Professional Documents
Culture Documents
كن ربانيا ولا تكن رمضانيا
كن ربانيا ولا تكن رمضانيا
كن ربانيا ولا تكن رمضانيا
إن الحمسسد ل نحمسسسده ونسسستعينه ونسسستغفره ونعوذ بال مسسن شرور أنفسسسنا وسسسيئات
أعمالنا من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادى له وأشهد أل إله إل ال وحده ل
شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
[ آل سلِمُونَ حقّ ُتقَاتِ ِه وَلَ َتمُو ُتنّ ِإ ّل وَأَنْتُمْ ُم ْلّ َ
يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ
عمران . ] 102 :
خ َلقَ مِ ْنهَا َز ْوجَهَا وَبَثّ س وَاحِدَ ٍة َو َ خ َلقَكُمْ ِمنْ َنفْ ٍيَاأَ ّيهَا النّاسُ ا ّتقُوا رَبّ ُكمُ الّذِي َ
علَيْكُمْ
مِ ْنهُمَا ِرجَالً كَثِيرًا وَنِسَا ًء وَا ّتقُوا الَّ الّذِي تَسَا َءلُونَ ِب ِه وَالَ ْرحَامَ ِإنّ الَّ كَانَ َ
رَقِيبًا [ النساء . ] 1 :
ح لَكُمْ َأعْمَالَكُ ْم وَيَ ْغفِـرْ
صلِ ْ
سدِيدًا(ُ )70ي ْ لّ وَقُولُوا َقوْلً َ يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ
لّ وَرَسُـولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا [ الحزاب . ] 71-70 : لَكُمْ ذُنُوبَ ُك ْم وَ َمنْ ُيطِـعِ ا َ
أما ب عـد -:
فإن أصدق الحديث كتاب ال ،وخسير الهدى هدى محمد ،وشر المور محدثاتها
وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضللة ،وكل ضللة فى النار.
أحبتى فى ال ..
إننا اليوم على موعسد مع لقاء من الهمية البالغة بمكان وهو بعنوان كن ربانياً ول
تكن رمضانياً ،وكما تعودنا دائماً حتى ل ينسحب بساط الوقت من بين أيدينا فسوف
نركز هذا الموضوع فى العناصر التالية :
أولً :الثوابت اليمانية .
ثانياً :عرفت فالزم .
ثالثاً :استعن بال ول تعجز .
فأعيرونى القلوب والسماع والوجدان أيها الحبة ،وال أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هسداهم ال ،وأولئك هم أولو اللباب .
أولً :الثوابت اليمانية .
أحبتى فى ال :
ها هو رمضسان قد انتهى فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد فات ومن كان يعبد
ال فإن ال حسى ل يمسسوت ،لقسد انتهسى شهسر الصسيام ،انتهسى شهسر القيام والقرآن ،انتهسى
شهر البر والجود والحسان ،ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر .فليت شعرى من
المقبول منا فى رمضان فنهنيه ،ومن من المطرود المحروم منا فنعزيه .
خطب الشيخ محمد حسان
106
فيا عين جودى بالدمسع من أسف على فراق ليالسى ذات أنسوا ِر
على ليالى لشهر الصسوم ما جعلت إل لتمحيسص آثسسام وأوزارِ
ما كسان أحسننا والشمل مجتمسع منا المصلى و منا القانط القارى
ما قد بقى إخوانى من فضل أعمارى فابكوا على ما مضى فى الشهر و اغتنموا
أيها الفضلء العزاء :
ممسسا ل ريسسب فيسسه أن ال جسسل وعسسسل قسسد فضسسل شهسسر رمضسسسان على سسسائر الشهور
والزمان ،واختصسه بكثيسر مسن رحماتسه وبركاتسه ،ويسسر ال فيسه الطاعسة لعباده ممسا ل
يحتسساج إلى دليسل أو برهسسان ،فأنست ترى المسسلمين فسى رمضان ينطلقون بأريحيسة ويسسر
غلّقست أبسسواب الجحيسم ،وفتحست إلى طاعسة الرحيسم الرحمسن جسل وعسسل ،ولم ل ؟! وقسد ُ
أبسواب النعيم ،وغسل فيه مسردة الجن والشياطين ،فأنت ترى الناس تقبل على طاعة ال
وعبادتسه بأريحيسة عجيبسة ،ولكسن مسا يحسسزن القلب ويؤلم النفسس أنسك ترى كثسسيراً ممسن
عطروا بأنفاسسهم الذكيسة المسساجسد فسى رمضان يعرضون عسن طاعسة ال رب البريسة بعسد
رمضان ،وكأنهسسم فسسى رمضان يعبدون ربسسا أخسسر ،فاليمان له ثواب ل يسسستغنى عنهسسا
ل الصلة :من من المؤمنسين الصادقين يستغنى المؤمن حتى يلقى الكبير المتعال ،فمث ً
عسن الصسلة بعسد رمضان ؟! انظسر إلى المسساجد فسى رمضان ،وانظسر إلى ذات المسساجد
بعد رمضان .
أيهسا الموحدون :هسل يسستغنى مؤمسن صسادق مسع ال عسن هذا الصسسل الصسيل وعسن هذه
الثوابست اليمانيسة حتسى يلقسى رب البريسة وهسو الركسن الثانسى مسن أركان هذا الديسن قال
[ .البقرة ] 238 : سطَى وَقُومُوا لِّ قَانِتِينَ
صلَةِ ا ْل ُو ْ
ت وَال ّ ص َلوَا ِ
علَى ال ّ تعالى :حَا ِفظُوا َ
وقال جسسل وعل :يَاأَيّهَا الّذِين َـ ءَامَنُوا ارْكَعُوا وَاس ْـجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبّكُم ْـ وَافْ َعلُوا
[ الحج ] 77 : ا ْلخَيْ َر لَ َعلّكُمْ ُت ْف ِلحُونَ
وحذر ال أشد التحذير من تضييع الصلة ومن تركها فى رمضان أو غير رمضان
ش َهوَاتِـ فَسَـ ْوفَ خلْفٌـ أَضَاعُوا الصّـلَ َة وَاتّبَعُوا ال ّ خلَفَـ مِنْـ بَعْ ِدهِمْـ َفقال جسل وعل َ :ف َ
[ مريم ] 59 : ن غَيّا َي ْل َقوْ َ
وقال جسسل وعل ُ :كلّ َنفْس ـٍ بِمَا كَس ـَبَتْ َرهِي َنةٌ()38إِلّ أَص ْـحَابَ الْيَمِينـِ()39فِي
جَنّاتـٍ يَتَسـَا َءلُونَ()40عَنـِ ا ْل ُمجْرِمِينـَ()41مَا سَـلَ َككُمْ فِي سَـقَرَ()42قَالُوا لَمـْ نَكـُ مِنـَ
[ المدثر ] 43-38 : صلّينَ الْمُ َ
فيسا مسن هيسأ ال له صسيام شهسر رمضان ل تضيسع الصسسلة ،فالصسلة صسلة لك بال ،
ومعين لك يطهرك من المعاصى والذنسوب ،وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن
النسسبى قال (( :مــن غدا إلى المســجد أو راح َأعَدّ ال له نُزلً فــى الجنــة كلمــا غدا أو
راح ))(.)1
)(1رواه البخارى رقم ( ) 662فى الذان ،باب فضل من غدا إلى المسجد أو راح ،ومسلم
كن ربانيا ول تكن رمضانيا
107
وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن النبى قال (( :أل أدلكم على مايمحوا
ال بـه الخطايـا ويرفـع بـه الدرجات )) قالوا :بلى يسا رسسول ال قال (( :اسـباغ الوضوء
على المكاره ،وكثرة الخُطـا إلى المسـاجد ،وانتظار الصـلة بعـد الصـلة فذلكـم الرباط ،
فذالكم الرباط ،فذالكم الرباط ))(.)2
افترض ال على المؤمنين الصسلة وتعدهم بها فى كل زمان ومكان حتى يلقى العبد
ربه ليُسأل أول ما يُسأل عن الصلة .
فعسسن أبسسى هريرة قال (( :إن أول مــا يحاســب بــه العبــد يوم القيامــة مــن عمله
صلته ،فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ،وإن فسدت فقد خاب وخسر ))(.)3
أيها الموحدون :ومن الثوابت اليمانية ( القرآن )
إن القسسسسسرآن حياة القلوب والرواح ،القرآن حياة النفوس والصسسسسدور ،القرآن حياة
البدان ،القرآن شراب النفسس وطعامهسا ،فهسل يسستغن مؤمسن عسن روحسه ؟! هسل يسستغن
مؤمسن عسن أصسل حياتسه ،إن القرآن يهدى للتسى هسى أقوم فل تضيعوا هذا الطريسق ول
تنصرفوا عنها .
إن طرف القسسسرآن بيسسد ال ،وإن طرفسسه أيديكسسم فإذا تمسسسكتم بهذا الحبسسل المتيسسن لن
تضلوا ،ولن تهلكوا أبدًا ،وهسسل يسستغنى أحسد عسن أن يكلمسه ال فسى اليوم مرات ،فمسن
أراد أن يكلم ال فليدخل فى الصلة ومن أراد أن يكلمه ال فليقرأ القرآن ،وهل تستغنى
عسن ربسك أيهسا الموحسد ؟! ،ل تضيسع القرآن بعسد رمضان ،واعلم أن ال قسد مَنّ عليسك
بالقرآن فسى رمضان فجعلت لنفسسك ورداً يوميًا ،فلماذا بعسد رمضان تركست هسسذا الورد
ووضعت المصحف فى علبته كأنك لن تحتاج إليه إل فى رمضان المقبل ؟!
فيا أيها الحبيب الكريم :
اقرأ القرآن واعمسل بمسا فيسه ،فإنسه يأتسى يوم القيامسة شفيعًا لصسحابه ،ففسى صسحيح
مسسلم عسن أبسى أمامسة الباهلى قال :سسمعت رسسول ال يقول (( :اقرؤوا القرآن ،
فإنــه يأتــى يوم القيامــة شفيعاً لصــحابه ،اقرؤا الزاهراويــن :البقرة ،وآل عمران ،
فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف
تحاجان عن صاحبهما ،اقرؤوا سورة البقرة ،فإن أخذها بركة ،وتركها حسرة ،ول
تستطيها البطلة ))(.)4
رقم ( ) 669فى المساجد ،باب المشى إلى الصلة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات .
)(2رواه مسلم رقم ( ) 251فى الطهارة ،باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره ،والموطسأ
( ) 161 /1فى قصر الصلة فى السفر ،والترمذى رقم ( ) 51فى الطهارة ،والنسائسى
( ) 1/89-90فى الطهارة .
)(3رواه الترمذى رقم ( ) 413فى الصلة ،باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة
الصلة ،والنسائى ( ) 232 /1فى الصلة والحاكم ( ) 263 /1ورواه أيضًا أحمسد فى
المسند ( ) 72 /5وهو فى صحيح الجامع ( . ) 2573
)(4رواه مسلم رقم ( ) 804فى صلة المسافرين ،باب فضل قراءة القسرآن وسورة البقرة ،
والترمذى رقم ( ) 2886فى ثواب القرآن ،باب ما جاء فى سورة آل عمران .
خطب الشيخ محمد حسان
108
)(5رواه البخارى رقم ( ) 5026فى فضائل القرآن ،باب اغتباط صاحب القرآن ،ومسلم رقم
( ) 815فى صلة المسافرين ،باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ،والترمسذى رقسم
( ) 1937فى البر والصلة .
)(6الموطأ موقوفاً ( ) 112 /1فى القرآن ،باب ما جاء فى ذكر ال تعالى ،ومرفوعًا عند أحمد
فى المسند ( ) 447 /6 ( ، ) 239 /5والترمذى رقم ( ) 3374فى الدعوات ،وابن ماجة
رقم ( ) 3790فى الدب وصححه الرناؤوط فى تخريج جامع الصول .
7
() رواه البخارى رقم ( ) 7405فى التوحيد ،باب قول ال تعالى (( :ويحذركم ال نفسه ))
ومسلم رقم ( ) 2675فى الذكر ،باب الحث على ذكر ال تعالى .
كن ربانيا ول تكن رمضانيا
109
سراعاً حتى إذا أتى على حصن حصين أحرز نفسه منهم ،وكذلك العبد ل يُحرز نفسه
من الشيطان إل بذكر ال ))(.)8
إذاً لبسد لك هذا الزاد لن فيسه الخيسر العظيسم ،فالذكسر مسن الثوابست التسى ل غنسى عنهسا
بحال ل فى رمضان ول فى غير رمضان .
ومن الثوابت اليمانية أيضاً :الحسان إلى الناس .
إننسسا نرى كثيرًا مسسن الناس ل تظهسسر عليهسسم علمات الجسسسود والكرم إل فسسى رمضان
فقسسط ،فإذا مسسا انتهسسى رمضان ل تجسسد إل العبوس فسسى وجسسه الفقراء ول نجسسد إل البخسسل
والشح ول حول ول قوة إل بال .
أنست قسد منّ ال عليسك بالنفاق على الفقراء والمسساكين وكثيسر مسن أوجسه الخيسر فسى
رمضان فهل عودت نفسك على النفاق حتى ولو بالقليل .
ففسى الصسحيحين مسن حديسث عدى أن الحسبيب النسبى قال (( :مـا منكـم مـن أحـد إل
وسيكلمه ربه ،ليس بينه وبينه تُرجمان ،فينظر أيمن منه فل يرى إل ما قدم ،وينظر
أشأم منــه فل يرى إل مــا قدم وينظــر بيــن يديــه فل يرى إل النار تلقاء وجهــه ،فاتقوا
النار ولو بشق تمرة ))(.)9
فالحسسسان مسسن الثوابسست اليمانيسسة التسسى ل يسسستغنى عنهسسا مؤمسسن فسسى رمضان غيسسر
رمضان حتى يلقى ربه جل وعل .
ومن هذه الثوابت اليمانية أيضاً :قيام الليل .
فسى رمضسسان وُفقست بفضسل ال ورحمتسه ومنتسه إلى صسسلة التراويسح والقيام فلماذا ل
تستمر على هذا الدرب المنير ؟ ..لماذا تضيع القيام بالليل .
اسسسمع للنسسبى وهسسو يقول فسسى الحديسسث الذى رواه الحاكسسم وابسسن خزيمسسة والترمذى
وحسنه اللبانى فى صحيح الترغيب والترهيب من حديث أبى أمامة يقول (( :عليكم
بقيام الليـل فإنـه دأب الصـالحـين قبلكـم وقربـة إلى ال تعالى ومنهاة عـن الثـم وتكفيـر
للسيئات ))(.)10
فاعمسل أخسى المسسلم على أن تكتسب مسن القائميسن الليسل ولو بركعسة واعمسل جاهداً أن
خوْفًا
تكون مسن أصسحاب هذه اليسة تَ َتجَافَى جُنُو ُبهُمْـ عَنِـ الْمَضَاجِعـِ يَ ْدعُونَـ رَ ّبهُمْـ َ
[ السجدة ] 16 : َوطَمَعًا وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُ ْن ِفقُونَ
)(8أخرجه الترمذى رقم ( ) 2867فى المثال ،باب ما جاء فى مثل الصلة والصيام والصدقة
والطبرانى فى الكبير ( ) 285 /3رقم ( ) 3427وابن خزيمة وابن حبان ( 1222موارد )
والحاكم ( ) 117 /1وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبى وهو فى صحيح الجامع
( )1724
)(9رواه البخارى ( ) 6539فى التوحيد ،باب كلم الرب عز وجل ،ومسلم ( = ) 1016
= فى الزكاة ،باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ،والترمذى ( ) 2427فى صفة القيامة
10
() رواه الترمذى رقم ( ) 3544 ، 3543فى الدعوات وابن أبى الدنيا فى (( كتاب التهجد ))
وابن خزيمة فى صحيحه وحسنه اللبانسى فى صحيح الترغيب ( ) 620وهو فى صحيح
الجامع ( ) 4079
خطب الشيخ محمد حسان
110
)(11رواه البخارى رقم ( ) 6307فى الدعوات ،باب استغفار النبى فى اليوم والليلة .
12رواه مسلم رقم ( ) 2702فى الذكر والدعاء ،باب استحباب الستغفار والكثار منه .
)(13رواه البخارى ( ) 6462فى الرقاق ،باب القصد والمداومة فى العمل ،ومسلم ( ) 782
فى الصلة ،باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره ،واللفظ له والموطأ ( ) 118 /1
وأبو داود ( ) 315 /1فى صلة الليل ،والنسائى ( ) 218 /3فى صلة الليل .
كن ربانيا ول تكن رمضانيا
111
)) إذا عمـل عملً أثبتـه وفسى صحيح مسلم من حديسث عائشة قالت (( :كان رسـول ال
( .)14أى داوم عليه وحافظ عليه .
وفى صحيح مسلم من حديث أبى عمرة سفيان بن عبد ال الثقفسى أنه قال للنبى (( قل
لى فى السلم قولً ل أسأل عنه أحداً بعدك )) .
()15
(( :قل آمنت بال ثم استقم )) قال الحبيب
قل آمنت بال ثم استقم ،أى استقم على ضرب اليمسان ،استقم على طريق التوبة ،
اسسستقم على طريسسق السسستغفار ،اسسستقم على طريسسق قيام الليسسل ،اسسستقم على طريسسق
الحسسان ،استقم على طريق هذه الثوابت اليمانية التسى أعانك ال عليها فسى رمضان ،
علَ ْيهِ مُ الْ َملَئِكَةُ أَلّ َتخَافُوا
قال جل وعل ِ :إنّ الّذِي نَ قَالُوا َربّنَا الُّ ثُمّ ا سْ َتقَامُوا تَتَنَ ّز ُل َ
شرُوا بِا ْلجَنّةِ الّتِي كُنْتُمـْ تُوعَدُونـَ(َ )30نحْنـُ َأ ْولِيَاؤُكُمـْ فِي ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا وَلَ َتحْزَنُوا وَأَبْ ِ
غفُورٍ لخِرَ ِة َولَكُمْـ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَ ْنفُسُـكُ ْم َولَكُمْـ فِيهَا مَا تَ ّدعُونـَ(ُ )31نزُلً مِنْـ َ وَفِي ا ْ
َرحِيمٍ [ فصلت . ] 32-30 :
(( إِنّ الّذِينَـ قَالُوا َربّنَا الُّ ثُمّ اسْـَتقَامُوا )) قرأهسا يوماً على المنسبر عمسر بسن الخطاب
فقال ِ (( :إنّ الّذِينَـ قَالُوا َربّنَا الُّ ثُمّ اسْـَتقَامُوا )) ثسم اسستقاموا على منهسج ال فلم يروغوا
روغان الثعالب ،والستقامة هى المداومة والثبات على الطاعة .
أيها الحبيب الكريم :عرفت فالزم ..الزم هذا الدرب ول تنحرف عنه .
أقول قولى هذا واستغفر ال لى ولكم .
الخطبة الثانية :
إن الحمد ل نحمده ،ونستعينه ،ونستهديه ،ونستغفره ،ونعسوذ بال من شرور
أنفسنا ،وسيئات أعمالنا من يهده ال ف،ل مضل له ،ومن يضلل فل هادى له.
وأشهد أن ل إله إل ال وحسده ل شريك له وأشهد أن محمسداً عبده ورسوله ،اللهم
صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحسابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى
بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
أما بعد أيها ال حب ة الكرا م .
ثالثاً :استعن بال ول تعجز .
من أعانه ال على الطاعسة فهو المعان ،ومن خزله ال فهو المخزول ل حول ول
قوة إل بال ،ل حول لك على طاعته ،ول قوة لك على الثبات على دينه إل بمدده
)(14رواه مسلم رقم ( ) 141 / 746فى صلة المسافرين ،باب جامع صلة الليل .
)(15رواه أحمد فى المسند ( ) 385 /4 ، 413 /3ومسلم رقم ( ) 38فى اليمان ،باب جامع
أوصاف السلم ،والترمذى رقم ( ) 2412فى الزهد ،باب ما جاء فى حفظ اللسان
قال هذا حديث صحيح ،وابن ماجة رقم ( ) 3972فى الفتن ،والدارمى ( ) 2710فى
الرقاق ،والبيهقى فى السنن ( ) 320 /6وعبد الرازق فى مصنفه ( ) 2011وابن حبان
( 2543موارد ) والحاكم فى المستدرك ( ،) 313 /4والخطيب فى تاريخه ( ) 370 /2
خطب الشيخ محمد حسان
112
سبحانه فاستعن بال ول تعجز واتقيه ما استطعت واطلب المدد والعسون منه أن يثبتك
على طريق طاعته وعلى درب نبيسه وتدبر وصيته لمعاذ بن جبل .
كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أحمد والترمذى وغيرهما أن النبى قال لمعاذ بن
جبل يوماً (( :يا معاذ وال إنى لحبك ،فقال :أوصيك يا معاذ ،ل تدعن فى كل صلة
وفى رواية دبر كل صلة أن تقول :اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ))
(.)16
نعم اطلب العون والمسدد من ال على عبادته سبحانه وأنت إن سلكت هذا الدرب المنير
ن جَاهَدُوا فِينَا لَ َن ْهدِيَ ّنهُمْ سُ ُبلَنَا وَِإنّ الَّ
لن يخزك ال أبدًا ،أليس هو القائل :وَالّذِي َ
[ العنكبوت . ] 69 : لَ َمعَ ا ْل ُمحْسِنِينَ
هذا وعد منْ ؟! وعد رب العالمين ،ورب الكعبة سيصرف ال بصرك عن
الحرام ،وسيصرف ال قلبك عن الشسهوات والشبهات ،وسيحفظ ال فرجك من
الحرام ،وسيصرف ال يدك عن البطش فى الحسرام ،وسيصرف ال قدمك من الخطا
الحرام ،فأحسن أيها المسلم الموحسد ليكون ال معك ،فمن توكل عليه كفاه ،ومن
اعتصم به نجّاه ،ومن فوض إليه أموره كفاه ،قال جل فى عله َ :ألَيْسَ الُّ بِكَافٍ
[ الزمر ] 36 : عَبْدَهُ …
علق قلبك بال سبحانه فهو الغسنى الذى ل تنفعه الطاعسة ول تضره المعصية ،ومع
ذلك لو تاب إليه عبده الفقسير الحقير مثلى لفرج بتوبته وهو الغنى عن العالمين يقول
النبى (( :ل أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل فى أرض دوّيّة مهلكةٍ ،معه
راحلته عليها طعامه وشرابه ،فوضع رأسه فنام نومة ،فاستيقظ وقد ذهبت راحلته ،
فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء ال – قال أرجع إلى مكانى الذى
كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ ،فإذا راحلته
عنده ،عليها زاده وشرابه فال أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده
))(.)17
وفى صحيح البخارى عن عمر بن الخطاب :قدم على النبى (( :سَبْىٌ ،فإذا
امرأة من السّبْى تحلُب ثديها تسقى ،إذا وجدت صبياً فى السبى أخذته ،فألصقته ببطنها
وأرضعته )) فقال لنا النبى (( :أترون هذه طارحة ولدها فى النار ؟ )) قلنا :ل ،وهى
تقدر على أن ل تطرحه ،
)(16رواه أبو داود رقم ( ) 1522فى الصسلة ،باب السستغفار ،والنسائى ( ) 53 /3فى
السهو ،والحاكم ( ) 274 – 273 / 3وقال صحيح السناد ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبى
وهو فى صحيح الجامع ( . ) 7969
)(17رواه البخارى رقم ( ) 6308فى الدعوات ،باب التوبة ،ومسلم رقم ( ) 2744فى
التوبة ،باب فى الحض على التوبة ،والترمذى رقم ( ) 2500 ، 2499فى صفة القيامة
باب المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه .
كن ربانيا ول تكن رمضانيا
113
أخبروا كأنهم تقالوها ،فقالوا :وأين نحن من النبى ؟ فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما
تأخر ،فقال أحدهم :أما أنا أصلى الليل أبداً ،وقال آخر :أنا أصوم الدهر ول أفطر ،
وقال آخر :أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدًا ،فجاء إليهم النبى فقال (( :أنتم الذين
قلتم كذا وكذا ،أما وال إنى لخشاكم ل وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر ،وأصلى وأرقد
وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتى فليس منى ))(.)22
نعم لقد جمع النبى هذا المنهج الوسط وحوله إلى منهج عملى على أرض الواقع فى
هذا الدعاء الرقيق الرقراق الذى رواه مسلم فقد كان النبى يدعو ال ويقول (( اللهم
أصـلح لى دينى الذى هو عصمت أمرى ،وأصـلح لى دُنياى التى فيها معاشى ،
وأصلح لى آخرتى التى إليها معادى ،واجعل الحياة زيادة لى فى كل خير ،واجعل
الموت راحة لى من كل شر ))(.)23
إنه منهج الوسط ..منهج العتدال ،لقد جمسع النبى بكلماته هذه بين خيرى الدنيا
والخسرة لن من كسب الدنيا بالعمل الصالح كسب الخرة بإذن ال ،ومن خسر الدنيا
بالعمل السىء خسر الخرة ،ول حول ول قوة إل بال .
الدعسساء ……
)(22رواه البخارى رقم ( ) 5063فى النكاح ،باب الترغيب فى النكاح ،ومسلم ( ) 1401
فى النكاح ،باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة .
)(23رواه مسلم رقم ( ) 3428 ، 3427فى الدعوات ،باب ما يقول إذا رأى المبتلى .