(2) القبعة والنبي

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 18

‫القبعة والنبي‬

‫تترك هذه المسرحية للمخرج حرية مطلقة في التصرف‪ ،‬والملحظات التالية ينبغي أن تحمل على محل‬
‫القاتراحات‪ ،‬بما في ذلك دمج الفصول الثالثاة في فصل واحد‪.‬‬
‫‪ -1‬المسرح‪ :‬طاولتان متشابهتان يفصل بينهما حاجز حديدي يوحي بقفص التهام‪ ،‬على انه ينبغي أن ل‬
‫يكون هذا الحاجز بارزا بطريقة تجذب النظر للتركيز عليه‪ .‬القفص هذا مكون من ضلعين‪ ،‬الضلع الذي‬
‫يفصل بين الطاولتين‪ ،‬والضلع بالذات قاابل للحركة‪ ،‬بحيث يدور على مفصله المربوط إلى الضلع الخر‬
‫بسهولة‪ ،‬وبوسع حركة من هذا النوع‪ ،‬ببساطة‪ ،‬أن تحمل طاولة المحكمة وكأنها داخل القفص والطاولة‬
‫الخرى ) طاولة المتهم(طليقة‪.‬‬
‫نصف المسرح الذي تشغله طاولة المحكمة يوحي بالجدية والعراء‪ ،‬ل ديكور ول أي شيء يوحي بمميزات‬
‫خاصة‪.‬الطاولة عارية وفي أحد دروجها يوجد حبل‪ .‬نصف المسرح الخر الذي تشغله طاولة المتهم‪ ،‬له‬
‫شخصية المنزل المتواضع‪ ،‬في صدره باب ينفتح على شرفة هي في الوقات ذاته المدخل إلى " المنزل "‪-‬‬
‫حاجز الشرفة يبدو بوضوح للمشاهد حين ينفتح الباب‪.‬‬
‫‪ -2‬الشخاص‪ :‬المتهم شاب في ملبس عادية‪ .‬يكون في معظم المسرحية دون قاميص‪ ،‬ويبدو بقميصه‬
‫الداخلي طبيعيا للغاية‪.‬‬
‫رقام ‪ 1‬ورقام ‪ 2‬شخصان متشابهان‪ ،‬أنيقان دون إفراط‪ ،‬ودون ما يوحي بالرسمية‪.‬صوتاهما‪-‬بصفة عامة‪-‬‬
‫حياديان وميالن للتقريرية‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬شابة جميلة وأنيقة ووالدتها مبهرجة قاليلا ومتصابية وذات مظهر عدواني إلى حد ما‪.‬‬
‫ساعي البريد يلبس ملبس عادية ويتميز بقبعة رسمية فقط‪ ،‬ول يحمل حقيبة‪ ،‬وشديد الفضول‪.‬‬
‫‪ -3‬الشيء‪ :‬محور أساسي‪ ،‬ولذلك فتصميمه ينبغي أن يخضع لشروط ل مفر منها أولها أن ل يكون‪ ،‬بأي‬
‫حال من الحوال‪ ،‬معدنياا‪ ،‬ول يمت بأية صلة لشكل يشبه النسان أو الحيوان أو النبات الشائع‪.‬لونه اسود‬
‫وبالوسع إدخال اللون البنفسجي‪.‬ذو مظهر اقارب للقماش أو المطاط وتكوينه ويتميز بفروع مثال أوراق‬
‫الشجر العريضة فوق قابة‪-‬سوف يستعمل فيما بعد كقبعة مبتكرة‪ -‬أما تحريكه فثامة وسائل عديدة لذلك‪.‬‬
‫أبسطها كما يبدو أن يحرك عبر ثاقب في الطاولة التي لن يبرحها تدخل منها يد لرجل يجلس تحتها ول‬
‫يظهر على الطلق‪.‬أما الفروع فيمكن أن يعتمد في تحريكها على اهتزاز لنوابض تكون داخلها‪.‬‬
‫وفي كل الحالت‪ :‬ل ينبغي أن يوحي " الشيء" بأي شيء فكاهي أو مضحك‪.‬‬
‫وبالنسبة لصوته فإن أقارب التصورات هو أن "ينطق" بواسطة مسجل‪.‬الصوت ينبغي أن يكون واضحا للغاية‬
‫ولكنه غير طبيعي تماماا‪ ،‬بوسع الرجل الذي سيتولى تحريك الشيء الشراف على المسجل أيضا‪.‬‬
‫الشرطي‪ :‬استعملت هذه الكلمة في وصف الرجل الذي سيكون عليه‪ ،‬دون النطق بكلمه واحده‪ ،‬تحريك‬
‫الحاجز بين الفينة والخرى‪ .‬ل ملبس رسمية ولكن صرامة الرجل الرسمي المكلف‪ .‬ول تعاطف‪ ،‬وغالب ا ل‬
‫يلفت نظر أي من أشخاص المسرحية ول يقاطع إحداثاها وحوار إبطالها‪ .‬من الفضل أن يجلس هذا "‬
‫الشرطي " في مقاعد المتفرجين الولى ويتحرك منها إلى المسرح ويعود إليها‪ ،‬وكذلك فان وجوده على طرف‬
‫المسرح القاصى‪ ،‬القارب إليها‪ ،‬وكذلك فان وجوده على إطراف المسرح القاصى‪ ،‬القارب للجمهور‪ ،‬ممكن‬
‫بشرط أل يلفت وجوده نظر احد إل حين يتحرك‪ .‬ينبغي أن ينسى تماما حين ل يكون ثامة ما يفعله‪ ،‬ولكنه‬
‫أبدا ل يدخل أو يخرج من الكواليس‪.‬‬
‫الضوء‪ :‬سيتزايد دور الضوء باطراد كلما اقاتربت المسرحية من نهايتها‪ ،‬ول ضرورة هنا لملحظات أكثار من‬
‫تلك التي سترد في السياق فيما عدا الشارة إلى أن تركيز الضوء على أحد نصفي المسرح ينبغي إل يخفي‬
‫تمام ا النصف الخر‪ ،‬ومن الضروري أن تظل أشكال الشخاص في النصف المعتم ) سيلويت ( واضحة إلى‬
‫حد ما‪.‬‬

‫على أن تصرف مخرج يلتقط المعنى الساسي للمسرحية يظل من شأنه أغناء المسرحية‪.‬‬

‫غ‪.‬ك‪.‬‬

‫المشهد الول‬

‫رقام ‪ ) :1‬وكأنه يكمل حديثااا( أما وقاد انتهينا من المحاكمة فسأصدر الحكم الن‪ .‬قاف كي تسمعه كما ينبغي‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬دون اهتمام ولكن بقليل من الدهشة ( تصدر حكمك ؟انتهينا من المحاكمة؟)يقف(ولكننا يا سيدي‬
‫لم نبدأ بعد!‬
‫رقام ‪ ) :1‬مخاطبا رقام ‪ ( 2‬أسمعت ما قاال ؟ يقول أننا لم نبدأ بعد‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬لننته من الموضوع بسرعة‪..‬دعنا نشنقه هنا والن‪..‬أليس هذا هو الحكم الذي اتفقنا عليه؟) يخرج‬
‫من درج الطاولة حبلا ويضعه على الطاولة(‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬يدور حول الطاولة ويمسك الحاجز بكلتي كفيه( أيها السادة دعوني أذكركم بأننا لم نبدأ! لقد‬
‫قابض علي أمس فقط ولم يقابلني أحد طوال الليل ثام جيء بي إلى هنا‪ ،‬وكنت اعتقد أننا نجتمع للتعارف‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬أيها القاتل‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬قااتل ووقاح أيض ا‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬قااتل رهيب ) مشيرا إلى الشيء السود أمامه ( والجثاة ما تزال أمامه وقاد بدأ ينكر حتى قابل أن‬
‫ندفنها‪.‬‬
‫رقام ‪..2‬حتى قابل أن يجف دمها‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬دمها؟‬
‫رقام ‪ :1‬لننسى موضوع الدم) ملتفت ا إلى رقام ‪ (2‬الحقيقة أنه ل يوجد دم‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬قاتلها خنق ا‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬خنقاا؟ انه شيء ل يستعمل الهواء‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬قاتلته‪..‬وهذا يكفي‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬قاتلته أم قاتلتها؟ يا سيدي! أنا أقابل حكمكم لو تقررون إذا كان الشيء هو أو هي‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬هذه مسألة ل تخص القانون‪.‬ل تخرجنا عن الموضوع‪.‬لقد ارتكبت جريمة قاتل وهذا يكفي‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬قاتل من؟‬
‫رقام ‪ :1‬قاتل هذا) مشي ار إلى الشيء السود(‬
‫المتهم‪ :‬أنظر كيف تتهرب من الموضوع! إنني أسألك ) يعلو صوته ويأخذ حالة الهجوم( هل تسمع؟ إنني‬
‫أسألك‪ :‬ماهو هذا الذي قاتلته‪.‬‬
‫) يتقدم " الشرطي " بهدوء ويحرك ضلع الحاجز المواجه للجمهور وينقله على محوره إلى الجهة المقابلة‬
‫فيبدو القاضيان الن في قافص والمتهم دونه(‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :1‬مخاطبا رقام ‪ ( 2‬قال له ما هو هذا‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬قال له أنت‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنه شيء ل يوجد فيه دم‪.‬ل يتنفس‪.‬ل يأكل ‪.‬ليس من المعروف إذا كان ذك ار أم أنثاى‪..‬لقد تفحصته‬
‫بنفسي‪،‬ليس فيه شيء يمكن أن نسميه عضوا تناسلي ا ‪..‬فكيف يمكن قاتله؟‬
‫رقام ‪ :1‬ولكنه كان يحكي يا سيدي‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬وكان يشرب أيضا ‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إن السطوانة تحكي‪ ،‬وشجرة الصبار تشرب‪-‬هذا ل يكفي‪..‬هل لديكم إثاباتات أخري؟‬
‫رقام ‪ :1‬في الواقاع ل‪..‬ولكن هذا ل ينهي الموضوع‪ .‬قاد يكون مخلوقاا عجيبا ‪ ..‬وعلى أي حال أنت قاتلته وقاد‬
‫قالت ذلك بنفسك للسيدة‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬هل ادعى أحد علي؟‬
‫رقام ‪ :2‬ليس حتى الن‪..‬ولكن معلوماتنا تقول أن له أخا جاء معه ثام اختفى‪ ،‬وقاد يظهر يا سيدي في أية‬
‫لحظة ويطالب بدم أخيه‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬ل يوجد دم‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬يطالب بحياته أذن‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إن الذي ل يأكل ول يتنفس ول يضاجع امرأة ل يمكن أن يكون شيئ ا حي ا‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬يطالب به‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬يطالب به أو بها؟‬
‫رقام ‪ :1‬الواقاع يا سيدي إن الموضوع موضوع أخلقاي في الدرجة الولى‪ ،‬لنفترض أن أخاه جاء ذات يوم‬
‫وطالب به‪..‬فماذا نقول له؟‬
‫رقام ‪ :2‬نعم‪ ،‬ماذا نقول له؟ أنها لتهم هذا الوطن فقط ولكنها تهم العالم بأسره‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬تهم الكون كله في الواقاع‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :2‬ينظر بحسرة إلى الشيء السود(لقد جاء المسكين من كوكب آخر فقتلته أنت!‬
‫المتهم‪ ) :‬يبكي ( أنا أكثار حزنا عليه منكم!‬
‫) يتقدم الشرطي فينقل الحاجز فيصبح المتهم في القفص من جديد(‬
‫رقام ‪) :1‬بصوت عال( إذن لماذا قاتلته أيها المجرم؟‬
‫رقام ‪ :2‬أيها المجرم‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬لقد مات وحده‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬ولكن أنت السبب في ذلك‪..‬اعترف‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬اعترف فورا ) يرفع الحبل ويلوح به (‬
‫المتهم‪ :‬إنني أرفض هذه المحاكمة‪..‬صحيح أنني حزين ) يبكي ( ولكن هذا ل يعني أنني القاتل‪ )..‬ينتعش (‬
‫ثام من هذا الذي قاتل؟ ما هو اسمه أو اسمها؟كيف قاتل؟تصوروا لو أنكما قاررتما قاتل كل حزين في هذا‬
‫العالم‪..‬لن يبقى غيركما‪.‬ثام ستحزنان أنتما لنكما ستكونان عندئذ وحدكما‪ ،‬وسيقتل أحدكما الخر‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬هذا صحيح‪..‬ولكن أمامنا جريمة ويجب أن ننتهي منها‪..‬إن القوانين قاادرة على تغطية كل شيء‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬ولكنكما لم تنظ ار في القضية‪..‬لم تسمعا الشهود‪..‬لم تتركاني أدافع عن نفسي‪..‬‬
‫رقام ‪ :1‬إن الجريمة واضحة ليست بحاجة إلى إضاعة الوقات‪..‬لم يعرف هذا الشيء أحد غيرك‪..‬فمن إذن‬
‫يقتله؟ كيف يمكن أن يقتل إنسان ما شخصا ل يعرفه؟‬
‫رقام ‪ ) :2‬للمتهم ( لقد أحرجك هذه المرة ووضعك في الزاوية‪..‬لماذا ل تجيب؟‬
‫المتهم‪ :‬إننا في الواقاع نقتل الذين ل نعرفهم‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :1‬يقهقه ( لقد أوقاعناك في الفخ أيها القاتل‪..‬لقد ضحكنا عليك وسحبنا منك العتراف الكامل ربما‬
‫لنك غير خبير في هذا الموضوع‪ ،‬فهذه أول جريمة ترتكبها في حياتك وأنت لم تكن قااضي ا في حياتك ول‬
‫مرة واحدة‪..‬وهكذا استطعنا استدراجك بسهولة‪..‬كنت تقول قابل قاليل أنك ل تعرف هذا الشيء‪ .‬ل تعرف اسمه‬
‫ول إذا كان شخص ا أو شيئ ا ول من هو‪ ،‬ول إذا كان ذكرا أو أنثاى‪ ،‬أي انك لم تكن تعرفه‪ ..‬ولذلك بالذات‬
‫قاتلته‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :2‬مبتسماا( ذلك لننا – كما قالت أنت بنفسك – إنما نقتل الذين ل نعرفهم‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬إن القانون ضدك‪..‬يجب أن تعترف بذلك‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أعترف‪..‬ولكن يجب أن تستمعا إلي‪..‬‬
‫رقام ‪ :1‬باسم أي شيء يجب أن نستمع إليك؟باسم القانون؟‬
‫المتهم‪ :‬ل‪..‬باسم الفضول أيها السادة‪).‬يقوم من مكانه ويتجه إلى الحاجز(‬
‫رقام ‪ :1‬الفضول؟‬
‫رقام ‪ ) :2‬ينظر بتواطؤ إلى رقام ‪ ( 1‬إن وجهة نظره صحيحة‪..‬باسم الفضول‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬إنني إذن أسمح لك بالكلم باسم الفضول‪..‬ولكنني سأنبهك مسبقا إلى أن هذا لن يغير شيئا من‬
‫الحكم‪..‬إن الفضول شيء رائع ولكنه غير قاانوني‪.‬‬
‫) يعود المتهم إلى مقعده ببطء‪ ،‬وفي اللحظة ذاتها تصعد " السيدة " درج الشرفة وتبدو عبر الباب المفتوح‬
‫متجهة نحو المتهم الذي يصل إلى كرسيه ويجلس عليه باسترخاء – يخفت الضوء الموجه على القاضيين‬
‫حتى يبدوان شخصين غامضين – تدخل السيدة‪ ،‬بشيء من الغضب (‪.‬‬
‫السيدة‪ ) :‬ترمي حقيبة يدها على الطاولة وكذلك قافازيها وتبدأ بالمشي عبر الغرفة بغضب‪ ،‬ثام تقف وتنظر‬
‫نحوه(‪ :‬يبدو أن علينا أن نستسلم أخيرا‪ .‬وذلك بسبب جبنك وجبني معاا‪ ،‬فدعنا نسوى المسألة بهدوء؟‬
‫المتهم‪ :‬أية مسألة؟ مسألة الجنين؟ مسألة الدين؟ مسألة المال؟ مسألة أمك؟‬
‫السيدة‪ :‬كل هذه المسائل‪.‬‬
‫المتهم‪:‬لنبدأ بمسألة الجنين‪ .‬يجب أن يموت بالطبع‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬نقتله بالمناصفة‪ :‬مئة ليرة منك ومئة ليرة مني‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬ليس لدي مئة قارش أشتري بها رغيف ا‪..‬‬
‫السيدة‪ :‬والحل؟‬
‫المتهم‪ :‬أقاذف بك عن الدرج‪ ،‬أو نتزوج‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬الزواج مستحيل ‪..‬لن‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬لنني ل أستطيع أن أعمل قاطة‪ ،‬ولنني ل أريد أن أستبدل ديانتي كما تستبدلين معطفك‪ ،‬ولن‬
‫الحب وحده ل يستطيع مهما بلغت حرارته أن يخبز رغيفاا‪ ..‬إن أمك رائعة في اكتشاف النواقاص‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬أنت في كل مرة تقول هذه الشياء ذاتها‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنت في كل مرة تقولين هذه الشياء ذاتها‪.‬‬
‫السيدة‪ ) :‬بلطف مفتعل (قال شيئ ا جديد ا هذه المرة فقط يا حبيبي‪...‬‬
‫المتهم‪) :‬يرق(! لنتزوج! سأخطفك ونطير ويرضخ الجميع‪..‬إن العالم واسع ومليء بالفرص‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬مليء بالفرص! هل تستطيع أن تقول لي ما الذي قاضى عليك إل هذا الهراء؟ أنت تنتظر أن يسقط‬
‫عليك من السقف عمل مثالما تقدم الكعكة للطفال‪..‬إن العالم صغير‪..‬إنه أمي وغرفتك ومائتي ليرة‪..‬هذا هو‬
‫العالم‪.‬‬
‫المتهم ‪ :‬يحاولون الهبوط على القمر أيتها الجميلة الغبية‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬ستكون أكثار سعادة لو استطعت أن تهبط السلم ‪،‬وتجرؤ على المرور أمام دكان اللحام‪..‬لقد سألني‬
‫عنك الن‪.‬‬
‫المتهم‪:‬واذن؟‬
‫إ‬
‫) يضيء النور فجأة نصف الغرفة الخر حيث يجلس القاضيان‪ .‬ولكن السيدة تواصل التصرف وكأنها غير‬
‫شاعرة بهذا الذي ط أر(‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬قال لي‪..‬هل قاتلت الجنين؟‬
‫المتهم‪ ) :‬يلتفت إليه ببرود ( كل الذي يهمك هو أن تصطاد لي تهمة جديدة‪..‬لماذا ل تبحث معي عن حل‬
‫لهذه القصة التعيسة؟‬
‫رقام ‪ :2‬إنه في مأزق حقاا‪ ،‬دعنا نرى كيف سيتملص‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬كيف انتهى بك المر إذن؟‬
‫المتهم‪ ) :‬فيما يتكلم تكون السيدة‪ ،‬التي تبدو في اللحظة ذاتها تتكلم بغضب ولكن دون صوت تلم حقيبتها‬
‫وقافازها وتخرج من الغرفة بحيث تختفي وراء حاجز الشرفة في اللحظة التي ينتهي فيها هو من الكلم( لقد‬
‫تعلقت المشكلة هنا‪ .‬مثالها كل يوم‪ .‬غضبت وصرخت وشتمت وازدادت كراهية لي‪ .‬حسنا لنقل أن حبها لي‬
‫تناقاص عن ذي قابل‪ ،‬مثال كل يوم‪ .‬أيها السادة‪ ،‬لقد أحببتها حقاا‪..‬ولكن لم يكن باليد حيلة‪ .‬أعتقد إنها قاصة‬
‫تحدث كل يوم مع كل شخص‪..‬ولكن هل يعني ذلك إنها غير مهمة؟ أنظروا كيف صارت حالتي! كنت أشعر‬
‫إنني أفقد آخر شيء لي في العالم‪..‬يا إلهي كم صرت تعيساا!) ينظر صوب الباب‪ ،‬حيث اختفت السيدة(‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :2‬مخاطب ا رقام ‪ (1‬لنكن حذرين‪..‬إنه يحاول أن يخرجنا عن الموضوع‪،‬إنه يستدر دموعنا ليخفي كفيه‬
‫الملوثاتين‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬ليستا ملوثاتين في الحقيقة‪.‬تذكر‪.‬ل يوجد دم‪).‬متجهم ا إلى المتهم( والن‪..‬إنس ذلك كله‪..‬نريدك أن‬
‫تحكي عن الجريمة‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬بانكسار ( هذه هي الجريمة أيها السادة‪..‬لقد هجرتني السيدة‪..‬هل هناك ماهو أكثار رعبا في حياة‬
‫إنسان كان يخبئ الحب في جيبه كسلح أخير للدفاع عن نفسه؟‬
‫رقام ‪ :1‬للدفاع عن نفسك ضد من؟ هل كان ثامة من يهددك؟‬
‫المتهم‪ :‬كل الناس‪.‬كل شيء‪.‬صاحب البيت والخباز واللحام والطبيب‪.‬الغربة والوحشة والوحدة‪ .‬المرض‬
‫والشقاء‪ .‬الشقاء الذي ل ينتهي وفرص السعادة التي ل نستطيع أن نملها‪ .‬العمل والبطالة‪.‬النتظار‬
‫والوصول‪ .‬النكسار ‪.‬الفشل‪.‬طعم النتصار التافه‪.‬القلق‪.‬نداء الرحيل الذي ل يستجاب‪ .‬الخيبة‪.‬غياب‬
‫الشمس وغياب الصديق وغياب الدهشة‪.‬الموت‪..‬يا إلهي! أن نراه قاريب ا إلى هذا الحد وأن ننتظره ليل نهار‪..‬‬
‫رقام ‪ ) :1‬صائحا ( كفى! ) يلتفت إلى رقام ‪ (2‬هل سجلت ما قاال؟‬
‫رقام ‪ :2‬سجلته اختصاراا‪..‬إنه يقصد كل شيء‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬حسناا‪ ،‬والن أكمل‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أن تصحو فتجد أنك لم تفعل شيئا وأن ليس ما تستطيع أن تفعله‪ .‬أن تتذكر فجأة أن لحظة ما في‬
‫الماضي كانت في وقاتها كل شيء بالنسبة لك إوانها الن مثال معلبات اللحم المفرغة والمقلوبة على‬
‫قافاها‪..‬أن‪..‬‬
‫رقام ‪ :1‬كفى! ‪..‬انك توشك أن تبكينا‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬حسن ا ‪..‬هذا كان حالي عشية مقدمه ) مشيرا إلى الشيء السود أمامه (‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬لقد بدأت القصة الن‪ ،‬انتبه‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬يتمدد في مقعده‪ ،‬فيما يغيم الضوء عن طاولة القاضيين( كنت نائم ا أيها السادة‪ .‬مثالما تنامون‬
‫جميعاا‪.‬ل‪.‬مثالما ينام رجل مثالي فقط‪ ،‬لقد سمعت صوتا ضئيلا على الشرفة فحسبت أنني أحلم‪..‬ولكن الصوت‬
‫تكرر‪ .‬كان مثال استغاثاة صغيرة مجهولة‪..‬ترددت كثايراا‪ ،‬ثام قامت‪..‬‬
‫) يقوم ببطء ‪ ،‬يشعل ضوء ا ويتجه نحو باب الشرفة‪-‬المدخل ينظر إلى الخارج بحذر‪.‬ثام يهم بالعودة ولكنه‬
‫يقف منصتا بانتباه شديد‪-‬نصف متشنج‪ .‬حركة مجهولة صغيرة تسمع في الخارج‪ .‬يعود يحمل شيئاا‪ .‬يتجه‬
‫إلى الطاولة ويضع " الشيء" الذي يحمله فوق الشيء السود الموجود أصل هناك يبدو وكأنه وضعه الن‪.‬‬
‫يتفحصه بدقاة ويهز رأسه محتاراا‪ ،‬ثام يلتفت إلى الناحية التي يجلس فيها القاضيان(‪.‬‬
‫‪..‬كان منشورا على الحاجز‪ ،‬كما تقع عليه كل يوم قاطعة قاماش معلقة على شرفة الجيران‪..‬‬
‫) ينتهي من التفحص ويعود بغير اكتراث إلى مقعده ليسترخي‪ ،‬وفجأة ينبثاق الصوت‪ :‬رفيع ا معدني ا وبارداا‪.‬‬
‫باختصار يوحى بما هو غير إنساني ولكن دون عدوانية (‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬أبعد هذا الشيء عني لعرف كيف أراك‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬ينتفض ويبربر ويتراجع‪ ،‬ثام يتقدم بحذر (‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬قالت لك أبعد هذا الشيء ) يتحرك ببطء وكسل (‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنت؟‬
‫الشيء‪ :‬ستقتلني أيها الخائف‪..‬أبعد هذا الشيء‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬دون إرادة ( ما هو؟‬
‫الشيء‪ :‬لست أدري‪..‬إنني ل أستطيع أن أراك‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬الضوء؟‬
‫الشيء‪ :‬ليكن له هذا السم إذا كان ذلك ينهي المشكاة‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬يتجه إلى الضوء الضافي ليطفئه ولكنه يتوقاف فجأة في نصف الطريق‪ -‬ينظر حواليه ثام يخلع‬
‫قاميصه بسرعة ويرتد نحو " الشيء " ويغطيه بالقميص وينهال عليه لكم ا فيما ينظر حواليه مفتش ا عن أداة‬
‫أكثار فتكاا‪..‬مصد ار أصواتا غاضبة وغامضة(‪.‬‬
‫) تضيء طاولة المحكمة فجأة‪..‬ويقف رقام ‪ 1‬منحني ا فوق الطاولة ويصرخ(‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬تكاد تقتله أيها المجرم!كف عن ضربه!أل تسمع؟ أني آمرك باسم القانون أن تتوقاف‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :2‬بهدوء ( إوال أنزلنا بك أقاصى العقوبات‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬إني آمرك أن تكف عن لكمه‪.‬‬
‫) يتوقاف المتهم عن ضرب " الشيء " ولكنه يواصل المساك به بإحكام‪ .‬ويلتفت صوب المحكمة(‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أتعتقد أنني أنا الذي أضربه أيها القاضي؟‬
‫رقام ‪ ) :1‬يعود فيجلس ( لقد رأيتك بعيني تفعل ذلك‪..‬وها أنتذا تنكر بكل صفاقاة ) ملتفت ا إلى رقام ‪ (2‬ألم نره‬
‫بأعيننا يضرب ذلك الشيء المسكين دون سبب؟‬
‫المتهم‪ :‬من هنا يبدأ الخطأ‪..‬أجل!أنظروا كيف تتبدل المور ويتهم البريء! أيها السادة لم أكن أنا الذي‬
‫ضربته!‬
‫رقام ‪ ) :1‬متهكم ا ( من الذي كان يضربه إذن؟‬
‫المتهم‪ :‬أنتم! )صارخاا( جميع ا أيها القتلة!‬
‫) يتقدم الشرطي فيدير الحاجز الحديدي المواجه للجمهور‪ ،‬يقوم بهذه الحركة دون أن ينظر إليه أحد ودون‬
‫أن يتوقاف سياق الحوار‪ .‬يصير القاضيان الن داخل القفص وتتبدل بالتالي لهجات الحوار(‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنتم!أجل!أنتم الذين ضربتموه ذلك الضرب المبرح‪..‬ثام تقولون أنني أنا الذي فعلت!‬
‫رقام ‪ :1‬إننا لم نفعل يا سيدي! نقسم لك أغلظ اليمان أننا لم نفعل ‪..‬وثامة شهود رأوك تضربه بل شفقة‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬إن النكار لن ينفعكم‪ ..‬وثامة براهين قااطعة ل يحصيها العد‪ ،‬والفضل أن تعترفوا‪..‬‬
‫رقام ‪ :2‬نعترف بماذا؟‬
‫المتهم‪ :‬بأنكم ضربتم المسكين دون رحمة ودون سبب‪ ،‬وبدأتموه بالعدوان قابل أن تظهر حقيقة نواياه‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬ولكن أنت الذي ضربته‪..‬انظر إلى كفيك ‪..‬إنهما حم اروان ما زالتا!‬
‫المتهم‪ ) :‬يرفع كف ا واحده عن الشيء وينظر إليها ثام يلوح بها في وجهي القاضيين ( أيها المحتالون! هذه‬
‫اليد لم تكن إل أداه الجريمة ولكنها ليست هي المجرمة‪ .‬إنها علمة فقط ولكن من الذي ضرب المسكين؟‬
‫أنت بالطبع!أل تتذكرون كم وضعتم في رأسي‪ ،‬يوما اثار يوم‪ ،‬إن الذي يأتي من الخارج إنما يأتي بحافز‬
‫الشر؟ تذكروا‪..‬‬
‫رقام ‪ :1‬نتذكر ماذا يا سيدي؟‬
‫المتهم‪ :‬تذكروا أنكم حشوتم رأسي كل لحظة بأن أي شيء قاادم من المجهول إنما يحمل نوايا الشر معه‪،‬‬
‫وان القادمين ل بد أن يكونوا وحوشاا‪ .‬لم تتحدثاوا أبد ا عن علقاة‪..‬تحدثاتم دائم ا عن الغزو والقبر والمجهول‬
‫المرعب الفتاك‪..‬لم تقولوا أبدا أن المجهول قاد يكون شيئا طيبا مسكينا يمد يده دون سلح‪..‬لقد حشوتموني‬
‫بالرعب وبرغبة شريرة اسمها الدفاع عن النفس‪ ،‬ذلك لنكم أنتم أنفسكم أشرار‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬لقد قالنا ذلك من باب الحتياط فقط يا سيدي‪.‬‬
‫المتهم‪..:‬وانظر أين وصل المر بنا! لقد كاد احتياطكم هذا يقضي على هذا الشيء المسكين‪...‬وكاد يؤدي‬
‫إلى اتهامي أنا بالجريمة‪..‬‬
‫رقام ‪ :1‬ولكنك كنت تضربه‪..‬رأينا ذلك بأعيننا‪ .‬إن المور شديدة الوضوح أيها السيد‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬بل أنت كنت تضربه بدافع من الخيبة‪ .‬كنت إنسانا مهجوراا‪ .‬لم تكن تستطيع أن تضرب اللحام ول‬
‫صاحب البيت ول السيدة المسكينة التي ل تعرف حتى الن ماذا فعلت بالجنين الحرام الذي وضعته أنت في‬
‫رحمها‪ ) ،‬يعلو صوته‪ .‬الشرطي يدور الحاجز مرة أخرى فيعود المتهم إلى قافصه ( بل أنت لم تكن لتستطيع‬
‫أن تفعل شيئ ا بما يختص بالمور المعنوية أيض ا‪ .‬الغربة والخيبة وما شابه ذلك‪ ،‬وقاد أدي بك المر إلى‬
‫مرارة مجنونة جعلتك تنهال على ذلك " الشيء" المسكين الطيب ضربا ولكما وركلا دونما سبب‪.‬‬
‫رقام ‪ :2‬بل كدت تميته قابل الوان المخصص لذلك‪.‬‬
‫" الشيء" ) يصيح بصوت مكتوم من تحت القميص فيما يغيم الضوء بالتدريج عن قااعه المحكمة( إن ذلك‬
‫أفضل‪..‬أستطيع الن أن أرى كما ينبغي‪..‬ولكن ما الذي تفعله أنت؟‬
‫المتهم‪ :‬إنني أضربك‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬كف عن هذه الحماقاة ودعنا نتصرف مثالما يجب‪..‬‬
‫المتهم‪ ) :‬يضربه مرة أخرى ( أل تتألم؟‬
‫الشيء‪ :‬كل بالطبع‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬وترى جيد ا في الظلمة؟‬
‫الشيء‪ :‬أرى جيد ا كما أنا الن‪ ..‬لو رفعت هذا الشيء عني وأبعدت ما اتفقنا على أن اسمه ضوء‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬يرفع قاميصه عن الشيء ببطء وقاليل من الخوف‪ ،‬يذهب فيطفئ الضوء الضافي ويعود متوجسا (‬
‫من أنت؟‬
‫الشيء‪ :‬لنتفق أولا على أل يلحق أحدنا أذى بالخر‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إتفقنا‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬لقد احترقات مركبتي‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬مركبتك؟‬
‫الشيء‪ :‬كنت قاادم ا للستطلع هذه المرة‪..‬‬
‫المتهم ‪ :‬وحدك‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬كان معي رفيق لست أدرى ما حل به‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬هل أرسلت خصيص ا لي؟‬
‫الشيء‪ :‬كل‪.‬قالت لك أن مركبتي احترقات وسقطت عندك هذا كل ما في المر‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬وأنت تستطيع أن تتكلم؟‬
‫الشيء‪ :‬إنهم يتكلمون من خللي معك‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬ولن تستطيع أن تعود؟‬
‫الشيء‪ :‬علي أن انتظر ‪..‬‬
‫ل( غريب حقا ! لقد جئت عند رجل يكاد يموت من‬
‫المتهم‪ :‬يا لحظك التعيس أيها الغريب ) يقف‪.‬يفكر قالي ا‬
‫الجوع ‪..‬والن سنموت مع ا‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬هل تعني أنه ليس عندك ماء؟‬
‫المتهم‪ :‬بلى ! كثاير من الماء ولكن قاليل من الكل‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬إنني أحتاج للماء فقط‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬وأنا وحدي ل أستطيع أن أعنى بك كما يجب‪..‬فأنا لم أتزوج بعد‪ ،‬ويبدو أيها السيد إن المرأة الوحيدة‬
‫التي كانت‪..‬‬
‫الشيء‪ :‬امرأة؟‬
‫المتهم‪ :‬أجل‪..‬امرأة ) مندهش ا ( أل تعرف ما هي المرأة؟‬
‫الشيء‪ :‬ل‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬الجنس الخر؟‬
‫الشيء‪ :‬ل‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬كيف تتناسلون إذن؟‬
‫الشيء‪ :‬إننا نزرع‪.‬إذا أردت رفيق ا قاطعت جزء ا من جسدك ووضعته في الرمل‪ ،‬وسينمو ويصير رفيقاا‪..‬أو قال‬
‫بالعدوى‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬مثال الشجر؟‬
‫الشيء‪ :‬ليكن مثال الشجر‪..‬ولكن ما هي هذه المرأة؟ قالت أنها جنس آخر‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬المرأة؟ آه!إنها‪..‬أوف!‪..‬سيبدو صعبا أن أشرح لك‪.‬كيف أقاول لك؟‪..‬يا الهي‪..‬إنها شيء جميل‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬جميل؟‬
‫المتهم‪ :‬جميل‪.‬همم‪..‬جميل‪ ،‬وأمور أخرى‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬اسمع‪..‬يبدو أننا لن نستطيع التفاهم على أي شيء‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬هذا صحيح‪.‬الضوء‪.‬العتمة‪.‬القميص‪.‬الضرب‪.‬اللم‪.‬الكل‪.‬الشرب‪.‬ثام تأتي المرأة‪.‬إننا نتحدث كرجلين‬
‫في قاطارين متعاكسين‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬قاطار؟‬
‫المتهم‪ :‬والقطار أيضاا!‪..‬إنني أختنق‪..‬كأن الغرفة أخليت فجأة من الهواء!‬
‫الشيء‪ :‬الهواء!‬
‫المتهم‪ :‬أن تتنفس!‪ .‬أن تتنفس أيتها الشجرة!‬
‫الشيء‪ :‬اسمع!لنضع حدا لهذه المهزلة‪..‬إننا نحتاج إلى تعارف في أول المر‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إن اسمي‪..‬‬
‫الشيء‪ :‬دعك من السماء‪..‬أل ترى أن خلفنا يبدأ منها؟‬
‫المتهم‪ :‬صحيح‪..‬إننا على القال نستطيع أن نتفاهم على خلفاتنا‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬سأحكي لك عن عالمي ثام تحكي لي عن عالمك العجيب هذا‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬محاولة مسلية‪ .‬ولكنها مضحكة بعض الشيء‪ .‬ابدأ أنت‪ ).‬يسترخي (‬
‫الشيء‪ :‬أن حياتنا‪..‬نعم‪ .‬حياتنا‪ ،‬كنت‪-‬كنت أريد أن أقاول‪ .‬على أي حال‪ ،‬أنها على ما يرام‪ .‬فنحن نملك كل‬
‫شيء نعم‪ .‬كل شيء على الطلق‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬يضحك بصوت عال ( إنك تبدو مضحكا أيها الشيء العجيب‪..‬كيف تجرؤ على القول أنكم‬
‫تملكون كل شيء وقاد اكتشفت لتوي أنكم ل تملكون المرأة ول الهواء ول الكل ول الضوء‪ .‬الضوء‪ .‬يا الهي‬
‫! هل فكرت بذلك؟ الضوء بالذات‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬كيف يتعين علي أن أبدأ إذن؟ إننا في موقاف حرج!‬
‫فكي أقاول لك ما هو عندنا يجب أن أكون على معرفة بما هو ليس عندكم‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إن مهمتنا هنا تشبه أن نبدأ بخلق العالم‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬ل‪ .‬إن خلق عالم واحد أسهل بما ل يقارن من خلق عالمين‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنا ل اعرف ما هو ليس عندي‪ .‬وأخشى أن ل أفيدك‪..‬وأنت في حال يماثال حالي‪..‬فكي تقول لي‬
‫مثالا أنك ل تعرف الضوء ينبغي ان تكون في الواقاع تعرف الضوء إوال كيف سيخطر على بالك أن تقول هذه‬
‫الجملة؟‬
‫الشيء‪ :‬إننا في وضع يائس‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬اجل‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬ومع ذلك فإن شكلك يبدو لي مضحكا للغاية‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أستطيع أن أفهم ذلك‪ .‬فأنت تبدو لي مضحك ا إلى حد التشنج أيضاا‪..‬ومع ذلك فنحن في الواقاع‬
‫ل‪،‬أطول قاليلا مما هي عليه لصار بوسع أي منا أن‬
‫مكونون على نحو منطقي‪ ،‬فلو كانت أصابع اكفنا‪ ،‬مثا ا‬
‫يقتلع زلعومه بنفسه متى شاء‪ ،‬أما الن فهو ل يستطيع‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬ينبغي أن تكونوا تعساء حق ا حين تعتبرون ذلك انتصارا‪..‬لماذا يريد أي منكم أن يقتلع زلعومه‬
‫بنفسه؟‬
‫المتهم‪ :‬وأنتم؟ أل يرغب واحدكم في الموت من حين لخر؟‬
‫الشيء‪ :‬الموت‪ .‬إنها كلمة قاديمة أسقطناها من الستعمال‪ ،‬مثالها مثال كلمة اللم‪ ،‬أجدادنا البعدون يذكرون‬
‫ذلك‪.‬أما نحن فل‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬أما نحن فنعم‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬ماذا كنتم تفعلون إذن طوال الوقات الذي مضى؟ نحن لم نضعه عبثااا‪ .‬إن الواحد منا ل يمكن أن‬
‫يموت إل إذا حرم من الماء‪ .‬الماء متوفر في كل مكان‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬أنكم تعساء حق ا!‬
‫الشيء‪ :‬تعساء لننا ل نتألم ول نموت؟‬
‫المتهم‪ :‬نعم‬
‫الشيء‪ :‬ل بد أن خطأ ما موجود في عقولكم‪ .‬أو أنكم تجيدون الحتيال بصورة فريدة!‬
‫المتهم‪ :‬إن الشجار لن يجدينا نفعاا‪..‬دعنا نتفاهم‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬حين تحدثات أنت عن الشيء الذي سميته امرأة‪..‬كأن وجهك يشرق بتوهج غريب‪..‬إن هذا الشيء‬
‫كما يبدو لي أغلى كنوزكم‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنت لن تستطيع أن تفهم‪ ..‬كيف؟ أنت ل تعرف ما هو الجنس الخر! بل أنت ل تستطيع أن تطفئ‬
‫ضوءا إذا أردت أن تختبئ‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬انتم سعداء إذن؟‬
‫المتهم‪ :‬بالطبع‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬جداا؟‬
‫المتهم‪ :‬كفاية‪ ،‬ولكن بصورة ل تستطيع إدراكها‪.‬‬
‫) يقف ويبدأ في التجول في الغرفة وكأنه يحلم فيما يتحدث بصوت شاعري‪ .‬وفي الوقات المناسب يبدأ‬
‫الضوء بالتوهج في غرفة المحكمة بحيث يكتمل تمام ا مع نهاية حديثاة(‬
‫‪..‬وكيف تستطيع أن تفهم؟أنك لم تجرب لذة أن تلتصق بدفء المرأة‪،،‬عاريين‪ .‬ل تعرف تلك الغيبوبة الراجفة‬
‫كيف تهطل في العروق‪..‬بل ل تعرف لذة ماهو أقال قايمة من هذا‪.‬أن تفرش نفسك في الشمس‪،‬أن تنتظر‬
‫الشروق‪.‬أن تمطر السماء فوق شعرك‪.‬ل تعرف‪ .‬لتعرف لحظة الذروة في اللذة‪ ،‬لنها مزيج من اللم‬
‫والسعادة‪،‬كمن يضرب على قاصبة ساقاه‪ ،‬ولكنك ل تعرف اللم‪ .‬الهواء‪ .‬الضوء‪.‬بل أنت ل تعرف معنى أن‬
‫تحب وان تحب‪.‬المرأة مرة أخرى‪.‬أنت محروم من لذة الكل‪ .‬من لذة الجوع المتحفز‪.‬ماذا اعدد لك؟‬
‫الصداقاة‪.‬الفرح والحزن والوصول‪.‬الهزيمة والنصر‪.‬الخيبة أيض ا‪ .‬النتصار مهما كان صغيراا‪ .‬دعني أوجز لك‬
‫المر‪ :‬أن تخرج ذات يوم مع إمرأه تحبها وتحبك فتغتسلن بحرارة الشمس وتأكلن أن تعودا بعد ذلك‬
‫للفراش فتنجبا الولد‪ .‬الطفال! أنت ل تعرف هذه السعادة أيضا‪..‬فكيف تريد أن نتفاهم؟‬
‫) تضيء قااعة المحكمة الن تماما (‬
‫رقام ‪ :1‬أيها الفاك المخاتل!‬
‫رقام ‪ :2‬أيها الكاذب‪.‬‬
‫رقام ‪:1‬لقد كنت تخدع ذلك الشيء المسكين!‬
‫رقام ‪ :2‬قااتل وكذاب أيضا‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬كنت‪ ،‬وأنت تعدد للمسكين الجاهل كل هذه المور البراقاة رجلا مهجوراا‪ ،‬ل صديق له‪ ،‬يكاد يموت من‬
‫الجوع‪ ،‬ل يجرؤ على المرور من أمام دكان اللحام‪ ،‬منبوذا محطما فاشلا حزيناا‪..‬ثام كنت تخدع المسكين!‬
‫رقام ‪ :2‬أغلب الظن أنه مات قاهرا لن كل تلك السعادة فاتته‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬ربما كان هذا بالذات أداة الجريمة البشعة‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬يا سيدي ‪..‬تصور أن تكون في عالم مثال عالمه ‪..‬أل يذكرك ذلك بشيء في عالمك؟‬
‫رقام ‪ :1‬مالذي تعرفة عن عالمه أيها الدجال؟‬
‫رقام ‪ :2‬لشيء‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬محتال‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إنهم ل يعرفون الضوء‪..‬عالم دون شمس ل يستطيع أحدهم أن يجلس أمام مدفأة‪ ،‬ليس عند أي‬
‫منهم عضو تناسلي‪..‬إن لذلك نتائج خطيرة جداا‪ :‬إذن فهم ل يحفظون أية أغنية لهدهدة طفل ‪ ،‬ول توجد في‬
‫أسواقاهم دكاكين لبيع لعب الطفال‪..‬تصوروا‪ ،‬تلك الدببة اللطيفة المحشوة بالقش والقطط والثاعالب والسيارات‬
‫الخشبية‪..‬‬
‫رقام ‪ :1‬انت تتحدث عن ذلك كله في الليل‪ .‬بينما كنت في الصباح عازم ا على قاذف السيدة عن السلم كي‬
‫تجهض أبنك الحرام!‬
‫رقام ‪ :2‬وتتحدث عن الضوء فيما هم يستعدون لقطع الكهرباء عن بيتك لنك لم تسدد فواتيرك‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬لم يكن باستطاعتهم أن يمنعوني من مداعبة طفل في الطريق‪ ،‬ول من الرؤيا في ضوء الشمس‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬لقد قاصرت في واجباتك وكان بوسعهم وضعك في السجن‪.‬‬
‫رقام ‪ ) :2‬وهو يلوح بالحبل ( أو شنقك في الليل‪.‬‬
‫رقام ‪ :1‬لماذا لم تقل له أن الجنين الحرام في رحم السيدة كان يجثام بمؤخرته فوق قالبك؟‬
‫المتهم‪ :‬لقد عرف ذلك بنفسه فيما بعد‪ ،‬إن أمو ار من هذا النوع ل يمكن إخفاؤها عن شخص يعيش معك في‬
‫الغرفة ذاتها‪ ،‬فبعد يومين من الحاديث حول مختلف المواضيع جاءت السيدة لزيارتي‪.‬‬
‫) يغيم الضوء بالتدريج عن غرفة المحكمة فيما تبدو السيدة عبر باب الشرفة تصعد الدرج(‬
‫كنا قاد صرفنا وقات ا طيب ا ونحن نتحدث‪ .‬باختصار أيها السادة صرنا أصدقااء‪ ،‬وكان كل ما يحتاجه هو الماء‬
‫) ينهض ويحضر كوب ماء يضعه أمام الشيء‪ ،‬وفي اللحظة ذاتها يرى السيدة على وشك الدخول فيتناول‬
‫قاميصه الذي ما يزال ملقى على الطاولة ويغطي به الشيء ويتجه لستقبال السيدة(‬
‫السيدة‪ :‬جئت معي بأمي فقد يساعد ذلك على التفاهم‪.‬‬
‫) تدخل الم (‬
‫الم‪ ) :‬تخاطب السيدة ( قالت لك منذ البدء انه رجل دون مستواك‪ ،‬انظري كيف يستقبل سيدتين وهو‬
‫بملبسه الداخلية‪ .‬إنه عديم الذوق وفي الحقيقة انه داعر‪ ) .‬متجهة للمتهم ( أنت بحاجة إلى من يعلمك‬
‫الدب والتهذيب‪ ،‬ومع ذلك فمشكلتنا الن أكثار تعقيدا من مجرد استقبالك لنا بالملبس الداخلية‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬والن هدئي أعصابك‪..‬إن الشجار ينبغي أن يأتي في النهاية‪ .‬لماذا ل تلبس قاميصك؟‬
‫المتهم‪ :‬لنني أشعر براحة أكثار هكذا‪..‬أنت لم تصيري زوجيتي بعد‪.‬‬
‫الم‪ :‬ولن تصير‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬إذن انتهى الموضوع الذي جئت من أجله يا سيدتي‪.‬‬
‫الم‪ :‬ل‪ .‬لم ينته‪.‬ولكنه بدأ‪.‬ستدفع الثامن غالي ا إذا كنت قاد خلعت عقلك من رأسك كما خلعت قاميصك‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬باستفزاز ( ماذا تستطيعين أن تفعلي يا سيدتي ؟ إن صوتك يحمل تهديدا وأنا ل أحب هذه‬
‫اللهجة‪.‬‬
‫الم‪ :‬ماذا أستطيع أن افعل؟ سأعدد لك‪ :‬أستطيع أن أرفع عليك دعوى‪ .‬أستطيع أن أرسل لك أخاها فيذبحك‬
‫ويغسل عار العائلة‪ .‬أستطيع أن انهال عليك ضربا الن‪ ..‬أستطيع أن أروى القصة لخال السيدة فيضعك في‬
‫السجن حتى الموت‪..‬‬
‫) ينبثاق صوت " الشيء " من تحت القميص وكأنه صدى(‬
‫الشيء‪ :‬دعوى‪.‬ذبح‪.‬عار‪.‬ضرب‪.‬سجن‪.‬هاهاها‪.‬‬
‫) يندفع المتهم ويضع يده مضطرب ا فوق القميص(‬
‫الم‪ ) :‬مندهشة وخائفة ( ما هذا؟ لقد سمعت صوتا ‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬جاء من تحت القميص‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬ل‪..‬ل شيء‪..‬إنها اله تسجيل‪.‬‬
‫الم‪ :‬أنت إذن تسجل أقاوالنا لستعمالها ضدنا‪)..‬إلى السيدة( قالت لك منذ البدء انه حقير‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬إنني أتساءل من أين احضر ثامن اله التسجيل مع انه قاال لي أمس الول انه ل يملك فلسا واحدا‬
‫يشترى به خب از‬
‫المتهم‪ ) :‬محاول تغير الموضوع( أيتها الجميلة‪..‬ويا سيدتي العزيزة دعونا نحل المشكلة كما ينبغي‪،‬‬
‫وبأهون السبل‪.‬نتزوج‪.‬ويصير الجنين ابننا المشروع‪..‬‬
‫الم‪ ) :‬مقاطعة(تتزوج؟أنت تتزوج؟ أنت مفلس تتزوج وتتحدث عن الطفل أيضا! الطفل الحرام الذي جاء‬
‫ثامرة احتيالك على هذه المسكينة‪ .‬رجل بل اصل تريد الزواج من هذه السيدة‪ .‬اسمع أيها المحتال‪ :‬يجب أن‬
‫نعمل على إسقاط الجنين فورا‪ ،‬ويجب أن تعيد كل رسائل السيدة إليها‪ .‬وتدفع حصتك في التكاليف‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬مفلس‪.‬زواج‪.‬طفل حرام‪.‬بل اصل‪ .‬إسقاط الجنين‪.‬رسائل‪.‬تكاليف‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬اسكت أيها الحمق‬
‫الم‪ :‬من هذا؟ ماذا يجري هنا؟ إننا في غرفة مجنون يا سيدة!‬
‫الشيء‪ :‬ل يشتري خبزاا‪ .‬حقير‪.‬آله تسجيل‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬قالت لك اسكت‪.‬‬
‫الم‪ :‬أريد أن افهم ما الذي يجري هنا‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬اعترف‬
‫المتهم‪ ) :‬منتفض ا تحت وطأة فكرة جديدة‪.‬يتجه نحوهما ويمسكهما بحنان من ذراعيهما ويتكلم همساا( قاد‬
‫يكون هو الحل‪.‬‬
‫الم‪ ) :‬بصوت عال ( ماهو هذا الحل؟‬
‫المتهم‪ :‬اخفضي صوتك لئل يسمع‪..‬انه شيء ثامين‪.‬يا إلهي كيف ألهمتني هذه الفكرة المنقذة‪ .‬اسمعوا‪ :‬إذا‬
‫عرضناه للبيع فقد يدفعون خمسة آلف ليرة ثامنا له‪.‬‬
‫الم‪ ) :‬ساخرة( أنت تملك شيئ ا ثامنه خمسة آلف ليرة؟ إنني أراهن انك وضعت جواربك تحت هذا القميص‬
‫القذر كي تخدعنا‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬اقاسم لك بشرفي إنني ل اكذب ول اخدع‪..‬‬
‫الشيء‪ :‬شرف‪.‬كذب‪.‬خداع‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬هل سمعتما ) هامساا(انه مخلوق عجيب عثارت عليه‪.‬‬
‫الم‪ :‬ومن أين جاء؟‬
‫المتهم‪ ) :‬فخورا ومشيرا إلى فوق ( من هنا‪.‬‬
‫الم‪ :‬ما رأيك أن تحتفظ باربعه آلف وتسعمائة ليره وتعطينا الن مائه ليره فقط؟‬
‫السيدة‪ ) :‬ببطء وقاد تغيرت لهجتها( اسمعي يا ماما‪..‬قاد يكون على حق‪ .‬لنعالجه في منتهى الحرص‪..‬ألم‬
‫نق أر في الصحف أمس أن جسما غريبا دخل إلى الفضاء الرضي وانفجر وان شيئين مجهولين سقطا منه؟‬
‫الم‪ :‬ولكن هذا شيء واحد‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬دعونا خارج التفاصيل‪ .‬هل أستطيع أن ألقي نظرة عليه؟‬
‫المتهم‪ :‬كل!إن ذلك يفقده نصف ثامنه على القال‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬تبيعني أيها الصديق؟‬
‫المتهم‪ :‬اسكت أنت الن‪.‬‬
‫الم‪ :‬إنني أقاسم بكل شيء أنك مخاتل قاذر‪ .‬محتال من الدرجة الولى‪ .‬ومع ذلك فان يومين آخرين من‬
‫النتظار لن يجعل بطن السيدة اكبر مما هو الن‪ ،‬بحيث يظهر للعيان)إلى السيدة(تعالي‪.‬‬
‫) تخرجان‪.‬يراقابهما حتى يغيبهما الباب ثام يعود فيرفع القميص عن الشيء(‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬كيف حالك الن؟‬
‫الشيء‪ :‬كالعادة‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬أنت لست غاضب ا من سلوكي؟‬
‫الشيء‪ :‬لقد خدعتني وها أنتذا تريد أن تفرط بصديقك الوحيد‪..‬أتذكر كيف أقاسمت أمس إنني شيء مهم‬
‫بالنسبة لك؟‬
‫المتهم‪ :‬ولكنك سمعت بنفسك ما دار في هذه الغرفة قابل قاليل‪..‬ولو لم تتكلم في الوقات غير المناسب لكنا‪،‬‬
‫أنت وأنا‪ ،‬في مأمن‪.‬‬
‫الشيء‪ :‬الحب‪ ،‬الطفال‪ ،‬الضوء‪ .‬أن تنام مع امرأة‪ .‬أن تأكل‪..‬‬
‫المتهم‪ ) :‬مقاطعا( كفى‪..‬إنها أمور تحدث‪ )..‬بعد قاليل ( هل تعتقد حق ا أنني سأفرط بك؟لقد قالت ذلك لبعد‬
‫الكابوس فقط‪..‬أنت الشيء الوحيد في عالمي)مفكراا( بل أنت عالمي في الحقيقة‪.‬‬
‫) تبدو السيدة مرة أخرى عائدة على الشرفة‪-‬يسارع المتهم فيغطي الشيء بالقميص(‬
‫السيدة‪ :‬لقد تخلصت من أمي وعدت لك يا حبيبي‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬ما الذي تريدينه الن؟‬
‫السيدة‪ :‬أريد أن اعتذر عن أمي‪ .‬ولكنك تستطيع أن تفهم‪.‬أنها امرأة عاطفية تحبني كثايرا وتخشى علي‪..‬أما‬
‫أنا فمعك على استعداد لمواجهة العالم طوفان برمته‪..‬أن المور مهما قاست ستنتهي إلى حل‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬بالطبع‪.‬‬
‫) صمت بارد‪.‬تنظر إلى القميص(‬
‫السيدة‪ :‬دعني ألقي نظرة على هذا الشيء‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬ل‬
‫السيدة‪ /:‬متى ستبدأ التصال من أجل بيعه؟‬
‫المتهم‪ :‬لن أبيعه‪.‬انه صديقي‪.‬انه في الواقاع عالمي كله‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬دع المور تسير بيسر أيها العزيز‪..‬ل تعاند‪.‬كن واقاعياا‪ .‬تصور كيف يستطيع صديقك مساعدتنا بل‬
‫حدود‪ .‬صديقك الطيب‪.‬تتخلص من الجنين وتسدد ديونك وندخل دخول رائع ا إلى حياه زوجية ل تنتهي‬
‫سعادتها‪..‬بل تصور انه يستطيع تخليصك من السجن‪.‬قاال لي اللحام الن إن جميع أصحاب الدكاكين في‬
‫الحارة قاد تضافروا لرفع الدعوى ضدك‪..‬أنها فضيحة حقا ‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬لن أبيعه‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬أيها العزيز!‬
‫المتهم‪ :‬كيف سيكون بمقدورك أن تفهمي؟ أقاول لك انه عالمي‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬انه عالم آخر‪ ،‬شديد البعد‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬ل‪ .‬لم يعد كذلك‪.‬انه عالمي الخاص‪..‬دونه سأشعر بالعري‪.‬‬
‫السيدة‪) :‬ساخرة( انك عار الن!‬
‫المتهم‪ :‬أنا ل أتحدث عن القميص أيتها الغبية‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬وأنا ل أتحدث عن القميص‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬عم تتحدثاين إذن؟‬
‫السيدة‪ :‬عن كل شيء‪ .‬الصدقااء والحرية وأنا‪ .‬الحب والطعام والكبرياء‪.‬الراحة والقدرة على ملء فرص‬
‫السعادة‪..‬أنت الن عار منها جميع ا ودفعة واحدة‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬ليس كما تظنين!‬
‫السيدة‪ :‬بلى‪.‬وأنت مكابر وعنيد‪.‬إن إصرارك على الحتفاظ بهذا الشيء هو بمثاابة إصرارك على المنفي‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬غبية‪.‬‬
‫ل‪ .‬انه مخرجك إلى العالم الحقيقي‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬أنت الغبي‪.‬فكر قالي ا‬
‫المتهم‪ :‬ل‪.‬انه مدخلي للعالم الحقيقي‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬لو بعته لستطعت أن تكون ديكا قارمزيا‬
‫المتهم‪ :‬في قان والدتك‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬دع والدتي خارج الموضوع الن‪..‬الست ترى المر بالوضوح الجدير برجل عاقال مثالك؟ما الذي‬
‫ستفعله بهذا الشيء؟انه عديم النفع بالنسبة لك‪..‬ولو بعته لتحت الفرصة لكسب علمي هائل للعالم كله‪،‬‬
‫ولنقذت نفسك في الوقات ذاته وعدت على سجادة حمراء إلى العالم‪،‬إلى الناس‪.‬إلى الحب‪..‬إلى كل شيء‪.‬‬
‫المتهم‪ ) :‬غاضباا( ل تغرري بي‪.‬أنت ل تعرفين كيف تشرق الشمس مع هذا الشيء وكيف تتوهج خدود‬
‫الطفال وكيف تضحي المرأة سعادة حقيقية‪.‬ل تعرفين كيف يصير للهواء طعم اللذة وكيف يصير بوسعي أن‬
‫أمسك الضوء بيدي وأتعلق به كما يتعلق الطفل بالغصن‪..‬أجربت عمرك أن تسمعي الموسيقى معه؟أن‬
‫تتفرجي على اللوان؟أن ترقاصي؟أن تنامي؟أن تأكلي؟ أن تصهلي في الحقول وعلى رمال الشواطئ؟أن‬
‫تكوني صديقة أو حبيبة أو طفلة؟ أو تناضلي في سبيل طمس اللم؟أن تبني دنيا من العواطف؟أن تبعدي‬
‫جدران هذا العالم المزدحم عن بعضها وتمدي الهواء فيما بينها؟ أن تسافري من أقاصى الرض إلى أقاصاها‬
‫في لحظة واحدة ؟وقابل ذلك كله‪ :‬أن تكوني حقيقة ولو مرة واحدة في عمرك؟‬
‫السيدة‪ :‬هراء!هراء! إن العالم الحقيقي وراء هذا الحاجز ) تشير إلى حاجز الشرفة( وهو طريقك الوحيد إلى‬
‫هناك‪ .‬ضع عقلك في رأسك أيها الطفل المسكين‪ .‬إن هذا الشيء هو النقاذ‪.‬‬
‫المتهم‪ :‬انه النقاذ‪.‬‬
‫السيدة‪ :‬أعرف أنك تقصد عكس ما اقاصد ولكن‪..‬‬
‫المتهم‪ :‬لماذا ل تكفين عن هذا الهراء فتركضي وراء سروال أمك وتغيبي من هنا إلى البد؟هل تسمعين؟إلى‬
‫البد) يمسك بها ويجرها جرا تقريب ا إلى الباب( ل أريد أن أراك‪.‬‬
‫) يعود فيرفع القميص‪ -‬تصدر عن الشيء قاهقهة صغيرة(‬
‫الشيء‪ :‬أنا لست أكثار غربة منك)يضحك بعنف(أنا لست أكثار غربه منك!‬
‫) يحمل المتهم قاميصه بغضب ويضعه فوق الشيء بعنف فيما يواصل الشيء قاهقهته وتضيء فجأة غرفة‬
‫المحكمة ويأخذ رقام ‪ 1‬ورقام ‪ 2‬يضحكان بعنف‪..‬فيما يظل المتهم واقاف ا يرتجف بالغضب(‬
‫) ستار(‬

‫منتدى حديث المطابع‬


‫موقع الساخر‬
‫‪www.alsakher.com‬‬

You might also like