‫لقسم الثالث ‪ :‬الموازنة العامة للدولة‬

‫المبحـث الوأل‪ :‬تعريف الموازنة العامة وأأهميتها‬

‫ل‪ :‬تعريف الموازنة العامة للدوألة‬ ‫أوأ ل‬
‫تتعُررفّ الموازنة العُامة ‪ ،Public Budget‬بأنها‪“ :‬تقدير مفصل ومعُتمد للنفقات العُامة واليرادات العُامة‪ ،‬عن فترة مالية‬
‫مستقبلة‪ ،‬غالباا ما تكون سنة”‪.‬‬
‫ويتبيـن مـن هـذا التعُـريف أن المـوازنة العُامة للدولة‪ ،‬تستند إلى عنصرين أساسيين‪ ،‬هما التقدير والعتماد‪.‬‬
‫فبالنسبة إلى التقدير‪ ،‬فإنه يتمثل في تقدير أرقام تمثل اليرادات العُامة التي ينتظر أن تحصل عليها السلطة التنفيذية‪،‬‬
‫ظر أن تنفقها لشإباع الحاجات العُامة للشعُب‪ ،‬وذلك خللا فترة مالية مستقبلة‪ ،‬غالباا ما تكون‬ ‫وكذلك النفقات العُامة التي تيننظت ظ‬
‫سنة‪.‬‬
‫أرما بالنسبة إلى العتماد‪ ،‬فيقصد به حق السلطة التشريعُية واختصاصها‪ ،‬في البلد الديمقراطية‪ ،‬في الموافقة على‬
‫توقعُات السلطة التنفيذية‪ ،‬من إيرادات عامة ونفقات عامة‪ .‬وعلى هذا الساس‪ ،‬فإن الموازنة العُامة تظل مجرد مشروع‬
‫موازنة‪ ،‬حتى تتعُتمد من السلطة التشريعُية‪.‬‬
‫ثانيلا‪ :‬أهمية الموازنة العامة للدوألة‬
‫للموازنة العُامة للدولة أهمية كبرى لنها تعُبربر عن برنامج العُمل‪ ،‬السياسي والقتصادي والجتماعي‪ ،‬للحكومة خللا‬
‫الفترة المالية‪ .‬وبعُبارة أخرى‪ ،‬فإن الموازنة العُامة للدولة لها دلله سياسية واقتصادية واجتماعية‪ ،‬إذ يمكن الكشف عن‬
‫مختلف أغراض الدولة‪ ،‬من طريق تحليل أرقام اليرادات العُامة‪ ،‬والنفقات العُامة‪ ،‬التي تجمعُهما وثيقة واحدة‪ ،‬هي الموازنة‬
‫العُامة للدولة‪.‬‬
‫وفي اختصار‪ ،‬يمكن القولا إن الموازنة العُامة للدولة ليست مجرد بيان يتضمن اليرادات العُامة‪ ،‬والنفقات العُامة‪ ،‬وإنما‬
‫هي‪ ،‬كذلك‪ ،‬وثيقة الصلة بالقتصاد القومي‪ ،‬والداة الرئيسية‪ ،‬التي يمكن من طريقها تحقيق أهدافّ الدولة‪ ،‬السياسية‬
‫والقتصادية والجتماعية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد الساسية لعداد الموازنة العامة للدوألة‬
‫اتفق علماء المالية العُامة‪ ،‬على أن إعداد الموازنة العُامة للدولة يجب أن يخضع لمجموعة من القواعد‪ ،‬تهدفّ إلى وضع‬
‫م فرض الرقابة على تنفيذها‪ .‬كما تهدفّ هذه‬ ‫الموازنة في صورة واضحة‪ ،‬كي يسهل على السلطة التشريعُية تفهمها‪ ،‬ومن ثظ م‬
‫القواعد‪ ،‬كذلك‪ ،‬إلى أن تكون الموازنة العُامة معُبربرة تعُبيراا صادقاا عن النشاط المالي للدولة‪ .‬فضل عن أن هذه القواعد تجنب‬
‫ا‬
‫الحكومة الخطأ‪ ،‬وتقلل من احتمالت السرافّ‪ ،‬لسيما في حالة زيادة اليراد على النفاق‪.‬‬
‫وأهناك خمس قواعد أساسية للموازنة العامة هي‪:‬‬
‫ل‪ :‬قاعدة السنوية‬ ‫أوأ ل‬
‫تقضي هذه القاعدة‪ ،‬بأن يتم تقدير استخدامات الدولة ومواردها‪ ،‬لفترة زمنية مقبلة‪ ،‬مدتها سنة‪ ،‬قد تكون مطابقة للسنة‬
‫الميلدية‪ ،‬أو تتداخل معُها‪ ،‬كما هو الحالا في بعُض الدولا‪ ،‬إذ تبدأ السنة المالية في أولا يوليو‪ ،‬وتنتهي في آخر يونيه من‬
‫السنة التالية‪.‬‬
‫د قاعدة السنوية من المبادئ الكثر استقراراا‪ ،‬عند إعداد الموازنة العُامة للدولة‪ ،‬على أساس أن السنة تمثل دورة‬ ‫وتتعُ ر‬
‫م تتميز المصروفات واليرادات خللها بصفة التكرار‪ ،‬كذلك فإن السنة فترة ملئمة لتقييم‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ث‬ ‫ومن‬ ‫الربعُة‪،‬‬ ‫المناخية‬ ‫للفصولا‬ ‫كاملة‬
‫أداء السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ثانيلا‪ :‬قاعدة الوحدة‬
‫تقضي قاعدة الوحدة‪ ،‬أن تتدرج جميع استخدامات وموارد مختلف الوحدات التابعُة للجهاز التنفيذي للدولة في موازنة‬
‫واحدة‪ ،‬المر الذي يساعد على معُرفة الظروفّ‪ ،‬القتصادية والمالية‪ ،‬التي تمر بها الدولة‪ ،‬فضل ا عن سهولة ممارسة الرقابة‪،‬‬
‫السياسية والشعُبية‪ ،‬خللا مراحل تنفيذ الموازنة‪.‬‬
‫ثالثلا‪ :‬قاعدة العمومية‬
‫ا‬
‫تقضي هذه القاعدة بأن تشمل الموازنة العُامة كل ر من تقديرات الموارد والستخدامات بأكملهما‪ ،‬من دون إجراء مقاصة‬
‫ل من موارد الدولة واستخداماتها‪.‬‬ ‫بين بعُض أبوابها أو بنودها وبعُضها الخر‪ .‬وذلك‪ ،‬بهدفّ تحقيق رقابة فعُالة‪ ،‬على ك ل ر‬
‫رابعلا‪ :‬قاعدة عدم التخصيص‬
‫تقضي هذه القاعدة بعُدم جواز تخصيص موارد بعُينها لمواجهة استخدامات محددة؛ فقاعدة عدم التخصيص تقضي بأن‬
‫م ل يجوز تخصيص مورد معُين‪ ،‬كالضريبة على السيارات‪ ،‬على سبيل‬ ‫جه جميع الموارد إلى جميع الستخدامات‪ ،‬ومن ث ر‬ ‫تو ر‬
‫المثالا‪ ،‬للنفاق على إنشاء الطرق وصيانتها‪.‬‬
‫خامسلا‪ :‬قاعدة التوازن‬
‫تقضي قاعدة التوازن بأن تتساوى الستخدامات )النفقات( مع اليرادات‪ ،‬وعلى الرغم من سلمة هذه القاعدة‪ ،‬إل ر أن‬
‫الظروفّ القتصادية المتغيرة والمتشابكة‪ ،‬لمعُظم دولا العُالم‪ ،‬أردت إلى قبولا فكرة وجود عجز أو فائض في الموازنة العُامة‪ ،‬إذ‬
‫تيغطى العُجز من طريق القروض‪ ،‬المحلية والدولية‪ ،‬وتيرحل الفائض إلى الفترة التالية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أهم الفروأق بين الموازنة العامة للدوألة وأالمصطلحات الخرى المتداخلة معها‬
‫ل‪ :‬الموازنة العامة للدوألة‪ ،‬وأالموازنة التخطيطية على مستوى الوحدة القتصادية‬ ‫أوأ ل‬
‫د وتتعُتمد وتتوزع قبل بدء تنفيذ مختلف العُمليات‪ ،‬وتتنتخذ كأداة‬ ‫تعُرفّ الموازنة التخطيطية بأنها خطة تفصيلية شإاملة‪ ،‬تتظعُ ر‬
‫تخطيطية رقابية‪ .‬وأهم ما يميزها شإمولها للموازنات الفرعية كموازنة المبيعُات وموازنة النتاج وموازنة الطاقة‪ .‬وبذلك‪ ،‬فهي‬
‫تختلف عن الموازنة العُامة للدولة‪ ،‬التي تشتمل على استخدامات وموارد الوحدات الدارية الحكومية‪ .‬وأهم ما يفرق بين‬
‫ل‪ ،‬مثل إيرادات المبيعُات‪ ،‬وفي ضوء ذلك‪ ،‬يتم تقدير المصروفات‬ ‫الموازنتين‪ ،‬أن تقديرات الموازنة التخطيطية تبدأ باليرادات أو ا‬

‫‪1‬‬
‫ما الموازنة العُامة للدولة فتبدأ بتقدير الستخدامات )النفقات(‪ ،‬وعلى‬
‫المختلفة‪ ،‬سواء للدارات النتاجية أو الدارات الخدمية‪ ،‬أ ر‬
‫ا‬
‫در اليرادات اللزمة لتغطية هذه الستخدامات‪ .‬فضل عن أن الموازنة العُامة تتضمن عنصر العتماد )التصديق( من‬ ‫ضوئها تتق ر‬
‫السلطة التشريعُية‪ ،‬بينما ل تحتاج الموازنة التخطيطية إلى مثل هذا العتماد‪.‬‬
‫ثانيلا‪ :‬الموازنة العامة للدوألة وأالميزانية العمومية للمنشآت‬
‫تختلف الموازنة العُامة للدولة عن الميزانية العُمومية للمنشآت ‪ ،Balance Sheet‬في التي‪:‬‬
‫‪ .1‬الميزانية العُمومية‪ ،‬هي بيان يصور المركز المالي للمنشأة‪ ،‬في تاريخ محدد‪ ،‬هو نهاية السنة المالية للمنشأة‪ .‬وعلى‬
‫هذا الساس‪ ،‬فإنها تتضمن أرقاماا فعُلية في هذا التاريخ المحدد‪.‬‬
‫تشتمل الموازنة العُامة للدولة على أرقام تقديرية عن سنة مقبلة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تتضمن الميزانية العُمومية للمنشآت أرصدة الموجودات)الصولا( والمطلوبات )الخصوم(‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫بينما تتضمن الموازنة العُامة للدولة النفقات العُامة واليرادات العُامة المتوقعُة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫ثالثلا‪ :‬الموازنة العامة للدوألة‪ ،‬وأالموازنة النقدية‬

‫تتعُرفّ الموازنة النقدية‪ ،‬بأنها‪“ :‬بيان يتضمن تقديراا لموارد المجتمع من النقد الجنبي‪ ،‬وأوجه استخدامات هذه الموارد‪،‬‬
‫خللا فترة مقبلة‪ ،‬غالباا ما تكون سنة”‪ .‬لذا‪ ،‬تتفق الموازنة العُامة والموازنة النقدية في أن كلتيهما تتضمن تقديرات‪ ،‬وليس‬
‫أرقاماا فعُلية‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فهناك اختلفات بينهما‪ ،‬أهمها أن أرقام الموازنة العُامة تكون بالعُملة المحلية‪ ،‬بينما تكون‬
‫أرقام الموازنة النقدية بالعُملة الجنبية‪ .‬وتختص الموازنة العُامة بالنشاط الحكومي فقط )حكومة مركزية‪ ،‬حكم محلي‪ ،‬هيئات‬
‫عامة‪ ،‬قطاع عام(‪ ،‬بينما تختص الموازنة النقدية بالنشاط الحكومي‪ ،‬ونشاط القطاع الخاص‪.‬‬
‫والرتباط الوثيق بين الموازنة العُامة للدولة والموازنة النقدية‪ ،‬يتمثل في أن جزءاا من نفقات الجهاز الحكومي والقطاع‬
‫العُام يجب أن يكون متوافراا بالعُملت الجنبية‪.‬‬
‫رابعلا‪ :‬الموازنة العامة للدوألة‪ ،‬وأالحساب الختامي للدوألة‬
‫صلت‪،‬‬‫ح ر‬‫تيعُررفّ الحساب الختامي ‪ ،Final account‬بأنه‪“ :‬بيان يتضمن النفقات العُامة‪ ،‬التي تأنفقت‪ ،‬واليرادات العُامة‪ ،‬التي ت‬
‫خللا فترة مالية منتهية‪ ،‬غالباا ما تكون سنة”‪ .‬لذا‪ ،‬فإن الختلفّ الساسي يتمثل في أن الموازنة العُامة تتضمن أرقاماا‬
‫تقديرية‪ ،‬بينما يتضمن الحساب الختامي أرقاماا حقيقية فعُلية‪ .‬ويلحظ أن لكل موازنة عامة حساباا ختامياا‪ ،‬يصدر عن الفترة‬
‫نفسها‪،‬التي تكون قد تنبرفذت فيها الموازنة العُامة‪ .‬وبمقارنة أرقام الموازنة العُامة‪ ،‬بأرقام الحساب الختامي‪ ،‬يمكن معُرفة مدى‬
‫صحة تقديرات الموازنة العُامة‪ ،‬ومطابقتها للواقع‪.‬‬
‫خامسلا‪ :‬الموازنة العامة للدوألة‪ ،‬وأموازنة القتصاد القومي‬
‫تتعُررفّ موازنة القتصاد القومي‪ ،‬بأنها‪“ :‬بيان يتضمن تقديرات عن النشاط القتصادي‪ ،‬في مجموعة )الناتج القومي‪،‬‬
‫الستهلك‪ ،‬الستثمار‪ ،‬الصادرات‪ ،‬الواردات‪ .. ،‬الخ(‪ ،‬خللا فترة مالية مقبلة‪ ،‬غالباا ما تكون سنة”‪.‬‬
‫تتفق الموازنة العُامة للدولة وموازنة القتصاد القومي في أن كلتيهما يتضمن أرقاماا تقديرية‪ .‬أرما وجه الختلفّ بينهما‪،‬‬
‫ل‪ ،‬لما تتضمنه من أرقام وبيانات‪ ،‬عن تلك التي ترد في الموازنة العُامة‪ .‬فضل ا عن أن‬ ‫فهو أن موازنة القتصاد القومي أكثر شإمو ا‬
‫موازنة القتصاد القومي ل تحتاج إلى اعتماد )تصديق( السلطة التشريعُية‪ ،‬خلفاا للموازنة العُامة للدولة‪.‬‬
‫كما يلحظ وجود ارتباط وثيق بين الموازنة العُامة للدولة وموازنة القتصاد القومي؛ فالبيانات التي تتضمنها موازنة القتصاد‬
‫د ضرورية لمكان رسم السياسة المالية‪ ،‬التي تنطوي عليها الموازنة العُامة للدولة‪.‬‬ ‫القومي تعُ ر‬
‫سادسلا‪ :‬الموازنة العامة للدوألة‪ ،‬وأالحسابات القومية‬
‫تتعُررفّ الحسابات القومية‪ ،‬بأنها‪“ :‬مجموعة من الحسابات تتضمن تسجيل ا لمختلف أوجه النشاط القتصادي للمجتمع‬
‫بأكمله‪ ،‬من خللا حساب الدخل القومي وتكوينه وتوزيعُه‪ ،‬عن فترة مالية سابقة‪ ،‬غالباا ما تكون سنة”‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتبين أن أرقام الموازنة العُامة تكون تقديرية‪ ،‬بينما أرقام الحسابات القومية حقيقية فعُلية‪ .‬فضل ا عن أن الحسابات‬
‫القومية تكون أكثر شإمول ا من بيانات الموازنة العُامة‪ .‬ولشإك أن بيانات الحسابات القومية تتفيد كثيراا‪ ،‬عند رسم السياسة‬
‫المالية‪ ،‬التي تنطوي عليها الموازنة العُامة‪.‬‬
‫سابعلا‪ :‬الموازنة العامة للدوألة‪ ،‬وأالخطة الشاملة‬
‫تيقصد بالخطة الشاملة‪ ،‬الخطة قصيرة الجل‪ ،‬التي تغطي فترة سنة‪ .‬وهي “برنامج يوضح الهدافّ‪ ،‬التي يسعُى‬
‫المجتمع إلى تحقيقها‪ ،‬ووسائل تحقيق هذه الهدافّ‪ ،‬عن فترة مالية مقبلة‪ ،‬غالباا ما تكون سنة”‪.‬‬
‫ل‪ ،‬إذ تتضمن الهدافّ التفصيلية في مجالت‪ ،‬النتاج والستهلك والدخار والستثمار‬ ‫ومعُنى هذا أن الخطة أكثر شإمو ا‬
‫والتصدير والستيراد والتوظيف‪ …… ،‬إلخ‪ ،‬فضل ا عن وسائل تحقيق هذه الهدافّ‪ .‬ويلحظ أن التجاه الحديث في المالية العُامة‬
‫سلطات‪ ،‬يقتضي عرض الخطة على السلطة التشريعُية لعتمادها )التصديق عليها(‪ ،‬شإأنها في ذلك شإأن الموازنة‬ ‫وتوزيع ال ت‬
‫العُامة للدولة‪.‬‬

‫‪2‬‬