Professional Documents
Culture Documents
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي
html
فقه الرهاب
مقدمة
إهداء
*************
مقدمة الكتاب
النفاق ،الرهاب ،العنصرية .ثلثة آفات ذميمة وخطيرة قام عليها وانتشر
من خللها السلم.
من المؤكد أن الذين ل يعرفون حقيقة السلم ،ول حقيقة علومه الشرعية
المختلفة سيتهمونني بالفتراء والتهجم على السلم .لهؤلء جميعا ً أقول:
ليس هدفي التقبيح والتجريح في السلم ول الطعن والتشكيك في رموزه
الدينية ،بل هدفي هو إظهار السلم كما هو في حقيقته وجوهره دون
زيادة ول نقصان.
الشيخ المقديسي
الفصل الول
ـ النفاق ـ
أجمع علماء السلم أن هذه الية نزلت في عمار بن ياسر حين أعطى
الكافرين ما أرادوا بلسانه مكرهاً.
قال ابن عباس :أخذه المشركون (عمار بن ياسر) وأخذوا أباه وأمه
سمية وصهيب وبلل وخباب وسالم فعذبوهم ،وربطت سمية بين بعيرين،
وقيل لها إنك أُسلمت من أجل الرجال .فقتلت وقتل زوجها ياسر ،وهما
أول قتيلين في السلم .وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً،
فشكا ذلك إلى رسول الله ،فقال له رسول الله( :كيف تجد قلبك؟) قال:
مطمئن باليمان .فقال رسول الله( :فإن عادوا فعد) -راجع تفسير آية
سورة النحل للطبري.
قالوا" :لما سمح الله عز وجل بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الكراه،
فإذا وقع الكراه لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم ،وبه جاء الثر المشهور
عن النبي( :رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)" متفق عليه
-راجع تفسير الطبري في شرحه لية النحل .106
أجمع علماء المسلمين على أن من أكره على الكفر حتى خشي على
نفسه القتل ،أنه ل إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن باليمان .إذن لقد أباح
القرآن للمسلمين الكذب والنفاق في حالة وقوع الكراه على المسلم.
ودليلنا قوله:
ُ َ
ن
ن باليما ِ مطْ َ
مئ ٌ ه ُ و َ
قلب ُ ُ ن أك ْ ِ
رهَ َ ه إل ّ َ
م ْ د إيمان ِ ِ
ع ِ
ن بَ ْ
م ْ
ه ِ ن كَ َ
فَر بالل ِ م ْ
} َ
{ النحل .106
ونحن إذ نتعرض هنا للدلة القرآنية الدالة على مشروعية الكذب
والنفاق في السلم ،نود التذكير بأن الدليل الواحد المعتبر الدال على صحة
فرت مع إثباتها أدلة قرآنية كثيرة لمقضية يكفي لثباتها ،فكيف لو تو ّ
يُختَلَف في تفسيرها لنها محكمة (أي واضحة المعنى والحكم) يُنبئ ظاهرها
عن حقيقتها ول مجال للتأويل فيها ؟!
ل ذل ِ َ
ك ع ْف َمن ي َ ْ و َ
ن َ
مني َ مؤ ِن ال ُ دو ِن ُ م ْن أوليَاءَ ِ فري َن الكا ِمنُو َ
مؤ ِ
ذ ال ُ } .7ل يَت َّ ِ
خ ِ
َ َ
ه… س ُف َ ه نَ ْ
م الل ُ ُ
ذُّرك ُ
ح ِوي ُ َ
ة َقي ًم تُ َ من ْ ُ
ه ْ ن تَت ّ ُ
قوا ِ ّ
ء إل أ ْه في شي ٍ ن الل ِ م َ فلَي ْ َ
س ِ َ
{ آل عمران28 :
لقد أخرج الطبري في تفسير هذه الية من عدة طرق ،عن ابن عباس،
والحسن البصري ،والسدي ،وعكرمة مولى ابن عباس ،ومجاهد ابن جبر،
والضحاك بن مزاحم ،جواز التقية في ارتكاب المعصية عند الكراه عليها
كاتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين في حالة كون المتقي في
سلطان الكافرين ويخافهم على نفسه ،وكذلك جواز التلفظ بما هو لله
معصية بشرط أن يكون القلب مطمئنا ً باليمان ،فهنا ل إثم عليه -تفسير
الطبري (جامع البيان عن تأويل آيات القرآن) 313 :6ـ . 317
هذا مع اعتراف سائر المسلمين بأن الية لم تُنسخ فهي على حكمها
ن التقيةمنذ نزولها وإلى يوم القيامة ،ولهذا كان الحسن البصري يقول( :إ َّ
جائزة إلى يوم القيامة) -حكاه الفقيه السرخسي الحنفي ،وقال معقباً:
(وبه نأخذ ،والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر
خلفه) -المبسوط للسرخسي 45 : 24من كتاب الكراه.
***
.9قال ابن منظور :ويظهرون الصلح والتفاق وباطنهم بخلف ذلك -
لسان العرب -راجع أيضا ً المصباح المنير للفيومي - 669 :2وأساس البلغة
للزمخشري .686
وفي الصطلح فقد عّرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة :
وقد ذهبت طائفة من علماء المسلمين إلى أن الرخصة إنما جاءت في
القول ،وأما الفعل فل رخصة فيه.
واحتج من قصر الرخصة على القول بقول ابن مسعود :ما من كلم يدرأ
عني سوطين من ذي سلطان إل كنت متكلما ً به فقصر الرخصة على القول
ولم يذكر الفعل .قال أبو العالية :التقية باللسان وليس بالعمل .عن الحسن
قال :سمعت أبا معاذ قال :إن التقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به
وهو لله معصية فتكلم مخافة على نفسه }وقلبه مطمئن باليمان{ فل إثم
عليه -راجع :جامع البيان .3/153
وقالت طائفة :الكراه في الفعل والقول سواءُ .روي ذلك عن عمر بن
الخطاب.
ه) ،والسم( :الكَرهُ) ويُرادة مأخوذ من الفعل (كََر َ أصل الكراه في اللغ ً
ُ
به كل ما أكرهك غيرك عليه ،بمعنى :أقهرك عليه .وأما (الكْره) فهو
ه ،أي :على مشقة -راجع لسان العرب لبن المشقة ،يُقال :قمت على كُْر ٍ
منظور 12:80
ما في الصطلح :فقد عّرفه التفتازاني بأنه( :حمل الغير على أن .13وأ ّ
يفعل ما ل يرضاه) -التلويح على التوضيح لسعد الدين التفتازاني 196 : 2
طبعة مصر ،وأيضا ً السرخسي الحنفي -راجع المبسوط للسرخسي 38 :24
من كتاب الكراه .كما عّرفه عبد العزيز البخاري الحنفي بقوله :هو (حمل
ر يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه ،ويصير الغير الغير على أم ٍ
خائفا ً به) -كشف السرار لعبد العزيز البخاري .4/1503
.14روى ابن القاسم عن مالك أن من أُكره على شرب الخمر وترك الصلة
أو الفطار في رمضان ،يكون الثم عنه مرفوع.
.15وقال إسماعيل حقي في تفسيره روح البيان 5/84في تفسيره لية }
إل من أكره{ أي من أُجبر على ذلك التلفظ بأمر يخاف على نفسه ،أو على
عضو من أعضائه لن الكفر اعتقاد والكراه على القول دون العتقاد،
مكره على الكفر باللسان }وقلبه مطمئن باليمان{ لم والمعنى لكن ال ُ
تتغير عقيدته .وفيه دليل على أن اليمان المنجي المعتبر عند الله هو
التصديق بالقلب -راجع المصدر المذكور.
.21وقيل أيضاً :إن المؤمن إذا كان قائما ً بين الكفار فله أن يداريهم
باللسان إذا كان خائفا ً على نفسه وقلبه مطمئن باليمان .والتقية ل تحل
إل مع خوف القتل أو القطع أو اليذاء العظيم) -تفسير القرطبي .57 /4
.22وهكذا ذهب ابن كثير أيضاً ،كما قال البخاري عن أبي الدرداء أنه قال
شُر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" .وقال البخاري :قال الحسن: "إنا لنُك ْ ِ
التقية إلى يوم القيامة) -تفسير ابن كثير .1/357
.24لم تقف رخصة النفاق الشرعي (التقية) عند حد السماح للمسلم أن
يكفر بالله وقلبه مطمئن باليمان عند الكراه ،بل شملت التقية حالت غير
الكفر بالله ،مثال على ذلك :تجويزهم السجود إلى الصنم في ما لو أُكره
المسلم عليه -راجع الجامع لحكام القرآن للقرطبي - 180 : 10وتفسير ابن
جزي الكلبي المالكي 366 :دار الكتاب العربي ،بيروت.
.1جواز ترك الصلة تقية :تفق المالكية والحنفية والشافعية على جواز
ترك الصلة المفروضة في ما لو أُكره المسلم على تركها -راجع :الجامع
لحكام القرآن للقرطبي المالكي 180 :10وما بعدها -والمبسوط
للسرخسي الحنفي - 4 : 24والشباه والنظائر للسيوطي الشافعي .208-207
.2جوازها في الزنا :إذا أُكره الرجل على ارتكاب هذه الجريمة ،واتقى
على نفسه بارتكابها فهل يسقط الحد عليه أو ل؟
اختلفوا على قولين :أحدهما سقوط الحد عنه ،وهو قول القرطبي
المالكي – راجع الجامع لحكام القرآن – 180 :10وابن العربي المالكي،
أحكام القرآن لبن العربي 1177 :3و – 1182والفرغاني الحنفي ،بدائع
الصنائع 175 :7ـ - 191وابن قدامة الحنبلي ،المغني لبن قدامة 412 :5
مسألة - 3971 :وابن حزم ،المحلّى 331 :8مسألة .1405
وأما الخر :إقامة الحد على الزاني تقية ويغّرم مهرها ،وهو قول مالك
بن أنس ،والشافعي .وقال أبو حنيفة ل يجب المهر – المغني لبن قدامة
155مسألة .7167
.4جوازها في اليمين الكاذبة :لو حلف إنسان بالله كاذبا ً فل كفارة عليه
إن كان مكرها ً على اليمين ،وله ذلك تقية على نفسه ،وتكون يمينه غير
ملزمة عند مالك والشافعي وأبي ثور ،وأكثر العلماء على حد تعبير النووي
الشافعي .واستدل بحديث( :ليس على مقهور يمين) -راجع المجموع شرح
المهذب للنووي الشافعي ،3 :18دار الفكر بيروت -وأحكام القرآن لمحمد
بن إدريس الشافعي 114 :2ـ .115
وز فيها فقهاء ملحظة :ولقد تركنا الكثير جدا ً من المسائل التي ج ّ
المسلمين التقية بغية للختصار؛ كتجويزهم التقية مثل ً في الصدقة،
والقرار ،والنكاح ،والجارة ،والمباراة ،والكفالة ،والشفقة ،والعهود،
والتدبير ،والرجعة بعد الطلق ،والظهار ،والنذر ،واليلء ،والسرقة ،وغيرها
من الفروع الشرعية – راجع في ذلك بدائع الصنائع – 191 – 175 :7والمحلّى
،335 – 331 :8مسألة - 1406 :وغيرهما مما ذكرناه من مصادر الفقه.
.1قال النووي :اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب ،وكيف
أمكن الخداع إل أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فل يحل -صحيح مسلم
بشرح النووي .12/45
.2وقال ابن حجر :وأصل الخداع إظهار أمر وإضمار خلفه ،وفيه التحريض
قظعلى أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار ،وأن من لم يَتَي َ َّ
لذلك لم يأمن أن ينعكس عليه.
.3قال ابن المنير :معنى الحرب خدعة أي الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة
في مقصدها إنما هي المخادعة ل المواجهة ،وذلك لخطر المواجهة وحصول
الظَّ َ
فر مع المخادعة بغير خطر -فتح الباري .6/58
.4قال النووي :صح في الحديث جواز الكذب في ثلثة أشياء أحدها في
الحرب .قال الطبري إنما يجوز من الكذب في الحرب المعارض دون حقيقة
الكذب فإنه ل يحل ،هذا كلمه ،والظاهر ،إباحة حقيقة نفس الكذب لكن
القتصار على التعريض أفضل والله أعلم -صحيح مسلم بشرح النووي
.12/45
خص في شيء م كلثوم بنت عقبة قالت" :لم أسمع رسول الله ير ّ .5عن أ ّ
من الكذب مما تقول الناس إل في الحرب والصلح بين الناس وحديث
الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها -رواه أحمد ومسلم وأبو داود ،وروى
الترمذي مثله عن أسماء بنت يزيد.
.6وقال ابن حجر :قال النووي :الظاهر إباحة حقيقة الكذب في المور
الثلثة لكن التعريض أولى.
.7وقال ابن العربي :الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص رفقاً
بالمسلمين لحاجتهم إليه وليس للعقل فيه مجال ،ولو كان تحريم الكذب
بالعقل ما انقلب حلل ً -فتح باري .6/159
.8وأما الكذب على العدو في غير حالة الحرب فيجوز لسباب منها ما فيه
مصلحة دينية أو مصلحة دنيوية للمؤمن أو تخلص من أذى الكافرين ودليله:
علَط حين استأذن النبي أن يقول عنه ما شاء لمصلحته قصة الحجاج بن ِ
ن له النبي -فتح الباري - 6/159والبداية ذ في استخلص ماله من أهل مكة وأ َ
ِ َ
والنهاية لبن كثير 4/215
.9قال ابن حجر في شرحه( :وإل فالكذب المحض في مثل تلك المقامات
يجوز ،وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعا ً لعظمهما ،وأما تسميته إياها
خل َّ لكنّه قد يحسن في كذبات فل يريد أنها تُذم ،فإن الكذب وإن كان قبيحا ً ُ
م ِ
مواضع) -فتح الباري .6/392
الخلصة :يجوز للمسلم الكذب على الكافر لجل مصلحة دينية أو
دنيوية ،عامة كانت أم خاصة ،في حالة الحرب وفي غير حالة الحرب.
نمنُو َ م ْ
ؤ ِ خذْ َال ْ ُ
لقد بنى ابن تيمية رأيه هذا على الواقع القرآني } :ل يَت ِ
ّ َ
ء
ي ٍ
ش ْ في َ ه ِ ن الل ِ م ْ فلَي ْ َ
س ِ ل ذَل ِ َ
ك َ ع ْ ن يَ ْ
ف َ م ْو َ
ن َ
منِي َ
ؤ ِ ن ال ْ ُ
م ْ ن دُو ِ م ْولِيَاءَ ِ
نأ ْ ري َ ف ِالْكَا ِ
قية{ آل عمران .28 م تُ َ ن تَت َّ ُ َ
ه ْمن ْ ُ
قوا ِ إِل أ ْ
.11يقول الشيخ المراغي" :ويدخل في التقية مداراة الكفرة ،والظلمة،
والفسقة ،وإلنة الكلم لهم ،والتبسم في وجوههم ،وبذل المال لهم لكف
أذاهم ،وصيانة العرض منهم ،ول يُعد هذا من الموالة المنهي عنها ،بل هو
مشروع" -تفسير المراغي 136 : 3ـ .137
إذن يتبين مما ذُكر أن شريعة السلم قد أباحت للمسلمين الكذب في
حالت كثيرة.
سؤال :هل إظهار الكلم الموهم للمحبة والموالة ،والقلب مطمئن بالعداوة
والبغضاء يعتبر صدق مع النفس أم تراه من مكارم الخلق والسلوك
المثالي؟ أليس هذا هو النفاق بعينه؟!
لقد ربط فقهاء المسلمين بشكل أو بآخر ما بين التقية وبين الكراه رغم
أن الفرق ما بين آية الكراه (سورة النحل )106وبين آية التقية (آل عمران
)28واضح ،كما أن المساحة الزمنية والمكانية للكراه أضيق من المساحة
التي يُعمل فيها بالتقية؛ فالكراه تكون صورته حمل المرء بالقوة في
موقف معين وساعة معينة على فعل أو قول شيء معين هو ل يرضاه ..
فإذا انتهى هذا الموقف انتهت حالة الكراه الذي أظهر المكره من خللها
والكفر أو ما فيه مخالفة شرعية .بينما التقية :فمساحتها الزمانية والمكانية
أوسع فهي تشمل جميع المساحة الزمانية التي يقيمها المسلم مضطرا ً في
دار الكفر والحرب بحسب المصطلح السلمي ،وهو يلجأ إليها كلما اضطرته
الظروف إلى ذلك حتى يدفع شر القوم عنه.
وقد تختلف التقية عن الكراه كذلك أيضا ً الكراه يكون مباشرا ً ونتائجه
فورية .بينما التقية قد يكون عنصر الكراه فيها غير مباشر -أو غير واقع
أصل ً -وبالتالي قد تأتي نتائجه متأخرة عن الحدث إلى حين.
من هنا نقول أن التقية لم تُشرع فقط من أجل دفع الذى عن المؤمنين
والحذر من الضرر والتوقي منه في حالت الكراه الواقع عليهم كما يدعي
شرعت التقية أيضا ً في حالت كثيرة لمعلماء السلم ومفسرو القرآن ،بل ُ
يقع فيها إكراه ،بل كان الغرض منها خداع الخرين من أجل تحقيق مصلحة
قد تكون دينية وقد تكون شخصية ل علقة لها بالدين.
ـ من آذى الرسول ـ
ومن الطعن ما يكون خفيا ً وبالتلميح دون التصريح ،لكن له نفس حكم
الطعن الصريح.
.4قال ابن القاسم (:من سبه (سب النبي) أو شتمه أو عابه أو تنقصه
فإنه يقتل كالزنديق).
.5وقال أبو بكر بن المنذر :أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي
يُقتل .ول نعلم خلفا ً في استباحة دمه بين علماء المصار وأئمة المة -
راجع :الشفاء للقاضي عياض .2/474
.7وقد روي أن رجل ً قال في مجلس علي :ما قتل كعب بن الشرف إل
غدراً! فأمر علي بضرب عنقه .قال القرطبي في الجامع :8/84قال علماؤنا
هذا يُقتل ول يُنتسب إن نسب الغدر للنبي لن ذلك زندقة.
.8وفي "الشفا" للقاضي عياض :من أضاف إلى نبينا تعمد الكذب فيما
بلغه وأخبر به ،أو شك في صدقة ،أو سبه ،أو قال :إنه لم يبلغ أو استخف
608و 630و633 و 582 به ،فهو كافر بالجماع -الشفا للقاضي عياض صفحة
و.636
.9وفي "المحلى" لبن حزم قال :أن كل من آذى رسول الله فهو كافر
مرتد يقتل ول بد -المحلى لبن حزم .12/438
.11وقال حنبل :سمعت أبا عبد الله ـ وهو المام أحمد بن حنبل ـ يقول:
من يشتم النبي أو ينتقصه ـ مسلما ً كان أو كافرا ً ـ فعليه القتل وأرى أنه
يُقتل ول يستتاب.
وقد روي عن رجال من أهل العلم ،منهم ابن عمر ،ومحمد بن كعب،
ويزيد بن أسلم ،وقتادة أنه قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك :ما
رأيت مثل قرائنا هؤلء أرغب بطوناً ،ول أكذب ألسناً ،ول أجبن عند اللقاء؛
يعني الرسول وأصحابه القراء .فقال له عوف بن مالك :كذبت ولكنك
منافق ،لخبرن رسول الله .فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره ،فوجد
القرآن قد سبقه .فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته،
فقال :يا رسول الله إنما كنا نلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء
الطريق! قال ابن عمر :كأني أنظر إليه متعلقا ً بنسعة ناقة رسول الله وإن
الحجارة لتنكب رجليه ،وهو يقول :إنما كنا نخوض ونلعب ،فيقول له رسول
الله" :أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" ،ما يلتفت إليه ول يزيد عليه -
الصارم والمسلول في شاتم الرسول 31
.12قال القرطبي في التفسير :قيل كانوا ثلثة نفر ،هزأ اثنان وضحك
واحد ،فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم .قال خليفة بن خياط في
تاريخه:اسمه "مخاشن بن حمير" ،وقيل أنه كان مسلما ً -تفسير القرطبي
.8/199
.1قاله ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول في شاتم الرسول :إن سب
رسول الله مع كونه من جنس الكفر والحراب أعظم من مجرد الردة عن
السلم -راجع المصدر السابق .
" .2لن من آذى الرسول فقد آذى الله لن حق الله وحق رسوله
متلزمان" وفي هذا وغيره بيان لتلزم الحقين ،وأن جهة حرمة الله تعالى
ورسوله جهة واحدة ،فمن آذى الرسول فقد آذى الله ،ومن أطاعه فقد
أطاع الله ،لن الئمة ل يصلون ما بينهم و بين ربهم إل بواسطة الرسول،
ليس لحد منهم طريق غيره ،ول سبب سواه ،وقد أقامه الله مقام نفسه
في أمره ونهيه وإخباره وبيانه ،فل يجوز أن يُفرق بين الله ورسوله في
شيء من هذه المور -الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن تيميه ص
.41-40
أحدهما :الخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله ،ومن
هؤلء من قال :يكفر بذلك ،قال ذلك جماعة منهم أبو محمد الجويني ،حتى
قال ابن عقيل عن شيخه أبي الفضل الهمداني :مبتدعة السلم والكذابون
والواضعون للحديث أشد من الملحدين ،قصدوا إفساد الدين من خارج،
وهؤلء قصدوا إفساده من داخل .فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله،
والملحدون كالمحاصرين من خارج ،فالدخلء يفتحون الحصن ،فهم شر على
السلم من غير الملبسين له -الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن
تيميه ص .175-169
ً كذبا ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله ،ولهذا قال( :إن
ي ليس ككذب على أحدكم) فإن ما أمر به الرسول فقد أمر الله به يجب عل ّ
اتباعه كوجوب اتباع أمر الله ،وما أخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما
أخبر الله به( .ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه
أو أخبر عن الله خبرا ً كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوها من المتنبئين
فإنه كافر حلل الدم) فكذلك من تعمد الكذب على رسوله.
.3عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي بلغه أن رجل قال لقوم :إن النبي
أمرني أن أحكم فيكم برأيي وفي أموالكم كذا وكذا ،وكان قد خطب امرأة
منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه ،ثم ذهب حتى نزل على المرأة ،فبعث
القوم إلى رسول الله ،فقال :كذب عدو الله .ثم أرسل رجل ً فقال :إن
وجدته حيا ً فاقتله ،وإن أنت وجدته ميتا ً فاحرقه بالنار .فانطلق فوجدوه قد
ي متعمداًلدغ فمات فحرقه بالنار ،فعند ذلك قال رسول الله :من كذب عل ّ
فليتبوأ مقعده من النار.
.4وقد روى أبو بكر بن مردويه من حديث الوازع عن أبي سلمة عن
ي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.
أسامة قال رسول الله :من تقول عل ّ
ً
وذلك لنه بعث رجل ً فكذب عليه ،فوجد ميتا قد انشق بطنه ولم تقبله الرض
.5وروى أن رجل ً كذب عليه ،فبعث عليا ً والزبير إليه ليقتله -راجع:
الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن تيميه ص .175-169
عن ابن عباس أن منافقا ً خاصم يهوديا ً فدعاه اليهودي إلى النبي ودعاه
المنافق إلى كعب بن الشرف .ثم إنهما احتكما إلى رسول الله فحكم
ض المنافق وقال :نتحاكم إلى عمر .فقال اليهودي لعمر: لليهودي فلم ير َ
ض بقضائه وخاصم إليك .فقال عمر للمنافق: َ ير فلم الله قضى لي رسول
أكذلك؟ فقال :نعم .قال :ألزما مكانكما حتى أخرج إليكما .فدخل وأخذ
بسيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال :هكذا أقضي لمن لم
ض بقضاء الله ورسوله .فنزلت :وقال جبريل :إن عمر فّرق بين الحق ير َ
والباطل فسمى الفاروق – الدر المنثور /ج 2 :ص - 179 :والصارم لبن
تيمية .48
العمى الذي قتل اليهودية :روى الشعبي عن أن اليهودية كانت تشتم النبي
وتقع فيه ،فخنقها رجل حتى ماتت ،فأطل رسول الله دمها (أي أهدره).
هكذا رواه أبو داود في سننه وابن بطة في سننه .وهو من جملة ما استدل
به المام أحمد في رواية ابنه عبد الله -الصارم المسلول في شاتم
الرسول لبن تيميه ص .66 - 61وهذا ما جاء في رواية أخرى عن ابن عباس -
أخرجه النسائي وأبو داود .3665
قال ابن تيمية في الصارم ،ص :62وهذا الحديث نص في جواز قتلها لجل
شتم النبي ،ودليل على قتل الرجل الذمي ،وقتل المسلم والمسلمة إذا سبا
بطريق الولى.
وعن أبي بكر الصديق أنه كتب إلى المهاجر بن أبي ربيعة في المرأة التي
غنت بهجاء النبي" :لول ما سبقتني فيها لمرتك بقتلها ،لن حد النبياء
ليس يشبه الحدود ،فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو
محارب غادر" -الصارم المسلول في شتم الرسول .418
قتل اليهودي ابن أبي حقيق :عن البراء بن عازب قال :بعث رسول الله إلى
أبي رافع اليهودي رجال ً من النصار ،وأمر عليهم عبد الله بن عتيك ،وكان
أبو رافع يؤذي رسول الله ،وكان في حصن له بأرض الحجاز ..قال عبد الله
لصحابه :أجلسوا مكانكم فإني منطلق ..فدخلت فكمنت ..وكان أبو رافع
يسمر عنده ،وكان في علية له ،فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه ..
قلت :أبا رافع ،قال من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف ..
ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره ،فعرفت أني قتلته
- ..رواه البخاري في صحيحه .4039
قال ابن حجر" :وفي هذا الحديث من الفوائد :جواز اغتيال المشرك الذي
بلغته الدعوة وأصر ،وقتل من أعان على رسول الله بيده أو ماله أو لسانه
ُ
وجواز التجسس على أهل الحرب وتَطَل ّب غرتهم ،والخذ بالشدة في محاربة
المشركين ،وجواز إبهام القول للمصلحة ،وتعرض القليل من المسلمين
للكثير من المشركين" -فتح الباري .7/345
وفي هذه المسألة يقول الشيخ عبد الرحمن الدوسري عند ذكره لمراتب
العبودية في تفسيره لقول الله تعالى } :إياك نعبد وإياك نستعين { ..
وُره التسويف في هذا فضل ً عن تركه أو التساهل عت َ ِفالعابد الصحيح لله ل ي َ ْ
فيه ،وأيضا ً فالعابد لله المصمم على الجهاد في ذاته يكون منفذا للغيلة في
ً
أئمة الكفر من دعاة اللحاد والباحية وكل طاعن في وحي الله أو مسخر
قلمه أو دعايتَه ضد الدين الحنيف لن هذا مؤٍذ لله ورسوله .ل يجوز
للمسلمين في بقاع الرض من خصوص وعموم أن يدعوه على قيد الحياة،
ق وغيره ممن ندب رسول الله إلى اغتيالهم ح َ
قي ْ لنه أضُّر من ابن أبي ال ُ
ك اغتيال ورثتهم في هذا الزمان تعطيل لوصية المصطفى وإخلل فتَْر ُ
فظيع بعبودية الله وسماح صارخ شنيع للمعاول الهدامة في دين الله ..
ص عظيم في حب الله ورسوله وتعظيمهما -من صفوة الثار وذلك نق ٌ
والمفاهيم من تفسير القرآن العظيم .1/268طبعة دار الرقم 1404هـ
عن أبي هريرة قال :بعثنا رسول الله في بعث فقال :إن وجدتم فلنا ً وفلناً
فاحرقوهما بالنار -صحيح البخاري .3016
قال شيخ السلم (ابن تيمية) في الصارم المسلول في شاتم الرسول :أمر
الله قتال الطاعنين في الدين ،وضمن لنا – إن فعلنا ذلك – أن يعذبهم
بأيدينا ويخزيهم وينصرنا عليهم ،ويشفي صدور المؤمنين الذين تأذوا من
نقضهم وطعنهم وأن يذهب غيظ قلوبهم.. ،
النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط :ومن ذلك أن النبي لما قفل من بدر
راجعا ً إلى المدينة قتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ،ولم يقتل
من أساري بدر غيرهما ،وقصتهما معروفة.
قال ابن إسحاق :وكان من الساري عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث
فلما كان رسول الله بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله علي بن أبي
طالب كما أخبرت ،ثم مضى رسول الله فلما كان بعرق الظبية قتل عقبة
بن أبي معيط ،قتله عاصم بن ثابت -وهكذا قال موسى بن عقبة –
والواقدي.
وقد روى البزار عن ابن عباس أن عقبة بن أبي معيط نادى :يا معشر
قريش مالي أقتل من بينكم صبراً؟ فقال النبي :بكفرك وافترائك على
رسول الله .قال رسول الله :النار ،قدمه يا عاصم فأضرب عنق عقبة ابن
أبي معيط فقدمه عاصم فضرب عنقه ،فقال رسول الله :بئس الرجل كنت
– والله – ما علمت كافرا ً بالله وبكتابه وبرسوله ،مؤذيا ً لنبيه ،فأحمد الله
الذي هو قتلك وأقر عيني منك – راجع :الصارم والمسلول في شاتم
الرسول - 143الترمذي .2686
الحويرث بن نقيذ :ومن ذلك أنه أمر يوم الفتح بقتل الحويرث بن نقيذ ،وهو
معروف عند أهل السير ،قال :وأمرهم رسول الله أن يكفوا أيديهم فل
يقاتلوا أحدا ً إل من قاتلهم ،وأمرهم بقتل أربعة نفر؛ منهم الحويرث بن
نقيذ.
قال ابن إسحاق :وكان رسول الله عهد إلى المسلمين في قتل نفر
ونسوة ،وقال :إن وجدتموهم تحت أستار الكعبة فاقتلوهم ،وسماهم
بأسمائهم ستة ،وهم :عبد الله بن سعد بن أبي سرح ،وعبد الله بن خطل،
والحويرث بن نقيذ ،ومقيس بن صبابة ،ورجل من بني تيم بن غالب.
ابن الزبعري :ومما ل خفاء فيه أن ابن الزبعرى إنما ذنبه أنه كان شديد
العداوة لرسول الله بلسانه ،فإنه كان من أشعر الناس ،وكان يهجي شعراء
السلم مثل حسان وكعب ابن مالك ،ثم إن ابن الزبعرى فر إلى نجران ،ثم
قدم على النبي تائبا ً مسلما ً وله أشعار حسنة في التوبة والعتذار ،فأهدر
دمه للسب.
ومن ذلك أن النبي كان يتوجه إلى قتل من يهجو ،ويقول :من يكفيني
عدوي؟ قال الموي سعيد بن يحيى بن سعيد في مغازية :حدثنا أبي قال:
أخبرني عبد الملك بن جريح عن عكرمة عن عبد الله بن عباس أن رجل ً من
المشركين شتم رسول الله ،فقال رسول الله :من يكفيني عدوي ؟ فقام
الزبير بن العوام ،فقال :أنا ،فبارزه ،فأعطاه رسول الله سلبه.
وروى أن رجل ً كان يسب النبي فقال :من يكفيني عدوي؟ فقال خالد :أنا،
فبعثه النبي إليه ،فقتله.
مقتل ابن سنية اليهودي :روى بإسناده عن محيصة أن رسول الله قال :من
ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه ،فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنية
رجل من تجار يهود كان يلبسهم ويبايعهم ،فقتله.
قصة ابن خطل وقتله وهو متعلق بأستار الكعبة :في الصحيحين من حديث
الزهري عن أنس أن النبي دخل مكة عام الفتح ،وعلى رأسه المغفر ،فلما
نزعه جاء رجل فقال :ابن خطل متعلق بأستار الكعبة .فقال :اقتلوه .كما
ذكره أيضا ً الواقدي
قصة جماعة أمر النبي بقتلهم حيثما وجدوا :كان في السنة الثانية عشرة
أن النبي أمر بقتل جماعة لجل سبه ،وقتل جماعة لجل ذلك مع كفه
وإمساكه عمن هو بمنزلتهم في كونه كافرا ً حربياً ،فمن ذلك ما قدمناه عن
سعيد بن المسيب أن النبي أمر يوم الفتح بقتل ابن الزبعرى وسعيد بن
المسيب -الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن تيمية.
العصماء بنت مروان :روى عن ابن عباس قال :هجت امرأة من خطمة
النبي ،فقال :من لي بها؟ فقال عمير بن عدي من
قومها :أنا يا رسول الله ،فنهض فقتلها ..فالتفت النبي إلى من حوله
فقال :إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا
إلى عمير بن عدي -راجع الصارم المسلول في شاتم الرسول ص 96 - 95
المهجر ابن أبي أمية :ذكر سيف بن عمر التميمي في كتاب الردة والفتوح
عن شيوخه ،قال :وُرفع إلى المهاجر -يعني المهاجر بن أبي أمية ،وكان
أميرا ً على اليمامة ونواحيها -امرأتان مغنيتان غنت إحداهما بشتم النبي،
فقطع يدها ،ونزع ثنيتيها ،وغنت الخرى بهجاء المسلمين ،فقطع يدها،
ونزع ثنيتها ،فكتب إليه أبو بكر :بلغني الذي سرت به في المرأة التي تغنت
وزمزمت بشتم النبي ،فلول ما سبقتني لمرتك بقتلها -راجع الصارم
المسلول في شاتم الرسول ص 41
أبو عفك اليهودي :ذكر أهل المغازي والسير قال الواقدي :أن شيخا ً من
بني عمرو بن عوف يقال له أبو عفك كان يحرض على عداوة النبي ،فلما
خرج رسول الله إلى بدر ظفره الله بما ظفره ،ذكر قصيدة تتضمن هجاء
ي نذر أن أقتل أبا عفك أموتالنبي وذم من اتبعه ،فقال سالم بن عمير :عل ّ
دونه ..فوضع السيف على كبده حتى خش في الفراش -راجع الصارم
المسلول في شاتم الرسول ص 106 - 105
أم قرفة وغزوة زيد بن حارثة :أمر زيد بن حارثة قيس بن المسحر أن يقتل
أم قرفة فقتلها قتل ً عنيفاً؛ ثم قدموا على رسول الله بابنة أم قرفة وبابن
مسعدة .حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول :حدثنا أبي :حدثنا محمد بن عيسى
عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن أبا بكر قتل أم قرفة
الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها وأم
ورقة النصارية كان رسول الله يسميها الشهيدة فلما كان في خلفة عمر
قتلها غلمها وجاريتها فأتى بهما عمر بن الخطاب فقتلهما وصلبهما -راجع
سيرة ابن هشام 1417 \4
إذن يتضح لنا وبشكل جلي مما تقدم أن من شتم الرسول أو عابه أو انتقص
من قدره أو كذَّبه يُقتل وإن استتاب .هذا ما أجمع عليه أكثرية علماء
السلم.
رغم هذا الجماع السلمي والمتشدد في حكم من آذى الرسول ،نُفاجأ أن
شريعة السلم قد أباحت للمسلمين تجويزهم سب النبي في حال التقية
(الذي لم يقع فيها إكراه) -راجع :فتاوى قاضيخان للفرغاني الحنفي : 5
489وما بعدها ،مطبوع بهامش الفتاوى الهندية ،ط ،4دار إحياء التراث
العربي ،بيروت.
مثال ذلك أيضاً :سرية مقتل كعب بن الشرف في السنة الثالثة من الهجرة:
عن جابر بن عبد الله قال رسول الله :من لكعب بن الشرف فإنه قد آذى
الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة فقال :يا رسول الله (أنا يا رسول
الله) أتحب أن أقتله؟ قال نعم .قال :فأأذن لي أن أقول شيئا ً (وهو
استئذان من النبي بأن يتكلم كلما ً وحتى لو كان منافيا ً لليمان وذلك
لظهار الكفر أمام كعب بن الشرف) .قال النبي :قل (فأذن له النبي بأن
يقول ما شاء) صحيح البخاري ،115 :5باب كعب بن الشرف .وأيضا ً انظر
أحكام القرآن لبن العربي المالكي – 1257 :2الصارم المسلول على شاتم
الرسول لبن تيمية ص - 71– 70البخاري , 2327ول يخفى أن ما طُلبه محمد
ة من الذن إنما هو لجل الحصول على ترخيص نبوي بالقول سل َ َ
م َ م ْ
بن َ
المخالف للشرع بغية الوصول إلى مصلحة إسلمية ل تتحقق إل ّ من هذا
الطريق ،فجاء الذن النبوي بأن يقولوا ما يشاءون بهدف الوصول إلى تلك
المصلحة .ومنه يعلم صحة ما مر سابقا ً بأن التقية كما قد تكون بدافع
الكراه ،قد تكون أيضا ً بغيره ،كما لو كان الدافع إليها غاية ومصلحة.
هذلي :وكانت في السنة الرابعة وسببها ومنها أيضا ً سرية خالد بن سفيان ال ُ
عرنة وأنه يجمع الجموع هذلي يقيم ب ِ ُأن النبي بلغه أن خالد بن سفيان ال ُ
لحرب المسلمين ،فأمر رسول الله عبد الله بن أنيس بقتله .قال :واستأذنت
رسول الله أن أقول (هو نفس ما فعله إذن محمد بن مسلمة) فأذن لي ثم
قال لي :انتسب إلى خزاعة ..وهذا كذب ولكنه مباح ..فلما انتهيت إليه
قال :ممن الرجل؟ قلت :من خزاعة … سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لكون
معك (ففي هذا القول إظهار الموالة) .قال :أجل إني لجمع له .قال عبد
ق
الله :فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثي ..قال أبي سفيان إنه لم يل َ
أحد يشبهني ..وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه وهم يطيقون به،
فقال :هلم يا أخا خزاعة فدنوت منه ..فقال :اجلس ..قال عبد الله:
فجلست معه حتى إذا مدَّ الناس وناموا اغتلته فقتلته وأخذت رأسه ثم
خرجت … .قدمت المدينة وجدت رسول الله فلما رآني قال :أفلح الوجه ..
قلت أفلح وجهك يا رسول الله ثم وضعت الرأس بين يديه وأخبرته خبري- .
راجع الصارم المسلول على شاتم الرسول لبن تيمية.
إذن من الممكن للمسلم إظهار موالته الكاملة لغير السلم ولو وصل المر
به إلى إظهار الشرك والكفر وشتم النبي!
سؤال :أليس هذا هو النفاق والرهاب بعينه؟ هل تراني صدقت عندما قلت
في مقدمتي :إن النفاق في السلم وسيلة .والرهاب لغة حوار وتفاهم ؟!
الغريب في الموضوع هو أن الشريعة التي أباحت للمسلم إظهار موالته
الكاملة لغير المسلم في حالة التقية هي نفس الشريعة التي منعت وبشدة
المسلمين من موالة غير المسلمين .هذا ما اتفق عليه علماء المسلمين
كافة .وهذا ما سنبينه في الصفحات اللحقة.
فمن المتعارف عليه أن الغربي العادي الغير متخصص ضيق الفاق على
الكثير من السذاجة ،ولكنه يسلم بسرعة إلى المنطق والواقع .من هنا
عندما يرى ويسمع الغربي من خلل وسائل الخداع -العلن السلمي -أن
في القرآن آيات صريحة أو شبه صريحة تأمر المسلمين باليمان بجميع
أنبياء الله وكتبه دون تفرقة بينهم ،وتأمرهم بعدم العتداء والصفح والرحمة
والصبر الجميل والعدل مع غير المسلمين ،وعدم إكراههم في الدين إلى
آخر اليات والحاديث التي تظهر من وجهة نظر المسلمين سماحة ورحمة
وإنسانية وعدل وصدق السلم .فمن المؤكد أن الغربي سيصدق ما يرى وما
يسمع من آيات قرآنية دون أن يأخذها بعين العتبار .ولجهله باللغة العربية
وبالسلم وعلومه الشرعية المختلفة ،فإنه يستحيل عليه فهم أو تفسير أي
نص قرآني وإن كان واضحا ً دون الرجوع إلى علوم القرآن المختلفة
كأسباب النزول والعام والخاص منه وناسخه ومنسوخه والمحكم والمتشابه
والمكي والمدني إلى ما ل آخر له من لئحة علوم القرآن التي يجهلها
العامة من المسلمين ،فكم بالحرى الغربي الذي يجهل اللغة والدين أصل؟!
أمثلة توضيحية لكيفية عرض المسلمين للسلم على غير المسلمين :
عباد الله الصالحين يا خير أمة أخرجت للناس؛ إن اليهود الحاقدين أحفاد
القردة والخنازير والنصارى المشركين الذين يسعون في الرض فساداً
يحرفون الحقائق عن موضعها بافتراءات مفادها أن السلم دين قام على
العنف والرهاب ،وأن السلم السمح والمسالم قد علم أتباعه العدوانية
وكراهية الخرين.
لقد فات الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباب من دون الله أن الجهاد في
شرع لرد أذى المعتدين ولم يشرع الجهاد للعتداء على الخرين السلم إنما ُ
وإجبارهم على الدخول في السلم ،وهذا واضح في قوله تعالى }وقاتلوا
في سبيل الله الذين يقاتلونكم ول تعتدوا إن الله ل يحب المعتدين{ البقرة
} .190ول تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها إل بالحق{ النعام } .151ادع
إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن{
النحل 125
ول يسعنا هنا إل أن نقول لجميع الذين وقعوا تحت تأثير الخبث والدهاء
الصهيوني والصليبي :ل تقلقوا أيها السادة نحن مجرد دعاة مبشرون ندعو
إلى دين الله ،دين المن والسلم .نبلغ كلم الله تبليغ الرهبان والدراويش
والصوفية بالحكمة والموعظة الحسنة ،ونجادل من يعارضنا بالتي هي
أحسن بالخطب والرسائل والمقالت حتى يؤمن من يؤمن بدعوتنا عن بينة.
أيها السادة ل تقلقوا فهذا ليس جهادنا .جهادنا هو الجهد النساني
المتواصل في طاعة الله ورسوله ،جهادنا هو جهاد باللسان والقلم والكلمة
والموعظة الحسنة .هذه هي دعوتنا ل تزيد ول تنقص .أما السيف والقتال
به فمعاذ الله أن نمت إليه بصلة .اللهم إل أن يُقال إننا ربما دافعنا عن
أنفسنا حيثما اعتدى علينا أحد.
يقول شيخ السلم ابن تيميه في كتابه الجهاد " :10-1/9إن شريعة السلم
ترفض القوة لجبار الناس إلى اعتناقه ،ونبيه صلعم ل يرضى بغير القناع
العقلي بديل ً لدخول الفراد في السلم! يقول الله تعالى مخاطبا ً رسوله
الكريم -عندما رغب في إيمان بعض أقاربه وألح عليه في ذلك } -أفأنت
تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين{ .ويقول تعالى للبشرية كلها} ل إكراه في
الدين{ والدعوة إلى الدين في شرع السلم يجب أن تكون بالكلمة الطيبة
والقناع السليم .يقول تعالى }ادع إلى سبل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن{.
يقول الشيخ يوسف القرضاوي" :لم يشهد تاريخ الديان تسامحا ً نظير
تسامح السلم والمسلمين مع غير المسلمين في المجتمع السلمي
وخارجه قديما ً وحديثاً .إن تاريخ التسامح السلمي مع أهل الديان الخرى
تاريخ ناصع البياض ،وقد شهد التاريخ كيف عاش هؤلء في غاية المان
والحرية والكرامة داخل المجتمع السلمي باعتراف المؤرخين المنصفين
ولوا هذا من الغربيين أنفسهم ،ولكن قوما ً لبسوا مسوح العلم يريدون أن ي ُ َ
ق ِّ
ملوه ما لم يحمله عنوة وافتعال ً يصطادون في الماء التاريخ ما لم يقله ،ويح ِّ
هدهم أن يشوهوا تاريخ ْ ج
َ هدوا
ِ ج
َ الشريرة الغاية العكر .وفي سبيل هذه
ً
التسامح السلمي الذي لم تعرف له النسانية نظيرا ،متذرعين بحوادث
جزئية قام بها بعض العوام أو الرعاع في بعض البلد وبعض الزمان نتيجة
لظروف وأسباب خاصة تحدث في كل بلد الدنيا إلى يومنا هذا – راجع غير
المسلمين في المجتمع السلمي للشيخ يوسف القرضاوي.
في جعبة الداعية المسلم كل شيء جاهز وكل شيء موجود تحت الطلب .ما
على السائل إل أن يحدد مطلبه؛ خطب عصماء ،أحاديث وروايات ،حجج
وأعذار شرعية ،أحاديث قدسية ،وآيات قرآنية.
.1فإذا أراد المسلم إظهار السلم على أنه دين سلم تراه يخرج من
جعبته آية سورة النفال } :وإن جنحوا للسلم فاجنح لها{ أنفال .61وقد
أجمع علماء المسلمين على أن آية النفال 61مكية.
سؤال :كيف يجنح المسلمون للسلم والقرآن نفسه يأمرهم بعدم الجنوح
سلْم َ
ن{محمد عل َ ْ
و َ م ال ْ عوا إِلَى ال َّ ِ َ
وأنت ُ ُ وتَدْ ُ
هنُوا َ
للسلم وذلك في قوله} :فل ت َ ِ
.35
عوا
وتَدْ ُ
هنُوا َ
للسلم ونص آية سورة محمد صريح وواضح }فل ت َ ِ كيف يجنحون
َ َ َ
ن{؟و َ
عل ْم ال ْ
وأنت ُ ُسلْم ِ َ
إِلَى ال َّ
الجنوح إلى السلم يعني تعطيل فريضة الجهاد .فهل يجوز شرعا ً تعطيل
الفريضة؟ سؤال ً نوجهه للجانحين للسلم ..
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين ل اعتداء فيه ول
َ قتُلُوا ْ الن َّ ْ
س ال ّتِي
ف َ ول َ ت َ ْ
عدوان منه ،تراه يخرج من جعبته آية سورة النعامَ } :
َ
ق{ النعام .151 ه إِل ّ بِال ْ َ
ح ِّ م الل ّ ُ
حَّر َ
َ
عتَدُواْ َ
ول َ ت َ ْ قاتِلُونَك ُ ْ
م َ ن يُ َ ه ال ّ ِ
ذي َ ل الل ّ ِ
سبِي ِ
في َقاتِلُوا ْ ِ
و َ
وآية سورة البقرةَ } :
دين{ البقرة.190 عت َ ِ ب ال ْ ُ
م ْ ح ِّ ن الل ّ َ
ه ل َ يُ ِ إ ِ َّ
فقد قال المام الطبري( :اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الية ،فقال
بعضهم هذه الية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك،
وقالوا أُمر فيها المسلمين بقتال من قاتلهم من المشركين والكف عمن
كف عنهم ثم نُسخت ببراءة) -تفسير الطبري.561/ 3
.1ثم نقل ذلك القول بسنده عن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن
أسلم ،ثم قال( :وقال آخرون بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين
بقتال الكفار لم يُنسخ ،وإنما العتداء الذي نهاهم عنه هو نهيه عن قتل
النساء والذراري) -تفسير الطبري - 562/ 3أحكام القرآن للجصاص 3/437و
.436
سؤال :كيف يأمر القرآن بعدم قتل النفس في الوقت الذي جعل فيه
علَيْك ُ ُ
م ب َالقتال فريضة إلهية مقدسة مثلها مثل الصلة والصيام} :كُت ِ َ
ل{ سورة البقرة .216وما م ال ْ ِ
قتَا ُ علَيْك ُ ُ م{ سورة البقرة } .183كُت ِ َ
ب َ صيَا ُ
ال ِّ
هي الحالت الذي يحق للمسلم فيها قتل النفس بالحق؟ وهل قتل غير
المسلم يعتبر من حالت قتل الحق؟ أجيبونا جزاكم الله كل خير.
كيف يأمر القرآن بعدم القتل والله نفسه يحب القتال والمقاتلين} :إ ِ َّ
ن
ُ َ َ
ه{ سورة الصف .4 سبِيل ِ ِ
في َ قاتِلُو َ
ن ِ ن يُ َ ب ال ّ ِ
ذي َ ح ّ الل ّ َ
ه يُ ِ
كيف يطالب القرآن المسلمين بعدم العتداء في الوقت الذي يطالبهم
َ
نمنُو َ ن ل َ يُ ْ
ؤ ِ ذي َ قاتِلُوا ْ ال ّ ِ وبشدة بالعتداء على الخرين وذلك في قولهَ } :
ق
َ ِّحْ ال ن دي ن و
َ ِ ُ َ ِ َ ن ديي َ ول ُ َ هُ سولوَر ُ ه َ م الل ّ ُحَّر َما َ ن َمو َر ُ ول َ ي ُ َ
ح ِّ ر َ خ ِ ول َ بِالْي َ ْ
وم ِ ال ِ ه َ َبِالل ّ ِ
ن{ التوبة . 29 ْ ْ ُ َ ْ ْ ُ ّ
غُرو َ صا ِ م َ ه ْ
و ُد َعن ي َ ٍ ة َجْزي َ َعطوا ال ِ حت ّى ي ُ ْ ب َ ن أوتُوا الكِتَا َ ذي َن ال ِ م َِ
لحظوا كيف أن الية تبدأ بأمر (قاتلوا).
ه{ البقرة .193 ن لِل ّ ِدّي ُ ن ال ِ ويَكُو َ ة َ فتْن َ ٌن ِ حتَّى ل َ تَكُو َ م َ قاتِلُو ُ
ه ْ و َ وفي قوله } َ
ُ
ه لِلّه{ سورة النفال .39 ن كُل ّ ُ دّي ُ ن ال ِ ويَكُو َ ة َ فتْن َ ٌ
ن ِ حتَّى ل َ تَكُو َ م َ ه ْقاتِلُو ُ و َ} َ
م
ه ْ مو ُ جدت ُّ ُو َ ث َ حي ْ ُ ن َ ركِي َ ش ِ م ْ قتُلُوا ْ ال ْ ُ فا ْ م َ حُر ُ هُر ال ْ ُ ش ُ خ ال َ ْ سل َ َ فإِذَا ان َ وقولهَ } :
واْ ت وآ ة َ صلَ ال ْ موا قاَ َ وأ ْ وا ب ا ت ن فإَ د ص ر م لَ ّ ُ ك م ه َ ل ْ وا د ع ْ
ق وا م ه رو
َ
َ ُ َ ّ ُ َ ُ َ َ ْ َ ٍ ِ ُ ْ ُ ُ ْ َ ُ ح ُ ُ
ص وا ْ
ُ م َ ه ْخذُو ُ
و ُ
َ
م{ التوبة .5 حي ٌ فوٌر َّر ِ َ
هغ ُ ّ
ن الل َ َ م إِ ّه ْ َ
سبِيل ُ خلوا َْ ّ ف َ الَّزكاةَ َ
َ
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين ضمن حرية العبادة
د
ْ َ
ق ن
دي ِ للمخالفين ،تراه يخرج من جعبته آية سورة البقرة} :ل إِكَْراهَ ِ
في ال ِّ
ن الغي{ البقرة .256هذه الية من اليات المنسوخات. م ْ
شدُ ِ تَبَي َّ َ
ن الُّر ْ
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين تسامح وعفو ،تراه
يخرج من جعبته آية سورة المائدة} :فاعف عنهم واصفح إن الله يحب
المحسنين{ المائدة .13
كيف يأمر بالعفو والصفح وهو الذي يأمر اتباعه بقتل المخالفين أينما
م{ البقرة .191ه ْ
مو ُ ق ْ
فت ُ ُ ث ثَ ِ
حي ْ ُ
م َ قتُلُو ُ
ه ْ وا ْ
وجودواَ } :
م
ه ْقتُلُو ُ
وا ْ
م َ ه ْ خذُو ُ م{ النساء َ } .89
ف ُ ه ْ مو ُ جدت َّ ُو َث َ حي ْ ُم َه ْ قتُلُو ُ وا ْ
م َ ه ْخذُو ُ ف ُ } َ
ن ْ ْ ْ ُ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ ْ
ركِي َمش ِ م فاقتُلوا ال ُ حُر ُ هُر ال ُ سلخ الش ُ م{ النساء } 91فإِذَا ان َ ه ْ مو ُ قفت ُ ُ ث ثِ ِ حي ْ َُ
د{ التوبة .5 ص ٍ ر م هم ك ُ َّ
ل َ ل ْ وا ُ د ع
ُ ْ
ق وا م ه
ُ رو ص ح
ْ وا م ه
ُ ُو ذ خ
ُ و م ه
ُ مو ُ ّ ت جد َ و ث
ُ ْ ي ح َ
َ ْ َ ُ ْ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ َ
.1قال النيسابوري في كتابه الناسخ والمنسوخ عن آية السيف التوبة :5
هي آخر ما أُنزل من القرآن .هي الية الناسخة ،نسخت من القرآن مائة آية
وأربعا ً وعشرين آية -راجع المصدر السابق .284
.1وإذا أراد المسلم أن يُظهر السلم على أنه دين تعامل بكل إنسانية مع
ل جاِدلُوا أ َ ْ
ه َ أهل الكتاب ،تراه يخرج من جعبته آية سورة العنكبوت} :ول ت ُ َ
َ َ َ
م{ العنكبوت .46 ه ْ
من ْ ُ ن ظَل َ ُ
موا ِ ن إل ال ّ ِ
ذي َ س ُ
ح َ
يأ ْ ب إل بِال ّتِي ِ
ه َ الْكِتَا ِ
.1قال النسيابوري في آية سورة العنكبوت 46فيها من المنسوخ آية
واحدة} :ول تجادلوا أهل الكتاب إل بالتي هي أحسن إل الذين ظلموا منهم
وقولوا آمنا بالذي انزل إلينا وانزل إليكم{ العنكبوت .46نسختها آية سورة
التوبة } :29وقاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما
حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون{ -راجع المصدر السابق ص .255
م أل ن َ ْ
عبُدَ إل وبَيْنَك ُ ْ
ء بَيْنَنَا َ
وا ٍ
س َ
ة َ وا إِلَى كَل ِ َ
م ٍ عال َ ْ ل يا أهل الْكِتَا ِ
ب تَ َ ق ْ .2وآيةُ } :
َ
ه شيْئا{ آل عمران .64وآية }:ادع إلى سبل ربك بالحكمة ً َ َ
رك ب ِ ِ الل ّ َ
ه ول ن ُ ْ
ش ِ
والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن{ النحل 125منسوخة ،نسختها
آية السيف -راجع المصدر السابق ص .210
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين ذو علقة متميزة مع
َ ن أَ َ
شدََّ الن ّا ِ
س جدَ َّ
جعبته آية سورة المائدة} :لَت َ ِ المسيحيين ،تراه يخرج من
ّ َ َ َ َ َ ّ َ
منُوانآ َ
ذي َ َ
ودّةً لِل ِم َ م َه ْ نأ ْ
قَرب َ ُ جدَ ّ
ولت َ ِ ُ نأ ْ
شَركوا َ ذي َ
وال ِ منُوا الْي َ ُ
هودَ َ نآ َ وةً لِل ّ ِ
ذي َ ع َدَا ََ
صاَرى{ المائدة .82 َ َ ن اَ ّ نِ إ وا ُ قالَ نِ َذي ّ ال
عندَ الل ّ ِ
ه ن ِ
دّي َ مع قوله} :إ ِ َّ
ن ال ِ 62 سؤال :هل تتماشى آية سورة البقرة
سل َ ُ
م{ آل عمران .19 ال ِ ْ
ن
م َ
ة ِ
خَر ِ
في ال ِ
و ِ
ه َ
و ُ
ه َ
من ْ ُ
ل ِ فلَن ي ُ ْ
قب َ َ سلَم ِ ِدينًا َ غ َ
غيَْر ال ِ ْ من يَبْت َ ِو َ} َ
ن{ آل عمران .85 ري َس ِ ال ْ َ
خا ِ
َ َ فمن يرد الل ّ َ
ع ْ
ل ج َ ضل ّ ُ
ه يَ ْ ردْ أن ي ُ ِ
من ي ُ ِ سلَم ِ َ
و َ صدَْرهُ لِل ِ ْ
ح َ ه يَ ْ
شَر ْ دي َ ُ
ه ِه أن ي َ ْ
ُ ُ ِ ِ } َ َ
قا{ النعام .125 ضي ِّ ًصدَْرهُ َ
َ
.3وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه قد آمن بالتوراة والنجيل
بعكس اليهود والمسيحيين الذي ل يؤمنون أن القرآن كتاب سماوي ،تراه
يخرج من جعبته آيات سورة المائدة:
َ َ
د ذَل ِ َ
ك ع ِ
ن بَ ْم ْ ن ِ ول ّ ْ
و َ ه ث ُ َّ
م يَت َ َ م الل ّ ِحك ْ ُ ها ُ في َوَراةُ ِ م الت َّ ْ
ه ُعنْدَ ُ و ِك َ مون َ َ حكِّ ُ ف يُ َ وكَي ْ َ } َ
ن{ المائدة .43 َ ي ِ ن م
ِ ؤْ م ْ
ِ ُ ال ب َ
ك ِ ئ ما أُول َ
و َ َ
َ َ َ َ
نذي َ موا لِل ّ ِ سل َ ُنأ ْ ذي َ ن ال ّ ِ ها النَّبِيُّو َ م بِ َحك ُ ُونُوٌر ي َ ْهدًى َ ها ُ في َوَراةَ ِ }إِنَّا أنَْزلْنَا الت َّ ْ
َّ
ه{ المائدة44 ب الل ِ ن كِتَا ِ م ْ فظُوا ِ ح ِ
ست ُ ْ ما ا ْ حبَاُر ب ِ َوال َ ْ ن َ والَّربَّانِيُّو َ هادُوا َ َ
ق َّ
ة ن الت َّ ْ
وَرا ِ م َه ِن يَدَي ْ ِ ما بَي ْ َ
قا ل ِ َدّ ً
ص ِم َ
م ُ مْري َ َن َ سى اب ْ ِعي َم بِ ِه ْ
ر ِعلَى آثَا ِ
فيْنَا َ و َ } َ
هدًى و ة را
ّ ْ َ ِ َ ُ و َ ت ال ن م ه ي د ي ن ي
ِ َ َ ْ َ َ َ ْ ِ ِ َب ما ل ً
قا د ص مو ر و
َ ُ ٌ َ ُ َ ِّن و ى د ه ه
ِ ِ ُ ً في لَ جي ن
ِْ ِ ال وآتَيْنَاهُ
َ
ن{ المائدة46 قي َ َ
مت ّ ِ ْ
ة لِل ُ َ
عظ ً و َِ ْم
َ و
َ ما أَنَْز َ َ ما أَنَْز َ
ل الل ّ ُ
ه حك ُ ْ
م بِ َ ن لَ ْ
م يَ ْ م ْ
و َ
ه َ
في ِ ل الل ّ ُ
ه ِ ل بِ َ
جي ِ
ل الِن ْ ِه ُم أَ ْ حك ُ ْولْي َ ْ
} َ
ن{ المائدة .47 سقو َُ َ ْ
م الفا ِ ه ُك ُ فأُولَئ ِ َ
َ
َ ما أَنَْز َ
ه من ل الل ّ ُ كيف يطلب القرآن من اليهود والنصارى أن يحكموا ب ِ َ
التوراة والنجيل في الوقت الذي نسب لهما القرآن تهمة التحريف ،وذلك
َ
ه{ النساء } .46 ع ِ ض ِ وا ِ عن َّ
م َ م َ ن الْكَل ِ َ
فو َر ُ هادُوا ْ ي ُ َ
ح ِّ ن َ ذي َ ن ال ّ ِم َفي قولهِّ } :
ه{
ع ِ
ض ِ
وا ِ م
َ َ د
ِ ع
ْ َ ب منِ مَ ِ ل َ كْ ال ن
َ ُ
فو ر
ِّ ح
َ ُ ي } .13 المائدة ه{ ِ ع
ِ ض
ِ وا
ّ َمَ عن َ ن الْكَل ِ َ
م ر ُ
فو َ ح ِّ
يُ َ
المائدة .41
ما أَنَْز َ
ل َ سؤال :هل يعني طلب القرآن من اليهود والنصارى أن يحكموا ب ِ َ
ه من التوراة والنجيل أن المسلمين عامة بأحمرهم وأسودهم يؤمنون الل ّ ُ
بصحة الكتاب المقدس الذي بين أيدينا ؟!
.4وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين لم يفرق بين أنبياء
َّ َ
ه
ِ الل منُوا ب نآ َ ذي َ وال ّ ِ
الله وبين كتبه ،تراه يخرج من جعبته آية سورة النساءَ } :
ِ َّ ُ م أُولَئ ِ َ َ
ن الل ُ
ه وكا َ َ م َ ه ْ جوَر ُ مأ ُ ه ْ ف يُ ْ
ؤتِي ِ و َ س ْك َ ه ْمن ْ ُ
د ِح ٍنأ َ قوا بَي ْ َر ُ
ف ِّ م يُ َ ول َ ْه َسل ِ ِ وُر ُ َ
ه ي َ ل إ َ
ل ز ْ ن ُ أ ما ب ل ُ سو رَ ال ن م }آ البقرة: سورة وآية . النساء ما{ حي فو ً َ ِ
ر را َ
غ ُ
ِ ْ ِ ِ ِ َ ّ ُ َ َ 152 ً
َ َ ن ك ُ ٌّ
د
ح ٍ نأ َ رقُ بَي ْ َ ف ِّه ل نُ َ سل ِ ِوُر ُ ه َ وكُتُب ِ ِه َملئِكَت ِ ِ و َه َن بِالل ّ ِم َ لآ َ منُو َ ؤ ِ وال ْ ُ
م ْ ه َن َرب ِّ ِم ْ ِ
ن{ البقرة .285 ِ ْ م
سؤال :كيف ل تفرقون بين رسله وأنتم الذين جعلتم من يتيم أبي
طالب أفضل الخلق وأفضل وأشرف النبياء ،ومن أجله خلق جميع
المخلوقات؟!
.1عن جابر بن عبد الله قال :قلت يا رسول الله اخبرني عن أول شيء
خلقه الله تعالى قبل الشياء .قال يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الشياء
نور نبيك من نوره ،فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم
يكن في ذلك الوقت لوح ول قلم ول جنة ول نار ول ملك (ملئكة) ول سماء
ول أرض ول شمس ول قمر ول جن ول أنس ،فلما أراد الله أن يخلق الخلق
قسم ذلك النور أربعة أجزاء؛ فخلق من الجزء الول القلم ،ومن الثاني
اللوح ،ومن الثالث العرش ،ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء؛ فخلق من
الول السماوات ومن الثاني الرض ،ومن الثالث الجنة والنار ،ثم قسم
الرابع أربعة أجزاء؛ فخلق من الول نور أبصار المؤمنين ،ومن الثاني نور
قلوبهم وهي المعرفة بالله ،ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد ل إله إل
الله محمد رسول الله -راجع حجة الله على العالمين في معجزات سيد
المرسلين .. 1/35إلى ما ل آخر له من الستشهاد بمنسوخ القرآن.
ولعل سؤال ً يجول في بعض الخواطر ،أو يتردد على بعض اللسنة،
وهو:
إن أوامر القرآن وتعاليمه واضحة وصريحة} :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا
اليهود والنصارى أولياء{ نهي عام بعدم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء ول
أصدقاء -راجع آل عمران .118
سؤال :أليس هذا هو النفاق بعينه؟ أليس هذا هو الرهاب بعينه؟ والعنصرية
بعينها؟ هل صدقت عندما قلت في مقدمتي :أن النفاق في السلم وسيلة
والرهاب لغة حوار؟
إن استشهاد المسلمين بآيات منسوخة لظهار فضائل السلم لهو دليل
على إفلس السلم من كل ما هو صالح ومفيد ..المر الذي اضطرهم
للجوء لستعمال التقية (النفاق) لظهار سماحة ورحمة ومسالمة السلم
بآيات منسوخات ،أي آيات ل حكم شرعي لها لنها قد أُلغيت (نُسخت) أي
أُزيلت وإن بقي حرفها ونصها موجود في القرآن.
هذا هو ،باختصار شديد ،ما يروجه المسلمون من خلل وسائل إعلمهم
وإعلنهم الموجهة لغير المسلمين.
لقد أجمع علماء المسلمين على أن الجهاد قد مر بثلث مراحل مختلفة :
وهي مقتصرة على العصر المكي .فلم يكن يوجد في العصر المكي إل
جهاد الدعوة والبيان.
فقد قال {فل تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا ً كبيراً} الفرقان .52
{أُذن للذين يُقاتَلُون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير} الحج
.39
وهـي أول آية نزلت في القتال كمـا قال ابن عباس .أُذن لهم في
القتال ولم يفرضه عليهم.
في هذه المرحلة أصبح القتال فريضة إلهية مكتوبة على المسلمين.
فكما {كتب عليكم الصيام} بقرة .183كذا أيضا ً {كتب عليكم القتال} بقرة
.216وهذه المرحلة ناسخة لما قبلها من المراحل ،وهي التي استقر عندها
حكم الجهاد ومات عليها نبي السلم .لم تكن مرحلة الجهاد الدعوي في
مكة ناتجة عن مسالمة ورحمة السلم ،بل كانت ناتجة عن ضعف حالة
المسلمين في بداية الدعوة في مكة.
.1يقول شيخ السلم ابن تيمية :فكان النبي في أول المر مأمورا ً أن
يجاهد الكفار بلسانه ل بيده … وكان مأمورا ً بالكف عن قتالهم لعجزه وعجز
المسلمين عن ذلك ،ثم لما هاجر إلى المدينة وصار له بها أعوان أُذن له في
الجهاد ،ثم لما قووا كُتب عليهم القتال ،ولم يُكتب عليهم قتال من سالمهم
لنهم لم يكونوا يطيقون قتال جميع الكفار ،فلما فتح الله مكـة وانقطع
قتال قريش ملوك العرب ووفدت إليه وفود العرب بالسـلم أمره الله
تعالى بقتال الكفار كلهم إل من كان له عهد مؤقت وأمره بنبذ العهود
المطلقة -الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لبن تيمية .1/74
.2وقال ابن القيم :فلما استقر رسـول الله بالمدينة وأيده الله بنصره
وبعباده المؤمنين وألف بين قلوبهم … رمتهم العرب واليهود عن قوس
واحدة ،وشمروا لهم عن سـاق العداوة والمحاربة وصاحوا بهم من كل
جانب ،والله يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتى قويت الشوكة واشتد
الجناح فأذن لهم حينئذ في القتال … -زاد المعاد .2/58
.3وقال ابن كثير :كان المؤمنون في ابتداء السلم وهم بمكة مأمورين
بالصلة والزكاة وإن لم تكن ذات النُصب ،وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء
منهم ،وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين،
وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليتشفوا من أعدائهم ولم يكن
الحال إذ ذاك مناسبا ً لسباب كثيرة؛ منها قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد
عدوهم ،ومنها كونهم كانوا في بلدهم وهو بلد حرام وأشرف بقاع الرض
فلم يكن المر بالقتال فيه ابتداء كما يقال ،فلهذا لم يؤمر بالجهـاد إل
بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار … -تفسير القرآن العظيم لبن
كثير 150\4 – 1/526
.4وقال أيضاً :وإنما شرع تعالى الجهاد في الوقت الليق به لنهم لما
كانوا بمكة كان المشركون أكثر عدداً ،فلو أُمر المسلمون وهم أقل من
العشر بنصره وصارت لهم دار إسلم ومعقل ً يلجئون إليه شرع الله جهاد
العداء -المصدر السابق .3/226
إن محاولة المسلمين تقسيم الجهاد إلى أصغر وهو الجهاد القتالي،
وأكبر وهو جهاد النفس ،وبالتالي إظهار الدعوة اللسانية أهم أنواع الجهاد
هو افتراء وهراء واستخفاف بعقول الخرين.
.1ومن النصوص أيضاً :قول النبي (رأس المر السلم وعموده الصلة
وذروة سنامه الجهاد - )...أخرجه الترمذي - 2616وابن ماجة - 3973وأخرجه
الحاكم .2/7
.2ومنها قول النبي( :من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان) -أخرجه مسلم - 49
وأبو داود - 1140والترمذي - 2172وابن ماجة - 4340والنسائي 4013و- 1275
وأحمد .3/54وقد بين الحديث السابق درجات التغيير ،وأعلها التغيير باليد
الذي يشمل القتال ،ول شك أن قوله( :فإن لم يستطع) يدل على أن كل
مرتبة تحتاج إلى جهد ومشقة أكبر من التي تليها ،وإنما يكون الجر على
قدر المشقة ،فمن لم يكن قادرا ً عليه فإنه ينتقل إلى ما هو أدنى منه حتى
ينتهي إلى أضعف اليمان وهو التغيير بالقلب .فدل ذلك على أن أقوى
اليمان التغيير باليد وأوسطه التغيير باللسان وأضعفه التغيير بالقلب.
كانت مرحلة القتصار على الجهاد الدعوي في العصر المكي ناتجة عن
حالة ضعف المسلمين .ولهذا كان يصفح ويعفو (وهل بيد الضعيف إل
الصفح والعفو) ؟! .لقد كان النبي مأمورا ً طيلة العصر المكي بالعفو
والصفح وكف اليد عن المشركين ،كما قال في القرآن{ :فاعفوا واصفحوا
حتى يأتي الله بأمره} البقرة .109 :و{قل للذين آمنوا يغفروا للذين ل
يرجون أيام الله} الجاثية .14
.1وعن ابن عباس( :أن عبد الرحمن بن عـوف وأصحـابا ً له أتوا النبي
بمكة فقالوا :يا رسول الله إنا كنا في عز ونحن مشـركون ،فلما آمنا صرنا
أذلة فقال :إني أمرت بالعـفو فل تقاتلوا …) -أخرجه النسائي - 3/6
والحاكم .2/307
وظل محمد على هذه الحال من الصبر والعفو إلى أن قويت شوكته،
فنسخ الصفح والعفو وحل محله القتال والقتل وأصبح الحوار السلمي
بالحديد الذي فيه بئس شديد.
.3وكذا نقل الحافظ ابن كثير في تفسير قوله{ :فاعفوا واصفحوا حتى
يأتي الله بأمره} البقرة .109 :نقل القول بالنسخ عن ابن عباس ثم قال:
(وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي :إنها منسوخة بآية
السيف ،ويرشد إلى ذلك أيضا ً قوله تعالى{ :حتى يأتي الله بأمره} - )...
تفسير القرآن العظيم .1/154
.4وقال ابن عطية في تفسيره لية السيف( :وهذه الية نسخت كل
موادعة في القرآن أو ما جرى مجرى ذلك ،وهي على ما ذكر مائة آية وأربع
عشرة آية) -تفسير ابن عطية .6/412
.8وقال شيخ السلم ابن تيمية …( :فأمره لهم بالقتال ناسخ لمره لهم
بكف أيديهم عنهم) -الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح .1/66
وقد نقل الجماع على القول بالنسخ غير واحد من أهل العلم:
.11فقد قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى{ :قل للذين آمنوا يغفروا
للذين ل يرجون أيام الله} الجاثية( ،14 :وهذه الية منسوخة بأمر الله بقتال
المشركين ،وإنما قلنا هي منسوخة لجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك)
-تفسير الطبري .25/144
.13وقال الشوكاني( :أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على
السلم أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية ...وما
ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق
المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال مع ظهور القدرة
عليهم والتمكن من حربهم وقصدهم إلى ديارهم) -السيل الجرار .519-4/518
.14ونقل الجماع أيضا ً صديق حسن خان بنفس ألفاظ الشوكاني دون أن
ينسب القول إليه) الروضة الندية .2/333
.15فقد أقر الزركشي في برهانه بأن آية السيف ناسخة ليات الصفح
والعفو ،وزاد على ذلك أن جعل آية السيف منسوخة بآية سيف أهل الكتاب -
أحكام القرآن لبن العربي - 1/110والبرهان للزركشي .2/3
سل َ َ
خ فإِذَا ان َ .16قال النيسابوري في كتابه (الناسخ والمنسوخ) في قولهَ { :
مه ْصُرو ُ ح ُوا ْ
م َ ه ْخذُو ُ
و ُ م َه ْ
مو ُ جدْت ُ ُ
و َ
ث َ حي ْ ُن َركِي َش ِم ْ قتُلُوا ال ْ ُفا ْ م َ هُر ال ْ ُ
حُر ُ ش ُ ال َ ْ
ُ َ َ
م
ه ْ سبِيل َ ُخل ّوا َ ف َوا الَّزكَاةَ َوآت َ ْ
صلةَ َموا ال َّ قا ُوأ َ ن تَابُوا َ
فإ ِ ْد َ ص ٍ
مْر َ ل َ م كُ ّ ه ْعدُوا ل َ ُ ق ُوا ْ َ
ُ َ َّ إ ِ َّ
م} توبة 5هي الية الناسخة ،نسخت من القرآن مائة آية رحي ٌ ه غفوٌر َ ِ ن الل َ
وأربعا ً وعشرين آية -راجع المصدر السابق .284
.18وقال ابن عباس في هذه الية :لم يبق لحد المشركين عهد ول ذمة
منذ أن نزلت (براءة) = أي سورة التوبة .ونقل عنه العوفي وعلي بن أبي
طلحة – راجع تفسير القرطبي وابن كثير في شرحهم لية التوبة .5
.19وقال الكلبي صاحب تفسير (التسهيل في علوم التنزيل) ونقدم هنا ما
جاء من نسخ مسالمة الكفار والعفو عنهم والعراض والصبر على آذاهم
بالمر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه ،فإنه وقع منه في
القرآن مائة وأربع عشرة آية من أربع وخمسين سورة ،نسخ ذلك كله بقوله:
{فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
.20قال الحسن بن فضل فيها :هي آية السيف نسخت هذه الية كل آية
في القرآن فيها ذكر العراض والصبر على أذى العداء -راجع تفسير ابن
كثير.
.21وقال ابن حزم في كتابه الناسخ والمنسوخ :في القرآن مائة وأربع
عشرة آية في ثمان وأربعين سورة نسخت الكل بقوله{ :اقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم} .
وقد لخص المام ابن القيم تلك المراحل في قوله( :وكان محرما ً ثم مأذوناً
به ثم مأمورا ً به لمن بدأهم بالقتال ثم مأمورا ً به لجميع المشركين )...زاد
المعاد .2/58
بعد أن بينا القليل جدا ً من النفاق في السلم .دعونا ننتقل لمسألة العنف
والرهاب في السلم.
الفصل الثاني
.1وجوب الجهاد
.3الرهاب
.4الستيلء على البلد وتفريغها هو حلم نبي السلم الكبر
.5معاهدات الصلح:
ـ أنواع المعاهدات
ـ شروط المعاهدات
ـ وجوب الجهاد ـ
إنه فريضة إلهية مقدسة كتبها رب الكعبة على المسلمين كما كتب
عليهم الصيام {كتب عليكم الصيام} بقرة { ،183كتب عليكم القتال} بقرة
.216فهل يجوز شرعا ً على المة تعطيل صيام رمضان؟
الجواب طبعا ً ل ومن هنا حددت شريعة السلم مدة قصوى (سنة)
لتأدية هذه الفريضة المقدسة في السلم وفي حياة المسلمين .وأقل ما
يُفعل مرة في كل عام.
.1يقول الشافعي :إن كان بالمسلم قوة لم أرى أن يأتي عليه عام إل وله
جيش أو غارة في بلد المشركين الذين يلون المسلمين من كل ناحية عانة
وإن كان يمكنه في السنة بل تغرير بالمسلمين أحببت له أن ل يدع ذلك كلما
أمكنه ،وأقل ما يجب عليه أن ل يأتي عليه عام إل وله فيه غزو حتى ل يكون
الجهاد معطل ً في عاما ً إل من عذر -راجع :المام للشافعي ،4/177والمغنى
لبن قدامه.
.2وجاء في الشرح الصغير (الجهاد في سبيل الله لعلء كلمة الله تعالى
كل سنة فل يجوز تركه سنة كإقامة الموسم بعرفة والبيت وبقية المشاهد
كل سنة فرض كفاية) -الشرح الصغير.272-2/267
ولهذا لقد بلغت غزوات محمد التي غزا فيها بنفسه تسعا ً وعشرين
غزوة .وهي غزوات ودان وبواط العشيرة سفوان (وتسمى غزوة بدر
الولى) وغزوة بدر الكبرى وغزوة بني سليم وغزوة بني قينقاع وغزوة
السويق وغزوة قرقرة الكدر وغزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر ،وغزوة
بحران بالحجاز وغزوة أحد وغزوة حمراء السد وغزوة بني النضير وغزوة
ذات الرقاع وهي غزوة محارب وبني ثعلبة ،وغزوة بدر الخيرة وهي غزوة
بدر الموعد وغزوة دومة الجندل وغزوة بني المصطلق (ويقال لها المريسع،
وبعد العودة منها تأخرت عائشة وباتت ليلتها مع صفوان بن المعطل)
وغزوة الخندق وغزوة بني قريظة وغزوة بني لحيان وغزوة الحديبية وغزوة
قُرد وغزوة خيبر وغزوة وادي القرى وغزوة عمرة القضاء وغزوة فتح ذي ُ
مكة وغزوة حنين والطائف وغزوة تبوك .وأما سراياه (أي الغزوات التي لم
قدها بنفسه بل أرسل إليها بعض أصحابه) فعددها تسع وأربعون ،أيي ُ
بمعدل سبع سرايا في السنة الواحدة -راجع طبقات ابن سعد .3/43
أمر القتال في السلم أمر مطلق غير مقيد بأن يكون القتال رافعاً
لعدوان أو في مقابلة قتال .وهذا الطلق واضح في قوله {فإذا انسلخ
الشهر الحرام فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم
واقعدوا لهم كل مرصد} التوبة .5
فلقد أمر القرآن المسلمين بأن يقاتلوا غير المسلمين حتى يسلموا أو
يعطوا الجزية وهذا المر مطلق غير مقيد بأن يكون القتال رفعا ً لعدوان أو
في مقابلة قتال ،فدل هذا الطلق في أمره بالقتال على أنه دعوة إلى
السلم ،وحمل المخالفين على نبذ دينهم واعتناق السلم{ .وقاتلوا الذين
ل يؤمنون بالله واليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون
دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}
التوبة .29هذا أمر عام ومطلق بقتال المسلمين لهل الكتاب حتى يسلموا.
فهذه الية هي آية سيف أهل الكتاب القاضية بقتالهم لكونهم كفروا بالله
ورسوله ولم يدينوا دين الحق وهو السـلم.
ونص الية واضح وصريح {وقاتلوا} ،ولم يقل القرآن وجادلوا بالحسنة
بل قال {وقاتلوا الذين ل يدينون دين الحق} أي قاتلوا الذين ل يؤمنون
ويدينون بالسلم حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية وهم أذلء أو ي ُ
قتُلوا.
أهل الكتاب أمام أمرين أحلهما مر :إما 29 لقد وضعت آية التوبة
السلم ،وإما الجزية.
كما أن الية ذكرت الوصاف التي لجلها استحق هؤلء أن يُقاتلوا وهي
كونهم ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول
يدينون دين الحق ،فهذه الوصاف هي الباعث على قتالهم .فإن انتهوا عنها
ودخلوا في السلم انتهى القتال ،وإن لم ينتهوا عنها ولكنهم قبلوا دفع
الجزية فل بأس بذلك أيضاً.
***
.1أمر الله بقتال أهل الكتاب ابتداءً حتى يدخلوا في السلم أو يعطوا
الجزية -أخرجه البخاري - 3157وأبو داود - 3043والترمذي .1586
.2عن نبي السلم أنه قال" :إذا لقيت عدوك من المشركين ،فادعهم إلى
إحدى ثلث خصال ،فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم؛ ادعهم
إلى السلم فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن هم أبوا فادعهم إلى
إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن أبوا فاستعن بالله
عليهم وقاتلهم" -رواه أبو داود ومسلم.
.3يقول شيخ السلم ابن تيمية في كتابه الجهاد" 1/11يقاتل فقط في
شرع السلم من يرفض أن يستجيب لواحدة من ثلث :إما السلم ،وإما
الجزية ،وإما القتال -راجع المصدر المذكور ،الجهاد.1/11
.4أمر الله بقتال أهل الكتاب ومن في حكمهم حتى يسلموا أو يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون ،ول شك أن الصغار هو الذلل وبذلك فسره
المام البخاري في صحيحه .6/257
إذن من الواضح والثابت أن غاية القتال أحد أمرين إما السلم وإما دفع
الجزية.
والقتال -الجهاد -هو المحور الساسي والهم التي تدور حوله رسالة
نبي السلم .وهذا واضح من اليات الجهادية التي شغلت حيزا ً كبيرا ً يكاد
يبلغ أكثر من نصف القرآن المدني ولنا على ما نقول مثال:
{ .5وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فل عدوان
إل على الظالمين} البقرة .193
{ .6كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير
لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم ل تعلمون} البقرة
.216
{ .7أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم
الصابرين} آل عمران .142
{ .8فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا
الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله
لنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن
يضل أعمالهم} محمد ،4 :آل عمران.195 :
{ .9وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله
بما يعملون بصير} النفال .39
{ .10يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم
تفلحون} النفال .45
{ .11وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو
الله وعدوكم وآخرين من دونهم ل تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من
شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم ل تظلمون} النفال .60
{ .12يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} النفال .65
{ .14وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة
الكفر إنهم ل أيمان لهم لعلهم ينتهون} التوبة .12
{ .15قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور
قوم مؤمنين} التوبة .14
{ .17قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله
ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن
يد وهم صاغرون} التوبة .29
{ .18فقاتل في سبيل الله ل تكلف إل نفسك وحرض المؤمنين عسى الله
أن{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون
في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا ً عليه حقا في التوراة والنجيل
والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك
هو الفوز العظيم} التوبة .111
{ .19يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيل} النساء .84
{ .20ل يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في
سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم
على القاعدين درجة وكل وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على
القاعدين أجرا عظيما} النساء .95
{ .22يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم
وبئس المصير} التحريم .9
{ .23يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم
يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل
الله ول يخافون لومة لئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}
المائدة .54
, 20 – 19وانظر أيضا ً آل عمران , 157 – 121 - 13الحج , .40 - 39الفتح
- 16
النفال , 74 – 72 - 67 -65 – 60 – 16 – 15 - 8 – 6النساء 94 - 77 - 76 – 74 - 57
– , 102 - 100البقرة , 262 - 261 - 251 – 250 - 244 – 218 - 154التوبة – 3 – 2
– 122 - 121 – 120 – 83 - 81 – 77 – 73 - 60 – 41 – 39 – 38 – 36 – 16 - 13 – 12
, 123الحديد , - 10محمد - 20المائدة 35
{ليس على العمى حرج ول على العرج حرج ول على المريض حرج ومن
يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها النهار ومن يتول يعذبه عذابا
أليماً} الفتح { , .17ل على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ل أجد ما
أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أل يجدوا ما ينفقون}
التوبة { , 92ليس على الضعفاء ول على المرضى ول على الذين ل يجدون
ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله
غفور رحيم} التوبة 91
بناءا ً على ما بينا من آيات قرآنية تحرض وتشجع المسلمين على القتال
والقتل ،فإنه ليس من الغرابة أن يطالب القرآن المسلمين بأن يمارسوا
الرهاب مع عدوهم.
ـ الرهاب ـ
وعليه فكل من أحدث الخوف والفزع عند الخرين ممن يريد إخافتهم
فهو إرهابي ،وقد مارس في حقهم الرهاب ،وهو يكون بذلك متلبساً
بالرهاب ،ومتصفا ً به ..سواء تسمى إرهابيا ً أم لم يتسمى ..وسواء اعترف
بذلك أم لم يعترف.
وفوهم .وقال .5قال ابن الجوزي في زاد المسير{ :واسترهبوهم} أي :خ َّ
الزجاج :استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس ا -هـ .أي خافهم الناس.
َ م أَ َ َ
ن الل ّ ِ
ه م َ
م ِ
ه ْ
ر ِ
صدُو ِ
في ُ
ة ِ شدُّ َر ْ
هب َ ً .6قال ابن كثير في التفسير{ :لنْت ُ ْ
ذلك بأنهم قوم ل يفقهون} الحشر 13 :أي يخافون منكم أكثر من خوفهم
من الله ا -هـ.
َ َ
ر
ش ِ ح ْ ل ال ْ َ ِ م لَ َ
وّ ْ ه
ر ِ ِ ن ِديَا م ْ
ب ِِ ل الْكِتَا
ِ هن أَ ْ م ْ فُروا ِ ن كَ َ ذي َ ج ال ّ ِ خَر َ ذي أ َ ْ و ال ّ ِ ه َ { ُ
َّ فأ َ
َ َّ َ خرجوا وظَنُّوا أ َ ما ظَنَنْت ُم أ َ
ن م
ُ ِ ْ ه الل مُ ه
ُ اَ ت ه
ِ الل ن م
ُ ْ ِ َم ه ُ ن صو ح م ه ُ
ُ ْ َ َ ُ ْ ُ ُ ت ع ِ ن ما م ه ّ ن َ ْ َ ُ ُْ ي ن ْ َ
دي خربون بيوت َهم بأَيديهم َ م الُّر ْ ُ ُ َ َ َ
وأي ْ ِ ُ ْ ِ ْ ِ ِ ْ َ ب يُ ْ ِ ُ َ ُ ُ ع َ ه ُ ِ ِ وب قل في ِ فَ ذ ق و
َ وا ُ ب س
ِ َ ت حْ َ ي م
ْ ل ث
ُ ْ ي ح
َ
َ ُ
ر} الحشر.2: صا ِ عتَبُِروا يَا أولِي الب ْ َ فا ْ ن َ منِي َ ؤ ِ ال ْ ُ
م ْ
َ َ
في
ف ِ و َ
قذَ َ م َه ْ
صي ِ
صيَا ِ
ن َ
م ْ
ب ِل الْكِتَا ِ ن أَ ْ
ه ِ م ْم ِه ْ
هُرو ُن ظَا َ ذي َل ال ّ ِ وأَنَْز
{ َ
ً ْ ُ ً
ريقا} الحزاب.26: ف ِن َ سُرو َوتَأ ِ ن َقتُلو َريقا ت َ ْ
ف ِب َ م الُّر ْ
ع َ قلُوب ِ ِ
ه ُ ُ
.8وفي الحديث عن النبي كما في صحيح البخاري وغيره أنه قال" :نُصرت
بالرعب شهراً ،يُرعب مني العدو مسيرة شهر" .أي نصرت بخوف العدو مني
قبل أن أواجهه بمسيرة شهر ..حيث كان العدو يُصاب بالرعب والخوف
لمجرد علمه أن جيش النبي متوجه إليه وبمسيرة شهر كامل ..فهذا إرهاب
للعدو ..
إذن يتضح لنا من خلل استعراضنا لهذا الكم الهائل من اليات الجهادية
أن الدعوة السلمية هي في جوهرها دعوة إرهابية ذات طابع ديني أكثر من
كونها دعوة دينية ذات طابع سلمي.
وهذا أيضا ً ما تؤكده لنا السنة المحمدية التي فاقت أحاديث تحريضها
وترغيبها على القتال والتقتيل أضعاف اليات القرآنية التي بيناها .لهذا
اعتبر السلم القتال والتقتيل (الجهاد) درة العبادات وتاجها ل تعادله
فريضة ل بالمكانة ول بالولوية.
.1عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي في سفر فأصبحت يوما ً قريبا ً منه
ونحن نسير ،فقلت يا نبي الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من
النار .قال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد
الله ول تشرك به شيئا ً وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
البيت ثم قال أل أخبرك برأس المر وعموده وذروة سنامه؟ فقلت بلى يا
رسول الله .قال :رأس المر وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد – أحمد
– 21008أحمد .21039 – 21036
.2قال المام أحمد :ل نعلم شيئا ً من أبواب البر أفضل من الجهاد في
سبيل الله.
.1عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي
رهبانية ورهبانية هذه المة الجهاد في سبيل الله عز وجل -أحمد .13306
من هنا وبناءا ً على ما ذكرنا ،جعل السلم الجنة تحت ظلل السيوف.
.2عن رسول الله قال واعلموا أن الجنة تحت ظلل السيوف -البخارى
.2607
.3عن أبي أمامه عن عبادة بن الصامت قال :قال رسول الله :عليكم
بالجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به
الهم والغم -أحمد .21660
{فاستجاب لهم ربهم أني ل أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى
بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي
وقاتلوا وقتلوا لكفرن عنهم سيئاتهم ولدخلنهم جنات تجري من تحتها
النهار ثوابا ً من عند الله والله عنده حسن الثواب} آل عمران .195
{ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما
يجمعون} آل عمران 157
.1عن أبي موسى قال :جاء رجل إلى النبي ،فقال :يا رسول الله أرأيت
الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟
قال :فقال رسول الله :من قاتل لتكون كلمة الله عز وجل هي العليا فهو
في سبيل الله عز وجل -أحمد .18722
.2عن أنس بن مالك قال :قال رسول الله :أمرت أن أقاتل الناس حتى
يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله .فإذا شهدوا واستقبلوا
قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل
بحقها لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم -أحمد .12583
.3يقول شيخ السلم ابن تيمية في كتابه الجهاد" 1/11يقاتل فقط في
شرع السلم من يرفض أن يستجيب لواحدة من ثلث :إما السلم ،وإما
الجزية ،وإما القتال -راجع المصدر المذكور .الجهاد. 1/11
.4عن نبي السلم أنه قال :إذا لقيت عدوك من المشركين ،فادعهم إلى
إحدى ثلث خصال ،فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم؛ ادعهم
إلى السلم ،فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن هم أبوا فادعهم
إلى إعطاء الجزية ،فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن أبوا فاستعن
بالله عليهم وقاتلهم -رواه أبو داود ومسلم
.5عن أبي موسى قال :سئل رسول الله عن رجل يقاتل شجاعة ويقاتل
حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله .قال :من قاتل لتكون كلمة الله
هي العليا فهو في سبيل الله .قال أبو عيسى وفي الباب عن عمر وهذا
حديث حسن
.6عن أبي موسى الشعري قال جاء أعرابي إلى رسول الله يقاتل ليذكر
ويقاتل ليغنم ويقاتل ليرى مكانه في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة
الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل -صحيح الترمذى - 1570النسائي
- 3085أبو داود - 2156البخارى - 2599البخارى .6904
.1عن ابن عمر أن رسول الله قال أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا
أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا
فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على
الله -البخارى .24
.2عن أنس بن مالك قال :قال رسول :الله أُمرت أن أقاتل الناس حتى
يقولوا ل إله إل الله فإذا قالوها وصلوا صلتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا
ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على الله -
البخارى .379
.3عن أبي مالك عن أبيه قال :سمعت رسول الله يقول :من قال ل إله
إل الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله -
مسلم .34
.4عن أبي هريرة يقول :قال رسول الله :أُمرت أن أقاتل الناس حتى
يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا
ي دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله عز وجل - الزكاة ثم قد حرم عل ّ
ً
أحمد – 8188مسلم – 31وأيضا قالها جابر – مسلم – 32وعبد الله بن عمر –
مسلم 33
.5عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي قال :اغزوا باسم الله وفي
سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله -أبو داود .2246
.6عن سعيد بن جبير قال :خرج علينا عبد الله بن عمر ونحن نرجو أن
يحدثنا حديثا ً حسناً ،فبدرنا رجل منا يقال له الحكم فقال :يا أبا عبد الرحمن
ما تقول في القتال في الفتنة؟ قال :ثكلتك أمك وهل تدري ما الفتنة إن
محمدا ً كان يقاتل المشركين فكان الدخول فيهم أو في دينهم فتنة وليس
كقتالكم على الملك – أحمد – 5125أحمد – 8377أحمد – 18673أحمد – 18905
-أحمد .18771. 18805 أحمد
هذا ليس افتراءً على السلم كما يزعم المجاهدون ،ول هي محاولة منا
لتشويه صورة السلم السمحة كما يزعم الذين اسودت وجوههم إذا بشرهم
أحد بالحق! بل هذا ما أعلنه القرآن بوضوح ،وبينت تفاصيله السنة النبوية
المطهرة .وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين قديما ً وحديثا ً وأعلنوه
بصراحة ووضوح في مصادرهم الشرعية .وهذا ما يحاول المسلمون أقصى
جهدهم لتنفيذه وإن كره المشركون.
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون} التوبة .33
لم يقتصر هدف الجهاد في السلم على قهر غير المسلمين وإذللهم
وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبالتالي إجبارهم على نبذ دينهم والدخول
في السلم كما بينا سابقا ً من خلل القرآن والسنة ،بل يهدف السلم من
وراء تلك الفريضة العدوانية -الجهاد -إلى احتلل العالم أجمع -أي فتح
العالم بحسب المصطلح السلمي.
وهذا ما أعلنه وصرح به السلم والمسلمون من خلل مصادر تشريعهم
وتصريحات علمائهم.
"إن كان السلم نحلة كالنحل الخرى والمسلمون أمة كغيرهم من أمم
العالم؛ فل جرم إن الجهاد السلمي يفقد بذلك جميع المزايا والخصائص
التي جعلته رأس العبادات ودرة تاجها .لكن الحقيقة أن السلم ليس بنحلة
كالنحل الرائجة وأن المسلمين ليسوا بأمة كأمم العالم ،بل المر أن السلم
فكرة انقلبية ومنهاج انقلبي يريد أن يهدم نظام العالم الجتماعي بأسره
ويأتي بنيانه من القواعد ويؤسس بنيانه من جديد حسب فكرته ومنهاجه
العملي.
ومن هنا نعرف أن لفظ المسلم وصف للحزب النقلبي العالمي الذي
يكونه السلم وينظم صفوفه ليكون أداة في إحداث ذلك البرنامج النقلبي
الذي يرمي إليه السلم ويطمح إليه ببصره ،والجهاد عبارة عن الكفاح
النقلبي عن تلك الحركة الدائبة المستمرة التي يُقام بها للوصول إلى هذه
الغاية وإدراك هذا المبتغى -راجع الجهاد في سبيل الله لبي العلى
المودودي ص .11-10
إن السلم ل ينظر إلى مصلحة أمة دون أمة ول يقصد النهوض بمصلحة
شعب دون شعب ..وله فكرة خاصة ومنهاج عملي مختار لسعادة المجتمع
البشري والصعود به إلى معارج الفلح .فكل حكومة مؤسسة على فكرة غير
هذه الفكرة ومنهاج غير هذا المنهاج يقاومها السلم ويريد أن يقضي عليها
قضاءً مبرماً ،ول يعنيه في شيء بهذا الصدد أمر البلد التي قامت فيها تلك
الحكومة غير المرضية أو المة التي ينتمي إليها القائمون بأمرها .فإن غايته
استعلء فكرته وتعميم منهاجه وإقامة الحكومات وتوطيد دعائمها على
أساس هذه الفكرة وهذا المنهاج بصرف النظر عمن يحمل لواء الحق
والعدل بيده ومن تنتكس بذلك راية عدوانه وفساده .والسلم يتطلب
الرض ول يقتنع بقطعة أو جزء منها ..ول يتطلبها لتستولي عليها وتستبد
بمنابع ثروتها أمة بعينها بعدما تُنتزع من أمة أو أمم شتى ،بل يتطلبها
السلم ويستدعيها ليتمتع الجنس البشري بأجمعه بفكرة السعادة البشرية
ومنهاجها العملي اللذين أكرمه الله بهما وفضله بهما على سائر الديان
والشرائع .وتحقيقا ً لهذه البغية السامية ،يريد السلم أن يستخدم جميع
القوى والوسائل التي يمكن استخدامها لحداث انقلب عام شامل ،ويبذل
الجهد المستطاع للوصول إلى هذه الغاية العظمى ،ويسمى هذا الكفاح
المستمر بانتشار القوى والبغي واستخدام شتى الوسائل المستطاعة
(الجهاد) -راجع نفس المصدر 13
وما أن يتكون هذا الحزب حتى يبدأ بالجهاد في سبيل الغاية التي أنشئ
من أجلها .فمن طبيعته ومما يستدعيه وجوده أن ل يألو جهدا ً في القضاء
على نظم الحكم التي أسس بنيانها على غير قواعد السلم واستئصال
شأفتها ،وأن يستنفد مجهوده في أن يستبدل بها نظاما ً للعمران والجتماع
معتدلً ،مؤسسا ً على قواعد ذلك القانون الوسط العدل الذي يسميه القرآن
ع سعيه وراء
(كلمة الله) .فإن لم يبذل هذا الحزب الجهد المستطاع ولم يس َ
تغيير نظم الحكم وإقامة نظام الحق -السلم -ونظام الحكم المؤسس على
قواعد السلم ولم يجاهد حق جهاده في سبيل هذا ،فاتته غايته وقصر عن
تحقيق البغية التي أنشئ لجلها ،فإنه ما أنشئ إل لدراك الغاية وتحقيق
هذه البغية ،بغية إقامة نظام الحق والعدل – السلم -ول غاية له ول عمل
إل الجهاد في هذه السبيل .وهذه الغاية الوحيدة التي بينها الله تعالى في
كتابه بقوله{ :كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران .110
ول يظن أحد أن هذا الحزب -حزب الله بلسان الوحي -مجرد جماعة
من الوعاظ المبشرين يعظون الناس في المساجد ويدعونهم إلى مذاهبهم
ومسالكهم بالخطب والمقالت .ل ،ليس المر كذلك وإنما هو حزب أنشأه
الله ليجعل الحق والعدل بيده ويكون شهيدا ً على الناس .ومهمته التي
أُلقيت على كاهله من أول يوم أن يقضي على منابع الشر والعدوان ويقطع
دابر الجور والفساد في الرض والستغلل الممقوت ،وأن يكبح جماح اللهة
الكاذبة الذين تكبروا في أرض الله بغير حق وجعلوا أنفسهم أربابا ً من دون
الله ،ويستأصل شافة ألوهيتهم ويقيم نظاما ً للحكم والعمران يتفيأ ظلله
القاصي والداني والغني والفقير .وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى في
غير واحدة من آية الذكر الحكيم{ :وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين
كله لله} النفال .39
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون} التوبة .33
..ومن أجل ذلك وجب على الحزب المسلم ،حفاظا ً على كيانه ،وابتغاءً
للصلح المنشود أن ل يقتنع بإقامة نظام الحكم السلمي في قطر واحد
بعينه ،بل من واجبه الذي ل مناص له منه بحال من الحوال أن يدخر جهداً
في توسيع نطاق هذا النظام وبسط نفوذه في مختلف أرجاء الرض .ذلك
بأن يسعى الحزب السلمي في جانب وراء نشر الفكرة السلمية وتعميم
نظرياتها الكاملة ونشرها في أقصى الرض أدناها ويدعو سكان المعمورة
على اختلف بلدهم وأجناسهم وطبقاتهم .هذه هي الخطة التي سلكها
وهذا هو المنهاج الذي انتهجه النبي ومن جاء بعده وسار بسيرته من الخلفاء
الراشدين .فإنهم بدءوا ببلد العرب التي أشرقت شمس السلم من آفاقها
وأخضعوها أول ً لحكم السلم وادخلوها في كنف المملكة السلمية
الجديدة ،ثم دعا النبي الملوك والمراء والرؤساء في مختلف بقاع الرض
إلى دين الحق – السلم -للذعان لمر الله .فالذين آمنوا بهذه الدعوة
انضموا إلى هذه المملكة السلمية وأصبحوا من أهلها .والذين لم يلبوا
دعوتها ولم يتقبلوها بقبول حسن ،شرع في قتالهم وجهادهم .ولما
استخلف أبو بكر بعد وفاة النبي ،حمل على المملكتين المجاورتين للمملكة
السلمية؛ مملكتي الروم والفرس -راجع كتاب (الجهاد في سبيل الله)
لبي العلى المودودي ص .39-28
.1عن تميم الداري قال :سمعت رسول الله يقول :ليبلغن هذا المر ما
بلغ الليل والنهار ول يترك الله بيت مدر ول وبر إل أدخله الله هذا الدين بعز
عزيز أو بذل ذليل عزا ً يعز الله به السلم وذل ً يذل الله به الكفر .وكان
تميم الداري يقول قد عرفت ذلك في أهل بيتي ،لقد أصاب من أسلم منهم
الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافرا ً الذل والصغار
والجزية -أحمد .16344
.2عن نبي السلم قال( :إن الله زوى لي الرض فرأيت مشارقها
ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها لي منها -رواه مسلم وأبو داود والترمذي
وابن ماجة.
.3وفي الحديث الصحيح يقول أبو قبيل :كنا عند عبد الله بن عمرو بن
العاص وسئل أي المدينتين تفتح :القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله
بصندوق له حلقة فأخرج منه كتابا ً وقال :فقال عبد الله بينما نحن حول
رسول الله ،نكتب إذ سئل رسول الله أي المدينتين تفتح أولً؟ يعني
القسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله :مدينة هرقل تفتح أولً
القسطنطينية -رواه احمد -وراجع أيضا ً الفريضة الغائبة ص .44-42
***
ـ الستيلء على البلد وتفريغها من أهلها كان حلم نبي السلم الكبر ـ
.1عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قال :قال
رسول الله :لئن عشت لخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى ل
أترك فيها إل مسلما ً -أحمد - 21أحمد – 210الترمذي 1531
.2أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول :لخرجن اليهود
والنصارى من جزيرة العرب فل أترك فيها إل مسلماً .قال أبو عيسى هذا
حديث حسن صحيح -الترمذى - 1532أحمد .196
.3عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من
أرض الحجاز ،وكان رسول الله لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها.
وكانت الرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين وأراد إخراج اليهود
منها فسألت اليهود رسول الله ليقرهم بها أن يكفوا عملها ولهم نصف
الثمر ،فقال لهم رسول الله :نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى
أجلهم عمر إلى تيماء وأريحا -البخاري - 2170البخارى 2919
.4عن أبي هريرة قال بينما نحن في المسجد خرج النبي ،فقال :انطلقوا
إلى يهود فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس ،فقال :أسلموا تسلموا واعلموا
أن الرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم من هذه الرض فمن يجد منكم
بماله شيئا فليبعه وإل فاعلموا أن الرض لله ورسوله -البخارى .293
.5عن نافع عن ابن عمر قال حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير
وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة فقتل رجالهم وقسم نساءهم
وأولدهم وأموالهم بين المسلمين إل بعضهم لحقوا بالنبي فأمنهم
وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم؛ بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن
سلم ويهود بني حارثة وكل يهود المدينة – البخارى – 3724أبو داود – 2634
أحمد 9450
.6عن ابن عباس قال :قال رسول الله :ل تصلح قبلتان في أرض واحدة
وليس على المسلمين جزية .والنصراني إذا أسلم وضعت عنه جزية رقبته -
– أبو داود .2636 574 الترمذى
.7عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز
يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله أن قال :قاتل الله اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ل يبقين دينان بأرض العرب -مالك
1387مالك .1388
عن ابن عباس أنه قال :يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب
دمعه الحصباء ،فقال :اشتد برسول الله وجعه يوم الخميس فقال :ائتوني
بكتاب أكتب لكم كتابا ً لن تضلوا بعده أبدا ً فتنازعوا ول ينبغي عند نبي تنازع،
فقالوا :هجر رسول الله قال :دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه
وأوصى عند موته بثلث؛ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ،وأجيزوا
الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ،ونسيت الثالثة .وقال يعقوب بن محمد :سألت
المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب ،فقال :مكة والمدينة واليمامة
واليمن .وقال يعقوب والعرج أول تهامة -البخارى .2825
سؤال :إذا كانت وصية ورغبة نبي السلم هي إخراج اليهود والنصارى من
جزيرة العرب فهل يعقل بأن تكون رغبة العرب والمسلمين مختلفة أو
مخالفة لوصية ورغبة نبيهم؟!
وتفريغ الشرق الوسط من المسيحيين واليهود واجب ديني يجب على كل
مسلم أن يبذل قصارى جهده لتحقيقه وإن كره المشركون .إنها وصية نبي
السلم الخيرة بأن ل يُترك في الجزيرة دينان.
عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله قال :ل يجتمع دينان في جزيرة
العرب -مالك .1388
في تصريح لمين عام منظمة المؤتمر السلمي ،السيد حبيب الشطي في
حديث خاص لجريدة الشرق الوسط في 16تموز ،1984أعلن فيه أن
المنظمة رفعت دعوى ضد الجريدة الفرنسية . le figaroوأن المحاكم
الفرنسية ستنظر هذه الدعوى بحلول شهر تشرين الول ،والدعوة تدور
حول ما زعمته هذه الجريدة حول عقد مؤتمر للدول السلمية في لهور
عام 1980لبحث القضاء على المسيحيين في الدول السلمية وإجبارهم
على اعتناق السلم قبل نهاية القرن الحالي.
قال السيد الشطي (إن ذلك تلفيق ل يمت إلى الواقع والحقيقة بصلة بقدر
ما هو إشهار غير مسؤول يستهدف النيل من السلم ومبادئه القويمة التي
تدعو إلى التسامح الديني والتعايش السلمي والتعاون المثمر بين كل
المجتمعات في العالم أيا كانت معتقداتها وألوانها ومشاربها الروحية
والجتماعية ) ..
تقودنا هذه الحقائق والحكام الشرعية ،سواء كانت أحكام الجهاد أو أحكام
التقية ،إلى سؤال أعتقد أنه مهم خصوصا ً في هذه المرحلة الصعبة؛ مرحلة
مواجهة الدول المتحضرة للرهاب.
ـ معاهدات الصلح ـ
ة ومن أجل الفادة ،دعوني أبين لكم موقف السلم من معاهدات الصلحبداي ً
بشكل عام ..
نقول :عقد المعاهدات هو أمر جائز في السلم نزول ً عند حكم الية
القرآنية{ :براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} توبة
.1
وقد عرف العرب قبل السلم المعاهدات (العهود) بشكل عام وسموها
(إيلفاً) أو (حلفاً) ومن ذلك إيلف قريش وحلف الفضول ..الخ .وكانت هذه
العهود أو الحلف على نوعين :المساندة وهي تنصب على مساعدة كل
قبيلة طرف في حلف للقبيلة الخرى الطرف فيه عند الحاجة ،مما يجعلها
شبيهه بالحلف العسكرية في هذه اليام.
أما النوع الثاني :فهو الموادعة :وهي وفاق صلح وسلم يتعهد فيه كل
طرف بالكف عن أية أعمال ذات طابع عدواني تجاه الطراف الخرى .وهي
تشبه اتفاقيات الهدنة المعاصرة إذا كانت مؤقتة .ومعاهدات الصلح إذا كانت
دائمة ،علما ً بأن العرب نادرا ً ما كانوا يقبلون بعقد موادعات تزيد مدتها عن
عشر سنوات -راجع :أحكام الحرب والسلم في دار السلم ص .73
أما المعاهدات في السلم فيمكن ردها إلى ثلثة أنواع وذلك لجملة العهود
التي عقدها المسلمون مع غيرهم وهي :عهد المان ،وعهد الذمة ،وعهد
الصلح.
.1عهد المان :هو عهد مؤقت ل تزيد مدته في العادة عن سنة يعقده
المسلمون مع أحد الحربيين أي مواطني العدو أو عدد محدود منهم ،ويسمى
هؤلء بعد حصولهم على المان باسم (المستأمنين) ،حتى إذا انتهى مفعول
العهد الممنوح لهم عادوا حربيين.
.2عهد الذمة :هو نوع من العهود كان يتم عقده بين قادة جيوش الفتح
(الغزو) وبين سكان البلد المفتوحة الذين اختاروا البقاء على ديانتهم
الصلية مع دفع الجزية .وبمجرد توقيع هذا العهد ،تُطبق على المعاهدين
الذميين قواعد القانون السلمي (الشريعة).
.3عهد الصلح :معاهدة تتم بين دار السلم من جهة وبين دار الحرب من
جهة ثانية .والصلح في الشرع السلمي عبارة عن عقد على ترك القتال
مدة معلومة لزمة يقع بين طرفين في زمن محدد بشروط مخصوصة.
.1اعتراف أو إقرار الكفار على جزء ولو كان شبرا ً من أرض المسلمين
لنه ل يجوز لحد أن يتصرف فيما ل يملك ول يفاوض عليه .يقول المام
مالك( :إذا وقع الخليفة الصلح … والمسلمون ل يرون إل الجهاد فمهادنته
منقوصة وفعله مردود) -راجع فتح العالي لمام مالك .1/289
.2الستنفار للجهاد :إذا تعين الجهاد بطل الصلح كما إذا دخل العدو أرض
المسلمين أو كان طالبا ً لهم .وحيث تعين الجهاد في موضع لم يجز فيه
الصلح.
رابعاً :أن ل تزيد مدة المصالحة عن أربعة اشهر عند قوة المسلمين
وأمنهم ول تجوز الزيادة عن عشر سنين ول إطلق المدة.
أما إذا كان المسلمون في حالة ضعف كمثل الذي هم عليها الن ،فل
بأس في أن يعقدوا صلح مؤقت مع أعدائهم إلى أن يزول سبب ضعفهم.
فإن كان سبب ضعف المسلمين لسباب خارجة عن إرادتهم وظهور قوة
عدوهم عليهم ،جاز لهم المهادنة والمصالحة لمدة محدودة ومعلومة حتى
يزول سبب الضعف .فالصلح المطلق والمقود والمتضمن ترك الجهاد يجب
نقضه لنه بمقضي الشرع غير مبرم ،وحكمه غير لزم عند كل من حقق في
أصول الشريعة.
أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى
المام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك -راجع تفسير
الطبري وابن كثير والقرطبي في شرحهم لية سورة محمد ،35والتوبة .5
أما إذا كان المسلمون في حالة ضعف والعياذ بالله ،فل باس إن جنحوا
مع العداء إلى السلم ،إن يجنح لهم المؤمنون{ .وإن جنحوا للسلم فاجنح
لها} النفال .61
يقول الشيخ الدكتور عبد القادر بن عبد العزيز في كتابه الجامع في
طلب العلم الشريف :ول يمنع المسلمين من الجهاد إل العجز ،وذلك لقوله
سلم وأنتم العلون} ،فما دامت بالمسلمين تعالى{ :فل تهنوا وتدعوا إلى ال َّ
سلْم ول هدنة ول صلح ،بل القتال حتى ل قوة وكانوا أعلى من عدوهم فل ِ
تكون فتنة ويكون الدين كله لله .وذلك لن آخر ما نـزل في الجهاد هو قوله
تعالى{ :فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا
لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله
غفور رحيم} ،فهذه الية وآية الجزية بنفس السورة أمر بالقتال العام ،وهو
من أواخر ما أنزل من القرآن ،فل ناسخ له ،وروى البخاري عن البراء قال:
"آخر سورة نـزلت براءة" -صحيح البخاري حديث .4654
ولم يسمح الله سبحانه وتعالى لمة السلم أن تدعو إلى السلم مع
الكفار إل في إحدى حالتين:
أ -أن يذل الكفار ويضعفوا وتخور قواهم ويجنحوا إلى السلم ،فعند ذلك
يكون السلم في صالح المسلمين لن عقيدتهم أقوى ،وفعلهم أكبر ،وبذلك
يفتح المجال لدخول الناس في الدين كما كان الشأن بين الرسول وقريش.
ب -أن يكون الصلح من باب ارتكاب أخف الضررين ،فيلجأ المسلمون
إليه دفعا ً لمصيبة أعظم كما هم الرسول أن يصالح غطفان على نصف ثمار
المدينة حتى يفك تحالفهم مع قريش ،وينفرد النبي بقتال قريش بعد ذلك..
أما في غير هاتين الحالتين ،فإنه ل يجوز للمسلمين الدعوة إلى السلم
كأن يكون ركونا ً للدنيا وكراهة للجهاد أو خوفا ً من كثرة الكفار ،وذلك أن
أهل اليمان ينصرون مع قلتهم على الكفار على كثرتهم ،وهذه سنة الله
الجارية أبدا ً في عباده{ :كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله
مع الصابرين} البقرة .249
{ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الدبار ثم ل يجدون وليا ً ول نصيراً ،سنة
الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلً} الفتح .23– 22
وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائياً ،ومصالحة الكفار أبداً
ونبذ الحرب والقتال مطلقاً ،فهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة السلم،
وإلغاء لفريضة الجهاد التي جعلها الله فرضا ً على كل مسلم إلى يوم
القيامة كما قال تعالى{ :كتب عليكم القتال وهو كره لكم} البقرة ،216
وكتب بمعنى فرض .....فالجهاد ماض بعد فتح مكة إلى يوم القيامة ،وهو
إما خروج بالنفس وهذا الفرض العيني ،وإما نية دائمة لكل مسلم يجب أن
يصحبها دائماً ،ويموت عليها ،فيكون مستعدا ً لمزاولة القتال في كل حال،
قائما ً به في حالة الوجوب العيني ،وإل أثِم.
.1قال ابن قدامة :ومعني الهدنة أن يعقد لهل الحرب عقدا ً على ترك
وض ،وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة ،وذلك ع َ
وض وبغير ِ ع َ
القتال مدة ب ِ
جائز بدليل قول الله تعالى{ :براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من
المشركين} وقال سبحانه{ :وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}
وكما ترى فإن ابن قدامة قال عن الهدنة" :ل يجوز ذلك إل للنظر
ف َّ
صله. للمسلمين" أي لمصلحتهم كما َ
.3وقال صاحب المجموع" :ل يجوز عقد الهدنة لقليم أو صقيع إل للمام
عل ذلك إلى كل واحد لم يؤمن أن يهادن ج ِ
أو لمن فوض إليه المام لنه لو ُ
الرجل أهل إقليم ،والمصلحة في قتالهم فيعظم الضرر فلم يجز إل للمام
أو النائب عنه ،فإن كان المام مستظهرا ً نُظَِرت فإن لم يكن في الهدنة
مصلحة لم يجز عقدها لقوله عز وجل{ :فل تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم
العلون والله معكم} - ".المجموع شرح المهذب .19/439
.4وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى{ :فل تهنوا وتدعوا إلى السلم
وأنتم العلون والله معكم} .قال{" :فل تهنوا} أي ل تضعفوا عن العداء،
{وتدعوا إلى السلم} أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين
عدَِدكم و ُ
عدَِدكم ،ولهذا قال {فل تهنوا وتدعوا الكفار في حال قوتكم وكثرة َ
إلى السلم وأنتم العلون} أي في حال علوكم على عدوكم .فأما إذا كان
الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ،ورأي المام في
عل رسول الله حين المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك كما َ
ف َ
وه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر صده كفار قريش عن مكة ودَ َ
ع ْ
سنين فأجابهم إلى ذلك.
وهذا رأي يفضي إلى تعطيل الجهاد بالكلية .وهذا ل يجوز شرعا ً لن
الجهاد فريضة مثله مثل الصيام{ :كتب عليكم الصيام} بقرة { .183كتب
عليكم القتال} بقرة . 216فكما أنه ل يجوز شرعا ً تعطيل صيام رمضان لنه
كُتب على المسلمين أي فرض عليهم .هكذا أيضا ً ل يجوز شرعا ً تعطيل
فريضة القتال لنها مكتوبة على المسلمين كصيام شهر رمضان.
أما الية المحتج بها فل حجة فيها ،إذ إنها محمولة على جواز المسالمة
بشرط حاجة المسلمين لذلك ،وهذا الشرط تبينه الية الولى {فل تهنوا
وتدعوا إلى السلم وأنتم العلون} .فآية النفال تختص بحال وهو كون
المسالمة في مصلحة المسلمين ويحتاجون إليها ،أما آية سورة محمد فهي
تختص بحال آخر وهو كون المسالمة ليست في مصلحة المسلمين وذلك
عندما تكون بهم قوة يقهرون بها عدوهم .فإنه ل تجوز المسالمة حينئذ
لهذه الية ولن في هذا عدول عن الصل المطلوب وهو إظهار دين السلم
على ماعداه ،لقوله{ :وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله}
النفال ،39وقوله{ :ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} التوبة 32
والصف .9
.1قال ابن كثير في تفسير آية النفال {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}:
قال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني وعكرمة والحسن
وقتادة إن هذه الية منسوخة بآية السيف في براءة {قاتلوا الذين ل يؤمنون
بالله ول باليوم الخر} ،وفيه نظر أيضاً ،لن آية براءة فيها المر بقتالهم إذا
أمكن ذلك ،فأما إن كان العدو كثيفا ً فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه هذه
الية ،وكما فعل النبي يوم الحديبية.
.2وقال ابن حجر في نفس الية {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}" :هذه
الية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين -إلى قوله -ومعنى
الشرط في الية أن المر بالصلح مقيد بما إذا كان الحظ للسلم
المصالحة ،أما إذا كان السلم ظاهرا ً على الكفر ولم تظهر المصلحة في
المصالحة فل" - ).فتح الباري .276-6/275
فالية المحتج بها دالة على مشروعية المسالمة عند الحاجة ل وجوب
المسالمة.
الفصل الثالث
ـ العنصرية في السلم ـ
.1مقدمة
ـ الموالة في الشرع
ـ مقدمة ـ
كانت السياسة العثمانية تمنح المسيحيين المساواة والعدل على الورق من
ناحية ،وتدبر لهم الدسائس من ناحية أخرى ،كما حدث في أحداث 1841و
- 1860مذابح المسيحيين في لبنان وسوريا -ليس فقط في لبنان وسوريا
بل في أوروبا الشرقية وأرمينيا خلل الربع الخير من القرن التاسع عشر
ومطلع القرن العشرين .وتزامنت الصلحات مع المجازر على مدى ثمانية
عقود ،وانتهت بوضع حد لقدر كبير من الوجود المسيحي في المبراطورية
العثمانية وجوارها .وكان للمسؤولين السياسيين في تقرير وتنظيم المجازر
نصيب واضح ،أثبتتها الوقائع والوثائق -راجع حسر اللثام عن نكبات الشام
ص 96و .111
قبل وقوع المجازر في دمشق عام ،1860انتشر بين الناس بيان موجه ضد
سياسة الصلحات العثمانية التي تمنح المسيحيين حق المساواة
بالمسلمين .اعتبر البيان هذه الصلحات تجاوزا ً للقوانين السلمية
المفروضة منذ عهد المام عمر بن الخطاب (غايتهم -أي النصارى -مساواة
المسلمين ل بل إحراز السيادة عليهم وهم يجهلون أن المسلمين صمموا
على إبادتهم عمل ً بتعاليم الشريعة الغراء) على حد ما جاء في ترجمة البيان
الذي أكد على نقاط اعتبرها أساسية :منها (أولً :إن سفك دم المسيحيين
وهتك حرمة عرضهم واغتصاب أموالهم وحرق كنائسهم وتدمير بيوتهم مباح
لنهم امتنعوا عن دفع مال العناق (الجزية) .وثانياً :إن كثيرا ً من الفتاوى
الهندية والبخارية تنهي بصراحة عن السماح للمسيحيين باشتداد ساعدهم
وتوجب إضعافهم بإهلك نسلهم وتخريب بيوتهم وعرقلة جميع أعمالهم،
وقصارى القول منع نجاحهم) .أضاف البيان( :استيقظي أيتها المة
السلمية واستأصلي شأفة خدمة الصليب في هذه البلد المقدسة).
ودعا البيان إلى انتهاز فرصة إنهاك قوة الدول الوروبية في حرب القرم
للتغلب على المة المسيحية.
(فقد آن وقت محو آثارها ودنا أجلها) .وكشف البيان عن مؤامرة كانت
تدبرها الجمعيات السرية المؤسسة في الستانة بمعاونة (الوزراء والعلماء
وأعيان المة السلمية) على خلع السلطان وإبادة المسيحيين:
لم تقف عند هذا الحد ،الوامر الصادرة عن أناس موجودين في موقع
المسؤولية ،للقضاء على الوجود المسيحي في منطقة الشرق الوسط.
ففي عام ،1919صدر أمر عن وزير الداخلية في الحكومة العثمانية( ،طلعت
باشا) ،إلى والي حلب نوري بك ،يقضي بإبادة الشعب الرمني يقول فيه:
بالرغم أن قرارا ً سابقا ً اتخذ في سبيل القضاء على العنصر الرمني 000فإن
مقتضيات الزمن لم تكن توفر إمكانية تحقيق هذه النية المقدسة .والن بعد
القضاء على العقبات ،ونظرا ً إلى أنه جاء وقت تخليص الوطن من هذا
العنصر الخطر ،نوصيكم بإلحاح أن ل تستسلموا لمشاعر الشفقة أمام
وضعهم البائس .وأنه في سبيل وضع حد لوجودهم يجب أن تعملوا بكل ما
لديكم من عزم على القضاء على السم الرمني في تركيا -راجع :مجازر
الرمن ،مذكرات نعيم بك ص .43
نذكر هذه المور التاريخية في مقدمة فصلنا هذا لنبين أن مسألة مساواة
المسلمين مع الذميين أمر خرافي ترفضه الشريعة السلمية بشدة لنه
يتنافى مع تعاليم القرآن والسنة.
نقول يُعتبر التنوع ظاهرة كونية من مظاهر الخلق الكبرى ،إنها ظاهرة
كونية شملت جميع الموجودات الروحية والمادية العاقلة والغير عاقلة دون
استثناء .هذا التنوع ليس تنوعا ً في الشكال فقط ،بل هو تنوع في المهمات
وفي الوظائف ،وفي الجوهر ،وفي المظاهر الخارجية .إنه تنوع يستوعب
كل شيء ويشمل كل شيء.
أما شريعة السلم بتعاليمها وأحكامها تحاول تغيير هذه الظاهرة الكونية.
بمعنى آخر :شريعة السلم ترفض التنوع.
فكل ما يخالف السلم في قليل أو كثير ،في عقيدته أو شريعته ،هو ليس
َ َ
سول َ ُ
ه س َ
ل َر ُ ذي أْر َ و ال ّ ِ حقاً ،بل باطل .باطل يجب إزالته بشتى الطرقُ { .
ه َ
ْ ول َ ْ ن كُل ِّ ِ علَى ال ِ
ن} الصف .9 ركو َُ ش ِم ْ رهَ ال ُو كَ ِ ه َ دّي ِ ق لِيُظْ ِ
هَرهُ َ ن ال ْ َ
ح ِّ وِدي ِ بِال ْ ُ
هدَى َ
السلم يحاول أن يثبت نفسه عن طريق نفي الخر ،وتاريخ السلم حفل
بالعديد والعديد من الحروب وأعمال العنف والرهاب التي كان منشؤها
محاولة نفي الخر ،وهذا ما يفسر كثرة الحروب الدينية التي احتلت مساحة
كبيرة جدا ً من تاريخ السلم.
لم تشهد البشرية بتاريخ ويلتها ونكباتها السود أمة نادت وأيدت ومارست
العنصرية بجميع أنواعها وأشكالها مثل أمة السلم .فبرغم كثرة استشهاد
المسلمين بآيات وأحاديث العدل والمساواة والمسامحة والعفو عند المقدرة
والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،رغم هذا كله يبقى الواقع القرآني
والسنة والتاريخ السلمي وواقع حال المسلمين شهود عدل على عنصرية
وتتارية وبربرية وظلم شريعة السلم.
السلم وضع أهل القليات الدينية داخل معسكر إبادة جماعي وأحاطوه
بسياج القهر والظلم والقسوة وكتبوا على بوابته الكبرى (ل إكراه في
الدين)
ول نبالغ إذا قلنا أن تاريخ القهر والظلم النساني لم يشهد بكل بشاعته
وظلمه وقسوته عنصرية وقهر وظلم واستبداد وتكبر وسحق مثل التي
جاءت به شريعة السلم من أحكام تتعلق بأهل الذمة في السلم :أحكام
كنائسهم ،وأحكام لباسهم وغيارهم ،وأحكام معاملتهم والتعامل معهم.
لقد قسمت الشريعة السلمية أبناء الوطن الواحد إلى قسمين؛ أصحاب
مواطنة كاملة وهم المسلمين ،وأصحاب مواطنة ناقصة وهم الذميين (أهل
الكتاب اليهود والمسيحيين) .فالذي يحق للمسلم ل يحق للذمي والذي يجوز
للذمي ل يجوز على المسلم وبالعكس.
ولكي ل يتهمنا البعض بالفتراء على شريعة السماحة الذي أتى بها نبي
الرحمة صلوات الله عليه وسلم ،دعونا نستعرض وبشكل مختصر وسريع
بعض (أحكام أهل الذمة في السلم) ليرى القارئ إلى أي حد أكرم السلم
النسان.
ل بد لمن شاء دراسة تاريخ النصرانية في السلم ،منذ الحتلل السلمي -
الفتح -إلى يومنا هذا ،البحث في السباب والعوامل التي أدت إلى تقلص
ظل المسيحية وانحطاطها في الشرق ،بعد أن كانت شائعة في أعظم
المعابد ،سائدة في أكثر المصار .وأول ما يبدو له من هذه السباب ،بعد
تغلب الدين السلمي ،هو الشروط العمرية التي أوجبها الشرع السلمي
على أهل الذمة ،ومعظمهم من أهل الكتاب .وهذه الشروط هي التي جَّرت
عليهم في كل حين أصناف المحن والشدائد ،وأرغمت الكثيرين منهم على
الخروج من دين آبائهم ،وانتحال السلم صيانة لدمائهم وأموالهم
وأعراضهم ،وهربا ً من الذل والصغار .فأقفرت الديار والديار ،وعادت
الكنائس مساجد ،والبِيَع معابد ،والصوامع جوامع لعبدة الشيطان -كما قال
العماد الصبهاني في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لبى شامة .2/134
الشروط العمرية:
قال الخلل في كتابه (أحكام أهل الملل) :أخبرنا عبد الله بن أحمد فذكره.
وذكر سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الحمن بن غنم قال :كتبت لعمر
بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرطهم عليهم فيه:
فإن خالفوا شيئا ً مما شرطوه ،فل ذمة لهم ،وقد حل للمسلمين منهم ما
يحل لهل الشقاق والمعاندة -أحكام أهل الذمة لبن القيم الجوزي – 114 /2
. 153- 140 والخراج لبو يوسف ص 2/223 .115راجع أيضا الجهاد لبن تيمية
وقد تضمنت شروط عمر هذه جمل ً من العلم تدور على ستة فصول:
الفصل الول :في أحكام الكنائس والبيع والصوامع وما يتعلق بذلك –
(البيعة هي الكنيس اليهودي)
الفصل الثاني :في أحكام ضيافتهم للمارين بهم وما يتعلق بها.
الفصل الثالث :فيما يتعلق بضرر المسلمين والسلم.
الفصل الرابع :فيما يتعلق بتغيير لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في
المركب واللباس وغيره.
الفصل الخامس :فيما يتعلق بإظهار المنكر من أفعالهم وأقوالهم مما نهوا
عنها.
الفصل السادس :في أمر معاملتهم للمسلمين بالشركة ونحوها -أحكام
أهل الذمة في السلم ابن قيم الجوزي ص 116 /2
ملحظة :ل نريد سرد جميع الحكام لن هذا أمر يطول شرحه ،لكننا سوف
نعرض فقط ما يهمنا من أحكام اتفق عليه جمهور علماء المسلمين.
قال الماوردي في أحكامه :يجب على أهل الذمة ،بالضافة إلى ما ذُكر أن
رط عليهم في عقد الذمة ،وقد بينا في بحثنا لعقد الذمة أن
يقوموا بما اشت ِ
هناك شروطا ً تجب عليهم دون أن تذكر في عقد الذمة وقد ذكرتها هناك.
لما كان الضرب بالناقوس هو شعار الكفر وعلمه الظاهر اشترط عليهم
تركه.
وقال أبو الشيخ في كتاب (شروط عمر) حدثنا طاهر بن عبد الله 000
عن أنس بن مالك قال (إذا نقس بالناقوس اشتد غضب الرحمن عز وجل،
فتنزل الملئكة ،فتأخذ بأقطار الرض فل تزال تقول (قل الله أحد) حتى
يسكن غضب الرب -راجع :أحكام أهل الذمة ص - 153 /2راجع أيضاً :الخطط
للمقريزي 1/263و 507 /2و 494-492 /2وكتاب الروضتين لبي شامة .2/11
لما كان ذلك من شعار الكفر منعوا من إظهاره .قال أبو الشيخ حدثنا
عبد الله بن عبد الملك الطويل ،حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ،حدثنا عمرو
بن عثمان ،حدثنا بقية عن ضمرة قال :كتب عمر بن عبد العزيز أن امنعوا
النصارى من رفع أصواتهم في كنائسهم فإنها أبغض الصوات إلى الله عز
وجل وأولها أن تخفض .وقال أحمد في رواية أبي طالب ول يرفعوا
أصواتهم في دورهم.
تنحصر مسألة بناء وترميم الكنائس في أربعة جوانب ،تقسم البلد إلى
القسام التالية:
وبناء الكنائس والمعابد لهل الذمة يختلف باختلف هذه القسام :
.1فالبلد التي أسلم عليها أهلها والبلد التي مصرها المسلمون يُمنع
أهل الذمة من أن يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة -راجع :أحكام أهل الذمة لبن
الجوزي 118 - 2/116والمغنى المحتاج 4/253وبدائع الصنائع للكاساني
7/114والمغنى لبن قدامه .10/60
.2أما ما مصرته العرب ،فليس لهم أن يحدثوا فيه بناء بيعة ول كنيسة،
ول يضربوا فيه بناقوس ول يظهروا فيه خمراً ،ول يتخذوا فيه خنزيراً ،وكل
مصر كانت العجم مصرته ففتحه الله على العرب -المسلمين -فنزلوا على
حكمه فللعجم ما في عهدهم ،وللعرب أن يوفوا لهم بذلك -راجع الخراج
لبي يوسف ص .149
(يستدل أن هذا البلد ملكا ً للمسلمين ،وما دام كذلك فل يجوز إظهار
معابد الكفر فيه) -راجع المغنى لبن قدامه .610 /10
.3أما البلد التي فتحت عنوة ،فل يجوز تمكينهم من إحداث بيعة ول
كنيسة؛ وذلك لن المسلمين قد امتلكوها بالفتح وأصبحت في حكم ما
مصره المسلمون -راجع :مغنى المحتاج 254 /4والمغنى لبن قدامه 10/610
.3أما الحنابلة فلهم في هذا روايتان؛ الولى :أن تهدم لنها بلد مملوكة
للمسلمين .فل يجوز أن تكون فيها بيعة كالذي مصره المسلمون .والرواية
الثانية للحنابلة :يجوز بقاؤها لن الصحابة قد فتحوا كثيرا ً من البلد فلم
يهدموا شيئا ً من الكنائس.
.1يقول ابن القيم الجوزي (هذه البلد بحالتها المختلفة صافية للمام إن
أراد أن يقر أهل الذمة فيها ببدل الجزية جاز ،فلو أقرهم المام أن يحدثوا
فيها بيعة أو كنيسة ،أو يظهروا فيها خمرا ً أو خنزيرا ً أو ناقوسا ً لم يجز .وإن
شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان الشرط والعقد فاسداً ،وهو اتفاق المة ل
يعلم بينهم فيه نزاع.
.2وقال المام أحمد :حدثنا حماد بن خالد الخياط ،أخبرنا الليث بن سعيد،
عن توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر قال :قال رسول الله (ل خصاء
في السلم ول كنيسة) .الخصاء هنا كناية عن الرهبنة.
.4سئل عكرمة ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب فقال هل
للعجم أن يحدثوا فيها شيئاً؟ فقال :أيما مصر مصره العرب ،فليس للعجم
أن يبنوا فيه ،ول يضربوا فيه ناقوساً ،ول يشربوا فيه خمراً ،ول يتخذوا فيه
خنزير.
.5وقال عبد الله بن أحمد :سمعت أبي يقول :ليس لليهود والنصارى أن
يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ول كنيسة ول يضربوا بها ناقوسا ً إل
في مكان لهم الصلح ،وليس لهم أن يظهروا الخمر في بلد المسلمين.
.6قال عبد الرزاق :أخبرنا معمر أنه سمع الحسن يقول :إن من السنة أن
تُهدم الكنائس التي في المصار القديمة والحديثة .ذكره أحمد عن عبد
الرزاق .وهذا الذي جاءت به النصوص والثار وهو مقتضى أصول الشرع
وقواعده.
.7يقول ابن تيمية :أن علماء المسلمين من أهل المذاهب الربعة :مذهب
أبو حنيفة ،ومالك والشافعي وأحمد ،وغيرهم من الئمة ،كسفيان الثوري،
والوزاعي والليث بن سعد ،وغيرهم من الصحابة والتابعين ،متفقون :على
أن المام إن هدم كل كنيسة بأرض العنوة؛ 000يجب طاعته ومساعدته في
ذلك) -راجع :الجهاد .214- 2/212
.8عن الحسن البصري أنه قال :من السنة أن تهدم الكنائس التي في
المصار القديمة والحديثة.
.10وهذا مذهب الئمة الربعة في المصار ،ول زال من يوفقه الله من
ولة أمور المسلمين يفعل ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيز ،روى
المام أحمد عنه أنه كتب لنائبه في اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار
المسلمين فهدمها .وكذلك هارون الرشيد أمر بهدم الكنائس في سواد
بغداد وكذلك المتوكل -راجع :أحكام أهل الذمة لبن الجوزي ص .125- 119 /2
.0هذا أمر صريح في أنهم ل يملكون رقابها كما يملكون دورهم :إذ لو
ملكوا رقابها لم يكن للمسلمين أن ينزلوها إل برضاهم كدورهم ،وإنما
متعوها متاعاً ،وإذا شاء المسلمون نزلوها ،فإنها ملك المسلمين .فإن
المسلمين لما ملكوا الرض لم يستبقوا الكنائس والبيع على ملك الكفار بل
دخلت في ملكهم كسائر أجزاء الرض ،فإذا نزلها المارة -من المسلمين -
بالليل أو النهار فقد نزلوا في ملكهم.
فإن قيل :فما فائدة الشرط إن كان المر كذلك؟ قيل :فائدته أنهم ل
يتوهمون بإقرارهم فيها كسائر دورهم ومنازلهم التي ل يجوز دخولها إل
بأذنهم.
فما يدل على ذلك ،أنها لو كانت ملكا ً لهم لم يجز للمسلمين الصلة
فيها إل بأذنهم ،فإن الصلة في ملك الغير بغير إذنه في المكان المغصوب
هي حرام ،وفي صحتها نزاع معروف ،وقد صلى الصحابة في كنائسهم
وبيعهم.
وهي من بيوت أعداء الله ،والله ل يُعبد في بيوت أعدائه -أحكام أهل
الذمة .2/148
.2ل حرمة في شريعة السلم السمحة لكنائس الله :
شريعة السلم الكاملة والعادلة أباحت للمسلمين كنائس الله ،لهم أن
يدخلوها في أي وقت ومتى شاءوا دون أن يمنعهم أحد من ذلك ،إنهم نزلء
بيوت الرحمن بالكراه .وفي فترة خلفة عمر بن الخطاب دمر الغزاة
الفاتحون أربعة آلف كنيسة ومعبد للكافرين -راجع الستشراق ،أدور
السعيد ص 102
من هنا وبناءً على هذه الحكام والتشريعات السلمية ،أُغلقت كنائس
الله ،ونُهبت ،وأُحرقت ،ودُمرت وذلك عمل ً بتعاليم شريعة السلم السمح
والمسالم الذي ل إكراه فيه!
.1أن نلزم زينا حيثما كنا وأل نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ول
عمامة ول فرق شعر ول في مراكبهم .
وربما شمل الغيار ما خالف بعض العادات والهيئات كجز النواصى وعدم
إرسال الذوائب والركوب على الحمير بالكف.
وهناك فوائد أكثر من ذلك منها :أنه ل يقوم له ،ول يصدره في
المجالس ،ول يقبل يده ،ول يقوم لدى رأسه ،ول يخاطبه بأخي ول سيدي
وولي ونحو ذلك ،ول يدعى له بما يدعى به للمسلم من النصر والعز ونحو
ذلك ،ول يصرف إليه من أوقاف المسلمين ول من زكواتهم ،ول يستشهد
تحمل ً ول أداء ،ول يبيعه عبدا ً مسلماً ،ول يمكنه من المصحف ،ول تقبل
شهادتهم وغير ذلك من الحكام والفعال المتخصصة بإذلل الذميين -راجع:
أحكام أهل الذمة ص177 /2
والغيار -أي التفرقة -سنة سنها محمد وجرى عليها الصحابة والتابعين
والئمة وولة أمور المسلمين في كل عصر وكل مصر.
قال أبو القاسم الطبري في سياق ما روى عن النبي :مما يدل وجوب
استعمال الغيار لهل الملل الذين خالفوا شريعته صغارا ً وذلً ،وشهرة وعلماً
عليهم ،ليعرفوا من المسلمين في زيهم ولباسهم ،ول يتشبهوا بهم .وكتب
عمر بن الخطاب إلى المصار بأن تجز نواصيهم ،ول يلبسون لباس
المسلمين حتى يُعرفوا -راجع المصدر السابق ص 2/165والجهاد لبن تيمية
.2/223
ولقد ذكر ابن القيم الجوزي في كتابه (أحكام أهل الذمة) مجمل تلك
الحكام ،كما بين لنا المدلولت الشرعية لتلك الحكام :
.1في قص النواصي:
جز النواصي شرط من الشروط العمرية التي أُخذت على أهل الذمة.
والنواصي هي مقدمة الرأس أو شعر مقدمة الرأس إذا طال سميت بذلك
لرتفاع منبتها .والناصية مقدار ربع الرأس فإذا كان ربع الرأس محلوقا ً كان
عالما ً ظاهرا ً وأمرا ً مشهورا ً أنه ذمي.
عن ابن عمر ،عن عمر بن الخطاب أنه كان يكتب إلى عماله يأمرهم بجز
نواصيهم ،يعني أهل الكتاب -راجع أحكام أهل الذمة 173 /2راجع أيضا ً صبح
العشى 265 ،13وبيان ما يلزم أهل الذمة فعله.11
فالول هو :كمحمد وأحمد وأبو بكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة
والزبير ،فهذا النوع ل يمكنهم التسمي به ،والمنع منه أولى من المنع من
التكني بكناية المسلمين ،فصيانة هذه السماء عن أخبث خلق الله أمر
جسيم.
والثاني :كجرجس وحنا ومتى ومرقص ونحوه ل يمنعون من التسمي
بها.
وأما أن يُخاطب الذمي بسيدي ومولنا ونحو ذلك فحرام قطعاً .أما
تلقيبهم بمعز الدولة ونحو ذلك فل يجوز كما أنه ل يجوز أن يسمى سديداً
ول رشيدا ً ول مؤيدا ً ول صالحا ً ول نحو ذلك ،وإن تسمى بشيء من هذه
السماء ل يجز للمسلم أن يدعوه به ،بل إن كان نصرانيا ً يقول له يا مسيحي
ويا صليبي ،وإن كان يهوديا ً يقال له يا يهودي يا إسرائيلي -أحكام أهل
الذمة للجوزي .189-2/188
في مراكبهم
قال :أهل الذمة ممنوعون من ركوبهم السروج ،وإما يركبون الكف -
وهي البرادع -عرضاً ،وتكون أرجلهم جميعا ً إلى جانب واحد ،كما أمرهم
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه كان
يكتب إلى عماله يأمرهم أن يركب أهل الذمة في شق .وقد قال الشافعي:
ول يركبون فرسا ً أصيلً ،وإنما يركبون البغال والحمير .و يمنع أهل الذمة
من ركوب الفرس ،إذ في ركوبها الفضيلة العظيمة والعز ،وهى مراكب
المجاهدين في سبيل الله الذين يحمون حوزة السلم قال تعالى{ :واعدوا
لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}.
فجعل رباط الخيل لرهبة الكفار فل يجوز أن يمكنوا من ركوبها.
يمنع أهل الذمة من تقلد السيوف لما بيَّن كونهم أهل ذمة ،فإن
السيوف عز لهلها وسلطان ،وقد قال رسول الله بعثت بالسيف بين يدي
الساعة .فبالسيف الناصر والكتاب الهادي عز السلم وظهر في مشارق
الرض ومغاربها .فالسيف أعظم ما يعتمد في الحرب عليه ويرهب به العدو،
وبه ينصر الدين ويذل الله الكافرين؛ والذمي ليس من أهل حمله والعز به.
فيما يتعلق بإظهار المنكر من أفعالهم وأقوالهم مما نهوا عنها :
زيادة على عدم إظهارهم ذلك على كنائسهم وفي صلواتهم ،فهم
ممنوعون من إظهاره في أسواق المسلمين وإن لم يرفعوا أصواتهم به ول
يمنعون من إخراجه في كنائسهم وفي منازلهم بل الممنوع منه فيها رفع
أصواتهم ووضع الصليب على أبواب الكنائس -كتاب أحكام أهل الذمة،
الجزء ،3صفحة .1241و.154 /2
عن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول :لخرجن اليهود
والنصارى من جزيرة العرب حتى ل أدع فيها إل مسلماً .رواه مسلم – أحمد
210 - 196
وعن عائشة قالت :آخر ما عهد رسول الله قال (ل يُترك في جزيرة
العرب دينان .رواه احمد .وفي مسنده أيضا ً عن على قال :قال رسول الله
(يا على إن أنت وليت المر بعدي فاخرج أهل نجران من جزيرة العرب).
عن ابن عباس قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل تكون
قبلتان في بلد واحد -أبو داود .2636
غب في ديننا ول ندعو إليه أحداً
.3ل نُر ِ ّ
هذا من أولى أل أن يُنقض العهد به :فإن حراب الله ورسوله باللسان،
وقد يكون أعظم من الحراب باليد .ولما كانت الدعوة الباطلة مستلزمة -
لبد -للطعن في الحق كان دعاؤهم إلى دينهم وترغيبهم فيه طعنا ً في دين
السلم وقد قال تعالى {وان نقضوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في
دينكم فقاتلوا أئمة الكفر} .ول ريب أن الطعن في الدين أعظم من الطعن
بالرمح والسيف -أحكام أهل الذمة ص.160 /2
.1قال أبو طالب :سألت أبا عبد الله :أيستعمل اليهودي والنصراني في
أعمال المسلمين مثل الخراج؟ قال :ل يستعان بهم في شئ.
.2عن أنس بن مالك قال :أن رسول الله قال :ل تستضيئوا بنار
المشركين ،ول تنقشوا على خواتيمكم عربياً .وفسر قوله (ل تستضيئوا بنار
المشركين) يعني ل تستنصحوهم ول تستضيئوا برأيهم .والصحيح أن معناه:
مباعدتهم وعدم مساكنتهم كما جاء في حديث الرسول (لن استعين
بمشرك) -رواه مسلم.
.4كان لعمر بن الخطاب عبد نصراني فقال له :اسلم حتى نستعين بك
على بعض أمور المسلمين ،فإنه ل ينبغي أن نستعين على أمرهم بمن ليس
منهم ،فأبى ،فاعتقه ،وقال له اذهب حيث شئت -راجع أحكام أهل الذمة
لبن الجوزي 114 ،1
.5عن عمر بن الخطاب قال :ل تكرموهم إذ أهانهم الله ،ول تدنوهم إذ
و 127 أقصاهم الله ،ول تأتمنوهم إذ خونهم الله -راجع :سنن البيهقي ،/10
9/204والمغني 453 /1و 6/425ل و. 532 /8
.0ول يشارك أحد منا مسلما ً في تجارة إل أن يكون إلى المسلم أمر
التجارة :
.1وقد قال إسحاق بن إبراهيم :سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل
يشارك اليهودي والنصراني؟ قال :يشاركهم ولكن هو يلي البيع والشراء
وذلك أنهم يأكلون الربا ويستحلون الموال.
.2ثم قال أبو عبد الله ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الميين سبيل)
وقال إبراهيم بن هانىء :سمعت أبا عبد الله قال في شركة اليهودي -
كتاب أحكام أهل الذمة ،الجزء ،3صفحة .1330
عن رسول الله :إن عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين ،ذكره
النسائي .وعن الترمذي :عقل الكافر نصف عقل.
وعند أبي داود ،كانت قيمة الدية -دية الذمي -على عهد رسول الله
ثمانمائة دينار ،وثمانية آلف درهم ،ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية
المسلم ،فلما كان عمر رفع دية المسلمين وترك دية أهل الذمة لم يرفعها
فيما رفع -راجع :فتأوي رسول الله 307
قالوا :ل تقبل شهادة الكافر على المسلم لقوله تعالى {واستشهدوا
شهيدين من رجالكم} .وقال عمر بن الخطاب :المسلمون عدول بعضهم
على بعض -أي أن غير المسلم ليس عدل ً -فل تُقبل شهادته على المسلم،
قال عمر بن الخطاب :العبد والذمي إذا شهدا ردت شهادتهما -راجع:
موسوعة فقه عمر بن الخطاب 402وسنن البيهقي 197 /10والمحلى 293 /9
وأخبار القضاة 70 /1و . 283
قال النبي( :ول يُقتل مسلم بكافر) .وأكثر أهل العلم ل يوجبون على
مسلم قصاصا ً بقتل كافر ،أي كافر كانُ .روي ذلك عن عمر ،وعثمان،
وعلي ،وزيد بن ثابت ،ومعاوية ،وبه قال عمر بن عبد العزيز ،وعطاء،
والحسن ،وعكرمة ،والزهري ،وابن شبرمة ،ومالك ،والثوري ،والوزاعي،
والشافعي ،وإسحاق ،وأبو عبيد ،وأبو ثور ،وابن المنذر ،وقال النخعي،
والشعبي ،وأصحاب الرأي :يُقتل المسلم بالذمي خاصة 50/.قال أحمد:
الشعبي والنخعي قال :دية المجوسي واليهودي والنصراني ،مثل دية
المسلم ،وإن قتله يُقتل به .هذا عجب ،يصير المجوسي مثل المسلم،
سبحان الله ،ما هذا القول! واستبشعه .وقال :النبي يقول" :ل يقتل مسلم
بكافر" .وهو يقول :يُقتل بكافر - ".رواه المام أحمد وأبو داود ،85/.وفي
لفظ" :ل يُقتل مسلم بكافر" -رواه البخاري ،وأبو داود . 85/.
قولهم (أي إذا دخلوا ونحن في مجلس قمنا لهم عنه وأجلسناهم فيه،
وهذا يعم المجالس المشتركة والمختصة بهم ،فإذا دخلوا عليهم دورهم
وكنائسهم قاموا لهم عن مجالسهم وأجلسوهم فيها -راجع أحكام أهل
الذمة .2/191
هذه كانت بعض أحكام أهل الذمة في السلم .من أراد المزيد عليه
مراجعة كتاب ابن القيم (أحكام أهل الذمة في إسلم) وكتب الفقه .وقد
ذكر الشروط العمرية ابن كثير في تفسيره لية سورة التوبة - 29راجع
أيضاً :العماد الصبهاني في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لبى شامة
.2/134والجهاد لبن تيمية 2/223والخراج لبي يوسف ص .153- 140وأحكام
الماوردي ص .14
سؤال :لو افترضنا جدل ً أن الدول الغربية قررت العمل (تطبيق) أحكام
أهل الذمة في السلم على رعياها المسلمين ولكن مع تعديل بسيط في
التسمية وليس في الحكام ،فبدل أن يطلق عليها (أحكام أهل الذمة في
السلم) يطلق عليها (أحكام أهل السلم في الغرب) ،ماذا سيكون
موقفكم من تلك الحكام؟ هل ستتقبلونها؟
الغريب في أمة السلم هو :أنهم يصفون بعض اعتراض الغربيين على
الحجاب بالعنصرية ،لكن أحكام الغيار (أي أحكام لباس أهل الذمة) ليست
عنصرية!!
والغرب من هذا وذاك أنهم يتهمون الغرب بالكيل بمكيالين .حقا ً إن لم
تستحي افعل ما شئت وقل ما شئت.
المادة ) 1 ( 29على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده
لشخصيته أن تنمو نموا ً حرا ً كاملً.
( ) 2يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود
التي يقررها القانون فقط ،لضمان العتراف بحقوق الغير وحرياته
واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة
والخلق في مجتمع ديمقراطي.
( ) 3ل يصح بحال من الحوال أن تمارس هذه الحقوق
ممارسة تتناقض مع أغراض المم المتحدة ومبادئها
المادة 30ليس في هذا العلن نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو
جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم
الحقوق والحريات الواردة فيه.
أسئلة ملحة:
هل تتماشى المادة 21من العلن العالمي لحقوق النسان والتي تنص
على ) 1 ( ( :لكل فرد الحق في الشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلده
إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيارا ً حراً ) 2 ( .لكل شخص
نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلد) .مع المنع من
استعمال اليهود والنصارى في شيء من وليات المسلمين وأمورهم ؟!
.2هل تتماشى المادة 18من العلن العالمي لحقوق النسان والتي تنص
على( :لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ،ويشمل هذا
الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته ،وحرية العراب عنهما بالتعليم
والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا ً أم مع الجماعة)
مع ما جاءت به تلك الحكام من:
)1ل نظهر عليها صليباً
)2ول نضرب نواقيسنا إل ضربا ً خفيا ً في جوف كنائسنا
)3ول نرفع أصواتنا في الصلة ول القراءة في كنائسنا مما يحضره
المسلمون.
َ ً
)4ول نخرج صليبا ول كتابا في أسواق المسلمين ؟!
.3هل تتماشى المادة 2من العلن العالمي لحقوق النسان (لكل إنسان
حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا العلن ،دون أي تمييز،
كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي
السياسي أو أي رأي آخر ،أو الصل الوطني أو الجتماعي أو الثروة أو
الميلد أو أي وضع آخر ،دون أية تفرقة بين الرجال والنساء .وفضل ً عما
تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو
الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك
البقعة مستقل ً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته
خاضعة لي قيد من القيود) مع ما جاءت به تلك الحكام فيما يتعلق بتغيير
لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في المركب واللباس ونحوه؟!
.1الموالة في اللغــة:
قال الزبيدي في تاج العروس" :هي المحبة بغض النظر عن درجة هذا
الحب ومرتبته ،فكل من أحببته وأعطيته ابتداءً من غير مكافأة فقد أوليته،
وواليته ،والمعنى أي أدنيته إلى نفسك" -تاج العروس 10/401
ض وذهب وانصرف ،فمعناها عكس (تولّى) التي وتولّى عنه :أي أعَر َ
تعنى اقترب ،ومنه قوله تعالى {فاعرض عن من تولى عن ذكرنا} النجم ،29
ل عنهم} القمر ،6وإذا جاءت تولى بمعنى أعرض وقوله تعالى {فتو ّ
وانصرف كما في قوله تعالى {ل يصلها إل الشقى الذي كذّب وتولى}
قدَّر فيها (عن) محذوفة بعد (تولّى) -انظر( :لسـان الليل 15ـ ،16في ُ َ
العـرب) لبن منظور ،ط دار صادر 15/406 ،ـ ،415و(النهاية) لبن الثير 227 /5
ـ ،230و (المفردات) للراغب الصفهاني 533ـ ،535و (مختار الصحاح)
للرازي صـ ،736و (المعجم الوسيط) لمجمع اللغة العربية بمصر 2/1057ــ
،1058و (مجموع فتاوى ابن تيمية) .499 /20
أما التولي :قال الجوهري في (الصحاح) " 6/2530هو تقديم كامل المحبة
والنصرة للمتولى بحيث يكون المتولِي مع المتولَى كالظل مع الجسم".
فالتولي بمعنى التخاذ والتباع المطلق ،وبمعنى النقطاع الكامل في نصرة
المتبع وتقريبه وتأييده ،ويأتي بمعنى التباع ،وبمعنى التفويض.
وكل تولي موالة وليس العكس ،والتولي أخص من الموالة ،فكل تولي
كفر والموالة منها ما هو كفر ومنها ما هو دون ذلك ،على اختلف بين
العلماء في التفريق.
ي ضــد العــدو،
ول ّ وضد الموالة :المعاداة ،وهى المباعدة والمخالفة .وال َ
ي هو :الناصــر والمعــين والحليف والمحـب والصديق والقريب في ول ِ ّ
وال َ
ولِيُّه :كولي
َ فهو بأمر قام من وكل د،ْ ب ع
َ وال ق،َ ت والمع عتق،
ِ والم النسب،
المر ،وولي المرأة في النكاح وولي اليتيم ونحوه.
والعدو :ضد الولي ،والجمع أعداء وجمع الجمع أعادي ،وهو ضد الصديق
أيضاً ،والعدو ،والعداوة ،والعداء ،والعدوان ،كلها ورد استعمالها في
القرآن ،وتأتي المعاداة في أغلب استعمالتها ،ويراد بها البغض والكراهية
وحب النتقام ،عكس الموالة تماماً ،والتي تدل في أغلب استعمالتها على
المحبة والمودة والمتابعة والنصرة والقربة ،وبذلك فالموالة والمعاداة بهذا
المعنى المتقدم ضدان ل يجتمعان ،فوجود أحدهما ينفي الخر لزوما ً في
حق ذات معينة.
.2المولة في الشرع:
كما جاء في القرآن {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين
معه ،إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله ،كفرنا
بكم ،وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ً حتى تؤمنوا بالله وحده}
الممتحنة ،4وقال أيضاً{ :يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ
عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} التوبة 73والتحريم .9
.3قال ابن جرير الطبري في تفسيره { " 6/160 :ومن يتولهم منكم فإنه
منهم إن الله ل يهدي القوم الظالمين} من تولهم ونصرهم على المؤمنين
ل أحدا ً إل وهو به وبدينه وما هو
من أهل دينهم وملتهم ،فإنه ل يتولى متو ِ
ض ،وإذا رضيه ورضي دينه ،فقد عادى ما خالفه وسخطه ،وصار عليه را ٍ
حكمه كحكمه".
وبيَّن ابن جرير العموم الذي تدل عليه الية بقوله (والصواب من القول
في ذلك عندنا أن يقال :إن الله تعالى في ذكره نهى المؤمنين جميعا ً أن
يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا ً وحلفاء على أهل اليمان بالله ورسوله،
وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا ً وحليفا ووليا ً من دون الله ورسوله والمؤمنين،
فإنه منهم في التحّزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين ،وأن الله ورسوله
لمنه بريئان -إلى أن قال{ :ومن يتولهم منكم فإنه منهم} ،ومن يتو َ
اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم ،يقول :فإن من تولهم ونصرهم
ل أحدا ً إل
على المؤمنين ،فهو من أهل دينهم وملتهم ،فإنه ل يتولى متو ّ
ض ،وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما وهو به وبدينه وما هو عليه را ٍ
خالفه وسخطه ،وصار حكمه كحكمه) -تفسير الطبري 276 /6ــ .277
.6يقول ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) " 1/67إنه سبحانه قد حكم ،ول
أحسن من حكمه أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم{ ،ومن يتولهم
منكم فإنه منهم} فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم".
.8يقول شمس الحق العظيم آبادي في (عون المعبود) " 7/337عن سمرة
بن جندب قال :قال رسول الله (من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله)،
قال أصحاب اللغة جامعه على كذا اجتمع معه ووافقه انتهى المشرك بالله،
والمراد الكفار ونص على المشرك لنه الغلب حينئذ ،والمعنى من اجتمع
مع المشرك ووافقه ورافقه ومشى معه وسكن معه أي في ديار الكفر فإنه
مثله ،أي من بعض الوجوه؛ لن القبال على عدو الله وموالته توجب
إعراضه عن الله ،ومن أعرض عنه توله الشيطان ونقله إلى الكفر.
.9قال الزمخشري :وهذا أمر معقول ،فإن موالة الولي وموالة العدو
متنافيان وفيه إبرام وإلزام بالقلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم
والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم {ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من
دون المؤمنين} والمؤمن أولى بموالة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك
إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم
حسما ً لمادة الفساد {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم
على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين} ،وقوله {يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا
اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن
الله ل يهدي القوم الظالمين ،فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون
فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من
عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين} ،فنهى سبحانه وتعالى
المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى وذكر أن من والهم فهو منهم أي من
تولى اليهود فهو يهودي ومن تولى النصارى فهو نصراني.
.10وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال ،قال عبد الله بن
عتبة :ليتق أحدكم أن يكون يهوديا ً أو نصرانيا ً وهو ل يشعر ،قال فظنناه
يريد هذه الية { :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} إلى
قوله {فإنه منهم}..
.11وقال ابن تيميـة أيـضاً :يبـين ذلك أنـه ذكــر هـذا في ســياق النهي
عن مــوالة الكفــار ،فـقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا ل تتخــذوا اليهــود
والنصــارى أوليـاء ،بعضهم أولياء بعض ،ومن يتولهم منكم فإنـه منهم ،إن
الله ل يهدي القوم الظالمين .فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون
فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ،فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر
من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين -إلى قوله -يا أيها
الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم
ويحبونه} .فالمخاطبون بالنهي عن موالة اليهود والنصارى هم المخاطبون
بآية الردة .ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون المة .وهو لما نهـي عن
مــوالة الكفار وبيَّن أن من تولهم من المخاطبين فإنه منهم بيَّن أن من
تولهم وارتد عن دين السلم ل يضر السلم شيئا ً -مجموع الفتاوى /18
،300وله مثله في جـ .193 /28
.12وقال ابن تيمية أيضاً :قال تعالى {يا أيها الـذين آمــنوا ل تتخــذوا
اليهـود والنصـارى أوليـاء ،بعضهم أولياء بعض ،ومن يتولهم منكم}
فيوافقهم ويعينهم {فإنه منهم} أهـ – مجموع الفتاوى .326 /25
وكذلك من تولى المشرك فهو مشرك ومن تولى العاجم فهو أعجمي،
فل فرق بين من تولى أهل الكتابين وغيرهم من الكفار ،ثم أخبر تعالى أن
الذين في قلوبهم مرض أي شك في الدين وشبهة يسارعون في الكفر
قائلين {… نخشى أن تصيبنا دائرة…} المائدة ،52أي إذا أنكرت عليهم
موالة الكافرين قالوا :نخشى أن تكون الدولة لهم في المستقبل،
فيتسلطون علينا ،فيأخذون أموالنا ويشردوننا من بلداننا ،وهذا هو ظن
السوء بالله الذي قال الله فيه {الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة
السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً}.
قد أفادت آيات سورة المائدة موضع الستدلل بأن من تولى الكفار
فر ،وقد تأكد كفره بعدة مؤكدات من نفس اليات ومن غيرها ،ومن فقد ك َ َ
ّ
ذلك{ :ومن يتولهم منكم فإنه منهم} المائدة ،51وأكد أنه منهم بحرف
ن) .وقوله {حبطـت أعمالهـم فأصبحوا خاسرين} المائدة ،53 التوكيد (إ َّ
وحبوط العمل والخسران بسبب الكفر .وقوله {من يرتـد منكـم عن دينه}
المائدة 54فإنها خطاب لنفس المخاطبين بالنهي عن موالة الكافرين كما
قال ابن تيمية والشوكاني فيما نقلته عنهما آنفاً :إن الموالة نوع من
الردة .وقوله {ل يتخــذ المؤمنــون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن
يفعل ذلك فليس من الله في شيء} آل عمران ،28قال ابن جرير الطبري
في تفسيرها :ومعنى ذلك :ل تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا ً وأنصاراً
توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين،
وتدلونهم على عوراتهم فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء ،يعني
بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر -
تفسير الطبري .313 /6
{يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا بطانة من دونكم ل يألونكم خبالً ،ودوا ما
عنتم ،قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ،قد بينا لكم
اليات إن كنتم تعقلون .ها أنتم أولء تحبونهم ول يحبونكم !!} آل عمران
.118،119
{يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ،تلقون إليهم
بالمودة ،وقد كفروا بما جاءكم من الحق ،يخرجون الرسول وإياكم ،أن
تؤمنوا بالله ربكم} الممتحنة .1
{بشر المنافقين بأن لهم عذابا ً أليما ً الذين يتخذون الكافرين أولياء من
دون المؤمنين .أيبتغون عندهم العزة؟ فإن العزة لله جميعاً} النساء 138،13
.9
***
ولم تقف أوامر القرآن عند حد مطالبة المسلمين بعدم اتخاذ اليهود
والمسيحيين أصدقاء ،بل أخذ القرآن أبعادا ً أكثر وأخطر من ذلك بكثير؛
أبعادا ً وصلت لحد مطالبته بملحقتهم والتضييق عليهم وقتالهم أينما
وجدوهم حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية (التاوة).
َ َ َ
م الل ّ ُ
ه حَّر َ ما َ
ن َ مو َ ح ِّ
ر ُ ول ي ُ َ
ر َخ ِ ول بِالْي َ ْ
وم ِ ال ِ
َ
ن بِالل ّ ِ
ه َ منُو َؤ ِن ل يُ ْذي َقاتِلُوا ال ّ ِ{ َ
ْ ُ َ ْ ُ ّ ْ
ن
ع ْة َ جْزي َ َ عطوا ال ِ حت ّى ي ُ ْ ب َن أوتُوا الكِتَا َ ذي َ
ن ال ِ م ْق ِ ح ِّ ن ال َن ِدي َدينُو َ ول ي َ ِه َسول ُ ُوَر َُ
ن} التوبة .29 غُرو َ صا ِيَ َ ْ َ
م ه
ُ و د
ٍ
{ .1قاتلوا} القوم {الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر} يقول :ول
يصدقون بجنة ول نار.
{ .2ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق} يقول :ول
يطيعون الله طاعة الحق .يعني :أنهم ل يطيعون طاعة أهل السلم.
{ .3من الذين أوتوا الكتاب} وهم اليهود والنصارى.
{ .4من الذين أوتوا الكتاب} وهم أهل التوراة والنجيل.
{ .5حتى يعطوا الجزية} ومعنى الكلم :حتى يعطوا الخراج عن رقابهم
الذي يبذلونه للمسلمين دفعا ً عنها.
.6وأما قوله{ :عن يد وهم صاغرون} أي يدفعوا الجزية بأيديهم
للمسلمين دون إنابة وهم أذلء مقهورون ،يقال للذليل الحقير :صاغراً.
م
ه ْ
مو ُ
جدْت ُ ُ
و َ
ث َ
حي ْ ُ
ن َ
ركِي َ
ش ِ قتُلُوا ال ْ ُ
م ْ فا ْ
م َ هُر ال ْ ُ
حُر ُ ش ُ سل َ َ
خ ال ْ { َ
فإِذَا ان َ
وا
وآت َ ْ
موا الصلةَ َ وأ َ َ
قا ُ د َ
فإ ِ ْ
ن تَابُوا َ ص ٍ
مْر َ
هم ك ُ َّ
ل َ عدُوا ل َ ُ ْ وا ْ
ق ُ م َه ْصُرو ُح ُ
وا ْ هم خذُو ُ
و ُ
َ َ ْ َ ُّ َ
م} التوبة .5 ه ْسبِيل ُ
خلوا َ الَّزكاةَ ف َ
َ
.7يعني بقوله{ :فإذا انسلخ الشهر الحرم} فإذا انقضى ومضى أشهر
الحرم ،وهي بعض الشهر العربية :ذي القعدة ،وذي الحجة ،ومحرم.
{ .8فاقتلوا المشركين} يقول :فاقتلوهم {حيث وجدتموهم} حيث
لقيتوهم من الرض في الحرم وغير الحرم.
{ .9وخذوهم} يقول :وأسروهم {واحصروهم} يقول :وامنعوهم من
التصرف في بلد السلم.
{ .10واقعدوا لهم كل مرصد} يقول :واقعدوا لهم بالطلب لقتلهم أو
أسرهم كل مرصد ،يعني :كل طريق ومرقب ،وهو مفعل من قول القائل
رصدت فلنا ً أرصده رصداً ،بمعنى :رقبته{ .فإن تابوا} أي إن اسلموا وأقروا
بنبوة محمد{ .فخلوا سبيلهم} -راجع :تفسير الطبري ،شرح آية سورة
التوبة .5وتفسير القرطبي .وابن كثير .وصفوة التفاسير.
{ .11وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله} البقرة .193يقول
للمؤمنين به فقاتلوهم حتى ل يكون شرك ول يعبد إل الله وحده ل شريك
له.
{ .12ويكون الدين كله لله} يقول :حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله
خالصة دون غيره .لكي ل يكون مع دينكم كفر وحتى يقال :ل إله إل الله،
عليها قاتل النبي ،وإليها دعا.
.13عن الربيع{ :ويكون الدين لله} يقول :حتى ل يعبد إل الله ،وذلك ل إله
إل الله؛ عليه قاتل النبي وإليه دعا .فقال النبي( :إني أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا ل إله إل الله ،ويقيموا الصلة ،ويؤتوا الزكاة ،فإذا فعلوا
ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على الله).
{ .14فإن انتهوا فل عدوان إل على الظالمين} يعني بقوله{ :فإن انتهوا}
فإن انتهى الذين يقاتلونكم من الكفار عن قتالكم ،ودخلوا في ملتكم،
وأقروا بما ألزمكم الله من فرائضه ،وتركوا ما هم عليه من عبادة الوثان،
فدعوا العتداء عليهم وقتالهم وجهادهم ،فإنه ل ينبغي أن يُعتدى إل على
الظالمين وهم المشركون بالله ،والذين تركوا عبادته وعبدوا غير خالقهم.
.15عن قتادة قوله{ :فل عدوان إل على الظالمين} والظالم الذي أبى أن
يقول ل إله إل الله -راجع :تفسير الطبري في شرحه للية سورة البقرة
.193
{ .16وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} النفال .60
وأعدوا لهؤلء الذين كفروا بربهم{ ،ما استطعتم من قوة} يقول :ما
أطقتم أن تعدوه لهم من اللت التي تكون قوة لكم عليهم من السلح
والخيل.
{ .17ترهبون به عدو الله وعدوكم} يقول :تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله
وعدوكم من المشركين.
{ .18سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق العناق} أنفال
.12يقول :سأرعب قلوب الذين كفروا بي أيها المؤمنون منكم ،وأملها
فرقا ً حتى ينهزموا عنكم ،فاضربوا فوق العناق!! أي اضربوا الرقاب ،رقاب
الكفار أي الغير مسلمين .راجع جميع تفاسير القرآن في شرحهم للية.
{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الرض فسادا أن
يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض}
المائدة .33
***
من أين جاءونا بقانون المعاملة بالمثل وبمقولة (لهم ما لنا وعليهم ما
علينا)؟ هل لكم أن تدلونا على آية أو حديث يقرر هذا المبدأ؟ إن هذا المبدأ
مبدأ باطل مخالف للقرآن وللسنة رغم شيوعه على ألسنة الكثيرين..
لقد نسوا أصحاب الفضيلة المنادين بمقولة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)
قوله تعالى:
{أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} القلم.36 – 35
فهذا النص يدل على أنه ل يمكن أن يساوى المسلم بالكافر ل في الدنيا ول
في الخرة ،فكيف يكون لغير المسلم ما للمسلم وعليه ما عليه؟
ةةةةة ثم إني أسـأل المسلم ومن قال بقوله :أنى للمسلم أن يتزوج
بالكتابية فهل للكتابي أن يتزوج بالمسلمة؟ وإذا كانت الجابة بل وهي كذلك
قطعا ً فكيف يكون لهم ما لكم ؟!
ةةةةة وإن على المسلم أن يدفع زكاة ماله فهل على الذمي – وإن كان
من أغنى الغنياء – أن يدفع الزكاة؟ ل شك أنه ليس عليه زكاة فإذا كان
المر كذلك فكيف يكون عليهم ما على المسلمين؟!.
والعجيب أن الكثيرين ممن يذكرون هذا المبدأ ينسبونه إلى النبي ،وهذا
باطل .فإن هذا القول ل أصل له في كتب السنة إذا كان المقصود به أهل
الذمة ،وإل فهو وارد في شأن من أسلم من الكفار والمشركين ،كما في
حديث أنس مرفوعاً( :أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إل الله وأن
محمدا ً عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا ويأكلوا ذبيحتنا وأن يصلوا صلتنا
فإذا فعلوا ذلك فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل بحقها لهم ما
للمسلمين وعليهم ما على المسلمين) -أخرجه أبو داود 2641والترمذي
.2608