدم بقدرته ليبتليه ويبتلي به لعلمه با ف ملئكته وجيع خلقه وكان أول بلء ابتليت به اللئكة‬
‫ما لا فيه ما تب وما تكره للبلء والتمحيص لا فيهم ما ل يعلموا وأحاط به علم ال منهم جع اللئكة من سكان السموات والرض ث قال ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } يقول ‪ :‬ساكنا‬
‫وعامرا ليسكنها ويعمرها خلفا ليس منكم ث أخبهم بعلمه فيهم فقال ‪ :‬يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء ويعملون بالعاصي فقالوا جيعا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‬
‫ونن نسبح بمدك ونقدس لك } ل نعصي ول نأت شيئا كرهته ؟ قال ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬إن أعلم فيكم ومنكم ول يبدها لم من العصية والفساد وسفك الدماء وإتيان ما‬
‫أكره منهم ما يكون ف الرض ما ذكرت ف بن آدم قال ال لحمد صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬ما كان ل من علم بالل العلى إذ يتصمون * إن يوحى إل إل أنا أنا نذير مبي * إذ قال ربك‬
‫للملئكة إن خالق بشرا من طي * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } ( ص ‪ ) 72 - 69 :‬فذكر لنبيه صلى ال عليه وسلم الذي كان من ذكره آدم حي أراد خلقه‬
‫ومراجعة اللئكة إياه فيما ذكر لم منه فلما عزم ال تعال ذكره على خلق آدم قال للملئكة ‪ :‬إن خالق بشرا من صلصال من حإ مسنون بيدي تكرمة له وتعظيما لمره وتشريفا له حفظت‬
‫اللئكة عهده ووعوا قوله وأجعوا الطاعة إل ما كان من عدو ال إبليس فإنه صمت على ما كان ف نفسه من السد والبغي والتكب والعصية وخلق ال آدم من أدمة الرض من طي لزب‬
‫من حإ مسنون بيديه تكرمة له وتعظيما لمره وتشريفا له على سائر خلقه قال ابن إسحق ‪ :‬فيقال وال أعلم ‪ :‬خلق ال آدم ث وضعه ينظر إليه أربعي عاما قبل أن ينفخ فيه الروح حت عاد‬
‫صلصال كالفخار ول تسسه نار قال ‪ :‬فيقال وال أعلم ‪ :‬إنه لا انتهى الروح إل رأسه عطس فقال ‪ :‬المد ل فقال له ربه ‪ :‬يرحك ربك ووقع اللئكة حي استوى سجودا له حفظا لعهد ال‬
‫الذي عهد إليهم وطاعة لمره الذي أمرهم به وقام عدو ال إبليس من بينهم فلم يسجد مكابرا متعظما بغيا وحسدا فقال له ‪ { :‬يا إبليس ما منعك أن تسجد لا خلقت بيدي } إل ‪:‬‬
‫( { لملن جهنم منك ومن تبعك منهم أجعي } ( ص ‪85 - 75 :‬‬
‫قال ‪ :‬فلما فرغ ال من إبليس ومعاتبته وأب إل العصية أوقع عليه اللعنة وأخرجه من النة ث أقبل على آدم وقد علمه الساء كلها فقال ‪ :‬يا آدم أنبئهم بأسائهم فلما أنبأهم بأسائهم قال أل‬
‫أقل لكم إن أعلم غيب السموات والرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قالوا ‪ :‬سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الكيم أي إنا أجبناك فيما علمتنا فأما ما ل تعلمنا‬
‫فأنت أعلم به فكان ما سى آدم من شيء كان اسه الذي هو عليه إل يوم القيامة‬
‫‪ :‬وقال ابن جريج با‬
‫حدثنا به القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قال ‪ :‬إنا تكلموا با أعلمهم أنه كائن من خلق آدم فقالوا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } ؟ وقال‬
‫بعضهم ‪ :‬إنا قالت اللئكة ما قالت ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } لن ال أذن لا ف السؤال عن ذلك بعدما أخبها أن ذلك كائن من بن آدم فسألته اللئكة فقالت على‬
‫التعجب منها ‪ : -‬وكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم ؟ فأجابم ربم ‪ :‬إن أعلم ما ل تعلمون يعن ‪ :‬أن ذلك كائن منهم وإن ل تعلموه أنتم ومن بعض من ترونه ل طائعا يعرفهم بذلك‬
‫قصور علمهم عن علمه‬
‫وقال بعض أهل العربية ‪ :‬قول اللئكة ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } على غي وجه النكار منهم على ربم وإنا سألوه ليعلموا وأخبوا عن أنفسهم أنم يسبحون وقال ‪ :‬قالوا ذلك لنم‬
‫كرهوا أن يعصى ال لن الن قد كانت أمرت قبل ذلك فعصت‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬ذلك من اللئكة على وجه السترشاد عما ل يعلموا من ذلك فكانم قالوا ‪ :‬يا رب خبنا مسألة استخبار منهم ل ل على وجه مسألة التوبيخ‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأول هذه التأويلت بقول ال جل ثناؤه مبا عن ملئكته قيلها له ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك } تأويل من قال ‪ :‬إن ذلك‬
‫منها استخبار لربا بعن ‪ :‬أعلمنا يا ربنا أجاعل أنت ف الرض من هذه صفته وتارك أن تعل خلفاءك منا ونن نسبح بمدك ونقدس لك ل إنكار منها لا أعلمها ربا أنه فاعل وإن كانت قد‬
‫استعظمت لا أخبت بذلك أن يكون ل خلق يعصيه‬
‫وأما دعوى من زعم أن ال جل ثناؤه كان أذن لا بالسؤال عن ذلك فسألته على وجه التعجب فدعوى ل دللة عليها ف ظاهر التنيل ول خب با من الجة يقطع العذر وغيجائز أن يقال ف‬
‫تأويل كتاب ال با ل دللة عليه من بعض الوجوه الت تقوم با الجة‬
‫وأما وصف اللئكة من وصفت ف استخبارها ربا عنه بالفساد ف الرض وسفك الدماء فغي مستحيل فيه ما روي عن ابن عباس وابن مسعود من القول الذي رواه السدي ووافقهما عليه‬
‫قتادة من التأويل ‪ :‬وهو أن ال جل ثناؤه أخبهم أنه جاعل ف الرض خليفة تكون له ذرية يفعلون كذا وكذا فقالوا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } على ما وصفت من الستخبار‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬وما وجه استخبارها والمر على ما وصفت من أنا قد أخبت أن ذلك كائن ؟‬
‫قيل ‪ :‬وجه استخبارها حينئذ يكون عن حالم عند وقوع ذلك وهل ذلك منهم ؟ ومسألتهم ربم أن يعلهم اللفاء ف الرض حت ل يعصوه وغي فاسد أيضا ما رواه الضحاك عن ابن عباس‬
‫وتابعه عليه الربيع بن أنس من أن اللئكة قالت ذلك لا كان عندها من علم سكان الرض قبل آدم من الن فقالت لربا ‪ :‬أجاعل فيها أنت مثلهم من اللق يفعلون مثل الذي كانوا‬
‫يفعلون ؟ على وجه الستعلم منهم لربم ل على وجه الياب أن ذلك كائن كذلك فيكون ذلك منها إخبارا عما ل تطلع عليه من علم الغيب وغي خطأ أيضا ما قاله ابن زيد من أن يكون‬
‫قيل اللئكة ما قالت من ذلك على وجه التعجب منها من أن يكون ل خلق يعصي خالقه‬
‫وإنا تركنا القول بالذي رواه الضحاك عن ابن عباس ووافقه عليه الربيع بن أنس وبالذي قاله ابن زيد ف تأويل ذلك لنه ل خب عندنا بالذي قالوه من وجه يقطع ميئه العذر ويلزم سامعه به‬
‫الجة والب عما مضى وما قد سلف ل يدرك علم صحته إل بجيئه ميئا يتنع معه التشاغب والتواطؤ ويستحيل معه الكذب والطأ والسهو وليس ذلك بوجود كذلك فيما حكاه الضحاك‬
‫عن ابن عباس ووافقه عليه الربيع ول فيما قاله ابن زيد‬
‫فأول التأويلت إذ كان المر كذلك بالية ما كان عليه من ظاهر التنيل دللة ما يصح مرجه ف الفهوم‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬فإن كان أول التأويلت بالية هو ما ذكرت من أن ال أخب اللئكة بأن ذرية خليفته ف الرض يفسدون فيها ويسفكون فيها الدماء فمن أجل ذلك قالت اللئكة ‪ { :‬أتعل‬
‫فيها من يفسد فيها } فأين ذكر إخبار ال إياهم ف كتابه بذلك ؟‬
‫‪ :‬قيل له ‪ :‬اكتفى بدللة ما قد ظهر من الكلم عليه عنه كما قال الشاعر‬
‫( فل تدفنون إن دفن مرم ‪ ...‬عليكم ولكن خامري أم عامر )‬
‫فحذف قوله ‪ :‬دعون للت يقال لا عند صيدها ‪ :‬خامري أم عامر إذ كان فيما أظهر من كلمه دللة على معن مراده فكذلك ذلك ف قوله ‪ :‬قالوا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } لا كان فيه‬
‫دللة على ما ترك ذكره بعد قوله ‪ { :‬إن جاعل ف الرض خليفة } من الب عما يكون من إفساد ذريته ف الرض اكتفى بدللته وحذف فترك ذكره كما ذكرنا من قول الشاعر ونظائر‬
‫{ ذلك ف القرآن وأشعار العرب وكلمها أكثر من أن يصى فلما ذكرنا من ذلك اخترنا ما اخترنا من القول ف تأويل قوله ‪ { :‬قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ونن نسبح بمدك ونقدس لك‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬أما قوله ‪ { :‬ونن نسبح بمدك } فإنه يعن ‪ :‬إنا نعظمك بالمد لك والشكر كما قال جل ثناؤه ‪ { ( :‬فسبح بمد ربك } ( النصر ‪ ) 3 :‬وكما قال ‪ { :‬واللئكة يسبحون‬
‫بمد ربم } ( الشورى ‪ ) 5 :‬وكل ذكر ل عند العرب فتسبيح وصلة يقول الرجل منهم ‪ :‬قضيت سبحت من الذكر والصلة وقد قيل ‪ :‬إن التسبيح صلة اللئكة‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا يعقوب القمي عن جعفربن أب الغية عن سعيد بن جبي قال ‪ :‬كان [ النب صلى ال عليه وسلم يصلي فمررجل من السلمي على رجل من النافقي فقال له ‪:‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يصفي وأنت جالس فقال له ‪ :‬امض إل عملك إن كان لك عمل فقال ‪ :‬ما أظن إل سيمر عليك من ينكر عليك فمر عليه عمربن الطاب فقال له ‪ :‬يا فلن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم يصلي وأنت جالس فقال له مثلها فقال ‪ :‬هذا من عملي فوثب عليه فضربه حت انتهى ث دخل السجد فصلى مع النب صلى ال عليه وسلم فلما انفتل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قام إليه عمر فقال ‪ :‬يا نب ال مررت آنفا على فلن وأنت تصلي فقلت له ‪ :‬النب صلى ال عليه وسلم يصلي وأنت جالس ! فقال ‪ :‬سر إل عملك إن كان لك عمل فقال النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬فهل ضربت عنقه فقام عمر مسرعا فقال ‪ :‬يا عمر ارجع فإن غضبك عز ورضاك حكم إن ل ف السموات السبع ملئكة يصلون له غن عن صلة فلن فقال عمر ‪ :‬يا‬
‫نب ال وما صلتم ؟ فلم يرد عليه شيئا فأتاه جبيل فقال ‪ :‬يا نب ال سألك عمر عن صلة أهل السماء ؟ قال ‪ :‬نعم فقال ‪ :‬اقرأ على عمر السلم وأخبه أن أهل السماء الدنيا سجود إل‬
‫يوم القيامة يقولون ‪ :‬سبحان ذي اللك واللكوت وأهل السماء الثانية ركوع إل يوم القيامة يقولون ‪ :‬سبحان ذي العزة والبوت وأهل السماء الثالثة قيام إل يوم القيامة يقولون ‪ :‬سبحان‬
‫[ الي الذي ل يوت‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وحدثن يعقوب بن إبراهيم و سهل بن موسى الرازي قال ‪ :‬حدثنا ابن علية قال ‪ :‬أخبنا الريري عن أب عبدال السري عن عبدال بن الصامت عن أب ذر ‪ :‬أن [ رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم عاده أو أن أبا ذر عاد النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول ال بأب أنت أي الكلم أحب إل ال ؟ فقال ‪ :‬ما اصطفى ال للئكته ‪ :‬سبحان رب وبمده سبحان‬
‫[ رب وبمده‬
‫ف أشكال لا ذكرنا من الخبار كرهنا إطالة الكتاب باستقصائها‬
‫‪ :‬وأصل التسبيح ل عند العرب ‪ :‬التنيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه والتبئة له من ذلك كما قال أعشى بن ثعلبة‬
‫( أقول لا جاءن فخره ‪ ... :‬سبحان من علقمة الفاخر )‬
‫يريد ‪ :‬سبحان ال من فخر علقمة أي تنيها ل ما أتى علقمة من الفتخار على وجه النكي منه لذلك‬
‫وقد اختلف أهل التأويل ف معن التسبيح والتقديس ف هذا الوضع فقال بعضهم ‪ :‬قولم { نسبح بمدك } ‪ :‬نصلي لك ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمروبن‬
‫حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬ونن نسبح‬
‫بمدك ونقدس لك } قال ‪ :‬يقولون ‪ :‬نصلي لك‬
‫وقال آخرون ‪ { :‬نسبح بمدك } التسبيح العلوم ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق قال أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬ونن نسبح بمدك } قال ‪:‬‬
‫التسبيح التسبيح‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ونقدس لك‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والتقديس هو التطهي والتعظيم ومنه قولم ‪ :‬سبوح قدوس يعن بقولم ‪ :‬سبوح تنيه ل وبقولم ‪ :‬قاوس طهارة له وتعظيم ولذلك قيل للرض ‪ :‬أرض مقدسة يعن بذلك‬
‫الطهرة فمعن قول اللئكة إذا ‪ { :‬ونن نسبح بمدك } ننهك ونبئك ما يضيفه إليك أهل الشرك بك ونصلي لك { ونقدس لك } ننسبك إل ما هو من صفاتك من الطهارة من الدناس‬
‫وما أضاف إليك أهل الكفر بك وقد قيل ‪ :‬إن تقديس اللئكة لربا صلتا له كما ‪ :‬حدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬ونقدس لك } قال‬
‫‪ :‬التقديس ‪ :‬الصلة‬
‫وقال بعضهم ‪ { :‬نقدس لك } ‪ :‬نعظمك ونجدك ذكر من قال ذلك‬
‫حدثن يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا هاشم بن القاسم قال ‪ :‬حدثنا أبو سعيد الؤدب قال ‪ :‬حدثنا إسعيل عن أب صال ف قوله ‪ { :‬ونن نسبح بمدك ونقدس لك } قال ‪ :‬نعظمك ونجدك‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثن عيسى وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل جيعا عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬ونقدس لك }‬
‫قال نعظمك ونكبك‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحق ‪ { :‬ونن نسبح بمدك ونقدس لك } ل نعصي ول نأت شيئا تكرهه‬
‫وحدثت عن النجاب قال حدثنا بشر عن أب روق عن الضحاك ف قوله ‪ { :‬ونقدس لك } قال ‪ :‬التقديس ‪ :‬التطهي‬
‫وأما قول من قال ‪ :‬إن التقديس الصلة أو التعظيم فإن معن قوله ذلك راجع إل العن الذي ذكرناه من التطهي من أجل أن صلتا لربا تعظيم منها له وتطهي ما ينسبه إليه أهل الكفر به ولو‬
‫قال مكان { ونقدس لك } ونقدسك كان فصيحا من الكلم وذلك أن العرب تقول ‪ :‬فلن يسبح ال ويقدسه ويسبح ل ويقدس له بعن واحد وقد جاء بذلك القرآن قال ال جل ثناؤه ‪{ :‬‬
‫( كي نسبحك كثيا * ونذكرك كثيا } ( طه ‪ ) 134 ، 33 :‬وقال ف موضع آخر ‪ { :‬يسبح ل ما ف السماوات وما ف الرض } ( المعة ‪1 :‬‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬قال إن أعلم ما ل تعلمون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك فقال بعضهم ‪ :‬يعن بقوله ‪ { :‬أعلم ما ل تعلمون } ما اطلع عليه من إبليس وإضماره العصية ل وإخفائه الكب ما اطلع عليه تبارك وتعال‬
‫منه وخفي على ملئكته ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا ممد بن العلء قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬إن أعلم ما ل‬
‫تعلمون } يقول ‪ :‬إن قد اطلعت من قلب إبليس على ما ل تطلعوا عليه من كبه واغتراره‬
‫وحدثن موسى قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } يعن من شأن إبليس‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد وحدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا مؤمل قال جيعا ‪ :‬حدثنا سفيان عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم‬
‫من إبليس العصية وخلقه لا‬
‫وحدثن موسى بن عبد الرحن السروقي حدثنا ممد بن بشر قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن علي بن بذية عن ماهد بثله‬
‫حدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا ابن يان عن سفيان عن علي بن بذية عن ماهد مثله‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا حكام عن عنبسة عن ممد عبد الرحن عن القاسم بن أب بزة عن ماهد ف قوله ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم من إبليس العصية وخلقه لا‬
‫وحدثن جعفر بن ممد البزوري قال ‪ :‬حدثنا حسن بن بشر عن حزة الزيات عن ابن أب نيح عن ماهد ف قوله ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم من إبليس كتمانه الكب أن ل يسجد‬
‫لدم‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى بن ميمون قال ‪ :‬وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل جيعا عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪:‬‬
‫{ إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم من إبليس العصية‬
‫وحدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن ماهد مثله‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا سويد قال ‪ :‬أخبنا ابن البارك عن سفيان قال ‪ :‬قال ماهد ف قوله ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم من إبليس العصية وخلقه لا‬
‫وقال مرة ‪ :‬آدم‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا حجاج بن النهال قال ‪ :‬حدثنا العتمر سليمان قال ‪ :‬سعت عبد الوهاب بن ماهد يدث عن أبيه ف قوله ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم من إبليس العصية‬
‫وخلقه لا وعلم من آدم الطاعة وخلقه لا‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه و الثوري عن علي بن بذية عن ماهد ف قوله ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } قال ‪ :‬علم من إبليس العصية‬
‫وخلقه لا‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } أي فيكم ومنكم ول يبدها لم من العصية والفساد وسفك الدماء‬
‫وقال آخرون ‪ :‬معن ذلك ‪ :‬إن أعلم ما ل تعلمون من أنه يكون من ذلك الليفة أهل الطاعة والولية ل ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع قال ‪ :‬حدثنا‬
‫سعيد عن قتادة قال ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } فكان ف علم ال أنه سيكون من ذلك الليفة أنبياء ورسل وقوم صالون وساكنو النة‬
‫وهذا الب من ال جل ثناؤه ينبء عن أن اللئكة الت قالت ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } استفظعت أن يكون ل خلق يعصيه وعجبت منه إذ اخبت أن ذلك كائن فلذلك‬
‫قال لم ربم ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } يعن بذلك وال أعلم ‪ :‬إنكم لتعجبون من أمر ال وتستفظعونه وأنا أعلم أنه ف بعضكم وتصفون أنفسكم بصفة أعلم خلفها من بعضكم وتعرضون‬
‫بأمر قد جعلته لغيكم وذلك أن اللئكة لا أخبها ربا با هو كائن من ذرية خليفته من الفساد وسفك الدماء قالت لربا ‪ :‬يا رب أجاعل أنت ف الرض خليفة من غينا يكون من ذريته من‬
‫يعصيك أم منا فإنا نعظمك ونصلي لك ونطيعك ول نعصيك ؟ ول يكن عندها علم با قد انطوى عليه كشحا إبليس من استكباره على ربه فقال لم ربم ‪ :‬إن أعلم غي الذي تقولون من‬
‫بعضكم وذلك هو ما كان مستورا عنهم من أمر إبليس وانطوائه على ما قد كان انطوى عليه من الكب وعلى قيلهم ذلك ووصفهم أنفسهم بالعموم من الوصف عوتبوا‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪251‬‬

‫(وعلم آدم الساء كلها ث عرضهم على اللئكة فقال أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي (‪31‬‬

‫حدثنا ممد بن جرير قال ‪ :‬حدثنا ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أب الغية عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال ‪ :‬بعث رب العزة ملك الوت فأخذ من أدي الرض‬
‫من عذبا ومالها فخلق منه آدم ومن ث سي آدم لنه خلق من أدي الرض‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن جده عن علي قال ‪ :‬إن آدم خلق من أدي الرض فيه الطيب والصال والرديء فكل ذلك أنت‬
‫راء ف ولده الصال والرديء‬
‫حدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد قال حدثنا مسعر عن أب حصي عن سعيد بن جبي قال ‪ :‬خلق آدم من أدي الرض فسمي آدم‬
‫وحدثنا ابن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو داود قال ‪ :‬حدثنا شعبة عن أب حصي عن سعيد بن جبي قال ‪ :‬إنا سي آدم لنه خلق من أدي الرض‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أن ملك الوت لا بعث ليأخذ من الرض تربة آدم أخذ من وجه الرض وخلط فلم يأخذ من مكان واحد وأخذ من تربة حراء وبيضاء وسوداء فلذلك خرج بنو آدم‬
‫متلفي ولذلك سي آدم لنه أخذ من أدي الرض‬
‫وقد روي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم خب يقق ما قال من حكينا قوله ف معن آدم وذلك ما ‪ :‬حدثن به يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا ابن علية عن عوف وحدثنا ممد بن بشار و‬
‫عمربن شبة قال ‪ :‬حدثنا يي بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا عوف وحدثنا ابن بشار قال ‪ :‬حدثنا ابن أب عدي و ممد بن جعفر و عبد الوهاب الثقفي قالوا حدثنا عوف حدثن ممد بن عمارة‬
‫السدي قال ‪ :‬حدثنا إسعيل بن أبان قال ‪ :‬حدثنا عنبسة عن عوف العراب عن قسامة بن زهي عن أب موسى الشعري قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ [ :‬إن ال خلق آدم من‬
‫[ قبضة قبضها من جيع الرض فجاء بنو آدم على قدر الرض جاء منهم الحر والسود والبيض وبي ذلك والسهل والزن والبيث والطيب‬
‫فعلى التأويل الذي تأول آدم من تأوله بعن أنه خلق من أدي الرض يب أن يكون أصل آدم فعل سي به أبو البشر كما سي أحد بالفعل من الحاد و أسعد من السعاد فلذلك ل ير‬
‫ويكون تأويله حينئذ ‪ :‬آدم اللك الرض يعن به بلغ أدمتها وأدمتها ‪ :‬وجهها الظاهر لرأي العي كما أن جلدة كل ذي جلدة له أدمة ومن ذلك سي الدام إداما لنه صار كاللدة العليا ما‬
‫هي منه ث نقل من الفعل فجعل اسا للشخص بعينه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬الساء كلها‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف الساء الت علمها آدم ث عرضها على اللئكة فقال ابن عباس ما ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن‬
‫أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قال ‪ :‬علم ال آدم الساء كلها وهي هذه الساء الت يتعارف با الناس ‪ :‬إنسان ودابة وأرض وسهل وبر وجبل وحار وأشباه ذلك من المم وغيها‬
‫وحدثنا ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثن عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال‬
‫‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أب عن سفيان عن خصيف عن ماهد ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء‬
‫وحدثنا علي بن السن قال ‪ :‬حدثنا مسلم الرمي عن ممد بن مصعب عن قيس بن الربيع عن خصيف عن ماهد قال ‪ :‬علمه اسم الغراب والمامة واسم كل شيء وحدثنا ابن وكيع قال ‪:‬‬
‫حدثنا أب عن شريك عن سال الفطس عن سعيد بن جبي قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء حت البعي والبقرة والشاة‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أب عن شريك عن عاصم بن كليب عن سعيد بن معبد عن ابن عباس قال ‪ :‬علمه اسم القصعة والفسوة والفسية‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد قال ‪ :‬حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن السن بن سعد عن ابن عباس ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬حت الفسوة والفسية‬
‫حدثنا علي بن السن قال ‪ :‬حدثنا مسلم قال ‪ :‬حدثنا ممد بن مصعب عن قيس عن عاصم بن كليب عن سعيد بن معبد عن ابن عباس ف قول ال ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬علمه‬
‫اسم كل شيء حت النة والنية والفسوة والضرطة‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا علي بن مسهر عن عاصم بن كليب قال ‪ :‬قال ابن عباس ‪ :‬علمه القصعة من القصيعة والفسوة من الفسية‬
‫وحدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } حت بلغ { إنك أنت العليم الكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسائهم } فانبأ كل صنف من‬
‫اللق باسه وألأه إل جنسه‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق قال ‪ :‬حدثنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء هذا جبل وهذا بر وهذا كذا وهذا كذا لكل‬
‫شيء ث عرض تلك الشياء على اللئكة فقال ‪ :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن جرير بن حازم و مبارك عن السن وأب بكر عن السن و قتادة قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء ‪ :‬هذه اليل وهذه البغال والبل‬
‫والن والوحش وجعل يسمي كل شيء باسه‬
‫وحدثت عن عمار قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع قال ‪ :‬اسم كل شيء‬
‫وقال آخرون ‪ :‬علم آدم الساء كلها أساء اللئكة ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثت عن عمار قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع قوله ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬أساء‬
‫اللئكة‬
‫‪ :‬وقال آخرون ‪ :‬إنا علمه أساء ذريته كلها ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا ممد بن جرير قال ‪ :‬حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } قال ‪ :‬أساء ذريته أجعي‬
‫وأول هذه القوال بالصواب وأشبهها با دل على صحته ظاهر التلوة قول من قال ف قوله ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } أنا أساء ذريته وأساء اللئكة دون أساء سائر أجناس اللق وذلك‬
‫أن ال جل ثناؤه قال ‪ { :‬ث عرضهم على اللئكة } يعن بذلك أعيان السمي بالساء الت علمها آدم ول تكاد العرب تكن بالاء واليم إل عن أساء بن آدم واللئكة وأما إذا كانت عن‬
‫أساء البهائم وسائر اللق سوى من وصفناها فإنا تكن عنها بالاء واللف أو بالاء والنون فقالت ‪ :‬عرضهن أو عرضها وكذلك تفعل اذا كنت عن أصناف من اللق كالبهائم والطي وسائر‬
‫أصناف المم وفيها أساء بن آدم واللئكة فإنا تكن عنها با وصفنا من الاء والنون أو الاء واللف وربا كنت عنها إذا كان كذلك بالاء واليم كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬وال خلق كل دابة‬
‫من ماء فمنهم من يشي على بطنه ومنهم من يشي على رجلي ومنهم من يشي على أربع } ( النور ‪ ) 45 :‬فكن عنها بالاء واليم وهي أصناف متلفة فيها الدمي وغيه وذلك و إن كان‬
‫جائزا فإن الغالب الستفيض ف كلم العرب ما وصفنا من إخراجهم كناية أساء أجناس المم إذا اختلطت بالاء واللف أو الاء والنون فلذلك قلت ‪ :‬أول بتأويل الية أن تكون الساء الت‬
‫علمها آدم أساء أعيان بن آدم وأساء اللئكة وإن كان ما قال ابن عباس جائزا على مثال ما جاء ف كتاب ال من قوله ‪ { :‬وال خلق كل دابة من ماء فمنهم من يشي على بطنه } ( النور ‪:‬‬
‫‪ ) 45‬الية وقد ذكر أنا ف حرف ابن مسعود ‪ :‬ث عرضهن وأنا ف حرف أب ‪ :‬ث عرضها ولعل ابن عباس تأول ما تأول من قوله ‪ :‬علمه اسم كل شيء حت الفسوة والفسية على قراءة أب‬
‫فإنه فيما بلغنا كان يقرأ قراءة أب وتأويل ابن عباس على ما حكي عن أب من قراءته غي مستنكر بل هو صحيح مستفيض ف كلم العرب على نو ما تقدم وصفي ذلك القول ف تأويل قوله‬
‫{ تعال ‪ { :‬ث عرضهم على اللئكة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬قد تقدم ذكرنا التأويل الذي هوأول بالية على قراءتنا ورسم مصحفنا وأن قوله ‪ { :‬ث عرضهم } بالدللة على بن آدم واللئكة أول منه بالدللة على أجناس اللق كلها‬
‫وإن كان غي فاسد أن يكون دالص على جيع أصناف المم للعلل الت وصفنا‬
‫ويعن جل ثناؤه بقوله ‪ { :‬ث عرضهم } ث عرض أهل الساء على اللئكة‬
‫وقد اختلف الفسرون ف تأويل قوله ‪ { :‬ث عرضهم على اللئكة } نو اختلفهم ف قوله ‪ { :‬وعلم آدم الساء كلها } وسأذكر قول من انتهى إلينا عنه فيه قول‬
‫حدثنا ممد بن العلء قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬ث عرضهم على اللئكة } ث عرض هذه الساء يعن جيع‬
‫الشياء الت علمها آدم من أصناف جيع اللق‬
‫وحدثن موسى قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ { :‬ث عرضهم } ث عرض اللق على اللئكة‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ :‬أساء ذريته كلها أخذهم من ظهره قال ‪ :‬ث عرضهم على اللئكة‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ‪ { :‬ث عرضهم } قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء ث عرض تلك الساء على اللئكة‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬ث عرضهم } عرض أصحاب الساء على اللئكة‬
‫وحدثنا علي بن السن قال ‪ :‬حدثنا مسلم قال ‪ :‬حدثنا ممدبن مصعب عن قيس عن خصيف عن ماهد ‪ { :‬ث عرضهم على اللئكة } يعن عرض الساء المامة والغراب‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن جريربن حازم و مبارك عن السن وأب بكر عن السن و قتادة قال ‪ :‬علمه اسم كل شيء ‪ :‬هذه اليل وهذه البغال وما أشبه‬
‫ذلك وجعل يسمي كل شيء باسه وعرضت عليه أمة أمة‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬فقال أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل قوله { أنبئون } ‪ :‬أخبون كما ‪ :‬حدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان قال ‪ :‬حدثنا بشر عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬أنبئون } يقول ‪ :‬أخبون‬
‫بأساء هؤلء‬
‫‪ :‬ومنه قول نابغة بن ذبيان‬
‫( وأنبأه النبء أن حيا ‪ ...‬حلول من حرام أو جذام )‬
‫يعن بقوله ‪ :‬أنبأه ‪ :‬أخبه وأعلمه‬
‫{ القول ف تأويل قوله جل ذكره ‪ { :‬بأساء هؤلء‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬حدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى وحدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬بأساء‬
‫هؤلء } قال ‪ :‬بأساء هذه الت حدثت با آدم‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } يقول ‪ :‬بأساء هؤلء الت حدثت با آدم القول ف تأويل قوله‬
‫{ تعال ذكره ‪ { :‬إن كنتم صادقي‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف ذلك ‪ :‬فحدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشربن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬إن كنتم صادقي } إن‬
‫كنتم تعلمون ل أجعل ف الرض خليفة‬
‫وحدثنا موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬إن كنتم صادقي } أن بن آدم يفسدون ف الرض ويسفكون الدماء‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا حجاج عن جريربن حازم و مبارك عن السن وأب بكر عن السن و قتادة قال ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } أن ل أخلق خلقا‬
‫إل كنتم أعلم منه فأخبون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأول هذه القوال بتأويل الية تأويل ابن عباس ومن قال بقوله ومعن ذلك ‪ :‬فقال أنبئون بأساء من عرضته عليكم أيتها اللئكة القائلون ‪ :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك‬
‫الدماء من غينا أم منا فنحن نسبح بمدك ونقدس لك ؟ إن كنتم صادقي ف قيلكم أن إن جعلت خليفت ف الرض من غيكم عصان ذريته وأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وإن جعلتكم فيها‬
‫أطعتمون واتبعتم أمري بالتعظيم ل والتقديس فإنكم إن كنتم ل تعلمون أساء هؤلء الذين عرضتهم عليكم من خلقي وهم ملوقون موجودون ترونم وتعاينونم وعلمه غيكم بتعليمي إياه‬
‫فأنتم با هو غي موجود من المور الكائنة الت ل توجد بعد وبا هو مستتر من المور الت هي موجودة عن أعينكم أحرى أن تكونوا غي عالي فل تسألون ما ليس لكم به علم فإن أعلم با‬
‫يصلحكم ويصلح خلقي‬
‫وهذا الفعل من ال جل ثناؤه بلئكته الذين قالوا له ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } من جهة عتابه جل ذكره إياهم نظي قوله جل جلله لنبيه نوح صلوات ال عليه إذ قال { رب إن ابن من‬
‫أهلي وإن وعدك الق وأنت أحكم الاكمي } ( هود ‪ { : ) 45 :‬فل تسألن ما ليس لك به علم إن أعظك أن تكون من الاهلي } ( هود ‪ ) 45 :‬فكذلك اللئكة سألت ربا أن تكون‬
‫خلفاءه ف الرض ليسبحوه ويقدسوه فيها إذ كان ذرية من أخبهم أنه جاعله ف الرض خليفة يفسدون فيها ويسفكون الدماء فقال لم جل ذكره ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } يعن بذلك ‪:‬‬
‫إن أعلم أن بعضكم فاتح العاصي وخاتها وهو إبليس منكرا بذلك تعال ذكره قولم ث عرفهم موضع هفوتم ف قيلهم ما قالوا من ذلك بتعريفهم قصور علمهم عما هم له شاهدون عيانا‬
‫فكيف بال يروه ول يبوا عنه ؟ بعرضه ما عرض عليهم من خلقه الوجودين يومئذ وقيله لم ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } أنكم إن استخلفتكم ف أرضي سبحتمون‬
‫وقدستمون وإن استخلفت فيها غيكم عصان ذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء فلما اتضح لم موضع خطأ قيلهم وبدت لم هفوة زلتهم أنابوا إل ال بالتوبة فقالوا ‪ { :‬سبحانك ل علم لنا إل‬
‫ما علمتنا } فسارعوا الرجعة من الفوة وبادروا النابة من الزلة كما قال نوح حي عوتب ف مسألته فقيل له ‪ :‬ل تسألن ما ليس لك به علم ‪ { :‬رب إن أعوذ بك أن أسألك ما ليس ل به‬
‫علم وإل تغفر ل وترحن أكن من الاسرين } ( هود ‪ ) 47 :‬وكذلك فعل كل مسدد للحق موفق له سريعة إل الق إنابته قريبة إليه أوبته‬
‫{ وقد زعم بعض نوي أهل البصرة أن قوله ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي‬
‫ل يكن ذلك لن اللئكة ادعوا شيئا إنا أخب ال عن جهلهم بعلم الغيب وعلمه بذلك وفضله فقال ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء إن كنتم صادقي } كما يقول الرجل للرجل ‪ :‬أنبئن بذا إن‬
‫كنت تعلم وهو يعلم أنه ل يعلم يريد أنه جاهل‬
‫وهذا قول إذا تدبره متدبر علم أن بعضه مفسد بعضا وذلك أن قائله زعم أن ال جل ثناؤه قال للملئكة إذ عرض عليهم أهل الساء ‪ : -‬أنبئون بأساء هؤلء وهو يعلم أنم ل يعلمون ول‬
‫هم ادعوا علم شيء يوجب أن يوبوا بذا القول‬
‫وزعم أن قوله ‪ { :‬إن كنتم صادقي } نظي قول الرجل للرجل ‪ :‬أنبئن بذا إن كنت تعلم‬
‫وهو يعلم أنه ل يعلم يريد أنه جاهل‬
‫ول شك أن معن قوله ‪ { :‬إن كنتم صادقي } إنا هو ‪ :‬إن كنتم صادقي إما ف قولكم وإما ف فعلكم لن الصدق ف كلم العرب إنا هو صدق ف الب ل ف العلم وذلك أنه غي معقول ف‬
‫لغة من اللغات أن يقال ‪ :‬صدق الرجل بعن علم فإذ كان ذلك كذلك فقد وجب أن يكون ال جل ثناؤه قال للملئكة على تأويل قول هذا الذي حكينا قوله ف هذه الية ‪ { :‬أنبئون بأساء‬
‫هؤلء إن كنتم صادقي } وهو يعلم أنم غي صادقي يريد بذلك أنم كاذبون وذلك هو عي ما أنكره لنه زعم أن اللئكة ل تدع شيئا فكيف جاز أن يقال لم ‪ :‬إن كنتم صادقي فأنبئون‬
‫بأساء هؤلء ؟ هذا مع خروج هذا القول الذي حكيناه عن صاحبه من أقوال جيع التقدمي والتأخرين من أهل التأويل والتفسي‬
‫وقد حكي عن بعض أهل التفسيأنه كان يتأول قوله ‪ { :‬إن كنتم صادقي } بعن ‪ :‬إذ كنتم صادقي‬
‫ولو كانت { إن } بعن إذ ف هذا الوضع لوجب أن تكون قراءتا بفتح ألفها لن إذ إذا تقدمها فعل مستقبل صارت علة للفعل وسببا له وذلك كقول القائل ‪ :‬أقوم إذ قمت فمعناه أقوم من‬
‫أجل أنك قمت والمر بعن الستقبال فمعن الكلم لو كانت إن بعن إذ أنبئون بأساء هؤلء من أجل أنكم صادقون فإذا وضعت إن مكان ذلك قيل ‪ :‬أنبئون بأساء هؤلء أن كنتم صادقي‬
‫مفتوحة اللف وف إجاع جيع قراء أهل السلم على كسر اللف من إن دليل واضح على خطأ تأويل من تأول إن بعن إذ ف هذا الوضع‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪257‬‬

‫(قالوا سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الكيم (‪32‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا خب من ال جل ذكره عن ملئكته بالوبة إليه وتسليم علم ما ل يعلموه له وتبيهم من أن يعلموا أو يعلم أحد شيئا إل ما علمه تعال ذكره‬
‫وف هذه اليات الثلث العبة لن اعتب والذكرى لن ادكر والبيان لن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عما أودع ال جل ثناؤه آي هذا القرآن من لطائف الكم الت تعجز عن‬
‫أوصافها اللسن‬
‫وذلك ‪ :‬أن ال جل ثناؤه احتج فيها لنبيه صلى ال عليه وسلم على من كان بي ظهرانيه من يهود بن إسرائيل بإطلعه إياه من علوم الغيب الت ل يكن جل ثناؤه أطلع عليها من خلقه إل‬
‫خاصا ول يكن مدركا علمه إل بالنباء والخبار لتتقرر عندهم صحة نبوته ويعلموا أن ما أتاهم به فمن عنده ودل فيها على أن كل مب خبا عما قد كان أو عما هو كائن ما ل يكن ول يأته‬
‫به خب ول يوضع له على صحته برهان فمتقول ما يستوجب به من ربه العقوبة أل ترى أن ال جل ذكره رد على ملئكته قيلهم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح‬
‫بمدك ونقدس لك } قال ‪ { :‬إن أعلم ما ل تعلمون } وعرفهم أن قيل ذلك ل يكن جائزا لم با عرفهم من قصور علمهم عند عرضه ما عرض عليهم من أهل الساء فقال ‪ { :‬أنبئون بأساء‬
‫هؤلء إن كنتم صادقي } فلم يكن لم مفزع إل القرار بالعجز والتبي إليه أن يعلموا إل ما علمهم بقولم ‪ { :‬سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا } فكان ف ذلك أوضح الدللة وأبي الجة‬
‫على كذب مقالة كل من ادعى شيئا من علوم الغيب من الزاة والكهنة والعافة والنجمة وذكر با الذين وصفنا أمرهم من أهل الكتاب سوالف نعمه على آبائهم وأياديه عند أسلفهم عند‬
‫إنابتهم إليه وإقبالم ال طاعته مستعطفهم بذلك إل الرشاد ومستعتبهم به إل النجاة وحذرهم بالصرار والتمادي ف البغي والضلل حلول العقاب بم نظي ما أحل بعدوه إبليس إذ تادى ف‬
‫الغي والسار‬
‫قال ‪ :‬وأما تأويل قوله ‪ { :‬سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا } فهو كما ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن‬
‫عباس ‪ { :‬قالوا سبحانك } تنيها ل من أن يكون أحد يعلم الغيب غيه تبنا إليك { ل علم لنا إل ما علمتنا } تبيا منهم من علم الغيبب { إل ما علمتنا } كما علمت آدم‬
‫وسبحان مصدر ل تصرف له ومعناه ‪ :‬نسبحك كأنم قالوا ‪ :‬نسبحك تسبيحا وننهك تنيها ونبئك من أن نعلم شيئا غيما علمتنا‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬إنك أنت العليم الكيم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل ذلك ‪ :‬أنك أنت ربنا العليم من غي تعليم بميع ما قد كان وما هو كائن والعال للغيوب دون جيع خلقك وذلك أنم نفوا عن أنفسهم بقولم ‪ { :‬ل علم لنا إل ما‬
‫علمتنا } أن يكون لم علم إل ما علمهم ربم وأثبتوا ما نفوا عن أنفسهم من ذلك لربم بقولم ‪ { :‬إنك أنت العليم } يعنون بذلك العال من غي تعليم إذ كان من سواك ل يعلم شيئا إل‬
‫بتعليم غيه إياه والكيم ‪ :‬هو ذو الكمة كما ‪ :‬حدثن به الثن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن صال قال ‪ :‬حدثن معاوية عن علي عن ابن عباس ‪ { :‬العليم } الذي قد كمل ف علمه و { الكيم }‬
‫الذي قد كمل ف حكمه‬
‫وقد قيل ‪ :‬إن معن الكيم ‪ :‬الاكم كما أن العليم بعن العال و البي بعن الابر‬
‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪258‬‬

‫(قال يا آدم أنبئهم بأسائهم فلما أنبأهم بأسائهم قال أل أقل لكم إن أعلم غيب السماوات والرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (‪33‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬إن ال جل ثناؤه عرف ملئكته الذين سألوه أن يعلهم اللفاء ف الرض ووصفوا أنفسهم بطاعته والضوع لمره دون غيهم الذين يفسدون فيها ويسفكون الدماء أنم من‬
‫الهل بواقع تدبيه ومل قضائه قبل إطلعه إياهم عليه على نو جهلهم بأساء الذين عرضهم عليهم إذ كان ذلك ما ل يعلمهم فيعلموه وأنم وغيهم من العباد ل يعلمون من العلم إل ما‬
‫علمهم إياه ربم وأنه يص با شاء من العلم من شاء من اللق وينعه منهم من شاء كما علم آدم أساء ما عرض على اللئكة ومنعهم علمها إل بعد تعليمه إياهم‬
‫فأما تأويل قوله ‪ { :‬قال يا آدم أنبئهم } يقول ‪ :‬أخب اللئكة والاء واليم ف قوله { أنبئهم } عائدتان على اللئكة وقوله ‪ { :‬بأسائهم } يعن بأساء الذين عرضهم على اللئكة والاء واليم‬
‫اللتان ف { أسائهم } كناية عن ذكرهؤلء الت ف قوله ‪ { :‬أنبئون بأساء هؤلء } { فلما أنبأهم } يقول ‪ :‬فلما أخب آدم اللئكة بأساء الذين عرضهم عليهم فلم يعرفوا أساءهم وأيقنوا خطأ‬
‫قيلهم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك } وأنم قد هفوا ف ذلك وقالوا ما ل يعلمون كيفية وقوع قضاء ربم ف ذلك لووقع على ما نطقوا به قال‬
‫لم ربم ‪ { :‬أل أقل لكم إن أعلم غيب السماوات والرض } والغيب ‪ :‬هو ما غاب عن أبصارهم فلم يعاينوه ؟ توبيخا من ال جل ثناؤه لم بذلك على ما سلف من قيلهم وفرط منهم من‬
‫‪ :‬خطأ مسألتهم كما‬
‫حدثنا به ممد بن العلء قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشربن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬قال يا آدم أنبئهم بأسائهم } يقول ‪ :‬أخبهم بأسائهم { فلما‬
‫أنبأهم بأسائهم قال ‪ :‬أل أقل لكم } أيها اللئكة خاصة { إن أعلم غيب السماوات والرض } ول يعلمه غيي‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ف قصة اللئكة وآدم ‪ :‬فقال ال للملئكة ‪ :‬كما ل تعلموا هذه الساء فليس لكم علم إنا أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها هذا‬
‫عندي قد علمته فكذلك أخفيت عنكم أن أجعل فيها من يعصين ومن يطيعن قال ‪ :‬وسبق من ال ‪ { :‬لملن جهنم من النة والناس أجعي } ( هود ‪ ( ) 119 :‬السجدة ‪ ) 13 :‬قال ‪ :‬ول‬
‫{ تعلم اللئكة ذلك ول يدروه قال ‪ :‬فلما رأوا ما أعطى ال آدم من العلم أقروا لدم بالفضل القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك فروي عن ابن عباس ف ذلك ما ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك‬
‫عن ابن عباس ‪ { :‬وأعلم ما تبدون } يقول ‪ :‬ما تظهرون { وما كنتم تكتمون } يقول ‪ :‬أعلم السر كما أعلم العلنية يعن ‪ :‬ما كتم إبليس ف نفسه من الكب والغترار‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال ‪ :‬قولم ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد فيها } فهذا الذي أبدوا { وما كنتم تكتمون } يعن ما أسر إبليس ف نفسه‬
‫من الكب‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبي قوله ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال ‪ :‬ما أسر إبليس ف‬
‫نفسه‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد قال ‪ :‬حدثنا سفيان ف قوله ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال ‪ :‬ما أسر إبليس ف نفسه من الكب أل يسجد لدم‬
‫وحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬أخبنا الجاج الناطي قال ‪ :‬حدثنا مهدي بن ميمون قال ‪ :‬سعت السن بن دينار قال للحسن ونن جلوس عنده ف منله ‪ :‬يا أبا سعيد أرأيت قول ال‬
‫للملئكة ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } ما الذي كتمت اللئكة ؟ فقال السن ‪ :‬إن ال لا خلق آدم رأت اللئكة خلقا عجيبا فكأنم دخلهم من ذلك شيء فأقبل بعضهم إل‬
‫بعض وأسروا ذلك بينهم فقالوا ‪ :‬وما يهمكم من هذا الخلوق ! إن ال لن يلق خلقا إل كنا أكرم عليه منه‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال ‪ :‬أسروا بينهم فقالوا ‪ :‬يلق ال ما يشاء أن يلق فلن يلق‬
‫خلقا إل ونن أكرم عليه منه‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } فكان الذي أبدوا حي قالوا ‪ { :‬أتعل فيها من يفسد‬
‫فيها } وكان الذي كتموا بينهم قولم ‪ :‬لن يلق ربنا خلقا إل كنا نن أعلم منه وأكرم فعرفوا أن ال فضل عليهم آدم ف العلم والكرم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأول هذه القوال بتأويل الية ما قاله ابن عباس وهو أن معن قوله ‪ { :‬وأعلم ما تبدون } وأعلم مع علمي غيب السموات والرض ما تظهرون بألسنتكم { وما كنتم‬
‫تكتمون } وما كنتم تفونه ف أنفسكم فل يفى علي شيء سواء عندي سرائركم وعلنيتكم والذي أظهروه بألسنتهم ما أخب ال جل ثناؤه عنهم أنم قالوه وهو قولم ‪ { :‬أتعل فيها من‬
‫يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك ونقدس لك } ؟ والذي كانوا يكتمونه ما كان منطويا عليه إبليس من اللف على ال ف أمره والتكب عن طاعته لنه ل خلف بي جيع أهل‬
‫التأويل أن تأويل ذلك غي خارج من أحد الوجهي اللذين وصفت وهو ما قلنا والخر ما ذكرنا من قول السن و قتادة ومن قال إن معن ذلك كتمان اللئكة بينهم لن يلق ال خلقا إل كنا‬
‫أكرم عليه منه فإذ كان ل قول ف تأويل ذلك إل أحد القولي اللذين وصفت ث كان أحدها غي موجودة على صحته الدللة من الوجه الذي يب التسليم له صح الوجه الخر فالذي حكي‬
‫عن السن وفتادة ومن قال بقولما ف تأويل ذلك غي موجودة الدللة على صحته من الكتاب ول من خب يب به حجة والذي قاله ابن عباس يدل على صحته خب ال جل ثناؤه عن إبليس‬
‫وعصيانه إياه إذ دعاه إل السجود لدم فأب واستكب وإظهاره لسائر اللئكة من معصيته وكبه ما كان له كاتا قبل ذلك‬
‫فإن ظن ظان أن الب عن كتمان اللئكة ما كانوا يكتمونه لا كان خارجا مرج الب عن الميع كان غي جائز أن يكون ما روي ف تأويل ذلك عن ابن عباس ومن قال بقوله ‪ :‬من أن ذلك‬
‫خب عن كتمان إبليس الكب والعصية صحيحا فقد ظن غي الصواب وذلك أن من شأن العرب إذا أخبت خبا عن بعض جاعة بغي تسمية شخص بعينه أن ترج الب عنه مرج الب عن‬
‫جيعهم وذلك كقولم ‪ :‬قتل اليش وهزموا وإنا قتل الواحد أو البعض منهم وهزم الواحد أو البعض فتخرج الب عن الهزوم منه والقتول مرج الب عن جيعهم كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬إن‬
‫الذين ينادونك من وراء الجرات أكثرهم ل يعقلون } ( الجرات ‪ ) 4 :‬ذكر أن الذي نادى رسول ال صلى ال عليه وسلم فنلت هذه الية فيه كان رجل من جاعة بن تيم كانوا قدموا‬
‫على رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخرج الب عنه مرج الب عن الماعة فكذلك قوله ‪ { :‬وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } أخرج الب مرج الب عن الميع والراد به الواحد‬
‫منهم‬
‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪261‬‬

‫(وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس أب واستكب وكان من الكافرين (‪34‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬أما قوله ‪ { :‬وإذ قلنا } فمعطوف على قوله ‪ { :‬وإذ قال ربك للملئكة } كأنه قال جل ذكره لليهود الذين كانوا بي ظهران مهاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم من بن‬
‫إسرائيل معددا عليهم نعمه ومذكرهم آلءه على نو الذي وصفنا فيما مضى قبل ‪ :‬اذكروا فعلي بكم إذ أنعمت عليكم فخلقت لكم ما ف الرض جيعا وإذ قلت للملئكة إن جاعل ف‬
‫الرض خليفة فكرمت أباكم آدم با آتيته من علمي وفضلي وكرامت وإذ أسجدت له ملئكت فسجدوا له ث استثن من جيعهم إبليس فدل باستثنائه إياه منهم على أنه منهم وأنه من قد أمر‬
‫بالسجود معهم كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬إل إبليس ل يكن من الساجدين * قال ما منعك أن ل تسجد إذ أمرتك } ( العراف ‪ ) 12 ، 11 :‬فأخب جل ثناؤه أنه قد أمر إبليس فيمن أمره من‬
‫اللئكة بالسجود لدم ث استثناه جل ثناؤه ما أخب عنهم أنم فعلوه من السجود لدم فأخرجه من الصفة الت وصفهم با من الطاعة لمره ونفى عنه ما أثبته للئكته من السجود لعبده آدم‬
‫ث اختلف أهل التأويل فيه ‪ :‬هل هو من اللئكة أم هو من غيها ؟ فقال بعضهم با ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد عن بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن‬
‫عباس قال ‪ :‬كان إبليس من حي من أحياء اللئكة يقال لم الن خلقوا من نار السموم من بي اللئكة قال ‪ :‬فكان اسه الارث قال ‪ :‬وكان خازنا من خزان النة‬
‫قال ‪ :‬وخلقت اللئكة من نور غي هذا الي قال ‪ :‬وخلقت الن الذي ذكروا ف القرآن من مارج من نار وهو لسان النار الذي يكون ف طرفها إذا التهبت‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن خلد عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس قال ‪ :‬كان إبليس قبل أن يركب العصية من اللئكة اسه عزازيل وكان من سكان الرض‬
‫وكان من أشد اللئكة اجتهادا وأكثرهم علما فذلك دعاه إل الكب وكان من حي يسمون جنا‬
‫وحدثنا به ابن حيد مرة أخرى قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن خلد عن عطاء عن طاوس أو ماهد أب الجاج عن ابن عباس وغيه بنحوه إل أنه قال ‪ :‬كان ملكا من اللئكة اسه‬
‫عزازيل وكان من سكان الرض وعمارها وكان سكان الرض فيهم يسمون الن من بي اللئكة‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬جعل إبليس على ملك ساء الدنيا وكان من قبيلة من اللئكة يقال لم الن وإنا سوا الن لنم خزان النة وكان إبليس مع ملكه خازنا‬
‫وحدثنا القاسم بن السن قال ‪ :‬حدثنا حسي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قال ‪ :‬قال ابن عباس ‪ :‬كان إبليس من أشراف اللئكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا على النان وكان له‬
‫سلطان ساء الدنيا وكان له سلطان الرض قال ‪ :‬قال ابن عباس ‪ :‬وقوله ‪ { :‬كان من الن } ( الكهف ‪ ) 55 :‬إنا يسمى بالنان أنه كان خازنا عليها كما يقال للرجل مكي ومدن وكوف‬
‫وبصري‬
‫قال ابن جريج وقال آخرون ‪ :‬هم سبط من اللئكة قبيله فكان اسم قبيلته الن‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن صال مول التوأمة و شريك بن أب نر أحدها أو كلها عن ابن عباس قال ‪ :‬إن من اللئكة قبيلة من الن وكان‬
‫إبليس منها وكان يسوس ما بي السماء والرض‬
‫وحدثت عن السن بن الفرج قال ‪ :‬سعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال ‪ :‬أخبنا عبيد بن سليمان قال ‪ :‬سعت الضحاك بن مزاحم يقول ف قوله ‪ { :‬فسجدوا إل إبليس كان من الن }‬
‫( الكهف ‪ ) 50 :‬قال ‪ :‬كان ابن عباس يقول ‪ :‬إن إبليس كان من أشراف اللئكة وأكرمهم قبيلة ث ذكر مثل حديث ابن جريج الول سواء‬
‫وحدثنا ممد بن الثن قال ‪ :‬حدثن شيبان قال حدثنا سلم بن مسكي عن قتادة عن سعيد بن السيب قال ‪ :‬كان إبليس رئيس ملئكة ساء الدنيا‬
‫وحدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد قال ‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس كان من الن } ( الكهف ‪ ) 50 :‬كان من قبيل من اللئكة‬
‫يقال لم الن وكان ابن عباس يقول ‪ :‬لو ل يكن من اللئكة ل يؤمر بالسجود وكان على خزانة ساء الدنيا قال ‪ :‬وكان قتادة يقول ‪ :‬جن عن طاعة ربه‬
‫وحدثنا السي بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬إل إبليس كان من الن } قال ‪ :‬كان من قبيل من اللئكة يقال لم الن‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال ‪ :‬حدثنا ممد بن إسحق قال ‪ :‬أما العرب فيقولون ‪ :‬ما الن إل كل من اجت فلم ير وأما قوله ‪ { :‬إل إبليس كان من الن } ( الكهف ‪ ) 50 :‬أي‬
‫كان من اللئكة اجتنوا فلم يروا وقد قال ال جل ثناؤه ‪ { :‬وجعلوا بينه وبي النة نسبا ولقد علمت النة إنم لحضرون } ( الصافات ‪ ) 158 :‬وذلك لقول قريش ‪ :‬إن اللئكة بنات ال‬
‫‪ :‬فيقول ال ‪ :‬إن تكن اللئكة بنات فإبليس منها وقد جعلوا بين وبي إبليس وذريته نسبا قال ‪ :‬وقد قال العشى أعشى بن قيس بن ثعلبة البكري وهو يذكر سليمان بن داود وما أعطاه ال‬
‫( ولوكان شيء خالدا أومعمرا ‪ ...‬لكان سليمان البيء من الدهر )‬
‫( براه إلي واصطفاه عباده ‪ ...‬وملكه ما بي ثريا إل مصر )‬
‫( وسخرمن جن اللئك تسعة ‪ ...‬قياما لديه يعملون بل أجر )‬
‫قال ‪ :‬فأبت العرب ف لغتها إل أن الن كل ما اجت يقول ‪ :‬ما سى ال الن إل أنم اجتنوا فلم يروا وما سى بن آدم النس إل أنم ظهروا فلم يتنوا فما ظهر فهو إنس وما اجت فلم ير‬
‫فهوجن‬
‫وقال آخرون با ‪ :‬حدثنا به ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا ابن أب عدي عن عوف عن السن قال ‪ :‬ما كان إبليس من اللئكة طرفة عي قط وإنه لصل الن كما أن آدم أصل النس‬
‫وحدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع قال ‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة قال ‪ :‬كان السن يقول ف قوله ‪ { :‬إل إبليس كان من الن } ألأه إل نسبه فقال ال ‪ { :‬أفتتخذونه وذريته‬
‫أولياء من دون وهم لكم عدو بئس للظالي بدل } ( الكهف ‪ ) 50 :‬وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا يي بن واضح قال ‪ :‬حدثنا أبو سعيد اليحمدي حدثنا إسعيل بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا سوار بن العد اليحمدي عن شهر بن حوشب قوله ‪ :‬من الن قال ‪ :‬كان‬
‫إبليس من الن الذين طردتم اللئكة فأسره بعض اللئكة فذهب به إل السماء‬
‫وحدثن علي بن السي قال ‪ :‬حدثن أبو نصر أحد بن ممد اللل قال ‪ :‬حدثن سنيد بن داود قال حدثنا هشيم قال أخبنا عبد الرحن بن يي عن موسى بن ني‬
‫و عثمان بن سعيد بن كامل عن سعد بن مسعود قال ‪ :‬كانت اللئكة تقاتل الن فسب إبليس وكان صغيا فكان مع اللئكة فتعبد معها فلما أمروا بالسجود لدم سجدوا فأب إبليس فلذلك‬
‫{ قال ال ‪ { :‬إل إبليس كان من الن‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل قال ‪ :‬حدثنا البارك بن ماهد أبو الزهر عن شريك بن عبدال بن أب نر عن صال مول التوأمة عن ابن عباس قال ‪ :‬إن من اللئكة قبيل يقال‬
‫لم ‪ :‬الن فكان إبليس منهم وكان إبليس يسوس ما بي السماء والرض فعصى فمسخه ال شيطانا رجيما‬
‫قال ‪ :‬وحدثنا يونس عن ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ :‬إبليس أبو الن كما آدم أبو النس‬
‫وعلة من قال هذه القالة أن ال جل ثناؤه أخب ف كتابه أنه خلق إبليس من نار السموم ومن مارج من نار ول يب عن اللئكة أنه خلقها من شيء من ذلك وأن ال جل ثناؤه أخب أنه من‬
‫الن فقالوا ‪ :‬فغي جائز أن ينسب إل غي ما نسبه ال إليه قالوا ‪ :‬ولبليس نسل وذرية واللئكة ل تتناسل ول تتوالد‬
‫حدثنا ممد بن سنان القزاز قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن شريك عن رجل عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬إن ال خلق خلقا فقال ‪ :‬اسجدوا لدم فقالوا ‪ :‬ل نفعل فبعث ال عليهم نارا ترقهم‬
‫ث خلق خلقا آخر فقال ‪ :‬إن خالق بشرا من طي اسجدوا لدم قابوا فبعث ال عليهم نارا فأحرقهم قال ‪ :‬ث خلق هؤلء فقال ‪ :‬اسجدوا لدم فقالوا ‪ :‬نعم وكان إبليس من أولئك الذين أبوا‬
‫أن يسجدوا لدم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذه علل تنبء عن ضعف معرفة أهلها وذلك أنه غي مستنكر أن يكون ال جل ثناؤه خلق أصناف ملئكته من أصناف من خلقه شت فخلق بعضا من نور وبعضا من نار‬
‫وبعضا ما شاء من غي ذلك وليس ف ترك ال جل ثناؤه الب عما خلق منه ملئكته وإخباره عما خلق منه إبليس ما يوجب أن يكون إبليس خارجا عن معناهم إذ كان جائزا أن يكون خلق‬
‫صنفا من ملئكته من نار كان منهم إبليس وأن يكون أفرد إبليس بأن خلقه من نار السموم دون سائر ملئكته وكذلك غي مرجه أن يكون كان من اللئكة بأن كان له نسل وذرية لا ركب‬
‫فيه من الشهوة واللذة الت نزعت من سائر اللئكة لا أراد ال به من العصية وأما خب ال عنه أنه من الن فغي مدفوع أن يسمى ما اجت من الشياء عن البصار كلها جنا كما قد ذكرنا‬
‫قبل ف شعر العشى فيكون إبليس واللئكة منهم لجتنانم عن أبصار بن آدم‬
‫{ القول ف معن { إبليس‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وابليس إفعيل من البلس وهو الياس من الي والندم والزن كما ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك‬
‫عن ابن عباس قال ‪ :‬إبليس أبلسه ال من الي كله وجعله شيطانا رجيما عقوبة لعصيته‬
‫وحدثنا موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمروبن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي قال ‪ :‬كان اسم إبليس الارث وإنا سي إبليس حي أبلس متحي ا‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬وكما قال ال جل ثناؤه ‪ { :‬فإذا هم مبلسون } ( النعام ‪ ) 44 :‬يعن به ‪ :‬أنم آيسون من الي نادمون حزنا كما قال العجاج‬
‫( يا صاح هل تعرف رسا مكرسا ؟ ‪ ...‬قال ‪ :‬نعم أعرفه ! وأبلسا )‬
‫‪ :‬وقال رؤبة‬
‫( وحضرت يوم الميس الخاس ‪ ...‬وف الوجوه صفرة وإبلس )‬
‫يعن به اكتئابا وكسوفا‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬فإن كان إبليس كما قلت إفعيل من البلس فهل صرف وأجري ؟ قيل ‪ :‬ترك إجراؤه استثقال إذ كان اسا ل نظي له من أساء العرب فشبهته العرب إذ كان كذلك بأساء‬
‫العجم الت ل ترى وقد قالوا ‪ :‬مررت بإسحق فلم يروه وهو من أسحقه ال إسحاقا إذ كان وقع مبتدأ اسا لغي العرب ث تسمت به العرب فجرى مراه وهو من أساء العجم ف العراب‬
‫فلم يصرف وكذلك أيوب إنا هو فيعول من آب يئوب‬
‫وتأويل قوله ‪ :‬أب يعن جل ثناؤه بذلك إبليس أنه امتنع من السجود لدم فلم يسجد له واستكب يعن بذلك أنه تعظم وتكب عن طاعة ال ف السجود لدم وهذا وإن كان من ال جل ثناؤه‬
‫خبا عن إبليس فإنه تقريع لضربائه من خلق ال الذين يتكبون عن الضوع لمر ال والنقياد لطاعته فيما أمرهم به وفيما ناهم عنه والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الق‬
‫وكان من تكب عن الضوع لمر ال والتذلل لطاعته والتسليم لقضائه فيما ألزمهم من حقوق غيهم اليهود الذين كانوا بي ظهران مهاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم وأحبارهم الذين‬
‫كانوا برسول ال صلى ال عليه وسلم وصفته عارفي وبأنه ل رسول عالي ث استكبوا مع علمهم بذلك عن القرار بنبوته والذعان لطاعته بغيا منهم له وحسدا فقرعهم ال ببه عن إبليس‬
‫الذي فعل ف استكباره عن السجود لدم حسدا له وبغيا نظي فعلهم ف التكب عن الذعان لحمد نب ال صلى ال عليه وسلم ونبوته إذ جاءهم بالق من عند ربم حسدا وبغيا‬
‫ث وصف إبليس بثل الذي وصف به الذين ضربه لم مثل ف الستكبار والسد والستنكاف عن الضوع لن أمره ال بالضوع له فقال جل ثناؤه ‪ { :‬وكان } يعن إبليس { من الكافرين }‬
‫من الاحدين نعم ال عليه وأياديه عنده بلفه عليه فيما أمره به من السجود لدم كما كفرت اليهود نعم ربا الت آتاها وآباءها قبل ‪ :‬من إطعام ال أسلفهم الن والسلوى وإظلل الغمام‬
‫عليهم وما ل يصى من نعمه الت كانت لم خصوصا ما خص الذين أدركوا ممدا صلى ال عليه وسلم بإدراكهم إياه ومشاهدتم حجة ال عليهم فجحدت نبوته بعد علمهم به ومعرفتهم‬
‫بنبوته حسدا وبغيا فنسبه ال جل ثناؤه إل { الكافرين } فجعله من عدادهم ف الدين واللة وإن خالفهم ف النس والنسبة كما جعل أهل النفاق بعضهم من بعض لجتماعهم على النفاق وإن‬
‫اختلفت أنسابم وأجناسهم فقال ‪ { :‬النافقون والنافقات بعضهم من بعض } ( التوبة ‪ ) 67 :‬يعن بذلك أن بعضهم من بعض ف النفاق والضلل فكذلك قوله ف ابليس ‪ :‬كان من الكافرين‬
‫كان منهم ف الكفر بال ومالفته أمره وان كان مالفا جنسه أجناسهم ونسبه نسبهم ومعن قوله ‪ { :‬وكان من الكافرين } أنه كان حي أب عن السجود من الكافرين حينئذ‬
‫وقد روي عن الربيع بن أنس عن أب العالية أنه كان يقول ف تأويل قوله ‪ { :‬وكان من الكافرين } ف هذا الوضع ‪ :‬وكان من العاصي‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم العسقلن قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬وكان من الكافرين } يعن العاصي‬
‫وحدثت عن عمار بن السن قال حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بثله‬
‫وذلك شبيه بعن قولنا فيه‬
‫وكان سجود اللئكة لدم تكرمة لدم وطاعة ل ل عبادة لدم كما ‪ :‬حدثنا به بشربن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع قال ‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا‬
‫لدم } فكانت الطاعة ل والسجدة لدم أكرم ال آدم أن أسجد له ملئكته‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪266‬‬

‫(وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك النة وكل منها رغدا حيث شئتما ول تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالي (‪35‬‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وف هذه الية دللة واضحة على صحة قول من قال ‪ :‬إن إبليس أخرج من النة بعد الستكبار عن السجود لدم واسكنها آدم قبل أن يهبط إبليس إل الرض أل تسمعون‬
‫ال جل ثناؤه يقول ‪ { :‬وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك النة وكل منها رغدا حيث شئتما ول تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالي * فأزلما الشيطان عنها فأخرجهما ما كانا فيه } فقد‬
‫تبي أن إبليس إنا أزلما عن طاعة ال بعد أن لعن وأظهر التكب لن سجود اللئكة لدم كان بعد أن نفخ فيه الروح وحينئذ كان امتناع إبليس من السجود له وعند المتناع من ذلك حلت‬
‫عليه اللعنة كما ‪ :‬حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمروبن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود‬
‫وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أن عدو ال إبليس أقسم بعزة ال ليغوين آدم وذريته وزوجه إل عباده الخلصي منهم بعد أن لعنه ال وبعد أن أخرج من النة وقبل أن‬
‫يهبط إل الرض وعلم ال آدم الساء كلها‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق قال ‪ :‬لا فرغ ال من إبليس ومعاتبته وأب إل العصية وأوقع عليه اللعنة ث أخرجه من النة أقبل على آدم وقد علمه الساء كلها فقال ‪:‬‬
‫{ { يا آدم أنبئهم بأسائهم } إل قوله { إنك أنت العليم الكيم‬
‫ث اختلف أهل التأويل ف الال الت خلقت لدم زوجته والوقت الذي جعلت له سكنا‬
‫فقال ابن عباس با ‪ :‬حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود‬
‫وعن ناس من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬فأخرج إبليس من النة حي لعن وأسكن آدم النة فكان يشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها فنام نومة فاستيقظ وإذا عند رأسه‬
‫امرأة قاعدة خلقها ال من ضلعه فسألا ‪ :‬من أنت ؟ فقالت ‪ :‬امرأة قال ‪ :‬ول خلقت ؟ قالت ‪ :‬تسكن إل قالت له اللئكة ينظرون ما بلغ علمه ‪ :‬ما اسها يا آدم ؟ قال ‪ :‬حواء قالوا ‪ :‬ول‬
‫سيت حواء ؟ قال ‪ :‬لنا خلقت من شيء حي فقال ال له ‪ { :‬يا آدم اسكن أنت وزوجك النة وكل منها رغدا حيث شئتما } فهذا البينبء أن حواء خلقت بعد أن سكن آدم النة‬
‫فجعلت له سكنا‬
‫‪ :‬وقال آخرون بل خلقت قبل أن يسكن آدم النة ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق قال ‪ :‬لا فرغ ال من معاتبة ابليس أقبل على آدم وقد علمه الساء كلها فقال ‪ { :‬يا آدم أنبئهم بأسائهم } ال قوله ‪ { :‬إنك أنت العليم‬
‫الكيم } قال ‪ :‬ث ألقى السنة على آدم فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيهم من أهل العلم عن عبدال بن عباس وغيه ث أخذ ضلعا من أضلعه من شقه اليسر ولم مكانه‬
‫لما وآدم نائم ل يهب من نومته حت خلق ال من ضلعه تلك زوجته حواء فسواها امرأة ليسكن إليها فلما كشف عنه السنة وهب من نومته رآها إل جنبه فقال فيما يزعمون وال أعلم ‪:‬‬
‫لمي ودمي وزوجت فسكن إليها فلما زوجه ال تبارك وتعال وجعل له سكنا من نفسه قال له قبيل ‪ { :‬يا آدم اسكن أنت وزوجك النة وكل منها رغدا حيث شئتما ول تقربا هذه الشجرة‬
‫{ فتكونا من الظالي‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬ويقال لمرأة الرجل ‪ :‬زوجه وزوجته والزوجة بالاء أكثر ف كلم العرب منها بغي الاء والزوج بغي الاء يقال إنه لغة لزد شنوءة فأما الزوج الذي ل اختلف فيه بي‬
‫العرب فهو زوج الرأة‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬وكل منها رغدا حيث شئتما‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬أما الرغد فإنه الواسع من العيش النء الذي ل يعن صاحبه يقال ‪ :‬أرغد فلن إذا أصاب واسعا من العيش النء كما قال امرؤ القيس بن حجر‬
‫( بينما الرء تراه ناعما ‪ ...‬يأمن الحداث ف عيش رغد )‬
‫وكما حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وسلم { وكل منها رغدا } قال ‪ :‬الرغد النء‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد ف قوله ‪ { :‬رغدا } قال ‪ :‬ل حساب عليهم‬
‫وحدثنا الثن قال حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا حكام عن عنسبة عن ممد بن عبد الرحن عن القاسم بن أب بزة عن ماهد ‪ { :‬وكل منها رغدا } أي ل حساب عليهم‬
‫وحدثت عن النجاب بن الارث قال ‪ :‬حدثنا بشربن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬وكل منها رغدا حيث شئتما } قال ‪ :‬الرغد سعة العيشة‬
‫فمعن الية ‪ :‬وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك النة وكل من النة رزقا واسعا هنيئا من العيش حيث شئتما‬
‫كما حدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع قال ‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬يا آدم اسكن أنت وزوجك النة وكل منها رغدا حيث شئتما } ث إن البلء الذي كتب على اللق‬
‫كتب على آدم كما ابتلي اللق قبله أن ال جل ثناؤه أحل له ما ف النة أن يأكل منها رغدا حيث شاء غي شجرة واحدة ني عنها وقدم إليه فيها فما زال به البلء حت وقع بالذي ني عنه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والشجر ف كلم العرب كل ما قام على ساق ومنه قول ال جل ثناؤه { والنجم والشجر يسجدان } ( الرحن ‪ ) 6 :‬يعن بالنجم ما نم من الرض من نبت وبالشجر ما‬
‫استقل على ساق‬
‫ث اختلف أهل التأويل ف عي الشجرة الت ني عن أكل ثرها آدم فقال بعضهم ‪ :‬هي السنبلة ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثن ممد بن إسعيل الحسي قال ‪ :‬حدثنا عبد الميد المان عن‬
‫النضر عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬الشجرة الت ني عن أكل ثرها آدم هي السنبلة‬
‫وحدثن يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا عمران بن عتيبة جيعا عن حصي عن أب مالك ف قوله ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة } قال ‪ :‬هي السنبلة‬
‫وحدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا ابن مهدي وحدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال جيعا ‪ :‬حدثنا سفيان عن حصي عن أب مالك مثله‬
‫وحدثنا أبو كريب و ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا ابن إدريس قال ‪ :‬سعت أب عن عطية ف قوله ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة } قال ‪ :‬السنبلة‬
‫وحدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قال ‪ :‬الشجرة الت ني عنها آدم هي السنبلة‬
‫وحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا مسلم بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثن رجل من بن تيم أن ابن عباس كتب إل أب اللد يسأله عن الشجرة الت أكل منها آدم والشجرة‬
‫الت تاب عندها فكتب إليه أبو اللد ‪ :‬سألتن عن الشجرة الت ني عنها آدم وهي السنبلة وسألتن عن الشجرة الت تاب عندها آدم وهي الزيتونة‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن رجل من أهل العلم عن ماهد عن ابن عباس أنه كان يقول ‪ :‬الشجره الت ني عنها آدم الب‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا ابن عيينة و ابن البارك عن السن بن عمارة عن النهال بن عمرو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال ‪ :‬كانت‬
‫الشجرة الت نى ال عنها آدم وزوجته السنبلة‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن بعض أهل اليمن عن وهب بن منبه اليمان أنه كان يقول ‪ :‬هي الب ولكن البة منها ف النة ككلى البقر ألي من الزبد وأحلى من‬
‫العسل وأهل التوراة يقولون ‪ :‬هي الب‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال ‪ :‬حدثن ممد بن أسحق عن يعقوب بن عتبة ‪ :‬أنه حدث أنا الشجرة الت تتك با اللئكة للخلد‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا ابن يان عن جابر بن يزيد بن رفاعة عن مارب بن دثار قال ‪ :‬هي السنبلة‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أبو أسامة عن يزيد بن إبراهيم عن السن قال ‪ :‬هي السنبلة الت جعلها ال رزقا لولده ف الدنيا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقال آخرون ‪ :‬هي الكرمة ذكر من قال ذلك‬
‫حدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا عبدال عن إسرائيل عن السدي عمن حدثه عن ابن عباس قال ‪ :‬هي الكرمة‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمروبن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة } قال ‪ :‬هي الكرمة وتزعم اليهود أنا النطة‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي قال ‪ :‬الشجرة هي الكرم‬
‫{ وحدثن يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا هشيم عن مغية عن الشعب عن جعدة بن هبية قال ‪ :‬هو العنب ف قوله ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثن أب عن خلد الصفار عن بيان عن الشعب عن جعدة بن هبية ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة } قال ‪ :‬الكرم‬
‫وحدثنا ابن الثن قال ‪ :‬حدثن السي قال ‪ :‬حدثنا خالد الواسطي عن بيان عن الشعب عن جعدة بن هبية ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة } قال ‪ :‬الكرم‬
‫وحدثنا ابن حيد و ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا جرير عن مغية عن الشعب عن جعدة بن هبية قال ‪ :‬الشجرة الت ني عنها آدم شجرة المر‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد الزبيي قال ‪ :‬حدثنا عباد بن العوام قال ‪ :‬حدثنا سفيان بن حسي عن يعلى بن مسلم عن سعيدبن جبي قوله { ول تقربا هذه الشجرة } قال ‪:‬‬
‫الكرم‬
‫وحدثنا أحد بن إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو أحد قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن السدي قال ‪ :‬العنب‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن أب معشر عن ممد بن قيس قال ‪ :‬عنب‬
‫وقال آخرون ‪ :‬هي التينة ذكر من قال ذلك ‪ :‬حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال حدثن حجاج عن ابن جريج عن بعض أصحاب النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬تينة قال أبو جعفر ‪:‬‬
‫والقول ف ذلك عندنا أن ال جل ثناؤه أخب عباده أن آدم وزوجه أكل من الشجرة الت ناها ربما عن الكل منها فأتيا الطيئة الت ناها عن إتيانا بأكلهما ما أكل منها بعد أن بي ال جل‬
‫ثناؤه لما عي الشجرة الت ناها عن الكل منها وأشار لما إليها بقوله ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة } ول يضع ال جل ثناؤه لعباده الخاطبي بالقرآن دللة على أي أشجار النة كان نيه آدم‬
‫أن يقربا بنص عليها باسها ول بدللة عليها ولو كان ل ف العلم بأي ذلك من أي رضا ل يل عباده من نصب دللة لم عليها يصلون با إل معرفة عينها ليطيعوه بعلمهم با كما فعل ذلك‬
‫ف كل ما بالعلم به له رضا‬
‫فالصواب ف ذلك أن يقال ‪ :‬إن ال جل ثناؤه نى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار النة دون سائر أشجارها فخالفا إل ما ناها ال عنه فأكل منها كما وصفهما ال جل ثناؤه‬
‫به ول علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيي لن ال ل يضع لعباده دليل على ذلك ف القرآن ول ف السنة الصحيحة فأن يأت ذلك ؟ وقد قيل ‪ :‬كانت شجرة الب وقيل ‪ :‬كانت شجرة‬
‫العنب وقيل ‪ :‬كانت شجرة التي وجائز أن تكون واحدة منها وذلك علم إذا علم ل ينفع العال به علمه وإن جهله جاهل ل يضره جهله به‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالي‬
‫{ قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل العربية ف تأويل قوله ‪ { :‬ول تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالي‬
‫فقال بعض نوي الكوفيي ‪ :‬تأويل ذلك ‪ :‬ول تقربا هذه الشجرة فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالي فصار الثان ف موضع جواب الزاء وجواب الزاء يعمل فيه أوله كقولك ‪ :‬إن تقم‬
‫أقم فتجزم الثان بزم الول فكذلك قوله فتكونا لا وقعت الفاء ف موضع شرط الول نصب با وصيت بنلة كي ف نصبها الفعال الستقبلة للزومها الستقبال إذ كان أصل الزاء‬
‫الستقبال‬
‫وقال بعض نوي أهل البصرة ‪ :‬تأويل ذلك ل يكن منكما قرب هذه الشجرة فأن تكونا من الظالي غي أنه زعم أن أن غي جائز إظهارها مع ل ولكنها مضمرة ل بد منها ليصح الكلم‬
‫بعطف اسم وهي أن على السم كما غي جائز ف قولم ‪ :‬عسى أن يفعل عسى الفعل ول ف قولك ‪ :‬ما كان ليفعل ‪ :‬ما كان لن يفعل‬
‫وهذا القول الثان يفسده إجاع جيعهم على تطئة قول القائل ‪ :‬سرن تقوم يا هذا وهو يريد سرن قيامك فكذلك الواجب أن يكون خطأ على هذا الذهب قول القائل ‪ :‬ل تقم إذا كان العن‬
‫‪ :‬ل يكن منك قيام وف إجاع جيعهم على صحة قول القائل ‪ :‬ل تقم وفساد قول القائل ‪ :‬سرن تقوم بعن سرن قيامك الدليل الواضح على فساد دعوى الدعي أن مع ل الت ف قوله ‪:‬‬
‫{ ول تقربا هذه الشجرة } ضمي أن وصحة القول الخر‬
‫‪ :‬وف قوله { فتكونا من الظالي } وجهان من التأويل‬
‫أحدها أن يكون { فتكونا } ف نية العطف على قوله { ول تقربا } فيكون تأويله حينئذ ‪ :‬ول تقربا هذه الشجرة ول تكونا من الظالي فيكون { فتكونا } حينئذ ف معن الزم مزوما با‬
‫جزم به { ول تقربا } كما يقول القائل ‪ :‬ل تكلم عمرا ول تؤذه كما قال امرؤ القيس‬
‫( فقلت له ‪ :‬صوب ول تهدنه ‪ ...‬فيذرك من أخرى القطاة فتزلق )‬
‫فجزم فيذرك با جزم به ل تهدنه كأنه كرر النهي‬
‫والثان أن يكون { فتكونا من الظالي } بعن جواب النهي فيكون تأويله حينئذ ‪ :‬ل تقربا هذه الشجرة فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالي كما تقول ‪ :‬ل تشتم عمرا فيشتمك مازاة‬
‫فيكون { فتكونا } حينئذ ف موضع نصب إذ كان حرفا عطف على غي شكله لا كان ف { ول تقربا } حرف عامل فيه ول يصلح إعادته ف { فتكونا } فنصب على ما قد بينت ف أول هذه‬
‫السألة‬
‫وأما تأويل قوله { فتكونا من الظالي } فإنه يعن به فتكونا من التعدين إل غي ما أذن لم وأبيح لم فيه وإنا عن بذلك أنكما إن قربتما هذه الشجرة كنتما على منهاج من تعدى حدودي‬
‫‪ :‬وعصى أمري واستحل مارمي لن الظالي بعضهم أولياء بعض وال ول التقي وأصل الظلم ف كلم العرب وضع الشيء ف غي موضعه ومنه قول نابغة بن ذبيان‬
‫( إل أواري ليا ما أبينها ‪ ...‬والنؤي كالوض بالظلومة اللد )‬
‫‪ :‬فجعل الرض مظلومة لن الذي حفر فيها النؤي حفر ف غي موضع الفر فجعلها مظلومة لوضع الفرة منها ف غيموضعها ومن ذلك قول ابن قميئة ف صفة غيث‬
‫( ظلم البطاح با انلل حريصة ‪ ...‬فصفا النطاف له بعيد القلع )‬
‫وظلمه إياه ‪ :‬ميئه ف غي أوانه وانصبابه ف غي مصبه ومنه ‪ :‬ظلم الرجل جزوره وهو نره إياه لغي علة وذلك عند العرب وضع النحر ف غي موضعه‬
‫وقد يتفرع الظلم ف معان يطول بإحصائها الكتاب وسنبينها ف أماكنها إذا أتينا عليها إن شاء ال تعال وأصل ذلك كله ما وصفنا من وضع الشيء ف غيموضعه‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪272‬‬

‫(فأزلما الشيطان عنها فأخرجهما ما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم ف الرض مستقر ومتاع إل حي (‪36‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلفت القرأة ف قراءة ذلك فقرأته عامتهم { فأزلما } بتشديد اللم بعن ‪ :‬استزلما من قولك زل الرجل ف دينه ‪ :‬إذا هفا فيه وأخطأ فأتى ما ليس له إتيانه فيه وأزله غيه‬
‫‪ :‬إذا سبب له ما يزد من أجله ف دينه أو دنياه ولذلك أضاف ال تعال ذكره إل إبليس خروج آدم وزوجته من النة فقال ‪ { :‬فأخرجهما } يعن إبليس { ما كانا فيه } لنه كان الذي سبب‬
‫لما الطيئة الت عاقبهما ال عليها بإخراجهما من النة‬
‫وقرأه اخرون ‪ :‬فأزالما بعن إزالة الشيء عن الشيء وذلك تنحيته عنه‬
‫‪ :‬وقد روي عن ابن عباس ف تأويل قوله ‪ { :‬فأزلما } ما‬
‫حدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قال ‪ :‬قال ابن عباس ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬فأزلما الشيطان } قال ‪ :‬أغواها‬
‫وأول القراءتي بالصواب قراءة من قرأ { فأزلما } لن ال جل ثناؤه قد أخب ف الرف الذي يتلوه بأن إبليس أخرجهما ما كانا فيه وذلك هو معن قوله فأزالما فل وجه إذ كان معن‬
‫الزالة معن التنحية والخراج أن يقال ‪ :‬فأزالما الشيطان عنها فأخرجهما ما كانا فيه فيكون كقوله ‪ :‬فأزالما ما كانا فيه ولكن الفهوم أن يقال فاستزلما إبليس عن طاعة ال كما قال جل‬
‫ئناؤه ‪ { :‬فأزلما الشيطان } وقرأت به القراء فأخرجهما باستزلله إياها من النة‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف كان استزلل إبليس آدم وزوجته حت أضيف إليه إخراجهما من النة ؟‬
‫‪ :‬قيل ‪ :‬قد قالت العلماء ف ذلك أقوال وسنذكر بعضها‬
‫‪ :‬فحكي عن وهب بن منبه ف ذلك ما‬
‫حدثنا به السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا عمر بن عبد الرحن بن مهرب قال ‪ :‬سعت وهب بن منبه يقول ‪ :‬لا أسكن ال آدم وذريته أو زوجته الشك من أب جعفر ‪:‬‬
‫وهو ف أصل كتابه وذريته وناه عن الشجرة وكانت شجرة غصونا متشعب بعضها ف بعض وكان لا ثر تأكله اللئكة للدهم وهي الثمرة الت نى ال آدم عنها وزوجته فلما أراد إبليس‬
‫أن يستزلما دخل ف جوف الية وكانت للحية أربع قوائم كأنا بتية من أحسن دابة خلقها ال فلما دخلت الية النة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة الت نى ال عنها آدم‬
‫وزوجته فجاء با إل حواء فقال ‪ :‬انظري إل هذه الشجرة ما أطيب ريها وأطيب طعمها وأحسن لونا فأخذت حواء فأكلت منها ث ذهبت با إل آدم فقالت ‪ :‬انظر إل هذه الشجرة ما‬
‫أطيب ريها وأطيب طعمها وأحسن لونا فأكل منها آدم فبدت لما سواتما فدخل آدم ف جوف الشجرة فناداه ربه يا آدم أين أنت ؟ قال ‪ :‬قال ‪ :‬أنا هذا يا رب قال ‪ :‬أل ترج ؟ قال ‪:‬‬
‫أستحيي منك يا رب قال ‪ :‬ملعونة الرض الت خلقت منها لعنة يتحول ثرها شوكا قال ‪ :‬ول يكن ف النة ول ف الرض شجرة كان أفضل من الطلح والسدر ث قال ‪ :‬يا حواء أنت الت‬
‫غررت عبدي فإنك ل تملي حل إل حلته كرها فإذا أردت أن تضعي ما ف بطنك أشرفت على الوت مرارا وقال للحية ‪ :‬أنت الت دخل اللعون ف جوفك حت غر عبدي ملعونة أنت لعنة‬
‫تتحول قوائمك ف بطنك ول يكن لك رزق إل التراب أنت عدوة بن آدم وهم أعداؤك حيث لقيت أحدا منهم أخذت بعقبه وحيث لقيك شدخ رأسك قال عمر ‪ :‬قيل لوهب ‪ :‬وما كانت‬
‫اللئكة تأكل ؟ قال ‪ :‬يفعل ال ما يشاء‬
‫‪ :‬وروي عن ابن عباس نو هذه القصة‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف خب ذكره عن أب مالك وعن أب صال عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬لا قال ال عز وجل لدم ‪ { :‬اسكن أنت وزوجك النة وكل منها رغدا حيث شئتما ول تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالي } أراد إبليس أن يدخل عليهما النة‬
‫فمنعته الزنة فأتى الية وهي دابة لا أربع قوائم كأنا البعي وهي كأحسن الدواب فكلمها أن تدخله ف فمها حت تدخل به إل آدم فأدخلته ف فقمها قال أبو جعفر ‪ :‬والفقم جانب الشدق‬
‫فمرت الية على الزنة فدخلت ول يعلمون لا أراد ال من المر فكلمه من فقمها فلم يبال كلمه فخرج إليه فقال ‪ { :‬يا آدم هل أدلك على شجرة اللد وملك ل يبلى } ( طه ‪) 120 :‬‬
‫يقول ‪ :‬هل أدلك على شجرة إن أكلت منها كنت ملكا مثل ال عز وجل أو تكونا من الالدين فل توتان أبدا وحلف لما بال إن لكما لن الناصحي وإنا أراد بذلك ليبدي لما ما توارى‬
‫عنهما من سوآتما بتك لباسهما وكان قد علم أن لما سوأة لا كان يقرأ من كتب اللئكة ول يكن آدم يعلم ذلك وكان لباسهما الظفر فأب آدم أن يأكل منها فتقدمت حواء فأكلت ث‬
‫قالت ‪ :‬يا آدم كل فإن قد أكلت فلم يضرن فلما أكل آدم بدت لما سوآتما وطفقا يصفان عليهما من ورق النة‬
‫حدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع قال ‪ :‬حدثن مدث ‪ :‬أن الشيطان دخل النة ف صورة دابة ذات قوائم فكان يرى أنه البعي قال ‪ :‬فلعن فسقطت‬
‫قوائمه فصار حية‬
‫وحدثت عن عمار قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن الربيع قال ‪ :‬وحدثن أبو العالية أن من البل ما كان أولا من الن قال ‪ :‬فأبيحت له النة كلها إل الشجرة وقيل لما ‪ { :‬ل تقربا‬
‫هذه الشجرة فتكونا من الظالي } قال ‪ :‬فأتى الشيطان حواء فبدأ با فقال ‪ :‬أنيتما عن شيء ؟ قالت ‪ :‬نعم عن هذه الشجرة فقال ‪ { :‬ما ناكما ربكما عن هذه الشجرة إل أن تكونا ملكي‬
‫أو تكونا من الالدين } ( العراف ‪ ) 120 :‬قال ‪ :‬فبدأت حواء فأكلت منها ث أمرت آدم فأكل منها قال ‪ :‬وكانت شجرة من أكل منها أحدث قال ‪ :‬ول ينبغي أن يكون ف النة حدث‬
‫قال ‪ :‬فأزالما الشيطان عنها فأخرجهما ما كانا فيه قال فأخرج آدم من النة‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال ‪ :‬حدثنا ابن إسحق عن بعض أهل العلم ‪ :‬أن آدم حي دخل النة ورأى ما فيها من الكرامة وما أعطاه ال منها قال ‪ :‬لو أن خلدا كان فاغتمز فيها منه‬
‫الشيطان لا سعها منه فأتاه من قبل اللد‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق قال ‪ :‬حدثت أن أول ما ابتدأها به من كيده إياها أنه ناح عليهما نياحة أحزنتهما حي سعاها فقال ‪ :‬ما يبكيك ؟ قال ‪ :‬أبكي عليكما توتان‬
‫فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة والكرامة فوقع ذلك ف أنفسهما ث أتاها فوسوس إليهما فقال ‪ :‬يا آدم هل أدلك على شجرة اللد وملك ل يبلى ؟ وقال { ما ناكما ربكما عن هذه الشجرة‬
‫إل أن تكونا ملكي أو تكونا من الالدين * وقاسهما إن لكما لن الناصحي } ( العراف ‪ ) 21 - 25 :‬أي تكونا ملكي أو تلدا إن ل تكونا ملكي ف نعمة النة فل توتان يقول ال جل‬
‫( ثناؤه ‪ { :‬فدلها بغرور } ( العراف ‪22 :‬‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ :‬وسوس الشيطان إل حواء ف الشجرة حت أتى با إليها ث حسنها ف عي آدم قال ‪ :‬فدعاها آدم لاجته قالت ‪ :‬ل‬
‫إل أن تأت ههنا فلما أتى قالت ‪ :‬ل إل أن تأكل من هذه الشجرة قال ‪ :‬فأكل منها فبدت لما سوآتما قال ‪ :‬وذهب آدم هاربا ف النة فناداه ربه ‪ :‬يا آدم أمن تفر ؟ قال ‪ :‬ل يا رب ولكن‬
‫حياء منك قال ‪ :‬يا آدم أن اتيت ؟ قال ‪ :‬من قبل حواء أي رب فقال ال ‪ :‬فإن لا علي أن أدميها ف كل شهر مرة كما أدميت هذه الشجرة وأن أجعلها سفيهة فقد كنت خلقتها حليمة وأن‬
‫أجعلها تمل كرها وتضع كرها فقد كنت جعلتها تمل يسرا وتضع يسرا قال ابن زيد ‪ :‬ولول البلية الت أصابت حواء لكان نساء الدنيا ل يضن ولكن حليمات وكن يملن يسرا ويضعن‬
‫يسرا‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ممد بن إسحق عن يزيد بن عبدال بن قسيط عن سعيد بن السيب قال ‪ :‬سعته يلف بال ما يستثن ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ولكن حواء‬
‫سقته المر حت إذا سكر قادته إليها فأكل‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ليث بن أب سليم عن طاوس اليمان عن ابن عباس قال ‪ :‬إن عدو ال إبليس عرض نفسه على دواب الرض أيها يمله حت يدخل النة‬
‫معها ويكلم آدم وزوجته فكل الدواب أب ذلك عليه حت كلم الية فقال لا ‪ :‬أمنعك من ابن آدم فأنت ف ذمت إن أنت أدخلتن النة فجعلته بي نابي من أنيابا ث دخلت به فكلمهما من‬
‫فيها وكانت كاسية تشي على أربع قوائم فأعراها ال وجعلها تشي على بطنها قال ‪ :‬يقول ابن عباس ‪ :‬اقتلوها حيث وجدتوها أخفروا ذمة عدو ال فيها‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال قال ابن إسحق وأهل التوراة يدرسون ‪ :‬إنا كلم آدم الية ول يفسروا كتفسي ابن عباس‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن أب معشر عن ممد بن قيس قال ‪ :‬نى ال آدم وحواء أن يأكل من شجرة واحدة ف النة ويأكل منها رغدا حيث شاءا فجاء‬
‫الشيطان فدخل ف جوف الية فكلم حواء ووسوس الشيطان إل آدم فقال ‪ { :‬ما ناكما ربكما عن هذه الشجرة إل أن تكونا ملكي أو تكونا من الالدين * وقاسهما إن لكما لن الناصحي‬
‫} ( العراف ‪ ) 21 - 20 :‬قال ‪ :‬فقطعت حواء الشجرة فدميت الشجرة وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما وطفقا يصفان عليهما من ورق النة وناداها ربما ‪ { :‬أل أنكما عن‬
‫تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبي } ( العراف ‪ ) 22 :‬ل أكلتها وقد نيتك عنها ؟ قال ‪ :‬يا رب أطعمتن حواء قال لواء ‪ :‬ل أطعمته ؟ قالت ‪ :‬أمرتن الية قال للحية ‪:‬‬
‫ل أمرتا ؟ قالت ‪ :‬أمرن إبليس قاد ‪ :‬ملعون مدحور أما أنت يا حواء فكما أدميت الشجرة تدمي ف كل هلل وأما أنت يا حية فأقطع قوائمك فتمشي جريا على وجهك وسيشدخ رأسك‬
‫من لقيك بالجر اهبطوا بعضكم لبعض عدو‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقد رويت هذه الخبار عمن رويناها عنه من الصحابة والتابعي وغيهم ف صفة استزلل إبليس عدو ال آدم وزوجته حت أخرجهما من النة وأول ذلك بالق عندنا ما‬
‫كان لكتاب ال موافقا وقد أخب ال تعال ذكره عن إبليس أنه وسوس لدم وزوجته ليبدي لما ما ووري عنهما من سوآتما وأنه قال لما ‪ { :‬ما ناكما ربكما عن هذه الشجرة إل أن تكونا‬
‫ملكي أو تكونا من الالدين } وأنه { قاسهما إن لكما لن الناصحي } ( العراف ‪ ) 20 :‬مدليا لما بغرور ففي إخباره جل ثناؤه عن عدو ال أنه قاسم آدم وزوجته بقيله لما ‪ :‬إن لكما‬
‫لن الناصحي الدليل الواضح على أنه قد باشر خطابما بنفسه ‪ :‬إما ظاهرا لعينهما وإما مستجنا ف غيه وذلك أنه غي معقول ف كلم العرب أن يقال ‪ :‬قاسم فلن فلنا ف كذا وكذا إذا‬
‫سبب له سببا وصل به اليه دون أن يلف له واللف ل يكون بتسبب السبب فكذلك قوله فوسوس إليه الشيطان لو كان ذلك كان منه إل آدم على نو الذي منه إل ذريته من تزيي أكل ما‬
‫نى ال آدم عن أكله من الشجرة بغي مباشرة خطابه إياه با استزله به من القول واليل لا قال جل ثناؤه ‪ { :‬وقاسهما إن لكما لن الناصحي } كما غي جائز أن يقول اليوم قائل من أتى‬
‫معصية ‪ :‬قاسن إبليس أنه ل ناصح فيما زين ل من العصية الت أتيتها فكذلك الذي كان من آدم وزوجته لو كان على النحو الذي يكون فيما بي إبليس اليوم وذرية آدم لا قال جل ثناؤه ‪:‬‬
‫{ وقاسهما إن لكما لن الناصحي } ولكن ذلك كان إن شاء ال على نو ما قال ابن عباس ومن قال بقوله‬
‫فأما سبب وصوله إل النة حت كلم آدم بعد أن أخرجه ال منها وطرده عنها فليس فيما روي عن ابن عباس و وهب بن منبه ف ذلك معن يوز لذي فهم مدافعته إذ كان ذلك قول ل يدفعه‬
‫عقل ول خب يلزم تصديقه من حجة بلفه وهو من المور المكنة فالقول ف ذلك أنه وصل إل خطابما على ما أخبنا ال جل ثناؤه ؟ ومكن أن يكون وصل إل ذلك بنحو الذي قاله‬
‫‪ :‬التأولون بل ذلك إن شاء ال كذلك لتتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك وإن كان ابن إسحق قد قال ف ذلك ما‬
‫حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة قال ‪ :‬قال ابن إسحق ف ذلك وال أعلم كما قال ابن عباس وأهل التوراة ‪ :‬إنه خلص إل آدم وزوجته بسلطانه الذي جعل ال له ليبتلي به آدم وذريته‬
‫وأنه يأت ابن آدم ف نومته وف يقظته وف كل حال من أحواله حت يلص إل ما أراد منه حت يدعوه إل العصية ويوقع ف نفسه الشهوة وهو ل يراه وقد قال ال عز وجل ‪ { :‬فأزلما‬
‫الشيطان عنها فأخرجهما ما كانا فيه } وقال ‪ { :‬يا بن آدم ل يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من النة ينع عنهما لباسهما لييهما سوآتما إنه يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونم إنا‬
‫جعلنا الشياطي أولياء للذين ل يؤمنون } ( العراف ‪ ) 27 :‬وقد قال ال لنبيه عليه السلم ‪ { :‬قل أعوذ برب الناس * ملك الناس } ( الناس ‪ ) 2 - 1 :‬إل آخر السورة ث ذكر الخبار‬
‫الت رويت عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ [ :‬إن الشيطان يري من ابن آدم مرى الدم ] ث قال ابن إسحق ‪ :‬وإنا أمر ابن آدم فيما بينه وبي عدو ال كأمره فيما بينه وبي آدم فقال‬
‫ال ‪ { :‬اهبط منها فما يكون لك أن تتكب فيها فاخرج إنك من الصاغرين } ( العراف ‪ ) 13 :‬ث خلص إل آدم وزوجته حت كلمهما كما قص ال علينا من خبها فقال ‪ { :‬فوسوس إليه‬
‫الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة اللد وملك ل يبلى } ( طه ‪ ) 120 :‬فخلص إليهما با خلص إل ذريته من حيث ل يريانه فال أعلم أي ذلك كان فتابا إل ربما‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وليس ف يقي ابن إسحق لو كان قد أيقن ف نفسه أن إبليس ل يلص ال آدم وزوجته بالخاطبة با أخب ال عنه أنه قال لما وخاطبهما به ما يوز لذي فهم العتراض به على‬
‫ما ورد من القول مستفيضا من أهل العلم مع دللة الكتاب على صحة ما استفاض من ذلك بينهم فكيف بشكه ؟ وال نسأل التوفيق‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬فأخرجهما ما كانا فيه‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأما تأويل قوله { فأخرجهما } فإنه يعن ‪ :‬فأخرج الشيطان آدم وزوجته { ما كانا } يعن ما كان آدم وزوجته من رغد العيش ف النة وسعة نعيمها الذي كانا فيه وقد بينا‬
‫أن ال جل ثناؤه إنا أضاف إخراجهما من النة إل الشيطان وإن كان ال هو الخرج لما لن خروجهما منها كان عن سبب من الشيطان فأضيف ذلك إليه لتسبيبه إياه كما يقول القائل‬
‫لرجل وصل إليه منه أذى حت تول من أجله عن موضع كان يسكنه ‪ :‬ما حولن من موضعي الذي كنت فيه إل أنت ول يكن منه له تويل ولكنه لا كان توله عن سبب منه جاز له إضافة‬
‫تويله إليه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬يقال هبط فلن أرض كذا ووادي كذا إذا حل ذلك كما قال الشاعر‬
‫( ما زلت أرمقهم حت إذا هبطت ‪ ...‬أيدي الركاب بم من راكس فلقا )‬
‫وقد أبان هذا القول من ال جل ثناؤه عن صحة ما قلنا من أن الخرج آدم من النة هو ال جل ثناؤه وأن إضافة ال إل إبليس ما أضاف إليه من إخراجهما كان على ما وصفنا ودل بذلك‬
‫أيضا على أن هبوط آدم وزوجته وعدوها إبليس كان ف وقت واحد بمع ال إياهم ف الب عن إهباطهم بعد الذي كان من خطيئة آدم وزوجته وتسبب إبليس ذلك لما على ما وصفه ربنا‬
‫جل ذكره عنهم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقد اختلف أهل التأويل ف العن بقوله ‪ { :‬اهبطوا } مع إجاعهم على أن آدم وزوجته من عن به‬
‫فحدثنا سفيان بن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أبو أسامة عن أب عوانة عن إسعيل بن سال عن أب صال ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬آدم وحواء وإبليس والية‬
‫حدثنا ابن وكيع و موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬فلعن الية وقطع قوائمها وتركها تشي على بطنها‬
‫وجعل رزقها من التراب وأهبط إل الرض آدم وحواء وإبليس والية‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى بن ميمون عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬آدم وإبليس والية‬
‫وحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض عدو } آدم وإبليس والية ذرية بعضهم أعداء لبعض‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬آدم وذريته وإبليس وذريته‬
‫وحدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم بن أب إياس قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬يعن إبليس وآدم‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا عبيدال بن موسى عن إسرائيل عن السدي عمن حدثه عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬بعضهم لبعض عدو ‪ :‬آدم‬
‫وحواء وإبليس والية‬
‫وحدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬حدثنا ابن وهب قال ‪ :‬حدثن عبد الرحن بن مهدي عن إسرائيل عن إسعيل السدي قال ‪ :‬حدثن من سع ابن عباس يقول ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض‬
‫عدو } قال ‪ :‬آدم وحواء وإبليس والية‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬اهبطوا بعضكم لبعض عدو } قال ‪ :‬لما ولذريتهما‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن قال قائل ‪ :‬وما كانت عداوة ما بي آدم وزوجته وإبليس والية ؟‬
‫قيل ‪ :‬أما عداوة إبليس آدم وذريته فحسده إياه واستكباره عن طاعة ال ف السجود له حي قال لربه ‪ { :‬أنا خي منه خلقتن من نار وخلقته من طي } ( ص ‪ ) 76 :‬وأما عداوة آدم وذريته‬
‫إبليس فعداوة الؤمني إياه لكفره بال وعصيانه لربه ف تكبه عليه ومالفته أمره وذلك من آدم ومؤمن ذريته إيان بال وأما عداوة إبليس آدم فكفر بال‬
‫وأما عداوة ما بي آدم وذريته والية فقد ذكرنا ما روي ف ذلك عن ابن عباس و وهب بن منبه وذلك هي العداوة الت بيننا وبينها كما [ روي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪:‬‬
‫[ ما سالناهن منذ حاربناهن فمن تركهن خشية ثأرهن فليس منا‬
‫حدثن ممد بن عبدال بن عبد الكم قال ‪ :‬حدثن حجاج بن رشدين قال ‪ :‬حدثنا حيوة بن شريح عن ابن عجلن عن أبيه [ عن أب هريرة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ :‬ما‬
‫[ سالناهن منذ حاربناهن فمن ترك شيئا منهن خيفة فليس منا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأحسب أن الرب الت بيننا كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم ف إدخالا إبليس النة بعد أن أخرجه ال منها حت استزله عن طاعة ربه ف أكله ما ني‬
‫عن أكله من الشجرة‬
‫وحدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا معاوية بن هشام وحدثن ممد بن خلف العسقلن قال حدثن آدم جيعا عن شيبان عن جابر عن سعيد بن جبي [ عن ابن عباس قال ‪ :‬سئل رسول ال صلى‬
‫[ ال عليه وسلم عن قتل اليات فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬خلقت هي والنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه إن رآها أفزعته وإن لدغته أوجعته فاقتلها حيث وجدتا‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ولكم ف الرض مستقر‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك فقال بعضهم با‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم العسقلن قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬ولكم ف الرض مستقر } قال ‪ :‬هو قوله ‪ { :‬الذي جعل لكم الرض‬
‫( فراشا } ( البقرة ‪22 :‬‬
‫وحدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع ف قوله ‪ { :‬ولكم ف الرض مستقر } قال ‪ :‬هو قوله ‪ { :‬جعل لكم الرض قرارا } ( غافر ‪ ) 64 :‬وقال‬
‫‪ :‬آخرون ‪ :‬معن ذلك ولكم ف الرض قرار ف القبور ذكر من قال ذلك‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬ولكم ف الرض مستقر } يعن القبور‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬حدثن عبد الرحن بن مهدي عن إسرائيل عن إسعيل السدي قال ‪ :‬حدثن من سع ابن عباس قال ‪ { :‬ولكم ف الرض مستقر } قال ‪ :‬القبور‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ { :‬ولكم ف الرض مستقر } قال ‪ :‬مقامهم فيها‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والستقر ف كلم العرب هو موضع الستقرار فإذ كان ذلك كذلك فحيث كان من الرض موجودا حال فذلك الكان من الرض مستقره وإنا عن ال جل ثناؤه بذلك ‪ :‬أن‬
‫لم ف الرض مستقرا ومنل بأماكنهم ومستقرهم من النة والسماء وكذلك قوله ‪ { :‬ومتاع } يعن به ‪ :‬أن لم فيها متاعا بتاعهم ف النة‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬ومتاع إل حي‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك فقال بعضهم ‪ :‬ولكم فيها بلغ إل الوت ذكر من قال ذلك‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ف قوله ‪ { :‬ومتاع إل حي } قال يقول ‪ :‬بلغ إل الوت‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال حدثنا عبد الرحن بن مهدي عن إسرائيل عن إسعيل السدي قال ‪ :‬حدثن من سع ابن عباس ‪ { :‬ومتاع إل حي } قال ‪ :‬الياة‬
‫‪ :‬وقال آخرون ‪ :‬يعن بقوله { ومتاع إل حي } إل قيام الساعة ذكر من قال ذلك‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬ومتاع إل حي } قال ‪ :‬إل يوم القيامة إل انقطاع الدنيا‬
‫‪ :‬وقال آخرون ‪ { :‬إل حي } قال ‪ :‬ال أجل ذكر من قال ذلك‬
‫حدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع ‪ { :‬ومتاع إل حي } قال ‪ :‬إل أجل‬
‫والتاع ف كلم العرب كل ما استمتع به من شيء من معاش استمتع به أو رياش أو زينة أو لذة أو غي ذلك فإذ كان ذلك كذلك وكان ال جل ثناؤه قد جعل حياة كل حي متاعا له يستمتع‬
‫با أيام حياته وجعل الرض للنسان متاعا أيام حياته بقراره عليها واغتذائه با أخرج ال منها من القوات والثمار والتذاذه با خلق فيها من اللذ وجعلها من بعد وفاته لثته كفاتا ولسمه‬
‫منل وقرارا وكان اسم التاع يشمل جيع ذلك كان أول التأويلت بالية إذ ل يكن ال جل ثناؤه وضع دللة دالة على أنه قصد بقوله ‪ { :‬ومتاع إل حي } بعضا دون بعض وخاصا دون‬
‫عام ف عقل ول خب أن يكون ذلك ف معن العام وأن يكون الب أيضا كذلك إل وقت يطول استمتاع بن آدم وبن إبليس با وذلك إل أن تبذل الرض غي الرض فإذ كان ذلك أول‬
‫التأويلت بالية لا وصفنا فالواجب إذا أن يكون تأويل الية ‪ :‬ولكم ف الرض منازل ومساكن تستقرون فيها استقراركم كان ف السماوات وف النان ف منازلكم منها واستمتاع منكم با‬
‫وبا أخرجت لكم منها وبا جعلت لكم فيها من العاش والرياش والزين واللذ وبا أعطيتكم على ظهرها أيام حياتكم ومن بعد وفاتكم لرماسكم وأجداثكم تدفنون فيها وتبلغون‬
‫باستمتاعكم با إل أن أبدلكم با غيها‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪280‬‬

‫(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (‪37‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬أما تأويل قوله ‪ { :‬فتلقى آدم } فقيل ‪ :‬إنه أخذ وقبل وأصله التفعل من اللقاء كما يتلقى الرجل الرجل مستقبله عندقدومه من غيبته أو سفره فكأن ذلك كذلك ف قوله‬
‫{ فتلقى } كأنه استقبله فتلقاه بالقبول حي أوحي إليه أو أخب به فمعن ذلك إذا ‪ :‬فلقى ال آدم كلمات توبة فتلقاها آدم من ربه وأخذها عنه تائبا فتاب ال عليه بقيله إياها وقبوله إياها من‬
‫‪ :‬ربه كما‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } الية قال ‪ :‬لقاها هذه الية ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا‬
‫( لنكونن من الاسرين } ( العراف ‪23 :‬‬
‫وقد قرأ بعضهم ‪ :‬فتلقى آدم من ربه كلمات فجعل الكلمات هي التلقية آدم وذلك وإن كان من جهة العربية جائزا إذ كان كل ما تلقاه الرجل فهو له متلق وما لقيه فقد لقيه فصار للمتكلم‬
‫أن يوجه الفعل إل أيهما شاء ويرج من الفعل أيهما أحب فغي جائز عندي ف القراءة إل رفع آدم على أنه التلقي الكلمات لجاع الجة من القرأة وأهل التأويل من علماء السلف واللف‬
‫على توجيه التلقي إل آدم دون الكلمات وغي جائز العتراض عليها فيما كانت عليه ممعة بقول من يوز عليه السهو والطأ‬
‫واختلف أهل التأويل ف أعيان الكلمات الت تلقاها آدم من ربه فقال بعضهم با ‪ :‬حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا ابن عطية عن قيس عن ابن أب ليلى عن النهال بن عمرو عن سعيد بن‬
‫جبي عن ابن عباس ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } قال ‪ :‬أي رب أل تلقن بيدك ؟ قال ‪ :‬بلى قال ‪ :‬أي رب أل تنفخ ف من روحك ؟ قال ‪ :‬بلى قال ‪ :‬أي رب أل تسكن جنتك‬
‫؟ قال ‪ :‬بلى قال ‪ :‬أي رب أل تسبق رحتك غضبك ؟ قال ‪ :‬بلى قال ‪ :‬أرأيت إن أنا تبت وأصلحت أراجعي أنت إل النة ؟ قال ‪ :‬نعم‬
‫{ قال ‪ :‬فهو قوله ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات‬
‫وحدثن علي بن السي قال ‪ :‬حدثنا مسلم قال ‪ :‬حدثنا ممد بن مصعب عن قيس بن الربيع عن عاصم بن كليب عن سعيد بن جبي عن ابن عباس نوه‬
‫وحدثن ممد بن سعد قال ‪ :‬حدثن أب قال ‪ :‬حدثن عمي قال ‪ :‬حدثن أب عن أبيه عن ابن عباس قوله ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } قال ‪ :‬إن آدم قال لربه إذ عصاه ‪ :‬رب‬
‫أرأيت إن أنا تبت وأصلحت ؟ فقال له ربه ‪ :‬إن راجعك إل النة‬
‫وحدثنا بشر بن معاذ قال ‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } ذكر لنا أنه قال ‪ :‬يا رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت ؟ قال ‪ :‬إن إذا راجعك إل‬
‫( النة قال ‪ :‬وقال السن ‪ :‬إنما قال ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين } ( العراف ‪23 :‬‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم العسقلن قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال ‪ :‬إن آدم لا أصاب الطيئة قال ‪ :‬يا رب أرأيت إن تبت‬
‫( وأصلحت ؟ فقال ال ‪ :‬إذا أرجعك إل النة فهي من الكلمات ومن الكلمات أيضا ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين } ( العراف ‪23 :‬‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } قال ‪ :‬رب أل تلقن بيدك ؟ قيل له ‪ :‬بلى قال ‪ :‬ونفخت ف من روحك ؟‬
‫قيل له ‪ :‬بلى قال وسبقت رحتك غضبك ؟ قيل له ‪ :‬بلى قال ‪ :‬رب هل كنت كتبت هذا علي ؟ قيل له ‪ :‬نعم قال ‪ :‬رب إن تبت وأصلحت هل أنت راجعي إل النة ؟ قيل له ‪ :‬نعم قال ال‬
‫( تعال ‪ { :‬ث اجتباه ربه فتاب عليه وهدى } ( طه ‪122 :‬‬
‫وقال آخرون با ‪ :‬حدثنا به ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا عبد الرحن بن مهدي قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عبد العزيزبن رفيع قال ‪ :‬حدثن من سع عبيد بن عمي يقول ‪ :‬قال ‪ :‬آدم ‪ :‬يا رب‬
‫خطيئت الت أخطأتا أشيء كتبته علي قبل أن تلقن أوشيء ابتدعته من قبل نفسي ؟ قال ‪ :‬بلى شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك قال ‪ :‬فكما كتبته علي فاغفره ل قال ‪ :‬فهو قول ال ‪:‬‬
‫{ { فتلقى آدم من ربه كلمات‬
‫وحدثنا ابن سنان قال ‪ :‬حدثنا مؤمل قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع قال ‪ :‬أخبن من سع عبيد بن عمي بثله‬
‫وحدثنا ابن سنان قال ‪ :‬حدثنا وكيع بن الراح قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عمن سع عبيد بن عمي يقول ‪ :‬قال آدم ؟ فذكر نوه‬
‫وحدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو نعيم قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع قال أخبن من سع عبيد بن عمي بنحوه‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا الثوري عن عبد العزيز عن عبيد بن عمي بثله‬
‫‪ :‬وقال آخرون با‬
‫حدثن به أحد بن عثمان بن حكيم الودي قال ‪ :‬حدثنا عبد الرحن بن شريك قال ‪ :‬حدثنا أب قال ‪ :‬حدثنا حصي بن عبد الرحن عن حيد بن نبهان عن عبد الرحن بن يزيد بن معاوية أنه‬
‫قال ‪ :‬قوله ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } قال آدم ‪ :‬اللهم ل إله إل أنت سبحانك وبمدك أستغفرك وأتوب إليك تب علي إنك أنت التواب الرحيم‬
‫وحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو غسان قال ‪ :‬أنبأنا أبو زهي وحدثنا أحد بن إسحق الهوازي قال ‪ :‬أخبنا أبو أحد قال ‪ :‬حدثنا سفيان و قيس جيعا عن خصيف عن ماهد ف قوله‬
‫‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } قال قوله ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا } ( العراف ‪ ) 23 :‬حت فرغ منها‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثن شبل عن ابن أب نيح عن ماهد كان يقول ف قول ال ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } الكلمات ‪ :‬اللهم ل إله إل أنت سبحانك وبمدك‬
‫رب إن ظلمت نفسي فاغفر ل إنك أنت خي الغافرين اللهم ل إله إل أنت سبحانك وبمدك رب إن ظلمت نفسي فارحن إنك خي الراحي اللهم ل إله إل أنت سبحانك وبمدك رب إن‬
‫ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم‬
‫وحدثنا ابن وكيع قال ‪ :‬حدثنا أب عن النضربن عرب عن ماهد ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } هو قوله ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا } ( العراف ‪ ) 23 :‬الية وحدثنا‬
‫القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } قال ‪ :‬أي رب أتتوب علي إن تبت ؟ قال ‪ :‬نعم فتاب آدم فتاب عليه ربه‬
‫وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬فتلقى آدم من ربه كلمات } قال هو قوله ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من‬
‫( الاسرين } ( العراف ‪23 :‬‬
‫( حدثن يونس قال أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ‪ :‬هو قوله ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين } ( العراف ‪23 :‬‬
‫وهذه القوال الت حكيناها عمن حكيناها عنه وإن كانت متلفة اللفاظ فإن معانيها متفقة ف أن ال جل ثناؤه لقى آدم كلمات فتلقاهن آدم من ربه فقبلهن وعمل بن وتاب بقيله وعمله بن‬
‫إل ال من خطيئته معترفا بذنبه متنصل إل ربه من خطيئته نادما على ما سلف منه من خلف أمره فتاب ال عليه بقبوله الكلمات الت تلقاهن منه وندمه على سالف الذنب منه‬
‫والذي يدل عليه كتاب ال أن الكلمات الت تلقاهن آدم من ربه هن الكلمات الت أخب ال عنه أنه قالا متنصل بقيلها إل ربه معترفا بذنبه وهو قوله ‪ { :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا‬
‫وترحنا لنكونن من الاسرين } ( العراف ‪ ) 23 :‬وليس ما قاله من خالف قولنا هذا من القوال الت حكيناها بدفوع قوله ولكنه قول ل شاهد عليه من حجة يب التسليم لا فيجوز لنا‬
‫إضافته إل آدم وأنه ما ثلقاه من ربه عند إنابته إليه من ذنبه وهذا الب الذي أخب ال عن آدم من قيله الذي لقاه إياه فقاله تائبا إليه من خطيئته تعريف منه جل ذكره جيع الخاطبي بكتابه‬
‫كيفية التوبة إليه من الذنوب وتنبيه للمخاطبي بقوله ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم } ( البقرة ‪ ) 28 :‬على موضع التوبة ما هم عليه من الكفر بال وأن خلصهم ما هم عليه‬
‫مقيمون من الضللة نظي خلص أبيهم ادم من خطيئته مع تذكيه إياهم به السالف إليهم من النعم الت خص با أباهم آدم وغيه من آبائهم‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬فتاب عليه‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقوله { فتاب عليه } يعن ‪ :‬على آدم والاء الت ف { عليه } عائدة علىآدم وقوله ‪ { :‬فتاب عليه } يعن رزقه التوبة من خطيئته والتوبة معناها النابة إل ال والوبة ال‬
‫طاعته ما يكره من معصيته‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جيعا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل قوله ‪ { :‬إنه هو التواب الرحيم } أن ال جل ثناؤه هو التواب على من تاب إليه من عباده الذنبي من ذنوبه التارك مازاته بإنابته إل طاعته بعد معصيته با سلف من‬
‫ذنبه وقد ذكرنا أن معن التوبة من العبد إل ربه إنابته إل طاعته وأوبته إل ما يرضيه بتركه ما يسخطه من المور الت كان عليها مقيما ما يكرهه ربه فكذلك توبة ال على عبده هو أن يرزقه‬
‫ذلك ويؤوب له من غضبه عليه إل الرضا عنه ومن العقوبة إل العفو والصفح عنه‬
‫وأما قوله ‪ { :‬الرحيم } فإنه يعن أنه التفضل علمه مع التوبة بالرحة ورحته إياه إقالة عثرته وصفحه عن عقوبة جرمه‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقد ذكرنا القول ف تأويل قوله ‪ { :‬قلنا اهبطوا منها جيعا } فيما مضى فل حاجة بنا إل إعادته إذ كان معناه ف هذا الوضع هو معناه ف ذلك الوضع‬
‫وقد حدثن يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا هشيم قال ‪ :‬أخبنا إسعيل بن سال عن أب صال ف قوله ‪ { :‬اهبطوا منها جيعا } قال ‪ :‬آدم وحواء والية وإبليس‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬فإما يأتينكم من هدى‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل قوله ‪ { :‬فإما يأتينكم } فإن يأتكم و ما الت مع إن توكيد للكلم ولدخولا مع إن أدخلت النون الشددة ف { يأتينكم } تفرقة بدخولا بي ما الت تأت بعن توكيد‬
‫الكلم الت تسميها أهل العربية صلة وحشوا وبي ما الت تأت بعن الذي فتؤذن بدخولا ف الفعل أن ما الت مع إن الت بعن الزاء توكيد وليست ما الت بعن الذي‬
‫وقد قال بعض نويي أهل البصرة ‪ :‬إن إما إن زيدت معها ما وصار الفعل الذي بعده بالنون الفيفة أو الثقيلة وقد يكون بغي نون وإنا حسنت فيه النون لا دخلته ما لن ما نفي فهي ما ليس‬
‫بواجب وهي الرف الذي ينفي الواجب فحسنت فيه النون نو قولم ‪ :‬بعي ما أرينك حي أدخلت فيها ما حسنت النون فيما ههنا‬
‫وقد أنكرت جاعة من أهل العربية دعوى قائل هذه القالة ‪ :‬أن ما الت مع بعي ما أرينك بعن الحد وزعموا أن ذلك بعن التوكيد للكلم‬
‫وقال آخرون ‪ :‬بل هو حشو ف الكلم ومعناها الذف وإنا معن الكلم ‪ :‬بعي أراك وغي جائز أن يعل مع الختلف فيه أصل يقاس عليه غيه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬من هدى فمن تبع هداي فل خوف عليهم ول هم يزنون‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬والدى ف هذا الوضع البيان والرشاد كما‬
‫حدثنا الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم العسقلن قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬فإما يأتينكم من هدى } قال ‪ :‬الدى النبياء والرسل والبيان فإن كان ما قال‬
‫أبو العالية ف ذلك كما قال فالطاب بقوله ‪ { :‬اهبطوا } وإن كان لدم وزوجته فيجب أن يكون مرادا به آدم وزوجته وذريتهما فيكون ذلك حينئذ نظي قوله ‪ { :‬فقال لا وللرض ائتيا‬
‫طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعي } ( فصلت ‪ ) 11 :‬بعن أتينا با فينا من اللق طائعي ونظي قوله ف قراءة ابن مسعود ‪ { :‬ربنا واجعلنا مسلمي لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا‬
‫مناسكنا } ( البقرة ‪ ) 128 :‬فجمع قبل أن تكون ذرية وهو ف قراءتنا { وأرنا مناسكنا } وكما يقول القائل لخر ‪ :‬كأنك تزوجت وولد لك وكثرت وعززت ونو ذلك من الكلم‬
‫وإنا قلنا إن ذلك هو الواجب على التأويل الذي ذكرناه عن أب العالية لن آدم كان هو النب أيام حياته بعد أن أهبط إل الرض والرسول من ال جل ثناؤه إل ولده فغي جائز أن يكون‬
‫معنيا وهو الرسول صلى ال عليه بقوله ‪ { :‬فإما يأتينكم من هدى } خطابا له ولزوجته فإما يأتينكم من أنبياء ورسل إل على ما وصفت من التأويل‬
‫وقول أب العالية ف ذلك وإن كان وجها من التأويل قد تتمله الية فأقرب إل الصواب منه عندي وأشبه بظاهر التلوة أن يكون تأويلها ‪ :‬فإما يأتينكم يا معشر من اهبط إل الرض من‬
‫سائي وهو آدم وزوجته وإبليس كما قد ذكرنا قبل ف تأويل الية الت قبلها إما يأتينكم من بيان من أمري وطاعت ورشاد إل سبيلي ودين فمن اتبعه منكم فل خوف عليهم ول هم يزنون‬
‫وإن كان قد سلف منهم قبل ذلك إل معصية وخلف لمري وطاعت يعرفهم بذلك جل ثناؤه أنه التائب على من تاب إليه من ذنوبه والرحيم لن أناب إليه كما وصف نفسه بقوله ‪ { :‬إنه هو‬
‫التواب الرحيم } ( البقرة ‪ : ) 54 ، 37 :‬وذلك أن ظاهر الطاب بذلك إنا هو للذين قال لم جل ثناؤه ‪ { :‬اهبطوا منها جيعا } والذين خوطبوا به هم من سينا ف قول الجة من الصحابة‬
‫والتابعي الذين قد قدمنا الرواية به عنهم وذلك وإن كان خطابا من ال جل ذكره لن اهبط حينئذ من السماء إل الرض فهو سنة ال ف جيع خلقه وتعريص منه بذلك الذين أخب عنهم ف‬
‫أول هذه السورة با أخب عنهم ف قوله ‪ { :‬إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتم أم ل تنذرهم ل يؤمنون } ( البقرة ‪ ) 6 :‬وف قوله ‪ { :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم‬
‫بؤمني } ( البقرة ‪ ) 28 :‬وأن حكمه فيهم إن تابوا إليه وأنابوا واتبعوا ما أتاهم من البيان من عند ال على لسان رسوله ممد صلى ال عليه وسلم أنم عنده ف الخرة من ل خوف عليهم‬
‫ول هم يزنون وأنم إن هلكوا على كفرهم وضللتهم قبل النابة والتوبة كانوا من أهل النار الخلدين فيها‬
‫وقوله ‪ { :‬فمن تبع هداي } يعن ‪ :‬فمن اتبع بيان الذي آتيته على ألسن رسلي أو مع رسلي كما ‪ :‬حدثنا به الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬فمن‬
‫تبع هداي } يعن بيان‬
‫وقوله ‪ { :‬فل خوف عليهم } يعن فهم آمنون ف أهوال القيامة من عقاب ال غي خائفي عذابه با أطاعوا ال ف الدنيا واتبعوا أمره وهداه وسبيله ول هم يزنون يومئذ على ما خلفوا بعد‬
‫‪ :‬وفاتم ف الدنيا كما‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ‪ { :‬ل خوف عليهم } يقول ‪ :‬ل خوف عليكم أمامكم‬
‫{ وليس شيء أعظم ف صدر الذي يوت ما بعد الوت فأمنهم منه وسلهم عن الدنيا فقال ‪ { :‬ول هم يزنون‬

‫(قلنا اهبطوا منها جيعا فإما يأتينكم من هدى فمن تبع هداي فل خوف عليهم ول هم يزنون (‪38‬‬

‫{ قلنا اهبطوا منها جيعا فإما يأتينكم من هدى فمن تبع هداي فل خوف عليهم ول هم يزنون }‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪286‬‬

‫(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (‪39‬‬

‫يعن ‪ :‬والذين جحدوا آيات وكذبوا رسلي وآيات ال ‪ :‬حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته وما جاءت به الرسل من العلم والشواهد على ذلك وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربا وقد‬
‫بينا أن معن الكفر التغطية على الشيء‬
‫أولئك أصحاب النار } يعن ‪ :‬أهلها الذين هم أهلها دون غيهم الخلدون فيها أبدا إل غي أمد ول ناية كما ‪ :‬حدثنا به عقبة بن سنان البصري قال ‪ :‬حدثنا غسان بن مضر قال حدثنا }‬
‫سعيد بن يزيد وحدثنا سواربن عبدال العنبي قال ‪ :‬حدثنا بشربن الفضل قال ‪ :‬حدثنا أبو مسلمة سعيد بن يزيد وحدثن يعقوب بن إبراهيم و أبو بكر بن عون قال ‪ :‬حدثنا إسعيل بن علية‬
‫عن سعيد بن يزيد عن أب نضرة عن أب سعيد الدري قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ [ :‬أما أهل النار الذين هم أهلها فإنم ل يوتون فيها ول ييون ولكن أقواما أصابتهم النار‬
‫[ بطاياهم أو بذنوبم فأماتتهم إماتة حت إذا صاروا فحما أذن ف الشفاعة‬

‫(يا بن إسرائيل اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون (‪40‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله جل ثناؤه ‪ { :‬يا بن إسرائيل } ولد يعقوب بن إسجق بن إبراهيم خليل الرحن وكان يعقوب يدعى إسرائيل بعن عبدال وصفوته من خلقه وإيل هو ال و إسرا هو‬
‫‪ :‬العبد كما قيل ‪ :‬جبيل بعن عبدال وكما‬
‫حدثنا ابن حيد حدثنا جرير عن العمش عن إسعيل بن رجاء عن عمي مول ابن عباس عن ابن عباس ‪ :‬أن إسرائيل كقولك ‪ :‬عبدال‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا جرير عن العمش عن النهال عن عبدال بن الارث قال ‪ :‬إيل ال بالعبانية‬
‫وإنا خاطب ال جل ثناؤه بقوله ‪ { :‬يا بن إسرائيل } أحبار اليهود من بن إسرائيل الذين كانوا بي ظهران مهاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم فنسبهم جل ذكره إل يعقوب كما نسب‬
‫ذرية آدم إل آدم فقال ‪ { :‬يا بن آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } ( العراف ‪ ) 31 :‬وما أشبه ذلك وإنا خصهم بالطاب ف هذه الية والت بعدها من الي الت ذكرهم فيها نعمه وإن‬
‫كان قد تقدم ما أنزل فيهم وف غيهم ف أول هذه السورة ما قد تقدم أن الذي احتج به من الجج واليات الت فيها أنباء أسلفهم وأخبار أوائلهم وقصص المور الت هم بعلمها‬
‫مصوصون دون غيهم من سائر المم ليس عند غيهم من العلم بصحته وحقيقته مثل الذي لم من العلم به إل لن اقتبس علم ذلك منهم فعرفهم بإطلع ممد على علمها مع بعد قومه‬
‫وعشيته من معرفتها وقلة مزاولة ممد صلى ال عليه وسلم دراسة الكتب الت فيها أنباء ذلك أن ممد صلى ال عليه وسلم ل يصل إل علم ذلك إل بوحي من ال وتنيل منه ذلك إليه لنم‬
‫‪ :‬من علم صحة ذلك بحل ليس به من المم غيهم فلذلك جل ثناؤه خص بقوله ‪ { :‬يا بن إسرائيل } خطابم كما‬
‫حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قوله ‪ { :‬يا بن إسرائيل } قال ‪ :‬يا أهل الكتاب للحبار من يهود‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬ونعمته الت أنعم با على بن إسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل وإنزاله عليهم الكتب واستنقاذه إياهم ما كانوا فيه من البلء والضراء من فرعون وقومه إل التمكي‬
‫لم ف الرض وتفجي عيون الاء من الجر وإطعام الن والسلوى فأمر جل ثناؤه أعقابم أن يكون ما سلف منه إل آبائهم على ذكر وأن ل ينسوا صنيعه إل إسلفهم وآبائهم فيحل بم من‬
‫‪ :‬النقم ما أحل بن نسي نعمه عنده منهم وكفرها وجحد صنائعه عنده كما‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ممد بن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم } أي‬
‫آلئي عندكم وعند آبائكم لا كان ناهم به من فرعون وقومه‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬اذكروا نعمت } قال ‪ :‬نعمته أن جعل منهم النبياء والرسل وأنزل عليهم الكتب‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد ‪ { :‬اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم } يعن نعمته الت أنعم على بن إسرائيل فيما سى وفيما سوى ذلك‬
‫‪ :‬فجر لم الجر وأنزل عليهم الن والسلوى وأناهم من عبودية آل فرعون‬
‫وحدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬نعمت الت أنعمت عليكم } قال ‪ :‬نعمه عامة ول نعمة أفضل من السلم والنعم بعد تبع لا وقرأ قول ال ‪:‬‬
‫( { ينون عليك أن أسلموا قل ل تنوا علي إسلمكم بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي } ( الجرات ‪17 :‬‬
‫وتذكي ال الذين ذكرهم جل ثناؤه بذه الية من نعمه على لسان رسوله ممد صلى ال عليه وسلم نظي تذكي موسى صلوات ال عليه أسلفهم على عهده الذي أخب ال عنه أنه قال لم‬
‫( وذلك قوله ‪ { :‬وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة ال عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما ل يؤت أحدا من العالي } ( الائدة ‪20 :‬‬
‫ص ‪288‬‬
‫بينوا للناس أمر ممد صلى ال عليه وسلم أنه رسول وأنم يدونه مكتوبا عندهم ف التوراة أنه نب ال وأن يؤمنوا به وبا جاء به من عند ال ‪288 -‬‬
‫أوف بعهدكم } ‪ :‬وعهده إياهم أنم إذا فعلوا ذلك أدخلهم النة كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬ولقد أخذ ال ميثاق بن إسرائيل وبعثنا منهم اثن عشر نقيبا وقال ال إن معكم لئن أقمتم الصلة }‬
‫وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتوهم وأقرضتم ال قرضا حسنا لكفرن عنكم سيئاتكم ولدخلنكم جنات تري من تتها النار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل }‬
‫( الائدة ‪ ) 12 :‬وكما قال ‪ { :‬فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النب المي الذي يدونه مكتوبا عندهم ف التوراة والنيل يأمرهم‬
‫بالعروف وينهاهم عن النكر ويل لم الطيبات ويرم عليهم البائث ويضع عنهم إصرهم والغلل الت كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك‬
‫( هم الفلحون } ( العراف ‪157 ، 156 :‬‬
‫وكما حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬وأوفوا بعهدي } الذي أخذت‬
‫ف أعناقكم للنب ممد إذا جاءكم { أوف بعهدكم } أي أنز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الصر والغلل الت كانت ف أعناقكم بذنوبكم الت كانت من‬
‫أحداثكم‬
‫وحدثنا الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬أوفوا بعهدي أوف بعهدكم } قال ‪ :‬عهده إل عباده دين السلم أن يتبعوه { أوف بعهدكم } يعن‬
‫النة‬
‫وحدثنا موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬أوفوا بعهدي أوف بعهدكم } ‪ :‬أما { أوفوا بعهدي } فما عهدت إليكم ف الكتاب وأما { أوف‬
‫بعهدكم } فالنة عهدت إليكم أنكم إن عملتم بطاعت أدخلتكم النة‬
‫وحدثن القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج ف قوله ‪ { :‬وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } قال ‪ :‬ذلك اليثاق الذي أخذ عليهم ف الائدة ‪ { :‬ولقد أخذ ال ميثاق‬
‫بن إسرائيل وبعثنا منهم اثن عشر نقيبا } إل آخر الية ( الائدة ‪ ) 12 :‬فهذا عهد ال الذي عهد إليهم وهو عهد ال فينا فمن أوف بعهد ال وف ال له بعهده‬
‫وحدثت عن النجاب قال ‪ :‬حدثنا بشر عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ف قوله { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } يقول ‪ :‬أوفوا با أمرتكم به من طاعت ونيتكم عنه من معصيت ف‬
‫النب صلى ال عليه وسلم وف غيه { أوف بعهدكم } يقول ‪ :‬أرض عنكم وأدخلكم النة‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } قال ‪ :‬أوفوا بأمري أوف بالذي وعدتكم وقرأ ‪ { :‬إن ال اشترى من الؤمني أنفسهم‬
‫وأموالم } حت بلغ { ومن أوف بعهده من ال } ( التوبة ‪ ) 111 :‬قال ‪ :‬هذا عهده الذي عهده لم‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬وإياي فارهبون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل قوله ‪ { :‬وإياي فارهبون } وإياي فاخشوا واتقوا أيها الضيعون عهدي من بن إسرائيل والكذبون رسول الذي أخذت ميثاقكم فيما أنزلت من الكتب على أنبيائي أن‬
‫‪ :‬تؤمنوا به وتتبعوه أن احل بكم من عقوبت إن ل تنيبوا وتتوبوا إل باتباعه والقرار با أنزلت إليه ما أحللت بن خالف أمري وكذب رسلي من أسلفكم كما‬
‫حدثن به ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬وإياي فارهبون } أن أنزل بكم ما‬
‫أنزلت بن كان قبلكم من آبائكم من النقمات الت قد عرفتم من السخ وغيه‬
‫وحدثنا الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثن آدم العسقلن قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬وإياي فارهبون } يقول ‪ :‬فاخشون‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬وإياي فارهبون } يقول ‪ :‬وإياي فاخشون‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪289‬‬

‫(وآمنوا با أنزلت مصدقا لا معكم ول تكونوا أول كافر به ول تشتروا بآيات ثنا قليل وإياي فاتقون (‪41‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله جل ثناؤه ‪ { :‬آمنوا } صدقوا كما قد قدمنا البيان عنه قبل ويعن بقوله { با أنزلت } ما أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم من القرآن ويعن بقوله ‪ { :‬مصدقا‬
‫لا معكم } أن القرآن مصدق لا مع اليهود من بن إسرائيل من التوراة فأمرهم بالتصديق بالقرآن وأخبهم جل ثناؤه أن ف تصديقهم بالقرآن تصديقا منهم للتوراة لن الذي ف القرآن من‬
‫المر بالقرار بنبوة ممد صلى ال عليه وسلم وتصديقه واتباعه نظي الذي من ذلك ف التوراة والنيل ففي تصديقهم با أنزل على ممد تصديق منهم لا معهم من التوراة وف تكذيبهم به‬
‫تكذيب منهم لا معهم من التوراة وقوله ‪ { :‬مصدقا } قطع من الاء التروكة ف أنزلته من ذكر ما ومعن الكلم وآمنوا بالذي أنزلته مصدقا لا معكم أيها اليهود والذي معهم ‪ :‬هو التوراة‬
‫‪ :‬والنيل كما‬
‫حدثنا به ممد بن عمرو الباهلي قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى بن ميمون عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬وآمنوا با أنزلت مصدقا لا معكم } يقول ‪ :‬إنا أنزلت‬
‫القرآن مصدقا لا معكم التوراة والنيل‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬أخبنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬وآمنوا با أنزلت مصدقا لا معكم } يقول ‪ :‬يا معشر أهل الكتاب آمنوا با أنزلت على ممد مصدقا لا‬
‫معكم يقول ‪ :‬لنم يدون ممدا صلى ال عليه وسلم مكتوبا عندهم ف التوراة والنيل‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ول تكونوا أول كافر به‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فإن قال لنا قائل ‪ :‬كيف قيل ‪ { :‬ول تكونوا أول كافر به } والطاب فيه لميع وقوله ‪ { :‬كافر } واحد ؟ وهل نيز إن كان ذلك جائزا أن يقول قائل ‪ :‬ول تكونوا أول‬
‫رجل قام ؟‬
‫قيل له ‪ :‬إنا يوز توحيد ما أضيف له أفعل وهو خب لميع إذا كان اسا مشتقا من فعل ويفعل لنه يؤدي عن الراد معه الحذوف من الكلم وهو من ويقوم مقامه ف الداء عن معن ما كان‬
‫يؤدي عنه من من المع والتأنيث وهو ف لفظ واحد أل ترى أنك تقول ‪ :‬ول تكونوا أول من يكفر به فـ من بعن جيع وهو غي متصرف تصرف الساء للتثنية والمع والتأنيث فإذا أقيم‬
‫السم الشتق من فعل ويفعل مقامه جرى وهو موحد مراه ف الداء عما كان يؤدي عنه من من معن المع والتأنيث كقولك ‪ :‬اليش منهزم والند مقبل فتوحد الفعل لتوحيد لفظ اليش‬
‫والند وغي جائز أن يقال ‪ :‬اليش رجل والند غلم حت تقول ‪ :‬الند غلمان واليش رجال لن الواحد من عدد الساء الت هي غي مشتقة من فعل ويفعل ل يؤدي عن معن الماعة‬
‫‪ :‬منهم ومن ذلك قول الشاعر‬
‫( وإذا هم طعموا فألم طاعم ‪ ...‬وإذا هم جاعوا فشر جياع )‬
‫فوحد مرة على ما وصفت من نية من وإقامة الظاهر من السم الذي هو مشتق من فعل ويفعل مقامه وجع أخرى على الخراج على عدد أساء الخب عنهم ولو وحد حيث جع أو جع حيث‬
‫وحد كان صوابا جائزا‬
‫وأما تأويل ذلك فإنه يعن به ‪ :‬يا معشر أحبار أهل الكتاب صدقوا با أنزلت على رسول ممد صلى ال عليه وسلم من القرآن الصدق كتابكم والذي عندكم من التوراة والنيل العهود‬
‫إليكم فيهما أنه رسول ونبيي البعوث بالق ول تكونوا أول أمتكم كذب به وجحد أنه من عندي وعندكم من العلم به ما ليس عند غيكم‬
‫‪ :‬وكفرهم به ‪ :‬جحودهم أنه من عند ال والاء الت ف به من ذكر ما الت مع قوله { وآمنوا با أنزلت } كما‬
‫حدثن القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثنا حجاج قال ‪ :‬قال ابن جريج ف قوله ‪ { :‬ول تكونوا أول كافر به } بالقرآن‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬وروي عن أب العالية ف ذلك ما‬
‫حدثن به الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬ول تكونوا أول كافر به } يقول ‪ :‬ل تكونوا أول من كفر بحمد صلى ال عليه وسلم‬
‫وقال بعضهم ‪ { :‬ول تكونوا أول كافر به } يعن ‪ :‬بكتابكم ويتأول أن ف تكذيبهم بحمد صلى ال عليه وسلم تكذيبا منهم بكتابم لن ف كتابم المر باتباع ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وهذان القولن من ظاهر ما تدل عليه التلوة بعيدان وذلك أن ال جل ثناؤه أمر الخاطبي بذه الية ف أولا باليان با أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم فقال جل ذكره ‪ { :‬وآمنوا با‬
‫أنزلت مصدقا لا معكم } ومعقول أن الذي أنزله ال ف عصر ممد صلى ال عليه وسلم هو القرآن ل ممد لن ممدا صلوات ال عليه رسول مرسل ل تنيل منل والنل هو الكتاب ث‬
‫ناهم أن يكونوا أول من يكفر بالذي أمرهم باليان به ف أول الية ول ير لحمد صلى ال عليه وسلم ف هذه الية ذكر ظاهر فيعاد عليه بذكره مكنيا ف قوله ‪ { :‬ول تكونوا أول كافر‬
‫به } وإن كان غي مال ف الكلم أن يذكر مكن اسم ل ير له ذكر ظاهر ف الكلم‬
‫وكذلك ل معن لقول من زعم أن العائد من الذكر ف به على ما الت ف قوله { لا معكم } لن ذلك وإن كان متمل ظاهر الكلم فإنه بعيد ما يدل عليه ظاهر التلوة والتنيل لا وصفنا قبل‬
‫من أن الأمور باليان به ف أول الية هو القرآن فكذلك الواجب أن يكون النهي عن الكفر به ف آخرها هو القرآن وأما أن يكون الأمور باليان به غي النهي عن الكفر به ف كلم واحد‬
‫وآية واحدة فذلك غي الشهر الظهر ف الكلم هذا مع بعد معناه ف التأويل‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬وآمنوا با أنزلت مصدقا لا معكم ول تكونوا‬
‫أول كافر به } وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيكم‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬ول تشتروا بآيات ثنا قليل‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف تأويل ذلك‬
‫فحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬ول تشتروا بآيات ثنا قليل } يقول ‪ :‬ل تأخذوا عليه أجرا قال ‪ :‬وهو مكتوب عندهم ف‬
‫الكتاب الول ‪ :‬يا ابن آدم علم مانا كما علمت مانا‬
‫‪ :‬وقال آخرون با‬
‫حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬ول تشتروا بآيات ثنا قليل } يقول ‪ :‬ل تأخذوا طمعا قليل وتكتموا اسم ال وذلك الثمن هو‬
‫الطمع‬
‫فتأويل الية إذا ‪ :‬ل تبيعوا ما آتيتكم من العلم بكتاب وآياته بثمن خسيس وعرض من الدنيا قليل وبيعهم إياه تركهم إبانة ما ف كتابم من أمر ممد صلى ال عليه وسلم للناس وأنه مكتوب‬
‫فيه أنه النب الذي يدونه مكتوبا عندهم ف التوراة والنيل بثمن قليل وهو رضاهم بالرياسة على أتباعهم من أهل ملتهم ودينهم وأخذهم الجر من بينوا له ذلك على ما بينوا له منه‬
‫وإنا قلنا بعن ذلك ( ل تبيعوا ) لن مشتري الثمن القليل بآيات ال بائع اليات بالثمن فكل واحد من الثمن والثمن مبيع لصاحبه وصاحبه به مشتري وإنا معن ذلك على ما تأوله أبو‬
‫العالية ‪ :‬بينوا للناس أمر ممد صلى ال عليه وسلم ول تبتغوا عليه منهم أجرا فيكون حينئذ نيه عن أخذ الجر على تبيينه هو النهي عن شراء الثمن القليل بآياته‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬وإياي فاتقون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يقول ‪ :‬فاتقون ف بيعكم آيات بالسيس من الثمن وشرائكم با القليل من العرض وكفركم با أنزلت على رسول وجحودكم نبوة نبيي أن احل بكم ما أحللت بأسلفكم‬
‫الذين سلكوا سبيلكم من الثلت والنقمات‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪292‬‬

‫(ول تلبسوا الق بالباطل وتكتموا الق وأنتم تعلمون (‪42‬‬

‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله ‪ { :‬ول تلبسوا } ل تلطوا واللبس هو اللط يقال منه ‪ :‬لبست عليه هذا المر ألبسه لبسا ‪ :‬إذا خلطته عليه كما‬
‫‪ :‬حدثت عن النجاب عن بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬وللبسنا عليهم ما يلبسون } ( النعام ‪ ) 9 :‬يقول ‪ :‬للطنا عليهم ما يلطون ومنه قول العجاج‬
‫( لا لبسن الق بالتجن ‪ ...‬غني واستبدلن زيدا من )‬
‫‪ :‬يعن بقوله ‪ :‬لبسن خلطن وأما اللبس فإنه يقال منه ‪ :‬لبسته ألبسه لبسا وملبسا وذلك الكسوة يكتسيها فيلبسها ومن اللبس قول الخطل‬
‫( لقد لبست لذا الدهر أعصره ‪ ...‬حت تلل راسي الشيب واشتعل )‬
‫( ومن اللبس قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬وللبسنا عليهم ما يلبسون } ( النعام ‪9 :‬‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف كانوا يلبسون الق بالباطل وهم كفار ؟ وأي حق كانوا عليه مع كفرهم بال ؟‬
‫قيل ‪ :‬إنه كان فيهم منافقون منهم يظهرون التصديق بحمد صلى ال عليه وسلم ويستبطنون الكفر به وكان عظمهم يقولون ‪ :‬ممد نب مبعوث إل أنه مبعوث إل غينا فكان لبس النافق‬
‫منهم الق بالباطل إظهاره الق بلسانه وإقراره بحمد صلى ال عليه وسلم وبا جاء به جهارا وخلطه ذلك الظاهر من الق با يستبطنه وكان لبس القر منهم بأنه مبعوث إل غيهم الاحد‬
‫‪ :‬أنه مبعوث إليهم إقراره بأنه مبعوث إل غيهم وهو الق وجحوده أنه مبعوث إليهم وهو الباطل وقد بعثه ال إل اللق كافة فذلك خلطهم الق بالباطل ولبسهم إياه به كما‬
‫حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قوله ‪ { :‬ول تلبسوا الق بالباطل } قال ‪ :‬ل تلطوا الصدق بالكذب‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬ول تلبسوا الق بالباطل } يقول ‪ :‬ل تلطوا الق بالباطل وأدوا النصيحة لعباد ال ف أمر ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج قال ‪ :‬قال ابن جريج قال ماهد ‪ { :‬ول تلبسوا الق بالباطل } اليهودية والنصرانية بالسلم‬
‫وحدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬ول تلبسوا الق بالباطل } قال ‪ :‬الق التوراة الذي أنزل ال على موسى والباطل الذي كتبوه بأيديهم‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬وتكتموا الق وأنتم تعلمون‬
‫‪ :‬قال أبرجعفر ‪ :‬وف قوله { وتكتموا الق } وجهان من التأويل‬
‫أحدها ‪ :‬أن يكون ال جل ثناؤه ناهم عن أن يكتموا الق كما ناهم أن يلبسوا الق بالباطل فيكون تأويل ذلك حينئذ ‪ :‬ول تلبسوا الق بالباطل ول تكتموا الق ويكون قوله ‪:‬‬
‫{ وتكتموا } عند ذلك مزوما با جزم به تلبسوا عطفا عليه‬
‫والوجه الخر منهما ‪ :‬أن يكون النهي من ال جل ثناؤه لم عن أن يلبسوا الق بالباطل ويكون قوله ‪ { :‬وتكتموا الق } خبا منه عنهم بكتمانم الق الذي يعلمونه فيكون قوله ‪:‬‬
‫{ وتكتموا } حينئذ منصوبا لنصرافه عن معن قوله ‪ { :‬ول تلبسوا الق بالباطل } إذ كان قوله ‪ { :‬ول تلبسوا } نيا وقوله { وتكتموا الق } خبا معطوفا عليه غي جائز أن يعاد عليه ما‬
‫‪ :‬عمل ف قوله { تلبسوا } من الرف الازم وذلك هو العن الذي يسميه النحويون صرفا ونظي ذلك ف العن والعراب قول الشاعر‬
‫( ل تنه عن خلق وتأت مثله ‪ ...‬عارعليك إذافعلت عظيم )‬
‫فنصب تأت على التأويل الذي قلنا ف قوله ‪ { :‬وتكتموا } لنه ل يرد ‪ :‬ل تنه عن خلق ول تأت مثله وإنا معناه ‪ :‬ل تنه عن خلق وأنت تأت مثله فكان الول نيا والثان خبا فنصب الب إذ‬
‫‪ :‬عطفه على غي شكله فأما الوجه الول من هذين الوجهي اللذين ذكرنا أن الية تتملهما فهوعلى مذهب ابن عباس الذي‬
‫حدثنا به أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس قوله ‪ { :‬وتكتموا الق } يقول ‪ :‬ول تكتموا الق وأنتم تعلمون‬
‫وحدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬وتكتموا الق } أي ول تكتموا الق‬
‫وأما الوجه الثان منهما فهو على مذهب أب العالية و ماهد‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬وتكتموا الق وأنتم تعلمون } قال ‪ :‬كتموا بعث ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وحدثنا ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عيسى بن ميمون عن ابن أب نيح عن ماهد نوه‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد نوه‬
‫‪ :‬وأما تأويل الق الذي كتموه وهم يعلمونه فهو ما‬
‫حدثنا به ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬وتكتموا الق } يقول ‪ :‬ل تكتموا ما‬
‫عندكم من العرفة برسول وما جاء به وأنتم تدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب الت بأيديكم‬
‫وحدثنا أبو كريب قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد قال ‪ :‬حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬وتكتموا الق } يقول ‪ :‬إنكم قد علمتم أن ممدا رسول ال فنهاهم‬
‫عن ذلك‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد ف قول ال ‪ { :‬وتكتموا الق وأنتم تعلمون } قال ‪ :‬يكتم أهل الكتاب ممدا صلى ال عليه‬
‫وسلم وهم يدونه مكتوبا عندهم ف التوراة والنيل‬
‫وحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو حذيفة قال ‪ :‬حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬وتكتموا الق وأنتم تعلمون } قال ‪ :‬الق هو ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وحدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬وتكتموا الق وأنتم تعلمون } قال ‪ :‬كتموا بعث ممد صلى ال عليه وسلم وهم يدونه مكتوبا عندهم‬
‫وحدثنا القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج عن ماهد ‪ :‬تكتموا ممدا وأنتم تعلمون وأنتم تدونه عندكم ف التوراة والنيل‬
‫فتأويل الية إذا ‪ :‬ول تلطوا على الناس أيها الحبار من أهل الكتاب ف أمر ممد صلى ال عليه وسلم وما جاء به من عند ربه وتزعموا أنه مبعوث إل بعض أجناس المم دون بعض أو‬
‫تنافقوا ف أمره وقد علمتم أنه مبعوث إل جيعكم وجيع المم غيكم فتخلطوا بذلك الصدق بالكذب وتكتموا به ما تدونه ف كتابكم من نعته وصفته وأنه رسول إل الناس كافة وأنتم‬
‫تعلمون أنه رسول وأن ما جاء به إليكم فمن عندي وتعرفون أن من عهدي الذي أخذت عليكم ف كتابكم اليان به وبا جاء به والتصديق به‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪295‬‬

‫(وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعي (‪43‬‬


‫قال أبو جعفر ‪ :‬ذكر أن أحبار اليهود والنافقي كانوا يأمرون الناس بإقام الصلة وإيتاء الزكاة ول يفعلونه فأمرهم ال بإقام الصلة مع السلمي الصدقي بحمد وبا جاء به وإيتاء زكاة‬
‫أموالم معهم وأن يضعوا ل ولرسوله كما خضعوا‬
‫كما حدثت عن عمار بن السن قال ‪ :‬حدثنا ابن أب جعفر عن أبيه عن قتادة ف قوله ‪ { :‬وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة } قال ‪ :‬فريضتان واجبتان فأدوها إل ال‬
‫وقد بينا معن إقامة الصلة فيما مضى من كتابنا هذا فكرهنا إعادته أما إيتاء الزكاة فهو أداء الصدقة الفروضة وأصل الزكاة ناء الال وتثميه وزيادته ومن ذلك قيل ‪ :‬زكا الزرع إذا كثر ما‬
‫‪ :‬أخرج ال منه وزكت النفقة إذا كثرت وقيل زكا الفرد إذا صار زوجا بزيادة الزائد عليه حت صار به شفعا كما قال الشاعر‬
‫( كانوا خسا أو زكا من دون أربعة ‪ ...‬ل يلقوا وجدود الناس تعتلج )‬
‫‪ :‬وقال آخر‬
‫( فل خسا عديده ول زكا ‪ ...‬كما شرار البقل أطراف السفا )‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬السفا شوك البهمى والبهمى الذي يكون مدورا ف السلء يعن بقوله ‪ :‬ول زكا ل يصيهم شفعا من وتر بدوثه فيهم‬
‫وإنا قيل للزكاة زكاة وهي مال يرج من مال لتثمي ال بإخراجها ما أخرجت منه ما بقي عند رب الال من ماله وقد يتمل أن تكون سيت زكاة لنا تطهي لا بقي من مال الرجل وتليص‬
‫له من أن تكون فيه مظلمة لهل السهمان كما قال جل ثناؤه مبا عن نبيه موسى صلوات ال عليه ‪ { :‬أقتلت نفسا زكية } ( الكهف ‪ ) 74 :‬يعن بريئة من الذنوب طاهرة وكما يقال‬
‫للرجل ‪ :‬هو عدل زكي لذلك العن وهذا الوجه أعجب إل ف تأويل زكاة الال من الوجه الول وإن كان الول مقبول ف تأويلها‬
‫وإيتاؤها ‪ :‬إعطاؤها أهلها‬
‫‪ :‬وأما تأويل الركوع فهو الضوع ل بالطاعة يقال منه ‪ :‬ركع فلن لكذا وكذا إذا خضع له ومنه قول الشاعر‬
‫( بيعت بكسر لئيم واستغاث با ‪ ...‬من الزال أبوها بعد ما ركعا )‬
‫يعن ‪ :‬بعد ما خضع من شدة الهد والاجة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا أمر من ال جل ثناؤه لن ذكر من أحبار بن إسرائيل ومنافقيها بالنابة والتوبة إليه وبإقام الصلة وإيتاء الزكاة والدخول مع السلمي ف السلم والضوع له بالطاعة‬
‫وني منه لم عن كتمان ما قد علموه من نبوة ممد صلى ال عليه وسلم بعد تظاهرحججه عليهم با قد وصفنا قبل فيما مضى من كتابنا هذا وبعد العذار إليهم والنذار وبعد تذكيهم نعمه‬
‫اليهم وإل أسلفهم تعطفا منه بذلك عليهم وإبلغا ف العذرة‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪296‬‬

‫(أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون (‪44‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬اختلف أهل التأويل ف معن الب الذي كان الخاطبون بذه الية يأمرون الناس به وينسون أنفسهم بعد إجاع جيعهم على أن كل طاعة ل فهي تسمى برا فروي عن ابن‬
‫‪ :‬عباس ما‬
‫حدثنا به ابن حيد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن أب ممد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ‪ { :‬أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل‬
‫تعقلون } أي تنهون الناس عن الكفر با عندكم من النبوة والعهدة من التوراة وتتركون أنفسكم أي وأنتم تكفرون با فيها من عهدي إليكم ف تصديق رسول وتنقضون ميثاقي وتحدون ما‬
‫تعلمون من كتاب‬
‫حدثنا أبو كريب قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ف قوله ‪ { :‬أتأمرون الناس بالب } يقول ‪ :‬أتأمرون الناس بالدخول ف دين‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم وغي ذلك ما أمرت به من إقام الصلة وتنسون أنفسكم‬
‫‪ :‬وقال اخرون با‬
‫حدثن به موسى بن هرون قال حدثن عمرو بن حاد قال حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم } قال ‪ :‬كانوا يأمرون الناس بطاعة ال وبتقواه وهم يعصونه‬
‫وحدثنا السن بن يي قال أخبنا عبد الرزاق قال أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم } قال ‪ :‬كان بنو اسرائيل يأمرون الناس بطاعة ال وبتقواه وبالب‬
‫ويالفون فعيهم ال‬
‫وحدثنا القاسم قال حدثنا السي قال حدثنا الجاج قال ‪ :‬قال ابن جريج ‪ { :‬أتأمرون الناس بالب } أهل الكتاب والنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلة ويدعون العمل با يأمرون‬
‫به الناس فعيهم ال بذلك فمن أمر بي فليكن أشد الناس فيه مسارعة‬
‫‪ :‬وقال آخرون با‬
‫حدثن به يونس بن عبد العلى قال أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ‪ :‬هؤلء اليهود كان إذا جاء الرجل يسألم ما ليس فيه حق ول رشوة ول شيء أمروه بالق فقال ال لم ‪ { :‬أتأمرون‬
‫{ الناس بالب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون‬
‫وحدثن علي بن السن قال حدثنا مسلم الرمي قال حدثنا ملد بن السي عن أيوب السختيان عن أب قلبة ف قول ال ‪ { :‬أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب }‬
‫قال قال أبو الدرداء ‪ :‬ل يفقه الرجل كل الفقه حت يقت الناس ف ذات ال ث يرجع إل نفسه فيكون لا أشد مقتا‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وجيع الذي قال ف تأويل هذه الية من ذكرنا قوله متقارب العن لنم وإن اختلفوا ف صفة الب الذي كان القوم يأمرون به غيهم الذين وصفهم ال با وصفهم به فهم‬
‫متفقون ف أنم كانوا يأمرون الناس با ل فيه رضا من القول أو العمل ويالفون ما أمروهم به من ذلك إل غيه بأفعالم‬
‫فالتأويل الذي يدل على صحته ظاهر التلوة إذا ‪ :‬أتأمرون الناس بطاعة ال وتتركون أنفسكم تعصيه ؟ فهل تأمرونا با تأمرون به الناس من طاعة ربكم ؟ معيهم بذلك ومقبحا لم قبيح ما‬
‫أتوا به‬
‫ومعن نسيانم أنفسهم ف هذا الوضع نظي النسيان الذي قال جل ثناؤه { نسوا ال فنسيهم } ( التوبة ‪ ) 67 :‬بعن ‪ :‬تركوا طاعة ال فتركهم ال من ثوابه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬وأنتم تتلون الكتاب‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله ‪ { :‬تتلون } تدرسون وتقرأون كما‬
‫حدثنا أبو كريب قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا بشر عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس { وأنتم تتلون الكتاب } يقول ‪ :‬تدرسون الكتاب بذلك ويعن بـ الكتاب التوراة‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬أفل تعقلون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله ‪ { :‬أفل تعقلون } أفل تفقهون وتفهمون قبح ما تأتون من معصيتكم ربكم الت تأمرون الناس بلفها وتنهونم عن ركوبا وأنتم راكبوها وأنتم تعلمون أن الذي‬
‫‪ :‬عليكم من حق ال وطاعته واتباع ممد واليان به وبا جاء به مثل الذي على من تأمرونه باتباعه ؟ كما‬
‫حدثنا به ممد بن العلء قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬أفل تعقلون } يقول ‪ :‬أفل تفهمون ؟ ينهاهم عن هذا اللق القبيح‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬هذا يدل على صحة ما قلنا من أمر أحبار يهود بن إسرائيل غيهم باتباع ممد صلى ال عليه وسلم وأنم كانوا يقولون ‪ :‬هو مبعوث إل غينا كما ذكر قبل‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪298‬‬

‫(واستعينوا بالصب والصلة وإنا لكبية إل على الاشعي (‪45‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله جل ثناؤه ‪ { :‬واستعينوا بالصب } استعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتون ف كتابكم من طاعت واتباع أمري وترك ما توونه من الرياسة وحب الدنيا ال ما‬
‫تكرهونه من التسليم لمري واتباع رسول ممد صلى ال عليه وسلم بالصب عليه والصلة‬
‫وقد قيل ‪ :‬إن معن الصب ف هذا الوضع الصوم والصوم بعض معان الصب وتأويل من تأول ذلك عندنا ‪ :‬أن ال تعال ذكره أمرهم بالصب على كل ما كرهته نفوسهم من طاعة ال وترك‬
‫معاصيه وأصل الصب ‪ :‬منع النفس مابا وكفها عن هواها ولذلك قيل للصابر على الصيبة ‪ :‬صابر لكفه نفسه عن الزع وقيل لشهر رمضان شهر الصب لصب صائميه عن الطاعم والشارب‬
‫نارا وصبه إياهم عن ذلك حبسه لم وكفه إياهم عنه كما تصب الرجل السيء للقتل فتحبسه عليه حت تقتله ولذلك قيل ‪ :‬قتل فلن فلنا صبا يعن به ‪ :‬حبسه عليه حت قتله فالقتول‬
‫مصبور والقاتل صابر‬
‫وأما الصلة فقد ذكرنا معناها فيما مضى‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬قد علمنا معن المر بالستعانة بالصب على الوفاء بالعهد والحافظة على الطاعة فما معن المر بالستعانة بالصلة على طاعة ال وترك معاصيه والتعري عن الرياسة وترك‬
‫الدنيا ؟‬
‫قيل ‪ :‬إن الصلة فيها تلوة كتاب ال الداعية آياته إل رفض الدنيا وهجر نعيمها السلية النفوس عن زينتها وغرورها الذكرة الخرة وما أعد ال فيها لهلها ففي العتبار با العونة لهل‬
‫طاعة ال على الد فيها كما روي عن نبينا صلى ال عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر فزع إل الصلة‬
‫حدثن بذلك إسعيل بن موسى الفزاري قال حدثنا السي بن رتاق المدان عن ابن جريج عن عكرمة بن عمار عن ممد بن عبيد أب قدامة عن عبد العزيز بن اليمان عن حذيفة قال ‪ [ :‬كان‬
‫[ رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إل الصلة‬
‫وحدثن سليمان بن عبد البار قال حدثنا خلف بن الوليد الزدي قال حدثنا ييي بن زكريا عن عكرمة بن عمار عن ممد بن عبد ال الدؤل قال قال عبد العزيز أخو حذيفة قال حذيفة ‪:‬‬
‫[ [ كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى‬
‫[ وكذلك روي عنه صلى ال عليه وسلم [ أنه رأى أبا هريرة منبطحا على بطنه فقال له ‪ :‬اشكنب درد قال ‪ :‬نعم قال ‪ :‬قم فصل فإن ف الصلة شفاء‬
‫فأمر ال جل ثناؤه الذين وصف أمرهم من أحبار بن إسرائيل أن يعلوا مفزعهم ف الوفاء بعهد ال الذي عاهدوه إل الستعانة بالصب والصلة كما أمر نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم بذلك‬
‫فقال له ‪ { :‬فاصب } يا ممد { على ما يقولون وسبح بمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبا ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى } ( طه ‪ ) 130 :‬فأمره جل ثناؤه ف‬
‫‪ :‬نوائبه بالفزع إل الصب والصلة وقد‬
‫حدثنا ممد بن العلء و يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا ابن علية قال ‪ :‬حدثنا عيينة بن عبد الرحن عن أبيه ‪ :‬أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو ف سفر فاسترجع ث تنحى عن الطريق‬
‫{ فأناخ فصلى ركعتي أطال فيهما اللوس ث قام يشي إل راحلته وهو يقول ‪ { :‬واستعينوا بالصب والصلة وإنا لكبية إل على الاشعي‬
‫‪ :‬وأما أبو العالية فإنه كان يقول با‬
‫حدثن به الثن قال حدثنا آدم قال حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬واستعينوا بالصب والصلة } قال يقول ‪ :‬استعينوا بالصب والصلة على مرضاة ال واعلموا أنما من طاعة‬
‫ال‬
‫‪ :‬وقال ابن جريج با‬
‫حدثنا به القاسم قال حدثنا السي قال حدثن حجاج قال قال ابن جريج ف قوله ‪ { :‬واستعينوا بالصب والصلة } قال ‪ :‬إنما معونتان على رحة ال‬
‫وحدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬واستعينوا بالصب والصلة } الية قال ‪ :‬قال الشركون ‪ :‬وال يا ممد إنك لتدعونا إل أمر كبي قال ‪ :‬إل‬
‫الصلة واليان بال جل ثناؤه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬وإنا لكبية إل على الاشعي‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬يعن بقوله جل ثناؤه ‪ { :‬وإنا } وإن الصلة فـ الاء واللف ف { وإنا } عائدتان على الصلة وقد قال بعضهم ‪ :‬إن قوله ‪ { :‬وإنا } بعن ‪ :‬إن إجابة ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم ول ير لذلك بلفظ الجابة ذكر فتجعل الاء واللف كناية عنه وغي جائز ترك الظاهر الفهوم من الكلم إل باطن ل دللة على صحته‬
‫‪ :‬ويعن بقوله ‪ { :‬لكبية } لشديدة ثقيلة كما‬
‫حدثن يي بن أب طالب قال أخبنا ابن يزيد قال أخبنا جويب عن الضحاك ف قوله ‪ { :‬وإنا لكبية إل على الاشعي } قال ‪ :‬إنا لثقيلة‬
‫‪ :‬ويعن بقوله ‪ { :‬إل على الاشعي } إل على الاضعي لطاعته الائفي سطواته الصدقي بوعده ووعيده كما‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال حدثنا عبد ال بن صال قال حدثن معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس ‪ { :‬إل على الاشعي } يعن ‪ :‬الصدقي با أنزل ال‬
‫حدثن الثن قال حدثنا آدم العسقلن قال حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬إل على الاشعي } قال ‪ :‬يعن الائفي‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان عن جابر عن ماهد ‪ { :‬إل على الاشعي } قال ‪ :‬الؤمني حقا‬
‫وحدثن الثن قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثله‬
‫وحدثن يونس بن عبد العلى قال أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ‪ :‬الشوع ‪ :‬الوف والشية ل وقرأ قول ال ‪ { :‬خاشعي من الذل } ( الشورى ‪ ) 45 :‬قال ‪ :‬قد أذلم الوف الذي‬
‫نزل بم وخشعوا له‬
‫‪ :‬وأصل الشوع ‪ :‬التواضع والتذلل والستكانة ومنه قول الشاعر‬
‫( لا أتى خب الزبي تواضعت ‪ ...‬سور الدينة والبال الشع )‬
‫يعن ‪ :‬والبال خشع متذللة لعظم الصيبة بفقده‬
‫فمعن الية ‪ :‬واستعينوا أيها الحبار من أهل الكتاب ببس أنفسكم على طاعة ال وكفها عن معاصي ال وبإقامة الصلة الانعة من الفحشاء والنكر القربة من مراضي ال العظيمة إقامتها إل‬
‫على التواضعي ل الستكني لطاعته التذللي من مافته‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪300‬‬

‫(الذين يظنون أنم ملقوا ربم وأنم إليه راجعون (‪46‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬إن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف أخب ال جل ثناؤه عمن قد وصفه بالشوع له بالطاعة أنه يظن أنه ملقيه والظن شك والشاك ف لقاء ال عندك بال كافر ؟‬
‫قيل له ‪ :‬إن العرب قد تسمي اليقي ظنا نظي تسميتهم الظلمة سدفة والضياء سدفة والغيث صارخا والستغيث صارخا وما أشبه ذلك من الساء الت تسمي با الشيء وضده وما يدل على‬
‫‪ :‬أنه يسمى به اليقي قول دريد بن الصمة‬
‫( فقلت لم ظنوا بألفي مدجج ‪ ...‬سراتم ف الفارسي السرد )‬
‫‪ :‬يعن بذلك ‪ :‬تيقنوا ألفي مدجج تأتيكم وقول عمية بن طارق‬
‫( بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم ‪ ...‬وأجعل من الظن غيبا مرجا )‬
‫يعن ‪ :‬وأجعل من اليقي غيبا مرجا والشواهد من أشعار العرب وكلمها على أن الظن ف معن اليقي أكثر من أن تصى وفيما ذكرنا لن وفق لفهمه كفاية ومنه قول ال جل ثناؤه ‪ { :‬ورأى‬
‫الجرمون النار فظنوا أنم مواقعوها } ( الكهف ‪ ) 53 :‬وبثل الذي قلنا ف ذلك جاء تفسي الفسرين‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬يظنون أنم ملقوا ربم } قال ‪ :‬إن الظن ههنا يقي‬
‫حدثنا ممد بن بشار قال ‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال ‪ :‬حدثنا سفيان عن جابر عن ماهد قال ‪ :‬كل ظن ف القرآن يقي إن ظننت وظنوا‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق قال ‪ :‬حدثنا أبو داود الفري عن سفيان عن ابن أب نيح عن ماهد قال ‪ :‬كل ظن ف القرآن فهو علم‬
‫حدثن موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬الذين يظنون أنم ملقوا ربم } أما ( يظنون ) فيستيقنون‬
‫حدثن القاسم قال ‪ :‬حدثنا السي قال ‪ :‬حدثن حجاج قال ‪ :‬قال ابن جريج ‪ { :‬الذين يظنون أنم ملقوا ربم } علموا أنم ملقو ربم هي كقوله ‪ { :‬إن ظننت أن ملق حسابيه }‬
‫( الاقة ‪ ) 20 :‬يقول ‪ :‬علمت‬
‫وحدثن يونس قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ف قوله ‪ { :‬الذين يظنون أنم ملقوا ربم } قال ‪ :‬لنم ل يعاينوا فكان ظنهم يقينا وليس ظنا ف شك وقرأ ‪ { :‬إن ظننت أن ملق‬
‫{ حسابيه‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ذكره ‪ { :‬أنم ملقوا ربم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬إن قال لنا قائل ‪ :‬وكيف قيل إنم ملقو ربم فأضيف اللقون إل الرب تبارك وتعال وقد علمت أن معناه ‪ :‬الذين يظنون أنم يلقون ربم ؟ وإذ كان العن كذلك فمن كلم‬
‫العرب ترك الضافة وإثبات النون وإنا تسقط النون وتضيف ف الساء البنية من الفعال إذا كانت بعن فعل فأما إذا كانت بعن يفعل وفاعل فشأنا إثبات النون وترك الضافة‬
‫قيل ‪ :‬ل تدافع بي جيع أهل العرفة بلغات العرب وألسنها ف إجازة إضافة السم البن من فعل ويفعل وإسقاط النون وهو بعن يفعل وفاعل أعن بعن الستقبال وحال الفعل ولا ينقض فل‬
‫وجه لسئلة السائل عن ذلك ‪ :‬ل قيل ؟ وإنا اختلف أهل العربية ف السبب الذى من أجله أضيف وأسقطت النون‬
‫فقال نويو البصرة أسقطت النون من { ملقوا ربم } وما أشبهه من الفعال الت ف لفظ الساء وهي ف معن يفعل وف معن ما ل ينقض استثقال لا وهي مرادة كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬كل‬
‫‪ :‬نفس ذائقة الوت } ( آل عمران ‪ / 185 :‬النبياء ‪ / 35 :‬العنكبوت ‪ ) 57 :‬وكما قال ‪ { :‬إنا مرسلو الناقة فتنة لم } ( القمر ‪ ) 27 :‬ولا يرسلها وكما قال الشاعر‬
‫( هل أنت باعث دينار لاجتنا ‪ ...‬أو عبد رب أخا عون بن مراق ؟ )‬
‫‪ :‬فأضاف باعثا إل الدينار ولا يبعث ونصب عبد رب عطفا على موضع دينار لنه ف موضع نصب وإن خفض وكما قال الخر‬
‫( الافظو عورة العشي ل ‪ ...‬يأتيهم من ورائهم نطف )‬
‫بنصب العورة وخفضها فالفض على الضافة والنصب على حذف النون استثقال وهي مرادة وهذا قول نويي البصرة‬
‫وأما نويو الكوفة فإنم قالوا ‪ :‬جائز ف ملقو الضافة وهو ف معن يلقون وإسقاط النون منه لنه ف لفظ الساء فله ف الضافة إل الساء حظ الساء وكذلك حكم كل اسم كان له نظيا‬
‫قالوا ‪ :‬وإذا أثبت ف شيء من ذلك النون وتركت الضافة فإنا تفعل ذلك به لن له معن يفعل الذي ل يكن ول يب بعد قالوا ‪ :‬فالضافة فيه للفظ وترك الضافة للمعن فتأويل الية إذا ‪:‬‬
‫واستعينوا على الوفاء بعهدي بالصب عليه والصلة وإن الصلة لكبية إل على الائفي عقاب التواضعي لمري الوقني بلقائي والرجوع إل بعد ماتم‬
‫وإنا أخب ال جل ثناؤه أن الصلة كبية إل على من هذه صفته لن من كان غي موقن بعاد ول مصدق برجع ول ثواب ول عقاب فالصلة عنده عناء وضلل لنه ل يرجو بإقامتها إدراك‬
‫نفع ول دفع ضر وحق لن كانت هذه الصفة صفته أن تكون الصلة عليه كبية وإقامتها عليه ثقيلة وله فادحة وإنا خفت على الؤمني الصدقي بلقاء ال الراجي عليها جزيل ثوابه الائفي‬
‫بتضييعها أليم عقابه لا يرجون بإقامتها ف معادهم من الوصول إل ما وعد ال عليها أهلها ولا يذرون بتضييعها ما أوعد مضيعها فأمر ال جل ثناؤه أحبار بن إسرائيل الذين خاطبهم بذه‬
‫اليات أن يكونوا من مقيميها الراجي ثوابا إذا كانوا أهل يقي بأنم إل ال راجعون وإياه ف القيامة ملقون‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬وأنم إليه راجعون‬
‫{ قال أبو جعفر ‪ :‬والاء واليم اللتان ف قوله ‪ { :‬وأنم } من ذكر الاشعي والاء ف { إليه } من ذكر الرب تعال ف قوله ‪ { :‬ملقوا ربم‬
‫فتأويل الكلمة وإنا لكبية إل على الاشعي الوقني أنم ال ربم راجعون‬
‫‪ :‬ث اختلف ف تأويل الرجوع الذي ف قوله ‪ { :‬وأنم إليه راجعون } فقال بعضهم با‬
‫حدثن به الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬وأنم إليه راجعون } قال ‪ :‬يستيقنون أنم يرجعون إليه يوم القيامة وقال آخرون ‪:‬‬
‫معن ذلك ‪ :‬أنم إليه يرجعون بوتم‬
‫وأول التأويلي بالية القول الذي قاله أبو العالية لن ال تعال ذكره قال ف الية الت قبلها ‪ { :‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم ث إليه ترجعون } فأخب جل ثناؤه‬
‫{ أن مرجعهم إليه بعد نشرهم وإحيائهم من ماتم وذلك ل شك يوم القيامة فكذلك تأويل قوله ‪ { :‬وأنم إليه راجعون‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪302‬‬

‫(يا بن إسرائيل اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم وأن فضلتكم على العالي (‪47‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل ذلك ف هذه الية نظي تأويله ف الت قبلها ف قوله ‪ { :‬اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي } وقد ذكرته هنالك‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬وأن فضلتكم على العالي‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وهذا أيضا ما ذكرهم جل ثناؤه من آلئه ونعمه عندهم ويعن بقوله ‪ { :‬وأن فضلتكم على العالي } أن فضلت أسلفكم فنسب نعمه على آبائهم وأسلفهم إل أنا نعم منه‬
‫عليهم إذ كانت مآثر الباء مآثر للبناء والنعم عند الباء نعما عند البناء لكون البناء من الباء وأخرج جل ذكره قوله ‪ { :‬وأن فضلتكم على العالي } مرج العموم وهو يريد به خصوصا‬
‫لن العن ‪ :‬وأن فضلتكم على عال من كنتم بي ظهريه وف زمانه كالذي ‪ :‬حدثنا به ممد بن عبد العلى الصنعان قال حدثنا ممد بن ثور عن معمر وحدثنا السن بن يي قال حدثنا عبد‬
‫الرزاق قال أخبنا معمر عن قتادة { وأن فضلتكم على العالي } قال ‪ :‬فضلهم على عال ذلك الزمان‬
‫حدثن الثن قال حدثنا آدم قال حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬وأن فضلتكم على العالي } قال ‪ :‬با أعطوا من اللك والرسل والكتب على عال من كان ف ذلك الزمان فإن‬
‫لكل زمان عالا‬
‫حدثنا القاسم قال حدثنا السي قال حدثن حجاج عن ابن جريج قال قال ماهد ف قوله ‪ { :‬وأن فضلتكم على العالي } قال ‪ :‬على من هم بي ظهرانيه‬
‫وحدثن ممد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عيسى عن ابن أب نيح عن ماهد قال ‪ :‬على من هم بي ظهرانيه‬
‫وحدثن يونس بن عبد العلى قال أخبنا ابن وهب قال سألت ابن زيد عن قول ال ‪ { :‬وأن فضلتكم على العالي } قال ‪ :‬عال أهل ذلك الزمان وقرأ قول ال { ولقد اخترناهم على علم‬
‫على العالي } ( الدخان ‪ ) 32 :‬قال ‪ :‬هذه لن أطاعه واتبع أمره وقد كان فيهم القردة وهم أبغض خلقه إليه وقال لذه المة ‪ { :‬كنتم خي أمة أخرجت للناس } ( آل عمران ‪ ) 110 :‬قال‬
‫‪ :‬هذه لن أطاع ال واتبع أمره واجتنب مارمه‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والدليل على صحة ما قلنا من أن تأويل ذلك على الصوص الذي وصفنا ما ‪ :‬حدثن به يعقوب بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا ابن علية وحدثنا السن بن يي قال ‪ :‬أخبنا عبد‬
‫الرزاق قال ‪ :‬أخبنا معمر جيعا عن بز بن حكيم عن أبيه عن جده قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ [ :‬أل إنكم وفيتم سبعي أمة ] قال يعقوب ف حديثه ‪ :‬أنتم آخرها‬
‫وقال السن ‪ :‬أنتم خيها وأكرمها على ال‬
‫فقد أنبأ هذا الب عن النب صلى ال عليه وسلم أن بن إسرائيل ل يكونوا مفضلي على أمة ممد عليه السلم وأن معن قوله ‪ { :‬وفضلناهم على العالي } ( الاثية ‪ ) 16 :‬وقوله ‪ { :‬وأن‬
‫فضلتكم على العالي } على ما بينا من تأويله‬
‫وقد أتينا على بيان تأويل قوله ‪ { :‬العالي } با فيه الكفاية ف غي هذا الوضع فأغن ذلك عن إعادته‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪304‬‬

‫(واتقوا يوما ل تزي نفس عن نفس شيئا ول يقبل منها شفاعة ول يؤخذ منها عدل ول هم ينصرون (‪48‬‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وتأويل قوله ‪ { :‬واتقوا يوما ل تزي نفس عن نفس شيئا } ‪ :‬واتقوا يوما ل تزي فيه نفس عن نفس شيئا وجائز أيضا أن يكون تأويله ‪ :‬واتقوا يوما ل تزيه نفس عن نفس‬
‫‪ :‬شيئا كما قال الراجز‬
‫( قد صبحت صبحها السلم ‪ ...‬بكبد خالطها سنام )‬
‫( ف ساعة يبها الطعام )‬
‫وهو يعن ‪ :‬يب فيها الطعام فحذفت الاء الراجعة على اليوم إذ فيه اجتزاء با ظهر من قوله ‪ { :‬واتقوا يوما ل تزي نفس } الدال على الحذوف منه عما حذف إذ كان معلوما معناه‬
‫وقد زعم قوم من أهل العربية أنه ل يوز أن يكون الحذوف ف هذا الوضع إل الاء‬
‫وقال آخرون ل يوز أن يكون الحذوف إل فيه وقد دللنا فيما مضى على جواز حذف كل ما دل الظاهر عليه‬
‫وأما العن ف قوله ‪ { :‬واتقوا يوما ل تزي نفس عن نفس شيئا } فإنه تذير من ال تعال ذكره عباده الذين خاطبهم بذه الية عقوبته أن تل بم يوم القيامة وهو اليوم الذي ل تزي فيه‬
‫نفس عن نفس شيئا ول يزي فيه والد عن ولده ول مولود هوجاز عن والده شيئا وأما تأويل قوله ‪ { :‬ل تزي نفس } فإنه يعن ‪ :‬ل تغن كما ‪ :‬حدثن به موسى بن هرون قال ‪ :‬حدثنا‬
‫عمرو قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي ‪ { :‬واتقوا يوما ل تزي نفس } ‪ :‬أما { تزي } فتغن‬
‫وأصل الزاء ف كلم العرب ‪ :‬القضاء والتعويض يقال ‪ :‬جزيته قرضه ودينه أجزيه جزاءا بعن قضيته دينه ومن ذلك قيل ‪ :‬جزى ال فلنا عن خيا أو شرا بعن أثابه عن وقضاه عن ما‬
‫لزمن له بفعله الذي سلف منه إل وقد قال قوم من أهل العلم بلغة العرب ‪ :‬يقال جزيت عنه كذا إذا أعنته عليه وجزيت عنك فلنا إذا كافأته‬
‫وقال آخرون منهم ‪ :‬بل جزيت عنك قضيت عنك وأجزيت كفيت‬
‫وقال آخرون منهم ‪ :‬بل ها بعن واحد يقال ‪ :‬جزت عنك شاة وأجزت وجزى عنك درهم وأجزى ول تزي عنك شاة ول تزي بعن واحد إل أنم ذكروا أن جزت عنك ول تزي عنك‬
‫من لغة أهل الجاز وأن أجزأ وتزىء من لغة غيهم وزعموا أن تيما خاصة من بي قبائل العرب تقول ‪ :‬أجزأت عنك شاة وهي تزىء عنك‬
‫وزعم آخرون أن جزى بل هز قضى وأجزأ بالمز كافأ‬
‫فمعن الكلم إذا ‪ :‬واتقوا يوما ل تقضي نفس عن نفس شيئا ول تغن عنها غن‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬وما معن ‪ :‬ل تقضي نفس عن نفس ول تغن عنها غن ؟‬
‫قيل ‪ :‬هو أن أحدنا اليوم ربا قضى عن ولده أو والده أو ذي الصداقة والقرابة دينه وأما ف الخرة فإنه فيما أتتنا به الخبار عنها يسر الرجل أن يبد له على ولده أو والده حق وذلك أن‬
‫تضاء القوق ف القيامة من السنات والسيآت كما ‪ :‬حدثنا أبو كريب و نصر بن عبد الرحن الزدي قال حدثنا الحارب عن أب خالد الدالن يزيد بن عبد الرحن عن زيد بن أب أنيسة عن‬
‫سعيد بن أب سعيد القبي عن أب هريرة قال [ قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬رحم ال عبدا كانت عنده لخيه مظلمة ف عرض ] قال أبو كريب ف حديثه ‪ [ :‬أو مال أو جاه‬
‫[ فاستحله قبل أن يؤخذ منه وليس ث دينار ول درهم فإن كانت له حسنات أخذوا من حسناته وإن ل تكن له حسنات حلوا عليه من سيآتم‬
‫حدثنا أبو عثمان القدمي قال حدثنا الفروي قال حدثنا مالك عن القبي عن أبيه عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم بنحوه‬
‫حدثنا خلد بن أسلم قال حدثنا أبو هام الهوازي قال أخبنا عبد ال بن سعيد عن سعيد عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم بنحوه‬
‫حدثن موسى بن سهل الرملي قال حدثنا نعيم بن حاد قال حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمرو بن أب عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ [ :‬ل‬
‫يوتن أحدكم وعليه دين فإنه ليس هناك دينار ول درهم إنا يقتسمون هنالك السنات والسيآت ] وأشار رسول ال صلى ال عليه وسلم بيده يينا وشال‬
‫وحدثن ممد بن إسحق قال حدثنا سلم بن قادم قال حدثنا أبو معاوية هاشم بن عيسى قال أخبن الارث بن مسلم عن الزهري عن أنس بن مالك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم بنحو‬
‫حديث أب هريرة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فذلك معن قوله جل ثناؤه ‪ { :‬ل تزي نفس عن نفس شيئا } يعن ‪ :‬أنا ل تقضي عنها شيئا لزمها لغيها لن القضاء هنالك من السنات والسيآت على ما وصفنا وكيف‬
‫يقضي عن غيه ما لزمه من كان يسره أن يثبت له على ولده أو والده حق فيؤخذ منه ول يتجاف له عنه ؟‬
‫وقد زعم بعض نويي البصرة أن معن قوله ‪ { :‬ل تزي نفس عن نفس شيئا } ‪ :‬ل تزي منها أن تكون مكانا‬
‫وهذا قول يشهد ظاهر القرآن على فساده وذلك أنه غي معقول ف كلم العرب أن يقول القائل ‪ :‬ما أغنيت عن شيئا بعن ما أغنيت من أن تكون مكان بل إذا أرادوا الب عن شيء أنه ل‬
‫يزي من شيء قالوا ‪ :‬ل يزي هذا من هذا ول يستجيزون أن يقولوا ‪ :‬ل يزي هذا من هذا شيئا فلو كان تأويل قوله ‪ { :‬ل تزي نفس عن نفس شيئا } ما قاله من حكينا قوله لقال ‪:‬‬
‫واتقوا يوما ل تزي نفس عن نفس كما يقال ‪ :‬ل تزي نفس من نفس ول يقل ‪ { :‬ل تزي نفس عن نفس شيئا } وف صحة التنيل بقوله ‪ { :‬ل تزي نفس عن نفس شيئا } أوضح الدللة‬
‫على صحة ما قلنا وفساد قول من ذكرنا قوله ف ذلك‬
‫{ القول ف تأويل قوله عز وجل ‪ { :‬ول يقبل منها شفاعة‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والشفاعة مصدر من قول الرجل ‪ :‬أشفع ل فلن إل فلن شفاعة وهو طلبه إليه ف قضاء حاجته وإنا قيل للشفيع شفيع وشافع لنه ثن الستشفع به فصار به شفعا فكان ذو‬
‫الاجة قبل استشفاعه به ف حاجته فردا فصار صاحبه له فيها شافعا وطلبه فيه وف حاجته شفاعة ولذلك سي الشفيع ف الدار وف الرض شفيعا لصي البائع به شفعا فتأويل الية إذا ‪ :‬واتقوا‬
‫يوما ل تقضي نفس عن نفس حقا لزمها ل جل ثناؤه ول لغيه ول يقبل ال منها شفاعة شافع فيترك لا ما لزمها من حق‬
‫وقيل ‪ :‬إن ال عز وجل خاطب أهل هذه الية با خاطبهم به فيها لنم كانوا من يهود بن إسرائيل وكانوا يقولون ‪ :‬نن أبناء ال وأحباؤه وأولد أنبيائه وسيشفع لنا عنده آباؤنا فأخبهم ال‬
‫‪ :‬جل وعز أن نفسا ل تزي عن نفس شيئا ف القيامة ول يقبل منها شفاعة أحد فيها حت يستوف لكل ذي حق منها حقه كما‬
‫حدثن عباس بن أب طالب قال حدثنا حجاج بن نصي عن شعبة عن العوام بن مراجم رجل من قيس بن ثعلبة عن أب عثمان النهدي عن عثمان بن عفان ‪ :‬أن [ رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ :‬إن الماء لتقتص من القرناء يوم القيامة ] كما قال ال عز وجل ‪ { :‬ونضع الوازين القسط ليوم القيامة فل تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا با وكفى بنا‬
‫( حاسبي } ( النبياء ‪47 :‬‬
‫فآيسهم جل ثناؤه ما كانوا أطمعوا فيه أنفسهم من النجاة من عذاب ال مع تكذيبهم با عرفوا من الق وخلفهم أمر ال ف اتباع ممد صلى ال عليه وسلم وما جاءهم به من عنده بشفاعة‬
‫آبائهم وغيهم من الناس كلهم ؟ وأخبهم أنه غي نافعهم عنده إل التوبة إليه من كفرهم والنابة من ضللم وجعل ما سن فيهم من ذلك إماما لكل من كان على مثل منهاجهم لئل يطمع‬
‫ذو إلاد ف رحته‬
‫وهذه الية وإن كان مرجها عاما ف التلوة فإن الراد با خاص ف التأويل لتظاهر الخبار عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ [ :‬شفاعت لهل الكبائر من أمت ] وأنه قال ‪ [ :‬ليس‬
‫من نب إل وقد أعطي دعوة وإن اختبأت دعوت شفاعة لمت وهي نائلة إن شاء ال منهم من ل يشرك بال شيئا ] فقد تبي بذلك أن ال جل ثناؤه قد يصفح لعباده الؤمني بشفاعة نبينا ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم لم عن كثي من عقوبة إجرامهم بينهم وبينه وأن قوله ‪ { :‬ول يقبل منها شفاعة } إنا هي لن مات على كفره غي تائب إل ال عز وجل وليس هذا من مواضع الطالة‬
‫ف القول ف الشفاعة والوعد والوعيد فنستقصي الجاج ف ذلك وسنأت على ما فيه الكفاية ف مواضعه إن شاء ال‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ول يؤخذ منها عدل‬
‫‪ :‬قال أبو جعفر ‪ :‬و العدل ف كلم العرب ؟ بفتح العي الفدية كما‬
‫حدثنا به الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ‪ { :‬ول يؤخذ منها عدل } قال ‪ :‬يعن فداء‬
‫حدثن موسى بن هرون قال حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط بن نصر عن السدي ‪ { :‬ول يؤخذ منها عدل } أما عدل ‪ :‬فيعدلا من العدل يقول لو جاءت بلء الرض ذهبا تفتدي‬
‫به ما تقبل منها‬
‫حدثنا السن بن يي قال أخبنا عبد الرزاق أخبنا معمر عن قتادة ف قوله ‪ { :‬ول يؤخذ منها عدل } قال ‪ :‬لوجاءت بكل شيء ل يقبل منها‬
‫حدثنا القاسم بن السن قال ‪ :‬حدثنا حسي قال حدثن حجاج عن ابن جريج قال قال ماهد ‪ :‬قال ابن عباس ‪ { :‬ول يؤخذ منها عدل } قال ‪ :‬بدل والبدل ‪ :‬الفدية‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال ‪ :‬أخبنا ابن وهب قال ‪ :‬قال ابن زيد ‪ { :‬ول يؤخذ منها عدل } قال ‪ :‬لو أن لا ملء الرض ذهبا ل يقبل منها فداء قال ‪ :‬ولو جاءت بكل شيء ل يقبل‬
‫منها‬
‫حدثن نيح بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا علي بن حكيم قال ‪ :‬حدثنا حيد بن عبد الرحن عن أبيه عن عمرو بن قيس اللئي عن رجل من بن أمية من أهل الشام أحسن عليه الثناء قيل [ يا رسول‬
‫[ ال ‪ :‬ما العدل ؟ قال ‪ :‬العدل الفدية‬
‫وإنا قيل للفدية من الشيء والبدل منه ‪ :‬عدل لعادلته إياه وهو من غي جنسه ومصيه له مثل من وجه الزاء ل من وجه الشابة ف الصورة واللقة كما قال جل ثناؤه ‪ { :‬وإن تعدل كل‬
‫عدل ل يؤخذ منها } ( النعام ‪ ) 75 :‬بعن ‪ :‬وإن تفد كل فدية ل يؤخذ منها‬
‫يقال منه ‪ :‬هذا عدله وعديله وأما العدل بكسر العي فهو مثل المل الحمول على الظهر يقال من ذلك ‪ :‬عندي غلم عدل غلمك وشاة عدل شاتك بكسر العي إذا كان غلم يعدل غلما‬
‫وشاة تعدل شاة وكذلك ذلك ف كل مثل للشيء من جنسه فإذا أريد أن عنده قيمته من غي جنسه نصبت العي فقيل ‪ :‬عندي عدل شاتك من الدراهم وقد ذكر عن بعض العرب أنه يكسر‬
‫العي من العدل الذي هو بعن الفدية لعادلة ما عادله من جهة الزاء وذلك لتقارب معن العدل والعدل عندهم فأما واحد العدال فلم يسمع فيه إل عدل بكسر العي‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬ول هم ينصرون‬
‫وتأويل قوله ‪ { :‬ول هم ينصرون } يعن أنم يومئذ ل ينصرهم ناصر كما ل يشفع لم شافع ول يقبل منهم عدل ول فدية بطلت هنالك الحاباة واضمحلت الرشى والشفاعات وارتفع بي‬
‫القوم التعاون والتناصر وصار الكم إل العدل البار الذي ل ينفع لديه الشفعاء والنصراء فيجزي بالسيئة مثلها وبالسنة أضعافها وذلك نظي قوله جل ثناؤه ‪ { :‬وقفوهم إنم مسؤولون *‬
‫( ما لكم ل تناصرون * بل هم اليوم مستسلمون } ( الصافات ‪26 24 :‬‬
‫وكان ابن عباس يقول ف معن { ل تناصرون } ما ‪ :‬حدثت به عن النجاب قال حدثنا بشر بن عمارة عن أب روق عن الضحاك عن ابن عباس ‪ { :‬ما لكم ل تناصرون } ما لكم ل تانعون‬
‫منا ؟ هيهات ليس ذلك لكم اليوم وقد قال بعضهم ف معن قوله ‪ { :‬ول هم ينصرون } وليس لم من ال يومئذ نصيينتصر لم من ال إذا عاقبهم وقد قيل ‪ { :‬ول هم ينصرون } بالطلب‬
‫فيهم والشفاعة والفدية‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والقول الول أول بتأويل الية لا وصفنا من أن ال جل ثناؤه إنا أعلم الخاطبي بذه الية أن يوم القيامة يوم ل فدية لن استحق من خلقه عقوبته ول شفاعة فيه ول ناصر له‬
‫وذلك أن ذلك قد كان لم ف الدنيا فأخب أن ذلك يوم القيامة معدوم ل سبيل لم إليه‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪308‬‬

‫(وإذ نيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبون أبناءكم ويستحيون نساءكم وف ذلكم بلء من ربكم عظيم (‪49‬‬

‫{ أما تأويل قوله ‪ { :‬وإذ نيناكم } فإنه عطف على قوله ‪ { :‬يا بن إسرائيل اذكروا نعمت‬
‫فكأنه قال ‪ :‬اذكروا نعمت الت أنعمت عليكم واذكروا إنعامنا عليكم إذ نيناكم من آل فرعون بإنائناكم منهم‬
‫وأما { آل فرعون } فإنم أهل دينه وقوف وأشياعه‬
‫وأصل { آل } أهل أبدلت الاء هزة كما قالوا ماء فأبدلوا الاء هزة فإذا صغروه قالوا ‪ :‬مويه فردوا الاء ف التصغي وأخرجوه على أصله وكذلك إذا صغروا { آل } قالوا أهيل وقد حكي‬
‫‪ :‬ساعا من العرب ف تصغي { آل } أويل وقد قيل ‪ :‬فلن من آل النساء يراد به أنه منهن خلق ويقال ذلك أيضا بعن أنه يريدهن ويهواهن كما قال الشاعر‬
‫( فإنك من آل النساء وإنا ‪ ...‬يكن لدن ل وصال لغائب )‬
‫وأحسن أماكن { آل } أن ينطق به مع الساء الشهورة مثل قولم ‪ :‬آل النب ممد صلى ال عليه وسلم وآل علي وآل عباس وآل عقيل وغي مستحسن استعماله مع الجهول وف أساء‬
‫الرضي وما أشبه ذلك غي حسن عند أهل العلم بلسان العرب أن يقال ‪ :‬رأيت آل الرجل ورآن آل الرأة ول ‪ : -‬رأيت آل البصرة وآل الكوفة وقد ذكر عن بعض العرب ساعا أنا تقول‬
‫‪ :‬رأيت آل مكة وآل الدينة وليس ذلك ف كلمهم بالفاشي الستعمل‬
‫وأما { فرعون } فإنه يقال إنه اسم كانت ملوك العمالقة بصر تسمى به كما كانت ملوك الروم يسمى بعضهم قيصر وبعضهم هرقل وكما كانت ملوك فارس تسمى الكاسرة واحدهم‬
‫كسرى وملوك اليمن تسمى التبابعة واحدهم تبع‬
‫وأما فرعون موسى الذي أخب ال تعال عن بن إسرائيل أنه ناهم منه فإنه يقال إن اسه الوليد بن مصعب بن الريان وكذلك ذكر ممد بن إسحق أنه بلغه عن اسه‬
‫حدثنا بذلك ممد بن حيد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحق ‪ :‬أن اسه الوليد بن مصعب بن الريان‬
‫وإنا جاز أن يقال ‪ { :‬وإذ نيناكم من آل فرعون } والطاب به لن ل يدرك فرعون ول النجي منه لن الخاطبي بذلك كانوا أبناء من ناهم من فرعون وقومه فأضاف ما كان من نعمه على‬
‫آبائهم إليهم وكذلك ما كان من كفران آبائهم على وجه الضافة كما يقول القائل لخر ‪ :‬فعلنا بكم كذا وفعلنا بكم كذا وقتلناكم وسبيناكم والخب إما أن يكون يعن قومه وعشيته بذلك‬
‫‪ :‬أو أهل بلده ووطنه كان القول له ذلك أدرك ما فعل بم من ذلك أو ل يدركه كما قال الخطل يهاجي جرير بن عطية‬
‫( ولقد سا لكم الذيل فنالكم ‪ ...‬بإراب حيث يقسم النفال )‬
‫( ف فيلق يدعو الراقم ل تكن ‪ ...‬فرسانه عزل ول أكفال )‬
‫ول يلحق جرير هذيل ول أدركه ول أدرك إراب ول شهده ولكنه لا كان يوما من أيام قوم الخطل على قوم جرير أضاف الطاب إليه وإل قومه فكذلك خطاب ال عز وجل من خاطبه‬
‫بقوله ‪ { :‬وإذ نيناكم من آل فرعون } لا كان فعله ما فعل من ذلك بقوم من خاطبه بالية وآبائهم أضاف فعله ذلك الذي فعله بآبائهم إل الخاطبي بالية وقومهم‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬يسومونكم سوء العذاب‬
‫وف قوله ‪ { :‬يسومونكم } وجهان من التأويل أحدها ‪ :‬أن يكون خبا مستأنفا عن فعل فرعون ببن إسرائيل فيكون معناه حينئذ ‪ :‬واذكروا نعمتب عليكم إذ نيتكم من آل فرعون وكانوا‬
‫من قبل يسومونكم سوء العذاب وإذ كان ذلك تأويله كان موضع { يسومونكم } رفعا‬
‫والوجه الثان ‪ :‬أن يكون يسومونكم حال فيكون تأويله حينئذ ‪ :‬وإذ نيناكم من آل فرعون سائميكم سوء العذاب فيكون حال من آل فرعون‬
‫‪ :‬وأما تأويل قوله ‪ { :‬يسومونكم } فإنه يوردونكم ويذيقونكم ويولونكم يقال منه ‪ :‬سامه خطة ضيم إذا أوله ذلك وأذاقه كما قال الشاعر‬
‫( إن سيم خسفا وجهه تربدا )‬
‫فأما تأويل قوله ‪ { :‬سوء العذاب } فإنه يعن ما ساءهم من العذاب وقد قال بعضهم ‪ :‬أشد العذاب ولو كان ذلك معناه لقيل ‪ :‬أسوأ العذاب‬
‫فإن قال لنا قائل ‪ :‬وما ذلك العذاب الذي كانوا يسومونم الذي كان يسوءهم‬
‫‪ :‬قيل ‪ :‬هو ما وصفه ال تعال ف كتابه فقال ‪ { :‬يذبون أبناءكم ويستحيون نساءكم } وقد قال ممد بن إسحق ف ذلك ما‬
‫حدثنا به ابن حيد قال حدثنا سلمة قال أخبنا ابن إسحق قال ‪ :‬كان فرعون يعذب بن إسرائيل فيجعلهم خدما وخول وصنفهم ف أعماله فصنف يبنون ( وصنف يرثون ) وصنف يزرعون‬
‫له فهم ف أعماله ومن ل يكن منهم ف صنعة له من عمله ‪ :‬فعليه الزية فسامهم كما قال ال عز وجل سوء العذاب‬
‫‪ :‬وقال السدي ‪ :‬جعلهم ف العمال القذرة وجعل يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم‬
‫حدثن بذلك موسى بن هرون قال حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط عن السدي‬
‫{ القول ف تأويل قوله تعال ‪ { :‬يذبون أبناءكم ويستحيون نساءكم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وأضاف ال جل ثناؤه ما كان من فعل آل فرعون ببن إسرائيل من سومهم إياهم سوء العذاب وذبهم أبناءهم واستحيائهم نساءهم إليهم دون فرعون وإن كان فعلهم ما‬
‫فعلوا من ذلك كان بقوة فرعون وعن أمره لباشرتم ذلك بأنفسهم فبي بذلك أن كل مباشر قتل نفس أو تعذيب حي بنفسه وإن كان عن أمر غيه ففاعله التول ذلك هو الستحق إضافة‬
‫ذلك إليه و إن كان المر قاهرا الفاعل الأمور بذلك سلطانا كان المر أو لصا خاربا أو متغلبا فاجرا كما أضاف جل ثناؤه ذبح أبناء بن إسرائيل واستحياء نسائهم إل آل فرعون دون‬
‫فرعون وإن كانوا بقوة فرعون وأمره إياهم بذلك فعلوا ما فعلوا مع غلبته إياهم وقهره لم فكذلك كل قاتل نفسا بأمر غيه ظلما فهو القتول عندنا به قصاصا وإن كان قتله إياها بإكراه غيه‬
‫له على قتله‬
‫‪ :‬وأما تأويل ذبهم أبناء بن إسرائيل واستحيائهم نساءهم فإنه كان فيما ذكر لنا عن ابن عباس وغيه كالذي‬
‫حدثنا به العباس بن الوليد الملي و تيم النتصر الواسطي قال حدثنا يزيد بن هرون قال ‪ :‬أخبنا الصبغ بن زيد الهن قال ‪ :‬حدثنا القاسم بن أب أيوب قال ‪ :‬حدثنا سعيد بن جبي عن ابن‬
‫عباس قال ‪ :‬تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان ال وعد إبراهيم خليله ‪ : -‬أن يعل ف ذريته أنبياء وملوكا وائتمروا وأجعوا أمرهم على أن يبعث رجال معهم الشفار يطوفون ف بن إسرائيل‬
‫فل يدون مولودا ذكرا إل ذبوه ففعلوا فلما رأوا أن الكبار من بن إسرائيل يوتون بآجالم وأن الصغار يذبون قال ‪ :‬توشكون أن تفنوا بن إسرائيل فتصيوا إل أن تباشروا من العمال‬
‫والدمة ما كانوا يكفونكم فاقتلوا عاما كل مولود ذكر فتقل أبناؤهم ودعوا عاما فحملت أم موسى بارون ف العام الذي ل يذبح فيه الغلمان فولدته علنية آمنة حت إذا كان القابل حلت‬
‫بوسى‬
‫وقد حدثنا عبدالكري بن اليثم قال ‪ :‬حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال ‪ :‬حدثنا سفيان بن عيينة قال ‪ :‬حدثنا أبو سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬قالت الكهنة لفرعون ‪ :‬انه يولد ف‬
‫هذا العام مولود يذهب بلكك قال ‪ :‬فجعل فرعون على كل ألف امرأة مئة رجل وعلى كل مئة عشرة وعلى كل عشرة رجل فقال ‪ :‬انظروا كل امرأة حامل ف الدينة فإذا وضعت حلها‬
‫{ فانظروا إليه فإن كان ذكرا فاذبوه وإن كان أنثى فخلوا عنها وذلك قوله ‪ { :‬يذبون أبناءكم ويستحيون نساءكم وف ذلكم بلء من ربكم عظيم‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آدم قال ‪ :‬حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أب العالية ف قوله ‪ { :‬وإذ نيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب } قال ‪ :‬إن فرعون ملكهم أربعمئة‬
‫سنة فقالت الكهنة إنه سيولد العام بصر غلم يكون هلكك على يديه فبعث ف أهل مصر نساء قوابل فإذا ولدت امرأة غلما ات به فرعون فقتله ويستحيي الواري‬
‫حدثن الثن قال ‪ :‬حدثنا إسحق بن الجاج قال ‪ :‬حدثنا عبدال بن أب جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس ف قوله ‪ { :‬وإذ نيناكم من آل فرعون } الية قال ‪ :‬إن فرعون ملكهم أربعمئة سنة‬
‫وانه أتاه آت فقال ‪ :‬إنه سينشأ ف مصر غلم من بن إسرائيل فيظهر عليك ويكون هلكك على يديه فبعث ف مصر نساء فذكر نو حديث آدم‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال حدثنا عمرو بن حاد قال ‪ :‬حدثنا أسباط بن نصر عن السدي قال ‪ :‬كان من شأن فرعون أنه رأى ف منامه أن نارا أقبلت من بيت القدس حت اشتملت على‬
‫بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بن إسرائيل وأخربت بيوت مصر فدعا السحرة والكهنة والعافة والقافة والازة فسألم عن رؤياه فقالوا له ‪ :‬يرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل‬
‫منه يعنون بيت القدس رجل يكون على وجهه هلك مصر فأمر ببن إسرائيل أن ل يولد لم غلم إل ذبوه ول تولد لم جارية إل تركت وقال للقبط ‪ :‬انظروا ملوكيكم الذين يعملون خارجا‬
‫فأدخلوهم واجعلوا بن إسرائيل يلون تلك العمال القذرة فجعل بن إسرائيل ف أعمال غلمانم وأدخلوا غلمانم فذلك حي يقول ال تبارك وتعال ‪ { :‬إن فرعون عل ف الرض } يقول ‪:‬‬
‫تب ف الرض { وجعل أهلها شيعا } يعن بن إسرائيل حي جعلهم ف العمال القذرة { يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم } ( القصص ‪ ) 4 :‬فجعل ل يولد لبن إسرائيل مولود إل ذبح‬
‫فل يكب الصغي وقذف ال ف مشيخة بن إسرائيل الوت فأسرع فيهم فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا ‪ :‬إن هؤلء قد وقع فيهم الوت فيوشك أن يقع العمل على غلماننا‬
‫نذبح أبناءهم فل تبلغ الصغار وتفن الكبار فلو أنك كنت تبقي من أولدهم فأمر أن يذبوا سنة ويتركوا سنة فلما كان ف السنة الت ل يذبون فيها ولد هارون فترك فلما كان ف السنة الت‬
‫يذبون فيها حلت بوسى‬
‫حدثنا ممد بن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحق قال ‪ :‬ذكر ل أنه لا تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون وحزاته إليه فقالوا له ‪ :‬تعلم أنا ند ف علمنا أن مولودا من بن إسرائيل قد‬
‫أظلك زمانه الذي يولد فيه يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك ويرجك من أرضك ويبدل دينك فلما قالوا له ذلك أمر بقتل كل مولود يولد من بن إسرائيل من الغلمان وأمر بالنساء‬
‫يستحيي فجمع القوابل من نساء أهل ملكته فقال لن ‪ :‬ل يسقطن على أيديكن غلم من بن إسرائيل إل قتلتنه فكن يفعلن ذلك وكان يذبح من فوق ذلك من الغلمان ويأمر بالبال فيعذبن‬
‫حت يطرحن ما ف بطونن‬
‫حدثنا ابن حيد قال ‪ :‬حدثنا سلمة عن ممد بن إسحق عن عبدال بن أب نيح عن ماهد قال ‪ :‬لقد ذكر ل أنه كان ليأمر بالقصب فيشق حت يعل أمثال الشفار ث يصف بعضه إل بعض ث‬
‫يأت بالبال من بن إسرائيل فيوقفهن عليه فيحز أقدامهن حت إن الرأة منهن لتمصع بولدها فيقع من بي رجليها فتظل تطؤه تتقي به حد القصب عن رجلها لا بلغ من جهدها حت أسرف ف‬
‫ذلك وكاد يفنيهم فقيل له ‪ :‬أفنيت الناس وقطعت النسل وإنم خولك وعمالك فأمر أن يقتل الغلمان عاما ويستحيوا عاما فولد هارون ف السنة الت يستحي فيها الغلمان وولد موسى ف‬
‫السنة الت فيها يقتلون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والذي قاله من ذكرنا قوله من أهل العلم ‪ :‬كان ذبح آل فرعون أبناء بن إسرائيل واستحياؤهم نساءهم فتأويل قوله إذا على ما تأوله الذين ذكرنا قولم ‪ { : -‬ويستحيون‬
‫نساءكم } يستبقونن فل يقتلونن‬
‫وقد يب على تأويل من قال بالقول الذي ذكرنا عن ابن عباس و أب العالية و الربيع بن أنس و السدي ف تأويل قوله ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } أنه تركهم الناث من القتل عند ولدتن‬
‫إياهن أن يكون جائزا أن يسمى الطفل من الناث ف حال صباها وبعد ولدتا ‪ :‬امرأة والصبايا الصغار وهن أطفال ‪ :‬نساء لنم تأولوا قول ال عز وجل ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } يستبقون‬
‫الناث من الولدان عند الولدة فل يقتلونن‬
‫‪ :‬وقد أنكر ذلك من قولم ابن جريج فقال با‬
‫حدثنا به القاسم بن السن قال ‪ :‬حدثنا السي بن داود قال ‪ :‬حدثن حجاج عن ابن جريج قوله ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } قال ‪ :‬يسترقون نساءكم‬
‫فحاد ابن جريج بقوله هذا عما قاله من ذكرنا قوله ف قوله ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } ‪ :‬إنه استحياء الصبايا الطفال إذ ل يدهن يلزمهن اسم نساء ث دخل فيما هو أعظم ما أنكر بتأويله‬
‫{ ويستحيون } يسترقون وذلك تأويل غي موجود ف لغة عربية ول أعجمية وذلك أن الستحياء استفعال من الياة نظي الستبقاء من البقاء و الستقساءا من السقي وهو من معن‬
‫السترقاق بعزل‬
‫وقد تأول آخرون قوله ‪ { :‬يذبون أبناءكم } بعن ‪ :‬يذبون رجالكم آباء أبنائكم وأنكروا أن يكون الذبون الطفال وقد قرن بم النساء فقالوا ‪ :‬ف إخبار ال جل ثناؤه أن الستحيي هم‬
‫النساء الدللة الواضحة على أن الذين كانوا يذبون هم الرجال دون الصبيان لن الذبي لو كانوا هم الطفال لوجب أن يكون الستحيون هم الصبايا قالوا ‪ :‬وف إخبار ال تعال ذكره أنم‬
‫النساء ما بي أن الذبي هم الرجال‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬وقد أغفل قائلو هذه القالة مع خروجهم من تأويل أهل التأويل من الصحابة والتابعي موضع الصواب وذلك أن ال جل ثناؤه قد أخب عن وحيه إل أم موسى أنه أمرها أن‬
‫ترضع موسى فإذا خافت عليه أن تلقيه ف التابوت ث تلقيه ف اليم فمعلوم بذلك أن القوم لو كانوا إنا كانوا يقتلون الرجال ويتركون النساء ل يكن بأم موسى حاجة إل إلقاء موسى ف اليم‬
‫أو لو أن موسى كان رجل ل تعله أمه ف التابوت‬
‫ولكن ذلك عندنا على ما تأوله ابن عباس ومن حكينا قوله قبل ‪ :‬من ذبح آل فرعون الصبيان وتركهم من القتل الصبايا وإنا قيل ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } إذ كان الصبايا داخلت مع‬
‫أمهاتن وأمهاتن ل شك نساء ف الستحياء لنم ل يكونوا يقتلون صغار النساء ول كبارهن فقيل ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } يعن بذلك الوالدات والولودات كما يقال ‪ :‬قد أقبل الرجال‬
‫وإن كان فيهم صبيان فكذلك قوله ‪ { :‬ويستحيون نساءكم } وأما من الذكور فإنه لا ل يكن يذبح إل الولودون قيل ‪ { :‬يذبون أبناءكم } ول يقل ‪ :‬يذبون رجالكم‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬وف ذلكم بلء من ربكم عظيم‬
‫أما قوله ‪ { :‬وف ذلكم بلء من ربكم عظيم } فإنه يعن ‪ :‬وف الذي فعلنا بكم من انائناكم ما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم على ما وصفت بلء لكم من ربكم عظيم‬
‫‪ :‬ويعن بقوله { بلء } ‪ :‬نعمة كما‬
‫حدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا أبو صال قال حدثن معاوية بن صال عن علي بن أب طلحة عن ابن عباس قوله ‪ { :‬بلء من ربكم عظيم } قال ‪ :‬نعمة‬
‫وحدثن موسى بن هرون قال حدثنا عمرو بن حاد قال حدثنا أسباط عن السدي ف قوله ‪ { :‬وف ذلكم بلء من ربكم عظيم } أما البلء فالنعمة‬
‫وحدثنا سفيان قال حدثنا أب عن سفيان عن رجل عن ماهد ‪ { :‬وف ذلكم بلء من ربكم عظيم } قال ‪ :‬نعمة من ربكم عظيمة‬
‫حدثن الثن قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أب نيح عن ماهد مثل حديث سفيان‬
‫حدثن القاسم قال حدثنا السي قال حدثن حجاج عن ابن جريج ‪ { :‬وف ذلكم بلء من ربكم عظيم } قال ‪ :‬نعمة عظيمة‬
‫وأصل البلء ف كلم العرب الختبار والمتحان ث يستعمل ف الي والشر لن المتحان والختبار قد يكون بالي كما يكون بالشر كما قال ربنا جل ثناؤه ‪ { :‬وبلوناهم بالسنات‬
‫والسيئات لعلهم يرجعون } ( العراف ‪ ) 168 :‬يقول ‪ :‬اختبناهم وكما قال جل ذكره ‪ { :‬ونبلوكم بالشر والي فتنة } ( النبياء ‪ ) 35 :‬ث تسمي العرب الي بلء والشر بلء غي أن‬
‫‪ :‬الكثر ف الشر أن يقال ‪ :‬بلوته أبلوه بلء وف الي ‪ :‬أبليته أبليه إبلء وبلء ومن ذلك قول زهي بن أب سلمى‬
‫( جزى ال بالحسان ما فعل بكم ‪ ...‬وأبلها خي البلء الذي يبلو )‬
‫فجمع بي اللغتي لنه أراد ‪ :‬فأنعم ال عليهما خي النعم الت يتب با عباده‬

‫[ تفسي الطبي [ جزء ‪ - 1‬صفحة ‪314‬‬

‫(وإذ فرقنا بكم البحر فأنيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون (‪50‬‬

‫أما تأويل قوله ‪ { :‬وإذ فرقنا بكم } فإنه عطف على { وإذ نيناكم } بعن ‪ :‬واذكروا نعمت الت أنعمت عليكم واذكروا إذ نيناكم من آل فرعون وإذ فرقنا بكم البحر‬
‫ومعن قوله ‪ { :‬فرقنا بكم } فصلنا بكم البحر لنم كانوا اثن عشر سبطا ففرق البحر اثن عشر طريقا فسلك كل سبط منهم طريقا منها فذلك فرق ال بم عز وجل البحر وفصله بم‬
‫‪ :‬بتفريقهم ف طرقه الثن عشر كما‬
‫حدثن موسى بن هرون قال حدثنا عمرو بن حاد قال حدثنا أسباط بن نصر عن السدي ‪ :‬لا أتى موسى البحر كناه أبا خالد وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم فدخلت بنو‬
‫إسرائيل وكان ف البحر اثنا عشر طريقا ف كل طريق سبط‬
‫وقد قال بعض نويي البصرة ‪ :‬معن قوله ‪ { :‬وإذ فرقنا بكم البحر } فرقنا بينكم وبي الاء‬
‫يريد بذلك ‪ :‬فصلنا بينكم وبينه وحجزناه حيث مررت به‬
‫وذلك خلف ما ف ظاهر التلوة لن ال جل ثناؤه إنا أخب أنه فرق البحر بالقوم ول يب أنه فرق بي القوم وبي البحر فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه القالة وفرقه البحر بالقوم إنا هو‬
‫تفريقه البحر بم على ما وصفنا من افتراق سبيله بم على ما جاءت به الثار‬
‫{ القول ف تأويل قوله ‪ { :‬فأنيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬إن قال لنا قائل وكيف غرق ال جل ثناؤه آل فرعون ونى بن إسرائيل ؟‬
‫‪ :‬قيل له كما‬
‫حدثنا ابن حيد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحق عن ممد بن كعب القرظي عن عبدال بن شداد بن الاد قال ‪ :‬لقد ذكر ل أنه خرج فرعون ف طلب موسى على سبعي ألفا من دهم اليل‬
‫سوى ما ف جنده من شهب اليل وخرج موسى حت إذا قابله البحر ول يكن له عنه منصرف طلع فرعون ف جنده من خلفهم { فلما تراء المعان قال أصحاب موسى إنا لدركون * قال‬
‫كل إن معي رب سيهدين } ( الشعراء ‪ ) 62 ، 61 :‬أي للنجاة وقد وعدن ذلك ول خلف لوعده‬
‫حدثنا ابن حيد قال حدثنا سلمة قال حدثن ابن إسحق قال ‪ :‬أوحى ال إل البحر فيما ذكر ل ‪ : -‬إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له قال ‪ :‬فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من ال‬
‫وانتظاره أمره فأوحى ال عز وجل إل موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه با وفيها سلطان ال الذي أعطاه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم أي كالبل على نشز من الرض يقول‬
‫ال لوسى ‪ { :‬فاضرب لم طريقا ف البحر يبسا ل تاف دركا ول تشى } ( طه ‪ ) 77 :‬فلما استقر له البحر على طريق قائمة يبس سلك فيه موسى ببن إسرائيل وأتبعه فرعون بنوده‬
‫حدثنا ابن حيد قال حدثنا سلمة قال حدثن ممد بن إسحق عن ممد بن كعب القرظي عن عبدال بن شداد بن الاد الليثي قال ‪ :‬حدثت أنه لا دخلت بنو إسرائيل البحر فلم يبق منهم أحد‬
‫أقبل فرعون وهو على حصان له من اليل حت وقف على شفي البحر وهو قائم على حاله فهاب الصان أن ينفذ فعرض له جبيل على فرس أنثى وديق فقربا منه فشمها الفحل فلما شها‬
‫قدمها فتقدم معها الصان عليه فرعون فلما رأى جند فرعون فرعون قد دخل دخلوا معه وجبيل أمامه وهم يتبعون فرعون وميكائيل على فرس من خلف القوم يسوقهم يقول ‪ :‬القوا‬
‫بصاحبكم حت إذا فصل جبيل من البحر ليس أمامه أحد ووقف ميكائيل على ناحيته الخرى وليس خلفه أحد طبق عليهم البحر ونادى فرعون حي رأى من سلطان ال عز وجل وقدرته ما‬
‫( رأى وعرف ذله وخذلته نفسه ‪ : -‬ل إله إل الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من السلمي ( يونس ‪90 :‬‬
‫حدثنا السن بن يي قال أخبنا عبد الرزاق قال أخبنا معمر عن أب إسحق المدان عن عمرو بن ميمون الودي ف قوله ‪ { :‬وإذ فرقنا بكم البحر فأنيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم‬
‫تنظرون } قال ‪ :‬لا خرج موسى ببن إسرائيل بلغ ذلك فرعون فقال ‪ :‬ل تتبعوهم حت يصيح الديك قال ‪ :‬فوال ما صاح ليلتئذ ديك حت أصبحوا فدعا بشاة فذبت ث قال ‪ :‬ل أفرغ من‬
‫كبدها حت يتمع إل ستمئة ألف من القبط فلم يفرغ من كبدها حت اجتمع إليه ستمئة ألف من القبط ث سار فلما أتى موسى البحر قال له رجل من أصحابه يقال له يوشع بن نون ‪ :‬أين‬
‫أمرك ربك يا موسى ؟ قال ‪ :‬أمامك يشي إل البحر فأقحم يوشع فرسه ف البحر حت بلغ الغمر فذهب به ث رجع فقال أين أمرك ربك يا موسى ؟ فوال ما كذبت ول كذبت ففعلى ذلك‬
‫ثلث مرات ث أوحى ال جل ثناؤه إل موسى ‪ { :‬أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم } ( الشعراء ‪ ) 63 :‬يقول ‪ :‬مثل جبل قال ‪ :‬ث سار موسى ومن معه‬
‫وأتبعهم فرعون ف طريقهم حت إذا تتاموا فيه أطبقه ال عليهم فلذلك قال ‪ { :‬وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون } قال معمر قال قتادة ‪ :‬كان مع موسى ستمئة ألف وأتبعه فرعون على ألف‬
‫ألف ومئة ألف حصان‬
‫حدثن عبد الكري بن اليثم قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬أوحى ال جل وعز إل موسى أن أسر بعبادي ليل‬
‫إنكم متبعون قال ‪ :‬فسرى موسى ببن إسرائيل ليل فاتبعهم فرعون ف ألف ألف حصان سوى الناث وكان موسى ف ستمئة ألف فلما عاينهم فرعون قال ‪ { :‬إن هؤلء لشرذمة قليلون *‬
‫وإنم لنا لغائظون * وإنا لميع حاذرون } ( الشعراء ‪ ) 56 - 54 :‬فسرى موسى ببن إسرائيل حت هجموا على البحر فالتفتوا فإذا هم برهج دواب فرعون فقالوا ‪ :‬يا موسى أوذينا من قبل‬
‫أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا هذا البحر أمامنا وهذا فرعون قد رهقنا بن معه قال ‪ :‬عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويسخلفكم ف الرض فينظر كيف تعملون قال ‪ :‬فأوحى ال جل ثناؤه إل‬
‫موسى أن اضرب بعصاك البحر وأوحى إل البحر أن اسع لوسى وأطع إذا ضربك قال ‪ :‬فبات البحر له أفكل يعن ‪ :‬له رعدة ل يدري من أي جوانبه يضربه قال ‪ :‬فقال يوشع لوسى ‪ :‬باذا‬
‫أمرت ؟ قال ‪ :‬أمرت أن أضرب البحر قال ‪ :‬فاضربه قال ‪ :‬فضرب موسى البحر بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا كل طريق كالطود العظيم فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه‬
‫فلما أخذوا ف الطريق قال بعضهم لبعض ‪ :‬ما لنا ل نرى أصحابنا ؟ قالوا لوسى ‪ :‬أين أصحابنا ل نراهم ؟ قال ‪ :‬سيوا فإنم على طريق مثل طريقكم قالوا ‪ :‬ل نرضى حت نراهم‬
‫قال سفيان قال عمار الدهن ‪ :‬قال موسى ‪ :‬اللهم أعن على أخلقهم السيئة قال ‪ :‬فأوحى ال إليه أن قل بعصاك هكذا وأومأ إبراهيم بيده يديرها على البحر قال موسى بعصاه على اليطان‬
‫هكذا فصار فيها كوى ينظر بعضهم إل بعض‬
‫قال سفيان ‪ :‬قال أبو سعيد عن عكرمة عن ابن عباس ‪ :‬فساروا حت خرجوا من البحر فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه وكان فرعون على فرس أدهم ذنوب‬
‫حصان فلما هجم على البحر هاب الصان أن يقتحم ف البحر فتمثل له جبيل على فرس أنثى وديق فلما رآها الصان تقحم خلفها وقيل لوسى ‪ :‬اترك البحر رهوا قال ‪ :‬طرقا على حاله‬
‫قال ‪ :‬ودخل فرعون وقومه ف البحر فلما دخل آخر قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى أطبق البحر على فرعون وقومه فأغرقوا‬
‫حدثنا موسى بن هرون قال حدثنا عمرو بن حاد قال حدثنا أسباط بن نصر عن السدي ‪ :‬أن ال أمر موسى أن يرج ببن إسرائيل فقال ‪ :‬أسر بعبادي ليل إنكم متبعون فخرج موسى وهرون‬
‫ف قومهما وألقي على القبط الوت فمات كل بكر رجل فأصبحوا يدفنونم فشغلوا عن طلبهم حت طلعت الشمس فذلك حي يقول ال جل ثناؤه ‪ { :‬فأتبعوهم مشرقي } ( الشعراء ‪) 60 :‬‬
‫فكان موسى على ساقة بن إسرائيل وكان هرون أمامهم يقدمهم فقال الؤمن لوسى ‪ :‬يا نب ال أين أمرت ؟ قال ‪ :‬البحر فأراد أن يقتحم فمنعه موسى وخرج موسى ف ستمائة ألف وعشرين‬
‫ألف مقاتل ل يعدون ابن العشرين لصغره ول ابن الستي لكبه وإنا عدوا ما بي ذلك سوى الذرية وتبعهم فرعون وعلى مقدمته هامان ف ألف ألف وسبعمئة ألف حصان ليس فيها ماذيانة‬
‫يعن النثى وذلك حي يقول ال جل ثناؤه ‪ { :‬فأرسل فرعون ف الدائن حاشرين * إن هؤلء لشرذمة قليلون } ( الشعراء ‪ ) 54 ، 53 :‬يعن بن إسرائيل فتقدم هرون فضرب البحر فأب‬
‫البحر أن ينفتح وقال ‪ :‬من هذا البار الذي يضربن ؟ حت أتاه موسى فكناه أبا خالد وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول ‪ :‬كالبل العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان ف‬
‫البحر اثنا عشر طريقا ف كل طريق سبط وكانت الطرق انفلقت بدران فقال كل سبط ‪ :‬قد قتل أصحابنا ! فلما رأى ذلك موسى دعا ال فجعلها لم قناطر كهيئة الطيقان فنظر آخرهم إل‬
‫أولم حت خرجوا جيعا ث دنا فرعون وأصحابه فلما نظر فرعون إل البحر منفلقا قال ‪ :‬أل ترون البحر فرق من ؟ قد انفتح ل حت أدرك أعدائي فأقتلهم ! فذلك حي يقول ال جل ثناؤه ‪:‬‬
‫{ وأزلفنا ث الخرين } ( الشعراء ‪ ) 64 :‬يقول ‪ :‬قربنا ث الخرين يعن آل فرعون فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله أن تقتحم فنل جبيل على ماذيانة فشائت الصن ريح‬
‫الاذيانة فاقتحم ف أثرها حت إذا هم أولم أن يرج ودخل اخرهم أمر البحر أن يأخذهم فالتطم عليهم‬
‫حدثن يونس بن عبد العلى قال أخبنا ابن وهب قال قال ابن زيد ‪ :‬لا أخذ عليهم فرعون الرض إل البحر قال لم فرعون ‪ :‬قولوا لم يدخلون البحر إن كانوا صادقي ! فلما رآهم‬
‫أصحاب موسى قالوا ‪ :‬إنا لدركون ! قال ‪ :‬كل إن معي رب سيهدين فقال موسى للبحر ‪ :‬ألست تعلم أن رسول ال ؟ قال ‪ :‬بلى ! قال ‪ :‬وتعلم أن هؤلء عباد من عباد ال أمرن أن آت‬
‫بم ؟ قال ‪ :‬بلى قال ‪ :‬أتعلم أن هذا عدو ال ؟ قال ‪ :‬بلى قال ‪ :‬فافرق ل طريقا ولن معي قال ‪ :‬يا موسى إنا أنا عبد ملوك ليس ل أمر إل أن يأمرن ال تعال فأوحى ال عز وجل إل البحر ‪:‬‬
‫إذا ضربك موسى بعصاه فانفرق وأوحى إل موسى أن يضرب البحر وقرأ قول ال تعال ‪ { :‬فاضرب لم طريقا ف البحر يبسا ل تاف دركا ول تشى } ( طه ‪ ) 77 :‬وقرأ قوله ‪ { :‬واترك‬
‫البحر رهوا } ( الدخان ‪ ) 24 :‬سهل ليس فيه نقر فانفرق اثنت عشرة فرقة فسلك كل سبط ف طريق فقالوا لفرعون ‪ :‬إنم قد دخلوا البحر ! قال ‪ :‬ادخلوا عليهم قال ‪ :‬وجبيل ف آخر‬
‫بن إسرائيل يقول لم ‪ :‬ليلحق آخركم أولكم وف أول آل فرعون يقول لم ‪ :‬رويدا يلحق آخركم أولكم فجعل كل سبط ف البحر يقولون للسبط الذين دخلوا قبلهم ‪ :‬قد هلكوا ! فلما‬
‫دخل ذلك قلوبم أوحى ال جل وعز إل البحر فجعل لم قناطر ينظر هؤلء إل هؤلء حت إذا خرج آخر هؤلء ودخل آخر هؤلء أمر ال البحر فأطبق على هؤلء‬
‫ويعن بقوله ‪ { :‬وأنتم تنظرون } أي تنظرون إل فرق ال لكم البحر وإهلكه آل فرعون ف الوضع الذي ناكم فيه وإل عظيم سلطانه ف الذي أراكم من طاعة البحر إياه من مصيه ركاما‬
‫فلقا كهيئة الطواد الشامة غي زائل عن حده انقيادا لمر ال وإذعانا لطاعته وهو سائل ذائب قبل ذلك‬
‫يوقفهم بذلك جل ذكره على موضع حججه عليهم ويذكرهم آلءه عند أوائلهم ويذرهم ف تكذيبهم نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم أن يل بم ما حل بفرعون وآله ف تكذيبهم موسى‬
‫صلى ال عليه وسلم‬
‫وقد زعم بعض أهل العربية أن معن قوله ‪ { :‬وأنتم تنظرون } كمعن قول القائل ‪ :‬ضربت وأهلك ينظرون فما أتوك ول أعانوك بعن ‪ :‬وهم قريب برأى ومسمع وكقول ال تعال ‪ { :‬أل تر‬
‫إل ربك كيف مد الظل } ( الفرقان ‪ ) ، 45 :‬وليس هناك رؤية إنا هو علم‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬والذي دعاه إل هذا التأويل أنه وجه قوله ‪ { :‬وأنتم تنظرون } أي وأنتم تنظرون إل غرق فرعون فقال ‪ :‬قد كانوا ف شغل من أن ينظروا ما اكتنفهم من البحر إل فرعون‬
‫وغرقه وليس التأويل الذي تأوله تأويل الكلم إنا التأويل ‪ :‬وأنتم تنظرون إل فرق ال البحر لكم على ما قد وصفنا آنفا والتطام أمواج البحر بآل فرعون ف الوضع الذي صي لكم ف‬
‫البحرطريقا يبسا وذلك كان ل شك نظر عيان ل نظر علم كما ظنه قائل القول الذي حكينا قوله‬

You might also like