الباب

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 34

‫غسان كنفاني‬

‫مسرحية‬
‫الباب‬

‫الشأخاص حسب الظهور‬


‫قيل ‪ :‬رئيس وفد عاد إلى مكة‬
‫رعد ‪ :‬صديقه وعضو في الوفد‬
‫لقمان ‪ :‬كاهن وعضو في الوفد‬
‫عاد ‪ :‬ملك القبيلة‬
‫شأداد‪:‬ابن عاد ووريث مملكته‬
‫المأ ‪ :‬أمأ شأداد‬
‫مرثد‪ :‬ولد شأداد ووريثه‬
‫رسول‪:‬من البلطا‬
‫الرجل الول ‪:‬‬
‫الرجل الثاني ‪:‬‬
‫هبا‪ :‬اله من آلهة عاد الثلثة ‪ :‬صدا – هبا – صمود‬

‫الفصل الول‬

‫) خلءا صحراوي – في المدى خيمة أو خيمتان ‪ ،‬وفي المقدمة بدويان جالسان كأنهما في النتظار‬
‫‪ ،‬الوقت عند الصباح الباكر …(‬
‫) الرجلن هما قيل – رئيس وفد عاد لستسقاءا ماءا الحجاز ‪ ،‬والخر صديقه رعد…(‬
‫قيل ‪ :‬لو لمأ تذكرنا الجرادتان مهمتنا لنسيناها‪..‬‬
‫رعد ‪ :‬كان غناؤهما مثل أناشأيد اللهة…ولو كان يعرف معاوية ابن بكر أنهما ستشأغلننا عن‬
‫الستسقاءا أذن لما أكرمنا بهما‪..‬‬
‫قيل ‪ :‬أو تعتقد انه دفعهما لغناءا تلك البيات التي أعادت إلينا صوابنا؟‬
‫رعد ‪ :‬إن لمأ يكن ذلك من ذكائه فانه من ذكائهما ‪ ..‬ومهما يكن ‪ ،‬فقد آن لنا أن نصحو ‪ ..‬لقد تركنا‬
‫الحقاف تحترق من الجفاف ‪ ..‬ل المطار هطال ول البار أعطات منذ أقمار وأقمار ‪..‬‬

‫قيل ‪ ) :‬ينظر إلى السماءا ( يبدو أن دعاءانا لمأ يستجب ‪ ،‬ل صدا ول صمودا ول هبا يسمعون‬
‫تضرعنا ‪ ..‬وغدا إذا ما عدنا دون ماءا فان غضب عاد سيحيق بنا ‪ ،‬وقد يقتلنا ‪..‬‬
‫رعد ‪ :‬تراه لو علمأ بأننا استسقينا صدا وصمودا وهبا بدل آلهة مكة التي التجأ إليها ‪ ،‬أكان يغفر لنا‬
‫ذلك؟‬
‫قيل ‪ :‬ومن أين سيعلمأ؟‬
‫رعد ‪ :‬لست أدرى ! ولكنه أرسلنا نستسقي آلهة مكة الماءا ‪ ،‬ولمأ يرسلنا نتوسل للهتنا …أنت أعلمأ‬
‫مني عن مدى كرهه لها‪..‬أنت أعلمأ مني بكل أفكار عاد‪..‬لماذا‪،‬تراه‪،‬هجر المعبد ودعا الناس إلى‬
‫هجر هبا؟‬
‫قيل ‪ :‬انه يعتقد بأن الله يجب أن يسقي شأبعه ‪ ،‬لقد قال لي بأن الخطايئة ‪ ،‬أية خطايئة ‪ ،‬يجب أن ل‬
‫تدفع الله – عفوا هبا!‪-‬إلى النتقامأ بأن يقتل البنات والضروع ويزرع الجوع‪..‬‬
‫رعد ‪ :‬ولماذا لمأ يطالب غفران هبا ليعطايه الماءا؟‬
‫قيل ‪ :‬أنت تعرف لماذا‪..‬انه يعتقد أن طالب الغفران ذل‪..‬‬
‫رعد ‪ :‬والماءا ؟‬
‫قيل ‪ :‬يستسقيه من مكة دون غفران‪.‬‬
‫رعد ‪ :‬إن هذا لعجيب ! أسمعت عمرك عن رجل يتحدى هبا؟ ما الذي يريده من النزال ؟لقد كان‬
‫انتقامأ هبا رهيباا‪،‬ورغمأ ذلك فعاد يصر على خوض النزال حتى آخره ‪..‬أتراه جن؟‬
‫قيل ‪ :‬ل ‪ ،‬ل ‪ ..‬إنما هي فكرة نبتت في رأسه قبل أعوامأ وظلت تنمو حتى وصلت إلى ما هي عليه‬
‫الن …‬
‫رعد ‪ :‬أية فكره فكرة؟‬
‫قيل ‪ :‬أن جده نوح هو الوحيد الذي ارتضى أن يعيش بعد أن يفنى الناس جميعا ‪ ..‬لقد توصل إلى‬
‫اليمان بأن نوحا قد باع الرض مقابل نجاته‪ ،‬إذ لول ذلك لما كان لهبا أن يدمر الرض … لما‬
‫استطااع أن يفعل ذلك … لقد كان يفتش عن إنسان واحد يبدأ معه من جديد‪ ،‬وقد وجد ذلك النسان‬
‫في نوح!‬
‫رعد ‪ :‬وماذا في هذه الفكرة؟ أية علقة بينها وبين أن يمتنع عن طالب الماءا من هبا؟‬
‫قيل ‪ :‬انه يعتقد بأنه لو استطااع ‪ ،‬مره واحدة ‪ ،‬أن يحمل إلى الحقاف الماءا رغمأ انف هبا‪-‬أذن‬
‫لقتله… لجعل الناس يفقدون إيمانهمأ به وارتباطاهمأ بتمثاله البيض القائمأ بين بيوتهمأ ‪.‬‬
‫رعد ‪ :‬ولذلك أرسلنا نستسقي ماءا من آلهة مكة؟‬
‫قيل ‪ :‬أجل هذا هو السبب…‬
‫) يصمتان ‪ ،‬يفكران ثمأ يتابع (‬
‫قيل ‪ :‬إنني اعتقد أن هبا هو الذي جعلنا ننسى رسالتنا في غناءا قينتي معاوية بن بكر ‪ ،‬الجرادتين‪..‬‬
‫أو تدري يا رعد ؟ إنني خائف ‪ ،‬أحس كأن هبا معلق بين كتفي يحسب علي حركاتي وسكناني ‪..‬‬
‫ذلك هو الذي دفعني لستسقائه‪،‬بدل اللجوءا إلى آلهة مكة‪..‬‬
‫رعد ‪ :‬هذا هو السبب أذن ؟كنت أتساءال طاوال يومي وليلتي عن نكثك بعهدك لعاد‪..‬‬
‫قيل ‪ :‬إنني أحس هبا بين كتفي يلهب رأسي بالخوف…‬
‫رعد ‪ :‬أسمعت أخبارا جديدة عن لقمان؟‬
‫قيل ‪ :‬منذ عاد إلى الحقاف لمأ اسمع إي خبر عنه…‬
‫) يتذكر شأيئا فجاءاة ‪ ،‬فيقف ‪ ،‬ويبدو خائفا (‬
‫رعد ‪ :‬ماذا بك؟‬
‫قيل ‪ :‬لقمان ! لقد ذهب إلى عاد ليشأي بنا ‪ ..‬ليقول له إننا نسيناه ونسينا الجفاف وارتضينا غناءا‬
‫الجرادتين ثمن ا لهذا النسيان!‬
‫رعد ‪ :‬أتعتقد أن لقمان سيرضى أن يكون واشأياا؟‬
‫قيل ‪ :‬انه يكره عاد ‪ ..‬ولكن الجفاف كاد يقتل مراعيه ومزارعه ومواشأيه …انه يريد ماءا ‪ ،‬هذا كل‬
‫شأيءا …ماءا من هبا ‪ ،‬أو من عاد ‪ ،‬أو من آلهة مكة … ولذلك سيلجأ ‪ ،‬مرة أخرى ‪ ،‬إلى عاد!‬
‫رعد ‪ :‬أتخاف من عاد وأنت محل ثقته؟‬
‫قيل ‪ :‬أخاف منه لنني لمأ أكن ‪ ،‬هنا ‪ ،‬محلا لثقته‪..‬‬
‫رعد ‪ :‬وماذا تعتقد بأنه سيفعل ؟‬
‫قيل ‪ :‬لست أدري ! لست أدري!‬
‫) يعود للجلوس مضطاربا – رعد يقف ويمد بصره إلى الفق ‪ ،‬ثمأ ينتفض (‪.‬‬
‫رعد ‪ :‬انه موكب يبدو في الفق … أخشأى أن يكون موكب عاد وقد أتى يتعجلك ‪..‬‬
‫) قيل يقف ‪ ،‬وفي نفس اللحظة يدخل لقمان ‪ ،‬وهو رجل عجوز (‪.‬‬
‫قيل ‪ ) :‬دون أن يرى لقمان ( أتعتقد أن لقمان جاءا به؟‬
‫لقمان ‪ ) :‬من الذي جئت به ! نعمأ ‪ ،‬أنا الذي جئت به ! لقد أقمتما شأهو ار مرة دون أن تستسقيا‬
‫الماءا ‪ ،‬أهلكما يموتون عطاشأا ورعبا وأنتما تلتهيان بغناءا الجرادتين‪..‬‬
‫قيل ‪ ) :‬خائفاا( ولكننا استسقيناه…‬
‫لقمان ‪ :‬بعد ماذا ؟ بعد أن احترقت المزارع بالشأمس وتهاوت الشأجار وتشأققت البيوت ؟ بعد أن‬
‫تساقطات المواشأي وذاب الطافال وجفت أثداءا المهات؟‬
‫قيل ‪ :‬ولكننا استسقيناه ‪ ،‬ولمأ تجب اللهة الدعاءا…‬
‫لقمان ‪ ) :‬راجفاا( أية آلهة ؟ آلهة مكة؟ أمأ هبا الغاضب علينا ‪ ،‬والضامر لنا الذى من فرطا ما‬
‫نسيناه؟‬
‫قيل ‪ :‬آلهة مكة!‬
‫لقمان ‪ :‬أيها المجنون … سيأتيك عاد الن … ولتقتل بعضكما كالحيوانات! ولسوف أرى إن كانت‬
‫آلهة مكة قادرة على إنقاذك منه أو إنقاذه منك!ألمأ يكن بوسعك أن تستسقي هبا ؟ ألمأ يكن بوسعك‬
‫أن تطاالبه بالغفران بعد كل الثامأ التي ارتكبها ملكك حياله ؟ لقد كنت بعيدا عن سطاوته وكان لك‬
‫الخيار في أن ترتد إلى اليمان‪ ،‬ولكنك أردت أن تنقلب إلي الثمأ مثلما انقلب!لنر الن!لتحمك آلهة‬
‫مكة!‬
‫) يرفع يديه ويتجه بالدعاءا (‬
‫لبيك يا هبا لبيك ‪ ..‬أيها القادر على فت أعدائك انتقمأ لي!‬
‫لقد جرني عاد بعيدا عن معبدك ‪ ..‬أغلق أبوابه في وجهي بعد أن كنت خادمك وكاهنك … حرمأ علي‬
‫التضرع لك والدعاءا إليك وتلمس قدميك…وها أنت ذا ترد غضبك عليه وعلي‪ .‬لقد احترقت مزارعي‬
‫وجفت ضروع مواشأي ومات أطافالي ‪ ،‬ولكنني لمأ افقد إيماني بك ‪..‬يا هبا ‪ ،‬انهمأ يستسقون آلهة مكة‬
‫بدل أن يستسقوك !فانتقمأ منهمأ واعد مجدك في الحقاف لعود إلى خدمتك‪..‬ياهبا‪..‬ياهبا‪..‬لقد‬
‫أرسلت لهما جرادتين لينسيا‪ ،‬أيها القادر الساحق الماحق ‪ ..‬والن سوف يقتلهما … سوف يقتلهما‬
‫‪..‬سوف يقتلهما ‪ ..‬ياهبا ‪،‬أرسل له من يقتله…يا هبا ‪ ..‬يا هبا‪..‬اقتل كل أعدائك!‬
‫)أثناءا اتجاهه بالدعاءا تتقدمأ‪،‬في أعلى المسرح ثلث غيومأ‪ ،‬واحدة صفراءا وواحدة حمراءا وواحدة‬
‫سوداءا حتى تتوسطا المسرح‪،‬فوق ‪ ،‬وفي اللحظة نفسها يدخل عاد بلباسه المميز ‪،‬وقبل أن يشأاهد‬
‫عشأيرته يشأاهد الغيومأ الثلث فيقف مشأدوها ‪ ..‬لقمان يرى الغيومأ فيسقطا يديه ويقف مشأدوها هو‬
‫الخر –قيل ورعد ينظران إليه مدهوشأين ‪ ..‬وبعد هنيهة يخرج صوت عريض من الغيومأ فيجفل‬
‫الجميع(‬
‫الصوت ‪ ) :‬ببطايءا شأديد وبحدة ( " يا قيل ! يا قيل !اختر لنفسك وقومك من هذا السحاب"‪.‬‬
‫قيل ‪) :‬صائحاا( لقد استجيب الدعاءا ‪..‬لقد استجيب الدعاءا ‪..‬‬
‫رعد ‪ ) :‬بصوت عال ( ل تختر السوداءا ‪ ...‬إنها الموت‪.‬‬
‫عاد ‪ ) :‬من مكانه( من هو الله الذي استسقيته يا قيل؟‬
‫الصوت )يكرر( "يا قيل ‪..‬يا قيل ‪ ..‬اختر لنفسك ولقومك من هذا السحاب "‬
‫قيل ‪) :‬ينظر فيرى عاد فيرتجف ( عاد! عاد هنا؟‬
‫عاد ‪ :‬إي اله استسقيت ؟ ل تكذبني!‬
‫قيل ‪ :‬استسقيت هبا‪..‬‬
‫عاد ‪ ) :‬صائح ا في وجهه الغيمأ ( وها أنت ذا تعود إلى يا هبا من جديد ‪ ..‬ولكنني سأنازلك ولست‬
‫أريد ماءاك ول خيرك‪..‬حملت إلي غيومك ‪ ..‬الموت بالسواد ‪ ،‬والدمأ بالحمراءا ‪ ..‬والطااعة بالصفراءا‬
‫…ولكنني ل أريد الطااعة ول أريد الماءا‪..‬‬
‫قيل ‪ ) :‬صائحا بعاد( الماءا … الماءا الذي سيسقي مراعيك ويخصب أرضك‪..‬‬
‫عاد ‪ :‬مقابل ماذا ؟ مقابل ماذا ؟ ) يصيح ( الذل!الطااعة!الخوف ل ‪،‬ل أريد الماءا بهذا الثمن‪..‬‬
‫لقمان ‪ :‬إن شأعبك يموت ‪..‬‬
‫عاد ‪ :‬الموت أفضل من ذله ‪ ..‬يا قيل ‪ ..‬اختر السحابة السوداءا ‪ ..‬دعنا ننازل هبا بسلحه‬
‫الشأد‪..‬هذه فرصتنا الوحيدة للخلص منه‪..‬‬
‫قيل ‪ ) :‬خائفا ( الماءا ‪ ..‬هل تدرك ذلك يا عاد؟‬
‫عاد ‪ ) :‬مقاطاعاا( اختر السحابة السوداءا ‪ ) .‬يستل سيفه(‬
‫قيل ‪ :‬السوداءا ‪ ..‬السوداءا ‪..‬‬
‫الصوت ‪ :‬لقد " اخترت رماد ا رماد ا ل تبقي من عاد أحد ا‪."..‬‬
‫) دخان أسود يجتاح المسرح‪،‬شأبح عاد وهو يقاتل يبقى بارزا أكثر من سواه ‪..‬جلبة‬
‫وضوضاءا‪،‬يسقطا عاد ‪،‬الهدوءا يخيمأ (‪.‬‬

‫)ستار(‬
‫الفصل الثاني‬

‫) ينفتح الستار عن غرفة ذات طاراز عتيق في البناءا ولكنها مجهزة بأثاث متقن الصنع فني الداءا‬
‫إلى حدود معجبة‪،‬يقع الباب في واجهة المسرح والى جانب الباب نافذة شأرقية تطال على خلءا مترامأ‬
‫في نهايته القاصية ترتفع أبراج لمعة لمدينة بعيدة طانافس مطارزة وسجادة غنية اللوان وسيوف‬
‫ورماح وتروس معلقة على الجدران‪.‬‬
‫في زاوية الغرفة يقف شأداد ‪ ،‬وهو رجل في أواسطا عمره قوى البنية ذكى العينين ‪ ،‬حاد الملمح‬
‫يلبس عباءاة مذهبة الطاراف فوق رداءاه من حلقات معدنية موشأاة بالفضة ‪ ،‬ويضع على رأسه‬
‫كوفية بيضاءا معقودة بشأكل أنيق وفخور‪.‬‬
‫يبدو شأداد وهو يعقد حزامه العريض ويتقلد سيفه ‪ ،‬وفي المشأهد يواصل إعداد عدته للخروج إلى ما‬
‫يستطايع المتفرج أن يستنتج بأنه ساحة حرب أو مهمة عسكرية ‪ ،‬وبعد هنيهة تدخل المأ ‪ ،‬أمأ شأداد‬
‫وهي امرأة عجوز تضع على نفسها ملبس بيضاءا وتلف رأسها بشأال شأفاف تتدلى تحته ‪ ،‬جديلتاها‬
‫الشأائبتان ‪،‬تنظر إلى شأداد نظرات شأاكة‪،‬تدور حوله وتهز رأسها ألم ا ‪ ،‬ثمأ تمضي إلى ركن من أركان‬
‫الغرفة وتتشأاغل بشأيءا ما ‪.(..‬‬
‫المأ ‪ :‬ما الذي حدث ؟ما الذي يجعلك تصحو باك ار اليومأ ؟ منذ ولك أبوك عاد ملكه بعد أن قضى لمأ‬
‫أرك تصحو بمثل هذا التبكير؟‬
‫) شأداد يواصل ارتداءاه لملبسه وتهيئة نفسه دون أن يجيب ‪ ،‬المأ تدور حول نفسها وترفع صوتها‬
‫كأنها تستحثه على الجابة(‪.‬‬
‫المأ‪ :‬هذه أول مره أراك فيها مبكر الصحو منذ سنوات وسنوات‪ ،‬ولقد راقبتك منذ ساعة وأنت تضع‬
‫على نفسك عدة الحرب والقتال ‪ ..‬أرسلت الخدمأ ليروا إلى المدى ‪ ،‬ولكن ل غبار ول أرى … والن ‪،‬‬
‫ما الذي تريده ؟ أنت ل تريد شأ ار يقود علينا ما قاده لنا أبوك‪..‬‬
‫شأداد ‪ ) :‬ماض في عمله( هذا هو أسوأ ما في المر!‪..‬أنت تتدخلين حتى في المور التي ل تعنيك‬
‫قطا‪..‬يا أمي العزيزة‪،‬اطامئني…لن أخرج إلى القنص الذي تخافين منه علي ‪..‬اطامئني‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تبتسمأ بحب وهي تفرش ذراعيها ( بودي لو تخرج إلى القنص ‪ ،‬عل القنص يجعلك تكف‬
‫عن وحدتك وانغماسك في أفكارك التي ل أعرف شأيئا عنها … عل القنص يدفعك لتناول طاعامك…‬
‫) تنتبه فجأة كأنها تذكرت شأيئا (‪.‬‬
‫ثمأ ‪ ،‬كيف تقول لمك إن هذا المر ل يعنيها؟تلك جرأه لمأ أعتدها منك!‬
‫شأداد ‪ ) :‬بهدوءا ( لنه ل يعنيها‪..‬لنه ل يهمها‪.‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تقترب منه ( ما الذي يشأغل رأسك يا شأداد ؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬يكف عن العمل ويقترب منها ( أتريدين حقا أن تعرفي؟ سوف أقول لك لو سكت دقيقة‬
‫واحدة‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬أنا ساكتة…‬
‫شأداد ‪ :‬إنني أريد أن أخرج …‬
‫المأ ‪ ) :‬فزعة ( إلى أين؟‬
‫شأداد ‪ :‬إلى ارمأ ‪..‬‬
‫) ترتد المأ خطاوة إلى الوراءا فيلحق بها ويضع كفيه على كتفيها(‪.‬‬
‫شأداد ‪ :‬اسمعي إلى جيد ا يا أمي ‪..‬استمعي إلي ‪ ..‬إنني لمأ ابن تلك المدينة ل تركها مأوى للطايور‬
‫والضباع والخنافس ‪..‬هل فكرت يوم ا بذلك ‪ ..‬هل تساءالت عن السبب الذي أحرقت به شأبابي لبني‬
‫أرمأ؟‬
‫المأ ‪ ) :‬حزينة( نعمأ ‪ ،‬أعرف ذلك ‪..‬كنت تريد أن تبني جنة على الرض…‬
‫شأداد ‪ ) :‬يهز رأسه ( جنة على الرض ‪.‬هذا هو المر ‪ ،‬أتعتقدين انه هراءا؟‬
‫المأ ‪ ) :‬خائفة( أنت تريد أن تثبت انك أقوي من هبا‪..‬‬
‫شأداد ‪ :‬تمام ا ‪ ،‬أقوى من إلهك‪.‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تدير له ظهرها ( ل تتكلمأ عن هبا بهذه الصورة ‪ ،‬ل تتكلمأ عنه أبدا مادمت أنا أمامك ‪ ،‬هل‬
‫تسمع ما أقول ؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬من مكانه ( اسمع جيدا ‪ ،‬ولكن الوان قد آن لنضع كل شأئ في نصابه ‪..‬لماذا ل تنظرين‬
‫إلي وتستمعين إلي ما سأقوله؟‬
‫المأ ‪ ) :‬تلتفت لحظة ‪ ،‬ثمأ تقترب منه( لماذا ل تكف عن هذا السخف ؟لماذا ل تقذف بهذه الفكار‬
‫إلى السعير وتفكر بزواجك؟ لقد مضت الن ست سنوات على وفاه زوجتك‪ ،‬ورغمأ ذلك فأنت لمأ تفكر‬
‫بالزواج مرة أخرى ‪..‬حتى متى سوف تبقى ضائعاا‪ ..‬حتى متى ؟) تضع يدها على كتفيه( لقد مات‬
‫أبوك لنه ركب رأسه‪ ،‬وحرمت أنا سعادة كل الصبا‪،‬أحرقته راضية من أجلك ومن اجل أخيك شأديد ‪،‬‬
‫وها قد مات أخوك في القنص ‪ ) ..‬تبدر منه حركة فتسكته بإشأارة طافيفة من يدها( أنا ل أريد‬
‫تعذيبك ‪ ،‬ولكنك تذكر اليامأ القاسية التي مضت‪ ..‬تذكر الدماءا التي اهرقت لمجرد أن أباك ل يريد‬
‫قبول هبا ‪ ،‬الله العاطاي ‪ )..‬تشأير من النافذة ( الواقف هناك بين بيوت الناس ‪ ،‬القابل الضحايا ‪،‬‬
‫العاطاي الخير ‪ ،‬الواهب النصر ‪ ،‬الناثر البركة ‪.‬‬
‫شأداد ‪ ) :‬يقاطاعها بحدة ( أنت إنسانه طايبة يا أمي ! طايبة جداا‪،‬ولكنك ل تفهمين ‪ ،‬أنا آسف جدا ‪،‬‬
‫ولكنك ل تفهمين!أنت ما زلت تحسبين إنني طافل ‪ ..‬تحسبين أن كل الذي أريده هو النصر والبركة‬
‫‪ ..‬يا أمي العزيزة ‪ ،‬ذلك زمن مضى وراح الن !‪ .‬أنت ل تصدقين ؟ إذن صدقي ‪ :‬سوف اركب إلى‬
‫ارمأ‪..‬‬
‫) يعتدل في وقفته ‪ ،‬أمه تتراجع خطاوة وتحدق إليه ‪ ،‬تبدو وكأنها مطامئنة إلى أنه غير جاد ولكنها‬
‫ما تزال غير قادرة على إخفاءا خوفها ‪ ،‬وتسأل بصوت خفيض(‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬لماذا؟‬
‫شأداد ‪ :‬نعمأ ! هذا هو السؤال الجيد‪ ،‬وفيما عدا ذلك ليس إل مضيعة للوقت ‪ ..‬لماذا؟ هذا هو السؤال‬
‫الذي أردتك أن تسأليه حينما بحت لك بنيتي ‪..‬وأنا سعيد جد ا لنك سألت لماذا ‪ ..‬ولسوف أقول‬
‫لك‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تكرار دون وعي ( لماذا؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬يتجه إلى ركن الغرفة ويجلس فوق إحدى الطانافس ويبدو وكأنه يحلمأ ( لقد علمتموني‬
‫طااعة هبا منذ نعومة أظفاري ‪ ..‬وكمنتمأ تقولون لي إنني لو أطاعته لدخلني الجنة ‪ ،‬الجنة كانت كل‬
‫شأئ في هبا ‪ ..‬ولذلك وضعت في ذهني أن أبني جنتي فأتخلص من هبا ‪ ،‬وأجعل من نفسي هبا ل‬
‫يريد أن يطااع ول يريد أن يطايع…‬
‫) ينهض ويتجول في الغرفة متابعا بصوت حالمأ(‪.‬‬
‫" لقد وجهت لعملئي في الرض أن يجمعوا ما في البلد من أموال وأحجار كريمة ‪،‬واخترت فضاءا‬
‫في فلة من ارض اليمن وجعلت طاول المدينة اثني عشأر فرسخا وعرضها كذلك‪،‬أحطاتها بسور عال‬
‫مشأرف ‪،‬وابتنيت فيها ثلثمائة ألف قصر‪،‬جعلت لها غرفا فوقها غرف معمدة بأساطاين الزبرجد‬
‫والجزع والياقوت ‪،‬أجريت تحت المدينة واديا سيق إليها تحت الرض أربعين فرسخا‪،‬وفي شأوارعها‬
‫المتضوعة بالمسك والزعفران سواق مطالية بالذهب ‪ ،‬حصاها أنواع الجواهر ‪ ..‬وهى تجري بالماءا‬
‫الصافي‪"..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬هازئة ( ثمأ ماذا؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬مواصلات كلمه كأنه لمأ يسمع ( " وفي وسطا المدينة قصري! قصر مشأرف على كل‬
‫القصور الضاربة في السماءا ثلثمائة ذراع ‪ ..‬وخارج المدينة وسورها الشأاهق بنيت أكما محدقة‬
‫ينزل فيها الجنود ‪ ،‬جعلت فيها من كل فاكهة في الرض بستان ا ومن كل جميل في الكون مكان ا‬
‫‪..‬رفعت فوقها ‪."..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تصبح من مكانها ( ثمأ ماذا ؟ هل صارت جنة؟‪.‬‬
‫شأديد ‪) :‬يلتفت إليها ( لو عرفت الجنة لقلت لك ‪ ..‬ولكن المر ليس هنا‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬أبن هو المر إذن؟‬
‫شأداد ‪ :‬المر إنها ‪ ،‬حتى هي ‪ ،‬لمأ تستطاع ري عطاشأي و إعطاائي الكتفاءا ! وحين نظرت إليها من‬
‫أكمة في ظاهرها عرفت بأن الجنة ل تستحق الطااعة ‪ ،‬عرفت بأن هبا ل يستحق منك ومن شأعبي‬
‫كل تلك القرابين وكل ذلك المجد‪ ..‬ورغمأ ذلك‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تنهض إليه وتهزه ( ل تكذب! ل تكذب على نفسك وعلي ‪..‬لماذا لمأ تحمل نفسك و عسكرك‬
‫إلى ارمأ حين انتهيت من بنائها؟لماذا؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬ببرود ( أنت تحسبين أنني خائف ! تحسبين أن فتوى هبا التي استخرجها الكاهن من بين‬
‫أسنانه الحجرية تخيفني‪..‬‬
‫شأداد ‪ ) :‬مفكرا( ربما ‪ ..‬ربما ‪..‬إنني ل أستطايع أن اعرف شأيئاا‪ ..‬ل الجنة عادت تبعث في الحماسة‬
‫ول الكاهن عاد يبعث في التصديق ‪ ..‬ولذلك أريد أن اعرف المور بنفسي‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬محذرة( الكاهن لمأ يكذب قطا ! ألف مرة تنبأ و ألف مرة صدق‪ ،‬ولقد قال لك انك إذا خرجت‬
‫لرمأ فستلقي حتفك على الطاريق‪،‬ستنبثق من السماءا أصوات تفت عظامأ الجيوش الجرارة وتذروها‬
‫في الرياح‪..‬إن هبا لن يغفر لك قطا كفرك إوانكارك‪.‬‬
‫شأداد ‪ :‬هل تعتقدين إنني أخاف من هبا؟‬
‫المأ ‪ :‬اعتقد انك تخشأاه‪..‬‬
‫شأداد ‪ :‬مهما يكن ‪ ،‬هذا المحك الخير! ليس في المر ما يخيف ‪ ،‬لقد فكرت به شأهو ار طاويلة‬
‫مريرة‪ ،‬ولقد نمت الفكرة داخلي كما تنمو شأجرة الزيتون ‪ ،‬أتعرفين كيف تنمو شأجرة الزيتون؟ غصنا‬
‫ضخما في الهواءا مقابل شأرش ضخمأ في الرض‪،‬عميقا في الرض‪ ،‬إن هبا نفسه ل يستطايع اقتلع‬
‫شأجرة زيتون‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬أية فكرة؟‬
‫شأداد ‪) :‬بشأراسة( فكرة أن أموت! أن أقاتل هبا وأصواته في الصحراءا‪،‬وحيد ا إل من سيفي‬
‫وذراعي‪،‬أن أخطاو إلى موتي خطاوة باسلة وراءا خطاوه باسلة‪ ،‬أن ل ارتد حتى ازرع في الرض جنتي‬
‫أو اقتلع من السماءا جنته أو أموت أو نموت معا ‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تبكي ( إن عذابي يستهويك ‪ ..‬ماذا فعلت لكمأ؟ ) شأداد يضمأ أمه هنيهة ثمأ يبتعد عنها‬
‫ويعطايها ظهره(‬
‫شأداد ‪ :‬و الن ‪ ،‬كفي عن البكاءا ‪ ،‬أنت تعرفين إنني ل احب تعذيبك ) يستدير إليها( هذا سخف !‬
‫المر كله ل يستحق بكاءاك!‬
‫المأ ‪ ) :‬وهي تشأرق دموعها ( هل تكره الحياة إلى هذا الحد لتحكي عن الموت طاوال الوقت؟‪ .‬لقد‬
‫كنت أخشأى ذلك كله وأنت غارق في أفكارك وأحزانك وحيد ا ل تأكل ول تخرج! لقد كنت أخشأى أن‬
‫تصل بك وحدتك إلى هذا القرار المجنون‪..‬‬
‫ل( اسمعي الن ! بحق هباك الذي يبذر المشأاكل‬
‫شأداد ‪ ) :‬كمن يحب أن يحكى عن الموت فع ا‬
‫والمشأاغل كما يبذر القمح ‪ ،‬اسمعي ‪ ..‬لحظة واحدة فقطا ‪ ،‬وسأحاول أن أشأرح لك ‪ ..‬إن هذه اللعبة‬
‫ل تعجبني ‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬أية لعبة؟‬
‫ل( سوف أقول لك ما هو الفرق بيني وبينك‪،‬أنت حينما بدأت تحسين‬
‫شأداد ‪ :‬الحياة ‪ )..‬يصمت قلي ا‬
‫الحياة ‪ ،‬ولنقل أن ذلك حدث حين كان عمرك خمس عشأرة سنة ‪ ،‬كنت تفكرين كل يومأ بأنك‬
‫ستتزوجين يوم ا ما ‪ ،‬وهذا وحده كان سبب ا يدفعك إلى الحياة‪ ،‬كنت تعتقدين أن الزواج شأئ رائع ‪،‬‬
‫وانه هو الغاية من كل الحياة‪،‬كنت تقولين – بينك وبين نفسك‪ -‬انه من الممتع جدا أن تنامي كل‬
‫ليلة في أحضان رجل !‪ ..‬لقد كنت – حاولي أن تتذكري – تفكرين بالمر ليل نهار ‪..‬‬
‫) المأ تستدير بنفاد صبر وغضب (‬
‫حسن ا ‪..‬ثمأ تزوجت! اعتدت النومأ مع رجلك كل ليلة حتى بدا المر ‪ ،‬بعد فترة ‪ ،‬سخيف ا ومملا وربما‬
‫قذرا … سألت السؤال من جديد ‪ ،‬وكالعادة كان لبد من جواب فقلت ‪ :‬كي انجب أطافالا ‪ ،‬وذلك ‪ ،‬بل‬
‫شأك ‪ ،‬أمر ممتع وهو رسالة كبيرة أيضاا‪ ..‬حسنا ‪ ،‬ثمأ أنجبت أطافالا ‪ ،‬وبعد فتره عاد السؤال ‪ :‬لماذا‬
‫أعيش الن؟ ووجدت الجواب ‪ :‬لراهمأ يكبرون ويتزوجون وينجبون أطافالا‪..‬‬
‫) يقترب منها يدورها ويهزها كمن يريد أن تستمع له(‬
‫هذا صحيح يا أمي هذا صحيح‪ ..‬لقد تعبت من السؤال‪ ،‬فيما بعد ‪ ،‬وقررت أن تعيشأي بل سؤال‪،‬‬
‫تاركة كل شأئ لحكمة هبا‪ ،‬أنت تعيشأين بدافع العادة فقطا‪،‬هل تتصورين ذلك؟ ) يتركها ويتكلمأ‬
‫كالحالمأ( أنت ربما تفعلين ذلك من اجل أن تقولي ‪ ،‬بين الفينة والخرى ‪ ،‬انك أحرقت كل صباك من‬
‫أجل شأداد وشأديد!‪ .‬من يدري ! ربما تطامعين بالجنة من وراءا ذلك كله! فيربت هبا على ظهرك‬
‫وتهتز لحيته الكبيرة البيضاءا ويقول لك‪ :‬ادخلي إلى الجنة! نامي على فراش وثير ! اقطافي ما شأئت‬
‫من التفاح والكرز‪.‬‬
‫) يقترب منها ويهزها بجنون (‬
‫…‪ .‬واختاري من شأئت من الرجال ! الست تعيشأين من أجل ذلك؟‬
‫المأ ‪ ) :‬تبدأ بالبكاءا ( أنت ابن عاق!ابن عاق! عار ‪ ،‬عار ‪..‬‬
‫شأداد ‪ ) :‬يقاطاعها كما لو انه لمأ يسمعها ( أما أنا ‪ ،‬فالمر معي يختلف تماما ‪ ..‬منذ كان عمري‬
‫ست عشأرة سنة بدأت أضاجع النساءا ‪ ..‬لحظة متعة وراءا لحظة متعة أخري كومت أحمالا من‬
‫الكتفاءا الحيواني‪ ..‬ضاجعت مختلف النساءا ‪ ،‬كل النساءا ‪ ،‬وبكافة الساليب التي تخطار على بال‬
‫الشأيطاان‪ ،‬لمأ اعد أطامح بالمزيد‪ ..‬أتسمعين؟ لقد عرفت من النساءا قدر ما عرفت من‬
‫المأكولت‪،‬وذقت من النساءا قدر ما ذقت أنت من الخبز‪ ،‬وضاجعت النساءا بطارق مختلفة‪ ،‬وقدر ما‬
‫تعرفين ‪ ،‬بل أكثر مما تعرفين من طارق لف الشأال‪ ،‬لمأ اعد أجد في ذلك إي متعة‪ ..‬ولو وجدت في‬
‫المر كله متعة لحظة واحدة حقيرة فإنها ل تساوي قطا مبررا لحياتي‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬مقاطاعة بحدة ( كف ‪ ..‬وأخرج من هنا!‬
‫شأداد ‪ ) :‬متابعاا( ثمأ إنني ل أؤمن بهبا‪،‬ولذلك فأنا ل اطامع بجنته ول أخاف من جهنمه‪،‬بل إنني‬
‫ابتنيت جنتي التي أخاف أن ادخلها‪،‬والتي سئمتها ‪ ،‬والتي لمأ تعن شأيئ ا كثيرا ‪ )..‬بصوت عال ( وأنا‬
‫ل أريد أن أعيش بحكمأ العادة‪،‬ل أريد أن انجب أطافالا فذلك ليس أم ار ضخما وهائل‪ :‬أن الفأرة تفعل‬
‫ذلك بتواضع ‪ ..‬إذن لماذا يعيش الواحد منا ؟‬
‫المأ ‪ :‬كي ينعمأ بالطااعة‪ ،‬طااعة هبا وخيره وبركته ورضاه‪ ،‬كي يرد الشأكر لذلك الذي أوجده‪،‬الواقف‬
‫بين بيوت الناس من حجر مقدس ابيض يشأع الضوءا ‪..‬ذلك الذي …‬
‫شأداد ‪ ) :‬مستغرباا( تريدينني أن أعيش في جهنمأ قلقي وخوفي وتساؤلي؟ أليس كذلك؟تريدينني‪-‬‬
‫وهبا يريد أيضا – أن ل اصل إلى الجنة التي بنيتها بإرادتي ليعدني بجنة ل اعرفها‪..‬أليس كذلك؟لقد‬
‫فهمت الن!انه ل يريدني أن اصل إلى جنتي‪ ..‬يهددني بأن يبعث علي من الغيمأ أصواتا تفت‬
‫عظامي كي ل أصل إلى جنتي‪ ..‬رغمأ ذلك‪ ..‬فإنني أريد أن أذهب ‪..‬أنا اعرف أن جنتي ل تعطايني‬
‫الكتفاءا الذي أريده‪ ،‬ولكنها تبقى أفضل من جنة لمأ أبنها أنا‪..‬‬
‫) يدور حول نفسه ‪ ،‬ثمأ ينحني فيشأد حذاءاه الطاويل بعنف(‬
‫إن هذا حري بأن يضاعف إصراري ‪..‬لسوف اذهب‪..‬‬
‫) تفتح ستارة الباب ويدخل فتى بلباس متواضع كأنه لباس النومأ وهو يفرك عينيه ‪ ،‬يقف ‪ ،‬ينقل‬
‫بصره بين شأداد وأمه ثمأ يقترب من المأ (‪.‬‬
‫مرثد ‪ :‬ماذا يحدث هنا في أبكر الصبح؟لماذا كل هذا الصياح يا جدتي؟‬
‫المأ ‪ ) :‬بصوت هادئ( أبوك يا مرثد يريد الذهاب إلى ارمأ‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬يريد الذهاب إلى أين؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬يصيح من مكانه ( إلى ارمأ! إلى ارمأ! ولسوف تكون أنت الملك إذا ما فتت عظامي صوت‬
‫هناك‪..‬‬
‫مرثد ‪ ) :‬يقترب من والده‪ ،‬انه شأاب وسيمأ ذكي قوي البنية(‬
‫تريد أن تذهب إلى ارمأ رغمأ الموت الذي يربطا لك الطاريق؟ حسن ا إننا ل نطاالبك بأن تؤمن بهبا‪،‬ولكننا‬
‫نطاالبك بأن تؤمن بحياتك‪..‬أهي شأيءا بخس إلى هذا الحد؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬بعطاف ( يا بني العزيز!يا مرثد!لقد سئمت!هذا كل ما في المر‪ ،‬غداا‪ ،‬حين تكبر‪ ،‬ستعرف‬
‫ماذا تعني كلمة السأمأ هذه‪..‬‬
‫مرثد ‪ ) :‬بشأجاعة وثقة ( أنت متشأائمأ يا والدي ‪ ..‬متشأائمأ‪ ،‬وهذا يعود إلى اليامأ المضنية التي‬
‫حبست فيها نفسك‪.‬‬
‫شأداد ‪ :‬هذا الكلمأ قديمأ وقدمأ الكذب نفسه‪،‬ألست ترى أن التشأاؤمأ هو الشأجاعة؟ألست ترى أن‬
‫التفاؤل هو كذب وهروب وجبن؟أنت تعرف أن الحياة قميئة وسيئة‪،‬فلماذا تواصل المل بها؟أنت‬
‫تعرف أن الجنة التي يعدك بها هبا ليست جديرة بكل هذا العذاب ) يشأير إلى النافذة( أنا أعطايك جنه‬
‫تراها بعينك‪،‬فلماذا ل تعبدني؟ لنك تعرفها وتعرفني ولذلك ل تريد ‪ ،‬تريد أن تعوض شأقاءاك بالبحث‬
‫عن المجهول والكاذب‪ ..‬أما أنا فالمجهول لمأ يعد يستثيرني‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬أنت كئيب اليومأ يا والدي ‪..‬‬
‫شأداد ‪ :‬ربما ‪ ..‬ولكن الفكرة لمأ تكن وليدة الكآبة ‪ ،‬لقد كانت الكآبة وليدة الفكرة‪..‬انه شأيءا في غاية‬
‫القسوة أن يكتشأف المرءا فجأة كل هذه الفجيعة!‬
‫مرثد ‪ :‬ما الذي يدفعك إلى هذه الفكرة إذن؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬يفكر ( الشأجاعة ‪ ،‬الشأجاعة كما اعتقد!أنت ترى هذا‪ :‬إن الفرق بيني وبينك وبين أمك هو‬
‫أنكما تسمحان لكذبة حمقاءا‪ ،‬مثل الفراش والحرب والحب ‪ ،‬أن تغطاي الفجيعة‪ ،‬وأنا ل اسمح ‪،‬لمأ يعد‬
‫بوسعي أن اسمح بعد أن رأيت جنتي بأمأ عيني ورأيت مبلغ تفاهتها‪ ،‬ثمأ ماذا؟حتى هذه الجنة التافهة‬
‫يحول بيني وبينها صوت هباك‪..‬‬
‫) يتقدمأ فيمسك يد والدته ثمأ يد مرثد ويقودهما إلى الركن (‪.‬‬
‫شأداد ‪ :‬كلنا أتينا إلى هذه الحياة رغمأ أنوفنا‪،‬ثمأ بدأنا نبحث عن المبرر‪..‬لقد اخترعنا هبا‪،‬ونصبنا‬
‫حجرا ابيض مشأع ا بين بيوت الناس‪،‬ثمأ اخترعنا هبا‪،‬ونصبنا حجرا ابيض مشأع ا بين بيوت الناس ‪ ،‬ثمأ‬
‫اخترعنا النسان ‪ ،‬ثمأ قلنا إن مبرر حياتنا هو أن لدينا فرصة الختيار؟عشأاءاك! المرأة التي تريد‬
‫مضاجعتها !ولكن هل تستطايع أن تختار ما هو أهمأ؟اعني هل تستطايع اختيار الوقت؟نعمأ‪ ،‬الوقت!‬
‫فكر في ذلك جيدا ‪ :‬الوقت!هل تستطايع أن تختاره؟هل أنت اخترت الوقت الذي تريد به أن تكون‬
‫سعيدا أو تعيسا؟ ماذا بقي لنا لنختار؟‬
‫مرثد ‪ ) :‬بهدوءا ( الحياة ‪،‬إذا كان لبد لنا أن نضعها مقابل الموت‪..‬‬
‫شأداد ‪ :‬كل ! الموت! الموت! انه الختيار الحقيقي الباقي لنا جميعاا‪،‬أنت ل تستطايع أن تختار‬
‫ل‪..‬والمعطاى ل اختيار فيه ‪..‬اختيار الموت هو الختيار الحقيقي‪ ،‬أن‬
‫الحياة لنها معطااة لك أص ا‬
‫تختاره في الوقت المناسب قبل أن يفرض عليك في الوقت غير المناسب‪ ..‬قبل أن تدفع إليه بسبب‬
‫من السباب التي ل تستطايع أن تختارها كالمرض أو الهزيمة أو الخوف أو الفقر ‪ ،‬انه المكان‬
‫الوحيد الباقي للحرية الوحيدة والخيرة والحقيقية!‬
‫المأ ‪ ) :‬حزينة( وهبا؟ أين وضعته في كل هذا الكلمأ؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬يجيب بسرعة(في المؤخرة‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬أيها الملحد!‬
‫شأداد ‪) :‬مبتسما باسماا( ليس تماماا‪،‬ليس تماماا‪،‬ذلك أن عدمأ وجود هبا‪،‬نهائياا‪،‬مأساة فاجعة أخرى!‬
‫ولذلك فإنني أريد ملقاته!انه يتحداني بصوته دون إن يترك لي فرصة إسماعه صوتي‪..‬إنني أريد‬
‫ملقاته‪..‬‬
‫المأ ‪) :‬بلوعي( أين؟‬
‫شأداد ‪ :‬سأذهب إليه بنفسي ‪،‬كما قلت لك‪..‬سأتحداه خطاوة خطاوة‪،‬وليفت صوته عظامي كما قال‬
‫كاهنه…ليفت صوته عظامي عظامي‪،‬فثمة عظامي‪ ،‬فثمة نهاية لكل هذه الملحمة‪..‬‬
‫مرثد ‪ ) :‬هازئا بلباقة ( ولماذا ل تنتظر قدومه هو ؟‬
‫شأداد ‪ ) :‬بجدية ( لنني أريد الذهاب إليه بملءا إرادتي واختياري ‪ ،‬لحظة أريد أن اصل إليه أو إلى‬
‫جنتي ‪ ،‬ول مناص…لسوف يكون بوسعي أن أواصل رحلتي إليه خطاوة خطاوة‪،‬ل الخوف يردني عنه‬
‫‪،‬ول اليأس يسد أمامي طاريقي‪..‬‬
‫) يشأد حزامه ويعيد ربطا الكوفية‪ ،‬يتقدمأ إلى مرثد ويمد له يده‪،‬مرثد يقبلها‪،‬المأ تبكي وتتعلق به‪،‬‬
‫يزيحها عنه بهدوءا ويسلمها إلى مرثد الذي يضمها إلى صدره‪،‬يلوح شأداد بيده ويخرج بخطاوات‬
‫ثابتة(‬
‫المأ ‪) :‬مذهولة( لقد راح!‬
‫مرثد ‪ :‬أنت تعرفينه يا جدتي‪،‬انه عنيد‪،‬دعينا نذهب إلى هبا فنذبح له ضحية ونرجوه أن ل يفت‬
‫عظامه‪..‬‬
‫) المأ تنظر إليه بذهول ‪ ،‬يبتسمأ بوجهها مشأجعاا‪،‬تتجه إلى الباب وتمضي‪،‬مرثد يتجه إلى‬
‫النافذة‪،‬يطال منها‪ ،‬ثمأ يهز رأسه أسفا ويعود فيلحق بجدته(‪.‬‬

‫)ستار(‬

‫الفصل الثالث‬

‫) نفس المنظر في الفصل الثاني – المأ جالسة في الركن وقد استبدلت ثوبها البيض بثوب‬
‫أسود‪،‬تبدو محطامة تماماا‪،‬النافذة مازالت مفتوحة كما كانت في السابق ولكن الفق‪،‬الذي كان مزدان ا‬
‫بأبراج ارمأ اللمعة‪،‬يبدو الن متجهم ا بحطاامأ أسود لحجارة مهدمة محروقة‪..‬وفوق المدينة البعيدة‬
‫تبدو سحابة سوداءا ضخمة كأنها نتاج حريق ‪(..‬‬
‫) وتقومأ المأ وتسير في أنحاءا الغرفة محتارة‪ ،‬وبعد هنيهة يدخل مرثد وهو في كامل لباس السلطاة‬
‫ويقترب منها بعدما تستدعيه بنظراتها(‪.‬‬
‫المأ ) بلهفة ( هل من أخبار جديدة؟‬
‫مرثد ‪ :‬ل جديد إل أقاويل الرعاة التي ل تصدق ‪ )..‬يتمهل قليلا ثمأ يقترب منها( حتى متى ستفكرين‬
‫في المر؟لقد مضت ثلث أيامأ على ذهابه يا جدتي ‪،‬ولقد رأيت بأمأ عينيك ) يشأير إلى النافذة(كيف‬
‫تهدمت ارمأ كما لو أحرقتها الصاعقة ‪..‬لو كأن ثمة خبر واحد عنه لوصل ‪،‬لقد أرسلت مئات من‬
‫الناس يستطالعون‪،‬وما من أحد عاد‪،‬ولمأ يعد بوسعي إرسال المزيد‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تنظر إلى ملبسه‪،‬وتقيسها مدهوشأة من فوق لتحت(ولذلك لبست ملبسه ‪ ..‬أليس كذلك؟‬
‫كل الذي يهمك هو أن ترث المملكة‪..‬‬
‫مرثد ‪ ) :‬بثبات( الناس يريدون ملك ا حي ا وليس ملك ا ميتاا‪..‬منذ يومين وهمأ يطاوفون حول هبا‬
‫مذعورين خائفين متوسلين‪،‬وليس من الحكمة أن اتركهمأ ضائعين‪..‬أن اتركهمأ يعيدون قصة شأداد‬
‫الملحد الذي ذهب يقاتل هبا فقتله ‪،‬لربما تمتد النقمة ‪ ،‬بعد ذلك‪،‬إلى عشأيرته كلها‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬محتدة ( ورغمأ ذلك ‪ ،‬انه أبوك‪..‬‬
‫‪..:‬وانها مملكة زوجك‪،‬جدي‪،‬ثمأ عمي‪،‬ثمأ أنا‪..‬أتذكرين يومأ مات عمي شأديد كيف سارع أبي إلى‬
‫إ‬ ‫مرثد‬
‫تتويج نفسه قبل أن يدفن الجثة؟إنها الحياة يا جدتي!‬
‫المأ ‪ :‬كلكمأ تقولون ذلك ‪ ،‬ولكنكمأ أبدا ل تذكرون موتاكمأ بالخير‪..‬أنت لمأ تفتش عن جسد والدك حتى‬
‫تدفنه‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬من الفضل لوالدي أن يبقى في الصحراءا حتى يذوب بدل أن يحمل إلى مذبح هبا فيحرق‬
‫تكفيرا عن خطااياه‪..‬ل أحب لوالدي أن يخسر المعركة ميت ا بعد أن ربحها حي ا‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬باكية ( أو تعتقد انه ربحها؟‬
‫مرثد ‪ :‬لقد نفذ إرادته ‪،‬قاتل هبا ودمر جنته‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬ولكنه مات‪..‬أل يعني هذا شأيئا ؟‬
‫مرثد ‪ :‬كانت هذه إرادته‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬لو آمن بهبا‪.‬‬
‫مرثد ‪) :‬مقاطاعاا( هذا ليس الموضوع الن‪،‬انه حر في أن يؤمن أو ل يؤمن‪،‬لقد كان حكيم ا‬
‫وشأجاعاا‪،‬فلنكن حكماءا وشأجعان مثله‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬ل أفهمك‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬ل أريد للرعاع أن يحملوه كالجيفة ‪ ،‬يطاوحوا به فوق المذبح ويحرقوه شأامتين‪،‬خائفين من‬
‫هبا‪،‬ناسين كل ما فعله من أجلهمأ‪،‬نضاله من اجل سعادتهمأ وخيرهمأ‪.‬انهمأ ينسون كل شأيءا في سبيل‬
‫هبا‪،‬في سبيل خوفهمأ منه‪.‬أريد للجسد البطال أن ل يدنس بأيدي الرعاع‪.‬‬
‫المأ ‪) :‬وقد فوجئت (ولكن الموضوع ل علقة له بالرعاع ‪ ،‬انه من أجل الغفران‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬ليس بوسع أحد منا أن يعطاى الغفران لوالدي‪،‬لقد فات الوان الن ‪ ،‬مل الذي بقى هو أن‬
‫يستمر شأداد كما أراد‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬يخيل ألي انك أنت الخر ل تؤمن بهبا‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬لو تركه يصل ارمأ لمنت به ‪ ،‬ولكن حين قتله فقدت إيماني السابق ‪ ،‬لماذا قتله يا ترى؟‬
‫المأ ‪ :‬لنه تحداه!‬
‫مرثد ‪ :‬وما الفرق إذن بين هبا وبين أي رجل؟‬
‫المأ ‪ ) :‬عائدة إلى البكاءا ( القصة تعاد مرة أخرى‪..‬أرجوك يا مرثد ‪،‬أرجوك‪،‬اصمت‪..‬اصمت‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬لسوف اصمت طابعاا‪..‬القضية الن هي المملكة‪..‬هذا كل شأيءا‪..‬أريد أن أعوضهمأ خوفهمأ‬
‫وكراهيتهمأ فاقدمأ نفسي ‪،‬بالسرعة القصوى‪،‬ملكا جديدا ينسيهمأ شأداد‪..‬فيتخلص من حقدهمأ‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬وهبا؟‬
‫مرثد ‪ ) :‬بثبات (سوف يبقى بين الناس‪،‬يرضيهمأ ويخيفهمأ‪،‬ويهبهمأ الخبز حين يأكل الجفاف الحقول‬
‫‪،‬يعطايهمأ النصر حين تنزرع الهزيمة‪..‬ولكنه يجب أن يبقى بعيدا عن شأداد‪ ،‬ولقد دخل معركة‬
‫متكافئة‪،‬وانتهت القصة‪..‬‬
‫) يدخل رجل في لباس أقل أناقة ويقف بالباب باحترامأ(‬
‫مرثد ‪ ) :‬يلتفت إليه ويسأله بجفاف( أي جديد؟‬
‫الرجل ‪ :‬أخبار جديدة حملها رسول عاد من وراءا أسوار ارمأ‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬ماذا يقول؟‬
‫المأ ‪) :‬بلهفة ( نعمأ‪،‬ماذا يقول؟‬
‫الرجل ‪ :‬كان شأداد في منتصف الطاريق حين هب صوت كالريح أجفل حصانه فرماه‪،‬قال الرسول إن‬
‫شأداد ا وقف وواصل مسيره في غيومأ الصوت السوداءا‪،‬كان صوت ا رهيب ا شأقق الرض فغاصت ارمأ‬
‫فيها ثمأ انطالقت من الشأقوق ألسنة نيران أحرقت الخضر واليابس ‪ ..‬يقول الرسول إن شأداد ا ضاع‬
‫في عاصفة الصوت‪،‬ذابت عظامه ولمأ يبق إل سيفه ملقى على الرمل وقد صار في لون وشأكل‬
‫الحجر …أما الحصان فقد مضى في الصحراءا على غير هدى!‬
‫) تنكفئ المأ فتبكي(‬
‫مرثد ‪ :‬والرسل الذين لحقوا به؟‬
‫الرجل ‪ :‬ذوبتهمأ ذيول العاصفة وهمأ أجساد محروقة في الرمال…‬
‫) يزداد بكاءا المأ(‬
‫مرثد ‪ ) :‬مخاطاب ا جدته ( ولماذا البكاءا يا جدتي؟أنت تعرفين مصير أولئك الذين يتعالون على‬
‫هبا‪..‬لقد كنا نعرف ذلك منذ أن ركب رأسه ومضى يتحداه! كل الذي ضيعناه هو جسده الذي كان‬
‫حريا به أن يحرق على قدمي هبا طالبا للغفران‪ ) ..‬يلتفت إلى الرجل ( اذهب وبلغ الناس المر ‪،‬‬
‫وليعلن الكاهن ملككمأ الجديد‪..‬‬
‫) الرجل يمضي ‪ ،‬مرثد يتجه إلى جدته(‬
‫مرثد ‪ ) :‬يحتضنها بحنان (اشأكري القدر يا جدتي ‪،‬اشأكري القدر‪..‬لقد وفر على نفسه ذل الموت‬
‫الذي أمضى حياته يهرب منه‪،‬قريب ا سوف ينساه الناس‪،‬ل قبر ولنصب ول رماد‪،‬فماذا بقى منه غير‬
‫السطاورة؟‬
‫المأ ‪ ) :‬باكية(كل الذي تريد هو أن ترثه‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬من الذي يريد إذن أن يرثه غيري ؟من هو الجدير بهذا الرث سواي؟‬
‫المأ ‪ :‬أنني ل أفكر بالمملكة‪.‬أفكر براحة نفسه‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬أما أنا فأفكر بالمملكة‪..‬أريد أن أجعل منها جنة‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬مرعوبة ( جنة؟جنة؟وأنت تعرف القصة‪،‬تعرف أن الخطايئة لمأ تجف بعد؟‬
‫مرثد ‪ :‬نعمأ ‪ ،‬اعرف ‪،‬اعرف …ورغمأ ذلك فإنني أريد أن اصنع جنتي‪..‬‬
‫المأ ‪ ) :‬تقف وتتجه إليه بتوسل(ولكن لماذا يا بني؟ لماذا هذا السعي إلى الدمار؟لماذا هذا السعي‬
‫إلى الموت؟‬
‫‪،‬واذا‬
‫مرثد ‪ :‬حين كان أبي هنا يحكى لنا عن جنته كنت أقول لنفسي إن جنة هبا لبد أن تكون أروع إ‬
‫كانت أروع ‪،‬فمن الطابيعي أن يتركه يكتشأف ذلك بنفسه‪ ،‬يتركه يرى كمأ هي سخيفة الجنة التي يبنيها‬
‫النسان أمامأ الجنة التي بناها هبا‪..‬ولكنه لمأ يتركه يكتشأف ذلك‪..‬لمأ يتركه‪..‬لماذا؟‬
‫المأ ‪ ) :‬دون وعي ( لماذا؟‬
‫جنه‪..‬واذا كانت هناك واحدة فهي لن تعطاي التعويض الجدير بعذاب‬
‫إ‬ ‫مرثد ‪ :‬لنه ل توجد ثمة‬
‫الحياة‪..‬لقد خاف هبا أن يكتشأف شأداد ذلك!‬
‫المأ ‪ :‬انك تتجه في نفس الطاريق ‪ ..‬تبدأ من بدايته التي شأادها أبوك ‪،‬كل ‪..‬البداية التي شأادها‬
‫جدك نفسه‪.‬‬
‫) يهز مرثد رأسه بأسى وكأن قراره أقوى منه‪.‬ويتحول في الغرفة كالمحبوس‪،‬المأ تنظر إليه مشأفقة‬
‫‪،‬يقف وينظر إليها(‪.‬‬
‫مرثد ‪ :‬يا جدتي! إنني أود أن أكون مثلك‪..‬أود أن أكون باطامئنانك وقناعتك ‪..‬ولكن البذرة التي‬
‫زرعها والدي قبل مصرعه آخذة في النمو مثل شأجرة الزيتون‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬إنها الخطايئة‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬إنها القدر‪..‬‬
‫المأ ‪ :‬و الن‬
‫مرثد ‪ :‬أود لو أستطايع أن أراه ‪ ،‬الن ‪ ،‬لرى أي اطامئنان وصل إليه أمأ أي خوف؟انه في مكان‬
‫ما‪،‬ولكن لشأك انه وصل إليه باختياره ‪..‬ولذلك فقد نال الكتفاءا‪.‬‬
‫المأ ‪) :‬بأسى(انه جسد محروق بل غفران‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬الغفران هو آخر ما يريده والدي‪..‬لقد كان يبحث عن الكتفاءا‪.‬‬
‫) يدخل نفس الرجل الذي دخل قبل قليل ‪ ،‬نفس الوقفة ونفس اللهجة الجامدة(‬
‫الرجل ‪ :‬الكاهن على استعداد‪،‬والناس يلتفون بالنتظار‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬والخطااب؟‬
‫الرجل ‪ :‬يقول الكاهن أنك ستلقيه أنت‪،‬ويجب أن يكون حول تمجيد هبا‪،‬وجبروتها وصرعها والدك‬
‫بسبب من خطااياه وتعاليه‪.‬‬
‫) المأ تنظر إلى مرثد ‪ ،‬مرثد يهز رأسه مطامئنا ثمأ يلتفت إلى الرجل(‬
‫مرثد ‪ :‬طابع ا يجب أن يكون الخطااب كذلك!يجب أن يعرف الناس منقلب الخطااة ومصائدهمأ ‪،‬قومي يا‬
‫جدتي ‪..‬يجب أن تكوني هناك ‪ ،‬تشأهدي تتويج حفيدك‪..‬‬
‫) المأ تنهض بهدوءا وتستبدل شأالها السود بشأال أبيض‪،‬والرجل يتقدمأ ويلبس مرثد معطاف ا أحمر‬
‫موشأى بالذهب‪.‬‬
‫يتقدمأ مرثد ويسلمأ ذراعيه للرجل الذي يقومأ بإلباسه فيما تواصل المأ النظر ‪ ،‬الرجل يخرج ‪،‬أصوات‬
‫موسيقى في الخارج – مرثد يقف قليلا وينظر إلى الجدة بأسى ‪،‬الجدة تتقدمأ نحو الباب‪ ،‬تصل إليه‬
‫فتقف وتلتفت(‪.‬‬
‫المأ ‪ :‬إنني اشأهد البداية دائماا‪،‬وأعيش لشأهد النهاية‪..‬ودائم ا ينتصر هبا‪،‬ودائم ا تنهزمون ‪..‬ولكنني‬
‫بدأت أفكر الن بشأكل جديد ‪ ،‬انه من العار أن يبدأ المرءا بالتفكير بعد السبعين من عمره‪..‬‬
‫مرثد ‪ :‬بماذا تفكرين يا جدتي‪..‬؟‬
‫المأ ‪ ) :‬تهز رأسها قليلا ‪،‬وتنظر إليه صامتة(إنكمأ تخسرون دائما لنكمأ تبدأون ‪،‬دائماا‪،‬من البداية‪..‬‬
‫إنكمأ تعطاون هبا بملءا إرادتكمأ – حياته وقوته وسلطاانه‪،‬وتحسبون أن ذلك جدير بإعطاائكمأ فرصة‬
‫بناءا جناتكمأ على الرض ‪ ..‬دون أن تعرفوا بأنكمأ إنما تحكمون على هذه الجنات بالدمار ‪،‬منذ البدءا‬
‫‪..‬وها أنت تبدأ من حيث بدأ شأداد تمام ا …بل انك تبدأ بنفس الكذبة التي بدأ بها ‪..‬ولقد بدأ هو‬
‫الخر من حيث بدأ عاد‪..‬وبنفس الكذبة أيضا ‪ :‬من المعبد الذي يتربع هبا فوقه!‬
‫) تخرج ‪ ،‬ينظر إليها مفك ار لحظة ‪،‬ثمأ يسوي معطافه الحمر ويلحق بها بخطاى واثقة بينما تعلو‬
‫أصوات الموسيقى‪(..‬‬

‫( ستار(‬

‫الفصل الرابع‬
‫) غرفة مختلفة تمام ا عن الغرفة التي سبق بناؤها في الفصلين الولين‪ ،‬ويجب أن تعطاي المتفرج‬
‫انطاباعا أوليا بأنه قد ترك عالما قائما بذاته لينتقل إلى عالمأ آخر – إنها مؤثثة بشأكل فني غريب‪،‬‬
‫فني إلى حد الطارافة‪-‬الغرفة مضاءاة بشأكل متوهج إل أن مراكز الضاءاة غير ظاهرة‪ ،‬في أحد‬
‫المقاعد يجلس رجل يلبس ما يشأبه العباءاة‪ ،‬ذات لون أبيض ناصع له لحية كثة وكتفاه عاريتان‪،‬‬
‫العباءاة تبدأ من تحت أبطايه‪ ،‬وهو ماض في خياطاة ثوب من لون أحمر فاقع‪ ،‬مقابله يجلس رجل‬
‫آخر يراقبه بإمعان كأنه يعد الغرز التي يخيطاها زميله‪-‬في الكرسي الثالث –المتصدر‪-‬يجلس شأداد‬
‫بنفس الملبس التي شأوهد بها في الفصل الول‪ ،‬إل إنها تبدو عتيقة ومتعبة‪ ،‬كما انه ل يحمل‬
‫سيفه‪ ،‬يجلس بتراخ دليلا على التعب والرهاق‪ ،‬الرجلن غير مهتمين به‪.‬‬
‫في صدر الغرفة يوجد باب مغلق‪ ،‬شأكله يدل على مدى ثقله ومتانته‪-‬وفيما عدا هذا الباب ل يوجد‬
‫ما ينبئ عن تعمد وثقل في الغرفة‪.(..‬‬
‫الرجل الول‪ ) :‬دون أن يلتفت إلى شأداد ( هل كان المر متعباا؟‬
‫شأداد‪ :‬إي أمر ؟‬
‫الرجل الول‪ :‬الموت ‪ ،‬موتك ‪..‬هل كان متعباا؟‬
‫شأداد ‪ :‬الرحلة إلى هنا كانت متعبة‪..‬أما الموت!)هز رأسه مشأوشأاا( لقد كان موتي خاصا وغريبا‬
‫وأخشأى أن ل تفهماه‪..‬‬
‫) يتبادل الرجلن نظرة سريعة‪ ،‬الول يكف عن الخياطاة‪ ،‬الثاني يكف فورا عن مراقبته‪ ،‬الرجلن مع ا‬
‫ينظران إلى شأداد(‪.‬‬
‫الرجل الول‪ :‬ماذا تعنى بقولك خاص وغريب ؟أيها الفتى!الموت هو الموت‪ ،‬وليس ثمة موت خاص‬
‫وموت غير خاص‪ ،‬ليس ثمة موت غريب وموت غير غريب‪..‬إذا أتى الموت‪ ،‬فهو يأتي‪ -‬دائما –‬
‫بشأكل واحد‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬بتراخ( هذا هو الفرق!الموت لمأ يأتيني‪ ،‬أنا الذي جئت به‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬انتحرت!‬
‫شأداد‪:‬ربما‪ ،‬لست ادري لقد صارعته‪.‬‬
‫الرجل‪ :‬كل شأيءا في هذا المضمار واحد‪ ،‬ولقد فقدت الحياة هذا هو كل شأيءا‪ ،‬أما كيف فهذا سؤال‬
‫يطارح قبل الموت ثمأ بعده‪..‬‬
‫) الرجل الثاني – الصامت – يهز رأسه موافقا (‬
‫شأداد‪:‬هل مت منذ زمن بعيد؟‬
‫الرجل بسخرية ( زمن؟أوه!أنت تحمل معك مشأاكل الرض إلى هنا‪..‬الزمن شأيءا تتذكره هنا بشأيءا‬
‫كثير من الحسرة‪)..‬ينظر إلى الرجل الخر(أتذكر؟شأمس تشأرق وشأمس تغرب‪..‬الصباح‪ ،‬الظهيرة‪،‬‬
‫العصر‪ ،‬المساءا‪..‬أتذكر؟الليل والنهار!يا للماضي السحيق‪..‬ثمة شأمس وقمر يقولن‪ :‬هاهو ذا يومأ‬
‫يبدأ‪ ،‬وهاهو ذا ليل ينتهي!)يلتفت إلى شأداد(ليس ثمة وقت هنا‪ ،‬افهمأ هذا منذ البدءا وأقبله‪ ،‬سوف‬
‫تبقى الدنيا‪،‬لك‪،‬كما تركتها‪..‬أما هنا‪ ،‬فليس ثمة وقت‪..‬‬
‫شأداد‪) :‬يقف ويتجه إلى الرجلين(تقول هنا؟أين هنا؟هل تعرف؟ أهذه هي الجنة أمأ النار؟‬
‫الرجل‪ :‬بين بين‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬وماذا تفعلن هنا في هذه البين بين؟‬
‫الرجل‪ :‬إنها قصة طاويلة سوف تستوعبها بعد طاول إقامة‪..‬لقد حكيناها لبعضنا مئات المرات‪ ،‬ول‬
‫يضيرنا أن نحكيها مرة أخرى!‬
‫)يضع قطاعة القماش الحمراءا على الرض‪ ،‬ويتجه إلى الرجل الخر‪(..‬‬
‫انه دورك الن‪..‬لماذا ل تحكيها ؟‬
‫الرجل الثاني‪ ) :‬يبدأ بسرعة كأنه كان ينتظر اليعاز( أنا وهذا ) يشأير إلى صديقة ( أحببنا فتاه‬
‫واحده‪..‬ثمأ فاز هو بها‪ ،‬أما أنا فبقيت العاشأق الذي ل تطافئ نار جواه‪..‬ثمأ بدأت أزورها كل‬
‫مساءا‪،‬وكان زوجها غائبا في الحرب يكتب لها رسائل رائعة تقرئها لي ونضحك‪..‬ثمأ عاد الزوج‪ ،‬ذات‬
‫ليله ليجدني عندها‪ ،‬كان يحمل سيفه فذبحني به وأنا في حضنها‪ ..‬ثمأ أتيت إلى هنا‪ ،‬لقد استغرقت‬
‫رحلتي أيامأ ثلث‪ ،‬كمأ استغرقت رحلتك أنت ؟‬
‫شأداد‪:‬ثلثة أيامأ‪ ،‬كما اعتقد‪..‬‬
‫ل‪-‬حين وصل هو )يشأير إلى صديقه(وبعد‬
‫الرجل الثاني‪ :‬لمأ انتظر طاويلا – أمأ تراني انتظرت طاوي ا‬
‫فترة زارنا هبا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬إذن سوف يأتي فيزورنا؟‬
‫الرجل الول‪ :‬طابعاا‪ ،‬انه يأتي دائم ا‪..‬‬
‫الرجل الثاني‪) :‬متابع ا بحماس( قال لنا انه ليس من منا يحب الفتاه أكثر‪ ،‬وقال انه ل يهتمأ بما‬
‫نسميه في الرض خيانة زوجية‪ ،‬الحب‪ ،‬الحب فقطا هو الذي يهمه‪..‬‬
‫) يتمشأى الرجل في الغرفة ثمأ يعطاي ظهره إلى واجه المسرح ويكمل(‬
‫الرجل الثاني‪ :‬لقد قال لنا أن هنالك طاريقة واحدة ليس غير‪.‬أعطااه هذا القماش وقال له أن يقومأ‬
‫بخياطاة ثوب الفتاة التي يحبها‪ ،‬فإذا كان يحبها فعلا فهذا يعني انه يجب أن يكون على تصور كاف‬
‫لكافة مقاييس جسدها‪ ،‬فإذا أراد أن يفوز بالفتاة فيجب أن يكون الرداءا مناسب ا لها تماماا‪ ،‬ولديه فقطا‬
‫فرصة واحدة لثبات ذلك‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬ساخراا( وأنت؟‬
‫الرجل الثاني‪ :‬انه يبذل جهدا متواصلا ليفوز بالفتاة‪ ،‬ليس لنه يحبها فعل‪ ،‬ولكن لن بالموضوع‬
‫كله موضوع انتصار أو هزيمة‪..‬أما أنا فإنني على المحك‪ ،‬معه‪ ،‬هل كنت أحبها فعل؟هذا السؤال‬
‫الذي يهمأ هبا‪ ،‬إذا كنت أحبها فيجب أن أبذل جهد ا لفوز بها‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬كيف؟‬
‫الرجل الثاني‪ :‬يجب أن اعرف عدد الغرز التي استعملت لخياطاه الثوب‪.‬‬
‫) يقترب من شأداد ويشأرح له مستعينا بيديه (‬
‫إنها نوع من المبارزة الشأريفة‪ ،‬إذا أراد أن يربح الفتاه فعلية أن يبذل كل جهده لخسرها أنا‪ ،‬مثل كل‬
‫المور في الدنيا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬وهل يحبها حقاا؟‬
‫الرجل الثاني‪:‬اسأله‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬إنني ل أحبها الن‪ ،‬طابعا لقد سئمت كل هذه اللعيب‪..‬كل ما في المر إنها موجودة‬
‫في الغرفة الخرى ) يشأير برأسه إلى الجدار (جالسه بين عشأره رجال‪ ،‬وعليها أن تقاومأ كل حيويتهمأ‬
‫وجاذبيتهمأ لتثبت هي الخرى بأنها تحب واحد ا منا فقطا‪ ،‬إوانها ليست مصابه بحب رجل يعطايها‬
‫اكتفاءاها‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬إذا كنت ل تحبها‪ ،‬فلماذا تهتمأ بها؟‬
‫الرجل الول‪:‬إن ذلك يعطايني شأعو ار بالهمية‪ ،‬ليس أكثر‪..‬‬
‫شأداد‪:‬ولماذا استغرقت خياطاة الثوب كل هذا الوقت؟‬
‫الرجل الول‪ :‬لنني أعود‪ ،‬كل ليه‪ ،‬فاسحب الحيطاان من جديد‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬ولماذا ؟‬
‫الرجل الول‪ :‬لنني ل أريد أن انتهي‪ ،‬ل أريد أن أموت مره أخرى‪..‬هل تتصور أنت معنى أن ينتهي‬
‫عمل ما؟‬
‫شأداد‪ :‬إنها لعبة حقيرة!أسوأ مما في الرض‪ ،‬تحت‪.‬‬
‫الرجل الول‪ :‬كل‪..‬انك هنا تعرف كيف تجرى المور‪ ،‬ولماذا‪..‬وبالتالي تعرف هاهي الغاية‪ ،‬ويكون‬
‫بوسعك إن تختارها‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬كأنه تذكر شأيئ ا (ولكنكما صديقان!‬
‫الرجل الول‪ :‬طابعاا‪ ،‬ولقد اخترنا أن نكون كذلك‪ ،‬فهذا أفضل‪ ،‬إننا نرد على هبا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬تتحدثان عن هبا كما لو انه ل يسمع ول يرى ول يعرف‪..‬أنت تحكي عنه كما لو انك تريد‬
‫خداعه‪..‬ماذا؟أل يسمعك‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬كل!انه ل يسمعنا‪ ،‬وهو الذي قال لنا ذلك بنفسه‪..‬أتعرف الفرق بينك وبينه؟انه يدخل‬
‫إلى الغرفة‪،‬إلى أية غرفة‪،‬دون أن يقرع الباب ‪ ،‬تجده في غرفتك دون أن تحس ‪،‬هذا هو كل‬
‫شأيءا‪..‬فإذا رأيته باستطااعتك أن تكف عن الكلمأ‪ ،‬ولكنه‪ ،‬على إي حال‪ ،‬سيسمع آخر كلمتين أو‬
‫ثلث من الحديث‪ ،‬ومن هذه الكلمات يستطايع أن يعرف كل الذي في رأسك‪ ،‬انه ذكي جدا ‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬ذكي؟‬
‫الرجل الول‪:‬طابعاا‪..‬ذلك انه عاش طاويلا‪..‬‬
‫شأداد‪:‬هل يناقشأكمأ؟‬
‫الرجل الول‪ :‬طابعاا‪ ،‬انه إنما يأتي كي يناقش‪ ،‬انه يحب ذلك‪..‬ماذا‪ ،‬أتريد أن تناقشأه؟‬
‫شأداد‪ ) :‬مبتسم ا ( أنما أتيت من اجل هذا فقطا‪..‬لدي‪،‬في رأسي‪،‬ألف سؤال أود لو أستطايع تذكرها‬
‫كلها‪..‬‬
‫الرجل الول ‪ ) :‬يفرك يديه( إذن سوف نرى شأيئا طاريفا جداا‪..‬بودي لو يحضر‪..‬‬
‫الرجل الثاني‪ ) :‬سعيداا( سوف يحضر‪ ..‬سوف يحضر‬
‫) شأداد يدور في الغرفة ثمأ يعود فيجلس مكانه وينظر اليهما وهما يتابعان عملهما بهدوءا وبعد‬
‫هنيهة يقول كأنه يكمل حديث ا‪(..‬‬
‫شأداد‪ :‬لو أفترضنا انك فزت بالمرأة‪ ،‬فإلى أين ستذهب؟إلى الجنة أمأ الجحيمأ؟‬
‫الرجل الول‪ :‬سأذهب معها!سأذهب معها ول يهمني أين‪ ،‬بل لنني اعتقد انه ل يوجد إي أين هنا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬كما على الرض‪..‬‬
‫الرجل الول‪:‬ليس تماماا‪ ..‬الغاية هي التي تشأغلك على الرض‪ ،‬أما هنا فمجرد الرفيق‪.‬‬
‫شأداد‪) :‬بسخرية( تحكى عن الغاية وأنت هنا ل تعرف إلى أين ستذهب‪...‬‬
‫الرجل الول‪ :‬لذلك قلت لك إن هذا ل يهمني‪ ..‬أنت ما زلت تفكر بالتفاصيل‪ ،‬أما هنا فنحكي عن‬
‫الكليات دفعة واحده‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬مثل ماذا؟‬
‫الرجل‪ :‬مثل‪ ..‬مثل إن وجودك هو شأيءا مستمر ول نهاية له‪ ،‬وبالتالي فأنت المسئول الوحد عنه‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬كيف؟لقد فقدت عقلك أيها الرجل‪ ،‬فقدت عقلك!أريد أن أعرف‪:‬هل هو الذي أثر عليك إلى هذا‬
‫الحد؟أعني هبا‪ ،‬هل هو الذي أقنعك بكل هذا الغباءا؟أنت تعيش هنا كالبقرة‪ ،‬تعيش كحيوان ل‬
‫أكثر‪..‬تعيش كما لو انك‪..‬‬
‫الرجل الثاني‪ ) :‬يقاطاعه وينقر على كتف زميله‪ ،‬الخر يهز رأسه ويبتسمأ(هل سمعنه؟انه يقول أنت‬
‫تعيش!مازال يفكر برأس من تراب‪..‬‬
‫) ينظر إليه بشأفقة مفتعلة (هل نسيت أيها الفتى إننا أموات؟‬
‫شأداد‪ ) :‬برعب( صحيح ‪ ،‬نحن أموات!‬
‫الرجل الثاني‪ :‬يلزمك وقت طاويل لتكف عن ترديد كلمأ الحياءا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬الحياءا! الحياءا يدفعون ثمن موتهمأ سلفا ليأتوا إلى هنا ويعملوا كالنساءا في خياطاة‬
‫الثواب‪ ..‬قل لي‪..‬ألمأ تكن تطامع بالجنة وأنت هناك‪..‬تحت؟‬
‫الرجل الثاني‪:‬لقد ضحكوا علينا‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬والن ؟ بماذا تطامع؟‬
‫الرجل الثاني‪ :‬لشأيءا على التحديد‪..‬الموات ل يطامعون بشأيءا‪ ..‬ربما الرفيق فقطا‪ ،‬نعمأ‪ ،‬هذا‬
‫صحيح‪ ،‬الرفيق فقطا‪..‬وأنت ترى)يشأير إلى صاحبه(إننا‪ ،‬معاا‪ ،‬ل نطامع بأيما شأيءا‪،‬إننا نشأعر بأهميتنا‬
‫البالغة بسببها)يشأير إلى الجدار (وفيما عدا ذلك ليس ثمة ما هو مهمأ‪..‬‬
‫)ينظر إلى زميلة مشأفق ا ثمأ يقول بصوت خفيض(‬
‫الرجل الثاني‪:‬انه وجهي الخر الذي ل أستطايع أن أرمية‪ ،‬إننا نجلس مع ا إلى حد يضطار فيه واحدنا‬
‫أن يحمل قدر الخر وان يفكر بمصيره إلى حد تتضاءال فكرة النصر وفكرة الهزيمة‪..‬‬
‫) يجلس شأداد في كرسيه‪ ،‬ويغرق في أفكاره‪ ،‬ثمأ ينهض وقد استبدت به الحماسة(‬
‫شأداد‪ :‬لقد بنيت جنه على الرض ودمرها أمامأ عيني وأنا مصلوب على عمدان من قار مغلي‪ ،‬وكنت‬
‫أرى جواهرها تذوب كما يذوب الرصاص وتسيل في القنوات كالماءا اللمع لتغوص في قاع‬
‫الرض‪..‬لماذا فعل ذلك كله بي؟‪.‬‬
‫) الرجلن ينظران إليه مشأفقين‪ ،‬فيما يمضى بصوت أعلى(‬
‫لقد عذبت أمي في سبيل أن اعتقها من صنمه البيض المنصوب بين بيوت الناس! بعت مملكتي‬
‫بومضه من ومضات الحقيقة التي ل يراها المرءا ال كما يرى البرق‪..‬أردت أن أفك النير عن رقاب‬
‫الناس الذاهبين إليه اليبين من عنده التاركين تحت قدميه كل كبريائهمأ وشأجاعتهمأ‪..‬‬
‫) يلتفت إليهمأ ويبدأ بالصياح(‬
‫ثمأ ماذا حدث ؟ لقد نازلته في معركة صب فيها علي لهب الجحيمأ‪ ،‬جردني من سيفي ورماه أمامأ‬
‫عيني‪ ،‬فإذا به صوان ل يقطاع الهواءا‪..‬وماذا وراءا لك كله؟ رجلن يخيطاان ثوبا لمرأة موجودة في‬
‫غرفة أخرى‪ ،‬ل يريدانها ول تريدهما‪..‬عقاب سخيف أسوأ ما فيه انه مهين ومذل‪..‬لقد وعدنا هناك‬
‫بالجنة‪ ،‬وها هو الن يتركنا فريسة السخف والغباءا‪.‬‬
‫) احد الرجلين يشأير إلى الخر ثمأ يتجه برأسه إلى الباب‪ ،‬الرجل الثاني يحاول لفت نظر شأداد‬
‫الماضي في صراخه‪ ،‬الباب السميك ينفتح ببطاءا ويدخل شأاب جذاب قوى الملمح طاويل القامة غزير‬
‫الشأعر‪،‬الباب ينغلق من تلقاءا نفسه‪،‬الشأاب يتكئ على صفحته ويراقب شأداد الماضي في صراخه‪(..‬‬
‫شأداد‪ :‬أخافنا وعذبنا وسحق كرامتنا‪ ،‬وضيع شأجاعتنا‪ ،‬ومسخ طاموحنا‪ ،‬وسلب وقتنا وحين حاولنا‬
‫التمرد عليه حاربنا‪ ،‬ولما اطاعناه أذلنا‪..‬وها نحن نموت فإذا بالكذبة الحمقاءا لئيمة حتى العظمأ‪..‬‬
‫الشأاب بهدوءا مقاطاعاا( أنت غاضب علي‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬يلتفت إليه فجأة‪ ،‬يفاجأ‪ ،‬ويعود إلى الوراءا( من أنت؟‬
‫الشأاب‪ :‬هبا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬صورتك في حينا ليست كذلك‪..‬‬
‫الشأاب‪:‬انتمأ نحتمأ الصورة‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬ولكنك شأاب‪..‬‬
‫هبا‪ :‬هل تعتقد انه من الضروري أن تنبت للحمه لحية بيضاءا طاويلة؟ لو كانت لك القدرة لتختار وقت ا‬
‫تعيش فيه كل عمرك‪ ،‬أي وقت تختار؟‬
‫شأداد شأارداا( الشأباب‪..‬‬
‫هبا‪ :‬حسناا‪ ،‬لقد اخترته أنا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬أنت ل تخيفني‪..‬‬
‫ل‪ ،‬أما هنا فل مبرر للخوف‪..‬‬
‫هبا‪ :‬لقد أخفتك طاوي ا‬
‫شأداد‪ ) :‬يقترب منه غير مصدق( أنت إذن هبا‪..‬‬
‫هبا‪ :‬أنا هو‪ ،‬محطا غضبك وحقدك‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬سيصاب الناس بالجنون لو علموا‪.‬‬
‫هبا ‪ :‬القصة عندكمأ في الرض تكبر في ثلثة أيامأ ‪..‬فكيف تريدها أن تصير إذا عمرت أجيال؟‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬ولكن‪..‬لماذا أنت هبا‪..‬لماذا ليس أنا؟‬
‫هبا‪ :‬لنني أتيت أوال‪ ،‬هذا كل شأيءا ‪ ،‬لو أتيت أنت قبلي إذن لكنت أنت‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬أتيت؟من أين أتيت؟‬
‫هبا‪ :‬لن تستطايع أن تفهمأ المر‪ ،‬أنت ترى‪ ،‬لقد حدثت القصة منذ وقت ل تستطايع أن تلحقه‬
‫بعقلك‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬بلؤمأ ( لنحاول‪.‬‬
‫هبا‪ :‬ثمة شأيءا يبقى بعد أن يموت الجسد‪ ،‬هذا الشأيءا‪ ،‬الذي تسمونه ضميراا‪ ،‬ل يموت مع موت‬
‫الجسد‪ ،‬بل يطاير ويلتصق بقبة السماءا‪..‬إن لهذا الشأيءا خاصة جاذبة بحيث يجذب كل ما يشأبهه‬
‫‪،‬لن ذلك بدأ منذ أول إنسان ولد‪،‬فقد تكاثر وتضاخمأ‪ )..‬يشأير إلى نفسه ( ها هوذا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬المأ يختلف عليك المر؟‬
‫هبا‪:‬بلى‪ ،‬اختلف كثيراا‪..‬حين أكون في الجسد الحي أكون إرادته واختياره‪ ،‬لو تستطايع أن تعرف!‬
‫أكون في الداخل‪ ،‬هل تفهمأ؟لمأ أكن شأيئا يأتي من الخارج‪،‬كنت انبت في داخله‪،‬ولذلك لمأ أكن‬
‫مرعباا‪..‬لنه كان‪-‬قل ذلك إن شأئت‪ -‬يعرفني تماماا‪)..‬يهز رأسه( مهما كنت طايب ا ‪ ،‬فان قدومك من‬
‫الخارج ل يرحب به كثيرا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬إذن أنت هبا؟‬
‫هبا‪ :‬كف عن التساؤل الذي ل مبرر له‪..‬هل انتحرت؟‬
‫شأداد‪ ) :‬بدهشأة ( كيف عرفت؟‬
‫هبا‪ :‬هذه لهجة ل يتكلمأ بها إل إنسان انتحر‪ ،‬وهو يأتي لمقابلتي دون خوف‪ ،‬قل‪ ،‬لو شأئت‪ ،‬بل‬
‫خوف كثير‪ ..‬ذلك انه يكون قد تعرض لخوف اكبر‪ ،‬الخوف من إرادة الموت‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬من الموت؟‬
‫هبا‪ :‬كل‪ ،‬من إرادة الموت‪..‬إن الموت نفسه ل يخيفكمأ‪ ،‬لنكمأ ل تصدقونه ول تعتقدون قطا انه سيأتي‬
‫لكمأ‪ ،‬الن‪ ،‬أو بعد‪.‬أما إرادة الموت فإنها شأجاعة مواجهته وتصديقه‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬ولكنني لمأ أرد الموت تماماا‪..‬صحيح إنني كنت أجد في طالبه‪ ،‬ولكن على أمل أن أنازله‪.‬‬
‫هبا‪ :‬تنازل من ؟‬
‫شأداد‪ :‬أنازلك‪..‬‬
‫هبا‪ :‬ومن الذي انتصر؟‬
‫شأداد‪ :‬كأنك ل تعرف!لقد سلطات علي كل قواك‪ ،‬انفردت بي بكل السلحة التي لمأ نسمع عنها‬
‫فجعلتني رمادا دون أن تعطايني فرصه مواجهة عدو أشأاهده بأمأ عيني‪..‬‬
‫هبا‪ :‬ولكنك واصلت التقدمأ‪ ،‬أنت الذي اقتحمت عاصفة الصوت‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬كنت أبحث عنك‪..‬‬
‫هبا‪ :‬ألمأ تكن تريد النصر؟‬
‫شأداد‪ :‬في صلب المعركة لمأ أفكر بالنصر أو الهزيمة‪..‬لقد فكرت بك‪ ..‬بك أنت فقطا‪ ،‬تراك حقيقة أمأ‬
‫أكذوبة؟هذا الذي شأغلني وحسب‪..‬وأنت؟ ما الذي كان يشأغلك؟‬
‫هبا‪ :‬أن تعود أو ل تعود‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬أنت لمأ ترد أن اصل إلى ارمأ؟‬
‫هبا‪ :‬كل! كانت ارمأ هبا جديد ا منافساا‪..‬لقد كان النزال‪ ،‬إذن بيني وبين ارمأ‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬وماذا كان دوري أنا؟‬
‫هبا‪ :‬لقد كنت أنت وارمأ شأيئا واحدا ل ينفصل‪ ،‬ولذلك حين قتلتك عاصفة الصوت اندلعت النار بنفس‬
‫اللحظة‪ ،‬في ارمأ‪..‬أنت ترى الن‪..‬أنا والعالمأ شأيءا واحد أيضا‪..‬إذا ما دمر العالمأ قضيت أنا‪.‬‬
‫شأداد ‪ :‬لقد دمرت ارمأ إذن؟كيف استطااعت نارك أن تلتهمأ كل ذلك الجمال والعطااءا والنبل؟ كيف‬
‫استطااعت قواك أن تأكل ذلك الجهد الذي لمأ يحدث أن شأاهدت الرض نظيره؟‬
‫هبا‪ :‬ارمأ لمأ تكن موجودة إل في راسك؟وحين ذاب رأسك ذابت‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬لقد أقمتها من الجوهر والضوءا‪ ،‬وسقت إليها الماءا من تحتها ليبعث الحياة في زجاجها‬
‫وشأجرها وريحها وأناسها‪..‬لقد كانت من مادة صافية صفاءا الجليد‪..‬‬
‫هبا‪ :‬كل‪ ،‬لمأ تكن إل فكرة‪ ،‬وهمك جعلها تبدو لك من حجر وجوهر وضوءا‪..‬‬
‫شأداد‪) :‬يفكر قليلا وهو يتجول في الغرفة‪ ،‬ثمأ ينفجر به(أية سلطاة تجعلك تريد الكلمة النهائية؟من‬
‫أنت لتحكمأ علي بالكذب‪..‬؟‬
‫هبا‪ :‬أنتمأ أعطايتموني السلطاة لحكمأ عليكمأ بالكذب‪ ،‬ولتكون لي‪ ،‬كل الكلمات النهائية‪..‬ورغمأ ذلك‬
‫فإنني سأقول لك شأيئا هاماا‪ ..‬ليس ثمة سلطاة في المر‪ ،‬وليس ثمة كلمه نهائية‪ ،‬إذا كنت أنت ل‬
‫تريد أن تعطايني تلك السلطاة وتلك الكلمة النهائية!‬
‫شأداد غاضباا( هراءا!)يشأير إلى الرجلين المنهمكين في عملهما( انظر ماذا فعلت بهذين المسكينين‪،‬‬
‫وانظر بماذا حكمت عليهما ‪..‬ألمأ تكن تلك هي كلمتك النهائية؟ألمأ يكن حكمك؟‬
‫هبا‪ :‬ورغمأ ذلك‪ ،‬فأنا ل احكمأ قطا‪ ،‬أنا اقترح فقطا‪ ،‬وذلك ليس إل بحكمأ الخبرة الطاول!‬
‫شأداد‪ :‬من الذي يحكمأ إذن؟‬
‫هبا‪ ) :‬يدور إصبعه بهدوءا مشأي ار إلى الجدران (أولئك الموجودين في الغرف الخرى‪ ،‬إنهمأ يحكمون‬
‫عليك أو لك‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬كيف يحكمون علي دون أن يعرفوني؟‬
‫هبا‪ :‬إنهمأ يحكمون عليك لنهمأ ل يعرفونك‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬وهل من الضروري أن يحدث هذا لي؟‬
‫هبا‪ :‬يحدث لك؟كل!انه يحدث لهمأ‪..‬الحكمأ على الخرين قضية لتهمأ المحكومأ عليهمأ‪ ،‬تهمأ الحاكمأ‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬وأنت الذي تتيح كل ذلك؟‬
‫هبا‪ :‬أنا ل أتيح شأيئاا‪..‬ولكن حتى لو اتحت ‪،‬فأي ضير في المر؟الست ترى إلى نفسك‪ :‬إيه متعه‬
‫تجدها في الحديث عنهمأ وأنت ل تعرفهمأ؟انه من الصعب جد ا بل من المستحيل أن تحكمأ على المرءا‪،‬‬
‫أو له‪ ،‬إذا عرفته‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬أنت تتسلى؟وهذا شأيءا مضحك!ربما صار عالمك‪-‬من فرطا ما عشأت‪-‬سلسلة من التسليات‬
‫الغريبة والمؤلمة معاا‪..‬أنت هنا‪ ،‬كما أنت في الرض ‪،‬تتسلى‪..‬‬
‫هبا‪ :‬أوه!سوف تكرر الن على مسمعي كل الكلمأ الذي سمعته طاوال أجيال وأجيال! سوف تعدد لي‬
‫المآسي التي شأهدتها‪.‬‬
‫سوف تحكيها وأنت موشأك على البكاءا كما فعل الجميع‪ ،‬سوف تحكى لي‪-‬أنا أعرف‪-‬عن أطافال‬
‫قضوا دون ذنب ارتكبوه‪ ،‬وآخرين عاشأوا وتعذبوا دون مبرر‪..‬هذه قصص قديمة‪..‬قديمة قدمي‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬ورغمأ ذلك فإنها ما تزال تجري كل يومأ‪..‬خذ أمي مثلا‪..‬‬
‫هبا‪ :‬تحدثني عن أمك!تلخص الكون كله في أمك!كيف يخطار على بالك‪ ،‬ولو للحظة واحدة‪ ،‬إنني‬
‫احسب حساب الفراد بهذا الشأكل المضحك؟هل تعتقد انك لو حكمت ارمأ لسعدت كل الناس ولفكرت‬
‫بكل الفراد؟لقد شأهدت أنا من موت الناس ما اعجز عن عده أو عن تذكره أو حتى تذكر متى‬
‫بدأ‪..‬ورغمأ ذلك ‪ ،‬ماذا تحسب أنت؟ أنا هنا أفكر في العالمأ كله‪ ،‬جيلا بعد جيل دفعة واحدة‪..‬حين‬
‫ابتنيت ارمأ هل فكرت بكل العمال الذين قضوا تحت سياطا الشأمس أو تحت انهيار جبال الرخامأ؟‪ .‬لقد‬
‫كنت تريد أن تبني جنتك‪ ،‬وكان ذلك كل شأيءا بالنسبة لك‪ ،‬أما أنا‪ ،‬فأنتمأ أنفسكمأ الذين تقولون أنني‬
‫أبني الحياة‪ ،‬فلماذا ل تعطايني نفس الفرصة؟‬
‫شأداد‪ :‬ولكنك تطاالبنا بالركوع على أقدامأ تمثالك الحجري‪ ،‬بإعطاائك أبنائنا وأكبادنا ودماءا مواشأينا‪،‬‬
‫تذلنا لنشأكرك إواذا شأكرناك استعبدتنا‪..‬‬
‫هبا‪ :‬أنا لمأ أطاالبكمأ بذلك‪ ،‬بل إن تمثالي الحجري الذي تحكي عنه ل اعرفه‪ ،‬وأنت بنفسك قلت انه ل‬
‫يشأبهني‪..‬لقد قلت لك‪..‬حينما عرفني الناس كشأيءا خارج عنهمأ فكروا في أن يحسنوا ضيافتي إذا ما‬
‫أتيت‪ ،‬أو أن أحسن ضيافتهمأ إذا ما أتوا‪..‬‬
‫) يتقدمأ إليه بخطاى ثابتة ويضع يده على كتفه بعنف(‬
‫قل لي‪..‬لماذا بنيت ارمأ؟‬
‫لن العالمأ الذي وهبتنا إياه مقابل وعد مجهول كان عالما قميئا وسخيفاا‪..‬عالما ل جدوى منه ول‬
‫غاية‪ ،‬لن المرءا يعيش فيه‪ ،‬يتعذب‪ ،‬يذوب‪..‬لماذا؟لنه على موعد مع كلمة اسمها الجنة‪..‬وما هو‬
‫الثمن؟أن تموت أخي ار مخلف ا كل شأيءا‪ ،‬على حين فجأة‪..‬‬
‫هبا‪ :‬مخلف ا كل شأيءا لمن؟‬
‫شأداد‪) :‬مرتبك ا( للخرين!‬

‫هبا‪:‬أنت تعتقد إن ذلك خسارة أليس كذلك؟إذن دعني أقول لك انه يخلف كل شأيءا للعدمأ‪..‬حين يموت‬
‫المرءا‪ ،‬فبالنسبة له تموت حتى الشأياءا‪..‬أتحسب إنك أنت الذي مت فقطا؟ كل! لقد ماتت ارمأ‬
‫معك‪..‬مات كل شأيءا له علقة بك‪..‬ابنك مرثد‪ ،‬بالنسبة لك مات‪ ،‬أيضا‪ ،‬رغمأ انه سيتوج نفسه اليومأ‬
‫ليكررك غد ا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬وما الفائدة إذن من كل هذا الهزءا؟‬
‫هبا‪ :‬أي هزءا؟‬
‫شأداد‪ :‬الوعد الذي يذل الناس‪..‬‬
‫هبا‪ :‬أنت تريد أن تحكى عن المقابل الن!من هو الذي رتب لكمأ عالمكمأ على أساس أن السعادة‬
‫تقف مقابل الشأقاءا وأن الجزاءا يقف مقابل العمل؟من هو هذا؟إن كل شأيءا في العالمأ يقف في صف‬
‫واحد‪ ،‬لشأيءا مطالق ا يقف مقابل الشأيءا الخر‪..‬هل تفهمأ؟إن يومك ‪ ،‬بكل ما فيه ‪ ،‬هو التعويض‬
‫الوحيد لذاته‪..‬‬
‫) يحاول شأداد أن يتكلمأ فيشأير له أن يصمت‪ ،‬ويمضي متابعا بحدة(‬
‫ثمأ إنني تعبت من هذه القصة‪..‬قصه الموت!أنت تعرف أن الموت يحدث‪ ،‬بل إن الحياة ل تعني ما‬
‫هي‪ ،‬ل تعني ما تعرفه عنها وما تحسه معها‪ ،‬إل إذا وضعتها جنب ا إلى جنب مع الموت‪..‬فكيف تريد‬
‫أن تفسر الموت دون أن تكلف نفسك عناءا تفسير الحياة دونه؟إنهمأ يموتون منذ تكورت الرض‪،‬‬
‫وحتى الن تنظرون إلى الموت على انه شأيءا غامض وعجيب‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬بحده( أنت تحكى عن الموت والحياة بهذه الصور ه لن الحياة والموت لمأ يكونا يعنيان‬
‫بالنسبة لك شأيئاا‪..‬أنت ل تموت ولهذا فمن الصعب أن تقول انك تعيش‪..‬‬
‫هبا‪ :‬هذا صحيح‪ ،‬أنا ل أموت ولذلك فمن الصعب أن يقال بأنني أعيش‪ ،‬ولكن وبنفس البساطاة‬
‫دعني أقول‪:‬أنت تعيش‪ ،‬ومن السهولة أن يقال انك تموت‪ ،‬أيضا‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬أنت العكس إذن؟‬
‫هبا‪ :‬أنتمأ تبدأ حياتكمأ بالولدة وتنتهي بالموت‪..‬أما أنا فتبدأ حياتي بالموت‪ ،‬وتنتهي بالولدة‪.‬‬
‫شأداد‪ :‬لقد خلقك الموت‪.‬‬
‫هبا‪ :‬لقد خلقت نفسي قدرا حين كان الناس عاجزين عن صنع أقدارهمأ‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬ولكنني حاولت أن اصنع قدري بنفسي‪..‬فلماذا لمأ تتركني؟‬
‫هبا‪ :‬كيف صنعت قدرك؟ بأن حققت للناس السطاورة التي تلهب حياتهمأ بالمل والجدوى؟ إنهمأ‬
‫يفضلون التكاءا علي فذلك ادعى إلى راحتهمأ‪..‬‬
‫) ينظر شأداد إليه بهدوءا لحظات‪..‬ثمأ ينهض ويقترب منه(‬
‫شأداد‪ :‬الن‪ ،‬وقد جرتني من قدري وحياتي‪..‬هل ستعاقبني ) يشأير إلى الرجلين ( بإعطاائي قطاعه‬
‫قماش حمراءا أصنع منها قدرا تافهاا؟‬
‫هبا‪ :‬فكرة المقابل هي فكرتك الرهيبة! كل شأيءا تقومأ به تريد أن تحصل على تعويضه‪ ،‬إنني سأقترح‬
‫أن تعطاى كرة كبيرة من المطااطا تواظب على قذفها إلى الحائطا كي ترتد إليك‪..‬ولسوف تبقى تقومأ بهذا‬
‫العمل حتى تقتنع نهائيا بأن أسخف شأيءا في الوجود هو أن ترتد إليك أعمالك بالمقابل‪..‬‬
‫) تسقطا كرة المطااطا من السقف‪ ،‬وتنطا على الرض عدة نطاات( لقد أعطايت الكرة بل مقابل‪ ،‬هل‬
‫لحظت ذلك‪.‬؟‬
‫ل‪..‬وسوف لن أقومأ بهذا العمل السخيف‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬ببرود ( أنا ل أريد هذه الكرة أص ا‬
‫هبا‪ :‬أنت حر‪..‬أنا اقترحت اقتراحاا‪..‬لكنك ستجد انه إذا ما وقعت كرة مطااطا بين يديك فليس بوسعك‬
‫أن تمنع نفسك من ضربها إلى الحائطا والمساك بها من جديد‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬غاضباا( ولكن لماذا؟ لماذا يتعين علي القيامأ بهذا العمل السخيف؟‬
‫هبا‪ :‬لنك أنت نفسك الذي أردت من العالمأ أن يكون كذلك‪..‬ألمأ تقل قبل هنيهة إن الحياة بل مقابل‬
‫سخيفة وقميئة؟‬
‫شأداد‪ :‬ولكن الحياة ليست كرة مطااطا‪..‬‬
‫هبا‪ :‬هذا هو رأيي منذ البداية‪..‬‬
‫) يتجه إلى الباب – شأداد ممسك بالكرة شأاردا – الباب ينفتح بهدوءا‪ ،‬هبا يخرج‪ ،‬الباب ينغلق من‬
‫تلقائه(‬
‫) ستار (‬

‫الفصل الخامس‬

‫) قبل أن يرتفع الستار تسمع أصوات نقاش عالية‪ ،‬كما لو أن الكلمأ هو تتمة لحوار طاويل‪.‬‬
‫نفس الغرفة المشأاهدة في الفصل الرابع‪.‬شأداد والرجلن(‬
‫شأداد‪ ) :‬يسمع صوته فقطا فيما يرتفع الستار بهدوءا(‬
‫كل!لن أكون غبياا!لن أكون مثلكما‪..‬كل‪..‬ليأخذني إلى جهنمأ‪ ،‬ليتركني طاعاما هنيا للضجر والتردد‪،‬‬
‫ولكنني سوف أعصى أمره‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬ل طاائل من وراءا ذلك‪.‬‬
‫شأداد‪ ) :‬يلتفت اليهما – الستارة ترتفع نهائي ا الن ( أل تريان انه يخدعنا؟انه يعطاينا فرصه واحدة‬
‫لختيار واحد ويغلق أمامأ وجوهنا كل البواب؟إننا ضحية هذه الخدعة القذرة !يضعنا في اغرفه مع‬
‫المستحيل ويقول لنا اختاروا!وهو يعلمأ تماما إننا أمامأ الضجر والعبث لن يكون بوسعنا إل اختيار‬
‫العبث‪..‬ثمأ ماذا؟)يقترب منهما ويمسك بالقماش بعنف( تشأتغلن في الخياطاة بل كرامة ول هدف‬
‫سوى الهروب من الضجر ) يقذف بالقماشأة بعيداا‪،‬احد الرجلين يقومأ ويلحق بها( أرأيتما أسخف من‬
‫هذا؟لماذا ل تفكران بأمر آخر؟‪.‬‬
‫الرجل الول‪ :‬نفكر بماذا؟‬
‫شأداد‪ :‬بأي شأيءا غير الطااعة! لقد حاربته على الرض وسأحاربه هنا‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬ولماذا تحاربه؟‬
‫شأداد‪:‬أريد أن اهزمه‪..‬تلك رسالتي‪،‬هناك وهنا‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬انه ل يهزمأ إل إذا مات‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬ليمت إذن!‬
‫الرجل الول‪:‬تفكير صبيان!هل سمعت عن إنسان يقتل هبا؟‬
‫شأداد‪ :‬كل‪..‬ولهذا السبب يستمر في الوجود‪..‬‬
‫الرجل الثاني‪ :‬ولكن كيف؟‬
‫شأداد‪ ) :‬يتجول في أنحاءا الغرفة مفكرا ثمأ يبدأ الحديث كأنه يحلمأ( آه لو كانت لي قدراته‪ ،‬آه لو‬
‫استطاعت أن أصب عليه عواصف الصوت واللهب فأذيبه كما أذابني وأحطامأ عالمه كما حطامأ عالمي‬
‫ل( لو نازلني حيا لكان القتل أسهل‪ ،‬ولكنه ينازلني فكرة‪..‬رأسا‬
‫وانهي القصة القذرة كلها‪)..‬يفكر قلي ا‬
‫مقابل رأس‪..‬‬
‫الرجل الول‪ ) :‬يقف ويتجه إلى شأداد( هذا صحيح‪..‬لقد توصلت إلى أول الخيطا‪..‬لقد قال ذلك‬
‫بنفسه‪..‬المأ تسمعه؟‬
‫شأداد‪ ) :‬مترقباا( ماذا قال؟‬
‫الرجل الول‪ :‬قال انه والعالمأ شأيءا واحد‪ ،‬كما كنت أنت وارمأ‪..‬أنت الوحيد القادر على أن يكون بديله‬
‫لو استطاعت أن تدمره‪ ،‬وتحتفظ بفكره عالمه‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬حسنا ‪..‬ماذا يعني كل هذا؟‬
‫الرجل الول‪ :‬انه الشأوطا الكبر في المر كله‪..‬لقد دمرك من أجل أن يدمر ارمأ‪ ،‬هذا يعني انك وارمأ‬
‫منافسان له ولعالمه‪..‬وبوسعك أن تنازلهما مرة أخرى‪..‬‬
‫شأداد‪ ) :‬حانق ا ( ولكن كيف أنازله؟ هذا هو أهمأ ما في المر‪ ،‬كيف؟‬
‫الرجل الول‪ :‬لقد قال أيضا انه يموت بالولدة‪..‬‬
‫الرجل الثاني‪ :‬نعمأ‪..‬اعتقد إن السر هنا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬لنفكر بالمر إذن‪ ،‬بدءاا من هنا‪.‬انه يولد بالموت‪ )..‬يفكر(هذا يعني انه يولد هنا‪..‬ولو قدر‬
‫لنسان ما أن يعود من هنا لحدثت الولدة‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬صحيح!صحيح!لقد توصلنا إلى المر كله‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬ولكن كيف بوسع المرءا أن يعود؟‬
‫) يقف – يتمشأى في الغرفة‪-‬ثمأ يأخذ في الصياح كما لو أصيب بمس(‪.‬‬
‫آه لو يستطايع الواحد منا أن يعود ليقول لهمأ انه ل يستطايع شأيئاا!آه لو أستطايع أن أعود وأقول‬
‫لمي‪ :‬يا أماه! ل تقدمي القرابين لتمثاله القائمأ بين الناس كالوتد‪..‬ل تخافي‪..‬انه ل يستطايع أن‬
‫يفعل شأيئاا‪..‬انه يخيفك عبر عالمنا‪ ،‬هنا‪ ،‬عالمأ الموت‪..‬ولكنه إذا ما سقطا من الفضاءا إليكمأ لمات في‬
‫الطاريق مثلما يموت المهزومأ قهرا‪.‬‬
‫) يتجه إلى الباب‪ ،‬يحاول أن يلتمس أطارافه وحين يفشأل يأخذ بهزه بعنف دون جدوى(‪.‬‬
‫الرجل الول‪ :‬ل تحاول !انه قاس وبارد مثل البلطا‪..‬لن تستطايع أن تخرج من هنا‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬انه يعيش بالموت!يعيش بالموت‪..‬لول ذلك ما استطااع أن يستمر ولذلك يغلق هذا الباب بيننا‬
‫وبين العودة ويتركنا هنا‪..‬ألمأ تفهما بعد؟نحن سره الوحيد!نحن!أنا وأنت وهو!نحن سره! انه يعيش‬
‫على ظهورنا‪ ،‬يسوقنا كالبقر‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬إن الخروج من هنا مستحيل! ألمأ أقل لك منذ البدءا انه ل يهتمأ بكل إلي نقوله وبكل‬
‫الذي نفعله؟ ألمأ اقل لك –)يلتفت إلى الرجل الخر( ألمأ اقل لك انه يقتلنا‪ ،‬ومن جديد ومرة أخرى‪،‬‬
‫لننا الن أكثر أهميه بالنسبة له عما كنا في الحياة؟‬
‫) ينهض‪ ،‬يهز شأداد بعنف وهو يشأير إلى الباب (‪.‬‬
‫أترى هذا الباب! انظر إليه جيد ا لقد تآكلت أظافري وأنا اخشأمه كالقطا المجنون‪ ،‬لقد ذابت عظامي‬
‫من فرض ما انهمرت فوقه‪..‬لقد حطامت جمجمتي كي أشأق ثغرة تتسع لطايران كلمة حقيقية‬
‫واحدة‪..‬ثمأ ماذا؟كنت أتهاوى كالقطان ‪،‬هنا ‪،‬نعمأ! حيث تقف أنت مغرو ار كالطااووس ‪..‬أتحسب انك‬
‫الوحيد الذي عرفت السر؟كلنا عرفناه‪..‬كلنا‪..‬بعد يومأ بعد ساعة بعد سنة بعد جيل‪ ،‬المهمأ‬
‫عرفناه‪..‬تراه يستحق أن يقتل النسان نفسه من اجله؟‪).‬يبتعد عنه ويشأير بإصبعه صاعد ا نازلا كأنه‬
‫يقيس قامته( أنظر ماذا فعلت بنفسك أيها المجنون!‪.‬ها أنت هنا! اذهب‪،‬ذهب ‪،‬حطامأ الباب‪،‬حطامأ‬
‫نفسك!لن تستطايع الفكاك من الشأرك الذي رميت بنفسك إليه!‬
‫شأداد‪ ) :‬بهدوءا وكأنه أولمأ( ورغمأ ذلك‪ ،‬فأنا لن استسلمأ قطا‪..‬لقد حاربته هناك وسأحاربه هنا‪..‬إنني‬
‫اعرف أن البذرة التي زرعتها‪ ،‬هناك‪ ،‬في ارمأ‪ ،‬لبد أن تنمو يوماا‪،‬ل بد أن تشأرق من بين الحطاامأ‬
‫الذي احرقه وذ ار رماده في الهواءا‪)..‬يتجه إلى الرجل بعنف(أل تفهمأ أنت أيها الرجل الذي خان‬
‫صديقه في زوجته؟ أنا لمأ أمت‪ ،‬مثلك‪ ،‬كي أنسى‪..‬لقد مت في سبيل جنة أردت أن ابنيها تحت جنه‬
‫هبا‪ ،‬أحسن من جنته واصدق لمسا وبصرا‪..‬لقد اقتحمت عليه غيومأ أصواته الراعبه من أجل هذا‬
‫الشأيءا الذي جعلني أفهمأ ثمن الموت‪..‬ولقد ارتضيته لنه قدري الذي صنعته بنفسي‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬ولكنك مت!مت!خسرت كل شأيءا يملكه البشأر‪..‬الحياة‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬لمأ أخسرها‪..‬لقد ربحتها‪..‬أنت الذي خسرتها!‬
‫الرجل الول‪ :‬إنهمأ يشأتمونك‪..‬يقولون انك مغرور كافر‪..‬ابنك نفسه‪ ،‬في حفلة تتويجه‪ ،‬سوف يصب‬
‫عليك نار حقده‪ ،‬ويكفرك أمامأ الناس والكهنة والتمثال الكبير الذي لمأ يشأبعه الدمأ‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬ورغمأ ذلك فأنا الذي صنعت ابني‪ ،‬وأنا الذي جعل ملك ا بملءا إرادتي‪..‬ولسوف يذهب‪ ،‬يوم ا إلى‬
‫ارمأ‪ ..‬وهناك سيجد الفكرة المحروقة وهي تنمو من جديد‪ ،‬وسيتغير‪..‬سيتغير‪..‬‬
‫الرجل الول‪ :‬وأنت؟أي مصير تنتظره؟‬
‫شأداد‪ ) :‬يشأير إلى الباب ( لسوف أنهد على الباب حيى أحطامه أو يحطامني‪..‬ولسوف ينهدون همأ‬
‫عليه من الخارج‪..‬همأ‪ ،‬الحياءا‪،‬مرثد وابن مرثد وحفيد مرثد ‪،‬ولسوف نجعله يشأف بين أكتافنا حتى‬
‫يذوب‪..‬هل فهمت؟ حتى يذوب! ولو كلف ذلك أن أبقى واقف ا تحت مصراعه كل ما تبقى من الدهر‪..‬‬
‫) فيما هو يشأير إلى الباب ينفتح بهدوءا‪..‬ويدخل هبا مرة أخرى‪ ،‬كما دخل في المرة الولى – ويسند‬
‫الباب المغلق بظهره(‬
‫شأداد‪ ) :‬بعنف ودون أن يفاجأ( وما الذي تريده الن؟‬
‫هبا‪ :‬جئت أقول لك أنك قد اكتشأفت كل شأيءا‪..‬وأنني حق ا فخور بك‪..‬أنا‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬ل اقدر على‬
‫حكمأ الرض‪ ،‬بل أنا ل أقدر على حكمكمأ هنا‪..‬أنت‪ ،‬خارج هذا الباب تمتلك كل حريتك‪ ،‬بمعنى من‬
‫المعاني‪ ،‬وهنا تمتلك حرية أقل من تلك التي كنت تمتلكها‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬عن أية حرية تحكي؟ لقد نازلتني وفتكت بي ثمأ تقول إنني كنت امتلك كل حريتي‪..‬‬
‫هبا‪ :‬أنا لمأ أنازلك‪..‬الصدفة هي التي قتلتك‪ ..‬يبدو ذلك فاجعا ومضحكاا‪ ،‬ولكن أل تعلمأ أن الصدفة‬
‫هي جيشأي الذي يفتك بأعدائي ويذلهمأ ويحمل للناس اليمان بي؟‬
‫شأداد‪ :‬تحكي عن الصدفة وأنت تحكي عن الحرية‪..‬لشأك إنها حرية مضحكة تلك التي يقترن‬
‫الحديث عنها بالصدفة!‬
‫هبا‪ :‬أنا احكي عن الحرية التي ل مقابل لها‪..‬الحرية التي هي نفسها المقابل‪..‬‬
‫شأداد‪ :‬إوايه حرية هذه التي أعطايتنيها في غرفة مغلقة بالصفيح والبلطا؟‬
‫هبا‪ :‬يجب أن ل تنسى انك ميت الن‪ ..‬حسناا‪..‬يجب أن تقتنع بالحرية التي تعطاى عادة‬
‫للموتى‪..‬حرية الضجر والعبودية‪ ،‬ليس غير‪.‬‬
‫) يفتح الباب‪ ،‬وقبل أن يخرج يلقي بصره بهدوءا على الرجال الثلثة المشأدودين ويشأير إلى الباب‬
‫وهو يقول ببطاءا‪ ،‬شأاد ا على كلماته(‬
‫هبا‪ :‬هذه مملكتي! هذا الباب فقطا‪ :‬مملكة صغيرة ولكنها منيعة‪ ،‬العرش المجهول هو سر منعتها‪،‬‬
‫والصولجان غير المرئي هو حارسها البدي‪..‬‬
‫) يخرج‪ ،‬الباب يغلق بهدوءا‪ ،‬الرجلن يعودان إلى الخياطاة‪ ،‬شأداد يتجول في الغرفة‪ ،‬يتعثر بالكرة‪،‬‬
‫يرفسها بعنف‪ ،‬ويرفع رأسه يحدق إلى الباب فيما ينزل‪:‬‬

‫) ستار النهاية‬
‫منتدى حديث المطابع‬
‫موقع الساخر‬
‫‪www.alsakher.com‬‬

You might also like