حوادث ١٨٦٠م في لبنان ودمشق

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫حوادث ‪١٨٦٠‬م في لبنان ودمشق‬

‫!!هل كانت فتنة دينية أم مؤامرة سـياسية غربيــة ؟‬

‫االثنين ‪ ١١‬كانون األول (ديسمبر) ‪ ،٢٠٠٦‬بقلم إلياس بوالد‬

‫ألقيت هذه المحاضرة في شهر كانون الثاني ‪ 2006‬في قاعة محاضرات بطريركية الروم الكاثوليك في دمشق‬

‫تأتي هذه الندوة في سياق موقف من التاريخ اإلنساني‪ :‬مفاده أن هذا التاريخ بكل محطاته الكبرى والصغرى‪ ،‬هو تاريخ خيّر‪ ،‬قد‬
‫أنتج حضارات الشعوب‪ ،‬كما ساهم بفعل تراكمي للجهود والقدرات البشرية في تطوير نوعي للوجود اإلنساني‪ ،‬تمثل في عصوره‬
‫المتأخرة في إنتاج اإلنسان للتكنولوجيا المذهلة ‪ .‬وإذا كانت الحياة اإلنسانية قد اكتسبت خيرا ً من هذا اإلنتاج‪ ،‬فإن من واجب‬
‫الدارسين‪ :‬إعادة النظر في موقفهم من أحداث تاريخ اإلنسانية‪ ،‬والنظر إليها برؤيا أشمل في سياق هذه النتيجة اإليجابية التي‬
‫‪ .‬تحققت وجوديا ً على يد اإلنسان في أكثر من مكان‬

‫واألخوة اإلنسانية‪ ،‬فإن البحث في إيجابية الدور الوجودي لإلنسان على‬


‫ً‬ ‫دعا آباؤنا الروحيين إلى التأكيد على تمتين الوحدة الوطنية‬
‫تنوعه في المنطقة‪ ،‬تلتقي مع هذه الدعوة‪ ،‬والتي يرى الباحث أنها واحدة من القضايا التي يجب أن تعاد قراءتها‪ ،‬حتى يكتسب‬
‫الوطن الغالي الصحة والعافية التامتين ‪ .‬كما تدعونا لفتح صفحة أحداث ‪ 1860‬لنقرأها بموضوعية في ضوء هذه اإليجابية‬
‫‪ .‬الوجودية لإلنسان ‪ ،‬بما تتضمن من سياق دعوة ملحّة‪ ،‬لتمتين أواصر الوحدة الوطنية‬

‫حتى ال يؤخذ ما ي َِرد في هذه المحاضرة على غير المقصود منه‪ ،‬فإننا نرجّح بأن كل مشاريع الفتن والفوضى المصنّعة في الخارج‬
‫والمصدّرة إلى منطقة ما‪ ،‬ما هي إال مشاريع تهديمية همجية‪ ،‬إلنهاء وضع اقتصادي متميز لتلك المنطقة‪ ،‬ومثال ذلك موضوع‬
‫‪ .‬بحثنا هذا‬

‫ال زال هذا السؤال يشغل بالي منذ سنوات‪ ،‬ولقد دعوت في مقدمة الكتاب الذي ترجمته إلى اللغة العربية عام ‪2003‬م بعنوان تاريخ‬
‫الفنون والصناعات الدمشقية " تأليف توفيق يوسف بوالد المتخصص بالتاريخ"‪ :‬إلى دراسة هذه الحوادث بتعمق‪ ،‬من الناحيتين‬
‫االقتصادية والسياسية‪ ،‬ألن معظم الكتب التي تناولتها غالبا ما قامت بعرض توصيفي لألحداث والمذابح بتفاصيلها اليومية‬
‫والواقعية من الناحية الطائفية فقط‪ ،‬حيث لم يتعرض أحد حتى اآلن في بحث تحليلي ألسبابها الخارجية والحقيقية‪ ،‬وأبعادها الدولية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وإن أشار بعضهم بصورة سطحية عابرة تفتقد إلى البحث العلمي‪ :‬إلى وقوف قوى خارجية طامعة وراء األطراف‬
‫‪.‬المتنازعة‬

‫إن الظروف الدولية والمحلية الساخنة التي تعيشها دول المنطقة اليوم وباألخص العراق ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬سوريا كحصيلة للتبدالت في‬
‫الهيكلية اإلقتصادية للدول الطامعة‪ ....‬تدفع أكثر إلعادة السؤال الذي أشرت إليه في الفقرة السابقة راغبا ً في عرض وجهة نظري‬
‫بقليل من التفصيل راجيا ً أن تكون كورقة بحث‪ ،‬يغنيها المتخصصون بالتاريخ والمهتمون بأحوال وتاريخ وحاضر ومستقبل هذه‬
‫‪ .‬المنطقة ‪ ،‬من أبنائها أوالً‪ ،‬ومن الباحثين األجانب ثانيا ً‬

‫أرى أن حوادث ‪1860‬م في لبنان ودمشق ‪ ،‬تعتبر مفصالً تاريخيا ً أساسياً‪ ،‬ساهم في صياغة السياسة الخارجية الغربية حتى اليوم‪،‬‬
‫وربما ألحقاب أخرى !! ‪ .‬فقد تكرر ظهور هذه السياسة بصيغها وعواملها المفتعلة وحيثياتها‪ ،‬وجرى التذرع بمفاعيلها لتبرير‬
‫‪.‬العديد من التدخالت األجنبية إلى يومنا هذا‬

‫‪:‬وهنا يمكننا إيجاز الغاية والهدف والوسيلة من وراء إثارة الفتن والحروب الدينية والطائفية بثالثة بنود‬

‫القضاء بأسرع ما يمكن‪ ،‬وبأي ثمن على أية خطوة تقوم بها شعوب هذه المنطقة للمضي قدما ً نحو تحقيق نهضة اقتصادية‬
‫حضارية صناعية‪ ،‬مثال ذلك محاولة محمد علي في مصر واعتماده على نشاط السوريين وخبرتهم في مشروع نهضته‪ ،‬حيث كانت‬
‫سوريا هي العمق السياسي االقتصادي لمشروعه النهضوي الذي كان يمس بتوجهاته سلبا ً من جهة مقابلة المصالح االقتصادية‬
‫للدول العظمى آنذاك حيث كانت سوريا بوابة الشرق‪ ،‬مما أدى ذلك الحقا إلى تفجر حوادث العام ‪1860‬م في لبنان ودمشق إلنهاء‬
‫الواقع االقتصادي المتميز الناشط لتلك المنطقة السورية في تلك الفترة‪ .‬ففي البداية كان القضاء عسكريا على تلك المحاولةً‪ ،‬أما‬
‫في المرحلة الالحقة فقد تم ذلك من خالل مؤامرة دُفع أبناء الشعب الواحد لتنفيذها من خالل التقاتل فيما بينهم‪ .‬وقد تم اإلعداد لها‬
‫بسرية تامة‪ ،‬بحيث يظهر الجالد فيها بمظهر المنقذ‪ .‬وذلك بغرض احتكار الغرب للمادة األولية وتجارتها وصناعتها‪ ،‬التي هي‬
‫‪ .‬األساس المادي لقيام النهضة الصناعية في القرن التاسع عشر ‪" ،‬الحرير" سابقا ً و"النفط" حاليا ً‬

‫وكانت الوسيلة الدائمة لتحقيقها‪ :‬هي نشر وتشجيع القالقل واإلضطرابات في المناطق المستقرة المنتجة‪ ،‬وتمويل الحروب الدينية‬
‫والعرقية والطائفية‪ ،‬وقد اقترب اليوم الكثير من الباحثين والسياسيين إلى هذه القناعة‪ ،‬بعد أن تبينوا حقيقتها‪ ،‬ورأوا نتائجها‬
‫‪ ! .‬الكارثية أمام أعينهم‪ ،‬ولكن بعد خراب البصرة كما يقول المثل‬
‫إن ما أورده المؤرخون السياسيون في كتاباتهم وأبحاثهم‪ ،‬لم يتعمق في األسباب الحقيقية لتلك الحروب‪ ،‬بحيث كان تصديهم‬
‫لدراستها تشوبه السطحية‪ ،‬مما أدى إلى جعل نتائجها إما ناقصة أو متأخرة‪ ،‬وهذا ما جعل الرؤية لهذه المواضيع متعثرة قادتنا من‬
‫‪ .‬فشل إلى فشل أكبر‬

‫‪ .‬نعود لسؤالنا الكبير عن حوادث ‪1860‬م في لبنان ودمشق‬

‫جاء في قاموس الجغرافيا القديمة والحديثة المطبوع في باريس عام ‪1854‬م تأليف ميساس وميشلو إصدار مكتبة هاشيت‪ ،‬في‬
‫‪:‬الصفحة ‪ /269/‬حول مدينة دمشق‬

‫إنها المدينة األكثر أهمية والتي تأتي في المرتبة األولى في الصناعة في الشرق كله‪ ،‬فقد أعطت اسمها للمنسوجات الحريرية‪(( ،‬‬
‫والتي يأتي الغرب للبحث عنها وشرائها‪ .‬كما أنها تتاجر باألسلحة الفوالذية ذات النصال القاطعة‪ ،‬وتتاجر أيضا ً باألصداف وأنواع‬
‫))متعددة من الحرير‪ ،‬وماء الزهر‪ ،‬كما تمر بها القوافل إلى حلب وبغداد وتتجمع فيها قوافل الحجاج‬

‫في كتاب "تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية" يقول المؤلف في الفصل السابع صفحة ‪:105‬بأن صيدا التي ال تبعد كثيرا عن‬
‫دمشق‪ ،‬وكانت مرفأ دمشق التجاري والمدينة الرئيسة األولى بمكانتها االقتصادية في بالد المشرق حتى العشرينات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬وأن كافة منتجات دمشق الجميلة والثمينة من األقطان واألقمشة الحريرية واألجواخ التي ينتجها ويصنعها الدمشقيون‬
‫بكميات كبيرة‪ ،‬ت ُصدَّر عن طريق مرفئها إلى مصر وأوروبا‪ .‬وفي الصفحة ‪ 70‬من نفس المصدر ونقالً عن "ألفريد مارتينو" في‬
‫كتابة التجارة الفرنسية في الشرق ‪ 1902‬نقرأ ‪":‬بأن فرنسا كانت تستورد كامل الكمية الفائضة من إنتاج ورشات الحرير المحلية‬
‫‪ ..‬بدمشق وذلك بعد تلبية هذه الورشات حاجة األسواق المحلية‪ ،‬وحاجة تجارها‬

‫في كتاب "لفرانسوا بيرنو‪،‬طرق الحرير‪ ،‬إصدار أرتيميس" صفحة ‪ 186-185‬نقرأ ‪" :‬أُصيبت صناعة الحرير في فرنسا في‬
‫منتصف القرن التاسع عشر بكارثة كبيرة‪ ،‬فقد أصاب مرض خطير دودة الحرير فيها‪ ،‬وكذلك أصاب المرض نفسه دودة الحرير في‬
‫الصين في وقت كانت فرنسا تستورد نصف حاجتها من الحرير الصيني عن طريق وسطاء تجاريين دمشقيين‪ ،‬فارتفعت أسعار‬
‫الحرير بشكل جنوني في السوق العالمي‪ .‬ويقول المؤلف بأن فترة األزمة امتدت من عام ‪1845‬م حتى عام ‪1869‬م‪( .‬ونلفت نظر‬
‫المستمع هنا بأنها الفترة ذاتها التي جرت ‪،‬بين تاريخيها‪ ،‬الحوادث الطائفية في لبنان ودمشق ) مما أثر هذا على أسعار الحرير‬
‫المستورد إلى ما بعد افتتاح قناة السويس عام ‪1869‬م الحتكار فرنسا تجارة الحرير باحتكارها القناة‪ ،‬بحيث انتقل هذا االرتفاع في‬
‫األسعار إلى أسواق أوروبا كلها‪ ،‬كما زاد الطلب على هذه المادة خالل الحرب العالمية األولى في األسواق الخارجية‪ ،‬كان دافعا‬
‫‪ .‬إضافيا لفرض االنتداب على سوريا ولبنان كمنتجة أساسية لهذه المادة‪ ،‬وكمنطقة استراتيجية تتحكم بطرق التجارة العالمية‬

‫‪:‬ومما سبق نخلص إلى االستنتاجات التالية‬

‫قبيل عام ‪1860‬م صارت دمشق تشكل أكبر مركز صناعي النتاج الحرير واالتجار به في العال ًم باإلضافة لصناعة بقية أنواع ‪1-‬‬
‫األقمشة والمنسوجات‪ .‬وهذه النهضة الصناعية كانت تتطور وتواكب آخر التطورات التقنية الصناعية العالمية في ذلك الوقت‪ ،‬أي‬
‫نظام الجاكار الميكانيكي الذي كان أول من أدخله إلى دمشق في خمسينات القرن التاسع عشر " الصناعي حنا بوالد وأخوته‬
‫المشهورون بإنتاج "حرير البوالديّة" وذلك بغية زيادة اإلنتاج كما ً ونوعا ً ‪ .‬هذه النهضة الصناعية واكبها ازدهار تجاري‬
‫واقتصادي كبير وتوسيع لألسواق ( تصدير األقمشة الحريرية الدمشقية إلى القدس ومصر ودول مثل تركيا وإيران وحتى إلى‬
‫أوروبا نفسها ) ‪ .‬وكانت مادة حرير الخام متوفرة بأسعار زهيدة في دمشق‪ ،‬لقربها من مراكز اإلنتاج‪ ،‬بما لذلك من أهمية‬
‫اقتصادية انعكست على رخص وجودة اإلنتاج الدمشقي اكسبته شهرة عالمية ودفعت إلى زيادة الطلب عليه‪ ،‬وقد ساعد في هذا‬
‫أيضا وجود مرفأ صيدا التجاري وقربه من دمشق‪ ،‬كل هذا ساهم في عملية االزدهار االقتصادي ألبناء هذه المنطقة وأنتج التوسع‬
‫‪ .‬الصناعي والتجاري لدمشق‬

‫والبد من اإلشارة هنا وهو بيت القصيد في هذا البحث‪ ،‬وما يتم التعتيم عليه دائما ً مع األسف‪ :‬إلى أن هذه الصناعة وهذه النهضة‬
‫االقتصادية كانت بمعظمها بأي ٍد مسيحية دمشقية (راجع كتاب "تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية" وأيضا ً قاموس الصناعات‬
‫الشامية للشيخ ظافر القاسمي وغيرهم ‪ ،) ...‬ذلك أن نهضة العديد من الصناعات والفنون توارثتها عبر قرون العائالت المسيحية‬
‫الدمشقية أبا ً عن جد‪ ،‬وكانت خبرتهم تنعكس إيجابيا ً على جودة ونوعية هذه المنسوجات مما جعل القاموس الفرنسي يتحدث عن‬
‫دمشق كأول مدينة صناعية في الشرق بمنسوجاتها الحريرية التي كان الغرب دائم الطلب عليها‪ .‬كذلك البد من اإلشارة إلى أن هذه‬
‫الصناعة وخصوصا ً الحريرية‪ ،‬كانت متمركزة في الحي المسيحي في مدينة دمشق وهو الحي الذي استهدفته حوادث ‪1860‬م‬
‫‪.‬بالذات بأدوات إنتاجه وحرفييه االختصاصيين‬

‫في الطرف المقابل‪ ،‬أي في الغرب شكَّل المرض الذي أصاب دودة الحرير في فرنسا والصين أواسط أعوام األربعينات من ‪2-‬‬
‫القرن التاسع عشر أزمة كادت أن تؤدي إلى كارثة اقتصادية حقيقية في هذا القطاع‪ ،‬إذا استمر انقطاع تأمين الحرير كمادة أولية‬
‫‪ .‬لمعاملها‪ .‬ومن المعلوم أن المكان الوحيد الذي نجا من هذه الجائحة إنما كان هو في ذلك الوقت لبنان وسورية‬
‫إن دمشق بورشاتها الكثيرة‪ ،‬ومعاملها التي بدأت بتطبيق نظام الجاكار الميكانيكي كانت تكفي الستيعاب كامل اإلنتاج من الحرير‬
‫المزروع في لبنان وسورية وحيث بات إنتاجها ذا نوعية ممتازة وأسعار معتدلة‪ ،‬مما جعله مطلوبا ً عالمياً‪ ،‬ومن الممكن مراجعة‬
‫كافة كتب الرحالة الذين زاروا لبنان وسورية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؛ منهم على سبيل المثال الشاعر "المارتين"‬
‫‪ .‬والذين عبَّروا عن دهشتهم لتنوع ورخص المنسوجات الحريرية وجودتها خصوصا ً في أسواق دمشق‬

‫وباتت هذه المنطقة أي سوريا‪ ،‬منافسة قوية للغرب بأهم صناعة في القرن التاسع عشر‪ ،‬وهي صناعة المنسوجات الحريرية‪،‬‬
‫وأصبحت تشكل خطرا ً حقيقيا ً على صناعة الغرب واقتصاده‪ ،‬حيث أن المادة األولية لهذه الصناعة التي فد سلمت من اآلفات كانت‬
‫موجودة فيها فقط في ذلك الوقت ‪ ،‬بحيث أنه لو استمرت األحوال على ما هي عليه‪ ،‬وأدركت سوريا بمحيطها العثماني مركزها‬
‫القوي باستغالل الحاجة الغربية لمادة الحرير فإنها كانت ستصبح األقوى اقتصاديا ولكانت سيطرت على األسواق األوروبية‬
‫والعالمية لسنوات طويلة‪ ،‬وبخاصة عندما يتم تطوير تصنيعها كما ً ونوعا‪ ،‬ولكن الدولة العثمانية آنذاك كانت " الرجل المريض"‬
‫الذي تسيطر عليه السفارات والقناصل األوربية وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بأمور السلطنة من األحكام القانونية الى‬
‫‪.‬تعيين الوالة خدمة ألغراضها‬

‫وإذا راجعنا كتب التاريخ التي تتحدث عن منطقتنا ‪ ،‬فإنها كانت تشير دائما وتؤكد على أننا متخلفون حضاريا ً كما تتحدث عن‬
‫الصراعات الدينية والطائفية والحزبية ‪ ،‬وهذا ما كان يسجّله دائما ً الرحّالة عند زيارتهم للشرق‪ ،‬ولكنهم كانوا يتحدثون في الوقت‬
‫نفسه وبعد تصوير حالة التخلف هذه بما يناقض ما سبق‪ ،‬عن الصناعات الحريرية الفاخرة وعن الغنى والتنوع الصناعي‪ ،‬وغيرها‬
‫‪ .‬من الصناعات الموجودة في أسواق دمشق وحلب !!! ‪ ...‬وكذلك عن رخص هذه المنتجات‬

‫من هذا الواقع التاريخي الخطير جاء التخطيط الغربي لحوادث ‪ 1860‬في لبنان ودمشق وعلى أعلى المستويات السياسية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬حيث ُرصدت له الميزانيات الضخمة وجرى إعداد سيناريو المذابح واألماكن المقصود تدميرها والجهات المنفذة لها‬
‫المتنورين‬
‫ّ‬ ‫(( من الغوغاء ‪ ،‬وضعاف النفوس والمتآمرين )) وعن طريق بث اإلشاعات الدينية وتأجيج نزعاتها‪ .‬ولكن المسلمين‬
‫وعَوا تلك المؤامرة ‪ ،‬وحموا إخوانهم المسيحيين ( راجع كتاب " تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية " وثيقة شاهد عيان آخر‬
‫‪ ) .‬الكتاب‬

‫والمؤسف‪ ،‬أن معظم المؤرخين‪ ،‬غربيين وشرقيين‪ ،‬لم يدركوا أن الهدف من وراء تلك الحوادث كان تأمين الحصول على الحرير‪،‬‬
‫واستهداف الصناعة السورية‪ ،‬وتقويض النهوض الحضاري لها والقضاء عليه‪ ،‬وفي تقديري أنه لو تم تالفي وقوع تلك الحوادث‬
‫لكنا اليوم‪ ،‬بكل تأكيد‪ ،‬كما في الماضي دولة صناعية كبرى في مجال المنسوجات‪ ،‬وفي مجاالت صناعية أخرى‪ ،‬وكنا دولةً ال تقل‬
‫أهمية عن أية دولة أوروبية !! ولكن حدوثها جعلنا دوال ً استهالكية تعتمد على االقتصاد الغربي الذي كنا على قدم المساواة معه‬
‫!! حضاريا ً آنذاك‬

‫إن هجرة وتهجير الطبقة البرجوازية الصناعية في دمشق وحرفييها وهي في غالبيتها من العائالت المسيحية بعد حوادث‬
‫عام‪ 1860‬وما جرته من ويالت على جميع الصعد تناولت الشرائح النخبوية وما تحمله من خبرة وتراكم حضاري يساعدها على‬
‫االبتكار‪ ،‬جعل من الصعب علينا أن نتمكن من تأسيس نهضة حضارية صناعية حقيقية علما ً بأن األمر قد تكرر بعد ذلك ولكن‬
‫!!!)بأسلوب آخر‪ ،‬في فترة ما بعد االستقالل (‪1958 -1945‬‬

‫وبالعودة إلى تلك الفترة ‪1870- 1840/‬م‪ /‬فلقد ارتفعت أسعار الحرير كثيرا ً نتيجة الطلب الخارجي عليه‪ ،‬وقد تم فرض ضرائب‬
‫إضافية من قبل الحكومة العثمانية مما انعكس سلبا ً على الصناعيين الدمشقيين وخلق بلبلة وتفاوتا ً بأسعار البضائع‪ ،‬وقد دفع ذلك‬
‫وألسباب أخرى غير خافية على أحد‪ ،‬منها أن كثيرا ً من الفرنسيين والغربيين قد استوطنوا لبنان ودمشق وأسسوا مراكز لزراعة‬
‫الحرير وصناعته وذلك لتأمين هذه المادة لمصانعهم في بلدانهم دون اللجوء إلى التجار السوريين واللبنانيين ! ويذكر لنا بهذا‬
‫الصدد فرانسوا لو نورمان كشاهد عيان في كتابه (( الحوادث األخيرة في سورية ‪ )) 1860‬العديد من تلك المراكز التي أنشأت في‬
‫‪.‬جبل لبنان وغيرها من المدن والقرى اللبنانية‬

‫لقد طلبت الحملة العسكرية الفرنسية التي أتت إلى بيروت في عام ‪1860‬م من البطريرك الماروني ومن البطل يوسف بيك كرم‪،‬‬
‫الذي كان يدافع عن حقوق الفالحين الذين يزرعون دود القز إلنتاج الحرير أن تنقل بعض الفالحين على متن بوارجها لإلقامة في‬
‫‪!!.‬بالد الجزائر حيث تؤمن لهم األراضي الزراعية الخصبة هناك ليمارسوا زراعتها تحت حكم الفرنسـيين‬

‫فجاء الرفض قاطعاً‪ .‬من الواضح أن الغاية تمثلت في جعل زراعة دود القز لصناعة الحرير أقرب وأرخص لهم من سواحل لبنان‬
‫وجباله !! ‪ .‬بعد ‪ 115‬سنة على هذه الحادثة تكرر األمر وهذه المرة من األمريكان ولنفس الغاية متمثلة بنقل المسيحيين اللبنانيين‬
‫‪...‬على متن البوارج األمريكية إلى أمريكا وكندا واستراليا‬

‫‪ :‬نعود لنسأل هنا‪ :‬هل كان الهدف من تلك الحوادث هو الحرير فقط ؟ ال شك أن هناك أهداف أخرى ‪ .‬منها‬
‫استهداف وضرب القاعدة االقتصادية النشطة في دمشق وبنيتها الصناعية التي كان المسيحيون الدمشقيون يحتفظون بها في ‪1-‬‬
‫!! أحيائهم حيث رأى الغربيون أنها المنافسة الحقيقية لصناعتهم ألنها تستخدم مادة الحرير التي يريدونها رخيصة ولمعاملهم فقط‬
‫‪.‬‬

‫القضاء على أمهر الصناعيين والحرفيين وعلى ورشات عملهم ومنازلهم ‪ ،‬حيث كان معظمهم من المسيحيين الدمشقيين وكان ‪2-‬‬
‫التركيز في هذه الحوادث على ورشات آل بوالد التي كانت تسخدم النظام المتطور للجاكار الميكانيكي لزيادة اإلنتاج كما ً ونوعا ً (‬
‫‪ ) .‬راجع كتاب تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية عموما ً والصفحة ‪ 173‬خصوصا ً‬

‫تهجير من تبقى من المسيحيين ممن أحرقت أحيائهم وبيوتهم وورشات عملهم والذين تجمعوا في قلعة دمشق‪ ،‬حيث ُرتِّبت ‪3-‬‬
‫القوافل لنقله م إلى بيروت ثم مصر وفرنسا‪ ،‬وقد كانت كل قافلة تتألف من حوالي ثالثة آالف شخص ( راجع نفس المصدر صفحة‬
‫‪ ) 276-267‬بحيث ال يستطيعون العودة إلى مدينتهم التي عاشوا فيها آالف السنين‪ ،‬لما يحملون من ذكريات أليمة عن أحداث‬
‫شيّد‬
‫استهدفتهم‪ ،‬لم يعرفوا من كان ورائها‪ ،‬ولصعوبة البدء من جديد بأعمالهم وخوفهم من تكرار تلك الحوادث‪ ،‬إذ أن أول منـزل ُ‬
‫‪ .‬من جديد في الحي المسيحي كان بعد مرور أربع سنوات على هذه األحداث أي في عام ‪1864‬م‬

‫نتيجة تلك الحوادث نجحت المؤامرة وتم القضاء على بذور المنافس الحقيقي لالقتصاد الغربي كما تم االستحواذ على المادة ‪4-‬‬
‫األولية ( الحرير ) بكل سهولة وفُتحت األسواق السورية على مصراعيها أمام البضائع األجنبية‪ .‬وكان ال بد أمام تدفق البضائع‬
‫األجنبية من إحداث مصارف خاصة تسهل القروض للمزارعين واستيفاء الديون ‪ ،‬وتحويل ثمن المنتجات الغربية إلى أصحابها في‬
‫الغرب ‪ .‬مما أفض ى الى تضاعف االستهالك من البضائع المصنعة الغربية و بذلك ارتبط االقتصاد السوري على المدى البعيد‬
‫باالقتصاد الغربي‪ ،‬فأقامت بعض المصارف مثل " بنك سيوفي وصباغ وبنك أصفر وبنك زلخا وبنك ساره ‪ " ...‬بتسهيل ذلك وهكذا‬
‫تحول عمل بعض من تبقَّى من المسيحيين من االنتاج الصناعي الذين كانوا يسعون إلى إقامة نهضة صناعية تنافس مثيلتها في‬ ‫َّ‬
‫أوروبا إلى القيام بأعمال السمسرة والتجارة المالية‪. !!....‬وإلى مكافأة المنفذين لالضطرابات وأعمال الشغب والمذابح بالتوكيالت‬
‫‪.‬التجارية‬

‫كما أن افتتاح بنك" كريدي ليوني" عام ‪ ،1875‬اول فرع له في األمبراطورية العثمانية قد ساهم مساهمة فعالة في نشر النفوذ‬
‫الفرنسي في مناطق الشرق األدنى‪ ،‬وكان له فرعان في سورية منهما فرع في بيروت‪ ،‬لعب دورا مهما في ربط صناعة وتجارة‬
‫‪.‬الحرير في سوريا بصناعة مدينة "ليون" الفرنسية‬

‫إن االرتباط االقتصادي الناتج عن تلك الحوادث قد مهّد في المستقبل القريب إلى احتالل سياسي وعسكري لسورية ولبنان‬
‫وغيرهما من البلدان العربية تحت عناوين مثل "االنتداب" أو "الحماية" بحجة أن هذه البالد غير مهيأة لمواكبة التمدُّن والتقدُّم‬
‫‪ !!! .‬الحضاري والصناعي‬

‫ولضرب أي أمل بعودة الترابط االقتصادي والصناعي بين لبنان ودمشق وبالد حوض البحر األبيض المتوسط من بالد عربية‬
‫وأجنبية قام االنتداب الفرنسي بخلق " لبنان الكبير " عام‪ 1920‬كحاجز جغرافي سياسي واقتصادي بضم ميناءي صيدا وطرابلس‬
‫لهذا البلد الجديد باإلضافة إلى األقضية األربعة وسهل البقاع وهي المناطق اإلنتاجية النشطة والغنية المحيطة بجبل لبنان المحدود‬
‫الموارد باقامة نظام سياسي فيه يعكس الوضع الطائفي السيادي للجبل بتخلف نمطية عالقاته المجتمعية والسياسية على لبنان‬
‫والمنطقة‪،‬كما أشار إلى ذلك األستاذ سليم محسن في إحدى مقاالته‪ .‬وقام االنتداب بإيجاد حدود ُمصطنعة تحرص على فك الروابط‬
‫االقتصادية بين البلدين بهدف خنق دمشق والداخل السوري بقطع صلته بمناطق إنتاج الحرير وأسواقه بالمنافذ البحرية المتمثلة‬
‫‪ .‬بصيدا‪ ،‬بيروت‪ ،‬طرابلس التي لم تزل قائمة حتى اليوم‬

‫وبالعودة إلى كتاب فرانسوا لونورمان اآلنف الذكر ‪ ،‬عن تلك الحوادث في سوريا في صفحة ‪ 29-28‬يروي ‪ :‬كيف أنه زار‬
‫القرى اللبنانية التي أتت عليها الحوادث ‪ ،‬حيث زار قرية ح ّمانا اللبنانية والحظ بأنها قد ُد ّمِرت بكاملها ما عدا مبنَيين الستخراج‬
‫خيوط الحرير ‪ ،‬وعندما سأل الحرس الموجود على مدخلهما ‪ :‬لماذ لم يلحق بهما أذى ‪ ،‬في حين أن جميع المباني األخرى قد‬
‫…أُحرقت ‪ ،‬جاءه الجواب بأن ملكيتهما تعود لرجل فرنسي يدعى السيد "بيرتران" وقد جاءتنا األوامر بأن ال نتعرض لهما!!؟؟‬

‫ومن جملة الحوادث التي ذكرها الكتاب يشير إلى تعرض كبار تجار الحرير للقتل مثل " بشارة صوصه " من لبنان و "آل‬
‫المسابكي" من دمشق ! وقد جاء أيضا ً في الصفحة ‪ 137‬أن مراقبين لتلك الحوادث وممن عايشوها ومنهم السيد " روبسون " قد‬
‫أفادوا أن الوالي الذي كان تحت إمرته أكثر من ‪ /600/‬عنصر من الجيش العثماني كان بإمكانه وقف تلك الحوادث لو أمر ‪/50/‬‬
‫عنصرا ً فقط بإغالق مدخل األحياء المسيحية بدمشق لكنه لم يفعل ! وفي الصفحة ‪ 140‬يقدّر صاحب الكتاب عدد الضحايا من‬
‫المسيحيين ما بين عشرة آالف إلى أحد عشر ألف شهيد ‪ ،‬بالوقت التي تقدر به بعض االحصائيات عدد سكان دمشق في تلك الفترة‬
‫قبل الحوادث بمائة ألف نسمة منهم عشرون ألف نسمة من المسيحيين ‪ .‬بعد أعوام ال تتعدى األربعة من هذه الحوادث قام أحد‬
‫المصورين ويدعى " بيدفور " بتصوير الحي المسيحي الذي كان ال يزال آنذاك في حالة خراب شامل ( لقد تم نشر هذه الصور في‬
‫‪/ .‬كتاب ظهر عام ‪2000‬م بعنوان مصورون في دمشق ‪1918-1840‬م لبدر الحاج في الصفحة ‪34-33-30/‬‬
‫إن قراءة هذه الوقائع الجزئية في ضوء األصل الذي أرسته المحاضرة لفهم حوادث ‪ 1860‬يكشف دالالت هذه األفعال كلها وأنها‬
‫أرادت تدمير هذه النهضة الصناعية التي كانت تشهدها مدينة دمشق في صناعة الحرير والتي كان الدور المسيحي فيها دورا ً بارزا ً‬
‫‪ ، .‬وأنه ال يجوز تضخيم خصائص الفتنة الطائفية التي استخدمت أداة لها حتى التحجب هذا األصل‬

‫ومن هنا نتساءل مرة أخرى عن سبب استهداف الحي المسيحي في " القيمرية " ولقبها " الهند الصغرى " الذي يقع داخل‬
‫السور‪ ،‬ولم يتم استهداف الحي المسيحي في نفس المدينة في حي الميدان ؟! إننا نرى أن السبب يعود إلى أن المسيحيين في حي‬
‫الميدان كانوا يتعاطون تجارة الحبوب !! أما في حي القيمرية فكان المسيحيون فيه يتعاطون صناعة وتجارة الحرير !! وكانت ت ُقيم‬
‫فيه الطبقة البرجوازية الصناعية التجارية !! ‪ ،‬كما نتساءل أيضا ً ‪ :‬إذا كانت تلك الحوادث بسبب الفتنة الدينية فلماذا لم تنتقل إلى‬
‫مدن أخرى كحلب وحمص وحماة؟؟ لم يحصل ذلك في رأينا ألن الهدف المحدد والمرسوم من قبل المخططين للحوادث والمذابح‬ ‫ٍ‬
‫‪ !! ...‬كان تدمير المركز الصناعي والتجاري في دمشق فقط‬

‫جاء في كتاب بالد الشام في القرن التاسع عشر للدكتور سهيل زكّار وفي فصل منتخبات من مذكرات محمد أبو السعود الحسيبي‬
‫الدمشقي صفحة ‪ 283‬أنه قد أُعدم مباشرة بعد هذه الحوادث " وبال محاكمة " ؟؟!!! أكثر من مائتي شيخ حارة أو زعيم حارة كما‬
‫‪ .‬تم إبعاد الكثير من المشاركين في هذه الحوادث إلى تركيا وإلى مدن بعيدة لمدة سنوات‬

‫من ال ُملفت للنظر أيضا ً أن الرأس المنفذ للمؤامرة وهو والي دمشق العثماني ‪ " :‬أحمد باشا " قد أُعدم مباشرةً أيضا ً " وبال‬
‫محاكمة " ؟؟!!! وهو الذي قيل بأن تعيينه واليا ً على دمشق قد جاء إثر مساعٍ إلحدى السفارات األجنبية في استانبول ؟؟!!! لم‬
‫ُجر له أية محاكمة في حين أن الذين قتلوا البادري توما الكبوشي الالتيني عام ‪1840‬م وعددهم على األكثر عشرة أشخاص قد‬ ‫ت ِ‬
‫أعدت لهم محاكمة دامت شهورا ً وتدخلت دول غربية عديدة إلبطال تنفيذ األحكام الصادرة بحقهم ومنها " فرنسا وإنكلترا والنمسا‬
‫!‪...‬؟‬

‫تجر محاكمة عادلة وعلنية لمنفذي فتنة ‪1860‬م ؟؟! الجواب بعد هذا العرض الذي قدمناه‬
‫نسأل ‪:‬لماذا لم ِ‬
‫ال يحتاج إلى عناء التفكير والبحث !! إننا نقول بكل ثقة ‪ :‬لقد تم ذلك حتى يبقى السر مكتوما ً حول تلك المؤامرة الدولية الكبرى‬
‫‪ ...‬ويبقى التعتيم عليها إلى اليوم أمام شعوب المنطقة ‪ .....‬وربما لقرون أخرى !؟‬

‫وقد جاء في كتاب" دمشق في القرنين ‪ 19 -18‬م تأليف ليندا شيلشر صفحة‪ 113‬طباعة‪ "1998‬ما يلي‪ :‬ستظل حوادث ‪1860‬‬
‫الطائفية موضوع بحث طالما بقيت محاضر تحقيقات "فؤاد باشا" غير متاحة ذلك أنه يكاد أن يكون من قبيل المستحيل القيام‬
‫‪.‬بدراسة مستفيضة لألسباب الكامنة وراء أعمال الشغب وأثنائها‪ ،‬دون الرجوع إلى هذه الوثيقة األساسية‬

‫‪ :‬المراجــع‬

‫تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية تأليف يوسف توفيق بوالد ترجمة وإعداد إلياس بوالد دمشق – مطابع ألف باء – األديب –‬
‫‪2003 .‬م‬

‫بالد الشام في القرن التاسع عشر – دراسة وتحقيق الدكتور سهيل زكّار نشر وتوزيع دار حسان للطباعة والنشر دمشق –‬
‫‪1982 .‬م – طبعة أولى‬

‫‪ .‬استشهاد البادري توما الكبوشي وخادمه إبراهيم أمارة – دمشق ‪1840‬م مطبعة القديس بولس – حريصا – لبنان‬

‫‪ :‬المراجع األجنبية‬

‫‪LES DERNIERS EVENEMENTS DE SYRIE 1860‬‬

‫‪PAR FRANCOIS LENORMANT PARIS CH DOUNIOL EDITEUR.‬‬

‫‪DICTIONNAIRE DE GEOGRAPHIE . ANCIENNE ET MODERNE PAR MM. MEISSAS ET MICHELOT ET CIE‬‬


‫‪PARIS LIBRAIRIE HACHETTE 1854 .‬‬

‫‪LES ROUTES DE LA SOIE - PAR FRANCOIS PERNOT ARTEMIS .‬‬

‫الرد على هذا المقال‬

You might also like