‫هل نشر المبادرة العربية كافيا‬

‫مصطفى إبراهيم‬

‫الصديق خليل منذ بداية الشهر ومع تشديد الحصار وإغلق المعابر المغلقة أصلً‪ ،‬وتوقف‬
‫محطة توليد كهرباء غزة عن العمل‪ ،‬ل يطيق الجلوس في البيت‪ ،‬وهو دائم السؤال عن‬
‫‪.‬وصول التيار الكهربائي‬

‫وأبو محمد في طريقة منه للتغلب على العتمة‪ ،‬وعدم توفر مادة الكيروسين المخصص‬
‫للنارة التي تعمل على الكاز البيض‪" ،‬لمبات الكاز" يقوم بتكرير السولر المصري‬
‫المهرب إلى قطاع غزة عبر النفاق‪ ،‬حيث يقوم بوضع ملح الطعام في كمية معينة من‬
‫السولر ويتركه فترة من الزمن حيث يعمل ملح الطعام على تكرير وتنقية السولر من‬
‫‪".‬الشوائب ليصلح للستخدام في إنارة لمبات "الكاز‬

‫وفي طريقة ألمعية جديدة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬والسلطة يبادرون بنشر‬
‫إعلنات في الصحف السرائيلية لتسويق المبادرة العربية للسلم على أنها الساس‬
‫المناسب لحل سياسي تاريخي‪ ،‬والتي رفضها السرائيليون منذ البداية وما زالوا يضعون‬
‫الشتراطات والتحفظات عليها‪ ،‬والجميع يعلم كيف كان الرد عليها في العام ‪ ،2002‬وأثناء‬
‫انعقاد القمة العربية التي أقرت المبادرة‪ ،‬من اجتياح الضفة الغربية وإعادة احتللها‬
‫‪.‬ومحاصرة الرئيس الراحل ياسر عرفات‬

‫فجأة نزل الوحي على هؤلء المسؤولون بالنفخ في صور المبادرة العربية‪ ،‬والذي سبقهم‬
‫في ذلك رئيس الدولة العبرية شمعون بيريز للتسويق للمبادرة العربية‪ ،‬وطرحها من قبل‬
‫‪.‬مسؤولي السلطة على أنها المبادرة النسب للحل العادل للقضية الفلسطينية‬

‫المسؤولون في السلطة وبالتعاون مع بعض المستشارين خطر على بالهم فجأة التسويق‬
‫للمبادرة العربية في خطوة أعتبرها بعض المراقبين مستغربة لن ذلك تزامن أولً‪ ،‬مع‬
‫حديث رئيس الدولة العبرية شمعون بيريز عن بعض الجوانب اليجابية فيها‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫"يمكن الحصول على سلم شامل باستثناء إيران‪ ،‬وحماس وحزب الله مقابل ثمن مع‬
‫السلطة ولكن يجب مواصلة المسيرة مع الفلسطينيين"‪ ،‬وثانيا ً اقتراب موعد النتخابات‬
‫‪.‬السرائيلية والتأثير فيها لصالح طرف على حساب الخر‬

‫وجاء ذلك بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس‪ ،‬ورئيس الوزراء‬
‫‪.‬السرائيلي المستقيل إيهود أولمرت‬

‫فكرة النشر في الصحف السرائيلية‪ ،‬ليست المرة الولى‪ ،‬فقد سبق لبعض من‬
‫الفلسطينيين أصحاب مبادرة جنيف للسلم بنشر المبادرة في الصحف السرائيلية‪،‬‬
‫وتوزيعها بالبريد على السرائيليين‪ ،‬ولم يلقى ذلك تأثيرا ً في إسرائيل وفشلت المبادرة‬
‫‪.‬فشل ذريعاً‬

‫أصحاب فكرة نشر المبادرة العربية هل فكروا جيدا بالخطوات المرافقة والتالية لنشر‬
‫المبادرة وهل اكتفوا بالنشر فقط؟ من دون التوضيح للسرائيليين‪ ،‬المسؤولين منهم قبل‬
‫الجمهور مدى أهمية المبادرة والتنازلت التي قدمها العرب‪ ،‬والتوضيح للسرائيليين‪،‬‬
‫الموقف السرائيلي الرافض لها منذ البداية‪ ،‬وعدم جدية الحكومات السرائيلية المتعاقبة‬
‫‪.‬بأحقية الفلسطينيين بالتحرر من الحتلل وإقامة دولتهم‬
‫وكذلك عدم التقدم خطوة واحدة للمام بالمفاوضات المستمرة منذ لقاء أنابوليس وقبله‬
‫حتى الن‪ ،‬والذي لم يحقق للفلسطينيين سوى الوعد والوهم بالتقدم في العملية السلمية‪،‬‬
‫ويربط المسؤولون السرائيليون التقدم بالعملية السلمية التزام الفلسطينيين‪ ،‬أولً‬
‫‪.‬بخارطة الطريق من دون أن يلتزموا هم ببند واحد من التزامات الحتلل بخارطة الطريق‬

‫وكذلك عدم اعترافهم بالحقوق الفلسطينية التي أقرتها المم المتحدة‪ ،‬والحتلل المستمر‬
‫في خنق الفلسطينيين‪ ،‬وغول الستيطان يلتهم الراضي الفلسطينية في القدس المحتلة‬
‫والضفة الغربية‪ ،‬وحصار قطاع غزة المستمر منذ فوز حركة حماس بالنتخابات التشريعية‪.‬‬
‫ومع كل ما تقدم ل يزال المسؤولين السرائيليين على موقفهم الرافض العتراف بالحقوق‬
‫‪.‬الفلسطينية‬

‫هذا في ما يتعلق بالموقف السرائيلي‪ ،‬أما القيادة الفلسطينية صاحبة نشر المبادرة‬
‫والمستمرة في المفاوضات واللقاءات مع الحكومة السرائيلية من دون التقدم خطوة‬
‫واحدة‪ ،‬بالضافة إلى أنها تعطي الغطاء للجرائم التي ترتكبها قوات الحتلل ضد‬
‫‪.‬الفلسطينيين يومياً‬

‫وما الحديث الدائر عن التقدم في المفاوضات ما هو إل مضيعة للوقت‪ ،‬وكذلك الذي جاء‬
‫على لسان رئيس الدولة العبرية عندما قال‪" :‬المفاوضات أقرب مما نفكر ويدور الحديث‬
‫عن ‪ %3‬إلى ‪ %4‬من التفاق التي لم يتم التفاق عليها‪ ،‬لكن يتعلق المر بالتعهدات التي‬
‫سيقدمها الفلسطينيون"‪ .‬إن ما تحدث به بيريز يدور في باب التمنيات خاصة‪ ،‬وان الوضع‬
‫السرائيلي في مرحلة التحضير للنتخابات‪ ،‬و لم يتم التقدم في المفاوضات والحكومة‬
‫قائمة فكيف يتم ذلك ورئيسها مستقيل؟‬

‫الرئيس عباس والمبادرين بنشر إعلنات في الصحف السرائيلية للترويج والتعريف‬

‫بالمبادرة العربية للسلم‪ ،‬هل فكروا بوقف المفاوضات العبثية؟‬

‫والعلن للسرائيليين الذين سيقرؤون المبادرة ويطلعون عليها‪ ،‬أن حكوماتهم المتعاقبة‬
‫هي من رفض المبادرة العربية للسلم‪ ،‬ووضعوا التحفظات واشترطوا على العرب التطبيع‬
‫قبل الموافقة على المبادرة؟ وهم من يرفضون التوصل إلى سلم شامل وعادل مع‬
‫العرب والفلسطينيين؟‬

‫وهل نسي المبادرون للعلن والترويج للمبادرة القرارات الممية المتعلقة بالقضية‬
‫الفلسطينية؟‬
‫وهل سيقوم فريق السلطة بالعلن عن التوقف عن المفاوضات واللقاءات الماراثونية مع‬
‫المسؤولين السرائيليين؟‬
‫فهل نشر المبادرة العربية يكفي؟ اليام القادمة سوف تثبت استجابة القيادة الفلسطينية‬
‫صاحبة فكرة الترويج للمبادرة العربية‪ ،‬وصحة هذه التساؤلت ومدى ما يحققه النشر من‬
‫‪.‬نتائج‬

‫‪mustafamm2001@yahoo.com‬‬

‫‪-‬انتهى ‪-‬‬