Professional Documents
Culture Documents
محاكم التفتيش اختراع اسلامي
محاكم التفتيش اختراع اسلامي
لعب منع النقد دورا ً كبيرا ً في تخلف العرب والمسلمين .ودفع المسلمون الوائل،
كما رأينا ،ثمنا ً باهظا ً بسبب نقدهم لبعض التعاليم السلمية أو حتى إجتهادهم في
بعض المسائل المثيرة للجدل مثل قضية خلق القرآن عند المعتزلة .وهناك عدد
كبير من المفكرين المسلمين تم إضطهادهم وقتلهم وحرق مؤلفاتهم مثل إبن
الراوندي وأبي بكر الرازي والمعتزلة والشاعرة وأخوان الصفا وغيرهم كثيرين،
ولم تصل لنا من مؤلفاتهم إل تلك النتف التي ذكرها خصومهم من إقتباسات من
أجل الرد عليهم.
وهناك قصة في " معجم ياقوت" تبين هذا الختلف " :كتب اسماعيل بن علي
الخطبي في كتاب التاريخ قصة رجل يدعى شمبوذ في بغداد كان يقرأ ويدّرس
قرآنا ً يختلف عن قرآن مصحف عثمان ،فقد كان يقرأ بقراءة عبد الله بن مسعود
واُبي بن كعب وقراءات اخرى .وكان يجادل القراء الخرين ويتغلب عليهم ،حتى
ذاع صيته واصبح من الصعب تجاهله ،فأرسل اليه السلطان عام 828م واُحضر
الى منزل الوزير محمد بن مقلة ،الذي جمع القضاة وال ُ
قراء لمحاكمته ،ولم ينكر
شنبوذ ما كان يُدّرس ،بل دافع عنه .وحاول الوزير اقناعه بعدم قراءة المصاحف
التي فيها اختلف عن مصحف عثمان فرفض ذلك .واصر الحاضرون على عقابه
حتى يمتنع عن تلك القراءات .وعندها امر الوزير بان يُجّرد من ملبسه ويُجلد حتى
يوافق .وبعد عشر ضربات من العصا على ظهره ،وافق ال ينشر تلك القراءات.
وقال الشيخ ابو محمد السرفي ان شنبوذ هذا قد سجل عدة نسخ مختلفة للقرآن
وإذا رجعنا الى ما يسمى بالعصر الذهبي للسلم ،وهو عصر الدولة العباسية،
وقبله لفترة وجيزه ،الدولة الموية ،نجد ان الذين تجرأوا وانتقدوا السلم لقوا
نفس المصير الذي لقاه المتنورون في العصر الحديث .فعندما اعتلى الخليفة
المامون العرش ،تبني افكار المعتزلة وقال ان القرآن مخلوق ،وجعل اجهزة
الدولة تُملي هذا الرأي على العلماء .ولكن عندما تولى المتوكل زمام المور في
عام 847م أصدر أوامره بعقاب كل من يقول ان القرآن مخلوق .وسرعان ما
أمسك الرجعيون بهذه الذريعة ورموا كل من تجرأ واظهر اي رأي مخالف لهم
بالزندقة .وحتى في الدولة الموية اتهموا المتنورين بالزندقة وقتلوهم .وكان أول
قتل بأمر الخليفة المويمن قتلوه بتهمة الزندقة رجل يُدعى جاد بن درهمُ ،
هشام بن عبد الملك عام 742م .وكانت جريمة هذا الرجل انه قال ان الله لم
يكلم موسى ولم يتخذ ابراهيم خليلً .
الكاتب اليراني علي الدشتي سجنه الخميني لمدة ثلثة سنوات ومات في ظروف
غامضة إثر نشر كتابه " ثلثة وعشرون عاما ً " years 23الذي انتقد فيه السلم.
وفي مصر عندما قال الشيخ علي عبد الرزاق الذي كان استاذا ً بالجامع الزهر،
يجب فصل الدين عن الدولة ،قامت الدنيا ولم تقعد حتى تكونت لجنة من العلماء
السلميين لمحاكمتة في عام ،1925واصدرت حكمها بإدانة عبد الرزاق وفصله من
منصبه بالجامع الزهر ومنعه من تقلد أي منصب ديني في البلد .وحتى الدكتور
طه حسين عندما علق على بعض النقاط في القرآن في كتابه " الشعر الجاهلي"،
ثارت ثورة المتعصبين حتى طُرد الدكتور طه حسين من جميع مناصبه الحكومية.
وفي السودان عندما أنشأ الستاذ محمود محمد طه حزب " ألخوان الجمهوريين"
وحاول تقليل دور الشريعة في قوانين الدولة ،اتهموه باللحاد وحرقوا كتبه .ولما
ة من العلم جعلت الفرائض العادية قال الستاذ محمود محمد طه انه وصل مرحل ً
كالصلة ل تنطبق عليه ،وهي نفس المقولة التي قالها الصوفيون في القرن
الحادي عشر ،وجد السلميون فرصتهم سانحة فحكموا عليه بالعدام وشنقوه عام
1985
وحتى المسلمين الن في البلد العربية وغيرها أسلموا بالوراثة لنهم نشأوا في
بيوت مسلمة وما عرفوا اي ديانة اخرى ،أو بمعنى آخر لم يكن لهم الخيار في
اختيار عقيدتهم .وفيما بعد إذا حاول أي منهم الخروج من السلم ،أعتبروه مرتداً
وأباحوا دمه كما فعل أبو بكر قبل 1400سنة .وهناك أمثلة كثيرة من مصر
والكويت وباكستان وغيرها عن مسلمين حاولوا اعتناق المسيحية ووجدوا انفسهم
امام المحاكم الشرعية لنهم مرتدون.