Professional Documents
Culture Documents
فتاوي تغييب العقل -سيد القمني
فتاوي تغييب العقل -سيد القمني
html
بين تجارب المشايخ ومواعظ الدكاترة:
* أستاذ جامعي يشرح طريقة سجود الشمس لله وشيخ أزهري يكشف علقة
الحر والزمهرير بنار جهنم وعذاب الجن.
* دكتوراه في العلوم السياسية تروج لخرافة الصورة التي أذهلت العالم ومذيع
تليفزيوني يسرب الخبر في برنامجه.
* الصلح يبدأ بلغتنا ومفاهيمنا والسعي لعادة العلم إلى مكانه الصحيح.
يفترض رجال الدين أن النسان كائن عاجز ليس في مستطاعه بمفرده أن
يفكر أو يكتسب المعارف بجهده ،ول يعترفون أن هناك أصل معارف
يصنعها النسان بالكشف والبحث والفهم ،لذلك فالنسان عندهم غير
مدرك لمصالحه ،لذلك وضعوا لنفسهم قوانين فقهية تمنع هذا النسان
من التفكير ،لنه ربما صادم بذلك معلوما من الدين بالضرورة فاستحق
الموت ،أو لنه اجتهد في شأن يخالف نصا قطعيا قال قراره مسبقا في
هذا الشأن ،لذلك فالنسان يملك عقل قاصرا تابعا ل يمكنه الستقلل
بصنع قوانين تناسب ظروف الحياة المتغيرة ،ول يمكنه أن يتخذ قرارا بدون
الرجوع إلى أهل الدين للتفسير وللفتوى ،لنه عاجز وفاقد للهلية بالمرة .
المشكلة هنا أن رجال الدين ل ينسون وهم يصوغون لنفسهم هذه السيادة
والسيطرة والوصاية على الناس ،أنهم أيضا ناس ،وأنهم أيضا بشر ،ومن
هنا اصطنعوا لنفسهم أزياء مهيبة وألقابا فخيمة ولغة خاصة تشمل في
معظمها نصوصا دينية كلما تحدثوا ،ومؤسسات طائفية خاصة أضفوا عليها
القداسة ،للقاء هذه القدسية في روع العامة فيصبحون هم الدين ،
ويتحولون إلى نوع خاص من البشر يقف بين الله والنسان في ترتيب
الدرجات ،ليتحولوا إلى وسائط بين الله وعباده وشفعاء للعباد يمنحون
الغفران أو اللعنات ،ويطلبون استسلم النسان العاجز لهم لنهم العارف
بمصالح الناس عبر معرفتهم بقرارات وعلم رب الناس ،بتفويض خفي من
الله لهم دونا عن بقية عباده دون أن يبرزوا للناس مرة واحدة نسخة واضحة
من هذا التفويض ول مبررات حصولهم عليه.
والمعلوم تاريخيا أن هذه الرؤية التي روجها رجال الدين لصالح سلطانهم
ليصبحوا الطبقة المميزة تاريخيا عن جميع البشر ،قد أدت إلى تخلف
البشرية طويل تحت سيطرة حلف رجال الدين مع أية سلطة كانت ،واحيانا
كانوا يحكمون بأنفسهم مباشرة في دول ثيوقراطية كاملة المعنى
والمبنى ،حتى أمكن للبشر وعم يصوغون فكرا إنسانيا جديدا ً ،ويرزحون
تحت أحكام القتل والصلب وجز العناق والعتقالت للتراجع عما يكشفون
بعقولهم ،أن يراكموا الفكر النساني الجديد لبنة بعد أخرى ليتركوا
للبشرية بعد عذاباتهم وموتهم من أجلها تأسيسات فكرية ومناهج عقلية
أدت لبزوغ عصر النوار الذي استحق اسمه التاريخي عن جدارة واستحقاق ،
لتبدا ً النهضة العقلية النسانية بالمنهج العملي ،لتتالي كشوف العقل
القاصر لتؤكد أنه لم يعد قاصرا ول بحاجة لوصاية من أحد ،بل لتتالي
الكشوف التي تؤكد مدى غباء النظريات السابقة ،ومدى فاشيتها
وتحالفاتها المشينة ضد إنسانية النسان ،بأدلة تؤيد الجديد بالثبات
المحسوس والملموس وبالتجربة المخبرية التي أدت في النهاية إلى نتائج
وإنجازات اختارها الناس بعد تأكدهم من فعاليتها ،لتتطور البشرية وترتقي
بأدوات إنسانية ل علقة لها بالديان ،ولتصنع لنفسها الجنة على الرض
بغض النظر عن جنة السماء المؤجلة ،حتى دخلنا عصر التصالت العظيم
والتحكم بالجينات سعيا نحو خلق أفضل مما هو كائن ومما كان .هذا بينما
لم يكن بيد رجال الدين وهم يفقدون أوراق سلطانهم على الناس ما
يقدمونه للناس سوى كلم ل دليل عليه لنه ظل غبيا مجهول ل مصداقيه له
ول دليل إل كلمه في نصوصه القدسية .
وكان طبيعيا ً أن ينحاز الناس إلى العلم ورجاله ،ليسحب التطور معنى
العالم ولفظه عن رجل الدين إلى علماء العلم النساني الجليل ،بعدما
حقق لهم هؤلء العلماء الرفاه والسعادة والمكاسب العظيمة على كل
المستويات والنواع ،من التداوي وتشخيص المراض واختراع علجاتها .
بعد الحجامة وبول الجمل والعسل والحبة السوداء والسحر والجان والرقية
والمعوذات إلى تشخيص المرض بأدق الجهزة للوصول إلى أفضل النتائج
الممكنة للعلج ،إلى تطور كل مناهج وفنون المعرفة في التاريخ الذي
أصبحت له مناهجه وأدواته إلى القتصاد بنظرياته واسسه ،إلى علوم
السياسة التي تقوم على الحريات النسانية الكاملة ،إلى السعي في
الفضاء بحثا وكشفا وتنقيبا .هذا بينما مازال النسان في بلدنا يعيش
مرحلة ما قبل العلم .بل ما قبل النهضة ،بل ما قبل زمن النوار .يحاول
إثبات أهليته فيصادرونه أو يحاكمونه أو ببساطة يقتلونه ،حتى يبقى دون
سن الرشد فيكبر الجسم دون العقل ليتحول إلى كائن أبله كالقرد الذي
يمكنه عزف الموسيقى أو مطالعة التلفاز دون أن يعرف شيئا ً عنهما !
لقد كان حلف رجال الدين والسلطة هو أبشع حلف عرفته النسانية من
فجرها ،وسجل مظالم وسحق لكرامة النسان عبر تاريخ مقيت ،حتى
تمكن النسان في الشمال من استعادة كرامته وإعادة رجل الدين إلى
حظيرته ،وحكم نفسه بنفسه بتشريعات تناسب زمنه ومصالحه وكرامته .
لكن المر في جنوبنا ليس كذلك ،رغم أننا على تواصل اضطراري مع
إنجازات النسان الراقي للستفادة من منجزاته ،لكن دون أية مشاركة في
هذه المنجزات فانتكسنا من المرحلة القردية إلى مرحلة الطفيليات التي
تتغذى على الخرين ،ول تكتفي بذلك بل تسبب لهم أفدح الضرار ،وهو
الواضح في أهم صادراتنا للعالم "الكراهية والرهاب" .
وعبر ثلثة وثلثين عاما ً أو أكثر ساد خطاب حلف السلطان والكاهن في
بلدنا بعد صحوة مؤقتة حدثت في مصر في عشرينات القرن الماضي ،تم
القضاء عليها بقفز عسكر يوليو على السلطة عام ، 1952ولم نعد بعدها
حتى اليوم إلى ما حققناه في القرن الماضي ،عندما كان الناس يجدون
في الدين دعوة لطلب العلم ولو في الصين ،ومن المهد إلى اللحد لتكريم
بني آدم الذي كرمه ربه بآيات واضحات ،عرف منها أن عصر النبوات قد
انتهى وبدأ عصر العقل بالنبي الخاتم ،وأن القرار بختم النبوات يعني قرارا
بعدم تدخل السماء في الرض بقرار إلهي حتى يتمكن النسان من بلوغ
رشده لدراة الكون الذي خلق له الله ،لكن النتهازيين ،من فجر تاريخ
دولتنا السلمية قرروا استلم الوصاية من الله على عبادة بقرار شخصي
مصلحي ليربكوا اعناقنا ومازالوا راكبين ينتهزون موجات المد والجزر
السياسي ليركبوا الموجة في كل مرة باسم الله والدين .
مشكلتنا الن أنه لم يعد مسموحا ً ان نعيش الزمن القردي في مجتمع دولي
يسعى للتكامل والتكافل والعيش المتبادل المن ،وانتهاء عصر عبودية
النسان لي من كان .وأن برامج الصلح والمبادرات تتتالى لثبات وجودنا
من صحافتنا القومية حتى اليوم ل يعلم فيما يبدو بما حدث ويحدث ،
ومازالت عند قدميها ثابته ل تريم حراكا ً ،في حالة موت سريري تعاني فيها
من الهلوسات !
هنا سأختار اختيارات عشوائية مما تنشره صحافتنا في زمن الصلح لترى
كيف يراد للناس أن يفكروا .
في علج داء خطير قتال كالسرطان نكتشف إحدى الصحف القومية في "
"1/4/2004أن العسل علج أكيد للسرطان والفيروسات والجهاز الهضمي ،
كل هذا معا ً .ويستند الدكتور زغلول النجار في خطاب ل يليق إل بزمن
القرود ،ومن إبداعات الشيخ زغلول أن بعض المسلمين الباحثين في العلم
تأكدوا بالتجربة المعملية المخبرية أن الذباب يحمل في إحدى جناحيه سما
ناقعا وفي الجناح الخر دواء شافيا .كل لم ينشغل زغلول بالمرض في حد
ذاته ول بالعلج الشافي في أجنحة الذباب .وكيف نستخرج المصل الواقي
من المراض من جناج الذبابة لنكتفي به عن أدوية بلد الكفر التي تكيد لنا
بعلجات ل تنفع ،ول حتى الشارة بهؤلء العلماء المسلمين وتعريضا بهم
ومن هم وأين أجروا أبحاثهم الباهرة ،كل ما شغل الدكتور هو أن تلك
التجربة "من أعظم الشهادات على صدق نبوة ورسالة وهذا النبي الخاتم".
وتتحفنا نفس الجريدة بأقوال علمائئا لتؤكد لنا أن الدكتورة فاطمة النقلي
أستاذة الكيمياء الحيوية بكلية طب بنات الزهر " :إن الحجامة تسهم في
شفاء من معظم المراض "لحظ :معظمها ،لحظ أيضا أن الدكتورة
متخصصة في الكيمياء الحيوية" .و "ذلك مثل الصدفية وارتفاع ضغط الدم
والروماتويد والسكر وسيلن الدم وتقليل نسبة الدهون" .
وتفسح احدى الصحف القومية مساحة للدكتور أحمد شوقي إبراهيم رئيس
المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة ،ول أستطيع أن أفهم كيف يلتقيان
"المجمع العلمي" و "القرآن والسنة" ،فللعلم شروط ل تلتقي بحال مع
النصوص ،والنصوص ثابته والعلم متغير ،والنصوص إلهية والعلم إنساني ،
ول تدرك لي غرض تقوم هذه المجامع التي لم تحقق حتى اليوم أي إنجاز
علمي واحد تتقدم به للعالم كحصوة في عين اللي ما يصلي على النبي .
اللهم إل ابعاد شبابنا عن الكد والبحث العلمي الصارم إلى القول البسيط
السهل في نصوصنا ،نكتفي به ونظل عالة على الغرب يكتشف لنا
ونستهلك نحن على الجاهز !
هل فهمتهم شيئا ً ؟! صاحبنا الدكتور الجهبز مهتم بتسبيح وسجود الجمادات
وحديثها ولغتها ،فهو يقول مرددا عن علي بن أبي طالب :كنت مع النبي
في مكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ول شجر ول مدر إل
قال له :السلم عليك يا رسول الله .6/11/2004
أليست هذه مأساة حقيقية ؟! وإذا كان الله قد منح النبي قدرة فهم لغة
الجبال التي ل شك تختلف عن لغة الشجر ،ولغة المدر لغة أخرى بالطبع ،
فكيف سمعها علي وفهمها ورواها لنا ؟ وما سر الهتمام اليوم بهذه
الشئون السطورية ،وماعلقة المجمع العلمي بالموضوع ؟! وهل سجل لنا
أحد رجال العلم فيه هذه اللغة لنقدمها للعالم بحسبانها كشفا ً يليق بنا ؟!
ومع اشتداد موجات الحر أحيانا ً تتقدم الصحيفة القومية الولى بكارثة
اخرى ،فإنها تقدم لنا ما وصل إليه الدكتور عزت عطية في حوار خطير
أجرته معه عل عامر ،إذ يقول سيادته " :قال رسول الله اشتكت النار إلى
ربها وفقالت :رب أكل بعضي بعضا ً ،فأذن لها بنفسين :نفس في الشتاء
ونفس في الصيف ،فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من
الزمهرير" .الدكتور عزت استاذ الحديث بكلية أصول الدين بأزهرنا المبارك
يشرح قائل ً ل فض فوه " :فجهنم بشدة نيرانها يمكن أن يتسرب حرها إلى
الجواء التي نعيش فيها ،كما يمكن أيضا ً أن يتسرب منها البرد الشديد أو
الزمهرير" .أما كيف ذلك علميا ً ؟ فيقول سيادته :حرارتها العالية "أي
جهنم" تنجم عن النيران المتمركزة فتنطلق هذه الحرارة إلى الفضاء فيصل
بعضها إلى الرض ،أما الزمهرير فهو لتعذيب الجن لنهم خلقوا من نار ،
أما البشر مخلوقون من طين فهم يعذبون بالنار" .
ناهيك عن باب حوار العقل بصحيفة الحرار ،وما نشأ من جدل حول حديث
التفلية ،وأن ابن حجر قد أباح للزوجة أن تستضيف صديق زوجها في غيبته
لتقوم بتفلية رأسه "."31/5/93
ويشرح ابن حجر معنى التفلية "أي تتبع القمل فيه /رد ا لدكتور محمد
السعيد مشتهري" .
ثم تذكرنا الهرام بفضيحة اشجار غابة ألمانيا التي تشكلت بشكل عبارة ل
إله إل الله محمد رسول الله ،والتي ظلت تباع صورها بوسترات في بلدنا
في استثمار كاذب ملفق حتى اكتشف الناس أنها لوحة لرسام من
المنصورة .والفضيحة الجديدة شارك فيها تليفزيون مصر تحت عنوان
الصورة التي أذهلت العالم والتي قدمها برنامج "صباح الخير يا مصر" وكيف
أن الرض تبدو مظلمة من الفضاء ما عدا نقطتين مضيئتين هما مكة
والمدينة ،وأن القمار الصناعية صورتها فأذهلت وكالة النباء المريكية ناسا
،هنا تشارك الهرام باحتجاج طويل عريض للدكتورة أميرة الشنواني التي
سجلت تحتا اسمها "دكتوراه في العلوم السياسية" لكن يبدو أنها تعمل في
الدعوة والرشاد والهداية لنها احتجت أشد الحتاج على أن نشرات الخبار
في بلدنا لم تذع هذا الخبر ،وكيف شعرت بغضب شديد كيف أننا في بلد
إسلمي به الزهر الشريف ول يهتم بخبر كهذا ،ورأت أن المسجد القصى
لم يكن مضيئا ً بدوره لنه تحت الحتلل .2/2/2004
مع إشلدتها بالعلمي تامر أمين الذي سرب الخبر لصباح الخير يا مصر
ومن تلفازنا لتامر أمين لصباح الخير يا مصر لصحفنا لدكتوراه العلوم
السياسية يا قلبي ل تحزن !
هذه يا سادة عينات عشوائية كلها دكاترة تمكنات من عقولهم ألة الكهانة
الدينية حجتى ل تدري كيف مارس أصحابها البحث العلمي للحصول على
تلك الدرحات ،وهو ما يستدعي السؤال إعمال ً لهذا :هل في بلدنا بحث
علمي حقا ً ؟
وفي ظل هذا اللون من الفكر الذي نعيشه وتظلله تلك المفاهيم يطرح
السؤال الهم نفسه :هل يمكننا أن نتوفغ خيرا ً بإعطاء هذا الفكر الحق في
سماع شهادته الديمقراطية في صندوق القتراع؟!
يبقى أن يبدأ الصلح بإصلح لغتنا ومفاهيمنا قبل أن نفكر في الصلح ،أن
يهود الوعي إلى بلدنا أول ً ،أن تخرج هذه اللغة وتلك المفاهيم من بلدنا
لتعيش مع بن لدن في مفازات الجبال والصحاري ،لتعود مصر إلى مصر ،
ويعود شعب مصر إلى مجده الحقيقي الذي سجله للعالم بإرادة وتحد مازال
مفخرة كوكب الرض .
أن يعرف الناس أن في الدنيا شئونا ً أخرى غير الدين تقدم بها البشر علماً
وسياسة ولغة وفنا ً وأخلقا ً ،لكن هل توجد رغبة حقيقية في أن يعرفوا ؟!