‫(حوار المشرق والمغرب)‬

‫في نهاية الثمانينيات شارك مثقفون عرب في (حوار المشرق والمغرب) وتحمست لنشره مجلة‬
‫(اليوم السابع) التي كانت تصدر انذاك في باريس وكان طرفا ذلك السجال في مرحلته الولى‬
‫اثنان من أبرز الكتاب العرب هما المغربي محمد عابد الجابري والمصري حسن حنفي‪.‬‬
‫وأوضح الكاتب اللبناني فيصل جلول في مدخل الحوار حين أعد للنشر في كتاب عنوانه‬
‫(حوار المشرق والمغرب) أن هذة التسمية ل تكرس التقسيم الستعماري للعالم العربي مضيفا‬
‫أنها تسمية جغرافية ل علقة لها بما يوصف بأنه صوفية المشرق أو عقلنية المغرب‪.‬‬
‫وفي الصفحة الخيرة من الكتاب الذي تقع طبعته الرابعة في ‪ 434‬صفحة وصدر هذا‬
‫السبوع عن دار رؤية بالقاهرة قال الجابري انه ل يتعصب للمغرب بل يؤمن "أن المغرب‬
‫مشرق وأن المشرق مغرب ولن يفترقا‪ .‬نحن اخوة أبناء أب واحد ولكن ربما من أمهات‬
‫عديدة‪ .‬لسنا توائم‪ .‬نحن اخوة‪ ".‬وناقش الكتاب عددا من القضايا القرب الى التساؤلت منها‬
‫(الصولية والعصر) و(العلمانية والسلم) و(الوحدة العربية‪ ..‬اقليمية أم اندماجية) و(التقليد‬
‫والحداثة) و(مشروعية النضال الفلسطيني)‪ .‬وقال جلول ان الكتاب "كان يحتاج ربما الى‬
‫عنوان اضافي هو‪ ..‬من أجل اعادة بناء الفكر العربي بطريقة منهجية‪".‬‬
‫وفي مقدمة الطبعة الجديدة وصف أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة حنفي (حوار الشرق والغرب)‬
‫بأنه كان تجربة "فريدة في اخر الثمانينيات وقت اندلع النتفاضة (الفلسطينية) الولى (عام‬
‫‪ )1987‬ونهاية سنوات عصر الستقطاب وقبل غزو العراق الكويت عام ‪ 1990‬والعدوان‬
‫المريكي الول بالتحالف مع بعض القوات العربية‬
‫‪".‬‬
‫وأضاف أن ذلك الحوار امتاز عن غيره بتجاوز الحكم بالخطأ والصواب والستبعاد والقصاء‬
‫ومنطق الفرقة الناجية وأنه "بعد خمسة عشر عاما عاد الستقطاب من جديد بين السلفية‬
‫والعلمانية ووصل الى حد القتتال بين الخوة العداء واندلع الحرب الهلية في الجزائر‬
‫والتي كلفت ما يزيد على المئة ألف شهيد‪".‬‬

‫كما أشار حنفي الى عودة الستقطاب الدولي بين اسرائيل والوليات المتحدة التي وصفها‬
‫بالمبراطورية الجديدة من جانب "والوطن العربي والعالم السلمي تحت ذريعة مقاومة‬
‫الرهاب من أجل خلق عدو جديد بديل عن الشيوعية يبرر للعدوان والحتلل‪".‬‬
‫وقال ان السنوات الخيرة شهدت "العدوان على العراق ثلث مرات في ‪ 1991‬بدعوى‬
‫تحرير الكويت ثم في ‪ 1998‬بدعوى انهاء العراق لدور المفتشين الدوليين الذين كان البعض‬
‫منهم يقوم بمهمة التجسس على قدرات العراق لصالح أمريكا واسرائيل ثم في عام ‪2003‬‬
‫بالحتلل الشامل لتغيير النظام في العراق بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل وتحرير‬
‫العراق من القهر والتسلط والقصد منه القضاء على قوة عربية تخشى منها اسرائيل والقضاء‬
‫على الجناح الشرقي للوطن العربي‪ ".‬وأشار الى أن الواقع العربي تغير بعد خمسة عشر عاما‬
‫من الحوار الول "ولو نشأ الحوار الن لكان أكثر حرارة والتحاما بقضايا الواقع وهموم‬
‫المثقفين الوطنيين‪".‬‬

‫وأضاف أن العالم العربي مستهدف حيث يخطط لمستقبله أن يكون "فسيفساء طائفيا عرقيا‪.‬‬
‫دويلت عربية وبربرية وكردية ودرزية وسنية وشيعية واسلمية وقبطية حتى تصبح اسرائيل‬
‫هي أكبر دولة عرقية طائفية في المنطقة تأخذ شرعية جديدة من طبيعة الجغرافيا السياسية في‬
‫المنطقة بدل من الساطير الولى المؤسسة للدولة كما تصورها (تيودور) هرتزل عام ‪"1897‬‬
 ‫في اشارة الى المؤتمر الصهيوني الول الذي عقد في بال بسويسرا عام ‪ 1897‬وأوصى‬
‫باقامة وطن ليهود العالم في فلسطين‪.‬‬

‫لكن حنفي رأى ما يشبه المل في الغد لن "المقاومة الفلسطينية وحركاتها الستشهادية هي‬
‫التي خلقت توازن الرعب بين الفلسطينيين والسرائيليين‪ .‬انتفاضة الحجر الولى (عام‬
‫‪ )1987‬دامت ثلث سنوات وجاءت بالسلطة الوطنية الفلسطينية والن انتفاضة القصى‬
‫انتفاضة السلح على مرمى طلقة من الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس‪".‬‬
‫كما تحدث عما اعتبره ثمارا للنتفاضة الخيرة التي اندلعت يوم ‪ 28‬سبتمبر أيلول عام‬
‫‪ 2000‬مثل الهجرات المضادة الى خارج اسرائيل‪ .‬وتزامن مع صدور الطبعة الرابعة لكتاب‬
‫(حوار المشرق والمغرب) طرح دار رؤية أيضا للطبعة الولى من كتاب (في نقد حوار‬
‫المشرق والمغرب بين حنفي والجابري) لستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية محمود‬
‫اسماعيل الذي أشار الى أن حنفي والجابري أسهما معا رغم ما بينهما من خلف في نقل‬
‫العقل العربي "من طور التحجر والجمود والستكانة الى طور التفكير والنقد المراجعة‪ ".‬وكان‬
‫المشهد العربي الحالي حاضرا في رؤية اسماعيل الذي انتقد النظم العربية "العسكرية أو‬
‫العشائرية أو الملكيات المستبدة‪ ".‬وقال انها "نجحت في اخصاء الجماهير سياسيا وشغلها‬
‫بمواجهة المشكلت الحياتية اليومية التي استنفدت طاقاتها وزيفت وعيها وضببت رؤاها‪ .‬من‬
‫هنا يتجدد دور المثقف العضوي في التنوير واذكاء الوعي كطريق للتنوير ومواجهة طواغيت‬
‫الداخل‪".‬‬
‫القاهرة من سعد القرش‪:‬‬