Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 196

‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬

‫‪1‬‬

‫شرح متن‬
‫الجرومية‬
‫الشيخ الدكتور‬
‫حسن حفظي‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪2‬‬
‫الدرس الول‬
‫مقدمات في اللغة‬

‫ما‬
‫‪F‬‬
‫حمدًا لك اللهم كما ينبغي لجلل وجهك وعظيم سلطانك‪ ،‬وصلة ً وسل ً‬
‫دائمين متتابعين على من أرسله الله رحمة للعالمين نبينا محمد ٍ وعلى آله‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الموجودون هنا‪ ،‬أيها المشاهدون الكرام‪ :‬السلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫هذه هي الحلقة الولى من حلقات البرنامج الذي سنقوم بإذن الله‬
‫ل أن يوفقها‬ ‫تعالى بتقديمه في قناة المجد الفضائية‪ ،‬التي نسأل الله عّز وج ّ‬
‫لتسير على هذا السير وعلى هذا النهج القويم‪.‬‬
‫ة‬
‫ونحن هنا بإذن الله تعالى سنقوم بشرح مقدمة الجرومية‪ ،‬وهي مقدم ٌ‬
‫ة كبيرة ً من العلماء منذ ألفها مؤلفها رحمه الله‬ ‫مختصرة ٌ موجزة ٌ لقيت عناي ً‬
‫تعالى‪ ،‬ولم تلقى العناية في الشروح فقط‪ ،‬ولكنا أضافت إلى ذلك أنها‬
‫شرح هذا النظم‪ ،‬فلقيت لها من العناية الشيء الكثير‪ ،‬مما‬ ‫نُظمت شعًرا‪ ،‬و ُ‬
‫يدل على العناية التي لقيتها هذه المقدمة – وهي المقدمة الجرومية ‪-‬‬
‫ة حتى يثبت اسمها‪ ،‬حتى نعرف ما الذي سنقوم بشرحه‪.‬‬ ‫أكررها مرة ً ثاني ً‬
‫ذكر حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون عددًا من المؤلفات التي‬
‫ما علينا في بداية المر أن نبدأ بمقدمات‬ ‫شرحت بها هذه المقدمة‪ ،‬وأرى لزا ً‬ ‫ُ‬
‫لبد منها حتى ندخل في هذا العلم ونحن نعرف ما يتعلق به من المقدمات‪.‬‬
‫وأول ما نبدأ به إن شاء الله تعالى التحدث عن أهمية تعلم اللغة العربية‪،‬‬
‫والصل الصيل من أصول اللغة العربية وهو علم النحو‪ ،‬وسننظر إن شاء‬
‫الله تعالى مدى هذه الهمية‪ ،‬وسنتحدث بعد هذا إن شاء الله تعالى عن‬
‫علقة علم النحو بعلوم الدين السلمي والشريعة السلمية‪ ،‬وبعد هذا إن‬
‫شاء الله تعالى سنتحدث عن بداية التأليف في هذا العلم‪ ،‬وعن خصائص‬
‫اللغة العربية‪ ،‬ونتحدث ربما قليل عن أطوار التأليف في هذا العلم‪.‬‬
‫وأرجو أن يكون الموجودون هنا متابعين لنه سيوجه إليهم أسئلة إن لم‬
‫يُوجهوا أسئلة في نهاية الحلقة إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫وحتى يكون التواصل بيننا وحتى نُبعد الملل عن أنفسنا لبد أن يتخلل‬
‫لقاءنا هذا وفي اللقاءات القادمة إن شاء الله بعض الحديث عما يتعلق بهذا‬
‫العلم‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪3‬‬
‫نبدأ بالحديث عن أهمية هذا العلم وهو النحو‪ ،‬النحو فرع ٌ من فروع اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وهو فرع ٌ له أهميته لما يترتب عليه من استقامة اللسنة‪ ،‬واستقامة‬
‫متحدث واستقامة اللسانين‪.‬‬ ‫حديث ال ُ‬
‫هم يجعلون القلم أحد اللسانين‪ ،‬واللسان الخر هو اللسان المعروف‬
‫متحدَّث به‪ ،‬فاستقامة اللسانين تستلزم منا أن نعرف أصول هذا العلم‪،‬‬ ‫ال ُ‬
‫ونعرف تركيب الكلم بعضه إلى بعض‪ ،‬ونعرف ما يتعلق به‪.‬‬
‫أقول أهمية هذا العلم ‪-‬وهو علم النحو‪ -‬تتبين لنا في حث عمر بن‬
‫الخطاب رضي الله عنه حينما قال‪" :‬تعلّموا العربية فإنها من دينكم‪ ،‬وتعلموا‬
‫الفرائض فإنها من دينكم"‪ ،‬وكتب رضي الله عنه إلى أبي موسى الشعري‬
‫رضي الله عنه فقال‪" :‬أما بعد‪ ،‬فتفقهوا في السنة‪ ،‬وتفقهوا في العربية‪،‬‬
‫وأعربوا القرآن فإنه عربي"‪ ،‬هذا من كلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫حينما أرسل أبي موسى الشعري ذلك‪ .‬قال ابن الثير رحمه الله‪ :‬وفي‬
‫حديث عمر رضي الله عنه "تعلموا السنن والفرائض واللحن كما تتعلمون‬
‫القرآن"‪ ،‬والمقصود‬
‫باللحن الكلم وأصول العربية‪ ،‬وفي رواية أخرى "تعلموا اللحن في القرآن‬
‫كما تتعلمونه"‪ ،‬والضمير هنا يعود إلى القرآن‪ ،‬كما تتعلمون القرآن تعلموا ما‬
‫يتعلق به من العربية‪ ،‬قال ابن الثير‪ :‬يريد تعلموا لغة العرب بإعرابها‪ ،‬وقال‬
‫الزهري‪ :‬معناه تعلموا لغة العرب في القرآن واعرفوا معانيه‪.‬‬
‫وبدون شك أن هذه النصوص نكتفي بها لنها تضعنا على الطريق‬
‫الصحيح لبيان مكانة هذا العلم ومنزلته‪ ،‬تعلمون يا أيها الحباب أن علوم‬
‫الدين السلمي متعددة ومتنوعة‪ ،‬وكل علم ٍ يؤدي إلى مصلحة للسلم‬
‫والمسلمين فهو من علوم الدين السلمي‪ ،‬سواءٌ أكانت علقته مباشرة‬
‫ما‪ ،‬وإنما هي بعيدة‬ ‫بعلوم الدين السلمي أم كانت علقة ليست مباشرة ً تما ً‬
‫نوع ًا ما‪ ،‬لكن في النهاية تصب في مصلحة المسلمين‪ ،‬فإذ ًا ما دامت حاجة‬
‫ما من العلوم فإنه يُصبح تعلمه على القل‬ ‫ة إذا تعلموا عل ً‬
‫المسلمين قائم ً‬
‫فرض كفاية‪،‬‬
‫إذا قام به من يكفي سقط الثم عن الباقين‪ ،‬وإل أثم الجميع‪ ،‬وهذا العلم –‬
‫ة لمعرفة كتاب‬ ‫أقصد علم النحو‪ -‬ليس من فروض الكفاية وإنما هو وسيل ٌ‬
‫ل ومعرفة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫نبدأ أول بالعلقة بين هذا العلم والقرآن الكريم‪ ،‬اللغة العربية التي نزل‬
‫بها القرآن الكريم ل تدرك أهميتها إل بقدر ما تتعلق بمعرفة كتاب الله عّز‬
‫ك يا أيها الحباب أن معرفة أسرار التعبير‬ ‫ل ومعرفة أسراره‪ ،‬وبدون ش ٍ‬ ‫وج ّ‬
‫في القرآن الكريم إذا لم تكن مدركًا بأصول هذا العلم وما يتعلق به أي ً‬
‫ضا‬
‫من التقديم والتأخير ومن اليجاز ومن الطناب وما شاكل ذلك من علوم‬
‫البلغة العربية‪ ،‬فإنك لن تصل إلى معرفة أسرار القرآن الكريم ومعرفة‬
‫حقيقة ما أمر الله به عّز وج ّ‬
‫ل‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪4‬‬
‫يقول ابن القيم رحمه الله تعالى‪" :‬وإنما يُعرف فضل من عرف كلم‬
‫العرب وعلم العربية وعرف علم البيان ونظر في أشعار العرب وخطبها‬
‫ومقالتها في مواطن افتخارها ورسائلها وأراجيزها وأسجاعها فعلم منها‬
‫تلوين الخطاب ومعدوله وفنون البلغة ودروب الفصاحة وأجناس التجنيس‬
‫وبدائع البديع ومحاسن الحكم والمثال ‪ ،‬فإذا علم ذلك في هذا الكتاب‬
‫العزيز ورأى ما أودعه الله سبحانه فيه من البلغة والفصاحة وفنون البيان‬
‫فقد أوتي فيه العجب العجاب"‪ ،‬هذه علقة تعلم اللغة العربية بمعرفة‬
‫أسرار كتاب الله عّز وج ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫ما‬‫أما علم التفسير فقد اشترطوا فيمن يتصدى لهذا العلم أن يكون عال ً‬
‫باللغة العربية وبكل فنونها‪ ،‬وأولها فن النحو‪ ،‬فإنه إذا لم يكن متقنًا لهذا‬
‫ما‪ ،‬لن بعض الكلم فيه‬ ‫مفسًرا تفسيًرا قوي ً‬ ‫العلم فإنه يبعد عليه أن يكون ُ‬
‫َّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شى الل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ل ﴿ إِن َّ َ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫تقديم وفيه تأخير‪ ،‬انظروا مثل إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫ماءُ ﴾ [فاطر‪ ،]28 :‬لو لم تعرف أن العلماء هنا يجب تأخيرها مع‬ ‫عبَادِهِ الْعُل َ َ‬
‫ِ‬
‫أنها فاعل لنها هي المحصورة‪ ،‬لو لم تعرف هذا لنقص عليك شيءٌ وأنت‬
‫تتصدى لتفسير كتاب الله عّز وج ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫نص أبو حيّان في كتابه البحر المحيط فيما يحتاج إليه علم التفسير من‬
‫علوم فقال‪" :‬النظر في كتاب الله تعالى يكون من وجوه‪ ،‬الوجه الول‪ :‬علم‬
‫ما وفعل وحرفًا‪ ،‬ويؤخذ ذلك من كتب اللغة‪ .‬الوجه الثاني‪ :‬معرفة‬ ‫اللغة اس ً‬
‫الحكام التي للغة العربية من جهة إفرادها ومن جهة تركيبها‪ ،‬ويؤخذ ذلك‬
‫من كتب النحو‪ .‬الوجه الثالث‪ :‬كون اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح‪ ،‬ويؤخذ‬
‫ذلك من علم البيان والبديع"‪ ،‬ثم ذكر أربعة أوجه أخرى تؤخذ من معرفة‬
‫أسباب النزول وأصول الفقه وعلم العقيدة وعلم القراءات‪ ،‬هذه أصول من‬
‫يريد التفسير‪ ،‬فإذ ًا لبد له أن يكون متقنًا لهذا العلم حتى يتصدى لهذا‬
‫العمل‪.‬‬
‫ما علقة هذا العلم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟ تعلمون يا‬
‫أيها الحباب أن الحديث هو المصدر الثاني للتشريع‪ ،‬ومعرفة أسراره‬
‫ومعانيه والمراد منه والحكام المستخلصة منه يتوقف على معرفة اللغة‬
‫ة‪ ،‬وبخاصة أمثلة السماء وأبنية الفعال‬ ‫العربية نحوًا وصرفًا ولغ ً‬
‫ة وبلغ ً‬
‫ضر‬‫وجهات العراب‪ ،‬وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ن َّ‬
‫ً‬
‫الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدَّاها كما سمعها‪ ،‬فرب حامل فقهٍ‬
‫ب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ) أو كما قال صلى الله‬ ‫غير فقيه‪ ،‬ور َّ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فإذا كان هذا كلم الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يُلزمنا‬
‫أن نعرف مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلمه حتى نبلغه كما‬
‫أراد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬هذه علقتنا بعلم الحديث‪.‬‬
‫أما علقتنا بعلم الفقه وأصوله‪ ،‬لشك أن المطلع على أصول الفقه‬
‫ة مدى هذه العلقة‪ ،‬وأن كثيًرا من أبواب أصول الفقه‬ ‫ة تام ً‬‫يعرف معرف ً‬
‫كأنك تدرسه في أبواب علم النحو‪ ،‬ل فرق بينهما في كثيرٍ من المور‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪5‬‬
‫ط وثيقٌ قويٌّ‪ ،‬ذلك‬ ‫أما علم العقيدة فارتباطها بعلوم اللغة العربية ارتبا ٌ‬
‫ل وبدون‬ ‫أن العقيدة الصحيحة إنما تؤخذ من الكتاب والسنة‪ ،‬وفهمها بتأوي ٍ‬
‫معتمد ٌ على معرفة اللغة العربية وعلومها المختلفة‪ ،‬وللسف الشديد‬ ‫تأويل ُ‬
‫فقد زاغ كثيٌر ممن زاغ عن العقيدة الصحيحة بسبب عدم الفهم الصحيح‬
‫للغة العربية‪ ،‬أو بسبب التأويل المنحرف عن القصد الحقيقي الصحيح‪،‬‬
‫فزاغوا وأزاغوا مع السف الشديد‪.‬‬
‫هذه أبرز علوم الدين السلمي ومدى علقتها باللغة العربية‪ ،‬وننتقل بعد‬
‫ذلك إلى معرفة بداية التأليف في هذا العلم‪.‬‬
‫اعلموا يا أيها الحباب أن هذا العلم –وهو علم النحو‪ -‬اختلف في من‬
‫كان له قصب السبق‪ ،‬وأكثر القوال وأقواها تقول إنه أبو السود الدؤلي‬
‫بناءً على أمرٍ من المام علي بن أبي طالب رضي الله عنه‪ ،‬ونحن هنا نقول‬
‫إن سبب تأليف هذا العلم إنما هو‪ -‬يا أيها الحباب‪ -‬توسع الفتوحات‬
‫السلمية ودخول العجم بين العرب واختلطهم بهم وفساد اللسنة بناءً‬
‫على هذا الختلط‪.‬‬
‫ويُروى في الكتب التي تؤلف لتاريخ النحو روايات كثيرة‪ ،‬تبين هذه‬
‫ث‬
‫الروايات انتشار اللحن قبيل المر بالتأليف في هذا العلم‪ ،‬ويُروى في حدي ٍ‬
‫ضعيف أن رجل لحن بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم –وهو إن لم‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لحن‬ ‫يكن موضوع ًا فهو ضعيف‪ ،-‬لك َّ‬
‫هذا الرجل بحضرته قال ( أرشدوا أخاكم فقد ضل )‪ ،‬وأنا كنت في بدايات‬
‫أول ما كنت أتحدث عن تاريخ النحو أذكر هذا الحديث حتى تبين لي أنه‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫على كل حال يُروى روايات أخرى عن صور من انتشار اللحن في‬
‫الكلم‪ ،‬منها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مّر على قوم ٍ يُسيئون‬
‫متعلمين‪ ،‬فقال رضي‬ ‫م ُ‬ ‫الرمي فقّرعهم وأنّبهم على ذلك‪ ،‬فقالوا له‪ :‬إنَّا قو ٌ‬
‫ي من خطئكم في رميكم‪.‬‬ ‫الله عنه‪ :‬والله لخطؤكم في لسانكم أشد عل ّ‬
‫كما طلب عمر من أحد ولته أن يُقنِّع كاتبه سوطًا‪ ،‬وهذا كتبه عمر بن‬
‫الخطاب إلى أبي موسى الشعري أن قنِّع كاتبك سوطًا‪ ،‬لم؟ لن أبا موسى‬
‫الشعري أمر كاتبه أن يكتب كتابًا لعمر بن الخطاب‪ ،‬فكتب في الكتاب "من‬
‫أبو موسى الشعري إلى عمر بن الخطاب"‪ ،‬فرد عليه عمر بن الخطاب‬
‫ما ضربت كاتبك سوطًا"‪ ،‬للحنه في قوله‬ ‫ت عليك ل َّ‬ ‫رضي الله عنه‪" :‬عزم ُ‬
‫"من أبو موسى الشعري"‪ ،‬والصور التي يذكرونها للحن كثيرة‪ ،‬وقبل قليل‬
‫ت لكم أن القول الصحيح والقوى في من بدأ التأليف في هذا النحو أنه‬ ‫ذكر ُ‬
‫هو أبو السود الدؤلي بإشارة من المام علي رضي الله عنه‪ ،‬ويُقال إن أبا‬
‫السود الدؤلي قدّم ورقة مكتوبة إلى علي بن أبي طالب كتب فيها تقسيم‬
‫مى‪،‬‬ ‫مس َّ‬
‫ل على ال ُ‬‫ل وحرف‪ ،‬ثم قال "السم ما د ّ‬ ‫الكلم إلى اسم ٍ وفع ٍِ‬
‫ُ‬
‫والفعل كذا‪ ،‬والحرف كذا"‪ ،‬فأعجب علي بن أبي طالب بهذا وقال‪" :‬ما‬
‫ت"‪ ،‬لذلك يقول بعضهم إن السبب في تسمية‬ ‫نحو َ‬
‫ْ‬ ‫أحسن هذا النحو الذي‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪6‬‬
‫هذا العلم بعلم النحو كلمة المام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما‬
‫قال "ما أحسن هذا النحو الذي نحوت"‪ ،‬والمقصود بكلمة نحو كما تعلمون‬
‫أو كما ربما يتبادر إلى الذهن‬
‫هو التجاه أو القصد‪.‬‬
‫أما الحديث عن خصائص اللغة العربية‪ ،‬فاللغة العربية في الحقيقة‬
‫اختصت بخصائص عديدة‪ ،‬ولها ميزات كثيرةٌ‪ ،‬ذكر بعضها المؤلفون‪ ،‬وأذكر‬
‫لكم بعض اليجاز عن هذه الخصائص التي اختصت بها لغة القرآن‪ ،‬يقول‬
‫المؤلفون إن من أعظم خصائص اللغة العربية سعة مادتها‪ ،‬وغنى حصيلتها‪،‬‬
‫ويدل على ذلك ما نُقل عن الخليل بن أحمد صاحب كتاب العين الذي ذكر‬
‫أن ما يمكن تكوينه بتركيب أحرف الهجاء وتقليب الكلم‪ ،‬لن كتاب العين‬
‫ي على تقاليب الكلم‪ ،‬كيف ذلك؟ يقول مثل كلمة‬ ‫للخليل بن أحمد مبن ٌّ‬
‫"علم" مكونة من ثلثة أحرف‪ ،‬العين واللم والميم‪ ،‬فيبدأ بمادة علم مثل‬
‫مى بكتاب العين لنه بدأه بحرف العين‪ ،‬فيقول‬ ‫مس َّ‬ ‫لنها بالعين‪ ،‬وكتابه ُ‬
‫يُعطيك معنى علم‪ ،‬ثم يُعطيك معنى "لمع"‪ ،‬ثم يُعطيك معنى "ملع" إذا كان‬
‫لها معنى‪ ،‬ثم هكذا يُقلب تقاليب الكلمة‪ ،‬يُنسب إليه أنه يقول إن عدد‬
‫التراكيب التي يمكن أن تكون من تقاليب الكلم بعضه إلى بعض في اللغة‬
‫العربية يربو على اثني عشر ألف ألف‪ ،‬هذا كلمهم‪ ،‬والمقصود الن اثني‬
‫ف‬
‫عشر مليون كلمة‪ ،‬طبعًا أكثر هذه التقاليب ل تُستعمل‪ ،‬وإنما يُستعمل آل ٌ‬
‫محدودة قد أحصاها بعضهم فقال إن المواد التي يمكن أن تُركب ل تزيد‬
‫على ثمانين ألف مادة‪.‬‬
‫الخاصية الثانية من خصائص هذه اللغة لغة القرآن الكريم‪ ،‬يذكر‬
‫المؤلفون أن اللغة العربية من خصائصها أنها لغة الفكر والثقافة والعقيدة‪،‬‬
‫ما أن‬‫ملز ً‬ ‫لما يزيد على ألف مليون من المسلمين‪ ،‬وإنك لترى كل مسلم ٍ ُ‬
‫يتحدث على القل في صلواته ودعواته وأذكاره باللغة العربية‪ ،‬تجد‬
‫المسلمين في شتَّى أنحاء العالم على القل لو لم يتحدَّثوا إل في صلواتهم‬
‫ما على‬ ‫باللغة العربية وفي قراءة فاتحة الكتاب‪ ،‬فهي هذه اللغة لغتهم إلزا ً‬
‫القل في صلواتهم‪ ،‬وتجد كثيًرا من المسلمين يقرأ أو يتعلم هذه اللغة لنها‬
‫لغة القرآن الكريم‪ ،‬ولتقوى علقته بهذا الكتاب وبسنة الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ثالث هذه الخصائص للغة العربية أنهم يصفونها بأنها لغة اشتقاق‪،‬‬
‫موادها كثيرة‪ ،‬ويمكن الشتقاق من كل مادة صيغًا كثيرة تفي بحاجة‬
‫العلوم ‪،‬وبحاجة المخترعات‪ ،‬وتؤدي المطلوب منها‪ ،‬وهذا الشتقاق كما‬
‫ما ل يوجد له نظير في كثرته وقبول كل مادة‬ ‫يذكر المؤرخون للغات عمو ً‬
‫منه في اللغات الخرى‪.‬‬
‫رابع هذه الخصائص تنوع أساليبها وعباراتها‪ ،‬فأنت تجد بعض اللفاظ‬
‫ظ مجازية‪ ،‬بعض اللفاظ فيها‬ ‫ظ حقيقية‪ ،‬بعض اللفاظ فيها ألفا ٌ‬ ‫فيها ألفا ٌ‬
‫ح بها‪ ،‬فأساليبها متعددة‪ ،‬ول‬ ‫مصَّر ٌ‬ ‫مكَنَّى بها‪ ،‬بعض اللفاظ فيها ألفا ٌ‬
‫ظ ُ‬ ‫ألفاظ ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪7‬‬
‫توجد هذه الخاصية في كثيرٍ من اللغات الخرى‪ ،‬ل أقول ل توجد في كل‬
‫اللغات‪ ،‬كثير من اللغات ل توجد فيها مثل هذه الخاصية‪.‬‬
‫خامس هذه الخصائص لهذه اللغة أنها أقرب لغات الدنيا إلى قواعد‬
‫المنطق‪ ،‬يعني تجد أن مخارج الحروف وتجد أن تركيب الحروف بعضها إلى‬
‫بعض أقرب إلى المنطق كما يقول الدارسون للغات‪ ،‬أنا ل أقول هذا الكلم‬
‫من عندي‪ ،‬ولكن الدارسين للغات نصوا على أن اللغة العربية أقرب إلى‬
‫قواعد المنطق من أي لغة أخرى‪ ،‬وعباراتها سليمة طيِّعة تطاوع من أراد أن‬
‫ن متعددة‪.‬‬
‫ة لمعا ٍ‬
‫يصوغ منها صيغًا مناسب ً‬
‫سادس هذه الخصائص كما ذكر الستاذ أنور الجندي في كتابه‬
‫"الفُصحى لغة القرآن" أنه توصل علم اللغات المقارن ‪-‬فيما نُقل عن‬
‫ما قياسيًّا في الكمال‪ ،‬وإنها‬ ‫الستاذ محمد أديب السلوي‪ -‬قال إنها بلغت رق ً‬
‫معبرة ٌ بطبيعتها عن العلوم المختلفة‪ ،‬هذا الكلم يقوله من يُقارن بين‬
‫اللغات ويوازن بينها‪.‬‬
‫ة للتصريف إل ما ندر‪ ،‬مما‬ ‫سابع هذه الخصائص أن جميع مفرداتها قابل ٌ‬
‫ندر كلمة "عسى" ما تتصرف‪ ،‬كلمة "ليس" ل تتصرف‪ ،‬كلمة "نعم" ل‬
‫ة‬‫ضا شئ عام الحروف كلها ل تتصرف‪ ،‬أما الفعال فهي قابل ٌ‬ ‫تتصرف‪ ،‬أي ً‬
‫للتصريف‪ ،‬بل إن الصل في التصريف للفعال‪ ،‬السماء كذلك يمكن أن‬
‫يكون السم مفردًا‪ ،‬يمكن أن يكون مثنى‪ ،‬يمكن أن يكون مجموع ًا‪ ،‬يمكن‬
‫أن يكون مصغًرا‪ ،‬يمكن أن يكون منسوبًا‪ ،‬وهكذا‪ .‬إذ ًا كل مفرداتها تقبل‬
‫التصريف إل ما ندر‪ ،‬وهذا في الحقيقة يعنيننا على أن نصوغ لكل شيءٍ ما‬
‫يخصه‪ ،‬متى ما أردنا إلى اسم الفاعل أتينا به‪ ،‬متى ما أردنا إلى اسم‬
‫ة‬
‫المفعول الذي وقع عليه الفعل أتينا به‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فهذه اللغة والمفردات قابل ٌ‬
‫للتصريف‪.‬‬
‫مى‬ ‫ن هذه الخصائص أنه نظًرا لسعتها وثرائها فإنه يوجد فيها ما يُس َّ‬ ‫ثام ُ‬
‫ظ متعددة‪ ،‬مثل يذكرون أن‬ ‫بالمترادفات‪ ،‬وهو تعبيٌر عن الشيء الواحد بألفا ٍ‬
‫للسيف عدد كبير من السماء‪ ،‬يذكرون للجمل كثير من السماء‪ ،‬هذا دلي ٌ‬
‫ل‬
‫على ثراء هذه اللغة‪ ،‬إذا كان المعنى الواحد يمكن أن يُعبَّر عنه بألفا ٍ‬
‫ظ‬
‫ل على ثراء هذه اللغة‪.‬‬ ‫متعددة‪ ،‬فإن هذا دلي ٌ‬
‫مى بالشتراك وهو أن يكون اللفظ الواحد يُطلق على‬ ‫يُقابل هذا ما يُس َّ‬
‫ن متعددة‪ ،‬على سبيل المثال كلمة العين‪ ،‬تطلق على العين الجارية‪،‬‬ ‫معا ٍ‬
‫تطلق على العين المبصرة‪ ،‬تُطلق على الجاسوس‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ولكن شيءٌ آخر ننبه عليه وهو أن بعضهم يقول ل يوجد ترادف ل في‬
‫ظ له‬‫اللغة ول في القرآن ول في الشعر ول في غيره‪ ،‬لم؟ قالوا كل لف ٍ‬
‫معنًى خاص به‪ ،‬فمثل إذا قلت إن السيف يُطلق عليه اسم الفيصل‪ ،‬قال‬
‫ما‪ ،‬يقول ل‪ ،‬هذا ل‬ ‫لنه يفصل في القضايا لقوة من يستعمله‪ ،‬يُسمى حسا ً‬
‫مهند‪ ،‬ل يُسمى مهندًا إل إذا كان‬ ‫ما إل إذا كان له كذا وكذا‪ُ ،‬‬ ‫يُسمى حسا ً‬
‫منسوبًا إلى الهند‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فإذ ًا بعضهم ينفي وجود الترادف في اللغة‪،‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪8‬‬
‫ص بالمعنى الذي أُطلق‬ ‫ظ خا ٌ‬ ‫ف في اللغة وإنما كل لف ٍ‬ ‫ويقول ل يوجد تراد ٌ‬
‫عليه‪ ،‬فهذا هو ثامن خصائص هذه اللغة‪.‬‬
‫ضا أنها ل توجد في غيرها ما‬ ‫من خصائصها التي يذكرها المؤرخون أي ً‬
‫ظ قليلة‪ ،‬ويقول بعضهم حينما‬ ‫مى باليجاز‪ ،‬المعنى الكبير تؤديه بألفا ٍ‬ ‫يُس َّ‬
‫ة جدًا ثم اعتذر‬ ‫َّ‬
‫مطول ً‬ ‫ة‬
‫عّرف البلغة‪ :‬البلغة هي اليجاز‪ ،‬وكتب بعضهم رسال ً‬
‫في آخرها فقال‪ :‬يؤسفني يا أخي أنه ليس عندي وقت لليجاز‪ ،‬معنى هذا‬
‫أن اليجاز أصعب من الطناب‪ ،‬وهذه خاصية اختصت بها هذه اللغة‪.‬‬
‫من خصائصها وهي الخاصية العاشرة أن مفرداتها غنية جدًا ويمكن‬
‫زيادتها عن طريق الشتقاق والتوليد إلى ما ل نهاية‪ ،‬مثل نأخذ الجذر‬
‫َ‬
‫م" –اختلفت الصيغة بمجرد زيادة حرف‪-‬‬ ‫سل ّ َ‬
‫م معناها نجى‪ ،‬و" َ‬ ‫سل ِ َ‬
‫م"‪َ ،‬‬ ‫سل ِ َ‬‫" َ‬
‫معناها ألقى التحية‪ ،‬و"سالم" دخل في السلم‪ ،‬و"أسلم" انقاد‪ ،‬و"السلم"‬
‫َ‬
‫م" أخذ شيئًا‪ ،‬و"استلم" لمس الحجر السود بالشفة أو‬ ‫سل ّ َ‬‫الخضوع لله‪ ،‬و"ت َ َ‬
‫مسالم" وإلى آخره‪ ،‬صيغٌ كثيرة ٌ وكل‬ ‫متسل ِّم" و" ُ‬ ‫مسلم" و" ُ‬ ‫باليد‪ ،‬وهناك " ُ‬
‫صيغة لها معنى جديد‪.‬‬
‫ضا أن بعض صيغها ل يمكن التعبير عنه باللغات الخرى‬ ‫من الخصائص أي ً‬
‫كما يقول المؤرخون للغات‪ ،‬يقولون صيغة "تفاعل" و"انفعل" و"افتعل"‬
‫و"استفعل" هذه الصيغ ليست موجودة ً في اللغات الخرى‪ ،‬وإنما لبد أن‬
‫يؤتى بكلمتين أو بثلث كلمات حتى يؤدى معنى التفاعل أو التفعل أو‬
‫ضا مؤرخو اللغة‪ ،‬ونحن‬ ‫النفعال أوالستفعال أو ما شاكل ذلك كما يقول أي ً‬
‫نبرأ إلى الله إذا كان هذا الكلم غير صحيح‪.‬‬
‫ضا أنه لم يدخل في اللغة العربية من اللغات الخرى‬ ‫من الخصائص أي ً‬
‫إل ألفاظ قليلة محدودة‪ ،‬هذا طبعًا عند بداية التأليف في علوم اللغة‪ ،‬ل َّ‬
‫ما‬
‫نقلوا العلوم الخرى لم يحتاجوا إلى أن ينقلوها بالغات التي نُقلت منها مثل‬
‫علم الطب وعلم الفلسفة وعلم الفلك وما شاكل ذلك‪ ،‬لم ينقلوها بألفاظ‬
‫َ‬
‫الذين ألّفوا بها‪ ،‬ولكنهم استغنوا بمادة هذه اللغة فأل ّفوا بها الكتب‪ ،‬ولم‬
‫ة محدودة‪.‬‬ ‫ظ قليل ٌ‬ ‫يدخل إل ألفا ٌ‬
‫ف وخمسمائة‬ ‫أبرز خصائص هذه اللغة أن أبناءها المتحدثين بها بعد أل ٍ‬
‫سنة أو أكثر ل يزالون يفهمون ما كُتب بها منذ مئات السنين‪ ،‬في حين أن‬
‫اللغات الخرى يكاد يستحيل أن يقرأ غير المتخصصين ما كُتب بها بعد بضع‬
‫ت من السنين‪ ،‬وهذه الحقيقة ل ينكرها أحد ٌ من أصحاب اللغات الخرى‪،‬‬ ‫مئا ٍ‬
‫حفظت بحفظ كتاب الله‬ ‫والسبب في هذا يا أيها الحباب هو أن هذه اللغة ُ‬
‫ن‬
‫ح ُ‬‫ل‪ ،‬يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ أنَّا ن َ ْ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ [الحجر‪ ،]9 :‬هذه اللغة لغة دين‪ ،‬ولغة كتاب‪،‬‬ ‫حافِظُو َ‬ ‫ه لَ َ‬‫نََّزلْنَا الذِّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ‬
‫ل‪ ،‬والله‬ ‫والمحافظة عليها تؤجر عليها إذا قصدت بها خدمة كتاب الله عّز وج ّ‬
‫حفظت هذه اللغة‪ ،‬ولذلك تجد كثيًرا‬ ‫سبحانه وتعالى تكفّل بحفظ كتابه ف ُ‬
‫ل أو الهجوم على الدين السلمي‬ ‫ممن يريد الهجوم على كتاب الله عّز وج ّ‬
‫ة ممن في قلوبهم زيغ‪،‬‬ ‫ما يستطيع أن يهاجم مباشرة ً على كتاب الله خاص ً‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪9‬‬
‫ولكنه يأتي إلى اللغة فيهجم عليها بغرض أن يتوصل من هجومه هذا إلى‬
‫ل‪ ،‬فيدعو إلى الكتابة مثل بالحرف اللتينية‪،‬‬ ‫الهجوم على كتاب الله عّز وج ّ‬
‫يدعو إلى العامية‪ ،‬وما شاكل ذلك‪ ،‬فل يستطيع أن يهجم مباشرة ً على كتاب‬
‫ل بهجومه‬ ‫ل‪ ،‬أو يتخفى من وراء هجومه على كتاب الله عّز وج ّ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫على اللغة العربية لغة القرآن الكريم‪ ،‬وهذا الجانب في الحقيقة تصدى له‬
‫ل أن يجعل على أيديهم الخير فدافعوا‪ ،‬والحمد‬ ‫كثيٌر ممن أراد الله عّز وج ّ‬
‫لله رب العالمين أن كل الدعوات ما تلبث أن تضمحل وتنصرف عن ذلك‪.‬‬
‫ضا خاصية أخرى وهي خاصية التوليد والشتقاق‪،‬‬ ‫من خصائص اللغة أي ً‬
‫فيبقى معك بعض الحرف ثم تولد مادة ً أخرى‪ ،‬وتصوغ منها مواد أخرى‬
‫ج‬‫محتا ٌ‬‫ت جديدة أنت ُ‬ ‫ظ جديدة لمسميا ٍ‬ ‫حتى تصل إلى مرادك للمجيء بألفا ٍ‬
‫إليها‪.‬‬
‫هذه أبرز الخصائص التي تتعلق باللغة العربية‪.‬‬
‫ونقف عند هذا الحد في هذا اليوم‪ ،‬ونستمع إن كان لديكم أسئلة متعلقة‬
‫بهذه المقدمة‪ ،‬وفي حلقتنا القادمة إن شاء الله تعالى سنبدأ في شرح‬
‫الجرومية‪ ،‬وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد‪.‬‬
‫أتلقى منكم السئلة إذا كان لديكم سؤال أو أنا أسألكم إذا كنتم‬
‫مستعدين لذلك‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫أحسن الله إليكم يا شيخ‪ ،‬حضرتك قلت في أول الكلم أن هذه اللغة‬
‫ن لهميتها في فهم هذا الدين‪.‬‬ ‫ليست فرض كفاية‪ ،‬فهي فرض عي ٌ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيك يا أخي وجزاك خيًرا‪ ،‬هذا سبق لسان‪ ،‬لعله إذا قام‬
‫بأصولها وما تحتاج إليه من يكفي فلعله يسقط الثم عن الباقين‪ ،‬ول‬
‫أستطيع أن أحكم بأنها فرض عين على كل مسلم وإل ألزمنا كل المسلمين‬
‫ن مني‪ ،‬جزاك الله خيًرا على‬ ‫بما ل يستطيعون‪ ،‬فربما كان هذا سبق لسا ٍ‬
‫هذا التنبيه‪ .‬ولكن هذه اللغة فعل أقل ما يُقال إن تعلمها من فروض الكفاية‪،‬‬
‫إذا لم يقم به من يكفي فإنه سيأثم الجميع‪ ،‬والحمد لله أنه على مر الزمن‬
‫يوجد من يقوم بأمر هذه اللغة ومن يعتني بها‪ ،‬والحمد لله أول وآخًرا‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫من ترون أنه هو أول من بدأ في التأليف في علم النحو؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫ذ ُكر في أول من ألف في النحو عدة أقوال‪ ،‬وأقواها كما ذكرتم أبو‬
‫السود الدؤلي بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫هل تعرفون أشخاص آخرين غير علي بن أبي طالب وأبو السود الدؤلي‬
‫يمكن أن ينسب إليه هذا العلم؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪10‬‬
‫نُسب هذا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬لكنه ل يوجد له سند‪.‬‬
‫سأل الشيخ الطالب الذي أجاب‪:‬‬
‫يعني هل نُسب إليه أنه بدأ في التأليف هو؟‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫ل‪ ،‬هو أول من أمر‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫أما هذا فعل‪ ،‬يُنسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر‬
‫بالتأليف في علم اللغة‪ ،‬بل إنه تذكر رواية أن أعرابيًّا دخل المدينة في عهد‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسمع القارئ يقرأ قول الله عّز وج ّ‬
‫ل﴿‬
‫َْ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ه بَرِيءٌ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ج الكبَرِ أ ّ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫س يَوْ َ‬ ‫ِ‬ ‫سولِهِ إِلَى النَّا‬‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫وَأذ َا ٌ‬
‫ه بَرِيءٌ‬ ‫ه ﴾ [التوبة‪ ،]3 :‬كان هذا القارئ يقرؤها "أ َ َّ‬
‫ن الل َ‬ ‫سول ُ ُ‬‫ن وََر ُ‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ُ‬
‫ي‪ :‬وأنا أبرأ مما بريء الله منه‪ ،‬فأخذ‬ ‫سولِهِ" فقال العراب ُّ‬ ‫ن وََر ُ‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِّ‬
‫العرابي إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬فلما سأله قال‪ :‬إني‬
‫سمعت كذا وكذا‪ ،‬فأمر عمر رضي الله عنه أل يُعلم القرآن إل من عنده‬
‫ة باللغة العربية وبما يُحيل المعنى أو يقلب المعنى‪ ،‬وأنتم ترون في‬ ‫معرف ٌ‬
‫مثل هذا أنه قلب الله‪ ،‬يعني أن الله تبارك وتعالى يتبرأ من المشركين‬
‫ويتبرأ من رسوله‪ ،‬وهذا لم يحصل‪ ،‬وإنما‬
‫َ َ َ‬
‫سول ُ ُ‬
‫ه ﴾ أي‬ ‫ن وََر ُ‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫ه بَرِيءٌ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫الموجود في القرآن الكريم ﴿ أ ّ‬
‫ضا بريءٌ من المشركين‪.‬‬ ‫ورسوله أي ً‬
‫ضا إن عمر بن الخطاب أول من أمر بالتأليف في النحو‪ ،‬ويُقال‬ ‫يُقال أي ً‬
‫ضا إنه علي ابن أبي طالب‪ ،‬ويُقال إن أبا السود الدؤلي من نفسه‪ ،‬ويُقال‬ ‫أي ً‬
‫ن السماءِ‪،‬‬ ‫إن أبا السود الدؤلي كان مع ابنته فسمعها تقول‪ :‬يا أبت ما أحس ُ‬
‫فقال لها‪ :‬نجومها‪ ،‬قالت‪ :‬يا أبت أنا ل أسأل وإنما أتعجب‪ ،‬قال‪ :‬إذ ًا فافتحي‬
‫ن السماءَ‪ ،‬ولعل هذا من الشياء التي دعت أبا السود‬ ‫ك وقولي‪ :‬ما أحس َ‬ ‫فا ِ‬
‫الدؤلي‪ ،‬وفيه قصص كثيرة تُذكر في سبب تأليف هذا العلم‪.‬‬
‫أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على‬
‫نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحابته أجمعين‪ ،‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪11‬‬

‫الدرس الثاني‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪ .‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫ت في الحلقة‬ ‫ل‪ ،‬كنت وعد ُ‬ ‫نبدأ في هذه الحلقة مستعينين بالله عّز وج ّ‬
‫ت‪،‬‬
‫الماضية أن نتحدث في أطوار التأليف في هذا النحو‪ ،‬ولكني نسي ُ‬
‫فنتحدث بإيجاز في بداية هذه الحلقة عنه أطوار التأليف في هذا العلم‪ ،‬ثم‬
‫ننتقل بعده بإذن الله تعالى إلى شرح ما تيسر من المقدمة الجرومية‪.‬‬
‫أطوار التأليف في هذا العلم تبدأ من بداية عصر أبي السود الدؤلي‪،‬‬
‫ويُقسمونها أربعة أقسام‪:‬‬
‫الطور الول‪ :‬هو طور الوضع والتكوين‪.‬‬
‫الطور الثاني‪ :‬هو طور النشأة والنمو‪.‬‬
‫الطور الثالث‪ :‬هو طور النضج والكمال‪.‬‬
‫الطور الرابع‪ :‬هو طور البسط والتوسع في التأليف‪ ،‬البسط في هذا‬
‫العلم وشرحه‪ ،‬وذكر التفاصيل الموجودة فيه‪ ،‬هذا هو آخر الطوار المعتد‬
‫بها في التأليف‪.‬‬
‫وإل ل يزال إلى الن يؤلف في هذا العلم‪ ،‬صحيح أنه الن ل يوجد قواعد‬
‫جديدة يؤلفها الناس‪،‬‬
‫لكنهم يوازنون بين ما مضى من قواعد وما مضى من تأليفات‪ ،‬ويرجحون‬
‫بعض القوال بوجود‬
‫أدلة جديدة أو نحو ذلك‪.‬‬
‫نتحدث عن هذه الطوار تحدثًا يسيًرا وسريعًا إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ص‪ ،‬ويبدأ من‬‫أما الطور الول فهو طور الوضع والتكوين وهو بصريٌ خال ٌ‬
‫أول عصر أبي السود الدؤلي وينتهي بأول عصر الخليل بن أحمد‬
‫الفراهيدي‪ ،‬أي ما يقارب قرنًا من الزمان‪ ،‬لم يكن للنحويين الكوفيين في‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪12‬‬
‫هذا الوقت شروع ٌ في التأليف في هذا العلم‪ ،‬وإنما كان المؤلفون كلهم من‬
‫البصرة‪ ،‬وأما الكوفيون فقد نفعونا نفعًا كبيًرا في هذا الوقت‪ ،‬وهو أنهم‬
‫كانوا يجمعون كلم العرب‪ ،‬صحيح أنهم جمعوا أحيانًا الغث مع السمين‪،‬‬
‫لكنهم تفرغوا في هذا الوقت كله إلى جمع كلم العرب من أماكن متعددة‬
‫من القبائل العربية‪ ،‬وأخطئوا خطأ ً يسيًرا في أنهم اعتمدوا على بعض‬
‫القبائل التي اختلطت بالعاجم أو التي كانت في أطراف الجزيرة العربية‪،‬‬
‫لكن الغالب في ما جمعوه في الفترة الولى حينما كانوا مشغولين بجمع‬
‫الخبار والشعار الغالب فيه أنه يمكن أن يُعتد به ويُبنى عليه القواعد‬
‫الصحيحة السليمة‪ .‬هذا هو الطور الول‪ ،‬قلنا طوٌر بصريٌّ يبدأ من عصر أبي‬
‫السود‪ ،‬وينتهي بأول عصر الخليل‪.‬‬
‫ويقسمون هذا الطور الول طبقتين‪:‬‬
‫س ممن قيل إنهم هم الذين بدؤوا في‬ ‫ُ‬
‫الطبقة الولى‪ :‬من أبرزهم أنا ٌ‬
‫التأليف في النحو‪ ،‬وأبرزهم أربعة‪ ،‬ويُقال يُنسب إلى كل واحد ٍ منهم أنه هو‬
‫الذي بدأ في التأليف في علم النحو‪ .‬واحد اسمه عنبسة بن معدان الفيل‪،‬‬
‫الثاني اسمه نصر بن عاصم‪ ،‬والحقيقة أنه الذي قام بضبط المصحف‬
‫بالحركات‪ ،‬ولكنه ليس هو المؤلف أو البادئ الحقيقي لهذا العلم‪ ،‬الثالث‬
‫عبد الرحمن بن هُرمز‪ ،‬الرابع يحيى بن يعمر‪ .‬هذه هي الطبقة الولى‪ ،‬وكثير‬
‫من الناس يقولون إن هؤلء الربعة هم الذي بدؤوا التأليف في هذا العلم‪.‬‬
‫الطبقة الثانية من الطور الول‪ :‬أبرز علمائها عبد الله بن أبي إسحاق‬
‫الحضرمي‪ ،‬وعيسى ابن عمر‪ ،‬وأبو عمرو بن العلء‪ ،‬وكلهم لم يصل إلينا‬
‫شيءٌ من مؤلفاتهم‪ ،‬وإن كان يُنسب إلى أبي عمرو بن العلء كتاب في‬
‫القراءات‪ ،‬وهو واحد ٌ من القراء السبعة كما تعلمون‪ ،‬ويُنسب إلى عبد الله‬
‫بن أبي إسحاق الحضرمي كتاب أسماءه "الهمز"‪ ،‬يعني تصريفات الهمزة‪،‬‬
‫ويُنسب إلى عيسى بن عمر كتابان‪ ،‬واحد اسمه الجامع‪ ،‬وواحد اسمه‬
‫الكمال‪ ،‬وقد عنهما الخليل بيتين من الشعر‪:‬‬
‫غير ما ألف‬ ‫ذهب النحو جميعًا كله‬
‫عيسى بن عمر‬
‫فهما للناس‬ ‫ل وهذا جامع‬ ‫ذاك إكما ٌ‬
‫س وقمر‬
‫شمـــ ٌ‬
‫على كل حال هذا هو الطور الول‪ ،‬وللسف لم يصلنا ـ فيما أعلم ـ من‬
‫كتب هذا الطور شيءٌ‪.‬‬
‫الطور الثاني‪ :‬وهو طور النشأة والنمو‪ ،‬هذا بدأ الكوفيين فيه يشاركون‬
‫البصريين في التأليف‪ ،‬وكانوا في بداية هذا العصر ل توجد بينهم مناقشات‬
‫ض‪ ،‬ويتعلم‬‫ول محاورات ول شيءٌ‪ ،‬يعني كانوا إخوانًا يتعلم بعضهم من بع ٍ‬
‫الكوفيون من البصريين الوائل‪.‬‬
‫وهذا الطور يبدأ بالنسبة للبصرة بعصر الخليل بن أحمد‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للكوفة يبدأ بأبي جعفر الرؤاسي‪ ،‬وينتهي بالنسبة للبصرة إلى عصر‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪13‬‬
‫المازني‪ ،‬ويبدأ بالنسبة للكوفة من أبي جعفر الرؤاسي إلى ابن السكيت‪،‬‬
‫في هذا الطور اشتركت المدرستان في التأليف‪ ،‬واشتركوا في بدايات‬
‫يقو‪ ،‬لنهم ل يزالون إلى الن ـ أعني‬ ‫َ‬ ‫الحوار والنقاش فيما بينهما‪ ،‬لكنه لم‬
‫الكوفييّن ـ يعترفون بأساتذتهم ويقدرونهم لنهم أخذوا علمهم في النحو في‬
‫بداية المر عن البصريين‪ .‬هذا هو الطور الثاني‪.‬‬
‫ضا بصريٌ كوف ٌّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫أما الطور الثالث فهو طور النضج والكمال‪ ،‬وهو أي ً‬
‫متوفّى سنة ‪286‬هـ‪ ،‬أما‬ ‫َ‬
‫ويبدأ بالنسبة للبصرة من المازني وينتهي بالمبرد‪ ،‬ال ُ‬
‫بالنسبة للكوفة فإنه يبدأ بعصر ابن السكيت وينتهي بعصر ثعلب أبي‬
‫العباس‪ .‬وبالمناسبة يا إخوان‪ ،‬يوجد عندنا شخصية مشهورة في الكوفة‬
‫ضا في البصرة اسمها أبو العباس‪،‬‬ ‫اسمها أبو العباس‪ ،‬وشخصية مشهورة أي ً‬
‫فإذا أُطلق اسم أبو العباس في البصرة فهو المبرد‪ ،‬وإذا أطلق اسم أبو‬
‫ُ‬
‫ضا شخصيتان متشابهتان‪،‬‬ ‫العباس في الكوفة فهو ثعلب‪ .‬يوجد عندنا أي ً‬
‫إحداهما بصرية‬
‫والثانية كوفية‪ ،‬البصري هو أبو عمرو بن العلء‪ ،‬الكوفي هو أبو عمرو‬
‫الشيباني‪ ،‬هذه‬
‫على الهامش‪.‬‬
‫المهم أنه في هذا العصر بدأت المدرستان يقوى عودهما‪ ،‬وبدأ التأليف‬
‫ضا انفصال الصرف عن النحو‪ ،‬وانفصال ما يتعلق‬ ‫على أشده‪ ،‬وبدأ أي ً‬
‫ُ‬
‫بالخبار والشعار في كتب أخرى‪ ،‬يعني بدأ النحو يستقل بالتأليف فيه‪ ،‬وبدأ‬
‫م جدًا وهو النقاش والحوار بين‬ ‫الصرف يستقل بالتأليف فيه‪ ،‬وبدأ شيءٌ مه ٌ‬
‫ل يرغب أن يكون هو المقدم‪ ،‬ففي هذا‬ ‫المدرستين‪ ،‬والتنافس الشديد‪ ،‬ك ٌ‬
‫العصر وهو طوٌر استوى فيه النحو وقام على سوقه وانفصل النحو عن‬
‫ب مستقلة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ضا ما يتعلق بالخبار والشعار فألفت لها كت ٌ‬ ‫الصرف وانفصل أي ً‬
‫ولم تعد‬
‫تدخل في مؤلفات النحويين هنا أو هناك‪.‬‬
‫الطور الرابع‪ :‬هو ما يُسمى بطور الترجيح والبسط في التأليف‪ ،‬أيها‬
‫الحباب إن عاصمة الخلفة انتقلت إلى بغداد‪ ،‬واتجه العلماء وغير العلماء‬
‫إلى بغداد‪ ،‬فأصبح من يُشار إليهم بالبنان في هذه العاصمة عاصمة الخلفة‬
‫السلمية في بغداد‪ ،‬وليس كل هذا العصر وهو عصر البسط في التأليف‬
‫والترجيح بغداديٌّ‪ ،‬بل هو يمتد إلى ثلثة قرون أو أكثر‪ ،‬وصار يشمل مناطق‬
‫متعددة‪ ،‬فصار موجودًا في بغداد‪ ،‬وفي الشام‪ ،‬وفي مصر‪ ،‬وفي الندلس‪،‬‬
‫طبعًا نحن نتحدث عن التأليف في هذا العلم‪ ،‬وصار المؤلفون هنا ل يأتون‬
‫بقواعد جديدة كثيرة اعتمادًا منهم على القواعد السابقة‪،‬لن القواعد‬
‫حفظ‬ ‫ل أول‪ ،‬ما ع ُرف ما ُ‬ ‫سمع من كلم الله عّز وج ّ‬ ‫ة على ما ُ‬ ‫السابقة مبني ّ ٌ‬
‫من كتاب الله على ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن‬
‫كان بعضهم يتردد في الستشهاد بالحديث نظًرا لجازة روايته المعنى‪ ،‬مع‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪14‬‬
‫أننا نرى أن الستشهاد بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ل‬
‫يُقدم عليه شيءٌ إل القرآن الكريم‪.‬‬
‫لكن يجب أن يكون ثابتًا أن هذا كلم الرسول صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫حتى لو قالوا إن من الشياء التي يمكن أن يرد بها الستشهاد بالحديث أن‬
‫دخول العاجم في سند الحديث ربما كان سببًا فيمكن أن يُجاب على كل‬
‫النقاط الذي ذكرت‪ ،‬هم ذكروا أربع نقاط رئيسية في سبب عدم الستشهاد‬
‫بالحديث‪:‬‬
‫ل عندهم‪.‬‬ ‫أولها‪ :‬إجازة روايتها بالمعنى‪ ،‬وهذا أقوى دلي ٌ‬
‫الثاني‪ :‬دخول العاجم في سنده‪ ،‬يعني في سند الحديث‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬دخول ما يُسمى بالدراج‪ ،‬يعني أل يكون من كلم النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وإنما يكون من كلم الراوي الذي روى عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪ :‬وجود أحاديث موضوعة وضعيفة‪ ،‬فيقولون هذه الحاديث‬
‫الموضوعة ل يمكن أن نستشهد بها لنها ليست من كلم النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫والجواب عن الول وهو الستشهاد بالحديث إذا كان مرويًّا بالمعنى‪،‬‬
‫نقول لهم إنهم اشترطوا في صحة رواية الحديث بالمعنى أن يكون هذا‬
‫ما لما يحيل المعنى ولما يُمكن أن يُغي ِّر في‬ ‫ما بأصول اللغة‪ ،‬فاه ً‬
‫الراوي عال ً‬
‫المعنى المراد‪ ،‬فإذا كان ذلك كذلك فإنهم أجازا رواية الحديث المعنى‪ ،‬وإل‬
‫فل‪.‬‬
‫الثاني وهو دخول العاجم في سند الحديث‪ ،‬هذا يمكن أن يجاب عنه يا‬
‫أيها الحباب بأن هؤلء العاجم سيكونون أحرص من أهل العربية نفسها‬
‫على تأدية لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصهخوفًا من الوقوع في‬
‫حديث الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬الحديث ُروي عن رسول الله صلى‬
‫مدًا فليتبوَّأ مقعده من النار )‪ ،‬هذا ل‬
‫متع ِّ‬‫ي ُ‬‫الله عليه وسلم ( من كذب عل َّ‬
‫يمكن إلى أن يحرف في الكلم خوفًا من أن ل يكون هو المعنى المراد‬
‫الذي أراده صلى الله عليه وسلم فسيؤدي حديث رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم بنصه وفصه‪.‬‬
‫أما دخول الدراج‪ ،‬فنقول من المدرج؟ المدرج إما صحابي وإما تابعي‪،‬‬
‫وهؤلء ممن تقولون إنه يُحتج بكلمهم‪ ،‬لنفرض أن هذا المدرج لم يتبين لنا‬
‫هل هو من نص الحديث أم من المدرج‪ ،‬فنقول‪ :‬المدرج هذا إنما هو‬
‫ي‪ ،‬وأنتم تعتدون بقوله‪ ،‬لنه في الوقت الذي ل زلتم تعتدون به‪ ،‬وإما‬ ‫صحاب ٌّ‬
‫أن يكون تابعيًّا‪ ،‬وكذلك أنتم تعتدون به‪ ،‬لنهم حدّدوا إلى حدود مائة‬
‫وخمسين من الهجرة في الحاضرة‪ ،‬وإلى حدود مائتان وخمسين من الهجرة‬
‫في البادية‪ ،‬هؤلء يُستشهد بكلمهم‪.‬‬
‫أما الدليل الرابع فهذا سهل الرد عليه جدًا وهو الحاديث الضعيفة‬
‫والموضوعة‪ ،‬نقول لهم إذا كان حديثًا موضوع ًا فنحن معكم ل نقبله لنه‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪15‬‬
‫ليس حديثًا‪ ،‬مادام موضوع ًا فليس من كلم رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فنحن ل نحتج به‪ ،‬وكذلك الضعيف بقدر المكان نتوقى أن نستشهد‬
‫به؛ لنه قد يكون ليس حديثًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫نعود لموضوعنا‪ ،‬أقول اعتمد النحويون في التأليف على القرآن الكريم‪،‬‬
‫حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬الشعر‪ ،‬وقد حددت لكم المدة‬
‫التي يستشهدون فيها‪ ،‬وهي حدود مائة وخمسين من الهجرة في الحاضرة‪،‬‬
‫عظيم‬
‫ٍ‬ ‫ل‬
‫ضا اعتمدوا على أص ٍ‬ ‫ومائتين وخمسين من الهجرة في البادية‪ ،‬وأي ً‬
‫سمع‪ ،‬فإذا ورد شيء قد‬ ‫جدًا يُسمى بالقياس‪ ،‬يقيسون ما لم يُسمع على ما ُ‬
‫قاله من يُحتج بكلمه فإننا نقيس عليه ما يُشبهه من الساليب الخرى‪،‬‬
‫فهذه الصول التي اعتمدوا عليها في التأليف‪.‬‬
‫أقول مرة أخيرة الطور الرابع هو طور الترجيح والبسط في التأليف‪،‬‬
‫وهو بغدادي شامي‬
‫مصري أندلسي‪ ،‬وقد كانت مهمة الناس في حينه هو النظر في المسائل‬
‫والترجيح فيما بينها وتقوية الدلة‪ ،‬أو سرد الدلة إن كانت موجودة من قبل‬
‫أو ترجيح بعضها على بعض أو زيادة أدلة مما جد فيما بعد مما لم يطلع عليه‬
‫السابقون‪ ،‬وهذا يعني كنا نريد أن تكون مختصرة موجزة ولكنها طال الكلم‬
‫بنا فيها فنبدأ بعون الله تعالى الن في النظر في كتاب الجرومية‪.‬‬
‫الجرومية أول ً هذا العنوان‪ ،‬سمة لكتاب اسمه المقدمة الجرومية‪ ،‬أو‬
‫مقدمة في النحو لبن آجروم ومؤلفه هو محمد بن محمد بن داود‬
‫الصنهاجي أبو عبد الله المشهور بابن آجروم‪ ،‬ومعناه يقولون بلغة البربر‬
‫الفقير الصوفي‪ ،‬هذا معناه معنى كلمة آجروم بلغة البربر والمؤلف رحمه‬
‫الله تعالى ألف لنا هذه المقدمة وتتابع الناس على شرحها‪ ،‬ونحن بإذن الله‬
‫تعالى سنبدأ في شرحها مستعينين بعونه تعالى‪ ،‬وهذا الكتاب في الحقيقة‬
‫كما ذكرت لكم قبل قليل أو كما ذكرت في الحلقة الماضية أنه قد تتابع‬
‫الناس على شرحه وأذكر لكم بعض الشروح الن التي ذكرها حاجي خليفة‬
‫في كتابة كشف الظنون في أسماء الكتب والفنون‪.‬‬
‫قال من الشروح التي ذكرها شرح ابن أبي إسحاق‪ ،‬شرح أبي إسحاق‬
‫إبراهيم بن محمد المعروف ببرهان الدين المتوفى سنة تسعمائة وستة‬
‫عشر‪ ،‬وشرح حسن بن حسين الطولوني المتوفى سنة ثمانمائة وستة‬
‫وثلثين وشرح محمد بن محمد المالكي المعروف بالراعي الندلسي‬
‫المتوفى سنة ثمانمائة وثلثة وخمسين وسماه المستقل بالمفهومية في‬
‫شرح ألفاظ الجرومية وشرحها أيضا الشيخ خالد بن عبد الله الزهري‬
‫المتوفى سنة تسعمائة‬
‫وخمسة وله كتاب في إعرابها وعلى شرح الشيخ خالد الزهري حاشية‬
‫للعلمة أبي بكر بن إسماعيل الشنواني المتوفى سنة ألف وتسعة عشر‪،‬‬
‫وللشنواني شرح مطول للجرومية قال عنه حاجي خليفة‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪16‬‬
‫جمع فيه نفائس القوال‪ ،‬ول يزال الناس إلى الن يتتالون ويتتابعون في‬
‫دروس خاصة وفى دروس عامة وفى تأليف لشرح هذه المقدمة وذلك لنها‬
‫امتازت بوجزتها ووفائها بمعظم أبواب النحو‪ ،‬يعني يأتي بكلم موجز غير‬
‫مخل‪ ،‬وفى الوقت نفسه يستوفي الحديث عن جميع البواب أو عن معظم‬
‫البواب إذ لم نقل عن جميعها وسيتبن ذلك إن شاء الله تعالى‪ ،‬ومن آخر ما‬
‫أعلمه أُلف من شروحها كتاب حاشية‬
‫الجرومية للشيخ عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم المتوفى سنة ثلثمائة‬
‫واثنين وتسعين من الهجرة ومن أوسع الشروح التي اطلعت عليها مقدمة‬
‫شرح الشيخ أحمد بن على الرملي المتوفي سنة تسعمائة وواحد وسبعين‪،‬‬
‫وقد حققه الدكتور على بن موسى الشوملى وعدد صفحاته مائتان وسبعون‬
‫صفحة غير الفهارس وللستاذ محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬شرح عنوانه‬
‫التحفة السنية بشرح المقدمة الجرومية عدد صفحاتها مائة وثمانية‬
‫وعشرون‪ ،‬وهذا الشرح شرح قيم وشرح طيب وشرح يمتاز بالتمثيل‬
‫وبالسهولة واليسر‪ ،‬هذه حقيقة الشرح شرح الرملي أكبر وأوسع ومستوفى‬
‫وشرح الشيخ أو الستاذ محمد محي الدين عبدالحميد شرح وافي إلى حد‬
‫ما‪ ،‬وعدد صفحاته كما قلت لكم مائة وثمانية وعشرون صفحة وهذا يعني‬
‫آخر ما يمكن أن يقال بالنسبة للشروح‬
‫ل كما بدأ المصنف أيضا ً الجرومية بقوله‪( :‬‬ ‫نبدأ مستعينين بالله عّز وج ّ‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم ) ‪ ،‬ورد حديث من الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم ( كل أمر ذي بال‪ ،‬ل يبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع ) وفى هذا‬
‫الحديث مقال ذكر اللباني رحمه أنه ضعيف جداً‪ ،‬وقال ابن حجر في سنده‬
‫ضعف‪ ،‬وقيل ما قيل عن هذا الحديث‪ ،‬على كل حال فقد بدأ المصنف‬
‫مصنفه هذا ببسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬والبسملة هذه فيها كلم كثير‬
‫للنحويين واللغويين في أصل اشتقاق كلمة اسم‪ ،‬وفى أصل اشتقاق كلمة‬
‫لفظ الجللة‪ ،‬وفى كلمة الرحمن وفى كلمة الرحيم‪ ،‬ولكننا ل نطيل الحديث‬
‫فيه وإنما نأخذ كلما ً موجزا ً جدا ً فأما كلمة اسم فإن بعضهم يرى أنها من‬
‫الوسم لكونه علمة على من يسمى به‪ ،‬وبعضهم يرى أنه من السمو لنه‬
‫يعدو على المسمى ويدل على ما تحته هذا عن كلمة اسم‪ ،‬أما لفظ الجللة‬
‫ففيها كلم طويل وأذكر أن لسان العرب ذكر فيها عددا ً من الصفحات‪ ،‬في‬
‫أصل هذه الكلمة وفى شواهدها وفيما يتحدث فيها‪ ،‬ومن أبرز ما قال هل‬
‫هي مأخوذة من الله وحذفت الهمزة للتخفف فصارت الله‪ ،‬أو من له أو‬
‫وله أو ما شاكل ذلك كلم أيضا ً طويل في أصل اشتقاق هذه الكلمة وأما‬
‫المراد منها فهو بدون شك المألوه أو المعبود‪ ،‬هذا هو المراد بلفظ الجللة‪،‬‬
‫ل الرحمة يقال إن‬ ‫بسم الله‪ ،‬الرحمن الرحيم صفتان تثبتان لله عّز وج ّ‬
‫الرحمن فيها مبالغة أكثر من الرحيم ويقال العكس‪ ،‬يقال إن صيغة فعيل‬
‫أكثر من صيغة فعلن للدللة على المبالغة ويقال العكس‪ ،‬وعلى كل حال‬
‫فهاتان الصفتان لله سبحانه وتعالى قد وصف بهما نفسه وفيهما من‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪17‬‬
‫المبالغة ما فيهما سواء أكانت هذه أو تلك فالمهم أن تلك الصيغتين في كل‬
‫منهما مبالغة وسواء كانت الرحمن أكثر مبالغة أم الرحيم أكثر مبالغة‬
‫ففيهما الصفة نفسها وإنما يؤتي بصيغة التفضيل للدللة اشتراك أمرين في‬
‫صفة وزيادة إحداهما على الخرى في تلك الصفة انتهينا من هذا‪ ،‬يقال أيضاً‬
‫بالنسبة للنحويين يتحدثون عن إعراب بسم الله الرحمن الرحيم ويقولون‬
‫أيضا ً إن أنواع الجر في الكلم يعني يمثل به بلفظ البسملة فالجر إما أن‬
‫يكون بحرف الجر وإما أن يكون بالضافة وإما أن يكون بالتبعية وقد‬
‫اجتمعت كلها في البسملة فأما حرف الجر فهو قوله باسم فلفظة اسم‬
‫مجرور بالباء‪ ،‬وأما الضافة فإن لفظ الجللة هنا مجرور بالضافة بإضافة‬
‫اسم إليه وأما التبعية فلن الرحمن تابع للفظ الجللة مجرور والرحيم أيضاً‬
‫تابع ثان فهذا أنواع الجر اجتمعت في البسملة وننصرف إلى غيرها‪.‬‬
‫قال المصنف ( الكلم هو اللفظ المركب المفيد‬
‫بالوضع ) وهذه أمور تحتاج لها إلى وقت طويل ولكنا نوجز الحديث فيها‬
‫إن شاء الله تعالى‪ ،‬أما ذكره لتام هنا فشبيه به تعريف‬
‫ابن مالك في قوله كلمنا لفظ مفيد لكنه زاد هنا بكلمة المركب وكلمة‬
‫الوضع‪ ،‬طبعا ً ابن مالك تعرفون كلمه شعر نظم كلمه نظم فقد يكون‬
‫محاصرا ً ما يستطيع أن يزيد في الكلم أما هذا فكلمه منثور وكلمه صحيح‬
‫وكلم ابن مالك صحيح نقول في شرح كلم ابن آجروم اللفظ ما اللفظ؟‬
‫اللفظ هو الصوت المشتمل على بعض الحروف‪ ،‬هذا هو اللفظ سواء‬
‫أفادت معني أم لم تفد معنى‪ ،‬فأنت إذا قلت‪" :‬و"‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬حسن هذا‬
‫لفظ‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬بيت هذا لفظ‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬إنسان هذا لفظ‪ ،‬وإذا قلت ديز‬
‫مقلوب زيد هذا لفظ‪ ،‬كل شيء لفظ‪ ،‬فهو أعم ما يقال فيما سنتحدث عنه‬
‫لننا ربما تحدثنا عن اللفظ والقول والكلم‬
‫والكلمة والكلم ربما نتحدث عن هذا ‪.‬‬
‫قال ( الكلم هو اللفظ المركب ) ل يكون الكلم غير مركب‪ ،‬بل إن‬
‫النحو كله على التركيب‪ ،‬تعرف أن الكلمة مبنية وتعرف أنها معربة أو تعرف‬
‫أنها فاعل أو تعرف أنها مبتدأ أو تعرف أنها خبر إذا كانت مركبة‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت غير مركبة كقولك مثل ً بيت‪ ،‬وجدار وأرض وسقف وإلى أخره هذه‬
‫ليست كلماً‪ ،‬ول تعتبر نحوا ً ل نعرف ل نقول فاعل ول نقول ولذلك يقولون‬
‫ٌ‬
‫ب‪،‬‬ ‫لما تعدت حروف الهجاء مثل ً أ ‪ ،‬ب ‪ ،‬ت ‪ ،‬ث تسكنها كلها ول تقول أ‪ٌ ،‬‬
‫ث لنها ما لها محال من العراب ما لم تكن مركبة‪ ،‬فإذا كان الكلم‬ ‫ت‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫مركبا بعضه إلى بعض فهو علم النحو فالمقصود بالمركب هنا أن يكون أكثر‬ ‫ً‬
‫من كلمة لبد‪ ،‬لبد أن يكون أكثر من كلمة‪ ،‬قولك محمد حاضر هذا كلم‪،‬‬
‫قولك قم هذا كلم أنت قبل قليل تقول لبد أن يكون مكون من كلمتين‪،‬‬
‫فلماذا قلت قم كلم أقول لك نعم‪ ،‬قم كلم لنها كلمة ظاهرة وكلمة مخفية‬
‫أما الكلمة الظاهرة فهي قم اللفظ اللم والميم‪ ،‬أما الكلمة المخفية فهي‬
‫الضمير المستتر وهذا مستتر وجوباً‪ ،‬وهذا لبد أن تقدره لنه عمدة ولنه‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪18‬‬
‫فاعل‪ ،‬فصار عندنا كلمتان‪ ،‬فسواء كان هذان اللفظان مذكورين‪ ،‬أم كان‬
‫واحد منهما مقدراً‪ ،‬فإذا لبد أن يكون الكلم مركباً‪ ،‬اللفظ المركب‪.‬‬
‫بعد هذا لبد أن يكون مفيداً‪ ،‬فإن لم يكن مفيدا ً حتى لو كان مركباً‬
‫فليس كذلك‪ ،‬هل عندنا شيء يكون مركب وغير مفيد؟ قال ‪ :‬نعم‪ ،‬عندنا‬
‫شيء يسمونه الكلم وهو ما تكون من ثلث كلمات فأكثر سواء أفاد أم لم‬
‫م لكونه مكون من أربع كلمات‬ ‫يفد‪ ،‬فإذا قلت مثل ً إذا جاء عبد الله فهذا كل ٌ‬
‫وليس كلماً؛ لنه لم يفد فائدة يحسن السكوت عليها‪ ،‬وليس كلمة لنه‬
‫مركب‪ ،‬هل هو لفظ يا أيها الحباب؟ الجواب ‪ :‬نعم‪ ،‬لن اللفظ هو الصوت‪،‬‬
‫فمجرد ما تقول أي صوت‪ ،‬سواء كان كلمة كلمتين ثلث‪ ،‬مفيد غير مفيد‪،‬‬
‫هذا لفظ‪ ،‬إذا ً الكلم هو اللفظ المركب المفيد‪ ،‬لبد أن يفيد فائدة يحسن‬
‫السكوت عليها فإذا قلت مثلً‪ :‬محمد ٌ مجتهدٌ‪ ،‬فهذا كلم‪ ،‬فإذا ً هل نعده‬
‫كلما ً ؟ ل نعده كلماً‪ ،‬لماذا؟ قال لنه أقل من ثلث كلمات والكلم لبد أن‬
‫يتكون من ثلث كلمات فأكثر‪ ،‬فإذا قلنا إذا جاء محمد فهذا كلم وليس كلماً‬
‫وليس كلمة‪ ،‬فإذا قلنا إذا جاء محمد أكرمته‪ ،‬فإن هذا كلما ًَ وكلم وقول‬
‫ولفظ يعني كل هذه تنطبق عليه‪.‬‬
‫بقينا في كلمة واحدة في التعريف وهي كلمة بالوضع‪ ،‬فما المراد بها؟‬
‫اختلف شراح ابن آجروم أو مقدمة ابن آجروم في المراد بقوله بالوضع‬
‫فبعضهم يقولون المراد بكلمة الوضع‪ ،‬القصد أن يكون المتكلم قاصدا ً إفادة‬
‫السامع‪ ،‬وبعضهم يقول ل ليس المقصود به القصد وإنما المقصود به أن‬
‫يكون مما تعارف العرب على وضعه‪ ،‬يعني ما تأتي بكلمة ليست مشهورة‬
‫عند العرب بأنها تفيد فائدة ديز تجتهد مثل ً هذه لم يتواضع العرب على‬
‫معرفة مثل هذا الكلم فهو كلم حتى لو أنه لو قلت أنه إن هاتين كلمتان‬
‫متقابلتان ويمكن أن‬
‫ً‬
‫يقول واحد الولى منهم مبتدأ والثاني خبراً‪ ،‬تكون مبتدأ والثانية خبرا ً لكنها‬
‫ليست من الكلم الذي وضعه العرب‪ ،‬إذا لبد أن يقول ولعل هذا هو القوى‬
‫في تفسير قوله الكلم هو اللفظ المركب المفيد بالوضع ‪.‬‬
‫بعد هذا ننتقل إلى بيان بعض المور المتعلقة بهذا فنقول ‪ :‬الكلم انتهينا‬
‫من شرحه الكلمة تعريفها هي القول المفرد‪ ،‬فما القول إذا ً ؟ القول هو‬
‫اللفظ لكن لبد فيه زيادة‪ ،‬القول هو اللفظ الدال على معنى ول يلزم أن‬
‫يكون مفيدا ً فائدة يحسن السكوت عليها‪ ،‬ل‪ ،‬لكن يدل على معنى هذا‬
‫القول‪ ،‬المفرد هو عكس المركب‪ ،‬حتى تكون كلمة واحدة فقط‪ ،‬أما‬
‫المركب فلبد أن يكون من كلمتين فأكثر‪ ،‬إذا ً عندنا الكلمة هي القول‬
‫المفرد اللفظ هو الصوت المشتمل على بعض الحروف القول هو اللفظ‬
‫الدال على معنى‪ ،‬الكلم هو يعّرفه ابن هشام بقوله هو اسم جنس جمعي‬
‫واحدته كلمة‪ ،‬ولبد أن يكون مكونا ً من ثلث كلمات فأكثر لكن ل يشترط‬
‫فيه الفادة‪ ،‬فقد يجتمع الكلم والكلم‪ ،‬وقد ينفرد كل واحد منهما بصفة‪،‬‬
‫لكن الكلمة والكلم ما يجتمعان‪ ،‬والقول يمكن أن يكون كلماً‪ ،‬ويمكن أن‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪19‬‬
‫يكون كلماً‪ ،‬واللفظ عام في الجميع‪ ،‬لنه ل يلزم إل لفظة واحدة فقط يعني‬
‫خروج صوت من اللسان سواء أكان هذا الصوت دال ً على معني أم لم يكن‬
‫دال ً على معني‪ ،‬فأقول قد يجتمع الكلم والكلم وقد ينفرد كل واحد منهما‪،‬‬
‫ي أكرمته‪ ،‬وأما انفراد الكلم فقولك‬ ‫فأما اجتماعهما فنحو قولك إذا جاء عل ٌ‬
‫ي وأما انفراد الكلم فقولك جاء‬‫إذا جاء عل ٌ‬
‫محمد ٌ ‪.‬‬
‫واضح هذا الكلم ؟ حتى ننتقل إلى غيره ‪ ،‬هذه مقدمات لبد منها‪ ،‬ول‬
‫تستصعبوا المر فهو سيسهل إن شاء الله تعالى لكننا نحن في البداية‬
‫والتأسيس هذا شرطه لبد أن يتأسس على معنا ً قوي نكتفي بهذا اليضاح‬
‫قول المصنف الكلم هو اللفظ المركب المفيد بالوضع‪ ،‬وننتقل بعده إن‬
‫شاء الله في اللقاء القادم إلى شرح غيره‪ ،‬والن المر إليكم إذا كنتم‬
‫تريدون توجيه بعض السئلة المتعلقة بهذا اللقاء‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ل يمكن أن يكون معنى الوضع أنه موضوع بأحرف عربية ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هو هذا الكلم الذي رجحناه‪ ،‬لكن على ما اصطلح عليه العرب‪ ،‬هو إذا‬
‫كانت اللفاظ فقط عربية فقد تكون مركبة في داخل الكلمة الواحدة تركيباً‬
‫لم يتواضع العرب عليه أو لم يتواطئ العرب على أنه دال على معنى فإذا ً ل‬
‫نقبله‪ ،‬حتى لو كان مثل ً كلمة ديز حروفها كلها عربية لكنها ليست مما اتفقوا‬
‫على أنه يعني يمكن أن يكون دال ً على معنا ً معين إذا ً لبد أن يكون دال ً على‬
‫معنا ً موضوع متعارف عليه عند العرب ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خير فضيلة الشيخ‪ ،‬ذكرتم أن أهل الكوفة تلميذ أهل‬
‫البصرة وكانوا على ود ثم انقلب عليهم أهل الكوفة‪ ،‬فما هي أسباب‬
‫النقلب عليهم وأيهما المعتمد الن مذهب البصرة أم مذهب أهل الكوفة ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫أما هذه المعركة التي جرت واستمرت فترات طويلة بين الكوفيين‬
‫والبصريين‪ ،‬فلعل منشأها هو التنافس العلمي في بداية المر يعني في أول‬
‫ما بدأ الكوفيون كانوا يعني مجرد تلميذ للبصريين وكانوا يقرون بكل ما‬
‫عندهم ويعترفون به لكن لما بدأ يقوى عودهم تعرف أنت التنافس العلمي‬
‫بين المتعاصرين في أغلب الحيان حتى علماء الشريعة في بعض الحيان‬
‫يقوم بينهم ومشهور بين ابن حجر والعيني يعني هما من علماء الشريعة‬
‫يعني فيهم فضل كبير‪ ،‬لكن التنافس العلمي ل ينكر فقل ربما كان هذا هو‬
‫الدافع للتنافس‪ ،‬أما المعتمد الن فأغلب ما نعتمد عليه نحن وهذا تلقيناه‬
‫عن مشايخنا هو كلم البصريين لقوة منهجهم في الستدلل وأنهم لم‬
‫يكونوا يعتمدون على الشاهد والشاهدين والثلثة وفى الوقت نفسه كانوا‬
‫يتوخون الخذ عن يعني المعتد بكلمه أكثر وعن من لم يختلطوا بالعاجم‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪20‬‬
‫فنحن نعتمد في كثير من الحيان على‬
‫البصريين‪ ،‬ولكن إذا تبين لنا أن الرأي الكوفي دليل قوي وشواهده كثيرة‬
‫فنحن نرمي بالرأي الخر عرض الحائط ونأخذ برأي صاحب الدليل القوي‬
‫ويعني تعدد شواهده نأخذه ول نتردد ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ما أزهى فترات الطور الرابع الذي قلناه في التأليف ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫والله لعل أحسن الوقات وهو الطور الرابع الذي بدأ بغداديا ً مصرياً‬
‫شاميا ً أندلسيا ً يعني في بداياته صحيح أن في حدود القرن السادس الهجري‬
‫والسابع الهجري أيضا ً كانت هناك مؤلفات قوية جدا ً لبن مالك رحمه الله‬
‫ولبن يعيش له كتب وللرازي له كتب مؤلفة نحوية جيدة‪ ،‬في هذا العصر‬
‫يعني قوة التأسيس كانت في العصور الولى في القرن الثالث في القرن‬
‫الرابع صحيح لعل هذا أزهى هذه العصور والله أعلم بالصواب ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ذكرت فضيلة الشيخ في المفيد هل يشترط في الفادة إفادة جديدة أم‬
‫إفادة معلومة عند السامع من قبل ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ممكن أن تكون جديدة وممكن أن تكون معلومة عند السامع من قبل‪،‬‬
‫لن الصل أن تخاطب المخاطب بما يعرف هذا الصل فيه فإن جد عليه‬
‫جديد فلبد أن تعطيه ما يوضح له هذا الجديد‪ ،‬إذا كنت تريد أن تفيده فائدة‬
‫جديدة فلبد أن يكون عندك ما تقوي به هذه الفائدة الجديدة وإل فإن كنت‬
‫تعطيه معلومة قديمة فإنما تؤكدها له وقد يكون هذا التأكيد إدعاء يعني تريد‬
‫إدعاءً أن تؤكد له هذه المعلومة لنك تعرف أنه يعرفها‪ ،‬لكن الصل أن‬
‫تفيده فائدة إما معلومة عنده لتؤكدها وإما أن تفيده فائدة جديدة فتأتي‬
‫بأدلتها الجديدة والله أعلم ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ ذكرت أن مذهب أهل البصرة غالبا ً ما يكون المعتمد الن‬
‫فكيف يهتم العلماء بمقدمة ومؤلفه معروف أنه من أهل الكوفة ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫فعل ً معروف أن ابن آجروم اعتمد في كثير من الحيان على آراء‬
‫الكوفيين وفعل ً هناك أدلة سنذكرها إن شاء الله عند الشرح لكن هذا ل يمنع‬
‫أيض ـ نعم ـ أن نأخذ من الكوفيين ولهم علماء وفيهم فضل كثير لكن أنا‬
‫أقول إن إذا كان رأيان بصري وكوفي فإننا نظر إلى الدليل القولي الصل‬
‫أن ننظر إلى الدليل القولي‪ ،‬لكن إذا كان عندنا الرأي البصري والدلة‬
‫متساوية فنأخذ الرأي البصري والله أعلم بالصواب‪ ،‬ونكتفي‬
‫اليوم بهذا القدر‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪21‬‬

‫الدرس الثالث‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬حمدًا كثيًرا طيبًا مباركًا فيه‪ ،‬والصلة والسلم‬
‫ة للعالمين‪ ،‬نبينا محمد ٍ وعلى آله‬
‫التمان الكملن على من أرسله الله رحم ً‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬نواصل بإذن الله‬
‫تعالى شرح‬
‫ما يتيسر من الجرومية‪.‬‬
‫انتقل المصنف إلى بينان أقسام الكلم‪ ،‬فقال‪ ( :‬وأقسامه ثلثة‪:‬‬
‫ف جاء لمعنى )‪.‬‬ ‫ل وحر ٌ‬ ‫م وفع ٌ‬ ‫اس ٌ‬
‫( أقسامه ) الضمير يعود إلى الكلم‪ ،‬لنه قبل قليل كان يعرف الكلم‪،‬‬
‫فهو هنا قسم بالنظر إلى الكلم‪ ،‬بعض النحويين يقسم بالنظر إلى الكلم‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬الكلم اسم وفعل وحرف‪ ،‬بعضهم يقسمه بالنظر إلى الكلمة‬
‫ف‪،‬‬‫ل أو حر ٌ‬‫م أو فع ٌ‬
‫ف‪ ،‬أو بعضهم يرى‪ :‬اس ٌ‬ ‫ل وحر ٌ‬‫م وفع ٌ‬‫فيقول‪ :‬الكلمة اس ٌ‬
‫ة والحمد لله‪.‬‬ ‫والمسألة في هذا سهل ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪22‬‬
‫يقول ( وأقسامه ثلثة )‪ ،‬لماذا لم تكن أربعة؟ لماذا لم تكن اثنين؟ لماذا‬
‫لم تكن أكثر؟ اختلف الناس في السبب في القتصار على هذه الثلثة‪،‬‬
‫فناس نظروا إلى المعنى‪ ،‬وناس نظروا إلى الستقراء‪ ،‬فمنهم من يرى أنه‬
‫باستقراء كلم العرب لم يوجد إل هذه القسام الثلثة‪ ،‬وناس نظروا إلى أن‬
‫ط بزمن فهي‬ ‫المعنى في الكلمة إن كان لها معنى في ذاتها غير مرتب ٍ‬
‫ل‪ ،‬وإن كان‬ ‫ط بزمن فهي الفع ٌ‬ ‫م‪ ،‬وإن كان لها معنى في ذاتها مرتب ٌ‬ ‫الس ٌ‬
‫معناها فيما تدخل عليه فهي الحرف‪ ،‬فهذان قولن في سبب القتصار على‬
‫هذا‪ ،‬بعضهم يرى أن السبب هو أنه لم يوجد في كلم العرب سوى هذه‬
‫النواع الثلثة‪ ،‬ولذلك اكتفى النحويون بالنظر فيها بالستقراء‪ ،‬بعضهم يقول‬
‫ل‪ ،‬بل المعنى للكلمة‪ ،‬إن كان لها معنى في نفسها مرتبط بالزمن فهي‬
‫الفعل‪ ،‬غير مرتبطبالزمن في السم‪ ،‬ليس لها معنى في نفسها وإنما معناها‬
‫فيما تدخل عليه في الحرف‪ ،‬وسيتبين إن شاء الله تعالى الحديث في ذلك‬
‫تمام التَبَيُّن بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫أنت إذا قلت "بيت" فإن هذه تدل على معنًى في نفسها غير مقترن‬
‫م‪ ،‬فإذا قلت "أكرم" هذه تدل على معنى وهو الكرام‪ ،‬لكنه‬ ‫بزمن فهي اس ٌ‬
‫ى حتى تدخل على‬ ‫ن" هذه ل تدل على معن ً‬ ‫ن بزمن‪ ،‬فإذا قلت "إ َّ‬ ‫مقتر ٌ‬
‫م" حينئذ ٍ تبين معنى التأكيد والمراد في أي شيءٍ‬ ‫شيءٍ‪" ،‬إ َّ‬
‫ن الله غفوٌر رحي ٌ‬
‫ما وليست فعل‪ ،‬سيأتينا‬ ‫ف وليست اس ً‬ ‫تؤكده‪ ،‬فدل على أن هذه الكلمة حر ٌ‬
‫إن شاء الله في الفصول القادمة بعض الكلم فيما يتعلق إذا جاء عندنا‬
‫كلم‪ ،‬كيف نميز أن هذه الكلمة اسم أو هذه الكلمة فعل أو هذه الكلمة‬
‫ل علمات ستتبين إن شاء الله تعالى فيما يلي من المور‪.‬‬ ‫حرف‪ ،‬فلك ٍ‬
‫قال المؤلف‪ ( :‬فالسم يُعرف بالخفض ) وهذه عبارة ٌ كما‬
‫يقول صاحبكم إنها من عبارات الكوفيين‪ ،‬البصريون يعبرون بالجر مكان‬
‫الخفض‪ ،‬ول مشاحة في الصطلح‪ ،‬فهو عبر بالخفض بناءً على ما يعتبره‬
‫الكوفيون‪ ،‬وسنجد أن بعض المسائل الخرى اعتمد فيها المصنف رحمه الله‬
‫على أراء الكوفيين وعلى مصطلحاتهم‪ ،‬قال‪ ( :‬فالسم يُعرف‬
‫الخفض‪ ،‬والتنوين‪ ،‬ودخول اللف واللم )‪.‬‬
‫الحق أن هذه الثلثة أمور أعظم ما يتميز به السم‪ ،‬ابن مالك جعلها‬
‫خمسة‪ ،‬وغيره أوصلها عشرة‪ ،‬وربما زاد بعضهم‪ ،‬ابن مالك ماذا يقول؟‬
‫ومسند ٍ للسم‬ ‫بالجر والتنوين والندا وال‬
‫تمييٌز حصل‬
‫يعني حصل تمييز السم بواحدةٍ من هذه العلمات‪ ،‬إذا وجدت الكلمة‬
‫مجرورة فاعلم أنها اسم لن الفعال ل تجر والحروف ل تُجر‪ ،‬إذا وجدت أن‬
‫ة فاعلم أنها اسم‪ ،‬ول يوجد التنوين في غير السماء‪ ،‬إذا وجدت‬ ‫الكلمة منون ً‬
‫اللف واللم داخلتين على كلمة فاعلم أنها اسم‪ ،‬سواءٌ كانت الـ هذه معّرِفة‬
‫أو موصولة أو نحو ذلك فإنها ل تدخل إل على السماء‪ ،‬وسنستثني بعض‬
‫الستثناءات سنذكرها إن شاء الله‪ ،‬أما كلم ابن مالك الذي قاله وهو إدخاله‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪23‬‬
‫على علمتين أخريين وهما النداء والسناد‪ ،‬فالنداء نحو قولك "يا عمر"‪ ،‬بل‬
‫"يا الله"‪ ،‬تنادي ذا العزة والجلل بـ يا‪ ،‬فهذه إذا وجدت الكلمة مناداةً‪،‬‬
‫ل‬‫مناداة ً لنه قد يدخل حرف النداء على غير السماء‪ ،‬لكنه في الحقيقة داخ ٌ‬
‫ن ﴾ [يس‪، ]26 :‬‬ ‫مي يَعْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ل يَا لَي ْ َ‬
‫ت قَوْ ِ‬ ‫ل ﴿ قَا َ‬
‫على مقدر‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫منادى‬ ‫ة على ُ‬ ‫فدخلت على "ليت"‪ ،‬في الواقع أنهم أولوا هذا فقالوا إنها داخل ٌ‬
‫مقدر "يا سامعون ليت قومي يعلمون"‪ ،‬أو أن نقول هذه ليست حرف نداء‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ف للتنبيه فقط وليست للنداء حتى تستمر قاعدتنا على ما هي‬ ‫وإنما هي حر ٌ‬
‫عليه‪ ،‬فالنداء علمة من علمات السماء‪.‬‬
‫نعود نأخذها واحدة ً واحدةً‪ ( ،‬الخفض )‪ ،‬ما المراد بالخفض؟ الخفض هو‬
‫ف الجر‪،‬‬ ‫أن يكون السم مجرورا‪ ،‬بم يكون الجر؟ يكون بواحد ٍ من حرو ٍ‬
‫وسيأتي بيانها إن شاء الله‪ ،‬أو يكون بالضافة‪ ،‬أو يكون بالتبعية‪ ،‬وقد ذكرت‬
‫في الحلقة الماضية أنها مجموعة كلها في قولك بســم الله الرحمٰن‬
‫الرحيم‪ ،‬فكلمة "اسم" مجرورة بالباء‪ ،‬ولفظ الجللة مجروٌر بالضافة‪،‬‬
‫و"الرحمن" مجروٌر بالتبعية‪ ،‬لنه صفة لفظ الجللة‪.‬‬
‫ما؟‬
‫هل يعني دخول حرف الجر على الكلمة أنه لبد أن تكون اس ً‬
‫الجواب ل‪ ،‬لن حرف الجر قد يدخل في ظاهر اللفظ على غير السماء‪،‬‬
‫كقولك مثل "عجبت من أن حضر عبد الله"‪ ،‬فـ "من" حرف جر وقد دخلت‬
‫ما‪ ،‬فهل هذا صحيح في ظاهر اللفظ؟‬ ‫على "أن"‪ ،‬و"أن" حرف وليست اس ً‬
‫ما وإنما هي حرف‪ ،‬لكن الواقع أنها‬ ‫نعم‪ ،‬هي دخلت على‪ ،‬و"أن" ليست اس ً‬
‫دخلت على اسم‪ ،‬كيف هذا؟ أين هذا السم الذي تتحدث عنه؟ "أن" وما‬
‫دخلت عليه تؤول المصدر‪ ،‬والمصدر اسم‪ ،‬فكأنك قلت "عجبت من حضور‬
‫عبد الله"‪ ،‬فهي في الحقيقة داخلة على السم‪ ،‬لكن السم هذا مؤول‪ ،‬ولول‬
‫الحذف والتقدير والتأويل لعرف النحو كل واحد‪ ،‬فلبد أن تتنبهوا إلى مثل‬
‫هذا‪.‬‬
‫إذ ًا دخول حرف الجر على الكلمة ليس دليل قاطعًا على أن هذه الكلمة‬
‫اسم‪ ،‬ولكن هو في حقيقة المر لو تدبرت الموضوع لوجدت أنه ل يدخل‬
‫فعل إل على أسماء‪ ،‬سواءٌ كانت أسماء ظاهرة مثل "مررت بالرجل"‪ ،‬أو‬
‫ة كما ذكرنا لكم قبل قليل في قولك "عجبت من أن حضر‬ ‫كانت مؤول ً‬
‫محمد"‪ ،‬فيكون التقدير "عجبت من حضور محمد"‪ ،‬هذا هو الخفض أو الجر‬
‫كما يعبر به البصريون‪.‬‬
‫( والتنوين )‪ ،‬التنوين يا أيها الحباب هو نون ساكنة تلحق الخر لفظًا ل‬
‫ح مجتهدٌ" "حاضٌر"‬ ‫خطًا لغير توكيد‪ ،‬هذا هو تعريف التنوين‪" ،‬محمد ٌ صال ٌ‬
‫ت" "داٌر" إلى آخره‪ ،‬هذه كلها أسماء لنه دخلها‬ ‫ب" "مسافٌر" "بي ٌ‬ ‫غائ ٌ‬
‫التنوين‪ .‬يقسم النحويون التنوين أربعة أقسام‪:‬‬
‫ة على اسمية الكلمة‪ ،‬هو‬ ‫القسم الول‪ :‬وهو أعظم أنواع التنوين دلل ً‬
‫المسمى بتنوين التمكين‪ ،‬وهو الداخل على السماء المعربة المنصرفة‪،‬‬
‫ب" "داٌر"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫كالمثلة التي ذكرتها قبل قليل‪" ،‬با ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪24‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬هو تنوين التنكير‪ ،‬وهو الداخل على السماء المبنية‬
‫للدللة على تنكيرها‪ ،‬كقولك مثل "مررت بسيبويه وسيبويهٍ آخر"‪ ،‬الثاني‬
‫مجهول لك‪ ،‬أما سيبويه الول غير منون فهو معرفة‪ ،‬فإذا أدخلت التنوين‬
‫على كلمة مبنية للدللة على أن هذه الكلمة نكرة وليست معروفة فاعلم‬
‫أن هذا التنوين يُسمى بتنوين التنكير‪.‬‬
‫يقولون إذا قلت "إيهِ" فمعناها زدني من هذا الحديث الذي تتحدث به‪،‬‬
‫ه" فأنت‬ ‫وإذا قلت "إيهٍ" بالتنوين معناه زدني من أي حديث‪ ،‬وإذا قلت "ص ْ‬
‫ه" فمعناه ل تتكلم‬ ‫تقول له اسكت عن هذا الحديث فقط‪ ،‬فإذا قلت "ص ً‬
‫بكلمة‪ ،‬يعني ما تقصد معنًى معينًا وإنما تقصد النهي عن كل شيءٍ‪ ،‬فمتى ما‬
‫رأيت التنوين داخل على كلمة مبنية فاعلم أنه للتنكير‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬هو التنوين المسمى بتنوين المقابلة‪ ،‬وهو اللحق بجمع‬
‫ت"‬ ‫المؤنث السالم في مقابلةٍ النون في مع المذكر السالم‪ ،‬تقول "مسلما ٌ‬
‫ت"‪ ،‬يقولون هذا التنوين اللحق‬ ‫ت بمسلما ٍ‬ ‫ت" و"مرر ُ‬ ‫ت إلى مسلما ٍ‬ ‫و"نظر ُ‬
‫بجمع المؤنث السالم هو في مقابلة النون في جمع المذكر السالم‪ ،‬ولذلك‬
‫سموه بتنوين المقابلة‪ ،‬فهو يلحق جمع المؤنث السالم‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬تنوين العوض‪ ،‬هو ثلثة أقسام‪:‬‬
‫ح‬
‫مئِذ ٍ يَفَْر ُ‬ ‫ل ﴿ َويَوْ َ‬ ‫‪ -1‬إما تنوين عوض عن جملة‪ ،‬كقول الله عّز وج ّ‬
‫مئِذٍ‬‫ل يَوْ َ‬ ‫ل ﴿ وَي ْ ٌ‬ ‫صرِ اللَّهِ ﴾ [الروم‪ ،]5 ،4 :‬وقوله الله عّز وج ّ‬ ‫ن ﴿‪ ﴾4‬بِن َ ْ‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن ﴾ [المرسلت‪ ،]24 :‬إذ الصل أنها تُضاف إلى الجمل‪ ،‬فإذا حذفت‬ ‫مكَذِّبِي َ‬ ‫لِل ْ ُ‬
‫المضاف إليه تُعوض عنه بالتنوين‪.‬‬
‫‪ -2‬وتنوين العوض عن جملة يلحق بكلمتين فقط هما "إذ" و"إذا"‪،‬‬
‫َ َ َ َ‬
‫ك إ ِ ّل قَلِيًل‬ ‫خلف‬ ‫ل ﴿ وَإِذ ًا َل يَلْبَثُو َ‬
‫ن ِ‬ ‫ومنهم بالنسبة لـ"إذا" قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [السراء‪ ،]76 :‬يقولون التقدير لهذه الية الكريمة ـ والله أعلم ـ‪" :‬وإذا‬
‫حذفت جملة "حصل ذلك" وع ُوِّض‬ ‫حصل ذلك ل يلبثون خلفك إل قليل"‪ ،‬ف ُ‬
‫عنها بالتنوين‪ ،‬هذا تنوين العوض عن جملة‪.‬‬
‫‪ -3‬أو تنوين عوض عن كلمة واحدة ‪ ،‬ففي ثلث كلمات هي ‪ :‬كل ‪،‬‬
‫ض ﴾ [النساء‪،]25 :‬‬ ‫ن بَعْ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ل ﴿ بَعْ ُ‬‫وبعض ‪ ،‬وأي ‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫التقدير والله أعلم "بعضكم من بعضكم"‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫ماءُ‬ ‫س َ‬‫ه ال ْ‬ ‫ما تَدْع ُوا فَل ُ‬ ‫ل ﴿ أيًّا َ‬ ‫أما "أي" فشاهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫حذف المضاف إليه وهو كلمة واحدة‪ ﴿ ،‬وَلِلهِ‬ ‫سنَى ﴾ [السـراء‪ُ ،]110 :‬‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫اْل َسماءُ ال ْحسنى فَادع ُوه بها ﴾ [العراف‪ ،]180 :‬وقوله عز وج ّ َ‬
‫ما‬‫ل ﴿ أيًّا َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫تَدْع ُوا ﴾ [السراء‪ ]110 :‬أي مدعوٍ أو اسم ٍ أو نحو ذلك‪ ،‬الله أعلم كيف يكون‬
‫ض عن‬ ‫ة بسياق الية‪ .‬المهم أن التنوين هنا عو ٌ‬ ‫تأويلها‪ ،‬لبد أن تكون متعلق ً‬
‫كلمة واحدة‪.‬‬
‫ل‬‫ل يجتهد"‪ ،‬فالتقدير "كلنا يجتهد" مثل‪ ،‬أو "كل رج ٍ‬ ‫أما "كل" فقولك "ك ٌ‬
‫حذف المضاف إليه وعوِّض عنه بالتنوين‪ ،‬وهذا تنوين عوض عن‬ ‫يجتهد"‪ ،‬ف ُ‬
‫كلمة‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪25‬‬
‫ش"‬‫ف واحد‪ :‬فهو في نحو "غوا ٍ‬ ‫ضا عن حر ٍ‬ ‫‪ -4‬أما التنوين الذي يأتي عو ً‬
‫م َهادٌ‬ ‫م ِ‬ ‫جهَن َّ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل﴿ ِ‬ ‫ش" كما قال الله عّز وج ّ‬ ‫و"جوارٍ"‪ ،‬يقولون كلمة "غوا ٍ‬
‫ي" لنها على وزن‬ ‫ش ﴾ [العـراف‪ ،]41 :‬أصلها "غواش ُ‬ ‫م غَوَا ٍ‬ ‫ن فَوْقِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫فواعل‪ ،‬وفواعل صيغة منتهى الجموع فهي ممنوعة من الصرف لعلةٍ‬
‫حذفت‬ ‫واحدة‪ ،‬فاستثقلت ـ كما يقولون ـ الضمة على الياء فسكنت‪ ،‬ثم ُ‬
‫شرٍ ﴾‬‫ل عَ ْ‬ ‫جرِ ﴿‪ ﴾1‬وَلَيَا ٍ‬ ‫ل ﴿ وَالْفَ ْ‬ ‫الياء هذه وع ُوِّض عنها التنوين‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ضا على‬ ‫ي"‪ ،‬تُستثقل الضمة أي ً‬ ‫[الفجر‪ ،]2 ،1 :‬أصلها ـ والله أعلم ـ "وليال ُ‬
‫الياء فتُحذف ثم تُحذف الياء ثم يُعوض عنها التنوين‪.‬‬
‫هذا هو تنوين العوض عن حرف‪.‬‬
‫ح‬
‫مئِذ ٍ يَفَْر ُ‬ ‫و َ‬‫ثلثة أنواع‪ ،‬تنوين عوض عن جملة ﴿ وَي َ ْ‬ ‫إذ ًا تنوين العوض‬
‫َّ‬
‫صرِ اللهِ ﴾ [الروم‪ ،]5 ،4 :‬تنوين عوض عن كلمة كقول الله‬ ‫ن ﴿‪ ﴾4‬بِن َ ْ‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ما تَدْع ُوا‬ ‫ل ﴿ أيًّا َ‬ ‫ض ﴾ [النساء‪ ،]25 :‬وقوله عّز وج ّ‬ ‫ن بَعْ ٍ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ضك ُ ْ‬‫ل ﴿ بَعْ ُ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ماءُ ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ف واحد‬ ‫سنَى ﴾ [السـراء‪ ،]110 :‬وأما تنوين العوض عن حر ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬‫ه اْل ْ‬ ‫فَل َ ُ‬
‫شرٍ ﴾ [الفجر‪.]2 ،1 :‬‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫جرِ ﴿‪ ﴾1‬وَلَيَا ٍ‬ ‫ل ﴿ وَالْفَ ْ‬‫فهو في نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫هذا هو التنوين وقد انتهينا منه‪ .‬فيه كلم طويل في التنوين ل نتعرض له‬
‫من حيث أن‬
‫مى الثاني‬ ‫مى واحدًا منهما بتنوين الترنم‪ ،‬وس َّ‬ ‫بعضهم زاد في التنوين‪ ،‬س َّ‬
‫بالتنوين الغالي‪ ،‬وكل هذين التنوين ليسا مما يخص السماء‪ ،‬ولذلك تدخل‬
‫ة معنا‪.‬‬ ‫على الفعال وتدخل على الحروف‪ ،‬فل نتحدث عنها لنها ليست داخل ً‬
‫ة بـ"الـ"‬ ‫مقترن ً‬ ‫أما دخول اللف واللم‪ ،‬فمتى ما وجدت الكلمة يا أخي ُ‬
‫سواءٌ كانت هذه "الـ" جنسية أو عهدية أو موصولية أو غيرها فاعلم أن هذه‬
‫َ‬
‫مى‬ ‫ل ﴿ كَاْلع ْ َ‬ ‫الكلمة التي دخلت عليها اسم‪ ،‬كـ "الرجل"‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫شرٍ ﴾ [الفجر‪ ،]2 ،1 :‬وما‬ ‫ل عَ ْ‬‫جرِ ﴿‪ ﴾1‬وَلَيَا ٍ‬ ‫م ِ ﴾ [هـود‪ ،]24 :‬و﴿ وَالْفَ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫وَاْل َ‬
‫ل على أن الكلمة التي‬ ‫شاكل ذلك‪ .‬هذه كلها دخلت عليها "الـ" فهذا دلي ٌ‬
‫م وليست فعل ول حرفًا‪.‬‬ ‫دخلت عليها "الـ" اس ٌ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ول الصيل ذي الرأي‬ ‫ما أنت بالحكم الترضي حكومته‬
‫والجدل‬
‫دخلت "الـ" هنا على كلمة "تُرضى"‪ ،‬مع أن كلمة "تُرضى"‪ ،‬فماذا يُقال‬
‫عنه؟ قال يُكتفى‬
‫بهذا الشاهد‪ ،‬وهي أول ل تدخل على فعل ماض‪ ،‬ودخلت على الفعل‬
‫ص بالشعر‪ ،‬ثم إنه ل يأتي‬ ‫المضارع لمشابهته لسم الفاعل‪ ،‬فدخولها هنا خا ٌ‬
‫في النثر أبدًا‪ ،‬ل يأتي إل في ضرورة الشعر‪ ،‬ويُحفظ ول يُقاس عليه‪ ،‬وقد‬
‫ورد له عدة شواهد كلها داخلة على الفعل المضارع‪ ،‬ولكننا نقول يُكتفى بما‬
‫ورد‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪26‬‬
‫أما النداء فقد انتهيت منه قبل قليل‪ ،‬وهو دخول حرف النداء على‬
‫ت لكم‬ ‫الكلمة‪ ،‬وليس مجرد دخوله دليل على أن الكلمة اسم‪ ،‬ومنه كما ذكر ُ‬
‫ن ﴾ [يس‪.]26 :‬‬ ‫مي يَعْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ل يَا لَي ْ َ‬
‫ت قَوْ ِ‬ ‫ل ﴿ قَا َ‬
‫ل قول الله عّز وج ّ‬ ‫قبل قلي ٌ‬
‫انتهينا من الحديث عن علمات السماء‪ ،‬الخفض والتنوين ودخول اللف‬
‫واللم والنداء‪.‬‬
‫بقي مما ذكر ابن مالك السناد إلى السم‪ ،‬وهذا في الحقيقة علمة‬
‫جيدة‪ ،‬لن بعض السماء لم تُعرف اسميتها إل بهذه العلمة‪ ،‬ول يصح لها‬
‫ل على‬ ‫شيءٌ من العلمات الخرى وهي الضمائر‪ ،‬الضمائر ليس عندنا دلي ٌ‬
‫أنها أسماء إل بهذه العلمة وهي السناد‪.‬‬
‫أول‪ :‬ما معنى السناد‪ ،‬السناد في اللغة هي المالة‪ ،‬تقول "أسندت‬
‫الخشبة إلى الجدار" بمعنى "أملتها إليه"‪ ،‬هذا في اللغة‪ ،‬لكن السناد في‬
‫اصطلح النحويين هو الحديث عن الشيء‪ ،‬أو نسبة شيءٍ إليه‪ ،‬فأنت إذا‬
‫ت" فقد أسندت القيام إليك‪ ،‬أي نسبته إليك‪ ،‬التاء هذه ظاهرها‬ ‫قلت "قم ُ‬
‫ل على اسميتها إل‬ ‫أنها حرف لنها مكونة من كلمةٍ واحدة‪ ،‬فليس عندنا دلي ٌ‬
‫هذا السناد وهو الحديث عنه‪.‬‬
‫ل على أن "أنت" اسم إل بالسناد‬ ‫ضا دلي ٌ‬ ‫ص"‪ ،‬ليس عندنا أي ً‬ ‫"أنت مخل ٌ‬
‫إليه‪ ،‬لماذا؟ لننا نقول الضمير ليصلح لدخول حرف الجر‪ ،‬ول يصلح للتنوين‪،‬‬
‫ة‪ ،‬ل يُنادى الضمير إل‬ ‫ول يصلح للنداء‪ ،‬ول يُنادى إل شاذًّا وفي الشعر خاص ً‬
‫شذوذ ًا‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫أنت الذي طلقت‬ ‫ت‬‫يا أبجر بن أبجر يا أن َ‬
‫ت‬‫جعْ َ‬‫عام ُ‬
‫ضا أن الضمائر ل‬ ‫الشاهد دخول حرف النداء على الضمير‪ ،‬والشاهد أي ً‬
‫يصلح لها شيءٌ من العلمات الخرى‪ ،‬ل يصلح لها نداء‪ ،‬ول تظهر عليها‬
‫علمات الخفض حتى نقول إنه مخفوض‪ ،‬ول يصلح للتنوين‪ ،‬ول تدخل عليه‬
‫"الـ"‪ ،‬فل يبقى له إل هذه العلمة الوحيدة وهي السناد كما ذكر بن مالك‬
‫رحمه الله‪ ،‬مع أن مصنفنا رحمه الله اكتفى بهذه العلمات الثلث‪ ،‬وهي‬
‫أبرز العلمات في الحقيقة‪.‬‬
‫بعد هذا نتحدث عن بعض كلم المصنف رحمه الله وهو قوله ( وحروف‬
‫الخفض وهي‪ :‬من وإلى‬
‫وعن وعلى وفي ورب والكاف واللم وحروف القسم وهي‪ :‬الواو والباء‬
‫والتاء )‪.‬‬
‫هو ل يزال يتحدث عن علمات السماء‪ ،‬واستطرد فذكر لنا حروف‬
‫الخفض أو حروف الجر‪ ،‬ابن مالك ذكر حروف الجر فعدها عشرين حرفًا‪،‬‬
‫اشترك معه ابن آجروم في معظم هذه الحروف‪ ،‬نذكر لكم أبيات من ابن‬
‫مالك في ألفيته‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حتى خل حاشا عدا‬ ‫هاك حروف الجر وهي من إلى‬
‫في عن على‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪27‬‬
‫والكـاف والبـاء ولعـل‬ ‫مذ منذ ُرب اللم كي واو وتا‬
‫ُ‬
‫ومتـى‬
‫هذه عشرون حرفًا‪ ،‬وبعض هذه الحروف في الحقيقة ل يُستعمل حرف‬
‫جر إل أحيانًا عند بعض القبائل‪ ،‬وأحيانًا شاذًّا‪ ،‬ومن هذه الحروف التي‬
‫تُستعمل قليل جدًا حروف جر "لعل" و"متى"‪ ،‬فالصل في "لعل" أنها‬
‫للترجي‪ ،‬وليست حرف جر‪ ،‬ولكن ورد منه في بعض لغات العرب قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫لعل أبي‬ ‫فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة‬
‫المغوار منك قريب‬
‫ل جدًّا‪ ،‬ويختص بلغات‬ ‫فـ"أبي" هنا جاءت مجرورة ً ب"لعل"‪ ،‬وهذا قلي ٌ‬
‫ضا‪ ،‬وهي بعض‬ ‫ضا "متى" ل تُستعمل إل عند بعض العرب أي ً‬ ‫بعض العرب‪ .‬أي ً‬
‫القبائل‪ ،‬ولعلها ع ُقيل أو هُذيل‪ ،‬يقولون "أخرجها متى كمه"‪ ،‬يعني من كمه‪،‬‬
‫ومنه قول الشاعر "متى لجج خضر لهن نئيج" يعني من لجج‪ ،‬فهي تُستعمل‬
‫ص ببعض لغات العرب‪.‬‬ ‫ل وخا ٌّ‬ ‫ضا قلي ٌ‬ ‫بمعنى من‪ ،‬ولكنه أي ً‬
‫أما من وإلى وعن وعلى وفي والباء واللم فهذه كلها تجر الظاهر‬
‫والمضمر‪ ،‬تدخل على السماء الظاهرة فتجرها‪ ،‬وتدخل على السماء‬
‫المضمرة فتجرها‪ ،‬طبعًا السماء الظاهرة مبنية‪ ،‬ولكنها تكون في محل جر‪،‬‬
‫ح ﴾ [الحـزاب‪" ،]7 :‬من" دخلت على‬ ‫ن نُو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫من ْ َ‬
‫ل ﴿ وَ ِ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫الكاف ـوهو ضمير‬
‫صيُر ﴾ [المائدة‪ ،]18 :‬وقال سبحانه‬ ‫م ِ‬‫ل ﴿ وَإِلَيْهِ ال ْ َ‬ ‫ـ ونوح‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫وتعالى ﴿ وَإِلَى الل ّهِ‬
‫ُ‬
‫موُر ﴾ [البقرة‪ ،]210 :‬فجرت مرة ً الظاهر ومرة ً المضمر‪ ،‬وقال الله‬ ‫جعُ اْل ُ‬ ‫تُْر َ‬
‫ق ﴾ [المطففين‪ ،]19 :‬فدخلت عن على اسم ٍ ظاهر‪،‬‬ ‫ل ﴿ طَبَقًا ع َ ْ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫َّ‬ ‫ن طب َ ٍ‬
‫ه ﴾ [المائدة‪ ،]119 :‬دخلت‬ ‫ضوا ع َن ْ ُ‬
‫م وََر ُ‬‫ه ع َنْهُ ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ل ﴿ َر ِ‬ ‫وقال الله عّز وج ّ‬
‫على "هم" في الول وعلى الهاء في الثاني‪ ،‬أما على نحو قول الله عّز‬
‫ل ﴿ ع َلَى‬ ‫وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الل ّهِ تَوَك ّلْنَا ﴾ [العـراف‪ ،]89 :‬ودخولها على الضمير نحو قولك "عليك أن‬
‫تعمل كذا وكذا"‪.‬‬
‫أما "في" نحو قول الشاعر‪:‬‬
‫ة‬
‫ت وفيك فطان ٌ‬ ‫وفي النفس حاجا ٌ‬
‫وهو أشعر الناس أبو الطيب المتنبي‪ ،‬فالنفس هنا اسم ظاهر و"فيك"‬
‫دخلت على الضمير‪.‬‬
‫ضا‬
‫ب" تختص بالدخول على السماء الظاهرة‪ ،‬وهي أي ً‬ ‫ب"‪ ،‬هذه "ُر َّ‬ ‫و"ُر َّ‬
‫ف يدل على التقليل غالبا‪ ،‬ويدل على التكثير أحيانًا‪ ،‬وبعضهم يرى‬ ‫حر ٌ‬
‫ل لقيته‬ ‫ب رج ٍ‬‫ة بالدخول على السماء الظاهرة‪ُ" ،‬ر َّ‬ ‫العكس‪ ،‬المهم أنها خاص ٌ‬
‫فأكرمته"‪.‬‬
‫أما الباء فكقول الشاعر‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪28‬‬
‫ليلي منكن أم ليلى‬ ‫بالله يا ظبيات الحي قلن لنا‬
‫من البشر‬
‫ت بنا"‪ ،‬إلى آخره‪،‬‬ ‫ت به أو بك أو بهم"‪ ،‬أو "مرر َ‬ ‫وكقولك مثل "مرر ُ‬
‫المهم أنها تجر الظاهر وتجر الضمير‪.‬‬
‫ل﴿‬ ‫ة بالدخول على السماء الظاهرة‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬ ‫أما الكاف فخاص ٌ‬
‫ف يدل على التشبيه‪" ،‬محمدٌ‬ ‫يءٌ ﴾ [الشورى‪ ،]11 :‬وهي حر ٌ‬ ‫ش ْ‬ ‫مثْلِهِ َ‬‫س كَ ِ‬ ‫لَي ْ َ‬
‫ي" أو "زيد ٌ كخالدٍ"‪ ،‬إلى آخره‪.‬‬ ‫كعل ٍ ّ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ما فِي ال َّ‬ ‫أما اللم فنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫ما فِي الْر ِ‬ ‫ت َو َ‬‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ل ﴿لله َ‬
‫ما فِي‬‫ت وَ َ‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬‫ما فِي ال َّ‬ ‫ه َ‬‫ل ﴿ لَ ُ‬
‫﴾ [البقرة‪ ،]284 :‬وكقول الله عّز وج ّ‬
‫ض ﴾ [البقرة‪ ،]255 :‬فأحيانًا تدخل على السم الظاهر وأحيانًا تدخل‬ ‫َْ‬
‫الْر ِ‬
‫على الضمير وتجرهما على السواء‪.‬‬
‫أما حروف القسم فهي بعض هذه الحروف‪ ،‬منها الباء‪ ،‬الباء حرف‬
‫قسم‪ ،‬والواو تدخل على كل السماء الظاهرة ويُقسم بها‪" ،‬والله" "ورب‬
‫الكعبة" "والرحمن" "والرحيم"‪ ،‬وهذه طبعًا نحن بوصفنا مسلمين ل يجوز‬
‫ل أو بصفةٍ من صفاته‪،‬‬ ‫أن ندخلها للقسم إل على ما يتعلق باسم الله عّز وج ّ‬
‫ة‪ ،‬أما شرع ًا فإنه ل يجوز‬ ‫أما لو قال واحد ٌ وحياتك أو نحو ذلك فهو جائٌز لغ ً‬
‫ل‪ ،‬ول يجوز القسام بغيره أبدًا‪ ،‬لن نفس القسم‬ ‫القسام إل بالله عّز وج ّ‬
‫ي إل الله سبحانه‬ ‫ل على التعظيم‪ ،‬ول يستحق التعظيم الحقيق َّ‬ ‫بالشيء دلي ٌ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫هذه الواو‪ ،‬وأما الباء فتدخل على لفظ الجللة‪ ،‬فتقول "بالله أن تعمل‬
‫كذا وكذا"‪ ،‬هذا إذا كانت للقسم‪ ،‬أما إذا كانت حرف جر ل يُراد به القسم‬
‫فهي تدخل على كل شيءٍ‪ ،‬فتدخل هذه الباء على لفظ الجللة وعلى غيرها‬
‫من أسماء الله سبحانه وتعالى متى ما أردت القسم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫التاء‪ ،‬الغالب أنها تدخل على لفظ الجللة‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَتَاللهِ‬
‫َلَكيد َ َ‬
‫م ﴾ [النبياء‪" ،]57 :‬تالله" فأقسم بالله سبحانه وتعالى‪،‬‬ ‫مك ُ ْ‬‫صنَا َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ َ ّ‬
‫بعضهم يجيز الدخول على لفظ الرحمن‪ ،‬فيقول "تالرحمن"‪ ،‬بعضهم يجيز‬
‫ضا ـ على قلة ـ دخولها على قولك "ربي" فتقول "تربي"‪ ،‬بعضهم يجيز‬ ‫أي ً‬
‫دخولها على كلمة "رب الكعبة" فتقول "ترب الكعبة"‪ ،‬هذه التاء على ألفاظ‬
‫محدودة‪ ،‬يعني ما يجوز أن تقول "تالرحيم" مثل‪ ،‬ولم يرد‪ ،‬فهي خاصة‬
‫ة على لفظ الجللة‬ ‫بالربعة ألفاظ التي ذكرتها لكم‪ ،‬والغالب أن تكون داخل ً‬
‫وحده‪.‬‬
‫هذه بالنسبة لحروف الجر التي ذكرها ابن آجروم‪ ،‬بقيت بعض حروف‬
‫الجر‪ ،‬وهي في باب الستثناء‪ ،‬وهي مشتركة أحيانًا تصير أفعال وأحيانًا تصير‬
‫حروفًا‪ ،‬أحيانًا تصير حروف جر وأحيانًا تصير أفعال‪ ،‬وهي ثلثة خل وعدا‬
‫وحاشا‪ ،‬كيف تميز أنها فعل أو أنها حرف جر؟ انظر إلى السم الذي بعدها‪،‬‬
‫ل على‬ ‫فإن كان منصوبًا فهي فعل استثناء‪ ،‬وإن كان مجرورا فهي حرف دا ٌّ‬
‫ً‬
‫الستثناء فتكون حرف جر‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪29‬‬
‫هذه الحروف الثلثة‪ ،‬وطبعًا ابن آجروم لم يذكر هذه الحروف الثلثة‪،‬‬
‫خل وعدا وحاشا‪.‬‬
‫تناوب حروف الجر‪ ،‬وقوع بعض حروف الجر موقع بعض للدللة على‬
‫ل آخر‪ ،‬هذا خلف‬ ‫المعنى أو تضمين الفعل الذي تعلق بحرف جر معنى فع ٍ‬
‫ُ‬
‫م‬‫صل ِّبَنَّك ُ ْ‬
‫ل ﴿ وََل َ‬ ‫بين النحويين‪ ،‬ما المعتمد في فيه؟ هل تقع قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴾ [طـه‪ ،]71 :‬هل "في" هنا تدل على الظرفية أو تدل‬ ‫خ ِ‬‫جذ ُوِع الن َّ ْ‬
‫فِي ُ‬
‫ل يتعدى بـ"في"‪،‬‬ ‫على أنها بمعنى على؟ أو أنه تضمين "أصلبنكم" معنى فع ٍ‬
‫ف بين النحويين في ذلك‪ ،‬والمسألة في هذا سهلة‪ ،‬والذي أراه أن‬ ‫هذا خل ٌ‬
‫بعض الحروف لها معنًى أصلي يغلب أن يكون هو المقصود به‪ ،‬مثل "من"‬
‫تدل في الصل على التبعيض‪ ،‬لكن يمكن أن تدل لبتداء الغاية سواءٌ في‬
‫الزمان أو المكان‪ ،‬ويمكن أن تكون للتعليل‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫يغضي حياءً ويُغضى من مهابته‬
‫ن أخرى ليست بأصلية يمكن‬ ‫ي‪ ،‬ولها معا ٍ‬ ‫وهكذا‪ ،‬المهم أن لها معنًى أصل ٌّ‬
‫أن تكون عليها‪ ،‬هذا الذي أرجحه في هذه المسألة‪ ،‬وإل بعضهم يقول ل‪،‬‬
‫ف مطلقًا‪ ،‬ويمكن أن تقول‬ ‫ي حر ٍ‬ ‫الحروف يمكن أن تضع أي حرف مكان أ ِ ّ‬
‫ف معنًى واحد ٌ فقط وإنما التغيير في الفعل الذي دخل عليه‬ ‫ل‪ ،‬بل لكل حر ٍ‬
‫مستشهد به‪ ،‬فهذا‬ ‫فتُضمنه معنًى يصح أن يكون داخل على هذا الحرف ال ُ‬
‫بالنسبة لستعمال حروف الجر من ناحية معناها‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫الن نقف عند هذا الحد ونتلقى السئلة منكم إذا كان لديكم بعض‬
‫السئلة‪ ،‬وأنا أسألكم فيما ما مر شرحه إن شاء الله‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬قلتم في تعريف التنوين هو النون‬
‫ً‬
‫الداخلة على السم لفظًا تفارقه خط ّا لغير التوكيد‪ ،‬فهل إذا دخلت في‬
‫ما؟‬
‫التوكيد فل يكون اس ً‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫حا‬‫ت تعريف التنوين شر ً‬ ‫ل جيد ٌ ‪ ،‬وأنا ما شرح ُ‬ ‫بارك الله فيك ‪ ،‬هذا سؤا ٌ‬
‫ن ساكنة‬ ‫محرزان‪ ،‬أن أعيد التعريف مرة ً ثانية‪ ،‬التنوين‪ :‬نو ُ‬ ‫ما ‪ ،‬وإل فله ُ‬ ‫تا ًّ‬
‫ًّ‬
‫تلحق الخر لفظًا ل خطا لغير توكيد‪ ،‬أحيانًا تكون الكلمة نون ساكنة وفي‬
‫الخير ولكنها للتوكيد‪ ،‬فإذا كانت تدل على التوكيد فليست داخلة على‬
‫صيَةِ‬ ‫سفَعًا بِالنَّا ِ‬‫ل ﴿ لَن َ ْ‬
‫السم بل هي داخلة على فعل‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن‬
‫غري َ‬ ‫صا ِ ِ‬‫ن ال َّ‬ ‫م َ‬‫ن وَلَيَكُونًا ِ‬ ‫جن َ َّ‬‫س َ‬ ‫ل ﴿ لَي ُ ْ‬ ‫﴾ [العلق‪ ، ]15 :‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫ح نون ساكنة وتلحق الخير‬ ‫ن ﴾ صحي ٌ‬ ‫﴾ [يوسف‪ ،]32 :‬فالنون في ﴿ لَيَكُو ً‬
‫وتلفظ ول تُكتب‪ ،‬لكن هذه النون وردت هنا للتوكيد‪ ،‬إذا كانت دالة على‬
‫التوكيد فإنها ل تدخل على السماء‪ ،‬بل إن التوكيد علمة من علمات‬
‫الفعال‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا‪ ،‬نرجو من فضيلتكم أن تمثلوا لنا في خل وحاشا وعدا‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪30‬‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بار الله فيك‪ ،‬هذه أول ل ترد إل في الستثناء‪ ،‬ل ترد بهذا المعنى إذا كنا‬
‫نقصد بها حرف جر إل في الستثناء‪ ،‬فتقول "قام القوم خل زيد وحاشا‬
‫عمرٍو وعدا زيدٍ"‪ ،‬فإذا دخلت عليها "ما" تحولت‪ ،‬ل تصير حرف جر‪ ،‬ويصير‬
‫ما بعدها منصوبًا‪ ،‬تصير فعل متى ما دخلت "ما"‪ ،‬تقول "دخل القوم ما خل‬
‫زيدًا" لبد أن تقول "زيدًا" ما تقول "زيدٍ"‪ ،‬لن ما هذه تحولها إلى فعل‬
‫وتصرفها عن الحروف‪ ،‬فهذا التمثيل بالنسبة لخل وحاشا وعدا إذا كانت في‬
‫ة وإذا كانت حروف جر‪ ،‬ول تكون حروف جر إل في الستثناء‬ ‫الستثناء خاص ً‬
‫فقط‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫أنا أريد منكم من يتحدث عن الحرف الذي يدل على التقليل غالبًا وعلى‬
‫التكثير أحيانًا‪ ،‬وقال بعضهم بالعكس‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫ب"‪.‬‬‫الحرف الذي يدل على التقليل غالبًا أو التكثير هو "ُر َّ‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫تُمثل له؟‬
‫أجاب الطلبة‪:‬‬
‫ل لقيته فأكرمته"‪.‬‬ ‫ب رج ٍ‬ ‫"ُر َّ‬
‫أكمل الشيخ كلمه‪:‬‬
‫ح‪ ،‬بارك الله فيك‪ .‬لكن أنا أريد أن أنبه على مسألة‬ ‫م صحي ٌ‬ ‫هذا كل ٌ‬
‫ة على‬ ‫الختلف في الدللة على التقليل وعلى التكثير‪ ،‬الذين يرون أنها دال ٌ‬
‫التكثير كثير‪ ،‬والذين يرون أنها دالة على التقليل قليل‪ ،‬ولذلك يستشهدون‬
‫بقول الشاعر‪:‬‬
‫وذي ولد لم ولده يلده أبوان‬ ‫ب‬
‫ب مولود ٍ وليس له أ ٌ‬ ‫أل ُر َّ‬
‫ب وهو عيسى بن‬ ‫يقولون هذه ل يوجد إل واحد ٌ وواحد‪ ،‬مولود وليس له أ ٌ‬
‫مريم‪ ،‬وذي ولد ٍ شخص عنده أولد وليس له أبوان‪ ،‬من هو؟ آدم عليه‬
‫السلم‪ ،‬وهذا ما يوجد من كل واحد ٍ منهما إل واحد‪ ،‬لكن في قول الرسول‬
‫ب كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ يوم القيامة )‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم ( يا ُر َّ‬
‫ب" على التكثير‪ ،‬فبعضهم وهو الغالب والكثير من النحويين أنهم يرون‬ ‫فـ"ُر َّ‬
‫أنها تدل على التكثير‪ ،‬والقليل يرون أنها تدل على التقليل غالبًا‪.‬‬
‫مضمر مع‬ ‫ب"‪ ،‬أريد من حروف الجر التي تدخل على الظاهر وال ُ‬ ‫هذه "ُر َّ‬
‫التمثيل‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫من الحروف التي تجر الظاهر والمضمر من وإلى وعن وعلى‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫واحد منها مع تمثيله؟‬
‫أجاب الطلبة‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪31‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫صيُر ﴾ [المائدة‪:‬‬ ‫موُر ﴾ [البقرة‪ ﴿ ،]210 :‬وَإِلَيْهِ ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫جعُ اْل ُ‬
‫﴿ وَإِلَى الل ّهِ تُْر َ‬
‫‪.]18‬‬
‫أكمل الشيخ كلمه‪:‬‬
‫بارك الله فيك‪ ،‬وجزاك الله خيًرا‪ ،‬ونكتفي بهذا القدر اليوم‪ ،‬وصلى الله‬
‫وسلم وبارك على نبينا محمدٍ‪.‬‬

‫الدرس الرابع‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيًرا طيبًا مباركًا فيه‪ ،‬وصلى الله وسلم‬
‫وبارك على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫نواصل الحديث في شرح ما يتيسر من الجرومية‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله ( والفعل يُعرف ب "قد"‬
‫والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة )‪ ،‬هذه علمات‬
‫ل‪ ،‬فعل ماضي أم‬ ‫الفعال‪ ،‬إذا وجدت الكلمة مبدوءة ً بـ "قد" فاعلم أنها فع ٌ‬
‫فعل مضارع؟ الوجهان‪ ،‬يمكن أن تدخل على الفعل الماضي‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على التحقيق‪ ،‬ويمكن أن تدخل على الفعل المضارع‪ ،‬وهذا يدل على‬
‫التقليل غالبًا وعلى التحقيق أحيانًا‪" .‬قد يعلم الله الذين يخالفونك"‪ ،‬هذه‬
‫ن بكذا وكذا"‬
‫للتحقيق‪ ،‬لكن "قد يجيء محمدٌ" هذه للتقليل‪" ،‬قد أمر فل ٌ‬
‫للتحقيق‪ ،‬ول يوجد وجه آخر‪.‬‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪32‬‬
‫إذ ًا قد ل تدخل على السماء‪ ،‬وطبعًا من باب أولى أن ل تدخل على‬
‫الحروف‪ ،‬وإنما تدخل على الفعال‪ ،‬هل تدخل على فعل المر؟ الجواب ل‪،‬‬
‫هل تدخل على الفعل الماضي؟ الجواب نعم‪ ،‬هل تدخل على الفعل‬
‫المضارع؟ الجواب نعم‪ ،‬ما دللتها إذا دخلت على الفعل الماضي؟ التحقيق‬
‫قول واحدًا‪ ،‬ما دللتها إذا دخلت على الفعل المضارع؟ التقليل غالبًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫منْك ُ ْ‬
‫م لِوَاذ ًا ﴾ [النور‪ ،]63 :‬وهو‬ ‫ن ِ‬‫سل ّلُو َ‬ ‫ه ال ّذِي َ‬
‫ن يَت َ َ‬ ‫والتحقيق أحيانًا‪ ﴿ ،‬قَد ْ يَعْل َ ُ‬
‫م الل ُ‬
‫ك في ذلك‪.‬‬ ‫يعلم سبحانه بدون ش ٍ‬
‫مى هذان الحرفان؟‬ ‫( والفعل يُعرف بـ"قد" والسين وسوف )‪،‬ماذا يُس ّ‬
‫يُسميان حروف التنفيس‪ ،‬وأحيانًا يُسميان حروف التسويف‪ ،‬السين وسوف‪،‬‬
‫السين يقولون إنها أقرب من سوف‪" ،‬سوف" أبعد‪" ،‬سوف أسافر" يعني‬
‫ل‪ ،‬فالبعض يرى أنهما حرفان‬ ‫بعد مدة‪" ،‬سيجيء محمدٌ" يعني بعد قلي ٌ‬
‫للتنفيس‪ ،‬والبعض يرى أنهما حرفان للتسويف‪ ،‬أما السين فأقرب من‬
‫سوف مدةً‪ ،‬هذا كما يقول أهل اللغة‪ .‬والسين و"سوف" ل يدخلن إل على‬
‫الفعل المضارع‪ ،‬ل تدخلن على الفعل الماضي‪ ،‬ول تدخلن على الفعل‬
‫المر‪ ،‬فهما خاصان بالفعل المضارع‪.‬‬
‫وأما تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬فاعلم بارك الله فيك أن تاء التأنيث أنواع‪،‬‬
‫ما فهي الضمير إذا‬ ‫ما‪ ،‬وأحيانًا تكون حرفًا‪ ،‬فأما إن كانت اس ً‬ ‫أحيانًا تكون اس ً‬
‫ت يا هند"‪ ،‬فإن التاء‬ ‫ت يا فاطمة" و"ذهب ِ‬ ‫كانت للمخاطبة‪ ،‬مثل "أقبل ِ‬
‫الموجودة هذه هي تاء التأنيث‪ ،‬ولكنها كما ترون متحركة هنا‪ ،‬أما تاء التأنيث‬
‫ف‪ ،‬تدخل على الفعال‬ ‫الساكنة فهي التي يقصدها المصنف هنا وهي حر ٌ‬
‫الماضية فقط‪ ،‬ول تدخل على غيرها‪ ،‬وتدخل في آخر الفعل الماضي‪،‬‬
‫ة"‪ .‬يعني إذا قلت "قد قامت‬ ‫"قامت هندٌ" و"حضرت دعدٌ" و"سافرت فاطم ُ‬
‫الصلة"‪،‬‬
‫التاء هنا ساكنة أم متحركة؟ هي ساكنة في الصل ولكنها للتقاء الساكنة‬
‫حركت للتقاء الساكنين‪.‬‬ ‫حركت‪ ،‬فسواءٌ كانت بقيت على سكونها أم ُ‬ ‫ُ‬
‫فإذ ًا عندنا التاء بأنواعها‪ ،‬متى ما وجدت التاء موجودة ً في آخر الكلمة‬
‫ت أخرى؟ نعم‪ ،‬عندنا تاء‬ ‫فاعلم أن هذه الكلمة فعل ماضي‪ .‬هل هناك تاءا ٌ‬
‫الفاعل‪ ،‬وهي ثلثة أنواع‪ ،‬تاء المتكلم‪ ،‬وتاء المخاطب‪ ،‬وتاء المخاطبة‪ ،‬هذه‬
‫التاء يسمونها تاء الفاعل‪ ،‬ول تلحق إل بالفعل الماضي‪ ،‬وكذلك تاء التأنيث‬
‫الساكنة ل تلحق إل آخر الفعل الماضي‪ .‬يوجد عندنا تاء حرف ومتحرك‬
‫ضا‪ ،‬وهي التاء التي تلحق أول الفعل المضارع إذا كان‬ ‫وعلمة للفعل أي ً‬
‫ت تقومين يا هند"‪ ،‬فالعلمة هذه قد تكون في‬ ‫المقصود به المخاطبة‪" ،‬أن ِ‬
‫أول‬
‫ت‬‫الفعل المضارع‪ ،‬وقد تكون في آخر الفعل الماضي‪ ،‬أعني التاء "أن ِ‬
‫تقومين يا هند"‪ ،‬ولبد أن يكون المقصود بها المخاطبة بالنسبة للفعل‬
‫ة على الغائب مثل "هند ٌ تقوم"‪ ،‬أو‬ ‫المضارع‪ ،‬لن عندنا تاء أحيانًا تكون دال ً‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪33‬‬
‫"أنت تقوم"‪ ،‬فلبد أن يكون المقصود بها المخاطبة‪ ،‬فهي تلحق الفعل‬
‫المضارع‪ ،‬وهي دالة على أن الكلمة فعل‪.‬‬
‫ما بأنواعها ل تلحق إل‬ ‫المهم أن تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬والتاء إذا كانت اس ً‬
‫الفعال‪ ،‬قال ابن مالك‪:‬‬
‫ن فعل ينجلي‬ ‫بتا فعلت وأتت ويا افعلي ونون أقبل ّ‬
‫يعني ينجلي الفعل بواحدةٍ من هذه العلمات الربع‪ ،‬أعيدها مرة ً ثانية‪،‬‬
‫ما‪" ،‬وأتت" يعني تاء‬ ‫"بتا فعلت" يعني تاء المخاطبة مثل أو تاء الفاعل عمو ً‬
‫التأنيث الساكنة‪" ،‬ويا افعلي" هذه ياء المخاطبة‪ ،‬ول تلحق إل الفعال أبدًا‬
‫ن" هذه نون التوكيد ول تلحق إل الفعال كما ذكرنا لكم في‬ ‫"ونون أقبل ّ‬
‫اللقاء الماضي‪.‬‬
‫الن عندنا ثلثة أنواع من الفعال‪ ،‬فما علمة الفعل الماضي؟ وما علمة‬
‫الفعل‬
‫المضارع؟ وما علمة فعل المر؟ كيف يتبين لنا أن هذه الكلمة فع ٌ‬
‫ل‬
‫ماضي؟ أما الفعل الماضي فعلمته قبول التاء‪ ،‬سواءٌ أكانت تاء الفاعل أم‬
‫ت"‬ ‫ت" و"ضرب ُ‬ ‫كانت تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬ول تقع إل في آخره‪ ،‬تقول "ضرب َ‬
‫ل على أن الكلمة التي لحقتها فع ٌ‬
‫ل‬ ‫ت"‪ ،‬هذه التاء دلي ٌ‬‫ت" و"ضرب ْ‬ ‫و"ضرب ِ‬
‫ض‪ ،‬فالفعل الماضي علمته قبول التاء‪ ،‬قال ابن مالك " وماضي الفعال‬ ‫ما ٍ‬
‫بالتا مز" أي ميز الفعل الماضي بقبوله التاء في آخره‪ ،‬سواءٌ كانت للفاعل‬
‫أو كانت للتأنيث‪.‬‬
‫أما علمة الفعل المضارع فهي قبوله لـ "لم"‪ ،‬وقبول السين‪ ،‬وقبول‬
‫ل مضارع‪،‬‬ ‫سوف‪ ،‬إذا قبلت الكلمة دخول واحدة من هذه العلمات فهي فع ٌ‬
‫ول تقع هذه الدوات إل قبل الفعل المضارع‪ ،‬ول يصح أن تدخل ل على‬
‫الماضي ول فعل المر ول السماء طبعًا من باب أولى‪ ،‬ولذلك قال ابن‬
‫ضا " فعل مضارع يلي لم كيشم"‪.‬‬ ‫مالك أي ً‬
‫في بعض الحيان تدل الكلمة على معنى المضارع‪ ،‬ولكنها ل تقبل دخول‬
‫"لم"‪ ،‬وفي بعض الحيان تدل الكلمة على معنى الفعل الماضي ولكن ل‬
‫يقبل التاء‪ ،‬وما ذكرنا فعل المر‪ ،‬ولكن سنذكره ثم بعد هذا نعود إلى هذه‬
‫مستثناة‪ ،‬في بعض الحيان تدل الكلمة على معنى المر ومع‬ ‫المور الثلثة ال ُ‬
‫ذلك ل يقبل علمة المر التي سأذكرها بعد قليل‪ ،‬فماذا نفعل في هذا‬
‫المر؟ ننظر بعد قليل بعد أن نذكر لكم علمة فعل المر‪.‬‬
‫علمة فعل المر مكونة من أمرين‪ ،‬الدللة على الطلب وقبول نون‬
‫التوكيد‪ ،‬لبد من‬
‫المرين مجتمعين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الدللة على المر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وقبول نون التوكيد‪.‬‬
‫ن"‪ ،‬هذه قبلت النون ودلت على المر‪ ،‬وإذا قبلت‬ ‫قولك مثل "اضرب ّ‬
‫النون ولم تدل على المر فهي فعل مضارع كما ذكرنا قبل قليل‪ ،‬وإذا لم‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪34‬‬
‫تقبل النون ودلت على المر فهي اسم فعل أمر مثل "صه" بمعنى اسكت‬
‫ف وما شاكل ذلك‪.‬‬‫جلسي" ومثل "مه" بمعنى ك َّ‬ ‫ومثل "دراكي" ومثل " َ‬
‫إذا دلت الكلمة إلى معنى الفعل المضارع ولم تقبل نون التوكيد أو لم‬
‫تقبل دخول "لم" عليها فإنها حين إذ ٍ اسم فعل مضارع‪ ،‬مثاله "وي" بمعنى‬
‫ف" بمعنى أتضجر‪ ،‬هذه كلها تدل على‬ ‫أتعجب‪" ،‬أُوَّهْ" بمعنى أتوجع‪" ،‬أ ُ ٍ ّ‬
‫الفعل المضارع‪ ،‬ولكنها ل تقبل دخول "لم" عليها‪ ،‬فهي اسم فعل مضارع‪.‬‬
‫الفعل الماضي أو ما يدل على الزمن الماضي‪ ،‬هل يوجد منه ما يدل‬
‫على الزمن الماضي ول يقبل علمة الفعل الماضي؟ نعم‪ ،‬يوجد مثل‬
‫شتَّان" بمعنى افترق‪ ،‬هذه كلها تدل على الزمن‬ ‫"هيهات" بمعنى بَعُدَ‪ ،‬و" َ‬
‫الماضي ولكن ل تقبل تاء التأنيث ول تاء الفاعل‪.‬‬
‫فهذه علمات الفعال جمعها المصنف هنا في بعض العلمات فقال‬
‫( الفعل يُعرف بقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة )‪ ،‬ومع السف لم‬
‫يأت بعلمةٍ لفعل المر‪ ،‬ولكن فعل المر كما أخبرتكم لبد من اجتماع‬
‫علمتين فيه حتى يدل على المر‪.‬‬
‫هذه علمات الفعال‪.‬‬
‫ننتقل بعد هذا إلى قول المصنف ( والحروف ما ل يصلح‬
‫معه دليل السم ول دليل الحرف )‪ ،‬كيف تعرف أن الكلمة‬
‫حرف؟ تعرف يا أخي بارك الله فيك بطريقة وهي أن تجرب علمات‬
‫ة من هذه العلمات فهي اسم‪ ،‬وإذا لم‬ ‫السماء‪ ،‬فإذا قبلت الكلمة علم ً‬
‫ة‬
‫تقبل لم تقبل فانتقل إلى علمات الفعال وجرب عليها‪ ،‬فإذا لم تقبل علم ً‬
‫ف‪.‬‬
‫من هذه العلمات فهي حر ٌ‬
‫وهناك طريقة ثانية وهي أن تنظر إلى المعنى‪ ،‬فإن كان للكلمة معنًى‬
‫في نفسها غير مقترن بزمن فهي اسم‪ ،‬إن كان للكلمة معنًى في نفسها‬
‫مقترنًا بزمن فهي فعل‪ ،‬إن كانت الكلمة ليس لها معنًى في نفسها وإنما‬
‫ف‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪ .‬ولذلك قال‬‫معناها فيما تدخل عليه فهي حر ٌ‬
‫المصنف هنا ( والحروف ما ل يصلح معه دليل السم ول دليل الحرف )‪،‬‬
‫ف‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬ ‫فما كان كذلك فهو حر ٌ‬
‫والحروف يا إخواني أنواع‪ ،‬الحروف منها ما يختص بالدخول على‬
‫السماء‪ ،‬وهي حروف الجر وإن وأخواتها‪ ،‬وحروف تختص بالدخول على‬
‫الفعال‪ ،‬وهي الجوازم ونواصب الفعال‪ ،‬وحروف مشتركة تدخل على‬
‫السماء وعلى الفعال‪ ،‬والحروف المشتركة هذه مثل همزة الستفهام‬
‫و"هل" في الستفهام فإنها يمكن أن تدخل على السماء ويمكن أن تدخل‬
‫على الفعال‪ ،‬والولى طبعًا دخولها على الفعال‪ ،‬ولكنها قد تدخل على‬
‫السماء وقد تدخل على الفعال‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى قضية جديدة‪ ،‬بعد أن انتهى المصنف رحمه الله من‬
‫الحديث عن علمات السماء وعلمات الفعال وعلمات الحرف‪ ،‬وعلمة‬
‫الحرف علمة عديمة‪ ،‬وهي أن تجرب عليها علمات السماء فإذا قبلت‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪35‬‬
‫خرجت‪ ،‬أو تجرب عليها علمات الفعال فإذا قبلت خرجت‪ ،‬وإذا لم تقبل‬
‫ك‪.‬‬‫ف بدون ش ٍ‬ ‫ة من علمات السماء ول من علمات الفعال فهي حر ٌ‬ ‫علم ً‬
‫ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن العراب‪ ،‬والن دخل بنا في باب‬
‫صان بالجمل‪ ،‬ول تعرف أن هذه الكلمة مبنية‬ ‫الجمل‪ ،‬لن العراب والبناء خا ّ‬
‫مبتدأ ول أنها خبر إل إذا‬ ‫معربة ول أنها فاعل ول أنها مفعو ٌ‬
‫ل به ول أنها ُ‬ ‫ول ُ‬
‫كانت في جملة‪ ،‬وهذا قول المصنف هنا ( العراب هو تغيير‬
‫أواخر الكلم لختلف العوامل الداخلة عليه لفظًا أو‬
‫را )‪ ،‬بعضهم يُعرف العراب وبعضهم يُعرف ال ُ‬
‫معرب‪ ،‬والمسألة في‬ ‫تقدي ً‬
‫س‪،‬‬
‫يّ وإما أن تعرف بشيءٍ محسو ٍ‬ ‫ة‪ ،‬إما أن تعرف بشيءٍ معنو ٍ‬ ‫هذا سهل ٌ‬
‫س هم الذين يعرفون المعرب‪ ،‬والذين يعرفون‬ ‫الذين يعرفون بشيءٍ محسو ٍ‬
‫ي هم الذين يعرفون العراب‪ ،‬فالمصنف هنا اعتمد على الناحية‬ ‫بشيءٍ معنو ٍ ّ‬
‫المعنوية‪ ،‬فقال العراب هو تغيير أواخر الكلم‪ ،‬الكلم جمع كلمة أو اسم‬
‫جنس جمعي للكلمة‪ ،‬واسم الجنس الجمعي هو الذي يُفرق بينه وبين واحده‬
‫بالتاء في المفرد‪ ،‬مثل كلم وكلمة‪ ،‬وشجر وشجرة‪ ،‬وتمر وتمرة‪ ،‬إلى آخره‪.‬‬
‫فإذا وجدت أن الكلمة بسبب ما يدخل عليها من العوامل مرة تكون‬
‫مرفوعة ومرة تكون منصوبة ومرة تكون مجرورة ومجرة تكون مجزومة‬
‫ة في كل أحوالها مهما تغيّرت‬ ‫معربة‪ ،‬وإذا رأيتها ثابت ً‬ ‫فاعلم أن هذه الكلمة ُ‬
‫العوامل عليها فاعلم أن الكلمة مبينة‪ ،‬فأنت تستطيع أن تقول هذا الجدار‬
‫ي لنه ل يتحرك‪ ،‬أما المعرب فإنه يتحرك آخره‪ ،‬يعني تتغير حركته‪ ،‬تقول‬ ‫مبن ٌّ‬
‫ل"‪" ،‬رجل" لما صارت فاعل صارت‬ ‫ت برج ٍ‬ ‫ت رجل" و"مرر ُ‬ ‫ل" و"رأي ُ‬ ‫"جاء رج ٌ‬
‫مرفوعة ولما صارت مفعول به صارت منصوبة ولما دخل عليها حرف الجر‬
‫صارت‬
‫ن كلمة "رجل" معربة وليست مبنية لتغيرها بسبب‬ ‫ل على أ َّ‬ ‫مجرورة دلي ٌ‬
‫تغير العوامل‪.‬‬
‫ث‬‫ت حي ُ‬ ‫يقولون إن كلمة "حيث" مبنية‪ ،‬ويجيزون فيها أن تقول "جلس ُ‬
‫س"‪،‬‬‫ث زيد ٌ جال ٌ‬ ‫ت حي ِ‬ ‫س" وتقول "جلس ُ‬ ‫ث زيد ٌ جال ٌ‬ ‫ت حي َ‬ ‫س" و"جلس ُ‬ ‫زيد ٌ جال ٌ‬
‫ج من‬ ‫ومع ذلك يعدونها مبنية مع أنها تغيرت حركتها‪ ،‬فهل عندنا من مخر ٍ‬
‫هذه المشكلة؟ الجواب نعم‪ ،‬لننا حددنا لك هنا أن يكون سبب التغيير هو‬
‫ت‬‫بتغير دخول العوامل‪ ،‬العامل هنا في حيث لم يتغير لنك تقول "جلس ُ‬
‫ث" فما الذي تغيّر؟ التغير في لغات‬ ‫ت حي ِ‬ ‫ث" و"جلس ُ‬ ‫ت حي َ‬ ‫ث" و"جلس ُ‬ ‫حي ُ‬
‫العرب فقط‪ ،‬لن بعض العرب وهو الغالب الكثير يبنيها على الضم‪ ،‬ومنه‬
‫رام‬
‫ح َ ِ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬‫شطَْر ال ْ َ‬‫ك َ‬‫جه َ َ‬
‫ل وَ ْ‬‫ت فَوَ ِّ‬ ‫ج َ‬‫خَر ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل ﴿ وَ ِ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫ث"‪ ،‬ولكن بعض لغات العرب ـ وهي أقل‬ ‫حي ْ ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫﴾ [البقرة‪ ،]149 :‬فلم يقل "وَ ِ‬
‫ث"‪ ،‬وبعضهم يرى أنها‬ ‫ة على الفتح فيقول "من حي َ‬ ‫ة ـ يجعلها مبني ً‬ ‫منها درج ً‬
‫مبنية على الكسر‪ ،‬وهذا قليل‪.‬‬
‫معتد به أو التغير المعتد به هو ما كان بسبب دخول‬ ‫إذ ًا العراب ال ُ‬
‫العوامل‪ ،‬أما ما لم يكن بسبب دخول العوامل وإنما هو بسبب اختلف لغات‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪36‬‬
‫العرب فل نعده من المعرب‪ ،‬وإنما نعده مبنيًّا‪ ،‬هذا قول المصنف ( العراب‬
‫هو تغيير أواخر الكلم لختلف العوامل الداخلة عليه لفظًا أو تقديًرا )‪ ،‬الذين‬
‫عّرفوا المعرب قالوا المعرب‪ :‬هو الذي يتغير آخره بسبب ما يدخل عليه من‬
‫ة والحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫عوامل‪ ،‬والمسألة في هذا سهل ٌ‬
‫قوله ( العراب هو تغيير أواخر الكلم لختلف العوامل الداخلة عليه لفظًا‬
‫أو‬
‫تقديًرا ) ( لفظًا ) انتهينا منه‪،‬‬
‫الن ننتقل إلى العراب التقديري‪ ،‬أحيانًا تكون الكلمة ل تظهر عليها‬
‫علمة العراب مطلقًا لنها مكسورة مثل‪ ،‬أو لنها متصلة بياء المتكلم‪ ،‬مثل‬
‫ت بموسى"‪" ،‬موسى" هنا‬ ‫تقول "جاء موسى" و"رأيت موسى" و"مرر ُ‬
‫معرب‪ ،‬لكنه مرفوع ٌ بضمة مقدرة‪" ،‬رأيت موسى" منصوب بفتحة مقدرة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ي طالما‬ ‫ت بموسى" مجرور بكسرة مقدرة‪ ،‬إذ ًا لماذا ل تقول إنه مبن ٌّ‬ ‫"مرر ُ‬
‫م والسماء الصل فيها‬ ‫لم يتغير حاله؟ أقول لك لن هذه الكلمة اس ٌ‬
‫العراب‪ ،‬ول تُبنى إل إذا شابهت الحروف‪ ،‬وهذا ليس بينه وبين الحروف أي‬
‫معرب‪ ،‬لكن علمات تقديرية‪.‬‬ ‫ح أنه ُ‬ ‫شبه –أي كلمة "موسى" ـ ‪ ،‬فنقول صحي ٌ‬
‫هذا نوع ٌ مما تُقدر عليه جميع علمات العراب‪.‬‬
‫مضاف إلى ياء‬ ‫النوع الثاني‪ :‬مما تُقدر عليه جميع علمات العراب هو ال ُ‬
‫مبتدأ‪،‬‬ ‫ت في كتابي"‪" ،‬هذا" ُ‬ ‫ت كتابي" و"قرأ ُ‬ ‫متكلم مثل "هذا كتابي" و"ورأي ُ‬ ‫ال ُ‬
‫"كتاب" خبٌر مرفوع ٌ وعلمة رفعه الضمة المقدرة على الباء‪ ،‬منع من‬
‫ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة للياء‪ ،‬لماذا؟ لن الياء هذه –أي ياء‬
‫ل يجيئون‬ ‫المتكلم ـ ل يقع ما قبلها إل مكسوًرا‪ ،‬ولذلك إذا دخل عليها فع ٌ‬
‫بنون الوقاية حتى تقي الفعل من الكسر‪ ،‬لن الفعل ل يُكسر‪.‬‬
‫إذ ًا هذه تُقدر عليها جميع علمات العراب‪ ،‬بعضهم هنا قال إن المضاف‬
‫إلى ياء المتكلم اكتسب البناء من إضافته إلى الياء لن الياء مبنية فهو‬
‫ت مقدرة‪ ،‬ومنع من‬ ‫ب بحركا ٍ‬ ‫ب‪ ،‬وأنه معر ٌ‬ ‫معر ُ‬‫ي‪ ،‬لكن الصواب أنه ُ‬ ‫مبن ٌّ‬
‫ظهروها اشتغال المحل بحركة المناسبة‪ .‬هذا بالنسبة للمضاف إلى ياء‬
‫ب ول هو مبن ٌّ‬
‫ي‬ ‫المتكلم‪ ،‬بعضهم يرى أنه في منزلةٍ بين المنزلتين‪ ،‬ل هو معر ٌ‬
‫مضاف إلى ياء المتكلم‪ ،‬لكن نعود مرةً‬ ‫ل بنفسه‪ ،‬الذي هو ال ُ‬ ‫مستق ٌ‬ ‫م ُ‬
‫بل قس ٌ‬
‫ت مقدرة‪.‬‬ ‫ب بعلما ٍ‬ ‫أخرى ونقول ل‪ ،‬بل هو معرب‪ ،‬ومعر ٌ‬
‫أحيانًا يكون العراب التقديري في بعض الحيان‪ ،‬فمثل السم المنقوص‬
‫مثل "القاضي" و"الساعي" و"الداعي" و"المرتدي" وإلى آخره‪ ،‬هذه‬
‫مختومة بياء‪ ،‬وما قبل الياء مكسور‪ ،‬هذه تُسمى أسماء منقوصة أو ناقصة‪،‬‬
‫هذه تظهر عليها العلمة العرابية في حالة النصب‪ ،‬أما في حالة الجر وفي‬
‫ت‬‫حالة الرفع فل تظهر عليها العلمة العرابية‪ ،‬أقول "جاء القاضي" و"ورأي ُ‬
‫ي" و"مررت بالقاضي"‪ ،‬في حالة الرفع وفي حالة الجر ساكنة ولكن‬ ‫القاض َ‬
‫الحركات مقدرة عليها‪ ،‬ويقولون إن هذا التقدير للثقل وليس للتعذر‪،‬‬
‫فالتقدير في السماء المنقوصة للثقل‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪37‬‬
‫الفعل المضارع المختوم بالواو أو الياء تُقدر عليه العلمة العرابية في‬
‫حالة الرفع فقط‪ ،‬تقول "محمد ٌ يدعو ربه" و"محمد ٌ يرمي عدوه" في حالة‬
‫يدعو‬
‫َ‬ ‫الرفع‪ ،‬فأما إذا جئت بالنصب فإن الفتحة تظهر فتقول "محمد لن‬
‫ي أحبابه"‪ ،‬ظهرت عليها‬ ‫الشيطان" أو "لن يدعوَ عدوه" وتقول "لن يرم َ‬
‫الفتحة‪ ،‬أما في حالة الجزم نحذف حرف العلة‪ ،‬تقول "لم يدع ُ" و"لم يرمِ"‬
‫و"لم يسعَ"‪" ،‬واحذف جازما ثلثهن تقض حكما لزما"‪ ،‬هذا في الفعل‬
‫المضارع المعتل الخر‪ ،‬وسيأتينا بيانه إن شاء الله‪.‬‬
‫إذ ًا قد تكون العلمة مقدرة ٌ مطلقًا‪ ،‬يعني في كل الوقات رفعًا ونصبًا‬
‫وغيرها‪ ،‬وقد تكون في بعض الحالت كما رأيتم وكما مثلنا في حالة السم‬
‫المنقوص وفي حالة السم المقصور والفعل المضارع المعتل الخر والكلمة‬
‫المضافة إلى ياء المتكلم‪ ،‬ونكون بهذا أنهينا الحديث عن العراب الظاهر‬
‫والعراب المقدر‪.‬‬
‫البناء‪:‬‬
‫المبني هو الذي ل يتغير آخره بسبب ما يدخل عليه من العوامل‪ ،‬ولم‬
‫يذكر هذا الكلم ابن آجروم رحمه الله‪ ،‬لم يذكر المبني اكتفاءً بالمعرب‪،‬‬
‫قال العراب هو تغيير أواخر الكلم‪ ،‬ومعناه عكسه هو المبني‪ ،‬البناء هو عدم‬
‫تغيير أواخر الكلم بسبب ما يدخل عليه من العوامل‪ ،‬تقول "جاء من أحبه"‬
‫ت بمن أحبه"‪" ،‬من" هذه اسم موصول‪ ،‬وقد‬ ‫ت من أحبه" و"مرر ُ‬ ‫و"رأي ُ‬
‫جاءت ساكنة في الحوال الثلثة‪ ،‬في الرفع والنصب والخفض‪ ،‬معنى هذا‬
‫م موصو ٌ‬
‫ل‬ ‫أنها كلمة مبنية‪ ،‬ول تتأثر بما يدخل عليها من العوامل‪ ،‬و"من" اس ٌ‬
‫مبني ل يتأثر بما يدخل عليه من العوامل‪ ،‬فهذا هو المبني‪.‬‬
‫ول بأس أن نعد لكم المبنيات‪ ،‬المبنيات هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الحروف كلها مبنية بدون استثناء‪ ،‬ل يوجد حرف إل وهو مبن ٌّ‬
‫ي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الضمائر كلها مبنية‪ ،‬ل يوجد ضميٌر إل وهو مبن ٌّ‬
‫ي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أسماء الشارة‪ ،‬وسأعود لسماء الشارة بعد قليل‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ السماء الموصولة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أسماء الشرط‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أسماء الستفهام‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أسماء الفعال‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ أسماء الصوات‪ ،‬وهذه قليلة الستعمال‪.‬‬
‫ت إنها مبنية‪ ،‬عندنا في‬ ‫نعود إلى بعض السماء التي ذكرتها لكم وقُل ُ‬
‫أسماء الشارة لفظان وهما "هذان" و"هاتان"‪ ،‬تكون في حالة الرفع باللف‬
‫وفي حالة النصب والجر بالياء‪ ،‬فهل هي معربة بهاتين الصورتين أو مبنية؟‬
‫في هذا خلف‪ ،‬لكن الصحيح أنها معربة‪ ،‬إذ ًا "هذان" و"هاتان" تُرفعان‬
‫باللف وتُنصبان وتجران بالياء‪ ،‬والبقية كل أسماء الشارة مبنية‪.‬‬
‫السماء الموصولة يوجد فيها ثلثة ألفاظ "اللذان" و"اللتان" و"أي"‪ ،‬أما‬
‫"أي" فقول واحدًا معربة إذا كانت موصولة أو إذا كانت استفهامية أو إذا‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪38‬‬
‫ما موصول وقد أُضيفت‬ ‫كانت شرطية إل في حالة واحدة وهي إذا كانت اس ً‬
‫شدُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل﴿ لَنَنْزِع َ َّ‬
‫مأ َ‬ ‫شيعَةٍ أيُّهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن ك ُ ِّ‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫حذف صدر صلتها كقول الله عّز وج ّ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫ي"هنا في‬ ‫عتِيًّا ﴾ [مريم‪،]69 :‬اعلم بارك الله فيك أن كلمة "أ ُّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ح َ‬‫ع َلَى الَّر ْ‬
‫َ‬
‫م موصو ٌ‬
‫ل‬ ‫م"‪،‬لماذا؟ قال لنها اس ُ‬ ‫محل نصب مفعول به‪،‬ولم يقل "أيَّهُ ْ‬
‫شدُّ"‪ ،‬وقد‬ ‫م هُوَ أ َ َ‬ ‫َ‬
‫حذف صدر صلتها‪ ،‬لن التقدير والله أعلم "أيُّهُ ْ‬ ‫ف وقد ُ‬ ‫مضا ٌ‬ ‫ُ‬
‫م" فهي هنا مبنية‪ ،‬فيما عدا ذلك كلما رأيت "أي"‬ ‫ُ‬
‫أضيفت إلى كلمة "هُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ِ‬ ‫ل ﴿ فَأيُّ الْفَرِيقَي ْ‬
‫فأعربها‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما تَدْع ُوا فَل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ل﴿ أيًّا َ‬ ‫ن ﴾[النعام‪،]81 :‬هنا استفهامية‪،‬قال الله عّزوج ّ‬ ‫م ِ‬‫حقُّ بِاْل ْ‬ ‫أ َ‬
‫ماءُ ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ل قابلتَه؟" و"بأ ِ ّ‬ ‫سنَى ﴾ [السراء‪ ،]110 :‬وكقولك مثل "أيَّ رج ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬ ‫اْل ْ‬
‫ل مررت"‪ ،‬فهذه "أي" معربة‪.‬‬ ‫رج ٍ‬
‫معربان أم‬ ‫"اللذان" و"اللتان" رفعًا باللف‪ ،‬ونصبًا وجًرا بالياء‪ ،‬أهما ُ‬
‫معربان‪ ،‬يعني إعراب المثنى‪ ،‬بقية‬ ‫مبنيان؟ فيه خلف‪ ،‬والصحيح أنهما ُ‬
‫السماء من الثمانية أمور التي ذكرتها لكم كلها مبنية‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫معرب والمبني أو مما يتحدث فيه المصنف في باب‬ ‫انتهينا من باب ال ُ‬
‫معرب والمبني‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫قال المصنف ( وأقسامه أربعة )‪ ،‬أقسام ماذا؟ الضمير عائد إلى‬
‫ماذا؟ إلى العراب‪ ،‬لنه لم يتحدث عن المبني‪ ،‬فقال ( أقسامه‬
‫م‪ ،‬فللسماء من‬ ‫ض وجز ٌ‬ ‫ب وخف ٌ‬ ‫ع ونص ٌ‬ ‫أربعة‪ :‬رف ٌ‬
‫ذلك الرفع والنصب والخفض‪ ،‬ول جزم فيها‪،‬‬
‫وللفعال من ذلك الرفع والنصب والجزم‪ ،‬ول‬
‫خفض فيها )‪ ،‬لن الخفض خا ٌّ‬
‫ص بالسماء‪ ،‬والجزم خا ٌّ‬
‫ص بالفعال‪ ،‬ول‬
‫يوجد عندنا اسم مجزوم‪ ،‬ما تقولون في "من" وفي "مهما"؟ أليست ساكنة‬
‫الخر؟ تقول "جاء من نحبه" مثل‪ ،‬أو "سافر من أوده"‪ ،‬و"رأيت من أوده"‪،‬‬
‫ص بالفعال‪ ،‬ومن هذه‬ ‫أل ترى أنها ساكنة الخر ونحن نقول إن الجزم خا ٌّ‬
‫اسم موصول‪ ،‬الجواب عن هذا أنها هنا مبنية وليست مجزومة‪ ،‬هناك فرقٌ‬
‫بين الجزم والبناء‪ ،‬فالجزم علمة إعراب‪ ،‬والسكون علمة بناء‪ ،‬فالجزم‬
‫المقصود به هنا علمة من علمات العراب‪ ،‬ول تقع في السماء‪.‬‬
‫م‪ ،‬فللسماء من ذلك الرفع والنصب والخفض‬ ‫ض وجز ٌ‬‫ب وخف ٌ‬ ‫( رفعٌ ونص ٌ‬
‫ت زيدًا" و"نظرت إلى زيدٍ"‪ ،‬فهذه أخذت العلمات‬ ‫) تقول "هذا زيدٌ"‪ ،‬و"رأي ُ‬
‫العرابية الثلثة وهي الرفع والنصب والجر أو الخفض كما عبّر صاحبنا هنا‪.‬‬
‫( وللفعال من ذلك الرفع والنصب والجزم‪ ،‬ول خفض فيها ) تقول‬
‫ل معرب‬ ‫"محمد ٌ يقوم"‪ ،‬و"محمد ٌ لن يقوم"‪ ،‬و"محمد لم يقم"‪ ،‬فـ "يقوم" فع ٌ‬
‫م" لنه لم يتقدم‬‫وقد تحرك بالحركات الثلث وهي الرفع في قولك "يقو ُ‬
‫م" لنه تقدمت عليه‬ ‫عليه ناصب ول جازم‪ ،‬والنصب في قولك "لن يقو َ‬
‫"لن"‪ ،‬والجزم في قولك "لم يقم"‪ ،‬لنه تقدمت عليه "لم" الجازمة‪ ،‬ول‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪39‬‬
‫يوجد في الفعال خفض‪ .‬أحيانًا في آخر البيت من القصيدة تُحركه بالكسر‬
‫لكنه ليس من أجل أن الفعل يجوز أن تكسره‪ ،‬مثل في قول ُزهير‪:‬‬
‫بحومانة الدراج فالمتثلم‬ ‫ُ‬
‫ة لم تكلمِ‬
‫م ِ أوفى دمن ٌ‬
‫أمن أ ّ‬
‫"لم تكلم"‪" ،‬تكلم" هنا فعل مضارع‪ ،‬وأصله "لم تتكلم"‪ ،‬دخلت عليها‬
‫"لم"‪ ،‬ومع ذلك رأينا أن الفعل هنا عليه الكسرة كما ترون‪،‬ولكننا ل نقول‬
‫م" ل يكن‬‫إنه مكسور ولكن نقول من أجل الشباع‪ ،‬لنه لو قال "لم تكل ْ‬
‫عنده فرصة للشباع‪ ،‬فحول السكون إلى كسرة‪.‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر اليوم‪ ،‬ونتوجه إليكم بالسئلة أو تتوجهون أنتم‬
‫بالسئلة التي لديكم متعلقة بما في هذا الباب‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬قلنا أن التقدير لختلف العوامل‬
‫الداخلة عليها لفظًا أو تقديًرا‪ ،‬هل يجوز أن يُحمل التقدير هاهنا على‬
‫العوامل؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ل‪ ،‬وحفظك الله‪ ،‬العوامل هي التي تؤثر بسبب دخولها‪ ،‬أما التقدير فل‬
‫أظن أن له وجه نحمله على أن يكون العامل مقدًرا‪ ،‬يكون العامل مقدًرا‬
‫في حروف الجر أحيانًا‪ ،‬يُحذف حرف الجر ويُقدر‪ ،‬مثل يقولون في واو‬
‫ف‬
‫ب" تكون مجرورة بحر ٍ‬ ‫ب" إن الكلمة التي تأتي مجرورة بعد واو "ُر َّ‬ ‫"ُر َّ‬
‫مقدر‪ ،‬لكن الصواب في أن المصنف هنا أراد بأن التقدير في علمة‬
‫العراب نفسها‪ ،‬إما أن تكون ظاهرة أو أن تكون مقدرة‪ ،‬هذا الظاهر لي‪،‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا يا شيخ‪ ،‬ذكرتم أن حروف الخفض ل تدخل إل على‬
‫ت من على شجرة"؟‬ ‫ه قول القائل "سقط ُ‬ ‫السماء‪ ،‬فكيف يُو َّ‬
‫ج ُ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذا أحيانًا ربما تحدثنا فيه أو لم نتحدث‪ ،‬ل أدري ربما توسعنا في هذا‪،‬‬
‫يقولون بعض حروف الجر تُستعمل أحيانًا حروفًا وأحيانًا أسماءً‪ ،‬كالكاف‬
‫مثل‪ ،‬الكاف يقولون تأتي بمعنى "مثل" و"على" وتأتي بمعنى "فوق"‪،‬‬
‫فحينئذ ٍ يجوز دخول حرف الجر عليها لنك ضمنت الحرف الذي هو في‬
‫الصل حرف معنى اسم ٍ آخر فجاز دخول حرف الجر عليه‪ ،‬ومنه قول‬
‫الشاعر "غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها"‪ ،‬وهي حروف مجموعة وأظنها‬
‫خمسة حروف تأتي أحيانًا أسماءً فتدخل عليها حروف الجر لنها تحولت‬
‫دللتها من الحروف إلى السماء‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬قلنا في مثال الكلمات المعربة ولكن‬
‫تقديًرا منع من ظهور العلمة عليها الستثقال أنها تكون معربة‪ ،‬فهل في‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪40‬‬
‫ت‬
‫كلمة "قاضي" مثل أو كلمة "ليالي" إن حذفنا الياء فنقول مثل "مرر ُ‬
‫ض من القضاة" فهل هنا تكون معربة تقديًرا؟‬ ‫بقا ٍ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ت‬‫بارك الله فيك‪ ،‬سؤال جميل جزاك الله خيًرا عليه‪ ،‬إذا قلت "مرر ُ‬
‫ض‪ ،‬والتاء‪ :‬فاعل‪ ،‬والباء‪ :‬حرف‬ ‫بقاض" فكيف تُعربها؟ تقول "مَر"‪ :‬فع ٌّ‬
‫ل ما ٍ‬ ‫َ ّ‬ ‫ٍ‬
‫ض"‪ :‬اسم مجرور بحركة مقدرة على الياء المحذوفة للتقاء‬ ‫ٍ‬ ‫و"قا‬ ‫جر‪،‬‬
‫الساكنين‪ ،‬الساكنان هما الياء هذه التي استثقلت عليها الحركة فسكنت‪،‬‬
‫والساكن الثاني هو التنوين‪ ،‬فلما اجتمع التنوين والياء –والياء حرف علة‬
‫متطرفة ـ حذفوا الياء‪ ،‬فالحركة مقدرة على الياء المحذوفة‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫توجد بعض الكلمات مبنية‪ ،‬ومع ذلك تتغير حركة آخرها‪ ،‬فما توجيه‬
‫ذلك؟ وما هذه الكلمات؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫الكلمة هي "حيث"‪ ،‬وتوجيهها حسب لسان العرب‪.‬‬
‫سأل الشيخ الطالب‪:‬‬
‫تحكم عليها بأنها مبنية أم معربة؟‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫هي مبنية‪ ،‬لكن يُوجه رفعها أو خفضها أو نصبها حسب لغات العرب‪،‬‬
‫وليس هذا لن الكلمة نفسها معربة‪.‬‬
‫أكمل الشيخ كلمه‪:‬‬
‫هذا كلم حق‪ ،‬بارك الله فيك‪.‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ‪.‬‬

‫الدرس الخامس‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪41‬‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ٍ وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫اللهم ل سهل إل ما جعلته سهل‪ ،‬وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهل‪،‬‬
‫سهل لنا يا رب أمورنا‪ ،‬واغفر لنا ذنوبنا‪ ،‬وارحمنا برحمتك‪ ،‬اللهم علمنا ما‬
‫ما يا أرحم الراحمين‪.‬‬‫ينفعنا‪ ،‬وانفعنا بما علمتنا‪ ،‬وزدنا عل ً‬
‫لزلنا في مجالس العلم‪ ،‬ونتحدث في بعض أبواب الجرومية‪ ،‬وقد‬
‫وصلنا إلى بعض التفصيلت في علمات العراب‪ ،‬لنه لما انتهى المصنف‬
‫من ذكر أنواع العراب شرع الن في علمات هذا العراب‪ ،‬كيف يكون‬
‫الرفع؟ كيف يكون النصب؟ كيف يكون الجر؟ كيف يكون الجزم؟‪ ،‬وأحوال‬
‫ل نوع ًا ما‪ ،‬وسيفصله تفصيل آخر في ما بعد‪ ،‬ولكننا‬ ‫هذه المور بتفصي ٍ‬
‫سنمشي في التفصيل الخير بإيجازٍ شديد إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫المصنف انتهى من بيان أن السم والفعل يشتركان في نوعين من‬
‫أنواع العراب‪ ،‬هما الرفع والنصب‪ ،‬وأن الفعال تختص بالجزم‪ ،‬وأن‬
‫السماء تختص بالجر أو بالخفض كما هي عبارة الكوفيين‪ ،‬والن بدأ يتحدث‬
‫في معرفة علمات العراب فقال‪:‬‬
‫( باب معرفة علمات العراب‪:‬للرفع أربع علمات‪:‬‬
‫الضمة‪ ،‬والواو‪ ،‬واللف‪ ،‬والنون )‪ ،‬هذه العلمات هي علمات‬
‫ة يقينية‬ ‫العراب‪ ،‬وقبل أن نشرع في هذه التفاصيل لبد أن نعرف معرف ً‬
‫ت فرعية‪،‬‬ ‫غير منسية علمات العراب الصلية‪ ،‬لن ما سواها إنما هو علما ٌ‬
‫فالعلمة الصلية للرفع هي الضمة‪ ،‬والعلمة الصلية للنصب هي الفتحة‪،‬‬
‫والعلمة الصلية للخفض هي الكسرة‪ ،‬والعلمة الصلية للجزم هي‬
‫السكون‪ ،‬ويتفرع عن كل واحدة من هذه العلمات بعض الفروع‪ ،‬والمصنف‬
‫قد بدأ في ذكر هذه الفروع‪ ،‬فبدأ بالعلمات التي تكون للرفع‪ ،‬ذكر أول‬
‫العلمة الصلية منها‪ ،‬العلمة الصلية للرفع هي الضمة‪ ،‬ويتفرع عنها ‪-‬يعني‬
‫ة‪ ،‬فالضمة هي الصلية‪،‬‬ ‫ة فرعي ٌ‬
‫يكون الرفع أحيانًا‪ -‬بغير الضمة‪ ،‬ولكنه علم ٌ‬
‫ة بالواو‪ ،‬وقد تكون الكلمة‬ ‫ويتفرع عنها أحيانًا الواو‪ ،‬قد تكون الكلمة مرفوع ً‬
‫ة بالنون‪ ،‬هذه ثلث علمات‬ ‫ة باللف‪ ،‬وقد تكون الكلمة مرفوع ً‬ ‫مرفوع ً‬
‫فرعية‪ ،‬والعلمة الصلية هي الضمة‪.‬‬
‫ثم فصل المصنف فبيّن أن الضمة تكون في حالت‪ ،‬وأن اللف تكون‬
‫في حالت‪ ،‬وأن الواو تكون في حالت‪ ،‬وأن النون تكون في حالت‪ ،‬فنتبين‬
‫الن إن شاء الله تعالى‪ ،‬قال المصنف رحمه الله ( فأما‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪42‬‬
‫ة للرفع في أربعة مواضع‪ :‬في‬ ‫الضمةفتكون علم ً‬
‫السم المفرد‪ ،‬وفي جمع التكسير‪ ،‬وفي جمع‬
‫المؤنث السالم‪ ،‬وفي الفعل المضارع الذي لم‬
‫يتصل بآخره شيءٌ )‪ ،‬وهذا كل ٌ‬
‫م حقٌ‪ ،‬الضمة هي العلمة الصلية‪،‬‬
‫وتكون في المواضع الربعة هذه التي نذكرها تباع ًا‪.‬‬
‫ة أم نكرة‪ ،‬مذكًرا أم مؤنثًا‪ ،‬فإن‬ ‫أول‪ :‬السم المفرد‪ ،‬سواءٌ أكان معرف ً‬
‫علمة السم المفرد هي الضمة‪ ،‬ول تهتم وتظن أنه يقصد بالضمة غير‬
‫الضمتين في حالة التنوين مثل‪ ،‬ل‪ ،‬ليس هذا مقصوده‪ ،‬وإنما المقصود إن‬
‫كانت الكلمة منصرفة فستكون طبعًا مع التنوين‪ ،‬بخاصة إذا لم تدخل عليها‬
‫ال‪ ،‬وإن كانت غير منصرفة أو دخلت عليها ال فإنها ستكون بالضمة فقط‪،‬‬
‫فنبدأ فنقول الضمة هي علمة للرفع في السم المفرد‪.‬‬
‫السم المفرد معروف طبعًا أنه ليس مثنًى ول مجموع‪ ،‬وقوله ( السم )‬
‫ضا‬
‫يخرج الفعل والحرف‪ ،‬فإن الفعل ل شأن له في هذا الموضع‪ ،‬والحرف أي ً‬
‫م أخو‬ ‫كما قررنا أن الحروف كلها مبنية‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم ( المسل ُ‬
‫م ) مبتدأ مرفوع‪ ،‬وعلمة رفعه الضمة الظاهرة على‬ ‫المسلم )‪ ( ،‬المسل ُ‬
‫م مفرد‪.‬‬ ‫آخره‪ ،‬وهو اس ٌ‬
‫أما الموضع الثاني الذي يُرفع بالضمة فهو جمع التكسير‪ ،‬واعلموا بارك‬
‫الله فيكم أن ما يدل على الجمع أنواع‪ ،‬منها جمع التكسير‪ ،‬منها جمع‬
‫المذكر السالم‪ ،‬منها جمع المؤنث السالم‪ ،‬منها اسم الجمع‪ ،‬منها اسم‬
‫الجنس الجمعي‪ ،‬هذه كلها تدل على الجموع‪ ،‬ولكل واحد ٍ منها تعريف‪ ،‬فنبدأ‬
‫بتعريف جمع التكسير الذي هو في بابنا الن‪ ،‬ول بأس أن نضم معه اسم‬
‫ضا هي الضمة‪ ،‬فأما جمع‬ ‫الجنس الجمعي واسم الجمع لن علمتهما أي ً‬
‫ل على أكثر من اثنين ولم يسلم مفرده من التغيير‪ ،‬لذلك‬ ‫التكسير فهو ما د ّ‬
‫مي‬
‫س ِّ‬
‫ُ‬
‫تكسيًرا لن مفرده يتكسر‪ ،‬يتكسر بمعنى أنها تتغير حركاته أحيانًا‪ ،‬تتغير‬
‫بعض الحروف فيه‪ ،‬ينقلب حرف إلى حرف‪ ،‬وهكذا‪ ،‬كلمة "رجل" جمعها‬
‫جل"‬ ‫"رجال"‪ ،‬كلمة "مسجد" جمعها "مساجد"‪ ،‬انظر بارك الله فيك إلى "َر ُ‬
‫جال"‪ ،‬فتغيرت‬ ‫ت "رِ َ‬‫الول الراء مفتوحة والجيم مضمومة‪ ،‬ثم لما جمعتها قل َ‬
‫الحركة في الراء والجيم معناه أنه لم يسلم مفرده من التغيير‪ ،‬هذا هو جمع‬
‫جد"‪ ،‬تغيرت السكون إلى فتحة‪،‬‬ ‫سا ِ‬
‫م َ‬
‫جد" تقول في جمعه " َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬
‫التكسير‪َ " .‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فمادام لم يسلم مفرده من التغيير فهو جمع تكسير‪ ،‬ما علمة الرفع‬
‫في‬
‫جمع التكسير سواءٌ أكان مصروفًا ككلمة "رجال" أم غير مصروف ككلمة‬
‫"مساجد"؟ علمة رفعه هي الضمة‪ ،‬قد انتهينا من تعريفه‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى اسم الجمع‪ ،‬واسم الجنس الجمعي‪ ،‬أما اسم الجمع يا‬
‫أيها الحباب فإنه ما دل على أكثر من اثنين لكن ل مفرد له من لفظه‪ ،‬مثل‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪43‬‬
‫"نساء" مفردها "امرأة" ل مفرد له من لفظه‪" ،‬قوم" مفرده "رجل"‪،‬‬
‫مى بأسماء الجموع‪ ،‬وكلها‬ ‫"رهط" مفرده "واحد"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬هذه كلها تُس َّ‬
‫علمة رفعها الضمة‪.‬‬
‫ننتقل إلى اسم الجنس الجمعي‪ ،‬اسم الجنس الجمعي يا أيها الحباب‬
‫ضا ما دل على أكثر من اثنين‪ ،‬ولكن يُفَّرق بينه وبين واحده بالتاء في‬ ‫هو أي ً‬
‫المفرد‪ ،‬يعني التاء تكون في المفرد والجمع يكون خاليًا منها‪ ،‬وهذا هو‬
‫الغالب فيه‪ ،‬تقول "شجر" هذا اسم جنس جمعي‪ ،‬مفرده "شجرة"‪ ،‬فيها‬
‫تاء‪ ،‬تقول "تمر" مفرده "تمرة"‪ ،‬تقول "لبن" مفرده "لبنة"‪" ،‬كلم" ‪-‬كما مر‬
‫بنا‪ -‬مفرده "كلمة"‪ ،‬فإذا كان يُفرق بينه وبين واحده بالتاء‪ ،‬والتاء تكون في‬
‫المفرد هذا يُسمى باسم الجنس الجمعي‪.‬‬
‫فيه نوع آخر من اسم الجنس الجمعي‪ ،‬هو الذي يُفرق بينه وبين واحده‬
‫بياء النسب في المفرد‪ ،‬تقول "عرب" و"عربي"‪ ،‬و"روم" و"رومي"‪،‬‬
‫و"ترك" و"تركي"‪ ،‬المفرد فيه ياء النسب‪ ،‬والجمع ليست فيه ياء النسب‪،‬‬
‫هذا كله يُسمى باسم الجنس الجمعي‪ ،‬وكذلك هذا النوع علمة إعرابه‬
‫الضمة‪ ،‬وسواءٌ كان منونًا أم غير منونًا‪ ،‬الغالب فيه أن يكون منونًا إل أن‬
‫تدخل عليه "ال"‪ ،‬فإن "ال" والتنوين ل يجتمعان‪.‬‬
‫نعود مرة ثانية إلى جموع التكسير‪ ،‬أنبه إلى أنها نوعان‪ ،‬نوع ٌ منها‬
‫مى جموع كثرة‪ ،‬جموع القلة هذه تكون‬ ‫يُسمى جموع قلة‪ ،‬ونوع ٌ منها يُس َّ‬
‫من الثلثة إلى العشرة‪ ،‬وجموع الكثرة ما زاد على ذلك‪ ،‬وفي بعض الحيان‬
‫يحل جمع الكثرة محل جمع القلة لنه ل يجود جمع قلة‪ ،‬أو بالعكس يحل‬
‫جمع القلة مكان جمع الكثرة لنه ل يوجد جمع كثرة في هذا اللفظ‪.‬‬
‫المهم أن عندنا أربعة أوزان جموع قلة‪ ،‬وما عداها جموع كثرة‪ ،‬وقد‬
‫أحصاها بعضهم فزادت على ثلثين وزنًا –يعني جموع الكثرة‪ ،-‬أما جموع‬
‫القلة فهي أربعة أوزان‪ ،‬جمعها ابن مالك في قوله‪:‬‬
‫ثمة أفعال جموع قلة‬ ‫أفعلة أفعل ثم فعلة‬
‫"أفعلة" مثل "رغيف" و"أرغفة"‪" ،‬أفعل" مثل "عبد" و"أعبد"‪" ،‬أفعال"‬
‫مثل "ثوب" و"أثواب" و"قفل" و"أقفال"‪" ،‬فعلة" نحو "فتى" و"فتية"‪ ،‬هذه‬
‫جموع القلة‪ ،‬ولم يسلم مفردها من التغيير‪.‬‬
‫أما جموع الكثرة فهي أوزان كثيرة‪ ،‬مثل "مساجد"‪ ،‬مثل "رجال"‪،‬‬
‫وأوزانها كثيرة‪ ،‬أربعة وثلثون وزنًا‪ ،‬أوصلها بعضهم إلى هذا العدد‪ ،‬مثل وزن‬
‫سر"‪ ،‬ووزن "فَعَلَة" مثل‬ ‫حمر"‪ ،‬ووزن "فِعَل" مثل "ك ِ َ‬ ‫"فُعْل" مثل " ُ‬
‫صوم"‪،‬‬ ‫"سحرة"‪ ،‬ووزن "فعلى" كـ"جرحى"‪ ،‬ووزن "فُعَّل" كـ"صائم" و" ُ َّ‬
‫وهكذا‪ ،‬هذه كلها جموع تكسير‪ ،‬وتدل على الكثرة‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى النوع الثالث مما يُرفع بالضمة‪ ،‬وهو جمع المؤنث‬
‫ة أحسن من هذه‬ ‫السالم‪ ،‬وجمع المؤنث السالم بعضهم يُسميه تسمي ً‬
‫ف وتاءٍ مزيدتين‪ ،‬لماذا قلنا إنه أفضل؟‬ ‫جمع بأل ٍ‬‫مى بما ُ‬ ‫التسمية‪ ،‬وهو أن يُس َّ‬
‫لنه في بعض الحيان ما يسلم مفرده من التغيير‪ ،‬وفي بعض الحيان يجيء‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪44‬‬
‫هذا الجمع جمعًا لغير مؤنث‪ ،‬مثل تقول في "سجدة" يكون جمعها‬
‫ضا في‬ ‫"سجدات"‪" ،‬ركعة" "ركعات"‪ ،‬ما سلم مفرده من التغيير‪ ،‬تقول أي ً‬
‫حبليَات" لم يسلم جمعه من التغيير‪ ،‬فكيف نسميه جمع‬ ‫حبلى" " ُ‬ ‫جمع " ُ‬
‫ف وتاءٍ‬ ‫جمع بأل ٍ‬ ‫ث سالم‪ ،‬سميناه ما ُ‬ ‫ميناه جمع مؤن ٍ‬ ‫ما؟!‪ ،‬ما س َّ‬‫ث سال ً‬ ‫مؤن ٍ‬
‫مزيدتين‪.‬‬
‫وفي بعض الحيان يكون هذا الجمع ليس جمعًا لمؤنث‪ ،‬يُقال "اسطبل"‬
‫تجمعه على "اسطبلت"‪ ،‬وهو مذكر‪ ،‬تقول في جمع سرادق "سرادقات"‪،‬‬
‫ف وتاءٍ مزيدتين‪.‬‬ ‫جمع بأل ٍ‬‫مى هذا ما ُ‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإذ ًا الوْلى أن يُس َّ‬
‫إذ ًا لماذا سماه بعض النحويين جمع مؤنث سالم؟ لن الغالب فيه أن‬
‫ما‪" ،‬حسنة" "حسنات"‪" ،‬درجة"‬ ‫يكون جمعًا لمؤنث‪ ،‬وأن يكون سال ً‬
‫مي‬ ‫س ِّ‬
‫"درجات"‪ ،‬سلم مفرده من التغيير‪ ،‬فهذا هو الغالب‪ ،‬ومن أجل هذا ُ‬
‫بهذه التسمية‪.‬‬
‫ت يوم القيامة )‪" ،‬ظلمات"‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ( الظلم ظلما ٌ‬
‫هنا جمع مؤنث سالم‪ ،‬وقد جاء مرفوع ًا‪ ،‬وعلمة رفعه الضمة الظاهرة على‬
‫آخره‪.‬‬
‫انتهينا مما يُرفع بالضمة‪ ،‬وقلنا إنه أربعة مواضع‪ ،‬أولها السم المفرد‪،‬‬
‫ثانيها جمع التكسير‪ ،‬ثالثها جمع المؤنث السالم‪ ،‬وبقي النوع الرابع‪.‬‬
‫والن ننتقل إلى النوع الرابع وهو الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره‬
‫شيءٌ‪ ،‬هو يريد بهذا الستثناء أن يُخرج ما يُسمى بالفعال الخمسة‪ ،‬الفعال‬
‫الخمسة يتصل بالفعل المضارع إما ألف الثنين أو واو الجماعة أو ياء‬
‫المخاطبة‪ ،‬وسيأتي بيانه إن شاء الله إذا وصلنا له‪ ،‬فهذا لم يتصل ل بألف‬
‫الثنين ول واو الجماعة ول ياء المخاطبة‪ ،‬هذا يُرفع بالضمة‪ ،‬وسواءٌ أكانت‬
‫الضمة ظاهرة ً أم كانت الضمة مقدرة ل يضير‪ ،‬فتقول‬
‫"محمد ٌ يشرب الماء"‪ ،‬وتقول "محمد يسقي جاره"‪ ،‬هذه ما ظهرت عليها‬
‫الضمة‪ ،‬ولكنها مقدرة‪ ،‬ل يضير سواءٌ أكانت ظاهرة أم مقدرة‪ ،‬أسألكم‬
‫سؤال‪ ،‬هل ندخل في الفعل المضارع ما كان منونًا؟ ولماذا؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫التنوين ليس من علمات الفعل‪.‬‬
‫أكمل الشيخ كلمه‪:‬‬
‫بارك الله فيك‪ ،‬صحيح‪ ،‬قلنا في السماء قبل قليل في جمع المؤنث‬
‫السالم وفي اسم المفرد وفي جمع التكسير‪ ،‬قلنا إنه ل يمكن أن تكون‬
‫منونة ويمكن أن تكون غير منونة‪ ،‬أما هنا فل‪ ،‬ليس فيه تنوين‪ ،‬هذا هو‬
‫الفعل المضارع‪ ،‬الفعل المضارع يُرفع بالضمة‪ ،‬سواءٌ أكانت الضمة ظاهرةً‬
‫أم مقدرة‪ ،‬بشرط أل يتصل بآخره شيءٌ‪.‬‬
‫أحيانًا تتصل بآخره غير هذه الشياء الثلثة التي ذكرتها‪ ،‬وهي ألف‬
‫الثنين وواو الجماعة وياء المخاطبة‪ ،‬أحيانًا يتصل بآخره نون التوكيد‪ ،‬فحينئذٍ‬
‫يكون مبنيًّا‪ ،‬أحيانًا يتصل بآخره نون النسوة‪ ،‬حينئذ ٍ يكون مبنيًّا‪ ،‬وسيتبين هذا‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪45‬‬
‫فيما بعد إن شاء الله‪ .‬المهم أن حق الفعل المضارع أن يكون معربًا‪ ،‬ول‬
‫يُبنى إل في حالتين‪ ،‬الحالة الولى أن تتصل به نون النسوة‪ ،‬قال الله عّز‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة قُُروءٍ ﴾ [البقرة‪" ،]228 :‬يتربص"‬ ‫ن ثََلث َ َ‬‫سهِ َّ‬
‫ن بِأنْفُ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫مطَل ّقَا ُ‬
‫ت يَتََرب َّ ْ‬ ‫ل ﴿ وَال ْ ُ‬ ‫وج ّ‬
‫ب ول جازم‪ ،‬ومع ذلك بُني على السكون‬ ‫هنا فعل مضارع‪ ،‬ولم يسبقه ل ناص ٍ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫مُر ُ‬
‫ما آ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَفْعَ ْ‬ ‫ل ﴿ وَلَئ ِ ْ‬
‫لتصاله بنون النسوة‪ ،‬وكذلك قال الله عّز وج ّ‬
‫ن﴾ [يوسف‪" ،]32 :‬يُسجن" هنا فعل مضارع‪،‬‬ ‫منَال َّ‬
‫صاِغرِي َ‬ ‫ن ِ‬‫ن وَلَيَكُون َ ْ‬ ‫جن َ َّ‬
‫س َ‬ ‫لَي ُ ْ‬
‫حقه أن يكون مرفوع ًا لنه لم يتقدم عليه ل ناصب ول جازم‪ ،‬ومع ذلك جاء‬
‫هنا مبنيًّا على الفتح‪ ،‬فالفعل المضارع –مرة أخيرة‪ -‬حقه أن يكون معربًا‪ ،‬ول‬
‫يُبنى إل في حالتين‪ ،‬الحالة الولى أن تتصل به نون النسوة فيُبنى على‬
‫السكون‪ ،‬والحالة الثانية أن تتصل به نون التوكيد فيُبنى على الفتح‪.‬‬
‫وهذا آخر ما يُقال في العلمة الولى التي ذكرها المصنف‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى قول المصنــــف في العلمة الثانيـــــة‪ ،‬وهي علمـــة‬
‫فرعية للرفـع‪ ،‬وهي الواو ‪ ،‬قــال المصنــف ( وأما الواو فتكون‬
‫ة للرفع في موضعين‪ ،‬في جمع المذكر‬ ‫علم ً‬
‫السالم‪ ،‬وفي السماء الخمسة )‪ ،‬ثم عدد السماء الخمسة‬
‫ل )‪،‬‬
‫فقال ( وهي‪ :‬أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو ما ٍ‬
‫هذا هو العدد الذي ذكره المصنف من الشياء التي تُرفع بالواو‪.‬‬
‫ة فرعية‪ ،‬وتكون‬ ‫اعلم بارك الله فيك أن الواو علمة للرفع‪ ،‬ولكنها علم ٌ‬
‫في موضعين‪ ،‬الول‪ :‬في جمع المذكر السالم‪ ،‬والموضع الثاني‪ :‬في السماء‬
‫الستة أو في السماء الخمسة‪ ،‬بعضهم يجعلها ستة‪ ،‬وسنذكر هذا عند‬
‫الحديث عنها‪ ،‬لكن الصوب أنها خمسة أسماء فقط‪.‬‬
‫فنبدأ أول بالحديث في جمع المذكر السالم‪ ،‬هذا حقه أن يكون جمعًا‬
‫لمذكر‪ ،‬فل يكون جمعًا لمؤنث‪ ،‬وثانيًا حقه أن يسلم مفرده من التغيير‪،‬‬
‫تقول في جمع "مسلم" "مسلمون"‪ ،‬و"صالح" "صالحون"‪ ،‬و"زيد"‬
‫"زيدون"‪ ،‬و"عمرو" "عمرون"‪ ،‬إلى آخره‪ ،‬هذا الجمع ليس كل كلمة تُجمع‬
‫جمع مذكر سالم‪ ،‬بل لبد أن تجتمع ثلثة أمور رئيسة‪ ،‬ثم يتفرع عنها بعد‬
‫ذلك أموٌر أخرى‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن يكون لمذكر‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون لعاقل‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون خاليًا من التاء‪.‬‬
‫لمذكر يخرج به المؤنث‪ ،‬لعاقل يخرج به غير العاقل‪ ،‬مثل عندك حصان‬
‫سميته "سابقًا"‪ ،‬ل تجمعه فتقول "سابقون"‪ ،‬ل يجوز لنه لغير عاقل‪ ،‬ثم‬
‫عندك مثل "طلحة" ل تجمعها على "طلحين" مثل‪ ،‬وإنما تقول "طلحات"‪،‬‬
‫م؟ لنها مختومة بالتاء‪ ،‬فلبد من اجتماع ثلثة أمور‪،‬‬ ‫"معاوية" "معاويات"‪ ،‬ل َ‬
‫الول أن يكون لمذكر‪ ،‬الثاني أن يكون لعاقل‪ ،‬الثالث أن يكون خاليًا من‬
‫ما غير مركب تركيبًا مزجيًا ول‬ ‫ضا أن يكون إما عل ً‬ ‫التاء‪ ،‬وبعدها هذا فلبد أي ً‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪46‬‬
‫مذكر‬
‫ٍ‬ ‫تركيبًا إسناديًّا‪ ،‬مثل "تأبط شًّرا" هذا علم‪ ،‬ل يجوز أن تجمعه جمع‬
‫سالم‪ ،‬إذًَا لكونه مركب تركيبًا إسناديًّا‪ ،‬مثل معدي كرب هذا مركب تركيبًا‬
‫مزجيًّا‪ ،‬ل يجوز أن تجمع جمع مذكرٍ سالم‪.‬‬
‫ب تركيبًا مزجيًّا ول تركيبًا إسناديًّا‪ ،‬وإما أن‬ ‫إذ ًا أن يكون إما علم غير مرك ٍ‬
‫يكون وصفًا‪ ،‬المقصود بالوصف هنا اسم الفاعل‪ ،‬اسم المفعول‪ ،‬الصفة‬
‫المشبهة‪ ،‬أفعال التفضيل‪ ،‬وما شاكل ذلك‪ ،‬ولكن اشترطوا فيه شرطًا‬
‫ضا أن يكون وصفًا يقبل مؤنثه التاء أو يدل على التفضيل‪" ،‬مسلم"‬ ‫إضافيًّا أي ً‬
‫ما تقول في مؤنثه؟ "مسلمة"‪ ،‬يصح أن تجمعه‪" ،‬جريح" ل تستطيع أن‬
‫تجمعه‪ ،‬لما؟ لن جريح هذه مؤنثها "جريح"‪ ،‬إذ ًا "أفضل" و"أكبر" هل يجوز‬
‫أن تجمعهما جمع مذكر سالمٍ؟ تقول نعم يجوز‪ ،‬ومؤنثه ل يقبل التاء لن‬
‫مؤنثه كبرى أو فضلى‪ ،‬تقول لنه يدل على التفضيل‪ ،‬إذا دل على التفضيل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ [آل عمران‪" ،]139 :‬العلى"‬ ‫م اْلع ْل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ما فيه مانع‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَأنْت ُ ُ‬
‫ل من تاء التأنيث‪،‬‬ ‫ل خا ٍ‬‫فجمع على "العلين"‪ ،‬إذ ًا لبد أن يكون لمذكرٍ عاق ٍ‬
‫وأن يكون بعد هذا إما علم غير مركب تركيبًا مزجيًّا ول تركيبًا إسناديًا‪ ،‬أو أن‬
‫يكون وصفًا يقبل مؤنثه التاء أو يدل على التفضيل‪ ،‬فهذا هو الذي يُجمع‬
‫جمع مذكر سالم‪.‬‬
‫ومن أجل هذه الشروط الكثيرة وجدناهم ألحقوا به عددًا كبيًرا من‬
‫اللفاظ لنهم وجدوها تُرفع بالواو‪ ،‬وتُنصب وتُجر بالياء‪ ،‬فما هذه الشياء‬
‫التي ألحقوها؟ ألحقوا‬
‫مثل "عالمون"‪ ،‬قالوا لن مفرده "عالم"‪ ،‬والعالم كل ما سوى الله‪ ،‬ونحن‬
‫قلنا قبل قليل أنه لبد أن يكون لعاقل‪ ،‬وكل ما سوى الله يكون فيه العاقل‬
‫ويكون فيه غير العاقل‪ ،‬فما يمكن أن يكون الجمع أقل من المفرد‪ ،‬فقالوا‬
‫هذا ملحقٌ بجمع المذكر السالم‪" ،‬عشرون" وبابه‪ ،‬عشرون‪ ،‬ثلثون أربعون‬
‫إلى تسعين‪ ،‬هذه كلها ملحقة بجمع المذكر السالم‪" ،‬وابلون" وهو المطر‬
‫الغزير كذلك‪" ،‬أهلون" كذلك‪" ،‬أرضون" كذلك‪" ،‬بنون" كذلك‪" ،‬سنون"‬
‫كذلك‪ ،‬كل هذه ملحقة بجمع المذكر السالم‪ ،‬تُرفع بالواو وتنصب وتجر‬
‫بالياء‪ ،‬هذا هو جمع المذكر السالم بإيجاز‪.‬‬
‫بعضهم فيما أُلحق بجمع المذكر السالم يُجيز فيه غير أن يرفع بالواو‬
‫وينصب ويجر بالياء‪ ،‬فيقول مثل يجوز في "سنين" أن نعاملها معاملة‬
‫"غسلين"‪ ،‬يعني نلزمها الياء ونجعل الحركات على آخرها‪ ،‬ومنه ما ُروي عن‬
‫ن‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله ( اللهم اجعلها عليهم سنينًا كسني ِ‬
‫ن" لكان ملحقًا بجمع المذكر السالم‪،‬‬ ‫يوسف )‪ ،‬لكن لو قيل مثل "سني َ‬
‫ة للحديث‪ ،‬لكن‬ ‫ن يوسف ) لنه تُحذف النون للضافة‪ ،‬وهذه رواي ٌ‬ ‫(كسني ِ‬
‫ة‬
‫ضا له رواية أخرى تكون خارجة عن هذا المقياس‪ ،‬تكون مرفوع ً‬ ‫الحديث أي ً‬
‫بالضمة ومنصوبة بالفتحة ومجرورة بالكسرة‪ ،‬هذه بعض اللغات الجائزة‬
‫فيها‪ ،‬ول نريد أن نطيل في هذا المبحث‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪47‬‬
‫ننتقل الن إلى السماء الخمسة أو السماء الستة‪ ،‬أما السماء الخمسة‬
‫وقد مثلها المصنف بقو له‪ ،‬وهي‪ :‬أبوك وأخوك وفوك وحموك‪ ،‬ثم قال وذو‬
‫ل‪ ،‬ولم يقول وذوك‪ ،‬ما لفتت انتباهكم يا إخواني‪ ،‬أنا أقول لكم لماذا؟‬ ‫ما ٍ‬
‫لنهم يقولون إن الصل في "ذو" أل تُضاف إلى الضمير‪ ،‬أما بقية السماء‬
‫الخرى فإن إضافتها إلى الضمير أو غير الضمير واحد ما فيها إشكال‪" ،‬أبو‬
‫محمدٍ" أو"أبوك"‪ ،‬و"أبوهم" و"أبوك" إلى آخره‪ ،‬لكن هذه السماء الخمسة‬
‫يُشترط لعرابها بالواو رفعًا واللف نصبًا والياء جًرا أربعة شروط‪ ،‬ل يمكن‬
‫أن تُعرب هذا العراب إل إذا اجتمعت فيها أربعة شروط‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن تكون مفردًا‪ ،‬فإن كانت مثناةً أعربت إعراب المثنى‪،‬‬
‫تقول "جاء البوان"‪ ،‬ورأيت "البوين"‪ ،‬ترفع باللف‪ ،‬وتنصب وتجر بالياء‪،‬‬
‫وإن كان جمعًا فإن كان جمع تكسير رفعته بالضمة‪ ،‬تقول "هؤلء آباؤك"‪،‬‬
‫ي وإخوانه وأحماؤه" إلى آخره‪ ،‬وإن كان جمع مذكر سالم –وهذا‬ ‫"وآباء عل ٍ ّ‬
‫ل‪ -‬فإنه يرفع بالواو وينصب ويجر بالياء‪.‬‬ ‫قلي ٌ‬
‫ُ‬
‫ضا‪،‬‬‫مكبًَّرا‪ ،‬فإن كان مصغًرا أعرب بالحركات أي ً‬ ‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون ُ‬
‫ي"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت أب َّ‬ ‫تقول "هذا أب ُّ‬
‫ي عل ٍ ّ‬‫ي"‪ ،‬و"مررت بأب ِ ّ‬ ‫ي عل ٍ ّ‬ ‫ي"‪" ،‬رأي ُ‬ ‫ي عل ٍ ّ‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون مضافًا‪ ،‬فإن لم يكن مضافًا بأن كان مقطوع ًا‬
‫ب"‪،‬‬‫عن الضافة أو مفردًا فإنه يُعرب بالحركات الظاهرة‪ ،‬تقول "هذا أ ٌ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ل ﴿ إ ِ َّ‬‫ب"‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬ ‫ت إلى أ ٍ‬ ‫ب" أو "نظر ُ‬ ‫ت بأ ٍ‬ ‫ت أبًا"‪ ،‬و"مرر ُ‬ ‫و"رأي ُ‬
‫خا كَبِيًرا ﴾ [يوسف‪ ﴿ ،]78 :‬أبًا ﴾ اسم إن مؤخر منصوب وعلمة نصبه‬‫َ‬ ‫أَبًا َ‬
‫شي ْ ً‬
‫الفتحة الظاهرة على آخره‪ ،‬ول تغتر بهذه اللف الموجودة في آخره‪ ،‬فإنها‬
‫ف ناتجة عن تنوين الفتح‪.‬‬ ‫أل ٌ‬
‫الشرط الرابع والخير‪ :‬أن تكون الضافة إلى غير ياء المتكلم‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬
‫ت مقدرة على ما قبل الياء‪ ،‬قال الله‬ ‫مضافًا إلى ياء المتكلم أعرب بحركا ٍ‬
‫ة ﴾ [ص‪" ،]23 :‬أخ" هنا حقها أن‬ ‫ج ً‬‫ن نَعْ َ‬
‫سعُو َ‬ ‫سعٌ وَت ِ ْ‬ ‫ه تِ ْ‬‫خي ل َ ُ‬ ‫ن هَذ َا أ َ ِ‬ ‫ل ﴿ إ ِ َّ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ة للشروط لرفعت بالواو‪ ،‬ولكنها هنا‬ ‫تكون مرفوعة‪ ،‬فلو كانت مستوفي ً‬
‫مرفوعة بضمة مقدرة على ما قبل الياء منعًا من ظهورها اشتغال المحل‬
‫بحركة المناسبة‪.‬‬
‫ة وأخيرة‪ ،‬يُشترط لعراب السماء الستة بهذا‬ ‫نعيد الشروط مرة ً ثاني ً‬
‫العراب أربعة شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون مفردةً‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون مكبرةً‪.‬‬
‫ة‪.‬‬
‫‪ -3‬ثلثة أن تكون مضاف ً‬
‫‪ -4‬أن تكون إضافتها إلى غير ياء المتكلم‪.‬‬
‫ضا في كلمة "فو" أن تكون خالية من الميم‪ ،‬فإن كانت‬ ‫يشترطون أي ً‬
‫مه"‪،‬‬ ‫مه"‪" ،‬رأيت ف َ‬ ‫الميم معها فإنها تُعرب بالحركات الظاهرة‪ ،‬تقول "هذا ف ُ‬
‫ضا أن تكون بمعنى "صاحب"‪،‬‬ ‫مه"‪ ،‬ويشترطون في "ذو" أي ً‬ ‫ت إلى ف ِ‬ ‫و"نظر ُ‬
‫هل تكون ذو بغير معنى "صاحب"؟ نعم‪ ،‬تكون "ذو" على لغة الطائيين‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪48‬‬
‫ما موصول مشتركًا‪ ،‬يعني يُطلق على المفرد والمثنى والمجموع كله‬ ‫اس ً‬
‫ظ واحد‪ ،‬وعلى المذكر والمؤنث‪ ،‬تقول "جاء ذو أحبه" يعني الذي أحبه‪،‬‬ ‫بلف ٍ‬
‫و"جاء ذو أحبهما"‪ ،‬و"جاء ذو أحبهم"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فتكون واردة ً للمذكر والمؤنث‬
‫والمفرد والمثنى والمجموع على لغة الطائيين‪ ،‬فإذا كانت بهذه اللغة فإنها‬
‫ل تدخل معنا في بابنا‪ ،‬ول تُرفع بالواو ول تُنصب باللف ول تجر بالياء‪.‬‬
‫إذ ًا يُشترط في السماء الستة الشروط التي ذكرتها لكم‪ ،‬ويُضاف إليها‬
‫ص بـ"ذو"‪" ،‬ذو" أن تكون معنى‬ ‫ط آخر خا ٌّ‬ ‫ص بـ"فو"‪ ،‬وشر ٌ‬ ‫شر ٌ‬
‫ط خا ٌّ‬
‫"صاحب"‪ ،‬ول يجوز أن تكون غير ذلك‪ .‬هذه السماء فيها لغتان أخريان‪ ،‬ل‬
‫بأس أن نذكرهما على وجه السرعة‪ ،‬يُجيزون في السماء الستة لغتين‬
‫أخريين‪ ،‬اللغة الولى إلزامها اللف في كل أحوالها‪ ،‬ويُسمونه بإعراب‬
‫ت بأباك"‪ ،‬ويستشهدون‬ ‫ت أباك"‪ ،‬و"مرر ُ‬ ‫المقصور‪ ،‬تقول "هذا أباك"‪ ،‬و"رأي ُ‬
‫له بقول الشاعر "إن أباها وأبا أباها"‪ ،‬طبعًا الشاهد فيه الخيرة "أباها"‪ ،‬لنها‬
‫في محل جر مضاف إليه‪ ،‬قالوا ألزموها اللف‪ ،‬هذه اللغة أشهر من اللغة‬
‫التي ستأتي الن‪.‬‬
‫مى بلغة النقص‪ ،‬والمقصود بلغة النقص أن يُحذف‬ ‫اللغة الثالثة هذه تُس َّ‬
‫اللف والواو والياء من آخر السم هذا المعرب إعراب السماء الستة‪،‬‬
‫ب محمدٍ"‪،‬‬ ‫تأ َ‬‫ب محمدٍ"‪ ،‬و"رأي ُ‬
‫ت ظاهرة‪ ،‬فتقول "هذا أ ُ‬ ‫فيُعرب بحركا ٍ‬
‫ب محمدٍ"‪ ،‬لكن هذه اللغة قليلة‪ ،‬وليست جائزة ً في كل السماء‬ ‫ت بأ ِ‬‫و"مرر ُ‬
‫صة بثلثة أسماء‪ ،‬وهي "الب" و"الخ" و"الحمو"‪ ،‬أما‬ ‫الستة‪ ،‬وإنما هي خا َّ‬
‫"فو" و"ذو" فل تدخل فيها هذه اللغة‪ ،‬ل لغة القصر‪ ،‬ول لغة النقص‪ ،‬هاتان‬
‫اللغتان جائزتان في ثلثة أسماء‪ ،‬هذا الذي أحببت أن أشير إليه‪.‬‬
‫ما شاهد لغة النقص؟ لغة النقص يعني العراب بالحركات‪ ،‬شاهدها‬
‫قول الشاعر‪:‬‬
‫ومن يُشابه أبه فما ظلم‬ ‫بأبِه اقتدى عديٌّ في الكرم‬
‫موضع الشاهد في "أبِه" الولى و"أبَه"‪ ،‬فإنها هنا جّرت بالكسرة‪ ،‬وهنا‬
‫نصبت بالفتحة‪.‬‬
‫ول بأس أن نختم الحلقة باستقبال أسئلتكم إذا أرتم حتى ننتقل إلى‬
‫موضوٍع جديد في اللقاء القادم‪ ،‬إن كان عندكم أسئلة أو أنا أسأل‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ما السم السادس؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ت في قوله‪ ،‬ولم يذكره كثيٌر من‬ ‫م تردد ُ‬
‫السم السادس هو اس ٌ‬
‫النحويين‪ ،‬وهو كلمة "هنو"‪ ،‬و"هنو" هذه يُكنَّى بها عما يُستقبح ذكره‪ ،‬ويرى‬
‫بعضهم أنها تدل على الشيء القليل‪ ،‬ويرى بعضهم أنها تدل على الشيء‬
‫الحقير‪ ،‬والغالب فيها أن تُعرب بالحركات الظاهرة‪ ،‬حتى لو كانت مستوفية‬
‫ة ضمن السماء الستة‪ ،‬فأعربها بالواو‬ ‫للشروط‪ ،‬ولكن بعضهم جعلها داخل ً‬
‫رفعًا وبالياء جًرا واللف نصبًا‪ ،‬لكن الغالب فيها أن تُعرب هذا العراب الذي‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪49‬‬
‫ما عاديًّا ل شأن لها‪ ،‬وكثيٌر من النحويين ل‬ ‫ذكرته لك‪ ،‬وهو أن تكون اس ً‬
‫يذكرون هذا السم‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ك )‪،‬‬‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬ذكر المؤلف هنا قوله ( وحمو َ‬
‫ك"؟‬ ‫ومعروف أن الحمو هو قريب الزوج‪ ،‬فنقول "حمو ِ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ل على تنبهك‪ ،‬لن الحقيقة أن‬ ‫ل طيب وجيد‪ ،‬ودلي ٌ‬ ‫بارك الله فيك‪ ،‬سؤا ٌ‬
‫الحمو هو قريب الزوج‪ ،‬وليس قريب الزوجة‪ ،‬يعني هذا هو المعروف في‬
‫اللغة أن الحمو قريب الزوج‪ ،‬ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫سئل عن دخول الحمو على الزوجة‪ ،‬فهو في الصل‬ ‫( الحمو الموت )‪ ،‬لما ُ‬
‫ت‪ ،‬ولو حركت كلمة هذه جعلتها بالكسرة لكان أولى‪ ،‬وهذا سؤا ٌ‬
‫ل‬ ‫كما ذكر ُ‬
‫جيد ٌ بارك الله فيك‪.‬‬
‫ما بقي عندكم أسئلة‪ ،‬أنا أسأل ولو سؤال واحدًا إذا تمكنَّا إن شاء الله‬
‫ما؟‬
‫تعالى‪ .‬ما الذي يُشترط لجمع الكلمة جمع مذكرٍ سال ً‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫أن يكون لمذكر‪ ،‬وأن يكون لعاقل‪ ،‬وأن يكون خاليًا من تاء التأنيث‪ ،‬فإن‬
‫ث سالم‪ ،‬حتى لو دل على مذكر‬ ‫كانت التاء موجودة جمعناه جمع مؤن ٍ‬
‫ما‪.‬‬ ‫ث سال ً‬ ‫ولعاقل‪ ،‬مثل "طلحة" أو "معاوية" فإننا نجمعهما جمع مؤن ٍ‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫ُ‬
‫أعطوني شيئًا مما ألحق بجمع المذكر السالم‪ ،‬يعني أعرب إعرابه مع‬
‫أنه غير مستوفي للشروط‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫مثل كلمة بنون‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫ل من‬ ‫ل خا ٍ‬ ‫ما الذي ينقصها‪ ،‬نحن قلنا في الشروط أن يكون لمذكرٍ عاق ٍ‬
‫التاء‪ ،‬هذا مذكر وعاقل وخالي من التاء‪ ،‬فما الذي نقص من الشروط؟‬
‫ما سلم مفرده من التغيير‪ ،‬فيه شيء ثاني مهم جدًا‪ ،‬لننا قلنا فيه‬
‫ما‬
‫ما وإما وصفًا‪ ،‬وهذا ليس عل ً‬ ‫شروط إضافية بعد هذا‪ ،‬قلنا أن يكون إما عل ً‬
‫وليس وصفًا‪ ،‬يعني ل هو اسم فاعل ول هو اسم مفعول ول هو علم على‬
‫ص بعينه‪.‬‬
‫شخ ٍ‬
‫هذا واحدٌ‪ ،‬تزيدوننا مما ألحق بجمع المذكر السالم‪ ،‬وهو كثير‪ ،‬عشرون‬
‫وبابه‪ ،‬الثلثون والربعون والخمسون والستون إلى التسعين‪.‬‬
‫ت أن أذكره‪ ،‬وهو أن مما أُلحق بجمع المذكر‬ ‫م جدًا نسي ُ‬ ‫بقي شيءٌ مه ٌ‬
‫سمي به من هذا الجمع‪ ،‬مثل تسمي واحدًا "زيدون"‪ ،‬وكما قال‬ ‫السالم ما ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن ﴿‪﴾19‬‬‫علِيُّو َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ما أدَْرا َ‬
‫ك َ‬ ‫ن ﴿‪َ ﴾18‬و َ‬‫علِيِّي َ‬
‫في ِ‬ ‫ب البَْرارِ ل ِ‬ ‫ل ﴿ ك َل إ ِ َّ‬
‫ن كِتَا َ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫م لموضٍع في أعلى الجنة‪ ،‬جعلنا الله‬ ‫﴾ [المطففين‪" ،]19 ،18 :‬عليُّون" هو اس ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪50‬‬
‫ما أَدَْرا َ‬
‫ك‬ ‫جَّر بالياء‪ ﴿ ،‬وَ َ‬
‫ن﴾ ُ‬ ‫ب اْلَبَْرارِ لَفِي ِ‬
‫عل ِّيِّي َ‬ ‫وإيّاكم من أهلها‪ ﴿ ،‬كََّل إ ِ َّ‬
‫ن كِتَا َ‬
‫ن ﴾ ُرفع بالواو‪.‬‬ ‫عل ِّيُّو َ‬‫ما ِ‬
‫َ‬
‫فيه عندنا إشكال هنا‪ ،‬ل سميت شخص بـ "زيدين"‪ ،‬فماذا تفعلون؟ أو‬
‫صا بـ "زيدون"‪ ،‬فماذا تفعلوا فيه في الرفع والجر والنصب؟ في‬ ‫سميت شخ ً‬
‫الحقيقة هم اختلفوا فيه‪ ،‬لعلنا إن شاء الله في لقائنا القادم نوضح لكم‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ‪.‬‬

‫الدرس السادس‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬اللهم علمنا ما ينفعنا‬
‫ما‪.‬‬
‫وانفعنا بما علمتنا وزدنا عل ً‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬قبل أن نواصل‬
‫مي به‬‫س ِّ‬
‫الحديث أريد الرجوع قليل إلى الملحق بجمع المذكر السالم مما ُ‬
‫ل ولم ننهي الكلم فيه‪ ،‬أو لعلنا أجبنا‬ ‫من هذا الجمع‪ ،‬لننا كنا بدأنا في سؤا ٍ‬
‫بعض الجابات المغلوطة أو الخطأ‪.‬‬
‫سمي به من هذا الجمع ل يخلو من أن يكون بالواو والنون أو‬ ‫أقول ما ُ‬
‫بالياء والنون‪ ،‬فبعض النحويين يرى أنه مطلقًا يعامل معاملة جمع المذكر‬
‫صا "زيدين" مثل‪ ،‬أو‬ ‫ميت شخ ً‬ ‫م بالياء والنون‪ ،‬أي س ّ‬ ‫السالم سواءٌ أكان مس ًّ‬
‫كان بالواو والنون كقولك "زيدون"‪ ،‬فإنه يُعامل معاملة جمع المذكر السالم‪،‬‬
‫يعني يُرفع بالواو وينصب ويجر بالياء‪ ،‬بعضهم يرى خلف هذا‪ ،‬ولعل الصواب‬
‫مسمى بالواو والنون‪ ،‬أن تبقي الواو والنون‪،‬‬ ‫في الثاني‪ ،‬وهو أنه إذا كان ُ‬
‫ن"‪ ،‬وإن كان‬
‫ت بزيدو ٍ‬ ‫ت زيدونًا" و"مرر ُ‬ ‫ن" و"رأي ُ‬
‫تقول "جاء زيدو ٌ‬
‫ت ظاهرة‪،‬‬ ‫بالياء والنون فتُبقي الياء والنون في كل الحالت وتعربه بحركا ٍ‬
‫لكن هذا ليس هو الرأي الغالب عند النحويين‪ ،‬لكني أنا الذي أرى أنه اليسر‬
‫مى بالواو والنون‪ ،‬فلو قلت‬ ‫مس ًّ‬‫والذي يدل على المقصود‪ ،‬بوصف العلم ُ‬
‫ت زيدين" فيُحتمل أل يتنبه المخاطب إلى أنك تقصد الشخص المعين‬ ‫"رأي ُ‬
‫الذي اسمه زيدون فيتوقع شيئًا آخر‪ ،‬أقول لعل هذا هو الصوب‪ ،‬والله أعلم‬
‫بالصواب‪.‬‬
‫ثم ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن علمة الرفع وهي اللف‪ ،‬قال‬
‫المصنف‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪51‬‬
‫ة للرفع في تثنية السماء‬ ‫( وأما اللف فتكون علم ً‬
‫ة )‪ ،‬فقط اللف تكون علم ً‬
‫ة للرفع في المثنى ول تكون في غيره‪،‬‬ ‫خاص ً‬
‫َ‬ ‫خافُو َ‬ ‫َ‬
‫خلُوا‬ ‫ما اد ْ ُ‬‫ه ع َلَيْهِ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ن أنْعَ َ‬ ‫َ‬ ‫ن يَ َ‬‫ن ال ّذِي َ‬
‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫جَل ِ‬
‫ل َر ُ‬ ‫ل ﴿ قَا َ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ فإنه‬ ‫جَل ِ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ب ﴾ [المائدة‪ ،]23 :‬الشاهد عندنا في قوله ﴿ قَا َ‬ ‫م الْبَا َ‬
‫ع َلَيْهِ ُ‬
‫مرفوع ٌ باللف‪ ،‬فما المثنى؟ المثنى هو ما دل على اثنين وأغنى عن‬
‫ف ونون أو ياء ونون في آخره‪ ،‬هذا هو تعريف المثنى‪،‬‬ ‫المتعاطفين بزيادة أل ٍ‬
‫"ما دل على اثنين" يخرج ما دل على واحد وما دل على أكثر من اثنين‪،‬‬
‫م" فتقول "جاء‬ ‫م ومسل ٌ‬ ‫"وأغنى عن المتعاطفين" يُغني عن قولك "جاء مسل ٌ‬
‫ف ونون أو ياءٍ ونون في‬ ‫مسلمان" ‪ ،‬هذا أغنى عن المتعاطفين‪" ،‬بزيادة أل ٍ‬
‫آخره"‪ ،‬الدللة جاءت من هذه الزيادة‪ ،‬فلو كانت الدللة على التثنية جاءت‬
‫من غيرها فإنه ل يدخل في بابنا‪ ،‬مثل يقولون "شفع" يدل على اثنين‪" ،‬زوج"‬
‫يدل على اثنين‪ ،‬هذا ل يُعامل معاملة المثنى لن الدللة على الثنين لم تأت‬
‫من اللف والنون ول من الياء والنون‪ ،‬وإنما جاءت من الصيغة نفسها أو‬
‫من الكلمة نفسها‪ ،‬وهي ألفاظ قليلة‪ ،‬فلبد أن يكون دال على اثنين ومغنيًا‬
‫ف ونون أو ياء ونون في آخره‪.‬‬ ‫عن المتعاطفين وتكون هذه الدللة بزيادة أل ٍ‬
‫المثنى يُرفع باللف وينصب ويجر بالياء‪ ،‬وسيأتينا بيان هذا‪ ،‬ونسينا أن‬
‫نقول لكم أن السماء الستة تُرفع بالواو وتنصب باللف وتجر بالياء‪ ،‬ونسينا‬
‫ضا أن نقول في جمع المذكر السالم أنه يُرفع بالواو ويُنصب ويجر بالياء‪،‬‬ ‫أي ً‬
‫فأرجو أل تنسوا هذا لن هذه قواعد رئيسة‪ ،‬يعني العراب بالعلمات‬
‫الفرعية وبالعلمات الصلية كثيًرا من يُخطئ فيها بعض الناس‪ ،‬فإذا أتقناها‬
‫بالمثلة والدلة بإذن الله تعالى ل ننساها ول نُخطئ فيها‪.‬‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م َ‬ ‫س ِّ‬ ‫ضا ما ُ‬ ‫لزلنا في المثنى‪ ،‬المثنى ألحق به أربعة ألفاظ‪ ،‬وألحق به أي ً‬
‫به من المثنى نحو "زيدان" و"حسنين" وما شاكلها‪ ،‬فأما الربعة اللفاظ‬
‫فهي "اثنان" و"اثنتان"‪ ،‬لماذا ل نقول إنهما مثنيان؟ السبب أن مفردهما‬
‫ليس من لفظهما‪ ،‬مفردهما "واحد"‪ ،‬معناه أنه ليست تثنية "واحد" وإل لقلنا‬
‫"واحدان" مثل‪" ،‬اثنان" و"اثنتان" بدون شرط‪ ،‬يعني سواءٌ أكانا مفردين‬
‫مضافين أو غير ذلك‪،‬‬ ‫يعني بدون إضافة‪ ،‬أم كانا ُ‬
‫ت برجلين اثنين"‪،‬‬ ‫ت رجلين اثنين"‪ ،‬و"مرر ُ‬ ‫تقول "جاء رجلن اثنان"‪ ،‬و"رأي ُ‬
‫و"اثنتان كذلك"‪.‬‬
‫ضا لفظان آخران بشرط‪ ،‬وهما "كل" و"كلتا"‪ ،‬لكن هنا‬ ‫ُ‬
‫ألحق به أي ً‬
‫ي ُُشترط أن يكونا مضافين إلى الضمير‪ ،‬فإن كانا مضافين إلى ُاسم ٍ ظاهرٍ‬
‫ت أكُلَهَا‬ ‫جنَّتَي ْ َ‬ ‫ل ﴿ كِلْتَا ال ْ َ‬ ‫أعربا إعراب المقصور‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن آت َ ْ‬ ‫ِ‬
‫﴾ [الكهف‪ ﴿ ،]33 :‬كِلْتَا ﴾ هنا ليس مرفوع ًا باللف‪ ،‬وإنما مرفوع ٌ بضمة مقدرة‬
‫ن ﴾‪ ،‬قال الله‬ ‫على اللف منع من ظهورها التعذر لنه مضاف إلى ﴿ ال ْ َ َ‬
‫جن ّتَي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما ﴾ [السـراء‪،]23 :‬‬ ‫ما أوْ كَِلهُ َ‬ ‫حدُهُ َ‬‫ك الْكِبََر أ َ‬ ‫عنْد َ َ‬‫ن ِ‬ ‫ما يَبْلُغَ َّ‬
‫سبحانه وتعالى ﴿ إ ِ َّ‬
‫ت الرجلين كليهما"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫هنا أضيفت إلى الضمير فتُعرب باللف رفعًا‪" ،‬رأي ُ‬
‫ف إلى‬ ‫"مررت بالرجلين كليهما"‪ ،‬يُرفع باللف وينصب ويُجر بالياء لنه مضا ٌ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪52‬‬
‫ت كل‬ ‫الضمير‪ ،‬لكنك تقول "رأي ُ‬
‫ت بكل الرجلين"‪ ،‬فتُلزمها اللف لنك‬ ‫الرجلين"‪ ،‬و"جاء كل الرجلين"‪ ،‬و"مرر ُ‬
‫ت مقدرةٍ على اللف منع من ظهورها‬ ‫تعربها إعراب القصور وتحركها بحركا ٍ‬
‫التعذر‪ ،‬وهذه كما قلنا لبد فيها من الضافة إلى الضمير حتى تُعرب إعراب‬
‫المثنى‪.‬‬
‫سمي به من المثنى‪ ،‬نحو "زيدان"‬ ‫بقي اللفظ الخير وهو ما ُ‬
‫و"حسنين"‪ ،‬أغلب النحويين كما قلنا في جمع المذكر السالم أنهم يلحقونه‬
‫بالمثنى فيعربونه باللف رفعًا وبالياء نصبًا وجًرا‪ ،‬وأرى شيئًا آخر‪ ،‬أرى أنه إن‬
‫كان باللف مثل زيدان أن تعربه إعراب الممنوع من الصرف‪ ،‬يعني ترفعه‬
‫ن‬‫ف ونو ٌ‬ ‫م في آخره أل ٌٌ‬ ‫بالضمة وتنصبه وتجره بالفتحة‪ ،‬لماذا؟ لنه عل ٌ‬
‫زائدتان‪ ،‬اجتمعت فيه علتان‪ ،‬وإن كان بالياء أن تعربه بالحركات الظاهرة‬
‫ن"‪ ،‬هذا حقه‬ ‫ت بحسني ٍ‬ ‫ت حسنينًا" و"مرر ُ‬ ‫ن" و"رأي ُ‬ ‫منونة‪ ،‬فتقول "جاء حسني ٌ‬
‫فيما أرى‪ ،‬وإن كان معظم النحويين ل يرون ذلك‪ ،‬معظمهم يرون أنه يُعرب‬
‫إعراب المثنى لنه ملحقٌ به‪ ،‬مثل ما أُلحق نحو "عليين" في باب جمع‬
‫المذكر السالم‪ .‬هذا آخر ما يُقال في المثنى‪ ،‬وما فيه إشكالت كثيرة‪،‬‬
‫والحمد لله‪.‬‬
‫ة مهجورة‪ ،‬بعضهم‬ ‫ة ضعيف ٌ‬ ‫بعضهم يلزمه اللف مطلقًا‪ ،‬ولكن هذا لغ ٌ‬
‫ت مقدرة على اللف‪،‬‬ ‫يلزمه اللف مطلقًا لن يرفع وينصب ويجر بحركا ٍ‬
‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫قد بلغا في المجد غايتاه‬ ‫إن أباها وأبا أباها‬
‫ولم يقل "غايتيها"‪.‬‬
‫ننتقل بعد هذا إلى العلمة الثالثة وهي النون‪ ،‬قال المصنف رحمه الله (‬
‫ة‬
‫ة للرفع في الفعل المضارع إذا اتصل به ضمير تثني ٍ‬ ‫وأما النون فتكون علم ً‬
‫أو ضمير جمع أو ضمير المؤثنة المخاطب )‪ ،‬عندنا ثلثة ضمائر‪ ،‬لماذا كانت‬
‫أفعال خمسة أو كما يقولون الفعال الخمسة والمثلة الخمسة؟ قال لن مع‬
‫اللف له صورتان‪ ،‬ومع الواو له صورتان‪ ،‬ومع الياء له صورة واحدة‪ ،‬صارت‬
‫ل واحدٍ‪" ،‬أنتما تكتبان"‬ ‫عندنا خمس صور‪ ،‬نمثل بمثا ٍ‬
‫و"هما يكتبان"‪ ،‬هذه بالتاء أو بالياء‪" ،‬أنتم تكتبون" و"هم يكتبون" و"أنت‬
‫تكتبين"‪ ،‬صارت خمس صور‪.‬‬
‫نعرف الفعال الخمسة أو المثلة الخمسة‪ ،‬الفعال الخمسة أو المثلة‬
‫ل مضارٍع اتصلت به ألف الثنين أو واو الجماعة أو ياء‬ ‫الخمسة‪ :‬هي كل فع ٍ‬
‫المخاطبة‪ ،‬حق هذا النوع أن يُرفع بثبوت النون‪ ،‬وأن يُنصب وأن يُجزم‬
‫ة‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪ ،‬قال الله عّز‬ ‫بحذف النون‪ ،‬وهذه ما فيها مشكل ٌ‬
‫جنَّةِ ﴾ [العـراف‪ ،22 :‬طـه‪،]121 :‬‬ ‫ق ال ْ َ‬‫ن وََر ِ‬ ‫م ْ‬‫ما ِ‬ ‫ن ع َلَيْهِ َ‬ ‫صفَا ِ‬ ‫خ ِ‬‫ل ﴿ وَطَفِقَا ي َ ْ‬ ‫وج ّ‬
‫خل َ َ‬
‫ف‬ ‫ل ﴿ فَ َ‬ ‫هذا اتصلت به ألف الثنين ورفع بثبوت النون‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫ْ‬
‫سيُغْفَُر لَنَا‬ ‫ن َ‬ ‫ض هَذ َا اْلَدْنَى وَيَقُولُو َ‬ ‫ن عََر َ‬ ‫خذ ُو َ‬ ‫ب يَأ ُ‬ ‫ف وَرِثُوا الْكِتَا َ‬ ‫خل ْ ٌ‬‫م َ‬ ‫ن بَعْدِه ِ ْ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫ح ُ‬ ‫ل ﴿ قَالُوا ن َ ْ‬ ‫ن ﴾‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬ ‫ن ﴾ و ﴿ يَقُولُو َ‬ ‫خذ ُو َ‬ ‫﴾ [العـراف‪ ﴿ ،]169 :‬يَأ ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪53‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫ن ﴾ [النمل‪﴿ ،]33 :‬‬ ‫مرِي َ‬ ‫ك فَانْظُرِي َ‬
‫ماذ َا تَأ ُ‬ ‫مُر إِلَي ْ ِ‬‫شدِيد ٍ وَاْل ْ‬ ‫س َ‬ ‫أ ْولو قُوَّةٍ وَأولو بَأ ٍ‬
‫ل‬‫ن ﴾ هنا اتصلت به ياء المخاطبة وُرفع بثبوت النون‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬ ‫مرِي َ‬ ‫تَأ ُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ هنا فعل مضارع‬ ‫جبِي َ‬‫مرِ اللهِ ﴾ [هـود‪ ﴿ ،]73 :‬أتَعْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫جبِي َ‬‫﴿ قَالُوا أتَعْ َ‬
‫مرفوع ٌ وعلمة رفعه ثبوت النون‪ ،‬ما فيه إشكالت والحمد لله‪ ،‬باب الفعال‬
‫الخمسة انتهى‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى قضية أخرى من كلم المصنف‪ ،‬قد انتهى من ذكر‬
‫علمات الرفع‪ ،‬وتحدث الن في علمات النصب فقال‪:‬‬
‫( وللنصب خمس علمات‪ :‬الفتحة وهي الصل‪،‬‬
‫واللف‪ ،‬والكسرة‪ ،‬والياء‪ ،‬وحذف النون )‪،‬هذه خمس‬
‫علمات‪ ،‬نأخذها واحدة ً واحدة ً لن المصنف فصلها فقال‪:‬‬
‫( فأما الفتحة فتكون علمة للنصب في ثلثة‬
‫مواضع‪ ،‬في السم المفرد ) وقد مر بنا تعريفه‪ ،‬تقول "إن‬
‫محمدًا مجتهدٌ"‪" ،‬محمدًا" هذا منصوبوعلمة نصبه الفتحة الظاهرة‪ ،‬و"إن‬
‫ب"‪"،‬موسى" منصوب وعلمة نصبه الفتحة المقدرة على اللف‪،‬‬ ‫موسى غائ ٌ‬
‫أمثل بهذا وهذا حتى تعلم أنه سواءٌ أكانت الفتحة ظاهرة أم مقدرة ل يضير‪.‬‬
‫هذا السم المفرد انتهينا منه‪.‬‬
‫ضا‪،‬‬‫جمع التكسير‪ ،‬واسم الجمع‪ ،‬واسم الجنس الجمعي انتهينا منها أي ً‬
‫والعلمة فيها مثل العلمة هذه‪ ،‬علمة النصب هنا الفتحة‪ ،‬وهي العلمة‬
‫ل موجودون"‪،‬‬ ‫الصلية‪ ،‬فهو يُنصب بالفتحة‪ ،‬جمع التكسير "إن الرجا َ‬
‫ل" منصوبة وعلمة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها‪ ،‬وكذلك لو‬ ‫"الرجا َ‬
‫جعلت اسم جمع أو اسم جنس جمعي فإنه يُعامل المعاملة نفسها‪ ،‬قال الله‬
‫َ‬ ‫ل﴿إ َ َ‬
‫ب‬‫حا َ‬ ‫ص َ‬‫ن ﴾ [يس‪ ﴿ ،]55 :‬أ ْ‬ ‫ل فَاك ِ ُهو َ‬ ‫م فِي ُ‬
‫شغُ ٍ‬ ‫جنَّةِ الْيَوْ َ‬ ‫ب ال ْ َ‬‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عّز وج ّ ِ ّ‬
‫﴾ منصوبة‪ ،‬وهو جمع تكسير‪ ،‬هذا إذا كانت الكلمة جمع تكسير‪.‬‬
‫ضا بالفتحة إذا لم يتصل بآخره شيءٌ‪،‬‬ ‫أما الفعل المضارع فهو يُنصب أي ً‬
‫ة للنصب في ثلثة مواضع ‪ ،‬في السم‬ ‫يقول ( فأما الفتحة فتكون علم ً‬
‫المفرد ) وقد انتهينا منه ‪ ( ،‬وفي جمع التكسير ) وقد انتهينا منه ‪،‬‬
‫ب )‪ ،‬يعني لبد‬ ‫( وفي الفعل المضارع إذا دخل عليه ناص ٌ‬
‫ب‪ ،‬وشرط أل يتصل بآخره شيءٌ‪ ،‬لن لو اتصل‬ ‫ما عليه ناص ٌ‬ ‫أن يكون متقد ً‬
‫به واو جماعة أو ألف اثنين أو ياء مخاطبة فإنه يُنصب ويكون علمة نصبه‬
‫ح‬
‫ن نَبَْر َ‬ ‫ل ﴿ قَالُوا ل َ ْ‬
‫حذف النون‪ ،‬هنا لم يتصل بآخره شيءٌ‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ع َلَيْهِ‬
‫ح ﴾ تقدمت عليه‬ ‫سى ﴾ [طـه‪ ،]91 :‬عندنا ﴿ نَبَْر َ‬ ‫مو َ‬ ‫جعَ إِلَيْنَا ُ‬ ‫حتَّى يَْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬
‫ع َاك ِ ِ‬
‫جعَ ﴾ تقدمت عليه "حتى"‪ ،‬سواء كانت "حتى" أو المقدرة‬ ‫"لن"‪ ،‬وعندنا ﴿ يَْر ِ‬
‫جعَ ﴾ فعلن‬ ‫ح ﴾ و﴿ يَْر ِ‬ ‫أو أن مقدرة بعدها فيه خلف في هذا‪ ،‬المهم أن ﴿ نَبَْر َ‬
‫مضارعان منصوبان باللف ولم يتصل بهما شيءٌ في آخرهما‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪54‬‬
‫ف مكسورة مثل حتى يكون العراب تقديريًّا‬ ‫من المضارع المختوم بأل ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫س وَالل ُ‬ ‫شى النَّا َ‬ ‫خ َ‬ ‫ه وَت َ ْ‬ ‫مبْدِي ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬ ‫في فِي نَفْ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل ﴿ وَت ُ ْ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شى ﴾ هنا فعل مضارع منصوب بفتحة‬ ‫خ َ‬ ‫شاه ُ ﴾ [الحـزاب‪ ﴿ ،]37 :‬ت َ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن تَ ْ‬‫حقُّ أ ْ‬ ‫أ َ‬
‫مقدرة على اللف‪ .‬الفتحة انتهينا منها‪ ،‬الفتحة تكون في السم المفرد‪،‬‬
‫وفي جمع‬
‫التكسير‪ ،‬وفي المضارع الذي لم يتصل بآخره شيءٌ بشرط أن يتقدم عليه‬
‫ب‪.‬‬ ‫ناص ٌ‬
‫قال المصنف رحمه الله ( وأما اللف ) وهي العلمة الثانية من‬
‫ة للنصب في السماء‬ ‫علمات النصب ( فتكون علم ً‬
‫ل لما تحدثنا في باب السماء الخمسة قلنا‬ ‫الخمسة )‪ ،‬كما ذكرنا قبل قلي ٍ‬
‫ت أباك وأخاك" وما أشبه‬ ‫أنها تُرفع بالواو وتنصب باللف‪ ،‬نحو قولك "رأي ُ‬
‫َ‬
‫عنْدَ‬
‫ف ِ‬ ‫س َ‬‫ستَبِقُ وَتََركْنَا يُو ُ‬ ‫ل ﴿ قَالُوا يَا أبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا ن َ ْ‬ ‫ذلك‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫عنَا ﴾ [يوسف‪ ﴿ ،]17 :‬يَا أبَانَا ﴾ "يا" حرف نداء‪" ،‬أبا" هذه منادى منصوب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫متَا ِ‬‫َ‬
‫وعلمة نصبه اللف‪ ،‬وهو مستوفي للشروط التي ذكرناها قبل ذلك‪.‬‬
‫والشروط مرةً أخرى أربعة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون مفردًا‪.‬‬
‫‪ -2‬يكون مكبًرا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون مضافًا‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون مضافًا إلى غير ياء المتكلم‪.‬‬
‫في هذه الية كذلك‪ ﴿ ،‬يَا أَبَانَا ﴾ مضاف‪ ،‬ومفرد‪ ،‬ومضاف إلى غير ياء‬
‫خاه ُ ﴾ [العـراف‪،111 :‬‬ ‫ه وَأ َ َ‬ ‫ج ْ‬
‫َ‬
‫ل ﴿ قَالُوا أْر ِ‬ ‫المتكلم‪ ،‬ومكبر‪ .‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ه ﴾‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫َ‬ ‫الشعراء‪ ﴿ ،]36 :‬أ َ َ‬
‫ج ْ‬‫خاه ُ ﴾ هذه معطوفة على الـهاء فـي ﴿ أْر ِ‬
‫َ‬
‫ما﴿‬ ‫حي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ن لَدَيْنَا أنْكَاًل وَ َ‬ ‫ل ﴿ إ ِ َّ‬ ‫منصوبة وعلمة نصبها اللف‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫ة ﴾ [المزمل‪ ﴿ ،]13 ،12 :‬ذ َا ﴾ هنا من السماء الخمسة‪،‬‬
‫َ‬
‫ص ٍ‬ ‫ما ذ َا غ ُ َّ‬ ‫‪ ﴾12‬وَطَعَا ً‬
‫ن دُونِهِ َل‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن يَدْعُو َ‬ ‫ق وَال ّذِي َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه دَع ْوَة ُ ال ْ َ‬ ‫وتعالى ﴿ ل َ ُ‬ ‫وقال الله سبحانه‬
‫َ‬
‫ماءِ‬ ‫ط كَفَّيْهِ إِلَى ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫يءٍ إ ِ ّل كَبَا ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ن لَهُ ْ‬ ‫جيبُو َ‬ ‫ست َ ِ‬‫يَ ْ‬
‫ة وعلمة‬ ‫ما هُوَ بِبَالِغِهِ ﴾ [الرعد‪ ﴿ ،]14 :‬فَاهُ ﴾ هنا جاءت منصوب ً‬ ‫لِيَبْلُغَ فَاهُ وَ َ‬
‫نصبها اللف‪ ،‬هذه سهلة‪.‬‬
‫ننتقل بعد هذا إلى قول المصنف ( وأما الكسرة فتكون‬
‫ة للنصب في جمع المؤنث السالم )‪ ،‬هذه علمة‬ ‫علم ً‬
‫فرعية‪ ،‬لننا كما قلنا لكم يا أيها الحباب إن العلمة الصلية للنصب هي‬
‫الفتحة‪ ،‬فالعلمة الفرعية هنا هي الكسرة‪ ،‬ذلك أن جمع المؤنث السالم‬
‫ستَطِعْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫م ْ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫يُرفع بالضمة وينصب ويُجر بالكسرة‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ت ﴾ [النساء‪ ،]25 :‬فعندنا‬ ‫منَا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ت ال ْ ُ‬‫صنَا ِ‬ ‫ح َ‬‫م ْ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫ن يَنْك ِ َ‬ ‫م طَوًْل أ ْ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫المحصنات هنا جمع مؤنث سالم‪ ،‬وقد جاء منصوبًا‪ ،‬وعلمة نصبه الكسرة‬
‫الظاهرة على آخره‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪55‬‬
‫ف‬
‫جمع المؤنث السالم هو ما دل على أكثر من اثنتين وزيد في آخره أل ٌ‬
‫وتاء‪ ،‬لبد أن تكون اللف والتاء زائدتين‪ ،‬يعني ليست من بينة الكلمة‪ ،‬مثل‬
‫في كلمة "بيت" كبيت من الشعر مثل‪ ،‬لما تجمعها تكون "أبيات"‪ ،‬لكن التاء‬
‫أصلية‪ ،‬فل نعاملها هذه المعاملة‪" ،‬ميت" تقول فيه "أموات" آخره ألف‪،‬‬
‫"غزاة"‪ ،‬تعاملها هذه المعاملة؟ ل‪ ،‬لن اللف هذه منقلبة عن واو‪ ،‬فهي‬
‫أصلية‪ ،‬فلبد أن تكون اللف والتاء زائدتين حتى تعربها هذا العراب‪ ،‬ويُلحق‬
‫ظ واحد وهو لفظ "أولت"ملحق‬ ‫بجمع المؤنث السالم أمران‪ ،‬الول لف ٌ‬
‫بجمع المؤنث السالم ويُعامل معاملته‪ ،‬لماذا ل نجعله جمع مؤنث سالم؟‬
‫ن‬
‫ل ﴿ وَإ ِ ْ‬ ‫لنه ل مفرد له من لفظه‪ ،‬مفرد "أولت" "صاحبة"‪ .‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ت ﴾ هنا خبر كان وهو‬ ‫ُ‬
‫ن ﴾ [الطلف‪ ،]6 :‬فـ ﴿ أوَل ِ‬ ‫ل فَأَنْفِقُوا ع َلَيْهِ َّ‬
‫م ٍ‬ ‫ح ْ‬
‫ت َ‬
‫كُ َ ُ‬
‫ن أوَل ِ‬ ‫ّ‬
‫منصوب وعلمة نصبه الكسرة‪ ،‬وهو مما أُلحق بجمع المؤنث السالم‪ ،‬لنه ل‬
‫مفرد به من لفظه‪.‬‬
‫النوع الثاني مما ألحق بجمع المؤنث السالم هو ما ألحق به من هذا‬ ‫ُ‬
‫الجمع‪ ،‬نحو "أذرعات" و"عرفات"‪ ،‬وما شاكلها‪ ،‬فإن هذا ليس جم ًعا وإنما‬
‫هو واحد‪ ،‬فهذا يُعامل معاملة جمع المؤنث السالم في القول الصحيح‪ ،‬وإن‬
‫كان بعضهم يرى أنه يعامل معاملة الممنوع من الصرف‪ ،‬والصحيح أنه يُرفع‬
‫بالضمة وينصب ويجر بالكسرة‪ ،‬يعني معاملة جمع المؤنث السالم‪ ،‬وبعضهم‬
‫يرى أنه يُعامل معاملة الممنوع من الصرف لن فيه أمرين وهما العلمية‬
‫والتأنيث‪ ،‬ولكن الصواب أنه يُعامل معاملة جمع المؤنث السالم‪ ،‬ومنه قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫أدنى دارها نظر عال‬ ‫تنورتها من أذرعات وأهلها‬
‫فـ "أذرعات" هذه تُعامل معاملة جمع المؤنث السالم‪ ،‬وهو اسم لمدينة‬
‫بالشام أو لقريةٍ بالشام‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪ .‬هذا جمع المؤنث السالم‬
‫ة عن الفتحة‪.‬‬ ‫وليس فيه طويل كلم‪ ،‬يُنصب بعلمةٍ فرعية وهي الكسرة نياب ً‬
‫ة‬
‫ننتقل إلى قول المصنف ( وأما الياء فتكون علم ً‬
‫للنصب في التثنية وفي الجمع )‪ ،‬طبعًا يقصد في الجمع جمع‬
‫المذكر السالم‪ ،‬وأما التثنية فمعروفة‪ ،‬وقد سبق أن شرحنا التثنية وسبق أن‬
‫شرحنا الجمع‪ ،‬فعلمة النصب في المثنى وفي جمع المذكر السالم هي‬
‫ن‬
‫حَري ْ ِ‬ ‫ن ﴾ [الرحمن‪ ﴿ ،]19 :‬الْب َ ْ‬ ‫ن يَلْتَقِيَا ِ‬ ‫ج الْب َ ْ‬
‫حَري ْ ِ‬ ‫مَر َ‬
‫ل﴿ َ‬ ‫الياء‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن‬‫ل ﴿ إ ِ َّ‬ ‫﴾ هنا مثنى‪ ،‬وقد جاء منصوبًا وعلمة نصبه الياء‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ هنا اسم "إن" منصوب‬ ‫متَّقِي َ‬
‫ت وَنَهَرٍ ﴾ [القمر‪ ﴿ ،]54 :‬ال ْ ُ‬ ‫جنَّا ٍ‬
‫ن فِي َ‬‫متَّقِي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫وعلمة نصبه الياء‪ ،‬وكذلك ما أُلحق بجمع المذكر السالم أو بالمثنى فإنه‬
‫َ‬ ‫يُنصب مثله‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن‬
‫سى أْربَعِي َ‬‫مو َ‬ ‫ل ﴿ وَإِذ ْ وَاعَدْنَا ُ‬
‫ن ﴾ هنا منصوب نصبه الياء‪ ،‬وهكذا فيما شاكل‬ ‫َ‬ ‫لَيْل َ ً‬
‫ة ﴾ [البقرة‪ ،]51 :‬فـ ﴿ أْربَعِي َ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪56‬‬
‫ة‬
‫ننتقل إلى قول المصنف ( فأما حذف النون فيكون علم ً‬
‫للنصب في الفعال الخمسة التي رفعها بثبات‬
‫النون )‪ ،‬مرت بنا الفعال الخمسة‪ ،‬وتعريفها كل فع ٍ‬
‫ل مضارع اتصلت به‬
‫ألف الثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة‪ ،‬رفع الفعال الخمسة بثبوت‬
‫َّ‬
‫ه‬
‫م الل ُ‬ ‫ل ﴿ يَعِظُك ُ َ‬ ‫النون‪ ،‬نصب الفعال الخمسة بحذف النون‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ [النـور‪ ﴿ ،]17 :‬تَعُودُوا ﴾ فعل مضارع‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫مثْلِهِ أبَدًا إ ِ ْ‬ ‫ن تَعُودُوا ل ِ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ن" تقدمت عليه فنصبته‪.‬‬ ‫من الفعال الخمسة منصوب لن "أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ضت ُ ْ‬‫ن وَقَد ْ فََر ْ‬ ‫سوهُ َّ‬ ‫م ُّ‬ ‫ن تَ َ َ‬
‫لأ ْ‬ ‫ن قَب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫موهُ َّ‬
‫ن ِ‬ ‫ن طَل ّ َقْت ُ ُ‬ ‫ل ﴿ وَإ ِ ْ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬‫ن أوْ يَعْفُوَ الذِي بِيَدِهِ عُقْدَة ُ النِّكَا ِ‬ ‫ن يَعْفُو َ‬ ‫م إ ِ ّل أ ْ‬ ‫ضت ُ ْ‬‫ما فََر ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ة فَن ِ ْ‬ ‫ض ً‬‫ري َ‬‫ن فَ ِ‬‫لَهُ َّ‬
‫﴾ [البقرة‪ ،]237 :‬هذه قضية ما كنت أريد الحديث عنها‪ ،‬ولكن مادام قرأنا‬ ‫ُ‬
‫ن ﴾ من الفعال الخمسة‪ ،‬ومع‬ ‫ن ﴿ يَعْفُو َ‬ ‫الية‪ ،‬فإنه قد يتبادر إلى الذهن هنا أ َّ‬
‫ذلك لم تُنصب بحذف النون‪ ،‬والواقع أنها ليست من الفعال الخمسة‪ ،‬لن‬
‫ي‬‫النون هذه نون النسوة‪ ،‬وأن الفعل مبني لتصاله بنون النسوة‪ ،‬فهو مبن ٌّ‬
‫ن"‪ ،‬ويوازن النحويون بين قولك "الرجال‬ ‫على السكون في محل نصب بـ "أ ْ‬
‫يعفون" و"النساء يعفون" من عدة أوجه‪ ،‬فـ "الرجال يعفون" معرب‪،‬‬
‫و"النساء يعفون" مبني‪" ،‬الرجال يعفون" الواو هذه واو الجماعة فاعل‪،‬‬
‫و"النساء يعفون" الواو هذه من الفعل "يعفو"‪ ،‬يعني حرف من الفعل‪،‬‬
‫"الرجال يعفون" وزن "يعفون" فيها "يفعون" لن لمها محذوفة‪" ،‬النساء‬
‫يعفون" وزن "يعفون" فيها "يفعلن"‪ ،‬ما كنت أريد الحديث عن هذا لن فيه‬
‫تطويل‪ ،‬لكن مادام قلناها ل بأس‪.‬‬
‫ن‬‫ل ﴿ وَإ ِ ِ‬ ‫لكن مما نُصب به الفعل المضارع بحذف النون قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَرأَة ٌ َ‬
‫حا بَيْن َ ُه َ‬
‫ما‬ ‫صل ِ َ‬
‫ن يُ ْ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ح ع َلَيْهِ َ‬‫جنَا َ‬ ‫ضا فََل ُ‬ ‫شوًزا أوْ إِعَْرا ً‬ ‫ن بَعْل ِ َها ن ُ ُ‬ ‫م ْ‬‫ت ِ‬ ‫خافَ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬
‫حا ﴾‪،‬‬ ‫صل ِ َ‬
‫ن يُ ْ‬ ‫خيٌْر ﴾ [النساء‪ ،]128 :‬الشاهد عندنا في قوله ﴿ أ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل ْ ُ‬‫حا وَال ُّ‬‫صل ْ ً‬‫ُ‬
‫فإن يُصلح فعل مضارع منصوب‪ ،‬وعلمة نصبه حذف النون‪.‬‬
‫المصنف انتهى من النصب الن‪ ،‬من علمات النصب الصلية والفرعية‪،‬‬
‫وانتقل إلى علمات الخفض أو الجر ـ كما يسميه البصريون ـ قال المصنف‬
‫( وللخفض ثلث علمات‪ :‬الكسرة وهي الصل‪،‬‬
‫والياء والفتحة )‪ ،‬ثم تحدث عن الكسرة فقال ( فأما الكسرة‬
‫ة للخفض في ثلثة مواضع‪ :‬في السم‬ ‫فتكون علم ً‬
‫ل" أو "بامرأةٍ" أو "بالرجل" أو‬ ‫رف ) "مرر ُ‬
‫ت برج ٍ‬ ‫ص ِ‬
‫من َ‬‫المفرد ال ُ‬
‫"بالمرأة"‪ ،‬لكنلبد أن يكون هذا السم منصرفًا‪ ،‬لنه إذا كان غير منصرف‬
‫فإنه يُجر بالفتحة نيابة عن الكسرة كما سيأتي بيانه إن شاء الله‪ ( ،‬وفي‬
‫ضا المنصرف‪ ،‬مثل كلمة "رجال"‪،‬‬ ‫رف ) أي ً‬
‫ص ِ‬
‫من َ‬
‫جمع التكسير ال ُ‬
‫ل"‪( ،‬وفي جمع المؤنث السالم )‪ ،‬جمع المؤنث‬ ‫ت برجا ٍ‬
‫"مرر ُ‬
‫السالم يعرب بعلمة فرعية في النصب‪ ،‬ولكن علمته الصلية في الجر هي‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪57‬‬
‫ن﴿ٰ‬
‫حم َـ ِ‬ ‫ســم ِ اللهِ الَّر ْ‬ ‫ح والحمد لله رب العالمين‪ ،‬ب ِ ْ‬ ‫الكسرة‪ ،‬فهذا واض ٌ‬
‫حيم ِ ﴾ لفظ الجللة مجرور وعلمة جره الكسرة لنه مضاف إليه‪" ،‬اسم"‬ ‫الَّر ِ‬
‫مجرور بالباء‪" ،‬الرحمن" مجرور بالتبعية‪.‬‬
‫َ‬
‫ما فِي‬
‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ِّ‬ ‫صدُورِك ُ ْ‬
‫م وَلِي ُ َ‬ ‫ما فِي ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ل ﴿ وَلِيَبْتَل ِ َ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾ [آل عمران‪" ،]154 :‬صدور" و"قلوب" جمع تكسير‪ ،‬وقد جاء‬ ‫قُلُوبِك ُ ْ‬
‫مجروًرا بالكسرة‪.‬‬
‫الموضع الثالث الذي يُجر بالكسرة هو جمع المؤنث السالم‪ ،‬ومنه قول‬
‫ت واْل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫ض ﴾ [فاطر‪﴿ ،]38 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ماو‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َا‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل ﴿ الل‬
‫ت ﴾ هنا جمع مؤنث سالم‪ ،‬وقد جاء مجروًرا وعلمة جره الكسرة‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال َّ‬
‫الظاهرة على آخره‪.‬‬
‫ة للخفض في‬ ‫قال المصنف ( وأما الياء فتكون علم ً‬
‫ثلثة مواضع‪ :‬في السماء الخمسة‪ ،‬وفي التثنية‬
‫والجمع )‪ ،‬وهو يقصد جمع المذكر السالم‪ ،‬لن جمع التكسير يجر‬
‫ك‬‫ن ابْن َ َ‬ ‫م فَقُولُوا يَا أَبَانَا إ ِ َّ‬ ‫َ‬
‫جعُوا إِلَى أبِيك ُ ْ‬ ‫ل ﴿ اْر ِ‬ ‫بالكسرة‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾ اسم من السماء الخمسة‪ ،‬وقد جاء مجروًرا‬ ‫ْ‬ ‫سَرقَ ﴾ [يوسف‪ ﴿ ،]81 :‬أَبِيك ُ‬ ‫َ‬
‫مث َلً‬ ‫َّ‬ ‫بالياء لنه تقدمت عليه "إلى"‪ ،‬وقد قال الله عّز وج ّ‬
‫ه َ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ل﴿ َ‬
‫لِلَّذين كَفَروا ا ِمرأَة َ نوح وا َ‬
‫حي ْ ِ‬
‫ن‬ ‫صال ِ َ‬ ‫عبَادِنَا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ت ع َبْدَي ْ ِ‬ ‫ح َ‬‫ط كَانَتَا ت َ ْ‬ ‫مَرأة َ لُو ٍ‬ ‫ُ ٍ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬
‫ن ﴾ مثنى مجرور وعلمة جره الياء‪ ،‬وكذلك‬ ‫﴾ [التحريم‪ ،]10 :‬فـ ﴿ ع َبْدَي ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ج ُ‬‫خَر َ‬ ‫ه إِذ ْ أ ْ‬ ‫صَره ُ الل ّ ُ‬ ‫صُروه ُ فَقَد ْ ن َ َ‬ ‫ل ﴿ إ ِ ّل تَن ْ ُ‬ ‫الملحق به نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫ن كَفَُروا ثَان ِ َ‬‫ال ّذِي َ‬
‫ن ﴾ ملحق‬ ‫ما فِي الغَارِ ﴾ [التوبة‪ ﴿ ،]40 :‬اثْنَي ْ ِ‬ ‫ن إِذ ْ هُ َ‬ ‫ي اثْنَي ْ ِ‬
‫بالمثنى‪ ،‬وقد جاء مجروًرا بالياء‪ ،‬وأما جمع المذكر السالم فكقولك مثل‬
‫ت بالمسلمين" أو "بالصالحين" أو "بالمهتدين" أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫"مرر ُ‬
‫قال المصنف ( وأما الفتحة فتكون علمة للخفض‬
‫رف )‪ ،‬هذه علمة فرعية‪ ،‬الصل في‬ ‫ص ِ‬ ‫في السم الذي ل ين َ‬
‫الجر أو الخفض أن يكون بالكسرة‪ ،‬أما السم الممنوع من الصرف فإنه‬
‫يُجر بالفتحة نيابًة عن الكسرة‪ ،‬واعلموا بارك الله فيكم أن الحديث في باب‬
‫الممنوع من الصرف حديث طويل‪ ،‬لنه ليس كل كلمة تُمنع من الصرف‪،‬‬
‫أول الممنوع من الصرف خاص بالسماء‪ ،‬ل يجوز أن يأتي في الفعال‪ ،‬ل‬
‫ص بالسماء‪ ،‬ثانيًا ليست كل‬ ‫يُقال الفعل هذا ممنوع من الصرف‪ ،‬بل هو خا ٌّ‬
‫كلمة تُمنع من الصرف‪ ،‬لن الصل في السماء أنها مصروفة‪ ،‬ولكن يمتنع‬
‫من الصرف ما اجتمعت فيه علتان من علل تسع‪ ،‬أو علة واحدة تقوم مقام‬
‫علتين‪ ،‬وقد جمعوا العلل في بيتين من الشعر فقالوا‪:‬‬
‫وعجمة‪ ،‬ثم جمـع‪ ،‬ثـم‬ ‫عدل ‪ ،‬ووصف‪ ،‬وتأنيث‪ ،‬ومعرفة‬
‫تركيب‬
‫ووزن‬ ‫والـنـون زائـدة مـن قبـلهـا ألـف‬
‫فعل وهذا القول تقريب‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪58‬‬
‫ب للذهان‬ ‫يعني ليس كل في الباب ممنوع ٌ من الصرف‪ ،‬وإنما هو تقري ٌ‬
‫حتى نُبين ما اجتمع فيه علتان أو ما انفرد بعلةٍ واحدة‪.‬‬
‫ة واحدة ليكون ممنوع ًا من الصرف‪ ،‬وهو نوعان‪:‬‬ ‫نبدأ بما يكفي فيه عل ٌ‬
‫النوع الول‪ :‬صيغة منتهى الجموع‪ ،‬مثل "مساجد" و"مصابيح"‪ ،‬فإن هذه‬
‫ة أخرى‪ ،‬بمجرد ما تأتي هذه الصيغة فامنعها من الصرف‪،‬‬ ‫ل تنتظر فيها عل ً‬
‫ضا أن تجرها بالفتحة‬ ‫ما معنى تمنعها من الصرف؟ يعني ل تنونها‪ ،‬ويعني أي ً‬
‫مى صيغة منتهى الجموع‪ ،‬مثالها "مساجد"‬ ‫ة عن الكسرة‪ ،‬وهذا تُس ّ‬ ‫نياب ً‬
‫ل‪ ،‬ولن نتعرض له‪.‬‬ ‫م طوي ٌ‬ ‫و"مصابيح"‪ ،‬وفيها كل ٌ‬
‫ختم بألف التأنيث‬ ‫النوع الثاني‪ :‬الذي يُكتفى فيه بعلة واحدة هو ما ُ‬
‫ة أم نكرةً‪ ،‬مفردة ً أم‬ ‫الممدودة أو المقصورة‪ ،‬هذه سواءٌ أكانت معرف ً‬
‫ما أو أي شيءٍ من الشياء‪ ،‬بمجرد ما تجد ألف التأنيث‬ ‫ة أو اس ً‬ ‫ة‪ ،‬صف ً‬‫مجموع ً‬
‫المكسورة أو الممدودة في آخر الكلمة فامنعها من الصرف‪" ،‬وليلى" هذه‬
‫علم‪" ،‬جرحى" هذه جماعة‪" ،‬زكريا" هذا مذكر لكنه مختوم بألف التأنيث‪،‬‬
‫"صحراء" هذه مؤنثة مختومة بألف التأنيث الممدودة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬مباشرة‬
‫ة عن الكسرة‪ .‬انتهينا‬ ‫امنعها من الصرف يعني ل تنونها‪ ،‬وجرها بالفتحة نياب ً‬
‫مما‬
‫يُكتفى فيه بعلة واحدة‪.‬‬
‫ضا أشياء لبد أن يجتمع فيها علتان ول تكفي علة واحدة‪ ،‬فيه‬ ‫ويوجد أي ً‬
‫شيء منها مع الوصفية وفيه شيء منها مع العلمية‪ ،‬فنقول يجتمع الوصف‬
‫مع اللف والنون الزائدتين مثل "غضبان" و"سكران"‪ ،‬ويجتمع الوصف مع‬
‫العدل مثل كلمة "أُخر" ومثل "مثنى" و"ثُلث" و"ُرباع"‪ ،‬لن هذه ممنوعة‬
‫من الصرف للوصفية والعدل‪ ،‬كلمة "مثنى" معدولة عن "اثنين اثنين"‪،‬‬
‫و"ثلث" عن "ثلثة ثلثة"‪ ،‬و"أُخر" معدولة عن "آخر"‪ ،‬بقي واحد من‬
‫الوصف وهو أن يكون وصفًا على وزن أفعل نحو قولك "أكبر" و"أفضل"‬
‫و"أطول" و"أقصر" و"أحسن" و"أبهى" و"أجمل"‪ ،‬وما شاكل ذلك‪ ،‬هذه كلها‬
‫ممنوعة من الصرف لعلتين‪ ،‬العلة الولى الوصفية والعلة الثانية وزن‬
‫م طوي ٌ‬
‫ل لكننا سنتركه‪.‬‬ ‫"أفعل"‪ ،‬وهذه فيها كل ٌ‬
‫ة أخرى‪ ،‬لكن إن‬ ‫ننتقل إلى النوع الثاني وهو ما اجتمع مع العلمية عل ٌ‬
‫شاء الله تعالى‬
‫يكون في بداية الحلقة القادمة‪.‬‬
‫نستمع الن إلى السئلة منكم إن وُجد‪ ،‬وإل أسألكم أنا‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫بالنسبة للسم "أبو" إذا جاء في اسم أو كنية مثل "أبو بكر" أو "أبو‬
‫هريرة" فهل يُعرب أم ماذا؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫الذي يُستعمل في كلم العرب هو أنه يُرفع بالواو ويُنصب باللف ويُجر‬
‫مي به‪،‬‬ ‫س ِّ‬
‫بالياء‪ ،‬هذا المستعمل في كلم العرب‪ ،‬وإن كانوا الن يُلزمونه ما ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪59‬‬
‫ت من أبو ظبي"‪ ،‬يُقال هذا وهو علم‪ ،‬لكن‬ ‫مثل أبو ظبي يقولون "جئ ُ‬
‫الصواب والله أعلم أن يُعامل معاملة السماء الخمسة‪ ،‬وهذا أخالف فيه‬
‫مي به من جمع المؤنث السالم‪ ،‬لن‬ ‫س ّ‬
‫قاعدتي التي ذكرتها لكم في باب ما ُ‬
‫هذا هو المسموع من كلم العرب‪ ،‬فنقف على المسموع من كلم العرب‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬في ما يُغني عن المتعاطفين في قولي‬
‫مثل "جاء العمران"‪ ،‬هل إذا قلنا "جاء العمران" نقصد أبا بكر وعمر تدخل‬
‫في هذا؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ل جيد‪ ،‬هي تدخل في هذا‪ ،‬أحيانًا يغلبون‪ ،‬وهو ما‬ ‫بارك الله فيك‪ ،‬سؤا ٌ‬
‫يُسمى بالتغليب‪ ،‬يقولون البوان للب والم‪ ،‬ويقولون العمران لبي وعمر‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬وما شاكل ذلك‪ ،‬فهل تُعرب إعراب المثنى‪ ،‬أنا أرى أنها‬
‫ما لنه تدل على اثنين وتُغني عن‬ ‫تُعرب إعراب المثنى وأنها مثله تما ً‬
‫مستوفية للشروط‬ ‫المتعاطفين‪ ،‬وفيها زيادة ألف ونون في آخرها‪ ،‬فهي ُ‬
‫فتُعرب إعرابه بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫كيف تُعربون الممنوع من الصرف؟ كيف ترفعونه؟ كيف تنصبونه؟ كيف‬
‫تجرونه؟ وما المقصود بكلمة ممنوع من الصرف؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫الممنوع من الصرف أي ممنوع من التنوين‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫هذا هو الغالب أن معنى كلمة ممنوع من الصرف يعني ممنوع من‬
‫التنوين‪ ،‬أحسنت بارك الله فيك‪.‬‬
‫وما حكمه؟ نمنعه من التنوين هذا صحيح‪ ،‬فيه شيء آخر نعامل الممنوع‬
‫من الصرف به‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫إذا دخل عليه حرف الجر يُجر بالفتحة‪.‬‬
‫أكمل الشيخ‪:‬‬
‫م حقٌ وبارك الله فيك‪.‬‬ ‫ة عن الكسرة‪ ،‬هذا كل ٌ‬ ‫يُجر بالفتحة نياب ً‬
‫أكل كلمة يمكن أن نمنعها من الصرف أم لبد أن هناك بعض الشياء؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫هناك بعض الشياء‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫هل تذكر لنا شيئًا من العلل التي تُمنع الكلمة بسببها من الصرف؟ أي‬
‫علة سواءٌ مما يُكتفي فيه بعلة واحدة أو بأكثر من علة؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫صيغة منتهى الجموع‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪60‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫تعرف لنا صيغة منتهى الجموع هذه؟‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫مثل "مساجد"‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫هذا مثالها‪ ،‬لكنهم يعرفونها يا أيها الحباب بقولهم‪ :‬صيغة منتهى الجموع هي‬
‫ف زائدة بعدها حرفان نحو "مساجد" أو ثلثة أحرف وسطها‬ ‫كل جمٍع ثالثه أل ٌ‬
‫ساكن نحو "مصابيح"‪ ،‬وقس على هذا‪ .‬لماذا اشترطنا كلمة وسطها ساكن‪،‬‬
‫قال ليخرج نحو "ملئكة"‪ ،‬لن ملئكة مستوفية للشروط هذه‪ ،‬لكن بعد‬
‫اللف ثلثة حروف الحرف الوسط غير ساكن وإنما هو متحرك‪ ،‬فهذه‬
‫نصرفها ول نمنعها من الصرف‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫كيف تنصبون المثنى؟ ما علمة نصب المثنى؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫الياء‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫وعلمة جر المثنى؟‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫الياء‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫وعلمة الرفع في جمع المذكر السالم؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫الواو‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫ضا يُشارك جمع المذكر السالم في الرفع بالواو شيءٌ فما هو؟‬ ‫أي ً‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫السماء الخمسة‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬يشترك هذان الثنان في الرفع بالواو‪ ،‬وهما السماء الخمسة‬
‫وجمع المذكر السالم‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫الياء علمة للنصب في أي شيء؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫في جمع المذكر السالم‪ ،‬في المثنى‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫مثل لنا‪.‬‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪61‬‬
‫مثل "حسنين"‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫اترك هذه‪ ،‬هذه ملحقة‪ ،‬أعطنا ما هو متفق عليه‪.‬‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫مثال "أخوين"‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫"إن الخوين مجتهدان"‪.‬‬
‫وبارك الله فيكم‪ ،‬نكتفي بهذا القدر‪ ،‬وصلى اللهم وسلم على نبينا‬
‫محمد‪.‬‬

‫الدرس السابع‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪،‬‬
‫نواصل الحديث في الممنوع من الصرف‪ ،‬الممنوع من الصرف انتهينا‬
‫ضا مما يُمنع لعلتين‪ ،‬والوصفية واحدة من‬
‫مما يُمنع لعلةٍ واحدة‪ ،‬وانتهينا أي ً‬
‫العلتين‪ ،‬قلنا الوصف ووزن "أفعل"‪ ،‬والوصف وزيادة اللف والنون‪،‬‬
‫والوصف والعدل‪ ،‬وقد انتهينا من هذا‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪62‬‬
‫ننتقل الن إلى نوٍع آخر مما يُمنع لعلتين وهو ما كانت إحدى العلتين‬
‫العلمية‪ ،‬يقولون يُمنع السم من الصرف إذا اجتمعت فيه علتان إحداهما‬
‫العلمية‪ ،‬العلمية وماذا؟ العلمية واللف والنون‪ ،‬مثل "عثمان" و"سلطان"‪،‬‬
‫ث علم يُمنع من الصرف‪ ،‬بل لبد أن يكون‬ ‫العلمية والتأنيث‪ ،‬وليس كل مؤن ٍ‬
‫ما بالتاء أو زائدًا على ثلثة أحرف‪ ،‬أو ثلثة أحرف ووسطه متحرك‪،‬‬ ‫إما مختو ً‬
‫أو ثلثة ووسطه ساكن ولكنه اسم أعجمي‪،‬المثلة "فاطمة ممنوعة من‬
‫الصرف لنها مختومة بالتاء‪" ،‬سحر" هذه ممنوعة ثلثية ومتحركة الوسط‪،‬‬
‫"زينب" ممنوعة من الصرف لنها أربعة أحرف‪" ،‬ماه" "وجور" أسماء‬
‫لعلم أعجمية‪ ،‬يعني مدن أعجمية‪ ،‬هذه ممنوعة من الصرف‪ ،‬صحيح أنها‬
‫ثلثية وساكنة الوسط لكنها مؤنث وأعجمي تمنع من الصرف‪ ،‬لكن "هند"‬
‫و"دعد"‪ ،‬يجوز لك الوجهان على السواء فيهما أن تصرف وأن تمنع‪ ،‬يجوز‬
‫أن تقول "جاءت هندٌ"‪ ،‬ويجوز أن تقول "جاءت هندُ"‪ ،‬و"مررت بهندٍ"‬
‫ت بهندَ"‪ ،‬أنت حر إذا ثلثيًّا ساكن الوسط‪ ،‬ومنه كما يرى بعضهم قول‬ ‫و"مرر ُ‬
‫صًرا ﴾ [البقرة‪ ،]61 :‬على أن المقصود مصر التي‬ ‫م ْ‬ ‫ل ﴿ اهْبِطُوا ِ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫نحن فيها الن‪ ،‬مصر العلم على هذا البلد على أنه هو المقصود‪ ،‬وبعضهم‬
‫صًرا ﴾ من المصار أيّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما في هذه الية‪ ،‬وإنما ﴿ اهْبِطُوا ِ‬ ‫يرى أنها ليست عل ً‬
‫مصر‪ ،‬لكن على الرأي الذي يرى أنها علم تكون حينئذ ٍ مصروفة‪ ،‬لنه يجوز‬
‫الوجهان فيما كان ثلثيًّا ساكن الوسط‪.‬‬
‫انتهينا من العلم المؤنث ومن العلم المختوم باللف والنون‪ ،‬بقي الن‬
‫مر" ومثل "يزيد" و"تغلب" و"يشكر"‬ ‫العلم الموازن للفعل‪ ،‬مثل "ش ّ‬
‫و"أحمد"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬هذه كلها ممنوعة من الصرف للعلمية ووزن الفعل‪.‬‬
‫النوع الرابع العلم المركب تركيبًا مزجيًّا‪ ،‬نحو "بعلبك" و"حضر موت"‬
‫و"معدي كرب" وما شاكل ذلك‪.‬‬
‫النوع الخامس العلم المعدول‪ ،‬يمثلون له بنحو "ع ُمر"‪ ،‬يقولون "عمر"‬
‫حل" و"ُزفَر" وما شاكل ذلك‪ ،‬ما كان وزن فُعَل‬ ‫ل عن "عامر"‪ ،‬و"ُز َ‬ ‫معدو ٌ‬
‫ل عن فاعل فإنهم يمنعونها من الصرف للعلتين العلمية والعدل‪،‬‬ ‫وهو معدو ٌ‬
‫وهذه خمسة أنواع‪ ،‬وهناك خمسة أنواع‪ ،‬وهنالك نوعان يمتنعان من الصرف‬
‫مطلقًا لعلة واحدة‪ ،‬وثلثة مع الوصفية‪ ،‬وخمسة مع العلمية‪ ،‬صار المجموع‬
‫عشرة أنواع كل هذه تُمنع من الصرف‪ ،‬بقي أن نشير إلى ما نبهني إليه‬
‫أخوكم وهو أن الممنوع من الصرف يرجع إلى أصله فيُجر بالكسرة ولكن ل‬
‫يرجع إليه التنوين‪ ،‬فهو يرجع إلى أصله فيُجر بالكسرة وذلك في حالتين‪:‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫‪ -1‬الحالة الولى‪ :‬أن تدخل عليه "ال"‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَأنْت ُ ْ‬
‫جد﴾ ــ[البقرة‪ ،]187:‬مجرورة بالكسرة‪.‬‬ ‫سا ِ ِ‬ ‫ن فِي ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ع َاكِفُو َ‬
‫ضا فجر‬ ‫‪ -2‬الحالة الثانية‪ :‬أن يُضاف‪ ،‬فإذا وقع مضافًا رجع إلى أصله أي ً‬
‫ما واحدًا مرة جاء منصرفًا ومرة‬ ‫بالكسرة‪ ،‬انتبهوا إلى آيتين أذكر فيهما اس ً‬
‫َ‬
‫منْهَا ﴾‬
‫ن ِ‬‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫حيُّوا بِأ ْ‬
‫حيَّةٍ فَ َ‬‫م بِت َ ِ‬
‫حي ِّيت ُ ْ‬ ‫جاء غير منصرف‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَإِذ َا ُ‬
‫ضف جاء مجروًرا بالفتحة‪ ،‬ممنوع ًا من الصرف‬ ‫[النساء‪ ،]86 :‬هنا لنه لم ي ُ َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪63‬‬
‫لعلتين‪،‬‬
‫َ‬
‫ْويم ٍ ﴾ [التين‪،]4 :‬‬
‫ن تَق ِ‬‫س ِ‬
‫ح َ‬
‫ن فِي أ ْ‬ ‫سا َ‬‫خلَقْنَا اْلِن ْ َ‬ ‫ل ﴿ لَقَد ْ َ‬ ‫وقال الله عّز وج ّ‬
‫ة لنها مضافة إلى كلمة تقويم‪ ،‬حينئذ ٍ نعيدها‬ ‫ن ﴾ مصروف ً‬ ‫َ‬
‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫جاءت كلمة ﴿ أ ْ‬
‫إلى أصلها فنجرها بالكسرة‪.‬‬
‫لكن اعلم بارك الله فيك التنوين ل يعود إليه إل في الضرورة الشعرية‬
‫أو في مواضع حددوها وذكروها‪ ،‬قالوا إن الممنوع من الصرف في بعض‬
‫الحالت يرجع إليه التنوين‪ ،‬منها الضرورة الشرعية‪ ،‬ومنها مراعاة الفواصل‪،‬‬
‫ة"‪" ،‬عنيزة" هنا جاء منونًا مصروفًا‪ ،‬وفي‬ ‫"ويوم دخلت الخدر خدر عنيز ٍ‬
‫َ‬
‫سعِيًرا ﴾ [النسان‪ ،]4 :‬جاءت ﴿‬ ‫سًل وَأغَْلًل وَ َ‬ ‫سَل ِ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫قراءة قول الله عّز وج ّ‬
‫سًل ﴾ منونة لمناسة أغلل وسعيًرا لنها مناسبة لها‪ ،‬هذه في قراءة‪،‬‬ ‫سَل ِ‬ ‫َ‬
‫ل ﴾ بدون تنوين‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫سَل ِ‬ ‫القراءة الخرى ﴿ َ‬
‫ضا العلم إذا زالت عنه علميته فإنه يرجع إلى أصله فيُصرف‪،‬‬ ‫وقالوا أي ً‬
‫ب عمرٍ‬ ‫ت "ُر َّ‬‫ب" ل تدخل إل على النكرات‪ ،‬فقل َ‬ ‫ب"‪ ،‬و"ُر َّ‬ ‫مثل دخلت "ُر َّ‬
‫ب يزيد ٍ قابلته"‪ ،‬لن ذهبت عنه العلمية‪ ،‬فما بقي فيه إل علة‬ ‫قابتله" و"ُر َّ‬
‫واحدة فيعود إلى أصله فيُصرف ويُنون‪ .‬وهذا آخر الحديث في باب الممنوع‬
‫ضا نحن لم نعط الممنوع من الصرف كل ما يستحق لنه‬ ‫من الصرف‪ ،‬وأي ً‬
‫ب طويل‪.‬‬ ‫با ٌ‬
‫ننتقل الن إلى قول المصنف ( وللجزم علمتان‪ :‬السكون‬
‫ة للجزم في الفعل المضارع‬ ‫والحذف )‪ ،‬فأما السكون فيكون علم ً‬
‫ل مضارع ٌ صحيح الخر لم يتصل به ألف‬ ‫الصحيح الخر‪ ،‬إذا كان عندك فع ٌ‬
‫الثنين ول واو الجماعة ول ياء المخاطبة‪ ،‬صحيح الخر أي ليس آخره حرف‬
‫ب محمد" و"لم‬ ‫علة‪ ،‬ليس آخره ألف ول واو ول ياء‪ ،‬فإنك تقول "لم يشر ْ‬
‫م"‪ ،‬نقول "لم ينم" هذه فعل مضارع مجزوم‬ ‫يحضْر" و"لم يُسافْر" و"لم ين ْ‬
‫وعلمة جزمه السكون لنه صحيح الخر ولم يتصل به ألف الثنين ول واو‬
‫ل ﴿ قَالُوا‬‫الجماعة ول ياء المخاطبة‪ .‬هذا النوع الول ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ حرف شرط‪ ،‬و ﴿‬ ‫ل ﴾ [يوسف‪ ﴿ ،]77 :‬إ ِ ْ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫خ لَ ُ‬ ‫سَرقَ أ َ ٌ‬ ‫سرِقْ فَقَد ْ َ‬ ‫ن يَ ْ‬‫إِ ْ‬
‫ن ﴾ وعلمة جزمه السكون‪.‬‬ ‫سرِقْ ﴾ فعل مضارع مجزوم بـ ﴿ إ ِ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ة‬‫قال المصنف رحمه الله ( وأما الحذف فيكون علم ً‬
‫للجزم في الفعل المضارع المعتل الخر‪ ،‬وفي‬
‫الفعال الخمسة التي رفعها بثبوت النون )‪ ،‬نبدأ بالفعل‬
‫ما‬ ‫المضارع المعتل الخر‪ ،‬الفعل المضارع المعتل الخر إما أن يكون مختو ً‬
‫ما بالياء نحو‬ ‫ما بالواو نحو "يدعو" أو مختو ً‬ ‫باللف نحو "يسعى" أو مختو ً‬
‫"يرمي"‪ ،‬إذا أدخلت عليه الجازم فإنك تحذف حرف العلة من آخره‪ ،‬فتقول‬
‫"لم يدع ُ" و"لم يسع" و"لم يرم"‪ ،‬قال الله عز وج ّ َ‬
‫ل َرب ُّ َ‬
‫ك‬ ‫م تََر كَي ْ َ‬
‫ف فَعَ َ‬ ‫ل ﴿ أل َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ل ﴾ [الفيل‪ ﴿ ،]1 :‬تََر ﴾ فعل مضارع مجزوم وعلمة جزمه حذف‬ ‫ب الْفِي‬ ‫حا‬ ‫بأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫حرف العلة‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫خَر ﴾ [المؤمنون‪:‬‬ ‫معَ اللهِ إِلهًا آ َ‬ ‫ن يَدْع ُ َ‬
‫م ْ‬
‫ل ﴿ َو َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪64‬‬
‫‪ ﴿ ،]117‬يَدْع ُ ﴾ فعل مضارع مجزوم وعلمة جزمه حذف حرف العلة‪ ،‬وقال‬
‫َ‬
‫مهْتَدِي ﴾ [العـراف‪ ﴿ ،]178 :‬يَهْد ِ ﴾ أصله "يهدي"‬ ‫و ال ْ ُ‬ ‫ن يَهْد ِ الل ّ ُ‬
‫ه فَهُ َ‬ ‫م ْ‬
‫سبحانه ﴿ َ‬
‫حذف حرف العلة من آخره‪ ،‬هذا هو المعتل الخر‪.‬‬ ‫ولما دخل عليه الجازم ُ‬
‫وأما الفعل المضارع الذي اتصل به ألف الثنين أو واو الجماعة أو ياء‬
‫َ‬
‫ت‬‫صغَ ْ‬ ‫ن تَتُوبَا إِلَى الل ّهِ فَقَد ْ َ‬ ‫ل ﴿ إِ ْ‬‫المخاطبة فمن شواهده قول الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ وعلمة جزمه‬ ‫ما ﴾ [التحريم‪ ﴿ ،]4 :‬تَتُوبَا ﴾ فعل مضارع مجزوم بـ ﴿ إ ِ ْ‬ ‫قُلُوبُك ُ َ‬
‫شهادَة َ ومن يَكْت ُمها فَإن َّ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه آث ِ ٌ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫موا ال ّ َ‬ ‫ل ﴿ وََل تَكْت ُ ُ‬
‫حذف النون‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫حذفت النون‬ ‫موا ﴾ فقد ُ‬ ‫ه ﴾ [البقرة‪ ،]283 :‬الشاهد عندنا في قوله ﴿ وََل تَكْت ُ ُ‬ ‫قَلْب ُ ُ‬
‫حدًا‬ ‫َ‬ ‫ن الْب َ َ‬ ‫ما تََري ِ َّ‬ ‫ل ﴿ فَإ ِ َّ‬ ‫هنا لدخول ل الناهية عليه‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫شرِ أ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬
‫فَقُولِي إنِي نذ َرت لِلَرحمن صوما فَل َ ُ‬
‫سيًّا ﴾ [مريم‪،]26 :‬‬ ‫م إِن ْ ِ‬ ‫م الْيَوْ َ‬‫ن أكَل ِّ َ‬‫ْ‬ ‫ّ ْ َ ِ َ ْ ً‬ ‫ِّ َ ْ ُ‬
‫ن" الشرطية وبعدها "ما‬ ‫ن ﴾ لنه تقدم عليه "إ ْ‬ ‫الشاهد عندنا في قوله ﴿ تََري ِ َّ‬
‫ي في الخير تُثابي"‪ ،‬أصله طبعًا‬ ‫حذف منها حرف العلة‪" ،‬إن تسع ْ‬ ‫زائدة" ف ُ‬
‫حذف منها النون‪،‬‬ ‫"تسعين" و"تُثابين"‪ ،‬لكن لما دخلت عليها "إن" الشرطية ُ‬
‫وهذا آخر ما يُقال في هذا الموضوع وهو علمات الجزم‪ ،‬إما السكون وإما‬
‫الحذف‪ ،‬السكون للفعل المضارع الصحيح الخر‪ ،‬والحذف في موضعين‪ ،‬في‬
‫الفعل المضارع المعتل وفي الفعال الخمسة‪.‬‬
‫معَربات قسمان )‪ ،‬وهنا يأتي المصنف‬ ‫ننتقل الن إلى قول المصنف ( ال ُ‬
‫ت جديدة هي مكررة في البواب السابقة‪ ،‬ولكنه أتى بها بصورة‬ ‫بتفصيل ٍ‬
‫ضا في تصويره هذا الجديد‪ ،‬قبل قليل كان يتحدث‬ ‫أخرى‪ ،‬وسنمشي معه أي ً‬
‫عن علمات العراب‪ ،‬الن يتحدث عن المعرب نفسه‪ ،‬فيقول (‬
‫ب بالحركات‪ ،‬وقسم‬ ‫معَربات قسمان‪:‬قسميُعَر ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ت‬
‫ب بالحركا ِ‬ ‫يعرب بالحروف )‪ ،‬ثم قال ( فالذي يُعَر ُ‬
‫ة أنواع‪ :‬السم المفرد‪،‬وجمع التكسير ‪ ،‬وجمع‬ ‫ع ُ‬
‫أرب َ َ‬
‫المؤنث السالم‪ ،‬والفعل المضارع الذي لم يتصل‬
‫بآخره شيء)‪،‬وهذه كلها واضحة جدًا‪ ،‬وسبق أن شرحناها‪ ،‬كل هذه‬
‫تُعرب الحركات‪ ،‬ل تُعرب الحروف‪.‬‬
‫ل"‪ ،‬هذه حركات‪،‬‬‫ب" و"ذلك رج ٌ‬‫السم المفرد "جاء محمدٌ" و"هذا با ٌ‬
‫ت‬
‫ل مسلمون"‪ ،‬وجمع المؤنث "هؤلء المسلما ِ‬ ‫وجمع التكسير "هؤلء رجا ٌ‬
‫ت"‪ ،‬كذلك والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شيءٌ يُعرب‬ ‫صالحا ٌ‬
‫بالحركات سواءٌ كانت الحركة ظاهرة أو غير ظاهرة‪ ،‬مثل "يدعو" ومثل‬
‫"يضرب"‪ ،‬فإنه يُرفع بالضمة ويُنصب بالفتحة ويُجزم بالسكون‪ ،‬هذه هي‬
‫الحركات الصلية‪.‬‬
‫ضا ( وكلها ) يعني الشياء التي ذكرها قبل قليل‪ ،‬وهي‬‫وقال المصنف أي ً‬
‫السم المفرد‪ ،‬وجمع التكسير‪ ،‬وجمع المؤنث السالم‪ ،‬والفعل المضارع‬
‫ع بالضمة‪،‬‬ ‫الذي لم يتصل بآخره شيءٌ‪ ،‬قال ( وكلها تُر َ‬
‫ف ُ‬
‫م‬
‫ض بالكسرة‪ ،‬وتُجَز ُ‬ ‫ب بالفتحة‪ ،‬وتُخ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ص ُ‬
‫وتُن َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪65‬‬
‫بالسكون )‪ ،‬استثني منها الممنوع من الصرف فإنه سيأتي بيانه‪،‬‬
‫الممنوع من الصرف يُجر بالفتحة‪ ،‬وجمع المؤنث السالم يُنصب بالكسرة‪،‬‬
‫وسيستثنيه المصنف‪ ،‬سيذكره بعد قليل‪ ،‬إذ ًا هذه كلها ترفع بالضمة وتنصب‬
‫بالفتحة وتُخفض بالكسرة وتُجزم بالسكون يعني بالعلمات الصلية‪.‬‬
‫قال المصنف ( وخرج عن ذلك ) أي عن هذه القاعدة التي ذكرها قبل‬
‫ة أشياء‪ :‬جمع المؤنث‬ ‫ج عن ذلك ثلث ُ‬ ‫خَر َ‬
‫قليل ( و َ‬
‫ف‬
‫ر ُ‬ ‫ص ِ‬
‫ب بالكسرة‪ ،‬والسم الذي ل ين َ‬ ‫ص ُ‬‫السالم يُن َ‬
‫فض بالفتحة‪ ،‬والفعل المضارع المعت َ ُّ‬
‫خر‬‫ل ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫يُخ َ ُ‬
‫م بحذف آخره )‪ ،‬هذه استثناها من الكلم الذي قاله قبل قليل‪.‬‬ ‫يُجَز ُ‬
‫ب بالحروف أربعة‬ ‫ثم انتقل بعد ذلك إلى قوله ( والذي يُعَر ُ‬
‫مذَكَّر السالم‪ ،‬والسماء‬ ‫أنواع ‪ :‬التثنية‪،‬وجمع ال ُ‬
‫الخمسة‪ ،‬والفعال الخمسة )‪ ،‬ما الفعال الخمسة؟ سبق أن‬
‫ن‪،‬‬‫مرت بنا عدة مرات‪ ،‬لكنه هنا مثل لها تمثيل‪ ،‬وقال ( وهي‪ :‬يَفعل ِ‬
‫ن‪ ،‬ويَفعلون‪ ،‬وتفعلون‪ ،‬وتفعلين )‪ ،‬هذه الشياء‬ ‫وتَفعل ِ‬
‫كلها إعرابها بالحروف وليس بالحركات‪.‬‬
‫ضا تفصيل سبق أن شرحناه‪ ،‬لكن ل بأس أن نتتبعه‬ ‫ثم بعد هذا يفصل أي ً‬
‫ع باللف ‪،‬‬ ‫ف ُ‬ ‫ة فتُر َ‬ ‫على حسب كلمه‪ ،‬قال ( فأما التثني ُ‬
‫ض بالياء )‪ ،‬وهذا سبق أن ذكرناه وشرحناه ومثلنا‬ ‫ف ُ‬ ‫ب وتُخ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫وتُن َ‬
‫ع بالواو‪،‬‬ ‫ف ُ‬ ‫له‪ ،‬قال ( وأما جمع المذكر السالم فيُر َ‬
‫ض بالياء ) وهذا سبق أن ذكرناه وشرطه وشرحه‬ ‫ف ُ‬ ‫ب ويُخ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ويُن َ‬
‫ع‬
‫ف ُ‬ ‫وكل ما يتعلق به‪ ،‬قال ( وأما السماء الخمسة فتُر َ‬
‫ض بالياء )‪ ،‬وقد ذكرنا‬ ‫ف ُ‬ ‫ب باللف‪ ،‬وتُخ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫بالواو‪ ،‬وتُن َ‬
‫ما تُرفع‬ ‫شروطها والحديث فيها‪ ،‬وقلنا إنه ليس كل السماء الخمسة هذه دائ ً‬
‫بالواو وتُنصب باللف وتجر بالياء‪ ،‬ولكنها إذا اجتمعت فيها هذه الشروط‪.‬‬
‫ثم بعد هذا قال المصنف رحمنا الله وإياه ( وأما الفعال‬
‫م بحذفها)‪ ،‬وهذا‬ ‫ب وتُجَز ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ع بالنون وتُن َ‬ ‫ف ُ‬ ‫الخمسة فتُر َ‬
‫الكلم كله قد شرحناه‪ ،‬ل نحتاج إلى زيادة‪ ،‬لكن نذكر بعض المثلة‪ ،‬قال الله‬
‫ن أَكْثََر‬ ‫حقُّ وَلَك ِ َّ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ن َرب ِّ َ‬ ‫م ْ‬‫ك ِ‬ ‫ل إِلَي ْ َ‬ ‫ب وَالَّذِي أُنْزِ َ‬ ‫ت الْكِتَا ِ‬
‫ل ﴿المر تِل ْ َ َ‬
‫ك آيَا ُ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ فعل مضارع مرفوع وعلمة رفعه‬ ‫منُو َ‬ ‫ن ﴾ [الرعد‪﴿ ،]1 :‬يُؤ ْ ِ‬ ‫منُو َ‬ ‫س َل يُؤ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَالل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ت أيْدِيهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَد َّ َ‬ ‫منَّوْهُ أبَدًا ب ِ َ‬ ‫ل ﴿ وَل َ ْ‬
‫ن يَت َ َ‬ ‫ثبوت النون‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫منَّوْه ُ ﴾‪ ،‬فإنه فعل‬ ‫ن ﴾ [البقرة‪ ،]95 :‬الشاهد عندنا في قوله ﴿ يَت َ َ‬ ‫مي َ‬ ‫م بِالظ ّال ِ ِ‬ ‫عَلِي ٌ‬
‫مضارع منصوب وعلمة نصبه حذف النون‪ ،‬وأما المجزوم فنحو قول الله‬
‫َ‬
‫م‬
‫خذ ُوهُ ْ‬ ‫م َويَكُفُّوا أيْدِيَهُ ْ‬
‫م فَ ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫م ال َّ‬ ‫م َويُلْقُوا إِلَيْك ُ ُ‬ ‫م يَعْتَزِلُوك ُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫ل ﴿ فَإ ِ ْ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪66‬‬
‫م ﴾ و﴿‬‫م ﴾ [النساء‪ ،]91 :‬والشاهد عندنا في ﴿ يَعْتَزِلُوك ُ ْ‬ ‫موهُ ْ‬‫ث ثَقِفْت ُ ُ‬
‫حي ْ ُ‬ ‫وَاقْتُلُوهُ ْ‬
‫م َ‬
‫يُلْقُوا ﴾ و﴿ يَكُفُّوا ﴾ فإنها كلها مجزومة وعلمة جزمها حذف النون‪.‬‬
‫ب جديد ٍ وهو باب الفعال‪،‬‬ ‫بعد هذا انتقل المصنف رحمه الله إلى با ٍ‬
‫ع‪ ،‬وأمر‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫مضار ٌ‬ ‫ض‪،‬و ُ‬ ‫ل ثلثة‪ :‬ما ٍ‬ ‫فقال ( الفعا ُ‬
‫ب )‪ ،‬وقد سبق أن ذكرنا لكم يا أيها‬ ‫ر ْ‬
‫ب ‪ ،‬واض ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ويَض ِ‬ ‫ضَر َ‬ ‫َ‬
‫الحباب أن الكلم أو الكلمة أو الكلم ثلثة أقسام‪ ،‬إما اسم‪ ،‬وقد ذكرنا لكم‬
‫ضا علمة الفعل الماضي‬ ‫علماته وانتهينا منه‪ ،‬وإما فعل‪ ،‬وذكرنا لكم أي ً‬
‫وعلمة الفعل المضارع وعلمة فعل المر‪ ،‬ولسنا بحاجة إلى إعادتها‪ ،‬والنوع‬
‫الثالث وهي الحروف وأنها ل علمة لها‪ ،‬وإنما يُجرب عليها علمات الفعال‬
‫ف‪.‬‬‫وعلمات السماء فإن قبلتها فهي واحد ٌ منهما وإن لم تقبل فهي حر ٌ‬
‫فعندنا الفعل الماضي "ضرب" والفعل المضارع "يضرب" وفعل المر‬
‫"اضرب"‪ ،‬وعلى كل حال فهذا حديثه في باب الفعال‪.‬‬
‫ح الخر‬ ‫قال المصنف رحمنا الله وإياه ( فالماضي مفتو ُ‬
‫أبدا )‪ ،‬هنا الن بدأ يتحدث في تفصيلت أحكام الفعال‪ ،‬أيها الخوة إن‬
‫الصل في الفعال أن تكون مبنية‪ ،‬وإن كان صاحبنا هنا سيذكر أن فعل‬
‫رأي‬
‫ُ‬ ‫ما‪ ،‬وهذا‬
‫م دائ ً‬‫ب وليس مبنيًّا لنه حكم عليه بأنه مجزو ٌ‬ ‫معر ٌ‬ ‫المر ُ‬
‫الكوفيين واتبعه لنه كثيًرا ما يتبع‬
‫آراء الكوفيين‪ ،‬لكننا نرى أن الصل في الفعال أنها مبنية‪ ،‬لذلك الفعل‬
‫ب عند الجميع ما لم يتصل‬ ‫معر ٌ‬‫ي‪ ،‬والفعل المضارع ُ‬ ‫الماضي عند الجميع مبن ٌّ‬
‫به نون التوكيد أو تتصل به نون النسوة‪ ،‬وفعل المر الصحيح أو القوى فيه‬
‫معرب‪ ،‬ولكنه قال هو‬ ‫ي‪ ،‬وإن كان صاحبنا كما سيذكر بعد قليل أنه ُ‬ ‫أنه مبن ٌّ‬
‫م أبدًا‪ ،‬وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى‪.‬‬ ‫مجزو ٌ‬
‫الفعال كلها تدل على أمرين‪ ،‬تدل على الحدث والزمان‪ ،‬فإن دل على‬
‫محتمل للدللة على الحاضر أو‬ ‫ض‪ ،‬وإن كان ُ‬ ‫الزمن الماضي فهو ما ٍ‬
‫المستقبل فهو مضارع‪ ،‬وإن دل على المستقبل فقط فهو أمٌر‪ ،‬لكنه في‬
‫الوقت نفسه يدل على أمرين هما الحدث والزمان‪ ،‬أنت إذا قلت "ضرب"‬
‫ة لمرين هما الحدث وهو الضرب والزمان وهو وقوعه في‬ ‫فهي متضمن ٌ‬
‫ضا‬
‫الزمن الماضي‪ ،‬وكذلك في "يضرب" تدل على أمرين وهما الحدث أي ً‬
‫ح للن أو للمستقبل‪ ،‬وكذلك في "اضرب" تدل‬ ‫والزمن‪ ،‬والزمن هنا صال ٌ‬
‫على حدث الضرب وتدل على أنه مأموٌر به في الوقت المستقبل‪.‬‬
‫ح الخر أبدا )‪ ،‬هذا هو الصواب‪ ،‬وإن‬ ‫ويقول المصنف ( فالماضي مفتو ُ‬
‫كان بعضهم يرى أن الفعل الماضي إذا اتصل به ضمير الرفع المتحرك كله‪،‬‬
‫يعني سواء تاء المتكلم أو تاء الغائب‪ ..‬إلخ‪ ،‬أو "نا" أو نون النسوة‪ ،‬متى ما‬
‫تصل به ضمير الرفع المتحرك فإنه يُبنى على السكون‪ ،‬بعضهم يرى ذلك‪،‬‬
‫ضا أن الفعل الماضي إذا اتصلت به واو الجماعة بُني على‬ ‫وبعضهم يرى أي ً‬
‫الضمة‪ ،‬لكن الصواب في هذه المسألة أن الفعل الماضي حقه أن يكون‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪67‬‬
‫مبنيًا على الفتح‪ ،‬فإذا اتصلت به التاء مثل فإنه يكون مبنيًّا على الفتح لكن‬
‫سكّن فقط وإل فهو على الفتح المقدر‪،‬‬ ‫كّن آخره لتصاله بهذا الضمير‪ُ ،‬‬ ‫س ِ‬
‫ُ‬
‫ضم‬‫ح مقدر وإنما ُ‬ ‫وكذلك في "ضربوا" أو "أكرموا" فهي مبينة على فت ٍ‬
‫لمناسبة واو الجماعة‪.‬‬
‫ح الخر أبدا )‪ ،‬إذ ًا نعتمد قول المصنف‬ ‫قال المصنف ( فالماضي مفتو ُ‬
‫في هذه القضية وهو أن حق الفعل الماضي أن يكون مبنيًّا على الفتح‪ ،‬أما‬
‫إذا اتصلت به واو الجماعة فيُضم آخره لمناسبة الواو‪ ،‬وإن اتصل به ضمير‬
‫الرفع المتحرك وهو تاء المتكلم وتاء المخاطب وتاء المخاطبة ونون النسوة‬
‫ضا يُحكم عليه بأنه مبن ٌّ‬
‫ي‬ ‫و"نا" الفاعلين‪ ،‬فإنه حينئذ ٍ يُسكن آخره‪ ،‬ولكنه أي ً‬
‫ي على الضم فل‬ ‫على الفتح‪ ،‬والمسألة في هذا سهلة‪ ،‬إن قلت إنه مبن ّ‬
‫ي على السكون فل إشكال‪ ،‬وإن‬ ‫إشكال قد قالها غيرك‪ ،‬وإن قلت إنه مبن ٌّ‬
‫ي على الفتح فهو أولى فقط‪ ،‬لكن الثاني جائز وليس فيه‬ ‫قلت إنه مبن ٌّ‬
‫إشكال‪ ،‬وقد قاله غيرنا‪.‬‬
‫م أبدا )‪ ،‬تعبير المجزوم يا‬ ‫ضا ( والمر مجزو ٌ‬ ‫قال المصنف أي ً‬
‫إخواني يعني أن الكلمة معربة‪ ،‬وهو يرى أن فعل المر معرب بناءً على ما‬
‫يره الكوفيون‪ ،‬الكوفيون يرون أنه مجزوم بلم أمر مقدرة‪ ،‬فأنت إذا قلت‬
‫ما لتكون هذه اللم‬ ‫"جلس" فكأنك قلت "لتجلس"‪ ،‬يعني كأنك تقدر قبله ل ً‬
‫هي التي جزمته‪ ،‬لم أمر مقدرة‪ ،‬لكن البصريون ل يرون ذلك‪ ،‬ويرون أنه‬
‫ي على ما يُجزم به مضارعه‪ ،‬فإن كان‬ ‫ما‪ ،‬لكن مبني على ماذا؟ مبن ٌّ‬ ‫مبن ٌّ‬
‫ي دائ ً‬
‫مضارعه يٌجزم بالسكون بُني على السكون‪ ،‬يُجزم بحذف النون بُني على‬
‫حذف النون‪ ،‬يُجزم بحذف حرف العلة يُبنى على حذف حرف العلة‪ ،‬قال‬
‫سنَةِ ﴾ [النحل‪:‬‬ ‫عظَةِ ال ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫مةِ وَال ْ َ‬
‫موْ ِ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ك بِال ْ ِ‬‫ل َرب ِّ َ‬
‫سبِي ِ‬‫ل ﴿ ادْع ُ إِلَى َ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫ي على حذف حرف العلة‪ ،‬لنه لو كان مضارع ًا‬ ‫‪ ﴿ ،]125‬ادْع ُ ﴾ فعل أمر مبن ٌّ‬
‫لقلنا "لم يدع" فحذفنا آخره‪ ،‬وكذلك تقول "اجلس" مثل ما تقول "لم‬
‫يجلس"‪ ،‬فتبنيه على السكون‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وتقول "لم يحضروا"‪ ،‬وتقول‬
‫"احضروا"‪ ،‬فيكون مبنيًّا على حذف النون‪ ،‬فهذا هو فعل المر‪.‬‬
‫ثم قال المصنف رحمن الله وإياه ( والمضارع ما كان في‬
‫ع‬ ‫د الرب ِ‬
‫أوله إحدى الزوائ ِ‬
‫ع أبدا‪ ،‬حتى‬ ‫ت‪ ،‬وهو مرفو ٌ‬ ‫ها قولُك‪ :‬أنَي ُ‬ ‫ع َ‬
‫م ُ‬
‫التي يج َ‬
‫زم )‪ ،‬إذ ًا الفعل المضارع معرب باتفاق‪،‬‬‫ب أو جا ِ‬ ‫ص ٌ‬
‫ل عليه نا ِ‬ ‫خ َ‬
‫يد ُ‬
‫هذه ل خلف فيها‪ ،‬هل يُبنى الفعل المضارع؟ الجواب نعم‪ ،‬في حالتين هما‪:‬‬
‫أن تتصل به نون التوكيد المباشرة‪ ،‬هذا الول‪ ،‬الموضع الثاني أن تتصل به‬
‫ل﴿‬‫نون النسوة‪ ،‬إذا اتصلت به نون التوكيد بُني على الفتح‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ [يوسف‪ ،]32 :‬وقال‬
‫َ‬ ‫صاِغرِي َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬
‫َ‬ ‫ن وَلَيَكُون َ ْ‬‫جن َ َّ‬ ‫لَي ُ ْ‬
‫س َ‬
‫ن ﴾ [يوسف‪ ،]228 :‬أما إذا لم يتصل به‬ ‫سهِ َّ‬
‫ن بِأنْفُ ِ‬
‫ص َ‬‫ت يَتََرب َّ ْ‬‫مطَل ّقَا ُ‬ ‫سبحانه ﴿ وَال ْ ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪68‬‬
‫ب‪ ،‬يعني يُرفع بالضمة وينصب بالفتحة‬ ‫معر ٌ‬
‫نون التوكيد ول نون النسوة فهو ُ‬
‫ويُجزم بالسكون أو نحو ذلك كما سيتبين لنا إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫د‬
‫يقول ( والمضارع ما كان في أوله إحدى الزوائ ِ‬
‫ت )‪ ،‬طبعًا لبد أن يكون الفعل‬ ‫ها قولُك‪ :‬أنَي ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م ُ‬
‫ع التي يج َ‬ ‫الرب ِ‬
‫المضارع مبدوءً بواحد من هذه الزوائد الربع‪ ،‬إما الهمزة نحو "أكرم" أو‬
‫"أجلس"‪ ،‬وإما النون نحو "نكتب" أو "نذهب"‪ ،‬وإما الياء نحو "يكتب" أو‬
‫"يلعب"‪ ،‬وإما التاء نحو "تقوم هندٌ" أو "أنت تقوم"‪ ،‬فهذا لبد أن يكون‬
‫ضا علمته كما ذكرنا فيما مضى أن يصح‬ ‫مبدوءً بواحد ٍ من هذه الربع‪ ،‬وأي ً‬
‫دخول لم عليه‪ ،‬فإن لم يصح دخول لم عليه‪،‬فإنه ل يكون فعًل مضارع ًا؛‬
‫لنك تجد في بعض الحيان بعض الكلمات مبدوءة بواحد من هذه الحرف‬
‫ي" مثل‪ ،‬هذه "أكرم" صيغة تفضيل ومع ذلك‬ ‫مثل "محمد ٌ أكرم من عل ٍ ّ‬
‫مبدوءة بالهمزة‪ ،‬لكن ما تصلح أن تجعل قبلها كلمة "لم"‪ ،‬معناها أن العلمة‬
‫الصلية للفعل المضارع "لم" لم تصح أن تدخل عليها‪.‬‬
‫ب‬
‫ص ٌ‬ ‫ل عليه نا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ع أبدا‪ ،‬حتى يد ُ‬ ‫ويقول ( وهو مرفو ٌ‬
‫زم ) إذ ًا حق الفعل المضارع أن يكون مرفوع ًا‪ ،‬ولذلك يُقال في‬ ‫أو جا ِ‬
‫ب ول جازم‪ ،‬هذه علة رفعه‪،‬‬ ‫الفعل المضارع إنه مرفوع ٌ لنه لم يسبقه ناص ٌ‬
‫م فإنه يُنصب أو‬ ‫ب أو جاز ٌ‬‫يعني ما يحتاج إلى علة‪ ،‬أما إذا دخل عليه ناص ٌ‬
‫يُجزم بحسب الداخل عليه‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‪،‬‬
‫شَرة‪ ،‬وهي‪ :‬أ ْ‬ ‫ع َ‬‫ب َ‬‫نذكر النواصب‪ ،‬قال ( فالنَّواص ُ‬
‫حود‪ ،‬وحتى ‪،‬‬ ‫ج ُ‬
‫ي‪ ،‬ولم كي‪ ،‬ولم ال ُ‬ ‫ن‪ ،‬وك َ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن‪ ،‬وإذ ْ‬
‫ب بالفاء والواو وأو )‪ ،‬وهذه كل واحدةٍ منها تحتاج إلى‬ ‫والجوا ُ‬
‫ن" وهي أم الباب‪ ،‬لم جعلوها أم الباب؟ قالوا‬ ‫ن وأمثلة‪ ،‬أما مثل "أ ْ‬ ‫شرٍح وبيا ٍ‬
‫لنها تعمل ظاهرة ً ومضمرة‪ ،‬ظاهرة نحو قول الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ( الحسان أن تعبد الله كأنك تراه )‪ ،‬هذا حينما سأله جبريل عليه‬
‫السلم عن الحسان‪ ،‬قال ( الحسان أن تعبد )‪ ،‬فـ ( تعبد ) فعل مضارع‬
‫منصوب وعلمة نصبه الفتحة‪ ،‬بسبب‬
‫ن" أول النواصب‪.‬‬ ‫ن"‪" ،‬أ ْ‬
‫ن" عليه‪ ،‬هذا بالنسبة لـ "أ ْ‬ ‫تقدم "أ ْ‬
‫حتَّى‬
‫ن َ‬‫ح ع َلَيْهِ ع َاكِفِي َ‬ ‫ل ﴿ قَالُوا ل َ ْ‬
‫ن نَبَْر َ‬ ‫ثم بعد هذا "لن"‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ح ﴾ فنصبته‪،‬‬ ‫سى ﴾ [طـه‪" ،]91:‬لن" تقدمت على الفعل ﴿ نَبَْر َ‬ ‫مو َ‬ ‫جعَ إِلَيْنَا ُ‬‫يَْر ِ‬
‫فهي من النواصب‪ ،‬نواصب الفعل المضارع‪ ،‬و"لن" هذه يا أيها الحباب‬
‫ما وأبدًا تنصب الفعل المضارع‪" ،‬أن" أحيانًا يُنصب الفعل المضارع بعدها‪،‬‬ ‫دائ ً‬
‫طبعًا هو الغالب‪ ،‬لكن أحيانًا تكون مخففة من الثقيلة فل يُنصب‪ ،‬قال الله‬
‫م‬
‫ل ﴿ عَل ِ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ضى ﴾ [المزمل‪ ،]20 :‬فـ "يكون" هنا فعل مضارع‪ ،‬مع‬ ‫مْر َ‬ ‫منْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سيَكُو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫أ ْ‬
‫أنها تقدمت عليها "أن" هنا‪ ،‬لكنها ليست أن الناصبة‪ ،‬وإنما هي أن التي‬
‫ن"‪ ،‬لن التقدير ‪-‬والله أعلم‪" -‬علم أنّه سيكون منكم مرضى"‪.‬‬ ‫أصلها "أ َّ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪69‬‬
‫سى ﴾ [طـه‪:‬‬ ‫مو َ‬ ‫جعَ إِلَيْنَا ُ‬‫حتَّى يَْر ِ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫أما حتى فشاهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫جعَ ﴾ فعل مضارع منصوب‪ ،‬هل هو منصوب بـ "حتى"؟ هذا قول‬ ‫‪ ،]91‬فـ ﴿ يَْر ِ‬
‫الكوفيين‪ ،‬هل هو منصوب بـ "أن" مضمرة بعد "حتى" هذا قول البصريين‪،‬‬
‫وأنتم أحرار‪ ،‬لو قلت "حتى" ما فيه مشكلة‪ ،‬وهذا أخف وأيسر‪ ،‬أيسر أن‬
‫ب بـ "حتى"‪ ،‬ول إشكال فيه‪ ،‬وهذا ظاهٌر في هذا المجال فل‬ ‫تقول إنه منصو ٌ‬
‫سبقت إليه‪.‬‬ ‫نحتاج إلى تقدير‪ ،‬ولكن لو قلت فهذا رأيٌّ قد ُ‬
‫ن ظَهِيًرا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أكُو َ‬ ‫ي فَل َ ْ‬‫ت ع َل َ َّ‬ ‫م َ‬
‫ما أنْعَ ْ‬
‫ب بِ َ‬ ‫ل ﴿ قَا َ‬
‫ل َر ِّ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ن ﴾ هنا فعل مضارع منصوب بـ "لن"‪.‬‬ ‫ن ﴾ [القصص‪ ﴿ ،]17 :‬أكُو َ‬ ‫مي َ‬‫جرِ ِ‬ ‫لِل ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫أما "إذ ًا" يا أيها الحباب فليست تنصب الفعل المضارع مطلقًا‪ ،‬يعني‬
‫تنصبه أحيانًا بثلثة شروط‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن تكون متصدرة ً في جملتها‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن تكون دالة على المستقبل‪ ،‬يعني يجيئك شخص‬
‫مك"‪ ،‬يعني أنت إذا جئتني غدًا‬ ‫فيقول "آتيك غدًا"‪ ،‬فتقول له "أنت إذ ًا أكر َ‬
‫أكرمتك‪ ،‬هذه دلت على المستقبل فنصبت الفعل المضارع‪ .‬هذان شرطان‪،‬‬
‫الشرط الول أن تكون متصدرة‪ ،‬الشرط الثاني أن تكون دالة على‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫ل غير‬‫الشرط الثالث‪ :‬أل يُفصل بينها وبين الفعل المضارع بأي فاص ٍ‬
‫مك" "إذ ًا" هنا تنصب الفعل‬ ‫القسم‪ ،‬القسم ليس فيه مانع "إذ ًا والله أكر َ‬
‫مك" لنك فصلت بغير‬ ‫المضارع‪ ،‬لكن لو قلت "إذًَا محمدٌ" فتقول "يُكر ُ‬
‫القسم‪ .‬فثلثة شروط لعمال إذ ًا‪.‬‬
‫يستشهدون للفصل بالقسم مع إعمال إذ ًا بقول الشاعر‪:‬‬
‫تُشيب الطفل من قبل‬ ‫ب‬‫إذ ًا والله نرميَهم بحر ٍ‬
‫المشيب‬
‫"إذ ًا" متصدرة في جملتها‪ ،‬ودالة على المستقبل‪ ،‬وقد فُصل بينها وبين‬
‫الفعل نرمي بالقسم‪ ،‬هذا يجوز ول إشكال فيه‪.‬‬
‫ونكتفي في هذه الحلقة بهذا القدر‪ ،‬ونستمع إلى أسئلتكم إلى أردتم أو‬
‫أسألكم أنا‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫لماذا يوضع ألف مكان النون عند حذف النون في الفعل المضارع‪ ،‬مثل‬
‫"يكونواْ"؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫اللف هذه ما تُكتب إل مع واو الجماعة‪ ،‬وهذه تُسمى اللف الفارقة بين‬
‫الفعل الذي الواو من أصل الكلمة مثل "يعفو" مثل‪ ،‬والواو التي هي واو‬
‫الجماعة‪ ،‬إذا كانت الواو للجماعة فإنه يُكتب بعدها ألف عندما يكون الفعل‬
‫ما‪ ،‬ول يُكتب بعدها ألف إذا كانت الواو هذه ليست واو‬ ‫منصوبًا أو مجزو ً‬
‫الجماعة وإنما هي واو الفعل من أصل الكلمة‪ ،‬مثل "يدعو"‪ ،‬تقول "محمدٌ‬
‫يدعو"‪ ،‬فهذه ما تُكتب بعدها ألف‪ ،‬لكن "المحمدون لن يحضروا"‪ ،‬الواو هذه‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪70‬‬
‫للجماع‪ ،‬أو "لن يدعوا" مثل‪ ،‬هذه تُكتب بعدها واو‪ ،‬لكن هذه اللف تُسمى‬
‫باللف الفارقة‪.‬‬
‫لكن أنا ظننتك تسأل عن كتابة اللف في إذ ًا‪ ،‬تكتب بالنون أم تكتب‬
‫باللف هذه فيها‬
‫خلف‪ ،‬ولكن المبرد لقد قال "أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذ ًا بدون نون"‪،‬‬
‫هو يشتهي ذلك‪ ،‬لكننا ل نوافقه‪ ،‬ويرى بعضهم أن المسألة فيها تفصيل‪ ،‬فإن‬
‫كانت إذ ًا عاملة داخلة على الفعل المضارع فإنها تُكتب بالنون‪ ،‬وإذا كانت‬
‫ة أو "إذا" الشرطية التي جاءها التنوين في آخرها مثل‬ ‫"إذ ًا" ليست عامل ً‬
‫َ‬
‫ك إ ِ ّل قَلِيًل ﴾ [السـراء‪ ،]76 :‬فإنها ل‬‫خَلفَ َ‬
‫ن ِ‬‫ل ﴿ وَإِذ ًا َل يَلْبَثُو َ‬‫قول الله عّز وج ّ‬
‫ة‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬ ‫تُكتب بالنون‪ ،‬والمسألة في هذا فيها سع ٌ‬
‫ل مضارع سواء‬ ‫والذي نراه أن "إذ ًا" تُكتب بالنون إذا كان بعدها فع ٌ‬
‫أعملت أم لم تعمل‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫الفعل المضارع يُبنى في حالتين‪ ،‬فما هما؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫يُبنى الفعل المضارع إذا اتصلت به نون النسوة أو نون التوكيد الخفيفة‬
‫أو الثقيلة‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيك‪ ،‬صحيح‪ ،‬يُبنى إذا اتصلت به نون النسوة‪ ،‬على ماذا؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫على السكون‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫على السكون‪ ،‬صحيح‪ ،‬وإذا اتصلت به نون التوكيد؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫على الفتح‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫م حق‪.‬‬ ‫بُني على الفتح‪ ،‬بارك الله فيك‪ ،‬هذا كل ٌ‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫نواصب الفعل المضارع مر بنا الحديث عن بعضها‪ ،‬وتحدثنا عن "إذ ًا"‬
‫ن" وتحدثنا عن "لن"‪ ،‬واشترطنا للنصب بعد إذ ًا ثلثة شروط‪،‬‬ ‫وتحدثنا عن "أ ْ‬
‫أريد ذكر بعضها‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون متصدرة ً في جملتها‪.‬‬
‫‪ -2‬أل يفصل بينها وبين الفعل بفاصل غير القسم‪ ،‬فإنه يجوز الفصل به‪.‬‬
‫م حقٌ‪،‬‬
‫‪ -3‬أن يكون الفعل الذي بعدها دال على المستقبل‪ ،‬وهذا كل ٌ‬
‫وبارك الله فيك‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪71‬‬
‫ن" أحيانًا ل يُنصب الفعل المضارع بعدها‪،‬‬ ‫ن "أ ْ‬ ‫ضا ذكرنا مما ذكرنا أ ّ‬‫أي ً‬
‫فمتى يكون ذلك؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫ن" المخففة‪.‬‬ ‫عندما تكون "أ ّ‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫ن" فإن الفعل‬ ‫ن" ثم خففناها فصارت "أ ْ‬ ‫صحيح‪ ،‬إذا كان أصلها "أ ّ‬
‫ة‪،‬‬‫المضارع بعدها ل يُنصب بها‪ ،‬فإن تكون مخففة من الثقيلة ول تكون عامل ً‬
‫ل ﴿ عَل ِ َ‬
‫سيَكُو ُ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬‫مأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ويكون اسمها محذوفًا أو مقدًرا‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ضى ﴾ [المزمل‪ ،]20 :‬فإن "أن" هنا لم تنصب الفعل المضارع لهذا‬ ‫مْر َ‬ ‫منْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ِ‬
‫السبب‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫ما على الفتح‪ ،‬هذه العبارة صحيحة أم غير‬ ‫ي دائ ً‬ ‫الفعل الماضي مبن ٌ‬
‫صحيحة؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫العبارة صحيحة‪ ،‬ولكن ممكن في بعض القوال يُبنى على الضم متى‬
‫ي على الفتح‪ ،‬وإنما‬ ‫أُلحقت به واو الجماعة‪ ،‬لكن هو الصح والفضل أنه مبن ٌّ‬
‫م آخره بسبب مناسبة واو الجماعة‪.‬‬ ‫ض ّ‬
‫ُ‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫ضا يُبنى على صورة أخرى‪ ،‬فما هي؟‬ ‫صحيح بارك الله فيك‪ ،‬وأي ً‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫ضا على السكون إذا اتصلت به بعض التاءات مثل تاء المتكلم أو‬ ‫يُبنى أي ً‬
‫المخاطب أو المخاطبة أو نا الفاعلين أو نون النسوة‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫م صحيح‪ ،‬وأحسنت جزاك الله‬ ‫م حقٌ‪ ،‬هذا كل ٌ‬ ‫بارك الله فيك‪ ،‬هذا كل ٌ‬
‫خيًرا‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫يقول المصنف إن للمثنى علمتين إعرابيتين فقط‪ ،‬فما هما؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫للمثنى علمتين إعرابيتين فقط‪ ،‬يُنصب ويُجر بالياء ويُرفع باللف‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫م حقٌ‪.‬‬ ‫يُرفع المثنى باللف ويُنصب ويُجر بالياء‪ ،‬هذا كل ٌ‬
‫ونكتفي بهذا القدر من السئلة‪ ،‬وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا‬
‫محمد ٍ وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪72‬‬

‫الدرس الثامن‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬الرحمن الرحيم‪ ،‬مالك يوم الدين‪ ،‬اللهم صلي‬
‫ة للعالمين‪ ،‬نبينا محمد ٍ وعلى آله‬ ‫وسلم وبارك على من أرسلته رحم ً‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬نواصل الحديث‬
‫في شرح ما يتيسر من الجرومية‪ ،‬وقد وصلنا إلى حديث المصنف رحمه‬
‫ن"‪ ،‬وذكرنا شروط‬ ‫ن" و"ل ْ‬ ‫الله عن نواصب الفعل المضارع‪ ،‬ومثلنا بكلمة "أ ْ‬
‫ضا‪.‬‬
‫"إذ ًا" وما يتعلق بها‪ ،‬ومثلنا لها أي ً‬
‫ف يدل على التعليل‪ ،‬وهو ينصب‬ ‫قال المصنف ( وكي )‪" ،‬كي" حر ٌ‬
‫الفعل المضارع لكن بشرط أن تكون "كي" هذه مصدرية‪ ،‬ما معنى كونها‬
‫ة كأن كانت‬ ‫مصدرية؟ قال تؤول مع ما بعدها بمصدر‪ ،‬فإن لم تكن مصدري ًً‬
‫ت كي‬ ‫ت لكي أتعلم"‪ ،‬و"جئ ُ‬ ‫تعليلية فإنها ل تنصب الفعل المضارع‪ ،‬تقول "جئ ُ‬
‫ت لكي أن أتعلم"‪ ،‬و"جئت كي أتعلم"‪ ،‬بعضها ينصب الفعل‬ ‫أن أتعلم"‪ ،‬و"جئ ُ‬
‫ب في‬ ‫المضارع‪ ،‬وبعضها ل ينصب الفعل المضارع‪ ،‬الفعل المضارع منصو ٌ‬
‫الحوال كلها‪ ،‬لكن ما الذي نصبه سننظر إن شاء الله؟‬
‫ت‬‫أما قولك "جئت لكي أتعلم" فكي هنا مصدرية لن تأويل الكلم "جئ ُ‬
‫للتعلم" فهي الناصبة للفعل المضارع‪ ،‬أما قولك "جئت كي أن أتعلم" ففي‬
‫هاتين الصورتين ليست هي الناصبة للفعل المضارع‪ ،‬الناصب في قولك‬
‫ت كي لتعلم" أو "كي أن أتعلم" ففي هاتين الصورتين ليست هي‬ ‫"جئ ُ‬
‫ن"‬‫الناصبة للفعل المضارع‪ ،‬الناصب في قولك "كي لتعلم" هو "أ ْ‬
‫ن" الظاهرة هذه‪،‬‬ ‫المضمرة‪ ،‬والناصب في قولك "كي أن أتعلم" هو "أ ْ‬
‫وليست "كي" لنها تعليلية ول تنصب الفعل المضارع‪.‬‬
‫هناك صورتان يُحتمل أنها هي الناصبة ويُحتمل أنها غير الناصبة‪،‬‬
‫ت كي أتعلم"‪ ،‬هنا‬ ‫الصورتان هما أل تسبقها اللم ول تتلوها أن كقولك "جئ ُ‬
‫يجوز أن تكون مصدرية فتكون هي الناصبة‪ ،‬ويجوز أن تكون تعليلية فيكون‬
‫ن" مقدرة بعدها‪.‬‬ ‫الناصب هو "أ ْ‬
‫ن"‪ ،‬في هذه الصورة‬ ‫الصورة الخامسة هي أن تسبقها اللم وتتلوها "أ ْ‬
‫يجوز لك أن تجعلها هي الناصبة‪ ،‬ويجوز لك أن تجعلها غير ناصبةٍ‪ ،‬وذلك‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪73‬‬
‫ت لكي أن أتعلم"‪ ،‬صحيح أن استعمال هذا قليل‪ ،‬لكنه لو ورد‬ ‫كقولك "جئ ُ‬
‫فأنت حينئذ ٍ تعربه بهذا العراب‪ ،‬لك أن تجعلها هي الناصبة‪ ،‬ولك أن تجعل‬
‫ن"‬
‫ن" المذكورة بعدها‪ ،‬والولى أن يكون الناصب هو "أ ْ‬ ‫الناصب هو "أ ْ‬
‫وليست "كي" هي التي نصبت الفعل المضارع‪.‬‬
‫ضا هذه تنصب الفعل المضارع‬ ‫قال المصنف رحمه الله ( ولم كي )‪ ،‬أي ً‬
‫عند الكوفيين‪ ،‬أما البصريون فإنهم يرون أن ناصب الفعل المضارع بعد‬
‫ن" مقدرة‪ ،‬وقد يكون لهم بعض العلة‪ ،‬ذلك أنهم يقولون اللم‬ ‫اللم هو "أ ْ‬
‫الصل فيها أنها حرف جر‪ ،‬فهل تعمل اللم في السماء وتعمل بنفس‬
‫ل آخر في الفعال‪ ،‬تجر السماء وتنصب‬ ‫العمل في الفعال أو بعم ٍ‬
‫الفعال؟!‪ ،‬هذا هو السبب الذي منع البصريين من إعمال اللم‪ ،‬فقالوا‬
‫ن" مضمرة بعد اللم‪ ،‬أحيانًا يكون إضماًرا واجبًا‬ ‫ننصب الفعل المضارع بـ "أ ْ‬
‫َ‬
‫ه لِيُعَذِّبَهُ ْ‬
‫م‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ما كَا َ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫وأحيانًا يكون إضماًرا جائًزا‪ ،‬في قول الله عّز وج ّ‬
‫ن" مضمرة بعد اللم وجوبًا‬ ‫َ‬
‫م ﴾ يقولون "أ ْ‬ ‫م ﴾ [النفال‪ ﴿ ،]33 :‬لِيُعَذِّبَهُ ْ‬ ‫ت فِيهِ ْ‬ ‫وَأن ْ َ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫مى لم الجحود‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫م لَِر ِّ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫مْرنَا لِن ُ ْ‬‫ل ﴿ وَأ ِ‬ ‫هنا‪ ،‬لن هذه تُس ّ‬
‫ن" هنا مضمرة جواًزا‪ ،‬لماذا؟ قال لنها‬ ‫ن﴾ [النعام‪ ،]71 :‬قالوا "أ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫الْعَال َ ِ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ن أَوَّ َ‬ ‫ن أكُو َ‬
‫ظهرت في بعض اليات‪ ،‬قال الله تعالى ﴿ وأ ُمرت ِل َ َ‬
‫ْ‬ ‫َ ِ ْ ُ‬
‫﴾ [الزمر‪ ،]12 :‬فمادام أنها ظهرت فيجوز إظهارها وإضمارها‪.‬‬
‫ة للفعل المضارع‪،‬‬ ‫ن" تُقدر بعد اللم لتكون ناصب ً‬ ‫ن "أ ْ‬ ‫والذي نعتد به أ ّ‬
‫حتى ما يكون للم عملن‪ ،‬عمل في السماء وهو الجر وعمل في الفعال‬
‫وهو النصب‪ ،‬لكن صاحبنا هو اعتبر لم "كي" وهي اللم الدالة على التعليل‬
‫ولم الجحود‪ ،‬اعتبرها أو عدّاهما هما الناصبتان للفعل المضارع‪ ،‬وله ذلك‪،‬‬
‫وقد قال به غيره‪ ،‬وأنتم لكم أن تقولوا ذلك إذا أردتم من باب التخفيف‪،‬‬
‫وإن أرتم من باب الدقة فيما أرى فهو أن تقولوا إن اللم إما لم الجحود أو‬
‫ب بأن مضمرة‪ ،‬وتكون "أن"‬ ‫لم التعليل‪ ،‬إن الفعل المضارع بعدها منصو ٌ‬
‫وما دخلت عليه مؤولة بمصدر‪ ،‬ويكون هذا المصدر مجروًرا باللم‪ ،‬والله‬
‫أعلم بالصواب‪.‬‬
‫ضا ( وحتى )‪ ،‬أما "حتى" قد قال الفّراء رحمه الله‬ ‫قال المصنف أي ً‬
‫ت وفي نفسي شيءٌ من حتى"‪ ،‬ومعه حقٌ‪ ،‬أو ومعه بعض الحق‪ ،‬يا أيها‬ ‫"أمو ُ‬
‫جر‬ ‫ْ‬
‫مطلِع الفَ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حت ّى َ‬ ‫َ‬ ‫ي َ‬
‫م هِ َ‬ ‫سل ٌ‬‫َ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫الحباب اسمعوا إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫ل﴿‬ ‫﴾ [القدر‪ ،]5 :‬جاءت هنا جارة ً للسماء‪ ،‬واسمعوا إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫سى ﴾ [طـه‪ ،]91 :‬وانظروا‬ ‫مو َ‬ ‫جعَ إِلَيْنَا ُ‬
‫حتَّى يَْر ِ‬ ‫ن َ‬‫ح ع َلَيْهِ ع َاكِفِي َ‬‫ن نَبَْر َ‬‫قَالُوا ل َ ْ‬
‫إلى قول العرب "مرض زيد ٌ حتى ل يرجونه"‪" ،‬يرجون" فعل مضارع مرفوع‬
‫بثبوت النون‪ ،‬يعني جاء بعد "حتى" فعل مضارع مرفوع‪ ،‬جاء بعد‬
‫م مجرور‪ ،‬فما لكم ل‬ ‫"حتى"فعل مضارع منصوب‪ ،‬جاء بعد "حتى" اس ٌ‬
‫تقولون رحم الله الفراء إذ مات وفي نفسه شيءٌ من حتى؟!‪ ،‬لكنكم إن‬
‫شاء الله ما تموتون وفي أنفسكم شيءٌ من "حتى"‪ ،‬لن المسألة في هذا‬
‫ة للفعل المضارع ول تُعملوها في‬ ‫سهلة‪ ،‬إني أخيركم بين أن تجعلوها ناصب ً‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪74‬‬
‫ن" وتريحوا أنفسكم‪ ،‬إذا نصبت الفعل‬ ‫السماء‪ ،‬أو أن تقدروا بعدها "أ ْ‬
‫ب بأن مضمرة بعدها‪ ،‬وإذا لم تنصبه فل إشكال‪ ،‬لنها ل‬ ‫المضارع فهو منصو ٌ‬
‫تعمل شيئًا‪ ،‬أما عملها في السماء فهو واضح جدًا في نحو قول الله عّز‬
‫جرِ ﴾ [القدر‪.]5 :‬‬ ‫مطْلَِع الْفَ ْ‬ ‫حتَّى َ‬ ‫ي َ‬‫م هِ َ‬ ‫سَل ٌ‬‫ل﴿ َ‬ ‫وج ّ‬
‫لكم الخيار أن تأخذوا رأي الفّراء فتموتوا وفي أنفسكم شيءٌ من‬
‫سا‪ ،‬وهو أنها‬ ‫ت لكم نبرا ً‬ ‫"حتى"‪ ،‬لكم ذلك‪ ،‬ما أردتم فاجعلوا الكلم الذي قل ُ‬
‫إذا دخلت على السماء الظاهرة تجرها‪ ،‬تجر السماء الظاهرة كقول الله‬
‫جرِ ﴾ [القدر‪ ،]5 :‬وأنها إن دخلت على‬ ‫مطْلَِع الْفَ ْ‬ ‫حتَّى َ‬ ‫ي َ‬ ‫م هِ َ‬ ‫سَل ٌ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ن" مضمرة وجوبًا‬ ‫الفعال فإن عملت فيها فالنصب ليس بها وإنما هو بـ "أ ْ‬
‫بعدها‪ ،‬وإن لم تعمل شيئًا فل إشكال‪ ،‬الحمدلله‪ ،‬لن الصل فيها أنها تعمل‬
‫في السماء فقط‪ ،‬هذا الذي نريد أن نقوله عن حتى‪.‬‬
‫أما قول المصنف ( والجواب بالفاء والواو وأو )‪ ،‬فالفاء المقصودة هنا‬
‫هي الفاء السببية‪ ،‬والواو المقصودة هنا هي واو المعية‪ ،‬و"أو" هنا هي "أو"‬
‫التي تأتي بمعنى "إل" أو تأتي بمعنى "حتى"‪ ،‬يعني ليس يُنصب الفعل‬
‫المضارع مطلقًا بعد هذه الحروف‪ ،‬بل لبد أن تكون الواو واو المعية‪ ،‬والفاء‬
‫فاء السببية‪ ،‬و"أو" "أو" التي بمعنى "إل" أو التي بمعنى "حتى"‪.‬‬
‫فما انقادت المال إل‬ ‫لستسهلن الصعب أو أدرك المنى‬
‫لصابر‬
‫"أو" هنا بمعنى "حتى"‪" ،‬لستسهلن الصعب حتى أدرك المنى"‪ ،‬هنا‬
‫ن" مضمرة وجوبًا بعد "أو"‪.‬‬ ‫يُنصب الفعل المضارع بـ "أ ْ‬
‫كسرت كعوبها أو‬ ‫ت قناة قوم‬ ‫وكنت إذا غمز ُ‬
‫تستقيم‬
‫"أو" هنا بمعنى "إل"‪ ،‬والتقدير "إل أن تستقيما"‪ ،‬إذا استقامت انتهينا‪،‬‬
‫هذه "أو"‪.‬‬
‫أما الفاء فالفاء السببية ل يُنصب الفعل المضارع بعدها مطلقًا‪ ،‬بل لبد‬
‫ل ﴿ وََل‬ ‫ب بالفعل‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬ ‫ص أو بطل ٍ‬ ‫ي خال ٍ‬ ‫أن يكون مسبوقًا إما بنف ٍ ّ‬
‫ح َّ‬ ‫ح َّ‬
‫ل﴾ فعل مضارع منصوب‬ ‫ضبِي ﴾ [طـه ‪﴿ ، ]81 :‬فَي َ ِ‬ ‫م غَ َ‬ ‫ل ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫تَطْغَوْا فِيهِ فَي َ ِ‬
‫ح َّ‬
‫ل‬ ‫بعد الفاء السببية المسبوقة بالطلب وهو النهي ﴿ وََل تَطْغَوْا فِيهِ فَي َ ِ‬
‫موتُوا ﴾ [فاطر‪،]36 :‬‬ ‫ضى ع َلَيْهِ ْ‬
‫م فَي َ ُ‬ ‫ل ﴿ َل يُقْ َ‬‫ضبِي ﴾‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬ ‫ع َلَيْك ُ ْ‬
‫م غَ َ‬
‫"يموتوا" فعل مضارع منصوب بعد الفاء السببية المسبوقة بالنفي الخالص‪.‬‬
‫ما أنواع الطلب التي يُنصب الفعل المضارع بعدها؟ أنواع الطلب هي‪:‬‬
‫المر والنهي والدعاء والستفهام والتمني والترجي والعرض والتحضيض‪ ،‬إذا‬
‫سبقت الفاء السببيّة بواحد ٍ من هذه الثمانية فإنك تنصب الفعل المضارع‬ ‫ُ‬
‫ما واو‬ ‫سبقت بالنفي‪ ،‬ومثلها تما ً‬ ‫ن" مضمرة وجوبًا‪ ،‬وكذلك إذا ُ‬ ‫بعدها بـ "أ ْ‬
‫المعية‪ ،‬واو المعية يقولون من شواهدها قول الشاعر‪:‬‬
‫ت أن ينادي‬ ‫لصو ٍ‬ ‫ت ادعي وأدعوَ إن أندى‬ ‫فقل ُ‬
‫داعيان‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪75‬‬
‫"أدعو" هنا الواو الذي سبقته هي واو المعية‪ ،‬و"أدعو" فعل مضارع‬
‫ن" مضمرة وجوبًا بعد واو المعية‪ ،‬وهي مسبوقة بطلب وهو‬ ‫منصوب بـ "أ ْ‬
‫المر‪ ،‬ومنه قول الشاعر "رب وفقني فل أعدل" الفاء سببية‪ ،‬وجاءت باء‬
‫ضا‪:‬‬‫مسبوقة بالمر‪ ،‬ومنه قول الشاعر أي ً‬
‫إلى سليمان‬ ‫يا ناق سيري عنقا فسيحا‬
‫فنستريح‬
‫ل﴿‬ ‫"نستريح" فعل مضارع منصوب بعد الفاء السببية‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫سبَا َ‬‫ب ﴿‪ ﴾36‬أ ْ‬ ‫سبَا َ‬‫حا لَعَل ِّي أبْلُغُ اْل ْ‬ ‫صْر ً‬ ‫ن لِي َ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن ي َ َا هَا َ‬ ‫ل فِْرع َْو ُ‬ ‫وَقَا َ‬
‫َ‬
‫سى ﴾ [غافر‪ ،]37 ،36 :‬الفاء‬ ‫مو َ‬ ‫ت فَأط ّلِعَ إِلَى إِلَهِ ُ‬ ‫ماوَا ِ‬‫س َ‬‫ال َّ‬
‫ل ﴿ يَا‬ ‫سببية ومسبوقة بـ ﴿ لَعَل ِّي ﴾‪ ،‬وهو يدل على الترجي‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ضا مسبوقة‬ ‫ما ﴾ [النساء‪ ،]73 :‬هذه أي ً‬ ‫م فَأفُوَز فَوًْزا عَظِي ً‬ ‫معَهُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫لَيْتَنِي كُن ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ما َرَزقْنَاك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ﴿ وَأنْفِقُوا ِ‬ ‫بالتمني وهو كلمة "ليت"‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب لَوَْل أ َ َّ‬ ‫قَبل أ َن يأْت ِ َ‬
‫صدَّقَ‬ ‫ب فَأ َّ‬ ‫ل قَرِي ٍ‬ ‫ج ٍ‬ ‫خْرتَنِي إِلَى أ َ‬ ‫ل َر ِّ‬ ‫ت فَيَقُو َ‬ ‫موْ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حدَك ُ ُ‬ ‫يأ َ‬ ‫ْ ِ ْ َ َ‬
‫صدَّقَ ﴾ جاءت بعد‬ ‫َ‬
‫﴾ [المنافقون‪ ﴿ ،]10 :‬لَوَْل ﴾ هذه تدل على التحضيض‪ ﴿ ،‬فَأ َّ‬
‫ما يدل على التحضيض‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫َّ َّ‬ ‫ل ﴿ أ َم حسبت َ‬
‫ن‬‫ه الذِي َ‬ ‫ما يَعْلَم ِ الل ُ‬ ‫ة وَل َ َّ‬
‫جن َّ َ‬ ‫خلُوا ال ْ َ‬ ‫ن تَد ْ ُ‬‫مأ ْ‬ ‫ْ َ ِ ُْ ْ‬ ‫وقال الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ [آل عمران‪ ،]142 :‬هذه واو المعية ومسبوقة‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫م ال َّ‬ ‫م وَيَعْل َ َ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫جاهَدُوا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل ﴿ وَلوْ تََرى إِذ ْ وُقِفُوا ع َلى‬ ‫َ‬ ‫ما يَعْلم ِ ﴾‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بالنفي وهو قوله ﴿ ل َّ‬
‫ب ﴾ [النعام‪ ﴿ ،]27 :‬يَا لَيْتَنَا ﴾ هنا تدل على‬ ‫النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نَُرد ُّ وََل نُكَذِّ َ‬
‫ب ﴾ فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد‬ ‫ذّ َ‬‫التمني‪ ،‬والواو للمعية‪ ،‬و ﴿ نُك َ ِ‬
‫الواو‪ ،‬وقول الشاعر‪:‬‬
‫وبينكم المودة والخاء‬ ‫ألم أك جاركم ويكون بيني‬
‫هنا الواو للمعية‪ ،‬و"ألم" تدل على الستفهام‪ ،‬وقول الشاعر‪:‬‬
‫عاٌر عليك إذا فعلت عظيم‬ ‫ق وتأتي مثله‬ ‫ل تنه عن خل ٍ‬
‫"تأتي" هنا مسبوقٌ بواو المعية‪ ،‬وواو المعية مسبوقة بقوله "ل تنه"‬
‫ضا مسبوقة بالطلب‪ ،‬مما يذكرون في هذا الباب يقولون "ل تأكل‬ ‫وهذه أي ً‬
‫ب اللبن"‪ ،‬يجوز لك‬ ‫ب اللبن" أو "وتشر ْ‬ ‫ب اللبن" أو "وتشر ُ‬ ‫السمكة وتشر َ‬
‫الوجه الثلثة‪" ،‬ل تأكل السمك وتشرب اللبن"‪ ،‬يجوز في كلمة "تشرب"‬
‫ب اللبن"‪ ،‬فأنت حينئذ ٍ نهيته عن‬ ‫ل السمك وتشر ُ‬ ‫ثلثة أوجه‪ ،‬إن قلت "ل تأك ِ‬
‫أكل السمك وأجزت له شرب اللبن‪ ،‬هذه الصورة الولى‪ ،‬الصورة الثانية "ل‬
‫ب اللبن"‪ ،‬باعتبار أنك حركتها هنا للتقاء الساكنين‪،‬‬ ‫ل السمك وتشر ِ‬ ‫تأك ِ‬
‫ب" بالسكون‪ ،‬معنى هذا أنك حّرمت عليه أكل السمك وشرب‬ ‫وأصلها "تشر ْ‬
‫اللبن‪ ،‬أما قولك‬
‫ب اللبن" فالواو للمعية‪ ،‬يعني يجوز لك أن تأكل‬ ‫"ل تأكل السمك وتشر َ‬
‫السمك وحده أو تشرب اللبن وحده‪ ،‬لكن الممنوع هو الجمع بينهما‪ ،‬وانظر‬
‫بارك الله فيك إلى هذه الدقة في هذه الحركات الثلث‪ ،‬مرة منعه من أكل‬
‫السمك وأجاز له شرب اللبن لما تكون مرفوعة‪ ،‬لنها تكون واو استئنافية‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪76‬‬
‫ويكون تقدير الكلم "ولك شرب اللبن"‪ ،‬ومرة منعه من الثنين فقال له "ل‬
‫ب اللبن"‪ ،‬يعني لنه جزم الول وجزم الثاني بالعطف‪،‬‬ ‫ل السمك وتشر ِ‬ ‫تأك ِ‬
‫عطفه على الحكم الول‪ ،‬ومرة أجاز له أكل السمك وحده أو شرب اللبن‬
‫وحده‪ ،‬والذي منعه هو أن يجمع بينهما‪ ،‬وذلك إذا جعلت الواو للمعية‪ ،‬هذا‬
‫مما يُقال في هذا الجانب‪.‬‬
‫بعد هذا انتقل المصنف إلى الحديث عن جوازم الفعل المضارع فقال (‬
‫ما‪ ،‬أل َ ْ‬
‫م‪،‬‬ ‫شر‪ ،‬وهي‪ :‬ل َ ْ‬
‫م‪ ،‬ل َ َّ‬ ‫ع َ‬‫ة َ‬‫م ثماني َ‬ ‫ز ُ‬
‫والجوا ِ‬
‫ن‬
‫ي والدعاء‪ ،‬وا ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫أل َ َّ‬
‫والدعاء‪،‬ول في الن ّه َِ‬ ‫ما‪،‬ولم المر‬
‫ن‪،‬‬
‫ن‪ ،‬وأي َ‬‫ي‪ ،‬ومتى‪ ،‬وأيَّا َ‬ ‫ن‪ ،‬ومهما‪ ،‬واِذْما‪ ،‬وأ َ ُّ‬ ‫م ْ‬
‫‪،‬و َ‬
‫َ‬
‫شعر خاصة )‪ ،‬هذه‬ ‫ما‪ ،‬وكيفما‪ ،‬وإذا في ال ّ ِ‬ ‫وأنَّى ‪ ،‬و َ‬
‫حيث ُ َ‬
‫هي المسائل التي ذكرها المصنف‪ ،‬وفي كلمه بعض التفصيلت التي نريد‬
‫أن نذكرها لكم‪ ،‬منها أنه جمع بين الدوات التي تجزم فعل واحدًا والتي‬
‫م‪،‬‬ ‫َ‬
‫تجزم فعلين‪ ،‬لن أدوات الشرط تجزم فعلين‪ ،‬والدوات الخرى وهي ‪ :‬ل ْ‬
‫ضا مما‬ ‫ي والدعاء كذلك‪ ،‬أي ً‬ ‫ِ‬ ‫ما‪،‬ولم المر والدعاء‪ ،‬و"ل" في النَّه‬ ‫م‪ ،‬أل َ َّ‬ ‫ما‪ ،‬أل َ ْ‬ ‫ل َ َّ‬
‫َ‬
‫م" حرفين‪ ،‬وهما‬ ‫م" و"َأل َ ْ‬ ‫يمكن أن يُتحدث فيه في هذا الموضوع أنه جعل "ل َ ْ‬
‫حرف واحدٌ‪ ،‬لن "ألم" هي نفس "لم" لكن زيدت عليها همزة الستفهام‪،‬‬
‫ما"‪ ،‬فإنه قال‬ ‫فالعمل لـ"لم" وليس لهمزة الستفهام‪ ،‬وكذلك فعل مع "ل ّ‬
‫ما )‪ ،‬والحقيقة أنهما واحد‪ ،‬وعند عد هذه الدوات التي ذكرها‬ ‫ما‪ ،‬أل َ َّ‬ ‫فيها ( ل َ َّ‬
‫م" هي نفس‬ ‫ربما كانت أقل أو أكثر إذا حسبنا أن "لم" نفس "ألم" و"أل ْ‬
‫ما"‪ ،‬فسيكون فيه بعض الكلم‪.‬‬ ‫"أل ّ‬
‫على كل حال له في منهجه أن يفعل ما يشاء‪ ،‬لكنه لو فصل بينهما‬
‫فقال هذه الدوات تجزم فعل واحدًا وهذه الدوات تجزم فعلين لكان أولى‪،‬‬
‫أما أمثلتها وشواهدها فكثيرة والحمد لله رب العالمين‪ ،‬أول استشهد لـ"لم"‪،‬‬
‫سًل ل َ ْ‬
‫م‬ ‫ل وَُر ُ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬‫ك ِ‬ ‫م ع َلَي ْ َ‬ ‫صنَاهُ ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫سًل قَد ْ قَ َ‬
‫ل ﴿ وَُر ُ‬ ‫ومنها قول الله عّز وج ّ‬
‫ك ﴾ [البقرة‪ ،]164 :‬فـ "لم" هنا جازمة‪ ،‬ونقصص فعل مضارع‬ ‫م ع َلَي ْ َ‬ ‫صه ُ ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫ن َ ْق ُ‬
‫َ‬ ‫ل َرب ُّ َ‬ ‫َ‬
‫ل ﴿ أل َ‬
‫ب‬‫حا ِ‬ ‫ص َ‬‫ك بِأ ْ‬ ‫ف فَعَ َ‬ ‫م تََر كَي ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫مجزوم‪ ،‬أما "ألم" فنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ل ﴿ ك َ ّل ل َ َّ‬
‫ما‬‫ض َ‬ ‫ما يَقْ ِ‬ ‫ما" فنحو قول الله عّز وج ّ‬ ‫ل ﴾ [الفيل‪ ،]1 :‬أما "ل ّ‬ ‫الْفِي ِ‬
‫ل مضارعٌ‬ ‫ما" هنا هي الجازمة‪ ،‬ويقض هذا فع ٌ‬ ‫َ‬
‫ره﴾ ــ[عبس‪ ،]23 :‬فـ "ل ّ‬ ‫م َُ‬‫أ َ‬
‫مجزوم وعلمة جزمه حذف حرف العلة‪.‬‬
‫ما" لها استعمالت أخرى لكن ليس هذا مجال ذكرها‪،‬‬ ‫وعلى كل حال "ل ّ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫م ل َّ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما" قول الله عّز وج ّ‬
‫حقُوا بِهِ ْ‬ ‫ما يَل َ‬ ‫منْهُ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫خرِي َ‬ ‫ل ﴿ وَآ َ‬ ‫جزم به في "ل ّ‬ ‫ومما ُ‬
‫ة للفعل يلحقوا‪ ،‬وعلمة جزمه حذف‬ ‫ما" هنا جازم ٌ‬ ‫﴾ [الجمعة‪ ،]3 :‬فـ "ل ّ‬
‫النون‪.‬‬
‫جزم فيه‬ ‫ما"‪ ،‬ولم يرد شيءٌ في القرآن الكريم ُ‬ ‫الجازم الرابع وهو "أل ّ‬
‫الفعل المضارع بهذا الحرف‪ ،‬ولكن أورد الشيخ أحمد الرملي في كتابه‬
‫شرح الجرومية بعض الشواهد‪ ،‬ومنها قول الشاعر‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪77‬‬
‫ألما تعرفوا منا اليقين‬ ‫إليكم يا بني بكر إليكم‬
‫ما"‪ ،‬وعلمة جزمه حذف‬ ‫م بـ "أل ّ‬ ‫ل مضارع ٌ مجزو ٌ‬ ‫فـ "تعرفوا" هنا فع ٌ‬
‫النون‪.‬‬
‫أما الجازم الخامس فهو لم المر ولم الدعاء‪ ،‬ويُفرق بينهما بأن لم‬
‫المر تكون من العلى للدنى‪ ،‬ولم الدعاء تكون من الدنى للعلى‪ ،‬في‬
‫ك ﴾ [الزخرف‪،]77 :‬‬ ‫ض ع َلَيْنَا َرب ُّ َ‬ ‫ك لِيَقْ ِ‬ ‫مال ِ ُ‬
‫ل ﴿ وَنَادَوْا يَا َ‬ ‫نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫مى بلم الدعاء لنها من الدنى إلى العلى‪ ،‬أما إذا كانت من الدنى‬ ‫هذه تُس ّ‬
‫إلى العلى فكقولك لبنك مثل "لتقم"‪" ،‬لتذهب"‪" ،‬لتفعل كذا"‪" ،‬لتركب"‪،‬‬
‫ل ﴿ لِيُنْفِقْ ذ ُو‬ ‫"لتجلس"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬هذه هي لم المر‪ ،‬ومنها قول الله عّز وج ّ‬
‫سعَتِهِ ﴾ [الطلق‪ ،]7 :‬فاللم هنا هي لم المر‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫سعَةٍ ِ‬ ‫َ‬
‫وكذلك يُقال في "ل" الناهية والدعائية‪ ،‬لن "ل" الناهية هي التي يكون‬
‫المر فيها من العلى إلى الدنى‪ ،‬وأما "ل" الدعائية فهي بعكسها‪ ،‬يكون من‬
‫الدنى إلى العلى‪ ،‬يعني "ل" الناهية هي من العلى إلى الدنى‪ ،‬و"ل"‬
‫َ‬
‫سرِ‬‫ل ﴿ فَأ ْ‬ ‫الدعائية بالعكس‪ ،‬من الدنى إلى العلى‪ ،‬منها قول الله عّز وج ّ‬
‫ك بقط ْع من اللَّيل وَل يلْتفت منك ُ َ‬ ‫َ‬
‫حد ٌ ﴾ [هـود‪ ،]81 :‬فـ "ل" هنا ناهية‬ ‫مأ َ‬ ‫ْ ِ َ َ َِ ْ ِ ْ ْ‬ ‫بِأهْل ِ َ ِ ِ ٍ ِ َ‬
‫لنها من العلى إلى الدنى‪ ،‬ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ل‬
‫مد أحدهم ول‬ ‫تسبوا أصحابي‪ ،‬فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ٍ ذهبًا ما بلغ ُ‬
‫نصيفه )‪.‬‬
‫ل ﴿ َربَّنَا َل تُؤ َا ِ‬
‫خذْنَا إ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫أما "ل" الدعائية فمن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫خطَأْنَا ﴾ [البقرة‪ ،]286 :‬ومنه قوله سبحانه ﴿ َربَّنَا َل تُزِغ ْ قُلُوبَنَا بَعْد َ إِذْ‬ ‫سينَا أَوْ أ َ ْ‬‫نَ ِ‬
‫هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران‪ ،]8 :‬وهكذا‪.‬‬
‫ن"‪ ،‬وطبعًا الن سنبدأ في أدوات‬ ‫الداة السابعة من أدوات الجزم هي "إ ْ‬
‫الشرط‪ ،‬وقد انتهينا من الدوات التي تجزم فعل واحدًا‪ ،‬نعيدها مرة ثانية‪،‬‬
‫ما"‪ ،‬وهما واحد مثل "لم"‬ ‫ما"‪ ،‬وكما قال صاحبنا "ألم" و"أل ّ‬ ‫هي "لم" و"ل ّ‬
‫ما"‪ ،‬لكنه زادت عليهما همزة الستفهام‪ ،‬وكذلك الداة الخامسة هي لم‬ ‫و"ل ّ‬
‫ضا ل الناهية ول الدعائية‪،‬‬ ‫الطلب‪ ،‬وتُطلق على لم المر ولم الدعاء‪ ،‬وأي ً‬
‫وقد انتهينا من هذه الست جميعًا‪.‬‬
‫أما الداة السابعة فهي تجزم فعلين‪ ،‬الول فعل الشرط والثاني جواب‬
‫الشرط‪ ،‬وهي أم الباب وهي "إن" الشرطية‪ ،‬وقبل الحديث عن أدوات‬
‫متفق على أنه حرف‪ ،‬وقسم‬ ‫م منها ُ‬ ‫الشرط أذكر لكم أنها ثلثة أقسام‪ ،‬قس ٌ‬
‫م أم حرف‪ ،‬فأما‬ ‫مختلف فيه أهو اس ٌ‬ ‫متفق على أنه اسم‪ ،‬وقسم منها ُ‬ ‫منها ُ‬
‫المتفق على حرفيته فهو "إن" التي هي أم الباب‪ ،‬وأما المختلف فيه فهو‬
‫ة واحدة وهي "إذما"‪ ،‬وبعضهم يُضيف إليها "مهما"‪ ،‬لكن‬ ‫حرف أو اسم فكلم ٌ‬
‫ف أم اسم؟ والصواب أنها اسم‪ ،‬بقية‬ ‫أكثر كلمهم عن كلمة "إذما" أهي حر ٌ‬
‫ن"‪ ،‬قال الله عّز‬ ‫الدوات الشرطية كلها أسماء‪ ،‬فنبدأ بأم الباب وهي "إ ْ‬
‫ن" أداة شرط‪،‬‬ ‫م ﴾ [آل عمران‪" ،]120 :‬إ ْ‬ ‫سؤْهُ ْ‬‫ة تَ ُ‬
‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ل ﴿ إِ ْ‬ ‫وج ّ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪78‬‬
‫"تمسس" هذا فعل الشرط وهو مجزوم‪" ،‬تسؤ" هذا جواب الشرط‪ ،‬وهو‬
‫مجزوم‪.‬‬
‫متفق على أنها اسم‪،‬‬ ‫بعد هذا "من" الشرطية‪ ،‬وكما ذكرت لكم هذه ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن يَغُ َّ‬ ‫َ‬
‫م‬‫م الْقِيَا َ‬ ‫ل يَوْ َ‬ ‫ما غ َ ّ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ل يَأ ِ‬ ‫ن يَغْل ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َو َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ن لِنَب ِ ٍ ّ‬ ‫ما كَا َ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴾ فعل الشرط مجزوم وعلمة جزمه السكون‪﴿ ،‬‬ ‫﴾ [آل عمران‪ ﴿ ،]161 :‬يَغْل ُ ْ‬
‫ت ﴾ مجزوم وعلمة جزمه حذف حرف العلة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫يَأ ِ‬
‫الداة التاسعة هي "مهما"‪ ،‬وهي من الدوات التي قلت لكم قبل قليل‬
‫إنه حصل فيها خلف أهي اسم أم حرف‪ ،‬وعلى كل حال ترى هذا ل يؤثر‬
‫ما أم كانت حرفًا‪ ،‬من‬ ‫في عملها شيئًا‪ ،‬عملها تجزم فعلين‪ ،‬سواء أكانت اس ً‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ما‬‫حَرنَا بِهَا فَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن آيَةٍ لِت َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما تَأتِنَا بِهِ ِ‬ ‫مهْ َ‬ ‫ل ﴿ وَقَالُوا َ‬ ‫شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫ن﴾‬ ‫منِي َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ك بِ ُ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ح ُ‬‫نَ ْ‬
‫ت" فعل مضارع مجزوم ‪-‬وهو فعل الشرط‪ ،-‬وعلمة‬ ‫[آل عمران‪" ،]132 :‬تأ ِ‬
‫ن ﴾ كل الكلم هذا في محل‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫جزمه حذف حرف العلة‪ ﴿ ،‬فَ َ‬
‫جزم جواب الشرط‪ ،‬والفاء الموجودة هذه فيه تقترن في مثل هذه الحالة‪،‬‬
‫واقترانها واجب‪ ،‬يعني اقترانها بجواب الشرط واجب‪ ،‬لكن متى يكون ذلك؟‬
‫يجب اقتران جواب الشرط بالفاء يا أيها الحباب في مواضع متعددة يجمعها‬
‫عنوان واحد‪ ،‬العنوان هو أل يصلح جواب الشرط لن يقع فعل للشرط‪ ،‬ما‬
‫يصلح أن تنقل جواب الشرط وتجعله فعل للشرط‪ ،‬حينئذ ٍ يجب اقتران‬
‫الجواب بالفاء‪ ،‬أما الفروع فهي أن يكون الجواب جملة اسمية‪ ،‬أو جملة‬
‫فعلية طلبية‪ ،‬أو جملة فعلية فعلها جامد‪ ،‬أو جملة فعلية مسبوقة بـ"لن"‪ ،‬أو‬
‫جملة فعلية مسبوقة بـ "ما"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وسنذكر لكم بعض المثلة لها إن شاء‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫يءٍ قَدِيٌر‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬
‫خيْرٍ فَهُوَ ع َلى ك ُ ِّ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ل ﴿ وَإ ِ ْ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [النعام‪ ،]17 :‬الفاء هنا واجبة لن الجواب هنا جملة اسمية‪ ،‬قال الله عّز‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ [آل‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حبِبْك ُ ُ‬ ‫ه فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حبُّو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ل ﴿ قُ ْ‬ ‫وج ّ‬
‫ل﴿‬ ‫عمران‪ ،]31 :‬جواب الشرط هنا جملة فعلية طلبية‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫جنَّت ِ َ‬ ‫َ‬
‫ك ﴾ [الكهف‪ ،]40 :‬عسى هنا فعل ماضي‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خيًْرا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ن يُؤْتِي َ‬ ‫سى َرب ِّي أ ْ‬ ‫فَعَ َ‬
‫َ‬
‫سَرقَ أ ٌ‬
‫خ‬ ‫سرِقْ فَقَد ْ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ل ﴿ قَالُوا إ ِ ْ‬ ‫جامد يجب اقترانه بالفاء‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴾ [يوسف‪ ،]77 :‬إذا كانت الجملة مبدوءة بـ "قد" وجب اقترانها‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ه ِ‬ ‫ُ‬ ‫لَ‬
‫َ‬
‫ن فَ ْ‬
‫ضلِهِ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ف يُغْنِيك ُ ُ‬ ‫سوْ َ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫م ع َيْل َ ً‬ ‫خفْت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل ﴿ وَإ ِ ْ‬ ‫بالفاء‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [التوبة‪ ،]28 :‬كذلك إذا كانت الجملة مبدوءة بكلمة "سوف" فإنه يجب‬
‫ن يُكْفَُروه ُ ﴾ [آل‬ ‫خيْرٍ فَل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما يَفْعَلُوا ِ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫اقترانها بالفاء‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫عمران‪ ،]115 :‬وهذه الجملة الواقعة جوابًا للشرط هنا مبدوءة بـ "لن"‪ ،‬وقال‬
‫جرٍ ﴾ [يونس‪ ،]72 :‬بدأت جملة‬ ‫ل ﴿ فَإن تولَّيتم فَما سأَلْتك ُم م َ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ َ َ ُْ ْ َ َ ُ ْ ِ ْ‬
‫الجواب بـ "ما"‪ ،‬فيجب اقترانها بالفاء‪ ،‬وقد تُحذف هذه الفاء جواًزا‪ ،‬لكنه‬
‫ليس الكثير‪ ،‬الكثير أن تكون ثابتة في هذه المواضع التي ذكرتها‪ ،‬ومما‬
‫وردت فيه محذوفة قول الشاعر "من يفعل الحسنات الله يشكرها "‪،‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪79‬‬
‫"الله" مبتدأ‪" ،‬يشكرها" جملة خبرية‪ ،‬والجملة هنا الواقعة جوابًا للشرط‬
‫جملة اسمية‪ ،‬ومع ذلك لم تقترن بالفاء‪ ،‬ولكن الكلم كما ترون شعر‪ ،‬فل‬
‫ص بالشعر‪.‬‬ ‫بأس بأن يكون خاليًا من الفاء‪ ،‬ولكنه خا ٌّ‬
‫هذا المواضع التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء‪ ،‬وقد جاءت‬
‫ضا لننا ذكرنا الية التي استشهدنا بها في الحرف الذي قبل قليل‪.‬‬ ‫عر ً‬
‫الن ننتقل إلى كلمةٍ جديدة من أدوات الشرط‪ ،‬وهي كلمة "إذما"‪ ،‬وقد‬
‫م أم حرف‪" ،‬إذما"‬ ‫ضا إنها من المواضع المختلف فيه أهو اس ٌ‬ ‫ذكرت لكم أي ً‬
‫لم ترد في القرآن الكريم‪ ،‬ولكنها وردت في قول الشاعر‪:‬‬
‫به تُلفي من إيّاه تأمر آتي‬ ‫وإنك إذما تأتي ما أنت آمٌر‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫س بِالْبِّرِ‬ ‫ن النَّا َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ل ﴿ أتَأ ُ‬ ‫ه في المعنى بقول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫هذا شبي ٌ‬
‫وتنسو َ‬
‫ن ﴾ [البقرة‪ ،]44 :‬هذا إذا‬ ‫قلُو َ‬ ‫ب أفََل تَعْ ِ‬ ‫ن الْكِتَا َ‬‫م تَتْلُو َ‬ ‫م وَأنْت ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن أنْفُ َ‬ ‫ََْ َ ْ َ‬
‫أمرت شيئًا وأردت أن يُنفذ فابدأ بنفسك‪ ،‬فهذا مضمون هذا البيت‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫به تُلفي من إيّاه تأمر آتي‬ ‫وإنك إذما تأتي ما أنت آمٌر‬
‫ما به‪.‬‬ ‫إذا فعلت ما تأمر به فسوف تجد من تأمره قائ ً‬
‫الداة الخرى والجديدة هي "أي" الشرطية‪ ،‬وهي الداة الحادية عشرة‪،‬‬
‫ت لك في حلقة ماضية معربة دون بقية أدوات الشرط‪،‬‬ ‫وهي كما ذكر ُ‬
‫أدوات الشرط كلها مبنية إل كلمة "أي" فإنها معربة‪ ،‬من شواهدها قول الله‬
‫َ‬ ‫عز وج ّ َ‬
‫سنَى ﴾ [السـراء‪ ،]110 :‬فعل الشرط‬ ‫ح ْ‬‫ماءُ ال ْ ُ‬‫س َ‬‫ه اْل ْ‬ ‫ما تَدْع ُوا فَل َ ُ‬ ‫ل ﴿ أيًّا َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ماءُ‬ ‫س َ‬ ‫ه اْل ْ‬ ‫ل ﴿ فَل َ ُ‬ ‫ما ﴾ زائدة‪ ،‬وقوله عّز وج ّ‬ ‫هنا هو قوله ﴿ تَدْع ُوا ﴾‪ ،‬و ﴿ َ‬
‫سنَى﴾ هذه الجملة واقعة في جواب الشرط‪.‬‬ ‫ح ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫الداة الثانية عشرة هي "متى"‪ ،‬وهي وكلمة "أي" وكلمة "أيّان"‪ ،‬وكلمة‬
‫ة‪ ،‬مرة ثانية‪" ،‬متى" تأتي‬ ‫"أنّى" ترد أحيانًا أسماء استفهام وترد أحيانًا جازم ً‬
‫ما وشرطًا‪" ،‬أين" تأتي استفها ً‬
‫ما‬ ‫ما وتأتي شرطًا‪" ،‬أيّ" تأتي استفها ً‬ ‫استفها ً‬
‫ن" كذلك‪ ،‬والذي يُميز لك الشرطية عن‬ ‫و تأتي شرطًا‪" ،‬أيّان" كذلك‪" ،‬أ ّ‬
‫م‬‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫ح إِ ْ‬ ‫متَى هَذ َا الْفَت ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ﴿ وَيَقُولُو َ‬ ‫الستفهامية السياق‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ [السجدة‪ ،]28 :‬بدون شك أن متى هنا استفهامية‪ ،‬وقال الشاعر‪:‬‬ ‫صادِقِي َ‬ ‫َ‬
‫متى أضع العمامة تعرفوني‬ ‫أنا ابن جل وطلع الثنايا‬
‫هذه بدون شك أنها شرطية‪.‬‬
‫ضا لم ترد شرطية في القرآن‬ ‫الداة الثالثة عشرة‪ ،‬هي كلمة "أين" وأي ً‬
‫الكريم‪ ،‬وفي كثيرٍ من الحيان يقرنون بها "ما" فيقولون "أينما"‪ ،‬أما كونها‬
‫مقرونة بـ "ما" فقد وردت في القرآن الكريم‪ ،‬لكن مجردة من "ما" لم ترد‬
‫ما‬ ‫شرطية في القرآن الكريم‪ ،‬ومما وردت فيه قول الله عز وج ّ َ‬
‫ل ﴿ أيْن َ َ‬ ‫ّ‬
‫ت ﴾ [النساء‪ ﴿ ،]78 :‬تَكُونُوا ﴾ هو فعل الشرط‪ ،‬وهو‬ ‫موْ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫تَكُونُوا يُدْرِكُك ُ ُ‬
‫م ﴾ جواب الشرط‪ ،‬ومن ورود‬ ‫مجزوم وعلمة جزمه حذف النون‪ ،‬و ﴿ يُدْرِكُك ُ ُ‬
‫َ‬
‫مفَُّر‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مئِذ ٍ أي ْ َ‬‫ن يَوْ َ‬‫سا ُ‬ ‫ل اْلِن ْ َ‬ ‫ل ﴿ يَقُو ُ‬ ‫"أين" الستفهامية قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [القيامة‪ ،]10 :‬فهذه استفهامية‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪80‬‬
‫الداة الرابعة عشرة هي "أيّان"‪ ،‬من ورودها استفهامية قول الله عّز‬
‫ساهَا ﴾ [العـراف‪ ،]187 :‬هذه‬ ‫مْر َ‬
‫ن ُ‬
‫َ‬
‫ساعَةِ أيَّا َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ون‬ ‫سأَل ُ‬
‫ل ﴿ يَ ْ‬‫وج ّ‬
‫ِ‬
‫استفهامية‪ ،‬أما ورودها شرطية فلم ترد في القرآن الكريم شرطية‪ ،‬ومنه‬
‫قول الشاعر "فأيّان ما تعدل به الريح ينزل"‪ ،‬فـ "تعدل" هو فعل الشرط‪،‬‬
‫وينزل هو جواب الشرط‪ ،‬ومثله قول الشرط "أيّان نؤمنك تأمن غيرنا"‪،‬‬
‫"نؤمنك" هو فعل الشرط‪ ،‬و"تأمن غيرنا هو جواب الشرط"‪.‬‬
‫ط‪ ،‬وتأتي كثيًرا‬‫أما الداة الخامسة عشرة فهي "أنّا"‪ ،‬وهي اسم شر ٍ‬
‫اسم استفهام‪ ،‬وفيها دللة على الظرفية‪ ،‬ومما وردت فيه قول الله عّز‬
‫َ‬ ‫وج ّ َ‬
‫موْتِهَا ﴾ [البقرة‪ ،]259 :‬هذه استفهام‪ ،‬وقوله‬ ‫ه بَعْد َ َ‬‫حيِي هَذِهِ الل ّ ُ‬ ‫ل ﴿ أنَّى ي ُ ْ‬
‫ل يا مري َ‬
‫ك هَذ َا ﴾ [آل عمران‪ ،]37 :‬أما ورودها شرطية‬ ‫م أنَّى ل َ ِ‬ ‫ل ﴿ قَا َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ففي قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫تجد حطبًا حزل وناًزا‬ ‫فأصبحت أنّى تأتها تستجر بها‬
‫تأجج‬
‫"تأتها" هذا فعل الشرط‪ ،‬و"تجد حطبًا" هذا جواب الشرط‪ ،‬ونقف عند‬
‫جواب الشرط هذا‪ ،‬ونتقبل السئلة منكم إذا كان لديكم أسئلة‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ما" بنفس‪.......‬‬‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬قلتم أن "لم" و"ل ّ‬
‫قاطع الشيخ الطالب‪:‬‬
‫بالمناسبة يا أخ شريف همزة "إن" تُكسر بعد القول مطلقًا‪ ،‬بعد القول‬
‫ومشتقاته‪" ،‬قول" "يقول" "قال" "قل"‪ ،‬كلها اكسر همزة "إن" فيه موضع‬
‫سر الله سبحانه وتعالى ذلك‪.‬‬ ‫سنذكره إذا وصلنا باب "إن" وأخواتها إذا ي ّ‬
‫أكمل الطالب سؤاله‪:‬‬
‫ما" بنفس المعنى‪،‬‬ ‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬قلتم إن "لم" و"ل ّ‬
‫ولكن علمنا أن "لم" حرف نفي وجزم وقلب‪ ،‬و"لما" نفي وجزم وقلب‪،‬‬
‫ولكن هناك فرق أن "لما" تفيد أنه لم يحدث هذا الفعل حتى القول‪ ،‬حتى‬
‫قول هذه الكلمة‪ ،......،‬فنرجو التفصيل‪.‬‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫أول أنا لم أوازن بين "لم" و"لما"‪ ،‬وإنما قلت إن "لم" و"ألم" واحد‪،‬‬
‫ما" واحد‪ ،‬فهمتني يا بني‪ ،‬هذا الذي قلته‪ ،‬هذا الذي أذكره‪،‬‬ ‫ما" و"أل ّ‬ ‫وإن "ل ّ‬
‫ما" فيقولون بينها أربعة أوجه من الشبه وبينها‬ ‫أما الموازنة بين "لم" و"ل ّ‬
‫أربعة أوجه من الختلف‪ ،‬فأما أوجه الشبه فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن كل واحدةٍ منهما حرف‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن كل واحدةٍ منهما للنفي‪.‬‬
‫‪ -3‬وأن كل واحدة منهما للجزم‪.‬‬
‫‪ -4‬وأن كل واحدة منهما تقلب معنى الفعل المضارع من الدللة على‬
‫الحال والستقبال إلى الدللة على الماضي‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪81‬‬
‫ما"‪:‬‬ ‫صان بـ "ل ّ‬ ‫صان بـ "لم"‪ ،‬واثنان خا ّ‬ ‫أما الختلف بينهما فاثنان خا ّ‬
‫فأما "لم" تختص بجواز مصاحبتها للشرط‪:‬‬
‫َ‬
‫ه ﴾ [المائدة‪:‬‬ ‫سالَت َ ُ‬
‫ت رِ َ‬ ‫ما بَل ّغْ َ‬ ‫ل فَ َ‬‫م تَفْعَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫ل ﴿ وَإ ِ ْ‬ ‫‪ -1‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ما"‪ ،‬هذه واحدة‪.‬‬ ‫نل ّ‬ ‫م ﴾ ول يجوز أن تقول "وإ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫‪ ﴿ ،]67‬وَإ ِ ْ‬
‫‪ -2‬الثاني مما تختص به "لم" أنه يجوز انقطاع مجزومها قبل النطق بها‪،‬‬
‫ل ﴿ هَ ْ َ‬
‫شيْئًا‬‫ن َ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫ن الدَّهْرِ ل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا ِ‬‫ل أتَى ع َلَى اْلِن ْ َ‬ ‫ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ما كان في بطن أمه لم يكن شيئًا‬ ‫مذ ْكُوًرا ﴾ [النسان‪ ،]1 :‬ثم كان‪ ،‬يعني هو ل ّ‬ ‫َ‬
‫مذكوًرا‪ ،‬ثم خرج إلى الدنيا وصار شيئًا مذكوًرا‪ ،‬ثم لما كبر صار ملكًا‪ ،‬صار‬
‫كذا‪ ،‬صار كذا‪ ،‬صار كبيًر‪ ،......،‬هذه ما تختص به لم‪.‬‬
‫ما" يا أيها الحباب فهو أمران‪:‬‬ ‫أما ما تختص به "ل ّ‬
‫ما"‪،‬‬‫ت المدينة ول ّ‬ ‫‪ -1‬المر الول أنه يجوز حذف مجزومها‪ ،‬فتقول "قارب ُ‬
‫إذا كان في الكلم ما يدل عليه‪ ،‬يعني ولما أدخلها‪ ،‬ول يجوز ذلك في "لم"‪.‬‬
‫ما" هو أنّه يُتوقع حدوث مدخولها‪،‬‬ ‫‪ -2‬والمر الثاني الذي تختص به "ل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫خ ِ‬‫ما يَد ْ ُ‬ ‫منَا وَل َّ‬‫سل ْ‬ ‫ن قُولوا أ ْ‬ ‫منُوا وَلك ِ ْ‬ ‫م تُؤ ْ ِ‬‫ل لَ ْ‬‫ل ﴿ قُ ْ‬ ‫ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾ [الحجرات‪ ،]14 :‬يعني وسيدخل إن شاء الله‪ ،‬المهم أنه‬ ‫ن فِي قُلُوبِك ُ ْ‬ ‫اْلِي َ‬
‫ما ُ‬
‫م"‪.‬‬
‫يُتوقع حدوث ما تدخل عليه‪ ،‬بعكس "ل ّ‬
‫ما"‪ ،‬ولم أرد أن أتحدث‬ ‫هاتان ميزتان لـ "لم"‪ ،‬وهاتان ميزتان للـ "ل ّ‬
‫عنهما‪ ،‬ولكن مادام سألت عنهما فهذا هو الجواب‪ ،‬وغفر الله لي ولك‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫هل يُوافق أهل البصرة أهل الكوفة في عدد النواصب؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ل‪ ،‬ما يُوافقونهم لنهم ل يعتبرون الفاء ول الواو ول اللم ول "حتى"‪ ،‬ل‬
‫يعدونها ناصبة‪ ،‬وإنما يقولون الناصب هو "أن" مضمرة بعد كل واحدة من‬
‫هذه الدوات‪ ،‬معناه أنه يختلف العدد عندهم‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ن" في الجوازم‪ ،‬فهل هي عند‬ ‫جزاكم الله خيًرا‪ ،‬لم يذكر المؤلف "م ْ‬
‫البصريين دون الكوفيين‪ ،‬أم غير ذلك؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ن‬‫م ْ‬‫"من" هذه ذكرها‪ ،‬هي مذكورة بارك الله فيك وقد مثلنا لها‪َ ﴿ ،‬و َ‬
‫ت بما غ َ َّ‬ ‫يغْل ُ ْ ْ‬
‫م ﴾ [آل عمران‪.]161 :‬‬ ‫م الْقِيَا َ‬‫ل يَوْ َ‬ ‫ل يَأ ِ ِ َ‬ ‫َ‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ‪ ،‬المؤلف لماذا قدّم النواصب على الجوازم؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫وهذا أمٌر عاديٌّ‪ ،‬وفيما أعلم أن كل المؤلفين يقدمون النواصب على‬
‫الجوازم‪ ،‬مع أنه كان الصل فعل أن يُقدم الجازم مع الفعل لكون الجازم هو‬
‫ص بها‪ ،‬فكان الصل‬ ‫مخت ٌّ‬ ‫الصل في الفعال‪ ،‬الصل في الفعال أن الجزم ُ‬
‫ل بارك الله فيك‪.‬‬ ‫ل جمي ٌ‬ ‫أن تُقدم الجوازم‪ ،‬هذا سؤا ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪82‬‬
‫نكتفي بهذا القدر‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬

‫الدرس التاسع‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪،‬‬
‫وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫لزلنا نواصل الحديث في شرح مقدمة ابن آجروم النحوية‪ ،‬وقد وصلنا‬
‫في اللقاءات الماضية إلى الحديث في جوازم الفعل المضارع‪ ،‬وأنهينا‬
‫الحديث في بعضها‪ ،‬ونعيد ذكر الجوازم حتى نتذكرها‪ ،‬وبعدها إن شاء الله‬
‫تعالى نتحدث في الحرف أو في الكلمة التي وصلنا إليها من أدوات‬
‫م‪،‬‬‫ما‪ ،‬أل َ ْ‬‫م‪ ،‬ل َ َّ‬
‫شر‪ ،‬وهي‪ :‬ل َ ْ‬ ‫ة عَ َ‬ ‫م ثماني َ‬ ‫الشرط‪ ،‬إذ يقول ابن آجروم ( والجوازِ ُ‬
‫ن‪ ،‬ومهما‪ ،‬وإِذ ْما‪،‬‬ ‫م ْ‬‫ن‪،‬و َ‬ ‫ي والدعاء‪ ،‬وإ ِ ْ‬ ‫ما‪،‬ولم المر َ والدعاء‪،‬ول َفي النَّه ِ‬ ‫أل َ َّ‬
‫َ‬
‫شعر خاصة )‪،‬‬ ‫ما‪ ،‬وكيفما‪ ،‬وإذا في ال ّ ِ‬ ‫حيث ُ َ‬ ‫ن‪ ،‬وأنَّى ‪ ،‬و َ‬ ‫ن‪ ،‬وأي َ‬ ‫وأيُّ‪ ،‬ومتى‪ ،‬وأيَّا َ‬
‫وقد وصل الحديث بنا إلى "أنَّى"‪ ،‬وقلنا إن كلمة "أنّى" لم ترد في القرآن‬
‫ة قول‬ ‫الكريم شرطية‪ ،‬وإنما وردت استفهامية‪ ،‬ومما وردت فيه استفهامي ً‬
‫َّ‬ ‫ل ﴿ قَا َ َ‬
‫موتِهَا ﴾ [البقرة‪ ،]259 :‬ومنه قوله‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه بَعْد َ‬‫ُ‬ ‫حيِي هَذِهِ الل‬ ‫ل أنَّى ي ُ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫عنْد ِ اللهِ ﴾ [آل عمران‪ ،]37 :‬وأما‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ت هُوَ ِ‬ ‫ك هَذ َا قَال َ ْ‬ ‫م أنَّى ل َ ِ‬‫مْري َ ُ‬
‫سبحانه ﴿ يَا َ‬
‫ورودها شرطية فقد ورد في الشعر‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪83‬‬
‫تجد حطبًا جزل وناًرا تأجج‬ ‫فأصبحت أنّى تأتها تستجر بها‬
‫فعندنا "أنّى" هنا‪ ،‬وقد اتفقنا فيما مضى على أنها اسم‪ ،‬فـ "أنّى" هذه‬
‫ت" هذا هو فعل الشرط‪ ،‬ومجزوم وعلمة‬ ‫م‪ ،‬و"تأ ِ‬ ‫أداة الشرط‪ ،‬وهي اس ٌ‬
‫ل من فعل الشرط "أنّى تأتها‬ ‫جزمه حذف حرف العلة‪ ،‬و"تستجر" هذا بد ٌ‬
‫تستجر بها تجد حطبًا"‪ ،‬لن الجواب في قوله "تجد حطبًا"‪ ،‬ومنه قول‬
‫ضا‪:‬‬ ‫الشاعر أي ً‬
‫غير ما يرضيكما‬ ‫ي أنّى تأتياني تأتيا أخاً‬ ‫خليل َّ‬
‫ل يُحاوِ ُ‬
‫ل‬
‫"أنّى تأتياني تأتيا"‪ ،‬فـ "تأتياني" هذا هو فعل الشرط‪ ،‬أما النون‬
‫الموجودة هذه فليست نون الرفع في الفعل المضارع‪ ،‬وإنما هي نون‬
‫ت لكم أن ياء المتكلم يجب أن يكون ما قبلها مكسوًرا‪،‬‬ ‫الوقاية‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫ولذلك حتى يسلم الفعل من الكسر أتوا له بنون الوقاية حتى تقيه من‬
‫الكسر‪ ،‬فالنون الموجودة هنا هي نون الوقاية‪ ،‬بقي أن نعرف أن جواب‬
‫الشرط هو قوله "تأتيا"‪ ،‬وهو مجزوم وعلمة جزمه حذف النون‪.‬‬
‫ط قول واحدًا ل خلف‬ ‫الداة السابعة عشرة هي "حيثما"‪ ،‬وهي اسم شر ٍ‬
‫ة للظرفية المكانية‪ ،‬ومما وردت فيه في القرآن‬ ‫في ذلك‪ ،‬وهي متضمن ٌ‬
‫شطَْر‬ ‫ك َ‬ ‫جه َ َ‬ ‫ت فَوَ ِّ‬
‫ل وَ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر ْ‬‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ﴿ وَ ِ‬‫الكريم شرطية قول الله عّز وج ّ‬
‫ُ‬
‫شطَْره ُ ﴾ [البقرة‪ ،]150 :‬فـ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫جوهَك ُ‬ ‫م فَوَل ّوا وُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ما كُنْت ُ‬
‫َ‬ ‫ث‬‫حي ْ ُ‬‫حَرام ِ وَ َ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫م ْ‬‫َ‬ ‫ال ْ‬
‫ُ‬
‫م‬‫جوهَك ُ ْ‬ ‫"حيثما" هي الداة‪ ،‬و"كان" هو فعل الشرط‪ ،‬وجملة ﴿ فَوَل ّوا وُ ُ‬
‫شطَْره ُ ﴾ هي جواب الشرط‪.‬‬ ‫َ‬
‫أما الداة الثامنة عشرة هي "كيفما"‪ ،‬وقد تبع المصنف رأي الكوفيين‬
‫ط‪ ،‬ولم ترد‬ ‫في عد كيفما من أدوات الشرط‪ ،‬وبعضهم ل يعدها أداة شر ٍ‬
‫شرطية في القرآن الكريم‪ ،‬وإنما وردت بدون ما ـ في القرآن الكريم ـ‬
‫ض فَانْظُُروا‬ ‫َْ‬ ‫ل ﴿ قُ ْ‬ ‫استفهامية‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫سيُروا فِي الْر ِ‬ ‫ل ِ‬
‫ن ﴾ [النمل‪ ،]69 :‬أما ورودها شرطية فيمكن أن‬ ‫مي َ‬‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ال ْ ُ‬‫ن ع َاقِب َ ُ‬ ‫ف كَا َ‬‫كَي ْ َ‬
‫تمثل له بقولك "كيفما تكن أكن معك"‪ ،‬فـ "كيفما" هي الداة‪ ،‬و"تكن" هو‬
‫فعل الشرط‪ ،‬و"أكن" هو جواب الشرط‪.‬‬
‫بقيت الداة الخيرة التي ذكرها المصنف‪ ،‬وكثيٌر من النحويين ل يذكرها‪،‬‬
‫ف لما يُستقبل من الزمان‪ ،‬وأنها‬ ‫وهي "إذا"‪ ،‬لن الصل في "إذا" أنها ظر ٌ‬
‫ط غير جازمة‪ ،‬لكنه أوردها لنه يرد الجزم بها لكن في الشعر‬ ‫أداة شر ٍ‬
‫خاصة‪ ،‬ل تأتي جازمة إل في الشعر‪ ،‬بل هو نص في كتابه على أنها ل تجزم‬
‫ف‬
‫الفعال إل في الشعر خاصة‪ ،‬والنحويون حينما يعربونها يقولون "إذا" ظر ٌ‬
‫ب بجوابه‪ ،‬معنى هذا أنها‬ ‫ض لشرطه‪ ،‬منصو ٌ‬ ‫لما يُستقبل من الزمان‪ ،‬خاف ٌ‬
‫تحتاج إلى جملة شرطية وتحتاج إلى جملة جوابية‪ ،‬فأما جملة الشرط فهي‬
‫ما إلى أن‬ ‫في محل جر مضاف إليه‪ ،‬لم؟ لن إذا من الدوات التي تحتاج دائ ً‬
‫ة إلى جملة‪ ،‬فتُضاف إلى جملة الشرط‪ ،‬وهي ظرف والظرف‬ ‫تكون مضاف ً‬
‫متعلق‪ ،‬فمتعلقه هو جواب الشرط‪.‬‬ ‫يحتاج إلى ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪84‬‬
‫هذا في إعراب النحويين‪ ،‬أن "إذا" ظرف لما يُستقبل من الزمان‪،‬‬
‫ب لجوابه‪ ،‬وبعضهم يقول "إذا" شرطية غير جازمة‪،‬‬ ‫ض لشرطه‪ ،‬منصو ٌ‬ ‫خاف ٌ‬
‫ولم يرد جزمها لفعل الشرط إل في الشعر‪ ،‬وقد يكون هذا من باب‬
‫الضرورة‪ ،‬ومنه ما ورد في قول الشاعر‪:‬‬
‫ة‬
‫وإذا تصبك خصاص ٌ‬ ‫استغني ما أغناك ربك بالغنى‬
‫فتجمل‬
‫ما دخلت عليه "إذا" هنا واحتاج في‬ ‫هنا "تُصب" أصله "تُصيب"‪ ،‬ولكن ل ّ‬
‫الوزن حذف الياء هذه وسكّن الباء فصارت مجزومة‪ ،‬صار فعل مضارع ًا‬
‫ما بـ "إذا" الشرطية‪ ،‬وهي ل تجزم ـ كما قلت أكثر من مرة ـ إل في‬ ‫مجزو ً‬
‫الشعر خاصة‪ .‬وهذا هو الحديث عن آخر أداة ذكرها المصنف في الدوات‬
‫التي تجزم الفعال المضارعة‪.‬‬
‫حى آخر‪ ،‬وهو الحديث عن‬ ‫وبعد هذا ننتقل إلى باب جديد‪ ،‬وإلى من ً‬
‫الجمل‪ ،‬وقد بدأ بالحديث عن الجمل السمية‪ ،‬ذلك أنه تحدث عن باب‬
‫مرفوعات السماء‪ ،‬فقال ( باب مرفوعات السماء )‪ ،‬ثم قال‬
‫ت سبعة‪ ،‬وهي‪ :‬الفاعل ‪ ،‬والمفعول‬ ‫(المرفوعا ُ‬
‫ه‪ ،‬والمبتدأ وخبره‪،‬واسم كان‬ ‫عل ُ ُ‬‫م فا ِ‬ ‫س َّ‬‫الذي لم ي ُ َ‬
‫ن وأخواتها‪ ،‬والتابع للمرفوع‪،‬‬ ‫وأخواتها‪ ،‬وخبر إ َّ‬
‫ف‪ ،‬والتوكيد‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬والعط ُ‬ ‫وهو أربعة أشياء‪ :‬النَّع ُ‬
‫ب‬ ‫ب طويـــ ٌ‬
‫ل جدًا‪ ،‬لنه ليس بابًا واحدًا وإنما هو أبوا ٌ‬ ‫والبَدَل )‪ ،‬وهذا با ٌ‬
‫متعددة ‪.‬‬
‫نبدأ في حديث المصنف عن الباب الول من المرفوعات‪ ،‬وهو باب‬
‫الفاعل‪ ،‬والفاعل يا أيها الحباب عمدة‪ ،‬والعمدة ل يجوز حذفه ول إسقاطه‪،‬‬
‫والفاعل حكمه أنه يستحق الرفع‪ ،‬ولذلك ذكر المصنف باب الفاعل في أول‬
‫أبواب المرفوعات‪ ،‬قال المصنف رحمنا الله وإياه‪ ( :‬باب‬
‫ع المذكوُر قبل َ ُ‬
‫ه‬ ‫الفاعل‪:‬الفاعل‪:‬هو السم المرفو ُ‬
‫فعل ُ ُ‬
‫ه ) وهنا ذكر لنا بعض الحكام المتعلقة بالفاعل‪ ،‬ذلك أن الفاعل حقه‬ ‫ِ‬
‫ضا حق الفاعل أن يتقدم عليه عامله‪ ،‬والعامل قد‬ ‫أن يكون مرفوع ًا‪ ،‬وأي ً‬
‫يكون فعل وقد يكون غير فعل‪ ،‬قد يكون فعل كقولك "قام عبد الله"‪ ،‬وقد‬
‫ختل ِ ٌ َ‬
‫ف ألْوَان ُ ُ‬
‫ه ﴾ [النحل‪ ،]69 :‬فـ ﴿‬ ‫م ْ َ‬ ‫يكون غير فعل نحو قوله عّز وج ّ‬
‫ل﴿ ُ‬
‫َ‬
‫ل به‪ ،‬ومع ذلك فهو ليس فعل وإنما هو‬ ‫ف ﴾ اسم فاعل‪ ،‬و ﴿ ألْوَان ُ ُ‬
‫ه ﴾ فاع ٌ‬ ‫ختَل ِ ٌ‬
‫م ْ‬
‫ُ‬
‫اسم فاعل‪ ،‬طبعًا الفاعل قال المصنف في تعريفه ( هو السم )‪ ،‬ومعنى‬
‫ذلك أنه يخرج من عندنا الفعل‪ ،‬فالفعل ل يكون فاعل‪ ،‬ويخرج من عندنا‬
‫ما‪ ،‬ثم قال‬‫الحرف‪ ،‬فالحرف ل يكون فاعل‪ ،‬فلبد أن يكون الفاعل اس ً‬
‫( المرفوع )‪ ،‬والمرفوع هذا حكم من أحكام الفاعل‪ ،‬وأحكامه سبعة كما‬
‫م من أحكام الفاعل‪ ،‬وكان الولى‬ ‫يذكرها بعض النحويين‪ ،‬فالمرفوع هذا حك ٌ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪85‬‬
‫أن يؤجل الحديث عن حكمه حتى ننتهي من تعريفه‪ ،‬لكن المصنف هذا‬
‫شأنه في كثيرٍ من البواب‪ ،‬وسيتبين ذلك إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫المهم أن السم المرفوع المذكور قبله فعله هو الفاعل‪ ،‬وطبعًا قد‬
‫حا مثل قولك "قام محمدٌ"‪ ،‬أو "حضر عبد الله"‪ ،‬وقد يكون‬ ‫ما صري ً‬ ‫يكون اس ً‬
‫ن" وما دخلت عليه‪،‬‬ ‫ن" وما دخلت عليه‪ ،‬أو "أ ّ‬ ‫ما مؤول‪ ،‬يعني أن يكون "أ ْ‬ ‫اس ً‬
‫أو "لو" وما دخلت عليه‪ ،‬يعني قد يكون مصدًرا مؤول‪ ،‬ومن ذلك قول الله‬
‫م ﴾ [العنكبوت‪،]51 :‬‬ ‫ب يُتْلَى ع َلَيْهِ ْ‬ ‫ك الْكِتَا َ‬‫م أَنَّا أَنَْزلْنَا ع َلَي ْ َ‬ ‫عز وج ّ َ‬
‫ل ﴿ أوَل َ ْ‬
‫م يَكْفِهِ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن وما دخلت‬ ‫ل به‪ ،‬الميم للجمع‪ ،‬وأ ّ‬ ‫فـ"يكفي" هذا فعل‪ ،‬والهاء هنا مفعو ٌ‬
‫عليها في تأويل المصدر فاعل‪ ،‬وتأويله والله أعلم "أولم يكفهم إنزالنا"‪،‬‬
‫حا وإنما هو مصدٌر مؤول‪.‬‬ ‫ما صري ً‬ ‫فالفاعل هنا ليس اس ً‬
‫ثم قال المصنف رحمه الله ( المذكور قبله فعله )‪ ،‬قد يكون الرافع‬
‫للفاعل فعل‪ ،‬كقولك حضر زيدٌ‪ ،‬وقد يكون الرافع له اسم فاعل كما ذكرنا‬
‫ختل ِ ٌ َ‬
‫ف ألْوَان ُ ُ‬
‫ه‬ ‫م ْ َ‬
‫ب ُ‬
‫شَرا ٌ‬ ‫ن بُطُونِهَا َ‬ ‫م ْ‬‫ج ِ‬‫خُر ُ‬ ‫ل ﴿ يَ ْ‬ ‫قبل قليل‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ل‪ ،‬والذي‬ ‫ه ﴾ هذا فاع ٌ‬ ‫ف ﴾ هذا اسم فاعل‪ ،‬و ﴿ ألْوَان ُ ُ‬ ‫ختَل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬
‫﴾ [النحل‪ ،]69 :‬فـ ﴿ ُ‬
‫عمل فيه الرفع هو اسم الفاعل‪ ،‬وقول المصنف ( المذكور قبله فعله ) هذا‬
‫ما على الفاعل وإل فل‬ ‫يشترطه البصريون أنه لبد أن يكون الفعل متقد ً‬
‫ت مثل "محمد ٌ حضر"‪ ،‬من الذي فعل الحضور؟‬ ‫يُعتبر فاعل‪ ،‬يعني إذا قل َ‬
‫طبعًا هو محمدٌ‪ ،‬لكنه ل يُعرب هنا فاعل‪ ،‬لنه تقدم على عامله‪ ،‬هذا هو‬
‫القول المعتد به‪ ،‬وإن كان الكوفيون يرون جواز تقديم الفاعل على فعله‪،‬‬
‫فيعربون "محمدٌ" هنا فاعل‪ ،‬ول يهمهم قوله متقدم‪ ،‬لكن الصواب والله‬
‫ض‪ ،‬والفاعل ضميٌر مستتٌر يعود‬ ‫أعلم أن "محمدٌ" هنا مبتدأ‪ ،‬و"قام" فعل ما ٍ‬
‫على محمد‪ ،‬والجملة هذه واقعة في محل رفع خبر المبتدأ "محمدٌ"‪.‬‬
‫قال المصنف ( وهو ) يعني الفاعل‪ ( ،‬على قسمين‪ :‬ظاهر‬
‫ما ظاهًرا‪ ،‬وأما‬ ‫ومضمر )‪ ،‬المقصود بقوله ( ظاهر ) يعني أنه يكون اس ً‬
‫المقصود بقوله إنه مضمر‪ ،‬فالمقصود به الضمائر‪ ،‬ثم قال المصنف رحمه‬
‫الله ( فالظاهر نحو قولِك‪ :‬قام زيدٌ‪ ،‬ويقوم زيدٌ‪،‬‬
‫م الَّزيدو َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن‪ ،‬وقا َ‬‫م الَّزيدا ِ‬ ‫وقام الَّزيدا ِ‬
‫ن‪ ،‬ويقو ُ‬
‫م الرجا ُ‬
‫ل )‪ ،‬أما‬ ‫ل‪ ،‬ويقو ُ‬‫ويقوم الَّزيدون‪ ،‬وقام الرجا ُ‬
‫م ظاهٌر مفرد‪ ،‬وأما قوله ( ويقوم زيد ٌ ) فل‬ ‫قوله ( قام زيد ٌ ) فالفاعل هنا اس ٌ‬
‫اختلف بينهما في الفاعل‪ ،‬وإنما الختلف في العامل‪ ،‬لن الول عامله فع ٌ‬
‫ل‬
‫ل مضارع‪ ،‬ول إشكال‪.‬‬ ‫ماض‪ ،‬والثاني عامله فع ٌ‬
‫ن ) هنا مثنى‪ ،‬والعامل الذي رفع‬ ‫ن )‪ ( ،‬الَّزيدا ِ‬‫ثالث المثلة ( وقام الَّزيدا ِ‬
‫م‬
‫ض‪ ،‬مثله قوله ( وقا َ‬ ‫ل ما ٍ‬ ‫ن ) هو قوله (قام)‪ ،‬وهو هنا فع ٌ‬ ‫قوله ( الَّزيدا ِ‬
‫ل ولكنه جمع‬ ‫ض‪ ،‬و ( الَّزيدو َ‬
‫ن ) فاع ٌ‬ ‫ل ما ٍ‬ ‫ضا فع ٌ‬ ‫ن )‪ ،‬فإن العامل هنا أي ً‬ ‫الَّزيدو َ‬
‫ل‪ ،‬وهو‬ ‫ن ) مثنى ومرفوع باللف‪ ،‬و( الَّزيدو َ‬
‫ن ) فاع ٌ‬ ‫مذكرٍ سالم‪ ( ،‬الَّزيدا ِ‬
‫ضا وعلمة رفعه الواو‪.‬‬ ‫مرفوع ٌ أي ً‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪86‬‬
‫أما قوله ( ويقوم الَّزيدون ) فهو من حيث الفاعل واحد‪ ،‬لن الفاعل هنا‬
‫جمع مذكر سالم مرفوع ٌ وعلمة رفعه الواو‪ ،‬أما عامله الذي رفعه فهو قوله‬
‫ل مضارع‪.‬‬ ‫( يقوم ) وهو هنا فع ٌ‬
‫ل ) هنا جمع‬ ‫ل )‪ ( ،‬الرجا ُ‬ ‫أما المثال الخامس فهو قوله ( وقام الرجا ُ‬
‫تكسير‪ ،‬وهو مرفوع ٌ وعلمة رفعه الضمة الظاهرة على آخره‪ ،‬والذي رفعه‬
‫ل ) لنه جمع تكسير‬ ‫م الرجا ُ‬ ‫ض‪ ،‬ومثله من حيث الفاعل قوله ( يقو ُ‬ ‫ل ما ٍ‬‫فع ٌ‬
‫ل مضارع‪ ،‬ول إشكال فيه‪ ،‬والحمد لله‬ ‫ضا‪ ،‬لكن العامل هنا تغير وهو أنه فع ٌ‬ ‫أي ً‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫وطبعًا ل يضير يا بني أن يكون الفاعل مذكًرا أو مؤنثًا‪ ،‬ول يضير أن‬
‫ة أو نكرة‪ ،‬كله واحد ل إشكال‪ ،‬فهذا حكمه أول أنه عمدة‪ ،‬حكمه‬ ‫يكون معرف ً‬
‫ثانيًا أنه مرفوع‪ ،‬حكمه ثالثًا أنه يأتي بعد العامل‪ ،‬والعامل قد يكون غير‬
‫ل‪ .‬أنبه هنا إلى شيءٍ آخر وهو أن الفاعل قد يجيء مجروًرا لفظًا ولكنه‬ ‫فع ٍ‬
‫مرفوع ٌ محل‪ ،‬وهذا في حالتين‪ :‬حالة يكون مجروًرا بحرف جرٍ زائد‪ ،‬نحو‬
‫قول الله عز وج ّ َ‬
‫شيرٍ ﴾ [المائدة‪ ،]19 :‬فـ ﴿ ب َ ِ ٍ‬
‫شير‬ ‫ن بَ ِ‬‫م ْ‬‫جاءَنَا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن تَقُولُوا َ‬‫ل﴿أ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن ﴾‪ ،‬مجروٌر لفظا مرفوع ٌ محل‪ ،‬لن حقه أن‬ ‫ً‬ ‫م ْ‬‫﴾ هنا فاعل‪ ،‬وهو مجروٌر بـ ﴿ ِ‬
‫َ‬
‫ل ﴿ وَكَفَى بِالل ّهِ َ‬ ‫يكون مرفوع ًا‪ ،‬ومثله قول الله عّز وج ّ‬
‫شهِيدًا ﴾ [النساء‪،]79 :‬‬
‫فلفظ الجللة هنا مرفوع ٌ‪ ،‬لنه فاعل لـ ﴿ كَفَى ﴾‪ ،‬ولكنه مجروٌر في اللفظ‬
‫بالباء الموجودة هذه‪.‬‬
‫ضا نوع ٌ آخر يكون الفاعل مجروًرا بإضافة المصدر إليه‪ ،‬ومنه‬ ‫ومنه أي ً‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫ت الْر ُ‬ ‫سد َ ِ‬‫ض لفَ َ‬ ‫ضه ُ ْ‬
‫م بِبَعْ ٍ‬ ‫ل ﴿ وَلوْل دَفْعُ َ اللهِ الن ّا َ‬
‫س بَعْ َ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [البقرة‪ ﴿ ،]251 :‬وَلَوَْل دَفْعُ الل ّهِ ﴾ الذي يدفع هو الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو‬
‫هنا فاعل‪ ،‬لكن مجروٌر لفظًا‪ ،‬ولك في إعرابه وجهان‪ ،‬أن تقول لفظ الجللة‬
‫هنا مضاف إليه مجرور وتسكت‪ ،‬ويمكن أن تقول لفظ الجللة هنا فاعل‬
‫مجروٌر لفظًا مرفوع ٌ محل من إضافة المصدر إلى عامله‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد قال المصنف بعد هذا من ضمن المثلة التي ذكرها للفاعل‪،‬‬
‫ك‪ ،‬ويقوم أخوك)‪ ،‬وهذان المثالن متشابهان من حيث‬ ‫م أخو َ‬ ‫قال ( وقا َ‬
‫الفاعل‪ ،‬لن الفاعل اسم من السماء الخمسة مرفوع وعلمة رفعه الواو‪،‬‬
‫ض‪ ،‬والعامل‬ ‫ل ما ٍ‬ ‫لكن الختلف بينهما في العامل‪ ،‬فالعامل في الول فع ٌ‬
‫ل مضارع‪ ،‬وهذه سهلة‪.‬‬ ‫في الثاني فع ٌ‬
‫ل يسير‪،‬‬ ‫م غُلمي )‪ ،‬فهذا فيه إشكا ٌ‬ ‫م غُلمي‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫أما قوله بعده ( وقا َ‬
‫وهو أن الفاعل هنا مضاف إلى ياء المتكلم‪ ،‬وقد ذكرنا أكثر من مرة أن‬
‫المضاف إلى ياء المتكلم لبد أن يكون ما قبل الياء فيه مكسوًرا‪ ،‬لذلك‬
‫نقول عند إعرابه إن كلمة غلم هنا فاعل مرفوع وعلمة رفعه ضمة مقدرة‬
‫على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة‪،‬‬
‫ض‪ ،‬و"يقوم" هذا‬ ‫و"قام" و"يقوم"‪" ،‬قام" هنا فعل ما ٍ‬
‫ل مضارع ٌ ول إشكال فيه والحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫فع ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪87‬‬
‫وقد ذكر المصنف في البداية أن الفاعل نوعان‪ ،‬ظاهٌر ومضمر‪،‬‬
‫وسترون هنا أن الضمائر التي ذكرها في أمثلته كلها ضمائر متصلة‪ ،‬هل‬
‫يأتي الفاعل ضميًرا منفصل؟ نعم‪ ،‬ولكنه لبد أن يوجد فاصل نحو قولك مثل‬
‫"ما قام إل هو"‪ ،‬و "ما قام إل أنت"‪ ،‬و"ما حضر إل أنا"‪ ،‬هذا هو الفاعل إذا‬
‫ل حتى يكون هو الفاعل‪ ،‬أما‬‫كان ضميًرا متصل لبد أن يوجد فيه فاص ٌ‬
‫المذكور هنا فهو كله ضمائر متصلة‪.‬‬
‫مر اثنا عشر‪ ،‬نحو قولك‪:‬‬ ‫مض َ‬ ‫قال المصنف ( وال ُ‬
‫ما ‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬وضربْت ُ َ‬ ‫ضَرب ْ ِ‬
‫ت‪ ،‬و َ‬
‫ضَرب ْ َ‬
‫ت‪ ،‬وضربْنَا‪ ،‬و َ‬ ‫ضرب ْ ُ‬‫َ‬
‫ضَربَا‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬و َ‬
‫ضَرب َ ْ‬ ‫ب‪ ،‬و َ‬
‫ضَر َ‬
‫ن‪ ،‬و َ‬ ‫وضربْتُم‪ ،‬وضَربْت ُ َّ‬
‫ن )‪ ،‬كل هذه الضمائر ظاهرة إل في موضٍع واحد‪،‬‬ ‫ضَرب ْ َ‬
‫ضَربُوا‪ ،‬و َ‬‫و َ‬
‫ب )‪ ،‬فإن فاعله ضميٌر مستتر‪ ،‬لكن البقية ظهر فيها‬ ‫ضَر َ‬
‫وهو قوله ( َ‬
‫ت )‪ ،‬فالتاء هنا ضمير المتكلم الواحد‪ ،‬وهو فاع ٌ‬
‫ل‬ ‫الفاعل‪ ،‬فنبدأ بقوله ( ضرب ُ‬
‫ي على الضم في محل رفع‪ ،‬والبقية كلها يا أيها الحباب مبينة في محل‬ ‫مبن ٌّ‬
‫رفع‪ ،‬لذلك ل نحتاج إلى تكرار هذا‪ ،‬لننا كما قلنا قبل إن الضمائر كلها مبنية‪.‬‬
‫و ( وضربْنَا )‪" ،‬نا" هنا هي "نا" الفاعلين‪ ،‬وتصلح للواحد المعظم نفسه‪،‬‬
‫ن ﴾ [الحجر‪،]9 :‬‬ ‫حافِظُو َ‬ ‫ذّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ‬
‫ه لَ َ‬ ‫ن نََّزلْنَا ال ِ‬ ‫ل ﴿ إِنَّا ن َ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫وهي في الصل ليست للواحد‪ ،‬لكنها لكثر من واحد‪ ،‬سواء كان المتكلم‬
‫اثنين أو أكثر‪ ،‬وسواء أكانا مذكرين أم مؤنثين أم ذكورا أم إناثا‪ ،‬فإن "نا"‬
‫ضا المعظم لنفسه‬ ‫تصلح للجميع‪ ،‬تصلح لما عدا الواحد‪ ،‬إل أن الواحد أي ً‬
‫ضا‪ ،‬هذه "نا"‪.‬‬ ‫تصلح له أي ً‬
‫ن ) فهذه كلها‬ ‫ما ‪ ،‬وضربْتُم‪ ،‬وضَربْت ُ َّ‬ ‫ت‪ ،‬وضربْت ُ َ‬ ‫ضَرب ْ ِ‬ ‫ت‪ ،‬و َ‬ ‫ضَرب ْ َ‬‫أما قوله ( َ‬
‫ت)‬ ‫ضَرب ْ ِ‬‫ضمائر المخاطب‪ ،‬أما الول فهو المفرد‪ ،‬وأما الثاني وهو ( َ‬
‫ما ) فهو للثنين‪ ،‬سواءٌ أكانا مذكرين أم مؤنثين‪ ،‬وأما‬ ‫فالمفردة‪ ،‬وأما ( ضربْت ُ َ‬
‫ن ) فهو لجماعة الناث‪.‬‬ ‫( ضربْتُم ) فهو لجماعة الذكور‪ ،‬وأما ( ضَربْت ُ َّ‬
‫ننتقل إلى ضمير الغيبة‪ ،‬أما ضمير الغيبة فقد ذكر المصنف فيه‬
‫ب ) في اللفظ الول‪ ،‬والفاعل هنا ليس ظاهًرا‪ ،‬وإنما هو مستتر‪ ،‬وهو‬ ‫ضَر َ‬‫( َ‬
‫ضمير تقديره "هو"‪ ،‬ولبد أن يكون هناك شيءٌ يعود إليه هذا الضمير‪ ،‬مثل‬
‫ضَربَا ) فاللف هنا للثنين‪ ،‬لو كان مؤنثًا لقال‬ ‫"محمد ٌ ضرب"‪ ،‬أما قوله ( َ‬
‫ن ) فهي لجماعة‬ ‫ضربتا‪ ،‬أما ( ضربوا ) فهي لجماعة الذكور‪ ،‬وأما ( ضرب ّ‬
‫الناث‪.‬‬
‫وكما ترون يا أيها الحباب أنبه إلى شيءٍ آخر‪ ،‬وهو أن الفعل الماضي‬
‫ي على‬ ‫ي عليه إما أن تكون مبن ٌ‬ ‫ي‪ ،‬والذي هو مبن ٌّ‬ ‫في هذه الوجه مبن ٌّ‬
‫ي على الفتح‬ ‫السكون لتصاله بضمير الرفع المتحرك‪ ،‬وإما أن تكون هو مبن ٌّ‬
‫سكّن آخره لتصاله بضمير الرفع المتحرك‪ ،‬وهذا أولى‪ ،‬لكن الثاني‬ ‫وإنما ُ‬
‫ب)‬‫ضَر َ‬
‫جائز‪ ،‬ول إشكال فيه‪ ،‬والثاني أسهل وأيسر‪ ،‬طبعًا إل في قوله ( َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪88‬‬
‫ي على الفتح لنه‬ ‫ي على الفتح ظاهر‪ ،‬وفي قوله ( ضربا ) هذا مبن ٌّ‬ ‫فهذا مبن ٌّ‬
‫لم يتصل بمتحرك‪ ،‬لن اللف هنا ساكنة‪.‬‬
‫هذا آخر ما يُقال في باب الفاعل‪ ،‬وإن كان فيه بعض الحكام‪ ،‬وهي من‬
‫حيث الصل في ترتيب الجملة الفعلية التي فيها فاعل‪ ،‬الصل أن يُبدأ‬
‫بالفعل ثم يُذكر الفاعل بعده ثم يُذكر المفعول به‪ ،‬وقد يُخالف هذا الصل‪،‬‬
‫وأحيانًا تكون المخالفة واجبة‪ ،‬وأحيانًا تكون المخالفة جائزة‪ ،‬وقد يُلتزم هذا‬
‫الصل وجوبًا‪.‬‬
‫أذكر لكم بعض هذه المواضع فقط ولن أطيل فيها‪ ،‬نبدأ بالتزام الصل‪،‬‬
‫التزام الصل إما جائز وإماواجب‪ ،‬فالجائز نحو قولك "أكرم محمد ٌ عليًّا"‪،‬‬
‫يمكن أن تقول "أكرم عليًّا محمدٌ"‪ ،‬ويمكن أن تقول "عليًّا أكرم محمدٌ"‪ ،‬ما‬
‫فيه إشكال‪ ،‬هذه صورة‪ ،‬وهذه صورة جائزة‪.‬‬
‫فيه صورة أخرى واجب التزام الصل‪ ،‬كقولك "أكرم موسى عيسى"‪،‬‬
‫لن الفاعل هنا ل تظهر عليه علمة أنه مرفوع‪ ،‬ول تظهر علمة النصب على‬
‫المفعول به‪ ،‬فإذا لم توجد في الكلم قرينة لفظية ول معنوية فإنه يجب‬
‫التزام الصل‪ ،‬يعني يجب أن يكون المتقدم في هذين اللفظين ـ أعني‬
‫موسى وعيسى ـ هو الفاعل‪ ،‬فإذا ظهر في الكلم ما ينبئ بأن المتقدم هو‬
‫المفعول به والفاعل هو المتأخر فل إشكال‪ ،‬مثل قولك "أرضعت الصغرى‬
‫الكبرى"‪ ،‬طبعًا المرضع هو "الكبرى"‪ ،‬هذه قرينة معنوية‪ ،‬ل مانع‪ ،‬و"أكل‬
‫الكمثرى موسى"‪ ،‬الكل هو موسى‪ ،‬ل مانع أن يتأخر لنه معروف‪" ،‬أكرم‬
‫ل عيسى"‪ ،‬عيسى أخرناه‪ ،‬لماذا مع أنه فاعل‪ ،‬ويوجد تشابه‬ ‫موسى العاق َ‬
‫ف بقوله‬ ‫والحركة غير ظاهرة؟ ل‪ ،‬فيه ظهور وهو أن موسى هذا موصو ٌ‬
‫العاقل‪ ،‬معنى هذا أن المتقدم مفعول به وأن الفاعل متأخر‪ ،‬هذا من ناحية‬
‫التزام الصل وعدم التزامه‪.‬‬
‫أحيانًا يجب توسط المفعول به بين الفعل والفاعل‪ ،‬يذكرون من‬
‫ت ﴾ [البقرة‪،]126 :‬‬ ‫ما ٍ‬ ‫ل ﴿ وَإِذ ِ ابْتَلَى إِبَْراهِي َ‬
‫م َرب ُّ ُ‬
‫ه بِكَل ِ َ‬ ‫شواهده قول الله عّز وج ّ‬
‫توسط المفعول به بين الفعل والفاعل وجوبًا‪ ،‬لم؟ لنك لو أخرت المفعول‬
‫به وأتيت بالترتيب فقلت في الكلم العادي "وإذ ابتلى ربُه إبراهيم" لعاد‬
‫الضمير في "ربه" على كلمة إبراهيم وهي متأخرة لفظًا ورتبة‪ ،‬وهذا ل‬
‫يجيزه معظم النحويين‪.‬‬
‫ومن مخالفة الصل وجوبًا‪ ،‬وذلك بتقديم المفعول به على الفعل‬
‫والفاعل أن يكون المفعول به من اللفاظ التي لها الصدارة‪ ،‬كأن يكون‬
‫اسم استفهام مثل‪ ،‬أو أن يكون اسم شرط‪ ،‬كقول الله عز وج ّ َ‬
‫ل ﴿ أيًّا َ‬
‫ما‬ ‫ّ‬
‫سنَى ﴾ [السراء‪ ﴿ ،]110 :‬أَيًّا ﴾ هنا مفعول به مقدم‬ ‫ح ْ‬‫ماءُ ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ه اْل ْ‬
‫س َ‬ ‫تَدْع ُوا فَل َ ُ‬
‫ضا‬
‫ل قابلت؟"‪ ،‬هذه أي ً‬ ‫وجوبًا‪ ،‬لم؟ لن أسماء الشرط لها الصدارة‪" ،‬أيّ رج ٍ‬
‫من اللفاظ التي لها الصدارة فيجب تقديمها‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪89‬‬
‫فإذ ًا في بعض الحيان يجب التزام الصل‪ ،‬في بعض الحيان يجب‬
‫مخالفة الصل‪ ،‬وفي بعض الحيان تكون المسألة جائزة‪ ،‬والحمد لله رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫بقي نقطة أخرى‪ ،‬لكن ربما يذكر المصنف هذا الكلم فيما بعد‪ ،‬لكن إن‬
‫ذكرها ما أعدنا شرحها‪ ،‬وإن لم يذكرها فنكون قد شرحناها‪ ،‬وهي أن‬
‫الفاعل قد يكون مؤنثًا‪ ،‬وقد يكون مؤنثًا تأنيثًا حقيقيًّا‪ ،‬فيجب أن تُلحق علمة‬
‫بالفعل تدل على أن الفاعل مؤنث‪ ،‬كقولك "أكرمت هند ٌ جارتها"‪ ،‬فالتاء في‬
‫ل عن‬ ‫"أكرمت" واجبة الذكر‪ ،‬لن "هند" مؤنث حقيقي التأنيث غير مفصو ٍ‬
‫عامله‪ .‬هل يجوز لنا مع كون الفاعل مؤنثًاحقيقي التأنيث أل نؤنث الفعل أو‬
‫أل نلحق به علمة دالة على التأنيث؟ نعم‪ ،‬لكن بشرط أن يُفصل بين الفعل‬
‫والفاعل‪ ،‬يعني يمكن أن تقول "أكرمت اليوم هند ٌ جارتها"‪ ،‬ويمكن أن تقول‬
‫"أكرم اليوم هند ٌ جارتها"‪ ،‬لن هند فُصلت عن العامل مع أنها مؤنث حقيقي‬
‫التأنيث‪.‬‬
‫وجه ثاني‪ ،‬وهو أنه إذا كان الفاعل مؤنثًا مجازي التأنيث فإن لك أن‬
‫ت الشجرة"‪ ،‬و"طلعت‬ ‫تؤنث الفعل ولك أن تذكره‪ ،‬فتقول مثل "نم ْ‬
‫الشمس"‪ ،‬ويمكن أن تقول "نمى الشجرة" و"طلع الشمس"‪ ،‬ول إشكال‬
‫فيه‪ ،‬إذ ًا إذا كان الفاعل مجازيًّ التأنيث أو كان الفاعل مؤنثًا مفصول عن‬
‫عامله جاز لك أن تؤنث الفعل وأن تذكره‪.‬‬
‫بقيت نقطة من أحكام الفاعل ضرورية جدًا‪ ،‬وهي أن الفاعل قد يكون‬
‫مثنًّى‪ ،‬وقد يكون مجموع ًا‪ ،‬فهل نلحق بالعامل علمة تدل على أن الفاعل‬
‫مثنًّى أو مجموع كما فعلنا مع المؤنث؟ الجواب أن الكثير في كلم العرب‬
‫أل يُلحق‪ ،‬وهذا هو الوارد في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وفي كثيرٍ مما ثبت عمن يُحتج بكلمهم‪ ،‬قال الله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حوًرا ﴾ [الفرقان‪،]8 :‬‬ ‫س ُ‬ ‫م ْ‬ ‫جًل َ‬ ‫ن إ ِ ّل َر ُ‬‫ن تَتَّبِعُو َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ل الظ ّال ِ ُ‬ ‫ل ﴿ وَقَا َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫سهِ‬ ‫ن نَفْ ِ‬‫مَرأة ُ الْعَزِيزِ تَُراوِد ُ فَتَاهَا ع َ ْ‬ ‫مدِينَةِ ا ْ‬ ‫سوة ٌ فِي ال ْ َ‬ ‫ل نِ ْ َ‬ ‫وقال سبحانه ﴿ وَقَا َ‬
‫﴾ [يوسف‪ ،]30 :‬فلم يرد هنا دللة على أن الفاعل جماعة‪ ،‬وقال الله سبحانه‬
‫َ‬ ‫خافُو َ‬ ‫َ‬
‫م الْبَا َ‬
‫ب‬ ‫خلُوا ع َلَيْهِ ُ‬ ‫ه ع َلَيْهِ َ‬
‫ما اد ْ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ن أنْعَ َ‬‫َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬
‫ن يَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جَل ِ‬‫ل َر ُ‬ ‫وتعالى ﴿ قَا َ‬
‫ن ﴾‪ ،‬ومع ذلك لم‬ ‫جَل ِ‬ ‫ل ﴾ مسند إلى مثنّى وهو ﴿ َر ُ‬ ‫﴾ [المائدة‪ ،]23 :‬فـ ﴿ قَا َ‬
‫يلحق بالفعل علمة تدل على أنه فاعل مثنى‪ ،‬وهذا هو الغالب الكثير من‬
‫كلم العرب‪.‬‬
‫ولكن قد ورد في القرآن الكريم وفي حديث الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم وفي بعض كلم العرب ـ وهو كثير ـ‪ ،‬لكنه ليس مقاربًا أبدًا لعدم ذكر‬
‫هذا‪ ،‬ورد إلحاق علمة تدل على أن الفاعل مثنى أو مجموع‪ ،‬ومنه قول الله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫موا ﴾ [النبياء‪ ،]3 :‬وقوله سبحانه ﴿ ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫جوَى ال ّذِي َ‬ ‫سُّروا الن َّ ْ‬ ‫ل ﴿ وَأ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫م ﴾ [المائدة‪ ،]71 :‬وقوله صلى الله عليه وسلم‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫موا كَثِيٌر ِ‬ ‫ص ُّ‬
‫موا وَ َ‬
‫عَ ُ‬
‫ة بالليل وملئكة بالنهار )‪ .‬وقول الشاعر‪:‬‬ ‫( يتعاقبون فيكم ملئك ٌ‬
‫يلومونني في اشتراء النخيل أهلي‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪90‬‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫أولى فأولى لك ذا وقيه‬ ‫ألفيتا عيناك عند القفا‬ ‫ُ‬
‫ضا‪:‬‬
‫وقول الشاعر أي ً‬
‫ألقحنها غُّر السحائـــب‬ ‫نتج الربيعُ محاسنـــاً‬
‫هذا كما ترون اتصل بالعامل هنا علمات تدل على أن الفاعل مثنى أو‬
‫ل‪ ،‬مادام ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى‪،‬‬ ‫مجموع‪ ،‬وهذا جائز‪ ،‬ولكنه قلي ٌ‬
‫وورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وفي المعتد به من كلم‬
‫العرب فنحن نستجيزه‪ ،‬ولكنه ليس كثيًرا‪ ،‬بل الغالب خلفه‪.‬‬
‫فنقف الن عند هذا الحد‪ ،‬ونستمع منكم السئلة إذا كان لديكم أسئلة‪،‬‬
‫أو أنا أسأل‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬قال المصنف رحمه الله ( الفاعل هو‬
‫السم المرفوع المذكور قبله فعله )‪ ،‬وقلنا أن المذكور قبله فعله هذا شرط‬
‫البصريين‪ ،‬وعلمنا أن المصنف رحمه الله من الكوفيين‪ ،‬فلم اختار هذا‬
‫الشرط؟‬
‫ل آخر‪ ،‬في "أكرمت هندٌ"‪ ،‬كيف يكون إعراب التاء هاهنا؟‬ ‫وسؤا ٌ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫أما سؤالك الول‪ ،‬وهو لماذا اتبع رأيَ البصريين في هذا الشأن‪ ،‬في‬
‫الحقيقة أن على القل حتى الكوفيون ليس الغالب عندهم أن يتقدم‪ ،‬لكنهم‬
‫يجيزونه جواًزا‪ ،‬يجيزون أن يتقدم الفاعل على عامله‪ ،‬ولكنه جواز وليس‬
‫هذا هو الغالب‪ ،‬فلعل هذا اتبع الغالب في كلم العرب وهو أن يتقدم العامل‬
‫ويتأخر عنه فاعله‪.‬‬
‫أما سؤالك الثاني وهو كيف نعرب نحو قولنا "أكرمت هند ٌ جارتها"‪،‬‬
‫فالتاء هنا بارك الله فيكم جميعًا هي حرف ل محل له من العراب‪ ،‬التاء تاء‬
‫التأنيث ل محل له من العراب‪ ،‬وما بعده هو الفاعل‪" ،‬أكرمت هندٌ"‪" ،‬هندٌ"‬
‫هي الفاعل‪ ،‬وأما هذه فأتي بها للدللة على أن الفاعل مؤنث‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ل متعلقٌ بنصب الجوازم‪ ،‬ذكرتم‬ ‫جزاكم الله خيًرا فضيلة الشيخ‪ ،‬سؤا ٌ‬
‫م على الصح وهذا الذي رجحتم‪ ،‬لكن وجدنا بعد الشراح‬ ‫في "إذما" أنها اس ٌ‬
‫ف على الصح‪ ،‬فهل لهذا الخلف سبب؟‬ ‫قال هي حر ٌ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ل رأيه في الترجيح‪ ،‬ولكن الذي دفعني إلى‬ ‫أول هذه مسألة خلفية فلك ٍ‬
‫ترجيح كون كلمة "إذما" اسم هو أن "إذ" وحدها إذا لم تلحقها "ما" باتفاق‬
‫اسم‪ ،‬فإذا لحقتها "ما" فل يضيرها ذلك‪ ،‬فتبقى على اسميتها‪ ،‬هذا هو الذي‬
‫ف يدل على الزمن الماضي‪ ،‬هذا هو‬ ‫م ظر ٌ‬ ‫دفعنى إلى ترجيح ذلك‪ ،‬وهي اس ٌ‬
‫السبب الذيدفعني إلى ترجيح هذا الجانب‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪91‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خيًرا‪ ،‬ذكر في الفاعل أنه مرفوع‪ ،‬فهل يمكن‬
‫القياس على بعض كلم العرب بأن جعلوا الفاعل منصوبًا كقولهم "كسر‬
‫ج الحجَر"‪ ،‬فهل يمكن القياس عليها؟‬ ‫الزجا ُ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫طبعًا ل يُقاس عليها‪ ،‬لن هذا أول لغة لبعض العرب‪ ،‬وهي لغة إذا‬
‫سمحنا بها فستضيع المسألة‪ ،‬فنحن ل نقيس عليها لن الصل في الفاعل‬
‫ج الحجَر"‪،‬‬‫ب المسماَر"‪ ،‬و"كسر الزجا ُ‬ ‫أنه مرفوع‪ ،‬لكن يقولون "خرق الثو ُ‬
‫يقولون إذا كانت المسألة واضحة جدًا أين الفاعل وأين المفعول فل مانع‬
‫من ذلك‪ ،‬لكن المسألة هي من ناحية الجواز فقط‪ ،‬ولكنها ليست قياسية‪،‬‬
‫سمع فيها‪ ،‬وإل لو فتحنا الباب فهانت المور جدًا‪.‬‬‫فنكتفي بما ُ‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ‪ ،‬ما تعريف المضمر؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ما‪ ،‬والضمائر ثلثة أنواع‪ ،‬إما ما يدل‬ ‫المضمر المقصود به الضمائر عمو ً‬
‫مخاطب" نحو "أنت"‪ ،‬وإما ما يدل‬ ‫على متكلم نحو "أنا"‪ ،‬وإما ما يدل على " ُ‬
‫على غائب نحو "هو"‪ ،‬فهذا هو الذي يُقال في تعريف الضمائر‪.‬‬
‫نكتفي بهذا القدر اليوم‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪.‬‬

‫الدرس العاشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ٍ وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪،‬‬
‫أريد أن أنبه إلى نقطة في الدرس الماضي وهي إذا ورد عندنا نحو قول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ظَل َ ُ‬
‫موا ﴾ [النبياء‪ ،]3 :‬فكيف نعربه؟‬ ‫جوَى ال ّذِي َ‬
‫سُّروا الن َّ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَأ َ‬
‫طبعًا هو الغالب أل يلحق بالفعل ما يدل على أن الفاعل مثنى ول مجموع‪،‬‬
‫ل وفي كلم الرسول صلى الله عليه‬ ‫هذا هو الغالب في كلم الله عّز وج ّ‬
‫وسلم وفي كل ما ورد عن العرب‪ ،‬لكن إذا ورد فكيف نعربه؟ المسألة في‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪92‬‬
‫هذا سهلة والحمد لله‪ ،‬لك ثلثة أوجه في العراب‪ ،‬ونطبق على قول الله‬
‫م ﴾ [المائدة‪:]71 :‬‬ ‫موا كَثِيٌر ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫ص ُّ‬
‫موا َو َ‬ ‫ل ﴿ ث ُ َّ‬
‫م عَ ُ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫الوجه الول‪ :‬أن تقول الواو هذه حرف يدل على أن الفاعل جماعة ل‬
‫محل له من العراب‪ ،‬والفاعل هو قول الله سبحانه ﴿ كَثِيٌر ﴾‪ ،‬هذا الوجه‬
‫الول‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن تقول ل‪ ،‬بل الواو هذه هي الفاعل‪ ،‬و ﴿ كَثِيٌر ﴾ بد ٌ‬
‫ل‬
‫منها‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن تقول ل‪ ،‬بل الواو هذه فاعل‪ ،‬والجملة وهي قوله ﴿‬
‫موا ﴾ خبر مقدم‪ ،‬و﴿ كَثِيٌر ﴾ مبتدأ مؤخر‪.‬‬ ‫عَ ُ‬
‫ل وليس‬ ‫هذا توجيه ما ورد من مثل هذا‪ ،‬وهو كما قلت أكثر من مرة قلي ٌ‬
‫يء وبعض أزد شنوءة‪ ،‬هو في‬ ‫ح جائز‪ ،‬وهو في لغة ط ِ ّ‬ ‫كثيًرا‪ ،‬ولكنه صحي ٌ‬
‫لغتهم مشهوٌر هذا‪ ،‬إلحاق علمة تدل على أن الفاعل مثنى أو مجموع‪ ،‬هذه‬
‫ة لبعض العرب‪ ،‬وهي جائزة صحيحة فصيحة‪ ،‬ولكنها ليست الغالبة‪،‬‬ ‫لغ ٌ‬
‫وليست الكثيرة بحسب ما ورد في الكلم المعتد به‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى باب النائب عن الفاعل‪ ،‬قال المصنف ( وهو السم‬
‫ه )‪ ،‬وفي رأيي أن هذا‬ ‫ع الذي لم يُذكَر معه فاعل ُ ُ‬ ‫المرفو ُ‬
‫ما عرفه قال هو‬ ‫التعريف ليس جامعًا ول مانعًا‪ ،‬أما كونه غير جامع‪ ،‬فإنه ل ّ‬
‫السم المرفوع‪ ،‬وليس كل أنواع النائب عن الفاعل تكون مرفوعة‪ ،‬بل‬
‫ينوب عن الفاعل أحيانًا الجار والمجرور‪ ،‬وأحيانًا الظرف‪ ،‬وأحيانًا المصدر‪،‬‬
‫ومع ذلك ل تكون مرفوعة‪ ،‬فليس كل ما ينوب عن الفاعل مرفوع ًا‪.‬‬
‫هذه واحدة‪ ،‬أما كونه غير مانع فإنهم يدخلوا في هذا التعريف نحو قولك‬
‫مثل "محمد ٌ حاضٌر"‪" ،‬محمد"ٌ مبتدأ وهو مرفوع‪ ،‬و"حاضٌر" خبر وهو مرفوع‪،‬‬
‫ولم يذكر مع كلمة "محمدٌ" فاعلها‪ ،‬ولذلك قد يدخل على هذا التعريف أن‬
‫تعرب كلمة "محمدٌ" هنا على أنها نائب فاعل لنه لم يُذكر معها فاعل‪ ،‬إذ ًا‬
‫حذف‬ ‫نقول هذا التعريف ليس جامعًا وليس مانعًا‪ ،‬لكن لو ذ ُكر مثل الذي إذا ُ‬
‫الفاعل ينوب غيره منابه مع تغييرٍ في الصيغة يمكن أن يكون هذا الكلم‬
‫مقبول‪.‬‬
‫وقد تتساءل‪ ،‬ألم تقل لنا يا أستاذ إن الفاعل عمدة‪ ،‬فلماذا نحذفه‬
‫وننيب غيره منابه؟ نقول ل يخلو أن يُحذف الفاعل وينوب غيره مقامه‬
‫لغراض‪ ،‬أحيانًا تكون الغراض لفظية‪ ،‬وأحيانًا تكون الغراض معنوية‪ ،‬أما‬
‫كون الغراض لفظية فكاستقامة الوزن في الشعر‪ ،‬ويُمثلون له بقول‬
‫العشى‪:‬‬
‫علقتها عرضا وعلقت رجل غيري وع ُلق أخرى غيرها الرجل‬
‫فـ "ع ُلق" هنا في مواضعها الثلثة قد بُنيت للمفعول لنه لو ذكر فقال‬
‫ض‬
‫ض لفظي‪ ،‬هناك غر ٌ‬ ‫"علقني الله بها" مثل‪ ،‬لنكسر الوزن عليه‪ ،‬فهذا غر ٌ‬
‫ي آخر‪ ،‬وذلك في السجع‪ ،‬إذا أرادوا استقامة السجعة فقد يحذفون‬ ‫لفظ ٌّ‬
‫حمدت‬ ‫الفاعل ويقيمون غيره مقامه‪ ،‬فمثل يقولون "من طابت سريرته ُ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪93‬‬
‫سيرته"‪ ،‬قالوا لو قالوا "حمد الناس سيرته" لكان هذا انتقضت عليه‬
‫السجعة لن الول هنا كما ترون "من طابت سريرته"‪ ،‬فستصير سيرته هذه‬
‫منصوبة‪ ،‬فسيقولون "حمد الناس سيرته" فتختل السجعة‪ ،‬هذان الغرضان‬
‫لفظيان‪ ،‬ويوجد هناك أغراض معنوية‪ ،‬وهي كثيرةُ‪ ،‬أذكر لكم بعضها‪.‬‬
‫أما من الغراض المعنوية فقد يكون ـ وهذا أغلب ما يكون ـ‪:‬‬
‫سرق المتاع"‪ ،‬لنك‬ ‫للجهل بالفاعل‪ ،‬الفاعل غير معروف‪ ،‬فتقول مثل " ُ‬
‫ما تعرف من السارق‪ ،‬فتحذف الفاعل وتقيم غيره مقامه‪ ،‬هذا الول‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الخوف من الفاعل‪ ،‬أنك لو ذكرت مثل "سرق زيد ٌ المتاع" لتى‬
‫الفاعل هذا وسرق متاعك‪.‬‬
‫سرق المتاع"‪ ،‬لنك لو‬ ‫ضا الخوف على الفاعل‪ ،‬وذلك في قولك مثل " ُ‬ ‫أي ً‬
‫ذكرت اسمه لتسلطت عليه الشرطة وأمسكته وقطعت يده على سبيل‬
‫المثال‪.‬‬
‫من ذلك مثل يقولون العلم بالفاعل‪ ،‬الفاعل معلوم ما يحتاج أنك تذكره‪،‬‬
‫ل ﴾ [النبياء‪ ،]37 :‬الخالق‬ ‫ج ٍ‬
‫ن عَ َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫خلِقَ اْلِن ْ َ‬
‫سا ُ‬ ‫ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ل﴿ ُ‬
‫ف فل تحتاج إلى ذكره‪.‬‬ ‫معرو ٌ‬
‫قالوا ومنهم‪ ،‬من الغراض المعنوية‪ ،‬تنزيه ذكر الفاعل مع المفعول به‪،‬‬
‫ل مع‬ ‫خلق الخنزير"‪ ،‬فتنزه أن تذكر اسم الله عّز وج ّ‬ ‫وذلك كقولك مثل " ُ‬
‫لفظ الخنزير‪ ،‬وهناك أغراض معنوية كثيرة يُحذف الفاعل من أجلها ويقوم‬
‫غيره مقامه‪.‬‬
‫اتفقنا على أنه يُحذف الفاعل غيره مقامه‪ ،‬فما الشياء التي تقوم‬
‫مقامه‪ ،‬أربعة أشياء‪:‬‬
‫الول‪ :‬المفعول به‪ ،‬وهو أكثر ما ينوب عن الفاعل‪ ،‬حتى يرى بعض‬
‫النحويين أنه إذا وُجد المفعول به في الكلم ل يجوز أن تنيب غيره مع‬
‫ي‬
‫ض َ‬‫ل ﴿ وَقُ ِ‬ ‫وجوده‪ ،‬سواءٌ تقدم المفعول به أم تأخر‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫حذف‬ ‫مُر ﴾ [البقرة‪ ،]210 :‬أصل الكلم والله أعلم "وقضى الله المر"‪ ،‬ف ُ‬ ‫اْل ْ‬
‫لفظ الجللة وهو الفاعل وأقيم المفعول به مقامه‪ ،‬ومنه قول الله سبحانه ﴿‬
‫ماءُ ﴾ [هـود‪ ،]44 :‬لو ذ ُكر الفاعل لقال‬ ‫ض ال ْ َ‬‫وَِغي َ‬
‫حذف‬ ‫ـ والله أعلم قد يكون هذا هو التقدير ـ "وغاض الله الماء"‪ ،‬لكن ُ‬
‫الفاعل وأُقيم غيره مقامه وهو المفعول به هنا‪ ،‬فإذا وُجد المفعول به فهو‬
‫ما‪ ،‬وهذا هو الغالب الكثير أنه هو الذي ينوب عن‬ ‫ينوب عن الفاعل مقد ً‬
‫الفاعل‪ ،‬المفعول به ‪.‬‬
‫ف في بعضها ثلثة أمور‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫ضا على خل ٍ‬ ‫وينوب عنه أي ً‬
‫‪ - 1‬المجرور‪ ،‬وبعضهم يرى أنه الجار والمجرور‪.‬‬
‫‪ - 2‬الظرف المتصرف المختص‪.‬‬
‫‪ - 3‬المصدر المتصرف المختص‪.‬‬
‫نبدأ بالمجرور‪ ،‬المجرور فيه خلف في إنابته عن الفاعل‪ ،‬بعضهم ل يرى‬
‫ما‬‫ل ﴿ وَل َ َّ‬ ‫أنه نيابته عنه‪ ،‬ولكنه قد ورد في القرآن الكريم قول الله عّز وج ّ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪94‬‬
‫م ﴾ [العـراف‪ ،]149 :‬فبعض المعربين يرون أن الجار‬ ‫َ‬ ‫سقِ َ‬
‫ط فِي أيْدِيهِ ْ‬ ‫ُ‬
‫والمجرور نائبان عن الفاعل‪ ،‬لكن المانعون يقولون ل‪ ،‬النائب عن الفاعل‬
‫ما‬‫سقط‪ ،‬فيقدرون "فل ّ‬ ‫مقدر‪ ،‬وهو ضمير يعود على المصدر المفهوم من ُ‬
‫ما من قوله ﴿‬ ‫سقط هو" أي السقوط‪ ،‬من أين أخذتم السقوط؟ قالوا مفهو ً‬ ‫ُ‬
‫ط ﴾‪ ،‬هؤلء المانعون‪،‬‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬
‫س ِ‬ ‫م ﴾ جار ومجرور متعلق بـ ﴿ ُ‬ ‫ط ﴾‪ ،‬و ﴿ فِي أيْدِيهِ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ُ‬
‫لكن الصواب والله أعلم أنه يجوز نيابة الجار والمجرور عن الفاعل‪ ،‬هذا هو‬
‫النوع الثاني‪.‬‬
‫أما النوع الثالث‪ :‬الذي ينوب عن الفاعل فهو الظرف‪ ،‬لكن اشترطوا‬
‫صا‪ ،‬أن يكون متصرفًا يعني أل يلزم‬ ‫فيه أن يكون متصرفًا وأن يكون مخت ًّ‬
‫ما منصوبًا على الظرفية من "حيث"‬ ‫النصب على الظرفية‪ ،‬فإن كان دائ ً‬
‫و"إذ" و"إذا" فإنه ل يجوز أن ينوب عن الفاعل‪ ،‬هذا هو المقصود بالتصرف‪،‬‬
‫ف متصرف؟ نعم‪ ،‬مثل كلمة "يوم"‪" ،‬يوم" هذه تقع‬ ‫إذ ًا‪ ،‬فهل هناك ظر ٌ‬
‫مبتدءًا‪ ،‬وتقع خبًرا‪ ،‬وتقع فاعل‪ ،‬وتقع غير ذلك من أنواع العرابات‪ ،‬قال الله‬
‫ما ﴾ هنا‬‫و ً‬
‫ستَطِيًرا ﴾ [النسان‪ ﴿ ،]7 :‬ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫شُّره ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما كَا َ‬
‫ن يَوْ ً‬‫خافُو َ‬ ‫ل ﴿ وَي َ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ك"‪ ،‬تصير‬ ‫م مبار ٌ‬ ‫صارت مفعول به وليست ظرفًا‪ ،‬وتقول "يوم الجمعة يو ٌ‬
‫مبتدأ وخبر‪ ،‬وتقول "أعجبني يوم الجمعة" فتكون فاعل‪ ،‬إذ ًا هي متصرفة‪،‬‬
‫فيجوز أن تنوب عن الفاعل‪ ،‬هذا هو المقصود بالتصرف‪ ،‬التصرف هو أن‬
‫ت أخرى‪.‬‬ ‫يخرج عن النصب على الظرفية إعرابا ٍ‬
‫صا‪ ،‬فالختصاص‬ ‫أما الختصاص‪ ،‬هم اشترطوا أن يكون متصرفًا مخت ً‬
‫يكون بواحدٍ من أربعة أمور‪ ،‬إما بأن يكون موصوفًا كقولك مثل "صيم يو ٌ‬
‫م‬
‫م الخميس"‪ ،‬وإما‬ ‫حاٌّر"‪ ،‬هذا موصوف‪ ،‬وإما أن يكون مضافًا كقولك "صيم يو ُ‬
‫ن"‪ ،‬وإما أن يكون ـ بارك الله فيك ـ‬ ‫ما كقولك "صيم رمضا ُ‬ ‫أن يكون عل ً‬
‫مقترنًا بـ "أل" العهدية‪ ،‬كأن يكون بينك وبين بعض إخوانك أو المخاطب‬
‫حديث عن يوم الثنين مثل فتقول "صيم اليوم"‪ ،‬المقصود باليوم هذا هو‬
‫مخاطب‪ ،‬حينئذ ٍ يجوز‪ ،‬فلبد لنيابة الظرف عن الفاعل‬ ‫المعهود بينك وبين ال ُ‬
‫صا‪ ،‬والتصرف قد وضحناه‪ ،‬والختصاص قد‬ ‫أن يكون متصرفًا وأن يكون مخت ً‬
‫وضحناه‪.‬‬
‫صا‪ ،‬نمثل‬ ‫وكذلك يُشترط في المصدر أن يكون متصرفًا وأن يكون مخت ً‬
‫حدَة ٌ ﴾ [الحاقة‪:‬‬ ‫ة وَا ِ‬‫خ ٌ‬ ‫صورِ نَفْ َ‬‫خ فِي ال ُّ‬ ‫ف َ‬‫ل ﴿ فَإِذ َا ن ُ ِ‬‫له أول‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ة ﴾ هنا نائب عن الفاعل‪ ،‬وهي مصدر‪ ،‬والمصدر هنا متصرف‪ ،‬لنه‬ ‫خ ٌ‬
‫‪ ﴿ ،]13‬نَفْ َ‬
‫ب على الظرف‪ ،‬يمكن أن يكون مبتدءًا‪ ،‬يمكن أن‬ ‫يمكن أن يكون غير منصو ٍ‬
‫ة ﴾ يمكن أن تكون كذلك‪،‬‬ ‫خ ٌ‬
‫يكون خبًرا‪ ،‬مثل ما قلنا في الظرف‪ ،‬كلمة ﴿ نَفْ َ‬
‫هذا من ناحية التصرف‪ ،‬ونذكر بعض المصادر غير متصرفة‪ ،‬كلمة "سبحان"‪،‬‬
‫م على التسبيح‪ ،‬هذه ليست متصرفة لنها ل تجئ إل منصوبة على‬ ‫هذه عل ٌ‬
‫الظرفية‪ ،‬كلمة "معاذ الله"‪"،‬معاذ الله" هذه ملزمة للنصب على المصدرية‪،‬‬
‫فل يمكن أن تنيبها عن الفاعل‪ ،‬هاتان الكلمتان ل تنوبان عن الفاعل لنهما‬
‫ملتزمتان النصب على المصدرية‪ ،‬أما إذا كانت الكلمة صالحة لن تكون‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪95‬‬
‫مبتدءًا وخبًرا وفاعل ومفعول به وفي مواضع العراب المختلفة فل مانع أن‬
‫ة ﴾ في هذه الية الكريمة‪ ،‬هذا بالنسبة‬ ‫خ ٌ‬‫تنيبها عن الفاعل‪ ،‬ككلمة ﴿ نَفْ َ‬
‫للتصرف‪.‬‬
‫أما الختصاص يا أيها الحباب فكما قلنا قبل قليل في الشياء التي‬
‫تكون فيها مختصة‪ ،‬وذلك بأن يكون إما موصوفًا وإما مضافًا وإما مقترنًا بـ‬
‫"أل" العهدية‪ ،‬ول يوجد عندنا مصدر علم إل كلمة سبحان كما قلنا قبل قليل‬
‫م على التسبيح وما شاكلها‪ ،‬يعني توجد مصادر قليلة أعلم‪ ،‬لكنها ما‬ ‫فهي عل ٌ‬
‫تصلح نيابة عن الفاعل لنها ملزمة للنصب على الظرفية‪ ،‬يعني تنتقل من‬
‫ب شديدٌ"‪ ،‬وإما مضاف كقولك‬ ‫ضرب ضر ٌ‬ ‫ناحية أخرى‪ .‬فإذ ًا لبد أن تقول " ُ‬
‫ضرب ضرب المير" أو "ضرب السلطان" أو "ضرب القوي"‪ ،‬وإما مقترنًا‬ ‫" ُ‬
‫بـ "أل" العهدية بأن يكون بينك وبين المخاطب مثل عهد عن ضرب‬
‫ضرب الضرب"‪ ،‬يعني‬ ‫ب ما‪ ،‬فتقول له " ُ‬‫المعروف‪ ،‬أو تتحدثون عن ضر ٍ‬
‫الذي بيني وبينك العهد فيه‪.‬‬
‫هذه الشياء هي التي تنوب عن الفاعل‪ ،‬أعيدها إجمال مرة ً ثانية‪،‬‬
‫المفعول به‪ ،‬وهذا إذا وجد ل ينوب غيره منابه في بعض أقوال النحويين‪ ،‬ل‬
‫ف في‬ ‫ينوب غيره إل هو الذي ينوب فقط‪ ،‬والثاني الجار والمجرور على خل ٍ‬
‫ذلك‪ ،‬والثالث هو الظرف المتصرف المختص‪ ،‬والربع هو المصدر المتصرف‬
‫المختص‪ ،‬ونكون بهذا أنهينا الحديث في باب النائب عن الفاعل‪ .‬بل في‬
‫هذه الجزئية الولى في باب النائب عن الفاعل لن المصنف سيتحدث بعد‬
‫قليل في موضوع آخر وهو أنه إذا حذفت الفاعل وأقمت غيره مقامه فلبد‬
‫أن تغير صيغة الفعل‪ ،‬وإل فكل شيء يبقى على حاله‪ ،‬وذلك في قول‬
‫ُ‬ ‫م أَ‬ ‫ن اَل ْ ِ‬
‫ما‬ ‫سَر َ‬ ‫وك ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫ض َّ ّ‬ ‫ضيًا ُ‬‫ما ِ‬‫ل َ‬‫ع ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫المصنف ( َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫ُ‬ ‫م أَ‬
‫ما َ‬
‫قب ْ َ‬
‫ل‬ ‫ح َ‬ ‫و ُ‬
‫فت ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫ض َّ ّ‬‫عا ُ‬
‫ر ً‬
‫ضا ِ‬
‫م َ‬ ‫ن كَا َ‬
‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ه‪َ ,‬‬
‫ر ِ‬
‫خ ِ‬
‫لآ ِ‬ ‫قب ْ َ‬‫َ‬
‫ه )‪ ،‬هذه التغييرات لزمة في الفعل إذا بنيته للمفعول‪ ،‬أو بعبارة‬‫ر ِ‬‫خ ِ‬‫آ ِ‬
‫أخرى إذا جعلت الكلم على حذف الفاعل وإنابة غيره منابه‪ ،‬فلبد أن تفعل‬
‫الشياء التية‪:‬‬
‫أول‪ :‬لبد أن ننظر إلى الفعل الماضي‪ ،‬أما الفعل الماضي بارك الله‬
‫َ‬
‫م" تقول فيه‬ ‫فيكم فإنك تضم أوله وتكسر ما قبل آخره‪ ،‬فتقول "أكَْر َ‬
‫م"‪ ،‬وفي "استخرج" تقول "استُخرِج"‪ ،‬وفي "نَظََر" تقول "نُظَِر"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫"أكْر ْ‬
‫ب"‪ ،‬وفي "جاهد" "جوهد"‪ ،‬وفي "بايَع" "بويِع"‪،‬‬ ‫ضر َ‬
‫ب" " ُ ِ‬
‫ضَر َ‬
‫وتقول في " َ‬
‫وهكذا‪ ،‬وفي "باع" ماذا تقول؟ تضم أوله أم تكسر أوله؟ وفي قال تقول‬
‫"قول" أم تقول "قيل"‪ ،‬بارك الله فيك‪ ،‬الكثير من لغات العرب أن يكسروا‬
‫الول بدل ضمه في "باع" و"قال"‪ ،‬فيقولون "قيل" و"بيع"‪ ،‬هذا الكثير في‬
‫ما ويقلب الياء واوًا‪ ،‬والواو‬‫كلمهم‪ ،‬ولكن بعض العرب يُبقي أوله مضمو ً‬
‫تبقى على حالها‪ ،‬فيقول في "باع" "بوع"‪ ،‬ويقول في "حاك" "حوك"‪،‬‬
‫ويقول في "صام" "صوم"‪ ،‬وفيه لغة ثالثة ولكنها قليلة وهي ما يسمونه‬
‫بالشمام‪ ،‬أن تُشم الكسر شيئًا يسيًرا من الضم‪.‬‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪96‬‬
‫نعود إلى شواهد هذه اللغة القليلة‪ ،‬لننا نستشهد للقليل‪ ،‬أما الكثير فهو‬
‫موجود ول إشكال فيه‪ ،‬يقولون مما ورد في ذلك قولهم‪:‬‬
‫ت شبابًا بوع فاشتريت‬ ‫لي َ‬ ‫ت وهل ينفع شيئًا لي ُ‬
‫ت‬ ‫لي َ‬
‫الكثير فيه طبعًا "بيع"‪ ،‬ولكنه ورد في هذا الشاهد "بوع"‪ ،‬يعني بإبقاء‬
‫ح؟ نعم‪ ،‬ل إشكال فيه لكنه‬ ‫ما وبقلب الياء واوًا‪ ،‬هل هذا صحي ٌ‬ ‫الول مضمو ً‬
‫ضا من شواهده قول الشاعر‪:‬‬ ‫ليس هو الغالب‪ ،‬وقالوا أي ً‬
‫تختبط الشوك ول تُشا ُ‬
‫ك‬ ‫حوكت على نيرين إذ تُحا ُ‬
‫ك‬
‫"حوكت"‪ ،‬والكثير فيها أن يُقال "حيكت"‪ ،‬هذا هو النظر للفعل الماضي‪،‬‬
‫النظر للفعل الماضي أنه يُضم أوله ويُكسر ما قبل آخره‪ ،‬إل إن كان أجوف‪،‬‬
‫نحو "قال" و"باع"‪ ،‬فإن حقه أن يُكسر أوله في أكثر كلم العرب‪ ،‬فيُقال في‬
‫"باع" "بيع"‪ ،‬وأن يُقال في "صام" "صيم"‪ ،‬وأن يُقال في "قال" "قيل"‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬هذا الفعل الماضي‪ ،‬وقد يُضاف إلى هذا بعض الشياء‪ ،‬لكن طالما‬
‫أن المصنف ما تحدث عنها نحن نتركها‪.‬‬
‫ضا يُضم أوله‪ ،‬لكن يُفتح ما قبل آخره‪،‬‬ ‫إذا كان الفعل مضارع ًا فإنه أي ً‬
‫ج"‪ ،‬ونقول في "يَنطلِق" "يُنطلقُ"‪،‬‬ ‫فنقول مثل في "يَستخرِج" "يُستخر ُ‬
‫م" نقول فيه‬ ‫ب" نقول فيه "يُضرب"‪ ،‬ونقول في "يَكْرِ ُ‬ ‫ونقول في "يَضر ُ‬
‫م"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬الفعل المضارع يُضم أوله ويُفتح ما قبل آخره‪ ،‬و"يبيع"‬ ‫"يُكر ُ‬
‫كيف نقول فيها؟ و"يقوم" كيف نقول فيها؟ و"يصوم" كيف نقول فيها؟‬
‫نقول في "يبيع" "يُباع"‪ ،‬ونقول في "يصوم" "يُصام"‪ ،‬ونقول في "يقول"‬
‫"يُقال"‪ ،‬وهذه علل صرفية تحدث لبعض حروف العلة‪ ،‬فتنقلب إلى حرف‬
‫آخر‪ ،‬وهذا الذي يُقال فيما يحصل من تغييرات إذا بنينا الفعل للمفعول‪.‬‬
‫وأنبه قبل الخروج من هذه القضية إلى أن بعضهم يقول إذا طلبت منه‬
‫إعراب نحو "أُكرم عبد الله"‪ ،‬يقول "أُكرم" فعل ماضي مبني للمجهول‪،‬‬
‫والحقيقة أن هذا تعبير جائز لكنه ليس أقوى من الذي أذكره لكم بعد قليل‪،‬‬
‫ما يكون‬ ‫يعني القوى أن تقول فعل ماضي مبني للمفعول‪ ،‬لنه ليس دائ ً‬
‫ل‬
‫ج ٍ‬‫ن عَ َ‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫سا ُ‬ ‫خلِقَ اْلِن ْ َ‬
‫ل﴿ ُ‬ ‫الفاعل مجهول‪ ،‬ففي نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [النبياء‪ ،]37 :‬هل تستطيع أن تقول الفاعل مجهول هنا‪،‬‬
‫طبعًا ليس مجهول‪ ،‬فتقول هذا الفعل مبني للمفعول‪.‬‬
‫تقول مبني للمفعول‪ ،‬لكن أحيانًا ينوب غير المفعول به‪ ،‬كأن ينوب‬
‫الظرف أو ينوب المصدر‪ ،‬أو ينوب الجار والمجرور‪ ،‬فما مخرجك؟ مخرجي‬
‫سهل والحمد لله‪ ،‬كل هذه مفعولت‪ ،‬المفعول به خلص قول واحدًا‪،‬‬
‫المصدر مفعول مطلق‪ ،‬الظرف مفعول فيه‪ ،‬بقي المجرور فقط‪ ،‬المجرور‬
‫أصله مفعول به‪ ،‬لكن الفعل لم يتعد إليه‪ ،‬فعدي بحرف الجر‪ ،‬بواسطة‬
‫حرف الجر‪ ،‬فكلها مفعول‪ ،‬معنى هذا أنه سلم لنا قولنا مبني للمفعول‪ ،‬وهو‬
‫ي للمجهول‪ ،‬وأظن هذا واضح‪،‬‬ ‫أولى من إعراب بعضهم أن الفعل مبن ٌّ‬
‫والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪97‬‬
‫ر‪,‬‬ ‫ن ظَا ِ‬
‫ه ٍ‬ ‫مي ْ ِ‬
‫س َ‬
‫ق ْ‬ ‫علَى ِ‬‫و َ‬‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ننتقل إلى قول المصنف ( َ‬
‫ما ظاهًرا وقد يكون‬ ‫ر )‪ ،‬يعني أن نائب الفاعل قد يكون اس ً‬
‫م ٍ‬
‫ض َ‬
‫م ْ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫ضرب زيدٌ"‪ ،‬و"يُضرب‬ ‫ضميًرا‪ ،‬ننظر إلى أمثلته‪ ،‬أما أمثلته فنحو قولك " ُ‬
‫زيدٌ"‪ ،‬و"أكرم عمٌرو"‪ ،‬و"يُكرم عمٌرو"‪ ،‬هذه بعض المثلة النائب عن الفاعل‬
‫فيها اسم مفرد ظاهر‪ ،‬أما العامل فأحيانًا يكون ماضيًا وأحيانًا يكون‬
‫مضارع ًا‪ ،‬هل يكون أمًرا؟ الجواب ل‪ ،‬ل يُبنى الفعل للمفعول إل في هذين‬
‫ما تحدثنا‬ ‫الثنين في الماضي والمضارع‪ ،‬ول يوجد في فعل المر‪ ،‬ولذلك ل ّ‬
‫عن التغييرات التي تحصل لم نذكر فعل المر‪ ،‬وإنما ذكرنا الفعل الماضي‬
‫ضرب زيدٌ"‪،‬‬ ‫فقلنا كذا‪ ،‬وقلنا الفعل المضارع يُفعل به كذا‪ ،‬فننظر إلى قوله " ُ‬
‫"زيدٌ" نائب عن الفاعل‪" ،‬يُضرب زيدٌ" "زيدٌ" نائب عن الفاعل‪" ،‬عمٌرو"‬
‫م"‪ ،‬لكن الفعل الذي قبلها فعل مبني‬ ‫ُ‬
‫كذلك نائب عن الفاعل‪" ،‬أكرم" و"يُكر ُ‬
‫للمفعول‪ ،‬وهو أولى‪ ،‬ولو قلت مبني للمجهول ما فيه إشكال‪ ،‬لن أكثر ما‬
‫يُبنى هذا الفعل يبنى للمجهول‪ ،‬أكثر ما يؤتي بهذه الصيغة لن الفاعل‬
‫مجهول‪ ،‬هذه أكثر بدون شك‪ ،‬لكن لو قلت على التعبير الذي ذكرته لك فهو‬
‫أولى من ناحية الولوية‪ ،‬ويلزم أحيانًا‪.‬‬
‫ر )‪ ،‬لنه‬ ‫ش َ‬ ‫ع َ‬‫مُر اِثْنَا َ‬‫ض َ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ثم قال المصنف رحمن الله وإياه ( َ‬
‫هنا سيذكر لكم ضمير المتكلم‪ ،‬ويذكر‬
‫مُر‬
‫ض َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ضمير المخاطب‪ ،‬ويذكر ضمير الغائب‪ ،‬فقال رحمه الله ( َ‬
‫ت‬‫رب ْ ُ‬‫ض ِ‬‫ك" ُ‬ ‫ول ِ َ‬
‫ق ْ‬‫و َ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫اِثْنَا َ‬
‫ربْت ُ ْ‬
‫م‪,‬‬ ‫ض ِ‬
‫و ُ‬‫ما‪َ ,‬‬‫ربْت ُ َ‬‫ض ِ‬‫و ُ‬‫ت‪َ ,‬‬ ‫رب ْ ِ‬‫ض ِ‬‫و ُ‬ ‫ت‪َ ,‬‬ ‫رب ْ َ‬‫ض ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ربْنَا‪َ ,‬‬ ‫ض ِ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫ربُوا‪,‬‬‫ض ِ‬‫و ُ‬
‫ربَا‪َ ,‬‬ ‫ض ِ‬‫و ُ‬‫ت‪َ ,‬‬ ‫رب َ ْ‬ ‫ض ِ‬‫و ُ‬ ‫ب‪َ ,‬‬ ‫ر َ‬ ‫ض ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ن‪َ ,‬‬ ‫ربْت ُ َّ‬
‫ض ِ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ضربن" )‪ ،‬هذه بالنسبة للغائب‪ ،‬أقول المذكور عندي هنا هو ( ُ ِ‬
‫ضرب ْ ُ‬
‫ت)‬ ‫و ُ‬
‫ضرِبْنَا ) تاء المتكلم المفرد‪ ،‬و"نا" لغير المفرد‬
‫التاء هنا نائبة عن الفاعل‪ ( ،‬و ُ‬
‫من المتكلمين أو المتكلميْن أو المتكلمات أو المتكلمتين‪ ،‬يعني يجوز‬
‫ت" هذا للمخاطب‪،‬‬ ‫ضرب َ‬
‫للمذكر والمؤنث لما عدا الواحد‪ ،‬ونحو قولك " ُ‬
‫ن"‪.‬‬‫ضربت ّ‬
‫ضربتم" و" ُ‬ ‫ضربتما"‪ ،‬و" ُ‬‫ت" و" ُ‬ ‫ضرب ِ‬‫و" ُ‬
‫ضربوا"‪،‬‬
‫ضربا"‪ ،‬و"ضربتا"‪ ،‬و" ُ‬ ‫ت"‪ ،‬و" ُ‬‫ضرب ْ‬ ‫ب"‪ ،‬و" ُ‬
‫ضر َ‬‫ضا يُقال " ُ‬
‫وأي ً‬
‫ضربا" هذان‬‫ت" هذه الواحدة‪ ،‬و" ُ‬ ‫ضرب ْ‬
‫ب" هذا للواحد‪ ،‬و" ُ‬ ‫ضر َ‬
‫ن"‪ُ " ،‬‬ ‫ضرب ّ‬‫و" ُ‬
‫ن" للغائبات‪،‬‬‫ضرب ّ‬
‫ضربوا" للغائبين‪ ،‬و" ُ‬‫الثنان‪ ،‬و"ضربتا" طبعًا للغائبتين‪ ،‬و" ُ‬
‫والله أعلم بالصواب‪ ،‬هذا آخر ما يُقال في باب النائب عن الفاعل‪.‬‬
‫ب‬‫وننتقل الن إلى باب المبتدأ والخبر‪ ،‬قال المصنف رحمه الله ( بَا ُ‬
‫ُ‬
‫ري‬ ‫ع اَل ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫م اَل ْ َ‬
‫مْر ُ‬
‫فو ُ‬ ‫مبْتَدَأ ‪ :‬هو اَِل ْ‬
‫س ُ‬ ‫ر‪ َ :‬اَل ْ ُ‬
‫خب َ ِ‬‫وال ْ َ‬
‫مبْتَدَأ ِ َ‬‫اَل ْ ُ‬
‫فظِي َّ ِ‬
‫ة )‪.‬‬ ‫ل اَلل ّ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن اَل ْ َ‬
‫ع َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ة‪ ،‬ول يكون حر ًفا‪،‬‬ ‫ما‪ ،‬ول يكون فعل‪ ،‬ول يكون جمل ً‬ ‫المبتدأ ل يكون إل اس ً‬
‫َ‬
‫ل اَلل ّفْظِيَّةِ )‪،‬‬ ‫ن اَلْعَوَا ِ‬
‫م ِ‬ ‫مْرفُوع ُ ) حق المبتدأ أن يكون مرفوع ًا‪ ( ،‬اَلْعَارِي ع َ ْ‬
‫( اَل ْ َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪98‬‬
‫يُخرج بقوله ( اَلْعَارِي ) أن يتقدم عليه مثل حرف جر‪ ،‬أو أن يتقدم عليه إن‬
‫ن وأخواتها‪،‬‬ ‫وأخواتها‪ ،‬وأن يتقدم عليه كان وأخواتها‪ ،‬أو أن يتقدم عليه ظ ّ‬
‫فإنه سوف يتغير الحكم‪ ،‬أما تقدم الجار عليه فأحيانًا ل يتغير إل قليل‪ ،‬نحو‬
‫م"‪ ،‬فالباء هنا يقولون حرف جار زائد‪ ،‬و"حسب" هنا‬ ‫قولك مثل "بحسبك دره ٌ‬
‫م خبر‪ ،‬فهو هنا لم يعر عن‬ ‫مجرور لفظًا مرفوع ٌ محل لنه مبتدأ‪ ،‬ودره ٌ‬
‫العوامل اللفظية‪ ،‬لكن الحرف الموجود هنا حرف جر زائد‪ ،‬لكن لو كان‬
‫حرف جر أصليًّا لما جاز لنا أن نعربه مبتدأ‪ ،‬لنه لبد أن يعرو عن العوامل‬
‫اللفظية‪.‬‬
‫ن وأخواتها‪ ،‬يتغير الحكم‬ ‫مما يمكن أن يُنظر فيه من العوامل اللفظية إ ّ‬
‫ن‪ ،‬كان وأخواتها كذلك‪ ،‬ل‬ ‫حينئذٍ‪ ،‬ما يصير تعربه مبتدأ‪ ،‬يصير تعربه اسم إ ّ‬
‫تعربه مبتدءًا وإنما تعربه اسم كان‪ ،‬ظن وأخواتها كذلك ما تعربه مبتدءًا‬
‫وإنما تعربه مفعول أول‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ما‬‫حا‪ ،‬وأحيانًا يكون اس ً‬ ‫ما صري ً‬ ‫في بعض الحيان يا إخواني ل يصير اس ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شدَّاءُ ع َلَى‬‫هأ ِ‬ ‫معَ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ وَالذِي َ‬‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫ح َّ‬
‫مد ٌ َر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل﴿ ُ‬ ‫حا‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬ ‫صري ً‬
‫ح واضح‪ ،‬وقال‬ ‫م صري ٌ‬ ‫مد ٌ ﴾ هذا مبتدأ‪ ،‬وهو اس ٌ‬ ‫ح َّ‬‫م َ‬‫الْكُفَّارِ ﴾ [الحجرات‪ُ ﴿ ،]29 :‬‬
‫َ‬
‫م ﴾ [البقرة‪ ،]184 :‬أنت قلت قبل‬ ‫خيٌْر لَك ُ ْ‬
‫موا َ‬ ‫صو ُ‬ ‫ن تَ ُ‬‫الله سبحانه وتعالى ﴿ وَأ ْ‬
‫ن" هذه حرف‪ ،‬و"تصوموا" فعل‬ ‫ما‪" ،‬أ ْ‬ ‫قليل إن المبتدأ ل يكون إل اس ً‬
‫ما‪ ،‬ولكن في‬ ‫مضارع‪ ،‬فكيف تعرب هذه الجملة‪ ،‬قال هو ظاهره ليس اس ً‬
‫ن وما دخلت عليه تؤولن بمصدر‪ ،‬ويُعرب هذا‬ ‫ما‪ ،‬لن أ ْ‬
‫حقيقته هو اس ً‬
‫مبتدءًا‪ ،‬والتقدير في هذه الية ـوالله أعلم ـ "وصيامكم خيٌر لكم"‪،‬‬ ‫المصدر ُ‬
‫ن" هذه تؤول مع ما بعدها بمصدر‪ ،‬فإذا ً يجوز أن يكون المبتدأ اس ً‬
‫ما‬ ‫لن "أ ْ‬
‫ن" المصدرية أو "لو"‬ ‫ة عليه "أ ْ‬ ‫ظاهًرا أن يكون مؤول وذلك إذا كانت داخل ً‬
‫المصدرية أو ما شاكل ذلك‪ ،‬هذا هو المبتدأ‪.‬‬
‫م‬‫س ُ‬‫و اَِل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫خبَُر ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫أما الخبر فقد عرفه المصنف في قوله ( َ‬
‫م"‬ ‫ك "َزيْدٌ َ‬
‫قائ ِ ٌ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫و َ‬
‫ق ْ‬ ‫ح َ‬ ‫سنَدُ إِلَي ْ ِ‬
‫ه‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ع اَل ْ ُ‬‫فو ُ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫مْر ُ‬
‫ن " )‪ ،‬أما قوله‬ ‫مو َ‬ ‫قائ ِ ُ‬‫ن َ‬ ‫و"الَّزيْدُو َ‬ ‫ن" َ‬ ‫ما ِ‬‫قائ ِ َ‬‫ن َ‬ ‫و"الَّزيْدَا ِ‬ ‫َ‬
‫مسند إليه هو المبتدأ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫مسندًا إليه‪ ،‬ال ُ‬‫المسند إليه فهذا خطأ لن الخطأ ليس ُ‬
‫مسند‬ ‫فغيروها بارك الله فيكم‪ ،‬أقول الخبر‪ :‬هو السم المرفوع المسند‪ ،‬هو ُ‬
‫مسندًا إليه‪،‬‬
‫مسند وليس ُ‬ ‫إلى المبتدأ‪ ،‬المبتدأ هو المسند إليه‪ ،‬أما الخبر فهو ُ‬
‫مثل له بعدد من المثلة‪ ،‬طبعًا هذه المثلة تصلح للمبتدأ وتصلح للخبر‪ ،‬وهو‬
‫م"‪ ،‬و"الزيدان قائمان"‪ ،‬و"الزيدون قائمون"‪ ،‬فإن كلمة "زيد"‬ ‫قوله "زيد ٌ قائ ٌ‬
‫مبتدأ‪ ،‬و"قائم" خبر‪ ،‬و"الزيدان" مثنى وهو مبتدأ‪ ،‬و"قائمان" خبر وهو مثنى‪،‬‬
‫و"الزيدون" مبتدأ مرفوع وعلمة رفعه الواو‪ ،‬وقائمون خبره‪.‬‬
‫ت لكم يحتاج إلى إعادة نظر‪ ،‬لنه‬ ‫سنَد ُ إِلَيْهِ ) فهو كما بين ُ‬ ‫أما قوله ( اَل ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫قد تكون في بعض النسخ لم يُذكر فيها كلمة إليه‪.‬‬
‫والصل في المبتدأ أن يكون مفردًا‪ ،‬ول يكون المبتدأ إل مفردًا‪ ،‬ل يكون‬
‫جملة ول يكون غيرها‪ ،‬أما الخبر فالصل فيه والغالب أن يكون مفردًا‪ ،‬لكن‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪99‬‬
‫ة فهذا يُشترط فيه أن‬ ‫ة وقد يكون شبه جملة‪ ،‬أما كونه جمل ً‬ ‫قد يكون جمل ً‬
‫ط يربطها بالمبتدأ‪ ،‬يعني ما يجوز لك أن‬ ‫تكون الجملة مشتملة على راب ٍ‬
‫تقول "زيد ٌ سافر عبد الله"‪" ،‬زيدٌ" مبتدأ‪ ،‬وجملة "سافر عبد الله" ما تصلح‬
‫أن تكون خبًرا‪ ،‬لنه ل رابط بين جملة الخبر والمبتدأ‪ ،‬لكن لو أكملت عليها‬
‫كلمة واحدة "سافر عبد الله أخوه"‪ ،‬هذا صحيح لوجود الرابط‪.‬‬
‫والرابط أنواع‪ ،‬النوع الول وهو أقوى الروابط وأكثرها شيوع ًا الضمير‪،‬‬
‫يعني أن يكون في الخبر ضميٌر يعود على المبتدأ‪ ،‬كقولك مثل "زيدٌ‬
‫أكرمته"‪ ،‬فالهاء هذه تربط جملة الخبر بالمبتدأ‪ ،‬وهذا أقوى الروابط‪ ،‬لكن‬
‫هناك عدد من الروابط متروكة إن شاء الله إلى لقائنا القادم‪ ،‬ونتقبل الن‬
‫السئلة منكم إذا كان لديكم أسئلة‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ‪ ،‬جزاكم الله خيًرا‪ ،‬قال ( الخبر هو السم المرفوع المسند‬
‫)‪ ،‬نعرف أن الخبر قد يقع جملة وشبه جملة‪ ،‬أليس فيه قوله ( السم )‬
‫يعني خروج شبه الجملة والجملة؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيك‪ ،‬هذا الكلم حقٌ‪ ،‬وهذا الكلم الذي جعلني أتتطرق إلى‬
‫ة وأحيانًا يكون شبه جملةٍ‪ ،‬يعني‬ ‫أنه في بعض الحيان يكون الخبر جمل ً‬
‫ـجاًرا ومجروًر ـ أو ظرفًا‪ ،‬وكلمك صحيح‪ ،‬وهذا الكلم عليه مأخذ‪ ،‬يعني‬
‫على كلم المصنف فيه مأخذ لن قوله ( هو السم ) يدل على أنه ل يكون‬
‫ة ول يكون شبه جملة‪ ،‬لكن طبعًا هذا هو الغالب‪،‬‬ ‫غير اسم‪ ،‬ول يكون جمل ً‬
‫ضا‪ ،‬هذا الغالب فيه‪.‬‬ ‫ما‪ ،‬وأن يكون مفردًا أي ً‬ ‫الغالب في الخبر أن يكون اس ً‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫س َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬
‫ه )‪،‬‬ ‫م فَا ِ‬ ‫ل الذِي ل ْ‬
‫م يُ َ‬ ‫ب ال َ‬
‫مفْعُو ِ‬ ‫جزاكم الله خيًرا‪ ،‬قال المؤلف ( بَا ُ‬
‫فلماذا ذكر هذا والمعروف أن التسمية نائب الفاعل؟ فهل هناك فرقٌ بين‬
‫التسميتين؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫حة في الصطلح كما يقولون‪ ،‬وكثير من المؤلفين القدامى‬ ‫أول ل مشا ّ‬
‫ل يقول "باب النائب عن الفاعل"‪ ،‬وإنما يقولن "باب المفعول الذي لم‬
‫يُسم فاعله"‪ ،‬يعني هذا تعبيٌر قديم‪ ،‬وهو لضير عليه فيه‪ ،‬هو مفعول ولم‬
‫يُسم فاعله يعني لم يُذكر فاعله من‪ ،‬حتى في العراب بعضهم ل يقول‬
‫نائب فاعل وإنما يقول هو مفعول ما لم يُسم فاعله‪ ،‬لكن الولى من ناحية‬
‫العراب أن يُقال فيه إنه نائب عن الفاعل‪.‬‬
‫أما من ناحية تسميته بهذه التسمية فهذا اصطلح‪ ،‬ول مشاحة في‬
‫الصطلح‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫متى يجب أن تُلحق بالعامل علمة تدل على أن الفاعل مؤنث؟‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪100‬‬
‫ل بين الفعل والفاعل‪.‬‬ ‫إن كان ليس هناك فاص ٌ‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫ل بين الفعل والفاعل وكان الفاعل‬ ‫بارك الله فيك‪ ،‬إذا لم يوجد فاص ٌ‬
‫مؤنثًا حقيقي التأنيث‪ ،‬فإنه لو كان مجازي حتى لو كان متصل بفاعله فل‬
‫إشكال‪ ،‬تؤنث أو تذكر‪ ،‬تقول "طلع الشمس" وتقول "طلعت الشمس"‪،‬‬
‫والولى طبعًا "طلعت الشمس"‪ ،‬لكن الثاني جائز‪ ،‬فإذا كان الفاعل مؤنثًا‬
‫ل عن عامله وجب إلحاق علمة تدل على أن‬ ‫حقيقي التأنيث غير مفصو ٍ‬
‫م حقٌ‪ ،‬وبارك الله فيك‪.‬‬ ‫الفاعل مؤنث‪ ،‬هذا كل ٌ‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫إذا كان الفاعل مثنًى أو مجموع ًا‪ ،‬فما الكثير في الفعل أو في العامل‪،‬‬
‫ة تدل على أن الفاعل مثنًّى أو مجموع‪ ،‬أو ل نلحق؟‬ ‫هل نلحق به علم ً‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫ل نلحق‪.‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫هذا الغالب‪ ،‬ولكن الوجه الثاني جائز أم غير جائز؟‬
‫أجاب الطالب‪:‬‬
‫جائز‪.‬‬
‫سأل الشيخ‪:‬‬
‫هل تحفظ شيئًا من شواهده؟‬
‫أجاب أحد الطبة‪:‬‬
‫َ‬
‫سنَا‬ ‫مثل قول الله تبارك وتعالى في سورة العراف ﴿ قَاَل َربَّنَا ظَل َ ْ‬
‫منَا أن ْ ُف َ‬
‫﴾ [العـراف‪.]23 :‬‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫ل‪ ،‬هذه ليست شاهدًا لهذا‪ ،‬لن الفاعل هنا غير مذكور‪ ،‬يعني ليس‬
‫حا به بعد ﴿ قَاَل ﴾‪ ،‬وإنما اللف هذه هي الفاعل نفسها‪.‬‬ ‫مصر ً‬
‫ب آخر‪:‬‬ ‫أجاب طال ٌ‬
‫م ﴾ [المائدة‪.]71 :‬‬ ‫موا كَثِيٌر ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫ص ُّ‬ ‫موا وَ َ‬ ‫﴿ ث ُ َّ‬
‫م عَ ُ‬
‫علق الشيخ‪:‬‬
‫صحيح‪ ،‬هذا هو الشاهد‪ ،‬ولم يرد إل في موضعين من القرآن‪ ،‬هما قول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫موا ﴾ [النبياء‪ ،]3 :‬والموضع الثاني ﴿‬ ‫ن ظَل َ ُ‬‫جوَى ال ّذِي َ‬ ‫سُّروا الن َّ ْ‬ ‫ل ﴿ وَأ َ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾ [المائدة‪ ،]71 :‬ولم يرد في غيرهما في القرآن‬ ‫منْهُ ْ‬‫موا كَثِيٌر ِ‬ ‫ص ُّ‬‫موا وَ َ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫م عَ ُ‬
‫الكريم كله‪.‬‬
‫نكتفي بهذا القدر اليوم‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪101‬‬

‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ٍ وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫اللهم إنّا نسألك يا حي يا قيوم أن تيسر لنا أمورنا وتغفر لنا ذنوبنا‪،‬‬
‫ونسألك يا حي يا قيوم أن تعلمنا ما‬
‫ما‪.‬‬
‫ينفعنا وأن تنفعنا بما علمتنا وأن تزيدنا عل ً‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫نواصل الحديث في الخبر إذا كان جملة‪ ،‬قلنا في اللقاء الماضي إنه لبد‬
‫ط يربطها‬‫أن تشتمل الجملة على راب ٍ‬
‫بالمبتدأ‪ ،‬هذا الرابط أنواع‪ ،‬النوع الول والقوى والكثير والغالب هو أن‬
‫يكون الرابط ضميًرا‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قولك مثل "محمد ٌ سافر أخوه"‪ ،‬فالهاء في قولك "سافر أخوه" هذه عائدةٌ‬
‫على المبتدأ‪ ،‬وهي التي ربطت جملة‬
‫الخبر بالمبتدأ‪.‬‬
‫وقد يكون هذا الضمير مذكوًرا وقد يكون مقدًرا‪ ،‬يوجد قراءة في قول‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل ﴿ وَك ُ ّل وَعَد َ الل‬
‫الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫سنَى ﴾ [النساء‪ ،]95 :‬فيها قراءة ٌ أخرى‪ ﴿ ،‬وك ُ ٌّ‬
‫سنَى‬
‫ح ْ‬‫ه ال ْ ُ‬
‫ل وَعَد َ الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ح ْ‬
‫ل ﴾ مبتدأ‪ ،‬و ﴿ وَعَد َ ﴾ هذه جملة ليس فيها ضمير‬ ‫﴾ [النساء‪ ،]95 :‬وتكون ﴿ وك ُ ٌّ‬
‫َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪102‬‬
‫َ‬ ‫في ظاهر المر‪ ،‬ولكنه مقدر‪ ،‬والتقدير والله أعلم " وك ُ ٌّ‬
‫ل وَعَدَه ُ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫سنَى"‪ ،‬ويقولون مثل "العسل رطلن بدرهم"‪ ،‬هذا ليس مذكوًرا فيه أي‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ح ْ‬
‫رابط‪ ،‬لكن الرابط مقدر‪ ،‬وتقديره "رطلن منه"‪ ،‬أي من العسل‪ ،‬فقد يكون‬
‫الضمير مذكوًرا‪ ،‬وقد يكون مقدًرا‪ ،‬هذا هو الرابط الول‪ ،‬وهو أقوى الروابط‬
‫وأكثرها شيوع ًا‪.‬‬
‫س‬
‫ل ﴿ وَلِبَا ُ‬ ‫الرابط الثاني الشارة إلى المبتدأ‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫خيٌْر ﴾‬‫ك َ‬ ‫التَّقْوَى ذَل ِ َ‬
‫س ﴾ مبتدأ‪ ،‬و ﴿ التَّقْوَى ﴾ مضاف إليه‪ ،‬و ﴿ ذ َا ﴾ اسم‬ ‫[العـراف‪ ﴿ ،]26 :‬لِبَا ُ‬
‫خيٌْر ﴾ خبر المبتدأ‪ ،‬طبعًا ﴿ ذ َا‬ ‫إشارة‪ ،‬واللم للبعد‪ ،‬والكفاف للخطاب‪ ،‬و ﴿ َ‬
‫خيٌْر ﴾ خبر المبتدأ‬ ‫﴾ اسم إشارة مبتدأ ثاني‪ ،‬و﴿ َ‬
‫خيٌْر ﴾ خبر المبتدأ الول‪ ،‬أين الرابط؟ هو الشارة إلى‬ ‫ك َ‬ ‫الثاني‪ ،‬وجملة ﴿ ذَل ِ َ‬
‫س ﴾‪ ،‬هذا الثاني‪.‬‬ ‫ك ﴾‪ ،‬لنه يشير إلى ﴿ لِبَا ُ‬ ‫المبتدأ في قوله ﴿ ذَل ِ َ‬
‫ل﴿‬ ‫الثالث‪ :‬إعادة المبتدأ بلفظه في جملة الخبر‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ة ﴿‪[ ﴾ ﴾2‬القارعة‪ ،]2 ،1 :‬أُعيد لفظ المبتدأ في جملة‬ ‫ما الْقَارِع َ ُ‬ ‫ة ﴿‪َ ﴾ 1‬‬ ‫الْقَارِع َ ُ‬
‫ما ﴾ اسم استفهام خبر مقدم‪ ،‬و ﴿ الْقَارِع َ ُ‬
‫ة‬ ‫ة ﴾ مبتدأ‪ ،‬و ﴿ َ‬ ‫الخبر‪ ،‬فـ ﴿ الْقَارِع َ ُ‬
‫ة ﴾ خبر المبتدأ الول‪ ،‬والرابط هو إعادة‬ ‫ما الْقَارِع َ ُ‬
‫﴾ مبتدأ مؤخر‪ ،‬وجملة ﴿ َ‬
‫لفظ المبتدأ في جملة الخبر‪.‬‬
‫ظ أعم‬ ‫أحيانًا يكون الرابط العموم‪ ،‬يعني أن يكون في جملة الخبر لف ٌ‬
‫من المبتدأ‪ ،‬يعني يدخل المبتدأ ضمن هذا العموم‪ ،‬وذلك في نحو قولهم‬
‫ل"‬‫ض جامد‪ ،‬و"الرج ُ‬ ‫م" فعل ما ٍ‬ ‫ل"‪ ،‬فـ "محمدٌ" مبتدأ‪ ،‬و"نع َ‬ ‫"محمد ٌ نعم الرج ُ‬
‫ل" خبر لـ "محمدٌ"‪ ،‬والرابط الذي ربط هو‬ ‫م"‪ ،‬وجملة "نعم الرج ُ‬ ‫ل لـ "نع َ‬ ‫فاع ٌ‬
‫كلمة "الرجل"‪ ،‬لن الرجل تعم محمدًا وتعم غيره‪ ،‬فصار بهذا هو الرابط‪،‬‬
‫ضا العموم الموجود في جملة الخبر‪ ،‬وهذه هي روابط‬ ‫فالرابط قد يكون أي ً‬
‫جملة الخبر بالمبتدأ‪.‬‬
‫أما الظرف والجار والمجرور فيقعان خبرين‪ ،‬ولكن لبد أن تكون مفيدة‬
‫فائدة يحسن السكوت عليها‪ ،‬كقولك مثل "عبد الله في المنزل"‪ ،‬و"عبد الله‬
‫عندك"‪ ،‬لكن ل يجوز أن تقول مثل "زيد ٌ بك"‪ ،‬لنها ما أفادت شيئًا‪ ،‬هو جار‬
‫ومجرور صحيح‪ ،‬لكننا لم نستفد منه شيئًا‪ ،‬أما في قولك "محمد ٌ عندك"‪ ،‬أو‬
‫"زيد ٌ في داره"‪ ،‬فهنا الظرف والجار والمجرور أفادت معنًى يحسن‬
‫السكوت عليه‪.‬‬
‫وهنا خلف بين النحويين في إعراب الجار والمجرور والظرف إذا وقعا‬
‫متعلق‬ ‫خبرين‪ ،‬كيف تعربهما؟ هل نقول الجار والمجرور هو الخبر؟ أو نقول ُ‬
‫الجار والمجرور هو الخبر؟ أو نقول الثنين‪ ،‬المتعلق والجار والمجرور؟ أو‬
‫ل ثلثة لك أن تعرب بأي واحد ٍ منها‪ ،‬لك‬ ‫المتعلق والظرف هما الخبر؟ أقوا ٌ‬
‫أن تقول الجار والمجرور هو الخبر‪ ،‬أو تقول متعلَق الجار والمجرور هو‬
‫الخبر‪ ،‬أو تقول ـ وهو أولى في رأيي ـ الجار والمجرور ومتعلقه هما الخبر‪،‬‬
‫والمسألة في هذا سهلة‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪103‬‬
‫ضا ـ وأكرر مرة ثانية ـ في الخبر إذا كان ظرفًا أو جاًرا‬ ‫لكن يشترط أي ً‬
‫ومجروًرا أن يكون مفيدًا‪ ،‬وإل فإنه ليصح الخبار به‪.‬‬
‫ن ظَا ِ‬
‫هٌر‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ق ْ‬‫ننتقل إلى قول المصنف ( والمبتدأ ِ‬
‫َّ‬
‫رهُ )‪ ،‬ما تقدم ذكره أين؟ في‬ ‫قدَّ َ‬
‫م ِذك ُْ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ر‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫فالظ‬ ‫مٌر‪َ ،‬‬ ‫ض َ‬‫م ْ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫ن"‬‫ما ِ‬
‫قائ ِ َ‬‫ن َ‬ ‫و"الَّزيْدَا ِ‬ ‫م" َ‬ ‫قائ ِ ٌ‬ ‫قوله في المثلة ( "َزيْدٌ َ‬
‫ن " )‪ ،‬هذه كلها أسماءٌ ظاهرة‪ ،‬سواء كانت‬ ‫مو َ‬ ‫قائ ِ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫و"الَّزيْدُو َ‬ ‫َ‬
‫ة‪ ،‬مذكرة ً فيه‪ ،‬ل إشكال‪ ،‬هذا كله مما كان فيه‬ ‫ً‬ ‫مؤنث‬ ‫ة‪،‬‬‫ً‬ ‫مجموع‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫ّ ً‬‫ا‬‫مثن‬ ‫مفردة‪،‬‬
‫ما ظاهًرا‪.‬‬ ‫المبتدأ اس ً‬
‫ت‬
‫ثم قال ( والمضمر اثنا عشر وهى‪ :‬أنا ونحن وأن َ‬
‫ت و وأنتما وأنُتم وأنتن وهو وهى وهما وهم‬ ‫وأن ِ‬
‫وهن نحو قولك (أنا قائم) و(نحن قائمون) وما‬
‫أشبه ذلك ) تقيس عليه‪ ،‬أول أنبه إلى أن هذه الضمائر التي ذكرها‬
‫المصنف هنا ضمائر منفصلة‪ ،‬ول يقع المبتدأ ضميًرا متصل‪ ،‬ما السبب في‬
‫أنه ل يقع ضميًرا متصل؟ أن الضمير المتصل ل يستقل بنفسه‪ ،‬الضمير‬
‫المتصل ل يُبتدأ به الكلم قول واحدًا‪ ،‬لنه غير مستقل بنفسه‪ ،‬فل تستطيع‬
‫ت مجتهد"‪ ،‬ل يمكن هذا‪ ،‬هذا ضمير متصل صحيح‪ ،‬لكنه ل يستقل‬ ‫أن تقول " َ‬
‫بنفسه‪ ،‬ول يُبتدأ به الكلم عند الجميع‪ ،‬هذا بإجماع‪ ،‬ولذلك كل الضمائر التي‬
‫ذكرها هنا ضمائر رفٍع منفصلة‪ ،‬واثنان منها للمتكلم‪ ،‬وخمسة للمخاطب‪،‬‬
‫وخمسة للغائب‪.‬‬
‫أما التي للمتكلم فللمفرد "أنا"‪ ،‬ولما عدا المفرد سواء أكان مثنًّى‬
‫للمذكر أو للمؤنث أو كان لكثر من اثنين للمذكر أو للمؤنث "نحن"‪ ،‬وكذلك‬
‫ت" للمخاطبة‪ ،‬و"أنتما" للمخاطبين‬ ‫ت"‪ ،‬هذا للمخاطب‪ ،‬و"أن ِ‬ ‫"أن َ‬
‫وللمخاطبتين‪ ،‬و"أنتم" لجماعة الذكور‪ ،‬و"أنتن" لجماعة الناث‪ ،‬و"هو"‬
‫للغائب الواحد‪،‬و "هي" للغائبة الواحدة‪ ،‬و"هما" للغائبين للغائبتين‪ ،‬و"هم"‬
‫ن" لجماعة الناث‪ ،‬ومثّل لنا بماثلين وعليك أن‬ ‫لجماعة الذكور الغائبين‪ ،‬و"ه ّ‬
‫م" و"نحن قائمون" يجوز أن تقول "هم‬ ‫ت "أنا قائ ٌ‬ ‫تقيس‪ ،‬مثل ما قل ًَ‬
‫م" أو "أنتم قائمون" أو نحو‬ ‫م" أو "أنت قائ ٌ‬ ‫قائمون"‪ ،‬يجوز أن تقول "هو قائ ٌ‬
‫ذلك‪ ،‬فهذه الضمائر‬
‫ة‪ ،‬ول يجوز البتداء بالضمير‬ ‫لبد كما ترون يا أيها الحباب أن تكون منفصل ً‬
‫المتصل‪.‬‬
‫م ﴾ [الحجر‪﴿ ،]49 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عبَادِي أنِّي أنَا الْغَفُوُر الَّر ِ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫حي ُ‬ ‫ئ ِ‬ ‫ل ﴿ نَب ِّ ْ‬
‫أَنَا ﴾‬
‫مبتدأ‪ ،‬وهو ضمير ويدل على الواحد‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم ( نحن‬
‫الخرون السابقون يوم القيامة )‪ ( ،‬نحن ) مبتدأ وهو لجماعة الذكور‪ ،‬طبعًا‬
‫ي‬ ‫م َّ‬ ‫ل ﴿ وأَيُوب إذ ْ نادى رب َ َ‬ ‫هنا يصلح لكل شيءٍ‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫سن ِ َ‬ ‫ه أنِّي َ‬
‫َ ّ َ ِ َ َ َ ّ ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪104‬‬
‫َ‬ ‫م الَّرا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ُّ‬
‫ت ﴾ هنا مبتدأ‪ ،‬وهو ضمير‬ ‫ن ﴾ [النبياء‪ ﴿ ،]83 :‬أن ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت أْر َ‬ ‫ضُّر وَأن ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما الْغَالِبُو َ‬
‫ن‬ ‫ن اتَّبَعَك ُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ما وَ َ‬
‫ل ﴿ بِآيَاتِنَا أنْت ُ َ‬ ‫المخاطب‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [القصص‪ ،]35 :‬هذا للمثنى‪ ،‬وقال الله‬
‫َ‬ ‫ل ﴿ يَا أَيُّها الَّذِي َ‬
‫سكَاَرى ﴾ [النساء‪﴿ ،]43 :‬‬ ‫م ُ‬ ‫صَلة َ وَأنْت ُ ْ‬‫منُوا َل تَقَْربُوا ال َّ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫م ﴾ مبتدأ‪ ،‬وهو ضمير للجماعة‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم ( هو عليها‬ ‫َ‬
‫أنْت ُ ْ‬
‫صدقة‪ ،‬وهو لنا هدية )‪ ،‬فابتدأ بالضمير المنفصل‪ ،‬وقال الله سبحانه‬
‫َ‬
‫حي َّ ٌ‬
‫ة‬ ‫ي ﴾ مبتدأ‪ ،‬و ﴿ َ‬ ‫سعَى ﴾ [طـه‪ ﴿ ،]20 :‬ه ِ َ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫حي َّ ٌ‬‫ي َ‬ ‫َ‬ ‫وتعالى ﴿ فَألْقَاهَا فَإِذ َا ه ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ما أتَعِدَانِنِي أ ْ‬
‫ف لَك ُ َ‬
‫َ‬ ‫ل لِوَالِدَيْهِ أ ُ ٍ ّ‬ ‫﴾ خبر‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى ﴿ وَالَّذِي قَا َ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ستَغِيثَا ِ‬‫ما ي َ ْ‬‫ن قَبْلِي ﴾‪ ،‬ثم قال سبحانه ﴿ وَهُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت الْقُُرو ُ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫ج وَقَد ْ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫أُ ْ‬
‫ما ﴾ هذا مبتدأ‪.‬‬ ‫﴾ [الحقاف‪ ﴿ ،]17 :‬هُ َ‬
‫ل ع َلَي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ﴿ هُوَ ال ّذِي أنَْز َ‬ ‫ن" إلخ‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫ك‬ ‫و"هم" و"ه ّ‬
‫ُ‬ ‫من ْ َ‬
‫ن ﴾ هذه‬ ‫ب ﴾ [آل عمران‪ ﴿ ،]7 :‬هُ َّ‬ ‫م الْكِتَا ِ‬ ‫ن أ ُّ‬‫ت هُ َّ‬ ‫ما ٌ‬ ‫حك َ َ‬ ‫م ْ‬‫ت ُ‬ ‫ه آيَا ٌ‬ ‫ب ِ ُ‬ ‫الْكِتَا َ‬
‫وقعت مبتدءًا‪ ،‬وهكذا في بقية الضمائر‪ ،‬يجوز أن تبتدأ بضمير الرفع‬
‫ت" و"أنتم" و"أنتما"‬ ‫ت" و"أن ِ‬ ‫المنفصل "أنا" و"نحن" للمتكلم وغيره‪ ،‬و"أن َ‬
‫ن" للغائبين‪ ،‬سواء‬ ‫و"أنتن" للمخاطبين‪ ،‬و"هو" و"هي" و"هما" و"هم" و"ه ّ‬
‫أكان ذلك من ناحية المفرد أو غيره‪.‬‬
‫ثم قال المصنف رحمنا الله وإيّاه‪ ،‬وهذا يا شيخ يرد على جوابك الذي‬
‫م مرفوع ٌ )‪ ،‬هنا يرد‬ ‫ذكرته قبل قليل وهو أنه نص في الول قال ( الخبر اس ٌ‬
‫سم لنا الخبر فجعله مفردًا وغيره‪ ،‬فقال ( والخبر‬ ‫على الكلم بأنه ق ّ‬
‫قسمان ‪ :‬مفرد وغير مفرد فالمفرد نحو "زيد‬
‫ة"‪" ،‬هم قائمون"‪" ،‬قائمون"‬ ‫م" )‪" ،‬قائ ٌ‬
‫م" هذه مفرد‪" ،‬هند ٌ قائم ٌ‬ ‫قائ ٌ‬
‫مفرد‪" ،‬هما قائمان"‪" ،‬قائمان" مفرد‪ ،‬طبعًا ليس المقصود بالفراد هنا ما‬
‫ليس مثنًّى ول مجموع ًا‪ ،‬المقصود هو ما يخالف الجملة وغيرها‪ ،‬يعني قد‬
‫يكون مفردًا وقد يكون جملة وقد يكون شبه جملة‪.‬‬
‫ثم قال المصنف رحمنا الله وإياه ( وغير المفرد أربعة‬
‫أشياء‪ :‬الجار والمجرور‪ ،‬والظرف‪ ،‬والفعل مع‬
‫فاعله‪ ،‬والمبتدأ مع خبره‪ ،‬نحو قولك ‪" :‬زيد في‬
‫الدَار"‪ ،‬و"زيد عندك"‪ ،‬و"زيد قام أبوه"‪ ،‬و"زيد‬
‫ة" ) أما قوله ( "زيد ٌ في الدار" ) فالخبر هنا هو الجار‬
‫جاريته ذاهب ٌ‬
‫والمجرور‪ ،‬ولك يا شيخ الوجه الثالثة التي ذكرناها في إعرابه‪ ،‬فتقول الجار‬
‫والمجرور هو الخبر‪ ،‬أو تقول متعلق الجار والمجرور هو الخبر‪ ،‬أو تقول‬
‫الجار والمجرور ومتعلقه هما الخبر‪ ،‬لك ما تشاء‪ ،‬والمسألة في هذا سهلة‪،‬‬
‫ب أعربت به من هذه الوجه الثالثة‪ ،‬لكني أرى‬ ‫وأنت مسبوقٌ في أي إعرا ٍ‬
‫أن الولى أن يُقال إن الثنين هما الخبر‪ ،‬ونخرج بهذا من أي مشكلة‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪105‬‬
‫أما قوله ( "زيد ٌ عندك" ) فـ"عند" هنا هو الظرف الواقع خبًرا‪ ،‬وسواءٌ‬
‫أعربته بأي وجه من الوجه‬
‫الثلثة التي ذكرت لك فالمسألة في هذا سهلة‪ ،‬وأما قوله ( "زيد قام‬
‫أبوه" ) فالخبر هنا جملة فعلية‪ ،‬وكما ترون الرابط هنا هو الهاء الموجودة‬
‫في قوله "قام أبوه"‪ ،‬فإنها ربطت جملة الخبر بالمبتدأ‪ ،‬وهذا أكثر ما يكون‬
‫ة" )‪ ،‬فـ"جاريته"‬ ‫الرابط‪ ،‬وأما قوله ( "زيد قام أبوه"‪ ،‬و"زيد جاريته ذاهب ٌ‬
‫مبتدأ ثاني‪ ،‬والهاء الموجودة في قوله "جاريته" تعود إلى "زيد"‪ ،‬وهي‬
‫الرابط الذي ربط جملة الخبر بالمبتدأ‪ ،‬وأكثر ما يكون الرباط كما ذكرت‬
‫ة" خبر‪ ،‬وجملة "جاريته‬ ‫لكم يكون بالضمير‪ ،‬فـ"جاريته" مبتدأ ثاني‪ ،‬و"ذاهب ٌ‬
‫ة" في محل رفع خبر المبتدأ الول‪.‬‬ ‫ذاهب ٌ‬
‫ن ﴾ [الذاريات‪،]22 :‬‬ ‫ما تُوعَدُو َ‬‫م وَ َ‬‫ماءِ رِْزقُك ُ ْ‬ ‫س َ‬‫ل ﴿ وَفِي ال َّ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫ف خبر مقدم‪ ،‬أو خبر مقدم‪ ،‬أو هو‬ ‫الجار والمجرور متعلقان بمحذو ٍ‬
‫ومتعلقهما خبر مقدم‪ ،‬أما رزقكم فهو مبتدأ مؤخر‪ ،‬وهذا ورد فيه الجار‬
‫ضا في هذا الباب عن أن اسم الزمان ل يصلح‬ ‫والمجرور خبًرا‪ .‬يتحدثون أي ً‬
‫أن يكون خبًرا عن الذوات‪ ،‬فل تقول "محمد ٌ يوم الجمعة" مثل‪ ،‬ل يصلح أن‬
‫يكون خبًرا عن الذوات‪ ،‬ولكنه يُمكن أن يكون عن المعاني‪ ،‬فتقول "السفر‬
‫يوم الجمعة"‪ ،‬ل مانع‪ ،‬أما الذوات فإنهم ل يجيزون وقوع ظرف الزمان خبًرا‬
‫لها‪،‬‬
‫ل"‬ ‫ل"‪" ،‬الهل ُ‬ ‫ة الهل ُ‬ ‫وقد ورد قليل وهم يؤولونه‪ ،‬ومن ذلك قول العرب "الليل َ‬
‫ذات‪ ،‬وهو مبتدأ‪ ،‬وقد أخبر عنه بظرف الزمان هو "الليلة"‪ ،‬فماذا يُقال في‬
‫ف‬‫مضا ٍ‬ ‫مثل هذا؟ قالوا سهلة‪ ،‬هذه نؤولها‪ ،‬نجعل كلمة الهلل حلت محل ُ‬
‫ة طلوع الهلل" حتى نخرج من هذا‪.‬‬ ‫محذوف‪ ،‬والتقدير "الليل َ‬
‫ُ‬
‫ما قاله امرؤ القيس لما أخبر بمقتل أبيه قال "رحم الله‬ ‫يذكرون كل ً‬
‫ملني دمه‬ ‫أبي‪ ،‬ضيّعني صغيًرا‪ ،‬وح ّ‬
‫ب‬‫م منسو ٌ‬ ‫كبيًرا‪ ،‬اليوم خمٌر‪ ،‬وغدًا أمٌر‪ ،‬ل صحو اليوم ول سكر غدًا"‪ ،‬هذا كل ٌ‬
‫إلى امرئ القيس‪ ،‬وامرؤ القيس ممن يُعتد بكلمه لنه جاهلي‪ ،‬فأولوا هذا‬
‫"اليوم" ظرف‪ ،‬وقد وقع خبًرا‪ ،‬والخمر هذا اسم ذات‪ ،‬فكيف وقع اسم‬
‫الزمان خبًرا لسم الذات‪ ،‬قالوا نؤوله‪ ،‬نجعل كلمة "خمر" هذه وقعت موقع‬
‫خمر"‪ ،‬أما قوله‬ ‫ٍ‬ ‫ب‬‫ف محذوف أو مقدر‪ ،‬ويكون التقدير "اليوم شر ُ‬ ‫مضا ٍ‬
‫"وغدًا أمٌر" فل إشكال فيها‪ ،‬لن المر معنويٌّ وليس ذاتًا‪ ،‬هذا ما يُقال من‬
‫ت التنبيه إليه‪.‬‬ ‫ناحية اسم الزمان‪ ،‬وهذا ما أحبب ُ‬
‫مما يُذكر في هذا الباب‪ ،‬وهو باب المبتدأ والخبر أن الصل في المبتدأ‬
‫ة‪ ،‬ول يقع نكرة ً إل بمسوّغ‪ ،‬والمسوغات أوصلها بعضهم إلى‬ ‫أن يكون معرف ً‬
‫أكثر من ثلثين مسوغًا‪ ،‬ولكن نكتفي بذكر بعضها‪ ،‬وهو ما أشار إليه ابن‬
‫مالك رحمه الله في ألفيته إذ قال‪:‬‬
‫مَره ْ‬ ‫م تُفِدْ كَعِنْدَ َزيْدٍ ن َ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬‫َ‬ ‫جوُْز البْتِدَا بِالْنَّكَِر ْ‬
‫ه‬ ‫وَلَ ي َ ُ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪106‬‬
‫ل لَنَا‬ ‫خ ٌّ‬‫ما ِ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ى فِيْك ُ ْ‬ ‫ل فَت َ ً‬ ‫وَهَ ْ‬
‫ن‬‫عنْد َ َ‬‫ِ‬ ‫ن الْك ِ َ ِ‬
‫رام‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل‬ ‫وََر ُ‬
‫مـ ْ‬
‫ل‬ ‫خيٌْر وَع َ َ‬ ‫خيْر َ‬ ‫ة فِـي ال ْ َ‬ ‫وََرغْبَـ ٌ‬
‫م يُقَ ْ‬
‫ل‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن وَلْيُقَ ْ‬ ‫بَِر يَزِي ْ ُ‬
‫فذكر ستة مسوغات للبتداء بالنكرة‪ ،‬فنكتفي بالحديث عن هذه‬
‫المسوغات الستة‪ ،‬وليُقس عليها ما لم نذكره‪ ،‬إن المسوغات أولها كما ذكر‬
‫ك رحمه الله إذ قال‪:‬‬ ‫ابن مال ٍ‬
‫جوُْز البْتِدَا بِالْنَّكَِرهْ‬ ‫وَلَ ي َ ُ‬
‫مَره ْ‬‫د نَ ِ‬‫د كَعِنْدَ َزي ْ ٍ‬ ‫ف ْ‬‫م تُ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫المسوغ الول الذي ذكره ابن مالك هو أن يكون الخبر ظرفًا أو جاًّرا‬
‫ما على المبتدأ‪ ،‬يعني‬ ‫ومجروًرا مقد ً‬
‫ف أو جاٌّر ومجرور ومتقدم‪،‬‬ ‫يكون المبتدأ متأخًرا وهو نكرة‪ ،‬والخبر ظر ٌ‬
‫ولذلك مثّل بقوله " كعند زيدٍ نمرة"‪" ،‬عند زيد" ظرف متعلق بمحذوف خبر‬
‫مقدم‪ ،‬و"نمرة" هذه مبتدأ مؤخر‪ ،‬وهذه نكرة ول مسوغ لها إل هذا الذي‬
‫ذكرته‪ ،‬وهو أنه تقدم الخبر على المبتدأ‪ ،‬والخبر هنا ظرف‪ ،‬ومثله الجار‬
‫ما‪.‬‬ ‫والمجرور تما ً‬
‫قال "وهل فتًى فيكم"‪ ،‬هذا هو المسوغ الثاني‪ ،‬وهو أن يتقدم على‬
‫النكرة ما يدل على العموم كالستفهام‪ ،‬حتى لو كان المبتدأ نكرة ً وهو اسم‬
‫استفهام فإنه مسوغ من المسوغات‪ ،‬وقد يكون الستفهام تقدم على‬
‫النكرة‪ ،‬كقول ابن مالك في هذا "هل فتًى فيكم"‪ ،‬فـ"فتًى" هذا نكرة‪ ،‬وهو‬
‫سوغت البتداء بالنكرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مبتدأ‪ ،‬وقد تقدمت عليه "هل" فهي التي‬
‫ضا من الشياء التي تدل‬ ‫ل لنا "‪ ،‬وهذا أي ً‬ ‫أما الثالث فهو قوله " فما خ ٌ‬
‫على العموم‪ ،‬وذلك أن النفي إذا تقدم على النكرة فإنها تدل على العموم‪،‬‬
‫ل لنا"‪،‬‬‫يقولون النكرة في سياق النفي تدل على العموم‪ ،‬فقوله "فما خ ٌّ‬
‫ل" هنا نكرة وقد ابتدئ به جواًزا لوجود مسوغ وهو تقدم النفي عليها‪.‬‬ ‫"خ ٌّ‬
‫ل" هذا نكرة‪ ،‬و"من الكرام"‬ ‫ل من الكرام عندنا"‪" ،‬رج ٌ‬ ‫الرابع قوله "ورج ٌ‬
‫ة فإن هذا مسوغ ٌ للبتداء بها‪،‬‬ ‫هذه صفة للرجل‪ ،‬فإذا كانت النكرة موصوف ً‬
‫فـ"عندنا" هذه هي الخبر‪ ،‬وأما قوله "من الكرام" فهي الصفة لها‪.‬‬
‫ة" هذه نكرة‪ ،‬وقد ابتدئ بها‪ ،‬ذلك‬ ‫ة في الخير خبٌر"‪" ،‬رغب ٌ‬ ‫ثم قال " ورغب ٌ‬
‫لنها عملت‪ ،‬والعمل هنا هو تعلق الجار والمجرور بها‪ ،‬فهذا الذي جوّز‬
‫ل بّرٍ يزين"‪" ،‬عمل" هذه نكرة‪ ،‬وأُضيفت إلى‬ ‫البتداء بها‪ ،‬والخير قوله "وعم ُ‬
‫ُ‬
‫سوغت البتداء بها‪ ،‬طبعًا لو أضيفت إلى معرفة فل‬ ‫نكرة‪ ،‬فالضافة هذه‬
‫ّ‬
‫إشكال لنها تكتسب التعريف من المضاف إليه‪ ،‬أما هنا فقد أضيفت إلى‬
‫نكرة فقل شيوعها قليل‪ ،‬فكان هذا مسوغًا للبتداء بالنكرة‪ ،‬هذه المسوغات‬
‫نكتفي بها‪ ،‬وإن كان بعضهم يُكثر في ذكر مسوغات البتداء بالنكرة فيوصلها‬
‫إلى أكثر من ثلثين مسوغًا‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪107‬‬
‫ل‬
‫م ِ‬‫وا ِ‬ ‫ب اَل ْ َ‬
‫ع َ‬ ‫ننتقل إلى قول المصنف رحمنا الله وإيّاه ( بَا ُ‬
‫علَى اَل ْ ُ‬
‫مبْتَدَأ ِ‬ ‫خل َ ِ‬
‫ة َ‬ ‫اَلدَّا ِ‬
‫ر )‪ ،‬تعلمون كما ذكرنا أن المبتدأ والخبر حقهما أن يكونا مرفوعين‪،‬‬ ‫وال ْ َ‬
‫خب َ ِ‬ ‫َ‬
‫لكن قد يتغير هذا الحكم‪ ،‬بل‬
‫يتغير حكم المبتدأ والخبر فل يصيران مبتدءًا وخبًرا‪ ،‬وذلك إذا دخل عليهما‬
‫ل‬
‫م ِ‬‫وا ِ‬‫ع َ‬‫ب اَل ْ َ‬‫بعض الدوات التي سنذكرها الن إن شاء الله‪ ،‬فقال ( بَا ُ‬
‫ي ثََلث َ ُ‬
‫ة‬ ‫ه َ‬‫و ِ‬‫ر )‪ ،‬ثم قال ( َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫خب َ ِ‬ ‫دأ ِ َ‬ ‫علَى اَل ْ ُ‬
‫مبْت َ َ‬ ‫خل َ ِ‬
‫ة َ‬ ‫اَلدَّا ِ‬
‫َ‬ ‫وظَ َّ‬ ‫َ‬ ‫وإ ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها )‪،‬‬ ‫وات ُ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وأ َ‬
‫ن َ‬ ‫ها َ‬ ‫وات ُ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ها َ‬ ‫وات ُ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫شيَاءَ كَا َ‬ ‫أ ْ‬
‫هذه العوامل بعضها يرفع المبتدأ وينصب الخبر وهي كان وأخواتها‪ ،‬وبعضها‬
‫يعكس فينصب المبتدأ ويرفع الخبر وهو إن وأخواتها‪ ،‬وبعضها ينصب الثنين‬
‫وهما المبتدأ والخبر فيجعلهما مفعولين وهي ظن وأخواتها‪.‬‬
‫ثم يبدأ المصنف رحمنا الله وإياه في الحديث عن باب كان وأخواتها‪،‬‬
‫ها‪,‬‬ ‫ما كَان وأ َ‬ ‫َ‬ ‫فأ َ‬‫فيقول ( َ‬
‫وات ُ َ‬ ‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ر )‪ ،‬المقصود بالسم هنا‬ ‫خب َ َ‬ ‫ب اَل ْ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫وتَن ْ ِ‬ ‫م‪َ ,‬‬ ‫س َ‬‫ع اَِل ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ها تَْر َ‬ ‫فإِن َّ َ‬
‫َ‬
‫ما لكان‪ ،‬يعني ل تعربه مبتدءًا لنه لم يصر‬ ‫المبتدأ‪ ،‬الذي كان مبتدءًا صار اس ً‬
‫ما لحدى أخواتها‪ ،‬وصار‬ ‫ما لكان أو اس ً‬ ‫في بداية الكلم‪ ،‬بل صار هنا اس ً‬
‫مرفوع ًا‪ ،‬وعند إعرابه تقول هذه الكلمة اسم كان مرفوعة وعلمة رفعها‬
‫الضمة مثل أو اللف أو الواو حسب ما يكون‪.‬‬
‫وأما الخبر فإنه يكون منصوبًا في هذا الباب‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز‬
‫َ‬
‫ض‬ ‫صيًرا ﴾ [النساء‪ ،]134 :‬فـ"كان" هذه فعل ما ٍ‬ ‫ميعًا ب َ ِ‬ ‫س ِ‬
‫ه َ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫ل ﴿ وَكَا َ‬ ‫وج ّ‬
‫ض ناقص يكفي‪ ،‬لو قلت‬ ‫ناقص ناسخ‪ ،‬إذا اكتفيت ببعضها فقلت فعل ما ٍ‬
‫ناسخ ل بأس لنه نسخ الحكم الموجود قبلها وهو أن المبتدأ والخبر كانا‬
‫مرفوعين فصار واحدًا منهما مرفوع ًا وصار الخر منصوبًا‪ ،‬فـ"كان" فع ٌ‬
‫ل‬
‫ميعًا ﴾ خبرها منصوب‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ض ناقص‪ ،‬ولفظ الجللة اسمها مرفوع‪ ،‬و ﴿ َ‬ ‫ما ٍ‬
‫يُقال عن هذا الباب كله إنه الفعال الناقصة‪ ،‬ول خلف في شيءٍ منها‬
‫إل في كلمة واحدة وهي كلمة "ليس"‪ ،‬فإن بعضهم يرى أنها حرف‪ ،‬وذلك‬
‫لجمودها‪ ،‬لنه ل يأتي منها ل مضارع ول أمر‪ ،‬فبعضهم يرى أنها حرف لذلك‪،‬‬
‫ل ناقص‪ ،‬ودليلنا على فعليتها إلحاق تاء‬ ‫والصواب الذي نعتد به أنها فع ٌ‬
‫ت موجودًا"‪ ،‬أو‬ ‫التأنيث بها‪ ،‬كقولك "ليست هند ٌ حاضرةٌ"‪ ،‬وكقولك "لس ُ‬
‫ل وليست حرفًا‪ ،‬لن التاء‬ ‫ل على أنها فع ٌ‬ ‫ت غائبًا"‪ ،‬فإلحاق التاء أكبر دلي ٍ‬ ‫"لس ُ‬
‫ل واضح على‬ ‫ل تدخل على الحروف‪ ،‬وإنما تدخل على الفعال‪ ،‬وهذا دلي ٌ‬
‫فعليتها‪.‬‬
‫ثم قال المصنف رحمنا لله وإياها ( وهي )‪ ،‬الن بدأ يعدد أخوات "كان"‪،‬‬
‫ل‪,‬‬ ‫حى‪ ,‬وظَ َّ‬
‫َ‬ ‫ض َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫ح‪َ ,‬‬ ‫صب َ َ‬‫وأ ْ‬
‫فقال ( وهي كَان‪ ,‬وأ َمسى‪َ ,‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ ِ َ‬
‫ف َّ‬
‫ئ‪,‬‬ ‫ما َ‬
‫فت ِ َ‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ك‪,‬‬ ‫ما اِن ْ َ‬
‫و َ‬ ‫ما َزا َ‬
‫ل‪َ ,‬‬ ‫و َ‬ ‫ولَي ْ َ‬
‫س‪َ ,‬‬ ‫صاَر‪َ ,‬‬
‫و َ‬
‫ت‪َ ,‬‬
‫وبَا َ‬
‫َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪108‬‬
‫م )‪ ،‬وانظر بارك الله فيك إلى الفرق في كلمه‪،‬‬ ‫ما دَا َ‬ ‫و َ‬ ‫ح‪َ ,‬‬ ‫ر َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫فإن الول منه لم يقل في بدايته "ما"‪ ،‬وأما الخير وهو من قوله "ما زال"‬
‫ل على أنه يُشترط في أربعة‬ ‫إلى الخير بدأه بحرف النفي "ما"‪ ،‬وهذا دلي ٌ‬
‫ي أو بشبه النفي‪ ،‬وشبه النفي هو‬ ‫ة إما بنف ٍ ّ‬ ‫ل منها أن تكون مسبوق ً‬ ‫أفعا ٍ‬
‫النهي والدعاء‪ ،‬وإل فل تعمل هذا العمل‪ ،‬الذي هو عمل كان وأخواتها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حى‪,‬‬ ‫ض َ‬ ‫ح‪ ,‬وَأ ْ‬ ‫صب َ َ‬
‫سى‪ ,‬وَأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪ ,‬وَأ ْ‬ ‫فأما الفعال الولى التي ذكرها فهي ( كَا َ‬
‫وظ َ َّ‬
‫س)‪ ،‬هذه ل تحتاج إلى قيد ٍ ول شرط‪ ،‬بل تعمل هذا‬ ‫صاَر‪ ,‬وَلَي ْ َ‬ ‫ت‪َ ,‬و َ‬ ‫ل‪َ ,‬وبَا َ‬ ‫َ‬
‫العمل مباشرةً‪ ،‬سواء كانت منفية أم غير منفية‪ ،‬أما "ليس" فما يمكن أن‬
‫ة للنفي‪ ،‬وأما "كان" فتدل على حدوث شيءٍ‬ ‫تكون منفية لنها هي متضمن ٌ‬
‫في الزمن الماضي‪ ،‬و"أمسى" على حدوثه في وقت المساء‪ ،‬و"أصبح"‬
‫على حدوثه في وقت الصباح‪ ،‬و"أضحى" في وقت الضحى‪ ،‬و"ظل" يقولون‬
‫ة بالنهار‪ ،‬يعني حصل هذا العمل في وقت النهار‪ ،‬و"بات" يقولون‬ ‫ص ٌ‬ ‫إنها خا ّ‬
‫ة بالليل‪ ،‬ومما يدل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (‬ ‫ص ٌ‬ ‫هي خا ّ‬
‫فإنه ل يدري أين باتت يده )‪ ،‬فهذا ل يُطلق في "بات" إل على المساء‪،‬‬
‫وكذلك "صار" تدل على التحول‪ ،‬وأما "ليس" فهي دالة على النفي‪.‬‬
‫ثم نأتي إلى الفعال الخيرة التي يُشترط فيها تقدم النفي أو شبهه‪،‬‬
‫ط آخر سنذكره إن شاء الله‪ ،‬أما الربعة التي‬ ‫وهي أربعة‪ ،‬و" دام" لها شر ٌ‬
‫يُشترط فيها تقدم النفي أو شبهه فهي "زال" و"فتئ" و"انفك" و"برح"‪،‬‬
‫ت أو النهي‪،‬‬ ‫هذه لبد ن يتقدم عليها نفي‪ ،‬أو شبه النفي وهو الدعاء كما قل ُ‬
‫ة بـ"ما" المصدرية‬ ‫أما دام فإنه يُشترط لعملها هذا العمل أن تكون مسبوق ً‬
‫الظرفية‪ ،‬وسنذكر بعض المثلة إن شاء الله لهذه الفعال نتتبعها واحدةً‬
‫واحدةً‪.‬‬
‫حوَ كَا َ‬
‫ن‪,‬‬ ‫من ْ َها ن َ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫صَّر َ‬‫ما ت َ َ‬ ‫لكن نذكر ما ذكره المصنف هنا في قوله ( وَ َ‬
‫ن‪,‬‬ ‫ن‪ ,‬وَك ُ ْ‬ ‫وَيَكُو ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫صا" وَ َ‬ ‫خ ً‬ ‫شا ِ‬‫مٌرو َ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ما‪ ,‬وَلَي ْ َ‬ ‫ل "كَا َ‬
‫ن َزيْد ٌ قَائ ِ ً‬ ‫ح‪ ,‬تَقُو ُ‬ ‫صب ِ ْ‬‫ح وَأ ْ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫ح وَي ُ ْ‬ ‫صب َ َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ك )‪ ،‬يقول ل يلزم أن يكون الفعل هنا بلفظ الماضي‪ ،‬بل ل مانع أن‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫شب َ َ‬‫أَ ْ‬
‫يعمل هذا العمل وهو بلفظ المضارع‪ ،‬أو بلفظ المر وخاصة في الفعال‬
‫التي تتصرف‪ ،‬لن بعضها ل يتصرف‪ ،‬فأما الذي ل يتصرف وهو "ليس" فل‬
‫نحتاج إلى شيءٍ‪ ،‬لكن الفعال المتصرفة ل يضير أن تكون لفظ الماضي أو‬
‫المضارع أو المر أو حتى لو كانت بلفظ‬
‫اسم الفاعل أو اسم المفعول أو غيره‪ ،‬ل يضر‪ ،‬فهي تعمل هذا العمل‪.‬‬
‫ل﴿‬ ‫من شواهد إعمال هذه الكلمات أو هذه الفعال قول الله عّز وج ّ‬
‫ك ل ِمن ل َم يك ُ َ‬
‫ن أهْل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ذَل ِ َ َ ْ ْ َ ْ‬
‫ن‬‫حَرام ِ ﴾ [البقرة‪ ،]196 :‬انظروا بارك الله فيكم إلى ﴿ يَك ُ ْ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫ضرِي ال ْ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫َ‬
‫﴾‪ ،‬فإنها طبعًا ليست بلفظ الماضي‪ ،‬وإنما هي بلفظ المضارع‪ ،‬وقد عملت‬
‫َ‬
‫ضرِي‬ ‫حا ِ‬ ‫ه ﴾ هنا هي اسمها وهو مرفوع ٌ بالضمة‪ ،‬أما ﴿ َ‬ ‫هذا العمل‪ ،‬و ﴿ أهْل ُ ُ‬
‫ن"‪ ،‬ولكن للضافة تُحذف‬ ‫ضري َ‬
‫حا ِ ِ‬ ‫ضرِي ﴾ أصله " َ‬ ‫حا ِ‬ ‫﴾ فهو خبرها‪ ،‬طبعًا ﴿ َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪109‬‬
‫النون‪ ،‬فهو خبر "كان" منصوب‪ ،‬وعلمة نصبه الياء‪ ،‬أما من شواهد "أمسى"‬
‫قول الشاعر‪:‬‬
‫فإنّي وقيّاٌر بها لغريب‬ ‫فمن يكن أمسى بالمدينة رحلُه‬
‫" أمسى بالمدينة رحلُه"‪" ،‬أمسى" فعل ماض ناقص‪" ،‬بالمدينة" جار‬
‫ومجرور خبر مقدم‪" ،‬رحلُه" اسم "أمسى" مؤخر‪ ،‬وهنا كما ترون تقدم خبر‬
‫"أمسى" على اسمها‪ ،‬وهذا ل إشكال فيه‪ ،‬وفي كثيرٍ من منها ل إشكال في‬
‫تقدم الخبر على السم أو توسط الخبر بين الفعل والسم‪ ،‬ول إشكال في‬
‫ما كان‬ ‫ما كان عبد ُ الله"‪ ،‬أو "نائ ً‬ ‫كثيرٍ منها‪ ،‬بل تقدمه عليها‪ ،‬يعني تقول "نائ ً‬
‫زيدٌ"‪ ،‬فتُقدم الخبر على "كان" وعلى اسمها‪ ،‬ل مانع‪ ،‬ومن شواهد "أصبح"‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ح‬ ‫سى فَارِغًا ﴾ [القصص‪ ﴿ ،]10 :‬أ ْ‬
‫صب َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ح فُؤ َاد ُ أ ّ‬
‫مِ ُ‬ ‫صب َ َ‬
‫ل ﴿ وَأ ْ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫ض ناقص‪ ﴿ ،‬فُؤ َاد ُ ﴾ هذا اسمها‪ ﴿ ،‬فَارِغًا ﴾ هذا خبرها‪ ،‬أما "أضحى"‬ ‫﴾ فعل ما ٍ‬
‫فمن شواهده قول الشاعر‪:‬‬
‫وناب عن طيب لُقيانا‬ ‫أضحى التنائي بديل عن تدانينا‬
‫تجافين‬
‫ل ناقص‪ ،‬و" التنائي" هذا اسمها‪،‬‬ ‫" أضحى التنائي"‪" ،‬أضحى" هذا فع ٌ‬
‫و"بديل" هذا خبرها‪ ،‬طبعًا "التنائي" هنا ساكن الخر لنه اسم منقوص‪ ،‬فهو‬
‫مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل‪ ،‬هذه "أضحى"‪ ،‬أما‬
‫"بات" فمن شواهدها قول الشاعر‪:‬‬
‫يقصد في أسوقها وجائر‬ ‫بات يعشيها بعضب باتر‬
‫ل ناقص‪ ،‬واسمها ضميٌر مستتٌر يعود على المذكور في‬ ‫فـ"بات" هنا فع ٌ‬
‫البيت قبله‪ ،‬و" يعشيها" هذه الجملة واقعة في محل نصب خبر "بات"‪ ،‬أما‬
‫صار فمن شواهدها قول الرسول‬
‫ما أذن في‬ ‫ة حتى إذا صاروا فح ً‬ ‫صلى الله عليه وسلم ( فيُميتهم إمات ً‬
‫ما ) هذا‬ ‫الشفاعة )‪ ( ،‬صاَر ) واسمها الواو ضمير في محل رفع‪ ،‬و ( فح ً‬
‫ل﴿‬ ‫خبرها‪ ،‬أما "ليس" فمن شواهد إعمالها هذا العمل قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫س ﴾‪ ،‬وخبرها الجار‬ ‫ضرِيٍع ﴾ [الغاشية‪ ،]6 :‬هذه ﴿ لَي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م إ ِ ّل ِ‬
‫م طَعَا ٌ‬
‫س لَهُ ْ‬
‫لَي ْ َ‬
‫م ﴾ اسمها مؤخر‪.‬‬ ‫والمجرور متقدم هنا‪ ،‬و ﴿ طَعَا ٌ‬
‫ننتقل الن إلى الفعال التي تحتاج إلى سرد‪ ،‬وهي أن يتقدم عليها نف ٌّ‬
‫ي‬
‫أو شبهه‪ ،‬وهي أربعة‪ ،‬نعيدها مرة‬
‫ثانية "زال" و"فتئ" و"برح" "انفك"‪ ،‬هذه لبد أن يتقدم عليها إما نفي وإما‬
‫شبهه‪ ،‬انظروا إلى قول الشاعر‪:‬‬
‫ول زال منهل‬ ‫أل يا اسلمي يا دار مي على البلى‬
‫بجرعائك القطر‬
‫" ل زال منهل بجرعائك القطر"‪" ،‬ل" هنا دعائية‪ ،‬و"زال" هي الفعل‬
‫الناقص‪ ،‬و"منهل" هذا خبرها مقدم‪ ،‬و"القطر" هذا اسمها مؤخر‪ ،‬فقوله "ل‬
‫ف‬
‫ض كما رأيتم ومسبوقٌ بل الدعائية‪ ،‬وهذا مستو ٍ‬ ‫ل ما ٍ‬ ‫زال" هنا فع ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪110‬‬
‫ت آخر لنتحدث عنها‪ ،‬ونستمع‬ ‫للشروط‪ ،‬أما "انفك" وما يليها فسنؤجلها لوق ٍ‬
‫الن إلى السئلة منكم إذا كان لديكم أسئلة متعلقة بالموضوع‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫م ﴾ [الغاشية‪ ،]6 :‬هل الخبر هنا مقدم وجوبًا؟‬ ‫م طَعَا ٌ‬
‫س لَهُ ْ‬
‫﴿ لَي ْ َ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫ل يلزم‪ ،‬ممكن أن تؤخر الخبر‪.‬‬
‫سأل الطالب‪:‬‬
‫فماذا نقول؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫م لهم"‪ ،‬وإن كان "طعام" هنا نكرة وتحتاج‬ ‫يمكن أن تقول "ليس طعا ٌ‬
‫إلى مسوغ لنها كانت أصلها مبتدءًا‬
‫والمبتدأ يحتاج إلى مسوغ‪ ،‬لكن ل مانع‪ ،‬لن كلمة "طعام" ما دام دخلت‬
‫عليها "ليس" فإن "ليس" تحتاج إلى اسم ٍ وخبر‪ ،‬واسمها سيكون مرفوع ًا‪،‬‬
‫فمادام مرفوع ًا فل إشكال فيه‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫هل يُشترط المطابقة في المبتدأ والخبر في الفراد والتثنية والجمع؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬بدون شك‪ ،‬هذا من شروط المبتدأ والخبر أن يكونا متطابقين‬
‫مثنًّى فتُخبر عنه بالمفرد‪ ،‬أو‬ ‫ة وجمعًا‪ ،‬ول يصلح أن يكون المبتدأ ُ‬ ‫إفرادًا وتثني ً‬
‫يكون المبتدأ جمعًا فتخبر عنه بالمثنى‪ ،‬لبد أن يكون هذا متسقًا لنه حتى‬
‫بعض الحيان يشترطون إذا كان الخبر مشتقًا يرون أنه يتحمل الضمير الذي‬
‫يعود على المبتدأ‪ ،‬فلبد أن يكون الضمير مطابقًا للمبتدأ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ت في الفعال هذه أن فهيا‬ ‫فضيلة الشيخ‪ ،‬جزاكم الله خيًرا‪ ،‬ذكر َ‬
‫المتصرف وغير المتصرف‪ ،‬ومن الفعال التي ل تنصرف "ليس"‪ ،‬أما "دام"‬
‫هل الصحيح فيها أنها ل تنصرف أم تنصرف؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫"دام" فيها خلف هل هي متصرفة أم هي جامدة‪ ،‬ولكن الصحيح أنه‬
‫يجوز استعمالها ـ إذا استوفت الشروط ـ وهو تقدم "ما" المصدرية الظرفية‬
‫عليها يصح أن يأتي منها الماضي والمضارع‪ ،‬أما المر فل يأتي‪ ،‬لنه لبد من‬
‫تقدم "ما" المصدرية الظرفية عليها‪ ،‬فهي متصرفة تصرفًا جزئيًّا‪ ،‬بعضهم ل‬
‫يجيز حتى صيغة الفعل المضارع ويُلزم أن تكون بصيغة الماضي فقط‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫سميَّت أفعال كان وأخواتها وإن وأخواتها وظن وأخواتها‬ ‫جزاكم‪ ،‬لماذا ُ‬
‫أفعال ناقصة؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪111‬‬
‫سميت هذه الفعال أفعال ناقصة لنها ل تكتفي بمرفوعها‪ ،‬ل تكتفي‬ ‫ُ‬
‫بالفاعل‪ ،‬تعرفون أن الفعال في‬
‫ت "قام محمدٌ" هذه جملة تامة‪،‬‬‫ل من فاعل‪ ،‬فإذا قل َ‬
‫الصل لبد لكل فع ٍ‬
‫ت "كان محمدٌ" فهي ل تزال تحتاج إلى شيءٍ يكملها‪ ،‬فمن أجل‬ ‫لكن إذا قل َ‬
‫هذا نقول إنها ناقصة تحتاج إلى تكملة لهذا المر‪.‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر اليوم‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪.‬‬

‫الدرس الثاني عشر‬

‫ما‬
‫‪F‬‬
‫حمدًا لك اللهم كما ينبغي لجلل وجهك وعظيم سلطانك‪ ،‬وصلة ً وسل ً‬
‫دائمين متتابعين على الرحمة المهداة نبينا محمد ٍ صلى الله عليه وعلى آله‬
‫ما كثيًرا‪.‬‬
‫وسلم تسلي ً‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫نواصل الحديث في باب كان وأخواتها‪ ،‬وقد وصلنا إلى الفعال التي‬
‫ي أو شبهه‪ ،‬وانتهينا من الحديث‬
‫تحتاج لعمل هذا العمل أن يتقدم عليها نف ٌ‬
‫عن "زال"‪ ،‬ومثلنا لها ـ بل استشهدنا ـ بقول الشاعر‪:‬‬
‫ول زال منهل بجرعائك‬ ‫أل يا اسلمي يا دارمي على البلى‬
‫القطر‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪112‬‬
‫وقلنا إن "زال" هنا تقدمت عليها "ل" الدعائية‪ ،‬وخبرها هو "منهل"‬
‫ومتقدم هنا‪ ،‬و"القطر" اسمها مؤخر‪.‬‬
‫أما انفك فيستشهدون لها‪ ،‬وقد جاءت بلفظ الفعل المضارع في هذا‬
‫البيت‪ ،‬يستشهدون لها بقول الشاعر‪:‬‬
‫ل قنوع‬ ‫مق ٍ‬ ‫كل ذي عفّةٍ ُ‬ ‫ليس ينفك ذا غنًى واعتزازي‬
‫فـ"ليس" هنا هي النفي الذي تقدم على كلمة "ينفك" وأجاز أن نعملها‬
‫عمل كان وأخواتها‪ ،‬أما "ينفك" فجاءت بلفظ الفعل المضارع‪ ،‬وقد تقدم هنا‬
‫خبرها على اسمها هو قوله "ذا غنًى"‪ ،‬و"ذا" اسم من السماء الخمسة وهو‬
‫مضاف إلى كلمة "غنًى" ومنصوب وعلمة نصبه اللف‪ ،‬أما اسمها فهو قوله‬
‫ل ذي عفةٍ"‪ ،‬وقد جاء مؤخًرا كما ترون‪.‬‬ ‫"ك ّ‬
‫َّ‬
‫ل ﴿ قَالُوا تَالل ِ‬
‫ه‬ ‫أما فتئ يا أيها الحباب فيستشهدون له بقول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن ﴾ [يوسف‪،]85 :‬‬ ‫ن الْهَالِكِي َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫ضا أوْ تَكُو َ‬ ‫حَر ً‬ ‫ن َ‬ ‫حتَّى تَكُو َ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫تَفْتَأ تَذ ْكُُر يُو ُ‬
‫والشاهد في قوله تفتأ هنا صحيح أنه لم يتقدم عليها في ظاهر اللفظ نفي‪،‬‬
‫ُ‬
‫حتَّى تَكُو َ‬
‫ن‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ولكن النفي مقدر‪ ،‬لن التقدير والله أعلم " َل تَفْتَأ تَذ ْكُُر يُو ُ‬
‫ن "‪ ،‬فـ ﴿ تَفْتَأ ُ ﴾ هنا جاء بلفظ الفعل المضارع‪،‬‬ ‫ن الْهَالِكِي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬
‫َ‬
‫ضا أوْ تَكُو َ‬ ‫حَر ً‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ف ﴾ هذه الجملة‬ ‫س َ‬ ‫واسم ﴿ تَفْتَأ ﴾ هنا ضمير مستتر تقديره "أنت"‪ ،‬و﴿ تَذ ْكُُر يُو ُ‬
‫ب خبر‪.‬‬ ‫في محل نص ٍ‬
‫ح ع َلَيْهِ ع َاكِفِي َ‬
‫ن‬ ‫ل ﴿ لَ ْ‬
‫ن نَبَْر َ‬ ‫أما "برح" فمن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ فمعناها أنها‬ ‫ح ﴾ تقدمت عليها ﴿ ل َ ْ‬ ‫سى ﴾ [طـه‪ ﴿ ،]91:‬نَبَْر َ‬ ‫مو َ‬ ‫جعَ إِلَيْنَا ُ‬ ‫حتَّى يَْر ِ‬ ‫َ‬
‫ب ب﴿‬ ‫ح ﴾ هنا فعل مضارع‪ ،‬وهو منصو ٌ‬ ‫استوفت شرطها وهو النفي‪ ،‬و﴿ نَبَْر َ‬
‫ح ﴾‪ ،‬وأما اسمها فهو ضميٌر مستتٌر تقديره‬ ‫ن ﴾ خبر ﴿ نَبَْر َ‬ ‫ن ﴾‪ ،‬و﴿ ع َاكِفِي َ‬ ‫لَ ْ‬
‫ن"‪.‬‬ ‫ن ع َلَيْهِ ع َاكِفِي َ‬ ‫ح ُ‬
‫ح نَ ْ‬ ‫ن نَبَْر َ‬ ‫"نحن"‪ " ،‬ل َ ْ‬
‫أما "دام" فقد ذكرنا لكم أنه يُشترط لعملها أن تتقدم عليها "ما"‬
‫المصدرية الظرفية‪ ،‬أما كونها مصدرية فلنها تؤول مع ما بعدها بمصدر‪،‬‬
‫وأما كونها ظرفية فلنها تدل على المدة‪ ،‬وانظروا إلى نحو قول الله عّز‬
‫َ‬
‫حيًّا ﴾ [مريم‪ ،]31 :‬فإن التأويل فيها‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما د ُ ْ‬ ‫صَلةِ وَالَّزكَاةِ َ‬ ‫صانِي بِال َّ‬ ‫ل ﴿ وَأوْ َ‬ ‫وج ّ‬
‫أو التقدير‬
‫ـ والله أعلم ـ "مدة دوامي حيًّا"‪ ،‬فـ"مدة" هذه أخذنا منها الظرفية‪،‬‬
‫و"دوامي" هذه أخذنا منها‬
‫حيًّا ﴾ هو خبرها‪ ،‬فقوله‬ ‫المصدرية‪ ،‬أما "دام" هنا فاسمها هو التاء‪ ،‬و ﴿ َ‬
‫َ‬
‫حيًّا ﴾ "دام" استوفت شروطها‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما د ُ ْ‬ ‫صَلةِ وَالَّزكَاةِ َ‬ ‫صانِي بِال َّ‬ ‫سبحانه ﴿ وَأوْ َ‬
‫بتقدم "ما" المصدرية الظرفية عليها‪ ،‬وعملت هذا العمل‪ ،‬ذلك أن التاء هنا‬
‫حيًّا ﴾ هو‬‫ضمير متصل مبني على الضم في محل "رفع" اسم "دام"‪ ،‬و﴿ َ‬
‫خبرها‪.‬‬
‫يُقال كلم كثير عن تقدم أخبارها عليها أو توسط الخبار بينها وبين‬
‫أسمائها‪ ،‬أما التوسط فقد رأيتم من المثلة أنه جائز وكثير‪" ،‬ول زال منهل‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪113‬‬
‫َ‬
‫ضرِيٍع‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م إ ِ ّل ِ‬ ‫م طَعَا ٌ‬ ‫س لَهُ ْ‬ ‫ل ﴿ لَي ْ َ‬‫بجرعائك القطر"‪ ،‬وفي قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [الغاشية‪ ،]6 :‬ل مانع من أن يتوسط الخبر بين الفعل وبين السم‪.‬‬
‫أما تقدم أخبارها عليها فباتفاق ل يجوز تقدم خبر "دام" عليها‪ ،‬لم؟ لن‬
‫"ما" المصدرية من اللفاظ التي لها الصدارة‪ ،‬فل يتقدم شيءٌ من متبوعاتها‬
‫ل‪ ،‬والصحيح أنه ل يجوز تقدم خبرها عليها‬ ‫ف طوي ٌ‬ ‫عليها‪ ،‬أما ليس ففيها خل ٌ‬
‫لنه لم يرد له شواهد‪ ،‬أما بقية الفعال فباتفاق لم يُخالف في جواز تقدم‬
‫أخبارها عليها أحد ٌ إل إن كان النفي الذي نشترطه في الدوات التي يُشترط‬
‫فيها تقدم النفي عليها‪ ،‬إن كان النفي بـ"ما" فإنهم ل يجيزون تقدم الخبر‬
‫عليها‪ ،‬أما إن كان النفي بـ"ل" أو بـ"لن" أو بغيرها فل مانع من تقدم أخبارها‬
‫عليها‪.‬‬
‫ن وأخواتها‪ ،‬قال المصنف (‬ ‫ب جديد ٍ وهو باب إ ّ‬ ‫ثم ننتقل بعد هذا إلى با ٍ‬
‫ر )‪،‬‬‫خب َ َ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫وتَْر َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ها تَن ْ ِ‬ ‫فإِن َّ َ‬ ‫ها َ‬‫وات ُ َ‬ ‫وأ َ َ‬
‫خ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وأ َ َّ‬
‫ما إ ِ َّ‬ ‫َ‬
‫كما ترون عملها عكس عمل كان وأخواتها‪ ،‬لن في كان وأخواتها كان‬
‫السم هو المرفوع والخبر هو المنصوب‪ ،‬أما هنا فبالعكس‪ ،‬إن وأخواتها‬
‫يكون اسمها منصوبًا ويكون خبرها مرفوع ًا‪.‬‬
‫ثم قال ابن آجروم رحمه الله ( وهي ) يعني يعدد الن إن وأخواتها‪،‬‬
‫ع َّ‬ ‫ن‪ ،‬وكَأ َ‬ ‫ن‪ ،‬وأ َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ول َ َ‬‫َ‬ ‫ت‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ول‬
‫َ‬ ‫ن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ول‬
‫َ‬ ‫ن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ :‬إ ِ َّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬
‫فيقول ( َ‬
‫ه‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫شب َ َ‬ ‫و َ‬
‫ص‪َ ،‬‬
‫خ ٌ‬ ‫مًرا َ‬
‫شا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ولَي ْ َ‬
‫ت َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫دا َ‬
‫قائ ِ ٌ‬ ‫ن َزي ْ ً‬‫ل‪ :‬إ ِ َّ‬
‫قو ُ‬‫تَ ُ‬
‫ك ) مثل لنا‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫بمثالين‪ ،‬أحدها لـ"إن" والخر لـ"ليت"‪ ،‬وعليك أن تقيس‪ ،‬وهنا فيه اختلف‬
‫بينها وبين كان وأخواتها من حيث توسط الخبر ومن حيث تقدم الخبر عليها‪،‬‬
‫فأول بإجماع ل يجوز تقدم أخبارها عليها‪ ،‬أما توسط الخبر بين "إن" واسمها‬
‫ما ظرفًا‬ ‫أو "ليت" واسمها أو "لعل" واسمها فإنه جائٌز بشرط أن يكون إ ّ‬
‫ن‬‫وإما جاًرا ومجروًرا‪ ،‬وإذا كان غير ذلك فل يجوز‪ ،‬فل يجوز أن تقول "إ ّ‬
‫ن في الدار زيدًا"‪ ،‬تقدم خيره‬ ‫مجتهد ٌ زيدًا"‪ ،‬هذا بإجماع‪ ،‬ويجوز أن تقول "إ ّ‬
‫َ‬
‫ما ﴾ [المزمل‪،]12:‬‬ ‫حي ً‬ ‫ن لَدَيْنَا أنْكَاًل وَ َ‬
‫ج ِ‬ ‫ل ﴿ إ ِ َّ‬‫وهو جار ومجرور‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾‪ ،‬و ﴿ أَنْكَاًل ﴾ هو اسمها وقد تأخر‪ ،‬ول إشكال‬ ‫فـ ﴿ لَدَيْنَا ﴾ هذا هو خبر ﴿ إ ِ َّ‬
‫ف فبإجماع ل يجوز‪ ،‬هذا فارقٌ‬ ‫فيه لن الخبر هنا ظرف‪ ،‬أما لو كان غير ظر ٍ‬
‫دقيقٌ بين كان وأخواتها وإن وأخواتها‪.‬‬
‫هنا كانت المسألة مفتوحة من حيث توسط الخبر‪ ،‬سواءٌ أكان ظرفًا أم‬
‫غيره‪ ،‬أما هنا فل يجوز أن يتوسط الخبر إل إذا كان ظرفًا أو جاًرا ومجروًرا‪،‬‬
‫ول يجوز تقدمه مطلقًا وبإجماع ل خلف في ذلك‪.‬‬
‫ن" حرف توكيد ونصب‪ ،‬ويمكن‬ ‫م"‪" ،‬إ ّ‬ ‫مثل لنا بمثالين فقال "إن زيدًا قائ ٌ‬
‫ف ناسخ‪ ،‬هذه كلها حروف‪ ،‬وهناك أفعال في باب كان‬ ‫ن" حر ٌ‬‫أن تقول "إ ّ‬
‫ن" حرف توكيد ونصب‪" ،‬زيدًا"‬ ‫ن" حرف ناسخ‪ ،‬أو "إ ّ‬ ‫وأخواتها‪ ،‬أقول "إ ّ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪114‬‬
‫ص"‪ ،‬فـ"ليت"‬ ‫اسمها منصوب‪" ،‬قائم" خبرها‪ ،‬ومثله قولك "ليت عمًرا شاخ ٌ‬
‫ص خبرها‪.‬‬ ‫ف ناسخ‪ ،‬وعمًرا اسمها‪ ،‬وشاخ ٌ‬ ‫حر ٌ‬
‫َ‬
‫ن" فبإجماٍع أنها تدل‬ ‫ن لِلتَّوْكِيد ِ )‪ ،‬أما "إ ّ‬ ‫ن وَأ َّ‬ ‫معْنَى إ ِ َّ‬ ‫قال المصنف ( وَ َ‬
‫ف هل تدل على التوكيد أو ل تدل‬ ‫ف‪ ،‬فيها خل ٌ‬ ‫ن" فبخل ٍ‬ ‫على التوكيد‪ ،‬وأما "أ ّ‬
‫ن" قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما‬ ‫على التوكيد‪ ،‬من شواهد "إ ّ‬
‫ن أبغض الرجال إلى الله اللد ُّ الخصم )‪ ،‬فأبغض هنا اسم‬ ‫رواه الشيخان ( إ ّ‬
‫ن"‪ ،‬و"اللدُّ" خبرها‪ ،‬و"الخصم" يمكن أن تجعلها خبًرا ثانيًا ويمكن أن‬ ‫"إ ّ‬
‫ن"‪ ،‬قال‬ ‫ل‪ ،‬وهذا شاهد ٌ لعمال "أ ّ‬ ‫ة لـ"اللد"‪ ،‬وقال الله عّز وج ّ‬ ‫تجعلها صف ً‬
‫َ‬ ‫سلْنَا ال َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م أًّزا‬ ‫ن تَؤُُّزهُ ْ‬ ‫ن ع َلَى الْكَافِرِي َ‬ ‫شيَاطِي َ‬ ‫م تََر أنَّا أْر َ‬ ‫ل ﴿ أل َ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫ن"‪ ،‬وهي ناسخة‪ ،‬و"نَا" اسمها ضمير‬ ‫ن" هذه من أخوات "إ ّ‬ ‫﴾ [مريم‪ ،]83:‬فـ"أ َّ‬
‫سلْنَا‬ ‫َ‬
‫متصل مبني على السكون في محل نصب‪ ،‬وقوله سبحانه ﴿ أْر َ‬
‫ن"‪.‬‬ ‫ن ﴾ هذه الجملة واقعة في محل رفع خبر "أ َّ‬ ‫ال َّ‬
‫شيَاطِي َ‬
‫ل﴿‬ ‫ك )‪ ،‬ومن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬ ‫ستِدَْرا ِ‬ ‫ن لِِل ْ‬ ‫قال المصنف ( وَلَك ِ َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ن ﴾ [يونس‪ ،]44 :‬فـ‬ ‫مو َ‬ ‫م يَظْل ِ ُ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫س أن ْ ُف َ‬ ‫ن النَّا َ‬ ‫شيْئًا وَلَك ِ َّ‬ ‫س َ‬ ‫م النَّا َ‬ ‫ه َل يَظْل ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ن ﴾ منصوب‪ ،‬وجملة ﴿‬ ‫س ﴾ هنا اسم ﴿ لَك ِ َّ‬ ‫﴿ النَّا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سه ُ ْ‬
‫م‬ ‫مقدّم‪ ،‬فـ ﴿ أنْفُ َ‬ ‫ن﴾ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫م ﴾ مفعول ﴿ يَظْل ِ ُ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫ن ﴾ فـ ﴿ أن ْ ُف َ‬ ‫مو َ‬ ‫م يَظْل ِ ُ‬‫سه ُ ْ‬ ‫أنْفُ َ‬
‫ف يدل على‬ ‫ن ﴾ هنا حر ٌ‬ ‫ن ﴾‪ ،‬و ﴿ لَك ِ َّ‬ ‫ن ﴾ هنا في محل رفع خبر ﴿ لَك ِ َّ‬ ‫مو َ‬ ‫يَظْل ِ ُ‬
‫الستدراك‪ ،‬وهذا معناه الذي ذكره المصنف‪.‬‬
‫ف واحدٌ‪ ،‬وبعضهم يقول ل‪،‬‬ ‫ن ﴾ بعضهم يرى أنها حر ٌ‬ ‫مما يُقال في ﴿ لَك ِ َّ‬
‫خففت بحذف الهمزة‪،‬‬ ‫ن" و ُ‬ ‫إنها مركبة من حرفين‪ ،‬من "ل" النافية و"كأ ّ‬
‫ل في هذا الموضوع‪.‬‬ ‫والصواب أنها حرف واحدٌ‪ ،‬ولذلك ل نحتاج إلى تطوي ٍ‬
‫ف يدل على التشبيه‪ ،‬كما قال‬ ‫ن" يا أيها الحباب فهي حر ٌ‬ ‫أما "كأ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مكَان َ ُ‬
‫ه‬ ‫منَّوْا َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ح ال ّذِي َ‬ ‫صب َ َ‬ ‫ل ﴿ وَأ ْ‬ ‫المصنف هنا‪ ،‬من شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫َ َ َ َّ‬
‫عبَادِهِ َويَقْدُِر‬ ‫ن ِ‬ ‫م‬
‫شاءُ ِ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م‬ ‫ط الّرِْزقَ ل ِ‬ ‫س ُ‬ ‫س يَقُولُو َ‬ ‫باْل َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه يَب ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن الل‬ ‫ن وَيْكأ ّ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ف ناس ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ لفظ‬ ‫خ‪ ﴿ ،‬الل َ‬ ‫ن ﴾ حر ٌ‬ ‫سط ﴾‪ ﴿ ،‬كأ ّ‬ ‫ه يَب ْ ُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫﴾ [القصص‪ ﴿ ،]82 :‬وَيْكأ ّ‬
‫سط الّرِْزقَ ﴾ هذه الجملة في‬ ‫ُ‬ ‫الجللة اسمها منصوب على التعظيم‪ ﴿ ،‬يَب ْ ُ‬
‫ن" كما ترون دالة على التشبيه‪.‬‬ ‫ن ﴾‪ ،‬و"كأ ّ‬ ‫محل رفع خبر ﴿ كَأ َ َّ‬
‫ضا ( ولَي ْت لِلت َّمنِّي‪ ،‬ولَعَ َّ‬
‫جي )‪ ،‬فما الفرق بين‬ ‫ل لِلتََّر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫قال المصنف أي ً‬
‫التمني والترجي‪ ،‬التمني طلب ما يستحيل حصوله أو ما يبعد حصوله‪،‬‬
‫التمني طلب المستحيل أو ما يبعد حصوله‪ ،‬وأما الترجي فهو طلب ما هو‬
‫ضا‪ ،‬من شواهد ذلك‬ ‫قريب الحصول أو ممكن الحصول أو متوقع الحصول أي ً‬
‫قول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله‬
‫عنها قالت‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر‪ ،‬فلما قدم المدينة قال‬
‫حا يحرسني الليلة )‪ ،‬فـ( رجل ) هذا اسمها‪ ،‬و(‬ ‫( ليت رجل من أصحابي صال ً‬
‫ح ) صفة ثانية‪ ،‬وجملة‬ ‫من أصحابي ) هذه جار ومجرور صفة لرجل‪ ،‬و( صال ٌ‬
‫( يحرسني ) في محل رفع خبر ( ليت )‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪115‬‬
‫قّ‬
‫ح ِ‬ ‫ب بِال ْ َ‬ ‫ه الَّذِي أَنَْز َ‬
‫ل الْكِتَا َ‬
‫َ‬
‫ل ﴿ الل ّ ُ‬ ‫من شواهد "لعل" قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴾ حرف‬ ‫َ‬ ‫ب ﴾ [الشورى‪ ،]17 :‬فـ ﴿ لَعَ ّ‬ ‫ة قَرِي ٌ‬ ‫ساع َ َ‬‫ل ال َّ‬‫ك لَعَ َّ‬ ‫ما يُدْرِي َ‬ ‫وَال ْ ِ‬
‫ن وَ َ‬ ‫ميَزا َ‬
‫ب ﴾ خبرها‪.‬‬ ‫ة ﴾ اسمها‪ ،‬و ﴿ قَرِي ٌ‬ ‫ناسخ‪ ،‬و ﴿ ال َّ‬
‫ساع َ َ‬
‫ل بأس أن نذكر في ختام هذا الموضوع ما يتعلق بـ"لعل" من ما ذكره‬
‫ن‪ ،‬أولها كما ذكرنا‬ ‫المرادي في كتابه‪ ،‬قال المرادي‪ :‬و"لعل" لها ثمانية معا ٍ‬
‫قبل قليل الترجي‪ ،‬ومنها قولك "لعل الله يرحمنا"‪ ،‬ففي هذا المثال رجاؤك‬
‫رحمة الله‪ ،‬المعنى الثاني من معانيها الشفاق‪ ،‬كقولك "لعل العدوَّ قادم"‪،‬‬
‫فأنت تتوقع وصوله أو تخاف منه أو تشفق منه فتقول ذلك‪ ،‬من معاني‬
‫ل ـ على سبيل المثال‪ ،‬وهو كثير ـ ﴿‬ ‫"لعل" التعليل‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ [البقرة‪ ،]150 :‬أي "ولتهدوا" والله أعلم‪ ،‬من معانيها كما‬ ‫م تَهْتَدُو َ‬ ‫ْ‬ ‫وَلَعَلَّك ُ‬
‫َ‬
‫ه يََّزكَّى‬ ‫ك لَعَل ّ ُ‬ ‫ما يُدْرِي َ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫ذكر المرادي الستفهام‪ ،‬ومنه وقول الله عّز وج ّ‬
‫﴾ [عيسى‪ ،]3 :‬قال لن المعنى هنا "وما يدريك هل يزكّى"‪ ،‬فكأنها دالة على‬
‫الستفهام في هذه الية الكريمة‪ ،‬قال ومن معانيها الشك‪ ،‬ومنه أن تقول‬
‫ك في مجيء شخص "لعله يجيء"‪ ،‬أنت تشك في مجيئه‪ ،‬وهذه‬ ‫وأنت شا ٌّ‬
‫بعض المعاني التي أوردها المرادي في كتابه "الجنى الداني في حروف‬
‫ن‬ ‫ما وخاصة التي لها معا ٍ‬ ‫ب قيم ذكر فيه الحروف عمو ً‬ ‫المعاني"‪ ،‬وهو كتا ٌ‬
‫ن وأخواتها‪ ،‬منها "إل" وهكذا‪،‬‬ ‫متعددة أو مختلفة‪ ،‬منها حروف الجر‪ ،‬منها إ ّ‬
‫ذكر لها معاني متعددة‪.‬‬
‫ن وأخواتها وقد انتهينا من الحديث فيها‪ ،‬ول إشكال فيها إل من‬ ‫هذه إ ّ‬
‫ت لكم أنه ل يجوز بإجماع‪ ،‬ومن ناحية‬ ‫ناحية تقدم أخبارها عليها كما ذكر ُ‬
‫توسط أخبارها بينها وبين أسمائها‪ ،‬وإل فل إشكالت فيها والحمد لله رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫ب جديد ذكره المصنف وهو ظن وأخواتها‪ ،‬فقال المصنف‬ ‫ننتقل إلى با ٍ‬
‫ب‬ ‫ص ُ‬ ‫ها تَن ْ ِ‬ ‫فإِن َّ َ‬‫ها َ‬ ‫وات ُ َ‬ ‫خ َ‬‫وأ َ َ‬‫ت َ‬ ‫ما ظَنَن ْ ُ‬ ‫وأ َ َّ‬‫رحمنا الله وإياه ( َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ها )‪ ،‬تقول "ظنن ُ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫عوَل ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫علَى أن َّ ُ‬ ‫خبََر َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫مبْتَدَأ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ض‪ ،‬والتاء فاعل‪" ،‬زيدًا" مفعول به أول‪،‬‬ ‫ل ما ٍ‬ ‫ن" فع ٌ‬ ‫زيدًا مجتهدًا"‪" ،‬ظ َّ‬
‫ن‪ ،‬فبعد أن كانت كلمة "زيد ٌ مجتهدٌ" كانت مبتدءًا‬ ‫ل به ثا ٍ‬ ‫و"مجتهدًا" مفعو ٌ‬
‫ن" فنسخت حكمها فجعلت المبتدأ مفعول به أول‪،‬‬ ‫وخبًرا دخلت عليها "ظ ّ‬
‫والخبر مفعول به ثانيًا‪ ،‬وغيرت حكم الرفع إلى النصب‪ ،‬فصار المبتدأ منصوبًا‬
‫على أنه مفعول به أول‪ ،‬وصار الخبر منصوبًا على أنه مفعول به ثاني‪.‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫سب ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ي‪ :‬ظَنَن ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬
‫ضا ( َ‬ ‫قال المصنف أي ً‬
‫وات َّ َ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬‫خذْ ُ‬ ‫ت‪َ ،‬‬
‫جدْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬
‫ت‪َ ،‬‬ ‫م ُ‬‫عل ِ ْ‬‫و َ‬‫ت‪َ ،‬‬‫وَرأي ْ ُ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫م ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَز َ‬ ‫َ‬
‫ما"‪،‬‬ ‫ت َزيْدًا َ‬
‫قائ ِ ً‬ ‫َ‬
‫ل‪" :‬ظنَن ْ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ت؛ ت َ ُ‬
‫ع ُ‬‫م ْ‬
‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫عل ُ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫َ‬
‫ما‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫صا"‪َ ،‬‬ ‫مًرا شاخ ً‬ ‫ع ْ‬‫ت َ‬ ‫و"َرأي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ك )‪ ،‬نبدأ بآخر كلمة قالها لنه قليل ما ذ ُكرت هذه الكلمة وهي‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫شب َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ت"‪ ،‬هو ذكرها وقد سبقه بعض النحويين وهو الفارسي‪ ،‬ذكرا‬
‫كلمة "سمع ُ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪116‬‬
‫ن وأنها تنصب مفعولين‪ ،‬لكن بشرط أن يكون المفعولن‬ ‫أنها من أخوات ظ َّ‬
‫ت زيدًا" هنا تنصب‬ ‫ت "سمع ُ‬ ‫ما‪ ،‬يعني لو قل َ‬ ‫اللذان تنصبها "سمع" ليس كل ً‬
‫ت كلم زيدٍ"‪.‬‬ ‫مفعول به واحد‪ ،‬يعني "سمع ُ‬
‫ت زيدًا مجتهدًا"‪،‬‬ ‫فهذه ل تنصب إل مفعول به واحد‪ ،‬لكن لو قلت "سمع ُ‬
‫ل من النحويين ذكرها‬ ‫ت لكم إنه قلي ٌ‬ ‫هذه هي التي تنصب مفعولين‪ ،‬وكما قل ُ‬
‫ن وأخواتها‪.‬‬ ‫في باب ظ ّ‬
‫ثم نعود من الول فنقول هذه الفعال تدخل على المبتدأ والخبر‬
‫ة بالقلب أو‬ ‫فتنصبهما مفعولين‪ ،‬هذه الفعال لبد أن تكون معانيها متعلق ً‬
‫بالفكر‪ ،‬ولذلك يسميها بعضهم باب الفعال القلبية‪ ،‬أو باب الفعال التي‬
‫تنصب مفعولين‪ ،‬أو باب ظن وأخواتها‪ ،‬هناك تسميات متعددة لهذا الباب‪،‬‬
‫ة بالقلب أو بالفكر أو بالعقل أو ما شاكل‬ ‫لكن لبد أن تكون معانيها متعلق ً‬
‫ذلك‪ .‬بعضها يدل على اليقين في الخبر‪ ،‬وبعضها يدل على الرجحان‪ ،‬وبعضها‬
‫يحتمل المرين ويغلب فيه مثل الرجحان وبعض آخر يغلب فيه اليقين‪ ،‬وكل‬
‫واحدةٍ منها سنبين عندما نذكرها إن شاء الله تعالى ما الصل فيها‪.‬‬
‫ن" الكثير والغالب فيها أن تدل على الرجحان‬ ‫ن"‪" ،‬ظ ّ‬ ‫فنبدأ أول بـ"ظ ّ‬
‫ل‬
‫ض ٍ‬‫ن فَ ْ‬ ‫م ْ‬‫م ع َلَيْنَا ِ‬ ‫ما نََرى لَك ُ ْ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫في الخبر‪ ،‬من شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫ن" هنا دالة على الرجحان في الخبر‪،‬‬ ‫ن ﴾ [هـود‪" ،]27 :‬ظ ّ‬ ‫م كَاذِبِي َ‬ ‫ل نَظُنُّك ُ ْ‬ ‫بَ ْ‬
‫ل به ثان‪ .‬أما ورودها دالة على‬ ‫ن ﴾ مفعو ٌ‬ ‫والكاف مفعول به أول‪ ،‬و ﴿ كَاذِبِي َ‬
‫اليقين في الخبر ـ وهذا قليل‪ ،‬فالغالب فيها أن تدل على الرجحان ـ فنحو‬
‫َ‬
‫صَلةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيَرة ٌ إ ِ ّل ع َلَى‬ ‫صبْرِ وَال َّ‬ ‫ستَعِينُوا بِال َّ‬ ‫ل ﴿ وَا ْ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴿‪﴾46‬‬‫جعُو َ‬ ‫م وَأنَّهُ ْ‬
‫م إِلَيْهِ َرا ِ‬ ‫مَلقُو َرب ِّهِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن أنَّهُ ْ‬‫ن يَظُنُّو َ‬ ‫ن ﴿‪ ﴾45‬ال ّذِي َ‬ ‫شعِي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫﴾[البقرة‪ ،]46 ،45:‬هؤلء الخاشعون متيقنون بأنهم ملقون الله سبحانه‬
‫حا عندهم‪ ،‬بل هو يقين‪ ،‬ولذلك خشعوا في صلتهم‪﴿ ،‬‬ ‫وتعالى‪ ،‬فليس مترج ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن يَظُنُّو َ‬
‫ن‬ ‫ن ﴿‪ ﴾45‬ال ّذِي َ‬ ‫شعِي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫وَإِنَّهَا ﴾ يعني الصلة‪ ﴿ ،‬وَإِنَّهَا لَكَبِيَرة ٌ إ ِ ّل ع َلَى ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن" وما دخلت‬ ‫ن ﴿‪ ،﴾ ﴾46‬أين مفعولها؟ "أ ّ‬ ‫جعُو َ‬ ‫م إِلَيْهِ َرا ِ‬
‫م وَأنَّهُ ْ‬ ‫مَلقُو َربِّهِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫أنَّهُ ْ‬
‫ن" وما دخلت عليه مفعول‬ ‫عليه سدّت مسد ّ المفعولين‪ ،‬بعضهم يرى أن "أ ّ‬
‫به أول‪ ،‬والمفعول به الثاني مقدر‪ ،‬فيكون التقدير‬
‫في هذه الية الكريمة "يظنون ملقاة ربهم حاصلة"‪ ،‬وهكذا انهجوا هذا‬
‫ن" وأخواتها فإنه يمكن أن‬ ‫ن" وأخواتها "أ ّ‬ ‫النهج في كل ما ورد في باب "ظ ّ‬
‫تؤولها بمصدر فتجعلها كافية أو سادة مسد المفعولين‪ ،‬أو تقول ل‪ ،‬هذا‬
‫مصدر وهو المفعول به الول والمفعول به الثاني مقدر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫خلدُو َ‬ ‫م َ‬‫ن ُ‬‫م وِلدَا ٌ‬ ‫ف ع َليْهِ ْ‬ ‫ل ﴿ َويَطُو ُ‬ ‫من شواهد "حسب" قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫منْثُوًرا ﴾ [النسان‪" ،]19 :‬حسب" هنا الغالب فيها‬ ‫م لُؤ ْلُؤ ًا َ‬ ‫سبْتَهُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫إِذ َا َرأيْتَهُ ْ‬
‫أن تدل على الرجحان في الخبر‪" ،‬حسب" هذا هو الفعل‪ ،‬والتاء فاعل‪،‬‬
‫ن‪ ،‬أما ورود حسب ـ وهو‬ ‫ل به ثا ٍ‬ ‫و"هم" مفعول به أول‪ ،‬و﴿ لُؤ ْلُؤ ًا ﴾ مفعو ٌ‬
‫ة على اليقين في الخبر فكقول الشاعر‪:‬‬ ‫قليل ـ دال ً‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪117‬‬
‫رباحا إذا ما المرء أصبـح‬ ‫حسبت التقى والجود خير بضاعة‬
‫ثاقل‬
‫"حسبت التقى والجود خير"‪ ،‬فـ"التقى" هو المفعول به الول‪ ،‬و"خير"‬
‫هو المفعول به الثاني‪.‬‬
‫أما "خال" يا أيها الحباب فكذلك‪ ،‬الكثير والغالب فيها أن تكون دالة‬
‫على الرجحان في الخبر‪ ،‬ولكن قد ترد دالة على اليقين في الخبر‪ ،‬ومنه‬
‫قول الشاعر‪:‬‬
‫يسومك ما ل يُستطاع‬ ‫إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى‬
‫من الوجد‬
‫ل به‬ ‫ل به أول‪ ،‬و"ذا هوًى" مفعو ٌ‬ ‫ل مضارع‪ ،‬والكاف مفعو ٌ‬ ‫"إخال" هذا فع ٌ‬
‫ثاني منصوب‪ ،‬وعلمة نصبه اللف لنه من السماء الخمسة‪ ،‬أما ورود خال‬
‫دالة على اليقين في الخبر فهو قليل‪ ،‬ولكن يستشهدون له بقول الشاعر‪:‬‬
‫لي اسم فل أدعى به و هو‬ ‫دعاني الغواني عمهن و خلتني‬
‫أول‬
‫يعني أن الغواني قلن لي "يا عم"‪ ،‬وهو ل يريد أن يقلن له "يا عم" لنه‬
‫يرى نفسه شبابًا‪ ،‬فيقول " و خلتني لي اسم فل أدعى به و هو أول "‪ ،‬يعني‬
‫أحسن أن يُقال لي فلن‪ ،‬ول يقلن "يا عم"‪ ،‬المهم أن "خال" هنا تدل على‬
‫اليقين‪ ،‬لنه متأكد أن له اسم‪.‬‬
‫أما "زعم" فل تدل إل على الرجحان في الخبر‪ ،‬ول تدل إل على‬
‫ل يَا‬ ‫ل ﴿ قُ ْ‬ ‫الرجحان في الخبر‪ ،‬ول تدل على اليقين‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫أَيُها الَّذين هَادوا إن زع َمتم أَنَك ُ َ‬
‫ن‬
‫ت إِ ْ‬ ‫موْ َ‬ ‫منَّوُا ال ْ َ‬
‫س فَت َ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن النَّا‬ ‫ِ‬ ‫ن دُو‬
‫ْ‬ ‫م أوْلِيَاءُ لِل ّهِ ِ‬
‫م‬ ‫ُ ِ ْ َ ْ ُ ْ ّ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن لَ ْ‬ ‫ن كَفَُروا أ ْ‬ ‫م ال ّذِي َ‬ ‫ن ﴾ [الجمعة‪ ،]6 :‬ومنه قوله سبحانه ﴿ َزع َ َ‬ ‫صادِقِي َ‬ ‫م َ‬‫كُنْت ُ ْ‬
‫ن"‬ ‫يُبْعَثُوا ﴾ [التغابن‪ ،]7 :‬وأكثر ما تتعدى به "زعم" أن تكون داخلة على "أ َّ‬
‫بمصدر‬
‫ٍ‬ ‫ن" وما يتلوها من مصدر أو ما يؤول‬ ‫واسمها وخبرها‪ ،‬أو على "أ ْ‬
‫بعدها‪ ،‬هذا أكثر ما يجئ الفعل زعم‪ ،‬وقد ورد ناصبًا لمفعولين ليس فيهما ل‬
‫ن"‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬ ‫ن" ول "أ َّ‬ ‫"أ ْ‬
‫إنما الشيخ من يدب‬ ‫خ‬‫ت بشي ٍ‬ ‫خا وليس ُ‬ ‫زعمتني شي ً‬
‫ب‬
‫دبي ً‬
‫خا" مفعول به ثاني‪.‬‬ ‫خا "‪ ،‬الياء مفعول به أول‪ ،‬و"شي ً‬ ‫" زعمتني شي ً‬
‫أما "وجد" فهي أحيانًا تكون قلبية‪ ،‬وأحيانًا بمعنى عثر على ضالته‪ ،‬يعني‬
‫ن" يعني حقد عليه‪،‬‬ ‫وجدها‪ ،‬وأحيانًا تكون بمعنى حقد عليه‪" ،‬وجد على فل ٍ‬
‫فإذا كانت بمعنى حقد فهي ما تتعدى إلى شيءٍ‪ ،‬ل تنصب أصل مفعول به‪،‬‬
‫وإن كانت بمعنى عثر على ضالته فهي تنصب مفعول به واحد‪ ،‬تقول "وجد‬
‫محمد ٌ بعيره"‪ ،‬أو "قلمه" أو "كتابه"‪ ،‬وأما في هذا الباب فإنها تنصب‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫جرِ ُ‬ ‫م ْ‬‫ل ﴿ وََرأى ال ْ ُ‬ ‫مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر‪ ،‬في قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫صرِفًا ﴾ [الكهف‪ ،]53 :‬من أي‬ ‫م ْ‬ ‫جدُوا ع َنْهَا َ‬ ‫موَاقِعُوهَا وَل َ ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫م ُ‬‫النَّاَر فَظَنُّوا أنَّهُ ْ‬
‫ن ضالته"‪.‬‬ ‫النواع هذه؟ هذه من مثل قولك "وجد فل ٌ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪118‬‬
‫َ‬
‫عنْد َ الل ّهِ‬ ‫جدُوه ُ ِ‬ ‫ل ﴿ تَ ِ‬ ‫ة لمفعولين فنحو قول الله عّز وج ّ‬ ‫أما ورودها ناصب ً‬
‫خيًْرا‬ ‫جدُوه ُ ﴾ مفعول به أول‪ ،‬و ﴿ َ‬ ‫خيرا وأَع ْظ َ َ‬
‫جًرا ﴾ [المزمل‪ ﴿ ،]20 :‬ت َ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ‬ ‫هُوَ َ ْ ً َ‬
‫ل به ثاني‪.‬‬ ‫﴾ مفعو ٌ‬
‫أما "رأى" فالكثير والغالب فيها أن تكون دالة على اليقين في الخبر‪،‬‬
‫جمع بين‬ ‫وقد ترد دالة على الشك أو على الرجحان في الخبر‪ ،‬ومن ذلك ُ‬
‫ه بَعِيدًا ﴿‪ ﴾6‬وَنََراه ُ قَرِيبًا ﴿‪﴾7‬‬ ‫م يََروْن َ ُ‬ ‫ل ﴿ إِنَّهُ ْ‬ ‫الدللتين في قول الله عّز وج ّ‬
‫ه بَعِيدًا ﴾ فإن هذه الرؤية‬ ‫م يََروْن َ ُ‬ ‫﴾ [المعارج‪ ،]7 ،6 :‬فأما قوله سبحانه ﴿ إِنَّهُ ْ‬
‫تدل على الرجحان في الخبر‪ ،‬لنه يترجح عندهم بعد قيام الساعة‪ ،‬أما قوله‬
‫سبحانه ﴿ َونََراه ُ قَرِيبًا ﴾‪ ،‬فإن هذا يدل على اليقين في الخبر‪ ،‬وهو الغالب‬
‫فيها‪.‬‬
‫قبل أن ننتقل عن "رأى"‪" ،‬رأى" أحيانًا تأتي بصرية‪ ،‬وأحيانًا تأتي علمية‬
‫حلمية‪ ،‬يعني من‬ ‫وهي التي ذكرناها في هذه الية الكريمة‪ ،‬وأحيانًا تأتي ُ‬
‫حلم" وهو المنام‪ ،‬فإذا كانت بصرية فإنها تنصب مفعول به واحد فقط‪،‬‬ ‫"ال ُ‬
‫ت الرض"‪ ،‬إلخ‪ ،‬ل تنصب إل‬ ‫ت الباب"‪ ،‬أو "رأي ُ‬ ‫ت محمدًا"‪ ،‬أو "رأي ُ‬ ‫تقول "رأي ُ‬
‫مفعول به واحد‪ ،‬وإن كانت قلبية فإنها تنصب مفعولين كما ذكرت لكم قبل‬
‫ه بَعِيدًا ﴿‪﴾6‬‬ ‫م يََروْن َ ُ‬‫قليل‪ ﴿ ،‬إِنَّهُ ْ‬
‫حلمية فكذلك‪ ،‬تنصب مفعولين‪،‬‬ ‫وَنََراه ُ قَرِيبًا ﴿‪[ ﴾ ﴾7‬المعارج‪ ،]7 ،6 :‬وإن كانت ُ‬
‫قالوا ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬
‫مـاٌر وآونــة أثـالــى‬ ‫وعـــ ّ‬ ‫ش يؤرقني وطلق‬ ‫أبو حن ٍ‬
‫تجافى الليل وانخزل‬ ‫أراهم رفقتي حتى إذا ما‬
‫انخزال‬
‫ل فلـم يـدرك بـــلل‬ ‫إلـى آ ٍ‬ ‫إذا أنا كالذي يجري لورد‬
‫" أراهم رفقتي حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل انخزال "‪ ،‬الن دليل‬
‫على أن هذه الرؤية رؤية منامية‪ ،‬والشاهد عندنا في قوله " أراهم رفقتي"‪،‬‬
‫حلمية‪ ،‬وقد نصبت مفعولين‪ ،‬الول هم قولهم "هم"‪ ،‬والثاني‬ ‫فإن "أرى" هنا ُ‬
‫هو قوله "ُرفقتي"‪.‬‬
‫أما "علم" فهي مثل رأى في الدللة‪ ،‬ذلك أن الغالب فيها أنها تدل على‬
‫ضا قد تدل على الرجحان‪ ،‬أما دللتها على اليقين‬ ‫اليقين في الخبر‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك﴾‬‫ستَغْفِْر لِذ َنْب ِ َ‬ ‫ه وَا ْ‬ ‫ه إ ِ ّل الل ّ ُ‬ ‫ه َل إِل َ َ‬ ‫م أن َّ ُ‬ ‫ل ﴿ فَاع ْل َ ْ‬ ‫فمن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾ يعني تيقن أنه ل إله إل الله واستغفر لذنبك‪ ،‬وأما‬ ‫[محمد‪ ﴿ ،]19 :‬فَاع ْل َ ْ‬
‫دللتها على الرجحان فقد وردت في مواضع قليلة‪ ،‬ولكن منها قول الله عّز‬
‫َ َ‬ ‫ل ﴿ يَا أَيُّها الَّذِي َ‬
‫ن الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫حنُوهُ ّ‬ ‫مت َ ِ‬‫ت فَا ْ‬ ‫جَرا ٍ‬ ‫مهَا ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫منَا ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫جاءَك ُ ُ‬ ‫منُوا إِذ َا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن إِلَى الْكُفّ ِ‬
‫ار‬ ‫جعُوهُ َّ‬ ‫ت فََل تَْر ِ‬ ‫منَا ٍ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ن ُ‬ ‫موهُ َّ‬ ‫ن عَل ِ ْ‬
‫مت ُ ُ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬‫مانِهِ َّ‬ ‫أع ْل َ ُ‬
‫م بِإِي َ‬
‫﴾ [الممتحنة‪ ،]10 :‬لن المعنى هنا ـ والله أعلم ـ "فإن ترجح لديكم إيمانهن"‪،‬‬
‫لن اليقين الله وحده هو المطلع عليه‪ ،‬أنت ل تستطيع أن تحكم بأن فلنًا‬
‫مؤمن أو أنه ليس مؤمن‪ ،‬لكن الذي يترجح لديك هو إيمانه أو يترجح عدم‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪119‬‬
‫إيمانه‪ ،‬فالظاهر ـ والله أعلم ـ أن علم في هذه الية تدل على الرجحان في‬
‫الخبر‪.‬‬
‫ومن الفعال التي ذكرها المؤلف "اتَّخذ"‪ ،‬و"اتخذ" ليست من الفعال‬
‫ل يدل على التصيير‪ ،‬والفعال الدالة على التصيير تدخل‬ ‫القلبية وإنما هي فع ٌ‬
‫ضا على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين‪ ،‬ولكن معانيها ليست متعلقة‬ ‫أي ً‬
‫َ‬
‫خلِيًل‬
‫م َ‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬
‫ه إِبَْراهِي َ‬ ‫ل ﴿ وَات َّ َ‬ ‫بالقلب‪ ،‬ومن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫َّ‬
‫ه ﴾ لفظ الجللة فاعل‪﴿ ،‬‬ ‫ض‪ ﴿ ،‬الل ُ‬ ‫ل ما ٍ‬ ‫خذ َ ﴾ هذا فع ٌ‬ ‫﴾ [النساء‪ ﴿ ،]125 :‬ات َّ َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل به ثا ِ‬ ‫خلِيًل ﴾ مفعو ٌ‬ ‫ل به أول‪ ،‬و﴿ َ‬ ‫م ﴾ مفعو ٌ‬ ‫إِبَْراهِي َ‬
‫فيه كلمة "اتخذ" بعضهم يخفف فيقول "تخذ"‪ ،‬وهي تعمل العمل نفسه‬
‫فتنصب مفعولين‪ ،‬ومن شواهدها قول الشاعر‪:‬‬
‫وفروا في الحجار ليعجزوني‬ ‫م دليل‬ ‫ت غراز إثره ُ‬ ‫تخذ ُ‬
‫ض‪ ،‬والتاء فاعل‪ ،‬و"غراز" مفعول به أول‪ ،‬و"دليل"‬ ‫"تخذ" هذا فعل ما ٍ‬
‫ل به ثاني‪.‬‬ ‫مفعو ٌ‬
‫ضا التي ذكرها المصنف "جعل"‪ ،‬و"جعل" الموجودة عندنا‬ ‫من الفعال أي ً‬
‫في هذا الباب نوعان‪ ،‬واحد منها للظن أو متعلق معناه بالقلب‪ ،‬ونوع ٌ آخر‬
‫للتصيير‪ ،‬وكل المرين يعملن العمل نفسه‪ ،‬فينصبان مفعولين‪ ،‬مما كان‬
‫ْ َ َ َ‬
‫عبَا ُد‬‫م ِ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ة ال ّذِي َ‬
‫ملئِك َ‬ ‫جعَلُوا ال َ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫معناه متعلقًا بالقلب قول الله عّز وج ّ‬
‫ن إِنَاثًا ﴾ [الزخرف‪ ،]19 :‬يعني اعتقدوهم‪ ،‬ما صيروهم طبعًا‪ ،‬لكنهم‬ ‫م ِ‬ ‫الَّر ْ‬
‫ح َ‬
‫اعتقدوا أن الملئكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا‪ ،‬فالملئكة هنا مفعول به‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل به ثا ٍ‬ ‫جعَلُوا ﴾ فاعل‪ ،‬و﴿ إِنَاثًا ﴾ مفعو ٌ‬ ‫أول لـ"جعل"‪ ،‬والواو طبعًا في ﴿ َ‬
‫أما "جعل" التي بمعنى "صيّر" فلعل من شواهدها ما رواه الشيخان من‬
‫حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله ( جعل الله الرحمة مائة‬
‫جزءٍ‪ ،‬فأمسك عنده تسعًا وتسعين‪ ،‬وأنزل في الرض جزءًا واحدًا‪ ،‬فمن ذلك‬
‫يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه )‪ ،‬اللهم‬
‫متِي‬ ‫ح َ‬ ‫ارحمنا برحمتك يا رب العالمين‪ ،‬انظر إلى هذه الرحمة العظيمة‪ ﴿ ،‬وََر ْ‬
‫يءٍ ﴾ [العـراف‪ ،]156 :‬هذه الرحمة التي يتراحم بها الخلق في‬ ‫ل َ‬ ‫سعَت ك ُ َّ‬
‫ش ْ‬ ‫وَ ِ ْ‬
‫هذه الدنيا كلها جزءٌ واحد ٌ مما ادخره الله ليوم القيامة‪ ،‬نسأل الله العلي‬
‫القدير أن يرحمنا وإيّاكم‪ ،‬الشاهد عندنا في قوله ( جعل الله الرحمة مائة‬
‫جزءٍ )‪ ( ،‬جعل ) هذا هو الفعل الذي بمعنى "صيّر"‪ ،‬و ( الله ) لفظ الجللة‬
‫ل به أول‪ ،‬و ( مائة جزءٍ ) مفعول به ثاني‪ ،‬وهو‬ ‫فاعل‪ ،‬و ( الرحمة ) مفعو ٌ‬
‫مضاف طبعًا وكلمة ( جزءٍ ) مضاف إليه‪.‬‬
‫أما "سمع" فقد أنهينا الحديث فيها في بداية المر‪ ،‬وقد أهمل المصنف‬
‫رحمه الله بعض أفعال التصيير فلم يذكرها‪ ،‬ويذكر بعض النحويين هذه‬
‫الفعال‪ ،‬أنا أذكر لكم بعضها ونترك بعضها الخر‪ ،‬من الفعال التي ذكرها‬
‫وَ‬ ‫ل ﴿ ود َ كَثِير م َ‬
‫بل ْ‬ ‫ل الْكِتَا ِ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫ٌ ِ ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫بعض النحويين "ودّ"‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ن بَعْد ِ‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫يَُردُّونَك ُ ْ‬
‫َ‬
‫م ﴾ [البقرة‪ ،]109 :‬ومن أفعال التصيير‬ ‫سهِ ْ‬ ‫عنْد ِ أن ْ ُف ِ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬‫سدًا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ك ُ َّفاًرا َ‬‫مانِك ُ ْ‬‫إي َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪120‬‬
‫م‬ ‫ل ﴿ وَتََركْنَا بَعْ َ‬
‫ضه ُ ْ‬ ‫ضا التي تركها المصنف"ترك"‪ ،‬ومنها قول الله عّز وج ّ‬ ‫أي ً‬
‫ل يدل على التصيير‪.‬‬ ‫ض ﴾ [الكهف‪ ،]99 :‬فـ"ترك" فع ٌ‬ ‫ج فِي بَعْ ٍ‬
‫مو ُ‬‫مئِذ ٍ ي َ ُ‬‫يَوْ َ‬
‫ضا يدل على التصيير بصيغته وبلفظه‪،‬‬ ‫ضا منها "صيّر"‪ ،‬وهي فع ٌ‬
‫ل أي ً‬ ‫وأي ً‬
‫هذه الفعال التي تركها المصنف‪ ،‬ونكتفي بهذا القدر بالنسبة للفعال التي‬
‫تركها المصنف‪ ،‬ونستمع منكم إذا أردتم أن تسألوا شيئًا متعلقًا بهذه الحلقة‬
‫أو بغيرها‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ن وأخواتها؟ وما الفرق بينها وبين باقي الفعال؟‬ ‫ما تعريف ظ ّ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫مى باب أفعال القلوب أحيانًا‪ ،‬ويُسمى‬ ‫أول بارك الله فيك‪ ،‬هذا الباب يُس ّ‬
‫باب ظن وأخواتها‪ ،‬ويسمى باب الفعال الداخلة على المبتدأ والخبر‬
‫فتنصبهما مفعولين‪ ،‬فمن خلل هذه التسميات يمكن أن نأخذ الفرق بينها‬
‫وبين بقية الفعال‪ ،‬وهي أن معظم الفعال ل تنصب مفعولين‪ ،‬وإنما ينصب‬
‫مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر وظن وأخواتها وكذلك الفعال الدالة على‬
‫التصيير‪.‬‬
‫ضا ولكن ليس أصل المفعولين مبتدءًا‬ ‫هناك أفعال تنصب مفعولين أي ً‬
‫ة" مثل‪،‬‬ ‫جب ّ ً‬
‫ت زيدًا ُ‬ ‫وخبًرا‪ ،‬وهي ما يسمونه بباب أعطى‪ ،‬وباب كسا‪" ،‬كسو ُ‬
‫ت عمًرا ديناًرا"‪" ،‬عمرو" و"دينار" ليس أصله مبتدءًا وخبًرا‪ ،‬فهذا‬ ‫و"أعطي ُ‬
‫يميزها عن بقية الفعال أنها تنصب مفعولين‪.‬‬
‫وأما تعريفها فل أعرف شيئًا يمكن أن نقوله فيه إل أن نقول إنها أفعا ٌ‬
‫ل‬
‫ة بالقلب في الغالب‪ ،‬وأحيانًا تكون أفعال دالة على التصيير‪ ،‬وهي‬ ‫متعلق ٌ‬
‫تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ُ‬
‫بارك الله فيكم فضيلة الشيخ‪ ،‬إذا ألحقت ما بأخوات إن فهل تُبطل‬
‫عملها أم ل؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذا مما تركته اختصاًرا‪ ،‬ولكن بارك الله فيك حين سألت عنه‪" ،‬ما" إذا‬
‫ن وأخواتها فإنها تبطل عملها قول واحدًا وتهيؤها للدخول على‬ ‫دخلت على إ ّ‬
‫الجمل‪.‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬

‫الدرس الثالث عشر‬


‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪121‬‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫سلم الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته ‪.‬‬
‫أرحب بكم في بداية هذه الحلقة وننتقل إلى موضوع جديد من‬
‫الموضوعات التي أشار إليها أو ذكرها ابن آجروم رحمه الله تعالى وهو أول‬
‫باب من أبواب التوابع وهو باب النعت والتوابع لفظ يشمل عدد من المور‬
‫يتبع فيها المتأخر المتقدم في إعرابه‪ ،‬يعني أنه يأخذ حركته رفعا ً كانت أو‬
‫نصبا ًَ أو خفضا ًَ أو جزما‪ ،‬وسيتبين ذلك إن شاء الله تعالى من المثلة التي‬
‫سنذكرها ومما نتحدث فيه بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫أول هذه البواب التي ذكرها المصنف رحمه الله قوله ( باب‬
‫النعت‪ ،‬النعت تابع للمنعوت في رفعه ونصبه‬
‫وخفضه وتعريفه وتنكيره‪ ،‬تقول قام زيد العاقل‬
‫ورأيت زيدا ً العاقل ومررت بزيد العاقل) وهذا كما ترون‬
‫يا أيها الحباب كلمة عاقل هي النعت بعضهم يسمي هذا الباب باب الصفة‪،‬‬
‫بعضهم يسميه باب النعت وهذه تسميات واصطلحات ول مشاحة في‬
‫الصطلح قلت كلمة العاقل صفة لزيد أهل بك وسهل ً قلت كلمة العاقل‬
‫نعت لزيد أهل به وسهل‪ ،‬الغالب في النعت أن يكون وصفا ً وأن يكون‬
‫مشتقا ً ‪ ،‬الغالب في النعت أن يكون وصفا ً والوصف المقصود به اسم‬
‫الفاعل اسم المفعول‪ ،‬الصفة المشبهة أفعال التفضيل ما شاكل ذلك هذا‬
‫المقصود بالوصف وأما كونه مشتقا ً فهذا هو الغالب والكثير وقد يأتي جامداً‬
‫قد يأتي جامدا ً ولكنه قليل ولبد أن تؤوله بمشتق‪ ،‬وإل فل يصح فمثل ً إذا‬
‫قلت مررت برجل عدل‪ ،‬عدل هذا جامد لنه مصدر فلبد أن تؤوله بأنك‬
‫تقصد المبالغة في كونه عادل ً وعادل هذا مشتق‪ ،‬فإذا ً ل يقع النعت إل إما‬
‫مشتق وإما مؤول في المشتق إذا كان جامدا ً فهو مؤول بالمشتق وهذا‬
‫متعارف عليه عند النحويين بعضهم يعرف النعت بقوله النعت تابع يدل على‬
‫معنى في متبوعه‪ ،‬يدل على معنى في متبوعه‪ ،‬فأنت إذا قلت مثل ً في مثال‬
‫المصنف هنا‪ ،‬قام زيد العاقل‪ ،‬فالنعت هو كلمة العاقل وهي تدل على معنى‬
‫في كلمة زيد وهو المتبوع‪ ،‬وهو المتبوع فهذا هو تعريف النعت عند بعضهم‬
‫المصنف هنا لم يعرف النعت وإنما قال هو تابع للمنعوت في رفعه يعني‬
‫بيّن لنا حكم النعت أنه يأخذ حكم المنعوت رفعا ً ونصبا ًَ وخفضا ً ولم يذكر لنا‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪122‬‬
‫جزم وربما ذكره فيما بعد‪ ،‬وربما ذكره فيما بعد‪ ،‬لكن طبعا ً أظهر ما يظهر‬
‫أو ظهر شيء في هذا هو يعني التبيعة في السم بحيث يكون إن السم‬
‫مرفوعا ً صار مرفوعا‪ ،‬منصوبا ً صار منصوباً‪ ،‬مجرورا ً صار مجروراً‪ ،‬أما في‬
‫الفعال فقد يكون بعضها يعني تكرر معه الجازم وربما تبين لنا من ذلك‬
‫يعني من بعض المثلة التي ستأتي إن شاء الله تعالى المثلة التي ذكرها‬
‫المصنف هي صالحة طابعة للرفع وللنصب وللخفض وهو الجر كما يعبر به‬
‫بعضهم وأما كونه كون النعت تابعا ً للمتبوع في حركاته العرابية فهذا ل‬
‫خلف فيه ولبد أن يكون حاصل ً سواء كان نعتا ً حقيقيا ً أم كان نعتا ًَ سببياً‪،‬‬
‫وسنبين الفرق بينهما يعني إذا قلت قام زيد العاقل‪ ،‬فالعاقل هذه نعت‬
‫حقيقي لكلمة زيد لكن لو قلت قام زيد العاقل أبوه فهذا نعت سببي لنك‬
‫وصفته بشيء له علقة به له علقة به هذا يختلف في بعض الحكام لكنه‬
‫من ناحية الحركة إلزامي فالجميع سواء كان النعت حقيقيا ً أم كان النعت‬
‫سببيا لبد أن يوافق وأيضا ً لبد أن يوافق النعت منعوتة تعريفا ً وتنكيرا‪ ،‬إذا‬
‫كان المنعوت معرفة فلبد أن يكون النعت معرفة وإذا كان نكرة تقول‬
‫مررت برجل صالٍح ول يجوز أن تقول مررت برجل الصالح مثل ً وتقول رأيت‬
‫الرجل الصالح ول يجوز أن تقول رأيت الرجل صالحا ً إل على معنا ً آخر‪ ،‬على‬
‫أن تكون صالحا ً هذه ليست نعتا ً وإنما هي حال فإذا ً اتفقنا على أمرين ‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن النعت يتبع منعوته في حركاته الثلث رفعا ً ونصباً‬
‫وخفضا ً ‪.‬‬
‫والمر الثاني‪ :‬أنه يتبع منعوته في تعريفه وفى تنكيره‪ ،‬وهذا يعني شبه‬
‫مجمع عليه الثاني‪ ،‬شبه مجمع عليه‪ ،‬ولم يخالف إل الخفش فقد خالف‬
‫مخالفة يسيرة ل أريد التطويل في الحديث عنها وعند الرجوع إلى كتاب‬
‫معاني القرآن وجدنا فيه غير ما ينسبون إليه‪ ،‬غير ما ينسبون إليه‪ ،‬في هذا‬
‫الموضوع لنه قال ‪ :‬إنه يجوز أن تنعت النكره بالمعرفة إذا كان النعت ثانيا ً ‪،‬‬
‫يعني تنعت أول شيء بنكرة ثم تنعت بعد هذا بمعرفة هذا يقولون أو‬
‫ينسبون إليه أن هذا الكلم موجود في كتابه وعند العودة إلى كتابه لم نجده‬
‫في كتاب معاني القرآن للخفش‪.‬‬
‫النعت السببي يا أيها الحباب‪ ،‬هو مثل قولك مررت برجل مسلمة أمه‪،‬‬
‫مررت برجل مسلمة أمه‪ ،‬انظر رجل هذا مذكر ولما ذكرت يعني النعت‬
‫السببي جعلت التذكير والتأنيث تابعا ً لما بعده وليس تابعا ً له‪ ،‬فإذا ً عندنا عدد‬
‫من المور خمسة لبد أن يوافق فيها النعت المنعوت مطلقاً‪ ،‬وخمسة أحياناً‬
‫يوافق وأحيانا ً ل يوافق‪ ،‬فأما النعت الحقيقي فيوافق في كل شيء الخمسة‬
‫الباقية هي الفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث‪ ،‬إذا كان النعت حقيقياً‬
‫لبد من الموافقة في كل شيء وإن كان النعت سببيا ً لبد من الموافقة في‬
‫الخمسة الول وهي الحركات الثلث والتعريف والتنكير أما التذكير والتأنيث‬
‫والفراد والتثنية والجمع‪ ،‬فهو تابع لما بعده وانظر إلى قولنا الذي ذكرناه‬
‫قبل قليل مررت برجل مسلمة أمه انظر إلى الحركة موافقة ومسلمة هذه‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪123‬‬
‫جاءت مؤنثة مع أن المنعوت مذكر لماذا قال لنها رفعت كلمة أم وأم هذه‬
‫مؤنث فأنت تنظر لما بعده وكذلك في الفراد والتثنية والجمع فإنه ينظر لما‬
‫بعده في النعت السببي‪ ،‬ممرت برجل مسلمة أمه وتقول أيضا ً رأيت طالبة‬
‫مسلما ً أبوها مسلما ً نعت لطالبة ولكنه نعت سببي فأنت نظرت حينئذ إلى‬
‫ما بعده فذكرته تبعا ً لما بعده ولم تنظر إلى ما قبله ‪.‬‬
‫أحيانا ً بالنسبة للفراد والتثنية والجمع‪ ،‬أحيانا ً ل تستطيع أن تطابق ما‬
‫بعده فتقول مثل ً جاء الرجل المجتهد إخوانه‪ ،‬المجتهد هذا واحد وإخوانه‬
‫هؤلء جماعة يجوز لك طبعا ً أن تقول المجتهدون إخوانه لكن الولى في هذا‬
‫موا‬ ‫ويترجح أن تفرد تبعا ً لكلم الذي قلناه في نحو قول الله تعالى ﴿ ث ُ َّ‬
‫م عَ ُ‬
‫م﴾[المائدة‪ ]71:‬لن هذا المتأخر مرفوع على أنه فاعل لكلمة‬ ‫موا كَثِيٌر ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫ص ُّ‬
‫وَ َ‬
‫المجتهد والصل في مثل هذا أل تُلحق به ما يدل على أن الفاعل مثنى أو‬
‫مجموع فهذا هو يعني الذي يمكن أن يتوقف فيه‪ ،‬من حيث أنه في بعض‬
‫الحيان ل يترجح أما الجواز هو جائز لكن ل يترجح مطابقته لما بعده في‬
‫الفراد والتثنية والجمع نذكر الصفات مرة ثانية نعددها ‪:‬‬
‫واحد‪ :‬الرفع‪ ،‬النصب‪ ،‬الخفض ‪.‬‬
‫ثلثة بل أربعة‪ :‬التذكير‪ ،‬والتأنيث هذه لبد من الموافقة فيها سواء أكان‬
‫النعت حقيقيا ً أم سببياً‪ ،‬ثم بعد هذا هناك خمسة أخرى يمكن أن توافق‬
‫ويمكن أل توافق‪ ،‬وذلك في النعت السببي‪ ،‬فالنعت السببي هذا تنظر فيه‬
‫من ناحية التذكير والتأنيث تطابق لما بعده ومن ناحية الفراد والتثنية‬
‫والجمع أيضا ً تنظر لما بعده ولكنه ليس دائماً‪ ،‬يجوز لك المطابقة بالنسبة‬
‫للفراد والتثنية والجمع لما بعده خوفا ً من الوقوع في اللغة التي قلنا إنها‬
‫قليلة طبعا ً ولكنها جائزة في نحو قول الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫( يتعاقبون فيكم ملئكة بالليل وملئكة بالنهار)‪ ،‬فهذا هو الذي يقال عن‬
‫النعت والمصنف هنا ذكر بعد النعت شيئا ً متعلقا ً بالنعت وهو أنواع المعارف‬
‫ولعله ذكر ليبين أنه إذا كان المنعوت معرفة فلبد أن يكون النعت معرفة‪،‬‬
‫وإذا كان المنعوت نكرة فلبد أن يكون النعت نكرة فمن أجل هذا ذكر أنواع‬
‫المعارف بعده وسيطول الحديث فيها لذلك يعني سيطول الحديث فيها لنها‬
‫أبواب متعددة وليست بابا ً واحدا ً لذلك سيتأخر الحديث عن بقية التوابع حتى‬
‫ننتهي من المعارف‪ ،‬حتى ننتهي من المعارف‪ ،‬ولذلك قال الصنف والمعرفة‬
‫خمسة أشياء‪ ،‬بعض النحويين يجعلها ستة‪ ،‬بعض النحويين يجعل المعارف‬
‫ستة وبعضهم يجعلها سبعة‪ ،‬وصاحبنا هنا اكتفى بستة بل اكتفى بخمسة‬
‫الذي يذكره معظم النحويين يجعلونها ستة أنواع فيقولون المعارف هي ‪:‬‬
‫الضمير ‪ ،‬والعلم‪ ،‬واسم الشارة‪ ،‬والسم الموصول ‪ ،‬والمعرف بـ ال ‪،‬‬
‫والمضاف إلى واحد من هذه الخمسة‪ ،‬معظم النحويين‪ ،‬بعض النحويين يزيد‬
‫واحدا ً نوعا ً من المعارف وهو النكرة المقصودة بالنداء‪ ،‬يعني إذا كان أمامك‬
‫رجل وأنت تقصد هذا الرجل فتناديه فتقول يا رجل‪ ،‬هذه بعضهم يلحقها‬
‫بباب المعارف ويقول إنها اكتسبت التعريف من قصدها بالنداء‪ ،‬من قصدها‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪124‬‬
‫بالنداء ولكن بعضهم ل يذكرها ومعظم النحويين ل يذكر هذا‪ ،‬أيضا ً معظم‬
‫النحويين‪ ،‬ل يجعل المعارف خمسة كما ذكر صاحبنا هنا وهو قد أسقط‬
‫السم الموصول‪ ،‬صاحبنا أسقط الحديث عن السم الموصول وبدأ بالحديث‬
‫عن الضمائر فقال السم والمعرفة خمسة أشياء‪ ،‬السم المضمر نحو أنا‬
‫وأنت‪ ،‬والضمير فيه كلم طويل جدا ً ولكن نبدأ بتعريفه ثم نذكر لكم بعض‬
‫تقسيماته ولن نطيل الحديث فيها إن شاء الله تعالى‪ ،‬لكن تعريفه هو ما دل‬
‫على متكلم كأنا أو مخاطب كأنت أو غائب كهو هذا هو الضمير‪ ،‬هذا هو‬
‫الضمير ما دل على متكلم كأنا أو مخاطب كأنت أو غائب كهو ثم بارك الله‬
‫فيك يقسمون الضمير عدة تقسيمات أول هذه التقسيمات أنه ينقسم إلى‬
‫مستتر وبارز فأما المستتر فهو الذي ل صورة له باللفظ الموجود عندك‬
‫كقولك مثل ً قم فإن فيه ضميرا ً مستتراً‪ ،‬وأما البارز فهو ما كان له صورة‬
‫في اللفظ كقولك أنا مؤمن أو قولك كنت فإن التاء ضمير وهو بارز مذكور‬
‫هذا هو التقسيم الول التقسيم الثاني يقسمون الضمير من ناحية التصال‬
‫والنفصال فيقولون الضمير إما متصل وإما منفصل‪ ،‬والضمير المتصل هو‬
‫الذي ل يبتدأ به الكلم ول يقع بعد إل‪ ،‬الضمير المتصل هو الذي ل يبتدأ به‬
‫الكلم ول يقع إل بعد إل الضمير المنفصل‪ ،‬هو الذي يمكن أن يبتدأ به الكلم‬
‫ويمكن أن يكون في آخر الكلم مثل ل مانع أقول‪ ،‬الضمير المنفصل هو‬
‫َّ‬ ‫الذي يمكن أن يبتدأ به الكلم ويمكن أن يقع بعد إل قال الله عّز وج ّ‬
‫ل﴿ الل ُ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ه إ ِ ّل هُوَ ﴾[البقرة‪ ]255 :‬وقال سبحانه وتعالى﴿ أ َ ّل تَعْبُــدُوا إ ِ ّل‬
‫ل إِل َ‬
‫اه﴾[ــيوسف‪ ]40:‬هذا ضمير منفصل منصوب في إياه وهذا ضمير منفصل‬
‫ّ َّ‬ ‫إِي َّ ُ‬
‫مرفوع في قوله عّز وجل ﴿إ ِل هُوَ ﴾ ففى كل هذه المور إذا كان للضمير‬
‫يبتدأ به كقولك أنا مسلم أو يقع بعد إل فهو ضمير منفصل‪ ،‬وإن كان ل يبتدأ‬
‫به ولكن له صورة في اللفظ تراه أمامك تتحدث به تتكلم به فهذا ضمير‬
‫معْ‬ ‫ك فَا ْ‬
‫ست َ ِ‬ ‫ختَْرت ُ َ‬ ‫ل ﴿وَأَنَا ا ْ‬
‫متصل ل يبتدأ به ول يقع إل بعد إل قال الله عّز وج ّ‬
‫حى﴾[طـه‪ ]13:‬أنا هنا ضمير رفع منفصل ثم هناك تفسير آخر يقسمون‬ ‫ما يُو َ‬ ‫لِ َ‬
‫الضمير المنفصل بل قبل هذا نأخذ الضمير المتصل يقسمون الضمير‬
‫المتصل من حيث المواقع العرابية ثلثة أقسام‪ ،‬الضمير المتصل له من‬
‫حيث المواقع العرابية ثلثة أقسام القسم الول ما ل يقع إل في محل رفع‪،‬‬
‫وهو خمسة ضمائر اللف يعني ألف الثنين‪ ،‬وواو الجماعة وياء المخاطبة‬
‫ونون النسوة وتاء الفاعل مرة ثانية هذه الضمائر الخمسة ل تقع إل في‬
‫محل رفع وهي ألف الثنين‪ ،‬وواو الجماعة وياء المخاطبة ونون النسوة وتاء‬
‫الفاعل سواء كانت للمتكلم أم للمخاطبة أم لغيره انتهينا من هذا ‪.‬‬
‫ننتقل إلى النوع الثاني من الضمائر المتصلة وهو ما ل يقع في محل‬
‫رفع بل يقع إما في محل نصب أو في محل جر وهو ثلثة ضمائر وهي ياء‬
‫المتكلم وهاء الغائب وكاف المخاطبة مرة ثانية هذه الضمائر ل تقع في‬
‫محل رفع بل إما أن تقع في محل نصب وإما أن تقع في محل جر وهي ياء‬
‫المتكلم وكاف المخاطب وهاء الغائب ل تقع في محل رفع أبداً‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪125‬‬
‫النوع الثالث بارك الله فيكم‪ ،‬هو ما يقع في محال العراب الثلثة أحياناً‬
‫يقع في محل رفع وأحيانا ً يقع في محل نصب وأحيانا ً يقع في محل جر وهو‬
‫ن‬
‫ما ِ‬‫منَادِيا ً يُنَادِي لِْلِي َ‬
‫معْنَا ُ‬ ‫ل ﴿َربَّنَا إِنَّنَا َ‬
‫س ِ‬ ‫ناء المتكلمين خاصة قال الله عّز وج ّ‬
‫﴾[آل عمران‪ ]193:‬فـ "نا" في ربنا في محل خفض مضاف إليه وإننا في محل‬
‫نصب وسمعنا في محل رفع ‪.‬‬
‫وهذا تقسيم الضمائر المتصلة المتصلة من ناحية العراب أو من ناحية‬
‫المواقع العرابية بعضها ل يقع إل في محل رفع وبعضها يقع في محل رفع‬
‫أو في محل نصب وبعضها يقع في محل العراب الثلثة وهو ضمير واحد‬
‫وهو "نا" ‪.‬‬
‫أما الضمائر المنفصلة يا أيها الحباب فإنها أيضا ً لها تقسيم من الناحية‬
‫العرابية فإن بعضها يقع في محل رفع فقط‪ ،‬وبعضها يقع في محل نصب‬
‫فقط ول يوجد ضمير منفصل يقع في محل جر‪ ،‬مرة ثانية الضمائر‬
‫المنفصلة إما أن تكون في محل رفع وهي يسمونها بضمائر الرفع المنفصلة‬
‫وإما أن تكون في محل نصب وهي التي يسمونها بضمائر النصب المنفصلة‬
‫ول يوجد عندنا ضمائر جر منفصلة‪ ،‬ل يوجد عندنا ضمائر جر منفصلة ‪.‬‬
‫ً‬
‫نبدأ بضمائر الرفع المنفصلة‪ ،‬هي اثنا عشر ضميرا ُ‪ ،‬أولها ضميران‬
‫للمتكلم وهما أنا ونحن أما أنا فللواحد‬
‫وأما نحن فلمن عاداه وأيضا ً يوجد ضمائر رفع للمخاطب وهي خمسة أنت‬
‫ت للمخاطبة وأنتما للمخاطبين وللمخاطبتين وأنتم للمخاطبين‬ ‫للمخاطب وأن ِ‬
‫وأنتن للمخاطبات وأظن هذا واضح وكل هذه ضمائر رفع منفصلة بقي‬
‫خمسة ضمائر للغائب وهي ‪ :‬هو للغائب الواحد وهي للغائبة‪ ،‬وهما للغائبين‬
‫وللغائبتين‪ ،‬وهم للغائبين وهن للغائبات وأمثلتها ل تحصى من القرآن الكريم‬
‫ومن غيره ‪.‬‬
‫هذه ضمائر الرفع المنفصلة‪ ،‬أما ضمائر النصب المنفصلة فكذلك هي‬
‫اثنا عشر لفظا ً قلت هنا لفظا ً وقلت هناك اثنا عشر ضميرا ً لماذا ؟ لن‬
‫قولي هنا لفظا ً مبني على خلف‪ ،‬ما نوع الضمير فيها وهل كل واحد منها‬
‫ضمير ما يخصه أو أن الضمير لفظة واحدة فيها سننظر إن شاء الله بعد‬
‫النتهاء من سردها سنذكر هذه الضمائر ضمائر النصب المنفصلة اثنان‬
‫للمتكلم وهما إياي للواحد وإيانا لمن عداه وأما المخاطب فله خمسة‬
‫ضمائر وهي إياك للواحد وإياك للمخاطبة وإياكما للمخاطبين وللمخاطبتين‬
‫وإياكم للمخاطبين وإياكن للمخاطبات هذه ألفاظ بعد قليل سنرى هل هي‬
‫ضمائر فعل ً أو بعضها ضمير‪ ،‬أما الغائب فإن الواحد يقال عنه إياه والواحدة‬
‫يقال إياها غائبة والغائبان والغائبتان يقال إياهما والغائبين يقال إياهم‬
‫والغائبات يقال إياهن‪ ،‬ثم نعود إلى ما وعدتكم به وهو النظر أين الضمير‬
‫من هذه معظم القوال ترى أن الضمير هو إياه واحدة وأن ما لحق به مثل‬
‫الياء في إياي أو الكاف في إياك إنما هي حروف تدل على نوعية صاحب‬
‫الضمير أهو متكلم أم مخاطب أم غيره بعضهم يرى العكس يرى أن إي إنما‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪126‬‬
‫هي عامود وإنما الضمير هو الياء في إياي أو الكاف في إياك وهذا إنما جاء‬
‫ليعتمد عليه هذا الضمير لنه سيصير ضميرا ً متصل ً والضمير المتصل كما‬
‫ذكرنا ل يعتمد على نفسه ول يبتدأ به الكلم ‪.‬‬
‫قول ثالث‪ :‬أن إي هي الضمير وأن الياء ضمير أيضا ً وقد أضيف أحدهما‬
‫إلى الخر‪ ،‬يعني صار عندنا ضميران بعضهم يقول ل إي اسم والهاء ضمير‬
‫وقد أضيف السم إلى الضمير والصواب في ذلك والله أعلم أن إياي كلها‬
‫ضمير ولماذا تفرعون وتكثرون الكلم علينا فنحن نرى أن إياي كلها أو‬
‫إياك أو إياه أو إياهما كلها ضمير واحد وهو ضمير نصب متصل ‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬قلتم ل يوجد ضمير جر منفصل‪ ،‬أنا أقدم السؤال قبل أن‬
‫تسألوني فأسأل نفسي هذا السؤال إذا كان عندنا مثل توكيد التوكيد‬
‫تعرفون أنه يتبع ما قبله فأنا أريد أن أؤكد ضميرا ً في محل جر فماذا أفعل ؟‬
‫ما عندي ضمير منفصل يمكن أن أؤكد به‪ ،‬تقول جئت أنت‪ ،‬أنت توكيد للتاء‬
‫ورأيتك أنت‪ ،‬أنت توكيد للكاف مع أن أنت ضمير رفع والكاف ضمير نصب‪،‬‬
‫مررت بك ماذا تفعل به ؟ مثله‪ ،‬أكدت بضمير الرفع المنفصل أي ضمير‬
‫متصل يعني سواء كان في محل رفع أو في محل نصب أو في محل جر‪،‬‬
‫أكدت بضمير الرفع المنفصل كل ضمير متصل على أي حالة إعرابية كان‪،‬‬
‫فإذا ً لسنا بحاجة إلى ضمير جر منفصل‪ ،‬السبب في هذا يا أيها الحباب أنا‬
‫لم نجد بكلم العرب شيئاً‪ ،‬ليس في كلم العرب ضمير جر منفصل فلذلك‬
‫اكتفينا بأن نؤكد إذا احتجنا لضمير يكون في محل جر أن نأتي بضمير الرفع‬
‫وهو يغني‪ ،‬ولكن هل يجوز أن تقول مررت بك إياك‪ ،‬بعضهم أجاز وقالوا إن‬
‫النصب قريب من الجر‪ ،‬النصب قريب من الجر فل بأس أن تؤكد به لكن‬
‫الولى كما ذكرت لكم وهذا موجود في كلم العرب أن تؤكد بضمير الرفع‬
‫المنفصل‪ ،‬أن تؤكد‬
‫ل اذ ْكُُروا‬‫سرائي َ‬ ‫ل ﴿ يَا بَنِي إ ِ ْ‬ ‫بضمير الرفع المنفصل في قول الله عّز وج ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَإِيَّايَ‬ ‫ف بِعَهْدِك ُ ْ‬ ‫م وَأوْفُوا بِعَهْدِي أو ِ‬ ‫ت ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫م ُ‬‫ي ال ّتِي أنْعَ ْ‬ ‫مت ِ َ‬ ‫نِعْ َ‬
‫ن﴾[البقرة‪ ]40:‬هذا ضمير نصب منفصل‪ ،‬وقول الرسول صلى الله‬ ‫فَاْرهَبُو ِ‬
‫عليه وسلم ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) فاليد العليا هي المنفقة‬
‫والسفلى هي السائلة وقوله هي هذا ضمير رفع منفصل وقال الله عّز وج ّ‬
‫ل‬
‫ن ﴾[الفاتحة‪ ]5:‬فإياك ضمير نصب منفصل وقال الله‬ ‫ستَعِي َ ُ‬‫ك نَ ْ‬ ‫ك نَعْبُد ُ وَإِيَّا َ‬ ‫﴿ إِيَّا َ‬
‫ن اتَّقُوا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫مأ‬
‫ْ‬ ‫م وَإِيَّاك ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن قَبْلِك ُ‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ب ِ‬‫ن أوتُوا الْكِتَا َ‬ ‫َ‬ ‫صيْنَا ال ّذِي‬
‫ل ﴿وَلَقَد ْ وَ َّ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫مَر أل‬ ‫[النساء‪ ]131:‬هذا ضمير نصب منفصل وقال سبحانه وتعالى ﴿ أ َ‬ ‫ه﴾‬
‫َ‬ ‫الل‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫اه﴾[ــيوسف‪ ]40:‬هذا ضمير نصب منفصل والمثلة والشواهد على‬ ‫تَعْبُدُوا إ ِل إِي َّ ُ‬
‫ذلك كثيرة المثلة والشواهد على ضمائر الرفع المنفصلة وعلى ضمائر‬
‫النصب المنفصلة كثيرة أما شواهد الضمائر المتصلة فنحو قول الله عّز‬
‫ن ﴾[آل عمران‪]43:‬‬ ‫معَ الَّراكِعِي َ‬ ‫جدِي وَاْركَعِي َ‬ ‫س ُ‬
‫ك وَا ْ‬ ‫م اقْنُتِي لَِرب ِّ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ل ﴿ يَا َ‬ ‫وج ّ‬
‫الياء في هذه المواضع الثلثة ضمير متصل مبني في محل رفع وقال صلى‬
‫الله عليه وسلم مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪127‬‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫يوصيني الياء هنا ضمير متصل في محل نصب بيوصي ﴿ قَا َ‬
‫صي ُ‬ ‫ل عَذ َابِي أ ِ‬
‫شاءُ ﴾[لعراف‪ ]156 :‬الياء هنا في محل جر مضاف إليه وقال الله‬ ‫ن أَ َ‬‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫بِ ِ‬
‫َّ‬ ‫سبحانه وتعالى ﴿ قَا َ‬
‫ل إِنِّي ع َبْد ُ اللهِ ﴾[مريم‪ ]30:‬الياء هنا في محل نصب‬
‫ما قَلَى﴾[الضحى‪ ]3:‬فالكاف في‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ك َرب ُّ َ‬ ‫ما وَدَّع َ َ‬ ‫وقال سبحانه وتعالى ﴿ َ‬
‫ودعك في محل نصب وفى ربك في محل جر ما ودعك ربك لنها مضاف‬
‫حاوُِره ُ ﴾ [الكهف‪ ]37 :‬له‬ ‫ه وَهُوَ ي ُ َ‬ ‫حب ُ ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫إليه وقال سبحانه وتعالى ﴿ قَا َ‬
‫الهاء هنا في محل جر صاحبه في محل جر مضاف إليه يحاوره في محل‬
‫منَادِياً‬ ‫معْنَا ُ‬ ‫س ِ‬ ‫نصب وقال الله سبحانه وتعالى كما ذكرت لكم قبل ﴿َربَّنَا إِنَّنَا َ‬
‫ن ﴾ فجاءت نا هنا في هذه المواضع الثلثة مختلفة العراب في‬ ‫ما ِ‬ ‫يُنَادِي لِْلِي َ‬
‫قوله سبحانه ربنا هذه في محل جر مضاف إليه إننا في محل نصب سمعنا‬
‫في محل رفع هذه هي الضمائر المتصلة والضمائر المنفصلة وقد ذكرت‬
‫َ‬
‫ل ﴿ وَل تَقْتُلُوا أوْلدَك ُ ْ‬
‫م‬ ‫لكم بعض المثلة المتعلقة بها في قول الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾[السراء‪ ]31 :‬هذا من الضمائر المنفصلة‬ ‫م وَإِيَّاك ُ ْ‬‫ن نَْرُزقُهُ ْ‬ ‫ح ُ‬‫ق نَ ْ‬‫مل ٍ‬ ‫ة إِ ْ‬‫شي َ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[يونس‪]28 :‬‬ ‫م إِيَّانَا تَعْبُدُو َ‬ ‫ما كُنْت ُ ْ‬‫م َ‬ ‫شَركَاؤُهُ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل ﴿ وَقَا َ‬ ‫ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ن‬
‫ح بَيْنَنَا َوبَي ْ َ‬ ‫هذه من ضمائر النصب المنفصلة وقال سبحانه وتعالى ﴿ َربَّنَا افْت َ ْ‬
‫خيُْر الْفَات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[لعراف‪ ]89 :‬هذه من ضمائر الرفع‬ ‫حي َ‬ ‫ت َ‬ ‫قّ وَأن ْ َ‬ ‫ح ِ‬‫منَا بِال ْ َ‬ ‫قَوْ ِ‬
‫ذّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ن نََّزلْنَا ال ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫المنفصلة وقال سبحانه وتعالى ﴿ إِنَّا ن َ ْ‬
‫ن﴾[الحجر‪ ]9:‬إنا نحن أما إنا فضمير متصل أما نحن فضمير منفصل‬ ‫حافِظُو َ‬ ‫لَ َ‬
‫هذه أنواع الضمائر ‪.‬‬
‫أشير إلى نقطة الضمير يا أيها الحباب يُؤتى به لليجاز والختصار‪،‬‬
‫فالصل أنه كلما أمكنك أن تأتي بالضمير متصل فل تعدل إلى المنفصل ل‬
‫تعدل إلى المنفصل يعني مثل تقول نعبدك يا ربي ول يجوز أن نعبد‬
‫إياك يا ربي لنه أمكن المجيء بالضمير المتصل لكن لو قدمت هذه الكاف‬
‫وهو ل يبتدأ بها فل يمكن البتداء بها فإنك حينئذ تقول إياك نعبد فتأتي‬
‫بالضمير المنفصل فإذا ً كلما أن تأتي بالضمير متصل ً فل تعدل إلى أن تأتي‬
‫به منفصل ً كلما أمكنك ذلك ويستثنى من ذلك مسألتان ‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬أن يكون العامل عامل ً في ضميرين‪ ،‬أولهما أعرف‬
‫وليس مرفوعا أولهما أعرف من الثاني وليس مرفوعا ًَ وذلك نحو قول الله‬
‫عز وج ّ َ‬
‫موهَا ﴾[هود‪ ]28:‬فهنا يجوز لك لو في غير‬ ‫مك ُ ُ‬‫ل ﴿ أنُلْزِ ُ‬ ‫ّ‬
‫القرآن الكريم أن تقول أنلزمكم إياها ل مانع ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬هو أن يكون الضمير خبرا ً لكان أو لحدى أخواتها فإنك‬
‫مخير بين أن تأتي به متصل ً أو تأتي به منفصلً‪ ،‬فتقول الصديق كانه زيد‪،‬‬
‫تأتي به متصل ويجوز أن تقول الصديق كان إياه زيد‪ ،‬فإذا ً أعيد‬
‫القاعدة مرة أخيره أنه كلما أمكنك المجيء بالضمير متصل ً فل تعدل إلى‬
‫انفصاله ل تذهب إلى انفصاله إل‬
‫في هذين الموضعين الذين ذكرتهما لكم وفى الضمير تفصيلت كثيرة لم‬
‫أحب أن أتطرق إليها لنها ستخرج بنا عن مستوى شرح هذا أو هذه‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪128‬‬
‫المقدمة‪ ،‬فاكتفيت بذكر ما ذكرته لكم من الحديث عن الضمير وبعد هذا إن‬
‫شاء الله تعالى سننتقل إلى نوع أو إلى باب جديد من أبواب المعارف وهو‬
‫باب العلم لكنه سيكون إن شاء الله في لقاءنا القادم فأما الن فأترك لكم‬
‫الفرصة لتقديم السئلة وأرى السئلة اليدي مرتفعة ومحتشدة‪ ،‬فتفضل يا‬
‫شيخ ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ما معنى إياك وهل هناك فرق بين إياك التي تكلمنا عنها وإياك للتحذير‬
‫مثل إياك أن تفعل ذلك ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيك سؤال جيد‪ ،‬أما إياك التي يقصد منها التحذير فهي في‬
‫الصل كاف المخاطب‪،‬هي في‬
‫الصل التي يقصد منها التحذير هي في الصل كاف المخاطب ولكنها‬
‫فصلت عن فعل التحذير لنه مضمر لن تقدر أحذرك فلما فصلت امتنعت‬
‫أن تبقى بها لنها ضمير متصل ففصلتها فصارت إياك‪ ،‬هذه في التحذير‪ ،‬أما‬
‫في إياك نعبد وإياك نستعين فهي نفسها هي الضمير لكن الفرق بينهما أن‬
‫تلك كانت متصلة بالفعل والفعل أمر وجوبا ً لن صيغة التحذير هذه هي وأما‬
‫في إياك نعبد فأنت قدمت المؤخر أصله نعبدك‬
‫لكن قدمته لغرض القصد إياك نعبد‪ ،‬يعني نعبدك وحدك‪.‬‬
‫سأل الطالب‪:‬‬
‫ويفعل نفس الفعل في العراب ؟‬
‫أكمل الشيخ‪:‬‬
‫والعمل هو هو يعني هي معمولة لفعل طبعا ً إياك نعبد معمولة للفعل‬
‫المتأخر أما إياك أن تعمل كذا وكذا‪ ،‬فهي معمولة للفعل المقدر‪ ،‬بارك الله‬
‫فيك ‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيرا ً فضيلة الشيخ‪ ،‬قلتم فضيلتك أن النكرة المقصودة‬
‫بالنداء بعضهم يلحقها‬
‫بالتعريف ‪.‬‬
‫أكمل الشيخ‪:‬‬
‫نعم بالمعارف‪ ،‬يعني يجعلها من أنواع المعارف‪ ،‬صحيح ‪.‬‬
‫أكمل الطالب‪:‬‬
‫فهل هذا القول صحيح ؟‬
‫أكمل الشيخ‪:‬‬
‫نعم هو صحيح ‪.‬‬
‫أكمل الطالب‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪129‬‬
‫وإن كان صحيحا ً فكيف يعربون مثلت فضيلتك قلت يا رجل‪ ،‬فكيف لو‬
‫قلنا يا رجل المهام الصعبة‪ ،‬فيكون رجل هنا معرفة وبعدها معرف فكيف‬
‫يعربونها ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫يا رجل إذا سكت فهي نكره لكن لو قلت يا رجل المهام الصعبة فأنت‬
‫الن عرفتها ولكن ليس التعريف‬
‫بواسطة النداء‪ ،‬في المثال الثاني وإنما هو باسط اليضاح لنك أضفتها إلى‬
‫معرفة بارك الله فيك‪ ،‬نعم‬
‫تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خير في السم المضمر ثم جاء بالسم العلم‬
‫قدم السم المضمر على‬
‫السم العلم‪ ،‬ونعرف أن السم العلم يدل على شيخ مثل تقول محمد‪،‬‬
‫فلماذا كان السم المضمر أعرف من السم العلم ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيك هذا سؤال جيد‪ ،‬طبعا ً أنا ما أحببت أن أتحدث عن ترتيب‬
‫المعارف ولكن كان سيأتي‬
‫ترتيبها يعني تلقائيا ً لكن هم فعل ً بدءوا ومعظم النحويين يبدءون بالضمير‬
‫ويقولون إن الضمير أعرف‬
‫المعارف ويليه في التعريف العلم ويليهما اسم الشارة ثم السم الموصول‪،‬‬
‫ثم المعرف بـ ال ثم المضاف إلى واحد من هذه المعارف بحسب ما أضيف‬
‫إليه ما عدا المضاف إلى الضمير أو المضاف إلى العلم فإنهما في مرتبة‬
‫واحدة‪ ،‬أما الباقي فعلى نفس الترتيب فالنحويون يرون أن هذا هو ترتيب‬
‫المعارف أنه يبدأ بالضمير وهو أعرف المعارف عندهم ‪ ،‬والعلم يليه إل‬
‫لفظا ً واحدا ً وهو لفظ الجللة‪ ،‬فهو أعرف من الضمائر ومن غيرها‪ ،‬فهذا‬
‫الذي يقال في هذا الجانب‪ ،‬يعني ترتيبها هو كذلك‪ ،‬ونكتفي اليوم بهذا‬
‫القدر‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪130‬‬

‫الدرس الرابع عشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫نواصل الحديث بإذن الله تعالى في شرح ما يتيسر من الجرومية وقد‬
‫انتهينا في لقاءنا الماضي عن أول نوع من أنواع المعارف وهو الضمير ‪.‬‬
‫واليوم نتحدث بإذن الله تعالى في باب العلم ‪.‬‬
‫والعلم ل يشمله تعريف واحد لنه قسمان رئيسان ل يدخل بعضهما في‬
‫بعض‪ ،‬فأما القسم المشهور المعروف فهو العلم الشخصي ‪.‬‬
‫والقسم الثاني يسمى بالعلم الجنسي ‪.‬‬
‫والثاني ليس مشهورا ً وليس متداول ً لكن سنعطي لمحة يسيره عنه ‪.‬‬
‫فأما العلم الشخصي يا أيها الحباب فهو الذي يعني يعّرفونه بقولهم هو‬
‫الذي يعين مسماه تعينا ً مطلقاً‪ ،‬فقولهم في التعريف يعين مسماه يدخل‬
‫في جميع المعارف لنها كلها تعين مسماها وقولهم تعيينا ًَ مطلقا ً يخرج كل‬
‫المعارف الخرى غير العلم لماذا ؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لن المعارف الخرى ل تعين مسماها أو ما تطلق عليه تعريفا مطلقا بل‬
‫تحتاج إلى قرينة ثانية حتى تعرفه‪ ،‬ومن أجل هذا من أجل أنه يتعرف‬
‫مباشرة تعريفا ً مطلقا ً رأى بعضهم تقديم العلم وجعله في أول المعارف‪،‬‬
‫والحق أن يعني أكثر النحويين يقدمون الضمير على العلم‪ ،‬المهم أن‬
‫تعريف العلم بقولهم هو الذي يعين مسماه تعيينا ً مطلقا ً يخرج بقية‬
‫المعارف بقوله تعيينا ً مطلقا ً لماذا ؟‬
‫قال لن الضمير إما أن يدل على تكلم أو خطاب أو غيبة فهو يعين‬
‫مسماه بأمرين بكونه ضميرا ً وبالخطاب أو بالغيبة أو بالتكلم هذا مثل ً أيضاً‬
‫اسم الشارة يتعرف بكونه اسم إشارة وبالشارة إليه بالحضور‪ ،‬أيضا ً السم‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪131‬‬
‫الموصول يتعرف أيضا ً بواسطة صلته‪ ،‬ذو الداة أو ما دخلت عليه “أل”‬
‫يتعرف بسبب “أل” فكلها أنواع المعارف الخرى يعني تحتاج إلى أمرين‬
‫إلى التعريف‪ ،‬أما هذا العلم الشخصي فإنه ل يحتاج إل إلى أمر واحد حتى‬
‫يعين مسماه تعينا ً مطلقاً‪ ،‬تقول لي إذا قلنا محمد فمحمد ليس واحد وإنما‬
‫هو يطلق على عدد كبير جدا ً من الناس‪ ،‬أقول لك إن بينك وبين المخاطب‬
‫أو بينك وبين الحاضرين واحد فقط هو المقصود بقولك محمد ولذلك يتعين‬
‫مباشرة بمجرد ما تقول محمد أو تقول عبد الله أو تقول زين العابدين أو‬
‫نحو ذلك‪ ،‬هذا هو الذي جعلهم يجعلون العلم يعين مسماه تعيينا ً مطلقا ً فهذا‬
‫هو أول تقسيم له‪.‬‬
‫أما العلم الجنسي فسأذكر لمحة موجزة عنه يسيره‪ ،‬هو أيضا ً يعين‬
‫مسماه لكن ليس تعيينا ً مطلقا ً بل كتعيين ما دخلت عليه “أل” الجنسية‪،‬‬
‫وذلك أنك تقول أسامة تقصد به واحدا ً من السود ل تقصد به أسدا ً بعينه‪،‬‬
‫فهو مثل ما تقول الرجل يبين لك هذا الجنس ولذلك سموه بالعلم الجنسي‬
‫ونكتفي بهذا القدر في العلم الجنسي ثم نعود إلى تقسيمات العلم الخرى‪،‬‬
‫يقسمون العلم عدة تقسيمات سنأخذ بعضها التقسيم الول أنه ينقسم إلى‬
‫مرتجل ومنقول ‪.‬‬
‫فأما المرتجل فهو الذي وضع من أول أمره علما ً يمثلون له بكلمة سعاد‬
‫فإنها ليست منقولة عن شيء آخر‪ ،‬ويمثلون بكلمة أدد فإنه ليس منقول عن‬
‫شيء آخر‪ ،‬هذا هو المرتجل ‪.‬‬
‫أما المنقول فكثير وهو الغالب‪ ،‬فقد يكون منقول ً عن مصدر لقولهم‬
‫ضلً‪ ،‬وقد يكون منقول ً عن اسم فاعل‬ ‫ل فَ ْ‬
‫ض ُ‬ ‫فضل‪ ،‬لنه مصدر فَ ُ‬
‫ض َ‬
‫ل ي َ ْف ُ‬
‫كقولهم سالم أو مجاهد‪ ،‬أو مكرم‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬وقد يكون منقول ً عن اسم‬
‫مفعول كقولهم مثل ً محمد أو محمود‪ ،‬وقد يكون منقول ً عن أفعل تفضيل أو‬
‫ض كسحر أو‬ ‫اسم تفضيل كقولهم أكرم‪ ،‬وقد يكون منقول ً عن فعل إما ما ٍ‬
‫سجى‪ ،‬وقد يكون منقول ً عن فعل مضارع كيزيد وتغلب ويشكر‪ ،‬وقد يكون‬
‫منقول ً عن جملة والجملة التي سمعت عن العرب هي الجملة الفعلية قالوا‬
‫مثل ً تأبط شرا ً هذا اسم علم ولكنه لم يسمع النقل عن الجملة السمية لكن‬
‫ل مانع ‪.‬‬
‫قياسا ً على ما ورد من الجملة الفعلية هذا هو العلم المنقول وهذه‬
‫أنواعه‪ ،‬هذه أنواع العلم المنقول ‪.‬‬
‫ننتقل إلى تقسيم آخر مهم في هذا الباب وهو أنهم يقسمون العلم‬
‫قسمين‪ :‬قسم مفرد‪ ،‬وقسم مركب‪ ،‬فأما المفرد فنحو حسن وصالح‬
‫ومحمد وزيد وعبيد وما شاكل هذا كله مفرد وأما المركب فيقسمونه ثلثة‬
‫أقسام‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬هو المركب الضافي وهو كثير كعبد الله وعبد الرحمن‬
‫وزين العابدين وأبي بكر‪ ،‬وإلى آخره وأم كلثوم وما شاكل ذلك هذه كلها‬
‫مركبات تركيبا ً إضافيا ً سنعود له بعد قليل إذا تبين كيف نعربه ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪132‬‬
‫الثاني‪ :‬هو المركب المزجي‪ ،‬والمركب المزجي يقسمونه قسمين ‪:‬‬
‫قسم منه مختوم بكلمة "ويه" وقسم منه غير مختوم بكلمة "ويه" فأما‬
‫المختوم فنحو سيبويه نفطويه وخمرويه‪ ،‬وأما غير المختوم فنحو معدي‬
‫كرب وبعلبك وحضرموت وما شاكلها هذا هو العلم المركب تركيبا ً مزجياً‬
‫وسنعود له إن شاء الله ‪.‬‬
‫أما الخير‪ :‬فهو المركب تركيبا ً إسناديا ً والمقصود به هو ما تكون من‬
‫جملة والغالب في هذه الجملة أن تكون فعلية لن هذا هو المسموع عن‬
‫العرب أما الجملة السمية فلم تسمع عن العرب لم يسمع التسمية بالجملة‬
‫السمية يعني ما سمعناه أنهم سموا شخصا ً مثل ً بزيد مجتهد ما سمعنا بهذا‬
‫‪.‬‬
‫لكننا سمعناهم يسمون بتأبط شراً‪ ،‬جد ثدياها وكذا وكذا وإلى آخره‪،‬‬
‫مجموعة من السماء جمل فعلية انتهينا ؟ ل بل نعود أقول المركب‬
‫الضافي يعني علمة العراب فيه تكون على الجزء الول منه وأما الجزء‬
‫الثاني فهو مجرور دائما ً بالضافة‪ ،‬تقول مثل ً ‪ :‬هذا عبد الله ورأيت عبد الله‬
‫ومررت بعبد الله‪ ،‬فرأيت من الحركة العرابية على القسم الول منه أما‬
‫المركب تركيبا ً مزجياً‪ ،‬فهو في استعمالهم قسمان قسم منه يعرب إعراب‬
‫الممنوع من الصرف يعني يرفع بالضمة وينصب ويجر بالفتحة ول ينون وهو‬
‫غير المختوم بكلمة "ويه" نحو معدي كرب وبعلبك وحضرموت وما شاكل‬
‫ت‪.‬‬‫ت إلى حضرمو َ‬ ‫ت ونظر ُ‬
‫ت وزرت حضرمو َ‬ ‫هذا تقول هذه حضرمو ُ‬
‫وأما القسم الثاني‪ :‬فهو المختوم بكلمة "ويه"‪ ،‬وأغلب العرب يبنونه‬
‫على الكسر فيقولون مثل ً جاء سيبويه ورأيت سيبويه ومررت بسيبويه‪ ،‬لو‬
‫سألت عن سبب بنائه‪ ،‬تقول‪ :‬لنه مختوم بكلمة ويه مما جعله أشبه بأسماء‬
‫الصوات وأسماء الصوات مبينة ‪.‬‬
‫نأتي إلى المركب تركيبا ً إسنادياً‪ ،‬أما المركب تركيبا ً إسناديا ً بارك الله‬
‫فيكم فنحو تأبط شرا ً هذا يقولون يلزم حالة واحدة ويعرب بحركات مقدرة‬
‫على آخره فتقول جاء تأبط شرا ً ورأيت تأبط شرا ً وممرت بتأبط شرا ً وعند‬
‫العراب نأخذ واحدة صورة منها مررت بتأبط شرا ً مررت فعل وفاعل‬
‫والباء حرف جر تأبط شرا ً اسم مجرور بالباء وعلمة جره الكسرة المقدرة‬
‫على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية لنه يلزم صورة‬
‫واحدة ‪.‬‬
‫ما دام يلزم صورة واحدة لما لم تقولوا إنه مبني ؟ قال لنه اسم‬
‫والسماء الصل فيها العراب ول تبني إل إذا أشبهت الحروف وليس بينه‬
‫وبين الحروف أي شبه‪ ،‬وأظن هذا الكلم واضح ول نحتاج إلى مزيد‪.‬‬
‫بقي تقسيم أخير في باب العلم‪ ،‬وهو أنهم يقسمونه ثلثة أقسام‪:‬‬
‫يقسمونه إلى اسم‪ ،‬ولقب‪ ،‬وكنية‪ ،‬فيقولون إذا بُدِأت الكلمة بأب أو أم فهي‬
‫كنية‪ ،‬إذا دل على رفعة المسمى أو على ضعته فهو لقب‪ ،‬إذا لم يكن على‬
‫أي صورة من هاتين الصورتين فإنه السم‪ ،‬يعني مثل ً كلمة زيد هذه اسم‪،‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪133‬‬
‫كلمة أبي بكر هذه كنية‪ ،‬كلمة زين العابدين هذه لقب لكونها تضمنت مدحاً‪،‬‬
‫كلمة كرز وهو خرج الراعي لو سميته سقفا ً بكرز هذا يقولون إنه لقب‪،‬‬
‫المهم أنه متى تضمنت الكلمة مدحا ً أو ذما ً أو دللة على رفعة المسمى أو‬
‫على ضعته فهي لقب‪ ،‬متى بدأت الكلمة بكلمة أب أو بكلمة أم فهي كنية‪،‬‬
‫متى خلت من ذلك فهي اسم‬
‫ولعل الرجح في هذا التقسيم أن يقال ينظر إلى ما سمى به الولد‬
‫الوالد ولده عند ولدته فإن كان مبدوءا ً بلفظ أب مثل ً أنه سمى ولده أبو‬
‫بكر في بداية أول ما ولد فهل نعد هذه كنية أو نعده اسما ً ؟ الصواب في‬
‫رأيي أو الرجح على القل‪ ،‬الرجح أن تقول ما سمى الوالد به ولده عند‬
‫ولدته هو السم‪ ،‬ثم بعد هذا إذا أُطلق عليه بأن كُني بأبي عبد الله أو أبي‬
‫مدح به أو ذم‬ ‫زيد أو أبي عمرو أو إلى آخره هذه كنية أو اشتهر بشيء ما ف ُ‬
‫به هذا هو اللقب هذا هو الرجح‪ ،‬وإن كانوا يقسمون على التقسيم الول‬
‫الذي ذكرت لكم فيقولون ما بُدأ بأب أو أم فهو كنية‪ ،‬ما دل على رفعة‬
‫المسمى أو ضعته فهو لقب‪ ،‬ما لم يكن كذلك فهو اسم ولكم أن تختاروا‬
‫واحدا ً من هذه الخيارات الموجودة عندكم‪ ،‬انتهينا من العلم باختصار‪.‬‬
‫ننتقل إلى اسم الشارة‪ ،‬أما اسم الشارة فله ألفاظ محدودة وهو النوع‬
‫الثالث من أنواع المعارف‪ ،‬يشار إلى المفرد المذكر بهذا‪ ،‬ويشار إلى‬
‫المفردة المؤنثة بهذه وهاته وذي وتي وذه وته‪ ،‬أما المثني المذكر فيقال‬
‫فيه في حالة الرفع هذان ويقال فيه في حالتي النصب والجر هذين‪ ،‬وأما‬
‫المثنى المؤنث فيقال فيه في حالة الرفع هاتان ويقال فيه في حالتي‬
‫النصب والجر هاتين‪ ،‬وأما جماعة الذكور وجماعة الناث فيشار إليهم بلفظ‬
‫واحد وهو أولء أو هؤلء‪ ،‬وبالمناسبة فإن الهاء الموجودة في بعض أسماء‬
‫الشارة ليست من اسم الشارة‪ ،‬وإنما هي حرف للتنبيه وأما السم‬
‫الشارة فهو ما عداها فمثل ً في الشارة إلى المفرد الحقيقة أن الشارة‬
‫إليه بكلمة ذا‪ ،‬يشار إليه بكلمة ذا‪ ،‬أما وجود هذه الهاء فإنما هي للتنبيه‪،‬‬
‫م‬‫ك هُ ُ‬‫م وَأُولَئ ِ َ‬
‫ن َربِّهِ ْ‬
‫م ْ‬ ‫حتى أنك ل تجدها في بعض الحيان ﴿ أُولَئ ِ َ‬
‫ك ع َلَى هُدىً ِ‬
‫ن ﴾ [البقرة‪ ]5:‬المهم أن أولئك هنا جاءت بدون هاء‪ ،‬وهكذا فإن‬ ‫حو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مفْل ِ ُ‬
‫الهاء ليست لزمة في اسم الشارة وإنما اسم الشارة هو بدونها‪ ،‬فيما‬
‫يتحدث عنه في أسماء الشارة أن هؤلء خاصة بالعقلء ول تقول مثل هؤلء‬
‫البواب‪ ،‬ول تقول أكرمكم الله هؤلء الحمر ل‪ ،‬وإنما تشير إليها بلفظ‬
‫المفردة المؤنثة وتقول هذه البواب ‪ ،‬وتقول هذه الحمر إلى آخره ‪.‬‬
‫المهم أن لفظ أولء خاص بالعقلء سواء أكانوا مذكرين أم كن مؤنثات‬
‫هذا خاص بهم أما قول الشاعر‪:‬‬
‫والعيش بعد أولئك اليام‬ ‫ذم المنازل بعد منزلة اللوى‬
‫فقد أشار بأولئك إلى اليام مع أنها غير عاقلة فالصحيح في روايته أنه‬
‫بعد أولئك القوام‪ ،‬وحينئذ تبقى على الصل‪ ،‬حتى لو قلنا إنها الرواية‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪134‬‬
‫الصحيحة أولئك اليام فنقول هذا استعمل في الشعر ول يعتد به ول يجرى‬
‫عليه ‪.‬‬
‫مما يتحدث عنه في باب أسماء الشارة أن الشارة نوعان إما قريب‬
‫وإما بعيد‪ ،‬فالشارة إلى القريب تقول هذا أو تقول ذا‪ ،‬أما الشارة إلى‬
‫ب فِيهِ ﴾ هذا دللة‬ ‫ك الْكِتَا ُ‬
‫ب ل َري ْ َ‬ ‫البعيد فتقول فيها ذاك أو تقول ذلك ﴿ ذَل ِ َ‬
‫على بعد منزلته وعلوها‪ ،‬ممكن أن تكون باللم وممكن أن تكون بدون لم‬
‫تقول ذاك أو ذلك وبعضهم يجعل مراتب الشارة ثلثة‪:‬‬
‫•إشارة إلى القريب‪.‬‬
‫•وإشارة إلى المتوسط ‪.‬‬
‫•وإشارة إلى البعيد ‪.‬‬
‫فأما الشارة إلى القريب فهي ذا ‪.‬‬
‫وأما الشارة إلى المتوسط فهي ذاك ‪.‬‬
‫وأما الشارة إلى البعيد فهي ذلك ‪.‬‬
‫ولك الحرية في ذلك‪ ،‬هذه اللم تمتنع أحيانا ً ذلك أنه إذا كان اسم‬
‫الشارة مبدوءا ً بالهاء امتنعت ‪.‬‬
‫اثنين ‪ :‬أنها تمتنع في المثنى مطلقا ً سواء أكان مبدوءا ً باللم أم غير‬
‫مبدوء ‪.‬‬
‫ثلثة ‪ :‬أنها تمتنع في الجمع على لغة من مده‪ ،‬لن بعضهم يرى أنه‬
‫يمكن أن تقول أولى مقصوًرا وتقول أولء ممدودا ً فعلى لغة من مد تمتنع‬
‫اللم ‪.‬‬
‫وهذا كل ما يقال في أسماء الشارة‪ ،‬المصنف رحمنا الله وإياه‪ ،‬أهمل‬
‫الحديث عن السم الموصول ولكننا مع ذلك ما قرأنا حديثه عن السم‬
‫العلم‪ ،‬ولم نقرأه في اسم الشارة‪ ،‬فأما السم العلم فقال‪ ( :‬والسم‬
‫العلم نحو زيد ومكة ) زيد هذا علم على رجل‪ ،‬ومكة هذا علم على‬
‫بلد‪ ،‬وهذا طبعا ً من تقسيمات العلم أيضا ً قد تكون على البلدان وقد تكون‬
‫على القرى وقد تكون على الحيوانات حتى أيضا ً يكون عند واحد‪ ،‬وقد تكون‬
‫على ما ل يعقل من الجمادات‪.‬‬
‫ثم انتقل بعد هذا إلى الحديث في اسم الشارة فقال ( والسم‬
‫المبهم ) ثم قال ( نحو هذا وهذه‬
‫وهؤلء ) المقصود بالمبهم يا أيها الحباب الغامض في الصل‪ ،‬وبعضهم‬
‫يدخل في المبهم أمرين المر الول أسماء الشارة والمر الثاني السماء‬
‫الموصولة المصنف هنا اكتفى بالحديث عن أسماء الشارة ومع ذلك فله‬
‫عذره لنه قال ( والسم المبهم نحو ) لما قال نحو ‪ ،‬معناه أن هناك شيئاً‬
‫آخر غيره ( نحو هذا وهذه وهؤلء ) ثم بعد هذا لم يتحدث المصنف عن‬
‫السم الموصول ولكننا سنتحدث عنه لهميته‪ ،‬أما تعريف السم الموصول‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪135‬‬
‫أول ً هو النوع الرابع من أنواع المعارف‪ ،‬النوع الرابع من أنواع المعارف هو‬
‫السم الموصول ‪.‬‬
‫ثانيا ً تعريفه‪ :‬هو السم الذي يفتقر إلى صلة وعائد‪ ،‬يفتقر دائما محتاج‬
‫إلى صلة ول تتم الفائدة من السم الموصول إل بصلته والصلة هذه لبد أن‬
‫يكون فيها عائد‪ ،‬هذا هو السم الموصول‪ ،‬وهو ينقسم قسمين ‪:‬‬
‫قسم منه يسمى بالموصول الخاص‪ ،‬وهو أن يكون لكل نوع لفظ خاص‬
‫به وقسم يسمى بالموصول المشترك وهو أن يكون اللفظ صالحا ً للمذكر‬
‫والمؤنث والمفرد والمثنى والمجرور فأما السماء الموصولة الخاصة فهي ‪:‬‬
‫الذي للمفرد‪ ،‬والتي للمفردة‪ ،‬واللذان رفعا ً للمثنى المذكر‪ ،‬واللذين نصباً‬
‫وجرا ً للمثنى المذكر‪ ،‬واللتان للمثنى المؤنث رفعا ً واللتين نصبا ً وجرا ً للمثنى‬
‫المؤنث والذين لجماعة الذكور واللتي واللئي لجماعة الناث‪.‬‬
‫هذه السماء الموصولة الخاصة لن كل واحد منها يخص فئة معينة أما‬
‫السماء الموصولة المشتركة فهي‪ ،‬بعضهم يكثرها وبعضهم يقللها ولكن‬
‫نذكر لكم السماء الموصولة المشتركة هي لفظ "من" و"ما" وبعضهم‬
‫يدخل معها “أل” ولفظ "أي" فهي اسم موصول مشترك ولفظ "ذو" عند‬
‫ة فهم يستعملونه اسما ً موصول ً مشتركا ً نمثل على واحد من‬ ‫الطائيين خاص ً‬
‫هذه السماء الموصولة المشتركة ونترك الباقي ولكم أن تقيسوا عليه ‪.‬‬
‫أما الواحد هذا الذي سنمثل عليه فهو "من"‪ ،‬فتقول جاء من أحبه‪،‬‬
‫وجاءت من أحبها‪ ،‬وجاء من أحبهما‪ ،‬سواء أقصدت مذكرين أم قصدت‬
‫مؤنثين‪ ،‬فتقول جاءت من أحبهما وتقول جاء من أحبهم وجاء من أحبهن‪،‬‬
‫م الجميع وتميز نوعه بواسطة صلته؛ لن‬ ‫فـ"من" هذا موصول مشترك ع َّ‬
‫فيها ضميرا ً يدلك على المقصود من السم الموصول‪ ،‬هذا هو الموصول‬
‫المشترك‪.‬‬
‫والموصول الخاص جاء الذي أحبه وجاءت التي أحبها وجاء اللذان‬
‫أحبهما‪ ،‬وجاءت اللتان أحبهما أيضاً‪ ،‬وجاء الذين أحبهم‪ ،‬وجاء اللتي أحبهن‪،‬‬
‫وهذا بيّن وواضح بالنسبة للسماء الموصولة الخاصة أن كل واحد منها يأتي‬
‫معه يعني ما يبينه‪ ،‬وهذا السم الخاص كل واحد منها خاص بفئة معينه ول‬
‫يطلق على غيره ول يطلق على غير هذه الفئة‪ ،‬نحن اشترطنا في أول ما‬
‫بدأنا في الحديث عن السم الموصول قلنا هو ما يفتقر إلى صلة وعائد ‪.‬‬
‫فأما الصلة يا أيها الحباب فالصل فيها أن تكون‪ :‬إما جملة فعلية‪ ،‬وأما‬
‫جملة اسمية‪ ،‬ولكن قد تكون أيضا ً جارا ً ومجروراً‪ ،‬وقد تكون ظرفاً‪ ،‬فأما‬
‫الجملة فيشترط فيها أن تكون خبرية‪ ،‬يشترط في الجملة أن تكون خبرية‪،‬‬
‫ول يصح أن تكون إنشائية‪ ،‬فيجب أن تقول مثل ً جاء الذي أكرمته‪ ،‬ول يصح‬
‫أن تقول جاء الذي أكرمه لنها إنشائية هذه‪ ،‬أما إن كانت خبرية فل مانع هذا‬
‫جانب‪ .‬الجانب الثاني أنها تحتاج‪ ،‬أن الجملة هذه لبد أن تشتمل على ضمير‬
‫يربطها بالسم الموصول فأنت إذا قلت جاء الذي أكرمته‪ ،‬فإن الهاء هذه‬
‫عائدة على السم الموصول ومبينة لحاله‪ ،‬وبخاصة إذا كان السم الموصول‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪136‬‬
‫مشتركا ً فلبد من هذه الصلة لتبين نوع هذا الموصول أهو واحد أو اثنان‬
‫مذكر أو مؤنث جماعة‪ ،‬لبد من الصلة أن تكون موجودة معه وهذا كما‬
‫يعني بينت لكم‪ ،‬فصلة الموصول الصل فيها أن تكون إما جملة فعلية وإما‬
‫جملة اسمية‪ ،‬جاء الذي أبوه مجتهد أو أبوه مخلص أو أبوه مسافر وهكذا‪،‬‬
‫يمكن أن تقيس على هذه العبارة يمكن أن تقيس على هذه العبارة هذا‬
‫بالنسبة لصلة الموصول لبد أن تكون إما جملة فعلية وإما جملة اسمية‪.‬‬
‫هل تكون غير ذلك ؟ نعم ‪ ،‬جاء الذي عندك أو عند عبد الله هذه ظرفية‬
‫مكانية جاء الذي في المسجد أو رأيت الذي في المسجد‪ ،‬هذا جار ومجرور‬
‫ل مانع‪ ،‬الجار والمجرور هنا والظرف ما متعلقه ؟ الصواب أن متعلقة فعل‬
‫لبد أن يتعلق بفعل لماذا ؟ قال لن الصل في صلة الموصول أنها لبد أن‬
‫تكون جملة‪،‬والجملة لبد أن يكون فيها فعل فلذلك إذا وردنا صلة للموصول‬
‫وكانت هذه ظرفا ً أو جارا ً ومجرورا ً فلبد أن نعلقها بفعل هذا الحديث عن‬
‫السماء الموصولة‪.‬‬
‫أما المعرف بـ “أل” فقد ذكره المؤلف‪ ،‬ولم يترك الحديث عنه كما ترك‬
‫الحديث في باب السم الموصول‪ ،‬اكتفاءً منه بنوع واحد من المبهمات أو‬
‫من المبهمين وهما اسم الشارة والسم الموصول؛ لنه اكتفى بالحديث في‬
‫اسم الشارة‪ ،‬فأما المعرف بـ “أل” ‪-‬يا أخي العزيز‪ -‬فهو قال عنه المصنف‬
‫( السم الذي فيه اللف واللم نحو الرجل والغلم )‬
‫هذا كل حديثه عن السم المعرف بـ “أل” وهو النوع الخامس من أنواع‬
‫المعارف ‪.‬‬
‫أنواع المعارف مرة ثانية ‪ :‬الضمير‪ ،‬العلم‪ ،‬اسم الشارة‪ ،‬السم‬
‫الموصول المعرف بـ “أل” هذا هو النوع الخامس منها وأما “أل” الداخلة‬
‫على السم فيقسمها النحويون ثلثة أقسام‪ ،‬لنها إما للعهد أولتعريف‬
‫الجنس أو للستغراق‪ ،‬والعهد قد يكون عهدا ً ذكريا ً وقد يكون عهدا ً ذهنياً‬
‫وقد يكون عهدا ً حضورياً‪ ،‬نمثل لكل واحدة منها أما العهد الذكري فهو لبد‬
‫ل﴿‬‫أن يكون سبق لما دخلت عليه ذكره في الكلم السابق قال الله عّز وج ّ‬
‫شاهدا ً ع َلَيك ُم ك َ َ‬ ‫َ‬
‫سول ً ﴿‪﴾15‬‬ ‫ن َر ُ‬‫سلْنَا إِلَى فِْرع َوْ َ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫سول ً َ ِ‬
‫م َر ُ‬‫سلْنَا إِلَيْك ُ ْ‬
‫إِنَّا أْر َ‬
‫ل ﴾[المزمل‪ ]16-15:‬أي رسول ؟ هو المذكور سابقا ً فـ‬ ‫ن الَّر ُ‬
‫سو َ‬ ‫صى فِْرع َْو ُ‬ ‫فَعَ َ‬
‫“أل” الموجودة هنا هي “أل” التي للعهد الذكري‪ ،‬أما “أل” التي للعهد‬
‫الذهني فنحو قولك مثل ً جاء الستاذ تصلح لكل أستاذ لكن إذا كان بينك‬
‫وبين المخاطب عهد في أستاذ معين فإنه ل ينصرف الذهن إل إليه هذه‬
‫“أل” المسماه بـ “أل” التي للعهد الذهني لنه مخزون في الذهن أما العهد‬
‫ل ﴿ الْيو َ‬
‫م ﴾[المائدة‪]3 :‬‬ ‫ت لَك ُ ْ‬
‫م دِينَك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬
‫َ ْ َ‬ ‫الحضوري فمنه قول الله عّز وج ّ‬
‫فإن “أل” في اليوم للعهد الحضوري يعني اليوم الذي نحن فيه الن هذه‬
‫“أل” العهدية‪.‬‬
‫أما “أل” الجنسية أيها الحباب فيطلق عليها بعضهم “أل” التي تدل‬
‫من ال ْماءِ ك ُ َّ‬
‫يءٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫جعَلْنَا ِ َ‬ ‫ل ﴿ وَ َ‬‫على الماهية‪ ،‬ومن ذلك نحو قول الله عّز وج ّ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪137‬‬
‫ي ﴾[النبياء‪ ]30 :‬وجعلنا من الماء يعني من هذا الجنس فـ“أل” هنا تدل‬ ‫ح ٍّ‬‫َ‬
‫على الجنس‪.‬‬
‫أما “أل” الستغراقية التي تدل على الستغراق فالستغراق نوعان ‪:‬‬
‫إما استغراق حقيقي ‪ ،‬وهو ما له أفراد يشملهم ‪.‬‬
‫وإما استغراق مجازي‪ ،‬وهو ما ليس له أفراد في الخارج ولكنك تطلقه‬
‫على سبيل المبالغة‪.‬‬
‫صرِ ﴿‪ ﴾1‬إ ِ َّ‬
‫ن‬ ‫ل ﴿ وَالْعَ ْ‬ ‫فأما الستغراق الحقيقي فنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫صوْا بِال ْ َ‬ ‫ملُوا ال َّ‬ ‫خسر ﴿‪ ﴾2‬إَّل الَّذِي َ‬ ‫ن لَ ِ‬
‫ق‬
‫ح ِّ‬ ‫ت وَتَوَا َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫منُوا وَع َ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫في ُ ْ ٍ‬ ‫سا َ‬ ‫اْلِن ْ َ‬
‫صبْرِ ﴾[العصر‪]3-1:‬‬ ‫صوْا بِال َّ‬ ‫وَتَوَا َ‬
‫انتبه رحمك الله النسان هنا لو حذفت كلمة ال ووضعت مكانها كلمة‬
‫كل فإنه يستقيم الكلم‪ ،‬لو قلت إن كل إنسان لفي خسر‪ ،‬ودليلك على ذلك‬
‫أنه استثنى منه النسان واحد واستثنى منه جماعة هو قوله سبحانه‬
‫صوْا بِال َّ‬
‫صب ْ ِر﴾‬ ‫صوْا بِال ْ َ‬ ‫ملُوا ال َّ‬ ‫وتعالى ﴿ إَّل الَّذِي َ‬
‫قّ وَتَوَا َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ت وَتَوَا َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫منُوا وَع َ ِ‬‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫سرٍ ﴾ هذه “أل”‬ ‫ُ ْ‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫ِ ّ ِْ َ َ ِ‬‫سا‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫﴾‬ ‫‪1‬‬‫﴿‬ ‫صر‬
‫َ َ ْ ِ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫المر‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫واضح‬ ‫وهذا‬
‫التي للستغراق الحقيقي‪ ،‬أما “أل” التي للستغراق المجازي وهو ما بولغ‬
‫فيه مبالغة فهي نحو قولك‪ :‬أنت الرجل علماً‪ ،‬كأنك قلت أنت كل رجل‪،‬‬
‫يعني لو وصف أي رجل في العالم بالعلم فأنت تجمع صفات العلم‬
‫الموجودة فيه وهذا على سبيل المبالغة‪ ،‬ف “أل” الموجودة هذه “أل” التي‬
‫ل ﴿ وَالْعَ ْ ِ‬
‫صر‬ ‫تسمى التي للستغراق المجازي أما الولى في قول الله عّز وج ّ‬
‫سر﴾ ــفهي للستغراق الحقيقي ‪.‬‬ ‫خ ٍْ‬‫في ُ‬ ‫ن لَ ِ‬
‫سا َ‬ ‫ن اْلِن ْ َ‬ ‫﴿‪ ﴾1‬إ ِ َّ‬
‫ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن المعرفة بالضافة‪ ،‬يعني أن‬
‫يكون السم نكرة‬
‫فتضيفه إلى معرفة فيتعرف بالضافة‪ ،‬وإذا أضفته إلى واحد مما مضى فهو‬
‫الذي يمسى معرفة بالضافة ‪ ،‬قال المصنف ( وما أضيف إلى‬
‫واحد من هذه الربعة ) هو طبعا ً اكتفى بذكر أربعة‪ ،‬الصل في‬
‫الكلمة أن تكون نكره ثم تضيفها إلى الضمير فتتعرف فمثل ً عندك كلمة‬
‫قلم نجرب عليها نقول هذا قلمك‪ ،‬قلم نكرة أضفتها إلى الضمير تعرفت‬
‫بالضافة‪ ،‬هذا قلم محمد أضفتها إلى العلم تعرفت بواسطة هذه الضافة‪،‬‬
‫هذا قلم هذا أضفتها إلى اسم الشارة‪ ،‬هذا قلم الذي رأيته أمس أضفتها‬
‫إلى اسم الموصول‪ ،‬هذا قلم الستاذ أضفتها إلى المعرف بـ "أل" تعرفت‬
‫بواسطة الضافة إلى واحد من هذه الخمسة وليس كما قال المصنف رحمه‬
‫الله إلي واحد من الربعة‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يبسط له رزقه وينسئ له في‬
‫أثره فليصل رحمه ) رزقه هنا رزق نكره‪ ،‬أضفتها إلى الضمير فتعرفت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫سا ٌ‬ ‫ي وَهَذ َا ل ِ َ‬ ‫م ٌّ‬ ‫ج ِ‬‫ن إِلَيْهِ أع ْ َ‬ ‫حدُو َ‬ ‫ن ال ّذِي يُل ْ ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫ل ﴿ لِ َ‬ ‫بالضافة وقال الله عّز وج ّ‬
‫ن﴾[النحل‪ ]103 :‬فلسان نكره وأضفتها إلى السم الموصول‬ ‫مبِي ٌ‬ ‫ي ُ‬ ‫عََرب ِ ٌّ‬
‫ة ﴾[هود‪:‬‬ ‫م ً‬‫ح َ‬‫ماما ً وََر ْ‬ ‫سى إ ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬‫ن قَبْلِهِ كِتَا ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ﴿ َو ِ‬ ‫فتعرفت وقول الله عّز وج ّ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪138‬‬
‫‪ ]17‬كتاب نكره أضفتها إلى العلم فتعرفت بسبب الضافة وقال الله عّز‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ﴿إ ِ َّ َ َ‬
‫ه‬
‫منُوا وَالل ُ‬ ‫ي وَال ّذِي َ‬
‫نآ َ‬ ‫ن اتَّبَعُوه ُ وَهَذ َا النَّب ِ ُّ‬
‫م لَل ّذِي َ‬
‫س بِإِبَْراهِي َ‬ ‫َ‬
‫ن أوْلى الن ّا ِ‬ ‫وج ّ‬
‫ن ﴾[آل عمران‪ ]68:‬النكرة هي كلمة ولي والمعرفة التي أضيفت‬ ‫ي ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫منِي َ‬ ‫وَل ِ ُّ‬
‫إليها واكتسبت منها التعريف هي كلمة المؤمنين وهي معرفة بـ “أل” ‪.‬‬
‫هذا عن ما أضيف إلى واحد من هذه الربعة ننتقل إلى حديث المصنف‬
‫عن النكرة قال المصنف(والنكرة كل اسم شائع في جنسه‬
‫ل يختص به واحد دون آخر‪ ،‬وتقريبه كل ما صلح‬
‫دخول اللف واللم عليه‪ ،‬نحو الرجل والفرس )‪.‬‬
‫ولكننا لن نبدأ في شرحها لن الوقت أوشك فسنترك المجال لكم‬
‫لتوجيه السئلة‪ ،‬وإذا لم تسألوا سألت أنا إن شاء الله فيما مضى‪ ،‬تفضلوا‬
‫بارك الله فيكم ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خير‪ ،‬لقد تخلل شرحكم ذكر أسماء الصوات فما تعريفها‬
‫مع التمثيل والعراب ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيكم‪ ،‬أول ً أسماء الصوات هذه يقولون من السماء المبينة‬
‫ت معين فمثل ً يعبرون عن صوت الغراب‬ ‫وهذه أسماء يعني يعبر بها عنصو ٍ‬
‫ُ‬
‫مثل بغاق‪ ،‬وعن صوت شيء كسرته أو ألقى على الرض كلمة قب‪ ،‬هذه‬
‫بعض أسماء الصوات المبنية وليس المقصود بها مثل ً صوت فحيح الفعى‬
‫أو رغاء البل أو ثغاء الشاة أو ما شاكل ذلك‪ ،‬ليس هذا هو المقصود وإنما‬
‫المقصود التعبير عن بعض الصوات للحيوانات أو للشياء التي تستعملها‬
‫وتتعامل معها وهذا كما مثلت لك قبل قليل ‪.‬‬
‫سأل الطالب‪:‬‬
‫وكيف تعرب أسماء الصوات ؟‬
‫أكمل الشيخ‪:‬‬
‫عفوا ً هي تلزم حالة واحدة لنها مبنية أشبهت الحروف فبنيت‪ ،‬نعم‬
‫تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خير‪ ،‬قلتم الضمير أظهر في المعرفة من‬
‫السم العلم لنه يدل على المراد بنفسه لمشاهدة مدلوله أل نقول اسم‬
‫الشارة كذلك يكون أعرف من اسم العلم ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫أما ترتيب المعارف على حسب العرفية أيها أعرف فقد اختلفوا فيه‬
‫لكن أغلبهم يرتبون بادئين بالضمير فيقولون هو أعرف المعارف ثم يلونه‬
‫بالعلم ثم يلونه بأسماء الشارة‪ ،‬أنا وجدت بعضهم يقدم اسم الشارة لنه‬
‫حاضر معك ولن تعريفه بالشارة إليه‪ ،‬فهذا قد يكون صحيحا ً لكن الولى‬
‫فيه تصور أن يقدم الضمير على أنه أعرف المعارف لن فيه شيئا ً أو نوع‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪139‬‬
‫واحد منها مثل ً وهو ضمير المتكلم وليس هناك شيء يكون أعرف من‬
‫الشخص بنفسه‪ ،‬فهو يعرف نفسه أكثر مما يعرفه أي شيء أو أكثر مما‬
‫يعرف أي شيئا ً آخر فمن أجل هذا قدمه بعضهم لعله من أجل هذا قدم‬
‫الحديث عن الضمير وجعل في أول أنواع المعارف‪ ،‬نعم تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ل في سورة آل‬ ‫نعم جزاكم الله خير نريد إعراب قول الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾[آل عمران‪. ]119:‬‬ ‫م أُولءِ ت ُ ِ‬
‫حبُّونَهُ ْ‬
‫َ‬
‫عمران ﴿ هَا أنْت ُ ْ‬
‫م أُولءِ ت ُ ِ‬
‫حبُّونَهُ ْ‬
‫م ﴾ أما هاء فهذه للتنبيه حرف للتنبيه‬ ‫َ‬
‫أجاب الشيخ‪ ﴿ :‬هَا أنْت ُ ْ‬
‫ل محل له من العراب‪ ،‬لعلنا في لقاء آخر إن شاء الله يا أخي نعربها لك‪،‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬
‫الدرس الخامس عشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫ل ﴿ هَا‬‫أذكر أنك سألتني في حلقة ماضية عن إعراب قول الله عّز وج ّ‬
‫م ﴾ فنبدأ بالحديث عنها ثم نعود إلى محاضرتنا‬ ‫حبُّونَك ُ ْ‬ ‫م أُولءِ ت ُ ِ‬
‫حبُّونَهُ ْ‬
‫م وَل ي ُ ِ‬ ‫أنْت ُ ْ‬
‫َ‬
‫إن شاء الله تعالى‪ ،‬أما هاء فهي حرف للتنبيه ل محل له من العراب‪ ،‬و‬
‫م مبتدأ وهو ضمير مبني في محل رفع‪ ،‬أُولءِ هذا اسم إشارة وهو بدل‬ ‫أنْت ُ ْ‬
‫َ‬
‫م أُولءِ أما تحبونهم فهي جملة‪ ،‬وهي في‬ ‫َ‬
‫من أنتم ويمكن أن خبرا ً لها أنْت ُ ْ‬
‫الصل فعل مضارع من الفعال الخمسة مرفوع وعلمة رفعه ثبوت النون‬
‫والواو فاعل‪ ،‬الجملة هذه إن جعلت أولء بدل ً من أنتم فتحبونهم خبٌر لنتم‬
‫وإن جعلت أولء خبٌر لنتم فتحبونهم خبر ثان‪ ،‬هذا الذي نريد أن نقوله‪.‬‬
‫ثم نعود بعون الله تعالى إلى حديث المصنف عن النكرة قال المصنف (‬
‫والنكرة كل اسم شائع في جنسه ليختص به واحد دون آخر وتقريبه كل ما‬
‫صلح دخول اللف واللم عليه نحو الرجل والفرس ) بعض النحويين يعرف‬
‫النكرة‪ :‬بأنها كل اسم شاع في جنس موجود أو مقدر‪ ،‬شاع بمعنى انتشر‪،‬‬
‫في جنس يعني له أفراد‪ ،‬موجود قد يكون هذا الجنس موجودا ً وقد يكون‬
‫مقدراً‪ ،‬أما الجنس الموجود فكلمة رجل فإنه يطلق على كل إنسان ذكر‬
‫بالغ فإذا قلت رجل فهذا واحد من هذا الجنس‪ ،‬وأما الجنس المقدر يعني‬
‫ليس له أفراد فنحو كلمة شمس فإنها نكرة ول يوجد منها إل فرد واحد ومع‬
‫ذلك عدوها نكرة‪ ،‬قال لماذا ؟ قال لن الصل أن كل كوكب يظهر نهاراً‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪140‬‬
‫ويزيل ضوءه ظلم الليل يطلق عليه شمس لكن ما عندنا إل واحد من هذا‬
‫النوع ومثله كلمة قمر‪ ،‬المهم أن هذا يا أيها الحباب النكرة قد تكون في‬
‫جنس الموجود الذي له أفراد‪ ،‬وقد تكون في جنس ل يوجد منه إل فرد‬
‫ه‬
‫مان َ ُ‬
‫م إِي َ‬‫ن يَكْت ُ ُ‬
‫ل فِْرع َوْ َ‬
‫نآ ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫م ٌ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل ﴿ وَقَا َ‬
‫َ‬
‫واحد قال الله عّز وج ّ‬
‫ه ﴾[غافر‪ ]28:‬رجل هنا نكرة ورجل ً أيضا ً الثانية‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي الل ّ ُ‬
‫ل َرب ِّ َ‬ ‫جل ً أ ْ‬
‫ن يَقُو َ‬ ‫ن َر ُ‬‫أتَقْتُلُو َ‬
‫نكرة‪ ،‬وهي عبارة عن فرد من أفراد جنس موجودين‪ ،‬وقد قربها المصنف‬
‫لنا بقوله ( يمكن تقريبها بأن النكرة كل كلمة كل اسم يصلح دخول "أل"‬
‫عليه ) وقوله كل اسم هنا حتى إنه لم يقل كل اسم‪ ،‬لكننا قلنا كل اسم لن‬
‫تعريف الكلمة بأنها نكرة أو بأنها معرفة هذا خاص بالسماء ول يقال للفعل‬
‫إنه نكرة ول يقال إنه معرفة ول يقال للحرف إنه نكرة ول يقال عنه إنه‬
‫معرفة ‪.‬‬
‫هذا كل ما يقال في النكرة والمعرفة سبق أن أنهينا الحديث عنها‪ ،‬وقد‬
‫ذكرت لكم في أول ما بدأنا في المعارف أن المصنف إنما ذكر هذه النواع‬
‫في باب النعت ذكر أنواع المعارف في باب النعت؛ ليبين لكم أن المنعوت‬
‫إذا كان نكرة فلبد في النعت أن يكون نكرة‪ ،‬وإذا كان المنعوت معرفة‬
‫فلبد أن يكون النعت معرفة؛ فاضطر إلى بيان أنواع المعارف فقال لكم‬
‫المعارف هي كذا وكذا وقد أطلنا في الحديث في باب المعارف وننتقل إلى‬
‫الباب الثاني من أبواب التوابع التي ذكرها المصنف وهو باب العطف‪.‬‬
‫و‪,‬‬ ‫وا ُ‬ ‫ي‪ :‬اَل ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬‫شَرةٌ َ‬ ‫ع َ‬‫ف َ‬ ‫عط ْ ِ‬ ‫ف اَل ْ َ‬ ‫حُرو ُ‬ ‫و ُ‬
‫قال المصنف‪َ ( :‬‬
‫م‪ ,‬وأ َو‪ ,‬وأ َ‬
‫ن‪,‬‬‫ولَك ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‪,‬‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‪,‬‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫وإ‬
‫َ ِ‬ ‫م‪,‬‬
‫ْ‬ ‫وث ُ َّ َ ْ َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫فاءُ‪َ ,‬‬ ‫َ‬
‫ع ) أما باب العطف فهو التابع‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض ِ‬
‫وا ِ‬‫م َ‬ ‫ض ال َ‬‫ع ِ‬
‫في ب َ ْ‬ ‫حت ّى ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫المتوسط بينه وبين متبوعه واحد من حروف العطف‪ ،‬مرة ثانية العطف هو‬
‫التابع أو المعطوف المتوسط بينه وبين متبوعه واحد من حروف العطف‬
‫فأقول جاء محمد وعبد الله‪ ،‬عبد الله هذا معطوف وهو تابع لمحمد لنه‬
‫توسط بينهما حرف من حروف العطف وهو الواو حرف من حروف العطف‬
‫َ‬
‫جعَلْنَا فِي ذُّرِيَّت ِ ِه َ‬
‫ما‬ ‫سلْنَا نُوحا ً وَإِبَْراهِي َ‬
‫م وَ َ‬ ‫ل ﴿ وَلَقَد ْ أْر َ‬‫وهو الواو قال الله عّز وج ّ‬
‫ب﴾[الحديد‪ ]26:‬انتبه بارك الله فيك أشير إلى أمر مهم وهو أن‬ ‫النُّبُوَّة َ وَالْكِتَا َ‬
‫الواو في الصحيح لمطلق الجمع ول تقتضي الترتيب ل تقتضي الترتيب وقد‬
‫يعطف بها متقدم وقد يعطف بها مساوٍ وقد يعطف بها متأخر ‪.‬‬
‫َ‬
‫م ﴾ عطف‬ ‫سلْنَا نُوحا ً وَإِبَْراهِي َ‬ ‫ل ﴿ وَلَقَد ْ أْر َ‬ ‫انظر إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫إبراهيم على نوح وإبراهيم متأخر عن نوح‪ ،‬الثاني قد يرد العكس قال الله‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ه الْعَزِيُز‬‫ك الل ّ ُ‬ ‫ن قبْل ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ك وَإِلَى ال ّذِي َ‬‫حي إِلَي ْ َ‬ ‫ل ﴿ كَذَل ِ َ‬
‫ك يُو ِ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ك الكاف هنا المقصود به‬ ‫حي إِلَي ْ َ‬ ‫م ﴾[الشورى‪ ]3:‬انتبه بارك الله فيك يُو ِ‬ ‫حكِي ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ك عطف بالواو المتقدم‬ ‫ن قَبْل ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫محمد صلى الله عليه وسلم وَإِلَى ال ّذِي‬
‫َ‬
‫ل ﴿ فَأن ْ َ‬
‫جيْنَاهُ‬ ‫على المتأخر‪ ،‬وقد يعطف المصاحب ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫فين َ ِة﴾[ــالعنكبوت‪ ]15:‬وهم نجو مع بعض هذا كل ما يقال عن‬ ‫ب ال َّ‬ ‫َ‬
‫س ِ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬‫وَأ ْ‬
‫الواو‪.‬‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪141‬‬
‫ننتقل إلى الفاء‪ ،‬أما الفاء يا أيها الحباب فهي تقتضي الترتيب والتعقيب‬
‫لبد من دللة الترتيب فيها‪ ،‬والترتيب هذا يعني مباشرة يجيء بعده ليس‬
‫بينهما وقت طويل‪ ،‬والتعقيب كل شيء بحسبه أحيانا ً تقول جاء محمد فخالد‬
‫وليس بينهما إل وقت يسير جدا ً ولكنه يجوز لك أن تقول تزوج فلن فولد‬
‫له‪ ،‬فالتعقيب هذا على كل شيء بحسبه في المدة التي يصلح أن يكون ما‬
‫بين الزواج والولدة له ممكن أن تعطف بالفاء لن كل تعقيب بحسبه‪.‬‬
‫أحيانا ً وهو الغالب في الفاء أن تدل على السببية أن تكون مقتضية‬
‫ضى ع َلَي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫سى فَقَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ﴿ فَوَكََزه ُ ُ‬ ‫السببية ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[القصص‪ ]15 :‬القضاء عليه بسبب هذه الوكزة‪ ،‬أما الترتيب فقد اعترض‬
‫عليه بعضهم يعني نحن ألزمنا أنه لبد من الترتيب اعترض عليه بنحو قول‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م قَائِلُو َ‬ ‫سنَا بَيَاتا ً أوْ هُ ْ‬ ‫جاءَهَا بَأ ُ‬ ‫ن قَْريَةٍ أهْلَكْنَاهَا فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ﴿ وَك َ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫﴾[العراف‪ ]4:‬وجه العتراض أن الهلك بعد مجيء البأس‪ ،‬في حين أن‬
‫مجيء البأس مذكور هنا بعد الهلك وقد أجيب عنه بأن المراد بقوله أهلكنا‬
‫أردنا إهلكها‪.‬‬
‫الحرف الثالث هو حرف ثم‪ ،‬لكن نحن ما ذكرنا لكم الحرف التي ذكرها‬
‫المصنف ل بأس أن نقرأها ثم نعود إلى تفصيل الحديث عنها يقول‬
‫المصنف‪ ،‬قال المصنف رحمه الله ( حروف العطف عشرة هي الواو والفاء‬
‫وثم وأو وأم وإما وبل ول ولكن وحتى في بعض المواضع ) وحتى في بعض‬
‫المواضع وهو يريد بهذا أن يبين أنه ليست في كل الوقات حتى تكون‬
‫عاطفة؛ لنها كما ذكرت لكم أكثر من مرة أن لها أنواعا ً متعددة وأن الفراء‬
‫رحمه الله قال‪" :‬أموت وفى نفسي شيء من حتى"‪.‬‬
‫ننتقل إلى الحديث عن ثم‪ ،‬أما ثم فهي في اقتضاء الترتيب مثل الفاء‬
‫ولكنها بين المعطوف والمعطوف عليه مدة أطول من الفاء فيسمونه‬
‫ه أَنَْز َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫الترتيب والتراخي‪ ،‬من شواهدها قول الله عز وج ّ َ‬
‫ل‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م تََر أ ّ‬ ‫ل ﴿ أل َ ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ختَلِفا ً ألْوَان ُ ُ‬
‫ه ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫م ْ‬ ‫ج بِهِ َزْرعا ً ُ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬‫ض ث ُ َّ‬ ‫ه يَنَابِيعَ فِي الْر ِ‬ ‫سلَك َ ُ‬ ‫ماءً فَ َ‬ ‫ماءِ َ‬‫س َ‬‫ن ال َّ‬‫م َ‬‫ِ‬
‫حطاما﴾[ــالزمر‪ ]21:‬انتبهوا رحمكم الله عطف‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ُ‬
‫جعَل ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ً‬
‫صفَّرا ث ُ َّ‬ ‫م ْ‬‫ج فَتََراه ُ ُ‬
‫يَهِي ُ‬
‫بثم في هذه المواضع وهي بين كل فترة والثانية مدة قد تكون طويلة ‪.‬‬
‫ذكر بعض النحويين أن الفاء وثم يحل أحدهما محل الخر‪ ،‬واستشهدوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حوَى‬ ‫ه غُثَاءً أ ْ‬ ‫جعَل َ ُ‬‫مْرع َى ﴿‪ ﴾4‬فَ َ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ل ﴿ وَال ّذِي أ َ ْ‬ ‫بذلك بنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[العلى‪ ]5-4:‬لن جعل المرعى غثاء أحوى يحتاج إلى ثم‪ ،‬لكن يحل يعني‬
‫تتناوب ثم والفاء ولكن هذا ليس الغالب‪ ،‬الغالب أن الفاء للترتيب والتعقيب‬
‫يعني مباشرة وأن ثم للترتيب والتراخي يعني بينهما مدة طويلة ‪.‬‬
‫ننتقل إلى الحرف الرابع وهو أو‪ ،‬ول يخلو الكلم الذي ترد فيه أو عاطفة‬
‫من أن يكون خبرا ً أو إنشاءً فإذا كان الكلم خبراً‪ ،‬فأحيانا ً يكون معناها‬
‫َ‬
‫ض يَوْ ٍم﴾[ــالكهف‪]19:‬‬ ‫ل قالوا ﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْما ً أوْ بَعْ َ‬ ‫الشك كقول الله عّز وج ّ‬
‫وقد يراد بها البهام يعني تبهم على السامع وأن تعرف لكنك تبهم ومنه قول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[سـبأ‪ ]24 :‬أما إن‬ ‫مبِي ٍ‬ ‫ل ُ‬‫ضل ٍ‬ ‫م لَعَلَى هُدىً أوْ فِي َ‬ ‫ل ﴿ وَإِنَّا أوْ إِيَّاك ُ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪142‬‬
‫كان الكلم إنشاءً فإن "أو" قد تدل على التخيير وقد تدل على الباحة‪ ،‬ما‬
‫الفرق بينهما‪ ،‬الباحة تجيز لك الجمع بين الثنين والتخيير تجعلك ملزماً‬
‫بواحد منهما‪ ،‬فأما الباحة فنحو قولك جالس عبد الله أو محمد يمكن أن‬
‫تجالس الثنين ويمكن أن تختص بواحد منهما‪ ،‬وأما التخيير فنحو قولك تزوج‬
‫هندا ً أو أختها ليس لك أن تجمع بينهما فأنت تخيره في واحد منها‪ ،‬مما‬
‫حيَّةٍ‬‫م بِت َ ِ‬
‫حي ِّيت ُ ْ‬ ‫ل ﴿ وَإِذ َا ُ‬ ‫وردت فيها أو دالة على الباحة نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫منْهَا أَوْ ُردُّوهَا ﴾[النساء‪ ]86:‬لك أن تردها هي بنفسها أو تزيد‬ ‫َ‬
‫ن ِ‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫حيُّوا بِأ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫عليها هذا هو الحرف الخامس وقد انتهينا منه ‪.‬‬
‫وأما الحرف السادس فقد ذكره المصنف فهو "إما"‪ ،‬وكثير من‬
‫النحويين ما يذكرون "إما" في حروف العطف‪ ،‬لماذا؟ قال لنهم إذا قلت‬
‫جاء إما زيد وإما عمرو فإن قلت إن إما الولى عاطفة وقلت إنها عاطفة‬
‫فأين المعطوف عليه وقلت إن إما الثانية هي العاطفة فماذا تفعل بالواو‬
‫فالصواب أنها ليست داخلة معنا‪ ،‬ولكن لن المصنف ذكرها هنا فنحن‬
‫نذكرها أو نتحدث عنها قد تدل على الشك كقولك قابلت اليوم إما صالحاً‬
‫وإما سعيدا ً وأنت شاك في ذلك‪ ،‬وقد تدل على البهام أيضا ً فقولك أنت إما‬
‫على حق وإما على باطل‬
‫وأنت تعرف أنه على حق أو على باطل لكنك تريد أن تبهم عليه‪ ،‬وقد تكون‬
‫للتقسيم وذلك قولهم مثل ً الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف ‪.‬‬
‫هذا حديث المصنف عن إما‪ ،‬هو ذكر إما وحدها ولكننا ذكرنا لكم بعض‬
‫التفصيلت عنها أم‪" ،‬أم" فهي الحرف السادس من الحروف التي ذكرها‬
‫سوَاءٌ ع َلَيْهِ ْ‬
‫م‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫المصنف وهي سواء وهي من أمثلتها قول الله عّز وج ّ‬
‫أَأَنذ َرته َ‬
‫ن ﴾[البقرة‪ ]6:‬ومن ذلك قول الشاعر ‪:‬‬ ‫م ل يُؤ ْ ِ‬
‫منُو َ‬ ‫م لَ ْ‬
‫م تُنْذِْرهُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ ْ َُ ْ‬
‫أموتي ناء أم هو الن‬ ‫ولست أبالي بعد فقدي مالكا ً‬
‫واقع‬
‫"أم" في هذين الموضوعين هي أم المتصلة‪ ،‬لنهم يقسمون أم قسمين‬
‫أم متصلة وأم منقطعة‪ ،‬أما أم المتصلة فهي التي تأتي بين متساويين‪ ،‬وأما‬
‫أم المنقطعة فهي التي تكون بمعني الضراب في الغالب‪ ،‬فالمتصلة هي‬
‫التي مثلتها لكم قبل قليل‪ ،‬وأما المنقطعة فهي التي تأتي بمعني بل‪ ،‬وقد‬
‫تكون المتصلة مسبوقة باستفهام‪ ،‬وقد ل تكون مسبوقة بالستفهام ففي‬
‫ل ﴿سواءٌ ع َلَيهم أَأَنذ َرته َ‬
‫م ﴾ هذه سبقت‬ ‫م لَ ْ‬
‫م تُنْذِْرهُ ْ‬ ‫مأ ْ‬‫ِْ ْ ْ ْ َُ ْ‬ ‫قول الله عّز وج ّ َ َ‬
‫باستفهام وكذلك في قول الشاعر ‪:‬‬
‫أموتي ناء أم هو الن‬ ‫ولست أبالي بعد فقدي مالكا ً‬
‫واقع‬
‫َ‬ ‫شد ُّ َ ْ ً‬ ‫مأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كذلك وقعت بعد استفهام ونحو قول الله عّز وج ّ‬
‫خلقا أمِ‬ ‫ل ﴿ أأنْت ُ ْ‬
‫اه﴾[ــالنازعـات‪ ]27:‬كذلك وقعت بعد الستفهام وهكذا‪ ،‬وقد تقع بين‬ ‫ماءُ بَن َ َ‬ ‫س َ‬‫ال َّ‬
‫جملتين اسميتين كقول الشاعر ‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪143‬‬
‫شعيث بن سهم أم‬ ‫لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ً‬
‫شعيث بن منكر‬
‫هنا لم يذكر قبلها الستفهام‪ ،‬وقد وقعت بين جملتين اسميتين ننتقل‬
‫إلى أم المنقطعة وهي الخالية من همزة التسوية ل تسبقها همزة التسوية‬
‫ول همزة الستفهام وهي دائما ً تدل على الضراب‪ ،‬وبعضهم يجعلها بمنزلة‬
‫ل﴿‬‫بل والهمزة‪ ،‬يعني بمنزلة حرفين‪ ،‬ويستشهدون له بنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ن﴾[الطور‪ ]39:‬يقولون التقدير فيها بل أله البنات‪،‬‬ ‫م الْبَنُو َ‬
‫ت وَلَك ُ ُ‬ ‫ه الْبَنَا ُ‬‫م لَ ُ‬‫أ ْ‬
‫ستَوِي‬ ‫م هَ ْ‬ ‫وأحيانا ً ل تدل على الستفهام‪ ،‬ومنه قول الله عز وج ّ َ‬
‫ل تَ ْ‬ ‫ل﴿أ ْ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫ت وَالنُّوُر ﴾ [الرعد‪ ]16 :‬هنا أم لتدل على الستفهام أما في الول في‬ ‫ما ُ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬
‫قول الله عز وج ّ َ‬
‫ن ﴾ فقد دلت على الستفهام ‪.‬‬ ‫م الْبَنُو َ‬
‫ت وَلَك ُ ُ‬
‫ه الْبَنَا ُ‬
‫م لَ ُ‬
‫ل﴿أ ْ‬ ‫ّ‬
‫أما الداة السابعة التي ذكرها المصنف فهي بل‪ ،‬وبل حرف عطف لكن‬
‫يشترط لها للدللة على العطف أمران‪ :‬المر الول‪ :‬أن تكون مسبوقة إما‬
‫بإيجاب أو بأمر أو بنهي أو بنفي يعني لبد أن تكون مسبوقة بواحد من هذه‬
‫المور إما أن تكون مسبوقة بكلم موجب أو بأمر أو بنهي أو بنفي‪ ،‬الثاني‪:‬‬
‫أن يكون المعطوف بها مفردا ً يعني فل تعطف الجمل‪ ،‬ما تعطف الجمل‪،‬‬
‫المثلة ‪:‬‬
‫قولك قام محمد بل علي هذه بعد كلم موجب‪ ،‬ليقم محمد بل علي‬
‫هذه بعد أمر‪ ،‬ل يقم محمد بل علي هذه بعد نهي‪ ،‬ما قام محمد بل علي‬
‫هذه بعد نفي‪ ،‬هذه بل العاطفة وكما رأيتم في المثلة التي ذكرناها‬
‫المعطوف بها مفرد‪ ،‬وبعضهم يمنع دخولها بعد النفي ولكن الصحيح أنها‬
‫يجوز أن تكون إما بعد إيجاب يعني كلم موجب وإما بعد أمر وإما بعد نهي‬
‫وإما بعد نفي‪ ،‬وهذا النفي هو قد عارض فيه المبرد رحمه الله فقال‪" :‬ل‬
‫يجوز أن تأتي بل بعد النفي" فل يجوز عنده أن تقول ما قام محمد بل علي‪،‬‬
‫ل يجوز عنده أن تكون بل هذه؛ لما تتضمنه من معنى الضراب ‪.‬‬
‫العاطف الثامن الذي ذكره المصنف هو ل‪ ،‬كلمة ل تعد حرف عطف‬
‫أحيانا ً ويشترط النحويون شروطا ً لجعلها عاطفة بعض هذه الشروط متفق‬
‫عليه وبعضها مختلف فيه‪ ،‬نكتفي بذكر المتفق عليه‪ ،‬اتفقوا على اشتراط‬
‫كونها مسبوقة بإيجاب أو أمر‪ ،‬وعلى كون معطوفها لبد أن يكون مفردا ً فل‬
‫يكون جملة‪ ،‬من ذلك قولك هذا زيد ل عمرو‪ ،‬هذا كلم موجب والمسبوقة‬
‫بالمر كقولك اضرب زيدا ً ل عمًرا‪ ،‬وهذا المعطوف في الجملتين مفرد وهو‬
‫كلمة عمرو ومسبوقة في الكلم الول بكلم موجب وهو قوله هذا زيد‬
‫ومسبوقة في الثاني بأمر وهو قوله اضرب زيداً‪.‬‬
‫أما العاطف التاسع الذي ذكره المصنف فهو لكن كلمة لكن واشترطوا‬
‫أيضا ً لكونها عاطفة شروطا ً ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون المعطوف بها مفردا ً ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تسبق بنفي أو بنهي ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪144‬‬
‫‪ -3‬أل تقترن بالواو‪ ،‬فإن اقترنت بالواو كان العطف للواو‪ ،‬وكانت هي‬
‫حرفا ً دال ً على الضراب فقط ولبد أن تكون إما مسبوقة بنفي أو بنهي‪،‬‬
‫ولبد أن يكون المعطوف بها مفردا ً لبد أن يكون المعطوف بها مفردا ً من‬
‫أمثلتها قولك ما مررت برجل لكن امرأة وقولك من أمثلتها أيضا ً ل يقوم‬
‫عمرو لكن بكر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَلَك ِ ْ‬
‫ن‬ ‫جالِك ُ ْ‬
‫ن رِ َ‬
‫م ْ‬
‫حد ٍ ِ‬
‫مد ٌ أبَا أ َ‬‫ح َّ‬
‫م َ‬
‫ن ُ‬ ‫ما كَا َ‬
‫ل﴿ َ‬ ‫في نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫َ َ‬
‫ن﴾[الحزاب‪ ]40:‬لكن هنا ليست حرف عطف وإنما‬ ‫م النَّبِيِّي َ‬ ‫ل الل ّهِ وَ َ‬
‫خات َ َ‬ ‫سو‬
‫َر ُ‬
‫العطف هو للواو لن الواو أقوى منها في العطف ما دامت اقترنت بالواو‬
‫فإنها ل تعتبر عاطفة‪.‬‬
‫أما الحرف الخير الذي ذكره المصنف من حروف العطف فهو حتى‬
‫والعطف بها قليل‪ ،‬لن الغالب والكثير فيها أن تكون حرف جر ومن ذلك‬
‫جرِ ﴾[القدر‪ ]5:‬فهي هنا حرف‬ ‫مطْلَِع الْفَ ْ‬ ‫حتَّى َ‬
‫ي َ‬‫م هِ َ‬
‫سل ٌ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫جر ولذلك اشترطوا لها أن يكون المعطوف بها اسما ً ظاهرا ً فل يصح أن‬
‫يكون ضميرا ً الثاني‪ :‬أن يكون المعطوف بها بعضا ً من المعطوف عليه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون غاية في زيادة أو في نقصان‪ ،‬المثال قولك مات‬
‫الناس حتى النبياء الن توافرت الشروط كلها ‪.‬‬
‫واحد أن المعطوف بها اسم ظاهر وهم النبياء ‪.‬‬
‫اثنين أنه بعض من المعطوف عليه لن النبياء بعض الناس ‪.‬‬
‫الثالث أنه غاية إما في زيادة وإما في نقصان وهو غاية في الزيادة هنا‪،‬‬
‫وأما الغاية في النقصان فقولك مثل ً غلبك الناس حتى الصبيان‪ ،‬فالصبيان‬
‫هنا غاية ولكنه غاية في النقص‪ ،‬وقد ذكرنا شروط حتى وما يتعلق بها‪.‬‬
‫ننظر إلى قول المصنف‪ ،‬رحمه الله بعد أن ذكر هذه الدوات وبينا ما‬
‫فيها وكيف تكون عاطفة‪ ،‬ننتقل إلى شرح قول المصنف ( فإن‬
‫عطفت على مرفوع رفعت أو على منصوب نصبت‬
‫أو على مخفوض خفضت أو على مجزوم جزمت )‬
‫هذا هو حق المعطوف أن تتبعه أو أن تعطيه حركة المعطوف عليه رفعا ً أو‬
‫نصبا ً أو خفضا ً أو حتى جزماً‪ ،‬قال ( تقول قام زيد وعمرو ) هذا‬
‫عطفت مرفوعا ً على مرفوع ( ورأيت زيدا ً وعمراً ) هذا عطفت‬
‫فيه منصوبا ً على منصوب ( ومررت بزيد وعمرو ) هذا عطفت فيه‬
‫مجرورا ً على مجرور أو مخفوضا ً على مخفوض ‪.‬‬
‫أما قوله ( وزيد لم يقم ولم يقعد ) ففي نفسي منها شيء‬
‫لنه كرر لم فلعل جزم الفعل الثاني بلم وليس جزما ً بسبب العطف‪،‬‬
‫والمثال الصحيح في رأيي أن يقال لم يقم زيد ويقعد‪ ،‬لم يقم ويقعد حينئذ‬
‫يكون العمل للعاطف‪ ،‬أما إذا كررت لم فإنه سيكون العمل لها وهذا آخر ما‬
‫يقال في باب العطف ‪.‬‬
‫ننتقل بعده إلى باب التوكيد وهو باب من أبواب التوابع‪.‬‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪145‬‬
‫التوكيد قال المصنف عنه ( التوكيد تابع للمؤكد في رفعه ونصبه وخفضه‬
‫وتعريفه ) المصنف هنا لم يعرف لنا التوكيد وإنما ذكر لنا حكم التوحيد‪،‬‬
‫والتوكيد يا أيها الحباب قسمان‪ :‬قسم منه يسمى بالتوكيد اللفظي ولم‬
‫يذكره المصنف‪ ،‬والقسم الثاني وسيذكره المصنف هو التوكيد المعنوي‪.‬‬
‫أما التوكيد اللفظي يا أيها الحباب فهو أن تكرر اللفظ الول بعينه سواء‬
‫أكان اللفظ الول اسما أو فعل أو حرفا أو جملة هذا كله يسمى بالتوكيد‬
‫اللفظي كله يسمى بالتوكيد اللفظي‪ ،‬والتوكيد اللفظي جائز وسائغ‬
‫وموجود‪ ،‬إذا قلت جاء محمد محمد فقد أكدت الفاعل هنا وأتبعت هنا وإذا‬
‫قلت جاء جاء محمد فقد أكدت المجيء‪ ،‬وإذا قلت إن محمدا ً إن محمداً‬
‫مجتهد فقد أكدت التوكيد إن محمدا ً إن محمدا ً مجتهد‪ ،‬أل يجوز أن تقول إن‬
‫إن محمد مجتهد الصحيح أنه ل يجوز في الحروف توكيدها توكيدا ً لفظيا ً إل‬
‫أن تلحق معها ما اتصل بها إل إذا كان الحرف هذا حرف جواب كأن يقول‬
‫مثل ً نعم أول أو أجل أو ما شاكل ذلك‪ ،‬ومن ذلك مما ورد فيه توكيد الحرف‬
‫الذي هو حرف جوابي قول الشاعر ‪:‬‬
‫إنها أخذت علي مواثقا ً وعهود‬ ‫ل ل أبوح بحب بثنة‬
‫باح ول ما باح يا أخوان ؟ باح هو يقول ل ل أبوح‪ ،‬وأنت بحت يقول لنها‬
‫أخذت علي مواثقا ً وعهودا أنا ل أبوح‪ ،‬ومع ذلك باح رحمنا الله وإياهم‪،‬‬
‫المهم أن قوله ل ل فيها توكيد لفظي والتوكيد هنا لحرف جوابي ل مانع لكن‬
‫لو كان الحرف ليس جوابيا ً كأن كان من حروف الجر أو إن وأخواتها أو نحو‬
‫ذلك فلبد أن تعيد معه ما اتصل به تقول مثل ً في توكيد حرف الجر مررت‬
‫بك بك ول تقول مررت ببك‪ ،‬ل‪ ،‬لبد أن تقول مررت بك بك فتعيد معه ما‬
‫اتصل به وكذلك لعل محمدا ً لعل محمدا ً مجتهد تكرر معه ما اتصل به هذا‬
‫إذا كان حرفاً‪.‬‬
‫ما توكيد الجملة ؟ مثاله‪ ،‬مثال توكيد الجملة أو شاهده قول الله عّز‬
‫ك فَأَوْلَى ﴾[القيامة‪ ]35-34:‬هذه فيها‬ ‫ك فَأَوْلَى ﴿‪ ﴾34‬ث ُ َّ‬
‫م أَوْلَى ل َ َ‬ ‫ل ﴿ أَوْلَى ل َ َ‬
‫وج ّ‬
‫توكيد لفظي للجملة‪ ،‬وهذا آخر ما يقال عن التوكيد اللفظي‪.‬‬
‫ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن التوكيد المعنوي لكن قبله أشير‬
‫إلى أن مراد المؤلف في قوله في بداية باب التوكيد ( التوكيد تابع‬
‫للمؤكد في رفعه ونصبه وخفضه وتعريفه ) هذا بارك‬
‫الله فيكم خاص قوله وتعريفه خاص بالتوكيد المعنوي‪ ،‬أما بقية الشياء وهي‬
‫الرفع والنصب والخفض فإنها تنفعنا في باب التوكيد اللفظي والتوكيد‬
‫اللفظي ل يشترط فيه أن يكون المؤ َكَّد معرفة أو أن يكون المؤَكِّد معرفة‪،‬‬
‫ل‪ ،‬بل التوكيد المعنوي هو الذي يشترط فيه ذلك فننتقل إلى كلم المصنف‬
‫هنا وهو قوله ( ويكون بألفاظ معلومة وهي النفس‬
‫والعين وكل وأجمع وتوابع أجمع‪ ،‬وهي أكتع وأبتع‬
‫وأبصع ) كل هذه الثلثة كلمات أكتع وأبتع وأبصع تعني ما تعني كلمة‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪146‬‬
‫أجمع قال ( تقول قام زيد نفسه‪ ،‬ورأيت القوم كلهم‬
‫ومررت بالقوم أجمعين ) وكلم المصنف كله عن التوكيد‬
‫المعنوي‪ ،‬والتوكيد المعنوي يا أيها الحباب إنما هو بألفاظ محدودة‪ ،‬أما‬
‫التوكيد اللفظي فكما ذكرت لكم ليس له ألفاظ محدودة بل كل لفظ سواء‬
‫كان اسما ً أم فعل ً أم حرفا ً أم جملة يجوز لك أن تؤكده توكيدا ً لفظياً‪ ،‬أما‬
‫التوكيد المعنوي فهو خاص ببعض اللفاظ وهي التي ذكرها المصنف في‬
‫قوله ( النفس والعين وكل وأجمع وتوابع أجمع وهي أكتع وأبتع وأبصع )‬
‫ويقال أيضا ً جمعاء وكتعاء وبتعاء وبصعاء مع هذه‪ ،‬يعني مؤنثات هذه اللفاظ‬
‫هي داخلة وجميع أيضا ً من ألفاظ التوكيد وعامة أيضا ً من ألفاظ التوكيد‪ ،‬هنا‬
‫مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولي‪ :‬حكم التوكيد المعنوي من ناحية العراب هذا بينه‬
‫المصنف من أن التوكيد المعنوي يتبع المؤكد رفعا ً ونصبا ً وخفضاً‪ ،‬تقول جاء‬
‫محمد نفسه ورأيت محمدًا نفسه ومررت بمحمد نفسه فتبعه في حركاته‬
‫كلها ‪.‬‬
‫المسألة الثاني‪ :‬قول المصنف تعريفه‪ ،‬المؤكد هنا في المثلة المذكورة‬
‫كلها معرفة فهل يجوز في التوكيد المعنوي مجيء المؤ َكَّد‪ ،‬المؤكَّد ما هو‬
‫المؤكِّد ؟ المؤكَّد مجيئه نكرة هذا قد ورد ولكنه قليل‪ ،‬ويشترطون للتوكيد‬
‫المعنوي إذا كان المؤكد نكرة أن يكون محدودا ً محصورا ً كأن يكون سنة‬
‫مثل ً حول(سنة) ساعة‪ ،‬يوم‪ ،‬أسبوع ما شاكل ذلك‪ ،‬ويستشهدون له بقول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫يا ليت عدة حول كله رجب‬ ‫لكنه شاقه أن قيل ذا رجب‬
‫فكل هنا توكيد معنوي وقد جاء المؤكد هنا كلمة حول وهي نكرة وهذا‬
‫قليل ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬التوكيد بلفظي النفس والعين‪ ،‬كيف نؤكد بهما ؟‬
‫يؤكد بهذين اللفظيين الواحد‪ ،‬تقول جاء محمد نفسه‪ ،‬ويؤ َكَّد بهما أيضاً‬
‫الجماعة‪ ،‬تقول جاء الرجال أنفسهم‪ ،‬ول يؤ َكَّد بها المثنى‪ ،‬لن المثنى له‬
‫لفظ خاص به‪ ،‬وهو لفظ كل وكلتا يؤكد المثني المذكر بكل ويؤكد المثنى‬
‫المذكر بكلتا‪ ،‬فلذلك ما يؤكد بالنفس والعين إل هذان المران وهما المفرد‬
‫تقول جاء محمد نفسه والجماعة فتقول جاء الرجال أنفسهم وتقول في‬
‫جماعة الناث جاءت الهندات أنفسهن ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬أنه يجوز إدخال الباء على لفظي النفس والعين‪،‬‬
‫فتقول جاء محمد بنفسه وجاء محمد بعينه‪ ،‬وجاء القوم بأنفسهم وجاء‬
‫النساء بأنفسهن‪ ،‬ولبد من وجود ضمير يبين المؤكد أو له علقة بالمؤكد إما‬
‫مفرد أو مثني أو مجموع جمع مذكر أو جمع مؤنث‪ ،‬قف المثنى ل‪ ،‬المثنى‬
‫سيأتي بيانه إن شاء الله ‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬التوكيد بلفظ كل الغرض منه إفادة العموم‪ ،‬وكل‬
‫هذه ل يؤكد بها المثنى أيضا ً وإنمايؤكد بها المفرد الذي له أجزاء تصلح‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪147‬‬
‫للنفصال بعضها عن بعض وإل فل‪ ،‬يعني ما يجوز أن تقول جاء زيد كله‬
‫لكنك تقول اشتريت الرض كلها‪ ،‬الرض واحدة وزيد واحد لكن زيد ما يتجزأ‬
‫في المجيء‪ ،‬زيد ل يتجزأ في المجيء لكنك تقول أيضا ً يجوز لك أن تقول‬
‫بعت زيدا ً كله‪ ،‬هذا إذا كان زيد مملوك لك‪ ،‬لنه يمكن أن تبيع بعضه فأنت‬
‫تنظر إلى الجملة كلها فإن كان تصلح للتجزئة فل مانع أن تذكر فيها لفظ‬
‫يعني التوكيد بلفظ كل وإل فل‪ ،‬هذا بالنسبة لتوكيد المفرد أما بالنسبة‬
‫لتوكيد الجماعة فإنه جائز أن تقول جاء القوم كلهم‪ ،‬وجاء النساء كلهن‪،‬‬
‫وهكذا هذا ما دام يدل على الجماعة ‪.‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬التي تذكر في لفظ أو في باب التوكيد هو شيء‬
‫تركه المصنف وهو التوكيد بلفظ كل وكلتا وهذان اللفظان خاصان بالمثنى‬
‫يعني يؤكد بكل المثنى المذكر ويؤكد بكلتا المثنى المؤنث‪ ،‬لكن انتبه لبد أن‬
‫يكونا مقترنين بالضمير أما إذا كان مضافين إلى غير الضمير فليس توكيداً‬
‫تقول جاء كل المحمدين هذه ليس فيها توكيد لكن تقول جاء المحمدان‬
‫كلهما‪ ،‬وجاءت الهندان كلتاهما فحينئذ أكدت بلفظ كل وكلتا مضفين إلى‬
‫الضمير فإن كانا مضافين إلى اسم ظاهر فإنه ل يكون توكيد بهما ‪.‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬اللفاظ التي ذكرها المصنف وهي أجمع وأكتع وأبتع‬
‫وأبصع وما شاكلها هذه ألفاظ قد تأتي للتوكيد بها وحدها فتقول جاء القوم‬
‫أجمعون‪ ،‬ويمكن أيضا ً أن تأتي بها بعد لفظ كل فتقول جاء القوم كلهم‬
‫ة كُلُّه َ‬
‫ن‬
‫معُو َ‬‫ج َ‬
‫مأ ْ‬‫ُ ْ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬
‫ملئِك َ ُ‬ ‫ل ﴿ فَ َ‬
‫س َ‬ ‫أجمعون‪ ،‬وانظروا إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[الحجر‪ ]30:‬فقد أكد بهذين اللفظين المتتاليين‪ ،‬أما توابع أجمع فهي يطلق‬
‫عليها الحكم نفسه الذي ذكرناه مع أجمع‪ ،‬وهي أكتع وأبتع وأبصع وهل تأتي‬
‫وحدها أو لبد أن تكون مع أجمع يجوز لك أن تأتي بها وحدها ولكن الولى‬
‫أن تكون مسبقة بكلمة أجمع والوجهان جائزان لكن هذا أفضل وأرجح ‪.‬‬
‫ونقف عند هذا الحد وهو نهاية باب التوكيد لنستمع إلى أسئلتكم إذا‬
‫أردتم‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خير‪ ،‬لقد قسم بعضهم العطف إلى عطف بيان وعطف‬
‫نسق فما تعريف كليهما مع التمثيل ‪.‬‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫أول ً بارك الله فيك هذا سؤال جيد‪ ،‬وهذا الحديث أو الكلم في هذا‬
‫الموضع أهمله المصنف فلم يتحدث عن عطف البيان‪ ،‬وهو واحد من التوابع‬
‫وإهماله هو محق فيه‪ ،‬لن البدل هو عطف البيان‪ ،‬عطف البيان والبدل‬
‫بينهما تشابه كبير ولكنهم اشترطوا في البدل أن يصح حلوله محل المتبوع‪،‬‬
‫محل المبدل منه ولذلك يجعلون العطف عطف البيان هذا في المواضع‬
‫التي يمتنع فيها البدل‪ ،‬ولكن المصنف أهمله وبعض النحويين أهمله‬
‫والصواب أن كل ما يصلح أن يعرب بدل ً يصح إعرابه عطف بيان‪ ،‬عطف‬
‫البيان ل يشترط فيه حرف العطف وهذا الفرق بينها وبين عطف النسق‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪148‬‬
‫الذي تحدثنا عنه فإن عطف النسق لبد أن يتوسط بين التابع والمتبوع واحد‬
‫من الحروف العشرة التي ذكرنها وهي ‪ :‬الواو أو الفاء أو ثم أو إلى آخر‬
‫الحروف التي ذكرنها وهذا سؤال جيد وأحسنت بذكره‪ ،‬وقد أعطينا لمحة‬
‫موجزة عن عطف البيان‪ ،‬فل نحتاج إلى إعادته‪ ،‬نعم‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ أثابكم الله‪ ،‬بعض النحاة يكتبون "أل" وبعضهم اللف‬
‫واللم فما سبب الخلف ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذا سهل في الحقيقة بعضهم يعتمد على لفظ الحرف نفسه‪ ،‬ول‬
‫يفصله تفصيل ً فيقول هذا باب "أل" التعريف وبعضهم يقول هذا باب اللف‬
‫واللم المعرفة والمسألة في هذا سهلة ول مشاحة في الصطلح‪ ،‬يعني هذا‬
‫اصطلح من بعض النحويين‪ ،‬بعضهم يكتفي بوجود كلمة "أل" وبعضهم يرى‬
‫يقول اللف واللم‪ ،‬وهي واحدة ما في فرق بينهما ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خير قلت‪ :‬إنه لبد أن يأتي بعد بل مفرد فإذا‬
‫جاءت بعدها جملة فما يكون إعرابها ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذه تكون استئنافية ول تكون عاطفة‪ ،‬نعم تكون استئنافية ول تكون‬
‫عاطفة وإنما يتبين العطف والتباع في وجود المفرد بعدها ‪.‬‬
‫نكتفي بهذا القدر اليوم‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ‪.‬‬

‫الدرس السادس عشر‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪149‬‬

‫حمدا ً لك اللهم كما ينبغي لجلل وجهك وعظيم سلطانك‪ ،‬والصلة‬


‫‪F‬‬
‫والسلم التمان الكملن على من أرسله الله رحمة للعالمين نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫نواصل الحديث بإذن الله تعالى في شرح ما يتيسر من الجرومية‪ ،‬وقد‬
‫وصلنا إلى باب البدل من أبواب التوابع‪ ،‬قال المصنف رحمه الله تعالى (‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬
‫ع ٍ‬
‫ف ْ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ع ٌ‬
‫ل ِ‬ ‫ف ْ‬
‫و ِ‬
‫سم ٍ أ ْ‬
‫ن اِ ْ‬
‫م ْ‬
‫م ِ‬
‫س ٌ‬‫ل اِ ْ‬ ‫د َ‬‫ل‪ ،‬إِذَا أب ْ ِ‬ ‫ب اَلْب َ َ‬
‫د ِ‬ ‫بَا ُ‬
‫ه )‪.‬‬
‫عَراب ِ ِ‬‫ع إِ ْ‬‫مي ِ‬‫ج ِ‬
‫في َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع ُ‬‫تَب ِ َ‬
‫لم يعّرف البدل أيضاً‪ ،‬والبدل يعّرفه بعضهم في قوله ‪ :‬هو التابع‬
‫المقصود بالحكم بل واسطة‪ ،‬أما قوله التابع فيدخل فيه جميع التوابع‪ ،‬وأما‬
‫قوله المقصود بالحكم فيخرج جميع التوابع ما عدا العطف؛ لن العطف‬
‫التابع مقصود بالحكم تقول جاء محمد وعلى يعني أن عليا ً مقصود بالحكم‬
‫وهو المجيء ‪.‬‬
‫لكن كيف نخرج العطف؟ نخرجه بقولنا بل واسطة‪ ،‬لن العطف إنما‬
‫يقصد المعطوف بواسطة حرف العطف‪ ،‬يعني قولنا في تعريف العطف‬
‫هناك قلنا هو التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه واحد ٌ من حروف العطف‬
‫هنا ما في توسط ل يوجد توسط‪ ،‬هذا تعريف البدل‪.‬‬
‫ن‬ ‫ع ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال المصنف ( إذَا أ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ف ْ‬‫و ِ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫أ‬ ‫سم‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬‫ٌ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ه ) أما اسم من اسم فل إشكال‪ ،‬أما‬ ‫عَراب ِ ِ‬ ‫ع إِ ْ‬
‫مي ِ‬ ‫ج ِ‬
‫في َ‬ ‫ه ِ‬
‫ع ُ‬
‫ل تَب ِ َ‬
‫ع ٍ‬
‫ف ْ‬
‫ِ‬
‫قوله فعل من فعل فهذا فيه إشكال يسير ذلك أنه ليس كل الفعال يصلح‬
‫فيها هذا؛ لن الفعال قسمان قسم منها معرب وقسم منها مبني‪ ،‬فالذي‬
‫يصلح معنا طبعا ً هنا هو الفعل المضارع‪ ،‬أما فعل المر فهو مبني سيبقى‬
‫على حاله‪ ،‬وأما الفعل الماضي فهو مبني اتفاقا ً سيبقى على حاله‪.‬‬
‫سام‬
‫ق َ ٍ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫ع ِ‬
‫َ‬
‫علَى أْرب َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫قال المصنف ( وهو ) يعني البدل ( َ‬
‫ن اَلْك ُ ِّ‬
‫ل‪,‬‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ل اَلْب َ ْ‬ ‫وبَدَ ُ‬ ‫ن اَل َّ‬ ‫ل اَل َّ‬ ‫بَدَ ُ‬
‫ع ِ‬ ‫ء‪َ ,‬‬ ‫ي ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ش ْ‬
‫م َزيْدٌ‬ ‫قا َ‬ ‫ك" َ‬ ‫ول ِ َ‬
‫ق ْ‬‫و َ‬‫ح َ‬ ‫ط‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫غل َ ِ‬ ‫ل اَل ْ َ‬ ‫وبَدَ ُ‬ ‫ل‪َ ,‬‬ ‫ما ِ‬ ‫شت ِ َ‬ ‫ل اَِل ْ‬ ‫وبَدَ ُ‬‫َ‬
‫ه‪,‬‬ ‫ْ‬ ‫ون َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫م ُ‬ ‫عل ُ‬ ‫عنِي َزيْدٌ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪,‬‬‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫غي‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫وأ‬
‫َ‬ ‫ك‪,‬‬ ‫خو‬‫ُ‬
‫س‬ ‫ْ‬
‫ت ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قو َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫دا ال َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫فَر َ‬ ‫ل َرأي ْ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫س"‪ ,‬أَردْ َ‬ ‫فَر َ‬ ‫ت َزي ْ ً‬ ‫وَرأي ْ ُ‬ ‫َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪150‬‬
‫َ‬
‫ه ) هذا كله كلم المصنف وقد قسم لنا‬ ‫من ْ ٌ‬ ‫ت َزيْدًا ِ‬ ‫فأبْدَل ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫غلِطْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫في هذا الفصل البدل بأنواعه الربعة ‪.‬‬
‫أما النوع الول‪ :‬وهو قوله بدل الشيء من الشيء‪ ،‬فهذا أفضل من‬
‫تعبير بعضهم بقوله بدل الكل من الكل‪ ،‬ذلك لنهم يكرهون دخول "أل"‬
‫على كلمة كل وعلى كلمة بعض‪ ،‬فقوله بدل الشي من الشيء طيب‪ ،‬ولكنه‬
‫رحمه الله وقع في المرين في النوع الثاني فقال ‪ :‬بدل البعض من الكل‪،‬‬
‫بعضهم يهرب من هذا فيقول بدل بعض من كل‪ ،‬هذا يمشى قليل ً ولكنه‬
‫ليس بذاك أيضاً‪.‬‬
‫وعلى كل حال لماذا يمنعون دخول “أل” على كل بعض السبب في هذا‬
‫يا أيها الحباب أن هذين اللفظين من اللفاظ الملزمة للضافة فإذا لم تكن‬
‫مضافة فإنها تكون منونة فيمتنع دخول أو اجتماع “أل” والضافة‪ ،‬اجتماع‬
‫“أل” والضافة‪ ،‬من أجل هذا منعوا دخول ما منعوها يعني استضعفوا دخول‬
‫“أل” على كل وعلى بعض‪ ،‬أما النوع الثالث وهو بدل الشتمال‪ ،‬وأما النوع‬
‫الرابع فهو بدل الغلط‪.‬‬
‫ج‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب أنَْزلنَاه ُ إِلي ْ َ‬ ‫نبدأ بها واحدا ً واحدا قال الله عّز وج ّ‬ ‫ً‬
‫خرِ َ‬ ‫ك لِت ُ ْ‬ ‫ل ﴿ الر كِتَا ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ميد ِ ﴿‪ ﴾1‬الل ّهِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ط الْعَزِيزِ ال ْ َ‬ ‫صَرا ِ‬‫م إِلَى ِ‬ ‫ن َرب ِّهِ ْ‬ ‫ت إِلَى النُّورِ بِإِذ ْ ِ‬ ‫ما ِ‬‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫النَّا َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬‫ما فِي ال َّ‬ ‫ه َ‬‫ال ّذِي ل َ ُ‬
‫ض ﴾[إبراهيم‪ ]2-1:‬إلى صراط العزيز‪ ،‬العزيز مضاف إليه الحميد‬ ‫َْ‬
‫ما فِي الْر ِ‬ ‫وَ َ‬
‫صفة‪ ،‬الله بدل‪ ،‬ليش ما جعلنا لفظ الجللة صفة ثانية ؟ قال لنه لفظ جامد‬
‫ل من كل ﴿‬ ‫فنحن َ نجعله بدلً‪ ،‬فإذا ً هذا بدل ك ٍ‬ ‫َ‬
‫ول يصح إل مع تأويله بمشتق‬
‫ما فِي‬ ‫ت َو َ‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫ما فِي ال َّ‬
‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ميد ِ ﴿‪ ﴾1‬اللهِ الذِي ل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ح ِ‬‫ط الْعَزِيزِ ال ْ َ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫إِلَى ِ‬
‫ض ﴾ طبعا ً في بدل كل من كل ل يلزم وجود ضمير يربط بين البدل‬ ‫َْ‬
‫الْر ِ‬
‫ل منه قال الشاعر ‪:‬‬ ‫والمبدل منه والمبد ِ‬
‫‪........................‬‬ ‫ص عمر‬ ‫أقسم بالله أبو حف ٍ‬
‫عمر بدل كل من كل من أبي حفص وهذا ليس فيه ضمير وليس فيه‬
‫رابط ل يوجد بينه رابط وكذلك في الية التي ذكرناها قبل قليل هذا هو‬
‫ل من كل أو بدل الكل من الكل معا ً أو‬ ‫النوع الول وهو ما يسمى ببدل ك ٍ‬
‫كما ذكر المصنف هنا بدل الشيء من الشيء بدل الشيء عامة من الشئ‬
‫عامة‪.‬‬
‫النوع الثاني من أنواع البدل‪ :‬هو بدل بعض من كل‪ ،‬بدل البعض من‬
‫الكل أو بدل بعض من كل ل يلزم فيه أن يكون البدل أقل من المبدل منه‬
‫ول مساويا ً له ول أكثر ما يلزم ما لك أن تقول مثل ً ‪ :‬أكلت الرغيف ثلثه‪،‬‬
‫فيكون أقل أو أكلت الرغيف نصفه أو أكلت الرغيف ثلثيه ل مانع‪ ،‬هذا هو‬
‫بدل بعض من كل ‪.‬‬
‫م ﴾[المائدة‪:‬‬ ‫منْهُ ْ‬‫موا كَثِيٌر ِ‬ ‫ص ُّ‬
‫موا وَ َ‬ ‫م عَ ُ‬ ‫ل ﴿ ث ُ َّ‬ ‫يقولون منه قول الله عّز وج ّ‬
‫‪ ]71‬على الكلم الذي قلناه على اعتبار أن الواو هي الفاعل وأن قوله‬
‫سبحانه كثيٌر هذا بدل منه ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪151‬‬
‫اشترطنا أو نشترط في بدل البعض من الكل أو بدل بعض من كل‬
‫وجود ضمير يربط بين البدل والمبدل منه لبد‪ ،‬قد يكون هذا الضمير ظاهراًَ‬
‫موا كَثِيٌر‬
‫ص ُّ‬
‫موا َو َ‬ ‫ل الذي ذكرناه قبل قليل ﴿ ث ُ َّ‬
‫م عَ ُ‬ ‫كما في قول الله عّز وج ّ‬
‫ح ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫م ﴾ وقد يكون مقدرا ً ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ج‬ ‫س ِ‬‫ل ﴿ وَلِلهِ ع َلى الن ّا ِ‬ ‫منْهُ ْ‬‫ِ‬
‫سبِيل ً ﴾[آل عمران‪ ]97 :‬من بدل من الناس‪ ،‬ول يوجد‬ ‫ستَطَاع َ إِلَيْهِ َ‬
‫نا ْ‬‫م ِ‬
‫ت َ‬‫الْبَي ْ ِ‬
‫رابط هنا ولكنه يقدرونه بأن التقدير والله أعلم من استطاع إليه منهم سبيل‬
‫يعني من الناس ‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬هو بدل الشتمال ‪.‬‬
‫أولً‪ :‬ما الفرق بين بدل البعض وبدل الشتمال‪ ،‬بدل البعض هو جزء‬
‫واضح من المبدل منه أما بدل الشتمال فليس واضحا ً ولكنه مشتمل ً عليه‬
‫أو له علقة به‪ ،‬يعني إما أن يكون كالبعض منه‪ ،‬وإما أن يكون مشتمل ً عليه‪،‬‬
‫تقول مثل ً أعجبني محمد علمه هذا العلم ليس جزءا ً من محمد‪ ،‬ولكنك‬
‫تقول قطعت محمدا ً يده اليد جزء منه هذا بدل بعض من كل‪ ،‬أعجبني‬
‫محمد عمله هذا العلم ليس مشتملً‪ ،‬أعجبني محمد ثوبه‪ ،‬هذا يقولون بدل‬
‫اشتمال لنه كالجزء منه ليس جزءا ًَ منه أعجبني محمد سيارته‪ ،‬وما شاكل‬
‫ذلك‪ ،‬إذا كان‬
‫كالبعض أو له علقة به ولكنه ليس بعضا ً حقيقيا ً منه فإن هذا هو المسمى‬
‫ببدل الشتمال‪ ،‬هذا هو النوع الثالث وهو ما يسمى ببدل الشتمال ‪.‬‬
‫أما النوع الرابع‪ :‬فهو البدل أو ما يسميه بعضهم ببدل الغلط‪ ،‬وقد سماه‬
‫ابن هشام رحمه الله بالبدل المباين‪ ،‬البدل المباين‪ ،‬وعلل لتسميته هذه بأنه‬
‫قد يرد في يعني بأن الصل أن الغلط هذا ل يمكن أن يكون في كلم‬
‫الفصحاء‪ ،‬والكلم المعتد به؛ فلذلك سماه البدل المباين يعني المخالف لما‬
‫قلبه‪ ،‬وقال ‪ :‬ل يخلو الكلم؛ لنه وزعه أيضا ً توزيعات أخرى قال ‪ :‬قد يسمى‬
‫بدل النسيان‪ ،‬وقد يكون بدل الغلط أو نحو ذلك‪ ،‬وانظر إلى كلم ابن هشام‬
‫رحمه الله قال ‪ :‬أقسمه ثلثة أقسام لنه لبد أن يكون مقصودا ً بالحكم ‪.‬‬
‫فالول‪ :‬إن لم يكن مقصودا ً ألبتة ولكن سبق اللسان إليه فهو بدل‬
‫الغلط‪ ،‬إذا قلت رأيت زيد الفرس‪ ،‬أنت ما تقصد أن تقول زيد ولكن سبق‬
‫إليه لسانك ثم استدرجت مباشرة فقلت الفرس فهذا غلط أخطأت فذكرت‬
‫كلمة زيد فاستثنيت مباشرة‪ ،‬النوع الثاني أن يكون الول مقصودا ً ولكن‬
‫بعدما تكلمت بعدما قلت رأيت زيدا ً تبين لك أنه ليس مقصودا ً فحولت إلى‬
‫كلمة الفرس هذا يسمى ببدل النسيان‪ ،‬وإن كان كل واحد منهما مقصوداً‬
‫أنت قصدت أن تقول زيد ثم أعرضت عن كلمة زيد فقلت فلن‪ ،‬مثل ً رأيت‬
‫زيدا ً محمدا ً فأنت قصدت كلمة زيد لكنك أضربت عنها يعني أعرضت عن‬
‫الكلم بها ول تريد إثبات رؤيتك له ول نفيها لكنك قصدت ذكرها فهذا يسمى‬
‫ببدل الضراب‪ ،‬والثلثة كلها يشملها قول المصنف‪ -‬أعني ابن هشام رحمه‬
‫الله‪ -‬بما سماه بالبدل المباين‪ ،‬البدل المباين وعلى كل هذه الثلثة أمور‬
‫يصلح التطبيق على المثال القائل رأيت زيدا ً الفرس‪ ،‬فإن كنت ما تقصد إل‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪152‬‬
‫أن تقول الفرس ولكن سبق لسانك إلى كلمة زيد فهذا بدل غلط وإن كنت‬
‫يعني قلت رأيت وأنت تقصد زيد لكن بعدما ذكرتها تبين لك أنها ليس‬
‫المقصود بها هذا الحكم وإنما أنت تقصد أنك رأيت الفرس ولم تَر زيدا ً فهذا‬
‫يسمى ببدل النسيان‪ ،‬أما إن كنت قصدت الثنين معا ً فهذا يسمى ببدل‬
‫الضراب إن كان قصدهما واضحا ً أو متماثلً‪.‬‬
‫بالمناسبة يا إخواني البدل والمبدل منه ل يلزم تطابقهما في التعريف‬
‫ول في التذكير ول في التأنيث ول في شيء إل في العراب‪ ،‬يعني ل يلزم‬
‫إذا كان الول معرفة يكون الثاني معرفة أو إذا كان الول نكرة يكون الثاني‬
‫نكرة أو إذا كان الول مذكر يكون الثاني مذكرا ً ل يلزم‪ ،‬ل يلزم وانظروا‬
‫ل ﴿ وَإِن َّ َ‬
‫ك‬ ‫إلى قول عّز وج ّ‬
‫َّ‬
‫ط اللهِ ﴾[الشورى‪ ]53-52 :‬صراط هذه‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ستَقِيم ٍ ﴿‪ِ ﴾52‬‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٍ‬‫لَتَهْدِي إِلَى ِ‬
‫نكرة الول والثاني صراط الله معرفة بالضافة وانظر إلى العكس في قول‬
‫َ‬
‫خاطِئَةٍ‬ ‫صيَةٍ كَاذِبَةٍ َ‬ ‫سفَعا ً بِالنَّا ِ‬
‫صيَةِ ﴿‪ ﴾15‬نَا ِ‬ ‫م يَنْتَهِ لَن َ ْ‬
‫ن لَ ْ‬ ‫ل ﴿ ك َ ّل لَئ ِ ْ‬
‫الله عّز وج ّ‬
‫﴾[العلق‪ ]16-15:‬الناصية الولى معرفة بـ "أل" والثانية نكرة ول يلزم كما‬
‫ذكرت لكم إذا كان الول مذكرا ً أن يكون الثاني مذكراً‪ ،‬بل يمكن أن تبدل‬
‫المؤنث بالمذكر والمذكر بالمؤنث إلى آخره‪ ،‬والمفرد من المثنى والمثنى‬
‫من المفرد؛ لن المقصود بالحكم هو البدل‪ ،‬فل يهمك في المتقدم أيا ًَ كان‬
‫نوعه‪ ،‬اللهم إل أنك تراعي رحمك الله وبارك فيك تراعي حركة العراب‪،‬‬
‫فالبدل لبد أن يأخذ حركة إعراب المبدل منه رفعا ً ونصبا ً وجرا ً وجزما ً أيضاً‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫تجد حطبا ً جزل ً وناراً‬ ‫فأصبحت أنى تأتها تستجر بها‬
‫تأججا‬
‫فأصبحت أنى تأتها تستجر بها‪ ،‬تستجر هذا بدل من تأتي وكل واحد‬
‫منهما فعل مضارع مجزوم‪ ،‬كل واحد منهما فعل مضارع مجزوم‪ ،‬وهذا آخر‬
‫ما نقوله في باب البدل ‪.‬‬
‫ل إلى حديث المصنف رحمنا الله وإياه‬ ‫ننتقل بعد هذا بعون الله عّز وج ّ‬
‫شَر‪,‬‬ ‫ع َ‬‫ة َ‬ ‫س َ‬‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫صوبَا ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫عن المنصوبات‪ ،‬قال المصنف (اَل ْ َ‬
‫ن‬‫ما ِ‬‫ف اَلَّز َ‬ ‫وظَْر ُ‬ ‫صدَُر‪َ ,‬‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه‪َ ,‬‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫عو ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ي اَل ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ستَثْنَى‪,‬‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ميِيُز‪َ ,‬‬ ‫َ‬
‫والت ّ ْ‬ ‫ل‪َ ,‬‬ ‫حا ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن‪َ ,‬‬ ‫مكَا ِ‬ ‫ف اَل ْ َ‬ ‫وظَْر ُ‬ ‫َ‬
‫ه‪,‬‬ ‫َ‬ ‫عو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جل ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وال َ‬ ‫منَادَى‪َ ,‬‬ ‫وال ُ‬ ‫م ل‪َ ,‬‬ ‫س ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫نَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫م إِ ّ‬‫س ُ‬‫وا ْ‬ ‫ها‪َ ,‬‬ ‫وات ِ َ‬‫خ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫خبَُر كا َ‬ ‫و َ‬
‫ه‪َ ,‬‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف ُ‬ ‫وال َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ء‪:‬‬‫شيَا ٍ‬‫ةأ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫و أْرب َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫صو ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ع لِل ْ َ‬ ‫والتَّاب ِ ُ‬ ‫ها‪َ ،‬‬ ‫وات ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫َ‬
‫ل)‪.‬‬ ‫والْبَدَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وكِيد‬ ‫ْ‬ ‫والت َّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫عطْ ُ‬ ‫َ‬ ‫وال ْ‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫الن َّ‬
‫ً‬
‫وعند تعداد هذه المور سيظهر لكم خطأ في الجمال‪ ،‬مجموع‬
‫المنصوبات التي ذكرها إذا عددنا التوابع واحدا ًَ واحدا ً سينقص العدد إذا‬
‫عددناها كلها النعت والعطف والتوكيد والبدل جعلنها تابع واحد سينقص‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪153‬‬
‫العدد سيصير أربعة عشر‪ ،‬مع أنه ذكر خمسة عشر في البداية قال‬
‫المنصوبات خمسة عشر وإن عددنا كل واحد من التوابع مستقل ً فستزيد‬
‫على خمسة عشر فما الحل وما المشكلة ؟‬
‫الحل والحمد لله موجود في بعض نسخ المقدمة الجرومية‪ ،‬وأظن‬
‫أحدكم سألني عن ذلك في إحدى الحلقات الماضية وهو أن في إحدى‬
‫النسخ موجود وباب ظن وأخواتها‪ ،‬فيصير عد التوابع كلها واحدا ً هو باب ظن‬
‫وأخواتها‪ ،‬هو الخير‪ ،‬لكن النسخة الموجودة بين أيدينا لم يذكر فيها ذلك ‪.‬‬
‫ننتقل إلى حديث المصنف عن المفعول به وهو الباب الول من البواب‬
‫المنصوبة أو من أبواب المنصوبات ‪.‬‬
‫م‬ ‫و اَِل ْ‬
‫س ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬‫ه َ‬‫ل بِ ِ‬
‫عو ِ‬‫ف ُ‬ ‫ب اَل ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫قال المصنف ( بَا ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ت َزيْدًا‪,‬‬
‫ضَرب ْ ُ‬
‫و َ‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ل‪,‬‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ب‪ ,‬ال‬ ‫صو ُ‬ ‫من ْ ُ‬‫اَل ْ َ‬
‫س ) السم يخرج الفعل ويخرج الحرف فل يقع واحداً‬ ‫فَر َ‬ ‫ت اَل ْ َ‬
‫وَركِب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫منهما مفعول ً به‪ ،‬ول تقول للفعل إنه مفعول به ل فعل ماضي ول فعل‬
‫مضارع ول فعل أمر‪ ،‬ويخرج الحرف أيضا ً فل يقال عن الحرف إنه مفعول‬
‫به‪ ،‬كنا قد شرعنا في الحديث في باب المفعول به‪ ،‬وقلنا إن قول المصنف‬
‫السم يخرج الفعل ويخرج الحرف فل يوصف واحدا ً منهما بأنه مفعول به‬
‫لكن السم هذا أحيانا ً يكون اسما ً صريحا ً كقولك أكرمت محمدا‪ ً،‬وأحيانا‬
‫ما‬
‫ف َ‬‫خا ُ‬ ‫ف أَ َ‬‫ل ﴿ وَكَي ْ َ‬ ‫يكون اسما ً مؤول‪ ،‬من المؤول نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫م وَل‬ ‫ْ‬ ‫شَركْت ُ‬‫أَ ْ‬
‫َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫خافُو َ‬
‫سلْطَانا ً ﴾[النعام‪ ]81:‬فأنى‬ ‫م ُ‬‫ل بِهِ ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫م يُنَّزِ ْ‬‫ما ل َ ْ‬‫م بِالل ّهِ َ‬‫شَركْت ُ ْ‬ ‫ن أنَّك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫تَ َ‬
‫وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به لقوله تخافون فل يضير أن‬
‫يكون السم صريحا ً أو أن يكون مؤولً‪.‬‬
‫قال المصنف (وهو) يعني المفعول به ( قسمان ظاهر ومضمر‬
‫فالظاهر ما تقدم ذكره ) يعني في قوله ضربت زيدا ً وركبت‬
‫الفرس زيدا ً مفعول ًَ به والفرس مفعول به‪( ،‬والمضمر قسمان‪،‬‬
‫متصل ومنفصل) يعني أن الضمائر التي تقع مفعول ً به أو تعرب‬
‫مفعول ً به نوعان‪ ،‬نوع منها ضمائر متصلة‪ ،‬ونوع منها ضمائر منفصلة‪ ،‬ثم بدأ‬
‫ضَربَنِي‬ ‫ي َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫شَر‪َ ,‬‬ ‫ع َ‬‫ل اِثْنَا َ‬ ‫ص ُ‬ ‫مت َّ ِ‬ ‫فال ْ ُ‬ ‫في ذكر المتصل‪ ،‬فقال ( َ‬
‫ن) يعني نا الدالة على المتكلمين يعني على‬ ‫ضَرب َ َ‬ ‫و َ‬ ‫) يعني ياء المتكلم ( َ‬
‫ك ) وهذه الكاف للمخاطب الواحد‬ ‫ضَرب َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ما عدا الواحد من المتكلمين ( َ‬
‫ما ) هذه للمثنى‬ ‫ضَربَك ُ َ‬ ‫و َ‬ ‫ك ) وهذه للمخاطبة ( َ‬ ‫ضَرب َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫( َ‬
‫ن ) وهذه لجماعة‬ ‫ضَربَك ُ َّ‬ ‫و َ‬ ‫م) وهذه لجماعة الذكور ( َ‬ ‫ضَربَك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫بنوعيه( َ‬
‫ك‪،‬‬‫ضَرب َ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ضَرب َ َ‬‫الناث المخاطب طبعا ً في الضمائر الخمسة هذه وَ َ‬
‫ن كلها للمخاطب‪.‬‬ ‫ضَربَك ُ َّ‬‫م‪ ،‬وَ َ‬ ‫ضَربَك ُ ْ‬
‫ما‪ ،‬وَ َ‬ ‫ضَربَك ُ َ‬ ‫وَ َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪154‬‬
‫ه ) وهذا للمفرد الغائب (‬ ‫ضَرب َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ثم ينتقل إلى الغائب فيقول ( َ‬
‫م) وهذا للغائبين والغائبتين‬ ‫ه َ‬ ‫ضَرب َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ها ) وهذه للغائبة ( َ‬ ‫ضَرب َ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن) وهذه للغائبات‪.‬‬ ‫ه َّ‬ ‫ضَرب َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م) وهذه للغائبين ( َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضَرب َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫( َ‬
‫ن ذُّرِيَّتِي َربَّنَا وَتَقَب َّ ْ‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫صلةِ وَ ِ‬ ‫م ال َّ‬ ‫قي َ‬ ‫م ِ‬ ‫جعَلْنِي ُ‬ ‫با ْ‬ ‫ل ﴿ َر ِّ‬ ‫قال الله عّز وج ّ‬
‫دُع َِاء﴾[ــإبراهيم‪ ]40:‬فالياء في اجعلني مفعول به وهي للمتكلم وقال الله عّز‬
‫ة وَقِنَا‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫خَرةِ َ‬ ‫ة وَفِي اْل ِ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ل َربَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا َ‬ ‫ن يَقُو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ل ﴿ وَ ِ‬ ‫وج ّ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ب النَّارِ ﴾[البقرة‪ ]201:‬آتنا "نا" مفعول به ل ِ‬ ‫عَذ َا َ‬
‫ت ﴾[طـه‪:‬‬ ‫ن الْبَي ِّنَا ِ‬‫َ‬ ‫م‬
‫جاءَنَا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ع َلَى َ‬ ‫ن نُؤْثَِر َ‬ ‫ْ‬ ‫ل ﴿ قَالُوا ل َ‬ ‫وقال الله عّز وج ّ‬
‫ْ‬
‫ما‬‫ل ل يَأتِيك ُ َ‬ ‫‪ ]72‬الكاف مفعول به ضمير متصل وقال سبحانه وتعالى ﴿ قَا َ‬
‫ما بِتَأْوِيلِهِ قَب ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ل‬ ‫م تُْرَزقَانِهِ إ ِ ّل نَبَّأتُك ُ َ‬ ‫طَعَا ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ما ﴾[يوسف‪ ]37:‬في المواضع الثلثة كما مفعول به وهل هي كلها أو‬ ‫ن يَأتِيَك ُ َ‬ ‫أ ْ‬
‫الكاف الصحيح أن الكاف هي المفعول به وأما ما فهي دللة على أن‬
‫المقصود المثنى‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله ينهاكم أن‬
‫تحلفوا بآبائكم ) ينهاكم‪ ،‬الكاف هذه دللة على جماعة المخاطبين‪ ،‬وهي‬
‫ي قُ ْ‬
‫ل‬ ‫مفعول به الكاف مع الميم طبعاً‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّب ِ ُّ‬
‫حك ُ َّ‬ ‫ن تردن ال ْحياة َ الدُنيا وزينتها فَتعالَين أ ُمتِعك ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫سّرِ ْ‬ ‫ن وَأ َ‬ ‫َّْ َ ِ َََ ََ ْ َ َ ّْ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ن كُنْت ُ َّ ُ ِ ْ َ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ِلْزوَا ِ‬
‫ميل﴾[الحزاب‪ ]28:‬كن‪ ،‬وكن في هذين الموضوعين مفعول به‬ ‫ج ِ‬ ‫سَراحا ً َ‬ ‫َ‬
‫للفعل أمتع‬
‫وأسرح‪.‬‬
‫حاوُِره ُ ﴾[الكهف‪]37:‬‬ ‫ه وَهُوَ ي ُ َ‬ ‫حب ُ ُ‬ ‫صا ِ‬
‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫وقال الله سبحانه وتعالى ﴿ قَا َ‬
‫الهاء مفعول به وقال صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله رضي الله‬
‫عنه حين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه تزوج ثيبا ً فقال له ( فهل‬
‫جارية تلعبها وتلعبك وتضاحكها وتضاحكك ) تلعبها هاء مفعول به لتلعب‬
‫َ َ َ‬
‫ن كَفَُروا َربَّنَا‬ ‫ل ال ّذِي َ‬ ‫ل ﴿ وَقا‬ ‫وتضاحكها هاء مفعول به له أيضا ً قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫أرِنَا ال ّذ َي ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ن‬
‫سفَلِي َ‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫منَا لِيَكُونَا ِ‬
‫م َ‬ ‫ت أقْدَا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫جعَلْهُ َ‬ ‫س نَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن وَالِن ْ ِ‬ ‫ج ِّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ض ّلنَا ِ‬ ‫أ َ‬
‫﴾[فصلت‪ ]29:‬نجعلهما هما هذه مفعول به لنجعل‪ ،‬وقال الله سبحانه‬
‫م عَدّا ً ﴾[مريم‪]94:‬هم في الموضعين مفعول به‪،‬‬ ‫َ‬
‫م وَعَدَّهُ ْ‬ ‫صاهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫وتعالى ﴿ لَقَد ْ أ ْ‬
‫هذه الضمائر المتصلة كما ذكرها المصنف وقد استشهدنا لها جميعه‬
‫ننتقل الن إلى الضمائر المنفصلة التي ذكرها المصنف وقال‪ (:‬إنها تقع‬
‫في محل نصب‬
‫مفعول به) وعلى كل حال أنبه إلى أن الضمائر كلها مبنية وإنما هي في‬
‫محل نصب‪ ،‬كل الضمائر كما أخبرتكم أكثر من مرة هذه صحيح أنها تكون‬
‫مفعول ً أو تكون مجرورة أو تكون مرفوعة يعني في محل رفع‪ ،‬لكنها كلها‬
‫مبنية وإنما يقال إنها في محل كذا محل رفع محل نصب إلى آخره ‪.‬‬
‫شَر) يعني الضمير المنفصل الذي يقع‬ ‫ل اِثْنَا ع َ َ‬ ‫ص ُ‬‫منْفَ ِ‬ ‫قال المصنف ( وَال ْ ُ‬
‫في محل نصب على أنه مفعول به اثنا عشر لفظا وهو الكلم الذي سبق‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪155‬‬
‫أن ذكرناه في باب الضمير في كلمة إيا‪ ،‬هل هي إياك مثل كلها الضمير أو‬
‫الول عماد والثاني هو الضمير أو بالعكس الول هو الضمير والثاني حرف‬
‫يدل أو واحد منهما مضاف إلى الخر كلم طويل ل نعيده‪.‬‬
‫شَر‬ ‫ع َ‬ ‫ل اِثْنَا َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫لكن أذكر ما قال المصنف يقول ( َ‬
‫مين‬ ‫وإِيَّانَا ) لما عداه من المتكل ِ‬ ‫ي ) هذه للمتكلم الواحد ( َ‬ ‫ي إِيَّا َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ك ) للمخاطبة (‬ ‫َ‬
‫وإِي ّا ِ‬ ‫ك ) للمخاطب الواحد ( َ‬ ‫َ‬
‫وإِي ّا َ‬ ‫أو المتكلَمين ( َ‬
‫م ) للمخاطبين (‬ ‫وإِيَّاك ُ ْ‬ ‫م) للمخاطَبين والمخاطبتين ( َ‬ ‫وإِيَّاك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ها ) للغائبة (‬ ‫وإِيَّا َ‬ ‫ه ) للغائب الواحد ( َ‬ ‫وإِيَّا ُ‬ ‫ن ) للمخاطبات ( َ‬ ‫وإِيَّاك ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ن)‬ ‫ه َّ‬ ‫وإِيَّا ُ‬ ‫م ) للغائبين ( َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وإِيَّا ُ‬ ‫ما ) للغائبين والغائبتين ( َ‬ ‫ه َ‬ ‫وإِيَّا ُ‬ ‫َ‬
‫للغائبات ‪.‬‬
‫َّ‬
‫ي التِي‬ ‫مت ِ َ‬ ‫ل اذ ْكُُروا ن ِ ْع َ‬ ‫سرائي َ‬ ‫ل ﴿ يَا بَنِي إ ِ ْ‬ ‫من الشواهد قال الله عّز وج ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[البقرة‪ ]40:‬إياي‬ ‫م وَإِيَّايَ فَاْرهَبُو ِ‬ ‫ف بِعَهْدِك ُ ْ‬ ‫م وَأوْفُوا بِعَهْدِي أو ِ‬ ‫ت ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫أنْعَ ْ‬
‫مفعول به مقدم لقوله ارهبون ‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى ﴿‬
‫ْ‬
‫م فََزيَّلنَا‬ ‫شركُوا مكَانك ُ َ‬ ‫ل لِلَّذي َ‬ ‫ميعا ً ث ُ َّ‬
‫شَركَاؤ ُك ُ ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫م أنْت ُ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫نأ ْ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫م نَقُو ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫شُرهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫وَيَوْ َ‬
‫ما‬ ‫م َ‬ ‫شَركَاؤُهُ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م وَقَا َ‬ ‫بَيْنَهُ ْ‬
‫ن ﴾[يونس‪ ]28:‬إيانا تعبدون أصله تعبدوننا لكن لما تقدم‬ ‫م إِيَّانَا تَعْبُدُو َ‬ ‫كُنْت ُ ْ‬
‫الضمير فصله والمقصود به هنا أنه صار مفعول ً به وهو من الضمائر‬
‫المنفصلة‪.‬‬
‫ن ﴾[الفاتحة‪ ]5:‬فوقع‬ ‫ستَعِي ُ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ك نَعْبُد ُ وَإِيَّا َ‬ ‫وقال سبحانه وتعالى ﴿ إِيَّا َ‬
‫م‬
‫شُرهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫الضمير للمفرد المخاطب مفعول ً به وقال سبحانه وتعالى ﴿ وَيَوْ َ‬
‫َ‬
‫ن﴾[سـبأ‪.]40:‬ولم أجد في‬ ‫م كَانُوا يَعْبُدُو َ‬ ‫ملئِكَةِ أهَؤ ُلءِ إِيَّاك ُ ْ‬ ‫ل لِل ْ َ‬ ‫م يَقُو ُ‬ ‫ميعا ً ث ُ َّ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫القرآن الكريم إياكما للمخاطبَين ول للمخاطبتين على أنها مفعول به‪ ،‬لم‬
‫أجدها في القرآن الكريم ‪ ،‬الشاهد في قول الله عز وج ّ َ‬
‫م‬‫ل ﴿ أهَؤ ُلءِ إِيَّاك ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ن ﴾ فإياكم هنا مفعول به وهي لجماعة المخاطبين‪.‬‬ ‫كَانُوا يَعْبُدُو َ‬
‫َ‬
‫ن ﴾[البقرة‪:‬‬ ‫م إِيَّاه ُ تَعْبُدُو َ‬ ‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫شكُُروا لِل ّهِ إ ِ ْ‬ ‫أما قوله سبحانه وتعالى ﴿وَا ْ‬
‫‪ ]172‬فهذا الضمير فيه ضمير منفصل للغائب الواحد أما قوله سبحانه وتعالى‬
‫َ‬
‫م﴾[النعام‪ ]151 :‬فهو‬ ‫م وَإِيَّاهُ ْ‬ ‫ن نَْرُزقُك ُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ق نَ ْ‬ ‫مل ٍ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫﴿ وَل تَقْتُلُوا أوْلدَك ُ ْ‬
‫لجماعة الغائبين‪ ،‬وإياهم نحن نرزقكم وإياهم‪.‬‬
‫ويمكن أن يمثل لضمير المخاطبة بقولك يا هند إياك أكرمت ويمثل‬
‫للمخاطبين بقولك أيها الرجلن إياكما أجبت وللمخاطبتين بقولك أيتها‬
‫الطالبتان إياكما كرمت وأما ضمير المخاطبات فيمكن أن يمثل له بقولك‬
‫أيتها المعلمات إياكن كرمت ‪ ،‬هذه أمثلة ضمائر النصب المنفصلة إذا وقعت‬
‫مفعول ً به وقد انتهينا من الحديث في باب المفعول به ‪.‬‬
‫فننتقل بعون الله تعالى إلى باب المصدر‪ ،‬والمقصود به هنا في هذا‬
‫الباب باب المفعول المطلق كما سيتبين من حديث المصنف رحمنا الله‬
‫م‬ ‫س ُ‬ ‫و اَِل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫صدَُر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ر اَل ْ َ‬ ‫صدَ ِ‬‫م ْ‬ ‫ب اَل ْ َ‬ ‫وإياه‪ ،‬قال المصنف ( بَا ُ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪156‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ل‪، ,‬‬
‫ِ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ري‬ ‫ص‬
‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫في‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ً‬ ‫ث‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ث‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫جي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ذي‬‫ِ‬ ‫ب‪ ,‬ال‬‫صو ُ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫من ْ ُ‬
‫ربًا ) هذا الكلم فيه نظر نوعا ً ما‪ ،‬لن قوله‬ ‫ض ْ‬
‫ب َ‬ ‫ر ُ‬
‫ض ِ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫ضَر َ‬
‫نحو َ‬
‫الذي يجيء تصريفه ثالثا ً حينما تصرف الفعل ليس كل المصرفين يقولون‬
‫ضرب يضرب ضرباً‪ ،‬بل بعضهم يقول ضرب‪ ،‬يضرب‪ ،‬اضرب‪ ،‬فمعني هذا‬
‫أن اضرب على هذا التعريف ستكون مفعول ً مطلقاً‪ ،‬لكن يشفع له رحمه‬
‫الله أن أكثر المصرفين يفعلون ذلك‪ ،‬أكثر الذين يصرفون الفعل يجعلون‬
‫المصدر ثالثا ً ‪.‬‬
‫ن‬‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫ق ْ‬
‫و ِ‬‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫قال المصنف ( وَهُوَ) يعني المفعول المطلق ( َ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ف ُ‬ ‫عل ِ ِ‬
‫ف ْ‬ ‫ف َ‬
‫ظ ِ‬ ‫فظُ ُ‬
‫ه لَ ْ‬ ‫ق لَ ْ‬ ‫وا َ‬
‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫ي‪َ ,‬‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫و ٌّ‬‫عن َ ِ‬
‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ي َ‬ ‫فظِ ٌّ‬‫لَ ْ‬
‫ل ) كما ترون يا أيها الحباب في التمثيل هنا‬ ‫قت ْ ً‬‫ه َ‬ ‫قتَلْت ُ ُ‬‫و َ‬ ‫ح َ‬ ‫فظِ ٌّ‬
‫ي‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫بقوله قتلته قتل ً فإن المصنف يقصد به باب المفعول المطلق‪ ،‬المفعول‬
‫المطلق لبد له من عامل العامل هذا قد يكون فعلً‪ ،‬وقد يكون اسم فاعل‪،‬‬
‫وقد يكون مصدرا ً مثل‪ ،‬قد يكون فعلً‪ ،‬وقد يكون اسم فاعل‪ ،‬وقد يكون‬
‫سى تَكْلِيماً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬‫ه ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ل ﴿ وَكَل ّ َ‬
‫مصدراً‪ ،‬أما الفعل فنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[النساء‪ ]164:‬تكليما ً هذا مفعول مطلق‪ ،‬وأما المصدر فنحو قول الله عّز‬
‫موْفُورا ً ﴾[السراء‪ ]63:‬جزاءً هذا مفعول‬ ‫جَزاءً َ‬
‫م َ‬‫جَزاؤ ُك ُ ْ‬‫م َ‬‫جهَن َّ َ‬‫ن َ‬ ‫ل ﴿ فَإ ِ َّ‬‫وج ّ‬
‫مطلق وجزاء الولى هي العامل فيها‪ ،‬وأما اسم الفاعل فنحو قول الله عّز‬
‫صفّا ً ﴾[الصافات‪ ]1:‬صفا ً مفعول مطلق والعامل فيه هو‬ ‫ت َ‬ ‫صافَّا ِ‬ ‫ل ﴿ وَال َّ‬ ‫وج ّ‬
‫الصافات‪. ،‬‬
‫وهذه في المواضع الثلثة التي ذكرت لكم على تعريف المصنف هنا‬
‫المصدر فيها لفظي؛ لن المصدر موافق للفظ العامل‪ ،‬كلم تكليما‪ ،‬جزاؤكم‬
‫جزاء‪ ،‬والصافات صفا‪ ،‬يعني متفقان وهذا الذي يسمى أو الذي سماه‬
‫المصنف بأنه لفظي يعني أنه من لفظه‪.‬‬
‫ن‬
‫ه دُو َ‬ ‫عل ِ ِ‬
‫ف ْ‬‫عنَى ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ف َ‬‫وا َ‬‫ن َ‬‫وإ ِ ْ‬‫أما قول المصنف بعد هذا ( َ‬
‫ي ) أحيانا ً يكون المفعول المطلق يكون من غير‬ ‫و ٌّ‬ ‫عن َ ِ‬‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫فظِ ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫لفظ العامل‪ ،‬وأحيانا ً يكون بألفاظ أخرى ليست مصدرا ً أصل ً لكن المصنف‬
‫عودًا ) وهذا ما‬ ‫ق ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫س ُ‬ ‫جل َ ْ‬‫هنا مثّل بمثالين مصادر فقال ( نحو َ‬
‫ه‬
‫شب َ َ‬ ‫فا‪ ,‬وما أ َ ْ‬ ‫قو ً‬ ‫و ُ‬ ‫يسمى بالمرادف القعود والجلوس (وقمت ُ‬
‫ك ) يعني لك أن تقيس على هذا كل ما أشبه مما جاء مصدرا ً مخالفاً‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫للعامل‪ ،‬لكن لبد أن يكون بينهما علقة وإل فل يصلح‪ ،‬لبد أن يكون بين‬
‫العامل والمفعول المطلق علقة ‪.‬‬
‫طبعا ً هو ذكر لنا نوعا ً واحدا ً وهو المرادف فقال قعدت جلوساً‪ ،‬وقمت‬
‫وقوفا ً لكن يذكر النحويون أمثلة أخرى‪ ،‬فيقولون إن منها صفته وإن منها‬
‫ضميره وإن منها مشاركه في مادته وإن منها مشاركه في عدده ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪157‬‬
‫ومن الشياء التي تنوب عن المصدر‪ ،‬ضميره‪ ،‬ويستشهدون له بنحو‬
‫ّ َ َ َ‬
‫منْك ُ ْ‬
‫م فَإِنِّي‬ ‫ن يَكْفُْر بَعْد ُ ِ‬ ‫منَّزِلُهَا ع َلَيْك ُ ْ‬
‫م فَ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه إِنِّي ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫قول الله عّز وجل ﴿قا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن﴾[المائدة‪ ]115 :‬ل أعذبه الهاء هذه تعود‬ ‫مي َ‬ ‫ن الْعَال َ ِ‬
‫م َ‬ ‫حدا ً ِ‬
‫هأ َ‬ ‫ه عَذ َابا ً ل أعَذِّب ُ ُ‬
‫أعَذِّب ُ ُ‬
‫على قوله عذابا ً السابق وهو هنا يعرب مفعول ً مطلقا ً نائبا ً عن المصدر‬
‫المذكور سابقاً‪ ،‬مفعول مطلق ليس من لفظ الفعل وإنما هو ضميره‪.‬‬
‫مما ينوب عنه الشارة إلى المفعول المطلق كقولك مثل ً ضربت ذلك‬
‫الضرب‪ ،‬فذا اسم إشارة ليست في الصل مفعول ً مطلقا ً ولكنها هنا نابت‬
‫عن المفعول المطلق‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا ً أن ينوب عنه اسم المصدر يعني ل تذكر المصدر وإنما‬
‫َْ‬ ‫ل ﴿ والل َّ َ‬
‫ض‬
‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬‫م ِ‬‫ه أنْبَتَك ُ ْ‬
‫َ ُ‬ ‫تذكر اسم المصدر‪ ،‬ففي نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫نَبَاتا ً ﴾[نوح‪ ]17:‬الصل في مصدر أنبت أنه إنباتا لكن هنا وضع اسم المصدر‬
‫مكان المصدر ‪.‬‬
‫نذكر لكم بقية المور الخرى إن شاء الله تعالى‪ ،‬في حلقة قادمة‪ ،‬لكن‬
‫نتوجه الن إليكم إذا كنتم تريدون توجيه بعض السئلة المتعلقة بما ذكرناه‪،‬‬
‫تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيرا ً فضيلة الشيخ‪ ،‬لو قلنا فهمت غاية الفهم‪ ،‬غاية هاهنا‬
‫إعرابها نائب مفعول مطلق ؟‬
‫أجاب الشيخ ‪:‬‬
‫هذه نائبة عن المصدر فالنتصاب على أنها مفعول به‪ ،‬نائبة عن‬
‫المصدر لنها نابت عن المصدر ولم تنب عن مفعول مطلق؛ لنها هي‬
‫مفعول مطلق‪ ،‬فهمت غاية الفهم‪ ،‬غاية الفهم وهذا يقولون مثل كل وبعض‬
‫التي سنذكرها إن شاء الله في لقاء آخر‪ ،‬لكن لبد أن تكون مضافة أيضاً‬
‫إلى المصدر وسنذكر بعض المثلة المتعلقة بهذا إن شاء الله ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خير‪ ،‬قلت أنه في بعض النسخ ذكر باب ظن‬
‫وأخواتها‪ ،‬فلماذا ذكرها في المرفوعات وحقها أن تذكر في المنصوبات لنها‬
‫تنصب مفعولين؟‬
‫أجاب الشيخ ‪:‬‬
‫هو الحق أنه قد يكون له بعض العذر وذلك أنه لما بدأ في النواسخ التي‬
‫تنسخ حكم المبتدأ والخبر لم يحب أن يعزل ظن وأخواتها فيجعلها مع‬
‫المنصوبات لنها نواسخ للمبتدأ والخبر‪ ،‬ذكر كان وأخواتها ثم ذكر إن‬
‫وأخواتها ثم ذكر ظن وأخواتها؛ لنها كلها تنسخ حكم المبتدأ والخبر فقد‬
‫يكون هذا يعني الذي يشفع له في ذكره لها هنا ولم يذكرها في باب‬
‫المنصوبات وحقها فعل ً أن تكون في باب المنصوبات لن كل المعمولين‬
‫منصوبات‪.‬‬
‫قال الشيخ‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪158‬‬
‫أنا أيضا ً أسألكم بعض السئلة‪ ،‬من المنصوبات المفعول به‪ ،‬المفعول به‬
‫قد يكون ظاهرا ً وقد يكون ضميراً‪ ،‬والضمير قد يكون منفصل ً وقد يكون‬
‫متصل ً الضمير المنفصل له لفظ واحد يتكرر معه ما يحدد نوعه‪ ،‬فما هذا‬
‫الضمير الذي يتكرر دائما ً في أنواع في اثني عشر موضع ؟ نعم ‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة ‪:‬‬
‫الضمير هو إيا ‪.‬‬
‫أكمل الشيخ‪ :‬إياى‪ ،‬ويلحق به ما يدل على أن المقصود المتكلم أو‬
‫المقصود المخاطب أو المقصود الغائب‪ ،‬بارك الله فيك‪ ،‬صحيح ويلحق به‬
‫أيضا ً أحيانا ما يدل على أن المقصود مفرد أو مثنى أو مجموع مذكر أو‬
‫مؤنث من أجل هذا يعني أن أيا تتكرر في كل المواضع ‪.‬‬
‫تذكرون لنا شيئا ً من الضمائر التي تقع ضمائر متصلة تقع مفعول ً به أو‬
‫تعرب مفعول ً به‪ ،‬من يذكر لنا شيئا ً منه ؟ نحن ذكرنا لكم لما تحدثنا عن‬
‫الضمير بعض هذه الضمائر لكن ندع هذا حتى أيضا ًَ نعفيكم‪ ،‬ونستمع إن‬
‫تمكنا سألنا عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله لنتهاء وقت الحلقة ‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ‪.‬‬

‫الدرس السابع عشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫في حلقة ماضية تحدثنا عن بعض الشياء التي تنوب في المصدر في‬
‫النتصاب على المفعول المطلق لن الصل في المفعول المطلق أن‬
‫مصدرا ً ولكن هناك أشياء تنوب عنه وقد انتهينا من الحديث عن نيابة‬
‫ل ﴿ ل أُعَذّب َ‬
‫ن ﴾ [المائدة‪]115 :‬‬ ‫ن الْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫حدا ً ِ‬
‫م َ‬ ‫هأ َ‬‫ُِ ُ‬ ‫الضمير عنه في قوله عّز وج ّ‬
‫وعن نيابة اسم الشارة عنه أحيانا ً في قولك ضربت ذلك الضرب وعن نيابة‬
‫ل والله أنبتكم من‬ ‫اسم المصدر عنه في نحو قول الله عّز وج ّ‬
‫الرض نباتا ً ‪.‬‬
‫ل إِلَيْهِ تَبْتِيل ً ﴾[المزمل‪ ]8:‬هذا أيضا ً مما ناب‬ ‫ل ﴿ َوتَبَت َّ ْ‬
‫في قول الله عّز وج ّ‬
‫فيه اسم المصدر عن المصدر لن الصل في مصدر تبتل أن يقال تبتُل وهنا‬
‫قيل تبتيل فهو يسمى باسم المصدر‪ ،‬وقد ناب عن المفعول المطلق وهو‬
‫يعرب قد ناب عن المصدر وهو يعرب هنا مفعول ً مطلقا ً قبل أن ننتقل عن‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪159‬‬
‫اسم المصدر والمصدر بعضهم ما يفرق بين المصدر واسم المصدر فيقول‬
‫كلها مصادر‪ ،‬سواء جاءت على القاعدة القياسية أم لم تجيء على القاعدة‬
‫القياسية لكن الصواب التفريق بينهم‪ ،‬فإن جاء على القاعدة الصرفية يعني‬
‫في تغيير أو في جعل القاعدة المنتظمة فبها ونعمت‪ ،‬فهو مصدر وإل‬
‫فيسمى باسم المصدر فالصل في مصدر أنبت مثل ً أن يكون إنباتا ً لكن إذا‬
‫قلت نباتا ً فبعض النحويين يقول هو مصدر أيضا ً بعضهم يقول ل هذا يشمل‬
‫مصدر لن المصدر حقه أن يكون على وزن إفعال حقه على أن يكون على‬
‫وزن إفعال ننتقل بعد هذا بعض الشياء التي تنوب عن المصدر وتعرب‬
‫مفعول ً مطلقاً‪ ،‬وهما كلمتان كلمة كل وكلمة بعض‪ ،‬أما كل فمنها لكنهم‬
‫يشترطون فيها حتى تنوب أن تكون مضافة إلى المصدر ومنه قول الله عّز‬
‫ميلُوا‬
‫ل ﴿ فَل ت َ ِ‬ ‫وج ّ‬
‫َ ْ َّ‬ ‫ك ُ َّ‬
‫معَلقَةِ ﴾[النساء‪ ]129 :‬فكل هنا مفعول مطلق مع أنها‬ ‫ل فَتَذَُروهَا كال ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬
‫ليست مصدرا ً ولكنها أضيفت إلى المصدر ومنه قول الشاعر ‪:‬‬
‫يظنان كل الظن أل‬ ‫وقد يجمع الله الشتيتين بعدما‬
‫تلقي‬
‫فكل هنا مفعول مطلق أما بعض فكقولك ظننت بعض الظن‪ ،‬هنا انظر‬
‫إلى الظن هي مصدر ظننت وإل ما يجوز يعني لو قلت مثل ً أظن بعض‬
‫الحيان أنه كذا وكذا‪ ،‬هذه ل تصلح ول تعربها مفعول ً مطلق لنها لم تضف‬
‫إلى مصدر أظن لكن لو قلت أظن بعض الظن حينئذ تعربها على أنها‬
‫مفعول مطلق ‪.‬‬
‫مما ينوب عن المصدر أيضا ً العدد ولكن أيضا ً بشرط أن يكون تميز هذا‬
‫ن‬ ‫م ثَ َ‬
‫مانِي َ‬ ‫جلِدُوهُ ْ‬ ‫العدد مصدرا ً للفعل المذكور ومن قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ فَا ْ‬
‫جلْدَة ً ﴾[النور‪ ]4 :‬وعلى هذا فإن هذه الشياء كلها تنوب عن المصدر‬ ‫َ‬
‫وتنتصب كل واحدة منها على أنها مفعول مطلق ولبد في بعضها من‬
‫شروط وبعضها ل يشترط فيه شيء‪ ،‬يعني ينوب عن المصدر مباشرة بدون‬
‫قيد ول شرط ‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى حديث المصنف عن الظرف بنوعيه‪ :‬ظرف الزمان‬
‫وظرف المكان ‪.‬‬
‫مكَا ِ‬
‫ن‬ ‫ف اَل ْ َ‬‫وظَْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ف اَلَّز َ‬
‫ما ِ‬ ‫ب ظَْر ِ‬ ‫قال المصنف ( بَا ُ‬
‫ر‬
‫دي ِ‬
‫ق ِ‬‫ب بِت َ ْ‬‫صو ُ‬ ‫ن اَل ْ َ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫م اَلَّز َ‬ ‫س َُ‬‫و اِ ْ‬‫ه َ‬
‫ن ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ف اَلَّز َ‬ ‫ظَْر ُ‬
‫حًرا‪,‬‬‫س َ‬‫و َ‬ ‫وبُكَْرةً‪َ ,‬‬‫وةً‪َ ,‬‬ ‫غدْ َ‬‫و َ‬‫ة‪َ ,‬‬ ‫والل ّيْل َ ِ‬‫ومِ‪َ ,‬‬ ‫و اَلْي َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫في" ن َ ْ‬ ‫" ِ‬
‫حينًا‬
‫و ِ‬ ‫ة‪ ,‬وصباحًا‪ ,‬ومساءً‪ ,‬وأَبدا‪َ ,‬‬ ‫و َ‬
‫مدًا‪َ ,‬‬ ‫وأ َ‬‫َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫َ َ َ‬ ‫م ً َ َ َ‬ ‫عت َ َ‬ ‫و َ‬‫غدًا‪َ ,‬‬ ‫َ‬
‫ك ) أما قوله وما أشبه ذلك أيها الحباب فكل اسم يدل‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ما أ ْ‬
‫شب َ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫علي الزمان إذا تضمن معني في فهو ظرف زمان كل اسم‪ ،‬ولذلك أغني‬
‫عن ذلك قوله وما أشبه ذلك‪ ،‬سواء ذكره من ضمن الشياء أم لم يذكره‪،‬‬
‫كلما دلت الكلمة الزمان بشرط أن تتضمن معنى في‪ ،‬فهي ظرف زمان‪،‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪160‬‬
‫انظروا إلى كلمتين سافرت يوم الجمعة‪ ،‬وانظروا إلى كلمة يوم في قول‬
‫ستَطِيرا ً ﴾[النسان‪ ]7:‬وفرق بينهما‬ ‫م ْ‬ ‫شُّره ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫وما ً كَا َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫خافُو َ‬ ‫ل ﴿ َوي َ َ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫أيهما هو الظرف ؟ لبد أن تكون الكلمة متضمنة معنى في‪ ،‬فأي هاتين‬
‫الكلمتين متضمنة لمعنى في‪ ،‬في قولك سافرت يوم الخميس أو في قول‬
‫ستَطِيرا ً ﴾ أما قولك سافرت يوم‬ ‫م ْ‬ ‫شُّره ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫وما ً كَا َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫خافُو َ‬ ‫ل ﴿ َوي َ َ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫الخميس فهي ظرف لنها كأنك قلت سافرت في يوم الخميس وأما قوله‬
‫سبحانه وتعالى يخافون يوما ً ليس المقصود أنهم يخافون في اليوم نفسه‪،‬‬
‫وإنما هم يخافون اليوم نفسه‪ ،‬يخافون اليوم نفسه‪ ،‬لذلك لبد أن تنتبه إلى‬
‫أن هذه السماء الدالة على الزمان إذا لم تتضمن معنى في فإنها ل تعرب‬
‫ظرفا ً بل تعرب على حسب موقعها من العراب مثل ً تقول يوم الجمعة يوم‬
‫مبارك ما تعرب واحدة‬
‫منها على أنها ظرفا ً بل تقول يوم الولى مبتدأ ويوم الثانية خبر‪ ،‬فانتبهوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫سَرى بِعَبْدِهِ لَيْل ً ِ‬ ‫ن ال ّذِي أ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ل﴿ ُ‬ ‫لهذا بارك الله فيكم‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صى الذِي بَاَركْنَا‬ ‫جد ِ اْلقْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حَرام ِ إِلَى ال ْ َ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه ﴾[السراء‪ ]1:‬ليل ً هنا منصوبة على الظرفية الزمانية وقال الله عّز‬ ‫ُ‬ ‫حوْل َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب ﴿‪ ﴾45‬النَّاُر‬ ‫سوءُ الْعَذ َا ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل فِْرع َوْ َ‬ ‫حاقَ بِآ ِ‬ ‫مكَُروا وَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سيِّئَا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ﴿ فَوَقَاه ُ الل ّ ُ‬ ‫وج ّ‬
‫شيّا ً ﴾[غافر‪]45:‬‬ ‫ن ع َلَيْهَا غُدُوّا ً وَع َ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫يُعَْر ُ‬
‫َ‬
‫حى‬ ‫ب فَأوْ َ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫مه ِ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ج ع َلَى قَ ْ‬ ‫خَر َ‬‫هذان ظرفا زمان وقال سبحانه ﴿ فَ َ‬
‫شي ّ ًا﴾[ــمريم‪ ]11:‬بكرة وعشيا كل واحد منهما ظرف‬ ‫إلَيه َ‬
‫حوا بُكَْرة ً وَع َ ِ‬ ‫سب ِّ ُ‬‫ن َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ِ ِْ ْ‬
‫ط ن َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صبا إ ِل آ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫زمان وقال الله عّز وج ّ‬
‫م‬
‫جيْنَاهُ ْ‬ ‫ل لو ٍ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫سلنَا ع َليْهِ ْ‬ ‫ل ﴿ إِن ّا أْر َ‬
‫حرٍ ﴾[القمر‪ ]34:‬انتبهوا سحر تدل على الزمان هنا ولكنها ليست ظرف‬ ‫س َ‬ ‫بِ َ‬
‫زمان لكونها مجرورة بالباء‪ ،‬لكن يمكن أن تقول جئت يوم الجمعة سحر‪ ،‬أو‬
‫السحر باعتبار أنها ظرف زمان‪ ،‬وفيها كلم طويل في كلمة سحر بعضهم‬
‫يرى يعني يجعلها ممنوعة من الصرف‪ ،‬وبعضهم ل يمنعها من الصرف‪،‬‬
‫بعضهم يمنع كلمة سحر من الصرف ويشترط لها طبعا ً شروطا ً وبعضهم ما‬
‫يمنعها ‪.‬‬
‫وما دمنا ذكرنا الممنوع من الصرف فنحن نسينا شيئا ً ما ذكرناه في‬
‫باب الممنوع من الصرف تذكرته فيما أو ذكرني بعض أحبابنا الحاضرين‪،‬‬
‫وهو أننا لم نذكر من الممنوع من الصرف الممنوع لعلتين العالمية‬
‫والعجمة‪ ،‬فنذكره الن تطوعا ً وإن كان قد ذهب وقته لكن ل بأس من ذكره‪،‬‬
‫الممنوع من الصرف للعالمية والعجمة‪ ،‬يشترط فيه لمنعه من الصرف أن‬
‫يكون علما ً في لغة العجم فإن لم يكن علما ً عندهم حتى لو كان لفظاً‬
‫أعجميا ً وسميت به فإنه ل يمنع‪ ،‬فلو سميت مثل ًُ شخصا ً بكلمة لجام‪ ،‬لجام‬
‫هذه كلمة أعجمي‪ ،‬فإنك ل تمنعها من الصرف لنها ليست علما ً عندهم‪ ،‬أما‬
‫كلمة إبراهيم وإسماعيل وما شاكل ذلك فهذه أعلم أعجمية‪.‬‬
‫يشترطون شرطا ً ثانيا ً هو أن يكون إما ثلثة أحرف فأكثر‪ ،‬وثلثة أحرف‬
‫لبد أن يكون متحرك الوسط‪ ،‬أما إن كان ساكن الوسط فإنه ل يمنع من‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪161‬‬
‫الصرف ثلثي ساكن الوسط نحو هود ولوط هذه ليست ممنوعة من‬
‫الصرف وإنما هي مصروفة قول ً واحدا ً ويشترط في منع العلم العجمى من‬
‫الصرف شرطان ‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن يكون علما ً في لغة العجم ‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون على القل ثلثة أحرف متوسطا أو وسطها‬
‫متحرك فإن كان وسطها ساكن فإنه ل يمنع من الصرف ‪.‬‬
‫ثم نعود إلى موضوعنا ما الذي ذهب بنا إليه كلمة سحر‪ ،‬انظر إلى قول‬
‫الله عز وج ّ َ‬
‫ن ﴾[يوسف‪]12:‬‬ ‫حافِظُو َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ب وَإِنَّا ل َ ُ‬ ‫معَنَا غَدا ً يَْرتَعْ وَيَلْعَ ْ‬‫ه َ‬‫سل ْ ُ‬
‫ل ﴿أْر ِ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫فكلمة غدا هنا منصوبة على الظرفية الزمانية صباحا ومساءً كما ذكر‬ ‫ً‬
‫ل﴿‬ ‫المصنف لم ترد في القرآن الكريم ولكنه ورد قول الله عّز وج ّ‬
‫صبْحا ً ﴾[العاديات‪ ]3:‬وصبحا ً وصباحا ً متقاربان وكل واحدة منهما‬ ‫ت ُ‬ ‫مغِيَرا ِ‬ ‫فَال ْ ُ‬
‫ظرف زمان ‪.‬‬
‫كلمة مساء وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث‬
‫ي فيها رسول الله‬ ‫أم سلمة رضي الله عنها قالت (كانت ليلتي التي يصير إل ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر) مساء يوم النحر فذكر كلمة مساء‬
‫هنا وهي كلمة منصوبة على الظرفية كلمة أبدا ًَ لم ترد في القرآن الكريم‬
‫على أنها ظرفيه ويمكن أن تقول ل أفعله أبدا ً ل أفعل ذلك أبدا ً يعني مدى‬
‫الدهر وهذا هو معناه ‪.‬‬
‫أما أمدا ً فمعناها كما ذكر صاحب اللسان الغاية‪ ،‬كالمدى فيقال ما أمدك‬
‫؟ أي ما منتهى أمرك‪ ،‬ما أمدك ؟ يعني ما منتهى أمرك‪ ،‬قال وفى التنزيل‬
‫ل ﴿ ول يكُونوا كَالَّذي ُ‬
‫ل ع َلَيْهِ ُ‬
‫م‬ ‫ل فَطَا َ‬‫ن قَب ْ ُ‬
‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫ن أوتُوا الْكِتَا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫م ﴾[الحديد‪ ]16 :‬قال المد في هذه الية ليس ظرف‬ ‫ت قُلُوبُهُ ْ‬‫س ْ‬ ‫مد ُ فَقَ َ‬ ‫اْل َ‬
‫زمان‪ ،‬بل هو فاعل لقوله طال لنه طبعا ً لم يقصد منها معنى في‪ ،‬لم يقصد‬
‫معنى في والبد والمد متقاربان‪ ،‬من الناحية الدللية‪.‬‬
‫ورد في القرآن الكريم لفظ حين منصوبا ً على الظرفية قال الله عّز‬
‫ضَراءِ وحين الْبأ ْ‬ ‫َ‬ ‫صابرين في الْبأ ْ‬
‫س ﴾[البقرة‪.]177 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫سا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ﴿ وَال َّ ِ ِ َ ِ‬ ‫وج ّ‬
‫فهذا لفظ من اللفاظ التي ذكرها المصنف على أنها أسماء زمان‬
‫وتنصب على الظرفية الزمانية وذلك أكرر‪ ،‬وأكرر‪ ،‬وأكرر ل تنسوا كل هذه‬
‫اللفاظ إذ لم تكن بمعني في فليست ظرف زمان وإن كانت بمعني في أو‬
‫متضمنة لمعني في فهي حينئذ منصوبة على الظرفية الزمانية وقد انتهينا‬
‫من الظرف الزمان فننتقل بعده بعون الله تعالى بعون الله تعالى إلى‬
‫م‬‫س ُ‬‫و اِ ْ‬ ‫ه َ‬‫ن ُ‬ ‫مكَا ِ‬ ‫ف اَل ْ َ‬ ‫وظَْر ُ‬ ‫ظرف المكان قال المصنف ( َ‬
‫خل ْ َ‬ ‫في" ن َح َ‬
‫ف‪,‬‬ ‫و َ‬‫م‪َ ,‬‬ ‫ما َ‬‫وأ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ر" ِ‬ ‫دي ِ‬‫ق ِ‬‫ب بِت َ ْ‬ ‫صو ُ‬ ‫من ْ ُ‬‫ن اَل ْ َ‬
‫مكَا ِ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫وإَِزاءَ‪,‬‬
‫ع‪َ ,‬‬‫م َ‬ ‫و َ‬‫عنْدَ‪َ ,‬‬ ‫و ِ‬ ‫ت‪َ ,‬‬ ‫ح َ‬‫وت َ ْ‬‫وقَ‪َ ,‬‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬ ‫وَراءَ‪َ ,‬‬ ‫و َ‬‫م‪َ ,‬‬ ‫قدَّا َ‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫ه ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫وث َ َّ‬ ‫وتِل ْ َ‬
‫ك ) هذه أو هذا‬ ‫شب َ َ‬ ‫و َ‬
‫هنَا‪َ ,‬‬ ‫و ُ‬‫م‪َ ,‬‬ ‫قاءَ‪َ ,‬‬ ‫حذَاءَ‪َ ,‬‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫تعداد لظروف المكان أو للسماء التي تدل على المكان وتنصب على‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪162‬‬
‫الظرفية وهذا هو القسم الثاني من المفعول فيه أو من ظرفي الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬طبعا ً المصنف عّرفه هنا بقوله هو اسم المكان المنصوب بتقدير‬
‫في اسم المكان يخرج كل لفظ ل يدل على المكان وقوله بتقدير في لبد‬
‫أن يكون مقدرا ً في أن يكون متضمنا ً لمعنى في ‪.‬‬
‫هناك عدد من اللفاظ ذكرها المصنف لكن بعض هذه الصناف مبني‬
‫وبعضها معرب فالمبني طبعا ً سيكون في محل نصب ومن المبنيات كلمة‬
‫حيث فإنها تأتي دائما ً مبنية على الضم في أغب كلم العرب ومن ذلك قول‬
‫ل ﴿ الل َّ َ‬
‫ه﴾[النعام‪ ]124 :‬وحيث هنا ظرف‬ ‫سالَت َ ُ‬‫ل رِ َ‬‫جعَ ُ‬ ‫ث يَ ْ‬‫حي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه أع ْل َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫مكان مبني على الضم في محل نصب‪ ،‬من اللفاظ التي ذكرها المصنف‬
‫َ‬
‫ه ﴾[القيامة‪]5:‬‬ ‫م ُ‬ ‫ما َ‬ ‫جَر أ َ‬ ‫ن لِيَفْ ُ‬ ‫سا ُ‬‫ريد ُ اْلِن ْ َ‬
‫ل يُ ِ‬‫ل ﴿ بَ ْ‬ ‫كلمة أمام‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫فأمام هنا منصوبة على الظرفية المكانية ومن الظروف التي ذكرها أيضاً‬
‫م قَُرنَاءَ‬ ‫ضنَا لَهُ ْ‬ ‫كلمة خلف ومن شواهدها قول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَقَي َّ ْ‬
‫فَزيَنوا لَهم ما بي َ‬
‫م﴾[فصلت‪ ]25:‬خلف هنا منصوبة على‬ ‫خلْفَهُ ْ‬‫ما َ‬ ‫م َو َ‬‫ن أيْدِيهِ ْ‬ ‫ُ ْ َ َْ َ‬ ‫َ ُّ‬
‫الظرفية ومنها أيضا ً كلمة بين ويمكن أن تمثل لكلمة بين بقولك محمد بين‬
‫ي وعبد الله يعني في هذا المكان ‪.‬‬ ‫عل ّ‬
‫ل ﴿ قِي َ‬
‫ل‬ ‫من الظروف التي ذكرها أيضا ً كلمة وراء قال الله عّز وج ّ‬
‫ورا﴾[ــالحديد‪ ]13 :‬فوراء هنا منصوبة على الظرفية‬ ‫سوا ن ُ ً‬ ‫م ُ‬ ‫م فَالْت َ ِ‬ ‫جعُوا وََراءَك ُ ْ‬ ‫اْر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل اْل َ‬
‫سي‬ ‫ل فَوْقَ َرأ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫خُر إِنِّي أَرانِي أ ْ‬ ‫المكانية وقال سبحانه وتعالى ﴿ وَقَا َ‬
‫َ‬ ‫خبْزا ً تَأْك ُ ُ‬
‫ه ﴾[يوسف‪ ]36 :‬ففوق هنا لفظ من اللفاظ الدالة على‬ ‫من ْ ُ‬‫ل الط ّيُْر ِ‬ ‫ُ‬
‫المكان وهو منصوب على الظرفية المكانية ‪.‬‬
‫َ‬
‫ن إِذْ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫منِي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ل ﴿ لَقَد ْ َر ِ‬ ‫شاهد تحت قول الله عّز وج ّ‬
‫جَرةِ ﴾[الفتح‪ ]18:‬تحت هذه تدل على المكان وهي‬ ‫ش َ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫ح َ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫يُبَايِعُون َ َ‬
‫منصوبة على الظرفية المكانية ‪.‬‬
‫َّ‬
‫عنْد َ اللهِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م يَنْفَد ُ َو َ‬ ‫عنْدَك ُ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫أما عند فمن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫ق ﴾[النحل‪ ]96:‬عند تدل على الظرفية المكانية وقد جاءت هنا أو هي اسم‬ ‫بَا ٍ‬
‫مكان وقد جاءت هنا منصوبة على الظرفية المكانية بالمناسبة كلمة فوق‬
‫وتحت وعند ودون والجهات الست كلها كل ما يدل على الجهات الست هذه‬
‫الصل فيها أن تكون منصوبة على الظرفية ول تخرج عن ذلك إل إلى الجر‬
‫بمن فقط يعني ما تقع مبتدأ ول خبرا ً ول فاعل ً ول مفعول ً به ول فاعل‬
‫الجهات الست وأول ودون هذه تنصب على الظرفية في الغالب أو تأتي‬
‫مجرورة بمن فهي متصرفة تصرفا ً جزئياً‪ ،‬وليست متصرفة تصرفا ً تاما ً أما‬
‫كلمة مع فقد اختلف فيها أهي حرف فيكون ما بعدها مجرورا ً بهذا الحرف‬
‫أو هي اسم على أنها ظرف والصواب والله أعلم أنها ظرف وما بعدها‬
‫مجرور بالضافة‪ ،‬ول تقطع عن الضافة إل ويعوض عن الضافة بالتنوين‬
‫م اقْنُتِي‬ ‫مْري َ ُ‬‫ل ﴿ يَا َ‬ ‫ومن ذلك مما وردت فيه ظرفا ً مضافا ً قول الله عّز وج ّ‬
‫معَ‬‫جدِي وَاْركَعِي َ‬ ‫س ُ‬ ‫ك وَا ْ‬ ‫لَِرب ِّ ِ‬
‫ن ﴾[آل عمران‪ ]43:‬فهي هنا منصوبة على الظرفية وهي ظرف مكان‬ ‫الَّراكِعِي َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪163‬‬
‫م تِلْقَاءَ‬ ‫َ‬
‫صاُرهُ ْ‬
‫ت أب ْ َ‬ ‫صرِفَ ْ‬ ‫ل ﴿ َوَإِذ َا ُ‬ ‫أما تلقاء فمن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ن﴾[العراف‪ ]47:‬فتلقاء هنا‬ ‫مي َ‬‫معَ الْقَوْم ِ الظ ّال ِ ِ‬
‫جعَلْنَا َ‬
‫ب النَّارِ قَالُوا َربَّنَا ل ت َ ْ‬‫حا ِ‬‫ص َ‬
‫أ ْ‬
‫منصوب على الظرفية ‪.‬‬
‫ثَم يقولون هي إشارة إلى المكان البعيد ول تأتي إل منصوبة على‬
‫الظرفية ثَم‪ ،‬غير ثُم ‪ ،‬ثُم حرف عطف وثَم ظرف مكان ويشار به إلى‬
‫ن﴾[الشعراء‪:‬‬ ‫خرِي َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫ل ﴿وَأَْزلَفْنَا ث َ َّ‬‫المكان البعيد‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫‪. ]64‬‬
‫أما‪ ،‬هنا لها عدة ألفاظ إن كنت تشير إلى القريب تقول هنا فهي إشارة‬
‫إلى المكان القريب وقد تضيف إليها اللم والكاف فتقول هناك أو هنالك‪،‬‬
‫هناك مكان متوسط‪ ،‬وهنالك مكان بعيد‪ ،‬ولكنها في كل الحوال إشارة إلى‬
‫ك وَانْقَلَبُوا‬ ‫ل ﴿ فَغُلِبُوا هُنَال ِ َ‬ ‫المكان‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫ن﴾[العراف‪ ]119:‬فهذا ما يتعلق بالظروف التي ذكرها المصنف رحمنا‬ ‫غري َ‬
‫صا ِ ِ‬
‫َ‬
‫الله وإياه‪.‬‬
‫ل‬‫حا ِ‬ ‫ب اَل ْ َ‬ ‫ننتقل بعد هذا إلى باب الحال قال المصنف ‪ ( :‬بَا ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ه َ‬
‫ما اِنْب َ َ‬‫سُر ل ِ َ‬
‫ف ِّ‬ ‫م َ‬‫ب‪ ,‬اَل ْ ُ‬‫صو ُ‬‫من ْ ُ‬ ‫م اَل ْ َ‬‫س ُ‬ ‫و اَِل ْ‬ ‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫حا ُ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫ت‬‫و"َركِب ْ ُ‬ ‫جاءَ َزيْدٌ َراك ِ َبًا" َ‬ ‫ك" َ‬ ‫ول ِ َ‬‫ق ْ‬‫و َ‬ ‫ح َ‬
‫ت‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫هيْئَا ِ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫ه‬
‫شب َ َ‬‫ما أ َ ْ‬‫و َ‬‫ه َراكِبًا" َ‬ ‫عبْدَ اَلل ّ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫قي ُ‬ ‫و"ل َ ِ‬ ‫جا" َ‬ ‫سَر ً‬ ‫م ْ‬ ‫س ُ‬ ‫فَر َ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫ك ) قد يؤخذ على المصنف بعض ما في هذا التعريف ‪.‬‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫أولً‪ :‬قوله الحال هو السم‪ ،‬ل يكون الحال دائما ً اسماً‪ ،‬لكن الغالب أن‬
‫يكون الحال اسما بل قد يكون الحال جملة وقد يكون الحال جارا ًَ ومجروراً‬
‫وقد يكون الحال ظرفاً‪ ،‬فقوله الحال هو السم قد يؤخذ عليه ذلك‪ ،‬لكن قد‬
‫يعفيه من هذا المأخذ أن الغالب في الحال أن يكون اسما ً مفردا ً الغالب في‬
‫الحال أن يكون اسما ً مفرداً‪ ،‬قد يؤخذ عليه أيضا ً قوله المنصوب‪ ،‬لن هذا‬
‫حكم الحال ويقولون إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪ ،‬فكان الصل‬
‫أن يصور لنا الحال ثم يذكر حكمه ويقول حكمه أنه منصوب صحيح منصوب‬
‫لشك لكنه ل يذكر الحكم في التعريف وهذا مأخذ أخذوه على ابن مالك‬
‫ب فذكر الحكم‬ ‫رحمه الله أيضا ً إذ قال في ألفيته ‪ :‬الحال وصف فضل ٌ‬
‫ة منتص ُ‬
‫في التعريف فأخذوا عليه‪ ،‬من أي ناحية أخذوا عليه قالوا إن معرفة الحكم‬
‫تتوقف على معرفة الحال ومعرفة الحال متوقف على معرفة الحكم‪،‬‬
‫فيجيء ما يسمى بالدور‪ ،‬وهذا عند المناطقة أن يترتب معرفة كل شيء‬
‫من المرين أو كل واحد من المرين على معرفة المر الخر فما تصل إلى‬
‫نتيجة تعريف ابن مالك أحسن نوعا ً ما من تعريف صاحبنا هنا لنه ذكر بعض‬
‫أوصاف الحال فقال الحال وصف وقال الحال فضلة‪ ،‬الوصف المقصود به‬
‫اسم الفاعل واسم المفعول واسم المشبه وما شاكل ذلك وهذا هو الكثير‬
‫الغالب فيه وفضله يعني يمكن الستغناء عنه وهكذا على كل حال صاحبنا‬
‫هنا يقول الحال هو السم المنصوب فعلً‪ ،‬حقه أن يكون منصوبا ً المفسر‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪164‬‬
‫لما انبهم من الهيئات‪ ،‬ما انبهم ما غمض‪ ،‬ولم يتضح فيأتي الحال مفسراً‬
‫لهذا الغامض‪ ،‬الغامض من أي شيء ؟ من الذوات ول من الشكال؟ ل من‬
‫الهيئات‪ ،‬وهي الشكال‪ ،‬تقول قابلت زيدا ً ضاحكاً‪ ،‬أو مسرورا ً أو مغموما ً أو‬
‫باكيا ً فتبين هيئته أو راكبا ً أو ماشيا ً أو إلى آخره‪ ،‬تبين هيئة الذي قابلته وبعد‬
‫فقولك قابلت زيدا ً راكبا ً من الراكب ؟ أنت أو هو؟ يصح أن يكون الحال‬
‫منك ‪ ،‬وأن يكون الحال منه ولو قلت قابلت زيدا ً راكبين يعني أنا وهو كل‬
‫واحد منا راكب‪ ،‬ولو قلت قابلت زيدا ً راكبا ً ماشياً‪ ،‬فأيهما يكون لك وأيهما‬
‫يكون له خذ القريب واعط القريب‪ ،‬وخذ البعيد واعط البعيد‪ ،‬فيكون الراكب‬
‫هو زيد ويكون الماشي المتكلم قابلت زيدا ً راكبا ً ماشيا ً أنا أمشي وهو راكب‬
‫لما لم نجعلها على الترتيب قال مادام أنك لبد أن تفرق بينهم فاجعل واحد‬
‫منهم بجنب صاحبه والثاني خله بعيد اتركه بعيداً‪ ،‬هذا كلم طبعا ً من اقتراح‬
‫بعض المؤلفين يقول لبد أن تفرق فاجعل واحدا ً منهما للقريب وهو‬
‫المفعول به واجعل الثاني للبعيد اجعل البعيد للبعيد والقريب للقريب‪.‬‬
‫المثلة التي ذكرها المصنف هي قوله‪ :‬جاء زيد راكباً‪ ،‬راكبا ً هنا اسم‬
‫فاعل وهذا هو الصل في الحال والغالب في الحال أن يكون مشتقاً‪ ،‬وقد‬
‫يكون جامدا ً ولكنه قليل وسيأتي له بعض المثلة إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫وكذلك قوله ركبت الفرس مسرجاً‪ ،‬هذا اسم مفعول‪ ،‬أما قوله لقيت‬
‫عبد الله راكبا ً فكذلك عبد الله هنا هو إما أن يكون صاحب الحال التاء وإما‬
‫أن يكون صاحب الحال هو عبد الله وفى الولى جاء زيد راكبا ً زيد هو‬
‫صاحب الحال بدون شك‪ ،‬لن ما عنده أو ليس ل يوجد معه مفعول به‪ ،‬قال‬
‫ُ َ‬
‫رةً ) فعل ً الحال حقه أن يكون‬ ‫ل إ ِ ّل نَك َِ‬ ‫ن اَل ْ َ‬
‫حا‬ ‫وَل يَكُو َ‬
‫المصنف ( َ‬
‫نكره لماذا؟ قال لننا سنشترط بعد قليل أن صاحب الحال لبد أن يكون‬
‫معرفة‪ ،‬فلو كان الحال معرفة وصاحب الحال معرفة‪ ،‬لتُوهم في بعض‬
‫الحيان أن المتأخر صفة للمتقدم لتشابههما في التعريف‪ ،‬فمن أجل هذا‬
‫اشترط في الحال أن تكون نكرة‪ ،‬وهذا أغلب ما ورد في كلم العرب وقد‬
‫وردت معرفة في بعض كلمهم فقالوا ‪ :‬ادخلوا الول فالول‪ ،‬الول هذه‬
‫حال مع أنها معرفة دخل عليها ال قال لنك تؤل الول الول هذه تؤل‬
‫اللفظين جميعهما بقولك ادخلوا مترتبين فتؤولها بنكرة قالوا ومنه قول‬
‫الشاعر وهذا شاعر يحتج به ‪:‬‬
‫ولم يشفق على‬ ‫فأوردها العراك ولم يزدها‬
‫نغط الدخال‬
‫طبعا ً هو هنا يتحدث عن شخص أورد إبله لتشرب وجعل بعضها يعرك‬
‫بعضاً‪ ،‬ولم يشفق على بعضها من أنه ل يستطيع أن يشرب إذا كان ضعيفاً‪،‬‬
‫وإنما أرسله وتركها تشرب ‪.‬‬
‫الشاهد عندنا في قوله أوردها العراك‪ ،‬فإن العراك هنا حال‪ ،‬مع أنها‬
‫معرفة لدخول ال عليها ولك في توجيهها واحد من المرين أن تقول إن ال‬
‫هذه زائدة ويجوز وهو الولى أن تقول إن كلمة العراك مؤوله بنكرة فيكون‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪165‬‬
‫َ‬
‫ن إ ِ ّل‬
‫وَل يَكُو ُ‬
‫التقدير فيها فأوردها معتركة‪ ،‬أو متعاركة قال المصنف ( َ‬
‫َْ َ‬
‫لم ) وهذا منه إشارة إلى أن الصل في الحال أن يكون‬ ‫مام ِ الك َ ِ‬‫عدَ ت َ َ‬
‫بَ ْ‬
‫متأخرا لكن يجوز أن تقدمه ؟ نعم‪ ،‬يجوز أن تقول مثل ً قائما ً رأيت زيداً‪ ،‬أو‬
‫راكبا ً جاء عبدالله ل مانع لكن الصل أن تكون متأخرة ولعل المقصود‬
‫بكلمه هنا أنها فضلة‪ ،‬يعني إذا استوفت الجملة ركنيها الساسيين الفعل‬
‫والفاعل أو المبتدأ والخبر‪ ،‬فل مانع أن تورد الحال وسواء أخرتها وهو الصل‬
‫أو قدمتها وهو جائز ‪.‬‬
‫م‬
‫معَهُ ْ‬‫ما َ‬ ‫صدِّقا ً ل ِ َ‬‫م َ‬ ‫ما وََراءَه ُ وَهُوَ ال ْ َ‬
‫حقُّ ُ‬ ‫ل ﴿ َويَكْفُُرو َ‬
‫ن بِ َ‬ ‫في قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[البقرة‪ ]91 :‬مصدقا ً هنا جاءت حال ً وجاءت متأخرة وهذا هو الصل لكن لو‬
‫قدمت الحال على صاحبها أو على الجملة كلها فل مانع كما ذكرته لكم في‬
‫المثلة‪ ،‬ثم قال المصنف أيضاً‪ ،‬ول يكون صاحبها إل معرفة‪ ،‬أما ل يكون‬
‫مطلقا ً ففيه نظر لن صاحب الحال يمكن أن يكون نكرة لكن لبد معه من‬
‫مسوغ‪ ،‬والمسوغات كثيرة أذكر لكم بعضها ‪.‬‬
‫يعني يجيء الحال معرفة هذا هو الصل صاحب الحال أن يجيء معرفة‬
‫هذا هو الصل أن يجيء نكرة‪ ،‬يجوز دائما ً ل بمسوغ نعم‪ ،‬يأتي صاحب‬
‫الحال نكرة ول مسوغ له نعم‪ ،‬متى نادراً‪ ،‬نادرا ً يأتي وربما في الضرورة‬
‫الشعرية يأتي بدون مسوغ‪ ،‬ننتقل الن إلى بيان المسوغات التي تجيز‬
‫مجيء صاحب الحال نكرة يقولون من المسوغات أن يكون صاحب الحال‬
‫موصوفا ً إذا كانت نكرة موصوفة‪ ،‬فل مانع أن تأتي بالحال منها‪ ،‬ومنه قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫في فُلك ماخر في اليم‬ ‫نجيب يا رب نوحا ً واستجبت له‬
‫مشحون‬
‫مشحونا ً هذه حال أين صاحبها؟ فُلك معرفة أم نكره ؟ نكره‪ ،‬كيف ساغ‬
‫لنا أن نأتي به صاحبا ً للحال وهو نكرة لنه موصوف‪ ،‬أين الصفة قوله ماخر‬
‫وقوله في اليم‪ ،‬موصوف بصفته‪ ،‬أيضا ً المسوغ الثاني أن تتقدم الحال على‬
‫صاحبه‪ ،‬النكرة حتى ولو لم يوصف‪ ،‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬
‫لميت موحشا ً طلل‬
‫موحشا ً هذه حال‪ ،‬وصاحب الحال هي كلمة طلل وهي جاء صاحبها‬
‫متأخرا ً ونكرة ل إشكال ‪.‬‬
‫ل﴿‬‫من المسوغات أيضا ً أن تقع النكرة مضافة‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾[فصلت‪ ]10 :‬سواء هذه حال وصاحب الحال‬ ‫سائِلِي َ‬ ‫سوَاءً لِل َّ‬‫فِي أْربَعَةِ أيَّام ٍ َ‬
‫هو كلمة أربعة‪ ،‬وأربعة هذه نكرة وقد أضيف إلى كلمة أيام‪ ،‬فجاز مجيء‬
‫الحال منها‪ ،‬يقولون أيضا ً من مسوغات مجيء الحال من النكرة أن تكون‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬‫ما أهْلَكْنَا ِ‬ ‫مسبوقة بنفي‪ ،‬ويستشهدون له بنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫َ‬
‫م ﴾[الحجر‪ ]4:‬جملة ولها كتاب معلوم هذه جملة‬ ‫معْلُو ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫قَْريَةٍ إ ِ ّل وَلَهَا كِتَا ٌ‬
‫حالية أين صاحب الحال هو كلمة قرية‪ ،‬قرية معرفة أو نكرة ؟ نكرة‪ ،‬ما‬
‫الذي سوغ مجيء الحال وصاحب الحال نكرة قال ‪ :‬تقدم النفي عليها ‪.‬‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪166‬‬
‫من المسوغات أيضا ً ‪ ،‬تقدم النهي‪ ،‬النفي والنهي‪ ،‬النهي الن ومنه قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫يوم الوغا متخوفاً‬ ‫ل يركنن أحد إلى الحجام‬
‫لحمام‬
‫ل يركنن أحد‪ ،‬أحد هذه نكرة ومتخوفا ً هذه حال‪ ،‬وصاحب الحال هو‬
‫كلمة أحد الذي سوغ مجيء الحال من النكرة‪ ،‬هنا هو تقدم النهي عليها ‪.‬‬
‫من المسوغات تقدم الستفهام على النكرة‪ ،‬يعني عندنا نفي ونهي‬
‫واستفهام كل هذه مسوغات‪ ،‬من المسوغات تقدم الستفهام‪ ،‬يستشهدون‬
‫له بقول الشاعر ‪:‬‬
‫فترى لك العذر– أو‬ ‫يا صاح هل حم عيش باقيا ً‬
‫لنفسك العذر – في إبعادها المل‬
‫هل حم عيش‪ ،‬عيش هو صاحب الحال وهو نكرة وقد جاءت الحال هنا‬
‫وهي قوله باقياً‪ ،‬والسبب أو الذي جوز لنا ذلك هو أن صاحب الحال هنا‬
‫سبق باستفهام‪ ،‬هذا شرح كلم المصنف في باب الحال‪ ،‬بقيت بعض‬
‫الضافات في باب الحال أذكر لكم بعضها‪ ،‬الصل في الحال أن تكون‬
‫متنقلة أو منتقلة يعني متغيرة ليست ثابتة‪ ،‬تقول قابلت محمدا ً ضاحكاً‪،‬‬
‫ضاحكا ًَ ليس كل وقت ضاحك‪ ،‬ممكن أن يكون حزينا ً ممكن أن يكون كذا‬
‫ممكن أن يكون كذا‪ ،‬لكنك هذا الصل في مجيء الحال أن تكون منتقلة‬
‫يعني أن تكون متغيرة الحوال ول تقول قابلت محمدا ً طويلً‪ ،‬أو قصيرا ً أو‬
‫كريما ً أو شريفا ً أو بخيلً‪ ،‬ما تقول هذا لماذا لن الصل في هذه الشياء أنها‬
‫ثابتة لكن يقولون قد ترد الحال ثابتة غير منتقلة قليل ويستشهدون له بنحو‬
‫ة وَأُولُو الْعِلْم قَائِماً‬ ‫َ َ‬ ‫شهد الل َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ه إ ِ ّل هُوَ وَال ْ َ‬
‫ملئِك َ ُ‬ ‫ه أن َّ ُ‬
‫ه ل إِل َ‬ ‫ُ‬ ‫ل﴿ َ ِ َ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫ط ﴾[آل عمران‪ ]18:‬الله‬ ‫س ِ‬ ‫بِال ْ ِ‬
‫ق ْ‬
‫سبحانه وتعالى قائم بالقسط دائماً‪ ،‬وقد جاء الحال هنا‪ ،‬جاءت الحال هنا‬
‫حال ً ثابتة مستمرة فلم تتغير وهذا أجازوه ولكنه قليل وليس كثيراً‪ ،‬يقال‬
‫أيضا ً من أوصاف الحال أن الصل فيها أنها مشتق‪ ،‬وقد تأتي جامدة‬
‫المشتقة سبق أمثلتها كثيرة‪ ،‬أما الجامدة فإنها يعني وردت لكنها لبد أن‬
‫ل جداً‪ ،‬قالوا ومنهم قولهم ‪ :‬ادخلوا رجلً‬ ‫تؤولها بالمشتق وذلك مع وروده قلي ٌ‬
‫رجل‪ ،‬رجل هذه جامدة وقد وقعت حال ً هنا قالوا تأويلها مترتبين أو متتابعين‬
‫أو متتالين هذه كلها مشتقة أولناها بمشتق ‪.‬‬
‫من أوصافها أيضا ً أنها نكرة دائما ًَ وقد مر بيانه إن وقعت الحال معرفة‬
‫وجب تأويلها بالنكرة من صفات الحال أنها نفس صاحبها في المعني‪ ،‬فإذا‬
‫قلت جاء الطلب مسرعين فالمسرعون هم الطلب‪ ،‬وهذه بعض الصفات‬
‫ذكرتها لكم في هذا الباب وأيضا ً بقي من الصفات ما سنذكره لكم إن شاء‬
‫الله في حلقة أخرى‪ ،‬ونتقبل الن السئلة منكم‪ ،‬إذا كان لديكم أسئلة‬
‫متعلقة بهذا الموضوع أو بغيره‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪167‬‬
‫ن‬
‫حنَي ْ ٍ‬
‫م ُ‬ ‫جزاكم الله خير وبارك الله فيكم‪ ،‬في قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَيَوْ َ‬
‫﴾[التوبة‪ ]25 :‬هل يوم هنا جاءت للظرفية ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫نعم وقد تكون يا أخي في بعض الحيان‪ ،‬قد يقدرون لها فعل ً ينصبها‬
‫على أنها مفعول به وقد يكون في هذه الية من هذا الباب‪ ،‬يقولون واذكر‬
‫يوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم‪ ،‬ويمكن أن تكون متضمنة لمعنى في فيقول‬
‫وفى يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم‪ ،‬لكن الظاهر لي والله أعلم أنها في هذا‬
‫المقام مفعول به لفعل محذوف وهذا يرد كثيرا ً مع إذ‪ ،‬إذ تدل على الظرفية‬
‫ويقولون في كثير من الحيان وإذ قال موسى لقومه كذا وكذا‪ ،‬وإذا كذا‪،‬‬
‫وإذ‪ ،‬يقولون واذكر إذا قال‪ ،‬واذكر إلى آخره ‪ ،‬فلعل هذا هو المقصود والله‬
‫أعلم بالصواب‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيرا ً فضيلة الشيخ‪ ،‬هل هناك ضابط لمعرفة العالمية مع‬
‫العجمة‪ ،‬هل هناك ضابط لمعرفتها ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫والله هذا بالرجوع إلى ما قالته المعاجم‪ ،‬المعاجم تورد في كثير من‬
‫الحيان أصل هذه الكلمة‪ ،‬وتبين لك هل هي يعني منقولة من العجمية إلى‬
‫العرب أو أنها يعني أنها من أصل كلم العرب‪ ،‬وفى الغالب هناك ضوابط‬
‫يذكرونها أنه إذا كانت الكلمة مثل ً مكونة من خمسة أحرف وسطها زاي أو‬
‫وسطها صاد أو وسطها نون مثل ً فهذه ليست بعربية يقولون أحيانا ً فلول‬
‫بعض الضوابط‪ ،‬التي تدل على أن الكلمة أعجمية وهناك بعض كتب يعني‬
‫أُلفت عن المعرب‪ ،‬منها كتاب اسمه المعرب للجواليقي قد يذكر بعض هذه‬
‫الصول التي سألت عنها وتكون الرجوع إلى المعاجم يعني كافيا ً في هذا‬
‫المجال‪ ،‬قد يكون كافيا ً في هذا المجال لكن ل بأس من الرجوع لمثل هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬فهو قد ينبئك بالمقصود‪ ،‬نعم ‪.‬‬
‫في شروط أو في أوصاف الحال ذكرنا بعض الشياء ولكن الظاهر أن‬
‫الوقت انتهى فلذلك نقف عند هذا الحد‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا‬
‫محمد ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪168‬‬
‫الدرس الثامن عشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫نواصل الحديث في باب الحال ونحن قد وصلنا إلى خواتيمه لننا كنا قد‬
‫بدأنا في الحلقة الماضية في الحديث عن بعض أوصاف الحال وذكرنا أن‬
‫من أوصافها الغالبة أنها منتقلة يعني ليست لزمة‪ ،‬ول ثابتة وأنها قد ترد‬
‫لزمة لكنهم قليل‪ ،‬وذكرنا أيضا ً أن من أوصافها أنها مشتقة‪ ،‬ول تكون‬
‫جامدة إل في مواضع قليلة جدا ً وهذا هو الصل ‪.‬‬
‫وذكرنا أيضا ً أن من أوصافها أنها نكرة ول تقع معرفة إل قليل ً وذكرنا أن‬
‫من أوصافها أن صاحبها لبد أن يكون معرفة ويقع نكرة بمسوغ ولم نذكر‬
‫أنه ربما وقع نكرة بدون مسوغ ولكن هذا قليل ونادر جدا ً ولذلك يقولون‬
‫ة بيضا ً مائة‬ ‫من أمثالهم أو من كلمهم من كلم العرب المعتد به عليه مائ ٌ‬
‫هذه نكرة‪ ،‬وبيضا ًَ هذه حال‪ ،‬وصاحب الحال هنا لم يأتي له مسوغ ولكن هذا‬
‫نادر وقليل إذا ً لبد من مسوغ من المسوغات‪ ،‬التي سبق أن ذكرناها بقي‬
‫أن من أوصاف الحال أن الغالب فيها أن تكون اسما ً مفردا ً ‪ ،‬مما ورد فيه‬
‫ن‬
‫م َ‬‫جنِي ِ‬ ‫ب ن َ ِّ‬‫ل َر ِّ‬ ‫خائِفا ً يَتََرقَّ ُ‬
‫ب قَا َ‬ ‫منْهَا َ‬
‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫اسم مفردا ً قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿فَ َ‬
‫َ‬
‫ل خائفا ً هذه حال‪ ،‬وهي اسم‬ ‫ن﴾[القصص‪ ]21:‬فقوله عّز وج ّ‬ ‫الْقَوْم ِ الظ ّال ِ ِ‬
‫مي َ‬
‫مفرد وتصلح هذه الية شاهدا ً لشيء مما هو خلف الصل في الحال وهو‬
‫وقع يترقب هنا وهي جملة وقعت حال ً فعندنا هنا حالن وصحاب الحال هو‬
‫خائِف﴾ خائفا ً هذه هي الحال‬ ‫منْهَا َ‬
‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬‫الفاعل وهو موسى عليه السلم ﴿فَ َ‬
‫الولى والحال الثانية جملة يترقب‪ ،‬ولكن الصل كما ذكرنا في الحال أن‬
‫تكون مفردا ً أما وقوعها جملة فقد ورد‪ ،‬وتقع أيضا ً شبه جملة‪ ،‬يعني تقع‬
‫ظرفاً‪ ،‬وتقع جارا ً ومجروراً‪ ،‬ولكن بالنسبة لوقوعها كجملة اشترطوا لها‬
‫بعض الشروط‪-:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬قالوا لبد أن تكون خبرية وليست إنشائية ‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬قالوا أل تكون يعني الجملة التي وقعت حال ً مصدرة بما يدل‬
‫على الستقبال كالسين‪ ،‬أو سوف أو ما شاكل ذلك لبد أن تكون خالية من‬
‫أي دللة على الستقبال لنها كما تعرفون حال والحال خلف المستقبل‪،‬‬
‫فإذا تصدرت بما يدل على المستقبل فمعنى هذا أنها ليست حالً‪،‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪169‬‬
‫فاشترطوا هذا الشرط وهذا أيضا ً ل يجوز أيضا ً أن تكون مصدرة بكلمة لن‬
‫لبد أن تكون الجملة حالية خالية من كل حالة ‪.‬‬
‫الثالث مما اشترطوه‪ :‬أن تكون مرتبطة يعني الجملة الواقعة حال ً أن‬
‫تكون مرتبطة بصاحب الحال برابط‪ ،‬والرابط هذا نوعان ‪:‬‬
‫م تََر إِلَى‬ ‫َ‬
‫ل ﴿ أل َ ْ‬ ‫الواو أو الضمير وقد يكون يجمع بينهما قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫ت ﴾[البقرة‪ ]243:‬فقوله‬ ‫موْ ِ‬ ‫حذََر ال ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫م أُلُو ٌ‬
‫م وَهُ ْ‬
‫ن دِيَارِه ِ ْ‬
‫م ْ‬
‫جوا ِ‬
‫خَر ُ‬
‫ن َ‬‫ال ّذِي َ‬
‫ف ﴾ هذه الجملة حالية وقد ارتبطت بالجملة‬ ‫م أُلُو ٌ‬ ‫سبحانه وتعالى ﴿ وَهُ ْ‬
‫السابقة أول ً هذه جملة حالية وخبرية ليست بإنشائية ليست ل أمر ول نهي‬
‫ول دعاء ول غير ذلك‪.‬‬
‫الثاني أنها لم تتصدر بما يدل على الستقبال فليست مسبوقة ل بالسين‬
‫ول بسوف ول نحو ذلك ول لن أيضاًَ‪ ،‬لن لن تخلص الفعل بعد هذا‬
‫الستقبال‪ ،‬وأيضا ً ارتبطت بصحاب الحال‪ ،‬برابطين الرابط الول هو الواو‪،‬‬
‫هذه الواو عند إعراب الجملة تقول حالية‪ ،‬أو دليل على أن الجملة التي‬
‫م‬
‫م﴾ ﴿ وَهُ ْ‬ ‫تأتي بعدها هي حال أما الرابط الثاني فهو الضمير في قوله ﴿هُ ْ‬
‫ف ﴾ فقد ارتبطت بهذين الرابطين‪ ،‬وبهذا تعد هذه الجملة مستوفية‬ ‫أُلُو ٌ‬
‫الشروط مستوفية لشروط وقوع الحال جملة ‪.‬‬
‫بقي الشارة إلى أن الحال قد يكون ظرفا ً وقد يكون جارا ً ومجروراً‪ ،‬أما‬
‫وقوع الحال ظرفا ً فلم أجده في القرآن الكريم‪ ،‬ولكني وجدت وقوع الحال‬
‫مهِ فِي‬ ‫ج ع َلَى قَ ْ‬
‫و ِ‬ ‫خَر َ‬‫ل ﴿فَ َ‬‫جارا ً ومجرورا ً في قول الله عّز وج ّ‬
‫زِينَت ِ ِه﴾[ــالقصص‪ ]79:‬ففي زينته جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من‬
‫فاعل في خرج‪ ،‬أما وقوعها ظرفا ً فيمكن التمثيل له بقولك رأيت الهلل بين‬
‫السحاب‪ ،‬على أن رأى بصرية‪ ،‬لنه كما تعلمون أن رأى إذا كانت بصرية‬
‫فإنه تنصب مفعول ً به واحدا ً ويكون قوله بين السحاب هذا متعلق محذوف‬
‫حال من الهلل هذا حال من الهلل ‪.‬‬
‫أما تقديم الحال على صاحبها وعلى عاملها فالصل أن تكون الحال‬
‫متأخرة‪ ،‬ولذلك قال المصنف هنا ول تجيء إل بعد تمام الكلم يعني الحال‪،‬‬
‫ل تجيء إل بعد تمام الكلم هو يقصد بعد أن تستوفي الجملة مستلزماتها‬
‫لكن قد تتقدم على الحال‪ ،‬قد تتقدم على العامل أعني الحال‪ ،‬وقد تتأخر‬
‫وجوباً‪ ،‬وقد تتأخر جوازاً‪ ،‬أما تأخرها جوازا ً فقولك مثل ً رأيت محمدا ً راكباً‬
‫راكبا ً هذا جاء في موضعه‪ ،‬ول إشكال فيه ويجوز تقديم راكبا ً هذه فتقول‬
‫راكبا ً رأيت محمداً‪ ،‬ل إشكال لكن في بعض الحيان يجب تأخير الحال‪ ،‬يجب‬
‫أن تبقى في الخير وذلك إذا كانت محصورة‪ ،‬يقولون ومنه قول الله عّز‬
‫ل وما نرسل المرسلين إل مبشرين ومنذرين فمبشرين هنا حال وقد‬ ‫وج ّ‬
‫جاءت في الخير ول يصح تقديمها لكونها محصورة هذا هو ما نقوله عن‬
‫الحال‪.‬‬
‫العامل في الحال الغالب فيها أن يكون فعل ً متصرف‪ ،‬ولكن ل يمنع‬
‫أيضا ً أن يكون فعل ً جامدا ً كما وقع فعل التعجب عامل ً في الحال في نحو‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪170‬‬
‫قولهم ‪ :‬ما أحسن محمدا ً خطيباً‪ ،‬فخطيبا ً هنا حال والعامل فيه قوله ما‬
‫أحسن وهي هنا فعل للتعجب وهو فعل جامد لنه ل يجيء منه أي تصرف‬
‫آخر وهذا آخر ما نقوله في باب الحال‪ ،‬وننتقل إلى باب شبيه بالحال‪ ،‬وهو‬
‫باب التمييز ‪.‬‬
‫سُر‬‫ف ِّ‬ ‫ب‪ ،‬اَل ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫صو ُ‬ ‫م اَلْ َ‬
‫من ْ ُ‬ ‫و اَِل ْ‬
‫س ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قال المصنف ( اَلت َّ ْ‬
‫ميِيُز ُ‬
‫َ‬
‫د‬
‫ب َزي ْ ٌ‬‫صب َّ َ‬ ‫ك "ت َ َ‬ ‫ول ِ َ‬‫ق ْ‬‫و َ‬ ‫ح َ‬‫ت‪ ،‬ن َ ْ‬ ‫ن اَلذّ َ‬
‫وا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬‫ما اِنْب َ َ‬‫لِ َ‬
‫سا"‬ ‫ف ً‬ ‫مدٌ ن َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬‫ب ُ‬ ‫و"طَا َ‬ ‫ما" َ‬ ‫ح ً‬ ‫ش ْ‬ ‫قأ َ بَكٌْر َ‬ ‫ف َّ‬ ‫و"ت َ َ‬ ‫قا"‪َ ،‬‬ ‫عَر ً‬‫َ‬
‫ة"‬
‫ج ً‬
‫ع َ‬‫ن نَ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ت تِ ْ‬ ‫ملَك ْ ُ‬ ‫و" َ‬ ‫ما" َ‬ ‫غَل ً‬ ‫ن ُ‬‫ري َ‬ ‫ش ِ‬‫ع ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫شتََري ْ ُ‬ ‫و"ا ِ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها" )‬ ‫ج ً‬ ‫و ْ‬‫ك َ‬ ‫من ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬‫و"أ ْ‬ ‫ك أبًا" َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫و"َزيْدٌ أكَْر ُ‬ ‫َ‬
‫أول ما نقول في هذا الباب النظر إلى تعريفه فقد قال ‪ :‬تعريفه هو‬
‫ت ) لول أن هذه الكلمة‬ ‫ن اَلذَّوَا ِ‬
‫م ْ‬
‫م ِ‬
‫ما اِنْبَهَ َ‬
‫سُر ل ِ َ‬
‫م َف ِّ‬ ‫ب‪ ،‬اَل ْ ُ‬ ‫صو ُ‬ ‫م اَل ْ َ‬
‫من ْ ُ‬ ‫( اَِل ْ‬
‫س ُ‬
‫كلمة المنصوب موجودة في التعريف لما أخذنا عليه شيئا ً ولكننا نأخذ عليه‬
‫كلمة المنصوب كما أخذناها في باب الحال‪ ،‬لن النصب حكم‪ ،‬والمفروض‬
‫أن يتأخر الحكم حتى يتبين المحكوم عليه‪ ،‬لنهم كما يقولون كما ذكرت‬
‫سابقاً‪ ،‬الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪ ،‬أما قوله السم فهذا ل يقع‬
‫التمييز إل اسماً‪ ،‬وهذا من فوارق بينه وبين الحال‪ ،‬الحال تقع جملة وتقع‬
‫شبه جملة‪ ،‬التمييز ل يقع إل اسما ً ما يقع غير هذا‪.‬‬
‫الفارق الثاني بين الحال والتمييز أن الصل في الحال أنها مشتقة‬
‫والصل في التمييز أنه جامد‪ ،‬الصل في الحال أنها مشتقة والصل في‬
‫التمييز أنه مشتق ‪.‬‬
‫الفارق الثالث في التعريف موجود‪ ،‬أن الحال لبيان الهيئة وأن التمييز‬
‫لبيان الذات‪ ،‬الغموض في الذات وليس الغموض في الشكل‪ ،‬هذا في باب‬
‫التمييز أما هناك فإن الغموض في الهيئة فهو يبين الهيئة في الحال‪ ،‬أما هنا‬
‫ف‬‫س ُ‬ ‫ل ﴿ إِذ ْ قَا َ‬
‫ل يُو ُ‬ ‫فهو يبين الذات لنها هي التي غامضة‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شَر كَوْكَبا ً ﴾[يوسف‪ ]4:‬التمييز هنا هو كلمة‬ ‫حد َ ع َ َ‬‫تأ َ‬ ‫ت إِنِّي َرأي ْ ُ‬ ‫َلَبِيهِ يَا أب َ ِ‬
‫كوكب‪ ،‬والتمييز هنا جامد‪ ،‬ليس مشتقا ً ليس أي نوع من أنواع المشتقات‬
‫الغامض هنا ليس هيئة الحد عشر وإنما هو ذات الحد عشر لننا ما ندري‬
‫ما الذي رأى يوسف عليه السلم فلما قال كوكباً‪ ،‬تبين هذا الغموض‬
‫الموجود في العدد‪ ،‬فالعدد هذا‪ ،‬هو الغامض ذاته وليست هيئة العدد هي‬
‫الغامضة ‪.‬‬
‫التمييز نوعان‪:‬‬
‫نوع منه يسمى بالتمييز عن مفرد وليس المقصود بالمفرد هنا خلف‬
‫المثنى والمجموع ل بل هو خلف الجملة‪ ،‬والنوع الثاني من التمييز هو‬
‫التمييز عن نسبة وبعضهم يقول هو التمييز عن جملة يعني أن التمييز عن‬
‫المفرد يكون الغموض في هذا المفرد الذي توضحه أما التمييز عن جملة‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪171‬‬
‫فتكون أركان الجملة ل غموض فيها ما فيها غموض لكن في إسناد بعضها‬
‫إلى بعض يأتي الغموض‪ ،‬فيجيء التمييز ليفسر هذا الغموض‪.‬‬
‫من الفوارق بين التمييز والحال أن التمييز ل يتعدد بالعطف‪ ،‬التمييز ما‬
‫منْهَا‬‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ل ﴿ فَ َ‬ ‫يعتبر يعطف عليه‪ ،‬في حين أن الحال يمكن قال الله عّز وج ّ‬
‫ب ﴾[القصص‪ ]21:‬ولو قلت غير القرآن الكريم ويترقب ما في‬ ‫خائِفا ً يَتََرقَّ ُ‬‫َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مانع‪ ،‬يعني وتقول أيضا لقيت فلنا كذا وكذا‪ ،‬تذكر له وصفين أو ثلثة‬
‫أوصاف‪ ،‬وكلها تعطفها بالواو ما في مانع هذا في الحال أما هنا فإنه ل يتعدد‬
‫التمييز بواسطة العطف‪.‬‬
‫مما يذكر أيضا ً من الفوارق بين التمييز والحال أن الحال يجوز تقديمها‬
‫على صاحبها وعلى عاملها أما التمييز فإنه ل يجوز تقديمه على صاحبه ول‬
‫على عامله‪ ،‬إل إذا كان العامل متصرفاً‪ ،‬إذا كان العامل فعل ً متصرفا ً جاز‬
‫تقديم التمييز عليه وهذا قليل‪ ،‬أيضا ً لن الصل أيضا ً أن يكون متأخرا ً ومما‬
‫تقدم فيه التمييز على عامله قول الشاعر‪:‬‬
‫وداعي المنون ينادي‬ ‫أنفسا ً تطيب بليل المنى‬
‫جهار‬
‫فقوله نفسا ً هذا تمييز‪ ،‬وقد تقدم على عامله وهو قوله تطيب‪ ،‬أنفساً‬
‫تطيب‪ ،‬قلنا في بداية المر إنهم قسموا التمييز قسمين القسم الول تمييز‬
‫عن مفرد والقسم الثاني تمييز عن نسبة ومن أمثلة التمييز عن المفرد ما‬
‫يجيء مع العدد إذا كان الغموض في العدد هذا تمييز عن مفرد كقول الله‬
‫شَر كَوْكَبا ً ﴾ هذه يسمونها‬ ‫حد َ ع َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫تأ َ‬ ‫ل كما ذكرنا قبل قليل ﴿إِنِّي َرأي ْ ُ‬
‫تمييز عن مفرد صحيح أن أحد عشر ليست مفردة لكنهم ما يقصدون‬
‫المفرد لخلف المثنى والمجموع وإنما يقصدون المفرد الذي هو خلف‬
‫الجملة‪ ،‬أما التمييز عن النسبة‪ ،‬فإن أجزاء الجملة‪ ،‬ل غموض فيها‪ ،‬لكن‬
‫ل﴿‬ ‫الغموض في إسناد بعضها إلى بعض وانظر إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫شيْبا ً ﴾[مريم‪ ]4:‬الشتعال معروف‪ ،‬والرأس معروف ول‬ ‫ْ‬
‫س َ‬‫ل الَّرأ ُ‬ ‫شتَعَ َ‬ ‫وَا ْ‬
‫إشكال فيها ليست غامضة لكن في إسناد الشتعال إلى الرأس جاء‬
‫الغموض ‪ ،‬اشتعل ماذا ؟ اشتعل نارا؟ اشتعل ماذا ؟ فجاءت كلمة شيباً‪،‬‬
‫لتميز‪ ،‬وتوضح وهذا معنى التمييز أصل ً التمييز هو التفسير أو التوضيح أو‬
‫جْرنَا‬ ‫التبيين هذا معناه اللغوي‪ ،‬وانظر أيضا ً إلى قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴿ وَفَ َّ‬
‫ض ع ُيُونا ً ﴾[القمر‪ ]12:‬فجرنا واضحة والرض واضحة ما فيها غموض‪،‬‬ ‫َ‬
‫اْلْر َ‬
‫ضحت بقول الله سبحانه‬ ‫لكن في إسناد التفجير إلى الرض جاء الغموض فو ِ‬
‫وتعالى ﴿ ع ُيُونا ً ﴾ ويجعلون منه قوله زيد أكرم من عمر أبا زيد أكرم من‬
‫ً‬
‫عمر أبا ً قد يكون أكرم منه من ناحية الخلق‪ ،‬قد يكون أكرم منه في أي‬
‫شيء آخر لكن لما قال أكرم من زيد أبا ًُ تبين أن المقصود يعني الغموض‬
‫في النسبة هنا لكن ليست في زيد ول في عمر ول في أكثر وإنما هي في‬
‫نسبة بعضها إلى بعض فجاء التمييز ليوضح الغرض ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪172‬‬
‫ما" ) وهو مثل قوله‬ ‫ح ً‬ ‫من المثلة التي ذكرها المؤلف ( "تَفَقَّأ َ َزيْد ٌ َ‬
‫ش ْ‬
‫ب َزيْد ٌ عََرقًا") وهذه كلها من التمييز عن الجملة‪ ،‬أو كما ذكرت‬ ‫صب َّ َ‬‫أيضا ً ( "ت َ َ‬
‫لكم قبل قليل التمييز عن النسبة يعني نسبة بعض الكلم لبعض أما في‬
‫التصبب ل خلف فيه ل غموض‪ ،‬وفي زيد ل غموض لكن في إسناد التصبب‬
‫إلى زيد جاء الغموض أما يعني التمييز عن مفرد فمن أمثلته قول المصنف‬
‫ما ) العشرون هذه هي التي فيها الغموض وهذا‬ ‫ن غَُل ً‬ ‫شرِي َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫شتََري ْ ُ‬‫( اِ ْ‬
‫يسمونه تمييز عن مفرد‪ ،‬وغلما ً ليوضح هذا الغموض الموجود في العشرين‬
‫لنه يمكن أنه اشترى عشرين سيارة اشترى عشرين كذا اشترى عشرين‬
‫‪ ...‬حتى قال غلما ً فتبين نوع المشترى‪ ،‬يحسن التنبيه أيضا ً إلى أن النحويين‬
‫يجعلون تمييز السم المفرد أربعة أنواع‪ ،‬تمييز السم المفرد أربعة أنواع ‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬العدد‪ ،‬يعني إذا كان الغموض في العدد فهذا يعدونه من‬
‫جلً‬ ‫ن َر ُ‬‫سبْعِي َ‬‫ه َ‬ ‫سى قَوْ َ‬
‫م ُ‬ ‫مو َ‬‫ختَاَر ُ‬ ‫ل ﴿ وَا ْ‬ ‫تمييز المفرد‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[العراف‪ ]155:‬سبعين هذا هو الغامض فجاءت كلمة رجل ً لتوضحه‪ ،‬أيضاً‬
‫مما يعدونه من تمييز المفرد‪ ،‬إذا كان السم المبهم يدل على المقدار‪،‬‬
‫والمقدار إما مساحة وإما كيل وإما وزن‪ ،‬فالمساحة كقولك مثل ً اشتريت‬
‫ذراعين قماشاً‪ ،‬وأما الكيل فنحو قولك بعت صاعا ً براً‪ ،‬وأما الوزن فنحو‬
‫قولك اشتريت رطلين عسل ً هذا كله من التمييز ويسمونه تمييز عن مفرد ‪.‬‬
‫أيضا ً النوع الثالث منه‪ :‬ما يشبه المقدار‪ ،‬ويجعلون منه نحو قول الله عّز‬
‫خيْرا ً يََره ُ ﴾[الزلزلة‪ ]7:‬خيرا ً هنا تمييز ومثقال‬ ‫ل ذََّرةٍ َ‬ ‫مثْقَا َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬‫ن يَعْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ﴿ فَ َ‬ ‫وج ّ‬
‫ذرة ل هو ميزان ول هو مكيل ولكنه يشبه المقدار‪ ،‬يشبه المقدار‪.‬‬
‫أما النوع الرابع فهو يقولون ما كان فرعا ً عن التمييز يقولون منه قولهم‬
‫اشتريت خاتما ً فضة‪ ،‬فالخاتم هنا فرع من الفضة‪ ،‬فرع منها فيقولون هذا‬
‫نوع من التمييز مما ذكره المصنف قوله وهو يمثل للتمييز زيد أكرم منك أباً‬
‫وأجمل منك وجهاً‪ ،‬وهذا ليس من تمييز المفرد‪ ،‬قد انتهينا من التمثيل‬
‫للتمييز المفرد‪ ،‬هذا من النوع الثاني وهو التمييز عن النسبة‪ ،‬لن الغموض‬
‫كما ذكرت لكم ليس هو في زيد ول في أكرم ولكنه في إسناد قوله أكرم‬
‫إلى كلمة زيد وفى إسناد قوله أجمل إلى كلمة زيد‪ ،‬فهذا يسمونه تمييزاً‬
‫عن النسبة‪ ،‬وقوله أبا ً هو التمييز‪ ،‬وقوله وجها ً هو التمييز‪ ،‬ثم قال المصنف‬
‫رحمنا الله وإياه‪ ،‬ول يكون إل نكرة‪ ،‬وهذا حق ولكنه الغالب‪ ،‬الغالب في‬
‫التمييز أل يكون إل نكرة‪ ،‬ولكن هناك بعض المثلة يحتمل إعرابها تمييزاً‬
‫ن‬
‫ب عَ ْ‬ ‫ن يَْرغ َ ُ‬‫م ْ‬
‫ل ﴿ وَ َ‬‫وليست نكرة‪ ،‬يستشهدون لمثل ذلك بنحو الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾[البقرة‪ ]130:‬يقولون نفسه هنا يمكن أن‬ ‫س ُ‬
‫ه ن َ ْف َ‬‫ف َ‬‫س ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م إ ِ ّل َ‬ ‫مل ّةِ إِبَْراهِي َ‬‫ِ‬
‫تعرب تمييزا وهي كما ترون نفس مضافة إلى الضمير والضمير معرفة‪،‬‬ ‫ً‬
‫معناها أنها اكتسبت التعريف‪ ،‬ويقولون أيضا ً‬
‫صددت وطبت النفس يا‬ ‫رأيتك لما أن عرفت وجوهنا‬
‫قيس عن عمر‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪173‬‬
‫قالوا تقديره طبت نفساً‪ ،‬والنفس هنا دخلت عليها الـ فأما في الشعر‬
‫في إشكال لنه يمكن أن إنه للضرورة‪ ،‬ويمكن أن نقول إن الـ فيه زائدة‪،‬‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سفِ َ‬‫ن َ‬ ‫ل ﴿ إ ِ ّل َ‬
‫م ْ‬ ‫لن التعريف هنا جاء بكلمة الـ أما في قول الله عّز وج ّ‬
‫ه ﴾ فيمكن أن يجاب عنه بأن يقال الغالب أن يأتي التمييز نكرة وهذا‬ ‫س ُ‬
‫ن َ ْف َ‬
‫قليل وقد جاء هذا من القليل‪ ،‬ول يمتنع أن يرد الستعمال القليل في‬
‫القرآن الكريم لكنه ليس ممنوعا ً بل هو صحيح فصيح‪ ،‬ويمكن كما ذكر‬
‫بعض المفسرين والمعربين للقرآن الكريم أن تضمن معنى سفه معنى فعل‬
‫آخر متعدد حتى تكون كلمة نفسه منصوبة بها وبعضهم يقول إن سفه‬
‫بمعنى سفهه فتكون أيضا ً نفسه هذه تكون مفعول ً لهذا الفعل الذي تضمناه‬
‫معنى سفه والله أعلم بالصواب ‪.‬‬
‫مام اَلْك َ َ‬ ‫َ‬
‫لم ِ ) هذه الجملة‬ ‫ن إ ِ ّل ب َ ْ‬
‫عدَ ت َ َ ِ‬ ‫وَل يَكُو ُ‬
‫قال المصنف ( َ‬
‫يا أيها الحباب وردت في باب الحال ووردت هنا مرة ثانية‪ ،‬وأما التمييز‬
‫فالغالب فيه أن يكون متأخرا ً عن المميز‪ ،‬ومتأخرا ً عن العامل هذا هو‬
‫الصل فيه‪ ،‬وتأخره هنا أكثر بكثير من باب الحال ول نحفظ له شواهد‪ ،‬تقدم‬
‫فيها إل شواهد نادرة وقليلة‪ ،‬وذلك يشترطون فيه أن يكون العامل فعلً‬
‫متصرفا ًَ ويستشهدون له بنحو قول الشاعر ‪:‬‬
‫وداعي المنون ينادي‬ ‫أنفسا ً تطيب بنيل المنى‬
‫جهار‬
‫فنفسا ً هنا هي التمييز وقد تقدمت على العامل وهو قوله تطيب‪ ،‬لكن‬
‫العامل هنا فعل ومتصرف‪ ،‬فل إشكال فيه‪ ،‬ويستشهدون له أيضا ً بقول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫وما كان نفسا ً بالفراق‬ ‫أتهجر ليلى بالفراق حبيبها‬
‫تطيب‬
‫فنفسا ً هنا أيضا تمييز وقد تقدم على العامل وهو قوله تطيب‪ ،‬وهذا آخر‬ ‫ً‬
‫ما يقال في باب الستثناء ل إشكال فيه والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫ننتقل الن إلى باب كبير أرجو أل يكون صعبا ً وهو باب الستثناء‪،‬‬
‫والستثناء فيه مشكلت كثيرة لنك تجد ما بعد إل أحيانا ً يكون منصوباً‬
‫وأحيانا ً يكون مرفوعاً‪ ،‬وأحيانا ً يكون جارا ً ومجرورا ً ول تدري إذا لم تكن‬
‫ضابطا ً لقواعده الرئيسة فإنك ل تستطيع معرفة ما السبب في هذا‬
‫الختلف‪ ،‬مرة يصير كذا ومرة يصير كذا ومرة يصير كذا وقبل الشروع في‬
‫هذا الباب نعرف لكم أول ً الستثناء ثم أذكر لكم بعض التعريفات الضرورية‪،‬‬
‫التي سترافقنا خلل مسيرتنا في هذا الباب وهي لبد أن تكون معلومة‬
‫عندكم حتى ما نحتاج في كل مرة نكرر ونقول معنى كذا معنى كذا‪ ،‬فنبدأ‬
‫أول ً بالستثناء‪ ،‬الستثناء تعريفه هو الخراج‪ ،‬من مذكور أو مقدر بإل أو‬
‫إحدى أخواتها انظر رحمك الله‪ ،‬قام القوم إل محمداً‪ ،‬أخرجت محمدا ً من‬
‫القوم‪ ،‬بأي شيء ؟ بإل‪ ،‬لها أخوات؟ نعم‪ ،‬لها أخوات سنذكرها إن شاء الله‬
‫فيما بعد‪ ،‬هذا تعريف الستثناء مرة ثانية‪ ،‬الخراج من مذكور وهو قوله‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪174‬‬
‫القوم‪ ،‬أخرجنا منهم محمدا ً أو مقدر وذلك نحو قولك ما قام إل عبد الله‪،‬‬
‫فعبد الله مفرد ولكن لم نخرجه من شيء مذكور ولكنه من مقدر كأنك‬
‫قلت ما قام أحد إل عبد الله‪ ،‬من مذكور أو مقدر بإل والمذكور معناه هنا إل‬
‫أو إحدى أخواتها ستأتي أو سيأتي ذكر أخواتها إن شاء الله حتى المصنف‬
‫سيذكرها إن شاء الله‪ ،‬أما المور التي أقول لبد من ذكرها ومعرفتها أولً‬
‫فهي ‪:‬‬
‫تعريفات لبعض المور المتعلقة بباب الستثناء‪ ،‬أول ً الستثناء يوصف‬
‫بأنه تام ويوصف بأنه مفرق أحياناً‪ ،‬وأحيانا ً يوصف بأنه موجب وأحيانا ً يوصف‬
‫بأنه غير موجب‪ ،‬وأحيانا ً يوصف بأنه متصل وأحيانا ً يوصف بأنه منقطع وهذه‬
‫كلها لبد أن تعرفوا ما المراد بها‪ ،‬فأما الستثناء التام فهو الذي ذكر فيه‬
‫المستثنى منه‪ ،‬وأما الستثناء المفرغ فهو عكسه‪ ،‬يعني الذي لم يذكر فيه‬
‫المستثنى منه‪ ،‬وأما الستثناء الموجب فهو الذي لم يسبق بنفي ول بشبه‬
‫نفي‪ ،‬وأما الستثناء غير الموجب فهو المسبوق‪ ،‬بنفي أو بنهي أو باستفهام‬
‫وأما الستثناء المتصل فهو ما كان المستثنى فيه من جنس المستثنى منه‬
‫وأما الستثناء المنقطع فهو عكسه‪ ،‬ما كان المستثنى من غير جنس‬
‫المستثنى منه‪ ،‬أذكر لكم أمثلتها كلها إن شاء الله ‪.‬‬
‫أما الستثناء التام‪ ،‬فقولك قام القوم إل علياً‪ ،‬على مستثنى من القوم‬
‫والمستثنى منه مذكور في الكلم مذكور‪ ،‬أما الستثناء المفرغ فنحو قولك‬
‫ما قام إل علي‪ ،‬ل يوجد مستثنى منه في اللفظ‪ ،‬أما الستثناء غير الموجب‪،‬‬
‫فنحو قولك ما حضر الرجال إل عبد الله هذا مسبوق بنفي‪ ،‬وهذا يسمى غير‬
‫موجب‪ ،‬أما الستثناء الموجب‪ ،‬فهو كالمثال الول‪ ،‬أول مثال ذكرته لكم‪،‬‬
‫وهو قام القوم إل عبد الله‪ ،‬وأما الستثناء المتصل‪ ،‬فهو كما ذكرت لكم لبد‬
‫أن يكون من جنس المستثنى منه وذلك كقولك مثل ً قام الرجال إل محمداً‪،‬‬
‫ل﴿‬ ‫الستثناء المنقطع‪ ،‬تقول قام الطلب إل فاطمة‪ ،‬ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[النساء‪ ]157 :‬لن اتباع الظن ليس من‬ ‫علْم ٍ إ ِ ّل اتِّبَاع َ الظ ّ ِ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما لَهُ ْ‬
‫م بِهِ ِ‬ ‫َ‬
‫العلم‪ ،‬فهذا مما يعد من الستثناء المنقطع وهذه أمور كما ذكرت لكم‪ ،‬لبد‬
‫من بيانها أول ً ‪.‬‬
‫هي إ َّ‬ ‫ف اَِل ْ‬
‫ل‪،‬‬ ‫و ِ َ ِ‬ ‫ة َ‬‫مانِي َ ٌ‬ ‫ء ثَ َ‬
‫ستِثْنَا ِ‬ ‫حُرو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫قال المصنف ( َ‬
‫شا )‬ ‫حا َ‬ ‫و َ‬‫عدَ‪َ ،‬‬‫و َ‬
‫ل‪َ ،‬‬ ‫خ َ‬ ‫و َ‬ ‫واءٌ‪َ ،‬‬ ‫س َ‬‫و َ‬ ‫وى‪َ ،‬‬ ‫س َ‬‫و ُ‬ ‫وى‪َ ،‬‬ ‫س َ‬‫و ِ‬ ‫غيُْر‪َ ،‬‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫وفى كلمه هذا نظر أولً‪ :‬قال لنا حروف الستثناء‪ ،‬وليست كل هذه‬
‫الكلمات حروفاً‪ ،‬فإن كلمة غير اسم وكلمة سوى اسم هذا الول الثاني‪ :‬عد‬
‫سوَاءٌ على أنها ثلث كلمات‪ ،‬وهي في حقيقتها كلمة‬ ‫سوَى‪ ،‬وَ َ‬ ‫سوَى‪ ،‬وَ ُ‬ ‫لنا ِ‬
‫سوَى‪،‬‬ ‫واحدة وإنما فيها لغات‪ ،‬فيها لغات مختلفة‪ ،‬عن العرب بعضهم يقول ِ‬
‫سوَاءٌ ‪.‬‬‫سوَى وبعضهم يقول َ‬ ‫وبعضهم يقول ُ‬
‫أما المر الثالث والخير‪ :‬فهو أنه ترك كلمتين يستثنى بهما لكنهما طبعاً‬
‫قليلتا الستعمال‪ ،‬وهما ليس ول يكون من أدوات الستثناء لكن استعمالها‬
‫على كل حال قليل‪ ،‬نعود مرة ثانية فأقول لكم أدوات الستثناء إذا أردنا‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪175‬‬
‫الحق هي فعل ً ثمان منها حرفان‪ ،‬ومنها اسمان ومنها فعلن ومنها مترددان‬
‫بين الفعلية والحرفية‪ ،‬فأما الحرفان فإل حرف باتفاق وحاشا عند غير‬
‫سيبويه‪ ،‬هذان الحرفان‪ ،‬أما السمان فهما غير وسوى‪،‬‬
‫وأما الفعلن فهما كما ذكرت لكم قبل قليل ولم يذكرهما المصنف ليس ول‬
‫يكون‪ ،‬وأما المترددان فإلى الحرفية والفعلية يعني أحيانا ً يكونان حرفاً‬
‫وأحيانا ً يكونان فعلً‪ ،‬فهما خل وعدا‪ ،‬لكن كيف تفرق؟ كيف تعرف أن خل‬
‫هذه المرة فعل أو حرف ؟ قال إذا جاء ما بعدها مجرورا ً فهي حرف جر‬
‫وإذا جاء ما بعدها منصوبا ً فهي فعل للستثناء‪ ،‬وكلها تدل على الستثناء‪،‬‬
‫الحكام التي ذكرتها لكم قبل قليل‪ ،‬أو التعريفات التي ذكرتها‬
‫قبل قليل سترافقنا الن لمعرفة متى يكون المستثنى مرفوعاً‪ ،‬أو منصوباً‬
‫أو مجروراً‪ ،‬أو تابعا ً أو غير تابع ‪.‬‬
‫فنبدأ أول ً فنقول‪ :‬إذا كان الستثناء‪ ،‬خلص أنتم الن عرفتم التعريفات‬
‫إذا كان الستثناء تاما ً موجبا ً وجب نصب المستثنى ‪.‬‬
‫المثال‪ :‬حضر الرجال إل محمدا ً ‪ ،‬المستثنى تام لن الرجال مستثنى منه‬
‫مذكورة والستثناء موجب هنا لنه لم يسبق بنفي ول بنهي ول باستفهام ‪.‬‬
‫إذا كان الستثناء تاما ً غير موجب‪ ،‬يعني مسبوق بنفي أو شبهه وكان‬
‫متصل ً فإنه يجوز لك فيه أمران أن تتبع ما بعد إل على ما قبلها يعني تعطيه‬
‫نفس الحكم‪ ،‬أو تجعله منصوبا ً لكن الكثير أن تتبعه على ما قبله‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬ما حضر الرجال إل محمداً‪ ،‬أو إل محمد ٌ يجوز لك الولى أن تقول‬
‫إل محمد ٌ لن الستثناء غير موجب‪ ،‬وتام ومتصل‪ ،‬ويجوز لك أن تقول إل‬
‫م﴾[النساء‪]66 :‬‬‫منْهُ ْ‬
‫ل ِ‬‫ما فَعَلُوه ُ إَِّل قَلِي ٌ‬
‫ل﴿ َ‬‫محمدا ً ومنه قول الله عّز وج ّ‬
‫ل ولو قرأت إل قليل ً وقد قرأت فهو جائز‪ ،‬يعني‬ ‫القراءة المتواترة إل قلي ٌ‬
‫يجوز النصب والستثناء هنا تام‪ ،‬غير موجب متصل أما إن كان الستثناء تاماً‬
‫ب منقطعا ً يعني ليس من جنس المستثنى منه فالولى وبعضهم‬ ‫غير موج ٍ‬
‫ما لَهُ ْ‬
‫م‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫يوجبه أن تنصب ما بعد إل ويستشهدون له بنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[النساء‪ ]157 :‬فاتباع هنا منصوبة‪ ،‬لن الستثناء‬ ‫علْم ٍ إ ِ ّل اتِّبَاع َ الظ ّ ِ ّ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬
‫بِ ِ‬
‫هنا تام غير موجب لكنه منقطع‪ ،‬منقطع لن المستثنى ليس من جنس‬
‫المستثنى منه‪ ،‬ليس من جنس المستثنى منه‪ ،‬فإن كان الستثناء مفرغاً‬
‫فنرجئ الحديث عنه إن شاء الله إلى حلقة قادمة‪ ،‬والن نترك لكم المجال‬
‫لتوجيه السئلة إذا أردتم‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيرا ً فضيلة الشيخ‪ ،‬ذكرنا في شروط الحال قال المؤلف‬
‫ول يكون إل نكرة ول يكون إل بعد تمام الكلم‪ ،‬ول يكون صاحبها إل معرفة‬
‫وفى باب التمييز قال ول يكون إل نكرة ول يكون إل بعد تمام الكلم‪،‬‬
‫فشرط ل يكون صاحبها إل معرفة هذا الشرط غير موجود في التمييز ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪176‬‬
‫ل ليس موجودا ً في التمييز لنه قد يكون نكرة قد يكون الغامض نكرة ل‬
‫شَر كَوْكَبا ً ﴾ [يوسف‪ :‬من الية ‪]4‬‬
‫حد َ ع َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يمنع‪ ،‬قال الله عّز وج ّ‬
‫تأ َ‬‫ل ﴿ إِنِّي َرأي ْ ُ‬
‫وأحد عشر هذه نكرة فل يلزم وهذا من الفوارق بين الحال والتمييز‪ ،‬نعم‬
‫بارك الله فيك سؤال جيد ‪.‬‬
‫أكمل الشيخ‪:‬‬
‫نعم تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫بارك الله فيكم أي أنواع التمييزتضمنته الية الكريمة في قول الله عّز‬
‫ض ع ُي ُ ً‬ ‫َ‬
‫ونا﴾[ــالقمر‪]12:‬؟‬ ‫جْرنَا اْلْر َ‬
‫ل ﴿ وَفَ َّ‬
‫وج ّ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذا من النوع الثاني وهو ما يسمى بتمييز النسبة يعني ما يكون‬
‫الغموض فيه ليس في مفرد أو في الكلمة نفسها لن الكلمة فجرنا واضحة‬
‫والرض واضحة‪ ،‬وإنما في إسناد فجرنا إلى الرض جاء الغموض فجاء قوله‬
‫سبحانه وتعالى عيونا ً مميزا ً ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خير‪ ،‬ذكرتم الفضلة وبعضهم يذكر العمدة‬
‫فهل هناك ضابط للتوفيق بينهما ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذا على حسب استعمال العرب بعض الكلم يعدونه عمدة يعني ل‬
‫يصح حذفه يذكرون منه الفاعل‪ ،‬والنائب على الفاعل لنه يحل محل‬
‫الفاعل ويذكرون أيضا ً المبتدأ والخبر وما أصله المبتدأ والخبر يقولون هذه‬
‫عمد ل يجوز حذفها وفي بعض الحيان يجوز حذفها إذا دل عليها دليل‪ ،‬مثلً‬
‫الفاعل‪ ،‬يحذف ويحل محله نائب الفاعل‪ ،‬مثل المبتدأ يحذف أحيانا لدللة‬
‫شيء من الكلم عليه‪ ،‬وكذلك الخبر يحذف أحيانا ً لدللة شيء من الخبر أو‬
‫من الجملة عليه لكن الصل أنها عمد ل يجوز حذفها أما الفضلت فهي التي‬
‫يمكن الستغناء عنها فمثل ً إذا قلت أكرم محمد ٌ عليا ً فإنه يمكن أن تكتفي‬
‫بقولك أكرم محمد فعندنا فعل وفاعل وعليا ً هذا فضلة هنا في هذا‬
‫الموضوع يمكن حذفه ويمكن ذكره عند الحاجة ‪.‬‬
‫نعم فيه أي سؤال آخر؟‬
‫بقي أن أسألكم أنا عن بعض المور التي ذكرنها في الحلقة ومنها أنني‬
‫ذكرت لكم أن المصنف ذكر أداتين من أدوات الستثناء فما هما ؟‬
‫لم يتركها‪ ،‬لم يتركها‪ ،‬لم يذكرها‪ ،‬وإنما تركها‪ ،‬تفضل يا أخي ‪.‬‬
‫أجاب أحد الطلبة‪:‬‬
‫ليس ول يكون ‪.‬‬
‫بارك الله فيك ونكتفي بهذا القدر اليوم وصلى الله وسلم وبارك على‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪177‬‬

‫الدرس التاسع عشر‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله حمدا ً كثيرا ً طيبا ً مباركا ً فيه والصلة والسلم على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬أيها المشاهدون الكرام السلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪.‬‬
‫كنا في حلقة ماضية أردنا الشروع في الستثناء المفرغ أو المراد به‬
‫ولكن أدركنا الوقت وأجلناه إلى حلقة أخرى وهاهو وقت بيانه فالستثناء‬
‫المفرغ يا أيها الحباب هو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه فما حكمه ؟‬
‫حكمه كأن إل غير موجودة في الكلم فتعرب ما بعدها بما يستحق ولو‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ل قَد ْ َ‬
‫سو ٌ‬‫مد ٌ إ ِ ّل َر ُ‬
‫ح َّ‬‫م َ‬
‫ما ُ‬‫ل ﴿ وَ َ‬ ‫كانت غير موجودة قال الله عّز وج ّ‬
‫ل ﴾[آل عمران‪ ]144:‬تعرب ما نافية محمد مبتدأ رسول خبر وإل‬ ‫س ُ‬‫قَبْلِهِ الُّر ُ‬
‫أداة الستثناء ملغاه إل أداة استثناء ملغاة هذا إذا كام الكلم مفرغاً‪ ،‬إذا كان‬
‫الكلم استثناء‪ ،‬تاما ً منقطعا ً فقول ً واحدا ًُ يجب نصب ما بعد الستثناء قام‬
‫الطلب إل طالبة وحضر الرجال إل امرأة‪ ،‬هذه ل يجوز فيها فيما بعد إل غير‬
‫النصب ل يجوز فيما بعد إل غير النصب ونذهب الن إلى بعض ما ذكره‬
‫المصنف لنكمل شرح باب المستثنى إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ن اَلْكََل ُ‬ ‫ب إِذَا كَا َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ستَثْنَى بِإ ِ ّل يُن ْ َ‬ ‫م ْ‬‫فال ْ ُ‬ ‫قال المصنف ( َ‬
‫جبًا ) هذا الكلم الذي ذكرناه لكم قبل قليل‪ ،‬قلنا إذا كان الكلم‬ ‫مو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫تَا ًّ‬
‫تاما ً بأن ذكر فيه المستثنى منه‪ ،‬موجبا ً يعني لم يتقدم عليه نفي ول شبه‬
‫نفي فإنه يجب نصب ما بعد إل وهذا الكلم الذي ذكره المصنف هنا وهو‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫س إ ِ ّل‬ ‫ج اَلنَّا ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫و" َ‬ ‫َ‬ ‫ا"‬ ‫ً‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫م إِ‬
‫و ُ‬
‫ق ْ‬‫م اَل ْ َ‬ ‫و" َ‬
‫قا َ‬ ‫ح َ‬‫قوله ( ن َ ْ‬
‫را" ) الستثناء هنا تام لن المستثنى منه مذكور وهو قوله القوم‬ ‫م ً‬ ‫ع ْ‬
‫َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪178‬‬
‫والستثناء هنا موجب لنه لم يسبقه ل نفي ول شبه نفي فحينئذ نعرب كلمة‬
‫زيدا ً على أنها مستثنى منصوب وهنا واجب النصب‪ ،‬وليس فيه وجه آخر‪.‬‬
‫فيًّا ) يعني غير موجب (‬ ‫من ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن اَلْكََل ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫قال المصنف ( َ‬
‫ب‬‫ص ُ‬ ‫والن َّ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه اَلْبَدَ ُ‬ ‫في ِ‬ ‫جاَز ِ‬ ‫ما ) يعني ذكر فيه المستثنى منه ( َ‬ ‫تَا ًّ‬
‫ء ) جاز في ماذا؟ في السم الواقع بعد إل يجوز فيه‬ ‫ستِثْنَا ِ‬ ‫علَى اَِل ْ‬ ‫َ‬
‫وجهان التباع لما قبلها على أنه بدل أو عطف بيان التباع لما قبل إل يعني‬
‫تعطيه الحركة التي ضبط بها المستثنى منه‪ ،‬ضبط بالضمة تعطيه نفس‬
‫الحركة ضبط بالفتحة تعطية نفس الحركة نفسها‪ ،‬تضبط بالكسرة تعطيه‬
‫هذه الحركة نفسها‪ ،‬هذا يجوز فيه وجهان إما التباع على أنه بدل أو عطف‬
‫بيان وإما النصب على الستثناء وكل فصيح صحيح‪ ،‬وقد ذكرت لكم من‬
‫م ﴾[النساء‪:‬‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ما فَعَلُوهُ إَِّل قَلِي ٌ‬
‫ل ِ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫أمثلته أو من شواهده قول الله عّز وج ّ‬
‫ل وهذا الوجه الشائع والكثير وهو أن تتبع ما بعد‬ ‫‪ ]66‬فيها قراءتان قراءة قلي ٌ‬
‫إل بما قبلها في إعرابها لن الواو هنا محلها رفع ووردت فيها قراءة عربية‬
‫صحيحة فصيحة وهي ما فعلوه إل قليل ً منهم وحينئذ يكون منصوبا ً على‬
‫الستثناء وهو وجه جائز ولكنه أقل من ذاك مثاله كما ذكر المصنف هنا (‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫زيْدًا" )‬ ‫و"إ ِ ّل َ‬ ‫م إ ِ ّل َزيْدٌ" َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫م اَل ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و" َ‬ ‫ح َ‬ ‫نَ ْ‬
‫صا ) وهو الستثناء المفرغ‬ ‫ق ً‬ ‫م نَا ِ‬ ‫ن اَلْكََل ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫قال المصنف ( َ‬
‫كما ذكرت لكم قبل قليل بعضهم يسميه الستثناء الناقص وبعضهم يسميه‬
‫الستثناء المفرغ والمراد به الذي لم يذكر فيه المستثنى منه‪ ،‬لم يذكر فيه‬
‫ل ) يعني أنك تعد‬ ‫م ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ب اَل ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫علَى َ‬ ‫ن َ‬ ‫المستثنى منه‪ ،‬قال ( كَا َ‬
‫أن إل غير موجودة في الكلم فإن الكلم الذي قبل إل يحتاج إلى فاعل‬
‫فارفع ما بعد إل على أنه فاعل يحتاج إلى خبر ارفعه على أنه‬
‫خبر يحتاج إلى مفعول انصبه على أنه مفعول به وهكذا مهما احتاج إليه ما‬
‫بعد إل فافعلوا معه يعني إعربه على حسب العوامل الموجودة عندك وكأن‬
‫َ‬
‫م إ ِ ّل‬ ‫قا َ‬‫ما َ‬ ‫و" َ‬ ‫ح َ‬ ‫إل غير موجودة في الكلم مثاله قول المصنف هنا ( ن َ ْ‬
‫زيْدٌ" ) ما نافية قام فعل ماض إل أداة استثناء ملغاة زيد فاعل لقام‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫زيْدًا " ) كما ذكر المصنف هنا ما نافية‬ ‫ت إ ِل َ‬ ‫ضَرب ْ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ومثله( " َ‬
‫وضرب فعل ماضي والتاء فاعل وزيدا ً مفعول به وإل أداة استثناء ملغاة‪،‬‬
‫َ‬
‫د" ) ما نافية ومررت فاعل وإل أداة استثناء‬ ‫ت إ ِ ّل بَِزي ْ ٍ‬ ‫مَرْر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و" َ‬ ‫( َ‬
‫ملغاة وبزيد جار ومجرور متعلقان بقوله مررت وهذا ل إشكال فيه والحمد‬
‫جوُز‬ ‫شا‪ ,‬ي َ ُ‬ ‫حا َ‬ ‫و َ‬ ‫عدَا‪َ ,‬‬ ‫و َ‬ ‫خَل‪َ ,‬‬ ‫ستَثْنَى ب ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫لله ثم قال ( َ‬
‫ه ) وهذا كلم صحيح وهو الكلم الذي قلته لكم إن خل‬ ‫جُّر ُ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬‫صب ُ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫وحاشا وعدا بل خل وعدا هذه باتفاق أنه يجوز نصب ما بعدها وجرها أما‬
‫حاشا فعند غير سيبويه‪ ،‬سيبويه رأى أنها حرف وغيره يرى أنها فعل يعني‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪179‬‬
‫يجوز أن تكون هكذا ويجوز أن هكذا والمصنف هنا قد اتبع الرأي القائل بأن‬
‫حاشا يجوز في ما بعدها الوجهان‪:‬‬
‫ه‬
‫صب ُ ُ‬‫جوُز ن َ ْ‬‫شا‪ ,‬ي َ ُ‬ ‫خَل‪ ,‬وَعَدَا‪ ,‬وَ َ‬
‫حا َ‬ ‫ستَثْنَى ب ِ َ‬ ‫إما الجر وإما النصب‪ ،‬قال ( وَال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫جُّره ُ ) فإن نصب فهو المستثنى وإن جررت فالحرف فكلمة خل أو عد أو‬ ‫و َ‬
‫َحاشا حرف وهو مجرور بهذا الحرف فتقول ( قام القوم خل زيداًً‬
‫ر وحاشا بكراً‬ ‫د وعدا عمراً و ) عدا ( عم ٍ‬ ‫و ) يجوز خل ( زي ٍ‬
‫و ) حاشا ( بكرٍ ) وهذه الوجه جائزة وصحيحة وفصيحة بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫هذه المور متعلقة بالستثناء إذا كان تاما ً متصل ً وأما الستثناء المنقطع‬
‫فكما ذكرت لكم إنه يجب نصب ما بعد أداة الستثناء في الستثناء المنقطع‬
‫وهو ما كان المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه‪ ،‬وسواء أكان الكلم‬
‫موجبا ً أو غير موجب وطبعا ً لبد أن يكون تاما ً لنه ل يكمن أن يكون من‬
‫جنسه أو من غير جنسه وهو غير موجود فلبد أن يكون الستثناء تاما ً وهو‬
‫ما ذكر فيه المستثنى منه هذا هو الستثناء المنقطع وهذا هو آخر حديثنا في‬
‫باب الستثناء‪.‬‬
‫ب َل‪،‬‬ ‫ننتقل إلى قول المصنف في اسم ل النافية للجنس قال ( بَا ُ‬
‫ت‬ ‫ن إِذَا بَا َ‬ ‫ب اَلن َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عل َم أ َ‬
‫شَر ْ‬ ‫وي‬
‫ِ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫را‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫"‬ ‫ل‬ ‫"‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫اِ ْ ْ‬
‫ر" ) وأنا‬‫في اَلدَّا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج َ‬ ‫و "َل َر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م تَتَكََّرْر "َل" ن َ ْ‬ ‫اَلنَّكَِرةَ َ‬
‫ول َ ْ‬
‫أقول لك اعلم‬
‫أن ل ملحقة بإن وأن ل حرف‪ ،‬فلماذا جعل ل مستقلة في باب وحدها‪ ،‬ولم‬
‫يجعلها مع أخوات "إن" ما دام إنها تعمل نفس عمل إن وأخواتها الجواب‬
‫عن هذا أيها الحباب أن ل تعمل هذا العمل مطلقا ً بل لبد في إعمالها هذا‬
‫العمل من شروط‪ ،‬هذا الوجه الول في سبب جعلها في باب مستقل‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن اسم ل النافية للجنس أحيانا ً يكون مبنيا ً أما إن‬
‫وأخواتها فأسمائها معربة ل تكون مبنية فمن أجل هذا وجب أن تكون ل‬
‫النافية للجنس مستقلة بنفسها وقد ذكروا شروطا ً لعمالها‪ ،‬ذكر المصنف‬
‫هنا أقوى هذه الشروط‪ ،‬أقوى الشروط أن يكون اسمها نكرة وأن يكون‬
‫اسمها متصل ً بها وهذا الذي ذكره المصنف في قوله أن ل تنصب النكرات‬
‫بغير تنوين‪ ،‬انتبه تنصب النكرات بغير تنوين متى ؟ إذا باشرت النكرة‪ ،‬ومتى‬
‫أيضاً؟ إذا لم تتكرر ل هذه أعظم إعمال ل النافية للجنس عمل إن وأذكر‬
‫لكم الشروط الخرى التي ذكرها النحويون أذكر الشروط كلها مع بعض‬
‫الشرط الول أن تكون ل نافية‪ ،‬لكن هل تكون ل غير نافية؟ نعم تكون‬
‫ناهية أحيانا ً وتكون زائدة أحيانا ً فإذا لم تكن نافية فإنها ل تعمل هذا العمل‪،‬‬
‫هذا الشرط الول‪.‬‬
‫الشرط الثاني أن تكون نافية للجنس أو أن يكون المنفي بها هو‬
‫الجنس‪ ،‬إذا ً هل تكون ل نافية لغير الجنس؟ الجواب نعم ل قد تكون نافية‬
‫ل في الدارِ بل رجلن أنت ما تقصد نفي جنس‬ ‫للوحدة‪ ،‬وذلك إذا قلت ل رج ٌ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪180‬‬
‫الرجال‪ ،‬بل تقصد أنه ل يوجد واحد فقط بل يوجد أكثر من واحد هذه ماذا‬
‫تعمل ل النافية للواحدة هذه تعمل عمل ليس يعني ترفع المبتدأ ويسمى‬
‫اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها هذا هو الشرط الثاني‪.‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن تكون نافية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون المنفي بها الجنس‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون اسمها نكرة هذا شرط لبد منه فإذا كان اسمها‬
‫معرفة لم تعمل‪ ،‬ل تعمل عمل إل‪ ،‬وسأذكر لكم بعد قليل إن شاء الله ما‬
‫الذي يصير‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أن يكون اسمها متصل بها يعني ليس بينهما وساطة‪،‬‬
‫الشرط الخامس‪ :‬أن‬
‫يكون خبرها نكرة‪ ،‬الشرط السادس‪ :‬أل يدخل عليها جار‪ ،‬لكن ما الذي‬
‫يحصل إذا صار شيء من هذا الكلم قال‪ ،‬فإن لم تكن نافية لم تعمل‪ ،‬وإن‬
‫كان المنفي بها هو الوحدة عملت عمل ليس وإن كان اسمها معرفة أهملت‬
‫ووجب تكرارها فتقول ل زيد ٌ في الدار ول عمٌر وإن كان اسمها غير متصل‬
‫ل وَل‬ ‫بها وجب أيضا ً إهمالها ووجب تكرارها ومنه قول الله عزل ﴿ ل فِيهَا غَوْ ٌ‬
‫ن ﴾[الصافات‪ ]47:‬ل فيها غول هنا فصل غول عن ل فلم تعمل‬ ‫م ع َنْهَا يُنَْزفُو َ‬‫هُ ْ‬
‫ل شيئاً‪ ،‬ووجب تكرارها‪ ،‬فكررت‪.‬‬
‫أن يكون اسمها نكرة متصل ً بها وأن يكون خبرها نكرة كذلك إذا كان‬
‫اسمها نكرة فمن باب أولى أن يكون خبرها نكرة من باب أولى أن يكون‬
‫خبرها نكرة‪ ،‬لنه ل يخبر عن النكرة بالمعرفة قول ً واحدا ً الخير من‬
‫الشروط أل تسبق بحرف جر‪ ،‬لكن إذا سبقت بحرف جر قال فإن حرف‬
‫الجر يتعداها إلى ما بعدها فيجر ما بعدها فتقول جئت بل كتاب ول تقول بل‬
‫كتابا تقول جئت بل كتاب وهذه معظم الشروط بل هذه الشروط التي‬
‫اشترطت لعمال "ل النافية للجنس" عمل "إن"‪.‬‬
‫ب‬‫ج َ‬ ‫و َ‬‫و َ‬‫ع َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ب اَلَّر ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫ها َ‬‫شْر َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م تُبَا ِ‬ ‫قال المصنف ( َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫ة" ) وهذا‬ ‫مَرأ َ ٌ‬‫وَل ا ِ ْ‬‫ل َ‬ ‫ج ٌ‬‫ر َر ُ‬‫في اَلدَّا ِ‬ ‫و َل ِ‬ ‫ح َ‬‫تَكَْراُر "َل" ن َ ْ‬
‫ل ﴿ ل فِيهَا‬ ‫الكلم الذي قلناه ومثلناه بالية الكريمة وهي قول الله عّز وج ّ‬
‫ن ﴾ ل فيها غول لما فصل كررت وأهملت‪ ،‬قال‬ ‫م ع َنْهَا يُنَْزفُو َ‬
‫ل وَل هُ ْ‬ ‫غَوْ ٌ‬
‫المصنف ‪ ( :‬فإن تكررت ل جاز إعمالها وإلغاؤها‪ ،‬فإن‬
‫شئت قلت ل رجل في الدار ول امرأة ) وإن شئت قلت‬
‫ل رجل في الدار ول امرأةٌ‪ ،‬وهنا وقفة يا أيها الحباب‪ ،‬اعلموا بارك الله‬
‫فيكم أن ل إذا تكررت وهي مستوفية للشروط التي ذكرناها سابقاً‪ ،‬بحيث‬
‫يكون مدخولها نكرة‪ ،‬وبحيث يكون اسمها متصل ً بها وبحيث يكون خبرها‬
‫نكرة‪ ،‬وبحيث تكون غير مسبوقة بجار وبحيث تكون نافية‪ ،‬يعني كل‬
‫الشروط مستوفية‪ ،‬فإذا تكررت ل جاز لك في اللفظين خمسة أوجه‪،‬‬
‫ويمثلون له بنحو قولك ل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬انتبه رحمك الله‪ ،‬يجوز لك‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪181‬‬
‫أن تقول ل حول ول قوة إل بالله فتبني الول والثاني يعني تعملها عمل إل‬
‫ويجوز أن تقول ل حول ول قوة إل بالله فتهملها في الثنين ويجوز أن تقول‬
‫ل ول قوة ٌ إل بالله فتعملها في الول وتهملها في الثاني‪ ،‬ويجوز أن‬ ‫ل حو َ‬
‫ل ول قوةَ إل بالله ووجه خامس ضعيف وهو أن تعملها‬ ‫تعكس فتقول ل حو ٌ‬
‫في الول وتنصب الثاني‪ ،‬فتقول ل حول ول قوةً إل بالله‪ ،‬وهذه الوجه‬
‫جائزة وفصيحة ولها شواهد من العربية وأولها من القرآن الكريم في نحو‬
‫َ‬
‫ة ﴾[البقرة‪ ]254 :‬وقد قرأت‬ ‫شفَاع َ ٌ‬‫ة وَل َ‬ ‫خل ّ ٌ‬‫ل ﴿ ل بَيْعٌ فِيهِ وَل ُ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫ةول شفاعة‪ ،‬فدل ذلك على جواز المرين‪ ،‬فيها وهذا كله‬ ‫ل بيعَ فيه ول خل َ‬
‫صحيح فصيح ول إشكال فيه والحمد لله رب العالمين‪ ،‬بقي في ل شيء‬
‫وهو أن الكثير في خبرها أن يكون محذوفا ً وبعضهم أوجب حذف خبرها‪،‬‬
‫وبعضهم أوجب حذف خبرها ولكن الصحيح أنه يجوز أن يكون موجودا ً وقد‬
‫ورد في القرآن الكريم وفى غيره‪ ،‬خبرها مذكورا ً ومما ورد فيه محذوفاً‬
‫ت ﴾[سـبأ‪ ]51:‬ل نافية للجنس و‬ ‫و تََرى إِذ ْ فَزِع ُوا فَل فَوْ َ‬ ‫ل ﴿ وَل َ ْ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫فوت اسمها وخبرها محذوف‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪ ،‬ننتقل بعد هذا إلى باب‬
‫المناداة‪.‬‬
‫َ‬
‫م‪,‬‬‫عل َ ُ‬
‫ع‪ :‬المفرد اَل ْ َ‬ ‫وا ٍ‬‫ة أن ْ َ‬‫س ُ‬ ‫م َ‬‫خ ْ‬ ‫منَادَى َ‬ ‫قال المصنف ( اَل ْ ُ‬
‫ة‪,‬‬‫صودَ ِ‬
‫ق ُ‬ ‫والنَّكَِرةُ َ‬
‫غيُْر اَل ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫صودَةُ‪َ ,‬‬ ‫م ْ‬
‫ق ُ‬ ‫والنَّكَِرةُ اَل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ف ) المنادي يا أيها الحباب هو ما‬ ‫ضا ِ‬‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ْ‬
‫ه بِال ُ‬
‫شبِي ُ‬ ‫ف‪َ ,‬‬ ‫ضا ُ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُ‬‫َ‬
‫دخلت عليه أداة النداء والصل في المنادي أن يكون منصوباًن الصل فيه‬
‫أن يكون منصوبا ً ولكنه في بعض حالته يكون مبنيا ً على الضم أو على ما‬
‫كان يرفع به‪ ،‬مثل ً كونه مثنى يكون مبنيا ً على اللف يكون جمع مذكر سالم‪،‬‬
‫يكون مبنيا ً على الواو‪ ،‬وهكذا لكن الصل فيه والكثير والغالب أن يكون‬
‫ت‬‫خ َ‬ ‫ل ﴿ يَا أ ُ ْ‬
‫المنادى منصوباً‪ ،‬مما ورد فيه المنادى منصوبا ً قول الله عّز وج ّ‬
‫ك بَغِيّا ً ﴾[مريم‪ ]28:‬فيا هنا حرف‬ ‫ت أ ُ ُّ‬
‫م ِ‬ ‫ما كَان َ ْ‬
‫سوْءٍ وَ َ‬
‫هَارون ما كَان أَبوك ا َ‬
‫مَرأ َ‬
‫َ ُ ِ ْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫نداء وأخت منادى منصوب وهو مضاف وهارون مضاف إليه قال الشاعر‬
‫أيضاً‪:‬‬
‫أفاطم مهل ً بعض هذا التذلل‬
‫أحيانا ً يكون حرف النداء ليس هو يا مع أن يا هي أم الباب لكن أحياناً‬
‫يكون غيرها‪ ،‬من الدوات الهمزة هذه‪ ،‬أفاطم مهل ً ومنها أي ومنها أيا ومنها‬
‫هيا‪ ،‬هذه بعض النواع لكن أكثرها استعمالً‪ ،‬هو يا‪.‬‬
‫مما وردت فيه أيا للنداء قول الشاعر‪:‬‬
‫أعيذكما بالله أن‬ ‫أيا أخوينا عبد شمس ونوفل‬
‫تحدثا حربا‬
‫وأما هيا فقد وردت في قول الشاعر‪:‬‬
‫ورفعت من صوتها‬ ‫واتصرفت وهي حصان مغضبة‬
‫هيا أبا‬
‫كـل فتـــاة بأبيهـــا معجبـــة‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪182‬‬
‫هيا أبا هذا موضع الشاهد عندنا‪.‬‬
‫والنَّكَِر ُ‬
‫ة‬ ‫م َ‬‫عل َ ُ‬‫فَردُ اَل ْ َ‬ ‫ما اَل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫فأ َ َّ‬
‫قال المصنف‪َ ( :‬‬
‫و‬
‫ح َ‬
‫ن‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫علَى اَل َّ‬ ‫صودَةُ َ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫م ْ‬
‫وي ٍ‬
‫ر تَن ْ ِ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مِ ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن َ‬ ‫فيُبْنَيَا ِ‬ ‫ق ُ‬
‫ل" )‬ ‫ج ُ‬‫و"يَا َر ُ‬‫"يَا َزيْدُ" َ‬
‫قوله المنادى خمسة أنواع أولها‪ :‬المفرد العلم‪ ،‬المفرد المقصود به ما‬
‫لم يكن مضافاً‪ ،‬ول شبيها ً بالمضاف هذا هو المفرد أما العلم فقد سبق‬
‫تعريفه‪ ،‬وأنت إذا ناديت كلمة محمد مثل ً فإنك تبنيها على الضم فتقول يا‬
‫ن إلى أخره‪.‬‬
‫ن ويا زيدُ‪ ،‬ويا فهد ُ ويا خالد ُ ويا عثما ُ‬
‫محمد ُ ويا حس ُ‬
‫النوع الثاني‪ :‬من أنواع المنادى هو النكرة المقصودة وحكم النكرة‬
‫المقصودة كحكم العلم في كونها تبنى أيضا ً على الضم والمقصود بالنكرة‬
‫المقصودة أن يكون أمامك شخص مثل ً لكنك تقصده بالنداء‪ ،‬فتقول يا رجل‬
‫وأنت تقصد رجل ً بعينه‪ ،‬أو يا طالب‪ ،‬أو يا أستاذ‪ ،‬أو يا معلم‪ ،‬أو نحو ذلك‪،‬‬
‫لكنك تقصد شخصا ً بعينه‪ ،‬هذه نكرة في حقيقتها ولكنها نكرة مقصودة حقها‬
‫أيضا ً أن تكون مبينة على الضم‪.‬‬
‫أما النوع الثالث‪ :‬من أنواع المنادى فهو النكرة غير المقصودة‪ ،‬ولها‬
‫حكم مخالف النكرة المقصودة‪ ،‬لنها منصوبة‪ ،‬فما الفرق بين هذه وتلك‪،‬‬
‫الفرق أن كليهما نكرة‪ ،‬لكن أن تقصد شخصا ً بعينه أما النكرة المقصودة فل‬
‫تقصد شخصا ً بعينه قول العمى مثل ً يا رجل ً خذ بيدي ما يقصد رجل ً بعينه‪،‬‬
‫وإنما يقصد أي رجل‪ ،‬قول الشاعر مثلً‪:‬‬
‫ندا ماي من نجران أل تلقي‬ ‫أيا راكبا إما عرفت فبلغا ً‬
‫هو ل يقصد راكبا بعينه‪ ،‬وإنما يقصد أي راكب‪ ،‬حتى يؤدي تحيته‪ ،‬لهله‬
‫هذا إذا كان المنادى بهذه الصفة يعني نكرة‪ ،‬غير مقصودة‪ ،‬فإنه يكون‬
‫منصوباً‪ ،‬وليست النكرة المقصودة يكون مبنيا ً على الضم‪.‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬من أنواع المنادى هو المضاف‪ ،‬وأما المضاف يا أيها‬
‫الحباب‪ ،‬فمعروف معلوم عندكم وهو أن يكون في نحو عبد الله‪ ،‬أو عبد‬
‫الرحمن‪ ،‬أو زين العابدين أو ما شاكل ذلك أو كلمة يا صاحب عمر‪ ،‬يا‬
‫صاحب القلم‪ ،‬يا صاحب الكتاب وما أشبه ذلك هذه حكم المنادى فيها أن‬
‫يكون منصوباً‪ ،‬وذلك إذا كان مضافا ً والمثلة عليه ل تحصى ول تعد‪.‬‬
‫أما الشبيه بالمضاف‪ ،‬فهو النوع الخير من أنواع المنادى‪ ،‬والمقصود به‬
‫يا أيها الحباب‪ ،‬ما اتصل به شيء من تمام معناه كقولك مثل ً يا طالعا ً جبلً‪،‬‬
‫ويا خيرا ً من زيد ٍ ويا محمودا ً في فعله‪ ،‬ويا ثلثة وثلثين مثل ً ما هذا الكلم‬
‫قال في كل واحد من هذه المثلة التي ذكرتها يكون ما بعد المنادى له‬
‫علقة‪ ،‬بالمنادى فمثل ً قولنا يا طالعا ً لم يكمل المعنى هنا وإنما قصدنا الجبل‬
‫قد يقصد طالع سلم مثل ً أو طالع كذا‪ ،‬أو طالعا ً الوادي أو نحو ذلك‪ ،‬ل نحن‬
‫نقصد يا طالعا ً جبل ً فاتصل به شيء من تمام معناه هذا هو الشبيه‬
‫بالمضاف ما حقه من الناحية العرابية حقه أن يكون منصوبا ً مثاله أيضا ً يا‬
‫حسنا ً وجهه‪ ،‬وجهه هذا فاعل لحسن لنها صفة مشبهة ترفع الفاعل‪ ،‬هذا‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪183‬‬
‫اتصل به شيئا ً من تمام معناه‪ ،‬يا محمودا ً فعله‪ ،‬كذلك فعله نائب فاعل‬
‫لمحمود كذلك قولك يا خيرا ً من زيد‪ ،‬هذا خيرا ً تعلق به الجار والمجرور‬
‫المذكور بعده فهذا من المنادى الشبيه بالمضاف وقد ذكر المصنف ذلك‬
‫فيما يستقبل من كلمه فقال مثل ً فأما المفرد العلم والنكرة المقصودة‬
‫فيبنيان على الضم من غير تنوين وهذا الكلم الذي قلناه لكم قبل قليل‬
‫لكنه بقي أنه كان الولى أن يقول فيبنى على ما كان يرفع به لنه ليس‬
‫دائما ً يبنى على الضم‪ ،‬مثل ً إذا ناديت اثنين‪ ،‬فإنك تقول يا مسلمان‪ ،‬إذا‬
‫ناديت ثلثة تقول يا مسلمون‪ ،‬فتبنيه مرة على اللف وتبنيه مرة على الواو‬
‫م فتبنيه على الضم إذا هو‬ ‫م يا مسل ُ‬ ‫والصل إذا ناديت يا مسلم تقول يا مسل ُ‬
‫يبنى على ما كان يرفع به‪ ،‬إذا كان يرفع بالضمة بنى على الضم إن كان‬
‫يرفع باللف بني على اللف إن كان يرفع بالواو بني على الواو‪.‬‬
‫هذا إذا كان المنادى علما ً أو كان نكرة مقصودة فإنه يبنى على الضم‬
‫ة‬‫قي َ ُ‬‫ة اَلْبَا ِ‬ ‫والثََّلث َ ُ‬ ‫من غير تنوين ثم قال المصنف رحمنا الله وإياه ( َ‬
‫ر ) ما الثلثة الباقية ؟ هي المنادى المضاف مثل يا عبد‬ ‫غي ْ ُ‬ ‫ة َل َ‬ ‫صوب َ ٌ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫َ‬
‫الله والمنادى الشبيه بالمضاف نحو يا طالعا ً جبل ً والمنادى إذا كان نكرة غير‬
‫مقصودة كقول العمى يا رجل ً خذ بيدي هذه كلها حقها أن تكون منصوبة‬
‫وقد ذكرنا لكم بعض الشواهد ومن ذلك مثل ً قول الشاعر بل قبله قول الله‬
‫شر ال ْجن واْلنس إن استطَعتم أ َن تنفُذ ُوا م َ‬
‫ن أقْطَارِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ ِّ َ ِ ْ ِ ِ ِ ْ َ ْ ُ ْ ْ َ ْ‬ ‫معْ َ َ‬ ‫ل ﴿ يَا َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ض‬ ‫َ‬
‫ت وَاْلْر‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫س‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾[الرحمن‪ ]33:‬الشاهد عندنا في قوله ﴿ يَا‬ ‫سلْطَا ٍ‬ ‫ن إ ِ ّل ب ِ ُ‬ ‫فَانْفُذ ُوا ل تَنْفُذ ُو َ‬
‫ن ﴾ فإن يا حرفالنداء ومعشر منادى منصوب لكونه مضافا ً إلى‬ ‫ج ِّ‬‫شَر ال ْ ِ‬ ‫معْ َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ من المنادى الشبيه بالمضاف قول الشاعر‪:‬‬ ‫ْ‬
‫شَر ال ِ‬
‫ج ِّ‬ ‫معْ َ‬ ‫كلمة الجن ﴿ يَا َ‬
‫فماء الهوى يرفض أو‬ ‫أدارا ً بحذوى هجت للعين عبرة‬
‫يترقرق‬
‫ومنه أيضا ً من النكرة غير المقصودة البيت الذي سبق أن ذكرته لكم‬
‫وهو قول الشاعر‪:‬‬
‫ندماي من نجران أل‬ ‫فيا راكبا ً إما عرفت فبلغا ً‬
‫تلقي‬
‫انتهينا من الحديث في باب المنادى وننتقل بعده إلى الحديث في باب‬
‫المفعول من أجله‪ ،‬ويسميه بعضهم باب المفعول له‪ ،‬ويسميه آخرون باب‬
‫المفعول لجله وأكثر التسميات أن يقال المفعول لجله‪.‬‬
‫و‬‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫جل ِ ِ‬‫ل ِل َ ْ‬ ‫عو ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ب اَل ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫قال المصنف رحمنا الله وإياه ( بَا ُ‬
‫ع‬ ‫و ُ‬
‫قو ِ‬ ‫ب ُ‬‫سب َ ِ‬‫ذي يُذْكَُر بَيَانًا ل ِ َ‬ ‫ب‪ ,‬اَلَّ ِ‬ ‫صو ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م اَل ْ َ‬‫س ُ‬ ‫اَِل ْ‬
‫رو"‬‫م ٍ‬ ‫جَلًل ل ِ َ‬
‫ع ْ‬ ‫د إِ ْ‬
‫م َزي ْ ٌ‬ ‫ك" َ‬
‫قا َ‬ ‫ول ِ َ‬
‫ق ْ‬‫و َ‬ ‫ح َ‬
‫ل‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫اَل ْ ِ‬
‫ك" )‪.‬‬ ‫ف َ‬‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫غاءَ َ‬ ‫ك اِبْت ِ َ‬‫صدْت ُ َ‬ ‫ق َ‬ ‫و" َ‬ ‫َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪184‬‬
‫هذا هو المفعول لجله أو المفعول له أو المفعول من أجله‪ ،‬وهو اسم‬
‫فضلة منصوب اسم فل يكون غير اسم وفضلة لنها يمكن الستغناء عنه‪،‬‬
‫لنه يمكن الستغناء عنه ومنصوب‪ ،‬هذا حكمه أنه منصوب‪ ،‬المفعول لجله‬
‫وطبعا ً هذا هو الغالب‪ ،‬في بعض الحيان‪ ،‬يكون المفعول لجله مجروراً‬
‫بحرف التعليل‪ ،‬وسنذكر بيانه إن شاء الله في حينه‪ ،‬مما ورد فيه المفعول‬
‫ل ﴿ يجعلُو َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫م ِ‬‫م فِي آذ َانِهِ ْ‬ ‫صابِعَهُ ْ‬
‫نأ َ‬‫َ‬ ‫لجله منصوبا ً قول الله عّز وج ّ َ ْ َ‬
‫ت ﴾ هذا‬‫موْ ِ‬ ‫حذََر ال ْ َ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫ت ﴾[البقرة‪ ]19 :‬فقوله عّز وج ّ‬ ‫حذََر ال ْ َ‬
‫موْ ِ‬ ‫ق َ‬
‫ع ِ‬ ‫ال َّ‬
‫صوَا ِ‬
‫منصوب لنه مفعول لجله والكثير الغالب في المفعول لجله أن يكون‬
‫مصدراً‪ ،‬الكثير الغالب في المفعول لجله أن يكون مصدرا ً وقد يكون غير‬
‫مصدر وإذا كان غير مصدرا ً فلبد أن يجر باللم كما سيأتي أو يجر بحرف‬
‫التعليل‪ ،‬ومن ذلك مما ورد فيه المفعول لجله‪ ،‬غير مصدر قول الشاعر‪:‬‬
‫كفاني ولم أطلب‬ ‫ولو أنما أسعى لدنى معيشة‬
‫قليل من المال‬
‫الشاهد عندنا في قوله لدنى فإنه هنا أدنى أفعل تفضيل وقد جاء‬
‫مفعول ًَ لجله ولكنه مع ذلك جر باللم‪.‬‬
‫وأيضا ً يقولون إذا لبد يشترطون لنصب المفعول لجله عدة شروط من‬
‫ضمنها أن يكون مصدراً‪ ،‬فإذا كان غير مصدر جر بحرف التعليل‪ ،‬ومن ذلك‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ام﴾[ــالرحمن‪ ]10:‬فالنام هنا جر‬ ‫ضعَهَا ل ِلن َ ِ‬ ‫ل ﴿ وَاْلْر َ‬
‫ض وَ َ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫بحرف التعليل لنه ليس مصدراً‪ ،‬ويشترطون أيضا ً أن يتفق المصدر مع‬
‫عامله في الوقت وفى الفاعل‪ ،‬يشترطون أن يتفق المصدر مع عامله في‬
‫الوقت والفاعل وإل فل ينصب وإنما يجر بحرف التعليل‪ ،‬يقولون مما ورد‬
‫فيه المصدر مخالفا ً لعامله في الوقت قول الشاعر‪:‬‬
‫وجئت وقد نضدت لنوم ثيابه‬
‫الشاهد في قوله لنوم نوم هنا مصدر لكن النوم ليس موافقا ً للمجيء‬
‫في الوقت وإنما هو مختلف وقد نضدت لنوم‪ ،‬نضدت بمعنى أزالت لنوم‬
‫معروف النوم يتأخر عن إزالة الثياب‪ ،‬وهذا معنى قوله نضدت‪ ،‬أما الشاهد‬
‫على اختلفهما في الفاعل فقول الشاعر‪:‬‬
‫وإني لتعروني لذكراك هَزة ٌ أو هِزة ٌ‬
‫لتعروني لذكراك ذكر هذا مصدر‪ ،‬ما الذي يعروه؟ تعروه الهزة ومن‬
‫الذي يتذكر هو المتذكر إذا تذكرها عرته الهزة فاختلف الفاعل فيهما فوجب‬
‫أن يجر بحرف التعليل‪ ،‬وهذا كل ما يقال في باب المفعول لجله‪ ،‬ننتقل بعد‬
‫هذا إلى ( باب المفعول معه ) ‪.‬‬
‫ب‪,‬‬
‫صو ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م اَل ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫و اَِل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫قال المصنف رحمنا الله وإياه ( َ‬
‫َ‬
‫و‬
‫ح َ‬ ‫ع ُ‬
‫ل‪ ,‬ن َ ْ‬ ‫ف ْ‬‫ه اَل ْ ِ‬
‫ع ُ‬‫م َ‬
‫ل َ‬‫ع َ‬ ‫ذي يُذْكَُر‬
‫ن ُ‬
‫ف ِ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫اَل ّ ِ‬
‫لِبَيَا ِ‬
‫ماءُ‬‫وى اَل ْ َ‬‫ست َ َ‬‫و"ا ِ ْ‬ ‫ش" َ‬ ‫جي ْ َ‬‫وال ْ َ‬
‫جاءَ‬ ‫ميُر َ‬
‫ك" َ‬ ‫اَْل َ ِ‬
‫ول ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫ة" ) انتبه يا شيخ ضبط الجيش والخشبة هذا ضبطه بالفتحة‬ ‫خ َ‬
‫شب َ َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪185‬‬
‫وإل كان معطوفا ً على ما قبله‪ ،‬وإل يكون معطوفا ً على ما قبله فهو هنا‬
‫مفعول لجله ويشترطون ‪ -‬عفوا ً – هو هنا مفعول معه‪ ،‬فتقول جاء فعل‬
‫ماضي المير فاعل الواو للمعية‪ ،‬الجيش مفعول معه منصوب ما الذي عمل‬
‫فيه هو جاء بمصاحبة الواو وكقوله أيضا ً استوى الماء والخشبة‪ ،‬استوى هذا‬
‫فعل ماض الماء هذا فاعل الخشبة هذا مفعول به – عفوا مفعول معه يا‬
‫شيخ بارك الله فيك‪ ،‬هذا باب في باب المفعول معه وله أمثلة وشواهد‬
‫بعضها يلزم أن يكون منصوبا ً على أنه مفعول معه وبعضها ل يصح إل أن‬
‫يكون معطوفا ً على ما قبله وبعضها يترجح هذا وبعضها يترجح هذا ولكن‬
‫التطويل فيها ل أرى له داعيا ً لن هذا استعماله أصل ً ليس بكثير‪ ،‬استعمال‬
‫باب المفعول معه‪ ،‬ليس بكثير في كلم العرب ولكن مما ورد فيه كلم‪ ،‬أو‬
‫مما ورد فيه المفعول معه من الشواهد قول الشاعر‪:‬‬
‫مكان الكليتين من الطحال‬ ‫فكونوا أنتم وبني أبيكم‬
‫فكونوا أنتم وبني أبيكم‪ ،‬بني هذا منصوب على أنه مفعول معه‪ ،‬والمثلة‬
‫على هذا كثيرة ومن أظهرها‪ ،‬أن يكون الفاعل ضميرا ً ثم تأتي بعده بالواو‪،‬‬
‫وتأتي بالمنصوب على أنه مفعول معه‪ ،‬بعدها مباشرة‪ ،‬وذلك نحو قولك‬
‫قمت وزيداً‪ ،‬هذه يجب أن تنصب ما بعد الواو‪ ،‬ول يجوز أن تقول قمت وزيد‬
‫على أنه معطوف‪ ،‬لماذا ؟ قال لن الفاعل هنا ضمير متصل والصل أل‬
‫يعطف على الضمير المتصل إل بعد الفصل‪ ،‬بين الفاعل والمعطوف وهنا‬
‫لم يصل فهنا يجب أن تقول قمت وزيدا ً بالنصب بنصب كلمة زيدا ً لن هذا‬
‫مما يمنعه معظم النحويين‪ ،‬يمنعون العطف على الضمير المتصل دون‬
‫فاصل بينهما‪.‬‬
‫بقي من المنصوبات خبر كان وأخواتها‪ ،‬واسم إن وأخواتها وهذه في‬
‫الحقيقة سبق أن ذكرها في أبواب الرفع فلم يعيدها هنا المصنف ولذلك‬
‫ن"‬‫م "إ ِ َّ‬ ‫س ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ها‪َ ,‬‬ ‫وات ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫ن" َ‬ ‫خبَُر "كَا َ‬ ‫قال ( وأما َ‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِذكُْر ُ‬ ‫قدَّ َ‬ ‫قدْ ت َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ها ) وهما منصوبان طبعا ً ( َ‬ ‫وات ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وأ َ َ‬‫َ‬
‫قدْ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ) يعني التي تتبع بالنصب ( َ‬ ‫واب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ك اَلت ّ َ‬ ‫وكَذَل ِ َ‬ ‫ت‪َ ,‬‬ ‫عا ِ‬ ‫فو َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫اَل ْ َ‬
‫ك ) في باب التوابع‪ ،‬باب النعت والبدل والتوكيد وما‬ ‫هنَا َ‬ ‫ت ُ‬ ‫م ْ‬ ‫د َ‬ ‫ق َّ‬ ‫تَ َ‬
‫شاكل ذلك فلذلك لم يعد المصنف ذكرها ول الحديث عنها‪ ،‬وإنما انتقل بعد‬
‫هذا إلى باب المخفوضات وصل إلى باب المجرورات أو المخفوضات‬
‫والخفوضات خاصة بالسماء ول يأتي فيها أفعال لن الفعال ل يأتي فيها‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب اَل ْ َ‬ ‫خفض كما هو معلوم فقال المصنف هنا ( بَا ُ‬
‫ض‬ ‫خ ُ‬ ‫ة أَ‬ ‫َ‬ ‫ت ثَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ء ) ثم قال ( اَل ْ‬ ‫اَْل َ‬
‫فو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ٍ‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ضا‬ ‫َ‬ ‫فو‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫س‬
‫ْ‬
‫ض )‬ ‫خفو ِ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ع لِل ْ َ‬ ‫وتَاب ِ ٌ‬ ‫ة‪َ ,‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫ض بِاْل ِ َ‬ ‫فو ٌ‬ ‫خ ُ‬
‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ف‪َ ,‬‬ ‫حْر ِ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫وهذه قد اجتمعت في البسملة كما ذكرت لكم قبل الية فقولك بسم‬
‫الله الرحمن الرحيم كلمة اسم مجرورة بالباء ولفظ الجللة مجرور‬
‫بالضافة والرحمن مجرور بالتبعية‪ ،‬والرحيم أيضا ً تابع فكل هذه مجرورات‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪186‬‬
‫وقد تبين يعني اجتماع علمات الجر أو أسباب الجر في البسملة وقد بينت‬
‫لكم ما فيها‪ ،‬التفصيلت في المخفوضات سنتركها إن شاء الله في حلقة‬
‫أخرى ونترك الن المجال لتوجيه السئلة إذا كان لديكم أسئلة‪ ،‬تفضل‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ل في سورة آل‬ ‫بارك الله فيك‪ ،‬ما نوع الستثناء في قول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل إ ِ ّل أ ْ‬
‫ن تَكُو َ‬
‫ن‬ ‫م بِالْبَاط ِ ِ‬ ‫موَالَك ُ ْ‬
‫م بَيْنَك ُ ْ‬ ‫منُوا ل تَأكُلُوا أ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫عمران ﴿ يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫م ﴾[النساء‪ ]29:‬؟‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن تََرا ٍ‬ ‫جاَرة ً ع َ ْ‬
‫تِ َ‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫هذا لعله يا أخي استثناء متصل وهو على كل حال غير موجب‪ ،‬لنه‬
‫مبدوء بالنهي‪ ،‬ل تأكلوا أموالكم ‪ ،‬ولعله من الستثناء المتصل لن ما بعد إل‬
‫من جنس الذي قبلها إل أن تكون تجارة فالتجارة هذه إل أن يكون يعني‬
‫متعلق قوله بالباطل فالتجارة ليست من الباطل فيكون استثناء منقطعا ً هذا‬
‫إذا حسبنا الجملة السابقة كلها مع بعضها فيكون من الستثناء المتصل لن‬
‫التجارة هذه مسموح بها وليست من أكل الموال بالباطل‪ ،‬وعلى هذا يكون‬
‫الرجح فيه والله أعلم أنه من الستثناء المنقطع‪ ،‬لننا سنحسب كل ما قبل‬
‫إل على أنه جملة واحدة متصل بعضها ببعض‪ ،‬بارك الله فيك‪ ،‬نعم تفضل‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫ذكرتم الستثناء المفرغ‪ ،‬فكيف نعرف الستثناء المفرغ ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫الستثناء المفرغ‪ ،‬عرفناه بأنه الذي لم يذكر فيه المستثنى منه‪ ،‬وهو‬
‫يسميه بعضهم بالستثناء الناقص لنه نقص جزءا ً من أركان الجملة التي‬
‫فيها الستثناء ذلك أن المستثنى منه غير موجود في الكلم وذلك كقول الله‬
‫َ‬
‫ل ﴾[آل عمران‪ ]144 :‬فإنه لم يذكر فيها‬ ‫مد ٌ إ ِ ّل َر ُ‬
‫سو ٌ‬ ‫ح َّ‬‫م َ‬ ‫ما ُ‬
‫ل ﴿ وَ َ‬‫عّز وج ّ‬
‫ً‬
‫المستثنى منه فأعرب كلمة محمد أعربت مبتدأ ورسول أعربت خبرا ً وفى‬
‫الستثناء المفرغ‪ ،‬ل تعد إل كأنها غير موجودة في الكلم فيعرب الكلم بما‬
‫يستحقه بحسب العوامل الموجودة‪ ،‬تفضل‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ جزاكم الله خير‪ ،‬ذكر المؤلف في حكم المنادى قال فأما‬
‫المفرد العلم والنكرة المقصودة فيبنيان على الضم من غير تنوين‪ ،‬فلماذا‬
‫ذكر التنوين والمعروف أن المبني ل ينون ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫لعلك بارك الله فيك في بداية الحلقة القادمة نستمع منك هذا السؤال‬
‫لن الوقت انتهى الن‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪187‬‬

‫الدرس العشرون‬

‫‪F‬‬
‫الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬
‫اللهم ل سهل إل ما جعلته سهل وأنت تجعل الحزن سهل ً إذا شئت سهل‬
‫لنا أمورنا واغفر لنا ذنوبنا وارحمنا برحمتك يا رب العالمين ‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فالسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫بداية أرجو منك إعادة السؤال الذي أجلناه في آخر الحلقة الماضية‪،‬‬
‫وطلبنا منك تأجيله إلى هذه الحلقة‪ ،‬فتفضل بارك الله فيك ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ قال المصنف فأما المفرد العلم والنكرة المقصودة‬
‫فيبنيان على الضم من غير تنوين‪ ،‬فلماذا ذكر التنوين في المبني والمعروف‬
‫أنه ل ينون‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫معروف طبعا ً أن المبني ل ينون إل نادرا ً وذلك إذا أردت تنكيره كقولهم‬
‫مثل ً إيهٍ وصهٍ وما شاكل ذلك لكن صاحب الكتاب ليست هذه أول مرة يقول‬
‫هذا الكلم بل قاله في باب ل النافية للجنس قال واسمها منصوب من غير‬
‫تنوين لكن تعبيره بمنصوب تبعده نوعا ً ما أما قوله هنا مبني على الضم من‬
‫غير تنوين فهذا يؤكد لك أنه مبني وليس معرب هذا من باب التوكيد فقط‪.‬‬
‫ونبدأ بعون الله تعالى في إكمال ما تبقي بإذن الله تعالى في قول‬
‫َ‬
‫ت‬‫ضا ُ‬‫فو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ء‪ ،‬اَل ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن اَْل ْ‬
‫س َ‬ ‫م ْ‬‫ت ِ‬ ‫ضا ِ‬
‫فو َ‬‫خ ُ‬ ‫ب اَل ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫المصنف ( بَا ُ‬
‫ة‪,‬‬ ‫ض بِاْل ِ َ‬
‫ضا َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ة أَ‬‫ثََلث َ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫فو ٌ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬ ‫ف‪,‬‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ال‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ض‬
‫ٌ‬ ‫فو‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ ٍ‬‫وا‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫ض ) وقد‬
‫فو ِ‬ ‫خ ُ‬
‫م ْ‬‫ع لِل ْ َ‬ ‫وتَاب ِ ٌ‬‫َ‬
‫ذكرت لكم في الحلقة الماضية أن مثاله نحو قولك بسم الله الرحمن‬
‫الرحيم فلفظ اسم مجرور بالباء ولفظ الجللة مجرور بالضافة والرحمن‬
‫ض‬‫فو ُ‬ ‫خ ُ‬
‫م ْ‬ ‫فأ َ َّ‬
‫ما اَل ْ َ‬ ‫مجرور بالتبعبة ثم قال المصنف رحمه ( َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪188‬‬
‫علَى‪,‬‬‫و َ‬ ‫ن‪َ ,‬‬ ‫ع ْ‬ ‫و َ‬ ‫وإِل َ َى‪َ ,‬‬
‫ن‪َ ,‬‬‫م ْ‬ ‫خت َ ُّ‬
‫ص بِ ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫ف ُ‬ ‫ف َ‬ ‫حْر ِ‬‫بِال ْ َ‬
‫ف‬‫حُرو ِ‬ ‫وب ِ ُ‬‫وال ّلمِ‪َ ,‬‬ ‫ف‪َ ,‬‬‫والْكَا ِ‬ ‫ء‪َ ,‬‬ ‫والْبَا ِ‬ ‫ب‪َ ,‬‬ ‫وُر َّ‬ ‫في‪َ ,‬‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ب‪,‬‬ ‫َ‬ ‫و ُر ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَل َ‬
‫ْ‬
‫وا ِ‬ ‫وب ِ َ‬‫والت ّاءُ‪َ ,‬‬‫والبَاءُ‪َ ,‬‬ ‫و‪َ ,‬‬‫وا ُ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫سمِ‪َ ,‬‬ ‫ق َ‬
‫منْذُ ) ‪.‬‬ ‫و ُ‬‫مذْ‪َ ,‬‬ ‫وب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫الحقيقة أن المصنف سبق أن ذكر لنا حروف الجر في مكان آخر‪ ،‬في‬
‫أول هذه المقدمة لما تحدث عن الحروف بل عن تقسيمات الكلم قال‪،‬‬
‫ينقسم الكلم ثلثة أقسام ‪ :‬اسم وفعل وحرف‪ ،‬ثم ذكر علمات السماء ثم‬
‫ذكر علمات الفعال ثم انتقل بعد هذا فذكر الحروف فل نعيد ما سبق أن‬
‫شرحناه في حروف الجر ولكننا نعلم يا أيها الحباب أن هذه الحروف أولً‬
‫كلها مبنية ‪ ،‬إن وأخواتها والحروف النافية والحروف الجازمة للفعل‬
‫المضارع والحروف الناصبة للفعل المضارع كل هذه الحروف مبني ‪.‬‬
‫نعرف قضية أخرى أن الحروف هذه أعنى حروف الجر خاصة بالدخول‬
‫على السماء ول تدخل على غيرها نعرف أيضا ً أن هذه الحروف تعمل الجر‬
‫في السماء فأما تكرارها هنا فل بأس أن نذكر باستعراض سريع بعض‬
‫م‬‫سل ٌ‬ ‫ل﴿ َ‬ ‫المثلة التي وردت فيها هذه الحروف‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫جرِ ﴾[القدر‪ ]5:‬فمطلع هنا مجرور بحتى ومن ذلك مثلً‬ ‫مطْلَِع الْفَ ْ‬ ‫حتَّى َ‬ ‫ي َ‬ ‫هِ َ‬
‫م ﴾[البقرة‪ ]85:‬من‬ ‫ن دِيَارِه ِ ْ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ن فَرِيقا ً ِ‬
‫منْك ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫خرِ ُ‬‫ل ﴿ وَت ُ ْ‬ ‫قول الله عّز وج ّ‬
‫منَّا‬ ‫لآ َ‬ ‫ن يَقُو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫م َ َ‬
‫ن الن ّا ِ‬ ‫ل ﴿ وَ ِ‬ ‫جرت الكاف وجرت ديار‪ ،‬وقول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬
‫خرِ ﴾[البقرة‪ ]8:‬من جرت الناس والباء جرت لفظ الجللة‬ ‫بِالل ّهِ وَبِالْيَوْم ِ اْل ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن فِيهَا ِ‬ ‫حل ّوْ َ‬ ‫ل ﴿ يُ َ‬ ‫وجرت اليوم في قوله وباليوم الخر‪ ،‬وقول الله عّز وج ّ‬
‫َ‬ ‫ب ﴾[الكهف‪ ]31 :‬في جرت الهاء وقال الله عّز وج ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ضيت ُ ْ‬ ‫ل ﴿أَر ِ‬ ‫ن ذَهَ ٍ‬ ‫م ْ‬‫ساوَِر ِ‬ ‫أ َ‬
‫خَرةِ ﴾[التوبة‪ ]38 :‬فجرت من كلمة الخرة وقال الله عّز‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫مَ َ‬ ‫حيَاةِ الدُّنْيَا ِ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫َ‬
‫م ﴾[المائدة‪:‬‬ ‫جوهَك ُ ْ‬ ‫سلُوا وُ ُ‬ ‫صلةِ فَاغ ْ ِ‬ ‫م إِلَى ال َّ‬ ‫منُوا إِذ َا قُ ْ‬
‫مت ُ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ل ﴿ يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬ ‫وج ّ‬
‫‪ ]6‬إلى الصلة‪ ،‬الصلة مجرورة بإلى‪ ،‬وهكذا وقال الله سبحانه وتعالى ﴿‬
‫م﴾[البقرة‪:‬‬ ‫مالُهُ ْ‬
‫َ‬
‫ت أع ْ َ‬ ‫حبِط َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ت وَهُوَ كَافٌِر فَأُولَئ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن دِينِهِ فَي َ ُ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ن يَْرتَدِد ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫‪ ]217‬والشاهد في قوله عن دينه فقد جرت عن هنا كلمة دين وقال الله عّز‬
‫ك‬‫ل ﴿ تَبَاَر َ‬ ‫جَز ﴾[لعراف‪ ]135:‬وقال الله عّز وج ّ‬ ‫م الّرِ ْ‬ ‫شفْنَا ع َنْهُ ُ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ل ﴿ فَل َ َّ‬ ‫وج ّ‬
‫ن ع َلَى ع َبْدِهِ ﴾ [الفرقان‪ ]1:‬وقال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَي ْ ٌ‬
‫ل‬ ‫ل الْفُْرقَا َ‬ ‫الَّذِي نََّز َ‬
‫َ‬
‫م إ ِ ّل كِبٌْر‬ ‫صدُورِه ِ ْ‬ ‫ن فِي ُ‬ ‫ن﴾[المطففين‪ ]1:‬قال الله سبحانه وتعالى ﴿ إ ِ ْ‬ ‫مطَفِّفِي َ‬ ‫لِل ْ ُ‬
‫م فِي‬ ‫م بِبَالِغِيهِ ﴾[غافر‪ ]56 :‬فجرت الباء وقال سبحانه وتعالى ﴿ وَلَك ُ ْ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫صلِبَن ّك ُ ْ‬ ‫حيَاة ٌ ﴾[البقرة‪ ]179:‬في جرت وقال سبحانه وتعالى ﴿ وَل َ‬ ‫ص َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ال ِ‬
‫ل ﴾[طـه‪ ]71 :‬وأما ُرب فمن شواهدها قول الشاعر ‪:‬‬ ‫خ ِ‬ ‫جذ ُوِع الن َّ ْ‬ ‫فِي ُ‬
‫صرت في غيره بكيت عليه‬ ‫رب يوم بكيت منه فلما‬
‫رب يوم وقد جاءت رب هنا جارة لكلمة يوم والمثلة على حروف الجر‬
‫م‬ ‫ل تحصى ول تعد من حروف الجر‪ ،‬الكاف ومنه قول الله عز وج ّ َ‬
‫ل﴿أ ْ‬ ‫ّ‬
‫خلْقِهِ ﴾[الرعد‪ ]16 :‬فجرت الكاف ومنه قوله‬ ‫خلَقُوا ك َ َ‬ ‫شَركَاءَ َ‬ ‫جعَلُوا لِلَّهِ ُ‬ ‫َ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪189‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ﴾[النحل‪ ]77 :‬فجرت‬ ‫صرِ أوْ هُ َ‬ ‫ح الْب َ َ‬
‫م ِ‬ ‫ساعَةِ إ ِ ّل كَل َ ْ‬ ‫مُر ال َّ‬
‫ما أ ْ‬
‫سبحانه وتعالى ﴿ وَ َ‬
‫الكاف هنا‪ ،‬والمثلة على هذا كثيرة والحمد لله ولكننا سننتقل من هذا الباب‬
‫إلى باب المخفوض بالضافة‪ ،‬فاسمعوا رحمكم الله تعالى قول المصنف (‬
‫وأ َ‬
‫د" )‬ ‫م َزي ْ ٍ‬‫غَل ُ‬
‫ك" ُ‬ ‫ول ِ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫و‬
‫ُ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ة‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ضا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬
‫ُ ِ ِ‬‫ب‬ ‫ض‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫َ ّ َ‬
‫اعلم بارك الله فيك أن الضافة عامل للجر السم المضاف إليه مجرور‬
‫فما الذي جره أهو المضاف الذي جر المضاف إليه أم حرف مقدر بينهما‬
‫وهو الحرف الذي يؤدي معنى الضافة لكنك إذا قلت هذا قلم محمد فكأنك‬
‫قلت هذا قلم لمحمد فهل محمد هذه مجرورة بالضافة أو مجرورة باللم‬
‫المقدرة‪ ،‬قولن للنحويين والصحيح أنها مجرورة بالضافة يعني الذي جرها‬
‫هو السم المتقدم‪ ،‬حتى نسلم من التقدير‪ ،‬يعني للضافة أحكام يقول‬
‫الضافة ل تقع إل في السماء فل يوجد فعل مضاف ول مضاف إليه فإنما‬
‫الضافة خاصة بالسماء الحكم الثاني أن التنوين والضافة ل يجتمعان‪ ،‬إذا‬
‫جاء التنوين ذهبت الضافة وإذا جاءت الضافة ذهب التنوين ل يجتمعان أبداً‬
‫الحكم الثالث من أحكام الضافة‪ ،‬أنها ل تجتمع الضافة وال ولكن ليس هذا‬
‫على إطلقه فإنه قد يكون المضاف مقترنا ً بـ ال ومع ذلك يأتي المضاف‬
‫إليه مجرورا ً لكن هذا قليل وله مواضع محدودة ويشترطون فيه‪ ،‬يعني‬
‫لجواز أن تكون ال في المضاف والمضاف إليه ل يزال مجرورا ً يشترطون‬
‫فيه‪ ،‬أن يكون المضاف عامل ً في المضاف إليه‪ ،‬هذا واحد ‪.‬‬
‫والشرط الثاني‪ :‬أن يكون المضاف إليه مقترنا ً بـ ال أو مضافا ً إلى‬
‫مقترنا ً بـ ال أو مضافا ً إلى ضمير ما فيه ال ‪.‬‬
‫انتبه رحمك الله تقول مررت بالضارب الرجل‪ ،‬الضارب هذه فيها ال‬
‫وقد أضيفت إلى الرجل وهي مستوفية للشروط‪ ،‬لن الضارب يعمل في‬
‫الرجل‪ ،‬هذه واحدة‪ ،‬والشيء الثاني أن الرجل موجود فيه ال فهذا يجوز ل‬
‫ى أو مجموعا ً جمع مذكرا ً سالما ً وهو‬ ‫إشكال فيه‪ ،‬إل أن يكون المضاف مثن ً‬
‫عامل في المضاف إليه فإنه ل يلزم في المضاف إليه أن يكون مقترنا ً بـ ال‬
‫يعني تقول مررت بالضاربي زيد‪ ،‬لماذا ؟ قال لنه مثنى وزيد خالية من ال‬
‫صحيح ومع ذلك جاءت مجرورة بالضافة‪ ،‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬
‫فإنني لست يوما ً عنهما‬ ‫إن يغنيا عني المستوطنا عدن‬
‫بغني‬
‫مرة ثانية‪:‬‬
‫فإنني لست يوما ً عنهما‬ ‫إن يغنيا عني المستوطنا عدن‬
‫بغني‬
‫ً‬
‫المستوطنا هذا مثنى وقد جاء مقترنا بـ ال وأضيف على كلمة عدن‬
‫وعدن خالية من ال ل إشكال لماذا؟ لنه مثنى ‪.‬‬
‫الجمع‪ ،‬شاهده قول الشاعر ‪:‬‬
‫إلى الوشاة وإن كانوا‬ ‫ليس الخلء بالمصغي مسامعهم‬
‫ذوي عدد‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪190‬‬
‫مرة ثانية ‪:‬‬
‫إلى الوشاة وإن كانوا ذوي‬ ‫ليس الخلء بالمصغي مسامعهم‬
‫عدد‬
‫المصغي هنا أصله المصغون ولكن لما تقدمت عليه الباء جرت بالياء‬
‫بالمصغي ثم أضيف إلى مسامعهم‪ ،‬مسامعهم هنا ليست مقترنة بـ ال لكن‬
‫المضاف هنا وهم مقترنا ً بـ ال جمع مذكر سالم فل إشكال في اتصاله بـ ال‬
‫إذا ًَ مرة أخيرة ال والضافة ل يجتمعان‪ ،‬فل تقول مثل ً هذا القلم رجل ول‬
‫هذا القلم الرجل‪ ،‬ما يجوز لن المضاف هنا ليس وصفا ً عامل ً في المضاف‬
‫إليه‪ ،‬أما إن كان وصفا ً عامل ً في المضاف إليه فهو نوعان‪ ،‬نوع منه يكون‬
‫ى أو مجموعا ً هذا ما يلزم فيه أي شيء يمكنك أن تضيف فورا ً ولو كان‬ ‫مثن ً‬
‫ى ول مجموعا ً فلبد أن يكون المضاف‬ ‫مقترنا بـ ال وأما إن كان ليس مثن ً‬
‫ً‬
‫إليه إما مقترن بـ ال وإما مضاف إلى مقترن بـ ال‪ ،‬أو مضاف إلى ضمير‬
‫يعود على ما فيه ال ‪.‬‬
‫مثال المضاف إلى المقترن بـ ال الضارب الرجل ‪.‬‬
‫مثال المضاف إليه إذا كان مضافا ً لما فيه ال رأيت الضارب رأس‬
‫الجاني‪ ،‬وكذلك يجوز أن تقول رأيت الضارب رأس أخيه‪ ،‬لن الهاء تعود‬
‫على ما فيه ال وهو الضارب ننتقل إلى قول المصنف وهو يعني الضافة (‬
‫َّ‬
‫ن ) ثم قال‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫و‬
‫َِ َ َ‬ ‫‪,‬‬ ‫لم‬ ‫قدَُّر بِال‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ن ََ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ق ْ‬ ‫علَى ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫فاَل ّ ِ‬
‫قدَُّر بِال ِ‬
‫لم‬ ‫ذي ي ُ َ‬ ‫رحمنا الله وإياه ( َ‬
‫د" ) واعلموا بارك الله فيكم قبل أن نفصل أن بعضهم‬ ‫م َزي ْ ٍ‬ ‫غَل ُ‬ ‫و" ُ‬ ‫ح ُ‬‫نَ ْ‬
‫يقسم الضافة من الناحية المعنوية ثلثة أقسام فيقول أحيانا ً تكون بمعنى‬
‫اللم كقولك هذا كتاب محمد كأنك قلت هذا كتاب لمحمد‪ ،‬وأحيانا ً تكون‬
‫الضافة بمعنى من وذلك في نحو قولك هذا ثوب خز وهذا خاتم حديدٍ‬
‫فكأنك قلت هذا خاتم من حديد‪ ،‬أما الخير فهو أن تكون الضافة بمعنى في‬
‫ومنه كما يقولون وذلك إذا كان المضاف إليه ظرفا ً للمضاف ويستشهدون‬
‫َ‬
‫ل وَالنَّهَارِ ﴾[سـبأ‪ ]33 :‬يقولون‬ ‫مكُْر الل ّي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ﴿ بَ ْ‬‫له بنحو قول الله عّز وج ّ‬
‫التقدير والله أعلم بل مكٌر في الليل والنهار‪ ،‬وقد بدأنا بقول المصنف ما‬
‫يقدر باللم وما يقدر بمن فأما ما يقدر باللم فكما مثلت لكم‪ ،‬وأما ما يقدر‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ن‬‫ضعِفُوا لِل ّذِي َ‬ ‫ست ُ ْ‬‫نا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ّذِي‬ ‫ل ﴿ وَقا‬ ‫بمن فكما مثل وأما قول الله عّز وج ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه أنْدَاداً‬ ‫َ‬
‫ل لَ ُ‬‫جعَ َ‬ ‫ن نَكْفَُر بِالل ّهِ وَن َ ْ‬ ‫مُرونَنَا أ ْ‬ ‫ل وَالنَّهَارِ إِذ ْ تَأ ُ‬ ‫مكُْر الل ّي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ستَكْبَُروا ب َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حدُك ُ َ‬
‫ما‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن أ َّ‬ ‫ج ِْ‬ ‫س ْ‬‫ي ال ِّ‬ ‫حب َ َ ِ‬
‫صا ِ‬ ‫ل أيضا ً ﴿ يَا ْ َ‬ ‫﴾[سـبأ‪ ]33:‬وكقول الله عّز وج ّ‬
‫سهِ ﴾[يوسف‪]41:‬‬ ‫ن َرأ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الط ّيُْر ِ‬ ‫ب فَتَأك ُ ُ‬ ‫صل َ ُ‬ ‫خُر فَي ُ ْ‬ ‫ما اْل َ‬ ‫مرا ً وَأ َ َّ‬‫خ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سقِي َرب َّ ُ‬ ‫فَي َ ْ‬
‫والشاهد عندنا في قوله يا صاحبي السجن لنه أحيانا ً يكون الظرف ظرفاً‬
‫َ‬
‫ل ﴾ وأحيانا ً يكون ظرفا ً مكانيا ً كقول الله‬ ‫مكُْر الل ّي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫زمانيا ً كقوله تعالى ﴿ ب َ ْ‬
‫ن ﴾ وهذا هو المقصود بكلمه من أنه لبد أن‬ ‫ج ِ‬‫س ْ‬‫ي ال ِّ‬ ‫حب َ ِ‬
‫صا ِ‬‫ل ﴿ يَا َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫يكون أو بقول بعض النحويين أن الضافة قد تتضمن معنى فيه‪ ،‬أما قول‬
‫المصنف فالذي يقدر باللم نحو غلم زيد هذا المثال وأمثاله أكثر ما تقع‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪191‬‬
‫الضافة عليه‪ ،‬أكثر شيء في الضافة أن تكون بمعنى اللم وذلك كقولك‬
‫هذا كتاب محمد أو هذا قلم عبد الله أكثر ما تكون الضافة بمعنى اللم‬
‫واللم هذه تعني الملكية‪ ،‬أو الختصاصية أحيانا ً ما تكون ملكية مثل ً تقول‬
‫هذا سرج الفرس هو ل يملك شيئا ً لكنه مثل يعني يختص به‪ ،‬وهذا غطاء‬
‫السرير ليس السرير يملك الغطاء وإنما هو من خصوصياته هذا أول ً أما ما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫و‬‫ُ‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‪,‬‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ُ ِ ْ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫وال‬ ‫كان بمعنى من فكقوله قال المؤلف ( َ‬
‫د ) والضافة التي‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬‫خات َ ُ‬ ‫و" َ‬
‫ج" َ‬‫سا ٍ‬
‫ب َ‬ ‫و"بَا ُ‬
‫ز" َ‬‫خ ٍّ‬
‫ب َ‬
‫و ُ‬‫"ث َ ْ‬
‫بمعنى من يا شيخ يشترط فيها أن يكون المضاف بعضا ً من المضاف إليه‬
‫وأن يصح هذا الشرط الثاني أن يصح الخبار بالمضاف إليه عن المضاف‬
‫وذلك في نحو قولك هذا خاتم حديد انتبه يا شيخ الخاتم أليس بعض الحديد؟‬
‫بلى إنه بعض الحديد‪ ،‬طيب أل يصح أن تقول الخاتم حديد ٌ ؟ يمكن يصح‬
‫فيصح الخبار بالمضاف إليه عن المضاف فقد اجتمع الشرطان إذا الضافة‬
‫فيه بمعنى من هناك بعض الحكام المتعلقة بالضافة وهي مهمة وضرورية‬
‫ولبد أن نذكرها وهي أن معظم النحويين يقسمون الضافة قسمين‪ ،‬إضافة‬
‫معنوية وإضافة لفظية فأما الضافة المعنوية يا أيها الحباب فهي التي‬
‫يستفيد فيها المضاف من المضاف إليه إما تعريفا ً وإما تخصيصا ً يستفيد‬
‫المضاف من المضاف إما التعريف وإما التخصيص‪ ،‬والمضاف الذي يستفيد‬
‫من المضاف إليه التعريف نحو قولك قلم محمد فإن كلمة قلم كانت نكره‬
‫فلما أضفتها إلى كلمة محمد اكتسبت التعريف وأما ما كان مستفيداً‬
‫التخصيص فنحو قولك هذا قلم رجل‪ ،‬أنت حينئذ أضفتها إلى نكرة فلم‬
‫تستفد التعريف ولكنها استفادت تقليل الشيوع والنتشار في الذاكرة فبدل‬
‫كانت عامة في أنك تقول هذا قلم فيمكن أن يكون قلم رجل يمكن أن‬
‫يكون قلم امرأة يمكن أن يكون قلم طالب يمكن أن يكون قلم زيد يمكن‬
‫أن يكون قلم عبيد فلما ضيقت فقلت هذا قلم رجل خففت الشتراك الذي‬
‫كان موجودا ً في كلمة قلم‪ ،‬هذا هو النوع الول وهو يسمى بالضافة‬
‫المعنوية‪ ،‬الضافة المعنوية وهي التي يستفيد فيها المضاف من المضاف‬
‫إليه تعريفا ً إذا كان المضاف إليه تعريفا ً أو تخصيصا ً إذا كان المضاف إليه‬
‫نكرة ‪.‬‬
‫فأما الضافة المعنوية فقد أنهينا الحديث فيها وهي ما يكتسب المضاف‬
‫من المضاف إليه إما التعريف إذا كان المضاف إليه معرفة وإما التخصيص‬
‫إذا كان المضاف إليه نكرة‪ ،‬أما الضافة اللفظية فل يستفيد المضاف من‬
‫المضاف إليه إل التخفيف فقط فمتى تكون الضافة لفظية‪ ،‬تكون الضافة‬
‫لفظية انتبه إذا كان المضاف وصفا ً عامل ً في المضاف إليه ما المراد‬
‫بالوصف المراد بالوصف اسم الفاعل أو اسم المفعول‪ ،‬أو الصفة المشبهة‪.‬‬
‫مرة ثانية‪،‬تكون الضافة اللفظية وهي التي ل يستفيد المضاف من‬
‫المضاف إليه إل التخفيف‪ ،‬وذلك إذا كان المضاف وصفاً‪ ،‬والمقصود‬
‫بالوصف اسم الفاعل أو اسم المفعول أو الصفة المشبهة عامل ً في‬
‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬
‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪192‬‬
‫المضاف إليه‪ ،‬فهي تستفيد منه التخفيف‪ ،‬كيف التخفيف هذا ؟ قال‬
‫التخفيف هو أنه بدل أن تقول هذا ضارب زيداً‪ ،‬تحذف التنوين هذا فيخف‬
‫الكلم فتقول هذا ضارب زيدٍ‪ ،‬إذا ً ما هو دليلك على أن الضافة اللفظية ل‬
‫يستفيد المضاف من المضاف إليه تعريفا ً ول تخصيصيا ما دليلك ؟ بيّن لنا‬
‫إذا كان عندك دليل قال عندي أدلة ‪.‬‬
‫ل ﴿ هَدْيا ً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾[المائدة‪ ]95 :‬هديا ً نكرة أم‬ ‫أولها ‪ :‬قول الله عّز وج ّ‬
‫معرفة أيها الخوان؟ هديا ً نكرة بالغ الكعبة‪ ،‬بالغ مضاف إلى الكعبة‪ ،‬الكعبة‬
‫علم وقد أضيف أو على القل قل مقترنة بـ ال قد أضيفت بالغ إلى الكعبة‬
‫لو كانت استفادت التعريف لما جاز أن نصف بها النكرة‪ ،‬هديا ً بالغ الكعبة‪،‬‬
‫وصف الهدي هذا بأنه بالغٌ الكعبة‪ ،‬ومع ذلك جاز وقوعه وصفا ً لكلمة هدي‬
‫مع أنها نكرة هذا من الدلة التي وردت على أن المضاف في الضافة‬
‫اللفظية ل يستفيد من المضاف إليه تعريفا ً ول تخصيصا من ذلك‪ ،‬من‬
‫ل فِي اللَّهِ بِغَيْرِ ِ ْ‬ ‫جاد ِ ُ‬ ‫م َ َ‬ ‫الشواهد أيضا قول الله عّز وج ّ‬
‫علمٍ‬ ‫ن يُ َ‬‫م ْ‬ ‫س َ‬‫ن الن ّا ِ‬ ‫ل ﴿ وَ ِ‬
‫ف ِه﴾ ــ[الحج‪ ]9:‬انتبه رحمك الله‪ ،‬ثاني‬ ‫عط ْ ِ‬‫ي ِ‬ ‫منِيرٍ ﴿‪ ﴾8‬ثَان ِ َ‬ ‫ب ُ‬
‫وَل هُدىً وَل كِتَا ٍ‬
‫عطفه‪ ،‬ما إعراب ثاني عطفه ؟ ثاني هذه حال وهي مضافة إلى عطفه‪،‬‬
‫عطفه هذا معرفة لنه عطف مضاف إلى الهاء والهاء هذه ضمير فقد‬
‫اكتسبت عطف المعرفة أو التعريف بسبب الضافة‪ ،‬ومع ذلك وقعت هذه‬
‫الكلمة وهي كلمة ثاني وقعت حالً‪ ،‬فلو كانت اكتسبت التعريف لما جاز‪،‬‬
‫لننا ذكرنا لكم أن الحال ما تكون معرفة وإنما تكون نكرة‪ ،‬هذا جانب أهمله‬
‫المصنف رحمه الله‪ ،‬ولم يتحدث عنه‪ ،‬وهو من أكثر الضرورات للحديث عنه‬
‫في تنويع أو في بيان المضاف أو في بيان الضافة وتقسيمها إلى كونها‬
‫إضافة لفظية أو كونها إضافة معنوية أيضا ً يا أيها الحباب قد يكتسب‬
‫المضاف من المضاف إليه تذكيرا ً أحيانا ً وتأنيثا ً أحيانا ً وقد يكتسب غير ذلك‪،‬‬
‫وقد يكتسب التخصيص كما ذكرنا لكم فيما مضى من المثلة أما اكتساب‬
‫المضاف من المضاف إليه‪ ،‬يقول مما استفاد منه المضاف التأنيث من‬
‫ُ‬
‫م ل تَقْتُلوا‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ل قَائ ِ ٌ‬
‫ل ِ‬ ‫ل ﴿ قَا َ‬ ‫المضاف إليه قراءة من قرأ قول الله عّز وج ّ‬
‫يوس َ َ‬
‫سيَّاَرةِ ﴾[يوسف‪ ]10:‬قُرأت‬ ‫ض ال َّ‬‫ه بَعْ ُ‬‫ب يَلْتَقِط ْ ُ‬‫ج ِّ‬ ‫ف وَألْقُوه ُ فِي غَيَاب َ ِ‬
‫ت ال ْ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫تلتقطه بعض السيارة‪ ،‬قُرأت تلتقطه بعض السيارة كلمة بعض هذه مذكر‬
‫لكن بسبب إضافاتها إلى كلمة السيارة‪ ،‬وهي مؤنثة‪ ،‬اكتسبت التأنيث فجاز‬
‫أن يقال تلتقطه بعض السيارة‪ ،‬العكس قد يكتسب المضاف المؤنث‬
‫التذكير من المضاف إليه ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫وعقل عاصي الهوى‬ ‫إنارة العقل مكسوف بطوع هوى‬
‫يزداد تنوير‬
‫فقوله إنارة هنا مؤنث وأضيفت إلى العقل‪ ،‬والعقل مذكر‪ ،‬لما أخبر عنها‬
‫قال مكسوف فاستفادت كلمة إنارة‪ ،‬التذكير من كلمة العقل بدليل الخبار‬
‫عنها بقوله مكسوف ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪193‬‬
‫من المسائل التي لم يذكرها ابن آجروم في باب الضافة وكان ينبغي‬
‫ذكرها ما ذكره ابن هشام في قوله الغالب في السماء أن تكون صالحة‬
‫للضافة والفراد كغلم وثوب‪ ،‬ولكن بعض السماء تمتنع إضافتها الغالب‬
‫فيها أنه يصلح كل كلمة أو الغالب في السماء أنها تصلح للضافة بعض‬
‫السماء يمتنع أن تضيفها يمتنع أن تجعلها مضافة من هذه السماء الضمائر‬
‫ومنها أسماء الشارة ومنها السماء الموصولة كلها ما عدا كلمة واحدة وهي‬
‫كلمة أي فإن السماء الموصولة ل يجوز إضافتها وأسماء الشارة ل يجوز‬
‫إضافتها والضمائر ل يجوز إضافتها أبداً‪ ،‬هذه من الشياء التي كان يجدر‬
‫التنبيه بها أو التنبيه إليها‪ ،‬من السماء أيضا ً ما هو ملزم للضافة بعضها‬
‫ملزم الضافة إلى مفرد وبعضها ملزم الضافة إلى الجمل وبعضها ملزم‬
‫الضافة إلى الضمير‪ ،‬وبعضها ملزم الضافة إلى السم الظاهر وهكذا‬
‫وبعضها يجوز أن يكون مضافا ً لكذا ويكون مضافا ً لكذا‪ ،‬مما يلزم الضافة‬
‫إلى المفرد ألفاظ يجوز قطعها عن الضافة وهي مثل كلمة كل وكلمة بعض‬
‫يمكن يعني هي في الصل مضافة ولكن أحيانا ً تقطع عن الضافة فتنون‬
‫ويعوض التنوين عن المضاف إليه‪ ،‬منها أسماء ملزمة للضافة دائما ً تكون‬
‫مضافة وهي كلمة أي‪ ،‬أي هذه لبد أن تكون مضافة ومن ذلك قول الله عّز‬
‫ن ﴾[النعام‪ ]81 :‬أيضا ً من السماء الملزمة‬ ‫م‬ ‫حقُ باْل َ‬ ‫ل ﴿ فَأَيُ الْفَريقَين أ َ‬ ‫وج ّ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫للضافة ول يضير أحيانا ً تضاف إلى ضمير وأحيانا ً تضاف إلى اسم ظاهر‬
‫كلمتان هما كل وكلتا إذا أضيفتا إلى الضمير أعربتا إعراب المثنى وإذا‬
‫أضيفتا إلى السم الظاهر أعربتا إعراب السم المكسور ‪.‬‬
‫هناك أسماء أيضا ً ملزمة للضافة إلى الضمير فقط وهي كلمة واحدة‪،‬‬
‫وهي كلمة وحد فل تستطيع أن تقول وحد محمد مثل ً بل لبد أن تقول إما‬
‫وحدي أو وحدنا أو وحدكم‪ ،‬أو ما شاكل ذلك كلمة وحد دائما ً منصوبة على‬
‫الحالية ومع أنها دائما ً ملزمة للضافة مع الضمير ومع ذلك تسامحوا فيها‬
‫فجعلوا إعرابها حال ً مع أنها مضافة إلى معرفة‪ ،‬هذه من المعارف الملزمة‬
‫للضافة ولعرابها حال ً من شواهدها قول الشاعر‪:‬‬
‫ول أملك رأس البعير إن‬ ‫أصبحت ل أحمل الســلح‬
‫نفـر‬
‫وحدي وأخشى الرياح‬ ‫والذئب أخشاه إن مررت به‬
‫والمطر‬
‫الشاهد في قوله كلمة وحدي ‪.‬‬
‫من السماء أيضا ً يا أيها الحباب يلزم إضافته إلى الجمل وهي ألفاظ‬
‫محدودة وهي إذ‪ ،‬وإذا‪ ،‬وحيث‪ ،‬هذه السماء الثلثة لبد أن تكون دائماً‬
‫َ‬
‫م قَلِي ٌ‬
‫ل‬ ‫ل ﴿ وَاذ ْكُُروا إِذ ْ أنْت ُ ْ‬
‫مضافة إلى جمل ومن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫﴾[لنفال‪ ]26 :‬إذ هنا مضافة إلى جملة أنتم قليل‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى ﴿‬
‫م قَلِيل ً ﴾ [العراف‪. ]86 :‬‬ ‫وَاذ ْكُُروا إِذ ْ كُنْت ُ ْ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪194‬‬
‫ت فَوَ ِّ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ث َ‬‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫ل ﴿ وَ ِ‬ ‫وأما حيث فمن شواهدها قول الله عّز وج ّ‬
‫رام﴾[ــالبقرة‪. ]149:‬‬ ‫ح َ ِ‬‫جد ِ ال ْ َ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫شطَْر ال ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫جه َ َ‬ ‫وَ ْ‬
‫مما يلزم الضافة إلى الجمل الفعلية التي ذكرناها قبل قليل يجوز‬
‫إضافتها إلى جمل اسمية أو جمل فعلية لكن الذي أذكره الن يجب إضافته‬
‫إلى جمل فعلية فقطن يجب إضافته إلى جمل فعلية وذلك كلمة لما عند‬
‫من يرى أنها اسم بمعنى حين‪ ،‬إن بعضهم يرى أنها أداه للربط فقط‬
‫وليست اسما ً لكن الذين يرون أنها اسم يرون أنها واجبة الضافة إلى‬
‫ٌ َّ‬ ‫َ‬
‫ن وَلى‬ ‫ما َرآهَا تَهْتَُّز كَأنَّهَا َ‬
‫جا ّ‬ ‫ل ﴿ فَل َ َّ‬ ‫الجمل الفعلية‪ ،‬ومن ذلك قول الله عّز وج ّ‬
‫ب ﴾[النمل‪ ]10 :‬الشاهد عندنا في قوله فلما رآها فقد أضيفت‬ ‫م يُعَقِّ ْ‬‫مدْبِرا ً وَل َ ْ‬‫ُ‬
‫كلمة لما إلى جملة رآها وهذا واجب في إضافتها إلى الجمل لكن عند من‬
‫يرى أنها ليست حرف للربط وإنما هي اسم فيرون أنها واجبة الضافة‬
‫وهناك من يرى أيضا ً أن كلمة إذا مما يجب إضافته إلى الجمل الفعلية‬
‫خاصة والحقيقة أنه بتتبع كلم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم وكلم‬
‫المعتد به ممن يحتج بشعره وجدنا أن إذا تدخل على الجمل السمية كثيراً‬
‫وانظر إلى أول سورة التكوير على سبيل المثال فإنك ستجد أن ما بعدها‬
‫جمل اسمية مع أن بعضهم يرى أنها فاعل لفعل محذوف ونحن لسنا بحاجة‬
‫إلى هذا التقدير ما دام يمكن أننا نعربها مبتدأ وما بعدها خبر لها فل مانع‬
‫ماءُ‬ ‫ت ﴿‪ ﴾8‬وَإِذ َا ال َّ‬
‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م طُ ِ‬ ‫ل ﴿ فَإِذ َا الن ُّ ُ‬
‫جو ُ‬ ‫ومنه أيضا ً قول الله عّز وج ّ‬
‫ل نسفَت ﴿‪ ﴾10‬وإذ َا الُرس ُ ُ‬
‫ت ﴾[المرسلت‪ ]11-8:‬كما‬ ‫ل أقِّت َ ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َِ‬ ‫جبَا ُ ُ ِ ْ‬ ‫ت ﴿‪ ﴾9‬وَإِذ َا ال ْ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫فُرِ َ‬
‫ترون يا أيها الحباب كلها هذه جاء بعد كلمة إذا جمل اسمية وهو أولى من‬
‫اعتبارها اعتبار كل كلمة منها فاعل لفعل محذوف حتى نخص كلمة إذا لنه‬
‫يجب دخولها أو يجب إضافتها إلى الجمل الفعلية‪ ،‬هذا أولى عندي والله‬
‫أعلم بالصواب‪ ،‬ونكتفي بهذا القدر من شرح هذا الكتاب الجليل ونسأل الله‬
‫ل أن يكون فيه النفع والفائدة للجميع لمن تكلم ولمن سمع‪ ،‬ولمن‬ ‫عّز وج ّ‬
‫يسمع في مستقبل اليام إنه ولي ذلك والقادر عليه قبل ختام هذه الحلقة‬
‫نفتح المجال للسئلة سواء في هذا الدرس أو فيما مضى من الدروس‬
‫وتفضلوا بارك الله فيكم ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خير‪ ،‬سؤال يتعلق بدرس الستثناء‪ ،‬حيث أنكم بارك الله‬
‫فيكم لم تذكروا لنا المستثنى بغير وسوى ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيكم ربما كان هذا لني لم أَر الموضع الذي تحدث فيه ابن‬
‫آجروم عن غير وسوى وهو قد تحدث عن غير وسوى لكنه غير وسوى أولً‬
‫هما اسمان يدلن على الستثناء ‪.‬‬
‫ثانيا ً هما دائما ً يكون ما بعدهما وهو المستثنى مجرورا بالضافة‪ ،‬مجرور‬
‫ً‬
‫دائما ً ما بعد غير وما بعد سوى‪ ،‬والسؤال الن عن غير وسوى كيف نعربها ؟‬
‫أما سوى فل تظهر عليها علمة العراب لنها اسم مقصور فل يتبين أهي‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪195‬‬
‫مرفوعة أم منصوبة أم مجرورة فلسنا في مشكلة من كلمة سوى ولكنها‬
‫في الصحيح تعامل معاملة غير‪ ،‬طيب ما معاملة غير‪ ،‬غير يا أيها الحباب‬
‫تعامل بما يستحقه السم الواقع بعد إل فإذا كان السم الواقع بعد إل في‬
‫المثال الذي فيه كلمة غير يستحق أن يكون منصوبا ً فانصب كلمة غير إذا‬
‫كان يستحق أن يكون مرفوعا ًَ ارفع مجرورا ً جر وهكذا‪ ،‬هي تعامل بنفس‪،‬‬
‫وأمثل لكم بعض المثلة حتى ينجلي الشكال إذا قلت قام القوم غير رجل‬
‫هذا نصب لن الستثناء تام موجب ما قام القوم غيُر الولى ويجوز أن تقول‬
‫غيَر ما ذكرت المستثنى هنا تقول ما قام غيُر تقول أيضا ً ما مرر ُ‬
‫ت بغيرِ إذا‬
‫كان الستثناء مفرغا ً وتقول أيضا ً ما مررت بأحد ٍ غيرِ ويجوز لك مرجوحا ً غيَر‬
‫لن الستثناء تام غير موجب إذا كان الستثناء فيها منقطعا ً يعني ما بعد غير‬
‫ليس من جنس المستثنى فإنه يجب فيها النصب‪ ،‬فتقول قام الرجال غير‬
‫امرأة‪ ،‬وما قام الرجال غير امرأة وهكذا ما دام المستثنى أو ما دام‬
‫الستثناء منقطعا ً فإنك تعامل كلمة غير في غير ما يستحقه السم الواقع‬
‫بعد إل وأظن هذا واضح‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫جزاكم الله خيرا ً فضيلة الشيخ‪ ،‬لما يقولون الجار والمجرور متعلقان‬
‫بالفعل وما معناها‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫بارك الله فيك‪ ،‬هذا سؤال كثيرا ً ما يسأل عنه‪ ،‬الظرف والجار والمجرور‬
‫يقولون ل يستقلن بأنفسهما بل لبد أن يتعلقا بشيء أحيانا ً ما يتعلقان به‬
‫يكون فعل ًُ وهذا هو الغالب‪ ،‬الغالب أن يكون ما يتعلقان به فعل ً وذلك إذا‬
‫كان معك فعل في الجملة التي ذكرتها‪ ،‬فإنهما ما يتعلقان بالفعل المذكور‬
‫هذا أحيانا ً يتعلقان بخبر‬
‫محذوف كقولك زيد في الدار أحيانا ً يتعلقان بحال أحيانا ً يتعلقان بصفة‬
‫أحيانا ً يتعلقان بفعل واقع صلة للسم الموصول لكنهما ل يستقلن بنفسيهما‬
‫بل لبد أن يكون هناك شيء يتعلقان به وهذا كثيرا ً ما يسأل عنه فل لوم‬
‫عليك في هذا السؤال بل هو سؤال في مكانه‪ ،‬نعم‪ ،‬تفضل ‪.‬‬
‫سأل أحد الطلبة‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ أفادكم الله ما ضابط التفريق بين لم الختصاص ولم‬
‫الستحقاق ولم الملك ؟‬
‫أجاب الشيخ‪:‬‬
‫لم الستحقاق‪ ،‬ولم الختصاص ولم الملك هذه أول ً بارك الله فيك‬
‫وفى السامعين هذه من معاني اللم وحروف الجر أو معظم حروف بل كل‬
‫حروف الجر لها معان بعضها يعني أصلي لها أو الغالب أن يكون بهذا الصل‬
‫وبعضها يكون معنا ً فرعياً‪ ،‬بعضها يكون معنا ً فرعياً‪ ،‬فعلى سبيل المثال اللم‬
‫هذه التي ذكرت يقولون الصل في اللم أنها للملكية للملك قال الله عّز‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ض﴾[البقرة‪ ]284 :‬يعني ملك ما في‬ ‫ما فِي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬
‫ماوَا ِ‬ ‫ما فِي ال َّ‬
‫س َ‬ ‫ل ﴿ لِل ّهِ َ‬
‫وج ّ‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬


‫شرح متن الجرمية – فضيلة الشيخ الدكتور حسن حفظي‬
‫‪196‬‬
‫السماوات والرض لله أحيانا تكون دالة على الختصاص‪ ،‬أحيانا ً تكون دالة‬
‫على الستحقاق أحيانا تكون دالة على التعليل أحيانا ً تكون كذا أحيانا ً تكون‬
‫كذا فهذه من المعاني التي تقع لها حروف الجر وقد خص بعض النحويين‬
‫كتبا ً ألفوها عن معاني حروف الجر أذكر منها مغني اللبيب عن كتب‬
‫العاريب وهو لبن هشام فقد ذكر فيه معاني حروف الجر أذكر منها كتاب‬
‫رصف المباني في حروف المعاني وهو كتاب للمالقي أذكر منها أيضا ً كتاب‬
‫الجنى الداني في حروف المعاني‪ ،‬وهذه الكتب كلها يعني كثيرا ً يعني ذكروا‬
‫فيها كثيرا ً من المعاني المتعلقة بالحروف كل حرف على حاله وفيها‬
‫تفصيلت دقيقة وتفصيلت طيبة‪ ،‬نعم‬
‫ما بقي عندكم إذا ً ما بقي عندنا إل أن نقول وبالله التوفيق‬
‫قد مرت بنا رحلة ونحن نقرأ في هذا الكتاب وهو كتاب مقدمة ابن‬
‫آجروم في النحو وهو كتاب مختصر وجيز ولكن الله سبحانه وتعالى هيئ له‬
‫من يقوم بشرحه على مدى الوقت منذ ألفه صحابه وإلى الن ونحن من‬
‫الذين قاموا بشرحه وقاموا بالستماع إليه ولعل في تتبع الناس لهذا الكتاب‬
‫وكثرة شرحهم له وعنايتهم به لعل فيه دللة والله أعلم على نية الرجل‬
‫كانت خالصة وكانت طيبة وقد قال السيوطي لما تحدث عن صاحب هذا‬
‫الكتاب وعن تأليفه قال إنه ألفه وهو تجاه الكعبة‪ ،‬ألفه في البيت الحرام‪،‬‬
‫ألف هذا الكتاب الصغير الموجز الذي أرى أنه نافع جدا ً لحتوائه على كثير‬
‫من أبواب النحو‪ ،‬احتواءً جعل هذه المادة ملمومة بشكل كبير جدأً‬
‫ومستوعب فلم يدع في كثير من البواب شيئا ً يمكن أن يقال إل وقاله ‪،‬‬
‫صحيح إنه كان يقول هذا الكلم بإيجاز شديد ولكن هذا اليجاز كان إيجازاً‬
‫غير مخل في الغالب‪ ،‬ولك ليس النحو هو كلن لم يقل في كتابه هذا كل‬
‫النحو إنما قال نتفا ً من النحو تنفع لعامة الناس تنفع للمبتدأ فيحفظها وتنفع‬
‫للمتوسط فيتوسع في شرحها وتنفع للمتقدم فيأخذ كتبا ً أخرى ينظر فيها ما‬
‫يتعلق بهذه المور فينظر في شرحها وما قاله النحويون فيها ‪.‬‬
‫فأنا أرجو أن يكون في هذه المقدمة النفع الكثير لمن قرأها ولمن‬
‫سمعها ولمن شرحها ولم يبقى لنا إل أن نختم مجالسنا هذه بالدعاء المأثور‬
‫عن الرسول صلى الله عليه وسلم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ل إله‬
‫إل أنت نستغفرك اللهم ونتوب إليك ‪.‬‬
‫اللهم اجعل عملنا هذا خالصا ً لوجهك الكريم‪ ،‬وتقبله منا إنك أنت‬
‫السميع العليم واغفر لنا وللسامعين والمشاهدين إنك ولى ذلك والقادر‬
‫عليه ‪.‬‬
‫وصلى اللهم وسلم وبارك على من أرسلته رحمة للعالمين نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ‪.‬‬

‫تنسيق وترتيب أخيكم ( السني )‬

You might also like