Professional Documents
Culture Documents
صمت الفراشات
صمت الفراشات
صمت الفراشات
ليلى العثمان
صمت الفراشات
رواية
دآار الدآاب -بيروت
صمت الفراشات
ليلى العثمان /روائيية كويتيية
الطبعة الولى عام 2007
الطبعة الثالثة عام 2011
ISBN 978-9953-89-056-2
حقوق الطبع محفوظة
ي
جميع الحقوق محفوظة .ل يسمح بإعادآة إصدار هذا الكتتتاب أو أ ي
يجزء منه أو تخزينتته فتتي نطتتاق استتتعادآة المعلومتتات أو نقلتته بتتأ ي
طي مسبق من الناشر. شكل من الشكال ،دآون إذن خ ي
الهإداء
ليلى العثمان
7
عنقي وتحنناول خنقنني ثانيننة عننن الكلم .تننواردت علننقي فنني لحظننةة
سنوات صننباي الول فنني قصنر العجنوز ،هإنناك بنندأ صننمتي الننذي
ض علننقي ،والن صننمت آخننر علننقي أنننا أن أفرضننه علننى نفسنني فيتر ط
لسننتعيد سننلمة صننوتي .تكل الصننمتين صننعب ويمننقر ،ولننه نتننائاجه
المختلفننة .ذاك صننمت سننرق مننن عمننري أجمننل السنننوات قبننل أن
يورثني المال ،وهإذا الصننمت سيسننرق أسننبوعين ليننورثني الصننقحة
صلة صمت مفروض علقي. والعافية .فرق كبير ،لكقنه في المح ق
وصلت إلى سقيارتي .وما إن أغلقت بابها حتى فناجئني بكنناء عنارم.
حرارة السقيارة في الداخل تكاد تشويني .الشارع الهائاج يدفع بهديره
نحوي فيختلط بهدير مخاوفي المتراكضة بداخلي ،قاومت ارتخائاي،
أدرت مفتاح المحقرك واندفعت .دخلت إلى شققتي الصننغيرة ،عننالمي
الذي هإقيأته لنفسي منذ أن تخطقيننت بقوابننة عبننوري إلننى الحرريدننة مننن
القصر الظالم.
***
12
منذ الليلة الولنى أراد تلقيننني النندرس القول .كنننت ل أزال غاطسننة
في الريكة الوثيرة داخل غرفة النوم السطورقية في قصره.
سحب عقاله والغترة فبان رأسه الجننرد لمعننا ا مثننل قنندر السننتانلس
ستيل .التفت نحوي حاسراا الرققة من صوته:
13
بورق فخم .جسدي غير معفيي من الثقال :إسورة ،ساعة ،قرطان
وخواتم الباجيت .أشياء ما فقكرت يواما أقنها ستلمس جسدي .لكقنها
كانت بعض أحلم أقمي .كان حلمي ينحصر في دبلة متواضعة،
وبيت صغير ،وقلب أوسع من كل القصور.
خطا متمهقلا تجاهإي .ظهره اليمطحطدطوطدب ييثني رأسه حتى تكلد ذقنه
تلمس عظمة صدره .توالدت بداخلي المخاوف مثل دبابير سجينة
تتقافز ،تتراكض ،تحاول بشوكها خرم لحمي لتفدر ناجية من
عصوف قلبي التي تقرع كطبول أفريققية مجنونة كقلما تققدم خطوة
ي مسبلتين كارهإتين التقاء وجهه. نحوي .انتصب أمامي .ظقلت عينا ط
حقرك كقفه تجاه وجهي وبسبابة هإقشة رفع ذقني فتقابل وجهانا.
صوته الحاتد يأمرني:
-انظري إلقي.
14
بداخلي نار وودت لو تركض ألسنتها إلى أبي وأمي اللذين ققدماني
لقمة لجيفة من سللة تتوارث مالها ،أمراضها ،ول حائال دون
ي بعينين منطفئتين ل نزواتها وغزواتها .ظدل يحقدق بوجهي القمر ق
تسعفانه على اكتشاف بضاعته وتقييمها .تصقورته سينحني ليققبل
جبيني كما يفعل العريس في الفلم المصرقية ،ثم يسري بشفتيه
على بستان وجهي الناعم ويذهإب بعد ذلك حيث تسوقه شهوة الليلة
الولى .لكقنه لم يحقرك سوى إبهامه .دعك به شفتقي دعكااغليظا ا
ظننته يسعى لمسح أحمر الشفاه عنها راغبا ا في اكتشاف لونهما
الصلقي .لكن صوته قطع كل توققع:
-هإا الشفايف الحلوة لو نطقت بشيء سأقطعها!
ارتجفت ،شعرت بأمعائاي تتعارك ،احتجت إلى الحقمام لفرغ دفقة
صتني ثانية طت على كتفي ور ق الخوف ،أردت أن أنهض لكن كقفه ح ق
إلى الريكة وتابع:
ق
-ستر الليلة لن يعرفه أحد .تعلمي الصمت واعتاديه.
))هإل للصمت لغة أتعقلمها ولون لعتاده؟((.
هإززت رأسي هإقزات سريعة متتالية لقنعه بأقنني أفهم وأوافق.
ابتسم منتصراا ،تركني واتجه إلى باب الغرفة ،فتحه وقبل أن يخرج
أصدر أمره:
-اخلعي ملبسك وتجقهزي للنوم .سأعود.
التقمت أمره مثل رمح مدقبب .لكقنه ظل مسقمراا عند الباب بانتظار
إجابة تؤقكد انصياعي للمر .كانت هإقزة الخوف والسى يتسقور
يلحمة لساني الذي نبض ثقي ا
ل:
15
-أمرك.
16
غضبه منها إلقي .يصرخ في وجهي ))اصمتي ول تتدقخلي(( فلم
أجرؤ بعد ذلك على إقحام نفسي ومشاعري الطقيبة بينهما .حتى
المعقلمة التي يفترض أقنها المربية الفاضلة ضاقت بجدالي المتكقرر.
ق شقتى فتعقلمت الصمت ف حضرتها.عاقبتني بطر ة
كرهإت صمتي .لكقنني واصلته حتى جاءت اللحظة التي أعلمني أبي
ي العجوز .استطعت من هإول اختياره أن بقراره تزويجي من الثر ر
أستجمع شجاعة موهإومة وأنطق:
عوي ي
ت من ألمي:
-هإذا العجوز؟
أقمي تدقخلت:
-بل هإو خائاف أن يؤقثر رفضي على وظيفته عند ولقي نعمته.
إقنه يبيعني وأنت شريكته في الظلم.
***
عنانيت صنعوبة فني خلننع ثنوب الزفناف ،وفننقك التنناج النذي تشنابك
بخصلت شعري .ألقيت بكل أحمالي في أرض الخزانننة ،وارتننديت
الذي أمرت أقمي أن يكننون رداء الليلننة الولننى قننالت وكأنهننا تقصنند
إثننارتي ))إلبسنني الحمننر النندانتيل ،اللننوان الفاقعننة مننثيرة لرجننل
مثله((.
-ما سمعتيني؟
ك بكقفه
اقترب من السرير ،لصقني ،حاولت أن أهإرب بنظرتي فص ق
على وجهي ،حقدقت به ،عيناه كعينقي أسةد هإرةم جريح ،يدرك ضننعفه
أمام الفريسننة القشنناقبة ،خطننا إلننى ظهننر السننرير ،انقنن د
ض فجننأة علننى
ب يهروس عليهمننا فلننم أعنند أملننك قنندرتي علننى ذراعقي .فتحهما وانك د
الحركة .دهإشتي تسقلني ،ماذا يرينند بالضننبط؟! حنناولت أن أصننرخ،
فنفخ على وجهي بأمره الحازم:
-أصمتي.
19
وجهه صار قريباا من وجهي .ظدل هإكذا حتى اطمأدن أقن صوتي
المبلوع لن يزوع صراخه ،ثم التفت ناحية الباب وصرخ:
-أدخل.
غلبني فضولي رغم خوفي ،دفعني لرفع بعض رأسي وأرى من
صه،صني وتخ ق المأمور الذي سيدخل علينا ليلة ييفترض أنها تخ ق
فوجت بعبةد بحجم مارد يقتحم الغرفة ،يقترب من السرير ويبدأ
يخلع ملبسه!! .لم تسعفني برائاتي لستنتج إجابة لما يحدث .فزعي
تنامى حين رأيت العبد أمامي عاريا ا تماما ا يلتمع جسده بالعرق .لم
أكن قد رأيت جسد رجل من قبل.
لكقنني بشيء أشبه بالغماءة اللحظقية؛ لمحت جسد أخي الصغير
حين كانت أقمييتسقطنا في البانيو كل أسبوع لنستحقم .كانت تصتر أن
أظدل محتفظة بالقطعة الصغيرة التي تستر عورتي ،بينما تترك أخي
ف جسده بالفوطة تأمره أن حراا منها .تبدأ به وعندما تنتهي وتل ت
يخرج وينتظرهإا على السرير حتى تفرغ مقني .عندهإا تأمرني أن
أخلع الساتر وتدعكني بليفة غير خشنة .حين تغمر وجه أخي
بالصابون ويغمض عينيه ،كنت أشرع في تأقمل جسده ،فل أجد بين
جسدينا أقية فروق غير ذلك الجزء الذي تسمح له أقمي بإبرازه.
ويوم احتججت ذات مقرة زقمت مابين حاجبيها غضبا ا وقالت عورة
البنت ما يصير يشوفها غير زوجها.
-ابدأ.
20
اقترب العبد فصرخت .ضاعف العجوز ققوته وهإقوس على ذراعقي
يطا بكقفه اليابسة على ثغري ليكتم صوتي .بينما عينا طضاغ ا
المرتعبتان ل تقويان على النغلق ،أحقدق بوجه العبد ذي العينين
ب أكثر ،كشف عقني الغطاء الحرير ق
ي. الصفراوين البارقتين ،اقتر ط
ي لمنعه ،لكقنه ،ولشقدة قوته ،استطاع أن بدأ يعقريني ،عافر ي
ت بساق د
يوهإن كل جسدي حتى سيطر عليه وباغتني بسيخ النار الملتهب،
اخترقني حتى الحنجرة التي أفرزت سائالا يصطخب مذاقه بكل
الطعوم المقرة.
-تفضل عمي.
21
بطني متوقجعة أذرف أنيني ،أشتهي غفوة تنقسيني الذي شاهإدت
وكابدت ،غفوة تحملني إلى حلم أو فضاء ليس فيه أحد يكتم صوتي
فأصرخ . . .أصر . . .أص . . .أ . . .
كنت أتوقهإم أقنني سأخلد لتلك الغفوة ،وما خطر ببالي أقنني سأكون
وجبة ثانية لعجوزي الذي انتظر حتى يتفتح له أبواب القلعة
صنة .اقترب وقد تعقرى كما فعل العبد ،رأيت جسداا بشعاا ،بدا المح ق
جلده المترقهإل على عظامه ،التي نخرتها السنوات ،وكأقننه قماش
قديم مبتقل .رفعت جذعي لفدر من السرير لكقنه لشقدة وهإني استطاع
ب على جسدي .واجهتني قتامة وجهه ،وهإرولت أن يحاصرني ،انك د
نظراته الجامحة إلى عينقي ،ومثل نمر جائاع أخذ يتخقبط بافتراس
ق دمها .أطبقت جفننقي كي ل أراه. وليمته ولططع ت
زمطمت شفتقي كي ل يندز إليهما صديد فمه وكل أوراقي الناعمة
اليمؤتلقة بعطرهإا تنكمش على بعضها كي ل تتشقرب رائاحته.
مزمومة كقلي بغلياني ،أسمع طقطقة عظامه وهإو يحرث الجثة التي
سقهل العبد الشيطانتي فتح قبرهإا .عانى طويلا في محاولته ،وفي
اللحظة التي انتصر فيها وأطلق شخرات لقذته كنت أنطفئ
كقمةرمهروس.
-وأنا أكرهإك.
رفع كقفه ،بسطها بقسوه على صدغي .فتناثرت نجوم سوداء أغشت
بصري ولطعلطع بصوته المحتد:
***
ي دمعي ،وحسرتي ،وهإو يقتات كقلما شاء من ابتلعت صوتي ،يمر ق
حريري ،كما تقتات الدودة من جسد ميت .كنت أشعر أقنني أتعقفن،
اكتظظت بالوجاع ،تخقمرت رئاتاي برائاحة القصر الذي ل تتنقفس
فيه الجدران إلق تعلططلها ،وتتثاءب فيه أفواه التماثيل الجامدة تنتز صدأط
ي ينسطيمة شهقية .ولعصورهإا المنصرمة .ل أحد يدخل فيحمل إل د
عصفورر يطرق الشبابيك المسقورة .لم أقدر أن يأنشطئ علقة بيني
لدات متأ طقهإبات
ي شيء ،حتى الخادمات كنت أحقسهقن كالج ق وبين أ ق
لجلدي في أقية لحظة يأمرهإدن بذلك.
سكن كتل شيء من حولي .لم أعد أشعر بدفء الشمس ،ول بحنان
القمر في الليالي التي يصاحبني فيها الضجر والكدر .حتى الحديقة
الغقناء المحيطة بالقصر ،لم تكن لتبعث في روحي غير النفور .إن
جلست على أعشابها الخضراء الناعبة أحسستها شوكا ا ينغرس في
لحمي؛ وحين أتلقمس الزهإور من كل صنف ولون ،أشعرهإا مثلي
بل لون ول رائاحة .كنت ل أجد الرائاحة إلق حين
23
-كوني صبورة.
هإوت كقفه على وجهي وأردف الصفعة ببصقة نتنة .أسرع نحو
الباب ،أطلق صوته بالصراخ ينادي إحدى الخادمات ،وحين
ض ثانية إلق وكان
اقتربت مهرولة؛ أمرهإا أن تنادي العبد .لم تم ت
يأتي كالبرق السود .للمقرة الثانية يقتحم غرفتنا ،في المقرة؟هإل
سيأمره
25
بامتطائاي عقاابا لطلب الذي اعتبره زقلة عظمى؟ لم تطل حيرتي،
صوته يأمر العبد أن يأتي بالسوط!!.
أغرب العبد وكأقن رايا صرصارا تدفعه . . .السوط . .يا إلهي! هإل
هإو الذي كنت ألمحه يعلو ويهبط فوق ظهور الدواب؟
هإل سيسقط الن على حرير جسدي ويفقتق خيوطه؟ طار صوابي،
ف ذبحها ،أخذت هإرعت إليه أتبعثر تحت قدميه كدجاجة أططز ط
أتضقرعه مسترحمة ،طالبة العفو لكقنه في كقل محاولتي كان
يرفسني بقسوة وصوته أقسى:
26
ل أذكري متى أعتقني العبد من سوطه تاركا ا جقثتي المتهاوية على
أرض الغرفة .جسدي المرضوض يئتن بجروحه ،وجهي المذاب
بدموعه يحترق ،روحي المفرومة من اللم تتنازعها مشاعر الذرل
والحقد .نحيبي الصامت يتوقزع في ثغرات جسدي المبرقش بآثار
السوط .نم ي
ت سابتة بين نبض القلب الواهإن واللسان المققيد
بالصمت.
***
بعد تلك الليلة التي ظللت أعاني سكراتها ،مقر شهران لم يقاربني
بها العجوز ،ولم أر وجهه .وقد أراحني هإذا رغم جراحي التي
توقلت الخادمات تجفيف نزيزهإا وترطيب أورامها بالماء الدافئ
والمراهإم .كنت بين أياديهن كطفلة معاقة يققلبن جسدي ،يتفقرجن
على جروحي ،يستمعن إلى أنيني وهإذرة لساني غير المنطوقة،
يواسين حيانا وحيانا يؤقنبن عنادي ويطلقن نصائاحهقن إلقي بالصبر
والنحناء لواقعي المرذ .لكقنني ما عدت قادرة علىاجتراع المزيد،
غاب أهإلي عن أساي ،منع زيارتهم عقني ،وقلبي يرفرف بانتظار
أن تطدل علقي شمسهم التي غقربتني وظلمتني .كنت بحاجة أن ألمس
أياديهم رغم أقنها ملقوثة بثمني الذي باعوني به.
كنت أتوق أن أفتح صندوق قلبي المغلق ،وأفقتت أورام لساني التي
تلقيفت ،أكشف لهم ما يحتل بي من مظالم تشقوه جسدي وتدقمر
إنسانقيتي ،أستعطفهم ليخرجوني من بئري السن وأوكار وحدتي.
كنت واثقة أقنهم لن يمقدوا حبال النجدة نحوي ،فهم مثلي مكقبلون
بالخوف منه .ما كنت أملك غير إطلق الحقرية
27
28
-أليس من وسيلة لعلجها؟
واصل القطع وصوت آلته ))طك . .طك ((. .يقتحم أذني مع
صوته:
في نهار آخر استفقت على صوت هإدير في الحديقة ،قفزت من
السرير ،أزحت الستارة ،ترقكزت نظراتي على آلة البستانقي وهإي
ث رؤوس العشاب ،لم أكن من قبل قد اهإتمطمت بهذا. تجت ت
ث عمري ،تقطع لكقنه حلمي التائاق جعلني أشعر وكأقن اللة تجت ت
رؤوس أحلمي المضيئة وتكقومها بل حياة .ظللت أتابع المشهد.
أستعيد سنوات الحررية في بيت أبي وفي المدرسة ،لقد أصبحت هإي
الخرى مجقرد أكوام.
29
-عذرك سيدتي . . .سأنظف الرض من هإذه الكوام.
30
بقامته التي تكاد تطاوله .كان ل يتوانى عن رشقي بنظرات
التوقجس ،فل أتردد أن أرشقه بابتسامات ناعمة أو نظرة ودودة.
كان علقي أن أبدأ ،أرتدي \عباءة المكر وأتققرب إليه لوهإمه أقنني
اعتدت سجن سقيده ورضيت به.
اقتربت منه ذلك اليوم ،ألقيت عليه تحقية الصباح ،رقد غير مصقدق
أقن سقيدته تتنازل وتحييه .اقترب أكثر ،عابثت بعض الغصان
حيث يقف ،وأطلقت سؤالي بكل الرققة:
تسقرب صوته إلى أذني مثل شهقة الموجة النعاسة ،صوت رخيم
الذبذبات حنون ل يشبه صوت أبي الحاقد ول صوت العجوز
ش ،كان رقده قد صدمني واستثارني الفضول:
الج ق
-تمزح؟
-ل.
فقسر لي كلمك.
كان أب وأمي عبدين لسقيدي .زقوجهما .هإكذا كنت عبداا له وأنا في
بطن أقمي.
31
-تأمريني بأ ق
ي خدمة؟
هإززت رأسي نفايا .فتطقلعت إلقي عيناه بسؤال حائار مكتوم ،عدت
أواصل لعبتي:
أزعجني رقده ،هإل ح قاقا هإو مقتنع أن ل شيء ينقصه ،أم هإو شعور
بضآلة مكانته؟ سأله:
-وحريتك؟
شعرته يهزأمقني ،هإل تراني عباثا أحاول إيقاظ سواكن روح مفقودة؟
هإل تراه ل يدرك أقنه إنسان يعيش على هإامش الحياة ،رجل بل
قيمة ورثه سقيده كما يرث الرض والمال؟ هإل يتخابث علقي أم هإو
حاقا ل يح ق
س طعم السر بعدما اعتاد حياته واستسلم لها!؟
ب سقيدك:
تح ت
-ليش ما أحقبه؟!
شعرت بحقد عليه ،هإل المر بديهقي بالنسبة إليه؟ هإل يولد ح ق
ب
ق أن يكون السياد مع العبيد؟ أل يدرك أقن الدنيا تغقيرت وأقن له الح ق
ح قارا؟ لماذا هإذه البلدة في الشعور؟ هإل تواصل الغصان تجديد
جذورهإا القديمة وتظتل الشجرة في بقاعها حتى تموت؟ لم تفيد
أسألتي مدام غير قادر على سبر مرمى السؤال ،قد يكون راضيا ا
بوضعه مستسلاما لقدره .أحلمه ل تتعقدى أن يجد سيقادا ييسكنه
قصارا ،ويطعمه القلحم ،و . . .يهبه جسد زوجته في الليلة الولى!.
هإل كنت أقول جسد لمسه؟ هإل كانت لقذته الولى؟ ألم يشعر بعدهإا
أقن لجسده ح قاقا عليه؟ أين يفقجر طاقته المكبوته؟
33
سجين مثلي ل يملك أمر نفسه ،فلماذا أقلق استسلمه وأحقرك
بحيرات سكونه؟ إن كان ل يدرك معنى لحقرية نفسه فكيف سيتفقهم
توقي لحقريتي؟ شعرت بأقنني على وشك أن أخسر أقول جولة في
المعركة ،لكنني ققررت ألق أفقد المل.
ي صورة العبد الذي في الليل ،حين لقفني الصمت الفقج ،تداعت إل د
حتى اللحظة ل أعرف اسمه .بدأت أتخقيل أسماء تليق به:
مرجان . .عنتر . .مصباح . .فرحان ،لكقني فوجئت بعد أقيام وفي
اقترابي الثاني منه أن اسمه:
عطقية!
ابتسم:
-وليش ما أحقبه؟
بلدة أخرى تثيرني ،هإو دائااما مستسلم لكرل شيء .أردت أن
أستثيره:
بالبلدة ذاتها:
34
-تشتاق إليهما؟
طأطأ رأسه:
-لقد ارتاحا.
-من أي شيء؟
طفرت أمامي تلك اللحظة التي ساطني بها بأمر من سقيده ،إلى دمي
من الغيظ عليه ،رفعت صوتي:
35
-سامحيني سقيدتي.
-هإل تقبل هإذا الظلم من سقيدك؟ ألم تتذقكر لحظتها روح أمك تحت
الصوت؟
انهمرت دموعه:
-يا سقيدتي نحن عبيد . .والعبد ما يقدر يخالف أمر سقيده . .لقد
كنت أتوقجع.
وجدت في كقفي بحنان تطبطب على ذراعه ،شعرته يرتاح ويغتبط،
أردت أن أستغدل لحظته المنفرجة:
صرخت:
36
-بيدك أن تساعدني.
قفز مننقطة وقوفه حتى تخقيلته ابتعد آلف المتار ،انتظرت حتى
هإدأ:
-كيف؟
هإل خسرت المعركة ثانية؟ وهإل حكم علقي أن أبقى في علم من
ورق ،وأعواد ،وظمأ؟
***
38
يأس .كنت متلهفة لسماع صوتهالعجيب الذي جعل زوجة أخي
تؤثرني وتهديني عصفورهإا .ظللت أحاول ول أفلح .حتى كان ذلك
النهار الذي تعقبأت فيه روحي بالقرف بعد أن لمسني العجوز
فجراا .لم أقترب من القفص ،لم أضع الحبوب والماء ،لم أصفر ،ولم
أطرق بابه .فجأة تلقون سكون الغرفة بتغريد آسةر هإقز روحي
المنطفئة وجسدي الحائال إلى الموت .شعرت بأقن الدنيا كقلها تفتح
شبابيكها وتغدق غرفتي بآلف الطيور ،لم أصقدق أقن ما أسمعه من
نغمات صادر من حنجرة واحدة .كان يتقافز بشكل يختلف عن
قفزات الخوف .هإل تراه سعيادا بألمي؟ أم تراه افتقد قربي ولون
وجهي؟ فقكرت :هإل أقترب منه أو أظقل هإاجعة في نقطتي التي
تسقمرت عندهإا؟ كنت فرحة بنطقه القول فخشيت إن اقتربت أن
يهلع ويخرس فأحرم من موسيقاه المذهإلة .انتظرت ليتعب ويصمت
فأقترب منه .فإن كان يريدني سيواصل ،وإن كان مصدر سعادته
في ابتعادي عنه فسوف يصمت .كان علقي أن أمتحن نواياه .قمت
متثاقلة متحقذرة .اتبت بخطوات مقتئدة وهإو ل يزال يطلق موسيقاه.
وصلت . .احتضنت القفص بكفقي ،طل يغقرد ،صفطرت فأطلق
ق لهصفيراا .كقررت فاستجاب .فرحت .شعرت بمعول السعادة يش ق
القنوات داخل روحي وينتشي في كل شراييني .منذ ذلك اليوم الذي
أدخل فيه البهجة إلى جفاف أقيامي؛ وهإو ل يصمت ،إل حين أطفئ
س إليهف كقفي التي تد ت
كل د أنوار الغرفة .صرنا صديقين .أل ط
ط عليها يلتقط الحبوب قبل أن أضعها في الحبوب ،كان أحياانا ين ت
س بدفئه وأبقددصص لها .أداعبه ،أحاول اصطياده لح ق الوعاء المخ ق
بعض برودتي ،يستسلم لحظة ثم يقفز إلى الخشبة
39
منتصف القفص .كثيارا ما كنت أجلس قبالته وهإو يواصل غناءه
وتغريده وأحتار :لماذا يغقرد؟ كيف لمن يخلقت أجنحته للتحليق
والنور أن يشتهي الغناء؟ كيف لمن هإو وحيد مثلي بل أنيس ألق
يشعر بالحزن ويلوذ بالصمت .هإل اعتاد السر وارتضاه أم تراه
يزاول مهنة الصبر ويسقلي نفسه بالطريقة التي يجيدهإا؟ هإل مات
حلمه بالحقردية أم ترى هإذه الزقزقة واللحان حقبات أحلمه
المقتولة؟ هإل نسي رؤوس الشجار وأوكار الناث الدافئة؟ لماذا ل
تكون تلك التغاريد توقسلت وأمنيات أن يخرج ويطير؟ روحي
الكارهإة للسر دفعتني ذات صباح أن أطلق سراحه .فتحت كل
نوافذ الغرفة .كانت الشمس دافئة ،السماء زرقاء صافية ،وهإبوب
النسائام يحمل عطر الحديقة .نهار تحققق فيه كل منابع التوق إلى
الحقرية .فتحت القفص ،وضعت الحبوب والماء وتركت الباب
مفتوحاا .جلست أنتظر وكتل ظقني أقنه سينطلق من الباب إلى إحدى
النوافذ فا قارا بفرحه وغنائاه ،لكقن المفاجأة ألجمتني .خرج من قفصه،
ط على أعمدةطار في أرجاء الغرفة ،يعلو ،يهبط ،يصفر ،يح ت
السرير ويطير . .على طرف الريكة ويطير .كان في تجواله
يحاذي النوافذ المفتوحة ول يخرج .ثم ،وكمن أرهإقه التجوال ،اندفع
داخل القفص واستققر ساكانا .هإو وعطقية وأنا ،ثلث أرواح أسيرة،
هإذا الذي أفتح له أبواب الدنيا ليخرج يتأقبى ويعود إلى القفص.
وعطقية ل يتوق إلى التحقرر من السقيد ،لكن روحي وحدهإا تكره
السر ،تحلم بنوافذ وأبواب مفتوحة ،تحلم بجناح أقوى من جناحقي
نسر.
***
40
بعدما مطخطط مقرتين ،استدار إلقي .بدأت أجقهز نفسي لستقبال ليلة
س وكأقن مققززة كتلك السابقات التي يأتيني فيها بعد انقطاع فأح ت
جسدي على وشك السقوط في بالوعة منسقية .أستعد بذقلي لما يشبه
سريان الدود داخل حلقي ،ودبيب صراصير جائاعة على رخام
ساققي ولدونة بطني .أستسلم لكقفه بل حنان تهرش مناطقي البليدة،
ي ينهال علقي بل مقدمات ،ولعرقة المالح يتقاطر إثر ولجسده القنفذ ق
طفيهي المريضة ،ولصرخاته المجهدة محاولته الصعبة قبل أن يتقيقأ ط ني ط
حين يطلقها فور النتهاء .تبقى رائاحته تنهشني فل أنام .لكقنه تلك
الليلة وبعدما استدار إلقي شعرت بأقن لديه حاجة أخرى يتأقهإب
للفصاح عنها .حين لم أحرك ساكانا ،رقكز عينيه حيث كانت
طان على عصفوري الوادع في قفصه ،أشار بإصبعه نحوه: تح ق
41
دون اعتراض قمت وفعلت . .ما إن ركنت رأسي على وسادتي
ب بوجهه فوق وجهي وقد اقتكأ ط على كوعه اليسر .جائاني حتى انك ق
صوته متذقمارا:
-كيف عرفت؟
لم أصدق! عصفت بداخلي غبطة حارة طردت عقدي الكامن على
عطقية .تصقورت لو أقنه يقف الن أمامي لما ترقددت أن أركض إليه،
أتعقلق بعنقة وأهإديه قبلة الشكر .لقد كذب ععلى سقيده لحميني من
غضبه أو ربما خشي إن هإو اعترف بعدد المقرات أن يحرمني سقيده
من الحديقة فيحرمه بذلك من وجودي ،ومن حديثي الطريف معه.
ب رققتي التي لم يعتد على مثلها في هإل يشفق عطقية علقي أم تراه أح د
هإذا القصر المتحقجر كل شيء فيه؟ امتناني الذي زهإا لعطقية،
ي – ربما إحدى جعلني ل أهإتقم أن أسأل عن الشخص الذي فتن عل د
الخادمات – المهم أقنه ليس عطقية ،وهإذا سيشقجعني على الوثوق به
أكثر وقد يلين بعد ذلك ويساعدني.
غبطتي المتوارية داخلي أدفأتني ،جعلتني أسقلم عجوزي جسادا أقل
يبااسا وأكثر رققة بعكس ما عقودته فانتشى سرياعا ولم يقدر على
إخفاء فرحته:
ل يهتم الن . . .ليرعد بأوامره كما يشاء مادام أطلق الذن لي أن
أتفقتح في الحديقة .غادر إلى غرفته .تلك الليلة تركني ل كما يتركني
في كل مقره حانقة قرفانة أسارع إلى الحقمام لشطف عن جسدي
بقاياه وروائاحه وأظل أنهش بلحم مشاعري المهانة ،تلك الليلة
ي حتى ي ودراع د تغقيرت حالي .ظللت رابطة في السرير ،فردت ساق د
ملت مساحة السرير العريض ،تققلبت عليه تققلب مهرة مولودة
س ولم يتلقوث وييهن .وبعكس للتقو ،لم أقم لغتسل وكأقن جسدي لم ييم د
كل الليالي التي تمقنيتها أن تطول لنام وأختصر زمن أسري .الليلة
اشتهيت أن يطلع الصباح باكارا.
***
عطقية . . .
غقردت باسمه وأنا أشير إليه ليأتي ،فأقبل طائاارا مثل عصفوةر سعيد.
حقدقت في عينيه فارتبك وكأقنه حدس بشيء .بادرني معترافا:
تخابثت أداعبه:
-لجلي فقط؟
-تعال.
جلست . .شعرت بالنسيم الربيعي يلملم عطر الحديقة كقله وينفذ إلى
صدري ،تقتسع رئاتاي وتتفقتح الرغبة أن أتأقمل كل ما حولي ،نبات
طي السور بكلحة أوراقها القسميكة الصقبار المجقدلة أغصانها تغ ق
وغلظة أشواكها ،تحرسه بصمتها وصبرهإا الذي ل يشابه إل
صبري الثقيل ،أشجار النخيل الباسقة يهتقدل سعفها كضفائار نساء ل
طت عيناي على شجيرات الفلى صها ،ح قتجرؤ يد على لمسها أو ق ق
ب رائاحتها لول أقنالحاملة ورودهإا البيضاء والرجوانقية .كنت أح ت
أقمي حين رأتها ذات يوم في مزهإرقية غرفتي
45
أصابها ذعر جعلها تلقي بها من النافذة وهإي تقول ))هإذا النوع من
الزهإور ل يوضع إلق على القبور(( .حين عبرت تلك الذكرى،
حقولت بصري عن ورود الشجيرات التي نشأ العداء بيني وبينها
طت عيناي على أحواض فم السمكة والقرنفل منذ ذلك اليوم .ح ق
والبانسيه . .كانت ألوانها المتعقددة باهإرة ،والفراشات الرشيقة
تتطاير حولها وعليها بأجنحتها الزاهإية ،أخذت أتأقملها ،كم هإي
رهإيفة وناعمة ،ما نبست حتى من رفيف أجنحتها! هإل يخلقت
الفراشات بل صوت؟ وهإل كتب علقي في هإذا القصر أن أمارس
صمت الفراشات؟
***
لم أكن أدري كيف تزقوج أبي بأقمي .لكقنها ذات مقرة كانت تتسامر
وزوجة أخي وهإي تحيك خيوط الصوف .كنت على جانب الريكة
أقرأ رواية الم لمكسيم غوركي .سمعت تطلق نهدة ))آآآه
نننننننننننننننننننننننننننننننننن
46
على أقيامك يا حلب(( سألتها زوجة أخي ))بعدك يا خالتي تحقنين
لتلك السنوات؟(( نهدة أخرى من أقمي ))يا بنتي الوطن غالي رغم
هإذا العمر في الكويت ،لكن سبحان ا يطتل لموطن الطفولة والصبا
عطره الخاص(( .تحقرشت بها زوجة أخي )) هإل كنت تتمقنين لو
تزقوجت – حلباقيا – وبقيت هإناك؟(( شهقت أقمي كمن يطرد تهمة
))ولطو! بعد هإالعمر أندم؟ يا بنتي وين بياخدك قلبك بيكون بلدك((.
لكزتها زوجة أخي مداعبة ))كيف تزقوجت عقمي ؟(( أطلقت أقمي
ضحكة أشبه بالتغريدة وكأقن ذكرياتها التي استفاقت تدغدهإا قالت
ت لعرف الحكاية ،طويت ))نصيب يا بنتي . . .نصيب(( .تحرق ي
الكتاب ،قفزت من مكاني والتصقت بأقمي ،جرؤت أن أقول )) يبدو
أقن لك حكاية مشقوقة!(( ساعدتني زوجة أخي بفضول ل يققل عن
فضولي ))إيه خالتي إحكي لنا(( .حوصرت أقمي بإصرارنا لكقنها
بدت وكأقنها تتمقنى أن تنبش أقفاص ذاكرتها وتنثر حبوبها الملقونه.
لم تكن بحاجة لمزيد من الضغط عليها ،لكقنها أبعدتني عنها .وقفت
واقتجهت إلى المطبخ وكمن تخاطب نفسها ))خليني أول أق ق
صر
شعلة البوتوغاز حتى ل تنحرق الطبخة ويزعل أبوك((.
ب الذي بينها وبين أبي ،تخاف منه ،ألحظها كانت أقمي ،رغم الح ق
دائااما تساير مزاجه وتوافق آراءه حتى دون تفكير .الكلمة التي
يقولها تمشي عليها كما تمشي علينا وإن كان فيها بعض القهر لنا.
أوامره تلقبى وطلباته ل ترقد .رغم ذلك كنت أرى أقمي سعيدة
وراضية ،ل تتذقمر ،ل تغضب ،ول تشكو أوجاعها وكأنها
ننننننننننننننننننننننننننننننن
) (1في الخليج يطلق على أم الزوج لقب خالتي وعلى أبي الزوج عمي
47
اقتنعت بنصيبها واعتبرت أقن هإذا هإو شكل العلقة الزوجقية المثل.
أحياانا حين يصرخ تبدو وكأقنها ل تسمع الصراخ ،تظقل هإادئاة أو
ترقبت عليه بكلمات بسيطة لتهقدئاه ))طقول بالك شوي(( أو ))كل
شيء بيصير هإقدي حالك(( كنت في داخلي أحنق عليه .أتمقنى لو
أرقد على صراخه بالصراخ ،لكن خوفي لم يكن بأققل من خوفها،
قلت لها ذات مقرة ))لماذا تسمحين له بأن يهينك أمامنا؟((.
غضبت وصرخت في وجهي ))أبوك يوقجهني ل يهينني . .ثم هإذا
ض فيها مضاجع استسلم ليس من شأنك(( .كانت تلك آخر مقرة أق ت
ض نةم سنواتها لتفتح لنا صناديقها أقمي .وهإا إقنني وزوجة أخي نق ت
المغلقة وتنبش ذكرياتها .عادت من المطبخ ول يزال البشر يلقون
وجهها ،جلست .أمسكت بسقنارتها تحيك وتحقدثنا:
)كان فوق بيتنا طابق مفروش يؤقجره مالكه كل صيف .وكان ذلك
الصيف من نصيب عائالة ))أبو محسن(( .زوجته ،ابنه الكبير
محسن ،وثلث بنات ،وآخر العنقود أخ صغير .كان عمري حينذاك
سبع عشرة سنة ،أنهين الثانوقية بجدارة ,احلم أن أنتسب إلى
الجامعة .لكن أقمي كانت تحلم بأن تزقوجني ابن خالتي المهندس .في
اليوم التالي لسكناهإم صعدت لتعقرف عليهم ،غضب أقمي ونقبهتني
))هإؤلء أغراب ولديهم شاب في البيت ل تعاودي الكقرة(( ،كنت قد
تعقرفت على أخته التي تماثل عمري ،احتججت)) :البنات لطيفات
والكبرى بمثل سقني(( ،أصقرت أمي)) :ولو ...إذا أردطن صحبتك
طدت علقتنا، ينزلطن عندك فأخواك صغيران(( .نزلت البنات ،تو ق
صرنا نخرج ماعا ،أعقرفهن على معالم
48
حلب ،نتجول في السواق ونجلس في المقاهإي المتناثرة .ثم تشقكلت
علقة حميمة بين أقمي وأقمهيدن ،صارت أم محسن ضيفة يومقية على
أقمي ،تجلسان لساعات تتحقدثان وأحياانا تتشاركان في لف ورق
العنب .صارت تتعقلم من أقمي فنون طبخنا وتعقلم أقمي طبخات
كويتقية ،وتطقور المر فصار أبو محسن ينزل مع محسن يسهران
مع أبي في الشرفة الواسعة يلعبون طاولة أو يتناقشون في أمور
عديدة .في تلك الليالي كنت ومحسن نتخالس النظر والبتسامات.
ب خيوطه سرياعا .وقبل نهاية الصيف بقليل كان أبوه نسج الح ت
يخطبني من أبي .وافق أبي لكن أقمي رغم حقبها لعائالته صاحت
ق الباب،وناحت)) :كيف تغقرب البنت؟(( .كنت أراقبها من ش ق
أنتفض خائافة أن تؤقثر على أبي فينصاع لها وأتعقذب أنا .كان الح ق
ب
قد ترقسخ في قلبي المراهإق ،وسافرت بي أحلمي صوب دوحة
محسن ،فلم أعد أتصقور العيش من دونه .لكن قلبي ارتاح بد سمع
صوت أبي حازاما واثاقا وهإو يتمقسك بقراره قال)) :ناس طيبين،
أحوالهم جقيدة ،ويحقبون البنت(( .لم تيأس أقمي حاولت)) :نحن ل
ل من شهرين .ما أدرانا كيف حيلتهم هإناك(( .أبي أسكتها نعرفهم إ ق
بحركة من يده)) :شوفي .ل تحاولي .أعطيت كلمة ولن أتراجع
فيها .زينب لمحسن(( .تحقججت أقمي :يمكن البنت تريد ابن
خالتها(( .عوج أبي شفتيه هإازائاا من غفلتها)) :مصيبة أقنك لم
تشعري بميل ابنتك إلى محسن(( .ذهإلت أقمي .صمتت لحظة ثم
أشارت عليه)) :يمكن تهقيأ لك(( .ضحك أبي)) :روحي اسأليها
ق(( .لم تفلح أقمي .زغرد قلبي .تقم الزواج وستعرفين أقنني على ح ق
بسرعة .غادرت حلب ودموع أقمي تغسل وجهها
49
وهإي توصي أهإل محسن بي وتأخذ الوعد منهم ألق أنقطع عن
زيارتهم كل صيف(.
لم تغب عقني حكاية أقمي التي تزقوجت من الرجل الذي أحقبته
وتغقربت لجله وعاشت معه كل هإذه السنوات على الحلوة والمقرة،
مقما دفعني تلك الليلة التي آزرت فيها أبي ليزقوجني من العجوز أن
أختلي بها ،أبكي بين يديها ،أوقسلها وأذقكرهإا:
عصفت بي الدهإشة .لم أكن أتصقور أقن أقمي تملك شهوة للمال
تجعلها ترسم لغدي ما يفسد حاضري ،كانت كمن ترقص على
أحلم مجهولة فقصفت ظهر حلمي .تحققق لها ما أرادت .تزقوج ي
ت
العجوز نايف ،لكقنني لن أنتظر بهذا العذاب حتى يموت فأحقق
حلمها بالرث.
***
-لذيذة؟
بدأت لعبتي:
تصقنعت الغضب:
52
-عليك أن تجيب عن السؤال.
كان الذي قاله عطقية أشبه بالحكايات الخرافقية ،لم أشعر بالغيظ
الحارق على العجوز بقدر ما شعرت به على نفسي الغبقية ،كيف لم
ألحظ هإوايته بتغيير الخادمات ،بين فترة وأخرى! كيف لم أحدس
أن يكون في الليالي التي ل يقارب فيها فراشي ول يتلقذذ بطعم
فاكهتي؟ كيف لم أشعر بتققلبات الخادمات من يأتين منكسرات،
مهلهلت بأسمال بلدهإقن القريبة والبعيدة ثم يصبحن كالفراشات
ملقونات بالثياب وبالصباغ ،حتى طباعههقن تتغقير؟
كيف لم ألحظ تحقول نبرات أصواتهقن من الهدوء والخنوع إلى
الفجور والضحكات الصاخبة ،ودعاباتهن الوقحة التي ألتقطها
53
التف ق
ت إليه حانقة:
-أعرف متى وكيف أؤقدبها ،ل أنتظر أوامرك ،هإقيا عودي إلى
مكانك.
-وتاليها معك؟
قلت:
بدأصبره ينفد:
55
باب غرفتي ،استويت في فراشي وإذا به مع جورجيت بقميصها
الحمر الشقفاف القصير .رغم ما سقببه لي منظرهإا من قرف فإقن
الفرح غلب علقي ،هإا هإو يشقدهإا من فراشها لتأتي وتعتذر ،فرحت.
تصقورت أقنني استطعت ولو لمقرة أن أحققق رغبة في نفسي ،أن
أجعله ينصاع لطلب مقني ،وما كنت أحسب أقن هإذا الحضور
المفاجئ كان فصلا من فصول استبداده وشذوذه!! كانت ضحكته
أوسع من عرض وجهه:
-تعالي.
طت على السرير بجانبه وهإي تتدقلع ))تكرم اقتربت بدلل وقح ،ح ق
عينيك(( .أشار إلقي وهإو يقول لها:
-شوفي . . .تعقلمي.
للصمت صدى غير مسموع ،كآبة غير ملموسة ظلمة غير مرئاقية،
وأنا في أحشائاه مضغه مقرة عسرة فاقدة لكل خصائاصها.
يعصر رئاتقيى ،يفرغهما من هإوائاهما ،يضقخمهما بدخان غليظ يد ت
ق
كل عصب في جسدي فأحقسني مشلولة عاجزة .ظللت على أريكتي
متهككة الروح ،هإقشة العظام ،نازفة دم كرامتي المهدورة،
57
جاحظة غير مصقدقة أقن عينقي قد شاهإدتا هإذا الفعل الفاحش.
شيء واحد كان يرقد عقني شقاء اللحظة ،أقنني لم أققدم له جسدي يواما
إلق قطعة من الثلج والحجارة.
منذ ذلك اليوم تحاشيت جورجيت .ل أنده بإسمها إن احتجت طلابا،
لكقنها كانت تتعمد استباق التي أناديها كما توقد إغاظتي وإثارة
أعصابي .فأظتلسم الخرى محتقرة حضورهإا .فتنسحب بعدما تطلق
ضحكة فاحشة توحي بأنها في الصل كانت موماسا أو راقصة
رخيصة في ملهإي بلدهإا.
الغبقية التي ظننته محرواما من اللققذات فجئته لستثيره لعقله يفتح لي
بقوابة الرحمة التي ستطلق روحي إلى النور .مثله مثل سقيده.
يخقوض في المجاري المتاحة .يكتفي بفعل الحرام الموهإوب إليه ول
يداعبه الحلم أن تكون له زوجة وأطفال أحرار ل يرثهم سقيده.
حقدت عليه ،تأقسفت أقنني ساعدته لينجو من شرقته .ليتني تركته
يموت لكي ل أكتشف هإذه القمامات التي أعيش فيها
58
.نظرت إليه وهإو ذليل في جلسته قرب قدقمي يرتجف بعد أن كشف
الستار والسرار .لم يتمالك .سقط برأسه فوق ركبتقي وتوقسل!
نفضت رأسه عقني وكأقنني أنفض بقزاقة رخوة .قذفت إليه بوعدي:
***
59
كان بمقدوري أن أستغقل اعترافات عطقية ،أهإقدده ))إن لم تساعدني
على الهرب سأخبر سقيدك بكل ما تفقوهإتبه(( لكقنني لم أفعل .فأنا
التي يستحق الظلم روحي ل أستطيع أن أكون ظالمة.
إذغ عرف العجوز فلن يرحمه ،سأكون قد خرجت من التون فرحة
بخلصي مخقلفة روحه المأسورة تئتن وتلعنني وتطاردني فلهيب
يوجع ضميري فل أهإنأ بحقريتي ،عطقية لم يخطئ بحققي ،هإو مجقرد
فاعل وشاهإد ،علقي أن أشكره رغم الذي أصابني من تلف ،فهو قد
حقفزني أكثر لفدر من هإذا الجحيم.
في القليل فقكرت :هإل أخرج من القبر عارية حتى من كفن؟ أم أتدقثر
بالشياء الثمينة التي أغدقها علقي العجوز ،لم تكون تلك الماديات
ي من عمري . .لكقنني ،ورغم احتقاري لها ،ققررت التافهة أغلى عل د
أن آخذهإا معي.
قمت إلى خزانتي ،أخرجت الصندوق الثقيل الذي تربض فيه كل
مجوهإراتي ،فتحته ،تللتأمام عينقي أصنافه :ذهإب ،ألماس ،ياقوت،
فضة وعقيق .أصابني غثيان شديد ،فهذا الللء لم يستطيع يواما أن
يدفئ بردي ويسعد قلبي ،أو يجعلني أهإب جسدي طيقاعا ليقانا ومهادانا
لرغبات العجوز .كانت هإوايته اكتناز
60
المجوهإرات في خزانتي ،حين يحملها إلقي ويفتح علبها المخملقية
يأمرني بتعاةل شديد أن أنظر إليها ،يشعرني ،بكلمات كالبر ،بأقنه
يتصقدق علقي ،وحين ل يلمح اهإتمامي وابتهاجي بما أرى يعفس
وجهه ،ينفض أصابعه الذابلة في وجهي ويقذف كلماته ))بنت فقر
ماتعرفين قيمة الشياء(( كنت أفرح بغضبه ،أهإينه وأنتقم لكرامتي
ي بهجة حين أجعله يشعر بأقن مال الدنيا كقله ل يهقزني ول يدخل أ ق
إلى حياتي .أتمادى أكثر ،ألقي بها في الصندوق بل اكتراث وأغلق
عليها .وفي داخلي كنت أشعر بالسى لقنها في الظلمة قابعة مثلي،
ل تتحقرك.
61
ضا بالنور والرحمة ،تسقلل إلى تناهإى إلقي صوت الذان حنوانا فائا ا
عمقي ،انفرش هإالت تضيء بداخلي فتشتع سعادة غريبة في كياني
وروحي .أسرعت إلى النافذة ،فتحت الستارة وأطلقت بصري إلى
السماء .كان غبش الفجر كالغللة الفضقية ،ثقمة نجمات تأقخرطن عن
الرحيل ،وجدتني أهإمس بكل ما أوتيت من احتياج لخالق الرض
ب(( .ومع والسماء ))يارب ((. . .التمعت نجمة ،كقررت ))يار ق
نهاية الذان ))ل إله إلق ا(( .شعرت وكأقن ضفائار النور كقلها
مدلة نحوي.
62
العين ،حين يصل العجوز يركض عطقية ،يفتح البوابة ،تدخل
السقيارة ،يركض خلفها ،ينتظر حتى يترقجل سقيده منها ويسقلمه
حقيبة الوراق ثم يعود ثانية ليغلقها .مسافتي وزمني قصيران ،كل
ما يتوقجب علقي عمله هإو الختباء قرب البقوابة ،خلف أشجار
الصقبار ،لطلق ساققي في اللحظة التي يهرول فيها عطقية خلف
سقيده قبل الغلق .ماذا عن عيون الخادمات؟! لبد من إشغالهدن
ي سبب. بأقية طريقة .ل أريد لواحدة منهدن أن تخرج إلى الحديقة ل ق
أريد أن ينشغلن عن وجودي تمااما قبل مجيء العجوز .المر يحتاج
إلى تدبير وخ ق
طة أخرى ل تخقر من ثقوبها أقية غفلة.
في اليوم المرصود افتعلت ثورة داخل الصالون الكبير الذي كنت ل
صني .فهو مجقرد مساحة باردة مليئة آبه بنظافته لشعوري بأقنه ل يخ ق
بالثاث الفخم والتحف والسقجاد الفاخر .تنازلت عن كراهإقيتي الثقيلة
نحوه ،تفققدته فإذا بالغبار ينام عليه ،ناديتهن ،ركضن نحوي وأنا
أمقرر بأصابعي على الغبار ،أصرخ وأقذف بالشياء حتى خلقت
ب وضعها. فوضى تحتاج لساعات حتى يستت ق
أمرتهقن أن يتركن كل عمل آخر ويتعاوقن في إعادة الصالون
نظيفصا ومرتابا.كان الغضب والستياء يرتسم على وجوهإهقن لكقنهقن
التزمن بالمر وبدأن .وهإكذا أقمنت وقتي .أسرعت إلى غرفتي،
ف من الثياب ،حملت الحقيبة الجلدقية وقبل أن أترك ارتديت ما خ ق
الغرفة ركضت إلى عصفوري .كان منكماشا حزيانا كأقنه شعر أقن
لحظة فراقنا قد أزقفت .مددت كفي داخل القفص ،استسلم لها
63
طائااعا ،ققربت ثغري من منقاره فأخذ يصفر صفرات موجعة.
هإمست له ))علينا أن نحقرر ماعا(( .دنوت به من النافذة ،فتحتها،
صار يرفرف بجناحيه محاولا التمقلص من قبضتي ليطير إلى داخل
الغرفة .اندفعت دموعي غزيرة ،ققربته إلى وجهي وأشبعته قبلت
الوداع الخير ثم أطلقته من يدي .شعرت بأقنني اقتطعت قطعة من
ي إلى البقوابة العتيدة تدفعني رياح التوق
قلبي وحذفتها .أطلقت ساق د
إلى الحرردية والشمي والهواء النققي.
عطقية كعادته مثل هإذا الوقت ،يؤقدي صلة الظهر .اختبأت بحذر
صبار .كان الشوك ينغرز في لحمي فل أكترث. خلف أشجار ال ق
انتظرت بارتجافي وقلبي يقرع حتى خشين أن يدقلعلى مكاني .هإدير
أعصابي يحاصرني لكقنه ل يتغقلب على عنادي وتصميمي ،كانت
لحظة الخلص أقوى من خوفي المسيطر .لن يحتاج المر إلق
لخطفة عين أنستل فيها خارج السور مثل دودة تنسقل من قلب ثمرة
ق روحي إلى عجفاء وأنتظر حتى يغلق عطقية البقوابة ويبتعد .فأطل ي
الحياة .تلك الدقائاق كانت زمانا رهإيابا قاصافا لكقنه ما استطاع أن يميد
بخلياي المتيققظة حتى حانت اللحظة الحاسمة.
64
ي باص هإذا الذي سأتحمل رحلته الطويلة ووقوفه عند بآآآآص! أ ت
ق الفضاء . .لطائارةطات المزدحمة! أحتاج لصاروخ يش ق المح ق
تقتحم الريح . .لسقيارة عجولة تخطفني من فنطاس القهر إلى
الرميثقية حيث بيت أبي الذي ل أدري كيف يستقبل فعلتي.
الصيف حارق ،الشمس فاتكة ،والعرق ينبع مثل ش ق
لل هإائاج ليغرق
جسدي ،لكقنه ل يستطيع أن يبقلل جفاف ريقي .احتملت العطش
والحرارة وأنا أستنجد بذراعي نحو السقيارات الفاقرة وكأقن شياطين
تلحقها .أشتمها بسقري وأتوقسل ا أن يسوق إلقي من امرأة كانت
تصدمني .زعقت عجلتها وقبل أن تلوط بلسانها كنت أفاجئها
وأنقذف داخل السقيارة بمنظري الغريب ،أوقسلها:
-أرجوك . .هإناك من يطاردني ،خذيني إلى بيتي.
لمحت خوافا وريبة على وجهها .تأقكد ذلك حين فاح صوتها:
صرخت:
65
بوجهي نحو الطريق لدقلها كيف تتوقجه)) :من هإنا . .هإذا الشارع .
طة . .الن إلى اليسار . .هإنا عند تلك .يمين إلى تلك المح ق
العمارات . .ادخلي يمين . .عند ذلك البيت ذي الحجر الجيري
الصفر قرب الشجرات المائالة((.
ك.
أكثر . .وا كان أكثر . .شكارا ل ت
أخرجت رأسي وركضت صوب باب البيت.
***
66
فاح عطر شققتي .ملط صدري بنسيةم هإو خليط من رائاحة وحدتي
وأماني وحقريتي .ارتميت على غطاء سريري الوردي ،أغمضت
عينقي ،وبدأت أسترجع ما قاله الطبيب .كقفي تتحقسس عنقي حيث
تخبئ داخله حنجرتي ،وحبال صوتي .هإل يتراني تأخرت؟ الطبيب
بعد أن فحصني أقكد أن ل وجود لورام)) .هإي زوائاد أشبه بالجلي
الدرخو ول بدد من إزالتها((.
ت بل موعد.
-انتظري . .جئ ت
67
بلحية طويلة هإو الخر .وقفت فلم يتوققف ،ركضت إليه وصوتي
بالكاد يخرج من حنجرتي:
-دكتور . .أرجوك.
هإقشني بكقفه:
انهش وجهها:
ت هإنا وحقولناك إلى دكتور عبدالرحمن.
-من ساعتين كن ت
قاطعتني:
-يا أختي هإذا طبعه .حتى الممقرض . . .
حدقققت بي . .وأكملت:
-والن . .أرجوك.
-ل يحتاج المر الن إلى عملقية .فقط العلج مع المتناع عن
التدخين.
-صباح الخير.
69
استغربت:
اضطررت أن أكذب:
-بل لموضوع خا ق
ص.
-تف ق
ضلي.
طي كل جلست غير مصدقة هإو نفسه ،بطوله ،بلحيته المنزلقة تغ ق
عنقه .يرقحب بي ،يدعوني إلى الجلوس .الصورة القديمة تأتي،
تتحقرك من اليمين إلى اليسار مخترقة صورته الجديدة أمامي .هإل
تراه يتذقكرني؟ ل أحسبه كذلك .ففي ذلك اللقاء الماضي لم يكقلف
نفسه حتى بالنظر إلى وجهي .ما الذي تغقير؟
ضا!!
هإناك في المستشفى كان طبيابا ،وهإنا في عيادته هإو طبيب أي ا
لم يحتطج استغرابي إلى عصر ذهإني .المر واضح ،هإو هإناك طبيب
حكومقي يقبض راتبه فيصبح من حقه أن يقبل أو يرفض ،هإنا هإو
صة تدتر عليه من آلم الخرين ،مستعكد صاحب مصلحة ،عيادة خا ق
ي الذي تقبله قناعته .المر الذي أن يقبل أمثالي مقمن ل يلتزمن بالز ق
حقيرني أكثر؛ هإذه الوداعة والبتسامة والترحيب وما تلهإا من
حديث رقيق ،وخقفة ظقل واضحة ،وفحص دقيق حنون جعلنيأحقدق
به أكثر .ألتقط تفاصيل وجهه :عينان واسعتان جميلتان ،رموش كقثة
ملتوية ،أنف دقيق طويل بعض الشيء لكن باستقامة شامخة ،شفتان
بارزتان وردقيتان ،ولحيته التي رأيتها جميلة غير تلك التي نفرت
منها أقول مقرة.
وجدتني أرتاح إليه وأوافق على التفكير بإجراء العملقية.
71
أكون واحدة من زبائانه حتى وإن كان المبلغ الذي سأدفعه بدل
أتعاب العملقية كبيارا.
***
72
ق مجنون .حين فتحت أمقي الباب شقت أخذت أطرق الباب بتلح ة
غير مصقدقة .تمقنيت في لحظة أن تفتح ذراعيها لسقط بينهما
ب والدواء لكقنها لم تفعل .اندعت إلى
عصفورة متعبة للقى الطح د
الباب تطتل إلى الشارع متوققعة أن يكون العجوز بأثري ،وحين
لفحها فراغ الشارع صفقت الباب بعنف وصرخت بأعلى صوتها:
-هإربت . . .هإربت.
وأطعل ط
ت بصوتها تنادي أبي:
خرج أبي بسرواله والفانيل ،صوت أمقي يعلمه خبر هإروبي خلل
عبوره المسافة ما بين الغرفة ومكان وقوفي حاضنة حقيبتي
73
ي هإائااجا .أمسك شعري المبقلد بعرقي ،شقدني، الجلدقية .اندفع إل د
أسقطني على الريكة يملططعلتاعا:
أقمي خرجت حاملة ثياب أبي وهإو يهوي علقي بالكلمات القاسية وأنا
أتوقسله:
زمجر بصوته:
74
)) -خلينا نسمعها وبعدين نتصرف((.
جلسنا صامتين ،فتحت قربة سنواتي أمامها دون أن أهإمل نقطة ولو
بحجم حقبة رمل . .أفشيت أسرار القيم والليالي منذ الليلة الولى
التي فتح عطقية فيها قلعتي؛ وما تلهإا من أشكال القهر والظلم؛
وجلدي بذلك الصوت ومشهد الخادمة في فراشي واعترافات عطقية
لي بكل ما خفطي عقني .كنت وأنا أحكي أشبه بذبيحة معقلقة بسيخ
ي يدور فوق ألسنة النارتشويه وتحرقه. حديد ق
وبصوت أليم نحو أبي:
75
)) -يا ا! شو هإاد؟((
أقمي اعترضت وهإي ترفع كمشة من الكنز بين كقفيها تققربها من
نظر أبي:
أخذ أبي يطرق بكقفه اليمنى على فخذه بعنف وعصبقية واضحة،
بينما كقفه الخرى تدق على زاوية رأسه كأقنه يريد فتح صواميل
عقله التي شقلتها المفاجأة باحاثا عن مخرج يقيه شقر العجوز .أقمي
توقجست خوافا على أبي من الموقف .قامت إليه ،جلست على طرف
الريكة ،حاوطت بذراعها كتفيه ،وحاولت تهدئاته:
76
صرخ أبي:
وتواصل المحاولة:
تدقخلت:
قاطعني صاراخا:
77
-وا إذا فكرت تعيدني إليه سأقتل نفسي وأجلب لك مصيبة
أكبر.
أمي متأقففة:
أقم التي عادت إلى مكانها مقابل أبي دققت بكقفها كمن تد ت
ق كومة ثوم:
كنت بين أقمي وأبي أشبه بطريدة محاصرة يستديان وسيلة للخروج
فبها من خيوط الشبكة الخشنة دون أن تجرحهما أو تلت ق
ننننننننننننننننننننننننننننننن
) (1مثل كويتي
78
عليهما .وأنا تنقلني أفكاري إلى حيث القصر ،أتخقيل وقع فعلتي
على العجوز وعطقية والشقر القادم إلقي .ثم أرتتد إلى مشهد أقمي وأبي
الحائارين بين الرضوخ لنجدتي أو إلقائاي في براثن العجوز.
وقلبي المتأقسي يتواصل دعائاه أن يضدخ ا الرحمة في قلب أبي
ليشفق علقي وينجدني مكفقارا بذلك عن جريمته الظالمة بحققي.
الوقت يمقر عاصافا رغم انسياب الهدوء المؤقت .أبي يوصل نفيخه
وهإو يرقدد :ل حول ول قوة إلق بال . .حسبي ا ونعم الوكيل . .
ماني قادر أصقدق كل هإذا يطلع من شيبة النخرة ..وين أروح
بعمري؟ . .شقدر أسقوي . .هإذي مصيبة وطقبت على راسي .أقمي
بكلماتها تطبطب عليه:
79
الشقر؟ شفقتي تزداد عليه رغم أقنه سبب مصيبتي وسبب ما نحن فيه
الن .في داخلي إحساس إنه يميل إلى مساعدتي ،لكقني لم يأؤقمل نفي
س خرج صوته بشيء حتى ل أصاب بالخذلن منه .بعد صمت قا ة
وكأقنه قادم من عمق بئر .خاطب أقمي:
مثله ل يعرف التفاهإم .إن غضبته شديدة ،لم أنسى قسوة سوطه بيد
عطقية ،ول ضربه وتعنيفه .هإل ستتجاوز ثورته على أبي قذارة
اللسان أم تتجاوزهإا فيرفع كقفه؟ أكيد أقن أبي لن يرفع سيافا ليدافع
عن كرامته! يا ويلي على أبي سأتسقبب في إهإانته وطرده من
العمل.
80
-وينها الكلبة بنت الكلب؟
أبي يحاول:
طعن أقمي:
81
اسبدد غضب أقمي:
-اطلعي يا كلبة.
قبل أن يصلني .كنت أخرج إليه حاشدة نفسي بققوة خارقة ،مصقممة
أن أستدد منه عذاب السنوات الربع .صرخت بكل عنفي:
جفل وجهه ،أقمي ركضت إلقي ،وقفت بيننا حائالة دون حدوث ما
تخشى عواقبه .أبي أشار إلى عطقية أن يمسك بسقيده .لكقن العجوز
دفع بأقمي ،وأمسك بذراعي يلويها .لم أترقدد .أمسكت بذراعه
الخرى لويتها وأنا أهإقدده:
82
أصدر آهإة ألم ،ركض أبي ،فقك حصاره وهإو يثور بوجهي:
-هإل جننت؟
تلقبست العجوز ثورة .اندفع ثانية إلقي مثل ذئاب استعقدت أنيابه
للتهامي .تشقجعت .استبسلت للدفاع عن نفسي ،مددت ذراعقي
ض بذراعودفعته عقني ،طار مثل ريشة ،سقط على الرض وارت د
الريكة الخشبقي ،صرخ ،هإرع إليه عطقية ليلملمه وصوته تخرقه
الدموع:
ابتلع الخوف وجه أقمي وأبي .العجوز يتراجف ويئقن وقد زاغت
عيناه .عطقية يتوقسل:
-هإاتو ماء.
83
)) -وا أعقلقها طول عمرهإا وما اتشوفون شقي مني((.
حاول أبي:
84
-ارحموني . .أنا تعبان ول قدرة لي على التفكير.
نهض متوقجاها إلى غرفة نومه .وقبل أن يلجها التفت إلى أقمي:
ق مع ابنتك ول تزعجاني. ت أريد أن أنام .إب ت
-لو سمح ت
حين أغلق الباب أحسسته كمن يدخل إلى متاهإة بالغة السواد.
حزنت لجله .وجدتني في لحظة سامية أتطقهر من كل الذي
أضمرته له من مشاعر حاقدة .شيء في داخلي تأقكد أقنهلن
سنزوي في وحدته ليتأقسف على ما سقببه لي من ظلم .وسيقتخذ
ب الذي أسقطني فيه. قراره وينتشلني من اليج ر
85
وكأقنني صائامة عنه منذ شهور .عدت إلى سريري ،أويت إليه
مثل فراشة متحقررة من الظلمة والصمت .ارتكزت على
وسادتي وكأقنها صدر أقمي وأخذت أدعو ا أن يخقلصني
ويخقلص أبي من ورطة أوقعته فيها .بكيت قبل أن أستسلم
للكرى آملة أن أغطس في نوم علقي طويل.
***
هإناك فاجعات جميلت ،إن كان زمن المعجزات قد انتهى؛ فها هإو
النار يطقل برأسه ويفاجئ بمعجزة جديدة وكأقن دعاء قلبي المحروق
اخترق السموات السبع أسرع من البرق فشملني ا بحنانه
ورحمته .أفزعتني أمي وهإي تهقزني:
)) -قومي . .عطقية بالصالة((.
-عطقية . .خير؟!
وجه أقمي ل يخلو من سعادة مكتومة:
)) -ا خقلصك وخقلصنا((.
ي خبر تزقفه أقمي؟ ماذا تعني أقن ا خقلصنا؟ توارت قبل أنأ ق
تشفي غليل دهإشتي .هإببت من الفراش بذعري ودهإشتي،
ارتديت ملبسي بأسرع ما أمكننيوخرجت إلى الصالة ،كان أبي
طا رأسه بين كقفيه وعطقيه لمامه ينشج بنحيبجالاسا مسق ا
متواصل ،توقجهت إليه بالسؤال الذاعر:
86
رفع وجهه المبتقل ،عيناه متوقرمتان ،شفتاه ترتعشان كما صوته
الغارق بالدمع:
-عقمي . . . .مات.
-كيف يا عطقية؟
ق
عطقية ل يقوى على الكلم .أبي تولى عنه:
-بعدما وصل القصر تعب ،أحضروا له الطبيب فققرر نقله
إلى المستشفى .ساعتان وحدث هإبوط في القلب.
تخقيلت القبر ،أقيهما تراه أضيق من الخر :القبر الذي دفنني فيه
وكان يسعى لتدجيني في حظيرته إلى البد أم هإذا الذي سيفتح
87
الن؟ تحقركت شماتتي بتلك العظمة الفارغة التي تضقخمت في نفسه
طمت ،لم تداهإمني ولو ذقرة حزن ،لم تتكقرموهإا هإي الن قد تح ق
دمعة ولو مصنطنعة أن تنزلق من مكانها ،كان الفرح الطاغي يردم
الهقوة مابين المس المضني وواقعي اليوم .شيء كالسحر ينفيني
عن كل ما حولي ،أصير مثل الفراشة التي ترقص في مهرجان
ألوان ييطلق أسمه النارقية ،يضيء الكون ،يصخبه ويجقلله بأثواب
عرس .حتى عطقية لم أشفق عليه ،لم أفقكر بالمصير الذي ينتظره
ولم أجد رغبة أن أقول له كلمة عزاء واحدة له .ما يدرني أقنه رغم
ضا بالراحة والتخقفف من ثقل القسيد علىكل حزنه الحقيققي يشعر أي ا
العبد الموروث .حين انتصب ليخرج انتصبت .وحين اتجه ليخرج
تبعته .وعن الباب التقت نظراتنا .عيناه الدامعتان يلتمع فيها شيء
غريب أشبه بالود الكبوت وبالسؤال الحائار ))ما مصيري؟((.
تحامل على نفسه وهإمس بذلك الصوت الذي يترقدد كالموسيقى في
داخلي:
قاطعته:
88
-إقنها تعشرة عمر!
قالها بألم ،أردت أن أخقفف عنه وأذقكره:
-عشرة القذل والقهر .أنت الن مثلي ،ستكون حاقرا.
عاط بنشيج عال ،اندفع إليه أبي احتضنه مواسايا:
-صرل على النبي يا عطقية .نعرف كم كنت تحقبه!
ترجرج صوت عطقية الباكي:
-وما كنت أحسب أقنه يحقبني بهذا القدر.
ت غاضبة:اعترض ي
-يحبك؟ أنسيت الذقل والضرب؟
بين زقخات دموعه تقاطرت كلماته:
-يا سقيدتي لقد عقوضني فأدركت كم يحقبني.
اشتعل فضولي:
-كيف؟ بم عقوضك؟
-حين فاجأته الزمة أمرني أن أفتح الخزنة ،ويأحضر له
مظروافا .فتحه وقال هإذه شهادة عتقك ومبلغ كبير باسمك في
البنك.
في تلك القلحظة شعرت أقن قليلا من حقدي على العجوز يتلشى .هإا
هإو رغم كل فساده وجبرته فقكر بعطقية الذي قام على خدمته،
وإرضاء غروره ومساعدته في متعته .أقما أنا! فقد ورثت
89
كقل شيء تمااما كما حلمت أقمي .ح ق
ظي أقنه مات سرياعا وإلق لكان
حرمني من الثروة انتقااما من فعلتي .الن فقط ققدرت لقمي نظرتها
البعيدة.
التهبت في قلبي شفقة صادقة عليه .كان الفرح الذي يعربد في
داخلي قد شفط حقدي وغضبي عليهما ،هإا قد جاء خلصي ،أغلق
باب الظلم وأشرع باب الحرردية والثروة ماعا .هإمست لبي بح ق
ب
كبير:
-لقد نسيت كل شيء يا أبي.
احتضن وجهي ،حقدق بعينين مغرورقتين بالدمع وشقدد على كلماته:
-أريدك أن تتأقكدي أقن المر لم يكن ))صفقة(( وطماعا في
المال.
آآآآه يا أبي .لم ينس ما تفقوهإت به .يبدو أقن كلمتي القاسية ظقلت
تحرث في قلبه وتؤرقه منذ أن خرجت من نعيم بيته إلى جحيم
العجوز .أرخيت بصري خجلا منه .رفع وجهي وأقكد:
-كنت محكواما بسلطته . .سامحيني.
انفجرت بالبكاء ،ألقيت برأسي على ركبتيه أتوقسله:
90
-أرجوك ي أبي ل تعقذبني ،كنت أعرف أقنك مرغم لكقني
دفعت ثمن خضوعك لسوطوته.
طبطب على ظهري وهإو يعدني:
-سنعقوضك عن كقل ما عانيت.
91
لم تعبطر جملة أمي عبور الهواء ،لحظتها استفقت وتذقكرت ،هإناك
شركاء لي في الرث .ثلثة عشرة ورياثا ،سبعة من زوجته الولى
التي طقلقها وستة من زوجته الثانية التي ماتت .ذات ليلى حدثني
عنها بعبور سريع ،كيف أحقبها وعاش معها سبع عشرة سنة سعيادا،
وحين توقفاهإا ا ظقل يرعاهإم حتى كبروا .تزقوجوا واطمأن عليهم،
ظياشترى القصر وعاش فيه وحيادا ،لم يفقكر بالزواج ثانية .ح ق
التعس أقن أبي عمل عنده مديارا لشركاته.
ض ،تصقور أقنه سيحيي دعاه مقرة إلى بيتنا ،التقطت عيناه شبابي الغ ق
رميمه ويجقدد عجف سنينه فتقمت الصفقة.
أبي ليطمئنني:
-ل تخافي أنا وأمك سنكون معك حتى تنتهي شهور عقدتك.
شعرت بآلة حادة تعصر قلبي ،أنا التي نمت البارحة ملء جفوني
وفتحتهاعلى الضوء الفاتن .تصقورت أقن يوم حقرقيتي المقبور نفض
ترابه الحامض وانفتح للنور؛ أجدني ثانية سأعود إلى القبر
ق الحداد عليه؟ كم شعرت أقننا ليأسرني بشهور العقدة ،هإل يستح ق
نحن النساء مهيضات الجناح.
92
بكيت حقرديتي المصادرة لحظة ولدتها .أقمي حاولت أن تواسيني:
حين خرج أبي وأخي إلى المقبرة انشغلت أقمي يتعتد الحقائاب ،تبعها
الصغار فكانت فرصتي للختلء بإيمان .سردت عليها بإختصار
عذابات السنوات الربع وهإي غير مصقدقة لما تسمع .تبكي تارة
ممرورة بمراري؛ وتارة مستغربة من قدرة احتمالي .وبين وصلة
وأخرى ترفع كقفيها إلى السماء وترقدد :الحمدل . .الحمدل الذي
خقلصك.
93
بحزن قلت:
-وتصقوري بعد أن نجوت يريدون أن أعود ألى القصر وإلى
وجه جورجيت.
بحماس قالت:
-أول شيء تطردينها من القصر .أنت الن سقيدة المكان.
ثم كمن تذقكرت:
-وعطقية! ماذا ستفعلين به؟ )وضحكت( هإل سترثينه أنت
الخرى؟
ما كنت قد فقكرت بأحد غير نفسي ،لكقنني وجدت شيائا أهإمس به:
94
شقدت على كقفي بإعجاب .لحظتها دخلت أقمي وهإي تضرب كافا
بك ق
ف:
قاطعتها:
95
)) -طقيب بنشوف .بكرا بنقعد تحت الحيط وبنسمع الزيط((.
***
عند باب القصر استقبلنا عطقية مكسوارا ل كما كان يقف بققوته،
سقيارات كثيرة كانت مرصوصة في ساحة القصر ،أقمي لكزتني:
96
-أولده . .أزواجهن وزوجاتهم كقلهم هإنا.
لم أرغم نفسي على التفكير المسبق بكيفقية استقبال الغرباء الشركاء
بينما وجه أقمي يلقون بالخوف والغضب .عطقية أشار لبي:
97
بفراشات معقبآت بسنون القدور القديمة .صامتات صمت القبور .ل
حركة سوى نظرات تتفقرسني ونوايا ملجومة يعلم ا وحده إن
ضت إحداهإقن الصمت أخيارا واقتربت مقنيكانت بريئة أو آثمة .ف ق
وبصوت يفوح بالحياد قالت:
-سأعقرفك علينا.
98
لترحل)) :ما بقدي أشوف خلقتك بعد اليوم(( حين شاءت أن تفتح
فمها كانت يد أقمي تطبق بكقفها على صدغها البيض)) :ول كلمة
الختيار اللي كنت بتقدللي عليه راح وارتحنا(( هإذا الفعل من أقمي
جعل الخريات يجفلن ،يدركن أقن زمان الدلل والفساد قد انتهى.
وأقن الراعي الذي رعين كالغنام في حظائاره حقرات متعاليات قد
غاب .وبغيابه تتغقير المور حسب ما أريده وتريده أقمي .صوتها
ضل وتفارقنا((.الحاقد حقذرهإن)) :اللي ما بيعجبها الحال هإون تتف ق
حين لمحت النكسار في عيونهقن شعرت بكبريائاي المفقود
يعاودني ،شمخت برأسي أمامهن وأقكدت على كلم أقمي ))زمن
الدلع وققلة الدب انتهى((.
99
صدري يضاعفها هإمود جسده على جسدي في ليالي رغباته
المتوقحشة وقرفي المتواصل .هإي الليلة الولى التي شعرت فيها
بأقنني غزالة حقرة سعيدة غاربة عن ظلم ساد حياتي .لم أشأ أن
أفقكر باستعراض سنوات القهر ،أردت أن أنفض رفوف ذاكرتي
لتها الداكنة وأهإقيئها لحلمي القادمة .لم أفكرمنها ،أمقزق سج ق
بشأن التركة ول بالذي سيؤول إليه شأن القصر .كنت منذ لحظة
هإربي منه كنت اتخذت قراري ألق أعود إليه ،وإن فرضت علقي
شهور العقدة الرجوع فلن أبقى فيه يواما واحادا بعد انتهائاها .سأفلت
منه باحثة عن شواطئ الراحة بعيادا عن مشاكل التركة ورنين
المال .حقلقت بخيالي خارج سرب البهرجة ،سرحت أجقدل أحلمي
المنفرطة :التحاقي بالجامعة ،العمل ،وحلمي بالسكن وحدي في شققة
صغيرة تطقل على دفء البحر وصفائاه في الصيف ،وترتعد جذلي
لجنونه في ليالي العاصفة . .كان فضاء أحلمي ممتاقدا أمامي،
مضيائا ،مزخرافا باللوان.
100
بععهدوء أجبت:
-ل يهمني كلم الناس .سيصيني شقر ألسنتهم حتى وإن كنت داخل
قمم.
أضافت أقمي حانقة:
)) -أرملة شاقبة وحلوة تسكن لوحدهإا!! ما عملتها واحدة قبلك حتى
تعمليها((.
101
-المال الذي أذقلني لن يسعدني ،أريده من جهدي وعرق جبيني.
في الليل واجهت نفسي بالسئلة الدقيقة :هإل لأنا قادرة ح قاقا على
المضقي وحدي في الدروبالشائاكة؟ ماذا أمتلك غير المال الذي
سيحققق لي حلم الشققة؟ كيف سأواجه الحياة التي انعزلت عنها
ي عن سلوكهم ،أفكارهإم ،ونواياهإم تجاه والنتاس الذين ل فكرة لد ق
امرأة بمثل وضعي؟ امرأة ناعمة كالوردة لكنها بل خبرة تؤقهإلها
للحفاظ على وريقاتها حتى من رعشة النسمة؟ كيف أزرع الثقة في
نفسي؟ كيف أثبت لقمي وأبي أقنني الكفء لتحقمل هإذه المسؤولقية؟
التي اقتسعت أمامي وبدأت أشعر بثقلها كقلما جلست إلى نفسي؟! هإل
أتراجع؟ هإل أركض إلى غرفتيهما وأرتمي بين ذراعيهما مثل طفلة
خائافة تطلب حمايتهما من المجهول فأقع ثانية فريسة لسيطرتهما
وتسيير حياتي كما يشاءان؟
لم أشعر بهذا السى والرعب حين واجهتهما بقراري ،لكقنني وأنا
أواجه نفسي أدركت كم تكون مواجهة النفس صعبة،
102
والحتكام لعقل -مثل عقلي – لم يسبر خبايا الحياة بعد ول يخلو
ب صعابا .رأيتني وحدي في نفق معتم ليس فيه من اضطراب وتذبذ ة
غير بؤرة ضوء وحيدة وبعيدة يتسقرب منها إلى سمعي شقشقة
عصافير حزينة وهإدير أمواج ثائارة .وما بين البين تسحرني أشجان
نايات وثغاء خراف صغيرة سارحة في البراري.
وحيدة أققلب بأساي وأعاتب نفسي :هإل تتلقبسني فكرة النتقام منها؟
هإل أصاب روحي التوقحش فغدوت مثل لبؤة تريد افتراس من
أصابها بسهم أو طلقة رصاصة؟ شعرت بأنني تسقرعت في طريقة
إعلمهما بقراري ،وقد يكون انفلت من مكمنه لمجقرد التشقفي من
ظلمهما القديم وليس من منطلق الثقة والقدرة على مواجهة الحياة
ض معركتها بعد ،والتي هإي بالتأكيد أقوى من عوديالتي لم أيخ ط
ي وأوسع من خبرتي اللشيء. الطر ق
لم أستطع أن أنام ،خقيم الصمت على الغرفة ،ربض على قلبي،
شعرت بأوداجه تنبلق وتشمت بي وفي داخلي يربض شيء تجاه
أقمي وأبي يثير شفقتي عليهما ويؤقكد لي أقنهما لم يناما بعد .وأقنهما
المهانان يذرفان دمواع أليمة تجعلمها رقبما يتمقنيان لو لم يمت
العجوز لظقل مستورة في قصره – القبر – ول أولد ولدة
103
جديدة تحاول أن تخترق بنزقها قانون البقوة والمومة والمجتمع.
-ادخلي يا نادية.
فاضت نحوي رائاحة غريبة ل أدري أين شممتها! هإل كانت رائاحة
أول طفل لخي خاراجا للتقو من رحم إيمان؛ أم رائاحة صدر اختمر
بالحليب أو ثغر مليء بالقبلت؟ رائاحة أشهى من أيذ شيء شممته.
رائاحة أبوين تفقك مشاعرهإما الرحومة أغلل مشاعري المتجقبرة،
بتحقررني لندفع إلى فراشهما حيث يتلصقان بكقل معاني الح ق
الذي ربطهما بخيوطه الحريرقية .وجه أمي المحزون أنبأني أقن
دموعهما مازالت تجيش في صدرهإا .أبي الشتد جأاشا مسحت
ابتسامته بعض ظلل حزنه .أوسع لي بالفراش مشيارا أن أجلس
ي حزين:وسقرب صوته مثل نا ة
104
لم أنبس . .كنت خجلى .أحتاج لدهإر كي أخقفف خجلي.
واصلت أقمي عتابها:
اندفعت إلى صدر أبي ،انفرط غيم دموعي هإائااجا ذارافا كقل ملحه،
ذراعه اليسرى أحاطت بكتفي ويمناه تعابثت شعري بحنان افتقدته
أربع سنوات ،وصوت أقمي الكابح نشيجه يغمر لحظتي:
أقمي أقكدت:
تأقكد لي كم كنت فقيرة الخبرة سريعة القرار .هإا هإو أبي بكل ما
منحته الدنيا من خبرة وسقاه ا من حنان يققدم الحدل المناسب الذي
يحققق لي ولهما الراحة والسعادة .شعرت بالفواصل كقلها تذوب،
الصخور العالقة تتفقتت ،التعالي الذي ارتكزت عليه بحماقتي ينهار،
والزمن يغدو جميلا حتى لكأقنني شعرت بالفجر يشرق قبل أوانه.
صوت أقمي الذي خلع حزنه وارتدى ثوب الرتياح يزغرد في
أذني::
)) -خلص . .من بكره طوف على هإالسماسرة بتلقيهم أكثر من
الهقم على القلب ،وشوف لها عمارة((.
أبي قال مالك والحمدل كثير ،ولم يقل المال . .أقمي قالت شوف لها
عمارة ولم تقل شوف لنا عمارة .أشعراني بحققي وبسيادتي .هإل كان
من اللئاق أن أستغقل مكانتي وثرائاي لتصقور أقنني ))ولقية نعمتها
والحاكمة بأمري؟(( .انهمرت على صدر أقمي ،تنقفست عطوره،
س في شرايين الم وتنهل رضاهإا .ثم تلقذذت بكوني طفلة تند ق
اندفعت نحو وجهها أغمره بقبلتي المنقداه بدموعي ،وهإي تشهق
ببكاء فرح وترقدد من أعمق عمقها:
***
107
صة لدعوات القمهات .يهقيئها للتحقققيفتح ا كقوة في السماء خا ق
ويرقشها مثل غيمة حبلى تساقط خيرهإا علينا .هإكذا عقوضني ا
خيارا كما طلبت أقمي .لم أكن وأنا المخنوقة في قصر العجوز أشعر
ي طعم للمال ،ول كنت أتصقوره الهبة الضرورقية للحياة ،لكقنني بأ ق
بعد أن تنقفست حقرقيتي أدركت ما الذي يمكن أن يحقققه للنسان .لقد
صار المفتاح الكريم الذي فتح لي أبواب الحياة المغلقة والسعادة
الغائابة .وصار أبي الذي أوكلت إليه إدارة ميراثي الدقفة التي توقجه
كل السفائان نحو جزر الحلم التي تمقنيتها .اشترى لي عمارة
رائاعة من سقتة أدوار تطقل على بحر منطقة ))القشعب(( .حين رافقته
أقمي لنراهإا أقول مقرة أسرعت إلى المصعد ملهوفة .ناداني:
لم يتباطأ المصعد بنا ،كان وهإو يرتفع أشبه بجناح طير خرافقي
يحملني إلى السماء السادسة ثقم يفتح لي باب جقنتي الصغيرة.
108
اندفعت إلى الزجاج الممقد بطول الصالة وعرضها ،كان به قايا دافاقئا
وكأقن الشمس اختبأت فيه ولم ترحل ،ألصقت وجهي به ،رسمت
أنفاسي دائارة من البخار ،مسحتها وأرسيت نظري نحو البحر ،كان
شديد الثارة ،هإائااجا ،ترقص أمواجه وكأقنها تحتفل بقدومي .أذرع
النخيل المرصوصة على الرصيف المحاذي للبحر تدفعها القريح
س بها تهديني تحقيتها وعطر قلبها والرمل اللمع يعدني تجاهإي فأح ق
بأن أكون سريارا ناعاما لحلمي .تطايرت في الشققة مثل فراشة ل
طط ط .أقمي وأبي يتضاحكان وأنا أهإزج بصوتي أخ ق تدري أين تح ق
للشكل الذي ستكون عليه) :هإنا سأضع أريكة عريضة مواجهة
لوجه البحر ،هإنا سأعلق لوحة كبيرة لمهرة تركض في البراري،
هإنا سأضع مكتبة صغيرة ومكتبي الذي سأدرس عليه ،وهإنا . .
وهإنا . .نباتات خضراء واقفاص عصافير وشمعدانات من كل
الحجام(.
109
قديم ،تتكالب نحوي أدمع وألسنة كل الشياء التي أمقتها ،تفرض
حضورهإا البشع .وجدران القصر المكقفنة بالورق المذقهإب
والخشاب المنقوشة القداكنة تضغطني ،شعرت بالختناق ،قفزت
بطلبي إلى أبي وأنا أنفض الرماد العالق بي:
اعترضت أقمي:
كهربني افتراض أقمي ،لم أكن شفيت بعد من جروحي ،ول الجسد
أتقم اغتساله من وباءات ذلك السرير المريض .كيف تفقكر القمهات؟
ألن أفرح بشبابي إلق إذا اقترن برجل؟! لم أعط أقمي فرصة لتزهإر
بأحلمها النابتة ،هإربت نحو المطبخ متظاهإرة بأقنني لم أسمعها.
سبقتني إليه ،انتصبت أمام بابه ،فردت ذراعيها بطولهما لتمنع
دخولي ،فاض إصرار حنون من كلماتها:
110
أسعدني اقتراحهما ،فهي تعلم جهلي بأمور الطبخ ،وسترحيني بذلك
من روائاح الطعام التي ستفسد علقي عطر الشققة ،ولم يكن شأن
الطبخ وحده الهقم الذي شغل بال أقمي ،فبعد تجقولنا في الشققة أبدت
رغبتها واقترحت علقي:
)) -أنت لحالك راح تتعاملي معها ،مافي عجوز يدقلعها ويفسدهإا((.
111
للخادمات ،حتى سريري لم يسلم من نزوة جورجيت التي تمقرغت
عليه أمام عيني.
112
الجدران موسيقى ترسم عليها لوحات متحقركة ،صوت الثاث
أنفاس عرائاس لم يفقدن بكاراتهقن بعد.
أصحو كقل يوم كما النحلة أعوف روائاح الحلم المتخقمرة على
وسادتي .ألصق الزجاج المطقل على البحر ،أستقل شهياقا عمياقا
أحصد معه رائاحة البحر ولونه ،أختزنهما داخل رئاتقي ،أح ق
س
وكأقنني اصطدت ألف سمكة صغيره وهإقيأت لها قلب بحيرة زرقاء.
أنحدر إلى شققة أقمي ،تستقبلني رائاحة التوست المحقمص ،الحليب
بالهيل ،وطبق البيض -البريشت – ينتظرني حااقرا .ألتهم فطوري
على عجل .أقمي تفرح بشهقيتي ول تواري خوفها:
113
بفرح يضاهإي فرحي:
)) -كلي . .ل تخافي السمنة وراثة ،وأنا وأبوك عودنا رفيع((.
كنت موقنة أقن حسرة أقمي لن تروح .كان الكلم أحياانا يفلت
114
منها ويفضح تلك الحسرة .يوم أكملت تأثيث شققتي دارت فيها.
أبدت إعجابها بذوقي وتنقهدت:
)) -شو مفتكرة هإالساحة حديقة قصر! يا دوبها اتكقفي شوقية نباتات
وزهإور((.
)) -ما بطيق أشوفه . .داياما بتزقكر كيف تجقرأ وجلدك بالصوت((.
-ل تقطعي رزق الرجل . .أل يكفي أقنه رفض القصر واختار
العمل عند ابنتك؟
115
تزجره أو تضاعف العمل عليه وكأقنها بهذا تنتقم لي من فعلته
القديمة.
لم يتركنا عطقية منذ أن تركنا القصر ،ظقل يترقدد علينا في بيت أبي
وكنت أفرح بزيارته ،بصوته ،بذلك اللون الغريب الذي يطفو على
وجهه حين يراني ويلقح في كل مقرة أن يؤقدي لي ولهإلي أقية
خدمات .وحين ققررنا النتقال إلى العمارة وجدتها فرصة لتحقيق
رغبته .أوكلت إليه جلب عقمال لتنظيفها وعليه مهقمة الشراف.
فأصقر أن يتوقلى بنفسه كل العمل .لم يكتف بهذا ،بل اهإتم اهإتمااما
شديادا بأثاث أقمي القديم الذي أصقرت عليه وحاذر أن ينخدش منه
ولو عود صغير رغم يقينه أقن أقمي ل تحبه .آلمني أن تنقل أقمي
عفشها القديم ،تمقنيت أن تجقدد كل شيء وهإي تنتقل إلى مكان جديد،
حاولت إغراءهإا:
)) -مش كفاية راح أغقير البيت؟ عفشاتي هإذول فيهقن كل ذكرياتي
مع أبوك .وا ما بغقيرهإا((.
116
-يا أقمي مش معقول! حتى هإذه؟
ضقمتها إلى صدرهإا بحرارة وكأقنها تضمني أو تضقم أبي .بكت
وهإي تقول:
)) -شو بيعرفك إنتي بقيمتها؟ هإاي أقول غلية عملت فيها قهوة
لبوك .جبتها معي من حلب((.
ي شيء كدت أفرط بالبكاء .ماذا حملت أنا من القصر؟ لم يكن فيه أ ق
عزيز على قلبي .حتى مصاغي الذي حملته كان لمجقرد إحساسي
بأقنه جزء من ثمني .أتعقمق بعشق أقمي لحاجقياتها وتمقسكها بها
ي شيء بأ ق فأحزن لقنها قذفتني إلى القصر ولم تمنحني فرصة لح ق
س مثل إحساسها .لهذا ققررت أن أقيم علقة ودودة بيني فيه فأح ق
ليتهاب أقمي غ قوبين أشيائاي الصغيرة والكبيرة وأحقبها كما تح ق
المثقوبة.
حين أنهى عطقية عمله ،ققدمت له مظروافا حشوته بمبلغ كبير.
لم تمتقد كقفه ليأخذه .أصررت عليه:
-خذ يا عطقية هإذه إكرامقية بسيطة.
لمحت وجهه مثل غيمة ترذرذ دموعها .وشجاني صوته القرخيم:
-سقيدتي . .إن كنت تنوين إكرامي فاقبليني عندك حاراسا للعمارة.
فوجئت! كيف لم أفقكر بهذا المر؟ حتى عندما سألتني إيمان ماذا
ي اهإتمام به .هإو الن يفتح بقوابةستفعلين بعطقية لم يحقرك سؤالها أ ق
أخرى قد تأسره ثانية في مدار زوجة القسيد .حاولت أن
117
أفهمه هإذا ،وأن أشعره بأن يكون ح قارا ،لكقنه أخذ يرجوني فأحسست
بتشقبثه بي صاداقا .وتساءلت في داخلي :هإل يخشى مواجهة الحياة
وغربة ل يدري إلى أين تنأى به؟! أم لقنه يريد أن يكقفر عن ذنبه
القديم أو . . .هإل هإناك سقر آخر أجهله؟! فرحت بطلبه ،ورغم أقنه
كان بعض ميراث سنوات القهر التي أردت أن أدفن كل ما يذقكرني
صصت له راتابا شهر قايا عالايا بها فإقنني بحماس شديد رقحبت به وخ ق
أفزع أمي ،اعترضت فشجبها أبي غاضابا:
-ليس لهذا السبب يا أبي .أنت تعرف أقن نايف وهإبه مبلاغا كبيارا،
إقنني فقط أققدر له وفاءه وتفضيلي على القصر الذي ولد وعاش فيه.
***
118
لم يكن فرحي محصوارا بالحرردية ول بالشققة المطقلة على البحر كما
تمقنيت ،ول بدخولي الجامعة وتمقيزي بالنجاح المتواصل ،ول
بالصداقات الجديدة التي اخترت منها ما يتناسب وطبيعتي وقد
جعلت شققتي تضاء بالجلسات الحلوة الغنقية بالحاديث والضحكات
والطرب .كان ذلك الشيء الغريب الذي تسقلل إلى قلبي جسوارا
ضا قاحلة ،تققلب تربتها ،تقتل ديدانها جمواحا كحوافر خيل تد ق
ك أر ا
وتبذر شتلت نادرة علقي أن أصونها من التنافض والتناثر.
ب في خطوته الولى .شيء كنت أجهل حدائاقه حتى هإكذا مقسني اليح ت
دخلت فأدركت أقن جمال الحقردية والحياة ل يكتمل إلق بهذا النور
الساطع الذي يجلو عن الروح صدأهإا ويعققمها .كنت قد قفزت
بامتياز إلى السنة الثالثة حين سطعت شمس الحب لتفرش ظللها
بيني وبين أستاذي د .جواد .لقد اعشوشب في طين قلبي نبت
أخضر ،امتقدت أغصانه وفردت أوراقه كل نعومتها وعطورهإا
ف بهذا . . .أخذ ييفيق جسدي الخامل ،فبدأت على وجهي .لم يكت ت
أشعر بترقرقات الجداول وعزف القنايات تثب إليه مثيرة تلك
القرعشات التي تفاجئه وتهرشه بأصابع النشوات الحمقى.
ق ،ول جسادالم أكن أدري أقن لي قلابا فيه أجراس ذهإبقية تلمع وتد ق
تفور سواقيه بالقرغبات .أحاسيس جديدة قلبت ميزان حياتي وأيقظت
صمت السنين .كنت جاهإلة بكيفقية التعامل مع هإذا الطارق الملحاح.
وكنت بحاجة لمن يقتادني في القدهإاليز التي بدأت أقدامي تطأهإا بل
طوق ول حذر.
119
لم يكن بعد قد كاشفني بالذي يخفيه داخل قلبه ،لكقنني أحسست به
ف التي ل تضقل طريقها إلى من تلك النظرات الوالهة ولمسات الك ق
كقفي وإن في غفلة منه .كان احتضانه الرقيق لحضوري دون كقل
الطلبة والطالبات يبهجني ،يؤقكد لي أقنني الثيرة .فحين يراني يلهف
وتغقرد عيناه ،وحين أغيب يعاتب عتب من استوحش الغياب .وكنت
مثله أعاني الوله والوحشة.
امت ق
طت الشهور بيننا . . .كان الحب يتنامى ،يتأقلق معلانا خباياه
ض على بطرق شقتى لكقننا نخادعه بلعبة الصمت الزائاف .كلنا يع ت
عواطفه وسقره وكأقننا ،رغم وضوح الشارات ،نخشى من صدمة
تطيح بالواحد بعيادا عن الخر .كنت أتحقرق بانتظار أن يخرج من
ضا للخروج فإقنني تمقسكت بإحجامي ثاع صمته ،ورغم تحقرقي أي ا
عن إسقاط لثام القلب ،فلعقلني رغم كل ما يتأقكد لي من هإيامه قد
أخطأت تفسير الشظايا الناعمة المتناثرة إلقي فتكون عندهإا رؤوس
سكاكين حاقدة وجارحة .هإكذا صبرت على شوكي وشوقي بانتظار
أن يتحقرر من صمته ويهديني زهإور اعترافه.
لم أيأس . .ولم أفقد المل حتى جاء ذلك الصباح الشتائاقي الغائام،
فقك عقدة لسانه واعترف .لحظتها شعرت بكل الغيوم تتمقزق وترش
ص الرواء بل شبع. ماءهإا الغدير على الرض العطشى فتمت ق
أحسست بسيقان زهإوري تخضر ،بالبراعم تنبت ،صرت الوردة
التي تفتح وريقاتها كثغر مقسته قبلة عاجلة .أشهرت له عواطفي،
نثرت عليه ضياء شموعي ورفيف مشاعري بل ترقدد وبل خوف.
ب يدفعني أن أتخقفف من ثقلي،
كان امتلئاي بالح ق
120
ب كل المكان .غادرت أتخقلص من زفير صمتي وأترك لشهقة الح ق
مكتبه مثقلة بالفرح ،كيف يكون الفرح ثقيلا بوزن أطنان الحديد!
يومها ما كنت قادرة على احتمال تلك الطاقة وحدي .احتجت لفضاء
يقتسع لحديدي ،ويهقدئّ زلزالي ،يشملني برعاية مطقوقة بالحنان.
ك((؟
)) -ما في حدا من زملئاك أو أساتذتك معجب في ت
س باهإتمامه و ..وقده.
-هإناك أستاذ أح ق
ت؟
-وأن ت
121
نطقتها أقمي بلهفة وانتظرت رقدي ،وحين لم أجب دفعت بسؤالها
المفاجئ:
)) -بتحقبيه((؟
تغقمم قلبي .تطقوحت شجرته فلم أشأ لوراقها أن تسقط عند أول
ضربة .ابتعدت عن حضنها وكأقن رياحا عوت من داخله ،نظرت
إليها ضاغطة على غضبي المستعقر داخلي:
نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن
) (1مزج بين كلمتي فاجأني وفجعني.
122
-يا أقمي . .أنت رأاسا تفقكرين بالزواج .والح ق
ب . . .ماله قيمة
عندك؟
هإقزت كتفيها:
رغم غضبي المكتوم لم أحقد ولم أندم أقنني صارحتها .كنت أققدر
مشاعرهإا وخوفها ،ومها كنت في قلبها البنة الغالية ،فأنا بنظرهإا
ونظر المجتمع القاسي مجقرد أرملة شاقبة معقرضة للشبهات
والقاويل .كان من أوسع أحلمها أن أحظى بمن يعقوض قلبي
وشبابي ما حرما منه وأنا في قفار ذلك القصر اللعين .لكن اتساع
الحلم لم يققلل من مساحة الضيق الذي شعرت به أقمي تكشف عن
أفكارهإا وتيطؤطولتيلها على فرحة قلبها وهإو يستقبل بشارتي الولى.
شعرت بصخرة مدقببة تنتأ في حنجرتي .لملمت زفرات ضيقي
.الحالك وصعدت إلى شققتي لعل ربابات صمتها تفقتت تلك الصخرة
هإل جلبت الهقم إلى قلبي ليدحر الفرح الذي تعقبأ به؟ هإل أخطأت
حين صارحت أقمي رقنات قلبي؟ لمن إذن خلقت قلوب القمهات
رهإيفة؟ أليس لتكون المخمل الذي نتمقرغ عليه بأفراحنا؟
والفضاء المن الذي تكبر فيه أجنحتنا ويلتقط متاعبنا؟ كنت أريدهإا
عوانا وما حسبتني بلجوئاي إليها قد هإقيأتها لتقبض على
نننننننننننننننننننننننننننننننننننن
.تعطيها الولوقية )(1
123
صص على أ ق
ي البواب تندس فيها. مفاتيح حقرقيتي الذهإبقية وتتل ق
***
لم ترحمني أقمي .لم ترأف بقلبي ولم تشفق على روحي وهإي
تلحقني بعبارة ))أنت أرملة . .هإقمك أكبر من هإقم البنت(( ولم تكن
تخفي نقمتها على ذلك الجواد الذي جمحت إليه وهإو بعد لم يلقوح
براية بيضاء وفستان أبيض! تسألني عن دقائاق حياته التي ل
أعرف عنها شيائا ،ول اهإتممت بنكش خزائانها ،فاجأتني مقرة بسؤال
اخترقني كالسهم)) :هإل هإو متزقوج(( .ألهب السؤال فضولي الراقد
فتحقينت فرصه وألقيته على جواد .كنت مثل التي تلقي
124
بسقنارتها إلى البحر وتأمل أن تعود إليها فارغة بل ثقل ،لكقنها
اصطادت الرقد الثقيل وامتعاضه:
كأقنني صببت عليه ماء النار وطعنته في رجولته ،احتقن وجهه بدم
أزرق ،ارتعش صوته ارتعاشة خشنة عبقة بالستياء:
125
تصقورته سيلق بي ليعتذر عن خشونته وحين لم يفعل أدركت أقنها
غضبهة الحليم.
لم أهإدأ تلك الليلة .تناوبت على عقلي أفكار سوداء وكأقنها أسراب
ذباب حائار)) :كيف يعيش رجل وسيم مثله بل امرأة؟ هإل هإو من
ب خفيقةة عين الزوجة هإي
أبعد زوجته أم تراهإا قد هإربت من عيو ة
القدر على اكتشافها؟ وغن كان قادارا وصابارا على بعد زوجته
فكيف يصبر على فراق طفله الصغير المحتاج لرعايته؟ هإل
عاطفته قاسية للدرجة التي ل تحقرك مشاعر البقوة ودفئها؟ كيف
يعيش وحيادا؟ أين يفرغ طاقاته البشرقية وحاجات الجسد؟ هإل
يستعيض بح ق
ب النساء وما أنا سواء واحدة من القطعان المنجذبة
إلى مزاميره ومراعيه((؟
126
صارم حين يأتي أحدهإم متأقخارا أو تتناهإى إليه ثرثرة من المدقرج.
كقل هإذه الصفات كانت جاذبة لفراشات غيري يلحقنه ،يعتقذرن
بالسباب ليطيل الوقوف والحديث الباسم معهقن .لكن عينيه كانت
ك الحصار عنه، تسريان تجاهإي حيث أكون قريبة بانتظار أن ييف ق
يسبقني إلى مكتبه .أفهم إشارته وألحق به.
***
قسا علقي جواد . .عقذبني صقده ومعملته الجاقفة .أهإملني و:اقنه يقصد
تلقيني دراسا بأن ل أحشر أنفي في خصوصقياته .أعطاني دون أن
أرغب فرصة لتقليب وضعي معه ونسج قرارات للنفاذ من دائارته.
س بتوالدس ملمسها متيانا في الليل وما إن ألمحه حتى أح قكنت أح ق
العراس والطبول في داخلي فأدرك كم هإي هإقشة حبال القرارات
ب بتضاريس قلبي البكر واستيقظت رغبات بعد أن استفحل الح ق
الروح .تناوبت علقي الليالي بصمتها وأنا أتققلب بفوضى مشاعري.
أترقنح ما بين الحقبين له ولقمي .ما بين
127
خوفها علقي وخوفي من جواد ومن القيام القادمة التي ل أسبر
سفائانها ول أطال أشرعتها .وكم تمقنيت لو ترجح كقفه اختياري
ب كانت جارفة .انعطفت معها بكل باتجاه أقمي لكن سطوة الح ق
احتياجي المستيقظ النهم .تآزرت مع قلبي ضقد أقمي ،احتملت صقد
صخرقية .وحين فاض جواد عشرة أقيام بغبشها السود وآلمها ال ق
ي لكقنني
صبر قصدت باب مكتبه مثقلة خطا ط صخر وال ق بس ال ق
استعرت من ريش قلبي أجنحة لطير .طرقت بابه وطرقات قلبيي
تسبق كقفي.
التفت نحوي نصف التفاتة وعاد لوراقه يققلبها وكأقنه ل يبالي
بحضوري .رغم مهانتي اقتربت .القيت تحقيتي ،رقد عليها دون أن
يلتفت ،احتملت إهإانته ،هإمست له بإعتذاري ،قصدت اختيار كلمات
تكون مؤثرة ،عندهإا انتصب واقافا .شاعت ابتسامته ،توقرد وجهه،
لم أحقسها ابتسامة فرح بعودتي بقدر ما كانت ابتسامة تكشف عن
انتصار رجل كان بانتظار حارق لهذه اللحظة ،انتصاره ))أقدبني((،
انتصاره لقنه تماسك وأمسك بعواطفه لتجيء إليه المرأة ضعيفة . .
معتذرة . .يعبق وجهها بآثار السهاد والشوق ،ويتدقفق صوتها
بالتوقسل المهين الطامع بالصفح .لم أفرح حتى عندما أمسك بكلتا
ي وشقد عليهما .لم أشعر بذلك الدفء ول ألمان .ولم استطع يد ق
التقاط كلماته الرقيقة فقد ضقلت طريقها إلى روحي .كان في داخلي
شيء أشبه بالمكواة الحارقة جعلني أشقم رائاحة هإزيمتي الولى
ي قرار لقطع أمامه .رغم هإذا شعرت بأقنني عاجزة عن اتخاذ أ ق
علقتي به .فأقيام القطيعة العشرة سامتني عذابها ،نهشتني أنيابها
ول تزال آثارهإا مغروزة في لحمي.
128
ب .وصار جواد أكثر جرأة .يدعوني إلى تمقكنت مقني حالة الح ق
المقاهإي والمطاعم فأستجيب .يطلب أن أصاحبه في زياراته لبعض
أصدقائاه المتزقوجين فأنساق لطلبه بغية إرضائاه .استسلمت له
يذيقني بعض طعوم فاكهة الحب ،سمحت بأن يحضنني ،أن تتسقلل
كفه تعبث بشعري وعنقي ،أن تمس شفتاه صفحة وجهي ترعدني
فأبرق مثل نجمة لمسها القمر .أقما الليالي ،فقد كانت تمضي
وأسلك الهاتف تتخقدر من أعسال الكلم وعصائار الوجد المنقوعة.
صعة بكقل ما يثير كان صوته العذب يتسقرب إلقي بآيات العشق المر ق
ض مضاجع الحرمان فاستحقم من شغفي بعرقي وفيضان ويق ق
صن. البواب المغلقة التي لم تألف السريان ول انبثاق الندى المح ق
كنت سارية في لقجته الهئجة المائاجة ،بدأت أكذب على أقمي كي ل
تفسد فرحتي وتطفئ رقناتها ،صرت أتسقلل في الخروج والعودة.
وحين ضقيقت خناقها ابتعدت وسائال للفكاك منها ،صرت أضقللها،
أترك سقيارتي مركونة في كراج العمارة وأخرج حيث ينتظرني
جواد بسقيارته في الشارع الجانبقي ،لم أغفل أقنها قد تصعد إلى شققتي
وتكتشف غيابي ،صرت أكتب ورقة وألصقها على الباب ))أنا
نائامة أرجو عدم الزعاج(( .ولم أنس أن أنقبه عطقية كي ل يخبرهإا
بخروجي .وجقدته يتحقمس لمساعدتي.
ش الطفال داخل الخيمة لحظة خروجي ،أحسست بأقنه ينتقم كان يه ق
ق
من أقمي التي ظلت كارهإة لوجوده .سألته ذات صباح وأنا أتشقمس
في الساحة:
-لماذا تساعدني؟
129
قال باندفاع لهإف:
-لقنني . . .
صرخت به:
أرخى رأسه ،أغمض عينيه ،شعرت بأقن تحت جفونه دمعتين بحجم
حصوتين عصقيتين على السقوط .ما إن فتح عينيه حتى سقطت
الحصوتان وكأقني ألمح بخارهإما الساخن يتصاعد .وفي فورة إشفاق
عليه مددت أصابعي وسحت دموعه .فوجئت به يشقد كفي يمقرغ
وجهه عليه فتصيبني رعشة ساخنة لكقنني لم أشأ أن أقطع عليه
لحظته ،كنت أتأقلم وأبتلع اللم حتى رفع عينيه وأنشد بصوته
العذب:
س إقني تحقررت((.
)) -ألحين أح ق
***
131
فاجأني أخي تلك الليلة .كان الوقت متأقخرا لكقنه بقرر حضوره:
لم أتوقجس شاقرا .توققعته خلافا بينه وبين زوجته ،وكلعادة يلجآن إلقي
لمصالحتهما؛ لكن إجابته الودودة حين سألته عنها أقكد أقنهما على
صني. وئاام .نظراته الهاربة مقني أوحت بأقن المر يخ ق
خقمنت اقنها شكوى من أقمي بسبب هإروبي منها فأعددت نفسي
لمجابهة شكواهإا بشكواي منها حارصة ألق أفشي السباب ،لكن
أخي الذي عرج بحديثه إلى الجامعة والدراسة والزملء ،فاجأني
بما هإو أبعد من ظقني:
وجف قلبي .هإل لسبب ذكر حبيبي أم لخوفي مقما يتخقبأ ظهر
السؤال! جاهإدت أن أنتقي إجابة اعتيادقية ل تفشي ما يتعارك في
داخلي:
-ما قصدك؟
132
تنقهد أخي غير غافل مراوغتي له .حقدق في عينقي ثقم:
صمت كمن يشحن نفسه بمزيد من الشجاعة .كان قلبي مستقمارا في
وجيفه ،لكقنني استطعت أن أنبس ضاغطة على صوتي كقي ل
يتلقمس ارتعاده:
133
لم تخف حقدة خفيفة في صوته:
-كيف عرفت؟
134
-لي أخت اثق بها وأتمقنى ألق تخسر ثقة أهإلها بها.
لم يضف أخي كلمة .لم يثقلني بالتحذيرات والوصايا كما تفعل أقمي،
لم يذقكرني بأقنني أرملة وبأقن للناس آذاانا وعيوانا وألسناة .اكتفى بأن
يسقط حجرة صغيرة في بركتي لحقدق في دوائارهإا وفقاعاتها،
أتحقسس جدرانها السمنتقية ،أتأقكد من حواقفها إن كانت صلبة أو
مثلومة .لعقله قصد أن أكتشف بنفسي إن كانت البركة صرحدية
فأواصل السباحة فيها .أو أفقر من جوفها المطحلب كي ل أغرق في
العفن.
قبل أن أغلق الباب جرؤت وطلبت منه سيجارة .أشعلها دون ترقدد .
.ققدمها وهإو يبتسم:
135
ذات مقرة طلب أن يزورني في شققتي ،حين ابديت استغرابي
وترقددي استخدم الغراء بكلمه – المعسول – كي يقنعني:
-أريد أن أرى أين تنام حبيبتي حيث تحلم بي ،أين تجلس وهإي
تهامسني بالهاتف ،أين مكتبها الذي تدرس عليه ،والبانيو الذي
تستحقم فيه ،أردي كقلما اشتقت إليك وفكرت بك أن أحتويك أنت
والمكان.
-في شققتي.
136
-أنت ضعيفة الشخصقية .تستبقد بك أقمك ول تدافعين عن حقوقك.
الن فقط وأنا أستعيد ذلك اليوم ،ألوم نفسي ،أيقنبها .كان يجب أن
أعلمه برفضي الصارم قبل أقمي .كان يجب حين وصفها بالمستبقدة
أن أثور وأدافع عن حققها -الموقمي – بالخوف علقي لكقنني لو
أفعل .بدوت أمامه ضعيفة يستبقد بمشاعري .كل ما هإقمني يومها
تهدئاته وامتصاص غضبه ،بل تماديت وحنقت على أقمي التي
تسقببت في تعكير مزاجه فعاندتها وواصلت علقتي به ضاربة
بخوفها .وهإا هإو أخي بخوف حنون يدعوني أن أكون حذرة من
القسراب.
ثقم ماذا يا جواد؟ إلى أين ستدحرجني أنانقيتك بعد محيط سرابك؟
لعقله السؤال المغقيب الذي طكطمطن حتى يؤون له النفلت.
ل ،فل يزال جواد يسبح في دمي، للعناد لقذة! .لكقنه لم يكن سه ا
يحاصرني في صمتي ،ينثر عطره ،صوته ،وصورته ،فأتوققد حيانا
طع ،ويولول قلبي من الشوق ،كانت فترة التناسي أشقى من إليه ،أتق ق
صبر وذبت في الليالي ،سفحتقهر القصر ،أنهكني ال ق
137
من مياه عيني دمواعا أملح من ماء البحر ،وانطويت بجوع روحي
كما الدودة المرشوشة بالمبيد .أسبوع كامل وأنا أكابد لكبح
جماحي ،لكقنني ما عدت قادرة على لجم شوقي المحتدم كالثغر
المفتوح .أمسكت بالهاتف ،أطلقت أصابعي لتدير رقمه والخوف
يرقجني :ماذا لو أغلق بوجهي؟
ظقل الجرس يرقن مسعوارا وأنا بولهي المجنون أنتظر .تكقرم أخيارا،
رفع السماعة ،بادرته:
لم أتمالك .انهمرت عليه بكقل أوجع صبري وألمي الذي وصل حقد
الدماء .بثثته كقل عواطفي لر ق
طب دروب الوصل التي
138
جقففتها بعنادي لبعض الوقت ،نثرت ورودي ،فقجرت رعودي،
وأطلقت بروقي مستسلمة لنشوتي المضاءة بع انطفاء.
بعد تلك القطيعة والعودة .تغقير جواد أصبح أكثر إلحااحا أن أخرج
معه ،أن أقضي الساعات لوقت متأقخر ونحن نتجقول بسيارته في
شوارع المناطق المعتمة .وذات ليلة ابتعد بي إلى منطقة بعيدة
قاحلة من الحركة مسكونة بصمت موحش .كان الظلم مريابا
والشارع ضيقاقا ،أصررت أن أخرج من المنطقة قبل أن يفاجئنا
رجل مباحث أو سقيارة شرطة .ضحك من سذاجتي ،شقدني إلى
عنوة وحاول التقام شفتقي .بعنف أبعدته عقني فصرخ بوجهي:
تحقديته:
سخر مقني:
139
-أنت شاقبة وجميلة . .حرام أن تدفني شبابك وتحرمي جسدك.
-لن أترقدد إن جاء ابن الحلل الذي يستاهإل جمالي . .و . .
حرارتي.
-أنت مغرورة.
بثقة أجبت:
انتفض وكأقن صبره فاض به ،هإرس دقواسة البنزين ،شفط فالتقطت
عيناي انتفاضة قطط راقدة أفزعها الصوت .كنت خائافة من
السرعة التي انطلق بها عبر الشوارع لكقني ما جرؤت أن أطالبه
بالتأقني ،خشيت أن يستغقل خوفي ويضاعف السرعة فأموت.
لحظته يوقجه دفة السقيارة إلى طريق غير طريق بيتي:
-إلى أين!؟
140
دفعتني النقمة عليه أن أصرخ:
ذقكرته:
بغرور وقح:
انكمشت دون كلمة ،شعرت بإهإانته توقظني أنا إذن واحدة من
القطيع.
ران الصمت كئيابا مثل دود ينبر بلحمي ،يتسقلى بنهشي ،فأتمقنى لو
أقذف نفسي من السقيارة وأختار موتي .لحظ ضيقي .مقد كفه
محاولا التقاط ذراعي ،فالتصقت ببابي مبتعدة عنه.
ت؟
-زعل ت
-بل يأهإنت.
141
-تعتبرين رغبتي فيك إهإانة؟
هإل تراه يخمد سؤالي أم يسقد ثقابا صغيراا حفرته فجأة في عقله
يخشى أن يفقكر فيه فيندفع بركان النار إليه؟ أم تراه ثقة الحيوان
الذي يتصقور أن ل رائاحة تجذب أنثاه إلق رائاحته!؟ رغم هإذا
خرجت الكلمة حاقده من لسانه:
142
عالاقا في حلقه ،كنت أصارع في بحر هإائاج لكقني استطعت أن
أصطاد قراري وأحذفه إليه:
***
وجدتني دون ترقدد أطرق باب أقمي فائاضة بخيبتي ودموعي .ل
شيء يطفئ حاجتي للراحة إلق قلب أقم . .مهما حمل من الشقدة إلق
أقن أرضه تظقل مفروشة بالوسائاد الرقيقة.
143
استقبلني صمت شققتي ،ل ضوء سوى الساطع من رأس الباجورة
الوردقية وذلك النافذ عبر الزجاج من أضواء الشارع.
أرخيت جسدي الواهإن على الريكة .أسلمت روحي مطواعة
للصمت المبثوث في كل الرجاء .هإو نافذتي الوحيدة أدخل إليها
أستلقي في أرجوحتها وأتركها تؤرجح الجسد المنهك والقلب
الدخان .لم أشعر بالصمت ثقيلا فما هإو إلق ضيف علقي والضيف
الحنون ل يثقل على المضيف .احتويته ،استرخيت فيه أنطوى في
ثناياه الحريرقية ،يغانجني بألوانه ،يهامسني بصوت أشبه بحفيف
أوراق مثقلة بالندى ،استكنت إليه بكل احتياجي للهدوء بعد العاصفة
التي شقنها علقي جواد .شيء كالغماءة بدأ يدغدغني ما كدت أشعر
ف تصفعني وتثوغ في بانتعاشه حتى هإجم علقي السؤال مثل ك ق
تلفيف لحمي ))ثقم ماذا يا جواد؟ عرفت الن أقنك أبعد ما تكون عن
ب الذي صار حقيقتي ووجودي .هإاجسك الجسد والمتعة حقيقية الح ق
تريد أن تحقرض الرملة المحرومة لتشق ستائارهإا وصير عشيقة
لك ،تريد أن تحقول عقفة الحب إلى وحل الخطيئة وأنا لست قابلة
للمتلك .كنت في ذلك القصر أرضخ لغتصابات العجوز
ورغباته المققززة وهإو يباشر جسادا خالايا من الحياة خاوايا من
الرغبة .وانت! وإن كنت الرجل القادر على إشعال كل فتائالي فلن
أهإبك جسادا ل يخضع لقانون المجتمع وشرع ا((.
اضطربت روحي ،توقرم الصمت فجأة فأورم حقدي .صار ثورة
ب في يمتقد كل سعيرهإا إلى جواد راغبة أن تحرقه ،هإل ييطفأ الح ق
لحظة أم تراه يكبو ثم يهب من هإول عثرته؟
144
نظرت إلى الهاتف الصامت .ماذا لو اتصل الن ليعتذر؟ ماذا لو
عاد يدفق شوقه الليلقي المسيل لشوقي؟ هإل أستسلم وأعطيه الفرصة
ليستقوي علقي ويقتادني إلى رغباته؟ هإل أتركه ينتصر وأنا التي
رغم ضعفي انتصرت على ذلك العجوز؟
***
145
سقلمني الطبيب ورقة الدخول وأقكد لي:
-مازحته:
-وعليك يا دكتور.
146
وقف يستعجل انصرافي وهإو يطمئنني:
-العملقية بسيطة جاقدا .لن تستغرق أكثر من نصف ساعة .ل تخافي.
ل أخاف!؟ كيف ل أخاف؟ هإل ثقمة إنسان ل يخاف؟ غادا يغقيبني بنج
ل أدري إن كنت سأصحو منه أم يسقلمني إلى الموت ،هإل أتجاوز
لحظة ضعفي وأتظاهإر أمامه بالشجاعة؟ لب سؤال في داخلي،
اقتربت منه ثانية:
عبس وجهه:
147
زوجاتهم وخسائار تجارتهم .لعقله شعر بما يخالجني ،خشي إن أطلت
بقائاي أن أفتح معه حواارا ل يعجبه ،استعجلني:
خرجت.
148
تيري . .لططم . .لططم(( يومها قال لي أبي ضحكت من خيبتي وتمقنيت
لو أقمك تحفظ دققتي كما تحفظ دققتك((.
149
نصعد إلى شققتي لتجقهز حقيبتي .سقمت بال ثلاثا قبل أن تر ق
ض فيها
ما أحتاجه :ملبس داخلقية ،قمصان نوم ،مناشف وشبشب ،فرشاة
السنان والمعجون ،فرشاة الشعر والكريمات .لم تغفل شيائا،
الراديو الصغير وضوء القراءة الذي أشبكه بالكتاب ،حتى روج
الشفتين والخدود مقما أثارني فضحكت:
)) -ما بدي أشوفك صفرا وبهتانة ،لزم تضقلي حلوة ومزهإزهإة((.
كان لسانها ل يهدأ .تناثل منه الدعوات حنونة ،ول أدري هإل كانت
يتطمئن نفسها أم تطمئنني وهإي تقول:
)) -ما تخافي .عملقية بسيطة ،بكرة بيرجع صوتك متل البلبل((.
-وأشارت إلى عصافيري التي كانت صامتة.
150
إلى السماء)) :يا إلهي وأنت جاهإي أح ق
ضر لك جهاز عرسك وأزفك
لبيت عريسك((.
***
151
كنت أعرف أقنني أنفخ في قرة مقطوعة ،لن تنسى أقمي أباداا ما سقببته
لنا الصدمة بجواد من عذاب ومرار ،ستظتل تحقد عليه وتكيل له
أدعية غضبها متمقنية أن تتعقكر حياته كما عقكر حياتي ذلك اليوم.
ل أشتك أن جواادا أحقبني لكن رغبته أن يحظى بي كانت أقوى من
ب ،وهإي التي دفعته حين استعصيت عليه أن يطرق الباب الح ق
الخير ويفاجئني:
-نتقزوج.
لم أصقدق ،أزهإرت العراس في داخلي ،شعرت وكأقنني أسقط فجأة
في بحيرة من الورد والغيم ،حاولت كبت شعوري المزغرد
والمجنون ،سكبت على لساني صماتا ثلجاقيا بينما جمرات الفرح
تستعقر في داخلي ،حسبني لم أسمعه فرفع صوته:
-أتسمعين؟ قلت نتزقوج.
طرت بفكري إلى صدر أقمي .هإل تسمعين ما أسمع؟ هإا هإو أخيارا
صه اليأس يطرق باب الزواج. بعد أن امت ق
تعقمدت أن أتمسك بصلبتي ،أن أبدو غير ملهوفة ،وأقن المر ليس
سهلا كما يتصقور ،لم أترقدد وألقيت إليه بحقجتي:
125
-ربما ل يوافق أهإلي ،أقصد أنت متزقوج و . . .
قاطعني:
-ما المشكلة؟ أحدل ا مثنى وثلاثا وربااعا.
مارست عليه سطوتي:
ضقرة؟
-وزوجتك؟ هإل سترضى بت ي
تلعثم ،حاول أن يواري عينيه عني:
-لن تعرف ،ول أريد لحد أن يعرف.
ظ اكفهراري فحاول أن خفق قلبي ،اضطرب وجهي ،ولعقله لح ط
يرققق من صوته:
-هإذه ليس علقة حتى تخاف ،إقنه زواج على سنة ا ورسوله.
نفخ مستااء:
يخاف على شعور زوجته ول يهقمه وضعي أمام الناس ،أردت أن
أكشف ما الذي يدور في ذهإنه وأصل إلى نتيجةة واضحةة معه:
153
-والحل؟
قذف إجابته كمن يقذفني برصاصة:
-نتزوج ساقرا.
154
ألوي ي
ت لفقر من نذالته ،شقد ذراعي وضغط عليها:
لم أدر كيف طارت بي ساقاي إلى سقيارتي ،ول كيف اقتسعت
لتوقرمي ،دست على دقواسة البنزين بقسوة وشعوري أقنني أدوس
ت وكأقنني أهإرب من أفعى شرسة.رأسه ،انفل ت
أقبل عطقية مسراعا فرح الوجه كعادته ليحمل حقيبة الجامعة الثقيلة،
خرجت من القسيارة ،أغلقت بابها بعنف جعل صوته المفزوع
ينطلق:
-خيطر يا سقيدتي؟
لكقنني تخ ق
طيته وحنجرتي المتشقنجة إثر الصدمة تأمره:
155
-اترك الحقيبة ون ق
ظف السيارة من الداخل.
156
سقري .آآآه ل شيء كالقم ،فإن كان مجرد خيط من اللهب يذيب
شمعة فليس أقدر من لمستها على إذابة صخور أوجاعي .كانت كما
الخيمة الؤوفة تؤوي عصفورة مقزقتها الريح ،تتلقمس أنحائاي كقلها
لتتأقكد أقن الريح لم تبتر مقني قداما ،ولم تكسر لي ذرااعا ،تحوفني
مثل شمس وتدفئني حتى تكسر جليدي .سال صمت لساني يسري
إليها بصدمتي ،توققعت أن تثور ،أن يشقن لسانها حملته الحمراء
على جواد ناسية أقنني بين يديها فرخة مذبوحة.
أف . .كم كانت ثقتي جاقفة بأقمي .فوجئت بها تحيد عن تذطكترته وعن
لومي وتحتوي تأقزمي ،تفرش حنان أجنحتها الرطبة ،تبقلل عصفي،
تغسل أساي ،وتقرأ ما يسعفها من آيات وأدعية بصوت يترقرق
بالخوف والدموع .حين سرى الدفء والمان إلى روحي هإمست
لها:
***
157
ومجاهإدين كي نتخقلص من اللم .ونكون قادرين على مداواة جلدنا
ت لخرج من وترقيع روحنا التي تمقزقت من الجروح .هإكذا عاني ي
ب عليهات اللوعات وأنا أهإرش جروحي وأص ت بحيرة العسل ،كابد ي
ت لزحزح شبكة الحديد المسقنن وأخرج مياه صبري لتشفى ،ناضل ي
ت آثار الخرمشات ت دمواعا ترك ططع أوصالي ،ذرف ي منها دون أن تتق ق
على خدودي كما يترك البحر ملحه وبقاياه على صدور القواقع
ت في فراغ شققتي مثل وخصور الحجارة .انقطعت عن الجامعة وته ي
طة فقدت صغارهإا ،مثل ريشةة مفصولة عن جناحها ل تستققرعلى ق ق
أرض ،صرت كالورقة الصقماء ل تلتصق بها الحروف ول تلقونها
الحبار ،منذ ذلك اليوم أدمنت السجائار ،أحرقها ،أحترق بها ،أملي
صدري بغيمات الدخان وتمتلئ شققتي بروائاحها البائاتة ،ول أفطن
ل حين تصمت عصافيري وتلتصق بأرض أقفاصها، لتعتبتؤ المكان إ ق
عندهإا أفتح النوافذ فيتراقص الهواء ،تزقزق العصافير وتلتقط
حبوبها بشهقية .أشعر حين أحقررهإا أقنني تحقررت من دبابيسي فأفتح
الراديو أغقني مع الغنية مهما كانت تافهة ،وحين أسمع أغنية
حزينة تضرب على وتر أوجاعي ،أعود إلى السجائار وتعود الشققة
تتعقكر ،يلقفني صمت رائاب ،أتحطوصل فيه فل أشتم غير الحموضة
ورائاحة فجيعتي.
لم تتركني أقمي أعاني وحدي .كانت مثل بستان زاهإر يفتح أرجاءه
للفراشة الصامته الذاوية ،يتمطرني بحنانها ،تلقون جناحي بعذب
كلماتها المؤاسية ،وتشتل في داخلي بذور الققوة لتجاوز ما أنا فيه
من كروب ،تحقثني أن أتحامل على ضعفي وأذهإب إلى الجامعة.
لشمخ برأسي أمام جواد وأتحقداه فأرفض:
158
-ل أريد أن أرى وجهه.
تضيق أقمي بعنادي وتنقبهني:
)) -بقدك تشوفي مستقبلك ،الجامعة كانت حلمك((.
ما المانع بأن أحقق لقلبي وجسدي فرحة ومتعة مادام هإناك عقد
زواج؟ فالمر ليس حرااما .يمارسه الشيعة علانا ويمارسه بعض
السقنة في السقر .أليس أفضل من زواج معلن دائام يربطني برجل
يعقذبني ويذقلني كما حدث لي مع ذلك العجوز؟ كدت أكاد أقتنع
بالفكرة ثم أتيققظ وأرفض ليس بسبب خوفي من الكارثة التي ستحقل
بأقمي وأبي إن أنا صقممت على القبول ،فبإمكاني إقناعهم بأقنني لست
))بنت بنوت(( يريد أن يشهدا فرحتهما الولى بها ،أنا مجقرد أرملة
استحقلها رجل وقطف زهإرتها البكر ولن يفقكر بالزواج منها إلق
أرمل مثلها أو رجل متزقوج مثل جواد .كان المانع الكبر أقن مثل
هإذا الزواج لن يعطيني الحساس بقيمتي كأمرأة تستحق أن يكون
لها زوج يتباهإى بها أمام الناس وتطتل معه على الدنيا المفتوحة ،كما
أقنه لن يحققق لي مشروع المومة الذي
159
ت؛ فهذا يعني أقن الرجل لن ي ومؤقق اتحلم به كل امرأة .فما دام سقر اق
يقبل بطفل يشير إليه ويفضح أمره .حين كنت أصل بالفكرة إلى هإا
الحقد؛ أرتعش قهارا ،وأحتقن كراهإية لجواد وأواصل هإروبي منه
ومن الجامعة.
لم يغب أمري عن أبي .لكقنه لم يواجهني بغضبه ،أدركت أقن أقمي
دفعته إلى التحقكم بمشاعره وأعصابه ،اكتفى بأن يشيتم الرجال
النذال ،ويهزأ من سذاجتي واندفاعي بنظراته التي ل تخلو من
اللوم والتقريع الصامت .لم أكن أخشى إلق من اللحظة التي أواجه
فيها أخي ،هإل سيشمت بي ويلعن تهقوري وعنادي؟
نقلت تخقوفي ليمان فأقكدت:
-أخوك سيرتاح لقنك أخيارا اكتشفت ما حقذرك منه.
خقفف هإذا عني وجعل لقائاي بأخي مرياحا ،حين دخل علقي أسرع
ش ما تبققى من إلى النافذة ،فتحها ليطرد الدخان .جلس عاباسا يه ق
ت قليلا قبل أن ينطق: آثاره ،صم ط
ب كالقريح ل ندري نواياهإا ول ماذا تحمل إلينا ،والمطلوب أن -الح ق
نواجهها ،ننحني ول ننكسر.
س رأسها بالنار ،كان يسبقني استللت سيجارة لشعلها ،قبل أن أم ق
ويقذفها من يدي مستااء:
-ستقتلك هإذه السجائار .أل يكفي ما أنت فيه؟ كوني شجاعة مثلي
واتركيها.
ت كل أوتار أخقوته باتجاه دموعي ،حضن رأسي ،نبرة بكيت فتحقرك ط
صوته احتقدت:
160
-وا لول خوفي من الفضائاح ،لعرف كيف أستقد من هإذا النذل.
161
ب قلبي ،أريد أن أحميه ليعيش .جاهإدت لخرج من فيموت .وأنا أح ق
الذي تصقورته غابة نخيل أهإقز عذوقها فيقساقط الثمر شه قايا .فكتشفت
أقنه غابت شوك دامية حمدت ا أقنني فررت منها قبل أن ينزف كل
دمي.
كان يوم تخقرجي بامتياز ،كما أرطدت ،كان من أسعد أقيام حياتي،
ت لكرامتي رغم اللم التي شعرت بأقنني انتصرت عليه وثأر ي
تركت أثلمها في قلبي وكادت تجعل من أحلمي بقايا تالفة.
شهور قليلة مضت وأنا أتابع سير أوراقي لحصل على الوظيفة.
ويوم تسقلمت قرار تعييني معقلمة لقلغة العربية طرت إلى البيت
لبقشر أقمي ،ركض عطقية نحوي ،حين لمح البشر يعوم على وجهي
أدرك أسبابه وبادر بصوت يزقزق من الفرح:
-مبروك.
-أي وعد؟
162
-مثل ما قلت لك ونحن في القصر ،أن تكون مثلك.
-غقيرت رأيي.
أطلق ضحكة صارخة ،تنقبه أقنه تمادى بها فاغلق فمه بكقفه لحظة ثم
قال:
ب وقدوه الكتاب((.
)) -يوم شا ط
-لم تشب بعد يا عطقية .غدا تذهإب وتسقجل اسمك في مركز محو
الرمدية.
استاء:
163
انكمش قلبي حين قفز الخاطر المستحيل .كنت قد وصلت إلى شققة
أقمي التي أحمل إليها البشارة.
تصقورت أقمي أقنني أتذقكر جواد ،ولم يكن تصقورهإا قد خطر ببالي
لكقنها بقولها أرجعتني إلى تلك المقاهإي التي ارتدناهإا ماعا ،وشربنا
العصائار والقهوة فيها .لم ترعشني الذكرى ،لم يخفق قلبي
164
ب قد تلشى ،طمأطن ي
ت أقمي: متمنقايا لو تعود ،كان كل الح ق
كانت أقمي متأقكدة أقنني نسيته رغم تلميحها .فقد عانت معي يواما
بيوم ،شهارا بشهر حتى شفيت واسترددت ما تلف من صقحتي
وأعصابي .تلقون وجهها بالراحة ،أرادت أن تنحو بالحديث بعيادا
عن ذكريات مقرة:
165
ضحكت:
يسقر وجهها:
لطوت شفتيها:
)) -وشو ناقصه؟ عايش ومرتاح ،يا خوفي بكره بس يتعقلم يتنمرد
علينا((.
ألقي ي
ت بقنبلتي:
-سأشتري له بياتا.
166
)) -بي ط
ظهر إقنك جدني ت
ت((.
دافعت عن فكرتي وعن عطقية:
-عطقية يخدمنا بأمانه ولزم نكرمه.
واجهتني بعنف:
)) -أكتر من هإيك كرم؟ آكل ،شارب ،نايم ،وكمان بياخد راتب
كبير((.
قبل أن أرقد كان صوت أبي الذي دخل يتوقجه إلى أقمي:
)) -تعال شوف جنون بنتك .قال شو؟! بدهإا تعقلم عطقية وطتزوجه،
وكمان تشتري له بيت((.
التفت أبي إلقي ،كان وجهه ينبع نوارا ونظرته يتمطر كم يغسل
وجهي من غبار:
شهقت أقمي .وقبل أن ينفجر بركانها كنت أفقر إلى شققتي تاركاتا أبي
يعالج النار ليطفئها.
***
167
صغيرات تتقافز ،توقزع أضوائاها الملقونه وتمضي إلى حيث
مسارب الذاكرة المغلقة ،تمقسها ،تكهربها ،ترتعش أسلكها فتنفث
ضا من أنفاس القصر .أنجذب إليها رغم كراهإقيتي لتلكإلقي بع ا
الرائاحة ،أشعر بغثيان ،أتخقدير وأغيب .أغوص في طرق لولبقية
مرصوفة جدرانها بأشجار الصقبار ،تدفعني فيها ريح باردة وتقذفني
إلى القصر القرابطة فيه تلك التماثيل الجامدة والمفروشات الكئيبة.
تضيق أنفاسي ،أبحث عن مهرب ،أندفع إلى النوافذ الموصدة
لفتحها ،لكقنها تعصى وكأقنها مختومة بالسمنت ،أركض إلى الباب
لكن صرخة مجنونة تجقمدني في مكاني .هإل كان عواء ذئاب أم
اختراق الريح من الشقوق ،أم شبق جنقيات هإاربات من لياليهن
الكالحات؟ أستدير بإتجاه الصرخة.
أرى العجوز ،مثل المومياء رمادقية ،مترباعا على الريكة كاشارا
عن أسنانه المتآكلة .تجاسرت ونطقت:
-أن ط
ت؟؟
ت؟
-متى خرجت؟ وأين كن ت
168
-جورجيت . .جورجيت.
جاءت بها .فتحت الغطاء فأصدر صواتا كارتطام دلةو بقاع بئر.
أخذت ترقشني بدةم متخقثر له رائاحه قصديرقية ،كنت أحاذر كي ل
ف.طى جسدي كقله بالدم أمطرهإا أن تك قب على وجهي ،حين تغ ق ص دي ي
ب للخلص منه ول وبدأ يكقفنني في القماش وأنا في محاولتي أطدأ ي
أفوز .ترك وجهي بل كفن ونادى بأعلى صوته:
-عطقية . .تعال.
اقتحم الغرفة ،بدأ يقتجه إلقي بخطوات بطيئة ،سمحت لعينقي أن
تتأقمل جسده العاري .أسود لمع ،عنق ثخين يرتكز على كتفين
عريضتين ،صدر عاةر من الشعر ينفرش عليه نهدان منتفخان
تتوقجهان حلمات كبيرتان بحجم حقبة العنب السود ،خصر ضيق
ت عيناي فزعتين عند شطيتئه المتدقلي ،كدتوردفان ممتلئان .توققف ط
ت أن يأمرهأشهق :أهإذا كقله الذي شققني تلك الليلة بذلك العنف؟ خشي ي
باغتصابي .في تلك الليله لم يسمح لي الوضع أن أرى هإذا الجسد،
الن عرفت حقيقته ،وحين يقترب لينهش جسدي سيكون المر
صطكاك أسناني أقسى وأصعب .كنت أسمع دبيك قلبي وا ط
169
لكقنهما لم يصقدا عقني صوت العجوز وهإو يخرج من غمده ويأمر
عطقية أن يبدأ .وفي اللحظة التي هإجم علقي جمعت كقل صوتي
وأطلقته بصرخة ضارية هإقزتني فانتفضت وكأقنني أخرج من قبر
يرتدم بالحجارة .فتحت عينقي فإذا بالصمت البرص يلطمني وقد
ضاويات ولم أسمع سوى صدى غابت عن الغرفة تلك النجيمات ال ق
صرختي يترقدد في الشققة كزئايةر مسعور.
170
في اغتصابي وجلدي بالقسوط تجاوزت ذلك القتوحش وغفرت له.
حين بدأ يتلققى دروسه كان يجتهد ليحفظ ،تصقورته في البداية تحقدايا
غير مدقبر لقمي التي هإتزئات منه .لكقنني اكتشفت أقنه كالطفل
171
الذي يريد إرضاء أقمه لتققدم له الشكر والدعوات والهدايا .يتفانى
ق بابي بخجل كي لرضائاي .وحين تصعب عليه كلمة أو معنى يد ق
أساعده ،أقول مقرةة جاء فيها جلس على الرض متتكائا على ذراع
الريكة التي أجلس عليها ،ساءني أن يصقور نفسه ذلك العبد الذي
صطحبته إلى ل يجب أن يعلو على السياد ،قمت من الريكة وا ط
طاولة الطعام وطلبت منه أن يجلس إلى ييمناي فترقدد ،تظاهإرت
بالغضب فامتثل لطلبي محراجا لكقنه اعتاد بعد ذلك حتى على
طاء ،وكيف تلصق كفي التي تمسك بكفه لتعقلمه كيف يرسم ال ق
صاد والقسين .فاجأني ذات يوم بورقة كبيرة خطق عليها يفقرق بين ال ق
اسمي بحرف كبير زقوقه باللوان ،أخذت الورقة وعقلقتها على
الجدار وكافأته بعلبة كاملة من شيكولته الكت كات التي يحقبها.
كنت أحقسه يغار علقي .يوم جاء عامل التكييف؛ وكنت أرتدي بلوزة
بل أكمام؛ تلقفت حوله فلم يجد غير شرشف الطاولة .سحبه ووضعه
كالقشال على كتفقي ،حتى من عينيه كان يغار علقي .ذات صباح
فتحت الباب وكنت ما زلت في قميص النوم القشفاف متصقورة أقنها
أقمي ،وما إن لمحني حتى استدار عقني سرياعا وكأقنه لم يكن الذي
رأى جسدي عارايا ومبااحا له.
172
مقدعايا أقنه استرقد عافيته .ورغم خوفي عليه كان ينبض في داخلي
شعور الفرح والمتنان .كنت أدرك كم يحقبني وأفهم إشارات هإذا
ي سبب بسيط يظقل ب حين أفرح وأحزن ،وحين أغضب منه ل ق الح ق
يحوم ويخترع أسباابا ليد ق
ق بابي أو يجمع لي أبهى زهإور الحديقة
حتى يرى ابتسامتي فيبدو عصفور اغتسل بالمطر .لم يكن من
شيء يضايقني في عطقية إل تلك الرائاحة التي تصدر من جسده،
مزيج من بصل بائات وخقل رخيص ،لم أكن وهإو في القصر أنتبه
لهذه الرائاحة ،لكقنه ومنذ اليوم القول الذي استلم عمله في العمارة
بدأت رائاحته تزكمني ،احتملت شهرين كنت خللها عاجزة عن
إيجاد الوسيلة التي أنقبهه بها دون أن أجرحه.
173
-شوف يا عطية هإذا صابون ،وهإذا عطر ،وهإذا . . .
لن أنسى يجرمطي البريء ذلك اليوم .انحنى عطقية بذيل كبير.
ارتجف جسده أمامي كمن داهإمته ريح شتائاقية وعاصفة رمل.تحقول
صوته الرخيم الجميل إلى ما يشبه أنين جرةو يتيم:
قاطعته محتقده:
-هإذا كلم فارغ .كل إنسان تصدر عنه رائاحة لجسده إن أهإمل
نظافته .اسمع الكلم ،عليك أن تستحقم كقل يوم مقرة أو مقرتين حسب
ما تبذله من جهد وتر ق
ش هإذا.
***
174
في المساء جاء فيصل وإيمان ،صدحت شققتي بتغاريد الصغار،
تعقلقت الصغيرة بعنقي شقدت عليه وببراءة سألت:
ق الطبيب رقبتك؟ أخاف أن تموتي. -هإل سيش ت
هإقشتها أقمي من حضني وصرخت:
)) -ل تفاولي على عقمتك . .إن شاء ا يومين وبترجع للبيت((.
175
المتواصل ،الشيء الوحيد الذي اعتبرته سلاح يعقبر عن قرفي
واحتقاري لحياة القصر حتى انبثق فجري بموته ،وما إن تللت
الحياة من حولي وأطلقت ضحكاتي المكبوتة حتى جاءت تجربتي
مع جواد .فاقتسع الفق ثم ضاق حتى لحظة اليبرء من التجربة.
ماذا ينتظرني في الغد؟؟
***
176
دخلت غرفتي في المستشفى ،الجدران بيضاء ،والسرير البيض
أمامي ،فاجأني ذلك الحلم بالعجوز فتصقورت السرير نعاشا
والغطية كفانا .وكأقن أقمي استقرأت ما يدور بداخلي.
أسرعت تفتح الحقيبة ويتخريج منها شراشفي الزهإرقية ،وقبل أن
يأبدي استغرابي كانت تقول وهإي تبقدل الشرشف:
177
الممقرضة وهإي تفتك عقني أسلكها ،ثقم بدأت تعتد إبرتها .قضت بضع
دقائاق وهإي تبحث عن وريد مناسب ،ثقبتها باللصق لستخدامات
المخدر و ))السلينز((؛ بعد ذلك جقهزت إبرةا أخرى حقنتها في
العضل بخقفة وخرجت.
طى خدر لذيذ إلى جسدي أشبه أحسست بجفاف في حلقي ،تم ق
بغيبوبة ما قبل النوم ،ذبل جفناي واستبقد بي النعاس حتى كدت أنام
لول الجبلة التي بدأت بدخول فريق من الممقرضين بسرير آخر
لنقلي .حملوني بخقفة إليه ،كان ضيقاقا لكقنه اتسع لجسدي النحيل.
الن سيمضون بي إلى المجهول ،إلى حيث ل أدري هإل أعود منه
أم أنتهي هإناك.
-أين الطبيب؟
ابتسم:
عاندت بشقدة:
178
-لن أدخل قبل أن أراه.
حاول فأصررت .غاب وعاد يرافقه الطبيب مرتدايا قفازيه الشقفافين
وكقمامته التي أخفت نصف وجهه فبدت عيناه الجميلتان أكثر
اتسااعا .وصلني صوته بحنان:
-خائافة؟
-أذكري ا وتفاءلي.
ت بنظري أتفقحص الغرفة لصقدق أقنني خرجت ثانية إلى الحياة، يجطل ي
رأيت وجوه أهإلي ولم يخف علقي التوقرم في عيون أقمي وإيمان.
أصواتهم تتداخل بالشكر للطبيب وبتهنئتي بالسلمة ،أشرت للطبيب
إلى عنقي وأنا أتنحنح ،سارع يأمرني:
179
-حتى النحنحة ممنوعة .سيزول اللم.
صحوت على صوت الباب ييفتح ويتسقرب منه ضوء الممرر الهادئّ،
دخلت الممقرضة واعتذرت لقنها ستزعجني ،أدخلت ميزان
الحرارة تحت لساني الذي مازال مبللا بطعم الحليب
180
الدائارة ،لقفت قماشة جهاز الضغط حول ذراعي وقبل أن تغادر
تفققدت كيس السلينز ،تمقنت لي ليلة سعيدة وخرجت.
هإل هإو صوتي أم صوت جرةو صغيةر نسيته يأمه ولم ترضعه؟
تحقسست عنقي ،وجدته بارادا ،أجريت له مقساجا ا سرياعا حتى دفأ.
وبجرأةة أكبر دفعت بصوتي فإذا بالجرو ثانية يسترحم ثدي يأمه.
هإلعت!! .هإذا الصوت الرفيع غير المقتصل المذبذب كخيط تائاه في
الهواء ،ليس صوتي ول حتى يشبه .ل نبرته ،ل بقحته ،ول مسحة
من جمال تجعلني أتققبله .انفجرت دموعي ،ابتلعتها وملحها يحرق
حنجرتي وسؤال معقذب يسوطني :كيف سأواجه
181
الناس بهذا الصوت الجرواني المفزوع؟ صمت الغرفة يعصف
بدموقيته يساهإم في مضاعفة قهري .فيأحقسني أسقط في جحيم ،أسمع
أصوات الطالبات تتفازع إلقي بالصراخ الهازئّ من صوتي.
فتستعقر النار أكثر .يأكقفن نفسي باللحاف الوردي هإاربة من القلهب.
س به مجقردأغمض عينقي ،أصارع كي أنام لوهإم نفسي بأقن ما يأح ق
حلم مفزع .لكقنني أقع في جحيم أحلم متناثرة ل يقرل حريقها عن
الواقع.
182
كتبت له)) :متى أخرج؟(( فتح إصبعيه الرفيعتين كعلمة النصر.
ابتسم:
-يومان.
أسبوعان . . .
183
)) -ما كان ناقص إلق ابوسيه((.
***
184
أسألها بحركة كقفي راسمة شكل الغ ق
لية والفنجان .يتحقسر صوتها:
***
185
بها في قصر العجوز ،كنت أتوقحد في غرفتي بعد أن أغتسل من
عرق جسده ودبقه ،أشعر وكأقن الجدران كقلها تقتشيح بالسواد .تنتز
صريارا يحتك على أصابعي كمن ينشرهإا ،فتتطاير النشارات تتكقوم
حتى تصير مثل تلل العشب الجاف ،تلقبد فيها الخنفساءات
والديدان .تغمرني الوحشة حقد الختناق فل أجد وسيلة لتفتيتها
وتكسير صمتها غير فتح النوافذ رغم الشتاءات القارسة التي تزتج
ردهإا وقطرات مطرهإا ،والصيف اللهإب الذي يدلق رياح السموم
بأتربتها .كنت أحتمل لظقني أقنها ستطرد تلل الوحشة واحساسي
القاهإر بها .لكن أكوامها تبقى تتحقدى محاولتي الدائابة لطردهإا.
كنت في تلك الوحشة ل أجد سبيلا إلى الخلص غير اللجوء إلى
عصفوري الذبي أبقثه رمادهإا ورائاحتها .وفي الليل ألجأ إلى حلمي
الذي كنت أطقرزه للحظة الهرب.
طلة الشعور والحركة مثل ىلة مركونة ل تحقركها إلق أوامر كنت مع ق
العجوز واقتحامه لجسدي الخاضع للقرف والستياء .لكقنني في
وحشة صمتي هإذه أجد منافذ عقدة أتنقفس من خللها سأمي ،أقرأ
الصحف والكتب ،أحتل الكلمات المتقاطعة ،أستمع إلى الذاعات
ث برامجها المتنقوعة والغنيات التي أحقبها ،افتح التلفاز ،أغفوتب ت
أحياانا وأتركه يواصل عروضه ،وأغلب الماسي كنت أنحدر إلى
شققة أقمي وأبي ل يتركانني حبيسة هإذا الشعور ،يتحقدثان ،ينقلن
تفاصيل يومهما بنوادرهإا وإزعاجاتها ،يلقيان النكات فأضحك
حارصة أن ل تخرج الضحكة من الحنجرة.
وحين يحضر فيصل وإيمان تكون الجلسة أبهج ،يصتر أخي أن
186
أتبارى معه في لعبة البرجيس .أغلبه ول أستطيع أن أعقبر
بالصراخ عن انتصاري كما كنت أفعل ،يتكقوم الصراخ وكأقنه
فائاض من الطعام لعت به معدتي ،أحاول قذفه فأشعر بقبضة
قاسية تخنق بلعومي فترتقد الشياء إلى معدتي ،أحاول قذفه فأشعر
بقبضة قاسية تخنق بلعومي فترتقد الشياء إلى معدتي كالورام،
ش ويحقرك الحصان خلسة إلى وحين يحاول أخي مازاحا أن يغ د
مربع قريب من ))مطبخ اللعبة(( أثور فل أجد صوتي ليعقبر عن
غضبي ،أعيفر على السجادة كطفلة خطفو منها لعبتها الثيرة ،أبعثر
البرجيس رغم أقنني متفقوقة ،أبكي وإحساس رهإيب بأقنه يهزأ من
صمتي رغم تآزره مع محنتي.
نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن
187
))أقكدي لها أقنني حريصة على لقائاها ما إن أستعيد صوتي((.
شعرت أقمي بلهفتي على عائاشة .أغلقت السماعة .واجهتني
بالسؤال:
-ما الحكاية؟
188
إلى غرفة المدقرسات التي كانت خالية مقما أراحني ،أجلستها وهإي
ل تزال تشهق بدموعها وألمها.
انتظرت رسالة عائاشة وأنا أتققلب تلك الليلة على جمري أخقمن
السباب التي نقلت تلميذتي من حالها المبتهجة إلى هإذه الحال
المأساوقية المنكسرة ،وجدتني أتمقسك بسبب واحد مقنع ))لقد فرض
عليها الهإل الحجاب وهإي ل تريد(( .ما كنت أتصقور أقن السبب
سيكون بشاعا لهذا الحقد .حين سقلمتني الرسالة ذرفت رجاءهإا الحار
ل أقرأهإا في المدرسة ،زادني إصرارهإا خوافا فاستأذنت الناظرةأ ق
بحقجة موعد للطبيب وطرت إلى شققتي وفتحت الرسالة على عجل.
189
مجنون الشهوة؟ هإل يمكن أن يتحقول الخ ذئاابا يفترس لحمه
ويشرب دمه؟(( لم يرحمها حتى بعدما كسر غضاضة عمرهإا
وفقتت زهإرة روحها ،سجنها في الغرفة ومارس عليها طقوس
القسجان على السجينة .توقسلت إليه أن تعود إلى مدرستها فاشترط
أن تتحقجب وتبتلع لسانها فل تشي بفعلته الخسيسة لحد وإلق
ض قلب الغيمة يترك ي حيد تصله القسوة؟ حتى القمر إذا ف د سيقتلها ،أ ت
أطرافها تمضي بسلم وتواصل سيرهإا .وهإذا الذئاب البشر ق
ي يريدهإا
صمت وبالحجاب. فراشة تداري تفقتتها بال ق
***
190
كنت في صمتي أجمع آلف الكلمات بانتظار الفراج عن صوتي،
أيتعتد أقيام السبوع عشرات المقرات حتى يهدل موعد الطبيب الذي
كنت ملتزمة بنصائاحه ،طامعة أن يختصر لي صمت السبوع
الثاني ويطلق صوتي.
بحقده سطرت لها جملة أخرى ))إذن ل تحكمي عليها(( .ولم أكتف
بذلك ،فسطرت لها الية الكريمة )يا أيها الذين آمنو إن جاءكم فاسق
بنبإ فتبقينوا أن تصيبوا قواما بجهالة فتصبحو على ما
191
ت نظرهإا كأقنها خجلت من تسقرعها فعلتم نادمين( .قرأتها وأخفض ط
ولذت إلى مكانها .ول أدري لماذا فاجأني شعور أكيد بأقنها ما إن
تترك العيادة حتى تسارع إلى أقرب مكتبة وتشتري كتاابا إلى تلك
الكاتبة.
لم يستطع أن ينتصر علقي بذكائاه ،سحبت ورقة وكتبت :لم أجقربه
ثانية.
192
أمرني أن أسترخي تمااما ،م ق
ط أنبوب المنظار الرفيع ،أدخله في
صت وفاجأني لعيان فتحت النف وأخذ يزقجه على مهل لكقنني غص ط
لدرجة أوشكت فيها على التققيؤ ،فسحبه ورجاني أن أتحمل محاولته
الثانية ثم الثالثة والنبوبة مثل أفعى تزحف إلى حنجرتي حتى
استققرت في الموضع الذي يريد .عيناه تراقبان الجهاز الذي يعكس
له صورة الداخل ،صوته برققة يطلق كلمات العجاب ول أدري
هإل كان إطراؤه للتزامي بالتعليمات أم لبراعته في إجراء العملقية.
سحب أفعاه تاراكا حنجرتي تهرشني ول أستطيع حقكها.
سبقته إلى الكرسي المقابل لمكتبه وسطرت على الورقة :ما دام كتل
شيء ممتاازا فهل أستطيع الكلم؟.
امتعض ي
ت .فاغتصب ابتسامة توحي بالملل:
193
ما زلت أستخدم لغة الشارة قالت كمن تواسيني ))إن شاء ا
تكوني أحسن في الزيارة القادمة(( .لم أطرب لمواستها بل راودني
شعور غريب بأقنها تهزأت من صمتي وتتشقفى بحالتي ،فلربما تطقفلت
على قراءة ملقفي وعرفت أن أحد أسباب عقلتي هإو التدخين.
***
194
ص بدمعتي ،خرجت من باب ت إلى الدور السفل وأنا أغ ت انحدر ي
العمارة ثم تذقكرت الوصفة الطبرقية فعدت ثانية إلى الصيدلقية النيقة،
لم أهإتم بالنظر إلى وجه الصيدلني وضعت الوصفة على الكاونتر
بانتظار أن تتحقرك المرأة التي سبقتني ،كنت ساهإمة مهمومة بثقل
صمت الجائار الذي سأسقط في مكائانه أسبواعا آخر .أيقظني ندايء ال ق
اسمي فتوقجهت غير عائابة برفع بصري إلى الصيدلني وهإو
يشرح:
ت لدينا بديل
-هإذه حبوب المص ،الدواء الخر غير متوافر ،إن شئ ت
عنه.
195
أقبل أقمي وقد التقطت جملته الخيرة .كادت تزغرد لو ل اق،ني
فردت سباعا من أصابعي وأشرت بها في حركة تعني أطن بعد
أسبوع.
تغقديت دون شهقية كمن يقوم بواجب مفروض عليه .وصعدت إلى
شققتي ،تمقددت على فراشي وحزني يقطر من عينقي وفي داخلي
شوق لن تتراكض القيام كما الموجات وأصدح بصوتي السير.
ردن جرس الباب بخجل .أدركت أقنه عطقية .فتحت له الباب ،حين
صمت ،حاول أن لمح حزن وجهي أدرك أقنني ما زلت أسيرةا لل ق
يستنجد بكلمات بسيطة يواسيني بها ،كان صوته يتعطربش إلىروحي
ط مثلوكأقنه مغموس بالعسل .هإززت رأسي أشكره وكقفي تح ت
حمامة رشيقة على كتفه ،هإبط بعنقه وأسقط على كقفي قبل أن
أسحبها قبلةا ندية فارتعش ط
ت.
***
كان صمت السبوع الثاني أقسى .ولم يكن يهرون علقي صعوبته غير
التفاف أهإلي من حولي ،حتى صراخ أبناء أخي ،أو عراكهم حول
لعبة أو قطعة حلوى ،لم يكن يزعجني بقدر ما كان يثير البهجة
بداخلي وأنا أشاهإد مواقفهم الضاحكة ،أقما عطقية فلم يتركني . .
كنت ما إن أصعد إلى شققتي حتى يأتي حاملا دفاتره وكتبه ،يجلس
بقامته الفاحمة وملبسه النظيفة يقرأ الدروس التي حفظها وأنا أهإتز
رأسي بالقرضا الذي يتخقلله غضب مصطنع إن أخطأ في القواعد.
وحين يغلق الكتاب يبدأ يحقدثني عن أحوال
196
المدرسة والزملء ويققلد بعض كبار السرن مقمن ل يحفظون ،أو
يغقيرون الكلمات التي ل يفهمونها ،وأحياانا كان يشتم بعض
المدقرسين الذين يهزأون بالقدارسين ،أو أولئاك الذين ل يقبلون جهادا
في التدريس ول يهقمهم سوى أن يقبضو بدل الوفر – تايم .كان
عطقية ل ينسى عصافيريالتي تحقبه ،وتزداد زقزقتها حين يأتي
صفييرلها ،أو يغقني بصوته الجميل وهإو يبقدلويجلس أمام القفاص ي ط
إناءات الماء والحبوب .جاء مدرة وهإو يحمل لعبة بلستيكقية ذات
دوائار ملقونة ،أدخل كقفه في القفص وعقلقها ثم التفت إلقي وقال هإذه
الدوائار حين تهتتز من حركة العصافير يتصدر موسيقى ناعمة أظقنها
ستجعلها تغقرد أكثر .ومذ ذلك اليوم ازدادت حركة العصافير
وتغاريدهإا.
197
وفوق وجناتنا ،يفضحنا رفيفه وغناؤه مهما حاولنا أن نداريه.
ب النبيل الذي ل أعرف حدوده عند عطقية، كنت أفرح بهذا اليح ر
وكنت بحدود أعقبر له عن مشاعري التي لم أكتشفها بعد أو ربما
كنت ل أريد .كانت أحلمي أحيانا تشدني إلى يوم يتفقتح فيه قلبي
ب ثانية فأجد من يعقوضني عن العجوز وجواد .وكنت أشعر لليح ر
بأقنني أبني أحلمي على رمال متحقركة ،فلم تعد ثقتي بالرجال
طاب من زملء الجامعة الذين يسعون تمنحني الققوة لوافق على الخ ق
لبي وأخي ،ولخرين تعرف أقمي عوائالهم الكبيرة من خلل
علقاتها بالبيوت التي عقدت معها صداقات منذ أن جاءت مع أبي
من حلب . .والفضل في ذلك يعود إلى أهإل أبي ،الذين أحبوهإا
وققربوهإا من محيطهم ومعارفهم ولم يعاملوهإا كغريبة دخيلة على
ببيتهم ومجتمعهم .عاشت أقمي مدقللة وحبوبة .ل أذكر أقن شجاارا د د
بينها وبين جقدتي أو إحدى عقماتي .أقمي كانت طقيبة وذكقية تأطقلمت
بسرعة مع أجواء بيت جقدي ،جلست على الرض لتأكل بيدهإا كما
يفعلون ،ارتدت العباءة والبوشقية ولم تتذقمر يواما من حياتها ،كانت
ب أبي وتفعل كل ما يرضيه ويسعده ،ساعدت النساء الفقيرات تح ت
والبسيطات كما صادقت نساء العائالت الكبيرة ،ومنها ومن أبي
ت على ثروة العجوز ت روح التواضع .حتى حين حصل ي تعقلم ي
الكبيرة لم يغقير هإذا شيائا بداخلي ،وعندما حاول جواد ذات يوم أن
يجعلني أترقفع عن بعض الطالبات ))الهليق(( كما يسقميهقن
ت في ت عليه وذقكرته)) :لو لم أتزقوج العجوز وأرثه؛ لكن ي اعترض ي
نظرك هإليققية . .الفلوس ل تصنع النفوس(( .ظللت أحتفظ بروح
أقمي السعيدة بإفناء ذاتها في
198
شؤون بيتها ،وكان يعجبني وفايؤهإا لبي وحرصها عليه واهإتمامها
صه ،كنت أراهإا كيفيتعتد له الحقمام وكيف تنتظره حتىبكرل ما يخ ق
يناديها لتفرك له ظهره ،وحين يخرج يجدهإا قد أعقدت على السرير
ش العطر على ملبسه المكقوية ،وقبل أن يخرج تتأكد من أناقته وتير ت
كقفيه ،وقبل أن يخطو على عتبة الباب تكون قد طبعت على وجنتيه
قبلتها ودعاءهإا .أحببت حنان أقمي على أبي رغم أقنه كان يثور
ف بعض الحايين ،فهي ل تعتبر ثورته إهإانة أو قسوة ،ويوم ويطعن ي
ت جواد وحلمت به زواجا كنت أرسم أن أكون ،مثل أقمي، أحبب ي
زوجة تتفانى ول تشكو .لم أكن أرفض فكرة الزواج لذاتها ،بل
بسبب الخوف والقرف القلذين كقبلني بهما العجوز ،والقشك الذي
تركه جواد في داخلي بسبب نواياه وتناقضاته .لم أرتح لكل من تققدم
إلقي .ول أدري ما سر ذلك الشعور الذي يلزمني حين أجلس مع
أهإلي لستقبال خطيب جديد ،كنت أبحث في عيني كقل واحد منهم
عن مثل تلك النظرة الحانية التي ألمحها في عينقي عطقية ،أبحث عن
تلك اللهفة حين يراني ،عن خوفه علقي ،عن مشاركته لي بفرحي
وحزني ،عطقية ييريحني ،يفهم ما أريد من إشارة أو نظرة .أصبحت
أعتمد عليه بأشياء كثيرة وأنا واثقة منه .كان ذلك الشعور الذي
طاب وعطقية يقلقني ويفتح نحوه مشاعر يدفعني للمقارنة بين الخ ق
أعرف أقنها مستحيلة .لكقنها بدت تغزوني وتحقرك نكوص قلبي فل
أجريؤ أن أبوح بها لحد.
***
199
ل لختار أجمل الثياب التي ستناسب وفرحة ملبسي ،وقفت طوي ا
الفراج عن صوتي .كان فرح أقمي وهإي توقدعني بدعواتها كبيارا،
وكنت أتمقنى ألق يخقيب الطبيب أملها وأن أعود إليها بصوت البلبل.
رطفرف ط
ت الدموع في عينقي ،لم أجد جملة حنونة أفتتح بها باب صمتي
ب العالمين(( .خرج الصوت رفياعا متذطبذابا
غير)) :الحمدل ر ق
بالقبحات .فاقشعقر وجهي .لحظ الطبيب هإلعي فابتسم مؤكادا:
200
الطريق حائادة عن الشوارع المزدحمة وتلك المسكونة بذكريات
قديمة .شعرت أقن الحياة حلوة ،وجوه الناس أحلى ،الغيوم الشقفافة
ترقص ،تتشقكل :هإذه مثل غزال شارد ،وتلك وردة تفتح ثغرهإا
باقتساعه ،وهإذه مهرة ترمح ويتلعب ذيلها في الهواء ،وتلك ق ق
طة
على وشك الولدة .إشارات المرور كقلها خضراء وكأقنها تتعقمد أن
أواصل ركضي ،يتؤكد أقن الحياة حديقة بل حدود تتسع لكل الحلم
وتهديني علابا من الحلوى.
ت إلى شققة أقمي يعصف بي فرحي ،اصطدت بعض قلق على صعد ي
وجوهإهم المنتظرة ،بادرتهم بصوتي الجنينري الذي لم يكتمل بعد:
زغردت أقمي .إيمان هإقنأتني بالسلمة بفرح .أقما فيصل الذي أقلقته
نبرة صوتي ،دنا مقني وهإامسني بعيادا عن سمع أقمي:
201
انطلقت إلى شققتي .ارتميت على أريكتي مقابل البحر .كان صافاي
ضية ترتدي فستان عرسها،ضاحاكا فارتحلت فيه تارةا سمكة ف ق
وتارةا مثل قارب ذهإبقي يعبر المسافات البنفسجية.
طى من حولي ،يقتسع شعرت بهدوةء نفسيي مريح .وأذرع المكان تتم ق
ويقتسع حتى صار حديقة مترامية .صوت عصافيري ينطلق بغناء
عجيب .شخوص اللوحات ،أشجارهإا وغزلنها تصدر ألحان
صمت الوديع صار رجلا متحقراكا ملقوانا الكمانات والدفوف .حتى ال ق
ناطاقا يرهإج بأجراسه ،بأقطراطه ،بأساوره .مقد ذراعين حنونين،
اقتلعني من أريكتي ،شقدني إلى صدره العريض ،خاصرني وبدأ
يراقصني رقصة الفالس السريعة .كل شيء من حولي يبادلني
الرقص .الشبابيك المفتوحة ،السقجاد ،البجورات المضيئة و
شراشف الطاولت القطنقية والحريرقية .كنت أتماوج بين الذراعين.
أرتفع ،أهإبط ،ألتصق بالصدر وأبتعد .صرت فراشة طليقة حالمة
بامتطاء سعادة القيام القادمة.
***
القزمن ملغوم بالفجائاع .لكقنها ليست دائااما ساقرةا كموت العجوز ،حين
تكون ثنايا الفرح مفرودة كقلها كالبساط ،تأتي رياح الحزن
لتكرمشها دون أن تطويها ،فرحي بصوتي لم يينسيني مأساة عائاشة
لكقنني تباطأت في التصال ،قلت انتظر أسبواعا آخر حتى يتحقسن
صوتي بعد التمارين .الن وبعد هإذا الكم من الفرح ،أهإرع إلى
الهاتف وأدير الرقم فيأتيني صوت أقمها نائااحا يهدر بالفاجعة:
202
-عائاشة انتحرت . .ألقت بنفسها من السطح.
لم أجرؤ تلك الليلة على النوم وحيدة في شققتي ،توقسطدت حنان أقمي
ص نقمتي على نفسي .كان يصتر أبي الذي بصبر ظدل يهقديئاني ويمت ت
أن يبقرئّ ضميري ،وكنت بإحساسي المجهد ألعن هإذا الضمير
ل على عائاشة فاختارت الحدل المجنون ت فع ا
وأقسو عليه ))لقد تأقخر ي
لوجعها ومصيبتها((.
203
تبعث بعطقية ليشتريها ،لكقنها ثارت واطرعدت متخقلية عن حنانها
الذي آوتني به إلى صدرهإا .تآزر أبي معها بصرامته التي ك د
ف
ت ورغبتي الشبقة لم تهدأ،عنها معي منذ أن مات العجوز ،استسلم ي
ظلططلت الليلة بطولها ل أقوى على إغماض عيني .كنت كقلما أطبقت
ط كلجمرة داخل عينقي .ويدقويجفنقي وجه عائاشة المعاتب ويح ت
صوتها المقهور بفضاء الغرفة هإاطلا نزيفه معه.
ظقلت أحلمي بعائاشة تيطؤقرقني ليالي طويلة .لكن حلاما غريابا استطاع
أن يكسر رتابة أحلمي ،وثير زوبعة في داخلي أشبه بمواكب
الجنازات وهإي تيطوطلتويل على الموتى .وفي تلك الليلة رأيت عطقية في
ق الباب ،فتحت له ونعاسي ل يزال يريع ي
ف في عينقي. حلمي )د د
بادرته والباب في نصف انفتاحه بصوتي الكسلن :خير؟ لم يرقد.
ل .أطبق الباب بهدوء وكأقنه يخشى أن ف وانسدل داخ ا دفع الباب بلط ة
ت أستخرج نفسي من حثالة النعاس .صوتي ت وقد بدأ ي ييؤلمه .تراجع ي
طا :خير يا عطقية؟ لم يرد ،اقترب أكثر وفاجأني باحتوائاي أكثر نشا ا
بين ذراعيه الطويلين اليمعضلين .وجطدتني مثل أرنبة يقبض عليها
ثعلب جائاع .فل يتبدي حركة خشية أن يبتلعها في لقمة واحدة.
ف أو رغبة ل أدري .لكقني شعرت بحاجتي إلى واحة استسلمت خو ا
صدر العريض أغطس سوداء ل شمس فيها ول قمر .التصقت بال ق
في واديه ما بين تقلتطي انتفاخ الثديين.
ذراعه يداعب ظهري العاري والذراع الخر يلتف حول عنقي مثل
جطذع رطب .كقفه تندس في شعري المتناثر تعابثه .شعرت بنداوة
ش يتسقرب إلى جسدي كله .دفء كنت قد أصابعه وبدفةء راع ة
204
نسيت الحساس به منذ أن تركت جواد وتصقورت أن ل دفء
يشبهه سيفاجئني ذات لحظة .يجرؤت كقفه بعد هإذا إلى ذقني ،رفعه
إلي فتقابلت عيوننا .لمحت حمره مستعقرة داخل حدقتيه وانا أسمع
ق ستار المسافة بين وجهي ووجهه. لهاثة الخابي يش ت
ي،أخافتني شفتاه الغليظتان البارزتان لكقنني في لحظة وجدت شفت د
حتى آخرهإما ،تندفنان في وسادتين لينتين ،كان جسدي برجفاته
ينصهر بارتجافات جسده الكثر عصافا .حملني بين ذراعيه بخقفة
واندفع بي إلى غرفة نومي التي لم يلمس شراشفها بشر غيري.
مقددني على السري .كنت وردة مفتوحة الوراق وكأقنها بانتظار
النسيم والندى .صار يداعب الوراق بلهفة وكأقنه يريد أن يعرف
سدر كرل ورقة .وانا أتمرغ في غيبوبتي وأدفق آهإاتي قبل أن يدفق
ي مياه الجدول ويأطل ي
ق شهقتي العالية(. إل د
205
ي بعد صلة يوم الجمعة. شيء سيفيد إلق أن ييققبلني عبد في شفت د
ت بي أمي عند باب المسجد ،كان الجقو حااقرا وكنت أذكر كيف قعد ط
أتأقفف وهإي تزجرني بهدوء وعيناهإا تتابعان خروج المصقلين ،وما
كانت ترى عباد حتى أسرعت إليه ترجوه أن يعمل معروافا وييققبلني.
ت من أذكر كيف حين اقترب مقني أخذت بالصراخ محاولة التفلت ت
ذراعقي أقمي ،لكقنها والعبد الذي يطمع بالجر من ا أفلحا من
تطويقي والمساك برأسي .وعندهإا انهال على شفتقي ويشفط كدل
الريالة منها .وما إن انتهى حتى استفرغت كدل جوفي .وظلطل بعدهإا
ي طعام .وبعد أسابيع انقطعت ريالتي . . لئاعة ل أستطيع ابلع أ ق
أخذت أستعيد تلك اللحظة وأقارنها بالحلم ،وبعطقية يصهر شفتتقي
فل ألوع ول أقرف بل ألتتذ وأذوب وأحقلق بفضاءات المتعة.
عدت إلى فراشي لواصل نومي ،لكدن الحلم الذي أيقظني سرق
النوم . .فظللت أستعيده .أنتشي وأتلقمظي عرق عطقية الوقهإاج
فتفاجئني تلك الليلة النحيسة .حين ناداه العجوز ليقتحم جسدي . . .
آآآه .شقتان ما بين فعل تلك الليلة وهإذا الحلم! هإناك كان ييؤقدي واجابا
للسقيد دون أن يتحقسس الوردة أو يح د
س بها.
والليله هإو عاشق ييهيء الوردة ليسمع شهقتها .هإناك على فراش
العجوز تركني دوطدةا مهروسة قرفانة .وهإنا على فراشي تركني
جمرة مشتعلة متفقتحة المسامات ينتشر بخور جسدهإا المنتعش،
وتفلس عيناهإا في احتضان نومها .في الصباح نزلت عند أقمي
مرهإقة جائاعة كأقنني لم أنطم ولطم آكل منذ عام .لكقنني ،رغم ذلك
206
كنت أشعر بأقن جسدي وروحي يفوحان أكسجيانا جديادا ،ويفرزان
ت أقمي شراهإتيعطارا له عبق القتمر المستوي فوق العذوق .لحظ ط
واندفاعي إلى الكل ،حتى التزبدة التي أتحاشاهإا كنت أكثر منها
على قطعة التوست ))المحقمشة(( الساخنة ويأغ ق
طيها بمربى البرتقال
الذي أحقبه .لم تكتم دهإشتها:
-بعطقية
)) -يييه علينا وعلى عطقية .لحقك لحلمك .شو جاي يسقوي؟((
-باسني . . .
صرخت أقمي:
207
ف .بعد مش ناقص إلق هإالعبد يبوسك!((ف عمره طقص طص ط
)) -يق ي
ضحكت كأقن ألوف الصابع تدغدغني وأنا أذقكرهإا:
ثم استدارت نحوي .مقدت أناملها إلى وجهي تمسح عليه وكأقنها
تنفض عنه بقايا ذباب وصوتها حاناقا:
-يا ماما . . .أرجوك هإذا حلم ،ول تنسي أقن عبادا قبله لمس شفتي.
-ل أقصد نايف .هإل نسيت الذي سمحت له أن يشفط شفتقي وأنا
طفلة؟
208
)) -هإداك كان علج علشان يمنع ريالتك ،هإقلق تمنشو بتشكي حتى
يجي هإالمضروب ويبوسك؟((
)) -من كتر ما دلعتيه ورفعتي الكلفة معه صار يتجقرأ علي ت
ك((.
لم تحتمل أقمي أن يققبلني عطقية رغم أقنه مجقرد حلم .ماذا لو كنت
أعترفت لها بتفاصيله؟ ربما تفاجئها سكتة قلبقية أو جنون يفرض
علينا أن نطرد عطقية.
***
209
س رؤوس صارت كل خوامد ال ق
ظمأ تنغل في منابتها .وتيهططسته ي
ئ توققد
الشرارات ،فتستفيق رغباتطي المكبوتة ،متمقنية مطارا ييطف ي
النار واحتباسها في سواقي الجسد الذي أهإملته ،فانطفأت فيه تلك
ب جواد .وهإا هإو الحلم البروق الصغيرة التي اشتعلت يوم كنت يأح ت
يحقرك شهقيتي لن أفتققده وأطمئن عليه.
وقفت عارية أمام المرآة أتأقمله وأندهإش :آآآآةه لهذا الجسد اليمصاغ
من يلجيةن ونور .جلده لم يترقهإل ،ولونه البيض لم يفقد نعومته
ولمعانه ،نابض كقلب ،شهيي كفاكهة الصيف .شعرت بالشفقة على
نفسي كيف لمرأة مثلي في ريعانها أن يتحرم من يةد ترقشها بالعطر
وتفتح وريقاتها المنطوية؟ تأقملت شفتقي الصابرتين القلتين لم يمقسهما
حتى جواد الذي أحببته ،ولم يتذقوقهما غير ذلك العجوز الذي ل
يستحققهما ،والذي لم يفلح أن ييسيقطسهما لتستسلما لهجوم شفتيه
الرخوتين .تأقملت صدري الناهإض الذي كانت قطفته الولى بكقفيه
اليابستين اللتين لم تحقركا فيه ساكانا.
انحدرت نحو نصفي السفل المنساب نحو بوابة الدخول التي تسقلل
إليها ثعبان عطقية الحارق ثم ثعبان العجوز الشبه بخيارةة ذابلة.
ق أنضا يحتاج ويهتاج وله الح ق أيقنت بفرح أقن لي جسادا ل يزال ب اق
يبحث عن وسيلة ترتشه بالملح والندى .فصارت الليالي مرابض
الحلم اليقظة التي تجذبني إلى كمينها اليمضيء فأغوص فيها بل
حذر مع عطقية .أراني مأسورة بين ذراعيه أتمقلى في سماء وجهه
ث من جسده وكأقنه الفاحم وأرى القمر في عينيه ،أشتم رائاحة تن ت
خرج للترو من عصائار حديقة منقوعة الثمار ،عطر أناناس،
210
برتقال ،عنب وموز .أغوص في فخاخ الرائاحة وأذوب فيها.
ومن شفتيه أتذقوق طعم تفاح أخضر ،ل أقرف ول أتمقنع .وحين
صططفأ ينحدر نحو شمسي ليمت ق يعتليني أحقسه مثل عمود النور اليم ط
س بثقل جسده ،أشعر به كتطواف ورقة ناعمة منها الضياء .ل أح ت
على سطح بحيرة وديعة .أسمع وشوشاتها ،يؤنيسني حريقها
وتشجيني عواصفها .كنت أجيريؤ وأكشف له كل خرائاط جسدي،
للتها تبللني حتى حتى التضاريس الصغيرة .واستسلم لهرولة ش ق
لحظة انقداح الرجفة التي ترضع ملحها الشراشف وتندفن في
وسائادهإا نايات الشهقات .لم أكن أحتقر نفسي ،ول أشعر بأقنني
خاطئة أفعل الحرام ،فالمر ل يتعقدى كونه حلم يقظة يتركني عطقيه
بعده مثل ورقة النعناع الذابلة .أجدني وحيدة في فراشي ،يرشح من
جدران الغرفة شيرء كطنين الذباب المخنوق .يأسرني لدقائاق ثم
يرحل فتبقى عاهإات صمته مفروشة في كل النحاء والنار ل تزال
تصليني ،فأتمنى لو أجد كومة رمةل بجانبي أذروهإا على جسدي
وأهإبط بلهيبه إلى القاعع حيث ينطفئ .أبكي حزانا على نفسي
وألتوي مثل جذع فارغ بينما أحلمي الراحلة تغور في سراب
ممتقد.
بقدر ما كنت ألتتذ بتلك الحلم المتخقيلة؛ وبقدر ما أحقققه لهذا الجسد
طل من متع ملونة ،كنت أتعقذب ،أتحقسر .فأنا الرملة الشاقبة المع ق
الجميلة التي يتمناهإا الكثيرون ويطرقون أبوابها أجدني أغوص في
نفق عطقية بكل أشقعتي ،أختاره عشياقا سرايا
نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن
) (1عنوان رواية الكاتب السعودي يوسف المحيميد.
211
أرتمي في أحضانه بكل رضاي ورغباتي .كانت تفاجئني لحظات
أثوب فيها إلى رشدي وألقي فيها إلى رشدي وألقي بالسؤال صرياحا
على نفسي :هإل يأح ت
ب عطقية فع ا
ل أم هإي فورة الجسد التي أوقدهإا
حلم تلك الليلة؟
تتشابك أفكاري ملء رأسي ثم تندفع مثل فراشات مجنونات ترتطم
بجدران الغرفة ،تتهقشم وترتتد إلى رأسي ،حيث الحيرة والرتباك
والعجز عن إيجاد إيجابات شافية .صرت على حال لم أيكنها من
قبل .متوقحدة في شققتي وأرق الليالي ينفرش صفرة وذبولا على
س الزمن قد نحت عليه عشرات وجهي أنظر في المرآة فأح ق
الخاديد الصغيرة .أقمي التي ل تفوتها فائاتة لحظت تغتيري ،وربما
سمعت أجراس قلبي تنوح .بدأت إيماءاتها تلوح وأنا أتجاهإلها ،حتى
فاض بها فكشفت عن قلقها ذات صباح ونحن نتناول الفطور مع
ت إليه ويدهإا تشير نحوي: أبي .التفت ط
افتعلت ابتسامة:
قاطعتني ثائارة:
)) -أنا ما بتصقور ،أنا شايفة بقلبي قبل عيني .وين ضحكتك؟
وين حطكياتك الحلوين؟ حابسة نفسك وصايرة مصفدرة وبهتانة
وسرحانة كأقنك حاملة هإموم الدنيا على كتافك .شو السيرة؟((
212
هإقدأهإا أبي:
اقترح أبي:
***
لم يكن المر سهلا أبادا رغم سعادتي بالعودة إلى عملي .فما إن
ت باب المدرسة حتى تراءى لي طيف عائاشة فانتابتني رجفة وتططئ ي
كان عصفها أكثر حين دخلت الصف وهإقبت الطالبات يصقفقن
لدخولي وتنهمر علقي تحقياتهدن وتهانيهدن بالسلمة .كانت
213
صة تأسر صوتي المتشافي فل عيناي تبحث عن وجه عائاشة والغ ق
أنطق .رأيت مقعدهإا في مكانه فاراغا إلق من تلوين صمته وحزنه.
ي حابسةلم أحتمل .دمعت عيناي .جلست يمنخضةا رأسي بين كفق د
ت طذهإورل أفقت منه على قرقعة الكراسي .كانت دموعي .ساد صم ر
طالبتان تحملن مقعد عائاشة وطاولتها خارج الفصل .وبققية
الطالبات ييقمن بترتيت المقاعد بشكل يتقوه فراغهما الحزين.
214
صمت الخرس يتلعب بتلك الرائاحة ويدقسها في كل في العتمة ،وال ق
مسامي فتنتعش في جسدي الرغبة الجامحة ،تهرع بي إلى فراشي
أبحث عن جسده وألتوي به دون خجل.
***
ذلك النهار كنت في شققة أقمي نتبارى أنا وهإي ،في لعبة البرجيس.
تلحقت دققات الجرس على الباب ،قمت وفتحت ،فإذا بعطقية يحمل
شهادته البتدائاقية وفراشات الفرح تتقافز من وجهه وعصافير
صوته تصدح:
انتعشت اساريره مثل طفل أهإدوه لعبة جديدة .وكانت الفرحة في
قلبي مثل غزلن تلمح في البراري وتشهق .التف ت
ت إلى أقمي التي
كانت ترمق فرحنا وهإي قاطبة:
باستهزاء رقدت:
215
)) -وليييه عليك .ما ناقصك إلق تصير دكتور((.
عتب ي
ت عليها:
قاطعتني:
لختصر الطريق على ثورة أقمي؛ أمسكت بيد عطقية واقتجهت به
نحو الباب وأنا أمتد صوتي إليها:
216
-اجلس يا عطقية.
دخلت إلى غرفتي .وعدت أحمل العلبة التي لففتها بورق لمع.
وقف وابتسامته تملي وجهه .سقلمته العلبة:
-ما هإذه؟
-ساعة.
انهمر علقي بطوله وجسده الفتقي .فتح ذراعيه احتوى كتفقي بحرارة
وققبل خقدي ثم ابتعد وهإو يهمس:
أحسسته يجتر قدمين ثقيلتين وقلابا محزوانا وهإو يغادر ويغلق الباب
ي تحتضنان كتفقي القلتينصت على الريكة وذراع د برفق .تقرف ط
ت حنون ي ففاح صم رلمسهما ،وخقدي الذي لثمه .أغمضت عين د
كصوت كماةن عتيق يحضن روحي ،ويرقص مزهإارا من تلقون
وجنتقي دافةئا من دفئي .شعرت ببروق تحاوطني بإشاعات ملقونة
وتسري بي إلى أحلم يقظتي ،فأدخلها نشوانة يمؤقملة نفسي بلحظة
217
اشتعال تنهض بأعناق جسدي النحنية حتى تصل بنشوتها إلى لحظة
النطفاء .أغمضت عينقي واستحضرته لحلم يقظتني.
***
هإل كان الموت بحقيقته التي أخاف منها؟ )ظلم دامس وصمت
مريع غاب في جسدي بل حراك لكن صدى أصوات متداخلة كانت
ي .وبدأ
ح خشب دتفتقه .أيةد رفعت جسدي العاري وأسجطته فوق لو ة
سريان ماء بارد عليه .رفعوني ثانية ومقددوني على قماش ناعم.
صوت أقمي نائاح وكقفها تباشر حشو فراغاتي بالقطن الرشوش
بالكافور .ثم تبدأ بتكفيني وتشتد القمطة الرفيعة حول جسدي حتى
ح وصراخ. عقدة الرأس .حملتني اليدي مسافة طويلة بين نوا ة
أسقطوني في حفرة ضقيقة رطبة وبدأوا يهيلون التراب علقي .وقبل
أن يغمر وجهي ،كانت صرخة عطقية كالدرعد تهتز
218
المكان .انتشلني من الحفرة .حملني بين ذراعيه القوقيين وطار بي
وكفني يتهاوى عقني متطاارا في الفق .وإذا ببيطؤرة ضوةء تفاجئ
عينقي .حين حقدقت بها كانت تلك التي تندس من فتحة الستارة فأقوم
من موتي إلى الحياة(.
-أبوك تعب .أخذته أقمك إلى المستشفى وتقول الحقي بها هإناك.
أقية ضربة قاضية قذفت بيكرتي من ساحة الفرح إلى مرمى الحزن؟
ما به أبي؟ ما الذي فاجأ طيه؟ هإل أسرى الهواء إليه بفرحتي فلم
يحتملها؟ أم هإو شيء آخر داهإم جسده بصمت حتى استفحل به؟
كنت وأنا أقود سقيارتي بسرعة جنونقية استعيد صوارا لم أكن أتأقملها
ق عروقها :تلك الليلة التي كنت فيها في حينها .وأدني الن أنبش أد د
ت إلى الحقمام ،غابت أنا وأقمي نشاهإد فيلاما بالتلفزيون ،فجأة ،قفز ط
ل ثم عادت تهرول إلى المطبخ ،هإرولت وراءهإا ،رأيتها تعد قلي ا
كوب الميرمقية ،استفسرتها فقالت بصوت
219
مرتجف ))أبوك استفرغ كدل عشائاه(()) .هإل نأخذه إلى الطبيب؟((
ف مدى خوف أقمي عليه .قالت ))ل أظتن المر بهذه قلت لستش ق
الخطورة .رقبما تعقرض لبرد(( .تركتها واندفعت إلى غرفة أبي،
س؟(( كان على سريره واهإانا متعقراقا)) .أبي . . .حبيبي بماذا يتح ق
امتقدت كقفه بكسةل إلى وجنتقي يرقبت عليها ))ل تخافي مجقرد دوخة
ولعيان .أظقنه برد؟(( .في اليوم التالي أصقرت عليه أقمي أن يذهإب
إلى المستشفى لجراء الفحوص ،رفض .كان قد صحا باكارا وبدا
طا ،قال لها ))أل ترينني كالحصان أمامك(( .لم تكن المقرة نشي ا
الولى ،تلتها مقرات عانى فيها أبي من صداعات ،ودوخات ،وآلم
في الصدر تتعاقب عليه ثم تزول فيستعيد نشاطه ،ويواصل العمل
في مكتبه العقاقر الذي يدير من خلله شؤون ثروتي الكبيرة.
آآآه يا أبي .يبدو أقنني أتعبته بذلك العبء الثقيل ،كم مقرة حاول أن
ييشركني في تحقمل أعباء المكتب ))هإذا مالك ويجب أن تلقمي بكل
شيء عنه(( .لكنني لم أهإتقم ))يكفيني التدريس وتصحيح الدفاتر((.
قبل شهور كان يتجادل وأخي ويصتر عليه أن يستقيل من عمله
ليشاركه مسؤولقية العمل .قلت له ))هإل ضقت يا أبي
بمسؤولقيتي؟(( ،قال ))أبادا ولكقني ل أضمن عمري! لو حدث لي
شيء ،ل أحد منكم يعرف شيائا عن سير العمال(( .أقمي توقترت
))بعيد الشقر عن قلبك(( ،لكن أبي واصل إصراره فالتفت أخي
نحوي مازاحا ))كم تعطيني مقابل أتعابي؟(( ،أبي انزعج ))هإل
تساوم أختك؟(( أنا وأقمي تحقزبنا لخي ))هإل تريده أن يترك وظيفته
إلى
220
وظيفة ل تكون مجزية؟(( أقمي قالت ))ل بدد أن يكون راتابا مجزايا،
هإذا حققه(( .كان راتب أخي ل يتجاوز الخمسمائاة دينار ،فطلبت من
أبي أن يعطيه ألفي دينار .لم يعترض أبي ،قال كلمته التي
يرقددهإادائااما ))مالك وأنت حقرة به(( .أبي لم يستطثتن عطقية ،صار
يأخذه إلى المكتب .حين اعترضت أقمي قال ))يابنت الحلل ،عطقية
ط على القل يريحني من جمع إيجارات العمارات، صار يفتك الخ ق
المستأجرون يتعبون القلب((.
***
221
هإل تراه حزانا عابارا ييخطئ دروبه إلى بيتنا؛ أم تراه جاء ليقيم فيه؟
أب عشرة أقيام تحت الملحظة قبل أن يسمح له الطبيب بالعودة إلى
البيت ،رغم فرحنا بذلك فإدن أفق البيت توقشح بضبابات القلق ،أقمي
س برجفات خوفها من صوتها الذي أفتقد في حالة خوف دائام ،أح ت
رنينه الجقذاب ،من حركتها التي ثقلت ،من ذهإولها الذي احتدل
عينيها يسافر بها إلى حيث ل أدري .كانت بقيامها وقعودهإا تبتهل
س وكأقنها تقف في مه ق
ب أن يحفظه ا خيمة حنونة تظقللنا فأح ت
ب وحدةة دائامة.
انتظاةر مجهول .تخشى أن يهوي بها إلى ج ر
خقفف أبي من ذهإابه إلى المكتب ،كان يثق بكفاءة أخي الذي ينقل له
أخبار العمل ،ويأتي إليه بالوراق التي تحتاج توقيعه أو مراجعته،
كما أقن عطقية يقوم بواجباته الموكولة إليه باجتهاد كبير.
222
كان مثلنا قلاقا على أبي .ذات ليلة طرق باب شققتي متأخارا.
استغربت حضوره وتصقورت أقنه ربما يدرك شيائا عن أحلمي.
وحين لم أستحضره تلك الفترة جاء ليذقكرني بنفسه؛ أو قد تكون
شياطينه أرسلته ليجعل من الحلم حقيقة .تحقذرت . .وبصوت حازم
بادرته:
-خير يا عطقية؟
لم ينتظر أن أدعوه -وما كنت سأفعل – دخل واقتعد أقول أريكة
ووجهه مثقل بالحزن .ظدل صاماتا فحثثته:
-لهذا جئت لقول لك .ل أريد أن أترك عقمي سأساعده في العمل.
223
أخذ يجهش .أدهإشني .أين أقمي تسمع هإذا الكلم! لتصقدق أقن ظقني لم
ب بوفائاه؟ حمدت ا أقنني لو آخذه بجريرة العجوز ،لكقنني رغم يتخ ط
فرحي تظاهإرت بالغضب:
قلقت تلك الليلة وألقحت علقي السئلة :هإل يكون إحساس عطقية
بمسؤولقيته تجاه أبي أفضل من إحساسي ،لماذا ل أتحقمل جزاءا من
المسئولقية؟ لماذا أظتل على كراهإقيتي لثروة العجوز رغم أقنني أستفيد
منها على حساب الجهد الذي يبذله أبي حتى تعب قلبه وضاقت
شرايينه؟
في اليوم التالي ،ونحن على مائادة الغداء ،أعلنت قراري لبي:
لم أستطع ،رغم قلقي على أبي وإحساسي بحزن أقمي ،أن أقصي
صة أقنه أصبح أكثر قرابا مقني.
عطقية عن دائارة تفكيري ،خا ق
224
ب أرى ما إن بدأت أداوم في مكتب أبي حقتى صرت عن كث ة
اجتهاده, ،امانته في العمل ،وسلوكه المهقذب في استقبال أصدقاء
أبي من التقجار أو السماسرة الذين تربطهم بأبي علقة في البيع
والشراء .حتى أخي فيصل صار يعتمد عليه بمهاقم صعبة ،كإدخال
الشيكات أو سحبها ومرافقة السماسرة للتأتكد من العقارات
المعروضة علينا لشرائاه .فرحت بثقة فيصل ومحقبته لعطقية وكان
فرحي يتضاعف حين يتحقدث عنه أمام أقمي وأبي الذي كان يوافق
ضا ،أو تتلقفظ
على كلم أخي ،بينما أقمي تقطب وتلوي شفتيها امتعا ا
بكلمات الستياء مقما أجبر أبي لن يعاتبها:
تدقخل ي
ت سالخة خجلي أمام أبي:
225
ض وانتهى ،عطقية الن صار مقنا وفينا.
-ثم إقن هإذا ما ة
صر.والرجل ل يق ق
)) -مش بإيدي .كل ما شفته بتنط الحادثة ققدامي .ل يمكن أحقبه((.
شعرت بأقن أقمي تشتعل فلم أنبس ،لم أشأ أن أنفخ على النار كطي ل
ب التي تظقلل عطقية .هإذا الح ق
ب يمتقد لهبها ويحرق أغصان الح ق
شقجعني أن يأصارح فيصل ونحن في المكتب.
أزعجني رقده .كنت طوال الشهور التي انضممت فيها إلى المكتب
ل أتدقخل ول أعترض أو أقترح .وأوافق فيصل على كرل
226
قرار يتخذه .لكقنني ،وحين شعرت بأقنه سيقف حائالا دون تلبة
رغبتي ،تحقركت داخلي نزعة القتحقدي لذقكره بأقن المال مالي
وبأقنني صاحبة الشأن الولى ،وقراراتي يجب أن تتنقفذ شاء ذلك أم
أبى .شحنت كل إصراري بصوتي .وألقيت عليه أمري حاسمة معه
ي نقاش حول الموضوع: أ د
فطن أخي أقنني واعية لسلطتي وإن كنت لم أمارسها ،ولعدل هإذا ما
عدزز سلطته فتصقورني ضعيفة وساذجة ،فكان ل بدد أن أثبت
مكانتي وأؤقكد له أقنني لن أسمح أن يهرمشها أو يتجاوزهإا ،وأقنني،
وإن كنت أسأله رأيه ،فهذا ل يعني أقنه صاحب قرار يفرض عل د
ي
ض على غضبه وتققلصت حقدة صوته: اللتزام به .ع د
-المر أمرك.
ابتسم مرغاما:
227
رغم استسلمه لمري ،لم يخف عقني ذلك النزعاج والستهجان
الذي طفح من عينيه ،لكقني لم أكترث به ،كتل ما كان يهقمني
ويشغلني هإو ترتين أوضاع عطقية في المكتب وفي البيت .كنت
أريد أن أحققق له الراحة ويأشعره بكيانه النسانقي ،وبأقنه لم يعد ذلك
الجير عندنا بل أصبح فرادا من العائالة .كان المر يلتح علقي منذ أن
صار عطقية قريابا مقني في العمل ،في البيت ،في أحلم نومي
ويقظتي .لم أعد أرضى له وظيفة حارس ول أطيق أن أراه
بدشداشة العمل يكنس وتعقفر بالتربة ،وينقل أكياس قمامة الشقق
إلى الحاوية .وما عدت أحتمل الوامر التي تنهال عليه من أهإلي
ومن السقكان .كنت أريد لهذا الذي صار ،دون أن يدري ،قريابا من
قلبي وسقيد ليالقي المقفرة ،ان يرتقي بهندامه وعمله وسكنه وعلمه.
كنت أريده في كامل لياقته وحررديته وفحولته وهإو يرافق أحلمي.
***
لم تحتمل أقمي قراري بشأن الشققة ،ثارت وتشقنجت ،أبي لم ييبتد
ضا ،وتصرف بمنطقه المعهود: اعترا ا
التفت ط
ت إليه أقمي شاحنة صوتها بالعتراض:
228
استفقزتني . .ول أدري كيف في لحظة خرج ي
ت عن حدود أدبي
وصرخت:
أحنى أبي رأسه وكأقني رشقته بسهم .بينما تضاعفت ثورة أقمي:
-سامحني يا أبي .ل أقصد إهإانتكم . .إلق أقنه ناصرني والتفت إلى
أقمي:
-ل تنسي أقن نايف أعتقه .هإو الن يعمل في وظيفة محترمة ،ومن
حقه أن يكون له سكن محترم.
هإزئات أقمي:
أدرك أبي أقن نقاشنا الحاقد سيسقبب مشكلة كبيرة ،ضرب على ك ر
ف
أقمي برققة وبصوت واهإن:
-خلص .قلنا هإي حقرة .إن شاء ا تبني له قصارا .ما دخلك أنت؟
229
لحظت أقمي اصفرار وجه أبي ووهإن صوته ،فخشيت أن يواجهه
التعب .كظمت غيظها وهإي تدحجني بنظرة قاسية وبصوت معبقإ ة
بالنفور:
كنت أكيدة .أقنني مهما حاولت مع أقمي فإقنني غير قادرة على أن
أحميها من مغقبة الحقد على عطقية ،لكقنني في محاولتي لقشع
غضبها دنوت منها ،ققبلت رأسها وهإمست:
***
قمت بتجهيز شققة عطقية بنفسي ،جعلت ألوانها كألوان شققتي ،ملتها
ص النباتات والعصافير .عقلقت على جدرانها لوحات للبحر ص تبأ ق
والغابات .انتقيت ألوان الستائار بلون خطوط الرائاك .وضعت له
مكتابا في الزاوية المطقلة على الساحة.
جقهزت المطبخ ووضعت طاولة صغيرة في وسطه مع كرسيين ل
ثالث لهما .كنت وأنا أرقتب الثاث أضع في حسباني أقنه لن يكون
ضا يقتسع
وحيادا ،وحين اشتريت السري وجدتني أختاره عري ا
لشخصين .وقفت أتأقمله بعد أن فردت عليه الغطاء الليلكي وخيالي
يشح بي أحلم عطقية ،فربما هإو يستحضرني أي ا
ضا.
فأردت أن يأهإقيئ له مكاانا لئااقا يناسبني حجمه وتعجبني ألوانه.
كنت كمن يأعتد بياتا لي وسريارا لي وليس لعروس وعدت عطقية أن
أزقوجه بها.
230
لم أترك لعطقية فرصة ليرى الشققة قبل أن أتقمم تجهيزهإا .كنت أريد
أن يأفاجئه بها .دخلت مكتبه ،كان غاراقا في تدبيس الوراق ور ر
صها
في الملقفات .طرقت على الطاولة:
لم أستخدم المصعد ،قطعت الدرجات وهإو يتبعني وإحساسي أقن قلبه
يخفق فضولا وتوقجاسا .فتحت باب الشققة .جلست على أقرب أريكة
وأخذت أراقبه وهإو يتجقول فيها مغموارا بدهإشته.
اقترب مقني وأطلق سؤالا ما توققعته:
231
لم أتمالك نفسي ،لعلعت بضحكاتي ودعوته:
-اجلس يا عطقية.
-ولكن! . . .
232
-ل تستكثر شيائا على نفسك .من حققك أن ترتاح.
***
لم يبق ما ينقص عطقية غير السقيارة ،بجرأة طرحت المر على
فيصل:
لم أكد أكمل جملتي حتى كان عطقية يدخل برزمة أوراق فبادره
فيصل:
بسذاجة لم أتوققعها:
233
-أعطيها كل معاشي . . .ل ،أعطيها كل عمري.
انكمش وجه فيصل وكأقن عطقية صفعه .تماسك وألقى عليه بالمر:
-غادا تذهإب إلى أحد مكاتب التعليم وتتفق على الوقت والفضل الق
يتعارض مع مواعيد العمل.
بعد أن خرج عطقية التفت فيصل إلقي ولورم يفوح من نبرة صوته:
-يبدو أقن تدليلك الزائاد له كما تقول أقمي قد جعله يتعقدى حدوده.
-هإذا دليل محقبه ووفاء . .ل تنسى أقنني شقغلته وعقلمته وسازقوجه و
...
234
-حين يتعقلم القيادة سيريحك من مشاوير كثيرة.
***
235
وماذا عن هإذا الحلم يا أقمي؟ )رأيت أحد عصافيري القرب إلى
قلبي هإامادا في أرض القفص( .قالت أقمي ))راح تشوفي بعد أقيام إن
عصفور من عصافيرك باضت(( .وأقما الحلم التالي الذي أخافني
أكثر )فقد رأيت نفسي أقوم من فراشي لفتح النافذة ،وما كدت حتى
اندفع طائار أسود كبير .أسقط من منقاره رسالة مطوقية وفدر هإارابا
فزعت من نومي قبل أن أفتح الرسالة( . .أقمي اخترعت تفسيارا
مضحاكا ،قالت)) :هإذا الستاذ عطقية ،بدو يجيب لك شهادة
الدكتوراه((.
***
236
ظارتي الشمسقية ،تبحث معي أغراضي .أجدهإا وأبدأ ألهث خلف ن ق
في الدراج وهإي تتأقفف ))إلبسي غيرهإا وخقلصيني(( ،فأصتر على
ذات الطار الحمر الذي يناسب لو بلوزتي ،حين وجدتها شقدتني
من ذراعي نحو الباب وهإي تتذقمر )) هإقيا بسرعة قبل أن تققرري
البحث عن شيء آخر(( .وأنا أغلق باب القشقة بالمفتاح قلت لها
)) أريد كعكتين واحدة بالشيكولته التي تحقبها أمي وأخرى بالفانيل
التي يحقبها أبي(( .كان المفتاح يرتتج بيدي فسارعت تأخذه مقني
وتقفل الباب وهإي تقول ))حين نصل إلى المحقل تختارين ما
تشائاين .أي ط
ف((.
ما كدنا ننحدر درجات قليلة حتى هإقزتنا صرخة أقمي الداوية كنقبلة.
ودبيك أقدام أولد أخي يهرع إلينا .وجوهإهم المصفقرة تقابلنا ذاهإلة
دامعة ))جقدي . .جقدي(( .كالسيل المندفع وصلنا لنصطدم بصخرة
شقجت قلوبنا .كان أبي ملقى على أرض الصالة بل حراك .وأقمي
تشتد شعرهإا تنتف منه الخصلت وتنعب بالصراخ ))يا شحارك يا
زينب . .يا مصيبتك السودة . .راح الغالي راح عمري((.
حين وصل الطبيب لم يقم بأقية محاولة؛ فما أن وضع القسماعة على
ف أقنه مات.
صدره حتى أعلن بأس ة
237
أغمض نهار الفرح عينيه ،أفلش العتمة ،رحل أبي .ترك البيت مثل
الجسد بل نبض ول رعشات ،ترك أقمي تهوي في أودية الحزن
وأنهار الدموع ،وتركني لمساحات الغد الغامضة.
يأتي نهار ويغيب نهار ،وأضواء النهارات كلها تخبو خلف غللت
صمت ،غارقة في كهولة الشبابيك المسدلة .أقمي جاثمة في ال ق
ضروس تطحن بداخلها حتى غدت أشبه س بالتياعاتها ال ق
مفاجئة .أح ق
بعدق ذاةو منسدل إلى الرض ل تحقركه نسمة ول تضتخ إليه الحياة
قطرة ماء .غابت ضحكتها المعقرشة على وجهها ،غاب يزهإيتو
العناب على وجنتيها ،عافت أثوابها الزاهإية وتآلفت مع كآبة
السواد ،تركت شعرهإا مرشواشا بالشيب بعدما كانت تحرص على
صبغه ما إن تطتل جذوره حتى ل يراه أبي ،هإجرت مطبخها الذي
تعشقه وتتفقنن في موائاده ،أدمن القهوةوالسيجارة التي كانت تكرهإها
وتمنعني عنها ،عقرش الورق على لياليها وجفافها النوم إلق أوقات
قليلة تغفو فأسمع غطيطها وكأقنها سقطت في أعقار النوم ،فأفرح
أقنها تجد فرصة لترتاح من عذابات الصحو والتفكير والبكاء .لكقنها
سرعان ما تفزع وتصرخ ))شفته بمنامي .أبوك كان بيناديني بقدو
إني أروح لعنده((.
ظقلت أمي تفقكر بالموت وتتمقناه ،صار حلمها الوحيد الذي تتصقوره
سيجمعها بأبي لتواصل حياتها الخرى معه.
صبر معها .صمت وال ق اليام والليالي تكتر وتفتر بأساهإا .وأنا أتقاسم ال ق
.نلتهم السجائار ونحتسي المزيد من القهوة التي تصقر أن تغليها
ليتها القديمة .كانت أحياانا تواصل هإذياانا أبكم ل أكادبغ ق
238
ألتقط معانيه ،لكقنها تلك الليلة ونحن بالفراش أطلقت لسانها وكأقنها
تحقدث نفسها ))طلب فنجان شاي ،رحت أعمله ،كنت ماسكة
لية ،سمعته يناديني مقرتين زينب . .يا زينب ،رقديت عليه طقيب الغ ق
لية بإيدي وانكب الشاي. أنا جاقية ،لكقنه صرخ ،خفت ،اهإتقزت الغ ق
ركضت لعنده لقيته واقف إيد على صدره وإيده الثانية ممددة مثل
كأقنه عم يطلب النجدة وقبل ما أوصل عنده كان وقع على الرض
متل ما شفتوا(( .أجهشت وهإي ترقدد ))يا ويلي عليك يا محسن.
ت(( طقوقتها بذراعقييمكن لو كنت استعجلت ولقبيتك ما كنت يم ق
وأخذت أمسح دموعها وأرجوهإا:
***
239
ظقلت أقيامي مجقزأة ما بين الحزن في شققة أقمي؛ والشوق إلى شققتي
التي هإجرتها إلق في بعض الساعات حين أصعد لتفققد عصافيري،
وأفتح الشبابيك ليتجقدد هإواء الغرف .كان شوقي لسريري يدغدغني
ما بين ليلة وأخرى ،فأحتن إلى أحلم يقظتي مع عطقية الذي صرت
ل .تلك القليلة شعرت بحنين دافق بأن أتعانق بأثداء
ل أراه إلق قلي ا
الليل في غرفتي ،ألتمس بعض الصفاء لروحي التي أركبها الحزن،
وبعض المتعة لجسدي الذي صام.
انتظرت حتى تسقرب النعاس إلى عينقي أقمي وغاصت في شخيرهإا
الهادئّ .فتحت الباب بهدوء وخرجت .ارتقيت الدرجات بخقفة
وشوق وكأقنني على موعد مع حبيب.
240
تتطك . .تتطك(( فأحقسها مثل ملقط الشعر ينتف أعصابي .قمت إليها،
نزعتها وألقيتها في قعر الخزانة وعدت إلى الفراش ،أغمضت
عيني وبدأ خطو الليل يسوقني من حزن ليالطي الفاجعة إلى ربوات
الحلم وعطقية يسبح في ألقها الهادئّ .حين أقبل أفست له أكوان
س وشوق .بدأت دققات قلبي الكسلى تستفيق مثل روحي بحما ة
دفوفمقسها جمر متوقهإج ،وعزمت خمائال جسدي الصامت فبدا ناعاما
كملمس شجرة يانعة .يستعتد لمارده التي من قمقمه ليكون ملك
يديه .هإا هإو عطقية يدنو إلقي . . .وصدره العريض أمامي مثل جقنة
تجذبني إلى ينابعها وجف غيمها .هإو الصدر ذاته الذي تأقملته في
ذلك الحلم حين داهإمني العجوز وناداه لجلدني ))صدر بحشائاش
قليلة يربض عليه نهدان ممتلئان تتقوجهما حلمتان كبيرتان بحجم
حقبة العنب السود(( .اندفعت إليه التصق بالجقنة الفاردة شراعها
صان رأسي فأسمع دبيك وذراعاه كمجدافين حنونين يحيطانني وير ق
قلبه مثل هإرولة الموج في يوم عاصف .كنت مثل عصفورة يطير
عقشها ويتعقلق بفروع شجرته الرطبة .شهقت ولاها ،بكيت فراحا
وشفتاه برققة تلعقان دموعي ولهاثي كصفير ناي مثقل بنغماته .ظقل
ت عن للين يأزيح طصااقكا علقي حتى أوصلني إلى السرير فانسدلنا كش ق
مصقبهما الحجارة .استسلمت له بارتخاء لذيذ .كان شعري الطويل
يموج على ذراعه ،وشفتاه تطبقان على شفتي ،وجسدي يدفأ ي بجسده
وأنا ألج بارتعاشاتي دهإليز المتعة ثم أنطستل منه كورقة نعناع
معصورة يفوح بلطيلها.
***
241
ب عطقية؟ هإل هإو اندفاع قلبي الذي تعقذبت حتى أي سير جعلني أح ت
تردممت أشلؤه بعد تجربتي الخائابة مع جواد؟ هإل هإي أقدارنا التي
يرسمها ا لنا فنمضي إليها مسقيرين؟ أم هإي فورة الجسد بعد
الصبر والحرمان؟ . . .أنا الن ملء وعيي واكتمال نضوجي،
لكقنني الرملة التي تصبح في مجتمعنا ))سكنطدهإاند(( ل تتوقع
عرياسا إلق أرمل أو مطلاقا أو متزقواجا راغابا في زواج ثان للمتعة.
ض يربطهم بأبناء ل تخلو قلوبهم من كراهإية كقلهم يأتون مثقلين بما ة
لزوجة الب .لذلك لم أكن أهإو إلى الزواج أو التفكير بما يطلقون
ش الزوجقية(( ،ويصقورنه بأقنه العش السعيد ،بينما هإو
عليه ))ع ق
ف عفريت. ش ييبنى على ك قهإ ك
-وأ ق
ي طريقة تريدين؟
242
تفقرست إيمان في وجهي بنظرات حنونة وكأقنها توقد لو تسألني
))هإل تعيشين حالة حب؟(( .فكدت في لحظة غاربة عن الوعي أن
ب عطقية(( ،لكقنني أنزع دروعي الواقية وأعترف لها ))نعم أح ق
سرعان ما تنقبهت وأدركت أقنني باعترافي سأبذر الريح في فمها
وأقنها -من هإولها – لن تتأقخر عن نفخها إلى أقمي وفيصل ،عندهإا
ب رياحهم الساعرة ،وجبروت قلوبهم التي لن سأكون وحدي في مه ر
ترحمني ،ولن ترحم عطقية الذي خطوت إلى بحره بملء إرادتي.
حافية تلسعني حرارة الرمل وتمقزقني وتاوءات الحجارة .لكقنني وأنا
س بشيء كالمسمار يثقب غلف عقلي في غمرة اندفاعي أح ت
ب ))آفةويربكني .فأدرك أقنها غريزة من الغرائاز المرتبطة بالح ق
الخوف(( التي تتسقلل مثل دودة جائاعة لتقتات من أعصاب المحقبين.
كانت الدودة في زحفها تشقدني إلى تجربتي مع جواد ،فتأتي
صورته كأقنها تنذر بمصيبة جديدة .لكقنني رغم زحف الدودة أتشبق ي
ث
ب جاماحا رغم بمشاعري تشتبث الغريق بققشة ،وأترك لقلبي أن يطثت ط
يقيني أقنه سيواجه التعقثر والخيبة .وقد تضيع السنوات كما ضاعت
وأنا متعقلقة بجواد حتى استطعت أن أنساه.
243
المقلل .استغرق عطقية ذات يوم في سهوة أثارت فضولي فسألته:
ب البحر يا عطقية؟
-هإل تح ق
ضحك:
-أخاف.
اندهإشت:
-حين أنظر إلى البحر أتذقكر أحلمي ،دائااما أحلم أقنني أغرق ول
تمتتد إلقى يد لتنقذني.
244
-حتى يدي؟
-حتى يدك.
245
-جئت لرى إن كنت تهتم بنظافة شققتك.
انتفض:
246
ن د
ط قلبي من فرحته ،وألهبه الفضول لعرف الذي قد يشفي توققعي:
حين لم أنبس؛ استدار إلقي ثانية وحقدق فقي بنظرات غريبة وهإويكاد
ضا .هإل هإي نظرات يلتهم وجهي كقله .أردت أن أصطاد س قارا غام ا
ب أم مجقرد إعجاب بامرأة جميلة تتنازل وتهبه لحظات أنس حين ح اق
ب واقافا ،سأل
تدعوه أو تجلس معه! لكقنه سرق الفرصة مقني ،هإ د
وهإو يطأميل أن أستجيب:
247
جلسنا . . .تلك هإي الطاولة التي أعدطدتها لشخصين مرصوصة
بالمشقهيات ،وبكوبين من الشاي بالنعناع .كانت الطاولة واحدة من
أحلمي ،وكنت أتمقنى لو تجمعني معه صدفة على وجبة شهقية
ضا وهإو لذلك ل يريد أن تحتقلها امرأة غيري؟
كهذه .هإل يتراه طحليطم أي ا
التهمت الطعام بتلقذةذ عجيب .وكقلما كدت أنتهي كان يضيف المزيد
حتى منعته:
-بك . . .
فاجأتني جرأته .لكقني فرحت وقبضت على أجنحة قلبي خشية أن
يفضحني حفيف فرحها .التجم لساني ومن طرف عيني لمحته
ض على شفته السفلى وكأقنه يعاني من ندم .بدا متوتقارا وغاراقا في
يع ت
رهإبة من كسر جداارا محقراما وأفشى ما وراءه .أشفقت عليه ،مددت
كقفي ،حضنت كقفه اليمنى فتفقشى عرقها إلى كقفي الباردة ،كنت
أسمع نبض قلبه المتسارع, ،انفاسه التي تتلحق وكأقنه
248
يخوض سباق مسافات طويلة .كنت مسحورة . .وفضولي الشفيف
يريد أن يصل بي إلى الحقيقة منه ،هإمست وعيناي مسدلتان:
رفعت عينقي إلى وجهه ،تأقملته . .هإو وجهه منذ أن عرفته بلونه،
بتقاطيعه ،لكن شيائا جديادا كان يموج عليه مثل غيمة بقلورقية تسمح
ب يتلل على سماء الوجه الداكن. لضوء خافت أن يبرز .هإو الح ت
التصقت به وما تزال كقفي تحضن كقفه التي ازداد ارتعاشها.
وجدتني بشغف أحقثه:
طه على ظهر الريكة خلفي .أحسست رفع ذراعه اليسر ،م د
بأطراف أصابعه تلمس شعري بحذر ليدو وكأقنه غير قاصد.
وكقفه المحروسة بكقفي تنستل لتسيطر على ذراعي .وذقنه يسقط على
رأسي بحنان .توقهإجت كقلي ولم أعد أطيق أن يكتم مشاعره
ورغبته! أقما رغبتي . .فقد كانت تؤقججها رائاحته التي تنثر بخار
رغيف مخبوز للتقو تملني نشوة وتوقظ سواكن أحلمي.
-ضقمني يا عطقية.
249
كأقنه كان بانتظار لحظة كهذه .مثل تلميذ عاقبه أستاذه وسجنه في
الفصل أعوااما وما إن قيترطع له الجرس حتى انطلق باحاثا عن دفء
حررديته .شقدني إليه بعنف الولهان .أخذ يققبل شعري وكقفي الحارسة
كقفه .تلطمت النار في جسدي وكأقنني في أحد أحلمي معه .نسيت
من يكون ومن أكون .ألقيت أردية الفوارق كقلها.
دسست شفتقي في عنقه أرتشف عرقه .أعطيته الح د
ق أن يتحقرر من
خوفه وترقدده .رفع وجهي إليه وحرارة جهه يتذي ي
ب الجليد وتكويني
والمسافة بيننا تضيق . . .وتضيق . .حتى لم يعد يفصل بين شفتينا
سوى بطلطلتيهما.
هإل جننت؟
أم تراني غيبت عقلي كما أغقيبه في أحلم يقظتي فكسرت كل
الحواجز ،وجعلت خطوة عطقية التي كانت تعرف حدود بوصلتها،
تقطع به المسافات وتلقي به في خضرم بحري؟ هإا هإو قد اخترق
المواج الشاهإقة حتى وطئت قدماهإا الجزيرة المحقرمة . .وأنا التي
ساعدته وألقيت إليه بسترة النجاة.
250
ض على شفتيه بققوة أبتلع لهاثي وأرصد وجهه الراجف وهإو يع ت
كمن يعاقبهما على الجرم الذي اقترفتاه .بينما خطوط دموعه تنساب
دامعة على وجنتيه .أدركت الذي يعانيه عطقية .شعور بالقهر
والخوف يلمسان روحه بأسياخ من نار .فأنا سقيدته ،ولقية نعمته،
ض سكون النجمة البعيدة في السماء السابعة .يجدني أنحدر إليه أقي ت
ظلمته وأهإبه ما ل يجر{ حتى أن يحلم به .لفحني ذلك التأنيب
الصارخ الذي يزعق داخله ويهتز عروش أمانه .فهو ل يزال في
ق منذ أنس بداخله الحساس بالرر ر نظر نفسه ذلك العبد الذي تققو ط
س يصعب عليه أن يسقوي وعى وأقمه وأبوه عبدان لنايف .تقتو ر
صنع من فولذ. انحناءاته وكأقنه ي
-عطقية . . .
لم يجب ،طططرح راسه بين ذراعيه وترك لنشيجه الحرردية ليهدز صمت
المكان .بينما عقلي حائار وغير قادر أن يبتكر طريقة مثلى تخقلصه
مقما وقرطته فيه .لكن قلبي ،الذي كنت متأكقكدة من عاطفته ،ألدح علقي
ب اللم .كان لبقد أن أفصحألق أتركه في مه ق
251
له أقنني غير ناقمة ول غاضبة, ،اقنني أعرف مشاعره ومن حققه أن
يعقبر عنها .دنوت منه فكان عصف جسده أن يبعثرني لول أن
تمقسكت بذراعه وشحنت صوتي بالققوة:
صرخت بغيظي:
***
ب كالثير إلى مسام الجدران الصلدة ،لم يكن بحاجة أن فاح الح ت
ش بعض مذاقه على لسان إيمان ليصل إلى حواس الشرم عند أخي أر د
وأقمي .بدأوا بنغزات كإبر النسولين الخفيفة ،ثم بتلميحات ل يتفصح
س في طقياتها الشارات اللذعة .هإلعن معانيها مباشرة لكقنها تد ت
كانا يقتقيان شقري أم كانا يتأقنيان حتى ييمسكا بشيةء ملموس
يواجهانني به؟
252
جاءت اللحظة ذات صدفة.
أسعفتني فطنتي:
-أقية حقيقة؟
253
ضض على خقدي بكقفه المتحقفز:
ع ق
-ل شيء.
عوى كالذئاب:
-أنا وعطقية نح ق
ب بعضنا وسنتزقوج.
نزلت عليه الصاعقة نزول سيف باتر ،شقجت ققمة رأسه فتطاير
الشرر ،وتقاذفت الحمم .هإجم علقي كوحش جائاع ل يمقيز من أين يبدأ
التهام فريسته .أخضطع وجهي ،صدري, ،اطرافي المرتعدة لخطبتط
لكماته .كان ألم الصفعات كفيلا بأن يخرس هإدير التحقدي بداخلي
لكقنني ورغم احتكاره القوى للموقف ،ققررت أن ل أضعف وأدافع
عن موقفي:
254
زعق كالمجنون:
-أنا حقرة.
شدد شعري ،رفع وجهطي المغدور ،كدور بصقة في حلقه وقذفها بحجم
رصاصة ،وبقرف من تسقط عيناه على سيول حشرة مفقوءة؛ نبس
بكلمة واحدة قبل أن يوليني ظهره ويخرج:
-يا فاسقة.
فاحت رائاحة حريق هإائال .وبدأ الدخان يفلش تكقوماته السوداء من
حولي .كنت كمن أعوم في دائارة يحاصرني محيطها الضقيق
وحوافها التي نتأت كالزجاج المسقنن .شعرت بأقنني إن بقيت فيها
اختنقت وإن حاولت الخروج منها تجقرحت .وكانت السئلة داخل
رأسي مثل مبادر النار تثقب فيه من كل جانب ويتطاير ترابها
وحصاهإا ليضاعف هإول الدخان .كنت كالعمياء أقف على أرض
أجهل خارطتها .فل أدرك أين تكون الهقوة الحيقة لتحاشاهإا؛ وأين
ع أخير س نز ة
تكون بقعة المان للوذ إليها .لم تكن حتى ثقمة أنفا ت
لشمعة يتيمة تضيء لي الطريق.
***
255
حريقها ورائاحة شوائاي .أبحث عن فروع طرقية أتعربش عليها
وأستظقل بين أوراقها ،لعدل حفيفها ينفض عقني رمادي ويداوي
قروحي .لكن تعبي لم يسمح لي حتى أن أستحضر وجه عطقية
ب عليه بأنيني وبمبارد رأسي التي تئتز.
وأط ت
هإل يباشر الزلزال هإقزاته العنيفة ليطيح بصرح الحب الذي اعتليته؟
كان كل شيء بداخلي ينطحني بقرونه ويؤرجحني في مه ق
ب
السئلة :هإل سأقدر على الصمود في وجه العاصفة؟ هإل أمتلك
القدرة لسقوي اعوجاج قوس الواقع الثقيل الذي ييؤمن بالفوارق
وبالطبقات ويزطنجرني بقضبان التقاليد والصول؟ كان هإذا القوس
طم ويتهاوى في أحلم يقظتي التي يصير فيها عطقية سقيدي يتح ق
وحبيبي ،أجثو على صدره أرنبة بردانة طامعة بالدفء والمان
والمتعة .أنسى سواد جسده الذي كرهإته ليلة اقتحمني ،أتآلف الن
ب الذي يحقرر الروح من عبودقيتها معه وأحقبه وأشتهيه .وكأقن الح ق
ب فنتماهإىيحقرر الجساد من ألوانها ،ويخلق ألواانا أخرى لمن نح ق
بها .ماذا عن الواقع الن؟ هإل أستطيع تغيير ألوانه وكسر قضبانه
ضا يتربص بي لتسقرب منه فراشة حقرة؟ شعرت أقن مجهولا غام ا
فاتاحا شدقيه ليلتهمني دفعة واحدة .أخذت حقبة منقوم وحاولت الفرار
من توققعات الغد الذي ينذر بعاصفة أخرى من أقمي.
***
نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن
) (1عنوان رواية الكاتبة الكبيرة هإدى بركات.
256
رغم أنه رنيرن خجول إلق أقنني توققعتها أقمي المطستأسدة لخوض
حرب معي .لكقنني فوجئت بوجه عطقية يينبئ عن أرق وقلق.
أغلقت الباب . . .حضنته بكقل احتياجي إليه وبكيت على صدره.
ل أدري كم رقدت عليه بوجعي وتأقوهإاتي الجريحة وهإو يمسح بكقفه
ب بالخرىعلى ظهري مربراتا بحنان لم أشعره حتى على شعري ،ويد ت
ضضاعا كمن ير دضطع ط
مع أقمي .التصقت به أكثر ،أحسست جسده يم ط
بالحجارة .وفحولته خاملة .لم أدرك سدر هإذا العطب المفاجئ إلق
حين قال:
257
)) -برافو(( عطقية .أظقنه خرج خائاابا.
شعرت بحقد كبير على أخي .تأقملت وجه عطقية المأزوم .ماذا أفعل
بلحميه وأططنأى عن ظلمهم؟ هإل أدعوه أن ينساني؟ كنت أطنح ي
بتوقسل موجوع)) :أطفئني من قلبك يا عطقية قبل أن تبتلعك النار . .
.ابتعد عن يطقمي .ل تغقرقنك نعومة رمله ودفئه .إقنه يغلي باللغام .ما
إن تغوص فيه حتى يفيض . . .ستصير المدينة كقلها ))تسونامي((
جديدة تجرفك وتجرفني . .وتحقل دمك ودمي((.
ي أقنني لن أترك
لكقن التوقسل سرعان ما ذاب ،وارتداني إصرار قو ر
عطقية يلقمة سهلة لمن يملكون شهوة الذى .سأدافع عنه وعن حقبي
حتى الرمق الخير.
258
محجريهما .لم نكن قد طرحنا هإذا المشروع .تصقورته سيفرح . . .
سين ت
ط ليققبلني شاكارا . .لكقنه ظدل جامادا مبهواتا ساباحا في تيه
المفاجأة . .أيقظته:
-ما بك يا عطقية؟
***
قبل الغداء واجهت عاصفة أقمي بعاصفة أشقد .كنت انتظرررت أن
تطرق بابي .وحين لم تفعل ترقجلت إلى شققتها .لم أطططرق
ت قبل أن تسمعطرقاتي المعهودة التي حقبها ،وحين فتحت أطلو ط
تحقيتي .جلست والطعطكير يملي وجهها .وأطلقت قذيفتها:
لم أرد .تركتها تغلي . .تبحث عن مدخةل تنفذ منه إلى حوار أرادت
له أن يكون صاخابا:
ك؟((
)) -مين بيعمل عملتك؟ مش عيب علي ت
ضغط ي
ت على أعصابي .ققررت أن أجابهها بهدوء:
259
-الحب مش عيب.
صرخت:
ت أقنك أرغمتيني
ت .أم هإل نسي تت التي طمع ت -عطقية ل يطمع .أن ت
ت ما قلته ))بكرا بيموت وترثيه((. على الزواج من نايف؟ نسي ت
ت على الرض بعينين ت بالمصاغات أمامكفهوي ت ت يوم ألقي ي
نسي ت
زابغتين تققلبين الثروة؟ وهإذه الشققة؟ وسقيارات المرسيدس الفخمة
التي أصررت أن أشتريها لبي وأخي؟
والهدايا التي أغدقتها عليك وغيرهإا التي تطلبينها لتهديها لمن
تشائاين؟ على القل عطقية لم يطلب أنا التي يأعطيه.
260
ت على الهإانة قامت متثاقلة تجتر جسادا من الصخر. عينيها .تحامل ط
دخلت غرفتها .أغلقت بابها .فشعرت أقن الدنيا كقلها تغلق أبوابها في
وجهي وترقشني بغباةر أسود.
261
ت بأقمك؟
-ماذا فعل ت
احتقن وجهها:
هإزئات:
262
صك وحدك .وليس من حققك أن تقلبي الدنيا على
-الشأن ل يخ ت
رؤوسنا .هإل جننت لتتزقوجي من عبد؟ هإذا أمر عصكي على
الحتمال.
تحقديتها:
)هإو ذا السؤال الذي يقلقهم ،ينفخون فيه حتى صار كالسهم النارقية
تطلق جعيرهإا لنخشى صواعقها .يتحججون بالعادات والتقاليد التي
يرضعونها من أثداء المجتماعات المتخقلفة.
ويطعمون حليبها لعقول أجيال تتوارثها جهلا وخوافا .لن أرضح
لهذا الرث الظالم .ليصرخ العالم أو يحترق .أنا سأعيش ولن أحرم
نفسي حققها من أجل ماذا سيقول الناس(.
التف ت
ت إلى إيمان:
***
263
تأتيني السماء بجللها .بدت في انكسارهإا ذليلة ما جعلني أحتقر
نفسي وأستصغرهإا .لم أنتظر .ارتميت على صدرهإا وأمطرت ندم
دموعي .وهإي ترربت على ظهري بهدوء .ورقرقة بكائاها مثل
قطرات الدم المعصورة .كانت تبكي بحرقة تفوق حرقتها يوم وفاة
أبي .وكان تأنيب ضميري مثل مكاوي النار القديمة ،ل تكويني
لتشفي حروقي؛ بل لتزيد من الحروق وقطيء أورامها .ما إن خرج
ت أقنها لم تأت بعاصفة:
صوتها من بئر قلبها حتى أدرك ي
فكك ي
ت عقدة لساني المربوط:
264
التصقت بها . .تمقسكت بغصنها كق ق
طة تخشى النزلق .ققبلتها
واستعطفت قلبها:
من أين جاءت أقمي بهذه الفلسفة وهإذا التشبيه العجيب؟ هإل أبدعته
المصيبة التي حقلت على قلبها؛ أم هإو منطق القم الخائافة حقد الموت
على فلذة روحها؟ وجدتني أقف أمام منطقها مكتوفة العقل واللسان.
هإمدت كل حرائاقي ارتمين على صدرهإا وهإمست:
)) -أنا اللي قسيت .لقما راجعت نفسي؛ شفت مافي فايدة من القسوة.
هإقلق أنا بنصحك أنا بنصحك وأنت حقرة .تاخدي بالنصيحة أو
تطيقشيها بالحيط .لكن فقكري منيح قبل ما تتلفي حياتك وحياتنا((.
***
265
ب التفكير لواجه نفسي .هإنا قلبي خرجت أقمي ،وضعتني في مه ر
ب ويرفض أن أكون ضمن قطيع يخشى عواء الذئااب؛ يزطأر باليح ر
وهإنا مجتمعي الذي سيوقجه نحوي أفواه المدافع وينصب لي
المشانق .تطقوحت بحيرتي .ل أريد أن تنضب روحي من سيول
ق بسيول قراري قلوبهم وقلب مدينة ل المل ،ول أريد أن أيطغتر ط
تغفر)) ،فالسقيد سقيد والعبد عبد(( ول أحد يفهم أقننا كقلنا نصير عبادا
ب.ب حين نح ق للح ق
حين دخل شعرت أقن رياحا تهب وتقصيني عنه ،وحين أقترب
شعرت أقن الريح تقصيه عقني .لكقننا بمهارة غالبنا ريحنا.
تحاضقنا . .تلثمنا . .واستقررنا على الريكة التي مكثت عليها
نصائاح أقمي .كانت روحه متعقكرة ،وعقله شارادا ل يثوب إلى
استقرار ،والحزن يخترم قلبه كما يثقب قلبي .أخرست نباح الصمت
بيننا:
266
-ل يجب أن نحارب أهإلك.
كنت كمن أذتر عليه فلسفة خائابة وهإو يعيش الواقع المرير بعقل
يفوق عقلي:
-إن كنت تقدرين فأنا ل أقدر .أنا الن في نظرهإم إنسان بشع .كلب
ض اليد التي رعته وأطعمته وعقلمته.
يع ت
أحسسته عاجازا ،مص قارا أن يلوذ إلى كهف الرق ،يرفع راية
استسلمه .كيف سأعقول عليه أن يرفع السيف ويصدد عقني كدرهإم
وفدرهإم؟ أين حقبه؟
267
بكيت:
-أنت ل تحقبني.
ب عليه غضبي:
شددته من شعره ،ورفعت وجهه أص ت
268
أنت جبان . . .محارب متخاذل يهرب من أرض المعركة لينجو
ت كم تقول تعبدني لما تخقليت
بنفسه ويتركني فريسة لسيوفهم .لو كن ط
عن ))إلهك((.
269
في اللحظة الحاسمة تماسك وتوققف .واجهته بعينين ل تخلوان من
خوف وحذر .كانت روحه تخوي من كل أحلمها وتتهاوى.
***
270
كانت الفروق تكقسرت بينها وبين زوجها أم لحقها شبح السقيد
والمسود.
في الصباح اتصلت لزميلة قديمة ،أخذت منها رقم صفاء وعنوانها
وذهإبت إليها .فوجئت بحال الشققة الضقيقة التي تسكنها.
وبأطفالها الربعة بملبسهم التي تبدو رخيصة الثمن .توققعت أن
أرى تلك الصفاء المرأة النيقة الممشوقة التي يطفح الفرح والتفاؤل
على وجهها .خاب ظقني ،رأيت أمامي امرأة بدينة الجسد وقد جدب
اطزهإرار وجنتيها .لم أرد أن أستبق الظقن ،عقللت المر أقنها تتفانى
ت بنفسها عرض الحائاط. لبيتها وأولدهإا وضرب ط
271
-يا لطيف . .ستجعلينني أخاف من الزواج.
ي زواج.
-ليس أ ت
-ماذا تعنين؟
-أعني الزواج غير المتكافئ .حين يتقم ضدد رغبة الهإل وتحقفظ
المجتمع.
ت ،برم ط
ت وجهها المهزوم: نفر ط
ب بل . .ب ق
طيخ(( ،ل نكتشف هإذا الهراء إلق )) -يا شيخة . .بل ح ق
بعد أن تقع الفاس بالرأس.
-وأ ق
ي شقاء!
) -مصيبة حين يصبح الخادم سيقادا .سوف يثأر لنفسه من الليلة
272
ض شحمة ب كان يع ت الولى .تصقوري بدل أن يهمس بكلمات الح ق
أذني وينفخ فيها :قولي يا سقيدي . .يا أميري . .وبعد أن كان
يركض ليلقبي أوامري؛ جعلني أنا التي أزحف للقبيه .مقرة قذف
ت تقذفينه بوجهي .أشكال النتقام مفتاح السقيارة وقال تذقكري كم كن ت
كثيرة.
ق
أجبرني أن أنحني عند قدميه لدلكهما كل ليلة قبل أن ينام ،كنت ألم
نظرات التشقفي في عينيه وهإو يراني ذليلة ول أقوى على
العتراض .لن أخجل منك يا نادية .ذات ليلة ونحن في لحظة
انسجام اعتليته بشوقي فثار وحذفني عنه مبقدادا شوقي بإهإانته :انا
السقيد أنا ال ))فوق(( وأنت ال ))تحت(( ،عداك عقما فعله بأموالي،
وأنا الن ل أملك إلق ما يتصقدق به علقي ،أجبرني أن أعطيه وكالة
عاقمة ،باع كل ما أملك هإنا واشترى في بلده العمارات وفيلق لهإله
أحتل فيها كالغريبة ضيفة عليهم .هإذا الذقل يهون أمام ذقل الروح
وجرح الكرامة بأشكال متعقددة .ل تتصقوري كم يكون الحساس
بالدونقية باذاخا في تطقرفه .فما إن تتسقنى الفرصة لصاحبه حتى
يستبدد لينتقم .ل تطاق الحياة مع رجل كن ت
ت يواما سقيدته(.
273
ينسون الهإانة التي نرشقهم بها .يظقلون بانتظار لحظة هإزيمتنا
ليرقصو شماته وطرابا .أقما المجتمع؛ فإقن فشلنا سيكون بمثابة
الوثيقة والحقجة التي يضربون بها المثل لكرل من تحاول الخروج من
عباءة العادات والتقاليد.
فركت جبهتي:
-آه تلك الجميلة التي كقنا نغار من اهإتمام الساتذة بها ونحن في
الجامعة.
ضا تعيش تعاستها .تزقوجت لبنان قايا من غير مذهإبها ،حقرم -هإذه أي ا
عليها أن تزور أهإلها .حتى التلفزيون حقرم عليها أن تفتح قناة
الكويت .كتبت لي رسالة واحدة من عشر صفحات حكت فيها
عذابها وذقلها .تصقوري تلك التي كانت ل تلبس الفستان أقل من
ثلثمائاة دينار صارت تشتري ملبسها من ))البالة(( .استولى على
أموالها ليسدد بها عقدة فقره .ل يلبس إلق الماركات العالمقية
274
الغالية .وآمال المسيحقية .هإل تذكرينها؟ عصت أهإلها وتزقوجت
ت عليه طقلقها وحرمها
كويت قايا أذاقها الويل .تزقوج عليها وحين طعتط ط
حتى من رؤية أولدهإا .رجال قساة كلهم ))أولد كلب((.
عارضتها:
***
رغم الذي سمعته وأسائاني؛ ققررت ألق أتأقثر به .فكل إنسان له
صة ،وأنا من حققي أن أخوض تجربتي وأعيشها. تجربته الخا ق
ط
وسواء تمقتعت بغديرهإا أو غرقت في أطستنها؛ فأنا المسؤولة في
275
الحالين ،وسأعتبره قدري الذي أنا مسقيرة إليه .لن أسمح لوحشقية
الشكوك أن تفترس ثقتي بعطقية الذي عرفت وفاءه وأمانته لمجقرد
أن سمعت تلك الحكايات التي هإرشت بأعصابي وكادت تققريح
أفكاري.
276
قلبي يحتقن بدموعه ووجعه المكتوم .ويطوف ما بين أنس المس
ب ،وبين الواقع التي تتفقشى
بلياليه وأقيامه ونحن نعيش متعة الح ق
ظلمته في الفق وتنذر بسي جارف يذوب معه رنين أحلمنا.
فتح الباب ،حين رآني اضطرب واقشعدر وجهه .أخرج نصف جسده
وهإو يضقيق من فتحة الباب .بنظرتي المتذقمرة وصوتي المنزعج:
حاول التن ق
صل واعتذر:
277
تسقكع لسانه في حلقه قبل أن ينطق:
-إلى أين؟
-أرض ا واسعة.
قلت بإصرار:
278
-ارحمني . . .ارحمني . . .
ت نفسي من بين يديه ،كانت رئاات الريح تنفث يسدلها وزعافها أفل ت
وتدفعني نحو الحقائاب المتراكمة .أخذت أبقيير بطونها ،أستخرج
محتوياتها وأبعثرهإا في كل اتجاه وأنا أصرخ ،أيطعتويل ،أرتمي على
صدرة مقرة ،وتحت قدميه مقرة أخرى ،مثل فراشة هإقشة تحاصرهإا
النار وتبحث عن الخلص .وكان كالله الحائار يحاول أن يلملم
فتاتي ويعيد إلى أجنحتي ألوانها الغاربة ،ولروحي نبضها .حمل
جسدي المتهالك وركض بي إلى غرفة نومه ،مقددني على السرير
وغاب .شعرتني أنام على وسائاد من عشب الجقنة.
آآآه كم تمقنيت أن أتمقرغ على هإذا السرير الذي اخترته بنفسي
وفرشت عليه الغطاء الليلكي.
عاد وهإو يحمل قارورة الماء .سقاني رشفة ماء ومسح برشفة
أخرى وجهي المعقفر بذرل دموعي .جلس بقربي على الرض ،اطتكى
رأسه على ذراعطي الممدود وكقفه ترعى سهول وجهي المقفرة من
خضرتها .تركني أتنقشق حثالة أساي؛ ثم اقترب بشفتيه يبقلل
279
جفاف شفتدي ويرسم عليها خرائاط حزنه وعشقه ،ل ينبس بكلمة أو
بوعد ،حتى ولو كان بهشاشة رغوة الصابون ،بأقنه سيتراجع عن
قراره.
طوانا صمت جا ق
ف كامتداد الصحراء اللفحة .تيقبست في ثنايا
حنجرتان وفحت أرواحنا بانتكاساتها .كنت في سعيري أنتظر منه
كلمة واحدة ))سأبقى(( . .لكقنه حين سيطر على دقفه صوته قال:
أردت أن أجد له أم ا
ل:
-غادا سأجعل أقمي وأخي يرضخان لقراري .لن أقبل باندحارك يا
عطقية.
لم ينطق وكأقن لسانه فقد مذاق الكلم .تحاملت على نفسي ،مشيت
إلى الباب ،كنت في طريقي أدوس كل أشيائاه المبعثرةوأوتد لو ينفتح
لها قبر ويبتلعها .قبل أن أفتح الباب غرست شفتقي في فلقتي شفتيه،
أحسست ريقه م قارا رغم رائاحة الدارسين التي تنبعث من ثغره.
هإمست في أذنه:
-سأتركك لتفقكر.
280
إصبع ،لكقنني انسللت منه مثل دودة تنستل من شقوق أبواب قديمة.
***
281
-اصعد الن .وإلق سأقتل نفسي.
هإو الن في سريري وبين يدي ،ليس خيالا بل حقيقة من لحم ودم
ونبض .أمارس معه ما اعتدته في أحلم يقظتي من مباهإج العشق،
ض بتربة جسدي، كانت أصابعه كالمحراث المصنوع من لجين تع ت
كقفاه تدعكان صدري ،وأسنانه تلوك الحلمتين فأحقسهما تكبران
وتتوقرمان .أصرخ بتأقوهإات اللم والقلذة .وبكل إثارتي أراوده أن
يقترب من البوابة التي اغتصبها في قصر العجوز؛ لعل يغرس نبته
منه في رحمي لتكون ))المر الواقع(( الذي نواجه به أهإلي
المتجقلدين ،فقد تنفذ شوكة من الدفء إلى قلوبهم ويرضخون ،لكقنه
ظدل يبتعد كالمقرة السابقة ،والستر يحقيرني :هإل يلحقه شبح العجوز
فيخشى سوطه! أم يريد أن يبقيني طاهإرة كطهارة يحقبه؟
282
-إلى أين؟
-أتركك لتنامي.
بإصرار قلت:
-لن أتركك تذهإب .ستبيت الليلة عندي.
-ى أرجوك ل تسيئي الظقن بحقبي .إقنني أتمقنى .وهإذا شرف كبير لي
ي سببي.
ولكن لد د
-صعب . . . .صعب.
283
قالها متأفقافا ليثنيني عن إصراي ،لكقنني أعطيته وعادا كاذابا ليعترف:
صرخت فيه:
284
المترقبعة في القلب كقله .كيف يمكنني أن أفارقه .رجل مثل عطقية ل
يمكنني التفريط به .حقدقت بعينيه الدامعتين ،كانت فيهما آلف
الكلمات التي تكبح جماحها .لكقنني يأحقسها تتناثر علقي كالقبلت
والمطر.
طى جسدي باللحاف البارد برققة وكأقنه انحنى نحوي مثقلا بحزنه .غ ق
يخشى أن يخدشني به ثم انهال علقي بقبلت يينذر رحيقها بأقنها
القبلت الخيرة .وحين أقفى ليخرج كنت أسمع زحف قدميه على
الرض؛ وكأقنهما تزحفان إلى قبر .ورائاحته التي أعشقهاتغادره
ي سيلا دافائا يخترق ضلوعي ويتوقزع فيها كالثير. وتنهمر عل د
نهضت ،لحقت به .ضمطمته أحاول أن أبقيه ،لكقنه مشى ،بي إلى باب
الشققة ،وما كاد يحقرك أكرة الباب حتى هإاجت أصوات عصافيري
النائامة .كانت تغاريدهإا صرااخا ،شجانا ونعيابا .كانت مثل قلبي
ص ضوء قلبينا. تستصرخه ألق ييطفتطئ شمسنا وييني ط
تمقسكت بتلبيبه وصوتي يقطر بضعفه:
تخقلص من ذراع د
ي بصعوبه ،وفدر منحدارا الدرجات تاراكا قلبي
285
يلعق أساه ،وروحي الذائابة المهقشمة تهرول وراءه وتهمس:
***
286
ت على الريكة . . .ومثطل دودة مهروسة تعاني سكرةط الموت ،ظلل ي
عاجزاتا عن الحركة .كقل شيء في الغرفة الفخمة يحاصرني بحبال
ت بصمت مريب يهطل من السقف مثطل بقايا رماد غليظة .وأحسس ي
تت لو يأفل ي المواقد البائات ويتوقزع في الغرفة سرياعا . . .ودد ي
ق ولو صرخةا واحدةا تدتك القصطر فأواجه الفضاطء وإطن صوتي ،يأطل ي
ت أقنهت فيه .لكقن حنجرتي لم تسعفني .وتاه لساني حتى حسب ي ته ي
قطعه قبل أن يغادر الغرفة .ظقلت كلماته تطتن في أذني)) :عليتك أن
تعتادي على الصمت((.
كتلهم كان يأمرني بالصمت .كانت أمي حين تختلف معي على شأن،
صني ،تضغط سقبابطتها على شفتطيها وتقول)) :اصمتي وإن كان يخ ق
صة في إصدار المر بالصمت. واسمعيني(( .أبي له طريقيته الخا ق
بمجقرد أن يلمح إشارةط العتراض على وجهي ،يصرفق بكدفيه ،فأ ططفهم
أقن علقي ابتلطع الكلم وصوتي .ولم يكن أخي أرحطم . . .
دار الداب
هإاتف 861633 – 803778
ص ب 11 – 4123بيروت