Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫التبيان في نزول‬

‫القرآن‬
‫شيخ السلم ابن تيمية‬

‫مكتبة مشكاة السلمية‬

‫‪1‬‬
‫وقال المام العلمة الحقق أبو العباس أحد بن تيمية ‪ -‬رحه ال تعال ورضي عنه‬
‫–‬
‫المد ل رب العالي وصلى ال على سيدنا ممد وآله وصحبه أجعي ‪ .‬أما بعد‬
‫فهذا " فصل ف نزول القرآن " ولفظ " النول " ‪:‬‬
‫حيث ذكر ف كتاب ال تعال فإن كثيا من الناس فسروا النول ف مواضع من‬
‫القرآن بغي ما هو معناه العروف لشتباه العن ف تلك الواضع وصار ذلك حجة‬
‫لن فسر نزول القرآن بتفسي أهل البدع ‪ .‬فمن الهمية من يقول ‪ :‬أنزل بعن خلق‬
‫كقوله تعال ‪ { :‬وأنزلنا الديد فيه بأس شديد } أو يقول ‪ :‬خلقه ف مكان عال‬
‫ث أنزله من ذلك الكان ‪.‬‬
‫ومن الكلبية من يقول نزوله بعن العلم به وإفهامه للملك أو نزول اللك با‬
‫فهمه ‪ .‬وهذا الذي قالوه باطل ف اللغة والشرع والعقل ‪ .‬و " القصود هنا " ذكر‬
‫النول ‪ .‬فنقول وبال التوفيق ‪ :‬النول ف كتاب ال عز وجل " ثلثة أنواع " ‪:‬‬
‫نزول مقيد بأنه منه‬
‫ونزول مقيد بأنه من السماء‬
‫ونزول غي مقيد ل بذا ول بذا ‪.‬‬
‫فالول ل يرد إل ف القرآن كما قال تعال ‪ { :‬والذين آتيناهم الكتاب يعلمون‬
‫أنه منل من ربك بالق } وقال تعال { نزله روح القدس من ربك بالق }‬
‫وقال تعال ‪ { :‬تنيل الكتاب من ال العزيز الكيم } وفيها قولن ‪:‬‬
‫" أحدها " ل حذف ف الكلم بل قوله ‪ { :‬تنيل الكتاب } مبتدأ وخبه { من‬
‫ال العزيز الكيم }‬
‫و " الثان " أنه خب مبتدأ مذوف أي هذا { تنيل الكتاب } وعلى كل القولي‬
‫فقد ثبت أنه منل منه وكذلك قوله ‪ { :‬حم } { تنيل الكتاب من ال العزيز‬

‫‪2‬‬
‫الكيم } وكذلك { حم } { تنيل من الرحن الرحيم } { حم } { تنيل‬
‫الكتاب من ال العزيز العليم } والتنيل بعن النل تسمية للمفعول باسم الصدر‬
‫وهو كثي ؛ ولذا قال السلف ‪ :‬القرآن كلم ال ليس بخلوق منه بدأ ‪.‬‬
‫قال أحد وغيه ‪ :‬وإليه يعود أي ‪ :‬هو التكلم به ‪ .‬وقال كلم ال من ال ليس‬
‫ببائن منه أي ل يلقه ف غيه فيكون مبتدأ منل من ذلك الخلوق ؛ بل هو منل‬
‫من ال كما أخب به ومن ال بدأ ل من ملوق فهو الذي تكلم به للقه ‪.‬‬
‫وأما النول " القيد " بالسماء فقوله ‪ { :‬وأنزلنا من السماء } والسماء اسم‬
‫جنس لكل ما عل فإذا قيد بشيء معي [ تقيد به ] فقوله ف غي موضع من السماء‬
‫مطلق أي ف العلو ؛ ث قد بينه ف موضع آخر بقوله { أأنتم أنزلتموه من الزن }‬
‫وقوله { فترى الودق يرج من خلله } أي أنه منل من السحاب وما يشبه نزول‬
‫القرآن قوله ‪ { :‬ينل اللئكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده } فنول‬
‫اللئكة هو نزولم بالوحي من أمره الذي هو كلمه وكذلك قوله ‪ { :‬تنل‬
‫اللئكة والروح فيها } يناسب قوله ‪ { :‬فيها يفرق كل أمر حكيم } { أمرا من‬
‫عندنا إنا كنا مرسلي } فهذا شبيه بقوله ‪ { :‬قل نزله روح القدس }‬
‫وأما " الطلق " ففي مواضع ‪ .‬منها ‪ :‬ما ذكره من إنزال السكينة ؛ بقوله ‪{ :‬‬
‫فأنزل ال سكينته على رسوله وعلى الؤمني } وقوله ‪ { :‬هو الذي أنزل السكينة‬
‫ف قلوب الؤمني } إل غي ذلك ‪ .‬ومن ذلك " إنزال اليزان " ذكره مع الكتاب‬
‫ف موضعي وجهور الفسرين على أن الراد به العدل وعن ماهد ‪ -‬رحه ال ‪-‬‬
‫هو ما يوزن به ول منافاة بي القولي ‪.‬‬
‫وكذلك العدل وما يعرف به العدل منل ف القلوب واللئكة قد تنل على قلوب‬
‫الؤمني ؛ كقوله ‪ { :‬إذ يوحي ربك إل اللئكة أن معكم فثبتوا الذين آمنوا }‬
‫فذلك الثبات نزل ف القلوب بواسطة اللئكة وهو السكينة ‪ .‬قال النب صلى ال‬

‫‪3‬‬
‫عليه وسلم { من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن ل يطلب القضاء ول‬
‫يستعن عليه أنزل ال عليه ملكا يسدده } فال ينل عليه ملكا وذلك اللك يلهمه‬
‫السداد وهو ينل ف قلبه ‪.‬‬
‫ومنه حديث حذيفة رضي ال عنه الذي ف الصحيحي عن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ { :‬إن ال أنزل المانة ف جذر قلوب الرجال فعلموا من القرآن‬
‫وعلموا من السنة } والمانة هي اليان أنزلا ف أصل قلوب الرجال وهو كإنزال‬
‫اليزان والسكينة وف الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ { :‬ما اجتمع‬
‫قوم ف بيت من بيوت ال يتلون كتاب ال } الديث إل آخره فذكر أربعة‬
‫غشيان الرحة وهي أن تغشاهم كما يغشى اللباس لبسه وكما يغشى الرجل الرأة‬
‫والليل النهار ‪ .‬ث قال ‪ { :‬ونزلت عليهم السكينة } وهو إنزالا ف قلوبم {‬
‫وحفتهم اللئكة } أي جلست حولم { وذكرهم ال فيمن عنده } من اللئكة ‪.‬‬
‫وذكر ال الغشيان ف مواضع مثل قوله تعال { يغشي الليل النهار } وقوله ‪{ :‬‬
‫فلما تغشاها حلت حل خفيفا } وقوله ‪ { :‬والؤتفكة أهوى } { فغشاها ما‬
‫غشى }‬
‫وقوله ‪ { :‬أل حي يستغشون ثيابم يعلم ما يسرون وما يعلنون } هذا كله فيه‬
‫إحاطة من كل وجه ‪ .‬وذكر تعال إنزال النعاس ف قوله ‪ { :‬ث أنزل عليكم من‬
‫بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم } هذا يوم أحد ‪.‬‬
‫وقال ف يوم بدر ‪ { :‬إذ يغشيكم النعاس أمنة منه } والنعاس ينل ف الرأس‬
‫بسبب نزول البرة الت تدخل ف الدماغ فتنعقد فيحصل منها النعاس ‪.‬‬
‫وطائفة من أهل الكلم ‪ -‬منهم أبو السن الشعري ومن اتبعه من أصحاب مالك‬
‫والشافعي وأحد ‪ -‬جعلوا النول والتيان والجيء حدثا يدثه منفصل عنه فذاك‬

‫‪4‬‬
‫هو إتيانه واستواؤه على العرش فقالوا استواؤه فعل يفعله ف العرش يصي به مستويا‬
‫عليه من غي فعل يقوم بالرب لكن أكثر الناس خالفوهم ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬العروف أنه ل ييء شيء من الصفات والعراض إل بجيء شيء فإذا‬
‫قالوا ‪ :‬جاء البد أو جاء الر فقد جاء الواء الذي يمل الر والبد وهو عي‬
‫قائمة بنفسها ‪ .‬وإذا قالوا ‪ :‬جاءت المى فالمى حر أو برد تقوم بعي قائمة‬
‫بسبب أخلط تتحرك وتتحول من حال إل حال فيحدث الر والبد بذلك وهذا‬
‫بلف العرض الذي يدث بل تول من حامل مثل لون الفاكهة فإنه ل يقال ف‬
‫هذا ‪ :‬جاءت المرة والصفرة والضرة بل يقال ‪ :‬أحر وأصفر وأخضر ‪.‬‬
‫وإذا كان كذلك فإنزاله تعال العدل والسكينة والنعاس والمانة ‪ -‬وهذه صفات‬
‫تقوم بالعباد ‪ -‬إنا تكون إذا أفضى با إليهم فالعيان القائمة توصف بالنول كما‬
‫توصف اللئكة بالنول بالوحي والقرآن فإذا نزل با اللئكة قيل إنا نزلت ‪.‬‬
‫وكذلك لو نزل غي اللئكة كالواء الذي نزل بالسباب فيحدث ال منه البخار‬
‫الذي يكون منه النعاس فكان قد أنزل النعاس سبحانه بإنزال ما يمله ‪.‬‬
‫وقد ذكر سبحانه إنزال الديد والديد يلق ف العادن ‪ .‬وما يذكر عن ابن عباس‬
‫رضي ال عنهما أن آدم عليه السلم نزل من النة ومعه خسة أشياء من حديد‬
‫السندان والكلبتان والنقعة والطرقة والبرة فهو كذب ل يثبت مثله ‪.‬‬
‫وكذلك الديث الذي رواه الثعلب عن ابن عمر رضي ال عنهما عن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم { أن ال أنزل أربع بركات من السماء إل الرض فأنزل الديد‬
‫والاء والنار واللح } حديث موضوع مكذوب ف إسناده سيف بن ممد ابن‬
‫أخت سفيان الثوري رحه ال وهو من الكذابي العروفي بالكذب ‪.‬‬
‫قال ابن الوزي ‪ :‬هو سيف بن ممد ابن أخت سفيان الثوري يروي عن الثوري‬
‫وعاصم الحول والعمش قال أحد رحه ال هو كذاب يضع الديث وقال مرة ‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫ليس بشيء وقال يي ‪ :‬كان كذابا خبيثا وقال مرة ليس بثقة وقال أبو داود‬
‫كذاب وقال زكريا الساجي يضع الديث وقال النسائي ‪ :‬ليس بثقة ول مأمون‬
‫وقال الدارقطن ضعيف متروك ‪.‬‬
‫والناس يشهدون أن هذه اللت تصنع من حديد العادن ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬إن آدم عليه السلم نزل معه جيع اللت فهذه مكابرة للعيان ‪.‬‬
‫وإن قيل بل نزل معه آلة واحدة وتلك ل تعرف فأي فائدة ف هذا لسائر الناس ث‬
‫ما يصنع بذه اللت إذا ل يكن ث حديد موجود يطرق بذه اللت وإذا خلق ال‬
‫الديد صنعت منه هذه اللت مع أن الأثور ‪ { :‬أن أول من خط وخاط إدريس‬
‫عليه السلم } وآدم عليه السلم ل يط ثوبا فما يصنع بالبرة ‪.‬‬
‫ث أخب أنه أنزل الديد فكان القصود الكب بذكر الديد هو اتاذ آلت الهاد‬
‫منه كالسيف والسنان والنصل وما أشبه ذلك الذي به ينصر ال ورسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم وهذه ل تنل من السماء ‪.‬‬
‫فإن قيل نزلت اللة الت يطبع با قيل فال أخب أنه أنزل الديد لذه العان التقدمة‬
‫واللة وحدها ل تكفي بل ل بد من مادة يصنع با آلت الهاد ؛ لكن لفظ‬
‫النول أشكل على كثي من الناس حت قال قطرب رحه ال معناه جعله نزل كما‬
‫يقال أنزل المر على فلن نزل حسنا أي جعله نزل ‪.‬‬
‫قال ومثله قوله تعال { وأنزل لكم من النعام ثانية أزواج } وهذا ضعيف ؛ فإن‬
‫النل إنا يطلق على ما يؤكل ل على ما يقاتل به قال ال تعال { فنل من حيم }‬
‫والضيافة سيت نزل لن العادة أن الضيف يكون راكبا فينل ف مكان يؤتى إليه‬
‫بضيافته فيه فسميت نزل لجل نزوله ونزل ببن فلن ضيف ؛‬

‫‪6‬‬
‫ولذا قال نوح عليه السلم { رب أنزلن منل مباركا وأنت خي النلي } لنه‬
‫كان راكبا ف السفينة وسيت الواضع الت ينل با السافرون منازل لنم يكونون‬
‫ركبانا فينلون والشاة تبع للركبان وتسمى الساكن منازل ‪.‬‬
‫وجعل بعضهم نزول الديد بعن اللق لنه أخرجه من العادن وعلمهم صنعته‬
‫فإن الديد إنا يلق ف العادن والعادن إنا تكون ف البال فالديد ينله ال من‬
‫معادنه الت ف البال لينتفع به بنو آدم وقال تعال ‪ { :‬وأنزل لكم من النعام ثانية‬
‫أزواج } ‪ .‬وهذا ما أشكل أيضا ‪.‬‬
‫فمنهم من قال ‪ :‬جعل ومنهم من قال ‪ :‬خلق لكونا تلق من الاء فإن به يكون‬
‫النبات الذي ينل أصله من السماء وهو الاء وقال قطرب ‪ :‬جعلناه نزل ‪ .‬ول‬
‫حاجة إل إخراج اللفظ عن معناه العروف لغة ؛ فإن النعام تنل من بطون أمهاتا‬
‫ومن أصلب آبائها تأت بطون أمهاتا ويقال للرجل ‪ :‬قد أنزل الاء وإذا أنزل‬
‫وجب عليه الغسل مع أن الرجل غالب إنزاله وهو على جنب إما وقت الماع‬
‫وإما بالحتلم فكيف بالنعام الت غالب إنزالا مع قيامها على رجليها وارتفاعها‬
‫على ظهور الناث وما يبي هذا أنه ل يستعمل النول فيما خلق من السفليات فلم‬
‫يقل أنزل النبات ول أنزل الرعى وإنا استعمل فيما يلق ف مل عال وأنزله ال من‬
‫ذلك الحل كالديد والنعام ‪.‬‬
‫وقال تعال { يا بن آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا } الية‬
‫وفيها قراءتان إحداها بالنصب فيكون لباس التقوى أيضا منل ‪.‬‬
‫وإما على قراءة الرفع فل وكلها حق وقد قيل فيه خلقناه وقيل أنزلنا أسبابه وقيل‬
‫ألمناهم كيفية صنعته وهذه القوال ضعيفة ؛ فإن النبات الذي ذكروا ل يئ فيه‬
‫لفظ أنزلنا ول يستعمل ف كل ما يصنع أنزلنا فلم يقل ‪ :‬أنزلنا الدور وأنزلنا الطبخ‬
‫ونو ذلك وهو ل يقل إنا أنزلنا كل لباس ورياش وقد قيل ‪ :‬إن الريش والرياش‬

‫‪7‬‬
‫الراد به اللباس الفاخر كلها بعن واحد مثل اللبس واللباس وقد قيل ‪ :‬ها الال‬
‫والصب والعاش وارتاش فلن حسنت حالته ‪.‬‬
‫والصحيح أن " الريش " هو الثاث والتاع قال أبو عمر والعرب تقول ‪ :‬أعطان‬
‫فلن ريشه أي كسوته وجهازه ‪ .‬وقال غيه ‪ :‬الرياش ف كلم العرب الثاث وما‬
‫ظهر من التاع والثياب والفرش ونوها وبعض الفسرين أطلق عليه لفظ الال‬
‫والراد به مال مصوص قال ابن زيد ‪ :‬جال ؛ وهذا لنه مأخوذ من ريش الطائر‬
‫وهو ما يروش به ويدفع عنه الر والبد وجال الطائر ريشه وكذلك ما يبيت فيه‬
‫النسان من الفرش وما يبسطه تته ونو ذلك والقرآن مقصوده جنس اللباس الذي‬
‫يلبس على البدن وف البيوت كما قال تعال { وال جعل لكم من بيوتكم سكنا }‬
‫الية‬
‫فامت سبحانه عليهم با ينتفعون به من النعام ف اللباس والثاث وهذا ‪ -‬وال‬
‫أعلم ‪ -‬معن إنزاله ؛ فإنه ينله من ظهور النعام وهو كسوة النعام من الصواف‬
‫والوبار والشعار وينتفع به بنو آدم من اللباس والرياش ‪ .‬فقد أنزلا عليهم وأكثر‬
‫أهل الرض كسوتم من جلود الدواب فهي لدفع الر والبد وأعظم ما يصنع من‬
‫القطن والكتان وال تعال ذكر ف سورة النحل إنعامه على عباده فذكر ف أول‬
‫السورة أصول النعم الت ل يعيش بنو آدم إل با وذكر ف أثنائها تام النعم الت ل‬
‫يطيب عيشهم إل با فذكر ف أولا الرزق الذي ل بد لم منه وذكر ما يدفع البد‬
‫من الكسوة بقوله ‪ { :‬والنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون }‬

‫ث ف أثناء السورة ذكر لم الساكن والنافع الت يسكنونا ‪ :‬مساكن الاضرة‬


‫والبادية ومساكن السافرين فقال تعال ‪ { :‬وال جعل لكم من بيوتكم سكنا }‬
‫الية ث ذكر إنعامه بالظلل الت تقيهم الر والبأس فقال ‪ { :‬وال جعل لكم ما‬

‫‪8‬‬
‫خلق ظلل وجعل لكم من البال أكنانا } إل قوله ‪ { :‬كذلك يتم نعمته عليكم‬
‫لعلكم تسلمون } ‪ .‬ول يذكر هنا ما يقي من البد لنه قد ذكره ف أول السورة‬
‫وذلك ف أصول النعم ؛ لن البد يقتل فل يقدر أحد أن يعيش ف البلد الباردة بل‬
‫دفء بلف الر فإنه أذى لكنه ل يقتل كما يقتل البد فإن الر قد يتقى بالظلل‬
‫واللباس وغيها وأهله أيضا ل يتاجون إل وقاية كما يتاج إليه البد ؛ بل أدن‬
‫وقاية تكفيهم وهم ف الليل وطرف النهار ل يتأذون به تأذيا كثيا ؛ بل ل يتاجون‬
‫إليه أحيانا حاجة قوية فجمع بينهما ف قوله { سرابيل تقيكم الر وسرابيل تقيكم‬
‫بأسكم } ‪.‬‬
‫ول حذف ف اللفظ ول قصور ف العن كما يظنه من ل يسن حقائق معان‬
‫القرآن ؛ بل لفظه أت لفظ ومعناه أكمل العان ؛ فإذا كان اللباس والرياش ينل من‬
‫ظهور النعام وكسوة النعام منلة من الصلب والبطون كما تقدم فهو منل من‬
‫الهتي فإنه على ظهور النعام ل ينتفع به بنو آدم حت ينل ‪ .‬فقد تبي أنه ليس ف‬
‫القرآن ول ف السنة لفظ نزول إل وفيه معن النول العروف وهذا هو اللئق‬
‫بالقرآن فإنه نزل بلغة العرب ول تعرف العرب نزول إل بذا العن ولو أريد غي‬
‫هذا العن لكان خطابا بغي لغتها ث هو استعمال اللفظ العروف له معن ف معن‬
‫آخر بل بيان وهذا ل يوز با ذكرنا ؛ وبذا يصل مقصود القرآن واللغة الذي‬
‫أخب ال تعال أنه بينه وجعله هدى للناس وليكن هذا آخره والمد ل وحده‬
‫وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي وسلم تسليما كثيا ‪.‬‬

‫مكتبة مشكاة السلمية‬


‫نقلً عن موقع السلم‬

‫‪9‬‬
10

You might also like