Professional Documents
Culture Documents
لوقا البشير
لوقا البشير
htm
كلمة "لوقا" غالبًا اختصار للكلمة اللتينية "لوقانوس " lucanusأو "لوكيوس" وتعني
"حامل النور" ،أو "المستنير" .غير أنه يجب التمييز بين لوقا النجيلي ولوكيوس
ضا لوكيوس المذكور في (رو .)21 :6 المذكور في (أع ،)1 :13وأي ً
vهو الوحيد بين كتَّاب العهد الجديد الذي كان أمميًا ولم يكن يهوديًا بل ،غالبًا من
ود .ويعلّل الدارسون ذلك بأن قبِل اليمان المسيحي دون أن يته ّ إنطاكية سوريًا؛ َ
مه إلىالرسول بولس حين أشار إليه في رسالته إلى كولوسى (كو .)14 :4لم يض ُّ
من هم من أهل الختان ( )11-10 :4مثل أرسترخس ومرقس ابن أخت برنابا ويسوع
المدعو يسطس .
vرأى البعض أنه كان أحد السبعين رسولً ،بل وأحد التلميذين اللذين ظهر لهما
السيد بعد قيامته في طريقهما إلى عمواس (لو ،)12 :24وأن الرسول لم يذكر
اسمه بروح التواضع؛ غير أن الرأي الغالب بين الدارسين المحدثين أنه لم يكن من
ي الرسول بولس ،مدلّلين على ذلك أول ً بافتقار قبِل اليمان على يد ّ الرسل ،بل َ
ضا مع مقدمة النجيل ،إذ يقول السند التاريخي ،وثانيًا لن هذا الفكر يبدو متعار ً
الكاتب عن المور المختصة بالسيد المسيح" :كما سلّمها إلينا الذين كانوا من البدء
جل ما ما للكلمة" (لو ،)2 :1وكأن الكاتب لم ينظر السيد المسيح بل س ّ معاينين وخدا ً
د وتحقق من الذين عاينوا بأنفسهم .ولعلّه لهذا ٍ شدي ق
ٍ بتدقي التقليد تسلمه خلل
السبب يُعلق أحد الدارسين على هذا النجيل بقوله" :إنه عمل وليد إيمان الجماعة،
قام على التقليد ،وليس عمل ً فرديًا".
vارتبط القديس لوقا بالقديس بولس رسول المم بصداقة قوية ،ففي سفر
العمال أقلع النجيلي لوقا مع الرسول بولس من تراوس إلى ساموتراكي ثم إلى
نيابوليس ،ومن هناك إلى فيلبي (أع 39-10 :16الرحلة التبشيرية الثانية) .مرة أخرى
في رحلة الرسول بولس التبشيرية الثالثة عند رجوعه تبعه النجيلي لوقا من
قا له في روما عند السر (:28 فيلبى إلى أورشليم (أع .)18 :21-5 :20كما نراه مراف ً
.)30وكان معه في لحظاته الخيرة ،إذ يقول في رسالته الوداعية" :لوقا وحده
معي" ( 2تي .)11 :4
vقيل أنه عاش بتولً ،عمل في أخائية (باليونان) ،استشهد في الرابعة والثمانين
من عمره وأن المبراطور قسطنطينوس الثاني نقل رفاته إلي القسطنطينية عام
357م ،وفي عام 1177م نقلت إلى padauبإيطاليا.
نسبة الس ْ
فر إليه
.2بجانب هذه الدلة الخارجية ،السفر نفسه يحمل دلئل علي أن كاتبه هو معلمنا
جه إليه
و ّ
جه إلى "ثيؤفيلس" نفس الشخص الذي ُ لوقا .فمنها أن هذا السفر مو ّ
سفر أعمال الرسل ،بل وجاءت مقدمة سفر العمال تكمل خاتمة إنجيل لوقا،
فالكاتب واحد .والسفران متشابهان في اللغة والسلوب والفكار .هذا والتعبيرات
الدقيقة التي استخدمها في وصف المراض التي شفاها السيد المسيح تدل على
ما منه لمهنة الطب لم يقل ما ذكره مرقس أن الكاتب طبيب ،فكطبيب احترا ً
الرسول عن نازفة الدم" :قد تألمت كثيًرا من أطباء كثيرين وأنفقت كل ما عندها،
ولم تنتفع شيئًا ،بل صارت إلى حال أردأ" (مر ،)26 :5إنما اكتفى بالقول" :قد
أنفقت كل معيشتها للطباء ،ولم تقدر أن تُشفي من أحد" (لو .)43 :8
تاريخ كتابته
ل يوجد تقليد ثابت بخصوص تاريخ كتابته أو مكان كتابه ،فالقديس إيريناؤس يرى
أنه كُتب قبل استشهاد القديس بولس ،بينما القديس جيروم معتمدًا على المؤرخ
يوسابيوس القيصري يراه كتب بعد استشهاد الرسول بولس.
لما كان هذا النجيل قد كُتب قبل سفر العمال ،و كُتب العمال قبل استشهاد
الرسول بولس حتى أنه لم يشر إلى هذا الحدث ،لهذا اعتقد كثير من الدرسين أنه
كتب ما بين عام 63و67م .كتبه غالبًا في روما ،وإن كان قد رأى البعض أنه كُتب
في أخائية أو في السكندرية.
غايته
سيا الملك،إن كان معلمنا متى البشير كيهودي كتب لليهود ليعلن أن يسوع هو الم ّ
قب الباء والنبياء مجيئه ،ليكون لهم نصيب في ملكوته الروحي الذي طالما تر ّ
البدي ،فإن مار مرقس كتب للرومان ليُعلن أن يسوع هذا هو الخادم العامل ،ل
بروح السلطة الزمنية والتشامخ والعنف ،بل بروح البذل ،فيخلص بأعمال محبته ل
بجيوش وقوات زمنية .أما معلمنا لوقا البشير فكأممى طبيب مثقف أراد أن يخدم
أصحاب الفكر الهيليني ،فكتب لليونان عن السيد المسيح بكونه "صديق البشرية
كلها" ،يقدم لها أعماله اللهية الخلصية ،لتحقيق ما عجزت عنه الفلسفة اليونانية
والحكمة البشرية.
لهذا يُدعى هذا النجيل" :إنجيل الصداقة اللهية" أو "إنجيل المسيح المخلص" .كما
دُعي بالنجيل المسكوني بكونه يمثّل دعوة للبشرية كلها لتقبل نداء صديقها
السماوي ،لتتجاوب مع عمله الخلصي خلل الحب .هذه الغاية سنراها واضحة خلل
حديثنا عن سمات هذا السفر.
قب "العزيز" وهوكتب القديس لوقا هذا النجيل لصديقه العزيز ثاؤفيلس ( .)3 :1ل َ
لقب شرف ،لهذا جاء الرأي الغالب أنه أحد أشراف السكندرية ،من أصل إنطاكي
كلوقا البشير نفسه ،فكتب إليه كأممى مثله ،ل لينتفع منه وحده ،وإنما كما قال
العلمة أوريجينوس لينتفع به المنتصرون من المم بوجه عام.
لقد ظن البعض أن لوقا هذا كان عبدًا لسيده ثاؤفيلس الممي ،وإذ عالجه كطبيب
و ُ
شفي كافأه بالعتق من العبودية ،فبعث إليه الطبيب لوقا هذا النجيل علمة
امتنانه وشكره .وآخرون قالوا أن كلمة "ثاؤفيلس" وهي تعني "المحب لله" إنما
هو اسم استنكاري لحد أشراف السكندرية لم يفصح عنه النجيلي حتى ل يتعرض
لمتاعب بسبب مسيحيته .على أي الحوال ،فإن هذا السفر موجه للمم بوجه عام
ليتمتعوا بصديقهم السماوي كمخلص لنفوسهم.
سماته
.1إذ قدّم لنا النجيلي السيد المسيح بكونه "المخلص صديق البشرية" ،كثيًرا ما
حدثنا عن "ابن النسان" جاء إلينا يحمل إنسانيتنا لكي يهبنا شركة الطبيعة اللهية.
فإن كانت الفلسفات اليونانية قدمت أفكاًرا مجردة ،لكنها ل تستطيع أن تحتل
قا للنسان حتى يقبله في داخله، القلب وتُغير العماق ،أما ابن النسان فجاء صدي ً
فيهبه خلل هذه الصداقة الفريدة إمكانيات فائقة تعمل في أعماقه وتنعكس على
تصرفاته .دعوته للسيد "ابن النسان" تحطّم شعورنا بغربتنا عن الله ،أو غربته عنّا
إذ نزل إلينا ليرافقنا طريقنا.
.2أهم سمة لهذا النجيل إنه إذ يقدم "المخلص الصديق" يقدمه للبشرية كلها ،فهو
إنجيل مسكوني .هو دعوة للجميع وليس لليهود فقط .لهذا نلحظ فيه التي:
أ .إذ كان اليهود يتطلعون إلى أنفسهم أنهم أبرار وبقية الشعوب خطاة ،يعلن
النجيلي أن السيد المسيح هو "صديق الخطاة" ،فانفرد بقوله أن ابن النسان ،قد
جاء يطلب ويخلص ما قد هلك ( ،)10 :19كما قدّم لنا مجموعة كبيرة من أقوال
وه على الخطاة ،مثل المثل الخاص السيد وأمثاله توضح صداقة يسوع المسيح وحن ّ
بطول الناة على شجرة التين العقيمة ( ،)9-6 :13مثل الخروف الضال ،والدرهم
المفقود ،والبن الضال ()15؛ كما قدّم لنا قصة المرأة الخاطئة ( ،)50-36 :7وتوبة
زكا العشار ( ،)10-1 :19والوعد للّص التائب على الصليب ( )43-40 :23الخ.
ب .اقتبس العبارات والحداث التي تفتح أبواب الرجاء للمم ،كقول إشعياء النبي:
"كل جسد يرى خلص الرب" ،ورسالة إيليا النبي إلى أرملة صرفة صيدا الممية (:4
،)25ورسالة إليشع إلى نعمان السرياني الوثني الممي (.)27 :4
ج .ذكر إرسالية السبعين رسولً ،فإن كان الثنا عشر تلميذًا يمثلون دعوة اليهود
(الثني عشر سبطًا) فإن رقم 70يشير إلى ملء المم.
ء .في نسب السيد المسيح لم يبدأ بإبراهيم بل بآدم أب كل البشرية (.)38 :3
.3إذ هو سفر الصداقة اللهية المتّجهة نحو النسان ،فإن هذه الصداقة مقدّمة
عا من شأن المرأة ودورها اليجابي،
سا الطفولة ،وراف ً
ضا للطفال والنساء ،مقد ًأي ً
صا بالفقراء والمعوزين والمطرودين والمنفيين:
ً خا ما
ً اهتما أعطى كما
دم إنجيلهمن جهة المرأة فقد لحظ بعض الدارسين أن لوقا البشير إذ ق ّ
صا بالمرأة أكثر من بقية النجيليين .ففي ما خا ً
المسكوني (الجامعي) أعطى اهتما ً
العالم الهيلينى يبدو أن مركز المرأة اجتماعيًا وقانونيًا أفضل منه عند اليهود في
ذلك الحين ،لذلك أراد النجيلي إظهار أن الرسالة النجيلية ل تحدّها التقاليد
جلاليهودية .انفرد النجيلي بذكر حنّة الرملة المتعبدة في الهيكل ( ،)36 :2كما س ّ
ي المخلص تنعم بكلماته. لنا خدمة مرثا وجلوس مريم أختها عند قدم ّ
اهتم النجيلي بالفقراء والمعوّزين والمطرودين والمنفيين .فأُرسلت البشارة إلى
فتاة الناصرة الفقيرة ،واهتمت الملئكة بالرعاة البسطاء ،وحدّثنا السيد عن الغني
عسم ،ومثل السامري لصالح ،ومثل عمي وال ُ
عرج وال ُ
ولعازر المسكين ،ووليمة ال ُ
العشار ،وقصة الزانية في بيت سمعان الفريسي ،ومثل البن الضال ،وقصة مريم
المجدلية ،وقبول اللص التائب على الصليب الخ .يقول أحد الدارسين[ :لقد ظهر
ما بالقلّيات والجماعات المعزولة والمنبوذة ،مثل السامريين والبرص اهتما ً
والعشارين والجنود ،وعامة الخطاة الذين في خزي ،والرعاة الممين والفقراء،
عا في هذا النجيل]. عا يجدون تشجي ًوهؤلء جمي ً
.4يرى البعض مثل leon-dufourأنه يمكن إطلق تعبير "النجيل الجتماعي" على
إنجيل معلمنا لوقا البشير في شيء من التحفظ ،معلّل ً ذلك بأنه قد عرض الكثير
عن اللتزام بالعطاء للفقراء (10 :3؛ ،)14-12 :14معلنًا عقوبة من ل يساهم في
احتياجاتهم ( ،)25 :16كما أبرز اللتزام بعدم الظلم أو الوشاية (.)14-10 :3
يصعب أن ندعو إنجيل ً بأنه اجتماعي وآخر أنه روحي ،فإن الحياة اليمانية وحدة
قدّم العمل الروحي فل يتجاهل الجانب الجتماعي ،والعكس إن واحدة ل تتجزأ .إن ُ
قدّم عمل اجتماعي فمن واقع روحي .فما أبرزه النجيل بخصوص الهتمام ُ
بالفقراء والمعوزين والمتألمين والمظلومين ،إنما هو ثمر طبيعي لتذوقنا صداقة
السيد المسيح لنا ،بكونه الصديق المهتم بالجميع خاصة المحتاجين روحيًّا أو ماديًّا
أو اجتماعيًّا أو نفسيًّا .فيليق بنا كأصدقاء للسيد المسيح أن نردّ حبه بالحب ،ونحمل
سماته فينا ،فما يُقدمه لنا يحملنا أن نقدّمه بصورة أو بأخرى لخوتنا.
ق لنا ليس فقط يقدم لنا السيد المسيح الخلص على الصليب ،إنما خلل .5كصدي ٍ
هذا الحب الذي يدخل إلى حياتنا اليومية ،نراه يشاركنا حتى في ولئمنا ويدخل
بيوتنا .فنجده يتناول العشاء في بيت سمعان الفريسي ،ويقبل وليمة زكا العشار،
ويستجيب لدعوة تلميذي عمواس واستضافتهما له.
وكصديق لنا ل يطلب العنف ول يقبل التعصب ،فنراه يوبِّخ يوحنا لنه طلب ناًرا
تأكل أهل السامرة ( ،)54 :9وزجر التلميذ قائلً" :من ليس علينا فهو معنا" (.)50 :9
إنه "إنجيل الرحمة" أي "إنجيل الغفران العظيم".
وكصديق لنا يشتاق أن نقبل صداقته ونتجاوب مع حبه ،لذا كثيًرا ما يثيرنا لقبول
هذه الصداقة بتقديم مقارنات مثل:
* سمعان الفريسي والمرأة الخاطئة ،فقد قدّم الول بيته ومائدته دون قلبه ،أما
المرأة بالرغم من عطاياها الكثيرة لكنها عرفت بالحب أن تتمتع بالصداقة
والغفران.
* الفريسي والعشار ،الول دخل الهيكل وله أعمال ناموسية يعتز بها ،لكن في
شار وهو في آخر صف أن يدخل كبريائه لم يقدر أن يصادق الرب ،بينما استطاع الع ّ
إلى قلب الصديق العظم خلل التواضع.
* البن الضال والبن الكبر ،نال الول البركة وتمتع بالصداقة خلل التوبة
والرجوع ،بينما فقد البن الكبر علقته بالب بسبب كبريائه.
* التطويبات والويلت.
.6إن كان الفكر اليوناني قد ساد العالم في ذلك الحين ،لكنه لم يقدّم للبشرية
حا حقيقيًا ،وعاش النسان يطلب كل يوم فلسفة جديدة أو فكًرا شعبًا صاد ً
قا ،وفر ً
لم يُسمع عنه من قبل .لذلك كتب النجيلي لوقا هذا السفر ليعلن أن المسيح
م الكثير من التسابيح صديق البشرية ،هو واهب الفرح الداخلي والتسبيح .فقد ض ّ
التي تعتز بها الكنيسة وتستخدمها في عبادتها وليتورجياتها ،مثل تسبحة الميلد
الملئكية ( ،)14 :2وتسبحة زكريا ( ،)79-68 :1وتسبحة القديسة مريم (،)55-46 :1
وتسبحة سمعان الشيخ (.)32-29 :2
وا من الفرح .فقد افتتح السفر بحديث الملك مجيء الصديق المخلص خلق ج ً
لزكريا الكاهن عن القديس يوحنا السابق لهذا الصديق المخلص ،قائلً" :ويكون لك
فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولدته" ( .)14 :1كما يروي أن ولدته قد أصبغت
حا على الكثيرين ( .)58 :1أما ميلد السيد فرافقه انفتاح السماء على الرض فر ً
ح عظيم ٍ يكون لجميع الشعب" ( .)10 :2وعندما عاد
ٍ بفر أبشركم أنا "ها بها: للكرازة
الرسل السبعين من كرازتهم يقول" :فرجع السبعون بفرح قائلين :يا رب حتى
الشياطين تخضع لنا باسمك" ( ،)17 :10بل قيل" :وفي تلك الساعة تهلل يسوع
بالروح ،وقال" :أحمدك أيها الب رب السماء والرض ،لنك أخفيت هذه عن
الحكماء والفهماء وأعلنتها للطفال ،نعم أيها الب هكذا صارت المسرة أمامك" (
.)21 :10وكأن الكرازة بهذا الصديق الفريد قد هلّلت قلب المخلص نفسه من أجل
البسطاء ،وهي موضع سرور الب ،بل أعلن أنه يكون فرح حتى في السماء عند
توبة الخطاة (.)32 ،10 ،7 :15
إنه فرح داخلي يمل قلب الخاطئ التائب ،عندما يجد في صديقه كل الشبع ،إذ قيل
حا" ( .)6 :19وفرح للجماعة كلها ،إذ قيل" :وفرح عن زكا" :فأسرع ونزل وقبله فر ً
كل الجمع بجميع العمال المجيدة الكائنة منه" ( .)7 :13كما قيل عن دخوله
أورشليم" :ابتدأ كل جمهور التلميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لجل
جميع القوات التي نظروا" ( .)37 :19وقد ختم السفر بالفرح بالصديق القائم من
الموات والصاعد إلى السماوات ،إذ قيل عن التلميذ حين ظهر لهم صديقهم
ضا بعدالعجيب" :وبينما هم غير مصدّقين من الفرح ومتعجبون .)41 :24( "...وأي ً
ح عظيمٍ" (.)51 :24
صعوده مباشرة" :رجعوا إلى أورشليم بفر ٍ
َ
هكذا جاء السيد المسيح يحقق سرور الب ،ويفرح هو بالبشرية المخل ّصة بدمه،
ضا
حا وسكب على كنيسته بهجته ،وأي ً وتفرح معه السماء ،كما مل تلميذه ورسله فر ً
على الخطاة التائبين .ولكي يميز بين هذا الفرح وفرح العالم المؤقت ضرب لنا
مثل الغني الغبي الذي قال لنفسه" :استريحي وكلي واشربي وافرحي" ()19 :12؛
لكنه لم يستطع أن يفرح ،إذ سمع الصوت اللهي" :يا غبي هذه الليلة تُطلب نفسك
منك" ( .)20 :12هذا كله دفع البعض إلى تلقيبه "إنجيل الفرح المسيحاني".
قا لنا ،قدّم لنا نفسه مثالً ،فظهر كمصلّي في مواقف .7إذ جاء السيد المسيح صدي ً
كثيرة منها عند عماده ( ،)21 :3وبعد تطهير البرص ،وقبل دعوة الثني عشر تلميذًا
( ،)12 :6وعند التجلي ( ،)28 :9وعلى الصليب من أجل صالبيه ،وفي اللحظات
سّر لصلتنا بالله
الخيرة من حياته على الرض .لقد أراد أن يعلن "الصلة" ك ِ
ضا أنه حملنا فيه لننعم بالتصالوصداقتنا معه .ظهور السيد كمصلّي إنما يعني أي ً
بالب.
.8يرى البعض أن الناجيل بوجه عام ،وإنجيل لوقا بوجه خاص ،لم تهدف إلى مجرد
عرض لحياة السيد المسيح أو تاريخه ،قدر ما هدفت إلى تقديم الكنيسة التي عاش
فيها السيد المسيح حيًّا يعمل لجلها .فهي تتحدث عن مسيح الكنيسة كما تتذوقه
بالتفافها حوله وثبوتها فيه .فالقديس لوقا في إنجيله يعرض بوحي الروح القدس
حياة الكنيسة خلل وجوده على الرض بالجسد ،بينما في سفر العمال يعرض
حياتها بعريسها خلل وجوده عن يمين الب بعد الصعود ،واهبًا إيّاها روحه
وجد بالجسد هنا ،ول يزال القدوس .إنه الصديق العامل بل انقطاع ،كان يعمل حين ُ
يعمل بعد صعوده حتى يلتقي بنا على السحاب.
ا .سفر التكوين الجديد يصف ميلد السيد المسيح وطفولته ،هذا الذي به تتحقق
الخليقة الجديدة ،فبظهور آدم الثاني انطلقت البشرية إلى عالم جديد.
ج .سفر اللويين الجديد هو إقامة الثني عشر تلميذًا ،وتقديم العظة الخاصة
بسيامتهم كسفر اللويين آخر (.)20 :6
هـ .القسم الخاص بسفر التثنية يمثل النصيب الكبر من النجيل حيث يضم أجزاء
كثيرة من تعاليم السيد خاصة في (.)14 :18 -51 :9
و .سفر يشوع الذي قدمه معلمنا لوقا هو قصة آلم السيد المسيح وقيامته،
فقبول راحاب الزانية يقابله زكا العشار (لو .)2-1 :19
.11أبرز النجيلي لوقا دور الروح القدس ،فأعلن الملك عن يوحنا المعمدان أنه
يمتلئ من الروح القدس من بطن أمه ( .)15 :1كما أبرز عمل الروح القدس في
ضا في الحاديث النبوية (67 :1؛ ،)27-25 :2وفي التجسد اللهي ( ،)35 :1وعمله أي ً
المعمودية ( ،)16 :3وظهوره في عماد السيد ( .)22 :3هكذا يربط عمل السيد المسيح
بعمل روحه القدوس (18 ،14 ،1 :4؛ 21 :10؛ 13 :11؛ .)12 :10
.12دُعي هذا السفر بإنجيل الشمول ،إذا حوى الكثير من القصص التي لم ترد في
ضا المثال ،يسنده في هذا علقته الوثيقة بالقديسة مريم.
الناجيل الخرى وأي ً
انفرد بذكر المعجزات التالية :صيد السماك ( ،)11-4 :5إقامة ابن أرملة نايين (:7
،)11المرأة التي بها روح الضعف ( ،)17-11 :13الرجل البرص ( ،)6-1 :14العشرة برص
( ،)19-11 :17شفاء أذن ملخس (.)51-50 :22
ضا بذكر المثال التالية :المديونان ( ،)43-41 :7السامري الصالح (،)37-25 :14
انفرد أي ً
الصديق اللجوج ( ،)8-5 :11الغني الغبي ( ،)20-16 :12شجرة التين غير المثمرة (-6 :13
،)9الدرهم المفقود ( ،)10-8 :15البن الضال ( ،)32-11 :15الوكيل الخائن (،)13-1 :16
الغني ولعازر ( ،)31-19 :16الفريسي والعشار (.)14-10 :18
كما انفرد بذكر أحداث معينة مثل إجابة يوحنا المعمدان على الشعب ،بكاء المسيح
على أورشليم ،موضوع حديثه مع موسى وإيليا عند التجلي ،العرق الذي نزل من
ي عمواس، جبينه كقطرات الدم ،خطابه لبنات أورشليم ،لقاء السيد مع تلميذ ّ
ضا تفاصيل خاصة بصعوده.وأي ً
.12من جهة السلوب فكما سبق فتحدثنا في أكثر من موضع أن الروح القدس إذ
يعمل في الكاتب ويلهمه بالكتابة ل يفقده شخصيته ،بل يستغل قدراته ويلهمه
صنه من الخطأ .وقد ظهرت قدرات معلمنا لوقا البشير من جهة السلوب، ويح ّ
ب ورسام في ٍ كطبي ضا
ً وأي للمور. ً
قا محق فجاء الدقيق، بالفحص اتسم ب
ٍ فكطبي
قا في أسلوبه ،يحمل لمسات شعرية لطيفة وعذبة ،حتى صار نفس الوقت جاء رقي ً
إنجيله مصدًرا للفنانين يستوحون منه أيقوناتهم.
ضا كصديق ورفيق للقديس بولس في كثير من أسفاره أوجد شيئًا من التشابه
وأي ً
بين كتاباتهما ،مما جعل العلمة ترتليان يقول بأن النجيلي لوقا قد استنار
بالرسول بولس.
(راجع لو 22 :4مع كو6 : 4؛ لو 32 :4مع 1كو4 :2؛ لو 36 :6مع 2كو 3 :1؛ لو 39 :6مع رو
19 :12؛ لو 56 :9مع 2كو 18 :10؛ لو 8 :10مع 1كو 23 :10؛ لو 41 :11مع تي 15 :1؛ لو :18
1مع 2تس 11 :1؛ لو 36 :21مع أف 18 :6؛ لو 20-19 :22مع 1كو 29-23 :11؛ لو 34 :24مع
1كو .)5 :15
----------------------------------------
http://www.youthbishopric.com/library/articleslibrary/arabic/bible/b4/b46.htm
القديس لوقا البشير كان أحد السبعين رسول ً وهو الذى أعطانا خبر أن المسيح
عين سبعين آخرين وأرسلهم اثنين اثنين إلى كل مدينة وموضع حيث كان يأتى (لو
.)1:10
كان تلميذ للسيد المسيح وأيضا ً تتلمذ للقديس بولس الرسول :بحسب تصورنا
ولغتنا الحديثة أن لوقا أقدم من بولس فهو دخل الجماعة التكريسية مبكرا ً عن
القديس بولس كما أنه عاش أيام المسيح معه بالجسد بعكس بولس الرسول ومع
ذلك نجد أن القديس لوقا يقول بكل حب أنه خادم مع بولس فهو بكل إتضاع
يقولها كأنه يصف إمكانيات بولس العظيمة للخدمة والكرازة ولضعفه أنه سوف
يصحبه فقط فى رحلت بولس التبشيرية.
وفى رسالة القديس بولس الرسول إلى فليمون يقول" :يسلم عليك أبفراس
المأسور معى فى المسيح يسوع ..ومرقس وارسترخس وديماس ولوقا العاملون
معى" (أع .)23،24وكأن لوقا من العاملون معه رغم أنه أسبق له فى الخدمة.
أيضا ً سفر أعمال الرسل يبين معية القديس لوقا للقديس بولس معبرا ً عنها
بقوله" :فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينيه فلم يدعهم الروح فمروا
قائم على ميسيا وانحدروا إلى ترواس وظهرت لبولس رؤيا فى الليل رجل
مكدونى قائم يطلب إليه ويقول أعبر إلى مكدونية وأعنا .فلما رأى الرؤيا للوقت
طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين أن الرب قد دعانا لنبشرهم .فأقلعنا من
ترواس وتوجهنا" (أع .)11-7:16
فى البداية كان القديس بولس يتكلم بضمير الغائب ثم أصبح يتكلم بضمير
المتكلمين وهذا بعد أن التقى بالقديس لوقا فى ترواس فى الرحلة الثانية (أع
)5:20وأيضا ً عبر بضمير المتكلمين قائلً" :سلمنا فصرنا نحمل" (أع .)15:27
وفى (أع )16:28قائلً" :ولما أتينا إلى رومية سلم قائد المئة السرى إلى رئيس
العسكر" وأعتبر القديس لوقا نفسه مرافقا ً لبولس حتى عند ذهابه للمحاكمة رغم
أنه لم يكن صغير السن أو قليل المنزلة ..وكما نعلم أن القديس بولس مكث
سنتين فى بيت إستأجره بعدها قدم إلى نيرون وأستشهد ثم بعدها بفترة قدم
القديس لوقا لنيرون واستشهد.
أيضا ً فى الرحلة الثالثة عندما كان القديس بولس مسجون فى قيصرية (قيصرية
فيلبس التى بناها الملك مجاملة لقيصر) ..أخذ لوقا يخدم سنتين فى أورشليم إلى
أن يعود القديس بولس من سجن قيصرية ...وسافر لوقا مع بولس إلى روما.