مفهوم الادخار

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫مفهوم االدخار ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف االدخار في اللغة‪:‬‬


‫‪ -‬االدخار في اللغة مصدر لفعل ادخر‪ ،‬ويقال ادخر الشيء إذا اختاره‬
‫أو اتخذه أو خبأه وأعده لوقت الحاجة‪ ،‬وذخر الشيء‪ ،‬ذخرا وذخرا‪،‬‬
‫خبأه لوقت الحاجة إليه" ‪ ،‬قال الفيومي‪ ":‬ذخرته ذخرا من باب نفع‬
‫واالسم الذخر بالضم إذا أعددته لوقت الحاجة إليه‪"...‬‬
‫‪ -‬وجاء في لسان العرب‪ ":‬ذخر الشيء يذخره ذخرا واذَّخره اذخارا‬
‫اختاره وقيل اتخذه " فاالدخار لغة إذن هو االحتفاظ بالشيء وتخبأته‬
‫لوقت الحاجة إليه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف االدخار اقتصاديا ‪:‬‬
‫‪ -‬ظاهرة اقتصادية أساسية في حياة األفراد والمجتمعات‪ ,‬وهو فائض‬
‫الدخل عن االستهالك‪ ,‬أي ِإنه الفرق بين الدخل وما ينفق على سلع‬
‫االستهالك والخدمات االستهالكية‪ .‬لذلك يطلق بعضهم أيضا ً على‬
‫االدخار لفظ «الفائض»‪.‬‬
‫‪ -‬ويكمن االدخار في اقتطاع يستهدف تكوين احتياطي‪ ,‬علما ً أن هذا‬
‫االحتياطي يمكنه أن يفيد بالتناوب لالستثمار أو الستهالك آجل‪.‬‬
‫المنظور التاريخي ‪:‬‬
‫‪ -‬تبلور مفهوم االدخار منذ بدء الفكر االقتصادي المنظم بالعالقة مع‬
‫مفهوم الفائض االقتصادي‪ .‬فهو من الدالالت العميقة التي تكمن‬
‫خلف اهتمام الفكر االقتصادي للتجاريين بميزان تجاري ِإيجابي‬
‫وزيادة االحتياطي من الذهب والفضة بوصفهما الثروة الرئيسية‬
‫المرغوب فيها‪ .‬وقد أبرز التجاريون أهمية المعادن الثمينة ألنهم‬
‫عاشوا في القرنين السادس عشر والسابع عشر‪ِ ,‬إذ سادت فيهما‬
‫اإلنتاج وزاد الخوف من قلة األغذية‬ ‫الحروب بين الدول وقل ِ‬
‫والمواد األولية فكان تملك احتياطي ذهبي يعني تملك خاصية الشراء‬
‫نقدا ً إِضافة إِلى المزايا االقتصادية والسياسية األخرى ‪ ،‬وهذا يعني‬
‫أيضا ً أن على الدولة أن تتدخل لتوجيه االقتصاد الوطني‪ .‬فالفكر‬
‫االقتصادي للتجاريين كان مرتبطا ً بمرحلة البرجوازية النامية‬
‫اإلقطاع‪ ,‬وكان على هذه البرجوازية آنذاك أن تدعم نفسها‬
‫فحضن ِ‬
‫بقوة الدولة‪.‬‬
‫ويعد االدخار كذلك من المعاني التي يوحي بها الفكر الفيزيوقراطي‬
‫اإلنتاجية لدى‬
‫الخاص بإِنتاجية العمل الزراعي ‪ ،‬فمن المعروف أن ما يميز ِ‬
‫أصحاب هذا الفكر هو أن العمل الزراعي يوفر فائضا ً في حين أن غيره‬
‫من األعمال ال يضمن ذلك‪.‬‬
‫ويظهر مع التقليديين الكبيرين سميث وريكاردو‪ ،‬وهما من أصحاب‬
‫مذهب الحرية االقتصادية ‪ ،‬االهتمام الواضح باالدخار واستخدامه المثمر‪.‬‬
‫ِإن سميث يقدم نموذجا ً لزيادة الثروة واالزدهار يقوم على قاعدة التراكم‬
‫الرأسمالي‪ .‬فكل ازدهار اقتصادي مشروط بتكوين رأسمالي سابق‪ ,‬ولكي‬
‫يتحقق هذا التكوين البد أن يسبقه االدخار‪ .‬يقول سميث في كتابه ثروة‬
‫اإلدارة‬
‫األمم " ِإن رأس المال يزداد باالدخار ويتناقص بالهدر وسوء ِ‬
‫والصناعة التي غدت تحقق المزيد من االدخار‪ ,‬ماذا كان بإِمكانها أن‬
‫تعطي من دون االدخار"‪ ,‬وعلى هذا األساس فإِن زيادة االدخار تؤدي ِإلى‬
‫زيادة رأس المال الثابت‪ ,‬أي زيادة توسع الصناعات الحقيقية ثم زيادة كمية‬
‫العمل المنتج المستخدم‪ ,‬مما يتيح تقسيما ً أكبر للعمل االجتماعي ورفعا ً‬
‫اإلجمالي وقيمته وذلك‬ ‫اإلنتاج ِ‬
‫اإلنتاجية مما يؤدي ِإلى زيادة كمية ِ‬
‫لمستوى ِ‬
‫باتجاه تحقيق رفاهية السكان‪ .‬ومشهور هجوم سميث على ما كان يعده‬
‫تبديدا ً للفائض على يد الدولة ِ‬
‫اإلقطاعية‪ ,‬والملكية وانتقاده نفقات النبالء‬
‫وأثرياء التجار ألنهم يستخدمون الفائض االقتصادي بطريقة غير منتجة‪.‬‬
‫وكان لريكاردو االهتمامات نفسها‪ ,‬فهو يعتقد أن من الضروري للتقدم‬
‫اإلنتاج ِإلى أقصى حد ممكن ‪ ،‬وأن يؤلف الجزء‬ ‫االقتصادي أن يزيد ِ‬
‫األكبر من هذا الحد األقصى فائضا ً يمتلكه المنظم الذي يعيد استثماره‪.‬‬
‫وهذا هو ما يجعل ريكاردو ينادي بأن تكون األجور في أقل مستوى‬
‫ممكن‪ ,‬وكذلك دخول المالك العقاريين‪ .‬ويرى في مؤلفات االقتصاديين‬
‫التقليديين كلهم االهتمام نفسه بتحديد الطبقات االجتماعية التي يؤول ِإليها‬
‫الفائض االقتصادي وكيف تستخدم ذلك الفائض ‪ ،‬وبأثر هذا االستخدام في‬
‫االدخار والنمو االقتصادي‪.‬‬
‫كان الكتاب التقليديون ال يفرقون التفريق الكافي بين عملية االدخار‬
‫وعملية االستثمار‪ ,‬وكانوا يرون أن األموال المدخرة البد أن تتجه ِإلى‬
‫نواحي االستثمار المختلفة بصورة تلقائية‪ ,‬وهو ما يسمى أحيانا ً باالستثمار‬
‫التلقائي‪ِ .‬إن هذا التحليل يلخصه االقتصادي الفرنسي التقليدي ساي بقوله‬
‫ِإن العرض يولد الطلب ويعني ذلك أن الدخل البد أن ينفق كله‪ِ ,‬إما في‬
‫االستهالك وإِما في االستثمار‪ ,‬على أساس أن جميع االدخارات البد أن‬
‫تستثمر‪.‬‬
‫وقد بدأ ماركس من تحليل االقتصاديين التقليديين بعد وضع النظام‬
‫الرأسمالي في إطار التطور التاريخي ‪ ،‬وأكد أن الشكل المحدد للفائض‬
‫االقتصادي وحجمه وأسلوب تملكه وطريقة استخدامه تعبر كلها عن مرحلة‬
‫معينة من تطور العمل وتطور إِنتاجيته‪ .‬وعند صوغ هذه المالحظة ألح‬
‫ماركس على عرض األشكال التاريخية المختلفة التي اتخذها الفائض‬
‫االقتصادي والدور الذي قامت به تلك األشكال المختلفة في التاريخ‪ ,‬محددا ً‬
‫بذلك جوهر االدخار ومصادره األساسية في األنظمة االجتماعية المختلفة‪.‬‬
‫ويختفي مفهوم الفائض االقتصادي من مؤلفات معظم االقتصاديين غير‬
‫الماركسيين الذين كتبوا بعد مرحلة ‪ 1870-1850‬فهناك أوال التحوالت‬
‫االقتصادية واالجتماعية نفسها في البالد التي كان هؤالء االقتصاديون‬
‫يعيشون فيها‪ .‬ففي ذلك العصر كانت تلك البالد قد بلغت مرحلة الرأسمالية‬
‫اإلقطاعي ألن‬
‫المتطورة ‪ ،‬فلم تبقي هناك جدوى في النضال ضد التبديد ِ‬
‫هذا التبديد كان قد اختفى عمليا ‪ .‬وفي مثل هذه الظروف كان المقدار‬
‫االقتصادي األكثر داللة فيما يتعلق بالنمو هو االستثمار ال الفائض‪.‬‬
‫ِإضافة الى أن تحليلهم كان على مستوى المشروع والمستهلك‪ .‬وفي هذا‬
‫المستوى ال يبدو االستثمار نابعا ً من فائض اجتماعي‪ ,‬وإنما يبدو صادرا‬
‫عن قرار فردي‪.‬‬
‫ولم تدرك الدولة الرأسمالية في مرحلة سابقة أهمية تعليل الدالئل‬
‫االقتصادية األساسية ومنها االدخار على مستوى االقتصاد القومي هذا‬
‫االدخار الذي البد منه لكي يكون الحجم الكلي لالستثمار كافيا ‪ ،‬فقد‬
‫أصبحت هذه المهمة من أبرز المهمات االقتصادية للدولة بعد الحرب‬
‫العالمية األولى لمعالجة إفرازات الدورة االقتصادية وكوارثها والسيما بعد‬
‫صدور كتاب جون مينارد كينز النظرية العامة ونظريته في أسلوب‬
‫معالجة األزمات االقتصادية‪.‬‬
‫لقد استنتج االقتصاديون المحدثون أن عملية االدخار غير عملية االستثمار‬
‫وأن المدخر غير المستثمر‪ ,‬وأن الحوافز على االدخار غير الحوافز على‬
‫االستثمار‪ ,‬وبينوا أن األموال المدخرة تتعادل مع األموال المستثمرة‪ ,‬ال‬
‫عن طريق سعر الفائدة‪ ,‬ولكن عن طريق الدخل القومي‪ .‬ويحدث ذلك عند‬
‫أي مستوى من الدخل القومي‪.‬‬
‫أنواع االدخار ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬االدخار االختياري‬
‫وهو االدخار الحر الذي يقوم به الفرد طوعا واستجابة ِإلرادته ورغبته‬
‫نتيجة لموازنته بين وضعين ‪ ،‬وضع إِقدامه على انفاق دخله ووضع‬
‫اإلجراءات والسياسات في زيادة‬ ‫اإلنفاق‪ .‬وتسهم جملة من ِ‬‫امساكه عن هذا ِ‬
‫حجم االدخار الحر عن طريق إِيجاد الوعي االدخاري لدى المواطنين‬
‫وتنميته ودعم الضمانة والثقة باالدخار وتطوير المؤسسات االدخارية‬
‫وتوسيعها وتحسين خدماتها‪.‬‬
‫وال تزال المؤسسات االدخارية في البلدان النامية محدودة العدد وقاصرة‬
‫على تقديم الخدمات الضرورية للمدخر نتيجة ألسباب ادارية وفنية اضافة‬
‫الى أن االدخارات الفردية مقصورة في الغالب على المدخرين في المدن‬
‫ويكاد االدخار أن يكون معدوما في المناطق الريفية لعدم وجود فروع‬
‫للمؤسسات االدخارية كالمصارف وصناديق توفير البريد‪.‬‬
‫اإلجباري‬
‫ثانيا ‪ :‬االدخار ِ‬
‫وهو ادخار يجبر عليه األفراد نتيجة لمقتضيات قانونية أو لقرارات‬
‫اإلجباري في االقتصاد‬
‫حكومية أو قرارات الشركات‪ .‬وقد انتشر االدخار ِ‬
‫الحديث وفي مقدمة مجاالته المجاالت الخمسة التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬نطاق االدخار التقاعدي لدى صناديق المعاشات والتأمينات‬
‫االجتماعية‪:‬‬
‫وهذا النوع من المدخرات له أهمية خاصة التساع مجاله ولتمتعه بصفة‬
‫االستمرار والثبوت‪.‬‬
‫‪ -2‬نطاق ادخار الشركات‪:‬‬
‫وهذا النوع من المدخرات يتكون عندما تقرر الهيئة العامة ِإلحدى‬
‫الشركات دعم احتياطياتها أو عدم توزيع قسط من أرباحها قصد القيام‬
‫بتمويل ذاتي ‪ ،‬فيترتب على ذلك تناقص في األرباح الموزعة على‬
‫المساهمين‪.‬‬
‫‪ -3‬نطاق االدخارات عن طريق الضرائب‪:‬‬
‫اذ تحصل الدولة الكثير من األموال مما يوفر لها امكانات أكبر لالستثمار‬
‫اإلنمائية من جهة وتقليص االستهالك من جهة أخرى‪,‬‬ ‫في المشروعات ِ‬
‫واإلنفاقات غير المسوغة ‪.‬‬
‫والسيما االستهالك الخاص المرتبط بالتبذير ِ‬
‫وللضرائب في االقتصاديات الرأسمالية المتقدمة أثر مهم في معالجة‬
‫المشاكل الناجمة عن الدورة االقتصادية وافرازاتها واعادة توزيع الدخل‬
‫الوطني وتغذية خزانة الدولة ‪ ،‬والسيما في المراحل التي تزيد فيها النفقات‬
‫زيادة كبيرة اثر االندفاع نحو التسلح ‪.‬‬
‫أما في الدول النامية فإِن للضرائب أثرا كبيرا في خدمة تمويل التنمية ‪،‬‬
‫وهي تسوغ بالدرجة األولى بضعف امكانات االدخار الحر وضرورة‬
‫تحقيق األهداف التالية ضغط االستهالك وكبح جماحه وتحويل الموارد منه‬
‫إِلى االستثمار وتحويل موارد مبعثرة من أيدي األفراد إِلى يد الدولة لتمويل‬
‫االستثمار العام وتوفير الحوافز لزيادة االستثمار وتوجيهه وتقليل الفوارق‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -4‬القروض‪:‬‬
‫ويمكن تقسيمها ِإلى قسمين‪ :‬القروض الداخلية والقروض الخارجية‪.‬‬
‫ان القروض العامة الداخلية هي األداة التي يلجأ اليها بسبب شح االدخار‬
‫اإلجباري ممثال في الضرائب و يسوغ االقتراض‬ ‫الحر وقصور االدخار ِ‬
‫الداخلي في الدول النامية غالبا بتفشي ظاهرة االكتناز وانتشار ظاهرة‬
‫اإلنفاق الكمالي والمظهري وتدفق االستثمارات إِلى الميادين غير المنتجة‬
‫ِ‬
‫ِإذ يساعد الحصول على القروض وتوجيهها وفقا ألهداف الخطة العامة‬
‫للدولة وعلى أساس معايير االستثمار مساعدة كبيرة في دعم جهود التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫وتعترض سبيل االقتراض الداخلي في الدول النامية مصاعب منها عدم‬
‫توافر سوق نقدية منتظمة لتداول القروض القصيرة األجل ‪ ،‬وعدم نضج‬
‫سوق رأس المال للتعامل في السندات الحكومية وسندات الشركات‬
‫التجارية والصناعية وعدم نماء العادة االدخارية المصرفية وضعف كفاية‬
‫أجهزة تعبئة المدخرات وصغر حجم القطاع الصناعي‪.‬‬
‫أما القروض الخارجية فهي األداة التي تلجأ إِليها الدولة بسبب قصور‬
‫التمويل المحلي ورغبتها في تجنب بعض المخاطر االقتصادية الداخلية‬
‫كالتدهور النقدي أو عدم الرغبة في تحمل ضرائب أعلى‪.‬‬
‫وتساعد القروض الخارجية اذا أحسن استخدامها على زيادة الناتج وتنمية‬
‫الصادرات وبدائل المستوردات مما يسهم في زيادة الدخل الوطني‬
‫والمدخرات الوطنية وتحسين الميزان التجاري كما تعاون على منع‬
‫التضخم وتجنب تدهور العملة الوطنية‪.‬‬
‫‪ -5‬التمويل التضخمي‪:‬‬
‫اذا لم يتيسر استدراك الفائض االقتصادي من قطاعات االقتصاد القومي‬
‫طواعية بفضل االدخار الحر أو كرها بوساطة الضرائب أو عن طريق‬
‫القروض فانه يمكن أن يستحدث ادخار بزيادة وسائل الدفع واالئتمان ثم‬
‫االستحواذ عليها واستخدامها في تمويل التنمية باسم التمويل التضخمي‪.‬‬
‫والتمويل التضخمي أو التمويل بالعجز وسيلة لتحويل الموارد من‬
‫االستهالك الجاري الى التكوين الرأسمالي باصدار نقود أو ائتمان لسد‬
‫الفجوة التي تحدث في تمويل خطة التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وتختلف الحال فيما يتصل بوسيلتي التمويل بالعجز أي االئتمان المصرفي‬
‫واصدار النقود‪ .‬يجب في الحالة األولى توفية السلف المصرفية بعد انتهاء‬
‫اإلضافية التي ألقي بها‬
‫أجلها فتتحقق وسيلة للسحب التلقائي للقوة الشرائية ِ‬
‫في التداول األمر الذي ال يحدث في حالة اصدار النقود مما يحتاج ِإلى‬
‫عملية بطيئة وصعبة‪ .‬ويتحقق التمويل بالعجز غالبا ً في الدول المتقدمة‬
‫اقتصاديا بالحصول على االئتمان من الجهاز المصرفي في حين يكون في‬
‫الدول النامية غالبا عن طريق ِإصدار النقود‪.‬‬
‫محددات االدخار ‪:‬‬
‫تقوم عملية االدخار علي دعامتين أساسيتين هما القدرة االدخارية و الرغبة‬
‫االدخارية ‪.‬‬
‫‪ .1‬القدرة االدخارية هي قدرة الفرد علي تخصيص جزء من دخله من‬
‫أجل المستقبل و هي تحدد بالفرق بين حجم الدخل و حجم االستهالك‬
‫و يتوقف هذا األخير علي نظام معيشة الفرد و سلوكه و تصرفاته ‪،‬‬
‫و من ثم فان القدرة االدخارية ليست متوقفة علي حجم الدخل‬
‫المطلق ‪ ،‬بل هي مسألة نسبية تختلف من فرد الي االخر و تتغير‬
‫بتغير الظروف ‪.‬‬
‫‪ .2‬أما الرغبة االدخارية فهي مسألة نفسية تربوية تقوي و تضعف تبعا‬
‫للدوافع التي تدعو لالدخار و مقدار تأثر الفرد و الطبقات االجتماعية‬
‫بهذه الدوافع ‪.‬‬
‫و أهم هذه الدوافع النفسية لالدخار هي عطالة معينة في االستهالك عندما‬
‫يرتفع الدخل و الرغبة في تنظيم النفقات تبعا للتغيرات المتوقعة أو غير‬
‫المتوقعة و الرغبة في الثراء ‪ ،‬أما الظروف التي تحدد درجة نشاط الدوافع‬
‫الموضوعية فهي بالدرجة األولي ‪ :‬الدخل ‪ ،‬معدل الفائدة ‪ ،‬النظام المالي ‪،‬‬
‫درجة االستقرار االجتماعي و الدولي و النظام االقتصادي – االجتماعي ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الدخل‬
‫‪ -‬يعد الدخل عامال أساسيا في زيادة االدخار أو انخفاضه فاذا زاد‬
‫الدخل بنسبة معينة فان االستهالك سيزداد و لكن االدخار سيزداد‬
‫بنسبة أكبر من نسبة االستهالك ‪ ،‬و هذا يعد بنظرية كينز قانونا‬
‫نفسيا أساسيا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النظام المالي‬
‫‪ -‬اذا عمدت الدولة الي زيادة الضرائب علي الدخول انخفض حجم‬
‫مدخرات األفراد ‪ ،‬و علي العكس اذا عمدت الدولة الي تخفيض‬
‫الضرائب قد يؤدي ذلك الي ريادة القدرة علي االدخار ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬درجة االستقرار االجتماعي و الدولي‬
‫‪ -‬تؤثر التوقعات التي تحدث في أوقات األزمات االقتصادية و‬
‫الحروب في حجم االدخار ‪ ،‬فتوقع األفراد حدوث نقص في انتاج‬
‫سلعة استهالكية معينة الي تهافتهم علي شرائها بكميات وافرة تكفي‬
‫الحتياجاتها مستقبال مما يؤدي الي نقص المدخرات ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬النظام االقتصادي – االجتماعي‬
‫‪ -‬النظام االقتصادي – االجتماعي هو الذي يحدد في نهاية المطاف‬
‫توزيع الدخل علي طبقات المجتمع ‪ ،‬فهناك فارق كبير في مصدر‬
‫المدخرات بين بلدان المجتمع الرأسمالي و المجتمع االشتراكي ‪.‬‬
‫‪ -‬ففي ظل الرأسمالية تتكون المدخرات من ادخار أصحاب رؤوس‬
‫األموال الكبيرة بالدرجة األولي ‪ ،‬أما في ظل االشتراكية حيث يعاد‬
‫توزيع الثروة و الدخل توزيعا عادال مما يحقق تقليل الفوارق بين‬
‫الطبقات الي أدني حد ممكن فان القاعدة الشعبية يرتفع نصيبها‬
‫تدريجيا في الدخل القومي فتزداد قدرتها علي االدخار ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬معدل الفائدة‬
‫‪ -‬يختلف االقتصاديون فيما بينهم حول تأثير معدل الفائدة علي تكوين‬
‫االدخار في االقتصاد الوطني ‪ ،‬ففريق منهم يري ان انخفاض معدل‬
‫الفائدة يسهم في ارتفاع حجم االدخار نتيجة للزيادة التي يحدثها‬
‫االنخفاض في حجم االستثمارات و في الدخل القومي ‪ ،‬و علي‬
‫النقيض من ذلك يري الفريق ان ارتفاع معدل الفائدة يقود الي‬
‫انخفاض حجم االدخار نتيجة للنقص الذي يحدثه ذلك االرتفاع في‬
‫حجم االستثمار و في الدخل القومي ‪ ،‬اذ الدخل في نهاية المطاف هو‬
‫مصدر كل ادخار ‪.‬‬
‫‪ -‬و يري فريق اخر ان انخفاض معدل الفائدة يؤثر سلبا علي االدخار‬
‫اذ يقوي من عزيمة أصحاب الدخول في تأجيل استهالكاتهم و تكوين‬
‫االدخار ‪.‬‬
‫‪ -‬و األمر اليتعدي االحتمال ألن سلوك أصحاب الدخول و‬
‫المستثمرين ال يتعلق فقط بمعدل الفائدة بل يخضع لمؤثرات اخري‬
‫مختلفة ‪ ،‬و قد تكون متضاربة التأثير في االدخار ‪.‬‬
‫العوامل المؤثرة علي االدخار ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬عوامل موضوعية‬
‫‪ -‬مستوى الدخل ‪ :‬عالقته طردية مع االدخار فكلما زاد الدخل زاد‬
‫االدخار و العكس صحيح حيث يجحم األفراد من االدخار لعدم القدرة‬
‫لتلبية حاجياتهم ‪.‬‬
‫‪ -‬مستوى األسعار ‪ :‬عالقته عكسية مع االدخار بحيث كلما كانت‬
‫األسعار مرتفعة ( انخفاض القدرة الشرائية ) تنخفض القدرة على‬
‫االستهالك و بالتالي تنخفض الكمية المدخرة أما إذا كانت األسعار‬
‫منخفضة فتسمح باقتناء حاجات الفرد و بالتالي الزيادة في حجم‬
‫المدخرات‪.‬‬
‫‪ -‬ثبات العملة ‪ :‬ويقصد بها عدم تعرضها لالنهيارات أو التخفيضات‬
‫فكلما كانت العملة أكثر ثباتا زادة الثقة فيها من قبل األفراد مما يؤهلها‬
‫إلى بقاء قيمتها السوقية على حالها و بذلك زيادة حجم المدخرات و‬
‫العكس يؤدي الى األحجام عن االدخار‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة الضرائب ‪ -:‬عالقتها باالدخار عالقة طردية الى حد معين فقط‬
‫فعند فرض ضريبة نقل السيولة النقدية من السوق و هذا يعني اداعها‬
‫لدى البنوك وهو تحفيز لعملية االدخار ‪.‬‬
‫‪ -‬معدل الفائدة ‪ :‬عالقته مع االدخارعالقة طردية فكلما زاد معدل الفائدة‬
‫الممنوح من قبل البنك زاد حجم الودائع و العكس إذا كانت معدالت‬
‫الفائدة منخفضة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عوامل ذاتية‬
‫وهي عوامل ذاتية مرتبطة باألشخاص من حيث طبقاتهم و عاداتهم و‬
‫تقاليدهم و كذلك العقائد الدينية التي تحرم التعامل بالربا مثال أما بالنسبة‬
‫إلى الطبقات االجتماعية فنجد الطبقة الغنية ليس لها حافز في االدخار‬
‫ألنها تفضل االكتناز أما أصحاب الطبقة المتوسطة و العاملة فهي تلجأ‬
‫لالدخار وذلك لتحسين الظروف المعيشية و مواجهة األزمات المستقبلية‬
‫كالحوادث أما بالنسبة للقطاع الحكومي فتلجأ الدولة لعدة سياسات لرفع‬
‫حجم المدخرات مثل توزيع المداخيل و تغيير الميل االستهالكي ‪.‬‬

You might also like