Professional Documents
Culture Documents
ازمة الو م ا
ازمة الو م ا
تشهد الولياات المتحدة أزمة مالياة عنيافة انتقلت عدواها إلى السأواق المالياة لمختلف الدول وبات علجاها عسأيارا .ولم تعد
الزمة المياركياة الحالياة جازئياة تقتصر على العقارات بل أصبحت شاملة تؤثر مباشرة على السأتهلكا الفردي الذي
ياشكل ثلثة أرباع القاتصاد المياركي وهو بالتالي السأاس الذي ترتكز علياه حسأابات معدلت النمو.
ول تأتي الزمات المالياة من فراغ بل تتفاعل مع الوضع القاتصادي الكلي الذي ياعاني في الولياات المتحدة من مشاكل
خطيارة في مقدمتها عجاز الميازانياة واختلل الميازان التجااري وتفاقام المدياونياة الخاصة والعامة إضافة إلى الرتفاع
المسأتمر لمؤشرات البطالة والتضخم والفقر.
وفي يانايار/كانون الثاني من العام الحالي خسأر مؤشرات السأهم المياركياة داو جاونز %4.6وناسأداكا %9.9لكن ارتفاع
هذه النسأبة أو تلكا ل تعكس بالضرورة درجاة خطورة الوضع القاتصادي والمالي المياركي الحالي .ففي أكتوبر /تشريان
الول عام 1987سأجال داو جاونز هبوطا هائ ل
ل قادره %22.6أي بنسأبة تفوق بكثيار النسأبة الحالياة ومع ذلكا فأن الزمة
الراهنة اخطر لنها نجامت عن تراجاع السأتهلكا الفردي في حيان كان ارتفاع أسأعار الفائدة السأبب السأاس في أزمة
.1987
وأقابل المياركياون أفرادا وشركات على شراء العقارات بهدف السأكن أو السأتثمار الطويال الجال أو المضاربة .واتسأعت
التسأهيالت العقارياة إلى درجاة أن المصارف منحت قاروضا حتى للفراد غيار القادريان على سأداد دياونهم بسأبب دخولهم
الضعيافة.
وانتفخت الفقاعة العقارياة حتى وصلت إلى ذروتها فانفجارت في صياف عام 2007حياث هبطت قايامة العقارات ولم ياعد
الفراد قاادريان على سأداد دياونهم حتى بعد بياع عقاراتهم المرهونة .وفقد أكثر من ملياوني أمياركي ملكياتهم العقارياة
وأصبحوا مكبليان باللتزامات المالياة طيالة حيااتهم .ونتياجاة لتضرر المصارف الدائنة نتياجاة عدم سأداد المقترضيان
لقروضهم هبطت قايام أسأهمها في البورصة وأعلنت شركات عقارياة عديادة عن إفلسأها.
ولكن انهياار القيام لم ياتوقاف عند العقارات بل امتد إلى أسأواق المالياة وجامياع القطاعات .في عام 2000لم ياقد انفجاار
فقاعة النترنت بعد انتفاخ دام نحو عشر سأنوات إلى أزمة مالياة شاملة أو إلى تخوف من حدوث كسأاد اقاتصادي لن من
ياشتري جاهاز الكمبياوتر ل ياهدف عادة السأتثمار أو المضاربة ول ياحتاج إلى القاتراض بيانما انفق الفراد جامياع
مدخراتهم واقاترضوا لشراء العقارات .وبناء على ذلكا تختلف الثار المالياة والقاتصادياة المترتبة عن هبوط أسأعار العقار
عن تلكا المترتبة عن هبوط أسأعار الكمبياوتر اختلفا كثيارا .وأدى انفجاار الفقاعة العقارياة إلى تراجاع السأتهلكا الياومي
وبالتالي إلى ظهور ملمح الكسأاد.
المعالجة وحدودها
قاررت الدارة المياركياة تخصياص نحو 150ملياار دولر من خلل خطة حوافز مالياة تتضمن إعفاءات ضريابياة مدتها
سأنتيان منها 100ملياار للفراد و 50ملياار للشركات .ياهدف هذا الجاراء إلى زياادة السأتهلكا لتنشياط القاتصاد.
ولكن هذا المبلغ ل ياغطي سأوى %1.5من الدياون الفردياة العقارياة و %0.3من دياون الشركات وبالتالي ل ياكفي
لمعالجاة الزمة مما يافسأر اسأتمرار هبوط المؤشر العام في البوصات العالمياة بعد إعلن هذه الحوافز المالياة.
كما أجارى مجالس الحتيااطي التحادي )البنكا المركزي المياركي( تعديا ل
ل على أسعار الفائدة قادره 0.50نقطة مئوياة
لتصل النسأبة إلى .%3وياهدف هذا الجاراء إلى تسأهيال اللجاوء إلى القروض المصرفياة للسأتثمار وحث الفراد على
زياادة النفاق.
ودخلت الولياات المتحدة في دوامة الزمات المالياة التي تسأتوجاب في كل مرة تقلياص سأعر الفائدة وسأيافقد البنكا المركزي
أحد أهم أدواته لمعالجاة هبوط قايام السأهم عندما ياصل سأعر الفائدة إلى الصفر كما هو الحال في الياابان.
وكان سأعر الفائدة المياركياة في عام 2007بمقدار %4.2ونسأبة التضخم %3.2أي أن السأعر الحقياقي للفائدة )السأعر
السأمي بعد طرح نسأبة التضخم( إياجاابي قادره .%1وفي مطلع عام 2008وبسأبب الزمة المالياة الخيارة انخفض سأعر
الفائدة إلى %3وارتفع معدل التضخم إلى %4.1لياصبح سأعر الفائدة الحقياقي سألبياا قادره .%1.1 -
قاد ياتصور البعض بأن طائرات آسأياوياة وخلياجاياة سأتحوم فوق ول سأتريات لتقذف أطنانا من الدولرات على السأوق بهدف
تهدئته .والواقاع ل ياخلو هذا التصور من الصحة .وهكذا تسأتفياد الولياات المتحدة من ارتفاع أسأعار النفط الذي أدى إلى
ظهور فوائض مالياة ل تسأتوعبها أسأواق الخلياج .ولكن على افتراض كون الزمة المياركياة مالياة فقط فأنها تسأتوجاب
رصد مبالغ طائلة لمواجاهتها.
فعلى سأبيال المثال الدياون الفردياة المياركياة الناجامة عن الزمة العقارياة تمثل 6.6تريالياونات دولر أي ما ياعادل إيارادات
النفط السأعودياة لمدة 55سأنة .وبالتالي فأن قادرة الخلياجايايان وكذلكا السأياويايان على مواجاهة الزمة المرياكياة محدودة جادا.
بالنتياجاة النهائياة فإن الحتلل العسأكري للبلدان ياصبح ح ل
ل إضافياا لتحرياكا القاتصاد المياركي من زاوياتيان الولى النفاق
العسأكري والسأتفادة من قادرات البلد المحتل لتحسأيان الوضع القاتصادي المياركي كاسأتغلل النفط العراقاي وفق عقود
مشاركة النتاج.
انتقال العدوى
على إثر هبوط قايام السأهم في ول سأتريات انخفض المؤشر العام للقيام بنسأبة %7.1في فرانكفورت و %6.8في بارياس
و %5.4في لندن و %7.5في مدرياد و %3.8في طوكياو و %5.1في شنغهاي و %6في سأاوباولو و %9.8في
الريااض و %9.4في دبي و %3في بياروت و %4.2في القاهرة.
وانتقلت عدوى الزمة المياركياة إلى جامياع أنحاء العالم مع ملحظة أن نسأبة التراجاع لم تكن على وتيارة واحدة .وهبط
المؤشر العام حتى في دول ل توجاد فياها اسأتثمارات أمياركياة في البورصة كالسأعودياة بنسأبة تفوق هبوط المؤشر العام في
بلدان أخرى ل تضع قاياودا على السأتثمارات الجانبياة ومن بيانها المياركياة كأوروبا.
ل مهما لهبوط أسأهم الشركات الخرى غيار العاملة في القطاع العقاري .في كان انفجاار الفقاعة العقارياة المياركياة عام ل
حيان ل وجاود لمثل هذا العامل في دول أخرى ومع ذلكا هبطت أسأهم شركاتها العقارياة وغيار العقارياة .السأهم التي
أصابها تدهور شدياد في الخلياج ل علقاة لها بالنشطة العقارياة بل بالسأتثمارات البتروكياميااوياة أي بسألع التجاارة
الخارجاياة .وحتى على افتراض معاناة القطاع العقاري من مشاكل مالياة على الصعياد العالمي فمن غيار المعقول أن
تسأتفحل الزمة وتنهار السأهم في العالم في نفس الياوم إذ أن السأواق المالياة في المدن المذكورة أعله لياسأت فروعا لوول
سأتريات.
وانطلقاا من هذا الملحظات العامة يامكن تحليال عالمياة الزمة المالياة بالعتماد على ثلثة عوامل ياتعلق العاملن الول
والثاني بمختلف بلدان العالم ويارتبط العامل الثالث بالدول التي تتبع سأيااسأتها النقدياة نظام الصرف الثابت مقابل الدولر.
وتصب جامياع العوامل في محور واحد وهو فقدان الثقة بالسأيااسأة القاتصادياة المياركياة.
العامل الول والسأاس هو ظهور بوادر الكسأاد القاتصادي في الولياات المتحدة المر الذي يانعكس على صادرات البلدان
الخرى وعلى أسأواقاها المالياة .فالولياات المتحدة اكبر مسأتورد في العالم حياث بلغت وارداتها السألعياة 1919ملياار
دولر أي %15.5من الواردات العالمياة )إحصاءات التجاارة الخارجاياة لعام 2006الصادرة عن منظمة التجاارة
العالمياة(.
أما العامل الثاني فهو تعوياض الخسأارة حياث اعتاد بعض أصحاب رؤوس الموال السأتثمار في عدة أسأواق مالياة في آن
واحد .فإذا تعرضت أسأهمهم في دولة ما للخسأارة فأن أسأهمهم في دولة أخرى قاد ل تصيابها خسأارة.
وفي حالت معيانة عندما تهبط أسأهمهم في دولة ما فسأوف ياسأحبون أموالهم المسأتثمرة في دولة أخرى لتعوياض الخسأارة
أو لتفادي خسأارة ثانياة .وتتم عملياات السأحب الجاماعي في السأاعات الولى من الياوم الول لخسأارتهم.
في بعض البلدان العربياة كمصر والسأعودياة هبط المؤشر العام بسأبب هذه العملياات التي قاام بها مسأتثمرون في هذيان
البلديان نتياجاة خسأارتهم في ول سأتريات.
وفياما ياتعلق بالعامل الثالث قاياتمثل بالخوف من هبوط جادياد وحاد لسأعر صرف الدولر المياركي مقابل العملت الرئياسأة
الخرى .وهبطت قايام السأهم بيان مطلع عام 1987ومطلع عام 2008في الولياات المتحدة سأبع مرات بنسأب عالياة.
وفي كل مرة ياتراجاع سأعر صرف الدولر مقابل العملت الوروبياة بسأبب لجاوء البنكا المركزي المياركي إلى تخفياض
أسأعار الفائدة.
وهذا التراجاع ياعني خسأارة نقدياة للسأتثمارات بالدولر سأواء في الولياات المتحدة أم خارجاها .وتحدث هذه الخسأارة أياضا
وبنفس النسأبة في البلدان التي تعتمد عملتها المحلياة على سأعر صرف ثابت أمام الدولر كما هو حال غالبياة أقاطار
مجالس التعاون الخلياجاي .وعلى هذا السأاس فأن أياة أزمة مالياة في الولياات المتحدة تقود إلى سأحب اسأتثمارات من هذه
القاطار لتتوطن في دول أخرى ذات عملت معومة كأوروبا وبلدان جانوب شرق آسأياا.
الزمة اقتصادية
ل تقتصر الزمة في الولياات المتحدة على قايام السأهم بل تشمل القاتصاد الحقياقي برمته فهي أزمة اقاتصادياة بدأت منذ
عدة سأنوات ول تزال في طور السأتفحال .أنها لياسأت حكومياة فقط بل تمتد لتشمل الشركات والفراد .يامكن إبراز
معالمها في النقاط التالياة:
-1العجاز التجااري :منذ عام 1971لم ياسأجال الميازان التجااري أي فائض بل عجاز يازداد سأنوياا وصل في عام 2006
إلى 758ملياار دولر .وياعود السأبب السأاس إلى عدم قادرة الجاهاز النتاجاي خاصة السألعي على تلبياة السأتهلكا.
-2عجاز الميازانياة :ل يازال العجاز المالي مرتفعا حياث قادر في ميازانياة عام 2008بمبلغ 410ملياار دولر أي %2.9
من الناتج المحلي الجامالي .بل شكا ياتعيان الهتمام بالتوازنات القاتصادياة ولياس بالتوازنات المالياة.
في الولياات المتحدة ياغلب الطابع العسأكري على النفقات العامة والطابع السأيااسأي على الضرائب .ل ياهدف النفاق العام
إلى التشغيال بقدر ما ياهدف إلى تمويال العملياات الحربياة الخارجاياة .كما أن الضرائب تسأتخدم كوسأيالة للحصول على
أصوات الناخبيان بد ل
ل من الحصول على إيارادات لتمويال العجاز المالي.
-3المدياونياة :أظهرت إحصاءات وزارة الخزانة المياركياة ارتفاع الدياون الحكومياة )الدارة المركزياة والدارات
المحلياة( من 4.3تريالياونات دولر في عام 1990إلى 8.4تريالياونات دولر في عام 2003وإلى 8.9تريالياونات
دولر في عام .2007وأصبحت هذه الدياون العامة تشكل %64من الناتج المحلي الجامالي .وبذلكا يامكن تصنياف
الولياات المتحدة ضمن الدول التي تعاني بشدة من دياونها العامة .ياعادل حجام هذه الدياون عشرة أضعاف الناتج المحلي
الجامالي لجامياع الدول العربياة وياعادل ثلثة أضعاف الدياون الخارجاياة للدول النامياة.
ول ياتوقاف ثقل المدياونياة المرياكياة على الدارات الحكومياة بل ياشمل الفراد والشركات أياضا .فقد بلغت الدياون الفردياة
9.2تريالياونات دولر منها دياون عقارياة سأبقت الشارة إلياها بمبلغ 6.6تريالياونات دولر .أن هذه الدياون العقارياة التي
سأاهمت مسأاهمة فاعلة في الزمة المالياة الحالياة وتشكل أكثر من نصف الناتج المحلي الجامالي المرياكي .أما دياون
الشركات فتحتل المرتبة الولى من حياث حجامها البالغ 18.4تريالياون دولر .وبذلكا ياكون المجاموع الكلي 36تريالياون
دولر أي ثلثة أضعاف الناتج المحلي الجامالي .هذه الدياون بذاتها أزمة اقاتصادياة خطيارة.
كما تعاني الولياات المتحدة من مشاكل اقاتصادياة أخرى في مقدمتها التضخم الذي تجااوز %4والبطالة التي تشكل %5
والصناعة التي تتراجاع أهمياتها والفقر وسأوء الخدمات التعليامياة.
ل تقتصر خطورة الزمات المالياة المياركياة على إفقار المليايان من المياركيايان بل تمتد لتشمل التأثيار السألبي على الوضع
القاتصادي العالمي وقاد ياصل المر إلى الحتلل العسأكري.
أمام هذا الوضع المالي والقاتصادي المياركي المتأزم ياتعيان على العرب أفرادا وشركات وحكومات اتخاذ إجاراءات
سأرياعة للحفاظ على مصالحهم الحياوياة في مقدمتها سأحب اسأتثماراتهم من الولياات المتحدة.
وأصبح من اللزم على بلدان مجالس التعاون الخلياجاي التخلي عن الدولر كمثبت لقيام عملتها المحلياة أو على القال
مراجاعة القيام التعادلياة لهذه العملت بما ياتناسأب مع هبوط سأعر صرف الدولر.
_____________________
باحث اقاتصادي عراقاي مقيام في فرنسأا
الجزيرة المصدر: