Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 12

‫‪1‬‬

‫دراسة حول دار الشباب‬

‫دار الشباب‬
‫تيسمسيلت‬
‫أزمة المدير أم‬

‫دار الشباب تيسمسيلت‬


‫أزمة المدير أم إشكالية التأطير‬
‫دار الشباب ‪ ،‬عنوان عريضة لبنية مأزومة ونشاطات مهزومة ووظيفة‬
‫غامضة‪ ،‬وعنوان أيضا لرصيد تاريخي من العمل الجمعوي والنفتاحات‬
‫‪2‬‬

‫الشبابية التي تحاول حياكة زمنها الخاص خارج آليات الضبط والمراقبة‪.‬‬
‫بنية مهزوزة إذن ووظيفة ملتبسة تزداد غموضا مع انبلج فجر ألفية‬
‫جديدة‪ ،‬ل مكان فيها إل للمؤسسات القوية المسلحة بالتوجهات‬
‫الستراتيجية الواضحة والمشاريع البيداغوجية الصلبة‪.‬‬
‫دار الشباب تيسمسيلت إشارة بارزة لشكالت عديدة يتأسس انطراحها‬
‫على الكثير من اللبس بسبب الفلس الذي بدا أنه يجتاح مهام‬
‫المؤسسة‪ ،‬وأيضا بسبب المنافسة الشديدة التي صارت تتعرض لها من‬
‫طرف مؤسسات وقطاعات وهياكل موازية‪ ،‬ربما ل تدنو منها في شيء‬
‫من القدم والحضور‪.‬‬
‫لكن كيف السبيل إلى قراءة تضاريس هذه المؤسسة الحاضرة‪/‬الغائبة؟‬

‫كيف السبيل إلى تفكيكها وخلخلتها؟‬

‫فمن أين البدء؟‬

‫وكيف يكون البدء؟‬

‫وعلى أي المرتكزات يمكن للباحث عن الحقيقة‪ -‬أن يستند في‬


‫المحاولة ‪/‬المقاربة؟‬

‫دار الشباب البنية والوظيفة إنه المسعى الفكري الرئيسي الذي تنبني‬
‫عليه شرعية هذا النقاش الذي نريده مفتوحا ول نهائيا‪،‬إنه المسعى الذي‬
‫يتوجب علينا الوصول إليه من دروب السوسيولوجيا كمعرفة تساعد‬
‫كثيرا في فضح النساق الجتماعية وتحليل المؤسسات وتشريحها‬
‫اعتمادا على ثقافة النقد والمساءلة‪ ،‬على اعتبار أن دار الشباب تشكل‬
‫نسقا مفتوحا ‪/‬مغلقا ومؤسسة رسمية تحتضن العديد من الرموز‬
‫والظواهر والحالت المجتمعية‪..‬‬
‫إن المقاربة السوسيولوجية‪ -‬كرؤية علمية وكخيار بالساس إلى‬
‫اكتشاف الشروط الجتماعية لنتاج » الجتماعي » وذلك عبر تحليل و‬
‫درس المجتمع‪ ،‬ستسعف ل محاولة في التصدي للسئلة المار ذكرها ‪،‬‬
‫وبالتالي فإنها ستضعنا قريبا جدا من مسعانا المشروع المتصل‬
‫بالمؤسسة بنية ووظيفة‪.‬‬

‫لغة الرقام أول…‪.‬‬

‫إن ما نصبو إليه يحتم علينا بداية النصات للغة‬


‫الرقام علها تعبد لنا طريق الكشف والكتشاف‪ ،‬فهي تشير إلى توفرنا‬
‫مع مطلع اللفية الثالثة على حوالي ‪ 15‬دار الشباب‪ ،‬يوجد منها ‪05‬‬
‫مؤسسة بالوسط الحضري ومن بين مجموع هذه المؤسسات المتناثرة‬
‫عبر التراب الولئي هناك فقط ‪ 5‬مؤسسات في حالة صالحة للعمل‪،‬‬
‫والباقي في حاجة إلى إصلحات متعددة في حين تستوجب ‪ 7‬مؤسسات‬
‫أخرى الغلق نظرا لعدم صلحيتها لستقبال أي نشاط !!‬
‫‪3‬‬

‫وبالنظر إلى ارتفاع أرقام زبناء هذا المؤسسات من الشباب والذين‬


‫تؤكد الحصائيات الرسمية أن عددهم‬

‫يصل إلى حوالي ‪ 12‬الف منخرط إحصاءات تستلزم المراجعة ‪ ،‬فإن هذه‬
‫الدور تبقى عاجزة عن تلبية مختلف الحاجيات الترفيهية لهذا الجمهور‬
‫العريض‪ ، ،‬الشيء الذي يبرز الخصاص ’ المهول في تغطية وتلبية‬
‫حاجيات الشباب‪.‬‬
‫لكن هذه الرقام الكارثية التي ترتبط بالمؤسسة ل تقف فقط عند هذا‬
‫المستوى‪ ،‬بل تتعداه إلى إشكالت التأطير التي تؤثر بشكل مباشر في‬
‫البنية والوظيفة‪ ،‬فهناك حوالي ‪ 35‬إطار يعمل بهذه المؤسسات‪ ،‬وهو‬
‫رقم يبدو من الوهلة الولى محققا" للكفاف التأطيري" بحيث يكون‬
‫حاصله المنطقي هو إطاران لكل مؤسسة‪ ،‬لكن لشيء من هذا يتحقق‬
‫واقعيا‪،‬‬

‫في حين هناك دور أخرى محظوظة‪- -‬يصل عدد العاملين فيها إلى ‪17‬‬
‫إطار !! وهذا كله يحدث في الوقت الذي مازال خريجو المعهد لتكوين‬
‫أطر الشبيبة الى غية ديسمبر ‪2008‬م يلتفحون بنيران العطالة بسبب‬
‫خذلن قوانين المالية المستمر لهم‪ ،‬والتي ل تجود على الشبيبة‬
‫والرياضة إل بأرقام متواضعة جدا مقابل آلف المناصب التي توزع على‬
‫قطاعات أخرى!‬

‫في المختبر السوسيولوجيا ‪.....‬‬

‫إن المهمة التاريخية للعلوم الجتماعية هي‬


‫مساعدة النسان في السيطرة على المجتمع) ( أي في احتوائه وفهمه‪،‬‬
‫فالسيوسيولوجيا تسعف كثيرا في مجابهة السئلة المجتمعية بكل‬
‫انفتاحاتها وانفلتاتها الشقية‪ ،‬وتقود بفضل آليات اشتغالها نحو‬
‫القتراب منها وتحليلها تحليل علميا يمتلك وجاهة معرفية خاصة ‪.‬‬

‫وتأسيسا عليه يصير إدخال موضوع دار الشباب –‬


‫تيسمسيلت ‪ -‬وما يفرزه من أسئلة بنيوية ووظيفية إلى مختبر‬
‫السوسولوجيا‪،‬مطلبا معرفي ملحا لستكمال مهمة التحليل‪،‬بل إنه يعد‬
‫خطوة مركزية أساسية على درب إعادة العتبار لهذه المؤسسة‬
‫ولرصيدها التاريخي وأدوارها الحيوية بل إن أسئلة البنية والوظيفة ذاتها‬
‫تفرض علينا النصات إلى الرأي السوسيولوجي خصوصا وأن هذين‬
‫المصطلحين يحيلن مباشرة على اجتهادات سوسيولوجيا أضافت الكثير‬
‫إلى علم الجتماع كعلم يتأسس باستمرار من خلل تكسير وبناء ذاته‪.‬‬
‫لكن ما الذي يعنيه مثل إدخال "المؤسسة "إلى "المختبر‬
‫السوسيولوجي" ؟ هل يدل هذا الفعل على الزمة باعتبار أن‬
‫السوسيولوجيا هي علم الزمة ؟أم أنه يشير إلى حاجتنا الكيدة على‬
‫المؤسسة؟ أم يعني باختصار نوعا من الباثولوجية الجتماعية‪ ،‬والفلس‬
‫‪4‬‬

‫المؤسسي الذي يفترض ارتياد "العيادة السوسيولوجية" ؟ أو أن ذلك‬


‫كله ما هو في الختام إل محاولة معرفية تحاول النظر إلى المؤسسة‬
‫بنية ووظيفة من زاوية مختلفة تماما عن كل ما يثار حولها في الغالب‬
‫من الحايين؟ ومهما يكن من المر فالدخول إلى عالم السوسيولوجيا‬
‫يقتضى الدقة في طرح والتحليل‪ ،‬وهو ما يتطلب منا أول إبراز المقصود‬
‫بالبنية والوظيفة في هذا المقام‪.‬‬
‫يؤكد كلود ليفي ستراوس بأن لكل شيء شخصية‪ ،‬هيئة‪،‬مجتمع ثقافة‪،‬‬
‫آلة بنية ما لم يكن معدوم الشكل‪ ..‬ويضيف قائل بأن ظاهرة ما ل‬
‫يستحق أن يطلق عليها بنية ما لم تتوفر فيها الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون عناصرها مترابطة ومشكلة لنسق موحد‪.‬‬
‫‪ -‬أن ينعكس أي تحول في عنصر ما على باقي العناصر‬
‫‪ -‬التنبؤ في حالة وقوع التحول‪.‬‬
‫أما بارسونز فيعتبر أن البنية هي نماذج مأ سسة من الثقافة المعيارية‬
‫بحيث تكون البنية هي النتاج الواقعي والفعلي لعملية المأسسة‪.‬‬

‫أما الوظيفة فيقول عنها السوسيولوجي المريكي روبرت ميرتون بأنها‬


‫تشير على المهنة والمهمة والغاية فضل عن معان أخرى رياضية‬
‫وبيولوجية وبالنسبة للبنيوية الوظيفية عند قطبي السوسيولوجيا‬
‫المريكية لزرشفيلد وبرسانس فهي تتصور بنية الظاهرة باعتبارها‬
‫معطاة في التجربة أو الواقع المحسوس مهمته أساسا هي الربط بين‬
‫بنية المجتمع والوظيفة التي تؤديها‪ ،‬والترابط الشامل بين وظائف‬
‫المجتمع والذي إذا ما وقع خلل بإحدى وظائفه يكون له انعكاس على‬
‫مجموع بنية المجتمع) ( وهذا ما أكده مالينوفسكي الذي رفض الفصل‬
‫بين البنية والوظيفة في دراسته للمجتمعات البدائية في إطار بنيوية‬
‫وظيفية‪ .‬وهذا بالضبط مانرتكن إليه في تصدينا لدار الشباب كموضوع‬
‫سوسيولوجي‪ ،‬إذ نؤكد بداية صعوبة أو بالحرى استحالة التمييز بين بنية‬
‫المؤسسة ووظيفتها المادية والرمزية ففي سياق التحولت التي‬
‫تعرفها ويعرفها المجتمع أيضا‪ ،‬يصير أي تحول أو ثبات في البنية‪ ،‬منتقل‬
‫بالتبعية بآثاره وامتداداته المؤسساتية‪.‬‬
‫أسئلة البنية‪.‬‬

‫وانطلقا من هذا الفائت ذكره يحق لنا أن نتساءل وبكل إلحاح‪:‬‬

‫ما بنية دار الشباب في تيسمسيلت ؟ وما حقيقتها بالضبط في فوهة‬


‫المشاكل والسئلة التي تطوقها من كل جانب ؟‬
‫لقد أوضح إميل دوركهايم في كتابة "تقسيم العمل الجتماعي "بأن‬
‫دراسة أي ظاهرة اجتماعية توجب علينا أن ندرس السبب الذي ينتجها‬
‫والوظيفة التي تقوم بها"وهذه الدراسة‪ /‬المطلب تفرض أيضا تشريحا‬
‫أوليا للبنية التي تتفاعل فيها العناصر الجتماعية كلها‪ .‬والواقع أن هذا‬
‫التشريح يضعنا منذ الوهلة الولى أمام صعوبة منهجية‪ ،‬ذلك إننا حيال‬
‫بنيات متعددة ووضعيات مختلفة تندمج في بنية عامة تستفز الوعي‬
‫وتحرض على طرح أفظع التساؤلت!‬
‫فبنية المؤسسة يمكن النظر إليها من عدة معطيات معمارية‪ ،‬بشرية‬
‫‪5‬‬

‫مادية وتنظيمية قانونية وبعدا من زاوية نسقية تنفتح على النسق العام‬
‫للمؤسسة‪ ،‬خصوصا وأن المكونات السياسية التي تتكون منها أي‬
‫مؤسسة وكما يوضح ذلك لور وهي عناصر الزمان والمكان‪ ،‬والجوانب‬
‫النفسية والقانونية والجتماعية‪ ،‬ثم النشطة المباحة والمحرمة‬
‫المرفوضة والمعاقب عليها‪ ،‬فضل عن مشروع المؤسسة التي يتجلى‬
‫في أنواع الخطابات التي تصدر عن المؤسسة) ( ‪.‬‬
‫وبحثا عن الملمح وخصية هذه البنية نتساءل أول هل تتوفر دار الشباب‬
‫تيسمسيلت على هوية معمارية تميزها وتعطيها طابعا خاصا يحفظ لها‬
‫الفرادة؟ أم أن المؤسسات يبني كيفما اتفق ‪ ،‬ودونما اتكاء على خلفية‬
‫معمارية تبعد عنها "المسخ السمنتي "وتحفظ لها ماء الوجه ؟‬
‫عندما نمعن النظر في واقع عدد هام من دور الشباب بالولية‪ ،‬سيتأكد‬
‫لنا قويا بأن هذه المؤسسات ل تجمع بينها وحدة معمارية‪ ،‬اللهم إل‬
‫"لزمة" القاعات الصغرى والكبرى‪ ،‬وكذا اليافطات التي تعلن انتماء إلى‬
‫وزارة الشبيبة والرياضة في حين ترتفع درجات الختلف في تصاميم‬
‫البناء وتوزيع المؤسسات جغرفيا‪ ،‬فحتى الموصفات التقنية) ( التي‬
‫تقترحها الوزارة للبناء ل يتم احترامها‪ .‬وهذا كله ينعكس على البنية‬
‫المعمارية التي تفتقد إلى الهوية المشتركة‪ ،‬والشكل المناسب لحتواء‬
‫طموحات المنخرطين المفترضين للمؤسسة‪ .‬ومن جهة أخرى فحديث‬
‫البنية يأخذنا مباشرة إلى البنية البشرية التي تتوزع بين القائمين على‬
‫أمور الدار من أطر مسيرة‪ ،‬والرواد‪ ،‬من رواد أندية وجمعيات‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للطر فقد أبانت إحدى الدراسات بان نسبة الرضا الوظيفي لديهم‬
‫منحدرة نحو السفل) ( بسبب سوء توزيع الطر وضالة إمكانيات وانعدام‬
‫التحفيزات وكثرة المعوقات "‬

‫فماذا ننتظر من إطار واحد يسير مؤسسة ل توفر على الماء‬


‫والكهرباء… وحده يناضل … ويضطلع بمهام الحراسة والنظافة لعدم‬
‫وجود حارس‪ ،‬ماذا تنتظر منه غير الحباط) (؟"‬
‫أما بالبنية البشرية المرتبطة –بالزوار‪/‬الشركاء‪،‬فتدل هي الخرى على‬
‫أزمة عميقة المستوى‪ ،‬فهناك حاليا ما يناهز ‪ 50‬فرع لمنظمات الشباب‬
‫تمارس أنشطتها بدور الشباب‪ ،‬فضل عن عدد مهول من الجمعيات‬
‫المحلية التي يتم تفريخها في كل حين علما بأن هذا التساع الكمي‬
‫الذي تعرفه الممارسة الجمعوية ل يؤثر على الغنى والتنوع بل يلمح إلى‬
‫التراجع والزموية التي حاقت بالعمل الجمعوي‪ ،‬والذي تتنازعه عدة‬
‫مشاكل تنظيمية بشرية‪ ،‬تجعله محدود الفق والثر‪ ،‬مراهنا فقط على‬
‫عمليات رجع الصدى واستهلك الخطابات المؤدلجة‪.‬‬

‫وعلى كل فما يبرز أن هذه الزمة عميقة المستوى بالنسبة لجميع‬


‫عناصر البنية البشرية للمؤسسة )أطر‪،‬رواد (‪،‬فهو القبال على المنتوج‬
‫الثقافي والتربوي للدار‪ ،‬والذي يتراجع يوما بعد آخر‪ ،‬فقد بدا واضحا في‬
‫السنوات الخيرة أن هناك عزوفا عن ارتياد دار الشباب من قبل الشباب‬
‫‪6‬‬

‫أنفسهم بسبب المنافسة الشديدة التي تلعبها وسائط أخرى ومؤسسات‬


‫موازية أخرى )دار الثقافة‪ ،‬مراكز التسلية الخاصة – البيار بابي فوت –‬
‫اللعاب اللكترونية ‪ ، -‬نوادي النترنيت( فعمل دار الشباب ل يلمس إل‬
‫‪ %0.5‬ادا جاز التعبير ‪ ..‬من السكان المتراوحة أعمارهم ما بين ‪ 15‬و ‪25‬‬
‫سنة كما أن النشرة الحصائية للسنوات الفارطة تبين بان مجموع‬
‫المستفيدين من أنشطة دور الشباب بالولية لم يتعد ‪ 12‬ألف مستفيد‬
‫في السنة‪.‬بالرغم من ان هذا الرقم مبالغ فيه كذبا وزرا‪ ..‬فهل يعتبر‬
‫هذا الحاصل إيذانا بإفلس المؤسسة؟‬

‫أم أنه يؤكد الخلل في البنية والوظيفة أيضا؟ إلى ذلك يبدو المستوى‬
‫التنظيمي كبنية مؤسسية مثيرا أيضا للشكال‪ ،‬إذا هناك حاجة ملحة إلى‬
‫حل أسئلته التي ترتبط بنصوص وقوانين أبانت الظروف والمتغيرات‬
‫عدم استجابتها لمعطيات العصر‪ ،‬الشيء الذي استدعى تغيير الكثير منها‬
‫خلل تحويل ‪ -‬م‪.‬ا‪.‬ت‪.‬ش‪ .‬الى دواوين ‪.‬والسؤال هنا ‪-‬هل يكون هدا‬
‫الديوان صالحا ؟ أم يصبح ديوان ‪ -‬الصالحين ‪ -‬الصالحون ؟‬

‫إن هدا الديوان كباخرة راسية على حافة البحر فوق مياه ضحلة عكرة‬
‫تفوح رائحتها ألما وأسفا‪..‬وربانها بين أروقتها غاد وعاد ‪ ..‬يجهل إن‬
‫كانت باخرته هل تسير في مياه البحر وتغوص في أعماقه ليصطاد‬
‫اللؤلؤ والمرجان أم يسير بها على اليابسة وهذا أمر مستحيل لنها‬
‫خلقت لتشق عباب البحر وتقف شامخة أمام المواج العاتية والرياح‬
‫العاصفة الهوجاء ‪..‬فالديوان بتسميته الجديدة كان بالمس القريب‬
‫‪..‬يساهم مساهمة ليستهان بها في تفعيل المبادرات او ترجيع الصدى‬
‫على شكل مدا خيل تضمن السير الحسن إذ أنها قاربت في بعض‬
‫السنوات مايفوق ‪ 800‬ألف دينار جزائري ‪...‬ولكن تجري الرياح بما‬
‫لتشتهي الباخرة ‪..‬وكما قال احد الولة السابقين ‪.....‬‬

‫(… القلقلي‪(-‬الطبال)‪ -‬عمر ما ينسى هز لكتاف‬


‫‪. .)  ‬‬

‫‪..‬فمنذ صدور قانون الديوان ال انه مازال يتراوح مكانه لتنشيط ول‬
‫إعلم بل عمليات متنوعة وجهد مبذول‪..‬في عمليات لممنهجة‬
‫ولمخطط لها مسبقا‪..‬برامج عفوية‪..‬تتم بانفرادية تامة ‪.‬في اتجاه غير‬
‫معروف ‪.‬لعموديا ول افقيا ول مشوقل ‪ -‬شاقولي‪ . -‬قد يصعب لك ان‬
‫تجد هذا الشكل حتى في الرياضيات كمكون هندسي ‪ ..‬هذا بالضافة‬
‫إلى العلقات المتعددة التي تدشنها المؤسسة داخليا وخارجيا والتي‬
‫تتسم بالتعقد والتشابك وعدم الوضوح أحيانا‪ ،‬بسبب تعدد وتنوع‬
‫الفاعلين وتضارب مصالحهم مما يجعل البنية المؤسسية حقل للصراع‬
‫الجتماعي ومجال خصبا لعادة إنتاج نفس الرموز الجتماعية‪ ،‬وأيضا‬
‫لمقاومة هذا النتاج المكرر‪.‬‬

‫وتزداد الزمة عمقا واستفحال ارتباطا بالبنية المادية ومكونتها التي‬


‫تفضح الفقر المدقع الذي تعرفه دور الشباب بالولية اللهم إل القليل‬
‫‪7‬‬

‫من المؤسسات التي راهنت على النشطة الخدماتية والستثمارية‪.‬عن‬


‫طريق المبالغ التي تصرفها رابطة نشاطات الثقافية والعلمية‬
‫بطرق ‪ ......‬في تحصيل المال وصرفه ‪...‬‬
‫ومن خلل هذه البنيات المتعددة للمؤسسة‪،‬والتي تندغم في بنية عامة‬
‫واحدة تشكل نسقا واحد مفتوحا على التوتر والتغير والثبات‪ ،‬يبدو جليا‬
‫أن هذا النسق يتضمن مكونات بنيوية شاذة‪ ،‬وإذا كانت هذه المكونات‬
‫وكما يقول بارسونز هي القيم المعايير والجماعات والدوار فإنها داخل‬
‫مؤسسة دار الشباب ‪/‬النسق تنأى شيئا ما عن السواء وتقترب من‬
‫الزمة والخلل الذي يبصم الكثير من أجهزتها البنيوية‪.‬‬

‫بحثا عن الوظيفة ‪...‬‬


‫إذن في ظل هذه الظروف الخاصة التي ترهن عمل دار‬
‫الشباب الفــــــــيالرية ‪ ،‬وتؤسس أفق حضورها وغيابها‪ ،‬هل يحق لنا‬
‫أن نتساءل عن وظيفتها ؟ فأي الوظائف تضطلع بها المؤسسة في ظل‬
‫هذا الكل الشكالي ؟ وكيف تؤدي هذه الوظائف الممكنة والمستحيلة ؟‬
‫وهل بإمكانها الحفاظ على مكتسباتها الوظيفية مع شروط المنافسة‬
‫والفلس ؟‬
‫وربما بجدر بنا أول أن نعمد إلى تحديد الوظيفة ‪ /‬الوظائف‬
‫المركزية لهذه المؤسسة قبيل النخراط في تحليل المحددات‬
‫والمؤثرات التي تؤسس أو تلغي وظيفية المؤسسة‪ ،‬وعليه نجد تأكيد‬
‫بديهيا لدى الفاعلين في هذه المؤسسات بأنها أوجدت أساسا لستثمار‬
‫الوقت الفراغ واستغلله فيما يفيد الفرد والجماعة والمجتمع في‬
‫النهاية‪ ،‬على اعتبار أن الوقت الفراغ هو وقت خطير من الناحية‬
‫السوسيولوجية‪ ،‬إذ فيه ترتفع درجات النحراف والخروج على القيم‬
‫والعراف المجتمعية‪ .‬ومن هنا تصير المؤسسة مجال للفرملة وامتصاص‬
‫الغضب ومقاومة النحراف الذي يبقى مفهوما زئبقيا محددا بمصالح‬
‫المستفيدين أو غير المستفيدين منه!‬
‫وهذه الوظيفة "المنية" هي التي حتمت ظهور دار الشباب‪،‬‬
‫إبان مرحلة نهاية الثمانينات ‪ ،‬لداء وظيفة أمنية احتوائية لكن هنا‪..‬‬
‫والن وبعد التسعينات وحلول قرن جديد هل مازالت المؤسسة وفية‬
‫لوظيفتها بشكل القديم أو وفق أنماط بنائية جديدة ؟‬
‫أل تقوم اليوم مؤسسة دار الشباب بدور خطير يفيد الدولة أمنيا ؟ إذ‬
‫باحتضانها لنشطة العشرات من الجمعيات ومساعدتها لروادها على‬
‫"تزجيه الوقت" تكون بذلك قد جنبت الدولة كثيرا من النحراف‬
‫والحتجاج والرفض العلني‪ ،‬وتكون بذلك قد ساهمت في امتصاص‬
‫الغضب عبر إتاحتها لفرص "التفريغ" والتعبير وفق شروط محددة سلفا‪.‬‬
‫إذن نحن حيال مؤسسة خاصة جدا لها من الدوار والوظائف ما ل تقدر‬
‫مؤسسات أخرى على صنعه‪ -‬بالرغم من بنيتها المهزوزة‪ -‬لكن هل هذه‬
‫الوظيفة " المنية "الظاهرة‪ /‬الكامنة تختزل كل الوظائف المتصلة‬
‫بالمؤسسة أم ماذا ؟‬
‫يمكن القول بوثوق عال بان هذه الوظيفة تشكل عصب‬
‫المسألة الوظيفية لدار الشباب ولباقي المؤسسات المجتمعية الخرى‬
‫وذلك بالنظر إلى الحضور التفاوت في المناصب الذي يعيش على‬
‫‪8‬‬

‫إيقاعه القطاع ‪ .‬فالخواجة (كتاب البلديات سابقا ) بأسلوبهم الغير‬


‫محتشم في التظاهر وكأنهم من خريجي المعاهد والجامعات حاضرون‬
‫في كل شيء حتى في المؤسسات التي تبدو أكثر بعدا عنهم ‪.‬‬
‫بهذا الشكل تجعل من دار الشباب حلقة في سلسلة المتداد الخــوجة ‪،‬‬
‫تتأثر بمعطياته وتلتفح بخصائصه‪ ،‬ولهذا تبدو المؤسسة في كثير من‬
‫الحيان وكأنها جزء من شركة خاصة او مقاولة وليس الشبيبة‬
‫والرياضة ‪ ،‬بسبب القتراحات المقدمة من طرفهم في كل حين‪،‬‬
‫وإجراءات الترخيص والمنع وغير ذلك من المور التي تؤكد استمرار‬
‫الوظيفة الفوضوية تحت يا فطات وشعارات جديدة‪.‬‬
‫وتشير أدبيات المؤسسة أيضا إلى أن وظائفها تنحصر في ثلثة‬
‫محاور وهي الوقاية والعلج والنماء‪ ،‬أي الوقاية من النحراف‪ ،‬وعلجه‬
‫وكذا السهام في التنمية‪ .‬والواقع أن هذه المحاور التي تتفرع عنها‬
‫الكثير من الهداف الفرعية تسير في نفس التجاه الدنى الذي ينسحب‬
‫على المحيط الماكرو‬

‫سوسيولوجي للمؤسسة‪ ،‬ويستفيد منه بالتالي المجتمع الكبير بضمان‬


‫استمرار شريطه وإعادة إنتاج رموزه السوسيوثقافية‪.‬‬
‫فالمكونات البنيوية لنسق المؤسسة والتي تحدد في القيم والمعايير‬
‫والجماعات والدوار تقابلها مجموعات وظيفية محددة‪ ،‬تعتبر أساليب‬
‫نسقيه للتكيف ضمن علقات هذا النسق المؤسسي كما يقول بارسونز‪،‬‬
‫وذلك مع محيطه الخارجي‪.‬فالستقرار كوظيفة تسعى إلى ضمان‬
‫استمرار وتجدد القيم الجتماعية‪.‬‬
‫في إطار مكون بنيوي أساسي وهو التنشئة الجتماعية‪ ،‬تندرج في صلب‬
‫الوظائف المركزية لدار الشباب‪ ،‬علما بأن التنشئة الجتماعية ما هي‬
‫في النهاية إل عملية تدجين اجتماعي لنتاج " دواجن بشرية" طيــعة!‬
‫وانطلقا من نظرية المعاصرة‪ ،‬تظهر دار الشباب مجال أساسيا تراهن‬
‫عليه الدولة في إستراتيجية الدماج والتهميش التي تحافظ على القائم‬
‫من الوضاع‪ ،‬وتؤجل دائما حدوث التغيير‪ ،‬وبذلك تعمل المؤسسة‬
‫بطريقة واعية أو ل واعية على إدماج الفاعلين الجتماعيين في‬
‫سياقات سوسيوثقافية معينة تخدم مصالح الدولة بامتياز‪ .‬وتتحول أحيانا‬
‫إلى آلية تهميش في إطار صراعات النسق العام مع عناصر المركز‬
‫والمحيط‪.‬‬
‫وإذا كان كل نسق اجتماعي يسعى إلى تحقيق أهداف تخص النسق‬
‫العام أو بعض النساق الفرعية‪ .‬فالمؤسسة تصير لها وظيفة متابعة‬
‫الهداف والحرص على بلوغها‪ ،‬وهذا ما يمهد لستمرارها بالرغم من كل‬
‫معاول الهدم التي تستهدفها‪.‬‬
‫ويتم الوصول إلى هذه الهداف التي تخدم أهداف النساق بدرجات‬
‫عالية عبر وظيفة التكيف لنها تحدد الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك‪ ،‬وهذا‬
‫كله يشير إلى خطورة الدور الذي تضطلع به المؤسسة في جدلية خفاء‬
‫وتجلي‪.‬‬
‫ذلك أن وظائف المؤسسة تحكمها هذه الجدلية بشكل مباشر وهو ما‬
‫‪9‬‬

‫ينجم عنه جانب كبير من الغموض واللتباس الذي يكتنف عمل المؤسسة‬
‫ويؤثر بالتالي على بنيتها العامة‪ ،‬وذلك بحكم التلزم الموضوعي بين‬
‫البنية والوظيفة‪ ،‬فالبنية هي النتاج الواقعي والفعلي لعملية المأسسة‬
‫ومن الطبيعي جدا أن تتأثر بالوظائف التي تترتب عن عمل المؤسسة‪.‬‬

‫زمن المنافسة ‪...‬‬


‫بنية مهزوزة مأزومة ووظيفة غامضة‪ ،‬ومشاكل بالجملة‪.‬‬
‫كل ذلك ما عساه يفعل في زمن المنافسة؟ ما عساه يقدم لزوار‬
‫المؤسسة في زمن تقوت‪ -‬من القوة ‪ -‬فيه أجهزة أخرى للضبط والقهر‪،‬‬
‫ومؤسسات أخرى لستثمار الوقت بأفضل الطرق؟‪.‬‬
‫إن دار الشباب اليوم تعيش زمنا آخر يختلف تماما عن زمن التسعينات‬
‫الذي كانت تعتبر فيه الملذ الوحد إلى جانب حرم المدارس والثانويات‬
‫بالنسبة للطلبة ‪ ،‬إنها تعيش لحظة أخرى تقوت فيها هياكل المجتمع‬
‫المدني‪،‬وصارت فيها الكثير من الجمعيات في غنى عن مقرات دور‬
‫الشباب بسبب توفرها على مقرات وإمكانيات مادية هامة‪ ،‬إنه زمن آخر‬
‫ظهرت فيه بدائل أخرى وأصوات منافسة أخرى وأصوات منافسة‬
‫تستعملها آليات استقطاب جديدة ول تتورع مطلقا عن اللجوء إلى‬
‫ثقافة الماركوتينغ واقتصاد السوق‪.‬‬
‫والمجتمع الفيالري اليوم بدوره لم يعد مجتمع الفائت‪ ،‬إنه يسير‬
‫بخطى ثابتة نحو ملمح المجتمع الستهلكي ذي البعد الواحد كما يقول‬
‫هربرت ماركوز‪ ،‬وهو بذلك يعيش لحظات من التبدل – لن نقول التغيير –‬
‫تمتد آثارها السلبية واليجابية إلى كثير من المناحي الجتماعية‬
‫والثقافية‪ .‬وهذا كله يجعل مرتادي دار الشباب اليوم أكثر اختلفا عن‬
‫زوار ومنخرطين المس‪ .‬بحيث لم يعد رواد اليوم في حاجة إلى قاعات‬
‫تحتضن شغب البداع أو إلى توجهات تعتنق مبدأ "خلق الشيء من‬
‫لشيء" كما يردد دائما‬

‫والتصال‪ ،‬ويريدون استثمار جديدا للوقت الفراغ بأساليب وتقنيات‬


‫جديدة تمتع من تنشيط ثقافي نموذجي يمتلك مشروعا بيداغوجيا قويا‬
‫تتحدد أهدافه القبلية والبعدية بوضوح كبير‪.‬‬
‫إن التطور الذي شهدته الهياكل المجتمعية وعلى أكثر من صعيد أفرز‬
‫بدائل جديدة لستثمار الوقت الفراغ‪،‬وبالتالي طرح لدار الشباب‬
‫تيسمسيلت إلى تراجع أدوارها وتداخلتها بسبب تناقص عدد روادها‬
‫الذين اختاروا دروبا أخرى "لتزجيه الوقت" بعيدا عن "العنف المؤسسة"‬
‫ومعطياتها البنيوية والوظيفية‪.‬‬
‫إن شارع اليوم كفضاء اجتماعي يحتضن رموزا اجتماعية وثقافية‬
‫معينة‪ ،‬صار من أبرز المنافسين لدار الشباب‪ ،‬فما يتيحه من فرض‬
‫للستهلك للشباب يجعلهم عازفين عن ارتياد المؤسسة‪ .‬وليس الشارع‬
‫وحده الذي يسرق "من الدار جمهورها‪،‬فثمة وسائط ومؤسسات أخرى‬
‫تستقطب جماهير غفيرة من الشباب في إطار منافسة خفية شديدة‪،‬‬
‫‪10‬‬

‫فهناك المراكز التي تمتلك آليات وأدوات تنشيطية متطورة تعجز دار‬
‫الشباب عن توفيرها‪ ،‬فضل عن دار الثقافة التابعة لوزارة الثقافة‬
‫والتي لم تعد تقتصر على وظيفة المطالعة بل تعدتها إلى احتضان‬
‫الجمعيات ودعمها وفي ذلك تهديد أكيد لمستقبل دار الشباب‪ .‬وهناك‬
‫الجمعيات ذاتها التي اهتدت إلى طرق التمويل والدعم الجنبي وصارت‬
‫لديها مقرات ومشاريع واضحة تجعلها في غنى عن قاعات الشبيبة‬
‫والرياضة‪ .‬وهنالك نوادي ومقاهي النترنيت التي انتشرت كالفطر‬
‫البري في أغلب أحياء الولية ‪ ،‬والتي صارت تستقبل جمهورا ل بأس به‬
‫من جميع العمار…‬

‫إن ثورة التصال بما حملته من أنظمة البث الفضائي التلفزي‬


‫وظهور النترنيت ساهمت فعل في خلق منافسة قوية وغير عادلة‬
‫لمؤسسة دار الشباب‪ ،‬جعلها تفقد زوارا كثيرين فضلوا اللتحاق بقطار‬
‫الزمن السريع بدل الستمرار في "قتل الوقت"بأنشطة متقادمة‬
‫وتقنيات بيئية‪ .‬إنه زمن المنافسة إذن‪ ،‬الزمن المختلف عن سابقه ول‬
‫حقه‪ ،‬والذي ل مكان فيه إل للمؤسسات القوية المسلحة بالمشاريع‬
‫الصلبة‪ ،‬التي قطعت مسبقا مع الرتجالية‪ ،‬وفككت قبل سؤال الغائبة‪.‬‬
‫ذلك أن دار الشباب ‪ -‬وللسف الشديد‪ -‬لم تحل سؤالها الحيوي‪:‬‬

‫فما الذي نريده من دار الشباب ؟‬ ‫‪ -‬لماذا دار الشباب ؟ وأين ؟‬


‫وإلى أين نريد الوصول ؟‬
‫إن عدم الوضوح في الجابة على مثل هذه التساؤلت الشقية هو الذي‬
‫يفرز ذلك الواقع البنيوي‪ /‬الوظيفي المهزوز‪ ،‬وهو الذي يقلص المسافة‬
‫بين المؤسسة وموعد انقراضها‪ .‬ولهذا يفترض في أي تغيير يراد للدار‪،‬‬
‫أن ينطلق من بداهة وفداحة السؤال التالي‪ :‬لماذا دار الشباب ؟‬

‫فالجابة الصارمة عليه تشكل نقطة البداية لمشروع التصحيح وإعلن‬


‫الحضور وتجاوز حالة الغياب القسرية‪.‬‬

‫محاربة الزوال و النقراض‬


‫أمام وضع كهذا ما الذي يتعين القيام به لمحاربة‬
‫النقراض ؟ لنه و بكل وضوح فالمؤسسة بهذه المعطيات البنيوية‬
‫والوظيفية مهددة بالنقراض ومعرضة ل محالة للفلس‪ ،‬إذا ما فضلت‬
‫الستمرار في نفس النهج بإعادة النتاج لنفس الرموز دونما تجاوز أو‬
‫إبداع‪.‬‬
‫إن المقاربة السوسيولوجية التي اعتمدناها في هذا المقام لم تهدف‬
‫فقط إلى "فضح" وتفكيك واقع المؤسسة‪ ،‬ولكنها تتجاوز ذلك في‬
‫هدفيتها الرئيسية إلى بلوغ مرتبة قوة اقتراحية للصلح والتغيير‪.. ،‬‬
‫‪11‬‬

‫وبما أن الخلل العام يعتري البنية والوظيفة معا فإن أي تغيير محتمل‬
‫ينبغي بالضرورة أن يكون بنيويا ووظيفيا في أبعاده المركزية‪ .‬وهذا ل‬
‫يكون إل بالجابة على سؤال الغائية‪:‬‬

‫لماذا دار الشباب ؟‬


‫هل نريدها مؤسسة لتزجيه الوقت ؟‬

‫أم نريدها مؤسسة للتكوين ؟‬

‫أم نريدها مؤسسة من أجل الشباب بما يعني ذلك من توفير لكل‬
‫حاجياته ؟‬

‫أم إننا ل نريد منها أن تكون غير مؤسسة من مؤسسات "الزينة"‬


‫و"تلميع الصورة" لبراز اهتمامنا بالشباب ؟‬

‫أم إننا ل نعرف بالضبط لماذا ؟‬

‫ونعرف فقط أنها مورث قديم ارتأينا الحتفاظ به تماما كما‬


‫هو المر بالنسبة لباقي مؤسسات !‬
‫إن هذا السؤال ألمأزقي ل يمكن أن نجيب عنه انطلقا من نظرة‬
‫قطاعية نحصرها في وزارة الشبيبة والرياضة‪،‬وإنما يتوجب إيجاد جواب‬
‫شاف له من طرف المشروع المجتمعي عموما‪ ،‬ومن طرف كافة‬
‫الجهزة الدولتية‪ ،‬وذلك لن دار الشباب ل تهم قطاعا وزاريا محدد بل‬
‫تهم مجموع هياكل المجتمع بحكم أدوارها‪ /‬وظائفها الخفية ‪/‬الظاهرة‪،‬‬
‫فمحاربة انقراض المؤسسة‪ ،‬والمحافظة بالتالي على وجودها تكون‬
‫انطلقا من فك أسرار الغائية الغائبة‪ ،‬وعلى أعلى المستويات‪ ،‬وبأقصى‬
‫درجات الوضوح‪ .‬فإذا كنا نريد مؤسسة شبابية بامتياز تعانق هموم‬
‫وآمال الشباب وتلبي حاجياتهم فهذا يعني ضرورة تأهيل المؤسسة بنية‬
‫وظيفة‪ ،‬تأهيل يتناسب وروح العصر‪ ،‬أما إذا كان سؤال الغائية غائبا عنا‬
‫ول نتعب أنفسنا ببحثه وتمحيصه فهذا يعني اختيارنا للفق المحدود‬
‫وللموت البطيء !‬
‫إن دار الشباب مؤهلة لصنع التغيير عبر السهام في‬
‫مشاريع التنمية المجتمعية‪ ،‬وإقحامها في هذا البعد التنموي الضروري‬
‫للقلع يتطلب استحضار لجميع التحديات التي تعصف بها‪ ،‬وذلك ارتباطا‬
‫بثورة العلم والتصال وتنامي حاجيات الشباب وانتقالها إلى مستوى‬
‫بالغ التعقيد‪.‬‬
‫فحماية المؤسسة من النقراض فيه حماية وتحصين للممارسة‬
‫الجمعوية وتأكيد قبلي لعترافنا بالشباب كفئة تستحق الهتمام‬
‫والحترام‪ .‬ولهذا ليس هناك من خيار أمام الفاعلين في فضاء دار‬
‫الشباب إل محاربة هذا النقراض باستبداع أساليب وطرائق جديدة‬
‫لستثمار الوقت الفراغ تساير تطورات العصر‪ ،‬وأيضا بتأهيل البنيات‬
‫العامة للمؤسسة وتشذيب وظائفها النوعية‪ .‬بدون ذلك كله لن يكون‬
‫للمؤسسة موقع في الوطن الغد‪ ،‬إذ ستتحول فقط إلى مؤسسة ثانوية‬
‫أو ثالثية تختص فقط في ابتلع المال العام من غير تحقيق أية مرد ودية‬
‫‪12‬‬

‫تذكر‪.‬‬
‫إذن دار الشباب أسسها البنيوية والوظيفية توجد اليوم في مفترق‬
‫الطرق وما على الفاعلين فيها إل الختيار‪ ،‬وبالطبع فلكل اختيار ثمنه‬
‫ونتائجه‪ ،‬التي ل بد وأن يلتسع بها المجتمع عموما بحكم حتمية التأثر‬
‫والتأثير بين الميكرو والماكروسيولوجي‪.‬‬

‫‪http//www.massifmedtaha.6te.net‬‬

You might also like