Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 152

‫جميع الحقوق محفوظة‬

‫?‪THE WHAT‬‬

‫مجلة ثقافية إلكترونية نصف شهرية‬


‫تصدر عن مؤسسة «مؤمنون بال حدود للدراسات واألبحاث»‬

‫العدد ‪٢٠١٥ - ٤‬‬


‫‪4‬‬

‫مجلة‬
‫ثقافية‬
‫إلكترونية‬
‫نصف شهرية‬

‫كلمة‬ ‫المشرف العام‬


‫د‪ .‬أحمد فايز‬
‫هذا العدد‬ ‫رئيسة التحرير‬
‫سعيدة شريف‬

‫الحــداث تتفاعــل ف ي� اليمــن الســعيد‪ ،‬خاصــة‬ ‫مــا زالــت أ‬ ‫تدقيق لغوي‬


‫بعــد تقديــم الرئيــس اليمــن ي عبــد ربــه منصــور هــادي‬ ‫د‪ .‬عبد السالم شرماط‬

‫ـا�‪،‬‬ ‫ض‬ ‫ن‬


‫ـا�) المـ ي‬ ‫اســتقالته مســاء الخميــس ‪ 22‬ينايــر (كانــون الثـ ي‬ ‫تنفيذ‬
‫هــو ورئيــس حكومــة الكفــاءات اليمنيــة خالــد محفــوظ‬ ‫رنا عالونه‬

‫ســياس رهيــب‪ ،‬تمكنــت‬ ‫ي‬ ‫بحــاح‪ ،‬لتعيــش اليمــن ف ي� فــراغ‬


‫ـ� الشــيعة مــن الســيطرة عــى مجمــع‬ ‫إثــره مليشــيات الحوثيـ ي ن‬
‫ئــاس ف ي� صنعــاء‪ ،‬وأشــعلت الفتنــة ي� البلــد‪ ،‬مــا‬
‫ف‬
‫القــر الر ي‬
‫ن‬
‫دفــع بالعديــد مــن اليمنيـ يـ� إىل الخــروج للشــارع‪ ،‬والتنديــد‬
‫الحوثيــ�‪ ،‬والمطالبــة بحكومــة ديمقراطيــة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫بمخططــات‬ ‫المراسالت‪:‬‬
‫تقاطع زنقة واد بهت وشارع فال ولد عمير‪ ،‬أكدال‪،‬‬
‫قرب مسجد بدر‬
‫ـا�‪ ،‬واليمــن تعيــش‬ ‫ض‬
‫ـبتم� (أيلــول) المـ ي‬
‫منــذ شــهر سـ ب‬ ‫الرباط‪ ،‬المغرب‬
‫ـياس غـ يـر مســبوق‪ ،‬قــد‬ ‫عــى إيقــاع تحــوالت كبـ يـرة وحـراك سـ ي‬
‫ص‪.‬ب‪10569 :‬‬
‫تلفون‪00212537779954 :‬‬
‫يــؤدي إىل تجزئــة هــذا البلــد‪ ،‬الــذي لــم يعــد ســعيدا ب ـرأي‬
‫الحـرار‪ ،‬خاصــة بعــد ســقوط العاصمــة‬ ‫ـ� أ‬‫العديــد مــن اليمنيـ ي ن‬
‫فاكس‪00212537778827 :‬‬
‫رئيسة تحرير مجلة "ذوات" اإللكترونية‪:‬‬
‫وتكشــر هــذه الحركــة‬ ‫ي‬ ‫ين‬
‫الحوثيــ�‪،‬‬ ‫اليمنيــة صنعــاء ف ي� يــد‬ ‫‪mag@thewhatnews.net‬‬
‫ـى تســمي نفســها بـــ «أنصــار هللا» عــن أنيابهــا وأهدافهــا‬ ‫ت‬ ‫سكرتير تحرير مجلة "ذوات" اإللكترونية‪:‬‬

‫ف‬ ‫الـ ي‬ ‫‪mag2@thewhatnews.net‬‬


‫السياســية‪ ،‬عــى الرغــم مــن أنهــا كانــت تدعــي ي� البدايــة‬ ‫‪www.mominoun.com‬‬
‫الدفــاع عــن حرمــة الديــن ومواجهــة هيمنــة قــوى االســتكبار‬
‫ال يسمح بإعادة إصدار هذه المجلة أو أي جزء منها أو تخزينها‬
‫العالمــي‪ ،‬وعــى رأســها أمريــكا‪ ،‬والعمــل عــى النهــوض بواقــع‬
‫الســامية مــن االنحطــاط‪ ،‬والتخلــص مــن الظلــم‬ ‫أ‬ ‫في نطاق استعادة المعلومات أو نقلها بأي شكل من‬
‫المــة إ‬ ‫األشكال دون إذن خطي مسبق من مؤسسة «مؤمنون بال‬
‫والفســاد واالســتبداد باالعتمــاد عــى المنهــج الق ـر نآ�‪ ،‬نافـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫حدود»‪.‬‬

‫عــن أنفســهم الســعي إلحيــاء أي مذهــب‪ ،‬ألنهــم ال يؤمنــون‬ ‫‪No Part of this magazine may be reproduced,‬‬
‫‪stored in any retrieval system, or transmitted in any‬‬
‫أصـا ً بالمذهبيــة‪ ،‬كمــا جــاء عــى لســان أحــد عنارصهــا‪ ،‬وهــو‬
‫‪form or by any means without prior permission‬‬
‫فضــل هللا أبــو طالــب‪.‬‬ ‫‪in writting of (Mominoun Without Borders‬‬
‫‪Association).‬‬
‫ـ� باليمن‪،‬‬ ‫ونظـرا للتفاعــات الـ تـى تعرفهــا قضيــة الحوثيـ ي ن‬
‫ي‬
‫فقــد ش�عــت مجلــة «ذوات» الصــادرة عــن «مؤسســة مؤمنــون‬
‫بــا حــدود للدراســات أ‬
‫والبحــاث»‪ ،‬منــذ فـ تـرة ف ي� إعــداد ملــف‬
‫ن‬ ‫أ‬
‫عــن هــذه الحركــة‪ ،‬حيــث تكلــف الســتاذ والباحــث اليمــ ي‬
‫بــال ش�اف عــى تنســيقه وإنجــازه‪ ،‬فــكان‬ ‫محمــد الكميــم إ‬
‫ـى عرفتهــا اليمــن‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫الملــف جاه ـزا‪ ،‬لكــن التطــورات الخـ يـرة الـ ي‬
‫ـ�‪ ،‬أدركتنــا‪ ،‬فحاولنــا تغطيــة مــا اســتجد‬ ‫مــع حركــة الحوثيـ ي ن‬ ‫اآلراء الواردة في المجلة ال تمثل بالضرورة مؤسسة «مؤمنون بال‬
‫حدود»‪ ،‬وال تعبر بالضرورة عن رأي أي من العاملين فيها‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪5‬‬

‫الحيــان مــع‬‫يتمــا� ف� أغلــب أ‬


‫ش ي‬ ‫ولن بــاب "رأي ذوات"‬‫أ‬ ‫مــن أحــداث وتفاعــات‪ ،‬ونظ ـرا ألنــه ال يمكــن الوقــوف عنــد‬
‫ين‬
‫الحوثيــ�‪،‬‬ ‫ملــف العــدد‪ ،‬فقــد جــاء متضمنــا لمقــال عــن‬ ‫نــر العــدد كمــا هــو مــع التعديــات‬ ‫هــذا الحــد‪ ،‬قررنــا ش‬
‫جــى بعنــوان‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫الجديــدة‪ ،‬ف� انتظــار أن نعــود إىل هــذا الملــف الســاخن �ف‬
‫للباحــث اليمــ ي ســيف أحمــد غيــان ال� ب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫"النســق الطائفــي لــدى المثقــف اليمــن ي "‪ ،‬ومقــال ثــان‬ ‫اليــام المقبلــة‪.‬‬
‫الخمــ� حــول "الوظيفــة‬
‫ي‬ ‫المغــر� عبــد اللطيــف‬
‫بي‬ ‫للباحــث‬
‫النقديــة للمثقــف"‪ ،‬وثالــث للكاتــب والباحــث المــري هــا�ن‬
‫ي‬ ‫«الحوثيــون‪ :‬مذهــب ف ي� مواجهــة الدولــة» هــو العنــوان‬
‫نســره بعنــوان "ســقوط النمــوذج ت‬
‫الــر يك؟؟"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الــذي يحملــه هــذا الملــف ف ي� العــدد الرابــع مــن مجلــة‬
‫«ذوات»‪ ،‬والــذي منــذ العــان عنــه ف� الصفحــة أ‬
‫الخـ يـرة مــن‬ ‫ي‬ ‫إ‬
‫الول حــول‬ ‫ـ�‪ ،‬أ‬
‫ويتضمــن بــاب «ثقافــات وفنــون» مقالـ ي ن‬ ‫العــدد الثالــث‪ ،‬والقـراء ينتظرونــه‪ ،‬ويســألون عنــه باســتمرار‪،‬‬
‫ـر�‬ ‫ن ف‬
‫المغــر� عبــد‬
‫العــر�» للشــاعر والناقــد آ ف ب ي‬‫بي‬ ‫الشــعر النســوي‬ ‫خاصــة أن الملفــات المخصصــة للحوثيـ يـ� ي� العالــم العـ ب ي‬
‫والثــا� حــول «ثقافــة الخــر ي� العــر‬ ‫ن‬ ‫اللطيــف الــوراري‪،‬‬ ‫مــن قبــل المجــات قليلــة جــدا‪ ،‬وأغلبهــا معــد مــن خــارج‬
‫ي‬
‫الكولونيــال‪ :‬رفــض أم اســتعادة؟» للكاتــب والناقــد الفــن‬ ‫ـ�ة هــذا الملــف‪ ،‬فهــو أنه مــن إعداد ومســاهمة‬ ‫اليمــن‪ ،‬أمــا مـ ي ز‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـال فريــد الزاهــي‪ ،‬فيمــا يقــدم «حــوار ذوات» حــوارا‬ ‫ـ� غيوريــن عــى‬ ‫ـ� وفاعلـ ي ن‬ ‫ـ� أكاديميـ ي ن‬
‫ـ� أنفســهم‪ ،‬باحثـ ي ن‬ ‫اليمنيـ ي ن‬
‫والجمـ أ ي‬
‫ـى تعرفهــا اليمــن بعــد‬ ‫ت‬
‫التونــ� حافــظ قويعــة حــول‬ ‫ي‬ ‫مــع الكاديمــي والباحــث‬ ‫بلدهــم أوحذريــن مــن التحــوالت الـ ي‬
‫المناهــج الغربيــة والتقــدم العلمــي‪ ،‬مــن إنجــاز الزميــل‬ ‫الثــورة‪ ،‬لنــه كمــا يقــال أهــل مكــة أدرى بشــعابها‪.‬‬
‫محمــد بوشــيخي‪.‬‬
‫ويتضمــن ملــف «الحوثيــون‪ :‬مذهــب ف ي� مواجهــة‬
‫وإضافــة إىل بــاب «تربيــة وتعليــم» الــذي يتضمــن مقاال‬ ‫الدولــة»‪ ،‬تقديمــا مــن إعــداد الباحــث اليمــن ي محمــد‬
‫وتغيــر‬
‫ي‬ ‫المغــر� أحمــد العمــراوي حــول «العــادة‬
‫بي‬ ‫للباحــث‬ ‫مرشــد محمــد الكميــم بعنــوان «أنصــار هللا (الحوثيــون)‪:‬‬
‫مســار الشــخص‪ :‬مدارســنا وروح المبــادرة»‪ ،‬و«كتــب» الــذي‬ ‫مــن الجــذور إىل االمتــداد»‪ ،‬يســلط فيــه الضــوء عــى هــذه‬
‫ـى عرفتهــا‪ ،‬وتفاعالتهــا الخطـ يـرة‪،‬‬ ‫ت‬
‫بالصــدارات الجديــدة لمؤسســة مؤمنــون‬
‫ف‬
‫يتضمــن تعريفــا إ‬ ‫الحركــة‪ ،‬وعــى التحــوالت الـ ي‬
‫ائيــ�‬
‫الرس ي‬ ‫بــا حــدود‪ ،‬وقــراءة ي� كتــاب «أثــر االحتــال إ‬ ‫متســائال عــن الصمــت المريــب مــن قبــل الدولــة ومؤسســاتها‬
‫عــى التعليــم ف ي� القــدس» للشــاعرة والباحثــة الفلســطينية‬ ‫والمنيــة‪ ،‬ومــن قبــل معظــم القــوى السياســية‬ ‫الدفاعيــة أ‬
‫المتخصصــة ف ي� شــؤون القــدس‪ ،‬إيمــان مصــاروة والصــادر‬ ‫القليميــة والدوليــة قبيــل المواجهــات‬ ‫المحليــة والقــوى إ‬
‫أخــرا عــن وزارة ال ّثقافــة الفلســطينية‪ ،‬القــراءة مــن إعــداد‬ ‫الخـ يـرة وقبيــل اســتقالة الرئيــس والحكومــة‪ ،‬تجــاه التمــدد‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الكاتبــة والباحثــة الفلســطينية مــى ظاهــر‪ ،‬يتعــزز العــدد‬ ‫ين‬
‫الحوثيــ�‪.‬‬ ‫الرسيــع ألنصــار هللا‬
‫الرابــع مــن مجلــة «ذوات» ببــاب «ســؤال ذوات» الــذي‬
‫الردن آراء‬ ‫اســتطلعت فيــه الزميلــة العالميــة مـ نـى شــكري مــن أ‬ ‫ـ� هي‪:‬‬ ‫ـ� يمنيـ ي ن‬
‫كمــا يضــم الملف خمســة مقــاالت لباحثـ ي ن‬
‫إ‬
‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪،‬‬
‫ـر�‪.‬‬‫ســتة باحثـ يـ� عــرب حــول واقــع الق ـراءة ي� العالــم العـ ب ي‬ ‫«الحوثيــون‪ ..‬قصــة النشــوء واالرتقــاء‪ »!..‬لعصــام القيـ ي‬
‫ـ� أصــول الزيديــة وتجليــات واليــة الفقيــه»‬ ‫و«الحوثيــون بـ ي ن‬
‫نتمـ نـى أن يــروق قراءنــا أ‬
‫الع ـزاء هــذا العــدد‪ ،‬وأن نفــي‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫الحــو� ي� الناشــيد‬ ‫ث‬ ‫الســياس‬ ‫لحمــود نوفــل‪ ،‬و«الخطــاب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫العالميــة‪.‬‬
‫بجــزء مــن مهمتنــا إ‬ ‫ـ�‪ ،‬و«الحركــة الحوثيــة مــن خــال‬ ‫التعبويــة» لعــوض القيـ ي‬
‫بــ�ن‬
‫العالمــي» لمحمــد فائــد البكــري‪ ،‬و«اليمــن ي‬ ‫خطابهــا إ‬
‫قراءة ممتعة‪.‬‬ ‫�ض‬
‫مــاذا ولمــاذا‪ ،‬اليمــن أســئلة الحــا والمســتقبل» لريــاض‬
‫الول مــع عضــو المجلــس‬ ‫حمــادي‪ ،‬إضافــة إىل حواريــن‪ ،‬أ‬
‫سعيدة ش�يف‬ ‫ـياس لحركــة أنصــار هللا (الحوثيــون) فضــل أبــو طالــب‪،‬‬ ‫السـ ي‬
‫ن‬
‫ـا� مــع أحــد المعارضـ يـ� لهــذه الحركــة‪ ،‬وهــو الباحــث‬ ‫ن‬
‫والثـ ي‬
‫اليمــن ي عبــد الســام عبــد الخالــق الربيــدي‪ ،‬وكرونولوجيــا‬
‫اعـتــذار‪...‬‬ ‫الخـ يـرة باليمــن مــع‬ ‫الحــداث أ‬ ‫تقــرب القــارئ مــن تفاعــات أ‬
‫تتقدم مجلة «ذوات» باالعتذار من السادة الباحثين‪ :‬هاني نسيره‬ ‫الحوثيــ�‪ ،‬تقــف عنــد صبــاح الخامــس مــن شــهر بف�ايــر‬ ‫ين‬
‫ورشيد جرموني ومحمد الخراط‪ ،‬عن سقوط هوامش مقاالتهم‬ ‫(شــباط) الجــاري‪.‬‬
‫سهوًا‪ ،‬والتي تم نشرها في العدد الثاني (يناير‪ )٢٠١٥/‬والمتضمنة‬
‫إحاالتهم على أفكار من غيرهم‪ ،‬لذا اقتضى التنويه‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪6‬‬

‫في الداخل ‪...‬‬


‫ملف العدد‪ :‬الحوثيون‬
‫مذهب ف ي� مواجهة الدولة‬
‫أنصار الله (الحوثيون)‪ :‬من الجذور إىل االمتداد‬ ‫‪١٠‬‬
‫‪ ١٦‬الحوثيون‪ :‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬
‫ب� أصول الزيدية وتجليات والية الفقيه‬ ‫‪ ٢٤‬الحوثيون ي ن‬
‫الناشيد التعبوية‬ ‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬ ‫السياس‬ ‫‪ ٣٠‬الخطاب‬
‫ي ي‬ ‫ي‬
‫‪ ٤٠‬الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬
‫العالمي‬
‫‪ ٥٦‬اليمن‪ :‬أسئلة الحا�ض والمستقبل‬
‫‪ ٦٢‬حوار الملف مع فضل أبو طالب‬
‫‪ ٧٢‬حوار الملف مع عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬
‫الحوثيون ‪ ...‬مذهب ف ي� مواجهة الدولة‬ ‫‪٩٤ - ١٠‬‬
‫ين‬
‫الحوثي� باليمن‬ ‫‪ ٨٠‬كرونولوجيا أحداث وتفاعالت قضية‬
‫‪ ٩٤‬بيبليوغرافيا‬

‫ثقافة وفنون‬
‫العر�‬
‫عن شعر النساء‪ ،‬الشعر النسوي ب ي‬ ‫‪١٠٧‬‬
‫الكولونيال‪:‬‬ ‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬ ‫‪١١٠‬‬
‫ي‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫العر�‬
‫الشعر النسوي ب ي‬ ‫‪١٠٧‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪7‬‬

‫?‪THE WHAT‬‬

‫حوار ذوات‬
‫التونس‬
‫ي‬ ‫‪ ١١٨‬الكاتب‬
‫حافظ قويعة‪« :‬ثمن‬
‫التقدم العلمي باهظ‬
‫والمناهج الغربية‬
‫�ض ورية»‬

‫العر�‬ ‫ف‬
‫القراءة ي� الوطن ب ي‬ ‫‪١٢٨‬‬
‫سؤال ذوات‬
‫‪ ١٢٨‬باحثون عرب يشخصون واقع القراءة‬
‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬ ‫‪١١٨‬‬
‫العر�‬ ‫ف‬
‫ي� الوطن ب ي‬

‫ف ي� كل عدد‪:‬‬ ‫تربية وتعليم‬


‫‪ ١٣٩‬العادة ي‬
‫وتغي� مسار الشخص‪:‬‬
‫رأي ذوات‬ ‫‪٩٦‬‬ ‫مدارسنا وروح المبادرة‬

‫مراجعات‬ ‫‪١٤٠‬‬
‫إصدارات المؤسسة ‪ /‬كتب‬ ‫‪١٤٦‬‬ ‫مدارسنا وروح المبادرة‬ ‫‪١٣٩‬‬
‫لغة أ‬
‫الرقام‬ ‫‪١٥٠‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫لة‬
‫دو‬
‫‪8‬‬

‫دد‬
‫لع ن ة ال‬
‫و‬ ‫ا‬
‫لف ثي ه‬
‫م حو اج‬
‫ل مو‬
‫ي‬ ‫ا‬
‫ف‬
‫ب‬
‫ذه‬
‫م‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪9‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫تقديم‬ ‫‪10‬‬

‫إعــداد‪ :‬محمــد مرشــد‬


‫محمــد الكميــم‬
‫�ن‬
‫باحث أكاديمي يم ي‬

‫أنصار اهلل (الحوثيون)‪:‬‬


‫من الجذور‬
‫إلى االمتداد‬
‫إن هذا الكيان الجديد‪ ،‬الذي وسم بأنصار اهلل من قبل أصحابه‪،‬‬
‫وبالحوثية من قبل الطرف المعادي له‪ ،‬أتى ليناهض النظام الحاكم؛‬
‫فقد استغل رأس النظام هذا الطارئ‪ ،‬ليزج بخصومه السياسيين‬
‫والعسكريين في محاربته تحت غطاء الدولة؛ ألهداف وغايات كثيرة‬
‫تصب في صالحه منها‪ :‬إشغال الخصوم السياسيين المتدينين بحرب‬
‫طائفية تلهيهم عن العمل السياسي‪ ،‬وإرضاء الواليات المتحدة‬
‫بمحاربة من يجاهر بعدائها‪ ،‬والزج بمن تراهم إرهابيين في حروب‬
‫بعيدة عنها‪ ،‬واستدرار أموال بعض دول المنطقة تحت ذريعة محاربة‬
‫من يشكلون خطرًا عليهم‪.‬‬

‫ض‬
‫المــا�؛ فمنــذ أن‬
‫ي‬ ‫أئمــة الزيديــة ف ي� اليمــن موغــل ف ي� امتــداده الزمــن ي نحــو‬
‫ـرس‪ ،‬الــذي ينتســب إىل آل البيــت وإىل‬ ‫ن‬
‫وطــأت قدمــا يحـ يـى بــن الحسـ يـ� الـ ي‬
‫الــرس بالمدينــة المنــورة‪ ،‬أرض اليمــن للمــرة الثانيــة بعــد اســتدعاء بعــض قبائــل صعــدة لــه؛ ليفــض‬
‫نزاعاتهــم القبليــة‪ ،‬بــدأ تاريخهــم الــذي اســتمر مــن ســنة‪284‬ه‪898/‬م وحـ تـى قيــام النظــام الجمهوري‬
‫ســنة‪1382‬ه‪1962/‬م؛ أي إن حكمهــم لليمــن نيــف عــى أ‬
‫اللــف عــام‪.‬‬ ‫َّ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪11‬‬ ‫تقديم‬

‫ـى تخللتهــا فـ تـرات انقطــاع لحكمهــم‪ ،‬ال تعـن ي أنهــم بســطوا نفوذهم‬ ‫ت‬
‫وهــذه المــدة الطويلــة‪ ،‬الـ ي‬
‫ا� اليمــن‪ ،‬وال أنهــم أظلوهــا بعدلهــم‪ ،‬وال أنهــم لــم يجــدوا رفضـاً ومقاومــة وممانعــة‪،‬‬ ‫ض‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫عــى كل أر ي‬
‫وال أنهــم اســتمروا ي� حكمهــا دون أن تكــون هنــاك دواع لذلــك االســتمرار؛ فمنــذ إمامهــم الول الــذي‬
‫اتخــذ لنفســه لقــب‪( :‬المــام الهــادي إىل الحــق) وحـ تـى إمامهــم أ‬
‫الخـ يـر (محمــد البــدر)‪ ،‬كان نفوذهــم‬ ‫إ‬
‫ف‬ ‫نز‬
‫يمتــد ليشــمل معظــم مناطــق اليمــن الشــمالية ويتقلــص إىل أن يــزول أو ي ـ وي ي� قريــة أو مدينــة‬
‫مــا‪ ،‬تقــع ف ي� شــمال اليمــن أو شــمال شــمالها‪ .‬كمــا أن جــور بعضهــم وطمــع آخريــن منهــم ف ي� الحكــم‬
‫جعــل مبــدأ الخــروج بالســيف مــن قبــل بعضهــم عــى بعضهــم آ‬
‫الخــر يســيل دماءهــم ودمــاء كثـ يـر‬
‫ـ� طــوال تاريخهــم؛ ولــذا وجدنــا التاريــخ يســجل لنــا مناهضــات وثــورات فكريــة وحربيــة‬ ‫مــن اليمنيـ ي ن‬
‫ف‬
‫ـى تحــر أحقيتــه ي� كل مــن ينتمــي إىل‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫عديــدة‪ ،‬مــن قبــل يمانيـ يـ�‪ ،‬ضدهــم وضــد فلســفة حكمهــم الـ ي‬
‫ـ�)‪ ،‬ولكــن هــذه المناهضــات والثــورات شــهدت تراجعـاً نســبياً بعــد‬‫ـ� (الحســن والحسـ ي ن‬ ‫ســالة البطنـ ي ن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫تقديم‬ ‫‪12‬‬

‫(الت ـراك) إىل اليمــن؛ ألن أئمــة الزيديــة ســعوا إىل تعبئــة الشــعب اليم ـن ي ضدهــم‬ ‫ـ� أ‬ ‫دخــول العثمانيـ ي ن‬
‫وضــد دعــوى الخالفــة إالســامية الســنية الـ تـى أتــوا بهــا‪ .‬ولكنهــم ش‬
‫بم�وعيــة المقاومــة ضــد االحتــال‬ ‫ي‬
‫ـ� قضيــة يشــغلونهم بهــا عــن مناوأتهــم لحكمهــم واســتطاعوا أن يتخــذوا‬ ‫ـا� أوجــدوا لليمنيـ ي ن‬ ‫ن‬
‫العثمـ ي‬
‫ـ� ومـ شـروع الخالفــة إالســامية اللذيــن أصبحــا مهدديــن لمذهبهــم‬ ‫منهــم حائطـاً يصــدون بــه العثمانيـ ي ن‬
‫الزيــدي الــذي حكمــوا بــه اليمــن واليمنيـ ي ن‬
‫ـ�‪.‬‬
‫ـ�‪ ،‬الذيــن أرغمتهــم الحــرب العالميــة أ‬
‫الوىل عــى الخــروج‬ ‫ومــا إن انقـ ضـى الـراع مــع العثمانيـ ي ن‬
‫أ‬
‫مــن اليمــن ف ي� العــام ‪1918‬م‪ ،‬حـ تـى صفــي لئمــة الزيديــة حكــم شــمال اليمــن‪ ،‬ولكــن أصــداء تحــرر‬
‫الح ـرار مــن أبنــاء اليمــن بمختلــف طبقاتهــم وفئاتهــم ومناطقهــم؛‬ ‫شــعوب العالــم طرقــت أســماع أ‬
‫الرس الزيديــة الهاشــمية‪ ،‬ثــورات متواليــة توجــت بســقوط نظــام أ‬
‫الئمــة‬ ‫فثــاروا‪ ،‬مــع كثــر مــن أبنــاء أ‬
‫ي‬
‫الزيديــة ف ي� العــام ‪1962‬م؛ غـ يـر أن نظامهــم ظــل يقــاوم الجمهوريـ يـ� ســنوات الحقــة حــى كادوا أن‬
‫ت‬ ‫ن‬
‫ـ� للجمهوريــة اســتطاعوا كــر حصــار‬ ‫يســقطوه بثــورة مضــادة ف� نهايــة الســتينيات‪ ،‬لــوال أن الموالـ ي ن‬
‫ـ� لهــا الذيــن اتخــذوا مــن المعقــل أ‬ ‫ي‬
‫الم للزيديــة (صعــدة) مــاذاً‬ ‫صنعــاء ومطــاردة فلــول المناهضـ ي ن‬
‫يــأوون إليــه ويحتمــون بــه‪.‬‬

‫ونظــراً ألمــور مختلفــة وعديــدة كــف الجمهوريــون عــن مطــاردة أولئــك‪ ،‬وبــدأت العالقــات‬
‫االجتماعيــة والسياســية واالقتصاديــة والثقافيــة تخــط لنفســها طريق ـاً يناســب المرحلــة‪ ،‬ولكــن سياســة‬
‫والقليميــة والدوليــة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫النظمــة الديكتاتوريــة ي� الجمهوريــات العربيــة الناشــئة والمتغـ يـرات المحليــة إ‬
‫هــي الـ تـى ســوغت اســتمرار إهمــال محافظــة صعــدة‪ ،‬وغ�هــا مــن محافظــات أ‬
‫الط ـراف البعيــدة عــن‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫المركــز‪ ،‬مــن التطويــر والتنويــر‪.‬‬

‫وقــد تفاقــم إهمــال هــذه المناطــق ف ي� عهــد النظــام الســابق الــذي أراد إزالــة توجســه مــن مبــدإ‬
‫ـ� ف ي� تلــك المحافظــة؛‬ ‫الخــروج عــى الحاكــم الظالــم‪ ،‬الــذي يعــد أصـا ً مــن أصــول الزيديــة المتكتلـ ي ن‬
‫ـ� الدينيــة‪ ،‬بــل إنــه‬‫ـ�رع لهــم ف� عقــر دارهــم توجهـاً دينيـاً ســلفياً أو وهابيـاً هــدد هويــة الزيديـ ي ن‬ ‫فاسـ ت ز‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫بــزرع ســلفية أو وهابيــة المحـ ِّـدث «مقبــل الوادعــي» ومركــزه الديـن ي ي� (دمــاج‪ -‬صعــدة) لــم يأمــن مكــر‬
‫ـص الســعودية مــن رجــل ديــن غـ يـر مرغــوب ف ي� بقائــه بهــا‪،‬‬ ‫علمــاء الزيديــة هنــاك وحســب‪ ،‬ولكنــه َخ َّلـ َ‬
‫ـلم� بعــدم جــواز خروجهــم عــى الحاكــم مــا لــم يــأت‬ ‫ن‬ ‫ـى تلــزم المسـ ي‬ ‫ت‬
‫وأفــاد مــن فتــاواه الدينيــة الـ ي‬
‫بكفــر بــواح‪.‬‬

‫والزيديــ� ف ي�‬
‫ين‬ ‫ين‬
‫الســلفي�‬ ‫غــر المعلنــة ي ن‬
‫بــ�‬ ‫هــذه الحــرب ي‬
‫ن‬
‫ـى دفعــت الزيديـ يـ� إىل استشــعار الخطــر المحــدق‬ ‫ت‬
‫سعى أئمة الزيدية إلى تعبئة‬ ‫صعــدة‪ ،‬هــي الـ ي‬
‫ـى يحيــون‬ ‫ـياس وكيــان آخــر مذهـ ب ي‬
‫بهــم؛ فســعوا إىل تشــكيل كيــان سـ ي‬
‫الشعب اليمني ضد العثمانيين‬ ‫ن‬
‫بهمــا المذهــب الزيــدي‪ ،‬وينافحــون بــه الوهابيـ يـ� سياســياً وديني ـاً‪.‬‬
‫وضد دعوى الخالفة اإلسالمية‬ ‫ـياس المتمثــل ف ي�(حــزب الحــق) وكيانهــم‬ ‫كيانهــم السـ ي‬ ‫ولكــن حضــور‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫الديـن ي المتمثــل ي� حركــة (الشــباب المؤمــن)‪ ،‬اللذيــن جــاءا ي� بدايــة‬
‫السنية التي أتوا بها‬ ‫التســعينيات‪ ،‬لــم يكونــا بعيديــن عــن أعـ ي ن‬
‫ـ� النظــام الحاكــم؛ فقــد‬
‫غــض الطــرف عــن تكونهمــا لغايــات سياســية لــم تُف ََّعــل إال بعــد‬
‫ـى تخلــص فيهــا مــن قــوة الحــزب االشـ تـر ياك‬ ‫ت‬
‫حــرب صيــف ‪1994‬م الـ ي‬
‫العتيــدة‪.‬‬

‫ـ� بحــزب إالصــاح‬‫ـلم� الممثلـ ي ن‬


‫للخــوان المسـ ي ن‬‫ـياس والعســكري إ‬‫ولعــل وعيــه بقــوة الحضــور السـ ي‬
‫ن‬
‫اكي�‪ ،‬هــو‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫الــذي تحالــف معــه ومــع غـ يـره مــن الجهاديـ يـ� العائديــن مــن أفغانســتان لدحــر االشــر ي‬
‫الــذي جعلــه يتيــح‪ ،‬هــذا إذا لــم نقــل يدعــم‪ ،‬لحــزب الحــق ولحركــة الشــباب المؤمــن ممارســة بعــض‬
‫ـ� تقــام االنتخابــات‪.‬‬ ‫ـ� حـ ي ن‬
‫النشــاطات السياســية والدعويــة؛ لــ� يحــد مــن اتســاع شــعبية إالصالحيـ ي ن‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪13‬‬

‫ـي� وإضعافهــم؛ إذ‬ ‫وبمجــيء العــام ‪2001‬م‪ ،‬جــاءت الفرصــة الثانيــة لـ ضـرب خصومــه السياسـ ي ن‬
‫ـى �ض ُ ب فيهــا برجــا التجــارة ف ي� نيويــورك‪ ،‬لتلــك الفرصــة‬ ‫هيــأت أحــداث الحــادي عـ شـر مــن سـ ب ت‬
‫ـبتم�‪ ،‬الـ ي‬
‫ـ� الذيــن بــدأوا يهيئــون لكيــان جديــد منبثــق عــن‬ ‫الـ تـى اســتغل فيهــا النظــام الحاكــم طمــوح الزيديـ ي ن‬
‫ي‬
‫ـو�‪.‬‬ ‫ـ� بــدر الديــن الحـ ث‬
‫الكيــان الديـن الســابق بقيــادة حسـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫وبمــا أن هــذا الكيــان الجديــد‪ ،‬الــذي وســم بـ(أنصــار هللا) مــن قبــل أصحابــه وبـ(الحوثيــة) مــن‬
‫قبــل الطــرف المعــادي لــه‪ ،‬تأ� ليناهــض النظــام الحاكــم؛ فقــد اســتغل رأس النظــام هــذا الطــارئ‬
‫ـكري� ف ي� محاربتــه تحــت غطــاء الدولــة؛ ألهــداف وغايــات كثـ يـرة‬ ‫ـي� والعسـ ي ن‬‫ـ�ج بخصومــه السياسـ ي ن‬ ‫لـ ي ز‬
‫ـ� بحــرب طائفيــة تلهيهــم عــن العمــل‬ ‫ـي� المتدينـ ي ن‬ ‫ف‬
‫تصــب � صالحــه‪ ،‬منهــا‪ :‬إشــغال الخصــوم السياسـ ي ن‬
‫ي‬
‫ـ�‬‫الســياس‪ ،‬وإرضــاء الواليــات المتحــدة بمحاربــة مــن يجاهــر بعدائهــا والــزج بمــن تراهــم إرهابيـ ي ن‬
‫ي‬
‫ف ي� حــروب بعيــدة عنهــا‪ ،‬واســتدرار أمــوال دول الخليــج تحــت ذريعــة محاربــة مــن يشــكلون خط ـراً‬
‫الحمــر‬ ‫الهــم هــو‪ :‬إطالــة أمــد الحــرب؛ لــ� ينهــك قــوات الج ـرن ال عــ� محســن أ‬ ‫والمــر أ‬
‫عليهــم‪ ،‬أ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫ـأ� مــن خشــية وقوفهــا‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫ـى كلفــت بمحاربــة الحوثيـ يـ�‪ ،‬وســعيه إلنهاكهــا يـ ي‬ ‫(الفرقــة الوىل مــدرع) الـ ي‬
‫ـى اســتحدثت؛ لتهـ ي ئ‬
‫ـى الحكــم مســتقبال ً لبديــل‬ ‫ت‬
‫ضــد القــوة العســكرية الناشــئة (الحــرس الجمهــوري) الـ ي‬
‫بعينــه‪.‬‬

‫الوىل‬‫الحوثيــ� إىل ســت حــروب قتــل ف� أ‬


‫ين‬ ‫مــن هنــا يمكــن أن نفهــم امتــداد المواجهــات مــع‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫ـو�‪ ،‬وخلفــه عليهــا مــن بعــده أخــوه الصغــر‬ ‫ث‬ ‫ن‬
‫منهــا ‪2004‬م مؤســس الحركــة حسـ يـ� بــدر الديــن الحـ ي‬
‫ـى‬ ‫ت‬ ‫ث‬
‫ـ� محســن الـ ي‬‫ـو� الــذي تزعــم الحركــة طــوال خمــس حــروب الحقــة مــع فرقــة عـ ي‬‫عبــد الملــك الحـف ي‬
‫كانــت تســتوقف ي� لحظــات حاســمة مــن القتــال وتـ تـرك بعــض ألويتهــا تتســاقط بيــر وســهولة وبطــرق‬
‫غامضــة‪ .‬كمــا يجــب التنويــه إىل أن الحركــة خاضــت حرب ـاً واحــدة مــع الجــارة الســعودية‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫تقديم‬ ‫‪14‬‬

‫ـى انهــار فيهــا نظــام صالــح بعــد‬ ‫ت‬


‫وبمجــيء أحداث‪/‬ثــورة ‪2011‬م‪ ،‬الـ ي‬
‫رن‬
‫إســناد الجــ ال محســن وفرقتــه لهــا ولمطالبهــا‪ ،‬انضــم أنصــار هللا نإىل إن الكيان الجديد‪ ،‬الذي وسم‬
‫بعامــ�‪،‬‬
‫ي‬ ‫الســاحات المناديــة بإســقاط صالــح ونظامــه‪ .‬وبعــد ســقوطه‬
‫بــدأت تحركاتهــم العســكرية تتجــه صــوب محافظــة عمـران متذرعــة بذرائــع بأنصار اهلل من قبل أصحابه‪،‬‬
‫مختلفــة؛ فســقطت عمـران ف ي� أيديهــم دون أن يلقــى اللــواء التابــع لفرقــة وبالحوثية من قبل الطرف‬
‫ــري أو أي غطــاء تجــوي‪ ،‬ثــم فاتجهــت مليشــياتهم المعادي له‪ ،‬أتى ليناهض‬ ‫محســن أي إســناد بَ ِّ‬
‫الــى ســقطت ي� أيديهــم ســقوطاً‬ ‫العســكرية نحــو العاصمــة صنعــاء ي‬
‫ـ� النظام الحاكم‬ ‫هوليوديـاً قاومتــه فرقــة محســن وبعــض مليشــيات جامعــة إاليمــان اللتـ ي ن‬
‫والمنيــة‪ .‬بعــد ذلــك‪،‬‬ ‫ـت� العســكرية أ‬ ‫لــم تتلقيــا أي إســناد مــن المؤسسـ ي ن‬
‫تســاقطت مــدن أخــرى ف ي� أيديهــم دون أيــة مقاومــة تذكــر للجيــش‪،‬‬
‫ولكــن هــذه المليشــيات‪ ،‬حينمــا وصلــت إىل المناطــق الشــافعية جنوب ـاً‪،‬‬
‫تراجــع تمددهــا الرسيــع كثـ يـراً؛ ألنهــا ال تملــك الحاضنــة الشــعبية لهــا هنــاك‪ ،‬ولنهــا قوبلــت بتنظيــم‬
‫أ‬
‫ولن هــذا التمــدد بــدأ يفــرز متغـ يـرات عــى اللعبــة‬ ‫ـ� لهــا‪ ،‬أ‬ ‫القاعــدة وبعــض رجــال القبائــل الرافضـ ي ن‬
‫ـ� القــوى المتصارعــة والداعمــة؛ ولــذا تراجعــت رسعــة التمــدد هنــاك وازدادت‬ ‫السياســية الدائــرة بـ ي ن‬
‫ـى مــا زالــت مســتمرة إىل اليــوم‪.‬‬ ‫ت‬
‫حــدة المواجهــات الـ ي‬
‫وتحــت ذريعــة تنفيــذ مخرجــات الحــوار الوط ـن وتنفيــذ مــا تضمنتــه وثيقــة الســلم ش‬
‫وال�اكــة‬ ‫ي‬
‫ـى ســيطرت فيهــا القاعــدة عــى‬ ‫وتعديــل مســودة الدســتور وتهذيبهــا ومحاربــة القاعــدة ف� مــأرب الـ ت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫معســكر للدولــة‪ ،‬ونهبــت أســلحته وعتــاده‪ ،‬دخــل الحوثيــون ف ي� شــد وجــذب مــع الرئيــس هــادي‬
‫وحكومــة الكفــاءات‪ ،‬انتهــت بمواجهــة مســلحة مــع حــرس الحمايــة الرئاســية ف ي� كل مــن دار الرئاســة‬
‫والبيــت الــذي يقطنــه الرئيــس هــادي‪ ،‬ال ليبعــدوه‪ ،‬ولكــن ليضغطــوا عليــه ويزيــدوا مــن تضييــق‬
‫الخنــاق عــى رقــاب الــرؤى المخالفــة لرؤاهــم؛ حـ تـى تلـ بـى مطالبهــم‪ .‬وقــد أســفرت هــذه المواجهــات‬
‫عــن تقديــم الرئيــس هــادي وحكومــة الكفــاءات االســتقالة‪ ،‬كمــا أســفرت عــن مطــاردة بعــض الــوزراء‬
‫ووضعهــم‪ ،‬مــع رئيســهم‪ ،‬تحــت القامــة الج�يــة غــر المعلنــة والـ تـى يفرضهــا واقــع أ‬
‫المــر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫إ‬

‫ـياس وتعــده بمصـ يـر يشــابه‬ ‫ي‬ ‫ـى يُتوقــع أن تُدخــل اليمــن ف ي� حالــة ف ـراغ سـ‬ ‫ت‬
‫وهــذه االســتقالة الـ ي‬
‫أ‬
‫ـ� الذيــن يريــدون اســتمرار ش�عيــة هــادي؛ لنهــم‬ ‫ف‬
‫مصـ يـر ليبيــا اليــوم‪ ،‬لــم تكــن � حســاب الحوثيـ ي ن‬
‫ي‬
‫م�وعــة‪ ،‬خاصــة وأنهــم يســعون‬ ‫يــرون أنــه مــن خاللــه سيســتطيعون نقــل الســلطة إليهــم بطريقــة ش‬
‫إىل فــرض تعيينــات تجعلهــم يمســكون بــكل مفاصــل الدولــة‪ ،‬ومنهــا‪ ،‬عــى ســبيل المثــال‪ ،‬ســعيهم‬
‫ـ� نائــب للرئيــس تــؤول إليــه‪ ،‬حســب الدســتور اليم ـن ي ‪ ،‬رئاســة البــاد إذا مــا‬ ‫الحثيــث إىل فــرض تعيـ ي ن‬
‫تخــى الرئيــس عــن منصبــه أو أبعــد منــه؛ أي إنهــم يريــدون نقــل الســلطة إليهــم‪ ،‬حســب بعــض‬
‫ـ� ال يتألــب عليهــم ال ـرأي العــام ف ي� الداخــل والخــارج‪.‬‬ ‫التحليــات‪ ،‬تحــت مظلــة ش‬
‫ال�عيــة؛ لـ ي‬

‫ـى اتخذهــا هــادي والحكومــة‪ ،‬قطعــت الســبيل أمــام مخططهــم‬ ‫ت‬


‫ف‬ ‫ولكــن خطــوة االســتقالة الـ ي‬
‫الــذي فشــل ودفعهــم إىل اتخــاذ وســيلة أكـرث عنفـاً وأقــل حضاريــة‪ ،‬تجســدت ي� إالعــان الدســتوري‬
‫الــذي أحلــوا فيــه مجلــس النــواب‪ ،‬وفرضــوا مجلس ـاً رئاســياً مكون ـاً مــن خمســة أعضــاء‪ ،‬وعينــوا أحــد‬
‫قيادتهــم حاكم ـاً جديــداً لليمــن‪ ،‬وشــكلوا لجنــة أمنيــة عليــا‪ ،‬وجعلــوا مــآل اليمــن ومصـ يـره ف ي� قبضــة‬
‫الــى أســموها باللجــان الثوريــة‪ ،‬وهــم بإعالنهــم الدســتوري هــذا تجاهلــوا دســتور‬ ‫ت‬
‫مرجعيتهــم ي‬
‫الجمهوريــة اليمنيــة الــذي ينــص عــى أن يكــون رئيــس مجلــس النــواب‪ ،‬الــذي انتهــت مدتــه القانونيــة‬
‫مــن ســنوات خلــت‪ ،‬رئيس ـاً للبــاد‪ ،‬وحرمــوا بعــض القــوى السياســية مــن حقهــا الديمقراطــي؛ أ‬
‫المــر‬
‫ـدول‪ ،‬وأشــعر‬
‫والقليمــي والـ ي‬‫ـ� إ‬ ‫الــذي وســع مــن دائــرة الرفــض لهــذا إالعــان عــى المســتوى المحـ ي‬
‫قطاع ـاً عريض ـاً مــن الجماهـ يـر اليمنيــة أن بــذرة الديمقراطيــة وئــدت بعــد أن تلقــت رصاصــة غـ يـر‬
‫رحيمــة‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪15‬‬ ‫تقديم‬

‫حــى وقــت صياغتــه‬ ‫الــى قــد ال يســتطيع الملــف مالحقتهــا ت‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫و� ظــل الحــداث المتســارعة ي‬ ‫ي‬
‫وبرمجتــه للنـ شـر‪ ،‬ليــس لنــا إال أن نشـ يـر إىل أن الصمــت المريــب مــن قبــل الدولــة ومؤسســاتها الدفاعية‬
‫والمنيــة ومــن قبــل معظــم القــوى السياســية المحليــة والقــوى إالقليميــة والدوليــة قبيــل المواجهــات‬ ‫أ‬
‫ـ�‪ ،‬ال يكشــف‬ ‫الخـ يـرة وقبيــل اســتقالة الرئيــس والحكومــة‪ ،‬تجــاه التمــدد الرسيــع ألنصــار هللا الحوثيـ ي ن‬ ‫أ‬
‫إال عــن تصالــب مصالــح هــذه القــوى ووقوفهــا ضــد مصالــح قــوى أخــرى‪ ،‬كمــا أن الخــروج مــن دائــرة‬
‫الصمــت بعــد إالعــان الدســتوري مــن قبــل القــوى نفســها‪ ،‬يكشــف عــن قلقهــا عــى مصالحهــا وعــن‬
‫المــور كلهــا هــي مــا نتوخــى أن‬‫ـ�‪ .‬هــذه أ‬ ‫اسـ تـراتيجيات ومخططــات غـ يـر بريئــة تحــاك لليمــن واليمنيـ ي ن‬
‫يتكفــل الملــف بكشــفها وكشــف كثـ يـر ممــا يتعلــق بحركــة أنصــار هللا الحوثيــة وبخطابهــا إالعالمــي‬
‫الرســمي وغـ يـر الرســمي وبسياســاتها وتحالفاتهــا واسـ تـراتيجياتها ف ي� الســلم والحــرب‪ ،‬وغـ يـر ذلــك مــن‬
‫ـى ألمحنــا إليهــا ف ي� عجالتنــا التقديميــة هــذه‪.‬‬‫ت‬ ‫أ‬
‫القضايــا والحــداث الـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬ ‫‪16‬‬

‫القيس‬
‫ي‬ ‫بقلم‪ :‬عصام‬
‫�ن‬
‫باحث وكاتب يم ي‬

‫الحوثيون ‪...‬‬
‫قصة النشوء‬
‫واالرتقاء‪!..‬‬
‫إن صناعة الحالة الحوثية تستمد أسباب وجودها وارتقائها من‬
‫مصادر عديدة‪ ،‬بعضها محلي والبعض اآلخر خارجي‪ .‬ولم يعد سرًا أن‬
‫الحركة الحوثية تعد واحدة من طالئع إيران في المنطقة‪ ،‬مثلها مثل‬
‫حزب اهلل اللبناني سواء بسواء‪ ،‬وقد أصبح القادة اإليرانيون يجاهرون‬
‫بهذه الحقيقة بما ال يحتاج إلى تأكيد‪ .‬كما استفادت الحركة مؤخرًا‬
‫من موجة العداء التي أعلنتها بعض دول الجوار لجماعة اإلخوان‬
‫المسلمين‪ ،‬والربيع العربي‪ .‬عندما وجدت بعض األنظمة وجهات‬
‫سياسية كثيرة في الحوثي سيفًا قاطعًا ‪ -‬ال غنى عنه ‪ -‬لإلطاحة‬
‫باإلخوان المسلمين‪.‬‬

‫ف‬
‫يجــد كاتــب هــذه الســطور ي� أبعــاد الحالــة الحوثيــة بعــداً غامض ـاً يسـ ي‬
‫ـتعص عــى الفهــم‪.‬‬
‫فــكل أبعادهــا السياســية واالجتماعيــة والثقافيــة واضحــة إىل حــد الدهشــة‪ .‬الدهشــة مــن‬
‫رغبــة البعــض ف ي� النظــر إليهــا وكأنهــا تحتــاج إىل بيــان!‪ .‬ولعــل هــذا ممــا زهــده ف ي� الكتابــة عنهــا طــوال‬
‫إلك�ونيــة محــدودة وقصـ يـرة‪ .‬أمــا وقــد طلــب منــه‬ ‫الســنوات التاليــة لظهورهــا‪ ،‬باســتثناء منشــورات ت‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫المــر يســتحق العنــاء! نعــم العنــاء‪ ،‬لن الكتابــة ي� أمــر واضــح‬ ‫الحديــث إىل قــارئ غــر يمـن ‪ ،‬فــإن أ‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪17‬‬ ‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬

‫ـى يضطــر إليهــا المــرء اضط ـراراً‪.‬‬‫ت‬ ‫أ‬


‫وبغيــض كهــذا‪ ،‬لهــو نــوع مــن أنــواع الشــغال الشــاقة الـ ي‬
‫ت‬ ‫يز‬
‫الــى ســيقدمها‬ ‫متحــ�اً مــن القضيــة ي‬ ‫ف‬
‫تنــى أن الكاتــب ســيقف موقفــاً‬ ‫ولعــل هــذه المقدمــة ب ي‬
‫ز‬
‫للقــارئ‪ ،‬والحقيقــة أن الكاتــب ال يســتطيع إال أن يكــون متحـ يـ�اً ي� شــأن مصـ يـري كهــذا‪ ،‬وذلــك حــق‬
‫ـ� نفســه متنبــه تمام ـاً لحــق القــارئ ف ي� عــرض القضيــة عرض ـاً موضوعي ـاً‬ ‫نفســه عليــه‪ ،‬لكنــه ف� الحـ ي ن‬
‫ي‬
‫ـ�‪،‬‬ ‫ـ� كالموقــف الـ ت‬
‫ـذا� المتحـ ي ز‬ ‫ـ� متناقضـ ي ن‬ ‫ـ� موقفـ ي ن‬
‫بالمــكان حقـاً أن نجمــع بـ ي ن‬‫إ‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫فه‬ ‫يخدمــه وال يخدعــه‪.‬‬
‫ي‬ ‫ف‬
‫ـؤال‬
‫والموقــف الموضوعــي المحايــد ي� الحديــث عــن قضيــة واحــدة؟!‪ .‬لــن نطيــل المكــوث عنــد سـ ٍ‬
‫ـذا� والموضوعــي لــم يعــودا يتمتعــان‬ ‫ت‬ ‫مشــكل كهــذا‪ ،‬وســنقفز إىل إجابــة مبـ ش‬
‫أ‬ ‫ـا�ة تقــول‪ :‬إن مفهومــي فالـ ي‬
‫كبــرة كمــا كان الظــن بهمــا‪ ،‬ولعــل اســتبدالهما – � بعــض المواضــع – بمقولــة «الكــرث‬ ‫بصالبــة ي‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫رث‬
‫تفسـ يـرا» أجــدى وأمتــع‪ .‬والمقولــة الك ـ تفسـ يـراً للقضيــة المشــكلة هــي المقولــة القــدر عــى حــل‬
‫والجابــة عــن مختلــف أســئلتها‪ ،‬بصــورة منطقيــة متســقة‪.‬‬ ‫تناقضــات القضيــة‪ ،‬إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬ ‫‪18‬‬

‫لعــل ممــا يجعــل الكاتــب ميــاال ً لعــرض هــذه القضيــة عرضــاً ذاتيــاً‬
‫ـ�اً‪ ،‬أنــه كان قــد تنبــأ بظهــور الحالــة الحوثيــة قبــل أن تصبــح شــيئاً‬ ‫متحـ ي ز‬
‫لعل مما يجعل الكاتب ميا ً‬
‫ال‬ ‫ف‬
‫مذكــوراً‪ .‬كان ذلــك � العــام ‪1997‬م‪ ،‬حـ ي ن‬
‫ـ� كتــب مقــاال ً يبــدي فيــه مخاوفــه‬ ‫ي‬
‫لعرض هذه القضية عرضًا ذاتيًا‬ ‫مــن عــودة المـ شـروع إالمامــي قادمـاً مــن طهـران‪ .‬وكان الحديــث ‪ -‬آنــذاك ‪-‬‬
‫متحيزًا‪ ،‬أنه كان قد تنبأ بظهور‬ ‫الندلــس‬ ‫عــن عــودة المـ شـروع المامــي ف� اليمــن أشــبه بالحديــث عــن عــودة أ‬
‫ي‬ ‫إ‬
‫ـلم�!‪ .‬وهــو – بالطبــع ‪ -‬حديــث يثـ يـر الضحــك والســخرية‬ ‫إىل أحضــان المسـ ي ن‬
‫الحالة الحوثية قبل أن تصبح‬
‫أك ـرث ممــا يثـ يـر العقــل‪ .‬فقــد كان اليمنيــون عــى بعــد عقــود قليلــة مــن‬
‫شيئًا مذكورًا‬ ‫ـى قوضــت دولــة إالمامــة الهاشــمية العتيــدة (ثــورة ‪26‬‬ ‫ت‬
‫ثورتهــم الكبـ يـرة الـ ي‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪ .)1962‬وكان بعــض الثــوار مــا زال يــروي شــهادته بكثـ يـر‬ ‫سـ ب‬
‫أ‬ ‫ز‬ ‫ت‬
‫مــن الفخــر واالعــ�از‪ .‬وكانــت ذكريــات العهــد إالمامــي مالحــة عىل اللســن‪،‬‬
‫ن‬
‫أغــا� الثــورة‬ ‫ف‬
‫ومحفــورة ي� الذاكــرة اليمنيــة كأنهــا نقــوش فرعونيــة‪ .‬أمــا ي‬
‫والجمهوريــة فقــد كانــت ال ـزاد‬
‫ين‬
‫اليمنيــ�‪.‬‬ ‫اليومــي لجمهــور‬
‫ن‬
‫ولــو ســألت أي يمــ ي يومهــا‬
‫عــن الجمهوريــة لقــال ‪ -‬وكلــه‬
‫ـ� ‪ : -‬إنهــا نهايــة التاريــخ!‪.‬‬ ‫يقـ ي ن‬

‫وأبــرز مــن ذلــك‪ ،‬كلــه‬


‫ـ� صالــح‬ ‫أن فنظــام الرئيــس عـ ي‬
‫كان ي� أوج انتصاراتــه وتمكنــه‪،‬‬
‫بعــد أن تحقــق ف ي� عهــده حلــم‬
‫الوحــدة اليمنيــة‪ ،‬وبعــد أن‬
‫حقــق انتصــاراً حاســماً عــى‬
‫االشــر ياك ‪ -‬ش�يــك‬ ‫ت‬ ‫الحــزب‬
‫ف‬
‫الوحــدة القــوي ‪ -‬ي� حــرب‬
‫عــام ‪1994‬م‪ ،‬وبعــد أن ضمــن‬
‫هيمنــة كاملــة عــى مختلــف‬
‫و�‬ ‫ف‬
‫مؤسســات الدولــة الهشــة‪ ،‬ي‬
‫مقدمتهــا مؤسســتا الجيــش‬
‫والمــن‪ ،‬اللتــان جعــل زمامهمــا‬ ‫أ‬
‫ف ي� أيــدي أبنائــه ومقربيــه‪ .‬هــذا‬
‫الكبــرة‬
‫ي‬ ‫فضــا ً عــن شــعبيته‬
‫ف ي� أوســاط القبائــل الســبع ‪-‬‬
‫مصــر‬ ‫الــى تقــرر‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫العجــاف ف ‪ -‬ي‬
‫الســلطة ي� اليمــن منــذ مئــات‬
‫ـن� (ســبع قبائــل محيطــة‬ ‫السـ ي ن‬
‫بالعاصمــة صنعــاء)‪ .‬لقــد‬
‫تشــر إىل‬‫كانــت كل الدالئــل ي‬
‫ســعي النظــام لتقويــض‬
‫بنيــان الجمهوريــة والتأســيس‬
‫لمملكــة «الصالــح» (نســبة إىل‬
‫ـ� صالــح)‪ .‬وإن مــن‬ ‫الرئيــس عـ ي‬
‫ف‬
‫لغــو القــول – ي� ظــل مشــهد‬
‫كهــذا – الحديــث عــن عــودة‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪19‬‬ ‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬

‫المـ شـروع إالمامــي بأبعــاده العنرصيــة والمذهبيــة والطائفيــة!‪ .‬فبــأي ســلطان إذن‪ ،‬تنبــأ كاتــب هــذه‬
‫الســطور بعــودة هــذا ش‬
‫المــروع؟!‪.‬‬

‫المــر بحاجــة إىل نبــوغ خــاص‪ ،‬بــل إىل طريقــة ف ي� النظــر تتجــاوز مــا ينفعــل ف ي� الســطح‬ ‫لــم يكــن أ‬
‫إىل مــا يعتمــل ف ي� الباطــن‪ ،‬تتجــاوز مــا هــو ن يآ� متغـ يـر إىل مــا هــو ثابــت وعميــق؛ فمــا الــذي كان يعتمــل‬
‫ت‬
‫الــى عاشــها‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ي� الباطــن ف يــا تــرى؟!‪ .‬إننــا بصــدد الحديــث ‪ -‬إذن ‪ -‬عــن واحــد مــن أخطــر الوهــام ي‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪1962‬م‪ .‬أمــا الحقيقــة‬ ‫اليمنيــون ي� عرصهــم الحديــث‪ ،‬أال وهــو وهــم انتصــار ثــورة سـ ب‬
‫ـبتم� كانــت أشــبه مــا يكــون بجرعــة‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ـى كشــفت عنهــا أحــداث الســنوات الخـ يـرة‪ ،‬فتقــول إن ثــورة سـ ب‬ ‫الـ ي‬
‫ـى لــم تكتمــل‪ ،‬فــأدى عــدم اكتمالهــا إىل انتكاســة صحيــة كبـ يـرة‪ .‬وهنــا يقفــز إىل الواجهــة‬ ‫ت‬
‫المالريــا الـ ي‬
‫الســؤال الملــح‪ :‬لــم لــم تكتمــل هــذه الثــورة إالنســانية العظيمــة؟! والجــواب الــذي يعرفــه كل متتبــع‬
‫للشــأن اليم ـن ي هــو أن الجمهوريــة قــد تعرضــت لسلســلة خيانــات مــن الداخــل وسلســلة مؤام ـرات‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬ ‫‪20‬‬

‫ت‬
‫مــن الخــارج‪ .‬وكانــت أشــد خيانــات الداخــل فتــكاً تلــك الـ ي‬
‫ـى نفذهــا النظــام‬
‫تعرضت الجمهورية لسلسلة‬ ‫الســابق خــال ‪ 33‬عامــاً مــن حكمــه‪ .‬ولتلــك الخيانــة مظاهــر ي‬
‫كثــرة ال‬
‫ت‬
‫ـأ�‪:‬‬
‫تحــى‪ ،‬يمكننــا المــرور عليهــا ‪ -‬بإجمــال ‪ -‬فيمــا يـ ي‬
‫خيانات من الداخل وسلسلة‬
‫مؤامرات من الخارج‪ ،‬وكانت‬ ‫الجنــو�‬
‫بي‬ ‫منــذ انتصــار نظــام صالــح ف ي� حــرب ‪1994‬م ضــد ش�يكــه‬
‫أشد خيانات الداخل فتكًا تلك‬ ‫ف ي� الوحــدة‪ ،‬قــرر صاحــب النظــام التفكـ يـر ف ي� مـ شـروع جــريء هــو مـ شـروع‬
‫الكـ بـر‪ ،‬ف ي� الطريــق إىل تأســيس «مملكــة الصالــح»‪.‬‬ ‫توريــث الحكــم لولــده أ‬
‫التي نفذها النظام السابق‬ ‫والخــرة‪ ،‬حيــث يــدرك تمامــاً حجــم‬ ‫ب‬ ‫وكان صاحــب النظــام مــن الــذكاء‬
‫خالل ‪ 33‬عامًا من حكمه‬ ‫ش‬
‫الــى تقــف أمــام هــذا المــروع الطمــوح‪ .‬وقــد قــرر إزاحتهــا‬ ‫ت‬
‫العوائــق ي‬
‫جميعــاً وفــق خطــة مدروســة وإرصار ال يعــرف اليــأس‪ .‬وكانــت البدايــة‬
‫الول‪ :‬قــادة المناطــق‬ ‫مــع العوائــق الداخليــة للمـ شـروع‪ ،‬وأبرزهــا ثالثــة‪ :‬أ‬
‫ـا� العائــات‬ ‫ن‬ ‫رث‬
‫ـلطة وال ـ وة والنظـ أـام‪ .‬والثـ ي‬ ‫العســكرية الكبــار‪ ،‬ش�كاؤه ف ي� السـ‬
‫و� مقدمتهــا آل الحمــر‪ ،‬مشــائخ قبيلــة‬ ‫الجمهوريــة العتيــدة والمتمكنــة‪ ،‬ف‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫للصــاح؛ وهــي‬ ‫و� مقدمتهــا التجمــع اليمــن ي إ‬ ‫حاشــد الكبــار‪ .‬والثالــث أحــزاب المعارضــة القويــة ي‬
‫بمــروع التوريــث‪ ،‬والقــادرة عــى منعــه‪ .‬ومــا إن‬ ‫الــى يســتحيل عليهــا القبــول ش‬ ‫الطــراف الثالثــة ت‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫م�وعــه‪ ،‬بطــرق مختلفــة‪ ،‬معروفــة‬ ‫وضعــت الحــرب أوزارهــا‪ ،‬حـ تـى ش�ع صاحــب النظــام ف ي� تنفيــذ ش‬
‫الربعــة الكبــار قــادة المناطــق العســكرية وأركان النظــام‪ ،‬حيــث تــم‬ ‫ومنكــرة‪ .‬وكانــت البدايــة مــع أ‬
‫ـ� منهــم جســدياً ف ي� حــادث طائــرة مروحيــة‪ ،‬بينمــا ُصفـ َّـي الثالــث وظيفي ـاً‪ .‬أمــا الرابــع –‬ ‫تصفيــة اثنـ ي ن‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫أك�هــم دهــاء وتغــوال ً ي� الســلطة – فقــد ادخرتــه المقاديــر للقيــام بــدور خطـ يـر ي� أحــداث ثــورة‬ ‫وهــو ث‬
‫أ‬
‫ـ� محســن الحمــر‪.‬‬ ‫ن‬
‫‪ ،2011‬أع ـ ي اللــواء عـ ي‬

‫و� الوقــت الــذي كان يدبــر فيــه للتخلــص مــن بقيــة العوائــق الداخليــة‪ ،‬كان صاحــب النظــام‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫الــى قــد تشــكل عائقــاً محتمــا ً أمــام‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يجــري حثيثــاً ل�تيــب أوراقــه الخارجيــة‪ ،‬وتصفيــة مشــكالته ي‬
‫مـ شـروع التوريــث والملــك‪ ،‬وعــى رأســها مشــكلة الحــدود مــع الســعودية وعمــان وأرتريــا‪ .‬وقــد نجــح‬
‫ـ� شــكال ً مــن أشــكال الخيانــة‬ ‫اعت�هــا الكثـ يـر مــن اليمنيـ ي ن‬ ‫ف‬
‫ي� تســوية هــذه الملفــات وإغالقهــا‪ ،‬بطريقــة ب‬
‫المريــكان ف ي� مـ شـروع مكافحــة إالرهــاب‪،‬‬ ‫الوطنيــة‪ .‬ومــا إن أغلــق ملــف الحــدود‪ ،‬واســتوت عالقتــه مــع أ‬
‫حـ تـى عــاد للعمــل عــى بقيــة العوائــق الداخليــة‪ ،‬فذهــب يجــري عمليــة جراحيــة دقيقــة لتصفيــة‬
‫بالحـزاب‬ ‫المنيــة‪ ،‬وانتهــاء أ‬ ‫مؤسســات الدولــة الوطنيــة‪ ،‬بــدءاً بمؤسســة الجيــش‪ ،‬مــروراً بالمؤسســات أ‬
‫الخــرى‪ .‬وكانــت لــه ف ي� ذلــك سياســة محــددة هــي إضعــاف المؤسســات الوطنيــة‬ ‫والمؤسســات المدنيــة أ‬
‫ولرستــه‪ ،‬وإنشــاء مؤسســات بديلــة مواليــة تحظــى برعايــة كاملــة‬ ‫القديمــة الـ تـى ال يضمــن والءهــا لــه أ‬
‫فأنشــأ ألويــة الحــرس الجمهــوري عــى أنقــاض الجيــش الوطـن ‪ ،‬وســلم زمامهــا البنــه أ‬ ‫ي‬
‫الكـ بـر‬ ‫ي‬ ‫مــن قبلــه‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫(أحمــد)‪ ،‬وأنشــأ المــن المركــزي عــى أنقــاض المــن العــام‪ ،‬وأعطــى زمامــه البــن أخيــه (يحـ يـى)‪ ،‬وأنشــأ‬
‫الخــر (عمــار)‪ .‬أمــا مــا تبقــى‬ ‫المــن الســياس‪ ،‬وأعطــى زمامــه البــن أخيــة آ‬ ‫المــن القومــي عــى أنقــاض أ‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫ال�يــك اللــدود‬ ‫مــن الجيــش الوطـن القديــم‪ ،‬فقــد مزقــه إربـاً إربـاً‪ ،‬وأبقــى عــى بعــض ألويتــه بيــد ش‬
‫أ ي‬
‫الحمــر‪ ،‬الــذي ظــل حجــر عـرث ة كبـ يـرة وصداعـاً مؤرقـاً لصاحــب النظــام‪ .‬وهنــا كان ال بــد‬ ‫ـ� محســن‬ ‫عـ ي‬
‫أن يخطــط إلزالــة هــذا الصــداع بــكل وســيلة‪ ،‬وقــد تفتــق عقلــه عــن فكــرة جهنميــة يمكــن أن تصيــب‬
‫أكـرث مــن هــدف بحجــر واحــد‪ .‬أمــا الفكــرة‪ ،‬فهــي إنشــاء حركــة مذهبيــة سياســية مســلحة تعمــل عــى‬
‫م�وعــه‪،‬‬ ‫مواجهــة مــا تبقــى مــن خصــوم صالــح‪ ،‬وتزيــح مــا تبقــى مــن العوائــق الداخليــة أمــام ش‬
‫ـ�از للمملكــة‬ ‫الغـراض‪ ،‬فهــي مــن ناحيــة قــد تشــكل أداة ابـ ت ز‬ ‫ـو�‪ .‬إنهــا حركــة متعــددة أ‬
‫ث‬
‫أ‬ ‫فكانــت حركــة الحـ ي‬
‫ـلم� (خصومــه‬ ‫للخــوان المسـ ي ن‬ ‫العربيــة الســعودية عنــد الحاجــة‪ ،‬وهــي أيض ـاً النقيــض اليديولوجــي إ‬
‫الســود الــذي ســيبتلع مــا تبقــى مــن الجيــش الوطـن‬ ‫الكـرث خطــورة)‪ ،‬وهــي كذلــك الثقــب أ‬ ‫ـي� أ‬ ‫السياسـ ي ن‬
‫ي‬
‫ـ� محســن‪ .‬وقــد نجــح‬ ‫القديــم‪ ،‬وهـ فـي – فــوق ذلــك ‪ -‬الفــخ الــذي ســيقع فيـ فـه الخصــم آالمتمكــن عـ ي‬
‫الرجــل تمامـاً ي� إنجــاز كل مــا خطــط لــه‪ .‬وكان خصومــه ي� الطــرف الخــر يدركــون تمامـاً مقاصــد الرجل‬
‫ن أ‬
‫ـ� محســن‪ ،‬قائــد‬ ‫ومخططاتــه‪ ،‬ويبــدو أن حلفـاً رسيـاً قــد أبــرم بـ يـ� الطـراف الثالثــة الكبــار‪ :‬اللــواء عـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪21‬‬ ‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬

‫والخــوان المســلمون‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬


‫الفرقــة الوىل مــدرع‪ ،‬وآل الحمــر شــيوخ قبيلــة حاشــد‪ ،‬أقــوى القبائــل اليمنيــة‪ ،‬إ‬
‫للصــاح)‪ .‬كمــا يبــدو أنهــم قــد �ض بــوا أج ـا ً مســمى إلزاحــة الرجــل مــن‬ ‫(حــزب التجمــع اليم ـن ي إ‬
‫ـر� قــد اســتعجلتهم‬ ‫الســلطة‪ ،‬وقطــع الطريــق أمــام مـ شـروع التوريــث‪ .‬لــوال أن ريــاح الربيــع العـ ب ي‬
‫لدخــول الحلبــة قبــل اكتمــال العــدة‪.‬‬

‫تدمــر مؤسســات الدولــة الوطنيــة‪ ،‬بــل‬ ‫لــم يكــن هــذا هــو المظهــر الوحيــد مــن مظاهــر ي‬
‫لعلــه كان أهونهــا‪ ،‬إذا مــا لمســنا حجــم الدمــار والتخريــب الــذي أحدثــة ذلــك النظــام ف� البــىن‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫للنســان اليم ـن ي ‪ .‬فقــد ســعى بــكل وســيلة ممكنــة إىل طمــس القيــم‬ ‫الثقافيــة والخالقيــة العميقــة إ‬
‫ـى قــد تقــف حائـا ً بينــه‬‫ت‬
‫التوريــث‪ ،‬وإىل تدمـ يـر منظومــة القيــم االجتماعيــة فالـ ي‬
‫ف‬
‫الجمهوريــة لصالــح قيــم‬
‫م�وعــه‪ ،‬فازدهــرت ي� عهــده قيــم «البلطجــة» والشــطارة‪ ،‬وارتقــى ي� عهــده وضعــاء القــوم‪،‬‬ ‫وبـ ي ن‬
‫ـ� ش‬
‫فــكان أعوانــه وأنصــاره مــن ذوي المواهــب الضعيفــة‪ ،‬والخيــال المحــدود‪ ،‬والهشاشــة القيميــة‪ .‬وشــهد‬
‫(اليــدز)‪ ،‬حيــث أفرغــت العمليــة التعليميــة‬ ‫ف‬
‫التعليــم ي� عهــده حالــة أشــبه بمــرض نقصــان المناعــة إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬ ‫‪22‬‬

‫أد� مســتويات الجــودة! وإذا‬ ‫– ف� كل مســتوياتها – مــن مضامينهــا الحقيقيــة مبقي ـاً عــى أ‬
‫الشــكال ف� ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫شــئنا اختصــار ذلــك كلــه ف ي� عبــارة واحــدة أمكننــا القــول‪ ،‬إن صاحــب النظــام الســابق قــد وضــع‬
‫معظــم أســهمه ف ي� بورصــة الجهــل‪ ،‬وهــي تجــارة رابحــة لــكل مســتبد فاســد‪ .‬إال أن الزمــن لــم يمهلــه‬
‫لجـن أ‬
‫الربــاح كاملــة‪ ،‬وذهبــت معظــم اســتثماراته ف ي� هــذه البورصــة إىل يــد العــب جديــد هــو الحركــة‬ ‫ي‬
‫م�وعــة‪.‬‬ ‫الحوثيــة‪ ،‬الـ تـى صنعهــا بيــده لتحقيــق أغ ـراض غـ يـر ش‬
‫ي‬

‫خ�ة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ذلــك ف ي� مــا يخــص دور النظــام السـ‬


‫ـياس الحاكــم ي� صناعــة الحالــة الحوثيــة‪ ،‬إال أن هــذه ال ي‬
‫ي‬
‫الخــر خارجي‪.‬‬ ‫كانــت تســتمد أســباب وجودهــا وارتقائهــا مــن مصــادر عديــدة‪ ،‬بعضهــا محــ� والبعــض آ‬
‫ي‬
‫ولــم يعــد رساً أن الحركــة الحوثيــة تعــد واحــدة مــن طالئــع إيـران ف ي� المنطقــة‪ ،‬مثلهــا مثــل حــزب هللا‬
‫ـا� ســواء بســواء‪ ،‬وقــد أصبــح القــادة إاليرانيــون يجاهــرون بهــذه الحقيقــة بمــا ال يحتــاج إىل‬ ‫ن‬
‫اللبنـ ي‬
‫ت‬
‫ـى أعلنتهــا بعــض دول الجــوار لجماعــة‬
‫ف‬ ‫تأكيــد‪ .‬كمــا اســتفادت الحركــة مؤخ ـراً مــن موجــة العــداء الـ ي‬
‫ث‬
‫ـو� ســيفاً‬ ‫إالخــوان المسـ ي ن‬
‫ـر�‪ .‬عندمــا وجــدت أنظمــة وجهــات سياســية كثـ يـرة ي� الحـ ي‬ ‫ـلم�‪ ،‬والربيــع العـ ب ي‬
‫بالخــوان المسـ ي ن‬
‫ـلم�‪.‬‬ ‫للطاحــة إ‬ ‫قاطعـاً ‪ -‬ال غـ نـى عنــه ‪ -‬إ‬

‫ـ� – فهــم الحالــة الحوثيــة بــدون التعــرف عــى‬ ‫وأخـ يـراً‪ ،‬فــإن مــن الصعــب – عــى غـ يـر اليمنيـ ي ن‬
‫ف‬
‫مكوناتهــا االجتماعيــة وخصائصهــا الثقافيــة‪ .‬ولعــل هــذا هــو أكــرث أبعادهــا حساســية ي� التحليــل‬
‫المعــر�‪ .‬وليــس مــن الســهل عــى أي مثقــف يمــن ي الحديــث العلــن ي عــن هــذا البعــد ف ي� الحركــة‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫الحوثيــة لمــا لــه مــن خطــورة عــى وحــدة النســيج االجتماعــي ف ي� اليمــن‪،‬‬
‫الســاس‬ ‫لــوال أن للمعرفــة أحكامهــا الـ تـى ال تــرد‪ .‬ولنبــدأ بالمكــون االجتماعــي أ‬
‫ال�يحــة اليمنيــة الـ تـى تنتســب إىل أ‬ ‫ي‬
‫الرومــة‬ ‫لهــذه الحركــة‪ ،‬أال وهــو تلــك ش‬
‫المتــوكل) قــد أطلــق عليهــا إن صاحب النظام السابق قد‬ ‫ي‬
‫(يحــى‬
‫الهاشــمية‪ .‬وكان أحــد رجالهــا الكبــار ي‬
‫وضع معظم أسهمه في‬ ‫وصــف «القبيلــة»‪ ،‬وهــو وصــف دقيــق بالفعــل‪.‬‬
‫بورصة الجهل‪ ،‬وهي تجارة‬
‫إن تاريــخ هــذه القبيلــة اليمنيــة هــو تاريــخ الســيف والقلــم‪ ،‬إذا مــا‬
‫رابحة لكل مستبد فاسد‬ ‫ـى حكمــت أجـزاء مــن اليمــن ف ي� فـ تـرات زمنيــة مختلفة‪،‬‬ ‫ت‬
‫علمنــا أنهــا القبيلــة الـ ي‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪1962‬م‪ ،‬وانتقلــت اليمــن عــى‬ ‫وعــى حكامهــا قامــت ثــورة سـ ب‬
‫ـ� إىل النظــام الجمهــوري‪ .‬وبإطاللــة يسـ يـرة عــى‬ ‫إثرهــا مــن النظــام الملـ ي‬
‫ن‬
‫تاريــخ ملوكهــا وأمرائهــا خــال ألــف عــام مضــت‪ ،‬يتبـ يـ� إىل أي مــدى تبنــت‬
‫هــذه القبيلــة منطــق القــوة والعنــف ف ي� بســط نفوذهــا‪ .‬ومــا زالــت النخبــة‬
‫اليمنيــة تتذكــر إىل اليــوم مــا فعلــه إالمــام عبــد هللا بــن حمــزة ف ي� خصومــه مــن طائفــة المطرفيــة‬
‫ـى تنتســب إىل المذهــب الزيــدي‪ ،‬وتختلــف معــه ف ي� أمــور محــدودة‪ .‬لقــد شــن هــذا إالمــام عــى‬ ‫ت‬
‫الـ ي‬
‫ال�يحــة االجتماعيــة قــد عاشــت‬ ‫أ‬
‫أبنــاء هــذه الطائفــة حــرب إبــادة لــم تبــق منهــم أحــدا‪ .‬ولن هــذه ش‬
‫ف ي� كنــف الســلطة والحكــم لفـ تـرات طويلــة قبــل قيــام الجمهوريــة‪ ،‬واســتأثرت لنفســها خــال تلــك‬
‫الفـ تـرات ‪ -‬وبعدهــا بصــورة أقــل ‪ -‬بكثـ يـر مــن االمتيــازات االجتماعيــة والسياســية واالقتصاديــة‪ ،‬فقــد‬
‫ظهــرت عــى أجيالهــا آثــار تلــك االمتيــازات‪ ،‬الـ تـى مــن مظاهرهــا المعروفــة اهتمــام هــذه ش‬
‫ال�يحــة‬ ‫ي‬ ‫بـ آ‬
‫ـالداب والفنــون والتعليــم‪.‬‬

‫ال�يحــة‬ ‫ســبتم� (أيلــول) كانــوا مــن أبنــاء هــذه ش‬


‫ب‬ ‫أك�يــة ضبــاط ثــورة‬ ‫وعــى الرغــم مــن أن ث‬
‫المتعلمــة‪ ،‬إال أن جمهــور هــذه القبيلــة قــد شــعر – الحقـاً ‪ -‬بــأن ثــورة سـ ب‬
‫ـبتم� (أيلــول) قــد ســحبت‬
‫ـى كان يتمتــع بهــا مــن قبــل‪ .‬ومــن ثــم‪ ،‬فقــد توارثــت أجيالهــا شــعوراً بالضيــم‪،‬‬ ‫منــه االمتيــازات الـ ت‬
‫وضمــوراً كبــراً ف� يالــوالء للجمهوريــة‪ .‬بالرغــم مــن أنهــم (الهاشــميون) قــد اســتطاعوا التغــول �ف‬
‫ي‬ ‫آ‬ ‫ي ي‬
‫كل مفاصــل الدولــة ومؤسســاتها الحساســة‪ .‬ومــع أننــا ال نســتطيع الجــزم الن بالقــول إن أبنــاء‬
‫هــذه القبيلــة قــد ظلــوا طــوال العهــد الجمهــوري يتطلعــون إىل عــودة الملكيــة‪ ،‬إال أن مــن الثابــت‬
‫للمتأمــل الفاحــص أنهــم كانــوا سـ يـرحبون بأيــة محاولــة ف ي� هــذا االتجــاه؛ وهــو مــا حــدث بالفعــل عنــد‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪23‬‬ ‫الحوثيون ‪ ...‬قصة النشوء واالرتقاء ‪!...‬‬

‫الغلبيــة العظمــى مــن أبنــاء هــذه‬ ‫ظهــور الحركــة الحوثيــة الفتيــة‪ .‬فلــم يكــن غريب ـاً أن تلتحــق بهــا أ‬
‫ـا�اً رصيحـاً أو كان دعمـاً لوجســتياً‬ ‫القبيلــة‪ ،‬ف ي� المناطــق المشــار إليهــا ســابقاً‪ .‬ســواء أكان التحاقـاً مبـ ش‬
‫مــن مواقــع حزبيــة ومؤسســية هنــا وهنــاك!‪ .‬لــم تكــن هــذه وحدهــا هــي عنــارص القــوة ف ي� الحالــة‬
‫الحوثيــة بالطبــع‪ ،‬فقــد اســتطاعت الحركــة توظيــف بقايــا الــوالء أ‬
‫للرومــة الهاشــمية ف ي� أوســاط القبائــل‬
‫ان�اعــه تمام ـاً مــن صــدور‬‫الســبع المذكــورة ســابقاً؛ وهــو الــوالء الــذي لــم تســتطع الجمهوريــة ت ز‬
‫أبنــاء هــذه القبائــل‪ ،‬خاصــة وأن خونــة الجمهوريــة قــد تركــوا إنســان هــذه المناطــق كمــا اســتلموه‬
‫الميــة والجاهليــة‪ ،‬بقصــد إعــادة توظيفــه ف ي� مشــاريعهم الضيقــة‪.‬‬ ‫مــن العهــد الملــ�‪ ،‬يتخبــط ف� أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـ� هــذه الحركــة مــن أبنــاء هــذه المناطــق الذيــن لــم يحملــوا مــن المؤهــات‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫مقات‬ ‫ـم‬‫ولهــذا كان معظـ‬
‫غـ يـر البندقيــة والرصخــة والقلــب الجســور‪ .‬ومــن هــذا الخليــط المتشــابك تكونــت الحركــة الحوثيــة‪،‬‬
‫ـ� أو ف ي� مظهــر‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الطليعــة الوىل والساســية لعــودة المـ شـروع إالمامــي ي� اليمــن‪ ،‬ســواء ي� مظهــر ملـ ي‬
‫ـ�!‬
‫جملـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون ي ن‬
‫ب� أصول الزيدية وتجليات والية الفقيه‬ ‫‪24‬‬

‫بقلم‪ :‬حمود نوفل‬

‫باحث يم�ن ي ف ي� تاريخ‬


‫الفكر‬

‫الحوثيون‬
‫بين أصول‬
‫الزيدية‬
‫وتجليات‬
‫والية الفقيه‬
‫إن التقارب الشيعي بين إيران والحوثيين‬
‫ال يمثل خطرًا كبيرًا على األصول الفكرية‬
‫للزيدية‪ ،‬والتقاء المصالح ال يستلزم بالضرورة‬
‫التخلي عن المعتقدات القديمة‪ ،‬خاصة بين‬
‫الطوائف الشيعية في الوقت الراهن؛ ألن‬
‫كل واحدة منها صارت تتفهم خصوصيات‬
‫األخرى التاريخية والعقائدية‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪25‬‬ ‫الحوثيون ي ن‬
‫ب� أصول الزيدية وتجليات والية الفقيه‬

‫الط ـراف الداخليــة والخارجيــة‪ ،‬وطرحــت عــدداً‬ ‫القضيــة الحوثيــة العديــد مــن أ‬
‫مــن إالشــكاليات‪ ،‬لعــل أبرزهــا اتهــام الحركــة بالخــروج عــن المســار الزيــدي‪،‬‬
‫واالرتمــاء ف ي� أحضــان المــد الشــيعي إاليـر ن يا� الحديــث‪ ،‬الــذي كان زعيمــه آيــة هللا الخميـن ي قــد توعــد بنـ شـره‬
‫الوســاط‪ ،‬خاصــة وأن‬ ‫ـ� مختلــف أ‬ ‫تحــت شــعار تصديــر الثــورة إالســامية‪ .‬والقــت تلــك االتهامــات رواجـاً بـ ي ن‬
‫بعضهــا جــاءت مــن داخــل الطائفــة نفســها؛ حـ تـى أن هنــاك مــن يــرى أن الحركــة الحوثيــة شــكلت نتــوءاً ف ي�‬
‫الفكــر الزيــدي‪.‬‬

‫معــى االنتســاب للزيديــة‪ ،‬نقــف أمــام حقيقــة مفادهــا أن مــن ت ز‬


‫يعــ�ون باالنســاب إىل‬ ‫و� تحديــد ن‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫ـ� جميعهــا‪ ،‬وهــذه قضيــة قــد أثـ يـرت منــذ‬ ‫الزيديــة‪ ،‬لــم يكونــوا يوم ـاً يتقيــدون بــآراء إالمــام زيــد بــن عـ ي‬
‫قــرون خلــت‪ ،‬كان أبرزهــا مطارحــة فكريــة جريئــة‪ ،‬جــاءت عــى لســان أحــد علمــاء الزيديــة صاغهــا شــعراً‬
‫ف ي� قصيــدة أســماها «عقــود التشــكيك»‪ ،‬تســاءل فيهــا إىل مــن يجــب أن ينســب المذهــب؛ فهــو خليــط مــن‬
‫المع�لــة وأئمــة آل البيــت وحـ تـى أئمــة الســنة أصحــاب‬
‫ـ� آراء ت ز‬ ‫أ‬
‫الفــكار والــرؤى المختلفــة الـ تـى تجمــع بـ ي ن‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪26‬‬

‫مع�لــة ف ي�‬
‫الربعــة‪ .1‬ومــن ذلــك أنــه قيــل بــأن الزيديــة ت ز‬ ‫المذاهــب أ‬
‫أ‬
‫الصــول حنفيــة ف ي� الفــروع‪ .‬والزيديــة ف ي� اليمــن‪ ،‬يســمون بالهادويــة‬
‫شغلت القضية الحوثية‬ ‫نســبة إىل أول أئمتهــم الهــادي إىل الحــق المقبور ف ي� صعدة‪ ،‬ويوســمون‬
‫العديد من األطراف الداخلية‬ ‫ـى تمثــل الفكــر اليســاري عنــد الزيــدي‪.‬‬ ‫ت‬
‫بأنهــم جاروديــة‪ ،‬الجماعــة الـ ي‬
‫والخارجية‪ ،‬وطرحت عددًا من‬
‫لكــن المتتبــع لمســار التطــور الفكــري للزيديــة مــن خــال‬
‫اإلشكاليات‪ ،‬لعل أبرزها اتهام‬ ‫أدبياتهــا المعتمــدة‪ ،‬يالحــظ بــأن هنــاك إجماعـاً عــى مســألة إالمامــة ف ي�‬
‫الحركة بالخروج عن المسار‬ ‫ـ�؛ فــا يــكاد يخلــو مؤلــف فقهــي مــن مؤلفاتهــم مــن إالســهاب‬ ‫البطنـ ي ن‬
‫و�وطهــا‪ .2‬ثــم إن المتتبــع لتاريــخ الزيديــة‬ ‫ف ي� هــذه المســألة وجوبهــا ش‬
‫الزيدي‪ ،‬واالرتماء في أحضان‬
‫ـياس يــرى بوضــوح أنــه لــم يمــض عــى نســق واحــد‬ ‫الفكــري والسـ ي‬
‫المد الشيعي‬ ‫منــذ منشــئه؛ فمــن الناحيــة الفكريــة كانــت الحريــة االجتهاديــة الــىت‬
‫ي‬
‫ـى ال تمــس إالمامــة‪ ،‬هــي‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫منحهــا المذهــب لفقهائــه‪ ،‬ي� المســائل الـ ي‬
‫مــن جعلــت مــن بعضهــم يغلــو ف ي� معتقــده‪ ،‬حـ تـى صــار أقــرب إىل‬
‫ع�يــة‪ ،‬وجعلــت مــن آخريــن عــى النقيــض؛ ت‬
‫فاق�بــوا كثـ يـراً‬ ‫االث ـن ش‬
‫ي‬
‫مــن فكــر الســنة‪ .‬وكانــت مســاحة الحريــة ف ي� ممارســة الفكــر الزيــدي‬
‫والمامــة ذاتهــا؛‬‫هــي كذلــك مــن ألقــت بظاللهــا عــى مســألة الحكــم إ‬
‫حيــث إن التجربــة السياســية للزيديــة قــد أفــرزت ثالثــة أنــواع مــن‬
‫الــروط الداعــي‪ ،‬وعــى‬ ‫ف‬
‫المســتو� ش‬ ‫الول يمثلــه إالمــام‬ ‫الحــكام‪ :‬أ‬
‫ي‬
‫ـا� يمثلــه المحتســب‪ ،‬وهــو الحاكــم‬ ‫ن‬
‫رأســها فاطميتــه إىل نفســه‪ ،‬والثـ ي‬
‫الــذي لــم يســتوف بعــض ش�وط إالمامــة‪ .‬أمــا النــوع الثالــث‪ ،‬فيمكــن‬
‫بالمامــة الملكيــة؛‬ ‫الــى نشــأ فيهــا إ‬‫ت‬
‫أن نســمي الحاضنــة السياســية ي‬
‫فقــد تــم تــوارث منصــب إالمامــة دون النظــر إىل تلــك القائمــة مــن‬
‫ـى وضعهــا منظــرو المذهــب‪ ،‬وقــد ظهــر هــذا النــوع ف ي�‬ ‫ت‬
‫الــروط الـ ي‬
‫ش‬
‫عهــد الدولــة القاســمية أو مــا يســميه البعــض بالدولــة الزيديــة الثالثــة‬
‫(ق‪.3)20-16.‬‬

‫ـياس الزيــدي‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ف‬


‫تتمحــور إالشــكالية‪ ،‬إذن‪ ،‬ي� اســتقراء الــراث السـ ي‬
‫بواكــر‬
‫ي‬ ‫ومــا اســتتبعه مــن طــرح فكــري المــس المعتقــد ذاتــه منــذ‬
‫فــرة النضــوج بتكــون دويــات زيديــة‪.‬‬ ‫وحــى ت‬
‫ت‬ ‫التكــون الفكــري‪،‬‬
‫الــى يشــار إليهــا بقــدر مــن االهتمــام‪ ،‬هــي أن‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫والنقطــة الوىل ي‬
‫المذهــب الزيــدي كان مذهبــاً سياســياً بجــدارة‪.‬‬

‫وكاسـ تـراتيجية اتبعهــا الزيديــة ف ي� ســعيهم نحــو الســلطة؛ فقــد كان إاليمــان بالمرحليــة الزمــة سياســية‬
‫ـ�ء‬‫ـياس والعســكري‪ ،‬وتاريخهــم مـ ي‬ ‫لــم يتخلــوا عنهــا‪ ،‬مرحليــة الشــعارات الذرائعيــة ومرحليــة التحــرك السـ ي‬
‫ش‬
‫الول الــذي ينطلــق منــه الداعــي نحــو الســلطة هــو إقامــة الــرع‪ ،‬بوصفــه‬ ‫بالمثلــة عــى ذلــك؛ فالشــعار أ‬ ‫أ‬
‫الــى يعانيهــا جــراء معارضتــه للظلمــة والســعي إىل رفــع‬ ‫ت‬
‫المســؤول الرئيــس أمــام هللا‪ ،‬ثــم المظلوميــة ي‬
‫أ‬
‫ـتضعف�‪ ،‬فمحاربــة الفســاد والمفســدين؛ كل ذلــك تحــت شــعار المــر بالمعــروف والنهــي‬ ‫ين‬ ‫الظلــم عــن المسـ‬
‫ف‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫عــن المنكــر‪ ،‬إىل أن ينتهــي المــر بالقــول بــأن الحكــم ال يصــح إال ي� البطنـ يـ�‪ ،‬مــع اختــاف ي� ترتيــب تلــك‬
‫الشــعارات وعددهــا وفقـاً للزمــان والمــكان‪ .‬ولعــل أبــرز أ‬
‫المثلــة عــى ذلــك كان ف ي� عهــد الســيطرة العثمانيــة‬

‫عل‪ :‬الزيدية نشأتها ومعتقداتها‪ .‬الجيل الجديد‪ ،‬صنعاء‪ .2007 ،‬ص ص ‪.79-61‬‬ ‫أ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫‪ - 1‬الكوع‪ ،‬إسماعيل بن ي‬
‫المامة) و(الصفوة)‪ ،‬وكتاب (الحكام) للهادي إىل الحق‪ ،‬وكتاب (الزهار)‬ ‫ف‬
‫المام زيد‪ ،‬مثل كتاب (تثبيت إ‬‫‪ - 2‬يمكن مالحظة ذلك ي� كتب إ‬
‫وغ�ها من الكتب‪.‬‬
‫الكث�ة ي‬
‫و�وحه ي‬‫ش‬ ‫للمرت�ض‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ال� تناولت هذه الف�ات الزمنية‪ ،‬كتاريخ متصل لم تقم بعملية التقسيم وال التنويه إىل االختالف ي� نوعية‬
‫الكث� من المصادر ي‬
‫‪ - 3‬هناك ي‬
‫المام الحاكم‪.‬‬‫إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪27‬‬

‫الول‬ ‫الوىل عــى اليمــن (‪ .4)1635-1538‬وهــذا مــا يمكــن مالحظتــه ف� الحركــة الحوثيــة؛ فقــد كان الشــعار أ‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫ـ� عبــد هللا صالــح)‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ش‬
‫المرفــوع هــو إقامــة الــرع والتخلــص مــن الهيمنــة المريكيــة ومنابــذة الموالـ يـ� لهــا (عـ ي‬
‫ـو�‪ ،‬رفعــت الحركــة‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ـى لــم تنتــه إال بمقتــل حسـ يـ� الحـ ي‬ ‫وبعــد أن اشــتعلت الحــرب الوىل ي� عــام ‪ ،2004‬والـ ي‬
‫شــعار المظلوميــة السياســية والفكريــة عــى أتبــاع المذهــب الزيــدي‪ ،‬وقــد اســتطاع الحوثيــون الصمــود‬
‫ف ي� خمــس حــروب أخــرى خاضهــا الجيــش اليم ـن ي ضدهــم‪ ،‬بمســاندة أف ـراد مــن حــزب إالصــاح وبعــض‬
‫المــس أعــداء‬ ‫القبائــل‪ ،‬إىل أن جــاء العــام ‪ 2011‬وانقلبــت موازيــن المعادلــة السياســية‪ ،‬وصــار أصدقــاء أ‬
‫اليــوم‪ ،‬وأصبــح متمــردو مـران الذيــن كانــوا يقطنــون الجبــال والكهــوف ش�كاء ف ي� ثــورة ضــد النظــام الســابق‪،‬‬
‫ـ� تحــت مظلتهــا الفرقــاء ف ي� البــاد‪ ،‬وصــار الشــعار الجديــد إســقاط النظــام الفاســد شــعاراً‬ ‫جمعــت إىل حـ ي ن‬
‫وغايــة للجميــع‪ ،‬ومنهــم الحوثيــون‪ .‬ثــم كانــت أوضــاع البــاد فرصــة ذهبيــة اســتغلها الحوثيــون ف ي� عمليــة‬
‫التمــدد وحيــازة أر ٍاض جديــدة‪ ،‬فخاضــوا حروبـاً عــدة ضــد بقايــا الجيــش ذي الــوالءات المختلفــة والجنــاح‬

‫‪ - 4‬هناك بحث قيم‪ ،‬لم ش‬


‫ين� بعد‪ ،‬يتناول تلك الشعارات والمراحل للباحث أحمد المرصي‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون ي ن‬
‫ب� أصول الزيدية وتجليات والية الفقيه‬ ‫‪28‬‬

‫والســلفي� تحــت شــعار الدفــاع عــن النفــس‪ ،‬ودفــع الظلــم ثــم‬ ‫ين‬ ‫العســكري لحــزب إالصــاح والقبائــل‬
‫ـ� أصبــح فشــل حكومــة الوفــاق الوطـن الذريــع محطــة أخــرى مــن المحطــات الــىت‬ ‫مالحقــة الظلمــة‪ ،‬ف� حـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ـا� تحــت ســمع وبــر جميــع القــوى‬ ‫ـبتم� المـ ض‬‫ـ‬ ‫س‬ ‫�‬ ‫ـ� بنجــاح نحــو دخــول صنعــاء ف‬ ‫ســهلت عبــور الحوثيـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬
‫الداخليــة والخارجيــة ذات الشــأن‪ .‬ومــع كل حــرب يشــعلونها كانــت الشــعارات تتجــدد‪ ،‬وآخرهــا حـ تـى هــذا‬
‫ـ� مــن القاعــدة وبقايــا إالصــاح ف ي� المناطــق الســنية ف ي�‬ ‫التكف�يـ ي ن‬
‫ي‬ ‫الوقــت حــرب مــن أســموهم بالدواعــش‬
‫وســط اليمــن‪.‬‬

‫الحــو� عندمــا قــال‪« :‬نحــن لــب الزيديــة عقيــدة وفكــراً‬ ‫ث‬ ‫لذلــك‪ ،‬فــإن رد محمــد بــدر الديــن‬
‫ي‬
‫عــ� عليــه الســام هــي نســبة حركيــة‪ ،‬وليســت‬ ‫وثقافــة وســلوكاً‪ .‬ونســبة الزيديــة إىل إالمــام زيــد بــن ي‬
‫حســ�ن‬
‫ي‬ ‫نســبة مذهبيــة»‪ ،5‬صــادر عــن وعــي وفهــم‪ .‬ويؤيــد ذلــك الذاهبــون إىل أن بــدر الديــن وولــده‬
‫ف‬
‫والعجــاب‬ ‫كانــوا جاروديــة‪ .6‬وبأيــة حــال‪ ،‬ال يع ـن ي النقــد الــذي وجهــه مؤســس الحركــة ي� مالزمــه للزيديــة إ‬
‫بالتجربــة إاليرانيــة وزعيمهــا الخميـن ي تنصـا ً عــن زيديتــه؛ فانتقاداتــه لــم تكــن إال كلمــات عابــرة عـ بـر بهــا عــن‬
‫ـ� مــن ذلــك النقــد هــو التصحيــح‪ ،‬بــل إن محا�ض تــه المســماة‬ ‫ن‬
‫ـوا� الزيديــة‪ ،‬وكان الغــرض الفعـ ي‬ ‫غضبــه لتـ ي‬
‫(مســؤولية أهــل البيــت) تنضــح بزيديتــه؛ فهــو يحــر هدايــة النــاس (ديني ـاً) وقيادتهــم (سياســياً) ف ي� آل‬
‫البيــت ف ي� كل زمــان ومــكان‪ ،‬ويجعلــه حقـاً خاصـاً بهــم‪ ،7‬وهــو المعتقــد الــذي تنفــرد بــه الزيديــة دون فــرق‬
‫الخــرى‪.‬‬ ‫الشــيعة أ‬

‫ـو� نحــو الســلطة قــد‬‫ث‬ ‫أ‬


‫وممــا يزيــد المــر وضوحـاً‪ ،‬أن التحــرك الحـ ي‬
‫الرس الهاشــمية والزيديــة مــن فئــة الفقهــاء‬ ‫حظــي بتأييــد واســع مــن أ‬
‫حظي التحرك الحوثي نحو‬ ‫والقضــاة الذيــن ربطتهــم بالمذهــب الزيــدي روابــط فكريــة ونفعيــة‬
‫السلطة بتأييد واسع من‬ ‫وطبقيــة‪ .‬وعــى الرغــم مــن إنكارهــم ذلــك التأييــد ف� بدايــة أ‬
‫المــر‪،‬‬ ‫ي‬
‫األسر الهاشمية والزيدية من‬ ‫لمــا كانــت الدولــة مــا تــزال محتفظــة ببعــض قوتهــا‪ ،‬إال أن الحالــة‬
‫تغــرت بعــد عــام ‪2011‬م‪ ،‬وصــارت المجاهــرة بالوقــوف صفّــاً واحــداً‬ ‫ي‬
‫فئة الفقهاء والقضاة الذين‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫مــع الحوثيـ يـ� أم ـراً اعتيادي ـاً‪ ،‬ت ـراه ي� كثـ يـر مــن المقابــات الـ ي‬
‫ـى كانــت‬
‫ربطتهم بالمذهب الزيدي‬ ‫الونــة أ‬
‫الخـ يـرة ف ي� الشــوارع ومخيمــات‬ ‫تجريهــا قنــاة المســرة الحوثيــة ف� آ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫روابط فكرية ونفعية وطبقية‬ ‫االعتصــام قبــل ســقوط صنعــاء‪.‬‬

‫الشــخاص‬ ‫بــ� أ‬
‫فــرة الفســاد ف� البــاد محــط إجمــاع ي ن‬ ‫كانــت ت‬
‫ي‬
‫ـ� عبــد هللا صالــح‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫المنتقـ يـ� بدقــة هــي ‪ 52‬عامــا؛ أي عمــر الجمهوريــة وليــس فــرة الرئيــس الســابق عـ ي‬
‫ـبتم� (أيلــول) وقبــل‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫ـى قامــت ضدهــا ثــورة ‪2011‬م‪ .‬كمــا أن توقيــت إســقاط صنعــاء ي� ‪ 21‬سـ ب‬ ‫الـــ «‪ »33‬الـ ي‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫خمســة أيــام مــن تاريــخ قيــام الثــورة الم ف ي� عــام ‪1962‬م‪ 8‬كان هــو الخــر يحمــل داللــة واضحــة عــن‬
‫الرس الهاشــمية‪ .‬كمــا‬ ‫ان�عــوا عــرش المامــة مــن أيــدي أ‬‫النيــة المبيتــة تجــاه الجمهوريــة ورؤســائها الذيــن ت ز‬
‫إ‬
‫قامــوا ف ي� قنواتهــم إالعالميــة بتصويــر ثــورة ‪2011‬م عــى أنهــا ثورتهــم‪ ،‬وأنهــم أصحــاب المظلوميــة الرئيســة‬
‫مــن النظــام الســابق‪ ،‬ولذلــك فقــد كانــوا الفصيــل الوحيــد الــذي لــم يرفــع خيــام االعتصــام مــن ســاحة‬
‫جامعــة صنعــاء بعــد تنــازل عــى عبــد هللا صالــح عــن الحكــم وتكويــن حكومــة وفــاق وط ـن ي ؛ ممــا يوحــي‬
‫بــأن الهــدف الــذي جــاءوا مــن أجلــه إىل صنعــاء لــم يكــن قــد انتهــى بعــد‪.‬‬

‫الصــول الفكريــة للزيديــة‪،‬‬ ‫ـ� ال يمثــل خط ـراً كبــراً عــى أ‬


‫ـ� إي ـران والحوثيـ ي ن‬
‫إن التقــارب الشــيعي بـ ي ن‬
‫ي‬
‫ـ� الطوائــف الشــيعية‬‫والتقــاء المصالــح ال يســتلزم بالـ ضـرورة التخــ� عــن المعتقــدات القديمــة‪ ،‬خاصــة بـ ي ن‬
‫ي‬
‫الحو�‪ ،‬محمد بدر الدين‪« :‬من هم الحوثيون»‪ .‬مأرب برس‪.http://goo.gl/pCEeR8 2007/9/6 .‬‬ ‫ث‬ ‫‪- 5‬‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫ن‬
‫الباحث�‪ :‬الحوثية ي� اليمن‪ .‬مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث‪ ،‬صنعاء‪64 .2008 ،‬؛ أنعم‪ ،‬محمد طاهر‪:‬‬ ‫‪ - 6‬مجموعة من‬
‫ي‬
‫ع�ية‪http://goo.gl/ZqhRH1 2012/1/26 .‬‬ ‫الحوثيون زيدية وليسوا اث�ن ش‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫�ض‬
‫حس� بدر الدين‪ :‬مسؤولية أهل البيت‪ .‬محا ة ألقاها ي� ‪ 2002/12/12‬ي� صعدة‪.‬‬ ‫الحو�‪ ،‬ي ن‬ ‫ث‬ ‫‪- 7‬‬
‫ي‬
‫ف‬
‫بالتغي� القائم‪ ،‬وتم دمجهم ي� النظام‬ ‫الماميون‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫والملكي� ح� العام ‪ ،1970‬عندما سلم الملكيون إ‬
‫ي‬ ‫الجمهوري�‬
‫ي‬ ‫‪ - 8‬استمر الرصاع يب�‬
‫الجمهوري الجديد‪ .‬انظر الحوثية ف ي� اليمن‪ .‬ص‪.74‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪29‬‬ ‫الحوثيون ي ن‬
‫ب� أصول الزيدية وتجليات والية الفقيه‬

‫الخــرى التاريخيــة والعقائديــة‪.‬‬ ‫ف� الوقــت الراهــن؛ ألن كل واحــدة منهــا صــارت تتفهــم خصوصيــات أ‬
‫ي‬
‫النص�يــة ف ي� ســوريا‪ .‬ومــن ناحيــة‬
‫وللتمثيــل عــى ذلــك‪ ،‬نســوق دعــم الحكومــة إاليرانيــة المتواصــل للشــيعة ي‬
‫أخــرى‪ ،‬فــإن واليــة الفقيــه ذاتهــا تشــكل طفــرة ف ي� الفكــر إالمامــي وثــورة عــى نظريــة االنتظــار للمهــدي‬
‫و� الوقــت ذاتــه تمثــل تقاربـاً مــع نظريــة الحكــم عنــد الزيديــة؛ فكالهمــا تجعــان مــن الفقيــه‬ ‫‪ 9‬ف‬
‫المنتظــر ‪ ،‬ي‬
‫ع�يــة بوصايــة الفقيــه‬ ‫صاحــب الحــق ف ي� الســلطة العليــا للدولــة‪ .‬وقــد شــبهت واليــة الفقيــه عنــد االثـن ش‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫ـر حــازت فيــه الزيديــة القدميــة بأكـرث مــن ألــف عــام؛ فمــا‬ ‫المحتســب عنــد الزيديــة ‪ ،‬مــع فــارق زمـ ين كبـ ي‬
‫‪10‬‬

‫ـ� مــن خــوض تجربــة سياســية جذورهــا القديمــة ثابتــة ف ي� الفكــر الزيــدي‪ .‬وعــى‬ ‫الضـ يـر إذن‪ ،‬عنــد الحوثيـ ي ن‬
‫افـ تـراض أنهــا تجربــة جديــدة‪ ،‬فــإن مســاحة الحريــة التجديديــة عنــد الزيديــة تســتطيع أن تتقبــل هــذا‬
‫النــوع مــن الحكومــة الدينيــة المتلبســة بالنظــام الجمهــوري‪ .‬وال شــك أن إيـران ذات الثمانـ ي ن‬
‫ـ� مليــون فــرد‬
‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫ـى تتدفــق مــن آبارهــا‪ ،‬لتعــود أمــواال ً إىل خزائنهــا هــي حليــف تســعى‬ ‫والربعــة ماليـ يـ� برميــل نفــط يوميـاً الـ ي‬
‫ت ض‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫إىل كســب ودهــا كل طوائــف الشــيعة ي� العالــم‪ ،‬حــى وإن قدمــت شــيئاً مــن التنــازالت حــى تـ ي‬
‫ـر� غــرور‬
‫ـى تســود فيهــا حكومــة إســامية شــيعية‪.‬‬ ‫ت‬
‫دولــة هــي الوحيــدة الـ ي‬

‫ـ�‪ ،‬فقــد‬ ‫ـو�‪ ،‬أحــد أقطــاب الزيديــة ف� اليمــن‪ ،‬للحوثيـ ي ن‬ ‫ث‬


‫ي‬ ‫أمــا عــن معارضــة محمــد عبــد العظيــم الحـ ي‬
‫ـو� ذي لهجــة حــادة‪ ،‬ذكــر فيــه أن الحوثيـ ي ن‬
‫ـ� كفــار‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫تجلــت هــذه المعارضــة عــى أشــدها ي� تســجيل صـ ي‬
‫مجــوس‪ ،‬وأنهــم قــد خرجــوا عــن إالســام وقتالهــم أجــدى مــن قتــال اليهــود‪ ،11‬وكخطــوة نهائيــة ي ف� قائمــة‬
‫طويلــة مــن التهــم‪ ،‬كان قــد رصح بهــا ســابقاً‪ ،‬قــال فيهــا إنهــم ليســوا‬
‫النــداد طالمــا شــهدته‬ ‫بــ� أ‬
‫بزيديــة وال يمثلونهــا البتــة؛ فهــو خــاف ي ن‬
‫المؤسســة إالماميــة نفســها‪ ،‬وقــد كان يصــل غالبــاً إىل حــد االقتتــال‪.‬‬
‫إن التقارب الشيعي بين إيران‬
‫والحوثيين ال يمثل خطرًا كبيرًا‬ ‫الــى أجريــت معــه‪ ،‬يتضــح ســبب ذلــك‬ ‫ت‬
‫ومــن إحــدى المقابــات ي‬
‫‪12‬‬
‫على األصول الفكرية للزيدية‬ ‫الخصــام؛ حيــث يــرى أنهــم صغــار الســن وجهلــة ‪ ،‬ملمحــاً إىل ب‬
‫كــره‬
‫حــ� أن ابــن عمــه عبــد‬‫وعلمــه؛ إذ يعــد مرجعــاً دينيــاً عنــد أتباعــه‪ ،‬ف� ي ن‬
‫ي‬
‫ث‬
‫ـو� آخــر القــادة مــا ي ـزال شــابّاً صغـ يـراً‪ ،‬مــع أن ظــروف توليــه‬
‫الملــك الحـ ي‬
‫أ‬
‫ـو� والــده‪ ،‬وإخوتــه الكـ بـر ســناً فرقتهــم ظــروف الحــرب؛ فيحـ يـى ف ي�‬‫ف‬ ‫أ‬
‫القيــادة قــد ســاقتها إليــه القــدار؛ فقــد تـ ي‬
‫الخــارج ومحمــد كان ف ي� الســجن‪ ،13‬وكان ال بــد للجماعــة مــن قيــادة تمثلهــا؛ فــكان عبــد الملــك هــو ذلــك القائــد‪.‬‬

‫ممــا ســبق يمكــن القــول‪ ،‬بــأن الحركــة الحوثيــة‪ ،‬وإن كان قــد التبــس عــى بعضهــم انتســابها إىل‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫و�‬ ‫و� القشــور الثابتــة ي‬ ‫الزيديــة؛ فهــي تمثــل امتــداداً أيديولوجيــا ي� الممارســة الفكريــة ي‬
‫غــر الثابتــة‪ ،‬ي‬
‫ـ�‬‫الصــول‪ ،‬وتمثــل امتــداداً سياســياً ف� الخطــو نحــو الســلطة بــذات الشــعارات القديمــة المســتجدة‪ .‬وبـ ي ن‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫المــس واليــوم‪ ،‬تلــوح صــورة متكــررة لبلــد شــهدت هضابــه حروب ـاً �ض وس ف ي� ســبيل االســتئثار بالســلطة‬ ‫أ‬
‫والـرث وة بعيــداً عــن أي اهتمــام جــدي بالفــرد أو الوطــن‪ .‬ومــا تشــهده اليمــن اليــوم مــن تنـ ٍـام مطــرد لســلطة‬
‫ـ�‪ ،‬ال يعـن ي إال أن المجتمــع لــم يتخلــص بعــد مــن إرثــه الفكــري العقائــدي القديــم‪ ،‬وأن جذوتــه مــا‬ ‫الحوثيـ ي ن‬
‫ـا� ســيصيب البلــد بالويــات‪ ،‬خاصــة وأن االنفتــاح عــى العالــم اليــوم قــد‬ ‫ض‬ ‫ت‬
‫تـزال متقــدة‪ ،‬وأن اجــرار المـ ي‬
‫غـ يـر الكثـ يـر مــن المســلمات القديمــة ف ي� تكويــن الــدول وقواعــد الســيطرة‪ .‬ولربمــا أن قيــام كيــان شــيعي ف ي�‬
‫اليمــن أو‪ ،‬إن شــئنا الدقــة‪ ،‬إعــادة إقامتــه‪ ،‬ســيجد الكثـ يـر ممــن يبــارك تلــك الخطــوة‪ ،‬والكثـ يـر ممــن يعدهــا‬
‫ـ�‪ ،‬ســتختلط أ‬
‫الوراق‬ ‫ـ� وســندان الخائفـ ي ن‬‫ـ� مطرقــة المباركـ ي ن‬‫تهديــداً لكيانــه‪ .‬وبـ ي ن‬

‫السياس الشيعي من الشورى إىل والية الفقيه‪ .‬دار الشورى‪ ،‬لندن‪ .2007 ،‬ص‪.232‬‬
‫ي‬ ‫‪ - 9‬الكاتب‪ ،‬أحمد‪ :‬تطور الفكر‬
‫مدبول‪ ،‬القاهرة‪ .2008 ،‬ص‪.310‬‬
‫ي‬ ‫‪ - 1 0‬المسعودي‪ ،‬عبد العزيز‪ :‬إشكالية الفكر الزيدي ي ف� اليمن المعارص‪ .‬مكتبة‬
‫الحو�‪ ،‬محمد عبد العظيم‪ :‬الحوثيون كفار‪ .‬تسجيل ي ت‬
‫صو� بتاريخ ‪.http://goo.gl/UAOzoK 2011/12‬‬ ‫‪  11‬ي ث‬
‫الحو�‪ ،‬محمد عبدالعظيم‪ :‬الحوثيون مارقون وأخبث من إرسائيل وقتالهم أفضل من الصالة‪ .‬محاورة قام بها مهدي حامد‪ ،‬ص‪10‬‬ ‫‪ - 12‬ي ث‬
‫ديسم� ‪http://goo.gl/F6MpBj .2010‬‬
‫ب‬
‫‪ - 13‬العمقي‪ ،‬عمر‪ :‬لماذا لم تؤول قيادة تنظيم ي ث‬
‫الحو� إىل محمد بدر الدين‪ .‬المصدر أونالين‪.http://goo.gl/Rlmpwd 2010/4/11 .‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬ ‫‪30‬‬

‫بقلم‪ :‬عوض القيسي‬


‫باحث يم�ن ي ف ي� اللسانيات‬
‫المعارصة‬

‫الخطاب‬
‫السياسي‬
‫الحوثي في‬
‫األناشيد‬
‫التعبوية‬
‫ليس ألناشيد الحوثيين انتشار في وسائل‬
‫اإلعالم الجماهيرية من صحافة وفضائيات‪،‬‬
‫ويقتصر انتشارها على اليوتيوب وبعض‬
‫المواقع الخاصة بالحوثيين‪ ،‬لكنها منتشرة‬
‫كثيرًا بين الحوثيين والمتعاطفين معهم‬
‫وبين عامة الشعب‪ .‬وفي هذه األناشيد‪،‬‬
‫يتخلى الخطاب الحوثي عن كثير من‬
‫تنميقاته وأغاليطه المنطقية‪ ،‬ويصير صريحًا‬
‫في البوح عن المشروع الحربي التوسعي‬
‫للحوثيين‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫‪31‬‬ ‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬

‫الول‪ ،‬مســتوى القنــوات‬ ‫مســتوي�‪ :‬المســتوى أ‬


‫ين‬ ‫ث‬
‫الحــو� يجــده يتنــوع وفــق‬ ‫مــن يالحــظ الخطــاب إالعالمــي‬
‫ي‬
‫أ‬
‫الفضائيــة والصحــف‪ ،‬وســيجده متابــع هــذا الخطــاب منمقــاً ممتلئــاً ي‬
‫بكثــر مــن الناقــات اللفظيــة المبنيــة عــى‬
‫المغالطــات المنطقيــة‪ ،‬وتعمــد التلطــف ف ي� التعبـ يـرات اللفظيــة عــن مقاصدهــم السياســية‪ .‬وهــذا الخطــاب موجــه‬
‫للخــارج ولسياسـ ي يـى ومثقفــي الداخــل؛ ليتمكن ـوا مــن إيجــاد مســوغات ألعمالهــم الحربيــة التوســعية عــى الخارطــة‬
‫اليمنيــة‪.‬‬

‫الناشــيد ليــس لهــا انتشــار ف ي�‬ ‫الناشــيد الغنائيــة الـ تـى ينتجهــا الحوثيــون‪ .‬هــذه أ‬ ‫والمســتوى الثـ نـا�‪ ،‬مســتوى أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الجماه�يــة مــن صحافــة وفضائيــات‪ ،‬ويقتــر انتشــارها عــى اليوتيــوب وبعــض المواقــع الخاصــة‬ ‫ي‬ ‫وســائل إالعــام‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ن‬
‫و� هــذه الناشــيد‪ ،‬يتخــى‬ ‫بالحوثيـ يـ�‪ ،‬لكنهــا منتــرة كثـ يـراً بـ يـ� الحوثيـ يـ� والمتعاطفـ يـ� معهــم وبـ يـ� عامــة الشــعب‪ .‬ي‬
‫ف‬ ‫ث‬
‫ـر� التوســعي‬ ‫ـو� عــن كثـ يـر مــن تنميقاتــه وأغاليطــه المنطقيــة ويصـ يـر رصيحـاً ي� البــوح عــن المـ شـروع الحـ ب ي‬
‫الخطــاب الحـ ي‬
‫ـ�‪ ،‬وال تبقــى إال بعــض العبــارات الطائفيــة الـ ت يـى لــم يحســن تغليفهــا‪ ،‬والم ـراد منهــا وصــم الغالبيــة مــن‬ ‫للحوثيـ ي ن‬
‫ث‬ ‫ن ت‬
‫اليمنيـ يـ� الـ يـى ال تقبــل بمـ شـروع التوســع الحـ ي‬
‫ـو�‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪32‬‬

‫وأهــم خصيصــة أســلوبية تظهــر عــى معظــم أ‬


‫الناشــيد التعبويــة‬
‫ـ�‪ ،‬وليــس فيهــا‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ـأ� بمســتوى الــكالم المحـ ي‬ ‫للحوثيـ يـ� أن لغتهــا بســيطة‪ ،‬وتـ ي‬
‫النــ� والوحــدة‬
‫ي‬ ‫كثــر اعتنــاء بالصــور البيانيــة‪ ،‬وتفقــد أحيانــا تال�ابــط‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الموضوعيــة بـ يـ� أبياتهــا‪ .‬والســبب‪ ،‬فيمــا يبــدو‪ ،‬أن الفئــة المســتهدفة بهــا‬
‫هــي الفئــات متدنيــة التعليــم مــن أبنــاء الشــعب‪.‬‬

‫الناشــيد‪ ،‬فموضوعــات شــديدة‬ ‫أمــا الموضوعــات الـ تـى تتناولهــا هــذه أ‬


‫ي‬
‫ـ� الحــرب والمــوت ومــا اتصــل بهمــا‪ .‬لذلــك‪،‬‬ ‫ف‬
‫التبســيط وجلهــا يــدور ي� ي‬
‫ـ‬ ‫حق‬
‫أ‬
‫الناشــيد تعيــد تك ـرار هــذه الفــكار‪ ،‬والغــرض الواضــح أنهــا‬ ‫نجــد أن هــذه أ‬
‫تريــد إحــداث التأثـ يـر المطلــوب وفقــا لمبــدإ‪« :‬أن تُــر ِّدد نفــس الفكــرة م ـرات‬
‫عديــدة؛ ألن التك ـرار الدائــم لفكــرة مــا‪ ،‬بــرف النظــر عــن عــدم حقيقتهــا‪،‬‬
‫الجماهــر»‪ .1‬وبعــد‬
‫ي‬ ‫ســوف يــؤدي إىل جعلهــا مقبولــة ومســلماً بهــا لــدى‬
‫ـأ� ضمــن‬ ‫ت‬
‫االقتنــاع تســيطر هــذه التصــورات عــى معتنقهــا الســيما أنهــا تـ ي‬
‫ســياق تفكـ يـر جمعــي تصعــب مخالفتــه؛ فتوجــه فكــره وتمنعــه مــن التفكـ يـر‬
‫النقــدي لهــذه التصــورات أو قبــول مــا يخالفهــا‪.‬‬
‫الناشــيد الحوثيــة أ‬
‫الكـ ثـر شــهرة؛‬ ‫وقــد درس الباحــث ثمانيــة مــن أ‬
‫ت‬
‫فوجــد فيهــا عــدداً مــن الموضوعــات المتكــررة‪ ،‬نســوقها فيمــا يـ ي‬
‫ـأ�‪:‬‬

‫التعبئــة النفســية للحــرب واالحتفــال بالمظاهــر المســلحة‪ :‬وهــذا هــو‬


‫الناشــيد‪ .‬وهــذا التوجــه صــار مفهومــا‬ ‫ـ� أ‬ ‫البــرز و أ‬
‫الك ـرث تك ـراراً بـ ي ن‬ ‫الموضــوع أ‬
‫ـ� ليسـوا حزبـاً‬ ‫الناشــيد‪ ،‬إذا علــم المتلقــي أن الحوثيـ ي ن‬ ‫ـو� ف� أ‬ ‫ث‬ ‫ف‬
‫ي� الخطــاب الحـ ي ي‬
‫سياســياً يمــارس العمليــة السياســية ويؤمــن بالديمقراطيــة‪ ،‬بــل جماعــة دينيــة‬
‫متطرفــة تمــردت عــى الدولــة واســتطاعت أن تصــل اليــوم اىل مراكــز الســلطة‪،‬‬
‫وأن تســيطر عليهــا وتتحكــم ف ي� قراراتهــا وتتهيــأ إللغائهــا واســتبدالها بنظــام‬
‫ث‬
‫للحــو�‬ ‫تعــى نفــوس المنارصيــن‬‫فالناشــيد هنــا ب ئ‬ ‫عــري‪ .‬أ‬ ‫اثنــى ش‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫طائفــي ي‬
‫ـ�‪ ،‬بــل‬ ‫أ‬
‫وتعدهــم للحــرب والتوجــه إليهــا؛ لن الحــرب ليســت بالـ شـ�ء الهـ ي ن‬
‫ي‬
‫أمــر جلــل‪ ،‬ومــن واجهــه بنفـ ٍـس لــم تجــد التعبئــة الكاملــة ينكفــئ عنــد أول مواجهــة يشــاهد فيهــا المــوت وأه ـوال‬
‫الناشــيد لتســتفز الحميــة للحــرب والمواجهــة‪ .‬ومــن أ‬
‫الناشــيد المثاليــة لهــذه التعبئــة نشــيد‬ ‫الحــرب عيانـاً؛ لذلــك تـ تـأ� أ‬
‫ي‬
‫التبــاع للذهــاب إىل الحــرب‪:‬‬ ‫«شــبت النــار»‪ ،‬فو� مطلعــه تلــك الجملــة الـ تـى تثــر عواطــف أ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬
‫شبت النار شبت‪ 2‬صدري اليوم فاير‬
‫الجعب‪ 3‬والبنادق جاوبت من دعاها‬

‫تستث� العواطف هي‪:‬‬ ‫ف‬


‫وهناك أبيات ي� مطلع نشيد «طبلة الحرب» ي‬
‫‪4‬‬ ‫ق‬
‫دقد� يا دفوف‬
‫طبلة الحرب دقت ي‬
‫داعي الحق ومنادي الجهاد ابرقا‪.‬‬

‫ويبــدو أن المقصــود بطبلــة الحــرب قرعــات الطبــل لرقصــة الـ بـرع الـ ت يـى هــي رقصــة الحــرب ف ي� المرتفعــات‬
‫بالثــارة‬ ‫الــرع ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫حــى تســتكمل إالثــارة اللفظيــة إ‬ ‫الغربيــة ي� اليمــن‪ ،‬وبالمناســبة معظــم الناشــيد مصحوبــة بطبلــة ب‬
‫أ‬
‫الموســيقية المحمســة؛ فالشــطر الول يســتح�ض ف ي� ذهــن المتلقــي رقصــة الـ بـرع المحمســة‪ ،‬والحمــاس انفعــال يطـرأ‬

‫‪ - 1‬حرب بال مدافع‪ ،‬ترجمة محمد عبد الرحمن برج‪ ،‬القيادة العامة للقوات المسلحة ‪-‬إدارة التوجيه المعنوي‪1967،‬م‪.‬‬
‫التال‪http://goo.gl/wVYdFz :‬‬ ‫ف‬
‫‪ - 2‬موجودة ي� اليوتيوب عىل الرابط ي‬
‫ذخ�ة البندقية‪.‬‬
‫‪- 3‬الجعب‪ :‬جمع جعبة‪ ،‬وهي الحاوية لمخازن ي‬
‫‪http://goo.gl/k2na7V - 4‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪33‬‬

‫ـا� بالمعتقــد؛ ألن‬


‫ن‬ ‫ف‬
‫عــى إالنســان وينطفــئ رسيعـاً؛ لذلــك لــم يكتــف الشــاعر بذكــر المحمــس بــل قرنــه ي� الشــطر الثـ ي‬
‫المعتقــد الدي ـن ي أك ـرث رســوخاً ف ي� نفــس صاحبــه وال ينطفــئ كاالنفعــال‪ ،‬بــل إن‬
‫اســتثارته تجــدد الحماســة كلمــا فـ تـرت وتدفــع لمزيــد مــن القتــال‪.‬‬

‫لغة معظم األناشيد التعبوية‬ ‫ـتث� الشــاعر النفــوس للقتــال ثــم يحفــز المشــاعر العقديــة‪،‬‬ ‫بعــد أن يسـ ي‬
‫للحوثيين بسيطة‪ ،‬وتأتي‬ ‫يكمــل المشــهد ف ي� البيــت الــذي يليــه للجمــوع المتحفــزة بتوحيــد الصــف والزحــف‬
‫عــى عدوهــم‪ ،‬ثــم يعــود لتحفـ ي زـ� عواطــف المقاتلـ ي ن‬
‫ـ�‪ ،‬لكنــه هــذه المــرة يحفــز‬
‫بمستوى الكالم المحكي‪ ،‬وليس‬ ‫ف‬
‫ـال والصيــت الحســن‪ ،‬إن هــم أجابـوا‪.‬‬ ‫لديهــم الرغبــة ي� المعـ ي‬
‫فيها كثير اعتناء بالصور البيانية‬ ‫س�ي وازحفي يا صفوف‬ ‫وحد الصف‪ ،‬ي‬
‫والمعال من بغاها غدا‬‫ي‬ ‫الشــرف‬

‫ويعــود مــرة أخــرى ليحدثهــم أن خروجهــم ف ي� ســبيل هللا‪ ،‬وأنهــم يواجهــون غــزو الكفــار‪ ،‬مــع أنهــم ف ي� حقيقــة‬
‫المــر هــم مــن يغــزون مناطــق غ�هــم مــن الطائفــة الســنية‪ ،‬وهــذه المغالطــة المقصــود بهــا إشــعار أ‬
‫التبــاع‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫فــ�دادون حماســاً واندفاعــاً للحــرب؛ لشــعورهم الموهــوم بالمظلوميــة‪.‬‬ ‫المخطوفــ� ذهنيــاً بأنهــم مظلومــون‪ ،‬ي ز‬
‫ين‬
‫بالمــكان قتلــه دون وجــل أو شــعور بالذنــب‪.‬‬ ‫وبالتكفـ يـر لليم ـن ي الس ـن ي يصـ يـر إ‬
‫النوف‬ ‫اخرجوا ف� سبيل هللا شم أ‬
‫ي‬
‫من غزا الكفر دينه من دماها استقى‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬ ‫‪34‬‬

‫�ء مكــروه وال تحبــه النــاس‪ ،‬بــل يصيبهــم الوجــل عندمــا يشــعرون بقــرب وقوعهــا؛ ألنهــا كارثــة إنســانية‬ ‫ش‬
‫والحــرب ي‬
‫ـ� دائمـاً ف ي� أناشــيدهم ينكــرون هــذه المشــاعر ويكررونهــا‪ ،‬حـ تـى يحــدث‬
‫تنـ شـر المــوت والخـراب‪ ،‬لذلــك نجــد الحوثيـ ي ن‬
‫ـامع�‪ ،‬وهــو االســتهانة بالحــروب ومــا تجــره مــن ويــات‪ .‬فنســمع حاديهــم للحــرب يقــول‬ ‫الثــر المطلــوب لــدى السـ ي ن‬‫أ‬
‫ـال»‪:5‬‬ ‫ف‬
‫مســتخفاً بالحــرب ومآالتهــا الوخيمــة أشــد االســتخفاف ي� نشــيد «مــا نبـ ي‬
‫نبال‬
‫نبال ما ي‬
‫نبال ما ي‬
‫ما ي‬
‫واجعلوها حرب بك�ى عالمية‬
‫ولنهــا كذلــك يرحــب الشــاعر أ‬
‫بالهـوال‬ ‫التبــاع بدعــوى أنهــا هلل‪ ،‬أ‬
‫ويلجــأ الشــاعر ليســوغ أهـوال الحــروب لــدى أ‬
‫والمــوت بقولــه‪:‬‬
‫فــي سبـيـل هللا ذقــنا الـمـــر‬
‫حال مرحبا بالموت حيا بالمنية‬ ‫ي‬

‫كل هــذا ليعــزز لــدى النفــوس مشــاعر الصـ بـر واالحتمــال والعنــاد الشــديد الـ ت يـى تكــون مــن مفاتيــح النــر ف ي�‬
‫الحــروب الطويلــة المنهكــة‪ ،‬الســيما الحــروب الطائفيــة‪.‬‬

‫و� نشــيد «حيــا بداعــي المــوت»‪ 6‬نجــد الشــاعر يحــاول غــرس‪ ،‬ليــس‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫االســتهانة بالمــوت فقــط‪ ،‬بــل تال�حيــب بــه مســوغاً ذلــك بأنهــم جنــود هللا‬
‫باع ـوا نفوســهم إليــه‪:‬‬
‫والمغر�‬ ‫ق‬ ‫ش‬
‫حيا بدعي الموت قل للم� ي�‬
‫بي‬
‫إحـنا جـنـود هللا بعـنا بيع ما حد يشفعه‬
‫الفــكار التعبويــة للحــرب إىل درجــة أن تغــرس ف� نفــوس أ‬
‫التبــاع‬ ‫وتصــل أ‬
‫ي‬
‫ث‬
‫ـو�؛ ففــي نشــيد «حيــا بداعــي‬
‫فكــرة أنهــم آالت للقتــل لــدى عبــد الملــك الحـ ي‬
‫الجهــاد»‪ 7‬يقــول الشــاعر‪:‬‬
‫احنا سالح ابن بدر الدين‬
‫واحنا الزناد‬
‫ومــن أعجــب أ‬
‫الفــكار الـ ت يـى تــؤز عــى الحــرب‪ ،‬لكنهــا ليســت مســتقاة‬
‫العــر� قولــه ف ي� نشــيد‬
‫الجاهــ� ب ي‬
‫ي‬ ‫مــن قــرآن أو ديــن‪ ،‬وإنمــا مــن المــوروث‬
‫«شــبت النــار»‪:‬‬
‫من خشوم البنادق نحتكم والمعابر‬
‫الخــاق أو أ‬
‫الع ـراف‪ ،‬بــل إىل القــوة‬ ‫فليس ـوا يحتكمــون إىل الديــن أو أ‬
‫ـتث� رجــال القبائــل ف ي� بعــض‬ ‫أ‬
‫الغاشــمة‪ ،‬ومثــل هــذه الفــكار غالب ـاً مــا تسـ ي‬
‫الكـرث تخلفـاً‪ .‬ويبــدو أن الشــاعر أراد اســتغالل هذه الســمة‬‫المناطــق اليمنيــة أ‬
‫ث‬ ‫ف‬
‫ـو� التوســعي المتوســل بالحــروب‪.‬‬ ‫االجتماعيــة ليوظفهــا ي� المـ شـروع الحـ ي‬

‫و� نشــيد «وهللا مــا اتوقــف»‪ 8‬نــرى الشــاعر يقــول معبئــاً لنفــوس‬‫ف‬
‫ي‬
‫أ‬
‫التبــاع‪:‬‬
‫باحط روحي كف وسالحي باحطه فوق كف‬

‫‪5 - http://goo.gl/pnTF0S‬‬
‫‪6 - http://goo.gl/WIYatT‬‬
‫‪7 - http://goo.gl/rSDfdZ‬‬
‫‪8 - http://goo.gl/XqzegF‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫‪35‬‬ ‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬

‫وجهاد ما يوصف اخوض به المشقات العناف‬


‫نخلص من خطاب الحوثيين في‬
‫أناشيدهم أنهم ليسوا أصحاب‬ ‫وتص�هــم‪ ،‬ال ســيما ي ن‬
‫حــ�‬ ‫ين‬
‫المقاتلــ� ب‬ ‫ألن هــذه الكلمــات تشــد مــن أزر‬
‫ت‬
‫الــى وصفهــا الشــاعر بالمشــقات العنــاف‪.‬‬ ‫أ‬
‫مشروع سياسي مسالم يقبل‬ ‫يواجهــون الهــوال ي‬
‫باآلخر‪ ،‬بل أصحاب مشروع قتالي‬ ‫ال ثك� تكـرارا ف� أ‬
‫الناشــيد‬ ‫تكريــس عبــادة الفــرد‪ :‬وهــذا هو الموضــوع الثـ نـا� أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫توسعي يتوسل بالقتل واإلرهاب‬ ‫ـو�‬‫ـ� عبــد الملــك الحـ ث‬‫التعبويــة‪ ،‬وتــدور مضامينــه حــول تعظيــم قائــد الحوثيـ ي ن‬
‫ي‬
‫والنسف ونشر الخراب‬ ‫ووصفــه بصفــات ال تتوفــر فيــه‪ ،‬وموجبــة لــه الحــب بدرجــة أعــى مــن النــاس‬
‫والطاعــة المطلقــة‪ ،‬ألنــه مــن آ‬
‫«الل»‪.‬‬
‫الفــكار الـ تـى وردت التمســك بـ آ‬
‫ـالل الذيــن يمثلهــم عبــد الملــك مهمــا كانــت العواقــب أو اشــتدت الحــروب‪.‬‬ ‫فمــن أ‬
‫ي‬
‫يقــول الشــاعر ف ي� قصيــدة «حيــا بداعــي الموت»‪:‬‬
‫المغرب‬
‫ِ‬ ‫والم�ق يجي ف ي�‬
‫لو السما تنهار ش‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬ ‫‪36‬‬

‫الربعة‬‫والرض تشعل نار من كل الجهات أ‬ ‫أ‬


‫فو� يحـرق‬ ‫ق‬
‫لو بايجي الياجوج والماجـوج ي‬
‫والجـــو طـيـارات والدنـيــا طقــوم مدرعـة‬
‫ما بانفــرط ف� كتـاب هللا آ‬
‫والل اضــربــي‬ ‫ي‬
‫يا هــذه الدنيــا طلقـتـي بالثـالث مــودعـــة‬
‫ـو� ف ي� الذهــاب معــه فيمــا يخوضــه مــن الحــروب‬
‫ث‬ ‫أ‬
‫ثــم إن هــذه الناشــيد تجعــل جـزاء طاعــة عبــد الملــك الحـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫‪37‬‬ ‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬

‫ـال»‪:9‬‬ ‫ف‬
‫ـ� لهــذا المعتقــد‪ .‬يقــول الشــاعر ي� نشــيد «أال يــا هللا يــا عالــم بحـ ي‬
‫ـ� أو نقـ ي‬
‫الجنــة‪ ،‬دون سـؤال عــن دليــل عقـ ي‬
‫مع ابن البدر شدينا الرحال‬
‫ألن العاقـبة جـنة هـنـية‬

‫ت‬
‫ويأ� بعد هذا البيت وبيت آخر يليه قول الشاعر‪:‬‬
‫ي‬
‫غال‬
‫غال وابن ي‬
‫ج�يل ي‬ ‫وابو ب‬

‫‪9 - http://goo.gl/VReJQa‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحو� ف� أ‬
‫ث‬
‫الناشيد التعبوية‬ ‫ي ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬ ‫‪38‬‬

‫شـرف للناس عـزة للبـرية‬

‫ـ� النــاس حـ تـى ال يخالــف ف ي� مشــاريعه‪ ،‬ألن مشــاريعه ف ي� مــا‬


‫تل�ســيخ صــورة القائــد المخلــص وغــرس محبتــه بـ ي ن‬
‫يزعــم ترفــع مقاديــر النــاس وتجعلهــم عزيزيــن‪.‬‬

‫و� قصيــدة «حيــا بداعــي الجهــاد» نجــد الشــاعر يحــث عــى تلبيــة عبــد الملــك ويكيــل لــه مديحـاً مــن النــوع‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫الــذي يغـ تـر بــه بســطاء النــاس‪ .‬يقــول الشــاعر‪:‬‬
‫لبيك لبيك يا داعي الهدى والرشاد‬
‫المة من االضطهاد‬ ‫لبيك يا مخرج أ‬

‫الناشــيد الحوثيــة‪ .‬ويحاولــون تمويــه هــذه الفكــرة‬ ‫التحريــض عــى إبــادة الســنة‪ :‬وهــذه الفكــرة ممــا يكــرر ف� أ‬
‫ي‬
‫ـتئصال‬ ‫ـ‬ ‫االس‬ ‫ـو�‬ ‫بألفــاظ‪ ،‬مثــل «شــلة يزيــد»‪ ،‬و»تكفــري»‪ ،‬لكــن هــذه أ‬
‫اللفــاظ تبقــى شــفيفة ومنبئــة عــن المـ شـروع الحـ ث‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫لغـ يـر طائفتــه‪.‬‬

‫يقول الشاعر ف ي� نشيد «حيا بداعي الجهاد»‪:‬‬


‫واليوم شلة يزيد ترحل ورا قوم عاد‬
‫إن الشعار الذي يرفعه‬ ‫و� هــذا البيــت بــث للكراهيــة وتحريــض عــى إبــادة الطائفــة الســنية‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫الحوثيون في كل مكان‪ ،‬يحاول‬ ‫أ‬
‫كمــا أبيــد قــوم عــاد بوصمهــم «بشــلة يزيــد» اســتدعاء للحقــاد التاريخيــة الـ ت يـى‬
‫ـو� وتحمســهم لمزيــد مــن القتــال؛ فالكراهيــة فضـا ً عــن أنهــا‬ ‫ث‬
‫أن يغرس في رؤوس األتباع‬ ‫ســتدفع أتبــاع الحـ ي‬
‫ـ� بثهــا مــن وأد العواطــف إالنســانية‬ ‫ـي� حـ ي ن‬
‫دافــع ضــد المكــروه تمكــن السياسـ ي ن‬
‫فكرة أنهم يواجهون أمريكا‬ ‫لــدى أتباعهــم تجــاه أعدائهــم؛ فتضمــن عــدم ترددهــم ف ي� ســحق مــن يقاومــون‬
‫مشــاريعهم دون رحمــة‪.‬‬
‫ويل هذا البيت قول الشاعر‪:‬‬ ‫ي‬
‫تكف�ي مع الغرب قاد‬ ‫الويل يا كل ي‬

‫ونـراه يصــم الســنة بكلمــة تكفـ يـري ثــم يمعــن ف� وصمهــم بأنهــم قواديــن للغــرب الــذي هــو العــدو الحــا�ض‬
‫ي‬
‫دائمــا ف ي� الوعــي الجمعــي لــدى الشــيعة مــن كـرث ة ترديدهــا ف ي� الدعايــات‪ .‬وكلمة تكفـ يـري يســتخدمها الشــيعة ف ي� دعايتهم‬
‫السياســية لتفريــق الطائفــة الســنية ثــم �ض ب فئاتهــم كل مــرة عــى حــدة بعــد أن وصفوهــا بأنهــا ي‬
‫تكف�يــة؛ فهــم مــرة‬
‫ـلفي� لتحييــد يغ�هــم ثــم بعــد الخــاص منهــم نراهــم يســتعملونها ضــد إالخـوان‪ ،‬وهلــم جـرا‪.‬‬ ‫يصفــون السـ ي ن‬

‫اســتحضار العــدو الخارجــي‪ :‬وهــذا مــن الموضوعــات أ‬


‫الثـ يـرة لــدى الحوثيـ ي ن‬
‫ـ�‪ ،‬بــل إن شــعارهم‪ 10‬الــذي يرفعونــه‬
‫ـر� والمقــروء يحــاول أن يغــرس ف� رؤوس أ‬
‫التبــاع فكــرة أنهــم يواجهــون‬ ‫ئ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي� كل مــكان‪ ،‬ومعظــم حديثهــم إىل إالعــام المـ ي‬
‫ـ�‬ ‫أ‬
‫ـال» يقــوم الشــاعر باســتحضار المريــكان والصهاينــة دون مناســبة‪ ،‬لـ ي‬ ‫أمريــكا؛ ففــي نشــيد «أال يــا هلل يــا عالــم بحـ ي‬
‫التبــاع وإشــعارهم بالعــار بقولــه الشــاعر‪:‬‬ ‫يســتنهض همــم أ‬
‫موال‬
‫علينا العار ما نبقي ي‬
‫ألمريكا وصهيون اللعينة‬

‫و� نشــيد «حيــا بداعــي الجهــاد» يشــجع الشــاعر عــى اســتئصال الســنة الذيــن يصمهــم «بأصحــاب الشــقا‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫أ‬
‫والفســاد» مطلق ـاً يمين ـاً بعــدم قبولهــم‪ ،‬وحـ تـى يوغــل ف ي� خــداع التبــاع يظهــر العــزم عليــه‪ ،‬حـ تـى لــو اجتمــع عــى‬
‫ث‬
‫ـو� إالعالمــي الــذي يظهــر العــداء‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ور�‪ .‬وهنــا تتجــى إحــدى مفارقــات الخطــاب الحـ ي‬ ‫قتالهــم المريــكان واالتحــاد ال ب ي‬
‫ـ� تســاندهم الطائـرات دون طيــار‬ ‫الرض التناغــم بينهــم ف� أ‬
‫العمــال القتاليــة حـ ي ن‬ ‫الشــديد ألمريــكا‪ ،‬بينمــا يظهــر عــى أ‬
‫ي‬
‫أ‬
‫‪ - 1 0‬شعار الحوثيـيـن الذي جعلوه مكتوباً عىل علمهم‪ ،‬والذي يعلق عىل بيوتهم وفـي السواق وفـي كل مكان يكونون فيه ويلصقونه عىل‬
‫أك�‪ ،‬الموت ألمريكا‪ ،‬الموت إلرسائيل‪ ،‬اللعنة عىل اليهود‪ ،‬النرص للإسالم»‪.‬‬
‫سياراتهم وبنادقهم هو «هللا ب‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪39‬‬

‫أ‬
‫المريكيــة ف ي� كل مــرة يضعفــون فيهــا عــن التقــدم‪ .‬يقــول شــاعرهم‪:‬‬
‫وهللا ما نقبل اصحاب الشقا والفساد‬
‫لو يجتمع ضدنا أمريكا مع االتحاد‬

‫ـ� إىل الوعــي الجمعــي‬ ‫أ‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬


‫ـال»‪ ،‬أيضـاً‪ ،‬إحــدى إاليماضــات إىل التبــاع الـ يـى تســتح العــدو المريـ ي‬ ‫و� نشــيد «مــا نبـ ي‬‫ي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ـ� تقــول إن مــا يقومــون بــه مــن أعمــال هــو رفــض لتبــاع المريــكان‪ .‬يقــول النشــيد‪:‬‬‫للحوثــة‪ ،‬لـ ي‬
‫أ‬
‫موال والوامر هي تصدرها طرية‬ ‫نرفض أن نبقى مع أمريكا ي‬

‫الناشــيد الحوثيــة‪ ،‬وتغيــب عــن خطابهــم إالعالمــي‬ ‫إرهــاب الخصــوم‪ :‬وهــذا مــن الموضوعــات الـ تـى تطرقهــا أ‬
‫ي‬
‫التبــاع بــروح االنتقــام الشــنيع مــن الخصــوم‪ ،‬وموجــه كذلــك‬ ‫المتلفــز والمقــروء‪ ،‬وهــو خطــاب موجــه لتعبئــة نفــوس أ‬
‫ث‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ـو� التوســعية؛ ففــي نشــيد «طبلــة الحــرب‬ ‫للخصــوم حــى يمــ� نفوســهم رعب ـاً فيكف ـوا عــن مقاومــة مشــاريع الحـ ي‬
‫أ‬
‫دقــت» يتوعــد الشــاعر الخصــوم بالمجــيء إىل بيوتهــم‪ ،‬ويتوعــد مــن يقاتلهــم دفاع ـاً؛ المــر الــذي يجعلــه لغــرض‬
‫الخــر‪ ،‬وبأنــه غـ ٍـاز وال بــد لــه أن يعــود‪ ،‬وهــو ينــدب حظــه قائــا‪:‬‬‫المغالطــة وإســقاط النـوازع العدوانيــة الذاتيــة عــى آ‬
‫ـ�»‪:11‬‬‫«ال ســقا هللا يــوم قاتلنــا الحوثيـ ي ن‬
‫من بغانا لقينا حول داره نطوف‬
‫من غزانا يعود وكلمته «ال سقا»‬

‫تصل األفكار التعبوية للحرب‬ ‫ثــم إن الشــاعر يوغــل ف ي� رســم صــورة مرعبــة لمــن يريــد قتالهــم بأنهــم‬
‫إلى درجة أن تغرس في نفوس‬ ‫ـيط�ون رأســه عــن جســده‪:‬‬
‫ـي�بون مــن دمــه وبأنهــم سـ ي‬ ‫سـ ش‬
‫األتباع فكرة أنهم آالت للقتل‬ ‫نغرف الدم من كاس المنايا غروف‬
‫كـل راس غـزانا مـرتـفع قـد نقا‬
‫لدى عبد الملك الحوثي‬
‫و� نشــيد «وهللا مــا اتخلــف» يمعــن الشــاعر ف ي� رســم صــورة إرهابيــة‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫ـ� ف ي� مواجهــة الخصــوم؛ فهــم ال يكتفــون بقتــل مــن‬‫ش‬
‫يقــر عنهــا الخيــال الداعـ ي‬
‫يحاربهــم‪ ،‬بــل يقطعــون يديــه ويجعلــون جثتــه كجثــة قــرد جفــت وانكمشــت‬
‫وتحنطــت ف ي� حــر الصح ـراء الالهــب الــذي ال تتحلــل فيــه الجثــث‪ ،‬بــل تبقــى‪:‬‬
‫ياويل من ودف‪ 12‬وحاربنا وضد هللا وقف‬
‫نقطع يدين وكف ونخليه جثة قرد جاف‬

‫وال يكتفــي الحوثيــون مــن خصمهــم بالقتــل‪ ،‬بــل يوغلــون ف ي� إرهابهــم ليصل ـوا إىل تفجـ يـر بيــوت خصومهــم‬
‫ش‬
‫وت�يــد أهلهــم‪ .‬يقــول نشــيد «وهللا مــا اتخلــف»‪:‬‬
‫ال� با ينسف ويعرف االنتساف‬ ‫الل يوال ش‬
‫ي ي‬

‫الحو� العدو ن يا� التوسعي‪.‬‬


‫ث‬ ‫بال� هنا من يقف مقاوماً ش‬
‫لم�وع ي‬ ‫ويقصد ش‬

‫ـياس مســالم يقبــل‬ ‫ش‬ ‫ن ف‬ ‫ف‬


‫ي� النهايــة‪ ،‬نخلــص مــن خطــاب الحوثيـ يـ� ي� أناشــيدهم أنهــم ليسـوا أصحــاب مــروع سـ ي‬
‫ـال توســعي يتوســل بالقتــل و إالرهــاب والنســف ونـ شـر الخـراب إىل الخــاص ممــن يقف‬ ‫ش‬ ‫آ‬
‫بالخــر‪ ،‬بــل أصحــاب مــروع قتـ ي‬
‫الناشــيد عــى التعبئــة أ‬
‫للتبــاع بأنهــم يفعلــون مــا يفعلــون طاعــة لعبــد‬ ‫ف� وجهــه؛ لذلــك دائم ـاً مــا يعمــل ف� هــذه أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫م�وعهــم يقــف ضــد هللا عــز‬ ‫الملــك الــذي هــو مــن آل البيــت‪ ،‬والذيــن ف ي� طاعتهــم طاعــة هلل‪ ،‬وأن مــن يقــف ضــد ش‬
‫وجــل؛ لــذا فالخــاص منــه مســوغ‪.‬‬

‫ش‬
‫المنت�ة عىل ألسنة العامة ي ف� اليمن‪،‬‬ ‫‪ - 11‬دعاء السقيا‪ :‬هو أن يدعو هللا بالسقيا بالمطر وعكسه الدعاء بعدم السقيا‪ ،‬وهذه من العبارات‬
‫ف‬
‫والحباط ي� الثانية‪.‬‬ ‫والغرض منهما التعب� عن الفرح ف� المواقف السعيدة ف� أ‬
‫والتعب� عن مشاعر الهم والحزن إ‬
‫ي‬ ‫الوىل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ - 12‬ودف‪ :‬كلمة من المحكية اليمنية تقارب ي ف� معناها تورط‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪40‬‬

‫بقلم‪ :‬محمد فائد‬


‫البكري‬

‫باحث يم�ن ي متخصص ف ي�‬


‫تحليل الخطاب‪.‬‬

‫الحركة الحوثية‬
‫من خالل خطابها‬
‫اإلعالمي‬
‫الخطاب اإلعالمي للحركة الحوثية متعدد‪ ،‬وله وسائل إعالمية‬
‫َ‬
‫متعددة‪ ،‬منها المرئي والمقروء والمسموع‪( ،‬هناك قناة «المسيرة»‬
‫الفضائية‪ ،‬وإذاعة «‪ ،»FM‬وصحيفتا «الهوية»‪ ،‬و»المسيرة»‪ ،‬والموقع‬
‫اإللكتروني «المنبر نت»‪ ،‬إضافة إلى عدد من المنابر المتعاطفة معهم‪،‬‬
‫مثل صحيفة «الديار»)‪ ،‬فإن هذه الورقة ستنصرف إلى قراءة الخطاب‬
‫اإلعالمي من خالل تحليل محتوى ما يبث على قناة «المسيرة»‬
‫فحسب‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪41‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪42‬‬

‫أصبحــت الظاهــرة الحوثيــة ميدانـاً لعـ ٍ‬


‫ـدد مــن القـراءات والمقاربــات‪ ،‬وتحــاول هــذه الورقــة‬
‫أن تقـ ِّـدم مقاربــةً لخطــاب هــذه الحركــة مــن خــال تحليــل محتــوى مــا تبثــه وســائلها إ‬
‫العالميــة‪.‬‬

‫الحوثيــ� ف ي� حالتــه الراهنــة‪ ،‬ابتــدا ًء مــن‬


‫ين‬ ‫العالمــي لجماعــة‬
‫وبقــراءة رسيعــة للخطــاب إ‬
‫‪1‬‬ ‫ش‬ ‫ت‬
‫ســقوط عم ـران ومــروراً بدخــول صنعــاء وحــى توقيــع اتفــاق الســلم وال�اكــة ‪ ،‬وهــي مقاربــة‬
‫الن‪.‬‬‫ـ�أة مــن قـراءة تحليليــة للخطــاب العالمــي عنــد هــذه الجماعــة منــذ بــدء ظهورهــا حـ تـى آ‬
‫ُمجـ ت ز‬
‫إ‬ ‫ٍ‬

‫العالمــي للحركــة‬ ‫وتــدور إشــكالية هــذه المقاربــة حــول الســؤال‪ :‬مــا طبيعــة الخطــاب إ‬
‫الحوثيــة؟‪ 2‬لتتفــرع عــن ذلــك الســؤال أســئلةٌ أخــرى حــول موجهاتــه ومحدداتــه ووســائله وغاياتــه‬
‫للجابــة عنهــا جميعـاً‪،‬‬
‫ـ� إ‬ ‫ومــدى ت ز‬
‫ال�امــه بالموضوعيــة والمهنيــة؟ وهــي أســئلةٌ ال يتســع هــذا الحـ ي ز‬
‫للجابــة عنهــا‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الجابــة عــن الســؤال الول؛ ليكــون ي� أوراق تاليــة اسـ ٌ‬
‫ـتكمال إ‬ ‫وســنكتفي بمحاولــة إ‬
‫جميع ـاً‪.‬‬
‫ز ن‬
‫الشــارة إىل ضيــق الحـ يـ� الزمـ ي‬
‫وتــدرك هــذه المقاربــة أهميــة إ‬
‫الخطاب اإلعالمي للحركة‬
‫َ‬ ‫الــذي تتحــرك ف ي� إطــاره‪ ،‬بقــدر مــا تــدرك أهميــة االلتفــات إىل «أن‬
‫الحوثية متعدد‪ ،‬وله وسائل‬ ‫ومتغــر‪ ،‬ولــه جمهــور وهــدف وقصــد ي ن‬
‫معــ�‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الخطــاب متحــرك‬
‫‪3‬‬
‫إعالمية متعددة‪ ،‬منها المرئي‬ ‫ويتشــكل مــن مجموعــة مــن النصــوص والممارســات االجتماعيــة» ‪.‬‬
‫والمقروء والمسموع‬ ‫و«عــى اعتبــار أن الخطــاب ممارســة ذات طابــع أيديولوجــي‬
‫مــن حيــث التكويــن والتأثـ يـر»‪4‬؛ فإن مــا نقصــده بالخطــاب إ‬
‫العالمي‪:‬‬
‫خطــاب يوظــف اللغــة‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫والصــورة أو همــا معــاً‪،‬‬
‫وأيــة وســائط ميديــا مرئيــة أو‬
‫مقــروءة أو مســموعة‪ ،‬تصنــع‬
‫رســالةً تبتغــي منهــا تأثـ يـراً ف ي�‬
‫قناعــة المتلقــي‪ ،‬أو خلــق‬
‫قناعـ ٍـة مــا لديــه‪ ،‬مــن خــال‬
‫تحفــ�ه عــى تبــن ي مضمــون‬ ‫يز‬
‫الخطــاب‪ ،‬والحشــد لــه‪،‬‬
‫قــوال ً أو فعـاً‪ ،‬أو تنفـ يـره مــن‬
‫خطــاب مــا؛ لصنــع قناعــةً‬ ‫ٍ‬
‫بديلــة أو مضــادة‪ ،‬أو تعديــل‬
‫وســيلة‬
‫ٍ‬ ‫عــر‬
‫قــار ٍة ب‬
‫ّ‬ ‫رؤيــة‬
‫ٍ‬
‫إعالميــة‪.‬‬

‫وال�اكة الوطنية بتاريخ ‪2014/9/21‬م‪ ،‬ف� دار الرئاسة‪ ،‬وقد وقعت عليه جميع أ‬
‫الحزاب اليمنية الممثلة ف ي� حكومة‬ ‫‪ - 1‬وقع اتفاق السلم ش‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫ن‬
‫ممثل� ي� المبادرة الخليجية‬ ‫الوفاق الوط�ن ي ‪ ،‬إضافة إىل أنصار هللا ( الحركة الحوثية) والحراك‬
‫الجنو� السلمي‪ ،‬وهما مكونان لم يكونا ي‬
‫بي‬
‫ش‬ ‫ت‬
‫وب� اللقاء المش�ك و�كائه من جهة مقابلة‪ .‬وقد فرض هذا االتفاق‬‫ن‬ ‫الشع� العام وحلفائه من جهة ي‬ ‫ب� حزب المؤتمر‬‫ال� وقعت ي ن‬ ‫ت‬
‫بي‬ ‫ي‬
‫واقعاً جديدا‪.‬‬
‫تش� إليها بمسماها القديم‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مؤخراً أصبح يُشار إىل هذه الحركة بمسمى أنصار هللا‪ ،‬عىل الرغم من أن وسائل إعالم ي‬
‫كث�ة ما تزال ي‬
‫‪ - 3‬محمد شومان‪ ،‬إشكاليات تحليل الخطاب ف� الدراسات العالمية العربية‪ :‬الدراسات المرصية نموذجا‪ ،‬المجلة العلمية لكلية آ‬
‫الداب‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬
‫جامعة المنيا‪ ،‬أبريل ‪ ( 2004‬بحث منفرد)‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫العالمية العربية‪ :‬الدراسات المرصية‬ ‫ف‬
‫‪ - 4‬من مقولة لميشال فوكو‪ ،‬نقال ً عن د‪ .‬محمد شومان‪ ،‬إشكاليات تحليل الخطاب ي� الدراسات إ‬
‫الداب‪ ،‬جامعة المنيا‪ ،‬أبريل ‪( 2004‬بحث منفرد)‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫نموذجا‪ ،‬المجلة العلمية لكلية آ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪43‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫الخطــاب‬
‫َ‬ ‫وحيــث إن‬
‫إالعالمــي للحركــة الحوثيــة‬
‫متعــدد‪ ،‬ولــه وســائل إعالميــة‬
‫ئ‬
‫المــر�‬ ‫متعــددة‪ ،‬منهــا‬
‫ي‬
‫والمقــروء والمســموع‪( ،‬هناك‬
‫«المســرة» الفضائيــة‪،‬‬
‫ي‬ ‫قنــاة‬
‫وإذاعــة «‪ ،»FM‬وصحيفتــا‬
‫و«المســرة»‪،‬‬
‫ي‬ ‫«الهويــة»‪،‬‬
‫و� «المنـ بـر‬‫ن‬ ‫ت‬
‫والموقــع إاللكــر ي‬
‫نــت»‪ ،‬إضافــة إىل عــدد مــن‬
‫المنابــر المتعاطفــة معهــم‪،‬‬
‫مثــل صحيفــة «الديــار»)‪،‬‬
‫فــإن هــذه الورقــة ســتنرصف‬
‫إىل ق ـراءة الخطــاب إالعالمــي‬
‫مــن خــال تحليــل محتــوى‬
‫«المســرة» * فحســب‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ي‬ ‫مــا يبــث عــى قنــاة‬

‫ال�امجيــة للقنــاة‪ ،**6‬ورصــد محتويــات تلــك ب‬


‫ال�امــج‪ ،‬وقــراءة‬ ‫وبالنظــر إىل الخارطــة ب‬

‫وب�ددات‬‫الول عىل قمر الـ ‪ nilesate‬ت‬ ‫‪ -* 5‬نقال عن ويكبيديا‪« ،‬انطلقت قناة «المس�ة» الفضائية يوم الجمعة ‪ 2012-3-23‬ف� بثها التجري� أ‬
‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫بال�امن مع ذكرى المولد النبوي للرسول صىل هللا عليه وعىل آله وأصحابه وسلم وبالتوافق‬ ‫ترم�(‪ )27500‬والقطبية ( ش)‪ .‬ت ز‬ ‫(‪ )000‬ومعدل ي ز‬
‫الوىل من ست حروب‬ ‫الحو�‪ ،‬ف� الحرب أ‬
‫ث‬ ‫ال�ي عىل مران حيث يقطن ي ن‬
‫حس�‬ ‫ف‬
‫ي ي‬ ‫مع أول يوم شنت فيه السلطات ي� صنعاء الهجوم ب‬
‫ال� يواجهها الحوثيون وملبية لمطالبهم وطموحه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫الس� إىل المام تكون فبحجم التحديات ف ي‬ ‫متوالية‪ .‬ومن أهداف القناة ي‬
‫العالمية‬ ‫ف‬
‫مقال الناطق باسم أنصار هللا محمد عبد السالم ي� أول ترصيح له ي� برنامج حوار خاص‪ :‬إن إطالق القناة جاء ي� ظل الحملة إ‬
‫ين‬
‫الحوثي�‪ ،‬منوها إىل أنهم شاهدوا‬ ‫المحل والخارجي خاصة ف ي� كل ما يخص‬ ‫ي‬ ‫ال� سعت ـ وما زالت ـ إىل تضليل الرأي العام‬ ‫ت‬
‫المسعورة ي‬
‫وتغي� الوقائع برمتها‪ ،‬مستطردا لم نكن نتوقع أن تُستخدم‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ف‬
‫خ�ة من الكذب والتدليس إىل مستوى قلب الحقائق ي‬ ‫وسمعوا ي� الونة ال ي‬
‫ف‬
‫وال� هي من جرائم النظام ومجازره بحقنا وقصفه لبيوتنا ومناطقنا كأداة كذب وتضليل وإنزالها ي� بعض الوسائل‬ ‫ت‬
‫بعض المقاطع‪ ،‬ف ي‬
‫العالمية من المهنية‬ ‫العالمية ضدنا ي� تسويق رخيص وساقط ومغالطة واضحة ومكشوفة‪ .‬وأضاف أنه عندما تجردت بعض الوسائل إ‬ ‫إ‬
‫والحياد وباتت وسيلة مكشوفة وواضحة للحرب ضدهم بكافة الطرق والوسائل وسعت إىل تغييب الحقائق والمواقف والقضايا أ‬
‫والخبار‬
‫الباحث� عن الحقيقة أن يبحثوا لهم عن وسائل إعالمية أخرى لتقدم‬ ‫ين‬ ‫الحرار‬‫الخر كان لزاماً عىل كل أ‬ ‫الخرى للطرف آ‬ ‫والمستجدات أ‬
‫وال� حاولت تلك الجهات تهميشها وتغييبها عن الناس‪.‬‬ ‫ت‬
‫والجبارة وبالدعم الواسع من مختلف أ‬ ‫للعالم أجمع تلك الصورة الحقيقية ي‬
‫ومثقف� وتجار ومستثمرين وبمساهمة‬ ‫ين‬ ‫الطياف من علماء‬ ‫وجاء إطالق القناة بالجهود المخلصة‬
‫«المس�ة» الفضائية كواحدة من القنوات الفضائية‬ ‫ي‬ ‫نب� الجميع عن قرب إطالق قناة‬ ‫وال ي ن‬
‫عالمي�‪ .‬ش‬ ‫الصحفي� إ‬‫ين‬ ‫الخ�ة من‬ ‫من أصحاب ب‬
‫والسالمية عىل وجه العموم‪.‬‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ث‬
‫مت� العربية إ‬ ‫الحو� عىل وجه الخصوص وبقضايا اليمن وال ي‬ ‫ي‬ ‫المهتمة بالشأن‬
‫والحرار ف ي� كل مكان ف ي� العالم وستسهم بع�‬‫لل�فاء أ‬‫ومن�اً ش‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫كما أكد أنه وبإذن هللا‪ ،‬ستكون القناة صوتاً‬
‫والمظلوم� ب‬ ‫للمستضعف�‬
‫ويق�ب من آماله وهمومه بكل شفافية ووضوح يسعى إىل توحيد‬ ‫الحوثي�‪ ،‬ت‬‫ين‬ ‫خطاب يالمس هموم‬ ‫�ن‬
‫ٍ‬ ‫أهدافها ورؤيتها الشاملة إىل تب ي‬
‫والخاء والتفاهم من أجل بناء الوطن واالهتمام بقضايا‬ ‫الكلمة وينبذ كل وسائل الفرقة‪ ..‬كما ستسعى القناة إىل تعزيز روح المحبة إ‬
‫النشاء بكافة السبل المادية والفنية والتقنية‬ ‫ال� ما زالت قيد إ‬ ‫ت‬ ‫ف ش‬
‫أبنائه ي� �اكة شاملة مع الجميع‪ .‬ونأمل من الجميع دعم هذه الخطوة ي‬
‫والمعرفية‪ ،‬فهي ما زالت بحاجة إىل جهود متنوعة‪.‬‬
‫ن‬
‫الصهيو�‪،‬‬ ‫والعدوان‬ ‫مريكية‪،‬‬ ‫وتل�م القناة بالقضايا الوطنية والعربية والسالمية الداعمة لمحور المقاومة‪ ،‬والمعادية لغطرسة أ‬
‫ال‬ ‫تز‬
‫ي‬ ‫إ‬
‫ن‬
‫السالمية‪ ،‬عىل منهج قر يآ� أصيل‪.‬‬ ‫أ‬
‫وتجعل من القضية الفلسطينية قضية أساسية‪ ،‬وتقف مع الوحدة للمة إ‬
‫المس�ة‪ :‬‬
‫ي‬ ‫ال�امجية لقناة‬ ‫‪ ** 6‬الخارطة ب‬
‫ال�امج السياسية‪ ،‬الرابط‪:‬‬ ‫ب‬
‫‪1=http://www.almaserahtv.com/calendar/cdetails.php?cid‬‬
‫ال�امج الثقافية‪ ،‬الرابط‪:‬‬ ‫ب‬
‫‪2=http://www.almaserahtv.com/calendar/cdetails.php?cid‬‬
‫الوثائقيات‪ ،‬الرابط‪:‬‬
‫‪3=http://www.almaserahtv.com/calendar/cdetails.php?cid‬‬
‫الدراما‪ ،‬الرابط‪:‬‬
‫‪6=http://www.almaserahtv.com/calendar/cdetails.php?cid‬‬
‫الطفال‪ ،‬الرابط‪ :‬‬ ‫برامج أ‬
‫‪7=http://www.almaserahtv.com/calendar/cdetails.php?cid‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪44‬‬

‫خطاباتهــا‪ ،‬وتحليلهــا للوقــوف عــى مــا يؤديــه كل خطــاب مــن وظيفــة؛ أمكــن تصنيــف تلــك‬
‫الخطابــات إىل آ‬
‫ال ت ي�‪:‬‬

‫خطاب الدعاية‪:‬‬

‫ـى تهــدف إىل نـ شـر أفــكار‬ ‫ت‬


‫يشــتمل هــذا الخطــاب عــى عــدد مــن التعبـ يـرات التفاعليــة الـ ي‬
‫ـاد لخصومهــا‪ .‬ولتحقيــق تلــك‬ ‫ـايع لتوجههــا ومعـ ٍ‬
‫الحركــة الحوثيــة والدعــوة إليهــا وخلـ أـق اتجــاه مشـ ٍ‬
‫ـى تمكنــه مــن التأثـ يـر‬‫ت‬
‫الغايــة يوظــف هــذا الخطــاب كل الســاليب اللغويــة ووســائط الميديــا‪ ،‬الـ ي‬
‫كأن تطلــب‬ ‫ـى تنتهــج ســياقاً عاطفيـاً‪ ،‬أو طائفيـاً‪ْ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ش‬
‫والتغيـ يـر‪ ،‬ســوا ٌء باســتخدام الدعايــة المبــا�ة الـ ي‬
‫مــن جمهــور الشــارع اليمـن ي التنبــه لمــا تســميه الحركــة بمخططــات أمريــكا وإرسائيــل وأعوانهمــا‬
‫ـ�‬‫التكف�يـ ي ن‬ ‫أن تطلــب مــن الجمهــور التنبــه لمخططــات مــن تســميهم‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي� الداخــل والخــارج‪ ،‬أو ْ‬
‫والدواعــش‪.‬‬
‫المبــا�ة المتمثلــة بعــرض عــدد مــن آ‬
‫الراء‬ ‫ش‬ ‫غــر‬
‫أو أن يتــم ذلــك باســتخدام الدعايــة ي‬
‫والخباريــة‪ ،‬واســتقدام‬‫ال�امــج التحليليــة إ‬ ‫الموجهــة لصالــح مـ شـروع الحركــة مــن خــال عــدد مــن ب‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ـى تحمــل‬ ‫ـى يُرتــأى أن لهــا تأثـ يـراً عــى الشــارع‪ ،‬أو تلــك الـ ي‬ ‫عــدد مــن الشــخصيات المعروفــة‪ ،‬الـ ي‬
‫ألقابـاً أكاديميــة أو تخصصيــة أو حقوقيــة أو سياســية؛ حيــث يحمــل مجــرد ظهورهــا عــى القنــاة‬
‫و� هــذا الســياق‪ ،‬ظهــر أكــرث مــن أكاديمــي‬ ‫ف‬
‫دالالت دعائيــة‪ .‬ي‬
‫ٍ‬
‫ن‬
‫المتعاطفــ� معهــا‪ ،‬مثــل‬
‫ي‬ ‫ن‬
‫الموالــ� للجماعــة أو مــن‬‫ي‬ ‫يمــن ي مــن‬
‫ـ�‪ ،‬وهــو ضيــف دائــم ي� اســتديو القنــاة‪ ،‬أو تتداخل في الخطاب اإلعالمي‬ ‫ف‬
‫فالدكتــور حســن مجـ ي‬
‫ـرى‪ ،‬وأيضــا الدكتــور للحوثيين المقوالت بالصور التي‬ ‫ـدة وأخـ‬ ‫ن‬
‫ي� مداخــات عــى الهــواء مــا بـ يـ� مـ ٍ‬
‫ف‬
‫الســودي‪ ،‬وهــو أســتاذ علــم اجتمــاع ي� جامعــة ذمــار‪،‬‬ ‫نعمــان أ‬
‫ُيراد منها تعبئة الجمهور‪ ،‬عبر إيراد‬ ‫ين‬ ‫والدبــاء والصحفيـ ي ن‬ ‫وآخــرون مــن الشــعراء أ‬
‫الصحفي�‬ ‫ـ� أو الكتــاب‬
‫ـط� عــى مواقــع التواصــل االجتماعــي‪ ،‬مثــل عددٍ من الشعارات السياسية‪ ،‬أو‬ ‫ـ�‪ ،‬والناشـ ي ن‬ ‫المعروفـ ي ن‬
‫وغ�هم‪ .‬المقوالت الفقهية أو العقدية‬ ‫ـوا� وعبــد هللا مصلــح ي‬ ‫ن‬
‫محمــد المقالــح وعبدالكريــم الخيـ ي‬

‫أحايــ� أخــرى تُســتقدم بعــض‬‫ين‬ ‫وتحقيقــاً لتلــك الغايــة ف ي�‬


‫الشــخصيات مــن خــارج اليمــن‪ ،‬وتوصــف بصفــات لهــا تأثـ يـر لــدى‬
‫الكبــر نــارص‬‫ي‬ ‫ن‬
‫اللبنــا�‬ ‫فئــة مــن الجمهــور‪ ،‬وقــد كان مــن ذلــك أن اســتقدمت القنــاة الكاتــب‬
‫ي‬ ‫ف‬
‫ن‬
‫ـا� الكبـ يـر‬
‫ـدد م فــن الحلقــات‪ ،‬ومثلــه الخبـ يـر العســكري اللبنـ ي‬
‫قنديــل‪ ،‬وأجــرت معــه حــوار ٍات ي� عـ ٍ‬
‫وغ�هــم ممــن يشــاركون ي� مداخــات تلفونيــة عــى الهــواء‪ ،‬أو عـ بـر ‪ ،skype‬أو‬ ‫ـ� النقــاش‪ ،‬ي‬ ‫أمـ ي ن‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫يُنقــل عنهــم ي� برامــج تســتعرض مــا يُكتــب ي� الصحافــة‪ ،‬مثــل برنامــج «وجهــة خـ بـر»‪ ،‬وبرنامــج‬
‫«صحافــة الغــرب»‪ ،‬وبرنامــج «المنـ بـر»‪ ،‬وبرنامــج «حــوار خــاص»‪ ،‬وبرنامــج «نصــف ســاعة حوار»‪،‬‬
‫كثــر مــن أهــداف‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫الخباريــة ي� تمثــل ي‬ ‫«� دائــرة الضــوء»‪ ،‬كمــا تُســتخدم التقاريــر إ‬ ‫وبرنامــج ي‬
‫ـا�‪.‬‬‫ئ‬
‫الخطــاب الدعـ ي‬

‫ـدا� الســتطالع‬ ‫ن‬ ‫نز‬


‫المصاحــب أو الـ ول الميـ ي‬ ‫وتُعــرض قضايــا تتعاضــد فيهــا الصــورة بالصــوت ُ‬
‫آراء عينــات مــن الجمهــور حــول قضايــا بعينهــا‪ ،‬مثــل قضيــة طائ ـرات بــدون طيــار‪ ،‬أو قضيــة‬
‫ـاب تعبئـ ٍـة ينتهــج‬ ‫الب�يــن‪ ،‬وهــو مــا يجعــل مــن الخطــاب الدعـ ئ ف‬ ‫انعــدام نز‬
‫ـا� ي� أحــد أبعــاده خطـ َ‬
‫ي‬
‫الرصار والتحــدي‪.‬‬
‫التحريــض والتأليــب وتعلــو فيــه نـ بـرة الرفــض بمــوازاة نـ بـرة إ‬

‫ـى يُـراد منهــا تعبئــة الجمهــورـ ســوا ٌء جمهــور الجماعــة‬ ‫ت‬


‫وتتداخــل فيــه المقــوالت بالصــور الـ ي‬
‫ـدد مــن الشــعارات السياســية‪،‬‬ ‫أم جمهــور المشــاهدين مــن عمــوم الشــارع اليمـن ي ‪ -‬عـ بـر إيـراد عـ ٍ‬
‫ـاب مــا‪ ،‬أو جماعـ ٍـة‬
‫ـدث مــا‪ ،‬أو خطـ ٍ‬
‫أو المقــوالت الفقهيــة أو العقديــة‪ ،‬بغــرض التعبئــة ضــد حـ ٍ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪45‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫ـ�‬‫مــا‪ ،‬أو قضيـ ٍـة مــا؛ وقــد وظفــت قنــاة «المسـ يـرة» عــدداً مــن برامجهــا لذلــك‪ ،‬مثــل برنامــج «عـ ي ن ٌ‬
‫الحــداث»‪ ،‬وبرنامــج «خـ بـر ورأي»‪ ،‬وبرنامــج «مــن قلــب الثــورة ـ صعــدة»‪ ،‬وبرنامــج «مــن‬ ‫عــى أ‬
‫ال�امــج مــن القضايــا‪ ،‬قضيــة‬ ‫قلــب الثــورة ـ صنعــاء»‪ ،‬وقــد كان مــن أبــرز مــا تناولتــه تلــك ب‬
‫ا� اليمنيــة‪ ،‬وكثـ يـراً‬ ‫ض‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ـى تعمــل بــدون طيــار وتقصــف أهدافـاً ي� عمــق الر ي‬ ‫الطائـرات المريكيــة الـ ي‬
‫مــا يكــون ضحاياهــا مــن المواطنـ ي ن‬
‫ـ�‪.‬‬

‫ـياس‬ ‫ف‬
‫وقـ‪7‬ـد اســتغلت قنــاة المسـ يـرة هــذه القضيــة ي� تعبئــة الـرأي العــام أضــد النظــام السـ ي‬
‫الحاكــم الــذي تصفــه بالمفــرط بالســيادة اليمنيــة تــارةً‪ ،‬وبالمــواالة لمريــكا تــارات أخــرى‪،‬‬
‫وتعــرض قنــاة المسـ يـرة كل يــوم مقاطــع فيديــو لمجاميــع شــعبية مختلفــة تــردد شــعار الجماعــة‬
‫أ‬
‫ـال‪،‬‬
‫ـات معاديــة‪ ،‬ويُــؤ َدى بـراخ عـ ٍ‬ ‫ـعار ملفــو ٌظ يشــتمل عــى منطوقـ ٍ‬ ‫المناهــض لمريــكا‪ ،‬وهــو شـ ٌ‬
‫وتســميه بمســمى الرصخــة ومضمونــه‪( :‬المــوت ألمريــكا‪ ،‬المــوت إلرسائيــل‪ ،‬اللعنــة عــى اليهــود‪،‬‬
‫ال�امــج تناولــت قضايــا سياســية منهــا‪ :‬قضيــة‬ ‫للســام)‪ ،‬إضافــة إىل أن كثـ يـراً مــن تلــك ب‬
‫النــر إ‬
‫ن‬
‫ـذا� للمواطــن اليمـ ي ‪ ،‬والقضيــة الجنوبية‪،‬‬ ‫ئ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫افرتفــاع الســعار وغــاء المعيشــة‪ ،‬وانعــدام المــن الغـ ي‬
‫العالميــة عــى حكومــة الوفــاق‪ ،‬والمطالبــة بإقالتهــا‪.‬‬ ‫ي� إطــار الحملــة إ‬

‫ـى يمكــن عدهــا ضمــن خطــاب التعبئــة‬ ‫ت‬


‫ويتخلــل البــث الحــي للقنــاة بعــض الفالشــات الـ ي‬
‫ـال‪،‬‬ ‫ث‬
‫ـو� قائــد الحركــة الحـ ي‬
‫والدعايــة‪ ،‬ومــن ذلــك تلــك المقتطفــات مــن ُخطــب عبدالملــك الحـ ي‬
‫ـياس‪.‬‬
‫وهــي تُبــث ضمــن برنامــج‪ ،‬يحمــل اســم (القــول الســديد( وتغلــب عليــه نـ بـرة التوجيــه السـ ي‬

‫ال�نامــج‪:‬‬ ‫ـى وردت ضمــن هــذا ب‬ ‫ت‬ ‫رث‬


‫ـث كل حلقــة منــه أك ـ مــن مــرة‪ ،‬ومــن أقوالــه الـ ي‬‫ف‬
‫ويُعــاد بـ‬
‫ـال‪ ،‬بلــد يمــر بمرحلــة‬ ‫ش‬
‫«البعــض يــرى ي� مرحلــة ال�اكــة فرصــة إيجابيــة للعرقلــة‪ ،‬البعــض ال يبـ ي‬
‫ت‬
‫وخطــرة‪ ،‬ال مانــع عنــد البعــض أن تســتمر المشــاكل مقابــل أن يتعنــر ويفــرض‬ ‫ي‬ ‫حساســة‬
‫أ‬
‫ش�وطــه‪ ،‬عندمــا تتجــرد السياســة مــن الخــاق وال ينظــر إىل المصلحــة العامــة»‪ ،8‬وكثـ ي ٌ‬
‫ـر مــن‬
‫تلك المقتطفات تنحو هذا النحو‪.‬‬

‫االس�اتيجي اليم�ن ‪2012‬م‪ ،‬صـ‪ ،151‬من إصدارات المركز اليم�ن للدراسات ت‬


‫االس�اتيجية‪.‬‬ ‫الفندي وآخرون‪ ،‬التقرير ت‬ ‫‪ - 7‬محمد أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫«المس�ة» فيما ُسمي بمراحل التصعيد الثوري لتحقيق مطالب‬ ‫ث‬
‫الحو� من عىل قناة‬ ‫ت‬
‫ال� ألقاها عبدالملك‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ - 8‬ومثال ذلك ي� الخطب ي‬
‫المتظاهرين وتار ٍات أخرى دور رد الفعل‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية‪ :‬من خالل خطابها إ‬ ‫‪46‬‬

‫و� ســياق خطــاب الدعايــة‪ ،‬أنتجــت القنــاة وثائقــي باســم (بــدر الهــدى) يعــرض سـ يـرة بــدر‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫ـال‪،‬‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ث‬
‫ـو� قائدهــا الحـ ي‬
‫ـو�‪ ،‬والــد حسـ يـ� بــدر الديــن مؤســس الحركــة وعبــد الملــك الحـ ي‬
‫الديــن الحـ ي‬
‫ـ� مــن يعـ ّـده الزعيــم الروحــي للحركــة‪ .‬وعرضــت لبعــض آرائــه الفقهيــة والمذهبيــة‬‫ومــن الباحثـ ي ن‬
‫والسياسية‪.‬‬

‫ويمكــن القــول إن خطــاب الدعايــة أظهــر مــا يكــون عــى شاشــة هــذه القنــاة ف ي� نـ شـرات‬
‫الخبــار (نـ شـرة أخبــار الثامنــة والنصــف‪ ،‬موجــز أخبــار الثانيــة‪ ،‬موجــز أخبــار‬ ‫الخبــار وموجـزات أ‬ ‫أ‬
‫السادســة‪ ،‬نـ شـرة أ‬
‫الخبــار الثانيــة عـ شـر والنصــف ليـاً‪ ،‬نـ شـرة أخبــار الخامســة)؛ إ ْذ ال تُقــدم مــن‬
‫ـى‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الخبــار المحليــة ســوى مــا يخــص انجــازات الحركــة ونشــاط قائدهــا‪ ،‬وتغفــل كل الخبــار الـ ي‬
‫تناهــض الحركــة‪.‬‬

‫خطاب التبرير‪:‬‬

‫ـرف يصــدر عــن الجماعــة أو ممــن يُحســب عليها‪،‬‬


‫ـاب دفاعــي ينتهــج تفسـ يـر كل تـ ٍ‬
‫وهــو خطـ ٌ‬
‫ش‬ ‫ف‬
‫ويســتفيد منــه خصومهــا ي� التشــنيع عليهــا أو الهجــوم عــى م�وعهــا أو رموزهــا‪ ،‬ويوظــف هــذا‬
‫ت‬
‫كأدلــة عــى صوابيــة ذلــك‬
‫ٍ‬ ‫الخطــاب عــدداً مــن النصــوص والصــور والوســائط ي‬
‫الــى يقدمهــا‬
‫التــرف الــذي احتســب مــن خصــوم الجماعــة عليهــا‪ ،‬أو إثبــات عــدم صحــة مــا نســب إىل‬
‫ـول‪.‬‬
‫الحركــة مــن فعـ ٍـل أو قـ ٍ‬

‫وقــد يذهــب هــذا الخطــاب إىل تفنيــد دعايــات الخطابــات المضــادة لــه‪ ،‬والتأكيــد عــى‬
‫القــل يجعلــه‬‫الســباب مــا يبيــح ذلــك الفعــل عــن الحركــة أو عــى أ‬ ‫افتئاتهــا‪ ،‬ويلتمــس مــن أ‬
‫مقبــوال ً لــدى الجمهــور‪ ،‬مــن قبيــل الـ ضـرورات تبيــح المحظــورات‪ ،‬ومثــال ذلــك مــا قيــل عــن‬
‫نقــل الســاح مــن العاصمــة إىل خارجهــا‪ ،‬حيــث تــذرع الحوثيــون بخوفهــم مــن وقــوع الســاح ف ي�‬
‫ـو� ف ي� العاصمــة‪ ،‬وينتـ شـر الرعــب ف ي�‬
‫ـ� الذيــن يريــدون أن تعــم الفـ ض‬
‫ـ� والمغرضـ ي ن‬
‫التكف�يـ ي ن‬
‫ي‬ ‫أيــدي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪47‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫أوســاط النــاس‪ ،‬ويعاضــد هــذا ترصيحاتهــم المتكــررة بأنهــم سيســلمون الســاح للدولــة عندمــا‬
‫تهــدأ أ‬
‫الوضــاع‪.‬‬

‫و� أماكــن المنشــآت الحكوميــة بحجــة‬‫ومثــال ذلــك أيضــا ت�يــر تواجدهــم ف� العاصمــة ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬
‫أ‬
‫حرصهــم عليهــا‪ ،‬والقيــام بحراســتها مخافــة اســتغالل تدهــور الوضــاع أمنيـاً وقيــام خصومهــم‬
‫برسقــة تلــك المنشــآت‪ ،‬وإلصــاق التهــم بهــم‪.‬‬

‫ونشــط هــذا الخطــاب ف ي� مرحلــة متقدمــة منــذ بــدء رصاع الحركــة مــع الدولــة؛ إذ كانــوا‬
‫يــررون حملهــم للســاح ومواجهاتهــم للجيــش بالدفــاع عــن أنفســهم‪ ،‬وعندمــا ُســئل عبــد‬ ‫ب‬
‫ـو� عمــا كســبته «الجماعــة» مــن حروبهــا الســابقة‪ ،‬كان رده‪« :‬نحــن لــم نشــن حرب ـاً‬ ‫ث‬
‫الملــك الحـ ي‬
‫مــن البدايــة لتحقيــق مكاســب سياســية أو أيــة أطمــاع أخــرى‪ .‬موقفـاً كان دائمـاً دفاعيـاً‪ .‬ليــس مــن‬
‫المنطقــي أن تســأل شــخصا يقاتــل لبقائــه عمــا حققــه ف ي� إطــار المكاســب»‪ ،9‬وهــو مــا يعـن ي مــن‬
‫الحوثي� إىل أهمية هذا الخطاب‪.‬‬‫ين‬ ‫وقت مبكر تنبه حركة‬‫ٍ‬

‫ونشــط هــذا الخطــاب أكــرث ف ي� مراحــل تاليــة مــن الــراع مــع الــدول مــن جهــة‪ ،‬ومــع‬
‫ـ�‪ ،‬أ‬
‫والح ـزاب والمنظمــات‪ ،‬ســواء عـ بـر‬ ‫ـ� والمدنيـ ي ن‬
‫ـط� الحقوقيـ ي ن‬
‫ـ� لهــم مــن الناشـ ي ن‬
‫كل المناوئـ ي ن‬
‫أ‬
‫الصحــف الرســمية والحزبيــة والهليــة أو عـ بـر القنــوات أو مواقــع التواصــل االجتماعــي مــن جهـ ٍـة‬
‫ثانيــة‪.‬‬

‫نشط الخطاب التبريري لديهم‬ ‫ـى دارت ف ي� عمـران مــع اللــواء ‪ 310‬ومرحلــة‬ ‫ت‬
‫وأثنــاء المعــارك الـ ي‬
‫في مرحلة متقدمة منذ بدء‬ ‫المســرة إىل‬
‫ي‬ ‫العالمــي لقنــاة‬ ‫دخــول صنعــاء‪ ،‬التفــت الخطــاب إ‬
‫يــرر لهــم اقتحــام الحركــة الحوثيــة‬ ‫ين‬
‫المتلقــ� ب‬ ‫جمهــور مــن‬
‫صراع الحركة مع الدولة؛ إذ‬ ‫لمقــر اللــواء ‪ 310‬التابــع للدولــة‪ ،‬ودخــول مدينــة عمــران ومــن‬
‫كانوا يبررون حملهم للسالح‬ ‫بعدهــا العاصمــة صنعــاء‪ ،‬ويقدمــون لذلــك حججــاً وأســباباً‬
‫ومواجهاتهم للجيش بالدفاع‬ ‫يمكــن إجمالهــا ف ي� اضطرارهــم للدفــاع عــن النفــس‪ ،‬مــن ذلــك‬
‫ـي� الــذي كان منشــقاً عــن‬ ‫اللــواء الــذي يصفونــه بمعســكر القشـ ب ي‬
‫عن أنفسهم‬ ‫التكف�يـ يـ�ن‬ ‫العالمــي‪ ،‬ومــؤازراً لجماعــة‬
‫ي‬ ‫الدولــة بحســب خطابهــم إ‬
‫والدواعــش‪.‬‬

‫ـ�‬‫ـواء عـ ي‬ ‫ـياس مــن ســيطرة اللـ‬


‫وتــا أذلــك بت�يرهــم لدخــول صنعــاء بزعــم تحريــر القـرار السـ ي‬
‫و� أيــام‬ ‫ف‬ ‫ي ن‬
‫ـياس للحركــة‪ ،‬ي‬‫التكف�يـ يـ�‪ ،‬بحســب أحــد أعضــاء المكتــب السـ ي‬ ‫محســن الحمــر وســيطرة‬
‫تاليــة لدخــول أفـراد الحركــة إىل العاصمــة‪ ،‬دون حصــول االشــتباك الــذي كان متوقعـاً مــع حــزب‬
‫الت�يــر إىل مــدى أبعــد؛ حيــث زعمــوا أنهــم حــرروا‬ ‫للصــاح‪ ،‬ذهــب خطــاب ب‬ ‫التجمــع اليم ـن إ‬
‫حــزب التجمــع ي اليمـن للصــاح مــن القــوى الـ تـى كانــت تعــوق عملــه كحــزب ســياس‪ ،‬وأنــه النآ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي إ‬
‫ـو�‪ ،‬ج ـراء هــذا‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ـد� دون قيــود‪ ،‬وأن عــى المنتسـ ي‬
‫ـب� إليــه شــكر حركــة الحـ ي‬ ‫بإمكانــه العمــل المـ ي‬
‫الصنيــع الــذي أســدته لهــم‪.‬‬

‫عــد حجاجــي؛ إذ يعــرض عــدداً مــن الحجــج رداً عــى‬ ‫الت�يــر عــى بُ ٍ‬
‫ويشــتمل خطــاب ب‬
‫أ‬
‫الخريــن‪ ،‬ويحــاول أن يقــدم مــن الدلــة مــا يقنــع الجمهــور وال ـرأي العــام‪ ،‬وأحيان ـاً‬‫اتهامــات آ‬
‫يــورد مــن الحجــج مــا يدلــل بــه عــى ارتهــان الخصــوم لمــا تســميه الحركــة الحوثيــة بمؤامــرة‬
‫أمريــكا وإرسائيــل‪.‬‬

‫الحو� قائد الحركة‪ ،‬ف ي� عام ‪2009‬م‪.‬‬


‫ي‬
‫ث‬ ‫‪ - 9‬ورد هذا القول ف ي� مقابلة مع عبدالملك‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪48‬‬

‫ويحــرص هــذا الخطــاب عــى أن يقــدم رؤيــةً مقنعــةً لمــا‬


‫يهدف خطاب التأييد الذي انتشر‬ ‫تصنعــه الحركــة مــن أحــداث‪ ،‬كمــا يحــرص أن يعــرض عــى شاشــة‬
‫القنــاة صــوراً مؤيــد ًة لســلوكيات أفـراد الحركــة المنضويــن تحــت‬
‫بقناة «المسيرة» إلى الدعم‬ ‫ـمي باللجــان الشــعبية‪ ،‬كمــا يعــرض ف ي� المقابــل صــوراً مــن‬ ‫مــا ُسـ ّ‬
‫واإلسناد وتقوية العزائم ومؤازرة‬ ‫ن‬
‫ـى دار فيهــا القتــال داخــل صنعــاء بـ يـ� أف ـراد الحركــة‬ ‫ت‬
‫المواقــع الـ ي‬
‫المقاتلين في الميدان‬ ‫اليمــان‪10‬؛ حيــث‬ ‫وخصومهــم‪ ،‬وخصوصــاً مــن موقــع جامعــة إ‬
‫تظهــر الصــور أســلحةً تــم تخزينهــا وعبــوات ناســفة‪ ،‬ومــا قيــل‬
‫إنهــا معامــل تصنيــع متفجــرات‪ ،‬مستشــهدين ف ي� ذلــك عــى‬
‫وجاهــة فعلهــم؛ حيــث‬
‫كانــت الجامعــة كمــا يقولــون‪،‬‬
‫وللتكف� ي ن‬
‫ي�‪،‬‬ ‫ي‬ ‫معقـا ً للقاعــدة‬
‫ولــم تكــن مكانــاً للعلــم‪.‬‬

‫الت�يــر لمــا قامــت‬ ‫ف‬


‫و� ب‬ ‫ي‬
‫بــه الحركــة مــن تفجـ يـر لـ ُـدور‬
‫ت‬
‫الــى‬
‫ومنــازل بعــض القــوى ي‬
‫حاربتهــم‪ ،‬زعــم خطــاب‬
‫الت�يــر أن مــا حــدث كان‬ ‫ب‬
‫جــزءاً مــن المعركــة‪ ،‬وأن‬
‫الــدور كانــت معاقــل‬ ‫تلــك ُ‬
‫وتحصينــات تطلــق منهــا‬
‫النـ يـران عليهــم وعــى يغ�هم‬
‫مــن النــاس‪ ،‬ورفضــت وقــف‬
‫إطــاق النــار‪ ،‬ولــم يكــن‬
‫تفج�ها‪،‬‬
‫ـار ســوى ي‬ ‫هنالــك خيـ ٌ‬
‫ـدد‬ ‫ف‬
‫لتفج�هــم لعـ ٍ‬‫ي‬ ‫الت�يــر‬‫و� ب‬ ‫ي‬
‫مــن الجوامــع والمســاجد‬
‫ودور تحفيــظ القــرآن‬
‫الكريــم‪ ،‬قــال خطــاب‬
‫الماكــن‬ ‫الت�يــر‪ :‬إن تلــك أ‬
‫ب‬
‫أ‬
‫كانــت مخــازن للســلحة‪.‬‬

‫وينــرف هــذا الخطــاب‬


‫ف ي� بعــض فقراتــه إىل تنبيــه‬
‫أبنــاء الوطــن إىل عــدم‬
‫ين‬
‫للمشــنع� عــى‬ ‫االســتماع‬
‫الحركــة؛ إذ ال يقصــدون منــه‬
‫ين‬
‫المســتضعف�‬ ‫ســوى نــرة‬
‫مــن أبنــاء الوطــن‪ ،‬ومطــاردة‬

‫‪  1 0‬جامعة إاليمان‪ ،‬جامعة يمنية ذات‬


‫طابع دي�ن ي سلفي ويرأسها الشيخ عبد‬
‫الخوان‬ ‫ن‬
‫ندا� أحد أبرز رموز إ‬
‫المجيد الز ي‬
‫المسلم� ف ي� اليمن‪ .‬ورئيس مجلس‬
‫ين‬
‫�ن‬
‫شورى حزب التجمع اليم ي للإصالح‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪49‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫أعــداء الوطــن والمتآمريــن عــى ســلمه وأمنــه‪.‬‬

‫ال�امــج الحواريــة‪« :‬نصــف ســاعة حــوار»‪ ،‬و«نقطــة عــى الســطر»‪،‬‬ ‫واس ـ ُتخدمت بعــض ب‬
‫الخباريــة ف ي� التعبـ يـر عــن هــذا الخطــاب‪ ،‬إضافــةً إىل إعــادة بــث مقتطفــات بعينهــا مــن‬
‫والتقاريــر إ‬
‫ث‬
‫ـو�‪.‬‬
‫ُخطــب قائــد الجماعــة‪ /‬عبــد الملــك الحـ ي‬

‫ـى يتــم عرضهــا مــن واقــع الميــدان‬ ‫ت‬


‫أ‬ ‫وتمثــل هــذا الخطــاب الدفاعــي بعــض المقابــات الـ ي‬
‫الداري‬
‫ـ� الجهــاز إ‬ ‫ن‬
‫مــع عــدد مــن المواطنـ يـ� ووجهــاء ومشــايخ وأعيــان وبعــض رجــال المــن وممثـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪50‬‬

‫ـى قصدهــا مســلحو الجماعــة؛‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ف‬


‫ي� الدولــة ي� مختلــف المناطــق الـ ي‬
‫إذ يتــم تصويــر أولئــك وهــم يُشــيدون باللجــان الشــعبية ودورهــا‬
‫بالنظر إلى الخارطة البرامجية لقناة‬ ‫المــن‪ ،‬ويمتدحــون أفرادهــا‪ ،‬ويوجهــون شــكرهم إىل‬ ‫ف� حفــظ أ‬
‫ي‬
‫«المسيرة» نجد أن عددًا كبيرًا من‬ ‫جماعــة أنصــار هللا الحوثيــة‪ ،‬ومثــل ذلــك فقــرات يتــم عرضهــا‬
‫الــى حمتهــا اللجــان الشــعبية‬ ‫ت‬
‫طابع وعظي‪ْ ،‬‬
‫وإن كانت‬ ‫ٍ‬ ‫برامجها ذو‬ ‫لبعــض المؤسســات والمرافــق ي‬
‫الممثلــة لجماعــة أنصــار هللا الحوثيــة‪ ،‬ومحــا�ض تســليم وتســلم‬
‫تورده تحت ُمسمى البرامج الثقافية‬ ‫ين‬
‫وممثلــ� عــن أنصــار‬ ‫بــ� أصحــاب تلــك المرافــق والمؤسســات‬ ‫ين‬
‫هللا‪ ،‬تأكيــداً لزعمهــم حمايــة المنشــآت خوف ـاً مــن وقــوع الفتنــة‪،‬‬
‫ونفي ـاً التهامهــم باالعتــداء عــى ممتلــكات الغـ يـر‪.‬‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ـى قامــت بقطــع‬ ‫ـض العصابــات الـ ي‬ ‫ف‬
‫ـى تُظهــر قبضهــم عــى بعـ‬ ‫إضافــةً إىل بعــض اللقطــات الـ ي‬
‫ـى‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫و� فذلــك مــا يؤكــد مقولتهــم الـ ي‬ ‫الطرقــات أو النهــب والســلب للمواطنـ يـ� أو رسقــة الســيارات‪ ،‬ي‬
‫ـى أقاموهــا ي� العاصمــة بدي ـا ً عــن نقــاط‬ ‫ت‬
‫ـش‪ ،‬الـ ي‬
‫أ‬
‫أصبحــت ترفــع مكتوبــة بجانــب كل نقــاط التفتيـ‬
‫(ال�تيبــات المنيــة لكــم وليســت عليكــم)‪ ،‬وهــي‪ ،‬كمــا يراهــا‬ ‫التفتيــش الحكومــي‪ ،‬إ ْذ تُكتــب عبــارة ت‬
‫ـر مــن النــاس‪ ،‬وهــي ر ٌد عــى كل‬ ‫ن‬
‫بعــض المراقبـ يـ�‪ ،‬بت�يـ ٌـر واضـ ٌـح لفعلهــم المســتنكر مــن قبــل كثـ ي ٍ‬
‫المــدن‪ ،‬ومــن العاصمــة‬ ‫ـى تطالــب برفــع المليشــيات المســلحة مــن ُ‬ ‫ت‬
‫الوقفــات االحتجاجيــة المدنيــة الـ ي‬
‫تحديــداً‪.‬‬

‫خطاب التأييد‪:‬‬

‫المقاتلــ� ف ي�‬
‫ين‬ ‫والســناد وتقويــة العزائــم ومــؤازرة‬ ‫وهــو خطــاب يهــدف إىل الدعــم إ‬
‫ف‬
‫الميــدان‪ ،‬أو المتظاهريــن الذيــن نصبــوا خيامهــم ي� مداخــل صنعــاء وأعلنــوا اعتصامهــم‬
‫ـو� بحكومــة‬ ‫ث‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫العالمــي لجماعــة الحـ ي‬‫ـى نعتــت ي� الخطــاب إ‬
‫ف‬ ‫حــى ســقوط حكومــة الوفــاق الـ ي‬
‫ـو�‬ ‫ث‬ ‫ن‬
‫و� هــذا المعــى وجــه عبــد الملــك الحـ ي‬ ‫الجـ َـرع‪ ،‬ي‬‫المحاصصــة وحكومــة النفــاق وحكومــات ُ‬
‫قائــد الجماعــة خطاب ـاً مــن قنــاة «المسـ يـرة»‪ ،‬قــال فيــه‪ »:‬إياكــم والملــل ال تملــوا‪ ،‬الوقــت‬
‫ـو�‪،‬‬ ‫ث‬
‫ـوال بــث هــذا المقطــع مــن خطــاب الحـ ي‬‫ليــس وقــت ملــل»‪ ،‬وظلــت قنــاة «المسـ يـرة» تـ ي‬
‫ن‬
‫وتلحقــه بمقاطــع فيديــو لمقابــات مــن الميــدان مــع بعــض المعتصمـ يـ�‪ ،‬وهــم يرصحــون‬
‫بإرصارهــم عــى البقــاء ف ي� مياديــن االعتصــام حـ تـى تحقيــق المطالــب الثالثــة‪ :‬إســقاط الحكومــة‬
‫وإســقاط الجرعــة وتنفيــذ مخرجــات الحــوار الوط ـن ي ‪ ،‬أو يوجهــون خطابــات التحــدي للــدول‬
‫العـ شـر‪ ،‬وكل َمــن يســتقوي بهــا مــن الداخــل‪.‬‬

‫وتوظيف ـاً لهــذا الخطــاب‪ ،‬تكــرر قنــاة المسـ يـرة ف ي� فق ـرات بثهــا طــوال اليــوم عــرض صــور‬
‫ـ�‪ ،‬وهــم يرفعــون أيديهــم مطلقـ ي ن‬
‫ـ� مــا يُســمى‬ ‫تلفزيونيــة ومقاطــع فيديــو لعــدد مــن المواطنـ ي ن‬
‫بالرصخــة‪ ،‬أو شــعار الحركــة الحوثيــة‪ ،‬أو يعرضــون مجاميــع مــن الســيارات المحملــة ببعــض‬
‫أ‬
‫الغذيــة والمعلبــات والماشــية الـ تـى تُقــدم ذبائــح للمعتصمـ ي ن‬
‫ـ�‪.‬‬ ‫ي‬

‫ـ�‪ ،‬تأكيــداً عــى تجــاوب‬ ‫وتســتمر القنــاة ببــث يومــي لمــا يُســمى بقوافــل دعــم المعتصمـ ي ن‬
‫ـ� وهــم‬ ‫أبنــاء الشــعب ف� نــرة الجماعــة وجمهورهــا‪ ،‬كمــا تعــرض فقـرات مــن مواقــع المعتصمـ ي ن‬
‫ي‬
‫ف ي� خيامهــم المحيطــة بالعاصمــة مــن أربعــة مداخــل‪ ،‬وتصحــب تلــك الصــور أناشــيد معـ بـرة عــن‬
‫ـ�‪ »:‬نزلنــا بأمــر الســيد ‪ //‬ومــا نب�جــع إال بأمــر‬ ‫ف‬
‫و� أحــد الخطابــات يقــول أحــد المواطنـ ي ن‬
‫التأييــد‪ ،‬ي‬
‫ث‬
‫ـو�‪.‬‬
‫الســيد» والمقصــود بالســيد هنــا عبــد الملــك الحـ ي‬

‫وتفصــح تشــكيالت هــذا الخطــاب عــن منطوقــات تســتظهر استشــعار الحركــة لمعانــاة‬
‫ـ�‪ ،‬يعـ بـرون ف ي� مقوالتهــم عــن‬
‫النــاس‪ ،‬وتنقــل مــن الميــدان مقابــات مــع أف ـراد مــن المواطنـ ي ن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪51‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫أســباب تأييدهــم للحركــة الحوثيــة‪ ،‬وقــد خصصــت القنــاة برامــج لهــذا الغــرض‪ ،‬منهــا برنامــج‬
‫ـع� معــروف‪،‬‬ ‫«نــدوة الســاحة»‪ ،‬وبرنامــج «خيمــة النمــري»‪ ،‬ف وهــو برنامــج يحمــل اســم شــاعر شـ ب ي‬
‫و� أشــعاره‬ ‫ف‬ ‫كان منــارصاً للحركــة الحوثيــة بشــعره‪ ،‬وقتــل ي� إحــدى معــارك الحركــة مــع‬
‫الدولــة‪ ،‬ي‬
‫ف‬
‫ال�نامــج‬‫ـى ذاعــت تأييــد للحركــة وهجــوم وهجــاء لخصومهــا‪ ،‬ورمزيــة هــذا الشــاعر ي� نســبة ب‬ ‫ت‬
‫ف‬ ‫الـ ي‬
‫ال�نامــج شــعراء شـ ي ن‬
‫ـعبي�‬ ‫اىل اســمه تكشــف عــن توظيــف الشــعر ي� الدعايــة للحركــة‪ ،‬ويقــدم ب‬
‫ـدد مــن الخطابــات‪ ،‬ومنهــا خطــاب التأييــد والمنــارصة‪.‬‬ ‫ف‬
‫تلتقــي ي� أشــعارهم خصائــص متفاوتــة لعـ ٍ‬
‫و� هــذا الســياق‪ ،‬تســتضيف القنــاة أيضـاً‪ ،‬بعــض المؤيديــن للحركــة مــن غـ يـر المنتسـ ي ن‬
‫ـب� إليهــا‪،‬‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫وتجــري معهــم حــوارات تكشــف عــن تأييدهــم لمــا تقــوم بــه الحركــة‪ ،‬كمــا تنقــل ف ي� برامــج‬
‫متخصصــة بالصحافــة مقــاالت ال ـرأي المؤيــدة‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪52‬‬

‫خطاب الوعظ‪:‬‬

‫ـى يحمــل‬ ‫ت‬


‫والرشــادات الـ ي‬
‫ـدد مــن التوجيهــات والنصائــح إ‬ ‫ويشــتمل هــذا الخطــاب عــى عـ ٍ‬
‫بعضهــا مقــوالت أخالقيــة‪ ،‬أو تعاليــم دينيــة وبعضهــا يتضمــن فقــرات تعــرض قصصــاً مــن‬
‫التاريــخ االســامي‪ ،‬أو المــوروث الفكــري النبــوي‪ ،‬أو المأثــور الدي ـن ي ‪ ،‬أو آيــات قرآنيــة؛ أي إنــه‬
‫للخريــن‪.‬‬ ‫خطــاب يقــوم بالتذكــر‪ ،‬أو الشــارة إىل مــا يــرى فيــه الهدايــة آ‬
‫إ‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬

‫كبــراً مــن برامجهــا ذو‬


‫«المســرة» نجــد أن عــدداً ي‬
‫ي‬ ‫وبالنظــر إىل الخارطــة بال�امجيــة لقنــاة‬
‫وإن كانــت تــورده تحــت ُمســمى بال�امــج الثقافيــة‪ ،‬ومــن ذلــك‪ :‬برنامــج «بينــات مــن‬
‫ـع وعظــي‪ْ ،‬‬ ‫طابـ ٍ‬
‫الهــدى»‪ ،‬وبرنامــج «أحســن القصــص»‪ ،‬وبرنامــج «كلمــة التقــوى»‪ ،‬وبرنامــج «دروس مــن السـ يـرة»‪،‬‬
‫«الســوة الحســنة»‪ ،‬وبرامــج تمــت تســميتها ف ي� الخارطــة‬ ‫وبرنامــج «مفاهيــم قرآنيــة»‪ ،‬وبرنامــج أ‬
‫النبيــاء»‪ ،‬وبرنامــج «مــع‬ ‫ال�امجيــة بالدينيــة‪ ،‬مثــل برنامــج «بصائــر للنــاس»‪ ،‬وبرنامــج «دعــاء أ‬
‫ب‬
‫أ‬
‫ـدد مــن الدعيــة منهــا‪ :‬دعــاء الثغــور‪،‬‬ ‫ت‬
‫الرســول»‪ ،‬وبرنامــج «مســائل فقهيــة»‪ ،‬إضافــة إىل فــرة بــث لعـ ٍ‬
‫ف‬
‫ومسلســات دينيــة‪ ،‬منهــا مسلســل «يوســف الصديــق»‪ ،‬وحـ تـى مــا ُخصــص ي� الخارطــة بال�امجيــة‬
‫للطفــال مــن مسلســات نجدهــا ذات مضمــون دي ـن ي وعظــي‪ ،‬ومنهــا مسلســل «خاتــم الرســل»‪.‬‬ ‫أ‬

‫عــى أن برنامــج «كلمــات مــن نــور»‪ 11‬يمثــل هــذا الخطــاب تمثيـ ًـا واضحـاً‪ ،‬ويجســد توظيــف‬
‫أ‬
‫بالخطــب‪ ،‬وهــو برنامــج يعــرض صوتيـاً‬ ‫الداء الوعظــي‪ ،‬ســوا ٌء بالمحــا�ض ات أو دروس العلــم‪ ،‬أو ُ‬
‫ـو� مؤســس الجماعــة الــذي قُتــل ف ي� معاركــه‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫�ض‬
‫مقتطفــات مــن محــا ات حسـ يـ� بــدر الديــن الحـ ي‬
‫مــع الدولــة عــام ‪2004‬م‪ ،‬وتنضــد تلــك النصــوص المســموعة كتابــةً عــى الشاشــة بجــوار صورتــه‪،‬‬
‫ـ� بــدر الديــن‬ ‫آ‬
‫ال ت�‪( :‬الشــهيد القائــد الســيد‪ /‬حسـ ي ن‬
‫وبجوارهــا ينضــد اســمه موصوفــا عــى النحــو ي‬
‫ـمى داال ً عــى مضمونهــا‪ ،‬مثــل ُمســمى‬ ‫ث‬
‫ال�نامــج ُمسـ ً‬ ‫ـو�)‪ ،‬وتُعطــى كل حلقــة مــن حلقــات هــذا ب‬‫الحـ ي‬
‫(معرفــة هللا ووعــده ووعيــده)‪ ،‬أو ُمســمى (معرفــة هللا ـ نعــم هللا)‪ ،‬أو ُمســمى (مــن نحــن ومــن‬
‫ومســمى (مســؤولية أهــل البيــت عليهــم الســام)‪ ،‬أو ُمســمى‬ ‫هــم)‪ ،‬أو ُمســمى(حديث الواليــة)‪ُ ،‬‬
‫ـرة مــن ربكــم)‪ ،‬أي إنهــا ُمســميات وعظيــة‪.‬‬‫(وســارعوا إىل مغفـ ٍ‬

‫ســميات دالــة عــى محــاوالت‬ ‫ٌ‬ ‫وهنــاك حلقــات أخــرى ُبم‬


‫تفســرية للقــرآن‪ ،‬مثــل حلقــة ُبمســمى (وإذ رصفنــا إليــك نفــراً‬ ‫ي‬
‫مــن الجــن)‪ ،‬فو� حلقــة أخــرى (ســورة المائــدة)‪ ،‬فو� حلقــة يحيي الحوثيون فعالية «أسبوع‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أخــرى (ســورة آل عمـران) ويُعــاد بــث كل حلقــة أكـرث مــن مـ ٍـرة ف ي� الشهيد» في كل عام‪ ،‬بغرض‬
‫وبمتابعــة هــذا بال�نامــج‪ ،‬يتضــح أنــه قــد تــم تس�ضــجيله تخليد قتالهم‪ ،‬وهذا يجعل من‬ ‫أ‬
‫اليــوم‪،‬‬
‫ف‬
‫ات‬‫ي� المراحــل الوىل لتأســيس الجماعــة؛ حيــث كانــت محــا ُ‬
‫مؤسســها توثــق تســجيلياً عــى شأ�طــة الكاســيت‪ ،‬ومجمــل مــا مقاتليهم على أهبة االستشهاد‬
‫يمكــن أن يقــال مــن مالحظــات عــن محتــوى تلــك المحــا�ض ات‪ ،‬دائمًا‪ ،‬ويذكي فيهم الحماس‬
‫ت‬
‫الــى تســتند أحيانــاً إىل‬
‫رشــادات ي‬ ‫أ‬
‫وال‬
‫إنهــا عــدد مــن التوجيهــات إ‬
‫تفســر بعــض آ‬
‫اليــات أو بعــض الحاديــث وتعتمــد عــى أســاليب‬ ‫ي‬
‫ـى كان يريــد‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش‬
‫خطــاب الوعــظ ـ ي� عــرض الفكــرة الـ ي‬ ‫ف‬
‫خطابيــة تقريريــة مبــا�ة؛ وهــي ســمات قــارة ي�‬
‫ن‬
‫يثبتهــا ي� أذهــان المتلقـ يـ� مــن طالبــه ومريديــه أثنــاء‬ ‫ُ �ض‬
‫يثبتهــا أو ّ‬
‫المحــا ‪ /‬مؤســس الجماعــة أن ِ‬
‫حلقــات الــدرس‪.‬‬
‫وأكــرث مــا يتجــى خطــاب الوعــظ ف� تغطيــة المناســبات الدينيــة ت‬
‫الــى تحييهــا الحركــة‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أس الســنة الهجريــة‪ ،‬إذ يوافــق ذلــك أ‬
‫اليــام المقدســة‬ ‫مثــل عيــد الغديــر ويــوم عاشــوراء‪ ،‬ور‬

‫يث‬
‫‪-‬بدر‪-‬الدين‪-‬الحو�‪-‬صيغة‪-‬ورد‪14422548904355/‬‬ ‫ن‬
‫‪/https://ar-ar.facebook.com/pages‬مالزم‪-‬السيد‪-‬حس�‬ ‫‪ 11‬‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪53‬‬

‫و� هــذا الســياق‪ ،‬نجــد أن القنــاة تتعــرض لبعــض المســائل العقديــة‪،‬‬ ‫ف‬
‫بالنســبة لمذهبهــم‪ ،‬ي‬
‫مثــل مســألة الــوالء والـ بـراء ومســألة االصطفــاء‪ ،‬وتســتقدم القنــاة لمناقشــة هــذه القضايــا عــدداً‬
‫مــن مشــايخهم‪ ،‬لمناقشــتها بغــرض الدعايــة مــن جهــة والوعــظ مــن جهـ ٍـة ثانيــة‪ ،‬وتلعــب مســألة‬
‫ـ� وذريتهمــا‪ ،‬دوراً مركزي ـاً ف ي�‬
‫الواليــة لعــ� بــن بأ� طالــب عليــه الســام وابنيــه الحســن والحسـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫خطــاب الوعــظ؛ إذ إن هــذه المســألة‪ ،‬وهــي ف� جوهرهــا امتــداد لمســألة االصطفــاء‪ ،‬تفــض‬
‫ي‬ ‫ـة‪ ،‬ومســؤولية أهــل البيــت تجــاه أ‬‫ي‬
‫المــة‪ ،‬وواجــب‬ ‫بالـ ضـرورة لقضايــا أخــرى منهــا قضيــة إ‬
‫المامـ‬
‫أ‬
‫المــة تجاههــم مــن �ض ورة الطاعــة والتقديــر‪.‬‬

‫خطاب االستشهاد‪:‬‬

‫(الشــهاري)‪ ،‬إ ْذ يجمــع‬


‫ـا� إ‬ ‫وهــو خطــاب تنطبــق عليــه معظــم مواصفــات الخطــاب إ ن‬
‫العـ ي‬
‫ـ� النــص والصــورة (صــورة الشــهيد‪ ،‬وهــو ف ي� مراحــل متعــددة وبعضهــا صــور فوتوغرافيــة)‪،‬‬ ‫بـ ي ن‬
‫والنــص المقــروء (رســائل الشــهداء أو مقتطفــات مــن مقوالتهــم قبــل استشــهادهم‪ ،‬وأحيان ـاً‬
‫بعــض شــهادات زمالئهــم)‪ ،‬ويغلــب عــى تلــك الشــهادات امتــداح الشــهيد والتنويــه بمآثــره‬
‫لعــدد مــن الشــهداء‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وأخالقــه وتدينــه عــى وجــه الخصــوص‪ .‬وتعــرض القنــاة يوميــاً صــوراً‬
‫بمصاحبــة أناشــيد تمجــد الشــهداء‪ ،‬وتمتــدح تضحياتهــم‪ ،‬وتشـ يـر إىل مــا ينتظرهــم مــن النعيــم‬
‫ف� الجنــة‪ ،‬إضافــةً إىل مــا يحظــون بــه مــن االحـ تـرام ف� ذاكــرة أ‬
‫المــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ـ� مــن أف ـراد الحركــة الحوثيــة باســم المجاهديــن‪ ،‬ومــن ثـ َّـم‬ ‫وعــاد ًة مــا يشــار إىل المقاتلـ ي ن‬
‫ـرد منهــم هــو مـ شـروع شــهيد‪ ،‬وكل قتيـ ٍـل شــهيد بالنتيجــة لهــذا االعتقــاد‪ ،‬وغالبـاً مــا تعــرض‬ ‫كل فـ ٍ‬
‫القنــاة صــوراً مــن مقابرهــم‪ ،‬وهــي مطوقــة بالخـ ضـرة‪ ،‬ويشــار إليهــا باســم ريــاض الشــهداء‪ ،‬و�ف‬
‫ي‬
‫ث‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫ـو�‪ ،‬بعــد أن‬ ‫ـى أعــدت مرقــداً لرفــات حسـ يـ� بــدر الديــن الحـ ي‬ ‫مقدمتهــا الروضــة الحســينية‪ ،‬الـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬ ‫‪54‬‬

‫نقلــت مــن صنعــاء إىل صعــدة ف ي� عــام ‪2013‬م‪ ،‬وكان قــد قتــل ف ي� عــام ‪2004‬م‪ ،‬ونقــل جثمانــه إىل‬
‫صنعــاء‪ .‬وهنــاك تــم إخفــاؤه إىل أن اســتعادته الحركــة مؤخ ـراً‪ ،‬ونســبت الروضــة الحســينية إىل‬
‫اســمه‪ ،‬وهــو أكـرث شــهداء الحركــة ِذكـراً وتمجيــداً‪ ،‬ومرقــده مـز ٌار لــكل المؤمنـ ي ن‬
‫ـ� بفكــر الحركــة‪.‬‬

‫ـى الحوثيــون فعاليــة «أســبوع الشــهيد» ف ي� كل‬ ‫وتجســيداً لذلــك الخطــاب إ‬


‫الشــهاري‪ ،‬يحـ ي ي‬
‫عــام‪ ،‬بغــرض تخليــد قتالهــم‪ ،‬وهــذا يجعــل مــن مقاتليهــم عــى أهبــة االستشــهاد دائمـاً‪ ،‬ي‬
‫ويذك‬
‫فيهــم الحمــاس‪ ،‬ويجــب هنــا أال نغفــل أن معظــم مقاتليهــم مــن الشــباب صغــار الســن أو حـ تـى‬
‫الحــداث‪ ،‬وهــؤالء بحكــم الســن والبحــث عــن فــرص إثبــات الــذات‪ ،‬يــرون ف ي� القتال واالستبســال‬ ‫أ‬
‫والقــدام رجولــةً ومكانــةً ‪ ،‬وهــو مــا يمكــن لخطــاب االستشــهاد مــن تحقيــق غايتــه ف ي� التأثـ يـر‪.‬‬
‫إ‬
‫يســتظهر خطــاب االستشــهاد كل مخزونــه مــن البكائيــات ف� ذكــرى كربــاء‪ ،‬يوم استشــهاد الحسـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ي‬
‫ـهيد عــى درب الحسـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ـوم لــه داللتــه‪ ،‬ويــروج هــذا الخطــاب أن كل شـ ٍ‬
‫ـ� عليــه الســام‪ ،‬وهــو يـ ٌ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫بــن عـ ي‬
‫نز‬ ‫ن‬
‫هــو مــع الحسـ يـ� عليــه الســام‪ ،‬وجــده صــى هللا عليــه وســلم؛ أي إنــه ي� م�لــة النبيــاء والوليــاء‪.‬‬

‫واتســاقاً مــع هــذا الخطــاب‪ ،‬تعــرض قنــاة «المسـ يـرة» فيلــم‬


‫«موكــب إالبــاء»‪ ،12‬وتنقــل مجالــس العــزاء والحســينيات‪ ،‬ويلقــي‬
‫ـ�‪ ،‬ويصــور خــروج السياسة اإلعالمية لهذه الجماعة ال‬ ‫قائــد الحركــة خطابـاً مهمـاً‪ ،‬يعــدد مناقــب الحسـ ي ن‬
‫ال واضحًا‪ ،‬وال تقتصر على‬ ‫الحســ� عــى الظلــم‪ ،‬وصمــوده ف ي� مواجهــة المــوت حفاظــاً عــى تأخذ شك ً‬ ‫ين‬
‫مستوى واحد من‬ ‫ـ�‪ ،‬وتبث مؤدى واحدٍ أو‬ ‫ـ� وينعتهــم بالغــدر والجـ ب ن‬ ‫المبــدأ‪ ،‬كمــا يصــور خــاذل الحسـ ي ن‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ـ� عــام‬‫القنــاة مقتطفــات مــن خطــاب الســيد حســن نــر هللا أمـ ي ن‬
‫مستويات الخطاب‪ ،‬وهو ما أدى إلى‬ ‫ـا�‪ ،‬ومقتطفــات مــن خطــاب المرشــد أ‬ ‫ن‬
‫العــى للثــورة‬ ‫حــزب هللا اللبنـ ي‬
‫واضح بين الديني والسياسي‬ ‫ٍ‬ ‫خلط‬
‫ٍ‬ ‫ال�يــط إالخبــاري أســفل‬ ‫ف‬
‫إاليرانيــة الســيد عــ� خامن ـئ ‪ ،‬وتــورد ي� ش‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الحســ�‪ ،‬وتبــث أدعيــةً الحصــن‪ ،‬واالجتماعي والتاريخي فيها‬ ‫ين‬ ‫الشاشــة‪ ،‬أخبــاراً عــن زوار ب‬
‫قــر‬
‫ـ�‪ ،‬أو المأثــورة فيــه‪ ،‬وتبــث برامــج‬ ‫القــوال المأثــورة عــن الحسـ ي ن‬‫ومــن أ‬
‫حواريــة خاصــة بهــذه المناســبة‪ ،‬يتــداول فيهــا المتحــاورن الحديــث‬
‫والمعــا� المســتخلصة منهــا‪ ،‬والــدروس‬ ‫ن‬ ‫عــن عظمــة الذكــرى‪،‬‬
‫آ‬ ‫ي‬
‫�ض‬ ‫ن‬
‫المســتفادة مــن ثبــات الحسـ يـ� عــى مبدئــه‪ ،‬وكيــف ب بنفســه مثـا ً للتضحيــة مــن أجــل الخريــن‪.‬‬

‫«المســرة»؛ يبقــى ف ي�‬


‫ي‬ ‫العالمــي لقنــاة‬ ‫وبعــد مــا أمكــن رصــده مــن خصائــص الخطــاب إ‬
‫العالمــي لهــذه القنــاة أثنــاء قراءتــه وتحليلــه‪ ،‬يكشــف عــن‬ ‫الشــارة إىل أن الخطــاب إ‬ ‫المجمــل إ‬
‫العالميــة لهــذه الجماعــة ال تأخــذ شــكال ً واضحـاً‪ ،‬وال تقتــر عــى مــؤدى واحـ ٍـد أو‬ ‫أن السياســة إ‬
‫ـياس‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ـح بـ يـ� الديـ ي والسـ ي‬ ‫ـتوى واحــد مــن مســتويات الخطــاب‪ ،‬وهــو مــا أدى إىل خلـ ٍـط واضـ ٍ‬‫مسـ ً‬
‫واالجتماعــي والتاريخــي‪ ،‬وهــو خلـ ٌط يتداخــل فيــه عــد ٌد مــن المفاهيم العامــة بالمقــوالت الفقهية‬
‫والراء الشــخصية‪ ،‬وتتقاطــع فيــه أك ـرث مــن وظيفـ ٍـة للخطــاب‬ ‫والعقديــة والشــعارات السياســية آ‬
‫الواحــد‪ ،‬فضـا ً عــن أن هــذا الخطــاب ينطلــق تــار ًة مــن مربــع الفعــل وصناعــة الحــدث‪ ،‬وتــار ٍات‬
‫أخــرى مــن مربــع رد الفعــل مكتفي ـاً بالتعليــق عــى حـ ٍ‬
‫ـدث مــا‪ ،‬أو إي ـراد خـ بـر عنــه‪.‬‬

‫ولــو أن هــذه المقاربــة عملــت عــى االســتقصاء‪ ،‬أو المســح الكمــي‪ ،‬أو تناولــت الخطــاب‬
‫الســلوب أو الوســيلة‪ ،‬أو مــن خــال رصــد مســتويات أ‬
‫الداء؛ لظهــر اشــتمال‬ ‫مــن حيــث الكيفيــة أو أ‬
‫ـ�اً كافيـاً مــن البــث ولــم تحـ َظ بمسـ ٍ‬
‫ـاحة‬ ‫الخطابــات الكـ بـرى عــى خطابــات صغــرى‪ ،‬ولــم تنــل حـ ي ز‬
‫ف‬
‫ـى ي� ثنايــا الخطابــات الكـ بـرى‬
‫ـور نسـ ب ي‬
‫ال�امجيــة‪ ،‬وقــد كان لبعضهــا حضـ ٌ‬ ‫واســعة مــن الخارطــة ب‬
‫مثــل خطــاب التخويــن‪ ،‬وخطــاب التكفـ يـر‪.‬‬

‫يحك قصة مرصع الحسيـن بن يعل عليه السالم‪.‬‬


‫‪  12‬فيلم من إنتاج السينما إاليرانية‪ ،‬ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪55‬‬ ‫العالمي‬
‫الحركة الحوثية من خالل خطابها إ‬

‫مالحظات عامة‪:‬‬

‫ •مــن المالحــظ أن خطــاب قنــاة «المسـ يـرة» ال يتوجــه إىل جمهــوره بــأي شــكل‬
‫مــن أشــكال الخطــاب العلمــي أو الفكــري‪.‬‬
‫ف‬
‫العالمــي لقنــاة «المسـ يـرة» صــوراً ُمنحــاز ًة ي� تعبـ ي ٍ‬
‫ـر واضــح‬ ‫ •يعــرض الخطــاب إ‬
‫بالتعبــر عــن‬
‫ي‬ ‫وغــر معنيــة‬ ‫غــر دقيقــة‪ ،‬ي‬ ‫عــن خطــاب موجــه وبمحــددات ي‬
‫وجهــات النظــر أ‬
‫الخــرى‪.‬‬

‫ •ال يُلحــظ عــى شاشــة قنــاة «المسـ يـرة» أي خطــاب إعالمــي منــاوئ أو ناقــد‬
‫للجماعــة‪ ،‬وال يُفســح ف ي� برامجهــا أليــة شــخصية ال تعتقــد الجماعــة بتبنيهــا‬
‫لخطابهــا وموجهاتــه‪ ،‬وقــد حــدث أن قطــع االتصــال مــع أك ـرث مــن ضيــف‬
‫شــارك ف ي� مداخلــة هاتفيــة‪ ،‬وتعــرض بالنقــد لقائــد الحركــة أو لخطابــه‪ ،‬ومــن‬
‫ـا� صحيفــة «الوســط» الكاتــب جمــال عامــر‪.‬‬ ‫ذلــك مــا حــدث مــع نـ ش‬

‫الخبــاري الــذي تعرضــه القنــاة عــى أســفل شاشــتها‬‫ال�يــط إ‬ ‫ •ال يُلحــظ عــى ش‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫أي خـ بـر يحمــل إشــار ًة ليــة فعاليــة ضــد الحركــة‪ ،‬بمــا ي� ذلــك الفعاليــات‬
‫الــى أقامهــا ناشــطون مدنيــون لمطالبــة الحركــة‬‫ت‬
‫ف‬ ‫والوقفــات االحتجاجيــة ي‬
‫‪-‬و� مقدمتهــا العاصمــة‬
‫الحوثيــة برفــع مســلحيها مــن النقــاط وإخــاء المــدن ي‬
‫صنعــاء ‪ -‬مــن المسـ ي ن‬
‫ـلح�‪.‬‬

‫ال�امــج‬ ‫ف‬
‫ •ال يُعــرض عــى شاشــة القنــاة أي خـ بـر ينتقــد الحركــة‪ ،‬بمــا ي� ذلــك ب‬
‫الـ تـى تعــرض الصحافــة اليوميــة وتنقــل عــن الصحــف الرســمية أ‬
‫والهليــة أو‬ ‫ي‬
‫ال تن�نــت؛ فهــي تهمــل فيمــا تنقــل كل خـ بـر يشـ يـر‬‫الخباريــة عــى إ‬
‫المواقــع إ‬
‫إليهــا بالســلب‪ ،‬ومثــال ذلــك برنامــج «وجهــة خـ بـر»‪.‬‬

‫الــى يُلمــح منهــا العــداء ألمريــكا‬


‫ي‬
‫بالخبــار ت‬‫ •يلحــظ عنايــة قنــاة المســرة أ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫الخبــار الــىت‬ ‫وإرسائيــل أيــاً كان مصدرهــا‪ ،‬وتحــرص القنــاة عــى نقــل كل أ‬
‫ي‬ ‫ـ� رسـ ن ف‬
‫ـ�‬ ‫و� مقدمتهــم المرشــد إ ن‬ ‫ـؤول� إيرانيـ ي ن‬
‫تصــدر عــن مسـ ي ن‬
‫اليـر يا� عـ ي‬ ‫ـمي�‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ـا�‪ ،‬وقــادة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫خامنـئ ‪ ،‬وكبــار المسـ ي ن‬
‫اليرانيـ يـ� كرئيــس الدولــة حســن روحـ ي‬
‫ـؤول� إ‬ ‫ي‬
‫ـا� حســن نــر هللا‪.‬‬ ‫ـ� عــام حــزب هللا اللبنـ ن‬ ‫الحــرس الثــوري‪ ،‬وأمـ ي ن‬
‫ي‬

‫ •يُلحــظ خلــو قنــاة المسـ يـرة مــن أي برنامــج يناقــش القضايــا االقتصاديــة أو‬
‫ين‬
‫والمهمشــ�‪ ،‬ويُكتفــى‬ ‫االجتماعيــة أو الثقافيــة وقضايــا المــرأة والشــباب‬
‫ش‬ ‫أ‬
‫وغ�هــا عــى ال�يــط‬ ‫أحيانــاً بعــرض الخبــار االقتصاديــة أو االجتماعيــة ي‬
‫الخبــاري للقنــاة‪.‬‬
‫إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫اليمن ي ن‬
‫ب� ماذا ولماذا ‪...‬‬ ‫‪56‬‬
‫اليمن‪ :‬أسئلة الحا�ض والمستقبل‬

‫حمادي‬
‫بقلم‪ :‬رياض َّ‬
‫�ن‬ ‫ت‬
‫كاتب وم�جم يم ي‬

‫اليمن بين ماذا ولماذا‪..‬‬


‫اليمــن ‪ :‬أســئلة الحاضــر‬
‫والمســتقبل‬
‫يصور الحوثيون حراكهم الشعبي‪ ،‬السياسي والميليشيوي‪ ،‬على أنه‬
‫ثورة شعبية مضادة لقوى الفساد‪ ،‬فيما يصوره خصومه على أنه ثورة‬
‫مضادة لثورة ‪ .2011‬والواقع يشير إلى أن الحوثيين ليسوا سوى راية في‬
‫األحداث األخيرة‪ ،‬تقف من ورائها قوى فلول النظام السابق وعلى‬
‫رأسها علي صالح نفسه‪.‬‬

‫تركــز الكثـ يـر مــن التحليــات السياســية للوضــع اليمـن ي الراهــن‪ ،‬عــى النتيجــة وال تلقــي كثـ يـراً مــن‬
‫ال ت ي�‪ :‬مــاذا حــدث أو مــاذا يحــدث؟ وال تهتــم‬ ‫االهتمــام لجــذور المشــكلة؛ أي إنهــا تجيــب عــن الســؤال آ‬
‫الهــم‪ :‬لمــاذا حــدث؟! الــذي مــن شــأنه أن يعطينــا رؤيــة واضحــة للمســتقبل‬ ‫بالجابــة عــن الســؤال أ‬
‫إ‬
‫وجوابـاً عــن ســؤال ثالــث هــو‪ :‬مــا الــذي ســيحدث؟!‬
‫ن‬
‫ـوا� أو ممــن يبــدو‬ ‫ن‬ ‫ف‬
‫ي� ســياق إجابــة كثـ يـر مــن المحللـ يـ�‪ ،‬فســواء ممــن ينتمــون لحــزب إالصــاح إالخـ ي‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪2014‬م‪ ،‬إال أنــه تــم‬
‫أنهــم محايــدون‪ ،‬يقــر هــؤالء بوجــود دولــة ي� اليمــن قبــل تاريــخ ‪ 21‬سـ ب‬
‫ـ� إىل صنعــاء ف ي� هــذا التاريــخ‪ ،‬بــل إن بعضهــم ّيدعــي أن هــذا التاريــخ هــو‬
‫إســقاطها بدخــول الحوثيـ ي ن‬
‫و� هــذا كثــر مــن المغالطــة والتجــاوز لحقائــق تتعلــق بوضــع الدولــة �ف‬ ‫تاريــخ إســقاط الجمهوريــة‪ ،‬ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اليمــن قبــل وبعــد هــذا التاريــخ‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪57‬‬ ‫اليمن ي ن‬
‫ب� ماذا ولماذا ‪...‬‬
‫اليمن‪ :‬أسئلة الحا�ض والمستقبل‬

‫عــ� عبــدهللا صالــح‪،‬‬ ‫إذا عدنــا إىل عهــد الرئيــس الســابق ي‬


‫ســنجد أنــه كان يحكــم اليمــن بوصفــه شــيخ مشــايخ قبائــل اليمن ال‬
‫بوصفــه رئيــس دولــة‪ ،‬وهــذا يــدل عــى أن ســلطة الدولــة ف ي� اليمــن‬
‫لــم تكــن هشــة فقــط بــل معدومــة؛ فالدولــة ال تكــون إال حــا�ض ة‬
‫أو غائبــة بحضــور أو غيــاب مؤسســاتها‪ ،‬وهــي عــى هــذا النحــو مــن‬
‫التوصيــف كانــت غائبــة بغيــاب مؤسســاتها القانونيــة والدســتورية‪،‬‬
‫القبليــة والحزبيــة‬
‫بوصفهــا ســلطة عليــا مهيمنــة عــى بقيــة القــوى َ‬
‫والدينيــة‪ .‬وإذا قلنــا‪ :‬إن الدولــة كانــت حــا�ض ة‪ ،‬لكنهــا ضعيفــة؛‬
‫فلنــا أن نســأل‪ :‬ومـ تـى ســقطت هــذه الدولــة ؟!‬

‫ين‬
‫الحوثيــ� أو جماعــة «أنصــار هللا» إىل العاصمــة‬ ‫إن دخــول‬
‫صنعــاء كان إعالن ـاً عــن صعــود قــوة أخــرى إىل الســطح‪ ،‬وتوليهــا‬
‫ن‬
‫الثــا�‪ .‬أمــا‬ ‫زمــام أ‬
‫بقــوة الســاح يمكــن اعتبــاره الســقوط ي‬ ‫المــور‬
‫ســقوط صنعــاء أ‬
‫الول‪ ،‬فقــد تــم قبــل ذلــك بســقوط «الدولــة»‪،‬‬
‫لكــن بفعــل القــوة الناعمــة والسياســية لحــزب إالصــاح وحلفائــه‪.‬‬
‫ويمكــن اعتبــار تاريــخ اختيــار الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي؛‬
‫ليكــون رئيسـاً توافقيـاً مــن قبــل كافــة القــوى وبأمــر مــن «المبــادرة‬
‫الخليجيــة»‪ ،‬ثــم اختيــار محمــد ســالم باســندوة رئيســاً للــوزراء‬
‫بدايــة للســقوط؛ فقــد كانــت كل قــوة عــى حــدة تعتقــد بضعــف‬
‫تســي�هما كمــا تشــاء لصالحهــا بمــا يمهــد‬‫ي‬ ‫ين‬
‫الرجلــ�‪ ،‬وبإمكانيــة‬
‫ف‬
‫لســقوط الدولــة ي� يدهــا‪ ،‬وقــد صــدق حدســها فيمــا يتعلــق‬
‫بباســندوة الــذي كان أداة ف ي� يــد حــزب إالصــاح‪ ،‬بينمــا خــرج هــادي‬
‫مــن جعبــة الجميــع عــى مــا يبــدو‪.‬‬

‫مــا حــدث ‪-‬إذن‪ -‬مــن دخــول الحوثيـ ي ن‬


‫ـ� إىل صنعــاء‪ ،‬لــم يكــن‬
‫ســوى محصلــة لـراع قــوى تســعى للســيطرة عــى المــكان الشــاغر‬
‫الــذي نتــج عــن ضعــف أو غيــاب ســلطة الدولــة‪ ،‬وتحــول هــذه‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫اليمن ي ن‬
‫ب� ماذا ولماذا ‪...‬‬ ‫‪58‬‬
‫اليمن‪ :‬أسئلة الحا�ض والمستقبل‬

‫أ‬
‫الخـ يـرة إىل قــوة أخــرى منافســة عــى مكانهــا‪ ،‬والــذي مــن المفـ تـرض أن يكــون حقهــا الطبيعــي بفعــل‬
‫حضــور مؤسســاتها وهيمنتهــا عــى بقيــة القــوى‪.‬‬

‫ـ� لســقوط صنعــاء وســقوط‬ ‫ن‬


‫اعت�نــا أن دخــول الحوثيـ يـ� صنعــاء هــو التاريــخ الفعـ ي‬‫وحـ تـى لــو ب‬
‫ش‬ ‫ف‬
‫ـ�‪ ،‬وال يعتـ بـر ســوى تحصيــل حاصــل‪ ،‬بينمــا جــواب‬ ‫الدولــة‪ ،‬فــإن ي� هــذا جواب ـاً عــى ســؤال هامـ ي‬
‫ـ� بقيــة القــوى‬ ‫الســؤال «لمــاذا؟» يقتـض العــودة إىل مفهــوم الدولــة وســلطتها ومكانهــا أو مكانتهــا بـ ي ن‬
‫ي‬
‫االجتماعيــة؛ فســلطة الدولــة ‪ -‬كمــا عـ ب ّـر برهــان غليــون ف ي� كتابــه (نقــد السياســة‪ -‬الدولــة والديــن) بقولــه‪:‬‬
‫الخــرى االجتماعيــة‬ ‫«تبقــى ف� كل المجتمعــات المدنيــة هــي الكافــل والضامــن الرئيــ� لــكل الســلطات أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الــى تعطــي للســلطات‬ ‫الكــرى الســيادية ت‬ ‫ب‬ ‫الســلطة‬ ‫هــذه‬ ‫ضعفــت‬ ‫مــا‬ ‫وللقيــم التابعــة لهــا‪ .‬ت‬
‫ومــى‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫ـ�از‪ ،‬وفقــدت المعايـ يـر‪ ،‬وفقــد معهــا‬ ‫الخــرى أوزانهــا ومصداقيتهــا‪ ،‬تعرضــت الســلطات جميعــا إىل االهـ ت ز‬
‫ـى تقــوم‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ـى تضمــن الســس الـ ي‬ ‫المجتمــع توازنــه العــام ومعرفــة طريقــه ووجهتــه‪ .‬فالدولــة هــي الـ ي‬
‫ـى تعـ بـر عــن هــذا التوزيــع‬ ‫ت‬
‫توزيعهــا داخــل المجتمــع والدولــة‪ ،‬وهــي الـ ي‬ ‫عليهــا الســلطة كمــا تضمــن‬
‫وت�جمــه ف ي� بنيــة الســلطة؛ أي ي� بنيتهــا ذاتهــا‪ ...‬وغيــاب الكافــل العــام الــذي هــو الســلطة العليــا‬
‫ف‬ ‫ت‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫والم�فعــة عــن لعــب دور المؤسســات الخــرى االجتماعيــة‪ ،‬يدفــع ي� كل الحــوال‬ ‫ال�عيــة الســيدة ت‬ ‫ش‬
‫ومعاي�هــا‪،‬‬
‫ي‬ ‫والمجتمعــات‪ ،‬المؤسســات المختلفــة إىل أن تبحــث هــي نفســها عــن وســائل كفالتهــا لقيمهــا‬
‫ش‬
‫ـال إىل مقــر لســلطة رئيســية تشــكل نموذجـاً مصغـراً عــن الدولــة‪ .‬وهــذا هــو �ط بقائهــا‬ ‫وأن تتحــول بالتـ ي‬
‫*‬
‫إذا لــم تشــأ أن ينفــرط عقدهــا» ‪.‬‬

‫مـ شـروع بنــاء الدولــة كســلطة عليــا أُجهض بمــوت صاحبــه الرئيس‬
‫إن دخول الحوثيين أو جماعة‬ ‫إبراهيــم الحمــدي‪ .‬وعــى مــدى حكمــه‪ ،‬الــذي اســتمر أكـرث مــن ثالثــة‬
‫«أنصار اهلل» إلى العاصمة صنعاء‬ ‫الخـ يـر مــن حكمــه‪،‬‬ ‫عقــود‪ ،‬ســعى عــ� صالــح‪ ،‬خصوص ـاً ف� العقــد أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـى حلــت محــل الدولــة؛ وهــو وإن لــم‬ ‫إىل أن يكــون هــو الســلطة الـ ت‬
‫كان إعالنًا عن صعود قوة أخرى‬ ‫ي‬
‫يقــل شــفاهية «أنــا الدولــة والدولــة أنــا» كلويــس الرابــع عـ شـر‪ ،‬إال أنــه‬
‫إلى السطح‬ ‫ـ�‪ ،‬إىل جعــل نفســه ســلطة عليــا تفتقــر بطبيعة‬ ‫ســعى‪ ،‬وعــى نحــو عمـ ي‬
‫الحــال للمبــادئ والمعايـ يـر الـ تـى تحــدد عالقــات الهيمنــة والــوالء بـ يـ�ن‬
‫ي‬ ‫الجماعــات أ‬
‫والفـراد داخــل المجتمــع الواحــد كونهــا ســلطة فــرد ال ســلطة دولــة تتجســد عـ بـر مؤسســات‬
‫منظمــة‪ ،‬وهــو مــن خــال ربــط ســلطة الدولــة بشــخصه‪ ،‬عمــل عــى تخويــف قــوى المعارضــة مــن‬
‫مغبــة المخاطــرة ف ي� إســقاطه؛ ألن ســقوطه لــن يع ـن ي ســوى انهيــار مــا تبقــى مــن مؤسســات الدولــة‬
‫الهشــة‪.‬‬

‫ســعي صالــح لتوريــث الســلطة إىل نجلــه مــن بعــده هــو الــذي أدى إىل تشــكيل قــوة معارضــة‬
‫الحمــر) وعســكرية (الج ـرن ال‬ ‫موحــدة (تكتــل أح ـزاب اللقــاء المشـ تـرك) بدعــم مــن قــوى قبليــة (آل أ‬
‫الوىل مــدرع ســابقاً)‪ ،‬وقــد كان الهــدف المعلــن مــن وراء تأســيس‬ ‫الحمــر قائــد الفرقــة أ‬‫عــ� محســن أ‬
‫الهــداف غـ يـر المعلنــة‪ ،‬فقــد كانــت تتضمــن‬‫هـ يـذه القــوة هــو القضــاء عــى نظــام صالــح الفاســد‪ ،‬أمــا أ‬
‫أكــر مــن الكعكــة‪ .‬هــذا يدلنــا عــى أن الــراع عــى‬ ‫مصالــح شــخصية وقبليــة كاالســتئثار بقطعــة ب‬
‫ـر�» بوســائل ســلمية‬ ‫رث‬ ‫الســلطة كان قائمـاً منــذ عهــد صالــح‪،‬‬
‫ووجــد فرصــة للـ بـروز أكـ مــع «الربيــع العـ ب ي‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ـ� محســن الحمــر إىل الثــورة أفقدهــا طابعهــا الســلمي‪ ،‬ولــو لــم تصاحــب‬ ‫ي� البدايــة‪ ،‬لكــن انضمــام عـ ي‬
‫انضمامــه لهــا مظاهــر مســلحة مــن قبــل قــوى الثــورة‪.‬‬
‫إن انضمــام أ‬
‫الحمــر‪ ،‬وهــو ركـ ي زـ�ة أساســية ف ي� نظــام صالــح‪ ،‬لــم يكــن يهــدف إىل التأســيس لمرحلــة‬
‫جديــدة بدولــة مدنيــة قويــة‪ ،‬بــل المســألة مســألة ربــح وخســارة وهــروب مــن ســفينة النظــام الغــارق إىل‬
‫ســفينة الثــورة‪ .‬والمحصلــة أن الثــورة ُسقــت مــن قبــل أربــع قــوى‪ :‬حزبيــة (مــن قبــل اللقــاء المشـ تـرك)‪،‬‬

‫العر�‪ ،‬ط‪2007 ،4.‬م‪ ،‬ص ‪210–208‬‬ ‫*برهان غليون‪ :‬نقد السياسة‪ -‬الدولة والدين‪ ،‬المركز ف‬
‫الثقا� ب ي‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪59‬‬ ‫اليمن ي ن‬
‫ب� ماذا ولماذا ‪...‬‬
‫اليمن‪ :‬أسئلة الحا�ض والمستقبل‬

‫ن‬
‫ـدا�)‪ ،‬وقبليــة (عــى رأســها قبيلــة‬
‫ف‬ ‫ـ� محســن)‪ ،‬ودينيــة (الشــيخ عبدالمجيــد الزنـ ي‬ ‫وعســكرية (القائــد أ عـ ي‬
‫حاشــد وأرسة آل الحمــر)‪ .‬وقــد بــدا أن «المبــادرة الخليجيــة» قــد ســاهمت ي� إضعــاف الثــورة؛ لتضمنهــا‬
‫بنــوداً تــم اســتغاللها لتفخيــخ مرحلــة مــا بعــد صالــح‪ .‬وقــد دل قبــول «المشـ تـرك» ألك ـرث مــن مبــادرة‬
‫وبــدون ش�وط وضمــان الحصانــة لصالــح وأركان نظامــه مــن القتلــة عــى مــدى تكالبــه عــى الســلطة‪ .‬وقــد‬
‫ـو� وفلــول‬‫ث‬ ‫كانــت هــذه هــي الرسقــة أ‬
‫الناعمــة‪ ،‬أعقبتهــا رسقــة ثانيــة مســلحة مــن قبــل جماعــة الحـ ي‬
‫ف‬
‫الوىل‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪ .2014‬والفــرق‬
‫النظــام الســابق بدخولهــم صنعــاء ي� ‪ 21‬سـ ب‬
‫ـ� حددتهــا طبيعــة المرحلــة‪ ،‬وهــو مــا يجعلنــا نــدرك أن‬ ‫ـ� الرسقتـ ي ن‬
‫بـ ي ن‬
‫ف‬
‫ـلطة ي� المجتمعــات غـ يـر الديموقراطيــة يتخــذ مشروع بناء الدولة كسلطة عليا‬ ‫ف‬
‫رصاع القــوى عــى السـ‬
‫ُ‬ ‫منحــى يميــل إىل العنــف ي� العــادة‪.‬‬
‫أجهض بموت صاحبه الرئيس‬
‫إبراهيم الحمدي‬ ‫ـع�‪ ،‬السـ ي‬
‫ـياس والميليشــيوي‪،‬‬ ‫يصــور الحوثيــون حراكهــم الشـ ب ي‬
‫عــى أنــه ثــورة شــعبية مضــادة لقــوى الفســاد‪ ،‬فيمــا يصــوره خصومــه‬
‫ين‬
‫الحوثيــ�‬ ‫يشــر إىل أن‬
‫عــى أنــه ثــورة مضــادة لثــورة ‪ .2011‬والواقــع ي‬
‫خــرة‪ ،‬تقــف مــن ورائهــا قــوى‬ ‫أ‬ ‫ف أ‬
‫ليســوا ســوى رايــة ي� الحــداث ال ي‬
‫ين‬
‫الحوثيــ� كانــوا مــن‬ ‫عــ� صالــح نفســه‪ .‬وعــى الرغــم مــن أن‬ ‫النظــام الســابق وعــى رأســها ف ي‬
‫ـ� عــن الســلطة‪ ،‬تحالفــوا‬‫المؤيديــن لثــورة ‪ 2011‬إال أنهــم‪ ،‬ي� مرحلــة تاليــة إلجبــار صالــح عــى التخـ ي‬
‫ـكري�‪،‬ن‬
‫معــه باعتبــاره قــوة مــا زالــت تحتفــظ بعالقــات تأثـ يـر ومصالــح مــع أطـراف قبليــة وقــادة عسـ ي‬
‫فضـا ً عــن تأييــد جــزء مــن عامــة الشــعب لــه‪ .‬ونتيجــة لهــذا التحالــف‪ ،‬تمكــن الحوثيــون مــن دخــول‬
‫للحوثيــ� ف ي� الظاهــر‪ ،‬لكنــه ف ي� الحقيقــة‬
‫ين‬ ‫وغ�هــا مــن المحافظــات ف ي� انتصــار يُحســب‬ ‫صنعــاء ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪60‬‬

‫تجســيد لعــودة مرحليــة أوىل للنظــام الســابق‪.‬‬


‫الحوثيــ� مــع بقايــا النظــام الســابق مهــدد باالنفــراط هــو آ‬
‫الخــر؛ لوجــود‬ ‫ين‬ ‫لكــن تحالــف‬
‫ن‬
‫خالفــات وعــداء ســابق معمــد بالــدم‪ .‬فليــس مــن الســهل عــى الحوثيـ يـ� ‪« -‬أنصــار هللا»‪ ،‬كجماعــة‬
‫أيديولوجيــة تؤمــن باالنتقــام والثــأر‪ ،‬وتتخــذ السياســة جـراً لتحقيــق مآربهــا‪ ،‬غفـران ســتة حــروب‬
‫شــنها نظــام صالــح ضدهــم وأدت إىل مقتــل آ‬
‫الالف‪ ،‬منهــم أفــراد مــن عائلــة قائــد الجماعــة‬
‫ث‬
‫ـو�‪.‬‬
‫ـال عبدالملــك الحـ ي‬‫الحـ ي‬

‫وداخــ�؛ فقــد‬
‫ي‬
‫ين‬
‫عاملــ�‪ :‬خارجــي‬ ‫الحوثيــ� اســتفادوا ف ي� صعودهــم مــن‬
‫ين‬ ‫الواقــع يقــول‪ ،‬إن‬
‫ـلم�‪،‬ن‬
‫ـى ســعت إلضعــاف جماعــة إالخــوان المسـ ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫اســتفادوا‪ ،‬بدعــم إي ـر يا�‪ ،‬مــن الورقــة الخليجيــة الـ ي‬
‫كمــا اســتفادوا داخليـاً مــن فشــل حكومــة باســندوة المؤيــدة مــن قبــل «حــزب إالصــاح» وحلفائــه الذيــن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪61‬‬ ‫اليمن ي ن‬
‫ب� ماذا ولماذا ‪...‬‬
‫اليمن‪ :‬أسئلة الحا�ض والمستقبل‬

‫شــكلوا «االصطفــاف الوط ـن ي » للدفــاع عنهــا وعــن ق ـرار رفــع الدعــم‬


‫عــن المشــتقات النفطيــة‪ ،‬وهــم بذلــك قــد ارتكبــوا حماقــة سياســية‬
‫تضــاف إىل قائمــة أخطائهــم الســابقة‪ .‬ف ي� المقابــل‪ ،‬قــدم الحوثيــون‬
‫أنفســهم ف ي� الظاهــر كقــوة تقــف إىل جانــب مطالــب أغلــب الشــعب‬
‫اليمـن ي ف ي� إســقاط الحكومــة وتخفيــض الجرعــة الســعرية‪ ،‬لكــن الواقــع‬
‫يشـ يـر إىل رصاع هــذه القــوى عــى ســلطة الدولــة‪ ،‬وإســقاط الحوثيـ ي ن‬
‫ـ�‬
‫ت‬ ‫ن‬
‫الــى تدعمهــا‪ ،‬وهــي جماعــة‬ ‫للحكومــة ال يعــ ي إال إســقاطاً للقــوة ي‬
‫إالخــوان والحلــول محلهــا‪.‬‬

‫ين‬
‫للحوثيــ�‪ ،‬مــن خــال رفــع شــعارات‬ ‫الســياس‬ ‫يتمتــع أ‬
‫الداء‬
‫ي‬
‫تقــف إىل جانــب مطالــب الشــعب‪ ،‬وادعــاء عزوفهــم عــن الســلطة‬
‫ين‬
‫مســتقل� لرئاســة الحكومــة‪ ،‬بكفــاءات وقــدرات‬ ‫ين‬
‫مرشــح�‬ ‫وتقديــم‬
‫علميــة وأكاديميــة‪ ،‬مثــل بال�وفيســور أيــوب الحمــادي‪ ،‬يــدل عــى ذكاء‬
‫وحنكــة‪ .‬ويشـ يـر إىل القــوى المحتملــة‬
‫الــى تقــف خلفهــم بالتخطيــط‬ ‫ت‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫والدعــم داخليــاً وخارجيــاً‪ .‬لكــن ي� مستقبل جماعة «أنصار اهلل»‬
‫للســلطة السياسي والميليشيوي لن يختلف‬ ‫أ‬
‫مقابــل رفضهــم المعلــن‬
‫تجدهــم يتمــددون عــى الرض‬
‫بقــوة الســاح لفــرض ســلطة أالمــر كثيرًا عن ذلك المرسوم لحزب اهلل‬
‫الواقــع؛ مــن أجــل مكاســب آنيــة اللبناني؛ فالحوثيون قد ُأعدوا سلفًا‬
‫ومســتقبلية‪ ،‬وهــو مــا ال يخفــى عــى للقيام بهذا الدور في اليمن‬
‫أي مراقــب‪.‬‬

‫مســتقبل جماعــة «أنصــار‬


‫ـياس والميليشــيوي لــن يختلــف كثـ يـراً عــن ذلــك المرســوم‬
‫هللا» السـ ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫اللبنــا�؛ فالحوثيــون قــد أعــدوا ســلفاً للقيــام بهــذا‬ ‫لحــزب هللا‬
‫ي‬
‫الــدور ف ي� اليمــن‪ ،‬وهــم‪ ،‬وإن خرجــوا بأســلحتهم مــن العاصمــة‬
‫وبقيــة المــدن ف ي� مرحلــة قادمــة‪ ،‬إال أنــه مــن المرجــح عــدم تخليهــم‬
‫ن‬
‫ـدا� لحراكهــم‬
‫عنــه‪ ،‬وســيحافظون عليــه كورقــة ضغــط ورديــف ميـ ي‬
‫الســياس‪.‬‬
‫ي‬

‫ـت�اف‬ ‫هــذا هــول المشــهد الراهــن الــذي مــن خاللــه يمكــن اسـ ش‬
‫اليــام والشــهور القليلــة القادمــة؛ فهنــاك‬ ‫المــور ف� أ‬‫مــا ســتؤول إليــه أ‬
‫ي‬
‫ـؤ�ات قويــة الحتمــال عــودة النظــام الســابق إىل الحكــم‪ ،‬ولــو مــن‬ ‫مـ ش‬
‫خــال مرحلــة ثانيــة سياســية «ديمقراطيــة» وعــن طريــق صناديــق االقـ تـراع‪ .‬وعــى الرغــم مــن أنــه لــم يتقــرر‬
‫ـؤ�ات تفيــد باحتمــال‬ ‫وال�لمانيــة نظـراً للظــروف الراهنــة‪ ،‬إال أن المـ ش‬
‫بعــد موعــد إجـراء االنتخابــات الرئاســية ب‬
‫كبـ يـر تل�شــح نجــل صالــح ف ي� االنتخابــات الرئاســية القادمــة‪ ،‬وهنــاك احتمــال كبـ يـر لفــوزه فيهــا‪ ،‬وكذلــك فــوز‬
‫تحالــف الفلــول بنســبة كبـ يـرة ف ي� االنتخابــات بال�لمانيــة نظـراً لتضعضــع قــوى ثــورة ‪ 2011‬وصعــود قــوى الثــورة‬
‫ـ�‪.‬‬‫خ�تـ ي ن‬ ‫المضــادة ‪ ،2014‬وسيســاعدهم ف� الفــوز غليــان الشــارع وت�مــه مــن أداء الحكومــة ف� السـ ن أ‬
‫ـنت� ال ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬ ‫‪62‬‬

‫عضو المجلس السياسي لحركة‬


‫أنصار اهلل فضل أبو طالب لمجلة‬
‫«ذوات»‪:‬‬
‫نسعى إلى تحقيق أهداف تتعلق بإصالح‬
‫حال المسلمين ومواجهة أعدائهم‬
‫حاوره‪ :‬محمد مرشد الكميم‬

‫لم يكن من اليسير‪ ،‬قبل أحداث العام ‪2011‬م في اليمن‪ ،‬أن تعرف أكثر عن جماعةٍ أو حركةٍ ‪ ،‬كانت‬
‫توصم‪ ،‬قبل ذاك‪ ،‬بالمتمردة والخارجة عن النظام والقانون؛ فما بالك لو سعيت إلى ذلك قاصدًا أو‬
‫حاولت االتصال بها أو االنخراط في صفوفها أو ناصرتها‪.‬‬

‫إن العزل واإلقصاء والتضليل اإلعالمي والشيطنة المقصودة التي كان يتعرض لها المنتمون إلى‬
‫حركة أو جماعة (أنصار اهلل) الحوثية والموالون لها‪ ،‬هي التي دفعت بالكثير منهم إلى التخفي‬
‫عن أعين الناس‪ ،‬وجعلت اإلعالميين والباحثين والحقوقيين يفضلون عدم االقتراب منهم؛ اتقاء‬
‫التهامهم بالحوثية‪ ،‬وخوفًا من اعتقالهم أو من مصير مجهول قد يتعرضون له‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فقد‬
‫نبتوا من حوالينا وفينا‪ ،‬ومشطوا بقناعاتهم ومظلومياتهم وأسلحتهم جسد الوطن المنهك‪،‬‬
‫فصمت أصداؤها آذان السكون المتوجس الذي عاشه ويعيشه كل‬ ‫َّ‬ ‫وتجاوزت صرخاتهم الحناجر‪،‬‬
‫يمني منذ عقود مضت‪ ،‬وأصبح من المألوف‪ ،‬اليوم‪ ،‬أن تجد بعض أصدقائك المنتمين أو الموالين‬
‫لهذه الحركة متحررين من قيود الضيم والتعسف التي حاقت بهم‪ ،‬وقادرين على أن يوصلوك‬
‫إلى الصف األول من قياداتهم ومحاورتهم في شؤونهم وشؤون البلد‪.‬‬

‫ولعل المفاجأة الكبرى لي‪ ،‬أن أجد من ُأحلت عليه إلجراء حواري هذا معه صديقًا صدوقًا‬
‫وأخًا مقربًا استطعت‪ ،‬برصيد اإلخاء والصداقة الذي يجمعني وإياه‪ ،‬تجاوز أسئلة االستهالك‬
‫الصحفي وأغوص به عميقًا‪ ،‬وأجوز معه مناطق خطرة وملغومة مرت بها حركة (أنصار اهلل)‬
‫محاكمة للحركة‬ ‫ِ‬ ‫الحوثية‪ ،‬محاو ًال‪ ،‬من باب القلق على الوطن وعلى مصيره‪ ،‬أن تكون أسئلتي‬
‫ولنشأتها ولخلفياتها المذهبية ولممارساتها الطقوسية ولسياساتها ولسلوكياتها ولشعاراتها‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪63‬‬ ‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬

‫ولتحالفاتها الداخلية والخارجية‪ ،‬ولعداءاتها ولحملها السالح الذي خاضت به حروبًا متعددة‬
‫ضد الدولة والقاعدة واإلخوان المسلمين وبعض القبائل التي تقاوم مشروعها‪ ،‬ولتمددها غير‬
‫المفهوم في أرجاء البالد‪ ،‬ولتصاعدها السريع وغير المنطقي‪ ،‬وفق ما يراه محللون وإعالميون‪،‬‬
‫ولمصيرها ومصير البلد بها ومعها‪.‬‬

‫وعلى الرغم من حدة الطرح في أسئلتي‪ ،‬فقد وجدت صديقي األستاذ فضل أبو طالب‪ ،‬وهو أحد‬
‫األعضاء المشكلين لقوام المجلس السياسي للحركة‪ ،‬يجيب عن أسئلتي بصدر رحب وهدوء جم‬
‫ونبل أخالق عهدناها فيه ودبلوماسية سياسي حذر وذكاء معتقِ د غير متعصب‪ ،‬ولك أن تكتشف‬
‫صدق ما قلته في حقه حينما تنسرب إلى الحوار وتندمج مع إجاباته التي سأتركك معه ومعها‪.‬‬

‫* هــل تعتقــد أن والدة الحركــة ممثلــة ف ي� الشــباب‬


‫المؤمــن أوالً‪ ،‬ثــم ف ي� أنصــار هللا ثانيـاً تعــد والدة طبيعيــة؟‬

‫حركــة أنصار هللا ليســت امتــداداً لحركة الشــباب المؤمن؛‬


‫لســبب بســيط‪ ،‬وهــو أن حركــة الشــباب المؤمــن تعتـ بـر حركــة‬
‫إحيائيــة للمذهــب الزيــدي المتأصــل ف ي� شــمال اليمــن منــذ‬
‫الوهــا�‬ ‫والــى نشــأت لمواجهــة المــد‬ ‫أكــرث مــن ‪ 1200‬ســنة‪ ،‬ت‬
‫بي‬ ‫ي‬
‫المدعــوم مــن الســعودية الســاعي الســتئصاله‪ ،‬بينمــا حركــة‬
‫ـ� بــدر الديــن‬‫أنصــار هللا الـ تـى أسســها الســيد الشــهيد‪ /‬حسـ ي ن‬
‫ي‬
‫ـ� واحــدة‪ ،‬باعتبارهــم جميعاً‬ ‫ـلم� بعـ ي ن‬ ‫ث‬
‫ـو� تنظــر إىل المسـ ي ن‬
‫الحـ ي‬
‫إخــوة‪ ،‬وإن اختلفــت توجهاتهــم الفكريــة وآراؤهــم الفقهيــة‪،‬‬
‫وتؤكــد أن العــدو الحقيقــي لهــا هــو عــدو المسـ ي ن‬
‫ـلم� جميعـاً‪،‬‬
‫وهــي أمريــكا وإرسائيــل؛ فحركــة أنصــار هللا ال تســعى إلحيــاء‬
‫أي مذهــب وال نشــأت لمحاربــة أي مذهــب؛ ألنهــا ال تؤمــن‬
‫فضل أبو طالب‬
‫أصـا ً بالمذهبيــة‪ ،‬بــل تعتمــد الثقافــة القرآنيــة منهجـاً شــامال ً‬
‫ـياس لحركــة أنصــار هللا‪،‬‬
‫عضــو المجلــس السـ ي‬
‫المعروفــة بالحوثيـ ي ن‬ ‫للحيــاة‪ ،‬باعتبــاره منهجيــة ربانيــة حكيمــة قــادرة عــى تصحيــح‬
‫ـ�‪.‬‬
‫ت‬ ‫النســانية‪،‬‬‫النســان تجــاه واقعــه ومجتمعــه وعالقاتــه إ‬ ‫نظــرة إ‬
‫ـى ينتمــي إليهــا‬
‫ومــن أبنــاء محافظــة أصعــدة الـ ي‬
‫ـو�‪ ،‬وهــو مــن الرس الهاشــمية المعروفــة‬ ‫ث‬ ‫بالتــال‪ ،‬يمتلــك المعالجــات الســليمة والعمليــة‬ ‫ي‬ ‫وهــو‪،‬‬
‫فالحـ ي‬ ‫أ‬
‫للنهــوض بواقــع المــة مــن االنحطــاط وللتخلــص مــن الظلــم‬
‫ي� اليمــن‪ ،‬ومــن الذيــن انتســبوا إىل حركــة‬
‫أنصــار الحوثيــة منــذ بدايــة ظهورهــا‪.‬‬ ‫نعتــر والدة‬
‫والفســاد واالســتبداد‪ .‬وبنــاء عــى ذلــك‪ ،‬فإننــا ب‬
‫درس ف ي� جامعــة صنعــاء بقســم اللغــة‬ ‫حركــة أنصــار هللا ليســت طبيعيــة وحســب‪ ،‬وإنمــا �ض وريــة‬
‫الداب‪ ،‬وبعــد تخرجــه التحــق‬ ‫العربيــة كليــة آ‬ ‫أيض ـاً كونهــا حركــة تجمــع وال تفــرق وتؤكــد عــى أهميــة دور‬
‫ـت� وتحصــل عليــه‪،‬‬ ‫بال�نامــج التمهيــدي ماجسـ ي‬ ‫ب‬ ‫الشــعوب وقدرتهــا عــى التحــرر مــن االضطهــاد والتخلــص‬
‫ف‬
‫وهــو يشــتغل حاليـاً ي� الديــوان العــام لــوزارة‬ ‫مــن هيمنــة قــوى االســتكبار العالمــي‪.‬‬
‫العــدل مراجعــاً لغويــاً‪.‬‬
‫ن‬
‫دي�؟‬
‫انشــغل بانتمائــه إىل حركــة أنصــار هللا‬ ‫* هل أنصار هللا حركة سياسية أو توجه ي‬
‫الســياس؛ أي أنــه‬
‫ي‬ ‫وبعضويتــه ف ي� المجلــس‬
‫ـى تســهم ف ي� التخطيــط لحركــة‬ ‫ي‬
‫مــن العقــول الـ ت‬ ‫الديــن بمفهومــه القــر ن يآ� هــو عبــارة عــن ســلوكيات‬
‫الحوثيــ�‪ ،‬اســتضيف ف ي� عــدد مــن القنــوات‬ ‫ين‬ ‫وسياســات وأخالقيــات وسياســة واقتصــاد وآداب وزراعــة‬
‫العربيــة والدوليــة متحدثــا باســم المجلــس‬ ‫وغ�هــا؛ فتنظيــم الحيــاة وإســعاد‬
‫ـ� ي‬ ‫وأبحــاث علميــة وقوانـ ي ن‬
‫ومدافعــا عــن الحركــة‪.‬‬ ‫أ‬
‫المــن والمــان للشــعوب المســحوقة‪،‬‬ ‫الب�يــة وإعــادة أ‬‫ش‬
‫ش‬
‫والمعيــ� والتعليمــي‪،‬‬ ‫وتحســ� وضعهــا االقتصــادي‬ ‫ين‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬ ‫‪64‬‬

‫ين‬
‫حســ� بــدر‬ ‫تعاليــم ومــازم المؤســس أ‬
‫الول للحركــة‬ ‫ومحاربــة الفســاد والدفــاع عــن الحقــوق والحريــات كلهــا‬
‫الســامي المقـ تـرح مــن‬ ‫الديــن الحـ ث ف‬
‫ـو� ي� نظــام الحكــم إ‬
‫ي‬ ‫ـياس‬
‫ـاطنا السـ ي‬ ‫مســئوليات دينيــة‪ .‬ومــن هنــا‪ ،‬فإننــا نعتـ بـر نشـ‬
‫أ‬
‫قبلــه‪ ،‬والــذي يتعــارض‪ ،‬بــدوره‪ ،‬مــع أهــداف الجمهوريــة‬ ‫جــزءاً مــن مســئولياتنا الدينيــة إ‬
‫والنســانية والخالقيــة‪.‬‬
‫ودســتورها؟‬
‫ـياس‬ ‫آ‬
‫* لمــاذا لــم تنضــووا‪ ،‬إىل الن‪ ،‬تحــت حــزب سـ ف ي‬
‫بالعكــس‪ ،‬نعتقــد أن ممارســتنا للسياســة هــي مــن وحــي‬ ‫أو تشــكلوا حزبــاً سياســياً تنضــوون تحتــه وتشــاركون ي�‬
‫تعاليــم ومــازم المؤســس الســيد الشــهيد حسـ ي ن‬
‫ـ� بــدر الديــن‬ ‫الســياس مــن خاللــه؟‬ ‫العمــل‬
‫ي‬
‫ـو�‪ ،‬وليســت لدينــا أيــة مشــكلة مــع النظــام الجمهــوري‬ ‫ث‬
‫الحـ ي‬
‫ـ� وال مــع الديمقراطيــة وال‬ ‫وال مــع الدســتور وال مــع القوانـ ي ن‬ ‫أعتقــد أن تشــكيل الحــزب هــو حــق لنــا وليــس واجب ـاً‬
‫مــع التعدديــة وال مــع االنتخابــات‪ ،‬وإنمــا مشــكلتنا هــي مــع‬ ‫الح ـزاب‪.‬‬‫علينــا‪ ،‬وممارســة العمــل الســياس ال تقتــر عــى أ‬
‫ي‬
‫االســتبداد ومــع الظلــم ومــع الفســاد ومــع الهيمنــة الخارجيــة‬ ‫ين‬
‫حســ� بــدر‬ ‫وقــد ســبق أن شــارك الســيد الشــهيد القائــد‪/‬‬
‫ـياس‪ ،‬وقــد قمنــا بتقديــم رؤيتنــا لبنــاء الدولة‬
‫عــى القـرار السـ ي‬ ‫ـو� ف ي� الفـ تـرة الماضيــة ف ي� تأســيس (حــزب الحــق)‪،‬‬ ‫ث‬
‫الديــن الحـ ي‬
‫ن‬
‫إىل مؤتمــر الحــوار الوطـ ي ‪ ،‬أكدنــا فيهــا عــى دولــة المواطنــة‬ ‫ف‬
‫وهــذا لــم يمنــع النظــام الســابق مــن اســتمراره ي� ممارســة‬
‫المتســاوية والعدالــة والحريــة دولــة النظــام والقانــون‪.‬‬ ‫القصــاء والتهميــش‪ ،‬بــل والقمــع والبطــش والتنكيــل بنــا‬ ‫إ‬
‫ف‬ ‫ن‬
‫المخالفــ� لــه ي� التوجــه‬ ‫وبــكل‬
‫ي‬
‫ـياس والفكــري‪ ،‬ولــم تأخــذ لنــا‬ ‫السـ ي‬
‫تلــك التجربــة حق ـاً ولــم تمنــع عنــا‬
‫ف‬
‫و� حــال توافــرت‬ ‫بطش ـاً‪ ،‬واليــوم‪ ،‬ي‬
‫البيئــة الديمقراطيــة المناســبة‬
‫إلنشــاء حــزب‪ ،‬ســنقوم بذلــك؛‬
‫ســياس‬
‫ي‬ ‫ومــع ذلــك لدينــا مجلــس‬
‫معــرف بــه لــدى‬ ‫ونشــاط ســياس ت‬
‫ي‬
‫كل القــوى السياســية ف ي� البلــد‪ ،‬وكنــا‬
‫ـارك� ف ي� ثــورة ‪ 11‬مــن بف�ايــر‬ ‫أول المشـ ي ن‬
‫(شــباط) للعــام ‪2011‬م‪ ،‬وشــاركنا‬
‫العــداد والتحضـ يـر أل بك�‬ ‫ف‬
‫بفعاليــة ي� إ‬
‫تظاهــرة سياســية شــهدها اليمــن‬
‫ف ي� تاريخــه وهــو (مؤتمــر الحــوار‬
‫الوطــن ي ) وشــاركنا فيــه بأكــرث مــن‬
‫وثالثــ� عضــواً‪ ،‬كان للمــرأة‬ ‫ين‬ ‫ثالثــة‬
‫حصــة منهــا‪ ،‬وقــد ناقشــنا فيــه‬
‫كافــة القضايــا الوطنيــة‪ ،‬ســواء مــا‬
‫تعلــق بالقضيــة الجنوبيــة أو قضيــة‬
‫صعــدة أو بنــاء الدولــة اليمنيــة‬
‫الحديثــة أو مقومــات الحكــم‬
‫الرشــيد‪ ،‬ونحــن حاليــاً نشــارك ف ي�‬
‫عمليــة إعــداد وصياغــة الدســتور‬
‫الجديــد‪ ،‬ونقــوم بمواكبــة كافــة‬
‫المســتجدات السياســية‪ ،‬بــل إن‬
‫بكثــر مــن‬
‫أكــر ي‬ ‫الســياس ب‬ ‫ي‬ ‫نشــاطنا‬
‫ســياس آخــر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أي حــزب‬

‫* أال تتعــارض ممارســتكم‬


‫للسياســة مــع مــا جــاء مــن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪65‬‬ ‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬

‫نتفــق ونختلــف بحســب مــا نـراه منســجماً مــع توجهــات القرآن‬ ‫* هنــاك مــن يؤكــد خــروج حركتكــم عــن روح الزيديــة‬
‫ـى تتوافــق مــع الق ـرآن الكريــم‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ع�يــة‪ ،‬مســتدال ً عــى ذلــك ببعــض‬ ‫واق�ابهــا مــن االث ـن ش‬
‫ت‬
‫ف‬ ‫الكريــم والســنة المطهــرة الـ ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬
‫ـ� مورســت ي� عهــد حركتكــم‪،‬‬ ‫ت‬
‫ولكننــا ال نحــب أن تســتغرق أمتنــا ي� الخالفــات الفكريــة‬ ‫الممارســات الطقوس فــية الـ ي‬
‫والمذهبيــة والتاريخيــة؛ ألننــا نســعى ألهــداف كـ بـرى تتعلــق‬ ‫ولكنهــا لــم تمــارس ي� عهــد حكــم الزيديــة لليمــن؟‬
‫المســلم� ومواجهــة أعدائهــم‪ ،‬وليــس ف ي�‬
‫ين‬ ‫بإصــاح حــال‬
‫أولوياتنــا الحديــث عــن الخالفــات التاريخيــة أو الفقهيــة أو‬ ‫الطــاق؛ عــى‬ ‫ال نقــدم أنفســنا كحركــة مذهبيــة عــى إ‬
‫العقائديــة‪ ،‬بقــدر حرصنــا عــى االهتمــام بواقــع المسـ ي ن‬
‫ـلم�‬ ‫الرغــم مــن أن أصــول الحركــة (زيديــة)‪ ،‬لكننــا نعتمــد الثقافــة‬
‫وهيمنــة أمريــكا وإرسائيــل عــى بلداننــا ومقدراتنــا وثرواتنــا‬ ‫القرآنيــة كمنهجيــة شــاملة يمكــن أن يلتقــي حولهــا المســلمون‬
‫وأوطاننــا‪ ،‬وغـ يـر صحيــح أننــا نمــارس طقوس ـاً اث ـن ش‬ ‫ت‬
‫ع�يــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫جميعــاً‪ ،‬وهــذه هــي الرؤيــة المنســجمة مــع إرادة هللا ي‬
‫الــى‬
‫هــي إرادة الرحمــة والخـ يـر للجميــع‪ .‬ونحــن نعتقــد أن الســبب‬
‫غــره مــن‬ ‫* خطابــات قائــد الحركــة وخطابــات ي‬ ‫ين‬
‫المســلم� كان ســبباً ثقافيــاً بامتيــاز‪،‬‬ ‫الرئيــس ف ي� انحطــاط‬
‫أ‬
‫الطــراف الخــرى‬ ‫المنتمــ� إىل الحركــة مشــحونة باتهــام أ‬
‫ين‬ ‫المــة يجــب‬ ‫ولذلــك فــإن أيــة مراجعــة أو أي إصالحــات لواقــع أ‬
‫باالرتهــان لقــوى إقليميــة وأخــرى دوليــة‪ ،‬وخطابــات‬ ‫أن ترتكــز عــى رؤيــة ســليمة‪ .‬وأمــا عالقتنــا بإخواننــا الشــيعة‪،‬‬
‫الطـراف أ‬
‫الخــرى تتهمكــم باالرتهــان إليـران‪ ،‬جالبــة الكثـ يـر‬ ‫أ‬ ‫الســامية‪،‬‬ ‫ف‬
‫فهــي كعالقتنــا بإخواننــا الســنة ي� كل البلــدان إ‬
‫مــن الشــواهد عــى صــدق مــا تقــول‬
‫بــه‪ .‬كيــف لــك أن تثبــت أو تنفــي مــا‬
‫جــاء ف ي� الخطــاب والخطــاب المضــاد‬
‫مــن اتهامــات؟‬

‫هنــاك بعــض القــوى السياســية‬


‫تســعى الســتئصالنا‪ ،‬منهــا بعــض‬
‫(الخــوان‬
‫الصــاح إ‬ ‫قيــادات حــزب إ‬
‫ين‬
‫المســلم�) القبليــة والعســكرية‪،‬‬
‫وهــي بنفســها ال تتنكــر لتلــك‬
‫العالقــات المشــبوهة‪ ،‬وقــد ت‬
‫اعــرف‬
‫البعــض مــن تلــك القيــادات بالدعــم‬
‫الســعودي لمواجهــة مــا أســموه‬
‫(الروافــض)‪ ،‬كمــا أن دعــم قطــر‬
‫(الخــوان) ال يخفــى عــى‬ ‫لجماعــة إ‬
‫أحــد‪ ،‬وكذلــك يعــرف الجميــع عالقــة‬
‫ين‬
‫مريكيــ�‪ ،‬وأعتقــد‬ ‫الطــراف أ‬
‫بال‬ ‫تلــك أ‬
‫أنهــم هــم أنفســهم ال ينكــرون تلــك‬
‫العالقــة الوطيــدة‪ ،‬بــل ويتفاخــرون‬
‫بهــا ف ي� وســائل إعالمهــم‪.‬‬

‫وأمــا بخصــوص عالقتنــا بإي ـران؛‬


‫فهــي اتهامــات كان يســوقها الرئيــس‬
‫عــ� صالــح ف ي� حربــه ضدنــا‬ ‫الســابق ي‬
‫لالســرزاق مــن الســعودية أوالً‪،‬‬ ‫ت‬
‫أ‬
‫وللتقــرب مــن المريكيـ ي ن‬
‫ـ� ثاني ـاً‪ ،‬وعــى‬
‫(الخــوان المســلمون)‬ ‫نهجــه ســار إ‬
‫ف ي� ذلــك؛ ومــع ذلــك لــم يقدمــوا إىل‬
‫اليــوم دليــا ً ماديــاً ملموســاً واحــداً‬
‫يثبــت ذلــك‪ .‬ونحــب أن نوضــح بــأن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬ ‫‪66‬‬

‫ـى ال تجمعنــا بهــم إال الروابــط‬‫ت‬


‫والســامية الـ ي‬
‫الــدول العربيــة إ‬ ‫ـ� ال تتعــدى تأييدنــا لهــا ف ي� مواجهــة الهيمنــة‬‫باليرانيـ ي ن‬
‫عالقتنــا إ‬
‫والســامي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫العــر� إ‬
‫بي‬ ‫الخويــة والهويــة واالنتمــاء‬ ‫المريكيــة وتأييدنــا لمواقفهــا الداعمــة لحــزب هللا وحركــة‬
‫حمــاس وحركــة الجهــاد ف ي� مواجهــة إرسائيــل‪ ،‬وقد قــال جيفري‬
‫ـا� القريــب‪ .‬باعتقــادك! لمــاذا‬ ‫ض‬ ‫مريــ� لشــؤون ش‬ ‫فيلتمــان مســاعد وزيــر الخارجيــة أ‬
‫* إذا مــا عدنــا إىل المـ ي‬ ‫الــرق‬ ‫ي‬ ‫ال‬
‫أ‬
‫شــنت عليكــم الدولــة ســت‬ ‫د� ذات مــرة بــأن (العديــد‬ ‫ال ن‬
‫حــروب‪ ،‬ولمــاذا صنفتــم‬ ‫ش‬
‫والــركاء‬ ‫الصدقــاء‬ ‫مــن أ‬
‫بالمتمرديــن آنــذاك؟‬ ‫حدثونــا عــن تدخــل خارجــي‬
‫حركة أنصار اهلل ال تسعى‬ ‫ين‬
‫الحوثيــ�‪ ،‬وســمعنا‬ ‫لدعــم‬
‫بســبب موقفنــا المناهض‬ ‫نشأت‬ ‫وال‬ ‫مذهب‬ ‫أي‬ ‫إلحياء‬ ‫ن‬
‫عــن نظريــات عــن دعم إيـر يا�‬
‫أ‬
‫للسياســات المريكيــة تجــاه‬ ‫أ‬
‫لهم‪...‬لكــون صادقــا‪ ،‬نحــن‬
‫لمحاربة أي مذهب؛ ألنها ال‬
‫والســامية‪،‬‬
‫شــعوبنا العربيــة إ‬ ‫تؤمن أص ً‬ ‫ال نملــك مصــادر مســتقلة‬
‫ت‬ ‫ال بالمذهبية‬
‫والــى تتحــرك تحــت مســمى‬ ‫ي‬ ‫عــن أي مــن هــذا)‪ ،‬وال يهمنــا‬
‫الحــرب عــى إالرهــاب‪ ،‬وهــي‬ ‫هــذا االعـ تـراف بقــدر مــا نريد‬
‫مــن صنعــت تلــك العنــارص‬ ‫أن نستشــهد بــه عــى مــن‬
‫التكف�يــة ودعمتهــا ومولتهــا‬ ‫ي‬ ‫يصدقــون أمريــكا‪ ،‬وهنــا‬
‫ن‬
‫ـلم� تحــت مســمى‬ ‫ـر� وخططــت لهــذه الحــرب عــى إالســام والمسـ ي‬ ‫نحــب أن نوضــح أن عالقتنــا بإيـران كعالقتنــا بالمغــرب العـ ب ي‬
‫ن‬
‫حســ� بــدر الديــن‬
‫ي‬ ‫إالرهــاب؛ فعندمــا تحــرك الســيد الشــهيد‬ ‫وغ�هــا مــن‬‫وحــى الســعودية وقطــر ي‬ ‫ت‬ ‫وبالجزائــر وســوريا‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪67‬‬ ‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬

‫فليطلبــوا مــن دول الجــوار القيــام بذلــك؛ ألنــه ‪ -‬كمــا يقــول ‪-‬‬
‫ســبتم� (أيلــول) وقــام بمهمــة‬
‫ب‬ ‫الحــو� بعــد أحــداث ‪ 11‬مــن‬‫ي‬
‫ث‬
‫يقــوم بالحــرب بالنيابــة عنهــم‪ ،‬كذلــك رصح لقنــاة العربيــة بــأن‬
‫كشــف تلــك السياســات االســتعمارية وأهميــة مواجهــة تلــك‬
‫ـ� لشــعار المــوت‬ ‫حــروب صعــدة كانــت بســبب ترديــد الحوثيـ ي ن‬
‫التدم�يــة واالســتعمارية قامــت الســلطة‬ ‫المخططــات أ‬
‫المريكيــة‬
‫ي‬
‫ألمريــكا المــوت إلرسائيــل‪.‬‬
‫ـ� لمحاربتــه تحــت ذرائــع مختلفــة تـ بـرر‬ ‫بالنيابــة عــن أ‬
‫المريكيـ ي ن‬
‫حربهــا وعدوانهــا منهــا التمــرد‬
‫* شــعاراتكم مليئــة‬ ‫عــى الدولــة وادعائــه إالمامــة‬
‫للخــر‬‫بالكــره والعــداء آ‬ ‫ت‬
‫الــى‬
‫ليس في أولوياتنا الحديث عن‬ ‫المــررات ي‬ ‫وغ�هــا مــن ب‬ ‫ي‬
‫إرسائيــل‪،‬‬ ‫(أمريــكا‪،‬‬ ‫اكتشــف الشــعب‪ ،‬فيمــا بعــد‪،‬‬
‫اليهــود)؛ فــإذا كانــت هــذه‬ ‫الخالفات التاريخية أو الفقهية‬ ‫أنهــا لــم تكــن ســوى سياســة‬
‫العدائيــة والكــره مـ بـررة بــأي‬ ‫أو العقائدية‪ ،‬وإنما االهتمام‬ ‫تضليليــة بغــرض الحصــول‬
‫وجــه مــن الوجــوه‪ ،‬فكيــف‬ ‫بواقع المسلمين وهيمنة‬ ‫المحــ�؛‬
‫ي‬ ‫عــى الــرأي العــام‬
‫يمكــن تفسـ يـر طــرد اليهــود‬ ‫وقــد اعـ تـرف الرئيــس الســابق‬
‫مــن مناطــق مختلفــة‬ ‫أمريكا وإسرائيل على بلداننا‬ ‫عــ� صالــح‪ ،‬حســب وثائــق‬ ‫ي‬
‫ف ي� صعــدة؛ مــع أنهــم‬ ‫ومقدراتنا وثرواتنا وأوطاننا‬ ‫ويكيلكــس‪ ،‬ف ي� رســالة وجههــا‬
‫أهــل ذمــة ولــم يحدثــوا‬ ‫ين‬
‫مريكيــ� يقــول فيهــا بــأن‬ ‫أ‬
‫لل‬
‫مــا يدعــو لطردهــم‪،‬‬ ‫عليهــم أن يســتمروا ف ي� دعمــه‪،‬‬
‫تفســر‬
‫ي‬ ‫وكيــف يمكــن‬ ‫وإذا لــم يســتطيعوا ذلــك‬
‫تزامــن ض�بــات الطائــرات‬
‫أ‬
‫المريكيــة لتنظيــم القاعــدة ف ي� رداع والبيضــاء مــع تحرككــم‬
‫ـدا� ضــد هــذا التنظيــم ف ي� تلــك المناطــق بالــذات؟‬ ‫ن‬
‫الميـ ي‬

‫المريكيــة عــى‬ ‫ال يخفــى عــى أحــد مــا تمارســه الدارة أ‬


‫إ‬
‫والســامية‪ ،‬وحـ تـى شــعوب العالــم كلهــا‬ ‫الشــعوب العربيــة إ‬
‫تعــا� مــن سياســاتها االســتحواذية واالســتعمارية‪ ،‬وتعــا�ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫مــن هيمنتهــا وطغيانهــا‪ ،‬وأمريــكا هــي مــن تقــف وراء الغــدة‬
‫الســامية (إرسائيــل)‪ ،‬وهــي وراء ما‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫الرسطانيــة ي� جســد المــة إ‬
‫وغ�هــا‪،‬‬ ‫تمارســه إرسائيــل ضــد إخواننــا ف� فلسـ ي ن‬
‫ـط� ولبنــان ي‬ ‫ي‬
‫أكــر ‪ -‬المــوت ألمريــكا ‪ -‬المــوت‬ ‫ونحــن نرفــع شــعار (هللا ب‬
‫للســام)‪ ،‬ونع ـن‬
‫إلرسائيــل ‪ -‬اللعنــة عــى اليهــود – النــر إ‬
‫ي‬ ‫مــوت السياســة أ‬
‫المريكيــة ومــوت سياســات المــوت الــىت‬
‫ي‬
‫الــى تنتهجهــا أمريــكا‬ ‫والســامية ت‬ ‫تســتهدف أمتنــا العربيــة إ‬
‫وإرسائيــل وقــوى االســتكبار العالمــي‪ ،‬وه يــو شــعار ينمــي �ف‬
‫ّ ي‬
‫نفــوس المجتمــع مشــاعر الســخط تجــاه تلــك السياســات‬
‫الم�وعــة‪،‬‬ ‫العدائيــة‪ ،‬ويحفزنــا عــى مواجهتهــا بــكل الوســائل ش‬
‫والرسائيليــة‪،‬‬ ‫أ‬
‫وكذلــك نقــوم بمقاطعــة البضائــع المريكيــة إ‬
‫بالضافــة إىل‬ ‫ف‬
‫باعتبارهــا خطــوة مؤثــرة وفعالــة ي� العــدو‪ ،‬إ‬
‫كونهــا عمـا ً محفـزاً لنــا لالعتمــاد عــى أنفســنا ف ي� بنــاء اقتصــاد‬
‫الخريــن‪ ،‬ونحــرر أنفســنا مــن التبعيــة‬ ‫قــوي نســتغ�ن بــه عــن آ‬
‫ي‬
‫أليــة قــوة اقتصاديــة أو سياســية أخــرى‪.‬‬

‫وأمــا مــا ذكرتــه بشــأن اليهــود ف ي� منطقــة آل ســالم ف ي�‬


‫صعــدة؛ فلســنا نحــن مــن قمنــا بطردهــم‪ ،‬ولكنهــا حصلــت‬
‫ـ� ف ي� المنطقــة‪ ،‬ووقعــت بينهم‬ ‫ـ� المواطنـ ي ن‬
‫مشــاكل بينهــم وبـ ي ن‬
‫اتفاقــات عنــد المشــايخ والعلمــاء‪ ،‬وهــي موثقــة‪ ،‬انتهــت ف ي�‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬ ‫‪68‬‬

‫أراضينــا؛ حـ تـى لــو كانــت تســتهدف مــا يســمى بـــ (القاعــدة)‪،‬‬ ‫آخــر المطــاف إىل اســتغالل الدولــة للمشــكلة‪ ،‬وقامــت هــي‬
‫كمــا أننــا نعتـ بـر (القاعــدة) صناعــة أمريكيــة‪ ،‬وهــي مــن تحركهــا‬ ‫بنقلهــم إىل مدينــة صعــدة ومــن بعدهــا إىل صنعــاء؛ لتجعــل‬
‫الخرى‪.‬‬‫لت�يــر تدخالتهــا‪ ،‬وهــي وســيلتها للهيمنــة عــى البلــدان أ‬ ‫منهــا ذريعــة جديــدة لمواجهتنــا‪ ،‬وفعـا ً شــنت بعدهــا ضدنــا‬
‫ب‬
‫الحــرب الرابعــة؛ فمشــكلتهم كانــت مــع أبنــاء تلــك المناطــق‬
‫* تتحدثــون عــن مـ شـروع دولــة مدنيــة حديثــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫وال مانــع لدينــا نحــن مــن عودتهــم‪ ،‬وهــم اليــوم متواجــدون‬
‫المامــة ف ي� الحكــم عندكــم‪ ،‬ثــم مــا‬
‫يتعــارض مــع معتقــد إ‬ ‫ف ي� صنعــاء وال يمســهم أحــد منــا بســوء‪.‬‬
‫هــي معالــم هــذا المـ شـروع‪ ،‬إن كانــت لــه معالــم؟‬
‫وأمــا بخصــوص ال�ض بــات أ‬
‫المريكيــة لمــا يســمى بالقاعــدة‬
‫تقدمنــا برؤيتنــا للدولــة المدنيــة الحديثــة إىل مؤتمــر‬ ‫ف� رداع والبيضــاء ت ز‬
‫بال�امــن مــع مواجهتنــا لهــا؛ فليســت ســوى‬
‫الحــوار الوطــن تقــوم ف� هويتهــا عــى آ‬
‫ال ت ي�‪ :‬اليمــن دولــة‬ ‫الوراق وتضليــل ال ـرأي‬ ‫يإشــاعات إعالميــة الغــرض منهــا خلــط أ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫العــام‪ ،‬ونحــن نرفــض أصــا كل ال�ض بــات أ‬
‫مدنيــة اتحاديــة مســتقلة ذات ســيادة وال يجــوز التنــازل‬ ‫المريكيــة داخــل‬ ‫ً‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪69‬‬ ‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬

‫الســياس‬
‫ي‬ ‫جريمــة يعاقــب عليهــا القانــون ويقــوم النظــام‬ ‫عــن أي جــزء مــن أراضيهــا‪ ،‬وتســمى رســميا جمهوريــة اليمــن‬
‫ـ� الســلطات والتعدديــة‬‫للدولــة عــى أســاس مبــدأ الفصــل بـ ي ن‬ ‫الســام ديــن الشــعب واللغــة العربيــة هــي‬ ‫االتحاديــة‪ ،‬وأن إ‬
‫السياســية والحزبيــة بهــدف تــداول الســلطة ســلمياً‪ ،‬ومــع‬ ‫اللغــة الرســمية ف ي� الجمهوريــة‪ ،‬والشــعب اليمـ ي جــزء ال يتجزأ‬
‫ن‬
‫الحــكام الســابقة تؤكــد الدولــة العمــل بميثــاق أ‬
‫مراعــاة أ‬ ‫والســامية‪ ،‬وأن الشــعب مالــك الســلطة‬ ‫مــن أ‬
‫المتـ ي ن‬
‫المــم‬ ‫ـ� العربيــة إ‬
‫والعــان العالمــي‬
‫المتحــدة وميثــاق جامعــة الــدول العربيــة‪ ،‬إ‬ ‫مبــا� عــن طريــق االســتفتاء‬‫ومصدرهــا‪ ،‬ويمارســها بشــكل ش‬
‫ت‬
‫الــدول المعــرف بهــا‬ ‫النســان‪ ،‬وقواعــد القانــون‬ ‫لحقــوق إ‬ ‫ـا�ة عــن‬‫واالنتخابــات العامــة‪ ،‬كمــا يزاولهــا بصــورة غـ يـر مبـ ش‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫بصــورة عامــة‪ ،‬والمقــام هنــا ال يســمح بالتفاصيــل الخــرى‪.‬‬ ‫تل�م‬‫الت�يعيــة والتنفيذيــة والقضائيــة‪ ،‬وأن ت ز‬‫طريــق الهيئــات ش‬
‫ســلطات الدولــة الممثلــة للشــعب بمــا يصــدر عنهــا مــن‬
‫اللهــي بنرصكــم‪ .‬كيــف‬ ‫* بعيــداً عــن حديــث المــد إ‬ ‫الســام‪ ،‬وأن جميــع المذاهــب‬ ‫شت�يعــات وسياســات بثوابــت إ‬
‫لمحافظــ� عمــران وصنعــاء‪ ،‬ومــا‬ ‫ت‬ ‫تفــر يل إســقاطكم‬ ‫الســامية معتـ بـرة وحــق التعبــد بهــا مكفــول‪ ،‬ويعتـ بـر النيــل‬ ‫إ‬
‫ي‬
‫بم�راتكــم لفعــل ذلــك‪ ،‬وهــل تنكــرون تواطــؤ النظــام‬ ‫التحقــر‬
‫ي‬ ‫بالتكفــر أو‬
‫ي‬ ‫مــن أي مســلم أو مذهــب أو طائفــة‬
‫ومؤسســ� الجيــش‬ ‫ت‬ ‫القديــم‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫والمــن ومؤسســة الرئاســة‬
‫القليميــة والدوليــة‬ ‫والقــوى إ‬
‫معكــم‪ ،‬وتســهيل دخولكــم‬
‫ـ� وتمددكــم ف ي�‬ ‫ـ� المدينتـ ي ن‬ ‫هاتـ ي ن‬
‫أ‬
‫بــا� المــدن؛ لن مصالحكــم‬ ‫ق‬
‫ي‬
‫مــع مصالحهــم تقاطعــت‪،‬‬
‫ـ� ت ـرض ب‬ ‫ت‬
‫وكنتــم أنتــم اليــد الـ ي‬
‫الــ� تريــد‬ ‫بهــا كل القــوى ت‬
‫ي‬
‫ض�بهــا؟‬

‫الحديــث عــن دخولنــا عمران‬


‫وغ�هــا مــن المحافظات‬ ‫وصنعــاء ي‬
‫وغــر موضوعــي؛‬ ‫ي‬ ‫غــر دقيــق‬ ‫ي‬
‫ألننــا أصــا ً متواجــدون ي� كل‬
‫ف‬
‫المحافظــات اليمنيــة تقريبــاً‪،‬‬
‫والجماهــري‬
‫ي‬ ‫الشــع�‬
‫بي‬ ‫وحضورنــا‬
‫الــى يقــال بأننــا‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ي� المحافظــات ي‬
‫دخلناهــا أكـ بـر بكثـ يـر مــن أيــة قــوة‬
‫سياســية أخــرى‪ ،‬ومــا حصــل ف ي�‬
‫محافظــة عمـران وأمانــة العاصمة‬
‫كان دفاعــاً عــن النفــس أمــام‬
‫التكف�يــة‬
‫ي‬ ‫اعتــداءات العنــارص‬
‫ولعــ�‬
‫ي‬ ‫الصــاح‬ ‫التابعــة لحــزب إ‬
‫الحمــر ولقــوى الفســاد‬ ‫محســن أ‬
‫الــى قامــت‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫والنفــوذ ي� البــاد ي‬
‫باالعتــداء عــى شــباب الثــورة‬
‫الســلمي� المتواجديــن ف ي�‬ ‫ين‬
‫ف‬
‫مخيمــات االعتصــام ي� تلــك‬
‫المناطــق‪ .‬وأمــا مــا يتصــل بدعمنــا‬
‫ـى ذكرتهــا؛‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫مــن تلــك الط ـراف الـ ي‬
‫الطالق‪،‬‬ ‫فهــذا غـ يـر صحيــح عــى إ‬
‫وهــي مجــرد إشــاعات تطلقهــا‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬ ‫‪70‬‬

‫* مــاذا لــو اكتشــفتم أنكــم ضحيــة لمخططــات‬ ‫ـى تواجهنــا؛ ألنهــا اعتــادت عــى تلقــي الدعــم‬ ‫ت‬
‫نفــس القــوى الـ ي‬
‫داخليــة وخارجيــة‪ ،‬وأن مــا صنعتمــوه أجــج لــدى النــاس‬ ‫مــن هنــا وهنــاك لمواجهتنــا‪ ،‬وهــي تســقط ســلوكياتها عــى‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫مص�كــم‪،‬‬
‫كراهيــة مفرطــة لكــم؟ كيــف‪ ،‬يــا تُــرى‪ ،‬ســيكون ي‬ ‫الخريــن‪ ،‬ومــا حــدث كان العكــس تمامـاً؛ فتلــك الطـراف ي‬
‫ال�‬
‫وهــل رتبتــم لمثــل هــذا االحتمــال؟‬ ‫ذكرتهــا‪ ،‬وقفــت ضدنــا طــوال الفـ تـرة الماضيــة بشــكل عل ـن ي ‪،‬‬
‫الخـ يـرة واضحــة ومعلنــة للجميــع‪.‬‬ ‫الحــداث أ‬ ‫ومواقفهــا خــال أ‬
‫نعتقــد أن المطالبــة بحقــوق النــاس ومكافحــة الفســاد‬
‫وحمايــة المصالــح العامــة والممتلــكات الخاصــة والســعي‬ ‫* تتمــددون ف ي� طــول البــاد وعرضهــا؛ بالرغــم مــن‬
‫لتأمــ� النــاس وتحريــر البــاد مــن الوصايــة الخارجيــة هــو‬‫ين‬ ‫توقيعكــم عــى اتفاقيــة الســلم ش‬
‫وال�اكــة وبــدء رسيانهــا‪،‬‬
‫الســبيل الــذي يرضــاه هللا للنــاس‪ ،‬وهــو مــا يحلــم بــه جميــع‬ ‫وليــس هنــاك مــن مـ بـرر مفهــوم لذلــك‪ ،‬كمــا يقــال‪ ،‬ســوى‬
‫بمص�نــا‪ ،‬فــإن هللا يقــول (العاقبــة‬
‫ي‬ ‫النــاس‪ .‬وأمــا مــا يتعلــق‬ ‫الــراب الوطــن ي ‪،‬‬
‫الســعي إىل بســط نفوذكــم عــى كامــل ت‬
‫ين‬
‫للمتقــ�)‪.‬‬ ‫اللهــي المهــدر‪ .‬أيمكنــك أن‬
‫وإعــادة مــا تســمونه بالحــق إ‬
‫تقــول بغـ يـر مــا قدمنــاه؟‬
‫ـياس وبعــدم‬
‫ي‬ ‫* تتهمــون بتصلــب ف ي� الــرأي السـ‬
‫المرونــة‪ ،‬وهــذا هــو مــا حمــل البعــض ألن‬ ‫ســبتم�‬
‫ب‬ ‫ض‬
‫المتــررة مــن ثــورة ‪21‬‬ ‫ال شــك أن القــوى‬
‫يصموكــم بالجهــل ف ي�‬ ‫(أيلــول) ‪ ،2014‬حاولــت‬
‫أمــور السياســة؟‬ ‫الفــو�؛‬‫ض‬ ‫إســقاط البــاد ف ي�‬
‫إن عالقتنا بإيران؛ هي اتهامات‬ ‫المــن‬ ‫فعملــت عــى تقويــض أ‬
‫غــر صحيــح؛‬ ‫هــذا ي‬ ‫كان يسوقها الرئيس السابق‬ ‫واالســتقرار مســتغلة االنهيــار‬
‫ت‬
‫فهنــاك أرضيــة مشــركة‬ ‫الحاصــل ف ي� مؤسســات‬
‫بــ� الجميــع نتحــاور عــى‬ ‫ين‬ ‫علي صالح في حربه ضدنا‬ ‫واالنقســامات‬ ‫الدولــة‬
‫آ‬
‫أساســها مــع الخريــن‪،‬‬ ‫ً‬
‫لالسترزاق من السعودية أوال‪،‬‬ ‫الحاصلــة ي� مؤسســاتها‬‫ف‬
‫وهــي الثوابــت الوطنيــة‬ ‫والعســكرية‪،‬‬ ‫المنيــة‬‫أ‬
‫ن‬
‫ثانيًا‬ ‫األمريكيين‬ ‫من‬ ‫وللتقرب‬
‫ومخرجــات الحــوار الوط ـ ي‬ ‫فقامــت بتحريــك العنــارص‬
‫ش‬
‫واتفاقيــة الســلم وال�اكــة‪،‬‬ ‫المســماة‬ ‫الجراميــة‬ ‫إ‬
‫ز‬ ‫ت‬
‫ونؤكــد عــى االلــ�ام بتلــك‬ ‫ف‬
‫(القاعــدة) ي� العاصمــة‬
‫ت‬
‫القواســم المشــركة لحــل‬ ‫و� محافظــة إب‬ ‫صنعــاء ف‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫وغ�هــا مــن المحافظــات‪ ،‬بهــدف إشــاعة القضايــا الجزئيــة الخالفيــة‪ ،‬ونحــن أكــرث الطــراف تنــازال ً‬ ‫وتعــز والحديــدة‪ ،‬ي‬
‫أ‬ ‫رث‬
‫الفــو� والعبــث بأمــن واســتقرار البلــد‪ ،‬إال أن المخطــط فيمــا يتعلــق بحقوقنــا وأكـ الطـراف تشــدداً فيمــا يتعلــق‬ ‫ض‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫رسعــان مــا انكشــف للنــاس جميعــاً‪ ،‬فمــا حــدث ي� منطقــة بالمــن واالســتقرار ومكافحــة الفســاد‪ ،‬وتحقيــق مطالــب‬
‫ـى خرجــوا مــن أجلهــا ف ي� ســاحات الثــورة‬ ‫ت‬ ‫ش‬
‫جبــل راس أبالحديــدة‪ ،‬وقيــام تلــك العنــارص بقتــل ع�يــن الشــعب العامــة الـ ي‬
‫مــن أفـراد المــن فيهــا‪ ،‬والســيطرة عليهــا‪ ،‬وكذلــك قيــام تلــك ابتــداء بثــورة ‪ 11‬مــن بف�ايــر (شــباط)‪ 2011‬م‪ ،‬وانتهــاء بثــورة‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪2014‬م‪ ،‬ولعــل تنازلنــا بحصتنــا ف ي�‬ ‫ف‬
‫العنــارص بالســيطرة عــى منطقــة العديــن ي� إب‪ ،‬ومنطقــة ‪ 21‬مــن سـ ب‬
‫ـ� الحكومــة‪ ،‬وهــي ســت وزارات مهمــة منهــا النفــط والكهربــاء‬ ‫المنـ ي ن‬ ‫رداع ف� البيضــاء‪ ،‬والتفجــرات االنتحاريــة الـ تـى تقتــل آ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫خــر شــاهد عــى‬ ‫ن‬ ‫رث‬ ‫ف‬
‫الجنوبيــ� ي‬
‫ي‬ ‫والخدمــة المدنيــة إلخواننــا‬ ‫هنــا وهنــاك‪ ،‬ونهبهــا للبنــوك وللمؤسســات الحكوميــة ي� أكـ‬
‫مــن منطقــة خـ يـر شــاهد عــى ذلــك؛ فــكان لزامـاً عــى اللجــان ذلــك‪.‬‬
‫الشــعبية أن تقــوم بمواجهــة تلــك العنــارص التخريبيــة‪ ،‬وأن‬
‫كثــراً؛ فهــل هــذا‬ ‫مســرتكم ي‬ ‫ي‬ ‫* تقدســون قائــد‬ ‫تعمــل عــى تحريــر تلــك المناطــق وتأمينهــا وحفــظ المصالــح‬
‫ـ� ترونهــا حكيمــة وشــجاعة‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫فالعامــة والممتلــكات الخاصــة‪ ،‬وحـ يـ� تقــوم الدولــة بواجباتهــا التقديــس نابــع مــن مواقفــه الـ ي‬
‫ـ� تقــول بـرض ورة وجــود قائــد أو إمام‬ ‫ت‬
‫ي� تأمـ يـ� النــاس وحفــظ ممتلكاتهــم ورعايــة مصالحهــم؛ فلـ فـن أو مــن عقيدتكــم الـ ي‬
‫ن‬
‫تكــون هنــاك أيــة �ض ورة للجــان الشــعبية‪ ،‬وهــذا كل مــا ي� يجــب عــى النــاس اتباعــه واهتداؤهــم بهديــه؟‬
‫مســاع للســيطرة عــى البــاد وال‬ ‫المــر‪ ،‬وليــس هنــاك أيــة‬ ‫أ‬
‫ض‬ ‫ٍ‬
‫اســتعادة الحــق اللهــي أو غــر ذلــك مــن أ‬
‫بالــرورة وجــود قائــد‬ ‫يســتدعي وجــود المنهجيــة‬ ‫الــى‬ ‫الكاذيــب ت‬ ‫ي‬ ‫إ‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫ـى رفضهــا الشــعب يعكســها ي� سياســاته ومواقفــه وتوجهاتــه‪ ،‬وهــذا مــا ينطبــق‬ ‫ت‬
‫تشــيعها ف وتــروج لهــا القــوى الفاســدة الـ ي‬
‫الحــو� الــذي‬‫ث‬ ‫تمامــاً عــى الســيد عبــد الملــك بــدر الديــن‬ ‫وخــرج ي� ثورتــه عليهــا‪.‬‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪71‬‬ ‫السياس لحركة أنصار هللا فضل أبو طالب‬
‫ي‬ ‫مع عضو المجلس‬

‫* هــل يمكــن أن نطلــق عــى مــا حصــل مؤخ ـرا بأنــه‬ ‫كبــر ليــس‪ ،‬فقــط‪ ،‬مــن قبــل أنصــار هللا‬‫باحــرام ي‬‫ت‬ ‫يحظــى‬
‫انقــاب مــن قبلكــم عــى الســلطة؟‬ ‫المخالفــ�ن‬
‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫اليمنيــ�؛ حــى‬
‫ي‬ ‫وإنمــا‪ ،‬أيضــاً‪ ،‬مــن قبــل أغلــب‬
‫لنــا ف ي� الــرأي والموقــف‪ ،‬ال يخفــون مثــل تلــك المشــاعر‬
‫الطــاق‪ ،‬وإنمــا كانت‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الزمــة الخـ يـرة ليســت انقالبــا عىل إ‬ ‫واالنطباعــات عنــه‪ ،‬وهــذا بســبب سياســاته الحكيمــة ومواقفــه‬
‫ـى بــدأت نتيجــة‬ ‫ت‬
‫العمليــة السياســية‪ ،‬والـ ي‬ ‫نتيجــة االنســداد ف ي�‬ ‫الوطنيــة وأخالقــه الكريمــة والنبيلــة‪ ،‬إضافــة إىل أنــه يمثــل‬
‫وال�اكــة‪،‬‬ ‫التجــاوزات والمخالفــات ف ي� تنفيــذ اتفاقيــة الســلم ش‬ ‫قائــداً للمسـ يـرة القرآنيــة بمــا تحظــى بــه مــن تقديــس وتبجيــل‬
‫خاصــة فيمــا يتعلــق شب�اكــة أنصــار هللا ف ي� مؤسســات وأجهــزة‬ ‫كب�يــن‪.‬‬‫ي‬
‫بالضافة‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الدولــة أســوة بالطـراف السياســية الخــرى ي� البلــد‪ ،‬إ‬
‫الرصار عــى عــدم تصحيــح االختــاالت الحاصلــة ف ي�‬ ‫* ممــا يحســب عــى حركتكــم أنهــا تمــارس التضليــل إىل إ‬
‫ـال�اف والرقابــة والمتابعــة عــى‬ ‫ش‬ ‫العالمــي بتصنيفهــا لكثـ يـر مــن القــوى السياســية والقــوى الهيئــة الوطنيــة المعنيــة بـ إ‬ ‫إ‬
‫ن‬
‫ـ� تقــف ضــد م�وعهــا بالدواعــش؛ حــى وإن مخرجــات الحــوار الوطــ ي ‪ ،‬وكذلــك إرصار الســلطة عــى‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ت‬
‫ف‬ ‫آ‬ ‫القبليــة الـ ي‬
‫لــم يكونــوا كذلــك‪ .‬لمــاذا شــيطنة الخــر المناهــض لكــم إدراج قــرار الســتة أقاليــم ي� مســودة الدســتور قبــل إعــادة‬
‫النظــر فيــه‪ ،‬عــى الرغــم مــن اتفــاق القــوى السياســية عــى‬ ‫إىل هــذا الحــد؟‬
‫أ‬
‫ورة إعــادة النظــر ي� قـرار القاليــم وفــق مخرجــات الحــوار‬ ‫ف‬ ‫�ض‬
‫الوطــن ي ‪ ،‬وكذلــك لــم تجــر‬ ‫ال تســمح لنــا أخالقنــا‬
‫الســلطة أيــة ترتيبــات إداريــة‬ ‫بممارســة التضليــل عــى‬
‫ف‬
‫وأمنيــة وعســكرية ي� محافظة‬ ‫ليس من مصلحتنا تكثير‬ ‫أحــد‪ ،‬كمــا أنــه ليــس‬
‫مــأرب وفــق مــا نصــت عليــه‬ ‫(الدواعش) في اليمن ولو‬ ‫تكثــر‬
‫ي‬ ‫مــن مصلحتنــا‬
‫ش‬
‫وثيقــة الســلم وال�اكــة‪،‬‬ ‫(الدواعــش) ف ي� اليمــن‬
‫وغ�هــا مــن التجــاوزات‪ .‬كل‬ ‫ي‬ ‫حتى على المستوى اإلعالمي‪،‬‬ ‫حــى عــى المســتوى‬ ‫ولــو ت‬
‫ذلــك يؤكــد أن الســلطة كانــت‬ ‫والجميع يدرك أن من يحاربنا‬ ‫العالمــي‪ ،‬والجميــع يــدرك‬ ‫إ‬
‫ف‬ ‫عــ�‬
‫ماضيــة ي� خياراتهــا خــارج‬ ‫هو علي محسن األحمر‬ ‫يحاربنــا هــو ي‬ ‫أ‬
‫أن مــن‬
‫ن‬
‫إطــار التوافــق الوطــ ي ‪،‬‬ ‫محســن الحمــر الــذي‬
‫وخــارج إطــار االتفاقيــات‬ ‫خــرج الشــعب إلســقاطه‬
‫الموقعــة مــن الجميــع‪،‬‬ ‫التكف�يــة‬
‫ي‬ ‫وكذلــك العنــارص‬
‫ممــا نجــم عنــه توقيــف‬ ‫الممولــة مــن قبــل أطــراف‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫إقليميــة ودوليــة تقــوم بدعــم وتمويــل الدواعــش ي� اللجــان الشــعبية لحمــد بــن مبــارك‪ ،‬مديــر مكتــب الرئاســة‬
‫الف ـراج عنــه بعــد عــدة أيــام ‪ -‬بهــدف الضغــط‬ ‫المنطقــة كلهــا‪ ،‬وهــي معروفــة‪ .‬وعــى كل حــال‪ ،‬فــإن هــذه ‪ -‬وقــد تــم إ‬
‫القــوى فاســدة ومنبــوذة مــن قبــل أغلــب ش�ائــح المجتمــع لتصحيــح مســار العمليــة السياســية‪ ،‬وممــا أدى إىل تصعيــد‬
‫ـى اعتــدت عــى‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اليمــن ي ‪.‬‬
‫ـدا� متبــادل بـ يـ� حراســة الرئيــس هــادي الـ ي‬ ‫ميـ ي‬
‫وبــ� اللجــان الشــعبية‬ ‫عــدد مــن أفــراد اللجــان الشــعبية‪ ،‬ي ن‬
‫أ‬
‫الــى تــر عــى حقهــا ف ي� دمجهــا ف ي� المؤسســات المنيــة‬ ‫ت‬ ‫ـع� واســع مــن قبــل قطــاع كبـ يـر‬
‫ي‬ ‫* تقابلــون برفــض شـ ب ي‬
‫مــن أفـراد المجتمــع اليمـن ي ‪ .‬كيــف تغالبــون هــذا الشــعور والعســكرية الرســمية وفــق الــروط القانونيــة حســب اتفاقيــة‬
‫ش‬
‫وال�اكــة‪ .‬وبعدهــا حصلــت لقــاءات ومشــاورات‬ ‫الســلم ش‬ ‫وكيــف تتغلبــون عليــه؟‬
‫أ‬
‫سياســية مــع الرئيــس هــادي والمكونــات الخــرى‪ ،‬واتفــق‬
‫ـا� الحقيقــة والواقــع؛ فقــد الجميــع عــى �ض ورة قيــام الرئيــس بخطــوات فوريــة تحقــق‬ ‫هــذا كالم غــر صحيــح ويجـ ف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ش‬ ‫ف‬
‫كان أنصــار هللا أفــراداً ي� جبــال مــران ي� محافظــة صعــدة‪ ،‬ال�اكــة؛ لكننــا تفاجأنــا باســتقالته واســتقالة رئيــس الحكومــة‪،‬‬ ‫ف‬
‫ـ� ف ي� مظاهراتهــم وهــذا و ّلــد فراغ ـاً ف ي� الســلطة‪ ،‬ممــا دفــع بالقــوى السياســية‬ ‫واليــوم تخــرج جماهـ يـر أنصــار هللا بالماليـ ي ن‬
‫أ‬
‫الثوريــة ف ي� صعــدة وصنعــاء وحجــة وذمــار وإب وتعــز إىل الدخــول ي� المشــاورات برعايــة المبعــوث الممــي لليمــن‪،‬‬
‫ف‬
‫و� يغ�هــا الســيد جمــال بــن عمــر‪.‬‬ ‫ف‬
‫والضالــع والبيضــاء والحديــدة والجــوف ومــأرب‪ ،‬ي‬
‫كب�ة وواســعة‬ ‫مــن المحافظــات والمناطــق اليمنيــة‪ ،‬وبشــعبية ي‬
‫وبعــد نقاشــات طويلــة‪ ،‬توصلــت القــوى السياســية‬ ‫ـياس آخــر ف ي� البلــد‪ ،‬وهــذا يكفــي‬‫ال يحظــى بهــا أي طــرف سـ ي‬
‫إىل خيــار تشــكيل مجلــس رئــاس لتغطيــة الف ـراغ القائــم �ف‬ ‫فيمــا أعتقــد لدحــض تلــك المزاعــم‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الســلطة ولقيــادة المرحلــة االنتقاليــة المقبلــة ‪..‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬ ‫‪72‬‬

‫الباحث اليمني عبد السالم عبد‬


‫الخالق الربيدي لـ «ذوات»‪:‬‬
‫الحوثيون يمارسون الهيمنة على اليمن‬
‫بقوة السالح‬
‫حاوره‪ :‬محمد مرشد الكميم‬

‫أن تبحث عن وجه آخر لـ (أنصار اهلل) الحوثيين غير الذي قدموه لنا‪ ،‬معناه أن تبحث عن معارضين‬
‫لهم تفر من أفواههم بعض الكلمات التي ال ترضي القارئ الباحث عن الحقيقة‪ ،‬ولكي تجد‬
‫المعارض الذي يهد األسوار اإلعالمية والدينية والفكرية التي يتخفون وراءها دون أن يتخلى عن‬
‫أخالقيات المعارض النبيل والمفكر الموضوعي والسياسي الذي يقفز على كل الوالءات سوى‬
‫الوالء للوطن‪ ،‬فلن يتحقق لك ذلك‪ ،‬إال إذا أسعفك الحظ بلقاء شخصية كشخصية األستاذ الباحث‬
‫عبد السالم عبد الخالق الربيدي الذي يقف من كل األطراف على مسافة واحدة وكأنه ينتمي إليها‬
‫كلها‪ ،‬ولكنه قادر على مراقبتها ونقدها من الداخل والخارج‪ .‬وهذا األمر لم يكن ليتحقق ألحد‪،‬‬
‫إن لم يكن قد عاش تجربة األستاذ الباحث عبد السالم الربيدي الذي انفتح بمعارفه السياسية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية والثقافية واللغوية على تجارب دول أوروبية مختلفة‪ ،‬مكنته من أن‬
‫يكون تلك الشخصية القادرة على تكشف المناطق التي لم يقلب فيها جسد الوطن على جمر‬
‫الساسة والسياسة‪ ،‬والمناطق التي تحتاج إلى تطبيب أو إلى نزع واستئصال‪ .‬ونظرا لما يعيشه‬
‫الوطن اليوم‪ ،‬فقد حاولنا أن نستوقفه لقراءة المستجد على الساحة اليمنية‪ ،‬وأن نجعله يدقق‬
‫النظر في حركة (أنصار اهلل) الحوثية التي تصدرت المشهد السياسي اليوم؛ من أجل أن يجلو لنا‬
‫صورتها الغائمة ويميط اللثام عن وجهها اآلخر المخبوء‪.‬‬

‫وفيما يلي نص الحوار‪:‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪73‬‬ ‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬

‫* إذا كان وال بــد مــن االعـ تـراف أن (أنصــار هللا) الحوثيـ ي ن‬
‫ـ�‬
‫الرض‪ ،‬فهــل تــرى أنهــم قــوة سياســية أو‬ ‫أصبحــوا قــوة عــى أ‬
‫قــوة دينيــة؟‬

‫الرض ال يســتهان بهــا‪ ،‬وقوتهــم‬ ‫نعــم‪ ،‬الحوثيــون قــوة عــى أ‬


‫ـى وســمت الحركــة‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫عــى الرض متأتيــة مــن الطبيعــة الحربيــة الـ ي‬
‫منــذ بدايــات تأسيســها‪ .‬والقــول بــأن الحركــة الحوثيــة مــا هــي إال‬
‫ـياس‬ ‫ز‬
‫جماعــة محاربــة هــو رأي ال يخلــو مــن التحـ يـ�؛ فلهــا جنــاح سـ ي‬
‫يتبــى هــذا الجنــاح خطابــاً‬ ‫يتمــ� بنشــاطه إالعالمــي خاصــة‪ .‬ن‬ ‫يز‬
‫ـتهدف�؛ فهنــاك خطــاب خــاص بالخــارج‬ ‫ذكيـاً يتنــوع بتنــوع المسـ ي ن‬
‫للتبــاع وخطــاب ثالــث للطبقــة السياســية والمثقفــة‬ ‫وخطــاب ثــان أ‬
‫ٍ‬
‫ف ي� البلــد‪ .‬وللحركــة إىل جانــب هــذا‪ ،‬أســاس ديــن ي تســتند إليــه‬
‫والقليميــة؛ فهــي حركــة شــيعية تخاطــب‬ ‫لنيــل ش�عيتهــا المحليــة إ‬
‫جمهورهــا الخــاص ف ي� اليمــن وتصــل إىل المحيــط إالقليمــي بذلــك‪،‬‬
‫وخصوصــا حلفاؤهــا ف ي� إي ـران والع ـراق ولبنــان‪.‬‬
‫عبد السالم الربيدي‬
‫أكاديمــي وباحــث ف ي� المركــز اليمــ ي لقيــاس‬
‫ن‬
‫* برأيك لماذا لم يشكل الحوثيون حزباً سياسياً؟‬
‫الماجســت� ف ي�‬
‫ي‬ ‫الــرأي العــام‪ ،‬متحصــل عــى‬
‫الداب بجامعــة صنعاء‪،‬‬ ‫الد� مــن ُك ِّليــة آ‬ ‫أ‬
‫َّ‬ ‫النقــد ب ي‬ ‫ـى تشــكلت ف ي�‬ ‫ت‬
‫ـص الغائــب‬ ‫وذلــك عــن رســالة تحــت عنوان"النـ ّ‬ ‫الحركــة الحوثيــة مــن الح ـركات االجتماعيــة الـ ي‬
‫الــى أ�ف‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ظــل ظــروف سياســية واقتصاديــة واجتماعيــة خاصــة‪ ،‬وبعبــارة‬
‫ي� القصيــدة العربيــة المعــارصة" ي‬ ‫واحــدة‪ :‬تشــكلت الحركــة ف ي� ظــل نظام توليتــاري يعاقــب مخالفيه‪،‬‬
‫عليهــا الدكتــور عبــد العزيــز المقالــح‪.‬‬
‫الدبــاء‬ ‫يعــد عبــد الســام الربيــدي مــن أ‬ ‫ويحرمهــم مــن التمتــع بحقوقهــم السياســية واالقتصاديــة‬
‫ُ ُّ‬
‫الم ي َّ ز‬
‫مــ�ة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بصماتهــم‬ ‫لهــم‬ ‫الذيــن‬ ‫الشــباب‬ ‫واالجتماعيــة‪ .‬ومــن هنــا‪ ،‬فقــد اتســمت هــذه الحركــة بمــا تتســم‬
‫ـا� الفاعــل‪ ،‬إىل جانب‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫بــه الح ـركات االجتماعيــة المتشــكلة ف ي� مثــل هــذه الظــروف؛ فهــي‬
‫والثقـ ي‬
‫أ‬
‫د�‬ ‫وحضورهــم ال ب ي‬ ‫ن‬
‫رصيدهــم العلمــي والكاديمــي الــذي حقَّقــوه‪،‬‬ ‫حركــة أبويــة تقــوم عــى اســتلهام شــخصية المخ ِّلــص الديــ ي‬
‫ـو� الــذي قتــل‬ ‫ث‬ ‫ن‬
‫نتيجــةً لجهودهــم المتواصلــة‪ ،‬وإرصارهــم‬ ‫فوالقائــد الرمــز‪ ،‬وهــو هنــا حسـ يـ� بــدر الديــن الحـ ي‬
‫الكبــر عــى تحقيــق كل إنجــاز ُم ي ِّ ز‬
‫تمــ�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي� أول دورات الحــرب مــع الدولــة‪ .‬واســتلهام شــخصية المخلــص‬
‫ٍ‬
‫صــدرت لــه الكثـ يـر مــن الدراســات والكتابــات‬ ‫ينطبــق عــى كثـ يـر مــن الحـركات الدينيــة؛ فشــخصية ســيد قطــب‬
‫النقديــة ف ي� الصحــف والمجــاَّت العربيــة‪،‬‬ ‫ألهمــت الكثـ يـر مــن أتبــاع حركــة إالخــوان ومــن تفرعــوا عنهــا‪ ،‬ذلــك‬
‫بالضافــة إىل قيامــه تب�جمــة الكثـ يـر مــن عيــون‬ ‫إ‬ ‫أن شــنقه عــى يــد نظــام نــارص قــد جعــل أتباعــه يؤمنــون بــأن‬
‫ال ي ز‬ ‫أ‬ ‫و�‬ ‫ف‬ ‫آ‬
‫نجلــ�ي إىل اللغــة العربيــة‪.‬‬ ‫الدب إ‬ ‫مبــدأه حــق‪ ،‬وأن فيــه الخــاص مــن ويــات الدنيــا والخــرة‪ .‬ي‬
‫ـى يحدثهــا‬ ‫ت‬ ‫ض‬
‫ـال والفــو� الـ ي‬ ‫ـياس الحـ ي‬
‫ظــل ارتبــاك المشــهد السـ ف ي‬
‫الحوثيــ� المســلح ي� أرجــاء متعــددة مــن البلــد ـ مــع‬ ‫ين‬ ‫تحــرك‬
‫حقيقــة أنهــم أقليــة ال تمثــل أغلبيــة الشــعب‪ -‬فــإن تكويــن حــزب‬
‫ســياس لــن يكــون مجديــا للحركــة؛ فهــي إمــا أن تســيطر بقــوة‬ ‫ي‬
‫الســاح وبالتعــاون مــع أعمــدة نظــام صالح الذيــن يمثلــون الدولة‬
‫العميقــة‪ ،‬وينحــدر غالبيتهــم مــن المنطقــة الشــمالية ذات االنتماء‬
‫الزيــدي بالمعـ نـى إالثـن ي للكلمــة (وهــذا مــا اختارتــه حـ تـى اللحظــة)‪،‬‬
‫ـياس فقــط ‪ -‬أن‬ ‫ف‬
‫مص�هــا‪ -‬ي� حــال اختــارت المســار السـ ي‬ ‫وإال فــإن ي‬
‫ـى يتوقــع أن تذهــب لصالــح أحـزاب‬ ‫ت‬ ‫ض‬
‫تــر� بنتائــج االنتخابــات الـ ي‬
‫أخــرى‪ ،‬يقــف حــزب إالصــاح إالســامي عــى رأســها‪ .‬أضــف إىل‬
‫ذلــك أن الحركــة ‪ -‬كأقليــة طائفيــة مــن حيــث التكويــن‪ -‬تســعى‪،‬‬
‫ين‬
‫متوازيــ�‪ :‬مجــال‬ ‫ين‬
‫مجالــ�‬ ‫اللبنــا�‪ ،‬أن تعمــل ف ي�‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫كحــزب هللا‬
‫الفعــل الميلشــياوي‪ ،‬وهنــاك بيئــة خصبــة لــه يوفرهــا انتشــار‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬ ‫‪74‬‬

‫ـ� بــن‬ ‫ن‬


‫استشــهاد الحسـ يـ� بــن عـ ي‬ ‫الســاح ف ي� البلــد‪ ،‬ومجــال‬
‫ب يأ� طالــب‪ ،‬ويمكــن للشــهادة‬ ‫تشكلت حركة الحوثيين في‬ ‫الســياس الــذي هــو‬
‫ي‬ ‫الفعــل‬
‫عندمــا تتحــول إىل حكايــة‬ ‫ظل نظام توليتاري يعاقب‬ ‫ثمــرة مــن ثمــار رصاع الحركــة‬
‫التبــاع أن تكــون‬ ‫ـ� أ‬
‫متعاليــة بـ ي ن‬ ‫الرض‪،‬‬ ‫مــع خصومهــا عــى أ‬
‫أداة تعبويــة فاعلــة تجــذب‬ ‫مخالفيه‪ ،‬ويحرمهم من‬ ‫إىل جانــب البالغيــات إالعالميــة‬
‫ين‬
‫المؤمنــ� وتســيطر‬ ‫أفئــدة‬ ‫التمتع بحقوقهم السياسية‬ ‫الــى ترشــح ف ي�‬ ‫ي‬
‫والحواريــة ت‬
‫عــى مخياالتهــم العقائديــة‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫الغالــب عــن تمــدد الحركــة‬
‫وعواطفهــم الروحيــة‪ ،‬وأن‬ ‫و� فضــاء‬ ‫ف� الفضــاء العــام ف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫تدفــع بهــم لتحقيــق ش‬
‫مــروع‬ ‫الــى بــدأت ف ي�‬
‫ي‬
‫أجهــزة الدولــة ت‬
‫االســتحواذ عليهــا بمســاعدة‬
‫القابلــة االجتماعيــة العســكرية‪.‬‬
‫وبتمكــن الحركــة مــن قطــاع‬
‫المــن والجيــش تكــون قــد‬ ‫أ‬
‫اســتطاعت أن توجــد لهــا ي ز‬
‫حــ�ا‬
‫واســعا ف ي� الدولــة بعــد أن تــم‬
‫لهــا التخلــص مــن أعدائهــا‬
‫ين‬
‫التاريخيــ�‬ ‫ين‬
‫يديولوجيــ�‬ ‫ال‬‫أ‬
‫الموالــ� لحركــة إالخــوان ف ي�‬ ‫ين‬
‫عــ� محســن‬ ‫اليمــن‪ ،‬وهــم ي‬
‫القبــ�‬ ‫الحمــر‪ ،‬وأبنــاء الشــيخ‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫حســ� أ‬
‫الحمــر‪.‬‬ ‫ين‬ ‫عبــدهللا بــن‬

‫* يقلــل الحوثيــون مــن‬


‫صلتهــم بالزيديــة‪ ،‬ويــرون‬
‫أنهــم لــم يكونــوا امتــدادا‬
‫لحركــة الشــباب المؤمــن‪ ،‬مــا‬
‫مــدى صحــة هــذا الــكالم مــن‬
‫وجهــة نظــرك؟‬

‫هنــاك روابــط واضحــة ال‬


‫تخفــى عــى المطلــع عــى الفكــر‬
‫بــ� منتــدى الشــباب‬ ‫الزيــدي ي ن‬
‫المؤمــن الــذي ركــز عــى إحيــاء‬
‫التيــار الشــيعي المتشــدد ف ي�‬
‫ـو�‪.‬‬ ‫ث‬ ‫ن‬
‫الزيديــة وحركــة حسـ يـ� الحـ ي‬
‫غــر أن مــن يــروج لهــذه‬ ‫ي‬
‫الــى تبــدأ‬‫ت‬
‫الرسديــة التاريخيــة ي‬
‫الحــو�‪،‬‬ ‫ث‬ ‫ين‬
‫بحســ� بــدر الديــن‬
‫ي‬
‫يريــد أن يمنــح الحركــة طابعــا‬
‫خالصيــا مــن خــال تمحورهــا‬
‫حــول الشــخصية الدينيــة ذات‬
‫الهالــة القُداسـ َّـية واالستشــهادية‪.‬‬
‫وللشــهادة والشــهيد مكانــة‬
‫عاليــة ف ي� الفكــر الشــيعي منــذ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪75‬‬ ‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬

‫السياســية لــدى فئــات مختلفــة‬ ‫حــى وإن‬‫الســيد الشــهيد‪ ،‬ت‬


‫مــن الشــعب ف ي� مناطــق‬
‫الحوثيون يمارسون اليوم‬ ‫تطلــب أ‬
‫المــر اللحــاق بــه إىل دار‬
‫متعــددة مــن اليمــن‪ .‬وهــذا‬ ‫الهيمنة على الفضاء العام‬ ‫الخلــود‪.‬‬
‫ت‬
‫اجمــا�‬
‫الشــمول بال� ي‬
‫أ ي‬ ‫الخطــاب‬ ‫وعلى الفضاءات الخاصة سواء‬
‫تبنــاه بعــض الئمــة مــن قبــل‬ ‫هــذا مــن ناحيــة‪ ،‬ومــن‬
‫الدينية أو الدنيوية بقوة السالح‪،‬‬
‫كمــا تبنــاه صالــح أيضــا‪ ،‬وإن‬ ‫ناحيــة أخــرى يهــدف هــذا‬
‫كانــوا جميعــا قــد ســعوا إىل‬ ‫وهو األمر الذي يجعلهم أمام‬ ‫الخطــاب إىل إخـراج الحركــة مــن‬
‫تركــ� المــال والســلطة ف ي�‬
‫يز‬ ‫مساءلة أخالقية عسيرة‬ ‫قوقعتهــا المناطقيــة والمذهبيــة‬
‫مناطــق معينــة‪.‬‬ ‫ال�عيــة‬ ‫مــن أجــل نيــل ش‬

‫القصــاء ال يولــد إال‬‫* إ‬


‫القصــاء‪ .‬هكــذا يمكــن قــراءة‬
‫إ‬
‫الصــاح‬ ‫مــا مارســه حــزب إ‬
‫وبعــض التيــارات الدينيــة‬
‫ين‬
‫الحوثيــ�‪ ،‬ومــا يمارســه‬ ‫عــى‬
‫الحوثيــون اليــوم عــى أولئــك‪،‬‬
‫المــر كذلــك‪،‬‬‫وإن لــم يكــن أ‬
‫فكيــف تقــرأ مــا تــراه ماثــا‬
‫أمــام ناظريــك ف ي� المشــهد‬
‫الســياس اليمــن ي اليــوم؟‬
‫ي‬

‫هــذا صحيــح مئــة بالمئــة‪.‬‬


‫إالصــاح والســلفيون ونظــام‬
‫صالــح االنتهــازي مارســوا‬
‫إالقصــاء ضــد خصومهــم‬
‫عــى أســس متعــددة‪ ،‬منهــا‬
‫الدي ـن ي ومنهــا المناطقــي ومنهــا‬
‫الســياس‪ ،‬ومارســوا إالقصــاء‬
‫ي‬
‫ضــد بعضهــم البعــض‪ .‬ف ي�‬
‫الســابق مــارس صالــح وحلفــاؤه‪،‬‬
‫وعــى رأســهم إالصــاح‪،‬‬
‫إالقصــاء ضــد الحــزب االشـ تـر ياك‬
‫ش�يــك الوحــدة‪ ،‬ثــم مارســت‬
‫الطبقــة السياســية الشــمالية‬
‫بمختلــف توجهاتهــا إقصــا ًء‬
‫فجــاً ضــد الجنــوب كشــعب‬
‫كامــل‪ .‬ثــم مــارس حــزب صالــح‬
‫إالقصــاء ضــد إالصــاح عندمــا‬
‫ناصبــه العــداء وكان مــن منظمــي‬
‫المشــرك» المنــاوئ‬‫ت‬ ‫«اللقــاء‬
‫و� الســابق‪ ،‬مــارس‬ ‫ف‬
‫لصالــح‪ .‬ي‬
‫الوهــا� بفرعيــه‬ ‫ن‬
‫بي‬ ‫التيــار الديــ ي‬
‫خــوا� والســلفي إالقصــاء‬ ‫إال ن‬
‫ألنمــاط ي التديــن التقليديــة �ف‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬ ‫‪76‬‬

‫فعلــه الحوثيــون‪ .‬أبنــاء ريمــة‬ ‫اليمــن المتمثلــة ف ي� المذهــب‬


‫قــرروا غــزو صنعــاء‪ ،‬لكنــه كان‬ ‫نحن نعول كثيرا على الخارج‬ ‫الشــافعي والمذهــب الزيــدي‬
‫ومــازال غــزوا ســلميا؛ فهــم‬ ‫حتى في خطابنا الثوري‪ .‬الخارج‬ ‫تحــت ذرائــع تصحيــح العقيدة‪.‬‬
‫يفــدون إىل صنعــاء مــن أجــل‬ ‫غــر أن التيــار المتشــدد ف ي�‬ ‫ي‬
‫العمــل ف ي� المطاعــم والمحــات‬ ‫يبحث عن مصالحه‪ ،‬وسيتعامل‬ ‫الزيديــة بســبب ارتبــاط مكوناتــه‬
‫والبســطات‪ ،‬وأبنــاء الجنــوب‬ ‫مع الناجح في سباق السيطرة‬ ‫الصوليــة (الالهوتيــة) بالحكــم‬ ‫أ‬
‫قــرروا رفــض غــرور نظــام‬ ‫على الحكم والموارد‬ ‫والســلطة قــد اختــار طريــق‬
‫صالــح وظلمــه عــن طريــق‬ ‫القتــال‪ .‬ويرجــع ذلــك إىل أن‬
‫المظاهــرات الســلمية‪ ،‬وإن‬ ‫إالمامــة مــن أصــول الديــن لدى‬
‫الزيديــة‪ ،‬وهــي مــن الفقهيــات‬
‫لــدى أهــل الســنة‪ .‬ومــن هنــا‬
‫ـأ� عــزوف المدرســة الصوفيــة‬ ‫ت‬
‫ف‬ ‫يـ ي‬
‫ـى تنتـ شـر ي� وســط‬ ‫ت‬
‫الشــافعية الـ ي‬
‫اليمــن وغربــه شو�قــه عــن‬
‫القتــال‪ ،‬رغــم تعرضهــا لحالــة‬
‫مــن إالقصــاء‪ .‬وطبعــا ولتوخــي‬
‫الدقــة‪ ،‬فــإن إالقصــاء هنــا ال‬
‫الــكل‪ ،‬ولكــن‬
‫ي‬ ‫يعــن ي إالقصــاء‬
‫إالقصــاء عــن طريــق آليــات‬
‫والتكفــر‪،‬‬
‫ي‬ ‫خطــاب التبديــع‬
‫فالصوفيــون موجــودون والزيــود‬
‫موجــودون‪ ،‬هــذا إىل جانــب‬
‫حقيقــة أن هنالــك تيــارا عريقــا‬
‫داخــل المذهــب الزيــدي منــذ‬
‫أيــام ســطوته ف ي� العصــور‬
‫الوســيطة يميــل نحــو التســنن‬
‫واالندمــاج ف ي� نمــط التيــار‬
‫الســائد ف ي� الجزيــرة العربيــة‬
‫والســامي‪.‬‬ ‫العــر� إ‬
‫بي‬ ‫والعالــم‬

‫إالقصــاء يجــب أن يعــرف‬


‫لــ�‬
‫تعريفــا علميــا صارمــا؛ ي‬
‫يســتبدل بنقيضــه‪ ،‬وهــو مبــدأ‬
‫االســتيعاب والمســاواة‪ .‬هــل‬
‫«صعــدة» كانــت هــي الوحيــدة‬
‫خــرات البــاد‬‫المحرومــة مــن ي‬
‫أم أن هنالــك محافظــات أخــرى‬
‫أقصيــت وهمشــت ودمــرت ف ي�‬
‫بعــض أ‬
‫الحيــان؟ لمــاذا ال توجــد‬
‫لدينــا قضيــة لريمــة والمهــرة‬
‫وحجــة وشــبوة؟‪ .‬هنالــك مــن‬
‫قــرر رفــض إالقصــاء مــن أبنــاء‬
‫هــذه المحافظــات‪ ،‬لكــن بطــرق‬
‫تختلــف جملــة وتفصيــا عمــا‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪77‬‬ ‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬

‫عســرة‪ ،‬ويعرضهــم‬ ‫ي‬ ‫أخالقيــة‬ ‫شــابها أحيانــا بعــض الشــغب‬


‫ت‬
‫للنقــد الواســع حــى مــن بعــض‬ ‫الرئاسة لديها مشروعها‬ ‫ض‬
‫والفــو� ‪.‬‬
‫المتعاطفــ� معهــم‪ .‬فهــم‬ ‫ين‬
‫يتبنــون خطــاب ش‬
‫الخاص‪ ،‬والحوثيون لديهم‬
‫«ال�اكــة»‪،‬‬ ‫اليــوم الحوثيون يمارســون‬
‫ويمارســون أفعــاال تــدل داللــة‬ ‫مشروعهم الخاص‪ ،‬والعالقة‬ ‫الهيمنــة عــى الفضــاء العــام‬
‫صارخــة عــى إرادة االســتحواذ‪،‬‬ ‫بين الطرفين عالقة صراع من‬ ‫وعــى الفضــاءات الخاصــة‬
‫ومــا مــن شــك ف ي� أن إراقــة الدماء‬ ‫أجل السيطرة‬ ‫ســواء الدينيــة أو الدنيويــة‬
‫والتعســف ف ي� فــرض الهيمنــة‬ ‫بقــوة الســاح‪ ،‬وهــو أ‬
‫المــر‬
‫ســيعرض الحركــة لمســارات‬ ‫الــذي يجعلهــم أمــام مســاءلة‬
‫ال تحمــد عقباهــا‪ ،‬والغريــب‬
‫ـ� لــم يراقبــوا‬ ‫فعــا أن الحوثيـ ي ن‬
‫ـ� واحــدة‪،‬‬ ‫حركــة التاريــخ إال بعـ ي ن‬
‫عــ� المنتــرـ وأغفلــوا‬ ‫وهــي ي ن‬
‫أ‬
‫ـ� بالمــس‬ ‫ن‬
‫الضعيــف �ف‬ ‫عـ يـ� المهــزوم والمقـ ي‬
‫ي‬ ‫القريــب‪ ،‬ونســوا أن‬
‫الظاهــر قــوي ف ي� الباطــن‪ ،‬كمــا‬
‫تقــول الفلســفة الطاويــة‪.‬‬

‫* ذابــت معظــم القــوى‬


‫السياســية والدينيــة والقبليــة‬
‫أمــام قــوة ســاح (أنصــار‬
‫الحوثيــ�‪ ،‬ولــم يتبــق ف ي�‬
‫ين‬ ‫هللا)‬
‫مواجهتــم إال القاعــدة وبعــض‬
‫ت‬
‫مؤسســ�‬ ‫القبائــل‪ ،‬كمــا أن‬
‫ي‬ ‫الجيــش أ‬
‫والمــن تخلتــا عــن‬
‫واجــب الدفــاع عمــا بقــي مــن‬
‫أطــال الدولــة اليمنيــة‪ ،‬هــذا‬
‫إذا لــم نقــل أنهمــا غضتــا‬
‫الطــرف عمــدا عمــا يجــري مــن‬
‫ـ� كل هــذه القــوى‪.‬‬ ‫أحــداث بـ ي ن‬
‫تفســر لــكل‬
‫ي‬ ‫بنظــرك هــل مــن‬
‫مــا قدمنــاه؟‬

‫قيــادات مؤسســة الجيــش‬


‫مواليــة لصالــح‪ ،‬والرئيــس‬
‫االنتقــال وضــع كل أوراقــه ف ي�‬
‫ي‬
‫ســلة الخــارج‪ ،‬ولــم يــرد أن يقــع‬
‫ف ي� الفــخ المنصــوب لــه‪ ،‬وكانــت‬
‫ال ش�ار بعضهــم‬ ‫إرادتــه أن يقتــل أ‬
‫البعــض‪ ،‬وأن يظــل ف ي� الحيــاد‬
‫ليتدخــل الخــارج ضــد هــؤالء‬
‫ال ش�ار‪ ،‬ويبقــى المــرح لــه‬ ‫أ‬
‫ولشــلته مــن المرتزقــة الجــدد‬
‫غــر أنــه بعــد أن‬ ‫والقدمــاء‪ .‬ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬ ‫‪78‬‬

‫الــذي ترتــب لــه ف ي� الــر؟‬ ‫ـى‬ ‫ت‬


‫قــرر حــزب إالصــاح االنكمــاش كمــا تنكمــش الــوردة بال�يئــة الـ ي‬
‫ـو�‬ ‫ث‬ ‫ت‬
‫تحتفــظ بشــوكها حــى وقــت الحاجــة‪ ،‬أصبــح تحــت رحمــة الحـ ي‬
‫نحــن نعــول كثـ يـرا عــى الخــارج حـ تـى ف ي� خطابنــا الثــوري‪.‬‬ ‫وصالــح‪ .‬ولذلــك ســيعاد إنتــاج (صالــح) نظامــا ال شــخصا ووفقــا‬
‫الخــارج يبحــث عــن مصالحــه‪ ،‬وســيتعامل مــع الناجــح ف ي� ســباق‬ ‫والمتغــرات وللتحالفــات الجديــدة‪.‬‬
‫ي‬ ‫للظــروف‬
‫الن مذعورة‬ ‫الســيطرة عــى الحكــم والمــوارد‪ .‬بعــض دول القليــم آ‬
‫إ‬
‫ف‬
‫ـ�‪ ،‬لكنهــا قــد تعقــد معهــم صفقــات ي� قابــل‬ ‫مــن تمــدد الحوثيـ ي ن‬ ‫ث‬
‫وأكــر‬ ‫* بــدا (أنصــار هللا) الحوثيــون ث‬
‫أكــر تنظيمــا‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ـي� والدينيـ ي ن‬
‫ـ�‪ ،‬مــع‬ ‫و�كائــه السياسـ ي ن‬
‫الصــاح ش‬
‫ـا� إبــان‬
‫اليــام كمــا عقــدت مــع صالــح صفقــات بعــد مرحلــة التجـ ي‬ ‫استبســاال مــن إ‬
‫خ�يــن مهمــا تجربــة سياســية وتنظيميــة وحربيــة أطــول‪.‬‬ ‫أ‬
‫حــرب ‪1994‬م‪.‬‬ ‫أن ال ي‬
‫برأيــك لمــاذا فضــل هــؤالء اللعبــة السياســية عــى العســكرية‪،‬‬
‫ت‬
‫ـعارا� معلــن مــن قبــل (أنصــار هللا) الحوثيـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫أ * عــداء شـ ي‬ ‫ولمــاذا فشــلوا ف ي� إدارة الحكومــة‪ ،‬ولمــاذا ذهبــوا إىل صعــدة‬
‫أ‬
‫غــر معلــن عــى الرض لمحاربــة القاعــدة‪.‬‬ ‫ليتمســحوا بأعتــاب مــن يوجــه ســاحه إىل صدورهــم؟‬
‫لمريــكا وتحالــف ي‬
‫كيــف يمكــن مقاربــة هــذه االزدواجيــة؟‬
‫تغــرات جوهريــة؛ هنالــك ثــورة‬ ‫إالصــاح اليــوم يشــهد ي‬
‫ين‬
‫أيديولوجيــ� مئــة بالمئــة كالقاعــدة‬ ‫الحوثيــون ليســوا‬ ‫ت‬
‫ضــد القيــادات عـ بـرت عنهــا القواعــد بصــور شــى‪ ،‬منهــا‪ :‬رفــض‬
‫رث‬
‫خصوصــا تجــاه الخــارج‪ ،‬وهــم أك ـ أيديولوجيــة تجــاه الداخــل‪.‬‬ ‫الذهــاب إىل صعــدة‪ ،‬ورفــض دعــوات لعقــد اجتماعــات ف ي� بعــض‬
‫ـر� إي ـر ن يا� حــول مــا يجــري عــى أرض العالــم‬ ‫هنالــك تقــارب غـ ب ي‬ ‫المــدن‪ .‬هــذه القيــادات بال�اجماتيــة جــدا لــم تكــن ثوريــة أبــدا‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـياس مــع بقــاء مصالحهــا‪ ،‬أمــا‬
‫الحوثيــ� بالمريــكان يجــب أن تقــرأ ي� هــذا‬
‫ف‬
‫ي‬ ‫إالســامي‪ ،‬وعالقــة‬ ‫إصــاح سـ ي‬ ‫ف‬
‫كانــت تبحــث فقــط عــن‬
‫�ء آخــر ي� مثــل هــذه‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫الشــباب إالصالحــي‪ ،‬وهــو ي� الغالــب ينتمــي إىل الهامــش المعــذَّ ب‬
‫�ء والواقــع ي‬ ‫الســياق‪ .‬دائمــا الشــعار ي‬
‫ـى منهــا تجــار كبــار‬‫ت‬
‫الحــاالت‪ .‬اليــوم القاعــدة أصبحــت ذات مصداقية لــدى قطاع يغ�‬ ‫والمغلــوب‪ ،‬فســيثور يومــا ضــد قياداتــه الـ ي‬
‫ال�قيــة والجنوبيــة‬ ‫قليــل مــن الشــعب‪ ،‬وخصوصــا ف ي� المناطــق ش‬ ‫كانــت لهــم عالقــات بصالــح ونظامــه‪ .‬شــباب إالصــاح اليــوم‬
‫والغربيــة الســاحلية‪ .‬لعلــك تعلــم دكتــور محمــد أن الحديــدة‬ ‫غــره مــن الشــباب المظلــوم ف ي� كل البلــد‪ ،‬وســيثور‬ ‫أقــرب إىل ي‬
‫كانــت بيئــة طــاردة للعنــف‪ ،‬واليــوم فيهــا للقاعــدة صــوالت‬ ‫الــكل ضــد جالديهــم يــوم أن يصــل الفقــر والجــوع والبطالــة إىل‬
‫ـ� ف ي� وســط‬
‫وجــوالت‪ .‬ولعلــك تعلــم أن بعــض المشــايخ القبليـ ي ن‬ ‫مســتويات ال تحتمــل‪.‬‬
‫ال�قيــة كانــوا ينســقون لطــرد القاعــدة مــن‬ ‫اليمــن مــن الناحيــة ش‬
‫ـى‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫* لــم يعــد تحالــف النظــام الســابق ممثــا بحــزب‬
‫مناطقهــم‪ ،‬لكــن عندمــا علمــوا بتمــدد الحوثيـ يـ� وبالمعــارك الـ ي‬ ‫ف‬ ‫ن أ‬
‫يشــنونها مــن أجــل إحــكام قبضتهــم عــى البــاد تراجــع المشــايخ‬ ‫ـا� عــى أحــد‪.‬‬
‫الحوثيـ يـ� بالمــر الخـ ي‬ ‫المؤتمــر مــع (أنصــار هللا)‬
‫عــن تلــك المبــادرة‪ ،‬بــل أصبــح بعضهــم ف ي� صــف القاعــدة بصــورة‬ ‫أ‬
‫تــرى لمــاذا أصبــح أعــداء المــس حلفــاء اليــوم‪ ،‬ومــن الــذي‬
‫معلنــة أو مخفيــة‪.‬‬ ‫الخــر منهمــا‪ ،‬وكيــف تتنبــأ بمســتقبل تحالفهمــا؟‬ ‫يســتغل آ‬

‫* التفــاف عــى مخرجــات الحــوار الوطــن ي وتعطيــل‬ ‫خــرة بعــد‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫آ‬
‫و� المرحلــة ال ي‬ ‫كل منهمــا يســتفيد مــن الخــر‪ .‬ي‬
‫ـرام باتفاقيــة الســلم ش‬
‫وال�اكــة‪.‬‬ ‫للمبــادرة الخليجيــة وعــدم الـ ت ز‬ ‫خــروج مؤتمــري الجنــوب منه‪ ،‬كشــف المؤتمــر عن قاعدتــه الصلبة‪،‬‬
‫مــن يــا تــرى يتالعــب بــكل هــذه المواثيــق واالتفاقيــات؟‬ ‫ـ� كمــا يدعــي وإنمــا يمثــل مصالــح‬ ‫وهــو أنــه حــزب ال يمثــل اليمنيـ ي ن‬
‫أ‬
‫ـ� أعــداء المــس‪،‬‬‫فئــات معينــة‪ .‬ومــن هنــا كان تحالفــه مــع الحوثيـ ي ن‬
‫ـ� رسديــات مختلفــة ومتصارعــة‬ ‫بعــد ثــورة ‪ 2011‬كان لــدى اليمنيـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬فقــد حالــف إالصــاح قبلهــم‬ ‫وال ضـ يـر ف� أن يحالــف الحوثيـ ي ن‬
‫تجــاه واقعهــم وتاريخهــم‪ ،‬وهــي رسديــات تختلــف باختــاف المواقع‬ ‫الط ـراف عــرض الحائــط‪ .‬أتوقــع اندمــاج الطرفـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ملقيــا ببقي يــة أ‬
‫السياســي� ف ي� اليمــن‪.‬‬
‫ين‬ ‫ين‬
‫للفاعلــ�‬ ‫المناطقيــة والسياســية والدينيــة‬ ‫ـ� جديديــن‪ ،‬ســيتحالفان لحكــم البلــد‬ ‫ف� كيــان واحــد أو ف� كيانـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫وكانــت الفكــرة وراء مؤتمــر الحــوار الوطـ ي الــذي اســتمر مــدة عــام‪،‬‬ ‫وفقــا لمعادلــة جديــدة وبســيطة هــي حاصــل حــذف رأي ‪ 80‬بالمئــة‬
‫أن يوجــد «تفاوضـاً عامـاً» يكــون مــن شــأنه دمــج هــذه الرسديــات ف ي�‬ ‫تقريبــا مــن ســكان البلــد‪ ،‬والمعادلــة هــي‪ :‬بــدال عــن (الرئيــس‬
‫ـ� لحــل مختلــف‬ ‫ت‬
‫رسديــة وطنيــة واحــدة‪ ،‬فوأن ت�جــم إىل برنامــج عمـ ي‬ ‫صالــح والشــيخ عبــدهللا)‪( ،‬الرئيــس أحمــد والســيد عبدالملــك)‪،‬‬
‫القضايــا الـ ت يـى لخصــت ي� تســع قضايــا أساســية عــى رأســها قضيتــا‬ ‫ـياس يأخــذ ف ي� الحســبان البعــد العســكري والبعــد‬ ‫وهــو حلــف سـ ي‬
‫ـ� لصنعــاء‬ ‫الجنــوب وصعــدة‪ .‬غـ يـر أن مــا جــرى منــذ حصــار الحوثيـ ي ن‬ ‫االجتماعــي والدي ـن ي ‪.‬‬
‫ف‬
‫ـبتم� (أيلــول) ‪ 2014‬ومــا تــا ذلــك مــن تمــدد‬ ‫حـ تـى اقتحامهــا ي� ‪ 21‬سـ ب‬
‫ـ� أن‬ ‫ف� بعــض المحافظــات‪ ،‬قــد عــزز الظــن لــدى بعــض المراقبـ ي ن‬
‫ي‬ ‫* مــا تفسـ يـرك لمــا يجــري مــن تغـ يـرات ف ي� اليمــن‪ ،‬ولمــاذا‬
‫ولطفــاء حمــاس‬ ‫الحــوار لــم يكــن ســوى جرعــة ثقيلــة لتخديــر الثــورة إ‬ ‫القليميــة والدوليــة‪ ،‬ومــا‬ ‫الصمــت المعلــن مــن قبــل القــوى إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار الملف‬
‫‪79‬‬ ‫مع الباحث اليم�ن ي عبد السالم عبد الخالق الربيدي‬

‫ـياس‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫الثــوار‪ ،‬حـ تـى تتمكــن قــوى مــا قبــل ‪ 2011‬أن ترجــع ولــو بثــوب جديــد‬
‫* كيــف تنظــر إىل التطــورات الخـ يـرة ي� المشــهد السـ ي‬
‫ن‬
‫اليم� ؟‬
‫ي‬ ‫وترسيحــة جديــدة‪ ،‬كمــا حــدث ف ي� مــر وليبيــا‪.‬‬

‫ال�عيــة الدســتورية؛ فالحوثيون‬ ‫مــا حصــل هو انقــاب عــى ش‬ ‫* ارتفعــت نـ بـرة المناكفــات السياســية بـ ي ن‬
‫ـ� (أنصــار هللا)‬
‫ـى يتحججــون بأنهــم يطبقونهــا‪..‬‬ ‫ت‬ ‫ـ� مؤسســة الرئاســة مــن‬ ‫ـ� مــن جهــة‪ ،‬وبـ ي ن‬
‫ـ� والمؤتمريـ ي ن‬
‫الحوثيـ ي ن‬
‫ف‬ ‫نكثــوا كل العهــود والمواثيــق الـ ي‬
‫و بصــورة مخالفــة للدســتور عمــدت الجماعــة ي� خطــوة انفراديــة‬ ‫جهــة أخــرى‪ ،‬هــل مــن تفسـ يـر لذلــك؟‬
‫الج�يــة‬
‫إىل ادعــاء تمثيلهــا للشــعب عــن طريــق فــرض إالقامــة ب‬
‫و� المقابــل‬ ‫ف‬ ‫م�وعهــا الخــاص‪ ،‬والحوثيــون لديهــم‬ ‫الرئاســة لديهــا ش‬
‫عــى الرئيــس‪ ،‬وقتــل بعــض حراســه و أفـراد عائلتــه‪ ،‬ي‬
‫كانــوا وال يزالــون يحمــون مــنز ل الرئيــس المخلــوع صالــح الــذي‬ ‫ين‬
‫الطرفــ� عالقــة رصاع مــن‬ ‫م�وعهــم الخــاص‪ ،‬والعالقــة ي ن‬
‫بــ�‬ ‫ش‬
‫خــر يكونــون‬ ‫أ‬ ‫أجــل الســيطرة‪ .‬عبدربــه منصــور عــرض نفســه ومــن يعاونــه‬
‫يتحالفــون معــه‪ .‬وهــم بإعالنهــم الدســتوري ال ي‬
‫المــر الــذي‬‫قــد قوضــوا كل العمليــة االنتقاليــة ومواثيقهــا‪ ،‬وهــو أ‬ ‫ـ�‪ ،‬وال نــدري مــا تحمــل أ‬
‫اليــام‬ ‫لالبـ ت زـ�از مــن قبــل صالــح والحوثيـ ي ن‬
‫كبــرة مــن الشــعب اليمــن ي ‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫القليلــة المقبلــة لــه ولمعاونيــه‪ ،‬أظــن أن قوتهــم ي� تراجــع‪ ،‬وأن‬
‫ســيجعلهم ي� مواجهــة قطاعــات ي‬
‫ث‬ ‫ـ� وخارجي‪.‬‬ ‫ن ف‬
‫ـو� كان يطغــى عليــه‬ ‫الســيما أن مشــهد إالعــان الدســتوري الحـ ي‬ ‫قــوة صالــح والحوثيـ يـ� ي� تقــدم مســتمر وبدعــم داخـ ي‬
‫ـال‪.‬‬
‫الطابــع الطائفــي والسـ ي‬
‫* إىل مــن تعــزي مســؤولية مــا حــدث مؤخــراً ف ي� اليمــن‪،‬‬
‫ين‬
‫المســلم�‬ ‫الخــوان‬
‫الصــاح وحركــة إ‬ ‫وإىل أي حــد تحمــل إ‬
‫مســؤولية مــا جــرى؟‬

‫أخطــاء إالصــاح ال تعــد‪ ،‬وهــو حــزب كان يــدار مــن قبــل‬


‫وعــ� محســن‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫نــدا� ي‬ ‫نصــف نظــام صالــح‪ :‬عائلــة الحمــر والز آ ي‬ ‫أ‬
‫نــ�‪ .‬ومــن هنــا‬ ‫ين‬
‫المقربــ� منهــم كال ي‬ ‫الحمــر وبعــض التجــار‬
‫كبــرة جــدا‪،‬‬
‫غــر أنــه قــد يتحــول تحــوالت ي‬ ‫ضعفــه وتخبطــه‪ ،‬ي‬
‫آ‬
‫وقــد يكــون ذلــك لصالحــه‪ .‬اليــوم النصــف الخــر مــن نظــام‬
‫ين‬
‫والسياســي� يتحالفــون‬ ‫صالــح‪ :‬عائلــة صالــح وبعــض المشــايخ‬
‫آ‬ ‫مــع الحوثيـ ي ن‬
‫ـ� إلســقاط مــا كان بيــد النصــف الخــر‪ .‬طبعــا بالنســبة‬
‫الشــمال شو�قــه مــا‬
‫ي‬ ‫للجنــوب وبعــض مناطــق جنــوب اليمــن‬
‫بــ� النخــب الزيديــة (بمعناهــا‬ ‫يحــدث ال يعــدو كونــه رصاعــا ي ن‬
‫والثــن ي ) مــن أجــل االســتيالء عــى المــال والســلطة‪.‬‬
‫المناطقــي إ‬

‫* ينكــر (أنصــار هللا) الحوثيــون عالقتهــم بإيــران‪،‬‬


‫وخطاباتهــم تؤكــد هــذه العالقــة بطــرق غـ يـر مبـ ش‬
‫ـا�ة‪ ،‬فلمــاذا‬
‫ينكــرون هــذه العالقــة يــا تــرى؟ وهــل هــي قائمــة بالفعــل أو‬
‫أننــا ت‬
‫نفــري عليهــم؟‬

‫هــم ال ينكــرون ذلــك ف ي� مــا أعلــم‪ ،‬ومــا كان ينبغــي لهم فعل‬
‫ذلــك‪ ،‬فإيـران فاعــل مهــم ف ي� المنطقــة‪ ،‬ومــا يربطهــم بإيـران كثـ يـر‬
‫والصدقــاء مــن أنصــار هللا الذيــن‬ ‫جــدا‪ ،‬وأنــا أعــرف بعــض الزمــاء أ‬
‫بالشــارات إىل‬ ‫مــ�ء إ‬ ‫«المســرة» ي‬
‫ي‬ ‫درســوا ف ي� قــم‪ .‬وخطــاب قنــاة‬
‫بالشــارات إىل‬ ‫ـ�ء إ‬ ‫إيـران تمامــا كخطــاب بعــض قنــوات إالخوان المـ ي‬
‫ف‬
‫تركيــا‪ ،‬وال يخفــى أن بعــض قيــادات إالصــاح تقيــم ي� تركيــا تمامــا‬
‫ـ� هــو‬ ‫ـ� ف� إيـران‪ .‬غـ يـر أن الفــارق بـ ي ن‬
‫ـ� الطرفـ ي ن‬ ‫ن‬
‫كأنصــار هللا المقيمـ ي ي‬
‫أن إي ـران‪ ،‬كمــا تفيــد التقاريــر‪ ،‬ترســل‪ ،‬إىل جانــب المــال‪ ،‬أســلحة‬
‫ـ�‪ ،‬وتحدثــت بعــض التقاريــر عــن خـ بـراء‬ ‫إىل اليمــن لدعــم الحوثيـ ي ن‬
‫ـكري� يقومــون بتدريــب أنصــار هللا‪.‬‬ ‫عسـ ي ن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪80‬‬

‫أخبار واردة ف� قصاصات أخبار وكاالت أ‬


‫النباء الدولية ت‬
‫(روي�ز‪ ،‬فرانس بريس‪ ،‬فرانس‪ ،24‬الجزيرة‪.‬نت)‬ ‫ي‬

‫الحوثيون‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬


‫ين‬ ‫مسار أحداث وتفاعالت قضية‬
‫‪2015/02/05‬‬
‫القوى اليمنية تستأنف اليوم بحث حل لفراغ السلطة الحوثيون يبدأون‬
‫اتفــق املشــاركون يف اجتامعــات ممثــي املكونــات السياســية بإجراءات ترتيب السلطة‬
‫أعلنــت جامعــة الحوثيــن‪ ،‬البــدء‬ ‫وجامعــة الحــويث مــع املبعــوث األممــي جــال بــن عمــر عــى‬
‫بإج ـراءات لرتتيــب أوضــاع الســلطة‬ ‫اســتئناف مفاوضاتهــم ظهــر اليــوم الخميــس‪ ،‬مــع انتهــاء املهلــة‬
‫خــال األيــام املقبلــة‪ ،‬وقــد فشــلت‬ ‫التــي حددتهــا الجامعــة للتوصــل التفــاق ينهــي الف ـراغ الدســتوري‬
‫األحــزاب اليمنيــة يف التوصــل‬ ‫يف البــاد‪.‬‬
‫إىل اتفــاق مــع انتهــاء املهلــة‬ ‫يــأيت ذلــك بعــد فشــل االجتامعــات الســابقة يف الوصــول التفاق لســد‬
‫التــي حددهــا الحوثيــون للقــوى‬ ‫الف ـراغ القائــم يف الســلطة‪ ،‬والــذي خلفتــه اســتقالة الرئيــس عبــد ربــه‬
‫السياســية للتوصــل التفــاق للخــروج‬ ‫منصــور هــادي وحكومــة خالــد بحــاح‪ ،‬إثــر اجتيــاح مســلحي الحــويث‬
‫مــن األزمــة‪.‬‬ ‫دار الرئاســة واملواقــع الســيادية يف العاصمــة صنعــاء الشــهر املــايض‪.‬‬

‫"إجراءات" للحوثيني للسيطرة‬ ‫مرص تحذر من إغالق باب املندب يف اليمن‬


‫عىل السلطة باليمن‬
‫أكــد رئيــس هيئــة قنــاة الســويس الفريــق مهــاب مميــش أن مــر لــن‬
‫أعلنــت جامعــة الحــويث يف اليمن‪،‬‬
‫تقبــل بإغــاق مضيــق بــاب املنــدب يف اليمــن‪ ،‬بــأي حــال مــن األحــوال‪،‬‬
‫األربعــاء‪ ،‬عزمهــا إحــكام قبضتهــا‬
‫وســوف تتدخــل عســكرياً إذا تــم ذلــك‪ .‬وقــال مميــش‪ ،‬يف ترصيحــات‬
‫عــى مقاليــد الحكــم يف صنعــاء‪،‬‬
‫صحفيــة‪ ،‬إن هنــاك قــوة عســكرية جاهــزة للتدخــل إذا حاولــت الجامعات‬
‫وذلــك عقــب انتهــاء املهلــة التــي‬
‫املتطرفــة يف اليمــن إغــاق املضيــق‪ ،‬مضيفــا أن إغــاق املمــر املــايئ يؤثــر‬
‫حددتهــا للقــوى السياســية للتوصــل‬
‫بشــكل مبــارش عــى قنــاة الســويس‪ ،‬وعــى األمــن الوطنــي ملــر‪.‬‬
‫لحــل أزمــة الفــراغ الســيايس يف‬
‫البــاد‪ .‬وقالــت مــا يســمى باللجــان‬
‫الثوريــة التابعــة للحوثيــن‪ ،‬التــي‬ ‫ترقب باليمن قبيل استئناف اجتامعات بن عمر‬
‫تســيطر عــى العاصمــة ومناطــق‬ ‫يشــهد الشــارع اليمنــي حالــة مــن الرتقــب تســبق اســتئناف ممثــي‬
‫متفرقــة مــن اليمــن‪ ،‬إنهــا ســتبدأ‬ ‫املكونــات السياســية وجامعــة الحــويث اجتامعاتهــم مــع املبعــوث األممــي‬
‫"بإجـراءات لرتتيــب أوضــاع الســلطة‬ ‫جــال بــن عمــر ظهــر اليــوم الخميــس‪ ،‬يف حــن اغتــال مجهولــون داعيــة‬
‫خــال األيــام املقبلــة‪ ،‬بعــد فشــل‬ ‫وقياديــا بحــزب الرشــاد يف لحــج جنــويب البــاد‪ ،‬وســط اشــتباكات بــن‬
‫الحــوار‪ .‬وكانــت ضغــوط جامعــة‬ ‫الحوثيــن ورجــال القبائــل وســط اليمــن‪.‬‬
‫الحــويث دفعــت أحــزاب اللقــاء‬ ‫وأفــادت مراســلة الجزيــرة هديــل اليــاين بــأن مــن أبــرز القضايــا‬
‫املشــرك إىل تعليــق مشــاركتها يف‬ ‫الخالفيــة اش ـراط أح ـزاب اللقــاء املشــرك العــودة بالعاصمــة صنعــاء إىل‬
‫الحــوار الرامــي إىل احتــواء تداعيــات‬ ‫مــا قبــل ‪ 21‬ســبتمرب‪/‬أيلول املــايض حــن ســيطر مســلحو الحــويث عــى‬
‫اســتقالة الرئيــس اليمنــي‪ ،‬عبــد ربــه‬ ‫مفاصــل العاصمــة‪ ،‬وهــو مــا يرفضــه الحوثيــون‪.‬‬
‫منصــور هــادي ورئيــس الحكومــة‬
‫خالــد بحــاح‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪81‬‬

‫‪2015/٠٢/٠٤‬‬
‫تهديد للحوثيني باالنفراد بإدارة البالد‬ ‫اليمن‪ ..‬الحراك الثوري الجنويب متمسك باالنفصال‬
‫تنتهــي األربعــاء مهلــة اإلنــذار التــي وجههــا‬
‫الحوثيــون لألح ـزاب اليمنيــة‪ ،‬مــن أجــل التوصــل‬
‫إىل اتفــاق ملــلء الف ـراغ الســيايس يف البــاد‪ .‬وقــد‬
‫علقــت األحـزاب مفاوضاتهــا‪ ،‬التــي تجــري برعايــة‬
‫األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫معسكرات لعنارص الحراك‬
‫ملواجهة الحوثيني‬
‫قــال رئيــس الجنــاح العســكري للحــراك‬
‫الجنــويب‪ ،‬العقيــد عي ـ َدروس الزبيــدي إن الح ـراك‬ ‫شــدد "الحــراك الثــوري الجنــويب" يف اليمــن‪ ،‬الثالثــاء‪ ،‬عــى مطالبــه‬
‫الجنــويب أنشــأ معســكرات تدريبيــة لعنــارص‬ ‫"باســتقالل" جنــوب البــاد‪ ،‬معربــا عــن رفضــه لدعــوة زعيــم جامعــة أنصــار‬
‫الحــراك املســلح تــرف عليهــا قيــادات ســابقة‬ ‫اللــه‪ ،‬عبــد امللــك الحــويث‪ ،‬للحــوار‪ ،‬إذا مل تقــرن باحــرام "إرادة الشــعب يف‬
‫يف الجيــش مهمتهــا رفــع كفــاءة العنــارص املقاتلــة‬ ‫الجنــوب"‪ .‬وقالــت "رئاســة املجلــس األعــى للح ـراك الثــوري الســلمي لتحريــر‬
‫ملواجهــة الحوثيــن‪.‬‬ ‫واســتقالل الجنــوب"‪ ،‬بعــد اجتــاع عقــد يف عــدن‪ ،‬إنهــا ترفــض دعــوة الحــويث‬
‫بـــ"االرساع يف معالجــة القضيــة الجنوبيــة وحلهــا حــا عــادال ومنصفــا"‪.‬‬
‫قتىل باشتباكات يف محافظة‬
‫البيضاء اليمنية‬ ‫فشل التوافق عىل تشكيل مجلس رئايس باليمن‬
‫أفــاد مراســل الجزيــرة يف اليمــن مبقتــل مديــر‬ ‫فشــلت القــوى السياســية اليمنيــة يف التوافــق عــى تشــكيل مجلــس‬
‫أمــن مديريــة الرشيــة يف البيضــاء وســط البــاد عــى‬ ‫رئــايس‪ ،‬يخــرج البــاد مــن أزمتهــا الحاليــة املتمثلــة يف الفـراغ الســيايس‪ ،‬بعــد‬
‫يــد مســلحي جامعــة الحــويث‪ ,‬يف وقــت قتــل ثالثــة‬ ‫اســتقالة الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي وحكومــة خالــد بحــاح‪ ،‬حســبام‬
‫حوثيــن وأصيــب خمســة يف اشــتباكات بــن الطرفــن‬ ‫أفــاد مراســل "ســكاي نيــوز عربيــة"‪ .‬وطلــب ممثــا حــزب اإلصــاح والحــزب‬
‫انتهــت بســيطرة الحوثيــن عــى مركــز املديريــة‪.‬‬ ‫االش ـرايك‪ ،‬مهلــة للرجــوع إىل هيئتــي حزبيهــا‪.‬‬

‫انتهاء مهلة الحوثيني وبوادر‬ ‫ترقب يف اليمن قبل انتهاء مهلة الحوثيني‬
‫اتفاق بشأن مجلس رئايس‬ ‫تســود حالــة مــن الرتقــب لــدى الشــارع اليمنــي مــع اقـراب انتهــاء املهلــة التــي‬
‫انتهــت مســاء األربعــاء مهلــة األيــام الثالثــة‬ ‫حددتهــا جامعــة الحــويث للقــوى السياســية لالتفــاق عــى مــلء الفـراغ الدســتوري‬
‫التــي حددتهــا جامعــة الحــويث للقــوى السياســية‬ ‫القائــم‪ ،‬يف حــن يُنتظــر أن يبلــور اللقــاء املشــرك رؤيــة لحــل األزمــة الراهنــة‪.‬‬
‫اليمنيــة بهــدف االتفــاق عــى ســد الفــراغ يف‬ ‫ويرتقــب اليمنيــون بحــذر الخطــوة التــي ســيقدم عليهــا الحوثيــون اليــوم‬
‫الســلطة‪ ،‬وســط أنبــاء عــن اتفــاق بــن تلــك القــوى‬ ‫األربعــاء‪ ،‬وخصوصــا بعــد انســداد املفاوضــات مــع القــوى السياســية التــي قاطعــت‬
‫عــى تشــكيل مجلــس رئــايس‪.‬‬ ‫يــوم االثنــن املباحثــات مــع جامعــة الحــويث التــي يرعاهــا املبعــوث األممــي يف‬
‫اليمــن جــال بــن عمــر‪.‬‬
‫خالفات أحزاب "املشرتك" تعقد‬
‫تعاملها مع الحوثيني‬ ‫مجلس تنسيقي قبيل لإلرشاف عىل محافظة شبوة‬
‫تواجــه أحــزاب اللقــاء املشــرك يف اليمــن‬ ‫اليمنية‬
‫اختبــارا مــن قبــل قواعدهــا التــي ترفــض الحــوار‬ ‫دشــن يف محافظــة شــبوة رشقــي اليمــن أمــس الثالثــاء املجلــس التنســيقي‬
‫مــع جامعــة الحوثيــن‪ ،‬وتحذرهــا مــن منــح‬ ‫لتحضــر إعــان أكــر تنســيق شــعبي قبــي يضــم زعــاء قبائــل وقــادة‬
‫الجامعــة "غطــاء سياســيا" ملــا قامــت بــه‪ ،‬كــا‬ ‫عســكريني ومدنيــن لــإرشاف عــى املحافظــة‪.‬‬
‫تواجــه تلــك األحـزاب تحديــا آخــر بعــد إعــان‬ ‫وأعلــن املجتمعــون أنهــم سيســتكملون الوثائــق للتنســيق القبــي‬
‫فروعهــا مبحافظتــي مــأرب وتعــز رفضهــا ألي‬ ‫والعســكري واملــدين إلعالنــه خــال األيــام القادمــة للــروع فيــه‪.‬‬
‫اتفــاق "يضفــي رشعيــة عــى انقــاب الحوثيــن"‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬ ‫‪82‬‬

‫‪2015/02/02‬‬ ‫‪2015/02/٠٣‬‬
‫املعارضة اليمنية بالخارج ترفض تشكيل مجلس رئايس‬ ‫مقتل جندي ميني بشبوة وقيادي حويث يف إب‬
‫أفــاد مراســل الجزيــرة بــأن جنديــا قتــل‬
‫وأصيــب اثنــان يف شــبوة رشقــي اليمــن‬
‫يف اشــتباكات بــن جنــود ثكنــة عســكرية‬
‫ومســلحني يشــتبه يف انتامئهــم إىل تنظيــم‬
‫القاعــدة‪ .‬وأضــاف املراســل أن مســلحني‬
‫اغتالــوا قائــدا ً محليـاً مــن جامعــة أنصــار اللــه‬
‫(الحوثيــن) يف محافظــة إب بوســط اليمــن‪.‬‬

‫رفضــت املعارضــة اليمنيــة يف الخــارج تشــكيل أي مجلــس رئــايس‪،‬‬ ‫إيران تبلغ الحوثيني باجتناب باب‬
‫وتبنــت مبــادرة جديــدة ترمــي إىل إنقــاذ اليمــن مــن أزمتــه السياســية‬ ‫املندب وحدود السعودية‬
‫الحاليــة‪ ،‬ومــن أبــرز مــا دعــت إليــه‪ ،‬العــودة إىل املبــادرة الخليجيــة‬ ‫كشــفت الصحــف اليمنيــة الصــادرة اليــوم‬
‫وآليتهــا التنفيذيــة‪ ،‬والتحضــر النتخابــات عامــة لســد الفـراغ الســيايس‬ ‫الثالثــاء عــن تحذيــرات إيرانيــة للحوثيــن‬
‫املوجــود حاليــا يف البلــد‪.‬‬ ‫بعــدم الســيطرة عــى مضيــق بــاب املنــدب‬
‫أو االقــراب مــن الحــدود الســعودية‪ ,‬كــا‬
‫الحوثيون مينعون مظاهرة رافضة لهم بصنعاء‬ ‫تناولــت فشــل املفاوضــات التــي يرعاهــا‬
‫املبعــوث األممــي جــال بــن عمــر مــن‬
‫أجــل الخــروج مــن أزمــة الفــراغ بالســلطة‪،‬‬
‫واســتقالة الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي‪،‬‬
‫وركــزت عــى الوضــع الصحــي لهــادي‪.‬‬

‫اللقاء املشرتك يعلق مشاركته يف‬


‫مشاورات بن عمر‬
‫علقــت أحــزاب اللقــاء املشــرك اليمنــي‬
‫أغلــق مســلحون مــن جامعــة أنصــار اللــه (الحوثيــون) اليــوم‬ ‫مشــاركتها يف املشــاورات التــي يجريهــا‬
‫منافــذ رئيســة يف العاصمــة اليمنيــة صنعــاء ملنــع مظاهــرة رافضــة‬ ‫املبعــوث األممــي جــال بــن عمــر‪ ،‬بينــا‬
‫لهــم دعــت إليهــا حــركات شــبابية وفــق إفــادات شــهود عيــان‪ .‬وذكــر‬ ‫قــال قيــادي يف جامعــة الحوثيــن إن ســفراء‬
‫الشــهود أن الحوثيــن اختطفــوا مصــورا صحفيــا حــاول تصويــر تجمــع‬ ‫االتحــاد األورويب يرفضــون إعــان الجامعــة‬
‫يف حــرم جامعــة صنعــاء‪.‬‬ ‫ملجلــس رئــايس لحكــم البــاد‪ ،‬موضحــا أن‬
‫العــودة إىل الربملــان ودســتور مــا قبــل ‪2011‬‬
‫قوات قبلية تستكمل السيطرة عىل مداخل مأرب‬ ‫هــو الخيــار الوحيــد املرغــوب فيــه إقليميــا‬
‫قــال مصــدر قبــي للجزيــرة إن قبائــل بنــي ظَ ْب َيــان نــرت قــوات‬ ‫ودوليــا‪.‬‬
‫حاميــة قبليــة بالقــرب مــن ســد مــأرب التاريخــي رشق اليمــن‪،‬‬ ‫وقــال قيــادي يف تكتــل اللقــاء املشــرك‬
‫لتســتكمل فــرض ســيطرتها عــى املنافــذ املؤديــة إىل مدينــة مــأرب‪.‬‬ ‫اليمنــي للجزيــرة إن ممثــي التكتــل املشــرك‬
‫وأضــاف املصــدر اليمنــي أن القــوات نــرت عــى الطريــق الرابــط‬ ‫طلبــوا مــن املبعــوث األممــي إعطاءهــم‬
‫بــن مــأرب ومنطقــة "ج َحانَــه" وذلــك بعــد نرشهــا يف وقــت ســابق‬ ‫فرصــة ليناقشــوا رؤيتهــم للتطــورات‬
‫نقــاط تجمــع عســكرية عــى الطــرق التــي تربــط العاصمــة صنعــاء‬ ‫الجديــدة مــن أجــل الخــروج مبوقــف واحــد‪،‬‬
‫مــع محافظــة البيضــاء‪.‬‬ ‫خصوصــا بعــد انســحاب األمــن العــام لحزب‬
‫التنظيــم النــارصي مــن املشــاورات‪.‬‬

‫‪ 20‬قتيال و‪ ٤٠‬مصاباً يف مواجهات شملت شو‬


‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬
‫ملف العدد‬
‫‪83‬‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬

‫‪2015/02/01‬‬

‫الحوثيون ميهلون القوى السياسية يف اليمن ثالثة أيام لحسم األزمة‬


‫أمهــل الحوثيــون الشــيعة‪ ،‬يف ختــام تجمــع شــعبي نظــم مــع حلفائهــم‬
‫يــوم األحــد‪ ،‬القــوى السياســية يف اليمــن ثالثــة أيــام إلنهــاء أزمــة الف ـراغ يف‬
‫الرئاســة والحكومــة‪ ،‬وهــددوا يف نــص البيــان الصــادر عــن التجمــع بتكليــف‬
‫"القيــادة الثوريــة" بوضــع حــد لألزمــة‪ ،‬ومــا زال الرئيــس اليمنــي متمســكا‬
‫باســتقالته بالرغــم مــن محــاوالت إقناعــه بالعــدول عنهــا كأفضــل مخــرج‬
‫ممكــن لألزمــة‪.‬‬

‫الحويث يدعو معارضيه الجتامع وتفاؤل أممي بالحوار‬

‫دعــا زعيــم جامعــة "أنصــار اللــه" عبــد امللــك الحــويث ممثــي الشــعب‬
‫اليمنــي إىل اجتــاع موســع الجمعــة املقبــل بالعاصمــة صنعــاء لبحــث‬
‫مســتقبل البــاد‪ ،‬وســبل تأمــن مــا وصفــه بـ"االنتقــال الســلمي للســلطة عــى‬
‫أســس الرشاكــة"‪ ،‬يف حــن أكــد مبعــوث األمــم املتحــدة لليمــن جــال بــن‬
‫عمــر أنــه متفائــل بتقــدم الحــوار بــن الفرقــاء‪.‬‬

‫‪2015/01/31‬‬
‫هادي يشرتط إخالء‬ ‫األحزاب اليمنية تفشل يف حل أزمة استقالة الرئيس والحكومة‬
‫الحوثيني لصنعاء‬
‫للعدول عن استقالته‬
‫أكــد عضــو الربملــان اليمنــي‬
‫والقيــادي يف حــزب العدالــة‬
‫والبنــاء عبــد العزيــز جبــاري‬
‫أن الرئيــس عبــد ربــه منصــور‬
‫هــادي أبلغهــم بــأن اســتقالته‬
‫فشــلت املشــاورات السياســية‪ ،‬التــي يجريهــا املبعــوث األممــي جــال بــن عمــر نهائيــة وال رجعــة عنهــا إال يف‬
‫مــع مختلــف األحـزاب اليمنيــة‪ ،‬حتــى الســبت يف التوصــل إىل حــل لألزمــة الناجمــة حــال انســحاب الحوثيــن مــن‬
‫عــن اســتقالة الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي‪ ،‬وحكومــة خالــد بحــاح‪ ،‬احتجاجــا العاصمــة صنعــاء‪.‬‬
‫عــى ســيطرة املســلحني الحوثيــن عــى صنعــاء‪.‬‬

‫وارع صنعاء‬
‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬
‫ملف العدد‬
‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬ ‫‪84‬‬

‫‪2015/01/28‬‬
‫زعيم الحوثيني يدعو إىل انتقال سلمي للسلطة‬

‫واشــنطن تؤكــد إجراءهــا‬


‫محادثــات مــع الحوثيــن‬
‫أعلنــت وزارة الدفــاع‬
‫األمريكيــة (البنتاغــون) أن‬
‫مســؤولني أمريكيــن يجــرون‬
‫محادثــات مــع جامعــة الحــويث‬ ‫دعــا زعيــم الحوثيــن اليمنــي عبــد امللــك الحــويث‪ ،‬والــذي يســيطر‬
‫يف اليمــن‪ ،‬لكنهــا نفــت تبــادل‬ ‫عنــارصه عــى العاصمــة صنعــاء‪ ،‬إىل انتقــال ســلمي للســلطة يف‬
‫معلومــات معهــا بشــأن تنظيــم‬ ‫اليمــن‪ ،‬بعــد اســتقالة الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي التــي وصفهــا‬
‫قاعــدة الجهــاد يف جزيــرة‬ ‫بأنهــا «منــاورة»‪ .‬وأكــد الحــويث أن األط ـراف السياســية بدعــم مــن‬
‫العــرب‪ ،‬يف وقــت تتصاعــد‬ ‫األمــم املتحــدة تجــري مشــاورات مــن أجــل الخــروج مــن األزمــة‬
‫فيــه االضطرابــات األمنيــة بعــد‬ ‫التــي تعصــف بالبــاد‪.‬‬
‫اســتقالة الرئيــس عبــد ربــه‬
‫منصــور هــادي وحكومتــه‬ ‫الحويث يدعو معارضيه الجتامع وتفاؤل أممي بالحوار‬
‫األســبوع املــايض تحــت ضغــط‬
‫دعــا زعيــم‬
‫مــن الجامعــة‪.‬‬
‫جامعــة «أنصــار‬
‫اللــه» عبــد امللــك‬
‫الحــويث ممثــي‬
‫الشــعب اليمنــي‬
‫إىل اجتــاع موســع‬
‫الجمعــة املقبــل‬
‫بن عمر‪ :‬مبادرة الحويث‬ ‫بالعاصمــة صنعــاء‬
‫لجمع املعارضني فردية‬ ‫لبحــث مســتقبل البــاد وســبل تأمــن مــا وصفــه بـ»االنتقال الســلمي للســلطة‬
‫قــال املبعــوث األممــي إىل‬ ‫عــى أســس الرشاكــة»‪ ،‬يف حــن أكــد مبعــوث األمــم املتحــدة لليمــن جــال‬
‫اليمــن جــال بــن عمــر‪ ،‬إن‬ ‫بــن عمــر أنــه متفائــل بتقــدم الحــوار بــن الفرقــاء‪.‬‬
‫مبــادرة الحــويث بجمــع اليمنيــن‬
‫الجمعــة املقبــل مبــادرة فرديــة مل‬
‫يتـ َّم ترتيبهــا مــع األمــم املتحــدة‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪85‬‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬

‫‪2015/01/27‬‬
‫أنباء عن سفينة إيرانية تحمل وقودا للحوثيني بالحديدة الحوثيون يفرجون عن‬
‫نقــل موقــع مدير مكتب الرئيس‬
‫الصحــوة نــت اليمني بعد لقاءات مع‬
‫اإلخبــاري اليمنــي املبعوث األممي‬
‫أفــرج الحوثيــون عــن أحمــد‬ ‫مصــادر‬ ‫عــن‬
‫عــوض بــن مبــارك مديــر مكتــب‬ ‫عســكرية وأمنيــة‬
‫الرئيــس اليمنــي‪ .‬وجــاء هــذا‬ ‫مبدينــة الحديــدة‬
‫اإلفــراج غــداة لقــاءات عقــدت‬ ‫أن ســفينة إيرانيــة‬
‫بــن مســؤولني حوثيــن وموفــد‬ ‫اقرتبــت مــن مينــاء‬
‫األمــم املتحــدة إىل اليمــن جــال‬ ‫املدينــة‪ ،‬وهــي تحمــل عــى متنهــا ســتني ألــف طــن مــن الوقــود إليصالهــا‬
‫بــن عمــر‪.‬‬ ‫إىل جامعــة الحــويث‪.‬‬

‫‪2015/01/26‬‬ ‫‪2015/01/25‬‬
‫حزب صالح يقرتح للحوثيني اسم‬ ‫الحوثيون يطلقون‬
‫الرئيس القادمبالحديدة‬ ‫النار لتفريق‬
‫ركــزت الصحــف اليمنيــة الصــادرة اليــوم االثنــن عــى‬ ‫دعا‬ ‫مظاهرة احتجاج‬
‫املشــاورات السياســية الجاريــة بــن جامعــة الحوثيــن‬
‫ضدهم يف جامعة‬
‫وحــزب الرئيــس املخلــوع عــي عبــد اللــه صالــح‪ ،‬للنظــر‬
‫صنعاء‬
‫يف اســتقالة الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي‪ ،‬والخيارات‬
‫املطروحــة لتجــاوز األزمــة التــي متــر بهــا البــاد‪.‬‬

‫تعرث املحادثات الرامية إلنهاء األزمة‬


‫السياسية يف اليمن‬ ‫يواصل الشارع‬
‫اليمني خاصة يف‬
‫العاصمة صنعاء‪ ،‬حراكه‬
‫دعا‬ ‫ضد الحوثيني الذين‬
‫صاروا يسيطرون عىل‬
‫زعيم‬ ‫الكثري من املناطق يف‬
‫جامعة‬ ‫اليمن‪ ،‬حيث نظمت‬
‫«أنصار‬ ‫األحد مظاهرة بالقرب‬
‫مل تعــرف األزمــة السياســية يف اليمــن طريقهــا إىل االنفراج‬
‫الله» عبد‬ ‫من جامعة صنعاء‪،‬‬
‫بعــد‪ ،‬إذ انســحبت األحــد مجموعــة أح ـزاب سياســية مــن‬
‫امللك الحويث‬ ‫بينام تأجل إلشعار‬
‫مفاوضــات جــرت مــع حركــة التمــرد الحوثيــة (شــيعة) التــي‬
‫ممثيل الشعب‬ ‫آخر اجتامع للربملان‬
‫ســيطرت عــى العاصمــة صنعــاء‪ ،‬مــا أثــار احتــال تفاقــم‬
‫اليمني إىل اجتامع‬ ‫كان مقررا األحد بعد‬
‫الفــوىض‪ .‬وقالــت األحـزاب القريبــة مــن منصــور هــادي إنهــا‬
‫موسع الجمعة املقبل‬ ‫استقالة الرئيس عبد‬
‫انســحبت بعدمــا تنصــل الحوثيــون مــن وعــد ســابق برفــض‬
‫بالعاصمة صنعاء لبحث‬ ‫ربه منصور هادي‪.‬‬
‫اســتقالة الرئيــس‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬ ‫‪86‬‬

‫‪2015/01/23‬‬ ‫‪2015/01/24‬‬

‫اليمن‪ :‬فراغ يف السلطة بانتظار‬ ‫الحوثيون يسيطرون عىل مجمع القرص الرئايس‬
‫أن يحسم الربملان الوضع‬ ‫ومجلس األمن يندد‬
‫يعيــش اليمــن فراغــا يف الســلطة بعــد‬ ‫متكنــت مليشــيات الحوثيــن الشــيعة الثالثــاء مــن الســيطرة عــى مجمــع‬
‫إعــان كل مــن رئيــس البــاد ورئيــس الحكومة‬ ‫القــر الرئــايس يف صنعــاء‪ ،‬وطوقــت مقــر إقامــة الرئيــس اليمنــي عبــد‬
‫اســتقالتهام‪ .‬وجــاء يف بيــان للحوثيــن أن‬ ‫ربــه منصــور هــادي‪ ،‬عقــب اشــتباكات مــع حــرس القــر‪ ،‬اندلعــت االثنــن‬
‫اســتقالة عبــد ربــه منصــور هــادي تبقــى يف‬ ‫املــايض‪ ،‬وقــد نــدد مجلــس األمــن بهــذه االعتــداءات وأعلــن دعمــه للرئيــس‬
‫االنتظــار‪ ،‬باعتبــار أن الربملــان مل يصــادق عليهــا‬ ‫اليمنــي «الرشعــي»‪.‬‬
‫بعــد‪.‬‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله»‬ ‫آالف املتظاهرين اليمنيني يحتجون‬
‫عبد امللك الحويث ممثيل‬ ‫يف صنعاء ضد الحوثيني‬
‫الشعب اليمني‬
‫إىل‬

‫‪2015/01/22‬‬

‫الحوثيون يعلنون قبول بيان‬


‫تظاهــر آالف اليمنيــن الســبت‪ ،‬يف شــوارع العاصمــة اليمنيــة‬
‫الرئيس اليمني إلنهاء األزمة‬ ‫صنعــاء‪ ،‬يف أكــر تجمــع ضــد الحوثيــن منــذ ســيطرتهم عــى العاصمــة‬
‫أعلــن الحوثيــون عــى لســان مســؤول كبــر‬ ‫يف أيلول‪/‬ســبتمرب‪.‬‬
‫أنهــم قبلــوا بيــان الرئيــس اليمنــي عبــد ربــه‬
‫منصــور هــادي الــذي توصــل إىل اتفــاق معهــم‬ ‫مقاتلو الحراك يسيطرون عىل مراكز للرشطة يف‬
‫يقــي بوجــوب انســحاب الحوثيــن مــن دار‬ ‫جنوب اليمن‬
‫الرئاســة وإطــاق رساح مديــر مكتــب الرئيــس‬
‫وإدخــال تعديــات عــى مــروع الدســتور‪.‬‬

‫استقالة الرئيس اليمني عبد‬


‫ربه منصور هادي والربملان‬
‫يرفض‬
‫قــدم الرئيــس اليمنــي عبــد ربــه منصــور‬
‫هــادي اســتقالته مســاء الخميــس بحســب‬
‫مستشــاره ســلطان العطــواين‪ ،‬يف حــن تعصــف‬ ‫اســتوىل انفصاليــون مســلحون الســبت عــى كافــة مراكــز الرشطــة‬
‫أزمــة أمنيــة وسياســية حــادة بهــذا البلــد‪.‬‬ ‫يف مدينــة عتــق جنــويب اليمــن‪ ،‬يف رضبــة جديــدة للســلطات املركزية‪،‬‬
‫ورفــض الربملــان اســتقالة هــادي داعيــا إىل‬ ‫التــي أضعفــت ســلطتها أصــا مليشــيات (الشــيعة) يف العاصمــة‬
‫جلســة طارئــة الجمعــة لبحــث األزمــة‪.‬‬ ‫صنعــاء‪ ،‬والتــي شــهدت اليــوم تظاهـرات حاشــدة منــددة بالحوثيــن‪.‬‬
‫ورحــب مســؤول حــويث كبــر باســتقالة‬
‫الرئيــس اليمنــي هــادي‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪87‬‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬

‫‪2015/01/21‬‬
‫دول الخليج تعلن‬ ‫الســلطات األمنيــة تغلــق املعابــر الجويــة والبحريــة‬
‫دعمها للرئيس اليمني‬ ‫والربيــة يف عــدن تضامنــا مــع الرئيــس اليمنــي‬
‫وتندد بـ«االنقالب عىل‬
‫الرشعية»‬
‫أعلنــت دول مجلــس التعاون‬
‫الخليجــي األربعــاء‪ ،‬دعمهــا‬
‫«القــوي» للرئيــس اليمنــي‬
‫عبــد ربــه منصــور هــادي‪ ،‬أمــام‬
‫«االنقــاب عــى الرشعيــة»‪،‬‬
‫الــذي نفــذه املتمــردون‬
‫الحوثيــون (الشــيعة) الثالثــاء‪،‬‬ ‫أعلنــت قنــاة تلفزيونيــة مينيــة اليــوم األربعــاء أن اللجنــة األمنيــة‬
‫إثــر اقتحامهــم قــر الرئاســة يف‬ ‫املحليــة قالــت يف بيــان إنهــا أغلقــت املعابر الجويــة والبحريــة والربية‬
‫صنعــاء والســيطرة عليــه‪.‬‬ ‫املؤديــة إىل مدينــة عــدن الجنوبيــة تضامنــا مــع الرئيــس اليمنــي‬
‫عبدربــه منصــور هــادي‪ ،‬وذلــك إثــر متكــن املســلحني الحوثيــن مــن‬
‫اتفاق بني الحوثيني‬ ‫الســيطرة عــى قــر الرئاســة يف صنعــاء‪.‬‬
‫والرئيس اليمني إلنهاء‬ ‫الرئيس اليمني يلتقي مستشاريه يف منزله وبينهم‬
‫األزمة‬ ‫ممثل عن الحوثيني‬
‫نقلــت وكالــة ســبأ اليمنيــة‬
‫قــال مصــدر‬
‫الرســمية أن الرئيــس عبــد ربــه‬
‫مينــي‬ ‫رئــايس‬
‫منصــور هــادي قــد توصــل‬
‫األربعــاء‪ ،‬إن الرئيس‬
‫مســاء األربعــاء‪ ،‬إىل اتفــاق‬
‫عبــد ربــه منصــور‬
‫إلنهــاء األزمــة مــع املتمرديــن‬
‫هــادي قــد التقــى‪،‬‬
‫الحوثيــن الذيــن ســيطروا عــى‬
‫يف منزلــه الكائــن‬
‫مقــر الرئاســة الثالثــاء‪ .‬ومــن‬
‫بشــارع الســتني‬
‫أهــم بنــود االتفــاق انســحاب‬
‫غــرب صنعــاء‪ ،‬مــع‬
‫الحوثيــن مــن دار الرئاســة‬
‫مستشــاريه وبينهــم ممثــل عــن الحوثيــن الذيــن ســيطروا باألمــس عــى قــر‬
‫وإطــاق رساح مديــر مكتــب‬
‫الرئاســة‪ ،‬كــا التقــى عبــد ربــه عــددا مــن شــيوخ القبائــل بحســب املصــدر‬
‫الرئيــس وإدخــال تعديــات عــى‬
‫نفســه ‪.‬‬
‫مــروع الدســتور‪.‬‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله» عبد امللك الحويث‬
‫ممثيل الشعب اليمني إىل اجتامع موسع الجمعة املقبل دعا زعيم جامعة «أنصار الله»‬

‫‪2015/01/20‬‬
‫إغالق سفارات عدة دول أوروبية بسبب تأزم الوضع يف العاصمة اليمنية صنعاء‬
‫قــررت العديــد مــن الــدول األوروبيــة‪ ،‬بينهــا فرنســا‪ ،‬إغــاق ســفاراتها يف العاصمــة اليمنيــة صنعــاء إثــر‬
‫تجــدد أعــال العنــف االثنــن ومحــارصة ميليشــيا «أنصــار اللــه» الشــيعية ملقــار حكوميــة‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬ ‫‪88‬‬

‫‪2015/01/19‬‬

‫الحوثيون يسيطرون عىل‬ ‫اشتباكات بني الجيش ومقاتلني حوثيني قرب القرص‬
‫تلة‪ ،‬اسرتاتيجية مطل‬ ‫الرئايس يف صنعاء‬
‫عىل القرص الرئايس يف‬
‫»محاولة انقالب«‬
‫متكــن الحوثيــون‪ ،‬اليــوم‬
‫االثنــن‪ ،‬مــن الســيطرة عــى‬
‫تلــة اســراتيجية مطلــة عــى‬
‫القــر الرئــايس اليمنــي خــال‬
‫اشــتباكات مــع الجيــش يف‬
‫محيــط قــر الرئاســة وقــد‬
‫وصفــت وزيــرة اإلعــام اليمنيــة‬ ‫دارت اشــتباكات عنيفــة صبــاح االثنــن بــن الجيــش اليمنــي‬
‫ناديــة الســقاف مــا يحــدث‬ ‫ومقاتلــن حوثيــن يف محيــط قــر الرئاســة يف العاصمــة اليمنيــة‬
‫بأنــه «محاولــة انقــاب»‪.‬‬ ‫صنعــاء‪ ،‬يــأيت ذلــك بعــد يومــن عــى خطــف أحمــد عــوض بــن‬
‫مبــارك مديــر مكتــب الرئيــس اليمنــي‪.‬‬
‫اتفاق عىل وقف إطالق‬
‫النار بني الحوثيني وحرس‬ ‫الحوثيون يرفضون تشكيلة الحكومة الجديدة‬
‫القرص الرئايس بصنعاء‬ ‫ويطالبون بتعديلها‬
‫رفــض الحوثيــون‬
‫اتفــق كل مــن الحوثيــن‬ ‫تشــكيلة الحكومــة‬
‫الشــيعة وحــرس القــر الرئــايس‬ ‫اليمنيــة الجديــدة‬
‫بصنعــاء عــى هدنــة‪ ،‬إثــر‬ ‫وطالبــوا بتعديلهــا‬
‫مواجهــات عنيفــة وقعــت بينهــم‬ ‫بغــرض اســتبعاد‬
‫اليــوم االثنــن‪ ،‬وقــد ســقط‬ ‫وزراء يعتربونهــم‬
‫خاللهــا تســعة قتــى وعــرات‬ ‫«غــر مؤهلــن‬
‫الجرحــى بينهــم مدنيــون‪.‬‬ ‫و فا ســد ين » ‪،‬‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله»‬ ‫وأوضحــوا يف بيــان أن هــذه التشــكيلة «تعــد مخالفــة التفــاق الســلم والرشاكــة‬
‫عبد امللك الحويث ممثيل الشعب‬ ‫الوطنيــة»‪.‬‬
‫اليمني إىل اجتامع موسع الجمعة‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله» عبد امللك‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله»‬
‫الحويث ممثيل الشعب اليمني إىل اجتامع موسع‬

‫‪2015/01/18‬‬
‫محافظة شبوة تهدد بوقف إنتاج النفط ردا عىل خطف مدير مكتب الرئيس اليمني‬
‫حــذر محافــظ شــبوة اليمنيــة (جنــوب) مــن أن إنتــاج النفــط ســيتوقف اعتبــارا مــن منتصــف ليــل األحــد‬
‫يف هــذه املنطقــة إذا مل يتــم اإلفـراج عــن مديــر مكتــب الرئيــس اليمنــي أحمــد عــوض بــن مبــارك‪ ،‬والــذي‬
‫ينحــدر مــن هــذه املنطقــة ويحتجــزه الحوثيــون‪ .‬وحــذر املحافــظ مــن أن العمليــات يف محطــة بلحــاف‬
‫للغــاز الواقعــة يف محافظــة شــبوة‪ ،‬ســتتوقف أيضــا‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪89‬‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬

‫‪2014/12/31‬‬ ‫‪2014/12/31‬‬
‫مقتل ‪ 25‬شخصا يف انفجارين‬ ‫‪ 33‬قتيال يف هجوم انتحاري‬
‫بسيارتني ملغومتني استهدفا‬ ‫استهدف أنصارا للحوثيني خالل‬
‫الحوثيني‬ ‫احتفال باملولد النبوي‬
‫قتــل ‪ 25‬شــخصا عــى‬ ‫اســتهدف تفجــر انتحــاري األربعــاء‬
‫األقــل يف انفجاريــن منفصلــن‬ ‫أنصــارا للحوثيــن يف مدينــة إب وســط‬
‫بســيارتني ملغومتــن اســتهدف‬ ‫البــاد‪ ،‬فأســفر عــن ســقوط ‪ 33‬قتيــا عىل‬
‫أحدهــا نقطــة تفتيــش‬ ‫األقــل وع ـرات الجرحــى خــال احتفــال‬
‫يديرهــا الحوثيــون‪ ،‬فيــا هــز‬ ‫باملولــد النبــوي الــذي يصــادف الســبت‪،‬‬
‫االنفجــار الثــاين منطقــة قيــل‬ ‫حســب مــا ذكــرت مصــادر طبيــة وشــهود‬
‫إنهــا تؤيــد الحوثيــن‪.‬‬ ‫عيــان‪.‬‬

‫‪2014/12/25‬‬
‫خطف مسؤول كبري يف املخابرات‬
‫اليمنية من قبل مسلحني حوثيني‬
‫‪2014/11/26‬‬ ‫خطــف مســلحون حوثيــون اليــوم الخميــس‬
‫الحوثيون يسيطرون عىل منزل‬ ‫اللــواء يحيــى املــراين‪ ،‬وهــو مســؤول كبــر يف‬
‫شيخ آل األحمر يف شامل صنعاء‬ ‫املخاب ـرات اليمنيــة‪ ،‬يف العاصمــة صنعــاء‪ .‬وكان‬
‫امل ـراين يشــغل منصــب رئيــس األمــن الســيايس‬
‫متكــن الحوثيــون مــن الســيطرة عــى منــزل‬ ‫يف محافظــة صعــدة‪ ،‬معقــل حركــة «أنصــار‬
‫الزعيــم التاريخــي آلل األحمــر بعــد اشــتباكات‬ ‫اللــه» الشــيعية‪ ،‬قبــل أن يعينــه الرئيــس عبــد‬
‫اندلعــت ليــل الثالثــاء األربعــاء يف شــال‬ ‫ربــه منصــور هــادي مدي ـرا لألمــن الداخــي‪.‬‬
‫صنعــاء مــع مســلحني موالــن آلل األحمــر‬
‫الذيــن يتزعمــون قبيلــة حاشــد النافــذة‪.‬‬

‫‪2014/11/15‬‬
‫‪2014/12/23‬‬
‫اإلمارات تصنف «اإلخوان» والحوثيني‬
‫ضمن قامئة الجامعات اإلرهابية‬ ‫سلسلة انفجارات عنيفة تهز‬
‫صنفــت اإلمــارات العربيــة املتحــدة جامعــة‬ ‫العاصمة صنعاء‬
‫«اإلخــوان املســلمني» والحوثيــن باليمــن‬ ‫أفــاد مســؤول أمنــي يف اليمــن بوقــوع‬
‫باإلضافــة إىل «جبهــة النــرة» وتنظيــم «الدولة‬ ‫خمســة انفجــارات الثالثــاء خلفــت قتيــا‬
‫اإلســامية» ضمــن قامئــة الجامعــات اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫عــى األقــل يف صنعــاء وبالتحديــد يف حــي‬
‫وتظهــر هــذه الخطــوة القلــق املتزايــد لهــذا‬ ‫تســكنه غالبيــة مــن مســاندي الحوثيــن‬
‫البلــد مــن اإلســام الســيايس‪.‬‬ ‫الشــيعة‪ ،‬لكــن مل تعلــن أيــة جهــة مســؤوليتها‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله» عبد امللك الحويث‬ ‫عــن االنفجــارات‪.‬‬
‫ممثيل الشعب اليمني إىل اجتامع موسع الجمعة‬
‫املقبل بالعاصمة صنعاء لبحث مستقبل البالد وسبل‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬ ‫‪90‬‬

‫‪2014/11/09‬‬ ‫‪2014/11/12‬‬
‫الحكومة اليمنية الجديدة تؤدي اليمني‬ ‫مقتل سبعة عنارص من القاعدة‬
‫الدستورية‪ ،‬رغم مطالبة الحوثيني‬ ‫يف هجوم بطائرة بدون طيار‬
‫بتعديلها‬ ‫قتــل ســبعة عنــارص مــن تنظيــم‬
‫أدت الحكومــة اليمنيــة الجديــدة‪ ،‬التــي أعلــن‬ ‫القاعــدة بينهــم امــرأة يف غــارة‬
‫عــن تشــكيلها الجمعــة‪ ،‬اليمــن الدســتورية برئاســة‬ ‫شــنتها طائــرة بــدون طيــار يعتقــد‬
‫رئيــس الــوزراء خالــد بحــاح‪ .‬وكان الحوثيــون رفضــوا‬ ‫أنهــا أمريكيــة‪ .‬وذكــرت مصــادر‬
‫أمــس الســبت تشــكيلة هــذه الحكومــة ودعــوا إىل‬ ‫قبليــة أن الغــارة اســتهدفت تجمعــا‬
‫تعديلهــا‪.‬‬ ‫للقاعــدة يف شــبوة بجنــوب اليمــن‪.‬‬
‫وقتــل «عــرات» األشــخاص يف‬
‫هجــوم آخــر اســتهدف منــزل زعيــم‬
‫قبــي حليــف للحوثيــن يف مدينــة‬
‫‪2014/11/05‬‬ ‫رداع بوســط البــاد‪.‬‬

‫مقتل فرنيس وإصابة آخر يف إطالق نار عند‬


‫حاجز للحوثيني يف صنعاء‬
‫قتــل فرنــي مــن أصــول جزائريــة وأصيــب آخــر ينحــدر‬ ‫‪2014/11/11‬‬
‫مــن أصــل مغــريب بجــروح األربعــاء عنــد تعرضهــا إلطــاق‬
‫نــار عنــد حاجــز للحوثيــن جنــويب صنعــاء‪ ،‬بحســب مــا أفاد‬
‫الحوثيون ميهلون الرئيس اليمني‬
‫مصــدر أمنــي ومصــدر دبلومــايس غــريب‪ ،‬وقــال املصــدر‬ ‫عرشة أيام لتشكيل حكومة جديدة‬
‫الدبلومــايس إن القتيــل والجريــح مــن الطــاب الســلفيني‬ ‫حــذرت قبائــل مواليــة للحوثيــن الجمعــة‬
‫املقيمــن يف صنعــاء مؤكــدا أن «املصالــح الفرنســية ليســت‬ ‫الرئيــس اليمنــي عبــد ربــه منصــور هــادي مــن‬
‫مســتهدفة»‪.‬‬ ‫أنهــا ســوف تلجــأ إىل تشــكيل مجلــس إنقــاذ‬
‫وطنــي يف حــال مل يتــم تشــكيل حكومــة جديدة‬
‫عــى أســاس اتفــاق الســام املوقــع يف أيلــول‪/‬‬
‫ســبتمرب‪ .‬جــاء هــذا التحذيــر خــال تجمــع عقد‬
‫بدعــوة مــن عبــد امللــك الحــويث زعيــم حركــة‬
‫«أنصــار اللــه» وشــارك فيــه منــارصوه‪.‬‬

‫‪2014/11/03‬‬ ‫حرس الحدود يدق جرس‬


‫اإلنذار يف السعودية بعد تقدم‬
‫اغتيال قيادي بحزب مقرب من‬ ‫الحوثيني نحوهم‬
‫الحوثيني عىل يد مجهولني يف صنعاء‬ ‫دق حــرس الحــدود يف الســعودية ناقــوس‬
‫قتــل قيــادي بحــزب «اتحــاد القــوى الشــعبية»‬ ‫الخطــر بعــد التقــدم الرسيــع الــذي يحــرزه‬
‫الليــرايل األحــد عــى يــد مســلحني مجهولــن أطلقــا‬ ‫يوميــا الحوثيــون عــى حدودهــم الجنوبيــة‪،‬‬
‫الرصــاص عليــه أثنــاء ســره مرتجــا يف شــارع بالقــرب‬ ‫والتــي تعــد معـرا لنشــاط غــر قانــوين عــى‬
‫مــن منزلــه بوســط صنعــاء‪ ،‬حســب مــا أعلنــت وكالــة‬ ‫الــدوام‪ .‬ويســيطر الحوثيــون عــى مســاحات‬
‫األنبــاء اليمنيــة‪.‬‬ ‫شاســعة مــن شــال اليمــن منــذ تكويــن‬
‫أتبــاع لهــم بــن قبائــل املنطقــة يف بدايــات‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله» عبد امللك الحويث ممثيل‬ ‫األلفيــة الثالثــة بفضــل شــن حملــة للمطالبــة‬
‫الشعب اليمني إىل اجتامع موسع الجمعة املقبل بالعاصمة‬ ‫بحقــوق الشــيعة الزيديــة‪.‬‬
‫صنعاء لبحث مستقبل البالد وسبل تأمني ما وصفه بـ»االنتقال‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪91‬‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬

‫‪2014/11/02‬‬
‫‪2014/09/30‬‬ ‫القوى السياسية اليمنية توقع اتفاقا‬
‫تظاهر املئات يف شوارع صنعاء ضد‬ ‫لتشكيل «حكومة كفاءات» وتتعهد بدعمها‬
‫الحوثيني املسيطرين عىل العاصمة‬ ‫توصلــت األطــراف السياســية املتنازعــة يف‬
‫اليمــن إىل اتفــاق يقــي بتشــكيل «حكومــة‬
‫كفــاءات» برئاســة خالــد بحــاح‪ ،‬بعيــدا عــن‬
‫املحاصصــة الحزبيــة‪ ،‬يف محاولــة إلخ ـراج البــاد‬
‫مــن األزمــة‪ .‬وحــر توقيــع االتفــاق موفــد األمــم‬
‫املتحــدة إىل اليمــن جــال بــن عمــر‪ .‬وتعهــد‬
‫املوقعــون «دعــم الحكومــة املرتقبــة»‪.‬‬
‫تظاهــر مئــات اليمنيــن الثالثــاء يف‬
‫العاصمــة صنعــاء ضــد املســلحني الحوثيــن‬
‫الشــيعة الذيــن يســيطرون عــى معظــم‬
‫مرافــق املدينــة‪.‬‬ ‫‪2014/10/08‬‬
‫الرئيس اليمني يعني أحمد عوض بن مبارك‬
‫‪2014/09/25‬‬ ‫رئيسا للحكومة والحوثيون يرفضون‬
‫حصيلة املعارك يف صنعاء تبلغ ‪270‬‬ ‫نقلــت وكالــة ســبأ اليمنيــة الرســمية اليــوم‬
‫قتيال عىل األقل‬ ‫الثالثــاء أن الرئيــس اليمنــي عبــد ربــه منصــور‬
‫وردت وزارة الصحــة اليمنيــة حصيلــة‬ ‫هــادي عــن مديــر مكتبــه أحمــد عــوض بــن‬
‫جديــدة للمعــارك التــي شــهدتها صنعــاء‬ ‫مبــارك رئيســا للحكومــة‪ ،‬إال أن الحوثيــن أعلنــوا‬
‫خــال املعــارك التــي مكنــت الحوثيــن مــن‬ ‫رفضهــم هــذا التعيــن‪ ،‬وأكــدوا أنــه «ال يلبــي‬
‫الســيطرة عــى العاصمــة اليمنيــة‪ ،‬حيــث‬ ‫إرادة الشــعب»‪.‬‬
‫بلــغ عــدد القتــى ‪ 270‬قتيــا بــن مدنيــن‬
‫وعســكريني يف حــن خلفــت ‪ 460‬جريحــا‪.‬‬

‫‪2014/09/22‬‬
‫اليمن‪ :‬اتفاق بني الحوثيني وباقي‬
‫األطراف السياسية عىل تشكيل‬ ‫‪2014/10/02‬‬
‫«حكومة كفاءات»‬ ‫دول الخليج لن تقف «مكتوفة األيدي»‬
‫وقــع الحوثيــون وباقــي األطــراف‬
‫السياســية اليمنيــة األحــد اتفــاق ســلم‬ ‫أمام «التدخالت الفئوية واألجنبية» باليمن‬
‫ورشاكــة برعايــة أمميــة وبحضــور‬ ‫أكــد وزراء الداخليــة لــدول مجلــس التعــاون‬
‫رئيــس الجمهوريــة عبــد ربــه منصــور‬ ‫الخليجــي أن بلدانهــم لــن تقــف «مكتوفــة األيــدي»‬
‫هــادي‪ ،‬ينــص عــى أن يجــري الرئيــس‬ ‫أمــام «التدخــات الخارجيــة والفئويــة» يف اليمــن يف‬
‫مشــاورات تفــي إىل تشــكيل‬ ‫إشــارة إىل «الحوثيــن وطهــران»‪ .‬وشــدد الــوزراء عــى‬
‫«حكومــة كفــاءات» يف غضــون شــهر‬ ‫انســحاب الحوثيــن مــن املقــار الرســمية وإعــادة «مــا‬
‫وتعيــن مستشــارين سياســيني للرئيس‬ ‫تــم نهبــه»‪ ،‬معلنــن عــن وقــوف دول املجلــس «بقــوة‬
‫مــن الحوثيــن والحــراك الجنــويب‪.‬‬ ‫إىل جانــب اليمــن الشــقيق»‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬ ‫‪92‬‬

‫‪2014/09/20‬‬
‫‪٢٠١٤/٠٩/٠٩‬‬
‫الحوثيون يسيطرون عىل مباين‬
‫الرشطة اليمنية تتصدى ملحتجني حوثيني‬ ‫التلفزيون اليمني واألمم املتحدة‬
‫حاولوا اقتحام رئاسة الوزراء يف صنعاء‬
‫تعلن التوصل التفاق لحل األزمة‬
‫قتــل ســبعة متظاهريــن مــن املحتجــن الحوثيــن وجــرح‬ ‫ســيطر الحوثيــون املســلحون‬
‫آخــرون عندمــا أطلقــت الرشطــة اليمنيــة النــار إلحبــاط محاولــة‬ ‫عــى مجمــع البــث الفضــايئ‬
‫اقتحــام ملقــر رئاســة الــوزراء وســط صنعــاء‪ ،‬وكان اآلالف مــن‬ ‫للتلفزيــون الحكومــي اليمنــي يف‬
‫أنصــار الحوثيــن الذيــن صعــدوا تحركهــم االحتجاجــي ضــد‬ ‫صنعــاء‪ ،‬وعطلــوا البــث قبــل أن‬
‫الحكومــة‪ ،‬خرجــوا يف تظاهــرة مــن ســاحة التغيــر باتجــاه مبنــى‬ ‫يســتأنف مــن جديــد مــن مقــر‬
‫رئاســة الــوزراء‬ ‫تابــع للقــوات املســلحة‪ .‬كــا أن‬
‫دعا زعيم جامعة «أنصار الله» عبد‬ ‫خمســة أشــخاص عــى األقــل‬
‫امللك الحويث ممثيل الشعب اليمني إىل‬ ‫قتلــوا يف العمليــة‪ .‬وأعلنــت األمــم‬
‫املتحــدة يف أعقــاب ذلــك توصــل‬
‫األطــراف إىل اتفــاق لحــل األزمــة‬
‫يف البلــد‪.‬‬

‫‪٢٠١٤/٠٩/٠٨‬‬ ‫‪2014/09/19‬‬
‫الحوثيون يصعدون احتجاجاتهم يف صنعاء‬
‫ومخاوف من تفاقم التوتر الطائفي‬ ‫رشكات الطريان تقرر تعليق‬
‫رحالتها إىل صنعاء بسبب أعامل‬
‫العنف‬
‫علقــت رشكات الطــران رحالتهــا إىل‬
‫العاصمــة اليمنيــة صنعــاء بســبب أعــال‬
‫العنــف‪ .‬وذكــرت الهيئــة العامــة للطــران‬
‫املــدين يف هــذا البلــد أن العمليــة ســتدوم‬
‫‪ 24‬ســاعة وســ ُيقرر متديدهــا أو اســتئنافها‬
‫نصــب أنصــار الحوثيــن األحــد خيامــا جديــدة بالقــرب مــن‬ ‫«وفقــا لطبيعــة ألجــواء األمنيــة»‪.‬‬
‫وزارات الداخليــة والكهربــاء واالتصــاالت وســط صنعــاء كــا‬
‫أغلقــوا طريــق املطــار‪ ،‬مــا ينبــئ بتصاعــد التوتــر الطائفــي يف‬
‫اليمــن بــن الحوثيــن الشــيعية والســنة املوالــن للحكومــة‪.‬‬
‫الحوثيون يوافقون عىل وقف‬
‫املعارك مع مقاتيل «حزب‬
‫اإلصالح» يف صنعاء‬
‫وافــق الحوثيــون الشــيعة الجمعــة‬
‫عــى وقــف املعــارك مــع مقاتــي «حــزب‬
‫اإلصــاح» الســني يف صنعــاء‪ ،‬بحســب‬
‫مــا أعلــن أحــد املفاوضــن املشــاركني يف‬
‫وســاطة يقودهــا ممثــل لألمــم املتحــدة‬
‫جــال بــن عمــر‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫‪93‬‬ ‫الحوثي� ف ي� اليمن‬
‫ين‬ ‫قصاصات صحفية ألحداث وتفاعالت قضية‬

‫‪2014/٠٩/٠٣‬‬
‫استمرار التوتر يف اليمن مع إطباق الحوثيني عىل العاصمة صنعاء‬
‫خــرج الحوثيــون بأعــداد غفــرة إىل شــوارع العاصمــة اليمنيــة صنعــاء مســتنكرين القـرار‬
‫الحكومــي برفــع أســعار مشــتقات النفــط‪ ،‬ويعتــر العديــد مــن املراقبــن واملحللــن أن هــذه‬
‫املظاهـرات املطلبيــة أتــت كنــوع مــن الذريعــة تســنح للحوثيــن أن يقومــوا باســتعراضهم‬
‫للقــوة هــذا تزامنــا مــع التحــركات العســكرية التــي قامــوا بهــا نحــو العاصمــة منــذ أســابيع‬
‫خلــت وســيطرتهم عــى عــدد مــن املــدن والقــرى‪ ،‬يف مــا وصــف "بســعي الحوثيــن لتضييــق‬
‫الخنــاق عــى صنعــاء" كــا الســيطرة عــى "طــرق اإلمــداد مــا بــن العاصمــة ومناطــق‬
‫مــأرب الحيويــة لالقتصــاد اليمنــي ككل"‪.‬‬

‫‪2014/٠٨/٢٤‬‬ ‫‪2014/٠٨/٣١‬‬

‫اليمن‪ :‬مخاوف من اندالع‬ ‫مقتل ‪ 21‬شخصا عىل األقل يف‬


‫العنف يف صنعاء بعد فشل‬ ‫اشتباكات بني الحوثيني وقبائل يف‬
‫املفاوضات بني الرئاسة والحوثيني‬ ‫قــي ‪ 21‬شــخصا مرصعهــم يف اشــتباكات بــن‬
‫املتمرديــن الحوثيــن الشــيعة ومســلحني قبليــن‬
‫أعلــن عبــد امللــك املخــاف‬ ‫معارضــن لهــم يف شــال اليمــن‪ .‬وقالــت‬
‫املتحــدث باســم الوفــد الــذي أرســله‬ ‫مصــادر قبليــة إن االشــتباكات دارت يف مديريــة‬
‫رئيــس الجمهوريــة اليمنــي عبــد ربــه‬ ‫مجــزر الواقعــة بــن محافظتــي الجــوف ومــأرب‬
‫منصــور هــادي إىل محافظــة صعــدة‬ ‫يف شــال وســط اليمــن‪.‬‬
‫الشــالية للتفــاوض مــع زعيــم‬
‫املتمرديــن الحوثيــن الشــيعة‪ ،‬والذيــن‬
‫ينتــر أنصارهــم بــاآلالف عنــد‬
‫مداخــل صنعــاء‪ ،‬أن مهمــة الوفــد قــد‬
‫فشــلت‪ ،‬وهــو عائــد إىل صنعــاء‪.‬‬
‫‪2014/٠٨/٣٠‬‬
‫حشد للحوثيني وآخر ألنصار‬
‫‪2014/٠٨/٢٣‬‬ ‫الحكومة يف صنعاء مع توقع‬
‫تجمــع عــرات اآلالف مــن أنصــار‬
‫عرشات اآلالف من الحوثيني‬ ‫الحوثيــن املطالبــن بإســقاط الحكومــة‬
‫يتظاهرون ضد الحكومة يف العاصمة‬ ‫الجمعــة يف شــال صنعــاء‪ ،‬متوعديــن‬
‫اليمنية صنعاء‬ ‫بتصعيــد تحركاتهــم‪ .‬يف حــن احتشــد أنصــار‬
‫تظاهــر ع ـرات اآلالف مــن اليمنيــن يف العاصمــة‬ ‫الحكومــة يف غــرب العاصمــة اليمنيــة‪ ،‬وذلــك‬
‫صنعــاء اليــوم الجمعــة‪ ،‬تلبيــة لدعــوة أطلقهــا‬ ‫يف ظــل توقــع إطــاق مبــادرة جديــدة‬
‫الحوثيــون الشــيعة للمطالبــة باســتقالة الحكومــة‬ ‫الســبت لحــل األزمــة التــي وضعــت اليمــن‬
‫وإلغــاء ق ـرار رفــع أســعار الوقــود‪ ،‬وحشــد الحوثيــون‬ ‫عــى شــفري الحــرب األهليــة‪.‬‬
‫منــذ أيــام ع ـرات اآلالف مــن أنصارهــم يف صنعــاء‪،‬‬
‫وحــذروا مــن أنهــم ســيلجؤون إىل "أســاليب ضغــط‬
‫مرشوعــة" إذا مل تســتجب الســلطات ملطالبهــم‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ملف العدد‬
‫الحوثيون‬ ‫‪94‬‬
‫مذهب ف ي� مواجهة الدولة‬

‫بيبليوغرافيا ملف الحوثيين‪:‬‬

‫ث‬
‫الحــو� عــى الحــدود الســعوديّة»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬هــادي‬ ‫ •«نــازح مــن جــازان‪ :‬مفاجــآت التمــرد‬
‫ي‬
‫النــا�‪ :‬دار مــدارك ش‬
‫للنــر‪2014 ،‬‬ ‫ش‬ ‫فقيهــي‪،‬‬

‫ومواجــع»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬أحمــد أمـ ي ن‬


‫ـ�‬ ‫ِ‬ ‫والحوثيــون مر ِاجــع‬
‫ُّ‬ ‫اليمنيــة‪ :‬إي ـران‬
‫َّ‬ ‫الشــعبية‬
‫ •«بعــد الثــورة َّ‬
‫ـا�‪ :‬مجلــة البيــان ‪ -‬مركــز البحــوث والدراســات‪2014 ،‬‬ ‫الشــجاع‪ ،‬النـ ش‬

‫ •«الحوثيــون ومســتقبلهم الســياس والعســكري»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬د‪ .‬أحمــد محمــد الدغـ شـ�‪ ،‬ش‬
‫النا�‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫منتــدى العالقــات العربيــة والدولية‪ ،‬الدوحــة‪.2013 ،‬‬
‫ن‬
‫ـا�‪ ،‬سلســلة إصــدارات‬
‫ •«الحوثيــون والثــورة الشــبابية»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬صــادق عبــد الرحمــن الصنعـ ي‬
‫الحوثيــة‪2013 ،‬‬

‫ •«الحوثيــون ف ي� اليمــن ‪ ...‬ســاح الطائفــة ووالءات السياســة»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬مــوىس النمــر نا�‪،‬‬
‫ش‬
‫النــا�‪ :‬مركــز المســبار للدراســات والبحــوث‪2010 ،‬‬

‫ش‬
‫النــا�‪ :‬الــدار‬ ‫ش‬
‫الدغــ�‪،‬‬ ‫ •«الحوثيــون؛ دراســة منهجيــة شــاملة»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬أحمــد محمــد‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫للعــام ‪ -‬قطــر‪ ،‬الطبعــة الوىل‪2010 ،‬‬
‫العربيــة للعلــوم ‪ -‬لبنــان‪ ،‬والمــورد إ‬
‫ •«الحوثيــة ف� اليمــن ‪ -‬أ‬
‫الطمــاع المذهبيــة ف ي� ظــل التحــوالت الدوليــة»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬مجموعــة‬ ‫ي‬
‫ـ�‪.‬‬‫باحثـ ي ن‬

‫النســانية‬
‫ـر� للدراســات إ‬ ‫ •مركــز الجزيــرة العربيــة للدراســات والبحــوث‪ ،‬النـ ش‬
‫ـا�‪ :‬المركــز العـ ب ي‬
‫صنعــاء‪2008 ،‬‬
‫ •«الزهــر والحجــر ‪ :‬التمــرد الشــيعي اليمـن موقــع أ‬
‫القليــات الشــيعية ف ي� الســيناريو الجديــد»‪،‬‬ ‫ي‬ ‫المؤلــف‪ :‬عــادل أ‬
‫الحمــدي‪ ،‬النـ ش‬
‫ـا�‪ :‬مركــز نشــوان الحمـ يـري‪ ،‬صنعــاء‪2006 ،‬‬

‫ •«الحــرب ف ي� صعــدة مــن أول صيحــة إىل آخــر طلقــة‪ -‬خلفيــات وتداعيــات الحــرب ضــد الحركــة‬
‫النــا�‪ :‬دار أ‬
‫المــل – القاهــرة‪ ،‬الطبعــة‬ ‫ش‬ ‫ن‬
‫الصنعــا�‪،‬‬ ‫الحوثيــة»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬عبــدهللا محمــد‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫الوىل‪2005 ،‬‬

‫ •«عــر الظهــور‪ :‬المهــدي»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬عــ� الكــور ن يا� العامــ�‪ ،‬النـ ش‬


‫ـا�‪ :‬دار المحجــة البيضــاء‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫للطباعــة والنـ شـر والتوزيــع‪2004 ،‬‬

‫ـ� يحـ يـى العمــاد‪،‬‬ ‫ •«رحلـ تـى مــن الوهابيــة إىل إ ن ش‬


‫الثــى ع�يــة»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬د‪ .‬الســيد عصــام عـ ي‬ ‫ي‬
‫ـا�‪ :‬مركــز أ‬
‫البحــاث العقائديــة‪ ،‬ضمــن «سلســلة الرحلــة إىل الثقلـ ي ن‬
‫ـ�»‪.‬‬ ‫النـ ش‬

‫ـا�‪ :‬دار أ‬
‫المــل‬ ‫ن‬
‫ـا�‪ ،‬النـ ش‬ ‫ث‬
‫ـو� ومـ ش‬
‫ـؤ� االتجــاه»‪ ،‬المؤلــف‪ :‬عبــد هللا الصنعـ ي‬ ‫ •«خلفيــة الفكــر الحـ ي‬
‫– القاهــرة‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪95‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫الوظيفة النقدية للمثقف‬ ‫‪96‬‬

‫الوظيفة النقدية‬
‫للمثقف‬

‫بقلم‪ :‬عبد اللطيف الخمسي‬


‫مغر� متخصص ف ي� الفلسفة‬
‫باحث ب ي‬

‫معــر�‪ :‬ينتــج معــارف‬ ‫ف‬ ‫بعــد‬ ‫الظــروف والتحــوالت‬


‫ي‬
‫وال يركــن للثقافــة الســائدة‪ ،‬ويواكــب‬ ‫و� مختلــف‬ ‫ف‬
‫المعــارصة ي‬
‫الفكــر النقــدي الجديــد‪ ،‬ويراكــم‬ ‫المثقف الحقيقي‪،‬‬ ‫المجــاالت‪ ،‬إعــادة االعتبــار للمثقــف‪،‬‬
‫التصــورات ويقــدم قــراءات نقديــة‪،‬‬ ‫في عالقة بالمجتمع‬ ‫وبالتــال تحديــد مهامــه التاريخيــة‪،‬‬ ‫ي‬
‫وجريئــة للمــوروث والثقافــة الشــعبية‬ ‫ووظيفتــه الفكريــة واالجتماعيــة‪ ،‬باعتبــاره‬
‫والنظريــات أ‬
‫الكاديميــة‪ ،‬مواكبــا الجديــد‬ ‫والسياسة‪ ،‬ال يراهن إال‬ ‫فاعــا معرفي ـاً واجتماعي ـاً‪ .‬والمشــكل هــو‪،‬‬
‫والبــداع‪.‬‬ ‫ف‬ ‫على المعرفة والثقافة‬
‫ي� حقــل المعرفــة والعلــم إ‬ ‫أن يســقط المثقــف‪ ،‬ضحيــة أوهــام مــن‬
‫للســياس‬
‫ي‬ ‫قبيــل نهايتــه‪ ،‬وأن يكــون تابعــا‬
‫تز‬
‫االلــ�ام بالقيــم‬ ‫ق‬
‫أخــا�‪:‬‬ ‫بعــد‬ ‫ـر� للمهــام التاريخيــة‬ ‫واالقتصــادي‪ ،‬وال يـ ق‬
‫ي‬
‫النســانية والكونيــة‪ ،‬بعيــداً عــن‬ ‫إ‬ ‫المنوطــة بــه‪.‬‬
‫ـ�ال‪ ،‬لوظيفتــه ف ي� الحفــاظ عــى الوضــع القائــم واالنتهازيــة‪.‬‬‫االخـ ت ز‬
‫إنــه منتــج قيــم وممــارس لهــا‪ ،‬ضــد الصمــت والتواطــؤ والخــوف أو‬ ‫إن المثقــف الحقيقــي‪ ،‬ف ي� عالقــة بالمجتمــع والسياســة‪ ،‬ال‬
‫الت�يــر لصالــح الســلطة‪ ،‬أو جلــد الــذات؛ فعليــه أن يراهــن عــى‬ ‫ب‬ ‫ـال المســاهمة ف ي� التغيـ يـر‬
‫يراهــن إال عــى المعرفــة والثقافــة‪ ،‬وبالتـ ي‬
‫أ‬ ‫ـياس‪ ،‬مــن زاويــة فكريــة‪ ،‬معرفيــة‪ ،‬وسياســية‪.‬‬
‫القيــم الخالقيــة‪ ،‬كرأســمال رمــزي‪ ،‬بــه يحــدد رؤيتــه للعالــم‪،‬‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬والسـ ي‬
‫الطــار‪ ،‬يكــون المثقــف‬ ‫ف‬ ‫ويعطــي ش‬ ‫إن المثقــف ليــس فاعـا ً اقتصاديـاً وال سياســياً‪ ،‬بــل فاعــل معــر�ف‬
‫م�وعيــة لممارســته‪ .‬ي� هــذا إ‬ ‫ي‬
‫و� هــذا‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫فاعـا ً أخالقيـاً‪ ،‬ال يخضــع لليومــي‪ ،‬وللقيــم اليوميــة البســيطة‪ ،‬وال‬ ‫وثقــا�‪ ،‬وتلــك هــي مهمتــه ووظيفتــه ومســؤوليته‪ .‬ي‬ ‫ي‬
‫يتنكــر لرســالة المثقــف الكونيــة والنقــد‪ ،‬وتفكيــك القيــم الســلبية‪،‬‬ ‫الســياق يتحــدد المثقــف‪ ،‬ف ي� ثالثــة أبعــاد‪ ،‬وهــي‪:‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫‪97‬‬ ‫الوظيفة النقدية للمثقف‬

‫علمويــة‪ ،‬انتقائيــة ومبتــورة‪ ،‬مــن أجــل بت�يــر أوضــاع‪ ،‬ف ي� حاجــة‬ ‫النســانية‪ .‬إنــه مســؤول أخالقيــاً عــن مجتمعــه‬‫لصالــح القيــم إ‬
‫لتفكيــك (وليــس للـراخ أو الصمــت) وبلغــة واضحــة ومســؤولة‪،‬‬ ‫وخياراتــه‪ .‬هكــذا يمكــن للمثقــف‪ ،‬أن يرســم مســافة نقديــة‪ ،‬بينــه‬
‫والخــاق؟ إن وهــم الريــادة والســبق‬ ‫م�وطــة بمنطــق العلــم أ‬ ‫ش‬ ‫وبــ� المجتمــع والعامــة‪ ،‬وينخــرط بوعــي وفاعليــة‪ ،‬ف ي� الحــراك‬‫ين‬
‫ـياس‪ ،‬ويجعلهــم‬ ‫ن ف‬ ‫ف‬
‫ـر�‪ ،‬غالبــا مــا يوقــع بمثقفـ يـ�‪ ،‬ي� فــخ السـ ي‬
‫المعـ ي‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬مــن دون الســقوط ف ي� ســلطة الواقعيــة المبتذلــة‬
‫يتخلفــون عــن المعــارك الفكريــة والثقافيــة (النظريــة والعلميــة)‪،‬‬ ‫وال�عــة الشــعبوية‪ .‬مــن هنــا فالمثقــف‬ ‫و››الثقافــة العاميــة›› نز‬
‫كأســاس للمعــارك السياســية‪.‬‬ ‫النقــدي‪ ،‬هــو المؤســس لزاويــة‪ ،‬نقديــة‪ ،‬تتملــك العالــم معرفيـاً‪،‬‬
‫لليدولوجيــا)‪،‬‬‫لتحولــه أخالقي ـاً‪ ،‬وأيديولوجيــا (بالمعـ نـى اليجــا� أ‬
‫إ بي‬
‫و� ظــل التحــوالت الكونيــة الجاريــة‪ ،‬مثــل‪ :‬طفــرة التقنيــة‬ ‫ف‬ ‫وفــق بدائــل ثقافيــة جديــدة أ‬
‫ولجــل قيــم نوعيــة‪.‬‬
‫ي‬
‫العالمــي وســلطة الوســائط والعوالــم‬ ‫وتضخــم الخطــاب إ‬
‫الثقــا�‪ ،‬والفكــري محليــا‪ ،‬يكــون‬ ‫ف‬ ‫االف�اضيــة‪ ،‬وتراجــع الفعــل‬ ‫ت‬ ‫لمــروع فكــري‬ ‫فهــل المثقــف الفعــ�‪ ،‬هــو المتملــك ش‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الكــو�‪ ،‬المهــول‪،‬‬ ‫ن‬ ‫التوجــه‬ ‫هــذا‬ ‫بمواكبــة‬ ‫مطالبــا‪،‬‬ ‫المثقــف‬ ‫بالمطلق‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ضده‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬ ‫(ولي‬ ‫ـلطة‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ـع‬ ‫نقــدي‪ ،‬والمــدرك لمســافته مـ‬
‫ي‬
‫والمتســارع‪ ،‬والوعــي بــه واســتثماره ف� خطاباتــه وفاعليتــه‪ ،‬حــىت‬ ‫ولجــل المطلــق)؟ أم الــذي يمتلــك وظيفــة‪ ،‬وســائطية‪ ،‬تســتدعيه‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫وت�يــره إيديولوجيــا‪،‬‬
‫ـال أن ينــوع أنمــاط‬ ‫ال يبقــى ســلبيا‪ ،‬وأحاديــا ي� الممارســة‪ .‬وبالتـ ي‬ ‫ـياس‪ ،‬ب‬‫العــام لتحليــل خطــاب سـ ي‬ ‫وســائل إ‬
‫ف‬
‫الخطــاب والتواصــل (بلغــة نقديــة) ويســتمر معرفيــا‪ ،‬ي� بنــاء‬ ‫والــرد عــى مواقــف‪ ،‬باســم الســلطة والظهــور بمظهــر الفاعــل‬
‫أ‬
‫ـا� نقــدي‪ ،‬ال يركــن لداة التقنيــة‪ ،‬بــل لغايــات فكريــة‬ ‫ف‬ ‫اســراتيجيات مســتقبلية‬ ‫للخــرة‪ ،‬ورســم ت‬ ‫العالمــي‪ ،‬المتملــك‬
‫منظــور ثقـ ي‬ ‫ب‬ ‫إ‬
‫وثقافيــة وأخالقيــة‪ .‬كمــا أنــه مطالــب بتنويــع أو إبــداع موضوعــات‬ ‫والمــؤول (بمــا يتنــا� مــع موضوعيــة التأويــل) لخطابات سياســية‪،‬‬ ‫ف‬
‫ـياس‪ ،‬والوعــي‬ ‫ف‬ ‫وهــو مــا يحــد مــن قوتــه وفعاليتــه؟ إنــه مجــرد مدافــع ومــؤول‬
‫ـا�‪ ،‬واالجتماعــي‪ ،‬والسـ ي‬ ‫جديــدة تهــم الشــأن الثقـ ي‬
‫بالحركيــة االجتماعيــة‪ ،‬والتحديــات‬ ‫لخطابــات الســلطة‪ ،‬مــن داخــل‬
‫ف‬
‫الكامنــة فيهــا‪ ،‬ي� عالقــة بالفئــات‬ ‫العالميــة والموظــف‬ ‫زوايــا الوســائط إ‬
‫المثقف النقدي يتعامل‬
‫االجتماعيــة الشــابة والناشــئة‬ ‫لخطاطــات واصطالحــات عامــة‪،‬‬
‫والجديــدة‪ ،‬وإال ســيبقى مثقفــاً‬ ‫كليته‬ ‫في‬ ‫المجتمع‪،‬‬ ‫مع‬ ‫ومــن حقــول معرفيــة تمتــد ي ن‬
‫بــ�‬
‫تقليديـاً‪ ،‬ف ي� لغتــه ووظيفتــه وخطابــه‬ ‫من دون انحياز لطبقة أو‬ ‫فالعــام‪،‬‬ ‫علــم السياســة‪ ،‬والقانــون إ‬
‫ومواضيعــه‪ .‬إن كل مثقــف تصنعــه‬ ‫وعلــم التســويق‪ ،‬مــن دون تفكيــك‬
‫طائفة أو حزب‬
‫أوضاعــه االجتماعيــة والرمزيــة‪ ،‬لكن‪،‬‬ ‫لمرجعياتهــا نفســها‪ ،‬وكشــف قدرتهــا‬
‫بالفكــر النقــدي‪ ،‬يمتلــك قــدرة رمزية‬ ‫البســتيمولوجية‪،‬‬ ‫النقديــة‪ ،‬وفاعليتهــا إ‬
‫عــى التنويــر ثــم التغيـ يـر‪ ،‬وال يبقــى‬ ‫ن‬
‫وفــك االرتبــاط داخلهــا بـ يـ� المعرفــة‬
‫منفعــا ً ومســتلباً وتابعــاً‪ ،‬ال وســيطا‪ ،‬أو مجــرد مستشــار لــدى‬ ‫ش‬
‫بــ� العقــل والمصلحــة المبــا�ة‪ .‬فالمثقــف‬ ‫واليديولوجيــا‪ ،‬ي ن‬ ‫أ‬
‫ف‬
‫ـا�‬ ‫النقــدي‪ ،‬ينــوع مصــادره الفكريــة‪ ،‬والمعرفيــة‪ ،‬لبنــاء تصــوره‬
‫الســلطة‪ ،‬باســم الحنكــة أو الخـ بـرة‪ .‬إنــه خيــار المنتــوج الثقـ ي‬
‫ف‬ ‫ـال‪ ،‬يســتمد قوتــه مــن الفكــر‬
‫المتجــدد‪ ،‬وبقــوة النقــد‪ ،‬وعــدم الســقوط ي� إغ ـراءات الســلطة‪،‬‬ ‫النقــدي للمجتمــع والعالــم‪ .‬وبالتـ ي‬
‫ـا�‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وهومــا يمثــل أســاس نمــوذج المثقــف النقــدي‪ ،‬الــذي يفــرض‬ ‫ـال والديـ ي وفــق تصــور نقــدي عقـ ي‬ ‫العلمــي والجمـ ي‬
‫ف‬
‫ـا�‪ ،‬خصوصــا ي� ظــل العوالــم‬ ‫ن‬ ‫الجــواب عــن معضــات عــره‪.‬‬
‫فيــه الوعــي‪ ،‬بقــوة النقــد العقـ ي‬
‫االف�اضيــة‪ ،‬وكثافــة عالــم الصــورة‪ ،‬مــن أجــل خــوض معركــة‬ ‫ت‬
‫ـال االنخ ـراط‪ ،‬ف ي� النقــد‪ ،‬بحجــة أن المثقــف‬ ‫بنــاء الحقيقــة‪ ،‬وبالتـ ي‬ ‫الفعــ� هــو‪ ،‬وعــي نقــدي أوال بالسياســة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إن المثقــف‬
‫أ‬
‫مســؤول عــن الفــكار‪ ،‬والقيــم‪ ،‬والمواقــف‪.‬‬ ‫آ‬
‫قبــل التبشـ يـر بسياســات الخريــن وربطهــا بمفاهيــم مــن قبيــل‬
‫المــن‪ ،‬والوطنيــة العميــاء‪ ،‬والسياســات العموميــة‪.‬‬ ‫االســتقرار‪ ،‬أ‬
‫إن الفكــر النقــدي‪ ،‬هــو ممارســة نظريــة ف ي� الواقــع العلمــي‬ ‫إن الغائــب هنــا هــو‪ :‬مــا موقــع (وموقــف) المثقــف‪ ،‬مــن‬
‫ـ� المثقــف والثقافــة‬ ‫ت‬
‫الســياس‪ ،‬دون مهادنــة للمــوروث‪ ،‬أو خــوف مــن الســائد‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫ـى (هــي ذاتهــا) تقـ ي‬ ‫الممارســات السياســية الـ ي‬
‫الحجــر عــى العقــل‪ ،‬باســم المقــدس‪ .‬كمــا أن المثقــف مطالــب‪،‬‬ ‫وتقتــل النخــب الثقافيــة؟ مــع أن تغييــب الفاعليــة الثقافيــة مــن‬
‫الســياس‪ ،‬وتفكيــك الســلطة والشــخصية‬ ‫ي‬ ‫بممارســة النقــد‬ ‫الســياس واالقتصــادي هــو‪ ،‬الموضــوع المركــزي‬ ‫ي‬ ‫التحديــث‬
‫ف‬ ‫و� ارتبــاط‬‫ف‬ ‫آ‬
‫ـا�‪ ،‬ومقاربــة البنيــة‬‫المســتبدة‪ ،‬ثــم ممارســة النقــد للنســق الثقـ ي‬ ‫للمثقــف‪ ،‬للجــواب عــن ذاتــه وعــن الخريــن‪ .‬هكــذا‪ ،‬ي‬
‫ت‬
‫الثقافيــة‪ ،‬وكشــف االســراتيجيات الثقافيــة الممارســة‪ ،‬مــن قبــل‬ ‫بوعــي شــقي‪ ،‬ومغلــوط‪ ،‬ومصالــح ذاتيــة وتصــورات‪ ،‬ال نقديــة‪،‬‬
‫الدولــة‪ ،‬والحــزاب‪ ،‬والقــوى المدنيــة‪ ،‬ومــن دون مهادنــة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫يختــار المثقــف وظيفــة‪ ،‬أســهل‪ ،‬وهــي بت�يــر خيــارات سياســية‬
‫تضعــف‪ ،‬ضمنـاً النخــب المثقفــة‪ .‬فهــل وظيفــة المثقــف الفعليــة‬
‫إن هــذا النقــد أساســه الموضوعيــة وكشــف آليــات‪ ،‬اشــتغال‬ ‫واســت�اف الــذات بمصطلحــات‬ ‫نز‬ ‫العالميــة‪،‬‬ ‫هــي‪ :‬الدعايــة إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫الوظيفة النقدية للمثقف‬ ‫‪98‬‬

‫الطــار‪ ،‬تكــون وظيفــة‬ ‫ف‬ ‫ف‬


‫و� هــذا إ‬ ‫الثقــا� الســائد‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫الخطــاب‬
‫ـ� المعــر�ف‬ ‫ـ� بـ ي ن‬
‫المثقــف النقديــة مرتبطــة‪ ،‬بالقــدرة عــى التميـ ي ز‬
‫ي‬
‫ـى‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫واليديولوجــي‪ ،‬ي� إطــار نقــد الوهــام العالقــة بالثقافــة‪ ،‬والـ ي‬
‫ال�اجــع‪ .‬فالمثقــف‬ ‫تســهم ف� ش�عنــة التســلط‪ ،‬والتخلــف‪ ،‬وقيــم ت‬
‫ي‬
‫النقــدي‪ ،‬ف ي� هــذا الســياق‪ ،‬يتعامــل مــع المجتمــع‪ ،‬ف ي� كليتــه مــن‬
‫دون انحيــاز لطبقــة أو طائفــة أو حــزب‪ ،‬فمــا يهمــه هــو الحقيقــة‪.‬‬
‫ـ� الكبـ يـر ميشــيل فوكــو حاســماً‪ ،‬ف ي�‬ ‫لقــد كان الفيلســوف الفرنـ ي‬
‫هــذه المســألة‪ ،‬عندمــا رســم معالــم وظيفــة المثقــف الجديــد‪،‬‬
‫اخــراق حواجــز الصمــت‪ ،‬وأنظمــة الخطابــات‬ ‫القــادر عــى ت‬
‫ـا�‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫الوهميــة والتســلطية‪ ،‬وهــو مــا ســاهم ي� توجيــه الفعــل الثقـ ي‬
‫ـياس واالجتماعــي وبــروح منهجيــة‪ ،‬وفلســفية‪،‬‬ ‫نحــو النقــد السـ ي‬
‫مواكبــة للراهــن‪ ،‬واليومــي‪ ،‬والتاريخــي‪ .‬فكيــف يولــد المثقــف‬
‫ويــرر‬ ‫النقــدي داخــل مجتمعنــا‪ ،‬وهــو يهــادن المــوروث‪ ،‬ب‬
‫وينــر تصــورات وهميــة‪،‬‬ ‫ش‬ ‫الســائد‪ ،‬ويخــاف قــول الحقيقــة‪،‬‬
‫وللصوليــات بمختــف أنماطهــا‪ ،‬ويذعــن‬ ‫ويركــن للوعــي الشــقي‪ ،‬أ‬
‫بالبــداع‬ ‫العالميــة‪ ،‬وينــى وظيفتــه التاريخيــة المرتبطــة إ‬ ‫للدعايــة إ‬
‫الفكــري‪ ،‬ومنهجيــة النقــد؟‬

‫هكــذا يكــون النقــد‪ ،‬آليــة معرفيــة وفكريــة وأخالقيــة‪ ،‬ف ي�‬


‫يــد المثقــف‪ ،‬وال ننــى خشــية الســلطة مــن المثقــف النقــدي‪،‬‬
‫ومحاربتــه‪ ،‬ومحاولــة تشــويهه‪ ،‬وإقصائــه كمــا هــو واضــح ف ي�‬
‫الــردي‬ ‫حــى ال نُحمــل المثقــف‪ ،‬مســؤولية ت‬ ‫العــر�‪ ،‬ت‬ ‫واقعنــا‬
‫بي‬
‫والثقــا�‪ ،‬كمــا تفعــل بعــض الخطابــات السياســية‪،‬‬ ‫ف‬ ‫االجتماعــي‬
‫ي‬
‫والعالميــة‪ ،‬المعاديــة للمثقــف وللفكــر النقــدي‪ .‬لكــن المتتبــع‬ ‫إ‬
‫ـر� يالحــظ بقــوة‪ ،‬ضمــور الفكــر النقــدي‪،‬‬ ‫ف‬
‫ـا� العـ ب ي‬
‫للمشــهد الثقـ ي‬
‫وبالتــال ســيادة أشــباه‬
‫ي‬ ‫والبــداع العميــق‪،‬‬‫والثقافــة الرصينــة‪ ،‬إ‬
‫أ‬
‫ـ�‪ ،‬المنارصيــن بوعــي أو بــدون‪ ،‬لصحــاب الق ـرار‪ ،‬وذوي‬ ‫المثقفـ ي ن‬
‫المصالــح الفئويــة‪ ،‬ف ي� غيــاب أيــة مقاربــة نقديــة للشــأن العــام‬
‫المص�يــة‪ ،‬وهــو مــا يخــل بالمهمــة النقديــة التاريخيــة‬‫ي‬ ‫والقضايــا‬
‫أســاس‬ ‫ش‬
‫للمثقــف‪ .‬لقــد برهــن التاريــخ البــري‪ ،‬عــى دور‬
‫ي‬
‫للمثقــف‪ ،‬ف ي� كشــف أعطــاب التخلــف‪ ،‬وتقديــم بدائــل للتقــدم‪،‬‬
‫الثقــا� ف ي�‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫وبالتــال ســاهم ف ي� إنجــاز الحداثــة‪ ،‬وجســد قــدرة‬ ‫ي‬
‫التغيــر التاريخــي‪.‬‬
‫ي‬

‫إن كل مجتمع هو نتاج ش‬


‫م�وع مثقفيه‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫‪99‬‬ ‫سقوط النموذج ت‬
‫ال� يك؟؟‬

‫سقوط النموذج‬
‫التركي؟؟‬

‫بقلم ‪ :‬هاني نسيره‬


‫كاتب وباحث مرصي‬

‫الفصــل ي ن‬ ‫الــى‬‫ت‬
‫مجــال الديــن والسياســة‬ ‫ي‬ ‫بــ�‬ ‫هــو كالماركــة ي‬
‫بوضــوح‪ ،‬بــل دعــا أردوغــان أثنــاء زيارتــه‬ ‫تقبــل التصديــر‪،‬‬
‫ف‬
‫لمــر بعــد ثورتهــا ي� ‪ 25‬ينايــر ســنة ‪2011‬‬ ‫النموذج‬ ‫هالة‬ ‫صعدت‬ ‫ن‬ ‫ئ‬
‫وتجــذب ال ـر يا� إليهــا‪ ،‬وســقوط النمــوذج يع ـ ي‬
‫ـبتم� (أيلــول) مــن‬ ‫ف‬ ‫التركي وجاذبيته‪،‬‬ ‫فقدانــه جاذبيتــه‪ ،‬وثبــوت فشــله بعــد التجربــة‬
‫جماعــة إالخــوان ي� سـ ب‬
‫العــام نفســه العتمــاد العلمانيــة منهجـاً �ف‬ ‫ـ� عليــه وفشــل صناعه!‬ ‫أو نتيجــة ســقوط القائمـ ي ن‬
‫ي‬ ‫العدالة‬ ‫حزب‬ ‫فوز‬ ‫منذ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الحكــم‪ ،‬والفصــل بـ يـ� المجالـ يـ� الدي ـ ي‬ ‫مــن هنــا تنجــح نمــاذج ف ي� الحكــم وتســقط‪.‬‬
‫والســياس‪ ،‬ولكــن ثــاروا عليــه وانتقــدوا‬ ‫والتنمية باالنتخابات‬ ‫فــرة وفقــد‬ ‫ســقط النمــوذج إاليــر نا� منــذ ت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫طرحــه وتعالــوا عــى نصحــه‪ ،‬فهــم الكبــار‬ ‫عام ‪2002‬‬ ‫العــ�‬ ‫هــو‬ ‫ك‬ ‫جاذبيتــه‪ ،‬وكان النمــوذج ت‬
‫الــر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـ� حكموا كان ســقوطهم‪،‬‬ ‫والســابقون! وحـ ي ن‬ ‫عــى الســقوط! ألنــه كان واعــداً‪ ،‬اسـ ش‬
‫ـتب�نا بــه‬
‫حــث صلبهــم منطــق العشـ يـرة ومنهجهــا‬ ‫جميعــا ش�قــاً وغربــاً عــى مــا يبــدو‪..‬‬
‫ف ي� أخونــة الدولــة‪ ،‬فــكان الســقوط وكان انتهــاء أو احتضــار التوجــه‬
‫الديمقراطــي الــذي ســالت مــن أجلــه دمــاء شــهداء الثــورة‪.‬‬ ‫الــر يك وجاذبيتــه‪ ،‬منــذ فــوز حــزب‬ ‫صعــدت هالــة النمــوذج ت‬
‫العدالــة والتنميــة باالنتخابــات عــام ‪ ،2002‬وطرحــه مــن اعتــدال‬
‫ولكــن منــذ عــام ‪ ،2012‬ربمــا بــدأ أردوغــان الــذي أفرطــت بــه ثقتــه‬ ‫وقــدرة عــى التعايــش‪ ،‬وعثمانيــة جديــدة تؤكــد عــى تصفـ يـر المشــاكل‬
‫ش‬ ‫ش‬
‫وصعــد بــه طموحــه للرئاســة لــراء العــداوات �قـاً وغربـاً‪ ،‬وانتقــاد كل مــن‬ ‫ن‬
‫مــد� ال يتصلــب عنــد‬
‫الجــران ومــع الجميــع! ونهــج ديمقراطــي ي‬ ‫مــع ي‬
‫ف‬
‫ال يوافــق رأيــه‪ ،‬وبــدأ ي� اســتهداف معارضيــه واســتئصال مناهضيــه‪ ،‬وصــار‬ ‫آ‬
‫ق�يــات الديــن وســطحيات الفهــم! وتصالــح مــع الهويــة والخــر‪ ،‬ومــع‬ ‫ش‬
‫يدعــي مثاليتــه‪ ،‬وهــو مــا يمــارس النقائــص وكل مــا يعيبــه عــى آخريــه!‬ ‫الصالــة والمعــارصة‪ ،‬كمــا اعتمــد هــذا الحــزب وقائــده العلمانيــة؛ أي‬ ‫أ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫سقوط النموذج ت‬
‫ال� يك؟؟‬ ‫‪100‬‬

‫تشــكيل منظمــة إرهابيــة‪ ،‬ومحاولــة الســيطرة عــى الدولــة واالنقــاب عــى‬ ‫ربمــا كانــت بدايتهــا ف ي� أحــداث تقســيم ف ي� أكتوبــر ســنة ‪ ،2013‬حيــث‬
‫الحكومــة واالســتيالء عــى الســلطة! وربمــا تكــون هــذه أول مــرة يقبــض‬ ‫قتــل متظاهــرون‪ ،‬وتــم قمــع فكــرة التوافــق والحــوار‪ ،‬وحــرم حينهــا‬
‫ـ� ومخرجـ ي ن‬
‫ـ� بتهمــة إالرهــاب!‬ ‫عــى كتــاب ســيناريو ومنتجـ ي ن‬ ‫اســتخدام تويـ تـر وفيســبوك ي‬
‫وغ�هــا مــن المواقــع التواصليــة‪ ،‬كمــا منــع‬
‫ـا� ف ي� بدايــة العــام الجديــد عــرض مرسحيــة ماكبــث‪ ،‬وصــار‬ ‫ئ‬
‫حكــم قضـ ي‬
‫ويعتـ بـر أردوغــان حركــة الخدمــة وزعيمهــا الداعيــة الـ تـر يك فتــح هللا‬ ‫�ء مــن التغريــدة (التويتــة) للمرسحيــة‪..‬‬ ‫ش‬
‫أردوغــان يضيــق بــكل ي‬
‫الكـ بـر عليــه‬ ‫كولــن المقيــم ف� الواليــات المتحــدة منــذ عــام ‪ 1999‬الخطــر أ‬
‫ي‬
‫الن‪ ،‬وقــد ســحب جــواز كولــن الـ تـر يك‪ ،‬بحكــم القضــاء الــذي يســيطر عليه‬ ‫آ‬ ‫ـا�‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫كمــا تكــرر قتــل المتظاهريــن ي� مظاه ـرات الك ـراد لنــرة كوبـ ي‬
‫أردوغــان‪ ،‬الــذي يواصــل اتهاماتــه لحليفــه الســابق بالعمالــة حينــا للغــرب‬ ‫(ت�يــن الول) مــن عــام ‪ 2014‬احتجاجــات‬ ‫أ‬ ‫واندلعــت ف ي� شــهر أكتوبــر ش‬
‫وإرسائيــل وبالخيانــة وبتدبـ يـر المؤامـرات االنقالبيــة حينــا آخــر‪ ،‬والتحالــف‬ ‫اع�اضــاً‬ ‫أ‬
‫المواطنــ� ذوي الصــول الكرديــة‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫واســعة ف ي� تركيــا مــن قبــل‬
‫مــع المعارضــة العلمانيــة (طبعــا الكافــرة والمرتــدة) الـ ت يـى يمثلهــا حــزب‬ ‫عــى تعامــل الحكومــة تال�كيــة مــع محاولــة تنظيــم داعــش االســتيالء عــى‬
‫ـا�‪،‬‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫مدينــة كوبـ ن ف‬
‫الشــعب الجمهــوري‪ ،‬ويــر عــى إقصائــه والقضــاء عــى حركتــه بمختلــف‬ ‫ـبتم� (أيلــول) المـ ي‬ ‫ـا� ي� ســوريا‪ ،‬والــذي بــدأ ي� شــهر سـ ب‬ ‫ي‬
‫الول)‬ ‫الســبل‪ ،‬وقــد أصــدرت الســلطات تال�كيــة ف� ‪ 19‬ديســم� (كانــون أ‬ ‫ـرج‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫المتف‬ ‫ـف‬
‫ـ‬ ‫موق‬ ‫ـوف‬ ‫ـ‬ ‫بالوق‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫كي‬‫ال�‬‫حيــث اتهــم المتظاهــرون الحكومــة ت‬
‫ب‬ ‫ي‬
‫الســتاذ محمــد فتــح‬ ‫‪ 2014‬مذكــرة اعتقــال ف� حــق الداعيــة الســامي الـ تـرك أ‬ ‫بينمــا توشــك المدينــة عــى الســقوط ف ي� يــد التنظيــم المتطــرف‪ ،‬تاركــة‬
‫ي‬ ‫إ‬ ‫ي‬
‫المريكيــة منــذ عــام ‪،1999‬‬ ‫هللا كولــن‪ ،‬والمقيــم ف� الواليــات المتحــدة أ‬ ‫الك ـراد داخــل تلــك المدينــة فريســة للقتــل والتنكيــل مــن قبــل داعــش‪.‬‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫ين‬
‫السياســي�‪،‬‬ ‫كحلقــة جديــدة ف ي� مسلســل تصفيــة أردوغــان لمعارضيــه‬
‫ولكــن هــذه المــرة‪ ،‬كان الهــدف حليفــه وداعمــه الســابق‪ ،‬والــذي يديــن‬ ‫وقوبلــت تلــك المظاهــرات باســتخدام مفــرط للقــوة مــن قبــل‬
‫لــه أردوغــان بالفضــل للوصــول للســلطة �ف‬ ‫ال�طــة تال�كيــة‪ ،‬مــا أدى إىل مقتــل حــوال‬ ‫ش‬
‫ي‬
‫عــام ‪ ،2004‬وصــوال ً لمحاولــة أردوغــان التغــول‬ ‫‪ 19‬شــخصاً ف ي� جنــوب ش�ق تركيــا عــى أيــدي‬
‫والســيطرة عــى كافــة مفاصــل الدولــة تال�كيــة‪،‬‬ ‫لم يعد ممكنًا‬ ‫ال�طــة‪ ،‬وقالــت منظمــة العفــو‬ ‫رجــال ش‬
‫متخطي ـاً الدســتور والقانــون‪.‬‬ ‫الدوليــة عــى لســان أنــدرو غاردنــر‪ ،‬الباحــث‬
‫الحديث عن نموذج‬
‫الــر يك ف ي� المنظمــة «إنــه مــن‬ ‫ف� الشــأن ت‬
‫ي‬
‫وزعــم أدروغــان أن جماعــة الخدمــة‪،‬‬ ‫الـ ضـروري تمام ـاً أن تعمــل الســلطات تال�كيــة تركي إسالمي معتدل‪،‬‬
‫والــى تســتمد منهجهــا مــن أفــكار أ‬ ‫ت‬ ‫آ‬
‫الســتاذ‬ ‫ي‬ ‫بعد أن انحرف أردوغان‬ ‫الن عــى تهدئــة التوتــرات برصامــة‪ ،‬ولكــن‬
‫محمــد فتــح هللا كولــن‪ ،‬تغلغلــت داخــل‬ ‫تز‬
‫وااللــ�ام‬ ‫ال�طــة ت‬
‫احــرام الحقــوق‬ ‫عــى ش‬
‫ـلك القضــاء ش‬ ‫ف‬ ‫التسلط‬ ‫نحو‬
‫وال�طــة‪،‬‬ ‫مؤسســات الدولــة ي� سـ ي‬ ‫بتحقيــق فــوري فيمــا يصــل إىل ‪ 19‬حالــة وفــاة‬
‫متهم ـاً الجماعــة بخلــق «كيــان مــواز» داخــل‬ ‫وعـ شـرات إالصابــات ف ي� صفــوف المتظاهرين»‪،‬‬
‫الدولــة‪ ،‬وذلــك عــى خلفيــة تحقيقــات الفســاد‬ ‫كمــا يجــب أن يكــون أي اســتخدام للقــوة‬
‫أ‬
‫ديســم� (كانــون الول)‬ ‫ن‬
‫بــ� ‪ 17‬و‪25‬‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫المــن مســاوقاً بدقــة مــع المعايـ يـر الدوليــة لحقــوق‬ ‫مــن جانــب قــوات أ‬
‫ب‬ ‫الــى جــرت ي� الفــرة مــا ي‬ ‫والرشــوة ي‬
‫عــام ‪ ،2013‬والـ ت يـى كادت أن تطالــه شــخصيا ونجلــه بــال بعــد أن طالــت ‪4‬‬ ‫الــرورة والتناســب‪.‬‬ ‫إالنســان‪ ،‬وال ســيما مبــدأي ض‬
‫ـ� كبــار‬ ‫وزراء مــن حكومتــه أجـ بـروا عــى االســتقالة ورجــال أعمــال وموظفـ ي ن‬
‫ـ� منــه إىل جانــب رئيــس بنــك «خلــق» (الشــعب) الحكومــي ســليمان‬ ‫مقربـ ي ن‬ ‫الــر يك ســيطرة حزبــه عــى أغلبيــة برلمانيــة‪،‬‬ ‫واســتغل الرئيــس ت‬
‫أصــان‪ ،‬ويعــود البعــض بأصــل الخــاف لعــام ‪ 2004‬وترسيــب حديــث‬ ‫ـ� القضائيــة تال�كيــة‪ ،‬كان مــن شــأنها‬ ‫ومــرر تعدي ـا ً عــى منظومــة القوانـ ي ن‬
‫ألردوغــان لتصفيــة حركــة الخدمــة الـ ت يـى تتبــع أردوغــان عــام ‪.2004‬‬ ‫الشــخاص وتفتيــش منازلهــم‬ ‫اســتبدال مبــدأ الضبــط والقبــض عــى أ‬
‫الدلــة الملموســة إىل العمــل بمبــدأ‬ ‫والحجــز عــى ممتلكاتهــم بموجــب أ‬
‫التعبــر ف ي� تركيــا‪ ،‬وصنفــت جمعيــة‬ ‫ي‬ ‫مــؤ�ات حريــة‬ ‫تراجعــت ش‬ ‫االشــتباه المعقــول‪ ،‬ف ي� تناقــض رصيــح مــع أبســط مبــادئ العــدل وحقــوق‬
‫بــ� الــدول ش‬
‫العــر‬ ‫الصحافيــ� ف� الواليــات المتحــدة‪ ،‬تركيــا ي ن‬ ‫ن‬ ‫حمايــة‬ ‫إالنســان‪.‬‬
‫ي ي‬
‫ف‬
‫ـا� الحــر‪ .‬ولكــن‪ ،‬ي� ‪2014‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الســوأ ي� العالــم ي� مجــال حريــة العمــل الصحـ ي‬
‫ط ـرأ تطــور مســتهجن عــى الحيــاة إالعالميــة ف ي� تركيــا ‪ -‬ولــو كان امتــداداً‬ ‫وأكمــل أردوغــان انتهاكــه لمبــادئ العدالــة‪ ،‬بتأســيس دوائــر خاصــة‬
‫طبيعيــاً لسياســة حكومــة «العدالــة والتنميــة» والرئيــس رجــب طيــب‬ ‫بالمحاكــم لقضــاة الصلــح والجــزاء‪ ،‬حيــث ال تقبــل أحكامهــم الطعــن‬
‫�ء‪ ،‬ويحكــم الســيطرة عــى كل‬ ‫ش‬ ‫وغــر الدســتوري‪ ،‬للتنكيــل‬ ‫ئ‬
‫االســتثنا�‪ ،‬ي‬ ‫عليهــا‪ ،‬مســتغال ً ذلــك الوضــع‬
‫أردوغــان ‪ -‬الــذي يريــد أن يحتكــر كل ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـا� مــا‬ ‫ئ‬ ‫ف‬
‫قنــوات و�ايـ يـ� التعبـ يـر‪ ،‬يرمــي اىل إحــكام الســيطرة عــى وســائل إالعــام‬ ‫بمعارضيــه‪ ،‬وكان أول اســتخدام لتلــك التالعبــات ي� النظــام القضـ ي‬
‫وتحييــد القــام الصحافيــة المســتقلة والضغــط عــى أصحــاب العمــل‬ ‫أ‬ ‫الول) ‪،2014‬‬ ‫الســود» يــوم ‪ 14‬ديســم� (كانــون أ‬ ‫الحــد أ‬‫عــرف بـــ «حملــة أ‬
‫ب‬
‫لطردهــا‪ ،‬وتمــت مهاجمــة عــدد مــن القنــوات والصحــف الكـ بـرى كجريــدة‬ ‫ـ�‬‫والعالميـ ي ن‬ ‫ـ� والكتــاب إ‬ ‫والـ تـى شــهدت اعتقــال ‪ 31‬شــخصا مــن الصحفيـ ي ن‬
‫ي‬
‫الزمــان تال�كيــة‪ .‬واعتمــاد التعبويــة منهجــاً ف ي� التعبئــة ضــد المعارضــة‬ ‫العمــال الدراميــة‪ ،‬وذلــك بتهمــة‬ ‫ومنتجــي ومخرجــي وكتــاب ســيناريو أ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫‪101‬‬ ‫سقوط النموذج ت‬
‫ال� يك؟؟‬

‫ـ� ف ي� تركيــا جيــش إعالمــي ش�س تحــول مــن الدفــاع‬


‫وتشــويهها‪ ،‬فقــد أنـ ش ئ‬
‫ـا�‪ ،‬ومــن دون هــوادة‪ ،‬عــى‬ ‫عــن أردوغــان وحكومتــه إىل الهجــوم المبـ ش‬
‫جميــع معارضيــه‪ ،‬وينشــط خصوص ـاً ف ي� «تويـ تـر»‪..‬‬

‫ن‬
‫ردوغــا� الــذي انتهــى‪،‬‬ ‫الــرك أ‬
‫ال‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫هــذا مســار الســقوط للنمــوذج ي‬
‫بعــد أن تضــاءل النمــوذج الـ تـر يك لتســلطية شــخصانية أردوغانيــة‪ ،‬تخــاف‬
‫تويــر وفيســبوك‪ ،‬بينمــا تتهــم خصومهــا بالتســلط‪ ،‬وهــو مــا يتحفــظ‬ ‫ت‬
‫ال�يــك ف ي� تأســيس حــزب العدالــة والتنميــة عبــد هللا غــول الرئيــس‬ ‫عليــه ش‬
‫الســابق‪ ،‬كمــا رصح لعــدد مــن جلســائه قبــل فـ تـرة‪ ،‬عـ بـر نمــاذج وممارســات‬
‫للل تن�نــت‬
‫وت�يعــات تؤســس للســلطية‪ ،‬منهــا قانــون جديــد إ‬ ‫مختلفــة ش‬
‫أ‬
‫بجــوار الســابق‪ ،‬ولنــه جنــوح لســلطة مطلقــة كان ســقوطا ف ي� مســتنقع‬
‫ـ� الذيــن وقفــوا ضــد‬‫الفســاد المطلــق‪ ،‬فتــم اســتهداف القضــاة والمحققـ ي ن‬
‫جرائــم الفســاد أ‬
‫الخـ يـرة الـ تـى تــورط فيهــا بعــض المقربـ ي ن‬
‫ـ� مــن أردوغــان‬ ‫ي‬
‫ونجلــه كذلــك‪...‬‬

‫ـرك إســامي معتــدل‪ ،‬بعــد‬ ‫لــم يعــد ممكنـاً الحديــث عــن نمــوذج تـ ي‬
‫أن انحــرف أردوغــان نحــو التســلط‪ ،‬والتســلط ال بــد معــه مــن انح ـراف‬
‫الصوليــة والخطــاب العنفــي االتهامــي بجــوار ممارســاته!‬‫شــديد نحــو أ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫النسق الطائفي لدى المثقف اليم�ن‬ ‫‪102‬‬
‫ي‬

‫النسق الطائفي لدى‬


‫المثقف اليمني‬

‫بقلم‪ :‬سيف أحمد غيالن الشرجبي‬


‫�ن‬
‫باحث أكاديمي يم ي‬

‫بكشــف أكذوبــة هــذه المحاججــة إىل‬ ‫«إذا كنت ف� كل أ‬


‫المور معاتبا‬ ‫ي‬
‫حــد بعيــد‪.‬‬ ‫صديقك لم تلق الذي ال تعاتبه»‬
‫إن الحقائق الجوهرية‬
‫النســان‬ ‫هــذه هــي لعبــة إ‬ ‫لم تعد سوى فكرة‬ ‫ـر� «بشــار بــن‬‫يتلمــس الشــاعر العـ ب ي‬
‫الزل‪ ،‬ال أقــول بــأن‬ ‫االجتماعــي منــذ أ‬ ‫بــرد» ف ي� بيتــه المذكــور أعــاه‪ ،‬مشــكلة‬
‫غــر موجــود مطلقــاً‪،‬‬ ‫الخــارج عنــا ي‬
‫تسربت الرطوبة إلى‬ ‫النســانية‬ ‫إنســانية كـ بـرى‪ ،‬تتعلــق بالقــدرة إ‬
‫ولكــن بعبــارة ظاهراتيــة بســيطة‪« :‬إن‬ ‫ركبتيها؛ فلم تعد‬ ‫عــى «غــض الطــرف» عــن أفــكار قــد‬
‫ـ�ء مــا»؛ فــا‬ ‫ش‬
‫كل وعــي يكــون وعي ـاً بـ ي‬ ‫قادرة على الوقوف من‬ ‫ـ�ء إىل مفاهيــم كـ بـرى جوهريــة ف ي� حياة‬ ‫تـ ي‬
‫وجــود لحقائــق متخارجــة عــن أذهاننــا‪،‬‬ ‫النســان كالصداقــة عــى ســبيل المثــال؛‬ ‫إ‬
‫للفــكار دون قصديــة تــنز ع‬ ‫وال وجــود أ‬ ‫جديد‬ ‫ففــي ســبيل بقــاء الفكــرة العظيمــة‪ ،‬ال‬
‫إىل أشــياء هــذا العالــم ف ي� الخــارج‪ .‬مــن‬ ‫ضـ يـر مــن تهميــش مــا يجعــل منهــا فكــرة‬
‫ـى نصكهــا‬ ‫ت‬
‫هنــا نــدرك أن المفاهيــم الـ ي‬ ‫غــر مســتقرة ف ي� ظــل وجــود‬ ‫متناقضــة أو ي‬
‫ليســت بريئــة منــا‪ ،‬ومــن وعــي خــاص قــام بتحديــد مالمحهــا‪ ،‬وأن‬ ‫مــا يدعــم منطقيتهــا إىل حــد مــا‪ .‬إن عمليــة التحليــل الموضوعــي‬
‫الكثــر مــن‬ ‫الــى تنطــوي عــى‬ ‫ت‬
‫الحقائــق الجوهريــة لــم تعــد ســوى فكــرة ترسبــت الرطوبــة إىل‬ ‫ي‬ ‫النســانية ي‬ ‫الــرف للمفاهيــم إ‬
‫ركبتيهــا؛ فلــم تعــد قــادرة عــى الوقــوف مــن جديــد‪ .‬المفاهيــم‬ ‫الممارســات االجتماعيــة‪ ،‬مرهقــة وال تــؤدي إال إىل نتائــج مركزيــة‬
‫ـا� يحتــوي‬ ‫ف‬ ‫الطــراف المتنازعــة ادعــاء‬‫أيديولوجيــة‪ ،‬تحــاول ضمنهــا جميــع أ‬
‫وتصنيــف أشــياء هــذا العالــم يتســقان مــع ســياق ثقـ ي‬
‫ممارســة اجتماعيــة مــا؛ فمــن خــال نظرتنــا الخاصــة إىل العالــم‪،‬‬ ‫الحــق المطلــق بإزاحــة بعضهــا بعضــا‪ .‬تتســم عمليــة المحاججــة‬
‫النســان‪ ،‬تتشــكل المفاهيــم‬ ‫ومــا ينبغــي أن يكــون موجــوداً لصالــح إ‬ ‫المحضــة ببحثهــا عــن الجانــب المتداعــي ف ي� هيــكل المذاهــب‬
‫وتصنــف‪.‬‬ ‫لكثــر مــن‬
‫الــى تختلــف عنــا‪ ،‬مــع أن عمليــة مســح رسيعــة ي‬ ‫ت‬
‫ي‬
‫الجــدل الفكــري تحــت مظلــة هــذا المنطــق الزائــف‪ ،‬كفيلــة‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫‪103‬‬ ‫النسق الطائفي لدى المثقف اليم�ن‬
‫ي‬

‫ـ�‪ ،‬ويرســم لهــم‬ ‫ـ� اليمنيـ ي ن‬ ‫إىل «نســق طائفــي» يتحكــم ف� المثقفـ ي ن‬
‫ي‬ ‫المــد� ف ي�‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫أصبــح مفهــوم الدولــة المدنيــة والمجتمــع‬
‫ـا� منهــم‪ .‬نحــاول‬ ‫الفضــاء الــذي يشــتغلون فيــه دون وعــي مبـ ش‬ ‫ن‬
‫كثــر التــداول بعــد أن أقــره مؤتمــر الحــوار الوطــ ي ؛‬ ‫اليمــن ي‬
‫نشــر إىل هــذا النســق مــن خــال «جملــة ثقافيــة» تبناهــا‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫ليكــون الهــدف المنشــود للح ـزاب السياســية والمجتمــع اليم ـ ي ‪.‬‬
‫أن ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫يطــال‬ ‫ن‬
‫معظــم المثقفـ يـ� اليمنيـ يـ� مــن خــال ســكهم للثنائيــة (قاعــدة‪/‬‬ ‫ال ي‬ ‫المــد� خصوصيــة لــدى المفكــر إ‬ ‫ي‬ ‫ولمفهــوم المجتمــع‬
‫ـو�)؛ أ‬
‫ث‬ ‫المــد� عبــارة‬ ‫ن‬ ‫امــ� الــذي يذهــب إىل أن المجتمــع‬ ‫ش‬
‫المــر الــذي يفتــح البــاب للكشــف عــن هــذا النســق عـ بـر‬ ‫حـ ي‬ ‫ي‬ ‫أنطونيــو غر ي‬
‫جمــل ثقافيــة أخــرى ف ي� مقــاالت قادمــة؛ فقــد حــاول أولئــك‬ ‫عــن هيمنــة أيديولوجيــة؛ ليناقــض‪ ،‬بذلــك‪ ،‬مفهــوم ماركــس‬
‫ن‬
‫ـا�‪ ،‬حاولــوا‬ ‫المــد� بأنــه عبــارة عــن ناتــج اقتصــادي مــادي‪.‬‬ ‫ن‬ ‫عــن المجتمــع‬
‫المثقفــون‪ ،‬وغالبيتهــم محســوبون عــى التيــار العلمـ ي‬ ‫ي‬
‫ت‬ ‫ـ�‪ ،‬يشـ يـر إىل هيمنــة‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫ـى تفــرض معاملــة جميــع‬ ‫مقاربــة (الجماعــة) بأدواتهــم العلميــة الـ ي‬ ‫مفهــوم الهيمنــة اليديولوجيــة لــدى غرامـ ي‬
‫مواضيعهــا بحياديــة تامــة‪ ،‬وضمــن إجــراءات منهجيــة صارمــة‬ ‫جدليــة تحــدث داخــل كتلــة تاريخيــة مــا‪ ،‬تشــمل مجموعــة مــن‬
‫بــ� موضــوع وآخــر وفــق آراء مبدئيــة تســبق إجــراءات‬ ‫ال تفــرق ي ن‬ ‫جــدل مــع بعضهــا‬ ‫ي‬ ‫الــى تدخــل ف ي� حــوار‬ ‫ت‬
‫الطبقــات االجتماعيــة ي‬
‫البحــث العلمــي‪.‬‬ ‫البعــض مــن خــال الوعــي المــزدوج الــذي يشـ يـر إىل واقــع معــاش‪،‬‬
‫النســان اكتشــاف العالــم وفهمــه وفهــم ذاتــه‪ .‬وإىل‬ ‫يحــاول فيــه إ‬
‫ـو�) كأحــد طــر�ف‬ ‫تعامــل المثقــف اليم ـن مــع (جماعــة الحـ ث‬ ‫جانــب هــذا هنــاك وعــي خــاص‪ ،‬مــوروث وتقليــدي‪ ،‬يتصــادم �ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫كــ� عــى مــا هــو متشــابه‬ ‫ال� ي ز‬
‫ي‬
‫ث‬
‫(قاعدة‪/‬حــو�) مــن خــال ت‬ ‫ثنائيــة‬ ‫ـول‬ ‫خ�نــاه ف ي� الواقــع المعــاش؛ ليبــدأ التحـ‬ ‫حــاالت كثـ يـرة مــع مــا ب‬
‫الكثــر‪ ،‬حقيقــة‬‫ي‬
‫ف‬ ‫ت‬
‫وتكبــره حــى غــدا‪ ،‬ي� نظــر‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫الجماعتــ�‬
‫ي‬ ‫ن‬
‫بــ�‬
‫ي‬ ‫ف ي� المنظومــة الفكريــة باتجــاه وعــي الــذات بنفســها‪ ،‬لتؤســس‬
‫جوهريــة ال يأتيهــا الباطــل مــن ي ن‬
‫بــ�‬ ‫الوىل الالزمــة لتكويــن الحــس‬ ‫الخطــوة أ‬
‫يديهــا‪ ،‬ودون وعــي منهــم‪ ،‬أصبحــت‬ ‫المشــرك للطبقــات المتحــاورة؛ فعمــل‬ ‫ت‬
‫بعــض الحـركات الدينيــة ف ي� اليمــن مؤهلــة‬ ‫النزعة الطائفية‬ ‫ـ� كمــا تشـ يـر فريــال غــزول تحــدوه‬ ‫ش‬
‫غرامـ ي‬
‫لخــوض التجربــة السياســية عــى الرغــم‬ ‫غير قادرة على خلق‬ ‫«الرغبــة الكامنــة لحياكــة نســيج تتفاعــل‬
‫ف‬
‫مــن تشــابهها‪ ،‬أيضــا‪ ،‬ي� كثـ يـر مــن الــرؤى‬ ‫فيــه كل هــذه التناقضــات»‪ .‬هــذا الـنز وع‬
‫ث‬ ‫تتفاعل‬ ‫مناخات‬ ‫أ‬
‫الحــو�)! إن أيــة محاولــة‬ ‫ي‬ ‫مــع (جماعــة‬ ‫الفقــي الحتــواء جميــع التناقضــات قــادر‬
‫الــى‬ ‫ت‬ ‫فيها هذه الطبقات‬ ‫عــى تشــكيل البيئــة المناســبة لتفاعلهــا‪،‬‬
‫عكســية للبحــث عــن المتشــابهات ي‬ ‫مــع غــض الطــرف‪ ،‬طبع ـاً‪ ،‬عــن أ‬
‫الخــوان‪،‬‬ ‫يمكــن مــن خاللهــا ضــم حركــة إ‬ ‫المختلفة‬ ‫الفــكار‬
‫مث ـاً‪ ،‬إىل القاعــدة ف ي� ثنائيــة جديــدة أمــر‬ ‫الــى تشــكل حاجــزاً إســمنتيا مــن أفــكار‬ ‫ي‬
‫ت‬
‫ممكــن‪ ،‬وليــس بالعمــل الشــاق أو المرهــق‬ ‫مصمتــة ضــد أيــة هيمنــة تتفاعــل خاللهــا‬
‫ـ� علمانيـ يـ�ن‬‫حـ تـى! مــا الــذي دفــع مثقفـ ي ن‬ ‫هــذه الطبقــات المختلفــة؛ لتشــكل (كتلــة‬
‫إىل الســقوط ي� هــذا الخلــل المنطقــي الواضــح‪ ،‬ليــس ذلــك ســوى‬ ‫ف‬ ‫تاريخيــة) قــادرة عــى إنقــاذ البلــد مــن حــروب أهليــة ال يعلــم‬
‫النســق الطائفــي الــذي حملهــم عــى البحــث عمــا هــو مختلــف �ف‬ ‫عقباهــا إال هللا؛ (كتلــة) بمــا هــي تجمــع ال شــكل خــاص يرســم‬
‫ي‬
‫ـو� وال�كـ يـ� عليــه؛ لدفــع الجماعــة بعيــداً عن الســاحة‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫الول مــا يقتضيــه‬ ‫مالمحــه‪ ،‬و(تاريخيــة)‪ ،‬حيــث يكــون م�رهــا أ‬
‫جماعــة الحـ ي‬ ‫ب‬
‫السياســية‪ ،‬مســتفيدين مــن حداثــة الحركــة وأخطائهــا‪ ،‬وكونهــا غـراً‬ ‫واقــع الحــال ومعطيــات المرحلــة بعيــداً عــن حلــول ديمقراطيــة‬
‫سياســياً؛ عــى الرغــم مــن وجــود النــواة السياســية القــادرة عــى‬ ‫فالمــرر الوحيــد لوجودهــا‬ ‫ب‬ ‫اشــراكية أو ســلفية أو شــيعية؛‬ ‫أو ت‬
‫الخــوان‬ ‫تشــكيل حركــة سياســية دينيــة ال تفــرق كثـ يـراً عــن حركــة إ‬ ‫هــو مـ بـرر تاريخــي كفيــل بــأن يدفــع تلــك القــوى المتحاربــة عــى‬
‫خ�تهــا؛ بــل إن حقيقة‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫إثبــات وجودهــا مــن خــال مــا تســتطيع أن تقدمــه للمجتمــع‬
‫�ء ســوى ي� حداثتهــا وعــدم ب‬ ‫ـلم� ي� ي‬ ‫المسـ ي‬
‫رث‬ ‫أ‬ ‫الــى تنســج ذلــك‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ـياس أكـ مــن كونهــا‬ ‫المــر أن الجماعــة يطغــى عليهــا العمــل السـ ي‬ ‫ي� ضــوء فهــم حقيقــي للتفاصيــل الدقيقــة ي‬
‫جماعــة دينيــة‪ ،‬إذ إن مؤســس الجماعــة حسـ ي ن‬ ‫ـياس‬ ‫ش‬
‫ـ� بــدر الديــن وأخــاه‬ ‫ـ�‪( :‬الدولــة = مجتمــع سـ ي‬ ‫المجتمــع‪ .‬فالدولــة وفقــا لغرامـ ي‬
‫عبدالملــك بــدر الديــن ليســا ســوى قائديــن سياسـ ي ن‬ ‫ـد� «هيمنــة أيديولوجيــة»)‪.‬‬ ‫ن‬
‫ـي�‪ ،‬وهــذا عــى‬ ‫«هيمنــة ماديــة قامعــة» ‪ +‬مجتمــع مـ ي‬
‫ث‬ ‫و� هــذه‬ ‫ن ف‬
‫ـو�‪.‬‬ ‫خــاف مــا كانــه أبوهــم العالمــة بــدر الديــن الحـ ي‬ ‫المــد�‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫انطالقــا مــن هــذا التصــور العــام للمجتمــع‬
‫ـى يســعى اليمــن فيهــا جاهــدا لتأســيس دولــة‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الفــرة الراهنــة الـ ي‬
‫ـو� الشــيعية ليســت قطــرة مــاء ســقطت مــن‬ ‫ث‬ ‫الخــر‬ ‫مدنيــة حديثــة‪ ،‬يدفعنــا الســياق العــام إىل التعامــل مــع آ‬
‫جماعــة الحـ ي‬
‫ســحابة عابــرة‪ ،‬ال يعلــم أيــن تكونــت إال هللا؛ فقــد ظلــت اليمــن‬ ‫ك�يــك ف ي� إدارة البــاد‪ ،‬وكمكــون مــن مكونــات المجتمــع اليمـن ي ‪،‬‬ ‫ش‬
‫الســن� بيئــة حاضنــة للشــيعة‪ ،‬وكانــوا ف� ت‬ ‫ين‬ ‫ـو�» بمنــأى عــن هــذا الفهــم والتصــور‪.‬‬ ‫ث‬
‫فــرات طــوال‬ ‫ي‬ ‫لمئــات‬ ‫وليســت «جماعــة الحـ ي‬
‫المــور فيهــا‪ .‬فنحــن بصــدد‬ ‫يتســيدون البــاد‪ ،‬ويتولــون زمــام أ‬
‫الرض اليمنيــة‪ ،‬حاولــت‬ ‫شــجرة لهــا جذورهــا العميقــة داخــل أ‬ ‫الفــكار‬ ‫إنــه ف� ظــل هــذه الفـ تـرة الحرجــة الـ تـى تطغــى عليهــا أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بعــض القــوى ذات المصالــح االقتصاديــة الرصفــة تهميشــها تف�ات‬ ‫الصوليــة المتطرفــة والــرؤى الطائفيــة‪ ،‬كان لزام ـاً علينــا أن نشـ يـر‬ ‫أ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫رأي ذوات‬
‫النسق الطائفي لدى المثقف اليم�ن‬ ‫‪104‬‬
‫ي‬

‫المــر الــذي أســفر عــن حالــة مرضيــة داخــل الجماعــة‬ ‫طــوال؛ أ‬


‫بــرزت عـ بـر عنــف مســلح‪ ،‬وشــعور بالمظلوميــة مبالــغ فيــه‪ .‬وهنــا‬
‫ينبثــق الســؤال المهــم‪ :‬لمــاذا هــذا التوجــه العــام لــدى المثقفـ ي ن‬
‫ـ�‬
‫ـو�‪ ،‬دون ســواها مــن الح ـركات‬ ‫ث‬ ‫ن‬
‫اليمنيـ يـ� إىل تصنيــف جماعــة الحـ ي‬
‫الدينيــة‪ ،‬ف ي� خانــة القاعــدة وحرمانهــا مــن أي حــق وجــودي داخــل‬
‫البــاد‪ ،‬مــع وصمهــا بنعــوت كالجمــود والرجعيــة وافـ تـراض أبديــة‪،‬‬
‫الدلــة مــن مذكــرات‬ ‫مثــل هــذا الجمــود باالتــكاء عــى بعــض أ‬
‫كتبــت ف ي� مرحلــة متأزمــة بالنســبة للجماعــة‪ ،‬وبواســطة شــخص ال‬
‫ـ�‪،‬‬ ‫يعــده أتبــاع الجماعــة أنفســهم مرجعـاً دينيـاً للجماعــة‪ ،‬ضاربـ ي ن‬
‫عــرض الحائــط‪ ،‬بــكل مــا عرفــوه وتعلمــوه ف ي� النظريــات العلميــة‬
‫�ء‪ ،‬كمــا‬ ‫ش‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫التغــر والتحــول ي� كل ي‬
‫ي‬ ‫تشــر إىل ســنة‬
‫الــى ي‬
‫الحديثــة ي‬
‫ـى أدخلتهــم ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫الخــوان ي� تونــس الـ ي‬
‫ف‬
‫هــو الحــال ي� تجربــة جماعــة إ‬
‫حــوار للهيمنــة الجدليــة مــع بقيــة العنــارص السياســية ف ي� البــاد‪،‬‬
‫ـا� رصف‪ ،‬يحــرم تعــدد‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫حــى وصلــت اليــوم إىل قبــول دســتور علمـ ي‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫الزوجــات والتعليــم الدي ـن ي ي� المــدارس ي‬
‫وغ�هــا مــن المــور‪.‬‬

‫ـى تســعى‪ ،‬دون وعــي مــن حاملهــا‪،‬‬ ‫ت‬ ‫نز‬


‫هــذه ال�عــة الطائفيــة الـ ي‬
‫الخــر كحــل حاســم‪ ،‬غـ يـر قــادرة عــى خلــق مناخــات‬ ‫إىل إلغــاء آ‬
‫عــر إصــدار أحــكام‬ ‫تتفاعــل فيهــا هــذه الطبقــات المختلفــة‪ ،‬ب‬
‫آ‬
‫نهائيــة تحمــل ف ي� رحمهــا أفــكاراً متطرفــة معاديــة لقبــول الخــر‪،‬‬
‫ـ� هــذه الجماعــة؛‬‫وتتعامــى عمــا يمكــن أن يكــون مشـ تـركاً بينهــا وبـ ي ن‬
‫لتبقــى نقطــة عميــاء بعيــدة عــن متنــاول الرؤيــة والمعالجــة‪،‬‬
‫وت�زهــا‬ ‫ومركــزة عــى مــا هــو مختلــف؛ لتوســع دائــرة التناقضــات ب‬
‫أ‬
‫إىل الســطح فتؤســس فكـراً عموديـاً يرفــض كل مــا يقــف عــى الفــق‬
‫مــن حولهــا‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪106‬‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ع‬


‫س‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ع‬
‫ء‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ِّ‬
‫ش‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫س‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ع‬
‫الع‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫ربي‬
‫بقلم‪ :‬عبد اللطيف الوراري‬
‫شاعر وناقد من المغرب‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫‪107‬‬ ‫العر�‬
‫عن شعر النساء‪ ،‬الشعر النسوي ب ي‬

‫الســام‪،‬‬ ‫ـن مــن الجاهليــة وصــدر إ‬ ‫وع�يــن شــاعرة أغلبهـ ّ‬ ‫ش‬ ‫والج ّد‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫والشعر‪ ،‬الهزل‬ ‫‪ -1‬ال ِّنساء‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫و� «بالغــات‬ ‫أبياتـاً ومقطوعــات معظمهــا ي� الرثــاء والفخــر‪ .‬ي‬
‫النســاء»‪ ،‬أورد ابــن طيفــور لعــدد مــن الشــواعر أشــعاراً‬ ‫الع�يــن‪ ،‬ظـ ّـل الصــوت‬ ‫إىل حــدود منتصــف القــرن ش‬
‫ـض عــى الثــأر‪ ،‬متقفّي ـاَ‬ ‫قلنهــا ف ي� الرثــاء والفخــر‪ ،‬أو ف ي� الحـ ّ‬ ‫ـا�‪ ،‬عـ بـر عصــور القصيــدة العربيــة‪ ،‬رديــف‬ ‫ئ‬
‫الشــعري النسـ ي‬
‫أثــر ســابقيه الذيــن «كانــوا يقولــون‪ :‬أجــود أشــعار النســاء‪،‬‬ ‫ات‪ ،‬مثــل‬ ‫شــواعر نــادر ٍ‬ ‫َ‬ ‫اليتــم والغيــاب‪ .‬إذا اســتثنينا‬
‫عــرات‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫والم ي ّ‬
‫أشــعار الموتــورات الحاضــات عــى الطلــب ُ‬ ‫والســام‪ ،‬وليــى الخيليــة ي� العــر‬ ‫الخنســاء ي� الجاهليــة إ‬
‫أ‬
‫والســام‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫والثــاكالت المؤبِّنــات وأشــعر النســاء ي� الجاهلية إ‬ ‫ـاس‪،‬‬ ‫المــوي‪ ،‬والفارعــة ورابعـ فـة العدويــة ي� أ العــر العبـ ي‬
‫ـر�‪ ،‬فلــم ي ـأْ ِت ف ي� «جمهــرة أشــعار‬ ‫ش‬ ‫‪2‬‬
‫الخنســاء‪ . »..‬أمــا القـ ي‬ ‫ندلــ�‪ ،‬وعائشــة‬ ‫ي‬ ‫ووالّدة بنــت المســتكفي ي� العــر ال‬
‫ف‬
‫العــرب» عــى ذكــر أيّــة شــاعرة حـ تـى ي� بــاب المـر ث يا� نفســها‪.‬‬ ‫التيموريــة ف ي� العــر الحديــث‪ ،‬فإنّنــا نــكاد ال نجــد مــن‬
‫المــاء والجــواري والقيــان‬ ‫ف‬
‫يدخــل ي� زمــرة الشــواعر إال إ‬
‫أن نُقّادنــا‬ ‫البيــات والمق ّ‬ ‫ـا� يصلنــا منهــن شــوارد مــن أ‬ ‫ئ‬
‫وبنــا ًء عليــه‪ ،‬تكشــف هــذه الق َْصديــة ّ‬ ‫طعــات كمــا‬ ‫ّ‬ ‫فالـ ي‬
‫صفهــا�‪ .‬فمعظــم الشــعار المنســوبة القدامــى لــم يكونــوا يختــارون مــن شــعر النســاء إال مــا‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫غــا�» لل‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫ف‬ ‫ي‬ ‫ي� «ال ف ي‬
‫للنســاء ي� معظــم الكتــب والمختــارات الشــعرية الخاصــة جــاء ي� «بــاب التعــازي والم ـر ث يا�» الــذي يكـ ّـرس «الفضيلــة‬
‫الجــد واختبــار الصــدق‪ ،‬وأنّــه‬ ‫ّ‬ ‫و»المــاء االجتماعيــة»‪ ،‬ألنّــه بــاب‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫للمرزبــا�‪،‬‬
‫ف ي‬ ‫بهــن‪ ،‬مثــل‪« :‬أشــعار النســاء»‬ ‫ّ‬
‫ــزل الــذي ال ابتــذال أو تهالــك‬ ‫ن‬ ‫الشــواعر» أ‬
‫الج ْ‬‫َ‬ ‫الشــعر‬ ‫مجــرى‬ ‫يجــري‬ ‫ـاء»‬ ‫ـ‬ ‫النس‬ ‫ـعار‬ ‫ـ‬ ‫أش‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ـاء‬ ‫ـ‬ ‫الجلس‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫و»نزه‬ ‫‪،‬‬ ‫ـا�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫صبه‬ ‫لل‬
‫وأن مــن عــادة المــرأة‬ ‫فيــه‪ّ ،‬‬ ‫للســيوطي‪ ،‬و»الحدائــق الغناء‬
‫النفــ�‬
‫ي‬ ‫وطبيعــة تكوينهــا‬ ‫ف ي� أخبــار النســاء» للمالقــي‪ ،1‬ال‬
‫–� نظرهــم‪ -‬مــن‬ ‫ف‬
‫أنّهــا تُجيــد ي‬ ‫تعــر ف ي� الحقيقــة ســوى عــن‬ ‫ب‬
‫ـبوب‬ ‫ظل الصوت الشعري النسائي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫مســاهماتهن ي� مجالــس النس‬ ‫ف‬
‫قــول الشــعر مــا يثـ يـره شـ ُ‬
‫عاطفتهــا والشــعور بالحــزن‬ ‫إلى حدود منتصف القرن‬ ‫وبالتــال‬
‫ي‬ ‫والســمر والمنادمــة‪،‬‬
‫وإل مــا‬ ‫والفداحــة عندهــا‪ّ ،‬‬ ‫الغلــب عــى‬ ‫غــدت الصــورة أ‬
‫قدمــوا الخنســاء عــى فحــول‬ ‫ّ‬
‫العشرين‪ ،‬عبر عصور القصيدة‬ ‫نتاجهــن مقرونــة بالنمــوذج‬ ‫ّ‬
‫الشــعراء بســبب مراثيهــا‬ ‫العربية‪ ،‬رديف اليتم والغياب‬ ‫ظــم‬ ‫العاطفــي الخليــع‪ ،‬وبال ّن ْ‬
‫ف ي� أخيهــا صخــر‪ ،‬أو ليــى‬ ‫الهــاوي الــذي تتحكّــم فيــه‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫الغـراء وإثــارة المتعة‬
‫الخيليــة لمراثيهــا ي� توبــة بــن‬ ‫أســاليب إ‬
‫الحمــر‪ .‬وعــدا ذلــك‪ ،‬لــم‬ ‫ي‬ ‫والطرفــة‪.‬‬
‫يكــن ال ُّنقــاد يستســيغون شــعر المجالــس‪ ،‬إذ بــدا عليــه‬
‫و� مقابــل هــذا النتــاج المتبعــرث الــذي نُ ِظــر إليــه‪،‬‬ ‫ف‬
‫لــ� وفتنــةٌ وتها ُلــكٌ عــى العاطفــة‪ .‬ونجــد‪ ،‬ابتــدا ًء مــن‬ ‫يْ نٌ‬ ‫ي‬
‫ـ� عــدد مــن الجــواري والقيــان‬ ‫باعتبــاره هــزال ً و»مرفوضــاً»‪ ،‬د ّعمــت الفاعليــة النقديــة العــر العبــاس‪ ،‬أن مــن بـ ي ن‬
‫ي‬
‫غرضــ�‪ ،‬مــن رصفــت شــعرها أو نظمهــا الشــعر إىل وصــف الطبيعــة‬ ‫ين‬ ‫نتاجــاً «جــا ّداً» للنســاء الشــواعر حرصتــه ف ي�‬
‫والحــب الــذي يقــرب مــن التهتــك‪ ،‬وبعضــه إىل شــعر‬ ‫ّ‬ ‫همــا‪ :‬الرثــاء والفخــر‪ .‬وهكــذا وضــع ابــن ســام الخنســاء‬
‫ث‬
‫ـن‪ ،‬وغـ يـر ذلــك‪ .‬فكانــت أعــام‬ ‫ضمــن طبقــة أصحــاب المــر يا�‪ ،‬وذكــر لهــا ثالثــة أبيــات التصــوف والزهــد بعــد توبتهـ ّ‬
‫أ‬
‫فقــط ف ي� رثــاء أخويهــا صخــر ومعاويــة‪ ،‬وأورد الصمعــي الشــاعرات تـ بـرز تبعـاً لمقاييــس العصــور المختلفــة‪ ،‬وكانــت‬
‫ـ� تنــدرج‬ ‫«الصمعيــات» قطعــة لشــاعرة واحــدة هــي ُســعدى‬ ‫ف� أ‬
‫مهمــة الشــاعرة تمتـ ّـد «مــن مجــرد نظــم الشــعر لـ ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫ـر� أخاهــا‪ ،‬ومثــل ذلــك فعــل ضمــن مدرســة فنيــة لهــا مقوماتهــا وســماتها الخاصــة‬ ‫الجهينــة تـ ث‬ ‫ُ‬ ‫ـمرذل‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫بن‬
‫ي‬
‫ظــل النقــد والخطــاب‬ ‫الضــى‪ ،‬فــأورد قطعــة المــرأة مــن بــن ي حنيفــة وذوقهــا الفــن ّ ي »‪ .3‬ومــع ذلــك‪ّ ،‬‬ ‫بي‬ ‫المفضــل‬
‫ف‬
‫تــر� شــخصاً مــن قومهــا‪ ،‬وذكــر ابــن قتيبــة ي� «الشــعر‬ ‫ث‬
‫‪ - 2‬ابن طيفور‪ ،‬بالغات النساء‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬يب�وت‪ ،1987 ،‬ص ‪ .257‬وترى فاطمة‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫ال� جنبتها زلل التمتع‬ ‫ت‬ ‫ن أ‬ ‫والشــعراء» للخنســاء وليــى الخيليــة نمــاذج مــن الرثــاء‪.‬‬
‫«أن دور فالراثية الذي أوكل للمرأة هو من ف يب� الدوار ي‬ ‫المحسن‪ّ :‬‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫وحـ تـى أبــو تمــام نفســه ذكــر ي� «الحماســة» لـــنحو سـ ٍّ‬
‫�ء ي� ميدان‬ ‫ش‬ ‫كل‬ ‫وقبل‬ ‫القول‬ ‫�‬ ‫الرجال‬ ‫منافسة‬ ‫منها‬ ‫المقدمة‬ ‫و�‬ ‫الرغبات‪،‬‬ ‫بتحقق‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ال� كانت تؤهلها التقاليد زمن الكهانة لتتمتع بحقها ف� ممارستها‪ .‬وح�ت‬
‫ي‬
‫الدبية ت‬‫السلطة أ‬ ‫ـت‬
‫ي‬
‫اح�فتها المرأة ف ي� الجاهلية‪ ،‬حرمت عليها فيما‬
‫ال� ت‬ ‫مهنة الوعظ وقول ي الحكم أ‬
‫والمثال ت‬ ‫العا� وهالل ناجي‪ ،‬عالم الكتب‬‫ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫مك ي‬‫المرزبا�‪ ،‬أشعار النساء‪ ،‬تحقيق د‪ .‬سامي ي‬
‫ي‬ ‫‪- 1‬‬
‫وصلنا من الشعر المروي‪ .‬لم تستطع المرأة العربية أن تبدي مقاومة لتجاوز أ‬
‫الدوار‬ ‫الماء الشواعر‪ ،‬تحقيق د‪.‬جليل العطية‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ش‬
‫صبها�‪ ،‬إ‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫الفرج‬ ‫أبو‬ ‫‪.1995‬‬ ‫‪،‬‬ ‫والن�‬ ‫للطباعة‬
‫ال� أعدت لها شعريّاً‪ ،‬اال ف ي� حاالت قليلة‪ .».‬انظر‪ :‬مرجعية شعر المرأة العربية تقاليد‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫دار النضال‪ ،‬يب�وت‪ ،‬ط‪ .1984 ،1.‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬نزهة الجلساء ف ي� أشعار‬
‫الرثاء ي� القصيدة النسوية‪ ،‬مجلة نزوى‪ ،‬العدد ‪ ،17‬يناير ‪1999‬م‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫ف‬ ‫النساء‪ ،‬تحقيق عبد اللطيف عاشور‪ ،‬مكتبة القرآن‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ .‬أبو الحسن‬
‫النسا� ف ي� أدبنا القديم‪ ،‬مكتبة عريب‪ ،‬القاهرة‪،1991 ،‬‬
‫ي‬
‫ئ‬ ‫‪ - 3‬مي يوسف خليف‪ ،‬الشعر‬ ‫الطي�‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪،‬‬ ‫ف‬
‫المالقي‪ ،‬الحدائق الغناء ي� أخبار النساء‪ ،‬تحقيق عائدة ب ي‬
‫ص ‪.210‬‬ ‫ليبيا‪ -‬تونس‪.1978 ،‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫العر�‬
‫عن شعر النساء‪ ،‬الشعر النسوي ب ي‬ ‫‪108‬‬

‫أو الجنوســة تحديــداً‪ .‬وقــد حملــت مثــل هــذه التعبـ يـرات‬ ‫المــوازي لشــعرها ال ينظــر إليهــا إال باعتبــار نمــوذج الشــاعرة‬
‫الدب ووظيفتــه‪ ،‬وطرحــت معها‬ ‫تقســيماً جنســانياً لمفهــوم أ‬ ‫الــى ال تجيــد ســوى ذرف الدمــوع‪.‬‬ ‫ت‬
‫ِ ْ ّ‬ ‫البــكّاءة ي‬
‫ن‬
‫نقاش ـاً لــم يهــدأ إىل اليــوم‪ ،‬بـ يـ� ُمؤيّــد ومســتنكر‪ .‬مثلمــا‬
‫ـر مــن الشــاعرات‬ ‫ـوانية»‪ 5‬لــدى كثـ ي ٍ‬
‫أيقــظ الوعــي بـــ «النسـ ّ‬ ‫أي معنى؟‬
‫‪ -2‬أدب المرأة‪ُّ ..‬‬
‫ن‬
‫وكاتبــات القصــة والروايــة والمشــتغالت بفــ ّ ي الســينما‬
‫االخــرة‪.6‬‬
‫ي‬ ‫والوثائقــي ف ي� الســنوات‬ ‫يقودنــا الــكالم الســابق إىل االســتنتاج بأنّــه كانــت‬
‫دونيــة ناجمــة عــن البنيــة الذهنيــة للمجتمــع‬ ‫هنــاك نظــرة ّ‬
‫‪ -3‬إثبات الذات إلى تأنيث القصيدة‪:‬‬ ‫ـر�‪ ،‬كانــت تــرى إىل أدب المـرأة بوصفــه ضعيفـاً وقليــل‬ ‫العـ ب ي‬
‫القيمــة ال يُضاهــي أدب الرجــال‪ ،‬وهــو مــا جعــل المــرأة‬
‫الشــعر‪ ،‬فقــد م ّثلــت حركــة‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وإذا قرصنــا المــر عــى ِّ‬ ‫وح ِكــم عليهــا أن تبقــى‬ ‫تتهيــب مــن خــوض نشــاط الدب‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ــر‪ ،‬وبــزوغ نجــم الشــاعرة العراقيــة نــازك‬ ‫الح ّ‬ ‫الشــعر ُ‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬
‫أ ّ‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫وه‬ ‫ـع‪،‬‬
‫ـ‬ ‫المجتم‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫داخ‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫معركت‬ ‫أو‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫حلبت‬ ‫ـارج‬ ‫خـ‬
‫‪7‬‬
‫المالئكــة وريادتهــا الحاشــدة بالرمــوز ‪ ،‬البدايــة الحقيقيــة‬ ‫أ‬
‫المدونــة الدبيــة النســائية العربيــة‪ ،‬أو عــى القـ ّـل‬ ‫غيــاب‬
‫َّ‬
‫يتأخــر عــن‬
‫ـا� الجديــد الــذي لــم ّ‬ ‫ئ‬ ‫‪4‬‬ ‫ث‬
‫الشــعري النسـ ي‬ ‫ف‬
‫للصــوت‬ ‫تبع�هــا ونُ ْدرتهــا ‪.‬‬
‫مســاهمته ي� تحديــث القصيــدة العربيــة وتحريرهــا مــن‬
‫الــى رانــت عليهــا ي ن‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ســن�‬ ‫القوالــب الســلوبية والعروضيــة ي‬ ‫نشــاطية‬
‫ّ‬ ‫وجــه مجمــل‬ ‫وقــد ظ ّلــت هــذه النظــرة تُ ّ‬
‫عــدداً؛ فعمــل‪ ،‬بــذكاء مم ّثالتــه الرائــدات مــن أمثــال مــي‬ ‫ف‬ ‫نن‬ ‫�ض‬ ‫أ‬
‫ـا� الــذي‬ ‫الدب كأنّهــا غــدت أ بـاً مــن ســلطة َّ‬
‫السـ الثقـ ي‬
‫زيــادة ونــازك المالئكــة وفــدوى طوقــان وملــك عبــد العزيــز‬ ‫َر ّســخته مؤسســة الدب وارتضتــه الذائقــة المهيمنــة‪ ،‬ولــم‬
‫ولميعــة عبــاس عمــارة وغــادة الســمان ومالكــة العاصمــي‪،‬‬ ‫الصالحيــة منــذ‬ ‫ت�حــزح ِتباعــاً إال مــع اشــتداد الدعــوة إ‬ ‫تز‬
‫النثــوي ف ي� نســيج اللغــة الشــعرية‪،‬‬ ‫عــى إدمــاج النفــس أ‬ ‫الع�يــن إىل تحريــر المـرأة ومنحهــا حقوقهــا‬ ‫أوائــل القــرن ش‬
‫اليقاعــي بخفوتــه وتر ُّدداتــه المهموســة‪،‬‬ ‫وتنويــع بعدهــا إ‬ ‫المســلوبة منهــا‪ .‬ومنــذ منتصفــه‪ ،‬بــدأ الصــوت الجماعــي‬
‫وجدانيـاً‬ ‫وتوســيع مداهــا المعجمــي والتصويــري‪ ،‬وتهويتهــا‬ ‫موجــات متتاليــة‪ ،‬يل�مــي عنهــا‬ ‫يهــب‪ ،‬ف ي�‬ ‫للمــرأة أ‬
‫الديبــة‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫لخيالهــن البكــر والمهمــل‬
‫ّ‬ ‫عــر إطــاق العنــان‬ ‫وقيميــاً‪ ،‬ب‬
‫ّ‬ ‫ســمات الســلبية والخنــوع والـ تـر ّدد‪ ،‬ويكــر حاجــز الخــوف‬
‫ف ي� إضــاءة المناطــق «المكبوتــة» و»القــوى الكامنــة»‬ ‫مــن قــول أناهــا ودفائنــه؛ ومــن ّثمــة بــرز اشــتداد الحاجــة‬
‫ـ�» ألنــا الكتابــة بمــا تنغلــق عليــه مــن‬
‫و»الهذيــان الداخـ ي‬ ‫المــر‪ ،‬عــن‬‫عندهــا للتعبــر‪ ،‬بأســماء مســتعارة ف� بــادئ أ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـاء بالبســاطة والغمــوض والهشاشــة‪ ،‬وتـ ْـو ٍق إىل الحيــاة‬ ‫إيحـ ٍ‬ ‫وجماليــات أنوثتهــا‬
‫ّ‬ ‫معاناتهــا الذاتيــة‪ ،‬وشــجونها الخاصــة‪،‬‬
‫والفــن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ـخص الموجــع‪ ،‬ووجــدت‬ ‫وتفاصيــل جســدها وأرشــيفها الشـ ي‬
‫الدب بأجناســه‪ ،‬شــعراً ورسداً‪ ،‬مــا اســتجاب لهــذه‬ ‫ف� أ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫يتغــى‬ ‫ففــي مقابــل معجمهــا الذُّ كــوري الــذي‬ ‫لحــة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الم‬
‫ُ‬ ‫الحاجــة‬
‫بالفروســية واالســتعالء وي ّتســم بالصنعــة والجزالــة ومتانــة‬
‫ف‬
‫ـج مــن‬‫العبــارة وطــول ال ّن َفــس‪ ،‬بــدأ يتس ـ ّلل إىل اللغــة مزيـ ٌ‬ ‫عمــا اصطلــح عــى‬ ‫ي� ســياق ذلــك‪ ،‬جــرى الحديــث ّ‬
‫‪ - 5‬النسوانية أو الحركة النسائية ‪ Féminisme‬هي مجموع أ‬ ‫ئ‬
‫النســا�)‪ ،‬و(الكتابــة‬ ‫تســميته بـــ (أدب المــرأة)‪ ،‬أ‬
‫و(الدب‬
‫الفكار السياسية واالجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫أي‬ ‫النســائية) أو (كتابــة أ‬
‫المد� و�ف‬ ‫ن‬ ‫ف‬
‫ال� تسعى إىل تحديد وتعزيز وإرساء حقوق المرأة ي� المجتمع‬ ‫والفلسفية ت‬ ‫النوثــة) داخــل حقــل الدب‪ُ ،‬متجاوبـاً‬
‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ال� تتمثل أهدافها ف ي� القضاء عىل‬ ‫ت‬
‫المجال الخاص‪ ،‬وهي تتجسد داخل المنظمات ي‬ ‫مــع بعــض الدراســات الثقافيــة‪ ،‬ودراســة النــوع االجتماعــي‬
‫ال� تكون النساء‬ ‫ت‬
‫التفاوتات االجتماعية والسياسية‪ ،‬والقانونية واالقتصادية والثقافية ي‬
‫ح� نهاية القرن‬ ‫ضحايا لها‪ .‬وإذا كان مصطلح ‹النسوانية› لم يأخذ معناه الراهن ت‬ ‫أن هناك من‬ ‫المدونة الشعرية النسائية تكاد تكون غائبة‪ ،‬إال ّ‬
‫ّ‬ ‫بأن‬
‫‪ - 4‬مع الرأي الدارج ّ‬
‫الع�ين العالم بأرسه‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫ع�‪ ،‬فإن الحركة اكتسحت ف ي� بحر القرن ش‬ ‫التاسع ش‬ ‫كب�ات وحكيمات منذ‬ ‫العر� لم يعدم بع� تاريخه شاعرات ي‬ ‫يب‬ ‫أن الشعر‬
‫يذهب إىل ّ‬
‫‪Michèle Riot-Sarcey, Histoire du féminisme, La Découverte, collection‬‬ ‫الجاهلية‪ .‬وكانت الباحثة رغداء ماردي�ن ي قد عرضت تل�جمات مفصلة نسبياً عن ثالث‬
‫‪.2002 ,Repères, Paris‬‬ ‫ح� مجرد أبيات‬ ‫وست� شاعرة جاهلية‪ ،‬وممن وردت لهن دواوين أو مقطوعات أو ت‬ ‫ين‬
‫الدب‬ ‫الباحث� مسحاً للكاتبات العربيات‪ ،‬انطالقاً من مقولة مفادها أن أ‬ ‫ين‬ ‫‪ - 6‬أجرى أحد‬ ‫قص�ة‪ .‬انظر‪ :‬شواعر الجاهلية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪« .2002 ،‬ويروى عن الصاحب بن‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ئ‬
‫خ�‬‫العر� الحديث‪ ،‬وتحديداً منذ الربع ال ي‬ ‫يب‬ ‫النسا� بات رافداً مهماً من روافد الدب‬
‫ي‬ ‫عباد أن أبا بكر الخوارزمي وفد عليه‪ ،‬فاستأذن عليه من حاجبه وكان الصاحب يعرف‬
‫ئ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ش‬
‫النسا�‪.‬‬
‫ي‬ ‫العر� بهذا الدب‬ ‫مؤرخي الدب ب ي‬ ‫للقرن التاسع ع�‪ ،‬وانطالقاً من قلّة اهتمام ّ‬ ‫مجلس ال يدخله إال من يحفظ‬
‫ي‬ ‫بوصوله فأراد مناكدته‪ ،‬فقال للحاجب قل له إن‬
‫متنوعة تكفل التأكد من صحة‬ ‫وكب�ة‪ ،‬ومعتمدة عىل مراجع ومصادر ّ‬ ‫الالئحة طويلة ي‬ ‫ع�ين ألف بيت من شعر العرب‪ .‬فقال الخوارزمي‪ :‬قل له هذا من شعر الرجال أم‬ ‫ش‬
‫العر�‬ ‫النسا� ف ي� العالم‬ ‫ئ‬ ‫دب‬ ‫المعلومات والمعطيات‪ .‬انظر‪ :‬جوزيف زيدان‪ ،‬مصادر أ‬
‫ال‬ ‫أ‬
‫شعر النساء»‪ .‬انظر‪ :‬ابن خلكان‪ ،‬وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬الجزء ‪ ،4‬ص‪.401‬‬
‫يب‬ ‫ي‬
‫والن�‪ ،‬يب�وت‪ ،‬ط‪.1999 ،1.‬‬ ‫الحديث‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات ش‬ ‫الندلس ستون ألفاً من الشاعرات‬ ‫الندلس «أنه وجد ف� أ‬ ‫ويذكر أحد دارس الشعر أ‬
‫ُِ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الن�ث ال�ت‬ ‫‪ - 7‬ف� هذا الطار‪ ،‬يقول عبد هللا الغذامي عن نازك المالئكة إنها «المرأة أ‬ ‫وكان أغلبهن من غرناطة وك ُّن يعرفن بالعربيات بدال ً من الغرناطيات‪ ،‬واعتقد أن هذا‬
‫ي‬ ‫إ‬ ‫ي‬
‫حطّمت أهم رموز الفحولة وأبرز عالمات الذكورة‪ ،‬وهو عمود الشعر»‪ .‬انظر كتابه‪:‬‬ ‫العدد مبالغ فيه‪ ،‬ولكنه ال يخلو من حقيقة إذ لوال وجود حركة نسوية شعرية لما أطلق‬
‫النثوية الشعرية‪ ،‬مجلة فصول‪،‬‬ ‫تأنيث القصيدة‪ :‬قصيدة التفعيلة بوصفها عالمة عىل أ‬ ‫الندلس‪ ،‬منشورات‬ ‫الريسو�‪ ،‬الشعر النسوي ف� أ‬‫ن‬ ‫هذا الحكم»‪ .‬انظر‪ :‬محمد المنترص‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الول‪ ،1997 ،‬ص ‪66‬‏‪.‬‬‫ع�‪ ،‬العدد أ‬ ‫المجلد السادس ش‬ ‫دار مكتبة الحياة‪ ،‬يب�وت‪ ،1978 ،‬ص ‪40‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫‪109‬‬ ‫العر�‬
‫عن شعر النساء‪ ،‬الشعر النسوي ب ي‬

‫الن�يــة الهامســة وشــبوب العاطفــة وانســياب الصــور‬ ‫ث‬


‫والحــام وتراســل الخواطــر والرغبــات المكبوتــة‪ ،‬وعذوبــة‬ ‫أ‬
‫ذاتيتــه‪.‬‬ ‫ئ‬
‫الغنــا� وإيقــاع ّ‬
‫ي‬ ‫اليحــاءات العفويــة بســمتها‬ ‫إ‬
‫ت‬
‫ـى تســتأثر‬ ‫وفض ـا ً عــن ذلــك‪ّ ،‬ثمــة تد ُّفــق الموضوعــات الـ ي‬
‫اجيتهــا وفضولهــا العاطفــي‪ ،‬بمــا‬ ‫فباهتمــام المــرأة ومز ّ‬
‫والحــب والحريــة‬
‫ّ‬ ‫ي� ذلــك الرثــاء‪ ،‬رثــاء الــذّ ات تحديــداً‪،‬‬
‫ز‬ ‫ن‬
‫والشــعور بالعزلــة والخــوف مــن الزمــن والمــوت وال ـ ُّ وع‬
‫إىل المطلــق والمجهــول هربـاً مــن ش�اهــة المــا ّدة ووجودهــا‬
‫الضاغــط‪ .‬وكانــت هــذه الموضوعــات يتشــابك فيهــا البعــد‬
‫ت‬
‫ـذا�‬
‫ـ� بالبعديــن المأســاوي فوالفلســفي‪ ،‬والبعــد الـ ي‬ ‫النفـ ي‬
‫ن‬
‫ذا� بالبعــد الجمعــي ي� ش ـق ّْيه الوط ـ ي والقومــي‪.‬‬ ‫ت‬
‫والسـ يـر ي‬
‫أ‬
‫د�‬ ‫أ‬
‫الديبة نازك المالئكة‬ ‫وقــد ترافــق ذلــك مــع المنــاخ العــام للمشــهد ال ب ي‬
‫إبــان الخمســينيات والســتينيات مــن القــرن الفائــت‪،‬‬
‫الــى وســمها أ‬
‫الثــر‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫بمعاركــه الدبيــة وطروحاتــه الفكريــة أ ي‬
‫ّ‬ ‫ال�‬‫ت‬
‫الح ّر‪ ،‬وبزوغ‬
‫مثلت حركة الشعر ُ‬ ‫ـغاللة كثيفــة‪ ،‬ودعــوة «الدب المهمــوس» ي‬ ‫ـ� ِبــ ٍ‬ ‫الرومانـ ي‬
‫أطلقهــا محمــد منــدور‪ ،‬والســجال النقــدي الــذي أثارتــه‬
‫نجم الشاعرة العراقية نازك‬ ‫ٌّكل مــن نــازك المالئكــة مــن خــال كتابهــا النقــدي «قضايــا‬
‫المالئكة وريادتها الحاشدة‬ ‫الجيــوس وخالــدة‬ ‫ض‬
‫الخــراء‬ ‫الشــعر المعــارص»‪ ،‬وســلمى‬
‫ي‬
‫بالرموز ‪ ،‬البداية الحقيقية‬ ‫مقاالتهــن‪ .‬عــدا عــن التأثُّــر عــن‬
‫ّ‬ ‫ويمــى العيــد ف ي�‬
‫ن‬ ‫ســعيد‬
‫نقــد‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫للصوت الشعري النسائي‬ ‫وصاحبهــا ٌ‬ ‫َ‬ ‫الــى اتّســعت ي� أوربــا‬
‫النســوية ي‬ ‫الحركــة‬
‫ف‬
‫وثقــا�‬ ‫أد�‬ ‫ئ‬
‫مــواز‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ي ٌّ‬ ‫نســا� ب ي ٌّ‬
‫ي ٌّ‬
‫الجديد‬
‫ومــع شــيوع قصيــدة النــرث ‪ ،‬انعطفــت الشــاعرات‬
‫ـن إىل مرحلــة شــعرية جديــدة لعـ ّـل أهـ ّـم ســماتها‬ ‫بتجاربهـ ّ‬
‫ّهــن ف ي�‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫بحضورهــن وحق ّ‬ ‫ّ‬ ‫والقــرار‬
‫بوجودهــن إ‬
‫ّ‬ ‫االعــراف‬ ‫تجذيــر البعــد النثــوي للقصيــدة بخصائصهــا اللغويــة‬
‫ـن ذلــك‪.‬‬ ‫ـا�‪ ،‬وقــد تـ ّـم ل ُهـ ّ‬
‫البداعــي إ ن‬
‫والنسـ ي‬ ‫ـن إ‬‫مص�هـ ّ‬ ‫تقريــر ي‬ ‫قوماتهــا البالغيــة والف ّنيــة‪ ،‬بمــا ف ي� ذلــك الــنز وع نحــو‬ ‫وم ِّ‬
‫ُ‬
‫و� ّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬
‫ظــل استســهال الكتابــة‪ ،‬عــى‬ ‫لكــن يُخــى راهنــاً‪ ،‬ي‬ ‫الذاتيــة واالنهمــام بالجســد بتفصيالتــه وإيحاءاتــه‬
‫منهــن أن يســتبدل بســلطة الذكــورة ســلطةً ّ‬
‫خفيــة‬ ‫ّ‬ ‫قطــاع‬ ‫يتلمســوا نشــوء‬ ‫ين‬
‫للدارســ� أن ّ‬ ‫المتنوعــة‪ ،‬وهــو مــا أتــاح‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫خطــاب شــعري نسـ ئ‬
‫دمــرة تغريــه باالنقيــاد الســهل وراء العواطــف وابتذالهــا‪،‬‬ ‫ُم ّ‬ ‫ـذا� عــى‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫وكيان‬ ‫ـاقه‬ ‫ـ‬ ‫بأنس‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫اه‬‫ر‬ ‫ي‬ ‫ـا�‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫ـى قــد تفــرغ أنوثتــه‬ ‫ت‬
‫ـكليات والمظاهــر الـ ي‬ ‫واالستســام للشـ ّ‬ ‫تبعيتــه لســلطة‬
‫ّ‬ ‫ـض‬ ‫ـ‬ ‫يرف‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـدر‬
‫ـ‬ ‫بق‬ ‫ـرة‬‫ـ‬ ‫مغاي‬ ‫ـات‬ ‫جماليـ‬
‫ّ‬ ‫تحقيــق‬
‫رمــزي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واعتبــار‬
‫ٍ‬ ‫قيمــة‬
‫ٍ‬ ‫وإنســانيته مــن ّكل‬
‫ّ‬ ‫ـول أو تقليــده وانضــواء تحتــه‪ ،‬بــل‬ ‫الخطــاب الذكوري‪-‬الفحـ ي‬
‫أن لســان المــرأة‬ ‫ويتمــرد عليــه‪ .‬وهكــذا‪« ،‬يبــدو ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتحــداه‬
‫ّ‬
‫المرحلــة اليــوم كنسـ ٍـق مــن العالمــات إىل ســياق‬ ‫أو لغتهــا ّ‬
‫مهمــة الشــاعرة إلعــادة الم ـرأة إىل‬ ‫الكتابــة الشــعرية‪ ،‬هــي ّ‬
‫‪8‬‬
‫الكتابــة‪ ،‬حضــوراً بهــا إىل قلــب الحيــاة» ‪.‬‬

‫بثــورة ناعمــة ت ز‬
‫النــ�اع‬ ‫كان أ‬
‫المــر‪ ،‬بالفعــل‪ ،‬أشــبه‬
‫ٍ‬
‫النثوي‪ ،‬دار نينوى‪ ،‬دمشق‪،‬‬ ‫‪ - 8‬محمد العباس‪ ،‬سادنات القمر‪ :‬رسانية النص الشعري أ‬
‫ّ‬
‫ط‪ ،2010 ،2.‬ص ‪ .10‬وترى الشاعرة المغربية زهرة زيراوي أن ك ُّل ً من المرأة الساردة‬
‫أ� َع ِت «لنوع جديد من الكتابة‪ ،‬هو الكتابة بالجسد العاري؛ يغ�‬ ‫ش‬
‫ف‬ ‫والمرأة الشاعرة قد ْ َ‬
‫هدف ي� َح ِّد ذاته‪ ،‬بقدر ما‬‫وكلمات لهذه الكتابة ال يُ ْف َه ُم عىل أنه ٌ‬
‫ٍ‬ ‫كمداد‬
‫ٍ‬ ‫الع ْر َي‬
‫أن ُ‬ ‫َّ‬
‫والتفس�‪ ،‬كانت المرأة الكاتبة ف ي�‬ ‫البالغ ش‬
‫وال�ح‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫إن المر يتعلق بوسيلة من وسائل إ‬ ‫َّ‬
‫الدب‬ ‫أمس الحاجة إليها بغْ يةَ الوصول إىل قلب القارئ وعقله»‪ .‬انظر مقالتها‪ :‬عري أ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫النسوي‪ ،‬جريدة (الزمان) اللندنية‪ ،‬عدد ‪ 29‬يوليوز ‪.2013‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫ف ي� ح�ض ة نجيب محفوظ‬ ‫‪110‬‬

‫ثقافة اآلخر‬
‫في العصر الكولونيالي‪:‬‬
‫بقلم‪ :‬فريد الزاهي‬
‫وجمال من‬
‫ي‬
‫�ن‬
‫كاتب وناقد ف ي‬
‫المغرب‬
‫رفض أم استعادة؟‬
‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬
‫ثقافة وفنون‬
‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬
‫‪111‬‬ ‫الكولونيال‪:‬‬
‫ي‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫الرث الــذي خلفــه باحثــون أجانــب عــن المغــرب‪.‬‬ ‫تنــاول هــذا إ‬ ‫مــر مــا يناهــز الســتة عقــود عــى «خــروج» االســتعمار‬
‫ـى‬ ‫مــن بــاد المغــرب‪ ،‬ونحــن ال ن ـزال نحــاول اســتالل أ‬
‫ـاس الــذي وجهــه الخطيـ ب ي‬
‫وبالرغــم مــن النقــد القـ ي‬
‫أ‬
‫ومــن ثــم‪،‬‬
‫ف‬
‫الرجــل‬
‫بــرك‪،‬‬ ‫ي� مــا بعــد لعمــال عالــم االجتمــاع والمفكــر جــاك ي‬ ‫ـى حجمــت مــن قــدرات ثقافتنــا‬ ‫ت‬ ‫ش‬
‫فــإن المعرفــة االجتماعيــة الـ تـى أنتجهــا أ‬ ‫�ك الوطنيــة الضيقــة الـ ي‬
‫مــن َ‬
‫الجانــب عــن بالدنــا‬ ‫ي‬ ‫المحليــة عــى بلــورة فكــر قــادر عــى اســتيعاب كل مكوناتهــا‬
‫قــد كانــت منطلقـاً لتأســيس معرفــة سوســيولوجية بالمغــرب‪،‬‬ ‫التاريخيــة؛ ففــي الوقــت الــذي صــار فيــه المقــدس يتحــول‬
‫الن‬ ‫تقــوم عــى هــذا الرث وعــى نقــده ومحاولــة مجاوزتــه ف� آ‬ ‫إىل ظاهــرة سياســية قاهــرة‪ ،‬أصبــح االشــتغال عــى التاريــخ‬
‫ي‬ ‫إ‬
‫نفســه‪.‬‬ ‫ـى تثــوي‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ـذا� أحــد المداخ أــل الممكنــة لفهــم السـ يـرورة الـ ي‬
‫الـ ي‬
‫ـى نتخبــط فيهــا اليــوم‪.‬‬ ‫ت‬
‫وراء العديــد مــن المــور والقضايــا الـ ي‬
‫إن مــا يهمنــا هنــا هــو هــذا التمفصــل الــذي يم ّكــن مــن‬
‫الن نفســه مــن تجذيــر االختــاف‬ ‫و� آ‬ ‫اســتعادة المعطيــات ف‬
‫وإذا كنــا نتفهــم بشــكل مــا‪ ،‬أن دواعــي التحــرر الفكــري‬
‫ي‬
‫النظــري‪ .‬وعــى الرغــم مــن أن التحليــل ف ي� العلــوم االجتماعية‬
‫ـا� مــن االســتعمار قــد أدت بأك ـرث مفكرينــا ذهنــا ثاقبــا‬ ‫ف‬
‫والثقـ ي‬
‫يكــون محكوم ـاً بالتحديــد النظــري‪ ،‬إال أن النتائــج التحليليــة‬
‫إىل الســعي إىل تفكيــك هــذه الثقافــة‪ ،‬والكشــف عــن مضامينها‬
‫ف‬
‫ـر�‪ .‬مــن ثــم يمكــن القــول بــأن‬ ‫أ‬
‫تكــون أقــرب إىل التشــارك المعـ ي‬
‫اليديولوجيــة ومســاعيها إىل إنتــاج معرفــة نفعيــة مغرضــة‬
‫بالمغــرب‪ ،‬فــإن الوقــت قــد حــان لمراجعــة هــذه أ‬
‫هــذه السوســيولوجيا‪ ،‬ولــو أنهــا كانــت كولونياليــة المنحــى أو‬
‫الطروحــات‬
‫ين‬
‫للباحثــ� المغاربــة أرضيــة مكنتهــم‬ ‫المقاصــد‪ ،‬قــد وفــرت‬
‫ـى تواجــه بهــا تلــك‬ ‫ت‬
‫وتحريرهــا فهــي نفســها مــن ردة الفعــل الـ ي‬
‫وال تــزال تمكنهــم مــن شــحذ‬ ‫الثقافــة‪ ،‬ي� زمــن لــم يعــد‬
‫ـ�‪.‬‬
‫اختالفهــم النظــري والتحليـ ي‬ ‫مفعولهــا قائمــاً‪ .‬إن تعطيــل‬
‫اليديولوجيــة لهــذا‬ ‫الوظيفــة أ‬
‫إن المعرفة االجتماعية التي‬ ‫ف‬
‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬فــإن‬ ‫الكولونيــال‬
‫ي‬ ‫الثقــا�‬
‫ي‬ ‫النتــاج‬‫إ‬
‫مــا تركــه أ‬ ‫أنتجها األجانب عن بالدنا قد‬
‫ال ثن�بولوجيــون‬ ‫يحــول بعضــه إىل أطــال‪،‬‬
‫وغ�هــم‬ ‫والثنولوجيــون‬ ‫كانت منطلقًا لتأسيس معرفة‬ ‫الخــر إىل وثيقــة‬ ‫والبعــض آ‬
‫ي‬ ‫إ‬
‫ن‬
‫الباحثــ� ال يــزال جديــراً‬
‫ي‬ ‫مــن‬ ‫سوسيولوجية بالمغرب‬ ‫والبعــض الثالــث إىل ســمة‬
‫تركــ�هز‬ ‫باالهتمــام‪ ،‬خاصــة �ف‬ ‫تاريخيــة حيــة‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عــى ظواهــر كالســحر والجــن‬
‫ـى ال‬ ‫ت‬
‫وغ�هــا مــن المعتقــدات الـ ي‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫مــن ثــم نزعــم أن‬
‫ـت�مارك ذات طابــع مرجعــي‬ ‫تـزال أعمــال إدمــون دوطــي ووسـ ي‬ ‫و� جوانــب‬ ‫غــر المــادي يشــكل بصــورة مــا‪ ،‬ي‬ ‫الرث ي‬ ‫هــذا إ‬
‫ف ي� مضمارهــا‪ .‬أمــا الدراســات المتعلقــة بالحضــارة المغربيــة‬ ‫ال�هنــة عليهــا) جــزءاً مكون ـاً مــن ثقافتنــا‬
‫عديــدة منــه (يلــزم ب‬
‫غــره عــن الفنــون‬ ‫ت‬
‫الــى تركهــا لنــا ي‬ ‫التاريخيــة‪ ،‬حـ تـى وهــو ينتــج معرفــة هجينــة‪ .‬هــذه المعرفــة‬
‫(لوتورنــو)‪ ،‬والدرســات ي‬
‫ـ� ال ينضــب مــن المعطيــات الدقيقــة‬ ‫الســامية‪ ،‬فإنهــا معـ ي ن‬ ‫إ‬ ‫الهجينــة تحمــل طبعــاً منظــور المنتــج ومســبقاته الذاتيــة‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫الــى ال غــى عنهــا لي باحــث أو مهتــم‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الــى‬
‫ي‬ ‫والتاريخيــة‪ ،‬كمــا تحمــل أيضــا العديــد مــن العنــارص ي‬
‫تشــكل‪ ،‬ف ي� خضــم ذلــك‪ ،‬شــهادة عــى ماضينــا ونظــرة مواكبــة‬
‫ـى أنتجــت عــن المغــرب‪ ،‬تشــكل‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ف‬
‫إن هــذه المرجعيــات الـ ي‬ ‫متمكنــ� بعــد مــن‬ ‫غــر‬
‫لــه‪ ،‬ي� وقــت كان فيــه المغاربــة ي‬
‫اليــوم ســؤاال مهمــا‪ :‬مــا الــذي أضفنــاه نحــن كمغاربــة منــذ‬ ‫علــوم التحليــل عــدا التاريــخ‪.‬‬
‫الكبــر الــذي‬
‫ي‬ ‫الرث؟ بــل إن الســؤال‬ ‫ذلــك ي ن‬
‫الحــ� إىل هــذا إ‬
‫يطــرح نفســه‪ :‬أي معرفــة أنتجناهــا اليــوم عــن تلــك المرحلــة‪،‬‬ ‫في المعرفة االجتماعية‬
‫خاصــة وأن بعــض الجوانــب السياســية واالجتماعيــة ال ت ـزال‬
‫لحــد اليــوم تخضــع لنظــرة ذات مـنز ع وطـن ي يكبــح أي ســؤال‬ ‫الخطيــى دراســة‬
‫بي‬ ‫الكبــر‬
‫ي‬ ‫ف ي� ســنة ‪ ،1967‬أصــدر عبــد‬
‫عــن مغــرب الحداثــة ف ي� ظــل االســتعمار‪.‬‬ ‫النتــاج‬ ‫أ‬
‫تعــر الوىل والرصينــة المؤسســة لحصيلــة إ‬ ‫مهمــة‪ ،‬ب‬
‫ش‬ ‫ف‬
‫السوســيولوجي ي� المغــرب منــذ بدايــات القــرن الع�يــن‪.‬‬
‫في التع ُّرف البصري‬ ‫ـى آنــذاك كان يتمثــل ف ي� حــر بحثــه ف ي�‬ ‫وبمــا أن هــم الخطيـ ب ي‬
‫السوســيولوجيا؛ فقــد أقــى عــن وعــي‪ ،‬مــن حصيلتــه تلــك‪،‬‬
‫لعــل فنــون الصــورة بمختلــف أشــكالها‪ ،‬ف ي� هــذه‬ ‫ـ�‪ ،‬كإدمــون‬ ‫ـ� أو ث‬
‫أن�بولوجيـ ي ن‬ ‫اعت�هــم إثنولوجيـ ي ن‬ ‫أعمــال مــن ب‬
‫الكــر أ‬
‫والكـرث امتــداداً ثقافيـاً الــذي ال‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وغ�همــا‪ .‬والحقيقــة أن هــذه الدراســة‬ ‫ت‬
‫المرحلــة‪ ،‬كانــت الثــر ب‬ ‫ووســرمارك ي‬ ‫دوطــي‪،‬‬
‫ن ـزال نجــد أنفســنا ف� حــرة مــن أمرنــا تجاهــه‪ .‬يتعلــق أ‬
‫المــر‬ ‫ن‬
‫الباحثــ� القلــة آنــذاك أســس‬ ‫المهمــة قــد وضعــت أمــام‬
‫ي ي‬ ‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫الكولونيال‪:‬‬ ‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬
‫ي‬ ‫‪112‬‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫والمنكمــش عــى نفســه وتاريخــه‪ ،‬كان عصيــا عــى االخـ تـراق‪،‬‬ ‫ش‬
‫االســت�اقية ومــا جــاء بعدهــا مــن إنتــاج‬ ‫أوال بالمنتجــات‬
‫ت‬ ‫ـكيل‪ .‬فقبــل أن يدشــن دوالكــروا هــذا المسـ يـر ســنة ‪،1932‬‬
‫ـى‬
‫فقــد كان ثغـرا ســبتة ومليليــة ثــم مدينــة طنجــة النوافــذ الـ ي‬ ‫تشـ ي‬
‫ين‬
‫واقعــ�‬ ‫ش‬
‫المســت�قون‪ ،‬الذيــن كانــوا‬ ‫يطــل منهــا الفنانــون‬ ‫كانــت صــور ورســوم تخليــد مــرور الســفراء المغاربــة بالــدول‬
‫تحــت فتنــة هــذا البلــد الغامــض الــذي ظــل‪ ،‬مــع ذلــك‪،‬‬ ‫الفرنجيــة قــد فتحــت فجــوة كـ بـرى ف ي� تحريــم التجســيم الذي‬ ‫إ‬
‫الندلــس ف ي� مجملــه ويحافــظ عــى اســتمرارية‬ ‫يحتضــن تاريــخ أ‬ ‫كان المالكيــون المغاربــة قــد دفعــوا بــه إىل أقصــاه‪ ،‬وعمقــه‬
‫تقاليــده ف� غرابتهــا وفتنتهــا آ‬ ‫ـا� الــذي ســاد المغــرب ف ي� فـ تـرة حكــم مــوالي‬
‫الرسة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫التوجــه الوهـ ب ي‬
‫ســليمان‪ .‬طبعـاً‪ ،‬كانــت تلــك الصــور تتــداول بتقنيــة الطباعــة‬
‫اعتــر دوالكــروا أن المغــرب بنــوره وغرابتــه يقربــه‬ ‫ب‬ ‫الداغ�وتيــب أو آلــة‬
‫ي‬ ‫الحجريــة والحفــر‪ .‬لكــن مــع ت‬
‫اخــراع‬
‫أ‬ ‫ـو�‪ ،‬صــار أ‬
‫المــر أســهل وأكـرث تــداوالً؛ فالصــور‬ ‫ئ‬
‫مــن عالــم رومــا الصــل‪ .‬ومــن ثــم جــاءت دفاتــره ورســومه‬ ‫التصويــر الض فـ ي‬
‫ئ‬ ‫ـى أنتجــت ي� مــا قبــل بالرســم وتقنيــات الطباعــة التقليديــة‬ ‫ت‬
‫ـر�‪ ،‬حيــث يمكــن القــول إنهــا أوىل‬
‫ف‬ ‫التمهيديــة تســجيال ً حيــا للمـ ي‬ ‫الـ ي‬
‫االســتطالعات الحيــة بالصــورة ي� المغــرب‪ .‬وإذا كانــت لوحــة‬ ‫كانــت ال تمكــن مــن تداولهــا المتعــدد‪.‬‬
‫خرجــة الســلطان مــوالي عبــد الرحمــن قــد أرخــت لبدايــة‬
‫دخولنــا لعالــم الصــورة بشــكل رســمي‪ ،‬فإنهــا أيض ـاً أسســت‬ ‫ش‬
‫االســت�اق‬ ‫لــن يهمنــا هنــا تعميــم الحديــث عــن‬
‫بشــكل مــا لتقليــد ســوف نجــد لــه اســتمراراً حثيث ـاً‪ ،‬ســواء ف ي�‬ ‫ف‬
‫ـى رســمت ي� المراســم‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫التصويــري ي� مجملــه‪ ،‬وال التصاويــر الـ ي‬
‫المغــر�‬
‫بي‬ ‫حــى ف ي� مجــال التشــكيل‬ ‫مجــال الكارتبوســطال أو ت‬ ‫بعيــداً عــن المعاينــة الواقعيــة‪ ،‬مــا يهمنــا منــه هــو الجانــب‬
‫(حســن الــكالوي عــى ســبيل التمثيــل ال الحــر)‪.‬‬ ‫المتعلــق بالمغــرب عينيــا‪ ،‬فبمــا أن هــذا البلــد المنغلــق‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬
‫‪113‬‬ ‫الكولونيال‪:‬‬
‫ي‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫ـ� أجانــب مقيمـ ي ن‬


‫ـ� بالمغــرب‪.‬‬ ‫هــذا الفــن لــدى فنانـ ي ن‬ ‫ش‬
‫االســت�اق المتعلــق بالمغــرب (مقارنــة مــع‬ ‫ربمــا كان‬
‫ف‬
‫الجزائــر أو مــر) أقــل اســتيهامية ي� مــا يخــص المــرأة‪،‬‬
‫ربمــا كانــت الصــورة الفوتوغرافيــة‪ ،‬وخاصــة الــكارط‬ ‫تــرز‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫الــى ب‬
‫والســقاطية ي‬ ‫فعــدا بعــض العمــال االســتيهامية إ‬
‫الرث (الــذي قمــت بعــرض جوانــب‬ ‫آ‬
‫رغبــة الخــر‪ ،‬فــإن هــذا إ‬
‫كبـ يـرة منــه مــن المجموعــة الفنيــة لبنــك المغــرب ف ي� الشــهور‬
‫الســابقة) يظــل مــع ذلــك أقــرب إىل واقــع الحــال‪ ،‬ويتــوزع‬
‫إن الوقت قد حان لتم ّلك‬ ‫بــ� رغبــة الفنــان وحضــور‬ ‫والغ�يــة‪ ،‬أي ي ن‬‫ي‬ ‫ين‬
‫بــ� الذاتيــة‬
‫االستشراق‪ ،‬واعتباره جز ًءا من‬ ‫ـت�اق التصويــري‬ ‫أ‬
‫الموضــوع‪ ،‬المــر الــذي يجعــل مــن االسـ ش‬
‫والقــرب إىل تصويــر‬‫الكــرث «واقعيــة» أ‬ ‫المتعلــق بالمغــرب أ‬
‫ذاكرتنا البصرية‬
‫واقــع الحــال‪.‬‬

‫ش‬
‫لالســت�اق بــوالدة‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬نحــن نديــن‬
‫ـت�اق االســتيهامي‬ ‫بوســطال‪ ،‬هــي الوريــث ف ي� المغــرب لالسـ ش‬ ‫أ‬
‫ـر�‪ ،‬خاصــة ف ي� المغــرب عــى القــل‪ ،‬ذلــك أن أول‬ ‫الفــن العـ ب ي‬
‫بمــا شن�تــه مــن أجســاد عاريــة لنســاء بلــد كــن دومــا‬ ‫الرباطــي‪ ،‬كان‬
‫مهــدي ِّ‬ ‫مغــر�‪ ،‬وهــو محمــد‬
‫بي‬ ‫تشــكيل‬
‫ي‬ ‫فنــان‬
‫جنــى؛ بيــد أن الصــور الفوتوغرافيــة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ز‬
‫طباخـاً لــدى رجــل إنجلـ يـ�ي مقيــم بطنجــة ي� بدايــات القــرن‬
‫ي‬ ‫خــارج منظــور ال ب‬
‫والكارطبوســطالية الموجــودة ف ي� المجموعات الخاصــة‪ ،‬وكذا ف ي�‬ ‫ين‬
‫المرموقــ� تعلمــوا‬ ‫ين‬
‫الفنانــ�‬ ‫ض‬
‫المــا�‪ ،‬كمــا أن العديــد مــن‬
‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬
‫الكولونيال‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪114‬‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫ـ�‪ ،‬تمكننــا مــن الوقــوف عــى مظاهــر كفيلــة‬ ‫أ‬


‫المغــر�‪ ،‬فإنهــا أيضــا تــؤرخ للعنــف االســتعماري‬
‫أ‬ ‫بي‬ ‫مظهريــة‬ ‫الرشــيف الفرنـ ي‬
‫ـر�‪ ،‬أك ـرث‬ ‫بــأن تشــكل تاريخ ـاً برصي ـاً لعوائــد إ‬
‫بالملمــوس‪ ،‬وهــو المــر الــذي يجعــل مــن قراءتهــا البرصيــة‬
‫قــراءة تســتمد منهــا الجانــب أ‬ ‫النســان المغـ ب ي‬
‫الرشــيفي التاريخــي الشــاهد‬
‫علينــا‪ ،‬كمــا تســتمد منهــا شــهادة عــن العنــف االســتعماري‬
‫وعقليتــه وطرائقــه وأســاليبه‪.‬‬
‫إن ما نواجهه حاليا تجاه هذه‬
‫عــر عنــه إدوارد ســعيد مــن‬ ‫إن الموقــف الــذي ب‬ ‫المرحلة‪ ،‬لم يعد سياسيا‪ ،‬وإنما‬
‫ف‬
‫نعتــره عالمــة بــارزة ي� بنــاء‬ ‫االســت�اق‪ ،‬والــذي يمكــن أن‬ ‫ش‬
‫ب‬ ‫صار ذا بعد تاريخي ومستقبلي‬
‫ف‬
‫ـت�اق ي� شــموليته قــد فهــم فهم ـاَ‬ ‫ـر� لنقــد االسـ ش‬
‫تصــور عـ ب ي‬
‫شــمول‪ .‬والحــال أن ســعيد‬
‫ي‬ ‫خاطئــاً‪ ،‬يــكاد يحولــه إىل رفــض‬
‫نفســه ف ي� الطبعــات الالحقــة لكتابــه قــد ركــز عــى التعامــل‬
‫ت‬
‫الــى كانــت إعــادة صياغــة واضحــة‬
‫االســتعمال الــذي قوبــل بــه كتابــه‪ ،‬وكأنــه حركــة فكريــة‬
‫ي‬ ‫مــن الســينما التخييليــة ي‬
‫تحريريــة‪ .‬أمــا دراســة مالــك علولــة عــن الفوتوغرافيــا‬ ‫ئ‬
‫للمــر�‪.‬‬
‫ي‬
‫االســت�اقية الخاصــة بالمــرأة وبالعــري‬‫ش‬ ‫الكولونياليــة أو‬
‫ـى وصلتنــا مــن تلــك المرحلــة‪،‬‬‫ت‬
‫ـ�‬
‫وبمشــهد الجســد الجزائــري‪ ،‬فبالرغــم مــن الــذكاء التحليـ ي‬ ‫والحقيقــة أن الصــور الـ ي‬
‫ـ� عنــه‪ ،‬فإنهــا تنطلــق أيضــا مــن موقــف اســتنكاري‬ ‫الــذي تبـ ي ن‬ ‫بــل منــذ نهايــة القــرن التاســع عـ شـر‪ ،‬إن كانــت تشــهد عــى‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬
‫‪115‬‬ ‫الكولونيال‪:‬‬
‫ي‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫وإنمــا لمحاولــة مســاءلته بنظــرة جديــدة تقــول إن الوقــت قــد‬ ‫ـت� ق يا� كلــه ف ي� ســلة واحــدة‪ .‬وال يفوتنــا‬‫يجعــل التصويــر االسـ ش‬
‫حــان لتم ّلــك االسـ ش‬
‫ـت�اق‪ ،‬واعتبــاره جــز ًءا مــن ذاكرتنــا البرصية‪،‬‬ ‫ـى عــن‬‫ـه�ة لعبــد الكبـ يـر الخطيـ ب ي‬ ‫الشــارة إىل الدراســة الشـ ي‬‫هنــا إ‬
‫ـ� همــا موضوعــان‬ ‫ليــس فقــط ألن الفضــاء والجســد العربيـ ي ن‬ ‫ش‬
‫ـى ينعتــه فيهــا بالمســت�ق التائــه‪ .‬ويبــدو‬ ‫ت‬
‫جــاك بـ يـرك‪ ،‬والـ ي‬
‫ـت�اق ليــس كيانــا واحــدا موحــدا‬ ‫لــه‪ ،‬ولكــن ألن هــذا االسـ ش‬ ‫ـجال ســتمكننا مــن الوقــوف‬ ‫يل أن مراجعــة هــذا المقــال السـ ي‬
‫الخطيــى آنــذاك‬ ‫ت‬
‫الــى تعامــل بهــا‬
‫وإنمــا هــو نظـرات ال تقبــل ال مــن الناحيــة التاريخيــة وال مــن‬ ‫بي‬ ‫عــى المبالغــة المفرطــة ي‬
‫الناحيــة الجماليــة وال مــن الناحيــة الموضوعاتيــة أن يتــم‬ ‫ـر� قديمــا‬ ‫مــع مفكــر وعالــم باللغــة العربيــة والمجتمــع المغـ ب ي‬
‫والســقاط الجامــع‪.‬‬ ‫تناولهــا بالتعميــم والتوحيــد إ‬ ‫وحديثــا‪ ،‬تــرك لنــا مرجعيــات صلبــة ال يعلوهــا الغبــار عــن‬
‫المغــر� الوســيط‪ ...‬إنــه‬ ‫بي‬ ‫المجتمــع القــروي وعــن المجتمــع‬
‫في المعرفة األدبية‬ ‫عالــم عالمــة قــد نختلــف معــه ف ي� بعــض الجوانــب‪ ،‬غـ يـر أن‬
‫ـال منتقديــه‪ .‬أمــا‬ ‫رث‬
‫الدب الكولونيــال هــو أ‬‫ربمــا كان أ‬ ‫تحاليلــه ال تـزال صامـ فـدة أكـ مــن بعــض تحـ ي‬
‫الكـرث مجهوليــة ف ي� هــذا‬ ‫ي‬ ‫الدارة‬ ‫ف‬
‫أن نرفضــه لكونــه كان ي� بدايــة ارتيــاده للبــاد موظفــا ي� إ‬
‫الرث‪ .‬والجانــب المعــروف منــه أو الظاهــر فيــه هــو الرحــات‬ ‫إ‬ ‫االســتعمارية‪ ،‬فذلــك مــا ال يمكــن أن يقبلــه عقــل يفكــر نقديــا‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ـى قــام بهــا الجانــب ي� بــاد المغــرب منــذ القــرن الســابع‬ ‫ت‬ ‫الخطيــى نفســه‪.‬‬ ‫بشــكل مــزدوج كمــا أوىص بذلــك‬
‫أ‬ ‫الـ ي‬ ‫بي‬
‫وبيــر‬
‫موليــراس الب دو فوكــو‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫عــر‪ .‬وإذا كانــت رحلــة‬ ‫ش‬
‫ف‬
‫(الــى أصدرنــا ترجمتهــا ي� الســنة‬ ‫ت‬ ‫لــو�‪ ،‬ورحلــة شــوفريون‬ ‫ت‬ ‫مــن ثــم يبــدو يل أن الوقــت قــد حــان لنقــد «نقــد‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ي‬
‫الماضيــة)‪ ...‬هــي الك ـرث شــهرة‪ ،‬فلنهــا أنتجــت ي� ذلــك مــا‬ ‫ش‬
‫االســت�اق» (إذا صــح القــول)‪ ،‬ال لمحاولــة تفكيكــه فقــط‪،‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫ثقافة وفنون‬
‫الكولونيال‪:‬‬ ‫ثقافة آ‬
‫الخر ف ي� العرص‬
‫ي‬ ‫‪116‬‬
‫رفض أم استعادة؟‬

‫فيهــا معرفتهــا بدواخــل البيــوت المغربيــة والتونســية‪ .‬كمــا‬ ‫كان يعــرف بالتعــرف؛ أي إنتــاج معرفــة جغرافيــة واجتماعيــة‬
‫الســوار العتيقــة‬‫أصــدرت بعدهــا روايــة بعنــوان «خلــف أ‬ ‫الن المقاصــد‬ ‫واقتصاديــة وإثنوغرافيــة بالمغــرب‪ .‬ال يهمنــا آ‬
‫ـى كانــت تمــول تلــك الدراســات‪،‬‬ ‫ت‬
‫المتالشــية»‪ ،‬وهــي روايــة تعايــش فيهــا النســاء المكناســيات‪،‬‬ ‫االســتعمارية والمؤسســات الـ ي‬
‫وتحــ� عــن مآســيهن وأفراحهــن‪ ،‬مفككــة‬‫ي‬ ‫وتتكلــم لغتهــن‬ ‫فالمهمــة االســتعمارية انتهــت‪ ،‬بيــد أن تلــك الرحــات وتلــك‬
‫ت‬ ‫ش‬ ‫و� جوانــب معرفيــة كثـ يـرة منهــا تجــاوزت الظرفية‬ ‫ف‬
‫الــى كانــت ســائدة آنــذاك‪.‬‬
‫النظــرة الغرابيــة االســت�اقية ي‬ ‫المصنفــات ي‬
‫كمــا تركــت لنــا كتابــا عــن مــواد التجميــل التقليديــة‪ ،‬واهتمــت‬ ‫والســياق اللذيــن أفرزاهــا‪ ،‬وغــدت منتجـاً معرفيـاً يمتلــك مــن‬
‫بأمــور اجتماعيــة تربويــة مــع فتيــات المدينــة‪ ،‬وكانــت وراء‬ ‫العمــق والراهنيــة مــا ال تمتلكــه الكثـ يـر مــن الكتابــات لباحثـ ي ن‬
‫ـ�‬
‫تشــييد حديقــة الحبــول المعرفــة بمكنــاس‪ .‬إنهــا نمــوذج مــن‬ ‫معارصيــن مــن أهــل البلــد‪.‬‬
‫ـ� نمــاذج أدبيــة أخــرى يلــزم استكشــافها والتعامــل معهــا‬ ‫بـ ي ن‬
‫أ‬
‫النــكار لهــذا الدب جملــة وتفصيــا‪.‬‬ ‫تشــكل هــذه الرحــات‪ ،‬ســواء منهــا ذات الطابــع‬
‫بمنظــور جديــد يتجــاوز إ‬
‫الثنوغ ـر ف يا� أو ذات الطابــع «الســياحي» وثائــق مهمــة ونــادرة‬ ‫إ‬
‫المــر لــم يعــد يتعلــق اليوم‬ ‫ليــس مــن شــك إذن‪ ،‬ف� أن أ‬ ‫الســياس واالجتماعــي‪ ،‬ولكــن أيضــا عــن‬ ‫ال عــن الوضــع‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬
‫بتصفيــة االســتعمار‪ ،‬وال بمرحلــة مــا بعــد كولونياليــة‪ ،‬كمــا‬ ‫غــر المعروفــة ي� الكتابــات المغربيــة آنــذاك‪.‬‬ ‫الســياقات ي‬
‫الخـ يـرة‪ ،‬وإنمــا بتصفيــة االســتعمار‬ ‫يتــم تداولهــا ف� العقــود أ‬ ‫فالمعــروف أن كتاباتنــا التاريخيــة قليلــة عــن تلــك المرحلــة‪.‬‬
‫ي‬
‫الـرازح عــى تصوراتنــا‪ .‬إننــا نعـن ي بذلــك‪ ،‬أن المشــكل اليــوم‬ ‫فعــدا كتــاب االســتقصا للنــارصي وإتحــاف أعــام النــاس‬
‫الن‬ ‫و� آ‬ ‫ف‬ ‫البــن زيــدان‪ ،‬ال يمكــن أن نجــد ف ي� أغلــب مــا وصلنــا مــن القــرن‬
‫لهويتنــا الوليــدة والجريحــة ي‬ ‫آ‬
‫هــو مشــكل تصوراتنــا‬
‫نفســه‪ ،‬مشــكل تصورنــا لخــر‪ ،‬تــرك علينــا بصماتــه الحداثيــة‬ ‫الع�يــن‪ ،‬مــا يمكــن أن يشــكل‬ ‫التاســع عـ شـر وبدايــات القــرن ش‬
‫ووســمنا بلغتــه وتقنياتــه‪ ،‬وراح يســتكمل مشــواره ف ي� التقدم‪...‬‬ ‫ف‬
‫مصــدراً تاريخيـاً‪ ،‬اللهــم كتابــات ترهيبيــة ي� الحداثــة كالرحلــة‬
‫الخــر ف ي� وعينــا وال وعينــا‪ ،‬صــار جــز ًءا‬ ‫لــذا‪ ،‬فــإن مــا اســتنبته آ‬ ‫المراكشــية لعبــد هللا بــن الموقــت‪ ،‬وإقامــة الدليــل ف ي� حرمــة‬
‫مــن كياننــا ومتخيلنــا‪.‬‬ ‫التمثيــل البــن الصديــق‪ ...‬وعــى الرغــم مــن أن تلــك الرحــات‬
‫د� العــام أمــر‬ ‫أ‬
‫أد� إال أن جانبهــا ال ب ي‬
‫ليســت دومــا ذات طابــع ب ي‬
‫إن مــا نواجهــه حاليــا تجــاه هــذه المرحلــة‪ ،‬لــم يعــد‬ ‫ال يلــزم إغفالــه‪.‬‬
‫ومســتقبل‪ .‬والحــس‬
‫ي‬ ‫سياســيا‪ ،‬وإنمــا صــار ذا بعــد تاريخــي‬
‫الوط ـن ي لــم يعــد ســمة المرحلــة‪ ،‬حيــث إن مــا حجبــه عنــا‬ ‫الدب‬ ‫ولعــل ألطروحــة عبــد الجليــل الحجمــري عــن أ‬
‫لعقــود طويلــة‪ ،‬صــار يطــل علينــا مــن شــقوق هــذا التوجــه‬ ‫والــى أعــاد شن�هــا مــن‬ ‫الكولونيــال ف� بدايــة الســبعينيات‪ ،‬ت‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ـا� شب�وخــه ومعطياته‬ ‫ض‬ ‫كــ� عــى الجوانــب الغرابيــة‬ ‫كبــر ف� ت‬
‫ال� ي ز‬ ‫أثــر‬ ‫قليلــة‬ ‫ســنوات‬
‫نفســه‪ .‬لهــذا‪ ،‬فإن اســتعادة هــذا المـ ي‬ ‫أ‬ ‫أ ي‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫النــكار‪ ،‬باعتبــاره تجريمـاً لمرحلة‬ ‫أمــر يمكّ ننــا فكريـاً من تفــادي إ‬ ‫واالســتعمارية ي� هــذا الدب‪ .‬والحــال أن هــذا الدب إن كان‬
‫بكاملهــا‪ .‬فكمــا أن عالقتنــا باللغــة الفرنســية صــارت عالقــة‬ ‫الخــر ف ي� النظــر إلينــاـ فــإن بعــض الكتابــات‬ ‫ـ� عــن عقليــة آ‬ ‫يبـ ي ن‬
‫امتــاك وتأويــل‪ ،‬كذلــك نحــن مطالبــون بممارســة التأويــل عىل‬ ‫فيــه تنــم عــن انزيــاح واضــح عــن هــذه العقليــة‪ .‬وال أدل‬
‫معطيــات تلــك المرحلــة‪ .‬إنــه تأويــل مــزدوج تجــاه حاجياتنــا‬ ‫ـ� عــن نظــرة إنســانية‬ ‫عــى ذلــك مــن نمــوذج أســوقه هنــا يبـ ي ن‬
‫الراهنــة وتجــاه رغبتنــا ف ي� امتــاك ناصيــة ماضينــا كامـاً‪ .‬وهــو‬ ‫تحمــل الكثـ يـر مــن العمــق وحبــا كبـ يـرا للبــاد وتصــورا قـ َّـل مــا‬
‫تأويــل يمكّ ننــا أيض ـاً مــن تجــاوز بـ ت ْـر إرث كامــل والرمــي بــه‬ ‫ـ�‬ ‫نجــده لــدى العديــد مــن الكتــاب‪ .‬يتعلــق أ‬
‫المــر بكتابــات ألـ ي ن‬
‫ف ي� الخــارج‪ ،‬ليحثنــا عــى إنتــاج معرفــة جديــدة بماضينــا‬ ‫دولينــس‪.‬‬
‫القريــب‪ ،‬بعيــداً عــن المقاصــد الكولونياليــة وعــن المقاصــد‬
‫الوطنيــة الـ تـى تحكمــت ف� أ‬
‫الذهــان لعقــود‪ .‬إنــه رهــان حــا�ض‬ ‫ت‬
‫اللــوا� ارتــدن‬ ‫كانــت هــذه المــرأة مــن أوائــل النســاء‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ض‬ ‫ـا�‪.‬‬ ‫ض‬
‫المــا� وعــدم االكتفــاء بكونــه كان ســاحة‬ ‫ي‬ ‫تملــك‬ ‫يبتغــي‬ ‫مدرســة الفنــون الجميلــة بباريــس ي� بدايــات القــرن المـ ي‬
‫حــرب فقــط‪...‬‬ ‫ريفيــو‪ ،‬صاحبتــه إىل تونــس‬
‫ثــم إنهــا بعــد زواجهــا مــن الســيد ّ‬
‫ـنت� لتعــود معــه إىل المغــرب‪ ،‬حيــث تــم تعيينــه‬ ‫لمــدة سـ ي ن‬
‫حاكمــا عــى مدينــة مكنــاس‪ .‬وعــى الرغــم مــن أنهــا فنانــة‬
‫تشــكيلية‪ ،‬فلــم يصلنــا مــن أعمالهــا إال بعــض البورتريهــات‬
‫لنســاء مغربيــات‪.‬‬

‫كانــت ي ن‬
‫ألــ� دولينــس قصاصــة بارعــة‪ ،‬فقــد أصــدرت‬
‫مجموعــة مــن القصــص بعنــوان «الحريــم المنفــرج» تظهــر‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪117‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫مع الباحث المرصي عصام فوزي‬ ‫‪118‬‬

‫الكاتب التونسي حافظ قويعة‬


‫لمجلة «ذوات»‪:‬‬
‫ثمن التقدم العلمي باهظ‬
‫والمناهج الغربية ضرورية‬
‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬
‫حوار‬
‫‪119‬‬ ‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬

‫حاوره‪ :‬محمد بوشيخي‬

‫ركز الكاتب التونسي حافظ قويعة‬


‫على أهمية البحث العلمي في مجال‬
‫المقدس‪ ،‬وكلفته الباهظة بالنسبة‬
‫للمثقف‪ ،‬ضاربًا المثل بابن رشد الذي‬
‫تعرض لإلهانة والتشريد كما تعرضت‬
‫مؤلفاته للتحريف بسبب موقفه‬ ‫ّ‬
‫العقالني من قراءة ّ‬
‫الشريعة‪ ،‬ومع‬
‫ذلك حالفه االنتصار في نهاية المطاف‪،‬‬
‫وتقدم‪ ،‬وتناساه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتلقفه الغرب‬
‫ّ‬
‫فتأخروا‪.‬‬ ‫المسلمون‬

‫وأشار األكاديمي التونسي في حوار‬


‫مع مجلة «ذوات» إلى أهمية المناهج‬
‫الحديثة في فهم النص الديني‪ ،‬وأبدى‬
‫إعجابه بالفيلسوف الفرنسي «جاك‬
‫دريدا»‪ ،‬مؤكدًا أن مقوالته ال تشكل أي‬
‫تهديد لكياننا القومي‪ ،‬بل هي لبنة‬
‫تنضاف إلى لبنات حركة التنوير الكون ّية‬
‫المستم ّرة‪ ،‬وليست كما ُيردد البعض‬
‫الهدم‬
‫ْ‬ ‫من الحداثويين دعوة إلى‬
‫والعبث‪.‬‬

‫كما انتقد دعوة رضوان الس ّيد‬


‫إلى رد االعتبار للمؤسسة التقليدية‪،‬‬
‫وتمنى أن يحافظ على انسجام ّية التوجهات التي رسمها لنفسه‬
‫في مختلف كتاباته السابقة‪ ،‬ح ّتى ال يعيد مسيرة بعض المفكرين‬
‫«المرتدين»‪ ،‬من أمثال محمد عمارة‪ ،‬حسب قوله‪.‬‬

‫وحافظ قويعة أكاديمي تونسي‪ ،‬حاصل على دكتوراه الدولة‬


‫في اآلداب‪ ،‬وأستاذ بشعبة اللغة واآلداب والحضارة العرب ّية بجامعة‬
‫صفاقس‪ ،‬كما أنه مهتم بدراسة المقدس والالهوت‪ ،‬وله مجموعة‬
‫من األبحاث في حقل مناهج التفسير؛ منها «بحث تفسير القرآن في‬
‫العصر الحديث»‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬ ‫‪120‬‬

‫النتــاج والنـ شـر حــول‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬


‫* الســتاذ حافــظ قويعــة‪ ،‬نشــطت خــال الونــة الخـ يـرة حركيــة إ‬
‫المــوروث الديـن ي مــن خلفيــة نقديــة‪ ،‬عـ بـر اعتمــاد مناهــج تنتمــي لحقــل الحداثــة الغربيــة‪ ،‬فمــا‬
‫الســامية؟‬ ‫ف‬
‫هــي أهــم المنهجيــات النقديــة المطبقــة ي� دائــرة الثقافــة إ‬

‫ـامية»‬
‫«السـ ّ‬
‫هــذا ســؤال عــام جـ ّـدا‪ ،‬فالمناهــج ال ّنقديّــة المطبقــة فيمــا أسـ َـميته دائــرة ال ّثقافــة إ‬
‫كثـ يـرة‪ .‬وقبــل الحديــث عــن هــذه المناهــج‪ ،‬دعـن ي أذكــرك بالــزوج المفهومـ ّـي ا ّلــذي و ّظفــه العلمــاء‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫بثنائيــة أهــل الـ ّـرأي وأهــل‬
‫ـى عـ ب ّـر عنهــا ي� فالبدايــة ّ‬ ‫ثنائيــة العقــل وال ّنقــل ا ّلـ ي‬
‫العــرب القدامــى؛ أعـ ي ّ‬
‫ـ� ي� مقاربــة المســائل‪ :‬منهــج يقــوم‬ ‫ـ� منهجـ ي ن‬
‫ـ� بـ ي ن‬ ‫الحديــث‪ .‬المســألة عندهــم قائمــة عــى ال ّتميـ ي ز‬
‫قضيــة تعريفــا وتحليــا وبرهنــة واســتنتاجا‪ ،‬ومنهــج آخــر يقــوم‬ ‫ف‬
‫عــى إعمــال العقــل ي� معالجــة أيّــة ّ‬
‫الحجاجيــة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عــى معالجــة القضايــا اعتمــاداً عــى ال ّنقــل أساسـاً‪ ،‬أي عــى مــا يسـ ّـمى اليــوم بالمقاربــة‬

‫المطبقــة اليــوم ف ي� جميــع مجــاالت البحــث قائمــة عــى العقــل وال ّتجربــة ال‬ ‫ّ‬ ‫ّكل المناهــج‬
‫ـأن عبــارة «مناهــج» فضفاضــة جـ ّـدا‪،‬‬ ‫ن‬
‫عــى ال ّنقــل‪ ،‬وإذا اتّفقنــا عــى هــذا‪ ،‬يتعـ ي ّـ� علينــا الوعــي بـ ّ‬
‫الكمــي‪ ،‬البنيــوي‪،‬‬
‫ـا�‪ّ ،‬‬ ‫ئ‬
‫تخصصهــا مــن قبيــل المنهــج إالحصـ ي ّ‬‫ولذلــك نجدهــا دائمــا مشــفوعة بصفــة ّ‬
‫ال ّن ن‬
‫فســا�‪...‬‬
‫ي‬

‫ـا�‬‫ن‬
‫االكتفــاء بمثــال واحــد‪ ،‬وهــو المنهــج التاريخـ ي‬ ‫الســياق‪ ،‬يمكــن‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� هــذا‬
‫ال يمكن إال أن نثني على‬ ‫العــر� االســامي‪ ،‬وهــو‬
‫بيّ‬ ‫طبقــه عبــد ال ّلــه العــروي ف ي� قراءتــه للمــوروث‬ ‫ا ّلــذي ّ‬
‫الموضوعيــة الحافّــة بالوقائــع ويح ّللهــا‬ ‫�ض‬
‫باختصــار منهــج يســتح المعطيــات‬
‫ّ‬
‫المجهودات التي بذلها‬ ‫معينــة تبقــى هــي نفســها قابلــة لل ّنقــد‪ .‬هــذا‬ ‫ثـ ّـم يعيــد تركيبهــا ليصــل إىل نتائــج ّ‬
‫المفكر المغربي الراحل‬ ‫المنهــج يهــدف إىل استكشــاف الواقــع كمــا كان ال كمــا نريــد نحــن أن يكــون قــد‬
‫و� ّكل ت‬ ‫ف‬ ‫ض ف‬ ‫كان؛ أي إىل نــزع أ‬
‫محمد عابد الجابري في‬ ‫الفــرات بمــا‬ ‫المــا� ي� ّكل المجــاالت ي‬ ‫ي‬ ‫الســطرة عــن‬
‫ف‬
‫الراشــدة‪ .‬وإذا كان العــروي لــم‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ّ‬
‫جل كتاباته‬ ‫ي� ذلــك فــرة النبـ ّـوة ناهيــك عــن فــرة الخالفــة ّ‬
‫محمــد أركــون أقــدم عــى ذلــك‬ ‫ـإن ّ‬ ‫ـيس‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـص التأسـ ي‬ ‫يطبــق هــذا المنهــج عــى النـ ّ‬ ‫ّ‬
‫و� نفــس هــذا‬ ‫ف‬ ‫ـة‪،‬‬‫ـ‬ ‫اريخي‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫للمقارب‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫م�‬ ‫ث‬ ‫ـج‬‫ـ‬ ‫مناه‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـرى‬
‫ـ‬ ‫أخ‬ ‫ـم‬
‫ـ‬ ‫مفاهي‬ ‫ـا‬‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫ظ‬ ‫مو‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المحمديّــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫جعيــط عــن ال ّتجربــة‬ ‫هشــام ّ‬ ‫وجــه المنهجــي يمكــن إدراج مؤ ّلفــي‬ ‫ال ّت ّ‬
‫ف‬ ‫ش‬
‫وكذلــك جـ ّـل كتابــات عبــد المجيــد الــر ي�‪.‬‬

‫ـر� بتناولــه‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ىن‬


‫* لقــد تب ـ محمــد عابــد الجابــري منهجيــة «اح�ازيــة» ي� نقــده للعقــل العـ ب ي‬
‫للـ تـراث كمنتــوج بـ شـري دون المــس بالنــص المقــدس خالفـاً لمحمــد أركــون ونــر حامــد أبــو‬
‫وغ�همــا؛ أال تــرى أن رؤيــة الجابــري تصلــح كأرضيــة «توافقيــة» قــادرة عــى إقنــاع تيــارات‬ ‫زيــد ي‬
‫الســامية‪ ،‬عــى‬ ‫ف‬ ‫ث‬
‫ـال فهــي أكــر فاعليــة ي� مســار التجديــد الفكــري داخــل الثقافــة إ‬
‫أخــرى‪ ،‬وبالتـ ي‬
‫ف‬
‫ـال فــإن النجــاح ي� تجديــده يمــر عـ بـر التوافــق‬ ‫ن‬
‫اعتبــار أن المــوروث الديـ ي ملــك للجميــع‪ ،‬وبالتـ ي‬
‫وليــس التصــادم؟‬

‫ـر� الراحــل محمــد عابــد‬ ‫ت‬ ‫ن‬


‫ـى بذلهــا المفكــر المغـ ب ي‬‫ـن ال يمكــن إال أن نثـ ي عــى المجهــودات الـ ي‬ ‫ف‬
‫نحـ‬
‫أكاديميــة؛ لكــن مــا وصفتــه‬
‫ّ‬ ‫الجابــري ي� جـ ّـل كتاباتــه بقطــع ال ّنظــر عــن قيمتهــا مــن وجهــة نظــر‬
‫منهجيــة الـ ّـدرس‬ ‫«االح�ازيّــة» ليــس منهجــا وإنّمــا هــو اختيــار ربّمــا يعـ ب ّـر عــن خشــية تطبيــق‬ ‫ت‬ ‫بـــ‬
‫ّ‬
‫ـص المقـ ّـدس لمــا قــد يثـ يـره ذلــك مــن ردود فعــل خطـ يـرة عــى‬ ‫االبســتمولوجي المعــارص عــى ال ّنـ ّ‬
‫ت‬ ‫ف‬
‫ـأن الجابــري قـ ّـدم دراســة عــن الق ـرآن ي� آخــر فــرات حياتــه هــي‬ ‫الكاتــب نفســه‪ .‬لكــن أذكــرك بـ ّ‬
‫ف‬
‫وافقيــة أصـاً‪ ،‬بــل تكـرار مخـ ّـل لمــا جــاء ي� ال ّتفاسـ يـر القديمــة‪ .‬ومهمــا قيــل عــن ال ّت ب�يـرات‬
‫أ‬ ‫دون ال ّت ّ‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫ـب ي� هــذا العمــل عــى مســالة ليســت‬ ‫اتيــة لهــذا العمــل‪ ،‬فالرجــح ي� تقديرنــا ّأن الجابــري انكـ ّ‬ ‫الذّ ّ‬
‫مــن اختصاصــه‪ّ .‬أمــا أركــون ونــر حامــد أبــو زيــد‪ ،‬رغــم مــا بينهمــا مــن تمايــز‪ ،‬فقــد انخرطــا فعــا‪،‬‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫خصــص العلمــي‪ .‬لك ّنهمــا‬ ‫ـص المقـ ّـدس‪ ،‬وهــو مــا ينــدرج ي� بــاب ال ّت ّ‬ ‫ّكل عــى طريقتــه ي� ق ـراءة ال ّنـ ّ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫‪121‬‬ ‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬

‫العلميــة بـ ّ‬
‫ـكل‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� تقديــري لــم يقصــدا ال ّتصــادم وإنّمــا قصــدا الكشــف عمــا انتهــت إليــه مقاربتهمــا‬
‫ف‬
‫ـتقاللية‬
‫بالشــجاعة واالسـ ّ‬ ‫أمانــة فهمــا بعبــارة القدامــى لــم يخشــيا ي� الحـ ّـق لومــة الئــم أو ُقــل تح ّليــا ّ‬
‫وغ�همــا‬ ‫النــوار‪ّ .‬أمــا أن يكــون خطــاب الرجلـ ي ن‬ ‫ـ� أشــار إليهمــا كانــط ف� نصــه الشــه� عــن أ‬ ‫ال ّلتـ ي ن‬
‫ـ� ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ي‬ ‫ي ّ‬
‫أ‬
‫صادمــا‪ ،‬فهــذا أمــر بديهـ ّـي وطبيعـ ّـي جـ ّـدا‪ ،‬ل ّن «القــول العلمــي» كان باســتمرار عـ بـر ال ّتاريــخ شــأن‬
‫بالرفــض ف ي� مرحلــة أوىل‪ ،‬ثـ ّـم ال يلبــث أن يفــرض وجــوده ويعـ تـرف‬ ‫«الخطــاب إالبداعــي» يُواجــه ّ‬
‫أ‬
‫ـ�‪ ،‬لنّــه أثبــت دوران الرض حــول‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ف‬ ‫ـى كادت تعــدم غاليـ ي‬ ‫بــه حـ ّـى بعــد مـ ّـدة طويلــة؛ ففالكنيســة الـ ي‬
‫الشــمس‪ ،‬وهــو مــا يتعــارض ي� رأيهــا مــع مس ـ ّلمات الكتــاب المقـ ّـدس‪ ،‬اعتــذرت لــه ي� س ـ ّتينيات‬ ‫ّ‬
‫العلميــة‪.‬‬ ‫ن‬
‫ـا� معربــة بذلــك عــن تب ـ ّ ي الحقيقــة‬ ‫ض‬
‫ّ‬ ‫القــرن المـ ي‬

‫ّإن ثمــن ال ّتقـ ّـدم العلمــي باهــظ ف ي� ّكل المجــاالت بمــا ف ي� ذلــك مجــال المقـ ّـدس‪ ،‬ولــك ف ي� سـ يـرة‬
‫للهانــة‬ ‫ـلم� القدامــى خـ يـر مثــال عــى ذلــك‪ ،‬فابــن رشــد تعـ ّـرض إ‬ ‫العديــد مــن المفكّريــن المسـ ي ن‬
‫ف‬
‫ال�يعــة‪ ،‬لكـ ّـن خطابــه هــو الــذي‬ ‫عقالني ـاً ي� ق ـراءة ش ّ‬
‫ّ‬ ‫و�د لتب ّنيــه موقف ـاً‬ ‫ش‬
‫مؤلفاتــه ُ ّ‬
‫وحرفــت بعــض ّ‬
‫فتأخــروا‪ ،‬وكان ال بـ ّـد أن‬ ‫ّ ف‬
‫انتــر ي� نهايــة المطــاف‪ ،‬فتلقّفــه الغــرب وتقـ ّـدم‪ ،‬وتناســاه المســلمون ّ‬
‫بأهميــة مــا كتــب هــذا الفيلســوف العظيــم‪ ،‬وينـ بـري مف ّكــر‬ ‫ّ‬ ‫تمـ ّـر قــرون مــن ال ّتخ ّلــف حـ ت ّـى نعـ تـرف‬
‫الرشــديّة!» لكــن هيهــات‪ ،‬فمقاربــة المقـ ّـدس اليــوم تجــاوزت‬ ‫كالجابــري مطالبــا باســتعادة «ال ّلحظــة ّ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ـى عــن‬ ‫الرشــديّة بكثـ يـر ويتعـ ي ّـ� االنتبــاه ّأن هــذا ال ّتجــاوز ال يع ـ ي الب ّتــة إاللحــاد أو التخـ ّ ي‬
‫الق ـراءة ّ‬
‫إاليمــان‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬ ‫‪122‬‬

‫رواد الحداثــة المعارصيــن ف ي�‬


‫الرغبــة عــن ال ّتصــادم لــدى ّ‬
‫وإن كنــت تريــد مزيــد ال ّتأ ّكــد مــن ّ‬
‫وثالثيــة عبــد المجيد‬ ‫المجــال ّ ن‬
‫محمــد‪ّ ،‬‬ ‫ـا� هشــام جعيــط عــن سـ يـرة ّ‬ ‫الديـ ي ‪ ،‬فحســبك العــودة إىل كتـ ب ي‬
‫الســائد ووفــاء لــروح‬ ‫الـ ش ف‬
‫ـ� للخطــاب ّ‬ ‫ـر ي� «لبنــات»‪ :‬ففــي كتابــات هذيــن المفكّريــن تجــاوز فعـ ي ّ‬ ‫ّ‬
‫العلميــة المعــارصة‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ز‬
‫إالســام‪ ،‬وتميـ يـ� واضــح بـ يـ� إاليمــان مــن جهــة‪ ،‬وبـ يـ� مقتضيــات المقاربــة‬
‫ـى خالفــا لمــا يقــال هــي أقــدر عــى مســاعدة المســلم عــى ال ّتصالــح مــع تراثــه مــن الخطــاب‬ ‫ت‬
‫أ‬ ‫الـ ي‬
‫عمليــة نقــد‬
‫للدوكســا عــى جميــع الصعــدة‪ .‬أذ ّكــرك بالمناســبة‪ّ ،‬أن ّ‬ ‫الســلفي ال ّتوفيقــي المهــادن ّ‬ ‫ّ‬
‫«الم� ّمــت» ف ي� الغــرب نهــض بهــا ّأوال رجــال ديــن (مثــل ريتشــارد ســيمون الــذي كتــب‬
‫تز‬
‫ي‬
‫الديـن‬
‫ّ‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫الفك‬
‫ّأول «تاريــخ نقــدي» للكتــاب المقـ ّـدس)‪.‬‬

‫ـ� تطــال المــوروث الدي ـن ي ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬


‫ويعت�هــا مــن‬
‫ب‬ ‫* هنــاك مــن يحــرس مــن عمليــات النقــد الـ ي‬
‫أعمــال العبــث والعدميــة؛ فصــار يدعــو إىل التقليــد ورد االعتبــار للمؤسســة التقليديــة وتركـ ي ز‬
‫ـر‬
‫ـ� مثلهــا عــى أحســن‬ ‫ت‬
‫االهتمــام عــى الجماعــة بــدل الدولــة‪ ،‬كيــف تنظــرون إىل هــذه الدعــوة الـ ي‬
‫ـا� رضــوان الســيد؟‬ ‫ن‬
‫وجــه المفكــر اللبنـ ي‬

‫الســيد! سـ ّـيدي أنــا أعتـ بـر كتابــات‬ ‫اح�اسـ ّـية رضــوان‬ ‫اح�ازيّــة الجابــري إىل ت‬ ‫الن مــن ت‬ ‫انتقلنــا آ‬
‫ف‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫الســيد جديــرة باالحــرام‪ ،‬كمــا أتبــى كل ّمســاعيه التأسيســية ي� اتجــاه التنويــر‪ ،‬لكنــ ي‬ ‫ّ‬ ‫رضــوان‬
‫ن‬
‫الدي ـ ي » ناهيــك عــن‬ ‫ـى تطــال المــوروث ّ‬ ‫ت‬
‫بالمقابــل أســتغرب موقفــه هــذا مــن «عمليــات ال ّنقــد الـ ي‬
‫ن‬
‫الرصـ يـ� هــو‬ ‫ز‬
‫الدعــوة إىل التقليــد وتركـ يـ� االهتمــام عــى الجماعــة بــدل الدولــة‪ .‬ال ّنقــد العلمــي ّ‬
‫و�ط ال ّتقـ ّـدم وال مجــال مــن زاويــة ال ّنظــر هــذه إىل ضبــط ُحــدود يُمنــع عــن ال ّنقــد‬ ‫عمــاد التجــاوز ش‬
‫ـ� ال ّنقــد بالمعـ نـى الكانطــي (التنويــري) واالنتقــاد‬ ‫تجاوزهــا‪ ،‬وال أظـ ّـن أن رضــوان السـ ّـيد يخلــط بـ ي ن‬
‫ف‬
‫الديــن ي� مجـ ّـرد متنفــس‬ ‫ـا� للمقـ ّـدس الــذي يخـ ت ز‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الفـ ّـج للمــوروث ّ ن‬
‫ـ�ل ّ‬ ‫الديـ ي ‪ ،‬أو حـ ّـى النقــد الوضعـ ي‬
‫الالم أو أضغــاث أحــام للتعويــض عــن المكبــوت الجماعــي‪ ،‬يقــول عبــد هللا العــروي‪:‬‬ ‫لتخفيــف آ‬
‫ـا� الوثائــق ال‬ ‫ق‬
‫«الق ـرآن كمصحــف يُتص ّفــح كمجموعــة ُحــروف وكلمــات وعبـأـارات ووثيقــة ماديــة كبـ ي‬
‫اعـ تـراض عــى إخضاعهــا لجميــع أنــواع النقــد المعــارص‪ .‬المــر مـ شـروع وال مانــع كذلــك مــن أن‬
‫وأحكامــا»‪ .‬هــل نعتـ بـر كالم‬
‫ً‬ ‫نُخضــع للنقــد نفســه كل مــا تَولــد عــن القـرآن ف ي� التاريــخ أعمــاال وأقــواال‬
‫ـ� إالصــاح والبنــاء‪ .‬هــو دعــوة لق ـراءة جديــدة‪،‬‬ ‫وعدميــة؟ إنــه ف� تقديــري عـ ي ن‬ ‫ّ‬ ‫العــروي هــذا عبثــا‬
‫ي‬
‫ـانية عــى غايــة مــن العمــق وال ّنفــاذ‬ ‫المحمديّــة بصفتهــا تجربــة إنسـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي معــارصة للق ـرآن وللتجربــة‬
‫واالسـ ش‬
‫ـت�اف‪.‬‬

‫بالمصداقية لــدى «المجموعــة العلمية»‬ ‫ـا� ّ‬


‫للديــن لــم ُيعــد يحظــى‬ ‫ن‬
‫العقالنيــة للظاهــرة الدينيــة‪ ،‬لنأ‬ ‫ّ‬ ‫الشــكّ أن التصـ ّـور الوضعـ ي‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليــوم‪ ،‬لكـ ّـن هــذا ال يع ـن ي الب ّتــة تراجع ـاً عــن مبــادئ المقارنــة‬
‫نــا�‪ ،‬فصــارت تطبــق‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يــكار� وحــى المنطــق ال ّث ي‬ ‫الد ي‬ ‫العلميــة اليــوم تجــاوزت المنهــج ّ‬
‫ّ‬ ‫الدراســات‬ ‫ّ‬
‫ـانية عــى حـ ّـد ســواء‪ ،‬وهــذا مــا برهــن عليــه‬ ‫رث‬
‫والنسـ ّ‬‫الطبيعيــة إ‬
‫ّ‬ ‫منهجــا أكـ وعيــا بتشـ ّـعب الظواهــر‬ ‫ً‬
‫ـ� إدغــار مــوران ف ي� مجموعــة مــن المؤلفــات تحــت عنــوان «المنهــج»‪ّ .‬أمــا الدعــوة إىل‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ن‬
‫ر‬ ‫الف‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ك‬
‫ّ‬ ‫المف‬
‫العــودة‬‫ر ّد االعتبــار للمؤسســة التقليديّــة‪ ،‬فلســت أدري المقصــود منهــا حقيقــة؟ هــل هــي دعــوة إىل َ‬
‫ـى المظالــم‬ ‫ت‬
‫وواليَـ ي‬
‫أ‬
‫ـامية ال ّتابعــة لهــا مــن قبيــل واليــة القضــاء‬
‫لمؤسســة الخالفــة وســائر ال ّنظــم إالسـ ّ‬
‫ـا� منــه ال ّمــة‪ ،‬ف ْلنســلم‬ ‫ن‬
‫ـوب للخــروج مــن ال ّتخ ّلــف الــذي تعـ ي‬ ‫أ‬
‫والحســبة؟ إن كان هــذا هــو المطلـ‬
‫ن‬
‫ـلفية و ُدعاتهــا‪ ،‬ل ّن هــذا عـ يـ� مــا يدعــون إليــه‪ ،‬وعندئــذ ينبغــي أن نُحــرق كل‬ ‫السـ ّ‬
‫أمرنــا إىل شــيوخ ّ‬
‫مؤلفــات «زعمــاء إالصــاح»‪ ،‬بــل ينبغــي أن نُحــرق ّكل مؤلفــات ُمفكرينــا المعارصيــن‪ ،‬مثــل العــروي‪،‬‬
‫ـ�‪ ،‬وحنفــي‪ ،‬وجعيــط‪ ...‬إلــخ!! أنــا أرجــو أن يعيــد أ‬ ‫ـم� أمـ ي ن‬ ‫ف‬
‫الســتاذ رضــوان‬ ‫وأركــون‪ ،‬والـ شـر ي�‪ ،‬وسـ ي‬
‫ـى رســمها لنفســه ف ي�‬ ‫ت‬
‫ـجامية التوجهــات الـ ي‬
‫ت‬
‫الدعــوة‪ ،‬حـ ّـى يحافــظ عــى انسـ ّ‬
‫ف‬
‫السـ ّـيد النظــر ي� هــذه ّ‬
‫مختلــف كتاباتــه‪ ،‬وحـ ت ّـى ال يعيــد مسـ يـرة بعــض المفكريــن «المرتديــن»‪ ،‬مثــل محمــد عمــارة الــذي‬
‫ال�يعــة إالســامية»‬ ‫ـ� ش‬ ‫بالمــس يدعــو إىل إســام ثــوري اشـ تـراك‪ ،‬وصــار اليــوم يُنظــر إىل «تقنـ ي ن‬ ‫كان أ‬
‫ي‬
‫ف� مجلــس الشــعب‪ ،‬وإىل «مقاومــة االســتبداد» أ‬
‫بالمــر بالمعــروف والنهــي عــن المنكــر عــى طريقــة‬ ‫ُ‬ ‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫‪123‬‬ ‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬ ‫‪124‬‬

‫الغـز يال ف ي� إحيــاء علــوم الديــن‪.‬‬

‫ـ� لجــاك دريــدا يجعــل مع ـىن النــص غـ يـر ثابــت‪ ،‬مــا‬‫* يــرى البعــض أن المنهفــج التفكيـ ي‬
‫ىن‬
‫دام يتيــح للقــارئ الســلطة ي� صياغــة المعــ ‪ ،‬كمــا يتهمــه بالمثاليــة عــى‬
‫ـ� صاحبــت فـ تـرة‬ ‫ت‬
‫منــوال نقــد بورديــو لــه‪ ،‬كمــا يــرى آخــرون أن التحــوالت الـ ي‬
‫الديني في‬
‫التعليم ّ‬ ‫مــا بعــد الحداثــة‪ ،‬ومــا رافقهــا مــن عــودة المقــدس‪ ،‬صــارت تســتدعي إعمــال‬
‫العالم العربي اإلسالمي‬ ‫منهجيــات بديلــة‪ ،‬ذكــر البعــض منهــا منهجيــة «البالغــة الســامية»‪ ،‬كيــف‬
‫تقــدرون هــذه المواقــف؟‬
‫هو في أزمة اليوم‪ ،‬أكثر‬
‫أي يوم مضى‬ ‫من ّ‬ ‫ـ�ال منهــج جــاك دريــدا ف ي� هــذه العبــارة فيــه إخــال كبـ يـر بمــا‬‫أعتقــد أن اخـ ت ز‬
‫ف‬
‫ـص غـ يـر ثابــت» حقيقــة برهنــت‬ ‫ورد ي� كتاباتــه‪ .‬لنتفــق أوال‪ ،‬فاعتبــار «معـ نـى النـ ّ‬
‫ـا� ف ي� تأويــل الكتــاب‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫الدراســات القديمــة (نظريــة الربــع معـ ي‬ ‫عليهــا الكثـ يـر مــن ّ‬
‫المقــدس) والمعــارصة (كتابــات غادمــار وريكــور)‪ .‬التفكيــك الــذي يدعــو إليــه‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫اعتباطيــا وال نفيــا للمعــى بــل هــو إعــادة قـراءة للمكتــوب وفــق َمفْصلــة جديــدة‬ ‫دريــدا ليــس هدمــا‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫ش‬
‫ـى تضعهــا المؤسســات (المدرســة ‪/‬الجامعــة ‪/‬دور ال ّنــر‪...‬‬ ‫ت‬
‫لــه تخــرج عــن الســيجة والحــدود الـ ي‬
‫) للنصــوص‪ .‬هــي إن ِشــئت هــدم للمهـ تـرئ مــن البنــاء القائــم قصــد إعــادة بنائــه بشــكل آخــر‪،‬‬
‫الســائد عــن‬ ‫ف‬
‫همــش والمســكوت عنــه ي� الخطــاب ّ‬ ‫للم ّ‬‫هــي مــن جهــة أخــرى قـراءة ُمتيقظــة ومنتبهــة ُ‬
‫�ض‬
‫ـص‪ .‬المعـ نـى عنــد دريــدا خالفــا لمــا يــرى دي سوسـ يـر ليــس ُمعطــى حــا ا مبــا�ة‪ ،‬بــل هــو‬
‫ش‬ ‫النـ ّ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫‪125‬‬ ‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬

‫ؤجــل‪ ،‬ألنّــه ينــدرج ضمــن مســار دينامــي يترسبــل ف ي� مســاحات بَ ِين َّيــة تخلخــل ال ّتمايـزات الواضحــة‬ ‫ُم ّ‬
‫ن‬
‫ـى رســختها الفلســفة الغربيــة منــذ العــر إالغريقــي بـ يـ� ثنائيــات مختلفــة بالتضــا ّد الحــا ّد‪.‬‬ ‫ت‬
‫جـ ّـدا الـ ي‬

‫التوجــه ف ي�‬
‫نســية «‪ »Différance‬بال ّطبــع هــذا ّ‬ ‫يســميه دريــدا بالفر ّ‬
‫ن‬
‫المعــى هــو مــا ّ‬ ‫تأجيــل‬
‫الكالســيك‬ ‫ن‬
‫الــى انبــى عليهــا العــر‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫الكــرى ي‬ ‫خطــر لنــه يخلخــل المقــوالت ب‬ ‫ي‬ ‫قــراءة المكتــوب‬
‫الغربيـ يـ�ن‬
‫ّ‬ ‫(الهويــة‪ /‬الثبــات‪ /‬التضــاد‪ /‬الوضــوح‪ )...‬وهــذا مــا يفـ ّـر انزعــاج الكثـ يـر مــن المفكريــن‬
‫مــن كتابــات دريــدا‪ ،‬باعتبارهــا تشـ ّـوش الرؤيــة عــى الجميــع‪ .‬خطــاب دريــدا يبــدو متمـ ّـردا عــى‬
‫عليميــة حـ تـى‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ـى تتبناهــا المؤسســة ال ّت ّ‬ ‫ـيكية الـ ي‬
‫برمتهــا ي� صيغتهــا الكالسـ ّ‬
‫الغربيــة ّ‬
‫ّ‬ ‫مقومــات الفلســفة‬
‫ّ‬
‫ف ي� الجامعــة‪ .‬فــا غرابــة والحــال هــذه‪ ،‬أن ينتقــده مف ّكــرون مثــل بورديــو المســكون بهواجــس أخــرى‬
‫�ء آخــر عــى صعيــد الفكــر‪.‬‬ ‫ش‬
‫االجتماعيــة منهــا إىل أي ي‬
‫ّ‬ ‫أقــرب إىل العدالــة‬

‫ـ� بتبـن ّ ي مقــوالت دريــدا وال مقــوالت غـ يـره‪ ،‬ألننــا لــم نو ّفــق‬
‫ّأمــا نحــن العــرب‪ ،‬فلســنا ُمطالبـ ي ن‬
‫والعمل‪،‬‬ ‫الصعيدين النظــري‬ ‫بعــد ف� تحويــل مبــادئ العقالنيــة بمعناهــا ّ ت‬
‫ي‬ ‫ـكار� إىل ممارســة عــى ّ‬
‫الديـ ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫الغــر� ودوغمائياتــه‬
‫بي‬ ‫الفكــر‬ ‫افــات‬‫ر‬ ‫انح‬ ‫باســتحضار‬ ‫طالبــون‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫نحــن‬ ‫ذلــك‬ ‫ومــع‬
‫وفصــل القــول فيهــا بطريقــة أنجــع حســب رأي المف ّكــر‬ ‫ـى أشــار إليهــا دريــدا ّ‬ ‫ت‬
‫الـ ي‬
‫إن مقوالت دريدا ال تهدد‬ ‫ـ� إدغــار مــوران خاصــة مــن جهــة تفعيلــه لمقولــة التشـ ّـعب‪.‬‬ ‫الفرنـ ي‬
‫كياننا القومي‪ ،‬وهي‬
‫خالصــة القــول‪ ،‬إن مقــوالت دريــدا ال تهــدد كياننــا القومــي‪ ،‬وهــي ليســت‬
‫ليست كما ُيردد البعض‬ ‫كمــا يُــردد البعــض مــن الحداثويـ ي ن‬
‫ـ� دعــوة إىل الهـ ْـدم والعبــث‪ ،‬بــل هــي لبنــة‬
‫من الحداثويين دعوة إلى‬ ‫ـتمرة‪ ،‬رغــم التع ـرث ات والعراقيــل‬
‫الكونيــة المسـ ّ‬
‫ّ‬ ‫تنضــاف إىل لبنــات حركــة التنويــر‬
‫ـلفي ي�ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫الهدم والعبث‬
‫ْ‬ ‫والسـ ّ‬
‫ـى يضعهــا ي� طريقهــا أنصــاف ف المثقّفـ يـ� فضــا عــن المحافظـ يـ� ّ‬ ‫الـ ي‬
‫تحــت تســميات علمويّــة أحيان ـاً‪ ،‬ي� أمريــكا ّ‬
‫خاصــة‪.‬‬

‫الم�لــة المهمــة للقــارئ ف ي� صياغــة المعـ نـى‪ ،‬فهــذا ليــس اكتشــافا‬ ‫ّأمــا عــن نز‬
‫ينســب إىل دريــدا ويمكنــك العــودة إىل كتابــات العديــد مــن المنظريــن‪ ،‬أمثــال‬
‫ـ� ابــن ب يأ� طالــب قولــه‪« :‬القـرآن خـ ّط‬ ‫ايــزر ويــوس وايكــو وشــارل لتتأ ّكــد مــن ذلــك‪ ،‬بــل ســبق لعـ ي‬
‫الرجــال»‪ .‬صحيــح لل ّتأويــل حــدود‪ ،‬فليــس لـ ّ‬
‫ـكل‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ف‬ ‫مســطور بـ يـ� دفّتـ يـ� ال ينطــق‪ ،‬وإنّمــا ينطــق بــه ّ‬
‫إم�تــو إيكــو ي� مؤ ّلفــه‬ ‫ـص المعـ نـى الــذي يريــد كمــا برهــن عــى ذلــك ب‬ ‫قــارئ أن يضفــي عــى ال ّنـ ّ‬
‫ن‬
‫إمكانيــات عديــدة للقـراءة كمــا بـ ي ّـ� إيكــو‬
‫ـص يبقــى دائمــا مفتوحــا عــى ّ‬ ‫«حــدود ال ّتأويــل» لكـ ّـن ال ّنـ ّ‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫الســياق هــو القــارئ‬ ‫ـص المنفتــح»‪ .‬القــارئ المقصــود ي� هــذا ّ‬ ‫نفســه قبــل ذلــك ي� مؤ ّلفــه «ال ّنـ ّ‬
‫ـص نفســه‪.‬‬ ‫الكــفء الــذي ال يقـ ّـل نديّــة عــن صاحــب ال ّنـ ّ‬

‫الســامية يثـ يـر‬


‫منهجيــة البالغــة ّ‬
‫ّ‬ ‫منهجيــات بديلــة تقتضيهــا عــودة المقــدس‪ ،‬مثــل‬ ‫ّ‬ ‫حديثــك عــن‬
‫مســائل عديــدة ف ي� نفــس الوقــت منهــا مــا يتع ّلــق بالمفاهيــم (عــودة المقــدس‪ ،‬مناهــج بديلــة‪،‬‬
‫ـ� هــذه المفاهيــم‪ ،‬لســان حالــك يقــول ّإن‬ ‫الســامية)‪ ،‬ومنهــا مــا يتع ّلــق بمنطــق الربــط بـ ي ن‬
‫البالغــة ّ‬
‫المقدســة أصبحــت‬ ‫ن‬ ‫آ‬
‫أدق عــى الكتــب ّ‬ ‫الدي ـ ي أو بصفــة ّ‬ ‫المناهــج المطبقــة إىل الن عــى المــوروث ّ‬
‫الديــن تفــرض اســتبدالها بمناهــج أخــرى‪.‬‬ ‫قــارصة‪ ،‬وأن عــودة المقـ ّـدس أو عــودة ّ‬

‫* هل يمكن أن تفصل ف ي� الموضوع؟‬

‫المقــدس»‪ ،‬هــذه التســمية تحيــل دون شــكّ عــى‬ ‫أســميته «عــودة‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫لنقــل كلمــة ّأوال ً ي� مــا َ‬
‫ـ�‬ ‫أ‬ ‫ن ف‬
‫مقدمتهــم فعالــم االجتمــاع المريـ ف ي‬
‫و� ّ‬ ‫الدارسـ يـ�‪ ،‬ي‬
‫صحتهــا العديــد مــن ّ‬ ‫موضوعيــة أثبــت ّ‬
‫فّ‬ ‫حقيقــة‬
‫الديــن» بعــد أن كان ي�‬ ‫ـه� «القــرص المقـ ّـدس عنــارص سوســيولوجية ي� ّ‬ ‫«بيـ تـر‪ .‬برجــز» ي� كتابــه ّ‬
‫الشـ ي‬
‫ـا�‬ ‫ئ‬ ‫المنكبـ ي ن‬ ‫فـ تـرة ســابقة مقتنعــا‪ ،‬مثــل غـ يـره مــن المفكّريــن‬
‫ينيــة باالنتصــار النهـ ي‬
‫الد ّ‬
‫ـ� عــى المســألة ّ‬ ‫ّ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬ ‫‪126‬‬

‫ـ� ف ي�‬‫المتخصصـ ي ن‬
‫ّ‬ ‫ـ� «عــودة هللا»‪ ،‬لكـ ّـن جــل‬ ‫للع َلمنــة‪« .‬عــودة المقـ ّـدس» يســميها بعــض الباحثـ ي ن‬ ‫َ‬
‫الديــن»‪ ،‬باعتبــار أن العــودة‬ ‫ن‬
‫هــذا المبحــث يفضلــون الحديــث عــن عــودة الدي ـ ي عــى «عــودة ّ‬
‫ف‬
‫ينيــة المعروفــة ي� المجتمعــات التقليديّــة‬ ‫الد ّ‬ ‫المقصــودة ليســت مجـ ّـرد محــاكاة مطابقــة للســلوكيات ّ‬
‫للديـن ي ف ي� أشــكال ســلوكية ومواقــف وأفــكار جديــدة اقتضتهــا الحداثــة عــى‬ ‫بقــدر مــا هــي تمظهـرات ّ‬
‫ـارا‪ ،‬وهــي عــودة جــاءت فيما يبــدو كر ّد‬ ‫ف‬
‫ـر� وزادتهــا العولمــة ترســخا وانتشـ ً‬ ‫الصعيديــن المــا ّدي والمعـ ي‬ ‫ّ‬
‫ش‬
‫بالســعادة للجميــع الــذي بــرت بــه الحداثــة‬ ‫ّ‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫الوع‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫تبخ‬ ‫اء‬ ‫ز‬ ‫إ‬ ‫ى‬‫ـر‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫أم‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫خيب‬ ‫ـى‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـي‬
‫ـ‬ ‫طبيع‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫فع‬
‫ف� صيغتهــا الوضعانيــة والرأســمالية فانتهــت إىل تدمـ يـر ال ّطبيعــة وقهــر الشــعوب المتخلفــة وأكـرث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫مــن هــذا تدمـ يـر إالنســان ككائــن ظــل عــى التاريــخ يضفــي معـ نـى لوجــوده‪ .‬فصــار اليــوم حـ ت ّـى‬
‫ت‬ ‫ن‬
‫ـى كانــت توفرهــا‬ ‫عنــد أإشــباع ّكل رغباتــه الما ّديــة مفتقـ ًـرا للمعــى؛ أي لتلــك ال ّطمأنينــة الوجوديّــة الـ ي‬
‫جعيتهــا‪ .‬هــل تقت ـض ي هــذه‬ ‫ماهيــة تلــك ال ّطمأنينــة ْ‬
‫ومر ّ‬ ‫ـان ال ّتقليديّــة بقطــع ال ّنظــر عــن ّ‬ ‫لــه الديـ‬
‫ن‬ ‫ف‬
‫الســابقة واســتبدالها بمناهــج أخــرى؟‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـى عـ فـن مناهــج البحــث ّ‬ ‫الديـ ي التخـ ّ ي‬ ‫الوضعيــة ي� ســياق عــودة ّ‬
‫ّ‬
‫أنــا أســتبعد هــذا‪ ،‬إذ ال معــى لل ّتفويــت ي� مناهــج البحــث المعــارصة ي� ّكل المجــاالت‪ ،‬لنّهــا‬‫ن‬
‫ـ� بهــا إالنســان عــن ســائر المخلوقــات‪.‬‬ ‫الم َلكــة الـ تـى يتمـ ي ّ ز‬‫مناهــج قائمــة عــى إعمــال العقــل؛ أي َ‬
‫ي‬

‫ــامية هــي تســمية حديثــة وإشــكالية حديثــة‪ ،‬باعتبــار أن‬ ‫الس ّ‬ ‫البالغــة ّ‬ ‫أمــا‬
‫ش‬
‫ـا� مــن القــرن ال ّثامــن عــر‪ ،‬وإشــكالية‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫التصور الوضعاني‬ ‫إن‬ ‫إرهاصاتهــا فالوىل ظهــرت خــال ال ّنصــف ال ّثـ ي‬
‫ّ‬ ‫«الســامية» اليــوم مــن فائــض أيديولوجــي مــن جهــة‪ ،‬ومــا‬ ‫فباعتبــار مــا ي� عبــارة ّ‬
‫يعد يحظى‬ ‫للدين لم ُ‬
‫ّ‬ ‫عرقيــة‬
‫خصائــص ّ‬ ‫مبدئيــا عــى‬
‫الســامية تحيــل ّ‬ ‫خاصــة‪ّ .‬‬ ‫الســامية ببالغــة ّ‬ ‫ـ� ّ‬ ‫� تميـ ي ز‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫بالمصداق ّية لدى‬ ‫الشــعوب عاشــت (ومازالــت) ي� بــاد العــرب‬ ‫وثقافيــة لمجموعــة مــن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ــة‬ ‫ّ‬ ‫ي‬‫ولغو‬
‫ونظــرا لســعة هــذه المنطقــة‬ ‫والحبشــة‬ ‫افديــن‬ ‫الر‬ ‫وبــاد‬ ‫ين‬
‫وفلســط�‬ ‫وســوريا‬
‫«المجموعة العلمية»‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ف‬
‫وانغراســها ي� عمــق ال ّتاريــخ وطبيعــة مناخهــا خاصــة‪ ،‬ظهــرت فيهــا عـ ّـدة حضــارات‬
‫اليوم‬ ‫ـى حمــل مشــاعلها أقــوام عـ ّـدة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الســامية»‪ ،‬ال آـ ي‬ ‫ـكا� «الحضــارات ّ‬ ‫ســماها سبتوموسـ ي‬
‫والع�يــون والراميــون والعــرب‪ .‬وتعــود لغــات‬ ‫البابليــون والكنعانيــون ب‬ ‫ّ‬ ‫أهمهــم‬
‫الســامية‪ ،‬لغــة اســتطاع علمــاء ال ّلســان الكشــف عــن‬ ‫المــم إىل لغــة ّأم هــي‬ ‫هــذه أ‬
‫ّ‬
‫الهند‪-‬أوروبيــة ف ي� آســيا الوســطى‬
‫ّ‬ ‫تم�هــا بوضــوح عــن لغــات‬ ‫بعــض الســمات الـ تـى ي ّ ز‬
‫ي‬
‫والع�يّــة مثــا‪.‬‬
‫العربيــة ب‬ ‫ن‬
‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـابه‬‫ـ‬ ‫التش‬ ‫ـض‬ ‫ـ‬ ‫بع‬ ‫ـر‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ُعمومــا‪ .‬وهــذا مــا ّ‬
‫ـ‬ ‫يف‬

‫دينيــة واحــدة‬ ‫ت‬


‫هــل يســمح هــذا االنتمــاء المشــرك إىل لغــة أصليــة واحــدة‪ ،‬ثـ ّـم إىل مجموعــة ّ‬
‫ـ� الكتــاب المقـ ّـدس (العهــد‬ ‫بالغيــة واحــدة بـ ي ن‬
‫اهيميــة) إىل القــول بوجــود خصائــص ّ‬ ‫(الديانــة إالبر ّ‬
‫ّ‬
‫علميــة مــن قبــل‬ ‫ف‬
‫فرضيــة فتحتــاج ي� تقديــري إىل برهنــة ّ‬ ‫القديــم والعهــد الجديــد) والق ـرآن‪ .‬هــذه ّ‬
‫آنيــة (المائــدة)‬
‫الســور القر ّ‬
‫ـت� يق� ي� تحليلهــم لبعــض ّ‬ ‫ن‬ ‫أهــل االختصــاص ّأمــا مــا كتبــه بعــض المسـ ش‬
‫ف‬
‫الفرضيــة‪ ،‬وهــو ي� أحســن‬ ‫صحــة هــذه‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫لل�هنــة عــى ّ‬ ‫كاف ب‬‫أو الحديــث ال ّنبــوي‪ ،‬فهــو ي� تقديــري غـ يـر ٍ‬
‫الســياق إاليبســتيمي؛‬ ‫أ‬
‫الحــوال يبقــى دون مــا كتبــه القُدامــى عــن «إعجــاز الق ـرآن»‪ ،‬رغــم اختــاف ّ‬
‫ـص الق ـر ن يآ� بالمعـ نـى المعــارص للبالغــة (ال بالمعـ نـى المعيــاري عنــد‬ ‫فالفــرق شاســع بـ ي ن‬
‫ـ� بالغــة النـ ّ‬
‫أصحــاب كتــب إالعجــاز) وبالغــة الكتــاب المقــدس الــذي هــو بعبــارة أدق مجموعــة مــن الكتــب‬
‫وضعهــا كتــاب مختلفــون بلغــات مختلفــة عــى مــدى فـ تـرة طويلــة مــن ال ّزمــن‪ .‬بال ّطبــع ّكل هــذا ال‬
‫ـلم� واليهــود‪ .‬لكــن دون‬‫ـيحي� والمسـ ي ن‬ ‫ـ� المسـ ي ن‬ ‫وعيــة البحــث عــن ك ُّل مــا يدعــم الحــوار بـ ي ن‬
‫م� ّ‬‫ينفــي ش‬
‫التعســف عــى مقتضيــات الخطــاب العلمــي‪.‬‬ ‫ّ‬

‫والســامي مــن أزمــة ف ي� التعليــم الديـن ي ‪ ،‬تعـ بـر عنهــا عمليات‬


‫ـر� إ‬ ‫ن‬
‫ـا� دول العالــم العـ ب ي‬
‫* تعـ ي‬
‫ن‬
‫ـد�‪،‬‬
‫المتواصلــة مــن طــرف الحكومــات بل�امجــه وانتقــادات مؤسســات المجتمــع المـ ي‬ ‫ف‬
‫المراجعــة‬
‫الســامية‬‫كمــا تجســد أخـ يـراً ي� ضغوطــات غربيــة وأمريكيــة خصوصــا عــى عــدد مــن الدولــة إ‬
‫مــن أجــل إصــاح منظومتهــا التعليميــة‪ .‬فأيــن يتموقــع التعليــم الديـن ي ف ي� تونــس؟ ومــا مــدى‬
‫والســامي؟‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ـر� إ‬ ‫حضــور البيداغوجيــا العرصيــة ي� تكويــن النخبــة الدينيــة ي� العالمـ يـ� العـ ب ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫حوار‬
‫‪127‬‬ ‫التونس حافظ قويعة‬
‫ي‬ ‫الكاتب‬

‫واضحــا منــذ بدايــة االســتقالل‪ ،‬بعــد أن قـ ّـرر بورقيبــة‬ ‫ً‬ ‫منعرجــا‬


‫ً‬ ‫الديـن ي ف ي� تونــس‬
‫أخــذ التعليــم ّ‬
‫ينيــة ضمــن‬ ‫ت‬
‫الد ّ‬
‫الحداثيــة تقليــص دور جامــع ال ّزيتونــة‪ ،‬وإدراج مــا ّدة ال�بيــة ّ‬ ‫ّ‬ ‫توجهاتــه‬
‫انطالقــا مــن ّ‬
‫مهمــة ينهــض بهــا شــيخ بالمعــىن‬ ‫الديــن ّ‬ ‫ـدا� وال ّثانــوي‪ ،‬فلــم ُيعــد تدريــس ّ‬ ‫ئ‬
‫ف‬ ‫برامــج ال ّتعليــم االبتـ ي‬
‫ز‬ ‫ش‬ ‫ت‬
‫يم�همــا‬ ‫�ء ي‬ ‫المتعــارف عليــه‪ ،‬بــل ُم َع ّلــم مــن خريجــي مــدارس ال�شـ أـيح أو أســتاذ ي� المعهــد ال ي‬
‫ت‬
‫الرياضيــات‪ .‬وكانــت مــا ّدة ال�بيــة‬ ‫مبدئيــا عــن زمالئهــم الذيــن يُ َدرســون مــواد أخــرى‪ ،‬مثــل الدب أو‬
‫ّ‬ ‫السـ ّـامية تــدرس مــن قبــل نفــس أ‬
‫ن‬
‫ـكل مــن المادتـ يـ� ضارب‬ ‫الســتاذ الــذي يُــدرس تال�بيــة المدنيــة‪ .‬ولـ ّ‬ ‫َُ‬ ‫إ‬
‫الف�يــاء‪ ،)...‬هــذا‬ ‫ز‬ ‫أ‬
‫(العربيــة‪ /‬الرياضيــات‪ /‬ي‬
‫ّ‬ ‫بالضــوارب المســندة إىل المــواد الخــرى‬ ‫ضعيــف مقارنــة َ‬
‫الديــن‬
‫بالــدرس ّ ي‬ ‫يتغــر جوهريّــا إىل اليــوم‪ ،‬وإن كانــت بعــض مظاهــر االهتمــام ّ‬
‫ف‬
‫الوضــع لــم ي ّ‬
‫ـص‬ ‫ئ‬
‫ـدا� (بشــكل غـ يـر رســمي) وبصفــة أخـ ّ‬ ‫خاصــة ي� مســتوى ال ّتعليــم االبتـ ي‬ ‫وفاعليــة ّ‬
‫ّ‬ ‫ضوحــا‬
‫تــزداد ُو ً‬
‫ف‬
‫آنيــة عــى النحــو‬ ‫الدراســة‪ ،‬حيــث نشــهد تنامي ـاً واضح ـاً للمــدارس الق أر ّ‬ ‫ي� مســتوى مــا قبــل سـ ّـن ّ‬
‫ـ� عــى‬ ‫الم�فـ ي ن‬
‫وتزمتــا‪ ،‬ال ل ّن ش‬ ‫الــذي كانــت عليــه قبــل االســتقالل‪ ،‬بــل بتوجهــات أك ـرث ُم َحافظــة ّ‬
‫أيديولوجيــة ال شــكّ أن أبرزهــا صعــود الحـركات‬ ‫ّ‬ ‫ال ّتدريــس فيهــا غـ يـر أك ّفــاء فحســب‪ ،‬بــل العتبــارات‬
‫مؤخـ ًـرا‪.‬‬
‫الحكــم ّ‬‫إالســامويّة وتوليهــا مقاليــد ُ‬

‫الدي ـن ي ف ي� تونــس ُمنــذ االســتقالل إىل اليــوم‪ ،‬هــي ف ي� تقديرنــا أك ـرث بال�امــج‬ ‫برامــج ال ّتعليــم ّ‬
‫الخاصــة بالتعليــم‬ ‫واضحــا ي� الكُ ُتــب المدرسـ ّـية‬ ‫ف‬ ‫ـر� إالســامي‪ ،‬ويبــدو هــذا‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫انفتاحــا ي� العالــم العـ ب‬ ‫ً‬
‫الثانــوي الـ تـى نجــد فيهــا توجهــا واضحــا نحــو الم ـنز ع العقـ ن ف‬
‫ـ� عــى‬ ‫بال�كـ ي ز‬ ‫ـا� ي� الـ ت ّـراث إالســامي ت ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫ـاس‪ /‬ال ّطاهــر بــن‬ ‫ش‬ ‫ن‬
‫ـاط�‪ /‬عــال الفـ ي‬ ‫(الشـ ب ي‬ ‫ال�يعــة ّ‬ ‫الداعـ يـ� إىل االجتهــاد والعمــل بمقاصــد ّ‬ ‫المفكّريــن ّ‬
‫ـتن�ين تُعــرض عــى تالميــذ‬ ‫صوصــا كثـ يـرة لمفكّريــن ُمسـ ي‬ ‫عاشــور‪ُ ) ...‬ومقاومــة ال ّتقليــد‪ .‬فأنــت تجــد نُ ً‬
‫العربيــة‬ ‫إمكانيــة إثباتهــا ي� برامــج أغلــب الـ ّـدول‬ ‫ف‬ ‫الخـ يـرة مــن ال ّتعليــم الثانــوي ال أتصــور‬ ‫الســنوات أ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أّ‬
‫ـ� أحمــد‬ ‫ـر ف�‪ /‬حسـ ي ن‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫المجي‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫عب‬ ‫ـرب‪/‬‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـد‪/‬‬ ‫ـ‬ ‫زي‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫أب‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫حام‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـا‪/‬‬ ‫ـ‬ ‫زكري‬ ‫ـؤاد‬ ‫ـ‬ ‫(ف‬ ‫ـرى‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫ال‬
‫ي‬ ‫ف يّ‬
‫ـال‪ ،‬فلـ بقيــت ك ُّليــة جامعــة ال ّزيتونــة‬ ‫ئن‬ ‫ن‬
‫ـاوي إلــخ‪ّ .)...‬أمــا ي� ال ّتعليــم أالعـ ي‬ ‫أ‬
‫محمــد ســعيد العشـ‬ ‫أمـ يـ�‪ّ /‬‬
‫ـامية تقــدم لطلبتهــا‬ ‫الديــن والمعهــد العــى للحضــارة إالسـ‬ ‫تضـ ّـم المعهــد العــال لصــول ّ‬ ‫الـ تـى ُ‬
‫برام يــج محافظــة نســبيا‪ ،‬فـ يـإن العديــد مــن المســائل الدينيــة تــدرس اليــوم مــن ّ زاويــة حداثيــة �ف‬
‫ّ ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العربيــة (مــا ّدة‬ ‫ـعبة‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫ـص‬ ‫ـ‬ ‫أخ‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫وبصف‬ ‫ـخ‬ ‫ـ‬ ‫والتاري‬ ‫ـفة‬‫ـ‬ ‫الفلس‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫مث‬ ‫‪،‬‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫الع‬ ‫ـم‬ ‫بعــض ُشــعب التعليـ‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫ـى نــرت بعضهــا مؤسســة «مؤمنــون بــا‬ ‫ش‬ ‫ت‬
‫ف‬ ‫الجامعيــة والطروحــات الـ ي‬ ‫ّ‬ ‫الحضــارة)‪ ،‬وليســت العمــال‬
‫الســياق‪ّ ،‬أن ســلطة‬ ‫الشــعبة‪ ،‬ومــن الالّفــت لالنتبــاه ي� هــذا ّ‬ ‫حــدود» ســوى إحــدى ثم ـرات هــذه ّ‬
‫ش‬
‫المــا� عــى إصــدار سلســلة مــن الدراســات أ�ف‬ ‫ض‬ ‫إال ش�اف ســاعدت ِخــال ِتســعينيات القــرن‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫محمــد‬ ‫ـر ي�‪ /‬فرحــات الـ ّـد ش�اوي‪ّ /‬‬ ‫الســام‪ /‬عبــد المجيــد الـ ش ّ‬ ‫ـتن�ون (أحمــد عبــد ّ‬ ‫عليهــا أســاتذة ُمسـ ي‬
‫ـى) وأنجزهــا تالميذهــم (محمــد حمــزة‪ /‬حافــظ قويعــة‪ /‬حيــاة عمامــو‪ /‬حمــادي ذويــب‪) ...‬‬ ‫الطالـ ب ي‬
‫انفتاحــا عــى‬ ‫ً‬ ‫رث‬ ‫ن‬
‫المدرسـ يـ� بجامعــة ال ّزيتونــة‪ ،‬نحــو تعليــم دي ـ ي أقـ ّـل انغال ًقــا وأك ـ‬ ‫ن‬ ‫قصــد توجيــه َ‬
‫الســياق‪ ،‬قـ ّـدم ُمنج ـ ُزو هــذه‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫و� هــذا ّ‬ ‫ينيــة‪ .‬ي‬ ‫الد ّ‬ ‫ـانية الحديثــة ي� ُمقاربــة المســائل ّ‬
‫ف‬ ‫العلــوم إالنسـ ّ‬
‫السلســلة مــن‬ ‫بيداغوجيــة ُمعــارصة ي� دراســة بعــض المواضيــع‪ ،‬ونذكــر بــأن هــذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫السلســلة نمــاذج‬ ‫ّ‬
‫ـال‬‫ي‬ ‫ـ‬‫ت‬‫ّ‬ ‫وبال‬ ‫ـدة‬ ‫ـ‬ ‫زهي‬ ‫ـان‬ ‫ـ‬ ‫بأثم‬ ‫ـويقها‬ ‫ـ‬ ‫تس‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫وه‬ ‫ـي‪،‬‬‫ـ‬ ‫البيداغوج‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫القوم‬ ‫ـز‬ ‫ـ‬ ‫المرك‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫أصدره‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫الكت‬
‫خاصــة ف ي� أوســاط ال ّطلبــة‪.‬‬ ‫انتشــارها ّ‬

‫أي يــوم مـ ضـى‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬


‫ـر� إالســامي هــو ي� أزمــة اليــوم‪ ،‬أكـرث مــن ّ‬
‫ي‬ ‫الديـن ي ي� العالــم العـ ب‬
‫التعليــم ّ‬
‫ئن‬ ‫ف‬
‫عليميــة ي� هــذا المجــال‪ ،‬ولـ أدركــت‬
‫وال غرابــة أن تتعــاىل ف أصــوات المناديــن بإصــاح المنظومــة ال ّت ّ‬
‫ـإن المســتقبل مفتــوح عــى ســيناريوهات‬ ‫ـتن�ة ي� تونــس �ض ورة هــذه المراجعــة‪ ،‬فـ ّ‬ ‫النخبــة المسـ ي‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫للســلطة‪ ،‬لنّهــا قــد تعــود بال ّتعليــم‬
‫الحـ َـركات إالســامويّة ُّ‬
‫ـول َ‬ ‫خاصــة ي� ســياق تـ ّ ي‬
‫غـ يـر مطمئنــة ّ‬
‫الديـن ي إىل الــوراء تحــت شــعارات براقــة مــن قبيــل «المحافظــة عــى ال ّهويّــة»‪ ،‬و»مقاومــة َ‬
‫الع ْولمة»‪،‬‬ ‫ّ‬
‫و»الســام ُهــو الحـ ّـل»‪.‬‬
‫إ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪128‬‬

‫باحثون عرب يشخصون‬


‫واقع القراءة في الوطن‬
‫العربي‬

‫بقلم‪ :‬منى شكري‬


‫إعالمية أردنية‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫سؤال ذوات‬
‫ف‬
‫‪129‬‬ ‫العر�‬
‫باحثون عرب يشخصون واقع القراءة ي� الوطن ب ي‬

‫ـاس يتخلفــون عنــه خــال المرحلــة الدراســية‬ ‫بالتعليــم أ‬


‫السـ‬ ‫كتــاب ومثقفــون واقــع القــراءة ف ي� الوطــن‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫الوىل‪ ،‬بــل وتبلــغ هــذه النســبة ‪ % 30‬ف ي� بعــض الــدول العربية‪.‬‬ ‫ـر�‪ ،‬ففــي الوقــت الــذي أقــر غالبيتهــم‬ ‫العـ ب ي‬
‫كغ�هــا‬ ‫ف‬
‫بوجــود «أزمــة ق ـراءة تعصــف» ي� الســاحة العربيــة ي‬
‫العــر�‪ ،‬إال أن‬ ‫ومــع وجــود أزمــة للقــراءة ف ي� العالــم‬ ‫الزمــات؛ السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة الــىت‬ ‫مــن أ‬
‫بي‬ ‫ي‬
‫ـ�‪ ،‬ســيما بعــد‬‫هنــاك مــا يدعــو للتفــاؤل عربيـاً بحســب باحثـ ي ن‬ ‫تعانيهــا‪ ،‬بــل وذهــب بعضهــم إىل أننــا «أمــة ال تقـرأ مطلقـاً»‪،‬‬
‫العــر�»‪ ،‬فوفــق موســوعة «وكيليكــس»؛‬ ‫بي‬ ‫أحــداث «الربيــع‬ ‫ـؤ� عــى «حركــة نشــيطة»‬ ‫أكــد آخــرون أن هنــاك تحــوالت تـ ش‬
‫ت‬
‫اللك�ونية‬ ‫فهنــاك ازديــاد إلقبــال الشــباب عــى نــوادي الكتــب إ‬ ‫ـ� الشــباب‪ ،‬ســيما بعــد‬ ‫ف� فعــل القـراءة مؤخـراً‪ ،‬خصوصـاً بـ ي ن‬
‫ي‬
‫عــره مــا قــرأوه‬
‫وأشــهرها «‪ ،»goodreads‬والــذي يناقشــون ب‬ ‫العــر�»‪ ،‬منتقديــن «شــبه غيــاب» مراكــز‬ ‫بي‬ ‫«الربيــع‬ ‫أحــداث‬
‫طــوال العــام‪.‬‬ ‫عــر دراســة‬‫بحثيــة تهتــم بســؤال القــراءة بشــكل علمــي ب‬
‫ميدانيــة وأرقــام حقيقيــة‪.‬‬
‫إعادة المجد للقراءة‬
‫وأرجــع المثقفــون الذيــن اســتطلعت مجلــة «ذوات»‬
‫آراءهــم ف� ســؤال عددهــا الرابــع‪ ،‬أســباب أ‬
‫«الزمــة ف ي� القـراءة»‬ ‫ي‬
‫«العاقــة القرائيــة»‪ ،‬إىل عوامــل عــدة‬
‫أو مــا أســماه البعــض إ‬
‫أهمهــا؛ تفـ شـ� أ‬
‫الميــة والجهــل وارتفــاع نســب الفقــر والبطالة‬
‫الذيبة‪ :‬يج‬ ‫ي‬
‫ب محو مقولة‬ ‫ال�بــوي أ‬
‫والرسي ف ي� تعزيــز ثقافــة الق ـراءة‪.‬‬ ‫وغيــاب الــدور ت‬
‫«أننا في‬
‫العالم العربي‬ ‫أ‬
‫ال نقرأ»؛ ألن جي ً‬ ‫يشــر تقريــر لمنظمــة اليونســكو ف ي�‬ ‫وبلغــة الرقــام‪ ،‬ي‬
‫ال جديدًا‬ ‫ـر� خــارج‬ ‫الطفــال ف ي�‬ ‫‪ 2014‬إىل أن معــدل ق ـراءة أ‬
‫بدأ يعيد‬ ‫العالــم العـ ب ي‬
‫صياغة وجدانه‬ ‫و� ي ن‬
‫حــ� يقــرأ كل ‪20‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫اس يبلــغ ‪ %6‬ي� الســنة‪ ،‬ي‬ ‫المنهــاج الــدر ي‬
‫بالمعرف‬
‫ة والكتاب‪ ،‬وهو‬
‫ن‬
‫يطــا� يقــرأ ‪7‬‬ ‫طفــا ً عربيــاً كتابــاً واحــداً‪ ،‬فــإن الطفــل ب‬
‫ال� ي‬ ‫كتــب‪ ،‬فيمــا أ‬
‫الجيل القادم‪.‬‬ ‫مريــ� يقــرأ ‪ 11‬كتابــاً‪.‬‬
‫ي‬ ‫ال‬

‫المــم المتحــدة‪ ،‬ف ي� مــا‬ ‫وكشــفت معطيــات شن�تهــا أ‬


‫يتعلــق بعــادات القـراءة‪ ،‬أن معــدل مــا يقـرأه الفــرد ف ي� أرجــاء‬
‫ـر� ســنوياً هــو ربــع صفحــة فقــط !‬‫العالــم العـ ب ي‬
‫أ ن‬
‫رد�‬
‫يوضــح الكاتــب والشــاعر ال ي‬
‫غــازي الذيبــة أن مــن يطلــع عــى‬ ‫وبحســب دراســات التنميــة الصــادرة عــن «مؤسســة‬
‫الــى تبثهــا مؤسســات‬ ‫ي‬
‫الحصــاءات ت‬ ‫إ‬ ‫العــر�» ف ي� القاهــرة؛ فكتــاب واحــد يصــدر لــكل ‪12‬‬
‫بي‬ ‫الفكــر‬
‫ف‬
‫دوليــة عــن منســوب الق ـراءة ي� الوطــن‬ ‫عــر�‪ ،‬بينمــا يصــدر كتــاب لــكل ‪ 500‬مواطــن‬
‫ف‬ ‫ألــف مواطــن ب ي‬
‫ـر�‪« ،‬يصــاب بخيبــة أمــل‪ ،‬وينتهــي إىل‬ ‫ن‬ ‫يز‬
‫ـر� والنتــاج المعـ ي‬
‫العـ ب ي‬ ‫ألمــا�‪ ،‬أي أن معــدل‬
‫ي‬ ‫إنجلــ�ي‪ ،‬وكتــاب لــكل ‪ 900‬مواطــن‬
‫ف‬
‫الحصــاءات والنســب‪،‬‬ ‫الحبــاط»‪ ،‬لكــن الحقيقــة أن هــذه إ‬ ‫إ‬ ‫ـر� «ال يتجــاوز ‪ %4‬مــن معــدل القـراءة‬
‫فالقـراءة ي� العالــم العـ ب ي‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫«تبــدو متقصــدة ي� جانــب منهــا‪ ،‬وليســت دقيقــة ي� جوانــب‬ ‫إنجلــرا»‪ ،‬عــى ســبيل المثــال‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ي�‬
‫أخــرى»‪.‬‬
‫وذكــرت تقاريــر المنظمــة العربيــة ت‬
‫لل�بيــة والثقافــة‬
‫ويتابــع الذيبــة‪ ،‬صحيــح أن هنــاك معوقــات ش‬
‫لنــر‬ ‫أ ن‬
‫ـ� ف� المنطقــة العربيــة �ف‬ ‫أ‬
‫ف‬ ‫ي‬ ‫والعلــوم (اللســكو) إن عــدد الميـ ي ي‬
‫ت‬
‫ـى‬
‫بالتقاليــد الثقافيــة ي� مجتمعاتنــا‪ ،‬الـ ي‬
‫أ‬
‫الق ـراءة‪ ،‬لهــا عالقــة‬ ‫ـوال ‪340‬‬
‫عــام ‪ ،2013‬بلــغ ‪ 97.2‬مليــون شــخص مــن أصــل حـ ي‬
‫تعشــش فيهــا نســب الميــة المرتفعــة والجهــل‪ ،‬إىل جانــب‬ ‫مليــون نســمة‪ ،‬أي بنســبة ‪ % 27.9‬مــن مجمــوع الســكان‪.‬‬
‫وغ�هــا مــن مســببات‬
‫ـياس‪ ،‬والغــاء الفاحــش‪ ،‬ي‬ ‫الفســاد السـ ي‬
‫«العاقــة القرائيــة»‪ ،‬لكــن رغــم ذلــك «هنــاك مــن يقــرأ»‪.‬‬ ‫ـ� العــرب‬‫الميـ ي ن‬‫اللســكو أن نســبة النســاء مــن أ‬ ‫وأضافــت أ‬
‫إ‬
‫ـ� ‪ 15‬و‪ 45‬عامـاً تبلــغ ‪ .% 60‬وكشــف‬ ‫الذيــن تـ تـراوح أعمارهــم بـ ي ن‬
‫كث� من‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫تقريــر المنظمــة أن أكــرث مــن ‪6‬‬
‫ـر�‪ ،‬خــرج ي‬‫وينــوه إىل أنــه بعيــد انعتــاق الربيــع العـ ب ي‬ ‫ماليــ� طفــل ي� العالــم‬
‫ف‬
‫الشــباب العــرب إىل المكتبــات‪ ،‬بعــد أن خرجــوا ي� التظاه ـرات‬ ‫ف‬
‫ـ� ي� ســلك‬ ‫ـر� ممــن هــم ف� ســن الدراســة غـ يـر منخرطـ ي ن‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫العـ ب ي‬
‫الرافضــة لالســتبداد‪ .‬وبــدأوا يعيــدون المجــد للقـراءة‪.‬‬ ‫التعليــم‪ ،‬كمــا أن نســبة ‪ % 20‬مــن الطفــال الذيــن يلتحقــون‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫سؤال ذوات‬
‫ف‬
‫العر�‬
‫باحثون عرب يشخصون واقع القراءة ي� الوطن ب ي‬ ‫‪130‬‬

‫والـ تـى تقـ تـرح المفاجــئ بالنســبة للقــارئ‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫«� أزمــة شــاملة‪ ،‬القــراءة جــزء‬ ‫ف‬
‫ـ� تجعلــه يمــر إىل‬ ‫ي‬ ‫ويشــدد الذيبــة أننــا ي‬
‫نصــوص لــم يكــن يعلــم بهــا‪ ،‬ولكنهــا توضــع أمامــه‪ ،‬فيقرأها‪.‬‬ ‫منهــا»‪ ،‬مســتدركاً «لكــن هــذا ال يجعلنــا نقــول عــن أنفســنا‬
‫أ‬
‫بأننــا أمــة ال تقــرأ‪ ،‬يجــب محــو هــذه المقولــة؛ لن جيــا ً‬
‫وتــردف كـرام «نســجل هنــا‪ ،‬تحــوال ً عىل مســتوى مفهوم‬ ‫جديــداً بــدأ يعيــد صياغــة وجدانــه بالمعرفــة والكتــاب‪ ،‬وهــو‬
‫القـراءة‪ ،‬الــذي أصبــح تفاعـاً‪ ،‬والتفاعل ال يتحقــق إال بالقراءة‪/‬‬ ‫الجيــل القــادم»‪.‬‬
‫الكتابــة‪ .‬بهــذا المعـ نـى‪ ،‬فــإن ش�ط القـراءة تغـ يـر‪ ،‬فتغـ يـر معــه‬
‫ـال‪ ،‬فــإن مثــل هــذا التســاؤل يقــود إىل‬‫فعــل القفـراءة»‪ ،‬وبالتـ ي‬ ‫حركة نشيطة في فعل القراءة‬
‫التفكـ يـر ي� ســؤال آخــر‪ ،‬وهــو كيــف نق ـرأ؟ أيض ـاً‪ ،‬مــن خــال‬
‫الكتابــة عـ بـر الوســيط التكنولوجــي نســتطيع أن نقــارب هــذا‬
‫ـ� طبيعــة التفاعــل‪.‬‬‫الســؤال‪ ،‬ونتبـ ي َ ن‬
‫كرام‪ :‬سمحت المواقع‬
‫نحن ال نقرأ‬
‫االجتماعية ومواقع‬
‫الصحف‪ ،‬وعملية تحميل‬
‫الكتب واألعمال اإلبداعية‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫وطفة‬ ‫والفنية إلكترونيًا‪ ،‬بخلق‬
‫ؤ‬ ‫م‬ ‫درسة‬ ‫ا‬ ‫تعلم‬
‫س‬ ‫س‬ ‫ط‬ ‫أل‬ ‫شرط حيوي للقراءة‪.‬‬
‫ة‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫فال ك‬ ‫ة‬ ‫القراء‬
‫ة‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫كتاب‬ ‫ا‬
‫ة؛ ألن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫لمناه‬
‫ق‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫سائد‬ ‫ج‬ ‫بالدر‬ ‫مــن جهتهــا‪ ،‬قالــت الكاتبــة والناقــدة‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ة‬
‫ة‬
‫ئ‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ألولى‬ ‫ا‬ ‫على‬
‫المغربيــة زهــور كــرام‪ :‬تعودنــا عنــد‬
‫ة‬ ‫م‬
‫اه‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫إل‬ ‫الحديــث عــن القــراءة ف ي� الوطــن‬
‫ـر�‪ ،‬أن ننتقــل برسعــة إىل توصيــف‬ ‫العـ ب ي‬
‫بالزمــة‪ .‬ومــن ثمــة‪ ،‬يبــدأ الحديــث عــن أســباب‬ ‫القــراءة أ‬
‫الزمــة‪ ،‬وغيــاب ثقافــة القــراءة باعتبارهــا فعــا ً اجتماعيــاً‪،‬‬ ‫أ‬
‫وعالقــة ذلــك بالمنظومــة التعليميــة‪ ،‬وربمــا‪ ،‬يعــود اســتهالك‬
‫نفــس المقاربــة‪ ،‬إىل «شــبه غيــاب» مراكــز بحثيــة تهتم بســؤال‬
‫ور ّد ًا عــى ســؤال «ذوات»‪ ،‬أوضــح‬ ‫ـؤ�ات‬ ‫القـراءة بشــكل علمــي‪ ،‬عـ بـر دراســة ميدانيــة‪ ،‬تمدنــا بمـ ش‬
‫ـ� أســعد‬ ‫أ‬ ‫ماديــة عــن وضــع القــراءة ف ي� العالــم‬
‫الكاتــب الســوري الدكتــور عـ ي‬ ‫العــر�‪ ،‬وهــو المــر‬
‫بي‬
‫ـا� مــن أزمــة قـراءة‬‫ن‬ ‫الــذي يدعــو إىل �ض ورة االهتمــام بمراكــز البحــث‪ ،‬مــن أجــل‬
‫وطفــة‪« :‬نحــن ال نعـ ي‬
‫ن‬
‫ـا� أزمــة‬
‫بالمطلــق‪ ،‬فنحــن ال نقـرأ يك نعـ ي‬ ‫التفكــر ف ي� قضايــا شــائكة‪.‬‬
‫ي‬ ‫و� طريقــة‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫التطــور ي� الســؤال‪ ،‬ي‬
‫قــراءة»‪.‬‬
‫تقــرح كــرام تجــاوز توصيــف الوضعيــة‬ ‫ومــن هنــا ت‬
‫وأضــاف أن القـراءة ترتبــط بمســتوى التقــدم الحضــاري‬ ‫ـؤ� عــى «حركــة نشــيطة �ف‬
‫ي‬ ‫بالزمــة‪ ،‬ألن هنــاك تحــوالت تـ ش‬ ‫أ‬
‫الن نعيــش حالــة «تخلــف شــاملة‪ ،‬وهــذا‬ ‫طــرداً‪ ،‬ونحــن آ‬ ‫فعــل القـراءة»‪ ،‬والمســألة ذات عالقــة بالوســائط التكنولوجيــة‬
‫ـؤ�ات‬ ‫ـؤ�ا عــى ضعــف القـراءة»‪ ،‬وكذلــك هنــاك مـ ش‬ ‫يعـن مـ ش‬ ‫الــى تُحفــز‪ -‬أكــرث ‪ -‬عــى القــراءة مــن بــاب الكتابــة‪ .‬فقــد‬
‫ت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫تبــ� أن المجتمعــات العربيــة «أكــرث‬
‫إحصائيــة مخيفــة ي ن‬ ‫ســمحت المواقــع االجتماعيــة ومواقــع الصحــف‪ ،‬وعمليــة‬
‫المجتمعــات عزوفــاً عــن القــراءة»‪.‬‬ ‫البداعيــة والفنيــة ت‬
‫إلك�ونيــاً‪،‬‬ ‫أ‬
‫تحميــل الكتــب والعمــال إ‬
‫ت‬
‫الــى توضــح أنــه‬ ‫ش‬
‫بخلــق �ط حيــوي للقــراءة‪ ،‬وفــق كــرام ي‬
‫وترتبــط القــراءة‪ ،‬وفــق وطفــة‪ ،‬بعــدة عوامــل أهمهــا؛‬ ‫حــى يتفاعــل مســتخدم هــذه المواقــع مــع مــادة‪ ،‬ت‬
‫ويــرك‬ ‫ت‬
‫للمــة‪ .‬ومــن المؤكــد‬ ‫االنفتــاح الفكــري والنهضــة الحضاريــة أ‬ ‫رأيــاً حولهــا البــد مــن قراءتهــا‪ ،‬إضافــة إىل قــرب الوســيط‬
‫أن أ‬
‫الرسة والمدرســة كلتاهمــا يلعبــان دوراً خطــراً ف ي� ممانعــة‬ ‫المكانيــات الهائلــة والمفتوحــة لجلــب‬ ‫التكنولوجــي‪ ،‬مــع إ‬
‫الرسة ال يوجــد منــاخ حقيقــي للق ـراءة‪.‬‬ ‫الق ـراءة‪ .‬ففــي داخــل أ‬ ‫الكتــاب‪ ،‬والمقالــة والدراســة‪ ،‬دون أن ننــى تقنيــة الرابــط‪،‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫سؤال ذوات‬
‫ف‬
‫‪131‬‬ ‫العر�‬
‫باحثون عرب يشخصون واقع القراءة ي� الوطن ب ي‬

‫ن‬
‫ـا� عــام‪ ،‬ومغـ تـرب‪،‬‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫فالبــوان ق ّلمــا يهتمــان بالق ـراءة أو يق ـرآن‪.‬‬
‫«خــاص»‪ ،‬ي� عالــم مفتــوح وفضــاء إنسـ ي‬
‫مــن ثــم‪ ،‬عــن العالــم وعــن العــر‪ ،‬هــو أحــد مظاهــر‬
‫التأخــر التاريخــي والفــوات‪ ،‬وأحــد أســبابهما‪.‬‬ ‫ونــوه وطفــة إىل أن القــراءة ف ي� أعــى مســتوياتها قــراءة‬
‫مدرســية وليــس هــذا النــوع مــن القـراءة أ‬
‫الدبيــة أو الفكريــة أو‬
‫وعــرف الكاتــب المقصــود بالقــراءة إجرائيــاً قــراءة‬ ‫ـالداب والفنون‬ ‫الشــعرية المطلوبــة لتنميــة الــروح والعقــل‪ .‬فـ آ‬
‫والجنبيــة‪ ،‬الورقيــة‬‫الكتــب والمجــات والصحــف العربيــة أ‬ ‫ينظــر إليهــا بـــ «ازدراء واحتقــار»‪ ،‬فــا يوجــد اهتمــام بالروايــة‬
‫الــى هــي ســبيل إىل االكتســاب والتع ُّلــم‬ ‫ت‬ ‫إ ت‬ ‫والدب والتاريــخ والفنــون والعلــوم‪ .‬وإذا‬ ‫والقصــة والشــعر أ‬
‫ف‬ ‫واللك�ونيــة‪ ،‬ي‬
‫ـذا�‪ ،‬والمعرفــة المســتقلة‪ � ،‬معارضــة التعليــم والتلقـ ي ن‬
‫ـ�‪،‬‬ ‫ت‬ ‫كانــت هنــاك مــن قـراءة‪ ،‬فهــي تقتــر عــى تحقيــق مــا يســمى‬
‫ي‬ ‫الـ ي‬
‫أداتــ� مــن أدوات الســلطة‪ ،‬السياســية والدينيــة‬ ‫ين‬ ‫بصفتهمــا‬ ‫المــدرس؛ أي تأديــة واجبــات تلقينيــة ال تحمــل ف ي�‬
‫ي‬ ‫بالنجــاح‬
‫الســائدة‪ ،‬وإعــادة إنتاجهــا‪.‬‬ ‫ن‬
‫ذاتهــا أيــة قيمــة علميــة بالمعــى الدقيــق للكلمــة‪.‬‬

‫الزمــة‬ ‫ونــوه الجباعــي إىل أن مــن ينفــي وجــود هــذه أ‬ ‫الســل� للمدرســة‪ ،‬باعتبارهــا‬ ‫وانتقــد وطفــة الــدور‬
‫الزمــات أ‬
‫بوســعه أن ينفــي ســائر أ‬ ‫ب‬
‫اهيــة يالقــراءة والكتابــة»؛ لنأ‬ ‫«مؤسســة تعلــم أ‬
‫الخــرى‪ ،‬إلرضــاء الــذات أو‬ ‫الطفــال كر‬
‫الكـراه‪.‬‬ ‫أ‬
‫تمجيدهــا‪ ،‬وإســكات القلــق‪ ،‬وتهدئــة الشــعور بالدونيــة‪ .‬ال‬ ‫المناهــج الســائدة تلقينيــة بالدرجــة الوىل قائمــة عــى إ‬
‫ـ� أ‬
‫الزمــة ف ي� نســبة مــن يقـرأن ويقــرؤون فقــط‪ ،‬بــل ف ي� مــا‬ ‫تتعـ ي ن‬ ‫ورسعــان مــا يتعلــم الطفــل ف ي� المدرســة كراهيــة المعرفــة‬
‫ف‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫و� الغايــة مــن‬ ‫يقرأنــه ويقرؤونــه‪ ،‬وكيــف يق ـرأن أو يقــرؤون‪ ،‬ي‬ ‫والكتابــة والقــراءة؛ لن كل مــا يوجــد ي� المدرســة ترويــ ي‬
‫الق ـراءة‪.‬‬ ‫الكــراه‪ ،‬وتفقــد المدرســة كل متطلبــات‬ ‫تلقيــن ي يقــوم عــى إ‬
‫الجاذبيــة والتشــويق‪.‬‬
‫وعــى الصعيــد الكمــي‪ ،‬أوضــح الجباعــي‪ ،‬انطالق ـاً مــن‬
‫تشــخيصه الواقــع الســوري‪ ،‬أن نســبة القارئــات والقــراء إىل‬ ‫القراءة أزمة معرفة‬
‫عــدد الســكان ممــن هــم فــوق الخامســة عـ شـرة‪« ،‬منخفضــة‬
‫جــداً‪ ،‬وتــكاد ال تذكــر»‪ .‬مســتدركاً (هــل فكــر أحــد ف ي� نســبة‬
‫القارئــات‪ ،‬مث ـاً‪ ،‬والنســاء نصــف المجتمــع أو أك ـرث ؟)‪ .‬هــذه‬
‫النتلجنســيا أو «المثقفــات‬ ‫تعــ� حجــم كتلــة إ‬ ‫النســبة ي ِّ ن‬
‫أ‬
‫ـ�»‪ .‬لكــن الدهــى مــن ذلــك أن نســبة مــن يق ـرأن أو‬ ‫والمثقفـ ي ن‬
‫ال تتعين «أزمة‬
‫النتلجنســيا ذاتهــا منخفضــة أيضـاً‪ ،‬مــع مالحظــة‬ ‫يقــرؤون مــن إ‬ ‫الجباعي‪:‬‬
‫العظــم مــن هــؤالء تقليديــون أو محافظــون‪،‬‬ ‫أن القســم أ‬ ‫في نسبة من‬
‫القراءة»‬
‫يقــرؤون يك ال يفكــروا‪ ،‬ويعيــدون مــا يقرؤونــه مــرة تلــو مــرة‪،‬‬ ‫ط‪ ،‬بل في ما‬
‫وحــال القســم آ‬ ‫يقرؤون فق‬
‫الخــر ليــس أفضــل كثـ يـراً‪ ،‬فثمــة مــن يقــرؤون‬ ‫كيف يقرؤون‪،‬‬
‫ـ� والتباهــي‪.‬‬‫للتســلية وتزجيــة الوقــت أو للتمـ ي ز‬ ‫يقرؤونه‪ ،‬و‬
‫ة من القراءة‪.‬‬
‫وفي الغاي‬
‫لذلــك يمكــن القــول‪ ،‬بحســب الجباعــي‪ ،‬إن الثقافــة‬
‫ـر� شــفوية‪ ،‬لــم تبــذل جهــود كافيــة‬ ‫ف‬
‫الســائدة ي� العالــم العـ ب ي‬
‫لتحويلهــا إىل ثقافــة مكتوبــة‪ ،‬لــردم الهــوة ي ن‬
‫بــ� مــا يســمى‬
‫وبــ� «الثقافــة الشــعبية»‪ ،‬إضافــة إىل‬‫«الثقافــة الرفيعــة» ي ن‬
‫عــدم العدالــة ف ي� توزيــع المنتجــات والمــوارد الثقافيــة مــا‬ ‫ذهــب الكاتــب والباحــث الســوري جــاد‬
‫يجعــل مــن الثقافــة المكتوبــة نوعــاً مــن امتيــاز طبقــي‪،‬‬ ‫الكريــم الجباعــي إىل وجــود أزمــة قـراءة‬
‫وســلطة ناعمــة تــوازي الســلطة الفظــة وتســاندها‪.‬‬ ‫ـر� وأزمــة كتابــة‪ ،‬تثوي ف ي�‬
‫ي� العالــم العـ ب ي‬
‫ف‬
‫أســاس أزماتــه االجتماعيــة واالقتصاديــة‬
‫ـى يكـرث الحديــث عنهــا‪.‬‬ ‫ت‬
‫والسياســية‪ ،‬الـ ي‬

‫أزمــة القــراءة‪ ،‬بحســب الجباعــي‪ ،‬هــي أزمــة معرفــة‬


‫ن‬
‫فمبنيــة أو متبنينــة ومؤ َّطــرة بأطــر فصلبــة‪ ،‬وأزمــة وعــي سـ ي‬
‫ـكو�‬
‫متغــر‪ ،‬وعــي حبيــس ي� قوقعــة صلبــة وفضــاء‬ ‫ي‬ ‫ي� عالــم‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫سؤال ذوات‬
‫ف‬
‫العر�‬
‫باحثون عرب يشخصون واقع القراءة ي� الوطن ب ي‬ ‫‪132‬‬

‫غــر أن الجابــري يــرى أن أزمــة القــراءة الورقيــة «ال‬ ‫ي‬ ‫القارئ العربي يتخبط‬
‫تلغــي» أن هنــاك مــن يق ـرأ أو يتابــع مــا يكتــب عــى الفضــاء‬
‫و�‪ ،‬لكــن هــذا الفضــاء قــاد البيــوت إىل الخلــو‬ ‫الرقمــي إ ت ن‬
‫ف‬ ‫اللكــر ي‬
‫مــن المكتبــات‪ ،‬ونحــن نعلــم أن وجــود المكتبــة ي� البيــت‬
‫محفــز شــاخص لســاكنيه يك يكتشــفوا رس وجــوده‪ ،‬ممــا أدى‬ ‫الجابري‪ :‬هناك من يقرأ أو‬
‫إىل نشــوء أجيــال تجتنــب الكتــاب وتميــل كل الميــل إىل مــا‬ ‫يتابع ما يكتب على الفضاء‬
‫يســاير أهواءهــم‪ ،‬وهــو كثـ يـر كثـ يـر‪.‬‬ ‫الرقمي اإللكتروني‪ ،‬لكن هذا‬
‫شفاهية وثرثرة وتلبية دعوات !‬
‫الفضاء قاد البيوت إلى الخلو‬
‫من المكتبات‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫نشوء أجيال تجتنب الكتاب‬
‫وتميل كل الميل إلى ما يساير‬
‫األسطة‪:‬‬
‫بعض األساتذة‬ ‫أهواءهم‪.‬‬
‫الجامع‬
‫يين ال يواصلون‬
‫عل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ول‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫القراءة بعد‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫و� هــذا الســياق‪ ،‬قــال الكاتــب والشــاعر‬ ‫ي‬
‫و‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫جا‬ ‫اللقب ال‬ ‫العــر ق يا� عبــودي الجابــري يبقــى ســؤال‬
‫فة‪،‬‬ ‫ظي‬
‫وكأن الشها‬ ‫القـراءة شــبيهاً بأغنيــة نرددهــا كلمــا ضاقت‬
‫دة مجرد سلم‬ ‫للو‬ ‫صدورنــا‪ ،‬لكنــه ســؤال صالــح للطــرح ف ي�‬
‫صول ليس أكثر!‬ ‫الــى ســبقتنا كانــت تطرحــه‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫كل الزمــان‪ ،‬وأظــن أن الجيــال ي‬
‫كمــن يعـ ي ّـر مــن ال يقـرأ بجهلــه بمقومــات ثقافيــة الزمــة للفــرد‬
‫كإنســان مجــرد أو مثقــف أدواتــه تكمــن ف ي� تراكمــات معرفيــة‬
‫تولدهــا القــراءة وتنعكــس عــى إبداعــه‪ ،‬وقــد كان لســطوة‬
‫�ن‬ ‫أ‬ ‫الكتــاب الشــاخصة ف ي� الحيــاة انطالقــاً مــن كونــه وســيلة‬
‫أمــا الكاتــب وال أكاديمــي الفلســطي ي‬
‫الدكتــور عــادل الســطة‪ ،‬فأوضــح أنــه‬ ‫وحيــدة للحصــول عــى المعرفــة أثــر كبـ يـر ف ي� منــح الســؤال‬
‫ال شــك هنــاك أزمــة قــراءة ف ي� عالمنــا‬ ‫ـ� النــاس‪.‬‬ ‫ش�عيــة التــداول بـ ي ن‬
‫ـر�‪ ،‬رائي ـاً أننــا «مجتمــع شــفاهي‬‫العـ ب ي‬
‫وال�ثــرة ونفضلــه عــى الكتابــة»‪ ،‬والكتابــة‬ ‫نحــب الحــ� ث‬ ‫غــر أن أ‬
‫المــر بــات مختلفــاً ف ي� أيامنــا‪ ،‬وفــق الجابــري‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عمومـاً «اخـ تـراع حديــث‪ ،‬وقــد كانــت مقتــرة قبــل مئــات‬ ‫الــذي يــرى أن «وزر» انحســار القــراءة يتحملــه «كتــاب‬
‫الســن� عــى النخبــة ورجــال الكهنــوت والديــن‪ ،‬حيــث‬ ‫ين‬ ‫ونــا�ون آثمــون» ال يقدمــون لنــا مــا يســتحق أن نجتهــد‬ ‫ش‬
‫غــر متعلمــة»‪.‬‬ ‫أ‬
‫كانــت الغلبيــة ي‬ ‫بالضافــة إىل ارتفــاع ســعر الكتــاب الــذي يســتحق‬ ‫لمتابعتــه‪ ،‬إ‬
‫م�امنــاً مــع عــر الحيــاة بتفاصيلهــا اليوميــة‪.‬‬ ‫القــراءة ت ز‬
‫وتابــع «نعــم‪ ،‬نحــن شــعوب عربيــة غـ يـر قارئــة»‪ ،‬مرجعـاً‬
‫ـ�‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ذل أــك لســباب أهمهــا‪ ،‬عــى ســبيل المثــال ال الحــر‪ ،‬تفـ ف ي‬ ‫ـى نعانيهــا إىل وجــود‬‫وأرجــع الجابــري أزمــة الق ـراءة الـ ي‬
‫كبــراً جــداً ي�‬
‫الميــة‪ ،‬فضــا ً عــن الفقــر الــذي يلعــب دوراً ي‬ ‫أزمــة قــارئ يعــي مــا يريــد قراءتــه‪ ،‬منوهــاً إىل أن القــارئ‬
‫عــدم انتشــار القــراءة‪ ،‬فالكتــب مرتفعــة الثمــن ودخــل‬ ‫ـر� يتخبــط كثـ يـراً؛ ألنــه ال يقـرأ مــن أجــل االمتــاء الفكــري‪،‬‬
‫العـ ب ي‬
‫وحــى‬‫العــر� بالــكاد يكفيــه ألساســيات الحيــاة‪ ،‬ت‬ ‫المواطــن‬ ‫وإنمــا يريــد أن يتصــدر المشــهد متحدثــاً بمــا خــف حملــه‬
‫بي‬
‫المتعلمــون يعانــون مــن البطالــة وشــظف العيــش‪ ،‬وهمهــم‬ ‫اليغــال ف ي� عمــق مــا يتحــدث‬‫وجــزل لفظــه مــن الــكالم دون إ‬
‫أن يجــدوا فرصــة عمــل‪ ،‬حـ تـى إذا مــا وجدوهــا حصلــوا عــى‬ ‫بــه أو عنــه‪.‬‬
‫راتــب ضئيــل ال يمكنهــم مــن أساســيات الحيــاة‪.‬‬
‫وال يســتث�ن الجابــري مــن ذلــك الكثـ يـر ممــن ت‬
‫يح�فــون صنعــة‬
‫ـ� أ‬ ‫ي‬
‫الســطة أن معظــم طالب الجامعــات «ال يقرؤون‬ ‫وبـ ي ًّ ن‬ ‫الدب الذيــن يعزفــون عــن القـراءة إما ألســباب تتعلق نب�جســيتهم‪،‬‬ ‫أ‬
‫إال الكتــب المقــررة‪ ،‬وال يقتنــون ســواها‪ ،‬إذا مــا اقتنوهــا‪ ،‬إذ‬ ‫ـ� يحارصهم الســؤال‪.‬‬ ‫أو ألســباب أخــرى يبتدعونهــا حـ ي ن‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫سؤال ذوات‬
‫ف‬
‫‪133‬‬ ‫العر�‬
‫باحثون عرب يشخصون واقع القراءة ي� الوطن ب ي‬

‫غالبـاً مــا يعتمــدون عــى كتــب زمالئهــم السـ ي ن‬


‫ـابق�»‪ .‬وينتقــد‬
‫ين‬
‫الجامعيــ� الذيــن «ال‬ ‫الســطة أميــة بعــض أ‬
‫الســاتذة‬ ‫أ‬
‫يواصلــون القــراءة بعــد حصولهــم عــى اللقــب الجامعــي‬
‫والوظيفــة‪ ،‬وكأن الشــهادة مجــرد ســلم للوصــول ليــس‬
‫أك ـرث »‪.‬‬

‫الســطة‪ ،‬هــو‬ ‫وخــر دليــل عــى أزمــة القــراءة‪ ،‬وفــق أ‬


‫ي‬
‫ش‬
‫كثــر مــن دور النــر‪ ،‬وعــدم مواصلتهــا رســالتها‪،‬‬ ‫«إفــاس ي‬
‫ش‬
‫فكثـ يـر مــن دور النــر تطبــع مــن الكتــاب ألــف نســخة عــى‬
‫والن رست عــادة جديــدة هــي أن يطبــع الكاتــب‬ ‫أكـرث تقديــر‪ ،‬آ‬
‫ـ� ألصدقائــه»‪.‬‬
‫مــن كتابــه مئــة نســخة أو مئتـ ي ن‬

‫الســطة «أننــا ننفــق أكــرث وقتنــا ف ي� الزيــارات‬ ‫ويــرى أ‬


‫وال�ثــرة وتلبيــة الدعــوات‪ ،‬ألن مجتمعاتنــا تتصــف بوجــود‬ ‫ث‬
‫كثــرة‪ ،‬والقــراءة‬
‫العائــات الممتــدة»‪ ،‬كمــا أن مشــاكلنا ي‬
‫تحتــاج‪ ،‬بحســبه اىل خلــوة وغرفــة للفــرد الواحــد‪« ،‬وهــذا مــا‬
‫ـر� الــذي يعيــش مــع بضعــة أشــخاص‬ ‫فال يتوفــر للمواطــن العـ ب ي‬
‫ي� الغرفــة الواحــدة»‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫تربية وتعليم‬ ‫الحلقة الثانية‪:‬‬
‫رهانات المنظومة ت‬
‫ال�بوية التونسية بعد الثورة‬ ‫‪134‬‬
‫هــل تتيــح مدارســنا للمتعلم‬
‫أخذ المبــادرة؟‬

‫العادة وتغيير مسار الشخص‪:‬‬


‫مدارسنا وروح المبادرة‬
‫التربية والتكوين وسيلتان أساسيتان لتنمية الفرد والجماعة‪ ،‬من خاللهما‬
‫يتم تثبيت عادات وإلغاء أخرى‪ .‬بالتربية ترسخ قيم وتزال أخرى أو تعدل‪.‬‬
‫وقديمًا‪ ،‬قالت العرب‪« :‬من شب على شيء شاب عليه»‪ ،‬فما الذي تشب عليه‬
‫ناشئتنا في المدرسة؟‬

‫يقضي المتعلم في المدرسة أزيد من ثلثي وقته؛ داخلها يكتسب‬


‫بقلم‪ :‬أحمد العمراوي‬
‫مهارات‪ ،‬وبها ينمي كفايات‪ .‬المعرفة على الطريق كما يقال‪ ،‬واألهم هو‬
‫مغر�‬
‫باحث وشاعر ب ي‬
‫كيف نتعلم ال ما الذي علينا تعلمه‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫تربية وتعليم‬
‫‪135‬‬ ‫رهانات المنظومة ت‬
‫ال�بوية التونسية بعد الثورة‬

‫ت‬
‫ـأ� الرغبــات بالنســبة للمتعلــم ؟ وكيــف‬
‫الرغبــة؛ فمــن أيــن تـ ي‬ ‫الســوية المتوازنــة هــي تلــك‬
‫يمكــن حفــز التعلمــات لديــه؟ وأيــة مهــارات ســنخلق لــدى‬ ‫القــادرة عــى المواكبــة والمبــادرة‬
‫ين‬
‫المتعلمــ�؟‬ ‫هــؤالء‬ ‫والســبق والتموقــع ف ي� العــر زمانــاً ومكانــاً؛ فهــل يمكِّــن‬
‫ـر� المتعلــم مــن اتخــاذ المبــادرة؟ قبــل تفصيــل‬‫تعليمنــا العـ ب ي‬
‫إن شــخصيتنا هــي مجموعــة مركبــة مــن العــادات‪:‬‬ ‫الــكالم حــول هــذه العــادة لنوضــح مــا هــي هــذه العــادات‬
‫نغــرس فكــرة‪ ،‬فنحصــد فعـاً‪ ،‬نغــرس عــادة فنحصــد عــادة‪.‬‬ ‫كــو�» صاحــب الكتــاب‬ ‫ف‬
‫انطالقــا مــن صاحبهــا «ســتيفن أ ي‬
‫نغــرس شــخصية‪ ،‬فنحصــد مصـ يـراً‪ .‬هكــذا تم ـض ي الفكــرة‪..‬‬ ‫المعــروف‪« :‬العــادات الســبع للنــاس الكـرث فعالية»‪.1‬اســتطاع‬
‫للعــادات قــوة جــذب تفــوق التصــور‪ .‬قــد تكــون لصالــح‬ ‫كــو� أن يســتنتج ســبع عــادات مــن خــال دراســة‬ ‫ف‬
‫ســتيفن ي‬
‫الفــرد أو ضــده‪ ،‬والعــادة ليســت ســاكنة جامــدة كمــا نتصــور‬ ‫أجراهــا عــى مجموعــة مــن الشــخصيات الفعالــة عــى مــر‬
‫وكمــا يظهــر مــن اســمها‪ ،3‬إنهــا متغـ يـرة وثابتــة ف ي� الوقــت‬ ‫العصــور ليســتخلصها آ‬
‫كال ت ي�‪:‬‬
‫تأثــر دائــرة‬ ‫أ‬
‫متغــرة مــع الزمــن والحــداث وقــوة ي‬ ‫ي‬ ‫نفســه‪.‬‬
‫الداخــل عــى الخــارج‪ ،‬أو العكــس‪ .‬والعــادة ترتبــط بالقيــم‬ ‫كن سباقا إىل المبادرة‪.‬‬
‫والمبــادئ مــن خــال الــذكاءات المتعــددة الثمانيــة كمــا‬
‫ـى قــد يكــون مــن أهمهــا مــا نطلــق‬ ‫ت‬ ‫تمكن من معرفة إىل أين تريد الوصول‪.‬‬
‫حددهــا جاردنــر‪ ،4‬والـ ي‬
‫عليــه الــذكاء الروحــي‪.‬‬
‫الولوية أ‬
‫للولويات‪.‬‬ ‫امنح أ‬
‫ـى يثـ يـر داخلهــا‬‫ت‬
‫الروحــي بالشــخصية الـ ي‬
‫آ‬
‫يرتبــط الــذكاء‬
‫تأثــر الوســط‬ ‫رث‬
‫خارجهــا لتؤثــر عــى الخريــن أكــ مــن ي‬ ‫انطلق من فكرة رابح‪ /‬رابح‪.‬‬
‫ـا� عليهــا‪ .‬وســتكون المبــادرة بــل الســبق إىل المبــادرة‪،‬‬ ‫ن‬
‫الثـ ي‬
‫ـ�ة لتقويــة الشــخصية وبنائهــا مــن خــال الــذكاء‬ ‫أهــم ركـ ي ز‬ ‫ابحث أوال عن أن تفهم‪.‬‬
‫الروحــي‪.‬‬
‫استفد من روح التآزر‪.‬‬
‫ف‬
‫ـو�‪ ،‬معنــاه أن تكــون‬ ‫أن تكــون ســباقاً للمبــادرة حســب كـ ي‬
‫فعــاالً‪ ،‬تفاعالتــك نابعــة منــك‪ ،‬ومــن قراراتــك ال مــن الظروف‪.‬‬ ‫طور كفاءاتك (اشحذ المنشار)‪.‬‬
‫ـ� أن أفعل هــذا‪ .‬الظروف‬ ‫وعــوض أن تقــول أنــا هكــذا‪ ،‬قل عـ ي‬
‫ليســت هــي المســؤولة‪ ،‬بــل أنــت مــن يتحكــم‪ ،‬ولغتــك‬ ‫ســرورة‬ ‫ف‬
‫هــي عــادات تنطلــق مــن الباطــن للظاهــر ي� ي‬
‫ال�بيــة منــذ الصغــر أن‬ ‫وجههــا الختياراتــك‪ .‬عــى ت‬ ‫الداخليــة ّ‬ ‫وتداخــل «ككابــات» تم�اصــة فيمــا بينهــا‪ .‬ويهمنــا هنــا الربــط‬
‫ف‬
‫تراعــي هــذا‪ .‬ي� العربيــة‪ ،‬وخاصــة الدارجــة المغربيــة؛ نقــول‪:‬‬ ‫ـ� هــذه العــادات وواقعنــا التعليمــي‪ ،‬متخذيــن مــن المغرب‬ ‫بـ ي ن‬
‫�ض ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫نموذج ـاً‪ ،‬مقاربـ ي ن‬
‫ـ� القط فــار‪ .‬وفات ـ ي الوقــت‪ .‬وتكــر الــكأس‪ .‬و ب ـ ي‬ ‫مــر عـ ي‬ ‫ـى‬
‫ال�امــج الـ ي‬
‫ـ� فقــط هــذا المــر مــن خــال ب‬
‫�ء نرميــه‬ ‫ش‬ ‫اشــتغلنا عليهــا ف� الحقــل ت‬
‫البــاب‪ .‬آوكأننــا ي� موقــف المســتقبل المنفعــل‪ .‬كل ي‬ ‫ال�بــوي والبيداغوجــي مــدة ليســت‬ ‫ي‬
‫عــى الخريــن وعــى القــدر‪ .‬وأن تكــون ســباقا إىل المبــادرة‬ ‫باليسـ يـرة تدريس ـاً وتأطـ يـراً‪.‬‬
‫هــو أك ـرث أهميــة مــن أخــذ المبــادرات؛ هــو االعـ تـراف بأننــا‬
‫مســؤولون عــن ترصفاتنــا وعــن اختياراتنــا الشــخصية‪ .‬نحــن‬ ‫العادة األولى‪ :‬كن سباقا إلى المبادرة‬
‫نملــك حريــة االختيــار عــى أســاس المبــادئ والقيــم؛ والســباق‬
‫للمبــادرة هــو مــن يختــار أال يكــون ضحيــة أو ارتكاســيا أو تابعــا‬ ‫المعرفــة والرغبــة والمهــارة‪ ،‬مفاهيــم تتقاطــع فيمــا بينها‬
‫آ‬
‫للخريــن‪.‬‬ ‫لتحــدث تأثـ يـرا عــى الفــرد إيجابــا أو ســلبا‪ .‬تمــرر المعــارف عـ بـر‬
‫اس خــاص بــكل‬ ‫نز‬
‫‪ED: La croises des chemins. 2013. P. 36‬‬ ‫برامــج دراســية تــ ل إىل مفــردات مقــرر در ي‬
‫‪3 - Covey. Ibd, p. 72‬‬ ‫مــادة‪ .‬والمــواد تتقاطــع أو تتكامــل أو تتنافــر أحيانــا فيمــا بينهــا‬
‫‪ -4‬تعد نظرية هوارد جاردنر للذكاءات المتعددة ‪Gardner›s Theory of Multiple‬‬ ‫لتخلــق شــخصية الحــا�ض والمســتقبل‪ .‬بالتــدرج يتــم ذلــك‪،‬‬
‫اعت� ف ي� كتابة‪Frames« :‬‬ ‫والنفس حيث ب‬
‫ي‬
‫‪ Intelligence‬بمثابة ثورة ف� المجال ت‬
‫ال�بوي‬ ‫ي‬ ‫وإذا كنــا ال نســتطيع خلــق الرغبــة مــن وجهــة نظــر التحليــل‬
‫ن‬
‫‪« »of Mind‬أطر العقل» أن هناك سبعة أنواع من الذكاءات يب�‪ 1983 :‬و‪،1995‬‬ ‫القــل خلــق الحافــز لهــذه‬ ‫النفــ�‪ ،2‬فإننــا نســتطيع عــى أ‬
‫الخرى ف ي�‬ ‫ليضيف الذكاء الثامن فيما بعد‪ .‬إال أن مدارسنا ف� المغرب والدول العربية أ‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الريا� المرتبط‬ ‫ض‬ ‫تع� اهتمامها إال إىل ي ن‬
‫نوع� من الذكاء هما الذكاء المنطقي‬ ‫أغلبها ال ي‬
‫ي‬ ‫أ‬ ‫‪1 - Steven.R. Covey. Les 7 habitudes de ceux qui réalisent tout ce qu’ils‬‬
‫الحرك‬
‫ي‬ ‫بالذكاء‬ ‫أحيانا‬ ‫تهتم‬ ‫وقد‬ ‫والكتابة‪.‬‬ ‫باللغة‬ ‫تبط‬
‫ر‬ ‫الم‬ ‫اللغوي‬ ‫والذكاء‬ ‫بالرقام‪،‬‬ ‫‪entreprennent. Ed j’ai lu. 2013‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫متجاهلة النواع الخرى‪ ،‬وتلك من عيوب هذه النظمة التعليمية‪.‬‬ ‫‪2 - Jalil Bennani. Un psy dans la cité. Entretiens avec Anmed EL Amraoui.‬‬
‫ ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫تربية وتعليم‬
‫رهانات المنظومة ت‬
‫ال�بوية التونسية بعد الثورة‬ ‫‪136‬‬

‫إذا عدنــا لدائــرة المفاهيــم المكــون لعــادة ما مــن خالل‪:‬‬


‫المعرفــة ( مــاذا نفعــل ولمــاذا نفعلــه)‪ ،‬والرغبــة (الجانــب‬
‫ـ�ي)‪ ،‬والمهــارة ( كيــف نفعلــه)‪ ،‬فإننــا ســنالحظ أن الفرد‬ ‫التحفـ ي ز‬
‫ـ� ‪ 3‬و‪ 4‬ســنوات إىل‬ ‫ف� مدرســتنا مــن بدايــة حياتــه الدراســية بـ ي ن‬
‫ي‬
‫آخــر مرحلــة ف� التعليــم العــام ف� مســتوى الباكالوريــا‪ ،‬بـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ 17‬و‪ 18‬ســنة عامــة‪ ،‬فإننــا ســنالحظ هــذا التشــبث بالمعرفــة‬
‫ال�امــج الدراســية بمختلــف‬ ‫مــن أجــل المعرفــة عــى مســتوى ب‬
‫آ‬
‫مكوناتهــا ف ي� المغــرب مثــا؛ نق ـرأ مــا يقولــه الخــرون وننتــج‬
‫مــا أنتجــوه‪ ،‬وعنــد االمتحــان يعــز المــرء أو يهــان‪ ،‬امتحــان‬
‫ـ� المــواد العلميــة‬ ‫للمعــارف ليــس إال‪ ،‬عــى الرغــم مــن تركـ ي ز‬
‫والف�يــاء عــى الــذكاء المنطقــي‪ ،‬وعــى الرغــم‬ ‫كالرياضيــات ي ز‬
‫ـ� كفايــات الفلســفة عــى تربيــة الحــس النقــدي مــن‬ ‫مــن تركـ ي ز‬
‫خالل ذكاءات متعددة كالمنطقي واللغوي معا‪ .‬‬

‫فبإمكاننــا إعــادة النظــر ف ي� تصوراتنــا الذهنيــة لتقريــر مــا‬


‫إذا كانــت مبنيــة عــى الحقائــق أو المبــادئ أو مــا إذا كانــت‬
‫ناجمــة عــن التكيــف والظــروف‪.5‬‬

‫أن تكون سباقًا للمبادرة حسب‬


‫كوفي‪ ،‬معناه أن تكون فعا ً‬
‫ال‪،‬‬
‫تفاعالتك نابعة منك‪ ،‬ومن‬
‫قراراتك ال من الظروف‬

‫كــن ســباقاً إىل المبــادرة‪ ،‬مبــدأ ثابــت حـ تـى ف ي� النصــوص‬


‫والســامية‪ :‬مــن خــال مبــدأ مؤســس‬ ‫تال�اثيــة والدينيــة العربيــة إ‬
‫هــو ارتبــاط إاليمــان بالعمــل الصالــح‪ .‬ويكفــي أن نذكــر وصــف‬
‫ـ� بقولــه‪«ِ :‬إ َّن ا َّل ِذيـ َـن قَا ُلــوا َربُّ َنــا ال َّلـ ُـه‬ ‫الق ـرآن الكريــم للمؤمنـ ي ن‬
‫أ‬
‫ـون» (الحقــاف‪،‬‬ ‫ثُـ َّـم ْاسـ َتق َُاموا َفـا َ َخـ ْـو ٌف َع َل ْي ِهـ ْـم َوال َ ُهـ ْـم يَ ْح َزنُـ َ‬
‫‪ .)13‬هــو داخــل وخــارج وســبق للمبــادرة بالعمــل الصالــح إذن‪.‬‬
‫ويمكــن أن نذكــر أيضــا قولــه تعــاىل‪« :‬ولــكل وجهــة هــو ُم َو ّليهــا‬
‫فاســتبقوا الخـ يـرات‪( »...‬البقــرة‪.)148 ،‬‬

‫ونــود هنــا أن نســوق أمثلــة مــن واقعنــا التعليمي عشــناها‬ ‫ونشــر إىل توجيــه الرســول لــروح المبــادرة ي ن‬
‫حــ� ســئل‬ ‫ي‬
‫بتفاصيلهــا حــول المبــادرة والســبق إليهــا‪ ،‬وذلــك لقيــاس ولــو‬ ‫عــن أقــل كلمــات يمكنهــا أن تلخــص الديــن مجيبــا ســفيان‬
‫ـز�‪ ،‬مــدى قــدرة التلميــذ ف ي� المدرســة المغربيــة عــى‬ ‫ئ‬
‫بشــكل جـ ي‬ ‫الســام ً‬
‫قول ال أســأل‬ ‫ف‬
‫ســأله‪« :‬قلــت‪ :‬يــا رســول هللا‪ ،‬قــل يل ي� إ‬
‫كيفيــة التعلــم‪ ،‬ومــاذا ســيتعلم‪ ،‬ومــدى حصــول الحافزيــة‬ ‫عنــه أحـ ًـدا غـ يـرك‪ ،‬قــال‪ :‬قــل آمنــت بــاهلل ثــم اســتقم» (رواه‬
‫المولــدة للرغبــة الذاتيــة‪ ،‬وكــذا بأيــة مهــارة ســيتم ذلــك‪.‬‬ ‫مســلم‏)‪.‬‏ االســتقامة هــي التعــود عــى الخـ يـر‪ ،‬انطالقــا مــن‬
‫الــذكاء الروحــي‪ .‬والحديــث يعــزز آ‬
‫اليــة الـ تـى تصــف المؤمنـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ي‬
‫دخلــت إىل فصــل مــن الفصــول الدراســية إلدارة‬ ‫بالتقــوى واالســتقامة‪.‬‬
‫كتــا� حــول الشــعر والقصيــدة‪ ،‬وقبلهــا طرحــت‬ ‫ت‬
‫محــرف ب ي‬ ‫‪93 .Covey. ibd. p  5‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫تربية وتعليم‬
‫‪137‬‬ ‫رهانات المنظومة ت‬
‫ال�بوية التونسية بعد الثورة‬

‫ـ� يــا أســتاذ؟ اســتفضت ف ي� الجــواب‬


‫الدريـ ي‬‫ال�يــف إ‬ ‫مــن هــو ش‬ ‫غــر�‬
‫ي‬
‫تهــى مســبق‪ ،‬كان ض‬‫عــى المســتفيدين أســئلة دون ي ئ‬
‫ف‬
‫مناقش ـاً وموضحـاً لهــا شــخصية العالــم الجغ ـر يا� الخرائطــي‬ ‫معرفــة مــدى مواكبــة التالميــذ للمعرفــة ولذاكرتهــم الجمعية‪،‬‬
‫ـر� الكبـ يـر‪ .‬وأتت ـن ي فكــرة أن أســأل التالميــذ عــن هــذه‬
‫المغـ ب ي‬ ‫وخاصــة الختبــار مــدى قدرتهــم عــى أن يكونــوا محفزيــن مــن‬
‫الشــخصية مــاذا يعرفــون عنهــا‪.‬‬ ‫خــال البحــث عــن المعــارف والمعلومــات‪ .‬كان ذلــك انطالقــا‬
‫مــن حديــث ســابق يل مــع ســيدة مغربيــة التقيتهــا بأحــد‬
‫عينــات مختلفــة مــن تالميــذ مــن القطــاع الخــاص وقــع‬ ‫شــوارع الربــاط‪ ،‬ودار حديــث بيننــا حــول الثقافــة والتعليــم‬
‫ّبــت الســؤال بشــكل ال‬
‫عليهــا االختيــار دون ســبق إرصار‪ .‬رك ُ‬ ‫بالمغــرب‪ .‬جرنــا الحديــث عــن شــخصيات تهتــم بالخرائــط‬
‫ش‬
‫ـر� بشــكل مبــا�‪.‬‬‫ض‬ ‫والجغرافيــة‪ ،‬وهــو مــا كان قريبــاً مــن تخصصهــا‪ .‬ســألت�ن ي ‪:‬‬
‫يســتطيع التالميــذ مــن خاللــه معرفــة غـ ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫تربية وتعليم‬
‫رهانات المنظومة ت‬
‫ال�بوية التونسية بعد الثورة‬ ‫‪138‬‬

‫ت‬
‫شــخصي�‬ ‫الجوبــة الغريبــة حــول‬ ‫ونكتفــي بإعطــاء بعــض أ‬ ‫ســألتهم وطلبــت أن يكــون الجــواب كتابيــاً‪ :‬مــاذا تعــرف‬
‫ي‬
‫ـ� ومحمــد عابــد الجابــري‪ ،‬بمــا أننــا نســعى‬ ‫ش‬
‫الدريـ ي‬
‫ال�يــف إ‬ ‫عــن الشــخصيات التاليــة‪ :‬ابــن رشــد‪ ،‬نيوتــن‪ ،‬ابــن ســينا‪،‬‬
‫لجــس النبــض حــول تمثــات التالميــذ المغاربــة لثقافتهــم‬ ‫دريــ�‪ ،‬محمــد عابــد الجابــري‪ ،‬كلــود ليفــي‬ ‫ال‬
‫ال�يــف إ‬ ‫ش‬
‫ي‬
‫ـر�‪ -‬حاكــم لفــاس‬ ‫المغربيــة‪ .‬ش‬ ‫ت‬
‫ـ�‪ :‬حاكــم مغـ ب ي‬‫الدريـ ي‬‫ال�يــف إ‬ ‫ســراوس‪ .‬ســأعرض نتائــج بعــض المجموعــات باختصــار‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ـر� – عالــم‬
‫فقديمــا – فقيــه – شـ فـيخ زاويــة – مفكــر – ممثــل مغـ ب ي‬ ‫ســأنقل الســئلة بعــد ذلــك لمختلــف القســام فمــاذا كانــت‬
‫ي� الطبيعــة ‪ -‬عالــم ي� الديــن – شــاعر وكاتــب – اســم إعداديــة‬ ‫النتائــج؟ والختبــار مــدى قدرتهــم عــى تعلــم كيــف يتعلمون‪،‬‬
‫ـر�‪ .‬وكان محمــد عابــد الجابــري بالنســبة‬ ‫ض‬
‫– قائــد جيــش مغـ ب ي‬ ‫ـر� ليــس اختبــار‬
‫وهــل هنــاك حافزيــة؟ أوضــح أوال‪ ،‬أن غـ ي‬
‫مغــر� وكاتــب –‬
‫بي‬ ‫ول صالــح – ملــك – عالــم‬ ‫لهــؤالء هــو‪ :‬ي‬ ‫معــارف التالميــذ‪ ،‬بقــدر مــا كان هــو مــا الــذي تخ ّلفــه ب‬
‫ال�امــج‬
‫ف‬
‫ممثــل – كاتــب فلســفي – عالــم ي� الطبيعــة – كاتــب – عالــم‬ ‫والمدرســة ف ي� هــذا الشــأن‪.‬‬
‫ف ي� اللغــة العربيــة – عالــم‪.‬‬
‫الوىل تكونــت مــن ‪ 27‬مســتفيداً‪ ،‬كانــت‬ ‫المجموعــة أ‬
‫ـى ال تركــز عــى الذاكــرة‬ ‫ت‬ ‫أجوبتهــا صحيحــة بنســبة ‪ %95‬بالنســبة لنيوتــن و‪ % 94‬بالنســبة‬
‫لل�امــج الـ ي‬ ‫قــد نُرجــع الســبب ب‬
‫لكلــود ليفــي سـ تـروس‪ ،‬والســبب هــو أنهــم يدرســون مــا يتعلــق المغربيــة أو العربيــة‪ .‬قــد نرجعــه النشــغال التالميــذ بمقررات‬
‫ال تن�نــت‬ ‫والف�يــاء ف� الجــذع المشـ تـرك (الســنة ترتبــط باالمتحــان ال غــر‪ .‬قــد نرجــع ذلــك لعــر أ‬ ‫ـاد� الفلســفة ي ز‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫به أــذا ي� مـ ي‬
‫اخــ�ل المســافة وقلــص‬ ‫اق�بــوا والفيســبوك والوتســاب الــذي ت ز‬ ‫بــ� ‪ 40‬و‪ %50‬ت‬ ‫الوىل للدخــول للمرحلــة الثانويــة)‪ .‬مــا ي ن‬
‫مــن الجــواب الصحيــح فيمــا يتعلــق بابــن ســينا وابــن رشــد‪ .‬الذاكــرة‪ .‬ولكــن الــذي يهمنــا هنــا هــو مــا حــدث فيمــا بعــد‪.‬‬
‫أمــا مــا يتعلــق بمحمــد عابــد الجابــري‪ ،‬فقــد بينــت النتائــج أن‬
‫عــدت‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫أســبوع�‪،‬‬
‫ي‬ ‫بعــد‬ ‫‪ 19‬مــن ضمــن ‪ 21‬ال يعرفون شــيئا‬
‫وطرحــت الســئلة نفســها‪،‬‬ ‫أ‬ ‫عــن الجابــري‪ ،‬وتركــزت أجوبــة‬
‫ي‬
‫فمــاذا وجــدت؟ الغريــب أنــن‬ ‫ال تنمية اقتصادية واجتماعية‬ ‫مغــر� –‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫الباقــ� ف ي�‪ :‬كاتــب‬ ‫ين‬
‫أ‬
‫وجــدت نفــس الجوبــة تقريبــا‬ ‫ف‬
‫مقــرئ ‪ -‬عالــم ي� الديــن – كاتــب‬
‫بدون العنصر البشري‪ .‬وتطور‬
‫دريــ� والجابــري‬ ‫ي‬ ‫لل‬
‫بالنســبة إ‬ ‫‪ -‬طبيــب قديــم يهتــم بالتــداوي‬
‫تنوير‬ ‫يستوجب‬ ‫المجتمع‪،‬‬ ‫عــر�‪ .‬أمــا‬ ‫أ‬
‫مــع اســتثناءات قليلــة‪ .‬وهــذا‬ ‫بالعشــاب‪ -‬عالــم ب ي‬
‫يعــن ي أن ليــس هنــاك حافــز‬ ‫قدرات مكونات هذا المجتمع‬ ‫دريــ�‪ ،‬فقــد‬ ‫ي‬ ‫ال�يــف إال‬ ‫عــن ش‬
‫ـر� للتعــرف عــى‬ ‫للتلميــذ المغـ ب ي‬ ‫كانــت النتيجــة هــي ‪ %0‬بـــ ‪17‬‬
‫ثقافتــه‪ .‬فبمــا أن مــا نقــوم بــه‬ ‫تلميــذا أجابــوا بــا أعــرف‪.‬‬
‫ي� المح�فــات الكتابيــة عــادة‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫الجوبــة تركــزت حــول‪:‬‬ ‫وبقيــة أ‬
‫هــو عبــارة عــن أنشــطة متحــررة‬ ‫مــن أصحــاب الرســول ‪ -‬ش�يــف‬
‫‪ -‬فقيــه ‪ -‬رجــل حكمــة ف ي� عهــد الرســول ‪ -‬عالــم ي� إالســام ‪ -‬مــن النقطــة واالمتحــان‪ ،‬فــإن رغبــة التلميــذ لمعرفتهــا تبقــى‬
‫ف‬
‫ثانويــة‪ ،‬ولــن أضيــف مــا طرحتــه بعــد ذلــك مــن أســئلة حــول‬ ‫مغــر�‪.‬‬
‫بي‬ ‫عــر� ‪ -‬فيلســوف‬ ‫عالــم ب ي‬
‫«شــاك�ا» و»روالندينيــو» و»عبــد هللا العــروي» وآخــرون‪.‬‬ ‫ي‬
‫تركــزت أجوبــة المجموعــة الثانيــة المكونــة مــن ‪ 26‬تلميذا فلكــم أن تقيســوا عــى مــا ســبق لتعرفــوا الجــواب‪.‬‬
‫ال�يــف‬ ‫المشــرك العلمــي فيمــا يــ�‪ :‬ش‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫ف ي� مســتوى الجــذع‬
‫الجوبــة كانــت تــدور‬ ‫ـا� أ‬
‫ق‬
‫وإذن مــن المســؤول؟ ولمــاذا تغيــب الحافزيــة لــدى‬ ‫ـ�‪ 17 :6‬تلميـ أـذا ال أعــرف‪ .‬وبـ ي‬ ‫الدريـ ي‬‫إ‬
‫لل�امــج والمقــررات الدراســية المغربيــة‪،‬‬ ‫حــول‪ - :‬إدريــس الول أحــد ملــوك المغــرب – شــخصية هــؤالء؟ إن المتأمــل ب‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اهتمــت بالهندســة والمعمــار – ملــك ســابق للمغــرب – سيكتشــف دون عنــاء حقيقتـ يـ� صادمتـ يـ�‪ :‬الوىل هــي الفقــر‬
‫الكبــر لوجــود ثقافــة مغربيــة قديمهــا وحديثهــا ف ي� كل‬ ‫ي‬ ‫جغـر ف يا� ومكتشــف – شــخصية دينيــة – شــخصية عربيــة بــارزة‬
‫ســاهمت ف ي� التقــدم‪ .‬وبالنســبة للجابــري كانــت النتائــج‪ :17 :‬ال المقــررات وخاصــة اللغــة العربيــة وآدابهــا‪ .‬والثانيــة تتعلــق‬
‫ـى تدمــج بهــا هــذه الثقافــة وخاصــة ف ي� جانبهــا‬ ‫ت‬ ‫أعــرف‪ .‬وبـ ق أ‬
‫ـا� الجوبــة دارت حــول‪ :‬كاتــب – أحــد علمــاء الديــن بالطريقــة الـ ي‬ ‫ف ي‬
‫الديداكتيــ�‪ .‬مــن الغريــب أن تتضمــن الكتــب المدرســية‬ ‫ي‬ ‫ـة‪.‬‬
‫ـ‬ ‫الطبيع‬ ‫– عالــم ي�‬
‫ف‬
‫نصوصــا عميقــة لمحمــد عابــد الجابــري ي� مســتوى الجــذع‬
‫ـ� تســأل التلميــذ عــن شــخصية‬ ‫بــا� المجموعــات عــن ســابقاتها‪ ،‬المشـ تـرك العلمــي مثــا‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫لــن تبتعــد أجوبــة ق‬
‫ي‬
‫الجابــري ف ي� الســنة المواليــة يجيبــك بكونــه وليــا صالحــا بعــد‬ ‫مغر� ومحمد عابد‬
‫دريس ممثل ب ي‬‫ال ي‬ ‫ال�يف إ‬ ‫‪  6‬لمزيد من التفصيل‪ ،‬انظر مقالنا‪ :‬ش‬
‫ف‬
‫أن كان قــد درســه وامتحــن ي� نصوصــه‪.‬‬ ‫ول صالح‪ .‬جريدة المساء بتاريخ ‪2014 / 11/19‬‬ ‫الجابري ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫تربية وتعليم‬
‫‪139‬‬ ‫رهانات المنظومة ت‬
‫ال�بوية التونسية بعد الثورة‬

‫لــن نلــوم المتعلــم وال المعلــم بقــدر مــا نلــوم واضــع‬


‫ت‬
‫الــى ال تركــز عــى‬
‫ال�نامــج فأوال‪ ،‬ونلــوم طريقــة التقويــم ي‬ ‫ب‬
‫المعرفــة ي� حــد ذاتهــا‪ ،‬بقــدر مــا تركــز عــى مــا ســيتبقى منهــا‬
‫لالمتحــان الــذي يعــز فيــه المــرء أو يهــان‪ .‬إنــه احتقــار للــذات‬
‫وإبعــاد للفكــر والثقافــة المغربيــة عــن قصــد أحيانــا‪ ،‬وحـ تـى‬
‫إذا حـ ضـرت‪ ،‬فإنهــا ال تحـ ضـر كمـ شـروع متكامــل الجوانــب‪ ،‬بــل‬
‫كنصــوص مبتــورة ال يُهتــم بأصحابهــا‪ .‬وهنــا تصبــح صــورة‬
‫ـر� هــي صــورة الغائــب الميــت لــدى‬ ‫المثقــف الكاتــب المغـ ب ي‬
‫التلميــذ‪ ،‬حيــث ال يتصــور هــذا التلميــذ أنــه ســيلتقي بكاتــب‬
‫معــارص إال ف ي� النــادر‪.‬‬

‫أيــن المبــادرة؟ قبــل أن نقــول أيــن الســبق للمبــادرة ؟‬


‫لــم ال تت�ســخ هــذه العــادة أ‬
‫الوىل لــدى ناشــئتنا؟‬

‫ـ�؛‬ ‫ـ� لمفكريــن مغربيـ ي ن‬ ‫ف� نهايــة هــذا الــكالم‪ ،‬نــورد قولتـ ي ن‬
‫ي‬
‫وال�بيــة‪ .‬عبــد هللا العــروي ف ي�‬ ‫اهتمــا بقضايــا الفكــر والثقافــة ت‬
‫ـ� والتأهيل‪،‬‬ ‫ـ� التلقـ ي ن‬
‫«ديــوان السياســة» يقــول‪« :‬أال تؤثر مضامـ ي ن‬
‫الداب والعلــوم والتقنيــات‬ ‫ـ� مــا تحملــه مــن آ‬ ‫ونع ـن بالمضامـ ي ن‬
‫ي‬
‫مــن فلســفة ضمنيــة (أدلوجــة)؟ وإن لــم تؤثــر إيجابــا‪ ،‬فقــد‬
‫تؤثــر ســلبا‪ ،‬بإف ـراغ التهذيــب مــن فعاليتــه؟ وإذا خـ يـر الطالــب‬
‫الف�يــاء وتربيــة وطنيــة‪ ،‬مــاذا ســيختار؟»‪.7‬‬ ‫ـ� تقويــة ف� ي ز‬ ‫بـ ي ن‬
‫ي‬

‫لعــل الســؤال أهــم مــن الجــواب ف ي� حالتنــا هنــا‪ ،‬أمــا‬


‫القولــة الثانيــة فهــي للمفكــر الراحــل المهــدي المنجــرة عالــم‬
‫ـى أوردهــا ف ي� كتابــه‪« :‬قيمــة القيــم»‪ .‬يقــول‬ ‫ت‬
‫المســتقبليات‪ ،‬والـ ي‬
‫مجيبـاً عــى ســؤال طرحتــه عليــه مجلــة (‪ )Lumière‬الفرنســية‬
‫الن بصــدد اكتشــاف جديــد‪ ،‬وبعــد عــدة‬ ‫ســنة ‪« :1989‬نحــن آ‬
‫ســنوات‪ ،‬أنــه ال تنميــة اقتصاديــة واجتماعيــة بــدون العنــر‬
‫البـ شـري‪ .‬وتطــور المجتمــع‪ ،‬يســتوجب تنويــر قــدرات مكونات‬
‫هــذا المجتمــع‪ ،‬والــذي هــو أوالً‪ ،‬ك ـنز بـ شـري‪ ،‬أع ـن ي بذلــك‬
‫المــر يخشــون تبعــات تعميــم‬ ‫الب�يــة‪ ...‬وأوليــاء أ‬
‫المــوارد ش‬
‫ال�بيــة يتطــور حســب‬ ‫حقيقــي تل�بيــة إذا كان مضمــون هــذه ت‬
‫حاجيــات إعــادة توزيــع عــادل للــرث وات‪ .‬وهــذا ســيؤدي إىل‬
‫إعــادة النظــر ف ي� مناصــب النخبــة»‪.8‬‬

‫ـ�؟ مــا الــذي يحــدث ف ي� مدارســنا‬


‫ـ� الزمنـ ي ن‬
‫هــل تغّ ـ يـر ش�ء بـ ي ن‬
‫الســوأ؟ ثــم لــم ال نلتفــت لمثــل هــذه‬ ‫الن؟ ألــم نــر يإىل أ‬‫آ‬
‫الوان؟‬‫المالحظــات الـ تـى طرحهــا مفكرونــا الكبــار‪ ،‬إال بعــد فــوات أ‬
‫ي‬

‫تغيــري‬
‫ي‬ ‫كل‬
‫أعتقــد أن علينــا أن نعيــد النظــر بشــكل ي‬
‫ش‬
‫ال إصالحــي بل�امجنــا بشــكل يتــاءم مــع التنميــة الب�يــة‬
‫المنشــودة لــكل بلــد‪.‬‬
‫العر�‪ ،‬ط‪ ،2010 ،2 .‬ص‪46 :‬‬ ‫‪  7‬عبد هللا العروي‪ ،‬من ديوان السياسة‪ ،‬المركز ف‬
‫الثقا� ب ي‬
‫ي‬
‫‪  8‬المهدي المنجرة‪ ،‬قيمة القيم‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪ ،1 .‬ص‪178 -177 :‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫مراجعات‬ ‫‪140‬‬

‫بقلم‪ :‬منى ظاهر‬


‫فلسطينية من ال ّنارصة‬
‫ّ‬ ‫كاتبة وباحثة‬

‫اإلسرائيلي على ال ّتعليم في‬


‫ّ‬ ‫«أثر االحتالل‬
‫الدراسة ا ّلتي أنجزتها‬
‫القدس» هو عنوان ّ‬
‫إيمان مصاروة‪ ،‬شاعرة وباحثة فلسطين ّية‬
‫متخصصة في شؤون القدس‪ ،‬وهي صادرة‬ ‫ّ‬
‫مؤخ ًرا عن وزارة ّ‬
‫الثقافة الفلسطين ّية ‪.2014‬‬ ‫ّ‬

‫الوصفي‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫الدراسة المنهج‬ ‫اعتمدت هذه ّ‬
‫اعتمدت على عدد من المصادر ال ّرسم ّية وغير‬
‫والدراسات‪،‬‬
‫ال ّرسم ّية ومجموعة من الوثائق ّ‬
‫كل من له خبرة‬ ‫المعمقة مع ّ‬
‫ّ‬ ‫والمقابالت‬
‫مؤسسات ال ّتربية وال ّتعليم في‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واطالع على‬
‫القدس‪.‬‬
‫في عناصر البيئة المدرس ّية في مدينة‬
‫ظري على بيانات‬ ‫ّ‬ ‫وتشتمل في مدخلها ال ّن‬
‫معلومات ّية على مدار ‪ 500‬عام‪ ،‬من العام‬
‫العثماني‪ ،‬مرو ًرا باالنتداب‬
‫ّ‬ ‫‪ 1517‬منذ العهد‬
‫اإلسرائيلي إلى عام‬
‫ّ‬ ‫البريطاني وح ّتى االحتالل‬
‫ّ‬
‫الضوء على األنظمة الفاعلة‬ ‫‪ .2012‬وتس ّلط ّ‬

‫اإلسرائيلي‬
‫ّ‬ ‫أثر االحتالل‬
‫على ال ّتعليم في القدس‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫‪141‬‬ ‫مراجعات‬

‫ف‬ ‫ت‬
‫الرابــع مــن حزيـران مــن العــام‬
‫ـ� للمدينــة ي� ّ‬
‫الرسائيـ ي ّ‬
‫االحتــال إ‬ ‫ـى كانت‬ ‫الدراســة عــى مدينــة القــدس‪ ،‬ا ّلـ ي‬ ‫مقدمــة ّ‬ ‫وترتكــز ّ‬
‫‪:1967‬‬ ‫مركــزا‬
‫ً‬ ‫تعتــر بتاريخهــا القديــم والمعــارص‬ ‫ب‬ ‫ومــا تــزال‬
‫عليمية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المؤسســات ال ّت‬
‫ّ‬ ‫ـم أفضــل‬ ‫ـط�‪ ،‬ضـ ّ‬ ‫ن‬ ‫تعليميــا لفلسـ ي‬ ‫ًّ‬
‫ائيليــة ودائــرة المعــارف‬ ‫رس‬‫ال‬
‫إ‬ ‫عليــم‬ ‫ت‬
‫ّ‬ ‫وال‬ ‫بيــة‬‫ال�‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ارة‬
‫ز‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الحرم‬ ‫ـث‬
‫ـ‬ ‫وثال‬ ‫ـجدين‬‫ـ‬ ‫المس‬ ‫ـا�‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫وث‬ ‫ن‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫بلت‬ ‫الق‬
‫ِ‬ ‫أوىل‬ ‫فيهــا‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫ش‬
‫ي� بلديّــة القــدس‪ ،‬إذ تــرف‬ ‫ف‬ ‫وهــي مهــد للحضــارات‪،‬‬
‫بلديّــة القــدس ودائــرة معارفهــا‬ ‫وشــهد لهــا ال ّتاريــخ بوجــود‬
‫ائيليــة عــى ‪ 50‬مدرســة مــن‬ ‫الرس ّ‬ ‫إ‬ ‫إن محاوالت سلطات االحتالل‬ ‫الكثـ يـر مــن المراكــز ال ّتعليميــة‬
‫ال�قيــة‪ ،‬وا ّلــىت‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫ي‬ ‫مــدارس القــدس ّ ّ‬ ‫لعزل القدس عن محيطها‬ ‫السياسـ ّـية‪،‬‬ ‫هم ّيــة ّ‬ ‫فيهــا مــع ال ّ‬
‫تضـ ّـم نســبة ‪ %48.5‬مــن مجمــوع‬ ‫والخدماتيــة‬
‫ّ‬ ‫واالقتصاديّــة‬
‫طـ ّـاب وطالبــات القــدس العــرب‪،‬‬ ‫األراضي‬ ‫وباقي‬ ‫المباشر‬ ‫ت‬
‫ــى شــكّلت‬ ‫للمدينــة ا ّل ي‬
‫وهــي تتبــع منهــاج ال ّتعليــم‬ ‫الفلسطين ّية‪ ،‬قد انعكس على‬ ‫غــر المعلنــة‬ ‫ي‬ ‫العاصمــة‬
‫ائيــ� بعــد أن فرضتــه‬ ‫�ن‬
‫الرس ي ّ‬ ‫إ‬ ‫عليمي في المدينة‬ ‫ّ‬ ‫الوضع ال ّت‬ ‫للشــعب الفلســطي ي ّ منــذ‬ ‫ّ‬
‫ائيليــة‪ ،‬وألغــت‬ ‫الرس ّ‬
‫الســلطات إ‬ ‫ّ‬ ‫الســلطة‬ ‫العــام ‪ 1993‬بقيــادة ّ‬
‫رد�‪.‬‬‫ن‬ ‫أ‬
‫قانــون ال ّتعليــم ال ي ّ‬ ‫لفلســطينية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫الوقــاف الســامية‪ -‬مــدارس أ‬ ‫إدارة أ‬ ‫للشــعب‬ ‫ف‬
‫الوقــاف وعددهــا‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ــياس ّ‬ ‫الس ي ّ‬ ‫الشــارة ي� بــاب «الوضــع ّ‬ ‫وتتــم إ‬
‫ّ‬
‫ـال تق ّلــص مــن ‪ 61‬ف ي(� العــام ‪ )1994‬إىل ‪ 38‬مدرســة‪ ،‬معروفــة‬ ‫ف‬
‫الحـ ي‬ ‫ـ�» إىل تعاظــم محــاوالت‬ ‫الفلســطي�ن ي ّ ي� ظـ ّـل االحتــال إ‬
‫الرسائيـ ي ّ‬
‫جمعيــة المقاصــد‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫باســم مــدارس حســ ي الشــهب أنشــأتها‬ ‫ـا� وبــا�ق‬ ‫ســلطات االحتــال لعــزل القــدس عــن محيطهــا المبـ ش‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫عليمي‬ ‫ـطينية‪ ،‬وقــد انعكــس ذلــك عــى الوضــع ال ّت‬ ‫أ ض‬
‫ـامية‪ ،‬وهــي بدعــم أنــور الخطيــب رئيــس الهيئــة‬ ‫السـ ّ‬ ‫الخ�يّــة إ‬‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ا� الفلسـ ّ‬ ‫فالر ي‬
‫الراحــل‬
‫تربيــة أالقــدس ّ‬ ‫للجمعيــة‪ ،‬وبتنســيق مــع مديــر‬
‫ّ‬ ‫الداريّــة‬‫إ‬ ‫بالســيطرة‬ ‫ي� المدينــة‪ ،‬إذ قــام االحتــال مــن خــال اســتيطانه ّ‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫البقيــة‬
‫ال�بيــة وال ّتعليــم ي� الردن‪ ،‬إضافــة إىل‬
‫حس ـ ي الشــهب ووزارة ّ‬ ‫ـر� منهــا عــام ‪ ،1948‬ثـ ّـم ســيطر عــى ّ‬ ‫عــى الجــزء الغـ ب ي ّ‬
‫ن‬
‫لجنــة المع ّلمـ يـ� ّ ّ‬
‫السيّــة‪.‬‬ ‫ائيليــة‬
‫الرس ّ‬ ‫انــرت الحكومــات إ‬ ‫المتبقّيــة منها‪ ‬عــام ‪ ،1967‬وقــد ب‬
‫ت‬
‫المقدســة العريقــة حـ ّـى أيّامنــا‬‫المتعاقبــة لتهويــد هــذه المدينــة ّ‬
‫والخاصــة؛ هــذه المــدارس تابعــة‬ ‫هليــة‬‫أ‬ ‫هــذه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أ إدارات المــدارس ال ّ‬
‫خ�يّــة أو‬ ‫جمعيــات ي‬ ‫ّ‬ ‫لف ـراد‪ ،‬أو تـ شـرف عليهــا جهــات ّ‬
‫أهليــة أو‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ــى‬‫المدرســية ا ّل ي‬
‫ّ‬ ‫الرســوم‬ ‫كنســية‪ ،‬عددهــا ‪ ،51‬وتعتمــد عــى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ــى يحــاول االحتــال‬ ‫وأمــام الممارســات ال ّتهويديّــة ا ّل ي‬
‫أهــال ال ّط ّــاب لتغطيــة‬ ‫ي‬ ‫يدفعهــا‬ ‫تتلخــص مشــكلة‬ ‫ال ّتعتيــم عليهــا‪ّ ،‬‬
‫الجابــة عــن‬ ‫ف‬
‫نفقاتهــا‪ .‬ولعبــت هــذه المــدارس‬ ‫الدراســة ي� محاولــة إ‬ ‫ّ‬
‫ف‬ ‫على‬ ‫اإلسرائيلي‬
‫ّ‬ ‫ظام‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫يسيطر‬ ‫ت‬
‫الرئيــس ال ي�‪ :‬مــا هــو‬‫آ‬
‫مهمــا ي� رفــض المنهــاج‬ ‫دورا ًّ‬ ‫ً‬
‫ف‬ ‫الســؤال ّ‬ ‫ّ‬
‫ائيــ�‪ ،‬وواصلــت‬ ‫رس‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫عليمــي‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫التعليم في القدس بنسبة ‪،%82‬‬ ‫ّ‬ ‫ـدس؟‬ ‫ـ‬ ‫الق‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫مدين‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫ـم‬‫ـ‬ ‫علي‬ ‫ت‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ـع‬‫ـ‬ ‫واق‬
‫رد�‬ ‫ال ن‬ ‫تدريــس ّمنهــاج الت ي ّعليــم أ‬
‫يّ‬ ‫ّ‬ ‫بصورة مباشرة من خالل وزارة‬
‫المعــدل‪.‬‬‫ّ‬ ‫الســؤال‬‫عــن هــذا ّ‬ ‫وتتفــرع‬
‫ّ‬
‫ال ّتربية وال ّتعليم‪ ،‬وبصورة غير‬ ‫البحثيــة‬
‫ّ‬ ‫ســئلة‬ ‫أ‬
‫ال‬ ‫مــن‬ ‫مجموعــة‬
‫مباشرة في المدارس األهل ّية‬ ‫ت‬
‫مــدارس وكالــة غــوث‬ ‫للجابــة‬ ‫الدراســة إ‬ ‫ــى ســعت ّ‬ ‫ا ّل ي‬
‫تــم تأســيس‬ ‫وليــة؛ ّ‬ ‫الد ّ‬ ‫الل ي ن‬
‫جئــ� ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنهــا‪ ،‬مثــل‪ :‬مــا هــي مــدارس‬
‫ف‬ ‫والخاصة‬
‫ّ‬
‫هــذه المــدارس ي� أعقــاب نكبــة‬ ‫القــدس القديمــة والحديثــة؟ مــا‬
‫ثمــا� مــدارس �ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫‪ .1948‬وهــي‬ ‫ـى تواجــه‬
‫ف‬ ‫هــي أبــرز المشـ فـكالت ا ّلـ ي‬
‫ساســية‬
‫ّ‬ ‫عليميــة ال‬ ‫المراحــل ال ّت ّ‬ ‫ال ّتعليــم العــام ي� المدينــة ي� ظـ ّـل‬
‫ـ�؛‬ ‫الرسائيـ ي ّ‬ ‫والعداديّــة‪ ،‬وهــي بدورهــا رفضــت تعليــم المنهــاج إ‬ ‫إ‬ ‫االحتــال؟ مــا هــي أهـ ّـم المتط ّلبــات لتطويــر ال ّتعليــم فيهــا؟ مــا‬
‫أ‬
‫محميــة تابعــة لمنظمــة المــم الم ّتحــدة‪.‬‬ ‫باعتبارهــا مــدارس‬ ‫هــو أثــر االحتــال عــى ال ّتعليــم ف ي� المدينــة؟‬
‫ّ‬

‫ـ� وفشــل المــدارس‬ ‫أ‬ ‫مرجعيــات ال ّتعليــم ف ي� مدينــة‬ ‫وقــد أظهــر البحــث تعـ ّـدد‬
‫الرسائيـ ي ّ‬
‫ـال للمنهــاج إ‬
‫ومــع مقاومــة الهـ ي‬ ‫ّ‬
‫الموحــد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬تـ ّـم اعتمــاد منهــاج جديــد‪ ،‬عــرف بالمنهــاج‬
‫ّ‬ ‫بــال�اف عليهــا‪ ،‬وهــي‬ ‫ش‬ ‫القــدس وفــق المــدارس ومــن يقــوم إ‬
‫المطبــق أج ـزاء مــن المنهــاج‬
‫ّ‬ ‫ـ�‬
‫يّ‬ ‫ـ‬ ‫ائي‬
‫رس‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫ـاج‬‫ـ‬ ‫المنه‬ ‫إىل‬ ‫ـت‬ ‫وأضيفـ‬ ‫ـال بعــد‬
‫تعليميــة‪ ،‬جــاءت كال ّتـ ي‬
‫ّ‬ ‫مرجعيــات وثالثــة مناهــج‬
‫ّ‬ ‫أربــع‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫مراجعات‬ ‫‪142‬‬

‫ـلبا عــى طلبــة ال ّثانويّــة ا ّلذيــن‬ ‫رد� ف ي� المــدارس ال ّثانويّــة‬ ‫أ ن‬


‫سـ ً‬ ‫توصي الدراسة بحماية القدس‪،‬‬ ‫ال ي ّ‬
‫ـيتقدمون المتحانــات البجــروت‬ ‫سـ ّ‬ ‫وجيهــي)‪ ،‬حيــث أ ّدى ذلــك‬
‫ّ‬ ‫(ال ّت‬
‫ائيــ�) وعــى طلبــة‬ ‫وفضح سياسات االحتالل‬ ‫الضغــوط عــى ال ّطلبــة‬
‫إىل زيــادة ّ‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫(الرس ي ّ‬‫إ‬
‫رد�‪ ،‬مــع انخفــاض‬ ‫(ال ّتوجيهـ ّـي) ال ي ّ‬ ‫وتعريتها أمام المجتمع‬ ‫عليميــة‬
‫الســاعات ال ّت ّ‬‫وزيــادة عــدد ّ‬
‫ن‬
‫المنتســب� إىل‬ ‫عــدد ال ّط ّ‬
‫ــاب‬ ‫ســبوعية مــن ‪ 28‬ســاعة إىل ‪43‬‬ ‫أ‬
‫ال‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫بالحق في‬ ‫ولي في ما يرتبط‬
‫الد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحكوميــة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المــدارس‬ ‫أســبوعية‪ .‬وقــد أثّــر ذلــك‬
‫ّ‬ ‫ســاعة‬
‫ال ّتعليم وفي اإلعالم ً‬
‫أيضا‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫‪143‬‬ ‫مراجعات‬

‫مبــا�ة ف ي�‬
‫غــر ش‬ ‫مــن خــال وزارة ت ّ‬
‫ال�بيــة وال ّتعليــم‪ ،‬وبصــورة ي‬ ‫اس ‪ 2001/2000‬تطبيــق ّأول منهــاج‬ ‫الــدر ت ي ّ‬
‫وشــهد العــام ّ‬
‫أ‬
‫والخاصــة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هليــة‬
‫المــدارس ال ّ‬ ‫فلســطي�ن ي ّ ‪ ،‬وا ّلــذي مــن المفــرض أنّــه ّ‬
‫وحــد ال ّنظــام ال ّتعليمـ ّـي‪،‬‬
‫ف‬
‫الضفّــة وغــ ّزة‪.‬‬
‫الزدواجيــة المنهــاج ي� ّ‬
‫ّ‬ ‫وا ّلــذي وضــع ًّ‬
‫حــدا‬
‫ائيــ� وتبعاتــه عــى‬ ‫ي ِّ ن‬
‫ّ‬ ‫الرس ي‬ ‫الدراســة أثــر االحتــال إ‬ ‫وتبــ� ّ‬
‫ت‬
‫فبالضافــة إىل المشــكلة المعروفــة ا ّل ي‬
‫ــى تواجــه‬ ‫ال ّتعليــم‪ ،‬إ‬ ‫ومــع ذلــك تبقــى المشــكلة المركزيّــة‪ ،‬وهــي ســيطرة ال ّنظــام‬
‫ـرب مــن المــدارس‪ .‬فقــد وصلــت‬ ‫الرسائيــ� عــى ال ّتعليــم ف ي� القــدس بنســبة ‪ ،%82‬بصــورة مبـ ش‬
‫عمومــا‪ ،‬وهــي ال ّتـ ّ‬‫ال ّتعليــم ً‬ ‫ـا�ة‬ ‫يّ‬ ‫إ‬
‫ن‬
‫المترسبـ يـ� مــن مــدارس القــدس إىل ‪%50‬‬ ‫نســبة ال ّطـ ّـاب العــرب‬
‫ــا� �ف‬ ‫فّ‬ ‫أ‬
‫المج ن‬
‫ظــل منــع ال ّت أعليــم ّ ي ّ ي‬ ‫خــرة ي� ّ‬ ‫العــر ســنوات ال ي‬ ‫ش‬ ‫ف ي�‬
‫ـال وأبنائهم من‬ ‫المدينــة‪ .‬وهــذا يزيــد مــن احتمــاالت هجــرة الهـ ي‬
‫الغربيــة‪ ،‬ولــن يتمكّ نــوا الح ًقــا مــن العــودة إىل‬
‫ّ‬ ‫الض ّفــة‬
‫المدينــة إىل ّ‬
‫القامــة خارجهــا‪.‬‬‫بحجــة إ‬‫ائيليــة‪ّ ،‬‬ ‫الرس ّ‬ ‫الســلطات إ‬
‫القــدس‪ ،‬وفــق ّ‬

‫أن أثر االحتالل انعكس عىل‪:‬‬


‫نالحظ ّ‬

‫مشــكالت تواجــه ال ّتعليــم العــام؛ انتهجــت ســلطات‬


‫ــى تقــض ي بفــرض واقــع‬ ‫ت‬
‫العديــد مــن الممارســات ا ّل ي‬ ‫االحتــال‬
‫ت‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫أ‬
‫ـى تعمــل عــى تهويــد‬ ‫ف�عــت القوانـ يـ� ا ّلـ ي‬ ‫جديــد عــى الرض‪ّ ،‬‬
‫عليميــة‬
‫ســمية وال ّتعليــم‪ ،‬كفــرض المناهــج ال ّت ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫ســات ّ‬ ‫المؤس‬
‫ّ‬
‫العــر�‪،‬‬ ‫عليــم‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫مناهــج‬ ‫ه‬‫تشــو‬ ‫ت‬
‫ــى‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫وا‬ ‫ائيــل‪،‬‬
‫رس‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫ــائدة‬ ‫الس‬
‫بيّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أّ‬
‫ســامي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال‬
‫إ‬ ‫العــر�‬
‫بيّ‬ ‫وتاريخهــا‬ ‫القــدس‬ ‫لعروبــة‬ ‫ّــر‬ ‫ك‬ ‫تتن‬ ‫هــا‬‫لنّ‬
‫العنــري‪ ،‬ومارســت‬
‫ّ‬ ‫إضافــة إىل أنّهــا أقامــت جــدار الفصــل‬
‫والغالقــات والحواجــز العســكريّة‪.‬‬ ‫المتكــررة إ‬
‫ّ‬ ‫االعتقــاالت‬
‫ن‬
‫يعــا� الجهــاز‬
‫الســماح ببنــاء مــدارس جديــدة؛ ف ي‬ ‫عــدم ّ‬
‫ف‬
‫الصفــوف‪.‬‬ ‫كبــر ي� ّ‬
‫ال� ّقيــة مــن نقــص ي‬ ‫ش‬
‫عليمــي ي� القــدس ّ‬ ‫ال ّت‬
‫ّ‬
‫اللزامـ ّـي وتطبيق‬ ‫ز‬ ‫ت‬
‫إضافــة لقصــور البلديّــة عــن االلــ�ام بال ّتعليــم إ‬
‫هــذا القانــون‪ ،‬وا ّلــذي ينــص عــى تســجيل أ‬
‫البنــاء والبنــات �ف‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫انيــا‪.‬‬
‫ّ ًّ‬‫مج‬ ‫تعليمهــم‬ ‫ويكــون‬ ‫ــا‬ ‫عام‬
‫ً‬ ‫المــدارس مــن عمــر ‪،15-5‬‬

‫إن‬
‫والمختــرات؛ ّ‬
‫ب‬ ‫عليميــة كالمالعــب‬
‫شــح المرافــق ال ّت ّ‬ ‫ّ‬
‫ف‬
‫نســبة المختـ بـرات بال ّنســبة لعــدد المــدارس وصلــت ي� أقصاهــا‬
‫ف‬
‫تــرف عليهــا مديريّــة ت ّ‬
‫ال�بيــة‬ ‫ــى ش‬ ‫ت‬
‫إىل ‪ %52.6‬ي� المــدارس ا ّل ف ي‬
‫وال ّتعليــم‪ .‬وال ّنقــص الحــا ّد ي� مراكــز ال ّتعليــم المه ـن ي ّ ملحــوظ؛‬
‫ـطينية‬ ‫ن‬
‫الســلطة الفلسـ ّ‬ ‫هنالــك ثمانيــة مراكــز تعليــم مهـ ي ّ ‪ ،‬تديــر ّ‬
‫ـاص عــى ســائر المراكــز‪.‬‬ ‫ـ� فقــط منهــا‪ ،‬ويـ شـرف القطــاع الخـ ّ‬ ‫اثنـ ي ن‬
‫الخاصــة‬
‫ّ‬ ‫المختصــة والمالعــب والمنشــآت‬ ‫ّ‬ ‫وانعــدام المختـ بـرات‬
‫بالطـ ّـاب مــع إعاقــة‪ ،‬ك ّلهــا تــؤدي إىل عرقلــة ال ّنمــو ال ّتعليمـ ّـي‪.‬‬

‫تســي� القطــار؛ تعمــل ســلطات االحتــال عــى‬ ‫ي‬ ‫مشــكلة‬


‫ش‬ ‫ض‬ ‫ت‬
‫ال� ّقيــة‬ ‫إيجابيــات القطــار ا ّلــذي اخــرق أر أ ي‬
‫ا� القــدس ّ‬ ‫ّ‬ ‫تســويق‬
‫هــال مــن تبعــات‬
‫يشــتك ال ي‬‫ي‬ ‫الخاصــة‪ .‬بالمقابــل‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� المــدارس‬
‫طمســا‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫يســبب ً‬
‫تســي� القطــار‪ ،‬لنّــه بالســاس مــن شــأنه أن ّ‬ ‫ي‬
‫يشــدد الخنــاق عــى الحركــة‬
‫لمعالــم البلــدة القديمــة‪ ،‬وهــو ّ‬
‫الس يــر‪.‬‬
‫ال ّتجاريّــة‪ ،‬ويعرقــل حركــة ّ‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫مراجعات‬ ‫‪144‬‬

‫تتناســب مــع المــا ّدة المقـ ّـررة ف ي� المنهــاج المحـ ّـدث‪.‬‬ ‫الدراســة عــد ًدا مــن ال ّتوصيــات بغيــة‬
‫وقــد ذكــرت ّ‬
‫ف‬
‫تنميــة وتطويــر ال ّتعليــم ي� القــدس‪ ،‬منهــا‪:‬‬
‫ •تدريــب المع ّلمـ ي ن‬
‫ـ� والمع ّلمــات عــى تطويــر أدواتهــم‬
‫و� التخطيــط الســنوي لعملهــم‪ ،‬و�ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬
‫ي� ال ّتدريــس ي ّ‬ ‫والســلطة‬ ‫الضغــط عــى من ّظمــة ال ّتحريــر الفلسـ ّ‬
‫ـطينية ّ‬ ‫ • ّ‬
‫و� وســائل ال ّتقويــم وال ّتقييــم‬
‫تحضـ يـر االمتحانــات ي‬ ‫ـامية بهــدف‬
‫والسـ ف ّ‬
‫العربيــة إ‬
‫ّ‬ ‫والصناديــق‬
‫ـطينية ّ‬
‫الفلسـ ّ‬
‫وآليــات تحليلــه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ـاص لدعــم ال ّتعليــم ي� القــدس‪.‬‬
‫إنشــاء صنــدوق خـ ّ‬
‫الــازم للمتع ّل ي ن‬
‫مــ�‬ ‫والدعــم ّ‬ ‫ •تقديــم الحوافــز ّ‬ ‫ •�ض ورة وجــود لجنــة لرعايــة ال ّتعليــم‪ّ ،‬‬
‫مهمتهــا وضــع‬
‫والمتدربـ ن ف‬
‫ـوي‪ ،‬والعمــل عــى‬ ‫ـ� ي� إطــار ال ّتعليــم ال ّثانـ ّ‬
‫أ‬
‫ّ ي‬ ‫خ ّطــة ّ‬
‫عمليــة تنمويّــة شــاملة لل ّنهــوض بنو ّعيــة‬
‫جهــ�ات والبنيــة المناســبة‬ ‫ز‬ ‫تطويــر المشــاغل وال ّت ي‬ ‫ال ّتعليــم ومســتواه‪.‬‬
‫ف‬ ‫ن‬
‫انــوي‬
‫مــ� ي� ال ّتعليــم ال ّث ّ‬ ‫والخاصــة لتدريــب المتع ّل ي‬ ‫ّ‬
‫وأكاديميــا‪.‬‬ ‫ــا‬ ‫مهني‬ ‫المخرجــات‬ ‫جــودة‬ ‫لضمــان‬ ‫ن‬ ‫ •�ض ورة تخصيــص ي ز‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫الفــ ّ ي ّ‬ ‫ـطينية‬
‫الســلطة الفلسـ ّ‬
‫انيــة مــن ّ‬
‫م� ّ‬
‫ف‬
‫لقطاعــات ال ّتعليــم ي� القــدس‪.‬‬
‫ومن التوصيات المرتبطة بلجان أولياء أ‬
‫المور‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الســلطة‬
‫ـى أجنــدة ّ‬‫ •وضــع بنــد «الحـ ّـق ف ي� ال ّتعليــم» عـ‬
‫ •العمــل عــى تشــكيل لجــان أوليــاء أمــور ف ي� كافّــة‬ ‫أ‬
‫ـطينية ومن ّظمــات المجتمــع ال ي ّ‬
‫هل‪.‬‬ ‫الفلسـ ّ‬
‫يتــم‬
‫وتنوعهــا‪ّ ،‬‬ ‫مــدارس القــدس عــى اختالفهــا ّ‬
‫ومهنيــة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بموضوعيــة‬
‫ّ‬ ‫انتخابهــا‬ ‫عبــر عــن االحتياجــات‬
‫إعالمــي لل ّت ي‬
‫ّ‬ ‫ •تطويــر خطــاب‬
‫الفلســطينية‬
‫ّ‬ ‫الســلطة‬
‫والضغــط عــى ّ‬ ‫عليميــة‪ّ ،‬‬
‫ال ّت ّ‬
‫الســنويّة ل ّلجــان يك تقــوم بعملهــا‬
‫انيــات ّ‬ ‫ •توفـ يـر ي ز‬
‫الم� ّ‬ ‫بغيــة تحقيــق هــذه االحتياجــات‪.‬‬
‫عــى أكمــل وجــه‪.‬‬
‫ •العمــل عــى حمايــة القــدس‪ ،‬وفضــح سياســات‬
‫ •العمــل عــى إلــزام إدارات المــدارس عــى ال ّتعــاون‬ ‫ول ف ي� مــا‬
‫الــد ي ّ‬
‫االحتــال وتعريتهــا أمــام المجتمــع ّ‬
‫الدعــم والمســاندة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫مــع لجــان أوليــاء المــور وتقديــم ّ‬ ‫أيضــا‪.‬‬‫العــام ً‬‫و� إ‬
‫بالحــق ي� ال ّتعليــم ي‬
‫ّ‬ ‫يرتبــط‬
‫لهــا‪.‬‬
‫الصاعــات‬
‫عليميــة عــن ّ‬
‫المؤسســات ال ّت ّ‬
‫ّ‬ ‫ •إبعــاد‬
‫ •العمــل عــى توســيع الحقــوق الممنوحــة للجــان‬ ‫اخليــة‪.‬‬
‫والد ّ‬
‫ّ‬ ‫ياســية‬
‫الس ّ‬ ‫ّ‬
‫ف‬ ‫أوليــاء أ‬
‫بــوي‪.‬‬
‫ال� ّ‬ ‫وخاصــة ي� المجــال ت ّ‬
‫ّ‬ ‫المــور‪،‬‬
‫والحكوميــة‬
‫ّ‬ ‫الخاصــة‬
‫ّ‬ ‫ •تحقيــق ال ّتكامــل بـ ي ن‬
‫ـ� المــدارس‬
‫يجــا� ا ّلــذي‬ ‫أ‬ ‫�ض‬
‫ال ب ي ّ‬
‫بالــدور إ‬
‫هــال ّ‬‫ • ورة تعزيــز وعــي ال ي‬ ‫وتلــك ال ّتابعــة لوكالــة الغــوث‪.‬‬
‫تقــوم بــه لجــان أوليــاء أمــور ال ّطـ ّـاب‪.‬‬
‫خصصــات ف ي� المــدارس يك‬ ‫خاصــة مــن ال ّت ّ‬
‫ •ابتــكار رزمــة ّ‬
‫ـى احتياجــات المجتمــع المحـ ّ ي ّ‬
‫ـى‪.‬‬ ‫تلـ ب ّ ي‬

‫عليميــة‪ ،‬بمــا فيهــا الغــرف‬ ‫ن‬ ‫ن‬


‫ـا� ال ّت ّ‬
‫ •تحسـ يـ� ظــروف المبـ ي‬
‫والمكتبــات والمختـ بـرات‪.‬‬
‫ن‬ ‫ىن‬ ‫ت‬
‫ومــن ال ّتوصيــات ا ّل ي‬
‫ــ� تعــ بالطّاقــم المهــ ي ّ‬
‫وا لمتع ّلــم ‪:‬‬

‫ـ� ال ّظــروف المعنويّــة واالقتصاديّــة للمع ّلمـ ي ن‬


‫ـ�‬ ‫ •تحسـ ي ن‬
‫ف‬ ‫والعاملـ ي ن‬
‫ـ� ي� قطــاع ال ّتعليــم‪.‬‬

‫وتعليميــة‬
‫ّ‬ ‫ •العمــل عــى توفـ يـر بيئــة مدرسـ ّـية تع ّل ّ‬
‫ميــة‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫‪145‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫إصدارات‬ ‫‪146‬‬

‫أنطولوجيا الذات؛‬
‫العر�‬ ‫ف‬
‫بيان من أجل والدة الذات ي� الوطن ب ي‬
‫إصدارات‬
‫إصدارات‬
‫إصدارات‬
‫إصدارات‬
‫إصدارات‬
‫إصدارات‬
‫عــن مؤسســة «مؤمنــون بــا حــدود للدراســات‬
‫ـر�» كتــاب‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫ـا� العـ ب ي‬
‫والبحــاث» ضمــن منشــورات «المركــز الثقـ ي‬
‫بعنــوان «أنطولوجيــا الــذات بيــان مــن أجــل والدة الــذات‬
‫�ن‬ ‫ف‬
‫ـر�»‪ ،‬للكاتــب والباحــث والمفكــر الفلســطي ي‬‫ي� الوطــن العـ ب ي‬
‫أحمــد برقــاوي‪ ،‬يبســط فيــه مجموعــة مــن التســاؤالت حــول‬ ‫إصدارات مؤسسة «مؤمنون بال حدود‬
‫العــودة المتأخــرة لفهــم الــذات‪ ،‬بعدمــا أعلــن عــن موتهــا‬ ‫للدراسات واألبحاث»‬
‫منــذ زمــن‪.‬‬

‫الن‪،‬‬‫ويبــدأ الكاتــب ف� تقديــم كتابــه بالســؤال «لمــاذا الــذات آ‬


‫ي‬ ‫أ‬
‫ورو�‪ ،‬بــكل مــا يملــك مــن شــعور بالتفــوق‪ ،‬كان قــد أعلــن‬
‫وال ب ي‬
‫ـا� مــوت الــذات؟»‬ ‫ض‬
‫منــذ منتصــف القــرن المـ ي‬
‫يســرون وراء طغــاة‬‫«لســت ممــن ي‬‫ُ‬ ‫ويوضــح‬
‫الفلســفة وتالمذتهــم‪ ،‬لســت مهمومــاً ّ‬
‫بهــم‬
‫زائــف‪ ،‬مثــل العــودة إىل الســلف أو اســتعادته ألســأله أجوبــة‬
‫عــن مشــكالت وجــودي‪ .‬ولســت ت‬
‫مك�ث ـاً بإيجــاد التشــابه‪ ،‬وال‬
‫بإزالــة االختــاف»‪.‬‬

‫قبــل أن يســتطرد بالســؤال مــرة أخــرى‪« :‬لمــاذا العــودة‬


‫إىل الــذات؟»‪ ،‬ويجيــب بالقــول‪« :‬العــودة إىل الــذات مواجهــة‬
‫ف‬
‫المرص�‬ ‫ـمال‪ ،‬مع العقــل‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫أ‬ ‫مص�يــة مــع العقــل التقـ ي – الرأسـ ي‬ ‫ي‬
‫النســان ابنــاً لــ�م – الطبيعــة‪.‬‬ ‫– العولمــي الــذي ال يــرى إ‬
‫العــودة إىل الــذات ليســت عــودة رومانســية إىل الطبيعــة‪ ،‬بــل‬
‫الجرامــي‬‫عــودة إىل الطبيعــة مــن أجــل حمايتهــا مــن التدمـ يـر إ‬
‫أســمال والســلطة المدافعــة عنــه»‪ ،‬كمــا‬ ‫ي‬ ‫الــذي يمارســه الر‬
‫يعتـ بـر الكاتــب ف ي� كتابــه أن الوقــت حــان لالنتقــال «مــن حافــة‬
‫أول‬‫وعــي ي‬
‫متكئــ� عــى ٍ‬
‫ين‬ ‫الفلســفة إىل الدخــول ف ي� أتونهــا‪،‬‬
‫بالفلســفة‪ .‬ال ليســت مهمــة الفلســفة إضــاءة الكهــف وإبقــاء‬
‫النــاس فيــه‪ ،‬بــل إخــراج النــاس مــن الكهــف إىل الكينونــة‬
‫الحــرة‪ ،‬غـ يـر أن مهمــة كهــذه تتطلــب أوال ً وقبــل كل وعــي وعيـاً‬
‫بالكهــوف نفســها وبحــال السـ ي ن‬
‫ـاكن� فيهــا»‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫‪147‬‬ ‫إصدارات‬

‫ـر� المنفجــر عــى إيقــاع المــد الثــوري‪،‬‬ ‫ـياس العـ ب ي‬


‫بالراهــن السـ ي‬ ‫ويوضــح برقــاوي ف ي� مؤلفــه غايتــه مــن الكتــاب بالقــول‬
‫ـى أعيــد‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫وتحــاول مقاربــة بعــض أســئلته الشــائكة»‪ ،‬ويوضــح الكاتــب‬
‫أنــه‪ ،‬وإذا كانــت «مرحلــة اليقظــة العربيــة أ‬ ‫ـى أســعى وراءهــا هــي الــذات الـ ي‬ ‫إن «الــذات هــذه الـ ي‬
‫الوىل‪ ،‬مــع عــر‬ ‫لهــا صوتهــا بعــد أن أصمتوهــا‪ ،‬أزيــل خفــر الظهــور عــن‬
‫النهضــة‪ ،‬قــد ســاهمت‪ ،‬بشــكل حاســم‪ ،‬ف ي� اســتعادة إشــكاليات‬ ‫حجروهــا‪،‬‬‫حجبوهــا‪ ،‬أعيــد لهــا قلبهــا بعــد أن ّ‬‫وجههــا بعــد أن ّ‬
‫فكريــة‪ ،‬أخفتهــا مرحلــة االنحطــاط تحــت رداء‪ ،‬غالبــاً مــا كان‬ ‫ش‬
‫أكشــف عــن جمالهــا بعــد أن قبحوهــا‪ ،‬أنــر تنوعهــا بعــد أن‬
‫ـا� ف ي� مســتوى‬ ‫المــر الــذي أثــر بشــكل مبـ ش‬ ‫يتخــذ لبوس ـاً ديني ـاً‪ ،‬أ‬ ‫قتلوهــا‪ ،‬أعيــد لعقلهــا حــق التفكـ يـر بعــد أن ش ـ ّلوها‪ ،‬أعيــد‬
‫التفكـ يـر والممارســة‪ ،‬إال أن المرحلــة المعــارصة ال تختلــف كثـ يـراً‬ ‫جناحيهــا إليهــا بعــد أن سـ ّـمروها‪ ،‬ثــم أضــع بيدهــا المرفوعــة‬
‫عــن ســابقتها‪ ،‬ســواء عــى مســتوى التجســيد أو عــى مســتوى‬ ‫الشــعلة بعــد أن رمدوهــا»‪.‬‬
‫ـ� هــو طبيعــة إالشــكاليات‬ ‫النتائــج‪ .‬لكــن المشـ تـرك بـ ي ن‬
‫ـ� المرحلتـ ي ن‬
‫المطروحــة؛ فعــى الرغــم مــن مــرور أكــرث مــن قــرن عــى‬ ‫والمؤلــف أحمــد برقــاوي باحــث ومفكــر فلســطي�ن ي ‪،‬‬
‫أ‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ـكال‬
‫صيغتهــا الوىل‪ ،‬فإنهــا مــا زالــت تحافــظ عــى طابعهــا إالشـ ي‬ ‫فيشــتغل رئيس ـاً لمركــز البحــاث االســراتيجية للعالــم العـ ب ي‬
‫ـر�‬
‫نفســه‪ .‬ولعـ ّـل هــذا مــا يؤكــد‪ ،‬مــرة أخــرى‪ ،‬أن التحديــث الــذي‬ ‫ي� باريــس‪ ،‬وكان قــد شــغل ســابقا منصــب رئيــس قســم‬
‫مــورس عــى امتــداد مــا يزيــد عــن قــرن مــن الزمــن‪ ،‬لــم يتجــاوز‬ ‫الداب‪ ،‬بجامعــة دمشــق‪ ،‬ومنصــب نائــب‬ ‫الفلســفة ف� كليــة آ‬
‫ســطح الخطــاب‪ ،‬بينمــا ظلــت آ‬ ‫ي‬
‫الليــات المتحكمــة ف ي� صياغــة‬ ‫العــر�‪ .‬العديــد مــن المؤلفــات‪،‬‬
‫بي‬ ‫الفلســفي‬ ‫االتحــاد‬ ‫رئيــس‬
‫الخطــاب‪ -‬الممارســة عــى حالهــا‪ ،‬تشــكل امتــداداً لمنظومــة‬ ‫ف‬
‫منهــا‪« :‬محاولــة ي� ق ـراءة عــر النهضــة» (‪ ،)1987‬و»العــرب‬
‫القيــم تال�اثيــة القديمــة»‪.‬‬ ‫اليديولوجيــا والتاريــخ» (‪ ،)1995‬و»كوميديــا الوجــود‬ ‫بــ� أ‬
‫ين‬
‫نســا�» (‪.)2007‬‬‫ال ن‬ ‫إ‬
‫ي‬
‫المغــر� إدريــس جنــداري حاصــل عــى‬ ‫بي‬ ‫والباحــث‬
‫أ‬
‫الدكتــوراه ف ي� سوســيولوجيا الدب مــن جامعــة محمــد الخامــس‬
‫الكاديميــة ف ي� مجــات‬‫بالربــاط‪ ،‬شــارك بمجموعــة مــن الدراســات أ‬ ‫العر�‬
‫من أجل مقاربة فكرية إلشكاليات الربيع ب ي‬
‫أكاديميــة محكمــة‪ .‬دأب عــى كتابــة مقــاالت رأي ف ي� عــدد مــن‬
‫الجرائــد الدوليــة والوطنيــة‪ ،‬وهــو باحــث مســاهم ف ي� المركــز‬
‫للبحــاث ودراســة السياســات‪ ،‬أصــدر ف ي� الســابق كتابــا‬‫العــر� أ‬
‫بي‬
‫بعنــوان‪« :‬المســألة السياســية ف ي� المغــرب‪ ...‬مــن ســؤال إالصــاح‬

‫والبحــاث»‬ ‫مؤسســة «مؤمنــون بــا حــدود للدراســات أ‬


‫ـى تهــم واقــع‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ي� إطــار مســاهماتها ي� الدراســات والبحــاث الـ ي‬
‫يمكــن للقــارئ أن يتعــرف عــى تفاصيــل ف‬ ‫العــر� بــكل مــا يمــر منــه مــن مخاضــات ورصاعــات‬ ‫بي‬ ‫الوطــن‬
‫أو�‬
‫وغ�هــا‪ ،‬كتــاب «مــن أجــل مقاربــة فكريــة‬ ‫سياســية ومجتمعيــة ي‬
‫وغ�هــا مــن إصــدارات‬ ‫الصــدارات ي‬ ‫عــن كل هــذه إ‬ ‫ـر� إدريــس‬ ‫ـر�» للكاتــب والباحــث المغـ ب ي‬ ‫إلشــكاليات الربيــع العـ ب ي‬
‫بالضافــة إىل التعــرف عــى مراكــز‬ ‫المؤسســة‪ ،‬إ‬ ‫ت‬
‫ت‬ ‫الــى تصدرهــا مــع‬ ‫ات المؤسســة ي‬ ‫جنــداري‪ ،‬ضمــن منشــور‬
‫الــى تبيــع جميــع إصــدارات‬ ‫البيــع والمكتبــات ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫العــر�»‪ ،‬ي� محاولــة لتســليط الضــوء عــى‬ ‫بي‬ ‫الثقــا�‬
‫ي‬ ‫«المركــز‬
‫ـر� عـ بـر الولــوج‬
‫المؤسســة عـ بـر ربــوع الوطــن العـ ب ي‬ ‫ش‬
‫ـر�»‪ ،‬والــذي‬ ‫�ء مــن تجاذبــات مــا بــات يعــرف بـــ «الربيــع العـ ب ي‬ ‫ي‬
‫لموقــع مؤسســة «مؤمنــون بــا حــدود للدراســات‬
‫أ‬ ‫شــهدت تداعياتــه ومازالــت العديــد مــن الــدول العربيــة‪.‬‬
‫والبحــاث» الخــاص بالكتــب عــى الرابــط الرســمي‬
‫ـال‪:‬‬
‫التـ ي‬ ‫ويقــدم الكاتــب جنــداري كتابــه المذكــور‪ ،‬عــى‬
‫‪book.mominoun.com‬‬ ‫أنــه ينشــغل «بمقاربــة إشــكاليات فكريــة‪ ،‬ذات‬
‫طابــع نظــري‪ ،‬فهــي تنشــغل‪ ،‬ف� آ‬
‫الن ذاتــه‪،‬‬ ‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫إصدارات‬ ‫‪148‬‬

‫و»العهــد الجديــد» والقــرآن‪ ،‬بأشــكال لغويــة ودالليــة متنوعــة‬ ‫الدم ف ي� النصوص المقدسة‬
‫ت‬
‫الــى وردت‬ ‫أ‬
‫ومتباعــدة فيمــا بينهــا بحســب النســاق المعرفيــة ي‬
‫فيهــا»‪.‬‬

‫العيــاري‪ ،‬حاصــل‬ ‫أ‬


‫التونــ� الســعد ف ّ‬
‫ي‬ ‫والعالمــي‬
‫والباحــث إ‬
‫ف‬
‫ـت� ي� الدراســات المقارنــة ي� الحضــارة وعلــم‬
‫عــى شــهادة الماجسـ ي‬
‫ف‬ ‫آ‬
‫الديــان‪ .‬طالــب دكتــوراه بمدرســة الفــاق الجديــدة ي� اللغــات‬ ‫أ‬
‫الداب والعلــوم إالنســانية‬‫والداب والفنــون واللســانيات بكليــة آ‬ ‫آ‬
‫بالقـ يـروان بتونــس‪.‬‬

‫أصول الدين من خالل مجموعة ش�وح الفقه ي‬


‫الكب�‬
‫كتــاب «الــدم ف ي� النصــوص المقدســة»‪ ،‬لكاتبــه الباحــث‬
‫العيــاري‪ ،‬الــذي صــدر عن مؤسســة‬ ‫الســعد‬‫والعالمــي التونــ� أ‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫إ‬
‫أ‬
‫«مؤمنــون بــا حــدود للدراســات والبحــاث»‪ ،‬ضمــن‬
‫ـر�»‪ ،‬أحــد إالصــدارات‬ ‫ف‬
‫ـا� العـ ب ي‬
‫منشــورات «المركــز الثقـ ي‬
‫ـى تعالــج مفهــوم القتــل والمــوت والحــق‬ ‫ت‬
‫المهمــة الـ ي‬
‫ف ي� الحيــاة‪ ،‬وكــذا ســفك الــدم عــى أســاس القربــان المقــدس‪،‬‬
‫عنــد أتبــاع الديانــات الســماوية الثــاث مــن يهوديــة ومســيحية‬
‫وإســام‪.‬‬
‫«حــ� جــاءت أ‬
‫الديــان‬ ‫ويوضــح الكاتــب ف� مؤلفــه بأنــه ي ن‬
‫ي‬
‫والســام) إىل حيــاة‬ ‫الســماوية تباعــاً (اليهوديــة والمســيحية إ‬
‫كتــاب «أصــول الديــن مــن خــال مجموعــة ش�وح الفقــه‬ ‫إالنســان‪ ،‬واســتقرت عقيــدة إيمانيــة جلبــت معهــا أنماط ـاً مــن‬
‫الكبــر»‪ ،‬الصــادر عــن مؤسســة «مؤمنــون بــا حــدود‬ ‫ي‬ ‫ـى أســهمت ف ي� اســتبدال ممارســات إالنســان الدمويــة‬ ‫ت‬
‫الوســائط الـ ي‬
‫والبحــاث»‪ ،‬ضمــن منشــورات «المركــز الثقــا�ف‬ ‫للدراســات أ‬ ‫بمحــاكاة أفعــال أخــرى‪ ،‬تضمــن فكــرة الخــاص مــن المــوت‪،‬‬
‫ي‬ ‫العــر�»‪ ،‬لمؤلفــه أ‬
‫الســعد النجــار‪ ،‬الضــوء عــى مرحلــة مهمــة‬ ‫ب‬ ‫وتمنــح إالنســان ف ي� ظــل إيمانــه حقــه ف ي� الوجــود‪ ،‬فــكان الــدم‬
‫مــن يتاريــخ الفقــه الســامي‪ ،‬متجليــة ف� عقيــدة المــام أ‬
‫الكـ بـر‬ ‫التكفــر عــن الذنــب أوضــح‬ ‫مــن جهــة الفديــة أو مــن جهــة‬
‫إ‬ ‫ي‬ ‫إ‬ ‫ي‬
‫بأ� حنيفــة النعمــان‪ ،‬ت‬
‫والــى شــابتها الضبابيــة بســبب نــدرة‬ ‫الشــواهد داللــة عــى العطــاء الــذي ال يمكــن لمؤمــن مهمــا كان‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫التوثيــق حســب توصيــف الكاتــب‪.‬‬ ‫ـأ� إىل حـ ضـرة القداســة دون أن يكــون قــد‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ـا� أن يـ ي‬
‫انتســابه إاليمـ ي‬
‫ســفك‪ ،‬إمــا دمـاً شب�يـاً أو دمـاً حيوانيـاً‪ ،‬لينــال «الـ بـر والتقــوى»‬
‫ويوضــح الكاتــب ف ي� مضمــون كتابــه مســألة دراســته للموضــوع‬ ‫والخــاص»‪.‬‬
‫تلــق مــا تســتحق مــن‬
‫بقولــه‪ ،‬إن «عقيــدة ب يأ� حنيفــة لــم َ‬
‫اهتمــام‪ ،‬ألنهــا تنتمــي إىل مرحلــة بدايــات‬ ‫ويطــرح هــذا الكتــاب «موضــوع الــدم باالعتمــاد عــى‬
‫علــم الــكالم‪ ،‬وهــي فـ تـرة تاريخيــة اتســمت‬ ‫النصــوص الدينيــة المقدســة‪ ،‬وهــو مــا يســتوجب النظــر إىل‬
‫كب� مــن الضبابية‬
‫آراء ومواقــف روادهــا بقــدر ي‬ ‫هــذه النصــوص الثالثــة‪ ،‬باعتبارهــا مصــادر متباعــدة زمنيــاً‬
‫بســبب نــدرة التوثيــق‪ ،‬فتــم إعــادة صياغــة‬ ‫ف ي� أصــل النشــأة‪ ،‬ولكنهــا تنحــدر مــن ش‬
‫المــرب إاللهــي نفســه‬
‫والســياس‬
‫ي‬ ‫مضامينهــا وفــق مقتضيــات الواقــع االجتماعــي‬ ‫وتتطلــب مراعــاة الفواصــل التاريخيــة الفاصلــة فيمــا بينهــا‬
‫الــذي ســاد مــع بدايــة عــر التدويــن‪ ،‬لذلــك جــاءت الصــورة‬ ‫ـاض عــن خصوصيــة كل‬ ‫ف‬
‫ـا� والحضــاري‪ ،‬دونمــا تغـ ٍ‬
‫بثقلهــا الثقـ ي‬
‫كمــا رســمتها أقــام القدامــى مــن أصحــاب المص َّنفــات‬ ‫نــص ديــن ي يدعــي النضــج واالكتمــال»‪.‬‬
‫ب�ويقهــا‬‫اعتــى البعــض ت ز‬
‫ن‬ ‫التاريخيــة متضاربــة المعالــم‪،‬‬
‫وســعى البعــض آ‬
‫الخــر إىل تشــويهها‪.‬‬ ‫وهــذا كلــه‪ ،‬فــإن الكاتــب يــرى بــأن «مفهــوم الــدم قــد‬
‫تكثــف بمــا يحملــه مــن إحــاالت شـ تـى ورمــوز مختلفــة مــن خــال‬
‫حضــوره ف ي� النصــوص الدينيــة الثالثــة‪« ،‬العهــد القديــم»‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫كتب‬
‫‪149‬‬ ‫إصدارات‬

‫كــر الــذي‬ ‫أ‬


‫انســحبت هــذه الصــورة عــى كتــاب الفقــه ال ب‬
‫المشــكك� ف ي� صحــة‬
‫ين‬ ‫يحتــوي عــى مــا بــه تت�جــح شــكوك‬
‫نســبته إىل ب يأ� حنيفــة»‪.‬‬

‫الشــكالية‬ ‫أ‬ ‫ويــرى الكاتــب التونـ ف‬


‫ـ� ي� مؤلفــه أن «هــذه البعــاد إ‬
‫الهمــال الــذي ظلــت‬ ‫ي أ‬
‫كــر‪ ،‬وهــذا إ‬ ‫المتعلقــة بـــ الفقــه ال ب‬
‫ش�وحــه بمقتضــاه مجهولــة أو تــكاد‪ ،‬كانــت أســباباً أوليــة‬
‫ســاهمت ف ي� اختيارنــا أصــول الديــن مــن خــال مجموعــة‬
‫الكـ بـر موضوعـاً للبحــث والدراســة‪ .‬ولقــد د ّعــم‬‫ش�وح الفقــه أ‬
‫هــذا االختيــار يقيننــا بمــا لعلــم الــكالم مــن أهميــة تتصــل‬
‫الجابــة‬ ‫ت‬
‫الــى تح ِّلــق فيهــا مســائله؛ أي محاولــة إ‬
‫بالمــدارات ي‬
‫أ‬
‫والنســان‬‫ـى تتعلــق بــاهلل إ‬‫ت‬
‫عــن الســئلة الوجوديــة الكـ بـرى الـ ي‬
‫والعالقــات القائمــة بينهمــا»‪.‬‬

‫ـ� متخصــص ف ي�‬ ‫أ‬


‫والكاتــب الســعد النجــار‪ ،‬هــو باحفــث تونـ ف ي‬
‫الســامية‪ ،‬ولــد ي� تونــس ي� ‪ 04‬يناير(كانــون‬‫الحضــارة العربيــة إ‬
‫آ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الثــا�) ‪ ،1973‬حاصــل عــى الســتاذية ي� اللغــة والداب‬ ‫ن‬
‫العربيــة عــام ‪ ،1995‬ونــال شــهادة الدراســات المعمقــة �ف‬ ‫ي‬
‫ي‬
‫الســامية القديمــة عــام ‪ ،1998‬وهــو‬ ‫الحضــارة العربيــة إ‬
‫أســتاذ أول ف ي� المعاهــد الثانويــة التونســية أيضــا‪.‬‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫لغة األرقام‬
‫‪150‬‬

‫نهب وخراب بعد سقوط‬


‫صنعاء في يد الحوثيين‬
‫العامة للقوات المسلحة‪،‬‬ ‫كشف تقرير أصدره‬
‫ووزارة الدفاع‪ ،‬وهيئة أ‬
‫الركان‬ ‫«مركز صنعاء ل إلعالم‬
‫العامة‪ ،‬وقيادة قوات الدفاع‬ ‫الحقو�» باليمن‪ ،‬مؤخرا‬‫ق‬
‫ي‬
‫الجوي‪ ،‬ومعسكرات أخرى‪،‬‬ ‫خط�ة‬‫النقاب عن أرقام ي‬
‫قد تم اقتحامها بشكل‬ ‫تهم عمليات نهب واقتحام‬
‫كامل‪.‬‬ ‫واسعة ارتكبتها جماعة‬
‫ين‬
‫الحوثي� أو ما يعرف‬
‫وكانت المؤسسات‬ ‫بتنظيم «جماعة أنصار‬
‫المدنية بدورها هدفا آخر‬ ‫هللا» ف ي� العاصمة صنعاء‪،‬‬
‫ين‬
‫للحوثي�‪ ،‬حيث ُسجل‬ ‫ب� يدي‬‫أثناء سقوطها ي ن‬
‫اقتحام ونهب ‪ 13‬مؤسسة‬ ‫الجماعة‪ ،‬حيث تعرضت‬
‫حكومية مدنية‪ ،‬أهمها‬ ‫وغ�‬
‫عدة مؤسسات حكومية ي‬
‫مجلس رئاسة الوزراء‪،‬‬ ‫حكومية لعمليات تخريبية‪،‬‬
‫ومجلس النواب والشورى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بما ف ي� ذلك مؤسسات مدنية‬
‫والبنك المركزي‪ ،‬ومطار‬ ‫وعسكرية ومنظمات مجتمع‬
‫الدول‪ .‬وأما‬ ‫صنعاء‬ ‫مد� ومؤسسات إعالمية‪،‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫العالمية‪،‬‬ ‫المؤسسات إ‬ ‫بالضافة إىل مساجد ومنازل‬ ‫إ‬
‫فقد تم اقتحام ‪ 8‬منها‪،‬‬ ‫سكنية ومؤسسات طبية‬
‫أولها القناة الرسمية اليمنية‪،‬‬ ‫وتعليمية ومقار حزبية‪.‬‬
‫و«اليمان»‬
‫وقنا� «سبأ»‪ ،‬إ‬ ‫ت‬
‫ي‬
‫ين‬
‫التابعت� للدولة‪ ،‬و«وكالة‬ ‫وجاء التقرير الذي‬
‫للنباء»‪ ،‬وكذلك قناة‬ ‫سبأ أ‬ ‫تحض�ه –كما ذكر‬ ‫اعتمد ف ي�‬
‫ي‬
‫«سهيل» التابعة لحزب‬ ‫ق‬
‫حقو�‬ ‫معدوه‪ -‬عىل فريق‬
‫ي‬
‫للصالح‪،‬‬ ‫التجمع اليم�ن ي إ‬ ‫وإعالمي محايد‪ ،‬زار مناطق‬
‫والذاعات‬‫وبعض الصحف إ‬ ‫المواجهات ورصد جملة‬
‫الرسمية‪.‬‬ ‫من االنتهاكات والجرائم‬
‫المرتكبة ف� حق ي ن‬
‫مدني�‪،‬‬ ‫ي‬
‫وسجل التقري اقتحام‬ ‫وأقوال وشهادات مصورة من‬
‫عدد من المؤسسات ت‬
‫ال�بوية‬ ‫ت‬
‫ال�‬ ‫أ‬
‫سكان الحياء والمناطق ي‬
‫والتعليمية والثقافية الدينية‬ ‫احتدم فيها القتال شمال‬
‫أ‬
‫والندية الشبابية والمساكن‬ ‫وغرب العاصمة صنعاء‪،‬‬
‫الطالبية‪ ،‬وكذلك المساكن‬ ‫ليوضح أن ما ال يقل عن‬
‫الخاصة‪ ،‬من ضمنها اقتحام‬ ‫‪ 15‬مؤسسة حكومية‬
‫‪ 26‬مؤسسة تعليمية‪،‬‬ ‫عسكرية‪ ،‬أبرزها القيادة‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬


‫لغة األرقام‬
‫‪151‬‬

‫«البحث عن أسلحة»‪ ،‬وأنها‬ ‫اقتحام ما ال يقل عن ‪35‬‬ ‫مساكن طالبية‪ ،‬وكذلك كان‬ ‫و‪ 29‬مقرا حزبيا‪ ،‬وخمس‬
‫ي�»‪ ،‬حسب‬ ‫«التكف� ي ن‬
‫ي‬ ‫تتبع‬ ‫مسجداً‪ ،‬منها «مسجد ذو‬ ‫الشأن بالنسبة إىل منظمات‬ ‫مؤسسات طبية‪ ،‬إ‬
‫بالضافة‬
‫ف‬ ‫ن ت‬
‫ال� اقتحم‬ ‫إىل ‪ 62‬م�نزال ً سكنياً معظمها‬
‫ما جاء ي� التقرير‪.‬‬ ‫أك� مساجد‬‫النورين»‪ ،‬أحد ب‬ ‫المد� ي‬
‫ي‬ ‫المجتمع‬
‫العاصمة‪ ،‬حيث تم فرض‬ ‫منها ما ال يقل عن ‪15‬‬ ‫لقيادات سياسية وعسكرية‬
‫خ�ية‪.‬‬
‫مؤسسة وجمعية ي‬ ‫وناشط� ي ن ت‬
‫وال�‬ ‫ين‬
‫إمام وخطيب للمسجد من‬ ‫مدني� أ‪ ،‬ي‬
‫بالضافة‬ ‫ين‬
‫الحوثي�‪ ،‬إ‬ ‫جماعة‬ ‫لم تسلم هي الخرى من‬
‫إىل اقتحام عدد من مراكز‬ ‫و لم تسلم المساجد‬ ‫الدهم واالقتحام‪ ،‬حيث‬
‫تحفيظ القرآن الكريم‪،‬‬ ‫بدورها‪ ،‬من االقتحام‪،‬‬ ‫ناد� الفتح‪،‬‬
‫تم اقتحام ي ي‬
‫ونهب محتوياتها بحجة‬ ‫حيث رصدت المنظمة‪،‬‬ ‫وال�موك‪ ،‬وكذلك أربعة‬ ‫ي‬

‫العدد (‪٢٠١٥ - )٤‬‬

You might also like