‫قضاء حوائج الناس‬

‫إن بعمض الناس يتأفمف ممن لجوء الناس إليمه لقضاء حوائجهمم خاصمة إذا كان ذا وجاهمة أو سمعة ممن‬
‫المال ‪ .‬ول يدري أن من كان في حاجة أخيه كان ال في حاجته ‪ ،‬وأن ال في عون العبد ما دام العبد‬
‫فمي عون أخيمه ‪ .‬فلئن تقضمي لخيمك حاجمة كأن تعلممه أو ترشده أو تحمله أو تقرضمه أو تشفمع له فمي‬
‫خير أفضل عند ال من ثواب اعتكافك شهرا كامل‪.‬‬

‫فعن عبدال بن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬أحب الناس إلى ال‬
‫أنفعهم ‪ ،‬وأحب العمال إلى ال عز وجل سرور تدخله على مسلم ‪ ،‬أو تكشف عنه كربة ‪ ،‬أو تقضي‬
‫عنه دينا ‪ ،‬أو تطرد عنه جوعا ‪ ،‬ولن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إل يّ من أن اعتكف في‬
‫المسمجد شهرا ‪ ،‬وممن كمف غضبمه سمتر ال عورتمه ‪ ،‬وممن كظمم غيظما ‪ ،‬ولو شاء أن يمضيمه أمضاه ‪،‬‬
‫مل ال قلبه رضا يوم القيامة ‪ ،‬ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ‪ ،‬أثبت ال تعالى‬
‫قدمه يوم تزل القدام ‪ ،‬وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل ) رواه الطبراني في الكبير‬
‫‪ ،‬وابن أبي الدنيا وحسنه اللباني في السلسلة الصحيحة ‪.‬‬

‫إن مجرد أن تقضمي لخيمك حاجمة قمد ليسمتغرق أداؤهما أحيانما نصمف سماعة فإنمه يسمجل لك بهما ثواب‬
‫اعتكاف شهمر واحمد ‪ ،‬فتخيمل لو أردت اعتكاف شهمر كاممل كمم سمتحتاج ممن مجاهدة للنفمس بتعطيمل‬
‫أعمالك الخاصمة ‪ ،‬وبقائك حمبيس المسمجد ثلثيمن يومما إمما ذاكرا ل أو سماجدا أو قارئا للقرآن ؟ ولكمن‬
‫خلل دقائق معدودة تنجز فيها لخيك حاجته أو تسعى فيها لرملة يسجل في صحيفتك كأنك اعتكفت‬
‫سمنوات عديدة ‪ .‬فكمم سمنة لم تحييهما فمي الواقمع سميسجل لك ثوابهما إذا سمخرت جزءا ممن وقتمك لخدممة‬
‫إخوانك المسملين ؟‬

‫إن الموظمف الذي يقابمل الجمهور وهمو على مكتبمه ليخدمهمم وينجمز لهمم معاملتهمم لو اسمتحضر هذا‬
‫الحديممث واحتسممب عمله ‪ ،‬فكممم مممن السممنوات سمميسجل له ثواب اعتكافهمما يمما ترى ؟ إن بعممض هؤلء‬
‫الموظفين تجدهم يشغلون أنفسهم عن المراجعين بأحاديث جانبية مع زملئهم في الوظيفة أو يتغيبون‬
‫عمن مكاتبهمم وبعضهمم يتعممد تعطيمل المراجعيمن وتأخيمر معاملتهمم ولو علم بهذه الحاديمث النبويمة‬
‫وأمثالها لما بدرت منه هذه التصرفات‪.‬‬

‫فاحرص يما أخمي على قضاء حوائج المسملمين ول سميما ممن تصميبهم حوائج الحروب والكوارث ول‬
‫تدعهممم عرضممة لفتممن المنظمات المعاديممة للسمملم كالصممليبية التممي تتسممابق فيممما بينهمما على تقديممم‬
‫المسمماعدات النسممانية لولئك المنكوبيممن ‪ ،‬وذلك لتكسممب ودهممم وتسممتدرجهم إلى دينهمما ‪ ،‬تحممت وطأة‬
‫الجوع والمرض والحاجمة ‪ ،‬وعليمك أن تتعلم حسمن مسماعدة الناس وقضاء حوائجهمم وليمس فمن التفلت‬
‫من ذلك‪ .‬واعلم أنه كلما كانت العبادة يتعدى نفعها إلى غيرك كان أجرها أعظم إذا احتسبتها عند ال‬

‫أمثلة من السلف في حرصهم على قضاء حوائج الناس ‪:‬‬

‫‪ )1‬كان أبو بكر الصديق رضي ال عنه يحلب للحي أغنامهم ‪ ،‬فلما استُخلف قالت جارية منهم ‪ :‬الن‬
‫ل يحلبهمما ‪ ،‬فقال أبممو بكممر ‪ :‬بلى وإنممي لرجممو أن ل يغيرنممي ممما دخلت فيممه عممن شيممء كنممت أفعله‬

‫‪ )2‬وكان عمر بن الخطاب رضي ال عنه يتعاهد بعض الرامل فيسقي لهن الماء بالليل ‪ .‬ورآه طلحة‬
‫بالليمل يدخمل بيمت امرأة ‪ .‬فدخمل إليهما طلحمة نهارا فإذا عجوزا عمياء مقعدة ‪ ،‬فسمألها ‪ :‬مما يصمنع هذا‬
‫الرجل عندك؟ قالت ‪ :‬هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ‪ ،‬يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الذى ‪ .‬فقال‬
‫طلحة ‪ :‬ثكلتك أمك يا طلحة ‪ ،‬عثرات عمر تتيع؟!‬

‫‪ )3‬وكان أبو وائل يطوف على نسماء الحي وعجائزهم كل يوم فيشتري لهن حوائجهمن وما يصملحهن‬

‫‪ )4‬وقال مجاهد ‪ :‬صحبت ابن عمر في السفر لخدمه فكان يخدمني أكثر‬

‫‪ )5‬وكان حكيمم بمن حزام يحزن على اليوم الذي ل يجمد فيمه محتاجما ليقضمي له حاجتمه ‪ .‬فيقول ‪ :‬مما‬
‫أصمبحت وليمس ببابمي صماحب حاجمة ‪ ،‬إل علممت أنهما ممن المصمائب التمي أسمأل ال الجمر عليهما‬

‫وإذا علممت أخمي المسملم أن هذا الثواب العظيمم كله لممن يخدم أخاه المسملم وهمو له سمنة فاضلة ‪ .‬فكيمف‬
‫بمن يكون في خدمة والديه وفي قضاء حوائجهما وهو أمر واجب عليه‪ .‬فال ال بالوالدين والحذر كل‬
‫الحذر من العقوق آعاذنا ال وإياكم من ذلك‬