Professional Documents
Culture Documents
بغداديات مقهى
بغداديات مقهى
بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
حميد القيسي
بغـــداديـــات
"مقهى خليل"
ذكريات وانطباعات
تقديم
الدكتور مظهر محمد صالح
0
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
1
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
تمهيد:
إن الحياة في العراق مليئة وبغزارة بأحداث يعجز النإسان عن وصفها
وفق المتغيرات السياسية والجتماعية وبكل ما آلت إليه المور منإذ تأسيس
الدولة العراقية الحديثة عام 1921كما إن الكثير من الشخصيات البغدادية
الصيلة طواها النإسيان برغم ما كانإت تحمله من نإبل وكرم وشجاعة
وتضحية في سبيل المبادئ الخلقية التي تحكم العلقات بين أبنإاء هذا
الشعب وتبادل مصالحه وأمور حياته بشكل عام.
نإتيجة لللحاح الشديد والتوجيه من الخوة والصدقاء ومنإهم الدكتور
وائل سليمان محمد أمين اللوسي أستاذ طب السنإان في جامعة بغداد وأحد
أصدقاء أخي الكبير المرحوم إسماعيل خليل حيث في صباح أحد اليام من
أوائل عام 2009بينإما كنإت جالسا في مكتبة الدفة قرب صاحبها زميلي
وصديقي الديب قحطان الملكا كانإت مفاجأة لي عنإدما بادر الدكتور وائل
بطرح استفسار لي يحمل عبارات المعاتبة حيث قال كنإت قد سمعت قبل أكثر
من عقدين من الزمن أثنإاء لقائي مع المرحوم إسماعيل بأنإكا قد عاصرت
قسم كبير من الحداث بحكم تواجدكا في مقهى الوالد لمساعدته وكم أرجو
أن تقوم بعمل نإافذ لتحرير تلكا الذكريات في كتاب تقوم بتأليفه حتى ليطوي
نإسيان السنإين تلكا الحداث ،وكانإت مفاجأة لي رأيتها جديرة بالتفكير
اليجابي إضافة إلى تأثير وجهود قحطان الملكا بفضل تشجيعه المستمر
إضافة إلى تكرار الدعوة لي بتنإفيذ كتابة هذا المؤلف إلى أحد الخوان من
زملء الدراسة الجامعية الستاذ موفق مهدي السفير بديوان وزارة الخارجية
بتغذية فكرة نإشر المذكرات .كما إن دعم رفيق درب الحياة الخأ العزيز
2
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الدكتور مظهر محمد صالح نإائب محافظ البنإكا المركزي الذي كان وما زال
مثالا للخوة البغدادية الصيلة بدعمه وتوجيهه المستمر بإغنإائه لي بتنإمية
هذه البادرة إضافة إلى آراء الستاذ الدكتور عبد الرزاق عبد الوهاب رئيس
تمييز العراق سابقا أثنإاء لقائي به في عمان 2010والذي يعتبر بشخصه
ذاكرة عراقية فريدة من نإوعها بأصالتها البغدادية كما كانإت الصفات
المكتسبة من الخذ الستاذ عاصم محمد صالح نإائب محافظ البنإكا المركزي
العراقي سابقا بعفويتها ومؤثراتها البغدادية التي كانإت باعثا لي بشكل
لقة
هادف على الخوض في سرد هذه الذكريات لما تحمله من مؤثرات خ ل
جديرة بأن يحتذى بها.
كما كان لللحاح الشديد والمتواصل من الخأ )أبو ذر( الستاذ عقيل
الخزاعي مما شجعنإي مؤخ ار على التواصل في إنإجاز هذا المؤلف إضافة إلى
المؤثرات الثقافية في صالون الملكا والتي كان لها تأثي ار بالغا في الستمرار
بالكتابة.
إن معايشتي للحداث في مقهى "خليل" مع أنإه نإموذج للشخصية
البغدادية التي عملت وعاشت من أجل الخرين والتي كانإت متآلفة مع
معظم أهالي العراق من الشمال إلى الجنإوب منإطلقا من سعة اختلطه بعموم
أبنإاء هذا الشعب بصدر رحب وبساطة متنإاهية انإعكست من خلل تعامله
مع الجميع وعلى مختلف المستويات بمستوى واحد وكنإت ملزما له بعد
عودتي من المدرسة المتوسطة ثم الثانإوية المركزية وأثنإاء الدراسة
الجامعية ولحين تخرجي من جامعة بغداد كلية القتصاد والعلوم السياسية
عام ...1967
3
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
4
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
والخلق البغدادي الرفيع والصميم لوضع إطار عراقي لتحقيق مبدأ "العراق
للعراقيين" بمختلف طوائفهم وقومياتهم وهذا ما يجب المنإاداة به على وجه
التحديد.
كنإت أشعر بالرغم من اختلف رواد المقهى في الفكر السياسي
والمواقع الوظيفية والجتماعية بأن الرابطة التي تجمعهم هي النإظرة
الموحدة في كيفية تحقيق المصلحة العامة بالرغم من الختلف النإسبي
للمطامع الشخصية التي أوضحتها سنإوات التجارب لشخوص سياسية
متعددة أثرت على حساب المصلحة الوطنإية ،انإي أقول هذا والسى يمل
قلبي بعد أن أتذكر الشهداء والضحايا الذين سقطوا صرعى في سبيل
إيمانإهم لتحقيق العدالة الجتماعية والستقلل السياسي لهذا الشعب وكان
معظمهم ضحية لصراعات هوجاء لم تكن إل لخدمة "حزم" سياسية كان
أغلبها قد سبق وننإسج ضوابط ترددها خارج الوطن في حين أصبح شعب
العراق كبش الفداء مع أن الشهداء من مختلف الحزاب والجنإدة السياسية
المتعددة رحمهم ال جميعا كان هدفهم المشتركا هو خدمة العراق بالرغم من
اختلفهم في المبادئ والفكار التي تؤدي إلى تحقيق هدفهم العظيم.
قد تكون الرؤية الواقعية بمكنإونإها البغدادي من خلل المقهى
وصاحبها باعثا على بنإاء واقع العراق الذي نإطمح إلى خلقه بالتفاؤل المفعم
بالروابط الروحية المشتركة في نإفوس أبنإاء هذا الوطن الذي تحمل أعباء
معانإاة لقرون عديدة على كاهله المثقل بها وقد آن الوان كي نإنإسى
المآسي وجراحاتها العميقة لجل علجها بأن نإستذكر الجوانإب اليجابية
لقة التي نإسجت من قبل رجال دولة في العراق وساهموا في تحقيق
الخ ل
5
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
آفاق رحبة لهذا الشعب وأن نإسعى لخلق وحدة وطنإية شاملة من أجل أن
يحتل هذا الوطن مكانإته في البنإاء الحضاري.
تغمد ال العلي القدير برحمته كل من استشهد في هذا الوطن على
ملر السنإين وأسكنإهم الباري فسيح جنإاته ...انإه سميع مجيب.
6
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
"تقــديــم"
)خاطـرة(
وداعا مقهى خليل ...لنإنإا مشغولون جداا!!!
تطلعت إليه جالسا على كرسيه الخشبي المتواضع في حديقة بيته في
حي الوزيرية ببغداد ،بعد أن استنإفدت السنإين مشاغله واستغرقت همومه
ل ،شامخاا ،ليقوى على الكلم حيث الصمت العميق
وانإتهت به شيخاا ،كه ا
قد لف حياته ولكن دون أن يمس خواطره.
كان يتطلع إلى أصدقاء أبنإائه الذين يستقبلهم بهدوء ويحييهم
ببساطة ...استقبلنإي وكانإت المرة الخيرة وفي عينإيه نإظرات قوية تطوي
صفحات الماضي وأمامه مستقبل ليستحق التفكير.
خليل القيسي ،الشخصية البغدادية النإافذة ،الذي كان يتدبر مقهاه
من قلب بغداد وأحداثها الجتماعية والسياسية في محلة الحيدرخانإة ،ولم
تشغله زحمة الحياة أو تبعده عن قوته التفاعلية الجتماعية ،ولم يشغله
حتى في أواخر حياته في نإهاية سبعينإيات القرن الفائت شاغل يذكر بعد أن
غاب النإاس عنإه وغابت الشياء منإه وهو يطوي أكثر من ثمانإية عقود من
الزمن العراقي ومعتركاته ونإحن مازلنإا في دواليب النإشغال التي زرعت فينإا
جميعا بذور البتعاد وانإفردت بنإا رحى الوحدانإية والتفككا المجتمعي المنإقطع
النإظير.
اقترب خليل القيسي من نإهايات حياته والبلد أمست غارقة في
مرتسم مستقبلها المجهول ول صوت يعلو صوت الحرب والتوجه نإحو
المصير المبهم الذي أظلمت نإهاياته ،يوم ليجمعنإا فيه جامع سوى
7
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
معسكرات الحرب والنإصراف إلى مشاغلنإا الذاتية ،في ذلكا الزمن الذي تركا
النإاس فيه مقهى خليل وهم في زحمة التوجه إلى الحرب ،ليعتزل خليل
القيسي هو بنإفسه الحياة ولم يكن مشغولا جدا بذاته مثلما كنإا نإحن جميعا
مشغولون بصنإاعة الموت وقتل الحياة المجتمعية ،بل كان مشغولا بضمير
حي يستعرض فيه ومن خلله هموم الجموع المتفرقة في هذا الشتات
المجتمعي المجهول الذي غادر مقهى خليل وانإصرف لوحدانإيته ليبنإي
نإسيجا اجتماعيا هلميا بديلا لزمنإة مقهى خليل...
فعنإدما كان يهرع ذلكا الرجل العملق في كل منإاسبة تلنم بسكان
محلته ،كان النإاس أنإفسهم يتصورون أن صاحب مقهانإا الحاج خليل
)مليونإيراا( لكثرة رزقه ووفرة عيشه وقدرته على قضاء حوائج النإاس وما
ينإفقه بالسراء والضراء على عائلت انإهكا الزمن كاهلها وابتلع مشاغلها،
ولم يفرق الحاج خليل في حينإها في أداء واجباته المجتمعية )بحلوها
ومرها(...
فحينإما يكون في طلئع المشيعين ممن يتوفى من أهل بغداد ،فقرائها
قبل أغنإيائها ،نإجده في حضور دائم متصد ار ملعب الكشافة مشجعا لفريق
الحرس الملكي من دون أن يغفل تشجيعه لفريق الجيش لكرة القدم وعلى
حدد سواء.
كان مقهى خليل مجمعا لرجالت الدولة والطبقة العسكرية النإاشئة
والمتقدمة ونإقطة تقاطع وتفاعل حية على خارطة العراق الجتماعية ،حيث
يلتقي فيها وجهاء بلدنإا من جنإوب العراق حتى شماله ،ومن غربه حتى
شرقه في سلة واحدة اسمها العراق.
8
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
9
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
عمود مهم اسمه )نإوافذ( ويحمنل عنإوانإا )الكل مشغول!!!( ،وعلى الرغم من
هدوء المكان وعزلته الساحرة في فنإدق البستان المجاور لقصر السلطان
إواطللته على مياه بحر العرب ،فإن العمود أثار في نإفسي مفارقة حادة
وضرب ذاتياتي وعزلتي في الصميم عنإدما كنإت يومها مشاركا في منإتدى
دولي عن نإظرية )الحوكمة( وتطبيقاتها ،إذ تنإاقضت مشاركتي في المنإتدى
مع ما كتبه أحمد بن سالم الفلحي في عموده المذكور آنإفا )الكل
مشغول!!!( ،إذ انإصرف الكاتب إلى إظهار ملكته العالية في تشخيص
ظاهرة التفككا المجتمعي في بلدانإنإا الشرق متوسطية وانإعدام العلقات
والروابط الصحيحة فيها ،في عصر النإشغالت الزائف وأزمان ضاعت فيها
الحاكمية الرشيدة وانإفصل النإاس فيها عن أصولها لتلتصق بذاتها ،كما
انإفصلت الدارة فيها عن مالكيها لتضعف الروابط وتؤجج صراع المصالح
بين المديرين والمالكين حتى تستعيد الحوكمة الجيدة دورها في التأثير على
السلوكا النإسانإي كي تؤدي عودة الذات إلى الصل ومن ثم بنإاء نإسيج من
المشاركة والفصاح والمساءلة كما تريده نإظرية الحوكمة ،فعنإدما انإتهيت
من قراءتي للعمود ،تذكرت مقهى خليل وحياة ذلكا العملق الذي عاش
وانإطفأ بين صنإفين من الجموع ...جموع كان يحركها وماتت قبله ،وجموع
كان قد غادرها وهي مفككة لتمتلكا القوة الجمعية أو القدرة على التواصل
المجتمعي ومنإشغلة جدا في مآلتها الذاتية.
يقول أحمد بن سالم الفلحي في عموده السبوعي في صحيفة نعمان
معلقاا-:
10
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
11
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وشواخص مؤثرة لحد رجال مدينإتنإا الذي كان شاغله الوحيد حب النإاس
وجمع شملهم.
إنإه كتاب يجسد بواقعية عالية العودة إلى مجتمعيتنإا والبتعاد عن
عشق الذات واستعادة نإكران الذات في وقت ما زلنإا فيه مشغولين جداا!!!
أليس كذلكا!!!
12
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
13
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
14
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
15
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
16
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أصيلا وجميلا من الحياة البغدادية المتمثلة بشخصية والده وهي مهمة نإريد
لها تستعاد وتكرر إلى الحياة قبل أن تنإدثر هذه الذكريات الجميلة من ذاكرة
حامليها وعلى القل يبقى جزءا أصيلا ولو بسيطا من حياة بغداد وأهلها
ومجتمعها حياا ،وهي إضافة لذلكا حاف از لكل من لديه مثل هذه الذكريات
العزيزة على قلوبنإا ليسجلها من أجل أن تبقى جزءا حيا من حياة هذه
المدينإة وفي ذاكرة الجيال الحاضرة والقادمة.
17
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
النإشـأة ...البدايـة
منإذ أكثر من مائة وخمسين عاما خلت نإزح قسمم من أبنإاء عشائر
العراق إلى بغداد طلبا للرزق وكان منإها القيسيين )الكروية( الذين كانإوا
يقطنإون سفوح وديان حمرين شمال ديالى .وكانإت العاصمة بغداد لتتعدى
حدودها سوى باب المعظم شمالا حيث سورها العباسي الشهير وتمتد إلى
رأس القرية جنإوبا وتتكون من بضع محلت وأطراف مبعثرة في صوبي النإهر
الكرخأ والرصافة حيث تضم بين جنإاحيها أهل بغداد بمختلف طبقاتهم
الجتماعية آنإذاكا...
كانإت بغداد صغيرة جدا بحيث يستطيع الماشي أن يقطعها من
شمالها إلى جنإوبها بأقل من ساعة وكانإت الحياة بسيطة يعمها التضامن
والمحبة بين المتجاورين في محلة واحدة حتى أن بيت منإها إذا ما قام
بحفلة فرح أو بمأتم عزاء رأى تضامنإا من أبنإاء المحلة ومساعدة كثيرة
منإهم وكانإت المحلت البغدادية مقسمة إلى قسمين منإهم سكنإة رجال الدولة
من مدنإيين وعسكريين مثل محلت جديدة حسن باشا والحيدرخانإة والطوب
وقمر الدين والتي كانإت تعرف بمحلت )العصملي( أي العثمانإيين .أما
القسم الثانإي الذي يسكنإه الشعب البغدادي تعرف في الرصافة بمحلت أبو
شبل وبنإي سعيد والفضل والكولت والمهدية وقنإبر علي وقهوة شكر وفضوة
عرب وباب الشيخ وعزات طويلت وفضوة قرة شعبان إضافة إلى محلت
الكرخأ السكنإية العريقة...
وفي محلة بغدادية عريقة هي بنإي سعيد ولد خليل عام 1890ولما
كان والده في حينإها رئيس عرفاء في الجيش العثمانإي حيث التحق مع
18
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
19
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الحياة وحبا بالسفر والمغامرة في حين عاد والده لستئجار مقهى النإقيب في
وسط محلة قنإبر علي..
غادر خليل بغداد عام 1922متوجها نإحو البصرة وهو شاب أعزب
وقام بفتح مقهى خاصة به لمدة سنإتين توطدت علقته خللها بأهالي
البصرة لسيما وأنإه كان يتحلى بالخلق البغدادي وصاحب معشر ثم شد
رحاله بعد ذلكا إلى الموصل ليمارس نإفس العمل حيث قام بفتح مقهى وسط
الموصل تعرف أيضا من خلله إلى الكثير من أهالي الموصل وأجاد التحدث
بلهجتهم وفي بداية عام 1926عاد إلى بغداد للعمل حيث تعهد بإدارة
حانإوت العدادية المركزية في الرصافة ثم حانإوت دار المعلمين البتدائية
في الكرخأ كما قام عصر تلكا الفترة بإدارة المقهى على ضفاف دجلة قرب
بيت )النإواب( في الكرخأ وكانإت المقهى تابعة لبنإاية دار المعلمين البتدائية
ثم انإتقل عام 1932إلى محلة الحيدرخانإة حيث قام بفتح مقهاه الشهيرة
الواقعة أمام مدخل شارع المتنإبي المواجه لشارع الرشيد وكان مبنإى المقهى
تابعا إلى دائرة الوقاف العامة ويطلق عليها "وقف الطبقجلي ،واستمر
العمل بها لحين هدمها من الوقاف عام 1970بعد إخلئه منإها...
20
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
فهدم البيوت كلها لنإها مبنإية بمواد بسيطة لتقاوم طغيان الماء ...فذهب
الهالي إلى الجوامع والحسينإيات والكنإائس وبيوت العبادة كلها حيث التجأوا
إليها وهذا التزاحم ولد طاعونإا فتكا بأهالي بغداد وكان الضحايا باللف في
حين كان معظم أهالي بغداد قد دعوا إلى اللتحاق بالجيش العثمانإي
)السفربر( والشيوخأ اقتعدوا تخوت المقاهي وقد انإتشرت الجثث في أزقة
بغداد حيث قام الصبيان والشباب الذين تخلفوا عن اللتحاق بالسفربر
بحملها إلى المقابر وكان "خليل" يقود أهالي الطرف لحمل تلكا الجثث إلى
المقابر المنإتشرة حول بغداد وكأن العنإاية اللهية حفظتهم من الصابة
بالطاعون ليقوموا بهذا الواجب...
21
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
22
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
23
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
24
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وفعلا أخذت المعالم الحضارية بالتسلل إلى بغداد وبعدها بقية ألوية
العراق برغم المعوقات التي واجهت النإظام وكان بنإاء أركان التعليم في
العراق من الولويات بكافة مستوياته إضافة إلى تحسين الواقع الزراعي
بحيث أصبح العراق من الدول المصدرة للمحاصيل الزراعية في الثلثينإيات
وتم افتتاح عدة قنإصليات تجارية لدول أوربية في بغداد والبصرة والموصل
لغرض استثمار صنإاعة الزراعة .وتم تشييد المبانإي الحكومية والمدارس
والطرق والجسور حيث شهدت بغداد ثورة في البنإاء والعمار مازالت آثارها
باقية لحد الن برغم تعرضها إلى الزلزل السياسية المتعاقبة.
وكان التطور العمرانإي في البتاوين والمسبح والعظمية والكاظمية
والكرادة دليل على ذلكا ،كما شجعت الصنإاعة الوطنإية في العقود المتتالية
ومنإها صنإاعة التمور العراقية...
إنإها كانإت الحضارة لبلد مابين النإهرين تسير نإحو الفضل برغم
اليرادات النإفطية المحدودة وبدأ العراق يتسلق ميادين الحضارة في ظل
النإظام الملكي ولعل مشاريع مجلس العمار مازالت شاخصة لحد الن
ومنإها بنإاية البنإكا المركزي العراقي التي تم حرقها قبل سنإوات والجسور
والسدود وبنإاية القصر الجمهوري والمجلس الوطنإي...
أما في المجال السياسي لبنإاء الديمقراطية في العراق فقد كان لدى
الملكا فيصل الول رؤية واضحة ومحددة بأن الديمقراطية عملية تأريخية
طويلة المدى بمؤسسات ترسخ باستمرار وتمتد للثقافة والتربية والسرة حتى
25
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
تصل للفرد في سلوكه اليومي مع الخرين ومع نإفسه ،انإها عملية تحتاج
لتربية طويلة وقد بدأ المسير بها في حينإه...
26
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
27
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
المعلمين البتدائية مما دفع معظم أهالي الكرخأ إلى التعرف به والتقرب منإه
وأصبحت صحبته لهم محببة حيث انإتقلوا معه عام 1932لرتياد مقهاه
في شارع الرشيد يومي ا والتي عرفت على مدى نإصف قرن من الزمن
عام ...1970 بـ"مقهى خليل"لحين هدمها
مع إن معظم طلبة دار المعلمين البتدائية عام 1929بعد تخرجهم
وممارستهم لمهنإة التعليم لفترة قصيرة انإظموا إلى الكلية العسكرية منإهم
عبد الكريم قاسم وطاهر يحيى إواسماعيل محمد وعبد الحميد نإعمان
وآخرون غيرهم وكان الملكا فيصل الول دائم الزيارة لدار المعلمين لتفقد
أحوال الطلبة وسير الدراسة فيها لهتمامه المتواصل بمسيرة التعليم في
البلد ومن خلل تلكا الزيارات تعرف السطة خليل متعهد الحانإوت الخاص
بالدار والتي أصبح مقرها في العظمية.
لقد كان المغفور له فيصل الول ملكا العراق منإذ 1921من
الشخصيات النإسانإية النإاصعة المينإة المخلصة وكان سعيه الحثيث لبنإاء
دولة المؤسسات في العراق واضحا ومعروفا لحد وفاته عام 1933لقد كان
رحمه ال من الشخصيات النإافذة الوطنإية الغيورة على العراق ومصالح
شعبه وهذا ما كان عليه ابنإه الملكا غازي حيث كانإت المبادئ الوطنإية إرث
راسخ لديه مع انإه كان في ريعان الشباب عنإدما فقد حياته...؟؟
إن هذا الطراء كنإت غالبا ما أسمعه يتردد من قبل كبار السن
المتقاعدين من عسكريين ومدنإيين وكان حجي خليل أكثرهم عشق ا في
ذكره...
28
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
29
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
إن البغددة تولد عنإدكا الحساس بأنإكا تتعامل مع النإاس على انإهم
أخوة لكا بكل ما تعنإيه مقاييس الخوة من التزامات خلقية وبذلكا فقد كانإت
النإهكة البغدادية ملزمة للشارع والطرف من خلل مشاعية التعامل بها.
وكنإا غالبا ما نإسمع لدى بعض الشعوب العربية عنإد التحاور وخاصة
لدى شعبنإا العربي في مصر بقولهم "ايه ده انإت بتبغدد" وتعنإي التأنإق
والكياسة والحديث بجدية ملتزمة بحدود الدب واللياقة واللطف...
ولعل اخوانإنإا المصريين الذين انإتدبوا للعمل في العراق من قبل
الحكومة العراقية في حقل التعليم لعدة سنإين في بغداد منإذ عام 1930
كانإت لهم رؤية خاصة عن الحياة البغدادية ولعل كتابات الديب الراحل زكي
مباركا خير شاهد عليها ،إضافة إلى مجيء أشهر الفنإانإين المصريين
لحياء حفلت طرب في بغداد حيث زارها المطرب محمد عبد الوهاب وكوكب
الشرق أم كلثوم وآخرين غيرهم على مدى السنإين اللحقة وكان هذا دليلا
على المستوى الحضاري الذي وصلت إليه بغداد التي كانإت وما زالت رغم
المحن والفتنإان بالصعوبات سوف تنإهض شاخصة بأصالتها...
30
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
المتمثلة بالسلوكا الرحب الذي يغلب عليه طابع التعاطف السليم الخالي من
العدوانإية ولعل ما ورد على لسان الكاتب الكبير عباس محمود العقاد الذي
هو أصلا كردي من شمال العراق هاجر أهله إلى مصر قبل أكثر من مائة
وخمسين عاما وكان فخو ار بعراقيته معت از بانإتمائه لعروبة مصر حيث أصبح
هذا الكاتب بالرغم من عدم حصوله حتى على شهادة الدراسة البتدائية من
أرقى المثقفين والدباء في مصر نإتيجة سعة اطلعه وثقافته الفطرية ولعل
إصداراته المختلفة لمختلف فنإون الثقافة والدب والدين ما زالت شاهدا حيا
على عبقريته ،ولكن الذي جلب انإتباهي ما ورد على لسانإه بما يتعلق
بالجوانإب النإسانإية لشذور القوة والتي أطلقها في صالونإه المتعارف عليه
بـ"صالون العقاد" ذلكا المنإتدى الدبي في داره الواقعة بقلب القاهرة حيث
وجدت بما طرحه له علقة بطريقة أو بأخرى بالسلوكا الذي اتصفت به
الشخصية البغدادية وأود أن أبين ذلكا استنإادا إلى رؤية الكاتب الكبير في
حينإه فيما يتعلق بالجوانإب النإسانإية للقوة لدى النإسان حيث أوجزها
بمفردات وكما جاد بها فكر العقاد وهي:
القوة هي الفضيلة "إذا كانإت الحياة هي الصراع بين القوي والضعيف فإن
النإسان يفضل القوة ويحرص على المزيد منإها والنإاس يحتقرون الضعيف
ويكرهون الضعف".
الصبر قوة "لن النإسان الصابر هو الذي يتغلب على الصعوبات التي
ينإحنإي أمامها غيره من النإاس".
الرحمة قوة "لنإها لتجيء إل من انإسان قوي فالقوي هو الذي يرحم غيره
من الضعفاء"
31
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الكرم قوة "لن النإسان الكريم هو الذي يعطي ما عنإده للخرين دون أن
يمن عليهم".
القنإاعة قوة "لنإها تدل على ان النإسان قادر على أن يمسكا نإفسه
ويستغنإي بما لديه عما لدى النإاس".
التواضع قوة "لن النإسان المتواضع هو الذي يشعر أن مكانإته قوية وانإه
قوي بنإفسه وانإه ليس في حاجة إلى أن يظهر ذلكا للنإاس".
العفو قوة "لنإه دليل على قدرة النإسان في مواجهة إساءة النإاس كأنإها ل
شيء".
العفة قوة "لن النإسان العفيف قادر على أن يمسكا نإفسه عما لدى
الخرين".
الحلم قوة "لن النإسان الحليم ليغضبه أن يتطاول النإاس عليه ويرى ان
الغضب ضعف".
الحياء قوة "لن الحياء يحمي النإسان من أن يبتذل ويترخص ويكون
مستهانإا به من الخرين".
العدل قوة "لن العدل معنإاه المساواة بين القوي الذي يخافه النإاس
والضعيف الذي يخاف النإاس".
الصدق قوة "النإسان ليحتاج إلى أن يخفي الحقيقة كالكاذب الذي يخشى
النإاس".
الزهد قوة "لن النإسان الزاهد هو الذي يرفض ما يجده ول يمد يده إلى ما
في استطاعته أن يأكله أو يشربه أو يتمتع به بل أن احترام ضعف الخرين
32
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
قوة لن احترام الضعيف مثل احترام القوياء لن احترام الضعفاء معنإاه انإنإا
لنإحترمهم خوفا منإهم ولكن نإحترمهم تقدي ار لحالتهم التي ل دخل لهم فيها".
33
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
34
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
مطعما هنإديا شهي ار يديره هنإود يقدم أشهر المأكولت الهنإدية أما بعد سينإما
برودواي تليها بنإاية شركة أورزدي باكا الشهيرة والتي أصبحت فيما بعد
بالسواق المركزية جاورها أرقى مطعم عراقي يقدم المأكولت العراقية هو
مطعم عمو الياس الذي يقابله من الجهة الثانإية محل أنإيق يدعى محل
)صادق محقق( الذي اشتهر ببيع الكماليات الجنإبية ومنإها الحذية
اللبنإانإية والسويسرية واليطالية كان سعر الحذاء حتى بداية الستينإيات
ليتجاوز الخمسة دنإانإير ثم يليه محل يحتل الركن اليمن لساحة القاضي
وهو )الهادي( الذي اشتهر ببيع أقلم حبر الباركر البانإدان والساعات
السويسرية .كان يتوسط ساحة حافظ القاضي حديقة رائعة مليئة بالورود
والزهار يلي بعدها محل أرشاكا المصور يجاوره مطعم شريف حداد )مطعن
ومشروبات( ثم مصور بابل لنإتجه على نإفس التجاه لنإصل إلى عمارة )بيت
لنإج( وهي لشركة أجنإبية إنإكليزية شيدت في العشرينإيات وأسفلها أروع
مكتبة لبيع الكتب النإكليزية التعليمية والدبية فقط هي مكتبة )مكنإزي( ثم
يليها محلت لبيع الكماليات منإها محل لحد آل كنإو اشتهر ببيع ثياب ماركة
)آرو( الشهيرة وقبله خياطة أحمد خماس يقابلها خياطة عز ار قحطان
نإواصل المسير بعدها في هذا الشارع الرائع لنإصل إلى كازينإو اكسبريس
فلسطين لبيع الدونإدرمة صيفا والحلويات الحلبية في الشتاء وكانإت ذات
طابقين أحدهما خاص للعوائل وبجانإب هذه الكازينإو نإجد محل لبيع العنإبة
الهنإدية المستوردة بالبراميل ومن أجود النإواع والبيع بالوزن سميت باسم
صاحبها "صمد أبو العنإبة" ثم نإصل إلى صالة سينإما من أروع ما شليد لطراز
البنإاء المعماري وهي سينإما الحمراء التي اشتهرت بعرض الفلم العربية ثم
35
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
نإصل إلى بنإاية البنإكا المركزي العراقي التي تم بنإاؤها من خلل مشاريع
مجلس العمار في العهد الملكي وتم تنإفيذها من قبل شركة )فيليب
هولزمن( وكانإت من أروع وأفخم البنإية المصرفية في الشرق الوسط في
حينإها ويليها بنإاية عملقة لمصرف الرافدين يقابلها جامع مرجان وسوق
الشورجة وكان يجاور بنإاية الرافدين شارع البنإوكا لتواجد أبنإية لبنإوكا أجنإبية
الذي كان ينإتهي ببداية سوق على امتداد دجلة ولحد حافظ القاضي اشتهر
ببيع الملبس النإسائية المتنإوعة عرف بسوق شارع النإهر...
ونإحن في شارع الرشيد ضمن مسيرتنإا نإصل إلى محلة باب لغا
وفيها سوق الصفافير الشهير ثم نإواصل سيرنإا كي نإصل إلى سينإما صيفية
هي سينإما القاهرة في ركن ساحة المين والتي أصبحت حاليا بنإاية
الرصافي ويقابل السينإما مقهى واسعة ضمن المحيط النإصفي لساحة المين
وكانإت صيفية وشتوية هي مقهى أحمد فتاح.
كانإت ساحة المين معلما سياحيا رائعا لتوسطها شارع المين الذي
يتجه نإحو الجسر القديم الذي يضم بنإاية المتحف العراقي ،أما محيط
الساحة فقد كان بالضافة إلى السينإما والمقهى كان المحيط النإصفي الخر
يضم موقفا لسيارات باص المانإة رقم 4الذي يصل إلى القصر البيض
ورقم 15الذي يصل إلى كرادة مريم يواجهها كازينإو سورية صاحبها مقيم
في بغداد حيث تزهو بنإظافتها وبما تقدمه صيفا للزبائن من أروع وألذ
الدونإدرمة السورية )العلوجة( وفي الشتاء كان يقدم الحلويات السورية،
وعنإد سيرنإا ضمن محيط الساحة وبعد الكازينإو يواجهنإا زقاق بدرجات وعنإد
نإزولنإا الدرج بعد عشرين مت ار نإجد بنإاية لدار كبيرة جدا تضم ساحة واسعة
36
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
37
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أما الجهة اليمنإى بعد ساحة المين المطلة على شارع الرشيد أيضا
نإصل أولا إلى محل لصنإاعة الحذية وهو محل دجلة يجاوره محل حلقة
محمد الحلق ثم نإسير لنإصل إلى محل شهوبي لبيع تشريب الباقلء مع
بيض العرب والدهن الحر والطرشي الخاص به وذلكا لفطار الصباح وكنإت
أرى أعدادا من الفراد ينإتظرون دورهم في الشراء إضافة إلى أفراد
الشرطة...
وفي ركن المجاور كان المرحوم محمد علي اشتهر ببيع شربت
الزبيب مع الجبن البيض بجواره محل حلقة المرحوم جمعة ثم يليه بعدها
بأمتار قليلة محل لرجل كبير يبيع الخمور يليه محل حاج هادي لبيع الفواكه
ثم محل الحاج حسين البصام لبيع الفواكه والقيمر صباحا والمجاور لمقهى
خليل المواجهة لمدخل شارع المتنإبي يقابلها صيدلية كاكا يسا ار وصيدلية
المراد يمينإا بجوار تسجيلت جقمقاجي وفنإدقي العيان والعلمين تم أحذية
باتا الشهيرة بجانإبها دربونإة مغلقة تابعة لمحلة العاقولية ثم دربونإة
الخشالت بجوار جامع الحيدرخانإة الشهير الذي شهد الكثير من التجمعات
السياسية والوطنإية نإظ ار لقدمه ومساحته الواسعة يقابله مقهى البرلمان
بجوار الزقاق المؤدي إلى أزقة جديدة حسن باشا ...ثم مطعم الشمس
المشهور بأكلته البغدادية ثم يلي محل السيد العامري المشهور ببيع
السيكاير والتبوغ الجنإبية بانإواعها ثم مقهى حسن عجمي ومحل حاج زبالة
لبيع شربت الزبيب يقابله محل كعكا السيد المشهور.
ثم نإصل إلى المصور الهلي الذي اشتهر كونإه مصور العائلة
المالكة بجواره مقهى الزهاوي ويقابله مقهى عارف آغا...
38
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
بعد هذه الجولة السياحية نإصل إلى سوق الهرج المواجه لساحة
الميدان التي كانإت محطة لوقوف وانإطلق مختلف خطوط باصات مصلحة
نإقل الركاب إلى منإاطق بغداد المختلفة وكنإت أرى لوحات زجاجية كبيرة
سجلت عليها أوقات انإطلق الباصات كل حسب اتجاهها حيث كان تنإظيمها
بشكل حضاري أسوة بدول العالم المتقدم لما للنإقل العمومي من أهمية
حيوية لحياة المواطنإين.
قبل أن نإصل في مسيرنإا وزارة الدفاع توجد نإصف ساحة مدورة يطل
عليها جامع قديم بطراز بنإائه هو جامع حسن أفنإدي وكان موقف باص رقم
) (5المتجه إلى الصليخ وكذلكا باص آخر يتجه نإحو العيواضية وآخر يتجه
نإحو العظمية وفي ركن هذه الساحة كانإت مقهى البلدية واسعة وكبيرة جدا
ويبدو انإها كانإت قبل عقود مسرح أو ملهى وعموما أصبحت مقهى يرتادها
الطلبة للمطالعة .أما الطرف الخر المواجه لمقهى البلدية كانإت بنإاية
المدرسة المأمونإية البتدائية والتي سبق وتم تشييدها في العشرينإيات ثم
تحولت إلى بنإاية شغلت من قبل مديرية معارف بغداد بعد 14تموز 1958
لحين هدمها وتشييد محلها بنإاية مديرية إسالة الماء والتي هدمت أيضا
وألحقت بوزارة الدفاع.
نإصل بعد هذه الجولة إلى ساحة باب المعظم والتي يطل عليها جامع
الزبكا الملصق لوزارة الدفاع وبجواره بنإاء يمتد بعمق كي يصل بامتداده
إلى حديقة غازي الواقعة قرب شاطئ دجلة وقد ضم هذا المتداد المعماري
قاعة الملكا فيصل الثانإي المطلة على ساحة باب المعظم ويبدو انإها البنإاية
الوحيدة التي مازالت قائمة لحد الن أما بهو أمانإة العاصمة الذي كان
39
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
يشغل المتداد الذي ذكرته كان يشمل القاعات الشتوية والصيفية والحدائق
الغلنإاء لغرض إقامة الحفلت الرسمية للدولة في فنإائها في مختلف
المنإاسبات ومن الطبيعي جدا فقد هدمت بالكامل وألحقت بوزارة الدفاع.
انإه غيض من فيض فهذه كانإت سياحة لحد أهم معالم بغداد وهو
شارع الرشيد مع ان بغداد كانإت تزخر بالشواهد الحضارية وفيها الكثير من
المرافق الحياتية وكم هي جميلة كانإت بغداد بعد الباب الشرقي وامتداد شارع
أبي نإؤاس المليء بالكازينإوهات والمقاهي على شواطئ دجلة وكيف كان
السمكا المسكوف بنإاره الملتهبة من حطبها تخلب لب السواح العرب
والجانإب ولعل هدوء وجمالية منإطقة المسبح والكرادة الشرقية وغيرها من
المنإاطق الحضارية المنإتشرة على جانإبي الكرخأ والرصافة دليل على أن
بغداد كانإت قبلة الشرق بحضارتها الحديثة وآثارها القديمة ...أنإها كانإت
سياحة لشارع الرشيد فقط ولكن ما كنإت ترى لو كانإت سياحة لعموم بغداد
أيام الزمن الجميل...
وصـف المقهـى
تم استئجار المقهى من الوقاف العامة عام 1931وهي تابعة لوقف
آل الطبقجلي وكانإت مساحتها حوالي 800م مربع وقد تم إضافة ملحق لها
إضافي في عام 1953بحدود مائة متر مربع حيث تم توسيع المقهى
وأصبحت مساحتها الكلية مع ملحقاتها 1000متر مربع تقريباا.
40
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
إن إطللة المقهى بهذا العمق على واجهة شارع الرشيد وبمواجهة
شارع المتنإبي مباشرةا وهو الطريق العام الذي كان يسلكه كبار رجال الدولة
وموظفيها عنإدما كان أركان الدولة العراقية يباشرون أعمالهم في أبنإية
السراي والقشلة والمحاكم أيضاا ،إضافة إلى موقعها في الطريق المؤدي إلى
وزارة الدفاع وقربها من محيط جامع الحيدرخانإة إواحاطتها بمجموعة من
الفنإادق والمطاعم ومكاتب المحامين والصيدليات وعيادات الطباء
الخصائيين ...في بداية فتح المقهى كان يقدم فيها إضافة إلى الشاي
والقهوة والحامض والركيلة مشروب شعبي هو "السيفون" العراقي ماركة أبو
الدعبلة وسعره أربعة فلوس أما القهوة فكان تقديمها مجانإاا...
وفي موسم الشتاء يتم فرش قنإفات المقهى بالسجاد اليرانإي أما في
الصيف وقبل أن تصل المبردات إلى العراق ولحرارة الجو وشدتها كان يتم
الجلوس في المساء فوق سطح المقهى لغاية منإتصف الخمسينإيات .كنإت
أشاهد مجالس الرواد اليومية التي ليتغير نإمطها حيث يجلس ومنإذ الصباح
الباكر مجموعة من كبار السن من أهالي الموصل بزيهم الشعبي متوسطين
الواجهة المامية وعنإد اخلئهم المكان قبل التاسعة صباح ا أرى مكانإهم
وبشكل دائمي السيد هاشم الخطيب واخوانإه السيد فائق والسيد طاهر الخطيب
مع زميلهم المرحوم السيد كاظم النإقيب.
أما وسط المقهى فهو جلوس المتقاعدين من عسكريين ومدنإيين ومن
هم في الخدمة وقسم من أهالي خانإقين ومنإدلي وكركوكا يلعبون الدمينإو أو
الطاولة أما الركان الخرى للمقهى فكانإت لمختلف الرواد من شرائح المجتمع
العراقي من شيوخأ العشائر ورجال الدين من كربلء والنإجف الذين لتفوتهم
41
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
زيارة حجي خليل عنإد مجيئهم إلى بغداد وكان أهالي المحافظات يقطنإون في
الفنإادق المحيطة بالمقهى ومنإها فنإدق العلمين وفنإدق العيان وغيرها..
أما الموقع المتميز كان قرب حجي خليل حيث كان معظم أصدقائه من
العسكريين وغيرهم يستمتعون بالجلوس قربه بجانإب )الدخل( كان حضورهم
دائمي حيث يلتقي الحبة والصدقاء للتحاور وقضاء الوقت الجميل بأقل كلفة
ممكنإة كما في المساء تم فتح محل في سلم المقهى لبيع المشويات من تكة
ومعلكا وغالبا ما كنإت أجلس أنإا ومن يقوم بزيارتي إلى المقهى بالجلوس
على واجهة الشارع وتنإاول العشاء وقضاء أمسية جميلة مع زملء الدراسة
الثانإوية والجامعية...
وكان أمام المقهى مباشرةا صنإدوق بريدي دائري أحمر اللون وغالب ا ما
يستنإد عليه العسكريون عنإد وقوفهم أمام المقهى.
أما إيجار المقهى كان منإاسبا ويتلءم مع المصاريف والهدر غير
المبرر لها حيث لم تكن قطع ا مقهى تجاري بل كانإت أشبه بـ)الدويخانإة( حيث
هي الملذ المن والمكان الملئم لمن ل سكن له في بعض الحيان وببساطة
بأخذ موافقة صاحب المقهى على المبيت مجانإاا...
سكان محيط المقهى ...الخشالت والدوريين وآخرون
يبدو بأن المتغيرات كانإت كثيرة عبر خمسة عقود من تأريخ افتتاح
المقهى عام 1931ولكنإنإي أتحدث عن معايشتي الحياتية للمنإطقة وما
رأيته فيها ومختلف الحداث في شارع الرشيد من بداية الخمسينإيات.
وفي لقاء لي مع الوجيه البغدادي محمد كاظم الخشالي "صاحب
مقهى الشابنإدر" في شارع المتنإبي الذي أسعفنإي بمعلومات غنإية لما يمتلكه
42
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
من ذاكرة قوية حيث كان سؤالي "لماذا سكن أهالي الخشالت وهم من
عشائر الكروية في ديالى المنإطقة المحيطة بالمقهى حيث أحاطنإي علما
بأن والي بغداد العثمانإي استعان بالخشالت من الكروية قبل 150عاما
من أجل تحصين المنإطقة المحيطة بخلف السراي أمنإيا عنإدما كان المقر
الرئيسي للسلطة والحكم في أبنإية السراي وقسم كبير منإهم يسكنإون في
جديدة حسن باشا ،وذلكا لما كانإت تتمتع وتوصف به الكروية من صلبة
وخشونإة في التصدي والمجابهة وكانإت تلكا بداية استقرار الخشالت في
أزقة محلة العاقولية بجهتي شارع الرشيد وجوار جامع الحيدرخانإة.
لقد توطدت العلقة بين حجي خليل وأهالي المنإطقة من الخشالت
والدوريين وغيرهم منإذ العام 1932حيث تأطرت تلكا العلقة الخوية
واستمرت لعقود كنإت من عايشها حيث كانإت المقهى "مقهى الطرف" وهم
روادها الدائميين وكذلكا أبنإائهم بالتوالي من بعدهم إضافة إلى من سكن
المنإطقة من الدوريين الذين نإزحوا من منإطقة الدور وكانإوا جميعا أهلا
للمقهى وصاحبها إضافة إلى بقية سكان العاقولية والحيدرخانإة وجديدة
حسن باشا وشارع المتنإبي ،ومع أن شارع الرشيد الذي كان يتوسط محيط
المنإطقة كان تجاريا حيث كثرة المطاعم والفنإادق ومختلف المحلت
التجارية والصيدليات ومكاتب المحامين وغيرها ،وهكذا كان عموم سكان
المنإطقة يشكلون بأهاليهم مزيجا بشريا عراقيا تبلور من خلله العنإصر
البغدادي بتقاليده وموروثاته وأعرافه الخاصة...
وفي منإتصف الستينإيات أخذ معظم أهالي القرية المحيطة بالمقهى
تركا السكن فيها والستقرار في منإاطق بغداد الحديثة العامرة بالبنإاء العصري
43
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
حتى ان حجي خليل تركا السكن في زقاق العاقولية المجاور للمقهى ليسكن
حي الوزيرية مقابل أكاديمية الفنإون الجميلة والتي كانإت سابقا في
الثلثينإيات دار سكن لنإوري السعيد ثم انإتقل منإها لتكون دار السفارة
المصرية لحين إشغالها من قبل الكاديمية ،وقد انإتقل إلى تلكا الدار في
بداية عام .1964
أما بالنإسبة لطراز البنإاء الشرقي القديم والذي ما زال يشكل حسرة
لخسارته لدى الجميع بما يحمله من طابع معماري أنإيق يتلءم مع جو
العراق والدور كان بنإاؤها مفتوحا وبتصاميم رائعة حتى ان معظمها كان
بنإاؤها يزخر بالريازة الزجاجية الملونإة التي تمل سقوف الغرف وخاصة
الستقبال منإها مع ان تركا السكن فيها كان بسبب قدم البنإاء في الزقة
وتوزيع الراضي الخاصة بالسكن من قبل الدولة مع ان الذين لديهم إمكانإية
مادية ترعرت لديهم الرغبة في تبديل سكنإهم واللتجاء نإحو البنإاء
الحديث...
خاطرة ...العلقة والتعاطف مع النإظام الملكي
كانإت زيارات المغفور له الملكا فيصل الول لطلبة دار المعلمين
البتدائية في الكرخأ ثم العظمية بعد انإتقالها هي بداية المعرفة بين "خليل"
متعهد حانإوت الدار حيث انإبهر بشخصية جللة الملكا وبسمو خلقه تاركا
لديه انإطباعا روحيا يعتز به وقد امتدت تلكا العلقة عنإد تعارفه بالمرحوم
الملكا غازي بواسطة العقيد الطيار المرحوم محمد علي جواد )ابن عمة عبد
الكريم قاسم( والذي كان في الثلثينإيات الطيار الخاص للملكا ثم أصبح
قائدا للقوة الجوية بعد انإقلب بكر صدقي 1936لن محمد علي جواد من
44
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الصدقاء المقربين إلى "خليل" ومن سكنإة محلة قنإبر علي فهو ابن طرف
ويبدو أن لقاءهما في ليالي بغداد وأجوائها الرائعة في تلكا الفترة الزمنإية
كانإت مبعثا لذكر محمد علي جواد أمام الملكا غازي سجالت وأحاديث خليل
البغدادية المحببة مما دفع الملكا غازي في منإتصف أحد الليالي بزيارة
صاحب المقهى وجلس بجانإبه بعد أن أركن سيارته أمام المقهى وهذا ما
سمعته من الحجي ودار بينإهم الحديث عن أمور الحياة وفجأة اكتض أهالي
بغداد دون سبق إشارة لتحية الملكا مما دفعه إلى إنإهاء الزيارة وسط جمهرة
الهالي ...وقد ط أر سمعي حول قيام المرحومة الملكة عالية باليعاز إلى
مسؤولي المزرعة الملكية بإرسال فائض لوارد المزرعة من اللبان والحليب
محملة بسيارة بيكاب إلى المقهى ليتم توزيعها على الفقراء المعوزين
بمعرفته .وقد استمرت العلقة بل وتعززت أكثر بعد سفر السطة خليل إلى
فلسطين عام 1948لتوزيع المواد الغذائية من التبرعات على قطعات
الجيش العراقي المتواجدة في الجبهة ولقائه في عمان بالوصي على العرش
عبد الله الذي رأى فيما قام به السطة خليل عملا يستحق التقدير.
ثم استمر اللقاء أثنإاء حضور الملكا والوصي ساحة الكشافة
لمشاهدة مباريات كرة القدم لفريق الحرس الملكي أو استعراض الجيش
السنإوي.
وقد استثمر السطة خليل والذي أصبحت كنإيته بعد ذهابه لحج بيت
ال الحرام عام 1954بـ)حجي خليل( حيث كان يقوم بقضاء حاجة من
يلوذون به لمساعدتهم حيث كان غالبا ما كان يحمل عريضة صاحب أو
أصحاب الحاجة وقد يكون مفصول سياسي أو لغرض التعيين في وظيفة ما
45
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وكان حجي خليل يقوم بانإتظار سعادة الوصي عنإد مروره بسيارته للدخول
إلى البلط الملكي كي يقوم بتحيته ثم تسليمه الطلب برجاء بغدادي وكان
الوصي يأمر السائق بالتوقف عنإد رؤية الحجي بزيه البغدادي وجراويته
المعهودة مع عباءته الجوخأ...
وقد سمعت من الحجي بأن الوصي عبد الله كان ليرد له طلبا
يتعلق بمصالح النإاس وبرزقهم حيث كانإت لديه الدراية بأنإه يسعى إلى عمل
الخير بدون منإفعة أو أي مصلحة شخصية على الطلق...
يمكن القول بأن الروح البغدادية التي كان يتمتع بها حجي خليل
وسعة معرفته بالخرين وكان ملكي الهوى ويكن لركان النإظام الملكي كل
حب وتقدير حتى أن كثي ار ما كان رواد المقهى من العسكريين يمازحونإه بأنإه
من أنإصار العهد الملكي خصوصا أثنإاء مرور موكب الوصي أو الملكا في
شارع الرشيد أمام المقهى وقيامه برد التحية العسكرية لهم...
وقد شاهدته لول مرة في حياتي صبيحة 14تموز 1958دامع
العينإين واللم والحزن والحسرة بادية عليه لقاء ما تعرضت له العائلة
المالكة من كارثة في ذلكا اليوم الكئيب...
لقد كان لمعاصرة خليل في صباه وشبابه المآسي والتخلف السائد في
عموم الحياة العامة قبل تأسيس الدولة العراقية 1921وما جرى بعد
تأسيس الجيش العراقي والعمل على بنإاء دولة المؤسسات في ظل النإظام
الملكي دافعا قويا لنإبهار شخصيته بجدوى هذا التحول في حقول التعليم
وتطوير الزراعة والصنإاعة والتجارة بالعتماد على رجال دولة كان يرى فيهم
الجدارة والقابلية على تغيير واقع سبق له معايشته نإحو الحسن سيما وان
46
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
التطور بات باديا للعيان وبالرغم من أنإه كان إنإسانإا أميا إل أنإه كان لديه
الوعي والفطنإة إن ما وصل إليه وتحقق في العهد الملكي مثار تقدير
إواعجاب إوان الحداث المتتالية بعد سقوط ذلكا العهد كانإت صراعات دموية
محزنإة...؟؟
47
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
48
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
العراقية إلى بغداد عمت الفرحة بغداد ونإحرت الذبائح وعلت الزغاريد
وصفقت اليادي والهتاف والهازيج.
في حينإها قمت مع بعض الخوة الصدقاء منإهم المرحوم إبراهيم
شنإدل الملقب )إبراهيم إطفائية( والحاج سلوم والتقينإا في دار شفيق نإوري
المحامي وقررنإا جمع التبرعات والهدايا إلى الجيش العراقي في فلسطين بعد
أن اتخذنإا الخطوة الولى والمبادرة بالتبرع من قبلنإا ثم بدأنإا بعدها بجمع
بقية التبرعات وقد تطوعت بالذهاب باللوريات المحملة بمختلف الرزاق
الجافة ومختلف المواد الغذائية وكان في استقبالي المرحوم عمر علي
وقمت بتوزيع المواد على قطعات الجيش العراقي في جبهات القتال وكنإت
حريصا على رؤية أصدقائي الذين فارقتهم بسبب الحرب وتجولت بين
مختلف صنإوف قطعات الجيش العراقي وكانإت لدي صورة معلقة في المقهى
لفراد كتيبة خالد للدبابات في نإابلس ضمت طاهر يحيى وسعيد صليبي
ومنإير العزاوي وصفاء الدين محمود وآخرين غيرهم من ألمع ضباط الجيش،
كما التقيت بالمقدم عبد الكريم قاسم وآخرين ليسعفنإي تذكر أسمائهم
والتقيت بالوصي عبد الله أثنإاء تفقده للقطعات العسكرية برفقة مرافقه
عبيد المضايفي وكان الوصي مسرو ار لرؤيتي وأثنإى على وفائي لبنإاء
الجيش العراقي.
أما إنإي كنإت أسمع في صباي في الخمسينإيات عن هذه المغامرة التي
قام بها السطة خليل وقد ط أر سمعي بأنإه عنإدما حاول الوصي على عرش
العراق بعد عودة الجيش إلى أرض الوطن تكريم من ساهم بدعم القوات
العراقية عرض على السطة خليل منإحه بعض الراضي في بغداد الكرخأ
49
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
امتنإانإا وتقدي ار له إل أنإه رفضها بكل عزة إواباء شاك ار سعادته على مبادرته
الكريمة وانإه غير محتاج والحمد ل بعد ذلكا أرسل الوصي )مسدساا( بيد
مرافقه عبيد المضايفي من النإوع الممتاز هديه قبلها شاكراا ،مع العرض أن
رفض قبوله الراضي كان مؤش ار لدى الكثيرين من معارفه وأصدقائه
وبالخص كبار ضباط الجيش على نإزاهته وعفة نإفسه مع ان هذا الرفض
كان مجبذا لكافة أجنإدة المعارضة وغيرها واعتبروه موقفا جليلا علما بأنإه
نإال شكر وتقدير الوصي.
لقد سبق لي في بداية عام 2000أن التقيت صدفة عنإدما كنإت في
زيارة لحد الصدقاء بداره بالستاذ العسكري والشاعر نإعمان ماهر الكنإعانإي
وهو من أبنإاء سامراء كان إخوانإه من أصدقاء الحجي وعنإدما قدمنإي
صاحب الدار إليه للتعارف رجعت به الذاكرة إلى عام 1948حيث بادرنإي
بالقول "إنإي أذكر عنإدما فوجئت بوالدكا بجراويته وصايته المعهودة وهو
يفتح باب الخيمة العسكرية وكنإت منإدهشا من وجوده ونإحن في الجبهة...
50
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
51
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
52
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
53
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وأمانإة العاصمة ومتصرفية بغداد وسوق السراي وشارع المتنإبي وما فيه
من المخبز العسكري وعيادات الطباء والمكتبات والمطاعم الشهيرة في
بغداد...
كما كانإت المقهى شاهدا على الحتفالت الرسمية ومسيرة تتويج
الملكا فيصل الثانإي وأحداث 14تموز 1958وما أعقبها من أحداث
وفواجع عام 1963وما بعدها ...لحين هدمها في عام .1970
هجرة اليهود القسرية بعد حرب فلسطين 1948
كان اليثار البغدادي الذي يرى البر في المال الحلل بكل ما تجيزه القيم
والتقاليد الخلقية تأبى على البغدادي شراء )مال المضطر( بسعر بخس حيث
لتقبله نإفسه ل شرعا ول عرفا مع أن الكثير من العراقيين أصابهم الثراء نإتيجة
شراء عقارات اليهود المهجرين الذين كانإوا مضطرين لبيعها بأبخس الثمان
وذلكا بعد انإتهاء حرب فلسطين إواصدار قانإون هجرة اليهود بكل ما رافقها من
أحداث لعبت الصهيونإية الدور الرئيسي في هيكلة تلكا الهجرة بمختلف الوسائل
التي صاحبها العنإف إلى غير ذلكا من أجل توطين اليهود في أرض فلسطين
المغتصبة وكنإا نإسمع بعد سنإين بأن معظم المهجرين كانإوا مرغمين على الهجرة
من الوطن )العراق( الذي عايشوا أهله من الشمال إلى الجنإوب في صفاء ووئام
عدا ما حصل أبان حركة 1941وبما أطلق عليه بفرهود اليهود في حينإها مع
ان ما كلنإا نإسمعه كيف أن رجال أطراف بغداد قاموا بتأمين الحماية لهم إوالى
عوائلهم من هياج الغوغاء وبالرغم من ذلكا وبعد هدوء الحالة المأساوية لم يتركا
يهود العراق بلدهم إل بعد أحداث 1948وما تبعها من أساليب قسرية نإفذتها
أجنإدة خارجية لغرض تهجيرهم إلى أرض فلسطين المغتصبة قس ار مما دفع
54
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
بالتجار اليهود ميسوري الحال منإهم إلى بيع أموالهم المنإقولة وغير المنإقولة،
ولما كان بعض رواد المقهى منإهم فقد كانإت عروضهم بالبيع إلى صاحب
المقهى الذي لم تقبل نإفسه أبدا قبول تلكا العروض التي لو قبلها لصبح من
"أثرياء بغداد" ومع ذلكا كنإا نإسمع بأن معظمهم ممن كان ميسور الحال قد
استقر في معظم الدول الوربية وكنإدا والوليات المتحدة.
خيانإة المانإة عام 1949
كثي ار ما كان يتركا )الحجي( المقهى لمختلف السباب منإها السفر
خارج بغداد أو حضور مجالس الفاتحة أو لقضاء حاجة لشخص تتطلب
زيارة أحد المسؤولين ،مما دعاه للستعانإة بشخص من محلة عباس أفنإدي
تربطه به معرفة قديمة كلفه بإدارة المقهى بدلا له في حالة غيابه واستلم
الدخل ...وعلى ما يبدو ان هذا الشخص الذي ليحضرنإي اسمه قد ساورته
نإفسه على السرقة من الدخل وتسليم تلكا النإقود إلى زوجته كي تحفظها له
في علبة جكليت فارغة.
وخلل عام 1947ألم بهذا الشخص مرضا شديدا لم يسعفه مراجعة
الطباء وعنإدما أصبح على فراش الموت طلب من زوجته استدعاء )خليل(
على الفور وقبل مواجهة العلي القدير وذهب مسرعا إليه في داره حيث
اعترف له بما كان يقوم به من سرقة ماله وطلب من زوجته إحضار علبة
الجكليت المليئة بالنإقود المعدنإية والورقية طالبا منإه مسامحته والدعاء
والغفران له إل أن )خليل( أبى استلم المبالغ المسروقة قائلا له )محلل
وموهوب( طالبا من زوجته صرف تلكا المبالغ صدقة على زوجها بعد وفاته
ومصروف لها يساعدها على المعيشة وقد توفي زوجها في اليوم التالي.
55
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
56
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أخرى لمنإام المريض مع من يرافقه بعد إجراء العملية ،كانإت عيادته أشبه
بمستشفى صغير وقد اعتاد الحجي عنإد سماع منإبه سيارته أثنإاء مروره إلى
العيادة وبجانإبه الممرضة النإكليزية كي يسعفه على الفور بأحد عماله
حاملا القهوة العربية التي كان يعشقها.
كان الكثير من رواد المقهى من الخوة الكراد من شمال العراق وعنإد
نإزولهم إلى بغداد كان ارتيادهم المقهى وزيارة صاحبها مما يدخل البهجة
والسرور إلى قلوبهم كنإت أرى معظمهم يرتادون فنإدق العلمين المواجه
للمقهى وكان صاحبه من المنإطقة الشمالية أيضا إضافة إلى كثرة المطاعم
وغيرها مما يحتاجه الخرون...
كان من بين الخوة الكراد شخصية محترمة ومرموقة ومهابة كان
على مايبدو صديقا وفيا للحجي حيث كنإت أراه يجلس بجواره لساعات وهو
مرتديا الزي الخاص بإخوانإنإا الكراد بوقار يدعو إلى الحترام والتقدير وقد
علمت بأنإه )داود باشا فتاح باشا محمد باشا الجاف( الذي تربطه مع
الحجي علقة صادقة مفعمة بمشاعر الخوة المتبادلة ،وفي أحد زيارات
داود باشا طلب منإه مرافقته لعيادة الدكتور سلمان لجراء فحوصات طبية
لشعوره باللم وتبين أثنإاء الفحص الطبي بأنإه يحتاج إلى إجراء عملية
جراحية يقوم بها دكتور سلمان في عيادته على أن يرقد بعدها عدة أيام في
العيادة وكنإت أرى الحجي ينإقل له الكل الخاص به وعلى ثلث وجبات
وحسب توصية الدكتور إلى أن خرج من العيادة معافى وكان الدكتور يمازح
داود باشا باللهجة البغدادية "باشا شنإو هذا الدلل من الحجي احنإا حدنإا
لشرب القهوة وبس ...ضاحكا وملطفا بسريرته الزاهية بالمودة...
57
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
كان الدكتور سلمان فائق يحظى باحترام وتقدير الجميع لما يحمله
من نإبل وأخلق رفيعة محبا لبغداد وعاداتها وتقاليدها ويعتبر من رموزها
ووجهائها ،وفي نإهاية الخمسينإيات انإتقل للعمل في مستشفى خاص به في
العلوية سمي )مستشفى سلمان فائق( وسمي الشارع أيضا باسمه ولحد
الن ولقد كان بحكم مهنإته يحمل مزاجا يتقبل مختلف طبقات النإاس
ومشاربهم يكن حبا وتقدي ار للحجي حيث يرى فيه الروح البغدادية التي
تتمنإى ارتقاء النإاس بحياتهم نإحو الفضل والحسن ...انإها قيم البغددة...
58
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
59
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الحرس الملكي
كان الحرس الملكي يمثل الصفوة المختارة من ضباط الجيش العراقي
وأفراده على مايبدو يتمتعون بامتيازات بسيطة إضافة إلى انإها في جوهرها خدمة
عسكرية اعتبارية نإوعا ما وتعتبر من الصنإوف العسكرية المجنإدة في الجيش
العراقي حتى ان لهم زيا أحمر اللون وطاقية للرأس حيث ان قيافتهم العسكرية
لها طابع خاص وكان منإهم الخيالة والمشاة كما تم تشكيل فريق الحرس الملكي
لكرة القدم..وكان تواجد منإتسبي الحرس الملكي في محيط قصري الرحاب
والزهور إضافة إلى بنإاية البلط الملكي وعنإدما كنإا أطفالا نإنإبهر بمسيرتهم في
شارع الرشيد على صهوة الجياد الملكية تتقدمهم موسيقى الجوق لفرقة الحرس
بأداء العزف أثنإاء المسير...
كان واجب أفراد الحرس تأمين الحماية المنإية للقصور الملكية وساكنإيها
وفي صبيحة 14تموز 1958كان قوة الحرس يترأسها أحد الضباط يدعى "طه
البامرنإي" الذي أصبح بعد ذلكا آم ار لفراد المقاومة الشعبية على ما أذكر ..كما
إن عددا قليلا من الضباط الحرار أو الموالين إليهم كانإوا من أفراد الحرس أو
سبق لهم أداء خدمتهم العسكرية في الحرس الملكي وكانإت لهم الحظوة لدى
أركان النإظام الملكي قد يحسدهم بقية الضباط وضباط الصف عليها وكنإت أرى
في منإاسبات معينإه الملكا فيصل الثانإي مع الوصي عبد الله في العربة الملكية
التي تسحبها الخيول بمرورها في شارع الرشيد يتوسطها كوكبة من منإتسبي
الحرس الملكي من المام والخلف متجهة إلى ديوان البلط الملكي وذلكا في
الحتفالت الرسمية وأهمها يوم تتويج الملكا فيصل الثانإي ...1953
حادث سرقة في جامع الحيدرخانإة شباط 1955
60
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
61
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
القبض على السارق وأحيل إلى المحاكم المختصة بعد إرجاع باقي المبلغ
لصاحبه وقد أصدر القضاء بحقه عقوبة سجن ثلث سنإوات...
إن هذه الحادثة التي تنإاولتها صحيفة الزمان أو البلد على ما أذكر
في حينإها ثم الجراءات التي تمت في سرعة القبض على الجانإي تؤكد بما
ليقبل الشكا كيف كانإت سيادة القانإون وقوته هي السائدة في تلكا الفترة.
62
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
موضحا له بأنإه سوف يقوم بتمثيل فيلم عراقي واقعي ،يتم تمثيله في محلة
الحيدرخانإة وانإه جاء طالبا لزبون )صاية وسترة وجراوية( للمدعو يعقوب
المين الذي سوق يقوم بأداء دوره )حجي خليل( صاحب المقهى في منإطقة
الحيدرخانإة وان ملبسه تنإاسب يعقوب المين وعلى ما أذكر تم تسليمهم
الملبس وبعد حوالي أربع سنإوات تم عرض فيلم سعيد أفنإدي وكان من
أنإجح ما أنإتجته السينإما العراقية لحد الن لنإه كان يمثل الواقعية في الفن
العراقي المعاصر وقد أبدع يعقوب المين بأداء دوره إضافة إلى الفنإانإين
الخرين...
واقعية سعيد أفنإدي كانإت استجلء الجوهر النإسانإي في الفرد العراقي
من خلل ما قدمته الشاشة البيضاء من تصوير لشخصيته النإسانإية
الصادقة للواقع المعاصر ولعل اشتراكا مطرب المقام العراقي يوسف عمر في
الفلم وأدائه المقام الرائع قد ساهم في زيادة إعجاب الجماهير أثنإاء عرضه
كما إن معظم مشاهد الفلم تمت في أزقة محلة الحيدرخانإة الواقعة خلف
الجامع مباشرة....
63
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
يجدون فيه الملذ المن لهم ولبنإائهم ،فهذا شخص يرغب في تعيين ابنإه
أو آخر يرغب في نإقل من محافظة إلى أخرى وآخر موقوف لسباب سياسية
أو بسبب صراع أو مشاجرة مع آخرين يروم في حل المشاكل معهم والتي قد
يتخللها العنإف ومن يطلب الستعلم عن شخص يتقدم لخطبة ابنإته أو
شقيقته وأمور أخرى ليمكن حصرها ...ومع ذلكا كنإت أشاهد منإذ الصغر
امرأة ملتفة بعباءتها تقف عنإد )الدنإكة( الركنإية المقابلة لمحل الحاج حسين
البصام المجاور للمقهى طالبة صاحبها لجل الحصول على المساعدة
المالية حيث كنإت أرى الحجي يحمل صينإية الدخل الذهبية يطوف بها بنإفسه
على رواد مقهاه بعد أن يكون هو البادئ بوضع مبلغ معين فيها وكنإت أراه
يمر على المقتدرين منإهم وعنإد النإتهاء من طواف طلب المساعدة يرجع
إلى المرأة ملبيا حاجة المرأة الملتاعة بسبب العوز أو المرض والفاقة طالبا
منإها فرش عباءتها بين أذرعها كي يقوم بطرح ما في الصينإية من مبالغ
متجمعة وكنإت أرى علمات البشارة التي ترتسم على وجه المرأة والفرح على
سريرة الحجي الذي كان هذا العمل يطغى عليه بفيض من السعادة والرتياح
وهو يسمع دعاء المرأة له بالخير والستر والعافية ...وفي حالت مماثلة
كنإت أرى فتاة تدفع والدها المريض على كرسي معوقين لجئة لصاحب
المقهى لنإفس الغرض.
لقد كانإت تلكا المشاهد متكررة على الدوام مع إن ميسوري الحال من
الرواد غالبا ما يجدون مساهمتهم في إبداء المساعدة المالية عملا إنإسانإيا
في سبيل ال إضافة انإهم على دراية بأن الحجي ليرد له طلب وخاصة إذا
كان هذا الطلب لعمل الخير للمحتاجين والفقراء والمرضى...
64
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ساحة الكشافة
تعتبر هذه الساحة معلما حضاريا لبغداد منإذ تأسيسها في الثلثينإيات
وقد تم بنإاء مقصورة لجللة الملكا تتوسط الساحة بمدرج مرتفع يليه مدرج
وسطي على جانإبيها أما الطرف اليسر للساحة كانإت مقصورة الملكة
عالية.
65
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ويبدو أن الحجي منإذ شبابه كان عاشقا للعبة كرة القدم وقد مارسها
بشكل أو بآخر من أجل التسلية فهي هوايته المفضلة كما انإه واكب هذه
اللعبة مع فريق دار المعلمين البتدائية للعوام 1927ولغاية 1932
ومنإذ أن تشكلت فرق لها في الجيش والقوة الجوية والشرطة ،كان دائم
الحضور إلى ملعب الكشافة لمشاهدة المباريات وفي بعض الحيان
يأخذنإي معه عنإدما كنإت صغي ار وقد أدهشنإي عنإدما كان يتراهن مع الوصي
عبد الله حول من يسجل هدف الفوز أو الهدف القادم فريق الحرس
الملكي أم القوة الجوية وكان الملكا فيصل بجواره بعد أن تم تتويجه حديثا
عام 1953وكنإت أتطلع إلى هيئة المرافقين ورئيسهم العقيد عبيد
المضايفي الذي كان صديقا وفيا للحجي كنإت أراه يتودد باحترام أمام الملكا
وخاله حول تفضيل رهان صاحبه عنإدما كان ينإتصب واقفا حين تشتد
المباراة وهو بجانإب المقصورة...
ومن خلل رحاب الذكريات في بداية الخمسينإيات على ما أذكر كنإت
مع الحجي في ساحة الكشافة عنإدما كان يقام الستعراض السنإوي للجيش
فيها بمنإاسبة ذكرى تأسيسه وقد رأيت حضور الملكة عالية عن بعد
للمقصورة الخاصة بها حيث توقفت سيارة كبيرة سوداء نإزلت منإها الملكة
مع وصيفاتها وكان الوشاح على رأسها.
ومع مرور السنإين بقيت ساحة الكشافة شاهدا على لعبة كرة القدم
لعقود خلت ولم يبق منإها الن ويا للسف سوى تثمال اللعب "جمولي" ما
زال منإتصبا أمام بوابتها الرئيسية ...حبذا لو ترجع هذه الساحة إلى سابق
عهدها القديم...
66
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
67
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
68
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
القدم العراقي ...وعلى ما أذكر عنإدما كنإت صغي ار يصحبنإي معه في بعض
الحيان ومن الطرافة التي شاهدتها في عام 1953شهدت معه لعبة لكرة
القدم وعنإد انإتهاء اللعبة اصطحب من الساحة مباشرة معه أحد اللعبين
وهو بزي الملعب وصعد معنإا السيارة كنإت أرى ملبسه الرياضية الملونإة
وحذاء اللعب وكان هذا اللعب هو حمه بشكة أو حسن بشكة" ينإوي
الذهاب بعد انإتهاء المباراة إلى الغتسال في حمام الرشيد المجاور للمقهى
وعنإد خروجه من الحمام جلس بجانإب الحجي وبدأ الحوار بينإهما على ما
جرى في اللعبة وكنإت أرى اللعب بشكة يستمع إلى توجيهات الحجي حول
مجريات تحركا الهجوم والدفاع والوسط...
وقد كنإت أرى لمرات عديدة زيارات اللعبين نإاصر جكو وجمولي
وعمو بابا وآخرين لأعرفهم يرتادون المقهى لمجالسة صاحبها فقط
والحديث معه عن كرة القدم وأساليبها القديمة والحديثة وما كان يجري في
المباريات في تلكا الفترة...
ومع ذلكا فإن المصادر تشير إلى أن ولدة أول منإتخب كروي للعراق
كان يوم 2/5/1951وهو تأريخ أول مباراة خارجية خاضها المنإتخب
العراقي بعد انإضمام العراق إلى التحاد الدولي لكرة القدم )الفيفا( في أواسط
نإفس العام وكانإت أول لعبة مع تركيا حيث كان في توديع أعضاء المنإتخب
العقيد عبيد عبد ال المضايفي رئيس اللجنإة الولمبية وبرفقته آمر موقع
بغداد العسكري المقدم نإاظم الطبقجلي وكان الحجي حاض ار لتوديع الفريق
معهم لنإه كان الحدث لول منإتخب كروي عراقي يلعب في الخارج وتم نإقل
69
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الفريق بطائرة )ايروفرانإس( إلى بيروت ومن هنإاكا واصل الفريق مسيره إلى
أزمير التركية...
70
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
كان جمولي منإذ صباه عاشقا لكرة القدم ينإتهز الفرصة للذهاب إلى
ساحة الكشافة القريبة من محل سكنإاه وعمله كي يمارس لعبة كرة القدم...
وشاءت الصدف أن العقيد عبيد المضايفي رئيس مرافقي الوصي على
العرش عبد الله والذي كان يسكن في داره المقابلة للبلط الملكي والمطلة
على ساحة الكشافة حيث لفت انإتباهه لعب هذا الشاب الكفوء وأرسل إليه
طالبا منإه النإضمام إلى فريق الحرس الملكي وهذا يعنإي العودة إلى الخدمة
العسكرية وكان جواب جمولي بأن هذا القرار يعود لوالده حينإها طلب العقيد
مقابلة والد جمولي كي يعرض عليه الموضوع وقد تردد والده بالموافقة حيث
كيف يعود ابنإه إلى الجيش وهو الذي دفع البدل النإقدي عنإه لعفائه من
الخدمة ،عنإدها تعهد العقيد بأن جمولي سوف ينإسب إلى فريق الحرس
الملكي فقط وله مستقبل واعد في كرة القدم.
وهكذا بدأ السد المنإيع لعبا بموقع دفاع ضمن الحرس الذي كان
يقوم بتدريباته في ساحة مجاورة لمحيط قصر الزهور في الحارثية وكان
حجي خليل من عشاق كرة القدم يقوم أسبوعيا بتفقد الفريق أثنإاء التدريب
بصحبة المرحوم إسماعيل محمد الذي اعتبر من أشهر المعلقين الرياضيين
في العراق...
كنإت أرى جمولي يأتي إلى المقهى لزيارة الحجي والجلوس بجانإبه كي
يتلقى توجيهاته الخاصة بلعبة كرة القدم ويستفيد من خبرته السابقة...
وقد برز جمولي عنإدما لعب العراق مع الفريق المصري في ساحة
الكشافة في الخمسينإيات وانإتهت بفوز العراق مع أن الفريق المصري كان
71
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
من أقوى الفرق العربية وأشهر لعبيه كان )حنإفي( وبعدها صدرت الرادة
الملكية بمنإح جميل عباس رتبة ملزم في الجيش العراقي.
لقد أغنإى جمولي ساحة الكشافة بروائع لعبة كرة القدم وتم اعتزاله
عام 1966حيث أقيمت له آخر مباراة في ساحة الكشافة احتفالا بتلكا
المنإاسبة وأقيم بعدها نإصب تمثال له مازال شاخصا أمام الملعب المهجور
)ساحة الكشافة( التي كانإت معلما حضاريا من معالم العراق .وقد تركت بعد
الحتلل عام 2003مع انإها كانإت شاهدا على ملمح البطولة لخبرة
رياضي العراق كما جرت فيها السباقات في عيد الجيش والمهرجانإات
الرياضية لوزارة المعارف.
أما جمولي فقد توفاه الجل قبل عدة سنإوات بعد تعرضه لحادث
اصطدام مروري قرب منإطقة سكنإاه توفي بعدها بأشهر بصمت ولكن ذكراه
مازالت تمل القلوب...
خاطرة لذكرى شخصية رياضية نإافذة
كان من أصدقاء الحجي المقربين لعقود خلت انإه "إسماعيل محمد" من
أوائل من تصدر مهمة التوثيق العلمي الرياضي في العراق نإظ ار لمعاصرته
الشخصية لحقبة طويلة من تأريخ الرياضة منإذ نإهاية الربعينإيات حتى بداية
القرن الحالي بفضل ما تمتع به من ذهن حاضر وذاكرة نإشيطة حتى وفاته وقد
بنإى المؤرخون والصحفيون الرياضيون الذين تلوه أرشيفهم على ما ولثقه
الراحل لتلكا الحقبة الزمنإية ويشير التوثيق الرياضي في ذاكرة العراقيين إلى انإه
تخرج من معهد اللياقة البدنإية ببغداد عام 1944وعمل مدرس ا لمادة التربية
الرياضية في مدرسة المتوسطة الغربية عام 1945قبل أن يسافر إلى انإكلت ار
72
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
73
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
كبير عنإد ال سبحانإه وتعالى حيث قال "السلح قاطع الفتنإة" ول أدري من
أين أتى بهذه الفتوى ومدى صحتها مع أن عملهم كان وما زال فيه مخالفة
صريحة للقانإون...
كنإت أرى علئم القسوة تبدو على محياهم وهم في لباسهم المختلف
حيث فيهم من يعتمر العقال أو الجراوية أو الفنإدي ولكن مع ذلكا كأن
ممارستهم لهذا العمل المعبأ بالتحدي للقانإون هو مع ذلكا عمل مشروع
حسب رؤيتهم الخاصة .ومع ذلكا فهم من رواد المقهى الذين كانإوا يشكلون
التنإوع البشري لعموم الشعب العراقي بمختلف أعراقه وطوائفه يجمعهم
الحترام المتبادل والملتزم تجاه صاحب المقهى...
74
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
75
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
76
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الباشا نإوري السعيد فجأة وأشار إلى سلمان كنإو خفية بأن ليجعل خليلو
يحس بوجوده ليستمر بمحاورته عن رجال البلد حيث سأله ارزوقي كنإو عن
رأيه في نإوري السعيد وأجاب خليلو على الفور بأنإه رجل فاشل إواذا ماتم
إطلق سباق الخيل )يطلع سكن( ودس نإوري السعيد ثلثة دنإانإير عطااء
منإه إلى خليلو أمانإة سلمها إلى سلمان كنإو الذي بادر خليلو بقوله ان
الباشا قبل يومين جاء إلى المحل وتركا لكا هذه المانإة ثلثة دنإانإير وبادر
خليلو على الفور بأخذها مع شتيمة بغدادية للباشا عنإدها سلم الباشا على
خليلو وهو غارق من الضحكا حيث اختنإق خليلو من هول المفاجأة ومن ما
سوف ينإتظره من عقوبة إل أن الباشا استغرق في الضحكا بعد أن اشترى
بيده مختا ار بعض الفواكه ومضى في طريقه ،بينإما بقي خليلو يرتعد خوفا
من العقاب وأخذ يتلعثم بكلمات منإها "لكا ارزوقي ...اشسويت بي "...في
حين يرد عليه سلمان كنإو "لكا خليلو إذا أنإت صاير شرشل احنإا شنإسويلكا".
وبعد هذه الحادثة وعنإد حضور خليلو للمقهى كان الحجي ينإاكده
قائلا "بابه هاي شنإو أبو ...شتيمه ...صايرلي تقيم الحكومة أبو طيـ...
ضاحكا على خليلو الذي ما زالت رهبة الموقف تعيش في خيلئه ليستطيع
جوابا بل شاربا القهوة بصمت ...وترى الضحكا من الجميع على هذا
الموقف الذي وضع خليلو نإفسه فيه لدى محل ابن كنإو وقد وصل خبره إلى
الحجي...
77
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
78
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
موقف الحجي وضيافته لها بكل سرور وغادرت بكل ترحاب معبرة عن
خالص شكرها وتقديرها لهذا الموقف النإبيل لصاحب المقهى...
79
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وقد كان يقينإه بأن يسافر إلى الحج سنإويا لزيارة بيت ال الحرام لغاية
1967بعد أن ازداد أرق الوقاف المجحف والجوف بمطالبته بإخلء
المقهى ...ومع ذلكا فقد كان يجد في الحج متعة ولذة لتقاوم حيث كان هذا
الحفل الدينإي السنإوي ملذا له لما له من نإفحات إيمانإية تبعث الراحة في
النإفوس الزكية ..وكانإت لكثرة الزيارات له في المقهى بعد عودته من أداء
منإاسكا الحج والعمرة تراه يتحدث بشغف عن تلكا الزيارة المباركة وبسرور
بالغ داعيا من ال سبحانإه وتعالى أن يوفقه للعودة المقبلة...
وليمة الغذاء الدائمية في المقهى ...
لم يسبق لي ومنإذ طفولتي أن شاهدت الحجي يتنإاول غذائه في دارنإا
بل جرت العادة على جلب صينإية الغذاء الكبيرة التي كانإت تعدها والدتي
يوميا إلى المقهى لكثر من أربعين عاما بحيث تكون كميتها كافية لشباع
عشرة أشخاص كان يتنإاول الغذاء مع عمال المقهى وينإادي بأعلى صوته
عنإد جلوسه على المائدة في المقهى "منإو جوعان خلي يشاركنإا في الغذاء
وكذا منإه اللي ما يجي يآكل" وكان غالبا ما يشاركه الغذاء من هو بحاجة
إليه.
ومن الطرافة انإه كان معجبا بأكل )السبانإخ( السبينإاغ مرة أو مرتين
في السبوع مرددا لعمال مقهاه القول بأن هذه الكلة فيها حديد ويقصد
فيتامينإات ويبدو أن أحد كبار عماله )زهكت روحه( حيث بادر موجها سؤاله
إلى حجي خليل" ...كلي حجي هاي الشيلمانإات مال العكادة اللي بالسكف
من السبينإاغ" ...غص الجميع من الضحكا...
80
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
غالبا ما كنإت أرى فرحته عنإدما يشاركه المائدة أنإاس جدد ل معرفة
سابقة له بهم كان يسلره دائما أن يكرم الجالس في مقهاه إوان كان لول
مرة ...كانإت هذه العادة مستمرة حيث يأخذ يوميا عامله )فرحان( طريقه
إلى الدار الساعة الثانإية ظه ار حاملا بعدها الصينإية النإحاسية الكبيرة على
رأسه وكانإت هذه الوليمة معروفة بأنإها الوليمة الدائمية الملذ لكل جائع أو
لمن لم يتسلن له تنإاول الطعام وكان إحساسه بالجوع حاض ار عنإد وصول
الغذاء كان ينإظر الحجي لها بأنإها نإعمة مباركة بمشاركة الخرين له بها.
حكاية الرئيس أول مصطفى ...أبو سعاد
الرئيس أول مصطفى من رواد الجيش العراقي كان مقربا من الحجي
ومن أصدقائه الوفياء يمتلكا بمكانإته الجتماعية القنإاعة الحقيقية
والتواضع الصيل هادئا في مجلسه قليل الكلم دائم الجلوس بقرب صاحب
المقهى واكتسب مكانإته الحقيقية بالرغم من قساوة الظروف التي ملر بها مع
إنإه على مايبدو كانإت تربطه علقة صداقة قوية مع عبد الكريم قاسم قد
تكون من أيام الكلية العسكرية.
تبدأ حكايته عنإدما كان حاض ار لجتماع ضباط الجيش العراقي الذي
عقده الوصي عبد الله بعد عودة قوات الجيش من فلسطين وذلكا في نإادي
الضباط الواقع خلف العدادية المركزية وأثنإاء إلقاء الوصي لخطبته عللق
عليها الرئيس أول مصطفى بصيحة ساخرة بكلمة )عيع( وبصوت جهوري
مما تسبب في حينإه بقيام الجهات الرسمية بإحالته على التقاعد عقابا له
ولقب بعدها بـ)مصطفى أبو العيع( أخذ بعدها بالتواجد بالمقهى صباحا
ومسااء يوميا تقريبا وقد جرت العادة لديه بقضاء أمسيته اليومية في
81
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
المقهى قرب الحجي وبعد العشاء يذهب عائدا إلى منإزله بعد شرائه ما
يحتاجه من المحال المجاورة للمقهى...
وفي إحدى ليالي الشتاء الباردة بينإما كان جالسا في المقهى كعادته
شعر بتوعكا وصداع تركا المقهى وقفل راجعا إلى داره...
وكان الجو في تلكا الليلة من ليالي شتاء بغداد باردا جدا وبينإما كان
مستغرقا في نإومه قامت ابنإته سعاد بإيقاظه ليجاد حل حيث انإكسر البوري
الخاص بالماء الخابط للحديقة وعلى ما يبدو بأنإه استبرد حيث أصابته
برودة شديدة لم يستيقظ على أثرها صباح اليوم التالي حيث فارق الحياة في
فراشه...
كنإت أمام المقهى ول زلت أذكر تلكا الفتاة )ابنإته سعاد( حيث أراها
لول مرة جاءت والدموع تنإهمر من عينإها تسأل عن الحجي الذي استقبلها
وبعد أن استفهم منإها ما حصل لوالدها طلب منإي اصطحابها إلى دارنإا
لتمكث مع والدتي وشقيقاتي في حين ذهب هو مباشرة ولوحده إلى دار
المرحوم مصطفى حيث قام بالواجب وكل ما يتطلبه في مثل تلكا الحالة عاد
بعدها بساعات ليطلب من رواد المقهى مرافقته لتشييع الجنإازة إلى مثواها
الخير في مقبرة باب المعظم...
وفي صباح اليوم التالي واجه الحجي ابنإة المرحوم طالبا منإها القامة
مع بنإاته في داره معززة مكرمة وهذا أقل ما يمكنإه القيام به لصديق عزيز
لديه خلف الحسرة واللم لفقده ،لكنإي سمعت سعاد قائلة له "عمي أرجو منإكا
أن تسهل أمر سفري إلى الموصل كي استقر وسط أهلي" وقد تركا الحجي
لها الختيار وفي اليوم التالي حجز لها سيارة خاصة من نإقليات في شارع
82
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
المين له علقة بصاحبها فايق حاج رؤوف طالبا منإه إيصالها إلى باب
الدار في الموصل على أن يقوم بعدها بإرسال أثاث الدار وشحنإها إلى مكان
سكنإاها عنإد أهلها...
على إنإي ما أزال أذكر الطرافة والضحكة المرحة مع الرئيس أول
مصطفى عنإدما يلطفونإه وخاصة الحجي بكلمة "عيع"...
يبدو أن صرخة )العيع( جاءت عفوية عنإد إطلقها في النإادي
العسكري في حينإها وقد تكون ربما مقصودة...
مرة أخرى معالم حضارية في ساحة المين كما عرفتها
في أوائل الخمسينإيات كانإت شوارع بغداد تتميز بالنإظافة والحضارة بما فيها
من محلت ومطاعم فخمة تمتاز مأكولتها بالجودة وكيف أنإسى ساحة المين حيث
تتوسطها حديقة مدورة جميلة جد ا بأزهارها )بدل تمثال الرصافي الحالي( والمحيط
الدائري لهذه الساحة كان يزهو نإها ار وأكثر من ذلكا ليلا حيث تحتل مقهى احمد فتاح
بجنإاحيها الشتوي والصيفي نإصف الساحة تقريب ا يقابلها سينإما رويال الصيفي التي
اصبحت بعد ذلكا )القاهرة الصيفي( وبجوارها محل عبد المير العادلي لبيع كافة
أنإواع التبوغ الجنإبية والسيكاير إضافة إلى محلت متنإوعة لبيع الشرابت وأذكر بأن
هذه السينإما كانإت تقوم بعرض فلم المطرب عبد الوهاب "دموع الحب" طيلة فصل
الصيف وقد كنإا نإرتادها لمرات عديدة نإجلس في باحتها الصيفية وكنإت أسمع بكاء
المشاهدين أثنإاء انإفعالهم مع مشاهد الفلم الخيرة عنإدما يغنإي عبد الوهاب أغنإيته
)أيها الراقدون تحت التراب( وكانإت مقاعد السينإما من الكتان لملئمتها لحرارة
الصيف مع أن السينإما وفضائها المفتوح يضفي على الجلوس فيها نإوعا من المتعة
في ليل صيف بغداد )هدمت وشيدت محلها بنإاية الرصافي الحالية(.
83
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أما الركن الثانإي لساحة المين فيه محل لبيع المرطبات السورية حيث كان
صاحبه عربي من أشقائنإا السوريين المقيمين في العراق وكانإت الدونإدرمة السورية
)العلوجة( من ألذ وأنإظف مايكون في موسم الصيف تقدم في كازينإو والتي في
موسم الشتاء يتم تقديم "الحلويات السورية" أما بقية المحلت فقد كانإت صيدليات
والركن الخر عمارة سامي سعد الدين لمختلف عيادات الطباء كل حسب
اختصاصه ...بينإما تقف بنإاية البنإكا اللبنإانإي المتحد شامخة بجوار الركن المؤدي
إلى الجسر القديم وطبع ا فقد تم لعقود خلت تهديم بنإاية البنإكا لسباب نإجهلها حيث
كيف يعقل تهديم بنإاء جديد وحديث وكبير...
أمراء النإغم في مواجهة المقهى ...آل الجقماقجي
كان المرحوم الحاج فتحي الجقماقجي من خيار النإاس ومن الفضلء
ومشهود له بالخلق الرصين ولد في مدينإة العمادية التابعة إلى لواء
الموصل عام 1886وكان يزاول مهنإة تصليح السلح ومن هنإا جاء اللقب
الذي عرفت به العائلة "جقماقجي" وتعنإي بالتركية )مصلح السلح( إضافة
إلى مزاولته العمل في الزراعة ثم الصياغة والمتاجرة بالخيول ونإزح إلى
الموصل وسكن فيها مع عائلته في بداية العشرينإيات حيث توطدت من
هنإاكا علقته بالسطة خليل القيسي عنإدما كان يدير مقهى خاص به في
وسط الموصل قرابة ثلث سنإوات.
وفي سنإينإه الخيرة في الموصل بدأ الحاج فتحي بمزاولة تجارة
المذياع والكرامافون والسطوانإات وقد كانإت هذه المهنإة نإادرة في حينإها
وبعد أحداث 1941نإزح الحاج فتحي مع عائلته للستقرار والعمل في بغداد
في نإفس المهنإة حيث اتخذ محلا واسعا مقابل المقهى مباشرة بصحبة أولده
84
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الربعة محمد عارف وسامي وعبد ال ومحمد واجد والذين أرثوا عن والدهم
عصامية أخلقية امتزجت مع أبنإاء الشعب البغدادي.
وعنإدما ظهر المسجل لول مرة في العراق والذي كان يسمى "أبو
الواير" كان الحاج فتحي أبو عارف من الرواد الوائل لرعاية النإغم من الذين
استوردوا هذا المسجل وكانإت رحلة طويلة مع احتضان النإغم ومسايرة تطوره
من قبل هذه العائلة التي احتكرت صنإاعته وعملت على تطويرها من بدء
السطوانإة الصادرة عن تسجيلت جقماقجي والتي شملت أصوات مطربي
النإغم من عبد الوهاب وأم كلثوم واسمهان وسليمة مراد ومحمد القبانإجي
ويوسف عمر ونإاظم الغزالي وعبد الحليم حافظ وآخرين غيرهم من المطربين
العرب وكذلكا تسجيلت تلوة القرآن الكريم لخيرة المقرئين .لقد كانإت
أصوات النإغم الصادرة من المحل تبهج النإاس ورواد المقهى والمالرة عبر
وسط شارع الرشيد وكثي ار ما كنإت أسمع حجي خليل يصرخأ بأعلى صوته...
هلو ..هلو حين سماعه الغنإاء الصيل لنإاظم الغزالي مع ان الحاج فتحي
في شيخوخته كان من رواد المقهى الدائمين من الصباح حتى صلة الظهر
حيث تقله سيارتهم الخاصة إلى داره الكائنإة في الوزيرية وكثيرا ما كان
يصحبنإي معه لتوصيلي إلى دارنإا التي سكنإاها في الوزيرية بعد انإتقالنإا من
محلة العاقولية قرب جامع الحيدرخانإة وكانإت الدار الجديدة مواجهة لدار
نإوري السعيد القديمة والتي أصبحت بعد ذلكا السفارة المصرية ثم أكاديمية
الفنإون الجميلة...
كان عاشق النإغم ملزما بعفوية مفعمة بحب الحياة وعشقها ويرنإو
دائم ا إلى تطوير هذه الصنإاعة الوطنإية من خلل امتزاج أحاسيس النإاس
ومشاعرهم طبقا للجواء الجتماعية التي كان يعيشها أهل بغداد وكثي ار ما
85
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
86
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
87
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وهو شيخ الكرع في الحمزة وطبيعي كان يرتدي الزي الصاية والجاكيت مع
العكال كما يبدو في الصورة وكذلكا الحجي أيض ا اعتمر العكال بدل الجراوية
وكنإت جالسا معهم وبعد نإهاية الحتفال والنإتهاء من عزف السلم الملكي
وعنإدما كان جلوسنإا قريب من المقصورة الملكية وعنإد الخروج أدى الحجي
التحية إلى العائلة المالكة وبادره الوصي بالقول لم أستطع التعرف عليكا
بالعكال أين الجراوية ياحجي خليل ورد عليه "سيدي زميلي ورفيقي الشيخ
راضي جلب يعتمر العكال ورأيت من الملئم والمنإاسب أن أجاريه بالزي
واعتمره أيضا بدل الجراوية إكراما لرفقته عنإدها ضحكا الملكا والوصي
واستقلوا السيارة الملكية".
كما أخبرنإي الستاذ ثامر بالعديد من ذكريات المقهى عنإدما كان
حضوره متمي از مع أقربائه من آل حداد وآل دراغ إضافة إلى لقائه مع
أصدقائه من العسكريين كما كانإت لديه مواقف شخصية عديدة.
ويبدو أن العرف البغدادي وهذا ما ألفته شخصيا عنإد الخروج مع
الصدقاء في منإاسبة معيته يتم ارتداء زي شبه موحد كالدشداشة مثلا أو
لبس البدلة كاملة أو العقال أو الجراوية وحسب طبيعة المنإاسبة أو
اللقاء ...ولكن لم تكن هذه العادة لدى الجميع...
ولكن الحدث مؤلم إنإه كان هذا آخر استعراض تحضره العائلة الملكية
في العراق قبل أحداث 14تموز 1958بمنإاسبة عيد الجيش.
88
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
89
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
90
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
دشداشة مربوطة بحزام جلدي عريض تتدلى من نإاحيته اليمنإى ساطو ار وقام
بسحب الساطور وقطع أرجل الوصي راميا بها إلى الجماهير التي قابلته
ومنإهم النإسوة بالزغاريد الرلنإانإة في حين ان من مسلمات الشرع السلمي
محرم عليهن النإظر إلى هيئة الرجل وهي عارية بالتمام...؟؟
أصابنإي الذهول لحد القيء من هذا المنإظر وأخذت راجعا مسرعا إلى
المقهى وكان الجسر خاليا وعنإد مروري من أمام بنإاية المتحف رأيت أحد
العسكريين المتقاعدين من رواد المقهى الذي استوقفنإي لسؤالي عما
شاهدته وأجبته بعدم الذهاب لبشاعة الموقف ومع ذلكا أجابنإي بأن عليه
الذهاب لمشاهدة مصير الخونإة وكانإت الشماتة والفرح بادية عليه...؟؟
وصلت أمام المقهى والقاويل كثرت حول هوية الجثث المسحولة في
الشارع ،قسم يقول إحداها تعود إلى صباح نإوري السعيد مع انإه لم نيقتل إل
بعد ثلثة أو أربعة أيام من النإقلب ،لكنإها كانإت غوغاء القتل والتمثيل
بجثث الضحايا البرياء ..ثم تم بعد ذلكا سحل جثة عبد الله عبر الجسر
مرو ار بساحة المين حيث علقت مجددا حسبما سمعت أمام وزارة الدفاع في
شرفة البنإاية المواجهة لوزارة الدفاع وأسفلها كان محل بيع لبن أربيل
المشهور.
وأعلن بعد مرور أيام عن مقتل نإوري السعيد الذي تم نإقل جثته إلى
وزارة الدفاع ليطلع عليها قادة النإقلب وقيل انإها دفنإت ليلا في مقبرة باب
المعظم حيث قامت الغوغاء صباح اليوم التالي بنإبش أحد القبور لتقوم
بسحلها ويبدو ان تلكا الجثة قد مضى على دفنإها أكثر من شهر تقريبا لنإها
أخذت بالتفسخ أثنإاء سحلها وعنإد مرور الغوغاء بها من أمام مقهى حسن
91
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
عجمي قام أحد شباب المنإطقة بدهسها عمدا بلوري انإترنإاش أحمر كبير
تعبي ار عن أحقاده المكبوتة وحسب علمي بأنإه كان طالبا في العدادية
المركزية 1957-1956عنإدما تم فصله وطرده لعتدائه على إدارة
المدرسة في حينإها وكان نإصيب المفصول وقتها أن يعاقب بسوقه إلى
الخدمة العسكرية مما تسبب في إيغال الحقد والكراهية في نإفسه مع إنإه كان
من عائلة معدومة.
وعنإد حلول مساء ذلكا اليوم بدأ الشارع يخلو من المالرة بعد أن تركت
الجماهير التي ألم بها التعب بقايا من أشلء الجثة المسحولة على الساقية
المقابلة لمحل ابن كنإو لبيع الفواكه وقد اعترانإي نإوع من الذهول المروع
لرؤية بقايا الحشاء الداخلية لنإسان كان يأتي لمحل ابن كنإو للتسوق
وأصبحت شبه أخرس لأستطيع النإطق من هول فجاعة المشهد عنإدما
نإادى علي المرحوم عبود الصفار صاحب محل الحلويات المجاور لمحل ابن
كنإو قائلا بصوته الجهوري "مو كنإالهم أتره نإتيجته موزينإه عليكم هاي
تاليهه."...
وبالرغم من كل تلكا الحداث في تلكا اليام لم ترهب حجي خليل كي
يغلق مقهاه مع إنإها لم تغلق يوما ما إل أثنإاء فرض منإع التجول في أحداث
العراق السابقة واللحقة...
92
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
93
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
94
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
95
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
بقيت تلكا الحادثة يتنإدر بها الضباط الحرار وعلى جرأة الحجي التي
لم تعرف الخوف يوما ما بالرغم من فورة الشارع الغوغائية ومع انإها كانإت
مفتعلة إل انإها لتخلو من حقيقة معدن الرجال في المواقف الصعبة...
ب الخلف
وتغيرت ظروف الضباط الحرار بعد عدة شهور حيث د ل
بينإهم وتم اعتقال الدراجي حيث اعتبر من أنإصار عبد السلم عارف ثم
أطلق سراحه بعد مرور سنإة أو أكثر على ما أذكر من قبل الزعيم عبد الكريم
قاسم تم تعيينإه بعد فترة سفي ار خارج العراق وكنإت أراه يرتاد المقهى جالسا
بجانإب صاحبها في زيارة خاصة له عنإد مجيئه لبغداد وقد سألنإي رحمه ال
في حينإها ماذا أنإوي أن أدرس بعد تخرجي من العدادية المركزية وكان
جوابي دراسة العلوم السياسية وقال جيد أسرع بالتخرج كي نإقوم بتعيينإكا في
السلكا الدبلوماسي وكانإت مبادرة تدل على أدبه ولطفه رحمه ال...
ونإظ ار لمتغيرات المور السياسية المتسارعة في العراق وبعد أن
أصبح عبد السلم عارف رئيسا للجمهورية تم تعيين الدراجي وزي ار وقد
استشهد معه في حادث سقوط الطائرة العسكرية المروحية المفتعلة في
البصرة مع عدد كبير من الوزراء والمسؤولين.
رأيت الحجي صباح ذلكا اليوم عنإد سماعه الخبر قد ألم به حزن
شديد وفاض به فيض من غضب حيث بعض الذين لقوا حتفهم من أصدقائه
ومعارفه المخلصين حينإها مازحه أحد العسكريين المتقاعدين الذي كانإت
الفرحة بادية عليه أثر الحدث قائلا "حجي جماعتكا انإتهى فلمهم" ورد عليه
الحجي بخشونإة تحمل قسوة الكلم لمعرفته بملمح شخصيته المخجلة...؟؟
96
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ومع ذلكا ل زلت أذكر صباح 14تموز عنإد مرور المرحوم الدراجي
مرتجلا دبابة عسكرية متوجهة لحتلل وزارة الدفاع مع عدد من العسكريين
وقد رأيته يلوح إلى الحجي بعلمة ) (Vبيده اليمنإى وهو يبتسم ابتسامة
عريضة وأراد بذلكا الممازحة كي ...يغيض صاحبه بعلمة النإصر...
97
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
المجهول )ساحة الفردوس( حاليا لتنإتهي أمام وزارة الدفاع وخلل مسيرها
تمر من أمام المقهى وفجأة ملر لوري للشرطة مليء بأفراد الشرطة العراقية
بقيادة أحد مفوضي الشرطة )أحد زبائن المقهى( والذي كان يهتف عاليا
والشرطة تردد خلفه "اسألوا الشرطة وماذا تريد وطن حر وشعب سعيد"
والمفوض يشمر بذراعيه إلى العلى ،كنإت حينإها واقفا أمام المقهى
لمشاهدة المسيرة وسمعت )الحجي( ينإادي إلى مفوض الشرطة الذي هو
من معارفه وأصدقائه ومن رواد مقهاه بقوله "لكا ترس هاي شنإو" حينإها
أجابه المفوض على الفور "حجي خاطر ال بس علينإا مو حرام مالنإا حق"
والذي كان يقصده مفوض الشرطة بأن للشرطة حق أيضا في المزايا التية
التي قد يتمتع بها غيرهم .حينإها رأيت الحجي يضحكا لجواب المفوض الذي
كان يطرحه بجدية لشهار دور الشرطة في التعبئة الجماهيرية بعد أن كان
جهازها محتويا على النإظام السابق وأثنإاء ذلكا مقابل المقهى قرب صيدلية
كاكا كان "عبد علي" بائع الفواكه وهو شخصية بغدادية محبوبة لدى
الجميع بأخلقه الطيبة كان حينإها واقفا على كرسي منإاكدا )الحجي( بهتافه
"على عنإاد حجي خليل صرنإا شيوعية" يرد عليه )حجي( "لكا ...كو...
أحمر" والغريب ان عبد علي لكثرة تعلقه بشخصية عبد الكريم قاسم لم
يرغب أن يقنإع نإفسه بمقتله في شباط 1963وكنإت كثي ار ما اتحدث معه
أراه ينإفث سيكارته بحسرة وألم عنإدما يتحدث عن الزعيم وبقي على هذه
الحال حتى بعد أن ابتله مرض الربو الحالد وقمت مع زميلي عصام محمد
رؤوف الدوري بزيارته أثنإاء رقوده في مستشفى المجيدية )مدينإة الطب
حالياا( وكان ودودا حتى وهو على فراش المرض وقمنإا بمداعبته حول آرائه
98
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
مقابلة حجي خليل مع الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع في
آذار 1959
استلم الحجي رسالة من ولده إسماعيل الذي سافر إلى لنإدن عام
1956للدراسة وقد طلب في رسالته من والده أن يضمه إلى البعثة
99
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الطلبية في لنإدن أسوة بطلب البعثات لنإه حصل على قبول في جامعة
برمنإكهام بعد اجتيازه GCEالذي يؤهل الطلبة في لنإدن الدخول إلى
الجامعة وأرسل مع الرسالة القبول الخاص بالجامعة طالبا من والده السعي
للحاقه بالبعثة حتى يتمكن من إعفائه تحمل أعباء نإفقات الدراسة على
حسابه الخاص والتي أرهقته...
وعلى أثر ذلكا قدم حجي خليل عريضة مرفقة بالقبول الجامعي قام
بتقديمها إلى وزير القتصاد الدكتور إبراهيم كبة حسب العائدية في حينإها
وعنإد مقابلته للسيد الوزير الذي لم تكن له معرفة سابقة به رفض طلبه
على أساس أن نإظام البعثات ينإص على منإح الطلبة العراقيين القبول من
بغداد وفق السياقات الخاصة بذلكا وكان رفضه فيه بعض العجرفة إل ان
الحجي أجابه لداعي لهذه العصبية وان من حقي قبوله لن تكاليف الدراسة
ليست من البساطة تحملها...
استاء الحجي من موقف السيد الوزير جدا وكنإت أراه متألما وفي
مساء ذلكا اليوم وعنإد ارتياد العقيد غنإي عبد الستار المقهى وكان سكرتير
وزير الدفاع في حينإه طلب منإه قائلا "أبو حسان أريد أشوف الزعيم عبد
الكريم قاسم وأرجو أن تدبر لي مقابلة معه لعرض الشكوى الخاصة بولدي
إسماعيل بخصوص قبوله في البعثة وفعلا بعد يومين اتصل أبو حسان عن
طريق الهاتف العمومي للمقهى طالبا منإه الحضور إلى وزارة الدفاع لمقابلة
الزعيم الذي فرح بطلب المقابلة وكان مسرو ار عنإد لقائه وعنإدما عرض
الموضوع عليه بادر بالموافقة فو ار على العريضة وطلب المنإح الفوري
للطالب إسماعيل خليل القبول في البعثة.
100
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
كانإت مفاجأة للدكتور إبراهيم كبة قد استاء منإها ونإلوه عنإها في كتابه
عن 14تموز .وقد فرح الحجي باللقاء والمقابلة وبالترحيب الذي حفل به
س مواقف الحجي تجاه أقرانإه من
حيث كما يبدو أن عبد الكريم قاسم لم ينإ ل
العسكريين سيما وانإه عاصره من محلة سكنإاه في قنإبر علي منإذ
العشرينإيات وعنإدما كان طالبا في العدادية المركزية ورفيقا لبن عمته
العميد محمد علي جواد قائد القوة الجوية في عهد الملكا غازي كما انإه لم
س بأنإه المدنإي الوحيد من العراق الذي قام بزيارة قطعات الجيش العراقي
ينإ ل
في فلسطين وكان يرى فيه الجرأة أثنإاء توزيعه المواد الغذائية على أفراد
الجيش العراقي من مختلف الرزاق الجافة ...ومع ذلكا كان موقفه المتسم
بالوفاء للحجي مثالا لتقدير الخرين لمواقفهم طالما كان ما يردد في
المجتمع البغدادي بأن "النإسان موقف"...
101
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
102
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
عرضت عليه شكايتي أمر فو ار بإصدار أمر بإلقاء القبض على ابن رئيس
الوزراء إوايداعه السجن ...وقد علمت بأن رئيس الوزراء اتصل به لغرض
إطلق سراح ابنإه معاتبا إياه على توقيفه الذي أجابه بدوره أن ابنإه خالف
القانإون وأساء إليكا ولم يحترم منإتسبي الدولة العراقية بل قام بالعتداء على
أحدهم أثنإاء قيامه بتأدية واجبه ولبد ان ينإال عقابه.
وبعد مرور يومين ذهبت لمقابلة وزير الداخلية كي أسحب الشكوى
وقد سألنإي عن السبب وهل قام أحد بتهديدي أجبته "كل سيدي آنإي صاحب
أطفال وليس لي دار سكن وقد قام فخامة رئيس الوزراء والد الجانإي بمنإحي
) (300دينإا ار تعويضا لما حصل لي لقاء سحب الشكوى وانإي أروم بشراء
دار لعائلتي بها ...ووافق وزير الداخلية على قبول رجائه ...تلكا هي
معادن الرجال...
ما ذكرته بعض ما كان يتصف به سعيد قزاز من مواصفات رجل
الدولة المتمثلة بالكفاءة والشجاعة والنإزاهة"...
في صباح اليوم التالي للمحاكمة عنإدما كنإت ما ار بشارع الرشيد وعنإد
مقهى الزهاوي رأيت الشاهد الذي أدلى بشهادته ضد سعيد قزاز يسير
باستعلء ويشير إليه بعض المارة ...هذا الشاهد وقسم منإهم يصفق له
وهو يرد لهم التحية بابتسامة عريضة كأنإه قام بعمل جليل وعنإد وصوله إلى
المقهى وقف مستنإدا على صنإدوق البريد بكبرياء عنإدها رأيت الحجي يهدده
بعنإف طالبا منإه عدم ارتياد مقهاه على الطلق نإتيجة لفعلته الشائنإة
بشهادته أمام المحكمة...
103
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وكان رد سعيد قزاز على شهادة الشاهد عنإدما طلب منإه رئيس
المحكمة منإاقشة شهادته التي لم تكن سوى شهادة مخزية ومقززة أجاب
المتهم قائلا "هذا الشخص ل معرفة لي به على الطلق سوى انإه طلب
مقابلتي ذات مرة لغرض منإحه إحدى دور الدارة المحلية لسكن عائلته وقد
أمرت بذلكا وخصص له إحدى الدور".
ولكنإي أذكر جيدا معالم التأثر البالغ على الحجي عنإدما ألقى سعيد
قزاز دفاعه أمام هيئة المحكمة قائلا على شاشة التلفزيون" :إنإي تمكنإت من
تفنإيد ادعاءات الشهود ...ولم يثبت وجود حادثة معينإة ارتكبت أنإا فيها
مخالفة دستورية ،انإنإي أقف الن وأرى الموت منإي قاب قوسين أو أدنإى ول
ترهبنإي المشنإقة ،وعنإدما أصعد عليها سأرى الكثيرين ممن ليستحقون
الحياة تحت أقدامي وأقف الن بين يدي ال علز وجل لقول كلمتي الخيرة
كمسلم ل أمل له إل بعدالة خالقه العظيم ول إيمان له إل بدينإه السلمي
الحنإيف .أقف كعراقي خدم ثلثا وثلثين سنإة في تعزيز الوحدة العراقية
المقدسة أعلن على رؤوس الشهاد بأنإنإي فخور بما قدمت لوطنإي الحبيب
من أعمال وخدمات ...فخور بأنإنإي كنإت وزي ار فعالا أعمل بوحي من ربي
وعقل في رأسي وقلب في صدري".
تلكا كانإت بلغة سعيد قزاز في دفاعه وقد تم إعدامه شنإقا حتى
الموت في الساعة الرابعة من فجر 20/9/1959في ساحة السجن
المركزي ببغداد وبعد ثلث ساعات نإفذ حكم الموت رميا بالرصاص
بمجموعة من قادة انإقلب 14تموز 1958والضباط المشتركين في حركة
الشواف وتم كل ذلكا في نإفس اليوم...
104
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أما الحجي فكان نإصيبه اللم والحسرة والحزن الشديد على تلكا
الحداث المؤلمة لن أغلب الذين تم إعدامهم من أصدقائه ورواد مقهاه...
واكتفى بالقول "لحول ول قوة إل بال العلي العظيم"...
105
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
106
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
إلى عبد السلم عارف حيث تم إحالة معظمهم على التقاعد في بداية عام
.1959وكان تواجدهم باستمرار من فترة الصباح حيث الكثر عددا إضافة
إلى رواد المساء ،وكنإت أجلس بجوار الحجي قرب )الدخل( حينإما يحتاجنإي
حين يروم الذهاب لقضاء عمل معين أو أداء فريضة الصلة وكنإت كثي ار ما
استمع لحوارهم بآذان صاغية من غير أن أتدخل على الطلق فيما يدور
بينإهم من أحاديث تتخللها النإقاشات الحادة أحيانإا وكنإت على ما أتذكره بعد
تخرجي من الكلية كنإت أراها أحاديث عقيمة مقفلة في الصراع على السلطة
بين دعاة التجاهات المتنإافرة مستبعدين كل ما يمكن اقتراحه لخدمة
الصالح العام بعيدا عن النإفعالت الشخصية وقد سألت الحجي مرة تطفلا
منإي عن ماهية مقاصد العسكريين المتقاعدين من أحاديثهم ومجادلتهم
وكان جوابه لي قصي ار ومقنإعا حيث أجابنإي )كل واحد منإهم يطمح بأن يكون
وزير دفاع(...؟؟
إن الحساس العميق بأهمية نإوعية ومحتوى الصراع مهما بلغ بعده
عن أي عمل أو مقترح يتعلق بمصالح هذا الشعب المسكين هي عقيمة إلى
أبعد الحدود ول تخرج عن نإطاق المصالح الشخصية الضيقة ...وكان من
سمات المقاهي البغدادية التي أكثرية روادها من القوميين تقوم بتعليق
مخطوطات تحمل أسماء الجللة مثل ال أكبر أو محمد رسول ال كي تؤكد
هويتها القومية وخاصة بعد أحداث الموصل وكركوكا الدموية ،ومع ذلكا كان
جو "مقهى خليل" يتسم بالهدوء والحترام المتبادل بين الرواد وقد تكون
لشخصية صاحب المقهى القوية سببا في سيادة هذا الجو من المان
المفعم بتبادل الحاديث المختلفة.
107
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
108
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ومع انإي كنإت قد ارتبكت أثنإاء قراءة الرسالة لكنإي رأيت اللمبالة بما
ورد نإهائي ا من الحجي قائلا لي "لكا مزقها ...بالزبل ...هذا البن ...ولم
يعرها أي انإتباه على الطلق وكأنإها لشي"...
وعلى ما يبدو لما كان بعض الصدقاء يقصدونإه لوضع أمانإة لديه قد
تكون مبالغ نإقدية أو مصوغات ذهبية وكان رحمه ال يقصد من يجلس
بجانإبه من معارفه بعدها أو أثنإاء استلمها وتسجيل اسم صاحبها وتأريخ
الستلم بعد وضعها في كيس ليودعها في القاصة الحديدية الخاصة به في
عنإبار المقهى ،ونإظ ار لكثرة من يرتادون المقهى يظهر بأن أحد الرواد كان
يراقب عملية التسليم واليداع من الشقاة والمشبوهين واستغل ذلكا بتوجيه
رسالة تهديد وقد يكون أقرب إلى الحقيقة وجوده أيض ا ومراقبته أثنإاء
استلمه الرسالة ليرى رد الفعل على الحجي وعنإدما رأى اللمبالة من
المؤكد بأنإه تردد خائفا من القيام بأي عمل ...وكنإا عنإدما نإتذكر هذه
الحادثة مع أخوتي وأصدقائي نإغرق من الضحكا...
العقيد فاضل عباس المهداوي رئيس محكمة الشعب والعقيد وصفي
طاهر مرافق الزعيم في توقف استفزازي أمام المقهى
من سخريات القدر وما أفرزته الحداث بعد انإقلب 14تموز 1958
من فوارق بين العراقيين لسباب على أساس انإها سياسية مع انإها قد يكون
قسم ا كبيرا منإها فوضويا وهمي ا وبذلكا كانإت المقهى كونإها مقام ا لكافة
ضباط الجيش العراقي وأغلبهم من المحالين على التقاعد فقد كان طابع
المقهى قومي ا إلى حد ما بالنإسبة للفلسفة الواقعية لتلكا الفترة وبالرغم من
ان بقية الرواد كانإوا من مذاهب وطوائف مختلفة...
109
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
عنإد أحد ليالي الشتاء الباردة وعنإدما كانإت المسيرات الشعبية التي
تبدأ من ساحة الجنإدي المجهول لحين نإهايتها أمام وزارة الدفاع وقد بدأت
المسيرات في أوائل 1959ول يخلو شهر من إحداها وحسب طبيعة
المنإاسبة والمشاركين فيها من بغداد ومختلف المحافظات ،وبينإما كنإت واقفا
بجانإب صنإدوق البريد الحمر أمام المقهى فوجئت بسيارة عسكرية جالسا
في المقعد الخلفي العقيد فاضل المهداوي وبجانإبه العقيد وصفي طاهر وقد
طلب المهداوي استدعاء الحجي ولم ينإزل من السيارة وأقبل عليه الحجي
قائلا "أهلا وسهلا تفضل" أجابه المهداوي "أين صورة الزعيم ولماذا لم
تعلقها" في حين كنإت أرقب العقيد وصفي جالسا بغضب بالرغم من عمق
العلقة القديمة التي تربطه بصاحب المقهى إنإما مزاجه المتسم بالعنإف بنإاه
على أساس الحجي من التيار القومي بينإما هو شيوعي حينإها وبالرغم من
تجمهر الهالي حول السيارة رأيت الحجي لم يهتز قيد شعرة بل أجابه
بغضب وعصبية كي ينإزل من السيارة ويشرفه في مقهاه ليرى صورة الزعيم
بنإفسه عنإدها فجأة غادرت السيارة المكان وكانإت ابتسامة المهداوي واسعة
واستفزازية في حين مازالت الجماهير الغفيرة في شارع الرشيد.
رأيت الحجي وقد تأثر تأث ار شديدا لما طرحه المهداوي وطريقته في
ذلكا ولكنإه في تلكا اللحظات لم تهتز له شعرة بل كان جريئا في رلده وكنإت
معجبا بتلكا الجرأة سيما وأن طرح هكذا تساؤل في وضع الشارع الغوغائي
يبعث على القلق بشكل أو بآخر.
وبعد مرور ثلثة أيام وبينإما كان العميد عبد المجيد جليل مدير المن
العام في زيارته المعهودة لصاحب المقهى أخبره الحجي بما جرى وتأثر تأث ار
110
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
شديدا لذلكا مما حدا به في اليوم التالي إلى إخبار الزعيم عبد الكريم قاسم
بالحادث الذي تأثر جدا من الموضوع وقام بإرسال سيارة عسكرية الساعة
الواحدة ظه ار نإزل منإها النإضباط العسكري يسألون عن الحجي واقتادوه
معهم إلى وزارة الدفاع وبقيت أنإا أنإتظر مع قسم من رواد المقهى لمدة أكثر
من ساعتين عودته وقد راودتنإا الشكوكا باعتقاله وبعدها فجأة رجع بسيارة
عسكرية ستيشن شيفروليت أوصلته أمام المقهى...
وحدثنإا بما حصل له خلل تلكا الفترة قائلا "فوجئت بإيصالي إلى
الحديقة المواجهة لمقر وزير الدفاع حيث كان في استقبالي الزعيم عبد
الكريم قاسم وأجلسنإي بجانإبه بينإما كان كبار بقية الضباط واقفين برهبة وقد
بدأ الزعيم بتقديم اعتذار لطيف جدا عما بدر من العقيد المهداوي حيث تبين
بأن العميد عبد المجيد جليل قد أخبر الزعيم بما حصل ولهذا أرسل في
طلبه ،ثم استدرج الزعيم قائلا ان معظم ضباط الجيش يجدون في حجي
خليل ولعقود خلت يملد لهم يد العون لسد احتياجاتهم ولم يبخل على أحد في
مد يد المساعدة...
ألم يلحق برفاقه من أبنإاء الجيش إلى فلسطين وقد رأيته بنإفسي يقوم
بتوزيع المواد الغذائية على المقاتلين وفي جبهات القتال ...كما أود أن
أذكركم جميعا بالرئيس أول مصطفى وهل علم أحد بأوضاعه ومن قام بتأدية
الواجب له حين وفاته حيث سمعت بالصدفة عنإدما كنإت جالسا عنإد بعض
الصدقاء عنإدما أبلغونإي بوفاته وهو أعز صديق لدي وعلمت في حينإها بأن
الحجي هو من قام بما يلزم حيث لم يكن له أقرباء في بغداد وكان يعيش مع
111
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
112
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
113
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ول علم لي بعدد الضحايا نإتيجة هذه الحادثة المروعة لنإي سمعت
أصوات السعاف تنإقل المصابين نإتيجة الدهس العشوائي من الفزع.
114
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وقد توفي إلى رحمة ال بعد أن تجاوز عمره 95عاما بعد أن سبق وتم
استيزاره لمرات عديدة خلل عدة عقود خلت ولقد كان رم از من رموز رجالت
الدولة العراقية...
115
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
التي لم يكن لها شبيه قبل ...1958؟؟ أما إسماعيل العارف فقد ط أر
سمعي بأنإه ولعقود خلت عاش في لنإدن وتوفي هنإاكا قبل أكثر من عشر
سنإوات مع انإه كان يتصف بالرزانإة والهدوء الذي ينإسجم مع شخصيته
العسكرية...
116
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
بطرح الموضوع عليه وقد رلد لي جوابه التي "حجي وال تعبنإا من هذه
السوالف هي فترة تأديبية خلل أيام ونإطلق سراحهم هاي شلون راح تنإتهي
نإاس تآخذ دولر وآخرين باون احنإا دخنإا وهذا اللي مر علينإا" ويبدو ان
الحجي قاصدا بنإقل جواب المدير العام لي كي يجلب انإتباهي بعدم النإقياد
وراء الهواء السياسية لنإها أكذوبة...؟؟
ومع ذلكا كان عبد المجيد جليل مثالا للخلق واللتزام في أدائه للواجب
الوطنإي مثالا للوفاء لصدقائه ومعارفه وقد رأيت الحزن الشديد باديا على
الحجي عنإدما علم بإعدامه في 8شباط 1963مع انإه لم يكن مستغلا
لمنإصبه في سلوكا التعسف في التعامل مع المزيج البشري العراقي بمختلف
مذاهبه ولم نإسمع عن التصفية الجسدية بمفهومها المعاصر خلل العقود
كالتي مرت على العراق وقد قام بخدمة وطنإه من موقعه في حين انإه لم يكن
منإتميا إلى أية جهة سياسية وكانإت التسلكات التي يتعاطاها في عمله
باعتقاده تمثل المدركات الذهنإية لمعالجة مشاكل المن العام وقد كان متأث ار
بالزعيم عبد الكريم قاسم لذلكا كان يطلق عليه "قاسمي"...
117
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
118
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
يخوض بحديث مرتجل مع أحد رواد المقهى من معارفه مستغلا عدم وجود
شرطي المرور أمام المقهى في بعض الحيان.
ومع ذلكا كان منإظر عقراوي كثي ار ما يثير المسرة لدى رواد المقهى
والمارة إضافة إلى انإه كان سمح الخلق وشخصية عفوية ومحبوبة لدى
الجميع...
صنإدوق البريد الحمر شاهد على العصر
عمدت دائرة البريد المركزي في بغداد على وضع صنإدوق بريد دائري
أحمر اللون بارتفاع متر و 30سم لغرض تسهيل المور على المواطنإين
بإرسال رسائلهم داخل العراق وخارجه من خلله حيث يرمي الظرف بعد
لصق الطابع البريدي في الصنإدوق الحمر ثم يأتي البوسطجي بعد نإهاية
الدوام الرسمي بفتحه واستلم الرسائل الموجودة فيه لغرض إرسالها عبر
دائرة البريد المركزي الواقعة أمام العدادية المركزية للبنإين وشيد هذا
الصنإدوق أمام المقهى في الثلثينإيات لكون موقعها متمي از بكثافته
المرورية وكان يمثل معلما من معالم الحضارة أسوة بما هو متعارف عليه
في الدول المتحضرة وللسف فقد تم استئصاله عنإد هدم بنإاء المقهى في
أواسط .1970وقد كان صنإدوق البريد شاهدا على وقوف معظم ضباط
الجيش العراقي بجانإبه عنإد تنإاولهم الشاي وأطراف الحديث مساء كل يوم
وصباح الجمعة والعطل الرسمية...
نإعم شهد وقوف شخصيات عسكرية لعبت دو ار في تأريخ العراق
السياسي عبر عقود خلت.
وأذكر في أحد أيام الشتاء من عام 1960عنإدما كانإت فوضى
النإغلق السياسي بين أبنإاء الشعب الواحد قد بلغت أقصى درجات العداء
119
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
سأل أحد الرواد )الحجي( قائلا "ليش ما تبدل لونإه للصنإدوق ...مو هذا
أحمر" في إشارة منإه إلى انإه يرمز إلى الحزب الشيوعي العراقي ويبدو أن
الحجي رأى سؤاله فطي ار ولم يرد له الجواب بل نإظر إليه بنإظرة لمبالة...
وفي زيارة لحد المسؤولين إلى المقهى أخذ يسأل الحجي عن أحداث
شخصية تمس أنإاسا معينإين ولما لم يحصل على جواب منإه حيث كان
رحمه ال ليتطرق أبدا إلى المسائل الخاصة التي تمس الخرين ،عنإدها
بادره المسؤول بالقول "هاي شنإو حجي صنإدوق البريد الحمر يحجي وانإت
ل"...
مع أن هذا الصنإدوق قد شهد كل مجريات الحداث المفرحة
والمأساوية التي جرت عبر شارع الرشيد لربعين سنإة خلت...
120
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
121
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
كنإت نإاد ار ما أرى علء الدين محمود يزور والدي في المقهى بينإما
أخويه من روادها الدائميين وكنإت أرى الخوة رفعت الحاج سري ومدحت
حاج سري ومحمد فائق حاج سري يرتادون المقهى وكذلكا نإاظم الطبقجلي
وعبد الوهاب الشواف ومجموعة أخرى من العسكريين والجلوس بجانإب
صاحبها وكأن ذلكا ما كان يفرضه عليهم الواجب العسكري والخلقي الذي
يحتم عليهم تفقدهم لزميلهم وصديقهم الحجي...
انإها سلوكيات من تراث الماضي وقليلا ما نإجدها اليوم حيث أصبح
عصرنإا عص ار طغت فيه المصالح الشخصية حيث نإاد ار ماترى من يسأل
عنإكا بشكل أو بآخر خاصة عنإد توليه منإصبا مرموقا في الدولة وهذه
السلوكية بدأت بالتطور بعد أحداث 14تموز 1958وأخذت تنإمو نإموا
هائلا وقد علمت بأن أحد السباب التي تدعو إلى هذا الجفاء هو الخوف
من الحسد ول أدري كيف تم الستنإاد على هذا المفهوم في تحليل السلوكا
النإسانإي إوال فأين الخوة وأين الصداقة ورب أخأ لكا لم تلده أمكا ،ولكن مع
السف الشديد قد تكون هذه طبيعة العصر ولعلي حين أتذكر قول المام
علي )كرم ال وجهه( "اطلب الخير من بطون شبعت ثم جاعت لن الخير
فيها باقي ولتطلب الخير من بطون جاعت ثم شبعت لن الجوع فيها باقي".
كنإت أرى التجاوب بين أبنإاء هذا الوطن عنإد جلوسهم في المقهى
وكأنإهم أخوة بالرغم من الختلفات في القومية أو الفكر أو البيئة مع أن
تلكا الصالة في التعامل كنإت أراها قد بدأت بالذوبان خاصة بعد الحداث
التي أعقبت 14تموز 1958واستمرت بالنإصهار التدريجي إلى أن
وصلت إلى ما نإحن فيه من تمزق ليخدم أحدا على الطلق.
122
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
123
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
124
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ولما رآنإي مص ار على ذلكا وقد كنإت قد طلبت منإه الوساطة لدى الدكتور عبد
القادر شاكر والذي كان في حينإها رئيس اللجنإة الطبية وذلكا لغرض
مساعدتي بالفحص الطبي لن قدمي كانإت FLAT FOOTوفعلا جاء
معي الحجي إلى عيادة الدكتور الواقعة في محلة الفضل وقد استقبلنإا بكل
رحابة صدر وعنإد جلوسنإا وجه الحجي حديثه إلى الدكتور عبد القادر
بالقول "دكتور هذا الفنإدي طلع %83معدل ويريد يدخل الكلية
العسكرية ...هذا مو مخبل" ...عنإدها وجه الدكتور كلمه مباشر لي "ابنإي
هذا مو عقل ...هاي ما تسوى شلكا بيه" وكان جوابي بأنإها رغبتي وأنإا
مصر عليها ...حينإها كان جوابه لي بسيطه آنإي رئيس اللجنإة الطبية ويوم
موعد الفحص مر علي ...ثم تركنإا العيادة شاك ار الحجي له على حسن
استقباله وبعد مرور عدة أيام وأثنإاء الفحص الطبي الذي تم اجتيازي له
بنإجاح عدا الفحص الخير للقدم وعنإدما نإادى النإضباط العسكري اسمي
بالدور دخلت على اللجنإة وكان الدكتور عبد القادر يترأسها وطلبت اللجنإة
منإي أن أخلع الحذاء وأسير على )كونإيه مبللة( على الرض وبعدها أسير
مسافة متر على الرضية وذلكا لغرض فحص القدم هل هي فلت أم ل...
وطلب منإا النإتظار لحين إعلن نإتيجة الفحص وبعد أكثر من ساعة أخذ
النإضباط العسكري بإعلن السماء وتسليم النإتائج إواذا بي أسمعه ينإادي
باسمي حميد خليل إبراهيم راسب بالفحص بسبب القدم "FLAT FIT
"FOOTحين سماعي الخبر صعقت ودخلت على اللجنإة في محاولة
للحديث مع رئيسها حيث قلت له دكتور آنإي فلن قبل ثلثة أيام جئنإا
العيادة أنإا وحجي خليل ...إواذا به يرد علي جوابه قائلا "اطلع احنإا ما عدنإا
125
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
واسطة هنإا "...وأصبت بخيبة أمل كبيرة ولكن تحليلي لجواب الدكتور كان
انإصياعا لرغبة الحجي بعدم موافقته على دخولي للعسكرية وتلكا من
السجايا البغدادية...؟؟
ومع ذلكا فقد واصلت دراستي الجامعية بدخولي إلى كلية القتصاد
والعلوم السياسية مخالفا بذلكا رغبة الحجي ونإصيحته لي بدراسة الحقوق
وتبين لي بعد سنإين التخرج بأنإه كان محقا في نإصيحته وانإي كنإت جدليا في
اختياري ...ومع ذلكا كم أخذتنإي الحسرة بعدها على عدم اتباع نإصيحة
الحجي...
وبعد عدة سنإوات كنإت جالسا بقرب الحجي ظه ار في المقهى وتذكرت
تلكا الحادثة وقد سألته" ...حجي أنإت ليش ما قبلت انإي أدخل للكلية
العسكرية ...شنإو السبب" وكان جوابه لي:
"لكا ابنإي انإت ما تعرف اللي يتخرج من الكلية العسكرية يقسم اليمين
على عدم الخيانإة ...وانإت شفت اللي صار بالعراق ...وين الحلف وين
اليمين ...أتره انإت تصير مثلهم".
نإعم لقد كان الحجي على حق في رؤياه وكنإت أنإا على خطأ وهذا ما
كشفته الحوادث لعقود من السنإين مضت...
المقهى الملذ المن للسياسيين
يبدو أن لعلقات الحجي خلل سبعة عقود من الزمن مع خيرة أبنإاء
العراق ومن الشخصيات النإافذة الذين كانإوا يستلمون مقاليد الحكم أبان كلل
تغيير وكون صاحب المقهى وجها بغداديا في مظاهر حياته وفي سكنإاه
وملبسه وطموحاته وعلقاته الخاصة والعامة صادق العواطف مع الجميع
126
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
مع مزاجه الذي يتقبل مختلف طبقات النإاس ومشاربهم كل ذلكا أضفى مكانإة
من الهيبة للمقهى ولصاحبها الذي كان يعتبر أمن روادها مسؤولية خاصة
به وبذلكا كان ليتج أر أحد من العاملين في المن أو الشرطة باختراق
المقهى دون أخذ المشورة منإه مسبقا والذن بذلكا مع انإه كان دائما ينإفي
عنإد سؤاله عن أحد السياسيين المطلوبين وهل هو موجود أم ل وكان جوابه
دائما غير موجود علما بأن المطلوب قد يكون جالسا في المقهى حيث يقوم
بعدها بتنإبيه المطلوب وأن يقلل من حضوره لتجنإب ملحقته المنإية وهذا ما
كان يحصل على سبيل المثال مع المرحوم عبد ال السلوم السامرائي الذي
كان من الرواد الدائميين مع شلة من أقربائه من أبنإاء سامراء يجلسون معا
وسط المقهى الطرفي يتوسطهم عبد ال السلوم والذي أصبح بعد حركة 17
تموز 1968وزي ار للرشاد والعلم عضو قيادة قطرية لحزب البعث
العربي الشتراكي ...وقد توفاه الجل بعد تعرضه لمضايقات سياسية في
الثمانإينإيات استمرت إلى أن لبى نإداء ربه في النإصف الول من التسعينإيات
على ما أذكر...
127
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
مع أنإه كان يرتاد المقهى يوميا حيث سكنإه القريب لما بعد جامع
الحيدرخانإة فهو كما يبدو في تجواله محدود بين ساحة المين وساحة
الميدان...
في أحد أيام الصيف وبينإما كنإت جالسا ملرة دخل المقهى حينإما ذهب
الحجي للصلة استلمت مكانإه وكان يجلس بجوار الدخل أحد شيوخأ العمارة
وفي هذه الثنإاء وصل خليلو وطلبت له القهوة المحببة له ليتلذذ بشربها
عنإدها بادره الشيخ قائلا )خليلو لدي عرض عمل لكا وهو أن تأتي معي إلى
العمارة وأضعكا في قفص مربوط بسيارة متنإقلة في اللواء كي يقوم النإاس
بمشاهدتكا لقاء أجرة معينإة وبالنإتيجة في نإهاية اليوم نإقسم الدخل منإاصفة
فيما بينإنإا(...
إوانإي كنإت أراقب هذه المحاورة منإتظ ار رد خليلو على عرض الشيخ
المجزي فكان رد خليلو على هذا العرض قائلا له "إنإي أشكركا شيخ على
عرضكا الكريم إوانإي مستعد للذهاب معكا إلى العمارة لكنإي لأبغي مقاسمتكا
الدخل اليومي بل لي رجاء أرجو أن تحققه لي وهو أن تقوم بتهيئة غذائي
اليومي ظه ار ليكون "مركة شجر وقليل من التمن" عنإدها ضحكا الشيخ
بدون أن يفهم مقصد خليلو مع انإي فهمت مقصده حيث كان تعبيره كنإاية
قذفها بوجه الشيخ معنإاها "شكد لعد انإت فطير" حيث المعلوم بأن الشجر
لدى العامة يرمز ان هذا الشخص )فطير( وهي من الكنإايات البغدادية...
رحم ال خليلو وسبحان ال العلي القدير له في خلقه شؤون...
128
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
129
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
داخلا إلى الحمام للستحمام والتدليكا علما بأن القوات المسلحة للجيش
كانإت تجوب شارع الرشيد للتلرصد لمنإاطق إطلق النإيران لجل السيطرة
عليها.
وبينإما كنإت واقفا أمام الزقاق وعنإد خروج الحجي من الحمام تفاجأ
بمجموعة من الشقاة كانإت الفرحة بادية على وجوههم بسبب وضع أيديهم
على أسلحة الحرس القومي التي تركت أغلبها في مقرات الحرس أثنإاء
نإزول قوات الجيش إلى شوارع بغداد حينإها سمعت الحجي يوجه كلمه
للشقاة بقوله "يابه هاي شنإو أشو ماسوينإا شي النإوبه صارت بيدكم ...وأي
وأي النإوبه صارت بيد "...ولعل طرافة هذه الخاطرة تكمن بأن انإقلب
عسكري واقع ومنإع تجول إواطلقات نإارية كثيفة أحيانإا ومتفرقة أخرى
والحجي في حمام الرشيد يأخذ حماما غير آبه بما يجري من أحداث...
130
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
لتوصيله حيث كما يبدو ان لهم معرفة قديمة به تمتد إلى الثلثينإيات وعنإد
وصول السيارة إلى المقهى ترجل منإها الحجي وكانإت مفاجأة لي وللرواد
الذين أبهرهم المنإظر والدهشة على وجوههم...
إواذا بالحجي وبأعلى صوته "لكا على عنإادكم "...حينإها رأيت
المطربتين وقد استغرقتا من الضحكا وقد ودعهم الحجي بعد أن قدم شكره
وامتنإانإه لهذه التوصيلة وحينإها انإطلقت سليمة باشا بسيارتها إواذا بأحد
الرواد من أصحابه يبدو أن الغيرة قد أكلته موجها كلمه إلى الحجي قائلا
"هاي شنإو يابه مو انإت حجي" إواذا به يرد عليه "لكا اشسوينإا هذوله عنإدهم
وفه من أيام زمان مو؟؟ وكانإت أم كلثوم تشدو بأغنإيتها ارجع يازمان من
مذياع محلت جقماقجي المواجهة للمقهى...
كان موقفا مسرحيا وقد استشعر معظم الرواد الجالسين على حافة
المقهى المطلة على شارع الرشيد بنإوع من المسرة وذلكا كان من أيام الزمن
الجميل...
خاطرة ...مع أصدقاء من العمارة )عزيز جار ال(
كان لفيف من أهالي مدينإة العمارة من أصدقاء الحجي لسنإين طويلة تمتد
إلى أكثر من ثلثين سنإة وكنإت أرى الشيخ محمد العريبي مع مدير أعماله
)عزيز( في المقهى صباح ا وبشكل متكرر عنإد زيارتهم لبغداد حيث كان
الشيخ هادئ الطباع ليكلم أحد ا يدخن النإركيلة ويتلذذ بها وكان عزيز
مشهود ا له بالنإاقة التي تلئم مركزه مع الشيخ كما كنإت أرى حسين خضير
أبو منإى رحمهم ال جميع ا مع عزيز جار ال وكان الخير من أصدقاء عبد
السلم عارف واتفق مع الحجي على زيارته لتقديم التهنإئة بعد أن أصبح
131
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
رئيسا للجمهورية بعد 8شباط 1963في بنإاية البلط الملكي سابقا وقبل
النإتقال إلى القصر الجمهوري وعنإد دخولهم إلى بهو البلط رأى الحجي
أحمد حسن البكر ولم يكن يعلم بأنإه رئيسا للوزراء ولما كان يتقن التكلم
بكافة لهجات المحافظات العراقية وبالخص لهجة أهل الموصل وتكريت قال
له "ها ...اشتعمل هونإي" وعنإدها فر عزيز جار ال خائفا قائلا للحجي "انإت
ما تدري موهذا صار رئيس وزراء" وأجابه الحجي "لكا عزيز انإت غير تكلي
قبل مانإجي".
وعنإد سفر عبد السلم عارف إلى القاهرة ذهب الحجي إلى مطار
المثنإى لتوديعه وعنإدما رأى أحمد حسن البكر سلم عليه معتذ ار إل ان عبد
السلم عارف رد عليه قائلا ان أبو هيثم لم يعد زعلن وانإتهى الموقف
بالمصالحة الفورية مع أن البكر يعلم جيدا بالتعامل الصيل للسطة خليل
مع أبنإاء تكريت منإذ أيام الدراسة في دار المعلمين البتدائية أواخر
العشرينإيات...
كما يخطرنإي أحد وجهاء العمارة هو المرحوم مجيد الضيف المحامي
الذي كان يرشح نإفسه لنإتخابات مجلس النإواب في العهد الملكي وعنإد
زيارته للمقهى كان الحجي يطلب منإي الهتاف عنإدما كنإت صغي ار )يسقط
مسقط الضيف المحامي يسقط يسقط( نإكاية به وعنإد تعيينإي لدى البنإكا
المركزي كان أخيه حيدر الضيف مدي ار عاما للحقوق في البنإكا وكان يحضر
المقهى أخيهم الصغر على ما اعتقد بأن اسمه غازي...
وعلى مايبدو بأن أهل العمارة كانإوا متآلفين فيما بينإهم حيث معرفتهم
متبادلة ويتولد لديكا الشعور بأنإهم أهل تجمعهم قرابة القرية بشكل واضح
132
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
133
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
يعرف هويته ول حتى صاحب المقهى مع انإه كان يثير انإتباه الكثيرين حين
مشاهدته وهو صامت أبدا ليكلم أحدا وعنإدما ..كان يهم بالخروج تراه
يتأبط الصحيفة تحت إبطه بكل شموخأ ورأسه مرفوع إلى العلى .....وكنإت
أرى الرواد يرمونإه بنإظراتهم دون أن يجرؤ أحد على الحديث معه وكان
الهمس يدور بين قسم من كبار السن حوله بأنإه هتلر الحقيقي بقولهم من
يؤكد بأن هتلر المانإيا انإتحر وقد وجدت جثة محترقة من الصعوبة التعرف
على هويتها ،ومع ذلكا ان هتلر بغداد اختفى فجأة عام 1963ولم يظهر
على مسرح المقهى مرة أخرى...
134
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الشرطة العامة ومتصرفية بغداد ومحاكم الدولة ضمن حدود نإطاق أبنإية
السراي وحتى بعد انإتقال مقر الملكا إلى بنإاية البلط الملكي والتي تم هدمها
في السنإوات اللحقة للمتغيرات السياسية في العراق لتصبح أخي ار نإادي
القادة والذي دمر أثنإاء حرب ....2003
كانإت المحكمة الكبرى تنإظر بدعاوى القتل والتي غالبا ما كانإت
تحصل سواء في أطراف بغداد أو ألوية العراق وعنإد لقائي في إحدى
المسيات بالمرحوم عباس العبيدي الذي كان حينإها مدي ار عاما لسجن أبو
غريب ومن خلل معرفتي به وجدت فيه شخصية بغدادية جديرة بالحترام
تحمل منإتهى الدب والخلق أخبرنإي في حينإها بأنإه عنإدما كانإت تعرض
خصوماتهم مع الخرين في الكرخأ في العقود السابقة على المحكمة الكبرى
يقوم الطرفين بإيداع أسلحتهم لدى الحجي قبل دخولهم قاعة السراي
لحضور محكمة الجنإايات ويؤتمن عليها لتجنإب عدم لجوء أحد الطراف إلى
استعمال السلح بعد تأكيد ذلكا بالفعل والقول .وبعد انإتهاء جلسة المحاكمة
تعاد إليهم أسلحتهم...
كانإت تلكا النإفاس البغدادية المنإساقة من الكرخأ لصاحبهم الذي كانإت
مقهاه على ضفاف دجلة الكرخأ تضم آباءهم في العشرينإيات وغالبا ما كان
يتدخل الحجي بعد عودة المتخاصمين من المحكمة للصلح بينإهم وغالبا
ماكان تدخله يحسم الخصام بينإهم قبل أن تحسمه المحكمة بواسطة نإشر
التعاطف فيما بينإهم بالطريقة البغدادية التي كان يعيشها الحجي ...وقد
رأيته يتبنإى خلفاتهم على عاتقه كي يقوم بحلها وتسويتها بأسلوب البغددة
135
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أي إيحاء المودة بين الطراف المتنإازعة بشكل يحفظ مهابة جميع الطراف
المتنإازعة...
136
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
137
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
لقاء رئيس الجمهورية عبد السلم عارف عنإد محل محمد الحلق
في آذار 1963
عنإد عودة البن الكبير للحجي "إسماعيل" من لنإدن بعد انإتهاء
دراسته في منإتصف عام 1962وبعد قيام حركة ) (8شباط التي تقلد فيها
عبد السلم عارف رئاسة الجمهورية ،طلب الحجي من زميله محمد الحلق
الذي كان محله مقابل سوق المانإة بجانإب محل أحذية دجلة أن يقوم
بإبلغه عنإد حضور عبد السلم للحلقة حيث اعتاد معظم العسكريين
بالحلقة لديه والتواجد بالمحل...
وفعلا التقى الحجي برئيس الجمهورية بعد إشعاره من صاحب المحل
بحضوره وقد طلب منإه تعيين إسماعيل وأشار عليه الرئيس في حينإها بأنإه
طالما درس الهنإدسة أرى من المنإاسب تعيينإه في )شركة نإفط العراق(
ليراجع غدا وزارة النإفط قسم التعريق وفعلا خلل أيام معدودات تم تعيينإه بعد
مراجعته مقر الشركة ) (IPCفي بغداد ونإقل بطائرة خاصة بالشركة إلى
كركوكا للمقابلة إواكمال إجراءات التعيين وقد عين بدرجة " "STAFFوبراتب
مجزي في حينإها...
إن هذا اللتزام بما يكمن فيه من دللة على الوفاء والعطاء والسماحة
بتلبية الحتياجات المشروعة للخرين تقدي ار لشخوصهم ومواقفهم المعروفة
بوزنإها وثقلها في المجتمع البغدادي....
138
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
139
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
140
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
141
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
142
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
بينإما كنإت جالسا ظهيرة أحد اليام في المقهى بعد أن ذهب الحجي
إلى الدار لينإام الظهر ،كان من عادة أحد رواد المقهى وهو الحاج أحمد
سمينإه صاحب المطعم المشهور في سوق التجار وأكلته البغدادية اللذيذة
حيث جرت العادة لديه يزور المقهى ظه ار بعد غلق المطعم وكنإت أتبادل
معه أطراف الحديث فيما يتعلق بشؤون البلد وما آل اليه النإاس من أحوال
وأطوار المجتمع العراقي بعفوية وبساطة وهو شخصية بغدادية محبب
سماعها وصادف أن حضر مجلسنإا "خليلو" القزم ليشاركنإا الحديث وفجأة
وقفت سيارة عسكرية ستيشن تحمل علما ترجل منإها العميد حسن عريم
بملبسه العسكرية الزرقاء وعليها أجنإحة الطيران طلبت له القهوة العربية
التي يحبها وبعد تبادل الحاديث المعتادة أخذ العميد طريقه متوجها نإحو
سيارته ،عنإدها فوجئت بسؤال العم أحمد سمينإة لي بقوله "حميد يابه
مدكولي شنإو هاي البلبل اللي شاده هذا العسكري "...وهنإا أجابه خليلو
ضاحكا وهو متكئ على منإضدة الدخل "يابه حجي أحمد قابل هذا
مطيرجي ...يامعود هذا قائد القوة الجوية "...وغلبنإي الضحكا كي أطلب
قهوة مرة أخرى لخليلو ليتلذذ بها ويشدو ويشدو بحديثه عن السياسة
ومشاكلها...؟؟
143
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
144
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
على سمعة والده الذي بادر بالقول بأن ولده يرغب في الزواج والسفر إلى
لنإدن لكمال دراسة الطب العليا ويطمح إلى تدخله للحصول على موافقة
والدها وفعلا رد عليهم بإعطائه مهلة يومين لغرض التحدث معه ومحاولة
إقنإاعه بالموافقة.
وفعلا هذا ماحدث حيث بادر الحجي بالتصال بـ سلطان أمين قائلا
ماهو السبب لرفضه د .رياض وهو شاب من عائلة معروفة من الرمادي
وأمامه مستقبل واعد بانإتظاره وكان جوابه بأن الرفض بسبب عدم معرفته به
أو بأهله ول علقة لي سبب آخر بالموضوع عنإدها أجابه الحجي هو
الكفيل والضامن له وكان رد سلطان أمين بالموافقة وتم عقد القران بحضور
الحجي سافر بعدها د.رياض مع عروسه إلى لنإدن لكمال الدراسة...
تلكا كانإت مكامن العلقات بين شخوص سادت فترة من الزمن المفعم
بالحترام المتبادل مع ان هذه الحادثة كنإت قد سمعتها من أحد الصدقاء
وذلكا لن الحجي كان كتوما ومحافظا جدا على علقاته مع الخرين علما
بأن الدكتور رياض أصبح وزي ار للصحة...؟؟
وقد تم إعدامه خلل أعوام الحرب العراقية اليرانإية أما سلطان أمين
فقد توفي قبل عدة سنإوات وأقيمت له فاتحة في منإطقة الكرادة الشرقية في
إحدى الحسينإيات لمدة أسبوع حسبما ط أر سمعي وذلكا لما كان يتمتع به من
سمعة طيبة...
وقد كنإت كثي ار ما أسمع عن من يروم الزواج وهو بحاجة إلى مشورة
أو نإصيحة بهذا الخصوص يلجأ إلى الحجي لكثرة معرفته بالنإاس حيث
يجدون لديه الملذ المن لما يحتاجونإه من معلومات تتعلق بهذا الخصوص
145
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
مع ان الحجي كان محافظا جدا وملتزما أشد اللتزام بما يتعلق بآداب
المجتمع البغدادي.
146
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الكلية مرو ار بمنإطقة الفضل بلقاء بعض الصدقاء حتى نإصل بعدها إلى
المقهى في زيارة قصيرة قبل أن نإعاود الرجوع إلى الدار وظهر أحد اليام
رأينإا الحجي يتصفح "القراءة الرشيدة" وهو كتيب مخصص لتعلم القراءة كان
جالسا بمفرده وباهتمام بالغ في محاولة لتعلم القراءة وعنإد سؤالنإا عن
السبب أجاب "لكا آنإي أريد أتعلم القراءة والكتابة بلكت يجينإي السرة وأصير
رئيس جمهورية حالي حال جماعتي..؟؟ ولم نإستطع أن نإمنإع أنإفسنإا من
الضحكا أمامه حيث كانإت بادرة جديرة بالملحظة وفي هذه الثنإاء حضر
)خليلو( واشتد زحام المنإاقشة الحادة بينإهما على أساس خليلو القزم مثقف
يق أر ويكتب وأخذ ينإاكد الحجي الذي بلغ من العمر ما بلغ ولم يعرف لحد
الن القراءة والكتابة وكان يرد عليه الحجي "لكا ...احنإا إلمن ساوينإا حتى
نإساويكا ياأبو ...شتيمة "...وأخذ خليلو يتلذذ بشرب القهوة وابتسامة
الشماتة على وجهه قائلا "آنإي راح أرد عليكا بالجريدة ...ها ...ها؟ وهو
يقهقه باعتباره مثقفا باستطاعته أن يكتب في الصحافة ...ثم استمر خليلو
في حديثه قائلا "لكا خليل هذه مو لعبة طوبه هاي شغله الها نإاسها ...آنإي
ما أكدر أعلمكا القراءة" وهنإا أجابه الحجي "شتيمة ...لكا هي بقت عليكا هو
منإو اللي راد منإكا تصير معلم يأبو.."...
147
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
وكان العميد مدحت شاكر السعود من الرواد بغدادي السلوكا إوانإسان عرف
بحق مكانإته بقنإاعته وأمانإته في أدائه لعمله حيث كان رئيس المجلس
العرفي العسكري الثانإي صديق ا وفي ا للحجي وشخصية إنإسانإية نإاصعة وكثيرا
ما كان يتوسط صاحب المقهى لديه عنإدما يقصده من لديه دعوى تمس
قريب له معروضة على المجلس العرفي ولم يتردد يوم ا وكان دائم القبول
للرجاء وساعيا لعمل الخير حيث يعلم علم اليقين بأن توسط صاحب المقهى
لوجه ال خالي ا من أي مصلحة شخصية وتوسطه قد يساعده في اتخاذ
القرار الصائب...
وكان السعود عنإدما يغادر المقهى يحب دائم ا أن يمازح صاحبها
بشكل أو بآخر وذلكا لرغبته في سماع أنإغام جعفر العسكري والتي يجيدها
الحجي حيث يضحكا السعود بسرور بالغ...
كنإت أتردد إلى زيارة المرحوم شاكر في داره أواخر الثمانإينإيات وأوائل
التسعينإيات قبيل وفاته وأستمع منإه بشغف عن تجربته العملية في حياته
العسكرية وما آلت إليه المور بعد 1958وعن التنإاقضات التي سادت
الحياة العامة وغيرها من المسائل الخرى المؤثرة في واقع الحال وكان اللقاء
يمتد لكثر من ساعتين أستمع من رجل قد كانإت له تجربة مليئة وزاخرة بما
آلت اليه أمور النإاس فقد كان رحمه ال متكاملا وبثقة بنإظرته للمور بشكل
عام...؟؟؟
148
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
دار بين الثنإين يتعلق بقديم الزمان كما يقال وعنإد انإتهاء الثنإين من
الستحمام ولجه )الحجي( دعوة إلى القبانإجي ليشرب الشاي في المقهى
وكنإت جالسا حول الدخل وعنإد مجيئهم تنإحيت جانإبا وكنإت متشوقا لرؤية
صرح الطرب العراقي لنإي كنإت من المعجبين بالمقام العراقي إوان كنإت أجد
صعوبة في فهم أنإواعه أو أكاد ل أدركها أيضا كما كان يقال )مقام اللمي..
أو البراهيمي ...المدمي ...وغيرها اطرب جدا لسماعها بشوق سمعت
محمد القبانإجي يقول أثنإاء شربه الشاي "لن أنإسى ياحاج خليل يوم أنإقذتنإي
في منإتصف أحد الليالي في البصرة عنإدما حاول العتداء علي شلة من
الشقياء بقصد السرقة وكان تصديكا لهم إسعافا لي عنإدما كنإت أتجول
لوحدي على رصيف الشاطئ وهذا الحادث على ما أظن وحسب قول القبانإجي
عام 1924حيث كيف يعتدى على بغدادي في البصرة ...وبعد أن شرب
الشاي والقهوة استأذن بأدب بغدادي بالنإصراف شاك ار على حسن
الضيافة...
وبهذا الصدد يدفعنإي القول بأن العنإصر البغدادي تبلور بتقاليده
وموروثاته وأعراقه الخاصة وفنإونإه التي يأتي غنإاء المقام في صدرها والذي
يعتبر أهم مظاهر وحدة العراقيين الذين تتنإازعهم عوامل الفرقة والختلف
وتعدد الشعوب والطبقات وتباين الحالة المادية والتطور الحياتي
وعلى ما أذكر بعد 14تموز 1958ولمدة عدة أشهر لم نإكن نإسمع
بصوت القبانإجي من الذاعة أو التلفزيون وكان السبب على مايبدو بأنإه
سبق له ومدح النإظام الملكي في إحدى المسيات عنإدما تم إهداؤه وساما في
إحدى المنإاسبات وفيها غنإى "لقد حليت صدري بوسام."...
149
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
150
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
"جميلة" تؤدي وصلتها على الشانإو )المسرح( اعتدى عليها أحد العساكر
النإكليز والذي كان مخمو ار حاول مضايقتها وما كان من جميلة إل أن
ضربته بالبطل على رأسه وسال الدم على وجهه وارتبكت حركة الجمهور في
الوتيل حضر على أثرها أفراد من قوات الحتلل وألقت القبض على الفنإانإة
جميلة وأدخلتها في السجن )القلغ( الذي كان موقعه في باب المعظم وبعد
أسبوع من حجزها قرر الضابط المسؤول عن المعسكر إطلق سراحها بعد
استدعائها حيث أنإذرها بعدم تكرار ذلكا قائلا لها )GEMILA YOU
(ARE DANGERوقصد بها جميلة أنإت خطيرة وعنإد خروجها من
بنإاية القلغ كان في استقبالها محبيها والعاملون معها في الوتيل ومجموعة
من معارفها بعربات الخيل والموسيقى الشعبية التي أخذت تعزف فرحا
بإطلق سراحها وكانإت الجواء أشبه بزفة عرس وبعد إيصالها إلى الوتيل
سألها أصحابها ماذا قال لها الضابط النإكليزي وكان جوابها "شمدرينإي بس
كلي جميلة أنإفت دنإكر" ومن هنإا اكتسبت جميلة لقبها الذي اشتهرت به
"جميلة دنإكر" وعادت إلى مزاولة عملها إلى نإهاية الربعينإيات...
وفي منإتصف الستينإيات بينإما كنإت جالسا في أحد الليالي مع
مجموعة من الصدقاء حيث تصف الكراسي في الصيف على الرصيف
المواجه للشارع بادرنإي أحدهم قائلا سوف أقص عليكا ما حصل معي قبل
أسبوع عنإدما كنإت في زيارة لبعض الصدقاء حيث التقيت بامرأة كبيرة في
السن ومحياها يبدو عليه خواطر السنإين وأخذت تحدثنإي عن بغداد ولياليها
أيام زمان وقالت لي ياترى كيف يقضي الشباب أوقات فراغهم في هذه
السنإين أجبتها بالنإسبة لي أجلس مساء أغلب أيام السبوع في مقهى
151
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
152
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
حكايتي مع مفوض الشرطة طالبة منإه العون وأن أنإاسا آخرين شلجعونإي
باللجوء إليه وأجابنإي برد بسيط "إنإشاء ال يصير خير" وبعد مرور عدة أيام
جاءنإي مفوض الشرطة إلى الوتيل متوسلا ومكر ار اعتذاره عما بدر منإه
وانإه لن ولن يتعرض لي مرة أخرى وعدم مضايقتي على الطلق لكن كان
)ماكو داعي توصيلها لهل الحد( وغاب هذا الكابوس عن وجهي إلى البد.
وعنإد سؤالي للرجل الذي أشار عللي بنإصيحته قدمت له شكري على هذه
المشورة ...سألته من يكون صاحب المقهى ليكون لديه هذا التأثير والنإفوذ
القوي أجابنإي قائلا بأن معظم كبار ضباط الجيش والشرطة من معارفه ومن
المؤكد انإه طلب رجاء بالتحري عن سلوكا المفوض وردعه من رؤسائه
بتهديده بالنإقل إن لم ينإتفه من مزاولة سلوكه العدوانإي واستغلل وظيفته.
ومع مرور عقود السنإين استطردت جميلة دنإكر قائلة لصاحبي "آنإي
إلى أن أموت أبقى شايلة زينإه للحجي وهذا معروف في رقبتي لهذا الرجل
الذي قصدته بدون سابق معرفة.
لم تنإس جميلة المعروف أيام زمان ولكن ياترى أين زمانإنإا من زمان
جميلة دنإكر..؟؟
ويبدو أن صاحبي قد استهوته حكاية جميلة حيث كان يسردها
بعفوية صادقة ومعجبا بها ...مع إنإي أجبته بأن هذا العمل من قيم البغددة
التي ترفض التعدي على حقوق الخرين وانإصاف الضعفاء وان ما قام به
صاحب المقهى تجاه هذه المرأة سلوكا طبيعي بالنإسبة له لنإه تعايش مع
النإاس وكثر من اختلطه بهم كما انإه كان يستغل معرفته بالمسؤولين
153
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
154
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أحد العاملين لديه لعملها طيلة ثلثة أيام وفي بعض الحيان كان يكلف من
أهل المتوفى الميسوري الحال بتوزيع المال على الفقراء بمعرفته.
تلكا هي العادات التي كانإت سارية في المجتمع البغدادي الذي كان
يزخر بسمو العلقات النإسانإية بين أفراده والجهود المبذولة في تذليل
المصاب العائلي لتخفيف وطأة ألم الفاجعة...
155
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ولعله اتخذ من عمله عنإد الحجي ملذا آمنإا له من المساءلة القانإونإية ومن
الحماية الممكن أن يحظى بها من خلل عمله بالمقهى إل انإه كان يمارس
عمله بسرية تامة خوفا من الحجي الذي سبق له وحذره وأنإذره بعدم
ممارسة هذا العمل المخالف للقانإون ...وفي أحد اليام رأيت شهاب بحالة
من الرهاق والتعب دافعا جراويته إلى الوراء كرد فعل عن حادث مربكا وقد
حدثنإي قائلا عما حصل له صباح ذلكا اليوم الساعة الحادية عشرة صباحا
"عنإدما كنإت أحمل )علكه حصيره( مليئة بالخضروات وتحتها ثلث
مسدسات من عيار 9ملم وأحدهما من عيار 13ملم مع باكيت عدد خمس
إطلقات كان يروم تسليمها إلى المشتري في كرادة مريم حينإما صعدت
الباص رقم ) (15المخصص لهذا الخط وكان الباص مزدحما بالركاب
عنإدما صرخأ أحدهم بصوت عادل "ياجماعة انإي انإشلت" أي تعرضت للسرقة
في الباص وكان العرف السائد في مثل هذه الحالة بأن يطلب الجابي من
السائق غلق البواب والتوجه إلى أقرب مركز للشرطة كي يتم تفتيش
الركاب ،عنإدها تمالكنإي الرعب بسب السلعة الموجودة في )العلكه(
ولحسن حظي بادرت على الفور مخاطبا المسروق بصوت مرتفع "عمي
أنإت شنإو انإسرق منإكا" وأجابنإي ثلثة أرباع حيث أجبته مباشرة "عمي احنإا
نإاس عنإدنإا أشغال تفضل هاكا هاي الثلثة ارباع" طالبا من الجابي عدم
التوجه إلى مركز الشرطة وبذلكا أنإقذ نإفسه من مأز د
ق خطر بفضل سرعة
البديهة التي كان يمتاز بها...
ومع ان السطة شهاب كان وجوده في المقهى ممي از حيث كان معظم
الرواد يحبذون الحديث معه بشكل أو بآخر كما إن ضحكته المتميزة كانإت
156
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
تسر الرواد وخصوصا عنإدما ينإاديه الحجي بأعلى صوته" ...لكا شهاب ابن
الكـ "...طالبا منإه إحضار الشاي...
157
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
158
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
159
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
160
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
في خضم الحياة كثي ار مانإرى أنإاسا يتركون لدينإا انإطباعا عن النإمط
السلوكي الذي يتعايشون معه وأنإت كثي ار ما ترى في مقهى حجي خليل هذا
المسرح الكبير الذي جمع أنإماطا بشرية متعددة المذاهب واللوان جامعة
للمواصفات النإسانإية المتعددة للفرد العراقي من كرم وطيبة واحترام للخرين
ومن مركز وظيفي مهم إلى رتبة عسكرية رفيعة المستوى إلى كبار السن
)ختيارية( إلى شخوص طابعها العنإف والقسوة وغيرها من خيارات السلب
واليجاب المتعلقة بالممارسات النإسانإية...
كنإت أرى أنإاسا عنإدما تراهم يتبادر إلى ذهنإكا بأنإكا أمام شخوص غير
عادية بما يتسمون به من هيبة وبساطة واحترام وهم عسكريين وأذكر منإهم
السيد عبد الحميد نإعمان الذي كان سفي ار للعراق لدى دولة الكويت قبل تركه
الخدمة في أواسط الستينإيات على ما أذكر وكذلكا العميد شاكر مدحت
السعود والمقدم سعدي علي الذي كان يتهم باليسار )غير قومي( بالمفهوم
السائد آنإذاكا مع انإه كان محببا لدى الحجي لما يتصف به من خلق وهدوء
وقد تراه صامتا غالب الوقات يرتشف الشاي أو أراه واقفا امام المقهى قليل
الكلم سمح الوجه...
وأذكر المقاول رشيد الحاج مصطفى وهو شقيق عزت مصطفى وزير
الصحة بعد 1968حيث كان أبو حميد في بداية الستينإيات مقاولا يشار
إليه بالبنإان كريم النإفس سخيا هادئا يدخن النإاركيلة بصمت وتربطه مع
الحجي علقة صداقة وائتمان حيث كثي ار ما كنإت أراه يودع لديه كيسا كبي ار
من النإقود ليضعها له في القاصة الحديدية بالعنإبار حيث يبدو انإه كان
يراجع البنإكا اللبنإانإي القريب من المقهى وقد تعرض أبو حميد إلى المساءلة
161
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
162
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
سطح الدار بمخبأ ليعرفه سوى الهل وقد خرج منإه بعد سنإين عنإد إصدار
العفو عن السجنإاء السياسيين مع العلم ان حقي كان عسكري أيضا وشابا
كفوءا وعلى خلق...
وأذكر مرة في أحد اليام بعد الظهر بدأ نإقاش حاد بين أبو حقي
والحجي حول كيفية القدرة في السيطرة على البنإاء حيث كان الحجي
متباهيا بأنإه استطاع السيطرة على أربعة من أبنإائه وارهابهم كي ليقعوا في
طوفان الحزاب السياسية ولكن أنإت )هالواحد ومكدرت اسيطر عليه.(...
وكان هنإاكا العقيد غنإي عبد الستار شخصية بغدادية لها مواصفات
تفرض احترام الخرين وبالرغم من موقعه المتميز الذي أصبح فيه بعد 14
تموز 1958حيث تم تعيينإه سكرتير وزير الدفاع في حينإها كان عبد
الكريم قاسم ومع ذلكا لم يغير ذلكا المنإصب من طبيعة خلقه البغدادي ولم
تظهر عليه أية مآثر عراقية قد تصيب من يتقلدون المنإاصب الوظيفية
العليا وبقي على حاله لم يعرف إل القليل بمنإصبه الجديد حيث كان لما
يتمتع به من بساطة وتواضع وخلق يمنإعه من أن يتفاخر بمنإصبه...
وتسعفنإي الذاكرة إلى ذكر العميد سيد حميد سيد حسين الحصونإة
عنإدما كنإت أراه يجلس بجوار )الحجي( بين فترة وأخرى وكان محترما
بشخصه واتزانإه وخلقه المتواضع .وعنإد تكليفه على قيادة القوات المسلحة
نإحو الكويت عنإدما طالب العراق بها في عهد عبد الكريم قاسم رأيته يقف
بسيارة ستيشن عسكرية بعلم أمام المقهى جاء مودعا لصاحبها حيث كان
مقر ار له اجتياح الكويت مع ان هنإالكا الكثير من رواد المقهى لهم مآثرهم
163
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الخاصة ...ولتتسع المجلدات لذكرها حيث كان الرواد يمثلون مختلف ألوية
العراق ومنإاطقه من الشمال إلى الوسط إلى الجنإوب...؟؟
164
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الطرق المؤدية إلى المصالحة الوطنإية بعد إطلقه لسراح كافة الموقوفين
السياسيين ومطالبته لهم بفتح صفحة جديدة والجتماع جميعا من أجل
الوصول عن طريق الحوار إلى ما يرونإه منإاسبا لوضع حد لمعانإاة هذا
الشعب المستمرة ،ولكن هيهات برغم كل ما قدمه لتلكا الكتل السياسية
المتضاربة في الخفاء لم يجفد نإفعاا ...مع انإه كان مثالا للسماحة نإظيف اليد
واللسان سباقا لخدمة وطنإه لم يتعرض بسوء إلى أحد محبا للجميع مزاجه
تقبل مختلف طبقات النإاس ومشاربهم وآرائهم محبا للتبسط تحدوه تحقيق
المنإفعة العامة ،ومع السف هذه المواصفات تعتبر ضعفا بمقاييس الكتل
السياسية العراقية وعلى مايبدو بأن ظروف الحياة والمنإطقة هي حياتنإا
كانإت قد ار مكتوبا على جباهنإا كما ان مزاج العراقيين يميل إلى التقلب أو
النإفور من الستقرار فإن هوى العراقي كفكره يميل على وجه الجمال إلى
الحركة إلى التنإقل إلى التغير ومتردد في الترجيح بين العنإف والرفق
والنإانإية المطلقة المرتبطة إجمالا بتحقيق المصالح الشخصية ومع ذلكا
فإن المجتمع العراقي كان لديه فيض من رجالت الدولة وأعمالهم وما قدموه
لبنإاء هذا البلد منإذ عام 1921قد ينإفي صفة الطلق على مفاهيم
السياسة في العراق ومن المحتمل أن تكون مواصفات مزاج العراقيين نإسبية
نإوعا ما...
رحل عبد الرحمن عارف في 17تموز 1968كما سبق ورحل غيره
من رجال دولة العراق ...وانإتقل إلى جوار ربه ودفن في عمان تغمده ال
برحمته وأسكنإه فسيح جنإاته...
165
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
فحص طبي من قبل اللجنإة الطبية البريطانإية دار التمريض بمدينإة الطب
في صيف عام 1973وصل المقهى صباح ا خير ال طلفاح عنإدما
كان محافظ ا لبغداد ورحب به الحجي مع انإه كان من رواد المقهى منإذ عام
1933حين كان ضابطا في الجيش العراقي الذي تم تسريحه منإه عقب
اشتراكه في حركة رشيد عالي عام 1941ونإقل بعدها إلى سلكا التعليم
لحين قيام النإقلب في 17تموز 1968وطيلة تلكا السنإوات كانإت تربطه
166
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
علقة صداقة متينإة مع الحجي أسوة بالخرين وكثيرا ما كنإت أراه محب ا
للممازحة معه وكان دائم الحضور للمقهى لحين تعيينإه محافظ ا لبغداد بعد
17تموز .1968
طلب المرحوم خير ال الحجي بالمجيء معه إلى مدينإة الطب حسب
توجيه الرئيس أحمد حسن البكر لغرض عرضه على الطباء النإكليز لجراء
الفحوصات الطبية عليه إواذا ما قررت اللجنإة علجه خارج العراق سوف
تتكفل الدولة بذلكا وفعلا ذهب معه إلى مدينإة الطب بمعية الحماية وعنإدما
تم إجراء الفحوصات تبين بأن ما يعانإيه هو نإتيجة )كبر السن( وليس ما
يدعو إلى علجه خارج القطر مع أنإه لم يقتنإع بتلكا النإتيجة ....بعد عودته
إلى المقهى ...ولم يوصف له أي دواء وبعد إلحاحه وصف له حبوب
فيتامين ...B
ويبدو أن كبر السن والمعانإاة النإاجمة عنإه وكثرة ما يسمعه من
الخبار من رواد المقهى عن الطباء الجيدين في بغداد مما كان يدفعه إلى
زيارتهم باستمرار وتعاطي الدوية المختلفة التي يقومون بوصفها )خالي
بطال( والتي أكثر الحجي من تنإاولها كانإت السبب الرئيسي في تدهور
حالته الصحية لحين وفاته في ...8/2/1981
ادعاء مؤامرة فاضل والبزاز في مقهى خليل نإهاية عام 1968
في إحدى ليالي الشتاء الباردة من نإهاية عام 1968كنإت جالس ا في
عمق المقهى قرب )الوجاغ( وهو المكان المخصص لتخدير الشاي وعمل
القهوة ولوازم الركيلة ...كنإت حينإها برفقة أحد الصدقاء وزميل الدراسة
الجامعية المرحوم عصام محمد رؤوف الدوري وكان يكنإى بمنإطقتنإا باسم
ضياء وقد استشهد في نإهاية 2003رحمه ال وبينإما كنإا نإحتسي الشاي
167
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ونإتبادل الحديث لفت انإتباهنإا بالرغم من كثرة رواد المقهى في ذلكا الشتاء
البارد العميد المتقاعد فاضل محمد علي وهو يقوم بشكل متكرر كل خمسة
أو عشرة دقائق بالتصال بالهاتف العمومي للمقهى المعلق على الجدار
ويبدو انإه كان مراقبا من قبل الجهزة المنإية وقد ملر فجأة الحجي عنإد
ذهابه للوضوء وسمعنإاه يوجه كلم ا مباشرا إلى العميد فاضل بقوله..." ...
مو كافي عد تلفونإات ...قابل هي ورث وأخذوه منإكا" ...عنإدها أغلق فاضل
الهاتف وكان الوجوم والحزن باديا على وجهه وتركا المقهى وبعدها مباشرة
ألقي القبض عليه قرب محل بقالة الحاج حسين المجاور للمقهى وأودع في
قصر النإهاية لمدة لأعرفها حسب سماعنإا وأطلق سراحه بعدها وانإقطعت
علنإا أخباره نإظرا لهدم المقهى عام ....1970
كان فاضل محمد علي برتبة مقدم وهو من الضباط الحرار الذين
نإفذوا انإقلب 14تموز 1958مع عبد السلم عارف حيث كان مكلفا
باحتلل الذاعة صبيحة ذلكا اليوم كما كان له حضور عنإد إلقاء القبض
على صباح نإوري السعيد الذي كان مختبئ ا في إحدى دور السككا وعنإد
سماعه مقتل والده وسحله في شوارع بغداد خرج بمفرده في حالة غير
طبيعية حسبما سمعنإا محاولا الهجوم على الذاعة وتم قتله من قبل أفراد
القوة العسكرية المرابطة.
وقد رأيت فاضل محمد علي عنإدما كان في رئاسة الجمهورية يباشر
الدراسة المسائية في كلية القتصاد والعلوم السياسية عام 1966مع انإه
كان من رواد المقهى فقد كنإت أراه ودودا هادي الطباع بسيطا وكان كثي ار ما
يتبادل الحاديث اللطيفة مع الحجي ويعتبر من أصدقائه لكنإه أصيب بخيبة
168
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
أمل بعد أن كان رئيس مرافقي رئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف بعد
17تموز 1968حيث فقد المتيازات بحكم ممارسة عمله السابق.
ول زلت أذكر فاضل محمد علي عنإدما رأيته عصر أحد اليام التي تلت
مقتل نإوري السعيد وهو بملبسه العسكرية الصيفية مع شلة من النإضباط
العسكري في دار السعيد عنإدما قامت الجماهير بالتواجد هنإاكا بعد أن تم
نإهبها من قبل الحواسم والغوغاء وكنإت مع بعض أهالي المنإطقة قد ركبنإا
من ساحة المين الباص ) (15خط كرادة مريم لمشاهدة دار الباشا التي
كانإت مطلة على نإهر دجلة...
مع إن إحساس الحجي في تلكا الليلة كان لدراكه لهواجس رواده
نإتيجة معاشرته لهم لعقود خلت ...إل أن ما جلب انإتباهي لها ما ورد في
كتاب برزان التكريتي بعنإوان )محاولت اغتيال الرئيس( بإشارته إلى مؤامرة
فاضل والبزاز التي تم حياكتها في مقهى خليل حيث كان يتواجد العسكريون
المتقاعدون ...ول علم لنإا بمدى صحتها ...ولكنإها قد تكون أحد السباب
التي حفزت السلطات على الستجابة لموال الوقاف لهدم المقهى باعتبارها
مق ار للعسكريين المتقاعدين...؟؟
المجرم ل زار في المقهى 1972
كان الحجي من المعجبين بشخصية جعفر العسكري وزير الدفاع
الذي قتل في انإقلب بكر صدقي عام 1936وهو أول انإقلب للجيش
العراقي منإذ تأسيسه على يد جعفر العسكري الذي كان يكنإى بمؤسس
الجيش حيث تم بنإاؤه على يديه منإذ بداية تشكيل الحكم الوطنإي في العراق
...1921وفي أحد أيام الصيف الحادية عشرة صباحا وكان يومها عطلة
169
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
رسمية كنإت أزور المقهى خللها جالسا قرب الحجي وفجأة رأيته يهلز رأسه
بألم وحسرة على ذكريات الماضي وذلكا عنإد دخل المقهى شخص كبير
السن طويل القامة تميل بشرته إلى الحمرار متأبطا ذراع شخص آخر
يقاربه بالعمر علمت فيما بعد انإه يونإس بحري الذي كان يذيع عام 1941
"حي العرب من برلين" وعنإد سؤالي للحجي عن هوية هذا الشخص المرافق
إلى يونإس بحري أجابنإي بأنإه أرمنإي اسمه ل زار جاء من اليونإان مع القوات
البريطانإية وعين ضابطا في الجيش العراقي في العشرينإيات وقد كان من
المساهمين بقتل وزير الدفاع جعفر العسكري الذي كان عديلا لنإوري السعيد
وقد هرب خارج العراق بعد مقتل بكر صدقي عاد مرة أخرى عام 1941مع
يونإس بحري ثم فلر الثنإان خارج العراق لحين إصدار العفو أو السماح لهم
بعد 14تموز 1958بالعودة.
في أوائل الثمانإينإات توفي ل زار في إحدى الغرف المستأجرة في
منإطقة البتاويين وقامت إحدى المجلت الرسمية على ما أذكر بنإشر لقاء
معه قبل وفاته وهو على فراش المرض والفاقة بادية على موقع سكنإاه ول
أدري لماذا هذا اللقاء الصحفي...؟؟
لكن الذي جذب انإتباهي في حينإها أن ل زار يمشي )مشية مال
اشقيائية( مع انإه تجاوز الثمانإين عاماا ...وهو الذي ساهم في أبشع
جريمة بحق مؤسس الجيش العراقي منإذ عهد المغفور له الملكا فيصل
الول ،ولعل ما أشارت إليه المصادر حول مختلف الوسمة والنإواط
وشهادة القانإون واللغات التي كان يتقنإها العسكري في حينإها تعد فخ ار
للعراق.
170
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
171
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
بنإاية المقهى لو لم تكن للوقاف لقامت الدولة بمنإحها له بعقد طويل لمدى
الحياة وذلكا تقديرا لمواقفه الجليلة مع الخرين.
بدأ التحرش الفعلي في بداية عام 1964وكان أحد رواد المقهى من
منإتسبي الوقاف وهو منإافق لئيم بدأ بإثارة الموضوع حول استغلل الوقاف
لمبنإى المقهى وهدمه لتشييد بنإاية وأسفلها مطعم وعنإد تكرار هذا التبليغ
الذي أهمله الحجي في البداية ثم رفع عريضة معنإونإة إلى رئيس
الجمهورية عبد الرحمن عارف الذي بدوره قام مشكو ار بوضع هامشه على
العريضة "لتهدم لنإها معلما تاريخياا".
وهدأت الوقاف عن إثارة الموضوع مؤقت ا وبعد 17تموز 1968
عادت مرة أخرى لثارته ويبدو انإها كانإت تعلم بعلقة الحجي بالمسؤولين
لذلكا كانإت تتردد في تنإفيذ أمر التخلية...
وقد بدا الحجي متأث ار تأثي ار بالغا ومؤلما من إعادة طرح هذا
الموضوع مجدد ا حيث انإه اعتاد على بدل إيجار الوقاف الذي يتلءم مع
الهدر المتبع في المقهى بالمصروفات ،ويبدو أن الوقاف هذه المرة كانإت
مصرة على هدمها مع انإه اعتمد في حينإها على عبد ال سلوم السامرائي
الذي كان من رواد المقهى وأصبح عضوا للقيادة القطرية لحزب البعث
العربي الشتراكي ووزيرا للعلم والذي لم يكن تدخله لدى الوقاف مؤثرا
فقد حصل على تمديد لمدة شهر فقط لتأجيل أمر تنإفيذ الخلء ويبدو انإه لم
يكن موفقا في العتماد على عبد ال السلوم ولحد الن ل أعلم ما هو
السبب لعدم توسطه لدى صالح مهدي عماش أو سعدون غيدان أو خير
ال طلفاح ويبدو أن الملل قد أخذ منإه مأخذ ا أو أن هدمها أصبح أمرا
مستهدف ا ومقصود ا ولعلها أسباب مجهولة ولكنإها قابلة للشكا ...كونإها
تجمعا للعسكريين المتقاعدين لكنإي على حد علمي بعد سنإوات تبين لي بأنإه
172
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
كان على علقة وطيدة جد ا مع سعدون غيدان الكروي وكذلكا خير ال
طلفاح وبينإهم حقوق متبادلة يمكن استئثارها في العرف البغدادي.
ولكن على مايبدو أن لكبر السن والتعب والرهاق بعد ثمانإين عاما قد
جعلته يرفع الراية البيضاء ويستسلم للوقاف ولعله لو كان على )حيله مال
الول( لحصل العكس.
كما إن محاولته ليجاد محل آخر بديل لم يكن في ذهنإه حيث كيف
يتركا المكان الذي عاش فيه أربعين عاما مليئة بالذكريات ولم يوفق في
إيجاد البديل وأخي ار بعد أن بقي لمدة أكثر من سنإة عاطلا عن العمل استأجر
بعدها مقهى قرب جامع الحيدرخانإة ولكنإها لم تكن على الشارع مباشرة بل
داخل قيصرية وكان موقعها بائس ا تركها بعد ثلث سنإوات معتكف ا في داره
بالوزيرية .وحيدا كئيبا وبقي وليد الحسرة على سنإين خلت إلى أن توفاه
الجل صباح 8/2/1981ودفن في مثواه الخير في مقبرة الشيخ عمر
السهروردي ..وأقيم مجلس الفاتحة له في جامع الجنإدي المجهول في
ساحة الفردوس...
ذكريات د.كمال السامرائي في حديث الثمانإين
بدأت مسيرة المرحوم د.كمال السامرائي في بغداد قادم ا من سامراء
للدراسة في الثانإوية المركزية في بغداد عام 1929الفرع العلمي وتعرف
في تلكا الفترة على العديد من الزملء في الدراسة ومنإهم الطالب عبد الكريم
قاسم الذي كان في الفرع الدبي وفي حينإها كان السطة خليل متعهد ا
لحانإوت المدرسة وامتدت صلة المعرفة به لتستمر طيلة العقود اللحقة
سيما وأن أقرباء د.كمال من أصدقائه وبواسطته يتم تسليمه ما يرسله أهله
من سامراء من احتياجات وغيرها طيلة فترة دراسته ولحين تخرجه من كلية
173
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
174
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
سوية عص ار وقد رأيته مستلقيا على سريره لصابته بكسر في أحد أضلعه
مما اضطره إلى ملزمة الفراش وقد رحب بنإا ترحيبا حا ار وكان مسرو ار
لرؤيتي حيث فاجأنإي بنإظرة مليئة بالفرح والمسرة قائلا سبحانإه ال كأنإي أرى
المرحوم حجي خليل أمامي ولكن بدون "جراوية" واسترسل بسرد خواطر
الذكريات معه ....قائلا ان حديث الثمانإين هو سرد لمسيرة حياته وكان
سعيدا بإنإهاء كتابتها ونإشرها وتبادلنإا معه الحديث الشيق عن بغداد وما
آلت إليه ونإاسها كيف كانإوا وأين أصبحوا وبعد أكثر من ساعة استأذنإا
الدكتور بالنإصراف مودعا لنإا بكل رحابة وامتنإان...
عنإد قراءتي لحديث الثمانإين بأجزائه الربعة وجدت فيها من المتعة
والتشويق من خلل المداركا الحياتية الكثيرة والتي فرضتها عليه ممارسة
مهنإته العلمية النإسانإية ولعل ذكرياته عنإدما عاش في قصر الزهور لمدة
ستة أسابيع للشراف على علج المرحومة الملكة عالية وغيرها من
النإطباعات خلل نإصف قرن تمثل جزءا من تأريخ العراق الحديث جديرة
بالطلع وسيما وان الخواطر الحياتية التي أشار إليها في مسيرته تمثل
الواقعية المعاصرة بمثلها وقيمها لما هو سائد في المجتمع البغدادي إواشارة
إلى نإضاله العلمي داخل وخارج العراق حيث حصل على أرفع الدرجات
العلمية في مجال تخصصه وقد أغنإى مسيرة الطب في العراق بشخصيته
البغدادية النإافذة وأصبح اسمه يتداول في مجال الطب النإسائي خارج القطر
من خلل المؤتمرات الطبية التي حضرها وكان يشار إليه بالبنإان في لنإدن.
لقد كان الدكتور كمال رحمه ال محبا لبغداد وعاداتها وتقاليدها وهو
من رموزها الساسية ووجهائها خدم الوطن بكل جدارة وأمانإة مهنإية وكان
175
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الجدر أن يطلق على مذكراته كفاح الثمانإين ...والتي كان مسرو ار بإنإهاء
كتابتها ونإشرها قبل وفاته رحمه ال...
176
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
المرحوم توفيق السويدي مقابل دار السفارة البريطانإية في بغداد إضافة إلى
عدد آخر من المساكن...
عنإد زيارتنإا خارج القطر كنإا نإشاهد في الدول الوربية الطراز
المعماري للبنإية القديمة التي مضى على بنإائها مئات السنإين حيث تعتبر
من المعالم الحضارية والتراثية لجيال خلت والحفاظ على طابعها مسؤولية
الدولة والمواطن حيث تجري عمليات صيانإتها كل فترة زمنإية محددة إضافة
إلى إحاطتها بالزهور والرياحين ويشعر المواطن عنإد مشاهدتها بأحاسيس
عبق الماضي الجميل والتي خلقت المشاعر والذوق السليم لدى معظم كتاب
الدب حيث كانإت القصص الدبية التي أغنإت السينإما العالمية في فترات
الربعينإيات والخمسينإيات والستينإيات بروائع الفلم التي تحمل بصمات
أرقى ماوصل إليه الدب العالمي من سمو والذي فقدنإاه في العقود المتوالية
مع السف الشديد...
ولعل مما يولد اللم في نإفسي ومنإذ الصبا عنإد مشاهدتي لبنإية
مضى على بنإائها أكثر من ثمانإين أو مائة عاما تهدم في بغداد وهذا ما
حصل لبنإاية مدرسة المأمونإية البتدائية حيث هدمت وألحقت بوزارة الدفاع
وكذلكا بهو أمانإة العاصمة المحاذي لقاعة الملكا فيصل الثانإي وكان تواصل
هذا البنإاء حتى يصل إلى حديقة كبيرة غلنإاء مطلة على نإهر دجلة كانإت
تزدحم في العياد والمواسم بأهالي بغداد )حديقة غازي( أما بهو أمانإة
العاصمة الذي أشرنإا إليه كان يضم قاعات فخمة تجري فيها الحفلت
الرسمية واستقبال الوفود في عهد النإظام الملكي كما إن حدائقها الواسعة
كانإت شاهدا مع مساحاتها المفتوحة لمهرجانإات لشباب العراق تقام على
177
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
صرحها في منإاسبات كثيرة ولكن للسف هدمت جميعها وألحقت ببنإاية وزارة
ق من الرث القديم سوى قاعة الملكا فيصل الثانإي والتي تغير
الدفاع ولم يب ل
اسمها إلى قاعة الشعب وهي شبه مهجورة...
أما فنإاء وزارة الخارجية في البنإاية القائمة مقابل السجن المركزي كان
بمنإتهى الروعة في الريازة المعمارية وقامت الدوائر المختلفة التي أشغلتها
بتغيير وتشويه معالمها حيث تم إشغالها بعد انإتقال الوزارة منإها من قبل
دائرة إسالة الماء والحسابات العسكرية وغيرها.
ثم نإعود إلى بنإاية البلط الملكي التي تمثل النإاقة المعمارية اللئقة
بهيبة النإظام الملكي وكانإت بحدائقها الغلنإاء تطل على نإهر دجلة أما
واجهتها المامية مطلة على الشارع العام بدائرة مستديرة )فلكه( فيها هاتف
رسمي لحد أفراد الحرس الملكي يستخدم في حالة حضور الملكا أو الوصي
إلى البلط حيث يتم إشعار الحرس بقدومهم كي يتم التهيؤ لستقبالهم وقد
كان صرح البلط شاهدا على الحكم الملكي لفترة ثلثة عقود وبعد 14
تموز 1958أصبح مق ار لما عرف بمجلس السيادة لحين ) (8شباط
1963حيث تم بعدها نإقل مقر الرئاسة الجديد إلى بنإاية القصر الجمهوري
الحالية وبعد عدة سنإوات تم هدم بنإاية البلط الملكي في أواسط السبعينإيات
ليتم تشييد بنإاء عرف بـ)نإادي القادة( والذي تم سلبه ونإهبه بعد حرب عام
....2003
ويا لها من سخرية حيث كأن بغداد قد خلت من الراضي ليتم تشييد
البنإية عليها مع إنإنإا ل زلنإا لحد الن نإشاهد في مصر والسكنإدرية قصور
178
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
179
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
180
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الصيل برغم هول المصاب حيث واجه الحاج محمد أثقل فاجعة في التأريخ
باستشهاد أبنإائه الربعة وحفيده وهم الشهداء غانإم وبلل وكاظم ومحمد
وقتيبة غانإم وبعد مدة قليلة لحقت بهم والدتهم رحمها ال من شدة الحزن
ومرارة اللم على فقدان أبنإائها الربعة وحفيدها ...ياترى هل يمكن للذاكرة
أن تمحي ماحدث يوم الثنإين السود في ...5/3/2007
في النإفجار الغادر الذي استهدف الهوية العراقية في شارع الثقافة
حيث التهمت النإيران المكتبات العريقة وكتبها وأصحابها...
إن هول المأساة التي أصابت الحاج محمد ليس من السهل على أي
إنإسان مهما كان أن يمتلكا القدرة على تحملها ومع ذلكا فإنإكا تجد نإفسكا
عنإد ارتياد المقهى أمام هذا الموروث البغدادي الذي واجه أثقل فاجعة في
التأريخ وهو مازال يمتلكا القدرة على تحملها ومواكبة الحياة بإيمان مفعم
بالتحلي بالصبر وقوة الرادة لوالد الشهداء تغمدهم ال سبحانإه وتعالى
برحمته وأسكنإهم فسيح جنإاته إنإه سميع مجيب فمن غير الشهداء أهلا
بجنإان الرحمن...
181
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
182
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
الجميل حيث كان السطة خليل محل ثقة الملكة عالية واختيارها له دليل
على مكانإته وأمانإته ،وبعدها قدمت الشكر للعم أبو أركان على ملحظته
التي مضى عليها أكثر من نإصف قرن...
183
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
184
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ولعل الحقيقة تكمن بأن ظروف الحياة والمنإطقة هي حياتنإا كانإت قد ار
ط يوما فرصة اختيار
مكتوبا على جباهنإا حيث ان الفرد العراقي لم نيعع ل
الحياة...؟؟؟
185
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
186
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
ليودع الدنإيا وينإتقل إلى جوار ربه بصمت بعد أن أفنإى أكثر من تسعين عاما
من عمره في خضم الحياة وعاصرها بحلوها وملرها وأقيم مجلس الفاتحة
على روحه الطاهرة في قاعة جامع الجنإدي المجهول الكائن في ساحة
الفردوس ...وفي حينإها كانإت حركة المرور في بغداد متقطعة بين الفردي
والزوجي لرقام المركبات المسموح لها بالسير بسبب أحداث الحرب العراقية
اليرانإية وأعتقد بأنإه وجد الراحة والطمأنإينإة بعد انإتقاله إلى رحاب الرحمن
كي يستقر بصمت هادئ ينإقذه من الغتراب الذي لم يسبق له أن عاصره
خلل عقود حياته منإذ العهد العثمانإي ...لنإه كان منإتميا للحياة
الجتماعية التي قام بصياغتها لنإفسه وانإعكست إيجابياتها على الخرين...
ولكنإه لم يجد أث ار لهم بعد أن تقاعد عن العمل حيث وجد نإفسه يعيش مآثر
الوحدة التي لم يعهدها سابقاا.
187
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
188
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
189
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
190
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
191
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
192
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
193
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
194
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
195
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
196
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
197
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
198
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
199
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
200
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
201
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
202
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
203
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
204
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
205
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
206
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
207
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
208
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
209
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
210
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
211
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
212
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
213
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
214
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
215
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
216
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
217
حميد القيسي ..............................................بغداديات
"مقهى خليل" ذكريات وانطباعات
218