Professional Documents
Culture Documents
المفاتيح السبعه وورد
المفاتيح السبعه وورد
المفاتيح السبعه وورد
رواية
1
الفصل الول
قبل 333سنة ق .م تنقشككع سككحابة مظلمككة لتظهككر مككن السككماء تلككك البلدا البعيككدة .مملكككة
)زيتا( .التي أنهكتها حروب الطمع والجشع والتنافس علككى السككلطه .حيككث يظهكر قصكر
تضيء نيرانه ظلمة الليل الحالك .ندخل من خلل تلك الشكرفة الككبيرة فككي غرفكة أعلككى
ذلك القصرلنرى الملك أجمنون يجلس على كرسيه الكبير دااخل مكتبككة قصككره الضككخمة.
تحيط به أرفف الكتب والقراطيكس والجهكزة العلميكة والمخطوطكات .يتنهكد مكن كرسكيه
ناظراا إلى أرفف الكتب الملونة .فحمل جسده إلى رف الكتب شاردا الذهن ووقككف أمامهكا
لً:اإذا كككم حصككيلة اليككوم ؟ خمسككون قككتيلا ردا عليككه أخككوه
ومد يده ليأخذ إحدى الكتككب قككائ ا
الصأغر حيث كان واقفا خلفه ببضع خطوات وبينهما منضده خشبية كككبيرة عليهككا بعككض
الكتب .خمسون قتيلا هكذا أجابه الخأ الصأغر متحسراا.
أقفل الملك راجعاا إلى كرسيه وبيده ذلك الكتاب وعلمات السى باداية عليككه .وكككأنه فقككد
رغبته بالمطالعة .جلككس علككى كرسككيه ماسكككاا بالكتككاب علككى فخككذيه وقككال بصككوت ملككؤه
السخط والغضبً:ا لم يجلب علينكا حككم الملكك سكليمان إل الخكراب ,منكذ ثلثا مكائه سكنة
ونحن على هذه الحال مات وترك وراءه سككبعة مككدن يقتككل بعضككنا بعضككاا ,يقتلككون فنقتككل
فيقتلون .ولبرهه كان الملك ينظر إلى الرض فرفع رأسه وهككو يقلككب كفيككه قككائلاً:ا حككتى
يفني بعضنا بعضا ...وصأرخأ قائلاً:اإنها نقمه ..ثم هدأ وقال ً:ا نعم ليست إل نقمة .
قال المير وهو يسير في طريقة إلى الشرفه ناظرا مككن هنككاك إلككى فنككاء القصككر العشككبي
تحته ً:ا نعم هي كذلك ...ثم استدار إلى حيث يجلس الملك وانحنى باتجككاه جككانب الكرسككي
عند رأس الملك قائلاً:ا أو دارساا منه في الحكمة مقدرعلينا أن نتعلمه بأنفسنا بهذه الطريقة.
استدار المير إلى الباب وهو يقول عندما وصأل إليككه ً:ا تصككبح علككى خيككر .خككرج الميككر
وأحكم إردااف الباب ثم إستدار ليكمل طريقه فإذا كادا أن يصطدم بأحدهم وهو فككي وجهككه
فرفع المير بصره ليراه ولكن ذلك الرجل ذو الزي العسكككري لككم يقككل شككيئا .بككل تجككاوز
المير الواقف أمامه ومد يده إلى باب المكتبة ملتفتككاا إلكى الميكر بنظكرة ازداراء واحتقكار
والمير واقفا هناك ينظر إليه باستغراب ويقول في نفسهً:ا كيف لرجل من رحككم إمككرأة أن
يحمل هذا الحقد كله في صأدره ,تكادا عيناه تخرقان جسمي إلى العظم .
داخل الرجل على الملك ومنذ رآه الملك دااخلا باداره الملك بالقول وهككو مستبشككراا مبتسككما ا
رافعاا كلتا يديه إليه مرحبا ً:ا آه هاتان العينان تحملن خبراا ساراا ,إني بحاجة إلى الخبككار
السارة بعدما سمعته من المير من الخبار السككيئة .قككل يككا وزيرنككا مككاذا لككديك؟ فككي هككذه
الثناء كان ما يزال الوزير يخطو باتجاه الملك وهو يقول ً:ا أجمنون سيدي ومولي لقد
2
إكتمل بناء المرصأد ويمكنكم إستعماله بككدأ مككن اللحظككة .إلتفككت الملككك نككاظرا إلككى كتككاب
ضخم مفردا على تلك الطاولة الخشككبية الكككبيرة الككتي تتوسككط المكتبككة وقككال ً:ا فككي الككوقت
تماماا ,لدينا ثلثة أيام حتى يحين وقت الرصأد الذي وصأفه كتاب الملككك سككليمان العظيككم .
الوقت الكافي لنختبر داقة عمل المرصأد .ثككم قككام الملككك ووضككع يككده علككى كتككف الككوزير
اليسر وقال ً:ا قل لي ؟ ثم أمسك الملك بيككده اليسككرى علككى ذقنككه هككو نككاظرا إلككى الرض
نظره المتفكر واتجه بخطى بطيئة إلى أمام الشرفة واستطردا قائلاً:ا لماذا يكون الماء ثلجا ا
أحياناا؟ فكر الوزير لبرهة مككدركاا أن الملككك يختككبر سككرعة بككديهته بهككذا السككؤال الغريككب
المخاداع وما لبثت أن لمعت عينا الوزير الماكرتان حينمككا تيقككن أن الجككواب سككيكون مككن
جنس السؤال وردا قائلً:ا الماء يا مككولي يكككون ثلجككا عنككدما ل يسككتطيع أن يكككون بخككارا
أحيانا ...فاستدار إليه الملك ضاحكا بقهقهة قوية وأمسك بالوزير من جهة رقبته اليسككرى
وهزه قائل ً:ا هذا ما يعجبني فيك ...ابتعد الوزير خطوة إلككى اليميككن قككائلاً:ا مككولي لمككاذا
غادار سيدي المير مبكراا هذه الليلة ؟ ردا الملك قائلاً:ا لقككد أصأككبح لككديه مككن ينتظككره الن,
زوجة جميلة ,داافئة ,حنونة ,في ليلة مظلمة بككارداة ...واسككتدار إلككى الككوزير قائككل لككه مككن
خلفه ً:ا غداا بعد غروب الشمس حيث السماء صأافية سنجربه .
في هذه الثناء كان المير يشق طريقة عبر ممرات قصر الملككك حككتى خككرج ونككزل مككن
على سلم بوابة ومدخل قصر الملك .وسار في حديقة القصر متجها إلككى الفاصأككل العشككبي
الذي يفصل قصره عن قصر الملك حيث فتحة صأغيرة فككي ذلككك الفاصأككل العشككبي زينككت
بقوس حديدي نمت عليه العشاب .فتحة تؤداي بين القصرين .وعلى بعكد أمتكار مكن تلكك
الفتحة حيث الظلم أكثرحلكه وبين الحراش وقف المير مكانه ووقف شعر رأسه .إثككر
اشتباهه حركة مريبة وصأوت خشخشككة عنككد الفتحككة فبككدأ قلبككه بالخفقككان بسككرعة ورأسككه
ملئتها الوساوس .حينها سمع صأككوتا صأككادارا مككن هنككاك ً:ا سككيدي سككيدي الميككر هككذا أنككا
بستاني القصر .عندها تقدم المير بحذر وهو ما زال ل يرى شيئا ا أمامه .حتى ظهكر لكه
من تحت الشجار رجل تبدو عليه هيئة من ألمت بككه مصككيبة مككن السككماء وقككال ً:ا سككيدي
المير أعذرني أرجوك أطلككب منككك الصككفح ..ونككزل الرجككل علككى يككدي الميككر يقبلهمككا
بحركة فجائية أجفلت المير وظن به الغدر وقال البستانيً:ا سيدي لقد انتظرت لقائك طيلة
اليوم .ولم أجد فرصأة أحسن من هذه بعيداا عن الجميككع ...وإذا بالبسككتاني يقبككل يككد الميككر
لً:ا أرجو أن تغفر لي وتسامحني ...عندها أخذ المير يلطفه ويهديئ من روعه لكككي قائ ا
يفهم منه .حيث كان الرجل يتلعثم ويكادا أن يبكي .ترتفع رأتيه بالهواء فل يخرج من فمككه
شككئ مفهككوم .فككأمنه الميككر علككى نفسككه وأخككذه مككن يككده وقككال لككه ً:ا تعككال معككي وسككنتكلم
بالداخل ...وإذا بالبستاني يجر المير إلى الخلف رافضاا الذهاب معه وقال وهككو فزعككا ً:ا
ل أرجوك ل ينبغي لمن بالقصر أن يعلموا بهذا ..قال المير ً:ا لقد أشغلتني مككا عنككدك ؟
تكلم .قال البستانيً:ا سيدي المير أعلم فضلك وكرمك بككل هككذا ل يخفككى علككى أحككد مككن
رعيتك ,الجميع يصفك باللطف والرحمة ,وحبك لمساعدة الضعفاء والمساكين لذلك
لجأت إليك وليس أحد سواك يخلصني من هذه المحنككة .قككاطعه الميككر وقككد فقككد صأككبره
لً:ا قل ما عندك إن الهواء باردا هنا ,هيا تكلم فقد أنهكتني .قال البسككتاني ً:ا أحببككت فتككاة قائ ا
3
من قصر مولي الملك أجمنون ,وقد كنا نلتقي خلسة عندما ينككام الجميككع .عنككدها هجككم
عليه المير ممسكاا بعضدية و شد عليه مخنقه وقال بحنق ً:ا إحدى الميرات ؟ وردا عليه
البستاني مفزوعاا ً:ا ل ...ل ...إنها إحدى عاملت المطبخ الملكي ياسككيدي .عنككدها تركككه
المير وانبسطت ملمح وجهه إذ ظن أنه تجرأ على إحككدى فتيككات السككرة المالكككة وقككال
المير ً:ا إذ ما المشكلة ؟ قكال البسكتاني ً:ا إنهككا حامككل وعلكى وشككك أن تلككد ...الليلكة ! قكال
المير مندهشاا ً:ا وكيف استطاعت أن تخفككي حملهككا كككل هككذه الفككترة عككن الجميككع ؟ قككال
البستاني ً:االفتيات والطباخات في المطبخ الملكي كن يساعدنها علككى ذلككك ,ويسككاعدن فككي
عدم ظهورها .قال الميرً:ا وأين هي الن؟ قال البستانيً:ا إنهككا فككي المنومككة .قككال الميككر
وهو يجر البستاني خلفه ً:ا هيا خذني إليها .
أخذ البستاني يجر الخطى والمير خلفه إلى الغرف الخاصأة بخككدم الملككك خلككف قصككره .
وعندما وصأل إلى حيث السكنات تقدم البستاني وفتح باب إحدى الغرف فككإذا يخككرج مككن
الغرفة صأوت تأوه وتألم .تقدم المير إلى دااخل الغرفة حيث كككانت امككرأة مسككتلقية علككى
السرير وهي في المخاض وحولها نسوة مككن الخادامككات فككوقفن مباشككرة مدهوشككات لككدى
داخول المير عليهن الغرفة .وأحنين رؤسهن احتراما وخوفاا.
أمر المير النسوة بأخذ المرأة إلى مساكن خدم قصره .وذهبوا جميعا ا إلى الجانب الخككر
من قصر الملك حيث مساكن خدم قصر المير محاولين عدم إصأككدار أصأككوات تسككترعي
انتباه حراس أيا من القصرين .أداخل المير المرأة إلى غرفة من مساكن خدمه .وأوصأى
خادامات قصره بكتمان المر والعتناء بالمرأة .ثم أخذ بيد البستاني إلى خارج المساكن
وقال له ً:ا تعلم أنك ستعاقب على فعلتك هذه مككن قبككل كككبير الخككدم .فأجككابه البسككتاني ً:ا ل
أبالي بنفسي سيدي المير ,ولكني أخشى عليهككا هككي مككن العقككاب أو مككا هككو مصككير أبننككا
المولودا؟ ترى ماذا سيفعلون ببوجابت؟ قال المير ً:ا هل هككذا هككو أسككمها ؟ أجككابه ً:ا نعككم
سيدي .وخر البستاني ساجدا يقبل قدم المير وهو يبكي ويستجدي المير والمير يحاول
منعه من ذلك .فرفعة وقال له هل تحبها ؟ هز البسككتاني رأسككه إجابككة بنعككم وقككال ً:ا كككثيراا
سيدي لم أحب إمرأة من قبل ول يمكن أن أحب غيرها .حينها قال المير ً:ا ل عليك داعها
معي حتى تلد وعندها أكلم كبير الخدم في أمرها ل تخف أنت و هي في حمككايتي ل تقلككق
عندها قبل البستاني يدي المير وذهب شاكراا دااعيا ا حتى داخل المير قصره .
داخل المير غرفة نومه الواسعة وهو يناداي حيث لم يشاهد زوجتككه ً:ا مكاري ...مكاري...
لن تصدقي ما حصل معي هذه الليلة .
في الصباح ومع إرتفككاع الشكمس فككي الفكق وقككد عكسكت أشكعتها الذهبيككة علككى المككروج
الخضراء في حدائق القصور ,لح المير وهو يعبر الحدائق والممرات من قصككره حككتى
داخل قصر الملك .فمن ثم الى دايوانه حيث كان يجلس الملك على عرشه وحوله حراسه
الشداء وندمائه وحكمائه ومستشاريه وبالخص عن يمينه وزيره الماكر الذي كان يكككره
المير ويناصأبه العداء .وعند داخول المير للديوان ألقى التحية والسككلم فككأذن لككه الملككك
بيده أن يجلس فجلس عن يسار الملك وهككو ينظككر إلككى وزيككر الملككك كيككف يجلككس هنككاك
4
مزهواا مغروراا ولم تزغ عيناه عن النظر إلى المير منذ داخوله حتى جلوسه ,ولم يقككاطع
ذلك إل صأوت الملك يقول للمير ً:ا كيف كانت أحككداثا المككس ؟ فالتصككقت شككفتا الميككر
ل مفاجككأ ,فاستمسككك الميككر حككتى أجككاب ً:ا مككولي لككم أعككي وامتص لعابه حيث كان سؤا ا
سؤالكم ,عذرا منكم ...أعني أنك حضرت مجلسنا متأخراا هككذا قكال الملكك للميككر وهككو
يتجه برأسه ناظراا إلى وزيره بابتسامه خبيثة فقكالً:ا لبككد وأنهككا كككانت ليلككة مككثيرة .فقككال
المير بترداداً:ا سيدي الملك ...فقاطعه الملككك بإشكارة مككن كفككه أي ل دااعككي للجابككة وقكال
الملك ً:ا هذه هي حال المتزوجين الجددا .وأداار الملك وجهه إلى الحاضككرين قككائلا ً:ا أليككس
كذلك؟ وضحك الملك فتضاحك معه الحاضرون .أما الميككر فرسككم علككى شككفتيه إبتسككامة
صأفراء مجاملة ولذ بالصمت .
عند الظهيرة إنفض مجلس الملك فتوجه كل من الحاضرين إلى شأنه .عندها خرج المير
متوجها إلى قصره .وعند تلك الفتحة العشبية الفاصألة بين القصرين كان ينتظره البستاني
فلما رأى البستاني المير توجه إليه والفرحة تقفز من صأدره وقال ً:ا لقد أنجبت يا سيدي..
أنجبت ليلة البارحة لقد أصأبحت أباا .وارتسمت الفرحة في وجه المير وذهبا معككا عككبر
البوابة لرؤية الصغير ولم ينتبها إلى من كان واقفا على سلم مدخل قصككرالملك يراقبهمككا.
إنه الوزير كان ينظر إليهما من بعيد ,ورأى ذلك منهما ولم يسككمع كلمهمككا لبعككد المسككافة
فأخذت الفكار تتدافع في رأسه حيث لم يكن يسمح لخدم قصر الملك بالذهاب إلى القصر
الخر ,ثم تلك الطريقة التي كانا يتحدثان بها وسرعة ذهابهما معاا.
في الطريق إلتقى المير والبستاني بزوجته الميرة جالسة في حديقة قصرها على طاولة
تنتظر قدومه هناك .فتوجه اليها المير وأمسك بيكدها وأطلككق كلمكه واحككده مككن فمكه فككي
ل ً:ا أنجبت .وإذ تلقت عيناهما أغنت عن التفسير فقفكزت مكاري مكن كرسكيها عينيها قائ ا
تعدو والمير خلفها يتسابقان إلى سكنات الخككدم ومككن ورائهمككا البسككتاني .داخككل الثلثككة
تتقدمهم الميرة ماري يدفعها الفضول إلى حيث ترقد زوجه البستاني بوجككابت .فككإذا هككي
راقدة على سريرها وبجانبها طفل صأغير ملفككوف بخرقككة .فتقككدمت مككاري مككن الصككغير
وحملته .عندها استيقظت بوجابت لتنظر إلككى الميككره بنظككرة تعبككة فابتسككمت لهككا مككاري
وهي تمسك بالمولودا بين ذراعيها وقالت لها ً:ا صأبية ؟ هزت رأسها بوجابت بنعكم عنكدها
قبلت ماري الصغيرة وخلفها زوجها المير يككداعب أنككف الصككغيرة .فخلعككت مككاري مككن
صأدرها سلسلة ذهبية تنتهي بقلداة مرصأعة بحجر كريم أخضر كبير وألبسككتها للرضككيعة
وذلك كان كل ما تتمناه زوجة لم تكمل ثلثة أشهر من زواجهاوهو أن تصبح أماا.
في اليوم التالي إستدعى المير كبير الخدم وعرض أن يشتري بوجابت لتخدم في قصككره
ل عن ذلك القسم مككن أمككور الخككدم ,إنمككا أصأككبح ولكن كبير الخدم ردا قائلا ً:ا لم أعد مسؤو ا
الوزير هو من يحددا ملكية خدم قصر الملك ياسيدي .عندها ضاق صأدر المير لعلمككه أن
الوزير بالتأكيد سيرفض طلبه لما يكنه له مككن بغككض وعككدم توافككق .فقككال لكككبير الخككدم ً:ا
5
حسناا ل بأس أكتم هذا المر وسأحدثا أخي الملك في المر .وانصرف عنه المير داونمكا
يبدي مخاوفه لكبير الخدم .
الوزير استطاع أن يشتري أحد خدم قصر المير ليأتيه بالخبار عن علقة بستاني قصر
الملك بالمير ,فوعده ذلك الخادام بالخبكار الكاملكة .إنقضكى ذلكك اليكوم علكى ذلكك وفكي
اليوم التالي ما بين اجتماعات الملك ومحاداثاته وكالعاداة حتى الظهيرة رجككع الميككر إلككى
قصره وذهب هو وزوجته ماري للطمئنان على ضيفتهما الصغيرة .
خرج بالليككل أحككد خككدم الميككر لملقككاة الككوزير فكأخبره بالموضككوع ومككا حككدثا مككن أمككر
البستاني مع المير ,ومن نية المير الطلب من الملككك نقككل ملكيككة بوجككابت إليككه .فككأجزل
الوزير له العطككاء وانصككرف الخككادام مسككروراا .وبعككد قليككل خككرج الميككر لملقككاة الملككك
ل قبل أن يفترقا للنوم .فدخل على الملك المكتبة فقال له الملككك ً:ا هككل كالعاداة يتسامران قلي ا
رأيت المرصأد الذي بنيته ؟ ردا المير ً:ا ليس تماما سيدي .فقال الملككك ً:ا إذا تعككال نككذهب
لتفحصه .تقدم الملك والمير من خلفه حتى خرجككا إلككى ربككوة عنككد احككدى زوايككا حديقككة
القصر حيث شيد هناك برج عالي .وإذهما في الطريق قريبا من البرج لحق بهما الككوزير
فتسلق الثلثة سلم ذلك البرج من دااخله حتى أعله حيككث غرفككة المرصأككد .فتككوجه الملككك
إلى قطعة نحاسية كبيرة ذهبية اللككون ذات حلقككات ومسككننات مطلككة مككن فتحككة كككبيرة فككي
الغرفة نحو السماء .فقال الملك للمير ً:ا هل تعلم ما هذه يا نحميا ؟ تقككدم الميككر يتفحككص
تلككك الككدائرة الذهبيككة ذات الككدوائر الداخليككة الصككغيرة وعليهككا نقككوش ورمككوز وأعككدادا.
والوزير ينظر إليه من خلفه فقال المير ً:ا أظنهككا هككذه هككي الككتي يقككرأ بهككا كتككاب السككماء
سيدي .فتقككدم الملككك الككى حيككث يقككف الميككر بجككانب القطعككة وهككو يقككول فرحككا ا بالجابككة
ً:اأصأبت ,إنها ما نسميه السطرلب ,بها نعرف المسافة بين النجوم والكواكب ,وإرتفاعها
وهبوطها ,وكلها معلومات مسجلة منذ القدم ,وعن طريق هككذه الدااة نسككتطيع تحديككد إسككم
ذلك النجم أو الكوكب .ثم قال المير للملك ً:ا الحقيقة هناك ما أريد أن أسككالك أن تلككبيه لككي
يا مولي ,وأرجو أل يخيب رجائي ...وكان يريد أن يفاتحه في موضككوع بوجككابت ولكككن
ل ً:ا مولي الملكك هكذه الكتكب الكتي أمكرت أن نحضككرها مكن الوزير قاطعهما بسرعه قائ ا
مكتبة قصركم ,كلها هنا .وكانت هنككاك طاولككة وأرفككف وضككعت عليهككا بعككض الخرائككط
السماوية والوراق .فتنبه الملك إليها وأخذ يتفحصها فقال ً:ا نعم كلها هنا .ثم وقككف الملككك
عند الطاولة حيث وضع عليها ذلك الكتاب الضخم .ففتحككه وقلككب صأككفحاته والميككر مككن
خلفه ينظر إليه مندهشاا من عدم مبككالته بشككيء آخككر غيككر كتبككه .ثككم قككال الملككك ً:ا يككاأخي
الصغير هل تعلم من صأاحب هذا الكتاب العظيم ؟ أجابه المير بتحفظ ً:ا تعلم يا
مولي أنه ليس لدي شغف بالنجوم وكواكب السماء كمككا لمككولي الملككك الخككبرة الواسككعة
في هذا المجال وخبرة أوسع بالكتب .رفع الملك بصره من على الكتاب ونظر إلى وزيره
وكأنه يحول السؤال إليه .فتنبه الوزير و ق ال ً:ا إنكه كتكاب سكليمان يكا مكولي ...سكليمان
الملك .فقال الملك ً:ا نعم نستطيع أن نقول أنه لسليمان ,أو ال صأح أنه أحد كتبه ,لقككد كككان
للملك سليمان وزيراا يقكال لكه آصأكف بكن برخيكا بكن شكمويل ,وككان يعلكم السكم العظكم
ويكتب كل شكئ بكأمر سككليمان ويكدفنه تحككت كرسكي عكرش سككليمان ,فلمكا مكات سكليمان
6
أخرجت الشياطين تلك الصحائف والكتب فكتبوا بين كككل سككطرين سككحراا ,وقككالوا للنككاس
هذه كتب سليمان .ووضع الملك أجمنون يده على الكتاب قائلا ً:ا وهككذا أحككدها ,وقككد كككان
خاتم سليمان الذي حكككم بككه النككس وخضككعت لككه الجككن بككه ,وسككخر بككه الطيككر والككوحش
والرياح والمطار ,يحتوي على سبعة أحرف هي سر ذلك الخاتم ,وقبككل مككوته وزع تلككك
الحرف على سبعة مدن ,وضع في كل مدينة حرفاا في مفتاح منها .وأشار الملك بيده إلى
السطرلب قائلً:ا وهذا سككبب بنككاء هككذا المرصأككد .ورجككع الملككك إلككى الكتككاب وفتككح فيككه
صأفحة وقال ً:ا فقد ذكر هنا أن بإجتماع هذا الكوكب مع هذا النجم وذلك ل يحككدثا إل كككل
عدة قرون من السنين ,فإذا حدثا وجامع الرجل زوجته في ساعة إفترانهما فإنها تنجككب
ولداا يستطيع أخذ وفك تلك المفاتيح السبعة ,وهو فقط الوحيد الذي يستطيع أن يخرج تلككك
المفاتيح من أقفالها ,ول غيره يمتلك تلك المقدرة .وكان الملككك يقككول ذلككك وأعيككن الميككر
والوزير مستغرقه بين تكذيب وتشويق حتى صأدمهما الملك بالقطع قائل ً:ا وذلككك الرصأككد
هو الليلة ,بعد منتصف الليل في الساعة الساداسة تماما .وأشار بيده إلككى القطعككة النحاسكية
قائل ً:ا كما أوضح ذلك كتاب السماء بهذا السطرلب .ثم توجه الملك إلى الحائط وكككانت
هناك خريطة معلقة للمدن السبعة مكن ضككمنها مككدينته زيتككا .فوضكع الملكك إصأكبعة علككى
مدينة) زيتا( وكانت أول الخريطة وقال ً:ا هذا نحن .وأشار بيده إلى المدن الستة الخككرى
لً:ا وهذه المدن السته ,فبعد أن يتم لنا ذلككك نزحككف علككى هككذه المككدن ونأخككذ مفاتيحهككا. قائ ا
والتفت الملك إلى الثنين من خلفه وهما كأنهمككا يسككتمعان إلككى قصككة خرافيككة حككتى قككال
المير ً:ا وهل نملك نحن أحد هذه القفال ,أعني المفاتيح السبعة ؟ قككال الملككك ً:ا نعككم ومككن
يملكها كلها يملك الملك السليماني .وفتح الملك ذراعية بوسع قكائل ً:ا أي العكالم كلكه تحكت
تصرفه .هبط الجميع من البرج وانصرف الملك إلى قصره واثقا مما خطط له .ولم يكككن
حال صأاحبية كذلك .فقد بدت في رأسيهما وكأنها قصة أسطورية مبالغ فيها .
ذهب المير إلى قصره وبفارغ من الصبر كي يخبر زوجتككه بتلككك القصككة المسككليه حككتى
يتسامرى بها .أما الوزير فوجككدها فرصأككة سككانحة للقضككاء علككى خصككمه الميككر ,فككذهب
واتفق مع احدى خدم قصر الملك أن تضع المنوم للملك في تلك الليلة ,فوضعت له المككاداة
في إبريق شرابه ووضعته بداخل غرفته .وعندما إنتهككى الملككك مككن مكتبتككه داخككل غرفتككه
وغير ملبسه وارتشف من ذلك البريق وقبل نومه حدثا امراتككه وأوصأككاها بككأن تككوقظه
بعد منتصف الليل لمر بغاية الخطككورة ,وشككددا عليهكا فكي ذلككك حكتى أنككه احتكاط ونكاداي
إحدى الوصأيفات وأمرها بأن توقظه في تلك الساعة وعلى ذلك نام الملك.
أما الوزير فقد كان في الحديقة يبحث عن البستاني .فوجده في السطبل فدخل عليه وقال
له ً:ا إسمع يا هذا ً:ا إقترفت ذنبا ل يغتفر في حق خدم قصر الملك ,ل تحككاول النكككار فأنككا
أعلم بأمر المولوداة الصغيرة .عندها خرجت روح البسككتاني مككن عينيككه عنككدما تيقككن أنككه
هالك ل محالةحتى قال الوزير ً:ا ولكن أستطيع وأنا وحدي أن أخرجك من هككذا المصككير.
عندها دابت الحياة فككي البسككتاني مككن جديككد لككوهله وقاطعككة الككوزير قككائلً:ا ولكككن بشككرط.
فأطرق البستاني رأسه وجشكأ بالبككاء فصككفعه الككوزير صأكفعه قويكة رمتككه أرضككاا .وأخككذ
7
البستاني يصيح ويقول ً:ا أي شئ...أي شي ياسككيدي آمرنككي أنفككذه فككي الحككال .عنككدها قككال
الوزير وهو يرفع أنفه ً:ا إذا إسمعني جيداا .
المير نحميا داخل غرفته وكانت مككاري بانتظككاره فسككاعدته فككي خلككع ثيككابه وقككالت ً:ا لقككد
تأخرت هذه الليلة بعض الشيء .وارتمت ماري على عرض السككريرعلى بطنهككا فتبعهككا
المير وارتمكى بجانبهكا قكائل ً:ا لكن تصكدقي هكذا ,فقككد ذهبنكا لرؤيككة المرصأككد الكذي بنكاه
أجمنون .فقالت ماري ً:ا وما العجيب في ذلك ؟ فقال ً:ا العجيب هو القصة الككتي خككرج بهككا
أجمنون علينا ,فقالت مستنكرهً:ا علينا ! من أنتم؟ قال ً:ا أنا ووزيره ذلككك الشككيطان .قككالت ً:ا
لكن أتعلم أن الملك طيب القلب ويحبك ولكن الككوزير هككو مككن يككوغر عليككك عنككده ويفسككد
بينكما .قال الميرً:ا هذا أمر طبيعي ,فالوزير يعلم أني أستطيع أن أخككبرأخي عككن قسككوته
في معاملة الناس وتسلطه وجبروته وظلمه ليككس ذلككك فقككط بككل ونصككبه وجمعككه المككوال
لحسابه الخاص ,بل حتى وسرقته من أموال المملكة ,لذلك هو يكرهنككي ويشككوه صأككورتي
عند أخي حتى إذا ما حاولت فضحه ل أجد أذن صأاغية عند أخي الملك .ثم نهككض نحميككا
عن السرير وتوجه ليسكب كأسين مكن الشكراب .وإذ هككو يصكب الشككراب اسككتقبل باتجكاه
ماري وأكمل يقول ً:ا ليس هذا العجيب ,بل ان أجمنون يدعي أن من عاشر زوجتككه الليلككة
أنجبت إبنا يملك قوى خارقة وقصةهناك عن مفاتيح ..وخاتم سككليماني ..وامتلك العككالم..
ل أداري أعتقد أن أجمنون قد أكلت الكتب رأسه فبدأ يخرف قبككل أوانكه .قكال الميككر ذلككك
بعدم مبالة وهو يتقدم إلى السرير وفككي يككده كأسككين مككن الشككراب ,وإذ يمككد الميككر كأسككا
لزوجته فإذا هي قد سرحت تفكر فيما قاله بشده ثككم أخكذت الككأس مكن يككده وقكالت ً:ا لعلككه
اختبار من الملك .ردا عليها بتعجب ً:ا وكيف ذلك؟ قككالت ً:ا ليعلككم أيككا منكمككا سككيحاول فعككل
ذلك فمن فعل علم أنه طامع بالسلطة .فكر المير قليل وقال ً:ا معككك حككق يمكككن أن يكككون
المر كذلك ,ل بد وأنها خدعة ,وإل لماذا يفصح لناعن سر خطير كهذا ,وبتلك الهميككة,
وإل احتفظ به لنفسه إن كان ينوي امتلك العالم ,لماذا يريد أن يسككبقة أحككدالى ذلككك .وداق
المير كأسه بكاس ماري وارتشفا من الشراب وهما ينظران إلى بعضهما بتغزل ثم قالت
ً:ا ولما ل نفعلها ؟ قال ً:ا هل تصدقين أمرأ كهذا ؟ فقالت ً:ا نحن نفعلها فكي مطلكق الحكوال
فلم ل نفعلها؟ قال ً:ا ولكنه إشترط أن يكون ذلك بعد منتصف الليل أي في الساعة الساداسة
تماما .قالت ً:ا ل بأس نتسامر إلى حين ولم يبقى إل القليككل .وفعل فعل مككا خططككا لككه فككي
الساعة الساداسة بعد منتصف الليل .
أما الملك أجمنون فإنه صأحا من نومه فاذا قد تجاوزت السككاعة السككابعة ,أي فككات الككوقت
المطلوب بساعة فجن جنونه وضرب زوجته واستدعى الوصأيفة وارادا قطع رأسككها لككول
أن زوجته أخبرته أنهككا حككاولت إيقاظككة بكككل الطككرق فلككم يسككتيقظ .فلككم يصككدق حككتى أن
زوجته أخذته إلى سريره وأرته أثر بلل الماءعلى فراشه والذي رشككته عليكه فكي محاولكة
أخيره ليقاظه ولكنه لم يستيقظ .فتحسس الملككك السككرير فوجككده فعل رطبككا وإذ ذاك فتككح
8
الملك الكتاب السليماني ونظر فيه ثم ذهب إلى زوجته قككائل ً:ا ل بكأس الكتكاب يشكير إلكى
أنه بعد ذلك الكوكب يقككترن بكككوكب بعككده بسككاعة فمككن عاشككر زوجتككه فيككه ولككدت أقككوى
الرجال .وهكذا فعل راضيا بأقل القليل مما كان يطمح إليه ومما كان ينتظره زمنا طوي ا
ل.
في تلك الليلة والجميع نيام ما عدى بوجابت وحبيبها البستاني .فها هي وهو في السككطبل
يعرض عليها ما شرطه عليه الوزير فقال البستاني لبوجابت ً:ا لقد طلككب منككي الككوزير أن
أذهب في الصباح إذا ما رأيت المير قد داخل على دايوان الملك وأخبره أن المير نحميككا
طلب منك وضع منوم في شراب الملك ليلة البارحة أي هذه الليلة وذلك كككي يفككوت علككى
الملك فرصأة إنجاب ولد يحكم العالم ويسككتأثر هككو بككذلك مككن داونككه فيككؤل إليككه الحكككم فككي
المملكة من داون الملك وأولداه من بعككده ,وأن تشككهدي معككي علككى ذلككك ,عنككدها سككيعتقك
الوزير لنتزوج .ل ..ل يمكن .قالت بوجابت ذلك وأعطت ظهرها للبستاني ثم قالت ً:ا هككل
تريدني أن أخون من أحسن إلينا بل ..وأكذب ..وأشهد زوراا,هل هككذا مككا أنككت عليككه؟ هككل
هي كذلك أخلقك التي أحببتك من أجلها؟ ردا البستاني ً:ا الوزير أقككوى مكككانه عنككد الملككك
من أخيه المير .قالت ً:ا وكيف سيصدق الملك ما نقول؟ قال ً:ا سككندعي أنككه هككددانا بفضككح
أمرنا لدى الملك وبالقتل إن لم نفعل ,عندها من غير المعقول أن ل يصدق الملككك إداعائنككا
عليه .قالت ً:ا ولما نؤذي من ساعدنا؟ المير وزوجته من أطيب الخلق ,ل يستحقان ذلك ,
وخاصأة منا ,أنا وأنت من إستضافانا .قال ً:ا أنت ل تفهمين ,لقد هددا الوزير بقتلي وقتلككك,
بل وقتل الطفلة قبل ذلكك ,هكل تريكدين أن تشكاهدي طفلتكك تقتكل أمامكك؟ عنكدها تكردادات
بوجابت وهي تفكر في مشهد إبنتها الصغيرة تذبح أمككام ناظريهككا فصكككت وجههككا بكفيهككا
وأخككذت بالبكككاء مككن فضككاعة المشككهد .ثككم هككزت رأسككها بالنكككار وهككي تقككول ل ...ل
وانطلقت تجري باكية إلى السكنات بينما ظل البستاني بالسطبل فككوق كككومه القككش يفكككر
ويقول لنفسه لوفعلنا ما طلب الوزير ل أظن أن الملك يعاقب أخاه هككم ملككوك وأمككراء مككع
بعضهم أما نحن فنحن مستضعفون من سيدافع عنا ل أظن أن يلحق به الذى إنهم كككبراء
ونحن صأغار جدا .وقضى البستاني ليلته ساهرا بتأنيب الضمير .مره يككراه مناسككبا ومككره
أخرى تغلب عليه أخلقه الكريمة فيستنكر ويرفض .
طلع الصباح والجميككع عنككد الملكك فككي مجلسككه .إذ داخكل عليككه أخككوه الميرنحميككا فحيككاه
وجلس في مكانه المعتادا .لحظ المير نحميا أن الملك واجما وكأن الطير على رأسه
والوزير كالمعتادا على يمين الملك أجمنون قبالة المير ينظر إليه واثقا من مخططه الككذي
أعده له .تكلم المير نحميا وكسر السكون في المجلس وقال ً:ا مككولي الملككك ,إن مطابككخ
قصر مكولي أجمنككون العظيككم تزخكر بأفضكل الطبكاخين فكي البلدايككن كلهككا ,بكل وتفخكر
بأكثرهم عدداا ,فلو يأذن لي مولي بإحدى الطباخات تنضم إلى مطبخ بيتي المتواضع من
فضله ومنه .نظر الملك أجمنون إلى نحميا وقطب حواجبه باستغراب لطلبه السخيف ذاك
ولن شيئا أكبر من ذلك يشغل باله فلم يهتم كككثيراا وقككال ً:ا حسككنا أذنككا لككك .وتككوجه الملككك
بالكلم إلى الوزير قائل ً:ا فليضم المير من يشاء من المطبخ إلككى قصككره ولككم يتككم الملكك
كلمه حتى داخل عليهككم المجلككس البسككتاني ووقككع فككي وسككطه سككاجدا متضككرعا صأككائحاً:ا
9
مولي عفوك وحلمك يا مولي الملك العظيم أجمنون .نظر إليه الملك وقال ً:ا قككف وتكلككم
يا هذا من أنت ؟ ولي شيء جأت ؟ وكيف داخلت ؟ وقككف البسككتاني بذلككة وخضككوع وقككد
اندهش المير نحميا منه ومن فعله وأصأبحت عينككا الميككر فككي رأسككه بينمككا إتسككع صأككدر
الوزير وانشرح ببككدأ مخططككه بالتنفيككذ فقككال البسككتاني ً:ا مككولي الملككك أرجككو أن تككأمنني
بعفوك إن تكلمت .فقال الملك لضيق مككا ألككم بككه تلككك الليلككة ً:ا تكلككم ل ضككرر عليككك .فقككال
البستاني ً:ا لقد نشأت علقة بين عبدك وخادامك الفقيككر هككذا وطباخككة مككن مطبككخ قصككركم
العظيم فولدت منها بنتا قبل ثلثا ليالي يا مولي ,في سكككنات خككدم قصككر أخيكككم الميككر
نحميكا .عنكدها نظكر الملكك إلكى نحميكا فكاحمرت عينكا الملكك واشكتط غضكبا فرجكع إلكى
البستاني وقال ً:ا أكمل قبل أن أقطع رأسك .فقال البستاني ً:ا الفتاة أم إبنتي تككدعى بوجككابت
فاستدعاها المير بعككد أن ولككدت طفلتهككا وهككدداها بفضككحها لككديكم إن لككم تضككع ...فسكككت
البستاني خوفا ونظر إلى المير نحميا فقال له الملك بغضب وقد إصأطكت أسنانه ً:ا تضع
مككاذا ؟ فقككال البسككتانيً:اأمرهككا مقابككل تسككتره علينككا أن تضككع لجللتكككم المنككوم فككي أبريككق
الشراب ,وسمعت بوجابت المير نحميا وزوجته يقولن الملك لم ينجب غير ثلثا إناثا,
كما سمعتهما يتآمران على نقل الملك فككي ذريتهمككا وأن وضككع المنككوم لمككولي جككزأ مككن
الخطة .عندها التفت الملك إلى أخيه المير الذي إنعقد لسانه من صأدمة الخيانة وقككال لككه
الملكً:ا هل كنت تعلم بأمر هذا البستاني وتلك الفتاة ؟ هل هي هذه الطباخككة الككتي سككألتنيها
قبل قليل ؟ فأجاب المير متلعثما خائفا ً:ا نعم يا مولي ولكن ...ولم يتم حديثه حيككث داخككل
على الملك طبيب القصر وبيكده البريكق الكذي شكرب منكه الملككك فكي تلككك الليلكة وقكال ً:ا
صأحيح ما ظننته يا مولي إن هذا الشكراب يحتكوي فعل علكى المنكوم .فكي تلكك الثنكاء
كانت بوجابت في قصر الميره ماري تخبرها عن المؤامره فتقدم الملك من المير نحميا
ولم يعطه فرصأة للدفاع عن نفسه واستل خنجكرا مكن وسكطه حكتى أن وصأكل الملكك إلكى
المير فإذا ماري تدخل المجلس مسرعة ,فرآها الملك وهي تبكي زوجها فرق قلبككه علككى
أخيه وأمر الجند بأخذه إلى السجن وتكفل الوزير بذلك بكل سرور .أما الميره ماري فقككد
حاولت التدخل لمنع الجند من أخذ زوجها واسترحمت الملك في أخيه المير الككذي وقككف
هناك بأيدي الجند يجرونه وهو يرى زوجته في الذل والمهانة .رجع الككوزير مككن السككجن
حيث إطمأن على حبس المير نحميا فقال له الملك ً:ا فلتسجن الميرة ماري في قصرها
ل يدخل عليها أحد ول تخرج منه حتى تلد ,وبعد أن تلد نأخذ ولدها فنربيه فل يعرف أباه
ونقضي به حاجتنا .فقال الوزير للملكً:ا هل تأمر بقتل المير نحميككا يككا مككولي؟ ردا عليككه
الملك مباشرة ل ..ل ليس الن داعني أنظر في أمره إلى حين إذهب وأفعل ما أمرتك به.
إنصرف الوزير وجلس الملك على كرسككيه وقككد زادا همككه وغمككه .الككوزير خككاف مككن أن
الملك بعد حين يعفو عن أخيه المير فدبر مكيدة مع البستاني لمحاولة تهريب الميككر مككن
سجنه فطلب البستاني وقال له ً:ا لم تنتهي مهمتك بعد لكككي تنجككو بجرمككك عليككك أن تمثككل
وسيله لتهريب المير من سجنه وعند ذلك يكون الجنككد بإنتظككاره فيقتلككوه ونتخلككص منككه
للبد .وافق البستاني الوزير .واتفق مع بوجابت على وضع المنوم للحراس في تلك الليلة
ولكن البستاني لم يكن ينوي إرسال المير إلى حتفه وإنما كان فعل ينككوي إنقككاذه وعنككدها
10
يمكن أن يقول أنه قد نفذ الجزأ الخاص به من مهمته بتسككهيل فككرار الميككر ولكككن الخطككأ
ليس خطاه وإنما خطأ الجند وبذلك يتخفف من ألم تعككذيب الضككمير لديككة .فاحضككر عربككة
ووضعها خارج بوابة المدنية .
ذهبت بوجابت إلى مطبخ قصر الملك واتفقت مع زميلتها علككى وضككع المنككوم للحككراس
وأن تقدمه لهم إحدى الخادامات .وبعد أن نام الحرس كانت بوجابت تحمل طفلتها ومعهككا
ماري عند العربة ينتظران ,بينما داخل البستاني السجن وحررالمير وإذا همككا لككدى بككاب
السجن قابلهما الوزير فاستل البستاني سيفا من أحد الحراس النيام وداارت بينهمككا معركككة
سرعان ما حسمها الوزير المتمرس على حمل السلح وليس كالبستاني الذي لم يتعودا إل
على قص الحشائش فضربه علككى رأسككه فشككجه صأككريعا وأرادا أن يبطككش بككالمير ولكككن
الوزير تلقى ضربة قوية على رأسه من الخلف ,لقد كانت تلك بوجابت إستخدمت عصككى
قويكة فكأوقعته مغشكيا عليكه وألبسكت بوجكابت الميكر لبكاس النسكوة وانطلقكا إلكى البوابكة
متخفيان .وإذا هما في لحظة خروجهما من الباب الكبير حيث الميرة مككاري فككي العربككة
تحمل طفلة بوجابت يصرخأ عليهم الوزير وهو يجككرى بإتجككاههم والككدماء قككد سككالت مككن
رأسه قائل ً:ا أوقفوهم .وحالما سمع الفارين ذلك أركب المير نحميا بوجابت فككي العربككة
وإذ يهم المير بالقفز إلى العربة أطلق أحد حراس السور سهما بإتجاههم فأصأاب الميككر
نحميا فوقع على الرض ثم توالت السهام عليهم فجفلت خيول العربككة وانطلقككت مسككرعه
بينما تنظر ماري إلى زوجها ملقا على الرض وقد غرز السهم ظهره وهككو ينظككر إليهككم
يبتعدون مشيرا إليهم بيده موداعا زوجته ماري التي أخذت تراقبة و تبكي إذ العربة تبتعككد
بهم وتنطلق وراءهككم ثلككه مككن الخيككاله يقككوداهم الككوزير وتجككري المطككارداة عككبر الغابككات
المظلمة وقلب الميرة ماري مع زوجها متأملة أن يكون قد نجككى مككن ذلككك السككهم القاتككل
وقد غسلت الدموع وجهها.
أخذت العربة مجكرى جانبيككا مكن الطريككق .وعلكى بضكعة أميكال فككي أخكر ذلكك الطريككق
علمت بوجابت التي أمسكت بلجام الخيل أن أفضل وسيلة لهم البتعادا عن الطريككق العككام
والختباء وإل عثروا عليهم إذا ما استمروا بالحراك .فأوقفت العربة عند مفككترق طريككق
و ترجلتا عنها .ثم ضربت بوجابت الخيول لتعدوا في الغابة الكثيفة وهما بدورهما نزلتا
منحككدرا كثيفككا مليككء بالشككجار .بعككده شككاهدتا كوخككا فككي أسككفل المنحككدر فتوجهتككا إليككه
مسرعتان .وداخلتا من باب الكوخأ علككى سككرعة ووجككل فككإذا هككو كككوخأ مليككء بالحاويككات
الزجاجية الصغيرة والمتوسطة وبعض الجهزة الغريبه والوراق والقراطيس والمناضد
الخشبية وكأنه مستوداع بل وكأنه مختبر .
دافعت بوجابت باب الكوخأ بقوة داخولا إلككى غرفتككه وتبعتهككا مككاري ورائهككا ممسكككة بككذيل
ثوبها حتى أصأبحتا على بضع خطككوات مككن البككاب بككداخل تلككك الغرفككة الرثككة .فالتصككقتا
بجدار الغرفة وقد إنقطعت أنفاسهما من الجري وشخصت أبصارهما حينما رأتا رجل ذو
شعر كثيف وقد علككى بعككض البيككاض شككعر رأسككه وفككي بعككض جكوانب لحيتككه خصككلت
بيضاء .واقفا أمام إحدى المناضد يعمل على شيء وقد إلتفت إليهما لفتككة دافاعيككة .تككوجه
إليهما الرجل وقال متفحصا هاتان السيدتان اللتان قد بدتا مككن ملبسككهما أنهمككا ليسككتا مككن
11
العامككة .وأحككدهما قككد بككدت ملبسككها وحليهككا تنطككق بوضككوح علككى ثرائهككا .مككن أنتمككا ؟
وماالذي أتى بكما علي هكذا ؟ ردات عليه بوجابت ً:ا هناك من يطاردانا من الرجال خلفنككا,
أرجوك أل يوجد مكان نختبأ فيككه عنككدك حككتى رحليهككم؟ نظككر الشككيخ نظككرة سككريعة إلككى
المكان .والتفت وراءه ناظراا إلى بعككض المككداخل مككن تلككك الغرفككة حيككث بعككض الغككرف
الخرى ولكنه علم أنهم إذا ما فتشوا المكان لن يجدوا صأعوبة في إيجاداهما حيث ل يوجد
مخبأ عنده لهما .فتوجه مسرعا إلى بعض أوانيه الزجاجية وفتح إحداها وأخككذ بعكض مككن
ما يشبه الدقيق وأغلق فم الزجاجة على عجل وتوجه إلى السيدتان وقد سمع ضجة الخيككل
مقبلة على الكوخأ من الخارج وقال لهما ً:ا مهما يحدثا إلزما مكانكما ول تتحركا ول تأتيككا
بأي صأوت .وأخذ ينشر بعض من ذلك الدقيق على رأسككيهما قككائل ً:ا ل تخافككا فقككط إلزمككا
السكون التام .داخل الجنككودا بككاب الكككوخأ بقككوة حيككث لككزم الشككيخ مكككانه واقفككا بل حككراك
وكانت السيدتان على يسكاره مباشكرة خائفتكان تترقبكان ولككن الجنكودا لكم يبكدوا أي إنتبكاه
إليهما فلم يكونوا يستطيعون رأيتهما .عندها تقدم الوزير دااخل إلككى الغرفككة عككبر جنككوداه
إلى أن وصأل إلى منتصف الغرفة ثككم إسككتدار وواجككه الشككيخ وقككال لككه متتفحصككا المكككان
بنظككرهً:ا هككل جككاءك زوار منككذ داقككائق ؟ ردا الشككيخ ً:ا نعككم سككيدي الفككارس .عنككدها كككادات
السيدتان أن يغشى عليهما عندما سمعا الشيخ يقول نعم .فقال الككوزير ً:ا وأيككن همككا ؟ فقككال
الشيخ مشيرا إليهم والى الوزير ؟ أنتككم ياسككيدي .نظككر إليككه الككوزير بخبككث وهككو يتمشككى
متفحصا الغرفة وردا وجهه إلى الشيخ قائل ً:ا ألم تأتك سيدتان مع طفلهما إلى هنا منذ قليل
؟ إنهما مجرمتان فارتان من العدالة وإيواء المجرمين عقوبته العدام .وقد أشككار الككوزير
بأصأبعه إلى الشيخ عندها قامت الصغيرة من نومها وبدأت تتحكرك بعكض الشكيئ فكي يككد
بوجابت .فخافت من أن تبدأ الصغيره بالبكاء فوضعت بوجابت إصأككبعها بهككدوء علككى فككم
الصغيرة فأخذت الصبية تمص إصأبع أمها وراحككت فككي سككبات عميككق .ردا الشككيخ علككى
الوزير ً:ا سيدي المكان ملكك وهو كما ترى ل أحد سوانا هنا .أمر الوزير الجنودا بتفككتيش
المكان بينما بقي هو مع الشيخ فدخل الجند إلكى الغكرف المجكاوره ثكم رجعكوا فلكم يجكدوا
أحد .فنظر إليهم الوزير وهم خالين الوفاض ثم قال وهو يخرج من الكوخأ مسرعاً:ا هيا
بنا ل يمكن أن يكونا قد ابتعدا .وخرج جميع الجند مككن الكككوخأ وانطلقككوا فككي إثككر مككاري
وبوجابت .بعد فترة بسيطة من خروجهم قالت ماري ً:ا شكراا لك إيهككا الشككيخ الطيككب لقككد
أنقذتنا من موت محقق .عندها تحركت بوجابت فظهرتا للشيخ عيانا فقالت ماري للشككيخً:ا
ما هذا الذي رششته علينا فأخفانا عن العيون ؟ هل أنت ساحر؟ فقال الشككيخ وهككو يبتسككمً:ا
ساحراا! بالتأكيد لست ساحراا يا سيدتي وإنما أنا طبيب ,لست إل طبيب القرية.
رجع الوزير بالجنودا بعد تفتيش مضني بعد الفجر بقليل إلى المدينة فدخل الككوزير قصككر
الملك أجمنون مسرعا ليحمل إليه الخبار .إستأذن الوزير على الملك باب غرفتككه فخككرج
إليه الملك قائلً:ا ما الككذي أتككى بككك مبكككرا يككا لككوذا؟ قككال الككوزير ً:ا اخبككار سككيئه مككولي
أجمنون .فقال الملكً:ا قل ما عندك لم تككزل الخبككار سككيئه منككذ إقككتران تلككك النجككوم .قالهككا
الملك مستسلما .فقال الوزير لوذا ً:ا يجب أن تراها بنفسككك مككولي .قككال أجمنككون ً:ا حسككنا
إنتظرني عندك .داخل الملك وارتدى ملبسه وخرج مع الوزير فأخذه الككوزير إلككى سككجن
12
القصر .وعندما وصأل شاهد الملك الحرس ممدداين علككى الرض وقككد ضككرحوا بككدمائهم
فحزن لذلك المنظر .ولكن ما أن رآ أخيه المير ممدداا بقربهم بل حراك وقد غككرس سككهم
في ظهره حتى إشتد حزن الملك وأقبل علككى أخيككه فوضككع رأسككه علككى حجككره متألمككا لككه
وقالً:ا ما الذي حدثا ؟ قال لوذا وهو يشير إلى البستاني الممددا هناك وقد شق رأسككه إلككى
نصفين ً:ا بمساعدة هذا الخائن مككولي لقككد سككاعد هككو وفتككاته الطباخككة مككع زوجككة أخيكككم
المير على قتل الحراس ,وصأاداف أني كنت في الجوار فاستطعت التغلب على البسككتاني
ولدى محاولة أخيكم وزوجته والطباخة الهروب والفرار من البوابكة أطلكق الجنكد عليهكم
السهام فأصأابوا المير فأرداي قتيل كما ترى يا مولي .قككال الملككك وقككد انسككابت الككدموع
من عينيهً:ا وماذا حل بزوجته ؟ قال الككوزيرً:ا لقداسككتطاعتا هككي والطباخككة ومعهككا طفلتهككا
الفرار مولي .قال الوزير ذلك وقد كان خلككف الملككك واقفككا وقككد ارتسككمت فرحككة غككامرة
على محياه.
13
الفصل الثاني
أما من حال ماري وبوجابت ورضيعتها فقد باعتا مككا لككديهما مككن حلككي وثيككاب ,واشككترتا
ثياب أخرى كحال الرعية ,حتى أن بوجابت أرادات بيع تلك القلداة التي أعطتهككا الميككره
ماري لمولوداتها يوم ولداتها ,ولكن ماري منعتها مككن ذلككك .وعاشككتا معككا فككي كككوخأ ذلككك
الشيخ الطبيب الطيب .وكون أن الميرة مكاري لكم تعتكد علكى العمكال اليدويكة فقكد ك ان
صأعبا عليها أن تتعودا على الطبخ والغسل و العمككال المنزليككة الخككرى .ولكنهككا تعككودات
عليها بعد فترة بمساعدة بوجابت التي لم تسمح للميرة في البداية أن تعمل بيككديها ,ولكككن
مع إصأرار الميرة ماري قامت بوجابت بتعليمها كل ما يلزم من متطلبات ربات الككبيوت
كما تناوبتا العتناء بالصغيرة التي أسمتها روثا .
كان الشيخ يكسب رزقة من تطبيب أهل القرية .فقد كان عالما متمرسككا فككي مهنككة الطككب
والعشاب .قبل طلوع الشمس وظهورها تناول الشيخ سكينا ذات نصككل كككبير عريككض
معلقة بخيط على مسمار فككي الحككائط .وسككار بهككا ووضككعها علككى الطاولككة وتنككاول القلككم
وكتب على نصككلها بككالطول هككذه الحككرف كككل حككرف لوحككده .ط ل ق ض ر ا ط ثككم
خرج من باب الكوخأ يحمل السكين .وأمسك بالسكككين بكلتككا يككديه ورفعهككا معامككدا جسككمه
بامتدادا ذراعية أمام وجهه ,وقابكل بالكتابككة ناحيكة شككروق الشكمس وأخككذ يتمتكم ويكردادا إذ
الشمس تظهر من الفق وتصيب بأشعتها ذلك النصككل ً:ا بيككوهن بيككوهن بسمسككيم بسمسككيم
بيلهن بيلهككن سككبريوش سككبريوش شككيموش شككيموش صأككعي صأككعي كعككي كعككي أرميككال
أرميال .عندها إكتمل ظهور الشمس عنككد إنتهكاءه مكن كلمكه فككدخل إلككى الكككوخأ ووضكع
السكين معلقة في مكانها على الجدار وتوجه إلككى نافككذة تطككل علككى خلككف الكككوخأ .الكككوخأ
الذي أصأبح أكثر نظافة وترتيبا .فشاهد من النافذة ماري وبوجابت وهما تعتنيان بمزرعة
قد أنشأتاها هناك بالخلف للحصول على خضار المطبخ حيث يجككري ينبككوع مككاء صأككغير
بجانب تلك المزرعة الصغيرة .وراح الشيخ يطالع مكاري وهككي تفتككش عككن الخضككروات
وقد إنتفخ بطنها وكبر .فتوجه الشيخ الى الغرفة المجاوره وأخذ يلعب روثا .
في أخر ذلك النهار داخل الشيخ الكوخأ فإذا ماري هناك تجهز لعدادا العشاء .وعند جدار
الغرفة تجلس بوجابت وهي ترضع روثا فتككوجه الشككيخ إلككى الجككدار حيككث تلككك السكككين
وأخذها وذهب بها إلى مسافة قريبة من الكوخأ في الغابة حيث حقل داوار الشككمس .فبحككث
بينها عن واحدة وجهتها إلى المغرب حتى وجككدها ,فربككط خيطككا رفيعككا عنككد آخككر نصككل
السكين مما يلي المقبض ,فقاس بطرف نصل السكين من وسط داائككرة داوارالشككمس حككتى
انتهاء النصل عند الخيط ,ثم مد الخيط عمودايا باتجاه ساق داوارالشمس زاويككة مسككتقيمة,
ثم مد الخيط عمودايا باتجاه تلقي الخيككط بالسككاق وعلمككه بشككطبة صأككغيرة خطككا بالسكككين
14
ووضع السكين بالطول أمام داوار الشمس بحيث ظل طرف السكين عند تلك الشطبة التي
بالساق فإذا بسقوط الشمس غربا يطول ظل السكككين ويمتككد كلمككا زادا سككقوط الشككمس فككي
الغروب حتى وصأل ظل السكين إلى منتصف داائرة داوار الشمس المكان الذي قككاس منككه
أول .عندها أخذ الشيخ يقول والسكين في تلك الوضعية ً:ا بيوهن بسمسيم بيلهن سككبريوش
شيموش صأعي كعي أرميال .ثم أخذ السكككين وأخككذ يقطككع رأس داوارالشككمس وهككو يقككول
بيوهن بسمسيم بيلهن سبريوش شيموش صأككعي كعككي أرميككال فمككا أتككم ذلككك حكتى قطعهكا
تماما .فأخذ الرأس وداخل الكوخأ فاذا بوجابت قد تبككادالت مككع مككاري تطبككخ الطعككام بينمككا
تجلككس مككاري هنككاك تشككاهدها وتلعككب روثا .وضككع الشككيخ رأس داوار الشككمس علككى
المنضدة وقام بإخراج بذرة بينما تطالعه بوجابت وهككي تحككرك القككدر علككى النككار وتنظككر
بابتسام إلى ماري التي شاركتها البتسامة من حيث الشيخ ل يراهما خلفه .قام الشيخ بدق
البذر ناعما طحينا ثم وضعه في زجاجة وأحكم إغلقها وكتب عليها ) للحالت الصعبة (
واتجه بالزجاجة إلى الرفف فمر ينظر إلى مككا كتككب علككى القنككائن الزجاجيككة المصككفوفة
وهو يقرأها ً:ا هذا آلوسن وهذا أطريال وهذا إبهل وهذا أبو فايس وهذا أترج وهذا أثل أين
أيككن وهككذا الجككاص .الحيككون .إذخككر .أذان الرنككب .أرقيطككون أسككارون أسككل آس أسككد
العرس أستيون أشنة أشخيص أشراس أثرار أشنان أصأككابع صأككفر أصأككابع هرمككس إكليككل
الجبل فمر على الجميع ل يعلم أين يضعها حتى أخرها حيككث وضككعها فككي أخككر الصككف.
وفي صأباح اليوم التالي جاءه أحد القرويين يبكي وقد كسرت ذراعككة فاقعككده الشككيخ علككى
الكرسي ومد الشيخ يده على ساعد الرجل وتمتم وهويمسككح بيككده عليهككا ثككم لواهككا فخككرج
صأوت طقطقة فرجعت اليد سليمة معافاة ففرح القروي الفقير وأعطى بعض النقودا للشيخ
رغم إمتناع الشيخ عن أخذ المال إل أنه أخذه عنككد إصأككرار القككروي .أخككذ الشككيخ يراقككب
القروي وهو واقف بخارج الكوخأ حتى إختفى الرجل .سموطان..سموطان ..سمع الشيخ
من ينادايه من خلفه فالتفت الشيخ خلفه فككإذا رجككل أخككر مقبككل عليككه وعليككه ثيككاب الرخككاء
وزينة الثرياء فقال الرجككل وهككو يمشككي باتجككاه الشككيخ ً:ا سككموطان أيهككا المخككاداع .حككتى
إقترب الرجل من الشيخ والشيخ في داهشة من أمر الرجل .فقال الثري للشيخ ً:ا سككموطان
لست إل مخاداع كذاب الدواء الذي أعطيتني إياه البارحة عندما جأتك أشتكي عسر هضككم
معدتي ل يزال اللم كما هو ولم يفدني داوائك في شيء ,تأخذ مالي وتسرقني ول تفعل لي
شيئا .فغضب الشيخ وكتم غيضة ثم دابر فكره لحظككة وقككال لككه ً:ا ل بككأس عنككدي لككك داواء
شافيا هذه المرة .فقال الرجل ً:ا ولكني لن أدافع لككك مككن جديككد .فقككال الشككيخ ً:ا ل دااعككي أن
تدفع شيئ .وداخل الشيخ إلى الداخل والرجل ينتظره بالخارج .فتح الشيخ قنينككة الحككالت
الصعبة وأخذ منها بطرف أصأابعه وأغلقها وماري تراقبة يفعل فتبعته وهو يخرج للرجل
ووقفت لدى الباب تراقب .وصأل سموطان إلى عند الرجل ونثر ذلك الككدقيق علككى وجهككه
قائل ً:ا بيوهن بسمسيم فما أن وصأل ذلك الغبار إلى أنف الرجل حتى بدأ بالظراط الشككديد
رغم محاولته منعه بل جدوى .فأخذ الرجل يقعقع بأنغام شتى وهو موليا مدبرا يصيح من
شدة الضراط .وماري وبوجابت يضحكان وهما ينظككران إلككى الرجككل يبتعككد يصككيح مككن
شدة ما ألم به .
15
بعد عدة أشهر ولدت ماري صأبيا وفرح الجميع بالفردا الخامس في العائلة الصغيرة وفككي
نفس اليوم ولدت زوجة الملك أجمنون صأبيا ففرحت بككه أخككواته الثلثا الكككبر منككه كمككا
كانت سعاداة الملك أجمنون بككأول اولداه الككذكور ل توصأكف ولككم يعادالهكا شككيئ إل عنككدما
ولدت له زوجته بعد سنتين ونصف مولوداا أخر و كذلك كان صأبيا .
أخذ الصبي ابن ماري والكذي أسكمته دايفكي يككبر ويلعكب مكع إبنكت البسكتاني روثا الكتي
تكبره بسنة .فكانت تعتني به حتى ظهرت على دايفككي علمككات التخلككف الجسككمي الخلقككي
فلقد كان دايفي من ذوي الحتياجات الخاصأة لقد كان منغوليا ,ينموا عقله ببطأ شديد.
كبر الولدا مع مضي السنين وأصأبحوا الن في سككن المراهقككة فأخككذت روثا لعبككة مككن
العاب دايفي وأخفتها عنه فإذا هو يبحث عنها ويصككيح فحككاولت أم روثا بوجككابت معرفككة
مكان الخبيئة من روثا وروثا ترفض الدالء عن مكانهككا .حضككر سككموطان مككن الغابككة
من خلف الكوخأ وسار بإتجككاه مككدخل الكككوخأ يمسككك بيككده حبل تتككدلى منككه أربعككة أرانككب
مذبوحة الككرأس .فنظككر إلككى مككاري وبوجككابت ودايفككي يجكادالون روثا هنككاك فككي السككاحة
الخارجية للكوخأ فرأوه وهم يكملون محاولتهم معرفة مكان لعبة دايفككي المفضككلة الككذي لككم
يسكككت عككن الصككراخأ والبكككاء وهككي ترفككض إخبككارهم .فككدخل سككموطان الكككوخأ وخككرج
والرانب ليست معه بل معه قطعة خشب مستوية مربعة الشكل وقلم و مدادا حبر .فمشككى
حتى وصأل إليهم فتوقف الجميع عن الكلم حينها .بكل ينظكرون إليكه وحكتى دايفكي توقكف
عن الصراخأ وخفت الضجة .وضككع الشككيخ الخشككبة علككى الرض وقعككد وبككدأ يرسككم فككي
قطعة الخشب هذا الشكل .
16
وقعد دايفي بجانب سموطان يشاهده .وقعدت معهما روثا تنظر إلى ما يفعل بفضول بينما
بقيتا ماري وبوجابت واقفتان مندهشتان مما يفعل سموطان .فما أن أتم الشيخ رسمه ذهب
إلى الكوخأ وهم بانتظاره .فحضر إليهم وبيده خيطا قدر ذراع ونصككف ومسككمارا صأككغيرا
ومطرقة ووضع المسمار على الخشبة في وسط الشكل حيث الدائرة وضككرب عليككه قليل
بالمطرقة حتى ثبته ثم ربطه بالخيط والتفت إلى دايفي وأعطاه طرف الخيط وهو يقول لككه
ل .فامسك دايفي طرف الخيط عنككدها هل تريد لعبتك؟ فهز دايفي رأسه باليجاب وهو زع ا
بدأت الخشبة تدور داورانا عجيبا مصدرة صأوتا من داورانها كالزوبعة .فاستغرب الجميع
من صأنع سموطان وفاجأتهم عندما انطلقت تدور وتزحف فشدت دايفي معها وهككو يتبعهككا
غير مفلت للحبل من يكده .فتبعتككه روثا تهككرول وراءه وكككذلك مككاري وبوجكابت والشككيخ
خلفهم ليعلموا أين يذهب اللوح فساقهم إلى مكان خلف الكوخأ ثم توقف عن الزحف وعككن
الدوران .فنظروا إليه بإمعان ونزل الشيخ إلى مكان اللوح وأزاحه ثم حفر قليل مكان ما
وقف .فاذا سموطان يخرج بيده لعبة دايفي التي خبأتها روثا فقفز دايفي عنككد رؤيتكه لعبتكه
وأصأدر صأفيرا وصأرخة فرحة قوية وأفلت الحبككل مككن يككده وتنككاول لعبتككه مككن سككموطان
والجميع يضحك من ذلك الموقف الظريف .
كذلك كان هيرودا وهو السم الذي أطلقه الملك أجمنون على إبنه .كان في حديقككة القصككر
يتبارز مع الجنكد بسكيفه فيغلبهكم .وقكد بكرزت عضكلته وبكانت رجكولته فكي سكن مبككرة
والملك يجلس مع زوجته ووزيره على طاولككة فككي الحديقككة غيككر بعيككد مككن إبنككه .يراقككب
شجاعته وبراعته في القتال مسرورا به فضككرب هيككرودا بسككيفه أحككد الجنككد بقككوة فصككدها
الجندي ولكن من قوة الضربة وقع الجندي أرضا وبقي هناك يراقب هيككرودا مندهشككا مككن
قوة هذا المراهق .فرمى هيرودا عليه بسيفه فصرخأ الجندي خوفا من أن يغرز السيف فيه
ولكن السيف غرز في الرض بالضبط بين فتحة صأغيرة بين رجلي الجندي الككذي التقككط
أنفاسه عندما علم أن السيف لم يصككبه فسككر الملككك لككدى مشككاهدته ذلككك وضككحك بصككوت
عالي فالتفت هيرودا إلى أبيه الملك وكان هيرودا مقتضبا فأنشرح غرورا عندما سمع أبيككه
يضحك فرحا .وناداي على أخيه الصأغر الذي كان معهم في التدريب يقككف منعككزل وقككد
لبس لباس المحاربين مثلهم وقال له هيرودا ً:ا سامويل هيا أهجم علي بسيفك .وأخذ هيرودا
يخاثله مقتربا منه بيديه العاريتين .ولكن سامويل ككان يمسكك سككيفه برخكاوة إلككى الرض
ويتراجع إلى الوراء بينما هيرودا يتقدم منه متحفزا لقتاله قككائل ً:ا هيككا إطعنككي بككه إضككرب
سامويل إضرب .وسامويل عيناه تدوران من الخوف كلما زادا هيرودا مككن القككتراب منككه
حتى وصأل هيرودا إليه ولم يفعل سامويل شيئا غير ارتعادا فرائصه .فنظر هيرودا بتركيز
في عينا أخيه الخائفتان وهو يقرب وجهه من وجه أخيه حتى كادا ان يلمسككه بكانفه وفاجكأه
هيرودا بضربة من كفه على صأدغ وجهه أداارت برأسه فأوقع سامويل سيفه ووقع أرضا,
ونهض متعثرا يركض بإتجاه أبيه الملك يبكي بينما هيرودا يضككحك عليككه ويصككيح وراءه
قائل ً:ا أركض سامويل أركض .بينما كان الملك وزوجته يشككاهدان ذلككك وحيككث سككامويل
قادام إليهما يبكي قالت الملكة لزوجهاً:ا سككوف يقتلككه فككي يككوم مككن اليككام .فقككال لهككا الملككك
أجمنون واثقا ً:ا إنه ليس كأي فتى ,إن السماء اختارت ولداته ,ومن معه السماء ل تهزمككه
17
الرض .صأرخأ هيرودا قائل ً:ا شهلون .عندها حضر أحد الفتية الذين من سن هيرودا وهو
يلبس اللباس العسكري ومحمل بشتى أنواع السلحة .ل يكادا يبان جسمه من كثرتها عليه
وهي تقلقل بصوت إثر اصأطدامها ببعضها أثناء جرية ليلبي نداء سيده هيككرودا .وهيككرودا
يشاهده حتى وصأل إليه شهلون ووقف عنده قائل ً:ا مككولي الميككر ،شككهلون السككريع فككي
خدمتكم .عندها تقدم منه هيرودا وخلع من ظهر شهلون النشاب بغضب وقوة.
في ضحى يوم من اليام سمع سموطان صأوت خيول تصهل متوقفة خارج كوخككة حيككث
كان يجلس بالداخل .فخرج ليرى من هناك .وعند وصأوله إلى باب الكوخأ وهو يمشي إلى
الخارج شاهد عربه تجرها أربعة خيول ويقوداها راهب يلبس لباس الرهبان أسودا اللككون,
ويضع على صألعته البيضاء طاقية سودااء صأغيرة وقد ظهر من هيئة عربته وخيككوله أنككه
قادام من مكان بعيد ففرح به سموطان وحياه قائل ً:ا قيسوس الرومي ,يككا صأككاحبي مرحبككا
بك مرحبا .وبدا ذلك الراهب فرحا بلقاء سموطان فنزل عن عربته وتقابل بحككرارة وقككال
له سموطان ً:ا أين كنت كل هذه الفترة لم نرك منذ زمن؟ فقككال قيسككوس وهككو يتككوجه إلككى
عربته ويشير إلى ما بداخلها ً:ا كنت أجمع لك ما طلبتككه منككي مككن قبككل أربككع سككنين فتقككدم
سموطان إلى العربة ينظر إلى مكا أشكار إليككه قيسككوس بككداخلها .فنظكر فككي العربكة هنكاك
جونية بيضاء كبيرة وقطع جلودا مرصأوصأة فوق بعضها مربوطة بحبل فأشار سككموطان
إلى الجونية قكائل ً:ا هكل تعنكي مكا تقكول أم هكي مزحكة ؟ فابتسكم قيسكوس الرومكي وقكال
لسموطان وهو يشير بكفه إلى الجونية ً:ا أنظر بنفسك .عندها أخذ سموطان يفتككح الجونيككة
وهو يضحك حتى فض فوهتها ونظر بداخلها ثم أداخككل يككده وأخككذ يقلككب الشككياء بككداخلها
فأصأدر أصأوات زجاج وقوارير وخشخشة أكياس صأغيرة تحتوي على أعشككاب وعقككاقير
ثم التفت سموطان إلى قيسوس الذي ينظر إلى شدة تلهف الشيخ سموطان وقال سككموطان
له ً:ا إذا فأنت تستحق الضيافة تعالى لندخل .عندها أخذ سككموطان الجونيككة وحملهككا علككى
ظهره وحمكل قيسككوس مجموعككة الجلكودا وداخل الككوخأ وجلكس كل منهمككا علكى الطاولكة
منتاظران .فقال له سموطان ً:ا هل تذكر تلك اليام عندما كنا تلمذه عنككد شككيخنا الكككبير ؟
فتبسكم قيسكوس ق ائلً:ا وكيكف أنسكى وتلكك اليكام هكي السكبب فيمكا نحكن فيكه الن .فقكال
سموطانً:ا ولكنها كانت طريقة حياة .فقال قيسوس متنهداا ً:ا وأي حياة هذه ؟ حيككاة الرهبنكة
والنعزال؟ فقال سموطان ً:ا ولكنها بثمن ,فالجميع بحاجة إلينكا ولسكنا بحاجكة لحكد أليكس
كذلك ؟ فهز رأسه قيسوس قائل ً:ا نعم هذا صأحيح .ثم غير قيسوس الموضوع عندما نزع
من جيبه طاقية مصنوعة من جلودا مختلفة ولوح بها لسموطان قائل ً:ا هككل تعككرف هككذه ؟
فنظر إليها سموطان وقيسوس يعرضها عليه عاليا بيده ويريه ما كتب بداخلها من طلسم
ونقوش .ثم تبين سموطان ماهي وابتسم غير مصككدق وأمسككك بهككا مككن يككد قيسككوس الككذي
أفلتها وهككو يضككحك وقكال سككموطانً:ا لقككد فعلتهككا إذا .فضكحك قيسككوس قكائلً:ا تمامكا كمككا
أخبرتني أن أصأككنعها جلككد البككوم وجلككد السككد وجلككد التمسككاح وأسككمائها السككرية منقوشككة
بداخلها ,هل تريد أن تجربها ؟ فقال سموطان وهو يقلبها بين يديه ً:ا ل أنا أثككق بككك وفجككاة
أمسك سموطان بساعد قيسوس الذي كان على الطاولة وهزه بحرارة قائل ً:ا مرحبا بك يا
صأديقي القديم .
18
عند الظهيرة ماري وبوجابت كانتا تمشيان في طريقهما إلى الكوخأ ,و تحمل مككاري علككى
راسككها سككلة مككن الخضككار وبعككض الغككراض كمككا تحمككل بوجككابت سككلة مككن الخضككار
قداسندتها على خاصأرتها ,وروثا ودايفي يتقافزان أمامهما يمرحككان .وتوقفتككا أمككام سككاحة
الكوخأ تنظران إلى سموطان من خلفه وهو يوداع راهبككا يركككب علككى عربككه .ولككوح بيككده
لسموطان الذي كان يقف أمام الكوخأ .ولوح سموطان لذلك الراهككب الككذي إنطلككق بعربتككه
مسرعاا .ثم ا لتفت سموطان إليهما .فاتجككة الجميككع للككدخول إلككى الكككوخأ .فقككال سككموطان
ومارى تمشي خلفه وخلفها الصبية وبوجبات تمشي أمامهً:ا كيف كان بيعكككم فككي السككوق
اليوم؟ فقالت بوجابت من أمامهً:ا مثل المعتادا ,ولكان بيع الفائض من خضروات المزرعة
خيرر من الحتفاظ بها فتفسد علينككا .داخلككت بوجككابت ووضككعت سككلتها فككي الغرفككة .بينمككا
كانت تمشي ماري وراء الشيخ ,وهككي تنظككر إلككى يككده الككتي تحمككل تلككك الطاقيككة الغريبككة
الشكل حتى داخل سموطان أمامها ووضع الطاقية على الطاولة .وخلفه ماري فقككالت لككه ً:ا
ما هذه ؟ وأشارت إلى الطاقية فنظككر سككموطان إلككى الطاقيككة وحملهككا قككائلً:ا هككذه طاقيككة
جدتي ! فقالت ماري مندهشة ً:ا طاقيككة جككدتك ! لككم تخبرنككا أبككدا عنهككا .فقككال سككموطان ً:ا
جدتي كانت تحكي لنا حكاية عن طاقية إذا لبستها تختفين .وعندما سككمعت بوجككابت ذلككك
خرجت إليهما يدفعها الفضككول ,ووقفككت عنككد بككاب غرفتهككا تنظككر إلككى تلككك الطاقيككة كمككا
تجمعت عندهم روثا التي قالت لسموطان ً:ا هل أختفكي إذا لبسكتها ؟ فقكال سكموطان بثقكة
تامةً:ا نعم .فقالت بوجابت ً:ا هل تذكر يككا سككموطان أول لقائنككا بككك وذلككك المسككحوق الككذي
رششته علينا فأخفيتنا ؟ عندها نظرت روثا إلى أمها بإنتباه وإمعككان فقككال سككموطان نعككم
ولكن ذلك المسحوق لخفاء الشياء الساكنة ل تسككتطيعين الحككراك وإل ظهرتككي للعيككان.
وأشار سموطان بالطاقية قائلً:ا أما هذه فمختلفة ,تلبسينها وتذهبين إلى أي مكان فل يراك
أحد .فقالت ماري وهككي تضككع السككلة علككى الطاولككة وذهبككت لتجلككس مككع بوجككابت علككى
الكرسي الخشبي الطويلً:ا هذا ما ل يمكن .عندها سار سككموطان ووقككف قبالتهككا وأمسككك
بالقبعة واستدار بقوة إلى خلفه وهو يلبس الطاقية على رأسه فلم يكمل داورته حتى إختفككى
فشهقت ماري وغطت فمها واسغربوا من ذلككك وبككدأ دايفككي يبحككث عككن الشككيخ مككن حيككث
مكككان مككا إختفككى وكككذلك روثا وبوجككابت ومككاري يبحثككون ويتحسسككون الهككواء وتحككت
الشياء .فإذا تلك السلة التي على الطاولة ترتفع في الهواء فشاهدوها وتعجبوا مبهككورين
غير مصدقين أعينهم ثم إندفع دايفي بقوة إلككى تحككت السككلة الطككائرة واصأككطدم بشككيء فككي
الفراغ تحتها فاهتزت السلة عندها ظهر الشيخ وفككي يككده القبعككة وفككي اليككد الخككرى كككان
يحمل السلة.
مرت ثماني سنوات ,وها هكي بوجكابت ومكاري تجلس ان فكي السكوق باسكطتان سكلتاهما
أمامهما .والعامة تجول في السوق تشتري من كل مكان إل منهما ,وقد بدا عليهما البككؤس
وتقدمت بهما السنون ومن بين العامة ككان الكوزير يتفقكد ح ال السكوق وحكده يمشكي بيكن
19
الباعة ,وفجأة توقف الوزير لوذا عندما رأى تلك المرأتان جالستان هنككاك وأخككذ يتفقككدهما
ويركز فيهما ,فإذا هو يتعرف على ماري فاختبأ بسرعة بين الباعة.
في كوخأ الشيخ ,قد تغيرت أحوالهم للحسن ,إذ نستطيع رؤية الككدخان يخككرج مككن سككقف
الكوخأ حيث صأنعوا مدخنة تقيهم البردا .وبداخل الكوخأ كان سموطان يجلس على الرض
وقد كثر الشيب في رأسه ولحيته ,وبجانبه طاحونككة حجريككة وقككد أحضككر بعككض القككداح
المصفوفة بجانبه .وهناك روثا وقد ككبرت وأصأكبحت إمكراة جميلكة ترقكد مسككتلقية علككى
بطنها بجانب طاحونة الشيخ تراقبه ودايفككي يقككف أمامهككا يشككاركهما التحضككير لشككيء مككا
فسالته روثا قائلة ً:ا ماذا تحضر ؟ فقال سككموطان وهككو يتنككاول تلككك القككداح الواحككد تلككو
الخر ويضعها بداخل الطاحونةً:ا أوقية من ألداخكر ,ثكم دارهميكن مكاء بابونكج مكع ثلثكة
داراهم فربيون ,حبة الفرصأادا خمسة داراهم ,عشرة داراهم من شحم التمساح ومثلها شككحم
الدلفين ,وكذلك شحم الحوت .ثم قام الشيخ بتدوير الطاحونة ,ثم أخذ ما طحنه وصأنع منككه
أقراص على شكل داراهم فقالت له روثا ً:ا والن مككاذا؟ عنككدها داخلككت مككاري وبوجككابت
عليهما راجعتان من السوق بسلتيهما فركض دايفي واحتضكن أمككه مكاري فرحكا بعوداتهككا.
فقالت روثا وهي ما تزال مستلقيةً:ا تعالوا شاهدوا هذا .وأشارت إلى أقراص الشيخ فقككال
الشيخ ً:ا إذا داخنت إحدى هذه القراص في النار توهم الجميع أنهم على النهككر وقككد خككرج
عليهم تمساح عظيم يريد أن يلتهمهم .فتقدمت بوجابت من الشككيخ بعككد أن وضككعت سككلتها
على الطاولة .وتناولت أحد القراص تنظر إليه وقككالت وهككي ترجعككهً:ا سككموطان إن لككك
أشياء عجيبة .فنهضت روثا قائلة بفضول وهمككه ً:ا لنجربهككا .فمنعتهككا أمهككا ولكككن روثا
أصأرت كما الطفال .عندها تقدم دايفي من القراص وأخذ واحدا وبسككرعة رمككي بككه فككي
المدخنة حيث النار وهم يشاهدون صأنع دايفي ويترقبون فككإذا الككدخان يبككدأ بالتصككاعد مككن
المدخنة .وإذا يتوهم لهم مثل ما قال الشكيخ ويخكرج عليهكم تمسكاح عظيكم مكن النهكر مكن
جانب المدخنة حيث حرق القرص فاتح فمه الككبير يريكد أن يلتهمهكم فتكدافع الجميكع إلكى
الباب جريا مفزوعين حتى صأار الجميكع خ ارج الككوخأ يلتقطكون أنفاسكهم ,يتأككدون مكن
الباب كي ل يتبعهم ذلك التمساح الضخم الذي بحجم الغرفة .وإذا الشيخ يلتقط أنفاسه قالً:ا
نصف قرص تكفي لكان التمساح على ألقل أصأغر حجما مككن هككذا .ثككم نظككر إلككى البككاب
وتقدم ببطأ والجميع من خلفة وجلين من محاولة سموطان فتح الباب قليل ليرى ما بداخل
الكوخأ .ففتحه سموطان ونظر فلم يرى شيئا فككدخل ببطككأ وتبعككه الجميككع عنككدما تككبين لهككم
زوال ذلك التمساح .كان بين الشجار الكثيفة من يراقب ذلك ,إنه الوزير وقككد ربككط خيلككه
خلفه على شجرة وأزاح الشجار بيديه متلصصا عليهم فشاهدهم جميعا هناك حيث كككانوا
بالخارج ,فرجع إلى جواداه بهدؤ .و بعد فترة وقف الوزير قبالة باب الكوخأ ثم دافعككه بقككوة
دااخل وداخل وراءه جنوداه مباغتين الجميع ,وداخل الجند على سموطان الككذي تحفككز لهككم,
ولكن لم تكن لديه فرصأة حيث تكاثروا عليه واقتاداوه ,وإذاهم يريدون القبض علككى روثا
أخذت قرصأا من تلك القراص من على الطاولة واقتاداوهكا إلكى الخكارج ,وقبكض جنكدي
على دايفي وسحبه من يده يجره فإذا هو لدى الباب رأى دايفي طاقية الخفاء فسحبها فقككال
الجندي ً:ا ل بأس أن تأخذ قبعتك معك فقد تحتاجها .ولكن دايفي أخفى القبعة في ملبسه.
20
أحضر الجميع إلى بلط الملك أجمنون وأخذ الملككك يتفقككد المجموعككة ولككم يتعككرف علككى
أحد منهم .فقال الوزير وهو يشير إلكى مكاريً:ا مكولي الملكك هكذه مكاري زوجكة أخيككم
نحميا واللذان تآمرا على ملككم ,وهذا إبنها منه وهذه زوجة البسككتاني ومعهككا إبنتهككا ,وقككد
أخفاهم هذا الشيخ عنده كل هذه السنين .نزل الملككك مككن علككى كرسككيه وأخكذ يتفقكد مككاري
فعرفها وقد تغيرت ملمحها وأخذ ينظككر إلككى ملبسككها الرثككة ومنظرهككا الشككحيح وقككال ً:ا
ماري بعد أربع وعشرون عاما .ثم قال الككوزير للشككيخ سككموطانً:ا ألككم أقككل لككك حينهككا أن
جزاء المتستر على المجرمين القتل .وحاول الوزير أن يقترب منه لقتله فصاح بككه الملككك
قائلً:ا توقف .وأمر الملك أحد قواداه وقال ً:ا خذوه إلى السجن ,وكان يشير إلككى سككموطانً:ا
أما البقية فخذوهم واحصروهم في قصر المير أخككي الراحككل وشككدداوا عليهككم الحراسككة.
وعندما هم القائد بأخذهم قال له الملكً:ا ل أبقها معي بعض الوقت .وقد كان يعنككي مككاري.
وعندما خلي المجلس إلمن الملككك والككوزير ومككاري قكال لهككا الملككك ً:ا لقككد أحسككنت إليككك
وزوجك وكانت مكافأتي أن حاولتما السيطرة على مملكتي والقضاء علككي ,لبككد وأن هككذا
من تدبيرك ودافعك له للقيام بما قام به .فقالت ماري ً:ا لسنا بخونة لقكد أحبككك وأخلككص لكك
ولكنها مكيدة دابرها لككه هككذا الحقككودا .وأشككارت إلككى الككوزير الككذي أطلككق ابتسككامه حاقككده.
فأسكتها الملك وقالً:ا لقد حزنت على موته ,على كل حال ما تقولين لو تزوجتككك .عنككدها
رفعت ماري رأسها مستغربة سؤال الملك وقالت ً:ا حزني علككى زوجككي يمنعنككي ولطالمككا
منعني من الزواج من بعده .عندها غضب عليها الملك وأمككر الجنككد بأخككذها إلككى المعتقككل
فأخذوها وتوجه الملك إلى الوزير ووقف إلى جانبه اليسر وقال ً:ا إبككن نحميككا مككا هككو إل
مسخ .ونظر الملك إلى الوزير وهو يقول ً:ا كان يمكن أن يكون ابني ,إنهما بنفككس العمككر,
ولكن هيرودا لم يستطع انككتزاع المفتككاح مككن القفككل رغككم قككوته وسككطوته .إذا سككنحاول أن
نجعل هذا المسخ إبن نحميا المحاولة في المفتاح ,فكل ذي عاهة جبار.
أخذ الجند الشيخ إلى غيابت السجن وعند باب غرفة السجن وقف الشيخ وهو ينظككر إلككى
دااخلها عبر القضبان حيث سلسل أربعة تمتد من الجدار ,وكل سلسلة بطول ثلثة أمتككار
تنتهي بحلقككة ذات قفككل .والسلسككل متدليككة ومتكدسككة علككى الرض .فتككح الجنككد الزنزانككة
وأداخلوا الشيخ ووضعوا الغلل في يككديه ورجليككه وأخككذ الشككيخ ينظككر إلككى تلككك الغرفككة
المظلمة الرطبة الواسعة ويتحرك بككداخلها حيككث كككان طككول السلسككل يسككمح بككذلك .أمككا
ماري وبوجابت وروثا ودايفي فقد اداخلهم الجند إلى قصر المير الراحل نحميككا وأغلقككوا
الباب ورائهم وشدداوا الحراسة عليهم ,فدخلت ماري وهي تمسكك بكديفي وأخكذت تمشكي
به وهي تنظر وتتأمل المكان فقالت لها بوجابت من ورائهاً:ا هل عككادات اليككك الككذكريات؟
فقالت ماري بحزن وهي تنظر إلى المكان وتتأملهً:ا هذه رواية قصر كنت أسكن فيه .
في صأباح اليوم التالي داخل الوزير لوذا واضعا يككده علككى كتككف دايفككي يسككوقه إلككى حيككث
يقف الملك بقرب كرسي عرشه وهو ينظر إليهما يقتربان ,واستقبل الملكك أجمنكون دايفكي
بالترحيب والملطفة وقال له ً:ا إبن أخي الحبيب ,عمك يريد منك خدمه صأغيرة ,لعبة هل
تحب اللعب؟ فهز دايفي رأسه بنعم عندها نظر الملك إلى وزيككرة ووضككع يككده علككى كتككف
21
دايفي وأدااره ناحية المخرج وخطى به إلى خارج الديوان والملككك يحكاداثا دايفككي والككوزير
من ورائهما .
فتح الجندي الزنزانة وبيده صأحن من الطعام وقربة ماء ,وداخل حتى وصأل إلى سموطان
الذي يجلس على الرض ماداا رجليه والغلل عليها ,غير مباليككا بمككن داخككل ,ينظككر إلككى
الرض بتركيز .فدخل الجندي ووضع الطعام والماء بجانبه وانصرف وأغلق الباب وهو
ينظر إلى الشيخ الذي لم يتحرك ولو قليل ,ثم إنصرف .زحف سموطان إلى الوراء قليل
حتى أسند ظهره على الجدار وأخذ يتمتم بصوت منخفض وعزيمة قوية قد بانت من حدة
عينيهً:ا برهتيه كريكر تتليكه طكوران مزجكل بزجكل ترقكب برهكش غلمكش خوطيرقلنهكودا
برشان كظهيرنموشلخ برهيول بشكيلخ قزمزأنغلليط قككبرات غياهككا كيككدهول شككمخاهر
شمخاهير شمهاهير بكهطهونيه بشككارش طككونش شككمخا بككاروخأ اللهككم بحككق العهككد القككديم
كهكهيج يغطشي بلطشغشغويل أمويل جلد مهجمككا هلمككج ورودايككه مهفيككاج بعزتككك أل مككا
أخذت سمعهم وأبصارهم سبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
عادا الملك إلى دايوانه مسرع الخطى وهو في أشد الغضب والحيرة ,ومن وراءه دايفي و
الوزير فالتفت إليهما الملك قائلً:ا ا لم ينجح في الختبار ,لم يستطع إخراج المفتاح من
قفله ,هل يعقل أن ما في كتاب سليمان ما هو إل خرافة ؟ ووجه الملك كلمه إلى الوزير
وقال ً:ا ما العمل الن؟ وقد بدا الملك يائسا فأجابه الوزير ً:ا ل أداري يا مولي العظيم
لعلنا لم نستوفي شروط العمل ,أو هناك خلل ما لم نحط به .حينها صأرف الملك الغلم
وقال للجند ً:ا خذوه إلى أمه خذوه وصأرخأ بهم .
كانت ماري تدق على الباب ليفتح لها الجند بقوة وغضككب ومككن ورائهككا بوجككابت وروثا
ولكن الجند لم يبالوا بها حتى فتح الباب وداخل دايفي وارتمى في حضن أمككه تضككمه بقككوة
فرحة تتأمله إذ لم يمسه سؤ .وداخل مككن خلفككه مككن البككاب الككوزير لككوذا وقككال شككامتا ً:ا لككم
يستطع إخراج المفتاح هذا المتخلف ,لقد قتلتي زوجككك نحميككا للشككيء ,ليسككت إل خرافككة
وكذبة كبيرة .فنظرت إليه ماري وهي تحتضن إبنها باحتقككار وخككرج مككن البككاب وأشككار
إلى الجند فاغلقوا عليهم .تقدمت بوجابت من ماري ودايفي واحتضنتهم فقككالت روثا مككن
خلفهم ً:ا سموطان ؟ فقالت بوجابت ً:ا أرجو أل يلحقوا به الذى .فقالت ماري ً:ا إنه ل ذنب
له في هذا كله .فقالت بوجكابت ً:ا يجكب أن نجككد طريقكة لنقكاذه .ففكككرت مكاري فكي قككول
بوجابت .
حضر قائد الجنككد إلككى دايككوان الملككك واسككتأذن وداخككل وقككال ً:ا مككولي الملككك ذلككك الشككيخ
سموطان ,لم يذق الطعام ول الشراب منذ سبعة ايام .عندها قككال الككوزير فرحكاً:ا لقككد حكككم
على نفسه إذا بالموت بنفسه ,وهكذا جككزاءه .فقكال كككبير الجنككد ً:ا ثككم إنكه يتمتكم بكلم غيكر
مفهوم ل ينقطع عن التمتمه ل بالليل ول بالنهار يا مككولي .فنظككر الملككك إلككى وزيككره ثككم
صأرف القائد بحركة من رأسه فانصرف عنهم .في حين داخل الحاجب على الملك وقال ً:ا
مولي ,الميره ماري ومعها إبنها تطلب مقابلتكم .فصرفه الملككك بيككده سككامحا لهافككدخلت
عليه ماري بحلة جديدة ويدها على كتف دايفي تمشككي إليككه وهككو يقككول لهككا ً:ا هككل غيرتككي
رأيك؟ بعد سبعة أيام تذكرتي فيها أيام العز والرخاء والدعه مما كنتي فيه سككابقا .فتككوقفت
22
ماري وقالت ً:ا مولي الملك إن الشيخ سموطان طبيب متعلم ,ولديككة الكككثير مككن الحكمككة,
ولعله يساعد مولي بطريقة لستخراج المفتاح .عندها فكر الملك قليل وقال ً:ا ولمال ,لككن
نخسر من المحاولة.
في تلك الثناء كان الشيخ في تمتمته في مكانه لم يغيره ,يركن إلى الحائط بظهره نككاظرا
إلى الرض أمامه ويقول ً:ا اللهم بحق العهد القديم كهكهيج يغطشي بلطشغشككغويل امويككل
جلد مهجما هلمج ورودايه مهفياج بعزتك أل ما أخذت سمعهم وأبصارهم سبحان من ليس
كمثله شيء وهو السميع البصير ,عندها تغير الجو في الغرفة وسادا السككوادا فككي الزنزانككة
وأظلمت ولم تبن الجدران ول القضبان ليس غير كوة سودااء وكأنه إنتقل إلى مكان آخككر,
ثم ظهر في منتصف الغرفة على بعد خطوات مككن الشككيخ فككي مقككابلته رجككل أسككودا علككى
رأسه طربوش أحمر وعباءة ذهبية اللون ل تصككل إلككى كعبككه ,مخططككة بخطيككن كككبيرين
على جانبيه من فوق كثفككه إلككى أخرهككا عنككد كعككبيه بككاللون الحمككر الككدموي ,هزيككل وقككد
ظهرت عظام صأدره حيث ل يلبس شيئا غيككر بنطككال يصككل إلككى بعككد ركبتنيككه بقليككل ,ذو
عينين داائريتين كبيرتين ,وظهرت عظككام وجنتيككة ,ذو وجككه نحيككل طويككل ينتهككي بشككفتين
عريضتين ,و شعر خفيف مجعد على رأسه ويداه طويلتان تكاداان تلمسان قككدميه ,كمككا أن
أصأابع كفيه طويله بالمقارنه مع طول يده وكذلك قدمه طويلة عريضة بالمقارنة مع طول
رجله وحجم عظامه ,طوله فككوق ركبككه الرجككل العككاداي بقليككل ,أي مككا يقككرب مككن خمسككة
وأربعون سانتي متراا ,وقال بصوت مخنوق طفولي وعينككاه البريئتككان الخاليتككان مككن أي
تعبير تشخصان إلى الشيخ ً:ا سيدي ماذا تأمرني ؟ فقال الشيخ وهككو فككي سلسككلهً:ا أكنككس.
عندها مد الرجل يده اليمنى أمامه فظهرت في يده مكنسة صأغيرة وأخذ يمشي في الغرفككة
داائريا وكأنه البطريق يكنس الغرفة حتى عادا إلى مكانه الول .واختفت المكنسككة ووقككف
وقفة العبيد وقال للشيخ بنفس الطريقه السابقةً:ا سككيدي مككاذا تككأمرني ؟ قككال الشككيخ ً:ا رش.
فمد يده وظهرت فيها دالوا فخارية فأخذها وداار تلك الدورة السابقة وهو ينضككح بكفككه مككن
ذلك الدلو الماء المخلوط بماء الوردا والياسمين والعنبر والكافور حتى رجككع مكككانه الول
فاختفت الدلو ووقف وقفه العبيد وقال ً:ا سيدي ماذا تأمرني؟ فقال سموطانً:ا إبسط البساط.
فرفع يديه أمامه ونفضهما وكأنه ينشف خلقه مبلولة من الماء فظهر بساط أحمر من عنككد
قدمي الشيخ الممدوداتان فأخذ ينفردا باتجاه ذلك القزم حتى وصأل عنده فنككط الرجككل عاليككا
وانفردا البساط من تحته حتى أخر الغرفة فنظر وهو يقف فوق البساط إلى الشككيخ وقككال ً:ا
سيدي ماذا تأمرني؟ فقال سموطانً:ا أحضر كراسي الملوك .فمشي ذلك القزم باتجاه يسار
الشيخ ,ثم وقف وظهره للشيخ ومد يده اليسرى بمحاذاة كتفه إلككى الجككانب مسككتقيمة وكفككه
إلى الرض وقال ً:ا مجلس السبت .فظهر كرسككيا ملوكيككا ذو قمككاش مخملككي أحمككر حيككث
كف القزم ,وتقدم إلى المام ويده كماهي مبسوطة ووقف وقككالً:ا مجلككس الخميككس .فظهككر
كرسي مثله ومشى قليل ثم قال ً:ا مجلس الثلثاء .فظهر كرسي أخر مثله ومشى قليل إلى
المككام وقككال ً:ا مجلككس الحككد .فظهككر آخككر ومشككى قليل وقككال ً:ا مجلككس الثنيككن .فظهككر
الكرسي هناك ثم مشى قليل وقكال ً:ا مجلكس الربعكاء .فظهكر كرسكي مثكل الول ومشكى
قليل وقالً:ا مجلس الجمعة .فظهر كرسكي أخكر هنكاك ,ورجكع القكزم ووقكف مككانه قبالكة
23
الشيخ وتلك الكراسي قد شكلت حدوة بشكل نصف داائرة في الغرفككة فقككال القككزم ً:ا سككيدي
ماذا تأمرني ؟ فقال سموطان ً:ا أحضر ملككوك اليككام السككبعة القككائمين بككالكواكب .فتحككرك
الرجل إلى أول كرسي من اليسار و قفككز فككوقه جالسككا ينظككر إلككى الشككيخ .فقككال الشككيخ ً:ا
أحضر ملك يوم السبت ملك زحل بحق أزراز .فقال الرجل بصوت عالي ً:ا كيككواااان ,ثككم
صأاح مثل الديك صأيحة واحدة وأعلى بها ذقنه إلى فوق صأيحة طويلة ثم توقف هناك عن
الصياح ثم ظهر بسرعة جالسا على الكرسي الذي يليه ينظر إلى الشيخ منتظككرا الشككارة
فظهر رجل يجلس على ذلك الكرسي الذي كان القزم فيه أول ,يجلس مستقيما وقد وضككع
كفيه على فخكذيه ينظككر أمككامه وككأنه صأككنم ,ويلبككس لباسكا مكن الصكوف السككودا الخشكن
وبإصأبع يده اليمن في بنصره خاتما من الرصأاص ,عليه كهرمانككة سككودااء كككبيرة .وكككان
القزم ملتفتا إلى الشيخ ينتظره وهو يطالع كيوان فقال الشيخ ً:ا أحضككر ملككك يككوم الخميككس
ملك المشتري بحق جلجميش .فقال القزم بصككوت عكالي ً:ا برجيييييككس .ثككم صأككاح صأككياح
الديك مثلما فعل أول وظهر في الكرسي الذي يليه يجلس هناك ينظككر إلككى الشككيخ .فظهككر
في ذلك الكرسي الذي كان فيه رجل يجلس مسككتقيما ينظككر أمككامه وقككد وضككع يككديه علككى
فخذية يلبس لباسا ابيضا ناصأكع البيكاض ,ويضكع فكي بنصكره خاتمكا مكن القصكدير عليكه
ياقوته بيضاء كبيرة .فقال الشيخً:ا أحضر ملك يوم الثلثاء ملك المريخ بحق دامليككخ .فقككال
القزم بصوت عالي ً:ا بهراااام .وصأاح مثلما فعككل وظهككر فككي الكرسككي الككذي يليككة ينتظككر
إشارة الشيخ فظهر رجل يجلس على الكرسي مثل أخويه يلبس لباسا أحمر قاتما ,ويضككع
خاتما من حديد ,عليه حجر عقيق أحمر كبير فقال الشيخ ً:ا أحضككر ملككك يككوم الحككد ملككك
الشمس بحق ياه .فقال القزمً:ا أفتاااااب .ثم فعل مثلما فعل سابقا فظهر على الكرسككي رجل
مثل إخوته يلبس لباسا ذهبيا مشعا كأشعة الشمس ويضككع خاتمككا مككن ذهككب عليككه زمككرداة
ذهبية اللون كبيرة .فقال الشيخ ً:ا أحضر ملك يكوم الثنيكن ملكك القمكر بحكق سكام .فصكاح
القزمً:ا ماهتااااب ,وصأاح كالديك وظهر في الكرسي الذي بعده فظهر رجكل كمثكل إخكوته
يلبس لباسا من كتان فضي اللون ,وفي إصأككبعة خككاتم مككن فضككة عليككة لؤلككؤة كككبيرة فقككال
الشيخ ً:ا أحضر ملك يوم الربعاء ملك عطاردا بحق تمليخ .فتبسككم القككزم وهككو ينظككر إلككى
الشيخ يأمره أن يأتي بملك يوم الربعككاء حككتى ظهككرت أسككنانه البيضككاء ثككم قككال بصككوت
عاليً:ا هرمووووس ,وصأاح كالديك وظهر في الكرسي الخير فظهر على ذلككك الكرسككي
رجل مبتسم قليل ينظر إلى أمامه بل حراك ويلبككس لباسككا مككن كككل أللككوان فيككه ,وعلككى
بنصره خاتم من الزئبق .فقال سموطانً:ا أحضر ملك يوم الجمعة ملك الزهكرة بحكق نكوخأ
فقال القزم ً:ا أناهييييد ,وصأاح صأياح الديك وظهر فككي وسككط حلقككه الكراسككي السككبعة فككي
مكانه الول قبالة الشيخ ووقف وقفة الخدم وشابك بيككديه امككامه فظهككر فككي ذلككك الكرسككي
الخير مثل إخوته ,رجل يلبس لباسا وردايا من حرير وفي بنصره خاتم من نحاس أصأفر
عليه ماسة كبيرة ورداية .ثم أحنى ذلك القزم السودا رأسه للشككيخ قككائل ً:ا سككيدي .ثككم أداار
جسمه عدة داورات سريعة مع صأوت يخرج من فمككه وأختفككى مككن تلككك الغرفككة المظلمككة
فقال سموطان لملوك الكراسي ً:ا اقسمت عليكم يا ملوك الزمان بحق آهيا شراهيا أداونككاي
أصأباؤت آل شداي بحق إلوهينا يهوه الطاعة الطاعة .
24
في ذلك الوقت كان الملك اجمنون يسير فكي ممككرات السككجن ومعكه وزيكره ودايفكي وأمكه
ماري وكبيرالجند .فدخل الجميع إلى الزنزانه واندهشوا من خلوها من أحد ,فنظككر الملككك
في المكان وقال لكببر الجند الذي بدى مرتبكاً:ا أين هو؟ تلعثم كبير الجند ولم يعلم ما يقول
ثم صأرخأ على الحارس فحضر بين يديه وهككو ينظككر فككي الغرفككة الفارغككة فقككال لككه كككبير
الجندً:ا أين سموطان؟ فنظر الجندي في الغرفة وقال لقد كان هنا منككذ قليككل فتقككدم الجنككدي
وحمل القيودا فإذا هي لم تفتح فأراها للملك قائلً:ا هذه قيوداه لم تفككك فكيككف هككرب؟ عنككدها
هجم عليهم من خلفهم كالبرق الخاطف شيء واختطف دايفي معه بسرعه فوقككف فنظككروا
إليه فاذا هو سموطان وقد إحتفظ بديفي وقال للملكً:ا لقد أخطات بالعبث مع من هو مثلككي,
الن تدفع ثمن تكبرك .فتبسم الملك وقال له ً:ا إذا فهو صأحيح مككا قككالته عنككك .واشككار إلككى
ماري وقالً:ا ولكن لن ينفعك هذا فقد ربطت مصيري بمصير من تحمي .فقال لككه الشككيخً:ا
بماذا تخرف وتجزف ؟ قال الملك واثقا مغروراً:ا لست وحدك من يقوم بما قمت بككه هنككا.
وأشار الملك بيده إلى ألغلل ونظر إلى الشيخ قائلً:ا أل تصدقني؟ وقككرص الملككك نفسككه
بقوة في ساعده فصاح دايفي وهو في يد الشيخ من اللم فتعجب سموطان فقككال لككه الملكككً:ا
إذا مت أنا يموت هو معي .وأشار إلى مككاري بيككده قككائلً:ا عنككدما جككاءت إلككي تطلككب منككا
الستفاداة منك ,شككت بالمر لذلك لجأت إلى حيلة قديمة فككي الكتككاب لضككمن تعاونكمككا.
وأشار الملك إلى سموطان وماري بيده وقال ً:ا وإل كيف أضمن أنككك سككتبقى معنككا إذا مككا
وافقت على مساعدتنا ولن تهربوا عنا كما فعلتم مكن قبكل .فنظكر الشكيخ إلكى مكاري الكتي
كانت تنظر إليه بأسف مؤكدة ما قاله الملك .فقال الملكً:ا تساعدنا على استخراج المفاتيككح,
وأظنك تعرف قصتها؟ فقال الشيخ ً:ا نعم أعلم بأمر مفاتيح سليمان .فقال اجمنككون الملككك ً:ا
إذا تساعدني على استخراجها .وأشار إلى دايفي الذي عند الشيخ قككائلً:ا وإل حيككاة الصككبي
في يدي نظر الشيخ إلى دايفي الذي يحتضنه من وراءه ونظر إليه دايفككي إلككى أعلككى حيككث
كان أقصر من سموطان فتلقت عيناهما ورأى سموطان المل في عيني دايفي البريئتككان
فتنفس وهو يرفع رأسه إلى الملك قائلً:ا أين هو القفل؟ فككرح الملككك وخككرج مككن الزنزانككة
وتبعه الجميع خلفه ,ثم داخلوا في سردااب يؤداي إلى غرفككة خاليككة إل مككن بعككض الرمككاح
التي تزين الجدران وفي وسطها قفل أسودا ضخم ذو حلقة فضية اللون فككي وسككطه غككرز
مفتاح .فتقدم الشيخ بديفي إلى القفل وأمسك المفتاح وحاول إداارته فلم يككدر ,ثككم اشكار إلككى
دايفي قائلً:ا خذ المفتاح ,افتح هذا القفل كما فعلت أنا ,فأمسك دايفي بالمفتاح وحاول اداارته
ولكنه لم يدر فاندهش الشيخ وابعد دايفكي قليل عكن القفكل وجلكس الكى المفتكاح ينظكر الكى
حلقته الفضية وراح يتتبع العدادا المنقوشة في الحلقة باصأبعه ويتأمها ,ثم نظر الى نهايككة
أسفل القفل تحت فتحة المفتاح و راح يمرر اصأبعه على الحروف المحفورة فيككه ,فعككرف
سموطان العائق فقام مستويا قائلً:ا نعم هذا هو السبب .واشار الككى القفككل بيككده وهككو يكلككم
الملك فقال ً:ا هذا القفل السابع ,ول بد أن تحصل على المفاتيككح بككالترتيب التصككاعدي مككن
الول الى السابع.
25
نظرالملك اجمنون الى الشيخ متشككا وقال ً:ا هل
هككذه خدعككة أم مككاذا؟ فنظككر الشككيخ الككى الملككك
مسككتنكرا وقككد غضككب سككموطان وقككال للملككك ً:ا
أحضر قرطاس وأدااة كتابه .فاشككار الملككك للجنككد
بيده فذهبوا ليحضروها.ثم ركع الشيخ على ركبة
واحدة يتأمل القفل وتقدم منه الملككك ينظككر معككه.
فحضر الجند وأعطوا سموطان ما طلب .فأمسككك
سموطان بالقلم وتوسككد بالقرطككاس علككى القاعككدة
التي وضع عليها القفل والملك واقفا ينظر الى مككا
يخط سموطان على الورق .فرسم سموطان هككذا
الشكلً:ا
وعندما انتهى سموطان نظر الككى الملككك مككن فككوقه وقككال لككه وهككو يشككير بككالقلم الككى تلككك
الحروف الخيرة التي خطهاً:ا هذه الحكروف السكليمانية واسكتخرجنا اعكداداها مكن جكدول
حروف ابينا آدام هذا .واشار سككموطان للجككدول بككالقلم والملككك يتتبعككه ثككم قككال سككموطانً:ا
فالعددا الول هو 80وهذا شكله ف .والعددا الخير 7وهذا شكله ز .ثم اشار سموطان
الى حلقة القفل قائل ً:ا والعددا الول هنا . 7ثم اشار الى قاعدة القفل قائل ً:ا وهذا شكله ز
مما يعني أن هذا القفل هو القفل السابع وهو اخرها اذ لو كان الول لكان العددا الول فككي
القفل هو 80وهذا شكله ف .حينها اقتنع الملك وقال ً:ا ل بككأس نككذهب ونحضككر المفاتيككح
26
ونرجع اليه وفجاة ظهرت ملوك الجن السبعة دااخل الغرفة ,ففككزع منهككم الجميككع وتحفككز
الجند لقتالهم بينما الملوك ثابته تنظر اليهم .فمنع الشيخ الجند قائل ً:ا هؤلء عندي .ثم تقدم
كيوان ملك يوم السبت بضع خطوات باتجاه القفل وهككو يمسككك قلداة معلقككة علككى صأككدره
بسلسلة حول رقبته ,ثم توقف وهو ينظرالى القفككل خلككف الملككك بحسككرة .وسككموطان بيككن
كيوان والملك .فتقدم منه سموطان تاركا الملك خلفه فأمسك بتلك القلداة فأفلتها كيوان من
قبضته فنظر فيها سموطان فاذا هي قطعة معدنية مستطيلة فضية اللون تلمككع كمثككل لككون
سلسلتها ,وحفر بداخلها شكل مفتكاح وكتكب فكي اعلهكا 7وفكي أسكلفها عنكد حفكرة حلقكة
.فرفع الشككيخ نظككره مككن القلداة الككى كيككوان المفتاح ز وتحت الحرف هذا الشكل
عندما علم ان كيوان هو صأاحب ذلك المفتاح الذي عنككد الملككك أجمنككون .وهككو فعل آخككر
المفاتيح لخر يوم في ألسبوع السبت .فربت سموطان على كتف كيوان ليهككدأ ويطمككأن.
ونظر سموطان من خلف كيوان الى الملوك السته وقد لمعت علككى صأككدورهم قلئككد مثككل
تلك التي عند كيوان.
عند غروب الشمس جلس الملك أجمنون على كرسي عرشة والجميع من حوله والملوك
السبعة من خلف سموطان .فأشار الملك أجمنون الى كبير جنده قائلً:ا أعد الجند للخروج
غدا صأباحا وهات الخرائط حتى نعرف على من سنقدم .انصككرف كككبير الجنككد ثككم التفككت
الملك الى ابنه هيرودا واشار اليه بيده قائل ً:ا هذا ابنككي هيككرودا فنظككروا اليككه شككاب قككوي
الملمح ذو عضلت مفتولة صألب الطلعة جاف المنظر وقد تقلككد سككيفا وضككع بيككده عليككه
يلبس دارعا .ثم أكمل الملك وهو يشير الى رجل وسيم بجانب هيرودا وقال ً:ا وهذا أصأككغر
ابنائي سامويل ,هيرودا لما ل تأخذ إبن عمك دايفي وصأاحبته لتريهم المملكككة .هكككذا أمككره
أبوه الملك فقبل هيرودا وهز رأسه بالطاعة على مضككض فقككد كككان يفضككل ان يكككون مككع
الرجال .خرج هيرودا متقدما غير مبالي بروثا ودايفي اللذان يحاولن مجاراته ثم صأككرخأ
هيرودا بغضبً:ا شهلون فجاءه رجل يركض يحمل معداته الحربية حتى وصأل عنده فقككال
وهو يمشي متأخرا عن هيرودا قليلً:ا شهلون السريع في خدمتكم .ابتعد عنهم دايفككي يلعككب
ويتراقص بين العشاب فلحقت روثا بهرودا فنظر اليها هيرودا شزرا ثم نظر الى دايفككي
وقال ً:ا إبن الخائن .فغضبت روثا وقالت ً:ا ليس خائنا .فتوقف هيككرودا عككن المشككي ينظككر
الى روثا وهي تبتعد عنه ذاهبة الى دايفي وهككو متعجبكا مككن تصككرفها .داخككل كككبير الجنككد
على الملك والجميع عنده وقالً:ا مولي كل شيئ جاهز وهذه هي الخريطة .وأفرداها كبير
الجند على الطاولة بينما ينزل الملك أجمنون يسير إليها ثم نظر إليها وقال ً:ا هذه الخريطة
قديمة جدا ,ل نعلم عن هذه المدن الكثير .ونظر في الخريطة بإمعان قائلً:ا نعلم أكثر عككن
المدن القرب إلينا أما البقية فهي ليست ال داوائر علككى الخارطكة بمواقعهكا ,وقككد رسكمت
منذ قديم الزمان ,عندما كان حال الجميع في سلم وأمان .ونظر أجمنون الى الشيخ قككائل ً:ا
ان الحروب بين هذه المدن السبعة منعت الناس مككن النتقككال بينهككا ,فكككل مملكككة تحككارب
المملكة التي تطالها أيديها ممن بجوارها ,لذلك معظمها ل يعرف شيئا عن تلك التي ابعد
ممن يقاتلون .اقترب الشيخ من الخريطة ونظر فيها فقككال لككه الملككك و هككو يضككع اصأككعبه
27
على الخريطة ً:اهذا نحن هنا وبهذا التجاه نذهب .ثم إلثفت الملك الى كبير جنده الذي كان
بجواره فقال كبير الجنككد ليككبين مككا أشككار إليككه الملككك علككى الخريطككة ً:ا إنهككا مملكككة) فككي(
ويحكمها الملك ميشا ,لديهم قوات عتيدة وجند كثر ,وهم ذو بطش وقوة .فقال الملك لكبير
الجند بإستخفاف ً:ا هذا وقكد علمنككاه ,فهكم مككازالوا يقتلكون منكا ونقتككل منهككم منكذ سكنين مككا
الجديد؟ هل يستعينون بشيء من العلكوم أو قككوة خاصأككة مككا ؟ قكال ككبير الجنكدً:ا ل سكيدي
ليس إل بعدداهم الكبير .حينها إلتفككت الملككك أجمنككون الككى الحضككور وقككال ً:ا إذا غككدا عنككد
الفجر ننطلق اليهم .
في وقت العشاء جلس الشيخ ودايفي وبوجككابت ومككاري وروثا علككى الطعككام يككأكلون فككي
قصر المير الراحل نحميا ,وملوك الجن مككن حككولهم وقككوف ,فككالتفتت روثا اليهككم وهككي
تأكل قائلة ً:ا ال تأكلون ؟ فأرادا بهرام ملك الثلثاء ان يجيبها ولكن الشيخ سبقه قائلً:ا إنهككم
ل ياكلون كما نأكل لذلك ل يتوصأل بنككي آدام الككى إمتلك طككاعتهم لككه إل بككالجوع .فقككالت
روثا للشيخ ً:ا ماذا تعني ل يأكلون كما نأكل؟ وكيف اذا يأكلون ؟ فقال بهككرام نحككن نأكككل
من رائحة العظام التي يأكلها البشر ,وكذلك داوابنا تأكل من روثا داوابكم .وحينما سمعت
روثا ذلك اشمأزت حيث كانت تأكل فضحك الشيخ وقال ً:ا عندما ننتهي من الكل ضككعي
هذه العظام خارجا فقال أناهيدً:ا وكذلك نأكل من رائحة الطعام الذي يبقى على أيككدي بنككي
آدام ,فنلحسه وعندها يمككرض ذلككك الشككخص ,وإذا كككانت رائحككة الطعككام فككي فمككه نلحسككه
فتخرب أسنانه ,عندها زاغت عيون الصبية في مككن حولهككا علككى الطاولككة وكككان بجانبهككا
دايفي فأصأدر صأوتا قويا من فمه علمة على الشبع وأخككذ ينفككض يككديه علككى صأككدره مككن
بقايا الطعام وفي الحال أخذته روثا إلى الماء وراحت تغسل يديه جيككدا ثككم أخككذت بغسككل
فمه وكان هناك بهرام يراقبهما .
عند فجر اليوم التالي ,أخذ الجميع يستعدون للخروج وكل يحزم أمتعته وهككا هككو شككهلون
يحزم أمتعة المير هيرودا ويرتب له رحلة ,وكانت هناك روثا تحككزم أمتعتهككا مككع دايفككي
وترتب له حصانه ,فحضر إليها الشيخ وقال ً:ا أيككن تظنيككن أنككك ذاهبككة؟ فقككالتً:ا مككع أخككي
طبعا .فقال ً:ا ل ..ل ل حاجة لك بالذهاب معنا ,إنها ليست بنزهة ,ككل واحكد منكا ق د يقتكل
في اية لحظة ,لن أغامر بأخذك معنا .فقالت ً:ا إذا من سكيعتني بكأخي ومكن سكيمتطي معكه
فوق الحصان ,إنه ل يعرف كيف يمتطي حصانا وقد يسقط أو يككؤذي نفسككه أو ينطلككق بككه
الحصان كيفما شاء .عندها فكر الشيخ قليل ونظر إلى هرمككس ملككك الربعككاء وقككال لككه ً:ا
هرمس أريدك أن تلزمهما طوال الوقت ول تفارقهما ابدا ,ول تدع أحدا أن يصل اليهمككا
مهما كان .فقال هرمس وهو ينظر الى روثا الفرحةً:ا أمرك سيدي .
في إسطبلت قصر الملك أجمنون كان الملك يتفقد جواداه فتقدم الوزير لوذا من الملك وقد
إرتآها فرصأة ل تفوت فقال للملك ً:ا سيدي الملك ل يعلم بشؤن المملكككة بعككدكم مثلككي فككإن
تركناها نحن الثنين فسدت .تجاهله الملك وأخذ داابته وخرج يمشي بها حككتى وصأككل إلككى
ساحة القصر حيث كان هناك روثا ودايفي يوداعان وهيرودا كذلك يوداع أهله فتقدم الملككك
من إبنه الصأغر بعد أن أعطى حبل خيلة للوزير لوذا ووقف قبالته ووضع يده على كتفه
28
قائل ً:ا سامويل المملكة تحت يدك الن وربت على كتفه وشكده و إحتضكنه قكائل ً:ا أحسكن
التصرف في غيابي يا بني .فهز البن رأسه وقككال ً:ا ل تقلككق يككا أبككي أنككا كمككا علمتنككي أن
أكون ثم إنصرف الملك ليوداع أهله بينما أركبت روثا دايفي فوق الحصان وركبككت خلفككه
وأنطلقا .فتقدم هيرودا من أخيه ووقف ونظر إليه بشككده وإبتسككم بوجنككتيه ثككم ضككرب علككى
عضد أخيه بخشونه وانصرف داون أن يقول شيئ وركب حصانه .وقصد الملككك حصككانه
منتهيا من تودايع أهل بيته فناوله الوزير حبل اللجام فأخذه الملك قككائل لككه ً:ا سككأحتاج إلككى
مشورتك معنا فليس هناك مككن أثككق بكه غيكرك .وركبكا وأنطلقككا إلككى بوابككة المدينككة حيككث
تنتظرهم الجيوش والجموع بعدداهم وعدتهم في إنتظار الملك للمسير .
سار الجيش عبر الغابات الكثيفة أيكام ثلثا وفكي اليكوم الرابكع وإذ هكم فكي الرككب وقبكل
غروب الشمس بقليل تقدم سموطان بفرسه حتى ساير الملككك وقككال لككه ً:ا مككولي إنككه كمككا
تعلم عددا جنودا مملكة) في( كبير فل بد من الحيلة لمنع إراقة الكثير من الدماء ,فهدفنا في
الخير ليس الستيلء علككى المدينككة وإنمككا المفتككاح .فقككال الملككك ً:ا إذا مككاذا تقككترح ؟ قككال
الشيخً:ا أقترح أن ندخل عليهم بصمت وأن ت أمر الجنكد فيتوقفكوا عكن قكرع الطبكول حكتى
نفاجأهم وثم أنا اتكفل بالباقي .فناداى الملك على كبير جنده فتقرب منه بفرسه فقال له الملك ً:ا آمر الجند بالتوقف عككن
قرع الطبول والهدؤ ما إستطاعوا نريد أن نباغتهم .فقال كبير الجند مولي إننا قريبون جدا منهم الن ,ليسكت ال بضككع
أميال .عندها توقف الملك وتوقف الركب خلفه فنظر الملك الى المكان المحيط بهم ثم قككال لكككبير الجنككد ً:ا لنعسكككر هنكا.
وقال لكبير الجند قبل أن يذهب ً:ال تجعل أحدا يشعل نارا والزموا الحذر .فانطلق ككبير الجنكد لمكا أمكر الملكك .عسككر
الملك وجيشه هناك وفي منتصف الليل ناداى الملك على الجن فحضروا عنده فككأمرهم بإقتحككام مملكككة) فككي( وردا عليككه
ملوك الجن بعدم استطاعتهم ذلك .حينها غضب الملك وزمجر وأمر بإحضار الشككيخ ولكككن الجنككد بحثككوا عنككه فككي كككل
مكان فلم يجدوه .عندها صأرخأ الملك أجمنون في الجن وقال ً:ا إذهبوا ل حاجة لي بكم ,غداا صأباحا نقتحم عليهم بجندي.
نام الجميع تلك الليلة إلى أن أصأبح الصباح فأخذ الجند بالتجهز وإعككدادا خيككولهم وتفقككد أسكلحتهم وقككد زادا الملككك تحيككرا
بإختفاء سموطان وظن به السوء وهو ل يدري ما يصنع بعد أن وعده الشيخ بالتكفل بهكم وحيكث أن جنككد العككداء ككثر
وهم أقل .وفيما هو كذلك إذا يسمع جلبة وتراكض بالخارج فخرج من خيمته ليرى الجند يتحفزون للقتككال فنظككر ورأى
ثلة من الفرسان تقترب ,فركض إلى جنكده وحثهكم علكى السكتعدادا ثكم وق ف وتمعكن فكي أولئكك الفرس ان فكإذا الشكيخ
سموطان يتقدمهم على فرسه وبقي الملك أجمنون ينظرهم متعجبا حتى وصألوا إليه فنزل أحد الفرسان مككن خيلككه وقبككل
يد الملك أجمنون وهو يقولً:ا أنا الملك ميشا يا سيدي .فتعجب الملك من ذلك وصأافح الملك ميشا وأخذه إلككى خيمتككه هككو
وحكماءه وقاداته ,والشيخ معهم وقد كان الملك أجمنون يرمق سموطان بنظرات تعجبيه في طريقهم إلى الخيمة القياداية,
وبعد أن جلس الجميع تكلم الملك أجمنون وقال أيها الملك ميشا تعلم أنا جأنا لقتالك ...فقاطعه الملككك ميشككا وقككال ً:ا أعلككم
ذلك ولكن ما حدثا ليلة البارحة ينبأني أنكم منتصككرون علينككا ل محككاله ,فلمككاذا نريككق دامككاء بعضككننا بعضككا ؟ تريككدون
المفتاح ؟ خذوه ولكن داعنا نكون صأحبه وأصأدقاء مسالمين .تعجب الملك أجمون من ذلك ونظر إلى الشيخ سموطان ثم
توجه للملك ميشا قائل ً:ا قلت بعدما ليلة البارحة ما معنى ذلك ؟ قال الملك ميشاً:ا بينما أنا نائم في قصككري ليلككة البارحككة
إذا بهذا الشيخ الفاضل .وأشار إلى سموطان .قد رفعني بيديه من سريري وطاربي من شرفة قصري إلى السككماء حككتى
رأيت الرض كبر رأسي ,وتعلقنا هنككاك وقككال لككي ً:ا ألقيككك الن إلككى الرض فتصككبح رمككاداا ويختلككط مخككك بككالتراب,
ماجأناكم ال لجل المفتاح ,أحقن داماءكم وسلم للملك أجمنون .فقلت أنه يفعلها ,ثم يفعل أكثر من ذلك بجندي ,فل حاجككة
للقتال ,وهذا ما حدثا .عندها بدى الملك أجمنون مسرورا من فعل الشكيخ وقكد أنج ز وعكده .حكتى رأى الملكك أجمنكون
الجن وقد أقبلوا على الخيمة .ففزع الملك ميشا من منظرهم وصأاح بهم الملك أجمنون ً:ا ألم أقككل لكككم أنكي لسكت بحاجككة
إليكم لماذا عدتم ؟ عندها تدخل الشيخ وقال ً:ا ل بأس يامولي أنا أمرتهككم بعككدم الحككراك ومككا كككانوا ليخككالفوا لككي أمككرا.
عندها قال الملك ميشا ً:ا تفضلوا معنا يا مولي فهي مملكتكم تحلون علينككا أصأككدقاء وأصأككحاب مكرمككون .تككوجه الملككك
وجيشه إلى دااخل المملكة وضيفهم الملك ميشا فأكلوا واستراحوا حتى طلب الملك أجمنون القفل ,فأخذه الملك ميشا إلى
مكانه وقالً:ا
29
ها هككو سكيدي تحككت تصكرفكم .أخكذ الشككيخ
سموطان دايفي إلى القفل وقككد وقككف الملككك
أجمنككون هنككاك ينظككر متككأمل هككل سككيقدر
الصبي على إخراجه أم ل ؟ هل ماذكر فككي
الكتاب السككليماني صأككحيح أم هككو خرافككة ؟
هل أضاع جهككده ووقككت إنتظككاره وصأككبره
سدى ؟ وأخذت الفكار ترقككص فككي رأسككه
سلبا وإيجابككا حككتى تقككدم دايفككي مككن المفتككاح
بمسككاعدة سككموطان ومككد يككده وأدااره فككإذا
المفتكككاح يكككدور وخرجكككت حلقكككة القفكككل
وأصأدرت صأوتا لدى
قفزها للعلى وأنفتح القفل و جميع من حضروا مبهورين من ذلك الموقف المهيب .حيث
لم يفتح ذلك القفل منذ أقفله سليمان وأخذوا بتلك الضاءة المشعة الككتي خرجككت مككن ثقككب
المفتاح ولم تنطفئ شعلتها حتى أخرج دايفي المفتاح تماما من القفل ,وأصأبح في يككده ,ولككم
تتملك الملك أجمنون الفرحة وقهقه من الفككرح ,وأخككذ يقبككل دايفككي والصككبي مندهشككا منككه.
عندها تقدم الوزير لوذا ليأخذ المفتاح فقطع سموطان عليه الطريق وكادا أن يوقعه أرضككا
وأخذ المفتككاح وجعلككه دااخككل خيككط قككوي وألبسككه قلداه حككول دايفككي .فقككال الملككك أجمنككون
لسموطان وهو ينظر لما حصل لوزيرهً:ا ل بأس ولكن تأكد من أنه لن يضيعه وإل ضككعنا
معه.
أخذ جيش الملك أجمنون يأكلون ويختلطون بشعب مملكة) في( حككتى داخككول الليككل وهككم
في مرح وفرح .شاهد الوزير لوذا الملك ميشا يقف فوق قنطكرة عاليكة يطكالع الجنكد فكي
أسفل ساحات القصر وهم يمرحون .يقف منتصبا ويديه إلى خلفه بهدؤه ومنعككزل .فمشككى
الوزير إلى أن وقف بجانبه ,ووقف وقفتكه ثكم بكدأ لكوذا يقكولً:ا الملكك أجمنكون خكرج مكن
مملكته وهو ينوي غزو الست ممالك كلها .والتفككت لككوذا إلككى ميشككا ينتظككر اجابككة فأجابككة
ميشا داون أن ينظر إليه ببساطة قال ً:ا لديه القوة التي تجعل من عزم كككذاك هينككا ولككم ل ؟
وهو يحارب بقوة الجن .فقال الوزير ً:ا ما الذي يدفع ملكا إلى تككرك مملكتككه وأهلككه داونمككا
حماية من أجل تحقيق هدف ساذج ؟ بل وأي هدف مهما كان ل يستحق التضككحية .فنظككر
ميشاإلى لوذا ونظر اليه لوذا قائل ً:ا نعم لم يترك ال بعض الحككراس ,فغككزوا بهككذا الحجككم
يحتاج فيه إلى أضعاف أضعاف من خرجوا معه .فقال ميشا ً:ا ذلك الشيخ الذي معه ,لوله
لما تجرأ على الخروج في طلب المفاتيح .فقال الككوزير ً:ا هككذا صأككحيح ولكنككه ليككس وحككده
القادار على التيان بتلك الخوارق .فلقد سمعت أن له أخان يفوقانه قككدرة .فقككال ميشككا وقككد
ساوره الظن في الوزير ً:ا لل لقد أصأبحنا أصأدقاء الن بككل وأعككز مككن الخككوة .فقككال لككه
الوزيرً:ا في مملكة الملك أجمنون كتاب نادار .فانتبه إليه ميشا وشد تفكيره وأكمككل الككوزير
قائل ً:ا يمكن لمن يعرف طريقة إستعماله فعل أكثر مما يفعل الشككيخ ,الطيككران والختفككاء
وغيره .فنظر اليه ميشا قائل ً:ا ومككا مصككلحتك فككي إخبككاري كككل هككذه المعلومككات ؟ فقككال
30
الوزير ً:ا أساعدك على داخولها بجيشك وأحكمها بالنيابة عنك ,أنت هنا وأنا هناك ,بإسمك
طبعا .تردادا ميشا من أن تكون تلك خدعة من الملك أجمنون ,إمتحانا لوفاءه فقال للككوزيرً:ا
الخيانه طبع دانيء ,لن توصأل صأاحبها إل للهلك .فقال الككوزير ً:ا كككذلك الجبككن ,يوصأككل
إلككى الهلك أحيانككا .فقككال ميشككا وهككو ينصككرف ويككديه خلككف ظهككره ونظككر إلككى الككوزير
بإحتقارً:ا ل أتمنى أن يكون معي وزيرا مثلك .وسار عنه ميشا بينما صأرخأ عليه لوذا مككن
وراءه قائلً:ا بل قل ,ل تتمنى أن يكون لك عدوا مثلي .في نفس الوقت أخذت روثا دايفككي
إلى الجنحة الملحقة بالقصر وداخلت معه إلى غرف الحريم ,حريككم الملككك ميشككا ,فككامتنع
هرمس عن الدخول معهما .وفي غرف وأجنحة الملكات والميرات وحيث المكان يضككج
بالجواري لم تتأقلم روثا مع ذلك الجككو الغريككب عليهككا ,فأحسككت بالضككجر فأخككذت دايفككي
وخرجت من باب خلفي أفضى بهما الى حدائق ومتنزهات القصر الخلفية الخارجيككة .وإذ
هما بين الشجار رأت روثا بعض الفرسان بككالجوار وهككم يبحثككون فككي الظلم مككن بيككن
الشجار ,وسمعت أحدهم يقول لصأحابه من على ظهر جككواداهً:ا لقككد كانككا هنككا منككذ قليككل,
يجب إل يفلتا منككا ,وإل لككن نجككد فرصأككة مماثلككة .عنككدها تحككرك دايفككي فككرآه ذلككك المتكلككم
فصرخأ على زملئه فأخذت روثا يد دايفككي وركضككت بككه إلككى أسككطبل مهجككورا منزويككا
تداورت عليه الشجار الكثيفة .فدخلت هي ودايفي فيه ,فشاهدا أحد الرعاة وقد أوقككد علككى
النكار يعكد طعكام العشكاء هنكاك قريبكا مكن الزاويكة ,فأفزعهمكا منظكره المتشكردا المخيكف
وبخاصأة عندما إبتسم وبانت أسنانه .فلجأت الى الجدار مككع دايفككي بينمككا وقككف هككو ينظككر
إليهما بطمع ,وقاطع طمعه أن سمع أصأوات خيول تتوقف بالخارج عندها ركضت روثا
ودايفي بيدها وهي تتنفس بسرعة إلى تلك النككار الككتي أوقككدها الرجككل الملتهككي ينظككر الككى
القادامين من الباب ,وأخرجت روثا من جيبها قرصأا بحجم الدرهم وشطرته إلككى نصككفين
وهي تسمع وقعات أقدام لجند عند الباب ,وألقت بنصف قرص في النار وهي تنتفض مككن
الخوف ,فانتبه ذلك الرجل إلى ما القته روثا في النار ,ووقف ل يعلم من يهبط عليه ,وقد
بدأت النار يتصاعد منها داخانا مختلفا ,فدفعت روثا دايفككي إلككى الزاويككة وغطتككه بجسككمها
وأغلقت عينيه بكفها كما أغمضت عينيها وذلك الرجل مستغربا ممككا يحصككل لككه بسككرعة
وفجأة ,وداخل عليه الجند بقوة وهو واقف متسمر مكانه فرأى الجند نهرا من خلف الرجل
الذي ينظر إليهم غير مدركا لما خلفه ,وإذا بتمساح كبير يخرج من النهر فاتح فكه العظيم
فصعق الجند من هول ما رأوا ,وانتبه الراعي خلفه ورأى ذلك المنظر المرعككب ,عنككدها
هجم عليهم التمساح بصوت المفترس النهكم ,فتكدافع الجميككع إلككى الخكارج يسكقطون فكوق
بعضهم البعض ,وهربوا وبعضهم لم يأخذ جواداه في الهرب ,ولم يردا ال البتعادا عن ذلك
التمساح قدر المستطاع ,و بعد قليل خرجت روثا ودايفي معها تككترقب الطريككق فككإذا هككي
خاوية ,إل من حصان واحد واقف هناك بالخارج يرعى العشككب ,فتحركككت إليككه ودافعككت
بديفي فوق ظهره وركبككت وراءه وانطلقككت مسككرعة إلككى القصككر .وفككي رداهككات القصككر
كانت روثا ومعها دايفي يخككبران الشككيخ سككموطان مككا كككان مككن أمككر جنككودا ميشككا ,فتقككدم
سموطان إلى حيث كان يجلس الملك أجمنون وجمكاعته يضكايفهم الملكك ,فإسكتأذن الملكك
أجمنون من الملك ميشا لبعككض الككوقت ,فككإذن لككه ميشككا متوجسككا .وعنككدما إختلككى بالملككك
31
أجمنون أخبره سموطان أن الملك ميشا حاول أخذ المفتاح فبعث بجنوداه لمهاجمة الصككبي
ولم يفلح ,عنككدها داخككل الملكك أجمنككون علككى الملككك ميشككا وعنفكه علكى فعلتككه فاضكطرب
المجلس وتغيرت أحوالهم من لهو الى جككد ,فنككزل ميشككا مككن كرسككيه ووقككف قبالككة الملككك
أجمنون متظاهرا بالجهل وهككو ينظككر الككى ملككوك الجككن المتحفككزة ,فككدار عليككه سككموطان
ووقف وراءه ,وقال للملك أجمنون بحزم ونيةً:ا ماذا تككأمرني فيككه يككا مككولي؟ عنككدها خككر
الملك ميشا أمام قدمي الملك أجمنون متباكيا ,مستميحا ,متوسل ,وهو يعلم من هككو الشككيخ
وكيف فعله وقال للملك وهو يمسك بقدميهً:ا لدي ما يهمكم أن تعلموه .عندها زاغت عينككي
الوزير لوذا ,وظن أنه يفضحه ,فبدأ يجهز نفسه لكذبة أخرى ينقككذ بهككا نفسككه .فقككال الملككك
ميشا ً:ا أنتم متوجهون إلى مملكة) جاما( أليس كذلك ؟ فقال الملك أجمنونً:ا نعككم ولكككن مككا
داخل هذا فيما فعلت جنككوداك؟ فقككال الملككك ميشككاً:ا مككاذا تعلمككون مككن أمرهككم ؟ قككال الملككك
أجمنونً:ا نعلم ما نعلم وما داخلك في هذا ؟ قال الملك ميشا وهو ينظر إلى وراءه مستعطفا
سموطان ً:ا يمكنني أن أمدكم بالمعلومات الكافيككة عنهككم وعككن مليكهككم مقابككل أن تصككفحوا
عني .هز سموطان راسه للملك أجمنون وقال ً:ا ل بأس نسككمع أول فقككال الملككك أجمنككونً:ا
تكلم ما لديك ؟ فقال الملك ميشا ً:ا ملكهم ملك قوي يدعى شمشون وهككو ملككك جليككل القككدر
عظيم الجاه له جنودا ل تحصككى ,ولككه إبنككه ذات حسككن وجمككال وفصككاحة وفروسككية ,وقككد
خطبها ملوك كثر فلم يسمح لهم بها ,لكونه مغرما بحبهككا وصأككار كككل مككن يخطبهككا يمنعككه
ويرداه بغير فائدة ,فيرجكع الخكاطب غضكبان إلكى أن يجمكع العسككر ويعكودا إليكه محاربكا
ومقاتل,ا فينكسر عسكر الملك القادام لن الملك شمشون صأاحب عساكر كثيرة ,ثم أنه لما
طال عليه المر وعلم أنه تحارب مع جميع الملوك ضاق صأدره وقككد ذهبككت منككه بعككض
أمواله ,فأشار عليه وزيره أن يدبره .فقال له الوزير ً:ا أبعككدها عككن هككذه الككديار وكككل مككن
جاءك خاطبا قل له ما هي عندي بل إنهككا سككرقت وكككل مككن فتككش عنهككا ولقيهككا فهككي لككه.
عندها قال الميرهيرودا لميشا ً:ا إذا لماذا لم تجد أنت في طلبها طالما أنك تعرف سككرها؟
قال الملك ميشا لهيرودا ً:ا أنا رجل عجوز مكالي والكزواج ,كمكا أننكي لكدي نسكوة ككثيرات
وإنما ذلك من طبع الشباب من مثلك أيها المير بأن يركبوا الصعاب ويطلبوا المسككتحيل,
كما أن الملك شمشون ملك شرير ماالذي يضمن لي أن حصلت عليها أل يحاربني عليها,
وهو ذو مملكة عظيمة ..فقاطعهما الملك أجمنون قائلً:ا أكمل أيها الملك حكايتككك ول أرى
لها فائدة عندنا غير أننا عرفنا قوة خصمنا أكمل .فقال الملك ميشاً:ا وافككق الملككك شمشككون
وزيره وبنى لها قصرا على جزيرة بين البحور ورتب لها الخككدام والحككرس هنككاك ,ولهككا
عشر جوار كأنهن القمار يضربن على اللت ,مطربات ماهرات وعليهن واحككدة وهككي
كبيرة الوصأيفات ذات حسن وبهاء ,وللملك شمشون عشرة أبناء ذكور ,وكككل واحككد منهككم
يحكم على مدينة من المدن القريبة من المملكة بجنوداهم وعتاداهم ..ثم توقككف الملككك ميشككا
عن الحديث فوقف الملك أجمنون متفكرا ثم سار إلى الشيخ سموطان وقال ً:ا ما تقول فككي
هذا؟ قال سموطان ً:ا هذه معلومات ل بأس بها ولكنها ليست بتلك الهمية ولكنا ل نسككتفيد
شيئ من قتله وقد نوغر علينا جند مملكته من بعده بل فائدة .فقال الملككك أجمنككون يساسككر
الشيخ والملك ميشا راكع علككى الرض ينتظككر رداهككم ً:ا إذا مككا العمككل؟ فقككال الشككيخ وهككو
32
يتوجه الى الملك ميشا ً:ا ل بأس هذه معلومككات مفيككدة وقككد أنقكذت بهكا رأسكك هكذه الليلكة,
ولكن ل يمكن ان نثق بك بعدما فعلت .وتوجه الشيج إلى برجيس ملك الخميس وقال لككه ً:ا
لزم الملك ميشا في نومه ويقظته ,فاذا علمت منه الغدر إقطع رقبته .عنككدها فككرح الملككك
ميشا وشكر سموطان على صأنيعه وفزع عندما رأى برجيس قد إختفى من أمككامه عنككدما
أشار سموطان للملك ميشا بيده وهو يقككول لككبرجيس ً:ا هككو معككك .رافككق برجيككس الجنككي
الملك ميشا حتى خارج ممرات القصر وهو في الطريق تقدمه برجيس إلى إحدى الجرار
المزخرفة التي تزين الممر حيث الملك ميشا قادام باتجاهها ,فأوقعها برجيككس أمككام الملككك
ميشا فجفل الملك وأغمض عينيه تحسبا لنكسارها وفتح عينيه ليراهككا لككم تنكسككر ولكنهككا
مائلة الى الرض .ثم رفعت لتقف على قاعدتها مرة أخرى ,عنككدها تأكككد الملككك ميشككا أن
ذلك الجني يرافقه كظله فعل ,فأسرع الخطا إلى غرفته داون أن ينظككر خلفككه ولككم يخككرج
من غرفته ,إنصرف الشيخ من مجلس الملك أجمنون يبحث عن هرمس حتى وجككده فقككال
له ً:ا لقد وكلتك بحراستهما .وقالها الشيخ بطريقككة توبيخيككة حككتى أن الجنككي أطككرق رأسككه
وقال ً:ا سيدي لقد داخل إلى حريم الملك .فقال الشيخ ً:ا ألم يكن بوسعك الختفككاء والككدخول
معهما ؟ قال الجني هرمس ً:ا سيدي لم أشا أن أنظر إلى مككا ل ينبغككي النظككر اليككه .عنككدها
سامحه سموطان وقال له ً:ا مرة أخرى ل تسمح لهمكا بالكدخول فكي مككان ل يمكنكك انكت
الدخول اليه .فقال هرمس ً:ا أمرك سيدي .في تلك الثناء اقككترب الميككر هيككرودا مككن أبيككه
الملك وقالً:ا لقد أعجبني ما وصأف الملك ميشا لتلك ألميككرة الحسككناء .فقككال الملككك ً:ا نعككم
وأنا كذلك .عندها قال هيروداً:ا اريدك يا أبي أن تزوجنيها .فقال الملكً:ا ما بالككك هككل ترانككا
نملكها أو نملك أباها؟ فقال هيرودا أعني بعد أن نتغلب عليهم .فقال الملك وهو فرحا ً:ا هذه
بشارة جيدة هي لك إذا ما ظفرنا بهم .
في صأباح اليوم التالي تجمع حشد الملككك أجمنككون وخرجككوا مككن المدينككة محمليككن بككالزادا
والشراب وكان هناك الملك ميشا على الشرفة يلوح اليهم يوداعهم مبتسما ,وبعككدما توقفككوا
عن النظر اليه وواصألوا التقدم بقليل كشر الملك ميشا وأخذ يسب ويلعن ,فككاذا مككن وراءه
قد إرتفع من على الطاولة طشت به ماء لغسيل اليدي إرتفع حتى فوق راس الملك ميشككا
وهو منشغل باللعن والسب ولم يتوقف حتى انسكب عليككه المككاء فشككهق متجمككدا ,ثككم نككزل
الطشت على رأسه واصأبح رأسه بداخله وقد غطاه حتى رقبتككه وهككو جامككد ل يككأتي بككأي
حركة فلقد علم أن برجيس الجني ما يزال في الجوار .
الفصل الثالث
33
تقدمت الجيوش وساروا في الغابات الكثيفة بضعة أيام حتى وصألوا إلى سهل من السهول
فعسكروا عند غروب الشمس واستراحوا وقاموا بطبخ الطعام حتى أن الدخان عل وكثر,
فأكلوا وشربوا ,بعدها أخذت روثا دايفي وغسلت له يده وفمه من الطعام وهي تنظككر الككى
فوق كتفها حيث هرمس واقف ينظر اليها تغسله ,وإذ هي ككذلك رأت هيككرودا ينطلككق مككن
المخيم بفرسه يعدو إلى الغابة خارج المعسكر فقامت مسرعة ثم رجعت حيث نست دايفي
وقالت لهرمس ً:ا إعتني به حتى أعودا فأجابها هرمس برأسه بنعككم مسككتغربا مككن عجلتهككا,
وراقبها تأخذ حصانها وانطلقت تعدو به وراء هيرودا حتى إختفت في الغابة .وبعد مسككافة
في الغابة هدأت روثا من سرعة الحصان حيث لمحت فارس يتمشى في الغابة فلحقت به
بهدؤ متسللة حتى وقف الفارس ونزل عن فرسه وأخذ سيفه وراح يضرب به في الهككواء,
ثم قام بضرب كل ما حوله من الشجار وكأنه في عراك عنيف ثككم لككوح بسككيفه مسككتديرا
الى صأوت أحدهم يقترب منه فاذا هي روثا وقد اشككار اليهككا بسككيفه بعككزم فككأنزل هيككرودا
سيفه لما رآها وقال ً:ا أنت!! تقدمت روثا منه قائلة ً:ا لما كل هذا الغضككب ؟ فقككال هيككرودا
وهو يعاين سيفه ممسكا به بكلتا يديه ً:ا لقد خرجنا للغزو ,ومع هذا لم أسككتعمله حككتى الن,
اني متشوق للقتال ,لقتال حقيقي .فقككالت روثا مسككتنكرة ً:ا وهككل ينبغككي أن يمككوت احككدهم
لتشعر بالتحسن؟ قال هيروداً:ا إنك فتاة ل أتوقع منك فهم ذلك .فقالت ً:ا نعم في الحيككاة الككتي
عشتها لم نكن نختلط بالكثيرمن الناس .فرق قلب هيرودا لهككا قككائل ً:ا هككل كنككت وحيككدة ؟
وعندما قال لها ذلك وكأنه غرز سيفه في جرح قديم تحاول إلمامه فتنهدت وقالت ً:ا أعنككي
من هناك ؟ أمي أو ماري أو دايفي و سموطان ,في مكان معزول بعيككد عككن النككاس ,كنككت
أفرح كثيرا عندما يككأتي أحيانككا أحككد القروييككن للتطبككب لككدى سككموطان,وأسككتغل الفرصأككه
للتحدثا الى كل من يزورنا ,ولكنهم ليسوا بكثير ونادارا .عندها شعر هيرودا كمككا شككعرت
روثا في ظلمه تلك الليلة وفي تلك الخلوة ببعضهما بشيء يتحرك نحو بعضهما البعككض.
فقاطع هيرودا ذلك الحساس الغريب على شخص يحككاول ان يكككون صأككلبا طككوال الككوقت
وقال وهو ينظر الى طريق العوداة الى المخيمً:ا غدا أمامنا مسير شاق آخر ,ينبغي أن ننال
قسطا من الراحة .وعندما قال هيرودا ذلك تنفست روثا وخر بنيان ذلككك الشككعور الجميككل
متكسرا على الرض ,وكأنها ل تريد الذهاب فقفز هيرودا على جواداه وقال ً:ا أسككابقك فككي
العوداة .عندها قفزت هككي الخككرى علككى جواداهككا وأخككذا يتسككابقان الككى المخيككم .فككي تلككك
الثناء وإذ هيرودا وروثا يتحاداثان فككي الغابككة إفتقككد دايفككي صأككديقته روثا فظككن أنهككا قككد
أختفت ,فأخرج طاقيتة ولبسها علككى رأسككه فككاختفى ,فجككزع هرمككس عنككدما إختفككى دايفككي
وأخذ يبحث عنه في المكان فل يجده ,ولكنه يمكنه أن يسمع ضحكاته ,وإذ هو كذلك ذهب
وناداى سموطان فحضر الشيخ إلى تلك البقعككة المعزولككة مككن المخيككم حيككث إختفككى دايفككي
وأرشده هرمس إلى حيث كانا ,وكان سكموطان يسكمع صأككوت ضككحكات دايفككي ول يكراه,
فأخذ سموطان يلطفه ويتكلم معه طالبا منه أن يظهر نفسه ثككم أخككذ سككموطان قطعككة مككن
قماش الخيم ووضعها على رأسه وأخذ الشككيخ يخلككع قطعككة القمككاش مككن رأسككه عسككى أن
يقلده دايفي ,وبعد برهه ظهر دايفي وصأرخأ صأرخة الظهور والطاقية في يده ,فهجم عليككه
الشيخ وأمسك به وحاول إفهامه أل يفعل ذلك مره أخرى ,وأمسك سموطان بالطاقيككة فككي
34
يدة وقال ً:ا إنها الطاقية لقد أحضرتها معككك .وفكككر سككموطان قليل ثككم خبأهككا فككي مخبككاء
دايفي وقال وهو ممسكا بديفي من عضككديةً:ا لعلهكا تفيككدك فككي وقكت مككا .فكي تلككك ألثنككاء
وصألت روثا ومككن مظهككر سككموطان وهككو ممسكككا بككديفي علمككت روثا بوقككوع أمككر مككا
فركضت إليهما وجلة وقالت ً:ا ما الذي حصل ؟ نظر إليها الشيخ بغضككب ووبخهككا قككائلً:ا
قلتي من سيعتني بديفي أليس كذلك ؟ ل أراك تعتنين به .ثم إنصرف عنهككا الشككيخ فسككألت
روثا هرمس فقال وهو يشير إلى دايفيً:ا لديه طاقيكة إذا لبسكها إختفككى .تحققكت روثا مكن
جيبه ودايفي يضحك ,فإذا هي الطاقية وقد تعرفت عليها .فقال لها هرمسً:ا لعله يعتقد أنككك
تلعبين معه لعبة الختفاء عندما إختفيتي عنه.
في صأباح اليوم التالي سار الجيش في مسيرة طويلة بين كثائف الشككجار حككتى خرجككوا
الى سهل من السهول منبسككط واسككتطاعوا رؤيككة نيككران مدينككة قابعككة علككى مككدى النظككر,
فعسكر الجيش هناك .وبعد أن أكلوا عشائهم تجمعوا في خيمة الملككك أجمنككون فقككال كككبير
الجندً:ا مولي أظن أنهم قد علموا بمجيئنا منككذ فككترة طويلككة .فقككال الملكككً:ا وكيككف عرفككت
ذلك؟ فقالً:ا ذهبت إلى أقرب مكان من أسككوار المدينككة فرأيككت العككددا الككتي علككى السككوار
والتجهيزات ,ومثل تلك التجهيزات تتطلب أياما لتجهيزها ,ثككم إن قسككم كككبير مككن الجيككش
يعسكر من حول اسوار المدينة ,مما يعني أنهم قد استجلبوا المككددا لعلمهككم بمجيئنككا اليهككم.
فقال الملك أجمنونً:ا أتمنى أن تكون هذه المدينة كمثل سابقتها فلم تكلفنا مدينة الملك ميشككا
رجل واحدا .فتكلم هيكرودا وقكال ً:ا مكولي الملكك ,إذا ككان صأكحيحا أن الملكك شمشكون
يمتلك عدداا كبيرا جدا من الجنودا أل ترى أنه من الفضل اللجوء الى حل غيككر الشككتباك
الجماعي ..وتردادا هيرودا قليل ثم قال ً:ا ل أقصد نفسي وإنما اقصد جندنا القل عدداا .تكلم
الوزير لوذا وقال ً:ا مولي الملك ,أل يستطيع سموطان تكرار فعلته التي فعلها مككع الملككك
ميشا ويخطف لنككا الملككك شمشككون؟ نظككر الشككيخ الككى الككوزير وفهككم مقصككده وقككال ً:ا هككذا
صأحيح وقد فكرت في ذلك ولكن حينما عسكرنا بعثككت أحككد الجككان الككى هنكاك ليستقصككي
أمرهم ,فوجده ملكا ل يهاب شيئا ويمكن أن يضككحي بنفسككه فديككة لشككعبه ,الملككك شمشككون
ليس كالملك ميشا الضعيف ,وإنما هو ملكا متمكنا ل يهككاب المككوت ,وافككرض أنككي قتلتككه,
فوراءه من يحل محله وهم ليسوا بأقل منه شأنا ,وإنما جميع من حوله على شاكلته .حينها
خسيئ الوزير لوذا وأصأبح وجهه يابسككا فقككال هيككرودا ً:ا مككولي الملككك أرى أن نككدعوهم
للقتال فرداا فرداا لكي نجنب انفسنا مذبحة عظيمة سواء بنا أوبهككم .فقككال الملككك ً:ا هككذا هككو
الرأي ,ولكن لنرسل اليهم كتابا أول ندعوهم فيه للستسككلم لعلهككم يقبلككون .ونككاداى الملككك
على شهلون فحضر فقال له الملكً:ا أكتب للملك شمشككون .فكتككب وبعثككه بالكتككاب فككانطلق
شهلون من فوره .في تلك الثناء كانت روثا ودايفي يتمشككيان بيككن الجنككد فككإذا جنككدي مككع
أصأحابة وهم يهزؤن بهرمس ويقولون ً:ا أنظروا إلى هذا الحارس المسككتعبد .فنظككر إليهككم
هرمس وزمجر فهدأته روثا وقالت له ً:ا ل تكترثا لهم أنككت صأككديقي وهككم يغككارون منككك
فقال الجند وهككم يضككحكونً:ا جليككس الفتيككات والطفككال والمسككوخأ .عنككدها غضككبت روثا
وقالت في غضب لهرمسً:ا أريهم قوتك ياهرمس .حينهككا نفككخ عليهككم هرمككس نفخككة قويككة
طيرتهككم كلهككم وأوقعتهككم علككى قفككاهم متككألمين متككأوهين ,فأخككذت روثا تضككحك عليهككم
35
فسايرها في الضحك دايفي ثم هرمس وانصرفوا عنهم وهم يتضاحكون .وصأككل شككهلون
رسول الملك أجمنون إلى الملك شمشون وألقى الكتاب بين يديه ففضه الملك وقرأه وهككزأ
به .وقد جلس شمشون بين أشد القوادا و الحكماء من حوله فنظر الملك شمشون إلى أبناءه
الملوك العشرة من حوله وقال ً:ا يا أبنائي هذا الملك أجمنون يدعونا للستسلم ماذا ترون
؟ فقالوا كلهم بصرخة واحدة وضربوا على سيوفهم المغموداة ً:ا الحككرب ...الحككرب .حككتى
خاف شهلون الرسول من تلك الصيحة المدويه في القصر .فتبسككم الملككك شمشككون ونظككر
إلى شلهون الرسول وقالً:ا هل سككمعت؟ ثككم تككردادا الملككك ووضككع سككبابته علككى فمككه كمككن
يطلككب الصككمت وقككال ً:ا ل ,رداي سككيكون أفضككع مككن هككذا ,خككذوا هككذا الرسككول واقتلككوه
واصألبوه ثم أبعثوا به على حصانه إلى الملككك أجمنككون .حينهككا ارتجككف شككهلون الرسككول
وعول وصأاح وقال ً:ا وماذنبي أنا يكا مكولي ,هكو مكن يحاربكك ولسكت أنكا ,أنكا لسكت إل
شهلون السريع فككي خككدمتكم يككا مككولي .فضككحك الملككك شمشككون وقهقككه فقككاطعه حكيمككه
ووزيره وقال له في أذنه ً:ا مولي ان الرسل لتقتل ,فإن فعلت تحدثت بككذلك الملككوك إلككى
أبد الدهر ,وليس بمثل سيرتك أن تتحدثا فيه المم بما يعيب .كان الرسول شككهلون ينظككر
إليهما خائفا وباهتمام فنظكر إليكه الملكك عنكد إعتكدال الحكيكم وقككال ً:ا خلككوا سكبيله ,إذهكب
وأخبر مليكك بما حصل ,اذهب وقل لككه نلقككاكم غككدا فككي النككزال .خككرج الرسككول شككهلون
يهرول من شدة الخوف وقككد ارتعككدت مفاصأككله بعككد أن ظككن أن ل نجكاة لككه مككن الصككلب.
داخل شهلون على الملك أجمنون وأخبره بالمر فقال الملك أجمنون وهو ينظككر إلككى إبنككه
هيروداً:ا إذا ندعوهم إلى النزال المفردا .ففرح هيرودا بذلك .
في صأباح اليوم التالي إصأطفت الجموع وكل ملك في مقدمة جيشه .أما روثا ودايفككي فقككد
بقيا في المعسكر في حماية هرمس .واصأطف الخوة الستة بعد الشيخ ثم مككن قبلككه الملككك
وهو ينظر إلى جيش الملك شمشون وقد سد البسيطة بل أن ذلك ليككس كككل الجيككش فمنهككم
من يعسكر خلف المدينة ,ومنهم على جوانبها لم يقوموا للمعركة بعكد ,فقكد ككانت النيكران
هناك مشتعلة وهم وكأن المر ل يعنيهم ,فقال سموطانً:ا مولي هل ترى هذا العددا الككذي
امامنا ؟ قال الملكً:ا نعم يا سككموطان ليكس لنكا ال أن نخكرج لهككم بأفضكل مكا عنككدنا .فقكال
سموطان وهو ينظر إلى ما بعد الملك حيث الوزير على فرسه علككى يسككار الملككك ً:ا ربمككا
يرينا الوزير مهارته في استعمال السلح .فبلع الوزير لككوذا ريقككه وقككال ً:ا وهككل يعقككل أن
أتقدم شجعان وأتباع الشيخ الكبير سموطان .حينها نظر الشيخ الى يمينه فاذا هو ملك يككوم
الحد أفتاب ملك الشمس .حينها انطلق افتاب على الفور وداونما كلم الككى وسككط الميككدان
ولوح بسيفه البتار ,فخرج له من جموع العداء فارس عملق تخاف منككه السككودا ,زنككده
بزند ثلثه رجال ,مطرز بالدروع ,يلمع تحت أشعة الشمس مترصأص بالعضلت ل يكادا
حصانه يحمله من ثقله ,وسار حتى وصأل إلى أفتاب و أخرج من بينيه بكلتا يككديه ,سككيفين
عظيميككن عريضككين ولكنهمككا ليسككا حككاداين وإنمككا كل منهمككا بعككرض الخشككبة ,بشككق فككي
المنتصف ,فتعجب أفتاب من ذلك وأخذ ينظككر إلككى مككافي أيككدي هككذا الفككارس ,فنهككز اليككه
أفتاب على غفلة وتقدم منه بخيله وهوى عليه بسككيفه ,فلمككا تلصأككقت السككيوف خككرج مككن
سيف الفارس كرات مسامير ,اخترق أحدها صأدر أفتاب وطبق فيه والخريات لم تصككبه
36
فرجعت إلى دااخل السيف مرة أخرى بسلسلة عجيبة ,فشد الفكارس سكيفه نحكوه وخرجكت
كرة المسامير من صأدر أفتاب راجعة إلى دااخل السيف العملق ,فوقككع أفتككاب مككن ظهككر
جواداه على الرض مدميا ,فوجل إخوته من المنظككر وخككافوا علككى أخيهككم الكككبر الهلك
حينما نزل الفارس من على فرسه وتقدم من افتاب المجروح الككذي حككاول القيككام ولككم يقككم
من على الرض ,ولما أرادا الفارس ضربه مرة أخرى قفز عنه فأخطاه السكيف ولككن لكم
تخرج منه أية كرات هذه المره ,نهض أفتاب على قدميه وهو ممسكا بيده اليسككرى مكككان
الضربة متألما متفحصا ذلك السيف ,فعلككم أن الكككرات ل تخككرج ال اذا مكا إصأكطك سككيفه
على شيء بقوة ,واذ هو يفكر فككي ذلككك قككاطعه صأككوت قككرع جنككودا الملككك أجمنككون علككى
داروعهم ,فتبعه الفارس وهوى بيساره بالسيف علككى رأس أفتككاب فككانحنى أفتككاب ,ونككاوله
الفارس مباشرة بيمينه فكادا أن يصيب بطنه لول أن قفز أفتاب للوراء وهككو فككي كككل ذلككك
يؤلمه جرحه في صأدره .عندها صأرخأ أخوه بهرام بقوة وقال ً:ا أفتككاب .فنظككر إليككه أفتككاب
فاذا بهرام يقذف بإتجاهه دارعا طار في الهواء فامسكككه افتككاب بيمينككه مككن الهككواء وهجككم
عليه الفارس مرة أخرى بسيفه فصده أفتاب بالككدرع ,فنكاوله مباشككرة الفككارس بيمينككه مككن
تحته فما كان من أفتاب ال أن يصده بسيفه عن يساره ,وعندما إصأككطك السككيفين خرجككت
تلك الكرات من السيف ,وأصأكابت كرتكان فخكذ وسكاق أفتكاب فخكر أرضكا وأخكذ يزحكف
راجعا للوراء والفارس يتقدم نحوه بثقة ,خاصأة عندما سمع صأوت الطبول مككن معسكككره
يحيوه وقد علموا نهاية خصمه ,عندها ألقى أفتاب بسيفه بعد أخككر طعنككه واحتفككظ بككدرعه
وأخذ يزحف للوراء حتى وصأل إلى مكان قريب من الشجار عند طرف اتصككال السككهل
بالغابة المحيطة ,والفارس يتبعه وكأنه أضحى فريسه سهله غيككر مسككتعجل عليككه ,فنفخككة
أفتاب نفخة قوية أرجعت ذلك الفارس الضخم الى الككوراء قليل ولكنككه لككم يقككع مككن قككوته,
فتقدم الفارس مرة أخرى نحو أفتاب غير مكترثا ,حينها رأى أفتاب جذع شجره صأككغيرة
مقطوعة ما زال رطبا ,فقام اليه أفتاب وهو يعرج وحمله كدرع بعد أن القى دارعه ,وتقدم
منه الفارس وهوى عليه بسيفه فصده أفتاب بذلك الجذع فخرقت مقدمة السيف الجذع مما
سمح للكرات التي بداخله من الخروج ولكنها التصككقت بجككذع الشككجرة بقككوة حيككث كككانت
الضربة هاوية وأفتاب ما زال ممسكككا بالجككذع ,فحككاول الفككارس شككد سككيفه لتخليصككه فلككم
تخرج الكرات من الجذع ,ولكم يكردا الفككارس جككذب السكيف بقكوة لككي ل تخكرج الكككرات
باتجاه آخر غير السيف ,فهوى الفارس بسيفه أليمن ناحية خاصأرة أفتاب فقفز عنه تاركا
الجذع من يده ليقع أرضا والسيف مركوزا فيه والفارس مازال يمسكه منحنيا معه ,حينها
أرادا الفارس إخراج تلك الكرات من الجذع فألقى سيفه اليمن على الرض وتوطأ الجذع
بقدمه وانحنى لكي يخرج سيفه بيمينه فقفز أفتاب بكل قوته وهوى برجليككه الثنككتين علككى
السيف فإصأطكت يد الفارس بين قبضة السيف والجذع فصرخأ متألما ,وأرادا أن يمككد يككده
اليمنى ليأخذ سيفه ألخر الملقى بجانبه ,فأسرع أفتاب ونطحه علككى وجهككه برأسككه نطحككه
قوية رمته الى الخلف تاركا سيفه على جذع الشجرة والخر بجانبهككا .فأخككذ أفتككاب سككيف
الفارس الممددا بجانب جذع الشجرة وتقدم منه بسرعة وهككو علككى الرض وهككوى أفتككاب
بالسيف على جبينه فخرجككت تلككك الكككرات وخرقككت جسككمه وتنككاثرت أجككزاء رأسككه ولككم
37
يحرك سكاكنا ,وتعكالت صأكيحات أخكوانه وجنكدهم ,فكانطلق أخكويه ماهتكاب وأناهيكد اليكه
وحملوه الى صأفوفهم ,فتقدم الملك شمشون قليل بخيله وصأاح قائل ً:ا إلى الغد يا أجمنون,
الى الغد .وقفل راجعا يخترق صأككفوف جنككده الككى المدينككة .فككدخلت بعككض جيوشككه وراءه
وبعضها إلى المعسكرات حول المدينه ,وأصأبحت الساحة خاليككة .أخككذ الشككيخ أفتككاب الككى
خيمتة وبدأ بتطبيبه .أما الملك شمشون ,فدخل قاعة ملكه وهو يزمجر ويقول ً:ا الجن ,ماذا
عسانا نفعل معهم وهم يحاربونككا بككالجن ,جككن ضككد البشككر ؟ آه كككدنا نظفككر بككه لككول ذلككك
الخرق ,لم يستطع التخلي عن سيفه مقابل سيف آخر بيده ,فتخلى عن الثنين .فتقككدم الككى
الملك شمشون حكيمه الوزير وقالً:ا مولي شمشككون ,سككمعت أن الجككن يخككافون الزئبككق.
عندها لمعت في عيني الملك شمشون بارقة أمل وأخذ الحكيككم مككن كتفككه قككائل ً:ا هككل هككذا
صأحيح؟ فهز رأسه الحكيم باليجككاب .فقككال بعككض مككن حضككر مككن الحكمككاء مككن حككولهً:ا
صأحيح ..صأككحيح يككا مككولي .فرداهككم الملككك قككائلً:ا هككل سككألتكم؟ أنككا أسككأله هككو .فككأطرق
الحكماء رؤسهم خجل خائبين .ثم قال شمشون للحكيم الذي مكا يككزال يحيككط كتفكه بيككديه ً:ا
أعد لنا ما تستطيع من هذه الماداة لنلقاهم بهكا غكدا ,فكإذا كسكرنا شكوكت جنهكم هكان علينكا
أمرهم بعدهم .في معسكر الملك أجمنون وقد داخل عليهم الليل داخل هيككرودا خيمككة الشككيخ
فوجده يطبب أفتاب وهو مستلقي على السرير .فتوجه هيرودا إلى أفتاب قائلً:ا كيف تشعر
الن ؟ فقال أفتاب ً:ا ل يمكن أن أشعر أحسن وأنا طبيبي الشيخ سموطان رئيككس الطبككاء.
عندها أصأاب الشيخ سموطان بعض الغككرور فتركهمكا هيككرودا وخككرج مكن الخيمكة فلمككح
وراءها نارا وبعض الصأوات ,فإلتف حول الخيمة فإذا هي روثا ودايفي ومعهما هرمس
وشهلون يصطلون بالنار ,فتقدم منهم وشعروا به يقترب ,فتبسمت روثا في وجككه هيككرودا
وقعد معهم على النار وقال هيرودا وهو يتمعن فكي سكيفهً:ا وأخيكرا سكأجرب هكذا السكيف.
فنظرت إليككه روثا بإعجككاب ,ثككم حككول هيككرودا نظككره إلككى هرمككس قككائل ً:ا ظننككت الجككن
يخافون من النار .فنظر بعدها هيرودا إلى شهلون وتضاحكا فقال هرمككس ً:ا لقككد خلككق اكك
آدام من طين كما خلق الجن من النار فقال شككهلون ً:ا هكل يعنككي هككذا أن النككار ل تضككرك؟
فنظر هرمس إلى شككهلون بتعجككب ثككم أخككذ شككهلون قطعككة مككن خشككب النككار وقربهككا مككن
هرمس وقال ً:ا هل نجرب ؟ خذ إمسك هككذه النككار إذا ,ألككم تخلككق مككن النككار؟ عنككدها نككزع
هرمس قطعة من طين العشب تحته وضككرب بهككا وجككه شككهلون بقككوة فوقككع علككى ظهككره
متألما وأتبعه هرمس بقوله ً:ا وأنت خلقت مككن طيككن فلمككاذا تككألمت منككه؟ فضككحك الجميككع
على شهلون.
في صأباح اليوم التالي تجهز الجميع للخروج وناداى هيرودا على حامككل أسككلحته شككهلون
وقالً:ا شهلون .فإذا شهلون يأتي مسرعا بالدارعة والسيوف ,فلبس هيرودا ما عنده وصأعد
على جواداه ولحق بالملك إلككى سككاحة القتككال .وهنككاك كككانت روثا واقفككه تشكاهده ,فحياهككا
هيرودا على طريقه وهو يعدوا بفرسه فتبسمت له ثم نظرت روثا إلى هرمككس قائلككة ً:ا أل
تشعر برغبه بالذهاب مع إخوتك؟ فقال هرمس ً:ا أنا أقوم بما كلفت به وهم سككيقومون بمككا
كلفوا به ,ل تخكافي عليهكم إنهكم أشكداء ,إخكوتي وأعرفهكم إنهكم لكم يتحمسكوا بعكد ,تعكالي
لنشاهدهم من بعيد .وذهب الثلثة إلككى مرتفككع حيككث يمكنهككم مشككاهدة المعركككة .إصأككطف
38
الفريقان فخرج من فريق الملك شمشككون رجككل صأككنديد وفككي يككده فككأس كككبيرة ذو قبضككة
داائرية كبيرة وفي صأفوف الملك أجمنون وحيث إصأطف الجميع سمع الشككيخ صأككوتا مككن
يمينه يقول ً:ا سككيدي .فككالتفت الشككيخ فككإذا هككو ماهتككاب ينظككر اليككه ,فهككز سككموطان رأسككه
باليجاب .فانطلق ماهتاب لملقات الفارس في وسط الميدان ,وعندما وصأل إليه ماهتاب
إذا بالفارس يترجل عن فرسه ,فترجل ماهتاب هوأيضا ,وداارا حول بعضهما ,كككل يتأمككل
خصمة ,فهجم عليه ماهتاب بسيفه فرداه الفارس بككدرعه وبككاداله بفأسككه,وتبككادال الضككربات
والصدات فأرادا ماهتاب إظهار قوته فنفخ الفارس نفخة قوية طيرتككه مسككافة إلككى الخلككف,
ولكن الفارس نهض وهرول باتجاه ماهتككاب وعنككد وصأككوله عنككده فتككح الفككارس بإصأككبعه
فتحة من الفأس ولوح بالفأس فككي الفضكاء بإتجكاه ماهتكاب فخكرج مكن دااخككل تلكك الفكأس
الزئبق وأصأاب ماهتاب في يده التي بها السيف ,فبككدأت يككده يخككرج منهككا داخانككا مككن أثككر
الحرق ,وبدأ ماهتاب يتألم فوقع سيفه على الرض ,فتقككدم منككه الفككارس وأرادا التأكككد مككن
إضعاف ماهتاب فرشه من ذلك الزئبككق مككرة أخككرى فرفككع ماهتككاب دارعككه ليتقككي وجهككه
فأصأاب الزئبق قككدميه ,فبككدأتا تخرجككان الككدخان فتعككثر ماهتككاب وسككقط وعككاجله الفككارس
بأخرى فنثر عليه الزئبق في صأدره وبطنه وماهتاب يتلوى مككن اللككم والككدخاخين تخككرج
من جسده تأكل لحمه ,فإضطرب إخوته ,وخاصأة هرمس عندما علم أن ما يلقيككه الفككارس
على أخيه هو الزئبق فقال لروثاً:ا ل تتحركي من مكانك وانتبهي جيدا إلى دايفككي واعتنككي
جيدا بأخي ماهتاب حتى أعودا .إستغربت روثا من وصأيته الخيككرة حيككث ماهتككاب كككان
في المعركة .إختفى هرمس من أمام روثا وتلبس بجثة أخيككه ماهتككاب حيككث كككان يتلككوى
من اللم في ساحة المعركة ,وظهر في نفس الوقت ماهتاب عند روثا حيث كان هرمس,
وأخذ ماهتاب يتلوى أمام روثا وهي ل تعلم ماذا حدثا ول ما تفعل ,عندها إنطلق الشككيخ
مباشرة من الصفوف مما أداهش الملك وجميع الجند ماعدى أخوة الجن لم يدهشهم إلتفككافه
ورجوعه إلى أخر الصفوف حتى وصأل إلى حيث روثا وأخذ يعتني بماهتاب ولم يعلم
ماهتكاب وأطلكق أحد ما يحدثا ,وتقدم الفارس من هرمكس الكذي يبكدوا علكى شككل
عليه رشات من الزئبق فتظاهر هرمس باللم ,والملك شمشون أعلى يده
وأطلق صأرخة النصر لنجاح الطريقككة الككتي أشككار عليككه بهككا حكيمككه ,وتعككالت صأككيحات
الجنودا من خلفه فنظر الفارس الى ذلك وانشرح واقترب من هرمككس الككذي أصأككبح تحككت
رحمته ,وعندما وصألت قكدما الفككارس عنككد رأس هرمككس وأرادا رفككع فأسككه ليقطككع عنقككه
نهض هرمس مستقيما صأحيحا معافيا فصعق الفارس من سرعة من ككان قبكل قليكل جثكة
هامدة فأخذته صأعقة المفأجاة فتيبس وبهت ,فأمسك هرمس بيد الفارس التي تمسك الفككأس
ولواها إلى وسط الفارس بقوة والفارس ما يزال ممسكا بالفأس وأغمده بيككن فخككذيه فشككقه
إلى بطنه ,وفتح الفارس فمه من أللم ولم يستطع الصراخأ من شدة الضربة فوقع صأريعا.
هلل جند الملك أجمنون المندهشين مما حصل بينمككا جككن جنككون الملككك شمشككون وسككحب
قواته إلى دااخل أبواب المدينة ,وداخل قصره مزمجرا غضككبانا وهككو يجككر بككرأس الحكيككم
الذي أشار عليه بالزئبق ويقول ً:ا هل قلت الجككن تخككاف الزئبككق ؟ نعككم رأيتهككم يرتعشككون
ويتساقطون خوفا .ثم دافع بالحكيم فاستجمع الحكيم نفسه وقككال للملككك شمشككون ً:ا مككولي,
39
لبد وأننا قد خدعنا .قال الملك وهو مغاضباً:ا خدعنا ..خدعنا نعكم ,ألكم تكرى كيككف قصككم
ذلك الجني الحقير فارسنا إلى قطعتين .فلذ الحكيم بالصمت .ثم تقدم مككن الملككك شمشككون
أحد أبناءه وقال ً:ا لما ل نهجم عليهم مرة واحدة فنفنيهم ,لقد رأيت كم هو عككدداهم ,إنهككم ل
شيء مقارنة بعددانا الكبير ,نكادا أن نكون عشرة أضعافهم عدداا .فقال الملك شمشون لبنه
ً:ا يا بني لول أولئك الجن ما كنككت اعترضككت ,هككذا مككن رحمتهككم بنككا ,أو حككتى رحمتهككم
بأنفسهم ..ثم تردادا الملك وقال ً:ا ولكن إجمع لي المجلس للتشاور في المر .في معسكككر
الملك أجمنون حمل الشيخ ماهتاب وداخل به الككى حيككث يرقككد أخيككه أفتككاب ,وعنككدما رأى
أفتاب ماهتاب على تلك الحال جزع له ولكنه كتم ذلك وقال له ً:ا إذا أتيتم لي بمن يسككليني.
فضحك ماهتاب وهو يتكأ على الشيخ ح تى داخكل وأرقكده الشكيخ بجكانب أخيكه وأخكذ فكي
تطبيبه وحيث داخل عليهم إخوتهم الخرين يطمأنون عليهما .
خرج بعد قليل هرمس وراء روثا عندما شاهدها تخرج مككن خيمككة الشككيخ ليكمككل مهمتككه
الموكل بها ,فسارت وسار ورائها ثم سككألته روثا ً:ا مككا الككذي حككدثا هنككاك؟ لككم اسككتوعب
شيء مما حصل .فقال هرمككس ً:ا ذلككك الفككارس كككان يلقككي بككالزئبق علككى ماهتككاب ونحككن
معشر الجن ل نطيق من المعادان الزئبق .زادا ذلك الكلم داهشة روثا فقككالت ً:ا لقككد رأيككت
الفارس يلقي عليك مثل ذلك ورغم هذا لم تتأثر .فضحك هرمس وقال ً:ا نعككم أنككا مختلككف,
لقد خلقني ا من أرواح عطكاردا والزئبككق هكو معككدننا المفضكل .ثككم أراهكا هرمكس خكاتم
الزئبق الذي يلبسه واستطردا قائل ً:ا الزئبق معدن متشكككل يمكككن أن يتشكككل فككي أي قككالب
أردات لهذا تشكلت بشكل أخي وأخذت شكله فلم يضرني من ذلك الزئبق شككيء ,بككل علككى
العكسي استمتعت به وهو يرشني به وتمنيت لويزيدني منه .فضحكت روثا من قوله.
في قصر الملك شمشون تجمع الجميع في مجلس الملك وتكلم فيهم فقال ً:ا يا قوم ,إنككا فككي
أمر جلل ,فكما رأيتم ما نرسل إليهم احد إل ولكم يرجكع إلينكا ,فمكا تقولكون ؟ إقطعكوا لكي
برأي سككديد .فقككال أحككد أبنككاء الملككك ً:ا أرى يككا أبككي أن نهككاجم الجككن بالنككار فهككي تخافهككا
وتخشاها .فنظر إليه الملك وقال ً:ا هذا رأي .والتفت الملك إلى الجموع وأكمل ً:ا وآخر .ثم
قال أحد الحكماء ً:ا ل أرى إل أن نهجم عليهم دافعة واحدة فنبيكدهم عكن أخرهككم وليحصككل
ما يحصل .فقال الملك ً:ا وغيره .فقال أخرً:ا أرى مولي أن نحتال عليهم بحيلة مككا .حينهككا
قال ألبن ألكبر للملك ً:ا أرى يا مولي أن نبعث بمكتوب إلى الملك أجمنون ,أن يحاربنككا
بما نحاربه به ,آدامي لدامي .فاستمع اليه الملك باهتمام وقال ً:ا أكمككل أكمككل .فقككال البككن ً:ا
لقد سمعت عن الملك أجمنون أنه ملككك عككادال وقككد يوافككق .حينهككا أطككرق الملككك شمشككون
رأسه أرضا وقال ً:ا هذا رأى حسككن أكتبككوا لككه بككذلك .فكتبككوا بككذلك كتابككا وبعثككوا بككه إلككى
معسكر الملك أجمنون .أخذ الملك أجمنون الكتاب و قرأه ثم أعطاه إلى الشيخ الذي بدوره
قرأه ثم طواه ونظر الشيخ الى الملك الذي كان ينظككر إليككه بانتظككار الجككواب ,فهككز الشككيخ
رأسه باليجاب .عندها التفت الملك أجمنون إلى الرسول وقال ً:ا نعم قد قبلككت .فانصككرف
الرسول راجعا الى المدينة بالخبر.
40
تجمعت الجموع في صأباح اليوم التالي كل في صأفة وخككرج مككن جمككوع الملككك شمشككون
رجل عظيم الخلقة أشعث أغبر متقلدا جميع أنواع السككلحة ,ذو صأككدر عريككض ومنكككبين
وكأنهما وتدا خيمة ,ولم يكد يصككل ويتوقككف فككي منتصككف المضككمار حككتى جفككل حصككان
هيرودا وانطلق مسرعا من بين الصفوف الماميه للملك أجمنون وفككي لحظككة كككان هنككاك
قبالته .والتحم الثنان يهويان على بعضهما البعككض ,وبعككد بضككع ضككربات غككرز الميككر
هيرودا سيفه في صأدر الفارس وأردااه .فانطلق أخو ذلك الفارس إلى المير فضرب عنقكه
وفصل رأسه ,حينها انطلقت ثلة من صأفوف شمشون ناحية الميككر وأخككذ يناوشككهم حككتى
سقط هيرودا عن فرسه ,ثككم أخككذ هيككرودا يسككقطهم مككن علككى ظهككور خيككولهم ,ولكنككه كككان
يسقطهم قتلى ,فيضرب هنا ويضرب هناك وكلما قضى على ثلة تتابعه ورائها ثلة أخرى
وهو يفعل فيهم مثل ذلك ,وكككانت الجمككوع فكي صأككفوف الملكك أجمنكون يحيكونه بضكرب
الدروع وتعالى صأراخأ الهتافات ,فأمر الملك شمشون من ضيق صأدره أن يهجموا عليككه,
فهجم عليه الصف المامي كله جريا إليه ,فأخذ يناوشهم تارة وتككارة يسككقطهم قتلككى حككتى
تكاثرت عليه الجنككد ,فقفزالككى ظهككر جككواداه وأخككذ بالضككرب فيهككم يمينككا ويسككارا وأظهككر
شجاعة ومهارة وقوة فائقة أعجبت الجميع ,فلمككا ارتككأى الجككان ذلككك نظككر الخككوة بهككرام
وكيوان إلى بعضهما البعض ثم إختفيا من على ظهر جوادايهما ,وبينما كككان الميككر يكككثر
الطعن في جنككودا العككدو ,كككان أحيانككا عنككدما يتجككه إلككى ضككرب أحككدهم يككراه يسككقط علككى
الرض مدميا داونما أن يلحقكه بشكيء فككان يسكتغرب لكذلك فيب ارز الكذي أمكامه فيطعنكه
ويرى أخر على يمينه يسقط ميتا وهكذا أخذت جنودا العدو تتناهش من جوانبه كلما إلتفت
إلى جهة ,حتى فنيوا فرجع إلى صأفوفه منهكا .وإذ هو ينضم إلى صأفوف الملككك أجمنككون
ل حظ إختفاء بهرام وكيوان من على ظهر جوادايهما فأخذ موقعه على يسار الملككك ,فلمككا
إستقر في موضعه لمح شيئا يتحككرك عككن يميككن الملككك فطككل رأسككه لينظككره وإذا بككالخوة
بهرام وكيوان على جوادايهما فعلم من أمرهما فتبسم .زمجر الملك شمشون وركل جواداه
وأفلته للريح قافل إلى دااخل المدينة وتبعه من شاء من جنده ,فمد الملك أجمنككون يككده إلككى
إبنه وكذلك فعل البن فقال له الملك وهو ينظر إليه نظرة افتخار وإذ هما يشاهدان الملككك
شمشون يفر من أرض المعركةً:ا هذا أبني .فامتل صأدر الفتى بالعتزاز.
تراجعت الجموع كل إلى مكانه ,وإذا كان وقت الليل وبعككد تنككاول العشككاء اجتمككع الملككك
أجمنون بأعوانه وقال ً:ا ما ترون من أمر الملك شمشون ؟ فقال الشيخ ً:ا إذا مككا اسككتمرت
الحال على ما نحن عليه الن سينتهي بنا العمر ها هنا قاعدين ,كل يوم نقتل منهم واحككدا.
فتكلم الوزير وقال ً:ا مولي ,لماذا ل نرسل أحدا من الجن فيقتحككم المكككان وهككم ل يرونككه
فيسرق لنا القفل ويأتينا به ,وتحل المشكلة بل قتال .أطكرق الملكك رأسكه ثكم رفعكه ونظكر
إلى الشيخ حيث كان صأامتا والجن من حوله صأامتين وقال الملك ً:ا مككا تقككول فككي هككذا يككا
سموطان ؟
تكلم الشيخ وهو يخطوا إلى حيث يقف الجني كيوان ً:ا هذا ليس باسككتطاعتهم فعلككه ,إذا مككا
لمس أحد من الجن ذلكك القفكل احكترق الجنكي فكي الح ال ,ول لمكس المفتكاح ككذلك ,تلكك
41
المفاتيح السبعة في السبعة مدن تخص هؤلء السبعة الجان ,هل تذكر يا مولي عندما كنا
عند القفل الذي في سردااب قصرك ,عندما ظهر كيوان هذا ,وأشار سكموطان إلككى الجنككي
بجانبه وقال ً:ا وأرادا أن يتقدم من القفل فاعترضته أنا؟ قال الملك أجمنون ً:ا نعم نعم أذكر
ذلك .فأكمل الشيخ وقال وهو يمد يده إلى صأدر كيوان وأمسككك بككالقلداة ً:ا أنظككر إلككى هككذه
القلداة ,هذا هو شكل المفتاح مطبوع فيها ومكتوب فوقها إسم المفتاح وحروفككه ورمككوزه.
فاندهش الجميع وأصأدروا أصأوات استغراب ثم قال الشككيخ ً:ا هككذا الجنككي ..كيككوان ..ملككك
على قبائل الجان التي تخدم في يوم السبت ,وهو ل يستطيع حمككل ذلككك المفتككاح إل دااخككل
هذه القلداة ,وإل إحترق به ,كما أنه ول بد أن يضعه أحد ما دااخل قلداته حيث ل يستطيع
كما قلت من لمسه بيده وهذا حال إخوته السته .وأشككار سككموطان بيككده إلككى الجككن وقككال ً:ا
ولهذا السبب ل يمكن لهؤلء الملوك السبعة أن يقتربوا من تلك المفاتيح .حينها قال الملككك
أجمنون يائسا للحضورً:ا إذا ومكا هوالبكديل؟ فقكال الكوزير لكوذا ً:ا مكولي الملكك أجمنكون
شديد القوة والبأس ,وحسبما رأيت أن الملك شمشون ليس يجاريكم فككي قككوتكم فمككا القككول
في أمر فصل من ملك إلى ملك وتنتهي عند أقدام الملككوك المككور .ففككرح الملككك بمككا قككال
الوزير وأجابة مباشرةً:ا ل بأس أداعوه للنزال أحضروا الرسول فحضر شككهلون وقككال لككه
الملكً:ا أكتب .فجلس للكتابة .فقال الملك أجنمون ً:ا من الملك العظيككم أجمنككون الككى الملككك
شمشون ,إعلم أن المر بيني وبينك فإن أنا ظفرت بك كأني قد ظفرت بمملكتككك ,والحككال
معي على ذلك سواء ,أداعوك للمبارزة مني إليك ,وغدا ألقاك في ساحة المعركة .ثم قككال
الملك للرسول شهلون ً:ا إذهب بكتابي للملككك شمشككون وعككد بكالجواب .فقكال شكهلون وقكد
خاف وارتعد مما سمع ً:ا مولي الملك أجمنون أن تعفيني من إرسكالي بهككذا الكتككاب فكإني
أكون شاكرا لك مدى الدهر ,فإن كل مككرة ل تسككلم الجككرة ,قككال الملكككً:ا ل تخككف إن قتلككك
خربت بلداه وأهلكت عساكره وجنده .قال شهلون ً:ا أيها الملك العظيم إذا أنت أهلكت كككل
من في الدنيا بعدي فمككا ينفعنككي؟ فضككحك الملككك وجلسككائه ثككم قككال لككه الملككك ً:ا ل بككد مككن
مسيرك .فتقدم شهلون من إبككن الملككك الميكر هيكرودا ليكذهب عنككه فككردا الميكر قكائل ً:ا ل
أعارض أبي .فطلب شهلون من الشيخ وقال له الشيخ ً:ا ل تخككف إذهككب وأنككا أرسككل أحككد
الجن معك فان أرادا قتلك يخطفك إلينا .فقال شهلون وهو يدور حول المجلس بالكتاب ً:ا يا
ساداات المجلس ,أنا مستجير بكم جمعيا ,يا أهل المقامات الرفيعككة ,ل تتكلككوا علككى مولنككا
الملك ,لم يجد فيكم من يتحكم به إل أنا ,فهل فيكم من يجعلنككي معتوقككة ويتعككرض لمولنككا
الملك ويأخذ الكتاب ويعتقني أنا من هذه القضية .عندها تقدم الشيخ وقال ً:ا نككا أذهككب إليككه
فإن رفض قتلته في مكانه فقال شهلون ً:ا هذ هو الصككواب .فضككحك مككن بككالمجلس .حمككل
نفسه سموطان بدون حصانه وطار ,وفجأة داخل على الملككك شمشككون فككي مجلككس حكمككه
ولم يكن عند الملك شمشون أحد في مجلسه بل كان مطرقا مهموما ماسكككا رأسككه والبدلككة
الحربية ما زالت عليه ,وفجأة رفع رأسه ليرى الشككيخ سككموطان أمككامه فجفككل و قككال فككي
فزع ً:ا من أنت ؟ قال الشيخ ً:ا أيها الملك أنا سموطان وقد أتيتككك مككن عنككد الملككك أجمنككون
رسول ,مولي يطلب حقن الدماء ,فقد طلبتنا رجككل لرجككل ففعلنككا مككن داون تككدخل الجككن,
ولكنك أمرت جنوداك بالهجوم على فارسنا دافعة واحدة ولم يتحككرك احككد منككا ,وقككد رأيككت
42
فوتنا ورأينا قوتك ,وكما ترى كيككف داخلككت عليككك بل إسككتإذان ول حصككان ,فتنبككه الملككك
شمشون وقال ً:ا صأحيح كيف داخلت إلى هنا متجاوزا كل الحراس؟ إن ملككم هذا عجيب,
نعم بل لديه أعوان غريبين .قال الشيخ ً:ا ولم تككرى شككيئا منكا بعككد ,ل يغرنككك عككددانا أيهككا
الملك ,إن عندنا ما ل تطيقة كل جيوش الدنيا ,وسأخبرك من علمنا ما يطير بككه صأككوابك.
فتنبه إليه الملك بإمعان فقال الشيخ ً:ا مع احتراماتي أيها الملك فإنا نكن إليك كككل الحككترام
والعجاب مما سمعناه عنك من همتك وشجاعتك وسطوتك ,وكمككا عاينككاه ورأينككاه منككك
ومن جنوداك حتى الن ,ولكنا نعلم الجزيرة التي أخفيت فيها جوهرتككك المصككونة .عنككدها
صأرخأ الملك فيه قائل ً:ا مككاذا تعنككي ؟ فقككال سككموطان أنككت تعلككم مككا أعنككي ,إبنتككك الفائقككة
الجمال ,ولوأردانا التضييق عليك لخذناها معنا ولن تستطيع بدونها صأبرا حككتى تستسككلم,
ولكنا أرداناك فرداا لفردا ,شجاع لشجاع .عندها أخكذ الملكك يضكحك و يضكحك ,ويسكيرفي
الغرفةأمام الشيخ وكلما نظر إلى الشيخ ضحك .وقد كانت تلك مناورة من الشيخ أن يهدداه
بإبنته ,حيث كان يعلم بأمرها من الملك ميشا ولكنه ل يعلم مكان تلككك الجزيككرة ,فاسككتخدم
المعلومة لقناع الملك .فتوجه إليه الملك ,ووقف أمام وجه الشيخ وقد بدا جكاداا وقككال لككه ً:ا
قلت أنك رسول الملك فما هي رسالتك ؟ رفككع الشككيخ المكتككوب وأعطككاه للملككك شمشككون,
فتناوله من عنده وحله من مربطه وقرأه وقال الملكً:ا هذا يناسبني قل لمليكك أنككي ل أكككادا
أطيق النتظار حتى ألقاه غدا ,وأيا منا ظفر بالثاني عليه المان هو وجنده من كلينا .فهككز
الشيخ رأسه باليجاب ثم نظكر الملكك إلكى الشكيخ نظكرة متفحصكه جانبيككة وقكال ً:ا سكوف
يسرني أن يكون في مملكتي حكيما مثلك بعد أن أقضي على مليكك غدا .فقال الشيخ وهو
ينصرف ً:ا لكل حاداثه حديث .ذهب عنه الشيخ وداخل على الملك أجمنون وأخبره بذلك.
جلس الملك أجمنون في خيمته أمام بعككض الشككموع ,وشككابك بأصأككابع يككديه امككام صأككدره
وأغمض عينيه وبدأ يتمتم بشككدة انتفضككت معهككا يككديه ,ثككم رفككع رأسككه إلككى العلككى وهككو
مغمض العينين وقال ً:ا أربطككاليس أربطكاليس هبكالس هبكالس مكبروس مككبروس سكباليس
سككباليس ككليككم ككليككم لطككاليس لطككاليس عبككاطيس عبككاطيس يبطيككش يبطيككش صأككحابيش
صأحابيش ,ثم فتح عينيه وأخذ سيفه من الرض بجانبه اليمن وأخككذ قلمككا ذا حككبرا أحمككر
من النوع الذي ل يمكن إزالتككه بعككد أن يجككف ,وبككدأ يكتككب بطككول السككيف هككذه الحككرف
بتركيز وإهتمام.
وبعد أن إنتهى من الكتابة أمسك السيف بكلتا يديه أمام وجهه وحد السيف عند أنفه وكككأنه
يريد أن يقطع به شيئا ثم أغمككض عينيككه وقككالً:ا أربطككاليس كككن معككي .ومككد السككيف الككى
ألمام وأرجعه الى عند أنفه ثم قالً:ا هبالس كن معي ,ثم فعل مثل ذلك وقال ً:امبروس كككن
معي ,وفعل كذلك وقالً:ا سباليس كن معي,وفعل كذلك وقالً:ا ككليم كن معككي ,وفعككل مثككل
ذلك وقال ً:ا لطاليس كن معي ,وفعل مثل ذلك وقال ً:ا عباطيس كن معي ,ومده إلى المككام
43
وأرجعه وقال ً:ا يبطيش كن معي ,وفعل ذلك مثل الول وقال ً:ا صأحابيش كن معي ,وفعل
مثل ذلك ثم فتح عينيه وقال ً:ا ل غالب لكم إنكم أنتككم الغككالبون ,ل عككالي عليكككم إنكككم أنتككم
العالون ,بحق هذه الحروف وهذه السماء أرفعكم بها بقوة ,فترفعوني بها أقوى.
في صأبيحة اليككوم التككالي تجمعككت الجمككوع والكككل متشككوق لمتابعككة قتككال الملككوك .فتقككدم
الخصمان إلى الساحة علككى خيلهمككا وكككل نظككر إلككى خصككمه ,وبككدأ الطعككان واشككتد بهمككا
والتحم ,حتى قبض أجمنون بشمشون وقبض شمشون بأجمنون وجككذبا بعضككهما فسككقطى
عن جوادايهما ولكن الملك أجمنون كان ظاهرا بينما سقط شمشون على ظهككره وأجمنككون
فوقه ممسكا به ,فترك أجمنون سيفه وأخذ بخنجره ووضككعه علككى عنككق شمشككون ,وأخككذ
الملك شمشكون يزفكر والملكك أجمنكون مكن فكوقه يضكيق عليكه الخنكاق حكتى ظكن الملكك
شمشون أنه هالك فتوقف عن المقاومة ,وقام به الملك أجمنون وسحبه إلى جهككه صأككفوفهم
موجها وجه شمشون إلى صأفوف مملكته ,وعندما رآهم ورأوه على حاله تلك تقدم بعككض
الجند لنجدة مليكهم من قبضة أجمنون ,ولكن شمشون رفع يده لهم وصأرخأ فيهم ليرجعككوا
فرجعككوا وهكم متحفزيكن ,خاصأككة عنكدما رأو أن صأككفوف الملكك أجمنكون ككانوا ليتقكدموا
لصدهم حينذلك .أخذ الملك أجمنون شمشون إلى صأككفوفه وألقككاه إلككى جنككده بقككوة فقبضككوا
عليه وانحلت الصفوف ليروا من أمرهم وما سيحل من شأنهم .في خيمة الملككك أجمنككون
والجميع حضور أمككر الملككك وقككال ً:ا أحضككروا الملككك شمشككون .وأتبعهككا بضككحكة قككائلً:ا
شمشون ألسير .فتضاحك من حوله .حضرالملك شمشون بين يدي الملككك أجمنككون مقيككدا
بالسلسل .ووضعوه تحت قدمي الملك أجمنون فنظر إليه الملك أجمنون وقال ً:ا والن يككا
شمشون هل رأيت نتيجة غرورك واعتداداك بنفسك؟ ثم نظر إلككى الجنككد وقككال ً:ا أضككربوا
رقبته .وقالها بشدة ,فتوجه شهلون للملك شمشون وبيده سيف وقال له ً:ا أنا الرسككول الككذي
أتيتك وأرداتهم أن يصلبوني أتككذكر؟ فنظككر الملككك شمشككون إليككه مككن مكككان سكجوداه علككى
يساره وأكمل شهلونً:ا والن وقعت في يد مليكي والذي يضرب رقبتك أنككا .فنهككره الملككك
شمشون وقال ً:ا أسكت يا فضولي ,يا قليل الداب ,مالك أن تتكلم فككي شككيء .والتفككت إلككى
الملك أجمنون وقال ً:ا أيها الملك العظيككم ان الحككروب سككجال ,والملككوك إن قككدرت عفككت,
ومالك في قتلي من فائدة ,وأني لعلم أن مقصوداك المفتاح ,فخذه وأنا أعينكك علكى أخكذه.
فردا عليه شهلون وقال ً:ا داع عنك المزاح والككزور والبهتككان ,ل يخلصككك مككن يككدي اليككوم
أحد .فأهمله الملك شمشون حيث كان ينظر إليه من طرف عينه وسفهه والتفت إلى الملك
أجمنون وقال ً:ا أيها الملك أجمنون ,ان كنت قد ظفرت بي ,فلم تظفر بمقصككوداك الحقيقككي
المفتككاح ,وإن ورائككي ممالككك وأولدا وأتبككاع يمنعونككك عنككه ويقتلككون مككن جنككوداك مككا
استطاعوا ,وخاصأة إنتقاما لي .عندها أرادا شككهلون الكلم فمككا فتككح فمككه حككتى رداه الملككك
أجمنون باشارة من يده أي امتنع ثم قالً:ا إنك ملك ل يستهان به ,قد قبلت مصككافحة رجككل
مثلك .ثم أشار إلى الجند بفتح قيوداه ,وتقدم الملك أجمنون وحاضن الملك شمشككون وأخككذه
ليجلس بجانبه ,عندها تقدم منهما المير هيرودا وقال ً:ا أيها الملككك .وكككان ينظككر إلككى ابيككه
فالتفت إليه وفهم الملك أجمنون إبنه هيكرودا وقكال للملكك شمشكونً:ا أيهكا الملكك لكي طلكب
عندك وأرجو أل ترداني .فقال الملك شمشون أطلب وتمنككى فلقككد أصأككبحت لككك معككزة فككي
44
صأدري من أعز الرجال .ثم قال أجمنون ً:ا ليس قبل أن تستضيفنا عندك فلقككد سككأمت مككن
حياة التخييم هذه كل هذه اليام .فتضاحك الملكان.
ذهب الجميع إلى قصككر الملككك شمشككون وداخككل جنككده المدينككة وأكلككوا واسككتراحوا .وفككي
مجلس الملك شمشون حيث الغاني والمغنيات والملكان يشاهدان ويتابعكان ويككأكلن مككن
الفواكه ما طاب ,أدانى الملك أجمنون من الملك شمشون وأسكره وقكال ً:ا هككل تكذكر طلكبي
ذاك ؟ قال شمشون ً:ا مازلت عند وعدي ما عليك سوى الكلم .قال أجمنككون ً:ا لقككد علمككت
من أمر ولدي ذاك .وأشار إلى هيرودا حيث كان واقفا في الجموع المتفرجة علككى رقككص
الغانيات .فنظر الملك شمشون إليه وقال ً:ا هيرودا نعم وإنه لنعككم الرجككل ,لقككد رأيككت قتككاله
واختبرت شدته .فقال الملك أجمنون ً:ا إذا فإنه ليسرني مصككاهرتك فككي إبنتككك الحسككناء...
عندها تغيير الملك شمشون وطقطق بكفيه للغانيات فتكوقفن عكن الغنكاء وانصكرفن فكإنتبه
الجمهور إلى ما يحدثا من أمر الملكيكن .ثككم قكام الملككك شمشككون مككن كرسكيه وسكار إلككى
المام والتفت إلى كرسي الملك أجمنككون خلفككه وقككال ً:ا إن هككذه البنككت أحببتهككا حبككا شككديد
ومنعتها من الزواج عن سائر الملوك ومن كثرة خوفي عليها بنيت لها بستانا فككي جزيككرة
وسط البحوروأمنت عليها من سائر الملوك ولما علمت بقدومكم علي أرسلت وأحضككرتها
عندي خوفا عليها ,ومعها عشر جككواري ,فلمككا حضككرن عنككدي وجككدنا الجاريككة العاشككرة
رجل .حينها تفاجأ جميع مككن فككي الحضككور .ثككم أكمككل شمشككون قككائل ً:ا نعككم ,رجل بيككن
الجواري ,يلبس كما تلبس الحريم ,وقد أعلن زواجه منها وأقككرت إبنككتي عليككه ذلككك .فقككام
الملك أجمنون من كرسيه وقال للملك ً:ا وأين هو الن؟ قال شمشون وهو يشككير إلككى أحككد
حراسه بإحضاره بيده ً:ا انه في السجن .فأحضككر الجنككد الرجككل فلمككا حضككر وداخككل علككى
المجلككس زادات داهشككة جمككوع الملككك أجمنككون ,إذ أن ذلككك الرجككل مككاهو إل إبككن الملككك
أجمنون ,سامويل الذي ترك المملكة عنده إلى حين عوداته .تقدم الملك أجمنون منه وهزه
من عضديه وقال مغاضبا ً:ا كيف تركت المملكة؟ ما قصة تلبسك بلباس الجككواري هككذه ؟
هل صأرت تلبس ملبس النساء الن ؟ قل هل فعلت ما قاله الملك شمشككون ؟ وأخككذ يهككزه
ممسكا بعضديه فأطرق البن رأسه أرضا خجل ثم قال علككى حيكاء ً:ا عنكدما خرجتككم مكن
المدينة خرجت في بعض من أسواقنا فشاهدت جارية حسناء جميلة تعرض في السواق,
فاشكتريتها مكن التكاجر ,وإذهكي بالقصكر معكي أحببتهكا وأعجبكت بجمالهكا وحسكن خلقهكا
ولطافككة معشككرها ,كمككا أنهككا تجيككد الغنككاء والعككزف علككى اللت و بالجملككة فيهككا كككل
المواصأفات التي يرغب بها أي رجل ,فأطريت عليها ذلك كله ,فنظرت إلككى وقككالتً:ا هككذا
ليس بشيء ,فأنت لككم تككرى سككيدتي الميككرة بعككد .فتعجبككت مككن قولهككا و سككألتها ً:ا سككيدتك
الميرة ؟ فقالت نعم فككأخبرتني مككن أمككر الملككك شمشككون مككع إبنتككه الميككرة وأنهككا كككبيرة
الوصأيفات لدى الميرة ,حتى بعث أحد إخوتها إلى الميرة يطلب منها أن ترسل إليه هذه
الوصأيفة ,وكانت الميرة ل تستغني عنها ,وأعطتها إلى تاجر الرقيق وقككالت لككه ً:ا احتفككظ
بها إلى أن أطلبها منك ,وقد باعني التاجر إليك .عندها سألتها عن التاجر فأحضر ودافعت
لككه المككال ليأخككذني إلككى تلككك الجزيككرة ,وعنككدما نزلككت الشككاطئي إذا بككالميرة قادامككة مككع
وصأيفاتها التسع ,فاتخذت مخبأ في الصخور ,فقالت الميرة لوصأيفاتهاً:ا من منكككم يغلبنككي
45
في المصارعة جعلتهككا كككبيرة وصأككيفاتي .فبككدأن يصككارعنها فأخككذت الميككرة تصككرعهن
الواحدة تلو الخرى ,فأعجبت بها و تقدمت إليها ففزعت عند رؤيتي فقلت للميرة عنككدما
سككألتني مككن أكككون أنككي رجككل ضككائع وقككد غرقككت سككفينتي فككي مكككان قريككب مككن هنككا,
فاسترحمتني الميرة وضايفتني ,ولكي ل يعلم الحرس بوجوداي ألبستني لباس الجككواري,
وهكذا داخلت إلككى قصككرها متنكككرا ,فأحببتهككا وتزوجنككا ,حككتى حضككر جنككودا الملككك أبيهككا
لخذهن فأخذوني معهم ,وأنا على تلك الحال حتى كشككفوا أمككري .ثككم نظككر سككامويل إلككى
الرض وقال ً:ا ثم ها أنا أمامك أطلب منك الصفح والغفران يا أبي .فدهش الملك شمشون
عند سماع ذلك وتقدم إليهما وقال ً:ا أبيك ؟ قال أجمنككون متأسككفاً:ا نعككم إنككه أصأككغر أبنككائي.
وعندما سمع المير هيرودا ذلك من أخيه أمسك بمحزم سيفه واشتاط غضبا وعض علككى
أسنانه من الحنق .فلحظ الملك أجمنون غضب ابنه هيرودا فاستدار وقككال موجهككا كلمككه
إلى كيوان ملك السبت ً:ا خذ هاذين ,ابني وابنت الملككك شمشككون واقتلهمككا وآتنككي بككدمهما.
عندها غضب الملك شمشككون وعككارض وكككذلك الجمككوع اضككطربت فصككرخأ بهككم الملككك
أجمنون وهو يغمز للملك شمشون ً:ا هكذا أمكر نافكذ .وأشكار إلكى كيكوان وقكال ً:ا هي ا مكاذا
تنتظر؟ فقام كيوان واختطف الفتى واختفى به .ثم تقدم الشيخ وقال للملك أجمون ً:ا ولكككن
يا مولي لم يفعلى ما يستحقان عليه القتل .فردا عليه الملك أجمنون قائل ً:ا وهل أصأككبحت
تمارس الملك الن يا سموطان؟ فأطرق سككموطان سككاكتا .ثككم خككرج الملككك شمشككون مككن
المجلس فتبعه الملك أجمنون الى ساحة القصر وأخذ بكتفه وقال لككه ً:ا ل تحككزن انمككا هككي
خدعة ,لن يضرإبنتك شيء يا صأهري العزيز .عندها تبسم الملك شمشون وهو ينظر فككي
عيني الملك أجمنون .
في نفس الوقت خرج هيككرودا مككن المجلككس وتبعتككه روثا مككع دايفككي وأخككذت تسككايره فككي
ممرات القصر وقالت له وهما يتمشيانً:ا لقد كانت تلك وحشية قاسككية مككن الملككك أجمنككون
أيقتككل إبنككه ؟ ومكا ذنككب الفتككاة ليقتلهككا ؟ أحبكا بعضككهما فتزوجكا ,ل أداري مكا هككي مشككلة
الرجال؟ حينها نظر اليها هيرودا والتقط أنفاسه و أسرع الخطى فوقفت هي مكانها تشاهده
يمشي مسرعا بغضب.
خرج الشيخ سموطان إلى بعض غرف القصككر فككدخل فككي احككداها فككإذا الخككوان أفتككاب
وماهتاب مستلقيان هناك ,فتقدم منهما وجلس على حافة سرير ماهتاب ينظر إليهما وقالً:ا
كيف حال جروحكما الن ؟ فقال ماهتاب ً:ا أنا أحسككن حككال الن بفضككل داواءك العجيككب.
ونظر ماهتاب إلى سرير أخيه حيث يستلقي و قال ً:ا أفتاب يحتاج إلى بعض العناية .فتقدم
منه الشيخ وتفقد ضماداات جروحه ثم قال ً:ا ل بأس انها تتحسن ,الحرارة كفيله بأن تشككفي
كككل شككيء .ونككزع عنككه الضككماداات وقككال لككه ً:ا أبقهككا مكشككوفة حككتى يصككيبها الهككواء فل
تترطب ,لقد توقفت الدماء عن التككدفق الن .وطبطككب علككى كتفككه قككائل ً:ا ل بككأس عليككك.
وخرج عنهما .ذهب الملك أجمنون ليستريح بعض الوقت في الغرفة التي خصصت لككه,
فقد كان يوما شاقا ,وحيث كان يخلع عنه ردااء الحرب ظهر أمامه كيوان وبيده جرة مليئه
بالدماء ,فالتفت إليه الملك و قال ً:ا ال تستأذن قبل الدخول ؟ فقال كيوان ً:ا هذا ما طلبت يككا
مولي .وأعطاه جرة الدماء فقال الملككك وهككو يمسككك الجككرة مفزوعككا نككاظرا إلككى دااخلهككا
46
فرأى الدماءً:ا لقد فعلتها إذا ؟ فقال كيوان ً:ا نعم يا مولي .فصرخأ الملك به وأمسك برأسككه
وهوى به على فخذيه جزعا قائل ً:ا ليس هذا ما أردات ليككس هككذا مككا أردات ألككم تفهمنككي ؟
فقال كيوان وهو يبتسم ً:ا أفهمك! لقد فهمت أنك تريد قتلهما وأجلب لك شيء مككن دامائهمككا
داليل على ذلك ,وها هي الجرة مليئة بالدماء .فاقترب الملك من كيككوان وهككو يقككول ً:ا هككذا
ليس ما حدثا ,اني أراك تبتسم .فقال كيوانً:ا كلم الملوك أوامر يا مولي ,ولقد فعلككت مككا
أمرت به .قالها كيوان وهو يبتسم مرة أخرى فقال الملك وقد غضككب واسككتل سككيفه مككن
حيث تركه فوق عدته الحربية ً:ا أراك تبتسم مرة أخرى ,لقد قلت ذلككك لمنككع هيككرودا مككن
أن يبطش بأخيه ,لنه أخذ منه ما كككان قككد طلبككه قبلككه ,ل أن تقتلهمككا .ثككم تقككدم إليككه بسككيفه
وهدداه قائل ً:ا إن لم تقل لي الصدق الن قطعت رأسك .حينها قال كيوان ً:ا ما كنككت لقتككل
نفسا بريئه يامولي ,ولو علمت أنك تريد قتلهما ما طاوعتك ولعترضككتك فككي المجلككس,
إنما هما في أمان الفتاة وإبنكك فكي قصكر مملكتكك مكع زوجتككم الملككة فكي أحسكن ح ال,
وسرت إلى البر فاقتنصت غزال وذبحته وجأتك ببعض دامه .أمسك أجمنون بكتف كيوان
قائل ً:ا أحسن ما فعلت أشكرك على صأنيعك ,ل تخبر بهذا أحدا ,بل أكتمه .فانصرف عنه
كيوان .واذ الملك في سككريره إذ هنككاك مكن يقككرع البككاب ,فقكام الملككك وقككال ً:ا أداخككل .وإذا
بالشيخ سموطان يفتح الباب ويككدخل ويغلككق البككاب وراءه وهككو يسككند ظهككره علككى البككاب
ناظرا إلى الملك واقفا هناك عند سككريره فقككال الشككيخ ً:ا لمككاذا أمككرت كيككوان أن يفعككل مككا
فعل ؟ فقال الملك ذاك شأني .فقال الشيخ ً:ا ليس هذا ما أعني فذاك شككانك فككي إبنككك أعنككي
منذ متى تأمر الجان وهم في طاعتي .لك مني الحترام أيها الملك أجمنون ولكن ليس لككك
أن تأمر فيمن هم طوع أمري .فلذ الملك بالصمت ,وتنفس الشيخ وفتح البككاب مككن وراءه
وخرج عنه.
وبينما الجميع في سكككون كككان هنككاك فككي القصككر مككن يتحككرك تحككت جنككح الظلم وبيككن
زواياه ,إنه الوزير لوذا وهو يقول لنفسه النً:ا أداس السم للملك أجمنون فيتهموا به الملككك
شمشون بأن قتله جزاء ما فعل في ابنته ,وبذلك يقتل الشيخ الملك شمشون .بعدها لن يبقى
في مملكة) زيتا( غيري ,أما أبناءه فهم صأغار على الحكم لن يكون من الصعب التخلككص
منهم إذا ما تخلصت من أبيهم الحكيم .وذهب وأحضر إبريككق مككن الشككراب ونككثر بككداخله
السم وأخذه إلى أحكد الحكراس مكن جنكوداه واسكتفردا بكه وقكال لكه ً:ا هكذه هديكة مكن الملكك
شمشون يقدمها للملك أجمنون خذها إلى غرفته هيا .انطلق الحككارس بككذلك الشككراب وداق
الباب على موله وكان الملك أجمنون يهم بالنوم على سريره وقد غضككب لن تلككك ثككالث
داقة في نفس الليلة ,فقام وقال ً:ا لن أنام الليلة ...أداخل .فكدخل الجنكدي علكى الملكك وبيكده
البريق وقال ً:ا مولي هذه هدية من عند الملك شمشون ويتمنى لك ليلة هانئة .فطلب منه
الملككك أجمنككون وضككع البريككق علككى المنضككدة وسككرالملك أجمنككون لككذلك .وانصككرف
الحارس .وإذ الملك أجمنون يسكب من البريق قدحا سمع طرقا على البككاب فككردا الكككأس
من فمه قبل أن يشرب منه وزاغت عيناه تضايقا وقال بصوت عالي ً:ا أل يمكككن أن ينككال
المرأ قسطا من الراحة أم ذلك من المحال .وقككال بصككوت عككال .أداخككل كككائن مككن تكككون.
فدخل من الباب الملك شمشون فاستحى الملك أجمنون من رفع صأوته ,وقد إندهش الملككك
47
شمشون منه وهو يدخل عليه ,فباداره الملك أجمنون إلى الباب وهو يقككول ً:ا إعككذرني أيهككا
الملك لم أعلم انه أنت إنما ...فتردادا أجمنون ثم قال ً:ا تفضل تفضل مرحبا بك .فقال الملك
شمشون ً:ا جأت أتسامر معك لبعض الوقت قبل النوم .فرحككب بككه الملككك أجمنككون فبككاداره
الملك شمسشون قائل ً:ا لم تخبرني بما حصل مككن أمككر ذلككك الجنككي الككذي إختطككف إبنككتي
وزوجها ,إبنك ,المير ,فقال الملك أجمنون ً:ا ل تقلق أيها الملك ,إنهما بخيككر يعيشككان فككي
مملكتي برفاء وسعاداة .فقال شمشون ً:ا لبد وأن أزوركم هناك بعد أنتهاء رحلتكم الموفقككة
هذه .فقال أجمنونً:ا مرحبا بك متى تشاء ,فقد أصأبحنا أنسككابا .فقككال الملككك شمشككون ً:ا لقككد
علمت أن لك من البنات ثلثا ,أمر مشجع لنقككوي هككذه المصككاهرة بيننككا .فضككحك الملككك
أجمنون وهو يأخذ الملك شمشون من ذراعه إلككى حيككث طاولككة الشككراب قككائل ً:ا أشكككرك
على هذه الهدية الرائعة ل بد وأنه شراب مميز .فأستغرب الملك شمشون ولم يلقي للمر
بال .ثم أخذ الملك يسكب من البريق كأسا أخر للملك شمشون فمنعه الملك شمشون قائلً:ا
إذا كانت هذه الكأس لي فأنال أشرب شيئا قبل النوم أشكرك على كل حال .فككأرجع الملككك
أجمنون الكأس إلى مكانها وأخذ بكأسه التي سكبها أول وقربهككا إلككى فمككه ليشككرب ,وكككان
الملك شمشون قريبا منه وفجأة دافع الملك شمشون بيد الملك أجمنككون بقككوة فككأوقع الكككأس
من يده ,فجفل أجمنون مستغربا حتى أتبعه الملك شمشككون قككائل ً:ا هككذه الكككأس مسككمومة.
فقال أجمنون وكيف عرفت ؟ حينها قرب الملك شمشون كفه مككن البريككق وقككد لبككس فككي
اصأعبه الخنصر خاتما ذو حجر مزعفر وبجانبه فكي بنصكره ككذلك مثلكه فأخكذ الحجكران
يهتزان ,و كلما قرب يده من البريق يزيد مككن اهتزازهمككا وأجمنككون ينظرالككى الخككاتمين
متعجبا .ثم إلتفت الملك شمشون إليه وقال ً:ا هذان حجكران عجيبكان ,لقكد حصكلت عليهمكا
من الجزر البعيدة ,يكشفان السم في أي مكان قريب منهما كما ترى ,وأشار إلككى أصأككابعه
وهو يقربهما من البريق مرة الخرى وقال ً:ا فل يمكن لحد أن يدس لي السم في شككيء,
حتى لو كان الرجل يحمل السم في جيبه هذان الخاتمان يضطربان كمككا رأيككت .فتعجككب
الملك أجمنون من ذلك ثم توجه الملك شمشون إلككى حككراس البككاب وقككال ً:ا أحضككروا مككن
جاء بهذا الشراب في الحال وأحضروا كلبا من كلب السطبل إلى الساحة .ثم رجككع إلككى
الملك أجمنون بداخل الغرفة وقال ً:ا أنا لم أرسككل إليككك بهككذا الشككراب .ثككم سككارا معككا إلككى
الساحة ,وقد إضطرب كل من بالقصر ,وأحضر الحرس الجنككدي الككذي أحضككر الشككراب
وهو ل يعلم ما الذي يحدثا ,وبجككانبه أحككد كلب السككطبل ينبككح ,فلحككق بالملككك أجمنككون
وشمشون وهما ما يزالن يشقان طريقهما إلى الساحة الوزير لوذا ,فساير الملك أجمنككون
وسأله ً:ا ماذا يحصل يا مولي ؟ فقكال لكه وهكو يجكد السكير مكع الملكك شمشكون ً:ا أحكدهم
حاول قتلي .فأطلق الوزير شهقة من هول الفكرة وقال ً:ا مككن هككذا الملعككون ؟ مككن أرادا أن
يفجعنا بك يا مولي ؟ فقال له الملكً:ا ل ندري بعد .وأشار بكفه إلى الساحة قائل ً:ا سككنعلم
الن .وعندما وصألوا أخذ شمشون ذلك الكأس ووضككعه للكلككب فشككرب منككه فوقككع الكلككب
ميتا في الحال وجحضت عينا الملك أجمنككون عنككد رؤيككة فعككل ذلككك الشككراب فككي الكلككب.
عندها اندفع الوزير لوذا مسرعا إلى ذلك الجندي وطرحه أرضا وأخذ يركله وهو يقول ً:ا
يا خائن يا غدار .والجندي يصيح من اللم ل يعلم لماذا أصأبح خائنا .فاستل الككوزير سككيفا
48
من أحد الجنودا القريبين منه وأجهز علككى الجنككدي الككبريء قبككل أن يتقككدم الملككك أجمنككون
لستجوابه فيمن يكككون وراء تلككك الخيانككة .وتنفككس الجميككع الصككعداء عنككدما توقككف ذلككك
الجندي عن الصراخأ ,فتقدم الملك أجمون من الوزير لوذا وقككال ً:ا لمككاذا قتلتككه ؟ وقبككل أن
نعلم منه لماذا فعل ما فعل ؟ فقكال الكوزير ً:ا مهمكا ككانت قصكته فكإن فعلتكه تلككك عقوبتهككا
الموت على كل حال ,ل بد وأنه حاقد عليكم يا مولي لسككبب مككا .فنظككر إليككه الملككك فقككال
الوزير ً:ا وهل يهم ذلك السبب؟ هل هو أهم من حياة مولي؟ أنككا ل أصأككدق أن أحككدهم قكد
يفكككر بإلحككاق الذى بمككولي .فاسككتدار الملككك أجمنككون منصككرفا عنككه قككائل ً:ا تدهشككني
تصرفاتك أحيانا يا لوذا .ورجع كل إلى محل نومه وخلدت مرة أخرى جوانب القصر في
هدؤ وسكينه .
في صأباح اليوم التالي خرج الملك أجمنون من غرفته يسير في بهو القصككر ,وإذا بالملككك
شمشون قد كان قاداما إليه فوقف عنده وقال للملك أجمنون ً:ا إلى القفل مولي الملك؟ فككردا
عليه أجمنون وهو يلتقي معه ويسيرا معا ً:ا إلى القفل .أخذ الملككك شمشككون أجمنككون حككتى
وصأل إلى الجمع الذين كانوا بانتظاره ,فاخترقهم شمشككون وأجمنككون خلفككه فسككاروا جميعككا وراء شمشككون
حتى وصألوا إلى المعبد ,فدخلوا المعبد الكبير وسككاروا دااخلككه حككتى وصأككلوا إلككى المذبككح حيككث تقككام الصككلوات وحيككث
البخور صأاعدا من كل جهه والكهان في كل زاويه ,وعند الحائط المامي طبقكة مرتفعككة ببعكض الكدرجات وقكد وضككع
فوقها قفل أسودا كبير يتوسط المعبد فقال الملك أجمنون موجها الكلم إلى شمشون ً:ا
أتعبدون القفل؟ فضحك منه شمشون وقككالً:ا
ل وإنما نعبد إله سليمان ,ولكككن إرتأينككا أن
هككذا أنسككب مكككان لوضككع القفككل ,مككع كككل
الحراسككة المشككدداة حككول المعبككد ,كمككا أن
الناس هنا يتباركون بقفل سليمان ,ما عليككك
من هككذا خككذوا مفتككاحكم واتركككوا لنككا قفلنككا.
عندها دافع الشيخ دايفككي مككن ظهككره بلطككف
وهو يتقدم به إلى القفل ,فصعدا إلى الدرجة
الولى ثككم تركككه الشككيخ ,فككالتفت دايفككي إلككى
وراءه لينظككر إلككى الشككيخ ومككن وراءه مككن
الجموع بنظرة مستفهمة بريئه ,فأشككار إليككه
الشيخ بيده وبرأسه أن تقدم إلى القفل,
فأداار دايفي وجهه ناحية القفل ونظر إليه ثم صأعد الدرجة التي بعدها فمد يده إلككى المفتككاح
وأدااره ,فانفتح القفل محدثا صأوتا قويا في المعبد الهادائ وخرجت تلك الضاءة القوية من
ثقككب القفككل حككتى أخككرج دايفككي المفتككاح فاستبشككر الجميككع مككن وراءه وخككر كهنككة المعبككد
يسجدون ويبكون ,فاستدار دايفي بالمفتاح وأعطاه للشيخ فأخذه ووضعه في قلداة دايفي مع
المفتاح الول ,ونزل به مككن المنصككة إلككى الملككك أجمنككون الككذي تقككدم إلككى القلداة ولمككس
المفاتيح وانحنى وقبلها ثم إستقام وقد تنفس بعمق وقال للملك شمشككون ً:ا حسككنا أظككن أنهككا
49
ساعة الرحيل فصافحه الملك شمشون ووضع يده الخرى على كتفه وهزه قائل ً:ا إلى أن
نلتقي مرة أخرى ,تجاوزه الملك أجمنون إلى جموعه وأمرهم بالرحيل .
خرج الجميع من أبواب القصكر وإذا الملكك أجمنكون مكع جمكاعته خكارج البكواب ك انت
هناك جموع الملك شمشون في ودااعهم .وشمشون فككي مقككدمتهم وهككو يشككير إليهككم بكفككه
ملوحا ,فاستدار أجمنون بفرسه إليهم وقال ملوحا ً:ا إلى اللقاء يككا صأككهري العزيككز ,عنككدها
انتبهت عينا المير هيرودا وكأنه قد سككمع شككيئا ثككم صأككرف ذهنككه إلككى الطريككق ومضككى.
وتقدم الجميع في خطتهم إلى المملكة التي تليها .
الفصل الرابع
أخذت الجموع تسير عبر سهول ممتدة ,وكان الخككوان أفتككاب وماهتككاب محمككولن علككى
عربة تجرها الجيكادا ,وأناهيكد وكيكوان وبهكرام وبرجيكس علكى ظهكور خيكولهم يسكيرون
بمحاذات العربة ,وفي عصر ذلك اليوم رق قلب بهرام على أخويه من هزالعربكة ومشكقة
الطريق وهما على تلك الحالة من الصأابات الجسيمة ,فككانطلق مسككرعا بإتجككاه الصككفوف
المامية حيث الملك والشيخ وكبار جنده مخترقا ومتقدما عبر حشككودا الجنككد أمككامه ,حككتى
وصأل إلى الشيخ وسكايره ثكم قكال لككه ً:ا سككيدي سككموطان إنكي أخشككى علككى أخككوي مشكقة
الطريق .فبدت علمات القلق على الشيخ واقتضبت حواجبه ثم قال بهرام ً:ا إذا سمحت لنا
بأن نأخذ أخوينا إلى مملكتنا ,هناك سترعاهما أمنا ثم نعودا إليكم مسككرعين قبككل أن يحككس
أحد بغيابنا .فقال الشيخ وقد هز رأسه باليجاب ً:ا أبلغ تحيككاتي إلككى الملكككة دابككوره .حينهككا
رجع بهرام إلى إخوته وترجلوا من على ظهور خيولهم أمام عربكة أخكويهم ,وفكي لحظكة
اختفككى الخككوة السككتة فككي غمضككة عيككن ,حككتى أن العربككة الككتي كككانت تحمككل الخككوين
المصابين انطلقت فجأة تعدوا خفيفة الحمل داونما يعلم سائقها بالذي حصل لها .بعد فككترة
قرر الملك أن يعسكروا عندما لمح من أخر تلك السهول جبال عالية وأرضا جافة على ما
تبدوا من بعيد ,وخاصأة أن الظلم بدأ يسدل ستارته على المكان .خيم الجند وبدأت نيككران
قدورهم تظهر ,فمنهم من أضرب الخيام ومنهم من يعتني بالخيل والعككددا وأحككدثوا ضككجة
50
هناك .وعند العشاء ,في مائدة الملك أجمنون ,حيث جلس يتناول الطعام ويأكل معه قككاداته
وكبار جنده ,وكذلك الشيخ وروثا ودايفي والحكماء .وهم كذلك قككال ألميككر هيككرودا لبيككه
الملك وهو يأكلً:ا مولي ان الجند ...ثم توقف هيرودا عن الكلم حيث رأى أباه يشير إليككه
بإصأبعه بالصمت قكائل ً:ا ل كلم ول نقكاش عكن القتكال علكى الطعكام آجل آجل .وعنكدما
إنتهى الجميع من الكل و أحضروا الشراب ,تناول الملك أجمنون كأسككا ونظككر إلككى ابنككه
وقال ً:ا إن للحرب أوقات وليس كل الوقات ,تعلم منككي هككذا يككا بنككي ,قككل الن مكا عنككدك
نحن نسمعك .فقال الميككر وهككو يتنككاول كأسككا هككو الخككر ً:ا إن الجنككد منككذ خروجهككم مككن
المملكة لم يقاتلوا أحدا ولم يقاتلهم أحد حتى ألن ,ولحظت أنهككم بككدؤا يشككعرون بككالفتور.
فقال الملك له ً:ا وكيف ذلككك ؟ فقككال هيككروداً:الحظككت أنهككم قككد أصأككبحوا عككدائين لبعضككهم
البعض .فقال الملك ً:ا أليس لهذا خرجوا معنا ؟ فقال الميككر ً:ا نعككم ولكنهككم لككم يجككدوا مككن
يحاربوه فأخذوا يقتتلون فيما بينهم ,أخشى أن نفقد السيطرة عليهم يا مككولي .عنككدها فتككح
الملك أجمنون كلتا عينيه بوسعهما مدركا خطورة المككر وقككال ً:ا إذا نتحكككم فككي عككدائيتهم
تلك وندربهم على القتال ,أجري بينهم بعض المسابقات في الفروسية .فنظككر هيككرودا إلككى
أبيه الملك مدركا ما يرمي إليه الملك فتككابعه الملككك قككائل وهككو يشككير إليككه بإصأككبعهً:ا هككذه
فرصأتك للتدرب على قياداة الجند ,هيا أرني ما تسككتطيع .فسككر ذلككك الكلم مككن الب إلككى
أبنه وانشرح صأدر هيرودا ,فخرج هيرودا إلى الجنككد ونضككم المسككابقات بينهككم فككي القتككال
بالسلح وبدون السلح ,وفككي الجككري وسكباقات الخيككول والمصكارعة والرمايككة ,فأشككغل
الجميع وأخرج الجند كل مكا عنكدهم مكن قكوة وفروسكية ,حكتى أن الميكر هيكرودا شكارك
بنفسه في بعض تلك المسابقات وأختلط بالجند .نام بعدها الجميع نوما عميقككا مككن التعككب.
وفي صأباح اليوم التالي خرج الشيخ من خيمته وإذا أمامه كل من بهرام وبرجيس وأناهيد
وكيوان ,فحيوا الشيخ سموطان برؤسهم ,فنظر إليهم الشيخ وتككوجه إلككى حصككانه يسككرجه
قائل ً:ا من الفضل لكم السراع إلى خيولكم .فانصرف الخككوة مككن وراءه إلككى خيككولهم.
ركب الجميككع وبككدؤا بالمسككير مككن جديككد حككتى وصأككلوا إلككى الككواداي العظيككم .فنزلككوا فيككه
يتتبعككون مجككراه الجككاف نككزول .وسككارت الجيككوش والفيككالق والجنككادا القويككة بعككدداهم
وأسلحتهم وخيولهم و مؤنهم فيه ,وهم على ذلك الحال بضعة أيام .وفي صأباح يوم مشرق
وهككم مككا يزالككون يسككيرون فككي ذلككك الككواداي الككذي ل تبككدوا لككه نهايككة ,وعنككدما تجككاوزت
الصفوف لمامية من المسيرة منحنى من منحيات الواداي ,فإذا بأشعة قوية تعمي عيككونهم
فاتقوها بسواعدهم وأكفهم لينظروا سببها ,فإذا هي تنبعث من فوق جزيرة على شكل جبل
عالي وسط الواداي .حينها تكلم برجيس ملك الخميس وقال مشيرا بيده إلككى قمككه الجبككل ً:ا
إنها مملكة) تاو( .فنظر الجميع وبالكادا إستطاعوا وهم يضعون أكفهككم علككى جبككاههم إلككى
حيث أشار برجيس ,فتقدم الملك وتقدمت الجموع خلفه حتى وصألوا إلى حفرة كككبيرة فككي
منتصف الواداي ,قطرها ما يقرب من خمسة أمتككار .وقككد أصأككبحت تلككك الجزيككرة ,الجبككل
المشع من فوقه على بعد ميلين منهم ,فوقف الملك بخيله عند الحفرة ونزل لينظر بداخلها,
ونزل وراءه الخوة الجن الربعة وسموطان وهيككرودا ,وأنصككت الملككك قليل وقككال وهككو
ينظر إلى سموطان ً:ا هل تسمع خرير الماء؟ فقال سموطان وهو ينظر إلى دااخككل الحفككرة
51
المظلمة ً:ا نعم ولكككن ل أرى قعرهككا .ورفككع سككموطان رأسككه وحككاول النظككر باتجككاه ذلككك
الجبل المرتفع وسط الواداي ,ونظر من حوله حيث بدأت جوانب الككواداي تنسككاب ارتفاعككا
بسلسل جبلية ,ثم قفز سموطان فوق جواداه وتقدم به وتبعه مككن كككان حككول الحفككرة الككتي
سورت بحلقة من طين من حولها ,وتبعوه بحذر ومن خلفهم الجيش .وعلى مسكافة الميكل
من تلك الحفرة ,تقدم سموطان ووقف بجواداه يتأمل كرة حجرية كبيرة ,تقريبا بحجم قطر
تلك الحفرة التي شاهدوها ,البئر التي ل قعر لها ,وتقدمت منككه جمككاعته والملككك ينظككرون
إليها بتعجب كيف تقبع هناك في منتصف الواداي مستديرة بيضاء وكأنهككا نحتككت باليككدي
وصأقلت .فأخذ الشيخ بلجام فرسه وسكار متجكاوزا الصكخرة العملقككة وتبعككوه مككن خلفككه
متحفزين لي شيء .وبعد مسافة من تلك الصخرة بدأت حجارة الواداي وصأخوره الجافككة
تنتفض من تحت أرجكل الخيكل وتكتزحزح ,وكأنهكا حيكات قكد نهضكت لمكا وطكؤا عليهكا,
وتزلزلت الرض وبدأت خيول الجند بالضطراب من تلك الهزهككزة ,والجنككودا يحككاولون
السيطرة عليها وعمت الفوضى الجيش .وقد كان معظم الجيش قد تجاوز الككبئر إل بعككض
الفيالق في المؤخرة مع المؤن ,ثم بككدأت حجككارة الككواداي صأككغيرها وكبيرهككا تتطككاير مككن
تحت أرجلهم ,وترميهم في كل اتجاه وصأوب فتضرب الجند بقوة فتوقعهم أرضا ,ومن لم
تقضككي عليككه الضككربة الككتي أسككقطته تقضككي عليككه المجموعككة الخككرى مككن الحصككيات
المتقاذفة عليهم وكأنها موجهة ,فصككرخأ الشككيخ علككى هرمككس لحمككايه روثا ودايفككي ,فقككام
هرمس بصد ما استطاع من الحجارة القادامة باتجاههم بسيفه وبعضككها كككان ينفككخ عليهككا
فتسقط ولكن ما تلبث أن تعودا ,وهكذا فعل إخوته بينما هككم يشككاهدون تلككك الحجككارة الككتي
أحدثت غبارا كثيفا تقضي على الجيش وهم في ذهول المفأجاة غيككر مصككدقين مككا يحككدثا
لهم .وقام الجندي منهم إذا ما صأد حجارة تأتيه أخرى فتضربه بقوة وتتكاثر عليه فيموت.
وشاهد سموطان الملك أجمنون وقد أصأابته بعض الحجارة الصغيرة فككأدامت رأسككه ,وقككد
كان حراسه يصارعون الموت عن أنفسهم ,وقد اضطرب حصان الملك وكككادا أن يككوقعه,
فصرخأ الشيخ على أناهيد وأشار إلى الملك فتقدم أناهيد ناحية الملك بصعوبة وهككو يككدافع
الحجارة عنه ,وأخذ بزمام فرس الملك أجمنون وجرى بها رجوعا إلى الخلف وهو ينفككخ
الحجارة القادامة من كل صأوب ,ومنها ما يضرب ظهر الملك ومنها ما يسقط علككى ظهككر
أناهيد وهو يفر بالملك إلى مؤخرة الجيش وكذلك فعل الجميع ,فبدأوا يلحقون بمليكهم إلى
الوراء ,وتراجع من إسككتطاع الوصأككول منهككم إلككى مككا بعككد تلككك الحفككرة حيككث ل تتحككرك
حجككارة الككواداي هنككاك ,وأخككذوا يشككاهدون كيككف تفعككل الحجككارة بمككن تبقككى هنككاك وهككي
تمطرهم وكأنها موكلة بمهمة عليها القضاء عليهم ,والحجارة لتصككل إلككى أولئككك الجنككد
الذين خلف الحفرة .ولما تجاوز الجميع تلك البئر أخذ الشيخ يطوف بفرسه بين الجند وهم
يتأوهون ويتألمون فلم يبقى أحد منهم ال والحجارة قد داقدقت عظامه ,فمن لم تقتلككه هنككاك
كانت الدماء تسيل منه من كل قطعة من جسمه .وأخذ الجند الذين تخلفككوا وراء الككبئر مككع
المؤن يعالجون الجرحى من رفاقهم ,فتقدم الشيخ بفرسه إلى حيث البئر ينظر إليها بتمعن
فإذا الدماء تسيل من جبينه على عينه ,فأخذ سككموطان يمسككح الككدم عككن عينككه بكمككه وهككو
ينظر باتجاه تلك الكرة العملقة البيضاء التي تبدوا مككن بعيككد محككاول فهككم مككا جككرى لهككم
52
على حين غرة داونما سابق إنذار عنككدما تجككاوزوا تلككك الصككخرة الدائريككة .فتقككدم الميككر
هيرودا بفرسه من الشيخ ,فنظر الشيخ إلى ركبة هيرودا التي تسككيل دامككا ونظككر إلككى شككعر
هيرودا و ملبسككه وقككد كسككاها الغبككار مككن جككراء تحككرك الحصككى ,فقككال هيككرودا بغضككب
للشيخ ً:ا ما أمر تلك الحجارة اللعينة؟ فربت الشيخ على صأدره فإذا كمية من الغبار تخرج
من ملبسه على وجهه فعلم أن حالة ليس أحسن من منظر الميككر ,والتفككت الشككيخ خلفككه
حيث سمع صأوتا فإذا هو الملك يقترب وقد حاول أن يقول شيآ ولكككن حلقككه قككد جككف مككن
شدة الغبار وقد وضع يده على فمه يسعل بشدة ,ثم قال بصوت مبحوح للشككيخ لمككا وصأككل
عنده ً:ا لماذا حال الواداي هنا ...عند هذه البئر ليس كمثل هناك .وأشككار إلككى المكككان الككذي
هاجمتهم فيه الحجارة ولكن سموطان لم يردا عليه بل نظر إلى البئر وهو ما يككزال يبحككث
عن جواب .فقال له الملكً:ا هل من حيلة لنا ؟ أم ما الذي حدثا لهذه الحجارة ؟ فقال الشيخ
ً:ا ل سبيل للوصأول إلى مملكة) تاو( إل عبر هذه الحجككارة ,فككالواداي يحيككط بالمملكككة مككن
كل مكان .فقال هيرودا ً:ا ولكن كيف ؟ فنظر إليه الشيخ وهو يفكر في حل ما فقطع تفكيكره
وصأول الوزير لوذا إليهم فوق خيله وقال الككوزير ً:ا لمككاذا ل نرسككل الجككن طيرانككا إليهككم؟
فنظر إليه الشيخ باحتقار وقال بهدؤً:ا الجن ل يمكنها أن تككدخل تلككك القلعككة .فقككال الملككك ً:ا
ولماذا ؟ فردا عليه الشيخ ً:ا الم تسمع برجيس عندما قال إنهككا مملكككة) تككاو( .فقككال الملككك ً:ا
نعم وما في ذلك؟ قال الشيخ ً:ا المملكة من زجاج ,ول يستطيع الجككن النظككر إلككى الزجككاج
لذلك فهم يعلمون بأمر هذه المملكة كما أخبرنا برجيس عن أسككمها .حينهككا قككال الككوزير ً:ا
وما فائدة هؤلء الجن الذين ل يستطيعون شيئا؟ فنظر إليه الشيخ فأكمل الوزير قككائل لككهً:ا
ولكنك أنت تستطيع الطيران إلى هنككاك ,أم ل تسككتطيع النظككر إلككى الزجككاج أنككت الخككر؟
فاصأطكت أسنان سموطان من الغضب وأطلق نفسا وقال وهو ينفض التراب عن ثيككابه ً:ا
لم أرك في المقدمة عندما تقدمنا اليها .وتقدم سموطان بفرسككه إلككى الككوزير ونفككض ثيككاب
الوزير فلم يخرج شيء من الغبار وأكمل سموطان قائل ً:ا أيهككا الككوزير المخلككص .حينهككا
إنحرج الوزير وقال بككترداداً:ا لقككد ..تككوقفت لبعككض حككاجتي .فقككال لككه سككموطانً:ا مككا أكككثر
حاجاتككك أيهككا الشككجاع ..فقاطعهمككا الملككك أجمنككون قككائل ً:ا والن مككا العمككل إذا ؟ تككوجه
سموطان إلى البئر ونزل عن حصانه ونظر إلى دااخل البئر فسمع خرير الماء فقال ً:ا بئر
بها ماء .ثم توجه بنظره إلى الواداي قائل ً:ا وواداي جاف .
وبالليل حيث عسكروا بجانب البئر وقككد صأككنعوا لهككا حبل وأخككذوا ينزفككون منهككا المككاء,
ومنهم من أوقد النار على القدور لتجهيز الطعام ,ومن الجند من كانوا يعالجون الجرحى.
فجلس الملك واتباعه وقد أحضروا لهم الطعام واذ هم يككأكلون قككال الملككك ً:ا إذا مككا تككرون
أننا صأانعون ؟ حينها توقف هيرودا عن الكل ونظككر إلككى أبيككه الملككك ,فنظككر إليككه الملككك
وقالً:ا حسنا أنا الملك ويحق لي الكلم عن القتال متى أشاء ,هيا تكلموا آتككوني بحككل لهككذه
المشكلة العويصة .فقال الشيخ ً:ا الجن ل يستطعون الذهاب ,أنا أستطيع ولكنككي ,أظككن أن
المدينة مغطاة بالزجاج حتى سقفها ,فل سبيل إلى داخولي إليها .فقال المير هيككروداً:ا لبككد
وأنهن يعلمون أننا هنا ,لما ل نرسل إليهم بكتاب كمككا فعلنككا مككع الملككك شمشككون ؟ ونككرى
ماذا يرداون .فقال الملك ً:ا هذه فكرة صأائبة سنحاول فعككل ذلككك .بعككد الطعككام نككاداى الملككك
53
على الكاتب شهلون وقال له ً:ا أكتب .فجلس شهلون وجهز أداواته ونظر إلى الملككك .فقككال
الملكً:ا إلى ...ثم سأل الملك ً:ا ما هو إسم مليكهم ؟ فقال برجككبيس حيككرام .ثككم أكمككل الملككك
قائل ً:ا إلى الملك حيرام ,ملك مملكة) تاو( ,ماجأناك لقتال ,سلمنا ما نريد نسلمك علككى مككا
أنت عليه .من ملك الملوك أجمنون العظيم ,ملك مملكة )زيتا( .ثم نظر الملك إلى شككهلون
وهو خائف يرتعككص وقككال لككه الملككك ً:ا ل تخككف سككيذهب معككك الشككيخ إلككى بككاب القلعككة.
فاعترضه الوزير بعد أن كان ينظر ويراقب بعينين ماكرتين وقال ً:ا إذا سمح لككي مككولي
أن أذهب بالكتاب,فأنا أقدر من الرسول على تفحص المملكككة إذا مككا داخلككت عليهككم .فقككال
الملككك وقككد زادا إعجككابه بككالوزير وشككجاعته ً:ا أحسككنت يككا لككوذا هككذه شككجاعة منككك .فقككال
الوزيرً:ا أشكرك يا مولي ولكن كيف سأذهب إليهم ؟ فقككال الشككيخ سككموطان متأسككفاً:ا أنككا
سأحملك إلى هناك .فأخذ الشيخ الوزير ومعه الكتاب وطار بككه وأنزلككه أمككام بوابككة القلعككة
وعندما فتحت البواب لهمككا أرادا الشككيخ أن يتبعكه فصككده الككوزير قكائل متكذرعا ً:ا سككوف
يشكون بأمرنا ويشدداون علينا الحراسة إذا ما رؤنا اثنين ,ومنذ متى ترسل الرسل بالكتب
إثنين ؟ إبقى هنا حتى أعودا .فأقنعه الوزير وداخل بنفسه حتى صأار بين يدي الملك حيككرام
وأخفى كتاب الملك أجمنون في وسطه وقال الوزير في حضرة الملك حيككرام وقككد انحنككى
له ً:ا أيها الملك العظيم حيرام ,خادامك المخلص لوذا .فقال الملككك حيككرام وهككو ينظككر إلككى
أتباعه من حوله ً:ا وبمككاذا يمكنككك أن تخككدمني وقككد عجككز مليكككك عككن فعككل شككيء .وأخككذ
الجميع يضحكون فقال الوزير ً:ا ل شأن لي بما يصنع الملك أجمنككون ,إنمككا جأتككك خادامككا
مطيعا .فأخذت الملك حيرام الجدية فاعتدل في جلسته وقال ً:ا وبماذا يمكنك أن تخككدمني ؟
اقترب منه لوذا وقال ً:ا لدى الملك أجمنون حتى الن مفتاحان ,أستطيع أن أحضرهما لك,
وأنت لديك المفتاح الثالث وسوف أخرجه لك ,أما البقية ,فل أظن أن همككة مككولي حيككرام
في تحصيلها أقل من همة الملك أجمنون ,وخاصأة أن المفتاح السابع تحت يدي .فردا عليه
الملك حيرام قائل ً:ا وأين هو هذا المفتاح ؟ فقال لوذا انه في مملكة أجمنون .ثم سكت لوذا
قليل وأكمل وهكو يبتسكمً:ا بكالطبع بعكد أن أسكتولي عليهكا بمسكاعدة مككولي الملككك حيككرام
العظيم .فقال حيرام ً:ا إنك تتكلم باللغاز كثيرا ,وأنا صأابر عليك ,أنصككحك بالسككراع فككي
تفسير وتوضيح كلمك ,فأنا صأبري قليل .حينها بلع لوذا ريقه وقال على عجل ً:ا أستطيع
أن أحضر لك ليككس المفاتيككح فقككط ,بككل مككا تهككددا بككه الجككن فل يسككتطعون مسككاعدة الملككك
أجمنون ,وبهذا ترداهم بلشيء .قال الملك حيرام ً:ا ومككا الككذي يضككمن لككي أنككك ل تحككاول
خداعي ؟ فقال لوذا ً:ا وكيف لي حيلة عليك وأنا واحد؟ انما سأحضر لك الفتى الذي يمكنه
أن يخرج المفاتيح ,وبدونه البقية ل تساوي شكيئا ,وبكه تسكتطيع نكزع جميكع المفاتيكح مكن
المدن التي تحتفظ بالقفال ,فما عليك يككا مككولي إل أن ترشككدني إلككى طريقككة أسككلمك بهككا
الولكد ومعكه المفتكاحين ويصكبح تحكت تصكرفك .قكام أحكد الحكمكاء إلكى الملكك حيكرام
وساسره في أذنه ثم رجع إلى مكانه ,فقال الملككك حيككرام ً:ا انصككرف لبعككض الككوقت حككتى
نتشاور .فقال لوذا وهو يرجع إلى الخلف منحنياً:ا سمعا وطاعككة يككا مككولي .وذهككب لككوذا
يتفرج على أسواق المدينة فقال أحد الحكماء لحيرام ً:ا هل نثق به يا مولي ؟ وقال آخككر ً:ا
ل يبدوا كلمه منطقيا ,ل بد وأنها حيلة ما .فقال الملك حيرام ً:ا وما الضير فككي مسككايرته,
54
سنرشده للطريق الذي بداخل البئر الذي يخرج من تحت القلعة .فاضككطرب المجلككس مككن
حول الملك حيرام وأخذوا يتهامسون مع بعضهم فقال الملك حيككرام ً:ا ل تخشككوا شككيئا ,إن
طريق الكبئر ضكيقة وصأكعبه علككى شكخص واحكد فكيككف سككيغامرون بإداخكال جيكش عكن
طريقها ,كما أن البوابه المنتهيه إلى القلعة من هناك تحت تصرفنا ,وموقعنككا فيهككا محكككم,
لن يدخل أحد من هناك إل إن كان منتحرا .وبعد أن نحصل على ما نريد نقتل هككذا الككوذا,
فالخائن ل أمان له .وناداى الملك علككى الحككراس وقككال ً:ا يككا حككرس نككاداوا علككى رسككولهم.
وكان لوذا آنذاك يتمشى في السواق بين الناس ويراقب سكقف المدينكة الزجكاجي ,ووراء
لوذا اثنين من حرس الملك حيرام الشداء ,حتى وصأل إلى حانوت فإذا اثنين يتكلمان مككع
بعضهما دااخل الحانوت ,فاستمع إليهما لوذا مديرا ظهره إليهما وكأنه ل يقصككد السككتماع
إليهما ,فقد سمعهما يتكلمان عن الجيش المعسكر خارج المدينة ,وانشغل الحارسان وهمككا
أمام لوذا بمغازلة بعض النسوة في الحانوت المقابككل ,فسككمعهما يقككولن ً:ا إذا مككا وضككعت
الكرة الحجرية دااخل البئر فاض البئر بالماء على حجر الواداي ,عندها لن تعودا الحجككارة
غاضبة ,و سيعبرون إلينا بجيشهم ,ماذا سنفعل عندها وماذا سيحل بنا ؟ آنذاك ل حظ أحد
الحراس سكون لوذا فإذا هو يدفعه للتقككدم وقتهككا وصأككل حككراس الملككك وأخككذوا لككوذا إلككى
الملك حيرام ,فباداره الملك بقوله ً:ا حسن قد قبلككت خككدمتك لنككا ,هككل رأيككت تلككك الككبئر فككي
الواداي؟ قال نعم ً:ا قال حيرام ً:ا لو أشعلت نككارا فككي حبككل وداليتهككا فككي الككبئر لرأيككت علككى
مسافة بطول رجل غار في جدار البئر ,منه تسير نزول إلى قعر البئر ,ومن هناك طريقا
ضيقا بمحاذات سير مياه البئر حتى تصل إلى تحت الجبككل هككذا الككذي تحتنككا ,ومككن هنككاك
سترى الحراس بانتظارك ,هل وعيت ما وصأفت لك ؟ فقال لوذا ً:ا على أكمككل وصأككف يككا
مولي .فقال حيرام ولكن تعطينككا عهككد وميثككاق منككك بعككدم الخيانككة .فقككال لككوذاً:ا أعطيكككم
أعطيكم يا مولي عهدا بأن أكون عبدكم المخلص كما تعاهدوني بمسكاعدتي علكى الظفكر
بمملكة )زيتا( .فقال الملك حيرام ً:ا لك ذلك .حينها أخرج لوذا كتاب الملك أجمنون وقككالً:ا
إذا ل حاجة لكم بهذا بعدما تعاهدنا .وأخذه منه حككرس الملككك وانصككرف لككوذا إلككى الشككيخ
الذي كان ينتظره بالخارج فسأله سموطان ً:ا إذا كيف كان اللقاء ؟ لقد تككأخرت .فقككال لككوذا
بصرامة ً:ا حملت رسالة الملك أجمنككون وأعككودا برسككالته إليككه .عنككدها تضككايق سككموطان
وقبض به من رجليه وأنكسه وطار به منكوسا على رأسه وهو يصيح إلى أن وضعه عند
الملك أجمنون .فلقط أنفاسه وقال للملك أجمنون ً:ا لم يوافق يا مولي ,بككل ككادا أن يبطككش
بي لول أشاروا عليه أن يبقي على حياتي لرجع بالرسالة لكي ل يضطروا لرسال أحككد
منهم.
بعد ساعة متأخرة من الليل والجميع قد ذهبوا للنوم ما عدى واحككد منهككم .تسككلل الككوزير
لوذا وذهب إلى البئر ومعه حبل وشعلة من النار فربط الشعلة بالحبل وأنزل الحبككل إلككى
البئر المظلمة فإذا يشاهد ثقب في الجدار كما قال له الملك حيرام ,حينها رفع الشككعلة إليككه
وتلمس في جوار البئر فوجد حجرا كبيرا فأخذ حبل دالو البئر بعد أن فكه من دالوه وربطه
حول ذلك الحجر ورجع إلى المخيم وتسلل إلى خيمة روثا ودايفي فحمل دايفككي وهككو نككائم
بهدؤ وبعد مسافة أتعبه الحمل فوضعه أرضا فإذا بديفي يقف علككى رجليككه صأككاحيا ينظككر
55
إلى الوزير ,فأخذ يلطفه وأمسكه من يده واقتاداه إلى البئر ,وهناك أخذ الوزير يفكر كيف
سيجعل دايفي ينزل إلى البئر في ذلك الغار ,ففتش الولد فلم يجد معه في مخبكأه ال طاقيكة,
فأخذ لوذا الشعلة ودالها من البئر وربط طرف حبلها فككي حجككر صأككغير فوضككحت الثقبككة
التي بجدار البئر ,وقال لديفي هل تريدنا أن نلعب ؟ فهز دايفككي رأسككه باليجككاب ثككم قككذف
الوزير بطاقية دايفي دااخل الثقبة برمية قويككة والولكد ينظككر إليهكا وهكو يقكذفها ,فبكدأ دايفككي
بالصياح فقال له الوزير ً:ا هل تريد استرجاعها ؟ فهز رأسه بنعككم ,فربطككه الككوزير بحبككل
صر عليككه دالو البئر وداله بمشقة إلى تلك الثقبة فدخل دايفي ليجلب طاقيته ,ولكن الوزير ق ص
في الحبل ,وكانت الطاقية بعيدة فمد دايفي يكده ليجلبهكا ولككن يكده لكم تصكل إليهكا ,فحكاول
الزحف ليصل إليها بينما الوزير ممسكا بالحبل ول يمده له عمدا ,عندها فك دايفككي الحبككل
عن صأدره فعلم الوزير أن دايفي قد تحرر من الحبل فتدلى الوزير على الحبل ولما وصأل
إلى فم الثقبة كان دايفي يهم بإخراج رأسه منها فأمسك الوزير بشعلة النار ودافع بديفي إلى
الخلف وهو يدخل في تلك الثقبة ,وأخذ لوذا بقفى دايفي إلى أن وصأل به إلككى قعككر الككبئر,
ودايفي يصيح من تلك المعاملة الخشنة ,ثم أخذ يدفعه فككي الطريككق المحاذيككة لجريككان مككاء
البئر مستضيئا بالشعلة ,ودايفي في ذلك كله يصرخأ ويصيح حتى وصأل إلى حيككث فرجككة
أوسع ,فشاهد الوزير حراس مملكة) تاو( فعبر ماء البئر إليهم بينما داخككل أحككدهم مسككرعا
إلى الداخل عندما شاهدوه ليخبر الملك .أخذ الحراس الوزير ودايفي في ممرات من تحككت
الجبل صأعوداا إلى فوق ,وفي آخر الممرات الملتوية بوابة ما أن وصأككل إليهككا فككإذا الملككك
حيرام عند الباب يتلقاهما مسككرورا ,فقكال الككوزير للملكك ً:ا هككذا هككو الفكتى الكذي يسكتطيع
إخراج المفاتيح .ففرح به الملك حيرام وقككال وهكو يأخكذهم إلكى الكداخل ً:ا سكنرى صأككدقك
ألن .ساق بهم الملك حيرام في ممرات قصره إلكى غرفتكه الخاصأكة .وفكي دااخكل غرفتكه
فتحة أسفل الجدار مع الرض على شكل نفق داائري يصغر حجمه كلمككا زادا طككوله حككتى
ينتهي بالمرأ أن يحبوا مسافة ليصل إلى كككوة بيضككاء صأككافية ارتفاعهككا أطككول مككن قامككة
الرجل واقفا بقليل,حجمها يتسع لعشرة أشخاص متراصأين ,يستعملها الملك حيرام للتأمل
والتعبد ووضككع القفككل فيهككا ,فكانحنى الملككك عنككدها وهككو يشككير إلككى الككوزير بيككده قكائل ً:ا
اتبعاني .ثم داخل الملك فيها وقال الوزير لديفي الككذي ل يعلككم مككا يحككدثا لككه ً:ا تعككال دايفككي
لندخل إنها لعبة جميلة تعال ً:ا ثم انحنى الوزير ليتبع الملك حيرام فلما داخككل الككوزير قليل
لبس دايفي طاقيته فاختفى فلم يسمع الوزير أحدا خلفه ,فنظككر فلككم يجككد أحككدا خلفككه فخككرج
الوزير راجعا بخلفه حتى غرفة الملك ولم يرى دايفي في أي مكان ,وإذا بالملك يخرج هو
أيضا ولم يجد الفتى فأمسك الملك حيرام بخناق الوزير قائل ً:ا أيككن الفككتى ؟ فقككال الككوزير
ً:القد كان هنا ل بد وأنه رجع من حيث أتينا .فقال الملك وقد زمجر وبرهت وبانت أنيككابهً:ا
لقد خدعتني .فصاح الوزير قائل ً:ا وكيف خدعتك وأنا في قبضككتك ولككم آخككذ منككك شككيئا؟
داعنا نبحث عنه قبل أن يبتعد .فتركه الملك وراحا يبحثان عن دايفي .في تلكك الثنكاء ككان
دايفي يتخبط طريقه قي القصر ,والجند يمرمن عندهم فل يرونه ,ح تى سكمع دايفكي الملكك
يصيح على الجند وهم يبحثون عنه في كل مكان ,فشاهد دايفي ذلك الباب الذي يؤداي إلككى
الطريق الذي أتي منه من تحت القلعة وعليه الحرس واقفين ,فركض دايفي باتجاهه وكان
56
مفتوحا ثم بدأ ينزل السلم ببطأ وتخكوف حيكث المككان هنكاك أككثر ظلمكه وضكيقا بالنسكبة
لديفي ,فأخذ ينزل بحذر حكتى سكمع صأكوت الملكك مكن دااخكل القصكر فوقكف ونظكر إلكى
العلى ,فإذا يشاهد الملك والوزير يطلن من البككاب يهمككان بككالنزول علككى السككلم ,فوقككف
دايفي مكانه يشاهدهما ينزلن والوزير يتقدم الملك والملك من خلفكه يزفككه ويصكرخأ عليككه
والوزير يقول للملك ً:ا يجب أن أعكودا ,ل تخكف س أجد طريقكة لتيكك بمكا وعكدتك ,أنكا ل
أخلف عهوداي .فنظر إليه الملك حيرام من خلفه وهما ينزلن نظرة إحتقار وهو يعلككم أنككه
خائن لمليكه .حتى وصأل عنده فرص دايفي جسمه على الجدار الجبلككي بظهككره فمككرا مككن
جانبه ولم يشاهداه.
عندها رجع دايفي هروبا منهما إلى فوق متجها إلى القصر ,وسار حتى وصأل إلككى غرفككة
الملك وداخل في ذلك السردااب الضيق ثم حبى حتى كوة القفل ,وأخككذ دايفككي ينظرويتأمككل
لهرمس يوبخه هو وروثاً:ا كيف أضككعته ؟ ألككم أمككرك أن تحرسككه كظلككه ؟ فأخككذ هرمككس
الشيخ من يده بعيدا عن روثا وقكال لكه وهككو ينظككر إلككى روثاً:ا إنهككا ل تفكارقه حكتى فكي
منامه .فقال الشيخ له ً:ا إذا؟ فقال هرمس ً:ا ماذا تريد مني ؟ هل أنظكر إليهمكا وهمككا نيكام ؟
فقال الشيخ ممتعضاً:ا ولما ل ؟ قال هرمسً:ا إنها فتاة فاتنة ل يحل لي النظككر إليهككا ,وإنمككا
أتفقده من حين لخر بنظرة سريعة .حينها هدأ الشيخ وآخذوا يبحثككون عككن دايفككي فكي كككل
مكان حتى وصألوا إلى البئر وهكم يبحثكون .فلحكظ الشكيخ الحبكل المربكوط علكى الحجكر
وكان هناك الوزير ينظر إلى تلك الحجارة الككتي ربككط بهكا الحبككل ويلككوم نفسككه بككأن نسككي
57
أمرها في ساعة عجلة .حينها أمر الشيخ أحد الحراس بإحضار شعلة نار وأنزلها بالحبككل
فبان الثقب وانكشف ,وأخذ الجميع يتفكرون في ذلك ويقولون ً:ا هل ذهب من هنككا؟ فقككالت
روثا ً:ا أو قد يكون أحد ما خرج من هناك .فنظر الجميع إليها وقال الملك ً:ا انها محقه ,قد
تكون هذه طريق إلى القلعة .وبينما هم يتشاورون إذا بصوت يأتي من دااخل الككبئر فركككز
الشيخ شعلة النار على الثقبة واستطاعوا أن يروا يد دايفي وهو يلوح لهم مطل برأسه مككن
دااخل تلك الثقبة فأسرع إليه هرمس فاختطفه إلى السطح .أخذ دايفي يشير بيمينكه بالطاقيكة
فلم يستطع الشيخ فهم شيء منه ,ثم لوح دايفي بيساره فإذا هو مفتاح مملكة )تاو( .وقبل أن
يفككرح بككه الملككك أو أي أحككد أخككر قطعككت عليهككم الفرحككة أن دايفككي عنككدما لككوح بالمفتككاح
وشاهده الجميع ركض يلوح بكه بسكرور فكي وجكه الكوزير لكوذا الكذي ككان واقفكا معهكم.
وداهش الجميع لذلك ولم يستطع الوزير أبداء أي تعبير بل ظل متسمرا يطالع دايفككي وهككو
يقفز بالمفتاح أمام وجهه كمن ضربته صأاعقة من السماء والجميككع سككاكن يطككالعون ذلككك
التصرف الغريب من دايفي .فتقدم منه الملك وأخذ المفتاح الذي يلوح به دايفي وهو ينظر
في وجه الوزير وقد بقي في وجككه الملككك شككيء بسككيط مككن إبتسككام الفككرح لككدى مشككاهدته
المفتاح فأعادا ابتسامته وضككحك وارتفككع بككديفي يحملككه وينزلكه عكن ألرض وهكو يقهقكه,
وكسر بذلك السكون المخيف الذي خيم على المجموعكة وتحكول الجكوإلى جكو فكرح مكن
جديد للجميع وانصرفوا للنوم مسرورين جميعا ما عدى واحد ليس منهم.
في صأباح اليوم التالي ناداى الملك الجميع إلى خيمته فحضككروا بيككن يككديه فقككال لهككم ً:ا ان
عددانا الن أصأبح أقل بكثير بعدما مات جل الجيش في واداي الحجارة المجنونه هككذا ,فمككا
تقولون لو نبعث إلى صأهرنا ...ثم توقف الملك وهو ينظر إلى إبنه هيرودا كيف نظر إليككه
فاستطردا الملك وقالً:ا نبعث بطلب نجده من صأديقنا الملك شمشككون فهككو أقككرب إلينككا مككن
مملكتنا ولديه عددا ل يحصى وقوة ككبيرة وقككد عكرض علينككا عنكدما كنككا هنكاك معككه بكأن
يمضي معنا ,فما تقولون بطلب نجدة منه؟ فقال الككوزير ً:ا مككولي ل نسككتطيع طلككب نجككده
من مملكتكم فلم نبقي أحدا هناك بما يكفي لدعمنا .فقاطعه هيرودا قككائل ً:ا ونعككم الككرأي يككا
أبي .وقال الشيخ حيث نظر إليه الملك ً:ا أرى أن نبعث أحكد الجككان إليكه ,فكذلك أسكرع لنككا
بوصأككوله إليهكم ثكم يبقكى معهككم يرشككدهم الطريكق إلينككا .فقكال الملكككً:ا نعكم الطريككق إلينكا,
أحضروا الخريطككة .فاحضككروا لككه الخريطككة فنظككر إليهككا و قككال ً:ا الن نحككن هنككا ,علينككا
التوجه شمال من هذا الواداي فنتركه خلفنا وعبر هذه الطريق الجبليككة نرجككع إلككى طريككق
الغابات الكثيفة مرة أخرى ,وهككذا فككي صأككالحنا ,فهنككاك لككن نعككدم المككاء ,ثككم بعككد الغابككات
بمسافة يوم تقريبا صأحراء الرمال ,ومن الصحراء مباشرة أمامنا مملكة )ثيتا( ,ومن نفس
النقطة يمينا مملكة )دالتا( ,إل أن مملكة دالتا الككتي علككى يميننككا ترجككع بنككا إلككى ملتقككى هككذا
الواداي مرة أخرى ,ومملكة) ثيتا( الرملية أقرب من هناك من مملكككة )دالتككا( بقليككل ,فمككاذا
ترون ؟ فقال الشيخ ً:ا هو ما تراه يا مولي .قككال الملككك ً:ا إذا نمضككي إلككى )ثيتككا( أول فككي
وسط الرمال الصحراوية ,وسوف نعسكر عند نهاية الغابات الكثيفة الطريق المفضية إلى
الرمال ,وهنككاك سككننتظر المككددا .فقككال هيككروداً:ا إذا علينككا الككتزودا عنككد تلككك النقطككه بالمككاء
الكافي ,فقد ل نجده في الصحراء .فقال الملك محييا إبنه ً:ا أحسنت يا بني ,بدأت تفكر مثل
58
قائد عظيم .ففرح بذلك هيرودا .ثم توجه الشكيخ إلكى أناهيكد ملكك الجمعكه وقكال لكه ً:ا هكل
عرفت الخطة ؟ فقال ً:ا نعم سيدي .فقال الشيخ ً:ا إذا تتوجه من فورك إلككى الملككك شمشككون
تخبره بما حصل وتطلب منككه العككون ,وتككأتي بهككم إلككى حيككث سنعسكككر بانتظككاركم .فقككال
أناهيدً:ا سمعا وطاعة ياسيدي .واختفى من أمامهم .بعدها ناداى الملك كبير جنده وقال له ً:ا
كيف حال الجند؟ قال ً:ا ليس جيدا يا مولي ,فقد مات الكثير منهم حتى ممن كانوا جرحى
لنقص في العلج ,ومن تبقى منهم بين جريح وكسيح .فقال له الملك ً:ا وكم من الجند ممككن
تأخروا عن الدخول في منطقة البئر؟ قال ً:ا ما يقرب مككن مئككتين يككا مككولي .قككال الملككك ً:ا
إجمع من استطعت معنا واحزموا فإنا ما ضون الساعة.
أخذ الجيش أوما تبقى منه بالزحف فخرجوا عن يسار الككواداي ومشككوا فككي طريككق وعككر
خلف تلك الجبال بمحاذات الواداي تاركين مملكككة )تككاو( الزجاجيككة خلفهككم .ويظهككر فككوق
الحصان دايفي الذي أردافته روثا أمامها يسيران وقلداة دايفي تشع بانكسار أشعة الشككمس
على المفاتيح الثلثة في صأدره.
59
صأعد جميع من تبقى مككن الجيككش تلككك التلل الككوعرة فككاقترب الميككر هيككرودا مككن روثا
وتكلم معها وهما يسيران بجوادايهما ودايفي راكب أمام روثا فقال هيرودا ً:ا مككاذا تعتقككدين
قد حدثا هناك؟ مع دايفي في تلك البئر ؟ فقالت وهي تنظككر أمامهككا بجديككةً:ا وكيككف لككي أن
أعلم وكنككت مثلكككم؟ قككال هيككروداً:ا كيككف حصككل علككى المفتككاح؟ ألككم يقككل لككك شككيئا؟ قككالت
باستغراب ً:ا وهل يقككول دايفككي شككيئا؟ أو أي شككيء ؟ اسككاله بنفسككك .وقككد بككان علككى روثا
العصبية والخشونة في رداها على هيرودا فقال لها ً:ا ما بالك تكلمينككي هكككذا ؟ فقككالت لككه ً:ا
وكيككف تريككدني سككموكم أن أكلمككك؟ وقالتهككا روثا باسككتهجان .عنككدها هككز هيككرودا رأسككه
استنكارا وانطلق بفرسه بعيدا عنها وهي ترمقه بنظرات من العنادا واللهفة معا.
ورغم سيرهم البطئ بسبب الجرحى والمصابين إل أنهم وصألوا إلى الغابات الكثيفة فككي
أخر وقت العصر .فساروا فيها يشقون طريقهم فإذا هي بضع داقككائق ولح نهككر مككن بيككن
الشجار فتوافدوا عليه ,وقفز من استطاع أن يقفز فيه وشربوا واغتسلوا وقطعككوا عطككش
وحرارة تلك القفار الموحشة التي أتوا منها ,وعسكروا حينما كانت الشمس متوجهككة إلككى
بيتها ,وتوسدوا الشجار بالقرب من النهر وهم بين سمار ومتأنن من ألمة وجراحككه .وإذ
قد تأخر الليكل نكام أولئككك الجنككودا المسككاكين وفجكأة قكام الجنكودا النيككام وأخككذوا بالصكياح
والعويل وأفاقوا من نومهم فزعين ,وتناداوا فيما بينهم والشيخ كذلك والملككك وابنككه وروثا
ودايفككي والككوزير الجميككع كككانوا يتصككايحون وينعقككون ,ومككن الجنككودا مككن يبكككون فزعيككن
متخوفين ,ورأى الشيخ بهرام وهرمس وبرجيككس وكيككوان وسككط أولئككك الجنككودا واقفيككن
ينظرون إليهم وكككأنهم كككانوا يراقبككونهم أثنككاء نككومهم فتككوجه إليهككم الشككيخ وتككوجه الملككك
وتوابعه وراءه لعلهم يجدون جوابا عند الجن لما حصل لهككم ,فقككال الشككيخ موجهككا كلمككه
للجن ً:ا هل تعلمون شيئا عككن مككا ألككم بنككا ونحككن نيككام ؟ قككالواً:ا نعككم ,لقككد رأينككا كككل شككيء,
حضرت بعض الطياف إلى كل منكم وهو نائم وداخلت فيه ,منها من كان يأكل مككن ذلككك
الشخص ,ومنها من يضربه ومنها من يقتله ,وهم بأشكال مفزعة وأفعال مخيفه ,نحن كنككا
هناك فأحسسنا بهم فجأنا ووقفنا حيككث نحككن ألن وشككاهدنا كككل شككيء .ولمككا كككانت الجككن
تتحدثا كان الجند يستمعون إليهم ويهزون برؤسكهم باليجكاب علكى ككل مككا قكالوه .فتكلككم
الشيخ وقال ً:ا هذا ما قلتم هو بالضبط ما رأيته في حلمي .وقال هيرودا ً:ا وأنككا كككذلك وقككال
كل من الملك وروثا وأنا كذلك .وكان بجككانب روثا دايفككي فأشككار بإصأككبعه علككى صأككدره
محاول أن يقول ً:ا وأنا كذلك .فقال بهرام ً:ا هذه الطياف تسكككن بجككانب الينككابيع والنهككار
كون المياه تخرج من الرض ,والطياف هذه كما رئيتموها فككي أحلمكككم إنمككا هككي مككن
العفاريت ,وتسمى بالعفاريت الغواصأككة تسكككن تحتنككا مباشككرة ,فحيككث نسكككن نحككن الجككن
القشرة الرضية الغواصأة يسكنون في طبقات المياه تحتنا ,وإذا ما وجدت المياه منفذا إلى
الخارج تخرج معها هذه العفاريت فتسكن قريبا من مخارجها ,أي على مقربة من النهار
والينابيع وتفعل ما فعلت معكم هذه الليلة في أحلمكم ,ولكن ليس هذا هو ضررها ,وإنمككا
في الصباح وعند ظهور الشمس على كل من داخلت فيه يحصل لككذلك الشككخص بالضككبط
60
في الواقع كما حلم به .عندها تخوف الجميع ونظروا إلى بعضككهم البعككض وتقككدم الككوزير
من الجن وقالً:ا ل بد وأنكم تمزحون .فككردا عليككه برجيككس قككائل ً:ا نحككن ل نحككب المككزاح.
فقال الشيخ ً:ا وهل من مخرج من هذا ؟ فقال كيوانً:ا يجب أن نككذهب ونبحككث عككن الفتحككة
التي يخرج منها هذا النهر ونسدها ,وبذلك نقتل كل تلك العفاريت الغواصأة التي هاجمتكم
الليلة ,وإل مع وصأول ضوء الشككمس لجسككاداكم تكونككون قككد أصأككبحتم طعامككا للغواصأككة.
فتقدم شهلون وقال لكيوان ً:ا وإذا لما لم تضركم أنتم وأنتككم أمامهككا ؟ فقككال هرمككس ً:ا لننككا
على السطح وهنا ليس هو طبيعتنا فل تستطيع أن ترانا إل ونحن في طبيعتنا تحت سككطح
الرض .حينهككا تقككدم الملككك أجمنككون منهككم قككائل ً:ا إذا هيككا هيككا مككاذا تنتظككرون ؟ اذهبككوا
وابحثوا عن مخرج هذا الماء في الحال .فنظر الشيخ سككموطان إلككى الملككك بنصككف عيككن
حيث حذره من تأمير الجن ,ثم نظر سموطان إلى الجن وهككز رأسككه باليجككاب آذنككا لهككم,
فاختفت الجن ما عدى هرمس .وقال الملك لكككبير الجنككد ً:ا نبككه علككى الجنككد بككأن ل ينككاموا
الليلة حتى اشعارآخر هيا إذهب .فذهب كبير الجند لينبههم .أمككا البقيككة فقككد تجمعككوا حككول
النار وقال الشيخ ً:ا يجب أن نضل أيقاظ إلى أن يعوداوا .فجلس الجميع حككول النككار فقككالت
روثا حيث يجلس بجانبها هيرودا ً:ا كيف يحكم النسان الجن ؟ وتابعها هيرودا قائل ً:ا نعككم
احكي لنا يا سموطان حتى ل ننام .نظككر إليهككم سككموطان وقكالً:ا إذا لككم تتكلككم معككي الن
كيف يمكنني أن أفهم ما تريد يا هيرودا ؟ فنظر الملك إلى ابنه وهو يجيب ً:ا فقال هيككرودا ً:ا
ل يمكن أن تفهمنكي إذا لكم أتكلكم معكك .فقكال سكموطان ً:ا بالضكبط ,فباللغكة نتفكاهم ,لكذلك
سجدت المخلوقات جميعها لبينا آدام لنه أول من اسككتخدم وسككيلة تخككاطب راقيككة ,وكككان
الصوت الذي أطلقه لول مرة ,كان بمثابة السحر ,كمثل ما نشعر به من رهبة الن إذا ما
أتى أحدنا بعمل خارق للطبيعة ,وكان ذلك شيئا راقيا علمه إياه ربكه ,فعظمتكه المخلوقكات
جميعها لجل تلك المعرفة التي لم يعرفها سواه ول حتى الملئكككه أقككرب العككارفين بككال,
واللغة تتضمن حروف ,وحروف كل شعب هي ما يحمل أفكككار ذلككك الشككعب ,ولكككل لغككة
حروف مميزة .فقال الملك أجمنونً:ا وكيف ذلك ؟ فأجاب سموطان ً:ا أي أن كل لغة ل بككد
وأن لها حروف معلومة تبدأ بحرف وتنتهي عند حرف ,فإذا سألتك كم عددا حروف لغتككك
؟ قلت كذا ,وإذا قلت لك عدداها ؟ قلت هي كذا وكذا أي لهككا بدايككة ونهايككة ,فكككذلك الجسككد
فجسدك هذا يا روثا إذا قلت لك من أين يبدأ ؟ قد تبدئين مككن أعلككى رأسككك وتنتهيككن عنككد
إخمص قدميك ,وشخص آخر قد يبدأ من يده إلى بطنه ,والمهم أنه معلوم له بداية ونهايككة,
فكذلك الحروف ,وعلى هذا فإن الحروف كالجسد لها أول ووسط وأخر ,وإذا سككألتك إيهككا
الملك كيف تحيككا ؟ قلكت بككالروح فكإذا مككاتت يعنكي أنكك مكت ,ولككن إذا سكالتك ومكا هككي
الروح ؟ قال الملك ً:ا الروح هي الروح .فقال الشيخ ً:ا بالضبط ,كما أننا ل ندري أيككن تبككدأ
أو أين تنتهي ,فقط ما نعلمه عنها أنها موجوداة ,ولكن كيف؟ ل نعلم ,وأين؟ ل نعلم ,وإنمككا
هي مجردا صأورة في أذهاننا عنها ,وإذا قلت لك يا شهلون ً:ا ما أول العدادا ؟ قال شهلون
ً:ا الواحد .فقال الشيخً:ا خطأ ,فإن هناك أعدادا قبل الواحككد وهككي الكسككور ,وإذا عككددات مككن
الكسور مهما عددات ل تنتهي إلى الواحد ,وإذا قلت لك يا هيرودا ما هو أكككبر عككددا ؟ قككال
هيرودا ً:ا ل أعلم ل نهاية للعدادا .فقال الشيخ ً:ا قد تستمر بالعد من واحد إذا شككأت أو مككن
61
الكسور ول تصل إلى نهايككة الككى أبككد الككدهر ,وكككذلك هككي الككروح ,إذا فككإن الككروح تشككبه
العدادا ,ما هي إل صأورة ذهنية .فقككالت روثا ً:ا نفهككم مككن هككذا أن الحككروف هككي الجسككد
والعدادا هي الروح .قال الشيخ ً:ا نعم يا روثا .فقالتً:ا ولكن مكا داخكل هكذا ب الجن ؟ فقكال
الشيخ ً:ا وإذا فهمنا ماهية الروح والجسد إستخدمنا العدادا والحروف فككي إسككتخدام الجككن
وذلك بالقسام والعزائم .حينها تبسم هرمس للشيخ وهو ينظر إليه من حيث جلس بجككانب
روثا .ثم أصأاب الجميع بعض السكون حتى كسره شهلون عندما قال ً:ا إحكككي لنككا قصككة.
موجها كلمه إلى سموطان الذي نظر إليه قككائل ً:ا سككأحكي لكككم قصككة نككبي اكك سككليمان.
وعندما سمع الملك أجمنون ذلك إنشرح وانبسط في جلسته ,كما ارتخى الجميع وتجهككزوا
لسماع القصة ,وحضر بعض قاداة الجند وتحلقوا معهم حول النار يسككتمعون بينمككا نهككض
سموطان واقفا متجها إلى الوسط حيث النار فوقف عندها وبدأ يحكي قائل ً:ا وكككذلك فعككل
النبي سليمان ,فقد كان رجل عابدا فآتاه ا الملك ,وكان ملكا على النس والجان ,والطير
والحيوان ,بل وعلى الحشرات ,والشجار والنباتات ,فال قد أفهم سليمان ما تتخككاطب بككه
الطيور في الهواء ,وما تنطق به الحيوانككات علككى إختلف أصأككنافها والحشككرات كالنمككل,
كانت تتحككدثا مكع الملكك سكليمان داونمككا مشككقه فكي فهمكه لمكا تقككوله لكه ,بكل وكككانت ككل
المخلوقات تطيعه وتأتمر بأمره ول تخالفه ,ومنهم الجن والنس وفي حشودا غفيككره علككى
مد النظر حضر من كل فرقكة مككن فكرق الجككن سككلطانها ,ومككن كككل فرقكة مككن الحشككرات
سلطانها ,ومن كل فرقة من أنواع الطيور كبيرهككا ,وكككذلك الحيوانككات واصأككطفت بمئككات
اللف ,وأخذوا يتقدمون إلى سليمان وهككو يأخككذ مككن زعيككم كككل فرقككه العهككد والمواثيككق,
ووضع سليمان عهوداهم ومواثيقهم في خاتم من سبعة أحكرف ,وككان الجميكع يهكاب ذلكك
الخاتم لما إحتوى على عهوداهم وكلمهم فيه ,فأينمكا طلككب سككليمان فرقكة مكا ,تلككى عليهككا
عهوداها فتحضر وإل أحرقها بكلمها الذي أعطته له وعذبها به ,ولم يكن أحد يتجرأ على
عصيانه ,ومن الجن من كانوا يعملون عنده وتحككت إمرتككه ,فمنهككم البنككاؤن المهككرة الككذين
يبنون له المساكن العجيبة والمحاريب ويشككقون قنككوات الميككاه الككتي ل يمكككن للنسككان أن
يشقها ,كالتي دااخل صأدوع الجبال ,وأبدعوا له هندسككة لككم تكككن فككي متنككاول علككم النككس,
وأقاموا له السدودا المائية الهائلة ,ومنهم الغواصأكة الكذين ككانوا يغوصأكون لكه فكي أعمكاق
المحيطات يستخرجون الللككي والجككواهر والككدرر النفيسككة ,ومنهككم مككن يجلككب لككه أنككواع
المعادان الثمينة من دااخل بطون الجبال ومن تحت سككطح الرض ,ومنهككم مككن يصككنع لككه
القدور بأنواعهكا ومعادانهكا ,فمنهكم مكن يسكتخدم النح اس أو الحديكد أو الطيكن أو الزجكاج
والحجارة الضخمة لصناعة الوانككي بأشكككالها والمعككدات بأنواعهككا ,وحرسككه اكك مككن أن
يناله أحد من الجن أو العفاريت بسؤ ,بل كل في قبضته وتحت قهره ل يتجاسر أحد منهككم
على الدنو إليه والقرب منه ,بل هو يحكم فيهككم إن شككاء أطلككق وإن شككاء حبككس منهككم مككن
يشاء ,وقد أمره ا أن يبني بيتا للصلة والعباداة ,فأرادا سليمان أن يبنيه من داون إسككتخدام
الحديد في أي جزء من بناءه ,وسأل عن طريقه ما تمكنككه مككن ذلكك ,فلكم يجككد جوابكا عنككد
أحد ,فتفكر سليمان ثم أحضر بيضة الهدهد وأداخلها بداخل قارورة زجاجية ,فجاء الهدهككد
وحط ومشى بجانب القارورة وهو ينظككر إلككى بيضككته يطلبهككا ,وأخككذ يتفقككد الزجاجككة فلككم
62
يستطع أن يجد طريقة لخككذ بيضككته ,فطككار ثككم رجككع بعككد قليككل وفككي يككده حجككر المككاس,
واقترب من الزجاجة وأخكذ يقصككها بالماسككه فقصككها وداخككل وأخكرج بيضككته وطكار بهككا,
وسليمان كان يشاهد حيلته ,فأخذوا الماس وقاموا يقطعون به الحجر الضخم عوضككا عككن
الزاميككل الحديديككة فبنككى لككه الجككن هيكل كككبيرا مككن الحجككارة المقطوعككة بالمككاس داونمككا
إستخدام الحديد في تشكيلها ,ومما بنى لككه الجككن كرسككيه ,فقككد كككان كرسككي عككرش الملككك
سليمان مهيبا ,كان من أنياب الفيلة مرصأعا بالدر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ ,وقككد جعككل
له دارجه منها مفصصا بالدر واليككاقوت والزبرجككد ,ثككم أمككر بالكرسككي فحككف مككن جككانبيه
بالنخيل ,نخل من ذهب شماريخها من ياقوت وزبرجد ولؤلؤ ,وجعل علككى رؤوس النخككل
التي عن يمين الكرسي طواويس من ذهب ,ثم جعل على رؤوس النخل الككتي علككى يسككار
الكرسي نسورا من ذهب مقابلة الطواويس ,وجعل على يميككن الدرجككة الولككى شككجرتين
صأنوبر من ذهب عككن يسككارها اسككدان مككن ذهككب ,وعلككى رؤوس السككدين عمككوداان مككن
زبرجد ,وجعل من جانبي الكرسي شككجرتين كككرم مككن ذهككب قككد أظلتككا الكرسككي ,وجعككل
عناقيككدها دارا وياقوتككا أحمككرا ,ثككم جعككل فككوق دارج الكرسككي أسككدان عظيمككان مككن ذهككب
مجوفان محشوان مسكا وعنبرا ,فإذا أرادا سليمان أن يصعد على كرسيه إستدار السككدان
ساعة ثم يقعان فينضحان ما في جوفهمككا مككن المسككك والعنككبر حككول كرسككي سككليمان ,ثككم
يوضع منبران مكن ذهكب واحكد لخليفتكه والخكر لرئيكس أحب ار المعبكد ,ثكم يوضكع أمكام
كرسيه سبعون منبرا من ذهب يقعد عليها سبعون قاضيا وعالما ومن أهل الشرف ,ومككن
خلف تلك المنابر السبعون خمسة وثلثون منبرا من ذهب ليككس عليهككا أحككد ,فككاذا أرادا أن
يصعد على كرسيه وضع قدميه على الدرجه السفلى فاسككتدار الكرسكي كلككه بمكا فيككه ومكا
عليه ويبسط السد يده اليمنى وينشر النسر جناحه اليسر ثم يصعد سليمان علككى الككدرجه
الثانية فيبسط السد يكده اليسكرى وينشكر النسكرجناحه اليمكن فكإذا إسكتوى سكليمان علكى
الدرجة الثالثة وقعد على الكرسي أخذ نسر مككن تلككك النسككور عظيككم الحجككم تككاج سككليمان
فوضعه على رأسه فإذا وضعه على رأسه إستدار الكرسي بما فيه .وكانت الجككن تصككعد
السماء فتقعد منها مقاعد للسمع ,فيستمعون من كلم الملئكككه مككا يكككون فككي الرض مككن
موت أو غيب أو أمر ,فيأتون إلى الكهنة فيخبرونهم فتحدثا الكهنة به الناس فتجده النككاس
كما قالوا صأحيحا ,فلما أمنتهم الكهنة كذبت الجن عليهم وأداخلوا فيه غيره فزاداوا مككع كككل
كلمة يسمعونها من السماء سبعين كلمة ,فأكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب وفشى ذلككك
في الناس أن الجن تعلم الغيب ,فبعككث سككليمان فكي النككاس فجمككع تلكك الكتكب فجعلهككا فكي
صأندوق ثم دافنها تحت كرسيه ,ولم يكن أحد من الجن يستطيع أن يدنوا من الكرسككي وإل
إحترق ,وقال لهم سليمان ل أسمع أحدا يذكر أن الجن يعلمون الغيب إل ضربت عنقه .
ثم إستدار سموطان إلى الناحية الخرى من النار متوجهككا إلككى الحضككور بكالقول ً:ا ولكككن
أعجب ما في ملك سليمان هو أنه كان يملك الريح التي ماملكها أحد من قبله ول من بعده,
فهي تجري بأمره كيفما شاء ,مثل الذي عنده جارية فيأمرها مهما يأمرهككا تفعلككه ,وكككذلك
الريح فهي جارية بأمر سليمان فيأمرها فتجتمع كالجبككل ,ثككم يككأمر بفراشككه فيوضككع علككى
أعلى مكان منها ,ثم يدعو بفرس من ذوات الجنحة فترتفع حتى يصعد علككى فراشككه ,ثككم
63
يأمر الريح فترتفع به حتى تضعه الريح حيث يشاء أن تضعه ,وكان للملك سليمان بسككاط
من خشب يوضع عليه كل مكا يحتككاج إليككه مككن أمككور المملكككة والخيككل والجمككال والخيككام
والجند ثم يأمر الريح أن تحمله ,فتكدخل تحككت البسكاط ثككم تحملكه وترفعكه وتسككير بككه فكي
الفضاء وتطير فوقهم الطير لتظلهم من الشمس وتقيهم الحر ,وتسير بهم الريح إلككى حيككث
يشاء سليمان فتنزلهم .
وكان الملك سليمان إذا رأى شجرة نابته يقول لهككاً:ا مككا إسككمك؟ فتقككولً:ا كككذا .فيقككولً:ا لي
شيئ أنت؟ فإن كانت لغرس غرسها ,وإن ككانت تنبكت داواء قكالت ً:ا نبكت داواء ككذا وككذا
فيجعلها كذلك حتى في يوم من اليام وقد داخل نبي ا سليمان إلى الهيكككل ليتعبككد وشككاهد
نبته فسألها ً:ا ما إسمك ؟ قالت ً:ا أنا الخروبة قال ً:ا ولي شككئ أنككت ؟ قككالت ً:ا لخككراب هككذا
المعبد .فأخذها سليمان وجعل منها عصى يستخدمها وفي يوم من اليام وقد جلس سليمان
على كرسي عرشه يراقككب الجككن وهككم يعملككون تحككت وطككأت العككذاب والعمككال الشككاقة
المتعبة وقد إتكأ بذقنه على عصاته تلكك الكتي أسكند بهكا علككى الرض ممسكككا بهككا بكلكتى
يديه ,فإذا هوقد قبضت روحه فمات ولككم تعلككم الجككن خككبر مككوته فهككم يعملككون ويراقبككونه
ويظنون أنه قد نام ,فإذا الدوداة آكلة الخشب قد بدآت تأكل عصاته مما يلي الرض ,وبعككد
أن أكلت بعضها وصأارت العصى غير مستوية القاعدة سقطت وسقط الملك سليمان على
الرض معها ,فعلمت الجن أنه قد مات وتحررت ,ولما جاءه الناس وشاهدوا عصاته وقد
أكل طرفها السفلي علموا أنه قد مات منذ فترة فتأكدوا أن الجن لو ككانت تعلكم الغيكب لمكا
لبثوا في العذاب الليم وهم يعملون في مشقة وهوان .فمككا أتككم الشككيخ قصككته حككتى نهككض
الجميع من حول النار لدى سقوط الجن الخوة الثلثة عليهم .
64
الفصل الخامس
قام كل من كان حول النكار ينظكرون إلكى إخكوة الجكن وقكد رجعكوا وحطكوا مكن الفضكاء
مسرعين أمام سموطان .بهرام وبرجيس وكيوان .فقال بهككرامً:ا لقككد وجككدنا الفتحككة الككتي
يخرج منها الغواصأه وسدداناها ,سككيجف هكذا النهككر عمككا قريكب ,ينبغكي لككم الكتزودا منكه
بالماء قدر المستطاع ,إن الفتحة تلك على مسافة قريبة مككن هنككا ,ليسككت ببعيككدة ,لقككد كككان
غواصأة هذا المكان يخرجون من تلك الفتحة ,أنتم بأمان الن تستطيعون النوم لبد وأنكككم
مرهقون من السهر .أمرالملك كبيرالجند وقال ً:ا إجعل الجند يتزوداون بالماء في جميع مككا
يستطعيون حمله .فقالً:ا حاضر مولي .وانصرف اليهم ثم إنصرف الجميع إلككى خيككامهم.
في صأباح اليككوم التككالي إسككتيقظ الجميككع متككأخرين بعككض الشككيئ وبككدأوا بإعككدادا أمتعتهككم
وخيولهم للرحيل .فسار الجميع بمحاذاة النهر وهم ينظككرون إليككه وهككو جككاف مككن الميككاه.
واصألوا المسيرإلى أن وصألوا إلى حيث شاهد الملك الرمككال الذهبيككة فتوقككف ووقككف مككن
كان وراءه من الجند .ثم أمر الملك بضرب المعسكر وكانت هناك بجانب المعسكر بركككة
راكدة فضرب الملك خيمته بجانبها .وإذ هو يطالع حاجياته في الخيمة لمح بعض الجنككودا
وقد أراداوا التزودا من تلك البركة لخيككولهم فصككاح فيهككم الملككك أجمنككون قككائل ً:ا توقفككوا..
فوجل الجند منه وتسمروا في مكانهم فذهب إليهم الملك ,وعندما وصأل إلى جانب البركككة
مد يده فإذا هو يلبس خاتمي الملك شمشون الحجرين المزعفككران ,فتحككرك الحجككران فككي
الخاتمين واهتزا إهتزازا سريعا وقال لهم ً:ا ل تأخذوا من هذا الماء إنه سككام .فتعجككب مككن
ذلك هيرودا حيث كان وراء الملك ينظر ويسمع فتقدم إليه وقالً:ا مككا هككذا يككا أبككي؟ فككالتفت
إليه الملك وما زال هيرودا ينظر إلى خواتم أبيه فقال له الملكً:ا هدية صأغيرة مككن صأككديقنا
الملك شمشون ,دارعلى الجنودا وأخبر الجميع أن هذه البركة مسكمومة فل يستسكقوا منهكا.
فانصرف هيرودا ثم داخل الملك إلى خيمتة ليكمل ما كان عليه .دايفي كان يلعب هناك في
بعض الشجيرات وإذ فجأة يتوقف عن اللعب ويحدق في شيئ ما من وراء الشككجار ,إنككه
يحاول تبيان أمر ما هناك ,فلحظته روثا وهي بجانب خيمتها تعد أغراضها فككتركت مككا
عندها وذهبت بإتجاه دايفي وتبعها هرمس وهي متوجسه من الككذي شككد إنتبككاه دايفككي بتلككك
الطريقة الغريبة التي يطالع فيها وكأنه يترقب شيئا ,حتى إذا ما وصألت على مسافة قريبة
منه هرول دايفي إلى ما كان ينظر إليه وهي بدورها تبعته حتى وصأككلوا إلكى معبكد قريككب
قديم مهجور ,فاقترب الثلثه من أمام المعبد يترقبون بحذر ويتقدمهم دايفي وهكم يط العون
من عبرذلك المعبد الصغير المتهدم وقد نمت عليكه الشكجار ,وعككبر مككدخله ل يشكاهدون
شيئا غير الظلم بداخله ,فتنبه بعض الجنودا لما يحدثا وهككم ينصككبون خيككامهم ويضككعون
65
قدورهم وسروج خيلهم ,فكإذا دايفكي لكدى المكدخل وروثا مكن خلفكه ومكن خلفهكم هرمكس
سمعوا أصأوات ضحكات أطفال تأتي من الداخل ,ففزع دايفي وركض إلى خلفه واصأطدم
بروثا خائفا وهو ينظر إلى مدخل المعبد مترقبا لمصدر تلك الصأوات بككأن تخككرج منككه,
وفعل بعككد قليككل خككرج مككن المعبككد عككددا كككبير مككن الصككبية منهككم الولدا ومنهككم البنككات
يركضون بإتجاه روثا ودايفي وهم يضحكون فرحيككن ,وحيككث روثا ودايفككي كانككا واقفيككن
مكانهما وروثا تحتضن دايفي تضم رأسه إلى صأدرها تجاوزتهم تلك الثلة من الولدا إلى
المخيم حيث الجند ينظرون اليهم ,فكذهب الولدا بإتجكاه الجنكد وككل واحكد منهكم يصكيحً:ا
بابا ..بابا واحتضن كل ولد وكل بنت جنديا وهو يصيح فيه بابا بابا .فتعجككب الجميككع ممككا
يحدثا حتى أن سموطان كان يخرج من خيمته ليتبين الضجة فإذا احدى البنات تلتحككم بككه
فجأة وتمسك فيه وهي تصكيح بابكا بابكا .تعجكب الجميكع منهكم وتجمعكوا فكي مككان واحكد
وأولئك ألولدا يركضون حولهم يلعبون ,وثم بعضهم يصطدم في أي منهككم وهككو ينككاداى
بابا بابا .تحلق الجميع حول الملك الذي أمسك أحد الطفل برجله ولككم يفلتككه فككأعجزه عككن
المشي ثم أن الملك جثى على ركبته وهككو ينظككر إلككى ذلككك الصككبي وقكال ً:ا مككن أيككن أتككوا
هؤلء الفتية والفتيات؟ فقالت روثاً:ا من هناك .وأشارت إلى المعبد ثككم أكملككتً:ا مككن ذلككك
المعبد المتهدم .فنظر الجميع حيث أشارت روثا ثم سأل الملك ذلك الصككبي ً:ا مككن أنككت ؟
والصبي ل يجيبه ثم سأله من أتى معك ؟ والصبي ل يجيب .ثم سأله ً:ا أين أبوك ؟ فأشككار
الصبي بإصأبعه إلى الملك وعانقه بحرارة وهو يقول ً:ا بابا بابككا حككتى شككعر الملككك بحنككان
حزين فنظر الملك إلى الشيخ الذي بدوره تلك البنت متشبثه برجله بقوة وجال بنظره فيهم
وهم يحومون حولهم وقال الملك موجها كلمككه إلككى سككموطان ً:ا هككل مككن تفسككير ؟ فرفككع
سموطان كتفيككه متعجبككا .وحككاول بعككض الجنككد أن يسككتخلص مككن الصككبية أي فائككدة عككن
هويتهم ولكن داون جدوى .وقف الملك قائل للجميعً:ا إعتنوا بهم إلى أن نعلم لهم أصأل ول
تؤذوهم .عندها كان الوزير قد خرج ووصأل إليهم فإذا أحد الصكبية ينكدفع إليككه ويحتضككن
رجله قائل ً:ا بابا بابا .فركله الوزير بإشمئزاز ونظر الوزير إلى الملك الككذي وقككف ينظككر
إليه وما فعل بشدة فمثل الككوزير أنككه يلطككف الصككبي وظمككه إليككه فمسككك فيككه الولككد بقككوة
وحرارة والوزير ممتعككظ صأككابر عليككه .ثككم أوقككد لجنككودا علككى الموقككد طعككامهم وأطعمككوا
الصبية معهم ,ونشأت بين الجنودا والصبية عاطفه وتآلف .وبعد العشاء حضر الجميع إلى
خيمة الملك ومن الصبية من لم يستطع أحد أن يفلت منه مثل هيرودا الذي طبق في رجلككه
أحدهم فهو يمشي به راكبا على رجله ,وكذلك شهلون طبقت في رجله احدى البنككات ول
تنفك تقول بابا بابا .داخل الجميع إلى خيمة الملك وحال من هو حاله كذلك حككتى جلسككوا
فقال الملكً:ا هل علمتم شيئا عن هؤلء الصبية؟ فقكال ككبير الجنكد وقبكل أن يقككول مككولي
تفلت الصبي الذي كان في رجل هيرودا حتى أن هيرودا تنفس الصعداء وطبككق فككي رجككل
كبير الجند وهو يقول بابا بابا .فأكمل كبير الجند كلمه وهو على تلك الحال قككائل ً:ا إنهككم
ستون صأبيا وصأبية أعمارهم متقاربة جدا .ثم قالت روثا ً:ا وأكلككوا مككن الطعككام كككأنهم لككم
يأكلو منذ سنة .ثم نظر الملك إلى سموطان فتكلم الشككيخ وقككالً:ا هرمككس هككل علمككت شككيئا
عنهم؟ فهز رأسه هرمس بالنفي فتنفس الشيخ وقال ً:ا ماذا عسانا أن نفعل معهككم ونحككن ل
66
نعلم عنهم شيئ ,هذا ما كان ينقصنا .فقككال هيككرودا ً:ا أرى يككا مككولي أن ل يشككغلنا أمرهككم
عما نحن هنا لجله .فقال الملك وهو يشير إلككى هيككرودا بيككده ً:ا صأككدقت .ثككم أكمككل هيككرودا
قائل ً:ا لما لنرسل برسالة إلى مملكة )ثيتا( كما فعلنا مع سابقاتها إختصارا للككوقت ريثمككا
ننتظر المددا من الملك شمشون .فقككال الككوزيرً:ا إن فعلنككا ذلككك يككا مككولي هاجمونككا ونحككن
ضعاف العددا ,لعلهم ليعلمون بقدومنا إليهم فلما نكشف أنفسنا لهم ونحن لسنا في موضككع
القوة؟ فقال الملك ً:ا هذا صأحيح .فردا عليه هيككرودا ً:ا ولعلهككم ل يعلمككون أننككا ننتظككر المككددا
فينتظرون قدومنا إليهم في كل الحوال .فقال الشيخ ً:ا وهذا أيضا صأحيح .فقال الملكككً:ا إذا
نكتب إليهم .حينها داخل الخككوة الجككن بهككرام وبرجيككس وكيككوان إلككى خيمككة الملككك وقككال
برجيس ً:ا إن هؤلء الصبية ل يتعبككون ,بككل هككم فككي نشككاط داائككم عجيككب .نظرالملككك إلككى
الخوة الجان واتجه بنظره إلى شهلون وقال لككهً:ا أكتككب كتابككا .ثككم قككال الملككك ً:ا إلككى ملككك
مملكة )ثيتا( .ثم توقف الملك وقال لوزيره ً:ا ما إسمه ؟ فقال الوزيرً:ا ل أعلم يا مولي .ثم
توجه إلى الجموع قائل ً:ا هل تعلمون له إسما ؟ فلم يجبه أحككد والتفككت الملككك إلككى الكككاتب
وقال ً:ا إلى ملك مملكة )ثيتا( إبعث إلينا براية السلم مككن قبككل أن نأتيككك بمككا ل طاقككة لككك
على رداه .من ملك الملوك ملك مملكة )زيتا( آجمنون العظيم .ثككم قككال للرسككول شككهلون ً:ا
خذ كتابي هذا إليهم وانظر بما يرجعون إلينا من جككواب .فكأطرق الرسكول رأسكه وخككرج
من الخيمة وفي يده الكتاب وانطلق من فوره .فض المجلس فخككرج كككل واحككد مككن خيمككة
الملك إلى خيمته ,وسككارت روثا ودايفككي بيككن الجنككودا تتأمككل كيككف إسككتلقى الصككبية فككوق
الجنودا وهم يتسندون تحت أشجار الغابة والصبية كل واحد مع جندي رابككظ تحتككه ,حككتى
قام أحد الجنككودا ليبككول فقكامت معككه الصككبية ممسكككة برجلككه وهككو يحككاول إفلتهككا داونمككا
جدوى ,فذهب إلى مسافة وفتح بنطاله محاول إخراج ذكره لكي يبول والبنت ماسكككه فككي
رجله وهو ينظر إليها بتأفف ويلوح برجله لكي تفلته فل تفعككل ,فاضككطر الجنككدي إلككى أن
يبول من حصرته وهي تشاهده فضحكت روثا من الموقف وجلسككت ودايفككي تحككت شككيئ
من الشجار وهي تنظر إلى أحد الصبية كيف عانق أحد الجنككودا الككذي غلبككه النككوم وراح
الجندي يشخر في سبات عميق .وفجأة تحول ذلك الصبي إلى عككروق شككجر إلتفككت حككول
الجندي وغاصأت به في الرض بهدؤ ,ففزعت روثا مما حدثا أمام عينيها وكذلك شككاهد
ذلك دايفي وألصقت روثا جسمها بالشجرة خلفها من الخوف ,وعينيهككا كمككن شككاهد ملككك
الموت ,وبعد برهه نفس الصبي الذي غاص في الرض بالجندي يأتي مهرول من إتجككاه
المعبد ويلتصق في دايفي ودايفي يحاول صأده عنه والصبي يقول بصوت حنككون بابككا بابككا,
عندها صأرخت روثا بقوة فنقلت الغابة الكثيفة الهككادائه المظلمككة صأككدى صأككوتها فاسككتيقظ
كل من بالمعسكرإل الجنودا الذين كانوا على مسكافة أبعكد وقكد أتعبهككم السككفر فراحككوا فكي
غياب النوم ولم يستيقظوا ,فتراكض الشككيخ إلككى حيككث روثا ومككا هككي إل لحظككه وصأككار
الجميع عندها ,فدنا منها الشيخ يسألهاً:ا ما بك صأرختي .فلم تسككتطع روثا التقككاط أنفاسككها
لكي تجيب من الفزع ,واذا الشيخ يحاول استجوابها ولكنها ما زالككت شاخصككة تنظككر إلككى
ذلك الصبي الملصأق لديفي بجانبها وقد تملكها الخكوف ,عنكدها صأكرخأ الشكيخ ً:ا هرمكس
أين أنت؟ إنه ضعيف لسوف أستبدله .عندها جككاء صأككوت مككن فككوق الشككجرة الككتي تحتهككا
67
روثا قائل ً:ا أنا هنا سيدي .فرفع الشيخ رأسه إلى فوق فإذا هو هرمس جالس هناك بهككدؤ
فقال الشيخ ً:ا ماذا تفعل عندك؟ أمرتك أن تحرسهما فإذا أنت تفشل كككل مككرة .عنككدها حككط
هرمس على الرض بسرعة وقال ً:ا إنما أعطيتهم بعض المساحة والحريككة ياسككيدي ,لقككد
رأيت بالضبط مارأته وأفزعها .ثم توجه هرمس إلككى حيككث كككان الجنككدي يجلككس ووقككف
فوق أرض قد إرتفعت قليل وقال ً:ا كان الرجل ينام هنا متكككأ علككى جككذع الشككجرة وفككوق
رجله أحد الصبية ,وأشار هرمس إلى الغابة قائل ً:ا كمككا هككو الحككال مككع بقيككة الجنككد ,فككإذا
الصبي تحول إلى جذور نباتية إبتلعت الجندي إلككى الرض فككي غمضككة عيككن ,ثككم خككرج
نفس الصبي يركض من هناك إلى هنا .وأشار هرمكس إلكى طريكق المعبكد فقكال الشكيخ ً:ا
وأين هو الن ؟ فقال هرمس وهو يشير إلى الشككيخ باصأككبعه ً:ا إنككه هنككاك خلفككك تمامككا يككا
سيدي .فنظر الشيخ خلفه إلى ذلك الصككبي فككإذا كككبير الجنككد يككأتي إليهككم مهككرول و يقككول
للملك الذي كان حاضرا بجانبهمً:ا لقد فقدنا بعض الجند يا سيدي .عندها قككال الملككك ً:ا أيككن
أرني ؟ وذهبا معا وكبير الجند يتفدمه ولحكق بهكم الشكيخ ,ف إذا ككبير الجنكد يريهكم بع ض
الشجار وكل شجرة يريهم إياها يلحظون إنتفاخأ الرض تحتها ,وإذهككم كككذلك إذ يخككرج
عليهم الوزير وهو يتثائب قائل ً:ا أل يستطيع أحد النوم في هذه الغابككة الملعككونه ؟ وأشككار
إليه الشيخ بغضب وقال ً:ا أصأمت .فتجمد الوزير واقفككا فككي مكككانه ,ثككم نهككض الشككيخ مككن
حيث كان يعاين التربة واتجككه إلكى أحكد الصككبية وقكال ً:ا ل بككد مكن التخلكص منهككم .فقكال
الوزير مباشرةً:ا هذا أحكم ماقلت .فنظر إليه الشيخ بغضب وإذا هم كككذلك إذا بأحككد الجنككد
على مسافة منهم لم يبن من جسمه خلف الشجرة الكثير يغككوص إلككى تحككت الرض وهككو
مستند إلى شجرة ,فتراكض الجميع إليه فوجدوا مكانه هضبة مرتفعه فحفككر الشككيخ بيككديه
المكان بسرعة فإذا هي قطع من لحم صألصال وداماء وعظام ممضوغة ,فرفككع سككموطان
يديه تسيلن بالسوائل والدماء ,وبعد قليل شكاهدا أحكد الصكبية يرككض مكن ناحيكة المعبكد
ويلتصق في أحد الجنودا وهو نائم مستند إلى شجرة ,فرككض إليككه الشككيخ فككأوقظه برفسككه
قوية وقام الجندي مفزوعا ليرى الصبي قابض فيه والشيخ سموطان فوق رأسه ,فقككال لككه
سموطان ً:ا إحذر أن تنام هل تسمع؟ هز رأسه الجندي باليجاب من الخككوف وقككال الملككك
من وراء سموطان ً:ا يا كبير الجند ,أيقظ جميع الجند وحذرهم أن يناموا .فانصككرف كككبير
الجند إلى ما أمره الملك ,وذهب الشيخ ليغسل يديه وتقدم الملك إلى حيككث يجلككس دايفككي و
روثا ثم حضرهم الشيخ بعد قليل وهو ينشف يديه من الماء بخرقة وقال ً:ا كيف قلت أيهككا
الملك ؟ فنظر اليه الملكك قكائلً:ا فكي م اذا؟ فقكال الشكيخ مسكتنكراً:ا نقتلهكم .فكردا الملككً:ا ل
يمكننككي قتلهككم ونحككن ل نعلككم عنهككم شككيئا .فقككال الشككيخً:ا أل يكفيككك أن تعلككم أنهككم يقتلككون
جنوداك؟ فقال الملكً:ا هذا شيء لم نتأكد منه بعد .فقال الشيخ ً:اهرمس .روثا .شاهدا ذلككك.
فقال الملك ً:ا أنظر إليهم إنهم صأغار لطفاء ,ل أطاوعك علككى قتلهككم .والملككك بعككد أن قككال
ذلك إنصرف إلى خيمته فقعد الشيخ بجانب روثا حيككث تسككتند ووضككع كفككه علككى وجهككه
يمسحه فإذا هو ينظر إلى كفيه فتذكر الدم والمككوادا العضككوية فككأنزل يككده بتقككزز .وقضككوا
الليل كله وهم سهارا حتى إذا ما غفى أحدهم أيقظه الخر .طلع الصبح واسككتيقظ الملككك
وخرج من خيمته وبيده كوب ساخن يشربه .وأخذ يمشي بين الجند كككأن لككم يكككن بككالمس
68
شيئ وهو يظن أن الجميع قضوا ليلتهم مثله ,حتى بدأ يلحظ التعب والرهاق على جنككده
إلى أن وصأل إلى الشيخ حيث تركه بالمس وقككال ً:ا الككم تنككالوا قسككطا مككن النككوم ؟ فنظككر
الشيخ إلى الملك من فوق كتفه حيث ككان قاعككدا والملككك خلفككه يرتشككف كككوبه ولككم يجبككه.
وكانت هناك روثا تنظر إلككى الملككك وقككالت ً:ا يجككب أن تجككدوا حل لهككؤلء الصككبية .فلككم
يجبها الملك واتجه في مسيره إلى الجهة الخرى حيث لقاه كككبير الجنككد و قككال ً:ا مككولي
لقد فقدنا عدداا من الجند ليلة البارحة ,إن عددانا نقكص كككثيرا .عنككدها بككدت علمككات الجككد
والحزم على الملك وقال وهو يلتفت ينظر إلى الشيخ هناك ً:ا حسككنا قيككدوهم ,قيككدوا جميككع
الفتيان والفتيات بالسلسل ,ومن ثم إهتموا بإطعامهم وضعوا لهم الماء .وربت الملك على
كتف كبير الجند وانصرف عنه إلى الشيخ مرة أخرى ,والشيخ لككم يغيككر مككن جلسككته تلككك
تحت الشجرة بجانب روثا ودايفي وهرمس .أخككذ الجنككد يجمعككون الصككبية فككي السلسككل
والصبية تصيح وتستعطف وتسترحم حتى رقت الجند لحالهم ,وكككبير الجنككد مككن ورائهككم
يدفعهم ,والملك يحتسي ويشاهد حتى جمعوهم جميعا مقيدين في السلسل ,ثم أشككار إليهككم
الملك بيده إلى تلك الشجرة التي شاهدت روثا عندها ذلك الرجل يغطس بككه الصككبي إلككى
الرض وقال ً:ا قيدوهم حول الشجرة ,وأشار الملككك إلككى خيمتككه قكائل ً:ا حككتى أتمككن مككن
رؤيتهم من خيمتي .ساق الجند الصبية رغم عناداهم وصأياحهم ومقاومتهم ,فساقوهم بقككوة
إلى تلك الشجرة وأوثقوا السلسل بهم هناك واتجكه بعكدها الملككك إلككى الشككيخ وقككال ً:ا هكل
يرضيكم هذا؟ سنرى الن من يختطككف الجنككد؟ فلككم يجبككه الشككيخ ولككم يتحككرك مككن مكككانه
فانصرف عنه الملك ثم أن الشيخ ناداى وقال ً:ا يا كيوان .فحضر كيوان عنده فقال الشيخ ً:ا
هرمس .قال ً:ا نعم .وقال الشيخ له ً:ا لقد أمرت كيوان بمهمتككك ,ليككس عليككك أن تحرسككهما
بعد الن .فقال هرمسً:ا سمعا وطاعة يا سيدي .وانصرف عنكه .وحينمككا قكال الشكيخ ذلكك
تضايقت روثا وقالت للشيخ ً:ا لم يقصر في شيئ .وقالتها بإستنكار فردا عليها الشيخ وهككو
يقوم من مكانه معتدل ً:ا سلمتكما أهم مكن ككل شككيئ .وانصكرف الشكيخ إلكى خيمتككه فنكام
الجميع بعدما قيككدوا الصككبية بالسلسككل نومككا عميقككا حككتى أوقظككوهم الجنككد لتنككاول وجبككة
الغداء ,فأحضرت روثا صأحنها وقربته إلى دايفككي حيكث المككان الكذي قضككت فيككه ليلتهكا
وأخذا يأكلن وهي تشاهد الصبية بالقرب منها ,وقد قرب الجنككد إليهكم الطعكام والشكراب.
وبعدما إنتهوا من الكل أخذت روثا دايفي وغسلت يديه وجعلته يغسككل فمككه ورجعككت بككه
إلى نفس مكانها تحت تلك الشجرة ,وأخذت تحاداثا دايفي وبعد فترة إذا بعض تلك الصبية
قد أصأابة النعاس فنام وبعضهم مازال صأاحيا ينظرون إليها فككأداارت روثا ظهرهككا لهككم,
حيث كانوا يحدقون بها بل كلل ول ملككل حككتى أنهككا خككافت منهككم ومككن عيككونهم الواسككعة
البارداة ,وإذا بعد قليل أحست روثا بحركة ورائها فنظرت فككإذا هككو كيككوان يزحككف علككى
أحد الصبية الذين ناموا وقد بقى على يديه أثر من طعام فأخرج كيككوان لسككانا طككويل مككن
فمه كلسان السحلية وقبل أن يلمس يككد الفككتى ليلعقهككا صأككرخت بككه روثا ونهرتككه ,فأداخككل
لسانه بسرعه واستقام مسكتحيا وهكي تنظكر إليكه بغضكب .فكي تلكك الثنكاء داخكل شكهلون
رسول الملك أجمنون على مملكة )ثيتا( فحيا الملك وسككلمه الرسككالة .سككلم الملككك الرسككالة
بعد أن فتحها ونظر فيها نظرة سريعه إلى من كان بجانبه فأخذها تابعه وقرأها ثككم ساسككر
69
الملك في أذنه فاستشاط الملك على غفلة ونزل من كرسيه بإتجاه الرسول فخاف وارتعب
شهلون .وإذا بذلك الذي خلفه يقول له شيئا بلغة غير مفهومة لشككهلون .وفككي الحقيقككة فككإن
الملك أرادا أن يردا عليهم بردا قبيح ولكن تابعه قال له ً:ا داع أمره لي وأنا آتيك بككه مسككجونا
مقيدا ,وكما عهدتني ل تنقصني الحيلة ول الدهاء ,فأسرقة لك من وسط عسكره وآتيك بككه
في أسرع وقت .وافق الملك وكان الرسول شكهلون ل يفهكم مكا يقكولن .وقكد وعكد الملكك
تابعه بالهدايا والعطايا إن هو فعل ما وعد .التفت الملك إلى الرسول وقال له ً:ا أريد مهلككة
للردا على مليكك ولو بضككعة أيككام فلككم يفهكم الرسككول شككيئا ممكا قكال ً:ا فتبعكه تككابعه وراءه
بترجمة ما قال الملك للرسول ً:ا فأجابة شهلون قائل ً:ا إني لسككت إل رسككول ,وأنتككم ملككوك
مع بعضكم ,وإنما تعطيني ردا الجواب .ساسر التابع الملك قليل ثم قال التابع ً:ا أنا سأذهب
معك لمقابلة ملككم العظيم .فانطلقا في الصحراء الرسول وذلك التابع.
في عصر ذلك اليوم داخلت روثا ودايفي يتبعهما كيوان كظلهما إلى خيمة أجمنكون حيككث
كان يجلس الملك وهيرودا وكبير الجند وبجانبهم الشيخ و وراءه بهككرام وبرجيككس .فقككالت
للشيخ ً:ا سككموطان .فككإنتبه الشككيخ لهككا فقككالت لككه ً:ا أريككد أن ترجككع هرمككس لحمككايه دايفككي.
ونظرت روثا إلى كيوان ورائها قائله ً:ا أنا ل أطيق هذا الجني ,وكذلك دايفي ,أليس كككذلك
با دايفي ؟ ردا دايفي بصوت غير واضح قائل ً:ا همس .يعني هرمككس ,وكككان الشككيخ ينظككر
إلى دايفي فقال ً:ا حسنا ولم يتم سموطان قولته حتى ظهر هرمس من وراء الخيمككة وداخككل
سريعا الخيمة ووقف وراء روثا فنظر إليهم كيوان وهو يخرج من الخيمة .فقال الملككك ً:ا
كنت أظن أن ذلك في بني البشر فقط ,أنظروا حتى الجن ل يختلفون عنا في شيئ .عنككدها
خرج سموطان وخرجت وراءه روثا ودايفي يتبعهم هرمس وراءهككم .فككذهب الشككيخ إلككى
حيث الطفال مقيدين ونظككر إليهككم يتفحصككهم ثككم سككار قليل وجلككس مسككتندا علككى شككجرة
وتبعته المجموعة التي وراءه بالجلوس معه ,وأخذوا يدرداشون حككتى نككزل الظلم وإذهككم
يتحدثون مع بعضهم إلتفت الشيخ بسرعة ناحية المعبد فسككمع ضككحكات أطفككال تككأتي مككن
هناك فإذا مجموعة من الطفال ت أتي بإتجكاههم مهرولكة وهكم يضكحكون فرحيكن ,فنظكر
الجميع إلى حيث الطفال المقيدين فلم يروا شيئا غير السلسل ,وانطلككق الطفككال وفعلككوا
مثلما فعلوا أول مرة كل واحد منهم إتجه إلى جندي ,وجككاء فككتى والتصككق بالشككيخ وآخككر
صأبية إلتصقت بديفي وهي تقول بابا بابككا فإسككتحى دايفككي منهككا وابتسككم ينظككر إليهككا كيككف
تمسك به ,وتنفس الشيخ وهو يفكر في هذه المصيبة ,وإذا بككذلك الصككبي الممسككك بالشككيخ
يقول له ً:ا إحكي لنا يا بابا قصة لطيفه .وقالت الصبية الممسكة بديفي ً:ا ل بككل أرجككوك يككا
بابا إحكي لنككا عكن قككانون الطبيعكة .فاسكتحملهما الشككيخ وقكال مستسككلما ً:ا وأخيككرا أصأككبح
سموطان يسلي الطفال ,لبد وأن نجمي صأاعدا لمعككا فككي السككماء .ثككم قككال وهككو ينظككر
إليهم ً:ا في مدينة مككن المككدن كككان هنككاك رجككل فقيككر ...ولككم يكمككل سككموطان لن الصككبية
غضبت عليه وضربته بقبضة يدها فسكت سككموطان وقككالت لككه ً:ا قككانون الطبيعككة .تنفككس
الشيخ بعمق وقالً:ا حسنا كل ما في الطبيعه لبد وأن يرجع الى قانون واحد ...ولم يكمككل
سموطان حتى ضربه الصبي بقبضة يده قائل ً:ا قصة لطيفه .فقال الشيخ ً:ا إن مثلي معكما
كمثل رجل تزوج بإثنتين ,احداهما شابة والخرى عجوز ,فاقتلعت الزوجة الشككابة جميككع
70
شعره ألشيب حتى يبدو شابا ,واقتلعت الزوجه العجوز جميع شعره السككودا حككتى يبككدوا
عجوزا ,والنتيجة أن أصأبح الرجل أصألعا .فضحك كل من روثا وهرمس وتبعهمككا دايفكي
عندما شاهدهما يضحكان.
في منتصف الليل كان الرسول شهلون وتككابع الملككك يككدنوان مككن المعسكككر فككي الرمككال.
فسارا حتى وصأل إليهم والجميع متحلقون حول بعضهم البعض وتلك الطفككال تنتظرهككم
أن يناموا .حضر جندي إلى الشيخ وهو يجلس مع روثا ودايفي وهرمس وقد جلس معهككم
كيوان وبرجيس وبهرام فقال ً:ا الملك يطلبكم إلى خيمته .فنهككض الجميككع وانصككرفوا إلككى
خيمة الملكك فقكال التكابع ً:ا أنكا رسكول مملككة )ثيتكا( وإسكمي أوريكا ,الملكك سكايروس قكد
أرسلني لكي أعلمكم أنه ليس لديه مانع ,ويعلككم سككبب مجيئكككم ولكنككه يخشككى أهككل داولتككه,
وخاصأة ولده مرقس ,وفي الحقيقة إني أنصح بينكم ,فالملك سايروس ضعيف في مملكته,
وإنما المسيطر الحقيقي هو إبنه ,فإن أردات أيها الملك أن تأتي أنت والصبي معي فتأخذوا
المفتاح داونما يعلم أحد بدخول الملك أجمنون إلى المدينة ,وإنما كرجككل مككن العامككة ,وأنككا
أضمن لكم الدخول والخروج سالمين ,وبهذا تجنبونا حربكم ونجنب أنفسنا غضب مولي
المير مرقس إبن سايروس .تعجب جميع الحضككور مككن هككذا العككرض الغريككب فقككال لككه
الملك ً:ا وما الذي يضمن لي أن عرضك هذا ليس بخيانه وغككدر .قككال التككابع أوريككا ً:ا أنككا
أضمنه لك ,وإن كنت متشككا يمكنك أن ترسل مع الصبي من تشاء .قال الملك وهو يفككر
في ذلكً:ا داع هذا المر إلى الصباح وفي الصباح نردا عليك .ثم أمرله الملك بخيمككة ينككزل
فيها ,فأخذه هيرودا إلى خيمة وعين حارسا عليها .قال الملك للشيخ ً:ا مككاذا تككرى فككي كلم
الرسول ؟ قال الشيخ ً:ا ل يبدوا لي طبيعيا ,هناك ريبة في الموضوع .فقال الوزير و أشار
إلى الجن ً:ا لما لنبعث بأحد هؤلء الذين ورائك ؟ فقال الشيخ ً:ا هذا كلم معادا .قلككت إنهككم
ل يستطيعون لمس القفل وإل إحترقوا في الحال .فقام الملك مككن كرسككيه منزعجككا قككائل ً:ا
إذا ما فائدتهم معنا؟ فقال الشيخ ً:ا قبل كل شيئ إن الجن ل تعلككم الغيككب ,فحككتى لككو إختفككى
عن العين وبحث عن القفل حتى وجده ل يسككتطيع لمسككه .فقككال الككوزير لككوذا ً:ا إذا يأخككذ
دايفي معه .فردا عليه الشيخ ً:ا ولكني أخاف أن يقتنصه أحد الرماة بسهم ,وأنتم كما ترونككه,
ل يمكن التحكم به ,فقد يصدر صأوتا في أي وقت وكيفما يشاء .وفككي تلككك الثنككاء والتككابع
أوريا في خيمته أخرج عشبة ,وأوقد نككارا وأحرقهككا وبخربهككا وجهككه ,فككاذا وجهككه يصككبح
على شكل هيرودا ,وتلصص من خيمته وقتل الحارس ولبس لباسه وخرج وأخككذ جككواداين
وحبل,ا وأخرجهما إلى خارج المعسكر بإتجاه الرمال ,ثم عادا وتلصص على خيمة الملك
أجمنون يترقب ,فاذا بعد قليككل خككرج الجميككع مككن عنككد الملككك ,ورأى هيككرودا يتككوجه إلككى
خيمته عندها داخل على الملك وقال له ً:ا أبي تعال معكي أريكك شكيئا خطيكرا .فخرجكا مكن
الخيمة وساربه إلى موضع الجيادا ,عنككدها إلتككف أوريككا مككن وراء الملككك وفاجككأه بضككربة
على قفاه وأغمي عليه وقيده بالحبل وأركبه الجوادا وركب جواداه وانطلق بككه فككي الظلم.
عند طلوع الشمس كان الملك أجمنون في الصحراء مع التابع أوريا على الرمال ,والملك
مكتوف اليدي والتابع أوريا أمامه يشوي أرنبا إصأطاداه ,والملك ينظر إليه فقككال للتككابع ً:ا
ما الذي يحدثا يا هيرودا؟ لما فعلت ذلك يا بني؟ والتابع أوريا يأكككل اللحككم ول يكلمككه ,ثككم
71
عرض على الملك بعض اللحم فأكل الملك معه فقال له أوريككا ً:ا إننككي أريككدك حيككا بكامككل
صأحتك ,فإنك ل تدري كم تساوي عندي .وضحك التابع أوريا .
في معسكر الملك أجمنون داخل المير هيرودا خيمككة أبيككه فلككم يجككده ,فتفقككد المعسكككر ولككم
يجده فاتجه إلى الشيخ سموطان وقال له ً:ا هل رأيتم أبي؟ فلم يجبه أحد ثم إتجه إلى خيمككة
أبيه وسأل الحرس ً:ا هل خرج أبي هذا الصباح؟ فقال الحارس ً:امنذ خرجتم أنتمككا الثنككان
ليلة البارحة لم يرجع يا سيدي .فأخذ هيرودا القلكق وذهكب إلكى خيمكة التكابع أوريكا فوجكد
الحارس مقتول وبدون ملبسه ,فخرج مككن هنككاك مسككرعا إلككى الشككيخ وهككو ينككاداي كككبير
الجند ً:ا يا كبير الجند ,يا كبير الجند ,واتجه هيرودا إلى سكموطان حككتى وقكف أمكام الشككيخ
وكبير الجند مسرعا إليه من الجهة الخرى في وجل ,فقال هيرودا للشيخ ً:ا لقد إختفى أبككي
الملك ,ذلك التابع قتل الحارس الذي يحرسه ,وحراس خيمة أبي يقولككون أنككه خككرج معككي
ليلة البارحة ولم يعد وأنا لم أره منذ كنا أخككر الليكل معككه .فقكال الشكيخً:ا لعلككه قبككل عكرض
الرسول بالذهاب إلى الملك سايروس .فقال هيرودا ً:ا إذا ما الداعي لقتل الحككارس؟ ولمككاذا
يذهب وحكده؟ قبكدون دايفكي ل يسكتطيع شكيئا انكي خ ائف علكى أبكي أن يككون قكد أصأكابه
مكروه. .
في الصحراء وقد إرتفعت الشمس والتابع يقودا الملك على جواداه ومككا يككزال وجهككه وجككه
هيرودا ,إذا التابع أوريا ينظر إلى الشمس فتبدل وجهه وعادا كما كان ,وككان الملكك ينظكر
إليه مككن وراءه فتعجككب مككن ذلككك وقككال لككه ً:ا إذا هككو أنككت ,يالككك مككن عيككار مككاكر ,كيككف
إستطعت هذا ؟ فنظر التابع خلفه إليه بوجهه وابتسم إبتسامه غرور ومضى به .
في المعسكر قال هيرودا للجماعة ً:ا يجب أن نذهب ونلحق به ,لبد وأنه أخذه إلى مملكته.
فقال الوزير لوذا لقد فقدنا البارحة عدداا أخر من الجنودا ,ولككم يبقككى معنككا ال القليككل ,ولككن
نلحق به وهو يتقدمنا ,عندها سنقتل جميعا من قبككل جنككودا مملكككة )ثيتككا( .فغضككب هيككرودا
وقال ً:ا إذا هل نجلس هكذا داونما حراك ؟ أيها الشكيخ ل بكد أن نفعكل شككيئا .فقكال الشكيخ ً:ا
إطمأن لن نترك أباك ,علككى القككل إن لككم يكككن مككن أجلككه فمككن أجككل دايفككي ,فحيككات دايفككي
مرهونة بحياته .وتوجه الشيخ إلى كبير الجند وقال له ً:ا كم مككن الككوقت تقككدر حككتى تصككل
نجدة الملك شمشون ؟ فقال هيرودا ً:ا وهل سننتظر وصأولهم؟ قد يستغرق ذلك أيام ,عنككدها
يكون قد فات الوان ,وما أدارانا أنهم قادامون .فقككال الشككيخ ً:ا أناهيككد الككذي أرسككلته لطلككب
النجدة لم يعد ,ممككا يعنككي أنككه تكأخر معهككم وهككم قككادامون يرشككدهم إلينككا .ثككم تككوجه الشككيخ
لبرجيس قائل ً:ا برجيس إذهب من فككورك مسككرعا فتفقككد النجككدة القادامككة مككن قبككل مملكككة
)جاما( .فقال برجيسً:ا حاضر يا سيدي .واختفى ونظر الشككيخ إلككى هيككرودا الجككزع وقككال
له ً:ا ل عليك إهككدا ,سككيظهر الملككك ولككم يمسككه سككؤ .ذهككب هيككرودا مغاضككبا وأخككذ بسككرج
حصانه ألبيض وحضر عدته يساعده في ذلك شهلون .وذهب الشيخ إلى مكانه تحت تلك
الشجرة ومعه روثا ودايفي وهرمس و كيوان وبهككرام .ثككم رجككع إليككه هيككرودا وهككو يقككودا
جواداه حتى وصأل عندهم وقال وهو يشير إلى الجن ً:ا ال يستطيع أحد هؤلء أن يككأتي بككه
أو أن يعرف مكانه؟ فقال الشككيخ ً:ا إنهككم ل يعلمككون أكككثر ممككا نعلككم نحككن ,الجككن ل تعلككم
الغيب ,ولسنا متأكدين من أنه قد ذهب إلى مملكة )ثيتا( ,وإن فعل فقد يكون فككي أي مكككان
72
في الصحراء .فقال هيرودا ً:ا إذا أرسلهم للبحث عنه .فقككال الشككيخً:ا ل يسككتطيعون الككذهاب
هكذا ,لبد لهم أن يعلموا إلى أين يذهبون ,مثل برجيككس أو أناهيككد أرسككلناهما إلككى مملكككة
شمشون وهما يعلمان الطريق ,وإل لن يصل ,متى تفهمون هذا .فزمجر هيككرودا غضككبانا
وبرهت الككبرهته القويككة وارادا امتطككاء حصككانه فنهضككت إليككه روثا حيككث كككانت تجلككس
بجانب الشيخ وقالت له ً:ا هل هكذا يتصرف القاداة عند الشدائد .فقال لها زاجككرا بغضككب ً:ا
بالطبع وما يهمك ,ستفرحين إذا ما قتل أبي أو أصأابه سؤ .وامتطى هيرودا فرسه وأطلقهككا
مسرعا بإتجاه الرمال تاركا روثا هناك تنظر إليه خائبككة مككن إقنككاعه بالعككدول والككتريث.
وبعد فترة هبط عليهم برجيس وقال للشيخ ً:ا إنهم على مسافة ثلثككة أيككام ,جمككوع وحشككودا
غفيرة يقوداهم أخي أناهيد وفي مقدمتهم الملك شمشون ,حضرمعهم .فقككال سككموطان ً:ا إذا
لعله كان محقا هيرودا في تصرفه الرعن ذاك.
في وسط الصحراء الرملية كان التابع أوريا والملك أجمنون يسيران .فككإذا الملككك يقككول
للتابعً:ا إذا حدثني ما أنت من الملك سايروس ؟ فقال التابع ً:ا أنا كككبير مستشككاريه .والتفككت
أوريككا إلككى وراءه محككدثا الملككك وهككو مربككوط علككى فرسككه وقككالً:ا وكمككا تككرى ,صأككاحب
المهمات المستحيلة .فقال الملك ً:ا أهنأ مليكك بك ,فل يقدر على ما فعلت إل ذو قلب ميت,
ودااهية الدواهي .وإذ هما يتحدثان فإذا هما الثنان يرتفعان في الفضاء ,وقامككا بالصككراخأ,
ونظر كل منهما إلى من فوقه فإذا كل منهما فوقه يد كبيرة ضككخمة ممسكككه بككه مككن قفككاه,
فإذا هو ماردا عملق قد إختطفهما من على جوادايهمكا وطاربهمكا فكي الجكو .فق ال أوريكا
إلى من فوقه ً:ا أنت من أين أتيت لنا ,ومن الذي رماك علينا ؟ فقال الماردا وهو طائر بهما
ً:ا إخرس ,أنا طالب الملك هذا الذي معك ,ولما رأيتك حامله قلت آخككذ الثنيككن ,وأنككا يقككال
لي جلجلن ,خادام الكاهن حنباثا صأاحب صأومعة) دالتا( عابد النار ,و قد أرسلني أحضككر
له الملك أجمنون هذا لنه بلغه أمر خروجه إليه ,وأمرني بإحضاره ,فقلككت لككه ً:ا أنككا أعلككم
أن حوله حكماء الجان وأخاف أن يهلكوني .فقال لي ً:ا إن إنسيا سرقه من خيمته واتجه به
إلى مملكة )ثيتا( فأتني به .فقال أوريا ً:ا قككال لككك آتنككي بككه أوبالككذي سككرقه؟ قككال العفريككت
جلجلن ً:ا يا أخأ النس مككا فهمكت طلبككه ,فقلككت أخكذ الثنيككن فكإن شكاء يطلقكمكا وإن شكاء
يهلككما.
هناك في الصحراء القاحلة يبدوا فارسا على فرس بيضكاء يمشكي ببطكأ وقككد أسكدل بطنككه
ورأسه على عنق جواداه تحت الشمس الحارقة ,إنه هيرودا وقككد أعيتككه الصككحراء ولهيبهككا
المحرق ,واشتد عليه العطش فلقد خرج مسرعا داونما ماء ول زادا ,وبعكد بضكع خطكوات
توقف الحصان إذ سقط من عليه هيرودا علكى الرمكال الملتهبكة ,وحكاول جاهكدا النهكوض
وقد تقطعت شفتاه اليابسة ,وحاول النهوض بصرخه قويه أجفلت الحصان ففر بعيدا عنه,
ثم استجمع قواه وبدأبالمسككير لبضككعة أمتككار ثككم سككقط مككرة أخككرى ,وإذ هككو فككي الرمككال
مستلقي على ظهره أخذته ذكرياته إلى أيام طفولته ,وكيف كان أبوه سعيدا به وكيف كككان
داائم الهتمام به ول يرفض له طلبا ويقدمه على جميع إخوته في كككل شككيئ ,ويأخككذه داون
سواه في كل مجالسه ويقدمه في المجالس على الجميع وداائم الفتخار بككه وبأعمككاله حككتى
الصغيرة التافهة منها ,وإذا هو كذلك سككمع صأككوت ,فتميككزت أذنككاه الصككوت ,ومككن شككدة
73
العطش والتعب لم يعلم ما هو ,ففتح عيناه فإذا هي سحابة صأككغيرة فككوق رأسككه تظلككه مككن
السككماء ,ولكنهكا سكحابه تتحكرك حركككه عجيبكة فقككد ككانت تككروح وتجككئ ,وتككدور وتعلككو
وتنخفض ,ففتح عيناه أوسع ما استطاع ,فإذا تلك السحابة ما هككي إل سككرب مككن الطيككور.
عندها أحييت تلك النظرة في نفسه الرغبة في الحياة .فمعنى ذلك أن تلككك الطيككور ترعككي
في مكان قريب ,ولبد أن يكون به ماء ,وسرعان ما فقد المل مرة أخرى واسترخي من
جديد على الرمل مستسككلما ا كليككاا عنككدما كككادات أطرافككة أن تنشككط ,وذلككك لنككه تككذكر تلككك
الصحراء القاطعة لكل أمل التي مربها ,فكيف تكون بها حياة؟ ومن جديد استجمع جسككمة
وارتكز على ركبتيه نككاظراا لبعيككد ,فككإذا هككو منخفككض فككي الرمككل ليككس ببعيككد ,فظككن أنككه
السراب حتى أرادا أن يهوي إلى الرمل مرة أخرى إل أنه في أخر طرفة عينه عند نزوله
إلى الرمل لمح حركه في أعلى ذلك المنخفض ,فإذا هي طيور تهوي بداخلككة تككارة وتككارة
ترتفع وكأنها تقع على شيء ما هناك ,عندها استبشر المير وحاول جاهداا الوصأككول إلككى
طرف ذلك المنخفض وكأنة إستمد العافية والقككوة مككن المككل ,وعنككد وصأككوله أعلككى ذلككك
المنخفض شاهد واحة عجيبة مليئة بالشجار والطيور تربع فيها الرانككب البريككة ,فككدعك
عينيه اللتان كذبهما ,فإذا خرير الماء يصل إلى مسمع أذنيه مصدقا ا عينيه ,عنككدها ركككض
مهرول إلى ذلك النبع وسقط فيه يغتسل و يشككرب طربككاا نككاظرا إلككى مككا حككوله مسككتمتعا
باللون الخضر الذي لم يعرف مككن قبككل أهميتكه ,ولكم يعككرف لككه ذلككك القكدر مكن الشكوق
والجمال ,وأخذ يغرف الماء على رأسه ويدعك به صأدره ووجهة ويطشطش بككه فككي كككل
جهة بكفه ,وإذا به يسكن حيث سمع صأوت طرطشككة المككاء آتيككه مككن أسككفل الينبككوع ,مككع
أصأوات صأراخأ إمرأة ,فإذا ينقشع بين الشجار ثلثة فرسان يعدون في الينبككوع بخيككولهم
وراء امرأة شابة ,وقد أقبلت تركض ناحيته ,فعلم أنها في ورطة فغلبككت عليككه الفروسككية,
ونادااه واجب الشجعان ونبككل الصأككل ,حككتى وصأككلت إليككه ارتمككت بيككن يككديه مككن التعككب,
فأقصاها وراءه وأرادا أحد الفرسان ضربه بالسيف وكان قد فقد كل ما معه في الصحراء,
فاستناوله المير من يده وألقاه على الينبوع وهو ما يككزال ممسكككا باليككد الككتي بهككا السككيف
بيساره وباداره يضربه قوية من يمينه على عنقه أفقدته وعيه ,وأخذ منه سيفه وأغمده فككي
بطنه ,ثم أغمده في صأاحبيه فلم يأخذ فيهم وهلة حتى ضرحهم بككدمائهم علككى الغككدير ,ثككم
التفت المير إلى الشابة فإذا هي ما زالت مذعورة ,تظن الشر في مككرادا الميككر ,وعنككدما
تقدم إليها بخطوة واحدة ,زحفت إلككى الككوراء حيككث كككانت مسككتلقية علككى الغككدير محركككة
حصى الغدير تحت قدميها ,عندها توقف المير مكككانه والسككيف مككايزال بيككده يقطككر دامككا ا
وهي تنظر إليه وإلى تلك الدماء المتساقطة ,وظنت أنه واقع بها ل محالة ,فقد كككان ينظككر
إلى جمال رجليها على الماء وهي لتلبس إل ملبس رقيقة بالية قصيرة من قطعة واحككدة
بمشد في وسط بطنها ,وقد أظهر بلل الماء محاسن فحواها ,وإذ هو مبهور بها يتأملها من
طولها وعرضها أمسكت الفتاة بشيء من الحصى من تحتهككا ورفعككت الحصككاة فككي يككدها
إلى عند صأدرها ناظرة إليه نظرة القطة الشرسة ,ومككا فتككأ صأككدرها يرتفككع تنسككما ا زهيقككا ا
وشهيقا ا من تلك المطارداة المميتككة إلككى مككرت بهككا ممككا زادا جمككال صأككدرها وكككان بريككد
المحبة إلى قلب الميككر ,فهككدأت عينكاه ,وارتخكى جسككم المقاتكل ,وأطلكق انقبكاض شككفتيه,
74
وذهب ليجلس على ضفة الغدير الذي لم يكن إل خمككس خطككوات أمككامه فغككرز سككيفه فككي
الرمل .هدأت الشكابة لمكا رأت مكن تراجكع هكذا الشكاب الصكنديد ,فكوقفت ولككن مكازالت
الحصاة بيدها وسارت بخطا حذره إلى حيث يسير الماء ومككن حيككث أتككت هاربككة .وفجككأة
سمعت من خلفها ووقفت ً:ا ما إسمك أيتها الفتاة؟ فالتفتت إلى الوراء وقالت وهي متوجسة
ً:ا هادااساه .ماحكايتك وهؤلء الرجال .سألها المير فردات قائلةً:ا أنقككذتني منهككم وأعلمتككك
عكن إسكمي وقكد تعادالنكا .فق ال الميكرً:ا هكل ككانوا يطارداونكك لجكل هكذا ؟ فكردات عليكه
مستنكرة ً:ا هذا؟ وماهو هذا ؟ قالً:ا لطفككك أو إنكككارك للجميككل ,أو للثنيككن معككا .ثككم تبسككم
المير بتلك البتسامة التي ألمعت عيني الفتاة لها بالشككرر عنككدما صأككدرت مككن ذلككك الفككم
الذي صأفت أسنانه صأف اللؤلؤ في العقد .فابتسمت وهي ناظرة إليه ,فنظرت إلى الرض
حيااء مما شعرت به .فإذا هي تقبض ابتسامتها مرة أخرى وترفككع رأسككها وتقككول ً:ا ومككن
تكون أنت؟ قالً:ا أنا المير هيرودا إبن الملك أجمنون .فقالت وهي تندفع نحككوه بلهفككةً:ا إذا
صأحيرح ما سككمعت .فككوقفت متداركككة الموقككف وقككد أصأككبحت قريبككة منككه فتماسكككت وقككد
أمسكت الحصاة بكلتا يديها في منتصف صأدرها مثلما الراجي سؤال ومطلبا .فقال المير
ً:ا وما الذي سمعتية ؟ قلت ً:ا لقد سمعت من الجنودا الذين يأتون إلككى هنككا مككن مدينككة الملككك
سايروس عككن خككروج الملككك أجمنككون لمحاربككة أهككل المملكككة ,فقككد كنككا أنككاو أبككي نتتبككع
أخباركم كل يوم .قال المير ً:ا أباك ؟ وأين هو ؟ وما بال هؤلء الفرسككان ورائككك؟ قككال
المير ذلك وبانت علمات السى على الشابة وبكدأت بالبككاء فنهكض الميكر وحكاول أن
يواسيها ولكن ما أن لمست أطراف أنامله عضديها حتى جفلت الفتاة إلى يمينه فأنزل يككده
عن مرامها وقال لها ً:ا اجلسي ,اجلسي هنا وأخبريني ما بالك تبكين؟ فجلست الشابة علككى
ظفاف الغدير بقككرب مجلسككه السككابق وجلككس هككو بعككدها فككي مكانككة الول بجانبهككا وهككي
مازالت تبكي وتحتضن ذلك الحجر بيككن نهككديها ناكسككة رأسككها عليككة وتجشككأ بالبكككاء .ثككم
رفعت رأسها لتقول ً:ا لقد قتل هؤلء السفلة جنكودا الملكك سكايروس أبكي منكذ قليكل .قالتهكا
الشابة وهي تذرف داموعاا من الحزن .فسألها مباشككرةا الميككر ً:ا وأيككن هككذه المدينككة ؟ إنككي
خرجت في طريقها ولكني لأرى لها أثراا .قالها المير وهو ينظر إلى نواحى الغدير نحو
الكثبان الرمليكة متبصكراا أثكر المدينكة .فقكالت هادااسكاه ً:ا هكل ج أت مكن طريكق الغابكات
الكثيفة؟ قال ً:ا نعم وسلكت الصحراء بطولها فلسعتني شمسها وقطع حلقككي عطشككها وقككد
كنت أظن أنها قريبة حتى وصألت إلى هنا بعككد أن ظننككت أنككي هالككك فككي هككذه الصككحراء
الواسعة .قالت هاداا ساهً:ا لبد وأنك قد إنحرفت يساراا في الصحراء لتصل إلككى هنككا ,مككن
حيث جأت من الغابات الكثيفة يجب أن تسلك طريقكاا مسككتقيما فكي الصككحراء لتصكل إلكى
المدينة .وأشارت هادااساه بيدها اليمنى باتجاه مصككب الغككدير إلككى أعككالي ضككفافه أخرمككا
يظهر منه بانحداره وهي تقول ً:ا إنها هناك ليست ببعيدة من هنا.
سادا الصمت بينهما بعد تلك العبارة من هادااساه للحظات .وبادارها المير بالسؤال ً:ا إذا ما
الذي أتا بك وأبوك إلى هذا المكان مع هؤلء الجند ؟ قالها المير وقككد أعككادا إليهككا الحككزن
عند تذكر أبيها فقالتً:ا لم نأتي إلى هنا ,نحن نعيش هنا .فقكال الميكر ً:ا مكن أنتكم ؟ ق الت ً:ا
أناوأبي فقط نعيش على ضفاف هذا الغدير من يوم أن وعيت على الدنيا ,وقد كككانت أمككي
75
تعيش معنا ,ولكنها ماتت منذ بضع سنين ,أبي وأمي كانككا مصككابين بمككرض الجككذام ,وقككد
طرداا من المدينة فجاؤا بي للعيش هنا بعيداا عن قومنككا الككذين أسككاؤا معاملتنككا .قككالت ذلككك
وبدأت بالبكاء مرة أخرى وقد رمت بالحصاه إلككى الغككدير ووضككعت كفيهككا علككى وجههككا
وظمت به بين ركبتيها تبكي .فمد المير يده إلى شكعر رأسكها يهكدأها ثكم ق ال ً:ا م ا قصكة
هؤلء الجنودا الثلثة ؟ رفعت هادااساه رأسها وأجابت ً:ا لقدإعتادا أن يكون هنككاك كككل يككوم
ثلثة من الجنودا بالنهار وغيرهم بالمساء يحرسون المكان عند نهاية الغدير بككأمر الملككك
سايروس ,أو بالصأح بتدبير من إبنكه السكاحر الجب ار البغيكظ ,الكذي يسكيطر علكى حككم
المدينة من داون أمر الملك أبيه الضعيف ,إنه متغطرس شخص غير محبوب ,ليحبه أحد
من سكان المدينة ,ظالم فاجر .سكتت الشابه لهنيهة وهي تنظر إالككى الغككديرثم إسككتطردات
قائلة ً:ا وقد اعتاداهؤلء الجنودا عنككد مجيككئ نككوبه حراسككتهم أن يضككايقونا ويتحرشككون بنككا
واليوم....ثم أخذت بالبكاء من جديد ووضعت رأسها بين ركبتيهككا تبكككي ,ورفعككت رأسككها
والدموع تنهمر منها وقككالت بصككوت مخنككوق ً:ا واليككوم تصككدى لهككم أبككي ونهرهككم لكككثرة
تحرشهم بي فاغتالوه بسيوفهم وأراداوا بي السؤ فهربت منهم إلى أن لقيتنا .وضككع الميككر
يده عى ظهرها وراحت هي تتأمككل الغككدير وأعككادات شككريط الحككداثا وتلككك المشككاهد ثككم
سألها ً:ا ماذا كان يحرس هؤلء الجنودا؟ فقالت ً:ا كانوا يحرسون آخر هذا الغدير هل ترى
هذه المياه كلها ؟ إنها تذهب إلى جوف حفرة هناك في آخره ,وتنتهي هذه المياه من تحككت
الرمال إلى تحت المدينة ,لقد بنا الملك سايروس بأحسن الصككناع المهككرة أرضككية المدينككة
كلها طبقة واحدة ,وهذا الماء كله يذهب إلى هناك فيرفع المدينة فوق الرمال ,وفككي وسككط
المدينة فتحة لهذه المياه تمتد منها قناة بطول المدينة إلى آخر جدارها لتخككرج الميككاه منهككا
إلى خارج المدينة من الجهة الخككرى ,أي أن المدينككة تقككع فككي معككبر هككذا الغككدير ,وبهككذا
يستطيع سكانها إستعمال الماء من تلك القناة ...وقاطعها المير قائل ً:ا وما فائككدة أن ترفككع
المياه المدينة ؟ لما لم يبني مدينتة فوق الرمككال الثككابته ؟ عنككدها قكامت هادااسكاه وواجهككت
المير حيث يجلس وقالت ً:ا هذا سر ل يعرفه الكككثير مككن سكككان المدينككة .فوضككع الميككر
كوع يده على ركبته وأسكند بأصأكابعه علكى ذقنكه وق ال ً:ا وكيكف ذلكك ؟ ق الت ً:ا نعكم إنكي
إخبرك ,إذاهاجم أحد ما المدنية فإنهم يشعلون نارا فيراها من يكون هنا مككن الحكرس ..ثكم
توقفت الفتاة مذعورة وقالت ً:ا الحرس ....سيحين قريبا نوبه حرس الليل إذا كنا سككنرحل
عن هنا فعلينا السككراع قبككل وصأككولهم فل يجككدون أصأككحابهم .قككالت هادااسككاه ذلككك وهككي
ممسكة بيدي المير وتشده لتحمله على الوقوف من جلسته .وعنككدما رأى الميككر مشككقتها
وهي تحاول ذلك وقف قائل ً:ا أنا ذاهب إلى المدينة ؟ عندها فتحت الشابة هادااساه عينيهككا
الواسعتين مذهولة وقالت ً:ا المدينة ؟ قال ً:ا نعم لقد إختطفوا أبي الملككك أجمنككون ولبككد أن
أتبعه .قالت هادااساه ً:ا ل إن أبيك ليس في المدينة .فتفأجا المير وداهش مما سمع وقككال ً:ا
هل أنت متأكدة ؟ قالتً:ا نعم ,فإن الخبار تأتينا إلى هنا كل يوم مرتين عن كككل مككا يحككدثا
هناك ,أنا متأكدة هيا علينا السراع ,أمسك بهذين الجواداين .وقد كككان هنككاك جككواداين مككن
جبيادا أولئك الجنودا الذين قتلهم يرعيان في الجككوار ,فأخكذ الميككر الجككواداين ومككرا علككى
ضفاف الغدير إلى حيث مسكن الفتاة.
76
وصأل المككاردا جلجلن إلككى واداي كبيروبجككانبه جبككل عظيككم معانقككا للككواداي ,وفككي أعله
صأومعه ,فدخل الماردا حتى وضع الثنين الملك أجمنككون ورسككول الملككك سككايروس قككدام
الكاهن حنباثا ,فسجد التابع أوريا للملك حنباثا حيث كان يجلس علككى كرسككي أمككام شككرفة
كبيرة من خلفه في تلك الغرفة الخاوية ,والتي أرضيتها من رأس الجبككل ,وبجككانب أوريككا
الملك أجمنون مكتوفا ينظر إلى الملك الكهين حنباثككا فقككال أوريككا ً:ا تحيككاتي للملككك حنباثككا
العظيم ,كاهن الكهان .ولكن الكهين لم يعره إنتباها وكان ينظر إلى الملك أجمنون وقال له
ً:ا هل أنت من سيقضي على ملكي؟ أنت يا هذا تأخذ مني مفتاح ملكككي؟ سككترى عمككا قليككل
ما أفعل بك .فأمر الرض وهو يشير إليها بيده وقال إقبضيهم ياأرض ..وقككاطعه أوريككا و
قال فزعا ً:ا وأنا ما ذنبي؟ لما قبضت علي؟ فالتفت الكهين إلى التابع وقال له ً:ا مكن أنكت ؟
قال أوريا ً:ا أنا رجل عيار ,ولص محتال ,من أتباع الملككك سككايروس ,ملككك مملكككة )ثيتككا(
وقد أرسلني أسرق له هذا الملك ,فتحايلت عليه وسرقته وحملتككه وسككرت بككه قاصأككدا إلككى
سيدي ومولي حتى أسلمه إياه ,فمككا أشككعر إل وهككذا المككاردا إختطفنككا وأتككى بنككا إلككى هككذا
المكان ,فالصواب أن تطلقني ,وأنا أسكير إلكى سكيدي سكايروس أعلمكه بمكا فعلكت بالملكك
أجمنون ,فقال الكاهن حنباثا ً:ا ل خلص لك مني .فقال التابع ً:ا أنا والملك سككايروس نعبككد
النار مثلك ,وهو خصم لهذا الملك .عندها قال الكاهن حنباثا ً:ا حسنا إذهب وأحضره معك
إلي لنتشفى أنا وهو من خصمنا هذا .وقككال الكككاهن حنباثككا وهككو يشككير بيككده إلككى الرض
تحت الملك أجمنككونً:ا بغقككان واحككد فككردا يككاأرض ضككميه .فبلعككت أرضككية الغرفككة الملككك
أجمنون إلى صأدره وضيقت عليه مما آلمه قبض الرض عليه .والتابع زحف عنككه بعيككدا
خائفا وهو ينظر إلى الملك أجمنون وهو محشور في الرض .ثم توجه حنباثا بنظره إلى
التابع وقال له ً:ا لماذا مازلت هنا؟ هل تريد أن تلقى نفس مصككيره ؟ إذهككب وارجعككا معككا.
فتقدم أوريا من الشرفة الكبيرة وراء كرسي الكاهن حنباثككا ونظككر منهككا إلككى سككفح الجبككل
وقال ً:ا ولكن يا مولي كيف لي أن أنزل من هنا؟ ثم إني قد فقككدت خيلككي عنككدما إختطفنككا
الماردا .حينها قال الكاهن ً:ا يا جلجلن .فظهر الماردا مكن الخكارج إلكى دااخكل الغرفكة ,ل
يلبس شيئا سول بنطال قصير ضيق ,يمتد إلككى أبعككد مككن ركبتككه بقليككل ,ففككرع منككه التككابع
أوريا وقال الكاهن للماردا ً:ا خذ هذا الصعلوك إلى مملكة الملك سايروس ,وانتظككره حككتى
تعودا به وبملكه إلى هنا .فقال الماردا جلجلن وهو يحني رأسه ً:ا الطاعة يككامولي ً:ا فأخككذ
التابع من قفاه وطاربة .
وصأل هيرودا وهادااساه إلى كوخأ صأككغير علككى ضككفة الغديروأخككذا مكا يحتاجككان إليككه مككن
الغراض على عجل ,ومل ما يستطيعان ملئه مككن ميككاه الغككدير وكميككة ل بككأس بهككا مككن
الطعام ,ثم إلتفتت هادااساه إلى أبيها المغدور و اتجهكت نحككوه وجلسككت عنكده تبكيكه وهكي
تنظر إلى ما حولها من أماكن لهو طفولتها وترعرع شبابها وهي تذرفه بدموع قلبها ,وقد
كان المير خلفها ممسكا بالجواداين وهو يناداي عليها بالسراع وقككد ركبككت عليككه الهمككوم
وزادات عنككد رؤيتككه الشككابة تبكككي أباهككا فتككذكر الميككر مصككير أبككاه المجهككول .ثككم ركبككا
حصانيهما وانطلقا بهما إلى حيككث الغابككة الكثيفككة بإتجككاه معسكككر الملككك آجمنككون وحيككث
الشمس تغيب من أمامهم خلف الرمال وهما يسيران ويتجاذبان أطراف الحديث .
77
أخذ الماردا جلجلن يطير بالتابع حتى رأو مدينة )ثيتا( فقكال التكابع أوريكا ً:ا أنزلنكي علكى
مسافة من المدينة حتى ل يخافك أهلها ويرفض سيدي الككذهاب معككي إلككى سككيدك .فككأنزله
الماردا على مسافة قريبة في الرمال وقال لككه التككابع ً:ا إنتظرنككي هنكا لبعككض الككوقت حككتى
نخرج إليك ,وذهب وانصرف عنه وداخل أبواب المدينة وقصبل الرض تحت أقدام سيده.
أما هيرودا وهادااس اه فقكد توقفكا لبعكض الكوقت وجلسكا ي أكلن بعكض الطعكام ويتجاذبكان
أطراف الحديث فقالت له ً:ا هل أنت متزوج ؟ فقال المير وهو يبتسم خجلً:ا ل ليس بعككد.
فقالت ً:ا أل توجد أميرات جميلت في مملكتكم ؟ فقالً:ا بلى ولكني ما زلككت صأككغيرا علككى
الزواج .فقالت باستغرابً:ا صأغيرا على الزواج ولست صأغيرا على صأرع الرجال .
قال الملك سايروس لتابعة ً:ا حسنا نذهب إليه ولكن هل أنت واثق أنه لن يمسني سؤ منه ؟
قال أوريا ً:ا إنه عدو عدوك كما أنه يعبد النار مثلنا و ليس له جيشا ول عدداا ول أحد .قال
سايروسً:ا حسنا إذا .ولبس عدة الحرب والجلدا وركب على جوادا من الخيل وقال للتابعً:ا
أنت تعرف هذا الكهين في أي أرض مقيم؟ فقال أورياً:ا ما أعرف إسم الرض وإنمككا هككو
في صأومعه على جبل عال مسيرة نصف يوم فقط .فقال الملك ً:ا هل ينبغي المر أن نأخذ
معنا العساكر والجند ؟ فقال أوريا ً:ا يا مولي مككا أنكت سكائر لحككرب ول لقتككال إنمكا أنككت
ذاهب إلى خصمك وهو في يدخصمه تتفرج عليه حتى يقتله و ينزل به النكال وتعودا أنت
إلى مملكتك في الحال .فقال الملك سايروس ً:ا صأدقت صأدقت فسككر بنكا علككى بركككة النككار
وما فيها من السرار .فخرج الملك وتابعه من أبواب المدينة وبعد مسافة قككاداه التككابع إلككى
حيث ينتظره الماردا ,فلما رآه الملك فزع منه فطمأنه التابع وقال لككه ً:ا يككا مككولي إن ذلككك
الجبل ل مدخل ول طريق فيككه إلككى الصككومعه ,فالملككك حنباثككا مككن لطفككه أرسككل لنككا هككذه
السككفينة الجويككة السككريعة والبسككيطة .عنككدها أشككار التككابع للمككاردا بالقككدوم فطككار المككاردا
واختطفهما إلى الجو وسار بهما إلى أن بأن لهم صأومعة عالية على رابية فوق سككن جبككل
شاهق فقال التابع أوريا ً:ا أيهككا الملككك هككذه هككي الصككومعة الككتي فيهككا الكككاهن الككذي نحككن
سائرون إليه ,وإن الملك أجمنون الذي أنت طالبه هو عنده فكي أليكم العكذاب يعكاقبه عقابكا
شديدا .فلما سمع الملككك سككايروس ذلككك سككر سككرورا عظيمككا .وألقاهمككا المككاردا بيككن يككدي
الكاهن وهو على كرسيه فقبلوا الرض بين يديه فرحب بهم وأكرمهم وسككأل الملككك عككن
داينه فقال له أنه يعبد النار .ونظر الملك سايروس إلككى الملككك أجمنككون وهككو مشككبوح فككي
الرض ففرح غاية الفرح واتسع صأدره من ذلك وانشرح .ثم طلب الكاهن كرسيا فأتا بككه
الماردا جلجلن ووضعه على يمين الكاهن حنباثا .ورحب حنباثا بالملك سككايروس وداعككاه
للجلوس للفرجة ,ثم طلب حنباثا طعاما وشرابا فأحضر جلجلن صأينية كبيرة بها أنككواع
الطعام والشراب ووضعها أمامهما .فقعدوا يأكلون الطعام ويرمككون علككى الملككك أجمنككون
العظام والفضلت ,والملك أجمنون صأابر .وشربوا الخمر مككن الكككؤوس ويصككبون علككى
الملك أجمنون فاضل الكاسات .
78
في معسكر الملك أجمنون جلس الجميع حول الشيخ والصبية معهم على حالهم يتربصون
بمن ينام .والشيخ سموطان يحاول إيقاظهم وقد أوقدوا نارا وسطهم .فقام الشيخ إلى خيمته
وجلس هرمس بين دايفي وروثا ووقف الخككوة كيككوان وبهككرام وبرجيككس خلككف هرمككس
وبعض الجند تحلقوا هناك فقالت روثا ً:ا هل تراه يلحق بأبيه؟ فقال شهلون ً:ا أرجو ذلك.
عندها قال هرمس ً:ا سأسليكم بقصة جميلة .فنظر الخوة مككن فككوقه إلككى بعضككهم البعككض
استغرابا من كلم أخيهم الوسط هرمس .وتشككجعت الطفككال وانتبهككوا واعتككدلوا لسككماع
القصة .فقال هرمس ً:ا لقد كان يعيش في بلدة من البلدان صأديقان ,واراداا السفر بحثا عن
الرزق ,وأخذ كل منهما زاداه وشرابه ,وفي الطريق إذ هما معا قال أريم لصاحبه ً:ا لمككا ل
نأكل ماعندك من طعام وشراب أول ونبقي مككا عنككدي للخككر؟ .فقككال تميككم ً:ا حسككنا ,أنككت
بمثابة أخي ,كما أننا رفيقا دارب ويجب أن نتعاضد .فأخذ أريم يأكل ويشرب من زادا تميم
كلما توقفا للراحة ,حتى نفذ طعام تميم وفضيت قربته مككن المككاء ,فجلسككا للراحككة وأخككرج
أريم طعامه وشرابه وجلس يأكل وحده ,فلما إقترب منه تميككم ليأكككل معككه منعككه ,فقككال لككه
تميم ً:ا لقد كان اتفاقا بيننا يا صأاحبي ,ولقد أكلت وشربت مما معي حتى خلص ,فلككو كنككت
آكل وأشرب وحدي من متاعي لكان ما يزال متوفرا لي الن .فضككحك أريككم قككائل ً:ا ذلككك
شأنك ,فلقد كان ذلك بموافقتك لم أغصككب عليكك شكيئا ,والن تريكد أن تأككل مككن طعكامي
غصبا عني .فقال له تميم ً:ا لل يا أخي ليس بغصبا عنك ولكن إذا ما سمحت لي؟ فقال له
أريم ً:ا تدفع المال ثمنا لكلك وشرابك إذا .فقال تميم مندهشا منه ومستسلماً:ا أدافع ..أدافككع.
واضطر تميم أن يدفع المال لريم ثمن كل وجبككة يأكلهككا ولكككل شككربه مككاء يشككربها حككتى
نفذت أموال تميم القليلة التي جمعها للسفر .وعندما ارادا أن يأكل لم يجككد مككا يككدفعه لريككم
فقال ً:ا لم يبقى معي شيئ أدافعه لك ,ونحن فككي مكككان قفككر ل طعككام ول شككراب ,أدافككع لككك
عندما أجد عمل حيث سنذهب .فلم يوافق أريككم علككى طلبككه ولككم يعطكه شكيئا مككن الطعكام.
واشككتد الجككوع والعطككش بتميككم وكككادا أن يهلككك فقككال لككه أريككمً:ا إذا أردات بعككض الطعككام
والشراب أعطيك .ففرح تميم وتأمل خيرا في أريم ولكن أريم قال له ً:ا ولكككن أفقككع احككدى
عينيك مقابل الزادا الذي أعطيك .فاندهش تميم مككن قسككوة صأككاحبه ومككن عرضككه الككذي ل
يستفيد منه شيئا ,ولكن مع إلحاح الجوع والعطش وخوف الموت الذي أعجككزه حككتى عككن
المشي وافق تميم مغلوبا على أمره ,ففقدان عين واحدة خير من فقككدان حيككاته كلهككا .ففقككع
أريم له عينه وأعطككاه بعككض الطعككام والشككراب فككأكل وشككربا ثككم سككارا مككرة أخككرى فككي
طريقهما مسافة بعيدة .وأراداا الكل مرة أخرى .فقرب تميم مككن أريككم ليأكككل فنهككره أريككم
ولم يسمح له فقال تميم ً:ا لقد أخذت عيني مقابله .فقال أريم ً:ا نعم وقد أكلت وشككربت بهككا.
فقال تميمً:ا ولكنها عيني يا رجل .فقال أريم ً:ا نعم ,وتدفع العين الخرى مقابل سد جوعككك
هذه المرة أيضا .فقال تميم ً:ا وكيف سأتمكن من رؤية طريقكي فكي هكذه القفكار ؟ فقكال لكه
أريم ً:ا ل بأس ,أنا اقوداك حيث نذهب .فوافق تميم بل حول ول قوة مستسلما لقضككاء اكك.
ففقع له عينه الخرى وأكل وشربا ثم مضى يقوداه في الطريق ولكن لمسافة قصيره فقط,
بعدها ترك يده ومضى عنه ,فصاح تميم به قائل ً:ا أريم أين أنت يا صأديقي؟ أتتركني هنككا
و حدي يا أخي؟ فضحك أريم وهو يبتعد عنه قائل ً:ا ل تخف إن ا معك ,أم أنككا فالطعككام
79
والشراب معي ,وأنت تبطأ سيري .ومضككى أريككم عنككه فككي طريقككه .فأخككذ تميككم المسكككين
يمشي ويسقط متعثرا ,ثم ينهض يتلمس طريقه حككتى إصأككطدم بشككجرة فتسككلقها خوفككا مككن
الحيوانات الضارية .وجلس فوقها دااعيا منتظرا الفرج وعدل ا القاضي العادال .وكككانت
تلك الشجرة مكانا مفضل لدى الجن ,يتناولون عشاءهم عندها كل ليلككة ,وقككد داخككل علككى
تميم الليل فحضر الجان تحت تلك الشجرة بقككدورهم وأغراضككهم وأحككدثوا ضككجة ,فسككبط
تميم في مكانه ل يتحرك ,فوضككع ثلثككة مككن الجككان قككدرهم تحككت الشككجرة مباشككرة ومككن
حولهم الجان يتسامرون ,فقال أحد هككؤلء الثلثككة الككذين تحككت الشككجرة متفككاخرا بعلمككه ً:ا
أتريان هذه الصخرة التي أجلس عليها ؟ فقال صأاحبيه ً:ا نعم نراها .فقال ً:ا في هككذه القفككار
اليابسه بني البشر يطوفونها عطشى ول يعلمون أن بها الميككاه متككوفرة بكككثرة .فقككال لككه ً:ا
وكيف ذلك ؟ فقال ً:ا تحت هذه الصخرة التي أجلس عليها إذا ما حفر أحككدهم مسككافة ذراع
يجد الماء غزيرا ل نهاية له .وقال أحد أصأككحابه وأرادا أن يظهككر علمككه عليككه ً:ا أمرالمككاء
شيئ هين متوفر ويمكن أن يحمله النسان معه أينما ذهب .فقام الجني الثالث ليرى ما في
القدر الكبير من الطعام ويتأكد من نضجه ويقلبه وقد أو قدوا نارا تحتككه .ثككم أكمككل الجنككي
الثاني قوله قائل ً:ا أما ما ل يمكن لبني البشر أن يعلموه هو هذه الشجرة التي نحن تحتهككا.
فدق قلب تميم بسرعة خوفا من أن يروه ويكتشفوه .ثم أكمل الرجككل الثككاني قككائل ً:ا إذا مككا
أخذت من أوراقها وفركتها في يديك ثم وضعتها على عين العمى ردا له بصره ولو كان
أعمى منذ خمسين سنه بقدرة ا القدير على كل شئ ,فإن تلك الخاصأية موجوداة في هككذه
الشجرة التي ل يعيرها أحد أي إهتمام .فقال الجني الثالث الكذي يتفقكد الطعكام بالقكدر وقكد
أرادا أن يزيد على صأاحبيهً:ا وهذا أيضا سهل,ا فإن من الداوية أنواع كثيرة من يحمل تلك
الخاصأية وليست هذه الشجرة وحدها تفعل ذلك .أترون أسفل هكذه الشكجرة ؟ وأشكار بيكده
إلى تحت الشجرة قائل ً:ا إذا ما حفرتم تحت جذعها مسافة تجدون كنزا عظيما كانت قافلة
متوقفة هنا منذ مئات السنين ,وعندما رأوا اللصككوص قكادامين إليهكم دافكن صأككاحب القافلكة
أمواله من ذهب وجواهر ونقودا فضية تحتها ظانا أن اللصوص عندما يأخذون ما يجدون
ويرحلون يستخرجها بعد ذهابهم ,ولكن اللصوص عندما لم يجدوا شيئا ثمينا يأخذوه قتلوا
كل من بالقافلة إنتقاما ومضوا في حال سبيلهم .ثم نضج الطعام وبدأ الجن الثلثككه بالكككل
فأكلوا وشربوا ورمسوا وضحكوا حتى منتصف الليل .وتميم في مكانه صأابر لم يتحككرك.
ثم نام الجان هناك حتى قبيل الصبح ثم إختفككوا .وعنككدما أحككس تميككم باشككعة الشككمس أخككذ
بعض أوراق الشجرة وفركها بكفه ثم وضعها على عينيه فردا ا له بصره ففككرح برؤيككه
الدنيا مرة أخرى أيما فرح ,ثم نزل من على الشككجرة فككرأى الصككخرة الككتي كككان يتحككدثا
عنها الجني فحفر تحتها مسافة ذراع فوجد الماء هناك غزيرا فشرب حتى إرتوا ,ثم ذهب
إلى تحت الشجرة وحفر حفرة تحتها حتى وجد الكنز فككي صأككندوق قككديم قككد أكلككت الرمككة
بعض أجزائه فأخذه .وبعد سنين طويلة رجع أريم من تلك الطريككق فتفاجككأ بوجككودا مدينككة
كبيرة ذات بنايات وبساتين وأسواق وبها قصر عظيم كبير ,وهذا كله ليس بعيدا مككن تلككك
الشجرة الوحيدة .فدخل أريم السواق وسأل عن ذلك .حيث لم تكن تلك المدينة هنككاك فككي
الماضي .فأرشدوه الى القصر الكبير الذي بوسط المدينة وقالوا له ً:ا ذلك هو من بنى هككذا
80
المكان ,وقد بناه في البدأ إستراحة للقوافل حتى كبرت كما ترى ,وهككو سككلطان علككى هككذه
المدينة ,وهو رجل متواضع كريم محسن للناس .ففرح أريم بهذه المعلومه وقرر الككذهاب
لطلب المساعدة من السلطان فدخل عليه حتى جلس بين يديه ولم يعرفا بعضهما البعككض.
وها يتحدثان قص تميم لريم قصته بالكامل فعرفككه أريككم ولكككن تميككم لككم يعرفككه بعككد تلككك
السنين الطويلة فقال أريمً:ا هل لك أن تسديني خدمة أيها السلطان الكريم؟ فقككال لككه تميككم ً:ا
تمنى علي بأي شيئ ,هل تريد بعض المال؟ فقال له أريم ً:ا ل ,وإنما أريد منك أن تفقع لي
عيناي الثنتين وتضعني أمام تلك الشجرة فقط هذا ما أريد منككك .فاسككتغرب لمككره تميككم.
ومع إلحاحه ومحاولة تميم إرضائه بالمال والجواهر ولكنه أصأر على طلبه .فنفذ له طلبه
ووضعه عند تلك الشجرة مفقوع العينين .فصعد متسلقا الشجرة وجلس أريم فوقها ينتظر.
وبالليل حضر الجان مجلسهم وجلسوا يتسامرون ويأكلون وقد بنيت بجككانب الشككجرة بئككر
بناها تميم لما حفر هناك أول مرة فوجد الماء فبناها للقوافل والكدواب .فتكلككم أحككد أولئكك
الجان قائل ً:ا هذه البئر وقد حفرها بني البشر ,وقد كنت تقول أنه ل يعلم أحد بوجودا الماء
الغزير هنا .فقال الخر ً:ا لست بأحسن حال منككي فقككد إسككتخرج بنككي البشككر كنزهككم الككذي
كنت تتفاخر بمعرفتك وحدك عن مكانه .ثم سكتت الجان وقاموا يتحككدثون بأشككياء أخككرى
ويضحكون وأريم يستمع لهم فلم يقولوا شيئا يسكتفيد منكه .فصكرخأ عليهكم مكن فكوق ق ائل
بقوة ً:ا والمال ,الكنز ,أين خبيء الكنز؟ عندها رفع الجن بصرهم إلى فوق الشجرة فرأوه,
فتطايرت الجن عليه كالزنابير وتناهشته هناك فوق وهو يصيح ويستغيث....
قاطع شهلون قصة هرمس قائل ً:ا نعم ,نعم أنا أعرف تلككك السككلطنة .فنظككر الجميككع إلككى
شهلون مندهشين .فنظر إليهم قائل ً:ا أل تصدقوني ؟ لقد قال لي أبي أن جككده الكككبر كككان
سلطانا من السلطين على مدينة ما هناك في الصككحراء ,وأذكككر أنككه قككال شككيئا عككن كنككز
أجككداداي العظمككاء .فنظككر إليككه الجميككع مكككذبين .فنظككر شككهلون فككي وجككوههم قككائل ً:ا أل
تصدقوني؟ نعم إنه جككدي الكككبر أريككم هككذا إسككمه ,أريككم الكككبير .فضككحكوا عليككه وقهقككه
الجميع وهو يحاول إقناعهم أنه إبن السلطين فقالت له روثا ً:ا إنككه تميككم السككلطان وليككس
أريم .وتضاحكوا عليه وأخذت الجميع الجدية لما سكت هرمس وإخوته عن الضحك وقام
هرمس بكل جدية فنظر الجميع إلى حيث ينظر الجان فإذا شيئ كمثل النور يقع عليهم من
السماء وتحكط علكى الرض مخترقكة حلقتهكم سكيدة وقكورة معتدلكة القكوام جميلكة حليبيكة
البشرة ذات هيبككة .وحككط ورائهككا أفتككاب وماهتككاب فتقككدمت تمشككي نحككو هرمككس وأفتككاب
وماهتككاب يمشككون ورائهككا وهككي تقككول ً:ا أصأككبحت تجيككد قكص الحكايككات إذا يككا هرمككس.
فاستنحى هرمس وأطرق رأسه ثم تقدم منها وورائه إخوته فقبل يدها قائل ً:ا مرحبا أمككي.
وكذلك فعل الخوة من وراءه بينما فرح هرمس بككإخوته أفتككاب وماهتككاب وهنأهمككا علككى
السلمة وككذلك فعكل الخككوة مكن وراءه فرحيككن بلكم شكملهم مكع أمهككم .وقككد ككان الشككيخ
سموطان يخطوا إليهم فشاهد منها ذلك فوقف برهة ثم تقدم إليها وهي تنظككر إليككه فخطككت
نحوه وخطا نحوها فلما تلقيا أخذ يدها يقبلها قائل ً:ا الملكة دابورة أم ملوك الجان ,مرحبككا
بك ,لقد جأتينا فككي أوقككات عصككيبة .فنظككرت الملكككة إلككى الطفككال المتشككابهين مككن حيككث
الملبس من حولها فقال الشيخ ً:ا هذه إحدى الصعاب .ثكم قكالت الملكككة دابككورةً:ا جنكد الملككك
81
شمشون لن يصلوا إليكم قبل ثلثة أيام ,حيث إنه جيش كبيركثير العتادا .فقامت روثا مككن
حيث تجلس من خلف الملكة وهككي تنظككر إلككى لبككاس الملكككة الملكككي الفخككم فسككتانا أسككوداا
طككويل مخصككر ,يتككدل مككن فككوق رأسككها إلككى كعككبي رجليهككا حجككاب أسككودا يخفككي وراءه
ظفيرتان طويلتان كبيرتان من شككعرها ,كككل واحككد منهككا ملتويككا مشكككل حلقككه تصككل إلككى
مقعدتها ثم يرجع طرفه مرة أخرى ويختفي عند بدايته عند رأسها خلككف الحجككاب ,وهمككا
على جوانبها كأنهما جناحا فراشة ,ثم شهقت قليل روثا عندما خرجت أطراف ظفيرتاهككا
قليل من وراء الحجاب من عندرأسها لتنظر إلى روثا ثم عادات بسرعة واحتجبتا .فقالت
روثا ً:ا ثم إن الملك أجمنون قد إختفى ول نعلم ما حل به .فإستدارت الملكة إلى من يتكلككم
من خلفها بنصككفها الفككوقي وسككموطان أمامهككا فنظككرت روثا بإعجككاب إلككى وجككه الملكككة
الصافي الطويل ,وفي شق صأدرها جككوانب حمككراء دامويككة وقلداة غريبككة مككدلة بسلسككلة
على صأدرها .فقالت الملكة وهي تشكير بأصأكابع يكدها الكتي لكم تكزدا خواتهمكا الثلثكة فكي
أصأككابعها علككى جمككال أناملهككا الرقيقككة ً:ا نعككم الملككك أجمنككون .ثككم إسككتدارت معتدلككة إلككى
سموطان وسارت إلى البركة المسمومة وتبعوها .وقفت الملكة دابورة علككى ضككفة البركككة
وفتحت كفيها على الماء وحركتهما ,فإذا البركة أصأبحت مثل الشاشة الكبيرة ووضح فيها
طريككق إنتهككى إلككى صأككومعه الكككاهن حنباثكا ,وبككان بككداخل الصككومعه الملككك فككي الرض
محشور والكاهن حنباثا والملك سايروس وتابعه أوريا بجانبهما والملكان يأكلن ويلقيككان
الطعام على أجمنون .فقالت الملكة دابورة ً:ا إنه الكاهن حنباثا في مملكتة مملكة )دالتا( وقككد
إحتجز الملك أجمنون معه ,وهذا الملك سايروس بجانبه .عندها رجعككت البركككة علككى مككا
كانت عليه فقال سموطان للملكة ً:ا وما قصة هؤلء الصبية أيتهككا الملكككة ؟ ففعلككت الملكككة
مرة أخرى ذلك وهي تنفخ بإتجاه البركه فإنتشر الهواء من فمهككا علككى البركككة ووضككحت
في الماء صأورة وصأفتها لهم قائلة ً:ا هذا إبن الملك سايروس الساحر المشعوذ مرقس ,في
كل سنة يختار ستة من الولدا الذين بلغوا الحاداية عشرة في تلككك السككنة ,ويككأتي ليككذبحهم
هنا على هككذه البركككة قربانككا للمعبككد فيعطككي الشككيطان أرواح تلككك الصككبية للجنككودا الككذين
يذبحونهم ,وبذلك ل يمكن لحد أن يقتل أولئك الجنودا ,وقد أصأبح لديه ستين جنككديا بعككددا
هؤلء الصبية هنا .حينها إنطفأت الصورة مككن البركككة وأرادات الملكككة الكلم مككع الشككيخ
فقاطعتها على حياء روثا قائلة ً:ا وكذلك المير هيرودا ,تبككع بككأبيه إلككى مملكككة )ثيتككا( .ثككم
نظرت روثا بحزن إلى الملكة التي إلتفتت تسمع منها .فالتفتت الملكة إلى البركككة ومككدت
كفيها وحركتهما فوضحت صأورة هيككرودا وهككو مسككتلقي علككى الرمككال يتحككدثا إلككى فتككاة
جميلة بثوب واحد قصير وهي تبتسم من كلمه وهما منسجمان مع بعضككهما كمككا إنسككجم
الظلم من حولهما .فاسككتدارت روثا عنككدما شككاهدت ذلككك ومضككت ببعككض الحككزن ممككا
رأت .فقالت الملكة دابورة للشيخ ً:ا يجب أن نذهب لنقاذ الملك أجمنون .فقككال الشككيخ ً:ا أنككا
أتكفل بذلك .وتكلم الوزير لوذا وقال ً:ا بل يجب قتل هذه الصبية أول ,فلسنا في أمان وهم
حولنا .فقككال الشككيخ ً:ا هككذه خطككوة جيككدة يككا لككوذا ,لقككد بككدأت تتككدرب علككى قككول الصككدق.
فإعترضت الملكة وذهبت إلى أحد الصبية وأمسكت بذقنة ونظككرت إلككى عينيككه البريئتككان
وقالت ً:ا ولكنهم ليسوا إل ضككحايا أبريككاء .فقكال الشككيخ ً:ا ولكنهكم يقتلكون مكن الجنكودا ككل
82
ساعة بل كل لحظة .فقالت الملكة وهككي تنظككر فككي عينككي الصككبي ً:ا إن أرواحهككم لككم تجككد
طريقها للهدؤ والسكينة ,أقل ما نفعله لهككم أن نككترك أرواحهككم تعيككش بيككن هككذه الشككجار,
وضحكاتهم تسلي الطيور .عندها نظر الشيخ إلى الملكة بإعجاب ونظرت إليككه مككن حيككث
كانت منحنية إلى ذلك الصبي ممسكة بذقنه ورمقت سموطان بنظرة جانبية قبل أن تعتدل
إليه مستديرة قائلة ً:ا سككنذهب إلككى جيككش الملككك شمشككون .فقككال الشككيخ ً:ا ومككاذا سككتفعلون
هناك؟ قالتً:ا داع هذا لي ,هل ستتكفل بإنقاذ الملك أجمنون؟ فقال الشيخ ً:ا داعككي هككذا لككي.
حيا الشيخ الملكة تحيه برأسه وطار من ساعته .فتوجهت الملكة إلى هرمس وقككالت لككه ً:ا
سنذهب أنا واخوتك لتسريع النجدة القادامة من الملك شمشون إبقا هنا واحرس البقية .هككز
رأسه هرمس بالطاعة وطارت ألم وطار معها أبنائها أفتاب وماهتاب وبهككرام وبرجيككس
وكيوان.
الفصل الساد س
83
وإذا بسموطان يدخل عليهم الصومعة مسرع الخطى نحو الملكين حنباثا و سايروس على
الكراسي .فنظر سموطان إلى الملك أجمنون وهو بداخل أرض الغرفككة وقككد أغمككي عليككه
من التعب .وتوجه سموطان بككالكلم إلككى حنباثككا بشككدة قككائل ً:ا أمككا تسككتحي يككا خنزيككر أن
تتجرا على ملك الملوك بعلم السحر والعوان .فنظر إليه حنباثا مغتاظا وأشككار بيككده إلككى
الرض وقال ً:ا بغقان واحد فردا يا أرض ضككميه فقككال الشككيخ ً:ا لككن تضككمني أرضككك ول
سمائك بل تضمني أرض ا الطككاهره وسككماءه القككاهره الككتي بغيككر عمككد مرفككوعه .فقككام
حنباثا من كرسيه وقام كذلك سايروس الذي إبتعد إلى الزاوية اليسرى تاركا لهما المجككال
للنزال .وقد أشتد التحدي بينهما كما لحظ ذلك الملك وتككابعه المتفرجككان الوحيككدان .فقككال
حنباثا يعزم ً:ا قهريا يا مقهريا يشكوت يا شكوته يا خنجر يا طستل .فرأى حنباثا الشككيخ ل
يتأثر بما يعزم عليه بل يبتسم وهو يتقدم ناحيته ببطككأ .فرجككع حنباثككا يزحككف علككى وراءه
ناحية الزاوية اليمنى وقالً:ا يا شمخا يا شمطيثا يا سلمطيثا يا خيملوثيا والشككيخ سككموطان
يضحك غير مبالي حتى تيقن حنباثا أنكه ل يسكتطيع لكه حكول ول قكوة فقكال حنباثكا ً:ا مكن
أنت؟ ومن أين أتيت وماذا تريد مني ؟ فقال الشككيخ ً:ا أراك يككا كلككب إجتهككدت فككي سكحرك
حتى صأرت مثل الجرة الفارغة وأنا صأابر عليك لعلك تحترم كها نتك وعلمك ,فاعلم أني
ل يجوز في أقلم ول أسماء ول عزائم ول أسحار وإذا الشيخ يتقككدم ليبطككش بحنباثككا فكإذا
يدفعه شيئ كبير ضخم من خلفه إلى جدار الصككومعة فيقشككعاه ويسككقطا مككن علككى الجبككل.
وإذا هو جلجلن الماردا فتبادال اللكمات نزول مككن علككى الجبككل والشككيخ يحككاول الطيككران
ليرتفع فيدفعه الماردا إلى السفل بقوة والشيخ يحاول دافعه عنه حتى تمكن الشيخ من قلبككه
في الونه الخيرة فيقع والشيخ يقع فوقه على الرض فقام عنه الشككيخ منهكككا والمككاردا ل
يتحرك ممدداا ,فإلتقط سموطان أنفاسه وأمسك بخاصأكرته متألمككا وإذا المككاردا يلكمكه لكمكة
قوية ترجع سموطان إلى الخلف بقوة فيصككطدم ظهككره علككى حجككر كككبير مسككطح ,وتبعككه
الماردا حيث أسند الشيخ ظهره على تلك الصخرة من القذفة وأمسك بسموطان مككن خناقككة
فلم يستطيع سموطان التنفس فتككذكر سككموطان ونظككر إلككى جيبككه وأخككرج منككه كيسككا بيككده
اليمنى وأمسك بيده اليسرى على أنفه فتعجب منه المككاردا إذ هككو مخنككوق ثككم يمسككك بكأنفه
كيف ذلك؟ وهو ل يعلم ما يخطط له الشيخ فقذف الشيخ بيده اليمنى ذلك الكيس في وجككه
الماردا ,والماردا حين ذاك لم يفلت الشيخ ماسكا بخناقه .وكان الماردا ل يلبككس شككيئا سككوى
بنطال قصير ضكيق فضكرط المكاردا ضكرطه شكديدة نفخككت الككتراب مككن علككى الصككخور
المجاورة لهم من خلفه التي في سفح الجبل وكأنها قذيفة .ولم يبالي الماردا بذلك فرفع يككده
ليدق الشيخ بيده التي كأنها مطرقة ضخمة وإذا بالماردا يضككرط عككدة ضككرطات متتابعككة,
طلقات كلها تذهب في الصخور بصوت الرعككد فككي ذلككك الككواداي الصككخري ,فتككوقفت يككد
الماردا في الهواء وانزعج وأمسك بطنه الذي بدأ يتلوى ,فإذا هو يبككدأ بالضككراط المسككتمر
الشديد فترك الشيخ وذهب في الواداي راكضا وهو يضرط الشديد حككتى إختفككى فككي آخككر
منحنيات الواداي بين الصخور .أمسك سموطان خاصأرته التي آلمته وبدا وكأن جسمه قككد
84
تدقككدق .وحنباثككا كككان يراقبهمككا مككن فككوق صأككومعته هككو وصأككاحبه الملككك سككايروس عنككد
الشرفة ,وكان الشيخ شديد العياء فطار مككن فككوره إلككى الصككومعه وبالكككادا سككحب الملككك
أجمنون من حفرته وطار به بمشقة شديدة ,وما يكاداان يصلن المعسكر حتى وقعا أرضا
هما الثنين من اللم والصأابات والتعب .فتككدافع الجميككع إلككى حملهمككا إلككى دااخككل الخيككام
وأخذوا بتطبيبهما .أما الملك سايروس فقال للملك حنباثاً:ا لقد أفلت مككن بيككن أيككدينا .وكككان
الكاهن حبناثا ينظر من شرفتة مترقبا .ووراءه سايروس ثم وراءه تابعه .فأخذ تابعه يشده
من ردااءه ليسكت ولكن سايروس تابع تعنيف حنباثا قائل ً:ا كلكه بسككببك وضككعف سكحرك
وقوتك ,وقد تغلب عليك ولم تفعل له شيئا ,وذلككك المككاردا الغككبي الككذي أرسككلته وراءه وقكد
هرب كالدجاجة .وهذا كله والتابع يجر بردااء سيده سككايروس لكككي يصككمت .فككالتفت إليككه
الكاهن حنباثا وقد إشتد حنقه فدفع بيككديه الملككك سككايروس علككى صأككدره دافعككة قويككة فككدفر
وراءه تابعه وارتميا أرضا .ثم أمر الرض وقال ً:ا بغقان واحككد فككردا يككا أرض ضككميهما.
فضمتهم أرض الغرفة وأخذ حنباثا يدور في أرض الغرفة شابكا يديه خلف ظهككره يفكككر,
وكلما مر بالثنين في الرض وقف ينظر فيهمككا ول ينظككر إليهمككا .بككل بككاله مشككغول فككي
شيئ أكبر .والتابع يندب حضه .أما الملك سايروس فكان محشورا أيضا إلككى صأككدره فككي
التراب يسب ويلعن تارة وتارة يستحلف الملك حنباثا بالنككار المقدسككة .فوقككف حنباثككا عككن
سيرة أمامهما ويديه خلف ظهره ينظر فيهما ويفكر في الشيخ .فأداار وجهككه بسككرعة الككى
يمينه ناحية الشرفة حيث سمع صأوتا .ضرطة قويه أتت مككن أسككفل الجبككل ثككم إلتفككت إلككى
سايروس عندما علم مصدر ذلككك الصككوت وقككال مشككيرا بعينككه إلككى ناحيككة الشككرفة ً:ا إنككه
جلجلن ,يغذي نباتات الواداي بالسمدة.
كان جموع وجيوش الملك شمشون يسيرون فإذا بهككم تنككزل عليهككم الملكككة الم وأبنائهككا.
فخاف الملك شمشون وتحرك جنككده فمنعهككم أناهيككد وتقككدم وقبصككل يككد أمككه الملكككة بككاحترام
وخلفها أولداها الخمسة وقال أناهيككد للملككك شمشككونً:ا هككذه أمنككا الملكككة دابككورة .ثككم تككوجه
أناهيد إلى أخويه أفتاب وماهتاب يهنئهم على السلمة وصأافح إخوته .فتقدمت الملكة إلككى
شمشون وقالت ً:ا أيها الملككك شمشككون ,نشكككرك علككى تقككديم المسككاعدة ,ولكككن مسككاعدتكم
ستكون متأخرة حيث أنهم بحاجة إليها الن .فقال شمشون ً:ا هانحن كما ترين نسككير حككتى
في الظلم ,ماذا نصنع أكثر من ذلك ؟ وقال بتهكم ً:ا نطير .وضحك شمشون وهككو ينظككر
إلى كبير جنده الذي سايره في الضحك فقالت الملكة دابورة ً:ا هككذا مككا سككتفعلونه .فانككدهش
الملك وظن أنها تمازحه حتى قالت لهً:ا أحضروا ما إسككتطعتم مككن المحككابر والقلم ,هككل
معكم أحد ممن يستيطعون الكتابة ؟ فنظر الملك شمشون إلكى ككبير جنكده محكول السكؤال
إليه فقال كبير الجند ً:ا نعم هناك منهم من يستطيع الكتابككة .فقككالت الملكككة ً:ا أحضككروا مككن
إستطعتم وكل ما طلبككت .فنظككر الملككك إلككى كككبير جنككده وسككمح لككه بيككده فككذهب وأحضككر
مجموعة مما يقرب من خمسة وخمسين جنديا ممن يعرفككون الكتابككة .وذلككك كلككه والملككك
والجند ل يعلمون لما كل هذا ؟ فلما أحضروا القلم والمحابر عند الملكة وأبنائهككا السككتة
قال الملك شمشون للملكة وهو يقف بجانبهاً:ا سنحارب بهذه القلم ؟ فنظرت إليككه الملكككة
بطرف عينها مستهزأة وقالتً:ا سنكتب على كل ظفر من أظافر أليككدي حرفكا ,ونبككدأ مككن
85
ظفر البهام اليمن حتى ننتهي من اليد اليمنككى ,خمسككة حككروف بخمسككة أصأككابع ,وكككذلك
نفعل باليد اليسرى ,هكذا .وأخذت الملكة يد الملك وكتبت في أظافر أصأابع يده اليمنى ت
ط ل خأ و ثم أخذت يد الملكك اليسككرى وكتبككت بدايككة بالبهكام هكذه الحككرف ت ط ل خأ و
وكبير الجند يشاهدها ,ثم قالت داع الجنودا الذين يعرفون الكتابة يتقدمون إلى كل واحد منا
نحن السبعة واحدا واحدا ,ونحن نكتبها لهم ونعلمهم طريقتها ثم هم يكتبون للبقيككة .فككذهب
كبير الجند وجعل الجند الخمسة والخمسين يتقدمون على الجن وهكم يكتبكون لهكم .وقكالت
الملكة للملكً:ا وإذا أردات الهبوط بعد أن تطير إمسح من أصأابع يديك حرفككا حرفككا ,فكلمككا
مسحت حرفا نزلت قيل وهكذا واحككدا تلككو الخككر .فقككال الملككك شمشككونً:ا أمركككم عجيككب
معشر الجان غريب .فقكالت لكه الملككة ً:ا أمكا أنكت فلكك أن تجكرب وأنكت فكي الفضكاء أن
تمسحها كلها من أظافرك دافعة واحدة .فارتعش الملك مسككتنكرا وقككال ً:ا ل ل كمككا تقككولين
نفعل ل نخالفك أمرا .داخلت روثا على الشيخ في الخيمة وهو يتألم فجلست علكى طكرف
فراشه وقالت ً:ا هل أنت بخير سموطان؟ وقد بدت حزينة فقال الشيخ وهو ينظر إلى دايفي
الذي داخل وألقى بنفسه على الشيخ فتألم منه عندما لمس صأدره ووضع رأسه عليه ً:ا آه ل
أنا أحسن الن إذ رأيتكما ,هل عادا هيرودا ؟ فقالت ل لم يعد بعد ,أظن أنه يفضل البقاء في
الصحراء مع تلك الفتاة وحدهما .فضحك الشيخ من قولها متألما وقال ً:ا آه يا إبنككتي ,كتككب
عليك أن تعيشي وحيدة لم تختلطي بالرجكال .فقككالت روثا ً:ا بكل لقككد فعلكت ,لقكد إختلطككت
برجل الرجال ,أنت .عندها إبتسم الشيخ لها وضم دايفي إليه .في صأومعه الكاهن حنباثككا
كان جالسا على كرسيه وهو يأكل العنب ويضحك وهو يرمككي بككه علككى الملككك سككايروس
وتابعه أوريا وهما في أرضية الغرفككة محشككورين.وإذا بضككرطة قويككة مككن وراء كرسككيه
تأتي من سفح الجبل فإنتقز حنباثا قليل ثم لم يبالي وأخذ يأكل العنب ويضحك ويرميه فككي
وجه سايروس.
إصأطف جميع جيش الملكك شمشكون علكى طكول الطريكق خلكف الملككة دابكورة وأبنائهكا
الستة .وقد حملوا ما إستطاعوا حمله من متاعهم معهم .ثككم صأككرخت الملكككة بقككوة قككائله ً:ا
أخل كاغ زرطلة أخلكاغ زرطله أخلكاغ زرطلة عندها ويا لعجب الجنودا حيث بدأوا
يرتفعون مذهولين فرحين .وأخذوا يتقككون أغصككان الشككجار أثنككاء إرتفككاعهم ومنهككم مككن
يصطدم بها فتوجعه ثم يعودا فيرتفع إلى أعلى حتى أصأبح الجميع في السككماء عاليككا .وقككد
سككدوا وجككه السككماء لكككثرتهم .وانطلقككت الملكككة وأبنائهككا متككوجهين وتبعهككم جيككش الملككك
شمشون والذي كان في المقدمة يطيكر خلكف الملككة وهكو ينظكر إلكى تحكت حيكث ترككوا
جميع معداتهم الثقيلة وأجهزتهم الحربية ورائهم .والجميككع غيككر مصككدقين أن ذلككك حككدثا
فعل وأصأبحوا كالطيور.
كان الملك أجمنون غاطا في النوم وقكام فجكأة يهككذي ويصكرخأ فككدخل عليككه وزيككره لكوذا
وأقامه من نومه .وعندما فتح الملك عينيه سأله ً:ا أين ابني هيرودا ؟ فقال الوزير ً:ا مككولي
عندما إختفيت ول نعلم ما حل بك ,رفض القوم أن يذهبوا في إثرك لقلة عككدداهم ,ووجككدنا
حارس خيمة الرسول مفتول في خيمته ,فأردات الذهاب للبحث عنك ولكن الميكر هيكرودا
منعني وقال ً:ا أنه أولى بالخروج للبحث عن والده العزيز ,فخرج إلى مدينة )ثيتا( للبحككث
86
عنك .تنهد الملك مفجوعا في إبنه وقالً:ا أهك سيهلك المير ,لبد من الذهاب للبحككث عنككه.
وأرادا القيام من فراشه ولكن جراحككه أثقلتككه فاسككتلقى فككي فراشككة متأننككا مككن آلمككه .فقككال
الوزير ً:ا ل عليك يا مكولي ,بعكدها حضكرتنا الملككة دابكورة وأرتنكا فكي البرككة أن ابنكك
بخير ,وأنه قادام إلى هنا ,لقد كان منظرا عجيبا في تلك البركة .فنظر إليه الملك من تحككت
جفونه وهو ل يفهم شيئا ,وظن أن الوزير فقد عقله .فقال لكه ً:ا ملككة .برككة .مكاذا تقكول ؟
فقال الوزير ً:ا ل عليك يا مولي إن إبنك بخير .ثم راح الملك في غيبوبه مرة أخرى .فككي
هذه الثناء كانت الملكة دابورة مع أبنائها الستة يقوداون المددا في السككماء ,وإذ هككم قريكبين
من معسكر الملك أجمنون قالت الملكة دابورة ً:ا ذاك هو معسكرنا ,ما تقولون يا أبنائي لككو
نذهب إلى صأومعه الكاهن مباشرة ,فلعل سموطان بحاجة إلينا هنككاك ,وإن لككم يكككن هنككاك
فالمسافة ليست ببعيدة من الصومعة إلى المعسكككر يمكككن للجيككش الزحككف إلككى هنككاك فككي
غضون ساعات ونخلص الناس مككن شككر ذلككك الكككاهن الخسككيس .ردا عليهككا إبنهككا الكككبير
أفتاب بهز رأسه باليجاب وقال كيوان ً:ا نحن قادارون عليه يككا أمككاه .وإذ هككم كككالطير فككي
السماء وورائهم ذلك المددا الكككبير وكككأنه سككرب مككن الجككرادا كسككرت ألم طيرانهككا يمينككا
وتبعها أبنائها ومن خلفهم القطيع .وهم كذلك يطيرون حتى لحت لهم صأومعة الكاهن من
بعيد فتنبه الكاهن حنباثا إلى صأوت أزيز يقترب .فاقترب من شرفته وشاهد ذلككك السككرب
الضخم .حينها داخل حنباثا مسرعا إلى بعض الحجرات في الصومعة وخرج إلى الشككرفة
ومعه حزمة كبيرة من أعوادا الخشب كل عودا بطول سلعد اليد .وذهب مرة أخرى وعاودا
ومعه حزمة كبيرة من الحبال المقطعة ,وهي بنفس أطوال أعوادا الخشب ,وأخككذ يصككفها
تحت الشرفة ويجهزها وهو يطككالع مككن الشككرفة إلككى ذلككك الزحككف المقككترب .وأخككذ يفككك
أربطة رزمة الخشب على عجل ويصككف حبككاله بجانبهككا مفككرداة ,ثككم إسككتقام حنباثككا علككى
الشرفة وهو ينظر إليهم وقد إقتربوا ,وأخذ ؤيتمتم ببعض الكلمات سرا ثم يشير بفمككه إلككى
قسم من ذلك الجيش وينفخ فإذا نفخ تساقطت الحرف مككن أصأككابع ذلككك القسككم مككن الجنككد
الذين نفخ عليهم فيسقطون ويهوون أرضا ,ومرة أخرى يتمتم إلى قسم أخر وينفخ والجنككد
ينظرون إلى تلك الحكروف المكتوبككة علككى أظككافرهم تتسكاقط كمككا لكو أن أصأكابها المطكر
فيسقطون ويهوون في الواداي .وتكسرت عظامهم على الحجار التي في الواداي .وأصأبح
الجند في بلبلة عظيمة وخطب جسيم .وأخذت الملكة دابورة تنظر إليهم يتسككاقطون ويككأتي
من هو خلفهم فليعلم ما يكون هناك ويلقى نفس المصككير .فأصأككاب الملكككه الحككزن والغككم
والغيض وهي تنظر إليهم صأرعا يهوون إلى الرض كما يهوى الذباب .وأخككذت تصككيح
بهم امسحوا واحدا تلو الخر وانزلوا إلككى سككفح الجبككل .بعضككهم سككمعها ونجككح بككالنزول
وبعضهم كان يسقط .وأخذ أولداها يصيحون بهم بالنزول وذلك الكاهن الفاق ينفككخ فيهككم
من كل إتجاه .فاضطرت الملكة إلى النزول ونزل خلفهككا أبنائهككا ثككم قككام الجنككودا بككالنزول
وبعضهم كان مككا يككزال فككي النككزول فيسككقط ويمككوت حككتى نككزل الجميككع إلككى سككفح جبككل
الصومعة وقد هلك أكثر من ثلث الجيش .وأخذت الملكة وأبنائهككا يراقبككون الجثككث الملقككاة
على الصخور في كل مكان .وتقدم منها الملك شمشون غاضبا وهي فكي السكى مهمومكة
وصأاح فيها قائل ً:ا هذه معركة الجن وليست حرب البشر .فأجابته بسرعة مشيرة بعينيهككا
87
إلى الصومعة فوقهاً:ا وهل ذاك الذي قتلهم من الجن؟ انه منكم .فهدأ الملك شمشون وقالت
الملكهً:ا ولكن مع هذا أنا ألوم نفسي على هذه المذبحة ,كيف لم أنتبه إلى أمكر الككاهن وأنكا
أعلم أنه ذو عزائم ومتمرس في السحر السككودا؟ عنككدها أخككذ الكككاهن أحككد العصككي وقككرأ
عليه وتفل فيه ثم ألقاه من الشرفة فإذا هو يسقط وقبل أن يلمككس الرض تحككولت العصككى
الى عقرب عملق أخذ يلكدغ الجنكد والجنكد حكوله يحكاولون قتلكه وهكو يصكيبهم مكن هنكا
وهناك .وبعض الجند من يحاول تسلق الجبل إلى الصومعه فما زال الكاهن يلقككي عصككيه
وتتحول إلى عقارب عملقة في كل الواداي .والجنككد يحككاولون قتلهككا فتقتلهككم وتصككطاداهم
من كل صأوب .واجتمع الجند على أحككد العقكارب فقتلوهكا وغرسككوا رمككاحهم فكي أخككرى
وممن قتل من الجند أخذت الملكة تشير إلى رمككاحهم الملقككاة فتنطلككق الرمككاح فككي الهككواء
فتقتككل عقككرب هنككاك وتقتككل أخككرى بجانبهككا واولدا الملكككة يفعلككون مثلهككا .وداارت حكرب
طاحنة .وعندما فرغ حنباثا من العصي أخذ أحد الحبال وعقده عقدة واحدة وتمتم في تلككك
العقدة ورماه ,وقبل أن يصل الحبل إلى الرض تحول إلى ثعبان هائل أخذ يجتككاح البشككر
وتوالت من بعده الثعابين من فككوق فكككانت حربككا عظيمككة مككن ثعككابين وعقككارب .واجتهككد
البناء في مساعدة الجند على قتلها .وقتل عددا كبير من الجند وتخلصككوا مككن عككددا كككبير
من الفاعي والعقارب .وإذهم يقاتلون إذا بصككوت وقعكات كككبيرة تككأتي مكن أخكر الككواداي
وبعككدها ظهككر المككاردا جلجلن مككن بيككن الصككخور يجككري بسككرعة وانقككض علككى بهككرام
وطرحه أرضا وأخذ يضربه بضربات قويه لها داوي عالي فيككؤلمه .والكككل فككي قتككال فككي
كل مكان .وهاجم أناهيد ذلك الماردا وخلص أخاه منكه وتعككارك الخككوة مكع ذلككك الككوحش
المكسو بالعضكلت المفتولكة صأكاحب الكرأس الككبير وككأنه رأسكين مكن رؤوس الكثيران
القوية ,وقد بلغت عضلت كتفيه إلى أذنيه .وإذهم في صأراع كان الجند منهم من يستجمع
قوته ومنهم من يقتل الفاعي ومنهم مككن تقتلككه العقككارب السككودااء .ثككم سككمعوا صأككوتا مككن
الصومعة .الكاهن يصرخأ من شرفته لمن هككم تحكت السككفح بصككوت عككالي تناقكل الككواداي
صأداه قائل ً:ا سأريكم قوتي سأريكم قوتي .وداخل إلككى دااخككل صأككومعته حيككث كككان الملككك
سايروس وتابعه ما يزالن هناك في أرض الغرفة محشوران وقد إنهارت قواهمككا .وبعككد
أن ألقى الكاهن نظرة عليهما توجه إلى أحد أبواب الغرفة المجاورة والتي ليككس لهككا بككاب
يغلق شأن الصومعه كلها .وداخل إلى ألسككطبل وحالمككا داخككل وقفككت ثلثككة كلب سككودااء
ودايعة كانت مستلقية مربوطة ,ووقفت متلهفة تنظككر إليككه وهككي تلهككث فتقككدم الكككاهن مككن
أحدها وفك رباطة فإذا الكلب الخرى تداعبه وتلعق يده بلطف ,وأخذه معككه يسككوقه مككن
حبله لبضع خطوات هناك واستل سكينا كبيرة كانت معلقة في الجدار مكتوب عليهككا هككذه
الشكال على نصلها العريض .
88
وجر حنباثا سكينه في بطككن ذلكك الكلكب وشكقه بقكوة ,وأخككذ يخكرج أمعكائه قبككل حكتى أن
ينتظككره أن يمككوت ,والكلككب يعككوي ويصككيح .وأخككذ حنباثككا مصككارينه الطككويله وجزأهككا
بالسكين ,وأخذ ثلثكة قطكع منهكا ,ككل مصكرون بطكول الشكبر ,وأخكذ يفكرغ مكا فكي تلكك
المصارين ويشدها بيده وهو يقول ويتمتمً:ا سأريهم مككن أنككا ,سككيعلمون مككن أكككون ...نعككم
هكذا هكذا أسرع أسرع .ثم ربط كل مصرون من تلك المصارين مككن طرفككه وهككو يقككول
عند ربطها ً:ا هذا من طرفكه ,وهكذا مكن طرفكه ,وهكذا مكن طرفكه ,نعكم هككذا .وأخكذ تلكك
المصارين الثلثة واتجه إلى ناحية باب يفضككي إلككى خكارج ذلكك السككطبل ,حيككث سكاحة
خارجية من خلف الصومعة مما يلي الجبل ,يحيط بها جدار قصير وليس لها سقف ,وفككي
وسطها شجرة ذات أوراق كبيرة مزروعة في الرض بطول قامة رجل ,وحول غصككنها
صأككحن يككدور بهككا وغصككنها يخككترق الصككحن إلككى الرض ,والصككحن منكككس إلككى جهككة
انسيابيه قليل به صأنبور ,ومعلق بالشككجرة عككدة خطككاطيف مككن طيككور الخفككاش مذبوحككة
تقطر داما إلى الصحن الذي به مككاء النككدى الككذي يقطككر مككن أوراق الشككجرة ,فيلتقككي الككدم
والندى في الصحن .فاقترب الكككاهن مككن الصككنبور وأخككذ يمل تلككك المصككارين مككن ذلككك
الصنبور ماء أحمرا .وكلما مل واحدا علقه في معلق متنقل بجانبه حتى علقهككا بثلثتهككا.
فأخذ المعلق وأخذ بيده الخرى ثلثة خفافيش من تلك المعلقة على الشجرة ,ورجككع إلككى
زاوية في السطبل حيث فرن نككار ,ووضككع المعلق بجككانبه ورمككى بتلككك الخفككافيش فككي
الفرن وانتظرها.
الملكة دابورة عندما رأت ذلك الماردا العملق جلجلن يدفع بأبنائهككا يمينككا وشككمال أخككذت
من تحت حجابها من رأسها مشطا من حديد ,ورمته بقككوة علككى جلجلن وهككو يقاتككل أحككد
أولداها ,فأصأكاب المشكط رأس جلجلن مكن قفكاه ورككز فيكه ف ألمه رأسكه وأمسككه وهكو
يصرخأ ,فتقدمت منه دابورة وهو يدور على رأسه وإذا بعقوصأككها بعككد أن سككحبت المشككط
تخرج وتتحرك من حولها كاليدي الطويلة أو كالحيات ,وتقدمت منه وأمسكته من وراءه
بظفيرتاها فالتوت العقوص حول رقبته وعلى رأسه فعصرته وسمع صأوت تهشم رقبتككه,
وزادات عليه العصر حتى وقع أرضا ميتككا .ونظككرت الملكككة مككن حولهككا إلككى الجنككد وهككم
يصارعون الفاعي والعقارب العملقة والتي لم يبقى منها إل القليل ,وصأاحت في أبنائها
قائلة ً:ا عليكم بهذه العقارب والحيات .فانتشر أبنائها علككى المخلوقككات الشرسككة يسككاعدون
الجند على قتلها.
89
فتح الكاهن حنباثا الفرن فإذا الخفككافيش قككد أصأككبحت رمككاداا .فأخككذ مككن ذلككك الرمككادا فككي
قارورة صأغيرة بجانبه ,ورفع معلق المصارين وتككوجه إلككى الشككرفة ونظككر إلككى تحككت
الجبل فلم يرى من مخلوقاته سوى عقربه واحدة وأفعككى .فككأطلق ضككحكة قويككة .ونظككرت
الملكة دابورة إلى فوق فشاهدت الكككاهن مطل مككن الشككرفة .فصككرخت قككائله للجنككد الككذين
يصارعون الحية والعقرب ً:ا ل تخافوا منها ,مككاهي إل خيككالت سككاحر ول يفلككح السككاحر
حيث أتى ,كلها وهم يلعب بها عقولكم .ثم همت الملكة بككالطيران للكككاهن فتنككاول حنباثككا
أحد تلك المصارين ونثر بعض من رمادا الخفافيش دااخله وعقده بربطه واحدة وقال وهككو
يرميه من الشرفةً:ا نهكططقلعسلسينا يا شمعون .وإذا ذلك المصران وهو يسقط مككن فككوق
إرتفع إلى أعلى متحول إلى حيوان غريب مخيف عظيم .يطير بجناحين كجنككاح الخفككاش
ووجهه وصأوته الذي يطلقه كمثككل الخفككاش .وبقيككة جسككمه كككالكلب السككودا .فتفاجككأت بككه
دابوره وهي طككائرة إلككى العلككى وهككو أمامهككا فجلككدته بعقوصأككها كككالجلدا فرفسككها بيككديه
فسقطت تهوي إلى الرض .ثم تمككالكت وهككي قريبككة مككن السككطح فسككقطت واقفككة يؤلمهككا
صأدرها من تلك الضربة .ففزع إليها أبنائها حيث نزل ذلك المخلوق الكلب خفاشي ليكمل
عليها .فحاولوا إستمالتة إليهم فتبعهم وداخلوا معه في عراك .وجاء أحد الجند وطعنككه مككن
خلفه برمح فاستدار عليه المخلوق الذي كان بحجم ثلثه عقارب عملقة وغرز أنيابه في
الجندي يمتص دامه .والخرين يرمونه بالسهام والرماح فتغرز في جسمه ول يبككالي بهككا.
وحرك ذيله يضرب به الجند من خلفه حتى أفرغ الجندي من كل ما فيه من دام .ونظككرت
الملكة دابورة إلى العلى وهككي تسككتند علككى حجككر كككبير ممسكككة بصككدرها متككألمه حيككث
سمعت الكاهن يقول من فوق ً:ا يا زيتون .وبعد قليككل ظهككر مككن الجككو كلككب خفاشككي آخككر
وكأن الول ل يكفيهم .وأخذ هذا الخير يطيرويحوم فوقهم ويتخطفهم ويقذف بهم والجنككد
في كل صأوب يصارعون الموت وقد قتلوا تلككك العقربككة الخيككرة ,فتككوجه تركيزهككم كلككه
على ذينك الوحشان المخيفان ولكن الغلبة كانت للوحشين اللذين ل تؤثر فيهم أسلحة الجن
فكيف بالجند المساكين المتقاذفين في كل مكان .ونظروا إلى أعلى حيككث سككمعوا صأككرخة
أخرى تقول ً:ا يا سيمون .وبعد قليل ظهر كلب خفاشي آخر في الجو .عندها شهقت الملكة
دابورة ونظككرت إلككى أبنائهككا والجنككد وهككم فككي البلء والعككذاب والصككراع ولككم تبقككي تلككك
المخلوقات أحككدا إل وجرحتككه ول تضككرب أحككدا إل قتلتككه .فتعككاظم عليهككا أن تكككون تلككك
المخلوقات البشعة بتلك القوة ثم يزادا فوقهم ثالث ,وتيقنت أن أبنائهككا هككالكون .عنككدها نفككذ
صأبرها ونظرت إلى السماء ممسكة بصدرها الذي يؤلمها وأخذت تدعوا من قلبها بحرقة
وتقول بقوة وعزم ً:ا بسم ا الرحمن الرحيم ,أقسمت عليكككم يككا ملئكككه السككماء النورانيككة
بسككم مككن سككبح الرعككد بحمككده ,ورفككع السككماء بكلمككاته ,وحككط الرض بفعلككه ,واسككتنارت
الكواكب بنوره ,وزين الليل بوجهه ,أقسمت عليك أيتها الروح الطككائفه الطككائعه الراضككية
المرضية بالسم الذي خلق ا به البحر العجاج ,فهاج وماج ,وتلطككم بككالمواج ,وصأككار
كالليل الداج ,فسبحت حيتانه ,واضطربت أركانه ,من هيبة ا ذي الجلل والكككرام ,أيككن
روحانية السماء الولى هيا يا هعقوك ,أين روحانية السككماء الثانيككة هيككا يككا قحخككاك ,أيككن
روحانية السماء الثالثة هيا يا غقطص ,أين روحانية السماء الرابعككة هيككا ياطصشككبم ,أيككن
90
روحانية السماء الخامسة هيا يا قجيذون ,أين روحانية السماء الساداسة هيا يا هصككقحص,
أين روحانية السماء السابعة هيا يا داصأرز ,أين الروحانية الذين عند سدرة المنتهى هيا يا
قومذداع ,أين الروحانية الذين عند جنة المأوى هيا يا صأقاع .ثم نظرت الملكككة إلككى حيككث
سمعت صأرخة أحد أبنائهكا وهكو يتكألم فتكوجهت الملككة الم إلكى السكماء تقكول والكدموع
تنهمر منها خشية واسترقاقا ً:ا يا قاف حل القفال والتيقاف ,وامدداني بروحانية السعاف,
بحق إسم ا العظيم العظم هغقجسائيل ,الكذي ج ل وارتفكع هغقجس ائيل ,وأتقكن ماصأكنع
هغقجسائيل ,وشتت وجمككع هغقجسككائيل ,وأمككر الككبرق فلمككع هغقجسككائيل ,والغيككث فهمككع
هغقجسائيل ,وكلم موسى فسمع هغقجسائيل ,وتجلكى للجبكل فجعلكه داك ا داككا هغقجسكائيل,
وخر موسى صأعقا صأعقا يا هغقجسائيل .
فلم تتم الملكة عزيمتها حككتى هبككت ريككح قويككة مككن أعلككى الككواداي فعصككفت بهككم ,وغطككى
السحاب الكثيف نور القمر فأظلمت الدنيا ,وأنارهككا وبقككوة بككرق شككديد تبعككه رعككد هزهككز
الواداي وكأنها قد ق امت القيامكة إرتهبكت لكه قلكوب الشكجعان مكن الرجكال ,ونكزل الكبرق
يقصف تلك الخطاطيف في الواداي ,منها ما كان نازل فيككه ومنهككا مككن يحككوم فنككالت منهككا
الصواعق من داون الجند حتى تحولت إلى رمادا كما كانت مككن رمككادا ,ثككم غسككلت السككماء
الجميع بمطر غزيرهادائ مما تعالت صأيحان الجنودا بالنصر في الواداي المظلم ,وفرحككوا
بذلك الغيث القضائي والمائي من السككماء .وطككارت ألم وطككار معهككا كيككوان .وإذ الملكككة
تدخل من شرفة الصومعة أطلقت عقوصأها فقبضت بالكاهن حنباثا ولوت به وهككي تككدخل
أرض الغرفة وتبعها ورائها كيوان ,وشدت على الكاهن وهي تسير به إلى الشرفة خلفككه,
ورفعته بعقوصأها معلقا ونظرت إلككى عينيككه باحتقككار واشككمئزاز ,ثككم رمككت بككه مككن علككى
الشكرفة إلكى الخكارج وهكي تنظكر إليكه يسكقط ,ولككن الككاهن السكاحر القكديروهو يهكوي
إلىالرض مطمأنا عكزم وق ال ً:ا تكال ت ال شكجن شكجن تكوك تكوك ثهكص ثهكص إحملنكي
ياغضة .فإذا به يرتفع يطير في الهواء .فهمكت الملككة أن تلحككق بكه وتطيككر مككن الشككرفة,
ولكن بينما الكاهن وهو يطير خلل المطر مبتعككدا فرحككا بنجككاته إذا بصككاعقة تصككعق بككه
فتحرقة فسقط في الحال إلى سفح الواداي على الحجارة ومات من لحظته ,والملكة تشاهده
من شرفه الصومعة ثم التفتت إلى ورائها حيث سايروس وتككابعه فككي الرض محشككوران
وتقدمت منهما قائله ً:ا هذا مصير ألنككذال .ولكككن سككايروس وتككابعه لككم يسككتطيعا سككماعها
لشدة تعبهما وما هما فيككه مككن العككذاب فقككالت الم لكيككوان ً:ا إذهككب وأحضككر دايفككي ليأخككذ
المفتاح .فطار كيوان إلى المعسكر في حين كككانت ألم تبحككث فككي الصككومعة عككن القفككل
ورجعت إلى الثنان اللذان في الغرفة فسككألتهما ً:ا أيككن القفككل ؟ فلككم يسككتطيعا الحككراك ول
الكلم ,ثم حضر أولداها أفتاب وماهتاب وبهرام وبرجيككس وأناهيككد إلككى الغرفككة وأخككذوا
يبحثون في المكان ,حتى أن بهرام صأعد إلى فوق الصومعة يبحككث ول أثككر للقفككل ,وبعككد
قليل حضر كيوان ومعه دايفي ثم نظرت الملكة دابورة إلى كرسككي حنباثككا فككدفعته برجلهككا
وأزاحت البساط الرثا الذي تحته فإذا باب سري تحته ,فأرادات ألم فتح الباب فتقدم منهككا
إبنها أفتاب وفتح عنها الباب جانبا فدخلت إلى دارج ينزل إلكى تحكت ,وداخكل معهكا أفتكاب
والبقية ينظرون من فوق إلى أمهم وأخوهم الكبر وهما دااخل الغرفة السرية .فقككالت ألم
91
احضروا دايفي ,فأحضروه وجعلوه ينزل من الدرج فتلقاه أفتككاب وقككدمه إلككى حيككث تقككف
92
)دالتا( القفل الرابع بل هو الخامس ,لذلك لم يستطع دايفي فتحه ,ولكننا قضينا على حنباثككا
فل شيئ يمنعنا من العوداة إليه فقد بات أمره سهل .قال الشيخ للملكة ً:ا هل أحضرتم الملك
شمشون وجنده ؟ قالت ً:ا نعم .فقال ً:ا وكيكف فعلكت ذلكك ؟ قكالت ً:ا هكذا أخكبرك بكه عنكدما
نكون لوحدنا .فاحمر الشيخ خجل فدخلت عليهم روثا وبيدها الموقعكة وقكالت لهكا الملككة
وهي تأخذها من يككدها ً:ا وأحضكري بعككض المكاء للشككرب .فككذهبت روثا لتحضككر المككاء.
وأخذت الم تدق العشككب وتطحنككه فككي الموقعككة حككتى رجعككت روثا بالمككاء فأخككذت منككه
الملكة وصأبته دااخل الموقعة وخلطته مع بعضه وسقت منه الشيخ وقالت ً:ا يجككب أن تنككام
الن فالوقت متأخر ,غدا صأباحا تقوم وكأن لم يكن بك شيئ ,ثق بي ,فقال الشيخ ً:ا أنا أثق
بك حتى لو مت .فتبسمت روثا فأخذتها الملكة للخارج .وفي الخارج قالت روثا للملكة ً:ا
الملك أجمنون كذلك مصاب .وأشارت إلى خيمته فقالت الملكككةً:ا حسككنا أيككن هككو ؟ فككدخلتا
على الملك أجمنون وهو يحدثا الملك شمشون ففزع منها المك أجمنون وقككال ً:ا مككن أنككت
بحق السماء ؟ فقال شمشون وهو ينظر إلى خلفه حيككث الملكككة لككدى البككاب ً:ا انهككا ..إنهككا
الملكة دابورة أم ملوك الجان ,وقدساعدتنا في السير إلى هنا ,كما ساعدتنا في أشياء كككثيرة
أخرى .وتبسم شمشون في وجه الملكة ضاحكا ورجع بوجهه الى أجمنون وقال بصككوت
خفيف قريبً:ا أشياء أخرى أحكيها لككك فككي رحلككة صأككيد .وتضككاحك الملكككان فقككال الملككك
أجمنون ً:ا لم أعلم أن للجان أمهات .فقالت الملكة دابككورة وهككي تتقككدم منككه ً:ا ل ليسككت لهككم
أمهات ,بل يخرجون من ثمرات الشجار المتساقطة .فضحك الملكان مرة أخرى فتقدمت
الملكة من الملك أجمنون وداقت بعض من العشبة وأعطته يشرب وهي تقول سوف تكون
أحسن حال الن ,ووجهت كلمها للملك شمشون قائلككة ً:ا يجككب أن تككدعه ينككام الن .فقككال
شمشون وهو ينهض ً:ا حسنا .ثم خرج الجميع من عند الملك أجمنون وتوجهت الملكة إلى
الملك سايروس وتابعه حيث وضعهما الجنودا تحت المراقبة وهما مقيدان بالسلسل حول
شجرة كبيرة جالسان على الرض .والملك سايروس أسككند بظهككره علككى الشككجرة .فككدقت
الملكة من العشبة وأسقت كل منهما منها.
في صأحراء الرمال وقبل بزوغ الشمس كانت هادااساه مستلقية نائمه فوق صأدر هيككرودا.
وفتح هيرودا عينه فانتبهت هادااساه فقامت فزعة وأحست بالخجل من نفسها كما أحس هو
بالخجل أيضا .قاما ورتبا نفسيهما وجوادايهما وركبا وانطلقا.
خرج الملك شمشون من خيمتككه فكإذا هككو يكرى ككبير جنكده قكادام نككاحيته فاسككتقبله الملكك
شمشون بالترحاب وقككال لكه ً:ا مكتى وصأكلتم؟ قكال كككبير الجنككد ً:ا منككذ سكاعة .فقكال الملككك
شمشون ً:ا داع الجند ول توقظهم لبد وأنهم متعبين ,داعهم ينامون .فقال كبير الجنككد ً:ا هككذه
هي المشكلة ياسكيدي ,هنككاك أطفكال مزعجيككن ,وعنككدما ينككام الجنكد يخطفككونهم فيختفكون.
فسارع الملك شمشون إلى الجنككد وقككد بكدت علككى ملمحككه الجديكة القصكوى وتبعككه ككبير
الجند .ولما توقفا بين بعككض الجنككد رأى الملككك شمشككون أولئككك الطفككال فككي كككل مكككان
متشبثين بالجند .فقال له كبير الجند ً:ا لقد تلقيت الكثير من الشكاوي وكلها تؤكد أن هككؤلء
الطفال يتحولون إلى أغصككان تسككحب الرجككال إلككى بككاطن الرض ول يعككوداون .عنككدها
كانت خلف الملك شمشككون وكككبير جنككده الملكككة دابككوره وبيككدها تلككك الموقعككة فقككالت مككن
93
خلفهماً:ا لقد أعطيت لكل من أستطيع الدواء ,أما الجند الذين حضروا من جندك لم أعطهم
لني لو أعطيتهم منه سينامون ,هل سستتحركون أم أعطيهككم منككه فينككامون قليل ؟ التفككت
إليها الملك شمشون حيث تكلمت وقال ً:ا يقولون أن هناك مشكلة فككي نككومهم .قككالت ً:ا نعككم
تقصد الصبية؟ فقال الملك وهو يتمعن في الملكة ً:ا ماذا تعلمين من أمرهم ؟ قالت ً:ا ما قيل
لك صأحيح .قالً:ا إذا نقتلهم جميعا .قالتً:ا لم نقرر قتلهم بعد .قالً:ا ولم ل ,إذا كككانوا خطككرا
علينا ؟ قالت الملكة وهي تذهب مستديرة بعيدا عنه ً:ا سنرى ماذا يقررون .عنككدها لمحككت
الملكة الشيخ يخرج من خيمته وهو يمشي بإتجاهها فخطت الملكة نحوه وقالت لهً:ا كيككف
تشعر هذا الصباح؟ فتبسم الشيخ وهو يلتحف بلحاف وقال ً:ا أل يبدو علي النشاط والقككوة؟
فإذا هو يقول ذلك إذ خرج الملك أجمنككون أيضككا وسككار إليهمككا وهمككا ينظككران إليككه حككتى
وصأل إليهما وقال ً:ا الم تعلموا شيئا من أمر ابني هيرودا ؟ فقالت الملكةً:ا لبد وأنه أصأككبح
قريبا الن ,ماذا ستفعلون ؟ فقال الملك وهو ينظر إلى الشيخ ً:ا لنجمتع كلنا أول ثم نقككرر.
ثم ذهب الملك أجمنون بإتجاه مكان ما حبس الملك سكايروس تحككت شكجرته حككتى وصأكل
إليه وتابعه يقبع تحته .فتح التابع أوريككا عينككه ليككرى الملككك أجمنككون فككوق رأسككيهما فقككال
الملك أجمنون للتابع وهو ينظر إلى الملك سايروس الغاط في النوم ً:ا لديك ملمح تختلككف
عنه ,وتتكلم لغتنا فكيف تعلمتها ؟ قال التككابع أوريككا ً:ا مككولي الملككك العظيككم أنككا نفسككي ل
أداري ,أذكر أنه كان لدي أب وأم وعائله ولكني ل أذكرهم تماما ,فقط تربيككت فككي مملكككة
الملك سايروس مع الصبية والعيارين واللصوص حتى فقتهم بالذكاء والفراسة فأصأككبحت
من مستشاري الملككك ,وأنككا أتكلككم لغتهككم هككذه منككذ صأككغري .وأشككار أوريككا بككوجهه للملككك
سايروس النائم قائلً:ا كما أن الملك يتكلم بلغتي فقط عندما يريد ,كما هو حال كثيرين فككي
مملكة )ثيتا( يتكلمون اللغتين ولكن لغة الملك سايروس هككي لغككة مملكككة )ثيتككا( الصأككلية.
حينها صأحا الملككك سكايروس مككن نككومه وشككاهد الملككك أجمنككون فككوق رأسككه فقككال للملككك
أجمنونً:ا سيدي الملك الحليم .فاعتدل الملك أجمنكون وبكدت عليكه الشكدة وهكو ينظككر إلككى
الملك سايروس بنظرة ثاقبة .فقال له الملك سايروس بقوة ً:ا عليككك اللعنككة .عنككدها غضككب
الملككك أجمنككون ونككاداى كككبير جنككده وقككال لككه وهككو يشككير إلككى الملككك سككايروس ً:ا إقطعككه
نصفين ..ل ..بل ثلثة أو خمسة أجزاء ,إقتلع عينيه أول ا .والملك يقول ذلك فزع الملككك
سايروس واصأطك إلى الشجرة خلفه هلعا وأكمل الملك أجمنون قككائل ً:ا بككل ألقككي بككه فككي
هذه البركة الملوثة المسكمومة ليتعفكن شكيئا فشكيئا .فق ال الملكك سكايروس ً:ا سكيدي الملكك
الحليم .وانعقد لسانه فقال تابعه أوريا ً:ا مولي الملك ماتستفيد من قتله شيئ ول تخسر من
تركه شيئ .فجذب كلم التابع الملك أجمنون وشد إنتباهه وأكمككل أوريككا قككائل ً:ا بككل علككى
العكس ,لبد وأنكم ذاهبون للستيلء على مملكته أو على الصأككح ماتريككدونه ..المفتككاح..
وفي هذه الحكال المفتككاح لككديكم هنككا ,فلككم تضككيعه بالجهككد والمشككقة؟ فقككال الملككك أجمنككون
للتابع ً:ا ماذا تقصد ؟ قال أوريا ً:ا أقصد أنه يمكنه تمكينكم منه طالما هو حككي معكككم .فقككال
الشيخ سموطان وكان خلف الملك قاداماً:ا هذا صأحيح ,سيكون ذا فائدة لنا وهككو حككي أكككثر
منه ميتا .فهز الملك سايروس رأسه باليجاب ثككم التفككت الملككك أجمنككون إلككى كككبير جنككده
وقال له ً:ا أحضر الجميع للجتماع في خيمتي .وانصرف الملك أجمنون إلى خيمته ولحق
94
به الجميع وجلسوا فتكلم الملك أجمنون وقال ً:ا ل نستطيع أن نتحرك من مكاننككا هككذا قبككل
معرفة أمر ولدي هيرودا ومككا آل إليككه ,فقككد يرجككع إلككى هنككا فل يجككدنا .قككالت الملكككة وقككد
إصأطف أولداها واقفين ورائها حيث تجلس ً:ا ليس لذلك السككبب فقككط ,إن الجنككودا متعككبين
من ليلة البارحة ومن سيرهم طوال الليل .فقال الملك شمشونً:ا ولكن إن بقينا هنا مككازالت
تلك الصبية تأكل منا ونحن نيام .فقال الوزير لوذا ً:ا مولي يجب قتككل الصككبية والتخلككص
من شرهم فنستريح من همهم .قال الملك أجمنون ً:ا ل تطاوعني يدي قتل أطفال .ثككم نظككر
إلى سموطان وقال ً:ا أراك صأامتا ياسموطان ,ما تقول في هذا ؟ فقككال سككموطان ً:ا يمكننككا
أن نترك له هنا احدى خيامنا أو حرسنا مع رسالة وننطلق إلككى مملكككة )ثيتككا( ونكككون قككد
إبتعدنا عن هؤلء الصبية ,وبعد مسافة ما في الرمال يمكن للجند أن يناموا ,وممككا يعطككي
فرصأة لهيرودا إذا علم بوجهتنا أن يلحق بنا ,وبذلك ل نضطر لقتل أحد .ونظككر سككموطان
إلى أجمنون وقال ً:ا وإذا لم يجد هيرودا رسالتنا فل بد وأنه في مكان ما ,غالبا ذلك المكككان
هو نفس وجهتنا) ..ثيتا( ..اليس كذلك ؟ فقال الملك أجمنككون ً:ا هككذا أحسككن الراء .فقككالت
روثاً:ا لماذا ل ترينا الملكة دابورة أين هو الن في الماء فيذهب كيوان لحضككاره ؟ قككالت
الملكة ً:ا قد يكون في أي مكان في الصحراء غير معروف ,والصحراء كلها متشابهه ,لككو
كان في بيت ما أو في مكان معروف لدينا أو معلم بارز لتمكنا من إحضاره .فقال الشككيخً:ا
ل بأس من المحاولة .فنهض الجميع تتقدمهم الملكة دابورة متجهه إلى بركة الماء الراكككدة
وخلفهككا الملككك شمشككون يقككول للملككك أجمنككون ً:ا هككذا شككيئ يجككب علككي أن أراه .حككتى
وصألواإلى البركة فمدت الملكة دابورة يكديها مسكتويتان فكي الفضكاء وكفيهكا بإتج اه المكاء
وحركتهما فإذا البركة قد أصأبحت مرآة .فتعجب كل من الملك أجمنون وشمشككون ونظككرا
إلى بعضهما بدهشة وهما ينظران في الماء هيرودا فوق حصانه يسير وبجانبه امرأة على
حصانها .فقالت الملكة دابورةً:ا هذان هما .وقككالت بلهفككة والجميككع ينظككر ذلككك فككي البركككة
رؤية صأحيحة ليس عليها غبار ً:ا إنتظروا ,إنهما يخترقان بعض الخيككام والجنككد حولهمككا,
وأرى نيران قدور الجنكد هنكاك .وصأكرخت الملككة دابكورةً:ا إنهمكا هنكا .وإذا بصكوت مكن
ورائهم يقول ً:ا هل تبحثون عني؟ وإذا هو هيرودا قد أقبل بحصانه فانطلق إليه أبككاه الملككك
وركض هيرودا مترجل وعانقا بعضهما بحرارة .وانطلقت روثا ووقفككت ورائهمككا بلهفككة
وفرح تنظر إليهما متعانقان تنتظر داورهككا لتسككلم عليككه .فنظككرت روثا خلفككه فككرأت تلككك
الفتاة قصيرة الملبس فحزنت وانصرفت بعيدا .عانق الب إبنه بحرارة وهو ينظككر مككن
فوق كتف هيرودا إلى الشابة الحسناء الواقفه بحياء خلفه .فتركه وقال متجها إليهككا ً:ا ومككن
هذه ؟ قال هيرودا وإذ هي تتقدم لتصافح الملك أجمنون ً:ا هادااساه .فصافحت الملكك ونظكر
إليها أجمنون من إخمص قدميها إلى شعر رأسها متعجبككا منهكا ,منبهككرا بحسككنها .ثكم أخككذ
الملك إبنه تحت إبطكه وهكي تتبعهمكا ببطكأ و قكال أجمنكون لبنكه بصكوت خفيكف ً:ا كيكف
تعرفت عليها ؟ من أين جأت بها ؟ فقال هيروداً:ا هذا أخبرك به في رحلككة صأككيد .فضككحك
الب عاليا وقهقه وضحك البن معه .ثم توقف الملك أجمنون فجأة واسككتدار وراءه وقككال
للجميع ً:ا لقد حلت المسألة ,وإذ قد رجع إبني أعدوا للرحيل عن هذا المكان المشؤوم .
95
الفصل السابع
حمل الجند أنفسهم متثككاقلين ومضككوا إلككى الصككحراء الرمليككة ومشككوا مسككافة سككاعتين ثككم
توقف الملك أجمنون وقال للشيخ الككذي بجككانبه يسككيرً:ا هككل هككذا يكفككي ؟ هككل إبتعككدنا عككن
أولئك الصبية بما يكفي ؟ فقال الشيخ وهو ينظر إلى الملكة دابورة عن يمينه ً:ا أظن ذلك.
فتوجه الملك إلى من خلفه وقال ً:ا سنعسكر هنا إلى غدا صأباحا .وتهلل جميع من خلفه من
الجند ممن سمعوه حيث كانوا بالفعل بحاجة للراحة .
عسكروا هناك وضربوا الخيام رغم الشمس المحرقة .ولكن التعب قد نال منهم فلم يأبهوا
بالشمس الساخنة وانحشر جند الملك شمشككون دااخككل خيككام جنكد الملككك أجمنككون حيككث لكم
يحضروا معهم معداتهم عندما طاروا بهم الجن ,وحيث كان عككدداهم أكككبر مككن عككددا جنككد
الملك أجمنون فلم تكفهم الخيام للستظلل من الشمس .واستظل بعضككهم بوضككع اللحفككة
فوق رؤسهم في الخلء .وأخذت الملكة دابورة تدق الكثير من تلكك العشكبة واعطككت منهكا
قدورا إلى كبير جنككد الملككك شمشككون الككذين لككم ينككاموا وكككانوا معهككا فككي قتككالهم صأككومعه
الكاهن .فناموا جميعهم بعد شربهم من ذلك الشراب الذي أعدته ولككم يشككعروا بشككمس ول
حر .حتى المساء الذي راق فيه الجو وبردات الصحراء فاوقدوا نيرانهم وطبخوا طعامهم
فأكلوا وارتاحوا وترمسوا .وتجمع في الرمككال الملككك أجمنككون والملككك شمشككون وهيككرودا
وكبير جند الملك أجمنككون وكككبير جنككد الملكك شمشكون والشكيخ وروثا ودايفكي وأم الجكن
وملوك الجن السبعة ومعهم بالطبع الوزير لككوذا وشككهلون .فأوقككدوا نككارا كككبيرة وسككطهم
ومن حولهم الجند في كل مكان على تلك الرمال الناعمة فتجاذبوا أطراف الحديث كل مع
الذي بجانبه .وملوك الجن مع أمهم صأامتين ينظرون إليهم .فنظر إليهم الملك أجمنون بعد
أن كان يتحاور مع الملك شمشون صأهره الجديد وقال للملكة دابورة ً:ا لما أنتم صأككامتون ؟
أل يعجبكم مجلسنا ؟ فقالت الملكةً:ا ليست كل بعرة خنفساه ,وليسككت كككل سككودااء صأككخرة.
فقال الملك شمشون ً:ا ماذا يعنككي هككذا ؟ ونظككر شمشككون إلككى أجمنككون قككائل ً:ا مككاذا تعنككي
بهذا ؟ فتابعت الملكة قككائله ً:ا إجتككاز نككبي اكك موسككى فككي سككفره وترحككاله ...عنككدها إنتبككه
الجميع وانصتوا لها وهي تقول ً:ا إجتاز بعين ماء يجري بين صأخور الواداي فككي الجبككال,
فاغتسل وشرب ثم طلع الجبل كي يصلي ,وإذ هو فوق إذ شاهد فارس قد أقبل على العين
وترك كيس نقوداه وشرب من العين وركب فرسه ونسي كيسه ,فجاء بعده راعي غنم مككع
غنمه إلى العين فرأى الكيس فأخذه وأخذ غنمه وانصرف بها ,ثم جاء بعده شيخ عليه أثككر
البؤس والمسكنه وعلى ظهره حزمة حطب فحط حزمتككه هنككاك واسككتلقى ليسككتريح ,فعككادا
الفارس يطلب كيسه ,وفتش عنه في المكان فلم يجده فأقبل على الشيخ يطالبه به ,فلم يككزل
يضربه حتى قتله ,فقال موسىً:ا يا رب كيف وأنت العادال يكون ما رأيت؟ فأوحى ا إليه
أن الشيخ كان قد قتل أبا الفارس ,وكان على أبي الفارس داين لبي الراعي مقدار مككا فككي
96
الكيس فجرى بينهم القصاص وقضي الدين الذي على كككل منهككم وأنككا حكيككم عككادال .فقككال
الملك أجمنون ً:ا نعم ,العدل أساس الملك .فقال شهلون لمن بجككانبه ً:ا مككن الككذي عليككه دايككن
قتل أبا من منهم ,كيف حدثا؟ لم أفهم شيئا .فسمعه الحاضرون فضحكوا عليه .عندها قال
الملك أجمنون لكبير جندهً:ا أحضككرلنا تككابع الملككك سكايروس وفككك قيككده قبككل أن تحضككره.
إنطلق كبير الجند واستغرب الحاضرون وقال الملك شمشون للملك أجمنون ً:ا ما تبغي به
ونحن سائرون لغزوهككم؟ فقككال الملككك أجمنككون ً:ا إنككي أرى فيككه شككيئ ,لقككد أعجبنككي ذلككك
الماكر ,إنه يصلح لمور السياسه ,عقكل كمثكل عقلكه يحفكظ داائمكا رأس صأكاحبه .ف إذا تكم
كلمه وقد حضر التابع بين يديه فأفسح له مجلسككا بجككانبه وقككال لككه ً:ا إجلككس هنككا .فجلككس
متعجبا محتارا ثم قال له الملك ً:ا أل تذكر شيئ عككن مدينككة آبائككك وأجككداداك؟ قككال ً:ا أذكككر
ولكن ليس تفصيل واضحا يا مولي ,ول أجزم بصحته حيث كنت ما أزال صأغيرا جككدا.
ثم توجه الملك بالكلم إلى الملكة دابورة وقال ً:ا هل تسككتطيعين عمككل شككيئ لمعرفككة قصككة
هذا الرجل كيف إنتهى مع أولئك القوم؟ فقال الملك شمشون ً:ا لقد عملككت ذلككك فككي المككاء
ول ماء هنا غير هذه الرمال الكثيفة .فقالت الملكة دابورةً:ا ل أحتاج إلى الماء .فقال الملككك
أجمنون ً:ا عملك هناك في البركة كان لمعرفة الحاضككر ,فهككل تعرفيككن الماضككي ؟ فقككامت
طت في الرمل بإصأبعها . الملكة وقام معها أبنائها السبعة وتقدمت وخ ص
والملكة بعد أن رسمت الشكال وأخرجت الضككمير أخككذت تمككرر إصأككبعها علككى الشكككل
تقرئها و ترفع رأسها إلى الملك تخبره بما تقوله الرمال فقككالت ً:ا انككه إبككن أخيككك .فتعجككب
الملك ولكن التابع أوريا كان أكثر عجبا فنظرت الملكة دابورة إلككى التككابع أوريككا وقككالت ً:ا
إبن أخيك الذي هو أكبر منك ,كان متزوجا وأنجب منها إبنا واحدا ثككم ذهككب هككو وعككائلته
وعسكره للصيد ولم يعوداوا .عندها قام الملك أجمنون وقال ً:ا هذا صأككحيح لقككد حككدثا هككذا
منذ زمن بعيد .فقالت الملكة دابورة وهي تنظر إلى الرمل وتشير إلككى التككابع أوريككا ً:ا هككذا
هو إبنه ,أما بقية عائلته فقد قتلهم جند الملك سايروس وأسروه وأخذوه معهم .عندها فككرح
الملك أجمنون فوقف التابع على رجليه ينظر إلى الملك أجمنون وقال الملككك وهككو يمسككك
بعضدي أوريا ً:ا لقد عرفت منذ رأيتك أن هناك شيئ بداخلك يشدني إليك ,ثم إحتضنه .
97
في الصباح إستيقظ الجميع وجدوا في السير وسار إلككى جككانب الملككك أجمنككون إبككن أخيككه
أوريا والملك مسرور بلقائه وبحصوله على رجل سياسي مثله في ركبه.
في مملكة )ثيتا( كان إبن الملك سايروس يستعد للقائهم .فها هو إبنه مرقس يراقب جنككده
وهم ينقلون اللواح الكبيرة الضخمة ويضككعون العمككدة فككي سككاحة المدينككة ثككم يضككعون
اللواح فوقها ,لوح وبجككانبه لككوح يمككده للككذي بعككده حككتى سككدوا فضككاء المدينككة وظللوهككا
باللواح القوية المتينه .ثم أخذ مرقككس وهككو فككوق سككطح المدينككة المظلككل قككدر مككن المككاء
وصأبه عليه فلم يتخلل الماء اللوح ففككرح بككذلك ونككزل إلككى خككارج أسككوار المدينككة وداخككل
إليها.
وصأل ركب الملك أجمنون إلى أسوار مدينة )ثيتا( وتوقفوا على مسافة بعيدة عن مرمككى
السهام .ثم ناداى الملك أجمنون كبير جنككده و قككال ً:ا أحضككروا سككايروس .فأحضككروه إليككه
مربوطا فوق فرس فقال سايروس ً:ا يمكننى مساعدتكم .فقال لككه الملككك أجمنككون ً:ا وكيككف
تفكر أن تساعدنا؟ فقال سايروس ً:ا أذهككب إلككى المدينككة وأقنعهككم بالستسككلم .فقككال الملككك
أجمنونً:ا ليس بهذه الطريقة تساعدنا .واستدعى الملك إثنين من جنده وقال لهم ً:ا تقدموا به
إلى أبواب المدينة إلى حيث يستطيع من بالمدينككة سككماع صأككوته .وتككوجه الملككك أجمنككون
بالكلم إلى سايروس قائل له ً:ا يمكنك أن تكلمهم ,ولكن مككن خككارج أسككوارها .فتككوجه بككه
الجنديان فقال لهما الملك أجمنون وهما يتقدمان به ً:ا إذا أحسستم منه الغدر إقتلوه ,وإذا لككم
يجيبوه أرجعوه .فقال سايروس وقد تقدما به ً:ا أيها الملك الحقير .وتقدم بككه الجنككديان إلككى
حيث فتحة في الجدار تفتح وتغلق بإحكام فتكلم سايروس وقال ً:ا يا بني ليس لنككا مفككر هنككا
اليوم ,لديهم ما ليككس لككدينا ,لككديهم الجككن السككفلة ,فككاداخر دامككك ودامائنككا ,ل يريككدون سككوى
المفتاح أنا ضامن لك هذا داعهم يأخذوه ويمضوا في سككبيلهم ,وإل أضككعت أنككت اليككوم مككا
بناه أجدادانا منذ مآت السنين .فأجابه إبنككه مرقككس مككن تلككك الفتحككة حيككث كككان ينظككر إليككه
قائل ً:ا ونحن لدينا ما ليس لديهم .وأمر الجند فككاطلقوا سككيل مككن السككهام مككن تلككك الفتحككة
أصأابت الجنديين والملك سايروس أبيه معهم حكتى أنهكا خرقكت أجسكاداهم جميعكا قبكل أن
يسقطوا إلى الرض .وأتت على خيككولهم كككذلك فككوقهم .حينهككا أطلقككوا مككن الفتحككة سككهما
كبيرا إلى الفضاء وفيه شعله نار كبيرة .بعدها سدوا تلك الفتحة وأحكموا إغلقهكا والملكك
أجمنون وجماعته يشاهدون ما حصل .فإذا بالمدينة تبدأ تغوص في الرمكال رويكدا رويكدا
وأحدثا ذلك جلبه في جنودا الملككك أجمنككون وأخككذ الجميككع يتكلمككون مككع بعضككهم عككن مككا
يحدثا أمامهم غير مصدقين أن تلك المدينة الكبيرة تتحرك إلى تحت الرمال حتى إختفككت
المدينة تماما في الرمككال .بككل وغاصأككت إلككى أبعككد مككن مسككتوى الرمككال وأخككذت الرمككال
تزحف عليها من الجوانب فأردامتها تحتها حتى لم يبن منها شيئ .ولم يتجرأ بعد ذلك أحدا
من جانب الملك أجمنون بالتحرك من مكانه غير الشيخ سموطان حرك فرسه متجها إليها
حتى وقف فوق رمالها ونزل عن فرسه وحفر قليل في الرمال فلم يجككد لهككا أثككرا .فركككب
فرسه وعادا إلى صأفوف الملك أجمنون وقال له ً:ا أي نوع من السحر هذا؟ صأحيح ما قيل
عن ابن الملك سايروس ولم أظنه بهذه البراعة .فتكلم الملك أجمنون مع التككابع إبككن أخيككه
98
أوريا وقال له ً:ا كيككف ذلككك ؟ فقككال التككابع ً:ا ل علككم لككدي .حينهككا تقككدم هيككرودا إلككى الملككك
والشيخ وقال لهما ً:ا أنا أخرجها لكككم ,وإذا خرجككت وظهككرت بككاداروا بككالهجوم عليهككا .ثككم
اختار هيرودا ثلثه من الجان وقال ً:ا أناهيد أفتاب بهرام تعالوا معي .وانطلق هيككرودا بهككم
إلى الينبوع الذي إلتقى عنده بهادااساه .وإذا هم يصلون هنككاك شككاهدوا ثلثككه فرسككان عنككد
رأس الينبوع فمضوا إليهم وقككاتلوهم وقضككوا عليهككم داونمككا صأككعوبة .ونظككر هيككرودا إلككى
الينبوع فإذا مياهه قد ارتفعت وعلت إذ لم تجد لها مخرجا .فقفز هيرودا إلى المكاء فوصأككل
الماء إلى صأدره وسار حتى داخل النفق وسككار فيككه قليل وقبككل أن يصككل إلككى السككدة كككان
النفق قد إمتل بالماء إلى عنق هيرودا فخاف الغرق فرجع ولم يصل إلككى أول النفككق حككتى
غطاه الماء تماما وامتل النفق بالمياه عن آخره .فرجع سباحة وبالكادا خرج ليتنفككس فككوق
الماء .وكان الجن هناك فوق على رأس النفق فقال أفتاب ً:ا ماذا حصل ؟ فردا عليه هيرودا
وهو يعوم في الماء قائل ً:ا في آخرهذا النفكق سكد ينبغكي فتحكه لتكدخل ميكاه الينبكوع إليكه.
عندها قفز أناهيد إلى الماء وداخل في ذلك النفق حتى وصأل إلككى السككد الحككاجز فتككأمله ثككم
رجع .وعندما خرج من النفق كان هيرودا خارجا واقفا مع الجن على رأس النفق فقال لهم
أناهيد وهو يعوم ً:ا إذا فتحتكه دافعنكي المكاء إلكى الكداخل ,كيكف إسكتطاعوا إغلقكه ؟ فق ال
هيرودا ً:ا لم تكن المياه بهذا العمق حينها ,هي كذلك الن لنهككم سككدوا مخرجهككا فتجمعككت,
قريبا ستعلو ذاهبه إلى الرمال ,هل نربطك بحبل وتدخل في النفق ونمسك بالحبككل ؟ فقككال
أفتاب ً:ا ل أظنه يصمد مع قوة الماء وقد ينقطع الحبل .فقال هيرودا ً:ا ظننتكم معشر الجكان
تسكنون تحت الرض؟ فقال بهرام ً:ا وأنتم تسكنون فوقها هل تطيككرون فككي الهككواء .فقككال
أناهيد وهو في الماء ً:ا أولئك يدعون بالغواصأة ,نحن ل نسكن الماء .فقال هيرودا ً:ا نربط
المغلق بحبل ونشككده مككن هنككا .فقككال أناهيككدً:ا إن مغلق السككدة ليككس عمودايككا وإنمككا علككى
الجانب .حينها نظر الخوة الثلثة إلى بعضهم البعض وقال أفتاب لناهيككد الككذي بالمككاء ً:ا
هل ممكن هذا ؟ فقال أناهيد ً:ا بل ليس غيره ,لما لم نفكر في هذا من قبل وقد أتعبنا أنفسككنا
بالقفز في الماء؟ فقال بهرام ً:ا ربما لنه هناك غيرنا هنا من يفكككر لنككا .وتضككاحك الخككوة
الثلثه وهم ينظرون إلى هيرودا فقال لهم هيرودا ً:ا ماذا ؟ نفكر في ماذا ؟ فقفز أناهيككد مككن
الماء خارجا ووقف عند إخوته على رأس النفق وأخذ يعصر ملبسكه مكن المككاء فقكال لككه
أفتابً:ا إذا هيا .فنظر إليه أناهيد قائل ً:ا لقد خرجكت لتككوي مككن المكاء .فنظكر إليككه أفتككاب
بشدة وحزم قائل له ً:ا نحن أخويك الكبر منككك سككنا .فتقككدم أناهيككد مككن أعلككى رأس النفككق
وهو غاضبا ومد يده إلككى دااخككل النفكق فطكالت و امتككدت يككده حكتى قبكض بالسكد الحكاجز
وتلمس المغلق فأمسكه وفتحه فتدافعت المياه إلكى دااخكل النفكق وبكدأ منسكوب الميكاه فكي
الينبوع بالنخفاض فركبوا جياداهم راجعين .
إقتربت الملكة دابورة من الشيخ سموطان على ظهر جواداها فقككال لهككا سككموطانً:ا أصأككدق
أن المدينة تغوص ولكن إذا غاصأت المدينة فل بد أن تخلف ورائها حفككرة ,وإل مككا الككذي
غطاها من فوقها بالرمال وكيف سترتفع وكل ذلك الرمل عليها من فوقها لصأككبح الككوزن
ثقيل جدا ؟
99
دااخل مملكة )ثيتا( وقد أصأبحت مظلمه داخل إبن سايروس المير مرقس غرفة خاليه من
كل شيئ .وأرداف الباب وراءه وجلس وسطها ووضع كفيه متلصأقان أمام صأدره ثم بككدأ
يقسم ويزيد من القسم ويعلو صأوته بالتلوة ويتمتم ويقول ً:ا آج أهوج جل جليوت جلجلككت
هي هل هلهلت طيطغككت غلمهككت شككماخأ أشككمخ سككلمه صأمصككام مهككراش طمطككام بككازخأ
شرنطخ برهوت ياه يوه نموه أصأاليا نجا عاليا صألصككلت حوسككمت حوسككم داوسككم براسككم
شلمهت أرمخت تعدادا أيزام سندادا كاهر تشمخت يمليخ شمياثا يانوخأ دااميخ يشكموخأ علكى
مانرم حقا يرون بقنضب تناو كماه أواه هشكاخأ هشكاخأ سمخثا شلمخا شلمخ عيطل .
في صأفوف الملك أجمنون تكلم أوريا وقككال لهككم وهككم ينتظككرون ً:ا مرقككس إبككن سككايروس
ليس رجل عادايا ويستمد قوته مما حوله ..الرمال ..فما أتم كلمككه حككتى بككدأ ذلككك الرمككل
الذي المدينة تحته يهتز .وتجمع فوق بعضه من جميككع الجككوانب إلككى الوسككط حككتى شكككل
هيئه رجل ضخم يجلس القرفصاء راصأا بكفيه أمام صأككدره مغمككض العينيككن جسككمه مككن
الرمل .وبدأت المدينة ترتفع من تحته وترفعه معها وهول يتحرك مككن وضككعيته وجمككوع
الملك أجمنكون يشكاهدون م ا يحكدثا حكتى وصأكل اليهكم هيكرودا وأفتكاب وبهكرام وأناهيكد
وأخذوا يطالعون ذلك التمثال الرملككي الككذي ظهككرت المدينككة تحتككه إلككى أخرهككا .وهككو لككم
يتوقف عن الرتفاع حيث توقفت المدينة بل واصأل بالرتفاع إلككى أعلككى بجلسككته تلككك ل
شيئ تحته .وبعد قليكل توقكف عكن الرتفكاع وفتكح عينيكه فكانتقز الجنكد مكن ذلكك المنظكر
المهيب وقفز إلى الرمل واقفا فإذا هو رجل عملق بطول عشرين مترا مككن الرمككل علككى
هيئة وشكل المير مرقس .فقال أوريا وهو بجانب الملك ً:ا ل مفر من الرمال في الرمال.
وأطلق أوريا حصانه هاربا فصرخأ عليه الملك أجمنون قائل ً:ا أيها الخائن الجبان .ثم أخذ
الملك أجمنون ينظر الى أوريا يبتعد بحصانه وتحسف عليه .وأخذ العملق الرملي يلوح
بيده على الجند فتكشطهم الرمال ويقاذفهم في كل مكان .ورجليه تحككدثا الزوابككع الرمليككة
القوية الدوران فتلقي بالجند وعتاداهم على بعضككهم دااخككل تلككك الزوبعككه .وأخككذت أسككلحه
الجند تتطاير فتصطدم بالجند فتهلكهم فصرخأ بهم الملك أجمنون قائل ً:ا تفرقككوا ..تفرقككوا
واخذ الجميع كل ينجو بنفسه .وأمسك هرمس بروثا ودايفي وطار بهمككا بعيككدا فككي معككزل
وطارت الملكة في السماء ويد ذلككك العملق تتبعهككا مككن تحتهككا وهككي تطيككر وتنظككر الككى
تحتها الى أرجل العملق الذي أحدثا الزوابع إلى بطنه .فلحقت بها يده فأمسكها وسككحبها
إلى بطنه حيث الزوبعه الرميلة فارتطمت الملكة بقوة على الرمال عنككدها تهككافت الخككوة
الستة إليها وداخلوا في بطن الزوبعه وأخذوا يدورون بسرعة حكول أمهكم ثكم أمسككوا بهكا
وقفزوا بها بعيدا عن العملق الرملي .في تلك ألثناء إقترب أوريا من نافذة جدار المدينة
على فرسه وطقطق على النافذة وهويقول بلغتهم ً:ا أنا أوريا إفتحوا لي أنا مستشككار الملككك
سايروس أوريا افتحوا .ففتح من بالككداخل النافككذة فككرأوه وعرفككوه فقككال لهككم ً:ا إفتحككوا لككي
البوابة بسرعة .فقالوا له ً:ا هات يدك فناولهم يده فسحبوه من النافذة عن ظهككر جككواداه إلكى
الداخل .وهو بالداخل أخذ ينفض الغبار عن نفسه وسألهم ً:ا أين المير مرقس فقككالوا لككه ً:ا
أنه في خلوته .فتوجه إليه أوريا والجند في الخارج يتقاذفون في كككل جهككه .ومككن يضككربه
100
العملق بيده تلتصق تلك الرمال وتخكرق جسككمه .وقكام يحصككدهم مككع خيككولهم داونمككا أي
مقاومة من الجند سوى محاولة الهرب من أمامه .وداخل أوريا على المير مرقس الغرفة
وهو جالس هناك جلسه القرفصاء مغمض العينين وكفيه أمام صأدره ,ومككن شككدة تركيككزه
لم يحس بأحد يدخل عليه فدار أوريا خلفه وعندما إستل سيفه سككمعه مرقككس وفتككح عينيككه
ولكنه كان متككأخرا فجككر عليككه أوريككا سككيفه بضككربه قككويه فصككلت لككه رأسككه عككن جسككمه
متدحرجا على أرض الغرفة وفي نفس اللحظة تهاوى ذلك العملق الرملي الكذي يصكرع
الجند ,وتلطمت رمككاله بككالرض وتهككدم فرجعككت مككرة أخككرى مجككردا رمككال ذهبيككة فككي
الصحراء .وانكشف جو المعركة عكن تلكك المذبحكة العظيمكة والككل جرحكى أو مقتكولين
مغبرين متألمين .إل مكن تمككن مكن الهكرب منهكم فقكد سكلم .وأخكذ الملكك أجمنكون يسكير
ويتفقدهم عن يمينه وشماله وأمامه .وتوقف لحظة حيث رأى الملك شمشون راقككدا هنككاك.
فأسرع الخطى نحوه فإذا هو قد أصأككيب بفككأس علككى رقبتككه ,فككأس طيرتككه الزوبعككة فثبككت
مرتكزا على رقبه الملك شمشون وجلس الملك أجمنون عند رأسه وأمسك بيده ينظر إليككه
وهو راقدا على ظهره مدميا وهو مازال فاتح عينيه لم يمت بعككد ,وانمككا يحككاول أن يقككول
شيئا .والملك أجمنون حزينا عليه يحاول سماع ما يريد أن يقول .ثم قال شمشون بصعوبه
والدم يخرج من فمهً:ا هل تستحق رغباتك كل هذه الدماء؟ وفككارق شمشككون الحيككاة فبكككاه
الملك أجمون وقال له وهو ممسكا بيدهً:ا سأخبرك يا صأديقي عنككدما نخككرج للصككيد معككا ..
سأخبرك .عندها حضر إليه هيرودا فرأى أباه في تلك الحككال فأخككذ الملككك أجمنككون ينظككر
إلى إبنه متعزيا به حتى وصأل هيرودا عند أبيه فقال له الملك أجمنككون بحككزن ً:ا لقككد بككدأت
التعودا على أن يكون لدى صأديق .ثم قاطع لحظتهما تلك عنككدما نظككرا إلككى حيككث صأككوت
يأتي من المدينه .فاذا هم يفتحون البوابات والملككك وابنككه والجنككد ينظككرون إلككى مككن يقككدم
عليهم بعد ذلك العملق الرملي .فإذا ستين فارسا مدرعين بالدارعككة السككودااء ,ويركبككون
خيول سودااء وكل ما لديهم من أسلحة هي باللون السودا اللمع ,واختلطوا بالسككوادا حككتى
صأار جزء منهم .وتقدم أولئك الفرسان الذين ل تظهر وجوههم من الخوذ السودااء الككتي
يلبسونها .تقدموا في ثلثة صأفوف كل صأف عشرين فارسا يخرجون على ظهور خيولهم
من البوابة متجهين إلى جند الملك أجمنون .فتحفكز الجنكد للقكائهم ولملمكوا مكا يسكتطيعون
وتجمعوا استعداداا لهم .ثم تراكض أولئك الجند السودا هاجمين عليهم فاستهان جند الملككك
أجمنون بقله عدداهم ولكن عندما وصألوا إليهم وبدأوا بقتالهم علموا أنهم جند لم تكتب لهككم
أن يموتوا بأسلحة البشر .فأخذوا يقتلون من جند الملك أجمنون .وساعدت الجن في قتالهم
ورداهم ولكن كلمككا حككاولوا قتككل أحككدهم ل يمككوت .وسككموطان يقاتككل معهككم وإذا مككا وجككد
فرصأة صأعبة أغرز سيفه في الجندي ولكن تلك الفرصأككة الصككعبة تككذهب هبككاء ,حيككث ل
تؤثر فيهم .فقال الشيخ لمن حوله من الجن والجميع في صأراع مع أولئك الفرسان السودا
قال ً:ا لبد من قتل أولئك الصبية ,ان أرواحهم تسكن هؤلء الجنككد لككذلك ل يمكككن قتلهككم.
فقالت الملكة دابورةً:ا ل بد وأن هنككاك طريقككة أخككرى .فقككال الشككيخ وهككو يبككارزً:ا ل توجككد
طريقككة أخككرى وإل أجهككز هكؤلء الفرسككان علككى مككن تبقككى مكن الجيكش ,أرواح الصككبية
ستكون فداء لرواحنا كما كانت أرواحهم فداء لهؤلء .عندها طككار الشككيخ وطككارت معككه
101
دابورة ولحق بهم كيوان وبهككرام فطككاروا حككتى وصأككلوا إلككى عنككد المعبككد حيككث الشككجار
الكثيفة وحطوا هناك وإذا بالمكان ساكن فككي الغابككة .تقككدم الشككيخ مككن المعبككد وقريبككا مككن
مدخله سمعوا أصأوات ضحكات ثم ظهر بعض الصبية يركضون إليهم ,منهم من يركض
من دااخل المعبد ومنهم من وراءه وأولهم من جاءت من دااخل المعبد بنت جميلة خرجككت
فرحة تركض باتجكاه سككموطان وهككي تقككول ً:ا بابكا بابككا والشككيخ ينظككر إليهككا حككتى إذا مككا
وصألت مهرولة تريد أن تحتضنه قطع رأسها بسيفه والشككيخ يتككألم لهككا .فككإذا أحككد أولئككك
الجنودا السودا الستين يقع على الرض ميتا في أرض المعركككة داونمككا أن يمسككه أحككد .ثككم
أخذ بهرام وكيوان والم الملكة والشيخ يقتلون أولئك الصبية ونفطرت لهككم قلككوبهم وهككم
يتألمون لهم من منظرهم وهكم مضكرحين بكدمائهم ,وكلمككا قتلككوا واحككدا منهكم يمكوت مكن
أولئك الفرسان السودا واحدا وهكذا حتى قضوا على جميع الصبية وكذلك بالمقابككل مككات
جميع الفرسان السودا الستين فارسا .عندها فتحت أبككواب المدينككة وإذا يظهككر منهككا أوريككا
وقد تقدم قومه إلى أن وصأل إلى حيث الملككك أجمنككون فنظككر إليككه الملككك أجمنككون وكتفككه
ينزف مستندا بركبته على الرض فقال له أوريا ً:ا أنا لككم أهككرب وانمككا إسككتعملت الحيلككة,
ولو لم أفعل ذلك لكككان ابككن سككايروس قتلنككا جميعككا ,لقككد قتلتككه لهككذا إختفككت تلككك الزوبعككه
الرملية .فنظر إليه الملككك غيككر مصككدق .فقككال لككه أوريككا ً:ا تصككدق أول تصككدق هككذه هككي
الحقيقة ,وهؤلء هم حكماء المملكة وقد أقنعتهم بالستسلم.
بعدها داخل الجميع إلى المدينة وقد حضر الشيخ والملكة وأبنائهككا فككدخل آجمنككون المدينككة
وعند داخوله القصر والجماعة كلهم وراءه تلفت إلى خلفه حيث أوريا يسككير مككع الحكمككاء
خلفه فقال له ً:ا أين القفل ؟ فقال أوريا ً:ا ل أعلم .والتفت أوريا إلى الحكمككاء مككن حككوله ثككم
نظر إلى أحدهم وسأله ً:ا هل تعلم أين القفل ؟ فتقدم إليه وقال ً:ا ل علم لي به .فنظككر الملككك
أجمنون إلى ذلكك الشكخص يتفحصكه وق ال لوريكا ً:ا ومكن هكذا ؟ فقكال أوريكا ً:ا هكذا مكن
مستشاري ومرافقككي الميككر مرقككس ابككن سككايروس ومككن المقربيككن منككه ,وهككو مككن أعككز
أصأدقائي ,أحد القلئل الذين أثق بهم .فنظر الملك أجمنون إلى الشيخ سموطان فككي عينيككه
ثم نظر سموطان إلى كيوان فتقدم كيوان من صأديق أوريا تابع المير مرقس وقبضه مككن
قفاه وحمله عاليا إلى أن أوصأل رأسه إلى سكقف القصكر وهكو يقكول لكه ً:ا أيكن القفكل وال
رميتك الى ألرض؟ فقال التابع وهو يصككرخأ ً:ا صأككدقني صأككدقني ل علككم لككي وكككل شككيئ
تحت أمركم فتشوا عنه كما تشاؤن .عندها أشارت الملكة إلى كيوان بيككدها وقككالتً:ا أنزلككه
فنزل به كيوان من هناك إلى الرض ثم تقدمت الملكة دابورة من حائط أبيض من حيطان
القصر ورفعت يدها إليككه وحركككت بكفيهككا بإتجككاهه وهككي تنفككخ علككى الجككدار فظهككر فككي
الجدار إبن الملك سايروس مرقس وهو فككي غرفككة وسككطها القفككل ومعككه بعككض الرجككال,
فحمل أربعة من الرجال القفككل ووضككعوه علككى عربككة ,فسككاق رجككل يلبككس كالكهككان تلككك
العربة .عندها تقدم الشيخ إلى حيث الحائط وقال ً:ا قيسوس الرومي .فتنبه إليه الجميككع ثككم
نظروا في الجدار فإذا ذلك الكاهن يعدو بالعربة المحمل بها القفل إلككى كهككف وداخككل فيككه.
بعدها إختفت الصورة من الجدار فالتفتت الملكة إلككى الشككيخ وقككالت ً:ا إنهككم صأككاداقين .لقككد
أبعد مرقس القفل قبل مجيئنا عند ذلك الكاهن .وقالت للشيخ وهي تقترب منه ً:ا هل تعرف
102
ذلك الكاهن؟ فقال الشيخ سموطان وهو ينظر إلى الرض ً:ا نعم إنه قيسوس الرومي ,أحد
معارفي .إقترب الملك أجمنون من الملكة دابورة وقال ً:ا أنظككري لككي مككا حككال هككذا التككابع
معنا ساعة ما خرج علينا ذلك العملق الرملي .ونظر الملك إلككى أوريككا وهككو يقككول ذلككك
إلى الملكة .فاقتربت الملكة مرة أخرى إلى الجدار وعملت كذلك فخرجت الصككورة بككذلك
العملق يضرب الجميع والتابع يخرج من الصفوف ويدخل من فتحة المدينة ويدخل على
ابن سايروس ويقتله فينتهي ذلك العملق الرملي في الحال وانتهت الصورة .عندها تلفككت
الملك إلى أوريا وأوريا ينظر إليه بأسككى وقككال لككهً:ا ألن صأككدقتني يككا عمككاه؟ فقككال الملككك
أجمنون ً:ا نعم يابني .واقترب منه وأمسك بكتفه وقال ً:ا سامحني ,مثلي يجب أن يشككك فككي
كل أحد .فهز أوريا رأسه باليجاب والتسككامح ثككم إلتفككت أجمنككون للشككيخ والملكككة وقكال ً:ا
والن ما العمل ؟ فقال الشيخً:ا أرى أن نستريح هنا لبعككض الككوقت حككتى يسككتجمع الجنككودا
صأحتهم ونحن كذلك معهم ثم ننطلق وراء قيسوس الرومي .إلتفتت الملكة ثم سككارت إلككى
أفتاب وقالت له ً:ا هل تذكر تلك العشككبة مككن أيككن أتيككت بهككا ؟ فقككال ً:ا بلككى .فقككالتً:ا إذهككب
وآتني منها بكمية كككبيرة ,فالمصككابين كككثر .فهككز رأسككه وانطلككق .خككرج هيككرودا مككن تلككك
الغرفة وخرجت وراءه هادااسككاه فشككاهدتهما روثا وتبعتهمككا ,بينمككا ككان أوريككا وصأككاحبه
ينظران إلى روثا وهي تتبعهما خارجه من الغرفة .وكككان هيككرودا يسككير يرافككق هادااسككاه
حينما إقتربت منهما روثا على عجل وداخلككت تسككير بينهمككا وقككالت لهادااسككاه ً:ا إذا لمككا ل
نتعرف على بعضنا أكثر .وأمسكت بيدها هادااسككاه ومشككت بهككا وهككي تنظككر إلككى هيككرودا
الذي وقف ينظر إليها تأخذ منككه هادااسككاه .فقككالت روثا لهادااسككاه وهككي مككا تككزال ممسكككة
بذراعها تمشيان معا وخلفهما دايفي وهرمس ً:ا إذا كيف إلتقيتما؟ قالت هادااساه ً:ا من تعنين
؟ قالت روثا ً:ا هيرودا .قالت هادااساهً:ا إلتقينا بالصدفة عندما كان يبحككث عككن أبيككه الملككك.
وسكككتت فقككالت روثا لهككا ً:ا ثككم ؟ فقككالت هادااسككاه ً:ا ثككم مككاذا ؟ قككالت روثا ً:ا صأككفي لككي
بالتفصيل .فضحكت هادااساه وقالت ً:ا حسنا ولكنها قصة طويلككة .فقككالت روثا ً:ا أنككا أحككب
القصص الطويلة .ومضتى مع بعضهما.
بعد غروب الشمس داخل هيرودا على أبيه الملك أجمنون وهو في غرفتككه يسككتريح وقككال
له الملك وهو ينظر إليه ً:ا آه يا بني ,لقد إشتقت إلى دايارنا .فقال هيرودا ً:ا نعككم لقككد إشككتقت
إلى أمي وإخوتي .وجلس الملك متفكرا على سريره ومن خلفككه لككدى البككاب إبنككه هيككرودا.
وراح خياله في مملكته وماله هناك من حياة الراحة والدعة .
103
الفصل الثامن
في نفس الوقت في مملكة الملك أجمنون التي جلس الملك يفكر فيهككا داخككل الحككاجب علككى
إبنه المير سامويل وقال ً:ا شيخان بالباب يوداان مقابلتك سيدي .فأذن لهما بالدخول فدخل
عليه شيخان كل منهما ذولحية طويلة بيضاء .واحد طويل القامككة والثككاني قصككير .فتقككدما
مككن مجلككس الميككر سككامويل يمشككيان والميككر يراقككب تقككدمهما حككتى إذا مككا وصأككل إلككى
منتصف المجلس قال لهما المير سامويل مككن كرسككيه حيككث يجلككس علككى العككرش ً:ا هككل
أعرفكما ؟ لبد وأننا قد تقابلنا من قبل ,فملمح وجهيكما ليست بغريبككة ,مككن أنتمككا ؟ فقككال
الشيخ الطويل ً:ا نحن لم نلتقي من قبل سيدي المير ولكن ثق بأنك لن تنسككى وجهينككا بعككد
اليوم .فارتاب في أمرهما المير وأمرحرسه بالقبض عليهما فتحرك الجند للمساك بهمككا
ولكن الشيخان لم يتحركا من مكانيهما بل أخذا ينظران إلى الحككرس بككتركيز شككديد .فأخككذ
الحككرس يتهككاوون إلككى الرض يتككألمون ويعتصككرون والميككر فككي ذلككك ينظككر مككذهول
مصعوق من أمرهمككا حككتى أن الزبككد أصأككبح يخككرج مككن أفككواه الحككرس وكككأن ثعبككان قككد
لسعهما .فقام المير سامويل من كرسيه ونزل ينظر إلى حرسككه وهككم صأككرعا بل حككراك
والزبد يمل وجوههم وأفواههم .ثم توجه الشيخ القصككير إلككى الميككر سككامويل وقككال لككه ً:ا
إطمان هذا فقط لتعلم قدراتنا أما أنت فلن يصيبك ما أصأاب حرسك ,كل ما نريده منك أن
تأمر جنوداك بفتح بوابة المدينة لستقبال جنودانا الذين بالخارج ينتظرون ,وقككل لهككم أنهككم
ضيوفك جاؤا لزيارة المدينة ,ونحن نعدك بأن ل يصيبك مكككروه وكككذلك جنككدك .فغضككب
المير سامويل وأرادا الهجوم عليهما ولكنه أمسك ببطنه وأخذ يعصره ألما ثككم أخككذ الزبككد
يخرج من فمه .حينها توقف الشيخان عن التركيز عليه فاستردا بعض عافيته واختفى ألمه
فعاجله الطويل قائل ً:ا هذا بالضبط هو مصير حرسك ومصير جندك من بعككدك إن إردات
المعاندة ,إنما أنا وأخي قاداران على أن نبيد عسكرك كله ,ولكنا لسنا بقتلككه بككل نحككن مككن
العلماء فأشفق على نفسك وناداى كبير جندك وافعل ما طلبنككا منككك فعلككه .فنككاداى سككامويل
كبير جنده مغلوبا بعد قليل من التفكير لنه علم أنهم هالكون في كل ألحوال .في الخككارج
وعلككى مسككافة مككن مدينككة )زيتككا( ,وبيككن ألحككراش ,كككان جيشككا كككبيرا يككتربص بالمدينككة
ينظرون الى بوابتها ,ينتظرون ألشككارة مرابطيككن .فككاذا البوابككة تفتككح علككى مصككراعيها.
ففرح الجنودا الرابظين هناك ,وبككدؤا يخرجككون مككن بيككن ألشككجار يسككيرون فككي صأككفوف
منتظمة بخيولهم في طريق المدينة وقد بانوا لحراس البوابككة .فسككاروا بكككل هككدؤ وداخلككوا
المدينة بسلم ,حتلى اذا ما استقروا دااخلها أخذوا يحصدونهم بأسلحتهم وهم عككزل وعلككى
حين غرة ,وقتل من قتل بالقصر ونجى من هكرب ,والميكر سكامويل يراقكب مكن شكرفته
متحسفا على شعبه ذلك الهلك ,واستدار سككامويل إلككى الشككيخان وقككال بحنككق ً:ا لقككد وعككد
تماني أهكذا يعد العلماء؟ فقال القصير ً:ا ليس لنا حول ول قوة عليهككم .حينهككا داخككل أميككرا
104
المجلس مسرعا فإذا هو الملك ميشا ملك مملكة )في( وقد تقلد بزته الحربية ,وتككوجه إلككى
المير الذي يقف بجانب الشرفة ونككاوله بسككيفه علككى رقبتككه فأخككذ الككدم يتككدفق مككن رقبككة
سامويل وكأنه شلل وهو يمسك بيده على جرحه .والشيخان ينظران إليككه متأسككفان علككى
مصيره الذي ل ذنب له فيه إل أنه وثق بهما .فرفسه الملك ميشا في بطنه فوقع من أعلككى
الشرفة وارتطم بفناء القصر ميتا بل حككراك مخضككبا بالككدماء الككتي إنتشككرت حككول ملقككى
جثته .والملك ميشا بعد أن كان ينظر من الشرفة متشفيا في سامويل المغككدور إلتفككت إلككى
الشيخان وراءه وقال ً:ا الن فقط بردا فؤاداي منك يا أجمنون .وتوجه إلى كبير جنده وقككال
له ً:ا إجمع جميع من بالقصور الملكية وكبار حكمائهم وحاشيتهم وأداخلهم السجن .
وصأل أفتاب بالعشبة وأعطاها لمه الملكة دابورة وقد كانت حزمة كبيرة مككن أوراق تلككك
العشبة فأخذتها لتداوي بها الجرحى .
في أفنيه القصر في مملكة )ثيتا( كان يجلس بعض من الجنككد ووجككد الجككن الخككوة السككتة
مكانا للجلوس بينهم متفرقين ولكن قريبين من بعضككهم بحيككث يتخلككل بينهككم الجنككد .وأخككذ
جند سايروس ينظرون إلى الجن مستعجبين من هيآتهم وأشكالهم فقال أحد الجند لهم ً:ا إذا
تحت إمرت من أنتم ؟ ووجه كلمه إلى الجن وهو يلتفت إلى رفاقه ويبتسم فنظككر الخككوة
الجان إلى أخيهم الكبير أفتاب .حينها قال أفتاب لذلك الجندي وهو يشتمل بالحكمة ً:ا نحككن
لسنا تحت إمرت أحد إنما قدمنا للمساعدة فقط .وأشار أفتاب إلى إخوته واحدا تلككو الخككر
قائل ً:ا كل واحد منا ملك على قبائل وشعوب من بني جنسنا ,وتحت إمرت كل واحككد منككا
فيالق وجيوش عظيمه وقوادا .فقال ذلك الجنكدي مسكتهيناً:ا ملكوك ! هرمكس الكذي يحكرس
الفتيات والمخابيل ملك .والتفت إلى أصأحابه وراحوا يضحكون.
في دااخل بهوات القصر خككرج الملككك أجمنككون وهككو يرتككدي ملبككس خفيفككة ووراءه إبنككه
هيرودا فقامت الملكة دابورة عنما شاهدت الملك أجمنكون يقكف هنكاك بكالقرب منهكا ينظكر
إليها وهي تعالج الجرحى فقالتً:ا الملك أجمنون ! ظننتك خلدت للراحة ؟ ثم التفتت الملكة
إلى يسارها حيث أقبل الحكماء وتبعهم هرمس ودايفي وروثا ومعهم أوريا وبعض الجنككد
فقاطعها الملك أجمنون قائل ً:ا لم أستطع النوم لقد خسرنا أناس شجعان كنا نحبهككم .فقككالت
الملكة دابورة بأسى ً:ا تقصد الملككك شمشككون ,نعككم ل يمكككن لحككد الحتفككاظ بكككل مككا يريككد
ويحب .
في الخارج كان إخوة الجن قد تضايقوا من جند سايروس ولهوهم وتحرشهم فنظر أفتككاب
إلى الرض فشاهد خنفسككاه تجككر شككيئ مككن غككوط البهككائم فأشكار إليهككا أفتككاب بيككده وقككال
للجندي ورفاقه ً:ا مثل هذه الخنفساه ,الخنفساه تعيش في القذارة لذلك تتمنى أن حياتها وكل
ما حولها قذارة ,ولكن هل تعلم هي أن تلك قذارة؟ بالطبع ل ولكن ما عنككدنا قككذارة عنككدها
أجمل ما في الوجودا .ونظر أفتككاب إلككى الجنككد وهككم ينظككرون إلككى بعضككهم البعككض غيككر
مدركين المغزى من الحديث وقال أحكدهم وكككان يجلكس بجكانب برجيككس ً:ا هكل تعنككي أن
هرمس مثل هذه الخنفساه ؟ وضحك عندها رفككاقه بصككوت عككالي .عنككدها برجيككس الككذي
105
بجانب ذلك الجندي تحول إلى قطككة سككودااء كككبيرة وقككد لمككح ذلككك الجنككدي بطككرف عينككه
حيوانا كبيرا بجانبه داونما أن يجد الشجاعة لللتفات إليه فتجمدت ضحكتة وكككذلك عيككون
أصأحابه وهم ينظرون إلى تلك القطكة السكودااء الضكخمة الكتي بكدأت تقفكز عاليكا وعنكدما
تصل أرجلها الرض تقفز مرة أخرى وهكككذا بجككانب ذلككك الجنككدي ,واقشككعرت جلككوداهم
عندما تحول الخوة الخرين إلى سباع ونمور وفهودا كبيرة تزأر .فنهض الجند مسرعين
يركضون إلى دااخل غرف القصر يصيحون وتلككك الحيوانككات المفترسككة تركككض خلفهككم
والجند تتراكض ويكادا الواحد منهم أن يلفظ قلبه من فمه من الخوف .قبل ذلك بقليل حيث
كان الملك أجمنون يقف قبالة الملكة دابورة يتحدثان بينما الجميكع يسكتمعون إلكى حكديثهما
نظر الملك أجمنون إلى خلف الملكة دابورة يتبين شخص قادام من أبواب تلك الرداهككة وقككد
لبس السودا وربط وسطه بحبل وأسدل على رأسه الغطككاء فل يبككان وجهككه .فتقككدم الملككك
أجمنون متجاوزا الملكة إليه والتفتت الملكة مستديرة لترى ما أداهش الملك وجذب إنتباهه
خلفها .فإذا ذلك الشخص يتقدم الجند واستنفر الجند لرداعكه ولكنكه ضكل ماشكيا إلكى هكدفه
حتى وصألت أيدي الجند إليه فصرخت بهم الملكة دابورة مشيرة إليهم بيدها قائله ً:ا داعككوه.
عندها توقف ذلك الغريب ووقف الجند بالقرب منه متأهبين لي حركة منه .فقام الغريككب
بمد يده السودااء المخيفة التي كأنها يد الغوريلت ورفع غطاء وجهه فما أن رفككع الغطككاء
حتى شهق الجميع من ذلك المنظر القبيح والمخيف لوجه ذلككك الشككخص .فتقككدمت الملكككة
دابورة متجاوزة للملك أجمنككون أمامهككا وقككالت لككذلك الضككيفً:ا مككا الككذي أتككى بككك؟ فقككالً:ا
مولتي ,الغواصأة .ونظر اليها ذلك الجني ونظرت الملكة إلى عينيه الصككفراوتان فعلمككت
منه ما حدثا .حينها داخل عليهم المكان أولئك الجنككد الخككائفين مسككرعين محككدثين ضككجة
وجلبه أثارت الجميع حتى وصألوا إلكى عنكد ذلكك الجنكي الكذي يلبكس لبكاس الكهكان فكزادا
خوفهم عندما رأوه وتوقفوا وأراداوا الرجوع إلى الخلككف فككدخلت خلفهكم السككباع .وعنكدما
وصألت الحيوانات إلى أولئك الجند شاهدوا الملكة أمهم فتحولوا فورا على ما كانوا عليه
ووقفككوا ينظككرون إلكى ذلكك الراهككب فعرفكوه .فتككوجهت الملكككة إلككى الشككيخ وقكالتً:ا إنهككم
الغواصأة ,ما أن يجدوا ثغرة للدخول إلكى مملكتنكا حكتى يهاجمونكا منهكا ,يجكب أن نكذهب
للمساعدة ,وعلى كل حال أنتم أيضا ستحتاجون لبعض من الراحة في هذا المكان .ونظككر
في عينيها سموطان بتركيز كمككا نظككرت هككي وهككي تتقككدم منككه وقكالت ً:ا سككأعودا سككريعا.
عندها أطرق سموطان رأسه باليجاب .فككالتفتت الملكككة ووضككعت المككاعون الككذي كككانت
تداوي به ذلك الرجل واعتككدلت ومضككت إلككى أبنائهككا ثككم إختفككت واختفككى بعككدها أولداهككا
الستة .ونظر ذلك الجني الذي يشبه الغوريل إلى ذلك الجندي الذي ككان يسكتهزأ بهرمكس
نظرة مخيفة أفزعته وارتد الجندي إلى الوراء .ثم التفت الجني إلى الخلف وخطككى بضككع
خطوات بإتجاه الباب واختفى هو ايضا .
خرج هيرودا من القصر يتمشى وإذا به يشاهد نارا موقدة فتقككدم إليهككا حيككث يجلككس حككول
النار روثا وهادااساه ودايفي وهرمس وشهلون وأوريا وتككابع الميككر مرقككس آرميككا .تقككدم
منهم هيرودا حتى جلس بينهم متدفأ بالنار .فالصحراء الرمليككة بككارداة ليل ولكككن الجماعككة
كانوا صأامتين ينظرون إلى هرمس الذي ينظر إلى النار وهو واجم .وعندما شاهد هيرودا
106
ذلك سأل هرمس وقال ً:ا لما أنت عبوس على غير عاداتك؟ ألنك لككم تككذهب معهككم؟ فرفككع
هرمس رأسه قائل ً:ا هم يعلمون ما عليهم فعله ولكن لم أرى شعبي منذ فترة .فقال شهلون
لهرمس ً:ا من ذلك القبيح السودا ؟ فنظككر إليكه هرمكس وقكد ابتسككم ابتسككامة إمتعكاض مككن
سؤاله وقال ً:ا إنه كبير جند المملكة ,وأعتقد أنه أختير لذلك المنصب لنه أجمل واحد فينا.
فاستغرب الجميع واندهشوا فقالت هاداساه باستغراب ً:ا أجمل واحككد فيكككم!! قككال هرمككسً:ا
نعم إن ما ترونه من أشكالنا هكذه هكي ليسكت أشككالنا ومكا نحكن عليكه ,وانمكا نتشككل بهكا
لنسكتطيع أن نقكترب منككم ,وال لفزعتكم منكا كمكا خفتكم لكدى رؤيتككم ككبير الجنكد ,وهكذه
الملبس نحن لسنا بحاجة إليها ,وإنما نلبسها من أجلكم .فقالت هادااساه ً:ا أل تلبسون شيئا؟
كككم هككو مككن الممتككع أن يعيككش الشككخص بينكككم .وابتسككمت هادااسككاه خجلككه عنككدما نظككر
الحاضرون إليها باستغراب لمنيتها تلك .فقاطعهم هرمس قائل ً:ا خلق ا الجن على هذه
الرض وهم ل يلبسون شيئا ,ثم خلق بعدهم بأربعين ألف سنة أدام وحواء وهما هناك فككي
الجنة كانوا عراة ,حتى عصى آدام ربكه ف أنزله وحكواء إلكى الرض عنكدما ألبسكه ابليكس
هناك في الجنة فلبسه ا هنا في الرض ,لذلك سمي إبليسا ,وعندما نزلوا ظننا أنككه يرانككا
حتى علمنا أنه ل يستطيع أن يرانكا ,وذلكك لنكه عصكى ربكه فكأعمى اك بصكره إل عمكا
يستطيع أن يلمسه ,ولنه لم ينظر بقلبه إلى أمر ا ونظر بشهوته الماداية حكككم عليككه بككان
يكون مادايا ,لذلك كان لزاما عليه أن يرتدي شيئا ليواري سككؤته وهككو بمثابككة الككردااء كمككا
وضع على عينيه الردااء .فقال شككهلون ً:ا لمككاذا لنسككتطيع أن نراكككم ؟ فقككال هرمككس ً:ا إن
النسان سيرى الجن إذا قهر نفسه ومادايته واستطاع أن ينظر دااخله بداخله وتخلككص مككن
شهواته وتجردا من عيوبه ومعاصأيه ,حينها ينظككر كككل شككيئ حككوله .فقككال شككهلون ً:ا مثككل
الشيخ سموطان؟ قال هرمس ً:ا نعم مثل الشيخ ,ولكن سرعان مككا يشككتغل ابككن آدام بملككذاته
فينسى نفسه ول يستطيع أن يراها ثم لن يستطيع أن يرى أخاه الذي يجلس بجككانبه ,حينهككا
كيف يستطيع أن يرانا ,عندها سيكون الجن في أمان .
في صأباح اليوم التالي خرجت هادااساه بفرس وبجانبها هيككرودا فككوق فرسككه يسككيران مككن
بوابة المدينة .فسارا حتى وصأل إلى نبع النهر حيث كانت هادااساه تسكن مع أبيها وأمهكا,
وحيث تربت طوال حياتها وحيث التقت بهيرودا أول مرة .وعنكدما وصأكلت إلكى العريكش
شاهدت قبرا بجانب الضفة فنزلت من على فرسها بإتجاهه وتبعها هيككرودا مككترجل حككتى
انكبت على القبر وراحت تتأمله وهككي فرحككة وحزينككة .ونظككرت إلككى هيككرودا مككن خلفهككا
وقالت له ً:ا لبد وأنه قبر أبي .ثم وضعت رأسها محتضنة القبر وأخذت بالبكاء ولم يقطككع
بكائها وخلوتهما ال صأوت روثا من خلفهما وهي تقول ً:ا هل هذا هو قبر أبيككك ؟ فنظككر
كل من هيرودا وهادااساه إلى الخلف فاذا هي روثا وقد ترجلت مككن علككى فرسككها وخلفهككا
تابع الميرمرقككس أرميككا يجككر فرسككه .فاغتككاظ هيككرودا مككن تككدخل روثا وقطعهككا خلككوته
بهادااساه وقال لروثا ً:ا ما الذي أتى بكما إلى هنا ؟ هل تبعتمانا ؟ فقال تابع مرقس أرميككاً:ا
ل وإنما إقترحت روثا أن نذهب للنبع فقد قالت أنها سمعت بوجودا نبع قريب من المملكة
فقلت نعم ,فطلبككت منككي ارشككاداها الطريككق إليككه وأن نقضككي بعككض السككتجمام عنككده .ثككم
107
تقدمت روثا من هادااساه وأنهضتها من على القبر وقالت لها وهي تنظكر الكى النبكعً:ا هي ا
لنمككرح قليل فككالنبع جميككل حقككا بيككن هككذه الكثبككان الرمليككه القاحلككة .ثككم جرتهككا مككن يككدها
وركضككتى بإتجككاه المككاء يتضككاحكان وتبعهمككا هيككرودا علككى حنككق وخلفككه آرميككا مبتسككما
وأمضيوا النهار كله وهم في النبع حتى مغيب الشمس .
داخل هيرودا وهادااساه وروثا وأرميا إلى مجلس المملكة فإذا الجميع مجتمعين مككن حككول
كرسي العرش الذي يجلس عليه الملك أجمنون ,وعند داخولهم تككوجه أوريككا إلككى صأككاحبه
آرميا وشد على يده قائل بحنق ً:ا أين كنت طوال اليوم؟ عندها تكلم الملككك أجمنككون وقككال
لهم ً:ا أعدوا العدة للخروج غدا صأباحا بكل ما تحتكاجون مككن العكددا والمكؤن .عنككدها تكلكم
كبيرجند الملك شمشون الراحل وقال ً:ا سيدي الملك أجمنون ,اسمح لككي بككالرجوع بالجنككد
إلى مملكتنا .فتفاجا الجميع من هذا الكلم حتى أن الملك أجمنون قطب حاجبيه وقال ً:ا لقد
جاء بكم الملك شمشون لمساعدتنا والنضمام إلينا وحتى أنككه وللسككف قككد فارقنككا لكككانت
هذه هي رغبته ,أنةتكونوا معنا .فقال كبير جند شمشون ً:ا نعم يا مولي ,ولكن هنككاك مككن
يجب أن نأتمر به الن ,وإذ الملك قد رحل يجب أن نعلم أبناءه بذلك ,فقد يكون لديهم أمككر
آخر لنا وذلك من شانهم ,بل هككو إذا تككوافقني الككرأي بحكمتككك هككو مكن حقهككم إرثا أبيهككم.
فأطرق الملك أجمنون رأسه ونظر إلى الشيخ سموطان الذي هز برأسكه لكه باليجكاب ثكم
مد الملك أجمنون يده باسطا كفه بإتجككاه كككبير جنككد شمشككون قككائل ً:ا ولكنككا بحككاجه اليكككم,
فعددانا قليل .ولكن كبير جند شمشون أرادا أن يحاجه فقاطعه الملك أجمنون وهو مككا يككزال
باسطا كفه وأشار بها إليه بالنصككراف قككائل ً:ا حسككنا ذلككك ومككا تريككد .فككأحنى كككبير جنككد
شمشون رأسه قائل ً:ا شكرا لتفهمكم يا مولي .ثم إنصرف من المجلس ليعد جنده للرحيل
باكراا .نظر الملك أجمنون إلى سموطان وقكال ً:ا ومككا العمككل الن؟ لقككد أصأككبحنا....ونظككر
أجمنون إلى كبير جنده متسائل ً:ا كم نحن الن ؟ فقككال ككبير جنككده ً:ا أقككل مكن فيلكق واحككد
بقليل ,ومعظهم جرحى .فقال سموطان ً:ا هذا ونحن بدون الجن .وبدى عليككه السككى فقككال
أوريا ً:ا مولي ,يمكننا أن نجمع فيلق أو إثنين من الجنككد مككن هنككا .فقككال الملككك أجمنككون ً:ا
تعني من جند )ثيتا( ؟ فقال أوريا ً:ا نعم ,هناك منهم من هو متشوق للمغامرة وللقتال حيث
لم يقاتلوا أحدا منذ زمن طويل ,بل لم أشككهد لهككم قتككال منككذ وجككوداي بينهككم .فقككال الملككك ً:ا
حسنا إذا إذهب أنت وابن عمك هيرودا واجمعا مككا تسككتطيعان مككن الجنككد .فخككرج هيككرودا
وأوريا وقد إنبسط أوريا من وصأفه إبن عم لهيرودا فخرج به ولحق بهم شهلون وصأككاحب
أوريا تابع مرقس آرميا حتى وصألوا إلى الجند .التفككت الملككك أجمنككون إلككى الحكمككاء مككن
حوله وحيث روثا وهادااساه ودايفي وهرمس وسموطان ,وجال ببصره فيهم ثككم قككال ً:ا لككم
أكن أعلم أن هذه الرحلة ستكلفني كل هذه الخسائر .فقال سموطان ً:ا مككولي خرجككت فككي
مطلب عظيم ,والعظيم لبد وأن ثمنه من جنسه ,ليس لككك الن إل الصككبر أو ...الرجككوع
إلى مملكتك والكتفككاء بمككا قككد خسككرت إلككى الن .فقككال الملككك أجمنككون وهككو ينظككر إلككى
سموطان وقد علت همته وتجددات رغبته ً:ا هذا مسككتحيل ,أن أرجككع !! ل يمكككن ,بعككد لككم
أبذل حياتي في سبيله ,لقد إنتظرت تحقيق هككذا الحلككم بجمككع هككذه المفاتيككح السككبعة طككوال
عمري ,وكان هذا حلم أبي وأجداداي من قبله ,لقد كان أبي يعدني لتحقيق هذا الهككدف منككذ
108
أصأبحت أستطيع إستخدام رجلي ,أما الصبر فهذا نعم .وابتسم الملك أجمنككون وهككو ينظككر
إلى سموطان وقال ً:ا هل لديك شككيئ عككن الصككبر أيهككا الشككيخ الحكيككم ؟ وتككوجهت أنظككار
الحكماء من حول الملك إلى سكموطان .والجميككع فككي لهفكة لسكماع مكا سككيقول ممكا أجككبر
سموطان للردا على الملك قائل ً:ا ل توجد قصة ,أحكم في الصبر من صأبر نبي ا أيوب.
فقالت هادااساه بصوت عالي ملهوف أداهشت الجميع اليها ً:ا إحكهككا لنككا .ثككم سكككتت خجلككة
عندما نظر الكل إليها فقاطعهم سككموطان قككائل ً:ا ككان أيككوب رجل طككويل عظيككم الككرأس
جعد الشعر وحسن العينين والخلق ,قصككير العنككق غليككظ السككاقين والسككاعدين ,وكككان اكك
إصأطفاه ونبأه وبسط عليه الدنيا ,وكان له من أصأناف المال كله ,من البل والغنم والخيل
والحمير ما ل يكون لرجل أفضل منه في العدة والكثرة ,وكان له خمسككماية فككدان ,يتبعهككا
خمسماية عبد لكل عبد امرأة وولد ومال ,وكان ا أعطاه أهل وولكدا مكن رجككال ونسكاء,
وكان إمرء تقيا رحيما بالمساكين يكفل اليتام والرامل ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل,
وكان شاكرا لنعم ا مؤدايا لحقه وقد امتنع من عدو ا إبليس أن يصيب منه مككا أصأككاب
من أهل الغنى من العزة والغفلة والتشاغل والسهو عن أمر ا بما هو فيه من الدنيا ,فقال
إبليسً:ا يا الهي نظرت في أمر عبدك أيوب فوجدته عبدا أنعمككت عليككه فشكككرك ,وعككافيته
فحمدك ,ثم لم تختكبره ل بشكدة ول بلء ,وأنكا لكك ضكامن لن ضكريته ببلء ليكفكرن بكك
ولينسينك .فقال ا ً:ا إنطلق إليه ,فقد سلطتك على ماله .فجمككع إبليككس عفككاريت الشككياطين
وعظمائهم فقال لهم ً:ا ماذا عندكم من القوة والمعرفة؟ فإني قككد سككلطت علككى مككال أيككوب,
وزوال المال هو المصيبة الفاداحة والفتنة التي ل تصبر عليها الرجال .فقال عفريككت مككن
الشياطين ً:ا أعطيت من القدرة ما لوشأت تحولت إعصارا من نار فأحرقت كل شككيئ آتككي
عليه .فقال له ابليس ً:ا فأتي البل فاحرقها ورعاتها .وإذا الرعاة في المرعى ومعهم إبلهككم
ترعى ما يشعرون حتى ثار من تحت الرض إعصار من نار تنفخ فيها رياح السموم ,ل
تدنوا من أحد إل أحرقته ,فلم يزل يحرقها ورعاتها حتى أتى على آخرها ,فلما فرغ منهككا
تمثل إبليس على صأفة راعي إبل ثم إنطلككق إلكى أيكوب حكتى وجككده يصكلي فقكال لككه ً:ا يككا
أيوب .فقال ً:ا لبيك .فقال إبليس ً:ا هل تدري ما صأنع بك ربك الذي إخككترته وعبككدته بإبلككك
ورعاتها ؟ فقال أيوب ً:ا إنها ماله أعارنيها وهو أولى بها إن شاء تركها وإن شككاء أخككذها,
وقد تيقنت وطابت نفسي أني ومالي للفناء والزوال .فقال إبليس ً:ا فإن ربككك أرسككل عليهككا
نارا من السماء فأحرقت كلها ,وبقي الناس مبهوتين وقوفا عليها يتعجبون منها ,فمنهم من
يقولً:ا ما كان أيوب يعبد شيئا وما كان إل في غرور .ومنهم من يقول ً:ا لو كان إله أيككوب
يقدر على أن يصنع شيئا لمنع وليه من حريق مواشيه .ومنهككم مككن يقككول ً:ا بككل هككو الككذي
فعل ما فعل فشمت به عككدوه ,وفجككع بككه صأككديقه .فقكال أيككوب ً:ا الحمككد لك الككذي أعطككاني
وحيث شاء نزع مني ,عريانا خرجت من بطككن أمككي وعريانككا أعككودا إلككى القككبر وعريانككا
أحشر إلى ربي .فرجع إبليس إلى أصأحابه خائبا ذليل وقال لهم ً:ا ماذا عندكم مككن القككوة ؟
فقال عفريت من عظمائهم ً:ا عندي من القوة مالو شأت صأحت صأككوتا ل يسككمعه ذو روح
إل خرجت مهجة نفسه .فقال إبليس ً:ا فككأت الغنككم ورعاتهككا .فككانطلق ذلككك العفريككت حككتى
توسط الغنم فصاح صأوتا ماتت منه الغنم جميعا ومككاتت رعاتهككا .وتمثككل إبليككس بصككورة
109
كبير الرعاة حتى جاء إلى أيوب وهو قائم يصلي فقال له مثل قوله الول فردا عليه أيككوب
مثل ما قال في المرة الولى فرجع إبليس إلى أصأحابه فقال ً:ا ماذا عندكم من قككوة ؟ فقككال
عفريت من عظمائهمً:ا عندي من القوة ما إذا شأت تحولت ريحا عاصأفا تعصف كل شككيئ
تأتي عليه حتى ل يبقى منه شيئ .فقال له إبليس ً:ا ف أت الفكداداين والحكرثا .ف انطلق ح تى
قرب من الفداداين واسككتوى فككي الحككرثا ومزارعيهككا فيهككا فلككم يشككعروا حككتى هبككت ريككح
عاصأف فنسفت كل شيئ حتى كأنه لم يكن .تم تلبس إبليس بكبير الككزراع حككتى جككاء إلككى
أيوب وهكو يصكلي فقكال لكه مثكل الول فأج ابه أيكوب بمثكل جكوابه الول .فجعكل إبليكس
يصيب من ماله الول حتى أتى على آخره .وأيوب كلما إنتهكى إليكه هلك مكال مككن مكاله
حمد ا وأحسن الثناء عليه ورضي بقضاءه حتى ما بقي له مال .فلما رأي إبليس أنه قد
أفنى ماله ولم يتأثر إيمانه ول نجح إبليس في شيئ من أفعاله قال إبليس ً:ا إلهككي ان أيككوب
يرى أنك إذا ما حفظت عليه نفسه وولده فأنت معطيه المال ,فهل أنت مسلطي علككى ولككده
فإنها الفتنة المظلمة والمصيبة التي ل تقوم لها قلوب الرجككال ول يقككوى عليهككا صأككبرهم؟
فقال ا ً:ا إنطلق فقر سلطتك على ولده .فنزل إبليس على قصر أيوب وأولداه بداخله ولككم
يزل يزلزله حتى تككداعى القصككر مككن قواعككده ,ثككم جعككل يناطككح جككدرانه بعضككها ببعككض
فرماهم بالخشب والجككدران حككتى أصأككبحوا تحككت النقككاض ,ثككم رفككع بهككم القصككر وقلبككه
فصاروا منكسين ثم نطلق إبليس متمثل بصورة المعلم الذي كان يعلم أولداه الحكمة وهو
جريح مشدوخأ الرأس والوجه يسيل دامه من رأسه فككأخبره بككذلك وقككال لككهً:ا يككا أيككوب ,لككو
رأيت بنيك كيف عذبوا وكيف قلب بهم القصر وكيف نكسوا على رؤسهم تسيل داماؤهم و
أدامغتهم من أنوفهم وشفاههم ,ولو رأيككت كيككف شككتتت بطككونهم فتنككاثرت أمعككاؤهم لتقطككع
قلبك .فلم يزل إبليس يقول هذا ويرداداه حككتى رق أيككوب عليهككم وبكككى وقبككض قبضككة مككن
التراب فوضعها على رأسه ففرح إبليس بذلك ولكن فرحته لككم تتكم إذ أن أيككوب تككذكر اك
وأنزل قبضة التراب ورضي بقضاء ا فوقف إبليس خاسئا ذليل فقال إبليككس ً:ا يككا إلهككي,
إنما هون على أيوب ضر المال والولد أنه يككرى أنككك حفظككت عليككه نفسككه والمككال والولككد
معوض فهل أنت مسلطي على نفسه وبدنه؟ فإني لك ضامن إن إبتليته في جسده لينسككينك
وليكفرن بك وليجحدن نعمتك .فقال ا انطلق فقد سطتك على جميع جسده ولكن ليس لككك
أسلطان على لسانه وقلبه ول على عقله .فذهب إبليس إلى إيككوب فوجككده سككاجدا وقبككل أن
يرفع رأسه أتاه من قبل الرض في موضككع وجهككه ونفككخ فككي منخككرة نفخككة إشككتعل منهككا
جسدة فذهل وخرج به من ترقوته إلى قدمه ثآليل مثككل اليكاثا الغنكم ,ووقعكت فيكه حكككه ل
يملكها ول يتماسك عن حكها .فحك بأظافره حتى سقطت كلها ,ثم حكها بالمسوح الخشككنة
حتى قطعها ,ثم بالفخار الخشنة فلم يككزل يحكهككا حككتى نككزل لحمككه وتقطككع وتغيككر وأنشككق
فأخرجه أهل القرية فجعلوه على المزبلة وجعلوا له عريشا هناك ,فرفضه خلق اكك كلهككم
غير إمرأته كانت تأتي إليه بما يصلحه وتكرمه وبما كانت تخدم بككه عنككد النككاس .وأيككوب
صأابر لحكم ا راضي ول ينتقطع لسككانه عككن ذكككر اكك ول عقلككه بككالتفكير فككي عظمتككه.
فصرخأ إبليس في أعوانه وقال ً:ا أعياني هذا الصيد ,لم أداع له مال ول ولدا فلم يزداه ذلككك
إل صأبرا وثناء على ال,له ثم سككلطت علككى جسككده فككتركته قرحككة ملقككى علككى المزبلككة ل
110
يقربه أحد إل أمراته فاعلموني ماذا أفعل أكثر من ذلك؟ فقالوا لككه ً:ا نشككير عليككك أن تككأتيه
من حيث أتيت أبيه آدام وأخرجته من الجنة ,من قبيل امرأته ,فإنه ل يسككتطيع أن يعصككيها
وليس أحد يقربه غيرها .فقال ً:ا أصأبتم .وانطلككق حكتى أتككى إمراتككه وهككي تطلككب الصككدقة
فتمثل لها في صأورة رجل فقككال لهككا ً:ا أيككن زوجككك ؟ فقككالت لككه ً:ا هككو ذاك يحككك قروحككه
وتتردادا الدواب في جسده منذ سبع سنين .فلما سمع منها ذلك طمككع أن تكككون وسككيلته إلككى
أيوب فوسوس لها وذكرها ما كانت فيه من النعيم والمال وذكرهكا بشككباب أيكوب وجمكاله
وما هو فيه اليوم من الضرر وأن ذلك ل ينقطع عنه أبدا .فصرخت فلمككا سككمعها تصككرخأ
أتاها بغنمة وقال لها ليذبح أيوب هذه لي وسيبرأ .فجاءت إلى أيوب تصرخأ وقككالت ً:ا إلككى
متى يعذبك ربك ول يرحمك؟ أين المال والماشية ؟ وأين جسمك الحسككن ؟ قككد بلككي وهككو
يتردادا فيه الدودا ,إذبح هكذه الغنمكة واسكترح .فق ال لهكا أيكوب ً:ا أتكاك عكدو اك فنفكخ فيكك
فأجبتيه ,أتريدينني أن أذبح لغيرا؟ فإني لن أذق منك طعاما ول شرابا بعد اليوم ,أغربي
عني ل أراك .فطرداها فذهبت .ثكم ككان ليكوب فكي أيكام الرخكاء والعكز ثلثكة أصأكدقاء ً:ا
اليقين ومالك وظافر وكلهم كهول فأتوه حيث هو في المزبلة والدودا يأكل لحمه فلمككا رأى
أصأحابه الثلثة ما إبتله ا به وقفوا بعيدا عنه لنتانة ريحتكه ,واتهمكوه ورفضكوه وبكتكوه
ول موه وقالوا له ً:ا تب إلى ا من الذنب الككذي عككوقبت بككه .فقككال لهككم أيككوب ً:ا أتيتمككوني
غضابا ,ولو نظرتم فيما بينكككم وبيككن ربكككم ثككم صأككدقتم لوجككدتم عيوبككا سككترها اك عليكككم
بالعافية التي ألبسكم ل اياها ,وقد كنكت فيمكا خل ,الرجكال تكوقرني وأنكا مسكموع كلمكي
معروف حقي منتصف من خصمي ,فأصأبحت اليوم وليس لي رأي ول كلم معكم ,فككأنتم
اليوم أشد علي من مصيبتي .ثم أعرض عنهم أيوب وأقبككل علككى ربككه مسككتغيثا متضككرعا
إليه فقال ً:ا رب ,لي شيئ خلقتنككي؟ ليتنككي إذ كرهتنككي مككا خلقتنككي ,يككاليتني كنككت حيضككة
القتني أمي ,أو ليتني قد عرفت الذنب الذي أذنبت والعمكل الككذي عملككت فصككرفت وجهكك
الكريم عني ,لو كنت أمتني فألحقتني بآبائي فالموت كان أحمد لي ,يا إلهي ,كنت للغريككب
داارا وللمسكين قرارا ولليتيم وليا و للرملة قيما ,الهي ,عبد ذليككل إن أحسككنت فالمنككة لككك
وإن أسأت فبيدك عقوبتي ,جعلتني للبلء غرضككا وللفتنككة نصككبا ,وقككد وقككع علككي بلء لككو
سلطته على جبل لضعف عن حملة فكيف يحمله ضعفي ؟ الهي تقطعت أصأابعي فككإني ل
أرفع الكلة مككن الطعككام ال بيككدي الثنككتين فمككا يبلغككان فمككي إل علككى الجهككد منككي ,إلهككي
تساقطت لهواتي ولحم رأسي فما بين أذني من سدادا بل أحككدهما تككرى مككن الخككرى ,وإن
داماغي ليسيل من فمي ,إلهي تساقط شعري كأنما أحرق بالنار وجهي وحككدقتاي متككدليتان
على خدي وورم لساني حتى مل فمي ,فما أداخل فيه طعككام ال غصككني ,وورمككت شككفتاي
حتى غطت العليا أنفي والسفلى ذقني ,وتقطعت أمعككائي فككي بطنككي وإنككي لداخككل الطعككام
فيخرج كما داخل مككا أحسككه ول ينفعنككي ,وذهبككت قككوة رجلككي فكأنمككا قكد يبسككتا ول أطيككق
حملهما ,وذهب المال فصرت أسأل بكفي ويطعمني من كنت أعوله اللقمككة الواحككدة فيمككن
بها علي ويعيرني ,إلهي هلك أولداي ولوبقي واحد منهم أعانني علككى بلئككي ونفقككتي ,قككد
ملني أهلي وعفني أرحامي وتنكرت لي معارفي ,ورغب عني صأديقي وقطعني أصأحابي
وجحدت حقوقي ونسيت صأنائعي ,أصأرخأ فل يصرخونني وأعتذر فل يعذروني ,داعككوت
111
غلمي فلم يجبني وتضرعت لمي فلم ترحمنككي ,وإن قضككائك هككو الككذي أذلنككي وأدانككاني
وأهانني وأقامني ,وإن سلطانك هو الذي أسقمني وأنحل جسمي ,ولو أن ربي نكزع الهيبكة
التي في صأدري فأطلق لساني لتكلم بملء فمي ,ولو كان ينبغي للعبد أن يحاج عن نفسككه
لرجوت أن يعافيني عند ذلك مما بككي ,ولكنككه أنفككاني وتخلككص عنككي فهككو يرانككي ول أراه
ويسمعني ول أسمعه ,ول نظر إلككي فرحمنككي ول أدانككى منككي ول أدانككاني فكأتكلم بككبراءتي
وأخاصأم عن نفسي .
فلما قال ذلك أيوب وأصأحابه عنده أظلته غمامه حتى ظن أصأحابه أنه عذاب .ثم نوداي يا
أيوب إن ا يقول لك ً:ا ها أنا ذا قد دانوت منك ,فلم أزل منك قريبا فقم فادال بعذرك وتكلككم
ببرائتككك وخاصأككم عككن نفسككك واشككددا عليككك إزارك وقككم مقككام جبككار ,فككإنه ل ينبغككي أن
يخاصأمني ال جبار مثلي ,ول ينبغككي أن يخاصأككمني إل مككن يجعككل الزمككام فككي فككم السككد
والسخال في فم العنقاء واللحم في فم التنيككن ,ويكيككل مكيككال مككن النككور ويككزن مثقككال مككن
صر صأرة من الشمس ويردا أمس ,لقد منتك نفسك أمرا ما يبلغ بمثل قوتك ,و لكو الريح وي ص
كنت إذ منتك نفسك ذلك وداعتك إليككه تككذكرت أي مككرام رامككت بككك ,أردات أن تكككاثر فككصي
بضعفك ؟ أم أردات أن تخاصأمني بغيك ؟ أم أردات أن تحككاجني بخطككأك ؟ أيككن كنككت يككوم
خلقت الرض فوضعتها على أساسها ؟ هل علمت بأي مدار قدرتها ؟ أم كنت معككي تجكر
بأطرافها ؟ أم تعلم ما بعد زواياها ؟ أم على أي شككيئ وضككعت أكتافهككا ؟ أبطاعتككك حمككل
الماء والرض ؟ أم بحكمتك كانت الرض على الماء غطاء ؟ أين كنت مني يككوم رفعككت
السماء سقفا في الهواء ؟ ل معكالق تمسكككها ول تحملهكا داعكائم مككن تحتهكا ,هككل يبلكغ مككن
حكمتك أن تجري وتسير نجومها ؟ أم هل بأمرك يختلف ليلها ونهارها ؟ أيككن كنككت منككي
يوم سجرت البحار ؟ وأنبعت النهار ؟ أقدرتك حبست أمككواج البحككار علككى حككدوداها ؟ أم
قدرتك فتحت الرحام حين بلغت مدتها ؟ أين كنت مني يوم صأببت الماء علككى الككتراب ؟
ونصبت شوامخ الجبال ؟ هل لك أن تطيق حملها ؟ أم كنت تدري كم من مثقال فيها ؟ أين
الماء الذي أنزلته من السماء ؟ هل تدري كم من بلدة أهلكتها ؟ وكم من قطرة أحصككيتها ؟
وقسككمت الرزاق ؟ أم قككدرتك تسككير السككحاب ؟ وتنككثر المككاء ؟ هككل تككدري مككا أصأككوات
الرعد ؟ أم من أي شيئ لهب الككبرق ؟ وهككل رأيككت عمككق البحككر ؟ أم هككل تككدري مككا بعككد
الهوى ؟ أم هل تدري أين خزانة النهككار بالليككل ؟ وأيككن طريككق النككور ؟ وبككأي لغككة تتكلككم
الشجار ؟ وأين خزانة الريح ؟ وأيكن جبككل الكبردا ؟ أم هككل تكدري مكن جعككل العقكول فكي
أجواف الرجال ؟ ومن شق السماع والبصار ؟ ومن ذلككت الملئكككة لملكككة ؟ ومككن قهككر
الجبارين بجبروته ؟ وقسم أرزاق الدواب والعبادا بحكمتككه ؟ ومككن قسككم للسككد أرزاقهككا ؟
وعرف الطيرمعاشها ؟ وعطفها على أفراخها ؟ ومن أعتق الوحوش من الخدمة ؟وجعككل
مسككاكنها البريككة ؟ ل تككأنس بالصأككوات ول تهككاب السككلطين ,بحكمتككك عطككف عليهككا
أمهاتها حتى أخرجت لها من أجوافها طعاما ؟ وآثرتها بالعيش علككى نفسككها ؟ أم بحكمتككك
يبصر العقاب الصيد البعيد واضحا في أماكن الفل ؟ أين كنككت يككوم خلقككت البهمككوت فككي
مكانه في منقطع الثرى ؟ هل لك في خلقها من شرك ؟ أم لك بالقوة التي غلبتها يككدان ؟ أم
هل يبلغ من قوتك أن تضع يدك على رؤسها ؟ أم تقعككد علكى طريكق فتحبسككها أو تصكدها
112
عن قوتها؟ أين كنت يوم خلقكت التنيككن؟ رزقككه فككي البحكر ومسكككنه فككي السكماء ,وعينككاه
تتوقدان نارا ومنخراه يثوران داخانككا ,أذنككاه مثككل قككوس السككحاب يثككور منهمككا لهككب كككأنه
إعصار العجاج ,جوفه يحرق ونفسه يلتهب وزبده حجر كأمثال الصخور ,ضرب أسككنانه
كأنه أصأوات الصواعق وكأن نظككر عينيككه لمككع الككبرق ,تمككر بككه الجيككوش وهككومتكيء ل
يفزعة شيئ ,ليس فيه مفصل زبر الحديد عنده مثل التبن والنحاس عنده مثككل الخيككوط ,ل
يفرغ منه النشاب ول يخشى وقع الصخور على جسده ,يطير في الهواء وكككأنه عصككفور
فيهلك كل شيئ يمر به ,هل أنت آخذه بأحبولتك وواضع اللجككام فككي شككدقه ؟ هككل تحصككي
عمره ؟ أم هل تعرف أجله ؟ أم تعرف رزقة ؟ أم هككل تككدري مككاذا خككرب مككن الرض ؟
وماذا يخرب فيما بقي من عمره ؟ أم هل تطيق غضبه حين يغضب ؟ أم تأمره فيطيعك ؟
تبارك ا أحسن الخالقين .
عندها ندم أيوب أشد الندم على مخاصأمته ومحاجته لربه ,فاستغفر ربه ثم إنصككرف عككن
أيوب أصأحابه فأوحى اكك لككه ً:ا أيككا أيككوب ,نفككذ فيككك حكمككي سككبقت رحمككتي غضككبي ,إذا
أخطأت فقد غفرت لك ما قلت ورحمتك ,وردادات عليك أهلك ومثلهككم معهككم لتكككون عككبرة
لهل البلء وعبرة للصابرين .فركض أيوب برجله فانفجرت له عين فدخل فيها واغتسل
فأذهب ا عنه.....وإذا بهيرودا يدخل المجلس ومعه أوريا وآرميا وورائهم شهلون فاندفع
هيرودا إلى أبيه وقاطع الشيخ بقوله ً:ا جمعنا ما ....فأسكته الملك أجمنككون بوضككع إصأككبعه
على فمه وهسه عندما توقف سموطان عن سردا القصة لككدى مقاطعككة هيككرودا لككه .فتككوجه
الملك إلى سموطان وقال ً:ا أكمل يا سموطان أكمككل .فقككال سككموطان ً:ا إغتسككل أيككوب فككي
العين فأذهب ا عنه ما كان فيه من البلء فلم يبقى من داائه شيئ ظاهر ,وأذهب اكك منككه
كل ألم وكل سقم وعادا إليه شبابه وجماله أحسن مما كككان .ثككم أنككه ضككرب برجلككه فنبعككت
عين أخرى فشرب منها ولم يبقى في جوفه دااء إل خرج فقام صأحيحا وكسي حلككة جميلككة
فجعل يلتفت يمينا وشمال فل يرى شيئا مما كان له من أهل وولككد ومككال إل وقكد ضككاعفه
ا له ,فخرج وجلس على مكان مشرف ثككم أن امراتككه قكالت لنفسككها إن كككان قككد طردانككي
أداعه يموت جوعا وعطشا أو يضيع فتاكله السباع؟ فوا لرجعن أليه .فرجعت ولكم تكره
في المزبلة فأخذت تبحث عنه كالوالهه وتطوف وتبكي وأيوب ينظرها فقككال لهككا أيككوب ً:ا
من تريدين ؟ فبكت وقالت ً:ا أريد ذلك المبتلي المنبوذ على هذه المزبلككة ل أداري ضككاع أم
ماذا حصل له ؟ فقال لها أيوب ً:ا ما كان منك ؟ فقككالت زوجككي هككل رأيتككه ؟ فقككال ً:ا وهككل
تعرفينه إذا رأيته ؟ فقالت ً:ا فهل يخفى علي ؟ ثم أنها جعلت تنظر إليه وهي تهابه وقككالتً:ا
أما أنه كان أشبه خلق ا بك إذ كان صأحيحا .فقال ً:ا فأنا أيككوب أمرتنككي أن أذبككح لبليككس
فاني أطعت ا وعصيت الشيطان فردا علي ماترين .فتبسم أيوب وقككال ً:ا هككا أنككا ذا هككو.
فعرفته لما ضحك فاعتنقته .
نظر سموطان إلى من حوله بالمجلس وإذ الجميع مبهورين مازالوا مندمجين فككي أحككداثا
القصة وكأنها لم تنتهي .مأخوذين بوقائع حدوثها وحوارات أصأحابها وكأنهم كانوا معهم.
فقطع عليهم سهيهم الملك أجمنون عندما قال ً:ا ماذا لديكم ؟ فتنبككه الجميككع إلككى مككا حككولهم
113
وأين هم .وتقدم هيرودا إلى الملك وقال ً:ا لقد إستطعنا جمع فيلقين من أشد الرجال ,وكلهم
متحمسين للخروج معنا غدا ,بل انهم يتجهزون ويستعدون للخروج منذ الن .ففرح الملك
أجمنون وقال وهو ينهض من كرسيه ذاهبا بإتجاه أوريا وهيرودا ً:ا أحسككنت يككا بنككي ,وقككد
كان يوجه كلمه إلى أوريا ثم وضع الملك يده على كتككف هيككرودا قككائل ً:ا هكككذا هككم أبنككاء
الملوك .ثم ذهب الملك للراحة والجميع ذهب كل منهم في ناحية .ولكن أحد الحكمككاء مككن
مملكة )ثيتا( تقدم من سموطان وهو يهم بالخروج فسار معه ثم قال له ً:ا سيدي الشيخ هككل
لك أن تعلمني مما علمت؟ فتوقف سموطان ونظر إليككه مندهشككا متثككاقل طلبككه وقككال لككهً:ا
ولكني ...ولكن هذا يسككتغرق سككنوات ,ثككم أننككا فككي معككارك وقتككال يككومي .فقككال الحكيككم ً:ا
سأكون لك ياسيدي كما تحب وترضى ,فالحقيقة أنني لم التقي يوما بمن هو بمثل حكمتككك
وعلمك ,ولن أكون لحوحا فأنا تلميذ نبيه ,فقط داعني أتبعك وأطلب مني مهما أردات ,فككإن
مثلك ياسيدي ل يقدر بالمال والذهب .عندها إحمر الشكيخ سكموطان خجل وقكال ً:ا حسككنا.
ففرح الحكيم غاية الفرح فقال له سموطان ً:ا ولكن ينبغي عليك أن تتعلم الضرب بالسيف,
فإن من يتبعني ل بد وأن يكون مقاتل وإل مت في يومك الول معي .عندها قال الحكيمً:ا
ل بأس هذا أمرهين ياسيدي .ثم مشى عنه سموطان بضع خطوات وتوقككف ليسككتدير إلككى
خلفه قائل ً:ا ما اسمك؟ فردا عليه الحكيم مكن حيكث يقكف ق ائل تلميكذك يوقكاس يكا سكيدي
يوقاس .فانصرف عنه سموطان إلى مخدعه .
في الليل والجميع نيام هادااساه كانت تحلم .فحلمت أنها تتقدم في حفرة مظلمه بإتجاه رجل
عجوز كهل يجلس على كرسي ذهبي وبيده عصى معقوفة طويلة ممسكا بها بيده اليسرى
ويمدلها بيده اليمنى خاتم ذهبي وكأنه يناولها إياه لتأخذه .فحاولت أن تتككبين بشككدة النقككوش
التي على ظهر الخاتم ولكنها لم تميزها فقد كان الحلم ضبابيا.
في الصباح ومع إنقشاع الظلم شيئا فشيئا كان الجنككد يتجمعككون خكارج مدينككة )ثيتككا( فككي
صأفوف بمؤنهم وعدداهم .وخرج الملك بزيه الحربي إلى ساحة القصر حيث الجميع كانوا
يتوافدون ويتجمعون إلى حيث وقف هو من حكمائه وخاصأته .وبالطبع كان هناك شيخهم
سموطان ,حتى إذا مككا تجمككع الجميككع قككال الملككك ً:ا هككل الجميككع جككاهزون ؟ وأخككذ الملككك
يتحسس صأدريته الحديدية فقال الشيخ سكموطان جميكع الجنكد بالخ ارج بإنتظارنكا .فنظكر
إليه الملك مستنكرا حيث كان يتوقع أن يقول أنهم بإنتظاره هو ولكنه كتككم ذلككك وقككالً:ا إذا
لنذهب .فتحرك الجميع كل إلى فرسه .والتفت سموطان إلى هادااساه راكبة على فرسككها.
وكان قد وضع رجل واحدة في ركبه فأنزلها وتككوجه إليهككا قكائل ً:ا إلككى أيككن أنككت ذاهبككة؟
فردات عليه هادااساه ً:ا حيث تذهبون .عندها الجميع وقف في مكانه ينظرون إلككى هادااسككاه
فقال لها الشيخ ً:ا ما مشكلة نساء هذه اليام يردان خوض المعارك بدل من حياكة الملبس
الصوفية ؟ أنت تبقين هنا .عندها حزنت هادااسككاه ونظككرت إلككى هيككرودا ليشككفع لهككا .لكككن
هيرودا قال لها بأسف ً:ا هذا صأحيح ,يجب أن تبيقي هنا .وأرادات الكلم والحتجاج ولكككن
هيرودا الذي أمسك بلجام حصانها عاجلها قائل ً:ا سوف أبعث لك عندما نعودا إلى الككوطن.
فقالت هادااساه ً:ا إذا لما تسمحون لروثا بالذهاب ول تسككمحون لككي ؟ فقككال الشككيخ ً:ا روثا
114
هناك من يتولى حمايتهككا وهككذا فيككة مككن العبككأ الكفايككة لنككا جميعككا عوضككا عككن المخككاطرة
بحياتها .حينها فرحت روثا مما حصل فاغتاظت هادااساه وأرادات الكلم فقاطعهككا الملككك
أجمنون ناهرا لها ً:ا هذا أمر إبقى ول تتبعينا .وانطلق الملك بفرسه قائل لمن حوله ً:ا هيككا.
فركب هيرودا فرسه بسرعة وذهب يلحق بأبيه وهو ينظر إلى وراءه بحزن حيث هادااساه
التي بدت ستنفجر كمدا .بينما إختالت روثا التي وضعت دايفي أمامهككا فككي الفككرس وهككي
مدبرة فرحة وراء الركب وبجانبها يسير على فرسه هرمس .فلحق هيككرودا ليجككاري أبككاه
الملك الذي كان عن يمينه يركب الشيخ سموطان وبجانبه تلميذه الجديد يوقككاس ثككم أوريككا
وآرميا ,ومن ورائهم الصفوة من أقوى رجال مملكة )ثيتا( ,ممن اختاروهم وجربوهم ليلة
البارحه في المنافسات التي أقاموها بين الفيلقين اللذين سيخرجان معهم .وراقبتهم هادااساه
من مكانها حتى أغلقوا أبواب المملكة ورائهم .
وفي خارج السوار تقدم كبير جند الملك شمشون على فرسه من الملك أجمنون وقال لهً:ا
مولي ,إلى أن نلتقي أتمنى لكم كككل التوفيككق .وكككان مككا تبقككى مككن جيككش الملككك شمشككون
مصطفون هناك في الخارج على جنب .فقال له الملك وهو ينظككر إلككى ذلككك الجيككشً:ا بلككغ
تعازي لبناء الملك شمشون ,أما شكري لهم ولكم وللجند فهذا ل تكافؤه الكلمككات .فككأحنى
كبير الجند رأسه إحتراما للملك ومضى إلى جنده ً:ا كما مضى الملككك أجمنككون إلككى جنككده
وكل منهما تحرك في اتجاه عكس الخر .
وبعد فترة قصيرة من السير تقهقر هيرودا عن المقدمة حتى إختفى عككن نظككر أبيككه الملككك
فأدابر بفرسه راجعا إلى المدينة .وقد لحظته روثا فأنزلت دايفي بسرعة وقالت لهرمس ً:ا
خذه معك ,إندهش هرمس منها فرفع دايفي بيد واحده من على الرض وأردافه فككي مقدمككة
فرسه وهو ينظر إليها مدبرة في إثر هيرودا فقال ً:ا النساء !! النساء هن النساء سواء بنات
آدام أو بنات الجن ل فرق .
انطلق هيرودا مسرعا في الرمل ناحية المدينة وقبل أن يصل إليها إذا بفارس يعدوا نحوه.
فلما وصأل الفكارس إليكه إذا هككي هادااسكاه .فنزلكت كمكا نككزل هيككرودا بسككرعة عكن فرسكه
واحتضنها فرحا وقال لها ً:ا لن أنساك ,سكأعودا مكن أجلكك لككن ..يجكب أن تبقكى هنكا هكذا
أفضل لسلمتك لن أحتمل أن أفقككدك .فقككالت هادااسككاه ً:ا لمككا رجعككت إذا ؟ فقككال لكككي أخككذ
تذكارا ...ولم يكمل حديثة حتى وصألت إليهم روثا واسككترجلت فرسككها وسككارت نحوهمكا
قائلة ً:ا سوف تتسككبب بقتلككك أو بقتككل ...ولككم تكمككل كلمهككا حيككث أنهككا وقفككت معهمككا فككإذا
الرض الرملية التي يقفون عليها لككم تحتمككل وزنهككم الثلثككة معككا وانخشككفت بهككم الرض
فتهاوى صأارخين جميعا دااخل حفرة عميقة وارتطموا بقعرها .ولحسن حظهككم أن قعرهككا
كان مغطى بالرمال المتسككاقطعة مككن فككوق مككن قبككل .فوقككف هيككرودا متوجعككا وسككار إلككى
هادااساه التي كانت مرتميه متأننة فتفحصها وأقامها .ثم تبعتهككم روثا وقككالت وهككي تنظككر
من حولها ً:ا ما هذا المكان ؟ فقال هيرودا ً:ا بيدوا أنه مبنى قديم قد طمرته الرمككال .وقككالت
هادااساه ً:ا كأنه سردااب أو غرفة ما .وأخذوا ينظرون من حولهم فإذا هي جككدران منقككوش
عليها رسوم وأشكال لم يفهموا منها شيئ .وأشارت روثا إلى صأندوق عند الحائط وقالت
وهي تندفع إليه ً:ا أنظرا ,إنها حلي ذهبية وجواهر .فذهبت إليهكا هادااسككاه وأخكذتا يتككأملن
115
ذلك الصككندوق الثميككن .بينمككا أخككرج هيككرودا سككيفه تحسككبا لمفآجككأت غيككر سككارة .وقككالت
هادااساه وهي تشير وتندفع بجانب الحكائط ً:ا وهكذا غيككره .ثككم إنككدفعت إلكى صأكندوق أخككر
قائلةً:ا وهذا غيره .وأخذت تنظر إلى تلك الصنادايق المليئة بالجواهر علككى جككانبي حككائط
الغرفة .وكلها مل باللي والمجوهرات الثمينة .وكان المكان مظلمككا ل يككدخل إليككه النككور
ال من تلك الكوة الككتي خشككفت بهككم .ومليككء بككالعنكبوت ويكسككوه الغبككار فككي كككل مكككان.
وصأرخت روثا فالتفت إليها هيرودا حيث كان ينظر في المكان فإذا هو ثعبككان خككرج مككن
تحت إحدى الصنادايق الثمينة التي كانت تتأملها ولكنه ذهب واختفى .فتقدم هيرودا متخوفا
مستل سيفه بكلتا يديه وتبعته الفتاتان من وراءه وهو يسير إلى المام حيث يبتعككدون عككن
نور الكوة فيزداادا الظلم حلكة .فككإذا هككم عنككد نهايككة حككائط الغرفككة شككاهدوا كرسككي كككبير
مهيب من الكذهب علكى مسكافة شككبر مكن الحككائط الكذي خلفكه ,وفككي زاويكة الغرفككة كتكب
وقراطيس مكومة فوق بعضها البعض .فأخذت هادااساه تركز في الكرسي الذهبي وتنظر
إليه بإمعان .بينما كان هيرودا يسير ويتقدم من الكرسي وهما خلفه وهو ينظككر إلككى رفيككن
من حديككد فككي الحككائط .المسككافة بيككن الرفيككن بعككرض الكرسككي .وعلككى كككل رف قككارورة
زجاجية .وتحت كل رف تمتد سلسلة تتدلى حككتى تلمككس أرض الغرفككة .فأخككذت هادااسككاه
تتذكر ذلك الكرسي الذي شاهدته في حلمها ,ومما زاداها يقينا وجودا عصى كبيرة معقوفككة
تحت أقدام الكرسي وقد أكلت الرمة جزء ككبير مكن آخرهكا .وإذا هكم بجكانب إحكدى تلكك
السلسل ويتقدمهم هيرودا وهو ينظر الى القارورة التي في أعلى الرف ومد يككده ليأخككذها
فإذا بالرض تخشف بهم من تحتهم فقفكز هيكرودا وأمسكك بالسلسكلة تارككا سكيفه مكن يكده
ممسكا بالسلسلة الحديدية بكلتا يديه ,ومن بعده روثا أمسكت برجله وتبعتها هداسككاه الككتي
أمسكت برجل روثا وتداعت تلككك الغرفككة بالكامككل بصككنادايقها الثمينككة وكرسككيها وكتبهككا
لتظهر تحتهم وهم معلقين في بعضهم البعض هوة كبيرة مظلمككة سككحيقة ل يككرى قعرهككا.
فتملكهم الخوف وتعبككت أيككديهم وهككم متعلقيككن كلهككم فككي تلككك السلسككلة يصككارعون للبقككاء
متمسكين بالحياة .فإذا تلك السلسككلة قككد بككدأت تككتزعزع مككن الجككدار ممككا زادا خككوفهم مككن
السقوط في المجهول .فأرادا هيرودا ألمساك والوصأول إلى السلسلة الخرى فلم يفلح فلقد
كانت بعيدة ,وخاصأة أنه يفعل ذلك بيد واحككدة وهككو يحمككل وزن روثا وهادااسككاه .فككتيقنوا
من الهلك المؤكد .ثم نظرت هادااساة الى ألعلى فشاهدت شككيء يلمككع لمعانككا خفيفككا فككي
عنق تلك القارورة الزجاجية التي فوق الرف الذي تتدلى منه تلك السلسلة التي يتمسكككون
بها .عندها وبكل همة تسلقت هادااسككاه روثا ,وروثا تصككيح وتتككذمر غيككر مدركككة هككدف
هادااساه من ذلك غير النجاة بنفسها .ثم تسلقت هادااساه هيرودا إلى ن وصأككلت إلككى الككرف
فبدأت السلسلة تتزعزع أكثر نتيجة حركة هادااساه .فصرخأ الجميع خوف الوقوع فأخككذت
هادااساه تلك القارورة ومككدت إصأككبعها فككي عنككق الزجاجككة وأخرجككت خككاتم ذهككبي ,عليككه
نقوش في ظهره ,ففرحت به ولم ينغص عليها إل أن السلسلة قد إنخلعت حيث كانت تقف
بركبتيها فوق كتفي هيرودا ,ولتوها ترجع القنينة إلى الرف ولم تحضى بالوقت لترى تلككك
كما لم ترها في الحلم .فوقع الشكال المنقوشة على الخاتم
116
الجميع وهم يتصارخون .ومازالوا يقعون إلى مسافة في تلك الفوهة المظلمككة الككتي يبككدوا
أنها ل نهايه لها إل لتخرق الكرة الرضية من الجهة الخرى .وفجأة إذا روثا ترتفع إلى
العلى بدل أن تسقط إلى أسفل فإذا هو الشيخ سموطان يطير بها إلى أعلككى .ومككن وراءه
فعل هرمس حيث أمسك بهيرودا بين ابطه وأمسككك بهادااسككاه باليككد الخككرى وارتفككع بهمككا
خلف سموطان صأعوداا فإذا تلك الجرة تسقط على رأس هرمس فتؤلمه فسككقطت هادااسككاه
من يده قليل حيث كان يمسك بها من بطنها وأمسك بها مككن صأككدرها وارتفككع بهمككا وهككي
متحملة صأابرة حتى خرجكوا مكن تلكك الفوهكة إلكى سكطح الرض .ف إذا الملكك أجمنكون
يتوجه بالتعنيف إلى هادااساه قائل ً:ا ألم نأمرك بالبقاء ؟ لما لحقتي بنا؟ وقد كككدتي تسككببين
هلك ولدي .وتقدم منها كبير الجند ليمسك بها فقذف إلى الوراء بقوة عندما أشككارت إليككه
هادااساه باليد التي تمسك الخاتم الذهبي .وأخذ كبير الجند وهو ملقى على ظهره ينظر إلى
دارعه الذي يلبسه وقد أحدثت به شرخا عميقا كادا أن يصل القطع إلى لحككم صأككدره .فتقككدم
منها الشيخ وأمسك بيدها وفتحها فشاهد ذلك الخاتم الذهبي وتأمله وقككال مجللً:ا إنككه خككاتم
سليمان الحكيم .فقالت هادااساه ً:ا لقد حلمت به الليلككة الماضككية وحلمككت أنككه يحمينككي ممككن
يريد بي السؤ .فقال الملك أجمنون ً:ا إن كنتي تحتالين علينا بسبب كي تذهبي معنا فابحثي
عن حيلة أخرى ,ليس لدينا الوقت للعاب الفتيات هككذا .فتككوجهت هادااسككاه وهككي غاضككبة
إلى حرس الملك الذين يرافقونه ,ولما وصألت عندهم قدمت يدها التي بها الخاتم بإتجاههم
فإذا شيئ يدور سريعا من حولها داائريا وكككأنه سككيف ذا نصككل داائككري ل يلمككح إل لمعككان
داورانه يقككذف بؤلئككك الجنككد بعيككدا فوقعككوا علككى ظهككورهم وقككد شككرخت داروعهككم الككتي
يلبسونها .فاستغرب الملك منها وذهل .فتقدمت هاداساه من الملك بثبات وثقككة وهككي تشككير
إليه بيدها التي بها الخاتم قائلة ً:ا هل تجرب ؟ فارتعككد الملككك وتراجككع مشككيرا بيككده النفككي
قائل ً:ا ل ...ل ,أنتي ل تحتكاجين مكن يحميكك ,ربمكا نحكن مكن نحتكاج مكن يحمينكا منكك.
وذهب الملك ليركب فرسه وتقدم منها الشيخ قائل ً:ا إذا كنت أعلم أنك عندك هذا هناك لما
لحقت بك لنقذك ,بل أنت تطيرين بنفسك .وانصرف الشيخ إلى فرسه وتركهم مستغربين
من كلمه وخاصأة هادااساه .حيث لم تكن تعلم مككن قككوة ذلككك الخككاتم شككيئ ول مككن طككرق
إستعماله .بعدها كل رككب فرسكه وجكدوا فكي السكير ليلحقكوا بكالجيش .وسكارت هادااسكاه
بجانب هيرودا الذي لم تسعه الفرحة بوجوداها قربة على عكس روثا التي كانت فككي أشككد
الضيق والغضب .
117
الفصل التاسع
في مملكة )زيتا( كانت تجلس إبنة شمشون زوجة إبككن الملككك أجمنككون سككامويل المغككدور
وهي تبكي زوجها الحبيب دااخل الزنزانة حيككث جميككع نسككاء القصككر ,بمككن فيهككن زوجككة
الملك أجمنون الملكة .التي تقدمت لتواسي زوجة ابنها وتربت عليها .ثككم رفعككت الزوجككة
الشابة رأسها ونظرت الى الملكككة زوجككة آجمنككون وقككالتً:ا يجككب أن نجككد طريقككة لنبعككث
برسالة نجدة إلى أبي الملك شمشككون وإخككوتي .عنككدها نهضككت الملكككة واقككتربت ممسكككة
بقضبان الزنزانة وقالت وهي تنظر الى الخارجً:ا كيككف ونحككن قابعككات هنككا بل حككول ول
قوة؟ عندها إقتربت منهن إحككدى الطباخككات وقككالت ً:ا ممكككن .فالتفتتككا الم وإبنككه شمشككون
إليها وقد أحيت بصيص من النور بداخل يأسهما المظلككم .وقككالت إبنككة شمشككون ً:اممكككن ؟
كيف ؟ فقالت الطباخة ً:ا لقد أبقككوا علككى بعككض الخككدم فككي القصككر ممككن يحتككاجون إليهككم,
ومنهم أخي يعمل خبازا .فقالت الملكة ً:ا ولكن كيف سنوصأل إليه الرسالة؟ قالت الطباخةً:ا
سنرسلها مع الذي يحضر إلينا الطعام .عندها فرحت البنه والملكة وتقدمت مكن الطباخكة
وحيتها وعلى ذلك كان إتفاقهن.
في وسط رمال الصحراء وحرها القاتل كان جيككش الملككك أجمنككون الصككغير يتقككدم بعككزم
وثبات .وأخذت هادااساه وهي تسير بفرسها تعاين خاتمها ومككا عليككه مككن أشكككال ورمككوز
غير مفهومة .وحاولت وضعه فككي إصأككبع خنصككرها ولكككن الخككاتم كككان كككبيرا ,فحككاولت
وضعه في الوسطى والسبابة ولم تفلح ,فوضعته في البهام فمسك بعككض الشككيئ ففرحككت
به حيث هو .وأخذت تتأمل أصأابع يديها والخاتم يزينها تحككت أشككعة الشككمس الككتي جعلتككه
يلمع ,وفكرت وهي تنظر في الخاتم الذي في إصأبعها ثم تحركت مسرعة بفرسها إلككى أن
جارت الشككيخ سككموطان وأخككذت بمجككاراته بالسككير وهككو ل يبككالي بهككا .ثككم تككوجهت إليككه
بالسؤال وقالت ً:ا ماذا تقصد بكلمك هناك عند الحفرة ؟ أعني عن الطيران .فقكال الشكيخ
وهو ما يكزال ينظكر أمكامه ً:ا تسكتطيعين أن تسكتخدمي خاتمكك لشكياء ككثيرة ان أرداتكي.
فقالت مستفهمة ً:ا مثل ماذا أشياء كثيرة ؟ قال الشيخ ً:ا مثل أن تحركي الشياء من مكانها,
وترفعينهككا أو ..تنزلينهككا داون الحاجككة للمسككها ,كمككا يمكككن أن تكككون تلككك الشككياء الككتي
ترفعينها بالخاتم ل يمكن أن يرفعهككا عشككرة مككن الرجككال .عنككدها فتحككت هادااسككاه عينيهككا
متخيلة القوة الكامنة في ذلك الخاتم .وأخذت تنظر إليه في إصأبعها بإعجاب كما نظر إليككه
الشيخ سموطان من طرف عينه وأكمل قائل ً:ا ثم أن تطيريككن هككذه ليسككت بمسككألة صأككعبة
بوجوداه في إصأبعك الجميل هذا .عندها تبسمت هادااساه والتفتت إلى الشيخ الذي بدا جككديا
وشديدا فاحمرت خجل وقالت بعد أن أطرقت رأسها فرفعتهً:ا ولكن ما السبيل إلككى ذلككك ؟
قال الشيخ بحزم ً:ا يجب أن تكون رغبتك حقيقيككة مثكل مككا ككانت رغبتككك فكي الككدفاع عككن
118
نفسك حقيقية ...وتردادا سكموطان قليل ثكم أكمكل ً:ا عنكدها ستسكخدمينة .ثكم أسكرع بالخطكا
بعيدا عنها حيث ظلت هي تسير خلفه طائله التفكير فيما قاله .
وظل الجميع يسيرون لبعض الوقت .حتى توقف ركككب الملككك أجمنككون ونظككروا خلفهككم.
حيث كانوا في مقدمة الجيش عندما سمعوا ضكجيج خيكول قادامكة إليهكم مسكرعة مخترقكة
صأفوفهم من الخلف حتى وصألت إليهم .فإذا هككم السككتة أخككوة الجككان .فتبسككم الشككيخ فرحككا
عندما إقتربوا منه فبككادارهم الملككك أجمنككون بالسككؤال ً:ا وأيككن الملكككة دابككورة ؟ فنظككر إليككه
الخوة ولم يجيبوه .فنظر الملك أجمنون إلى الشيخ عن يساره وقد كان الشككيخ ينظككر إلككى
الملك بإمتعاظ فتعجب الملك أجمنون من ذلككك فقككاطعه الخككوة عنككدما أشككار إليهككم الشككيخ
برأسه للنضمام إليه بالمسير .فتوجهوا إلى جانبه وبعضككهم يمشكي خلفككه وأكمكل الجميكع
تقدمهم .هذا كله كان بداخل المرآه التي كان يشاهدها قيسككوس الرومككي دااخككل كهفككة .فقككد
كان يتجسس عليهم من خلل مرآته الكبيرة التي وقف أمامها يطككالعهم وانتهككت الصككورة
وظهر لقيسوس في المرآة عجوزا هرمكا كككان يقكف وراء قيسكوس .فكالتفت قيسككوس إلككى
وراءه بثقة وتمكن وقال له ً:ا هل رأيت ذلك ؟ أريدك أن تكمككن لهككم فككي الطريككق وتككأتيني
بظللهم ,وأشار بإصأبعه منبها العجوز قائل ً:ا وخاصأة زعمائهم وأولي القوة والحكم منهم
هل فهمككت ؟ فقككال العجككوز ً:ا مككازلت أخككدمك منككذ فككترة ,ولكنككك ل تفككي بوعككوداك .فقككال
قيسوس ً:ا هذه المرة ستكون خدمتك لي كبيرة ,وعلى قدر ما تأتيني به سأريحك من همككك
وأقضى حاجتك .وأشار إليه بكفه ناهرا آمرا ً:ا هيا إذهب فقد كاداوا يصلون إلى هنا .
تقدم ركب الملك أجمنون حتى قرب مغيب الشمس وهم يتككأملون مكانككا جيككدا للتخييككم فككي
الرمال .فإذا هم يسيرون شاهدوا داخانا من بعيد فقال الوزير لوذا ً:ا إنه داخان ,لبككد وأنهككم
جيوش جرارة .فقال هيرودا وهو يضحك مستهزأ ً:ا جيوشا جرارة ,إنها ليسككت إل واحككدة,
ولعلة مكانا مناسبا للتخييم وال لما اختاره هؤلء القوم .فنظر اليه الملككك أجمنكون موافقكا
على كلمه .فتقدم الجيش إلى أن وصألوا إلى خيمة في الرمال وقد هبككط الظلم فككترجلوا
عندها حيث رجل عجوز أعمى عند النار أمام خيمته .فتوجه إليه الملك وجنده قككد طوقككوا
الخيمة .فنهظ العجوز الهرم لدى سماعه أصأواتهم وتظاهر بالخوف والهلع فقال له الملككك
أجمنون ً:ا لعليك أيها الشيخ ما أردانا بك الضرر .فقال العجوز ً:ا إذا ماذا تريكدون ؟ فقكال
الملك أجمنون ً:ا إنما نحن في طريقنا فرأينا نارك وطلبنا التخييم بالجند هنا .فقال العجككوز
مستنكرا ً:ا الجند ! هل أنتم مككن مملكككة )ثيتككا( ؟ فقككال الملككك أجمنككون مككترداداا ً:ا نعككم نحككن
كذلك ,ولكن قل لي ,ماذا يفعل عجوز ضرير مثلك في مكككان كهككذا ؟ فقككال العجككوز وهككو
يعودا للجلوس أمام النارً:ا أنا وأبنائي الثلثة ذاهبون إلى مملكة )ثيتا( فقرر الولدا التخييم
هنا وذهبوا لصأطيادا عشائنا منذ قليل ,لقد شككح الصككيد مككؤخرا فككي هككذه النحككاء .وقالهككا
الشيخ العجوز من صأدره الهش مبحوحا وقككد بككدت عليككه وعلككى صأككوته علمككات الهككرم.
فقال الملك أجمنككون ً:ا ل عليككك ,لككدينا الكككثير مككن الطعككام وسككيأتيك الجنككد ببعضككه حالمككا
ينتهون من بناء المعسكر .وانصرف عنه الملك إلككى جنككده .وأخككذ الجميككع بإعككدادا خيمهككم
وتجهيز قدور الطبخ وما إلى ذلك وذلك العجوز يمشي ويتنقل بينهم من هنا وهناك .يفتككح
119
عينه قليل أحيانا ليكرى أمكامه ثكم يرجكع يغمضكهما متظكاهرا بكالعمى حكتى اصأكطدم فكي
طريقة بأفتاب فقال له أفتاب ممسكا به لكي ل يقع إثر إصأطدامه بكه ً:ا ل بكأس عليكك أيهكا
الشيخ ل عليك ,انمككا ل ينبغككي لككك ن تتنقككل هكككذا فالمعسكككر مليككء بالخشككاب والنيككران
والمخاطر لعجوز ضرير مثلك داونما مساعد .فقال له العجوزً:ا هل هم كثر إلى هذا الحد؟
فقال أفتاب ً:ا نعم ,ينبغي عليك لزوم مكان واحد .فقككال العجككوز وهككو يمشككي يككدور خلككف
أفتاب ً:ا ولكني سأمت الجلوس يا بني ,فعلككي أن أحككرك قككدمي مككن وقككت لخككر وبسككرعة
حرك العجوز وهو خلف أفتاب يده في ظل أفتاب فتبع الظل يككد العجككوز وسككحبه وأداخلككه
في قنينة كان يخفيها دااخل الملبس الرثة في وسطه .واختفى ظل أفتاب ولم يعككد لككه ظككل
انما تحول إلى داخان أسودا دااخل قنينة العجوز .فقال أفتاب وقد شعر بالتعب وترنح قليلً:ا
حسنا أيها العجوز أظنني أحتاج لبعض الراحة .وانصرف عنه وهو يشعر بدوخة .
في كهف قيسوس الرومي كان قيسوس على الرض يصككف فيككالق مككن الشككمع الصككغيرة
على شكل جنودا في سطور مستقيمة وكأنها تشكيلة حربية وهو مبسوطا فرحككا واثقككا ممككا
يعمل .فقد صأف مجموعة كبيرة في أرضية غرفة مبنية من غرف في ذلككك الكهككف الككذي
تحيط به الشجار من كل جهه في مرتفع جبلي في الغابة .
وعند لحظة طلوع الفجر حضرت الملكة دابورة إلى المعسكككر لتشككاهد الشككيخ ملقككى علككى
سريره تعب وقد ألمت به حمى أعرقته .وكذلك حال الجميع الملك وأبنه وأصأحابه وحككتى
أبنائها الستة .وأخذت الملكة دابورة تسرع بالتنقل لتفحص كككل واحككد منهككم فككإذا هككم حككال
الواحد أسؤ من الخر إل بعككض الجنككد الككذي لككم يصككبهم شككيء ول يعلمككون مككاذا حصككل
لهؤلء .فتقدمت الملكة من الشككيخ وسككألته ً:ا مككاذا حصككل هنككا يككا سككموطان ؟ فلككم يسككتطع
سموطان الجابة لشدة مرضة فهزته الملكة دابورة وقالت بصككوت الخككائف الجككزعً:ا مككاذا
حصل لبنائي يا سموطان ؟ ففتككح سككموطان عينككه قليل وقككال بصككعوبة ً:ا ربمككا ...ربمككا
بسبب ما أكلنا ,إنه قيسوس .وأغمض عينه وراح في غيبوبة مرة أخرى .فخرجت الملكككة
دابورة من خيمته غاضبة شرسة كاللبوة التي أخذ منها صأغارها ل تعلككم مككاذا تفعككل حككتى
شاهدت ذلك العجوز يقف بجانب ناره فأنكرته ً:ا ثم طارت بعيدا حتى داخلت الكهف علككى
قيسوس .فارتاع قيسوس منها قليل ثم نهض قائل بكل ثقهً:ا مرحبا .وأحنى رأسه إحتراما
وأكملً:ا مرحبا أم الملوك .ولكن الملكة لم تردا عليه بل وقفت مكانها متوجسة من ألعيبككه
مترقبه له .فتقدم منها قليل قائل ً:ا لقد أتيتي متأخرة فلقد كنتي هنا قبل أن تككأتي !! فقطبككت
الملكة حاجبيها مستنكرة ما قال وقالت ً:ا ما هذه اللعبة الككتي تلعبهككا ,إذا مككا أصأككاب أبنككائي
مكروه أخرجت قلبك من صأدرك وهو ينبككض وأعطيتككك إيككاه فككي كفككك ,الن أداخككل فيككك
وأنتزع أحشائك .ولكن قيسوس لم يخف من تهديدها وضحك وهو يشير إلى يمينهككا بيككده.
فنظرت هناك فإذا هي تنظر إلى نفسها ,امرأة ما تشبهها تماما نس خة طبكق الصأكل عنهكا
وقد تقدمت إليها مندفعة وأخذت تصارعها وطرحتها أرضا .وقبضتا في بعضهما والتفت
عقوص بعضهما ببعض وطارتا متشابكتان إلى العلككى حككتى سككقف الكهككف ثككم فككي كككل
120
مكان منه حتى هويتا أرضا .وتلك شبيهتها فوق صأدرها تنازعها الحيككاة .وداخككل قيسككوس
إلى تلك الغرفة حيث الجنودا الشمعية وأخككذ يعككزم عليهككا ويقككول بككتركيز ً:ا ليككاخيم ليككالغو
ليافور لياروثا لياروغ لياروش لياشككلش عكال متعككال فككي علككوه أيككن الجنككادا القويككة أيككن
الشمهامرية أين الجنادا المسرعة أين السماوية أين الشمرداانية أين السككحابية أيككن الناريككة
أين الهوائية أين الترابية أين المائية أين بني غيلن أين الغيلنية أين داردام أين كككردام أيككن
حمير أين صأاحب جبل الدخان أين الراكب على الفيل المتعمم بالثعبان ,أجيبوا وأحضروا
بعلشاقش مهراقش أقشامقش شقمونهش هلطف أين زمككزم أيككن زمككزوم أيككن أنتككم وبنككوكم
ونسلكم وأصأحابكم وأعككوانكم وجنككوداكم وأتبككاعكم وأشككياعكم وخككدامكم أيككن أنتككم وجميككع
السقالبة والطماطمة ,أجب يا حيطانه الخديم ويا مدحرج الطويككل ويككا حنكدس الميكن ويكا
منكل الكوزير أجيبكوا يكا أصأكحاب السباسكب والرواح الروحانيكة بربكر يكا نلش آل يكه
بعجمولش أكلش أبركهاش موش كلموش .
وفي الخككارج علككى أرض الكهككف مازالتككا الملكتكان تتبككادالن اللكمكات والضكربات وهككذه
توجع هذه حتى نهضت بها الملكة دابورة بعزيمككة وقككوة ودافعككت بهككا وهككي ورائهككا حككتى
أسندتها على الجدار فخافت شبيهتها كون شعلة من النار كككانت علككى يمينهككا عنككد وجههككا
على الجدار ونظرت مثيلتها إلى تلك الشعلة بطرف عينها خائقة فلحظككت الملكككة دابككورة
ذلك فعرفت نقطة ضعفها وهي ما زالت تضرب بها على الجدار وأسككندتها علككى الجككدار
بصدرها وهي مازالت تمسك بعضدها بيدها اليمن وثبتتهككا جيككدا علككى الجككدار ,وتنككاولت
بيدها اليسرى الشعلة من الجدار وقالت وهي تضع شعلة النار علككى عقككوص مثيلتهككاً:ا لككم
أكن أظن أني أفعل بكمكا هكذا فكي يكوم مكن اليكام .ووضكعتها علكى عقوصأكها فتحكارقت
وذابت وانتشر الذوبان إلى رأسها فككذاب وانحككل جسككمها بالكامككل وتهككاوى علككى الرض
كومة من الشمع المحروق والملكة دابورة تنظر إليها بإشمازاز .ثم إلتفتت إلى تلك الغرفككة
التي داخل إليها قيسوس فأسرعت إليها دااخلككة وعنككدما شككاهدها قيسككوس وقككد إختفككت مككن
أمامه تلك الجنككودا الشككمعية الصككغيرة وقككد أكمككل عملككه تحككول قيسككوس إلككى فككار صأككغير
وركضت إليه الملكة ولكنه أسرع بالختباء دااخككل شكقوق الكهككف العميقككة فلككم تظفككر بككه.
فتضايقت الملكة وأسرعت بالخروج من الكهف وطارت إلى المعسكر الذي ليس ببعيد .
حيث كان أبناء الملكة بل حراك والجميع مرضى إل تلك القلة من الجند الككذين حككولهم ل
يعلمون ماذا حل بهم .تقككدمت الملككة مككن أبنائهكا تقلبهككم ثككم فككرت ونهضكت إلككى خكارج
الخيمة عند الباب .ونظرت إلى ذلك العجككوز الجككالس قككرب بككاب خيمتككه ثككم نظككرت إلككى
أبنائها دااخل الخيمة ثم نظرت إلكى العجكوز مكرة أخكرى ثكم نظكرت الكى الجنكد الكذين لكم
يصبهم شيء فلحظت أن العجوز ل ظككل لككه خلفككه وكككذلك الككذين مرضككوا بينمككا الجنككودا
الصحاح كل بظله ,فعلمت بالمكيدة فتقدمت بيقيكن إلكى ذلكك العجكوز وأقكامته مكن جلسكته
واجتثته بعقوصأها من جانبيه واقفا بقوة فاصأطكت عظامة الهشة وأخذ يبكي ويقول ً:ا هككل
يعتدى على ضرير عجوز مثلي؟ أين الرحمة في قلوب الناس ؟ فقككالت الملكككة وهككي تمككد
يدها إلى وجهه ً:ا أنا لست من الناس .وظهر للملكة ظفرين طويلين من حديكد فكي سكبابتها
121
والوسطى فأغمدتهما بقوة في عيني العجوز فتفتككق الككدم منهمككا وأخككذ يغرغككر ويصككارع
الموت وهي مازالت تمسكه مرفوعا بعقوصأها لككم تفلتككه ,وأخرجككت إصأككبعيها مككن عينيككه
المفقوعتان ولمحت تلك القنينة دااخل ملبسه فمدت يدها إليها وشدتها بقككوة قاطعككة الحبككل
الذي يربطها بوسط العجوز وتأملتها وهي ممسكة رافعة العجوز ,فإذا هو بككداخلها أداخنككة
سودااء تموج وتتحرك فأخذت تتأمل تموج تلك الداخنة وهي ترمي بككالعجوز جثككة هامككدة
قائلة ً:االن أصأبحت ضريرا حقا .وأخككذت القنينككة وتككوجهت إلككى حيككث خيككام المصككابين
وأطلقت سداداة فم القنينة ,فخرج ذلك الدخان كككل واحككد مككن الظلل إلككى صأككاحبه ,وكلمككا
يدخل ظل إلى صأاحبه يفوق من وقته .وأخذت ألم تراقبهم وهم يفوقون الواحد تلو الخر
وهي تزداادا فرحا ,ومن الجند من إرتد إليه ظلة في كل جهه وصأوب حتى صأكحا الجميكع.
فأقبلت الملكة فرحة الى أشبالها ثم توجهت فرحة إلى سموطان .فقال سموطان لها ً:ا علي
أن أذهب .فنظرت إليه الملكة وابتسامة فرحتها تتضائل لتركز النظر على وجهه محاولككة
فهمه فقال لها ً:ا هناك حساب على أن أصأككفيه مككع قيسككوس .فخككرج مككن خيمتككه سككموطان
وطار بعيدا والملكة من ورائه تنظككر إليككه عنككد بكاب الخيمككة والتفتككت بسككرعة إلككى حيككث
شاهدت جيش يتقككدم منهككم مهككرول فككي الرمككال بسككرعة شككارعين أسككلحتهم .فتنبككه الجنككد
بالمعسكر لهم .وخرج الملك أجمنون وهككو يتقلككد سككيفه ومعككه هيككرودا وحراسككه .وسككارع
الجند الذين كانوا على حين غفلة إلى أسلحتهم فإذا ذلك الجيش يهجم عليهم في معسكرهم.
فدارت بينهم معركة غريبة حيث كان أولئك الجند يشبهون جند الملك أجمنون تماما ,بككل
هم بنفس العددا والعدة والشكل .فاسكتقبل الملكك أجمنكون شكبيه إبنكه هيكرودا وأخكذ يبكارزه
وهيرودا إستقبل شبيه أبيه وتبارزا .وكل من الب والبن ينظر إلى الخر وهما يتبارزان
مع شيبهيهما .والجند في كل مكان يتبارزون مع أشباههم حتى الجن السبعة كان لهككم مككن
يشبههم ولكنهم لككم يكونككوا يشككبهونهم إل فككي الجسككم والشكككل فقككط ول يملكككون شككيئا مككن
خصائصهم الخارقة .فأخذت الملكة دابورة والتي لم يكن هناك من يشبهها حيث قككد قتلتهككا
في الكهف أخذت شعلة من النار وسارت بها بإتجاه العداء وكلما تقككدم منهككا أحككد نفخككت
في تلك الشعلة فامتدت النيككران يحملهككا الهككواء الككذي تنفخككه فتحرقهككم فيتكومككون ذائككبين.
وعندما شاهد أبنائها ذلك منها فعلوا مثلها فأصأبحت اللهبة تخرج من أفواههم تحصد فككي
تلك الجموع .وهادااساه أخذت تتقككدم بل توقككف وبل خككوف مككاداة بيككدها الككتي بهككا الخككاتم
مستقيمة .وأخذ ذلك النصل الدائري يخرج من حولها فيحصد كل من تصادافه مككن أمامهككا
أو من أي جهه تتقدم إليها فتقطعة إلى أنصاف غير مبالية من أي نصف بالتحديد ,ولكنهككا
أينما تذهب تكوم ورائها الكثير مككن الجثككث الشككمعية المقطعككة .وأبل شككجعان مملكككة ثيتككا
بلء حسنا وأظهروا قوة يحسدون عليها في قتال أولئك الجند الشمعية في كل مكككان مككن
حول المعسكر .وأمسك هرمس بشعلة نار في يده وحجز وراءه دايفي وروثا وكلمككا تقككدم
منه أحد يريد ايذائهم نفخ فيه الشعلة حتى أذابته وروثا ودايفي يحتميان وراءه .
وصأل سموطان إلى الكهف وحط بداخله من الفضاء .فشاهده قيسوس الرومي وقد أمسككك
بخنجر ووقف خلف دايفي مسلطا الخنجر على رقبة دايفي .فرجع الشيخ قليل متفاجا حيث
ترك لتوة دايفي بالمعسكر .ثم تشكك سموطان بأمر دايفي .فقال الشيخ لقيسككوس ً:ا لمككاذا يككا
122
صأديقي القديم ؟ فقال قيسوس ً:ا لقد كان ابن سايروس مرقس تلميذي .فقال الشيخ له ً:ا أهو
الطمع الذي غيرك ؟ أم كنت داائما هكذا وأنا مخدوع بك ؟ فقال قيسوس ً:ا الطمع ! نعم انه
الطمع ,ولكن ما هو عذرك أنت ؟ فقال الشيخ ً:ا أنا مجبر بسبب هذا الذي بيككن يككديك الن.
فنظر قيسوس إلى دايفي وقال ً:ا وبسبب هذا الن سوف تستسككلم .فنظككر سككموطان بإمعككان
إلى جيب دايفي وكأن بداخله شيء .فقال سككموطان يكلككم دايفككي مشككيرا إلككى رأسككه ً:ا دايفككي
الطاقية هل هي معك ؟ هيا أخرج طاقيتك ,أخرجها .فتحرز قيسوس من محاولة سموطان
ورجع بديفي إلى الخلف وهو ليعلم ماذا يحاول أن يفعل سموطان .وعندما لم يعلككم دايفككي
عن ماذا يتحدثا سموطان علكم سكموطان أن ذلكك ليكس دايفكي فتقككدم منهمككا منكدفعا فكدفع
قيسوس بديفي بإتجاه الشيخ لما عرف أن سموطان قد كشف حيلتككه وتحككول بسككرعة إلككى
فأر وهرب بين الشقوق بينما عندما دافع بديفي إلى سككموطان واصأككطدم بككه أخككرج دايفككي
سكينا من جيبه فانتبه سموطان ولكككن دايفككي ضككربه بالسكككين فككي سككاعده فجرحككه جرحككا
عميقا .فتألم سموطان وأخذ بيد دايفي وأفلت السكين منه وجرهككا علككى عنقككه فسككقط رأس
مككن الشككمع علككى الرض ولحككق بككه جسككده واقعككا تمثككال شككمعيا بل روح .فتعجككب منككه
سموطان وهو ينظر إليه كيف أنه يشبه دايفي تماما وهو يمسك بساعده الذي لككونت دامككائه
كم ثوبه وأخذ يؤلمه .
في ساحة المعسكر والجن يحصكدون فكي العكداء غكرز الملكك أجمنكون سكيفه فكي شكبيه
هيرودا فقطعه .وكذلك فعل هيرودا في شبيه أبيكه فشككطفه .وفكي ذلكك الككوقت لككم يبقككى مكن
الجنودا الشمعية أحد فتقدم الملك أجمنون من إبنه ووضع يده حول خاصأرت هيرودا قائككلً:ا
وهل طاوعتك نفسك على قتل أبيك؟ فقال هيرودا مبتسما ً:ا لم يترك لي خيارا آخككر ,كيككف
وجدت قتالي ؟ أعني ذلك الذي كنت تبارز .هل هككو بنفككس قككوتي وبراعككتي؟ فقككال الملككك
وهو يهز رأسه بالنفي لفا يده حول إبنه يمشي به ً:ا ل ...ول يككأتي شككيء بجككانب قوتككك
وبراعتك وإل مكا إسككتطعت النتصككار عليككه .فتضككاحك الب وابنككه بقهقهككة عاليككة وهمككا
يمران ينظران إلى جندهم وهككم يطفكؤن خيكامهم مككن النكار الكتي لحقتهكا ومنهككم مككن يقيكم
الجرحى ويعدلون معسكرهم المتناثر والملك وابنه متوجهان إلى حيث تقف الملكة دابككورة
تنظر إلى أبنائها القادامين إليها .وإذا بسموطان يحط من الجو وسطهم وهو ينظككر إلككى مككا
حوله من خراب مسككتغربا حيككث تككرك المعسكككر بصككورة أخككرى .وأخككذ ينظككر إلككى تلككك
الصأككنام والتماثيككل الشككمعية المقصصككة علككى الرمككال وبقايككا الشككمع المحككروق المختلككط
بالرمل وقد خرجت منه الفقاقيع .فقال للملكة والملككك وابنككه وأبنائهككا حولهككا ً:ا مككاذا حككدثا
هنا؟ فقالت له الملكة ً:ا أحدهم قرر أننا بحاجة إلى شموعه فككي وضككح النهككار .وتضككاحك
من كان حولها والشيخ لم يفهم شيء مما حدثا ولكنه سككايرهم فقككال ً:ا أيككن دايفككي ؟ عنككدها
كككان دايفككي بيككد روثا يتقككدمون إليهككم مككن وراء الملكككة ومعهككم هرمككس .فلمككا رأى دايفككي
سككموطان ركككض إليككه منككدفعا والشككيخ يبتسككم لككه فاحتضككنه وأخككذ سككموطان يطككالع فيككه
فقاطعهما الملك قائل ً:ا ذلك الكهف ,حيث القفل ,هل هو بعيد من هنككا ؟ فقككالت الملكككة ً:ا ل
ليس ببعيد .فاستغرب منهككا الشككيخ سككموطان حيككث كككان يتوقككع أن يجيككب هككو علككى ذلككك
السؤال لنه قد ذهب إلى الكهف .فبينما كان سموطان يريد الجابة فسككبقته الملكككة دابككورة
123
إلى ذلك فسكت وأكتفى بأن يطالعها مدهوشا ثم قال سموطان ً:ا نعم إن الكهف أصأبح آمنا.
فقال الملك ً:ا إذا لنذهب لنأخذ مفتاحنا .وذهبوا إلى خيكولهم .بينمكا ك ان هن اك شكهلون فكي
الرمال يتفقد التماثيل الشمعية المتقطعة الوصأال فرأى تمثال شمعيا مقطوع مككن صأككدره.
فاندفع إليه وحمله حيث كان ذلك شبيهه .وجلس به في الرمل يحتضكنه ويطكالع فكي وجككه
التمثال النصفي .ثم أخذ بالبكاء والعويل وهو يحتضن التمثال حزنا على نفسه التي قتلت.
وعندما وصأل الملك أجمنون وجماعته من خاصأته وحرسه إلى الكهف ترجلوا وداخلوا إلى دااخله وتتبعكوا طريقهكم فكي
مغاراته حتى إحدى المغارات التي أحسوا بوجودا تيار هككوائي يككأتي منهككا .فككدخلوا فيهككا فمشككوا حككتى آخرهككا حيككث لككم
يستطيوا أن يكملوا لنها نهاية الطريق .وحيث وقفوا عند حافة الهاوية يشاهدون ذلك الكهف الكككبير الككذي إنتهككوا إليككه.
ونظروا إلى أسفله حيث القفل السودا الكبير موضوع فوق قاعدة مبنية وسط بركة مائية بحجم الكهككف .تحيككط بهككا مككن
جوانبها على ضفافها الشجار المائية .ثم أشار الشيخ سموطان إلى البركة وقال ً:ا ولكن يوجد هنككاك مككن يحرسككه ,إنهككا
التماسيح .فقالت هادااساه ً:ا أول مككرة أشككاهد هككذه المخلوقككات ,انهككا ضككخمة ,قككد تبتلككع رجل كككامل بلقمككة واحككدة .فقككال
هيرودا ً:ا إذا نمطرها بالسهم حتى نقتلها كلها ثم نهبط إلى المفتاح .فقال آرميككا ً:ا لمكا ل يطيككر شككيخنا بككديفي إلككى هنكاك
ويخطفه بسرعة .فقال الشيخ ً:ا إن القفل جزء من قاعدته في الماء ,وهذا يعني أننككا أو هككو علككى القككل سككيحتاج إلككى أن
يغوص إلى بطنه في الماء ,هذا خطير جدا بوجودا تلك الوحوش حتى إذا ما أمطرناها بالسهام قد يكون هنككاك منهككا مككن
يتربص في أسفل البركة فل تناله السهام .عندها روثا قالت ً:ا أنا لدي طريقة .فتفاجأ الجميع ونظروا إليها والتفت إليهككا
دايفي وأطلق ضحكة على شكل صأرخة وهو يشير إليها بيده .فأكملت قائلة ً:ا أشعلوا بعض النككار وضككعوها علككى شككيء
فالقيها في البركة فل يصل الماء إلى النار .فتوجه الملك إلى جنده وأمرهم بفعل ذلك وهكم متحيككرون مككن خطتهككا .فلمككا
أوقدوا لها النار قالت للشيخ ً:ا عندما أرمي هذه النار في البركة وترى أن التماسيح قد ابتعدت أسككرع بككديفي وأحضككروا
المفتاح .فقال آرميا مستهزءاً:ا هل تتوقعين أنها تهرب من هذه النار ؟ فنظرت إليه روثا بإشمازاز والتفتككت إلكى الشككيخ
وقالت ً:ا مستعدون ؟ وأخرجت نصف قرص من جيبها وعندما رأى الشيخ ذلك فهم خطتهككا فقككال متأكككدا ً:ا نعككم .فككألقت
بنصف القرص في النار ودافعت بها من فوق إلى أسفل الحفرة فاستقرت على سطح ماء البركككة .فخكرج بعكدها تمسكاح
ضخم كبير يعدل حجمه عشرة من تلك التماسيح وفتح فمه مما أفزع جميع التماسيح وخرجت من البركككة إلككى جوانبهككا
حيث الشجار كما أفزع من كان هناك فوق من الملك وجماعته .عنككدها طككار سككموطان مسككرعا بككديفي وأخككترق ذلككك
التمساح الضخم الذي مازال مزمجرا بأصأوات عالية ولم يبالي به سموطان فما هو ال خيككال .وحككط بككديفي أمككام القفككل
فسكع دايفي إلى عنقه في الماء ومن خلفه سموطان حيث وصأل الماء إلى صأرته .فرفككع دايفكي مككن إبطيككه يقكدمه بإتجكاه
القفل كي يتمكن من المساك بالمفتاح وهو يعجل به ثم إختفى ذلك التمساح الضخم فبدأت التماسيح بالزحف إلى الشككيخ
ودايفي.
ونظر إليها سككموطان قادامككة فأسككرع بككديفي
وأمسككك بيككده وهككو يرفعككه مككن إبطككه بيككده
الخككرى بإتجككاه القفككل حككتى أمسككك دايفككي
بالمفتككاح ,ومككا أن أمسكككه حككتى صأككرخأ بككه
الشيخ بقوة ً:ا هيا إفتحه خذه يا دايفككي إفتحككة.
والجميع هناك فوق يراقبونهما بحماس كمككا
يراقبكككون التماسكككيح وهكككي تقكككترب منهمكككا
بخوف .فأداار دايفي المفتككاح فخرجككت تلككك
الضككاءة مككن ثقككب المفتككاح وأصأككدر القفككل
صأوت إنفتاح مدوي .ولم ينتظكر الشكيخ بكل
إرتفككع عاليككا بككديفي وبيككده المفتككاح مفوتككا
الفرصأككة علككى ذلككك التمسككاح الككذي كككادا أن
124
يفتك بهما ويتلذذ بوجبتين مؤكدتين .وصأككعد بككه الككى فككوق حيككث إسككتقبله الجميككع بككالفرح
والسرور .ثكم أخكذ الشكيخ المفتكاح مكن يكد دايفكي الكذي ككان مسكتمتعا بالتهليكل والتشكجيع
ووضعه في قلداته ونظر الملك إلى روثا مبتهجا بها ثم نظككر إلككى مفككاتيحه الربعككة فككي
قلداة دايفي .
الجند كانوا ما يزالون في المعسكر يجمعون شتاتهم حتى وصأل الملك أجمنون ومككن معككه
وبصحبتهم المفتاح الرابع .فقال الشككيخ لفتككاب ً:ا خككذ دايفككي إلككى صأككومعه الكككاهن حنباثككا
واجلبوا المفتاح الخامس فهوالتالي بعد هذا .فقال الملك للشيخ ً:ا أرى أن تذهب أنككت معككه,
فإذا لم يتمكن أفتاب من السيطرة على دايفي لن يستطيع هككو مككع المفتككاح شككيئا .فكككر قليل
الشيخ وقال ً:ا نعم هذا رأى حسن .وأرادا سموطان الذهاب بديفي حتى سمع صأوت يقككول
من وراءه ً:ا سأذهب معكما .فنظككر سككموطان خلفككه فككإذا هككي الملكككة دابككورة وقككدنظرإليها
الجميع مسككتغربين مككن سككبب طلبهككا الككذهاب مككع الشككيخ ودايفككي وبالخصككوص إسككتغرب
أبنائهاالسبعه فقككال لهككا ً:ا هككل مككن ضككرورة؟ قككالت ً:ا نعككم ,فككأنت لتعلككم مكككان القفككل فككي
الصومعه ,إن إيجاداه أمر صأككعب .فنظككر الخككوة الجككان إلككى بعضككهم البعككض .فقككال لهككا
الشيخً:ا حسنا إذا لنذهب .فانطلق الشيخ يحمل دايفي وطارت تتبعهم الملكة دابورة .
بعدها داخلت هادااساه إلى خيمتها وومعها روثا وهرمككس ومككع هادااسككاه عصككى قصككيرة.
قطعة من أعوادا الخشب فألقتها على أرض الخيمة الرملي وجلست قبالتها ,وأخذت تشككير
إلى العصى بكفيها ترفعهما وتنزلهمككا قكائله ً:ا طيككري..طيككري أيتهككا العصككى والعصككاة ل
تتحرك فضحكت روثا وتبعها بالضحك هرمس ثم إبتسم هرمس إبتسامة لككم يقككوى علككى
امساك ضحكته عندما رفعت هادااساه بصرها من العصاة إليهما وهي خائبة .
وفي خيمة القائد كان يجلس الملك ومن معه حوله فقكال الملكك إليهكم ً:ا كيكف هكي طريقنكا
الن من هنا ً:ا فقال كبير الجند ً:ا ليست ببعيدة يا مولي .وتقدم كبير الجند من الملك وبيده
لفافة ففضها فإذا هي خارطة ,وأشار للملك بإصأبعة على الخارطة وهو يريه إياها قككائل ً:ا
نحن هنا ,سنتوجه بإتجاه كهف قيسوس الرومي ,ونتجاوزه من حوله وبعد إن ندور عليككه
سنتخلل الغابة ثم منحدرات جبلية خضراء ,وعبر السهول إلككى مملكككة )كابككا( عنككد سككفح
الجبل العظيم جبل الينابيع الحارة .ثم طوى كبير الجند الخارطة وتراجع إلى مكككانه فقككال
الملك أجمنون ً:ا إذا نمضي غدا باكرا عند طلوع الشمس .
وصأل الشيخ سككموطان ومعككه دايفككي وخلفهككم الملكككة دابككورة إلككى صأككومعه الكككاهن حنباثككا
فدخلوا الصومعة .وتقدمت الملكة دابورة من كرسي حنباثا فدفعته .فككاذا تحتككه بككاب سككري
فانحنت لتفتحه وهي تقول ناظرة إلكى الشكيخ بإبتسكام ً:ا ألكم أقكل لكك إنكه صأكعب إيج اداه ؟
وجذبت الباب الصغير وأفرداته الى الجهة الخرى من الرض ,فبان تحته دارج فنزلت
125
وتبعها الشيخ يمشي دايفي أمامه حتى نزلككوا
جميعككا وشككاهدوا القفككل هنككاك .فقككدم الشككيخ
دايفي إلى القفل فمككد دايفككي يككده إلككى المفتككاح
وأدااره فأصأككككدر القفككككل صأككككوت إنطلق
مغلقه وخرجت تلككك الشككعة المبهككرة مككن
ثقب المفتاح .وخككرح المفتككاح فككي يككد دايفككي
بسككهولة .أخككذ الشكيخ المفتكاح ووضككعه فكي
قلداة دايفي الذي أخرج لسككانه علمككة علككى
النبساط فضحك سككموطان مككن ذلككك وهككو
ينظر إلى الملكة دابورة التي بدورها كككانت
تضكككحك منكككه .ثكككم خرجكككوا جميعكككا مكككن
السككردااب .وعنككد شككرفة الصككومعه وقفككت
الملكة تنظككر منهككا إلككى الفضككاء حيككث الهككواء القككادام مككن الخككارج كككان يطككاير بملبسككها
ويتخللها .وقد كان هواء ونسيما منعشا فأغمضت عينيها وسمحت للهواء النقككي أن يككدخل
إلى رئتيها بعمق فأصأدرت الملكة صأوت إسترخاء .وككان الشكيخ مكع دايفكي خلفهكا ينظكر
إليها وكأنه يعلم ما تحس به .فتحت الملكة عينيها ونظرت إلى الرض ثككم اسككتدارت إلككى
الشيخ وفاجأته قائلة ً:ا ما رأيك بنزهة قبل العوداة؟ وقبل أن يصحوا سككموطان مككن صأككدمة
الطلب المفاجأ أمسكت بيده وجرته وهو بدوره إلتقط دايفي وطاروا جميعككا وهككي مككازالت
ممسكككة بيككده وانطلقككوا فككي الفضككاء ,ويمكككن سككماع ضككحكات الملكككة دابككورة مككن شككرفة
الصومعة حتى إختفى الصوت ثم إختفيا .وإذا بها تنزل بهما بيكن الشكجار تحكت سلسكلة
من الجبال المتراصأة إلى ثقبه في ألرض يظهر منها ماء جاري كالفلج الشديد الجريككان,
يغوص المرأ فيه الى بطنه بعرض المتر ,ول يظهر منه على سطح الرض سككوى ثلثككة
أمتار تقريبا ثم يختفي الماء حيث يذهب إلى دااخل الجبل بين الصخور .فنزلت بهما علككى
أداراجه السبعه وهي ما زالت تمسك بيد الشيخ وهو ل يعلم أين تتوجه بهما .فنزلت بهمككا
الدرجات السبع حتى عند الماء والشيخ وهو يمسك بيد دايفي يجككره خلفككه ينظككر إلككى شككدة
جريان ذلك الماء الجارف ومتعجب منه كيف شق مجراه إلى بطن الجبل فقالت له الملكة
دابورة ً:ا أتعجب من هذا ؟ لم ترى أعجب منه بعد إذا ؟ هذا لم يحفره النسان وإنما أمرت
الحفارين به .وقالت وهي تبتسمً:ا تعال وداع الماء يأخككذك إلككى حيككث يشككاء .والشككيخ وهككو
مستسلم تماما لرغباتها القوية ل يقوى على الردا أو المتنككاع أو المناقشككة وكككأنه مسككحور
تبعها فنزلت إلى الفلج وأمسكت بقوة بجانبيه ونزل وفعل مثلها مككاداا رجليككه ممسكككا بهمككا
في جوانب الفلج كما فعل بمرفقيه حتى تناول دايفي ووضعه جالسا على الماء ماداا رجليككه
ما بين رجلي سموطان وظهر الملكككة دابككورة أمامهمككا كمككن ينككزل مككن جبككل ثلجككي علككى
مزلقة .ثم نظرت الملكة دابككورة إليهمككا خلفهككا وقككالت مبتسككمه ً:ا مسككتعدان ؟ فهككز الشككيخ
رأسه باليجاب فأفلتت الملكة نفسها للماء يجرفها وتبعهككا الشككيخ وذهبككوا جميعككا يجرفهككم
126
الماء إلى دااخل بطن الجبل ودايفي يصرخأ من شدة جريككانهم دااخككل تلككك الظلمككة فككي ذلككك
المجرى .وتزحلقوا على الماء دااخل تلك الساقية الباطنيككة الملتويككة مسكافة حككتى ظهرلهككم
شيء من البريق وكأنه المخرج ثم تقاذفوا من خلل شلل ميككاه تلككك الفتحككة الككتي تصككب
مائها بقوة على تجمع مائي تحتها فسكقطوا يصكرخون فكي المكاء الغريكز ثكم طفكوا فكوقه,
وأسرع سموطان بالتقاط دايفي بينما الملكة فرحة مسروره بتلك القفككزة تنظككر إلككى الشككيخ
وهو ينقذ دايفي من الغرق ,ثم نظر سموطان إلى ما حوله فإذا هي قبة فسككيحة علككى شكككل
كهف واسع في دااخل الجبل مليء بالمياه المتساقطة مككن ذلككك الفلككج ,ثككم شككاهد سككموطان
بالقرب منككه بعككض الصككخور البيضككاء الظككاهرة علككى سككطح المككاء مككن صأككخور الصككفا
المستديرة .فسبح بديفي حتى صأعد بة فوقها فاستراح عليها معه ,وأخذ يقلككب ناظريككة فككي
ذلك المكان الغريب كالقبة الضخمة في بطن الجبل ل مخككرج لهككا ,وتتطلككع فككي جككدرانها
الدائرة من حوله حيث النقوش من الشكال العجيبة والصناعة الباهرة ورفع رأسه ليككرى
مككدى الكهككف فككي العلككى فشككاهد تلككك العناقيككد مككن البلككورات الصككخرية مككن الكككوارتز
والنتككؤات العسككلية والبرتقاليككة اللككون المتدليككة مككن سككقف الكهككف ,ثككم تتطلككع إلككى أعمككدة
الكهرمان الموضوعة على جوانب البركة وبعضها على شكل مسنات منصوبة ترتفع من
قعر البركة ,وتنتشر التماثيل المصنوعة من البلور الصخري على شتى الككوانه البنفسككجية
والرجوانية ومنها ما هو عديم اللون وقد نحتت ونصبت موزعة في ذلك الكهككف ,والككتي
ل يمكن للبشر أن ينحت مثلها في التصوير والجمال والدقة .وكل ذلك والملكة تسككبح فككي
المياه ناظرة إلى سموطان المبهور بذلك المنظر البديع .وشاهد ذلك الماء الذي يخرج من
تلك البركة في سبع منافذ داائرية في الجدار الصككخري علككى مسككافات وأحجككام متسككاوية,
وبعدها بمسافة واحد كبير يختلف عن تلك السبعة المتشككابهة حيككث أن فتحككة ميككاهه أكككبر
وأوسع ,كما أن فتحته ليست فتحة وثقب عاداي كالبقية بل هو عبارة عككن فككم رجككل بلحيككة
يلبس تاجا ينفذ الماء من فمه الذي فتحه واسعا .فتعجب سموطان ممككا حككوله مككن الروعككة
والجمال حتى إنجذب سموطان فجككأة وشككصد إلككى المككاء وقطعككت خيككالته السككحرية عنككدما
جذبته الملكة من رجله إلى دااخل البركة .وأخذا يسكبحان معكا ثكم ظهكرا علكى سكطح م اء
البركة فقال سموطان للملكة دابورة وهما يعومان مشيرا إلى منافذ المياه السبعة تلك ً:ا أين
تذهب هذه المياه ؟ فقالت الملكة ببساطة إنها تذهب إليككم ,تنفكذ إلكى الخكارج بعكد أن تمكر
على سلسلة من الجبال .فأشار سموطان إلى الفم الكبير وقال ً:ا وهذا ؟ فقالت الملكة ً:ا هككذا
مختلف ,هذا لنا نحن وحدنا .عندها قفز دايفي إلككى البركككة مككن الحصككاة الككتي كككان يجلككس
فوقها وغطس في البركة فسبح سموطان إلى دايفي ليلحق عليه ,ولكككن فجككأة ارتفككع دايفككي
الى ألعلى محمول .فتوقف سموطان ينظر الى دايفي وهناك شيء مككا يرفعككه مككن تحتككه.
عندها ظهرت من تحت دايفي فتاة شابة جميلة تغطككي عورتيهككا بجلككد يلمككع ليسككت كبنككات
النس .فاستغرب سموطان منها وأخذ ينظر إلى جمالها الفتان وحسككنها البككديع ومنظرهككا
الغريب وهي تبتسم كأنها الحورية في وجه سموطان ممسكة بديفي لكي ل يغطس .بعدها
سمع سموطان أصأوات ضحكات فتيات فظهر مككا يقككرب مككن عشككر فتيككات أخريككات مككن
تحت الماء وقد أقبلن يتضاحكن إلى حيث دايفي والملكة تنظر إلى سموطان الذي يعوم في
127
مكانه وكأنه في عالم الخيال وهي من خلفه .فتقدمت منه وأخذت بيده قككائله ً:ا هيككا لنككذهب
هناك من سيعتني بديفي .فأخذته من يككده وسككبحا إلككى حيككث يصككب المككاء فككي فككم الرجككل
صأاحب التاج بينما كانت الفتيات يلعبن دايفككي ويتضككاحكن معككه فككي المككاء وهككو يطبككش
بيديه ورجليه .ولما وصألت الملكة وسموطان إلى ذلك المصككب أو الفككم المظلككم داخل فيككه
وحالما داخل فجأة كادا سموطان أن يقع على وجهه على الرض وهو يخككرج واقفككا علككى
قدميه على أرض خضككراء تحيككط بهككم الزهككور بألوانهككا الزاهيككه ,وفككوقهم سككماء صأككافية
وأرض رابيه وتحتهم سهل من الزهور ينتهي بقصر ضككخم كككبير لككه طريككق ذو عواميككد
كبيرة طويلكة إسكتطاع سكموطان أن يشكاهدها مكن حيكث هكو فكي تلكك الرابيكة المرتفعكة,
والملكة بجانبه تطالع داهشته من أنهم كانو في الماء دااخل الجبال وأصأبحوا فككي الخككارج.
وأخذ سموطان يشم تلك الروائح الجميلة المنبعثة من كل جهككه ,ويسككمع أصأككوات الطيككور
وتغاريدها العجيبة وكادا أن يغشى عليه من طربها ,وحيوانات متراكضه مسالمة ,وشككاهد
بين الحقول حصانا ناصأع البياض بجناحين يربع بين الشككجيرات البعيككدة .فأخككذت الملكككة
بيده تتنزل به بإتجاه القصر مخترقان حدائق الزهور التي تتطاير الفراشككات ذات اللككوان
الزاهية حولهم من تحتها ,حتى وصألوا إلى تلك العواميد الكبيرة الطويلة ,والملكة ممسكككة
بيده متمهلة عليه لكي يشبع النظر إلى ما حوله من مناظر خلبة ببطأ وداونما إزعككاج ول
عجلة .فأخذ ينظر إلى العواميد البيضاء المصنوعة من الرخام اللمككاع الشككاهقة الرتفككاع,
مصفوفة على شكل طريككق إلككى ذلككك القصككر العظيككم الككذي تتككدرج أبنيتككه فككي الرتفككاع,
وتزينة القباب الحمراء في كل مسطوحة ,وفي وسطه وأعلى مككا فيككه قبككة حمككراء مزينككة
بخطوط الذهب من رأسها إلى داائرتها السطحية ,وداائرتها تزينها أحجار بنفسجية كريمككة
شديدة البريق .ونظر سموطان إلى ماتدوس عليه رجليه فإذا هو يدوس علككى حجككارة مككن
ذهب وألماس وياقوت ولؤلؤ وزمردا تزين ذلك الممر الى نهاية القصر .ومشيا في الممككر
وسموطان شديد العجاب بما يراه من خواتم مرصأعة بالحجار الكريمككة ومككن كككل نككوع
ولون مرمية على الرض بطول تلك العواميد إلى باب القصر .ومنها خواتم من الفيككروز
الخضر والياقوت الحمر والزرق والعقيق الحمر والزمردا الريحاني والوبال وعقيق
النار ,والزبرجد الخضر والفيروز الورداي واليككاقوت الصأككفر ومنهككا خككواتم مككن ذهككب
مرصأعة باللماس الكبير الحجم .وكل هذا وهما يدوسان عليه حتى داخل من بوابة ذهبيككة
منحوته كبيرة ,وأخذت الملكة تسير أمككامه ببطككأ وهككو يتقككدم وعينيككه علككى مككا حككوله مككن
التماثيل العجيبة والنقوش الملونة والجواهر المعلقككة والمتدليككة مككن كككل مكككان ,والقمشككة
المخملية ,والزوالي الثمينة ,والبسطة المحيكة من أجودا النككواع .حككتى وصأككلت بككه إلككى
تلك القبة الحمراء الكبيرة .فشاهد كرسي مصنوع من ثلثة أحجار زرقاء من البرايت ,قد
صأفت مع بعضها كل واحد منها بطول المتر وتسنده مسانيد ووسائد قطنية وريشية مغلفة
بالحرير الحمر وفراء السودا الذهبية .وفي كل جهه من الكرسي تمثال قككط كككبير بحجككم
النمر أخضر زمرداي اللون ,منحوتان من حجر اليشم ,كل منهما منحوتا من حجر واحد.
وإذ سموطان يتأمل ما تحت رجله من الرخام العجيب الذي يكسوا القصر وتلك الجككدران
والعواميد الزاهية إذ خرجت قطككة بيضككاء ناصأككعة الفككراء كثيفككة الشككعر ,وجككرت بإتجككاه
128
الملكة فالتقطتها مكن ألرض وهكي تككداعبها ثككم نظكرت إلكى سكموطان الكذي ينظككر إليهككا
مذهول وهي تداعب رأس القطة .ثم خرجككت إليهككا مجموعككة كككبيرة مككن القطككط مككن كككل
مكان ,السودااء والشقراء ومن كل لون وأحاطت بالملكة من كل جانب وهي تداعبهن .ثككم
توجهت الملكة إلى سموطان وقالت ً:ا تعال لنجلككس .فتككوجهت إلككى ذلككك الكرسككي وتبعهككا
سموطان وجلسا فككوق الوسككائد الحريريككة وهككي مككازالت تككداعب قطتهككا البيضككاء .فنظككر
سموطان إلى فككوق رأس تمثككال القككط الككذي بجككانبه فككرآ تاجككا ملوكيككا مرصأككعا بالحجككارة
الكريمة واللماس والياقوت فقال لها ً:ا لما ل تلبسينه ؟ فنظرت إليه وقالت له ً:ا إنككه يتعككب
ويثقل رأسي ويمنعني من الحركككة بحريككة ,ثككم إنككي لككو لبسككته لضككطربت المملكككة كلهككا
وصأار الجميع في شغل داائم بل راحه ,فأنككا أشككفق عليهككم مككن ذلككك وأخفككف عنهككم .فقككال
الشيخ ً:ا ولكني ل أرى أحدا هنا ؟ فقالت الملكة ً:ا بلى هم هنا ,ولكنككي أمرتهككم بالحتجككاب
عنك .ثم نظرت الملكة إلى إرتفاع تلك القبة التي يجلسككون بككداخلها وجككالت بنظرهككا إلككى
آخرها وقالتً:ا الملك سليمان الحكيم كانت له قبة كهذه ,فرأى في يوم من اليام عصككفورا
يقول لعصفوره ً:ا لم تمنعين نفسك مني ؟ ولو شأت أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في
البحر .فتبسم سليمان من كلمه ثم داعا بهما وقال للعصفور ً:ا أتطيق أن تفعككل ذلككك؟ فقككال
العصفور ً:ا المرؤ قد يزين نفسه ويعظمها عند زوجتككه ,والمحككب ل يلم علككى مككا يقككول.
فقال سليمان للعصفورة ً:ا لم تمنعينه من نفسك وهو يحبك ؟ فقالت ً:ا إنه ليس محبككا ولكنككه
مدع لنه يحب معي غيكري .فكأثر كلم العصكفورة فكي قلكب سكليمان وبككى بك اء شكديدا
واحتجب عن الناس أربعين يوما يدعوا ا أن يفرغ قلبككه لمحبتككه وأن ل يخالطهككا بمحبككة
غيره .ثم أن الملكة دابورة صأفقت بكفيها فحضرت مكن الكداخل صأكواني مكن شكتى أنكواع
الطعمة تطير لوحدها حتى وضعت أمامهما .ثم جاءت أباريق ذهبية وأكواب من الذهب
تطير حتى وصألت إليهما ,فصبت شككرابا عجيبككا فككي الكككواب وحطككت الكككواب بجككانب
الطعام وبقيت الباريق بجانبهما فككي الهككواء معلقككة ثككم أطلقككت البخككرة الجميلككة وفككاحت
العطورالعجيبة وحضرت إليهما مراشككي مككن عطككور ممزوجككه حككتى وصأككلت إلككى فككوق
رأسيهما ورشت عليهما المراش بعطور ل مثيل لهككا عنككد النككس تشككرح القلككب .ووقفككت
المراش في الهواء خلفهما .ثم حضرت قيثارة تطير في الهواء وتتبعها عدة قيثارات مككن
كل جانب وتتبعها الككدفوف واللت الموسككيقة حككتى إصأككطفت فككي كل الجككانين أمامهمككا,
وأخذت تلك اللت تضرب بعجيب اللحككان حككتى زاغككت عيككن سككموطان وكككادا أن يفقككد
عقله من طربها والوتار تضرب لوحدها والمزامير تعزف من نفسها وحضر إلى وسككط
اللت الموسيقية مجموعة من الحبال التي قامت تتمايل وتلعب بأشكال وتموجات عجيبة
جميلة ,ثم حضرت مجموعة من السعاداين الككتي قككامت بألعككاب بهلوانيككة ومراقككص علككى
عزف اللت بينما سموطان والملكة مستمتعان بالكل والشرب والضحك .أما دايفي فلككم
تنقصه التسلية فقد كان محاطا بتلكك الفتيكات الجميلت حكتى أصأكابة الخجككل وهكو معهكن
وحده يلعب في المياه فيغصن به إلى قككاع البركككة الككذي رمككاله مككن الككذهب واللمككاس ثككم
يصعدن به إلى العلى وهو فرح سعيد بتلك الرفقة.
129
داخل الظلم وبدأ الجند بالمعسكر بإيقادا نيرانهم على الرمال بجانب الخيم .وبجانب احدى
القدور التي على الرمل والطعام يطبخ إذا بقيسوس الرومي وهو على شكل فار قككد تسككلل
من حفرة إلى أخرى حتى وصأل الى ذلك القدر فرآه أحد الجند الجالسين علكى ذلكك القكدر
يتحدثون فغافله بمسكة سريعة قوية وألقاه مرة واحدة في القدر الساخن فلم يجد مهربا من
أن يكون طعاما للجند .
عندها وصأل الشيخ سموطان والملكة دابورة ودايفي إلى المعسكر وقد بان عليهما علمات
النبساط والرتياح .فركض دايفي مباشرة للبحث عن روثا حيث رآها في خيمة هادااساه,
وهو يركض أخذ الجند يركضون وراءه يلتقطون من ألرض ما يقع من ملبسه من قطع
الذهب واللماس البراق ,فوقف دايفككي مسككتعجبا مككن أول ئككك الجنككد الككذين يقتتلككون خلفككه
يجمعون أشياء من الرض وهو ل يدري ما يحدثا فنفض ملبسككه وراح يركككض بإتجككاه
خيمة هادااساه تاركا الجند يتبعونه ويقتتلون للحصول على ما يسقط من ملبسه من القطع
الثمينة والتي لصقت به من قعر تلك البركة .
إتجككه سككموطان ودابككورة إلككى خيمككة القائككد وقككد سككبقتهما الروائككح الجميلككة المنبعثككة مككن
ملبسهما إلى الداخل ونبهت كل من بداخل الخيمككة إلككى تلككك العطككور والروائككح الزكيككة,
فدخل الشيخ ودابورة إلى خيمة القائد فسأله الملك أجمنون قائل ً:ا هل وفقتككم فككي الحصككول
عليه ؟ فقال الشيخ وهو ينظر بطرف عينككه إلككى دابككورة بجككانبه ً:ا نعككم لقككد حصككلنا عليككه.
وانتبهت الملكة دابورة الى شخص يلبس السوادا خلفها عند باب الخيمة واقفا .فالتفتت إليككه
فإذا هو ذلك الرسول رسول الجن القبيح المنظر واقفا لدى الباب ويديه أمامه مسبل عليككه
غطاء وجهه .فالتفت الجميع إليه فتقدمت منه الملكككة ولكنككه لككم يتحككرك ولككم يرفككع غطككاء
وجهه فالتفتت الملكة إلى مجلس الملك أجمنون داونما أن تكلمه وقالت للشككيخ ً:ا هككل تككأذن
لي بالنصراف لبعض الوقت؟ فقال الشيخ حزينا ً:ا ل بأس .فاستدارت الملكة للذهاب إلككى
ذلك الجني عند الباب ولكن ذلك الجان قال لها مككن تحككت غطككاءه لمككا وصأككلت إليككه ً:ا مككع
أبنائك مولتي .عندها تكوقفت والشكيخ إلكى جانبهكا أليسكر ونظكرت إلكى سكموطان فق ال
سموطان لها ً:ا ليذهبوا ولكني أستبقي هرمس تعلمين لماذا .فقالت الملكة ً:ا نعم .ثم طككارت
وطار ورائها أبنائها الستة .
في ذلك الوقت هادااساه كانت مازالت في تجاربها لكتشاف قدرات الخاتم .ففكرت وقالت
لروثا وهرمس ودايفي ً:ا كما الظلم يخفي ألشياء سأحاول إخفاء دايفككي .ووضككعت دايفككي
أمامها جالسا وهو يضحك وجلست هككي أمككامه ثككم أشككارت إليككه بالخككاتم السككليماني وهككي
تقولً:ا إختفي ..إختفي .ول يحصل شيء ,ثم أنها أحست أن شيء ما في الرمل مككن تحتهككا
يتحرك فالتفتت إلى الوراء للبحككث عنككه فككأخرج دايفككي طككاقيته ولبسككها بسككرعة واختفككى,
وعندما لم تجد هادااساه شيئا ورائها نظرت إلككى دايفككي لتكمككل المحاولككة فككإذا بهككا ل تككرى
دايفي ,وليس سوى روثا وهرمس فقالت فرحه ً:ا لقد إختفككى لقككد إختفككى .وبككدت مسككرورة
قائلة ً:ا لقد نجحت لقد أخفيته .فنظرت روثا إلى هرمس وضحكا .عندها رفع دايفي طاقيته
وبان مرة أخرى وهو يضحك مع روثا وهرمس مما أحزن هادااساه وأحبطهككا وغضككبت
عليهم .
130
الفصل ا لعاشر
تحت سككطح الرض فككي حلكككة الظلم نصككبت كراسككي ثمانيككة .سككبعة علككى شكككل حككدوة
وواحد يكمل الدائرة .ولكن هذا الخير وحككده بعيككدا عنهككا وأكككبر مككن بقيككة الكراسككي فككي
الطول والعرض والمهابة .وصأاح ذلك الجني السودا القبيح وهو يقككف عنككد بككاب الغرفككة
بأعلى صأوته قائل ً:ا ملككك الملككوك الملككك العظيككم غيككدول .فككدخل رجككل عجككوز ذو لحيككة
عظيمة وبيده صأولجان طويل ذو مجذاف عريض ومشى إلككى دااخككل الغرفككة الككتي عمهككا
الحرس داائريا حولها من كل مكان لدى داخوله ,ويككواكبه مككن وراءه رجككال ونسككاء أجلء
وجليلت .فمشى حتى وصأل إلى ذلك الكرسككي الكككبير وحاشككيته صأككارت وراء الكرسككي
والتفت إلى وراءه ونظر بجدية ثم جلس وموكبه خلفككه واقفيككن .ثككم قككال المنككاداي ً:ا الملككك
أفتاب صأاحب الشمس الموكككل بأعمككال الحككد .فككدخل الملككك أفتككاب وداخككل وراءه موكبككا
مشرفا من قواداه وزعمائه وكأنهم الشموس أو الملوك ,حككتى وصأككل إلككى كرسككيه وجلككس
ووراءه حاشيته وقوف .ثم ناداى المناداي ً:ا الملككك كيككوان صأككاحب زحككل الموكككل بأعمككال
السبت .فدخل كيوان بموكب مهيب ,شكلهم شكل الحزن والكآبة حتى وصأككل إلككى كرسككيه
فجلس ووراءه حاشية وقوف .ثم قال المنادايً:ا الملك ماهتاب صأاحب القمر الموكككل بيككوم
الثنين .فدخل ماهتاب وداخل خلفه حاشيته الككتي كككالقمر حككتى فعككل مثككل إخككوته .ثككم قككال
المناداي ً:ا الملك أناهيد صأاحب الزهرة الموكل بأعمال يوم الجمعكة .فكدخل وداخلكت خلفكه
حاشيته التي كالزهور .ثم ناداى المناداي ً:ا الملك بهككرام صأككاحب المريككخ الموكككل بأعمككال
الثلثاء .فدخل بهرام وداخككل خلفككه مككن حاشككيته العسككاكر والمقككاتلين الشككداء وفعككل مثككل
إخوته .ثم قال المناداي ً:ا الملك برجيس صأاحب المشترى الموكككل باعمككال يككوم الخميككس.
فدخل وخلفه حاشية كأنهم العلماء وجلس .ثم قال المناداي ً:ا الملك هرمس صأاحب عطاردا
الموكل بأعمال يوم الربعاء .ولم يدخل هرمس بل داخلت أمه الملكة دابورة إلى منتصككف
الغرفة وأبيها الملك غيدول يطالعها فأشار بيده إليها قائل ً:ا هذا هو ,هل ترين ؟ لم يعوداوا
يحضككرون الجتماعككات كيكف تكبررين هككذا ؟ فقكالت الملكككة وقككد شكبكت أصأكابعها علككى
بعضها كمثل التلميذة في المدرسة أمام المديرة ً:ا لككديه عمككل يككؤدايه ,يجككب أن تفخككر بككأنه
يقوم بعمله الذي خلق من أجلككه .فككردات عليهككا إحككدى النسككاء الواقفككة بجكانب كرسككي أبككو
الملوك غيدول مكن جهككة اليسكار وقككد وضكعت يككدها علكى الكرسكي قائلككة بحنكقً:ا الهككرج
والمرج أصأبح من مساعده النس .فقالت لها الملكة دابورة ً:ا لول النسكان مككا أككل الجكن,
فلبد أن نساعدهم .فقال رجل في الجهه اليمنى من كرسي الملك غيككدول وقككد وضككع يككده
131
على الكرسي ً:ا مساعدتهم للحصككول علككى مفاتيككح سككليمان وحكمككه الجككن .فككردات الملكككة
دابورة ً:ا لقد رتب ا تعالى علينا الحكم من قبل النسككان ,ألككم يأخككذ علينككا سككليمان الحكيككم
العهودا والمواثيق بذلك ؟ أم نسيتم العهد القديم الذي عاهدناه عند باب الهيكل ؟ فمن يملككك
معرفة تلك العهودا وجبت له الطاعة علينا وإل أحرقنا بعهودانا .فقالت أخككرى مككن النسككاء
خلف ملك الملوك غيدول ً:ا وما داخلك أنت في ذلك ؟ هذا شأن أبنائك .حينها مككدت الملكككة
دابورة يديها متوسلة وقالت ً:ا أبي الملك العظيم ,لقد تدخلت أنت عنككدما أحسسككت أننككي قككد
أكون في خطر ,وأنا فعلت مثل ذلكك مكع أولداي .فكرق وجكه الملكك غيكدول قليل ورجكع
وربط جأشه مرة أخرى فأكملت الملكككة قائلككة ً:ا أبنككائي إذا مككا إنظككروا أنظككر أنككا ,فأنككاهم.
وقاطعها الملك غيدول قائل ً:ا إذا ما الداعي في مدهم بمعلومات عنا؟ فجثت الملكة دابورة
على ركبتيهككا ورقككت قلككوب أبنائهككا عليهككا وهككي خاضككعة تكككادا تبكككي وهككي ترفككع يككديها
كالمتوسلة إلى أبيها الملك وقالت ً:ا من جهل شيء عادااه ,ومعظككم النككس ل يعلمككون عنككا
شيء غير أننا نخيفهم ونريد بهم السؤ ,فلو علموا من نكون لربما هناك فرصأككة أن نعيككش
سويا في سلم وأمان .
طلع صأباح اليوم التالي على مملكككة )زيتككا( وهكا هككو الخكادام يحمككل الطعككام ويخككرج مككن
المطبخ ويتوجه به إلى السجون .فتح له السجان البككاب وتقككدم ليضككع الطعككام .أمككا الملكككة
وكنتها فقد تقدمت ابنت شمشون الى الباب مسرعة فانتبه اليهككا الحككارس وأغلككق القظبككان
عليهم .فأخذت بطرق القضبان وإحداثا جلبة كبيرة في بهوات السجن مما أعطى فرصأككة
للطباخة والملكة للحديث مع الخ ادام فقكالت الملككة زوجكة الملكك أجمنكون للخكادام ً:ا أخكبر
الطباخأ أن يدبر رسول إلى الملك شمشون يعلمه بماحصل لبنته وزوجها وللمملكككة ,وأن
يرسل لنجدتنا .فهز الخادام رأسه وقد داارت عيناه مككن خككوف أن تكتشككف نيتككه فيذبككح فقككد
كانت معاملة جند ميشا لهم قاسية .عندها جاء بعض من الحرس إلككى تلككك الزنزانككه لككدى
سماعهم الضجة وفتحوا الباب وضربوا إبنة شمشون فارتمت أرضا إلى الككداخل ,ونككاداوا
علككى الخككادام وعنككدما إقككترب مككن البككاب رفسككوا مككؤخرته الككى الخككارج بقككوة فككأوجعوه.
وخرجوا وأغلقوا باب الزنزانة وراءهم .فذهب الخادام إلككى المطبككخ فككإذا الطبككاخأ يسككتقبله
ويقول له ً:ا ما بالك تتألم هكذا ؟ هل أختي بخير ؟ هل رأيتها ؟ قال الخادام ً:ا رويككدك حككتى
أستريح .فذهب إلى كرسي وهو يتألم من قفاه وذهب معه الطباخأ وهو يسنده حككتى إسككتقر
وارتاح قليل ثم قال الخادام ً:ا لقد بعثت لك مولتي الملكة برسالة .فقككال الطبككاخأ مندهشككا ً:ا
رسالة ! عن ماذا هذه الرسالة ؟ هل أصأاب أختي مكروه ؟ وأصأابه الهلع والفزع فقال له
الخادامً:ا إطمأن إنها ليست عن أختك بل هي من أختك فهي معهم في هذا .فقال لككه الطبككاخأ
وقد نفذ صأبره ً:ا هل ستتكلم أم أجعل منك طبق غداء اليوم ؟ فق ال الخكادام متوجعكاً:ا حسكنا
حسنا ,طلبت مني مولتي الملكة إن أطلب منك أن تجد رسول ليككأتي بالنجككدة مككن مملكككة
الميرة إبنة الملك شمشون .ففكر قليل الطباخأ وقال ً:ا لما لم أفكر في هذا من قبككل؟ حسككنا
أكتم هذا المر ول تبحه حتى لمن هم من مملكتنا هكل فهمكت ؟ فقكال الخكادام وهكو يمسكك
قفاه متوجعا ً:ا وهل أنا مجنون ؟ وأشار إلى رقبته بالقطع.
132
سارت جموع الملك أجمنون بين الغابات والشجار الطويلة والخضرة تحيط بهم فكي كككل
مكان .وإذا بهم يدخلون منحدرا جبليا ضيقا وكان الشيخ يسير علككى فرسككه بجككانب الملككك
ولضيق الطريق لم يكن يمشي بجانبها أحد فاستغلها الملك فرصأة وسأل الشككيخ سككموطان
وقالً:ا لماذا تعتقد قد أستدعيت الملكة وأبنائها هذه المرة ؟ فهي لككم تخبرنكا بشككيء وليسكت
كتلك المرة عندما أخبرتنا عن هجوم الغواصأة عليهم .فقال الشيخ وقكد زادا قلقكه ً:ا ل أعلكم
من ذلك بشيء .فنظر إليه الملكك وقكال ً:ا لقكد بكدا عليكك القلكق واضكحا ..لمكا تكأخرتم فكي
إحضار المفتاح من صأومعة حنباثا ؟ فنظر إليه سموطان وقال ً:ا ربما أخككبرك فككي رحلككة
صأيد .فوجم الملك في وجه الشيخ من تلك الجابة السمجة .
مجلس الملك غيدول لم يفض بعد منذ ليلة البارحة .وها هي الملكة في مكانهككا كمككا كككانت
في ليلتها وقد بدا عليها الرهاق والتعب وقد تصببت عرقا ,ووضعت يديها على ركبتيهككا
اللتان لم تفارقا الرض منكسة الرأس .فقالت تلك المرأة على يسار كرسي الملك غيدولً:ا
وهل يتضمن تعريفهم بنا القيام بنزهات ؟ فرفعككت دابككورة رأسككها وقككالت وهككي متعجبككة ً:ا
للترويح عن النفس ليس إل ,فقد كنا ندخل ونخرج فككي قتككال طككوال الككوقت فعاجلتهككا تلككك
المرآة قائلة بصرامة ً:ا بل تحبينه وتهويه .عندها اشتد أبناء الملكة ونظروا إلى أمهم بشككدة
ينتظرون الجواب فقالت دابورة ً:ا وما الضككرر إذا كنككت أفعككل؟ فعنفهككا ذلككك الرجككل علككى
يمين الملك غيدول قائل ً:ا وأنت أم الملوك السبعة ,وابنت ملك الملوك غيدول العظيم قائككد
ممالك ما تحت الرض .فقالت له الملكة ً:ا لو لم تتزوج أمك بأبيك لما ولدت أنت فصككرخأ
بها الملك غيدول قائل ً:ا إخرسكي ,وتتكواقحين علكى عمكك .وعاجلتهكا المكرأة علكى يسكار
الملك قائلة ً:ا وما نهاية هذا الهوى ؟ فقالت الملكة وقد بدا عليها العياء الشديد بالكادا ترفع
رأسها للجابة ً:ا بل أجيبككك إذا مككا أجبتنككي مككا نهايككة الحيككاة ؟ فقككال الملككك غيككدول ؟ ومككا
مصير المملكة فيمن يفترض به أنه سيكون ملكا إذا ما تزوجته وهو آدامي ؟
تجاوز الملك أجمنون وجماعته السهل وإذا أمامهم جبل عالي وبككه مغككارة فككدخل المغككاره
ومعه جماعته .فإذا هي طريق ضيقه تتصاعد من جوانبها أداخنة الحمم والطين والكبريت
المحترق بفقاعات حارة فقال الملك لكبير جنده ً:ا أطلب من الجند السير واحدا تلو الخككر,
فهذه الطريق غير مطمأنة .ف ذهب ليخكبرهم .وتقكدموا البقيكة يتقكدمهم الشكيخ علكى فرسكه
وساروا في طريق ملتوية عبر الحمم مككن دااخككل الجبككل حككتى خرجككوا مككن أعلككى الجبككل.
وعندما خرجوا فإذا الجبل صأفحة كبيرة داائرية بسيطة بيضاوية متساوية ,وكأنهككا قصككت
بسكين .فنظر الشيخ إلى العلى بجانب الجبل فإذا هي سحابة كبيرة وفوق السحابة مدينككة
بانت جدرانها البيضاء كالثلج .وكل من يخرج من فوهككة الجبككل يبقككى شككاغبا ينظككر إليهككا
غير مصدق لما يرى .فكسر هدؤ التأمل هيرودا عندما قال ً:ا وكيف السبيل إلككى الوصأككول
إليها ؟ فتدخل الوزير لوذا وقال ً:ا وما أدارانا أنهككا هككي المملكككة الككتي نطلككب؟ فنظككر إليككه
الملك أجمنون وقد بدا عليه الحباط وأطرق رأسككه بعككد أن أخككذ نظككرة أخككرى علككى تلككك
133
المدينة مدينة السكحاب ثكم قكال الوزيرلكوذاً:ا أل يمككن لسكموطان العظيكم أن يطيكر إليهكا
لنعرف أمرها؟ عندها كان الملككك ينظككر إلككى الككوزير فعنكدما قكال ذلككك حكول وجهككه إلكى
سموطان وكان سموطان ينظر إلى المدينة فهبط عن فرسه قائل ً:ا هذا بالضبط مككا ينبغككي
لك أن يقترحه عليك ذكائك .وطار سموطان إلى أعلى السحابة وحاول الولوج إليها ولكنه
كلما حاول يصطدم بجدار وهمي فيرجع إلى الخلف ,وحاول من كككل جهككات المدينككة فلككم
يستطيع فرجع إلككى الككوراء وقككال ً:ا ل أسككماء ول عزائككم يمكككن أن تمنعنككي عنهككا .وتمتككم
ببعض العزائم وحاول مرة أخرى فلم يستطع ومككا زال كككذلك .وفككي سككطح الجبككل إنحككاز
الوزير إلى بعض الجند وداس لهم بعض المككال فأخككذوه ولحظككه أوريككا وهككو يفعككل ذلككك
فشك في أمره عندها نزل سموطان إلككى حيككث كككان الجميككع مشككغولين مهتميككن بمراقبتككه
يحاول إقتحام المدينة داونما جدوى .فقال سموطان للملك أجمنون ً:ا ل جدوى من المحاولة
إنها مطلسمة بعزائم أقوى مني .فقال آرميا ً:ا أرى يا مولي أن ننزل من الجبل فككالحرارة
هنا مرتفعه .وأشار بيده إلى الجند قائل ً:ا أنظر كيف يتصببون عرقا .فقككال الملككك ً:ا معككك
حككق إنهككا فعل شككديدة وخانقككة .فقككال آرميككا ً:ا أرى أن ننككزل حككتى ترجككع الملكككة دابككورة
فنتصرف بشيء أو نرى ما نراه ونحن تحت الجبل .فتوجه الملك بفرسه إلى فوهة الجبككل
ونزل وتبعه البقية .وهم في طريقهم نزول تنبه سموطان إلى الحمم وخطرت بباله فكككرة
فقال للملك ً:ا ما تقولون لو أني أفجر هذا البركان الخامد فلعل ما في بطنه يزيككد مككن علككو
الجبل فيدخل في تلك السحابة ,ولعله يحدثا فيها تغييرا ما ,فبالنهاية أفضل مككن النتظككار.
فنظر الملك إلى إبنه هيرودا الذي هككز رأسككه باليجككاب وقككال الملككك ً:ا حسككنا ولكككن كيككف
ستفعل ذلك؟ قال سموطان ً:ا داع هذا لي ما عليكم ال جميعا أن تبتعدوا بعيدا قدر المكان,
فل تأمنوا أن تصل إليكم الحمم المتقاذفة .فخرج الجميككع مككن الجبككل ووصأككلوا إلككى أرض
مرتفعة ل تصل إليهككا الحمكم وبقكي سكموطان بككداخل الجبكل .فطلككع علككى ربككوة فككي تلكك
الطريق المتعرجة وأشار إلى الحمم من تحته وقال ً:ا أداريككل ترنيككل قراطيككل ذركك ل إلككه
إلهو العزيز الحكيم المدبر العظيم بهوتر هوتر قوش كوش نفخ أتى أجب أيها السيد أتككى
بحق بسم ا الرحمن الرحيككم أنككا نهككور ناعبيككل مللملككي.....وأخككذ سككموطان يزيككد ويعيككد
ويعزم والحمم تزداادا غليانا وتبدأ بالرتفاع وترتفككع معهككا الداخنككة حككتى إنفجككرت وطككار
الشيخ إلى العلى والدخان الكثيف خلفه يطلب الخروج مثل الشيخ من فوهة الجبككل وظل
في سباق وراء بعضهما ورأت الجموع إنفجارا هائل من الدخان تلتها حمم حارة متقاذفككة
كادات أن تصل إليهم .فحزنت روثا وقد كككادات تبكككي فسككألها هرمككس وقككال ً:ا مككا بالككك ؟
فقالت ً:ا ل أعتقد أن سموطان نجا من ذلك النفجار ,وكيف ينجوا من كككل هككذا وهككو فككي
بطن الحمم؟ وبدا القلق على وجه هرمس على الشيخ .ثم انقشعت ألداخنة وخرجت الحمم
الحمراء تسيل وأخذت تتزايد وتزيد في سطح الجبل عنككدها ظهككر مككن الفضككاء سككموطان
وقد إقترب من الملك وحط بجانبه .فسارعت روثا ودايفي يتبعها وانككدفعا إليككه يحتضككنانه
وهو يبتسم من فعلهما .وأخذوا يشاهدون تلك الحمكم تتزايكد وتتطكاول والجميكع يتفرجكون
فتوجه سموطان للملك وقال ً:ا أقترح أن نعسكر هنا ,فهذا قد يطول إلككى الغككد .فهككز رأسككه
الملك وقال لتباعة ً:ا فلنعسكر هنا أيها الجند .وقام الجميع لتجهيز المعسكر .
134
في مملكة )زيتا( داخل أحكدهم إلكى المطبكخ وبيكده صأكنادايق مكن الخضككروات فأمسكك بككه
الطباخأ وجره إلى احدى زوايا المطبخ وقال له سرا ً:ا إسمع أريدك أن تأخككذ هككذا الكتككاب.
وأعطاه كتاب أخرجه من دااخككل صأككدرية ثيككابه ملفوفككا ثككم قككال ً:ا وتككذهب بككه إلككى مملكككة
)جاما( ول تسلمه إل ليد الملك شمشككون وأحككذر أن يقككع عليككه أحككد .فقككال الخضككرواتي ً:ا
وماذا إذا قبض علي وهو معي؟ فقال الطباخأ ً:ا حسنا إسمع ,سأقول لك الرسالة ولتحفظهككا
جيدا بحيث ل يقع على ما معك أحد وتكون بمأمن .أبلغ الملك شمشككون بمقتككل زوج إبنتككه
وبما حصل من إحتلل الملكك ميش ا للملككة ,وأخكبره أنهكا رسكالة مكن الملككة ومكن إبنتكه
وليسرع لنجكدتهما ,هككل وعيكت مكا قلككت ؟ فهكز رأسككه الخضككرواتي وهكو يرتجكف فقككال
الطباخأً:ا إذا إنطلق الن .فتحرك الخضرواتي للذهاب فشده الطباخأ من يككده فككأفزعه وقككال
له ً:ا ل تنسى بأن تجعل أحدهم يحل محلك في إحضار الخضار وإل شكوا في أمرنا .فهككز
رأسه الخضرواتي وانطلق خارجا .
هذا ما كان يدور في المطبخ أما فوق في مكتبة القصر فقد كان الملك ميشا يصككرخأ وهككو
يضرب بكلتا يديه علكى الطاولكة الضكخمة وأمكامه كتكاب سكليمان مفتكوح علكى الطاولكة.
والتفت إلى الشيخان اللذان يقفان وراءه وقكال لهمكا بغضكب ً:ا أريكد أن أتعلكم كيكف أطيكر
وكيف أمشي على الماء وكل ما أريد أشير إليه بيدي فيأتيني ,أريد أن أوذي ,ل ..بل أقتل
أي شخص أريد بإشارة من إصأبع يدي ل ..بل بنظرة واحككدة قويككة مككن عينككي .واسككتدار
ميشا إلى خلفه حيث الكتاب بقوة وهو ينظر إليككه قككائل ً:ا مككا فائككدته إذا لككم أتعلككم منككه كككل
ذلك ؟ آه ما الفائدة ؟ قول لي .واستدار إليهمكا مكرة أخكرى قكائل ً:ا أريكد أن أعلكم ككل م ا
يحدثا في أي مكان أريد أن أراه أمامي ,وكل ما حدثا سابقا وكل ما سككيحدثا ل حقككا فككي
المستقبل هل تفهما ؟ وجال ميشا في المكتبة وزمجر وهككو يعنفهمككا وقككال ً:ا هيككا أعلمككاني
ماذا يفعككل أجمنككون الن ؟ هيككا .فلككم ينطككق الشككيخان بشككيء فغضككب عليهمككا وقككال ً:ا الككم
تسمعاني ؟ فقال الشيخ الطويل لمون بككترداداً:ا هنككاك ...هنككاك طريقككة بالكتككاب للحصككول
على سائل ما ,مهما داهنت به شيئا أطاعك بالذهاب أينما أردات .ففرح ميشا وأخرج عيناه
الشريرتان واقترب من لمون وقال ً:ا نعكم ..نعكم أريكد هكذا السكائل ومكاذا بعكد ؟ مكاذاعن
الطيران ؟ فقال الشيخ القصير شملل ً:ا هناك أيضا طريقة قد رأيتها سهلة ...فنظككر إليككه
ميشا بغضب فخككاف الشككيخ شككملل وقككال ً:ا بككل هككي أسككهل مككن غيرهككا .فقككال ميشككاً:ا إذا
إصأنعاها ماذا تنتظران ؟ إصأنعا كل ما في الكتاب مككن حيكل وطككرق أريككد جنككودا ل تقهكر
أريد أعوان من الجن والزماهرة والخطاريف أريد جيشا وملكا قويا كملككك سككليمان أليككس
هذا كتابه ؟ فقال الشيخ ل مون الطويل متخوفا ً:ا بلى ...بلى ..هناك طريقككة لستحضككار
وأستخدام ملوك اللوان وهم سككبعة علكى عكدداها .ففككرح ميشكا وتنفككس بعمككق ورفككع أنفكه
وأقترب من الشيخان وقد صأك على أسنانه وكشرها وهككو يقككول ً:ا نعككم سككبعة مثككل الجككن
السبعة الذين عنكد آجمنكون هيكا إصأكنعاها لكي هكذه الخيكرة مكن السكبعة ...الن .وتفأج ا
الشيخان من هذا الطلب الملح الغير متوقع .فتلكأ الشيخان فصرخأ فيهما وقككال ً:ا الن الن
هيا .ودافعهما ناحية الكتاب فأخذ الشيخان يتصفحان الكتاب وهمككا ينظككران إلككى بعضككهما
135
حتى وجدا الصفحة وقال ً:ا هذه هي .فحضر إليها ميشا ليراها مخترقا بين الشيخين لينظر
في الكتاب وهو يزمجر وقال ً:ا وما الككذي تصككنعه هككذه الملككوك السككبعة ؟ ملككوك اللككوان
هذه .فقال لمون الطويل ً:ا إنها بما أمرتها فانها تجعل مككن تريككد ل يكرى شكيئا أمككامه ,أي
يصبح أعمى تماما .ففرح ميشا وسر من ذلك وقال ً:ا وكيف ذلك ؟ فقال شملل القصككير ً:ا
إنهم ولكل واحد منهم لون هو مسؤول عن وجوداه في الشياء الظاهرة ,فإذا أخذ كل ملككك
لونه واسترداه فل يبقى في ذلك المنظور شيء يرى فبالتالي يصبح ذلك الشخص ل يككرى
شيئا لنه كل شيء وله لون .فقال ميشا بغضب ً:ا هيا أسرعا وأحضروهم هنككا الن تحككت
إمرتي .وبدأ الشيخان بالعمل .فنظر الشيخان في الكتاب السليماني ثم رفككع رأسككه شككملل
القصير وقال للملكً:ا نحتاج الى بعض الحاجيات للعمل .فتقدم الملك ميشا من باب المكتبة
وفتحه وناداى أحد الحراس الذين في الخارج فحضر إلى الداخل ثم نظر الملك ميشككا إلككى
شملل فقال شملل القصيرً:ا نحتاج إلى قماش من أربعة أمتار في أربعة أمتار سبعة ,كل
واحككد منهككا بهككذه اللككوان,الحمككر والبرتقككالي والصأككفر والخضككر والزرق والنيلككي
والبنفسجي .فسمعه الحارس فقال له ميشا ً:ا هككل عرفتهككا ؟ فقككال الحككارس ً:ا نعككم مككولي.
وانطلق ليحضرها أما لمون الطويل والذي كان هو الخر ينظككر فككي الكتككاب قككام بقككص
سبعة قصاصأات من الكاغد كل منها بحجم أربعة أصأابع وكتب على كل واحككدة مككن تلككك
الوراق السبع أحد هذه السماء تاي ,ظطع ,فحت ,غذحي ,ثاي ,قطص ,شدع .بينما كان
شملل القصير ينقل بعض السماء من الكتاب السليماني في ورقة حتى حضككر الحككارس
ومعه القمشه وألقاها بين يكديهم وانصكرف .فأخكذ شككملل ولمكون القمشكة وكومككا كككل
واحككد منهككا لوحككده علككى الرض بهككذا الككترتيب .الحمككر ثككم البرتقككالي ثككم الصأككفر ثككم
الخضر ثم الزرق ثم النيلي ثم البنفسجي ووضع لمككون قصاصأككات الكاغككد الككتي كتككب
على كل واحدة منها إسما تحت كل قماش إسم بهذا الترتيب تاي ظطع فحت غككذحي ثككاي
قطككص شككدع ثككم أخككذ شككملل القصككير يقككرأ مككن الورقككة الكلم الككذي نقلككه مككن الكتككاب
السليماني وقال ً:ا أجيبوا واحضروا يا ملوك اللوان بحق أوجاج أوجككاج كهككارج كهككارج
كهارش كهارش لوهاتوكم لوهاتوكم توكامير توكامير هلبككا هلبككا جلبككا جلبككا الوحككا الوحككا
الساعة الساعة هيا يا تاي وإذا بالقماش الحمكر ينتصكب واقفكا وقككد لبسكه رجككل ردااء لككه
ووقف ينظر إليهم فوجلوا منه بعض الشيء فاستمر شملل بالقراءة فقرا ذلك الكلم مككرة
أخرى إلى عند قوله الساعة ثم قال هيا يا ظطع فقام القماش البرتقالي وقد لبسه رجل أخر
مثل الول في الصورة .ثم كذلك فعل ثم قال هيا يا فحت فقام القمككاش الصأككفر وقككد لبسككه
رجل ثم كذلك فعل حتى قال هيا يا غذحي فقام القماش الخضر رجل .وعزم وقال هيا يا
ثاي فقام القماش الزرق رجل .ثم عزم مرة أخرى وقال هيا يا قطص فقام القماش النيلي
رجل .ثم عزم وقال هيا يا شدع فقام القماش البنفسجي رجل فاصأطفوا سككبعة ملككوك بكككل
ملك لون ينظرون إليهم طوع أمرهم ل يتكلمون ول يتحركون إل إستعداداا للتنفيككذ .ففككرح
ميشا وسر سرورا ليس له مثيل .ثم قال لهم شملل القصير ً:ا إنصكرفوا أيكدكم اك بكالنور
الساطع والسيف القاطع إنصرفوا مأجورين إنصرفوا إلى ما كنتككم عليككه .فككاختفى أولئككك
الرجال السبعة وسقطعت القمشة على الرض فككي مكانهككا الول فلمككا كككان الملككك ميشككا
136
يشاهد فعكل شكملل ككادا أن يتوقكف قلبكه عكن الخفقكان وعجكز عكن الكلم للحظكات وهكم
بشملل ليقتله فأخذ يخنقه وهو يقول ً:ا لما فعلت ذلك ..لمككا ..هيككا أحضككرهم مككرة أخككرى.
فقاومه شملل قائل ً:ا لست بحاجة إليهم الن ,عندما تحتاجهم ما عليككك سككوى أن تنككادايهم
بأسمائهم فيحضرون .عندها هدأ الملك ميشا وأنزل يديه مككن رقبكة شكملل القصككير وهكو
ينظر في وجهه قائل ً:ا هكل هككذا صأككحيح؟ أنكادايهم مكتى أشكاء .فقكال شكملل وهكو ينحككب
ممسكا عنقة ً:ا نعم إحتفظ بهذه القشمة السبعة وناداهم بأسمائهم .وأخذ الملك ميشككا يسككرح
بخياله في القوة التي أصأبحت بين يديه .
وقبل غروب شككمس مملكككة )زيتككا( تلثككم الخضككرواتي وارتككدا ثيككاب الرحالككة المسككافرين
وركب خيلة المحملة بالزادا وسار بها إلى بوابة القصر فلم يوقفه أحد ,وقككد كككان يتنككافض
من الخوف حتى خرج من البوابات إلككى الشككجار ثككم إنطلككق يعككدوا مسككرعا إلككى مملكككة
الملك شمشون )جاما( .
خيم الظلم على معسكر الملك أجمنون فأخذت هادااساه تمشي إلى أن وصأككلت إلككى مكككان
ما من السهل حيث ل يراها أحد فمككدت يككديها إلككى المككام وأخككذت تجككري وتقفككز تحككاول
الطيران وهي تنظر إلى الخاتم في إبهامها .ولكنهككا لككم تطككر إلككى أن وصأككلت إلككى شككجرة
متوسطة الطول فمدت إليها يدها بقوة فخرجت تلك النصلة الدائرية فهربككت هادااسككاه مككن
أمام الشجرة لما رأتها واقعة عليها إلى أن وصألت إلى حلقة الملككك أجمنككون حيككث يجلككس
الجميع حول النار يشاهدون الحمم من بعيد وهي تخرج وتسيل إلى الواداي بعيككدا عنهككم.
فقال الحكيم يوقاس تلميذ الشككيخ سككموطان ً:ا يككا شككيخنا ,هل ضككربت لنككا مثل فككي الطمككع
والحسد .فتنبه الجميع ينتظرون سماع شيء من الشيخ .فنظر إليهم سككموطان وقككال ً:ا لقككد
كان لمزارع ما حمارين ,أحدهما أسوداا والخكر أبيضكا ,وككان ككل يكوم يحمكل المكزارع
الحمككار البيككض السككفنج ويحمككل الحمككار جككواني السكككر ثككم يرسككلهما إلككى الككبيت معككا,
فيمشيان إلى أن يصل إلى البيت ,وكانا يسيران بمحاذات جدول مائي يمد بهما إلى مسافة
بعيدة حتى الجسر ,ثم يضطرا للرجوع من هناك إلى الوراء حيث البيت ,وكان ذلك يشككق
عليهما حيث المسافة الصأككلية بيككن المزرعككة والككبيت ليسككت بتلككك المشككقة لككول الجككدول
المائي الذي زادا المسافة إلى ثلثة أو أربعة أمثالها الحقيقية .وفي كل يككوم يفتخككر الحمككار
البيض ويغيض الحمار السودا في الطريق ,حيث أنه يحمل السككفتج وهككو حمككل خفيككف
أما الحمار السودا فيحمل السكر وذلك حمل ثقيل ,ورغم ذلككك فككإن الحمارالسككودا ل يككردا
على الحمار البيض إستهزاءه به بل يمضي في طريقة لدااء مهمته صأابرا راضيا .وفي
يوم من اليام وقد إنطلقككا بحمليهمككا أخككذ الحمككار البيككض يضككحك علككى الحمككار السككودا
بطول الطريق حتى وصأل إلى مكان الجدول ,ويسككتطيع كل الحمككارين رؤيككة الككبيت فككي
الجهة المقابله من الجدول ,فقرر الحمار السودا اختصار المسككافة واخككتراق المككاء وعككدم
الذهاب من الجسر البعيد وكذلك فعل ,ولكن الحمار الحمار ألبيض وقف مكانه ينظر الى
ألسودا ولم يتجرأ على فعل مككا فعلككه الحمككار ألسككودا ,حككتى وصأككل الحمككار السككودا إلككى
منتصف الجدول فغاصأت أكياس السكر في الماء فذاب في الماء فصار خفيفا وأخذ يعككدوا
137
في الماء كأنه ل يحمل شيئا ,فتعجب منه الحمار البيض وقال في نفسهً:ا هذا يحمككل حمل
ثقيل وفي الماء ومع ذلك فهو بذلك النشاط والقوة وسوف يصل إلى البيت قبلي هككذا واكك
لن يكون .فخاض هو أيضا الجكدول وعنكدما وصأكل إلكى منتصكفه تحمكل السكفنج بالمكاء
فصار ثقيل ولم تستطع رجله ول ظهره إحتمال حمله فسقط في الماء فغرق ,وكان ذلككك
جزاء من لم يشكر على نعمة هو فيها بل ويطلب ما عند غيره .عندها نهككض جميككع مككن
بالحلقة عندما سمعوا صأوت قعقعة قوية .فنظروا بإتجاه البركان فإذا الحمككم البركانيككة قككد
إخككترقت سككور المدينككة السككحابية وهككدمت جككزء منككه .ففرحككوا وهللككوا ثككم قككال هيككرودا
لسموطان ً:ا ولكن كيف سنتسلقه وهو قطعة نار؟ فتبسم الشيخ وهو ينظر إلى الجبل وقالً:ا
ل عليك .ثم بدأ سموطان يعزم رافعا يديه إلى السماء وقككال ً:ا سككنطط بمجككر أمككول مجككرا
مولس نططب ولسن ططبم جرام طبمج رامو لسنط يا هغشطما ئيل .
ثم كررها سموطان إثنا عشرة مرة فمكا أن إنتهككى الشككيخ وأنككزل يككديه إلككى الرض حكتى
أبرقت السماء وبدأ المطر ينهمر ففرح الجميع وأخذوا يرقصون تحت المطر ومنهككم مككن
إحتمى دااخل الخيم وبدأ البركككان بالتككدخين بسككبب سككقوط المطككر عليككه .وكككل تفككرق إلككى
مخدعه .
ثم أنهم لما تفرقوا لحظ أوريا أن الوزير لوذا ذهكب إلكى موقكع الجنكد وليكس إلكى خيمتكه
فتبعه حتى رآه يدخل احدى الخيم التي للجند ,فالتصق أوريا ورائها يستمع فاذا هو يسككمع
الوزير يقول للجند ً:ا إذا هو ما إتفقنا عليككه ,وسككوف أعطيكككم المزيككد مككن النقككودا والككذهب
والمناصأب وكل ماتريدون .ففرح الجند وسروا بما يمنيهم وأكمل الككوزير قككائل ً:ا كككل مككا
أريده منكم عندما أعطيكم الشارة أن تساعدوني على الفرار .فقككال الجنككد ً:ا إطمككان لسككنا
هنا لنموت للل شيء ,نقوداك خير من الموت من أجل مفاتيح سخيفة .وانتظر أوريا هنككاك
وهو يستمع إليهم حتى خرج من عندهم الوزير لوذا واتجه مسرعا إلى خيمته ليحتمي من
المطر ثم ذهب أوريا إلى خيمته وكتم المر.
في خيمة الشيخ سموطان وقد إلتحف بلحاف بسبب بلل المطر لثيابه .فجلككس ملتحفككا عنككد
مدخل خيمته يطككالع البركككان والمطككر وبجككانبه هرمككس يطككالع وهككو مبلككول غيككر مبككالي
بشيء .وخلفهما دايفي وروثا على الفرش ملتحفان يلعبهككا دايفككي فقككال الشككيخ لهرمككس ً:ا
هرمس هل تعلم لما ذهب إخوتك وأمك عندما أستدعيوا ؟ قال ً:ا ل .فلم أكن معكم ل علككم
لي ,ولكن ربما لنفس السبب إنهم الغواصأة الذين ينغصون علينا حياتنا من حين إلى آخر
ل شيء غيرهم .فقال الشيخ ً:ا إني قلق عليهم هذه المرة لأداري لماذا ,فلقككد طككال غيككابهم.
فقال هرمس ً:ا ل تقلق ياسيدي إنهم أشداء ل يمكن أن يؤثر فيهككم شككيء ولكككن قلقككك علككى
أمي أكثر أم على إخوتي ؟ عندها نظر إليه الشيخ ملتفتا في عينيه وابتسم وقال ً:ا هل أنككت
متزوج يا هرمس ؟ فقال ً:ا نعم بكالطبع ول أحصككى عككددا زوجكاتي كمكا ل أعككرف أسككماء
ذريككتي .فقككالت روثا مككن ورائهككم وهككي تقككترب اليهمككا مككن طككرف فراشككها ً:ا ل تعككرف
أبنائك ؟ فقال هرمس ً:ا نعم نحن نعيش أطول عمرا منكم لذلك فنحن أكثر عدداا وينبغي لنا
التزاوج من زوجات عدة .فقال الشيخ ً:ا وهل من الجن من تزوج بالنس ؟ فقال هرمس ً:ا
أعلم من الجن من يعاشر البشر معاشرة الزواج من الرجككال والنسككاء ,ولكككن بلككى هنككاك
138
من تزوج من النس ولكن من تزوج بالنس رجل أو إمراة ل يستطيع العوداة للعيش معنا
مجدداا فيكون محكوم عليه بالطردا للبد ,بل ويقصر عمره ليصككير مثككل بنككي البشككر فهككو
يعيش في زمانهم ولكي تكتمل حكمة داورة الزمان إقتضى أن يعيش ويفنى مثلهككم .عنككدها
أطرق الشيخ رأسه بين ركبتيه واحتضنهما مفكرا .
طلعت شمس الصباح ومازال الجميع نائمون ما عدى الشيخ كان هناك جالسا مكانه علككى
باب خيمته يحتسي كوبا ساخنا متدثرا يراقب المطر يهطل وهو يراقب الجبككل .وبككدأ بعككد
بعض الوقت الجميع بالنهوض وبدأت الحركة تدب في المعسكر عندما قل تسككاقط المطككر
وحتى توقف تماما عن الهطول .خرج الشيخ من خيمته وسار إلككى أن وقككف حيككث كككانوا
بالليل حول النار .وأخذ ينظر إلى الجبل وبدأت تلك الدخانة الكبيرة تصغر شككيئا فشككيئا .
حتى وصأل إليه الملك أجمنون وبيده كوبا ساخنا ووقف معه يشاهد حتى إتقشع ككل شككيء
وبانت قمة الجبل بوضوح وقد داخلت في جزأ من جدار تلك المدينة محدثة فتحككة وشككرخا
كبيرا في الجدار ,وأصأبحت المدينة الثلجية اللون سودااء من الدخان المتصاعد مككن فوهككة
البركان .قال الشيخ للملك أجمنون ً:ا ينبغي علينا ترك الجيادا في أسفل الجبل وتسككلقه مككن
الخارج .قال الملك ً:ا نعم ول طريقة أخرى .فصككعد الجميككع علككى الجبككل يتسككلقونه حككتى
وصأل بعض الجند إلى الجدار وداخلوه وهم يصرخون صأرخات الحرب وهم ينزلون إلى
أرض المدينة ,وكلما داخلت مجموعة تفعل مثككل ذلككك حككتى تشككاهد الشككيخ ودايفككي وروثا
وهرمس الذين طاروا إلى هناك فوصألوا قبل الجميع جالسون بل حراك والمدينككة خاليككة.
ليس بها شيء ول قطعة خشب واحككدة .حككتى صأككعد الملككك أجمنككون وتسككلق ونككزل علككى
أرض المدينة وقد أرهقه وأتعبه التسلق وهككو يتنفككس بصككعوبة وتككوجه إلككى حيككث يجلككس
الشيخ وهو بالكادا يستطيع الكلم وقال للشيخ ً:ا مككا الككذي كنتككم ستخسككرون لككو رفعتمككوني
معكم؟ فقام الشيخ ومشى وهو يتجاوز الملك قككائل لككه بكككل همككة ً:ا يجككب أن تحككافظ علككى
لياقتك البدنية سيدي الملك .فقال الوزير لوذا وهو ينظر فككي المدينككة ويضككحك ً:ا ألككم أقككل
لكم إنها ليست المدينة المطلوبة ؟ أنظروا ل أحد كل هككذا التعككب والنتظككار والتسككلق للل
شيء فأحنى الملك أجمنون رأسه أسفا ول يدري ما يقول من يصككدق ومككن يكككذب .فأخككذ
الهم صأدر الشيخ سموطان فصعد أحد البراج على السوار إلى أن وصأككل أعله وجلككس
هناك يراقب من الشرفة متضايقا ل يدري المخكرج مكن كككل هكذه الحكاجي ,تعكب منهكك
حتى سمع أحدا يقول له من وراءه ً:ا هل نادايتنا ؟ فتلفت الشيخ وراءه بسرعة ولهفككة فككإذا
هي الملكة دابورة وأولداها الستة يبتسمون .فتقدم منهم فرحا وكادا أن يحضن الملكككة لككول
أنها تنحنحت فتوقف مكانه ونظر إلى أولداها مككن حولهككا .وفككي سككاحة المدينككة السككحابية
كان الجميع ينتظرون قرار الملك في هذه المدينة الخالية وفجأة توجهت النظار إلى سككلم
البرج واندهشت الجموع من نزول الشكيخ مكن السكلم ووراءه ملكوك الجكن تتقكدمهم أمهكم
دابورة خلف سموطان .فتقدم منهم الملك أجمنون مسرورا وقال ً:ا إذا قد حضرتم ,هل من
حككل ؟ طريقككة مككا ؟ تفسككير لهككذه المدينككة العجيبككة ؟ فقككال الشككيخ ً:ا مدينككة فككوق السككحاب
والسحاب من الماء إذا ل بد وأن يرجككع السككحاب إلككى المككاء .فقككالت الملكككة دابككورة وهككي
تشير بيدها إلى ناحية بعيدة خارج المدينة ً:ا هناك البحر ,بهككذا التجككاه ليككس بالبعيككد ,هككل
139
نحاول ؟ فقال الشيخ وهو يطير مرتفعا ً:ا نعم .وطار معه الجن السككبعة وأمهككم معهككم إلككى
جانب من جوانب المدينة من خارج السوار وهم في الفضاء أخذوا ينفخون جميعككا علككى
أسوار المدينة فاضطرب من بككداخلها مككن الجنككد عنككدما بككدأت المدينككة ترتككج .ولكنهككا لككم
تتزحزح من مكانها وعبثا حاولوا مرارا وتكرارا نفخها ولكنها لم تتحككرك أبككدا غيككر تلككك
الهزة الخفيفة .ورجع الشيخ إلى الداخل وحط أمام الملك وحط وراءه الجن فقال هيككرودا ً:ا
هذا ما إستطعتم فعله .فقالت الملكة دابورة وهي تتقدم ناحية الملكك والشكيخ عكن يسكارها ً:ا
قوة نفخنا ل تكفي لتحريك المدينة إنما خرزة الريح تكفي لها .عندها نظر الشككيخ ودابككورة
لبعضهما البعض فقال الملك أجمنون بإستغراب ً:ا خرزة الريح ! وما هي هذه ؟ وأين هي
؟ فقالت الملكة دابورة ً:ا إنها عند ملك السماء الولى الملككك الكككبير ملككك الروحانيككة الملككك
ميططرون .فقال الوزير لوذا ً:ا إذا لماذا ل تذهبين لحضكارها ؟ فقكالت الملككة ً:ا الجكن ل
يستطيعون الصعودا إلى السماء الولى فقد كنا في الزمان الغابر نصعد إليها وكنككا نسككتمع
إلى ما يكتب من أعمال بنككي الرض وبعضككنا كككان يسككتفيد مككن تلككك المعلومككات بإلقائهككا
وبيعها للخرين ,فكل قام بالتجسس لصككالحة حككتى جعككل اكك الشككهب تقككع علككى كككل مككن
يحاول منا الصعودا إليها وهكذا فنحن ل نسكتطيع إحضكار الخكرزة وإل صأكعقنا فكي حكال
صأعودانا .إذ ذاك قال الشككيخ ً:ا هككذا صأككحيح إذا لككم يبقككى إل أنككا ,أنككا أصأككعد .فطككار الشككيخ
وارتفع إلككى السككماء مسككتقيما والكككل يشككاهده حككتى إختفككى .فوصأككل إلككى السككماء ألولككى
وتوقف فرآ عملقا أبيضا كالثلج مجنحا وعلى رأسه تاجا .لقد كان بحجككم الجبككل الشككاهق
حتى بدى الشيخ بجككانبه كالصأككبع الصككغير .والسككحاب مككن تحككت الشككيخ وذلككك العملق
السككحاب يضككرب فككي بطنككه .فككأحنى الشككيخ رأسككه إحترامككا ورفعككه قككائل ً:ا ملككك ملككوك
الروحانية ,أيها السيد الجليل ميططرون .فنظر إليه العملق وقككال ً:ا سككموطان ألككم يكفككك
أني سمحت لك بإمتلك الجن ؟ ماذا تريككد مككن عككالم الرواح ؟ فقككال الشككيخ ً:ا أيهككا السككيد
الجليل إنما أعجزنا أمر ما ول يخلصه لنا إل ما معكم من فضل وخير .فقال ميططرون ً:ا
عجل بطلبك ول تتلجلج إنك تؤخرني عككن عبككاداتي .فقككال الشككيخ ً:ا إنهككا خككزرة الريككح يككا
سيدي ,نحتاج إليها لقضككاء صأككغير ونرداهككا لكككم .فأمسككك ميططككرون بقلداتككه الككتي علككى
صأدره وكان فككي آخرهكا خكرزة ككبيرة بحجككم الشككيخ داائريككة .وفتككح ميططكرون الخككرزة
بإصأبعة وهو يمسكها فخرجت منها رياح عاصأفة ملتوية ثككم أغلقهككا بإصأككبعة وأفلتهككا مككن
يده لترجع القلداة إلى صأككدره وارتطمككت الخككرزة فأحككدثت صأككوتا مككدويا لككدى إرتطامهككا
بصدره .وبالطبع فإن ميططرون لم يسكمع ذلكك الصكوت لضكخامته ولككن بالتأكيكد رفكت
رموش الشيخ لدى ذلك الرتطام المدوي وقال ميططككرون ً:ا هككل تتككذكر أولئككك الصككبية
الذين قتلتموهم عند بركة المعبد يا سموطان ؟ فاضككطرب وتلكككأ الشككيخ مككن هككذا السككؤال
الذي ليس في الحسبان ثم قال سموطان ً:ا نعم .....و .....لكن لم نكن نحن من قتلهككم إنمككا
كككانوا أمواتككا مككن قبككل ,لقككد قتلهككم إبككن سككايروس مرقككس وحضككرتكم تعلمككون ذلككك .قكال
ميططرون ً:ا ولكنكم قتلتموهم أليس كككذلك ؟ قككال الشككيخ ً:ا نعككم تسككتطيع أن تقككول ذلككك يككا
سيدي ,كنا بحاجة لتحريرهم مككن معانككاتهم ,لقككد سكاعدناهم علككى تحريككر أرواحهككم لترقككد
بسلم .فقال ميططرون ً:ا قلت قتلتموهم وفعل القتل ل يبرر السبب ,وإذا كانوا أمواتككا مككن
140
قبل لما قلت أنكم قتلتموهم ؟ بل ولما إحتجتم إلى قتلهكم وهكم أمواتككا كمككا تكدعي ؟ عنكدها
تعلثم الشيخ فقد أغلق عليه أبواب الجابة فككأطرق رأسككه إلككى الرض وراح يعيككد شككريط
ذلك المنظر المؤلم حينما أخذوا يذبحون الصبية وهم يصيحون ..فقطع عليه ميططككرون
قائل ً:ا تحصلون على الخرزة إذا ضحيتم بأحد مكن أولداككم بالمقابكل ,ليكس ككثيرا واحكدا
مقابل ستين .قالها ميططرون واختفى فنزل الشيخ حتى حط مقابل الملك أجمنون والشيخ
في غاية الحزن والهم والغم فقال لهم ً:ا ميططرون حكم علينا لقتلنا أولئك الصبية السككتين
صأبي عند معبد البركة بككأن نضككحي بأحككد أبنائنككا بالمقابككل عنككدها يعطينككا خككرزة الريككح.
وذهب سموطان على بعد خطوات وجلس على سلم البرج وكانوا خلفه ينظرون إليكه إلكى
أن جلس وتنفس بعمق ونظككر إليهككم فقككال لككه الملككك ً:ا ل يوجككد مككن لككديه أبنككاء سككوى أنككا
والملكة دابورة .فقال الوزير لوذا ً:ا إذا فليكن أحد أبناء الملكة .فقككالت الملكككة دابككورة وهككي
تبتسمً:ا المفاتيح مفاتيحكم وهذا شأنكم هل هذا هو جزاء مساعدتنا لكم ؟ فقال الملككك ً:ا أنتككم
الذين قتلتم الصغار ,ومعكم سموطان .ونظر الملك إلى روثا فقال للشيخ وهو يشير إليهاً:ا
أنت من رباها فهي بمثابة إبنتك ول أرى لها فائدة معنا .عنككدها غضككبت روثا مككع شككيء
من الخوف فقال الشيخ وهو ينظر إلى الملك بهدؤ ً:ا لقد قتلناهم لننقذكم وكما قككالت الملكككة
دابورة هي رحلتك ومفاتيحك .وأشار سموطان بيده إلى هيرودا قائل ً:ا ول أرى لبنك هككذا
فائدة معك هذه هي فائدته ضحي به لتحصل على المفتككاح الخيككر حلككم عمككرك وأجككداداك
من قبلك .فقال آرميا ً:ا هادااساه .فنظرت اليه هادااسككاه مسككتغربه فاسككتحى آرميككا وأطككرق
رأسه فقاطعة هيرودا بقوة قائل ً:ا ل هذا ل يمكن .ثم تردادا قائل ً:ا إنها . .إنهككا ليسككت إبنككت
أحد منكم فل ينطبق عليها القككول مككن أولداككم .عنكدها تقككدمت روثا مكن الملككك أجمنكون
وقالت ً:ا أنا مستعدة للتضحية .عندها تفاجأ الجميع واندهشكوا ووقكف الشكيخ وتكوجه إليهكا
مسرعا وقال بجدية ً:ا لماذا ؟ ل لن أسمح لك أن تكوني ضحية طمككع سككخيف فقككال أوريككا
وهو يتقدم من الشيخ وروثا ً:ا ل ينطبق عليك وصأف ميططرون .ونظر أوريا إلى الشيخ
قائل ً:ا ل بد أنه قال ذلك ويعني به شيئا آخككر ولكم يقصكد بكه التضككحية بالقتككل عينككا أليكس
كذلك ؟ عندها ركضت روثا مسرعة إلى الجككدار وتسككلقته واقفككه وركككض الشككيخ خلفهككا
والجميع ورائه فتوجهت روثا إليهم وقالت ً:ا لم يكن لحياتي معنا من الساس ,لعلها تكون
مفيدة اليوم .ونظرت روثا بحزن عميق إلى دايفي وكأنها توداعه والشيخ الذي بدى عليككه
الهم والحزن ونظرت إلى هرمس الذي بدت عليه إبتسامة خفيفة حزينة وقد طككاير الريككح
شعر رأسها من خلفها وفجأة سمحت روثا لجسمها بالرتخاء إلى الخلف وهي مغمضككة
عيناها في إستسلم وسكون وودااعة بل خوف منهية قصة حياتها القصيرة المتعبة .وكأن
حمل قد زحزح عن كتفها فهوت من فوق أسككوار المدينككة وركككض إليهككا الشككيخ صأككارخا
بحزن وحرقة حتى وصأل إلى حيث كانت تقف ونظككر إليهككا تسككقط وهككي مككازالت تهككوي
وتنظر إليه كأنها قد إنتقلت إلى عالم آخر فضرب الشيخ بقبضته الجدار بغضب وأغمض
عينه والجميع من وراءه لحظككة صأككمت واسككتجمع سككموطان نفسككه بسككرعة وارتفككع عككن
الرض وهم باللحاق بها لنجدتها ولكنها هككاهي ترتفككع إلككى السككور مككن جديككد تحملهككا يككد
ضخمة بيضاء عملقة إلى أن وصألت عند مستوى السور والجميع مبهورين ممككا يحككدثا
141
غير مدركين ما يحصل فدحرجتها اليد فتدحرجت وسقطت روثا بيككن يككدي الشككيخ الككذي
حملها وهو ينظر إلى وجهها وقد أسكبلت دامكوعه ثكم نظكر سكموطان إلكى أعلكى فكإذا هكو
ميططرون وقد وقف تحت سفح الجبل ومستوى مدينة السحاب إلى بطنه ,ونظككر الجميككع
إلى ذلك الرجل المجنككح العملق والككل يتخيكل مككان وضككع قككدميه علكى ذلكك المسكتوى
الشاهق .وأخذوا يتأملون قلداته مأخوذين ثم تكلككم ميططككرون وقككال والجميككع ينظككر إلككى
العلى ً:ا ما كنت آمركم بفعل مككا حكمككت عليككه بالخطكأ لفعلكككم لككه ,وإنمكا أردات أن أرى
صأدق إخلصأكم ونية قلوبكم .وإذ سموطان ينظر إلى ميططرون وهو مبتسم أنككزل روثا
إلى الرض على قدميها .فقال ميططرون ً:ا أنتم بحاجة للهواء ومنكم مككن يركككب الهككواء
تسعة والعدادا المهات كمالها عشرة .ورفع ميططرون يده فإذا هو ممسك بجذع شككجرة
كبيرة يابسه محترقة الرأس .ومدها إلى ساحة وأرضية المدينة فتراجع الجند إلى الخلككف
وكتب بذلك الجذع المحترق الرأس هذه العدادا ً:ا
والجميع ينظر إليه وإلى ما يكتب بخط كبير مستقيم على الرضية فقال ميططرون عندما
إنتهى ً:ا فل تحتاجون إل لراكب هواء واحد ,أنتم تحسبون أنكم ل شككيء وتطلبككون شككيء
وهو في اللشيء ,لن أعطيكم ما تطلبون بل أنتم ما تطلبون .ونقز ميططرون إلى العلى
طائرا مما أحدثا هواء عصف بالجند والجميع على سككطح المدينككة وسككقط جككذع الشككجرة
من الفضاء بجانب جدار المدينة إلى السفح واختفى ميططرون فككي السككماء .أخككذ الشككيخ
يمشي بين تلك العدادا الكبيرة الحجم في الساحة ويفكر والجميع ينظرون إليككه وإلككى تلككك
العدادا التي كتبها ميططرون ثم إستدار الشيخ وقال ً:ا قال نحن مككن نركككب الهككواء تسككعة
يعني الملكة وأبنائها السبعة هؤلء ثمانية .وقالت الملكة دابورة وهي تشككير إلككى سككموطان
بيدها ً:ا وأنت معنا تسعة .فقال الشيخ ً:ا والعاشر ؟ وإسككتدار سككموطان ينظككر إلككى العككدادا
مرة أخرى فقال الملك أجمنون من وراء الشيخ ً:ا لعله يقصككدني أنككا ؟ فككالتفت إليككه الشككيخ
وقال ً:ا ولكنك ل تطير .عندها تفكر الجميع في لحظة صأمت ثم إلتفتوا كلهكم إلكى هادااسكاه
والتي بدت فزعة من نظرهم إليها فجأة فقالت ً:ا أنا ! .قال الشيخ ً:ا نعم أنت ,بككذلك الخككاتم
تستطيعين .فقالت هادااساه ً:ا ولكني جربته من قبل ولككم أفلككح .عنككدها إسككتدار الشككيخ وهككو
يضع يده على ذقنه وينظر إلككى الرض حيككث العككدادا وقككال ً:ا لقككد قككال نحككن تسككعة فأنككا
والجن تسعة وقال أنتم تظنون أنكم ل شيء وتريدون شيء وهو لشيء ,لبد وأنككه يعنككي
الصفر فهو الذي ل شيء وبدونه ل يصلح شيء من هذه العدادا ,أي نحن التسككعة بككدونه
ل شيء وهو ل شككيء ولكنككه كككل شككيء .واسككتدار سككموطان إلككى الجميككع قككائل بصككوت
عالي ً:ا إذا نحن ل نحتاج شيء إنما نستطيع فعككل كككل شككيء وبيككن الجمككوع كككان شككهلون
يستمع إلى الشيخ فهز رأسه ثم أمسك برأسه يدقة بيديه فلقككد أوجعككه كلم الشككيخ وزاغككت
عيناه .وتقدمت الملكة دابورة من الصفر وقالت ً:ا ول بككد وأن الصككفر يجمككع هككذه العككدادا
142
كلها أي نحن التسعة .ثم قالت لبنائها وهي تمسك بيد سموطان ً:ا تماسكوا معنككا باليككدي
لنشكل حلقه .فكل من أبنائها أمسك بيد الخر وتماسكككوا مككع الشككيخ وأمهككم وشكككلوا حلقككه
حول الصفر .فقال الشيخ وهو ينظر إلى دااخل الحلقة ً:ا إذا هككذا هككو الصككفر حلقككه نكونهككا
نحن التسعة .فقالت دابورة ً:ا وهكا نحكن التسكعة خلقنككا الصكفر فكونككا مكن الشككيء ل شككيء
عشرة كاملة .ثم نظرت دابورة إلككى عيككن الشككيخ حيككث كككان ملتفتككا إليهككا وممسكككا يككدها .
فقاطعهما صأوت الملك أجمنون قائل ً:ا هذا كله إفتراض ,لبد وأن ميططرون يلعب معنككا
كما فعلها من قبل .فقالت الملكة ً:ا ل ضررمن المحاولة .فقككال هيككرودا ً:ا إذا كيككف سككيؤداي
تكوينكم لهذه الحلقة إلى تحريك هذه المدينة المسحورة؟ عندها نظرت إليه الملكة وأفلتككت
الشيخ وطارت مرتفعة قليل ثم توقفت لتنظر إلى أولداها والشيخ قائلة ً:ا اتبعوني وشكككلوا
حلقككه حككول المدينككة .عنككدها طككار الجميككع وتوزعككوا حككول المدينككةعلى مسككافات بعيككدة.
وطارت الملكة مع الشيخ الذي كان فككي مقدمككة المدينككة فأمسكككت بيككده ثككم إمتككدت مبتعككدة
بجسدها تاركة يدها في يد الشيخ حتى اختفت ,ثم مدت يككدها اليسككرى لتلقككي أحككد أبنائهككا
وكذلك فعل إبنها ماداا يده اليمنى إليها حتى تما سكا وكذلك فعل كل من الخوة الجكان ككل
واحد مد يدة اليسرى لجهة اليسار إلى أبعدما تصل ومكد يكده اليمنكى إلكى أبعكد مكا تصكل,
وتشابكوا مع الشيخ الذي أمسك بيده اليمنى اليد الممتدة اليه من اليميككن وحوطككوا المدينككة.
فنظر الشيخ إلى سور المدينة أمامه وقال بعزم ً:ا تغشهال مشتوهال مريشككوهال كفشككيهال
بشيوهال سال شمشول ميططرون .ثم قالت الملكة بصوت عال ً:ا هيا إدافعوا .فأمسك كككل
منهم بنفسه في صأدره بهمة عالية فبدأت السحابة تتحرك فاضطرب من بداخل المدينة ثككم
إندفعت السحابة وهي تتحرك إلى المام .وسمع سموطان صأيحات التهليككل والفككرح الككتي
أطلقها من بداخل المدينة عندما راحت المدينة تسافر في الفضاء وأخذوا يككدفعونها أميككال
وأميال مبتسمين فرحيكن لخروجهكم مكن ذلكك الموقكف الصكعب وبل خسكائر متكأملين أن
تنجح الخطة في معرفة سر تلك المدينة الخاوية .
143
الفصل الحاداي عشر
في مملكة )زيتا( كككان الملككك ميشككا يسككير فككي بهككوات القصككر غاضككبا مشككحونا مسككرعا.
والشيخان لمون الطويل وشملل القصير يركضان من خلفه يحككاولن مجككاراته فقاداهمككا
حتى أتى إلى باب وضربه بقوة فككدخل إلككى المكتبككة وهمككا خلفككه حككتى وصأككل إلككى كتككاب
سليمان وهو مفتوح على الطاولة فنظر إليه ثو تككوجه إلككى الشككرفة ونظككر منهككا قليل إلككى
الخارج ثم رجع إلى الكتاب وضربه بقبضة يده ضربه قوية أجفلت الشيخان ونظر إليهما
بغضب قائل ً:ا ما نفعه لنا؟ لبد وأن يعودا الملك أجمنككون إلككى مملكتككه ,وبوجككودا أولئككك
الجن معه لسبيل لقهره .وقال بصوت عالي ً:ا أريد جنككودا ل تقهككر ,جنككودا قويككة ,سككلحا
خطيرا ل يهزم ,هل تسمعاني ؟ فتوجه شملل القصير إلى حيث ميشا عنككد الكتككاب وقككال
وهو يشير إلى الكتاب ً:ا هناك السائل الحركي يا مولي إنهككا وصأككفة سككرية ولكنهككا فعالككة
في الحروب ,هكذا كان سليمان يهزم أعدائه .فنظر إليه الملك ميشا نظككرة إستبشككار وقككال
وهو يجره من كتفه إلى أمام الطاولة حيث كان واقفا بإتجاه الكتاب ً:ا هيا أريدك أن تعمككل
على ذلك السائل الن .فأخذ شككملل القصككير يفتككح صأككفحات الكتككاب وهككو وجككل خككائف
وأحيانا ينظر إلى أخيه حيث يقف أمامه من الجانب الخكر مكن الطاولكة .ثكم ق ال شكملل
القصير وقد توقف عند صأفحة من صأفحات الكتاب ً:ا هذه هي يامولي ,هذه هككي .فنظككر
إليها ميشا وقال بغضب ً:ا ل أستطيع فك هذه الرموز .ما فائدتها ؟ فقال شملل القصكير ً:ا
تدهن بهذا السائل على الرماح والسيوف فتنطلق بأمرك إلى حيث تريككد ,وبهككذا ل تحتككاج
إلى الجند .ففرح ميشا وسر بذلك وأطلق إبتسامة شريرة وقال ً:ا وكيف وصأفتها ؟ أي ماذا
تحتاج لعملها ؟ فنظر شملل القصير في الكتاب ثم رفع رأسككه وقكال ً:ا هكذه كلهككا متكوفرة
لدينا ,يمكننا الحصول عليها ,ما هي إل بعض من شحوم الحيوانات والزواحككف هككذا كككل
شيء يا مولي .فقال ميشا للقصير ً:ا وهل أنت متأكد من عملها ؟ فتلعثككم شككملل القصككير
فردا عليه من خلفهم لمون الطويل قائل ً:ا ل ضرر من المحاولة يامولي .فاسككتدار ميشكا
ملتفتا إليككه وقككال ً:ا ومككا فائككدتك أنككت ؟ وأشككار ميشككا إلككى الكتككاب السككليماني قككائل ً:ا هككذه
الطريقة ل تحتاج إلى الجنكد ,نطلكق السكيوف الكى أعكدائنا .وقكال بصكوت عكاليً:ا ولكنكي
أحتاج الى الجند .ونظر ميشا إلى الطويل بغضب فكان ولبد للمون أن يقول شككيئا فقككال
لمون ً:ا يمكنك الحصول على جيش من الجنككد ل يقهككر يككا مككولي .عنككدها إتسككع صأككدر
ميشا وقال بلهفه للطويل ً:ا وكيف ذلك ؟ فقكال لمككون الطويككل ً:ا نسكتخدم قككرداة وخنكازير.
فقال ميشا مسككتغرباً:ا قككرداة وخنككازير ! .فقككال لمككون الطويككل ً:ا كككانت هنككاك قريككة علككى
شاطيء البحر يقال لها إيلة وقد كانوا يعيشون على صأيد البحر ,وقككد أسككلموا مككع موسككى
واتبعوا داينه وأمرهم ا بتعظيم يككوم السككبت وأنككه يككوم فككرح وعبككاداة وأجككازة مككن جميككع
الشغال ,ونهاهم عن صأيد البحر في يوم السبت وكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت بكككثرة
144
ل توصأف ويستطيعون إصأطياداها بسهولة ويسر لكثرتها ,وأما بقية أيام السككبوع فكككانت
تحتفي ويقل صأيد البحر ويصبح صأيدهم صأعبا بل نادارا ,فتحكايلوا علكى أمكر اك بمنعهكم
إصأطياداها في السبت بأن وضعوا الشباك يككوم الجمعككة والشصككوص والحبائككل والككبرك,
فلما جاءت الحيتان يوم السبت على عاداتها فككي الكككثرة نشككبت بتلككك الحبائككل والحيككل فلككم
تخلص منها يومها ذلك فلما كان الليل أخذوها بعد إنقضاء السبت ,فلمككا فعلككوا ذلككك مسككخ
ا شبابهم قرداة وشيوخهم خنازير جزاء عصيانهم .فقال الملك ميشككا لككه ً:ا هككل تقككول لككي
أني سأبعث بقرداة وخنازير لتحارب من أجلي ؟ هككل جننككت أيهككا العجككوز ؟ فقككال لمككون
الطويلً:ا لن نبعثهم هكذا وإنما هناك وسيلة لتحككويلهم إلككى محككاربين أشككداء .فقككال الملككك
ميشا ً:ا ولنفرض أن هذا صأحيح ,فمن أين لنا بتلك القرداة والخنازير ؟ فقال لمون الطويل
ً:ا عندي ,أنا أعلم مكانها ,فإذا أرسلت معي فرقة من الجند نكون هنا غككدا صأككباحا وعنككدنا
قطيع كبير منها .فسار ميشا نحككو لمككون الطويككل وهككو ينظككر إليككه متشككككا بخبككث حككتى
وصأل إلككى عنككده ويكككادا رأس ميشككا يلمككس أنككف لمككون الطويككل وهككو يضككع يككديه علككى
خاصأرته وقال ً:ا وإن لم تعد ؟ وأشار ميشا بعينككه إلككى خلفككه حيككث القصككير قككائل ً:ا قتلككت
أخاك .فقال لمون الطويل ً:ا هل تشكك في يكامولي ؟ نحكن فكي هكذا معكا الن .فغضكب
الملك وزمجر قائل ً:ا ل لسنا معا ,وإنما أنا وحدي وأنتمككا تعملن تحككت خككدمتي .ثككم هككدأ
ميشا وقال للطويل بهدؤً:ا غدا صأباحا خذ من تشاء معك من الجند ,أما اليوم فلككديك الكككثير
من العمل .وأشار فجأة ميشا وهو يكلككم الطويككل بيككده إلككى شككملل القصككير قككائل ً:ا وأنككت
أطلب ما تحتاجه من الحرس يأتوك به ,كل ما تحتاجه لعدادا ذلك السائل .
إبتعدت الشمس عن كبد السماء قليل وتحتها كان الخضرواتي يعدوا مسرعا بفرسككه عككبر
طريق الشجار حتى خرج أمامه جنديان على فرسكهما كانكا يكمنككان لككه .فسكدى الطريككق
عليه فشد الخضرواتي على حصانه فأوقفه وهو ينظر إليهما ,ثككم إسككتدار ليهككرب عنككدما
رأى أنهما قاصأداه ولكنه شاهد غيرهم يأتوه من الجهة الخرى من الطريق ثم غيرهم من
بين الشجار حتى قبضوا عليه وأخذوه معهم حتى أتوا به على فرسه مربوطا إلى مقدمككة
جيش جرار .فكلمه الذي يتقدم الجيش وقد بدا وكأنه زعيم عليهم فقال له ً:ا إلى أين تتككوجه
ياهذا ؟ والخضرواتي من خوفه أرادا الكذب عليهم فقال ً:ا إلى مملكككة )فككي( .فقككال زعيككم
الجيش ً:ا إذا لن تجد هناك ما يسرك فلقد قضينا عليهم جميعا ,ويبككدو أن أحككدهم نجككى منككا
لبعض الوقت ,وها أنت تلحق بمصيرك .وضحك زعيمهم وتضاحك من معكه مكن قككواداه
ثم نظر الزعيم إلى الخضرواتي بشدة قائل لمن قبضككواعليه ً:ا ألحقككوه بأصأككحابه .فهككم بككه
الجند ليقتلوه ففزع وارتجف قائل ً:ا ل ...ل ياسيدي أنا لست من مملكة )في( إنما أنكا مكن
مملكة )زيتا( .فانتبه إليه الزعيم وأشار إلى الجند بيده أن يخلوه وقال له ً:ا وكيف هو حككال
صأهرنا المير سامويل ؟ فقال الخضرواتي ً:ا هل أنتم من مملكة الملك شمشون يا سيدي؟
فقال الزعيم ً:ا نعم .فقال الخضككرواتي ً:ا و أيككن هككو الملككك؟ فقككال الزعيككم ً:ا هككذا ليككس مككن
شأنك ,لما تسأل عنه ؟ فقال الخضرواتي مترداداا ً:ا إنما أحمل له رساله من إبنته .فقككال لككه
الزعيم متلهفا ً:ا تحمل رسالة من أختي ! وما هي ؟ فقال الخضرواتي متوجسا ً:ا ل أبلغهككا
145
إل للملك نفسه .فقال الزعيم وقد نفذ صأبره ً:ا أبي الملك خككرج لنجككدة الملككك أجمنككون ولككم
يعد حتى الن أنا إبنه وأحل محله حتى عوداته سالما ,قل مككا عنككدك .فقككال الخضككرواتي ً:ا
لقد احتل الملك ميشا ملك مملكة )في( المدينة ,وقتل المير سامويل وحرسه وعاثا جنككده
فساداا في المدينة .فقال له المير ابن شمشون مستعجل عليه ً:ا ومككاذا بشككأن أختنككا ؟ مككاذا
حل بها ؟ فقال الخضرواتي ً:ا هي بخير ,ولكنها في السجن مع بقية نساء القصر .فككأطرق
المير رأسه مهموما على أخته الحبيبة فقال له الخضرواتي ً:ا لقد أرسلتني مولتي الملكة
وأختكم الميرة اليكم لطلب النجدة .فقال الميككر ً:ا لقككد علمنككا بخككروج ميشككا لغككزو مملكككة
الملك أجمنون وهو غائب عنها منذ أن خرجوا من مملكتهم ,لقد كان أبي يتوقككع منككه هككذا
لككذى أوصأككاني بمراقبتككة عنككدما خككرج عنككا ,كككم تبعككد مملكككة )زيتككا( مككن هنككا ؟ فقككال
الخضرواتي ً:ا بجيشكم الكبير هذا أظن ما يقرب من يومين أو أكثر بقليل .
146
تجاوزهم وانكشف لهم الفضاء حيث مدينة السحاب فوقهم وأصأبحت فلقتي البحر بعككرض
المدينة ,ثم استردا الشيخ العصى إلى جانبه وقال بصوت عاليً:ا فألقى موسى عصاه فإذا
هي حية تسعى .وألقى الشيخ العصى فارتمت على رمل القاع وخككرج مككن فوهتهككا حيككث
المقبض الدائري ذو الطلسم ثعابين صأغيرة كثيرة تسعى فتجمعت أربككع مجموعككات كككل
مجموعيتن ذهبتا إلى فلقة من فلقات البحر ,وكل مجموعككة ذهبككت إلككى زاويككة مككن الفلقككة
واختفت ,وبعد لحظات إرتفع من كل زاوية من الفلقتين عموداا كبيرا من الماء على شكككل
ثعبان ضخم إمتد من البحر إلى العلى بإتجاه المدينة وما زالكت ترتفكع والبحكر يمكد تلكك
الثعابين ألربعة المائية بالماء حتى وصألت إلى المدينة كل ثعبان من زاوية .وكل ثعبككان
عض المدينة من زوايته وقبضها بفمه وأخذت العمدة المائيككة الثعبانيككة الربعككة يتقلككص
طولها وتعودا إلى البحر مككن تحتهككا والمدينككة تنجككذب إلككى السككفل وكلمككا نزلككت العمككدة
المائية بإتجاه البحر إقتربت فلقتي البحر من بعضهما ,وبعد مسافة بككدأت السككحابة تتبخككر
لقربها من الماء حتى إختفت الثعابين المائيككة فككي البحككر وصأككارت المدينككة مسككتقرة علككى
البحر ,فخرج الشيخ ووراءه الجن إلى سطح الماء وتوقفوا فوق سطح الماء على أرجلهككم
عندما سمعوا صأوت صأراخأ وعويل من دااخككل المدينككة .ونقككز الشككيخ طككائرا إلككى دااخلهككا
ووراءه الجن وعندما وصأل وجد الجميع يقاتلون أطياف على لون المككاء ومككن الطيككاف
من نساء تهرب بأبنائها لتختبيء في الغرف ,بل هي قريكة مككن الطيككاف كاملكة بأسككواقها
ومؤنها ورجالها ونسائها وصأنادايق من المجوهرات والحلي في كل مكان .فأخذ سموطان
سيفا وشارك في القتال مع الطياف كما شارك الجميككع فككي قتككالهم .ومككن الجنككد مككن قتككل
وأخذ الشيخ يجول بنظره باحثا عن دايفي وروثا فشاهد إمرأة من الطياف تقاتككل بسككيفين
الجند وتستبسل في القتال .ونظر من حوله إلككى تلككك الطيككاف الككتي علككى شكككل المككاء ل
تلبس شيئا ول تبين كل ملمحها وكأنها الشباح وهو مستغرب من تلككك الشكككال ومشككى
في الساحة يضرب بسيفه هنا وهناك ويقطع في تلك الشباح بسيفه إلى نصفين ولكنهككم ل
يموتون بل السيوف تخترقهم وكأنهم هواء ل يصككيبهم ضككرر .وكككذلك الحككال مككع الجككان
والملكة دابورة يحاربون ويقاتلون وقد تعبت قوى الجميع فهم يحاربون مككن ل تككؤثر فيهككم
السلحة بل الطياف تقتككل منهككم .والملككك أجمنككون يضككرب بسككيفه ويصككد بككدرعه وكككثر
الضجيج والقعقعة فقبض أحد الطياف على الملككك أجمنككون ووضككع السككيف علككى رقبتككه
وقال له ً:ا مر جنوداك بالتوقف وصأرخأ به ً:ا هيا وإل قتلتك .والملككك أجمنككون يصككك علككى
أسنانه وهو ينظر إلى ذلك الطيف شزرا مصرا على القتككال فقكال لككه الطيكف ً:ا كمككا تريكد
وأمر الطيف جماعته وصأرخأ بهم قائل ً:ا توقفككوا توقفككوا .فسككمعته جمككاعته مككن الطيككاف
فتوقفوا عن القتال وأخذ الجند يضربونهم بسيوفهم ورماحهم و لكنها ل تقطككع فيهككم .فقككال
الطيف للملك أجمنون ً:ا كما ترى ليست أمامكم فرصأة معنا وإنما أنتم بأيدينا نجهز عليكككم
متى نشاء ,مرهم بإلقاء أسلحتهم .فأمرهم الملك بيككده وهككم ينظككرون إليككه بعككد يأسككهم مككن
القتال فتوقفوا .عندها ترك الطيف رقبكة الملككك أجمنكون واداار ظهككره لككه ومضكى بضككع
خطوات وكان الشيخ والجن يقتربون منهم حتى يسمعوه فقال الطيف ً:ا لقد حاول أجككداداي
قدر المستطاع تأمينها عككن الخريككن .وراح الطيككف يتلمككس احككدى ألعمككدة وينظككر إلككى
147
السقف وأكمل وهو يلتفت إلى الملك وأعوانه ً:ا ولكن بسبب هذا القفل .والتفت الطيف إلى
سموطان حيث الجن قائل وهو يشير بكفه إليه ً:ا رأينا حكمتكم فيها أيها الشككيخ .ثككم إلتفككت
الطيف إلى الملك وقال وقد إنكسرت نغمة الحزن من صأوته وقككال بجديككة ً:ا كككل مككا نريككد
منك حيث أحضرتنا وحصلت علككى عصككى موسككى أن تسككتخدمها لخفائنككا ,إخفائنككا عككن
العين حتى نعيش بسلم وأمان .والتفت الطيف إلى الشيخ قائل ً:ا وبالمقابككل خككذ المفتككاح
لسنا بحاجة إليه إنه من صأنع البشر ولسنا بحاجة للبشر ,خذوا مالكم يا بني آدام وأريحونككا
منه كي ل يطلب مدينتنا أحد بعده ,خذوه وأريحونا من نظركم .واتجه الطيف إلككى الشككيخ
وسار نحوه قائل ً:ا ماذا قلت أيها الشيخ ؟ فنظر سككموطان إلككى الملككك خلككف الطيككف فهككز
رأسه الملك بالقبول فالتفتت عين سموطان إلككى الطيككف أمككامه وقككال ً:ا نعككم هككذه مقايضككة
رابحة .ثم سار سموطان إلى الملكك أجمنكون حكتى وصأكل إليكه وقكال لكه ً:ا ولكنكي عنكدي
شرط أيها الملك .فانتبه إليه الملك أجمنون بتركيز وأكمل الشيخ قككائل ً:ا هككذا هككو المفتككاح
الخير حيث لم يبقى إل مفتاح واحد وهو بحوزتك في المملكة .وقد نفذت مهمككتي وعليككك
أن تحرر الصبي من قبضتك وتفكه من قدرك .فكرالملككك أجمنككون قليل وهككو ينظككر إلككى
الرض وحيث أسند ظهره على عمودا من العمدة ثم أخذ نفسه وذهب حتى وصأككل إلككى
دايفي وأخذ الملك من وسطه خنجرا فخاف دايفي وارتعككد وأطلككق إبتسككامة خائفككة فككاقترب
منه الملك وأمسك بذراع دايفي وقربه منه ثكم جكرح الملكك نفسكه فكي ذراعكه وأمسكك بفكم
دايفي وصأب دااخله نقاط من دامه المتقاطر من ذراعه وابتلعه دايفي ثم تركه الملك بعد أن
تأكد أن الدم داخل إلى جوفة فلم يعجب دايفي طعمه فشعر بالحموضه في فمه ثم أخذ الملك
ذراع دايفي ومدها وجرحه بخنجره في ذراعه فصككاح دايفككي مككن اللككم فقككرب الملككك فمككه
ومص دامه ودايفي مازال يضربه على رأسه يحاول دافعه .ثم وقف الملك واسككتدار وقككال
للشيخ حيث كان خلفه ً:ا ها هو إنتهى إنه حر الن .إقترب الشيخ مككن الملككك بهككدؤ وقككال ً:ا
أعذرني أيها الملك .وضربه سموطان لكمه قوية على فكه والشيخ ينظر إلى دايفي فهجككم
هيرودا على الشيخ فمنعه الملك بيده وهو يتألم ممسكا بفكه ونظر الملك إلى الشيخ قككائل ً:ا
هل تأكدت الن ,كان يمكنك أن تجرب بقرصأة خفيفة .وأشارالملك إلى دايفككي خلفككه بيككده
قائل ً:ا هل رأيت ؟ الولد لم يتأثر بلكمتك القوية تلك .قال الملك ذلك وهو يرجككع فكككه بيككده
فتوجه الشيخ إلى ذلك الطيف وقال له ً:ا أين تحتفظون بالقفككل ؟ فقككال الطيككف وهككو ينظككر
إلى الشيخ بإبتسامة المتشكك ً:ا ليس قبل أن تنفذوا الجككزء الخككاص بنككا مككن التفككاق .فقككال
الشيخ للطيفً:ا نساعدكم على إخفاء مدينتكم ثم تسككلمونا المفتككاح ! وأشككار سككموطان بكفككه
كمثل المستغرب قائل ً:ا وهل يعقل هذا ؟ إذا ما إختفيتم كيف سنحصل على المفتاح ,لككذلك
من الطبيعي أن نحصل على المفتاح ثم نقوم بما إتفقنا عليه .فقال الطيف ً:ا وكيف نضككمن
إلتزامكم بالتفاق بعد أخذكم المفتاح؟ فقال الشيخ ً:ا ليس هناك خيار آخر أل تثق بنا ؟ فقال
الطيف وهو يبتسم إبتسامه خفيفة ً:ا أثق بكم ؟ ل ولكن أثق بك أنت ؟ نعم .عندها نظر إليه
الشيخ وأدابرا معا وأشككار سككموطان إلككى روثا أن تحضككر دايفككي وذهككب الجميككع يقككوداهم
الطيف .أما بقية الجنودا فأخذوا يفتحون الصنادايق في المدينة ويحملون ما يستطيعون مككن
الحلي والمجوهرات .ثم وصأل الطيف تتبعه مجموعة الشيخ سموطان إلى مكان مككا كتككب
148
ميططرون العدادا في السككاحة فككإذا القفككل هنككاك وسككط داائككرة الصككفر .فانككدهش الجميككع
وأخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض فهمست الملكة دابورة للشيخ قائلة ً:ا إنككه فعل الشككيء
الذي نطلب في اللشيء .فابتسم الشيخ وتوجه بالكلم إلى دايفي قائل ً:ا دايفي تعال إلى هنا
وعندما وصأل إليه دايفي أخذه من يده ووجهه من كتفه ناحية القفكل وأشككار سككموطان بيكده
إلى القفل قائل ً:ا خذه يا دايفي إنه لك .فتقدم دايفي وحده ببطأ والجميع يراقبككه بسكككون تككام
149
تغير الحال .ينظرون إلى الملك أجمنون ومككن وراءه الككوزير لككوذا ملقككى علككى الرض.
وعندما شاهد الملك أجمنون الشيخ واقفا أمامه ينظر إليككه قكال لككه بصككعوبة ً:ا هككل تظننككي
كنت أغككامر بحيككاة الصككبي ؟ أم هككل أغككامر بحيككاتي فأربطهككا بشككخص مثلككه يسككهل قتلككه
فأموت معه؟ لقد حررته منذ زمن ,منذ نزولي لقتال الملك شمشون ,وإل لماذا لككم يحككدثا
له شيء عندما كنت أعذب في صأومعة الكاهن حنباثا ,سموطان ...وراح الملك يفكككر فككي
تلك الكلمة ثم إستعادا واقعيته قائل ً:ا سموطان ,تبين أخيرا أنككك ل تملككك حل لكككل مسككألة,
فقد أصأبت بجروح عدة مرات ولككم يحككدثا لككه شككيء ..لككم يحككدثا لككه شككيء .وأخككذ الملككك
يضحك على سموطان وهو يقول ً:ا لم يحدثا شيء ..لم يحككدثا شككيء .حككتى لفككظ أنفاسككه
الخيرة بين يدي إبنه وعيناه معلقتان على سموطان فبكككاه هيككرودا بحرقككة وتككوجهت إليككه
هادااساه تواسيه .فاقترب الشيخ من الملك وأغلق عينا آجمنون .ثم ترك هيكرودا جثككة أبيكه
ونهض بقوة متجها إلى ذلك الجندي الذي طعن الوزير وأخذه من مخنقه وهككو يقككول لككه ً:ا
ما الذي فعلته؟ فقال الجندي خائفا ً:ا أنا لست من تظن يا سيدي أنا إبن عمك أوريا .عنككدها
هدأ هيرودا وقال ً:ا ماذا تقول ؟ فقال الجندي بعد أن أخفض يدي هيرودا القويتين وأنزلهمككا
بجانبه ً:ا أنا هو أنظر .وذهب الجندي إلى بهو القلعة وظهر من هناك يجرجثه حتى وصأل
عندهم وإذا بصورة ذلك الجندي هي نفسها صأورة الرجل صأاحب الجثككة فقككال الجنككدي ً:ا
أنا إبن عمك لقد علمت بخطة الكوزير لسكرقة المفاتيكح قبكل فكترة ,وعنكدما ككانت المدينكة
تطير في الهواء إلى هنا سمعت الوزير يتفق مع أعوانه علككى أنككه سككيأخذ المفاتيككح حالمككا
يحصل دايفي على المفتاح الخير ,فاستخدمت العشبة وتمثلت بصورة هككذا الجنككدي الككذي
كان أحد أعوانه .فقال هيرودا وهو غاضبا ً:ا لما لككم تعلمنككا بككذلك مككن قبككل ؟ فقككال أوريككا ً:ا
ومن كان ليصدق أن الوزير يخطط لهذا ؟ ما كان أبيك الملك ليصككدق شككيئا علككى وزيككره
الذي يحسبه مخلصا ..ثم تلكا أوريا وقال ً:ا ثم ...ثم أنني لم أحسبه يخطط لمككا فعككل بهككذه
الطريقة .عندها هدأ هيرودا وذهب إلى جثة أبيه حزينا .
توجه الشيخ إلى ذلك الجدار الذي قشعه البركان فوقف ينظر إلى البحككر وتلطككم أمككواجه
تحت قدميه وخلفه الجموع ,فصوب سموطان العصى إلى البحروقال ً:ا كككن طريقككا يبسككا.
فيبككس المككاء علككى شكككل طريككق بعككرض سككتة أمتككار وبطككول المسككافة مككن المدينككة الككى
الشاطيء .فمشى فيها الشيخ بكل ثقة فلم يبلغ المء كعبيه .ومشت معككه روثا يتبعهككا دايفككي
متخوفا من الماء حتى علم أنه لن يغطس فتحككرك مسككرعا بجككانب روثا .وتخككوف الجنككد
من الذهاب فلم يذهبوا في الطريق فوقف الشيخ ليرى خلفه الجند متخوفين .فمشت أمامهم
الملكة دابورة وتبعها أبنائها والجند مازالوا متوجسين ينظرون إلى الماء .فدخلت هادااسككاه
وتبعها هيرودا ثم أوريا فتدافع الجند ورائهم محملين بالذهب والمجوهرات مما إسككتطاعوا
حمله .وأربعة من الجند يحملون جثة الملك أجمنون على ناقلة خشبية .وكان هنككاك آرميككا
واقفا بين الجند يراقبهم وهم يتقدمون خروجا إلى ذلك الطريق المائي وهككو متخككوف مككن
الماء يريد أن يبقى للخر فشاهد الطياف وهم يلقون جثة الوزير لوذا في البحر ممككا زادا
ذلك المنظر من قلقه .ولما نزل الجميع على الشاطئ وقت الغروب ,تقدم الشيخ مككن ذلككك
150
الطريق المككائي ونظككر إلككى المدينككة والطيككاف علككى أبراجهككا وأسككوارها ينظككرون إليككه,
فضرب سموطان البحر بعصاه ضربة واحدة فاختفت تلك الطريككق علككى إثرهككا ,ثككم قككال
سموطان ً:ا بسم ا إله آدام وأخنوخأ وإبراهيم ويعقوب وموسى ودااودا وسككليمان ,إلككه نككوح
بسم ا مجريها ومرساها .ووضككع العصككى علككى المككاء مسككتلقية فطفككت فككوق المككاء ثككم
سبحت بإتجاه المدينة مسافة وغطست تحت الماء وأخذت المدينة حينها بالختفاء بعككض
الشيء ,فنظر الشيخ إليها وإذ ذلك الطيف فوق البرج يلوح إليه بيده ,فرداه الشيخ التلويككح
بيده حتى إختفت المدينة تماما واختفت معها الشككمس وحككل الظلم بالشككاطيء إل صأككفحة
في الماء مضيئة أضائها القمر الذي ظهر من وراء إختفاء مملكة )كابا( .
في الشاطئ أخذ أوريا يبحث بين الجنودا والجموع فككي كككل مكككان حككتى رآه يمشككي قادامككا
إليهم من مكان منفردا .فتوجه إليه مسرعا حتى وصأل عنده ووقفا فقال أوريككاً:ا آرميككا أيككن
كنت ؟ فقال آرميا ً:ا أنا في الجوار .فقال أوريا ً:ا ولكنككي لككم أرك معنككا فككي طريككق البحككر.
فقال آرميا ً:ا بلى لقد كنكت معككم ,بكل أنكا كنكت أراك ,وأراك وأنكت مشكغول ب النظر إلكى
روثا هاه .فابتسم آرميا وكذلك فعل أوريا مستحيا فأخذه آرميا من كتفككه متوجهكا بككه إلكى
حيث الجند قائل ً:ا ل بأس يمكنك أن تخبر صأاحبك بكل شيء ما فائككدة الصأككدقاء إذا ؟ أم
لنك تشبهت بصورة ذلك الجندي الخائن وأخذت صأورته وكذلك أخككذت صأككفاته ونسككيت
أحبابك ومن علمك تلك الطريقة .فتضككاحك الصككديقان معككا وهمككا يمضككيان إلككى الجمككوع
حيث كان أوريا ما يزال بصورة ذلك الجندي الذي من أعوان لوذا .
جلس هيرودا حول نار أوقدها الجند .حيث لم تكن معهم خيولهم التي كانت تحمل خيككامهم
ول يوجد معهم أي شيء من عددا التخييم والككتي تركوهككا كلهككا عنككد سككفح جبككل البركككان.
لذلك فقد تجاوروا مع بعضهم البعض علكى الشكاطيء المكشكوف .وجلكس هيكرودا هنكاك
ضاما رجليه بيككديه نككاظرا أمككامه بحككزن إلككى حيككث يرقككد أبككاه مغطككى ببعككض الخككرق و
هويتأمله وحوله بعض جنده .ثم رفع بصره من على أبيه فإذا هي هادااساه قد تقدمت بينها
وبينه جثه أبيه الممددا .فتوقفت عندما رفع نظره إليها وهي تنظر إليه بأسى على حزنه ثم
تقدمت إليه وجلست إلى جانبه على الرمل وهو مازال ينظر إلككى أبيككه ثككم قككالت لككه ً:ا هككل
تذكر أبي ؟ هناك عند الغدير .فالتفت إليهككا هيككرودا وقككال ً:ا الملككوك يجلبككون لبنككائهم مككن
يعلمهم من فنون الحياة من كل شيء ,الحكمككة والعككزم والصككلبه والسياسككة ,ويبقككون هككم
على مسافة قريبه من أبناءهم كي يعوداوهم عى ألستقلل بأنفسهم ,حتى إذا ما ماتوا كككان
أبنائهم ملوكا في غاية الصلبة .ثم نظر هيرودا إلى أبيه قائل ً:ا ولكن أبككي لككم يكككن كككذلك,
فقد كان هو معلمي ,لم أكن أفارقة أبدا حتى عند ذهابه إلى فراشه للنوم .فوضعت هادااساه
يدها علككى كتفككه وقككالتً:ا إذا فهككو يتوقككع منككك أن تكككون أكككثر صأككلبه منككه وفجككأة ظهككر
سموطان واقفا ينظر إليهما وهما حول النار فنظككر إليككه هيككرودا عنككدما تقككدم إليهمككا حككتى
وصأل إليه وقال ً:ا هذه الجثككة يجككب أن تككدفن ,سككوف تعككم الرائحككة المكككان قريبككا .عنككدها
غضب هيرودا وقام قائل للشيخ ً:ا إنه ليس أحد من أهلك ,لوكككان روثا أودايفككي هككل كنككت
151
تقول مثل هذا ؟ عندها لم يقككل سككموطان شككيئا ونظككر إلككى هادااسككاه حيككث وقفككت .فجلككس
هيرودا حيث كان ونظر إلى أبيه ثم رفع بصره الى سموطان وقال ً:ا أعذرني أيها الشككيخ.
ثم نظر إلى أبيه مرة أخرى قككائل ً:ا إنككه الملككك ,ولبككد أن يككدفن فككي مملكتككه .فتككوجه إليككه
سموطان وقال ً:ا ولكن الطريق ما زالت طويلة ولن يصمد إلككى أن تصككل بككه الككى هنككاك,
إنها سنن الطبيعة أن تتعفن أجسادانا بعد الموت بسرعة ,وذلك كككي تعككودا إلككى أصأككلها ,مككا
كان من تراب لبد وأن يعودا للتراب .ونظر الشيخ بطرف عينه وراءه حيث سمع صأوت
خطوات فإذا هي الملكة دابورة وقفت خلفه بخطوات ونظر إليهككا هيككرودا وقككال لهمككا ً:ا أل
يمكن لحد الجان أن يحمله إلى المملكة ؟ فقال الشيخ ً:ا هذا ما جأت أحدثك به ,لقد أتممت
ما إتفقنا عليه أنا وأباك الملك الراحل ,ولم يبقى لنا للقعودا معكم من سبب ,دايفي إبن عمككك
وقد سمعت من روثا حقيقة الظلم الذي لحق به هو وأمه وأباه وروثا وأمها ,وقككد بككانت
واتضحت ,وهم الن في عهدتك ,ما أن تصلوا إلى المملكة فيحصل دايفي لك على المفتاح
السابع ,وأنا متأكد من شهامتك وعطفك بأن تعوضهم عن ما لحق بهككم مككن ظلككم ,وسككوف
نرحل عنكم الليلة .عندها نظر الجميع ممن سمع ذلك إلى الشيخ نظرة ملها الخككوف مككن
المستقبل ومما هو آت .فقال هيرودا للشيخ وقد تجمع الجن حوله ً:ا لقد خرجنا منذ مككدة ول
أداري ما حال أخي سامويل والمملكة ,ولم نبقى بهككا حاميككة قويككة لككدى خروجنككا ,فقككد كنككا
بحاجة إلى كل رجل .وحينما سمعت دابورة ذلك مشت بإتجاه البحر وتبعها أبنائها وراءها
وكذلك سموطان ثم البقية حتى وصألت إلى عند الشاطئ فوقف الجميع خلفها فمدت الملكة
بيديها تشير الى المككاء بحركككات فظهككرت صأككورة فككي المككاء ,وشككاهدوا جنككوداا وعسككاكر
يدخلون مملكة )زيتا( ويذبحون أهلها ,ثم داخل ميشا على المير سامويل فقتله ورماه مككن
الشرفة فجزع هيرودا عندما رأى أخيه يقتل .وقال من خلفه سموطان ً:ا إنككه الملككك ميشككا.
ثم شاهدوا الملك ميشا يتحككدثا إلككى شككيخان أحككدهما طويككل والخككر قصككير حينهككا شككهق
سككموطان وأخككذ يحككدق فككي الشككيخين فنظككرت إليككه الملكككة دابككورة وسككأله هيككرودا ً:ا هككل
تعرفهما ؟ فقككالت الملكككة دابككورة ً:ا إنهمككا أخككويه ,الطويككل الكككبر والقصككير الصأككغر .ثككم
ظهرت في الصورة أم روثا وأم دايفي بالسجن .فحزنت روثا لككدى مشككاهدتها أمهككا فككي
العذاب .ثم ظهرت الملكة وبناتها الثلثا وبقية النساء بالزنزانة .عندها وقع هيككرودا علككى
ركبتيه في الرمككال مصككروعا واختفككت الصككورة مككن المككاء .وانككدفعت روثا إلككى الشككيخ
تصيح قائلة ً:ا سموطان ..أمي .وقال هيكرودا وقكد زادا همككه وغمكهً:ا مككا العمكل الن ؟ لقكد
قتلوا أخي وأمي في السجن ,أمي أنا الملكككة بالسككجن؟ فقككال الشككيخ ً:ا أول نبعككث رسككول
لطلب النجدة من مملكة الملك شمشون ,مكن )جامككا( ,فلبكد وأن إخكوة الميكرة سكينقذون
أختهم .فقاطعه آرميا قائل ً:ا أنا أذهب إليهم .فنظر هيرودا إليه وكذلك الشيخ فقال سموطان
ً:ا حسنا هذه وقد حلت ,وقل لهم يلقونا عند المملكة ,المسكافة مكن هنكا إلكى مملككة )زيتكا(
تقريبا نفس المسافة من مملكة )جاما( إلى )زيتا( ,والذي يصككل أول ينتظككر ألخككر .فقككال
أورياً:ا ولماذا ل تطيككر اليهككم لطلككب نجككدتهم؟ فككذلك أسككرع .فقككال سككموطانً:ا اذا مككا بككدؤا
بالمسير الى )زيتا( اليوم فإنهم سيصلون إلى هناك قبلنا بأيام ,حيث أنهم سيركبون ونحككن
سنمشي ,ولكن إذا ما تحركتم من هنا وأرسلنا إليهم رسول يجد في السير ,فككإلى أن يصككل
152
اليهم ثم إلى أن يبدؤا بالمسير نكون عادالنا المسافة وسبقناهم بتلككك اليككام فنصككل معككا فككي
نفس التوقيت ,أنا يجب أن أذهب إلى مملكة )زيتا( لرى خبر أخوي ولعلي أستطيع شككيئا
هناك وأكفيكم المشقة ,فقد فعلتها من قبككل مككع الملككك ميشككا وداخلنككا مملكتككه بككدون الحاجككة
لجندي واحد .فقال هيرودا ً:ا لماذا ل تأخذ دايفي معك وتحضككر المفتككاح ؟ فقككل الشككيخ ً:ا إن
الوضع هناك خطير ل أضمن سلمته مع كل تلك الجنككودا ,سككأذهب وحككدي ثككم إن أمككرك
عجيب ,وأمك بالسجن وتفكر بإنقاذ المفتاح .فأطرق هيرودا رأسه حياء لما أحرجه الشككيخ
وتقدمت الملكة دابورة من سموطان وقالتً:ا إذا نذهب معك .فقال لهككا سككموطان ً:ا ل أظككن
أن هناك دااعي لذهابكم ,الملك ميشا أمره بسيط ,بل هم بحاجة إليكم هنا ,جدوا لهكم وسكيلة
نقل .فقالت الملكة دابورة ً:ا ولكن هذا................
قاطع كلم الملكة دابورة أمر ما قد دابر لها منذ أن ذهبت وهم ورائهككا إلككى البحككر لتسككتعلم
عن مملكة )زيتا( لما طلب هيرودا منها ذلك .وذلك أن في ممكلة مككا تحككت الرض وفككي
مجلككس أبككو الملككوك أبكو الملكككة دابكورة غيكدول وهكو يجلككس علككى كرسككيه بمهابككة وبيكده
الصولجان العظيم وحوله من ملوك وطوائف الجن من أسرته أخذ غيدول يعكزم ويقكول ً:ا
مليهويا مليهويا ليهوبا ليهوبا هاجتي هاجتي تبيينا تبيينا أين أنتم يا ملوك التجاهككات ,أيككن
أنت يا ملك الشرق مبرش ,وأين أنت يا ملك الغرب سلطوز ,وأيككن أنككت يككا ملككك الشككمال
سرهاق ,وأين أنت يا ملك الجنوب شوع ,وأنت يا ملك الفوق مشيال وأنت يا ملك التحككت
كرجوس فظهر كل ملك من مكانه مبرش أتى من الشرق ووقككف أمككام الملككك غيككدول ثككم
سلطوز من الغرب ثم سرهاق من الشمال ثم شوع من الجنوب ثم مشيال نزل من فوق ثم
كرجوس خرج من تحت ,فوقفوا بين يككدي الملككك غيككدول فككأمرهم قككائل ً:ا أحضككروا إلككي
الملكة دابورة مقيدة إلى عندي الساعة الساعة .وأخذوا يطيرون وهككو يقككول لهكم ويصكرخأ
فيهم ً:ا الوحا الوحا هيا هيا حتى إختفوا مككن عنككده .وعنككدما كككان سككموطان فككي الشككاطيء
يقول للملكة دابورة ً:ا جدوا لهم وسيله نقل ً:ا فقالت الملكة دابورة ً:ا ولكن هذا ....وإذ بملككوك
التجاهات تهجم عليها وراحوا يدخلون فيها من كل إتجاه والجميع يتفرجون مذعورين ل
يعلمون مككا يحككل عليهككم وأبنائهككا مسككتنفرين ,والشككيخ ينظككر إليهككا بل حككول ول قككوة مككع
صأراخها وصأياحها وتلك الطياف الستة تدخل جسمها من كل إتجاه ثم إختفى الجميع مككع
الملكة دابورة .بعدها تقدم أفتاب أكبر أبنائها من الشيخ وقككال ً:ا آذن لنككا أيهككا الشككيخ .فقككال
سموطان ً:ا أسرعوا إليها وآتوني بالخبار ول تبطؤا .فقال أفتكاب وهككو يهكز رأسكهً:ا نعكم.
ونظر أفتاب إلى اخوته الستة واختفوا جميعا .فتقدم الشيخ مككن هرمككس وهككو ينظككر إليهككم
بأسى وهم يرحلون وقال له ً:ا ل تبتككأس ,سككتكون بخيككر .فقككالت روثا حيككث كككانت واقفككة
بجانب هرمس ً:ا ماذا حدثا للملكة دابورة ؟ فقككال الشككيخ ً:ا إنهككم ملككوك التجاهككات السككت,
وهم الوحيدين القككادارين علككى سكجن الجككن .فقكالت روثا ً:ا هكل الملكككة مسكجونه ؟ ومكاذا
فعلت؟ فقال هرمس ً:ا لقد أرسلهم جدي الكبير ,لبكد وأنكه خطكأ م ا .ثكم نظكر إلكى الشكيخ
وتبادال النظرات فقال له الشيخ ً:ا ل بأس أذهب الن ول أوصأككيك فككي الصككبية ,ل تككدعهم
حتى أعودا .ثم طار سموطان بعيدا واختفى في الظلم .
153
تقدم آرميا من هيرودا وقد حمل زاداه ومتاعة للسفر وقال ً:ا إنككي ذاهككب الككى مملكككة الملككك
شمشون ياسيدي .فالتفت إليه هيرودا وقال له ً:ا ولكن كيف تذهب وليس لك شيء تركبككه ؟
فقال آرميا ً:ا ل بأس سيدي سأتوغل في الغابككات لعلككي أجككد مككا أركككب عليككه هنككاك .فقككال
هيرودا ً:ا حسنا ولكن إحذر لنفسك ,وأعلم أننا بحاجة لنجدة أبناء الملككك شمشككون فلككم يبقككى
معنا من الجند لصد جنودا الملك ميشا .فقال آرميا ً:ا إطمأن يا سيدي النجككدة سككتكون هنكاك
بإنتظاركم وأنا معهم .وتبسم وانصرف في جنح الظلم من الشاطئ إلى دااخككل الحككراش
واختفى .
في مملكة تحت سطح الرض حيث يجلس الملك غيدول على كرسككي عرشككه ,أحضككرت
ملوك التجاهات الملكة دابورة وأوقفوهككا بل حككراك أمككام الملككك .فقككال لهككا غيككدول ً:ا لقككد
أتعبتني يابنيتي في عمري هذا ,ماذا عساني أفعل معككك ؟ فقككالت الملكككة دابككورة لككه ً:ا إنككك
ملك عادال وأب حنون .فقال الملك ً:ا لول لسانك الجميل هككذا .فقككالت الملكككةً:ا لككم أفعككل مككا
يستوجب غضبك مني يا أبي .فقال الملك غيدول وقد على صأوته ً:ا لم تفعلي شيئا ..كل ما
فعلته ل شيء ..تعلمين أنك بوجوداك مع سموطان ذاك سوف تصككبحين منهككم ,عنككدها لككن
يكون لك مكان هنا ..بجانبي .فقالت الملكة دابورة ً:ا الحي حيث يحيكا وليككس حيككث يولككد,
وأنت سيد الحكلماء .عنكدها داخكل أولداهكا السكتة عليهكا وعنكدما رأوهكا ح اولت الحكراك
أوأللتفات ولكن داونما جدوى ,فلم يتحرك جسمها بككل ظلككت مكانهككا كأنهككا خشككبة صأككماء
وملوك التجاهات حوالي الغرفة ينظرون إليها .فتقدم منها اولداها لنجككدتها فأشككار الملككك
غيككدول إلككى ملككوك التجاهكات بيككده علككى الولدا .فانقضككت تلككك الطيككاف علككى أبنائهككا
يدخلون فيهم من كل جهه ,كل ملك يدخل على واحد ويخرج منه إلى الخر وهكككذا حككتى
داخلت جميع ملوك التجاهات فككي جميككع النبككاء وخرجككت منهككم واسككتقرت فككي الفضككاء
حوالي عرش الملك غيدول بعد أن تجمدت الملككوك أبنككاء الملكككة دابككورة حككوالي أمهككم بل
حراك فقال لهم الملك غيدول ً:ا سأبقيكم هكككذا لخمسككين أو مئككه سككنة قادامككة ,حينهككا يكككون
سموطان قد مات ,وقد تحظون بفرصأة أخرى تستحقون بها أن تكونوا ملوكا على قبائككل
الجن والعفاريت .وقال بصوت عال ً:ا خذوهم إلى السجن .
في مملكة زيتا وصأل سموطان وهو يطير بإتجاه أبراج القلعككة .وإتجككه إلككى شككرفة كككبيرة
ينبعث منها ضوء المصباح فدخل منها فإذا هي مكتبة القصر .فنظر سموطان إلككى يسككار
الطاولة الضخمة فنهظ أخوه الطويل حيث كككان يطككالع الكتككاب السككليماني وبجككانبه أخككوه
الصأغر واقفككا فنظككرا إليككه فرحككان .وقككال لمككون الطويككل وهككو يتجككاوز الطاولككة ناحيككة
سموطان ً:ا سموطان ..ولكن سموطان أعطاه ظهره وراح ينظر إلى المكتبه و قال ً:ا كيف
تورطتما في قتل البرياء؟ فأمسك الطويل فرحته وردا عليه بجدية ً:ا لككم نشككأ ولككم نخطككط
لما حصل ,ولبد وأنك عرفت ما حصل من أمر الملك ميشا .فالتفت إليه سموطان غضككبا
قائل ً:ا لم يكن لميشا ذلككك الضككعيف أن يحقككق مسككعاه لككول مسككاعدتكما لككه .فقككال شككملل
القصير من وراء أخيه الطويل ً:ا لم نفعل عن خاطرنا ولكنككه أجبرنككا علككى ذلككك يككا أخككي.
154
فنظر إليه سموطان بإحتقار قائل ً:ا أخي! وهل هذا هو ما تربينا عليه؟ ونظر الى لمككون
الطويل قائلً:ا يا أخي! فقال لمون ً:ا عملنا ما علمنا من أجل العلككم ,لقككد أردانككا السككتعانة
بالكتاب السليماني .وأشار لمون إلى الكتاب على الطاولة قائل ً:ا لكي نتعلككم منككه مكا يفيككد
في شفاء الناس وتخليصككهم مككن بؤسككهم .فقككال سككموطان وهككو يتقككدم مككن الشككرفة ً:ا نعككم
بؤسهم ,لقد خلصتم الناس من بؤسهم فعككل,ا وذلككك بقتلهككم ورميهككم مككن الشككرفات .ونظككر
سموطان من الشرفة إلى السفل وقال لمون الطويل من خلفه ً:ا لكل شيء ضريبة وتلككك
ضريبة نسبية في سبيل العلم .فأداار سموطان رأسه ليجيب على لمون الطويل ولكن قبكل
أن يفتح فمه ليتكلم إذا بيد قابضككة علككى مسككمار مككن حديككد تلكمككه فككي وجهككه بقككوة وباليككد
الخرى تدفعه إلى الشرفة .فأمسك سككموطان بقككوة علككى زوايككا الشككرفة وذلككك مككن خلفككه
يدفعه إلى خارج الشرفة ولكنه لم يستطع إسقاطه لمقاومة سموطان قوة دافعه لككه ,فسككحبه
ذلك الرجل إلى الخلف ورمى به على الرض وسموطان من صأعق المفاجاة لم يدري مككا
حل به .فاذا هو على الرض وقد أدامت أسنانه وخرج من فمه الككدم علككى لحيتككه البيضككاء
وهو ينظكر إلكى مكن فعككل ذلكك بكه فقكال متعجبككاً:ا ميشكا! فقككال ميشكا وهكو يتقكدم ناحيككة
سموطانً:ا نعم أنا هل تذكرني؟ ذلك الذي كان المس تحت قبضتك .وأشار الى سككموطان
بيده قائل بإحتقار ً:ا واليوم أنت في قبضتي .وقبل أن يتنفس سموطان عاجله ميشا وقبككض
عليه من خناقه وارتفع به عاليا حتى ضرب برأسه السقف وأثبته هناك مرتفعا بككه .فبككدت
على سموطان آثار التوجع والندهاش معا .فنظر إليه ميشا وهو ما يزال يمسككك فككي كككل
قبضة من يديه بأزميل من حديد قائل ً:ا هل تريد أن نلعب تلككك اللعبككة الككتي أريتينيهككا فككي
فراشي؟ لنرى من منا سيسقط هذه المرة .فلم يجبه سموطان بل المبككاغته سككلبته كككل قككواه
وبان هزيل تحت رحمة ميشا فهوى به ميشككا إلككى الرض وهككو فككوقه يككدفعه إلككى تحككت.
فسقط على ظهره فوق الطاولككة الكككبيرة فككأوجعه .وقككام سككموطان يسككعل مككن اللككم الككذي
بصدره وميشا ما يزال يمسك بخناقة لم يفلته وقد خرجت عينا ميشا وجحظت وهو يتأمككل
وجه سموطان في العذاب الليم .فقال ميشككا ً:ا هككل تفأجككات مككن قككواي الخارقككة؟ نعككم إنككه
الكتاب السليماني .ونظر ميشا إلى الكتاب فوق الطاولة نفسها من طرف عينه قككائل ً:ا لقككد
إتضح أن فيه أكثر مما كنت أتصور ,لم أردا إل النتقام من أجمنون ومنككك أنككت خاصأككة .
ونظر ميشا إلى الكتاب مرة أخرى قائل ً:ا ولكن هذا الكتككاب يسككاوي الكككثير .وأخككذ ميشككا
يلعق شككفيته بلسككانه وهككو يتشككفى بككالنظر إلككى سككموطان وهككو يجلككس فككوق صأككدره علككى
الطاولة .فقال سموطان بصوت مخنوق ً:ا هل تعتقكد أن الحم ار الكذي يحمكل الكتكب علكى
ظهره يعرف قيمة ما يحمل؟ عندها غضب ميشا وعض على أسنانه من الغيض وزمجككر
وأفلت يده اليمنى من خنككاق الشككيخ وأمسككك بسكاعد سككموطان اليسككرومده علككى الطاولككة
معتدل ثم وضع ركبته على ساعده وأنزل كل جسمه على يد الشككيخ يثبتهككا علككى الطاولككة
مما آلمه فتأنن الشيخ ونظر إليه ميشا قائل ً:ا هل آلمتك ؟ أنا آسككف ليككس هككذا مككا قصككدت.
وأمسك ميشا بساعد سموطان اليمككن ومككده علككى الطاولككة ورفككع يككده الككتي تمسككك بككذلك
الزميل وهوى بها على رسغ سموطان بقوة فخرقها وانتصب في الطاولة مارا من خلل
رسغه فصرخأ سموطان مككن أللككم .وارادا إسككتعمال يككده اليسككرى لككدفع ميشككا فلككم يسككتطع
155
إزاحتها من تحت ركبه ميشا وسالت داماء سموطان مككن رسككخة حككتى تسككللت إلككى تحككت
الطاولة وناحية الكتاب السليماني ففزع شملل القصير وأسرع بإنقاذ الكتاب ورفعككه عككن
الطاولة .فقفز ميشا عن صأدر الشيخ إلى ناحية يده اليسرى وثبتها وفعل مثككل اليككد اليمنككى
فصرخأ الشيخ بعلو صأوته متألما وصأرخأ معه يسايره الملك ميشككا متلككذذا مككن تككألم الشككيخ
وهو ينظر إلى الشيخ حيث صألبه فوق الطاولة .ونظر ميشا إلى أخوي سموطان ينظككران
إلى أخيهم بحزن وأسى ونظر سموطان إلى أخككويه متحسككفا عليهمككا أن يرضككيا هككذ لككه .
ورجع ميشا يمشي إلى الخلف حيث وراءه فأسا مسنوداه على الزاوية تحت أرفككف الكتككب
فمد ميشا يده خلفه فالتقطها ولم تغب عينيه عن مراقبة الشيخ الممددا على الطاولة فتنككاول
الفأس وأخذ يقلبها في كفه وهو يتقدم يتفحص الشيخ حتى وصأككل عنككد يككده اليمنككى ونظككر
إلى الشيخ ورفع فأسه عاليا وأوقفها هنكاك وهكو ينظككر إلككى سككموطان قكائل ً:ا ألكن تطلكب
العفو والصفح وما إلى ذلك؟ ألكن تسكترحمني فكي نفسكك يكا رجكل؟ فنظكر إليكه سكموطان
بنظره من عينه شزرا وقال ً:ا قككد أطلككب الرحمككة مككن الملككوك ولكككن ليككس مككن صأككعلوك.
فغضب ميشا وحنق ورفع فأسككه أعلككى مككن المككرة الولككى وهككوى بهككا بقككوة علككى الشككيخ
فأغمض سموطان عينيه مستسلما لنهاية محتومة .وهوت الفأس علككى الزميككل الككذي فككي
رسغ سموطان .فقد بدل ميشككا إتجككاه الفككأس وهككي تهككوي إلككى الناحيككة العريضككة الخلفيككة
فاستخدمها كمطرقة وضرب برأسها الزميل فدخل إلى آخره وخكرج مككن تحكت الطاولكة
فصرخأ الشيخ متألما .وداار ميشا إلى الناحية الخرى ,وهوى بفأسككه بقككوة علككى الزميككل
الخر فدخل عن آخره خلل رسغ الشيخ وظهر من تحت الطاولة الخشككبية .و نظككر إليككه
ميشا وهو يتنفس بسرعة وقككال ً:ا ليككس الن ,داعنكي أتشكفى منككك أول .وتكوجه ميشككا إلكى
الباب ثم إلتفت إلى الشيخ وأشار إليه بشفرة الفأس قككائل ً:ا وليككس قبككل أن أجعككل أجمنككون
يرى بطله الشجاع الذي يحارب به كيف صأار .ثم خرج ميشا من باب المكتبة .
في الداغال كان آرميا يمشي عبر الغابات المظلمة وفجأة توقف ونظر إلى كل إتجككاه فلككم
يرى أحدا فرمى بكيس زاداه على الرض ثم تحول جسده إلى جسد مككن رمككل علككى هيئككة
ذلك العملق الرملي مرقس ابن سايروس .وتنأثرت حبات ذلك الجسد الرملي في الهككواء
إلى أعالي الشجار وطارت بعيدا .
هادااساه كانت تمشي علككى الشككاطيء وفجككأة وجككدت علككى الرض غصككن يككابس تتفككاذفه
المواج فالتقطتة ثم وضعته أرضا أمامها ,وتقرفصت وعامدت العصى القصككيرة ومككدت
يديها بقوة إلى العصى وحركتهما فوقها وهي تنظر إلى الخككاتم الككذي تلبسككه فككي إصأككبعها
البهام .وأخذت تحرك يديها وتحبس أنفاسها على ذلك الغصن حتى تعبت فأرجعت يككديها
إلى ركبتيها ونظرت إلى العصى ,ثم مدت يديها فككوقه قائلككة ً:ا تحككرك ...تحككرك ..إذهككب
هيا .ولم يحصل للعصى شيء وفجأة نظرت أمامها محاولة إخككتراق حلكككة الظلم عنككدما
أحست بأن أحدهم يقترب منها من أمامها بمحكاذات الشكاطيء .فنهضكت خائفكة .فكاذا هكو
أوريا قد وقف أمامها ,ولم يبن من شدة الظلم حتى وهو على بعد خطوتين منها فقال لهاً:ا
156
هل مازلت تحاولين معرفة إستخدامات الخاتم السليماني ؟ فقالت هادااسككاه ً:ا ل ولكككن هككي
تجارب وقت الفراغ وأنت ..ماذا تفعل هنا؟ فقال أوريككا ً:ا لككم أسككتطع النككوم .ثككم نظككر إلككى
هادااساه وقال ً:ا كيف لم ألحظك سابقا في المملكة؟ فقالت هادااساه ً:ا هذا لني لككم أكككن أقيككم
بالمدينة.
إقترب الشيخ لمون الطويل مككن الطاولككة حيكث صأكلب سكموطان وقككال لكه ً:ا مكاذا فعلككت
بالملك ميشا لكي يحقد عليك كل هذا الحقد ؟ فقال سموطان ً:ا وماذا فعل المعلم لكككي يحقككد
عليه الجاهل ,الحكيم من وضع الشيء في موضعه الصحيح ,ما حكمتكما في وضع العلككم
بيد جاهل مثله؟ الملوك تحتاج إلى العلماء وليست العلماء من تحتاج الملوك .عندها داخككل
عليهم ميشا وصأاح في لمون قائل ً:ا إذا مككا أفلتمككاه وضككعتكما مكككانه .وتككوجه ميشككا إلككى
سموطان قائل ً:ا أين أصأبح الملك أجمنككون الن؟ فلككم يجككب عليككه سككموطان فقككال ميشككا ً:ا
أطلق سراحك وتداوي الحكماء جراحك ,مع غرفة مليئكة بككل وسكائل الراحكة والملكذات,
فقط بعض المعلومات ,ثم إني قد أحتاج مثلك ,إنه الملك أجمنككون مككن أريككد .ونظككر ميشككا
إلى الشيخ وقال ً:ا كم عدداهم ؟ في أي البلدا أصأبحوا ؟ عندها أفزعهم داخول رجل عليهككم
طائرا من الشرفة ففزع الملك ورجع إلى الوراء فككإذا هككو مرقككس وقككد رجككع شكككله علككى
صأورة آرميا فقال ً:ا ل تخف أيهككا الملككك إنككي صأككديق .ونظككر آرميككا إلككى سككموطان علككى
الطاولة وقالً:ا وأجيبك عن ما سألته لسموطان .ففرح بذلك ميشا ثم بدا متشككا وقككالً:امككن
أنت؟ وكيف داخلت هنا؟ فنظر اليه سموطان من طرف عينه فقد علككم ذلككك الصككوت ,إنككه
صأاحب التابع فاطمأنت نفسه بعض الشيء لعلها حيلة من آرميا لخراجه فقال آرميا ً:ا أنا
مرقس ابن سايروس ملك مملكة )ثيتا( التي قضى عليها الملك أجمنون .عندها قال ميشككاً:ا
وأين هو الملك أجمنون الن ؟ فقال آرميا ً:ا لقد مات .فقككال ميشككا مندهشككا غيككر مصككدق ً:ا
مات ! وكيف مات ؟ فقال آرميا ً:ا لقد قتلككه وزيككره ,وجنككوداه الن فككي طريقهكم إلكى هنكا.
فقال ميشا ً:ا وكم يبلغ هذا الجند من العددا ؟ ومككا هككي عككدداهم ؟ ومككا هككي أسككلحتهم ؟ ومككا
خطتهم ؟ قل لي قل لي ,أريد أن عرف كل شيء ,متى سيصلون إلينا ؟ فقال آرميا ً:ا لقككد
أرسلوني لطلب النجدة من مملكة )جاما( مملكة الملك شمشون بعككد أن علككم إبككن أجمنككون
هيرودا ..وأشار آرميا إلى سموطان وهككو يتقككدم نحككوه حككتى أمسككك سككموطان مككن شككعره
قائلً:ا بصنيعك بمملكتهم .والتفت آرميا إلى ميشا قائل ً:ا ولكن لتخف إنهم ل يعلمون من
أكون بل يظنوني شخصا أخر ,وعوضا عكن الكذهاب إلكى مملككة شمشكون أتيتكك منكذرا,
ولكن ل دااعي للقلق إن عدداهم قليل جدا ,ل يبلغ الفيلقين .فقال ميشككا وهكو يشككير بإصأككبعه
السبابة والوسطىً:ا إثنين فقط ..وضحك ضحكة أرجعته للوراء وقالً:ا لبد وانهم إستغنوا
عن الجند بالجن إذا ؟ فقال آرميا ً:ا ول هذا أيضا ,فللجن مشاكلهم الخاصأة ,لم يبقككى معهككم
إل واحدا ,وذلك ل خوف منه ,وخاصأة وأن لديك زعيمهم وأخطرهم ..وأشار آرميككا إلككى
سموطان فنظر ميشا إلى حيث يشير آرميا وابتسم ثم التفت بجديككة إلككى آرميككا وقككال لككه ً:ا
وما الذي يدفعني إلى تصديقك والوثوق بك؟ فتبسم آرميا ومضى إلى زاوية الغرفككة حككتى
وقف عندها والتفت إلى ميشا وقال ً:ا إنه عدوي كما هو عدوك ,ولككو شككأت أن أخلصككه..
157
ولك الحق في الظن بذلك ,لستطعت تخليصه منك داونما مشقة ,ولما جأت إليك .ثم تحول
آرميا إلى مرقس الرملي ففزع منه الملكك ميشكا ولمككون الطويككل وخرعهمككا منظككره .ثككم
تناول مرقس الفأس من خلفه بيده وشق بها بطنككه فتخللككت الفككأس مككن جسككمه إلككى الجهككه
الخرى داونما أثر وكأنه لم يفعل شيء .فنظر إليه ميشا متعجبا فقال مرقس ً:ا يظنون أنهم
تخلصوا مني ولكن ليس بتلك السهولة .وتحول مرقس مرة أخرى إلى شكل آرميا وتقككدم
من الملك ميشا وقالً:ا إطمأن نحن في نفس الجانب ,ولو أردات تخليص الن لخلصته من
قبضتك وحملته بعيدا ولما إستطاع أحد إيقا في ,سوف يصلون بعككد عشككرة أيككام إلككى هنككا
ويتوقعون مدداا من مملكة الملك شمشون وهذا لن يحصلوا عليه ,فنطبق عليهككم ونتخلككص
منهم ,ولكي تطمأن سأبقى هنا معك تحت عينيك إلى أن يحضروا ,هل ذلك العرض الذي
قدمته للشيخ إذا ما أخكبرك عكن الملكك أجمنكون قائمككا؟ فنظكر إليككه ميشككا بإبتسكامة خبيثكة
ووضع يده على كتف آرميا قكائل ً:ا طبعكا طبعكا ككل م ا تتمنكاه .وأمسككه ميشكا مكن كتفكه
وأدااره ناحية الباب ومضى به وميشا يقول له ً:ا لدينا الكثير لنتحدثا به .
كانت أشعة الشمس وقت الضحى تتخلل أشجارالغابة حيث يسير هيرودا ورجاله من خلفه
وقد بدى عليهم الرهاق والتعب .فتقدم كبير الجند مككن هيككرودا حيككث كككانت قككدما هيككرودا
تمشيان لوحدهما من فرط الرهككاق وقككد تبيسككت شككفتاه فقككال لككه ً:ا سككيدي إن حالككة الجنككد
مزرية .فقال هيرودا ً:ا وماذا ترى من حالتنكا نحكن ؟ هكل نحكن أفضكل ح ال منهكم ؟ فق ال
كبيرالجند وهو يشير برأسه إلى مصدر أشعة الشككمسً:ا هككذه شمسككنا الثانيككة هككذا الصككباح
ونحن نسير بين هذه الشجار العالية ولم نقابل في طريقنا أحدا ولم نرى أثرا لخيل أو أي
شيء نستعين به لحملنا أو حمل متاعنا ,بل قام الجند بالتخلص من معظم ما يحملون ,كمككا
أن المياه في هذه الطريق شحيحة والزادا أقل منه لم نصطد ول حيوانا واحككدا منككذ شككمس
البارحة ,لقد تعب الجميع .فالتفت إليه هيرودا وتوقف عن السككير وقككال ً:ا ليسككترح الجميككع
هنا لبعض الوقت .وجلس هيرودا تحت شجرة قائل ً:ا ريثما نسكتعيد بعكض قوتنكا .ف انطلق
كبير الجند بأمر الجند بالراحة .وهيككرودا ينظككر إليككه وهككو يرجكع خلفهككم .فوضككع الجميكع
رحالهم تحت الشجار وأتى الجند بجثة الملكك يحملوهكا علكى ناقلكة يكدويه ,وككبير الجنكد
معهم حتى وضعوها أمام هيرودا وهم متلثميككن .فقككال كككبير الجنككد لهيككرودا ً:ا مككولي ,مككع
إحتراماتي لكم وللملك العظيم أجمنون الذي خدمته بإخلص لسككنين عديككدة .وأشككار كككبير
الجند بيده إلى الجثة قائل ً:ا ولكن يجب أن يدفن .فغضب هيرودا وكشككر بككوجهه فككي وجككه
كبير الجند قائل بصوت عالي مؤكدا ً:ا الملك يدفن في مملكته .ثم هدأ وأسككند رأسككه خلفككه
على جذع الشجرة وقال ً:ا لم يبقى إل القليل ونصككل إلككى هنككاك .عنككدها تقككدم منككه الحكيككم
يوقاس تلميذ الشيخ سموطان وقال لهيرودا ً:ا هذا صأحيح يا مولي لم يبقى من الطريق ال
القليل ,ولعلكم تشمون هذه الرائحة .فصد هيرودا بوجهه إلى الجهه الخرى ولككم يعككترض
فأكمل الحكيم قائل ً:ا هذا ليس بالوقت الملئككم لتطككبيق القككوانين ,أنظككر إلككى حككال جنككدك,
أنظر إلى حالنا .عندها تكلم من خلفه أوريا وهو يسير إليهم وقال لهيرودا ً:ا الحكيككم ينطككق
بالصواب ,وأنت كذلك يا سيدي .عندها نظر إليه هيرودا من مكانه فقككال أوريكا ً:ا أرى أن
158
ندفنه هنا ونعلم قبره بعلمة بارزة فإذا ما وصألنا إلى المملكة نبعث الجند إلى هنككا فيككأتون
به ليدفن هناك ,محمل بموكب يحمله يليق به ,كيف سندخل عمي الملك إلى مملكتككه بهككذه
الطريقة؟ على ناقلة خشبية يحملها جند متهالكون يكككادا أن يغشككى عليهككم مككن تعككب حمككل
أنفسهم ,هذه الصورة ل تليق بملك عظيم مثله .حينها وقف هيرودا وهز رأسه ونظككر إلككى
كبير الجند وأشار إليه بيده ناحية الجثة قائل ً:ا إحرص على أن تكون علمة مميزة ,فأنت
من سيحضر إلى هنا ليأتي به ليدفن هناك ,فأطرق رأسه كبير الجند باليجاب وأشار إلككى
الجند بحمل الناقلة .
أخذ الجند يحفرون القبروهيرودا يشاهدهم من حيث جلس تحت تلك الشجرة .فحضر إليككه
هرمس وقال له ً:ا مضى أكثر من يومين ولم يرجع الشيخ ,اني قلق عليه ,لبككد وأن شككيء
ما منعه .فقال هيرودا وهو ينظر إلى هرمس الذي وقف فوق رأسه ً:ا وماذا تقترح مني أن
أفعل ؟ فقال هرمس ً:ا لست أنت من سيفعل بل سأذهب للطمئنان عليه وقبل ذلك سأعرج
على ذوي فهم كذلك قد طالت غيبتهم .فقال هيرودا ً:ا ألم تقل بأنككك ل تسككتطيع تككرك دايفككي
لوحده عندما طلبت منك أخذ أبي إلى المملكة ؟ أم هل هذا وضع مختلككف لنككه يخصككك؟
فقطب هرمس حاجبيه وقال ً:ا نعم هذا وضع مختلف ,فإن من أمرني بذلك هو مككن أسككعى
لمعرفة ما حل به ,ثم إني ل أخذ إذنك بل أخبرك بما سكأفعله .وتكوجه هرمككس بعيكدا عنكه
حتى وصأل إلى هادااساه حيث كانت قريبه من جثة الملك حيث تحفر الحفرة فقال لها ً:ا أنا
ذاهب للطمئنان على إخوتي سوف لن أغيككب طككويل .عنككدها حضككرت مككن خلفككه روثا
وبيدها دايفي وقد سمعت ذلك فالتفت هرمس إليهما وقال لروثا ً:ا يجككب أن أذهككب أشككعر,
أن الشيخ قد أصأابه مكروه .عندها هدأت روثا واقتنعت لخوفهككا هككي أيضككا وقلقهككا علككى
سموطان الذي رباها .ثم إستدار هرمس وراءه إلى هادااساه وقكال لهكا ً:ا أريكدك أن تعتنكي
بهما ريثما أعودا فاندهشت روثا من طلب الحماية لهما ,ومن من ؟ من هادااساه ! فقككالت
هادااساه لهرمس ً:ا ولكني بالكادا أستطيع حماية نفسي وقد يصككبيهما أي شككيء ,فككأكون أنككا
المسؤولة أمامك .فقال هرمس ً:ا ل بأس عليك فقط أبذلي ما في وسعك وأنا واثق كل الثقة
بك .عندها تبسمت هادااسككاه بينمككا إغتاضككت روثا فقككال هرمككس لهككا ً:ا سككوف لككن أغيككب
طويل .والتفت إلى وراءه وطار بعيدا واختفى .
تقدمت هادااساه وبيدها شيء نحو هيرودا إلى أن وصألت إليه حيث يجلس ومدت يدها إليككه
لتعطيه قائله ً:ا خذ ..أعتقد أنك يجب أن تحمل هذه الن .فنظر هيرودا إلككى فككوقه ومككد يككده
إلى يد هادااساه فوضعت فككي يككده ثلثككة خككواتم ,أحككدها وقككد عرفككه خككاتم المملكككة وإثنيككن
يشبهان بعضهما كل واحد منهما بحجر معصفر .فأخذ يقلبهما بيده بحزن .فقالت هادااساهً:ا
انهما الخاتمان اللذان أهداهما إليه الملك شمشون .فقبض هيرودا عليها جميعككا فككي راحككة
يده بقوة .
الملك غيدول أبو الملك كان يمشي في ممرات مظلمككة ذات حجيككرات ممسكككا بصككولجانه
الكبير ومحدثا صأوتا إثر ضربه على الرض أثناء سيره ,وقد بدا جككاداا بلحيتككه الطويلككة,
حتى توقف عند إحدى الحجيرات فدخل إليها حيث الملكة دابورة واقفة كمثل عودا الشجرة
159
وأولداهكا متسكمرين يحيطكون بهكا موضكوعين كلهكم فكي حجكرة واحكدة ,ككأنهم التماثيكل
الخشبية .وعند داخوله عليهم قال غيدول ً:ا لم أكن أتخيل أن أفعل مثل هككذا الفعككل بأبنككائي
في يوم من اليام .وتنفككس بعمككق وراح يتجككول خللهككم وهككم بل حككراك .ثككم التفككت إلككى
الملكة دابورة قائل بصوت عالي ً:ا ولكن القانون هو القككانون ,ونحككن مككن نحمككى القككوانين
ونطبقها على الخرين أجدر بنا أن نطبقها على أنفسنا .ثم إستدار إلى الخوة قككائل ً:ا وإل
أصأبحنا بل ضابط وانفلتت المور من بين أيككدي حكمنككا .فقككال أكككبر أبنككاء الملكككة الملككك
أفتاب ً:ا نعم يا جدي نحن نحمي ونطبق القوانين هذا صأحيح ولكن ..ألسنا أيضا نحككن مككن
نضعها ؟ فلماذا نضعها في طريقنا بدل أن نضعها لطريقنا ؟ فالتفت إليككه غيككدول قككائلا ً:ا
قوانينا هي لنككا ,وقككوانينهم لهككم .لمككاذا نفتككح علككى أنفسككنا هككذه الهككوة .وأشككار بصككولجانة
ل ً:ا منا .ثم أشارإلى العلى ونظر إلى فوق قككائلا ً:ا إليهككم .ثككم الطويل إلى صأدره هو قائ ا
إستدار غيدول فجأة يراقب آخرزاوية عند الممر المظلم حيث سككمع حركككة هنككاك .وكككان
هناك هرمس يراقبهم وقد إستمع إلى ماداار عليهم .فنبهه ذلك الرسول السودا الذي شكله
كمثل الغوريلت من خلفة .لذلك أصأدر ذلك الصوت الذي نبه الملك غيدول إليه .فأشار
إليه القبيح باصأبعه على فمه علمة على أن أصأمت .ثم أشار إلية بيده الككذهاب .فتحككرك
هرمس خارجا ا بعد أن كان خائفا ا وتولى بعيداا .وخرج من الممرذلك القبيح بإتجككاه الملككك
غيدول سائراا إلية .فلما رآه الملك هدأ وقال ً:ا أهككذا أنككت يككا سككهلون ؟ فقككال القبيككح وهككو
يسير بإتجاه الملك ً:ا نعم يا مولي ,لدي ما أخبرك به .
كان الملك ميشا يأكل من الفواكة وقد تعالت صأيحات الضحك بينه وبين من ينادامه آرميككا
فقال له الملك ميشا ً:ا إذا هذا ما حصل معك والملك آجمنون ؟ إذا لماذا مازالت تحقد عليه
وقدمات ؟ فقال آرميا ً:ا ليس هو من أريد النتقام منه إنككه أوريككا .فقككال لككه الملككك ميشككا ً:ا
ومن يكون هذا ؟ فقال آرميا ً:ا إنه تابع من أتباع أبي المخلصين وأنا كنت أسككتخدم طريقكة
سحرية لتصور بصورة رجل ما على أنه تابع لي فأختلط بتابع أبي حتى أعرف خططككه
وكل شيء يفعله .ولكي ل يشككك بككي تككابعه وأكسككب ثقتككه علمتككه شككيء مككن السككرار فككي
طريقة التصور بصور الخرين ,ولكنها كانت طريقة ساذجة أوهمته أنها طريقة عظيمككة
ليس لها مثيل وأنها سر من السرار المتككوارثه وهككي ليسككت ذي شككأن عنككدي ,فوثككق بككي
بعدها وأصأبح يخبرني هو الخر بكل أسراره وأسرار أبي معه ,ولم يعلككم طككوال الككوقت
أن آرميا ما هو إل أنا .فقال الملك ميشا ً:ا إذا كيف تقول أنككه قتلككك بينمككا أنككت هنككا ؟ فقككال
آرميا ً:ا لقككد قتككل ذلككك المتصككور فككي ذلككك الرمككل وليككس ذلككك أنككا علككى الحقيقككة ,عنككدها
تصورت بصورة الذي إعتادا أن يثق به وهو صأاحبه تابع إبن سايروس وذلككك حككتى أجككد
طريقة للنتقام منهم جميعا لول أولئك الجان الذين معهم .فقككال الملككك ميشككا ً:ا إذا لمككا لككم
تفعل وترسل عليهم ذلك العملق الرملي عندما رحل عنهم الجن ؟ فقال آرميا وقد نهككض
من مكانه وسار وهو يحاور الملك ً:ا إني أستمد في طريقتي حجمككي وطككاقتي مككن رمككال
الصحراء الناعمة ,وبدونها ل أتزودا بشيء في حجمي الطبيعي هذا على مككا ترانككي الن.
فقال الملك ميشا ً:ا هل هذا صأحيح ؟ أم أنك أنت أيضا طمعت بالمفاتيككح وتنتظككر الفرصأككة
160
لخذها عندما يجمعوها كلها لك ؟ فقككال آرميككا وقككد تلعثككم وأرتبككك ً:ا ل ..ل طبعككا إن هككذه
المفاتيح لتهمنككي مطلقككا فأنككا أكككبر مككن ذلككك بكككثير ,كمككا أنهككا ليسككت إل أسككطورة ..نعككم
أسطورة وكذبة كبيرة بحجم التاريخ كله .
في نفس الوقت وفي مكتبة القصر داخل هرمس من الشرفة وعندما نظككر إلككى الشككيخ فككي
تلك الحالة رق قلبه له .كما فرح به الشيخ وقال له ً:ا هرمس هذا أنت ؟ وتنفس سككموطان
وردات الروح إليه وقال ً:ا أخرجني من هنا يا هرمس .فقال هرمس ً:ا أرجككو أن ل تكككون
غاضبا مني لمخالفتي أمرك بحراسة دايفي يككا سككيدي .فقككال الشككيخ ً:ا ل بككأس يككا هرمككس
أسرع وأخرجني من هنا هيا بسرعة قبل أن يشعروا بنا .
في مرتفع ما في الغابة حيث تظهر مملكة )زيتا( تحتها في السهل المكشوف حط هرمككس
بالشيخ على العشب وراح يتأمل رسغيه وقال ً:ا لقد نزفت الكثير من الدم يككا سككيدي .فقككال
الشيخ ً:ا ل عليك أخبرني هل من أخبار عن إخوتك ؟ فقال هرمس وهو ينظر إلككى الشككيخ
بإبتسامة خفيفة ً:ا لقد إحتجزتهم ملوك التجاهات بأمر من جدي الكبير الملك غيدول ,لبد
أن تفعل شيئا لنقاذهم .فقال الشيخ وهككو متككأثر مككن جراحككه ممسكككا بيككده حيككث جرحككه ً:ا
وماذا أستطيع أن أفعل لهم إذا لم تسطع أنت شيئا معهككم ,ثككم أنككي ل أسككتطيع الولككوج إلككى
عالمكم كما تعلم . .فقال هرمسً:ا بلى يا سيدي هناك طريقككة للولككوج الككى عالمنككا السككفلي.
فقال الشيخ ً:ا وما هي ؟ فقال هرمس ً:ا ذلك عن طريق حاجب الجان ,مككال تعلمككه عنككه أن
في طربوشه سرا ,فإن أخذته عنككه ولبسككته إسككتطعت الككذهاب إلككى مككا تحككت الرض ,مككا
عليك إل أن تنادايه وتخطفه منه .فأرادا الشيخ النهككوض فأسككنده هرمككس مككن ظهككره حككتى
جلس معتدل وأرادا سموطان أن يناداي ولكنه إلتفت إلى هرمس وقككال ً:ا ومككاذا عككن دايفككي
وروثا ؟ فقال هرمس ً:ا ل تقلق إنهما بخير عندما تركتهم,ا وقد أوصأيت عليهمككا هادااسككاه
وهيرودا .فالتفت الشيخ أمامه بهمة وعزم وقال ً:ا برهتيه كرير تتليه طوران مزجل بزجل
ترقب برهش غلمككش خككوطير قلنهككودا برشككان كظهيككر نموشككلخ برهيككول بشكككيلخ قزمككز
أنغلليط قبرات غياها كيدهول شمخاهر شمخاهير شمهاهير بكهطهككونيه بشككارش طككونش
شمخاباروخأ اللهم بحق العهد القككديم كهكهيككج يغطشككي بلطشغشككغويل أمويككل جلككد مهجمككا
هلمج ورودايه مهفياج بعزتك أل مككا أخككذت سككمعهم وأبصككارهم سككبحان مككن ليككس كمثلككه
شيء وهو السميع البصير .فغمت الرض وأصأبح كل شيء يحيط بالشككيخ أسككودا ,وتقككدم
أمامه حاجب الجن ذلك السودا ذو الطربوش الحمر والبنطال القصككير والعبككاءة الذهبيككة
المخططة بالحمر وقال ً:ا ماذا تأمر يا سيدي ؟ فقال سكموطان ً:ا إقكترب .فتعجكب حكاجب
الجككن مككن الطلككب وأوسككع عينككاه فتقككدم حككذرا قليل حككذرا بخطككوة واحككدة وتلهككا برجلككه
الخرى ووقف فقال له الشيخ ً:ا إقترب أكثر .فخطى قليل فعاجله الشيخ بقوله ً:ا أكثر أكثر
إقترب .وراح يمشي هكذا كلما قككال لككه إقككترب حككتى وصأككل عنككد الشككيخ فمككد الشككيخ يككده
بسرعة إلى طربوشهه وقبل أن يلمسككه أدابككر حككاجب الجككن يركككض إلككى الخلككف مسككرعا
وكأنه البطريق لطول أقدامه وبخطواته الصغيرة والشيخ يزحف وراءه بسرعة حككتى إذا
161
ما أداركه بيده اليسرى أمسكه من بشكته الكذهبي وهكو مكايزال يهكرول فمكد سكموطان يكده
اليمنى إلى طربوشه وخلعه بسرعة ووضعه على رأسه وإختفيا هما الثنين .
162
الفصل الثاني عشر
ظهر الشيخ تحت الرض في تلك الممرات يمشي حتى وصأل إلى حجرة إحتجككاز الملكككة
دابورة وأبنائها الستة .ولكن سموطان لكم ينتبكه إلكى الحارسكان اللكذان وضكعا علكى بوابكة
الغرفة فرجع إلى الوراء ظانا أنهما قد شاهداه ولكنهما لم يتحركا فوقككف سككموطان مكككانه
واستدار إلى الخلف ونظر إليهما فلم يتحركا ,فتقدم منهما ببطأ حككتى وصأككل أمامهمككا ولككم
يتحركا ,فمد يده على عينيهما فلم يرياه عندها علم أنه غير مرئي لهم فتقدم حتى داخل إلى
حيث الملكة وأبنائها وقوف ,فككدخل عليهككم فلككم يككروه فمككر يتفحككص الملكككة دابككورة فقككالت
الملكة بصوت خفيف ً:ا سموطان .ولكن الشيخ لم يردا عليهككا فحككاولت التحككرك واللتفككات
فلم تستطع وهو ينظر إليها وإلى أبنائها .
كان هرمس ينتظر في ذلك المككان الكذي إختفكى فيكه سكموطان وإذا بالشكيخ يظهكر عليكه
عندما خلع طربوشه الحمر الصغير في يده .فقال الشككيخ لهرمككس ً:ا لقككد شككاهدتهم ولكككن
ماالذي يمكنني عمله؟ هل من طريقة ما لتحريرهم؟ عندها شيء ما من خلف الشككيخ يشككد
ثوبه إلى تحت فالتفت الشيخ إلى الوراء ونظر تحته فككإذا هككو حككاجب الجككن .فمككد حككاجب
الجن يده إلى الشيخ قائل ً:ا هات الطربوش .فقال الشيخ ً:ا ليس بعد إني بحككاجه إليككه .فقككال
حاجب الجن ً:ا أنا أعلم ما تحتاج إليه وهو ليككس طربوشككي .فقككال الشكيخ ً:ا وكيككف ذلككك ؟
فقال حاجب الجن ً:ا أخبرك مقابل أن ترجع طربوشي إلي .فقال الشيخ ً:ا هككذا إتفككاق بيننككا
ولعنه ا على الكاذبين .فقال حاجب الجن هؤلء فتية قد آمنوا بال الواحد القهار .وكككانوا
في مملكة أفسوس ,وأهل هذه المملكة يعبدون مليكهم داقيانوس ,فلما علم بأمرهم داقيانوس
ورفضهم عباداته أرسل ورائهم الجند والعساكر فهربوا إلككى الجبككال ,فتبعتهككم الجنككد حككتى
لقيوا في طريقهم راعيا للغنم وكان هككو الخككر رجل تقيككا مؤمنككا بالواحككد القهككار فأخككذهم
ودالهم على مغارة في الجبل وخلفهم كلبه الصككغير ,فلمككا طككال حصككار الجنككد للجبككل كككان
ينبغي لهم الكل والشرب وإل ماتوا جوعا ,فدعوا ا أن يخلصككهم مككن الحصككار ,فنككاموا
ولم يستيقظوا ,فلم تتصور الجنودا المحاصأرين بعد فترة طويلة أن يكون هناك فككي الجبككل
من يتحمل كل تلك الفترة بل ماء ول أكل فتيقنوا أن حصارهم للجبككل بل جككدوى فككذهبوا,
ولكن الفتية مع كلبهم ظلوا أحياء ولم يستيقظوا لمئات السنين حتى اليككوم ,وهككم الوحيككدين
الككذين إسككتطاعوا بقككدرة اكك فعكل ذلككك .وهكم الوحيكدين الكذين يسكتطيعون تحكدي ملككوك
التجاهات وفك الجن من أسرهم ,فهؤلء لم يؤثر فيهم الزمن بإتجاهاته الستة بشككيء ,بككل
إنتصروا عليه .فقال الشيخ ً:ا وكيف هي الوسيلة لذلك ؟ فقال الحاجب ً:ا حسنا أنا أعلمككك,
تأخذون من بقرة صأفراء كاملة الصفرة خالية من الشوائب تأخذون منهككا أذانيهككا الثنتككان
وذيلها ,و تربط الكلب بذيل البقرة ثم تضرب بالذن اليمنى على أذن الكلككب اليمنككى ثلثا
163
ضربات وعند كل ضربة تذكر إسككم مككن أسككماء أصأككحاب اليميككن وهككم تمليخككا مكسككلمينا
ساونوس ثم بالذن اليسرى تضكرب الكلكب فكي أذنكه اليسكرى ثلثا ضكربات وعنكد ككل
ضربة تذكر إسم من إسماء إصأحاب الشمال وهم مرطيلككوس بينككوس داوانككوس ثككم تجمككع
أذنككي البقككرة مككع بعضككها وتضككرب علككى رأس الكلككب مككرة واحككدة وتككذكر إسككم الراعككي
كشطوس ثم تضرب رأسه مرة أخرى وتذكر إسم الكلب وتقول ً:ا يا قنطوريا فيقوم الكلب
من نومه وينبح سبع نبحات فيقومون كلهم مككن نككومهم فيتبعككون كلبهككم يرشككدهم الطريككق.
فقال سموطان ً:ا وأين هذا الكهف ؟ فقال حاجب الجن ً:ا في مدينة أفسوس مغارة في جبككل
ناجلوس وأشار حاجب الجن بكوعه اليسر إلى هرمس قائل ً:ا هذا يعلمه .فنظر سموطان
إلى هرمس الذي هز رأسه باليجاب وحاجب الجن ملتفت إلى هرمكس ليكرى رداه بعينيككه
الواسعتين كالفنجان .فتوجه الحككاجب بنظككره إلككى سككموطان قككائل ً:ا تجككدون كلبهككم هنككاك
باسط ذراعية أمككام مككدخل الغككار .عنككدها نككاوله الشككيخ الطربككوش قكائل ً:ا لعنككه اكك علككى
الكاذبين .فقفز حاجب الجن ونط إلى الطربوش برأسه فلبسه وأفلته من يده الشككيخ فصككار
في الرض وطربوشه على رأسه وأخذ يعدو به قائل لمن خلفه ً:ا ل تنككادايني مككرة أخككرى
هل تسمع؟ ل تنادايني .حتى إختفى حاجب الجن .
التفت الشيخ إلى هرمس قائل ً:ا هرمس تعال نطيككر فككي الجككوار نبحككث عككن تلككك البقككرة.
فطارا معا بعيدا .
تقدم أوريا من هيرودا حيث كان يجلس تحت تلك الشجرة وحتى وصأككل إليككه وقككف قبككالته
وقال له ً:ا لقد علمت قبر الملك بعلمة وجعلككت الككتراب عليككه عاليككا وكتبككت أسككماء الجنككد
الذين ساعدونا في الدفن حتى نستدل بهم عن المكان إذا ما رجعنا ,ولسوف نرجككع أعككدك
بذلك .رفع رأسه هيرودا إلى أوريا ونظككر إليككه وقككال ً:ا هككل تثككق بصككاحبك الككذي أرسككلناه
ليجلب لنا النجدة ؟ فقال أوريا ً:ا بالطبع ,داونما شك ليست هناك أسككرار بيننككا إنككه صأككديقي
الوحيد ل تخف ,كما أنه يملك من حس التصرف وحجة القنككاع مككا يجعلككه النسككب لهككذه
المهمة ,ل تقلق سيقنعهم بالنضمام إلينا وسترى عندما نصل إلى هناك سيكون هو وجنككد
الملك شمشون بإنتظارنا .فأطرق هيرودا رأسككه مسككتغرقا فككي الرض بينمككا تككأمله أوريككا
وانصرف عنه .فنظككر هيككرودا إلككى جهتككه اليمنككى مككن الرض فككإذا مجموعككة مككن النمككل
الحمر نمل الغابككات الكككبير كلهككا تصككارع نملككة واحككدة سككودااء تككدافع عككن نفسككها وسككط
مجموعة تريد إيككذائها وقككد أحككاطت بهككا .فتككدخل هيككرودا وسككحب خنجككره وأبعككد النملت
الخريات عككن تلككك النملككة بعضككها قطعهككا بخنجككره والخككر هشككه بككالخنجر فابتعككد ولذ
بالفرار حتى بقيت النملة السودااء وحدها ساكنة هناك تراقككب زوال الخطككر عنهككا .فشككعر
هيرودا بمدى فرحتها لزالة كربتها وكأنه هو في مأزق ويتمنى أن يفعل أحد ما معه مثلما
فعل هو مع تلك النملة .وراح يتأملها وتبسم وهو يدير وجهه ينظر إلى ل مكان إل للقككدر
الذي وضعة في تلك الظروف .فإذا فجأة شهق هيرودا وتحارق ونظر إلى يده الككتي كككانت
تمسك بالنخنجر والتي يضعها على الرض بجانبه وتألم فإذا تلككك النملككة الككتي أنقككذها قككد
لسعته فرفع خنجره ليضربها بغضب ولكن فجأة توقف لدى شعوره بشيء غريب يحصل
164
له .فإذا جسمه يتضائل ويصغر حتى صأار صأغيرا بحجم تلككك النملككة .فوقككف علككى حيلككه
ونظر إلى تلك النملة مندهشا فإذا تلك النملككة السككودااء تنقلككب إلككى إمككرأة عجككوز بملبككس
ملكية من الجواهر والللي التي في صأدرها والتاج الذي على رأسككها بحجككم النملككة فقككال
لها هيرودا متعجبا ً:ا من أنت ؟ فقالت العجوز له بترفع وأداب وإحترام وبأسككلوب راقككي ل
يناسب إل الملوك ً:ا أنا ملكة الغابة أيها الشاب الوسيم ,أرجو أن ل أكون قد آلمتك بلسعتي
تلك؟ فأرادا هيرودا الكلم ولكنه لم يعرف مككا يقككول فعككاجلته الملكككة قائلككة ً:ا أشكككرك علككى
إنقاذي من أولئك الوحوش الحمقى ,وعلى العموم فأنت لست إل جنديا يقوم بواجبه تجككاه
ملكته .فقال هيرودا متعجبا ً:ا أنا جندي ! وقال بعزة نفس ً:ا أنككا هيككرودا إبككن الملككك العظيككم
أجمنون ملك مملكة )زيتا( .فقالت العجوز بكل برودا وبغطرسككهً:ا آه إذا نحككن مكن صأككنف
الملوك ,وما الذي أتا بك أيها الملك من مملكتككك إلككى مملكككتي؟ فككأرادا هيككرودا الكلم ولككم
يستطع إذ لم يعرف بماذا يجيبها فتقدمت منه بسرعة وأخذت بيده وشدته وهككي تككذهب بككه
قائله ً:ا تعال معي أنت يجب أن تقابل زوجككي الملككك ,لبككد وأنككه سككيكافئك مكافككأة عظيمككة
على إنقاذك لي .وراح هيرودا معها وهي تجره من يده بل حول ول قككوة وهككي تكككثر مككن
الثرثرة بل توقف مرفوعة الرأس غير مبالية بهيرودا ورائها غير أنها أمسكككته جيككدا مككن
خلفها تجره في الغابة التي قد تضاعف حجمها مرات كثيرة من فوقه .
داخلت العجوز في ممرات الجحور في خلية النمكل تحكت الرض حكتى وقفكت علكى سكلم
تنظر إلى تحته .فإذا هو رجل ضخم ذو ظهر عريض ورأس كبير ليلبس سوى البنطال,
وقد إرتفع بنطاله إلى معظم بطنه الضككخم حككتى صأككدره ,أصأككلع مككتين جككدا ,وهككو يعطككي
الوامر للنمل السودا هنا وهناك وهو يشير إليهم بيده ويصيح بهم ً:ا هيا هيا ..أسككرع مككن
ذلك ..أريد أن تكون المخازن جاهزة مجهزة بالطعام ..أسرع ..لم يبقككى لككدينا الكككثير مككن
الوقت .والتفت الضخم إلى خلفه عندما سككمع الملكككة تقككول مككن وراءه ً:ا زوجككي الحككبيب.
وانطلقت إليه تاركه خلفها على السلم هيرودا ينزل منه رويدا رويدا مقلبا بصككره فككي تلككك
الجحور من حوله ويراقب الملكة وهي تنزل وتمشي علككى الرض المنبسككطة حككتى ذلككك
الضخم الذي بدى غير مبالي بها .حتى وصألت إليككه وهككي مككاداة ذراعيهككا نحككوه مبتسككمة
فقال لها ً:ا ظننتك قد إختطفتي ,ما الككذي أتككى بككك مككرة أخككرى؟ عنككدها غضككبت ووجمككت
الملكة وأنزلت يديها وقالت له وهي تلكزه بعصاها الذهبية على بطنهً:ا كم مرة أقككول لككك
يجب أن تلبس شيئا ,هل أنت فرح بهذا ؟ وقد عنت بطنه الذي لكزته فتألم ممسكا بطنه ثككم
إبتسمت في وجهه وقالت ً:ا ألست سعيدا بعوداتي سالمة؟ فقال الملك على مضض ً:ا بلككى..
بلى .ونظر إلى هيرودا خلفها وقالً:ا ومن الذي منحني هذه السعاداة البالغة بعوداتك سالمة.
وتقدم الضخم نحو هيرودا تاركا الملكة خلفه فقالت الملكة من خلفه ً:ا هذا هيرودا إبن المككك
أجمنون من أي مملكة قلت ؟ فقال هيروداً:ا من مملكة)زيتا( يا سيدي .فنظر إليه الملك عن
قرب وقال ً:ا من مملكة )زيتا( ,نعم ,وما الذي رماك عليها ؟ فتدارك الملككك نفسككه وقككال ً:ا
أقصد ما سبب وجوداك في غابتنا ؟ هل أنت عابر سبيل ؟ فقاطعته الملكة من خلفككه وهككي
تتقدم إليهما قائلة ً:ا لقد أنقذني من الحشرات التي إختطفتني إنه يستحق وسام النمل الول,
أو تكريما ما لقاء بسالته وشجاعته في القتال ,فلقد غامر بحياته لينقذني .فاسككتدار الملككك
165
إلى الخلف ومشى وهو يقول بترداداً:ا نعم نعككم بالتأكيككد أي شككيء مقابككل رجوعككك لنككا .ثككم
استدار الملك ناحية هيرودا وقال له ً:ا بماذا تتمنى أن نكافئك؟ وقال الملك وهو يشككير بيككده
إلى الملكة ً:ا ل تقل لي أنككك تطلككب مككن أنقككذتها مكافككاة لتأخككذها معككك لقككاء إنقككاذك إياهككا.
فإبتسمت الملكة واحمرت خجل وهي تنظرإلى هيرودا .فتقدم منه هيككرودا إلككى نهايككة تلككك
الرضية المرتفعة حيث يطالع النمل تحتها يعملون ثكم قكال ً:ا مكن أنتكم ؟ وكيكف تعيشكون
بهذا الحجم ؟ فقال له الملك وقد إنضم إليه حيث يطالعان النمل يعمل ً:ا نحككن مككا تسككمونهم
الجن أيها الشاب ,من الجن ,ونسكن الغابات ونتصور بجميع أنواع الحشرات التي تسكككن
الغابات ,فمنا ما يتصور بككالجرادا والضككفاداع والزنككابير والنمككل وحككتى الديككدان ,مككن كككل
شيء من كل شيء كل ما هو من حشرات الغابة ,فهي وسيلتنا للحصول على الغككذاء كمككا
ترى .وأشار الملك بيده إلى النمل وهي تجمع الطعام مككن تحتهككم فوضككع الملككك يككده عككى
ظهر هيرودا وقال له ً:ا آه ماذا تريد ؟ هل تأخذ بعض هذا الطعام ؟ فقال هيرودا ً:ا لقد إحتل
ألعداء مملكتي ,وإني ماضي إليهم ببعض الجند ولكككن ليككس لككدينا وسككيلة للركككوب ,هككل
تعرف من يمكن أن نشتري منكه الخيكول ؟ فقكال الملكك ً:ا ككم تحتكاج مكن الخيكول ؟ فق ال
هيرودا حوالي المايتان .فقال الملك بكل ثقة ووسككاعة صأككدر ً:ا بككل خككذ ثلثا مايككة .ففككرح
هيرودا وقال له ً:ا هل هذا ممكن ؟ فقال الملك ً:ا بكل تأكيد ,ولكنها ليست كخيولكم .فتعجككب
منه هيرودا فقال له الملك ً:ا بل إنها أسرع من خيلكم ,سأعطيك ثلثا ماية من جندي الذين
على صأور الجرادا ,وهم هناك في العلى الن ,أقصد في أعالي الشجار ,يحملكونكم إلكى
مكان ما تريدون .فقال هيرودا ً:ا هككل مككن الممكككن أن نركككب الجككرادا ؟ فقككالت الملكككة مككن
خلفهً:ا وهل من الممكن لبني البشككر أن يككدخلوا بيككوت النمككل ؟ فتككوجه الملككك إلككى هيككرودا
مشيرا إلى الملكة من خلفه وقال له ً:ا هل سمعت ؟ زوجتي ل تنقصها الحكمككة لككذلك فهككي
ل تريد التخلي عني.
أصأبح الملك المتين والملكة العجكوز وهيكرودا وخلفهكم بعكض النمكل السكودا مكن حكراس
الملك فوق فم مملكة النمل على سكطح الرض .فنظرالملكك إلكى العلكى وأطلكق صأكفارة
عجيبة غريبة طويلة داوت في أركان الغابة ,فإذا تسمع أصأوات فحفحككات فككي الغابككة وإذا
هي مجموعة من الجرادا تهوي من أعالي الشجار إلى حيث الملك .وتجمعت كلها أمامهم
فأشار إليها الملك بكفه قائل لهيرودا ً:ا جنوداك أيها البطل ,إنهم تحت تصرفك .فقال هيرودا
ً:ا ولكنها صأغيرة .ونظر هيرودا يتأمل تلك المجموعة الكبيرة من الجرادا .
وصأل الشيخ وهرمس إلى كهف في الجبل فحطى على فسيحة في مدخله .وتقدم سموطان
حذرا من الغار ليدخل وخلفه هرمس .فلمكا داخل الغكار إنتقكز سكموطان لكدى رؤيتكه كلبكا
كبيرا ذو شعر كثيف باسط ذراعية نائما في مدخل الكهكف وقكد طككالت أظكافر يككديه حكتى
غطت على يداه فل يظهر منهما شيء .ثم تقككدم فكي الكهككف إلكى الكداخل وهرمككس وراءه
حتى شاهدا سبعة من الرجال نيام ,وقد كسى الشعر أجسكاداهم وتقطعكت ملبسكهم وصأكار
ذلك الشعر يكسو جسمهم ويغطي عورتهم ,وطالت أظافرهم وهم نيام فككي سككبات عميككق.
166
وتتطلع سموطان في جوانب الكهف الذي قد ملته الغككبرة والككتراب فككي كككل مكككان .ثككم
رجعا إلى الكلب فربط سموطان الكلب من عنقه على حذر بككذيل بقككرة قككد سككلخه .ونككاول
طرف الذيل لهرمس الذي يقف بجانبه .ثم أخذ سموطان أذن من آذان البقككر وضككرب بهككا
على أذن الكلب اليمنى ثلثا مرات وفي كل مرة كان يقول أحد هذه السماء .
تلميخا مكسلمينا ساونوس .ثم وضع الذن أرضا وأخذ من هرمس أذن بقر أخرى فنككاوله
إياها وضرب بها أذن الكلب اليسرى ثلثا وفككي كككل مككره كككان يقككول أحككد هككذه ألسككماء,
مرطليوس بينوس داوانوس .ثم أخذ سككموطان ألذن الككتي وضككعها أرضككا وأرضككفها فككي
ألذن ألخرى وضرب بهما رأس الكلب وقال ً:ا كشطوس وضككربه ضككربة أخككرى علككى
رأسه وقال ً:ا يا قنطوريا فلم يكمل سموطان كلمته حتى قفز سموطان جافل وارتمى بعيدا
على الرض عندما نهض فجأة الكلكب علكى رجليكه واقفكا .ثكم أن الكلكب أخكذ يهكز نفسكه
نافضا الغبار عن شعره وأخذ يتثاوب وهو واقفا في نفس التجاه الذي كان به نائما داونمككا
أن يلتفت إلى الشيخ أو هرمس بجانبه .والشيخ شاخص إليه بصره يرى مككا يفعككل الكلككب.
ثم نبح الكلب سبع نبحات بالتمام وفي كل نبحة كان أحككد أولئككك السككبعة يقككوم مككن نككومه
متثاوبا ماداا يديه ورجليه متمغطا حتى قام آخرهم فمد جسمه فنبككح الكلككب نبحككات متتاليككة
وهو ينظر إلى المخرج .وكان سموطان وهرمس ينظران إلى فعل أولئك الرجال السبعة
الذين تجكاهلوا وجوداهمككا تمامكا .فجكذب الكلككب هرمكس الكذي يمسكك بلجككامه علكى غفلكة
راكضا إلى خارج المغارة وهو ينبح فككتراكض وراءه هرمككس بينمككا الشككيخ ينظككر اليهمككا
يعدوان .فنظر أولئك السبعة إلى كلبهم وهو يعدو وطار كل واحد منهم من مكككان رقككدته
بإتجاه الخارج ,وعندما كان سموطان واقفا في طريقهم مذهول كككانوا يمككرون مككن جككانبه
ودافعهم للهواء يطير بلحيه سموطان ويرفرف ملبسه وهو يراهم يخرجون يتبعون كلبهم
حتى آخرهم فاستجمع سموطان وطار خلفهم ,فأصأبحوا يطيرون كلهككم فككي الفضككاء وراء
الكلب الذي يثب في السماء وهو ينبح .
وكذلك هيرودا كان هناك في الفضاء يطير راكبا على جراداة عملقة وحوله الجند راكبين
على مجموعة من الجكرادا الكتي طكارت بهكم بإتجكاه مملككة )زيتكا( فصكرخأ هيكرودا علكى
هادااساه التي كانت راكبة على جراداة تطير بجكانبه قكائل ً:ا ل يمككن لهكم أن يهزمونكا ,لكم
نحصل على وسيلة ركوب فقط بل جيش ل يقهر .وفككرح هيككرودا مبككادال الفرحككة هادااسككاه
التي راحت تبتسم له منشرحة الصدر من موقفه الذي أصأبح قويا .
في مملكة )زيتا( كان الملك ميشا يدهن بعض الرمككاح والسككيوف بسككائل مككا .والجنككد مككن
حوله يفعلون فعله ومن ورائهكم رجكال أشكداء ذوي أجسكام عظيمكة بكدروعهم وملبسكهم
الحربية ولكنهم برؤوس الخنككازير والقككرداة .ويتقكدمون لسكتلم أسككلحتهم مككن جنكد ميشككا
الواحد تلو الخر .فسمع الملك ميشككا وهككو يككدهن الرمككاح بككوق السككوار فككترك مككا بيككديه
بسرعة وهرول إلى الخارج وما يزال البوق يصيح حتى وصأل ميشا إلككى فككوق السككوار
حيث الجند .فقال له صأاحب البوق وهو يشير بيده إلى الفضاءً:ا انها سحابة سودااء تقترب
167
منا بطريقة غريبة ياسيدي .فنظر إليها ميشككا وهككي تبككدو مككن بعيككد كككالغيم الكككثيف فقككال
للجندي صأاحب البوق ً:ا صأف الجنودا على السوار وكل يأخذ من تلك الرمككاح والسككيوف
الخاصأة زياداة على ماعنده من عدة .واستدار ميشا عنه ومشككى وهككو يقككول لككه ً:ا أحكمككوا
الحراسة وليستعد جميع الجند وتوقف لما رآى آرميا أتي إليه يتبعه مسرعا بإتجككاهه فقككال
له ميشا بغضب ً:ا قلت سيكونون هنا بعد عشرة أيام .وعككض ميشككا علككى أسككنانه ومضككى
يتجاوزه وأرميا واقف هناك مفكرا فخرج إلى السوار لينظر تلككك السككحابة تقككترب بينمككا
أخذ الجميع بالتراكض والصأطفاف في كككل مكككان اسككتعداداا للمعركككة .وكل مككن الجنككودا
الذين إصأطفوا على السور يحمل عدداا مضاعفا من الرماح والسيوف .
فلما وصأل هيرودا وجماعته وبككان للملكك ميشكا وبجككانبه آرميكا تلكك الجمككوع تقككترب مككن
الفضاء أشار ميشا إلى الجند بيده فأطلق البوق ورفع كل جندي رمحه بإتجاه تلك السحابة
فانطلقت الرماح لوحدها تخترق الهككواء بإتجككاه الجككرادا .ففزعككت جنككودا هيككرودا مككن ذلككك
الوابل القادام عليهم ومنهم من إحتمى بدرعه وأصأابت الرماح بعض الجرادا فهوى أرضككا
بالجنودا الذين يركبونها ومن الجرادا من إنخفض أرضككا ولككم تصككبه تلككك الرمككاح .فأشككار
ميشا إلى جنده بيده فأطلقوا البوق فحمل الجند سيوفهم وأطلقوها في الفضاء فانطلقت فككي
اتجاه ذلك الجرادا الذي بعضه إتجه إلى جانب من البككراج وبعضككه واجككه السككيوف الككتي
قامت تقاتل بنفسها الجند على ظهور الجرادا .وبعض الجرادا يختطككف الجنككد الككذين علككى
أسككوار )زيتككا( .وبعككض مككن حمككل حجككارة كككبيرة وقككام يطيككر فككوق القلعككة وتلقيهككا مككن
علوشاهق فتسقط على الجند بالسوار ودااخل القلعة .وكثر الضجيج واحتدم القتال ونزلت
بعض الجراداات إلى أمام القلعة وأنزلت من عليها من الجند ثم طارت للقتال وهككي تحككوم
حول القلعة تخطف الجند وهم يرمونها بالسهام .فكثر القتل فككي كل الطرفيككن وقككام الجنككد
بقذف الكرات النارية على من حاول فتح باب المدينة فقتلوا منهم حتى فتككح الجنككد البوابككة
من الداخل وخرج منها تلك الخنازير والقرداة المتوحشة فأخذت تطاردا جند هيككرودا الككذين
فزعوا من مناظر أولئك الوحوش وهربوا إلى الوراء وتلك المخلوقات تلحقهككم .وأخككذ
الجرادا يتخطف بتلك الخنازير والقرداة ومككن الجككرادا مككن نككزل إلككى الرض وتحككول إلككى
ضفدع عملق أخذ يضرب القرداة والخنازير بلسانه الطويل ومن الجرادا مككن تحككول إلككى
نمل أسودا كبير أخذ يقص تلك الجنكودا المتحولكة بمقاصأكه القويكة الكتي فكي فمكه .وقكويت
شكوكة جنكد هيكرودا فرجعكوا إلكى قتكال الخنكازير عنكدما تكأفكات الكفتكان فككثرت الكدماء
بالمكان .وميشا يراقب من فوق وانزعج وزمجر وهو ينظر إلى تلك الحشككرات العملقككة
تفتك بجنده وبجانبه آرميا والشيخان أخوي سموطان .فغضب آرميككا وتحككول إلككى مرقككس
الرملي وأخذ سيفين كل سيف بيد وقفز من أمام ميشا من فوق القلعككة إلككى خككارج المدينككة
وأخذ يعمل القتل في الجنودا فتهجم عليه الجرادا بأيديها الشككوكية فتخككترقه ول تككؤثر فيككه .
فيقص أرجلها ويكبيها بسيفه وهكذا على النمككل وقككص ألسككن بعككض الضككفاداع ولككم يقككدر
عليه أحد وهو يشق طريقه قتل يمينا ويسارا وميشا يشاهده وقد سرت سرائره وفككرح بككه.
وتقدمت من مرقس جراداة وقصمته بفمهككا مككن بطنككه ولككم تككؤثر بككه فضككربها بسككيفه بيككن
عينيها فترنحت وسارت إلى جهه اليمين قليل فسقط أوريا من على ظهرها فككوقعت عليككه
168
ببطنها وأخمدته أرضا تحتها .وهيرودا هناك يقاتل في كككل جهككه يضككرب بيمينككه ويسككاره
ويسقطهم .وهادااساه تتبعها روثا وقد وضعتا دايفككي بينهمككا وكلمككا حككاول أحككد القككتراب
منهم مدت هادااساه بيدها التي بها الخاتم السليماني فتخرج أنصال على شكل داائرة واسعة
تشمل ثلثتهم من كل إتجاه فتضرب من بطريقها وتدفعه بعيدا مقتول وهكذا كككانت تتقككدم
مع روثا ودايفي تحت تلك المظلككة الحديديككة وكككل مككن أرادا ضككربهم بسككهم إنطلقككت تلككك
الدائرة وقطعت أي شيء يحاول داخككول تلككك الككدائرة الككتي هككم فيهككا ومهمككا تقككدموا تتقككدم
معهم.
وصأل أصأحاب الكهف إلى بقعة مكشوفة من الغابة فنزل الكلب بإتجاههككا يعككدو وهرمككس
وراءه ومن خلفه أصأحاب الكلب والشيخ خلفهم .حتى داخككل الكلككب وغككاص فككي الرض
بهرمس وتبعهما أصأحابه بينما حط سموطان على الرض واقفا هنككاك حيككث إختفككوا .ثككم
ظهروا من دااخل تلك الممرات يطيرون فيها حتى داخل الكلككب تلككك الغرفككة حيككث الملكككة
وأبنائها الستة واقفين كالخشب بل حراك .فوقف الكلب بجانب زاوية الغرفة يلهككث ينظككر
إلى الجان بينما هرمس واقف بجانبه ممكسا بلجامه فدخل أصأحاب الكهف الغرفة طيرانككا
ومباشرة توجهوا إلى الجان وأخذوا يدخلون أجسادا الجان ويخرجون حتى داخككل جميعهككم
في جميع الجان .فتحرروا وطار الكلب بهرمس راجعا من الممرات بينمككا طككارت الجككن
وراء هرمس ومن خلفهم أصأحاب الكهف يطيرون فككي تلككك الممككرات الضككيقة المظلمككة.
وكان هناك الملك غيدول فشاهدهم يطيرون ويهربون فصاح بهم قككائل ً:ا دابككورة ...ولكككن
الملكة لم تجب بل زادات سرعتها بينما الملك غيدول يصيح من ورائهككم قككائل ً:ا دابككورة...
ل تعوداي إلينا ثانية ...هذه طريق اللعوداة .
وعندما ظهر هرمس وكلبه لسموطان فوق سطح الرض ومن وراءه الملكككة دابككورة قفككز
الكلب من يد هرمس وطار في الفضاء يعدو .فخرج أصأككحاب الكهككف مككن تحككت السككطح
يلحقون بكلبهم الذي ينبح في السماء حتى إختفوا معه .ففرح بهم سموطان وهو ينظر إلككى
الملكة التي سرت برؤيته وقبل أن ينطق سموطان قاطعته الملكة دابككورة قائلككة ً:ا يجككب أن
نسرع لقد فاتني الكككثير مككن المغككامرة .وتبسككمت وأولداهككا مككن حولهككا فتبسككم الشككيخ لهككا
وطاروا جميعا .
مرقس وإذ يقاتل الجند مشى حتى وصأل إلى هيرودا فرأى كل منهمككا الخككر .فتقككدم إليككه
هيرودا وراحا يتقاتلن فاصأطكت السيوف وتعالت الصيحات .ثم أن هيرودا عاجل مرقس
بضربه من سيفه على عنقه ولكن السيف إخترق تلك الرقبككة الرمليككة داونمككا أثككر فضككحك
مرقس ووقف هيرودا عاجزا .فضككربه مرقككس علككى فخككذه بسككيفه فجرحككه ,واقككترب منككه
ليجهز عليه ولكن هادااساه كانت هناك فاقتربت من مرقس وأعملككت فيككه خاتمهككا فشككطفته
الدائرة النصلية إلى رمال متناثرة في الرض .ولكن حبيبات الرمل تلك عاداة مرة أخككرى
إلى جسد مرقس .ولم يستطع القتراب من هيرودا الذي كان مجروحا خلف هادااساه الككتي
تحميه بدائرتها النصلية .وهناك قد بقككي مككن الجككرادا واحككدة ,فككاجتمع عليهككا جنككد القككرداة
169
والخنازير فقتلوها عندها تقدم جند وخنازير وقرداة كككثيرة مككن دااخككل المدينككة وتصككايحوا
ونخروا بمناخيرهم وحملوا عليهم وإذ ذاك إنتبهوا إلى مجموعككة مككن الجنككد تهجككم عليهككم
بخيلهم ولم تكن هناك في سككاحة المعركككة مككن الخيككول .فككإذا هككوجيش مككن مملكككة الملككك
شمشون قد وصألوا واشتبكوا معهم وداار القتال بينهم وصأارت المعمة فالتفت مرقس إليهم
وراح يقتل فيهم .ولكن الجيش كان ضخما وبانت القرداة والخنازير ومن جند ميشا قلة في
وجه هذا الجيش الجرار الذي لم يبن لككه آخككر بعككد .عنككدها نظككر ميشككا إلككى تلككك الجمككوع
الغفيرة وتيقن الهزيمة فأعطى الشارة إلى جنده فوق السوارفنفخوا فكي البكواق فسكمعه
الجند وبدؤا اينسحبون من أرض المعركككة بإتجككاه بوابككة المدينككة .والملككك ميشككا لمككا رأى
جيشه ينسحب داخل إلى دااخل الغرفة التي كان يطالع منها المعركة ووضع القمشككة ذات
اللوان السبعة ,وكوم كل لون لوحده ثم وقف قبالتها وعزم قائل ً:ا يا تاي يا ظطع يا فحت
يا غذحي يا ثاي ياقطص يا شدع .فما أتم عزيمته حتى كان كلمككا ذكككر إسككم قككام صأككاحبه
من تحت ثوب لونه رجل يلبس ذلك القماش حتى صأاروا سبعة رجال بسبعة ألوان يقفون
في هواء الغرفة مصطفين أمام ميشا بالسمع والطاعة .
في ساحة المعركة ومرقس يقاتل إنتبه إلى جنكد ميشككا وقرداتكه وخنككازيره وهككم ينسكحبون
ويهمون بإغلق بوابة المدينة فصرخأ بهم قائل ً:ا ل...ونظر إلى العلى حيث كككان هككو و
ميشاهناك على الشرفة وقال ً:ا أيها الغبي .ثم راح يضرب في الجند يمنه ويسره .وإذ مككن
جند الملك شمشون من يحاولون في بوابة المدينة حينهككا خرجككت ملككوك اللككوان السككبعة
من المدينة وطارت إلى الجيككش الككذي بالخكارج واسككتقروا فككي الفضككاء فككي صأككف واحككد
واقفين أعلى الجيش وخرجت من أعينهككم أنككوار وإضككاءات كككل ملككك بلككونه الككذي عليككه
يخرج نوره بإتجاه الجموع تحتهم ,ثم إنطفأت النوار واختفت ملوك اللوان عندها بككدأت
اللوان تختفي من نظر الجيش وكل ما ينظككروه يصككبح باهتككا أكككثر فككأكثر حككتى أظلمككت
عليهم الدنيا في وضح النهار .وأصأاب جميع من كككانوا هنككاك العمككى فل يبصككرون شككيئا
ومن ضمنهم مرقس وهيرودا ودايفي وروثا وهادااساه .وراح من الجند يمد سككيفه متحفككزا
لي صأوت أمامه يضرب دافاعا عن نفسه فيقتلون بعضهم البعض .وكثرت الضجة فيهم
وهم ل يعلمون ماذا أصأاب الدنيا من ظلم .وراح مرقس يضرب بسككيفه ضككرب عشككواء
في كل مكان وهو يقول ً:ا لماذا حل الظلم بالمكان ؟ مككاذا حككدثا ؟ أي قككوة هككذه ؟ عنككدها
فتح الجند بوابة المدينة وخرجككت جمككوع القككرداة والخنككازير وهككي تصككيح بوحشككية ومككن
ورائهم جند ميشا يتراكضون إلى جيش العميكان وككانت تلكك غنيمككة سككهله فكأثخنوا فيهككم
القنل وهم غافلون .
أوريا كان يحاول جاهدا الزحف من تحت بطن الجراداة التي وقعت عليه حتى خرج منهككا
فشاهد ما يحصل وكان هو الوحيد الذي لم يلحق بصره شيء لنه لم يككن معهككم بككل ككان
تحت تلك الجراداة العملقة فلم يعمى بصره .فشاهد هناك روثا ممسكة بديفي وقد إلتصق
دايفي بهادااساه أمامه التي كانت تطلق داائرتها النصلية طوال الوقت بل توقف مككاداة بيككدها
وثلثتهم ل يرون شيئا أمامهم .ثم أن أوريا شاهد مرقس يتخبط بسيفه في الساحة من غير
هدى .فالتقط أوريا سيفا واتجه إليه يخاتله حتى إذا ما وصأل إليه من خلفككه وارادا ضككربه
170
إستدار مرقس فجأة ملوحا بسيفه خلفه بقوة فإذا ضربته تقع في سيف أوريا فارتككد للخلككف
ووقع أوريا أرضا مصدرا صأوتا .فتقككدم إليككه مرقككس يتحسككس ذلككك الصككوت فككي الظلم
وأوريا حيث سقط يزحف للخلف ومرقس يتبعه رافعا سيفه حتى إصأطدم أوريا في عربككة
خلفه ولم تطل يده من فوقه غيكر قربكة م اء معلقكة بالعربكة فرماهكا عليكه ليشكتت إنتبكاهه
فأصأاب الماء يد مرقس الرملية فوقعت يككده رمل متكومككا علككى الرض مككع السككيف ولككم
تنهض رمال اليد إلى مكانها مرة أخرى في جسده .فخاف مرقس إثر ذلك فتنبه أوريا إلى
ضعفه فنهض من تحت العربة ورأى قربة ماء أخرى معلقة على العربة فأخذها ورماهككا
على مرقس فأصأابت أجزاء منه .فأصأبح جسم مرقككس الرملككي فيككه فجككوات فارغككة مككن
بطنه وصأدره ووجهه وأرجله مكان ما أصأابه الماء فسقطت الرمال على الرض ولم تعد
فخر مرقس أرضا يتلمس رماله بينما كان أوريا ينظر إليككه كيككف أصأككبح ذلككك الجككبروت
عاجزا ضعيفا خائفا .ونظر أوريا في تلك العربة بحثا عككن المككاء فلككم يجككده .عنككدها وجككد
أوريا الحل فتقدم من مرقس وهو على الرض يبحث عن رماله المفقوداة من جسده فأخككذ
أوريا يبول في مرقس وكلما بال عليه ذبل وتساقطت رماله حتى أفرغ أوريا كل ما عنككده
فبال على وجه مرقس فأصأبح كومة من الرمل المتثاقلة بالماء.
أما جند الملك شمشمون فقد كانوا يقككاتلون ويككدافعون عككن أنفسككهم بمكا إسككتطاعوا وهنككاك
منهم من يقاتل بعضكهم البعكض فحضكر الشكيخ سكموطان مكع ملكوك الجكان مكن الفضكاء
وشاهدوا تلك المعمعة فأخذ كل منهم شيئا من السكلحة وراحكوا يسكاعدون فكي قتكال تلكك
الخنازير والقرداة المتوحشة ويبعدونهم عككن العميككان قككدر المسككتطاع .وأخككذ الشككيخ يشككق
طريقه بقتل من يعترضة باحثا عن دايفي وروثا وهرمككس معككه يسككاعده .والملكككة دابككورة
وأولداها تجمع حككولهم جنككد ميشكا ووحوشكه يقكاتلونهم .حكتى شكاهد الشككيخ دايفككي وروثا
وشاهد هادااساه وهي تحميهم فصرخأ بهم قائل ً:ا روثا دايفي .فانتبهوا لمككن ينككادايهم فقككالت
روثا ً:ا سموطان أهذا أنت ؟ فقال سموطان ً:ا نعم ,هادااساه أحسنت صأنعا يمكنككك التوقككف
قليل الن .وحيث لككم يكككن يهجككم عليهككم أحككد حينهككا فتككوقفت هادااسككاه عككن إداارة داائرتهككا
النصلية فركض سموطان إلى روثا ودايفي اللذان إحتضناه بقككوة وكككادات روثا أن تبكككي
مما لقياه من معاناه وأخطار في غيابه .فنظر الشككيخ وراءه حيككث يقككف هرمككس يحميهككم
فنظر هرمس إليهم بإبتسام .فأخذ الشيخ دايفي وقككال لهرمككس ً:ا عليككك بككروثا هككذا المكككان
غير آمن هنا .ثم توجه سموطان بالكلم إلى هادااساه قبل أن يطير بديفي قككائل ً:ا هادااسككاه,
أنت لوحدك الن .وطار الشيخ بديفي كما طار هرمس بروثا فشاهدهم الجككن مككن تحتهككم
وهم يطيرون بإتجاه المدينة فلحقوا بهم مع أمهم وتركوا ساحة المعركككة والجنككد ينككاظلون
بدون أبصارهم .وكان أوريا مشغول يجمع رمال مرقس المبلولة في جونية .
هبط الشيخ ومن معه إلى برج القلعة وداخلوا في ممرات المدينة الداخلية وسموطان يقككودا
دايفي كما هرمس خلفه يقودا روثا والجن من أمامهم مع أمهككم يشككقون لهككم الطريككق ممككن
يعترضهم في وجهتهم من الجند ,حتى وصألوا إلى سردااب فدخلوا فيككه إلككى غرفككة كككبيرة
171
خالية إل من قفل أسودا كبير في وسطها ,وهذه على قاعدة مبنية صأغيرة إنه القفل السكابع.
فتقدم إليه سموطان وبيده دايفي ولكن فجككأة ظهككر أمككامهم ميشككا فككترك الشككيخ دايفككي وقككال
لهرمس ً:ا أخرجوا المفتاح وهو ينظر إلى ميشا فتقدم منككه سككموطان فتعاركككا وطككارا فككي
أرجككاء الغرفككة ولكككن الشككيخ كككان ضككعيفا بسككبب الجككروح فككي معصككميه فأخككذا يكيلن
لبعضهما الركلت واللكمات بينما تقدم هرمس بديفي وروثا إلى القفل وخلفه الجان فأخذ
في ساحة المعركة هادااساه كانت تتحرك ببطأ وهي في حماية تلك الدائرة النصلية التي ل
تتوقف عن الككدوران ورغبككت هادااسككاه بقككوة أن تحلككق بالبقيككة عنككد إختفككائهم عنهككا وهككي
لوحدها .فحاولت جاهده أن تبصر الطريق أمامها ,فاستجاب الخاتم السليماني في إبهامهككا
لرغبتها الشديدة فإذا الصورة أمامها تتضح شيئا فشيئا حتى إستطاعت أن تككرى بوضككوح
ففرحت وأسرعت الخطى إلى دااخل القلعة وداائرتهككا النصككليه تككدفع بكككل مككن يتقككدم منهككا
بعيدا مصروعا حتى داخلت تسير في ممرات القلعه.
الخوة الجان خمسة منهم قد وضعت لهم مفاتيحهم فككي قلئككدهم ولككم يبقككى غيككر مفتككاحي
الجمعة والسبت لناهيد وكيوان فأخكذت الملككة دابكورة بيكد روثا ووضكعتها علكى مفتكاح
وقالت ً:ا وهذا مفتاح يوم الجمعة أناهيد .فتقدم أناهيد منهككا يرفككع قلداتككه والملكككة تسككند يككد
172
روثا وتوجهها كما فعلت مع إخوته الخمسة ولكن وقبل أن تضعه روثا فككي قلداتككه وقككع
أناهيد أرضا متألما يمسك بطنه فجأة فقالت روثا فزعة ً:ا أناهيد مككا بككك ؟ عنككدها اسككتدار
الجان ناحية الباب فشاهدوا الشيخان لمون وشملل يقفان على مدخل الغرفككة وقككد سككدى
المدخل وهما ينظران إلى أناهيد بتركيز .وقككد أمسكك لمكون الطويكل بكتكاب ضكخم بيككده
اليمنى على صأدره .فتقدم الخوة مع أمهم إليهما ولكن ما هككي الخطككوة واحككدة تقككدموها
حتى تمرغوا جميعهم على الرض يتلككون تتقطككع أمعككائهم مككن أللككم والشككيخان يركككزان
أنظارهما عليهم وسموطان هناك في قتال الشديد مع ميشا وقد أنهكه التعب وخارت قواه.
وبينما الجان يعتصككرون فككي الرض إذا بهادااسككاه تككدخل الغرفككة بعككد أن ركلككت شككملل
القصير إلى الداخل فوقع أرضا متألما فالتفت إليها لمككون الطويككل غاضككبا وركككز عينيككه
عليها ولكن هادااساه إندفعت إليه ووجهت خاتمها عليه فخرجت الدائرة النصليه وضككربته
بقوة فوقع إلى الخلف ,وتناثرت قراطيس الكتاب السليماني الذي كان يحمله .حيث كككانت
ضربة الدائرة النصلية فيه لحسن حظ لمون .وقد تمنى أن تكككون الضككربة فيككه بككدل مككن
تمزق الكتاب فجزع هو وأخوه على الكتكاب وراحكا يلمككان ويلتقطككان قراطيسككه وأجزائكه
وكل واحد منهما أخذ جزءا منه ووليا هاربين إلككى الخككارج .عنككدها نهككظ أناهيككد وإخككوته
وتوجهوا إلى روثا ليكملوا ما كانوا عليه فنظرت هادااسكاه إلكى ميشكا وقكد إرتفكع بالشكيخ
إلى سقف الغرفة وأسنده على الجدارهناك ,قابض عليه من رقبته يخنقككه والشككيخ قككد نككال
منه ألرهاق فاستسلم له .فأشارت روثا بخاتمها إلى رمح يزين جدار الغرفة توجهه إلى
ظهر ميشا وتفأجات هادااساه عنكدما خكرج الرمكح وتحكرك بكل ليكس وحكده هنكاك خمسكة
رماح أخرى تزين جدران الغرفة تحرككت كلهككا بإتجكاه واحككد إلكى ميشكا فككانت فرحتهككا
لستجابة الرماح لمرها ل توصأف فخرقت الرماح جسم ميشا الذي تفاجأ بهككا مككن خلفككه
تطعنه فشهق تاركا خناق الشيخ فوقعا معا من فوق .ولكن الملكة دابورة كككانت قريبككة مككن
حيث يقعا فمدت عقوصأها والتقفت الشيخ قبل أن يقككع علككى الرض وهككو كالخلقككة الباليككة
بينما إرتطم ميشا بجككانبهم علككى الرض مخزقككا بالرمككاح .فوضككعت الملكككة الشككيخ علككى
الرض ورأسه على حجرها وهككو متألمككا مككدميا ل يكككادا يفتككح عينيككه وكككان دايفككي هنككاك
بجانبهم ففتح سموطان عينه قليل فرآه فقال بصوت تعب ً:ا دايفي .ثم إبتسككم الشككيخ فخطككى
دايفي خطوة بإتجاه الصوت وهو يمد إلى الشيخ يده بالمفتاح الخيككر الككذي فتحككة مككن قفككل
)زيتا( فنظر إليه سموطان بإبتسام وأخذه من يده وهو ينظر إلى براءة دايفككي وهككو ينككاوله
المفتاح وكأنه ل يريده ول يعني له شيئا ,وكأنه يقككول هككاكم خككذوا مككا تقتتلككون مككن أجلككه.
فاقترب كيوان من الشيخ وركع لتصل قلداته إلى مستوى يد الشيخ علككى الرض فوضككع
الشيخ المفتاح في قلداة كيوان بيده التي تقطر داما فخرجت تلك الضاءة وتمغنط المفتاح
فككي قلداة كيككوان .ثككم تككوجه كيككوان إلككى إخككوته وتجمعككوا وتحلقككوا فككي داائككرة وارتفعككت
أجساداهم عن الرض بمقدار نصف المتر .ثم خرجككت أنككوار عجيبككة مككن قلدااتهككم علككى
شكل داائري الى مركز الدائرة التي شكلوها وبدأت أجساداهم تدور حول تلك الككدائرة .وإذ
هم يدورون بتلك الدائرة ظهرت في وسط الدائرة قككدمان كبيرتككان لشككخص أسككمر ينتعككل
حذاء من ذهب يلمع تمتد من الحذاء أحزمة ذهبية إلى سمانة ساقه .ثم بككدأ بككالظهور أكككثر
173
إلى العلى فإذا هو يلبس غطاء على عورته من ذهب .مكشوف الصككدر .وعنككدما توقككف
ظهوره واكتمل شكله إذا برأسه يكادا أن يلمس سككقف الغرفككة العككالي ,رجككل أسككمر اللككون
عريض أصألع ليس إل عقص أسودا طويل من خلف رأسه ,يلبككس السككاور الذهبيككة علككى
معصميه ,وأسوارين كبيرين كل أسورة من ذهب على عضدية .ويحمل بوقككا مككن ذهككب
عظيم طويل ينظر أمامه بهيبة وجلل والخوة الجان يدورون في الفضاء من تحته حول
قدميه حتى توقفوا عن الدوران لما إكتمل ظهوره وذلك النور من قلئككدهم قككد إنتشككر فككي
الدائرة من حول قدمية فرفع الرجل السمر العملق بوقه ونفخ فيه نفخة أسمعت الداغال
والغابات والسهول والودايان والجبال والجند الككذين يتعككاركون فككي الخككارج والككذين فجككأة
رجعت النوار إلى أبصارهم وشاهدوا من يقاتلون أمامهم ولكنهم لككم يتحركككوا بككل وقككف
الطرفان مصطمين يستمعون إلى ذلك الصوت القوي العجيككب الككذي ل يعككرف مصككدره.
وفجأة بدأ جنودا الملك ميشا تتيبس أجساداهم شيئا فشيئا حتى صأاروا تماثيككل مككن الحجككارة
على وضعياتهم القتالية .والجنودا الخنازير رجعت خنازير عاداية تخنككزر مككن حككول جنككد
الملك شمشون وتنخر وتطلب الوحل والقاذورات وجند شمشون يحككاولون القبككض عليهككا
لكلها .والجند القرودا رجعوا قروداا يقفزون في المككان كالبهلوانيككات ويطلبكون الشككجار
فهللت الجموع وعمت الفرحة وتراقص الجند .أما الشيخان لمون وشككملل فكانككا يهمككان
بالهرب بالكتاب وهما ينزلن من سكلم مككدخل القصكر عنكدما صأكاح ذلككك البككوق فتحجكرا
هناك وهما يخطوان نزول من السلم وتحت إبككط كككل واحككد منهمككا قراطيككس مككن الكتككاب
السليماني وقد تحجرت معهما .
في صأبيحة يوم مشكمس جميكل بككانت مدينكة )زيتكا( وقكد رفرفككت ألعلم فككوق أسككوارها
وظهرت مباهج الفرحة في كل مكان وأخذت الناس وهي تتوافكد إلكى المدينكة تتأمكل ذلكك
الصف الطويل من الجنودا المتحجرة على طول بوابة القلعة بأشكالهم وملبسهم وعككدداهم
القتالية متعجبين من طريقة نحتهم بتلك الصورة المتقنة البديعة ,وفي ساحة القصر تجمككع
الناس ليشاهدوا على بوابة القصر هيرودا وهادااساه وهي تلبس البيض في أحلى حلة وأم
هيرودا بجانبه وبجانبها علككى السككلم أم روثا وروثا وقككد لبسككت هككي أيضككا لباسككا أبيضككا
جميل وبجانبها دايفككي وأمككه وكككذلك شككهلون والحكيككم يوقككاس تلميككذ الشككيخ وزوجككة أخككو
هيرودا الراحل سامويل ووصأيفتها الحسناء وأخوانها الملوك ,ويصطف من حككولهم الجككن
السبعة والطباخة والطباخأ والخضرواتي والخادام وكبير الجند والجميككع فككي أجمككل حللهككم
وهيئاتهم .فإذا أوريا يتقدم من بهوات القصر إلى ناحيتهم يحمل تلك الجونيككة الككتي وضككع
فيها رمال مرقس حتى وصأكل إلكى عنكدهم مكن ناحيكة دارج بوابكة ومكدخل القصكر حيكث
مزهرية كبيرة زجاجية شفافة وقد مل نصفها بالماء فحضر إلى عنككدها وأسكككب بككداخلها
ذلك الرمل من الجونية وتقدم من روثا وأمسك بيدها وهو في أجمل حلة مبتسم .
ونظر هيرودا إلى هادااساه التي أمسكت بيده وخلعت الخاتم السليماني من إبهامها ورفعككت
يده لتلبسه اياه ولكنه كان يلبس خككاتم المملكككة الككذي أخككذه عككن أبيككه الملككك أجمنككون وفككي
الصأابع الخرى الخككاتمين المعصككفرين اللككذان أهككداهما الملككك شمشككون للملككك أجمنككون
174
فارتبكت ولم تدري أين تضعه فأمسك هيرودا بخاتم المملكة وخلعه من إصأبعه وأخذ يككدها
وألبسها اياه وهو يبتسم فألبسته هادااساه الخاتم السليماني مكان مككا خلككع ذلككك مككن إصأككبعة
وهي خجلة .حينها نظر هيرودا إلى يساره فتقدم منه الخادام وهو يحمل علككى صأككينية تاجككا
مرصأعا بللي واللماس فأخذه هيرودا ووضعه على رأسها ونظروا إلكى الجمهكور الكذين
راحوا يصفقون لهم ويهللون .وبجككانب الككدرج مككن كل الجهككتين خلفهككم الشككيخان لمككون
الطويل عن يمين الدرج وقد تجمد ونصف الكتاب السليماني تحت إبطه وشملل القصككير
عن يسار الدرج وقد تجمد ونصف الكتاب السليماني تحت إبطه .ودايفي إذ سككمع التهاليككل
أطلق ضحكة حاداة وهو يمسك بسلسلة المفاتيح السبعة التي يلبسها حول عنقه .
أما الشيخ سموطان فقد كان أمام كوخة عندما إلتفت لينظر إلككى آخككر الطريككق التككي مككن
القرية حيث سمع صأوت أحدهم يشجب وينعق فإذا به ذلك التككاجر نفسككه الككذي رش عليككه
مسحوق الضراط من قبل كدواء لمعدته يهرول ناحيته وهو يرفككع يككديه بالسككب وينزلهمككا
وهو يلعن سموطان ,وسموطان ينظر إليه حتى وصأل إلى عنده فقال التاجر بحنككق ً:ا إنككك
لست من أهل الطب في شيء ,ما أنت إل داجال ,نعم داجال يا سموطان وسوف أشكككوك.
وتقدم منه التاجر وأمسك بساعده تحت إبطه وجره ليأخذه معه ليشكككوه فمشككى التككاجر بككه
قليل ويد سموطان تحت إبطه ثم توقف التاجر فجأة لما أحس أن اليد خفيفككة ,فنظككر إليهككا
فإذا هي يد وساعد سموطان ولوحدها ,فنظر خلفه فشاهد سككموطان هنككاك واليككد فككي يككده
فإذا سموطان قد خلعت يده فصرخأ التاجر وارتجف من الخوف وألقى باليد وولى هاربككا
جزعا فأخذ سموطان يضحك عليه وهو يراه مدبرا يصيح الويل حتى إختفى التككاجر فككي
آخر الطريق فتقدم سموطان إلى تلك اليد التي رماها التاجر ومد يده أرضا فإذا هكي عكودا
يابس فسمع سموطان وهو منحني ليلتقطها صأككوت مككن يضككحك مككن بككاب كككوخه فككالتفت
وهو منحني إلى الباب وهو يأخذ عصاه فإذا هي الملكة دابورة ,وقد شاهدت وسككمعت مككا
حدثا .فأخذ سموطان العصى وتوجه إليها وهي مازالت تضحك وقد وضعت يككديها علككى
خاصأرتيها فلما إقترب منها سموطان لدى الباب مدت عقوصأها فجأة حككوله وسككحبته إلككى
الداخل قائلة ً:ا تعال إلى هنا أيها الشيخ الهرم .ويسمع صأوت سموطان مككن الخككارج وهككو
يقول لها دااخل الكوخأ ً:ا أنا الشيخ الهرم ! إن أصأغر أبنائك كيوان عمره يزيككد عككن السككبع
مايه سنة ,كل من يطردا من بيته يأتي إلى كوخي .فقالت له دابورة ً:ا إخرس .
175