Download as docx
Download as docx
You are on page 1of 3

‫‪3‬‬

‫السبـت ‪ 26‬شـوال ‪ 1424‬هـ ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2003‬العدد ‪9153‬‬

‫وثائق سرية أميركية تكشف‪:‬‬


‫رامسفيلد قام بزيارة سرية‬
‫ثانية إلى بغداد عام ‪1984‬‬

‫واشنطن‪ :‬دانا بريست*‬


‫كشفت وثائق سرية اميركية ان وزير الدفاع الحالي دونالد رامسفيلد ذهب الى‬
‫بغداد في مارس (آذار) ‪ 1984‬وهو يحمل تعليمات بتسليم رسالة خاصة حول‬
‫اسلحة الدمار الشامل مفادها‪ :‬ان نقد الوليات المتحدة العلني للعراق‬
‫لستخدامه اسلحة كيماوية لن يؤثر على محاولت واشنطن اقامة علقات‬
‫افضل‪.‬‬
‫وقد طُلب من رامسفيلد الذي كان عندئذ المبعوث الخاص للرئيس الميركي‬
‫السبق رونالد ريجان في الشرق الوسط‪ ،‬ان يبلغ طارق عزيز‪ ،‬وزير‬
‫الخارجية العراقي آنذاك‪ ،‬بان البيان الميركي حول السلحة الكيماوية صدر‬
‫«من منطلق معارضتنا الشديدة لستخدام اسلحة كيماوية قاتلة او تشل‬
‫الحركة»‪ ،‬حسبما جاء في برقية لرامسفيلد من وزير الخارجية الميركي انذاك‬
‫جورج شولتز‪ .‬واشارت البرقية الى ان البيان لم يهدف الى اليحاء بتغيير في‬
‫السياسة‪ ،‬وان رغبة الوليات المتحدة في «تحسين العلقات الثنائية حسب ما‬
‫يختاره العراق»‪ ،‬لتزال «كما كانت» و«تستحق التأكيد على اهمية هذه الرسالة‬
‫خلل المناقشات»‪.‬‬
‫وتكشف هذه الوثائق‪ ،‬التي حصل عليها‪ ،‬طبقا لقانون حرية المعلومات‪،‬‬
‫ارشيف المن القومي‪ ،‬خفايا جديدة للجهود الميركية وراء الستار للتودد‬
‫للعراق كحليف حتى وهو يستخدم السلحة الكيماوية في حربه مع ايران‪ .‬وكان‬
‫قد تردد على نطاق واسع ان رحلة لرامسفيلد قبل ذلك الى بغداد في ديسمبر‬
‫(كانون الول) ‪ ،1983‬ساعدت على تشجيع العراق على استئناف العلقات‬
‫الدبلوماسية مع الوليات المتحدة‪ .‬وكان الهدف المكشوف لزيارة رامسفيلد‬
‫الثانية في مارس (آذار) ‪ ،1984‬والذي كشفت عنه الوثيقة السرية لول مرة‪،‬‬
‫هو احتواء تداعيات الدانة الميركية لستخدام السلحة الكيماوية‪.‬‬
‫ول توضح الوثائق ما قاله رامسفيلد خلل اجتماعاته مع عزيز لكنها تكشف‬
‫عن التعليمات التي صدرت اليه بخصوص ما يقوله‪ .‬وتجدر الشارة الى انه‬
‫كان من غير العادي ان يتجاهل مبعوث رئاسي تعليمات من شولتز‪ .‬وعندما تم‬
‫الكشف العام الماضي عن تفاصيل زيارة رامسفيلد الى بغداد في ديسمبر‬
‫(كانون الول) ‪ ،1983‬ذكر وزير الدفاع لشبكة «سي ان ان» التلفزيونية انه‬
‫«حذر» صدام بخصوص استخدام السلحة الكيماوية‪ ،‬وهي رواية تتعارض مع‬
‫الملحظات السرية عن اجتماعه الذي استغرق ‪ 90‬دقيقة‪ ،‬التي لم تشر الى هذا‬
‫التحذير‪ .‬وقد اعلن متحدث باسم «البنتاغون»‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬ان رامسفيلد اثار‬
‫الموضوع مع طارق عزيز وليس مع صدام‪ .‬واوضح المتحدث باسم‬
‫«البنتاغون» لري دي ريتا اول من امس ان «الوزير ذكر ما ذكره واوافق‬
‫على ذلك‪ .‬فقد كان يتذكر كيف تم الجتماع‪ ،‬ول يمكنني تخيل ان تغير برقية‬
‫اضافية ذكرياته عما دار في الجتماع» واضاف دي ريتا «ل اعتقد انها غير‬
‫متطابقة‪ .‬ستدين ادانة قوية استخدام السلحة الكيماوية‪ ،‬او أي عناصر قاتلة‬
‫اخرى‪ ،‬ثم تقول واضعا ذلك في العتبار‪ :‬فيما يلي مجموعة اخرى من‬
‫القضايا» التي سنناقشها‪.‬‬
‫وفي العام الماضي اشارت ادارة الرئيس جورج بوش الى اعتقادها بان العراق‬
‫لديه ويمكن ان يستخدم اسلحة دمار شامل ‪ -‬بما في ذلك معدات كيماوية‬
‫وبيولوجية ونووية ‪ -‬باعتبارها السبب الرئيس لدخول الحرب ضد العراق‪.‬‬
‫ولكن خلل الثمانينات‪ ،‬وفي الوقت الذي كان فيه العراق في حرب مطولة مع‬
‫ايران‪ ،‬فإن الوليات المتحدة اعتبرت نظام صدام حليفا هاما وسندا ضد الثورة‬
‫اليرانية عام ‪ .1979‬وكانت واشنطن قلقة من ان النموذج اليراني ربما يهدد‬
‫بقية دول المنطقة‪ .‬وقد حافظت الوليات المتحدة‪ ،‬علنا‪ ،‬على حيادها خلل‬
‫الحرب العراقية اليرانية التي استمرت لمدة ‪ 8‬سنوات وبدأت عام ‪.1980‬‬
‫ولكن‪ ،‬في الواقع‪ ،‬كانت ادارة ريجان وجورج بوش الب‪ ،‬تبيع معدات عسكرية‬
‫للعراق‪ ،‬بما في ذلك عناصر كيماوية سامة وعناصر بيولوجية قاتلة‪ ،‬وعملت‬
‫على وقف تدفق السلحة الى ايران‪ ،‬واتخذت عدة مبادرات دبلوماسية سرية‪،‬‬
‫شملت الزيارتين السريتين لرامسفيلد الى بغداد‪ ،‬لتحسين العلقات مع صدام‪.‬‬
‫وذكر توم بلنتون‪ ،‬المدير التنفيذي لرشيف المن القومي‪ ،‬وهو مركز ابحاث‬
‫مقره واشنطن‪ ،‬ان الدعم السري لصدام يقدم درسا في مجال العلقات الخارجية‬
‫الميركية في مرحلة ما بعد ‪ 11‬سبتمبر(ايلول)‪ .‬واضاف ان الجوانب المظلمة‬
‫للدبلوماسية تستحق بعض الهتمام‪.‬‬
‫وقد أقر شولتز في تعليماته الى رامسفيلد بالرتباك الذي احدثته الشارات‬
‫الميركية المتضاربة للعراق‪ .‬واضاف بلنتون «ان المسؤولين العراقيين‬
‫شعروا بالرتباك في محاولة فهم تصرفاتنا في اطار اهدافنا المعلنة‪ .‬وفي ما‬
‫يتعلق ببيان السلحة الكيماوية كان الغراء كبيرا للتخلي عن التحليل المنطقي‬
‫والتراجع الى وجهة النظر القائلة بأن السياسات الميركية هي سياسات معادية‬
‫اساسا للعرب ورهينة لرغبات اسرائيل»‪.‬‬
‫وتكشف الوثائق السرية ايضا عن امال دبلوماسي كبير اخر هو السفير‬
‫البريطاني في العراق في العمل بطريقة بناءة مع صدام‪ .‬فبعد فترة قصيرة من‬
‫تولي صدام حسين منصب نائب الرئيس في عام ‪ 1969‬بعث السفير البريطاني‬
‫انذاك اتش جي بالفور بول ببرقية عن انطباعاته بعد اللقاء الول قال فيها‬
‫«يمكنني الحكم عليه‪ ،‬وكونه شابا صغيرا‪ ،‬بأنه شخصية هائلة وذات تركيز‬
‫وعنيدة في التسلسل القيادي للبعث‪ ،‬ال انه شخص يمكن‪ ،‬اذا ما امكن لنا‬
‫اللتقاء به اكثر من ذلك‪ ،‬العمل معه»‪ .‬وقال بول «هو شاب انيق له ابتسامة‬
‫جذابة‪ .‬يعتبر مبدئيا من المتشددين في حزب البعث‪ ،‬غير ان المسؤوليات ربما‬
‫تحد من ذلك»‪.‬‬
‫*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الوسط»‬

You might also like