Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻛﺘﺎب‬

‫ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺴﻴﺎﳼ‬

‫ﻣﺮاﺟﻌﺔ‪ :‬ﻋﺰام أﻣﻦﻴ‬

‫‪ 12‬ﺣﺰﻳﺮان‪ /‬ﻳﻮﻧﻴﻮ ‪2017‬‬


‫ّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬

‫ً‬

‫ّ‬
‫ٍ‬

‫ّ‬
‫ِ‬

‫اﻟﺪوﺣﺔ‬
‫وحدة مراجعات الكتب‬

‫مراجعة‪ :‬عزام أمين‬

‫الكتاب‪ :‬علم النفس السياس ي‬


‫تأليف‪ :‬دايفد باتريك هوتون‬

‫ترجمة‪ :‬ياسمين حداد‬

‫الناشر‪ :‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‬

‫مكان النشر‪ :‬الدوحة‪ /‬قطر‬

‫تاريخ النشر‪2015 :‬‬

‫املؤلف‪ :‬دايف د ددد ب د دداتري د ددك هوتون )‪ (David P. HOUGHTON‬بريط د ددايي وأميجني اة‪،‬نس د د د دي د دة أن د ددادي ي‬
‫بروفيس د د د ددور عمددط ني جددامعددات بريطدداسيددة وأميجكيدة عدددة واس د د د ددت ر بد اة ددا ني جددامعددة وس د د د د فلوريدددا ني‬
‫الواليات املتحدة‪ .‬مهتم بعلم النفس الس ددياس د ي وا ددنا ال رارات والس ددياس ددات الدولية ل س ددتة كتب وك يج‬
‫من امل االت املنشورات ني دوريات علمية محكمة ‪.‬‬

‫عزام أمين‪ :‬ناتب وباحث س د ددورر دكتورام ني علم النفس االجتما ي وعاج ال اني ل عدد من املؤلفات‬
‫والدراسد د د ددات املنشد د د ددورات ني اس‪،‬ات احجنرية والعربية‪ .‬أسد د د ددتاف محا د د د ددر ني جامعة ليون ال اسية ي يم ني‬
‫فريسا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫املحتويات‬
‫مقدمة ‪3 ...................................................................................................................................‬‬
‫علم النفس السياس ي‪4 ...............................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫مخطط الكتاب ‪5 .......................................................................................................................‬‬
‫ً‬
‫محددا للسلوك اإلنساني ‪5 ..................................................................‬‬ ‫الشروط املوقفية بوصفها‬
‫النزعات الفردية بوصفها ّ‬
‫محد ًدا للسلوك البشري ‪8 ......................................................................‬‬
‫الجمع بين املوقفية والنزوعية ‪10 ................................................................................................‬‬
‫الخاتمة ‪14 ................................................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬
‫ُيم ط هذا الكتاب محاولة جريئة لإلجابة عن سؤا جدلي ُيعد من أكثج احسئلة الفلسفية تع ً‬
‫يدا حو‬
‫بأسباب‬ ‫ً‬
‫مدفوعا‬ ‫سلوك الرشر وهو ني ما إفا نان سلوك الفرد ً‬
‫سابعا من خصائص النفسية الفردية ‪-‬أر‬
‫ٍ‬
‫ساتجا عن أسباب خارجية بم ط الظرف اس ي واملوقف الذر ُوجد في الفرد (قوى موقفية)‪.‬‬‫داخلية ‪-‬أم ً‬

‫وسحن إف س و إس سؤا فلسفي فهو حس كلي شامط يتعلق ب ضية إيساسية عامة واإلجابة علي‬
‫ستساعدسا ني فهم ك يج من الظواهر االجتماعية والسياسية العامة وهذم اإلجابة تخضا بطري ة أو بأخرى‬
‫ً‬
‫للتوجهات احيديولوجية اسختلفة وهو ما سنجام الح ً ا‪ .‬ويعطي املؤلف م اال على حادثة س‪،‬ن (أبو غريب)‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مبينا أن تفسيجها خضا ملصاةح سياسية معينة فال ادة العسكريون وافوا اة‪،‬نود الذين فعلوا أفعاال‬
‫مشينات بأنهم «جنود قذرون» أو «بضا تفاحات فاسدة» وهم بذلك يحملون مسؤولية الفظائا واة‪،‬رائم‬
‫لهؤالء اة‪،‬نود السبعة ويعصمون اإلدارة احميجكية من املسؤولية بينما عالم النفس االجتما ي احميجني‬
‫الشهيج فيليب زمباردو )‪ (Philp Zimbardo‬ل وجهة سظر أخرى فهو يتساء ني كتاب (تأثيج الشيطان)‬
‫ً‬
‫املنشور ني عام ‪ 2007‬ما إفا ناست فعا هذم التفاحات فاسدات أم إن الصندوق (أر اإلدارة احميجكية‬
‫واملوقف الذر و عت في جنودها) أدى إلى إفسادها؟‪.‬‬

‫ومن خا هذا امل ا يوضح الكاتب أن ثمة اتجاهين ني شرح وتفسيج السلوك اإليسايي احو سزو ي‬
‫)‪ (dispositionism‬أر إن احفكار التي يحملها احفراد ني فهنهم ومعت داتهم وشخصياتهم أو «العوامط‬
‫الداخلية» بحسب تعبيج هوتون هي التي ت ف وراء سلوكهم وهم بذلك أحرار ومسؤولون عن تصرفاتهم؛‬
‫وال ايي موقفي )‪ (situationism‬أر إ ن طبيعة املوقف اس ي بالفرد والو ا السياس ي واالقتصادر‬
‫َ‬
‫واالجتما ي وما إلى فلك أر «العوامط اةخارجية» تمكن من تفسيج السلوك ومن ثم شرح ك يج من الظواهر‬
‫االجتماعية‪ .‬وبهذا الصدد ي و هوتون «ل د ناست فكرة التمييز بين العوامط النزوعية والعوامط املوقفية‬
‫بوافها قوى فاعلة ني السلوك اإليسايي فكرة محورية ني علم النفس االجتما ي وما تزا ويأخذ بها كبار‬
‫الباح ين ني هذا اس‪،‬ا ني الوقت اة ا ر»(‪.)1‬‬

‫ما الذر ُيحدد سلوكنا؟ أو ملافا يفعط الناس ما يفعلوس ؟ هو السؤا اس ورر الذر يطرح هوتون ني‬
‫كتاب وال ضية التي تدور حولها مو وعات ‪ .‬وعلى الرغم من أن معظم الناس يميلون إلى النزوعية ني‬
‫َ‬
‫تفسيج سلوك احفراد ومن ثم تحملهم املسؤولية الرئيسة عما ي ومون ب من أفعا فإن وجهة النظر‬
‫الغالبة ني علم النفس االجتما ي تؤكد أهمية العوامط املوقفية ودورها اة اسم ني إستاج سلوك احفراد‪.‬‬
‫ً‬
‫فم ا يؤكد عاملا النفس االجتما ي ستاسلي ملغرام وفيليب زمباردو أن املواقف التي يجد الناس العاديون‬

‫ً‬
‫(متججما) (الدوحة‪ :‬املركز العربي لألبحاث ودرسة السياسات‬ ‫(‪ )1‬دايفد هوتون علم النفس السياس ي ياسمين حداد‬
‫‪ )2015‬ص ‪.19‬‬

‫‪3‬‬
‫الطيبون أسفسهم فيها قد تجعلهم يتصرفون بطرائق غيج أخاقية وربما وحشية‪ .‬وبطري ة أخرى يمكننا‬
‫ال و إن معظمنا يحمط سزعات إ افة إلى قيم واعت ادات سفتجض بأنها تحو دون قيامنا بأفعا مشينة‬
‫إال أن قوة املوقف اس ي و غط قد يطغيان ني أحيان ك يجة على هذم ال يم واملعت دات ويجعاسنا‬
‫ستصرف بما يخالفها‪.‬‬
‫ُ‬
‫ولكن إفا نان املوقف أو اس ي هو نط ش يء بحسب بعض علماء النفس االجتما ي وأس اس دد‬
‫الرئيس لسلوك الرشر فهط ستعامط ما احفراد نأنهم يولدون «افحات بيضاء فارغة» وغيج مسؤولين عن‬
‫سلوكهم؟ ألم سولد وسحن سحمط ني داخلنا سزعات معينة تحدد سلوكنا؟ أليست لدينا ال درة على االختيار؟‬
‫أليس ة االتنا الذهنية والنفسية أهمية كبيجة ني تحديد سلوكنا؟ أال يحق لنا أن ستساء عن أسباب‬
‫استجابة احفراد للموقف اةخارجي الواحد بطرائق مختلفة؟ فما هو ًإفا هذا الش يء ني داخلنا الذر ُيكون‬
‫هذا االختاف ني السلوك؟‪.‬‬
‫ملؤيد لاتجام املوقفي أن يجيب عن هذم احسئلة بأن هؤالء احفراد الذين يستجيبون‬ ‫ني امل ابط يمكن ٍ‬
‫للموقف سفس بطرائق مختلفات تعر وا ني املاض ي ةخاجات مختلفات وأن هذم اةخاجات هي التي نوست‬
‫سزعاتهم اسختلفات وبذلك استجاباتهم اسختلفات وهكذا يستطيا الرجوع إلى الوراء بهذم الطري ة لنتتبا‬
‫قصة السبرية إلى ما ال نهاية (‪.)2‬‬

‫علم النفس السياس ي‬


‫من خا اإلجابة على احسئلة املطروحة أعام يريد دايفد هوتون فهم السلوك السياس ي (‪ )3‬على وج‬
‫اةخصوص وهو يعرف هذا السلوك بأس "أر يشاط يومي يرمي إلى تح يق غاية سياسية ويشمط فلك‬
‫ً‬
‫سطاقا ً‬
‫واسعا من النشاط السياس ي الذر يزاول الرشر من السلوك املتطرف ناإلرهاب واة رب إلى السلوك‬
‫العادر املألوف نالتصويت ني االستخابات‪ .‬ويتضمن فلك انا ال رار – ني مستوى احفراد املصوتين‬
‫ومستوى النخبة ني اة كومة‪ -‬وما يتعدى فلك‪ .‬وتشمط دراسة السلوك السياس ي البحث ني أسئلة‬
‫متنوعات بم ط «ملافا ينشأ التعصب؟» «لم يشارك الرشر ني اإلبادة اة‪،‬ماعية؟» «ما الذر يحدد‬
‫اختيارات احفراد االستخابية؟» «ولم تذهب الدو إلى اة رب؟» «كيف يؤثر الرأر العام ني السياسات؟»‬
‫و«كيف تؤثر وجهات سظر النخبة وتصوراتها ني سياسات اة كومات»(‪.)4‬‬

‫متنام‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وهو ما ُيس ى ني العلوم االجتماعية بالرجوع غيج املتناهي أر تتبا أسباب احسباب ً‬
‫تتبعا غيج ٍ‬
‫ُ‬
‫(‪ )3‬ي و هوتون "نط سظرة سياسية إلى العالم تبنى على سظرة ني فهم الطبيعة اإليساسية" (ص ‪.)50‬‬
‫(‪ )4‬دايفد هوتون علم النفس السياس ي ص‪.22‬‬

‫‪4‬‬
‫وعلم النفس السياس ي يهدف إلى ت ديم إجابات علمية عن هذم احسئلة ويدرس بحسب املؤلف ً‬
‫دائما‬
‫فرعيا ني العلوم السياسية ولكن تخصص‬ ‫ً‬
‫تخصصا ً‬ ‫التفاعط بين السياسة وعلم النفس ويمكن عدم‬
‫أنادي ي حديث ً‬
‫يسريا (‪ )5‬وفو توج دولي ني جوهرم على الرغم من أن أغلبية احناديميين في هم من‬
‫الواليات املتحدة احميجكية‪.‬‬

‫ويميز مكغوير )‪ (McGuire‬ثاث مراحط عريضة مر بها هذا العلم ني تطورم وهي‪ :‬ح بة دراسات‬
‫الشخصية التي راجت ني أربعينيات وخمسينيات ال رن املاض ي مرحلة دراسة االتجاهات السياسية‬
‫ً‬
‫وأخيجا ح بة البحوث ني االعت ادات السياسية وطرائق‬ ‫والسلوك االستخابي ني الستينيات والسبعينيات‬
‫معاة‪،‬ة املعلومات واناعة ال رارات التي بدأت ني ثماسينيات ال رن العشرين‪.‬‬

‫ّ‬
‫مخطط الكتاب‬
‫ي ا الكتاب ني م دمة وثاثة أبواب إف تضمنت امل دمة فصلين أولهما؛ عن اسخط املفهومي للكتاب‬
‫وال ايي ي دم س ة عن تاريخ علم النفس السياس ي ويتبعهما الباب احو وهو مؤلف من أربعة فصو (‪3‬‬
‫و‪ 4‬و‪ 5‬و‪ )6‬إف يفحص املؤلف مناح متنوعات من امل اربات ال ائمة على علم النفس االجتما ي التي تؤكد‬
‫قياسا بدور احفراد وخصائصهم ني توجي السلوك‪ .‬أما الباب ال ايي فيتضمن خمسة فصو‬ ‫أهمية املوقف ً‬
‫(‪ 7‬و‪ 8‬و‪ 9‬و‪ 10‬و‪ )11‬مخصصات لوجهة النظر النزوعية التي تعتمد سظريات سفسية قائمة على أساس فردر‪.‬‬
‫وني الباب ال الث واحخيج يحاو الكاتب ني ستة فصو (‪ 12‬و‪ 13‬و‪ 14‬و‪ 15‬و‪ 16‬و‪ )17‬اة‪،‬ما بين وجتهي‬
‫النظر (املوقفية) و(النزوعية)‪.‬‬

‫ً‬
‫محددا للسلوك اإلنساني‬ ‫الشروط املوقفية بوصفها‬
‫يبدأ هوتون بعر امل اربات املوقفية ني تفسيج السلوك ني الفصط ال الث الذر حمط عنوان‬
‫«السلوكية وحرية االيسان» إف يبدأ باة ديث عن املدرسة السلوكية »‪ «behaviourism‬وبخااة أعما‬
‫عموما وعلم النفس السياس ي‬ ‫ً‬ ‫سكنج )‪ (B. F. Skinner‬وفلك حنها أثرت بصورة كبيجة ني علم النفس‬
‫ً‬
‫خصواا ني اةخمسينيات والستينيات من ال رن املاض ي‪ .‬وتعد السلوكية من أهم التيارات املوقفية ال بط‬
‫ً‬
‫اديكاليا لوجهة النظر املوقفية إف عدت آلية "اإلشراط والتعزيز" السرب الرئيس للسلوك‪.‬‬ ‫ً‬
‫سموفجا ر‬ ‫تم ط‬
‫ً‬
‫اجتماعيا‬ ‫ويزعم سكنج أن الرشر يمكن أن ُيدربوا من خا اإلشراط على ال يام بالسلوك امل بو‬

‫(‪ )5‬أو كتاب ني هذا اس‪،‬ا ظهر ني عام ‪ 1973‬وني عام ‪ 1977‬أسست اة‪،‬معية الدولية لعلم النفس السياس ي بينما‬
‫أسست أو مجلة علمية ني هذا العلم عام ‪.1979‬‬

‫‪5‬‬
‫واإلح‪،‬ام عن السلوك غيج امل بو ويذهب ً‬
‫بعيدا ني وجهة سظرم هذم فيفتجض أس يجب على الدولة أن‬
‫تعمط على إشراط مواطنيها (أر تعلمهم بال واب والع اب) على احخذ بالسلوك املرغوب في وتجعلهم‬
‫أفضط‪.‬‬
‫ً‬
‫حج‪،‬ا قوية تعار ها فاإلشراط‬ ‫حج‪،‬ا قوية تدعم السلوكية فهناك ً‬
‫أيضا‬ ‫ً‬ ‫وعلى الرغم من أن هناك‬
‫َ ُ‬
‫فم ْن اسخو بشأن ما‬ ‫محدود وليس فع ًاال ً‬
‫دائما‪ .‬ثم إ َّن وجهة النظر هذم قد ت ود إلى الفاشية والشمولية‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وأخيجا إن قدرتنا على االختيار وحريتنا بهذا الشأن هما جزءان‬ ‫يجب أن يشرط علي أو أال سكون علي ؟‬
‫من إيساسيتنا‪.‬‬

‫أما املنحى املوقفي ال ايي الذر يعر هوتون ني الفصط الرابا فهو مو وع الطاعة وتجربة الصدمات‬
‫الكهربائية الشهيجة التي قام بها عالم النفس االجتما ي ستاسلي ملغرام )‪ )6( (Stanley Milgram‬ني هذا‬
‫الصدد‪ .‬ول د فاع ايت هذم التجربة حن ستائجها بع ت على ال لق حنها توحي بأن الرشر معظمهم (‪)65%‬‬
‫قادرون على ارتكاب أفعا تخالف معت داتهم احخاقية حين ُيطلب منهم هذا من سلطة يرونها شرعية (‪.)7‬‬
‫ً‬
‫موقفا تح نا في على‬ ‫ً‬
‫جميعا قد سخالف أعز مبادئنا وقيمنا اإليساسية حين سواج‬ ‫ويخلص ملغرام إلى أسنا‬
‫الطاعة ُسلطة سرى أنها شرعية وس ا ني خطأ كبيج حين سفتجض أن (احفعا الشريرة) ال يرتكبها إال (أساس‬
‫أشرار) (‪.)8‬‬
‫وني وء تجارب ملغرام عن الطاعة جرى تفسيج ك يج من اس‪،‬ازر واملذابح التي قام بها أشخاص عاديون‬
‫َ‬
‫ني ظروف معينة ولكن االتجام املوقفي ني تفسيج الطاعة ومن ثم تفسيج ظاهرة ال تط اة‪،‬ما ي واج‬
‫ك ًيجا من الن د فإ افة إلى الفروق ال افية ني االستعداد للطاعة ولك يج من العوامط املرتبطة بال تط‬
‫اة‪،‬ما ي التي ب يت غائبة ني الظروف اسخاجية هناك اعوبة كبيجة ني تفسيج سرب رفض قسم من مبحوثي‬
‫ملغرام (‪ )35%‬طاعة السلطة عندما جاءت احوامر مخالفات ملا تملي عليهم مائرهم أو قيمهم؟ أليست‬
‫قيم وسزعات هؤالء احشخاص هي من دفعتهم لرفض الطاعة؟ (‪. )9‬‬

‫(‪ )6‬من أجط تفاايط أكثج عن تجارب ستاسلي ملغرام راجا‪ :‬روبرت مكلفين ورتشارد غروس ((مدخط إلى علم النفس‬
‫االجتما ي)) ياسمين حداد وموفق اة مدايي وفارس حل ي (متججمون)‪( .‬احردن‪ :‬عمان دار وائط للنشر ‪.)2002‬‬
‫(‪ )7‬أراد ملغرام أن يعرف مدى استعداد الناس إلطاعة احوامر حين تصدر عن سلطة يظنون بأنها شرعية وت ض ي بإيذاء‬
‫شخص آخر واة د الذر يمكن أن يذهبوا إلي بعد أن تزداد هذم احوامر قسوة والإيساسية‪ 65 .‬ني املئة من املبحوثين‬
‫استجابوا بالطاعة حوامر تعرض حياة اآلخر إلى اةخطر الشديد ما آثار ك ًيجا من االسته‪،‬ان‪.‬‬
‫ً‬
‫مشهورا وهو "اعتياد الشر"‬ ‫تعبيجا لواف آيخمان وأم ال أابح‬ ‫(‪ )8‬ابتدعت حنة أرندت ني كتابها آيخمان في القدس ً‬
‫فل د رأت أرسدت أن فعط الشر ك ًيجا ما يكون ستيجة نهائية لسلسلة من احفعا ال يتحمط مسؤوليتها شخص واحد ف ‪.‬‬
‫(‪ )9‬قسم من السوريين رفضوا اإلفعان حوامر ال تط والتعذيب وقد عر وا حياتهم للخطر بسرب موقفهم هذا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ً‬ ‫ولكن االتجام املوقفي ني تفسيج الطاعة تل ى ً‬
‫دعما ً‬
‫كبيجا بعد ال يام بتجربة أخرى ال ت ط شهرة عن تجربة‬
‫ملغرام قام بها فيليب زمباردو )‪ (Philip Zimbardo‬ني ‪ 1971‬أو تجربة (س‪،‬ن ستاسفورد) الشهيجة التي درس‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫اجتماعيا‬ ‫فيها سلوك (الس‪،‬ناء) والسلوك السادر (للس‪،‬اسين) إف بين زمباردو كيف أن احدوار اس َ َّددة‬
‫ُيمكن أن تكون سلوكنا وهو ما تطرق إلي هوتون ني الفصط اةخامس من هذا الكتاب املوسوم بد «اناعة‬
‫شبابا أص اء ني موقف بغيض (‪ )10‬أر ني مكان سيئ‬ ‫اندوق فاسد»‪ .‬وني هذا الصدد ي و زمباردو « ا ً‬
‫ستجد أن املوقف يهيمن عليهم»(‪ .)11‬وبرأر زمباردو سحن لسنا (سيئين) أو (أشرا ًرا» ولكننا يمكن أن‬
‫ستصرف بطرائق غيج أخاقية إفا ما أرغمتنا الظروف على فلك» (‪.)12‬‬

‫ولكن حتى ني تجربة زمباردو نان ثمة ُحراس طيبون وحراس سيئون ولم يتصرف بالطري ة السادية التي‬
‫َ‬
‫أشارت إليها التجربة إال ثلث املبحوثين من ثم يمكننا أن ستساء بالطري ة سفسها التي تساءلنا بها ني ما‬
‫اسا طيبين؟‬ ‫يخص تجرية ملغرام‪ :‬أليست قيم بعض املبحوثين وسزعاتهم هي من دفعت بهم ليكوسوا حر ً‬

‫ما يجب اإلشارة إلي هو أن املوقفية تم ط ً‬


‫تحديا ً‬
‫كبيجا لل ضاء وللمجتما الغربي اللياجالي وفكرت ال ائلة‬
‫إن الفرد حر ومسؤو عن سلوك وخيارات ‪ .‬فهط احفراد شريرون حن لديهم سزعات سفسية وشخصية دفعت‬
‫بهم إلى أفعا شريرة أم إن املوقف االجتما ي اس ي هو من دفا بهم إلى فلك؟ هذم ال ضية ت ا ني قلب‬
‫اة‪،‬د ال ائم حو املوقفية م ابط النزوعية‪ .‬ومهما يكون اة‪،‬واب عن هذا اة‪،‬د تجدر اإلشارة إلى أن‬
‫ً‬
‫أخاقيا قويا يصعب تجاوزم‪.‬‬ ‫هناك أفر ًادا ال تغلبهم املواقف أفر ًادا يمتلكون ً‬
‫حسا‬

‫ويتابا هوتون عر لألبحاث املوقفية فيتناو ني الفصط السادس أعما إيرفنغ جاسيس )‪(Irving Janis‬‬
‫عن كيفية تغيج سلوك الفرد من اة‪،‬ماعة ويتساء جاسيس عن السرب الذر يدفا بأساس أفكياء إلى‬
‫اتخاف قرارات عيفة ني ك يج من اححيان عندما يوجدون من جماعات؟ وما الذر يمنا الناس من قو‬
‫ما يفكرون ب وهم داخط جماعة؟ وني كتاب الشهيج التفكيج اة‪،‬معي ‪ groupthink‬ي و جاسيس إن التفكيج‬
‫اة‪،‬معي ل مخاطر عدة فالضغوط االجتماعية التي يتعرض لها الفرد من اة‪،‬ماعة وبخااة إفا نان‬
‫معينا بخصوص مو ٍوع ما قد تكبط أفنى احفكياء‪ .‬بطري ة‬‫من املفروض أن تتخذ هذم اة‪،‬ماعة قرا ً ا ً‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫أخرى يخلص جاسيس إلى أن الفرد ممكن أن يكون أكثج ً‬
‫فناء وفاعلية حين يعمط وحدم بدال من أن يعمط‬
‫من مجموعة وم ولت الشهيجة «هناك أفكياء يصنعون قرارات غبية حين يتخذونها ما بعض» تلخص‬
‫فلك‪.‬‬

‫(‪ )10‬وهذا ما يعدم زمباردو الصندوق الفاسد الذر يحو التفاح اة‪،‬يد بداخل إلى تفاح عفن‪.‬‬
‫(‪ )11‬دايفد هوتون علم النفس السياس ي ص‪103‬‬
‫(‪ )12‬يعد هوتون أن منظور زمباردو املوقفي هو أكثج راديكالية ني استنتاجات من منظور ملغرام‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ني هذا الباب ساقش املؤلف م اربات موقفية متم لة بنظرية سكنج السلوكية وسموفج ملغرام ني‬
‫ً‬
‫جميعا على أن‬ ‫الطاعة وسظرية الصندوق الردرء لزمباردو وم اربة جاسيس ني التفكيج اة‪،‬معي وتتفق‬
‫سزعات الفرد ال تحدد سلوك ب در ما يحددم املوقف الذر يجد سفس في ‪ .‬وسوم هوتون إلى أن هذم امل اربات‬
‫وخصواا من علماء سفس ترنوا وجهة النظر النزوعية ني تفسيج السلوك‬‫ً‬ ‫تعر ت ك ًيجا للن د وب وة‬
‫السياس ي وهو ما يتناول املؤلف ني الباب ال ايي من هذا الكتاب‪.‬‬

‫النزعات الفردية بوصفها ّ‬


‫محد ًدا للسلوك البشري‬
‫ني الباب ال ايي من الكتاب يعنى املؤلف بالنظريات النفسية التي تعد الفرد وخصائص النفسية احساس‬
‫ني السلوك فهذم امل اربات النزوعية تتصدى ب وة للفكرة ال ائلة إن احفراد يتصرفون على سحو متشاب‬
‫حين يو عون ني موقف ُمعين فالتباين كبيج لدى الرشر ً‬
‫سواء ني املعت دات واالتجاهات أم احطر الذهنية‪.‬‬

‫كبيجا على سظرية التحليط النفس ي ف د تركت أعما سيغموسد‬ ‫ً‬


‫اعتمادا ً‬ ‫أولى هذم امل اربات اعتمدت‬
‫فرويد وأتباع بصمة قوية ني علم النفس السياس ي ولعط أبرزها ما يعرف بالسيجة النفسية أو التاريخ‬
‫النفس ي )‪ (psychostory‬الذر تناول دايفد هوتون ني الفصط السابا من كتاب ‪ .‬ويؤكد سموفج السيجة‬
‫ً‬
‫حاسما ني تطور الشخصية مست با ومن‬ ‫ً‬ ‫النفسية )‪ (psychobiography‬أن خاجات الطفولة تؤدر دو ًرا‬
‫ثم ني أدائها السياس ي‪ .‬وعلى هذا النحو درس بعض علماء النفس السياس ي شخصيات مشهورة ني عالم‬
‫السياسة ليفهموا ويشرحوا تصرفاتها ف د فهب العاملان ألكسندر جورج وجولييت جورج ني كتابهما‬
‫(ودورو ولسون والكولوسيط هاوس) إلى ال و إن عناد وتصلب الرئيس احميجني ولسون ني قضايا مهمة بم ط‬
‫ً‬
‫تعويضا للميط املفتجض لدى والدم للصرامة ني التجبية‬ ‫موقف من إقرار معاهدة عصبة احمم إسما يم ط‬
‫وإلى حرماس الدفء واملكافآت العاطفية‪.‬‬

‫ومن جهت يزعم جستن فراسك )‪ (Justin Frank‬ني كتاب املعنون «بوش على احريكة‪ :‬ساج ع ط الرئيس»‬
‫الصادر عام ‪ 2004‬أن شخصية وسلوك جورج بوش السياس ي تأثرا ك ًيجا باملعاملة التي سالها من والدي إف‬
‫دائما عن احسرة بسرب مشاغل السياسية بينما أم ناست امرأة متسلطة تفت ر إلى‬ ‫نان بوش احب ً‬
‫غائبا ً‬
‫الدفء العاطفي فكان رد الفعط على هذم التنشئة ال اسية تطور منظور ماسور لدى بوش‬
‫)‪ (Manichaean‬قائم على ثنائية اةخيج والشر وتنامي أوهام العظمة وال وة لدي ويؤكد فراسك ني كتاب‬
‫ً‬
‫اسفعاليا لم يلق الرعاية الكافية»(‪.)13‬‬ ‫هذا أن سلوك بوش السياس ي يعكس «دافا طفط معوق‬

‫(‪ )13‬دايفد هوتون علم النفس السياس ي ص‪140‬‬

‫‪8‬‬
‫وما تجدر اإلشارة إلي هو أن مدرسة السيجة الذاتية ال تتمتا ني الوقت اة ا ر بالشيوع الذر نان لها‬
‫عددا من االعتجا ات فلك بسب افت ارها إلى املو وعية واختزالها تفسيج بعض‬ ‫ً‬ ‫ني املاض ي وتواج‬
‫الظواهر السياسية ني عوامط شخصية محدودة غيج أن علماء النفس السياس ي لم يتخلوا عنها ً‬
‫تماما‬
‫واهتموا بعوامط أخريات لها تأثيج كبيج ني الشخصية بم ط االعت ادات واآلراء واحفكار ‪(cognitions or‬‬
‫)‪ beliefs‬وهو ما يتناول املؤلف ني الفصط ال امن من الكتاب‪.‬‬

‫وبحسب هوتون إن الشخصية ش يء مركب ال تشمط ف الدوافا (بم ط اة اجة إلى ال وة واالستماء‬
‫م ًا) وإسما لها سمات ً‬
‫أيضا (بم ط االسطوائية واالسرساطية على سريط امل ا ال اة صر) ولدراسة أثر‬
‫الشخصية ني السلوك السياس ي يجب احخذ باة سبان‪ :‬السمات وهي ً‬
‫دائما ثابتة والدوافا وهي متغيجة‬
‫من وقت إلى آخر ومن حا إلى أخرى‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن املهتمين بدارسة مفهوم الشخصية حاولوا تجاوز املشكات التي وقعت بها مدرسة‬
‫السيجة النفسية إال أنهم واجهوا الصعوبات املنه‪،‬ية والعلمية سفسها فمفهوم الشخصية مع د وغامض‬
‫سوعا ما وهناك اعوبات تواج علماء النفس ني تتبا العمليات التي تؤدر بصفات شخصية‬ ‫وغيج دقيق ً‬
‫معينة إلى إستاج قرارات معينة ما دفا بالباح ين إلى التوج سحو دراسة العمليات املعرفية بم ط العزو‬
‫)‪ (attribution‬واالتساق والتنافر املعرني )‪ (cognitive dissonance‬واملماثلة التي ي وم بها اإليسان‬
‫ودورها ني تحديد سلوك واتخاف ال رارات وهو ما يتناول هوتون بالبحث ني الفصط التاسا من كتاب ‪.‬‬

‫سريعا سيكتشف علماء النفس السياس ي أن اتخاف ال رارات السياسية والسلوك ليسا ستاج‬ ‫ً‬ ‫ولكن‬
‫عمليات معرفية خالصة ومعاة‪،‬ات ع لية باردة أو بتجرد على غرار ما يفعل جهاز الكمبيوتر باملعلومات‬
‫الواردة إلي فحسب فنحن بشر وساد ًرا ما سنظر إلى احشياء واة وادث بحيادية وقراراتنا وسلوكنا معظم‬
‫‪-‬إن لم يكن جميع ‪ -‬يكتنف االسفعا واملشاعر بم ط الغضب واة ب والكرم واإلع‪،‬اب واة زن واةخوف‬
‫وما إلى فلك‪ .‬ومو وع االسفعا والعاطفة وتأثيجهما ني عالم السياسة وطرائق قياسهما سيجرر تناولهما‬
‫بالتفصيط ني الفصط العاشر واة ادر عشر من الكتاب وفلك على الرغم من املشكات الك يجات التي‬
‫تواج دراسة االسفعاالت دراسة دقي ة‪.‬‬

‫وني نهاية هذا الباب سيكتشف ال ارئ أس م ط ما لوجهة النظر املوقفية س اط قوة و عف للنزوعية‬
‫أيضا إيجابياتها وسلبياتها وسيجد سفس من جديد عال ً ا أمام السؤا عما إفا ناست سمات الفرد وسزعات‬
‫ً‬
‫الشخصية هي من يحدد سلوك أم املواقف وطبيعتها وخصائصها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الجمع بين املوقفية والنزوعية‬
‫ني الباب ال الث واحخيج من هذا الكتاب يحاو دايفد هوتون من خا عر لبعض الظواهر‬
‫االجتماعية التي خضعت للدراسة العلمية ال ائمة على احدلة اة‪،‬ما بين وجتهي النظر "املوقفية"‬
‫ً‬
‫خالصا من دون التطرق إلى‬ ‫اتجاها ً‬
‫واحدا‬ ‫ً‬ ‫و"النزوعية" وتأكيد أن قلة من النظريات ني علم النفس تأخذ‬
‫اآلخر واإلشارة إلى أهميت ودورم ً‬
‫أيضا‪.‬‬

‫ففي الفصط ال ايي عشر يتطرق الباحث إلى دراسة سلوك االستخاب وكيف تأثرت تلك الدراسة بعلم‬
‫ً‬ ‫النفس االجتما ي فر الطابا املوقفي وبأبحاث علم النفس املعرني فو التوج النزو ي ني آن ً‬
‫معا‪ .‬فم ا‬ ‫ٍ‬
‫تؤكد سظرية التماهي اة زبي أن املوقف ليس نط ش يء ني االختيار االستخابي فاحفراد معظمهم يطورون ما‬
‫ً‬
‫شعورا باالستماء إلى هذا‬ ‫الوقت رابطة عاطفية طويلة احمد أو سزعة سحو حزب سياس ي معين ومن ثم‬
‫اة زب وهذا الشعور هو الذر سيحدد السلوك االستخابي لهؤالء احفراد بحسب ما يؤكدم نامبط وزماؤم‬
‫ني كتابهم املشهور «الناخب احميجني» الصادر عن جامعة ميشيغن عام ‪ .1960‬ومن اة‪،‬دير باملاحظة أن‬
‫سيئا عند واول إلى اة كم أو‬‫أداءا ً‬
‫التماهي اة زبي يميط إلى ال بات وي اوم التغييج‪ .‬ف د يؤدر اة زب ً‬
‫تعتجي بعض الفضائح السياسية ولكن املنتمين إلى اة زب (أو املتماهين مع بحسب النظرية) يب ون على‬
‫مواقفهم الداعمات لل زب ويصوتون ل (‪.)14‬‬
‫ولكن املُ داحظ ني الدو الغربية أن ثلث الكتلة االستخابية تشمط ً‬
‫ساسا ال تربطهم أر الة باححزاب (‪)15‬‬

‫ً‬
‫وغالبا ما يكون هؤالء احفراد مت لبين أو متأرج ين ني أثناء عملية التصويت ويتحدد سلوكهم االستخابي ني‬
‫وء قضايا راهنة ني اس‪،‬تما أو ربما اسطباعاتهم (إيجابية‪ /‬سلبية) تجام فلك املرشح (درجة جافبيت‬
‫مظهرم‪ )...‬أو غيجم وال تستطيا سظرية التماهي اة زبي وحدها تفسيج سلوكهم االستخابي(‪ .)16‬ويخلص هوتون‬

‫مؤخرا ني االستخابات الرئاسية الفريسية فل د حصط املرشح اة‪،‬مهورر فريسوا فيون على يسبة ‪20‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ )14‬وهذا ما حصط‬
‫ريبا من احاوات على الرغم من الفضيحة املالية التي طالت وزوجت ني أثناء مرحلة االستخابات‪ .‬ويشرح هذم‬ ‫ني املئة ت ً‬
‫الظاهرة فيليب نوسفرس )‪ (Phlip Converse‬بالعودة إلى أدبيات علم النفس االجتما ي فيجكز بادئ فر بدء على التماهي‬
‫ما اة‪،‬ماعات املرجعية )‪ (reference groups‬وهي هنا اة زب وعلى سظرية االتساق املعرني‪ .‬وتفتجض هذم النظرية أن‬
‫الناس ال يحبون التصرف بصورة تتناقض ما اعت اداتهم أو يكون لديهم معلومات واعت ادات متناقضة ني ما بينها وهذا‬
‫ما يدعوم ليون فستنغر )‪ (Leon Festinger‬بالتنافر املعرني واإليسان يسعى للتخلص من هذم اة الة التي تسرب ل قل ً ا‬
‫و ي ً ا عن طريق عدة استجاتيجيات الستعادة حالة االتساق املعرني وربما أهم هذم االستجاتيجيات هي التسويغ‪ .‬فالناخب‬
‫الذر وجد سفس ني حالة تنافر معرفي بسرب الفضيحة املالية التي طالت مرشح حزب اة‪،‬مهورر فريسوا فيون سوغ‬
‫شخصا وأن فريسوا فيون سيتصرف وفق ما يملي علي اة زب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سلوك بأس يصوت لل زب وليس للمرشح بواف‬
‫(‪ )15‬ف ‪ 29‬باملئة من الناخبين احميجكيين عام ‪ 1992‬ناسوا ينتمون إلى أحد اة زبين اة‪،‬مهورر أو الديم راطي‪.‬‬
‫(‪ )16‬دايفد هوتون ص‪262‬‬

‫‪10‬‬
‫إلى أن أفضط تصور لسلوك االستخاب ربما يكون بعدم ً‬
‫ستاجا لتفاعط عوامط خارجية (موقفية) وعوامط‬
‫داخلية (سزوعية)‪.‬‬

‫ويتصدى الفصط ال الث عشر إلى مشكات الصراع اإلثني وال وميات واإلبادة اة‪،‬ماعية‪ .‬ولشرح‬
‫مفهوم الهوية ال ومية ومشكلة الصراع بين ال وى اإلثنية التي قد تنشأ داخط اس‪،‬تمعات التعددية يعرض‬
‫املؤلف خمس م اربات سظرية‪ :‬اثنتان (‪ )17‬منها موقفية وهي «سظرية الصراع الواقعي بين اة‪،‬ماعات»‬
‫و«سظرية الهوية االجتماعية» واحدة تحاو اة‪،‬ما بين املوقفية والنزوعية وهي «سظرية السيطرة‬
‫االجتماعية» ني حين إن امل اربتين احخيجتين سزوعيتان ني طبيعتهما وهما (املنظور السيكودينامي)‬
‫وامل اربة (السياسية البيولوجية»‪.‬‬
‫ً‬
‫متكررا من تاريخ الرشرية لألسف وهو‬ ‫ً‬
‫ملمحا‬ ‫ويختم هوتون هذا الفصط بمو وع مهم ً‬
‫جدا ُويعد‬
‫اإلبادة اة‪،‬ماعية‪ .‬فل د حاو علم النفس السياس ي واالجتما ي تفسيج هذم الظاهرة ولكن يؤكد الكاتب أن‬
‫النظريات املشار إليها أعام تب ى قاارة حتى اآلن ني شرح هذم السلوك‪.‬‬

‫وتعرف موسرو )‪ (Kristen Monroe‬مفهوم اإلبادة اة‪،‬ماعية بأس « ُيشيج إلى التدميج امل صود واملمنهج‬
‫للرشر ليس بسرب أفعا فردية أو فسوب ارتكبوها وإسما بسرب استمائهم إلى جماعة قومية أو إثنية أو‬
‫جدا لظاهرة اإلبادة اة‪،‬ماعية تؤكد في رورة توافر عوامط‬ ‫مهما ً‬
‫تفسيجا ً‬
‫ً‬ ‫عرقية أو دينية»(‪ .)18‬وت تجح (‪)19‬‬
‫ً‬
‫عدة منها ما هو موقفي ومنها ما هو سزو ي ويمكن تصنيفها ني ثاثة مستويات‪ :‬أوال املستوى الديمغراني‬
‫ثاسيا املستوى السياس ي فمن الضرورر توافر بعض‬ ‫فابد من أن يكون هناك ت سيمات إثنية واض ة؛ ً‬
‫الشروط بم ط الضائ ة االقتصادية أو غياب االست رار السياس ي (‪ )20‬أو اة روب وال ورات؛ ثال ً ا املستوى‬
‫النفس ي االجتما ي بم ط التصورات الذهنية والتنمي واةخوف وما إلى فلك‪.‬‬
‫وتؤكد موسرو أن هناك سلسلة من اةخطوات قبط وقوع املذبحة (أو سلوك ال تط) تندرج من املستوى‬
‫ً‬
‫حاسما ني حدوثها وأو هذم اةخطوات‬ ‫ال الث (النفس ي) إف تلعب التصورات والنزاعات ال افية دو ًرا‬
‫السيكولوجية هي ظهور أيديولوجيا تعمط على إسباغ الشرعية وتسويغ الذبح الذر سي ا‪ .‬فتسعى هذم‬

‫(‪ )17‬لاستفا ة ني هاتين النظريتين يمكن الرجوع إلى كتاب معتز سيد عبد هللا االتجاهات التعصبية سلسلة عالم‬
‫املعرفة ‪( 137‬الكويت اس‪،‬لس الوطني لل افة وللفنون واآلداب ‪.)1989‬‬
‫(‪ )18‬دايفد هوتون ص‪.294‬‬
‫‪)19( Monroe, Kristen. « Review Essay: The Psychology of Genocide » Ethics and International Affairs, no. 9,‬‬

‫‪no. 1, 1995.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )20‬ال تتطرق موسرو اراحة إلى االستبداد ولكننا سظن أس أحد أهم العوامط التي تؤدر إلى هذم الظاهرة وغيجها من ظواهر‬
‫َ‬
‫الطائفية والكرم والتعصب اإلثني وفلك أن أسظمة االستبداد برأينا تمنا عملية االسدماج الوطني ومن ثم والدة هوية‬
‫وطنية جامعة حبناء اس‪،‬تما التعددر نلهم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫خطرا أو مر ً ا بوافهم بكتجيات وجراثيم أو‬
‫احيديولوجيا لشيطنة اآلخرين (اة‪،‬ماعة امل صودة) ورؤيتهم ً‬
‫حشرات‪ .‬واةخطوة ال اسية تكون املماثلة باحفراد اآلخرين من من جماعتنا الذين ي تلون (سنفعط ما‬
‫يفعل زماؤسا) وهو ما ُيس ى االيسياق لآلخرين ني أدبيات علم النفس االجتما ي ومن ثم تأتي اةخطوة‬
‫ً‬
‫وأخيجا يأتي (تجريد‬ ‫ال ال ة التي تتم ط بإسباغ افة أخاقية على ما سفعط ف تط اآلخر يريح من العذاب (‪.)21‬‬
‫سفسيا عن ض يت فهو ال يشبهها‬ ‫ً‬ ‫الض ية من إيساسيتها) )‪ (dehumanization‬وبذلك يبعتد اة‪،‬اد‬
‫بش يء ولذلك قتلها ال ي يج في أر اسفعا (‪.)22‬‬
‫آخرا ً‬
‫مهما وهو مسألة العنصرية والتسامح والتعصب‬ ‫وني الفصط الرابا عشر يتناو هوتون مو ً‬
‫وعا ً‬
‫ويؤكد أن جميا اس‪،‬تمعات الرشرية تعايي ولو بدرجات متفاوتة من هذم الظواهر‪ .‬وليس من املستغرب أال‬
‫يحاو علماء النفس االجتما ي فهمها وشرح جذورها‪ .‬فما الذر يجعط أفر ًادا عاديين ع اسيين وأص اء‬
‫باطنيا – د جماعة بكاملها وليس حر سرب سوى أن تلك اة‪،‬ماعة ادف‬ ‫سفسيا يتحيزون – ظاهر ًايا أو ً‬
‫ً‬
‫أن لون جلدها أو أن دينها مختلف؟‬

‫ويشيج املؤلف إلى أن النظريات التي حاولت تفسيج اة س ال ومي والصراعات اإلثنية سفسها تطرقت إلى‬
‫مو وع التعصب العنصرر وني هذا الصدد يفيد ريتشارد بوريس وأسدرر غوسيون ولينا مواس (‪ )23‬بأسنا‬
‫يستطيا تصنيف هذم النظريات جميعها ني انفين‪ :‬سظريات تفسر ظاهرة التعصب ني مستوى فردر‬
‫)‪ (niveau individuel‬وسظريات تفسرها ني مستوى السياق أو اإلطار اس ي )‪ (niveau contextuel‬وهذا‬
‫التصنيف يشب إلى حد بعيد تصنيف امل اربات النظرية التي تسعى إلى تفسيج السلوك على أساس سزو ي‬
‫أو موقفي الذر ي تجح هوتون ني كتاب هذا‪.‬‬

‫ويخلص املؤلف ني نهاية املطاف إلى أن التعصب العنصرر م ط غيجم من الظواهر السياسية قد َينتج‬
‫عن اعت ادات يحملها الفرد أو عن طباع شخصية وسفسية معينة أو قد يكون ً‬
‫ستاجا لعوامط موقفية عدة‬
‫تش‪،‬ا على ممارست وتسمح بها‪.‬‬

‫أما ني الفصلين اةخامس عشر والسادس عشر فيتطرق هوتون إلى مو وعين ال ي ان أهمية عن‬
‫املو وعات الساب ة ني هذا الكتاب وهما السلوك اإلرهابي وسيكولوجيا العاقات الدولية‪ .‬وكدأب‬

‫قسما منهم اعتجف بعز‬‫(‪ )21‬أشارت التح ي ات التي أجريت ما ك يج ممن ارتكبوا مجازر ني روسدا أو يوغسافيا إلى أن ً‬
‫احطفا عن آبائهم ومن ثم قتلهم ني ال يروا آباءهم ي تلون أمام أعينهم‪.‬‬
‫(‪ )22‬يعد دايفد هوتون أن تفسيج موسرو لسلوك اإلبادة اة‪،‬ماعية من دون ثغرة لوال أس أغفط دور ال ادة ني التأثيج والدفا‬
‫سحو هذا السلوك‪.‬‬
‫‪)23( Bourhis, R., Gognon, A. et Moïse, L. (1994), « Discrimination et relation intergroupes », in Bourhis, R et‬‬

‫‪Leyens, J.P Stéréotypes, Discrimination et Relations intergroupes (pp. 161-200), Belgique : Mardaga.‬‬

‫‪12‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫تفسيجا أفضط للسلوك‬ ‫يتساء الكاتب عما إفا ناست امل اربة التي تعتمد على العوامط املوقفية ت دم‬
‫اإلرهابي ني مجا العاقات الدولية أو امل اربة النزوعية‪.‬‬

‫جدا هي أن اناع السياسة ال ي درون ني الغالب الدور الذر تؤدي‬ ‫ويشيج الباحث إلى س طة مهمة ً‬
‫العوامط املوقفية ني تكوين السلوك حق قدرم بينما ‪-‬من امل يج للدهشة‪ -‬سرى س يض هذم املشكلة لدى‬
‫منظرر العاقات الدولية أر إنهم يبالغون ني التشديد على العوامط املوقفية ني م ابط العوامط النفسية‬
‫الفردية‪.‬‬

‫وأخيجا يختم دايفد هوتون كتاب بعرض وجهة سظرم التي يخصص لها الفصط السابا عشر بأكمل ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫فيستعيد الن اط التي فكرت ني هذا الباب جميعها ويؤكد أن أيا من وجتهي النظر املوقفية والنزوعية لم‬
‫تخرج رابحة من دون منازع ني املو وعات التي تناولها الكتاب نلها‪ .‬و من النطاق فات يشيج املؤلف إلى أن‬
‫ُ‬
‫احهمية التي تسبغ على املوقفية أو النزوعية تختلف باختاف مو وع الدراسة‪.‬‬

‫وني جواب عن سؤا الكتاب اس ورر عما إفا ناست الغلبة للنزعات الفردية أم للمواقف ني تحديد‬
‫سلوك الرشر ي و هوتون «ال مفر من استنتاج أن لكط منهما دو ًرا ً‬
‫مهما وفلك يعود بكط بساطة إلى أن‬
‫كبيجا من احدلة (يأتي معظمها من علم النفس االجتما ي) على أن بعض املواقف تستد ي‬ ‫هناك قد ًرا ً‬
‫سلونات معيارية ومحددة كما أن هناك قد ًرا ً‬
‫كبيجا من احدلة (يأتي معظمها من علم النفس املعرني) على‬
‫أن لنزعاتنا أهمية خااة ني ظروف أخرى هذم احدلة تحو دون إعطاء إجابة مرسطة عن السؤا الذر‬
‫بعث اة ياة ني هذا الكتاب»(‪.)24‬‬

‫(‪ )24‬هوتون ‪397‬‬

‫‪13‬‬
‫الخاتمة‬
‫ال شك ني أن محاولة اإلجابة عن سؤا يتعلق بالطبيعة الرشرية هو ناةخوض ني ح ط ألغام فاة‪،‬د‬
‫قائم منذ زمن بعيد بين أص اب النظرة النزوعية من جهة وأص اب النظرة املوقفية‪ .‬وسيستنتج ال ارئ‬
‫أن املتأثرين بعلم النفس االجتما ي يرون أن العوامط الفردية أقط أهمية من الضغ االجتما ي وبنية‬
‫الشروط املوقفية بينما يتبنى املتأثرون بعلم النفس املعرني واإلرث ال ديم لعلم النفس العيادر اةح‪،‬ة‬
‫املضادم‪ .‬وبوج عام فإن علماء النفس السياس ي يميلون إلى امل اربة احولى أما علماء السياسة يترنون‬
‫املنحى ال ايي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ك يجة ومتعددة هي أوج اةخاف بين وجتهي النظر اللتين عر هما دايفد هوتون وساقشهما ني هذا‬
‫ً‬
‫تاما لهما فالكاتب ُيصر على عرض س اط ال وة والضعف جميعها لكط منهما‬ ‫حا ً‬ ‫الكاتب وهو لم ي دم‬
‫على قدم املساواة ومن دون أر تحيز‪ .‬فهدف الكتاب ‪-‬بحسب املؤلف ً‬
‫دائما‪ -‬هو التش‪،‬يا على التفكيج‬
‫بعمق ني أثناء ت ديم وجهات النظر اسختلفات وترك ال ارئ حرا ني اختيارم أحدها أو تبني منحى يدمجها‬
‫ً‬
‫معا ني تفسيج السلوك السياس ي ويمكننا عد فلك من أهم مزيات هذم الكتاب‪.‬‬

‫أما املزية ال اسية لهذا الكتاب فهي غنام باملعلومات والتحليات ففي مجلد واحد استطاع هوتون جما‬
‫مو وعات عدة وأعما لعلماء سفس وباح ين من مشارب مختلفات ربما نط واحدة منها تحتاج إلى كتاب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عريضا ومرسطا لعلم النفس السياس ي‪.‬‬ ‫مست ط بحد فات وتضمن الكتاب تعري ًفا‬

‫املزية ال ال ة هي أن دايفد هوتون من كتاب م دمة عامة تشتمط على أداة تنظيمية واض ة فات‬
‫فائدة كبيجة حغراض التدريس ولكن الكتاب ليس َّ‬
‫موجها للمتخصصين ني علم النفس االجتما ي والسياس ي‬
‫فحسب وإسما لكط قارئ يحاو فهم السلوك السياس ي مهما نان اختصاا ودرجة ث افت ولذلك أتت‬
‫لغت سلسة وبسيطة خالية من التع يد والتكلف وني أماكن عدة خاطب الباحث ال ارئ بضميج اسخاطبة‬
‫«تخيط أسك» و «تصور أسك) ‪ ...‬ما يسمح ب در كبيج من اإلس اط يشعر مع ال ارئ أن هناك محادثة بين‬
‫وبين املؤلف ما يجعط قراءة الكتابة عملية شائ ة وممتعة واستيعاب سهط‪.‬‬

‫ربما يشعر ال ارئ أن علم احعصاب قد أقحم ني هذا الكتاب (الفصط اة ادر عشر) وال سيما أن‬
‫املؤلف لم يستطا إظهار فائدة هذا العلم املع د ني علم النفس السياس ي بو وح وبالتأكيد لم تساعد‬
‫املصطل ات الطبية والفيزيولوجية التخصصية على فلك‪ .‬وبحسب ما أشار املؤلف سفس ثمة ك يج من‬
‫ً‬
‫مبكرا اة ديث عن ني مجا‬ ‫املشكات التي تمنا علماء السياسة من االستفادة من هذا العلم وربما ما زا‬

‫‪14‬‬
‫السياسة(‪ .)25‬نان من احفضط و ا فصط عن اإلعام ووسائط التوااط اة‪،‬ماهيجر (‪(communication )26‬‬
‫)‪ de masse‬وقد شكط غياب هذا املو وع املهم عن الكتاب ثغرة ال يستهان بها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ُ‬ ‫ُ‬
‫وجديدا‬ ‫جامعا‬ ‫مرجعا‬ ‫مهما وت دم للمكتبة العربية‬ ‫إن ترجمة هذا العمط إلى اللغة العربية تعد أمرا‬
‫سحتاج إلي ني هذم املرحلة املفصلية من التاريخ العربي‪ .‬وهط سحتاج إلى شرح مطو عن أهميت ني‬
‫مجتمعاتنا العربية وهو الذر يتناو مو وعات شائكات من م ط اة س ال ومي والصراع اإلثني والهوية‬
‫واالستماء والتعصب والتسامح والطاعة والتعذيب واة رب واإلبادة اة‪،‬ماعية والسلوك االرهابي؟‪.‬‬

‫(‪ )25‬هوتون ص‪.251‬‬


‫‪Chabrol, C. et Radu, M. (2008). Psychologie de la communication et de la persuasion, théories et‬‬
‫(‪)26‬‬

‫‪applications. Bruxelles : De Boeck, 315p.‬‬

‫‪15‬‬

You might also like