Professional Documents
Culture Documents
عذاب القبر
عذاب القبر
عذاب القبر
عــذاب
القبـــر
إن المـد ل نمـده ونستعينـه ونستغفره ونعـوذ باللـه من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا من يهده اللـه فل مضل له ومن يضلل فل هادي له .
واشهد أن ل اله إلّ اللـه وحده ل شريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسولـه :
{ يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا اّتقُوا اللـه حَ ّق ُتقَاِتهِ وَل تَمُوُت ّن إِل َوأَنُْت ْم ُمسْلِمُونَ } .
[ آل عمران . ] 102 -
{ يَاأَّيهَا النّاسُ اّتقُوا َرّبكُ ُم الّذِي خَ َلقَ ُكمْ ِم ْن َنفْسٍ وَاحِ َد ٍة وَخَ َل َق مِ ْنهَا َز ْو َجهَا َوبَثّ مِ ْنهُمَا ِرجَال
[ النساء - كَثِيًا َوِنسَا ًء وَاتّقُوا اللـه اّلذِي َتسَا َءلُونَ ِب ِه وَالَ ْرحَا َم إِ ّن اللـه كَانَ عَلَ ْي ُكمْ َرقِيبًا } .
.]1
ح َل ُكمْ أَ ْعمَـالَ ُكمْ َوَيغْفِـرْ
{ يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا اّتقُوا اللـه وَقُولُوا قَوْل َسدِيدًا()70يُصْلِ ْ
[ الحزاب - لَكُـ ْم ُذنُوبَ ُك ْم وَ َم ْن يُطِ ِع اللـه وَ َرسُوَلهُ فَ َق ْد فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا } .
. ] 71 ، 70
أما بعـــد :
فإن أصدق الديث كتاب اللـه وخي الدى هدى ممد وشر المور مدثاتا وكل مدثة بدعة
وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف النار .
أحبت ف اللـه :
فى رحاب الدار الخرة
سلسلة علمية كرية تمع بي النهجية والرقائق وبي التأصيل العلمى والسلوب الوعظى ،الدف
منها تذكي الناس بالخرة ف عصر طغت فيه الاديات والشهوات وانصرف فيه كثي من الناس عن طاعة
رب الرض والسموات .
لعل الغافل أن ينتبه ولعل النائم أن يستيقظ قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وهم يصمون فل يستطيعون
توصية ول إل أهلهم يرجعون .
لقــد انتهينا ف اللقاء الاضى مع النازة وهى ف طريقها إل القب تتكلــم ، !!.كما ف
صحيح البخارى من حديث أب سعيد الدرى رضى اللـه عنه أن النب قــال :
(( إذا وضعت النازة واحتملها الرجال على أعناقهم ،فإن كانت صالة قالت :قدمون ،وإن
كانت غي ذلك قالت :يا ويلها ،أين يذهبون با ؟ يسمع صوتا كل شئ إل الثقلي -أو قال :إل
النسان -ولو سع النسان لصعق )) (. )1
وها نن قد وصلنا بالنازة إل القب فقف معى الن عند القب وأهواله وفتنة القب وأحواله .أسأل
اللـه جل وعل أن يفظنا وإياكم من فتنته إنه ول ذلك والقادر عليه .
وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا اليوم مع حضراتكم ف هذه العناصر التالية -:
:الدلة على عذاب القبر ونعيمه . أول ً
ثانيا ً :أسباب عذاب القبر .
ثالثا ً :ما السبيل للنجاة من عذاب القبر .
فأعرن قلبك وسعك أيها البيب الكري واللـه أسال أن يعلن وإياكم من يستمعون القول
فيتبعون أحسنه إنه ول ذلك والقادر عليه .
نن اليوم ف أمس الاجة لذا الوضوع الذى نن بصدده فهو من الهية بكان ل سيما بعد ما
قرأنا على صفحاتٍ سوداء ف مقال أسود بعنوان " عذاب القب خرافات وخزعبلت " !!
هكذا يعنون لقاله فضيلة الستاذ الدكتور ث يتطاول هذا الستاذ الدكتور الرىء فيقول " :إن
جيع الحاديث الت وردت ف مسألة عذاب القب مرد خرافات " !!! ،ث أظهر جهله الفادح ،فقال :
" إن عذاب القب غيب والقرآن َبيّن لنا أن النب ل يعلم الغيب " !! جهل مركب !..
معن ذلك يا فضيلة الدكتور أنه ينبغى أن ننكر ونكذب كل أمر غيب أخبنا به الصطفى ،
كاليان باللـه ،وكاليان باللئكة ،وكاليان باليوم الخر وكاليان بالقدر خيه وشره ...إل
سائر الغيبيات الت أخب عنها رسول اللـه .
نسى هذا السكي قول رب العالي ف سيد الرسلي :
)(1رواه البخارى رقم ( ، )1314فى الجنائز ،باب حمل الرجال الجنازة دون النساء ،ا والنسائى فى ( ، )4/41فى
الجنائز ،باب السرعة بالجنازة .
[النجم ، 3 : { َومَا يَنْ ِطقُ َع ِن اْلهَوَى()3إِنْ هُ َو إِل َوحْ ٌي يُوحَى()4عَلّ َم ُه َشدِي ُد الْ ُقوَى }
.]5
ب ل َريْبَ فِيهِ ُهدًى لِلْ ُمّتقِيَ(
أما تقرأ يا مسكي ف سورة البقرة قوله تعال { ال(َ )1ذلِكَ اْلكِتَا ُ
ب [ } ..البقرة .]2 ،1:
)2اّلذِينَ ُي ْؤمِنُو َن بِاْلغَيْ ِ
وتنيت يا فضيلة الدكتور لو قرأت من جديد هذه اليات ،إن أول صفة من صفات الؤمني اليان
بالغيب .
وخرج علينا أستاذ آخر فكتب كتابا ضخما يزيد عن الثلثائة صفحة ،ينفى فيه من أول صفحة
إل آخر صفحة عذاب القب ونعيمه ،بَِل ّى أعناق النصوص ليا عجيبا ،وها أنا الن أرد على هؤلء
التطاولي الكذبي النكرين ،الذين قال عنهم المام القرطب والمام الافظ ابن حجر " :ل ينكر
عذاب القب إل اللحدة ،والزنادقة ،والوارج ،وبعض العتزلة ،ومن تذهب بذهب الفلسفة ،
وخالفهم جيع أهل السنة "
وقال المام أحد رحه اللـه " :عذاب القب حق ومن أنكره فهو ضال مضل "
أيها البيب :سأقدمُ إليك سيلً من الدلة الصحيحـة على عذاب القب من كلم الصادق
الصدوق الذى ل ينطق عن الوى ولن أطيل الوقفة مع القرآن ! لاذا ؟! ..لن القرآن حّال ذو أوجه
كما قال على بن أب طالب لبن عباس وهو ف طريقه لناظرة الوارج .
قال على :يا ابن عباس جادلم بالسنة ول تادلم بالقرآن فإن القران حّال ذو أوجه.
اسـتهل الديث بي يدى هذا العنصر الام بقدمة اقتبسها من كلم أئمتنـا العلم وأبدأ هذه
القدمة بكلم دقيق نفيس للمام ابن أب العز النفى شـارح العقيـدة الطحـاوية على شارحها
ومصنفها الرحة من اللـه جل وعل .
ب القب هو عذاب البزخ ،وكل إنسان مات وعليه نصيب من العذاب فله قال :اعلم أن عذا َ
نصيبه من العذاب ُقبِرَ أو ل ُيقْب سواء أكلته السباع أو احترق فصار رمادا ف الواء أو نسف أو غرق ف
البحر .
تأملوا يا من تكمون العقول ف هذا الدليل الذى رواه البخارى ومسلم من حديث أب هريرة
رضى اللـه عنه أن النب قال (( :قال رجل ،ل يعمل حسنة قط لهله :إذا مات فحرقوه .ث
ذروه ،نصفه ف الب ونصفه ف البحر فواللـه لئن قدر اللـه عليه ليعذبنه عذابا ل يعذبه أحدا من
العالي .فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم .فأمر اللـه الب فجمع ما فيه ،وأمر اللـه البحر فجمع
ما فيه .ث قال :ل فعلت هذا ؟ قال :من خشيتك ،وأنت أعلم فغفر اللـه له )) (. )1
الشاهد من الديث أن اللـه أحياه بعدما حُرِق وذُرِىَ رماده ف البحر والب فقال له اللك كن
فكان على الفور .
قال تعال { :إِ ّن مََثلَ عِيسَى عِن َد اللـه كَمََثلِ ءَادَ َم خَ َل َقهُ مِن ُترَابٍ ُث ّم قَا َل َلهُ كُن فََيكُونُ } .
[ آل عمران . ] 59 :
وقال تعال َ { :أوْ كَالّذِي َمرّ عَلَى َق ْرَيةٍ َوهِ َي خَا ِويَةٌ عَلَى ُعرُوشِهَا قَا َل َأنّى يُحْيِي َه ِذهِ اللـه َبعْدَ
ض َيوْ ٍم قَا َل َبلْ لَبِثْتَ مِاَئةَ عَامٍ
ت يَ ْومًا َأ ْو بَعْ َ
ت قَالَ لَبِ ْث ُ
مَ ْوِتهَا َفَأمَاَتهُ اللـه مِاَئةَ عَا ٍم ُثمّ َبعََثهُ قَالَ َكمْ لَبِثْ َ
جعَ َلكَ ءَاَي ًة لِلنّاسِ وَانْ ُظرْ ِإلَى اْلعِظَامِ
ك وَ َشرَاِبكَ َل ْم يََتسَّنهْ وَانْ ُظرْ ِإلَى حِمَارِ َك َولِنَ ْ
فَانْ ُظ ْر ِإلَى َطعَامِ َ
شيْ ٍء َقدِيرٌ } [ .البقرة
شزُهَا ُثمّ َن ْكسُوهَا لَحْمًا فَلَمّا تَبَّي َن َلهُ قَالَ أَعْ َل ُم أَ ّن اللـه عَلَى ُك ّل َ
ف نُ ْن ِ
كَيْ َ
. ] 259 :
ف تُحْيِي الْ َم ْوتَى قَا َل َأوََلمْ تُ ْؤ ِمنْ قَالَ بَلَى وََل ِكنْ
وقال تعال َ { :وِإذْ قَالَ ِإْبرَاهِيمُ َربّ أَ ِرنِي َكيْ َ
ص ْر ُهنّ ِإلَ ْيكَ ُثمّ ا ْج َعلْ عَلَى ُك ّل جََب ٍل مِ ْنهُ ّن ُجزْءًا ُث ّم ادْ ُع ُهنّ
خذْ أَ ْرَب َعةً ِم َن الطّ ْيرِ فَ ُ
لِيَطْمَِئ ّن قَلْبِي قَالَ َف ُ
[ البقرة . ] 260 : َيأْتِيَنكَ َسعْيًا وَاعْ َل ْم أَ ّن اللـه َعزِي ٌز حَكِيمٌ }
إن قدرة اللـه ل تدها حدود ،ل يعجزه شئ ف الرض ول ف السماء وأنى هذه القدمة بكلم
نفيس للمام ابن القيم رحه اللـه تعال :
" إن اللـه تعال قد جعل الدور ثلثة ،وهى دار الدنيا ،ودار البزخ ،ودار القرار " ث قال " :
وجعل اللـه لكل دار أحكاما تتص با ،فجعل اللـه الحكام ف دار الدنيا تسي على البدان،
والرواح تبع لا ،وجعل الحكام ف دار البزخ تسرى على الرواح ،والبدان تبع لا ،وجعل
الحكام ف دار القرار تسرى على الرواح والبدان معا "
ث قال ابن القيم " :واعلم أن سعة القب ،وضيقه ،ونوره ،وناره ليس من جنس العهود للناس ف
عال الدنيا " .
ث ضرب للناس مثل عقليا دقيقا رائعا فقال :
" انظر إل الرجلي النائمي ف فراش واحد أحدها يرى ف نومه أنه ف نعيم ،بل وقد يستيقظ وأثر
النعيم على وجهه ويقص عليك ما كان فيه من النعيم ،قد يقول لك المد ل لقد رأيتن الليلة وأنا مع
)(1رواه البخارى رقم ( ، )7506فى التوحيد ،باب قول اللـه تعالى { يريدون أن يبدلوا كلم اللـه } ،ومسلم رقم (
، )2756فى التوبة ،باب فى سعة رحمة اللـه تعالى وأنها سبقت غضبه ،والموطأ ( ، )1/240فى الجنائز ،باب جامع
الجنائز ،النسائى ( )4/113فى الجنائز ،باب أرواح المؤمنين .
رسول اللـه ورأيت النب وكلمت النب ورد عل ّى النب وقال ل النب ..ال
من رأى النب ف النام فقد رآه حقا ،وأخوه إل جواره ف فراش واحد قد يكون ف عذاب
ويستيقظ وعليه أثر العذاب ويقص عليك ويقول كابوس كاد أن ينق أنفاسى !!
هل تدبرت أخى ف اللـه ف هذا الكلم ؟!! الرجلن ف فراش واحد هذه روحه كانت ف النعيم ،
وهذا روحه كانت ف العذاب مع أن أحدهم ل يعلم عن الخر شيئا .
هذا ف أمر الدنيا فما بالك بأمر البزخ الذى ل يعلمه إل اللـه ؟!!
مقدمة دقيقة ولو تدبرتا لوقفت على القيقة .
وأنا أقول :مت كان العقل حاكما على الشرع والدين ؟!!
ل در عَلىّ يوم أن قال " :لو كان أمر الدين بالعقل لكان السح عل باطن الف أول من السح
على أعله " (. )1
إليك الدلة الصحيحة الصرية عن عذاب القب أستهلها بذه الترجة الفقهية البليغة لمام الدنيا ف
)) الديث -المام البخارى -فقد ترجم ف كتاب النائز بابا بعنوان ((باب ما جاء ف عذاب القب
وتكفى هذه الترجة ،ولقد َفقُ َه البخارى ف تراجه كما قال علماء الديث وعلماء الرح ،وساق
البخارى ف هذا الباب اليات الكرية عن اللـه جل وعل وروى فيه الحاديث الصحيحة عن رسول
اللـه ،وسأكتفى بآية واحدة استدل با جيع أهل السنة بل خلف على ثبوت عذاب القب :
ق بِآ ِل ِفرْ َعوْنَ سُو ُء اْلعَذَابِ()45النّا ُر ُي ْعرَضُونَ عَلَ ْيهَا ُغدُوّا وَ َعشِيّا
قال اللـه تعال { :وَحَا َ
وََيوْ َم َتقُو ُم السّا َعةُ َأ ْدخِلُوا ءَالَ ِفرْ َعوْ َن َأشَ ّد الْ َعذَابِ } [ .غافر . ] 46 ، 45 :
قال جيع علماء أهل السنة :ذكر اللـه ف هذه الية عذاب دار البزخ وعذاب دار القرار ذكرا
صريا ،وحاق بآل فرعون سوء العذاب ،النار يعرضون عليها غدوا وعشيا :أى صباحا ومساءا هذا
ف دار البزخ ،ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب :أى يوم القيامة .
فذكر اللـه عذابي ف الية :عذابا ف الدنيا وعذابا ف الخرة عذاب دار البزخ وعذاب دار
القرار .
وقبل أن أزف إليك الدلة الصحيحة الت تلقم النكرين الحجار أود أن أنوه إل أن اللـه قد أنزل
على النب وحيي وأوجب اللـه على عباده اليان بما أل وها القرآنُ والسنة الصحيحة .
انطلق هؤلء النكرون وقالوا ...كفانا القرآن وظنوا أنم بذه الدعوى الت يغن بطلنا عن إبطالا ،
)(1رواه أبو داود رقم ( )162،163،164فى الطهارة ،باب كيف المسح ،وصححه الشيخ اللبانى ،والرناؤوط فى
تخريج جامع الصول .
ويغن فسادها عن إفسادها أنم قد خدعونا واللـه ما خدعوا إل أنفسهم ..
من كَذّبَ بالسنة الصحيحة فقد كفر بالقرآن ..ومن رد السنة فقد رد القرآن .
تدبر معى آيات اللـه عز وجل َ { :ومَـا ءَاتَـاكُـ ُم ال ّرسُـو ُل فَخُـذُوهُ َومَـا َنهَـاكُـمْ
عَنْـ ُه فَانْتَهُـوا وَاتّقُوا اللـه إِ ّن اللـه شَدِيدُ اْلعِقَابِ }
[ الشر . ] 7 :
وقال تعال { :من يطع الرسول فقد أطاع اللـه ومن تول فما أرسلناك عليهم حفيظا }
[ النساء . ] 80 :
جدُوا فِي َأْن ُفسِ ِهمْ
جرَ بَيَْنهُ ْم ُثمّ ل يَ ِ
حكّمُو َك فِيمَا شَ َ
وقال تعال { :فَل وَ َرّبكَ ل ُيؤْمِنُو َن حَتّى يُ َ
ت َوُيسَلّمُوا َتسْلِيمًا } .
حَ َرجًا مِمّا قَضَيْ َ
[ النساء . ] 65 :
وقال تعال َ { :ومَا كَا َن لِ ُم ْؤ ِمنٍ وَل مُ ْؤمَِنةٍ ِإذَا قَضَى اللـه وَ َرسُوُلهُ َأ ْمرًا أَ ْن َيكُو َن َل ُهمُ الْخَِي َرةُ
ضلّ ضَلل مُبِينًا }[.الحزاب. ] 36 :
ِمنْ َأ ْمرِ ِه ْم وَ َم ْن َيعْصِ اللـه وَ َرسُوَل ُه َفقَدْ َ
وقال تعال { :يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَ ْينَ َيدَيِ اللـه وَ َرسُولِ ِه وَاّتقُوا اللـه إِ ّن اللـه
ج َهرُوا َل ُه بِاْل َقوْلِ
ص ْوتِ النِّبيّ وَل َت ْ
صوَاَتكُ ْم َفوْقَ َ
سَمِيعٌ َعلِيمٌ()1يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا ل تَ ْر َفعُوا أَ ْ
شعُرُونَ } [ الجرات . ] 2 ،1 :
ط أَعْمَالُ ُك ْم وََأنُْتمْ ل َت ْ
ض أَ ْن تَحَْب َ
ج ْه ِر َبعْضِ ُكمْ لِبَعْ ٍ
كَ َ
فالسنة حكمها مع القرآن على ثلثة أوجه.
قال ابن القيم ف إعلم الوقعي :السنة مع القرآن على ثلثة أوجه :
الوجه الول :أن تأتى السنة مؤكدة لا جاء به القرآن وهذا من باب تضافر الدلة .
الوجه الثان :أن تأتى السنة مبينة وموضحة لا أجله القرآن .
قال تعال { :وأقيموا الصلة } لكن ل يذكر عدد الصلوات ،ول أركان الصلة ،ول كيفية
الصلة ول مواقيت الصلة ،فجاء البيب الصطفى لكى يبي لنا عددها وأركانا وكيفيتها ومواقيتها
وهكذا .
الوجه الثالث :أن تأتى السنة موجبة أو مرمة لا سكت عنه القرآن ،قال الصطفى (( :أل
يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول عليكم بذا القرآن فما وجدت فيه من حلل فأحلوه
وما وجدت فيه من حرام فحرموه )) قال الصطفى (( :أل إن ما حرم اللـه كما حرم رسول
اللـه )) (.)1
وإليكم الحاديث الصحيحة الت تثبت أن عذاب القب حقيقة ل ريب :
ففى الديث الذى رواه أحد والاكم وغيه وحسنه الشيخ اللبان " كان عثمان إذا وقف على
القب بكى وإذا ذكر النة والنار ل يبكى فقيل له :يا عثمان تذكر النة والنار فل تبكى فإذا وقفت على
القب تبكى ،قال عثمان :لقد سعت رسول اللـه يقول (( :القب أول منازل الخرة فإن نى منه
صاحبه فما بعده أيسر منه ،وإن ل ينجو منه صاحبه فما بعده أشد منه )) .
حينما مر على قبين فقال (( :أما إنما وانظر إل هذا الديث الصحيح قال الصطفى
ليعذبان وما يعذبان ف كبي)) ث قال (( أما أحدها فكان يشى بالنميمة ،وأما الخر فكان ل يستتر
من بوله -أو ل يتنه من بوله . )2( )) -
ف مع هذا الديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم من حديث
• وَقِ ْ
ابن عباس رضى اللـه عنهما أن النب كان يدعو اللـه ويقول (( :اللـهم إن أعوذ بك من عذاب
القب )) (. )3
وف الديث الذى رواه مسلم وأحد وابن حبان والبزار وغيهم من حديث زيد بن ثابت رضى
اللـه عنه (( :بينما النب ف حائط لبن النجار على بغلة له ونن معه إذ جاءت به ( أى البغلة )
فكادت تلقيه ،وإذا أقب ستة ،أو خسة ،فقال (( :من يعرف أصحاب هذه ا َلقْبُر ؟ )) قال رجل :
أنا ،قال (( :فمت ماتوا ؟ )) قال :ف الشرك ،فقال (( :إن هذه المة تُبْتَلَى ف قبورها فلول أن ل
تدافنوا لدعوت اللـه أن ُيسْ ِمعَكُم مـن عذاب القب الذى أسع منه )) ث أقبل علينـا بوجهـه
فقال (( :تعوذوا باللـه من عذاب القب )) قالوا :نعوذ باللـه من عذاب القب (. )4
وف الديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى اللـه عنها قالت :
)(1رواه أحمد رقم ( )17128وأبو داود رقم ( )4604فى السنة باب فى لزوم السنة والحاكم ،وهو فى صحيح الجامع
رقم (. )8186
)(2رواه البخارى رقم ( ، )216فى الوضوء ،باب من الكبائر أن ل يستتر من بوله ،ومسلم رقم ( ، )292فى الطهارة ،
باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الستبراء منه ،والترمذى رقم ( ، )70فى الطهارة ،باب ما جاء فى التشديد فى
البول ،وأبو داود رقم ( )20،21فى الطهارة ،باب الستبراء من البول ،والنسائى فى الطهارة ،باب التنزه عن البول .
)(3رواه البخارى رقم ( )1377فى الجنائز ،باب التعوذ من عذاب القبر ،ومسلم رقم ( ، )588فى المساجد ،باب ما
يستعاذ منه فى الصلة ،و الترمذى رقم ( )3599فى الدعوات ،باب الستعاذة من جهنم ،والنسائى (، )4/275،276
فى الستعاذة ،باب الستعاذة من عذاب جهنم .
)(4رواه مسلم ( ، )2867فى صفة الجنة ،باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه .
ت علىّ امرأة من يهود الدينة فذكرت عذاب القب فقالت الرأة لعائشة :أعاذك اللـه من عذاب
(( َدخََل ْ
القب فلما خرجت اليهودية سألت عائشة النب عن عذاب القب فقال َ (( :نعَمْ عذاب القب)) وف
فقالت عائشة " :فما رأيت النب يصلى بعدها إل ويستعيذ من عذاب )) رواية (( عذاب القب حق
القب " (. )1
واسع إل هذا الديث العمدة ف السألة ،وهو أصل من أصول هذا الباب رواه المام أحد ف
مسنده وابن حبان ف صحيحه والبيهقى ف سننه والنسائى ف سننه وأبو داود ف سننه ورواه الاكم ف
الستدرك وصححه على شرط الشيخي وأقره المام الذهب وصحح الديث المام ابن القيم ف كتاب
تذيب السنن وإعلم الوقعي وأطال النفس للرد على من َأعَلّ هذا الديث وصحح هذا الديث الشيخ
اللبان وغيه من حديث الباء بن عازب رضى اللـه عنه أنه قال :خرجنا مع النب ف جنازة رجل
من النصار فلما انتهينا إل القب جلس النب على شفي القب ( حافة القب ) وجلسنا حوله وكأن على
رؤوسنا الطي ( ل يتكلمون ) وف يد النب عود ينكـت بـه الرض ث رفـع النبـى رأسـه
فنظـر وقـال لصحـابـه (( :استعيذوا باللـه من عذاب القب ،استعيذوا باللـه من عذاب
القب ،استعيذوا باللـه من عذاب القب )) قالا النب مرتي أو ثلثـة ثـم التفـت إليهــم النب
وقال (( :إن العبد الؤمن إذا كان ف انقطاع من الدنيا وإقبال من الخرة نزل إليه من السماء
ملئكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ،معهم كفن من أكفان النة ،وحنوط من حنوط النة
فيجلسون منه مد البصر ،ث يئ ملك الوت حت يلس عند رأسه فيقول :يا أيتها النفس الطيبة
سقَاء فيأخذها ،
اُخرجى إل مغفرة من اللـه ورضوان ،فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من ِفىّ ال ّ
فإذا أخذها ل يدعوها ف يده طرفة عي حت يأخذوها ،فيجعلوها ف ذلك الكفن ،وف ذلك النوط
،فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الرض فيصعدون با فل يرون على مل من
اللئكة إل قالوا :ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون :فلن بن فلن ،بأحسن أسائه الت كانوا
يسمونه به ف الدنيا ،حت ينتهوا به إل السماء الدنيا ،فيستفتحون له ،فيفتح له ،فيشيعه من كل
ساء مقربوها إل السماء الت تليها ،حت ينتهى إل السماء السابعة ،فيقول اللـه عز وجل :اكتبوا
كتاب عبدى ف عليي وأعيدوا عبدى إل الرض ،فإن منها خلقتهم ،وفيها أعيدهم ،ومنها
أخرجهم تارة أخرى ،فتعاد روحه ،فيأتيه ملكان ،فيجلسانه فيقولن :من ربك ؟ فيقول :رب
)(1رواه البخارى رقم ( )1372فى الجنائز ،باب عذاب القبر ،ومسلم رقم ( ، )584فى المساجد ،باب استحباب التعوذ
من عذاب القبر ،والنسائى ( ، )4/104فى الجنائز ،باب التعوذ من عذاب القبر .
اللـه ،فيقولن له :ما دينك ؟ فيقول دين السلم ،فيقولن له :ما هذا الرجل الذى بعث فيكم
؟ فيقول هو رسول اللـه ،فيقولن له وما علمك ؟ فيقول :قرأت كتاب اللـه فأمنت به
وصدقت ،فينادى مناد من السماء أن صدق عبدى فأفرشوه من النة ،وألبسوه من النة ،
وافتحوا له بابا إل النة ،فيأتيه من روحها وطيبها ،ويفسح له ف قبه مد بصره ،ويأتيه رجل حسن
الوجه حسن الثياب ،طيب الريح ،فيقول :أبشر بالذى يسرك ،هذا يومك الذى كنت توعد ،
فيقول له :من أنت ؟ فوجهك الوجه الذى يئ بالي ،فيقول :أنا عملك الصال ،فيقول :رب
أقم الساعة ،رب أقم الساعة ،حت أرجع إل أهلى ومال ...وإن العبد الكافر إذا كان ف انقطاع
من الدنيا ،وإقبال من الخرة ،نزل إليه من السماء ملئكة سود الوجوه ،معهم السوح فيجلسون
منه مد البصر ث يئ ملك الوت حت يلس عند رأسه ،فيقول :أيتها النفس البيثة اخرجى إل
سخط من اللـه وغضب ،فتفرق ف جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف البلول،
فيأخذها ،فإذا أخذها ل يدعوها ف يده طرفة عي حت يعلوها ف تلك السوح ،ويرج منها كأنت
ريح جيفة وجدت على وجه الرض ،فيصعدون با فل يرون با على مل من اللئكة إلّ قالوا :ما
هذه الروح البيثة ؟! فيقولون :فلن بن فلن بأقبح أسائه الت كان يسمى با ف الدنيا فيستفتح
له ،فل يفتح له ،ث قرأ { ل تفتح لم أبواب السماء } فيقول اللـه عز وجل :اكتبوا كتابه ف
سجي ف الرض السفلى ،فتطرح روحه طرحا ً فتعاد روحه ف جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه
فيقولن له :من ربك ؟ فيقول :هاه ..هاه ..ل أدرى ،فيقولن :له ما دينك ؟ فيقول :هاه ..
ث فيكم ؟ فيقول :هاه ..هاه ..ل أدرى ،
هاه ..ل أدرى ،فيقولن له :ما هذا الرجل الذى ُبعِ َ
فينادى منادٍ من السماء :أن كذب عبدى ،فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إل النار فيأتيه من
حرها وسومها ،ويضيق عليه قبه حت تتلف أضلعه ،ويأتيه رجل قبيح الوجه ،قبيح الثياب ،
منت الريح ،فيقول :أبشر بالذى يسوؤك ،هذا يومك الذى كنت توعد فيقول :من أنت فوجهك
الوجه يئ بالشر ؟ فيقول :أنا عملك البيث ،فيقول :رب ل تقم الساعة !! )) (. )1
معذرة أيها البيب لقد أطلت عليك الولة مع الدلة على عذاب القب ونعيمه ،وسأعرج سريعا
على العنصرين الخرين وهى أسباب عذاب القب ،ما السبيل للنجاة ؟ ،وذلك بعد جلسة الستراحة .
وأقول قول هذا واستغفر اللـه ل ولكم
)(1رواه أبو داود رقم ( )3212فى الجنائز ،باب الجلوس عند القبر ،ورواه ابن خزيمة والحاكم ،والبيهقى فى شعب
اليمان ،وقد جمع اللبانى روايات هذا الحديث من جميع مصادره وصححه فى صحيح الجامع رقم (. )1676
الطبة الثانية
إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من
يهده اللـه فل مضل له ومن يضلل فل هادى له .
وأشهد أن ل إله إل اللـه وأشهد أن ممدا عبده ورسوله .
أما بعد..
والديث عنها له وجهان ممل ومفصل ،أما الجمل فإن معصية اللـه عز وجل أصل لكل بلء
وعلى رأس هذه العاصى الشرك ،فإن أعظم زاد تلقى اللـه به هو التوحيد ،وإن أبشع وأعظم ذنب
تلقى اللـه به هو الشرك ،قال اللـه { :إ ّن الشّر َك لَظُلمُ عَظِيمُ } [ لقمان .]13 -
أما التفصيل فقد ذكر النب كما ذكرت آنفا أن النميمة من أسباب عذاب القب ،وهناك الن
أناس متخصصون ف النميمة .
فالنميمة سبب من أسباب عذاب القب ،وأيضا عدم الستتار من البول ،وعدم التنه منه وهذا ما
ذكره النب ف حديثه الذى كنا بصدده من قبل.
أيضا من أسباب عذاب القب الكذب والربا وهجر القرآن كما ف حديث سرة بن جندب الطويل
الذى رواه البخارى الذى ل يتسع القال لذكره الن لقد ذكر فيه النب من أسباب عذاب القب
الكذب والرياء وهجر القرآن والزنا ،والغلول (كل شئ يأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم ) ويدخل تت
الغلول السحت والرام .
فعن أب هريرة رضى اللـه عنه قال :خرجنا مع رسول اللـه إل خيب ففتح اللـه علينا ،فلم
نغنم ذهبا ،ول وَرِقا ،غنمنا التاع والطعام والثياب ،ث انطلقنا إل الوادى يعن وادى القرى ومع
رسول اللـه عبد له ،وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن يزيد من بن الضّبيب ،فلما نزلنا
حلّ رحله ،فرمى بسهم ،فكان فيه حتفه فقلنا :هنيئا له الشهادة يا
الوادى قام عبد رسول اللـه يَ ُ
رسول اللـه ،فقال رسول اللـه (( :كل والذى نفسى ممد بيده ،إن الشّمْلَة ( إزار يتشح به )
لتلتهب عليه نارا ،أخذها من الغنائم يوم خيب ،ل يصبها القاسم )) قال :ففزع الناس فجاء رجل
(( بشراك أو شراكي ( الشراك :سي من سيور النعل ) فقال أصبته يوم خيب فقال رسول اللـه :
شراك من نار ،أو شراكان من نار )) (. )1
أيها الحباب :والسؤال الن فما السبيل للنجاة من عذاب القب ؟!
ثالثا ً :السبيل للنجاة من عذاب القبر
أقول لك بإياز شديد ،أعظم سبيل للنجاة من عذاب القب أن تستقم على طاعة اللـه جل وعل
وأن تتبع هدى النب .
قال اللـه عز وجل { :إِ ّن اّلذِي َن قَالُوا َربّنَا اللـه ُثمّ اسَْتقَامُوا تَتََن ّزلُ َعلَ ْي ِهمُ الْمَلِئ َكةُ أَل تَخَافُوا
حنُ أَ ْولِيَاؤُ ُك ْم فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َوفِي ال ِخ َرةِ
شرُوا بِالْجَّن ِة الّتِي كُنُْت ْم تُو َعدُونَ()30نَ ْ
ح َزنُوا وََأْب ِ
وَل تَ ْ
سكُ ْم َولَ ُكمْ فِيهَا مَا َتدّعُونَ(ُ)31نزُل ِمنْ َغفُورٍ َرحِيمٍ } .
وََل ُكمْ فِيهَا مَا َتشَْتهِي َأنْ ُف ُ
[ فصلت . ] 32 ، 30 :
ومن أنفع السباب كذلك للنجاة من عذاب القب ما ذكره المام ابن القيم ف كتابه القيم ( الروح )
،قال :ومن أنفعها أن يتفكر النسان قبل نومه ساعة ليذكر نفسه بعمله ،فإن كان مقصرا زاد ف
عمله وإن كان عاصيا تاب إل اللـه ،وليجدد توبة قبل نومه بينه وبي اللـه .
فإن مات من ليلته على هذه التوبة فهو من أهل النة ،ناه اللـه من عذاب القب ومن عذاب النار
.
)(1أخرجه البخارى رقم ( ، )4234فى المغازى ،باب غزوة خيبر ،ومسلم رقم ( ، )115فى اليمان ،باب غلظ تحريم
الغلول ،الموطأ ( )2/459فى الجهاد ،باب ما جاء فى الغلول ،وأبو داود رقم ( )2711فى الجهاد ،باب فى تعظيم الغلول
،النسائى ( )4/24فى اليمان والنذور .
ورد ف الديث الذى رواه الاكم وحسن إسناده الشيخ اللبان أن النب قال :
(( للشهيد عند اللـه ست خصال ،الول :يغفر له مع أول دفعة من دمه ،ويرى مقعده من
النة ،الثانية :ينجيه اللـه عز وجل من عذاب القب ،الثالثة :يأمنه اللـه يوم الفزع الكب ،
الرابعة :يلبسه اللـه تاج الوقار ،الياقوتة فيه خي من الدنيا وما فيها ،الامسة :يزوجه اللـه بثنتي وسبعي
زوجة من الور العي ،السادسة :يشفعه اللـه ف سبعي من أهله )).
ولن أترك مكان هذا إل بعد أن أزف إليكم حديثا يل القلب أمل ورضا ،والـديث رواه
الـحاكم ف الستدرك وصححه وأقره الذهب وصحح إسـناده الشـيخ اللبان ف مشكاة الصابيح
عن ابن مسعود رضى اللـه عنه قال :
(( سورة اللك ،تبارك الذى بيده اللك ،هى الانعة وهى النجية تنجيه من عذاب القب )) (. )1
..........الدعــــاء
)(1رواه الترمزى رقم ( )2892فى ثواب القرآن وصحح إسناده شيخنا اللبانى .