23 المؤمنون

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 16

‫سورة المؤمنون‬

‫*تناسب خاتمة الحج مع فاتحة المؤمنون*‬


‫نحن الن مع تناسب خواتم اليات السور ابتداء بين سورة الحج والمؤمنون السورتان الثانية والعشرون والثالثة والعشرون‪ ،‬قال في خواتيم سورة‬
‫ن (‪ ))77‬هكذا خاطب الذين آمنوا وقال ( َفَأقِيمُوا الصّلَاةَ وََآتُوا‬ ‫خيْرَ َلعَّلكُ ْم تُفِْلحُو َ‬
‫عُبدُوا َرّبكُمْ وَا ْفعَلُوا ا ْل َ‬ ‫جدُوا وَا ْ‬ ‫الحج (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا ا ْر َكعُوا وَاسْ ُ‬
‫خيْرَ َلعَّلكُمْ‬
‫عبُدُوا َرّبكُمْ وَا ْفعَلُوا الْ َ‬
‫جدُوا وَا ْ‬ ‫صمُوا بِاللّ ِه هُ َو مَوْلَاكُ ْم َف ِنعْمَ ا ْلمَوْلَى َو ِنعْمَ النّصِي ُر (‪ ))78‬إذن (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا ا ْر َكعُوا وَاسْ ُ‬ ‫عتَ ِ‬‫ال ّزكَاةَ وَا ْ‬
‫ن (‪ )2‬وَاّلذِينَ ُهمْ‬ ‫شعُو َ‬ ‫ن (‪ ))1‬لعلكم تفلحون ‪ -‬قد أفلح المؤمنون‪( ،‬الذين ُه ْم فِي صَلَا ِتهِمْ خَا ِ‬ ‫تُ ْفلِحُونَ) وقال في أول سورة المؤمنون (قَدْ َأفْلَحَ ا ْلمُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫خيْرَ َلعَّلكُ ْم تُفْلِحُونَ) ( َقدْ َأ ْفلَحَ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ) قد‬
‫عُبدُوا َرّبكُمْ وَا ْفعَلُوا ا ْل َ‬
‫جدُوا وَا ْ‬ ‫ن (‪( .))4‬ا ْر َكعُوا وَاسْ ُ‬ ‫ن (‪ )3‬وَاّلذِينَ ُهمْ لِل ّزكَا ِة فَاعِلُو َ‬ ‫عَنِ الّلغْ ِو ُمعْ ِرضُو َ‬
‫أفلح المؤمنون الذين فعلوا هذه وكأن المؤمنون قد استجابوا لهذه النداءات من ال سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫**هدف السورة‪ :‬مقارنة صفات المؤمنين بمصير الكافرين**‬


‫سورة المؤمنون من السور المكية وهي تعرض من اسمها صفات المؤمنين وتشرح مصير من ل يسير على هذه الصفات فعلينا أن نتوقف عند‬
‫هذه الصفات ونحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا ال تعالى ونرى أي نوع من المؤمنين نحن وكم من الصفات المذكورة في اليات نتحلى بها وكم‬
‫من الصفات ما زلنا نحتاج لن نكتسبها‪.‬‬
‫شعُونَ * وَاّلذِينَ‬ ‫صلَا ِتهِمْ خَا ِ‬ ‫صفات المؤمنين‪ :‬ابتدأت اليات بذكر صفات المؤمنين العامة‪ :‬من آية ‪ 1‬إلى آية ‪َ (9‬قدْ َأفْلَحَ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ * اّلذِينَ ُه ْم فِي َ‬
‫غيْ ُر مَلُومِينَ‬ ‫جهِمْ أ ْو مَا مََلكَتْ َأ ْيمَا ُنهُ ْم فَِإّنهُ ْم َ‬ ‫جهِ ْم حَافِظُونَ * ِإلّا عَلَى أَزْوَا ِ‬ ‫ُه ْم عَنِ الّلغْ ِو ُمعْرِضُونَ * وَاّلذِينَ ُهمْ لِل ّزكَا ِة فَاعِلُونَ * وَاّلذِينَ ُهمْ لِ ُفرُو ِ‬
‫علَى صََلوَا ِتهِ ْم يُحَافِظُونَ)‬ ‫ع ْهدِهِمْ رَاعُونَ * وَاّلذِينَ ُهمْ َ‬ ‫ن هُمْ ِلَأمَانَا ِتهِمْ وَ َ‬
‫ك هُمُ ا ْلعَادُونَ * وَاّلذِي َ‬
‫ك فَأُوَْل ِئ َ‬
‫ن ا ْبتَغَى َورَاء ذَِل َ‬
‫* َفمَ ِ‬
‫ن ) آية ‪10‬‬ ‫س هُ ْم فِيهَا خَاِلدُو َ‬ ‫ك هُ ُم الْوَا ِرثُونَ * اّلذِينَ يَ ِرثُونَ ا ْلفِ ْردَوْ َ‬
‫جزاء المؤمنين‪ :‬ثم تنتقل اليات للتذكير بجزاء من تحلى بهذه الصفات (أُوَْل ِئ َ‬
‫و ‪.11‬‬
‫تاريخ المؤمنين عبر الجيال‪ :‬تعرض السورة تاريخ المؤمنين عبر الجيال‪،‬‬
‫شيَةِ َرّبهِم‬ ‫صفات إضافية للمؤمنين‪ :‬ثم تستكمل اليات صفات إضافية لمؤمنين من درجة أعلى في اليات من ‪ 57‬إلى ‪( 61‬إِنّ اّلذِينَ هُم مّنْ خَ ْ‬
‫جعُونَ أُوَْل ِئكَ‬ ‫ن يُ ْؤتُونَ مَا آتَوا ّو ُقلُو ُبهُمْ وَجِلَةٌ َأّنهُمْ إِلَى َرّبهِمْ رَا ِ‬ ‫ن هُم بِآيَاتِ َرّبهِ ْم يُ ْؤمِنُونَ *وَاّلذِينَ هُم بِ َرّبهِمْ لَا يُشْ ِركُونَ *وَاّلذِي َ‬ ‫شفِقُونَ * وَاّلذِي َ‬ ‫مّ ْ‬
‫خيْرَاتِ وَهُمْ َلهَا سَابِقُونَ)‪ ,‬هذه صفات راقية وخاصّة بمؤمنين حقا‪.‬‬ ‫ن فِي الْ َ‬‫يُسَارِعُو َ‬
‫حمِينَ(‪ ))118‬والدعاء ضروري لن المؤمنين ل بد وأن يقعوا‬ ‫خيْ ُر الرّا ِ‬ ‫حمْ وَأَنتَ َ‬ ‫غفِرْ وَارْ َ‬ ‫ختام السورة‪ :‬الدعاء‪ .‬تختم اليات بالدعاء ( َوقُل رّبّ ا ْ‬
‫في أخطاء ول يغفر هذه الخطاء إل الدعاء الصادق الخالص ل تعالى الذي يغفر الذنوب‪.‬‬
‫والملحظ في سور القرآن الكريم أن الثلث الول من القرآن (من سورة البقرة إلى التوبة) تحدثت اليات والسور عن معالم المنهج الذي شرّعه‬
‫ال تعالى للمستخلفين في الرض وهذا المنهج صعب لذا فتح في نهاية هذا الثلث باب التوبة لن كل من يريد تطبيق المنهج يحتاج إلى التوبة‬
‫الدائمة‪ .‬ثم يأتي الثلث الثاني تتحدث اليات عن طرق إصلح المسلمين المستخلفين في الرض‪ .‬فلو جمعنا كل هذه المفاهيم نحصل على إنسان‬
‫متكامل ومعدّ خير إعداد ليكون المستخلف في الرض والخطاء واردة وحاصلة ل محالة لذا يأتي الدعاء والستغفار الذي ل غنى لنسان عنه‪.‬‬
‫***من اللمسات البيانية فى سورة المؤمنون***‬
‫**(منقول من موقع موسوعة العجاز)‪:‬‬
‫إن آيات مفتتح سورة (المؤمنون) وارتباطها بآخر السورة قبلها ظاهر‪ ،‬فقد قال تعالى في أواخر سورة الحج‪( :‬يا أيها الذين أمنوا اركعوا واسجدوا‬
‫واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) وختمها بقوله‪( :‬فأقيموا الصلة وأتوا الزكاة واعتصموا بال هو مولكم فنعم المولى ونعم النصير)‪.‬‬
‫فأنت ترى من المر بالركوع والسجود وعبادة ال‪ ،‬وفعل الخير وتأكيد ذلك بالمر بإقامة الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة ما يتناسب مناسبة ظاهرة مع‬
‫مفتتح السورة وما ذكر فيها من صفات المؤمنين من الصلة والزكاة‪ ،‬وغيرها من الصفات‪.‬‬
‫لقد ابتدأت السورة بقوله تعالى‪( :‬قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلتهم خاشعون)وفي هذا النص تقرير لفلح المؤمنين‪ ،‬وإخبار بحصوله في‬
‫حين كان الفلح مرجوا لهم في السورة قبلها‪.‬فقد أمرهم بالركوع والسجود‪ ،‬ليرجى لهم الفلح‪ ،‬وهنا تحقق الفلح بعد أن فعلوا ما أمرهم به ربهم‪.‬‬
‫وفهناك طلب وترج هنا تنفيذ وحصول‪ ،‬فانظر التناسب اللطيف في التعبير‪ ،‬وكيف وضعه فنيا بديعا‪ .‬فقد بدأ بالمر والطلب من الذين آمنوا وأن‬
‫يفعلوا ما يأمرهم به ربهم‪ ،‬فاستجاب الذين آمنوا‪ ،‬ففعلوا أمرهم به‪ ،‬فوقع لهم الفلح على وجه التحقيق‪ ،‬ثم انظر كيف طلب منهم ربهم وكيف‬
‫استجابوا؟‬
‫قال‪ ( :‬يا أيها الذين آمنوا) فناداهم بالصيغة الفعلية الدالة على الحدوث‪ ،‬فاستجابوا واتصفوا بذلك على وجه الثبات‪ ،‬فوصفهم بالصيغة السمية‬
‫(المؤمنون) الدالة على الثبوت‪.‬‬
‫ثم قال‪( :‬اركعوا واسجدوا)‪ ،‬وقال‪( :‬فأقيموا الصلة وأتوا الزكاة)‪ ،‬فاتصفوا بما أمرهم به ربهم على وجه الثبات‪ ،‬فوصفهم بالصيغة السمية فقال‪:‬‬
‫(الذين هم في صلتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون)‪.‬‬
‫ثم قال‪( :‬لعلكم تفلحون) بصيغة ترجي الفلح ثم أخبر أنهم بعد أن قاموا بما أمرهم به ربهم‪ ،‬أن الفلح قد وقع على جهة التحقيق والتأكيد‪ ،‬فجاء‬
‫بـ (قد) الداخلة على الفعل الماضي‪ ،‬وهي تفيد التحقيق والتوقع والتقريب‪ .‬فقد كان الفلح متوقعا مرجوا لهم‪ ،‬فحصل ما توقعوه وتحقق عن‬
‫قريب‪ .‬فما أسرع ما نفذوا وما أسرع ما تحقق لهم الفلح!‬
‫فانظر كيف اقتضى التعبير (قد) من جهات عدة‪ ،‬وانظر ارتباط كل ذلك بالسورة قبلها‪.‬‬
‫قال في أول السورة‪( :‬قد أفلح المؤمنون)‪ ،‬وقال في خاتمتها‪( :‬إنه ل يفلح الكافرون) فانظر التناسب بين مفتتح السورة وخاتمتها‪ ،‬وانظر التناسب‬
‫بين هذا المفتتح وخاتمة السورة قبلها‪.‬‬
‫ثم ذكر أول صفة للمؤمنين‪ ،‬وهي الخشوع في الصلة فقال‪( :‬الذين هم في صلتهم خاشعون) والخشوع في الصلة‪ ،‬يعني خشية القلب وسكون‬
‫الجوارح‪ ،‬وهو روح الصلة‪ ،‬والصلة من غير خشوع‪ ،‬جسد بل روح" ‪.‬‬
‫وهو ـ أي الخشوع ـ أمر مشترك بين القلب والجوارح‪ ،‬فخشوع الجوارح‪ ،‬سكونها وترك اللتفات‪ ،‬وغض البصر وخفض الجناح‪ .‬وخشوع‬
‫القلب خضوعه وخشيته وتذل وإعظام مقام رب‪ ،‬وإخلص المقال وجمع الهمة ‪.‬‬
‫" وكان الرجل إذا قام إلى الصلة‪ ،‬هاب الرحمن أن يشد بصره‪ ،‬إلى شيء‪ ،‬أو يحدث نفسه بشأن من شؤون الدنيا"‪.‬‬
‫وتقديم الوصف بالخشوع في الصلة على سائر الصفات المذكورة بعده "ما ل يخفى من التنويه بشأن الخشوع"وللبدء بذكره أكثر من سبب يدعوه‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فهو علوة إلى ذل‪ ،‬فهو علوة على أهميته‪ ،‬وأنه روح الصلة‪ ،‬مرتبط بما ورد في ختام السورة السابقة من ذكر الركوع والسجود‪،‬‬
‫فذكر ركني الصلة الظاهرين‪ ،‬وههنا ذكر الركن الباطن‪ ،‬فاستكمل ما ذكره هناك‪.‬‬
‫ثم إن السورة مشحونة بجو الخشوع بشقيه سواء مات يتعلق بالقلب‪ ،‬ما يتعلق بالجوارح وبالدعوة إليه بكل أحواله‪ .‬فقد كرر الدعوة إلى التقوى‪،‬‬
‫والتقوى أمر قلبي‪ ،‬وهي من لوازم الخشوع فقال‪( :‬أفل تتقون)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬وأنا ربكم فاتقون) ‪.‬‬
‫وقال‪( :‬إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون) والخشية والشفاق أمر قلبي‪ ،‬وهما من لوازم الخشوع‪.‬‬
‫وقال‪( :‬والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) [المؤمنون] والوجل أمر قلبي وهو من لوازم الخشوع أيضا‪.‬‬
‫وذكر الكفار وذمهم بقوله‪( :‬بل قلوبهم في غمرة)‪ ،‬وهذه الغمرة تمتعها منى الخشوع والعراض عما سوى ال تعالى وذكر القلوب ههنا أمر له‬
‫دللته‪ ،‬فلم يقل‪( :‬هم في غمرة)‪ ،‬كما قال في مكان آخر من القرآن الكريم (الذاريات ‪ )11‬بل قال‪( :‬قلوبهم في غمرة) والقلب هو موطن الخشوع‬
‫ومكانه‪ ،‬فإن كان القلب في غمرة‪ ،‬فكيف يخشع؟‬
‫وقال في ذم الكفار‪( :‬فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) فلم يخشوا لن الخاشع مستكين لربه متضرع متذلل إليه‪.‬‬
‫وقال‪( :‬فاستكبروا وكانوا عالين) والستكبار والعلو مناقضان للخشوع‪ ،‬إذ الخشوع‪ ،‬تطامن وتذلل وخضوع ل رب العالمين‪.‬‬
‫فبدء السورة بالخشوع‪ ،‬هو المناسب لجو السورة‪.‬‬
‫ثم إن البدء به له دللة أخرى‪ ،‬ذلك أنه ورد في الثار‪ ،‬أن الخشوع أول ما يرفع من الناس‪ ،‬وقد جاء عن عبادة بن الصامت أنه قال‪" :‬يوشك أن‬
‫ل خاشعا" وعن حذيفة أنه قال‪" :‬أول ما تفقدون من دينكم الخشوع‪ ،‬وآخر ما تفقدون من دينكم الصلة‪ ،‬وتنقض‬ ‫تدخل المسجد‪ ،‬فل ترى فيه رج ً‬
‫عرى السلم عروة عروة"‪.‬‬
‫فبدأ بما يرفع أولً‪ ،‬وختم بما يرفع آخرا‪ ،‬وهو الصلة‪ ،‬فقال‪( :‬والذين هم على صلتهم يحافظون)‪.‬‬
‫ثم انظر كيف جاء بالخشوع بالصيغة السمية الدالة على الثبات ولم يقل‪( :‬يخشون) للدللة على أنه وصف لهم دائم في الصلة غير عارض‪ ،‬فإنه‬
‫وصف لهم دائم في الصلة غير عارض‪ ،‬فإن الصلة إذا ذهب منها الخشوع كانت ميتة بل روح‪.‬‬
‫ثم انظر كيف أنه لما وصفهم باليمان على جهة الثبوت‪ ،‬وصفهم بالخشوع في الصلة على جهة الثبوت والدوام أيضا فإنه لو قال‪( :‬يخشون)‬
‫لصح الوصف لهم وإن حصل لحظة في القلب أو الجارحة في حين أنه يريد أن يكون لهم التصاف في القلب والجوارح ما داموا في الصلة‪.‬‬
‫وتقديم الجار والمجرور (في صلتهم) على (خاشعون) له دللته أيضا‪ ،‬ذلك أن التقديم يفيد العناية والهتمام‪ ،‬فقدم الصلة لنها أهم ركن في‬
‫السلم حتى أنه جاء في الثر الصحيح‪ ،‬أن تاركها كافر هادم للدين‪ ،‬وحتى أن الفقهاء اختلفوا في كفر تاركها فمنهم من قال‪ :‬إن تاركها كافر‪،‬‬
‫وإن نطق بالشهادتين‪.‬‬
‫في حين أنه لو قدم الخشوع‪ ،‬لكان المعنى أن الخشوع أهم‪ ،‬وليس كذلك فإن الصلة أهم‪ .‬والصلة من غير خشوع أكبر وأعظم عند ال من‬
‫خشوع بل صلة‪ ،‬فإن المصلي‪ ،‬وإن لم يكن خاشعا أسقط فرضه وقام بركنه بخلف من لم يصل‪.‬‬
‫وق تقول‪ :‬وكيف يكون خشوع بل صلة؟‬
‫فنقول‪ :‬إن الخشوع وصف قلبي وجسمي‪ ،‬يكون في الصلة وغيرها‪ ،‬ويوصف به النسان وغيره‪ .‬قال تعالى‪( :‬وخشعت الصوات للرحمن فل‬
‫تسمع إل همسا [طه]‪ ،‬فوصف الصوات بالخشوع‪.‬‬
‫وقال‪( :‬خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة) [المعارج] فوصف البصار بالخشوع‪.‬‬
‫وقال‪( :‬وجوه يومئذ خاشعة) [الغاشية] فوصف الوجوه به‪.‬‬
‫وقال‪( :‬ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر ال وما نزل من الحق) [الحديد] فوصف القلب بالخشوع‪.‬‬
‫وليس ذلك مقصورا على الصلة كما هو واضح قال تعالى‪( :‬وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بال وما أنزل غليكم وما أنزل إليهم خاشعين ل ل‬
‫يشترون بآيات ال ثمنا قليلً) [آل عمران]‬
‫وقال‪( :‬إنهم كانوا يسرعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) [النبياء]‪.‬‬
‫وقال‪( :‬وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي) [الشورى]‪.‬‬
‫فتقديم الصلة ههنا أهم وأهم‪.‬‬
‫وقال بعدها‪( :‬والذين هم عن اللغو معرضون)‬
‫اللغو‪":‬السقط‪ ،‬وما ل يعتد به من كلم‪ ،‬وغيره ول يحصل منه على فائدة ول نفع وفي (الكشاف) "إن‪ :‬اللغو ما ل يعنيك من قول أو فعل‪ ،‬كاللعب‬
‫والهزل وما توجب المروءة إلغاءه وإطراحه" ‪.‬‬
‫وقال الزجاج‪" :‬اللغو‪ :‬هو كل باطل ولهو وهزل ومعصية‪ ،‬وما ل يجمل من القول والفعل‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫وقال الحسن‪ :‬إنه المعاصي كلها‬
‫فاللغو جماع لمل ينبغي اطّراحه من قول وفعل‪ .‬ووضع هذه الصفة يجنب الخشوع في الصلة ألطف شيء وأبدعه‪ ،‬فإن الخاشع القلب الساكن‬
‫الجوارح أبعد الناس عن اللغو والباطل‪ .‬إذ الذي أخلى قلبه ل وأسكن جوارحه‪ ،‬وتطامن وهدأ ابتعد بطبعه عن اللغو والسقط وما توجب المروءة‬
‫اطّراحه‪.‬‬
‫جاء في (الكشاف)‪" :‬لما وصفهم بالخشوع في الصلة أتبعه الوصف بالعراض عن اللغو ليجمع لهم الفعل والترك الشاقين على النفس اللذين‬
‫هما قاعدتا بناء التكليف" ويعني بالفعل الخشوع‪ ،‬وبالترك العراض عن اللغو‪.‬‬
‫والحق إن الخشوع أمر يجمع بين الفعل والترك‪ ،‬ففيه من الفعل جمع الهمة وتذللك القلب وإلزامه التدبر والخشية‪ ،‬وفيه من الترك السكون وعدم‬
‫اللتفات وغض البصر وما إلى ذلك‪.‬‬
‫جاء في (التفسير الكبير)‪" :‬فالخاشع في صلته‪ ،‬ل بد وأن يحصل له م ما يتعلق بالقلب نهاية الخضوع والتذلل للمعبود‪ .‬ومن التروك أن ل يكون‬
‫ملتفت الخاطر إلى شيء سوى التعظيم‪ .‬ومما يتعلق بالجوارح‪ ،‬أن يكون ساكنا مطرقا ناظرا إلى موضع سجوده‪ ،‬ومن التروك أن ل يلتفت يمينا‬
‫وشمالً" ‪.‬‬
‫وما بعده من الصفات المذكورة موزعة بين الفعل والترك‪ ،‬أو مشتركة فيهما كما هو ظاهر‪.‬‬
‫ولوضع هذه الصفة ـ أعني العراض عن اللغو ـ بجنب الخشوع له دللة أخرى‪ ،‬فإن السورة كما شاع فيها جو الخشوع‪ ،‬كما أسلفنا فإنها شاع‬
‫فيها أيضا جو الترك والعراض‪ ،‬وذم اللغو بأشكاله المختلفة‪.‬‬
‫فمن ذلك أنه قال‪( :‬كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) والعمل الصالح مناقض للغو وعمل الباطل‪.‬‬
‫وقال‪( :‬فذرهم في غمرتهم حتى حين)‪،‬والغمرة هي ما هم فيه من لغو وباطل‪.‬‬
‫وقال‪( :‬أولئك يسارعون في الخيرات هم لها سابقون) والمسارعة في الشيء ضد العراض عنه‪ .‬و(الخيرات) ضد اللغو والباطل‪.‬‬
‫وقال في وصف الكفار‪( :‬قد كانت أياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون)‪ ،‬والنكوص هو العراض‪،‬‬
‫والهجر من اللغو‪ ،‬وهو القبيح من الكلم والفحش في المنطق[‪. ]13‬‬
‫وقال‪( :‬أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون) وقولهم‪( :‬به جنة) من اللغو‪ .‬وقوله‪( :‬وأكثرهم للحق كارهون) من العراض‪،‬‬
‫إذ الكرة للشيء‪ ،‬إعراض نفسي عنه‪.‬‬
‫وقال في وصوف الكفار‪( :‬وإن الذين ل يؤمنون بالخرة عن الصراط لناكبون) وتنكب الصراط‪ ،‬إعراض عن الحق‪.‬‬
‫وقال‪( :‬بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون)‪.‬‬
‫وقال فيهم‪( :‬ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون)‪ ،‬والطغيان هو الباطل وهو من اللغو‪.‬‬
‫وقال‪( :‬أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون فتعالى ال الملك الحق ل إله إل هو رب العرش الكريم) والعبث هو الباطل‪ ،‬وهو من‬
‫اللغو واللهو‪ ،‬ووصف ال نفسه بالحق‪ ،‬والحق نقيض الباطل والباطل من اللغو‪.‬‬
‫وقال‪( :‬بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون) ‪ ،‬والحق نقيض الباطل‪ ،‬واللغو والكذب من اللغو في القول‪ ،‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫فأنت ترى أن السورة مشحونة بجو الدعوة إلى الحق وذم اللغو في القول والعمل‪.‬‬
‫فوضع هذه الية في مكانها له دللته في جو السورة‪ ،‬كما هو في الية قبلها‪.‬‬
‫ثم انظر بناء هذه الية‪ ،‬فإنه جعلها اسمية المسند‪ ،‬فلم يقل‪( :‬والذين ل يلغون)‪ ،‬أو (عن اللغو يعرضون)‪ ،‬وقدم الجار والمجرور (عن اللغو) على‬
‫اسم الفاعل (معرضون) ولكلٍ سبب فعن قوله‪( :‬عن اللغو معرضون) أبلغ من (ل يلغون) ذلك أن الذي ل يغو‪ ،‬قد ل يعرض عن اللغو بل قد‬
‫يستهويه‪ ،‬ويميل إليه بنفسه ويحضر مجالسه‪ ،‬أما العراض عنه‪ ،‬فغنه أبلغ من عدم فعله‪ ،‬ذلك أنه أبعد في الترك‪ ،‬فإن المعرض عن اللغو علوة‬
‫على عدم فعله ينأى عن مشاهدته وحضوره وسماعه‪ ،‬وإذا سمعه أعرض عنه كما قال تعالى‪( :‬وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) [القصص] فهم لم‬
‫يكتفوا بعدم المشاركة فيه‪ ،‬بل هم ينأون عنه‪.‬‬
‫ثم إن التعبير باسمية المسند‪ ،‬يشير إلى أن إعراضهم عن اللغو‪ ،‬وصف ثابت فيهم‪ ،‬وليس شيئا طارئا‪ .‬وهو مع ذلك متناسب مع ما ذكر فيهم من‬
‫الصفات الدالة على الثبوت‪.‬‬
‫وأما تقديم الجار والمجرور (عن اللغو) فهو للهتمام والحصر‪ ،‬إذ المقام يقتضي أن يقدم المعرض عنه ل العراض فإن العراض قد يكون‬
‫إعراضا عن خير كما قال تعالى‪( :‬بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون) [المؤمنون] فتقديم الباطل من القول والفعل ليخبر أنهم معرضون‬
‫عنه هو الولى‪ .‬كما أنة فيه حصرا لما يعرض عنه‪ ،‬إذ العراض ل ينبغي أن يكون عن الخير‪ ،‬بل الخير ينبغي أن يسارع فيه‪ ،‬فتقديم الجار‬
‫والمجرور ليس لفواصل اليات فقط‪ ،‬وإن كانت الفاصلة تقتضيه بل لن المعنى يقتضيه أيضا‪.‬‬
‫جاء في (روح المعاني)‪ :‬إن قوله‪( :‬والذين هم عن اللغو معرضون) "أبلغ من أن يقال‪( :‬ل يلغون) من وجوه‪ :‬جعل الجملة اسمية دالة على الثبات‬
‫والدوام‪ ،‬وتقديم الضمير المفيد لتقوي الحكم بتكرير‪ ،‬والتعبير في المسند بالسم الدجال على شاع على الثبات‪ ،‬وتقديم الظروف عليه المفيد‬
‫للحصر‪ ،‬وإقامة العراض مقام الترك ليدل على تباعدهم عنه رأسا مباشرة وتسببا وقيلً وحضورا‪ ،‬فإن أصله أن يكون في عرض أي ناحية غير‬
‫عرضه"‪.‬‬
‫ثم قال بعدها‪( :‬والذين هم للزكاة فاعلون)‪.‬‬
‫إن هذا التعبير يجمع معاني عدة كلها مرادة ل تؤدي في أي تعبير آخر‪ .‬فإنه لو حذف اللم من (الزكاة) لكونها زائدة مقوية‪ ،‬كما ذهب بعضهم‪،‬‬
‫أو قدم (فاعلون) على (الزكاة) فحذف اللم أو أبقاها‪ ،‬أو بدل (مؤتون) بـ (فاعلون) لم يؤد المعاني التي يؤديها هذا التعبير البليغ‪ ،‬وهذا النظم‬
‫الكريم‪ ،‬وهي معان جليلة مرادة كلها‪.‬‬
‫فعن (الزكاة) اسم مشترك بين عدة معان‪ ،‬فقد يطلق على القدر الذي يخرجه المزكي من ماله إلى مستحقه‪ ،‬أي‪ :‬قد تطلق على المال المخرج‪.‬‬
‫وقد يطلق على المصدر بمعنى‪ :‬التزكية‪ ،‬وهو الحدث‪ ،‬والمعنى‪ :‬إخراج القدر المفروض من الموال إلى مستحقه‪.‬‬
‫وقد يكون بمعنى العمل الصالح‪ ،‬وتطهير النفس من الشرك والدنس‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة و أقرب رحما)‬
‫[الكهف]‪.‬‬
‫وقال‪( :‬قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) [العلى]‪.‬‬
‫وقال‪( :‬قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) [الشمس] أي‪ :‬أفلح من طهر نفسه وخلصها من الدنس والسوء‪.‬‬
‫وهذه المعاني مجتمعة يصح أن تكون مرادة في هذا التعبير‪.‬‬
‫ذلك أنه يصح أن يكون المعنى‪ :‬والذين هم يؤدون الزكاة‪ ،‬وذلك على تضمين (فاعلون) معنى (مؤدون) أو على تقدير مضاف محذوف‪ ،‬أي‪:‬‬
‫والذين هم لداء الزكاة فاعلون‪ .‬فأصل الكلم على هذا‪( :‬والذين هم فاعلون الزكاة) فالزكاة مفعول به لسم الفاعل (فاعلون)‪ ،‬ثم قدم المفعول‬
‫للختصاص فصار (الزكاة فاعلون) كما تقول‪( :‬أما زيدا ضارب)‪ ،‬ثم زيدت اللم لتوكيد الختصاص‪ ،‬وهو قياس مع مفعول اسم الفاعل تقدم أو‬
‫تأخر‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬وهو الحق مصدقا لما معهم) [البقرة]‪.‬‬
‫وتسمى هذه اللم لم التقوية‪ .‬وبهذين التقديرين يكون المقصود بالزكاة اسم العين‪ ،‬وهو المال الذي يخرج لمستحقه‪.‬‬
‫ويصح أن تكون (الزكاة) بمعنى التزكية وهو الحدث‪ ،‬أي‪ :‬فعل المزكي‪ ،‬فيكون (فاعلون) بمعناها فيكون أصل التعبير (فاعلون الزكاة) ومعنى‬
‫(فعل الزكاة) زكى‪ ،‬أو أخرج الزكاة‪ ،‬كمل يقال للضارب فعل الضرب‪.‬‬
‫جاء في (الكشاف)‪" :‬الزكاة اسم مشترك بين عين ومعنى‪ .‬فالعين القدر الذي يخرجه المزكي من النصاب إلى الفقير‪ .‬والمعنى‪ :‬فعل المزكي الذي‬
‫هو التزكية‪ ،‬وهو الذي أراده ال فجعل المزكين فاعلين له‪ .‬ول يسوغ فيه غيره‪ ،‬لنه ما من مصدر إل يعبر عن معناه بالفعل‪ .‬ويقال لمحدثه‪:‬‬
‫فاعل‪ ،‬تقول للضارب‪ :‬فاعل الضرب‪ ،‬وللقاتل‪ :‬فاعل القتل‪ ،‬وللمزكي‪ :‬فاعل التزكية‪ ،‬وعلى هذا الكلم كله‪.‬‬
‫والتحقيق أنك تقول في جميع الحوادث‪ :‬من فاعل هذا؟ فيقال لك‪ :‬فاعله ال أو بعض الخلق‪ .‬ولم يمتنع الزكاة الدالة على العين‪ ،‬أن يتعلق بها‬
‫(فاعلون) لخروجها من صحة أن يتناولها الفاعل‪ ،‬ولكل لن الخلق ليسوا بفاعليها ‪ ..‬ول يجوز أن يراد بالزكاة العين‪ ،‬ويقدر مضاف محذوف‬
‫وهو الداء"‪.‬‬
‫وجاء في (البحر المحيط)‪" :‬والزكاة إن أريد بها التزكية صح نسبة الفعل إليها‪ ،‬إذ كل ما يصدر صح أن يقال فيه فعل‪ .‬وإن أريد بالزكاة قدر ما‬
‫يخرج من المال للفقير‪ ،‬فيكون على حذف‪ :‬أي لداء الزكاة فاعلون‪ ،‬إذ ل يصح فعل العيان من المزكي أو يضمن (فاعلون) بمعنى (مؤدون)‬
‫‪.‬‬
‫وبه شرحه التبريزي"‬
‫وجاء في (روح المعاني)‪" :‬الظاهر أنم المراد بالزكاة المعنى المصدري ـ أعني التزكية ـ لنه الذي يتعلق به فعلهم‪ .‬وأما المعنى الثاني‪ ،‬وهو‬
‫القدر الذي يخرجه المزكي فل يكون نفسه مفعولً لهم فل بد إذا أريد من تقدير مضاف‪ ،‬أي لداء الزكاة فاعلون‪ .‬أو تضمن (فاعلون) معنى‬
‫(مؤدون) وبذلك فسره التبريزي إل أنه تعقب بأنه ل يقال‪( :‬فعلت الزكاة)‪ ،‬أي‪ :‬أديتها‪ .‬وإذا أريد المعنى الول أدى وصفهم بفعل التزكية إلى أداء‬
‫العين بطريق الكناية التي هي أبلغ‪ ،‬وهذا أحد الوجوه للعدول عن (والذين يزكون) إلى ما في النظم الكريم"[‪. ]18‬‬
‫وجاء في (فتح القدير)‪" :‬و معنى فعلهم للزكاة تأديتهم للها فعبر عن التأدية بالفعل لنها مما يصدق عليه الفعل‪ ،‬والمراد بالزكاة هنا المصدر‪ ،‬لنه‬
‫الصادر عن الفاعل‪ .‬وقيل‪ :‬يجوز أن يراد بها العين على تقدير مضاف‪ ،‬أي‪ :‬والذين هم لتأدية الزكاة فاعلون"[‪. ]19‬‬
‫ويصح أن تكون الزكاة بمعنى العمل الصالح وتطهير النفس‪ ،‬فيحتمل أن تكون اللم زائدة مقوية دخلت على المفعول به (الزكاة) فيكون معنى‬
‫(فهل الزكاة) فعل العمل الصالح وتطهير النفس كما يقال‪( :‬فعل خيرا‪ ،‬أو فعل شرا) فيكون معنى الية‪( :‬الذين هم فاعلون العمل الصالح وتطهير‬
‫النفس) واللم زائدة في المفعول ويسمونها مقوية وهي تفيد توكيد الختصاص في المفعول المقدم‪ ،‬أي‪:‬ل يفعلون إل ذاك‬
‫ويحتمل أن تكون اللم لم التعليل‪ ،‬أي‪ :‬يفعلون من أجل الزكاة‪ ،‬أي‪ :‬هم عاملون من أجل تزكية نفوسهم وتطهيرهم والمفعول محذوف‪ ،‬فيكون‬
‫الفعل عاما‪ ،‬وهو كل ما يؤدي إلى الخير وتطهير النفس‪.‬‬
‫جاء في (روح المعاني)‪" :‬وعن أبي مسلم‪ ،‬أن الزكاة هنا بمعنى العمل الصالح كما في قوله تعالى‪( :‬خيرا منه زكاة) واختار الراغب أن الزكاة‬
‫بمعنى الطهارة‪ ،‬واللم للتعليل والمعنى‪ :‬والذين يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم ال تعالى‪ ،‬أو يزكوا أنفسهم ‪ ...‬قال صاحب "الكشاف" معنى‬
‫الية‪ ،‬الذين هم لجل الطهارة وتزكية النفس عاملون الخير‪ .‬ويرشد إلى ذلك قوله تعالى‪( :‬قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) و (قد أفلح‬
‫‪.‬‬
‫من زكاها)"‬
‫وجاء في (البحر المحيط)‪" :‬وقيل (للزكاة) للعمل الصالح كقوله‪( :‬خيرا منه زكاة)‪ ،‬أي‪ :‬عملً صالحا‪ .‬قاله أبو مسلم‪ .‬وقيل‪ :‬الزكاة هنا‪ :‬النماء‬
‫‪.‬‬
‫والزيادة‪ .‬واللم‪ ،‬لم العلة ومعمول فاعلون محذوف التقدير‪ :‬والذين هم لجل تحصيل النماء والزيادة فاعلون الخير"‬
‫فالزكاة إذن تحتمل العبادة المالية‪ ،‬وتحتمل العمل الصالح والتطهير والنماء‪ ،‬واللم تحتمل التقوية‪ ،‬وتحتمل التعليل‪ ،‬وهذه المعاني كلها مرادة‬
‫مطلوبة‪ ،‬فهو يريد الذين يؤدون الزكاة‪ ،‬ويفعلون العمل الصالح‪ ،‬وتطهير النفس ويفعلون من أجل ذلك‪ .‬ول تجتمع هذه المعاني في أي تعبير آخر‪.‬‬
‫فلو أبدل كلمة (مؤتون) مكان (فاعلون) لقتصر المر على زكاة المال‪ ،‬ولو حذف اللم‪ ،‬لم يفد معنى التعليل‪ ،‬فانظر كيف جمع عدة معان بأيسر‬
‫سبيل‪.‬‬
‫جاء في (تفسير ابن كثير)‪" :‬الكثرون على أن المراد بالزكاة ههنا زكاة الموال‪ ،‬مع أن هذه الية مكية‪ ،‬وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة‬
‫اثنتين من الهجرة‪ .‬والظاهر أن التي فرضت بالمدينة‪ ،‬إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة‪ ،‬وإل فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة وقد‬
‫يحتمل أن يكون المراد بالزكاة ههنا زكاة النفس منى الشرك والدنس كقوله‪( :‬قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) وقد يحتمل أن يكون كل‬
‫المرين مرادا وهو زكاة النفوس وزكاة الموال فغنه من جملة زكاة النفوس‪ ،‬والمؤمن الكامل‪،‬ة هو الذي يفعل هذا وهذا‪ ،‬وال أعلم"[‪. ]22‬‬
‫وتقديم الزكاة للهتمام والعناية والقصر‪ ،‬أي‪ :‬ل يفعلون إل الخير‪ ،‬والزكاة منها‪.‬‬
‫وقد تقول‪ :‬ولم لم يقل‪( :‬والذين هم للصلة فاعلون)‪ ،‬كما قال‪( :‬والذين هم للزكاة فاعلون)؟‬
‫والجواب‪ :‬أن إخراج النصاب إلى مستحقه كاف لداء فريضة الزكاة‪ ،‬وليس وراءه شيء يتعلق بها‪ ،‬فإن لم يفعل ذلك فل زكاة‪ .‬أما فعل الصلة‬
‫من قيام وقعود وركوع وسجود مع هيئاتها الخرى‪ ،‬فليس بكاف‪ ،‬بل ينبغي أن يكون مع ذلك خشوع وتدبر وحضور قلب وسنن‪ ،‬وآداب تكمل‬
‫هذه الفعال الظاهرة وتتمها‪ ،‬ولذلك قال ‪" :r‬لك من صلتك ما عقلت منها"‪،‬فأتضح الفرق بينهما‪.‬‬
‫وقال بعدها‪( :‬والذين هم لفروجهم حافظون إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬المعنى‪ :‬أنهم ممسكون لفروجهم على أزواجهم‪ ،‬وما ملكت أيمانهم‪.‬‬
‫جاء في (البحر المحيط)‪( :‬حفظ) ل يتعدى بعلى ‪ ...‬والولى أن يكون من باب التضمين ضمن (حافظون) معنى ممسكون أو قاصرون‪ ،‬وكلهما‬
‫يتعدى بعلى كقوله‪( :‬أمسك عليك زوجك)"‬
‫وجاء في (فتح القدير)‪" :‬ومعنى حفظهم لها أنهم ممسكون لها بالعفاف عما ل يحل لهم‪ ...‬وقيل‪ :‬إن الستثناء من نفي الرسال المفهوم من الحفظ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫أي‪ :‬ل يرسلونها على أحد إل على أزواجهم‪ .‬وقيل‪ :‬المعنى‪ :‬إل والين على أزواجهم وقوامين عليهم"‬
‫إن اختيار هذا التعبير اختيار عجيب‪ ،‬وفيه آيات عظيمة لمن تدبر ونظر‪ .‬ذلك أنه قال‪( :‬والذين هم لفروجهم حافظون)‪ ،‬ولم يقل (ممسكون) أو‬
‫نحو ذلك مما فسر به‪ .‬وفي اختيار (الحفظ) سر بديع‪ ،‬ذلك أن الذي يمسك فرجه عما ل يحل يكون حافظا لنفسه ولفرجه من الفات والمراض‬
‫والوجاع التي تصيبه‪ ،‬وهي أمراض وبيلة وخيمة العاقبة‪ .‬ومن أرسله في المحرمات‪ ،‬فإنما يكون قد ضيعه وضيع نفسه‪.‬‬
‫[‪]25‬‬
‫جاء في الحديث‪" :‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط‪ ،‬حتى يعلنوا بها‪ ،‬إل فشا فيهم الطاعون والوجاع التي لم تكن في أسلفهم الذين مضوا" ‪.‬‬
‫واختيار‪( :‬غير ملومين) في قوله‪( :‬إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)‪ ،‬اختيار لطيف‪ ،‬ذلك أنه علوة على ما يفيده ظاهر‬
‫النص من أن الذي يعتدي على أعراض الناس ملوم على ما فعل‪ ،‬فإنه يفيد أيضا أن الذي يبتغي وراء ما ذكر ملوم من نفسه ومن الناس لما‬
‫يحدث في نفسه وفيهم من أضرار وأمراض فه يلوم نفسه على ما أحدث فيها من أوجاع وعاهات مستديمة‪ ،‬وعلى ما أحدث في زوجه وعائلته‪.‬‬
‫وحتى ولده الذي ل يزال جنينا في بطن أمه قد يصيبه من عقابيل ذلك ما يجعله شقيا معذبا طوال حياته‪ ،‬وملوم من المجتمع على ما أحدثه في‬
‫نفسه وعلى ما يحدثه فيهم من أمراض معدية مهلكة‪ .‬فمن حفظ فرجه فهو غير ملوم‪ ،‬وإل فهو ملوم أشد اللوم‪.‬‬
‫ثم قال‪( :‬فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)‪.‬‬
‫و(العادون) هم المعتدون‪ ،‬ومعنى الية‪ :‬أن هؤلء هم "الكاملون في العدوان المتناهون فيه" فإنه لم يقل‪( :‬فأولئك عادون) أو (من العادين) بل قال‪:‬‬
‫(فأولئك هم العادون) للدللة على المبالغة في العتداء من جهة أن العرض أثمن وأعلى من كل ما يعتدى عليه وينال منه‪ ،‬ومن جهة أن هؤلء‬
‫هم أولى من يوصف بالعدوان‪ ،‬لنهم يعتدون على أنفسهم بما يجرون على أزواجهم وعوائلهم‪ ،‬بما ينقلونه إليهم من هذه الوجاع والمراض‪،‬‬
‫ويعتدون على أولدهم وعلى الجيل اللحق من أبنائهم‪ ،‬ممن لم يظهر إلى الدنيا بما يلحقونه بقهم منة هذه الفات المستديمة‪ ،‬ويعتدون على‬
‫المجتمع الذي يعيشون فيه‪ ،‬بما ينقلونه إليه من أمراض معدية مرعبة وما (اليدز) إل واحد من هذه المراض الوبيلة المرعبة‪ .‬أفهناك عدوان‬
‫أوسع من هذا العدوان وأخطر منه؟‬
‫نحن نعرف أن المعتدي قد يتعتدي على بيت أو قبيلة‪ ،‬أما أن يمتد العدوان إلى النسان نفسه وأولده وزوجه وربما إلى طبيبه الذي يعالجه‪ ،‬وإلى‬
‫الجيل الذي لم يظهر بعد‪ ،‬وإلى المجتمع على وجه العموم‪ ،‬فهذا شر أنواع العدوان وأولى بأن يوسم صاحبه به‪.‬‬
‫أفرأيت العلو في الختيار والجللة فيه‪ ،‬إنه ل يؤدي تعبير آخر مؤداه‪.‬‬
‫إنه لم يقل‪( :‬فأولئك هم الضالون) أو (أولئك هم الخاطئون) أو (الفاسقون)‪ ،‬مما إلى ذلك مع أنهم منهم‪ ،‬لن هذه صفات فردية‪ ،‬وليس فيها إشارة‬
‫إلى العدوانية‪ ،‬كما ليس فيها إشارة إلى الخطر الهائل الذي يحيق بالمجتمع من جراء ذلك‪.‬‬
‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬إن ذلك أنسب مع قوله‪( :‬غير ملومين) فإن المعتدي ملوم على عدوانه أكثر من صاحب الوصاف التي ذكرناها‪.‬‬
‫وهناك أمر آخر لءم بين ذكر هذه الصفات‪ ،‬هو أن الصفات المذكورة كلها ذات علقة بالخرين‪ ،‬وليست فردية‪ ،‬فالذي ل يحفظ فرجه‪ ،‬إنما‬
‫يرسله فيما ل يحل له من أفراد المجتمع‪ ،‬وقوله‪( :‬غير ملومين) كذلك فغن الملوم يقتضي لئما‪ ،‬وقد فعل ما يقتضي اللوم من الخرين‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(هم العادون) كذلك فإن العادي يقتضي معتدى عليه‪ ،‬ول يسمى عاديا حتى يكون ثمة معتدى عليه‪ .‬فالصفات هذه كلها كما ترى ليست فردية‪.‬‬
‫فانظر التناسب اللطيف بينها‪.‬‬
‫ثم انظر كيف اختار التعبير عن هذه الصفات بالصيغة السمية فقال‪( :‬حافظون) و (ملومين) و (العادون) للدللة على ثبات هذه الصفات‪ .‬فقوله‪:‬‬
‫(والذين هم لفروجهم حافظون) يفيد ثبات الحفظ ودوامه وعدم انتهاكه على سبيل الستمرار‪ ،‬لن هذا ل ينبغي أن يخرم ولو مرة واحدة‪.‬‬
‫ومن فعل ذلك على وجه الدوام فإنه غير ملوم على وجه الدوام‪ ،‬أيضا فإن خالف ليم على ذلك‪ .‬والذي يبتغي وراء ذلك‪ ،‬ويلهث وراء الفاحشة‪،‬‬
‫فهو معتد على وجه الثبات أيضا‪ ،‬وقد يثبت هذا العدوان‪ ،‬فل يمكن إزالته أبدا‪ ،‬وذلك ببقاء آثاره على نفسه وعلى الخرين‪.‬‬
‫فانظر رفعة هذا التعبير وجلله‪.‬‬
‫ثم قال بعدها‪( :‬والذين هم لماناتهم وعهدهم راعون)‬
‫وجه ارتباط هذه الية بما قبلها ظاهر‪ ،‬إذ أن كل من الفروج والمانات ينبغي أن يحفظ‪ ،‬فالفروج ينبغي أن تحفظ وتصان وكذلك المانات‪ .‬ومن‬
‫لم يحفظ المانة والعهد‪ ،‬فهو ملوم كما هو شأن من لم يحفظ فرجه‪ .‬ومن ابتغى ما ل يحل من الفروج عاد‪ ،‬وكذلك الباغي على المانة عاد ظالم‪.‬‬
‫وقد قدم المانة على العهد‪ ،‬وجمع المانة وأفرد العهد‪ .‬أما جمع المانة‪ ،‬فلتعددها وتنوعها فهي كثيرة جدا‪ ،‬فمن ذلك ما يؤتمن عليه الشخص من‬
‫ودائع الناس وأموالهم‪ ،‬ومنها ما يطلع عليه من أسرار الناس وأحوالهم‪ ،‬ومنها القوال التي يسمعها ويستأمن عليها مما ل يصح أن يذيعه منها‪،‬‬
‫ل له عند شخص حتى يعود ويقول له‪ :‬هؤلء أو صغاري عندك أمانة حتى أعود‪ ،‬أو حتى يكبروا‪ ،‬فهو يتولى أمرهم‬ ‫ومنها أن يودع شخص أه ً‬
‫ويرعاهم‪ ،‬والزرع قد تجعله أمانة عند شخص فيرعاه ويتعهده ويحفظه‪ ،‬والحكم أمانة‪ ،‬والرعية أمانة عند أميرهم ومتولي أمرهم‪ ،‬والقضاء أمانة‬
‫ثقيلة‪ ،‬والشرع أمانة‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬إنا عرضنا المانة على السموات والرض والجبال) [الحزاب]‪.‬‬
‫جاء في (البحر المحيط)‪" :‬والمانة الظاهر أنها كل ما يؤتمن عليه من أمر ونهي‪ ،‬وشأن ودين ودنيا‪ ،‬والشرع كله أمانة‪ ،‬وهذا قول الجمهور‬
‫ولذلك قال أبي بن كعب‪ :‬من المانة أن اؤتمنت المرأة على فرجها"‪.‬‬
‫وفي الحديث(المؤذن مؤتمن) يعني‪ :‬أن المؤذن أمين الناس على صلتهم وصيامهم‪ ،‬فصلة الناس وصيامهم أمانة عنده‪ .‬وفي الحديث أيضا‪:‬‬
‫(المجالس بالمانة) و "هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل‪ ،‬فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه‪ .‬والمانة تقع على‬
‫الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والمان‪ ،‬وقد جاء في كل منها حديث"‪ ،‬وفي الحديث‪" :‬اليمان أمانة ول دين لمن ل أمانة له" وفي حديث آخر‪:‬‬
‫"ل إيمان لمن ل أمانة له" وفي الحديث‪" :‬أستودع ال دينك وأمانتك" أي‪ :‬أهلك‪ ،‬ومن تخلفه بعدك منهم‪ ،‬ومالك الذي تودعه" ‪.‬‬
‫جاء في (روح المعاني) في قوله تعالى‪( :‬والذين هم لماناتهم وعهدهم راعون)‪" :‬الية عند أكثر المفسرين عامة في كل ما ائتمنوا عليه‪ ،‬وعوهدوا‬
‫من جهة ال تعالى‪ ،‬ومن جهة الناس كالتكاليف الشرعية والموال المودعة واليمان والنذور والعقود ونحوها‪ .‬وجمعت المانة دون العهد قيل‪:‬‬
‫لنها متنوعة متعددة جدا بالنسبة إلى كل مكلف من جهته تعالى‪ ،‬ول يكاد يخلو مكلف من ذلك ول كذلك العهد" ‪.‬‬
‫وجاء فيه أيضا‪" :‬وكأنه لكثرة المانة‪ ،‬جمعت ولم يجمع العهد‪ ،‬قيل‪ :‬إيذانا بأنه ليس كالمانة كثرة‪ ،‬وقيل‪ :‬لنه مصدر‪ ،‬ويدل على كثرة المانة ما‬
‫روى الكلبي‪ :‬كل أحد مؤتمن على ما افترض عليه من العقائد والقوال والحوال والفعال‪ ،‬ومن الحقوق في الموال‪ ،‬وحقوق الهل والعيال‬
‫وسائر القارب والمملوكين والجار وسائر المسلمين‪ .‬وقال السدي‪ :‬إن حقوق الشرع كلها أمانات قد قبلها المؤتمن وضمن أداءها بقبول اليمان‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬كل ما أعطاه ال تعالى للعبد من العضاء وغيرها أمانة عندهن‪ ،‬فمن استعمل ذلك في غير ما أعطاه لجله‪ ،‬وأذن سبحانه له به‪ ،‬فقد خان‬
‫المانة‪.‬‬
‫فقد رأيت من تعددها وتنوعها وتشعبها‪ ،‬ما يدعو إلى جمعها وليس كذلك العهد‪ ،‬فأفرد العهد وجمع المانة‪ .‬وأما تقديمها على العهد‪ ،‬فلهميتها كما‬
‫رأيت‪ ،‬وحسب ذلك أن يكون الشرع كله كما مر‪ ،‬وحسبك منذ لك قوله ‪ " :r‬اليمان أمانة‪ ،‬ول دين لمن ل أمانة له" وقوله‪ :‬ل إيمان لمن ل أمانة‬
‫له"‪.‬‬
‫وجاء في (فتح القدير)‪" :‬والمانة أعم من العهد‪ ،‬فكل عهد أمانة"‪.‬‬
‫أما اختيار كلمة (راعون) مع المانة والعهد دون (الحفظ) الذي استخدم مع الفروج‪ ،‬فله سبب لطيف ذلك أن (راعون) اسم فاعل من (رعى)‬
‫وأصل الرعي حفظ الحيوان‪ ،‬وتولي أمره وتفقد شأنه‪.‬‬
‫جاء في (الكشاف)‪" :‬والراعي القائم على الشيء بحفظ وإصلح‪ ،‬كراعي الغنم وراعي الرعية‪ .‬ويقال‪ :‬من راعي هذا الشيء؟ أي‪ :‬متوليه‬
‫وصاحبه"‪.‬‬
‫وجاء في (روح المعاني) تفسير (راعون)‪" :‬قائمون بحفظها وإصلحها‪ .‬وأصل الرعي‪ ،‬حفظ الحيوان‪ ،‬إما بغذائه الحافظ لحياته أو بذب العدو‬
‫عنه‪ ،‬ثم استعمل في الحفظ مطلقا"‪.‬‬
‫فالرعي ليس مجرد الحفظ‪ ،‬بل هو الحفظ والصلح والعناية بالمر وتولي شأنه‪ ،‬وتفقد أحواله وما إلى ذلك‪ .‬وهذا ما يتعلق بالمانة كثيرا وليس‬
‫مجرد الحفظ كافيا‪ .‬فمن ائتمن عندك أهله وصغاره‪ ،‬فل بد من أن تتفقد أمورهم وتنظر في أحوالهم وحاجاتهم علوة على حفظهم‪ ،‬وكذلك من‬
‫تولى أمر الرعية‪ ،‬ونحوه من اؤتمن على زرع أو ضرع‪ ،‬وكذلك ما حمله ال للنسان من أمر الشرع يحتاج إلى قيام به وتحر للحق فيما يرضي‬
‫ال وما إلى ذلك من أمور ل يصح معها مجرد الحفظ‪ ،‬فالرعاية أشمل وأعم‪.‬‬
‫ثم إن هناك فرقا آخر رعي المانة وحفظ الفروج‪ ،‬ذلك أن الفروج جزء من النسان‪ ،‬هي ل تند عنه‪ ،‬أما المانات فقد تكون في أماكن متعددة‪،‬‬
‫وربما تكون أماكن حفظها نائية عنه‪ ،‬فهي تحتاج إلى تفقد ورعاية كما يحتاج الحيوان إلى حفظه من الذئاب والوحوش الضارية‪ .‬وقد يصعب على‬
‫النسان المحافظة على المانة‪ ،‬من العادين واللصوص فيضطر إلى تخبئتها في أماكن ل ينالها النظر ول يطولها التفتيش‪ ،‬فكان على المؤتمن أن‬
‫ينظر في حفظها كما ينظر الراعي لها أنسب من الحفظ‪.‬‬
‫ثم إن اختيار كلمة (راعون) بالصيغة السمية دون الفعلية له سببه‪ ،‬فإنه لم يقل‪( :‬يرعون) ذلك ليدل على لزوم ثبات الرعي ودوامه وعدم‬
‫الخلل به البتة‪.‬‬
‫وأما تقديم المانة والعهد على (راعون) فللهتمام والعناية بأمرهما‪ ،‬وللدللة على أنهما أولى ما يرعى في هذه الحياة‪.‬‬
‫وزيادة اللم‪ ،‬تفيد الزيادة في الختصاص وتوكيد‪ .‬وتفيد فائدة أخرى إلى جانب ما ذكرت‪ ،‬ذلك أن كلمة (الراعي) قد تكون بمعنى الصاحب‪،‬‬
‫تقول‪( :‬من راعي هذه الديار؟) و (من الراعي لهذه الدار؟) أي‪ :‬من صاحبها ومتولي أمرها؟‬
‫فيكون المعنى على هذا‪ :‬والذين هم أصحاب المانات والعهود‪ ،‬أي‪ :‬هم أهلها ومتولوها لو قيل بدل ذلك‪ :‬الذين هم يرعون المانة والعهود‪ ،‬لم تفد‬
‫هذه الفائدة الجليلة‪.‬‬
‫ثم قال بعد ذلك‪( :‬والذين هم على صلواتهم يحافظون)‬
‫فختم بالمحافظة على الصلة‪ ،‬وهي آخر ما يفقد من الدين‪ ،‬كما في الحديث الشريف‪ ،‬فلعل الختم بالمحافظة عليها إشارة إلى ذلك‪ ،‬أي أنها خاتمة‬
‫عرى السلم‪.‬‬
‫إن ذكر الصلة في البدء والخاتمة تعظيم لمرها أيما تعظيم‪.‬‬
‫جاء في (روح المعاني)‪" :‬وفي تصدير الوصاف وختمها بأمر الصلة تعظيم لشأنها وتقديم الخشوع للهتمام به‪ ،‬فإن الصلة بدونه كل صلة‬
‫بالجماع‪ ،‬وقد قالوا‪ :‬صلة بل خشوع جسد بل روح" ‪.‬‬
‫فقد بدأ بالخشوع في الصلة‪ ،‬وكأنه إشارة إلى أول ما يرفع‪ ،‬وختم بالمحافظة عليها إشارة إلى آخر ما يبقى‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫والخشوع غير المحافظة‪ ،‬فالخشوع أمر قلبي متضمن للخشية والتذلل‪ ،‬وجمع الهمة والتدبر‪ ،‬وأمر بدني وهو السكون في الصلة كما سبق ذكره‬
‫فهو صفة للمصلي في حال تأديته لصلته‪ .‬وأما المحافظة فهي المواظبة عليها‪ ،‬وتأديتها وإتمام ركوعها وسجودها وقراءتها والمشروع من‬
‫أذكارها‪ ،‬وأن يوكلوا نفوسهم بالهتمام بها‪ ،‬وبما ينبغي أن تتم به أوصافها‪.‬‬
‫وقيل‪" :‬المراد يحافظون عليها بعد فعلها من أن يفعلوا ما يحبطها ويبطل ثوابها"‪.‬‬
‫وكل ذلك مراد‪ ،‬لنه من المحافظة عليها‪.‬‬
‫وذكرت الصلة أولً بصورة المفرد ليدل ذلك على أن الخشوع مطلوب في جنس الصلة‪ ،‬ففي كل صلة ينبغي أن يكون الخشوع‪ ،‬أيا كانت‬
‫الصلة فرضا أو نافلة‪ ،‬فالصلة ههنا تفيد الجنس‪.‬‬
‫وذكرت آخرا بصورة الجمع للدللة على تعددها من صلوات اليوم والليلة إلى صلة الجمعة والعيدين وصلة الجنازة‪ ،‬وغيرها من الفرائض‬
‫والسنن‪ ،‬فالمحافظة ينبغي أن تكون على جميع أنواع الصلوات‪.‬‬
‫جاء في (الكشاف)‪" :‬وقد وحدت أولً ليفاد الخشوع في جنس الصلة‪ ،‬أس صلة كانت‪ ،‬وجمعت آخرا لتفاد المحافظة على أعدادها وهي‪:‬‬
‫الصلوات الخمس والوتر والسنن الرتبة على كل صلة‪ ،‬وصلة الجمعة والعيدين والجنازة والستسقاء والكسوف‪ ،‬وصلة الضحى والتهجد‬
‫وصلة التسبيح وصلة الحاجة وغيرها من النوافل"[‪. ]39‬‬
‫واستعمال الجمع مع المحافظة أنسب شيء للدللة على المحافظة عليها بأجمعها‪ .‬وقد جيء بالفعل المضارع‪ ،‬فقال‪( :‬والذين هم على صلواتهم‬
‫يحافظون)‪ ،‬بخلف ما مر من الصفات للدللة على التجدد والحدوث‪ ،‬لن الصلوات لها مواقيت وأحوال تحدث وتتجدد فيها فيصلى لكل وقت‬
‫وحالة‪ ،‬فليس فيها من الثبوت ما في الوصاف التي مرت‪ ،‬فهناك فرق مثلً بينها وبين قوله‪( :‬الذين هم في صلتهم خاشعون)‪ ،‬لن الخشوع‬
‫ينبغي أن يكون مستمرا ثابتا في الصلة ل ينقطع‪ ،‬فهو صفة ثابتة فيها‪ .‬وكذلك قوله‪( :‬والذين هم عن اللغو معرضون) فإنه ينبغي أن يكون‬
‫العراض عن اللغو دائما مستمرا ل ينقطع‪ ،‬وكذلك قوله‪( :‬والذين هم لفروجهم حافظون) فإن حفظ الفروج ثابت دائم‪.‬‬
‫وأما العطف بالواو في كل صفة من هذه الصفات‪ ،‬فللدللة على الهتمام بكل صفة على وجه الخصوص‪ ،‬وهذا ما تفيده الواو من عطف الخبار‬
‫والصفات ‪.‬‬
‫وكذلك ذكر السم الموصول مع كل صفة‪ ،‬فإنه يدل على الهتمام والتوكيد‪ ،‬فإنه لم يقل مثلً‪( :‬قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلتهم خاشعون‪،‬‬
‫وعن اللغو معرضون وللزكاة فاعلون ‪...‬الخ) بل كرر الموصول مع كل صفة للدللة على توكيد هذه الصفات‪ ،‬وأهمية كل صفة‪.‬‬
‫[‪]41‬‬
‫جاء في (تفسير فتح القدير)‪" :‬وكرر الموصولت للدللة على أن كل وصف من تلك الوصاف لجللته‪ ،‬يستحق أن يستقل بموصوف متعدد" ‪.‬‬
‫ثم قال بعد ذلك‪( :‬أولئك هم الوارثون)‬
‫فجاء بضمير الفصل والتعريف في الخبر‪ ،‬للدللة على القصر‪ ،‬أي‪ :‬هؤلء الجامعون لهذه الوصاف‪ ،‬هم الوارثون الحقيقيون وليس غيرهم ثم‬
‫فسر هذا البهام ثم اليضاح بعده من الفخامة ما فيه‪.‬‬
‫جاء في (الكشاف)‪( :‬أولئك) الجامعون لهذه الوصاف (هم الوارثون) الحقاء بأن يسموا وراثا دون عداهم ثم ترجم الوارثين بقوله‪( :‬الذين يرثون‬
‫الفردوس) فجاء بفخامة وجزالة لرثهم ل تخفى على الناظر" ‪.‬‬
‫ثم انظر إلى تقديم الجار والمجرور على الخبر‪ ،‬في قوله‪( :‬هم فيها خالدون) للدللة على القصر وتناسب ذلك مع التقديم في الوصاف السابقة‪:‬‬
‫في صلتهم خاشعون‪ ،‬للزكاة فاعلون‪ ،‬لفروجهم حافظون‪ ،‬لماناتهم وعهدهم راعون‪ ،‬فجازاهم من جنس عملهم‪ ،‬فإن أولئك الذين قصروا أعمالهم‬
‫على الخير‪ ،‬قصر ال خلودهم في أعلى الجنة‪ ،‬وهو الفردوس‪ ،‬فل يخرجون عنه إلى ما هو أدنى درجة منه‪ ،‬فكان خلودهم في الفردوس ل في‬
‫غيره‪ .‬والفردوس أعلى الجنة وأفضلها ومنه تتفجر أنهار الجنة كما جاء في الحديث‪.‬‬

‫*مقارنة بين صفات المؤمنين فى سورتى المؤمنون والمعارج‪( :‬د‪.‬فاضل السامرائى)‬


‫إن آيات سورة (المؤمنون) في ذكر فلح المؤمنين وآيات سورة المعارج في ذكر المعافين من الهلع وقد جعل كل صفة في مواطنها‪.‬‬

‫سورة المعارج‬ ‫سورة المؤمنون‬


‫وقال تعالى فى سورة (المعارج)‪:‬‬ ‫قال تعالى فى سورة (المؤمنون)‪:‬‬
‫ق هَلُوعًا {‪ِ }19‬إذَا مَسّ ُه الشّ ّر جَزُوعًا {‪ }20‬وَِإذَا مَسّهُ‬ ‫ن خُلِ َ‬ ‫(إِنّ ا ْلإِنسَا َ‬ ‫ن هُمْ‬ ‫شعُونَ {‪ }2‬وَاّلذِي َ‬ ‫ن هُ ْم فِي صَلَاتِهِ ْم خَا ِ‬ ‫( َقدْ َأ ْفلَحَ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ {‪ }1‬اّلذِي َ‬
‫خيْ ُر َمنُوعًا {‪ }21‬إِلّا ا ْلمُصَلّينَ {‪ }22‬اّلذِينَ ُه ْم عَلَى صَلَا ِتهِ ْم دَا ِئمُونَ {‬ ‫الْ َ‬ ‫ن هُمْ‬‫ن هُمْ لِل ّزكَا ِة فَاعِلُونَ {‪ }4‬وَاّلذِي َ‬ ‫ن {‪ }3‬وَاّلذِي َ‬ ‫عَنِ الّلغْ ِو ُمعْ ِرضُو َ‬
‫حرُو ِم {‪ }25‬وَاّلذِينَ‬ ‫ق ّمعْلُو ٌم {‪ }24‬لّلسّائِلِ وَا ْلمَ ْ‬ ‫ن فِي َأمْوَاِلهِ ْم حَ ّ‬ ‫‪ }23‬وَاّلذِي َ‬ ‫غيْرُ‬‫جهِمْ أ ْو مَا مََل َكتْ َأ ْيمَانُهُ ْم َفِإّنهُمْ َ‬ ‫ن {‪ }5‬إِلّا عَلَى أَزْوَا ِ‬ ‫جهِمْ حَافِظُو َ‬ ‫ِلفُرُو ِ‬
‫ن {‪ }27‬إِنّ‬ ‫شفِقُو َ‬‫عذَابِ َرّبهِم مّ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن {‪ }26‬وَاّلذِينَ هُم مّ ْ‬ ‫ن ِبيَوْ ِم الدّي ِ‬‫ص ّدقُو َ‬‫يُ َ‬ ‫ن هُمْ‬ ‫ك هُمُ ا ْلعَادُونَ {‪ }7‬وَاّلذِي َ‬ ‫ك فَأُوَْل ِئ َ‬
‫ن ا ْبتَغَى َورَاء ذَِل َ‬‫ن {‪َ }6‬فمَ ِ‬ ‫مَلُومِي َ‬
‫ن {‪ }29‬إِلّا‬ ‫جهِمْ حَافِظُو َ‬ ‫ن {‪ }28‬وَاّلذِينَ هُ ْم لِفُرُو ِ‬ ‫غيْ ُر مَ ْأمُو ٍ‬‫عذَابَ َرّبهِ ْم َ‬ ‫َ‬ ‫ن {‪}9‬‬ ‫ن هُ ْم عَلَى صَلَوَا ِتهِ ْم يُحَافِظُو َ‬ ‫ن {‪ }8‬وَاّلذِي َ‬ ‫ع ْهدِهِمْ رَاعُو َ‬
‫ِلَأمَانَا ِتهِمْ وَ َ‬
‫ن ا ْبتَغَى‬‫ن {‪َ }30‬فمَ ِ‬ ‫غيْ ُر مَلُومِي َ‬ ‫ت َأيْمَا ُنهُ ْم َفِإّنهُمْ َ‬‫جهِمْ أَ ْو مَا مََلكَ ْ‬ ‫عَلَى أَزْوَا ِ‬ ‫س هُ ْم فِيهَا خَاِلدُونَ)‪.‬‬ ‫ن يَ ِرثُونَ الْ ِف ْردَوْ َ‬ ‫ن {‪ }10‬اّلذِي َ‬ ‫ُأوَْل ِئكَ ُهمُ الْوَا ِرثُو َ‬
‫ع ْهدِهِمْ‬ ‫ك هُ ُم ا ْلعَادُونَ {‪ }31‬وَاّلذِي َ‬
‫ن هُمْ ِلَأمَانَا ِتهِمْ وَ َ‬ ‫ك فَأُوَْل ِئ َ‬
‫َورَاء ذَِل َ‬
‫ن {‪ }33‬وَاّلذِينَ هُ ْم عَلَى‬ ‫شهَادَا ِتهِ ْم قَا ِئمُو َ‬‫ن {‪ }32‬وَاّلذِينَ هُم بِ َ‬ ‫رَاعُو َ‬
‫ت ّمكْ َرمُونَ )‪.‬‬ ‫جنّا ٍ‬‫صَلَا ِتهِ ْم يُحَافِظُونَ{‪ }34‬أُوَْل ِئكَ فِي َ‬

‫(والذين يصدقون بيوم الدين) فذكر ركنا من أركان اليمان‪ ،‬وهو‬ ‫(قد أفلح المؤمنون) فذكر صفة اليمان على وجه العموم‪ .‬المؤمنين‬
‫التصديق بيوم الدين وثمة فرق بين الحالين‪.‬‬ ‫بيوم الدين وغيره فما ذكره في سورة (المؤمنون) أكمل‪.‬‬

‫(والذين هم على صلتهم دائمون)‬ ‫(الذين هم في صلتهم خاشعون)‪ .‬والخشوع أعم من الدوام ذلك أنه‬
‫يشمل الدوام على الصلة‪ ،‬وزيادة فهو روح الصلة‪ ،‬وهو من أفعال‬
‫القلوب والجوارح من تدبر وخضوع وتذلل وسكون وإلباد بصر وعدم‬
‫التفات‪ .‬والخاشع دائم على صلته منهمك فيها حتى ينتهي‪.‬‬

‫لم يذكر مثل ذلك‬ ‫(والذين هم عن اللغو معرضون) وهو كل باطل من كلم وفعل وما‬
‫توجب المروءة إطراحه كما ذكرنا‪ .‬فهذه صفة فضل لم ترد في‬
‫المعارج‬
‫(والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)‬ ‫(والذين هم للزكاة فاعلون) أعم وأشمل فالزكاة تشمل العبادة المالية كما‬
‫تشكل طهارة النفس فهي أعلى مما في المعارج وأكمل فإنه ذكر في‬
‫المعارج أنهم يجعلون في أموالهم حقُا للسائل والمحروم‪ .‬أما الزكاة‬
‫فإنها تشمل أصنافا ثمانية وليس للسائل والمحروم فقط‪ ،‬هذا علوة على‬
‫ما فيها من طهارة النفس وتزكيتها كما سبق تقريره‪.‬‬
‫(والذين هم لفروجهم حافظون إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم‬ ‫(والذين هم لفروجهم حافظون إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم‬
‫فغنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هو العادون واذلين هم‬ ‫فغنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هو العادون واذلين هم‬
‫لماناتهم وعهدهم راعون)‬ ‫لماناتهم وعهدهم راعون)‬
‫(والذين هم بشهادتهم قائمون) ذلك أنه في سياق المعاناة من الهلع وقد‬ ‫لم يذكر ذلك‬
‫ذكرنا مناسبة ذلك وعلقته بالنجاة منه‪ .‬فاقتضى ذلك ذكره وتخصيصه‬
‫من بين المانات‪.‬‬

‫(والذين هم على صلتهم يحافظون) بإفراد الصلة‪.‬‬ ‫(والذين هم على صلواتهم يحافظون) بالجمع‪ .‬والصلوات أعم من‬
‫الصلة واشمل والمحافظة على الصلوات أعلى من المحافظة على‬
‫الصلة لما فيها من التعدد والفرائض والسنن‪.‬‬

‫(أولئك في جنات مكرمون) ولم يذكر أنهم في الفردوس‪ ،‬ولم يذكر‬ ‫فلما كانت الصفات في آيات سورة (المؤمنون) أكمل وأعلى كان‬
‫جنّاتٍ‬
‫ك فِي َ‬
‫الخلود‪ ،‬فانظر كيف ناسب كل تعبير موطنه‪ } .‬أُوَْل ِئ َ‬ ‫جزاؤهم كذلك‪ ،‬فجعل لهم الفردوس ثم ذكر أنهم خالدون فيها‪( ،‬أُوَْل ِئكَ‬
‫ّمكْ َرمُونَ}‬ ‫س ُه ْم فِيهَا خَاِلدُونَ)‪ .‬والفردوس‬
‫ُهمُ الْوَا ِرثُونَ * اّلذِينَ يَ ِرثُونَ ا ْلفِ ْردَوْ َ‬
‫أعلى الجنة وربوتها‪ ،‬وأفضلها‪ ،‬ومنه تتفجر أنهار الجنة‪ .‬وثم ذكر أنهم‬
‫فيها خالدون‬

‫(المؤمنون) المؤمنين وهم المصدقون بيوم الدين وزيادة‪ ،‬وذكر الخشوع‬


‫في الصلة‪ ،‬وهو الدوام عليها وزيادة‪ ،‬وذكر فعلهم للزكاة وهي العبادة‬
‫المالية وزيادة ومستحقوها هم السائل والمحروم وزيادة‪ ،‬وذكر‬
‫العراض عن اللغو وهو زيادة وذكر الصلوات وهي الصلة وزيادة‪،‬‬
‫ثم ذكر الفردوس وهي الجنة وزيادة في الفضل والمرتبة‪ ،‬وذكر الخلود‬
‫فيها وهو والكرام وزيادة‪.‬‬
‫فانظر ما أجمل هذا التناسب والتناسق‪ ،‬فسبحان ال رب العالمين‪.‬‬

‫آية (‪:)6‬‬
‫*هل (أو) للتخيير أو الجمع؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ن (‪ )5‬إِلّا عَلَى أَزْوَا ِ‬
‫جهِمْ أ ْو مَا‬ ‫جهِمْ حَافِظُو َ‬ ‫إذا أخذنا اليات التي تتكلم على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم نلحظ أنه لما يقول تعالى (وَاّلذِينَ هُمْ ِلفُرُو ِ‬
‫جهِمْ َومَا‬ ‫غيْ ُر مَلُومِينَ (‪ )6‬المؤمنون) هل هذه (أو) للتخيير أو الجمع لنه تعالى قال في ( َقدْ عَِل ْمنَا مَا فَ َر ْ‬
‫ضنَا عََل ْيهِ ْم فِي أَ ْزوَا ِ‬ ‫مََلكَتْ َأ ْيمَا ُنهُ ْم فَِإّنهُ ْم َ‬
‫مََلكَتْ َأ ْيمَا ُنهُ ْم (‪ )50‬الحزاب) وهنا يتعرض تعالى إلى علم ال في هذين الصنفين ملك اليمين والزواج لكن عندما يتكلم عن حفظ الفروج دائما‬
‫يضع (أو) هل يعني هذا أنه يجب ما ملكت أيمانهم أو أزواجهم؟ هل (أو) للتخيير أو الجمع؟ هي للباحة‪.‬‬
‫آية (‪:)12‬‬
‫* ما فائدة تكرار كلمة خلقنا في آية سورة المؤمنون أما كلمة جعل فجاءت مرة واحدة‬
‫فقط؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫جعَ ْلنَا ُه نُطْفَ ًة فِي َقرَا ٍر ّمكِينٍ {‪ }13‬ثُ ّم خََل ْقنَا النّطْفَ َة عََلقَ ًة فَخََل ْقنَا ا ْلعَلَقَ َة‬
‫ن مِن سُلَالَ ٍة مّن طِينٍ {‪ }12‬ثُ ّم َ‬ ‫قال تعالى في سورة المؤمنون (وََل َقدْ خَلَ ْقنَا ا ْلإِنسَا َ‬
‫ن {‪ )}14‬هناك فرق بين الجعل والخلق فالجعل هو‬ ‫حسَنُ الْخَالِقِي َ‬
‫خ َر َفتَبَا َركَ اللّهُ أَ ْ‬
‫ش ْأنَا ُه خَلْقا آ َ‬
‫ضغَةَ عِظَاما َفكَسَ ْونَا ا ْلعِظَامَ لَحْما ثُمّ أَن َ‬‫ضغَ ًة َفخَلَ ْقنَا ا ْل ُم ْ‬
‫مُ ْ‬
‫أن تُغيّر الصيرورة فنقول جعلت الماء ثلجا أي أنه لم يكن فصار كما جاء في قوله تعالى (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) لم يكن‬
‫هارون وزيرا من قبل فصار وزيرا‪ .‬أما الخلق فهو مرحلة مستقلة عن غيرها والخلق هو من مادة بخلف البداع الذي هو من عدم بدليل قوله‬
‫تعالى (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) النار مخلوقة قبل الجان‪ .‬وقوله تعالى (إني خالق بشرا من طين) استخدام حرف من يفيد أن الطين‬
‫موجود وخلق آدم من مادة موجودة هي الطين أما قوله تعالى (جاعل في الرض خليفة) لم يكن فيها خليفة فصار فيها‪.‬‬
‫آية (‪:)15‬‬
‫*لماذا في سورة المؤمنون آية ‪ 15‬و ‪ 16‬جاء توكيدان في الموت وتوكيد واحد في البعث مع ان‬
‫الناس يشككون في البعث أكثر ؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ن {‪ )}16‬جاء التوكيد في الية ‪ 15‬مع ذكر الموت بـ (إنّ) واللم‪ ،‬أما في الية ‪ 16‬مع‬ ‫(ثُمّ ِإّنكُ ْم َبعْ َد ذَِلكَ َل َمّيتُونَ {‪ }15‬ثُمّ ِإّنكُ ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَ ِة ُتبْ َعثُو َ‬
‫ذكر ابعث جاء التوكيد بـ (إنّ) فقط ولم يأتي باللم لن هناك قاعدة نحوية أن اللم إذا دخلت على الفعل المضارع أخلصته للحال فل يصح أن‬
‫يقال لتبعثون لنها لن تفيد الستقبال ولكنها تخلص الفعل المضارع للحال وليس هذا هو المقصود في الية‪ .‬يوم القيامة استقبال ول تصح اللم‬
‫هنا لن الكلم على يوم القيامة واللم تخلّصه للحال ولو أن عندي رأي آخر كما جاء في قوله تعالى (إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة) قال النحاة‬
‫هذا تنزيل المستقبل تنزيل الماضي‪.‬‬
‫وفي سورة يوسف الية (ليسجنن وليكونا من الصاغرين) النون نون التوكيد التي تخلص الفعل للمستقبل واللم هي لم القسم وليست لم التوكيد‬
‫هنا‪.‬‬
‫ن{‬‫ك َميّتٌ وَِإّنهُم ّميّتُو َ‬ ‫ل تعود للسياق ومع أنه أكد الموت توكيدين في آية سورة المؤمنون ومرة واحدة في آية سورة الزمر (ِإّن َ‬ ‫مسألة التوكيد أو ً‬
‫‪ )}30‬ولم يذكر اللم هنا والسبب أنه ذكر الموت في سورة المؤمنون ‪ 10‬مرات بينما ذكر في سورة الزمر مرتين فقط وتكررت صور الموت‬
‫ن مِن‬‫ل عن خلق النسان وتطويره وأحكامه (وََل َقدْ خَلَ ْقنَا الْإِنسَا َ‬ ‫في سورة المؤمنون أكثر منها في سورة الزمر ففي سورة المؤمنون الكلم أص ً‬
‫ضغَةَ عِظَاما َفكَسَ ْونَا ا ْلعِظَامَ لَحْما ثُمّ‬‫ضغَ ًة فَخََل ْقنَا ا ْل ُم ْ‬ ‫طفَةً فِي قَرَا ٍر ّمكِينٍ {‪ }13‬ثُمّ َ‬
‫خلَ ْقنَا النّطْفَ َة عَلَقَ ًة َفخَلَ ْقنَا ا ْلعَلَقَ َة مُ ْ‬ ‫ن {‪ }12‬ثُمّ َ‬
‫جعَ ْلنَا ُه نُ ْ‬ ‫سُلَالَ ٍة مّن طِي ٍ‬
‫ن {‪ )}14‬وهذا أكبر دليل على أن إعادته ممكنة ول شك أنها أسهل من الخلق والبتداء فلهذا جعل‬ ‫حسَنُ الْخَالِقِي َ‬ ‫خرَ َف َتبَا َركَ اللّهُ أَ ْ‬
‫ش ْأنَا ُه خَلْقا آ َ‬
‫أَن َ‬
‫سبحانه وتعالى توكيدين في الخلق وتوكيدا واحدا في البعث لن البعث أهون عليه من الخلق من عدم وكلهما هين على ال تعالى‪.‬‬
‫المر الخر لو لحظنا ما ذكره تعالى في خلق النسان لتُوهّم أن النسان قد يكون مخلّدا في الدنيا لكن الحقيقة أن النسان سيموت وكثيرا ما‬
‫يغفل النسان عن الموت وينساق وراء شهواته (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) فيعمل النسان عمل الخلود (ألهكم التكاثر) فأراد تعالى أن‬
‫يُذكّرهم بما غفلوا عنه كما ورد في الحديث الشريف (أكثروا من ذكر هادم اللذات) ثم الية لم ترد في سياق المنكرين للبعث فليس من الضرورة‬
‫تأكيد البعث كما أكدّ الموت‪ .‬وقد أكدّ لطماع الناس في الخلود في الدنيا وكل المحاولت للخلود في الدنيا ستبوء بالفشل مهما حاول الناس للخلود‬
‫ل يمكنهم هذا‪.‬‬
‫آية (‪:)19‬‬
‫سكَنَّاهُ فِي اْلَْرض وَإِنَّا عَل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ى ذَهَا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ماءً بِقَد َ ٍر فَأ ْ‬ ‫ماءِ َ‬ ‫س َ‬‫ن ال َّ‬ ‫م َ‬ ‫*قال تعالى في سورة المؤمنون (وَأنَْزلْنَا ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شأْن ََا لَك َُ‬
‫نَ (‪ )18‬فَأَن ْ َ‬
‫منْهََا تَأكُلُو َ‬
‫نَ (‬ ‫ه كَثِيَرةٌ وَ ِ‬‫م فِيهََا فَوَاك َِ ُ‬ ‫ب لَك َُ ْ‬ ‫ل وَأعْنَا ٍَ‬ ‫خي ٍ‬‫م نَْ ن َ ِ‬‫ت ِ‬ ‫جنَّا ٍَ‬ ‫م ب َِهِ َ‬
‫ْ‬ ‫ب َِهِ لَقَادُِرو َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م فِيه َا فَاكِهَ ٌ‬
‫ة‬ ‫ن (‪ )72‬لَك ُ ْ‬ ‫ملُو َ‬ ‫ما كُنْت ُ ْ‬
‫م تَعْ َ‬ ‫ة ال ّت ِي أورِثْت ُ ُ‬
‫موه َا ب ِ َ‬ ‫جن َّ ُ‬
‫ك ال ْ َ‬
‫‪ ))19‬وقال في سورة الزخرف (وَتِل ْ َ‬
‫ْ‬
‫ن (‪ ))73‬ذكََر الواو فََي الولى (ومنهََا) وحذف الواو فََي الثانيََة (منهََا) لماذا؟‬ ‫منْهَ َا تَأكُلُو َ َ‬
‫كَثِيَرةٌ ِ‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫في سورة المؤمنون ال سياق في الكلم عن الدن يا وأهل الدنيا وتعداد الن عم قال (ومن ها تأكلون) فالفاكهة في الدن يا لي ست للكل فقط فمن ها ما هو‬
‫للدخار والب يع والمربّيات والع صائر فكأنـه تعالى يقصـد باليـة ‪ :‬ومن ها تدّخرون‪ ،‬ومن ها تع صرون ومن ها تأكلون وهذا ما يُسـمّى ع طف على‬
‫محذوف‪ .‬أما في سورة الزخرف فالسياق في الكلم عن الجنة والفاكهة في الجنة كلها للكل ول يُصنع منها أشياء أخرى‪.‬‬
‫* ما الفرق بين فواكه وفاكهة؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫فاكهة إسم جنس يعني عام يشمل المفرد والمثنى والجمع أما فواكه فهي جمع وإسم الجنس يكون أعمّ من الجمع‪ .‬للحبة الواحدة يقال عنها فاكهة‬
‫والحبتين يقال فاكهة لكن ل يقال فواكه‪ ،‬لكن فواكه يقال عنها فواكه وفاكهة‪ ،‬فاكهة تشمل فواكه لكن فواكه ل تشمل فاكهة من حيث اللفظ لن هذا‬
‫يدل على جمع والفاكهة تدل على الجمع أيضا وتدل على المفرد والمثنى‪ .‬ليس هذا فقط لو كان عندنا أنواع من الفواكه كالرمان والبرتقال وغيرها‬
‫نسميها فواكه ونسميها فاكهة أيضا‪ .‬لو كان عندنا فقط نوع واحد من الفاكهة مثل الرمان أو التفاح نسميه فاكهة ول نسميه فواكه إذن فاكهة أعمّ‬
‫لنها للمفرد والمثنى والجمع والمتعدد وغير المتعدد المتنوع وغير المتنوع‪ .‬الفواكه للجمع والمتنوع فقط إذن أيها العم؟ فاكهة أعمّ‪ .‬لذلك تستعمل‬
‫ت الَْأ ْكمَا ِم (‪ )11‬الرحمن) آية أخرى‬ ‫ل ذَا ُ‬‫ض َعهَا لِ ْلَأنَامِ (‪ )10‬فِيهَا فَا ِكهَةٌ وَالنّخْ ُ‬
‫الفاكهة في القرآن لما هو أوسع من الفواكه‪ ،‬مثال‪( :‬وَالْأَ ْرضَ وَ َ‬
‫ب ّلكُ ْم فِيهَا فَوَاكِهُ َكثِيرَةٌ‬‫عنَا ٍ‬
‫ت مّن نّخِيلٍ وَأَ ْ‬ ‫ن (‪َ )18‬فأَنشَ ْأنَا َلكُم بِهِ َ‬
‫جنّا ٍ‬ ‫ب بِهِ َلقَادِرُو َ‬
‫ض وَِإنّا عَلَى ذَهَا ٍ‬ ‫س َكنّا ُه فِي ا ْلأَرْ ِ‬
‫سمَاء مَاء بِ َقدَ ٍر فََأ ْ‬ ‫(وَأَنزَ ْلنَا مِنَ ال ّ‬
‫ت الَْأ ْكمَا ِم (‪ )11‬الرحمن) وعندنا (ّلكُمْ‬ ‫ل ذَا ُ‬‫ض َعهَا لِ ْلَأنَا ِم (‪ )10‬فِيهَا فَا ِكهَةٌ وَالنّخْ ُ‬
‫ن (‪ )19‬المؤمنون) عندنا أمران‪ :‬الرض (وَالْأَ ْرضَ وَ َ‬ ‫َو ِم ْنهَا تَ ْأكُلُو َ‬
‫فِيهَا فَوَاكِ ُه َكثِيرَةٌ) أيها الكثر الفواكه في الرض كلها في عموم الرض أو فقط في البساتين ؟ في عموم الرض لن البساتين هي في الرض‬
‫عنَابٍ) قال (ّلكُ ْم فِيهَا فَوَاكِ ُه َكثِيرَةٌ)‪،‬‬ ‫ت مّن نّخِيلٍ وَأَ ْ‬ ‫جنّا ٍ‬
‫ش ْأنَا َلكُم بِهِ َ‬
‫ض َعهَا لِ ْلَأنَامِ) قال (فيها فاكهة) ولما قال (فَأَن َ‬ ‫ومحدودة لذلك لما قال (وَالْأَ ْرضَ وَ َ‬
‫أيها الكثر؟ الفاكهة أكثر‪ .‬إذن الفاكهة إسم جنس والفواكه جمع وإسم الجنس هنا أع ّم من الجمع‪ .‬حتى في الجمع لما يذكر فاكهة معناها أكثر‬
‫ت ال ّنعِي ِم (‪ ))43‬وفي الواقعة (وَالسّا ِبقُونَ السّابِقُونَ‬ ‫جنّا ِ‬‫ن (‪ )42‬فِي َ‬ ‫وأشكل وأعم من فاكهة حتى في الجنة مثل في الصافات قال (فَوَاكِهُ وَهُم ّمكْ َرمُو َ‬
‫ن (‪ )14‬عَلَى سُرُ ٍر مَ ْوضُونَةٍ (‪ُ )15‬مّتكِئِينَ عََل ْيهَا‬ ‫ل مِنَ الَْآخِرِي َ‬‫جنّاتِ ال ّنعِي ِم (‪ )12‬ثُلّ ٌة مِنَ ا ْلأَوّلِينَ (‪َ )13‬وقَلِي ٌ‬ ‫ن (‪ )11‬فِي َ‬ ‫(‪ )10‬أُوَل ِئكَ ا ْلمُقَ ّربُو َ‬
‫ن (‪َ )19‬وفَا ِكهَ ٍة ّممّا‬ ‫ع ْنهَا َولَا ُينْ ِزفُو َ‬
‫صدّعُونَ َ‬ ‫ن َمعِينٍ (‪ )18‬لَا يُ َ‬ ‫س مِ ْ‬ ‫ف عََل ْيهِمْ وِ ْلدَانٌ ُمخَّلدُونَ (‪ِ )17‬بَأكْوَابٍ وََأبَارِيقَ َوكَأْ ٍ‬ ‫ُمتَقَابِلِينَ (‪ )16‬يَطُو ُ‬
‫خيّرُونَ) كثير ومن دونهم قال (فواكه) هذا متعلق بالدرجة أيضا‪.‬‬ ‫ن (‪ ))20‬مع السابقون قال ( َوفَا ِكهَةٍ ّممّا َيتَ َ‬ ‫خيّرُو َ‬ ‫َيتَ َ‬
‫آية (‪:)20‬‬
‫ن (‪ )2‬التين) مشتقة من سنة؟‬ ‫* ما الفرق بين عام وسنين؟ وهل كلمة سنين في (وَطُورِ ِ‬
‫سينِي َ‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫صبْغٍ لّلْآكِلِينَ‬
‫ت بِالدّهْنِ وَ ِ‬
‫س ْينَاء تَنبُ ُ‬
‫ج مِن طُورِ َ‬
‫جرَ ًة تَخْ ُر ُ‬
‫سنين ليست كلمة عربية وهي طور سيناء في مصر‪ .‬وردت في القرآن باسمين سيناء (وَشَ َ‬
‫(‪ )20‬المؤمنون) ووردت طور سنين وهي فيها إسمان يذكر أهل اللغة المحدثون أن هذه فيها لغتين سيناء وسنين كما أن السماء أيضا الرسول‬
‫يسمونه محمد وأحمد‪ .‬هذا من العجاز لن القرآن استعملها كما استعملها القدامى سنين وسيناء إنما هي ليست عربية‪ .‬كلمة طور تعني الجبل‬
‫وهي في الصل ليست عربية أيضا وكلمة طور لم ترد إل في بني إسرائيل في القرآن الكريم واختلفوا في قوله تعالى (وَالطّو ِر (‪َ )1‬و ِكتَابٍ‬
‫سطُو ٍر (‪ )2‬الطور) وقالوا هو طور سيناء فهي كلها لبني إسرائيل‪ .‬الطور وسنين ليست عربية وتسمى إسم علم مثل أسماء كثيرة وأعلم كثيرة‬ ‫مّ ْ‬
‫مثل ابراهيم وإسماعيل‪.‬‬
‫خ ْمسِينَ عَامًا (‪ )14‬العنكبوت) أشهر ما‬ ‫سنَةٍ ِإلّا َ‬
‫ف َ‬
‫ث فِيهِمْ أَلْ َ‬
‫هل سنين جمع سنة؟ كل‪ .‬القرآن استخدم سنة وعام (وَلَ َقدْ أَ ْرسَ ْلنَا نُوحًا إِلَى قَ ْومِ ِه فََلبِ َ‬
‫خمْسِينَ عَامًا)‬ ‫سنَةٍ إِلّا َ‬
‫ث فِيهِمْ َألْفَ َ‬ ‫قيل أن السنة تستعمل للقحط والعام للرخاء وهذا أشهر ما قيل في التفريق بين السنة والعام‪ .‬لذلك في الية (فََلبِ َ‬
‫يقولون الخمسين عاما هي التي ارتاح فيها‪ ،‬والباقي كان في تعب مع قومه‪.‬‬
‫سنِينَ دََأبًا (‪ )47‬يوسف) (ثُ ّم يَ ْأتِي مِن َبعْ ِد ذَِلكَ عَا ٌم فِي ِه يُغَاثُ النّاسُ َوفِيهِ َيعْصِرُونَ (‪ )49‬يوسف) الصل أن السنة للزمة‬ ‫سبْعَ ِ‬‫ل تَزْرَعُونَ َ‬ ‫(قَا َ‬
‫والقحط والعرب اشتقت منها فقال أسنت الناس أي أصابهم القحط والسنة بمعنى الزمة‪ .‬نأتي للجمع الجمع ليس بالضرورة لن كلمة عام لم تجمع‬
‫في القرآن ليس في القرآن أعوام‪ ،‬موجود منها المفرد والمثنى ( َو ِفصَالُ ُه فِي عَا َميْنِ (‪ )14‬لقمان)‪ ،‬السنة موجود المفرد والجمع جمع المذكر السالم‬
‫وليس المؤنث السالم‪ ،‬موجود سنين يعني سنوات غير موجودة‪ ،‬عامين موجودة وسنتان غير موجودة‪ ،‬سنين موجودة وأعوام غير موجودة‪ .‬في‬
‫ص مّن‬ ‫سنِينَ َونَقْ ٍ‬ ‫ن بِال ّ‬
‫ل فِرْعَو َ‬ ‫خذْنَا آ َ‬
‫الجمع ما لم يكن موجودا يكون بمعنى العام لذلك في القرآن الكريم يستعمل السنين في الخير والشدة (وََل َقدْ َأ َ‬
‫ن دََأبًا) تصير عامة لنه ليس هناك جمع أعوام‪ ،‬عندنا فرق بين عام وسنة لكن‬ ‫سنِي َ‬
‫سبْعَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل تَزْرَعُو َ‬‫ن (‪ )130‬العراف) (قَا َ‬
‫الثّمَرَاتِ َلعَّلهُ ْم َيذّكّرُو َ‬
‫في الجمع تصير عامة‪ .‬لم يرد في القرآن أعوام ونحن نبحث في الكلمات التي اتسعملها القرآن فالقرآن ليس قاموسا يجمع الكلمات‪ .‬هذا الفرق‬
‫مشهور في اللغة لكن ليست قاعدة هكذا موجود في اللغة لكن في الجمع تختلف‪ .‬في الغالب السنة للشدة والقحظ وللعام للرخاء وإذا جمعها سنة‬
‫تصير عامة‪ .‬الفترة الزمنية واحدة في السنة والعام فالسنة والعام ‪ 12‬شهر وبعضهم يفرقون بينها في البدء والنتهار منهم يقول من الصيف‬
‫سنِينَ‬
‫ث مِائَةٍ ِ‬ ‫للصيف وقسم يقول من بداية السنة وهذا تفريقات يقول اللغويون أنها تفريقات غير دقيقة‪ .‬في قوله تعالى (وََل ِبثُوا فِي َكهْ ِفهِ ْم ثَلَا َ‬
‫سعًا (‪ )25‬الكهف) هنا مطلق الزمن‪.‬‬ ‫وَا ْزدَادُوا تِ ْ‬
‫آية (‪:)21‬‬
‫*ما الفرق بين كلمة (بطونه) في آية سورة النحل و (بطونها) في آية سورة المؤمنون؟ (د‪.‬فاضل‬
‫السامرائى)‬
‫قال تعالى ‪ :‬وَإِنّ َلكُ ْم فِي الَْأ ْنعَامِ َل ِعبْرَ ًة نُسْقِيكُ ْم ِممّا فِي بُطُونِهِ مِنْ َبيْنِ َفرْثٍ َودَمٍ َلبَنا خَالِصا سَائِغا لِلشّا ِربِينَ (النحل‪)66:‬‬
‫سقِيكُ ْم ِممّا فِي بُطُو ِنهَا وََلكُ ْم فِيهَا َمنَافِ ُع كَثِيرَةٌ َو ِم ْنهَا تَ ْأكُلُون (المؤمنون‪)21:‬‬
‫وقال تعالى ‪ (:‬وَإِنّ َلكُ ْم فِي الَْأ ْنعَا ِم َلعِبْرَ ًة نُ ْ‬
‫آية النحل تتحدث عن إسقاء اللبن من بطون النعام واللبن ل يخرج من جميع النعام بل يخرج من قسم من الناث‪.‬‬
‫أما آية المؤمنون فالكلم فيها على منافع النعام من لبن وغيره وهي منافع عامة تعم جميع النعام ذكورها وإناثها صغارها وكبارها فجاء بضمير‬
‫القلة وهو ضمير الذكور للنعام التي يستخلص منها اللبن وهي أقل من عموم النعام وجاء بضمير الكثرة وهو ضمير الناث لعموم النعام وهذا‬
‫جار وفق قاعدة التعبير في العربية التي تفيد أن المؤنث يؤتى به للدللة على الكثرة بخلف المذكر وذلك في مواطن عدة كالضمير واسم الشارة‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫آية (‪:)24‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن إِل َ ٍ‬
‫ه غَيُْر ُ‬
‫ه‬ ‫ما لَك ُم ِّ‬
‫م ْ‬ ‫ل ي َاَ قَو ْم ِ اعْبُدُوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫م هِ فَقَا َ‬‫حا إِلَى قَوْ ِ‬‫سلْنَا نُو ً‬‫* في سورة المؤمنون (وَلَقَد ْ أْر َ‬
‫َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫م (‪ ))24‬وكأن الذين كفروا‬ ‫مثْلُك ُ ْ‬
‫شٌر ِّ‬‫ما هَذ َا إ ِ ّل ب َ َ‬
‫م هِ َ‬ ‫من قَوْ ِ‬ ‫ن كَفَُروا ِ‬ ‫مَل ال ّذِي َ‬
‫ن (‪ )23‬فقَال ال َ‬ ‫أفََل تَتَّقُو َ‬
‫ل‬‫هم القليل لن المل هم أقل من القوم ولكن الذين آمنوا به هم القليل‪ .‬وفي آية أخرى قال (وَقَا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حيَاةِ الدُّنْي ََا (‪ )33‬المؤمنون) مَا‬ ‫م فَِي ال ْ َ‬ ‫خَرةِ وَأتَْرفْنَاهَُ ْ‬ ‫ن كَفَُروا َوكَذَّبُوا بِلِقَاء اْل ِ‬ ‫مه َِ ال ّذِي ََ‬
‫من قَوْ ِ‬‫مَل ُ َِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫الفرق بين قومه الذين كفروا والمل الذين كفروا من قومه؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل عََل ْيكُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ‬ ‫ن كَفَرُوا مِن قَ ْومِهِ مَا َهذَا إِلّا بَشَ ٌر ّمثُْلكُ ْم يُرِيدُ أَن َيتَفَضّ َ‬ ‫نقرأ اليتين من سورة المؤمنون‪ :‬الولى في قوم نوح (فَقَالَ ا ْلمَلَُأ اّلذِي َ‬
‫خرَةِ‬ ‫ن كَفَرُوا َو َكذّبُوا بِلِقَاء الْآ ِ‬ ‫ن (‪ ))24‬وذكر قوما آخرين لم يذكر من هم ( َوقَالَ ا ْلمَلَُأ مِن قَ ْومِهِ اّلذِي َ‬ ‫س ِم ْعنَا ِبهَذَا فِي آبَا ِئنَا الْأَوّلِي َ‬
‫ل مَلَا ِئكَ ًة مّا َ‬ ‫َلأَنزَ َ‬
‫ش َربُونَ (‪( ))33‬فَقَالَ ا ْلمَلَأُ اّلذِينَ َكفَرُوا مِن قَ ْومِهِ) من القائل؟‬ ‫ن ِمنْهُ َويَشْ َربُ ِممّا تَ ْ‬ ‫ل ِممّا تَ ْأكُلُو َ‬
‫ش ٌر مّثُْلكُ ْم يَ ْأكُ ُ‬
‫حيَا ِة الدّ ْنيَا مَا َهذَا إِلّا بَ َ‬
‫َوَأتْ َر ْفنَاهُ ْم فِي الْ َ‬
‫من الذين كفروا؟ المل‪ ،‬إذن هنالك من قومه ليسوا من الذين كفروا (المل هم أشراف القوم)‪ .‬هؤلء الذين قالوا‪ ،‬هو كفر به مجموعة منهم المل‬
‫والذين قالوا هم المل الذين كفروا وقد يكون هناك مل لم يكفروا‪ .‬فـ (الذين كفروا) وصف للمل وليس وصفا للقوم (الذين كفروا)تعرب صفة‬
‫للمل)‪ .‬إذن الكفر صفة للمل‪.‬‬
‫الية الثانية ( َوقَالَ ا ْلمَلَُأ مِن قَ ْومِهِ اّلذِينَ كَ َفرُوا) يحتمل أن الذين كفروا صفة للقوم‪ ،‬إذن الولى كفروا قطعا صفة للمل والثانية تحتمل أن تكون‬
‫ن كَفَرُوا َو َكذّبُوا بِلِقَاء‬ ‫صفة للقوم إذن الثانية أوسع وأشمل كفرا من الولى وليس هذا فقط وإنما ذكر صفات أخرى لم يذكرها في قوم نوح (اّلذِي َ‬
‫حيَا ِة ال ّد ْنيَا مَا َهذَا ِإلّا بَشَ ٌر ّمثُْلكُمْ) ذكر أمورا كثيرة من الكفر‪ .‬إذن في الية الثانية ذكر الكفر أعم والصفات أشد‪ .‬بناء على‬ ‫خرَةِ وََأتْ َر ْفنَا ُه ْم فِي ا ْل َ‬‫الْآ ِ‬
‫صنَعِ ا ْلفُ ْلكَ‬
‫ح ْينَا إَِليْهِ أَنِ ا ْ‬
‫هذا الذي حصل أنه لما ذكر العقوبة ذكر ناجين في قوم نوح ولم يذكر ناجين في القوم الخرين‪ ،‬قال في قوم نوح (فََأوْ َ‬
‫ط ْبنِي فِي اّلذِينَ ظََلمُوا ِإّنهُم‬ ‫ل ِمنْهُمْ َولَا تُخَا ِ‬ ‫ق عََليْهِ الْ َقوْ ُ‬‫سبَ َ‬
‫جيْنِ ا ْث َنيْنِ وَأَ ْهَلكَ إِلّا مَن َ‬‫ح ِينَا َفِإذَا جَاء َأمْ ُرنَا َوفَارَ ال ّتنّو ُر فَاسُْلكْ فِيهَا مِن كُلّ زَ ْو َ‬ ‫ع ُي ِننَا وَوَ ْ‬
‫بِأَ ْ‬
‫جعَ ْلنَاهُمْ‬‫ق فَ َ‬‫صيْحَ ُة بِالْحَ ّ‬ ‫ن نَا ِدمِينَ (‪َ )40‬فأَ َ‬
‫خ َذ ْتهُمُ ال ّ‬ ‫صبِحُ ّ‬
‫عمّا قَلِيلٍ َليُ ْ‬
‫ل َ‬ ‫ن (‪ )27‬إذن هناك ناجين‪ .‬أما في الية الخرى فليس هناك ناجين (قَا َ‬ ‫ّمغْ َرقُو َ‬
‫غثَاء َف ُبعْدًا لّلْ َقوْمِ الظّاِلمِينَ (‪ .)41‬حتى في السورة نفسها لما ذكر قوم نوح ذكر ناجين أما في الية الثانية لم يذكر ناجين وهذه مناسبة مع العموم‬ ‫ُ‬
‫الذي وصف به القوم من الكفر لما وصف الكفر على العموم للقوم فصار الهلك على العموم للقوم ولم يذكر ناجين ولما ذكر قسما منه ذكر‬
‫ناجين فكان كل تذييل مناسب لما ورد في الية‪.‬‬
‫آية (‪:)27‬‬
‫ن (‪ )27‬المؤمنين) (قُلْنَا‬
‫ن اثْنَي ْ ِ‬
‫جي ْ ِ‬ ‫من ك ُ ٍّ‬
‫ل َزوْ َ‬ ‫سل ُ ْ‬
‫ك فِيهَا ِ‬ ‫*ما الفرق بين اسلك واحمل في اليات (فَا ْ‬
‫ن (‪ )40‬هود)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫ن اثْنَي ْ ِ‬
‫جي ْ ِ‬ ‫من ك ُ ٍّ‬
‫ل َزوْ َ‬ ‫م ْ‬
‫ل فِيهَا ِ‬ ‫ح ِ‬
‫ا ْ‬
‫غيْرِ سُو ٍء (‪ )32‬القصص) (مَا سََل َككُ ْم فِي سَ َق َر (‪ )42‬المدثر) أما احمل فمن الحِمل‬ ‫ن َ‬ ‫ج بَيْضَاء مِ ْ‬ ‫ك تَخْ ُر ْ‬ ‫ج ْيبِ َ‬
‫ك َي َدكَ فِي َ‬ ‫اسلك معناها أدخِل (اسُْل ْ‬
‫ل يدخل ثم يحمل‪ .‬الن ننظر في‬ ‫معروف‪ .‬الدللة مختلفة ونرى هل طبيعة اسلك في نفس وقت احمل؟ أيها السبق أُسلُك أو احمل؟ أُسلك أسبق أو ً‬
‫ن قَ ْومِهِ سَخِرُوا ِمنْهُ قَالَ إِنْ‬‫صنَعُ ا ْلفُ ْلكَ َوكُّلمَا مَ ّر عََليْ ِه مَلٌَأ مِ ْ‬
‫قصة نوح نفسها متى قال أُسلك؟ ومتى قال احمل؟‪ .‬آية هود قال فيها احمل ( َويَ ْ‬
‫ب مُقِي ٌم (‪َ )39‬‬
‫حتّى ِإذَا جَاءَ َأمْ ُرنَا َوفَارَ‬ ‫عذَا ٌ‬ ‫ل عََليْ ِه َ‬ ‫ب يُخْزِيهِ َويَحِ ّ‬ ‫عذَا ٌ‬ ‫ن مَنْ َي ْأتِي ِه َ‬
‫ف تَعَْلمُو َ‬‫سخَرُوا ِمنّا فَِإنّا نَسْخَ ُر ِم ْنكُ ْم َكمَا تَسْخَرُونَ (‪ )38‬فَسَ ْو َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ل (‪ ))40‬المر جاء وصنع الفلك‪ .‬في آية‬ ‫ن َمعَهُ ِإلّا قَلِي ٌ‬‫سبَقَ عََليْهِ ا ْلقَوْلُ َومَنْ َآمَنَ َومَا َآمَ َ‬ ‫ن ا ْثنَيْنِ وَأَهَْلكَ إِلّا مَنْ َ‬ ‫جيْ ِ‬ ‫ل زَوْ َ‬
‫ل فِيهَا مِنْ كُ ّ‬ ‫حمِ ْ‬‫التّنّو ُر قُ ْلنَا ا ْ‬
‫ق عََليْهِ الْقَ ْولُ‬
‫سبَ َ‬
‫ن ا ْث َنيْنِ وَأَهَْلكَ ِإلّا مَنْ َ‬
‫جيْ ِ‬
‫ن كُلّ زَوْ َ‬ ‫سُلكْ فِيهَا مِ ْ‬ ‫ح ِينَا فَِإذَا جَا َء َأمْ ُرنَا َوفَارَ ال ّتنّو ُر فَا ْ‬
‫ع ُي ِننَا وَوَ ْ‬
‫ك بِأَ ْ‬
‫صنَعِ الْفُ ْل َ‬
‫نا ْ‬ ‫ح ْينَا ِإَليْهِ أَ ِ‬
‫المؤمنون (فَأَوْ َ‬
‫ن (‪ ))27‬هناك صنع الفلك وجاء المر‪ .‬أُسلك قبل الحمل‪ ،‬عندنا حالتان حالة قالها قبل الفعل وحالة‬ ‫ط ْبنِي فِي اّلذِينَ ظََلمُوا ِإّنهُ ْم ُمغْ َرقُو َ‬ ‫ِم ْنهُمْ وَلَا ُتخَا ِ‬
‫قالها بعد الفعل‪ ،‬مع المر احمل وقبل المر أُسلك‪ .‬القدامى قالوا السياق من أهم القرائن الدالّة على المعنى‪ .‬لما نسمع أُسلُك يجب أن نفهم أن‬
‫المر لم يصدر بعد ولما نسمع إحمل يكون المر قد صدر‪.‬‬
‫ن (‪ )27‬المؤمنين) وأحيانا ً ل ترد‬
‫ن اثْنَي ْ ِ‬
‫جي ْ ِ‬ ‫من ك ُ ٍّ‬
‫ل َزوْ َ‬ ‫سل ُ ْ‬
‫ك فِيهَا ِ‬ ‫*كلمة اثنين ترد أحيانا ً مع زوجين (فَا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )49‬الذاريات) فما اللمسة البيانية في ورودها وعدم‬ ‫ن لَعَل ّك ُ ْ‬
‫م تَذ َك ُّرو َ‬ ‫خلَقْنَا َزوْ َ‬
‫جي ْ ِ‬ ‫يءٍ َ‬
‫ش ْ‬ ‫من ك ُ ِّ‬
‫ل َ‬ ‫(وَ ِ‬
‫ورودها؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل فِيهَا‬ ‫جيْنِ ا ْث َنيْنِ (‪ )40‬هود) ذكر وأنثى‪َ ( ،‬ومِن كُلّ ال ّثمَرَاتِ َ‬
‫جعَ َ‬ ‫ل فِيهَا مِن كُلّ َزوْ َ‬ ‫حمِ ْ‬
‫حتّى ِإذَا جَاء َأمْ ُرنَا َوفَارَ ال ّتنّو ُر قُ ْلنَا ا ْ‬
‫اثنين معناه ذكر وأنثى ( َ‬
‫جيْنِ الذّكَرَ وَالْأُنثَى (‪)39‬‬‫ل ِمنْهُ الزّ ْو َ‬ ‫جيْنِ الذّكَرَ وَالْأُنثَى (‪ )45‬النجم) ذكر وأنثى‪( ،‬فَ َ‬
‫جعَ َ‬ ‫ن (‪ )3‬الرعد) تأنيث وتذكير‪( ،‬وََأنّهُ خََلقَ الزّ ْو َ‬ ‫ن ا ْثنَيْ ِ‬
‫جيْ ِ‬
‫زَوْ َ‬
‫جيْنِ) قال وهذا ليس مقصودا فيه الذكر والنثى وإنما عموم المتضادات والمتقابلت مثل‬ ‫يءٍ خََل ْقنَا زَ ْو َ‬
‫القيامة) في آية الذاريات قال ( َومِن كُلّ شَ ْ‬
‫حنَا لَهُ زَ ْوجَ ُه (‪)90‬‬
‫جنّةَ (‪ )35‬البقرة) (وَأَصَْل ْ‬ ‫جكَ ا ْل َ‬
‫سكُنْ أَنتَ َوزَوْ ُ‬
‫البروتون واللكترون‪ ،‬هذان زوجان‪ .‬الزوج هو الواحد في الصل ( َوقُ ْلنَا يَا آدَ ُم ا ْ‬
‫النبياء) الزوج هو واحد وتطلق على الذكر والنثى‪ ،‬الرجل زوج والمرأة زوج وهذه أفصح اللغات أما (زوجة) فهذه لغة ضعيفة‪ ،‬لكن اللغة‬
‫الفصحى هي زوج للذكر والنثى والثنان زوجان‪.‬‬
‫َ‬
‫م ْ‬
‫ل‬ ‫مُرن ََا وَفَاَر التَّنُّوُر قُلْن ََا ا ْ‬
‫ح ِ‬ ‫جاء أ ْ‬ ‫حت ََّى إِذ َا َ‬
‫*مَا دللة كلمَة (أهلك) فَي قوله تعالى فَي سَورة هود ( َ‬
‫َ‬ ‫سبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْ ُ‬ ‫ل زوجين اثْنين وأَهْل َ َ َ‬
‫ل {‪)}40‬؟‬ ‫ّ‬
‫ه إِل قَلِي ٌ‬ ‫معَ ُ‬
‫ن َ‬‫م َ‬ ‫ما آ َ‬‫ن وَ َ‬
‫م َ‬
‫نآ َ‬ ‫ل َو َ‬
‫م ْ‬ ‫ك إِل ّ َ‬
‫من َ‬ ‫من ك ُ ٍّ َ ْ َ ْ ِ َ ْ ِ َ‬
‫فِيهَا ِ‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫أهلك هنا إسم أو فعل؟ الحكم القاطع هو إسم بمعنى الهل وهناك مرجحات وهناك ما يقطع مبدئيا من الترجيح فالية تشير أن الهلك لم يحصل‬
‫بعد لنهم لم يركبوا‪ .‬فالركوب لم يحصل ولم يحصل الهلك فل يصح أن تعتبر كلمة (أهلك) بمعنى الهلك‪ .‬والمر الخر أنه لو كان (أهلك)‬
‫ف عل بمع نى الهلك عادة يكون ال ستثناء مفرّقا وال ستثناء المفرّق ل يكون إل م سبوقا بن في أو ما يش به الن في‪( .‬أهلك إل من سبق عل يه القول)‬
‫مفرّق وليس مسبوقا بنفي وهذا ما يُضعّف أن يكون أهلك بمعنى فعل الهلك‪.‬‬
‫ق عََليْ هِ الْقَ ْولُ‬
‫سبَ َ‬
‫ن ا ْث َنيْ نِ وَأَهْلَ كَ ِإلّا مَن َ‬
‫جيْ ِ‬
‫سُلكْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْ َ‬
‫ح ِينَا فَِإذَا جَاء َأمْ ُرنَا َوفَارَ ال ّتنّو ُر فَا ْ‬
‫ع ُي ِننَا وَوَ ْ‬
‫ك بِأَ ْ‬
‫صنَعِ الْفُلْ َ‬
‫نا ْ‬
‫ح ْينَا ِإَليْ هِ أَ ِ‬
‫أما الية (فَأَوْ َ‬
‫ل من هذه الية أن المقصود هو‬ ‫ن {‪ )}27‬في سورة المؤمنون فالضمير يعود على الهل إذن نستد ّ‬ ‫ط ْبنِي فِي اّلذِي نَ ظََلمُوا ِإّنهُم ّمغْ َرقُو َ‬ ‫ِم ْنهُ مْ وَلَا ُتخَا ِ‬
‫الهل وليس فعل الهلك وهذه كلها مرجّحات‪ .‬أما ما يقطع بأن المقصود هم الهل فهو أنه لو كان أهلك فعل ماضي سيكون الناجون قسمين‬
‫الول (من سبق عليه القول) والثاني (من آمن) إذن من سبق عليه القول غير من آمن إذن فالناجون اثنين المؤمنون ومن سبق عليه القول وهؤلء‬
‫ليسوا مؤمنين لكن في الواقع أن الناجين هم المؤمنون فقط لذا فل يمكن ول يصح أن تكون النجاة لغير المؤمنين‪.‬‬
‫وهناك سؤال فني آخر‪ :‬استدللنا بما في سورة المؤمنون (وأهلك إل من سبق عليه القول منهم) وفي آية سورة هود لم ترد منهم‪ .‬وقد سبق القول‬
‫عل يه بالهلك والعذاب ‪ .‬المق صود بقوله تعالى (المج يء على) تع ني العذاب ك ما في قوله تعالى (ول قد سبقت كلمت نا لعباد نا) اللم تف يد الخ ير‪.‬‬
‫والهل هم من المؤمنين من آمن منهم ومن آمن من غير الهل هم الناجون‪.‬‬
‫وقال تعالى في آية هود (احمل) وفي سورة المؤمنون (فاسلك) فما المقصود بالسلوك؟ سلك هو النفاذ في الطريق كما قال تعالى (فاسلكي سبل‬
‫ربك) سورة النحل وقد يأتي فيها معنى الدخول (ما سلككم في سقر) أما الحمل فيكون بعد السلوك أولً يدخل السفينة ثم يحمل بعد دخوله‪ .‬في‬
‫سورة هود ذ كر ما دلّ على الح مل لن الح مل جاري في ال سفينة (ح مل ال سفينة للشخاص) وقال اركبوا في ها ب سم ال مجرا ها ومر ساها و هي‬
‫تجري بهم بمعنى تحملهم (يا نوح اهبط بسلم) إذن سورة هود فيها حمل‪ .‬بينما في سورة المؤمنون لم يذكر الحمل أو صورة الحمل (وقل رب‬
‫أنزلني منزلً مباركا وأنت خير المنزلين)‪.‬‬
‫والقول (من سبق عليه القول) أع ّم من القول (من سبق عليه القول منهم) فسورة هود مبنية على العموم وليس على الخصوص (إل من سبق عليه‬
‫القول ومن آمن) فلم يذكر تعالى من آمن أي هي أع مّ‪ ،‬وكذلك اليات (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) (ل عاصم اليوم من أمر ال إل من‬
‫رحم) (يا أرض ابلعي ماءك) (بُعدا للقوم الظالمين) (قيل يا نوح اهبط بسلممنا وأمم ممن معك وأمم سنمتّعهم) أما في سورة المؤمنون فالسياق‬
‫في التخصيص فذكر تعالى السلم والبركات في سورة هود وهذا دليل العموم‪ ،‬وفي سورة المؤمنون لم يذكر السلم والبركات وإنما خصص كما‬
‫في الية (أنزلني منزلً مباركا)‪ ،‬ولهذا ذكر (منهم) و(اسلك) في سورة المؤمنون ولم يذكرهما في سورة هود‪.‬‬
‫وهناك سؤال فني آخر‪ :‬استدللنا بما في سورة المؤمنون (وأهلك إل من سبق عليه القول منهم)‬
‫وفي آية سورة هود لم ترد منهم‪ .‬وقد سبق القول عليه بالهلك والعذاب ؟ المقصود بقوله تعالى (المجيء‬
‫على) تعني العذاب كما في قوله تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا) اللم تفيد الخير‪ .‬والهل هم من المؤمنين من آمن منهم ومن آمن من غير‬
‫الهل هم الناجون‪.‬‬
‫آية (‪:)33‬‬
‫*انظر (‪.)24‬‬
‫آية (‪:)35‬‬
‫متم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫متم و ُ‬
‫*ما الفرق بين ِ‬
‫ج َمعُونَ (‪ )157‬وََلئِن ّمتّمْ أَ ْو ُقتِ ْلتُ ْم لِلَى ال‬ ‫خيْ ٌر ّممّا يَ ْ‬ ‫حمَةٌ َ‬ ‫سبِيلِ اللّهِ أَ ْو ُمتّمْ َل َمغْ ِفرَ ٌة مّنَ اللّهِ وَ َر ْ‬
‫ورد في آل عمران قوله تعالى (وََلئِن ُقتِ ْلتُ ْم فِي َ‬
‫ن (‪ ))35‬بكسر الميم‪ .‬من الناحية اللغوية‬ ‫ن (‪ ))158‬بضم الميم وفي سورة المؤمنون (َأ َيعِ ُدكُمْ َأّنكُمْ ِإذَا ِمتّمْ َوكُنتُ ْم تُرَابًا وَعِظَامًا َأّنكُم مّخْ َرجُو َ‬ ‫حشَرُو َ‬ ‫تُ ْ‬
‫ل إشكال في ذلك لنه في (مات) لغتان كما يذكر أهل اللغة عندنا مات يموت مثل قال يقول ومات يمات مثل خاف يخاف ونام ينام‪ ،‬الشهر مات‬
‫يموت‪ .‬من العرب الذي يقول مات يمات يقول مِتُ مثل خاف يخاف خِفت ونام ينام نِمت والذي يقول مات يموت يقول مُت مثل قال يقول قُلت‪.‬‬
‫إذن من حيث اللغة ليس فيها إشكال لن فيها لغتان مات يموت مُت ومات يمات مِت‪ .‬يبقى من الناحية البيانية لماذا اختار مثلً هذه اللغة في آل‬
‫عمران مُت وفي المؤمنون مِت؟‪ .‬الضمة كما هو مقرر أثقل الحركات‪ .‬حالة الموت المذكورة في آل عمران أثقل وأشد مما هو مذكور في آية‬
‫المؤمنون‪ .‬ذكر أولً معركة أحد وما أصابهم من قتل ثم ذكر الموت في الغزوات والضرب في الرض يعني الموت في الغربة (يَا َأّيهَا اّلذِينَ‬
‫حسْرَ ًة فِي‬‫ل اللّ ُه ذَِلكَ َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫لرْضِ أَ ْو كَانُو ْا غُزّى لّ ْو كَانُو ْا عِندَنَا مَا مَاتُواْ َومَا ُقتِلُواْ ِليَ ْ‬ ‫لخْوَا ِنهِمْ ِإذَا ضَ َربُو ْا فِي ا َ‬ ‫ن كَفَرُواْ َوقَالُواْ ِ‬
‫ل َتكُونُو ْا كَاّلذِي َ‬ ‫آ َمنُو ْا َ‬
‫ن (‪)157‬‬ ‫ج َمعُو َ‬‫خيْرٌ ّممّا يَ ْ‬ ‫حمَ ٌة َ‬ ‫سبِيلِ اللّهِ أَ ْو ُمتّمْ َل َمغْفِ َر ٌة مّنَ اللّهِ وَرَ ْ‬‫ن بَصِي ٌر (‪ )156‬وََلئِن ُقتِ ْلتُمْ فِي َ‬ ‫حيِـي َو ُيمِيتُ وَاللّهُ ِبمَا َت ْعمَلُو َ‬ ‫قُلُو ِبهِمْ وَاللّ ُه يُ ْ‬
‫ن (‪ ))158‬بينما في سورة المؤمنون يتحدث عن الموت على الفراش (َأ َي ِعدُكُمْ َأّنكُمْ ِإذَا ِمتّمْ َوكُنتُ ْم تُرَابًا وَعِظَامًا‬ ‫حشَرُو َ‬ ‫َوَلئِن ّمتّمْ أَ ْو ُقتِ ْلتُ ْم لِلَى ال تُ ْ‬
‫ن (‪ ،))35‬أيها الصعب الموت في الغربة والجهاد أو الموت على الفراش بين الهل؟ الموت في الغربة أصعب إذن يأتي الحركة‬ ‫خرَجُو َ‬ ‫َأّنكُم مّ ْ‬
‫الثقل (مُتم) يأتي بالعلمة المناسبة‪.‬‬
‫استطراد من المقدم‪ :‬هذه تحتاج إلى بحث في القرآن بعض الكلمات التي فيها لغتان ويختار لغة عن لغة هنا هذا شيء مقصود بذاته‪.‬‬
‫كلما يقول (ِإذَا ِمتّمْ) (َأئِذَا ِمتْنَا (‪ )82‬المؤمنون) مِتنا بالكسر وفي آل عمران أثقل (مُتم) بالضم‪.‬‬
‫آية (‪:)38‬‬
‫*ما دللة تنكير الكذب أو تعريفه؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ن (‪ )69‬يونس) هنالك أمر في‬ ‫ب لَ ُيفْلِحُو َ‬ ‫ن عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِ َ‬ ‫ن يَ ْفتَرُو َ‬
‫ل على شيء معين‪ .‬الكذب يقصد شيئا معينا بأمر معين (قُلْ إِنّ اّلذِي َ‬ ‫المعرفة ما د ّ‬
‫السياق يقصده فذكر الكذب‪ ،‬فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق إذن هذا الكذب معرّف لنه في مسألة معينة‪ .‬أما‬
‫ت فِيكُمْ‬
‫عندما يقول كذب فيشمل كل كذب وليس الكذب في مسألة معينة مثل قوله تعالى (قُل لّوْ شَاء اللّ ُه مَا تَلَ ْوتُ ُه عََل ْيكُمْ َولَ َأدْرَاكُم بِهِ َف َقدْ َل ِبثْ ُ‬
‫ن (‪ )17‬يونس) لم يذكر مسألة معينة‬ ‫ن (‪َ )16‬فمَنْ أَظْلَ ُم ِممّنِ ا ْفتَرَى عَلَى اللّ ِه َكذِبًا َأوْ َكذّ َ‬
‫ب بِآيَاتِهِ ِإنّ ُه لَ ُيفْلِحُ ا ْلمُجْ ِرمُو َ‬ ‫عمُرًا مّن َقبْلِهِ َأفَلَ َتعْ ِقلُو َ‬
‫ُ‬
‫ن هُوَ إِلّا َرجُلٌ ا ْفتَرَى عَلَى اللّ ِه َكذِبًا َومَا نَحْنُ لَ ُه ِبمُؤْ ِمنِينَ (‪ )38‬المؤمنون) إذن التنكير في اللغة يفيد العموم‬ ‫حصل كذب فيها فالكذب عام‪( .‬إِ ْ‬
‫والشمول‪.‬‬
‫آية (‪:)43‬‬
‫*ما دللة تقديم (ما تسبق من أمة أجلها) على (ما يستأخرون) في آية سورة الحجر والمؤمنون؟‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ن {‪)}43‬‬‫خرُو َ‬‫ستَأْ ِ‬
‫ق مِنْ ُأمّةٍ أَجََلهَا َومَا يَ ْ‬ ‫ن {‪ )}5‬وقال في سورة المؤمنون (مَا تَ ْ‬
‫سبِ ُ‬ ‫ستَ ْأخِرُو َ‬
‫ق مِنْ ُأمّةٍ َأجََلهَا َومَا يَ ْ‬
‫سبِ ُ‬
‫قال تعالى في سورة الحجر (مّا تَ ْ‬
‫ستَ ْأخِرُونَ سَاعَةً َولَ‬ ‫ل يَ ْ‬‫ل َفِإذَا جَاء أَجَُل ُهمْ َ‬
‫بتقديم (ما تسبق) على (ما يستأخرون) أما في سورة العراف فقد جاءت الية بقوله (وَِلكُلّ ُأمّةٍ أَجَ ٌ‬
‫ن {‪ )}34‬بتقديم (ل يستأخرون) على (ل يستقدمون)‪ .‬وإذا لحظنا اليات في القرآن نجد أن تقديم (ما تسبق من أمة إجلها) على (وما‬ ‫ستَ ْق ِدمُو َ‬
‫يَ ْ‬
‫يستأخرون) لم تأت إل في مقام الهلك والعقوبة‪.‬‬
‫آية (‪:)44‬‬
‫سلْنَا‬ ‫ث ر سول ً ( ‪ )15‬السَراء) (ث َُ َ َ‬
‫م أْر ََ‬‫ّ‬ ‫حت ََّى نَبْعََ َ َ َُ‬
‫ن َ‬ ‫ما كُن ََّا ُ‬
‫معَذِّبِي ََ‬ ‫* مَا الفرق بيَن البعَث والرسَال (وََ َ‬
‫سلَنَا تَتَْرا (‪ )44‬المؤمنون)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫ُر ُ‬
‫بعث فيه معنى الرسال تقول بعثت شخصا فيه معنى الرسال لكن في بعث أيضا معاني غير الرسال‪ .‬الرسال أن ترسل رسولً تحمّله رسالة‬
‫لطرف آخر‪ .‬البعث قد يكون فيه إرسال وفيه معاني أخرى غير الرسال أي فيه إرسال وزيادة‪ .‬تبعث بارِك أي الجمل‪ ،‬تبعث الموتى ليس بمعنى‬
‫ت مَِلكًا (‪ )247‬البقرة)‬
‫إرسال ولكن يقيمهم‪ ،‬فيه إثارة وإقامتهم (إن للفتنة بعثات) أي إثارات‪ ،‬فيها تهييج‪َ ( .‬وقَالَ َلهُ ْم َن ِبّيهُمْ إِنّ اللّ َه َقدْ َبعَثَ َلكُمْ طَالُو َ‬
‫ن (‪ )36‬الشعراء) و‬ ‫ث فِي ا ْل َمدَائِنِ حَاشِرِي َ‬ ‫أي أقامه منكم‪ .‬ولذلك عموما أن البعث يستعمل فيما هو أشد‪ .‬نضرب مثالً‪( :‬قَالُوا َأرْجِهِ وََأخَاهُ وَابْعَ ْ‬
‫ن (‪ )111‬العراف) والقصة قصة موسى في الحالتين‪ :‬المل يقولون لفرعون وابعث في المدائن‬ ‫ل فِي ا ْلمَدَآئِنِ حَاشِرِي َ‬
‫(قَالُواْ أَ ْرجِهْ وَأَخَاهُ وََأرْسِ ْ‬
‫ك ِبكُلّ سَاحِ ٍر عَلِي ٍم (‪)112‬‬ ‫وأرسل في المدائن‪ .‬ننظر لتكملة كل آي من اليتين (يَ ْأتُوكَ ِبكُلّ سَحّا ٍر عَلِي ٍم (‪ )37‬الشعراء) صيغة مبالغة والثانية (يَ ْأتُو َ‬
‫العراف) ليس فيها مبالغة ساحر ليس فيها مبالغة بينما سحار فيها مبالغة لنه في الشعراء المحاجة أشد مما كانت في العراف‪ .‬لو قرأنا قصة‬
‫موسى وفرعون في الشعراء المواجهة أشد من العراف وفرعون كان غاضبا فقالوا وابعث في المدائن أنت أرسل وأقم من المدينة من يهيّج عليه‬
‫أيضا هذا معنى (ابعث) هذا البعث‪ ،‬أن تبعث أي تهيّج‪ ،‬تقيم لذا قال بعدها (بكل سحار عليم) ولما قال أرسل قال (بكل ساحر عليم)‪ .‬مثال آخر (ثُمّ‬
‫ن بِآيَاتِنَا‬‫س َت ْكبَرُواْ َوكَانُو ْا قَ ْومًا مّجْ ِرمِينَ (‪ )75‬يونس) (ثُمّ أَرْسَ ْلنَا مُوسَى وََأخَاهُ هَارُو َ‬ ‫َب َعثْنَا مِن َبعْدِهِم مّوسَى وَهَارُونَ إِلَى ِفرْعَوْنَ َومََلئِهِ بِآيَاتِنَا فَا ْ‬
‫س َت ْكبَرُوا َوكَانُوا قَ ْومًا عَالِينَ (‪ )46‬المؤمنون) نفس الدللة لكن هذه في يونس والخرى في المؤمنون‪ .‬لو‬ ‫َوسُلْطَانٍ ّمبِينٍ (‪ )45‬إِلَى فِرْعَوْنَ َومََلئِهِ فَا ْ‬
‫جدْنَا‬‫عمّا َو َ‬ ‫ج ْئ َتنَا ِلتَلْ ِف َتنَا َ‬
‫قرأنا ماذا في يونس وفي المؤمنون نجد في يونس كانت محاجة شديدة بين موسى وفرعون وإيذاء لبني إسرائيل (قَالُواْ أَ ِ‬
‫ل مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقّ َلمّا جَاءكُمْ َأسِحْ ٌر هَـذَا َولَ‬ ‫ن (‪ ))78‬ثم قال موسى (قَا َ‬ ‫لرْضِ َومَا نَحْنُ َل ُكمَا ِبمُ ْؤ ِمنِي َ‬ ‫عََليْ ِه آبَاءنَا َو َتكُونَ َل ُكمَا ا ْل ِكبْ ِريَاء فِي ا َ‬
‫حيَا ِة الدّ ْنيَا َرّبنَا ِليُضِلّو ْا عَن‬ ‫ل فِي الْ َ‬‫عوْنَ َومَلهُ زِينَةً وََأمْوَا ً‬ ‫ت فِرْ َ‬
‫ل مُوسَى َرّبنَا ِإّنكَ آ َتيْ َ‬ ‫ن (‪ ))77‬ثم موسى دعا على فرعون ( َوقَا َ‬ ‫يُ ْفلِحُ السّاحِرُو َ‬
‫ب الَلِي َم (‪ ))88‬هذا كله في يونس دعا عليهم‪ .‬أما في المؤمنون‬ ‫حتّى يَرَوُ ْا ا ْلعَذَا َ‬ ‫ل يُ ْؤ ِمنُواْ َ‬ ‫شدُ ْد عَلَى قُلُوبِهِ ْم فَ َ‬ ‫س عَلَى َأمْوَاِلهِمْ وَا ْ‬ ‫طمِ ْ‬ ‫سبِيِلكَ َرّبنَا ا ْ‬ ‫َ‬
‫ن (‪َ )46‬فقَالُوا‬ ‫س َتكْبَرُوا َوكَانُوا قَ ْومًا عَالِي َ‬ ‫ن ّمبِينٍ (‪ )45‬إِلَى فِرْعَوْنَ َومََلئِ ِه فَا ْ‬ ‫سلْطَا ٍ‬ ‫ن بِآيَا ِتنَا وَ ُ‬
‫فهي عبارة عن آيتين فقط (ثُمّ أَ ْرسَ ْلنَا مُوسَى وَأَخَا ُه هَارُو َ‬
‫ن ِمثِْلنَا َوقَ ْو ُمهُمَا َلنَا عَا ِبدُونَ (‪َ )47‬ف َك ّذبُو ُهمَا َفكَانُوا مِنَ ا ْل ُمهْلَكِينَ (‪ ))48‬انتهت القصة في المؤمنون بينما في يونس كلم طويل وفيه‬ ‫َأنُ ْؤمِنُ ِلبَشَ َريْ ِ‬
‫قوة ودعاء عليهم فقال بعثنا وفي المؤمنون قال أرسلنا‪ .‬حتى لما يتكلم عن الرسول (هُوَ اّلذِي َبعَثَ فِي الُْأ ّميّينَ رَسُولًا ّمنْهُ ْم َيتْلُو عََل ْيهِ ْم آيَاتِهِ‬
‫علَى الدّينِ‬ ‫ظهِ َرهُ َ‬ ‫ل رَسُولَ ُه بِا ْلهُدَى َودِينِ الْحَقّ ِليُ ْ‬ ‫ل ّمبِينٍ (‪ )2‬الجمعة) (هُوَ اّلذِي َأرْسَ َ‬ ‫ضلَا ٍ‬‫ح ْكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن َقبْلُ َلفِي َ‬ ‫َويُ َزكّيهِمْ َو ُيعَّل ُمهُمُ ا ْل ِكتَابَ وَالْ ِ‬
‫علَى‬ ‫ظهِ َرهُ َ‬ ‫ل رَسُولَ ُه بِا ْلهُدَى َودِينِ الْحَقّ ِليُ ْ‬ ‫ن (‪ )33‬التوبة) لم يذكر شيئا آخر ال تعالى يظهر على الدين كله‪( ،‬هُوَ اّلذِي َأرْسَ َ‬ ‫كُلّهِ وََلوْ َكرِهَ ا ْلمُشْ ِركُو َ‬
‫ن (‪ )9‬يَا‬ ‫ن كُلّهِ وَلَ ْو كَرِهَ ا ْل ُمشْ ِركُو َ‬ ‫ظهِرَ ُه عَلَى الدّي ِ‬ ‫شهِيدًا (‪ )28‬الفتح) انتهت‪( ،‬هُوَ اّلذِي أَ ْرسَلَ رَسُولَ ُه بِا ْل ُهدَى َودِينِ ا ْلحَقّ ِليُ ْ‬ ‫ن كُلّهِ َوكَفَى بِاللّهِ َ‬ ‫الدّي ِ‬
‫ث فِي الُْأ ّميّينَ رَسُولًا ّمنْهُ ْم َيتْلُو عََل ْيهِ ْم آيَاتِهِ َويُ َزكّيهِمْ‬ ‫عذَابٍ أَلِي ٍم (‪ )10‬الصف) أما (هُ َو اّلذِي َبعَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫علَى تِجَارَ ٍة تُنجِيكُم مّ ْ‬ ‫َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا َهلْ َأدُّلكُمْ َ‬
‫ن (‪ )2‬الجمعة) فيها عمل للرسول ‪ .‬فالبعث هو أشد وفيه حركة أما الرسال فل‪،‬‬ ‫ل ّمبِي ٍ‬‫ح ْكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن َقبْلُ لَفِي ضَلَا ٍ‬ ‫ب وَالْ ِ‬‫َو ُيعَّل ُمهُمُ ا ْل ِكتَا َ‬
‫عدًا مّ ْفعُولً‬ ‫ل ال ّديَارِ َوكَانَ وَ ْ‬ ‫شدِي ٍد فَجَاسُو ْا خِلَ َ‬ ‫عبَادًا ّلنَا أُوْلِي َبأْسٍ َ‬ ‫عدُ أُول ُهمَا َبعَ ْثنَا عََل ْيكُ ْم ِ‬ ‫فالبعث هو الرسال وزيادة ولهذا قال تعالى (فَِإذَا جَاء وَ ْ‬
‫(‪ )5‬السراء)) فيه قوة وقسوة وعمل‪.‬‬
‫سلَنَا تَتَْرا ( ‪ )44‬المؤمنون)؟‬ ‫*هل كلمة تترا إسم بمعنى متتالية أو فعل بمعنى تتوالى (ث ُ َ َ‬
‫سلْنَا ُر ُ‬
‫م أْر َ‬‫ّ‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫تترا إسم ممنوع من الصرف أصلها من َوتَر أصل التاء الولى واو وتر‪ ،‬تترا أي متواترين هذا أصلها والواو تقلب تاء كثيرا في اللغة مثل‬
‫تجاهك أصلها وجاهك‪ ،‬تُخَمة أصلها وُخَمة‪ُ ،‬تهَمة أصلها وُهَمة من التوهّم‪ ،‬تراث من وَرِث‪ ،‬مثل إرث وأحد وتقلب الواو تاء‪ .‬تترا إسم ممنوع من‬
‫الصرف أصلها وترا‪.‬‬
‫آية (‪:)47‬‬
‫*مَا الفرق مَن الناحيَة البيانيَة فَي اسَتخدام لفظَة ( إن َّا رسَول‪،‬إن َّا رسَول‪ ،‬إنَي رسَول) فَي قصَة‬
‫موسى وهارون؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل َم َعنَا َبنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا ُتعَ ّذ ْبهُ ْم‬ ‫ورد مثل هذا التعبير في ثلث مواقع في القرآن الكريم‪ :‬قال تعالى في سورة طه (فَ ْأ ِتيَا ُه فَقُولَا ِإنّا رَسُولَا َربّكَ َفأَرْسِ ْ‬
‫ن {‪ )}16‬وفي سورة‬ ‫ل رَبّ ا ْلعَاَلمِي َ‬ ‫ن ا ّتبَ عَ ا ْل ُهدَى {‪ )}47‬وفي سورة الشعراء (فَ ْأتِيَا ِفرْعَوْ َ‬
‫ن فَقُولَا ِإنّا رَ سُو ُ‬ ‫علَى مَ ِ‬‫ك بِآيَ ٍة مّ ن ّربّ كَ وَال سّلَامُ َ‬ ‫ج ْئنَا َ‬
‫َقدْ ِ‬
‫ن {‪)}46‬‬ ‫ل ِإنّي رَسُولُ َربّ ا ْلعَاَلمِي َ‬ ‫الزخرف قال تعالى (وَلَ َقدْ أَ ْرسَ ْلنَا مُوسَى بِآيَا ِتنَا إِلَى ِفرْعَوْنَ َومََلئِهِ َفقَا َ‬
‫ك بِآيَاتِي وَلَا َتنِيَا فِي ذِكْرِي { ‪ )}42‬إلى قوله‬ ‫المسألة تتعلق بالسياق ففي سورة طه السياق كله مبني على التثنية من قوله تعالى (اذْهَ بْ أَن تَ وََأخُو َ‬
‫ن َهذَانِ‬ ‫ن ا ّتبَعَ ا ْل ُهدَى ( ‪ ))47‬وقوله (قَالُوا إِ ْ‬ ‫ك بَِآيَةٍ مِنْ َربّكَ وَالسّلَا ُم عَلَى مَ ِ‬ ‫جئْنَا َ‬
‫ل َمعَنَا َبنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا ُتعَ ّذبْهُ ْم َقدْ ِ‬ ‫سْ‬ ‫ك فََأرْ ِ‬
‫(فَ ْأ ِتيَا ُه فَقُولَا ِإنّا رَسُولَا َربّ َ‬
‫سحْرِ ِهمَا َو َيذْ َهبَا بِطَرِي َق ِتكُمُ ا ْل ُمثْلَى {‪ )}63‬أما في سورة الشعراء فالسياق كله مبني على الفراد والوحدة‬ ‫ضكُم بِ ِ‬ ‫خرِجَاكُم مّنْ َأرْ ِ‬ ‫َلسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُ ْ‬
‫ل كَلّا فَاذْ َهبَا‬ ‫ن {‪ )}18‬مع العلم أن أوائل السورة فيها تثنية من قوله تعالى (قَا َ‬ ‫سنِي َ‬‫ك ِ‬ ‫عمُرِ َ‬ ‫ت فِينَا مِ نْ ُ‬ ‫ك فِينَا وَلِيدا وََل ِبثْ َ‬‫من قوله تعالى (قَالَ أَلَ ْم نُ َربّ َ‬
‫ل رَبّ ا ْلعَاَلمِي نَ {‪ )}16‬ثم يُغيّب هارون وتعود إلى الوحدة ويستمر النقاش‬ ‫ن َفقُولَا ِإنّا رَ سُو ُ‬ ‫س َت ِمعُونَ {‪ )}15‬إلى قوله ( َف ْأتِيَا فِرْعَوْ َ‬ ‫بِآيَاتِنَا ِإنّا َمعَكُم مّ ْ‬
‫خذْ تَ إِلَهًا‬ ‫ن ( ‪ ))27‬ثم يوجّه فرعون الكلم إلى مو سى مهددا إياه وحده (قَالَ َلئِ نِ اتّ َ‬ ‫جنُو ٌ‬ ‫مع مو سى وحده (قَالَ إِنّ رَ سُوَلكُمُ اّلذِي ُأرْ سِلَ إَِل ْيكُ مْ َل َم ْ‬
‫ن َهذَا َلسَاحِرٌ عَلِي ٌم {‪.)}34‬‬ ‫ن (‪( ))30‬قَالَ لِ ْلمَلَِإ حَوْلَهُ إِ ّ‬ ‫ي ٍء ُمبِي ٍ‬‫ج ْئ ُتكَ بِشَ ْ‬‫ن (‪( ))29‬قَالَ أَوََلوْ ِ‬ ‫ك مِنَ ا ْلمَسْجُونِي َ‬ ‫جعََلنّ َ‬
‫غيْرِي لََأ ْ‬ ‫َ‬
‫وكل مة ر سول في الل غة تُطلق على الوا حد المفرد وعلى الج مع‪ ،‬تو جد كلمات في الل غة تكون الكل مة مفردة تختلف في التثن ية والج مع يعود إلى‬
‫ن ِلبَشَ َريْ نِ ِمثْلِنَا َو َق ْو ُمهُمَا َلنَا عَا ِبدُو نَ (‪ )47‬المؤمنون) مث نى وقوله‬ ‫الفراد مثل كلمة ب شر (أبشرا م نا واحدا نتّبعه) مفرد وقوله تعالى (فَقَالُوا َأنُ ْؤمِ ُ‬
‫تعالى (بل أنتم بشر مما خلق) جمع‪ .‬وكلمة طفل (ثم يخرجكم طفلً) وكلمة ضيف‪.‬‬
‫وكذلك كلمة رسول يقال في اللغة نحن رسول وإنا رسول فقوله تعالى (إنا رسول ربك) تأتي مع البيان ومع سنن العربية وليس فيها مخالفة للغة‪.‬‬
‫فاختار تعالى الكلمة المناسبة في السياق المناسب فالسياق في سورة طه قائم على التثنية والسياق في الشعراء قائم على الجانبين فيها إفراد ثم تثنية‬
‫ل فقال تعالى (إ ني ر سول رب‬ ‫ثم إفراد ومو سى هو الذي بلّغ الرا سلة أ ما في سورة الزخرف فلم يأت ذ كر هارون في سياق ال سورة كل ها أ ص ً‬
‫العالم ين)‪ .‬وهذه اليات الثل ثة ل تعارض في ها وإن ما هي لق صة واحدة ذ هب مو سى وأخاه هارون إلى فرعون و في كل سورة جاء بجزء من‬
‫القصة بما يقتضيه السياق في السورة وهذه اللقطات إنما هي مشاهد متعددة يُعبّر عن كل مشهد حسب السياق وليس في اليات الثلثة ما يخالف‬
‫العربية لن كلمة رسول تأتي كما قلنا سابقا مفرد وجمع‪ .‬كذلك يستعمل القرآن الكريم كلمة طفل مرة وأطفال مرة حسب ما يقتضيه السياق ول‬
‫يخرج عن اللسان العربي وسنن العربية‪.‬‬
‫آية (‪:)77‬‬
‫*ما اللمسة البيانية في قول "فتح الله لك" وليس "فتح الله عليك"؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ن (‪)14‬‬
‫سمَاء َفظَلّو ْا فِيهِ َيعْ ُرجُو َ‬‫حنَا عََل ْيهِم بَابًا مّنَ ال ّ‬
‫يقال فتح لك وفتح عليك لكن فتح عليك يكون من فوق قد يكون في الخير والشر (وَلَ ْو َفتَ ْ‬
‫ض (‪ )96‬العراف)‬ ‫سمَاء وَالَرْ ِ‬ ‫ت مّنَ ال ّ‬ ‫ن (‪ )77‬المؤمنون) (لَ َفتَ ْ‬
‫حنَا عََل ْيهِم بَ َركَا ٍ‬ ‫شدِيدٍ ِإذَا ُه ْم فِيهِ ُمبْلِسُو َ‬‫عذَابٍ َ‬‫حنَا عََل ْيهِم بَابًا ذَا َ‬ ‫حتّى ِإذَا َفتَ ْ‬
‫الحجر) ( َ‬
‫ن (‪ )76‬البقرة) إذن فتح ال عليك تأتي في الخير والشر لكن تأتي من فوق‪.‬‬ ‫ل َتعْقِلُو َ‬
‫ح ّدثُونَهُم ِبمَا َفتَحَ اللّ ُه عََل ْيكُمْ ِليُحَآجّوكُم بِ ِه عِندَ َرّبكُمْ َأفَ َ‬
‫(قَالُواْ َأتُ َ‬
‫آية (‪:)82‬‬
‫متم) بضم الميم؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫متم) بكسر الميم و( ُ‬
‫* ما الفرق بين ( ِ‬
‫ل مبني في‬ ‫ن (‪ )158‬آل عمران) مُتم هذه مسندة إلى المعلوم‪ .‬مات يموت فيقول مُت أنا وهنا تكون التاء فاع ً‬ ‫حشَرُو َ‬‫ن ُمتّمْ أَ ْو ُقتِ ْلتُمْ لَإِلَى اللّ ِه تُ ْ‬
‫(وََلئِ ْ‬
‫ت أنا) تُكسر الميم‬
‫ت ومِ ُ‬
‫محل رفع الفاعل (للمتكلم) أو مُت أنت‪ .‬لكن إذا أردت أن تبنيها للمجهول يعني وقع عليه الموت بمعنى أُميت تصير (مِ ّ‬
‫ن (‪ )35‬المؤمنون)‪ .‬موضوع الضم والكسر لن هذا فعل أجوف والجوف عندما يُبنى‬ ‫(َأ َي ِعدُكُمْ َأّنكُمْ ِإذَا ِمتّمْ َو ُكنْتُ ْم تُرَابًا وَعِظَامًا َأّنكُمْ ُمخْرَجُو َ‬
‫للمجهول يكون بهذه الصيغة‪.‬‬
‫آية (‪:)83‬‬
‫َ‬
‫ن هَذ َا إ ِ ّل‬‫ل إ َِ ْ‬ ‫م نَْ قَب ْ ُ‬‫ح نَُ وَآَبَاؤُن ََا هَذ َا ِ‬ ‫*مَا سَبب تقديَم وتأخيَر هذا فَي سَورة المؤمنون (لَقَد ْ ُو ِ‬
‫عدْن ََا ن َ ْ‬
‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ساطِيُر‬ ‫ن هَذ َا إ ِل أ َ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫ل إ َِ ْ‬ ‫م َْ‬ ‫ن وَآبَاؤُن ََا ِ‬ ‫ح َُ‬ ‫ن (‪ ))83‬وسَورة النمَل (لَقَد ْ وُ ِ‬
‫عدْن ََا هَذ َا ن َ ْ‬ ‫ساطِيُر اْلوَّلِي ََ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫ن (‪))68‬؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫اْلوَّلِي َ‬
‫عندنا صورتان للجملة العربية‪ :‬صورة المبتدأ والخبر والفعل ومرفوعه وما بعده‪ .‬فيما يتعلق بالفعل ومرفوعه يأتي الفعل ثم الفاعل أو الفعل ثم‬
‫نائب الفاعل ثم يأتي المفعول أو المفعولت يعني هكذا يأتي النظام‪ .‬لما يكون مبتدأ وخبر أيضا المبتدأ والخبر ثم لما تدخل إحدى النواسخ (كان‬
‫ل لن أصله مبتدأ ثم تأخذ الخبر ثم يأتي بعد ذلك ما يأتي من المعطوفات أو المفعولت هكذا هو‬ ‫وأخواتها) أيضا النظام أنّ (كان) تأخذ إسمها أو ً‬
‫النظام‪ .‬نقول‪ :‬كان زيدٌ ناجحا وعمرو‪ ،‬نذكره بعد ذلك هذا الصل‪ .‬يمكن أحيانا أن نغيّر النظام لن العربية لغة مُعربة فيجوز فيها تغيير النظام‬
‫فبدل أن نقول كتب زيد رسالة على النظام يمكن أن نقول كتب رسال ًة زيدٌ وهذا التقديم طبعا له غرض بلغي يعني كأن يُختلف زيد كتب رسالة‬
‫كتب قصيدة كتب أقصوصة نقول ل زيد رسالةً كتب‪ .‬لما يُقدّم ليس من أجل الوزن حتى الشاعر لن الشاعر متمكّن يستطيع أن يتصرف لكنه‬
‫يقدّم بغرض بلغي لغرض معنوي‪.‬‬
‫ن َقبْلُ‬ ‫لما ننظر في اليتين‪ :‬الية الولى في سورة المؤمنون (قَالُوا َأ ِئذَا ِم ْتنَا َو ُكنّا تُرَابًا وَعِظَامًا َأ ِئنّا َل َم ْبعُوثُونَ (‪ )82‬لَ َقدْ وُ ِ‬
‫عدْنَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا َهذَا مِ ْ‬
‫ن َهذَا إِلّا أَسَاطِيرُ ا ْلأَوّلِينَ) ( ُكنّا) كان مع اسمها مثل كان زيد‪( ،‬ترابا وعظاما) مثل (كان زيد مجتهدا وكريما) معطوف على الخبر مباشرة يعني‬ ‫إِ ْ‬
‫نظام الجملة يأتي كما هو‪ .‬لكى يكون النظام كما هو نجد أن النظام الذي جاء (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا) المفعول به جاء متأخرا وفق النظام‬
‫وعندما يكون وفق النظام ل يُسأل عنه‪ .‬أنت ل تسأل عن (كتب زيد رسالة) ل تسأل لِمَ أخّر رسالة؟ هو هذا النظام هكذا‪ .‬لكن السؤال في آية‬
‫ع ْدنَا َهذَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا) ‪ .‬لحظ الية ( َوقَالَ اّلذِينَ َكفَرُوا َأ ِئذَا كُنّا تُرَابًا وََآبَا ُؤنَا َأئِنّا َل ُمخْرَجُونَ (‪ )67‬النمل) النظام‬ ‫سورة النمل ِل َم غيّر النظام (َل َقدْ وُ ِ‬
‫في غير القرآن أن يقول‪ :‬إءذا كنا نحن وآباؤنا ترابا‪ ،‬فلما قدّم ترابا المعطوف على المرفوع ولكا يكون المعطوف عليه ضميرا ينبغي أن يؤكد‬
‫بضمير هذا الفصح (كنت أنا وزيد مسافرين) حتى يكون الربط‪ .‬فها هنا لن المعطوف والمعطوف عليه ينبغي أن يتصل ل أن يكون بينهما‬
‫ل بين المعطوف والمعطوف عليه فقدّمه‪ .‬فمنا قدّم المنصوب قدّم‬ ‫فاصل‪ .‬هنا غيّر النظام فقال (َأ ِئذَا ُكنّا تُرَابًا َوَآبَا ُؤنَا) قدّم المنصوب وجعله فاص ً‬
‫ع ْدنَا َهذَا نَحْنُ َوَآبَا ُؤنَا ) حتى يكون هناك نوع من التناسق‪ .‬هنا تقدّم كأنه غيّر النظام وهنا أيضا قدّم وال أعلم‪.‬‬ ‫(هذا) (َل َقدْ وُ ِ‬
‫آية (‪:)87‬‬
‫ن لِل ََّهِ قُ ْ‬
‫ل‬ ‫سيَقُولُو َ‬
‫*مَا اللمسَة البيانيَة فَي اسَتخدام كلمَة (لله) بدل (الله) فَي قوله قوله تعالى ( ََ‬
‫َ‬
‫ب‬‫سبِْع َوَر ُّ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫ماوَا ِ‬‫س َ‬ ‫من َّر ُّ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ن {‪ )}87‬في الجواب على الية في سورة المؤمنون(قُ ْ‬
‫ل َ‬ ‫أفََل تَتَّقُو َ‬
‫ش الْعَظِيم ِ {‪) }86‬؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫العَْر ِ‬
‫ْ‬
‫سهِ ْم نَفْعا َو َ‬
‫ل‬ ‫خ ْذتُم مّن دُونِ هِ أَوِْليَاء لَ َيمِْلكُو نَ لِأَنفُ ِ‬ ‫ض قُلِ اللّ ُه قُلْ َأفَاتّ َ‬‫سمَاوَاتِ وَالَرْ ِ‬ ‫ل مَن رّبّ ال ّ‬ ‫في آية أخرى في سورة الرعد جاءت اليات (قُ ْ‬
‫ق كُلّ‬ ‫ل اللّ ُه خَاِل ُ‬‫ق عََل ْيهِ ْم قُ ِ‬
‫ش َركَاء خَلَقُو ْا كَخَلْقِ ِه َفتَشَابَ هَ الْخَ ْل ُ‬ ‫جعَلُواْ ِللّ هِ ُ‬‫ستَوِي الظُّلمَا تُ وَالنّورُ أَ مْ َ‬ ‫ل تَ ْ‬‫ستَوِي الَعْمَى وَا ْلبَ صِي ُر أَ ْم َه ْ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫ل هَ ْ‬ ‫ضَرّا قُ ْ‬
‫حدُ ا ْل َقهّارُ {‪.)}16‬‬
‫شَيْ ٍء وَهُوَ الْوَا ِ‬
‫من ح يث الل غة لو سألنا من صاحب هذه الدار؟ يكون الجواب لفلن أو فلن‪ .‬ف هي من ح يث الل غة جائزة أن نقول ال أو ل‪ .‬أ ما لماذا اختار ال‬
‫تعالى (ال) مرة و(ل) مرة؟ لن السياق في آية المؤمنون في السؤال عن الملكية (قُل ّلمَ نِ ا ْلأَرْ ضُ َومَن فِيهَا إِن كُنتُ ْم َتعَْلمُو نَ {‪َ }84‬‬
‫سيَقُولُونَ ِللّ هِ‬
‫ن لِلّ هِ قُلْ‬ ‫ن {‪َ }88‬‬
‫س َيقُولُو َ‬ ‫يءٍ وَهُ َو يُجِيرُ وَلَا يُجَا ُر عََليْ هِ إِن كُنتُ ْم َتعَْلمُو َ‬ ‫ت كُلّ شَ ْ‬ ‫ل مَن بِ َيدِ ِه مََلكُو ُ‬
‫قُلْ َأ َفلَا َتذَكّرُو نَ) وقوله في ن فس ال سورة أيضا (قُ ْ‬
‫َفَأنّى تُسْحَرُونَ {‪ )}89‬إذن السؤال عن الملكية فيكون الجواب (ل) ولن السياق كله في الملكية جاء بلم الملكية‪.‬‬
‫أما في آية سورة الرعد فالسياق في مقام التوحيد وليس في مقام الملكية وإنما عن الذات الواحدة لذا جاء الجواب (ال)‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬حينما ننظر إلى السؤال داخل القرآن الكريم أو في عموم اللغة العربية كل استفهام له غرض؟‬
‫كل استفهام له غرض ونضعه في سياقه حتى تتبين الجابة‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬العرب كانت تفهم أن كل استفهام له غرض وله دللة؟ ل يأخذونه على علته أنه سؤال وتنتهي القصة‪ ،‬أبو لهب كان يفهم هذا؟ ألم يثبت‬
‫أن أحدا اعترض؟ ولم يعترض الن بعض الناس مع أن جهابزة اللغة لم يعترضوا؟‬
‫هم أهل البلغة‪ ،‬لو لم يفهم أبو لهب لكان اعترض وما ثبت أن أحدهم اعترض وإنما توجه اعتراضات هذه اليام لحد أمرين إنما لغرض‬
‫التشويش أو للجهل‪ .‬لو كان يعلم ولو كان يعلم لو كان طالبا متخصصا في اللغة العربية يعرف هذا‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬إذا كان عتاة الكفار الذي عاشوا في زمن الرسول لم يوجهوا أدنى انتقاد أو أي اعتراض للقرآن الكريم وهم أهل البلغة والفصاحة‬
‫والبيان فِلمَ نأبه لما يصدر من جاهل حول القرآن؟‬
‫كيف تعترض على متكلم بلغته؟ هل تعترض على فرنسي يتكلم بلغته‪ .‬هو حجة على الخرين يتكلم بها‪ .‬عدم وجود اعتراض من عتاة الكفار‬
‫حجة على الجميع أن القرآن ل يوجه له أي انتقاد ولو وجدوا لعترضوا‪ .‬هو تحداهم بالقرآن عدة مرات فما استطاعوا‪.‬‬
‫آية (‪:)91‬‬
‫َ‬
‫خذ ْ َولَدًا) ؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫م يَت َّ ِ‬
‫من وَلَدٍ)و( وَل َ ْ‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ما ات َّ َ‬
‫*ما الفرق بين ( َ‬
‫(ما) في الغالب تقال للرد على قول في الصل يقولون في الرد على دعوى‪ ،‬أنت قلت كذا؟ أقول ما قلت‪ .‬أما (لم أقل) قد تكون من باب الخبار‬
‫فليست بالضرورة أن تكون ردا على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل)‪ .‬حضر لم يحضر‪ ،‬ما‬
‫ن بِاللّ ِه مَا قَالُواْ وَلَ َق ْد قَالُو ْا كَِلمَةَ ا ْلكُفْ ِر (‪ )74‬التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ول ولدا‪ ،‬لم يتخذ قد تكون‬ ‫حضر نفي لـ قد حضر (يَحْلِفُو َ‬
‫خذْ َوَلدًا وََل ْم َيكُن‬ ‫ض وَلَ ْم َيتّ ِ‬
‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ِ‬ ‫ن نَذِيرًا (‪ )1‬اّلذِي لَ ُه مُ ْلكُ ال ّ‬ ‫ع ْبدِهِ ِل َيكُونَ لِ ْلعَاَلمِي َ‬
‫ن عَلَى َ‬‫من باب الخبار والتعليم ( َتبَا َركَ اّلذِي نَزّلَ ا ْلفُ ْرقَا َ‬
‫ي ٍء فَ َقدّرَ ُه تَ ْقدِيرًا (‪ )2‬الفرقان) هذا من باب التعليم وليس ردا على قائل وليس في السياق أن هناك من قال وردّ‬ ‫ق كُلّ شَ ْ‬ ‫لّ ُه شَرِيكٌ فِي ا ْلمُ ْلكِ وَخََل َ‬
‫ح ْمدُ لِلّهِ‬
‫خذْ َوَلدًا َولَ ْم َيكُن لّ ُه شَرِيكٌ فِي ا ْلمُ ْلكِ) في السراء ( َوقُلِ الْ َ‬ ‫ع ْبدِهِ) يخبرنا إخبارا (وَلَ ْم َيتّ ِ‬ ‫ن عَلَى َ‬ ‫عليه وإنما تعليم (تَبَا َركَ اّلذِي نَزّلَ الْ ُف ْرقَا َ‬
‫ن الذّلّ َو َكبّرْ ُه تَ ْكبِيرًا (‪ ))111‬بينما نلحظ لما قال في محاجته للمشركين (ما‬ ‫ي مّ َ‬ ‫شرِيكٌ فِي ا ْلمُ ْلكِ َولَ ْم َيكُن لّهُ َولِ ّ‬ ‫خذْ وََلدًا وَلَم َيكُن لّهُ َ‬ ‫اّلذِي لَ ْم َيتّ ِ‬
‫سبْحَانَ‬ ‫ضهُ ْم عَلَى َبعْضٍ ُ‬ ‫ل إِلَ ٍه ِبمَا خَلَقَ َوَلعَلَا َبعْ ُ‬ ‫خذَ اللّ ُه مِن َوَلدٍ َومَا كَانَ َمعَ ُه مِنْ إِلَهٍ ِإذًا ّلذَهَبَ كُ ّ‬ ‫اتخذ ال من ولد) هم يقولون اتخذ ال ولد (مَا اتّ َ‬
‫سبُو ُه مِنَ ا ْل ِكتَابِ‬ ‫ب ِلتَحْ َ‬ ‫س َن َتهُم بِا ْل ِكتَا ِ‬ ‫ن (‪ )91‬المؤمنون)‪ .‬لما رد على المشركين وقولهم قال (ما اتخذ) و(وَإِ ّ‬
‫ن ِمنْهُمْ َلفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْ ِ‬ ‫عمّا يَصِفُو َ‬ ‫اللّ ِه َ‬
‫ن عِندِ اللّهِ َومَا هُ َو مِنْ عِندِ اللّ ِه (‪ )78‬آل عمران)‪َ ( .‬و ِمنَ‬ ‫ب (‪ )78‬آل عمران) يقولون هو من عند ال فيرد عليهم ( َويَقُولُونَ ُهوَ مِ ْ‬ ‫َومَا هُ َو مِنَ ا ْلكِتَا ِ‬
‫ل آ َمنّا بِاللّهِ َوبِا ْليَوْ ِم الخِرِ َومَا هُم ِبمُ ْؤ ِمنِينَ (‪ )8‬البقرة) معناه لما قال (ما اتخذ) يعني رد على أن هناك من يقول اتخذ فهو نفى قولهم‬ ‫س مَن يَقُو ُ‬ ‫النّا ِ‬
‫ورد عليهم أما لم يتخذ فتأتي للخبار والتعليم‪.‬‬
‫حبَةً وَلَا َوَلدًا (‪ ))3‬جاء بـ (ل) لم يقل ما اتخذ صاحبة وولدا حتى ينفي المر على سبيل الجمع والفراد ما‬ ‫خذَ صَا ِ‬ ‫قال تعالى فى سورة الجن(مَا اتّ َ‬
‫قال ما اتخذ صاحة وولدا لنها تحتمل أنه لم يتخذهما بينما اتخذ أحدهما‪ ،‬تعبير احتمالي يحتمل أنه لم يتخذ ل صاحبة ول ولد إنما اتخذ واحدا‬
‫حبَةً وَلَا وََلدًا) ينفي كلً على حدة ينفي على سبيل الجمع وعلى سبيل الفراد‪ ،‬نفى الصاحبة ونفى الولد‪ .‬عندما نقول‬ ‫خذَ صَا ِ‬ ‫منهما‪ ،‬لما قال (مَا اتّ َ‬
‫ما جاء محمد وخالد معناها ربما يكون أحدهما قد جاء لكن مفهوم قطعا أن الثنان لم يأتيا مع بعضهما‪ .‬وقدّم الصاحبة على الولد لن الولد إنما‬
‫يأتي من الصاحبة‪.‬‬
‫آية (‪:)99‬‬
‫*ما دللة الفعل(جاء)فى الية؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫(جاء) فيه معنى القرب الشديد وتحقق الوقوع‪ .‬استعمل في القرآن بهذه الصيغة‪.‬‬
‫جعُونِ (‪ ))99‬قد يقول قائل هم يتكلم ما أدركه الموت‪ ،‬كل‪ .‬الكافر يقول رب ارجعون‬ ‫حدَهُمُ ا ْلمَ ْوتُ قَالَ َربّ ا ْر ِ‬‫حتّى ِإذَا جَاء أَ َ‬ ‫في سورة المؤمنون ( َ‬
‫بعد ق بض رو حه‪ ،‬الرجوع إلى الدن يا ير يد أن ير جع إلى الدنيا بعد أن يخرج من الدن يا فإذن هنا معناه (جاء أحد هم الموت) أي اقترب م نه وتاله‬
‫وفارقته الروح‪ .‬عند ذلك لما يرى ما يرى من هول الحساب يبدأ يقول رب ارجعون‪ .‬طلب الرجوع إنما يكون لمن فارق الحياة وليس لمن هو في‬
‫ل عََل ْيكُم‬
‫عبَادِ هِ َويُ ْر سِ ُ‬
‫ق ِ‬
‫هذه الدنيا‪ .‬موضعان في القرآن ورد فيهما (جاء) فيهما معنى المفارقة‪ ،‬مفارقة الروح‪ .‬وفي سورة النعام (وَهُوَ الْقَاهِ ُر فَوْ َ‬
‫ن (‪ ))61‬مجيء الموت هنا معناه وصول عمر الح يّ إلى نهايته فكأن الموت يخبر‬ ‫ت تَ َوفّتْ هُ رُ سُُلنَا وَهُ ْم لَ ُيفَرّطُو َ‬
‫ح َدكُ مُ ا ْلمَوْ ُ‬
‫حتّىَ ِإذَا جَاء أَ َ‬
‫حَفَظَ ًة َ‬
‫بهذه النهاية وتقدير الكلم‪ :‬إذا جاء قضاء الموت على الحيّ توفت روحه الملئكة أي أخذتها وافية غير منقوصة‪.‬‬
‫*ما الفرق بين هذه الكلمات؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫سِخريا وسُخريا‪ :‬سخريا بكسر السين هي من الستهزاء والسخرية أما سُخريا بضم السين فهي من باب الستغلل والتسخير‪.‬‬

‫آية (‪:)109‬‬
‫ن (‪ )151‬العراف)‬ ‫م الَّرا ِ‬ ‫َ‬ ‫خلْنا في رحمت ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ب اغْفِْر لِي وَل َ ِ‬ ‫*قال تعالى‪( :‬قَا َ‬
‫مي َ‬
‫ح ِ‬ ‫ح ُ‬
‫ت أْر َ‬ ‫ك َوأن َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫خي وَأد ْ ِ َ ِ‬ ‫ل َر ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن َرب ّنَاَ‬
‫عبَادِي يَقُولو َ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫ن فَرِيقٌ ِّ‬ ‫َ‬
‫ه كا َ‬ ‫ن (‪ )155‬العراف)و(إِن ّ ُ‬ ‫خيُْر الغَافِرِي َ‬
‫ت َ‬ ‫منَا وَأن َ‬‫ح ْ‬‫و(فَاغْفِْر لَنَا وَاْر َ‬
‫َ‬
‫ن (‪ )109‬المؤمنون) ما الفرق بين الخواتيم؟ (د‪.‬فاضل‬ ‫مي َ‬‫ح ِ‬‫خيُْر الَّرا ِ‬
‫ت َ‬‫منَا وَأن َ‬ ‫منَّا فَاغْفِْر لَنَا وَاْر َ‬
‫ح ْ‬ ‫آ َ‬
‫السامرائى)‬
‫الرحمة موجودة في الحالتين في الولى قال أرحم الراحمين وفي الثانية خير الغافرين في آية جعل خاتمة الية رحمة والثانية مغفرة فإذا ذكر‬
‫حمِينَ (‪))151‬‬ ‫حمُ الرّا ِ‬‫ح َمتِكَ وَأَنتَ َأرْ َ‬ ‫غفِرْ لِي َولَخِي َوَأدْخِ ْلنَا فِي َر ْ‬ ‫ذنبا عقّب بالمغفرة وإذا لم يذكر ذنبا عقّب بالرحمة‪ .‬في الية الولى (قَالَ رَبّ ا ْ‬
‫جفَةُ قَالَ َربّ لَوْ‬ ‫خذَ ْتهُمُ الرّ ْ‬
‫س ْبعِينَ َرجُلً ّلمِيقَا ِتنَا فََلمّا َأ َ‬
‫ختَا َر مُوسَى قَ ْومَهُ َ‬
‫هذا قول موسى لم يذكر لهما ذنبا فقال وأنت أرحم الراحيمن بينما الية (وَا ْ‬
‫ح ْمنَا َوأَنتَ‬
‫غفِرْ َلنَا وَارْ َ‬
‫ل بِهَا مَن تَشَاء َو َتهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَِلّينَا فَا ْ‬ ‫ضّ‬‫ل ِفتْ َن ُتكَ تُ ِ‬
‫شئْتَ أَهَْل ْك َتهُم مّن َقبْلُ وَِإيّايَ َأُتهِْلكُنَا ِبمَا َفعَلَ السّ َفهَاء ِمنّا إِنْ ِهيَ ِإ ّ‬
‫ِ‬
‫خيْرُ‬
‫ح ْمنَا وَأَنتَ َ‬ ‫عبَادِي يَقُولُونَ َرّبنَا آ َمنّا فَاغْ ِفرْ َلنَا وَا ْر َ‬ ‫ن ِ‬‫ن َفرِيقٌ مّ ْ‬‫ن (‪ ))155‬عندما ذكر ذنبا قال (خير الغافرين)‪ .‬في آية (ِإنّهُ كَا َ‬ ‫خيْرُ ا ْلغَافِرِي َ‬‫َ‬
‫ن (‪ )109‬المؤمنون) لم يذكر ذنبا إذن عموما هذا خط عام في ذكر هاتين الفاصلتين إذا ذكر ذنبا ذكر الغافرين وإذا لم يذكر قال‬
‫حمِي َ‬
‫الرّا ِ‬
‫الراحمين‪.‬‬
‫آية (‪:)117‬‬
‫َ‬
‫ن (‪)117‬‬ ‫ه َل يُفْل ِ ُ‬
‫ح الْكَافُِرو َ‬ ‫عند َ َرب ِّهِ إِن َّ ُ‬
‫ه ِ‬
‫ساب ُ ُ‬
‫ح َ‬ ‫ه بِهِ فَإِن َّ َ‬
‫ما ِ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫خَر َل بُْرهَا َ‬
‫معَ الل ّهِ إِلَهًا آ َ‬
‫من يَدْعُ َ‬
‫*(وَ َ‬
‫المؤمنون) ما معنى البرهان هنا؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫هذه الجملة صفة (لَا بُرْهَانَ لَ ُه بِهِ) وفيها وجه إعرابي آخر قد تكون جملة معترضة أو تكون صفة‪ .‬والصفة في اللغة لها أغراض من جملتها‬
‫خذُواْ إِلـ َهيْنِ‬ ‫حدَ ٌة (‪ )13‬الحاقة) هي النفخة واحدة‪َ ( ،‬وقَالَ اللّ ُه َ‬
‫ل تَتّ ِ‬ ‫س دابر‪( ،‬فَِإذَا ُنفِخَ فِي الصّو ِر نَفْخَةٌ وَا ِ‬
‫التوكيد مثل (أمس الدابر ل يعود) كل أم ٍ‬
‫ح ٌد (‪ )51‬النحل) فإذن نحن عندنا الصفة قد تفيد التوكيد مؤكدة ل تؤسس معنى جديدا وصفا آخر وإنما تؤكد مضمون ما قبلها‬ ‫ا ْث َنيْنِ ِإّنمَا هُوَ إِلهٌ وَا ِ‬
‫إذن هذه الصفة بموجب هذا العراب ستؤكد أن مضمون ما قبلها صفة لزمة ثابتة تفيد التوكيد (ل برهان له به) هذه دللة‪ .‬قسم يضيف لها وجه‬
‫ع مَعَ اللّهِ إَِلهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَ ُه بِهِ) يعترض‪ ،‬الداعي ليس له برهان فيؤكد المعنى الخر الساسي‪ .‬هم‬ ‫آخر يقول هي جملة اعتراضية ( َومَن يَ ْد ُ‬
‫ل "من أحسن إلى زيد ل أحق منه بالحسان فال مثيبه"‪ ،‬يؤكدون المعنى الول‪ .‬في الحالتين سواء جعلناها مؤكدة أو اعتراضية فهي‬ ‫يضربون مث ً‬
‫مؤكدة للمعنى الول وليست مؤسسة‪ ،‬ل إله آخر مع ال‪.‬‬

‫****تناسب مفتتح السورة مع خواتيمها****‬


‫ن (‪ ))117‬غير المؤمنين ل يفلح فهذه مرتبطة‪ .‬وقال في أولها‬ ‫قال تعالى في أولها ( َقدْ َأ ْفلَحَ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ (‪ ))1‬وفي آخرها قال (ِإنّهُ لَا يُ ْفلِحُ ا ْلكَافِرُو َ‬
‫جعُونَ (‪ ))115‬وكأن ال تعالى يقول كل هذه‬‫ع َبثًا وََأّنكُمْ إَِل ْينَا لَا تُ ْر َ‬
‫س ْبتُمْ َأّنمَا خََل ْقنَاكُ ْم َ‬
‫حِ‬‫ن (‪ ))12‬وفي آخرها (َأفَ َ‬
‫سلَالَ ٍة مِنْ طِي ٍ‬‫ن مِنْ ُ‬ ‫(وََل َقدْ خَلَ ْقنَا الِْإنْسَا َ‬
‫المراحل التي مرت على خلق النسان ليست عبثا‪ .‬ولو وضعت في سياقها لكان هناك ترابط وتناسب ول بد من هذه الخواتيم ول ينبغي أن تكون‬
‫إل بهذا الشكل‪.‬‬
‫*****تناسب خواتيم المؤمنون مع بدايات النور*****‬
‫أول أمر نذكره أن أول سورة النور مرتبطة بأول سورة المؤمنون‪ ،‬هاتان السورتان مرتبطتان في الوائل والواخر‪ .‬قال في أول سورة المؤمنون‬
‫ن (‪))7‬‬ ‫ن ا ْب َتغَى وَرَا َء ذَِلكَ فَأُوَل ِئكَ ُهمُ ا ْلعَادُو َ‬ ‫غيْ ُر مَلُومِينَ (‪َ )6‬فمَ ِ‬ ‫جهِ ْم أ ْو مَا مََلكَتْ َأ ْيمَا ُنهُ ْم فَِإّنهُ ْم َ‬ ‫ن (‪ )5‬إِلّا عَلَى َأزْوَا ِ‬ ‫ج ِهمْ حَا ِفظُو َ‬ ‫(وَاّلذِينَ ُهمْ لِ ُفرُو ِ‬
‫ن ُك ْنتُمْ‬‫خ ْذكُمْ ِب ِهمَا َر ْأفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِ ْ‬ ‫ح ٍد ِمنْ ُهمَا ِمئَةَ جَ ْلدَةٍ وَلَا تَ ْأ ُ‬‫وبدأ بالذين لم يحفظوا فروجهم في سورة النور (الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجِْلدُوا كُلّ وَا ِ‬
‫حقّ لَا ِإلَهَ إِلّا هُوَ‬ ‫ش َه ْد عَذَا َب ُهمَا طَا ِئفَ ٌة مِنَ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ (‪ ))2‬هذه البداية‪ .‬وقال في أواخر المؤمنون ( َف َتعَالَى اللّهُ ا ْلمَِلكُ الْ َ‬ ‫تُ ْؤ ِمنُونَ بِاللّهِ وَا ْليَ ْومِ الَْآخِرِ وَ ْليَ ْ‬
‫ن (‪َ )117‬وقُلْ َربّ اغْ ِفرْ وَا ْرحَمْ‬ ‫عنْدَ َربّهِ ِإنّهُ لَا يُفْلِحُ ا ْلكَافِرُو َ‬ ‫ن يَ ْدعُ مَعَ اللّهِ إَِلهًا َآخَرَ لَا بُرْهَانَ لَ ُه بِهِ َفِإّنمَا حِسَابُ ُه ِ‬ ‫رَبّ ا ْلعَ ْرشِ ا ْلكَرِي ِم (‪َ )116‬ومَ ْ‬
‫ن (‪ ،))1‬فتعالى ال الملك الحق‬ ‫ت َبّينَاتٍ َلعَّلكُ ْم َتذَكّرُو َ‬ ‫حمِينَ (‪ ))118‬وفي أول النور قال (سُورَةٌ َأنْزَ ْلنَاهَا َوفَرَ ْ‬
‫ضنَاهَا وََأنْ َز ْلنَا فِيهَا َآيَا ٍ‬ ‫خيْرُ الرّا ِ‬ ‫َوَأنْتَ َ‬
‫ل إله إل هو ‪ -‬سورة أنزلناها‪ ،‬هو من الذي ينزل الحكام ويفرضها ويأمر بإقامة الحدود؟ الملك الحق‪ .‬الملك الحق هو الذي يأمر ويفرض حتى‬
‫عندنا في القوانين الملك هو الذي يرفض السلطة‪ .‬فإذن سورة أنزلناها وفرضناها هذه أنزلنها الملك الحق ( َفتَعَالَى اللّ ُه ا ْلمَِلكُ الْحَقّ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ‬
‫ن (‪ ))117‬هو الذي أنزل وفرض‬ ‫عنْدَ َربّهِ ِإنّهُ لَا يُفْلِحُ ا ْلكَافِرُو َ‬ ‫ن يَ ْدعُ مَعَ اللّهِ إَِلهًا َآخَرَ لَا بُرْهَانَ لَ ُه بِهِ َفِإّنمَا حِسَابُ ُه ِ‬ ‫رَبّ ا ْلعَ ْرشِ ا ْلكَرِي ِم (‪َ )116‬ومَ ْ‬
‫ن (‪ )104‬أََل ْم تَ ُكنْ‬ ‫الحكام‪ ،‬هذا من ناحية‪ .‬ومن ناحية أخرى في أواخر سورة المؤمنون ذكر عذاب الكافرين (تَلْفَحُ وُجُو َه ُهمُ النّارُ وَ ُه ْم فِيهَا كَالِحُو َ‬
‫ن (‪ ))105‬وفي بداية النور ذكر عذاب من استحق العذاب من المسلمين في الدنيا والخرة حينما ذكر حد الزاني‬ ‫َآيَاتِي تُتْلَى عََل ْيكُ ْم َف ُك ْنتُ ْم بِهَا ُت َكذّبُو َ‬
‫صبَةٌ‬‫ك عُ ْ‬ ‫خ ْذكُ ْم ِب ِهمَا رَ ْأفَ ٌة فِي دِينِ اللّهِ) ثم الفك والقذف (إِنّ اّلذِينَ جَاءُوا بِالِْإ ْف ِ‬ ‫حدٍ ِم ْن ُهمَا ِمئَةَ جَ ْلدَةٍ وَلَا تَأْ ُ‬
‫والزانية (الزّا ِنيَةُ وَالزّانِي فَاجِْلدُوا كُلّ وَا ِ‬
‫ب عَظِي ٌم (‪ ))11‬عذاب الكافر في الدنيا‬ ‫عذَا ٌ‬‫ب مِنَ الِْإثْمِ وَاّلذِي تَوَلّى ِكبْرَ ُه ِمنْهُمْ لَ ُه َ‬ ‫س َ‬ ‫ئ ِمنْهُ ْم مَا ا ْكتَ َ‬‫ل امْ ِر ٍ‬ ‫خيْرٌ َلكُمْ ِلكُ ّ‬
‫سبُوهُ شَرّا َلكُ ْم بَلْ ُهوَ َ‬ ‫حَ‬‫ِم ْنكُمْ لَا تَ ْ‬
‫وعذاب العاصي من المسلمين في الدنيا والخرة‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تم بح مد ال وفضله ترت يب هذه اللم سات البيان ية في سورة المؤمنون ك ما تف ضل ب ها الدكتور فا ضل صالح ال سامرائي والدكتور ح سام النعي مى‬
‫زادهما ال علما ونفع بهما السلم والمسلمين وجزاهما عنا خير الجزاء وإضافة بعض اللمسات للدكتور أحمد الكبيسى وقامت بنشرها الخت‬
‫ل فمن ال وما كان من خطٍأ أوسهوٍ فمن نفسى ومن‬ ‫الفاضلة سمر الرناؤوط فى موقعها إ سلميات جزا ها ال خير الجزاء ‪ ..‬فما كان من فض ٍ‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫أسأل ال تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو الذى‬
‫يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعا يوم تقوم الشهاد ول الحمد والمنة‪ .‬وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى ال أن يرزقنا حسن الخاتمة‬
‫ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس العلى‪.‬‬
‫الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء ال وجزى ال كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والخرة‪.‬‬

You might also like