Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 538

‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬

‫جلل الدين السيوطي‬

‫الحاوي للفتاوي‬
‫في الفقه وعلوم التفسير والحديث والصول‬
‫والنحو والعراب وسائر الفنون‬

‫لعالم مصر ومفتيها المام العلمة جلل الدين عبد الرحمن‬


‫بن‬
‫أبي بكر بن محمد السيوطي صاحب التآليف الكثيرة‬
‫المتوفى في سحر ليلة الجمعة تاسع عشر‬
‫جمادى الولى سنة إحدى عشرة‬
‫وتسعمائة عن اثنين‬
‫وستين سنة‬

‫الجزء الول‬

‫ترجمة الحافظ السيوطي‬


‫الحافظ السيوطي عن شذرات الذهب فممي أخبممار مممن‬
‫ذهب لبن العماد‪ .‬جلل الدين أبو الفضل عبد الرحمممن بممن‬
‫أبي بكر بن محمد الخضيري السمميوطي الشممافعي المسممند‬
‫المحقق المدقق‪ ،‬صاحب المؤلفات الفائقة النافعة‪.‬‬
‫ولد بعد مغممرب ليلممة الحممد مسممتهل رجممب سممنة تسممع‬
‫وأربعين وثمانممائة‪ ،‬وعمرض محمافيظه علمى العمز الكنماني‬
‫الحنبلي فقال لممه ممما كنيتممك فقممال ل كنيممة لممي فقممال "أبممو‬
‫الفضل" وكتبه بخطه‪ .‬وتوفي والده وله مممن العمممر خمممس‬
‫سنوات وسبعة أشهر‪ ،‬وقد وصممل فممي القممرآن إذ ذاك إلممى‬
‫سورة التحريم‪ ،‬وأسند وصايته إلى جماعة منهم الكمال بن‬
‫الهمام فقرره في وظيفة الشيخونية ولحظه بنظره‪ ،‬وختممم‬
‫القرآن العظيم وله من العمر دون ثمان سممنين‪ ،‬ثممم حفممظ‬
‫عمدة الحكممام ومنهمماج النممووي وألفيممة ابممن مالممك ومنهمماج‬
‫البيضاوي‪ ،‬وعرض ذلك على علماء عصره وأجممازوه‪ ،‬وأخممذ‬
‫عن الجلل المحلى والزين العقبى‪ ،‬وأحضره والده مجلممس‬
‫الحافظ ابن حجر‪ ،‬وشرع في الشممتغال بممالعلم مممن ابتممداء‬
‫‪1‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ربيع الول سنة أربع وستين وثمانمائة فقرأ علممى الشمممس‬
‫السيرامي صحيح مسمملم إل قليل منممه والشممفا وألفيممة ابممن‬
‫مالك فما أتمها إل وقد صنف‪ ،‬وأجازه بالعربيممة وقممرأ عليممه‬
‫قطعة من التسهيل وسمع عليه الكممثير مممن ابممن المصممنف‬
‫والتوضيح وشرح الشذور والمغنى في أصول فقممه الحنفيممة‬
‫وشرح العقائد للتفتازاني‪ ،‬وقممرأ علممى الشمممس المرزبمماني‬
‫الحنفممي الكافيممة وشممرحها للمصممنف ومقدمممة ايسمماغوجي‬
‫وشممرحها للكمماتي وسمممع عليممه مممن المتوسممط والشممافية‬
‫وشرحها للجاربردي ومن ألفية العراقي‪ ،‬ولزمه حمتى مممات‬
‫سنة سبع وستين‪ ،‬وقرأ في الفرائض والحساب على علمة‬
‫زمممانه الشممهاب الشممار مسمماحي‪ ،‬ثممم لممزم دروس العلممم‬
‫البلقيني من شوال سممنة خمممس وسممتين فقممرأ عليممه ممما ل‬
‫يحصى كثرة‪ ،‬ولممزم أيضمما الشممرف المنمماوي إلممى أن مممات‬
‫وقممرأ عليممه ممما ل يحصممى‪ ،‬ولممزم دروس محقممق الممديار‬
‫المصرية سيف الممدين محمممد بممن محمممد الحنفممي‪ ،‬ودروس‬
‫العلمة التقي الشمني‪ ،‬ودروس الكافيجي‪ ،‬وقرأ على العممز‬
‫الكناني‪ ،‬وفي الميقات على مجد الممدين بممن السممباع والعممز‬
‫بن محمد الميقاتي‪ ،‬وفي الطممب علممى محمممد بممن إبراهيممم‬
‫الدواني لممما قممدم القمماهرة مممن الممروم‪ ،‬وقممرأ علممى التقممي‬
‫الحصكفي والشمس البابي وغيرهم‪.‬‬
‫وأجيز بالفتاء والتدريس‪ .‬وقد ذكر تلميذه الداودي في‬
‫ترجمته أسماء شيوخه إجازة وقراءة وسماعا مرتبين علممى‬
‫حممروف المعجممم فبلغممت عممدتهم أحممدا وخمسممين نفسمما‬
‫واستقصى أيضا أسممماء مؤلفمماته الحافلممة الكممثيرة الكاملممة‬
‫الجامعة النافعة المتقنة المحررة المعتمدة المعتبرة فنافت‬
‫عدتها على خمسمائة مؤلف‪ ،‬وشممهرتها تغنممي عممن ذكرهمما‪،‬‬
‫وقممد اشممتهر أكممثر مصممنفاته فممي حيمماته فممي أقطممار الرض‬
‫شرقا وغربا‪ ،‬وكان آية كبرى في سرعة التأليف حممتى قممال‬
‫تلميذه الداودي‪ :‬عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ثلثة‬
‫كراريممس تأليفمما وتحريممرا‪ ،‬وكممان مممع ذلممك يملممي الحممديث‬
‫ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة‪ ،‬وكان أعلممم أهممل‬
‫زمممانه بعلممم الحممديث وفنممونه رجممال وغريبمما ومتنمما وسممندا‬
‫واستنباطا للحكام منه‪ ،‬وأخبر عن نفسه أنه يحفممظ مممائتي‬
‫‪2‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ألف حديث‪ ،‬قال ولو وجممدت أكممثر لحفظتممه‪ ،‬قممال ولعلممه ل‬
‫يوجد على وجه الرض الن أكثر من ذلك‪.‬‬
‫ولما بلغ أربعين سنة أخذ في التجرد للعبادة والنقطمماع‬
‫إلى الله تعالى والشتغال به صممرفا والعممراض عممن الممدنيا‬
‫وأهلهمما كممأنه لممم يعممرف أحممدا منهممم‪ ،‬وشممرع فممي تحريممر‬
‫مؤلفمماته‪ ،‬وتممرك الفتمماء والتممدريس واعتممذر عممن ذلممك فممي‬
‫مؤلف سماه بممالتنفيس‪ ،‬وأقممام فممي روضممة المقيمماس فلممم‬
‫يتحول منها إلى أن مات‪ ،‬ولم يفتح طاقات بيته الممتي علممى‬
‫النيل من سكناه‪ ،‬وكان المراء والغنياء يممأتون إلممى زيممارته‬
‫ويعرضممون عليممه الممموال النفيسممة فيردهمما‪ ،‬وأهممدى إليممه‬
‫السلطان قانصوه الغمموري خصمميا وألممف دينممار فممرد اللممف‬
‫وأخذ الخصممى فممأعتقه وجعلممه خادممما فممي الحجممرة النبويممة‬
‫وقال لقاصد السمملطان ل تعممد تأتينمما بهديممة قممط فممان اللممه‬
‫تعالى أغنانا عمن مثمل ذلمك‪ ،‬وطلبمه السملطان ممرارا فلمم‬
‫يحضر إليه‪ ،‬ورؤى النبي صلى الله عليه وسمملم فممي المنممام‬
‫والشيخ السيوطي يسأله عن بعض الحاديث والنممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم يقول لممه هممات يمما شمميخ السممنة‪ ،‬ورأى هممو‬
‫بنفسه هذه الرؤيا والنبي صلى الله عليممه وسمملم يقممول لممه‬
‫هات يا شيخ الحديث‪...‬‬
‫ومناقبه ل تحصر كثرة ولو لم يكن له من الكرامممات إل‬
‫كثرة المؤلفات مع تحريرهمما وتممدقيقها لكفممى ذلممك شمماهدا‬
‫لمن يؤمن بالقدرة‪ .‬وله شعر جيدة كممثير ومتوسممطة أكممثر‪،‬‬
‫وغالبة في الفوائد العلمية والحكام الشرعية‪.‬‬
‫وتوفي سحر ليلة الجمعة تاسممع عشممر جمممادى الولممى‬
‫سنة إحدى عشرة وتسعمائة في منزله بروضممة المقيمماس‪-‬‬
‫بعد أن تمرض سبعة أيام بورم شممديد فممي ذراعممه اليسممر‪-‬‬
‫عن إحدى وستين سنة وعشرة أشهر وثمانيممة عشممر يوممما‪،‬‬
‫ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة‪.‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله جامع الشتات والصلة والسلم علممى سمميدنا‬
‫محمد المبعوث باليات البينات وعلى آله وصممحبه وأزواجممه‬
‫الطاهرات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وبعد فقد استخرت الله تعالى في جمع نبذ من مهمات‬
‫الفتاوى الممتي أفممتيت بهمما علممى كثرتهمما جممدا مقتصممرا علممى‬
‫المهم والعويص وما في تممدوينه نفممع واجممدا وتركممت غممالب‬
‫الواضممحات وممما ل يخفممى علممى ذوي الذهممان القادحممات‪،‬‬
‫وبممدأت بالفقهيممات مرتبممة علممى البممواب ثممم بالتفسممير ثممم‬
‫بالحديث ثم بالصول ثم بالنحو والعراب ثم بسائر الفنممون‬
‫إفادة للطلب وسميت هذا المجموع )الحاوي للفتاوى(‪.‬‬

‫الفتاوى الفقهية‬
‫فتاوى العبادات‬
‫كتاب الطهارة‬
‫مسألة ‪ -‬في قول إمامنا الشافعي رضي الله عنممه فممي‬
‫بعض كتبه الماء المطل‪ :‬إنممه الممذي يقممول رائيممه هممذا ممماء‪،‬‬
‫وتبعه في ذلك الصحاب هل ينافي قول كثير مممن شممارحي‬
‫المنهاج في قوله فان بلغهما بماء ول تغير فطهور إنممه نكممر‬
‫الممماء ليشمممل الطهممور والطمماهر والمتنجممس حيممث جعممل‬
‫التنكير والعرو عن القيممد وصممفا للممماء فممي الول بممالطلق‬
‫دون الثاني إذ ل منافاة بين الوصفين‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إن المذكور في حد الماء المطلق "إنه الممذي‬
‫يقول رائيه هذا ماء" راجع إلى العرف‪ ،‬والمذكور في قمموله‬
‫فإن بلغهما بماء بالنظر إلى المعنى اللغوي فإن الممماء فممي‬
‫اللغة يصدق بالطهور وبالطاهر وبممالنجس ولهممذا قمالوا فمي‬
‫قول التنبيه باب المياه إنه جمع الماء وإن كان اسممم جنممس‬
‫واسممم الجنممس ل يجمممع إل عنممد اختلف أنممواعه لن أنممواع‬
‫الماء مختلفممة فيتنمموع إلممى طهممور وطمماهر ونجممس وحممرام‬
‫ومكروه فعلم بممذلك صممدقه علممى هممذه النممواع لغممة‪ ،‬وأممما‬
‫الضابط المذكور في حمد المطلمق فإنمما أخمذ ممن العمرف‬
‫لعتبار الشارع له‪ ،‬والعممرف ل يطلممق الممماء علممى ممما عممدا‬
‫المطلق إل مقيمدا ل مطلقما بمأن يقمول مماء نجمس أو مماء‬
‫مستعمل أو ماء زعفران‪ ،‬ويؤكد كونهم نظممروا فممي ضممابط‬
‫المطلق إلى العرف قول الشيخين في سمملبه عممن المتغيممر‬
‫بالمخالط في الكممثير‪ ،‬ولهممذا لممو حلممف ل يشممرب ممماءا لممم‬
‫يحنث بشربه لن اليمان مبناها العرف والعممرف ل يسمممي‬
‫‪4‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذا ماءا‪ ،‬وقولهم في قاعدة ما ل ضابط له في الشممرع ول‬
‫اللغة إنه يرجع فيممه إلممى العممرف مممن ذلممك الممماء المطلممق‬
‫فعلم بهذا كله أنه ل منافاة بين الكلميممن لن الول ضممابط‬
‫جرى علممى المصممطلح العرفممي والثمماني تعممبير جممرى علممى‬
‫الوضع اللغوي والمنكر بوضعه شامل للمطلق والمقيد‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في القطران المستعمل في القممرب إذا تغيممر‬
‫به طعم الماء أو لونه أو ريحه هل يكون ذلك مانعا لممه مممن‬
‫إطلق اسم الماء حتى يسلب الطهورية وهل هو مجمماور أو‬
‫مخالط‪ ،‬والزفت المستعمل في الجرار إذا غيممر الممماء هممل‬
‫يسلبه الطهورية أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال النووي رحمه اللممه فممي شممرح المهممذب‪:‬‬
‫قال الشافعي رضي الله عنه فممي الم‪ :‬إذا وقممع فممي الممماء‬
‫قطران فتغير ريحه جاز الوضوء به ثم قال بعمد بأسممطر إذا‬
‫تغير بالقطران لم يجز الوضوء به فقممال الصممحاب ليسممت‬
‫على قولين بل على حالين فان القطممران ضممربان مختلممط‬
‫وغيره وقال بعض الصحاب هما قولن وهو غلط‪ .‬هذا كلم‬
‫شرح المهذب‪ ،‬قلت‪ :‬بقي صورتان لم ينبه عليهما إحممداهما‬
‫ما إذا تغير لونه فإن الشافعي رضي اللممه عنممه إنممما فممرض‬
‫المسألة في تغير الريح ويظهر لي أن التغيممر بمماللون دليممل‬
‫المجمماورة‪ ،‬والثانيممة ممما إذا كممان مممن صمملح الوعمماء فممإني‬
‫سمعت أن القرب إذا لم تدهن به أسرع إليها الفسمماد فقممد‬
‫يقال إن هذا حينئذ من المعفو عنه كالممذي فممي مقممر الممماء‬
‫وغيره‪ ،‬وقد يقال ل والفرق واضح‪.‬‬

‫باب النية‬
‫مسألة ‪ -‬قالوا لو اشترى آنية ذهب أو فضممة جمماز‪ ،‬وهممو‬
‫مشكل على قولنا ل يجوز اتخاذ آنية الذهب و الفضة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل إشكال لن مرادهم صحة الشراء ل إباحته‪،‬‬
‫وقد يصح الشيء مع تحريمه وفرق بيممن المريممن علممى أن‬
‫النووي قال في شرح المهذب ينبغممي تخريجممه علممى جممواز‬
‫التخاذ فإن منعناه كان كبيع المغنية‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قالوا لو اشترى آنية ذهب أو فضممة جمماز‪ ،‬وهممو‬
‫مشكل على قولنا ل يجوز اتخاذ آنية الذهب و الفضة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬ل إشكال لن مرادهم صحة الشراء ل إباحته‪،‬‬
‫وقد يصح الشيء مع تحريمه وفرق بيممن المريممن علممى أن‬
‫النووي قال في شرح المهذب ينبغممي تخريجممه علممى جممواز‬
‫التخاذ فإن منعناه كان كبيع المغنية‪.‬‬

‫باب أسباب الحدث‬


‫مسممألة ‪ -‬قممال بعممض المحققيممن الن فممي شممرحه فممي‬
‫الكلم علممى السممتتار عنممد قضمماء الحاجممة‪ :‬ويكفممي السممتر‬
‫بالوهممدة ونحوهمما وبإرخمماء الممذيل‪ ،‬ول يخفممى أن محممل عممد‬
‫الستر من الداب إذا لم يكن بحضرة من يرى عورته ممممن‬
‫ل يحل له نظرها أما بحضممرته فهممو واجممب وكشممف عممورته‬
‫بحضرته حرام كما صممرح بممه فممي شممرح مسمملم وجممزم بممه‬
‫صاحبا التوسممط والخممادم والبلقينممي فممي فتمماويه وقممد قممال‬
‫الشيخ شهاب الدين ابن النقيب في نكتممه فممي قمموله ويبعممد‬
‫ويستتر أي ويستر عورته ولو بشممجرة وقممال الشمميخ جمممال‬
‫الدين السنوي في القطعة فممي قمموله ويسممتتر عممن عيممون‬
‫الناس فتحرر أن المراد ستر العورة عممن عيممون النمماظرين‬
‫وقد قال أعني السنوي في أثنمماء الكلم علممى قمموله يقممدم‬
‫داخل الخلء يسمماره والخممارج يمينممه‪ :‬تنممبيه ‪ -‬جميممع ممما هممو‬
‫مذكور في هذا الباب من الداب محمول علممى السممتحباب‬
‫إل السممتقبال والسممتدبار فممي الصممحراء قمماله فممي شممرح‬
‫المهذب وسنذكر من لفظ المصنف ممما يمدل عليممه فماعلمه‬
‫ثم قال في كلمه على قوله ويحرمان بالصحراء‪:‬‬
‫تنبيهات ‪ -‬أحدها أن عدول المصممنف هنمما إلممى التحريممم‬
‫دون ما قبله وما بعده من الداب يعرفك عدم تحريمها وهو‬
‫كذلك كما سبق انتهى‪ ،‬وقممد قممالوا فممي الغسممل إنممه يحممرم‬
‫كشف العورة له بحضرة الناس‪ ،‬والمسؤول بيان ممما يعممول‬
‫عليه من ذلك هل هو عدم جواز كشف العمورة لمه بحضمرة‬
‫النمماس فممي قضمماء الحاجممة والغسممل والسممتنجاء أو جممواز‬
‫الكشف لذلك وعلى الناس غض أبصارهم‪ ،‬وبيان أن الثلثة‬
‫على نسق واحد في الجممواز وعممدمه أو أن بعضممها مخممالف‬
‫لبعض وإذا قلتم إن بعضها يخالف الباقي فممما الفممرق وهممل‬
‫يقال إن الغسل محممل حاجممة بممدليل أنممه يمكممن مممع السممتر‬
‫‪6‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بممالزار‪ ،‬والبممول والسممتنجاء محممل ضممرورة فممي الجملممة‬
‫فيسامح فيهما بما ل يسامح في الغسممل‪ ،‬والمسممؤول بيممان‬
‫ما يعول عليه مممن ذلممك متفضمملين بعممزو ممما يكممون منقممول‬
‫وبتوجيه غيره لتكمل الفائدة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المعول عليه تحريممم كشممف العممورة بحضممرة‬
‫الناس في قضاء الحاجممة والغسممل والسممتنجاء الممذي قمماله‬
‫الشارح المشار إليه صحيح وأما استشكاله بقممول السممنوي‬
‫إن جميع ما في الباب محمول علممى السممتحباب وعممد مممن‬
‫ذلك الستر وفسره بقوله عن عيممون النمماس فقممد تبممع فممي‬
‫هممذه العبممارة أكممثر الصممحاب وقممد استشممكل ذلممك علممى‬
‫الصحاب الجيلي ثم النووي كلهما في شممرح التنممبيه فقممال‬
‫إن عد ذلك أدبا فيه إشكال لن ستر العورة واجب وعبممارة‬
‫الروضممة حسممنة فممإنه قممال أن يسممتر عممورته عممن العيممون‬
‫فيمكن حمل العيون على عيون الجن فيصح عممد ذلممك أدبمما‬
‫بهذا العتبار‪ ،‬وقد ظهر لي تأويل حسن لعبارة من قال عن‬
‫عيون النمماس ذكرتممه فممي حاشممية الروضممة وهممو أنممه ليممس‬
‫المراد بالناس الحاضرين بممل مممن قممد يمممر مممن الطممارقين‬
‫حال قضاء الحاجممة فخمموطب مممن أراد قضمماء الحاجممة وهممو‬
‫خال من المارين بالستعداد للستتار لحتمال أنه إذا جلممس‬
‫بل سترة يمر عليه فجأة مار فيقع بصره على عورته‪ ،‬وهممذا‬
‫مستحب بل شك لنه ليس فيه كشف العورة بحضممرة أحممد‬
‫وقد يفرغ من حاجته قبل أن يمممر أحممد أو يشممعر بمممن مممر‬
‫قبل أن يراه فينحرف أو يرخي ذيله‪ ،‬وهذا التأويل حسن أو‬
‫متعين فيفسر قولهم عن عيون الناس أي الطارقين بغتة ل‬
‫الحاضرين أممما الحاضممرون فالسممتر عنهممم واجممب وحاصممل‬
‫الفرق أن النظر من الحاضممرين حاصممل فممي الحممال فكممان‬
‫الستر واجبا ومن الطارقين متوقع أو متوهم فكان أدبا إذ ل‬
‫تكليف قبل الحصول‪ ،‬ويحتمل أن يقال بالتفرقة بين صممورة‬
‫وصورة فمن كان قريبا من الناس بحيث يميز البصر عورته‬
‫حرم الكشف للبول والستنجاء بحضرتهم عليممه ومممن كممان‬
‫بعيدا وهم يرونه على بعد من غير تمييممز لعممورته ول إدراك‬
‫للون جلده بل إنما يرون شبحا كما يقع كثيرا لمن يستنجي‬
‫علممى شممطوط النهممار فهممذا يظهممر أن يقممال فيممه بممالجواز‬
‫‪7‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويظهر أن يقمال بمالجواز أيضما فمي صممورة وهمو أن يأخمذه‬
‫البول وهو في مكان محبمموس بيممن جماعممة ول سممبيل إلممى‬
‫جهة يستتر بها فهذا يجوز له التكشف للبممول وعليهممم غممض‬
‫أبصارهم‪ ،‬وكذا لو احتمماج إلممى السممتنجاء وقممد ضمماق وقممت‬
‫الصلة ولم يجد بحضرة الماء مكانا خاليا فهممذا أيضمما يجمموز‬
‫له وعليهم الغض والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬لو شمم الشممخص يمده بعممد السمتنجاء فمأدرك‬
‫فيها رائحة النجاسة فقممد صممرح النممووي بنجاسممة اليممد دون‬
‫المحل وهو مشكل لن اليد منفصلة عن المحممل ومكتسممبة‬
‫منه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ذكممر فممي شممرح المهممذب أن المسممألة مبنيممة‬
‫على مسألة ما لو غسلت النجاسة وبقيت رائحتها يعني مممع‬
‫العسر والرجح فيهمما الطهممارة فكممذلك هنمما الرجممح طهممارة‬
‫المحل وأما اليد فلم تغسل بعد فهي باقيممة علممى النجاسممة‬
‫يجب غسلها‪.‬‬

‫باب الوضوء‬
‫مسألة ‪ -‬لو بالغ في المضمضة وهو صائم هل يحممرم أو‬
‫يكره‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المبالغة للصائم مكروهة‪ ،‬صرح بالكراهة في‬
‫شرح المهذب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬لو نوى الغتراف بعد غسل الوجه فهل يحتمماج‬
‫إلى تجديد النية لكون نيممة الغممتراف قاطعممة لرفممع الحممدث‬
‫كما لو طرأت نية التبرد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يحتاج إلى ذلك أفتى به الشيخ جلل الممدين‬
‫البلقيني وعلله بأن نية التبرد فيها صرف لغرض آخر وإنممما‬
‫ينوي الغممتراف لمنممع حكممم السممتعمال فهممذا ول بمد يكممون‬
‫ذاكرا لنية رفع الحدث‪.‬‬

‫باب مسح الخف‬


‫مسألة ‪ -‬لو كان سليم إحدى الرجليممن والخممرى عليلممة‬
‫بحيث يسقط غسلها فهل يجوز لبس الخممف فممي إحممداهما‪،‬‬
‫وقد قطع الدارمي بالصحة وقطع العمراني بالمنع‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬قد صحح في زوائد الروضة مقالة العمراني‪.‬‬

‫باب الغسل‬
‫مسممألة ‪ -‬إذا اغتسممل عممن الجنابممة هممل يشممترط فممي‬
‫الوضوء الذي يتوضممأه قبلممه الممموالة أم ل‪ ،‬وإذا توضممأ هممذا‬
‫الوضوء‪ ،‬ثم انتهممى بسممبب مممن السممباب قبممل الغسممل مممع‬
‫قرب الزمن هل يشترط إعادته لتحصيل السنة أم ل‪ ،‬وهممل‬
‫سنة الوضوء كذلك إذا انتهت قبل تمامه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل تشترط الموالة ول العادة‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬لممو ألقممت المممرأة بعممض ولممد ولممم تممر بلل فل‬
‫غسل‪ ،‬وهو مشكل مع قولنا أن الولد يخلق من منيهما‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أر التصريح ببعض الولد فمي كلمهممم وقممد‬
‫قالوا فيما لو ألقت علقة أو مضغة بل بلل إنه يجب الغسل‪،‬‬
‫ومقتضاه أن بعض الولد كذلك ويمكن الفرق‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬البلل على الولد هل هو طاهر أو نجممس وهممل‬
‫ينجس ما أصابه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال الماوردي في الحمماوي ممما نصممه‪ :‬فصممل‪:‬‬
‫فأما حمل الميتة فممإن انفصممل بعممد موتهمما حيمما فهممو طمماهر‬
‫ولكن قد نجس ظاهر جسمه بالبلل الخارج معممه ولممو كممان‬
‫قد انفصل منها في حياتها كان في البلل الخارج معممه ومممع‬
‫البيضة من الطائر وجهان لصممحابنا أحممدهما نجممس كممالبول‬
‫والثاني طاهر كالمنى وهكذا البلل الخمارج ممن الفمرج فمي‬
‫حممال المباشممرة علممى هممذين المموجهين‪ ،‬وقممال البغمموي فممي‬
‫التهذيب يجب غسل البيضة إن وقعت حالممة النفصممال فممي‬
‫مكان نجس وإن وقعت في مكان طاهر ل يجب على قممول‬
‫من يقول بلل باطن الفرج طاهر وعلى قول من يقول بلل‬
‫باطن الفرج نجس يجب غسله‪ ،‬وقال صمماحب البيممان وفممي‬
‫نجاسة بيض ما ل يؤكل لحمه وجهمان كمنيمه فمإذا قلنما إنمه‬
‫طاهر فهممل يجممب غسممل ظمماهره؟ فيممه وجهممان بنمماء علممى‬
‫نجاسة رطوبة فرج المرأة‪ ،‬وفي فتاوى ابممن الصمملح سممئل‬
‫هممل يكممون المولممود إذا وضممع علممى الرض نجسمما أم ل ؟‬
‫فأجاب ل يحكم بنجاسممة المولمود عنمد ولدتمه علممى الصمح‬
‫الظاهر من أحوال السلف رضممي اللممه عنهممم‪ ،‬وفممي شممرح‬
‫‪9‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المهذب في باب النية ما نصه‪ :‬وأما البيضممة الخارجممة فممي‬
‫حياة الدجاجة فهممل يحكممم بنجاسممة ظاهرهمما؟ فيممه وجهممان‬
‫حكاهما الممماوردي والرويمماني والبغمموي وغيرهممم بنمماء علممى‬
‫الوجهين في نجاسة رطوبة فرج المرأة وكذا الوجهممان فمي‬
‫الولد الخارج في حال الحياة ذكرهما المماوردي والرويماني‪،‬‬
‫وفي شرح المهذب أيضا في باب إزالة النجاسة وهل يجب‬
‫غسل ظاهر البيض إذا وقع على موضع طاهر؟ فيه وجهممان‬
‫حكاهممما البغمموي وصمماحب البيممان وغيرهممما بنمماءا علممى أن‬
‫رطوبممة الفممرج طمماهرة أم نجسممة وقطممع ابممن الصممباغ فممي‬
‫فتاويه بممأنه ل يجممب غسممله وقممال الولممد إذا خممرج طمماهر ل‬
‫يجب غسممله بإجممماع المسمملمين فكممذا الممبيض وقممال بعممده‬
‫بأوراق ما نصه‪ :‬الرابعة في الفتاوى المنقولممة عممن صمماحب‬
‫الشامل أن الولد إذا خرج من الجوف طمماهر ل يحتمماج إلممى‬
‫غسممله بإجممماع المسمملمين‪ ،‬قممال ويجممب أن يكممون الممبيض‬
‫كذلك فل يجممب غسممل ظمماهره‪ ،‬قممال والنجاسممة الباطنممة ل‬
‫حكم لها ولهذا اللبن يخرج من بيممن فممرث ودم وهممو طمماهر‬
‫حلل وقممال السممنوي فممي المهمممات رأيممت فممي الكممافي‬
‫للخوارزمي أن الممماء ل ينجممس بوقمموع المولممود فيممه علممى‬
‫الصح قال فيحتمل أن يكون الخلف مفرعمما علممى الخلف‬
‫وأن يكون مفرعا على القول بعممدم وجمموب الغسممل لكممونه‬
‫نجسا معفوا عنه انتهممى‪ ،‬لكممن جممزم الرافعممي فممي الشممرح‬
‫الصغير بنجاسة البلل الخارج مع الولد ونقله الزركشي في‬
‫الخادم وحكاه عن تصحيح الرويمماني فممي البحممر فممإن قصممد‬
‫الرافعي ولد غير الدمي فهو على أصممله لن الصممح عنممده‬
‫نجاسة مني غير الدمممي ونجاسممة رطوبممة الفممرج مممن غيممر‬
‫الدمي وإن أراد الدمممي وغيممره فهممو مخممالف للبنمماء الممذي‬
‫ذكره الماوردي وغيره‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل يجوز للجنب قراءة سورة الكهف ل بقصد‬
‫القرآن‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يجوز للجنب إيراد شمميء مممن القممرآن إذا لممم‬
‫يقصد القرآن بل قصد الذكر أو الوعظ أو الخبممار مثممل )يمما‬
‫يحيى خذ الكتاب( ونحو ذلك‪ ،‬أممما قممراءة سممورة الكهممف ل‬
‫بقصده فإن ذلك ل يتصور إيراده بل قصد القرآن لنممه إنممما‬
‫‪10‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يظهر الخلو عن قصد القممرآن فممي آيممة أو نحوهمما أممما مثممل‬
‫سورة كاملة فإنها ل يتصور فيهمما ذلممك لنهمما ل يقصممد منهمما‬
‫كلها شيء مما ذكروا للفظ الموضوع للتلوة‪.‬‬

‫باب النجاسة‬
‫مسألة ‪ -‬الرض الترابية إذا تنجست نجاسة مغلظمة ثمم‬
‫وطئها شخص وعلق به الممتراب أو الوحممل المتنجممس فهممل‬
‫يحتاج في تطهيره إلى تعفير أم ل‪ ،‬وإذا قلتم إنه يحتاج إلى‬
‫تعفير فيما الفرق بينه وبين ما إذا أصابه شيء من الغسمملة‬
‫الثانية وقد عفر في الولى بجامع أن ما أصابه من الغسمملة‬
‫الثانية ل يجب تعفيممره إذ هممو مممن شمميء ل يطلممب تعفيممره‬
‫وكذلك ما أصابه من الرض من شيء ل يطلب تعفيره‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يحتاج إلى التعفير وذلك منقول والفممرق بينممه‬
‫وبين الرض الترابية حيممت ل تحتمماج هممي أن ل تعفممر أنممه ل‬
‫معنى لتتريب التراب وهنا المتنجس غير التراب وهو البممدن‬
‫أو الثوب بالتراب المتنجس والتراب المتنجس ل يكفي في‬
‫الولوغ وفي وجه يكفي فل يحتاج إليه على هممذا‪ ،‬قممال ابممن‬
‫السبكي في الطبقات كان أبو بكر الضبعي يممذهب إلممى أن‬
‫تراب الولوغ يجوز أن يكون نجسا وهممو وجممه غريممب حكمماه‬
‫الرافعي‪ ،‬قال أبو عاصم وذكر أنه ركب يوما فأصاب ذراعه‬
‫طين من وحل كلب فأمر جمماريته بغسممله وتعفيممره فقممالت‬
‫الجارية أما في الطين تراب فقال أحسنت أنت أفقه منممي‪.‬‬
‫انتهى ما حكاه ابن السبكي‪ ،‬وهذه عين المسألة المسممؤول‬
‫عنها‪ ،‬وقد صرح ابن السممبكي بممأن ارتضمماءه بعممدم التعفيممر‬
‫مبنى علممى رأيممه مممن الكتفمماء بمالتراب النجممس وهممو وجممه‬
‫ضعيف فيكون على مقابلة وهو الصح محتاجا إلممى التعفيممر‬
‫وقد أوضحنا علتممه وأممما الفممرق بينممه وبيممن ممما يصمميب مممن‬
‫الغسلة الثانية بعد التعفير فهو أنه من شيء وقع تعفيممره ل‬
‫من شيء لم يطلب تعفيره في الصل‪ ،‬وقد تقرر أن حكممم‬
‫غسالة النجاسة كحكم المغسول بها بعممد غسمملها فممما كممان‬
‫حكمه كان حكم ما أصابته‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬لو أكل الشخص لحم كلب أو خنزير وراثه من‬
‫غير استحالة هل يسبع المحل‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬ل يسبع نص عليه المام الشافعي رضي الله‬
‫عنه ونقله المتأخرون‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬إذا وقممع أو ألقممى فممي الخمممر عيممن طمماهرة‬
‫كحصاة أو جريدة أو شيء مما يؤكل وأزيل ثممم انقلبممت خل‬
‫هل تطهر أول‪ ،‬وإذا بقي فيها شيء مما ذكممر حممتى صممارت‬
‫خل هل تنجسها أول‪ ،‬وإذا انفصل شيء من الخمر أو فصممل‬
‫وعاد إليه أو أعيد أو صب عليهمما خمممر ثممم انقلبممت خل هممل‬
‫تطهر أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬عن الصورة الولممى أنهمما تطهممر ففممي فتمماوى‬
‫النووي‪ :‬إذا وقعت فمي الخممر نجاسممة أخممرى كعظمم ميتمة‬
‫ونحوه فأخرجت منهما ثمم انقلبمت الخممر خل لمم تطهمر بل‬
‫خلف ذكره صاحب التتمة‪ ،‬وعبارة الزركشي فممي الممديباج‪:‬‬
‫الخمر إذا تخللت تطهر إجماعا‪ ،‬قال في التتمة هممذا إن لممم‬
‫يقع فيه نجاسة أخرى فإن وقعت ثم أخرجممت وتخللممت لممم‬
‫تطهر قطعا ففرض المسممألة فيممما إذا كممان الواقممع نجاسممة‬
‫أخرجت قبل التحليممل يقتضممي أنممه لمو لقاهمما عيمن طماهرة‬
‫وأخرجت قبل التخليل فإنها تطهر إذا تخللت فممإن المممدرك‬
‫هنا طرف نجممس أجنممبي‪ ،‬ومنممه أخممذ مممن أخممذ أن النجممس‬
‫نجس وهو هنا مفقود ول عممبرة بممما عسمماه يتمموهم مممن أن‬
‫العيممن تنجممس ثممم تنجممس فممإن ذاك إنممما يظهممر أثممره بعممد‬
‫النقلب كما ل يخفى‪ ،‬ومن نظائر ذلممك أن طممروء النجممس‬
‫الجنبي يمنع الستنجاء بالحجر ول يمنعه مر الحجر الطاهر‬
‫مممن أول المحممل إلممى آخممره وإن تلمموث بممأول جممزء إذا لممم‬
‫ينفصل‪ ،‬وكذا مر الماء على الثوب النجس المممراد تطهيممره‬
‫وعلممى محممل الحممدث‪ ،‬وحاصممل ممما ذكرنمماه التفرقممة بيممن‬
‫النجسة والطاهرة في الملقاة قبل التخليل لما في الولى‬
‫من طممروء نجاسممة أجنبيممة والممى ذلمك يشممير قممول النممووي‬
‫نجاسة أخرى والتفرقة في الطاهرة بين ما إذا زالممت قبممل‬
‫التخليل وما إذا بقيت بعده فإنها في الحالة الولى مشمماكلة‬
‫وفي الثانية مغايرة فإنها في الولى متلوثة بخمر في خمممر‬
‫فل تؤثر وفي الثانية متلوثة بخمممر فممي خممل فتنجممس وعممن‬
‫الثانية أنها ل تطهر على الصح وهممي منقممول الكتممب وعممن‬
‫الثالثة أن الظاهر أنها تطهر لنه ل فممرق فممي وضممع الخمممر‬
‫‪12‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في الدن بيممن أن يوضممع دفعممة واحممدة أو شمميئا بعممد شمميء‬
‫فصب خمر على خمر بمثابة ما لو وضع في الدن أول كمموز‬
‫منه ثم كوز ثم كمموز وهكممذا فل فممرق فممي ذلممك بيممن طممول‬
‫الزمان وقصره ول بين أن يوضع عليممه خمممر مممن خممارج أو‬
‫يؤخذ منه ويعاد إليه والله أعلم‪.‬‬

‫تحفة النجاب بمسألة السنجاب‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ورد على سؤال صورته‪ :‬ما قممول مولنمما شمميخ السمملم‬
‫حافظ العصر مجتهد الوقت عالم أهل الرض المبعوث في‬
‫المائة التاسعة في شعر السنجاب ونحوه من شعور الميتممة‬
‫هل يطهممر بالممدباغ تبعمما للجلممد أو ل؟‪ .‬ولسممنا نسممألكم عممن‬
‫مشهور مذهب المام الشافعي رضي الله عنه فإن الظهر‬
‫من قوليه عنممد الجمهممور عممدم الطهممارة بممل نسممألكم عممما‬
‫يقتضيه الدليل والنظر مممن حيممث الجتهمماد‪ ،‬والمسممؤول أن‬
‫يكون الجواب على طريقة الجتهاد وأصحاب الختيارات‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الحمممد اللممه وسمملم علممى عبمماده الممذين‬
‫اصممطفى‪ ،‬الكلم علممى هممذه المسممألة يحتمماج إلممى تحريممر‬
‫مقدمتين‪ :‬الولى في أن الشممعر هممل ينجممس بممالموت أو ل‬
‫ينجممس بممه بممل يبقمى علمى طهمارته‪ ،‬والثانيممة فمي مممذاهب‬
‫العلماء في طهارة الجلد بالدباغ وعدمها وحجج كل منهما‪.‬‬
‫أما المقدمة الولممى فقممد اختلممف العلممماء فممي نجاسممة‬
‫الشعر بمالموت فممذهب جماعممة إلممى نجاسممته منهممم عطمماء‬
‫والشممافعي فيممما حكمماه عنممه جمهممور أصممحابه البممويطي‬
‫والمزنممي والربيممع المممرادي وحرملممة وأصممحاب القممديم‬
‫وصححه جمهور المصححين‪ ،‬وقال أكثر الئمة إن الشممعر ل‬
‫ينجس بالموت منهم عمر بن عبد العزيز والحسن البصممري‬
‫وحممماد بممن أبممي سممليمان الكمموفي وأبممو حنيفممة ومالممك‬
‫والشافعي في آخر قوليه‪ ،‬قال صماحب الحماوي حكمى ابمن‬
‫شريح عن أبي القاسم النماطي عن المزني عن الشافعي‬
‫أنه رجع عن تنجس الشعر‪ ،‬وذهب إليه أيضا أحمد بن حنبل‬
‫وإسحاق بن راهويه والمزني وابن المنذر وداود‪ ،‬وقممال أبممو‬
‫حنيفة ل ينجس شيء من الشعر بالموت إل شممعر الخنزيممر‬
‫‪13‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫واحتممج هممؤلء بقممول اللممه تعممالى )ومممن أصمموافها وأوبارهمما‬
‫وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حيممن( وهممذا عممام فممي كممل حممال‬
‫وبقوله صلى الله عليه وسلم في الميتة "إنما حرام أكلهمما"‬
‫رواه الشيخان‪ ،‬وبأن الشعر ل تحله الحياة بدليل أنه إذا جز‬
‫ل يألم صاحبه فل يحله الموت المقتضى للتنجيس فل يكون‬
‫نجسا بل يبقى على طهارته كممما كممان قبممل الممموت‪ ،‬وبممأن‬
‫المقتضى لتنجيس اللحم والجلد ممما فيهمما مممن الزهومممة ول‬
‫زهومة في الشعر فل ينجس‪ ،‬وحكى العبدري عممن الحسممن‬
‫وعطمماء والوزاعممي والليممث بممن سممعد أن الشممعر ينجممس‬
‫بالموت ولكن يطهممر بالغسممل‪ ،‬واحتجمموا بحممديث أم سمملمة‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسمملم "ل بممأس بجلممد الميتممة إذا‬
‫دبممغ ول بشممعرها إذا غسممل" رواه الممدار قطنممي وسممنده‬
‫ضعيف‪ ،‬وبالقياس على شعر غيرهمما إذا حلممت فيممه نجاسممة‬
‫فإنه يطهر بالغسل كسائر الجامممدات إذا طممرأت نجاسممتها‪،‬‬
‫وحكى الربيع الجيزي عن الشممافعي أن الشممعر تممابع للجلممد‬
‫يطهر بطهارته وينجس بنجاسته‪ ،‬وهذا أقوى المممذاهب كممما‬
‫سنذكره‪.‬‬
‫وأما المقدمة الثانية فللعلماء فممي جلممود الميتممة سممبعة‬
‫مذاهب‪ :‬أحدها ل يطهر بالدباغ شيء منهمما‪ ،‬روى ذلممك عممن‬
‫عمر بن الخطاب وابنه وعائشة وهممو أشممهر الروايممتين عممن‬
‫أحمد ورواية عن مالك‪ ،‬والثماني يطهمر بالمدبغ جلمد ممأكول‬
‫الحكم دون غيره‪ ،‬وهو مذهب الوزاعي وابن المبارك وأبي‬
‫ثور وإسحاق بن راهويه ورواية أشهب عن مالممك‪ ،‬والثممالث‬
‫يطهر به كل جلود الميتة إل الكلب والخنزير والمتولممد مممن‬
‫أحدهما وهو مممذهب الشمافعي وحكموه عمن علمي بمن أبمي‬
‫طممالب وابممن مسممعود‪ ،‬والرابممع يطهممر بممه الجميممع إل جلممد‬
‫الخنزير وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن مالك حكاها ابممن‬
‫القطان‪ ،‬والخامس يطهر الجميع حتى الكلممب والخنزيممر إل‬
‫أنه يطهر ظمماهره دون بمماطنه فيسممتعمل فممي اليممابس دون‬
‫الرطب ويصلي عليه ل فيه وهو مممذهب مالممك فيممما حكمماه‬
‫أصحابنا عنه‪ ،‬والسادس يطهر الجميع حتى الكلب والخنزير‬
‫ظاهرا وباطنا‪ .‬قمماله داود وأهممل الظمماهر وحكمماه الممماوردي‬
‫عن أبي يوسف وحكمماه غيممره عممن سممحنون مممن المالكيممة‪،‬‬
‫‪14‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والسابع ينتفع بجلود الميتة بل دبمماغ ويجمموز اسممتعمالها فممي‬
‫الرطممب واليممابس ‪ -‬حكمموه عممن الزهممري‪ .‬واحتممج أصممحاب‬
‫المممذهب الول بأشممياء منهمما قمموله تعممالى )حرمممت عليكممم‬
‫الميتة( وهو عام في الجلد وغيممره‪ ،‬وبحممديث عبممد اللممه بممن‬
‫عكيم قال أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل‬
‫موته بشممهر أن "ل تنتفعمموا مممن الميتممة بإهمماب ول عصممب"‬
‫وهذا الحديث هو عمدتهم وقد أخرجه الشافعي في حرملممه‬
‫وأحمممد فممي مسممنده والبخمماري فممي تمماريخه وأبممو داود‬
‫والترمممذي وحسممنه والنسممائي وابممن ماجممة وابممن حبممان‬
‫والدارقطني والبيهقي وغيرهم‪ ،‬قال الترمذي سمعت أحمد‬
‫بن الحسين يقول كان أحمد بممن حنبممل يممذهب إلممى حممديث‬
‫ابن عكيم هذا لقوله قبل وفاته بشهر وكان يقول هممذا آخممر‬
‫المر‪ ،‬قالوا ولنه جزء ن الميتممة فل يطهممر بشمميء كمماللحم‬
‫وأن المعنى الممذي نجممس بممه هممو الممموت وهممو ملزم لممه ل‬
‫يممزول بالممدبغ ول يتغيممر الحكممم‪ .‬واحتممج أصممحاب المممذهب‬
‫الثالث بما أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن‬
‫ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قممال‪" :‬إذا‬
‫دبغ الهاب فقد طهر" وفي لفظ "أيما إهاب دبغ فقد ظهر"‬
‫وبما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسمملم مممر بشمماة ميتممة فقممال "هل أخممذوا أهابهمما‬
‫فدبغوه فانتفعوا به" قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال "إنما‬
‫حرم أكلهما" وبمما أخرجممه البخماري عمن سممودة زوج النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثممم‬
‫ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا وروى أبو يعلي في مسممنده‬
‫بإسممناد صممحيح عممن ابممن عبمماس قممال ممماتت شمماة لسممودة‬
‫فقالت يا رسول الله ماتت فلنة يعنى الشاة فقال رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم "فهل أخذتم مسكها" قالت نأخذ‬
‫مسك شاة قد ماتت ‪ -‬فذكر تمام الحديث كرواية البخاري‪،‬‬
‫وروى مالك فممي الموطممأ وأبممو داود والنسممائي وابممن ماجممة‬
‫بأسانيد حسنة عن عائشة أن النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫أمر أن يستمتع بجلممود الميتممة إذا دبغممت‪ ،‬وروى أحمممد فممي‬
‫مسنده وابن خزيمة في صحيحه والحمماكم فممي المسممتدرك‬
‫والبيهقي في سننه وصححاه عن ابن عباس قال أراد النبي‬
‫‪15‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ من سقاء فقيل له أنه ميتة‬
‫فقممال‪) :‬دبمماغه يممذهب بخبثممه ‪ -‬أو نجسممه أو رجسممه( وروى‬
‫أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني والبيهقي‬
‫بإسناد صحيح من طريممق جممون بممن قتممادة عممن سمملمة بممن‬
‫المحبق أن رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم فممي غممزوة‬
‫تبوك دعا بماء من عنمد اممرأة قمال مما عنمدي إل مماء فمي‬
‫قربة لي ميتة قال‪) :‬أليس قد دبغتها( قالت بلى قال )فممإن‬
‫دباغها ذكاتها( وروى أبممو داود والنسممائي والممدارقطني عممن‬
‫ميمونة قال‪ :‬مر على النبي صلى اللممه عليممه وسمملم رجممال‬
‫يجرون شاة لهم مثل الحمار فقممال لهممم النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪) :‬لو أخذتم أهابها( قالوا أنها ميتة فقال رسممول‬
‫الله صلى الله عليممه وسمملم يطهرهمما الممماء والقممرظ وروى‬
‫الدارقطني والممبيهقي فممي سممننهما بسممند حسممن عممن ابممن‬
‫عباس قال مر النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم بشمماة ميتممة‬
‫فقال هل انتفعتم باهابهمما فقممالوا يمما رسممول اللممه أنهمما ميتممة‬
‫قممال‪) :‬إنممما حممرم أكلهمما أو ليممس فممي الممماء والقممرظ ممما‬
‫يطهرها( وفي لفظ عنممد الممدارقطني قمال )إنممما حممرم مممن‬
‫الميتة أكلها( وفي لفظ عنده قال )إنما حممرم لحمهمما ودبمماغ‬
‫أهابها طهوره( وفي لفظ عنده قال إنما حرم عليكم لحمها‬
‫ورخممص لكممم فممي مسممكها( قممال الممدارقطني هممذه أسممانيد‬
‫صحاح‪ ،‬وروى الدارقطني عن عائشة عن النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال )ذكاة الميتة دباغهمما( وفممي لفممظ طهورهمما‬
‫دباغها( وروى الدارقطني عن ابن عباس قممال قممال رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم دبمماغ كممل اهمماب طهمموره( وروى‬
‫الدارقطني بسند صحيح عن ابن عمر قال قال رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم )إيمما إهماب دبمغ فقمط طهمر( وروى‬
‫الخطيب في تلخيص المتشابه من حديث جابر مثله‪ ،‬وروى‬
‫الطبراني في الكبير والوسمط عمن أبمي أماممة أن رسمول‬
‫الله صلى الله عليممه وسمملم خممرج فممي بعممض مغممازيه فمممر‬
‫بأهل أبيات من العرب فأرسل إليهم )هل ممن مماء لوضموء‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم( فقالوا ما عنممدنا ممماء إل‬
‫فممي إهمماب ميتممة دبغناهمما بلبممن فأرسممل إليهممم )أن دبمماغه‬
‫طهوره( فمأتي بمه فتوضمأ ثمم صملى‪ ،‬وروى أبمو يعلمي فمي‬
‫‪16‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسنده عن أنس قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فقال لي يا بني أدع لي من هذه الدار بوضوء فقلت‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم يطلممب وضمموءا فقممالوا‬
‫أخبره أن دلونا جلد ميتة فقال سلهم هل دبغوه قممالوا نعممم‬
‫قال )فإن دباغه طهوره( وروى الطممبراني فممي الكممبير عممن‬
‫ابن مسعود قال مممر رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بشاة ميتة فقال )ما ضر أهل هذه لو انتفعوا بإهابها( وروى‬
‫الطبراني في الكبير عن سنان بممن سمملمة أن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم أتى على جذعة ميتة فقممال )ممما ضممر أهممل‬
‫هذه لو انتفعوا بمسكها( وروى الدارقطني عن ابن عمر أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم مر علممى شمماة فقممال ممما هممذه‬
‫فقالوا ميتة قال النبي صلى الله عليه وسلم )ادبغوا أهابهمما‬
‫فإن دباغه طهوره( وروى الدارقطني عن زيد بن ثابت عممن‬
‫النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال )دبمماغ جلممود الميتممة‬
‫طهورها( وروى الدارقطني عن عائشة عن النبي صلى الله‬
‫عليممه وسمملم قممال )طهممور الديممم دبمماغه( وروى أبممو يعلممى‬
‫والطبراني والدارقطني عن أم سلمة أنهمما كممانت لهمما شمماة‬
‫فممماتت فقممال النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أفل انتفعتممم‬
‫بإهابها( قلنا إنها ميتة فقال النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫)إن دباغها يحل كما يحممل الخممل مممن الخممر(‪ ،‬وروى أحممد‬
‫والطبراني عن المغيرة بن شمعبة قمال طلمب النمبي صملى‬
‫الله عليه وسلم ماء من امرأة أعرابية فقالت هممذه القربممة‬
‫مسك ميتة ول أحب أنجس به رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم فممأخبرته فقممال ارجممع إليهمما فممإن كممانت دبغتهمما فهممو‬
‫طهورها فرجعت إليها فقالت لقد دبغتها فممأتيته بممماء منهمما‪،‬‬
‫وروى الطبراني في الوسط بإسممناد حسممن عممن أنممس بممن‬
‫مالك أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم اسممتوهب وضمموءا‬
‫فقيل له لم نجد ذلك إل في مسك ميتممة فقممال )أدبغتممموه(‬
‫قالوا نعم قال )فهلم فإن ذلك طهوره( وروى الحممارث بممن‬
‫أبي أسامة في مسنده عممن جممابر ابممن عبممد اللممه قممال كنمما‬
‫نصيب مع النبي صملى اللمه عليمه وسملم فمي مغانمنما ممن‬
‫المشركين السقية والوعية فنقسمها كلها ميتة‪ ،‬وبالقياس‬
‫لنه جلد طاهر طرأت عليممه نجاسممة فجمماز أن يطهممر كجلممد‬
‫‪17‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المذكاة إذا تنجس‪ .‬وأجابوا عن احتجاج الولين باليممة بأنهمما‬
‫عامممة خصصممتها السممنة‪ ،‬وأممما حممديث عبممد اللممه بممن عكيممم‬
‫فأجاب عنه البيهقي وجماعة من الحفاظ بأنه مرسل وابممن‬
‫عكيم ليس بصحابي‪ ،‬وكذا قال أبو حاتم‪ ،‬وقممال ابممن دقيممق‬
‫العيد روي أن إسحاق بن راهويه ناظر الشافعي وأحمد بممن‬
‫حنبممل فممي جلممود الميتممة إذا دبغممت فقممال الشممافي دباغهمما‬
‫طهورها فقال له إسحاق ما الممدليل فقممال حممديث الزهممري‬
‫عن عبيد الله بن عبد الله بممن ابممن عبمماس عممن ميمونممة أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال )هل انتفعتم بإهابها( فقال‬
‫له إسحاق حديث ابن عكيم كتب إلينا النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قبل ممموته بشممهر أن )ل تنتفعمموا بشمميء مممن الميتممة‬
‫بإهمماب ول عصممب( فهممذا يشممبه أن يكممون ناسممخا لحممديث‬
‫ميمونة لنه قبل موته بشهر فقال الشافعي رضي الله عنه‬
‫هذا كتاب وذاك سماع فقال إسممحاق إن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم كتب إلى كسممرى وقيصممر وكممانت حجممة عليهممم‬
‫عند الله فسكت الشافعي فلما سمع ذلك أحمد ذهب إلممى‬
‫حممديث ابممن عكيممم وأفممتى بممه ورجممع إسممحاق إلممى حممديث‬
‫الشافعي‪ ،‬وقال ابممن دقيممق العيممد كممان والممدي يحكممي عممن‬
‫الحافظ أبي الحسن المقدسي وكان من أئمة المالكية أنممه‬
‫كممان يممرى أن حجممة الشممافعي باقيممة‪ ،‬يريممد لن الكلم فممي‬
‫الترجيح بالسماع والكتاب ل في إبطال الستدلل بالكتمماب‪،‬‬
‫وقال الخطابي مذهب عامة العلممماء جممواز الممدباغ والحكممم‬
‫بطهارة الهاب إذا دبغ ووهنوا هذا الحممديث لن ابممن عكيممم‬
‫لم يلق النبي صلى الله عليه وسمملم وإنممما هممو حكايممة عممن‬
‫كتاب أتمماهم قممال وقممد يحتمممل إن ثبممت الحممديث أن يكممون‬
‫النهي إنما جمماء عممن النتفمماع بهمما قبممل الممدباغ فل يجمموز أن‬
‫نترك به الخبار الصحيحة التي قممد جمماءت فممي الممدباغ وأن‬
‫يحمل على النسخ‪ ،‬وقال غيره قد عللوا حممديث ابممن عكيممم‬
‫بأنه مضطرب في إسناده حيث روى بعضهم فقال عن ابممن‬
‫عكيم عمن أشمياخ ممن جهينمة كمذا حكماه الترممذي وهمؤلء‬
‫الشياخ مجهولون لم تثبت صممحبتهم‪ ،‬وقممد حكممى الترمممذي‬
‫عن أحمد بن حنبل أنه كان يذهب إلى هذا الحديث ثم تركه‬
‫لهذا الضطراب وقال الخلل لما رأى أبو عبممد اللممه تزلممزل‬
‫‪18‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرواة فيممه توقممف فيممه وقمد روى قبممل ممموته بشممهر وروى‬
‫بشهرين وروى بممأربعين يوممما وروى بثلثممة أيممام وروى مممن‬
‫غير تقييد بمممدة وهممي روايممة الكممثر وهممذا الضممطراب فممي‬
‫المتن وأجيب عنه أيضا بأن أخبار الدباغ اصح إسنادا وأكممثر‬
‫رواة فهي أقوى وأولى وبأنه عام في النهممي وأخبممار الممدباغ‬
‫مخصصة للنهي بما قبل الدباغ مصرحة بجواز النتفمماع بعممد‬
‫الممدباغ‪ ،‬والخمماص مقممدم علممى العممام عنممد التعممارض‪ ،‬وبممأن‬
‫الهاب في اللغة هو الجلممد قبممل أن يممدبغ ول يسمممى بعممده‬
‫أهابا ‪ -‬كذا قاله الخليل بن أحمممد والنضممر بممن شممميل وأبممو‬
‫داود السجستاني وكمذا قماله الجموهري وآخمرون ممن أهمل‬
‫اللغة‪ ،‬وهذا من القول بالموجب فإن قالوا هذا الخبر متأخر‬
‫فيقدم ويكون ناسخا فالجواب مممن أوجممه‪ :‬أحممدها ل نسمملم‬
‫تأخره عن أخبار الدباغ لنها مطلقة فيجوز أن يكون بعضممها‬
‫قبل وفاته صمملى اللممه عليممه وسمملم بمدون شممهرين وشممهر‪،‬‬
‫الثمماني أنممه روي قبممل ممموته بشممهر وروي بشممهرين وروي‬
‫بأربعين يوما وكثير من الروايات ليس فيه تاريممخ وكممذا هممو‬
‫في رواية أبي داود فحصممل فيممه نمموع اضممطراب فلممم يبممق‬
‫تاريخ يعتمد‪ ،‬الثالث لو سلم تأخره لم يكممن فيممه دليممل لنممه‬
‫عام وأخبار الدباغ خاصة والخاص مقدم علممى العممام سممواء‬
‫تقدم أو تأخر كما هو معروف عند الجماهير من أهل أصول‬
‫الفقه‪ .‬وأما الجواب عن قياسهم على اللحم فمممن وجهيممن‪:‬‬
‫أحممدهما أنممه قيمماس فممي مقابلممة نصمموص فل يلتفممت إليممه‪،‬‬
‫والثاني أن الدباغ في اللحم ل يتأتى وليس فيه مصلحة لممه‬
‫بل يمحقه بخلف الجلد فإنه ينظفه ويطيبه ويصلبه وبهذين‬
‫الجوابين يجاب عن قولهم العلة في التنجيس الممموت وهممو‬
‫قممائم واحتممج أصممحاب المممذهب الثمماني بممما رواه أبممو داود‬
‫والترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم بأسانيد صممحيحة عممن‬
‫أبي المليح عامر بن أسممامة عممن أبيممه رضممي اللممه عنممه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عممن جلممود السممباع‪،‬‬
‫وفي رواية للترمذي نهى عن جلود السباع أن تفترش قالوا‬
‫فلممو كممانت تطهممر بالممدباغ لممم ينممه عممن افتراشممها مطلقمما‪،‬‬
‫وبحديث سمملمة بممن المحبممق السممابق دباغهمما ذكاتهمما قممالوا‬
‫وذكاة ما ل يؤكل ل تطهره قالوا ولنه حيوان ل يؤكممل فلممم‬
‫‪19‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يطهممر جلممده بالممدبغ كممالكلب‪ ،‬وأجمماب أصممحابنا بالتمسممك‬
‫بعموم )أيما إهاب( و )إذا دبغ الهمماب( وأن يسممتمتع بجلممود‬
‫الميتة إذا دبغت فإنها عامة في كل جلد‪ ،‬قالوا وأما الجواب‬
‫عن حديث النهي عن جلود السباع فمحمول علممى ممما قبممل‬
‫الممدباغ فممإن قيممل ل معنممى لتخصممي السممباع حينئذ بممل كممل‬
‫الجلود في ذلك سممواء فممالجواب أنهمما خصممت بالممذكر لنهمما‬
‫كانت تستعمل قبل الدباغ غالبا أو كثيرا‪ ،‬وأما حديث سمملمة‬
‫فمعناه أن دباغ الديم مطهر له ومبيممح لسممتعماله كالممذكاة‬
‫فيما يؤكل‪ ،‬وأما قياسهم على الكلممب فجمموابه الفممرق بممأنه‬
‫نجس في حياته فل يزيد الدباغ على الحياة‪ .‬واحتج أصحاب‬
‫المذهب الرابع والخامس والسادس بعموم أحمماديث الممدباغ‬
‫وأجمماب الولممون عنهمما بأنهمما خممص منهمما الكلممب والخنزيممر‬
‫للمعنى المممذكور وهممو أنهممما نجسممان فممي الحيمماة فل يزيممد‬
‫الدباغ عليها‪ .‬واحتج أصحاب المذهب السممابع بروايممة وردت‬
‫في حديث ابن عباس )هل أخذتم إهابها فممانتفعتم بممه( ولممم‬
‫يممذكر الممدباغ‪ ،‬وأجمماب الولممون بممأن هممذه الروايممة مطلقممة‬
‫فتحمل على الروايات المقيدة لما تقرر فممي أصممول الفقممه‬
‫من حمل المطلق على المقيد‪.‬‬
‫إذا تقرر ذلك فنعود إلى مسألتنا فنقول من ذهممب إلممى‬
‫أن الشعر ل ينجس بالموت بل هو باق علممى طهممارته وهممم‬
‫أكثر الئمة كما تقممدم فل إشممكال علممى مممذهبه‪ ،‬وكممذا مممن‬
‫ذهب إلى أنه ينجس بالموت ويطهر بالغسل‪ ،‬وأما من قال‬
‫بنجاسته بالموت وأنه ل يطهر بالغسل وهو الشافعي رضي‬
‫الله عنه فممي أول قمموليه وهممو المشممهور مممن مممذهب فهممل‬
‫يطهممر الشممعر عنممده بالممدباغ تبعمما للجلممد أو ل فيممه قممولن‬
‫مشهوران عن الشافعي قال صاحب المهذب‪ :‬فإن دبغ جلد‬
‫الميتة وعليه شعر قال في الم ل يطهر الشممعر لن الممدباغ‬
‫ل يؤثر فيه وروى الربيع بن سليمان الجيزي عنممه أن يطهممر‬
‫لنه شعر نابت على جلد فهو كالجلممد فممي الطهممارة كشممعر‬
‫الحيوان في حال الحياة‪ ،‬قممال النممووي فممي شممرح المهممذب‬
‫هذان القولن للشافعي مشهوران وأصحهما عنممد الجمهممور‬
‫نصه في الم أنه ل يطهر‪ ،‬وممن صححه من المصنفين أبممو‬
‫القاسممم الصمميمري والشمميخ أبممو محمممد الجممويني والبغمموي‬
‫‪20‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والشاشي والرافعي وقطع به الجرجاني في التحريممر قممال‬
‫وصحح الستاذ أبو إسحاق السفراييني والرويمماني طهممارته‬
‫قال الروياني لن الصحابة في زمن عمممر رضممي اللممه عنممه‬
‫قسموا الفراء المغنومة مممن الفممرس وهممي ذبممائح مجمموس‬
‫واستدل من صحح القول الول بحديث أسممامة السممابق أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عممن جلممود السممباع‪،‬‬
‫وروى أبو داود والنسممائي بإسممناد حسممن عممن المقممدام بممن‬
‫معدى كرب أنه قممال لمعاويممة أنشممدك بممالله هممل تعلممم أن‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم نهممى عممن لبممس جلممود‬
‫السباع والركوب عليها قال نعم‪ ،‬وروى أبو داود عن معاوية‬
‫أنه قال لصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هممل تعلمممون‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب جلممود‬
‫النمورة قالوا نعم‪ ،‬قال الصممحاب يسممتدل بهممذه الحمماديث‬
‫على أن الشعر ل يطهر بالدباغ لن النهي متنمماول لممما بعممد‬
‫الدباغ وحيث ل يجوز أن يكون النهي عائدا إلى نفس الجلد‬
‫فإنه طاهر بالدباغ بالدلئل السابقة فهو عممائد إلممى الشممعر‪،‬‬
‫هذا ما في شرح المهذب‪ ،‬وأقول الذي يترجح عندي بالنظر‬
‫في الدلممة ممما رجحممه السممفراييني والرويمماني مممن طهممارة‬
‫الشعر بالدباغ‪ .‬وقد رجحه أيضمما العبممادي وقممال عليممه تممدل‬
‫الثممار‪ ،‬وصممححه مممن المتممأخرين ابممن أبممي عصممرون فممي‬
‫المرشد لعموم البلوى به والشيخ تقي الدين السمبكي قمال‬
‫ولده في التوشيح صحح ابن أبممي عصممرون طهممارة الشممعر‬
‫بالدباغ قال الوالد في مجاميعه وهو الذي اختاره وأفتى بممه‬
‫للحممديث وقممال صمماحب الخممادم قممال بعضممهم كممأنه يعنممى‬
‫البلقيني هو المختار من جهة الدليل ل سمميما وقممد قيممل إن‬
‫الشعر ل ينجس بالموت‪ ،‬قلت ومن الدلة على ممما اخممترته‬
‫ما أخرجه مسلم في صحيحه من طريممق أبممي الخيممر مرثممد‬
‫بن عبد الله اليزني قال رأيت على ابن أبي وعلممة السممبائي‬
‫فروا فمسسته فقال مالك تمسه قد سألت عبممد اللممه ابممن‬
‫عباس قلممت أنمما نكممون بممالمغرب ومعنمما الممبربر والمجمموس‬
‫نؤتى بممالكبش قممد ذبحمموه ونحممن ل نأكممل ذبممائحهم ويممأتون‬
‫بالسقاء يجعلون فيممه الممودك فقممال ابممن عبمماس قممد سممألنا‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم عممن ذلممك فقممال دبمماغه‬
‫‪21‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫طهوره‪ ،‬وأخرج الدارقطني من طريق الوليد بن مسلم عن‬
‫أخيه عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عممن عبيممد اللممه بممن‬
‫عبد الله ابن عتبة عن ابن عباس قال إنما حرم رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها فأما الجلد والشممعر‬
‫والصوف فل بأس به‪ ،‬ورجاله على شممرط الصممحيح إل عبممد‬
‫الجبار فإنه ضعيف‪ ،‬وأصل الحديث فممي الصممحيح مممن وجممه‬
‫آخر عن الزهري مختصرا بلفظ إنما حرم من الميتة لحمهمما‬
‫دون بقية الحديث‪ ،‬ولم ينفرد عبد الجبار بل توبممع فممأخرجه‬
‫الدارقطني والبيهقي من طريق شبابة عن أبي بكر الهذلي‬
‫عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قممال‬
‫إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها وهممو اللحممم فأممما الجلممد‬
‫والشعر والصوف فهو حلل‪ ،‬وأخرجه الدارقطني أيضا مممن‬
‫طريق زافر بن سليمان عن أبي بكر الهممذلي بممه‪ ،‬وأخرجممه‬
‫أيضا من وجمه آخمر عمن زافممر بمن سمليمان عممن أبمي بكمر‬
‫الهذلي أن الزهري حدثهم عن عبيد الله بن عبممد اللممه عممن‬
‫ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫يقول قل ل أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه‬
‫كممل شمميء مممن الميتممة حلل إل ممما أكممل منهمما فأممما الجلممد‬
‫والفرو والشعر والصوف فكل هذا حلل لنه ل يممذكى‪ ،‬ولممه‬
‫شاهد أخرجه البيهقي من طريممق يوسممف بممن السممعد عممن‬
‫الوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عممن أبممي سمملمة بممن عبممد‬
‫الرحمن قال سمعت أم سلمة تقمموم سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ل بأس بمسممك الميتممة إذا دبممغ‬
‫ول بصوفها وشعرها إذا غسل بالماء‪ ،‬وله شاهد ثان أخرجه‬
‫البيهقي عممن عبممد اللممه بممن قيممس البصممري أنممه سمممع ابممن‬
‫مسعود يقول إنما حرم مممن الميتممة لحمهمما ودمهمما‪ ،‬وشمماهد‬
‫ثالث أخرجه البيهقي مممن طريممق أبممي وائل عممن عمممر بممن‬
‫الخطاب أنممه قممال فممي الفممراء ذكمماته دبمماغه‪ ،‬وشمماهد رابممع‬
‫أخرجه أحمد والبيهقي من طريق ثممابت البنمماني قممال كنممت‬
‫جالسا مع عبممد الرحمممن بممن أبممي ليلممى فأتمماه ذو ضممفرتين‬
‫فقال يا أبا عيسى حدثني ما سمعت من أبيممك فممي الفممراء‬
‫قال حدثني أبي أنه كان جالسا عند النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فأتاه رجل فقال يمما رسممول اللممه أصمملي فممي الفممراء‬
‫‪22‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسمملم فممأين الممدباغ قممال‬
‫ثابت فلما ولى قلت من هذا قال سويد بممن غفلممة‪ ،‬وشمماهد‬
‫خامس أخرجه أبو الشيخ بن حبان والبيهقي عممن أنممس بممن‬
‫مالك قال كنت جالسا عنممد النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫فقال له رجل يا رسممول اللممه كيممف تممرى فممي الصمملة فممي‬
‫الفراء فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم فأين الممدباغ‪،‬‬
‫وروى الممبيهقي أيضمما عممن قتممادة قممال سممأل داود السممراج‬
‫الحسن عن جلود النمر والسمور تممدبغ بالملممح قممال دباغهمما‬
‫طهورها‪ .‬فهذه أحاديث وآثار صريحة فممي الحكممم مممن غيممر‬
‫معممارض صممريح‪ ،‬حممديث آخممر أخممرج الترمممذي وابممن ممماجه‬
‫والحاكم في المستدرك عن سمملمان الفارسممي قممال سممئل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجبن والفراء فقممال‬
‫الحلل ما أحل الله في كتممابه والحممرام ممما حممرم اللممه فممي‬
‫كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه ‪ -‬هذا الحديث بنص‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم صريح فممي إباحممة الفممراء‬
‫كما هو نص استدلوا به في إباحة الجبممن ولهممذا بمموب عليممه‬
‫الترمذي )باب لبس الفراء( وإنما وقع السممؤال عممن هممذين‬
‫بخصوصهما لما قد يتوهم من نجاستهما لما في الجبن مممن‬
‫النفحة ولكممون الفممراء مممن ميتممة ولممو كممان المممراد الفممراء‬
‫المذكاة لم يحسن السؤال عنها للعلم بطهارتها قطعا وقممد‬
‫أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهممما معمما بأنهممما‬
‫مممما عفمما اللممه عنممه‪ ،‬ولهممذا الحممديث شمماهد موقمموف علممى‬
‫سلمان‪ ،‬وأخرج عممن الحسممن مرسممل‪ ،‬قممال الترمممذي وفمي‬
‫الباب عن المغيرة يشير إلى أن للحديث شاهدا من حممديث‬
‫المغيرة ولممه شمماهد أخممرج عممن أنممس أخممر الطممبراني فممي‬
‫الوسط عن راشد الحماني قال رأيت أنس بن مالك عليممه‬
‫فرو أحمر فقال كانت لحفنا علمى عهمد رسممول اللمه صملى‬
‫الله عليه وسلم نلبسها ونصلي فيها‪ ،‬رجال إسناده ثقات إل‬
‫أحمد بن القسم فهذا أيضا من الدلة‪ ،‬ولو كان الفرو الممذي‬
‫رآه على أنس من مذكى لم يكن محممل إنكممار حممتى احتمماج‬
‫أنس إلى السممتدلل علممى طهارتهمما بممأنهم كممانوا يلبسممونها‬
‫ويصلون فيها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪،‬‬
‫ولصل حديث سلمان شاهد صحيح من حديث أبي الممدرداء‬
‫‪23‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أخرج البزار في مسنده وابن المنممذر وابممن أبممي حمماتم فمي‬
‫تفسيرهما والطبراني في الكبير والحمماكم فممي المسممتدرك‬
‫وصححه وأقممره الممذهبي فممي مختصممره وابممن مردويممه فممي‬
‫تفسيره عن أبي الدرداء رفع الحديث قال ما أحل الله فممي‬
‫كتابه فهو حلل وما حرم فهو حممرام وممما سممكت عنممه فهممو‬
‫عافية فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا‬
‫ثم تل )وما كان ربك نسمميا( وشمماهد آخممر مممن حمديث جممابر‬
‫أخرج ابن مردويه عن جابر قال قال النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم لكعب بن مالك يا كعب ما أحل ربك فهممو حلل وممما‬
‫حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفممو فمماقبلوا مممن اللممه‬
‫عافيته )وما كان ربك نسيا( وله شاهد آخر من حممديث أبممي‬
‫ثعلبة ويؤيد أن سؤالهم في حديث سلمان عن الجبن لجممل‬
‫ما فيه من النفحة وعن الفراء لجل كونه من ميتة ما رواه‬
‫سعيد بن منصور في سممننه عممن عمممرو بممن شممرحبيل قممال‬
‫ذكرنا الجبن عند عمر بن الخطاب فقلنا إنه يصنع فيه أنافح‬
‫الميتة فقال عمر سموا الله عليه وكلوا‪ ،‬وروي سعيد أيضمما‬
‫عن الشعبي قال أتى النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم بجبنممة‬
‫في غزوة تبوك فقيل أن هممذه مممن صممنعة المجمموس فقممال‬
‫)اذكممروا اسممم اللممه وكلمموا( >ص وروى سممعيد أيضمما عممن‬
‫إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال دخلممت مممع أبممي علممي‬
‫ابن عباس فقال له أنه يصنع لنمما بممالعراق مممن هممذا الجبممن‬
‫وقد بلغني أنه يصنع فيه من أنافح الميتة فقال ابممن عبمماس‬
‫ما علمت أنه من أنافح الميتة فل تأكله وما لم تعلممم فكلممه‪،‬‬
‫قال له أبي وأنه يصنع لنا من هذه الفراء وبلغني أنها تصممنع‬
‫من جلود الميتة فقال ابن عبمماس قممال رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم )دباغ كل أديم ذكاته( ورواه الممدولبي فممي‬
‫الكنى عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قممال قلممت لبممن‬
‫عباس الفراء تصنع من جلود الميتة فقممال سمممعت رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول )ذكمماة كممل مسممك دبمماغه(‬
‫فهذا أيضا صريح في أن الدباغ يطهر الفراء مطلقا جلدا أو‬
‫شممعرا ومممما يسممتدل بممه لطهممارة الشممعر بالممدباغ إطلق‬
‫الحاديث السابقة في دباغ إهاب الشاة فإنه لو كان الشعر‬
‫ل يطهر بالدباغ لبين لهم ذلك وقال انزعوا شممعرها وادبغمموا‬
‫‪24‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجلد وانتفعوا به وحده لنه محل بيممان وتممأخير البيممان عممن‬
‫وقت الحاجة غير جائز فلما أطلق ولم يفصممل دل علممى أن‬
‫الشعر يطهر بالدباغ تبعا للجلد ومما يستدل به لذلك قمموله‬
‫تعالى )والله جعل لكم من بيمموتكم سممكنا وجعممل لكممم مممن‬
‫جلود النعام بيوتا تسممتخفونها يمموم ظعنكممم ويمموم إقممامتكم‬
‫ومن أصوافها وأوبارهمما وأشممعارها أثاثمما ومتاعمما إلممى حيممن(‬
‫وقول الصحاب إن هذه الية محمولة على شممعر المممأكول‬
‫إذا ذكى وأخذ في حياته يجاب عنممه بممأن اليممة خمموطب بهمما‬
‫المشركون من أهل مكة ولهذا قيل في أواخر تعداد النعممم‬
‫كممذلك يتممم نعمتممه عليكممم لعلكممم تسمملمون‪ ،‬وقممد كممان‬
‫المشركون يذبحون للصنام وكممان النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قبل البعثة يتوقف في أكل ذبائحهم فكممانت ذبممائحهم‬
‫ميتة وقد وردت الية امتنانا عليهم بالنتفاع بشممعورها فممدل‬
‫على أن الدباغ طهرها‪ ،‬وقول بعض الفقهمماء إن )مممن( فممي‬
‫الية للتبغيض والمراد البعض الطاهر ينازع فيممه بممأن )مممن(‬
‫هذه ليست هي التبعيضية بل هي التجريدية كما يفهمه مممن‬
‫له خبرة بعلم البيان وكذلك هي في الجملتين الوليين فممي‬
‫الية فهي كالمثال الذي يمثل به أرباب البيممان وهممو قممولهم‬
‫لي من فلن صديق حميم أي أن فلنا نفسه صممديق حميممم‬
‫وليممس المممراد أن بعضممه صممديق‪ ،‬وهممذا معممروف يسمممى‬
‫بالتجريممد عنممد علممماء البلغممة‪ .‬اسممتدلل آخممر‪ :‬قممال بعممض‬
‫المجتهدين يمكن أن يستدل لطهارة الشعر بالممدباغ بنفممس‬
‫الحديث وهمو قموله )إذا دبمغ الهماب فقممد طهمر( لن اسممم‬
‫الهاب ينطلق على الجلد بشعره فيقال هممذا إهمماب الميتممة‬
‫ول يلزم أن يقممال هممذا إهابهمما وشممعرها وإذا انطلممق السممم‬
‫عليه حصلت الطهارة قال ومممما يؤيممده حممديث أبممي الخيممر‬
‫قال رأيت على ابن وعلة فممروا فكلمتممه فيممه فقممال سممألت‬
‫عبد الله بن عباس فقلت إنا نكممون بممأرض المغممرب ومعنمما‬
‫البربر والمجوس نؤتى بممالكبش قممد ذبحمموه ونحممن ل نأكممل‬
‫ذبممائحهم ونممؤتى بالسممقاء يجعلممون فيممه الممودك فقممال ابممن‬
‫عباس قد سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال‬
‫)دباغه طهوره( وحديث ثابت البناني قال كنت سابع سممبعة‬
‫مع عبد الرحمن ابن أبي ليلى في المسممجد فممأتى شمميخ ذو‬
‫‪25‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ضفرتين فقال يا أبا عيسى حدثني حديث أبيك فممي الفممراء‬
‫فقال حدثني أبي قال كنممت جالسمما عنممد النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فأتاه رجممل فقممال يمما رسممول اللممه أنصمملي فممي‬
‫الفراء قال فأين الدبغ فلما ولممى قلممت مممن هممذا قممال هممذا‬
‫سويد بن غفلة‪ .‬قال هذا المجتهد المذكور يمكن أن يستدل‬
‫بالحديث على عدم نجاسة الشعور أصل ورأسا بممأن يجعممل‬
‫دليل على مقدمة في الممدليل وطريقممه أن يقممال لممو نجممس‬
‫الشعر بالموت لكان طاهرا بعد الدباغ لكن كان طاهرا قبل‬
‫الدباغ فل ينجس بالموت‪ ،‬بيان الملزمة أن الدباغ إنما يفيد‬
‫الطهارة في ما له أثر ول أثر للممذبائح فممي الشممعر فل يفيممد‬
‫الطهارة‪ ،‬وبيان أنه طاهر بعد الدباغ أن اسم الهاب يطلممق‬
‫عليه بالشعر المتصل بممه فيقممال هممذا إهمماب الشمماة مثل ول‬
‫يلزم أن يقال هذا أهابهمما وشممعرها فممدل ذلممك علممى إطلق‬
‫اسم الهاب على الجلد بشعره وإذا انطلق عليممه وجممب أن‬
‫يطهممر لقمموله عليممه السمملم )أيممما إهمماب دبممغ فقممد طهممر(‬
‫والعممتراض عليممه يمنممع الملزمممة‪ ،‬وقمموله فممي تقريرهمما إن‬
‫الدباغ إنما يفيد الطهارة فيما له أثر يقال عليه إنممما يفيممدها‬
‫فيما له فيه أثر قصدا أو تبعمما الول مسمملم ونحممن ل نقممول‬
‫بأنه يفيممدها فممي الشممعر قصممدا ‪0‬وإنممما يفيممدها تبعمما للجلممد‬
‫بدللة الحديث وانطلق لفظ الهاب علممى الجميممع‪ .‬انتهممى‪.‬‬
‫ومن الدلة القياسية على طهارة الشعر بالدباغ تبعمما للجلممد‬
‫القياس على دن الخمر إذا صارت خل فإنه يطهممر تبعمما لهمما‬
‫فإن اعترض معترض بأن ذاك من محل الضرورة قلنا وهذا‬
‫من محل الحاجة‪ ،‬وقد نص الفقهاء في قواعممدهم علممى أن‬
‫الحاجة تنزل منزلة الضمرورة‪ ،‬ومممما يسممتدل بممه أيضما ممن‬
‫جهة القياس مسألة ما لو ولغ الكلب في إناء فيه ماء قليل‬
‫فإن الماء والناء ينجسممان معمما فلممو كمموثر الممماء حممتى بلممغ‬
‫قلتين فإن الماء يطهر وكذا الناء تبعا لممه فممي أحممد الوجممه‬
‫فهذا حكم بالطهارة على سبيل التبعية فيقاس عليه الحكمم‬
‫بطهارة الشعر على سبيل التبعية للجلد‪ ،‬ومممما يسممتدل بممه‬
‫أيضا مممن جهممة القيمماس مسممألة الممدم البمماقي علممى اللحممم‬
‫وعظامه فإنه محكوم بطهارته تبعا للحم لعموم البلمموى بممه‬
‫كما ارتضاه النووي في شرح المهذب‪ ،‬وقال قممد ذكممره أبممو‬
‫‪26‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إسحاق الثعلممبي المفسممر مممن أصممحابنا ونقممل عممن جماعممة‬
‫كثيرة مممن التممابعين أنممه ل بممأس بممه‪ ،‬ودليلممه المشممقة فممي‬
‫الحتراز منه‪ ،‬وصرح أحمد وأصحابه بأن ما يبقى مممن الممدم‬
‫في اللحم معفو عنه ولو علت حمرة الدم في القدر لعسممر‬
‫الحتراز منه‪ ،‬وحكوه عممن عائشممة وعكرمممة والثمموري وابممن‬
‫عيينة وأبي يوسف واحمممد وإسممحاق وغيرهممم قلممت مممع أن‬
‫الصل في الدم النجاسة وهي فيه أظهر منهمما فممي الشممعر‬
‫لما تقممدم مممن أن أكممثر الئمممة علممى عممدم تنجيممس الشممعر‬
‫بالموت فيكون الحكم بطهارته تبعا للجلد أولى وأقوى مممن‬
‫الحكم بطهارة الدم تبعا للحممم‪ .‬اسممتدلل آخممر مممن طريممق‬
‫القياس المسمى عندهم قيام العكس‪ :‬قالوا إذا جز الشممعر‬
‫من الحيوان الحي المأكول فهو طاهر لقمموله تعممالى )ومممن‬
‫أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين( أمتممن بممه‬
‫فكان طاهرا والمأخوذ به من المذبوح ل يفي بالحاجممة فممي‬
‫مثل ذلك فكان شامل لما جز في حال الحياة فلو قطع في‬
‫الحياة عضو عليه شعر حكممم بنجاسممة الشممعر تبعمما للعضممو‬
‫المحكوم بنجاسته لقوله صلى الله عليه وسلم ما أبين مممن‬
‫حي ميت فكما حكم بنجاسة الشعر تبعا للجزء المتصل بممه‬
‫المحكوم بنجاسته كممذلك قياسممه عكسممه إذا حكممم بطهممارة‬
‫الجلد بالدباغ يحكم بطهارة الشعر المتصل به تبعا‪ ،‬وشمماهد‬
‫أصل قياس العكس قوله صلى الله عليه وسلم "وفي بضع‬
‫أحدكم صدقة" قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شممهوته ولممه‬
‫فيها أجر قال "أرأيتم لو وضعها في حرام أكممان عليممه وزر"‬
‫قالوا بلى قال "فكذلك إذا وضعها في حلل كممان لممه أجممر"‬
‫رواه مسممملم‪ ،‬وطريقمممة أخمممرى فمممي السمممتدلل وهمممو أن‬
‫الحمماديث المممتي احتججنمما بهممما صمممريحة فممي المقصمممود‪،‬‬
‫والحاديث التي احتج بها للنجاسة وهي أحاديث النهممي عممن‬
‫جلممود السممباع ليسممت صممريحة وإنممما اسممتدل بهمما بطريممق‬
‫الستنباط واللزوم للمعنى الممذي ذكممروه وممما كممان صممريحا‬
‫فهو مقدم على ما كان بطريق اللزوم وقد سلك ابن دقيق‬
‫العيد في الترجيح مسلكا آخر فقال نهيه عليه السمملم عممن‬
‫افممتراش جلممود السممباع مخصمموص بالتفمماق وقمموله عليممه‬
‫السلم )أيما إهاب دبغ فقد طهر( غيممر مخصمموص بالتفمماق‬
‫‪27‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فيرجح العمل به على معارضه‪ ،‬هذا كلم ابن دقيممق العيممد‪.‬‬
‫ومسلك آخر في الجواب وهو أنا نمنع عن كون النهممي عممن‬
‫جلممود السممباع لجممل شممعرها بممل لمعنممى آخممر أشممار إليممه‬
‫الخطابي وهو أنها إنما نهى عنها من أجل أنها مراكب أهممل‬
‫السرف والخيلء وتمام ذلك أن يقال إنه من صمنع العماجم‬
‫وقد صحت الحاديث بالنهي عن التشبه بفعممل العمماجم أي‬
‫الفرس‪ ،‬ويؤيد ذلك أمران‪ :‬أحممدهما أن النهممي مطلممق ولممو‬
‫كان لجممل نجاسممة الشممعر لكممان يممزول بنتفممه ول شممك أن‬
‫الحديث شامل للحالتين والثاني أنه لممو كممان لجممل نجاسممة‬
‫الشعر لم يكن لتخصيص السباع بالممذكر فممائدة فممإن الغنممم‬
‫وسائر الحيوانات كانت تسمماوي السممباع فممي ذلممك فلممو لممم‬
‫يكممن ذلممك لمعنممى آخممر غيممر النجاسممة لممم يكممن لتخصمميص‬
‫السباع بالذكر فائدة‪ .‬وأمر ثالث وهو أن أبمما داود روى فممي‬
‫سننه من حديث معاوية قال قممال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم "ل تركبوا الخز والنمممار" فقممران الخممز بالنمممار‬
‫في هذا الحديث دليل على أن النهي فيمه للسمرف والخيلء‬
‫ل للنجاسة‪ ،‬وكذلك ما رواه أحمممد وابممن ماجممة مممن حممديث‬
‫عبد الله بن عمر قممال نهممى رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم عن الميثرة والقسية وحلقة الممذهب والمقممدم‪ ،‬قممال‬
‫يزيممد الميممثرة جلممود السممباع والقسممية ثيمماب مضمملعة مممن‬
‫ابريسم والمقممدم المشممبع بالعصممفر‪ ،‬وروى الطممبراني فممي‬
‫الكبير عن ثوبان قممال حممرم رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم التختم بالذهب والقسممية وثيمماب المعصممفر والمقممدم‬
‫والنمور فقران جلد السباع والنمور بهذه الشياء في هممذين‬
‫الحممديثين دليممل علممى أن النهممي فيممه للسممرف والخيلء ل‬
‫للنجاسة‪ ،‬وروى أبو داود أيضا عممن أبممي هريممرة عممن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ل تصممحب الملئكممة رفقممة فيهمما‬
‫جلد نمر‪ ،‬وهذا أيضا يدل على أن النهي للخيلء ل للنجاسممة‬
‫لن الجلممد النجممس ل يحممرم اقتنمماؤه إنممما يحممرم لبسممه‬
‫واسممتعماله فممي الشممياء الرطبممة‪ ،‬والحممديث دل علممى ذم‬
‫اقتنائه مطلقا فعرف أن المعنى فيه الخيلء كأواني النقدين‬
‫حرمت للخيلء فحرم اقتناؤها‪ ،‬وأمر آخر وهممو أنممه لممو كممان‬
‫النهي لنجاسة الشعر لم يكن يمتنع إل الجلوس على الوجه‬
‫‪28‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الذي فيه الشعر خاصة ولو قلبه وجلس على الوجه الذي ل‬
‫شعر فيممه لممم يمتنممع لن ذلممك المموجه مممن الجلممد قممد طهممر‬
‫بالدباغ قطعا ول شك أن النهي شامل للوجهين معا كما هو‬
‫ظاهر الحاديث السابقة‪ ،‬وعند ابن أبي شمميبة فممي مسممنده‬
‫من حديث معاوية قال قممال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم )ل تجلسوا على جلود السباع( وعند الحارث بن أبي‬
‫أسامة في مسنده عن سمممرة بممن جنممدب أن رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم نهى أن تفترش مسوك السباع فهذه‬
‫اطلقات شاملة للجلد بوجهيه فممدل علممى أن ذلممك لمعنممى‬
‫السرف والخيلء ل للنجاسة‪ ،‬وأيضا فلم يممذكر الفقهمماء أنممه‬
‫يحرم الجلوس على جلد الميتة النجس إنممما ذكممروا تحريممم‬
‫لبسه وإلحاق الفتراش به قد ل يسلم‪ ،‬والحمماديث صممريحة‬
‫فممي النهممي عممن افممتراش جلممود السممباع والجلمموس عليهمما‬
‫والركوب عليها فدل ذلك على أنه لمعنى آخر غير النجاسة‬
‫فإن قلت فقد قمال سممعيد بمن منصمور فمي سممننه ثنما عبمد‬
‫الرحمن بن زياد عن شعبة عن عبد الملك بن ميسممرة عممن‬
‫زيد بن وهب قال أتاهم كتاب عمر بممن الخطمماب وهممم فممي‬
‫بعض المغازي بلغني أنكم في أرض تأكلون طعاما يقال لممه‬
‫الجبممن فممانظروا ممما حللممه مممن حرامممه وتلبسممون الفممراء‬
‫فانظروا ذكيه من ميته فالجواب عنه من ثلثة أوجه‪ :‬أحدها‬
‫أن إسناده ضعيف‪ ،‬والثاني أنه معارض بما تقدم عممن عمممر‬
‫في الجبن والفراء أيضا فقمد تقمدم أن الممبيهقي أخممرج ممن‬
‫طريق أبي وائل عن عمر بن الخطاب أنه قال فممي الفممراء‬
‫ذكاته دباغه‪ ،‬الثالث أن هذا من عمر ليس قول بممأن الشممعر‬
‫ل يطهر بالدباغ ويطهر به الجلد وإنما هو مبنممي علممى قمموله‬
‫بأن الدباغ ل يطهر الجلد أصل ورأسا وقد تقدم أنممه مممذهب‬
‫له فكان له في المسألة قممولن‪ :‬أحممدهما أن الممدباغ يطهممر‬
‫الجلد والشعر معا والخر أنممه ل يطهممر ل الجلممد ول الشممعر‬
‫فكل رواية محمولة على قول من قوليه‪.‬‬
‫فهذا ما أدانا إليممه النظممر والجتهمماد فممي هممذه المسممألة‬
‫فأجبنا به على حسب ما التمس السممائل‪ ،‬وقممد سمممينا هممذا‬
‫الكتاب )تحفة النجاب بمسألة السنجاب( وكان إملؤه يمموم‬
‫الثنين سابع محرم سنة تسعين وثمانمائة والله أعلم‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫باب التيمم‬
‫مسألة ‪ -‬تراب المسجد إذا تيمم به شخص وقلتم إنه ل‬
‫يجوز هل يستبيح به ما نواه أو يكون ذلك كاسممتعمال الممدار‬
‫المغصوبة والثوب الحرير ونحو ذلك أول‪ ،‬وما الفرق بين ما‬
‫لو تيمم قبل الستنجاء فإنه ل يجممزئ ولممو كممان علممى بممدنه‬
‫نجاسة فإنه يجزئ‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم يستبيح ما نواه كالوضمموء بممماء مغصمموب‬
‫والتيمم بممتراب مغصمموب وكممذلك الوضمموء بالممماء المسممبل‬
‫للشرب صحيح مع تحريمه‪ ،‬وأما المسألة الخيرة فقد فرق‬
‫الصممحاب بفممروق منهمما أن نجاسممة محممل النجممو ناقضممة‬
‫للطهارة موجبة للتيمم فلم يصح التيمم مع وجودهمما بخلف‬
‫غيرها ‪ -‬كذا فمرق المداركي وتبعمه صماحب المهمذب وأقمره‬
‫النووي في شرحه‪ ،‬ومنها أن نجاسة غير الستنجاء ل تزول‬
‫إل بالماء فلو قلنا ل يصممح تيممممه حممتى يزيلهمما لتعممذر عليممه‬
‫الصلة إن لم يجد الماء بخلف الستنجاء لنه يرتفع حكمممه‬
‫بالحجر فيمكنمه تقمديم الحجمر حمتى يصمح تيمممه فلزممه ‪-‬‬
‫كذلك فرق المتولى في التتمة‪ ،‬قال صمماحب المموافي وهممذا‬
‫فرق دقيق نفيس‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬لو تيمم في موضع الغالب فيه عدم الممماء ثممم‬
‫انتقل إلى موضع الغالب فيممه وجممود الممماء أو عكسممه فهممل‬
‫المعتبر في وجوب القضاء وعدمه موضع الممتيمم أو موضممع‬
‫الصلة أو هما وهل في ذلك نقل للصحاب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا السؤال غيممر ممموجه لن النتقممال يمموجب‬
‫تجديد طلب الماء ويبطل التيمم إذا توهمه فإن فرض تعين‬
‫العدم بحيث ل يبطل التيمم ول يجب تجديد الطلب فالعبرة‬
‫فيما يظهر بموضع الصلة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في مفهوم هذه العبمارة وهمي قموله وصمماحب‬
‫الجبائر يمسح عليها ويتيمم ويصلي ول إعادة عليه إن كممان‬
‫وضعها على طهر‪ ،‬ما المراد بالطهر هل هو عممن الجنابممة أو‬
‫أعم من ذلك‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬المراد جنس الطهر الذي تيمم فيه فإن كممان‬
‫ذلممك فممي الغسممل فممالمراد طهممر الجنابممة أو فممي الوضمموء‬
‫فالمراد طهر الحدث صرح به في الخادم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قول المنهاج وكممذا اسممتدامتها إلممى مسممح‬
‫شيء من الوجه هل استدامتها إلى الوجه واجب ذكرا حتى‬
‫أنها لو عزبت بعد النقل وقبل الوجه واستحضممرها عنممدها ل‬
‫تكفي أم الواجب استحضارها عند النقل وعند الوجه فقممط‬
‫حتى لو عزبت بينهما كفى‪ ،‬وإذا تيمم لمس المصحف فهممل‬
‫له صلة النفل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المتجه كما ذكره في المهمات وصرح به أبممو‬
‫خلف الطبري الكتفاء بها عند النقممل والمسممح ولممو عزبممت‬
‫بينهما ول مفهوم لتعبير المنهاج بالستدامة‪ ،‬ولو تيمم لمس‬
‫المصحف فليس له صلة النفل صرح به في التحقيق‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا تيمم الخطيب لخطبممة الجمعممة هممل يقممول‬
‫نويت استباحة فرض الخطبة أم ماذا ينوى‪ ،‬وممما كيفيممة نيممة‬
‫المتيمم العاجز عن غسل الجمعة وغيرها إذا تيمم‪ ،‬وغاسل‬
‫الميت إذا أوجبتم عليه النية أو قلتم باستحبابها كيف يقممول‬
‫في الغسل وإذا لم يجد الماء ويمم الميت كيف ينوى‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ينمموى الخطيممب اسممتباحة فممرض الخطبممة أو‬
‫اسممتباحة خطبممة الجمعممة أخممذا مممن قممول الصممحاب ينمموي‬
‫المتيمم استباحة ما ل يسممتباح إل بالطهممارة وينمموي العمماجز‬
‫عن غسل الجمعة الممتيمم عممن سممنة غسممل الجمعممة‪ .‬قلتممه‬
‫تفقهمما ولممم أره منقممول‪ ،‬وأممما غاسممل الميممت ففممي شممرح‬
‫المهذب قال نصر المقدسي وصاحب البيان صمفة النيممة أن‬
‫ينوي بقلبه عند إفاضة الماء القراح أنه غسل واجب‪ ،‬وقممال‬
‫القاضي أبو الطيب في كتابه المجر ينوي الغسممل الممواجب‬
‫أو الفرض أو غسل الميت‪ ،‬وأما إذا يمم فلم أر مممن صممرح‬
‫به‪ ،‬ويحتمل أن يقال إذا يمم الميت ل يحتاج إلى نية كممما ل‬
‫يحتاج غسله إلى نية في الصح‪ ،‬ويحتمل أن يقال إنه يحتاج‬
‫إليها‪ ،‬ويفرق بيممن الممتيمم والغسممل كممما قممالت الحنفيممة أن‬
‫النية ل تجب في الوضوء وغسل الجنابة ومممع ذلممك أوجبمموا‬
‫النية في التيمم عنهما ولذلك قال الشافعي في الرد عليهم‬
‫طهارتان أنى يفترقان‪ ،‬وهذا النص إذا تمسك بإطلقه عضد‬
‫‪31‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحتمال الول وهو أنه ل يحتاج تيمم الميت إلممى نيممة فممإن‬
‫قلنا يحتاج إليها أو يسممتحب نمموى الممتيمم الممواجب أو البممدل‬
‫من الغسل أو استباحة الصلة عليه ونحو ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قولهم في الجبيرة إن وضعت علممى طهممر لممم‬
‫يقض‪ ،‬هل المراد طهر محلها فقط أو تمام الوضوء‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال الزركشي في الخادم ما نصممه ينبغممي أن‬
‫يبحث عن المراد بالطهر هل هو طهر كامممل وهممو ممما يبيممح‬
‫الصلة كالخف أو المممراد طهممارة المحممل فقممط‪ ،‬فيممه نظممر‬
‫وصرح المام وصمماحب الستقصمماء بممالول والشممبه الثمماني‬
‫وقال ابن الستاذ ينبغي أن يضعها علممى وضمموء كامممل كممما‬
‫في لبس الخف انتهى‪.‬‬

‫باب الحيض‬
‫مسألة ‪ -‬الحمد لله معيد ما بدا * بعد فناء لم يكممن ذاك‬
‫سدى‬
‫ثم الصلة والسلم الكمل * على النبي الهاشمي المفضل‬
‫وآله وصحبه وعترته * وكل من مات على محبته‬
‫جوابكم يا سادة أفادوا * طالبهم وبالعلوم سادوا‬
‫في حائض ببيتها مقيمة * ذي جدة صحيحة سليمة‬
‫بعد انقطاع دمها المحرم * هل يستباح الوطء بالتيمم‬
‫من غير عذر مع وجود الماء * بظنها الغالب لليذاء‬
‫وبيتها في خطة الحمام * مطيقة السعي على القدام‬
‫ذي سعة لجرة وغيرها * ولم تكن محجوبة في خدرها‬
‫فهل يبيح وطأها التيمم * من غير عذر أم بغسل تلزم‬
‫أم حكمها في ذاك حكم الجنب * والنفساء حكمها في‬
‫المذهب‬
‫وإن أبحتم وطأها بالترب * ما قولكم في محرم يلبى‬
‫فهل له اللبس قبيل العذر * بغالب الظن بغير وزر‬
‫أم بعد ما يحصل عذر ظاهر * يجوز لبس وغطاء ساتر‬
‫ولو طرا عذر وزال عنه * هل يجب النزع ببرء منه‬
‫ولو تمادى لبسا والعذر * قد زال هل يسقط عنه الوزر‬
‫وإن بغير العذر لبس حصل * هل الفدا يجزيه مما حمل‬
‫أم هو عاص آثم والجاني * فداه لم ينجه من العصيان‬
‫‪32‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهل بهذا الفعل بر حجه * أم غير مبرور كما قد وجهوا‬
‫وحائض والنفسا هل تقضيا * صومهما دون صلة ألغيا‬
‫أم يختلف حكمهما عند قضا * صلة فرض عن أداها أعرضا‬
‫وضح لنا الجواب شيخ السنة * أثابك الله الكريم الجنة‬
‫أجز جوابا يا جلل الدين * لعبدك السائل بالتبيين‬
‫يا من له نظم على الفتاوى * يشوق كل عالم وراوي‬
‫ل زال ناديك الرحيب محتفل * بالوفد عن طلب خير‬
‫مشتمل‬
‫يا شيخ السلم ويا حبر النهي * ومن له مرتبة تعلو السها‬
‫انتهى‬

‫الجواب –‬
‫الحمد لله على امتنان * لعجز عن أحصاه باللسان‬
‫ثم الصلة والسلم أبدا * على النبي الهاشمي أحمدا‬
‫وآله الولى حووا كل الشرف * وصحبه والتابعين والسلف‬
‫إن حائض قد أقلعت عنها الدما * ووجدت فاقدة للعذر ما‬
‫أو كان في بلدتها حمام * فما إلى وصالها مرام‬
‫وإنما يجوز بالتراب * لفقد هذين بل ارتياب‬
‫ومحرم قبل طروء العذر * أجز له اللبس بغير وزر‬
‫بغالب الظن ول توقف * على حصوله فهذا الرأف‬
‫نظيره من ظن من غسل بما * حصول سقم جوزوا‬
‫التيمما‬
‫ومن تزل أعذاره فليقلع * مبادرا وليقض أن لم ينزع‬
‫وليس ينجيه الفدا من وزره * كمن نحده بشرب خمره‬
‫لو كان ينجيه الفدا من وزر * لسرى العذر بغير العذر‬
‫ول يكون حجه مبرورا * ما لم يتب يكن له طهورا‬
‫وحائض ونفسا فليقضيا * الصوم ل الصلة فيما رويا‬
‫وليس بين تين من خلف * فيما ذكرناه بل خلف‬
‫هذا جواب نجل السيوطي * معتصما بربه القوي‬

‫كتاب الصلة‬
‫مسألة ‪ -‬تكبيرة آخر وقت العصر وجبت مع الظهر لنها‬
‫تجمع معها وهو مشكل لن الجمع رخصة فل يقاس عليها‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬هذا مممن بمماب النمموع المسمممى فممي الصممول‬
‫بقياس العكس‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬المجنون هل يجوز له قضاء ما فاته ‪ -‬إذا أفاق‬
‫‪ -‬من صلة وصوم أم يستحب أم يكره‪.‬‬
‫الجمممواب ‪ -‬القضممماء للمجنمممون مسمممتحب ذكمممره فمممي‬
‫المهمات‬

‫الحظ الوافر من المغنم في استدراك الكافر إذا‬


‫أسلم‬
‫مسألة ‪ -‬الكافر إذا أسلم وأراد أن يقضي مما فماته فمي‬
‫زمن الكفر من صلة وصوم وزكاة هل لمه ذلمك وهمل ثبمت‬
‫أن أحدا من الصحابة فعل ذلك حين أسلم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم له ذلك‪ ،‬وذلك مأخوذ من كلم الصممحاب‬
‫إجمال وتفصيل أما الجمال فقال النووي في شرح المهذب‬
‫اتفق أصحابنا في كتب الفممروع علممى أن الكممافر الصمملي ل‬
‫تجب عليه الصلة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع‬
‫السلم‪ ،‬ومرادهم أنهم ل يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم‬
‫وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضمماء الماضممي فاقتصممر علممى‬
‫نفي اللزوم فيبقى الجواز‪ ،‬وعبارة المهذب فممإذا أسمملم لممم‬
‫يخاطب بقضائها لقوله تعالى )قمل للممذين كفممروا إن ينتهمموا‬
‫يغفر لهم ما قد سلف( ولن في إيجاب ذلك عليهممم تنفيممرا‬
‫فعفى عنه فاقتصممر علممى نفممي اليجمماب فيبقممى الجممواز أو‬
‫الستحباب‪ ،‬وأما التفصيل فإن الفقهاء قد قرنوا فممي كتمماب‬
‫الصمملة بيممن الكممافر والصممبي والمجنممون والمغمممى عليممه‬
‫والحائض في عدم وجوب الصمملة‪ ،‬ونممص بعضممهم علممى أن‬
‫الصبي إذا بلغ وقد فاتته صلة يسممن لممه قضمماؤها ول تجممب‬
‫عليه‪ ،‬وأن المجنممون والمغمممى عليممه يسممتحب لهممما قضمماء‬
‫الصمملة الفائتممة فممي زمممن الجنممون والغممماء ‪ -‬كممذا نقلممه‬
‫السممنوي عممن البحممر للرويمماني‪ ،‬ونقممل عنممه وعممن شممرح‬
‫الوسيط للعجلي أن الحائض يكره لها القضاء‪ .‬فهذه فممروع‬
‫منقولة والكافر في معنممى ذلممك فيجمموز لممه القضمماء إن لممم‬
‫يصل المر إلى درجة الستحباب ول يمكن القول بممالتحريم‬
‫بل ول بالكراهة‪ ،‬ويفارق الحائض فإن ترك الصلة للحممائض‬
‫‪34‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عزيمة وبسبب ليست متعدية به والقضاء لها بدعممة‪ ،‬ولهممذا‬
‫قالت عائشة لمن سألتها عن ذلك أحرورية أنت‪ ،‬وقد انعقد‬
‫الجممماع علممى عممدم وجمموب الصمملة عليهمما‪ ،‬وتممرك الصمملة‬
‫للكافر بسبب هو متعد به وإسممقاط القضمماء عنممه مممن بمماب‬
‫الرخصممة مممع قممول الكممثرين بوجوبهمما عليممه حممال الكفممر‬
‫وعقوبته عليها في الخرة كما تقممرر فممي الصممول‪ .‬فاتضممح‬
‫بهذا الفرق بينه وبين الحممائض حيممث يكممره لهمما القضمماء ول‬
‫يكره له بممل يجمموز أو ينممدب‪ ،‬ويقمماس بصمملة الكممافر جميممع‬
‫فروع الشريعة من زكاة وصوم‪ ،‬هذا ما أخذته مممن نصمموص‬
‫المذهب‪ ،‬وأما الدلة فمموردت أحمماديث يسممتنبط منهمما جممواز‬
‫ذلك بل ندبه‪ :‬منها ممما أخرجممه الئمممة السممتة وغيرهممم عممن‬
‫عمر بن الخطاب أنه قال يمما رسممول اللممه إنممي نممذرت فممي‬
‫الجاهلية أن أعتكممف ليلممة فممي المسممجد الحممرام قممال أوف‬
‫بنذرك قال النووي في شرح مسلم من قال إن نذر الكافر‬
‫ل يصمممح وهمممم جمهمممور أصمممحابنا حملممموا الحمممديث علمممى‬
‫الستحباب أي يستحب لك أن تفعل الن مثل الممذي نممذرته‬
‫في الجاهلية انتهى‪ .‬وفي هذا دللة على أن الكافر يستحب‬
‫له أن يتدارك القرب التي لو فعلها في حال كفره لم تصممح‬
‫منه ولو كان مسمملما لزمتممه‪ ،‬وهممذه دللممة ظمماهرة ل شممبهة‬
‫فيها‪ ،‬وقال الخطابي في معممالم السممنن فممي هممذا الحممديث‬
‫دللممة علممى أن الكفممار مخمماطبون بممالفرائض مممأمورون‬
‫بالطاعة‪ ،‬وقال القمولي من متأخري أصحابنا فممي الجممواهر‬
‫إذا نذر الكافر لم يصح نذره لكن يندب له الوفماء إذا أسملم‬
‫فلمو نمذر اليهمودي أو النصمراني صملة أو صموما ثمم أسملم‬
‫استحب له الوفمماء ويفعممل صمملة شممرعنا وصمموم شممرعنا ل‬
‫صلة شرعه وصومه ‪ -‬هذا كلم القمولي‪ ،‬وقال ابممن دقيممق‬
‫العيد في شرح العمدة استدل بهذا الحديث من يرى صممحة‬
‫النذر من الكافر وهو قممول أو وجممه فممي مممذهب الشممافعي‬
‫والظهر أنه ل يصح لن النذر قربة والكافر ليس مممن أهممل‬
‫القرب‪ ،‬ومن يقول بهذا احتماج إلمى أن يمأول الحممديث بمأنه‬
‫أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ممما نممذر فممأطلق عليممه أنممه‬
‫منذور لشبهه بالنذر وقيامه مقامه فممي فعممل ممما نممواه مممن‬
‫الطاعممة‪ ،‬وعلممى هممذا يكممون قمموله أوف بنممذرك مممن مجمماز‬
‫‪35‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحذف أو مجاز التشبيه‪ ،‬ومنها ما أخرجه مسلم عن حكيممم‬
‫بن حزام قال قلت يا رسول اللممه أشممياء كنممت أفعلهمما فممي‬
‫الجاهلية ‪0‬يعني أتبرر بها فقال رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم أسلمت على ما سلف من الخير قلت فو الله ل أدع‬
‫شيئا منعته في الجاهلية إل فعلت في السمملم مثلممه‪ .‬قلممت‬
‫هذا الحديث يؤخذ منه بدللة الشارة استدراك ما فات في‬
‫الجاهلية فممإنه لممما صممدر منممه ممما صممدر مممن القربممات فممي‬
‫الجاهلية كأنه لم يرها تامة لفقد وصف السلم فأعاد فعلها‬
‫في السلم استدراكا لما فات مممن وصممف التمممام‪ ،‬واخممرج‬
‫الحاكم في المستدرك عن هشام عن أبيه قال اعتق حكيم‬
‫مائة رقبة وحمل على مائة بعير فممي الجاهليممة فلممما أسمملم‬
‫اعتق مائة وحمل على مائة بعير‪ ،‬هذا الحديث فيه التصريح‬
‫بوفائه بما وعد به‪ .‬ومنها ما روى أن أبا سممفيان لممما أسمملم‬
‫قال يا رسول الله ل أترك موقفا قاتلت فيممه المسمملمين إل‬
‫قاتلت مثله الكفار ول درهما أنفقته فممي الصممد عممن سممبيل‬
‫الله إل أنفقت مثله فممي سممبيل اللممه‪ ،‬هممذا الحممديث صممريح‬
‫بمنطوقه في استدراك تكفير ما مضى في الكفر من فعممل‬
‫المنمماهي وهممو غيممر لزم فيحمممل علممى النممدب ويؤخممذ مممن‬
‫فحواه استحباب استدراك ما مضممى فممي الكفممر مممن تممرك‬
‫الوامر‪ ،‬وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن عكرمة‬
‫بن أبي جهل قال قال النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يمموم‬
‫جئت مرحبمما بممالراكب المهمماجر مرحبمما بممالراكب المهمماجر‬
‫فقلت والله يا رسممول اللممه ل أدع نفقممة أنفقتهمما إل أنفقممت‬
‫مثلها في سمبيل اللمه‪ ،‬هممذا أيضما ممن اسمتدراك تكفيمر مما‬
‫مضى من فعل المنهيات في حال الكفر‪.‬‬

‫باب المواقيت‬
‫مسألة ‪ -‬فيما رواه مسلم عن النواس بن سمعان قممال‬
‫ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال إلى أن قممال‬
‫قلنا يا رسول الله وما لبثه فممي الرض قممال )أربعممون يوممما‬
‫يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيممامكم(‬
‫قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صمملة‬
‫يوم قال ل اقدروا له‪ ،‬وفي حديث آخر نقله القرطممبي فممي‬
‫‪36‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التذكرة قال رسول الله صلى الله عليممه وسمملم وأنمما أيممامه‬
‫أربعون سنة السنة كنصف السنة والسنة كالشممهر والشممهر‬
‫كالجمعممة وآخممر أيممامه كالشممررة يصممبح أحممدكم علممى بمماب‬
‫المدينة فل يبلغ بابها الخر حتى يمسي فقيل يا رسول الله‬
‫كيممف نصمملى فممي تلمك اليممام القصممار قمال )تقممدرون فيهمما‬
‫الصلة كما تقدرونها في هذه اليام الطوال ثم صلوا( وفممي‬
‫حديث آخر عن أسممماء بنممت يزيممد بممن السممكن قممال النممبي‬
‫صلى الله عليه وسمملم يمكممث الممدجال فممي الرض أربعيممن‬
‫سممنة السممنة كالشممهر والشممهر كالجمعممة والجمعممة كمماليوم‬
‫واليوم كاضطرام السعفة في النار فهل هذه الحاديث كلها‬
‫متساوية في الصحة أم ل وهل بينها تناف أم ل وهل ليممالي‬
‫تلك اليام كلها على حالة واحدة كليالينمما هممذه أم تتبممع كممل‬
‫ليلة يومها في الطول وغيره وما كيفية التقدير فممي القصممر‬
‫هل هو مثل إذا كان اليمموم ثلثممة درج فتكممون حصممة الصممبح‬
‫درجممة والظهممر كممذلك والعصممر كممذلك أم ل وهممل صمملة‬
‫المغرب والعشاء يجممري عليهممما حكممم القصممر أم ل لنهممما‬
‫ليسممتا فممي النهممار المتصممف بتلممك الصممفات وإذا لممم يسممع‬
‫الوقت المقسط تلك الصلة فهل تجب عليه ثم يقضيها وما‬
‫كيفية إقامممة الجمعممة فممي هممذا اليمموم القصممير وممما طريممق‬
‫حساب مممدة مسممح الخممف وممما كيفيممة الصمموم وكممذا سمائر‬
‫الحكام المتعلقة باليام وهل الزيادة في الطممول كممما فممي‬
‫الحممديث الول مختصممة بالثلثممة اليممام الولممى أو السممبعة‬
‫والثلثون متساوية الطول‪ ،‬وعلى ظاهر الحممديثين الخريممن‬
‫هل يختص القصر باليوم الخير أم يكون القصممر فيممه وفممي‬
‫غيره أم ل وهممل التقممدير مختممص بصمملتي الظهممر والعصممر‬
‫فقط والصبح مختص بما بعد الفجر إلى طلوع الشمممس أم‬
‫يشاركهما أم كيف الحال وهل ما ورد عممن أنممس قممال قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم )ل تقمموم السمماعة حممتى‬
‫يتقارب الزممان فتكمون السمنة كالشمهر والشمهر كالجمعمة‬
‫والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرب بالنممار(‬
‫داخل في حديث الدجال أم هو حديث برأسه في غير زمممن‬
‫الدجال‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬ليست هذه الحاديث متساوية في الصحة بل‬
‫الول منها هو الصحيح والثاني أخرجه ابن ماجة من حممديث‬
‫أبي أمامة وقد نبه الحفاظ على أنممه وقممع فيممه تخممبيط فممي‬
‫إسناده ومتنممه وهممذه الجملممة مممما وقممع فيممه التخممبيط فقممد‬
‫تضافرت الخبار بأن مدة لبثممه فممي الرض أربعممون يوممما ل‬
‫أربعون سنة‪ ،‬ورد ذلك أيضا من حديث جممابر بممن عبممد اللممه‬
‫وعبد الله بممن عمممر وجنممادة بممن أبممي أميممة عممن رجممل مممن‬
‫النصار وغيرهم وقد روى الطبراني عن عبد الله بن عمممرو‬
‫مرفوعا يخرج الممدجال فممي أمممتى فيمكممث أربعيممن ل أدري‬
‫أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما ‪ -‬الحديث‪ ،‬قال‬
‫الحافظ ابن حجر في شرح البخاري والجممزم بأنهمما أربعممون‬
‫يوما مقدم على الترديد وقد أخرجه الطبراني أي من وجممه‬
‫آخممر عممن عبممد اللممه بممن عمممرو بلفممظ فيمكممث فممي الرض‬
‫أربعين صباحا وجممزم الحممافظ ابممن كممثير فممي تمماريخه أيضمما‬
‫بممذلك وقممال معممدل إقممامته سممنة وشممهران ونصممف‪ ،‬وأممما‬
‫الليالي وأما كيفية التقدير إذا كممان اليمموم مثل ثلث درج فل‬
‫تتساوى فيه حصة الصبح والظهر والعصر بل يتفاوت علممى‬
‫حسممب تفاوتهمما الن فممإنه مممن أول وقممت الصممبح الن إلممى‬
‫وقت الظهر أكثر من أول وقممت الظهممر إلممى وقممت العصممر‬
‫ومن أول وقت الظهر إلى وقت العصر أكثر من أول وقممت‬
‫العصر إلى وقت المغرب فيقممدر إذ ذاك علممى حسممب هممذا‬
‫التفاوت ويجعل وقممت الظهممر بعممد نصممف النهممار وهممو بعممد‬
‫مضي أكثر مممن درجممة ونصممف إذا كممان الثلث درج مقممدرة‬
‫من طلوع الفجر وإن كانت من طلوع الشمس فبعد مضي‬
‫درجة ونصف‪ ،‬وأما صمملة المغممرب والعشمماء فيقممدران فممي‬
‫اليام الطمموال الممذي كسممنة والممذي كشممهر والممذي كجمعممة‬
‫فيصلى في اليوم الذي كسنة ألممف صمملة وثمانمممائة صمملة‬
‫وثلثمممائة وسممتين صممبحا وثلثمممائة وسممتين ظهممرا وثلثمممائة‬
‫وستين عصرا وثلثمائة وستين مغربا وثلثمائة وستين عشاء‬
‫مقممدار كممل صمملة بمموقت محممدود بالممدرج والممدقائق علممى‬
‫حساب أهل الميقات‪ ،‬غاية المر أن وقت الليل صار نهممارا‪،‬‬
‫وأما في اليام القصار فإن كان الليممل علممى طمموله المعتمماد‬
‫فواضممح وأن تبممع النهممار فممي القصممر نظممر إن وسممع اليمموم‬
‫‪38‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والليلة الخمممس الصمملوات وجبممت وأن لممم يسممع فمقتضممى‬
‫حديث ابن ماجة أنها تجب‪ ،‬وقد سئل متأخرو أصممحابنا عممن‬
‫بلد يطلممع فيهمما الفجممر عقممب ممما تغممرب الشمممس فأجمماب‬
‫البرهان الفزاري بوجوب العشاء عليهممم ويقضممونها‪ ،‬وأفممتى‬
‫معاصروه بأنهمما ل تجممب عليهممم لعممدم سممبب الوجمموب فممي‬
‫حقهم وهو الوقت فعلممى ممما أفممتى بممه الفممزاري ل إشممكال‬
‫وعلى ما أفمتى بمه غيمره قمد يقمال همذا نمص فيقمدم علمى‬
‫القياس وقد يقال إن الحديث لم يصممح وهممذه الجملممة مممما‬
‫غلط فيه الراوي كما تقدم وقد يقال أن هذا من نص النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم دليل على أن اليام والليالي حينئذ ل‬
‫بد أن تتسع بقدر ما تؤدي فيها الصلوات الخمس ول تقصممر‬
‫عن ذلك‪ ،‬وهذا الحتمال عندي أرجح بل متعين‪ .‬وأما إقامممة‬
‫الجمعة في اليوم القصير فواضح مما تقدم تقام بعد مضي‬
‫نصف حصة النهممار‪ .‬وأممما حسمماب مممدة الخممف ففممي اليممام‬
‫الطوال تقدر يوم وليلة أو ثلثممة أيممام ولياليهمما كممما حسممبت‬
‫أوقات الصلة وينزع عند مضي جانب من اليوم بقممدر ذلممك‬
‫وفي اليام القصممار يمموم كامممل بليلتممه أو ثلثممة بلياليهمما وأن‬
‫قصرت حدا وينزع بعد مضيها‪ .‬وأما الصوم ففي اليوم الذي‬
‫كسممنة يعتممبر قمدر مجيممء رمضممان بالحسمماب ويصمموم مممن‬
‫النهار جزءا بقممدر نهممار بالحسمماب أيضمما ويفطممر ثممم يصمموم‬
‫وهكذا وفي اليوم الذي كشهر يصوم اليوم كله عن الشممهر‬
‫ويفطر فيه بقدر ما كان يجيء الليل بالحساب وفممي اليممام‬
‫القصار يصمموم النهممار فقممط ويحسممب عممن يمموم كامممل وأن‬
‫يفطر إذا غربت الشمس ويمسك إذا طلع الفجر وهكذا ول‬
‫يضر قصره‪ .‬ويقاس بذلك سممائر الحكممام المتعلقممة باليممام‬
‫مممن العتكمماف والعممدد والجممال ونحوهمما وظمماهر الحممديث‬
‫الصممحيح أن الطممول مختممص باليممام الول الثلثممة والبمماقي‬
‫متساوية كأيامنا‪ ،‬وظاهر حديث ابن ماجة عكس ذلممك وهممو‬
‫قصر أيامه وجمعه وشهوره وعامه بالنسبة إلى ما هممو الن‬
‫ولهذا ترجح أن ذلك وهم من الراوي وتخممبيط منممه ويمكممن‬
‫الجمع بأن المريممن موجممودان ففممي أيممام ممما هممو زائد فممي‬
‫الطول كسنة وشهر وجمعة وما هو مساو ليامنمما الن وممما‬
‫هممو قصممير عنهمما إلممى أن ينتهممي آخممر أيممامه إلممى أن يكممون‬
‫‪39‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كاضطرام السعفة في النار‪ ،‬وهذا الجمممع عنممدي أفيممد مممن‬
‫تخطئة الرواية بالكلية وعلى هذا فل يختممص القصممر بمماليوم‬
‫الخير بل يكون فيما قبله أيضا ول يختممص التقممدير بممالظهر‬
‫والعصممر بممل يشمماركهما الصممبح فممي اليممام الطمموال وفممي‬
‫القصار تصلى عند طلمموع الفجممر بل تقممدير‪ ،‬وأممما حممديث ل‬
‫تقوم الساعة حتى يتقارب الزممان إلمى آخمره فهمو حمديث‬
‫مستقل غير حديث الدجال وقد اختلف فيه فقيل هممو علممى‬
‫حقيقته نقص حسى وأن ساعات النهار والليل تنقص قممرب‬
‫قيام الساعة وقيل هو معنوي وأن المراد سرعة مممر اليممام‬
‫ونزع البركة من كل شيء حتى من الزمان وهذا ما رجحممه‬
‫النووي تبعا للقاضممي عيمماض وفيممه أقمموال غيممر ذلممك واللممه‬
‫أعلم‪.‬‬

‫باب الذان‬
‫مسممألة ‪ -‬مممن أميممر المممؤمنين خليفممة المموقت المممام‬
‫المتوكل على الله ورد أن السامع للمؤذن في حممال قيممامه‬
‫ل يجلس وفي حال جلوسه يسممتمر علممى جلوسممه‪ ،‬وذكممروا‬
‫أنه إذا سمع المؤذن ل يتوجه من مكانه لمخالفة الشمميطان‬
‫فإن الشيطان إذا سمع المؤذن أدبر وبقي الكلم هل يكممره‬
‫لسممامع المممؤذن فممي حممال الضممطجاع اسممتمراره علممى‬
‫الضطجاع مع حكايته للفظ المممؤذن أو الجلمموس لممه أولممى‬
‫وقد قممال اللممه تعممالى )الممذين يممذكرون اللممه قياممما وقعممودا‬
‫وعلى جنوبهم( ونقل عن المام مالك أنه أغلممظ علممى مممن‬
‫سأل عن حديث في حال قيامه فكيف الحال في ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الية الشريفة واردة فممي الحممث علممى الممذكر‬
‫في كل حال وأنه ل يكره في حالة مممن الحمموال وقممد روى‬
‫مسلم في صحيحه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يممذكر اللممه علممى كممل أحيممانه وهممذا الحكممم‬
‫الذي دلت عليه الية والحديث باق معمول به عنممد العلممماء‬
‫كافة‪ ،‬وما ذكر فممي السممؤال مممن أن السممامع للمممؤذن فممي‬
‫حال قيامه ل يجلس وفي حال جلوسه يستمر على جلوسه‬
‫ل أصل له في الحديث ول ورد قط في حديث ل صحيح ول‬
‫ضعيف ول ذكره أحد من أصممحابنا فمي كتممب الفقمه فيجموز‬
‫‪40‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫للسممامع إذا كممان قائممما أن يجلممس وإذا كممان جالسمما أن‬
‫يضممطجع وإذا كممان مضممطجعا أن يسممتمر علممى الضممطجاع‬
‫ويجيب المؤذن حال الضطجاع ول يكممره لممه ذلممك لنممه لممم‬
‫يرد فيه نهي‪ ،‬والكراهة تحتاج إلى دليل من نهممى خمماص ول‬
‫سممبيل إلممى وجمموده بممل اليممة الشممريفة دالممة علممى جمموازه‬
‫وكذلك الحديث المذكور وأما إغلظ المام مالك علممى مممن‬
‫سأله عن حديث في حال قيامه فل ينممافي ذلممك لن العلممم‬
‫وخصوصا الحديث له خصوصية في التوقير والتبجيل أعظم‬
‫مما يطلب في الذكر وقد أخرج البيهقي في كتاب المدخل‬
‫عن ابممن المبممارك أن رجل سممأله عممن حممديث وهممو يمشممي‬
‫فقال ليس هممذا مممن تمموقير العلممم فكممره ابممن المبممارك أن‬
‫يسأل عممن حممديث وهممو ممماش فممي الطريممق وعممده منافيمما‬
‫لتوقير العلم ومعلوم أن الذكر للماشممي فممي الطريممق غيممر‬
‫مكممروه بممل ول تكممره قممراءة القممرآن للماشممي كممما ذكممره‬
‫النووي وغيره‪ ،‬وأخرج البيهقي عن إسماعيل بن أبي أويس‬
‫قال كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلممس علممى صممدر‬
‫فراشه وسرح لحيته وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة فقيممل‬
‫له في ذلك فقال أحب أن أعظم حديث رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم وكان يكره أن يحدث في الطريممق أو وهممو‬
‫قائم وأخممرج عممن سممعيد بممن المسمميب أن رجل سممأله عممن‬
‫حممديث وهممو مريممض وهممو مضممطجع فجلممس فحممدثه فقممال‬
‫الرجل وددت أنك لممم تتعممب فقممال كرهممت أن أحممدثك عممن‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم وأنمما مضممطجع‪ ،‬وأخممرج‬
‫عن ضرار بن مرة قال كانوا يكرهون أن يحدثوا علممى غيممر‬
‫طهر‪ .‬فهذه آداب اختص بها نشر الحممديث وروايتممه تعظيممما‬
‫له ول يطلممب عنمد الممذكر العتنمماء بمثمل ذلمك مممن تسمريح‬
‫اللحية والجلوس على صدر فراش ونحمموه ول يكممره الممذكر‬
‫للمحدث بل ول للجنب‪ ،‬والمقصود بهذا كله أن نشر العلممم‬
‫يطلب عنده آداب تعظيما له يختص بهما عمن المذكر ونحموه‬
‫حتى لو أراد النسان أن يمر على حديث لنفسه فممي كتممابه‬
‫أو نحوه من غير نشر بين الناس لم يكره له أن يمممر عليممه‬
‫وهو مضطجع أو قائم‪ ،‬ولو أراد أن يقرئ أحدا القممرآن كممره‬
‫له أن يقرئه وهو مضطجع أو قائم أو ماش لن ذلممك ليممس‬
‫‪41‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من توقير العلم‪ ،‬ولو أراد أن يقرأ لنفسه وحده لم يكره له‬
‫أن يقممرأ وهممو قممائم أو ممماش أو مضممطجع لن ذلممك مجممرد‬
‫قراءة وذكر ل تعليممم‪ .‬والحاصممل أن الداب المطلوبممة عنممد‬
‫تعليم الناس العلم ونشره لهم ل يتعين طلبها على النسان‬
‫إذا كان وحممده فللقممارئ وحممده حكممم غيممر المقممرئ لغيممره‪،‬‬
‫وللناظر في الحديث وحده حكم غير الراوي له عنممد غيممره‪،‬‬
‫والذاكر حكمه حكم المنفرد ل حكم المعلم فلهذا لم يكممره‬
‫له الذكر في حال من الحوال وكره السممؤال عممن الحممديث‬
‫في حال القيام وأما كممونه إذا سمممع المممؤذن ل يتمموجه مممن‬
‫مكانه لمخالفة الشيطان فهذا صحيح‪ ،‬وقد ورد النهممي عنممه‬
‫لكنه خاص بالمسجد روى مسلم وأبممو داود والترمممذي عممن‬
‫أبي الشعثاء قال كنا مع أبممي هريممرة فممي المسممجد فخممرج‬
‫رجل حين أذن المؤذن فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصممى‬
‫أبا القاسم ثم قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسمملم‬
‫إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلة فل يخرج أحدكم حممتى‬
‫يصلى‪ ،‬وأخرج ابن ماجة عن عثمممان ابممن عفممان قممال قممال‬
‫رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم مممن أدرك الذان فممي‬
‫المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو ل يريد الرجعممة فهممو‬
‫منافق والله أعلم‪.‬‬

‫باب استقبال القبلة‬


‫مسألة ‪ -‬في قول الفقهمماء فممي المحمماريب الممتي يمتنممع‬
‫الجتهاد معها في القبلة أن تكون في بلدة أو قرية نشأ بهمما‬
‫قرون وسلمت من الطعن‪ ،‬هل قولهم قممرون مجممازا أرادوا‬
‫به أن تمضي عليها سنون تغلب على الظن أو ذلممك حقيقممة‬
‫ول بد أن يمضي قرون والقرن مائة سنة وأقل الجمع ثلث‬
‫فل بممد مممن ثلثمممائة سممنة وإل لممم يثبممت لهمما هممذا الحكممم‪،‬‬
‫وقولهم وسلمت من الطعن ما حقيقة الطعن الذي يخرجها‬
‫عن هذا العتبار وما ضابطه هل يحصل بمجرد الطعممن ولممو‬
‫من واحد أم ل بد من أكثر‪ ،‬ومن صلى إلى محراب ثم تبين‬
‫أنه لم يمض عليه قرون أو طعن فيه هل يلزمممه إعممادة ممما‬
‫صله إليه أم ل وهل يجب عليه قبل القدام أن يبحث عنهمما‬
‫هل مضى عليها قممرون وسمملمت مممن الطعممن ول يجمموز لممه‬
‫‪42‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫العتماد عليها قبل البحث وإذا صمملى إليهمما قبلممه لممم تنعقممد‬
‫صلته أو يجوز القدام وتنعقد صمملته حمل علممى أن الصممل‬
‫في وضع المحراب أن يحتاط له ويوضع بحق وإن كان ظنمما‬
‫حتى يتبين خلفه‪ ،‬وإذا نشأ جماعة ببلدة عمر كل واحد نحو‬
‫خمسين سنة وهم يصلون إلى محراب زاوية كان على عهد‬
‫آبائهم ببلدهم وهم ل يعرفون أمضممى عليممه قممرون أم ل ول‬
‫يعرفون هممل طعممن فيممه أحممد أم ل ثممم ورد عليهممم شممخص‬
‫يعرف الميقات فقال لهم هممذا فاسمد وأحمدث لهمم محرابما‬
‫غيره منحرفا عنه هل يلزمهم اتبمماع قمموله وتممرك المحممراب‬
‫الول أم ل وإذا لزمهم فهل يجممب عليهممم إعممادة ممما صمملوه‬
‫إلى الول أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس المراد بالقرون ثلثمائة سنة بل شك ول‬
‫مائة سنة ول نصفها وإنما المراد جماعممات مممن المسمملمين‬
‫صلوا إلى هذا المحراب ولم ينقل عن أحد منهم أنممه طعممن‬
‫فيه فهذا هو الذي ل يجتهد فيه في الجمعة ويجتهد فيه فممي‬
‫التيامن والتياسر‪ ،‬وقد عبر في شرح المهذب بقوله في بلد‬
‫كبير أو في قرية صغيرة يكثر المارون بهمما حيممث ل يقرونممه‬
‫على الخطأ فلم يشترط قرونا وإنما شممرط كممثرة المممارين‬
‫وذلك مرجعه إلى العرف وقد يكتفى فمي مثممل ذلمك بسممنة‬
‫وقد يحتاج إلى أكثر بحسب كممثرة مممرور النمماس بهمما وقلتممه‬
‫فممالمرجع إلممى كممثرة النمماس ل إلممى طممول الزمممان ويكفممى‬
‫الطعن من واحد إذا ذكر له مستندا أو كان من أهممل العلممم‬
‫بالميقات فذلك يخرجه عن رتبة اليقين الذي ل يجتهد معه‪،‬‬
‫ومن صلى إلى محراب ثم تبين فقد شرطه المذكور لزمممه‬
‫العادة لن واجبه حينئذ الجتهاد ول يجوز له العتمماد عليممه‬
‫كما صرح به فممي شممرح المهممذب ومممن واجبممه الجتهمماد إذا‬
‫صلى بدونه أعاد ويجب على الشخص قبل القممدام البحممث‬
‫عن وجود الشرط المذكور وإذا صلى قبلممه بممدون الجتهمماد‬
‫لم تنعقد صلته‪ ،‬ومحراب الزاوية الممذكور إن كمانت بلمدته‬
‫كممبيرة أو صممغيرة كممثر المممرور بهمما ولممم يسمممع فيممه طعممن‬
‫فالصلة إليه صحيحة وإن كانت صممغيرة ولممم يكممثر المممرور‬
‫بها لم تصممح الصمملة إل باجتهمماد ويتبممع قممول الميقمماتي فممي‬

‫‪43‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تحريفه إن كان بارعا في فنه موثوقا به وقليل ممما هممم‪ ،‬ول‬
‫يلزم إعادة ما تقدم من الصلوات‪.‬‬

‫باب صفة الصلة‬


‫مسألة ‪ -‬وقع في عبممارة عممدة مممن الكتممب )بمماب صممفة‬
‫الصلة( ومراده أن يبين في البمماب الهيئة الحاصمملة للصمملة‬
‫بأركانها وعوارضها فهل يجوز أن تكون هذه الضافة إضافة‬
‫بيانية وإذا لم تكن فأي إضافة هي‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ليسممت هممذه الضممافة بيانيممة لن الضممافة‬
‫البيانية هي إضافة الشيء إلى مرادفممه كسممعيد كممرز وبممابه‬
‫ول يكون على تقدير حرف ول هي من قسم المحضة عنممد‬
‫الكثرين بل هي إما غير محضة على رأي الفارسممي وغيمره‬
‫أو واسطة بين المحضة وغيرها على رأي ابن مالك‪ ،‬وصفة‬
‫الصلة ليست من إضافة الشمميء إلممى مرادفممه لن الصممفة‬
‫غير الموصوف والكيفية غير المكيف وهي على تقدير اللم‬
‫وهي محضة تتبين مفارقتها للبيانية من هذه الوجوه الثلثة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا قال المصلى )الصممراط الممذين( بزيممادة آل‬
‫هل تبطل صلته أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الظاهر التفرقة في ذلك بين العامد وغيره‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله في دعاء القنوت ول يعز من عاديت‬
‫هل هو بكسر العين أو فتحها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو بكسر العين مممع فتممح اليمماء بل خلف بيممن‬
‫العلماء من أهممل الحممديث واللغممة والتصممريف‪ ،‬وألفممت فممي‬
‫ذلك مؤلفا سممميته أول العممراض والتممولي عمممن ل يحسممن‬
‫يصلى ثم عدلت عن هذا السم وسميته الثبوت فممي ضممبط‬
‫القنمموت‪ ،‬وهممو مممودع فممي الجممزء السممادس والثلثيممن مممن‬
‫تذكرتي‪ ،‬وقلت في آخره نظما‪:‬‬
‫يا قارئا كتب التصريف كن يقظا * وحرر الفرق في الفعال‬
‫تحريرا‬
‫عز المضاعف يأتى في مضارعه * تثليث عين بفرق جاء‬
‫مشهورا‬
‫فما كقل وضد الذال مع عظم * كذا كرمت علينا جاء‬
‫مكسورا‬
‫‪44‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وما كعز علينا الحال أي صعبت * فافتح مضارعه إن كنت‬
‫نحريرا‬
‫وهذه الخمسة الفعال لزمة * واضمم مضارع فعل ليس‬
‫مقصورا‬
‫عززت زيدا بمعنى قد غلبت كذا * أعنته فكل ذا جاء مأثورا‬
‫وقل إذا كنت في ذكر القنوت ول * يعز يا رب من عاديت‬
‫مكسورا‬
‫واشكر لهل علوم الشرع إذ شرحوا * لك الصواب وأبدوا‬
‫فيه تذكيرا‬
‫واصلحوا لك لفظا أنت مفتقر * إليه في كل صبح ليس‬
‫منكورا‬
‫ل تحسبن منطقا يحكى وفلسفة * ساوى لدى علماء‬
‫الشرع تطهيرا‬

‫ذكر التشنيع في مسألة التسميع‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬مذهب الشافعي رضي اللممه عنممه أن المصمملي‬
‫إذا رفع رأسه من الركوع يقول في حال ارتفاعه سمع الله‬
‫لمن حمده‪ ،‬فإذا استوى قائما يقول ربنمما لممك الحمممد‪ ،‬وأنممه‬
‫يستحب الجمع بين هذين للمام والمأموم والمنفرد‪ ،‬وبهممذا‬
‫قال عطاء وأبو بردة ومحمممد بممن سمميرين وإسممحاق وداود‪،‬‬
‫وقال أبو حنيفة يقول المام والمنفرد سمع الله لمن حمده‬
‫فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط وحكاه ابن المنذر عممن‬
‫ابن مسعود وأبي هريرة والشعبي ومالك وأحمممد قممال وبممه‬
‫أقول وقال الثوري والوزاعي وأبو يوسممف ومحمممد وأحمممد‬
‫يجمع المام بين الذكرين ويقتصممر المممأموم علممى ربنمما لممك‬
‫الحمد واحتج لهم بحديث أبي هريرة عن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال "إنممما جعممل المممام ليممؤتم بممه فل تختلفمموا‬
‫عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع اللممه‬
‫لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا سممجد فاسممجدوا وإذا‬
‫صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون" وبحديث عائشة قالت‬
‫صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شمماك‬
‫فصمملى جالسمما وصمملى وراءه قمموم قياممما فأشممار ليهممم أن‬
‫‪45‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل المممام ليممؤتم بممه فممإذا‬
‫ركع فاركعوا ‪0‬وإذا رفع فارفعوا وإذا قممال سمممع اللممه لمممن‬
‫حمممده فقولمموا ربنمما لممك الحمممد وإذا صمملى جالسمما فصمملوا‬
‫جلوسا أجمعممون ‪ -‬رواهممما الشمميخان‪ .‬ولصممحابنا الشممافعية‬
‫في الحتجاج مسالك‪:‬‬
‫)المسممملك الول( أن ل حجمممة للخصممموم فمممي همممذين‬
‫الحديثين إذ ليس فيهما ممما يممدل عممل النفممي بممل فيهممما أن‬
‫قول المأموم ربنا لك الحمد يكون عقب قول المممام سمممع‬
‫الله لمن حمده والواقع في التصوير ذلك لن المممام يقممول‬
‫التسميع في حال انتقاله والمأموم يقوم التحميد فممي حممال‬
‫اعتداله فقوله يقع بعد قول المام كما في الحممديث ونظيممر‬
‫ذلممك قمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم )إذا قممال المممام ول‬
‫الضالين فقولوا آمين( فإنه ل يلزم منممه أن المممام ل يممؤمن‬
‫بعد قوله )ول الضالين( وليس فيه تصريح بأن المام يممؤمن‬
‫كما أنه ليس في هذين الحديثين تصريح بممأن المممام يقممول‬
‫ربنا لك الحمد لكنهما مسممتفادان مممن أدلممة أخممرى صممريحة‬
‫منها هنا‪ .‬ما أخرجممه البخمماري ومسمملم عممن أبممي هريممرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قال )سمممع اللممه‬
‫لمن حمده( قال )اللهم ربنا لك الحمد( وأخرج مسمملم عممن‬
‫حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين رفع رأسممه‬
‫)سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد( وأخرج البخاري مثله‬
‫من رواية ابن عمر‪ ،‬ومسلم مثله مممن روايممة عبممد اللممه بممن‬
‫أبممي أوفممى فثبممت بهممذه الحمماديث أن المممام يجمممع بيممن‬
‫التسميع والتحميد على خلف ظمماهر هممذين الحممديثين فلممم‬
‫يصلح الستدلل بهما على أن المام ل يجمع بينهما وإذا لم‬
‫يصلح الستدلل بهما في حق المممام لممم يصمملح السممتدلل‬
‫بهما في حق المأموم أيضا كما ل يخفى‪.‬‬
‫)المسمملك الثمماني( إذا ثبممت أنممه ل دللممة فممي هممذين‬
‫الحممديثين علممى أن المممام ل يجمممع بيممن الممذكرين ول أن‬
‫المأموم ل يجمع بينهما وثبت أن التصريح بأن المممام يجمممع‬
‫بينهما من أدلة أخرى دل ذلك على أن المأموم أيضا يجمممع‬
‫بينهما لن الصل استواء المام والمأموم فيما يستحب من‬

‫‪46‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الذكار في الصلة كتكبيرات النتقالت وتسممبيحات الركمموع‬
‫والسجود‪.‬‬
‫)المسلك الثالث( ثبت في صحيح البخمماري مممن حممديث‬
‫مالك بن الحويرث أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫)صلوا كما رأيتموني أصمملي( فهممذا يممدل علممى أن المممأموم‬
‫يجمع بين التسميع والتحميد لنه أمر الئمة بأن يصمملوا كممما‬
‫صلى وقد ثبت بتلك الحاديث أنه لممما صمملى قممال‪ ) :‬سمممع‬
‫الله لمن حمده ربنا لك الحمد( فلزم من ذلك أن كل مصل‬
‫يقول ذلك فتتحقق المثلية‪.‬‬
‫)المسلك الرابع( نقل الطحاوي وابن عبد البر الجممماع‬
‫على أن المنفرد يجمع بينهما وجعله الطحاوي حجممة لكممون‬
‫المام يجمع بينهما ويصلح جعله حجة لكممون المممأموم أيضمما‬
‫يجمع بينهما لن الصل اسممتواء الثلثممة فممي المشممروع فممي‬
‫الصلة إل ما صرح الشرع باستثنائه‪.‬‬
‫)المسلك الخامس( الستئناس بما أخرجه الدار قطنممي‬
‫بسند ضعيف عن بريمدة قمال قمال النمبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم )يا بريدة إذا رفعت رأسمك مممن الركمموع فقمل سممع‬
‫الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملئ السماوات وملء‬
‫الرض وملء ما شئت من شيء بعد( وبما أخرجه عن أبممي‬
‫هريرة قال كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم فقال سمع الله لمن حمده قال من وراءه سمع الله‬
‫لمن حمده قممال مممن وراءه سمممع اللممه لمممن حمممده‪ ،‬وبممما‬
‫أخرجه عن ابن عون قال قال محمد إذا قممال المممام سمممع‬
‫الله لمن حمده قال من خلفه سمع الله لمن حمممده اللهممم‬
‫ربنا لك الحمد‪.‬‬
‫)المسلك السادس( إن الصمملة مبنيممة علممى أن ل يفممتر‬
‫عن الذكر في شيء منها فإن لم يأت بالذكرين فممي الرفممع‬
‫والعتدال بقي أحد الحالين خاليا عن الذكر‪.‬‬
‫)المسلك السابع( قال الصحاب معنى قوله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنمما لممك‬
‫الحمد أي قولوا ربنا لك الحمد مع ما قد علمتموه من قول‬
‫سمع الله لمن حمده وإنممما خممص هممذا بالممذكر لنهممم كممانوا‬
‫يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم بسمع الله لمممن‬
‫‪47‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حمده فإن السنة فيممه الجهممر ول يسمممعون قمموله ربنمما لممك‬
‫الحمد غالبا لنه ل يأتي به سرا وكانوا يعلممون قموله صمملى‬
‫الله عليممه وسمملم صمملوا كممما رأيتممموني أصمملي مممع قاعممدة‬
‫التأسي به صلى الله عليه وسمملم مطلقمما فكممانوا ممموافقين‬
‫فممي سمممع اللممه لمممن حمممده فلممم يحتممج إلممى المممر بممه ول‬
‫يعرفون ربنا لك الحمد فأمروا به‪.‬‬
‫)المسلك الثامن( القياس على حديث إذا قممال المممؤذن‬
‫حممي علممى الصمملة فقولمموا ل حممول ول قمموة إل بممالله فممإن‬
‫الراجح في مذهب الخصم أن السممامع يجمممع بيممن الحيعلممة‬
‫والحوقلة فيكون قوله فقولوا ل حممول ول قمموة إل بممالله أي‬
‫مضممموما إلممى الكلمممة الممتي قالهمما المممؤذن فكممذلك معنممى‬
‫الحديث فقولوا ربنمما لممك الحمممد أي مضممموما إلممى الكلمممة‬
‫التي قالها المام‪.‬‬
‫)المسلك التاسع( إن الحديث بعضه منسوخ وهو قمموله‬
‫وإذا صلى جالسمما فصمملوا جلوسمما أجمعممون فممما المممانع أن‬
‫يكون دخل في بقية أبعاضه نسخ أو تخصيص أو تأويل‪ ،‬وإذا‬
‫طرقه هذا الحتمال سقط به الستدلل قال ابن أبي شمميبة‬
‫في مصنفه ثنا ابن علية عن ابن عون قال كممان محمممد بممن‬
‫سيرين يقول إذا قال المام سمع الله لمن حمده قال مممن‬
‫خلفه سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد‪.‬‬

‫باب شروط الصلة‬


‫مسألة ‪ -‬قال السممنوي فممي أول بمماب صمملة الجماعممة‪:‬‬
‫احترز المصنف بالفرائض عن النوافل فإن الجماعممة تسممن‬
‫في بعضها ثم قال وعن الصلة التي تستحب إعادتها بسبب‬
‫ما كالشك في الطهارة فقوله كالشك مخالف للمتقممدم لممه‬
‫من أن الشك بعد الفراغ في الطهارة مبطممل كالشممك فممي‬
‫النية فيحممل علمى الشمك فمي طهمارة الثموب أو البمدن أو‬
‫المكان أو كيف الحال‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يجاب عن ذلك بوجهين أحدهما أن يكون ذلك‬
‫على الوجه القائل بعدم البطال كما هو أحد المموجهين فممي‬
‫المسالة‪ ،‬والثاني أن يحمل على اختلف الصورة فالبطممال‬
‫فيما إذا شك هممل كممان متطهممرا أم ل والصممحة واسممتحباب‬
‫‪48‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫العادة فيما إذا كان متطمرا وشك في نقض الطهارة وهي‬
‫مسألة تيقن الطهممارة والشممك فممي الحممدث فيكممون معنممى‬
‫قمموله كالشممك فممي الطهممارة أي هممل انتقضممت أم ل واللممه‬
‫أعلم‪.‬‬

‫باب سجود السهو‬


‫مسألة ‪ -‬قول المنهاج ولو نقممل ركنمما قوليمما إلممى آخممره‬
‫قال الشارح التكبير والسلم داخلن في عبارة المصنف مع‬
‫أن نقل السلم مبطل وفي التكبير نظر فقوله نقل السلم‬
‫مبطل هل يفرق فيه بيممن العمممد والنسمميان أم ل وممما وجممه‬
‫النظر في التكبير‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو خاص بحال العمد ومراده بالنظر التوقممف‬
‫لنممه يحتمممل أن يقممال فيممه بممالبطلن لنممه كقطممع الصمملة‬
‫والحممرام الول وتجديممد إحممرام جديممد ويحتمممل أن ل لنممه‬
‫زيادة ذكر ول تضر وإنما يكون مبطل إذا قصممد بممه الخممروج‬
‫من الصلة وتجديممد إحممرام جديممد كمسممألة مممن يخممرج مممن‬
‫صلته بالشفاع ويدخل بالوتار والحاصل أنه لو قصد الذكر‬
‫المحممض لممم تبطممل قطعمما ولممو قصممد قطممع الحممرام الول‬
‫وتجديد إحرام جديد بطلممت قطعمما ولممو اقتصممر علممى قصممد‬
‫التجديممد وانتقممل دون القطممع فهممي المسممألة وهممي رتبممة‬
‫وسطى فيحتمل البطلن وعممدمه وهممو محممل توقممف واللممه‬
‫أعلم‪.‬‬

‫باب سجود التلوة‬


‫مسممألة ‪ -‬سممجدات التلوة الممتي اختلممف فممي محلهمما‬
‫كسممجدة آحممم هممل يسممتحب عنممد كممل محممل سممجدة عمل‬
‫بالقولين‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف على نقل في المسألة والذي يظهممر‬
‫المنممع لنممه حينئذ يكممون آتيمما بسممجدة لممم تشممرع والتقممرب‬
‫بسجدة لم تشرع ل يجوز بل يسجد مرة واحدة عند المحل‬
‫الثاني وتجزئه على القولين أما القائل بممأنه محلهمما فواضممح‬
‫وأما القائل بممأن محلهمما اليممة قبلهمما فقممراءة اليممة ل يطيممل‬
‫الفصل والسجود على قرب الفصل مجزئ‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬فيما قاله العلماء فممي آيممة سممجدة التلوة مممن‬
‫أنه إنما يسن السجود إذا قرأ أو سمع الية كاملة فممإن قممرأ‬
‫أو سمع بعضها لم يسن له وقد جممزم العلممماء الممذين عممدوا‬
‫الي بأن قوله تعالى في سممورة النمممل )اللممه ل إلممه إل هممو‬
‫رب العرش العظيم( آية وكذا قوله في حم )فإن استكبروا‬
‫‪ -‬إلى يسأمون( آية فهممل إذا قممرأ كل مممن همماتين يسممن لممه‬
‫السممجود أول حممتى يضممم إليهممما ممما قبلهممما وهممو قمموله )أل‬
‫يسجدوا لله( إلى قمموله )وممما يعلنممون( وقمموله )ومممن آيمماته‬
‫الليل( إلى قوله )يعبدون(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم يسن له السجود ول يحتاج إلممى ضممم ممما‬
‫قبل‪.‬‬

‫باب صلة النفل‬


‫مسألة ‪ -‬قوله في دعاء القنمموت وإليممك نسممعى ونحفممد‬
‫هل هو بالدال المهملة أو بالمعجمة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو بالمهملة وألفت فيه مؤلفا سميته اتحمماف‬
‫الوفممد بنبممأ سممورة الحفممد وهممو مممودع فممي الجممزء الثممامن‬
‫والثلثين من التذكرة‪.‬‬

‫جزء في صلة الضحى‬

‫مقدمة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وبعد فقد‬
‫وقع الكلم في اسممتحباب صمملة الضممحى والممرد علممى مممن‬
‫أنكرها فتمسك المنكر بحديث البخاري عن عائشة قالت ما‬
‫رأيممت رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم يسممبح سممبحة‬
‫الضحى وإني لسبحها وبحممديث مسمملم عممن عبممد اللممه بممن‬
‫شقيق قال قلت لعائشة أكان النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫يصلي الضحى قالت ل إل أن يجئ من مغيبه فوقع الجواب‬
‫بأن ذلك نفى منها فيقدم عليه رواية من أثبت فصمممم بممأنه‬
‫لو صلها لم يخف على أهلممه فوقممع الجممواب بممأنه لممم يكممن‬
‫ملزما لها فممي جميممع أوقمماته بممل كممان لهمما منممه وقممت فممي‬
‫‪50‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أوقات فإنه صلى الله عليه وسلم في وقت يكون مسممافرا‬
‫وفي وقت يكون حاضرا وقد يكون في الحضر في المسجد‬
‫وغيره وإذا كان في بيته فله تسع نسوة وكممان يقسممم لهممن‬
‫فإذا اعتبر ذلك لم يصادف وقت الضحى عند عائشة إل في‬
‫نادر من الوقات وما رأته صلها في تلممك الوقممات النممادرة‬
‫فقالت ما رأيته ول ينافى ذلك أن يبلغهمما بأخبممار غيرهمما أنممه‬
‫صلها أو بأخباره هو صلى الله عليه وسلم ولذلك ورد عنها‬
‫أيضا لثبات أنه صلى الله عليه وسلم صلها مع ما ورد مممن‬
‫رواية غيرها في ذلك ومممع الحمماديث الكممثيرة الممواردة فممي‬
‫المر بها وقد أوردت ذلك جميعه في هذا الجزء‬

‫ذكر استنباطها من القرآن‬


‫أخرج سعيد بن منصور في سننه عن ابممن عبمماس قممال‬
‫طلبت صلة الضممحى فممي القممرآن فوجممدتها ههنمما )يسممبحن‬
‫بالعشي والشراق( وأخممرج ابممن أبممي شمميبة فممي المصممنف‬
‫والبيهقي في شعب اليمان من وجه آخممر عممن ابممن عبمماس‬
‫قممال إن صمملة الضممحى لفممي القممرآن وممما يغمموص عليهمما‬
‫الغواص فممي قمموله تعممالى )فممي بيمموت أذن اللممه أن ترفممع‬
‫ويذكر فيها اسمه يسبح لممه فيهمما بالغممدو والصممال( وأخممرج‬
‫الصبهاني في الترغيب عن عون العقيلي في قمموله تعممالى‬
‫)إنه كان للوابين غفورا( قال الذين يصلون صلة الضحى‪.‬‬

‫ذكر الحاديث الواردة في أنه صلى الله عليه‬


‫وسلم صلها‬
‫أخرج الشيخان عن عبد الرحمن بن أبي ليلممى قممال ممما‬
‫حدثنا أحممد أنممه رأى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يصمملي‬
‫الضحى غير أم هانئ فإنها قالت إن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم دخممل بيتهمما يمموم فتممح مكممة فاغتسممل وصمملى ثممماني‬
‫ركعات فلم أر صلة قط أخممف منهمما غيممر أنممه يتممم الركمموع‬
‫والسجود‪ .‬وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه بسند صممحيح‬
‫عن أم هانئ أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يمموم الفتممح‬
‫صلى سبحة الضحى ثمان ركعممات سملم مممن كممل ركعممتين‪،‬‬
‫وأخرج ابن عبد الممبر فممي التمهيممد عممن أم هممانئ بنممت أبممي‬
‫‪51‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫طالب قالت قدم رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي‬
‫فتح مكة فنزل بأعلى مكة فصملى ثممان ركعمات فقلمت يما‬
‫رسول اللممه ممما هممذه الصمملة قممال صمملة الضممحى‪ ،‬واخممرج‬
‫مسلم عن عائشة قالت كان رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء‪ ،‬وأخرج أبممو نعيممم‬
‫في الحلية عن عائشة أنها كانت تصلي الضممحى وتقمول مما‬
‫رأيت رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم يصمملي إل أربممع‬
‫ركعممات‪ ،‬وأخممرج الطممبراني فممي الوسممط والصممبهاني فممي‬
‫الترغيب عن أنس قال رأيت النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يصلي الضحى ست ركعات فما تركتهن بعممد ذلممك‪ ،‬وأخممرج‬
‫أحمد والحاكم في المستدرك وصححه عن أنس قال رأيممت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في سفر صلى سبحة الضممحى‬
‫ثماني ركعات‪ ،‬وأخرج البخاري في التاريخ والطممبراني فممي‬
‫الوسط عن جابر بن عبممد اللممه أن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم صلى الضحى ست ركعممات‪ ،‬وأخمرج ابمن أبمي شميبة‬
‫والبخاري في تاريخه والطبراني في الكبير بسند حسن عن‬
‫جبير بن مطعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصمملي‬
‫الضحى‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة بممن‬
‫اليمان قال خرج رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم إلممى‬
‫حرة بني معاوية وتبعت أثره فصلى الضممحى ثمممان ركعممات‬
‫طول فيهن ثم انصرف‪ ،‬وأخرج الدارقطني في الفراد عممن‬
‫أبي سعيد الخدري أن رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫صلى الضحى ببقيع الزبيممر ثمممان ركعممات وقممال إنهمما صمملة‬
‫رغب ورهب‪ ،‬وأخرج أحمد عممن عتبممان بممن مالممك أن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم صلى سممبحة الضممحى فقمماموا وراءه‬
‫فصلوا‪ ،‬وأخرج الترمذي وحسممنه عممن أبممي سممعيد الخممدري‬
‫قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصمملي الضممحى حممتى‬
‫نقول ل يدعها ويدعها حتى نقول ل يصممليها‪ ،‬وأخممرج الممبزار‬
‫وابن عدي والبيهقي في دلئل النبوة عن عبد الله بممن أبممي‬
‫أوفى أنه صلى الضحى ركعتين وقال إن رسول الله صمملى‬
‫شر برأس أبممي‬ ‫الله عليه وسلم صلى الضحى ركعتين يوم ب ُ ّ‬
‫جهل وبالفتح‪ ،‬وأخرج أحمد والطبراني عن عائذ بممن عمممرو‬
‫قال كان في الماء قلة فتوضأ رسول الله صمملى اللمه عليممه‬
‫‪52‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم فنضحنا به ثم صلى بنا رسول الله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم الضحى‪ ،‬وأخرج البزار بسممند ضممعيف عممن سممعد بممن‬
‫أبي وقاص قال صلى رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫الضحى بمكة يوم فتحها ثمان ركعات يطيممل القممراءة فيهمما‬
‫والركوع‪ ،‬وأخرج بسند ضعيف عممن أبممي هريممرة أن رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كان ل يترك صمملة الضممحى فممي‬
‫سفر ول غيره‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبممي‬
‫هريرة قال ما رأيممت رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫صلى الضحى إل مرة‪ ،‬وأخرج سعيد بن منصممور فممي سممننه‬
‫والترمذي والنسائي وابن ماجه عن علي رضي الله عنه أنه‬
‫سئل عن صلة رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم بالنهممار‬
‫فقال كان يصلي بالنهار ست عشرة ركعممة‪ ،‬كممان إذا زالممت‬
‫الشمس من مطلعها قيد رمح أو رمحين كقدر صلة العصر‬
‫من مغربها صلى ركعتين ثم انتقل حممتى إذا ارتفممع الضممحى‬
‫صلى أربع ركعات وكممان يصمملي قبممل الظهممر أربممع ركعممات‬
‫ورعد الظهر ركعتين وقبل العصر أربع ركعات وأخرج احمد‬
‫وأبو يعلى بسند رجاله ثقات عممن علممي بممن أبممي طممالب أن‬
‫رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم كممان يصمملي الضممحى‪،‬‬
‫وأخرج البيهقي في دلئل النبوة عن عبد الله بن بسر قممال‬
‫أهدي للنبي صلى اللممه عليممه وسمملم شمماة والطعممام يممومئذ‬
‫قليل فقال لهلها أصلحوها فلما أصمبحوا وسمجدوا الضمحى‬
‫أتى بالقصممعة ‪ -‬الحممديث‪ ،‬وأخممرج ابممن منممدة وابممن شمماهين‬
‫كلهما في الصحابة عن قدامة وحنظلة الثقفيين رضي الله‬
‫عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتفممع‬
‫النهار وذهب كل أحممد وانقلممب النمماس خممرج إلممى المسممجد‬
‫فركع ركعتين أو أربعا ثم ينصممرف‪ ،‬وأخممرج ابممن عممدي عممن‬
‫ابن عباس أن النبي صلى الله عليممه وسمملم صمملى الضممحى‬
‫عند الركن ركعتين‪ ،‬فيه نافع أبو هرمز متروك‪ ،‬وأخرج مممن‬
‫طريق زادان أبي عمر عن رجل من أصممحاب النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم من النصار قال رأيممت رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم يصلي صلة الضحى ويقول رب اغفممر لممي‬
‫وتب علي إنك أنت التواب الغفور حممتى بلممغ مممائة‪ .‬وأخممرج‬
‫ابن أبي حاتم في كتاب الضاحي عن ابن عباس قممال قممال‬
‫‪53‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم كتممب علممى النحممر ولممم‬
‫يكتب عليكم وأمرت بصلة الضحى ولم تؤمروا بها‪.‬‬

‫الحاديث الواردة في المر بها والترغيب فيها‬


‫ورد ذلك من رواية بضعة وعشرين صحابيا أنس وبريده‬
‫وجابر وحذيفة والحسن ابن علي وزيد بن أرقم وعبممد اللممه‬
‫بن أبي أوفى وعبد الله بن جممراد وابممن عبمماس وابممن عمممر‬
‫وابن عمرو وعتبة بن عبد السلمى وعقبة بممن عممامر وعلممي‬
‫وعمر بن الخطاب ومعاذ ابن أنس الجهني ونعيم بممن همممار‬
‫والنواس بن سمممعان وأبممي أمامممة وأبممي الممدرداء وأبممي ذر‬
‫وأبي مرة الطممائفي وأبممي موسممى وأبممي هريممرة وعائشممة‪:‬‬
‫)حديث أنس( أخرج الترمذي وابن ماجه عن أنس قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )من صلى الضممحى ثنممتى‬
‫عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة من ذهب( وأخرج‬
‫الصبهاني في الترغيب عن أنس عن النبي صلى الله عليمه‬
‫وسلم قال من صلى الغداة في جماعة ثم قعممد يممذكر اللممه‬
‫حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كحجة وعمممرة‬
‫تامة تامة تامة‪ ،‬واخرج ابو الشيخ في الثواب عن أنس عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم ركعتممان مممن الضممحى تعممدلن‬
‫عند الله بحجممة وعمممرة متقبلممتين‪ ،‬وأخممرج الصممبهاني عممن‬
‫أنس قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقممال‬
‫يا أنس صل صلة الضحى فإنها صلة الّوابين‪ ،‬وأخممرج عممن‬
‫أنس قال قال صلى اللممه عليممه وسمملم مممن صمملى الضممحى‬
‫فقرأ فيها بفاتحممة الكتمماب وقممل هممو اللممه أحممد عشممرا وآيممة‬
‫الكرسي عشرا استوجب رضوان اللممه الكممبر‪ ،‬وأخممرج عممن‬
‫أنس قال قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم ممما مممن‬
‫عبد صلى صلة الصبح ثم جلممس فممي مجلسممه حممتى تطلممع‬
‫الشمس ثم يقوم فيصلي ركعممتين أو أربممع ركعممات إل كممان‬
‫خيرا له مما طلعت عليمه الشممس‪ ،‬وأخمرج أبمو نعيمم عمن‬
‫أنس عن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‪ :‬صممل صمملة‬
‫الضحى فإنها صلة البرار وسلم إذا دخلت بيتك يكممثر خيممر‬
‫بيتك‪ ،‬وأخرج ابن عساكر عن أنس قممال‪ :‬قمال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسمملم‪ :‬إن للجنممة بابمما يقممال لممه الضممحى ل‬
‫‪54‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يممدخل منممه إل أصممحاب صمملة الضممحى تحممن الضممحى إلممى‬
‫صاحبها كما تحن الناقة إلى فصيلها‪) .‬حديث بريممدة( أخممرج‬
‫حميد بن زنجويه في فضممائل العمممال عممن بريممدة سمممعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النسان ستون‬
‫وثلثمائة مفصممل فعليممه أن يتصممدق عممن كممل مفصممل منممه‬
‫صدقة قالوا من يطبمق ذلمك‪ .‬قمال‪ :‬النخاعمة فمي المسمجد‬
‫تدفنها والشيء تنحيه عممن الطريممق فممإن لممم تقممدر فركعتمما‬
‫الضحى تجزئك‪) .‬حديث جابر( أخممرج الصممبهاني عممن جممابر‬
‫بن عبد الله قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في‬
‫المسجد فقال يمما جممابر سممبحت تسممبيحة الضممحى قلممت‪ :‬ل‬
‫ل‪) .‬حممديث حذيفممة( أخممرج الممبيهقي فممي‬ ‫قال‪ :‬فادخممل فصم ّ‬
‫شعب اليمان عن حذيفة بمن اليممان قمال سممعت رسمول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول من شهد أن ل إله إل اللممه‬
‫وحافظ على صلة الضحى ولمم يتنمد بمدم حمرام فمإنه فمي‬
‫ذمة الله فمن استطاع منكم أن يلقى الله يوم يلقاه وليس‬
‫يطلبه بشيء من ذمته فليفعل فإن الله ليممس بتممارك شمميئا‬
‫من ذمته عند أحد من خلقه‪) .‬حديث الحسن( أخممرج حميممد‬
‫بن زنجويه في فضائل العمال والبيهقي في شعب اليمان‬
‫عن الحسن بن علي قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم من صلى الفجر ثم جلس في مصله يذكر الله حتى‬
‫تطلع الشمس ثم صمملى مممن الضممحى ركعممتين حرمممه اللممه‬
‫على النار أن تلفحه أو تطعمه‪) .‬حديث زيد بن أرقم( أخرج‬
‫ابن أبي شيبة ومسلم عممن زيممد بممن أرقممم أن رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء وهم يصلون بعد‬
‫طلوع الشمس‪ -‬ولفظ ابن أبي شيبة وهم يصمملون الضممحى‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسمملم اللممه عليممه وسمملم‬
‫صلة الولين إذا رمضت الفصال‪) .‬حديث عبد الله بن أبممي‬
‫أوفى( أخرج عبد ابن حميد وسمويه عن عبد اللممه بممن أبممي‬
‫أوفى قال‪ :‬قال رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم صمملة‬
‫الوابين حين ترمض الفصال‪) .‬حديث عبممد اللممه بممن جممراد(‬
‫أخرج الديلمي عن عبد الله ابن جراد عن النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال المنافق ل يصلي الضحى ول يقرأ )قممل يمما‬
‫أيها الكافرون(‪) .‬حديث ابن عبمماس( أخممرج الطممبراني فممي‬
‫‪55‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الوسط عن ابن عباس أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫قال علممى كممل سمملمى مممن بممن آدم فممي كممل يمموم صممدقة‬
‫ويجزئ من ذلك كله ركعتا الضحى‪ ،‬وأخرج ابممن أبممي شمميبة‬
‫في المصنف عن شعبة مولى ابممن عبمماس قممال‪ :‬كممان ابممن‬
‫عباس يقول لي سقط الفيء فمإذا قلمت نعمم قمام فسمبح‪،‬‬
‫وأخرج سعيد بن منصور من طريق عطاء عممن ابممن عبمماس‬
‫قال‪ :‬صلة الضحى بعد أن تنقطع الظلل‪ .‬وأخرج سعيد بن‬
‫منصور وابن أبي شيبة عن حممبيب بممن الشممهيد قممال‪ :‬سممئل‬
‫عكرمة عن صلة ابن عباس الضحى قال كان يصليها اليوم‬
‫ويدعها العشر‪) .‬حديث ابن عمرو( وأخرج أحمد والطبراني‬
‫بسند رجاله عن عبد الله بن عمممرو بممن العمماص قممال بعممث‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم سممرية فغنممموا وأسممرعوا‬
‫الرجعممة فتحممدث النمماس بقممرب مغزاهممم وكممثرت غنيمتهممم‬
‫وسرعة رجعتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أل‬
‫أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمممة وأوشمك رجعممة‬
‫من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضممحى فهممو أقممرب‬
‫منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة‪) .‬حديث بممن عمممر(‬
‫أخرج الطبراني أي عممن ابممن عمممر قممال قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول الله تعممالى يمما ابممن آدم اضمممن‬
‫لي ركعتين من أول النهار أكفك آخره‪ ،‬وأخممرج أيضمما بسممند‬
‫حسن عن ابن عمر سمممعت رسممول الممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يقول من صلى الضحى وصام ثلثة أيام مممن الشممهر‬
‫ولم يترك الوتر فمي حضمر ول سمفر كتمب لمه أجمر شمهيد‪.‬‬
‫حديث )عتبة بن عبد السلمى( أخرج الطممبراني فممي الكممبير‬
‫والبيهقي في شعب اليمان وحميد بن زنجويه فممي فضممائل‬
‫العمال عن عتبة بن عبد السلمي وأبي أمامممة البمماهلي أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم قممال مممن صمملى الصممبح‬
‫‪0‬فممي مسممجد جماعممة ثممم ثبممت فيممه حممتى يسممبح تسممبيحة‬
‫الضحى يعني صل ة الضحى كان لممه كممأجر حمماج أو معتمممر‬
‫تام له حجه وعمرته‪) .‬حديث عقبة بن عامر( أخرج البيهقي‬
‫عن عقبة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليممه وسمملم أن‬
‫نصممملي ركعتممما الضمممحى بسمممورتيهما بالشممممس وضمممحاها‬
‫والضممحى‪ ،‬وأخممرج أحمممد وأبممو يعلممى بسممند رجمماله رجممال‬
‫‪56‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصحيح عن عقبممة بممن عممامر عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال الله تعالى ابن آدم ل تعجزني من أربممع ركعممات‬
‫من أول النهار أكفك آخره‪ ،‬وأخرج أبو يعلى عممن عقبممة بممن‬
‫عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام إذا‬
‫استقبلت الشمس فتوضأ فاحسن وضوءه ثممم قممام فصمملى‬
‫ركعتين غفر له خطاياه وكان كما ولدته أمه‪) .‬حديث علممي(‬
‫أخرج بن أبي شيبة في المصنف عن أبي رملة الزدي عممن‬
‫علي أنه رآهم يصلون الضحى عنممد طلمموع الشمممس فقممال‬
‫هل تركوهمما حممتى إذا كممانت الشمممس قيممد رمممح أو رمحيممن‬
‫صلوها فتلممك صمملة الوابيممن‪) .‬حممديث عمممر بممن الخطمماب(‬
‫أخرج حميد بن زنجويه في فضائل العمممال عممن عمممر بممن‬
‫الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعممث سممرية‬
‫فعجلت الكرة وعظمت الغنيمة فقممالوا يمما رسممول اللممه ممما‬
‫رأينا سرية قط أعجل كممرة ول أعظممم غنيمممة مممن سممريتك‬
‫المتي بعثمت قمال أفل أخممبركم بأعجمل كمرة منهممم وأعظمم‬
‫غنيمة قالوا من يا رسول الله قال‪ :‬أقوام يصلون الصبح ثم‬
‫يجلسون في مجالسهم ويذكرون الله حتى تطلممع الشمممس‬
‫ثم يصلون ركعتين ثم يرجعمون إلمى أهليهمم فهمؤلء أعجمل‬
‫كممرة وأعظممم غنيمممة منهممم‪ ،‬وأخممرج ابممن أبممي شمميبة فممي‬
‫المصنف عن عمر بن الخطاب قال أضحوا عباد الله بصمملة‬
‫الضحى‪) .‬حديث معاذ بمن أنمس( أخمرج أبمو داود والمبيهقي‬
‫في سننه عن معاذ بن أنس الجهني أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال من قعد في مصله حين ينصرف مممن‬
‫صلة الصبح ثم يسبح ركعتي الضحى ل يقول إل خيرا غفممر‬
‫له خطايمماه وإن كممانت مثممل زبممد البحممر‪) .‬حممديث نعيممم بممن‬
‫همار( أخرج أبو داود والبيهقي في شعب اليمان عن نعيممم‬
‫بن همار قال سمعت رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يقول قال الله يا ابن آدم ل تعجزني من أربممع ركعممات فممي‬
‫أول نهارك أكفك آخره‪) .‬حديث نواس بممن سمممعان( أخممرج‬
‫الطبراني بسند رجاله ثقات عن النممواس بممن سمممعان عممن‬
‫النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يقممول اللممه يمما ابممن آدم ل‬
‫تعجزنممي مممن أربممع ركعممات مممن أول النهممار أكفممك آخممره‪.‬‬
‫)حديث أبي أمامة( أخرج البيهقي عن أبي أمامة قال‪ :‬قال‪:‬‬
‫‪57‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ة‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم مممن مشممى إلممى صممل ٍ‬
‫مكتوبة وهو متطهر فأجره كأجر الحاج المحرم ومن مشممى‬
‫إلى سبحة الضحى ل ينهضه إل إياه فممأجره كممأجر المعتمممر‬
‫صلة على أثر صلة ل لغو بينهما كتاب في عليين‪ ،‬وأخرجه‬
‫سعيد بن منصور في سننه بلفظ من تطهر في بيته ثم أتى‬
‫مسجد جماعة فسبح به سبحة الضحى كتب اللممه لممه كممأجر‬
‫المعتمر المحرم‪ ،‬والباقي نحو ما تقدم‪ ،‬وأخرج البيهقي عن‬
‫أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم فممي هممذه اليممة‬
‫)وإبراهيممم الممذي وفممى( هممل تممدرون ممما وفممى قممالوا اللممه‬
‫ورسوله أعلم قال وفي عمل يومه بممأربع ركعممات مممن أول‬
‫النهار‪ ،‬وأخرج الطبراني عن أبممي أمامممة قممال قممال رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول الله يمما ابممن آدم اركممع لممي‬
‫أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره‪ ،‬وأخممرج بسممند جيممد‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صمملى‬
‫صلة الغداة في جماعة ثممم جلممس يممذكر اللممه حممتى تطلممع‬
‫الشمس ثم قام فصلى ركعتين انقلب بأجر حجممة وعمممرة‪،‬‬
‫وأخرج أيضا بسند جيد عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إذا طلعت الشمممس مممن مطلعهمما كهيئتهمما مممن‬
‫صلة العصر حتى تغرب من مغربهمما فصمملى رجممل ركعممتين‬
‫وأربع سجدات كان له أجر ذلمك اليموم وكفمر عنمه خطيئتممه‬
‫وإثمه وإن مات من يومه دخل الجنة‪) .‬حديث أبي الممدرداء(‬
‫أخرج مسلم عن أبي الدرداء قال أوصاني حبيبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بثلث ل أدعهن ما عشت بصيام ثلثة أيممام مممن‬
‫كل شممهر وصمملة الضممحى وأن ل أنممام حممتى أوتممر‪ ،‬وأخممرج‬
‫الترمذي عن أبي الدرداء وأبممي ذر عممن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم عن الله أنممه قمال ابممن آدم اركممع لمي أربممع‬
‫ركعات من أول النهار أكفك آخره‪ ،‬وأخرج أحمممد والممبيهقي‬
‫من وجه آخر بسند جيد عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال إن الله يقول يا ابن آدم ل تعجزن من أربع‬
‫ركعات أول النهار أكفممك آخممره‪ ،‬وأخممرج الممبيهقي عممن أبممي‬
‫الدرداء قال ل يحافظ على سبحة الضحى أل أواب‪ ،‬وأخرج‬
‫الطبراني بسند حسن عن أبمي المدرداء قمال‪ :‬قمال رسمول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم مممن صمملى الضممحى ركعممتين لممم‬
‫‪58‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن‬
‫ي اليوم ومن صلى ثمانية كتممب مممن القممانتين‬ ‫صلى ستا ُ‬
‫كف َ‬
‫ومن صلى اثنتي عشر بنى الله له بيتا فممي الجنممة‪) .‬حممديث‬
‫أبي ذر( أخرج مسلم وأبو داود عن أبي ذر عن النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال يصبح على كممل سمملمى مممن ابممن آدم‬
‫صدقة تسليمه على كل من لقى صدقة وأمممره بممالمعروف‬
‫صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الذى عن الطريممق‬
‫صممدقة وبضممعة أهلممه صممدقة ويجممزئ مممن ذلممك كلممه ركعتمما‬
‫الضمحى‪ ،‬وأخمرج المبزار والمبيهقي والصمبهاني وحميمد بمن‬
‫زنجويه في فضائل العمال عن أبي ذر قممال‪ :‬قممال رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إن صممليت الضممحى ركعممتين لممم‬
‫تكتب من الغافلين وإن صليتها أربعا كتبمت ممن المحسمنين‬
‫وإن صليتها ستا كتبت من القانتين وإن صليتها ثمانيا كتبممت‬
‫من الفائزين وإن صليته عشممرا لممم يكتممب لممك ذلممك اليمموم‬
‫ذنب وإن صليتها اثنتى عشرة ركعة بنى اللممه لممك بيتمما فممي‬
‫الجنة‪ ،‬وأخرج ابن عدي عممن أبممي ذر قممال أوصمماني رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي الضممحى فممي السممفر‪.‬‬
‫)حديث أبي موسى( أخرج الطبراني فممي الكممبير عممن أبممي‬
‫موسى قال‪ :‬قال رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم مممن‬
‫صلى الضحى وقبل الولى أربعا بنممى لممه بيممت فممي الجنممة‪.‬‬
‫)حديث أبي مرة الطائفي( أخرج أحمد بسند رجمماله رجممال‬
‫الصحيح عن أبي مرة الطائفي قال‪ :‬قال رسول الله صمملى‬
‫الله عليه وسلم اللممه قمال اللممه يما ابمن آدم صممل لمي أربممع‬
‫ركعات من أول النهممار أكفممك آخممره‪) .‬حممديث أبممي هريممرة(‬
‫أخرج الشيخان عن أبي هريرة قال‪ :‬أوصاني خليلممي صمملى‬
‫اللممه عليممه وسمملم بثلث صمميام ثلثممة أيممام مممن كممل شممهر‬
‫وركعتي الضحى وأن أوتممر قبممل أن أنممام‪ ،‬وأخممرج ابممن أبممي‬
‫شيبة والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال من حافظ على سبحة الضحى غفر له‬
‫ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وأخرج البخاري في تمماريخه‬
‫والحاكم في المستدرك وصمححه علمى شممرط مسمملم عممن‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللممه عليمه وسمملم ل‬
‫يحممافظ علممى صمملة الضممحى إل أواب قممال وهممي صمملة‬
‫‪59‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الوابين‪ ،‬وأخرج الطممبراني فممي الوسممط عممن أبممي هريممرة‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسمملم إن فممي الجنممة‬
‫بابا يقال له الضحى فإذا كان يمموم القيامممة نممادى منمماد أيممن‬
‫الذين كانوا يديمون على صلة الضحى هذا بممابكم فممادخلوه‬
‫برحمة الله‪ ،‬وأخرج أبو يعلممى بسممند رجمماله رجممال الصممحيح‬
‫عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بعثا فاعظموا الغنيمة وأسرعوا الكرة فقال رجل يا رسممول‬
‫الله ما رأينا بعثا قط أسرع كرة ول أعظم غنيمممة مممن هممذا‬
‫البعث فقال أل أخبركم بأسممرع كممرة منهممم وأعظممم غنيمممة‬
‫رجل توضأ فأحسن الوضوء ثم عمممد إلممى المسممجد فصمملى‬
‫فيممه الغممداة ثممم عقممب بصمملة الضممحوة فقممد أسممرع الكممرة‬
‫وأعظم الغنيمة‪ ،‬وأخرج ابن أبممي شمميبة فممي المصممنف مممن‬
‫طريق عبد الله بن مزيممد عممن أبممي هريممرة قممال‪ :‬قممال لممي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بسممجدتي الضممحى‬
‫هما خير لك من ناقتين دهماوين من نتاج بني بحتر‪ ،‬وأخرج‬
‫ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قممال‪ :‬أوصمماني خليلممي صمملى‬
‫الله عليه وسمملم أن أصمملي الضممحى فإنهمما صمملة الوابيممن‪.‬‬
‫)حديث عائشة( أخرج أبممو يعلممى والطممبراني فممي الوسممط‬
‫بسند حسن عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول من صلى الغداة فقعد فمي مقعممده فلممم يلغممى‬
‫بشيء من أمر الدنيا ويذكر الله حتى يصمملي الضممحى أربممع‬
‫ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ل ذنممب لممه‪ ،‬وأخممرج‬
‫ابن أبي شيبة في المصنف عن عائشة قالت من صلى أول‬
‫النهار اثنتي عشر ركعة بنممى لممه بيممت فمي الجنمة‪) .‬مرسممل‬
‫محمد بن كعب( أخرج ابن أبي شيبة عن محمممد بممن كعممب‬
‫القرظي قال من قرأ في سبحة الضحى بقل هو اللممه أحممد‬
‫عشر مرات بنى له بيت في الجنة‪) .‬مرسممل كعممب( أخممرج‬
‫سعيد بن منصور عن كعب قال من صمملى ركعممتي الضممحى‬
‫في ثلث ساعات من النهار فقرأ في الركعة الولى بفاتحة‬
‫الكتاب وقل يا أيها الكممافرون وقممل هممو اللممه أحممد وبالثانيممة‬
‫بفاتحة الكتاب والمعوذتين يتم ركوعهممما وسممجودهما كتممب‬
‫الله له بكل شعرة فمي جسممده حسممنة‪ ،‬وأخممرج محمممد بممن‬
‫نصر في كتاب الصلة عن ]فممراغ قممدر كلمممة فممي الصممل[‬
‫‪60‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قممال‪ :‬كممان يقممال صمملة الوابيممن وصمملة المنيممبين وصمملة‬
‫التوابين فصلة الوابين ركعتان قبل الظهر وصلة المنيممبين‬
‫والضحى وصلة التوابين ركعتان قبل المغرب‪.‬‬
‫]تنبيه[‪ :‬قد علمت مما تقدم أنه لم يرد حديث بانحصممار‬
‫صلة الضحى في عدد مخصوص فل مستند بقممول الفقهمماء‬
‫إن أكثرها اثنتا عشر ركعة كما نبه عليه الحافظ أبو الفضل‬
‫بن حجر وغيمره قمال إسمحاق بمن راهمويه فمي كتماب عمدد‬
‫ركعات السنة وذكمر لنما أن النمبي صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫صلى الضحى يوما ركعممتين ويوممما أربعمما ويوممما سممتا ويوممما‬
‫ثمانيا توسممعة علممى أمتممه‪ ،‬وأخممرج سممعيد بممن منصممور عممن‬
‫الحسممن قممال كممان أبممو سممعيد الخممدري مممن أكممثر أصممحاب‬
‫رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم صمملة يجممئ بالضممحى‬
‫فيصلى صلة طويلة ثم ينصرف ثم يرجممع فيصمملى الظهممر‪،‬‬
‫وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن أن أبمما سممعيد الخممدري‬
‫كان من أشد أصحاب النبي صلى اللممه عليممه وسمملم توخيمما‬
‫للعبادة وكان يصلى عامة الضحى‪ ،‬وأخرج سعيد بن منصور‬
‫وأبن أبي شيبة عن القاسم بممن محمممد قممال كممانت عائشممة‬
‫رضي الله عنها تغلق بابها ثم تطيل صلة الضممحى‪ ،‬وأخممرج‬
‫ابن أبي شيبة عن الرباب أن أبا ذر صمملى الضممحى فأطممال‬
‫وأخرج سعيد بن منصور عممن طعمممة بممن ثممابت قممال سممأل‬
‫رجل الحسن فقال يا أبا سعيد هل كان أصحاب رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يصلون الضحى قمال نعمم كمل منهمم‬
‫من يصلي ركعتين ومنهم من يصلي أربعا ومنهممم مممن يمممد‬
‫إلى نصف النهار‪ ،‬وأخرج عن إبراهيم أن رجل سأل السممود‬
‫كم أصلي الضحى قال كمم شممئت‪ .‬وهممذا همو الممذي نختماره‬
‫عدم انحصممارها فممي اثنممتي عشممرة‪ ،‬وأخممرج أبممو نعيممم فممي‬
‫الحلية عن عون ابن أبي شداد أن عبد الله بممن غممالب كممان‬
‫يصلي الضحى مائة ركعة‪ ،‬قال الحافظ أبو الفضل العراقي‬
‫في شرح الترمذي لم أر عن أحممد مممن الصممحابة والتممابعين‬
‫أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة وكممذا لممم أره لحممد مممن‬
‫أصحابنا وإنما ذكره الروياني فتبعممه الرافعممي ومممن اختصممر‬
‫كلمه‪ ،‬وقال الباجي من المالكية فممي شممرح الموطممأ ليممس‬
‫صمملة الضممحى مممن الصمملوات المحصممورة بالعممدد فل يممزاد‬
‫‪61‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليهمما ول ينقممص منهمما ولكنهمما مممن الرغممائب الممتي يفعممل‬
‫النسان منها ما أمكنه‪.‬‬
‫)فائدة( أخرج ابن أبي شيبة عممن أم سمملمة أنهمما كممانت‬
‫تصمملي الضممحى ثمممان ركعممات وهممي قاعممدة فقيممل لهمما إن‬
‫عائشة تصلي أربعا فقممالت إن عائشممة امممرأة شممابة ‪ -‬هممذا‬
‫الثر يؤخذ منه أن من صمملها قاعممدا ضمماعف الركعممات لن‬
‫صمملة القاعممد علممى النصممف مممن صمملة القممائم فمممن أراد‬
‫القتصار على ثمان وصلها قاعدا أتى بست عشممرة ركعممة‬
‫أو على اثنتي عشرة أتى بأربع وعشرين‪.‬‬
‫)فائدة( أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن مرجانة قممال‬
‫جلست وراء سعد بن مالك وهو يسبح الضحى فركع ثماني‬
‫ركعات أعدهن ل يقعد فيهن حتى قعد في آخرهممن فتشممهد‬
‫ثم سلم‪.‬‬
‫)فائدة( في سنن سعيد بن منصممور ومعجممم الطممبراني‬
‫الكبير ومسند مطين وتهذيب الطبراني عن أبي أمامممة بممن‬
‫سممهل بممن حنيممف قممال أول مممن صمملى الضممحى رجممل مممن‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليممه وسمملم يقممال لممه ذو الزوايممد‬
‫ولفظ الطبراني يكنى بأبي الزوايممد وهممذا الثممر يحتمماج إلممى‬
‫تأويل لما تقدم من الحمماديث‪ ،‬وأبممو الممزوائد هممذا ل يعممرف‬
‫اسمه وهمو جهنممي وذكممر الطممبراني أنممه الممذي يقمال لمه ذو‬
‫الصابع قال ابن حجر في الصابة وعندي أنممه غيممره‪ ،‬قلممت‬
‫فإن صح ما قاله الطبراني فقد ذكر ابن دريد فممي الوشمماح‬
‫أن اسمممه معاويممة وذكممر غيممره أنممه نممزل فلسممطين ولممذي‬
‫الزوائد حديث في حجة الوداع أخرجه أبممو داود وقممد تممأولوا‬
‫هذا الثر على أنه أول من صلها في المسجد جماعممة كممما‬
‫تصلى التراويح وفي صحيح مسلم عن مجاهممد قممال دخلممت‬
‫المسجد أنا وعروة بن الزبير فإذا عبد الله بن عمر جممالس‬
‫والناس يصلون الضحى في المسجد فسألناه عممن صمملتهم‬
‫فقال بدعة قال القاضي عياض والنووي كلهممما فممي شممرح‬
‫مسلم مراده أن إظهارها في المسجد بدعة والجتممماع لهمما‬
‫هو البدعة ل أن أصلي صلة الضحى بدعة‪ ،‬وأخرج ابن عبد‬
‫البر في التمهيد عن ابن عمر قال لقد قتل عثمان وما أحممد‬
‫يسبحها وما أحدث الناس شيئا أحب إلى منها‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫باب صلة الجماعة‬


‫مسألة ‪ -‬في جماعة انتظروا سكتة المام بعممد الفاتحممة‬
‫ليقرؤا فيها الفاتحة فركع المام عقب فاتحته هممل يركعممون‬
‫معه ويتركون قراءة الفاتحة أم ل‪ ،‬وقممول المحممب الطممبري‬
‫يحتمل أن ترتب هذه المسممألة علممى مسممألة السمماهي عممن‬
‫قراءة الفاتحة حتى ركع أمامه هل هو متجه أم ل وما حكممم‬
‫الساهي المذكور‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬نعممم قممول المحممب الطممبري متجممه ومسممألة‬
‫الساهي عن الفاتحة حتى ركع أمامه فيهمما وجهممان أحممدهما‬
‫يتخلممف لقراءتهمما وهممو الصممح والثمماني يركممع مممع المممام‬
‫للموافقة ثم يتدارك ركعة بعد سلمه كما لو تذكر ذلك بعممد‬
‫ركوعه مع المام وإذا قلنا بالول ففيه وجهممان أحممدهما أنممه‬
‫متخلف لعذر فله التخلممف بثلثممة أركممان طويلممة‪ .‬وهممذا هممو‬
‫الصح والمجزوم به في المنهمماج‪ ،‬والثمماني أنممه ليممس بعممذر‬
‫لتقصيره بالنسيان ويحتمل عندي في المنتظر سكتة المام‬
‫ليقرأ أنه أولى بممالتخلف وبكممونه معممذورا مممن السمماهي لن‬
‫الساهي منسمموب إلممى نمموع تقصممير وهممذا غيممر مقصممر بممل‬
‫محافظ على المأمور به المندوب فإنه يستحب للمأموم أن‬
‫ل يقرأ الفاتحة حتى يفرغ المام مممن قراءتهمما فهممو آت بممما‬
‫أمر به غير منسوب إلى تقصير‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل اقتدى بالمام مسبوقا فركع قبل أن يتممم‬
‫الفاتحة وشك هل أدرك زمنمما يسممع الفاتحممة ولكممن اشممتغل‬
‫بشيء آخر من دعاء الفتتاح أم لم يممدرك زمنمما يسممع ذلممك‬
‫فما يؤمر به هل يركع مع المام أو يتأخر للقراءة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف على نقل فممي ذلممك‪ ،‬والجمماري علممى‬
‫القواعد أنه كالمسبوق يركع مع المام ول يتأخر لن الصل‬
‫عممدم إدراك زمممن يسممع الفاتحممة والصممل عممدم الشممتغال‬
‫بشيء آخر فهذان أصلن متعاضدان كل منهممما يقتضممي ممما‬
‫قلناه‪ ،‬وأفتى الشيخ جلل الدين البكري فممي هممذه الواقعممة‬
‫بأنه يتأخر ويقرأ كمن اشتغل بدعاء الفتتاح قممال لن شممكه‬
‫في ذلك قرينة على أنه اشتغل به وأن كان الصممل عممدمه‪،‬‬
‫وليس هممذا بواضممح لنممه عمممل بالحتمممال المجممرد‪ .‬وطممرح‬
‫‪63‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫للصل‪ ،‬وأفتى الشيخ زكريا بممأنه يحتمماط فيركممع مممع المممام‬
‫ويأتي بركعة بعد سلمه وليس بواضح أيضمما لن فيممه زيممادة‬
‫ركعة في الصلة ل نقول بلزومها وأمرا بالركوع قبل إتمممام‬
‫الفاتحممة وهممو بسممبيل مممن أن يتمهمما إن قلنمما والحالممة هممذه‬
‫بوجوب إتمامها‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬مممأموم اشممتغل عممن التشممهد الول بالسممجود‬
‫الذي قبله فلما فممرغ مممن السممجود وجممد المممام قممد تشممهد‬
‫وقام فما الذي يفعله المأموم هل يتشهد ثم يقوم أو يممترك‬
‫التشهد ويقوم‪ ،‬وإذا قلتم إنه يقوم ويترك التشهد فهممل هممو‬
‫على سبيل الوجوب حتى لو خالفه وتشهد بطلت صلته إن‬
‫كان عالما عامدا أم ل‪ ،‬وإذا قلتم أنه يتشهد فهممل هممو علممى‬
‫سبيل الوجوب أيضا لن إمممامه كممان فعلممه أم علممى سممبيل‬
‫الستحباب فإن قلتم أنه على سبيل الوجمموب فخممالفه ولممم‬
‫يتشهد فما ترتب على هذه المخالفة وإذا قلتممم أنممه يتشممهد‬
‫وجوبا أو استحبابا ففعل التشهد وقام فوجد المام قدر ركع‬
‫فهممل يركمع معممه وتسمقط عنممه القمراءة أم يجممب عليمه أن‬
‫يتخلممف ويقممرأ ويكممون متخلفمما بعممذر وإذا قلتممم بسممقوط‬
‫القراءة فما الجواب عن قولهم عند الكلم علممى سممقوطها‬
‫عن المسبوق ويتصور سقوطها عممن غيممر المسممبوق وذلممك‬
‫كل موضع حصل له عذر تخلممف بسممببه عممن المممام بأربعممة‬
‫أركان طويلة وزال عذره والمام راكع كما لممو كممان بطيممء‬
‫القراءة أو نسى أنه في الصلة أو امتنع من السجود بسبب‬
‫زحمة أو شك بعممد ركمموع أمممامه فممي قممراءة الفاتحممة فممإن‬
‫المسؤول عنه ظاهره مباين لهذا الضابط المذكور إن قلتم‬
‫بسقوطها عنه إذ ليس فيه تخلف بأركان وما معنى التخلف‬
‫بأربعة أركان فإنه مبطل والمسؤول إيضاح ذلك‪.‬‬
‫الجمواب ‪ -‬قمد تمردد نظمري فمي همذه المسمألة ممرات‬
‫والذي تحرر لي بطريق النظر تخريجا أن له ثلثة أحوال‪:‬‬
‫‪-‬الول أن يكون هذا لبطئ القممراءة فتممأخر لتمممام الفاتحممة‬
‫وفرغ منها قبل مضي الركان المعتممبرة وأخممذ فممي الركمموع‬
‫وما بعده فلما فرغ من السممجود قممام المممام مممن التشممهد‪،‬‬
‫وهذا حكمه واضح فممي التخلممف للتشممهد فسممقوط القممراءة‬
‫عنه إذا قام وقد ركع المام ظاهر‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫‪-‬الثاني أن يكون أطال السجود غفلة وسهوا وهذا ل سممبيل‬
‫إلى تركه التشهد لنه لزمه بالمتابعة لكن الوجه عندي أنممه‬
‫يجلس جلوسا قصمميرا ول يسممتوعب التشممهد لنممه ل يلزمممه‬
‫بحق المتابعة إل الجلوس دون ألفاظه بدليل أنه لممو جلممس‬
‫مممع المممام سمماكتا كفمماه فممإن قممام وقممد ركممع المممام ففممي‬
‫سقوط القراءة عنه نظر لعدم صدق الضابط عليه‪.‬‬
‫‪-‬الثالث أن يكون أطال السجود عمدا وهذا أولى من الحال‬
‫الثاني بتقصير الجلوس وأما سقوط القراءة فل سبيل إليممه‬
‫جزما لنه غير معذور أصل بل عندي أنممه لممو قيممل بممأن هممذا‬
‫التخلف مبطل لفحشه لم يبعممد لكممن ل مسمماعد عليممه مممن‬
‫المنقول حيث صرحوا بأن التخلف بركممن ولممو بغيممر عممذر ل‬
‫يبطل ولم يفرقوا بين ركن وركممن والجممري علممى إطلقهممم‬
‫أولى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬مأموم شممك فممي السممجدة الخيممرة مممن آخممر‬
‫صلته وهو فممي التشممهد الخيممر فهممل يسممجدها قبممل سمملم‬
‫المام أول يسجدها إل بعد سلمه لجل المتابعة فممإن قلتممم‬
‫بأنه يسجدها قبل أو بعد وخالف فهل تبطل صلته‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الممذي عنممدي أنممه يسممجدها عنممد التممذكر قبممل‬
‫سلم المام فل يتأخر إلى بعد سلمه وأكثر ما يقول القائل‬
‫بأنه يتأخر أنممه كمممن ركممع مممع المممام ثممم شممك فممي قممراءة‬
‫الفاتحة ول يصح هذا القياس لنه في صورة الركمموع انتقممل‬
‫من ركن فعلي إلى ركن فعلي ومتابعممة المممام فيممه واجبممة‬
‫وهنا لم ينتقل أصل بل الجلوس الذي هممو فيممه هممو جلمموس‬
‫بين السجدتين استمر فيه ولم ينتقممل عنممه وإن فممرض أنممه‬
‫أخذ في ألفمماظ التشممهد فهممو إتيممان بركممن قممولي فممي غيممر‬
‫موضعه ل أنه انتقال وأيضا فمسألة الركوع لم يتخلف فيهمما‬
‫عن شيء فعله المام فإنه أتى بالقيام الذي أتى به المممام‬
‫وأكثر ما ترك الفاتحة والذكار القولية ل فحش في مخالفة‬
‫المام فيها وهنا قد فعل المام سجودا لممم يفعلممه هممو وقممد‬
‫وجب عليه التيان به بحق المتابعممة والمشممي علممى ترتيممب‬
‫صلته فوجب عليه فعله عند تذكره‪ ،‬وأيضا فمسألة الركوع‬
‫لو عاد فيها كان فيها فعل قيام ثان وركمموع ثممان وفممي هممذا‬
‫مخالفة فاحشة للمام بخلف مسممألتنا هممذه‪ ،‬وأيضمما فركممن‬
‫‪65‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القراءة أضعف من ركن السجود لن السجود مجمممع علممى‬
‫وجوبه ول يسقط بحال والقممراءة خلممف المممام مممن الئمممة‬
‫من ل يوجبها وتسقط عنممدنا فممي صممور كالمسممبوق ونحمموه‬
‫وأيضا فقد اغتفروا في لركن القممولي ممما لممم يغتفممروا فممي‬
‫الفعلممي مممن جممواز التقممدم بممه والتممأخر بمه وعممدم البطممال‬
‫بتكممرره ونقلممه ‪ -‬فهممذه خمسممة فممروق بيممن مسممألة تممذكر‬
‫الفاتحة بعد الركوع وبين مسألتنا هذه فإذا ثبت أنه ل يتأخر‬
‫فلو تأخر كان من باب تطويل الركن القصير‪.‬‬

‫بسط الكف في إتمام الصف‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد الله الذي ل يقطع من وصله ول ينصر من خممذله‬
‫وأشممهد أن ل إلممه إل اللممه وحممده ل شممريك لممه وأشممهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله أفضل نبي أرسله صمملى اللممه وسمملم‬
‫عليه وعلى آله وأصحابه الطائفة المكملة‪ ،‬وبعد فقد سئلت‬
‫عن عدم إتمام الصمفوف والشممروع فمي صممف قبممل إتممام‬
‫صف فأجبت بأنه مكروه ل تحصل بممه فضمميلة الجماعممة ثممم‬
‫وردت إلى فتوى في ذلك فكتبت عليها ما نصممه‪ :‬ل تحصممل‬
‫الفضيلة وبيان ذلك بتقرير أمريممن‪ :‬أحممدهما أن هممذا الفعممل‬
‫مكروه‪ ،‬الثاني أن المكروه فممي الجماعممة يسممقط فضمميلتها‬
‫فأما الول فقد صرحوا بذلك حيممث قممالوا فممي الكلم علممى‬
‫التخطي يكره إل إذا كان بين يممديه فرجممة ل يصممل إليهمما إل‬
‫بالتخطي فإنهم مقصرون بتركها إذ يكره إنشاء صممف قبممل‬
‫إتمام ما قبله ويشهد له من الحديث قوله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم )أتموا الصفوف ممما كممان مممن نقممص ففممي المممؤخر(‬
‫رواه أبو داود‪ ،‬وفي شرح المهذب في باب التيمم لممو أدرك‬
‫المام في ركوع غير الخيرة فالمحافظة على الصف الول‬
‫أولى من المبادة إلى الحرام لدراك الركعة وأما كون كممل‬
‫مكروه في الجماعممة يسممقط الفضمميلة فهممذا أمممر معممروف‬
‫مقرر متداول على ألسنة الفقهاء يكاد يكممون متفقمما عليممه‪،‬‬
‫هذا آخر ما كتبت‪ ،‬وقممد أردت فممي هممذه الوراق تحريممر ممما‬
‫قلت بعد أن تعرف أن الفضيلة التي نعنيهمما هممي التضممعيف‬
‫المعممبر عنممه فممي الحممديث ببضممع وعشممرين ل أصممل بركممة‬
‫‪66‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجماعة وسيأتي تقرير الفرق بين المريممن‪ ،‬ثممم الكلم أول‬
‫فممي تحريممر أن هممذا الفعممل مكممروه مممن كلم الفقهمماء‬
‫والمحممدثين قممال النممووي فممي شممرح المهممذب فممي بمماب‬
‫الجماعة اتفق أصحابنا وغيرهم على اسممتحباب سممد الفممرج‬
‫في الصفوف وإتمام الصف الول ثممم الممذي يليممه ثممم الممذي‬
‫يليه إلى آخرها ول يشرع في صف حتى يتم ما قبله ‪ -‬هممذه‬
‫عبارته‪ ،‬ول يقابل المستحب إل المكممروه فممإن قيممل يقممابله‬
‫خلف الولمممى قلمممت الجمممواب ممممن وجهيمممن‪ :‬أحمممدهما أن‬
‫المتقدمين لم يفرقوا بينهما وإنما فرق إمام الحرمين ومممن‬
‫تابعه‪ ،‬الثاني أن القائلين به قالوا هو ما لممم يممرد فيممه دليممل‬
‫خاص وإنما استفيد من العمومات‪ ،‬والمكممروه ممما ورد فيممه‬
‫دليل خاص وهذا قد وردت فيه أدلة خاصة فضل عممن دليممل‬
‫واحد فمن ذلك الحديث المذكور في الفتوى‪ ،‬وقد رواه أبممو‬
‫داود من حديث أنس قال النووي في شرح المهذب بإسناد‬
‫حسن‪ ،‬ومن ذلك ممما رواه أبممو داود وابممن خزيمممة والحمماكم‬
‫بإسناد ‪0‬صحيح عممن ابممن عمممر أن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم قممال أقيممموا الصمملة وحمماذوا بيممن المنمماكب وسممدوا‬
‫الخلل ولينوا بأيممدي إخمموانكم ول تممذروا فرجممات للشمميطان‬
‫ومن وصل صفا وصله اللممه ومممن قطممع صممفا قطعممه اللممه(‬
‫ومعنى قطعه الله أي من الخير والفضمميلة والجممر الجزيممل‬
‫وقال البخاري في صمحيحه بماب إثمم ممن ل يتمم الصمفوف‬
‫وأورد فيه حديث أنس )ما أنكرت شيئا إل أنكممم ل تقيمممون‬
‫الصفوف( فقال الحافظ ابن حجر يحتمل أن البخمماري أخممذ‬
‫الوجوب من صيغة المر في قوله سووا ومن عممموم قمموله‬
‫)صلوا كما رأيتموني أصلي( ومن ورود الوعيممد علممى تركممه‬
‫فترجح عنده بهذه القممرائن أن إنكممار أنممس إنممما وقممع علممى‬
‫تممرك الممواجب ومممع القممول بممه صمملة مممن خممالف صممحيحة‬
‫لختلف الجهتين‪ ،‬وأفرط ابن حزم فجممزم بممالبطلن ونممازع‬
‫من ادعى الجماع على عدم الوجوب بما صح عن عمر أنمه‬
‫ضرب قدم أبي عثمان النهدي لقامة الصف‪ ،‬وبما صح عن‬
‫سممويد بممن غفلممة قممال كممان بلل يسمموي مناكبنمما ويضممرب‬
‫أقدامنا في الصمملة فقممال عمممر وبلل يضممربان أحممدا علممى‬
‫ترك غير الواجب قال ابن حجر وفيه نظر لجواز أنهممما كانمما‬
‫‪67‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يريان التعزير على تممرك السممنة‪ ،‬وقممال ابممن بطممال تسمموية‬
‫الصفوف لما كانت من السنن المندوب إليها التي يسممتحق‬
‫فاعلها المدح عليها دل على أن تاركها يسممتحق الممذم وهممذا‬
‫صريح في أنه ل تحصل له الفضيلة‪ ،‬وفممي الصممحيح حممديث‬
‫)لتسممون صممفوفكم أو ليخممالفن اللممه بيممن وجمموهكم( قممال‬
‫شراح الحديث تسوية الصفوف تطلق على أمريممن اعتممدال‬
‫القائمين على سمت واحد وسد الخلممل الممذي فممي الصممف‪،‬‬
‫واختلف في الوعيد المذكور فقيل هو على حقيقته والمراد‬
‫بتشويه الوجه تحويل خلقه عن وضعه بجعله موضممع القفمما‪،‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر وعلى هذا فهو واجب والتفريط فيممه‬
‫حرام قال وهو نظير الوعيد فيمن رفممع رأسممه قبممل المممام‬
‫قال ويؤيممد ذلممك حممديث أبممي أمامممة )لتسممون الصممفوف أو‬
‫لتطمس الوجوه( رواه أحمد بسممند فيممه ضممعف‪ ،‬قلممت وإذا‬
‫كان هذا نظير مسابقة المام في الوعيممد فهممو نظيممره فممي‬
‫سقوط الفضيلة وهو آمر متفق عليممه كممما سمميأتي‪ ،‬ومنهممم‬
‫مممن حملممه علممى المجمماز قممال النممووي معنمماه توقممع بينكممم‬
‫العممداوة والبغضمماء واختلف القلمموب‪ ،‬وفممي الصممحيح أيضمما‬
‫حديث )أقيممموا صممفوفكم وتراصمموا( قممال الشممراح‪ :‬المممراد‬
‫بأقيموا اعتدلوا وبتراصمموا تلصممقوا بغيممر خلممل‪ ،‬وفيممه أيضمما‬
‫حديث )سووا صفوفكم فممان تسمموية الصممفوف مممن إقامممة‬
‫الصلة( استدل به الجمهور على سنة التسمموية وابممن حممزم‬
‫علممى وجوبهمما لن إقامممة الصمملة واجبممة وكممل شمميء مممن‬
‫الواجب واجب وروى أبو يعلى والطمبراني عمن جمابر قمال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )إن من تمام الصلة‬
‫إقامة الصف( وروى أحمد بسممند صممحيح عممن ابممن مسممعود‬
‫قال رأيتنا وما تقام الصمملة حممتى تتكامممل الصممفوف‪ ،‬وروى‬
‫الطبراني في الكبير بسمند رجماله ثقمات عمن ابمن مسمعود‬
‫موقوفا سووا صفوفكم فإن الشيطان يتخللها‪ ،‬وروى أيضمما‬
‫بسند رجاله ثقات عن ابمن عبماس قمال‪ :‬قمال رسمول اللمه‬
‫صلى الله عليه وسلم )إيمماكم والفممرج( يعنممى فممي الصمملة‪،‬‬
‫وأخرج أبو يعلى عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم )تراصوا الصفوف فممإني رأيممت الشممياطين‬
‫تتخللكم( وروى أحمد بسند حسن عن أبي أمامة قال‪ :‬قال‬
‫‪68‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )سووا صممفوفكم وسممدوا‬
‫الخلل فإن الشميطان يمدخل فيمما بينكمم( وروى الطمبراني‬
‫عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قممال‪:‬‬
‫من نظر إلى فرجة في صف فليسدها بنفسه فإن لم يفعل‬
‫فمن مر فليتخط على رقبته فإنه ل حرمممة لممه( والحمماديث‬
‫في ترك الفرج وتقطيع الصفوف كثيرة جدا وفيممما أوردنمماه‬
‫كفاية‪ ،‬ومن الحاديث الممتي فممي الممترغيب ول ترهيممب فيهمما‬
‫حديث )من سممد فرجممة فممي الصممف غفممر لممه( رواه الممبزار‬
‫بإسناد حسن عن أبي جحيفة‪ ،‬وحديث )من سد فرجممة فممي‬
‫صف رفعه الله بهمما درجممة وبنممى لممه بيتمما فممي الجنممة( رواه‬
‫الطممبراني فممي الوسممط عممن عائشممة بسممند ل بممأس بممه‪،‬‬
‫وأخرجه ابن أبي شيبة عن عطاء مرسل‪ ،‬وحممديث )إن اللممه‬
‫وملئكته يصلون على الذين يصلون الصفوف( رواه الحاكم‬
‫وغيره‪ ،‬وحديث )أل تصفون كما تصف الملئكممة عنممد ربهممم‬
‫قممالوا وكيممف تصممف الملئكممة قممال يتمممون الصممف المقممدم‬
‫ويتراصون في الصف(أخرجه النسائي‪ ،‬وأخرج عبد الممرزاق‬
‫في مصنفه وابممن أبممي شمميبة عممن ابممن عمممر قممال لن تقممع‬
‫ثنيتمماي أحممب إلممى مممن أرى فرجممة فممي الصممف أمممامي فل‬
‫أصلها‪ ،‬وأخرج عبد الممرزاق عممن إبراهيممم النخعممي أنممه كممان‬
‫يكره أن يقوم الرجل في الصممف الثمماني حممتى يتممم الصممف‬
‫الول ويكره أن يقوم في الصف الثممالث حممتى يتممم الصممف‬
‫الثاني‪ ،‬وأخرج عن ابن جريممج قممال قلممت لعطمماء أيكممره أن‬
‫يقوم الرجل وحده وراء الصف قال نعم والممرجلن والثلثممة‬
‫إل في الصف قلت لعطاء أرأيت إن وجدت الصف مزحوما‬
‫ل أرى فيه فرجة قال ل يكلف الله نفسا إل وسممعها وأحممب‬
‫إلي والله أن أدخل فيه‪ ،‬وأخرج عن النخعي قممال‪ :‬يقممال إذا‬
‫دحس الصف فلم يكن فيه مدخل فليستخرج رجل من ذلك‬
‫الصف فليقم معه فإن لم يفعل فصلته تلممك صمملة واحممدة‬
‫ليست بصمملة جماعممة‪ ،‬وأخممرج عممن ابممن جريممج قممال قلممت‬
‫لعطاء أيكممره أن يمشممي الرجممل يخممرق الصممفوف قممال إن‬
‫خرق الصفوف إلى فرجة فقد أحسن وحق على الناس أن‬
‫يدحسوا الصفوف حتى ل يكون بينهم فرج ثم قال) إن الله‬
‫يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصمموص(‬
‫‪69‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فالصلة أحممق أن يكممون فيهمما ذلممك وأخممرج عممن يحيممى بممن‬
‫جعدة قال أحق الصفوف بالتمام أولها‪ ،‬وأخممرج سممعيد بممن‬
‫منصور في سننه وابن أبي شيبة والحاكم عن العرباض بممن‬
‫سارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علممى الصممف‬
‫المقدم ثلثمما وعلممى الممذي يليممه واحممدة‪ ،‬وأخممرج سممعيد بممن‬
‫منصور عن أبي أمامة قممال‪ :‬قممال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم )إن الله وملئكتممه يصمملون علممى الصممف الول(‬
‫قالوا يا رسول اللممه وعلممى الثمماني قممال )إن اللممه وملئكتممه‬
‫يصلون على الصف الول( قالوا يا رسول الله وعلى الثاني‬
‫قال )إن الله وملئكته يصلون على الصممف الول( قممالوا يمما‬
‫رسول الله وعلى الثاني قال )سووا صفوفكم وحمماذوا بيممن‬
‫منمماكبكم ولينمموا فممي أيممدي إخمموانكم وسممدوا الخلممل فممإن‬
‫الشيطان يدخل فيممما بينكممم بمنزلممة الحممذف( واخممرج عممن‬
‫إبراهيم النخعي قال كان يقال سووا الصممفوف وتراصمموا ل‬
‫تتخللكم الشياطين كأنهمما بنممات الحممذف( وأخممرج عممن ابممن‬
‫عمر قال ما خطا رجل خطوة أعظم أجرا من خطمموة إلممى‬
‫ثلمة صف ليسدها‪ ،‬وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عممن‬
‫عبد الرحمن بن سابط قال‪ :‬قممال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم )ما تغيرت القدام فممي مشممى أحممب إلممى اللممه‬
‫من رقع صف( يعنى في الصلة‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عممن‬
‫أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يقول إذا قمتم إلى الصلة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفممرج‬
‫فإني أراكم من وراء ظهري‪ ،‬ومما يناسب ذلممك أيضمما قممال‬
‫البخاري في الصحيح باب الصمملة بيممن السممواري فممي غيممر‬
‫جماعة ثم أورد فيه حديث ابن عمممر عممن بلل فممي الصمملة‬
‫في الكعبة‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر إنما قيدها بغير الجماعممة‬
‫لن ذلك يقطع الصممفوف وتسمموية الصممفوف فممي الجماعممة‬
‫مطلوب وقال الرافعي في شممرح المسممند‪ :‬احتممج البخمماري‬
‫بهذا الحديث على أنه ل بأس بالصلة بين الساريتين إذا لممم‬
‫يكن في جماعة‪ ،‬وقال المحممب الطممبري كممره قمموم الصممف‬
‫بين السواري للنهممي عممن ذلممك ومحممل الكراهممة عنممد عممدم‬
‫الضيق والحكمة فيه انقطاع الصف‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فهذا الذي أوردنمماه مممن الحمماديث وكلم شممارحيها مممن‬
‫أهل المذهب وغيرهم صريح فممي كراهممة هممذا الفعممل وفممي‬
‫بعضها ما يصرح بسقوط الفضيلة‪ ،‬ولنذكر الن ما وقع فممي‬
‫كتب المذهب من المكروهات التي ل فضيلة معها فأول ممما‬
‫صرحوا بذلك في مسألة المقارنة قال الرافعي في الشرح‬
‫قال صاحب التهذيب وغيره ذكروا أنه يكره التيان بالفعال‬
‫مع المام وتفوت به فضيلة الجماعة‪ ،‬وكذا قال النووي في‬
‫الروضة وشممرح المهممذب وابممن الرفعممة فممي الكفايممة‪ ،‬قممال‬
‫الزركشي في الخادم الكلم في هذه المسألة فممي شمميئين‬
‫أحدهما في كون المقارنة مكروهة‪ ،‬الثمماني تفويتهمما فضمميلة‬
‫الجماعممة فأممما الول فقممد صممرح بالكراهممة البغمموي وتممابعه‬
‫الروياني وكلم المام وغيره يقتضي أنه خلف الولى‪ ،‬وأما‬
‫الثاني فعبارة التهممذيب إذا أتممى بالفعممال مممع المممام يكممره‬
‫وتفوت به فضمميلة الجماعممة ولكمن تصممح صملته وقمال ابمن‬
‫الستاذ في هممذا نظممر فممإنه حينئذ ينبغممي أن يجممري الخلف‬
‫في صحة صلته إل أن يقال تفمموته فضمميلة الولويممة مممع أن‬
‫حكم الجماعة عليه وقال التمماج الفممزاري فممي كلم البغمموي‬
‫نظر فإنه حكم بفوات فضيلة الجماعة وحكم بصحة الصلة‬
‫وذلممك تنمماقض وتبعممه أيضمما السممبكي وصمماحب المهمممات‬
‫والبممارزي فممي توضمميحه الكممبير قممال الزركشممي وهممذا كلممه‬
‫مردود فإن الصممحة ل تسممتلزم الثممواب بممدليل الصمملة فممي‬
‫الثوب الحرير والدار المغصوبة وإفراد يوم الجمعة بالصمموم‬
‫والحكم بانتفاء فضيلة الجماعة ل يناقض حصولها بدليل ممما‬
‫لو صلى بالجماعة في أرض مغصوبة فالقتداء صحيح وهممو‬
‫في جماعة ل ثواب فيهمما قممال ومممما يشممهد لنفكمماك ثممواب‬
‫الجماعة المسبوق يممدرك المممام بعممد الركمموع مممن الركعممة‬
‫الخيرة فإنه في جماعة قطعا لن إقتداءه صممحيح بل خلف‬
‫وإل بطلت صلته ومع ذلك اختلفوا في حصول الفضيلة لممه‬
‫قممال وكممذلك كممل صمملة ل تسممتحب فيهمما الجماعممة كصمملة‬
‫العراة جماعة فإنه يصممح القتممداء ومممع ذلممك ل ثممواب فيهمما‬
‫لنها غير مطلوبممة قممال والحاصممل أن النممووي نفممى فضمميلة‬
‫الجماعة اي ثوابها ولم يقل بطلت الجماعممة فممدل علممى أن‬
‫الجماعة باقية وأنممه فممي حكممم المقتممدى لنممه يتحمممل عنممه‬
‫‪71‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السهو وغيره قال والعجب من هؤلء المشايخ كيممف غفلمموا‬
‫عممن هممذا وتتممابعوا علممى هممذا الفسمماد وأن فمموات الفضمميلة‬
‫يستلزم الخروج عن المتابعممة وهممذا عجممب مممن القممول مممع‬
‫وضوح أنه ل تلزم بينهما لما قلناه من بقاء الجماعة وصحة‬
‫القتداء مع انتفاء الثواب في ما ل يحصى‪ ،‬قممال وأممما جممزم‬
‫البممارزي بممأنه يحصممل لممه فضمميلة الجماعممة فممأعجب لن‬
‫المقارنة مكروهة والمكروه ل ثواب فيه وكيممف يتخيممل مممع‬
‫ذلك حصول الثواب وقد ذكر الشيخ أبو إسممحاق الشمميرازي‬
‫في تذكرة الخلف فيمن أخرج نفسه من الجماعممة إنمما وإن‬
‫حكمنا بالصحة فقد فاتته الفضيلة‪ ،‬قال الزركشي وإذا ثبممت‬
‫هذا في المقارنة جرى مثله في سبق المام من باب أولممى‬
‫بممل يجممري أيضمما فممي المسمماواة معممه فممي الموقممف فإنهمما‬
‫مكروهة‪ ،‬والضابط أنه حيث فعل مكروها في الجماعة مممن‬
‫مخالفة المممأموم فمماتته فضمميلتها إذ المكممروه ل ثممواب فيممه‬
‫وكذا لو اقتدى بإمام محدث وهو جاهل بحممدثه فممإن صمملته‬
‫تصح وإن فاتته فضيلة الجماعة انتهى كلم الخادم بحروفممه‬
‫وقد تحصل من هذا صور منقولة تسقط فيهمما الفضمميلة مممع‬
‫الصممحة بعضممها للكراهممة وبعضممها للتحريممم وبعضممها لعممدم‬
‫الطلمممب فممممن الول المسمممابقة والمقارنمممة والمفارقمممة‬
‫والمساواة في الموقف‪ ،‬ومممن الثمماني صمملة الجماعممة فممي‬
‫أرض مغصمموبة‪ ،‬ومممن الثممالث صمملة العممراة‪ ،‬وممممن صممرح‬
‫بمسألة المساواة أيضا الحافظ ابن حجر فقممال فممي شممرح‬
‫البخاري الصل في المام أن يكون مقدما على المأمومين‬
‫إل إن ضاق المقام أو كانوا عراة وما عدا ذلك تجزئ ولكن‬
‫تفوت الفضيلة‪ ،‬وصرح بذلك أيضمما ابممن العممماد فممي القممول‬
‫التمممام وعللممه بارتكمماب المكممروه‪ ،‬وكممذا قممال الشمميخ جلل‬
‫الدين المحلي في شرح المنهماج معممبرا بقمموله ويؤخمذ ممن‬
‫الكراهة سقوط الفضيلة على قياس ما ذكر فممي المقارنممة‪،‬‬
‫ثم قال الزركشي عند الكلم على مسممألة المفارقممة حيممث‬
‫جوزنا له المفارقة فهل يبقى للمأموم فضيلة الجماعة التي‬
‫أدركهمما الممذي صممرح بممه الصمميرفي البقمماء وكلم المهممذب‬
‫يقتضممي المنممع ويؤيممده ممما سممبق عممن البغمموي مممن تفممويت‬
‫الفضيلة بالمقارنة فإنها إذا فاتت مع التفمماق علممى الصممحة‬
‫‪72‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فلن تفوت مع الختلف في البطلن أولى ثم قال والمتجه‬
‫التفصيل بين المعذور وغيره انتهممى‪ ،‬وذكممر مثممل ذلممك ابممن‬
‫العماد في القول التمام ويؤخذ من قوله أنها إذا فمماتت مممع‬
‫التفمماق علممى الصممحة ففممي الختلف فممي البطلن أولممى‬
‫فواتها أيضا في المنفرد وخلمف الصمف فمإن ممذهب أحممد‬
‫بطلنها وهممو وجممه عنممدنا حكمماه الممدارمي عممن ابممن خزيمممة‬
‫وحكاه القاضي أبو الطيب عن ابمن المنمذر والحميمدي ممن‬
‫أصممحابنا قممال السممبكي وغيممره ودليلهممم قمموى وقممد علممق‬
‫الشافعي القممول بممه علممى صممحة الحممديث فقممالوا لممو ثبممت‬
‫حديث وابصممة لقلممت بممه وقممد صممححه ابممن حبممان والحمماكم‬
‫وحسنة الترمذي ثم أطال الكلم في تقريممره الجممواب عممن‬
‫حديث أبي بكرة وقد ورد أثر في سقوط الفضيلة في هممذه‬
‫الصورة بعينهمما أورده الممبيهقي مسممتدل بممه‪ -‬وهممو مممن كبممار‬
‫الشافعية‪ -‬فروى مممن طريمق المغيمرة عمن إبراهيمم فيمممن‬
‫صمملى خلممف الصممف وحممده فقممال صمملته تامممة وليممس لممه‬
‫تضعيف ومعنى ذلك أنه ل تحصل لممه المضمماعفة إلممى بضممع‬
‫وعشرين الذي هو فضل الجماعة‪ ،‬وقال فممي الروضممة فممي‬
‫مسألة الداء خلف القضاء وعكسه الولى النفراد للخممروج‬
‫من خلف العلماء قال في الخادم وإذا كان الولى النفممراد‬
‫لم يحصل له فضمميلة الجماعممة فهممذه صممورة أخممرى‪ ،‬وقممال‬
‫الحافظ ابن حجر والشيخ جلل الممدين المحلممي فممي شممرح‬
‫المنهاج في مسممالة القتممداء فممي خلل الصمملة صممرح فممي‬
‫شممرح المهممذب بممأنه مكممروه ويؤخممذ مممن الكراهممة سممقوط‬
‫الفضيلة علمى قيماس ممما ذكممر فمي المقارنمة فهممذه صمورة‬
‫ثامنة‪ ،‬ورأيت الشيخ جلل الدين يشير إلى أنه حيث وجدت‬
‫الكراهة سقطت الفضيلة كممما ل يخفممي ذلممك مممن عبممارته‪،‬‬
‫ومما يدل للكراهة في الصورة الممتي نحممن بصممددها قممولهم‬
‫بجممواز التخطممي فممي مثلهمما مممع أن أصممل التخطممي مكممروه‬
‫كراهممة شممديدة عنممد الجمهممور وحممرام عنممد قمموم واختمماره‬
‫النووي للحاديث فلول أنه أمر مهم جدا ما أبيمح لمه مما همو‬
‫في الصل محرم أو مكروه كراهة شديدة مممع قمموله صمملى‬
‫اللممه عليممه وسمملم فممي الحممديث )فممإنه ل حرمممة لممه( ومممما‬
‫يؤنسممك بهممذا أن مممن قواعممد الفقممه وأصمموله أن ممما كممان‬
‫‪73‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ممنوعا إذا جاز وجب‪ ،‬وهذه قاعدة نفيسة استدلوا بها على‬
‫إيجاب الختان فإن قطع جزء من بدن النسان ممنمموع منممه‬
‫فلما جاز كان واجبا وتقريره هنا أن التخطي ممنوع منه إما‬
‫تحريما أو كراهة فلما جاز بل طلب دل على أنه واجب في‬
‫حصول الفضيلة والتضعيف وإن لم يكن واجبا في ذاته إذ ل‬
‫يأثم تاركه ول يقدح في صحة الصمملة‪ .‬وأممما تحريممر الفممرق‬
‫بين بركة الجماعة وفضيلتها ففي الخممادم فممي مسممألة مممن‬
‫أدرك المام بعد ركوع الخيرة ذكروا أن كلم الرافعي فممي‬
‫آخر هذه المسألة يقتضي أن بركة الجماعة أمر غير فضيلة‬
‫الجماعة وأن البركة هممي الممتي تحصممل لهممذا دون الفضمميلة‬
‫قال وبهذا يندفع ما قيل في المسألة من تناقض أو أشممكال‬
‫وقد وقع في ذكر حكمة هذا العدد المخصوص في الحممديث‬
‫ما يؤيد الفرق بين بركة الجماعممة وفضمميلتها‪ ،‬قممال الحممافظ‬
‫ابممن حجممر ذكممر المحممب الطممبري أن بعضممهم قممال أن فممي‬
‫حديث أبي هريرة ما يشير إلى ذلك حيث قال وذلك أنه إذا‬
‫توضأ إلى آخره‪ ،‬وهذا ظاهر في أن المور المممذكورة عليممه‬
‫للتضمممعيف الممممذكور وإذا كمممان كمممذلك فمممما رتمممب علمممى‬
‫موضوعات متعددة ل يوجد بوجود بعضممها إل إذا دل الممدليل‬
‫على إلغاء ما ليس معتبرا‪ ،‬وهذه الزيممادة الممتي فممي حممديث‬
‫أبي هريرة معقولة المعنممى فالخممذ بهمما متمموجه والروايممات‬
‫المطلقممة ل تنافيهمما بممل تحمممل عليهمما‪ ،‬قممال وقممد نقحممت‬
‫السباب المقتضممية للممدرجات المممذكورة فممإذا هممي خمممس‬
‫وعشرون في السرية وسبع عشرون فممي الجهريممة وبممذلك‬
‫يجمع بين الحديثين‪ ،‬أولها إلى الخامس إجابة المممؤذن بنيممة‬
‫الصلة في الجماعة والتبكير إليها في أول الوقت والمشي‬
‫إلى المسجد بالسكينة ودخول المسجد داعيا وصلة التحية‬
‫عند دخوله كممل ذلمك بنيممة الصمملة فمي الجماعممة‪ ،‬سادسممها‬
‫انتظار صلة الجماعة والتعاون على الطاعة‪ ،‬سابعها صمملة‬
‫الملئكة عليه واستغفارهم له‪ ،‬ثامنها شهادتهم لممه‪ ،‬تاسممعها‬
‫إجابة القامة‪ ،‬عاشرها السلمة من الشيطان حين يفر عند‬
‫القامممة‪ ،‬حممادي عشممرها الوقمموف منتظممرا إحممرام المممام‬
‫والدخول معه في أي هيئة وجده عليها‪ ،‬ثاني عشرها إدراك‬
‫تكبيرة الحرام‪ ،‬ثالث عشرها تسوية الصفوف وسد فرجها‪،‬‬
‫‪74‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رابع عشرها جواب المام عند قوله سمع الله لمن حمممده‪،‬‬
‫خامس عشرها المن من السهو غالبا وتنبيه المام إذا سها‬
‫بالتسبيح والفتممح عليممه‪ ،‬سممادس عشممرها حصممول الخشمموع‬
‫والسمملمة مممما يلهممى غالبمما‪ ،‬سممابع عشممرها تحسممين الهيئة‬
‫غالبمما‪ ،‬ثممامن عشممرها احتفمماف الملئكممة‪ ،‬تاسممع عشممرها‬
‫التممدريب علممى تجويممد القممراءة وتعلممم الركممان والبعمماض‪،‬‬
‫العشرون إظهار شعائر السلم‪ ،‬الحادي والعشرون إرغممام‬
‫الشيطان بالجتممماع علممى العبممادة والتعمماون علممى الطاعممة‬
‫ونشاط لمتكاسممل‪ ،‬الثماني والعشمرون السمملمة مممن صمفة‬
‫النفاق ومن إساءة غيره به الظن بأنه تممرك الصمملة رأسمما‪،‬‬
‫الثالث والعشرون رد السلم على المام‪ ،‬الرابع والعشرون‬
‫النتفاع باجتماعهم على الدعاء والممذكر عممود بركممة الكامممل‬
‫منهم على الناقص الخامس والعشرون قيممام نظممام اللفممة‬
‫بين الجيران وحصول تعاهدهم في أوقات الصلوات‪ .‬وتزيممد‬
‫الجهرية بالنصات عند قراءة المام والستماع لها والتيامن‬
‫عند تأمينه‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر ومقتضى ذلك اختصمماص‬
‫التضعيف بممالتجميع فممي المسممجد وإل تسممقط ثلثممة أشممياء‬
‫وهي المشي والدخول والتحية فيمكن أن يعوض مممن ذلممك‬
‫ما يشممتمل علممى خصمملتين متقمماربتين أقيمتمما مقممام خصمملة‬
‫واحدة لن منفعة الجتماع على الدعاء والممذكر غيممر منفعممة‬
‫عود بركة الكامل على الناقص وكذا فائدة قيام اللفمة غيمر‬
‫فممائدة حصممول التعاهممد وكممذا فممائدة أمممن المممأمومين مممن‬
‫السهو غالبا غير تنبيه المام إذا سها فيمكن أن يعوض مممن‬
‫تلك الثلثة هذه فيحصل المطلوب‪ ،‬قال‪ :‬ول يرد على ذلممك‬
‫كون بعض الخصال تختممص ببعممض مممن صمملى جماعممة دون‬
‫بعض كالتكبير وانتظار الجماعة وانتظار إحرام المام ونحممو‬
‫ذلك لن أجر ذلك يحصل لقاصده بمجرد الجماعممة وانتظممار‬
‫إحممرام المممام ونحممو ذلممك لن أجممر ذلممك يحصممل لقاصممده‬
‫بمجرد النيممة ولممو لممم يقممع إذا علمممت ذلممك فممالخلل بسممد‬
‫الفرجة ل يحصل معه التضعيف المذكور قطعا لنممه خصمملة‬
‫من الخصال المقابلة بدرجة‪ ،‬ثم أنه يسممقط بسممببه خصممال‬
‫أخممر كالسمملمة مممن الشمميطان لتصممريح الحممديث يتخلممل‬
‫الشممميطان بينهمممم واحتفممماف الملئكمممة لعمممدم مجمممامعتهم‬
‫‪75‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫للشياطين وصلة الملئكممة وشممهادتهم لممه لن ذلممك ينممافي‬
‫ورود الوعيد عليه وقيام نظممام اللفممة لخبممار الحممديث بممأنه‬
‫يورث مخالفة القلمموب وعممود بركممة الكامممل علممى النمماقص‬
‫لممذلك أيضمما وعممدم المممن مممن السممهو غالبمما وعممدم إرغممام‬
‫الشمميطان وعممدم الخشمموع لوسوسممة الشممياطين المتخللممة‬
‫فهذه عشر خصال تفوت بعدم سد الفرجة فيفمموت بسممببها‬
‫عشر درجات فان الضم إلممى ذلممك عممدم التكممبير والنتظممار‬
‫والوقوف منتظرا إحرام المممام وإدراك تكممبيرة الحممرام إذ‬
‫المقصر في سد الفرجة مع سممهولتها أقممرب إلممى التقصممير‬
‫في المذكورات وأبعد من المبادرة إليها ومممن أن تكممون لممه‬
‫عادة بالمحافظة عليها سقط خمسة أخرى وإن انضم إلممى‬
‫ذلك بعده عن المام وتراخى الصف الممذي وقممف فيممه عممن‬
‫سممد الفرجممة سممقط خصمملتان وهممي تنممبيه المممام إذا سممها‬
‫والستماع لقراءة المام فيصير الحاصممل لممه فممي الجهريممة‬
‫عشر درجات وفي السرية تسع والله أعلم‪ ،‬ومما يدل على‬
‫ذلك ما رواه سعيد بن منصور في سننه بإسناد حسممن عممن‬
‫أوس المعافري‪ ،‬أنه قال لعبممد اللممه بممن عمممرو بممن العمماص‬
‫أرأيت من توضأ فأحسن الوضموء ثمم صمملى فمي بيتمه قمال‬
‫حسممن جميممل قمال فمإن صمملى فمي مسمجد عشمميرته قمال‬
‫خمس عشرة صلة قممال فممإن مشممى إلممى مسممجد جماعممة‬
‫فصلى فيه قال خمس وعشرون‪ ،‬وبممذلك ينممدفع قممول مممن‬
‫قممال إن الجماعممة الكاملممة يحصممل فيهمما خمممس وعشممرون‬
‫درجة والجماعة التي فيها خلل يحصل فيها هذا العممدد لكممن‬
‫درجات الول أعظم وأكمل كما قيل في بدنممة المبكممر إلممى‬
‫الجمعممة حيممث يشممترك فيهمما التممي أول السمماعة وآخرهمما‬
‫والصحابة أعلم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم وبتفسير‬
‫معاني كلمه من غيرهم‪ ،‬وأيضا فالصح في تفسير الدرجممة‬
‫أو الجممزء حصممول مقممدار صمملة المنفممرد بالعممدد المممذكور‬
‫للمجمع كما رجحه جماعة منهم ابممن دقيممق العيممد لنممه ورد‬
‫مبينا في بعض الروايممات كحممديث مسمملم )صمملة الجماعممة‬
‫تعدل خمسا وعشرين مممن صمملة الفممذ( قممال الحممافظ ابممن‬
‫حجممر وهممو مقتضممى قمموله تضممعف لن الضممعف كممما قممال‬
‫الزهري المثمل إلمى مما زاد فالتفماوت فمي ذلمك إنمما يقمع‬
‫‪76‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بزيادة عدد المثمل ونقصمانه ل بارتفماعه وانحطماطه بخلف‬
‫البدنة ونحوها فإنها مما تقبل العظم والخسة كما ل يخفى‪،‬‬
‫وقد أورد أن الصلة أيضا تتفاوت بالكمال والنقصان فقلممت‬
‫المممراد أن تلممك الصمملة الممتي صمملها بعينهمما فممي الجماعممة‬
‫تحصل له مثل ما لممو صمملها منفممردا بضممعا وعشممرين مممرة‬
‫سواء كممانت فممي نهايممة الكمممال أم ل فنقصممان سممد الفممرج‬
‫ونحو أمر زائد على نقصان أصممل الصمملة قطعمما‪ ،‬وأورد أن‬
‫كلم ابن عمرو محمول على أنه قاله اجتهادا فل يقلممد فيممه‬
‫ولو قاله مرفوعا لئم الحتجاج به على ذلك فقلت هذا مممن‬
‫قبيل المرفوع لن مثله ل يقال من قبممل الممرأي إذ هممو مممن‬
‫أمور الخرة التي ل تقال إل عن توقيف‪ ،‬وأورد أن التي ول‬
‫فرجة في الصف يؤمر بجذب رجل ويممؤمر ذاك بمسمماعدته‬
‫فيصير في الصف فرجة فقلت هذا للضرورة ولدفع ممما هممو‬
‫أشد كراهممة وإحممرازا لصممحة الصمملة علممى قممول مممن يممرى‬
‫بطلنها والله أعلم‪.‬‬

‫باب صلة المسافر‬


‫مسألة ‪ -‬قال في الروضة في آخممر صمملة المسممافر لممو‬
‫سافر رجلن شافعي وحنفي في مدة قصر ثم نوى الحنفي‬
‫القامة يعني إقامة أربعة أيام في موضع في ‪0‬طريقه فمإنه‬
‫ل سفره في مذهبه وينقطع مممذهب الشممافعي وشممرع فممي‬
‫صلة مقصورة جمماز للشممافعي أن يقتممدى بممه وهممو مشممكل‬
‫على قولهم أن العبرة بنية المقتدى‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال العلمة ابممن قاسممم فممي حاشممية التحفممة‬
‫بعد أن أورد عبارة المصنف هممذه ممما نصممه وقممد يقممال فيممه‬
‫نظر لن الشافعي يعتقد عدم انعقاد صلته لنه صار مقيممما‬
‫بنية القامة‪ ،‬والمقيم إذا نموى القصمر ل تنعقمد صملته فلمم‬
‫ينتممف الشممكال فليتأمممل وقممد يجمماب بممأن الحنفممي بمنزلممة‬
‫الجاهل بالحكم لعتقاده الجممواز ونيممة القصممر جهل ل تضممر‬
‫وهذا الجواب يتوقف على أن الشافعي المقيم ل يضره نية‬
‫القصممر مممع الجهممل فليراجممع انتهممى ممما أورده ابممن قاسممم‪.‬‬
‫وأقول قد أجاب الشيخ ابن حجر في التحفة بممأنه لممما كممان‬
‫جنس القصر جائزا اغتفر نية المام له وأن كممان غيممر جممائز‬
‫‪77‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في هذه الصمملة وكممذلك فممي شممرح العبمماب علممى ذلمك أن‬
‫القتداء به لمروره في إذا علمم أنمه نمموى القصممر فمإحرامه‬
‫بالصلة صحيح فصح القتداء به ما دامت الصلة صحيحة‪.‬‬

‫باب صلة الجمعة‬


‫مسألة ‪ -‬في رجل صلى الجمعة إماما فقرأ في الركعة‬
‫الولى بالفاتحة ومن قوله تعالى فممي سممورة يوسممف )لقممد‬
‫كان في يوسف وأخوته( إلى قوله )واللممه المسممتعان علممى‬
‫ما تصفون( اثنتي عشرة آية وفي الثانية إلى قوله )وكممذلك‬
‫نجزى المحسنين( أربع آيات فهل يكون هذا تطويل تكره به‬
‫الصلة وهل يكون مخالفا للسنة لجل قراءته بغير سممورتي‬
‫الجمعة والمنافقين وهل تكون هذه الصلة مكروهة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس هذا هو التطويل المكروه لن ذلممك هممو‬
‫منتهى الكمال للمنفرد فما فوقه كستين آية فصماعدا‪ .‬وقمد‬
‫ورد ل يقرأ في الصبح بممدون عشممرين آيممة ول فممي العشمماء‬
‫بأقل من عشر آيات والجمعة والظهر كذلك بممل أولممى مممن‬
‫العشاء ول يلزم من قراءة غير الجمعة والمنافقين الكراهة‬
‫بل غايته أنه خلف الولى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل تذكر فائته والخطيب يخطب فصلها‬
‫هل تصح‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم تصح لن لها سببا قياسا على صحتها في‬
‫الوقممات المكروهممة وعلممى صممحة التحيممة للممداخل حالممة‬
‫الخطبة‪ ،‬وقد أفتى بذلك شيخنا قاضي القضمماة علممم الممدين‬
‫البلقيني أخذا من قول والممده فممي التممدريب‪ :‬ومممن الصمملة‬
‫المحرمة الزيادة على الركعتين للداخل حال خطبة الجمعة‬
‫والتنفممل لغيممر الممداخل فأخممذ مممن قمموله والتنفممل بطريممق‬
‫المفهوم أن قضاء الفائتة المفروضة ل يحرم‪ ،‬ووافقه علممى‬
‫ذلك شيخنا الشيخ سراج الممدين العبممادي وخالفهممما شمميخنا‬
‫شيخ السلم شرف الدين المناوي فممأفتى بممالمنع والبطلن‬
‫وتعرض للمسألة في حاشيته على شرح البهجة‪ ،‬ثممم رأيممت‬
‫الذرعي ذكر مثل ما أفتى به شمميخنا البلقينممي مممن الجممواز‬
‫والصحة ونقله عن الماوردي في الحمماوي والجرجمماني فممي‬
‫الشافي‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة –‬
‫يا من لهواء الجهالة مذهب * ولحلة الفقها طراز مذهب‬
‫يا من له فهم تفرد في الورى * يا من إليه جاء يسعى‬
‫المذهب‬
‫يا من بتحرير المقالة قد حوى * فضل ببهجته نلذ ونطرب‬
‫يا عمدة في مذهب الحبر الرضى * الشافعي هو المام‬
‫المطنب‬
‫ما قولكم في أربعين لجمعة * حضروا كذاك بخطبة إذ‬
‫تخطب‬
‫والبعض منهم يجهلون كليهما * والبعض منهم عالم ومهذب‬
‫ماذا يكون الحكم في كلتيهما * أنت المراد لها وأنت‬
‫المطلب‬
‫وصلة عيد إن قضاها من وفى * تكبيره لقضائها هل يندب‬
‫ثم الطواف وجوب نيته على * من رامها حقا فهل تترتب‬
‫نرجو الجواب عن الثلث معلل * ويكون ذلك واضحا‬
‫يستعذب‬
‫أبقاك ربك ذاهنا يا من لنا * وبل الندى منه روى إذ نجدب‬
‫وجنى الحنان إليك يدينه وعن * رؤياه في دار البقا ل‬
‫نحجب‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله الذي من يقرب * لجنابه يحظى به ويقرب‬
‫ثم الصلة على الذي كل الورى * والرسل في حشر إليه‬
‫ترغب‬
‫إن أربعون نووا إقامة جمعة * كل إلى جهل القراءة ينسب‬
‫صحت ولو في بعضهم أمية * ما لم يؤمهم الجهول المتعب‬
‫أو كلهم جهلوا الخطابة ألغها * ما لم يكن فيهم فريد‬
‫يخطب‬
‫والفرق إن إمامة المي بمن * ساوى تصح وفوقه ل‬
‫تحسب‬
‫وصلتها دون الخطابة ل تصح * وبعدها صحت ولو لم‬
‫يعربوا‬
‫وصلة عيد قد قضى لما مضت * أيامها تكبيرها ل يندب‬
‫وطواف فرض ل احتياج لنية * أما التطوع والوداع فأوجبوا‬
‫‪79‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إذ نية الحرام شاملة له * فله غنى عنها كما قد رتبوا‬
‫والنذر حكم النفل قطعا واغتنى * عنها القدوم فليس فيه‬
‫تطلب‬
‫هذا جواب ابن السيوطي سائل * من ربه الغفران عما‬
‫يذنب‬
‫مسألة ‪ -‬في الروضة المقابلة لمصممر العتيقممة هممل هممي‬
‫بلممد مسممتقل فل تنعقممد الجمعممة بهمما إل بممأربعين مممن أهلهمما‬
‫القاطنين بها أم هي في حكم مصر‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬هممي بلممد مسممتقل فل تنعقممد بهمما الجمعممة إل‬
‫بأربعين قاطنين بها وقد كانت في الزمن القممديم مشممهورة‬
‫بذلك ولها وال وقاض مختص بها‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا كان الخطيب حنفيا ل يممرى صممحة الجمعممة‬
‫إل في السور فهل لممه أن يخطممب ويممؤم فممي القريممة وهممل‬
‫تصح الصلة خلفه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬العبرة في القتداء بنية المقتدى فتصح صلته‬
‫في الجمعة خلف حنفي وإن كان في قرية ل سممور لهمما إذا‬
‫حضر أربعون من أهل الجمعة‪.‬‬

‫اللمعة في تحرير الركعة لدراك الجمعة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬في قول المنهاج في صلة الجمعممة مممن أدرك‬
‫ركوع الثانية أدرك الجمعة فيصلي بعد سلم المام ومشممى‬
‫عليه الشارح المحقق وكذلك الشمميخ تقممي الممدين السممبكي‬
‫بقمموله أن شممرط إدراك الجمعممة بركمموع الثانيممة أن يسممتمر‬
‫المام إلى السلم ووقممع لبعضممهم أنممه قممال يجمموز مفارقممة‬
‫المممام إذا أدرك ركمموع الثانيممة قبممل أن يسمملم المممام اثممر‬
‫السجود الثاني وأفممتى بممذلك جماعممة مممن الشممافعية فعلم‬
‫يعتمد المقلد للمام الشافعي رضي الله عنه وعنا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪،‬‬
‫هذه المسألة من معضمملت المسممائل الممتي يجممب التوقممف‬
‫فيها فان المفهوم من كلم كثيرين اشتراط الستمرار إلممى‬
‫السلم‪ ،‬ومن كلم آخرين خلفه و ها أنا أبيممن ذلممك واضممحا‬
‫مفصل فأقول المفهوم من كلم المشممايخ الثلثممة الرافعممي‬
‫‪80‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والنووي وابن الرفعة اشتراط الستمرار إلى السلم حيممث‬
‫عبروا في عدة مواضع الرافعي في شممرحيه والنممووي فممي‬
‫شرح المهذب والمنهاج وابن الرفعممة فممي الكفايممة بقممولهم‬
‫صلى بعد سلم المام ركعة أضاف بعممد سمملم المممام فممإذا‬
‫سلم المام قام وأتى بركعة‪ ،‬وتكرر ذلك منهم في مواضممع‬
‫عديدة وهممذا وإن كممان محتمل لممذكر بعممد صممور المسممألة ل‬
‫للتقييد لكن يدفعه عدم ذكر الشق الخر وهو ممما لممو فممارق‬
‫قبل السلم ما حكمممه فممانه لممو كممان حكمممه الدراك لنبهمموا‬
‫عليممه ليعرفمموا أن قممولهم بعممد سمملم المممام ونحمموه ليممس‬
‫للتقييمد‪ ،‬وكمذا قمال ابمن الرفعمة فمي مسمألة المزحموم إذا‬
‫راعى ترتيب نفسه عالما بطلت صلته ثممم إن أدرك المممام‬
‫في ركوع الثانية وجب عليه أن يحرم معممه وتممدرك الجمعممة‬
‫بهذه الركعة فإذا سلم المام أضاف إليها أخرى‪ ،‬وقال فممي‬
‫مسألة المسبوق المراد بادراك الركعممة أن يحممرم المممأموم‬
‫ويركع مممع المممام والمممام راكممع فيجتمعممان فممي جممزء منممه‬
‫ويتابع المممام إلممى أن يتممم‪ ،‬وقممال الرافعممي المممراد بممإدراك‬
‫الركوع أن يدركه فيه ويتابعه فيما بعده من الركان‪ .‬فهممذه‬
‫العبارات كلها ظاهرة فممي اعتبممار السممتمرار إلممى السمملم‪،‬‬
‫وأما مسألة المفارقة‪ .‬التي ذكرهمما السممنوي وجوزهمما قبممل‬
‫السلم فلم يصرح بها أحد من المشايخ الثلثة وإنما ذكممروا‬
‫مسألة المفارقة مريدين بها بعد الركعة الولى بقرينة انهما‬
‫لم يممذاكرها فممي مسممألة المسممبوق وإنممما ذكرهمما الرافعممي‬
‫والنووي في مسألة السممتخلف وابممن الرفعممة فممي مسممألة‬
‫الزحمة وكل من المسألتين خاص بممادراك الركعممة الولممى‪،‬‬
‫هذا وقد صرح بالمسألة و اشتراط الستمرار إلممى السمملم‬
‫الشيخ تقي الدين السبكي والكمال الدميري في شممرحيهما‬
‫على المنهاج‪ ،‬وعبارة السبكي والدميري هذا إذا كملهما مع‬
‫المام أما لو خرج منها قبل السمملم فل ويرشممد إليممه قمموله‬
‫فيصلي بعد سلم المام ركعة‪ -‬هذه عبممارته‪ .‬وقممول الشمميخ‬
‫جلل الدين المحلى في شرحه واستمر معه إلممى أن سمملم‬
‫يحتمل التقييد والتصوير لجل صممورة الكتمماب والول أوجممه‬
‫وإل لبين حكم القسم الخر وألحقممه بممالول كممما جممرت بممه‬
‫عادته وعادة الشراح قبله وإل لكان زيادة إبهام واسممتمرارا‬
‫‪81‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على ما في المتن من اليهام‪ ،‬وان نظممرت إلممى السممتدلل‬
‫وجدته يؤيد الشتراط‪ .‬وذلك لن الصل فممي الجمعممة أن ل‬
‫يصلى شيء منها إل مع المام خرج صورة من أدرك ركعممة‬
‫بالحممديث فمموجب القتصممار عليممه بشممرط حصممول مسمممى‬
‫الركعة والتشهد والسلم داخلن في مسمى الركعة وذلممك‬
‫من وجوه أحممدها أن النصمموص والجممماع علممى أن الجمعممة‬
‫والصبح والعيد ونحوهمما ركعتممان والظهممر والعصممر والعشمماء‬
‫أربممع ركعممات والمغممرب ثلث والقممول بممأن آخممر الركعممات‬
‫الفراغ من السجدة الثانية وأن التشممهد والسمملم قممدر زائد‬
‫عليها يلزم عليه أحد أمريممن إممما إخممراج ذلممك عممن مسمممى‬
‫الصلة وهو شيء لم يقلممه أحممد فممي التشممهد وإن قممال بممه‬
‫بعض العلماء في السلم‪ ،‬وإممما دعمموى أن الصمملة ركعتممان‬
‫وشيء أو أربع وشيء أو ثلث وشمميء وهممو أمممر ينبممو عنممه‬
‫السمممع ويأبمماه حملممة الشممرع‪ ،‬الثمماني أن الحممديث واتفمماق‬
‫المذهب مصرح بأن الوتر ركعة وهي مشمتملة علمى تشمهد‬
‫وسلم فدعوى أنهممما خارجممان عممن مسمممى الركعممة خلف‬
‫الصممل والظمماهر إذ الصممل والظمماهر أن السممم إذا أطلممق‬
‫على شيء يكون منصبا على جميع أجزائه ول يخرج بعضممها‬
‫عن إطلق السم عليه إل بدليل ينص عليه‪ ،‬الثالث أن أكثر‬
‫ما يقال في إخراجهما عممن مسمممى الركعممة القيمماس علممى‬
‫الركعة الولى وهممو بعيممد لن السممجدة الثانيممة فممي الركعممة‬
‫الولى يعقبها الشروع في ركعة أخممرى فمموجب كونهمما آخممر‬
‫الركعة والتشهد الول يعقبه ركعممة أو ركعتممان فصممح جعلممه‬
‫فاصل بين ممما سممبق وممما سمميأتي وأممما الركعممة الخيممرة فل‬
‫يعقبها شروع فممي ركعممة أخممرى فمموجب أن يكممون تشممهدها‬
‫جزءا منها داخل في مسماه ولم يصمملح أن يكممون فاصممل إذ‬
‫لشيء يفصله منها‪ ،‬الرابع ومممما يؤيممد ذلممك أنممه ل بممدع أن‬
‫يزيد بعممض الركعممات علممى بعممض بأركممان وسممنن فكممما أن‬
‫الولممي زادت مممن الركممان بالنيممة والتكممبيرة ومممن السممنن‬
‫بدعاء السممتفتاح وبممالتعوذ علممى رأى مشممى عليممه صمماحب‬
‫التنبيه فكذلك زادت الثانية بالتشهد والسلم وبالقنوت فممي‬
‫بعض الصلوات‪ ،‬الخامس ومما يؤيد ذلك اختلف الصممحاب‬
‫في جلسة الستراحة هل هممي مممن الركعممة الولممى أو مممن‬
‫‪82‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الثانية أو فاصلة بين الركعتين على أوجه حكاها ابن الرفعة‬
‫في الكفاية وبنوا على ذلك ما لممو خممرج المموقت‪ ،‬فيهمما فممان‬
‫قلنا أنها من الولى فالصلة قضاء لنه لم يدرك ركعممة مممن‬
‫المموقت‪ ،‬أو مممن الثانيممة أو فاصمملة فممأداء فممانظر كيممف لممم‬
‫يجزموا بمأن آخمر الولمى السمجدة الثانيمة والتشمهد الخيمر‬
‫نظير جلسة الستراحة بممل يجممب القطممع بممأنه مممن الركعممة‬
‫الممتي قبلممه ول يحسممن فيممه خلف جلسممة السممتراحة لن‬
‫جلسة الستراحة تعقبها ركعة فيصح أن يجعل جزءا منها أو‬
‫فاصل بينها وبين ما قبلها ول ركعممة بعممد التشممهد الخيممر فل‬
‫يصح جعله من غير الركعة التي هممو فيهمما إذ ل شمميء بعممده‬
‫تجعل منه أو فاصل بينه وبين ما قبله وبهممذا يحصممل الفممرق‬
‫بينه وبين التشهد الول‪ ،‬السادس علم مما قررناه أن قوله‬
‫صلى الله عليه وسلم )من أدرك ركعة من الصممبح قبممل أن‬
‫تطلع الشمممس فقممد أدرك الصممبح( أي أداءا ل يكتفممى فيممه‬
‫بالفراغ من السجدة الثانية بل ل بد من الفراغ من الجلسة‬
‫بعدها إن جلسها على الول وهو مرجوح فكممذا حممديث مممن‬
‫أدرك ركعة من الجمعة ل يكتفى فيه بالفراغ مممن السممجدة‬
‫الثانية بل ل بد من الفراغ من الجلوس بعدها لما قطعنا به‬
‫من كونه من جملة الركعة‪ ،‬السابع قمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم )من أدرك من الجمعممة ركعممة فليصممل إليهمما أخممرى(‬
‫ظاهر في أن التشهد والسمملم داخممل فممي مسمممى الركعممة‬
‫وذلك لن قمموله أخممرى صممفة الموصمموف مقممدرا أي ركعممة‬
‫أخرى والركعة التي تصلى مشتملة على تشهد وسلم وقممد‬
‫سماها ركعة فوجب دخولهما في مسمى الركعة فممإن قيممل‬
‫يقدر في الحديث فليصل إليهمما ركعممة ويضممم إليهمما التشممهد‬
‫والسلم قلنمما هممذا تقريممر ممما ل دليممل عليممه ول حمماجه إليممه‬
‫والتقدير ل يصار إليه إل عند الحاجة ول حاجة‪ ،‬الثامن لفممظ‬
‫الحديث والصممحاب فممي صمملة الخمموف أن الفرقممة الثانيممة‬
‫يصلون مع المام ركعممة دليممل أن التشممهد والسمملم داخلن‬
‫في مسمى الركعة فإنها تتشهد معممه وتسمملم وكممذا قممولهم‬
‫فإن صلى مغربا فبفرقة ركعتين وبالثانية ركعة فإن الولممى‬
‫تتشممهد معممه والثانيممة كممذلك وتسمملم معممه‪ ،‬والتاسممع قممول‬
‫الفقهاء في صلة النفممل فممإن أحممرم بممأكثر مممن ركعممة فلممه‬
‫‪83‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التشهد في ركعتين وفي كل ركعممة صممريح فممي أن التشممهد‬
‫داخل في مسمى الركعة حيث جعلوا الركعة ظرفا للتشهد‬
‫فيكون منها ولو كان زائدا عليها لم يصح الظرف لنه يكون‬
‫بعدها ل فيها فقولهم تشممهد فممي كممل ركعممة كقممولهم تجممب‬
‫الفاتحة في كل ركعة وكقولهم في صلة الكسوف في كممل‬
‫ركعة ركوعان فإن ذلك داخل فممي مسمممى الركعممة قطعمما‪،‬‬
‫العاشر قوله صلى الله عليه وسلم في صلة التسممبيح إنهمما‬
‫أربع ركعات فممي كممل ركعممة خمممس وسممبعون تسممبيحة ثممم‬
‫فصلها خمس عشرة في القيام وعشر في الركوع إلممى أن‬
‫قال وعشر في جلسة الستراحة إلى أن قممال وعشممر فممي‬
‫التشهد صريح في أن جلسة الستراحة والتشهد بعض مممن‬
‫الركعة وداخلن في مسمممى الركعممة وإل لممم يصممح إن فممي‬
‫كل ركعة خمسة وسبعين لنه لو كانا خارجين عممن مسمممى‬
‫الركعة كان في كممل ركعممة خمممس وسممتون والبمماقي مزيممد‬
‫على الركعة ولفظ الحديث يصلى أربع ركعات يقرأ في كل‬
‫ركعة بفاتحة الكتاب وسورة فإذا انقضت القراءة فقل الله‬
‫أكبر والحمد لله وسبحان الله ول إله إل الله خمس عشممرة‬
‫مرة قبل إن تركع ثم اركممع فقلهمما عشممرا ثممم ارفممع رأسممك‬
‫فقلها عشرا ثم اسجد فقلها عشرا ثممم ارفممع رأسممك فقلهمما‬
‫عشرا ثم اسجد فقلها عشرا ثممم اجلممس للسممتراحة فقلهمما‬
‫عشرا قبل أن تقوم فذلك خمس وسممبعون فممي كممل ركعممة‬
‫وهي ثلثمائة في أربعة ركعات ‪ -‬أخرجه أبو داود والترمممذي‬
‫وابن ماجه والحاكم وابن خزيمة فممي صممحيحهما فممإن قيممل‬
‫الرجح أن جلسة الستراحة فاصمملة ل مممن الولممى ول مممن‬
‫الثانية قلت‪ :‬الجواب عن ذلك إن هممذه الجلسممة فممي صمملة‬
‫التسبيح ليست كجلسة السممتراحة بممل جلسممة مزيممدة فممي‬
‫هذه الصلة كالركوع في صلة الكسوف ‪ -‬ذكممر ذلممك شمميخ‬
‫السلم ابن حجر في أماليه ولهذا طممولت فممدل علممى أنهمما‬
‫هنا من الركعة الولممى فكممذلك التشممهد الخممر مممن الركعممة‬
‫الرابعة ول يتم خمسة وسبعون إل بما يقال فيممه فممإن قيممل‬
‫فما الذي أوجممب ذلممك التوقممف مممع ممما ذكممرت مممن وجمموه‬
‫الستدلل قلت مسألة رأيتها في تهذيب البغمموي فممإنه بعممد‬
‫أن قرر في مسائل السممتخلف أن الخليفممة المقتممدي فممي‬
‫‪84‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الثانية يتم ظهرا ل جمعة لنه لم يدرك مع المام ركعة قال‬
‫ما نصه ولو أدرك المسبوق في الركوع من الركعممة الثانيممة‬
‫فركع وسجد مممع المممام فلممما قعممد للتشممهد أحممدث المممام‬
‫وتقدم المسبوق له أن يتم الجمعممة لنممه صمملى مممع المممام‬
‫ركعة‪ -‬هذا نصه بحروفه فان صحت هذا المسممألة اتجممه ممما‬
‫قيل في المفارقة إل أني لم أر من ذكر هذه المسألة الممتي‬
‫ذكرها البغوي ولم أر أحدا صرح بموافقته فيها ول بمخالفته‬
‫وقد ذكر هو ما يشممعر بممأنه قالهمما تخريجمما مممن عنممده‪ ،‬ولممم‬
‫ينقلها نقل المذهب ولم يتعرض لها أحممد مممن المتممأخرين ل‬
‫الرافعي في شرحيه ول النممووي فممي شممرح المهممذب علممى‬
‫تتبعه ول ابن الرفعة في الكفاية مع حرصه على تتبع ما زاد‬
‫على الشيخين ول السبكي ول أحد ممن تكلم على الروضة‬
‫كصاحب المهممات والخمادم‪ ،‬وهمي محمل نظمر وهمي المتي‬
‫أوجبممت لممي التوقممف فممي مسممألة المفارقممة والتحقيممق أن‬
‫الركعة اسم لجميع أركان الواحدة مممن أعممداد الصمملة مممن‬
‫القيام إلى مثله أو إلممى التحلممل‪ ،‬وإخممراج التشممهد والسمملم‬
‫عن مسمى الركعة بعيد جدا والحوط عدم تجويز المفارقة‬
‫قبل السلم ليتحقممق مسمممى الركعممة المعتممبرة فممي إدراك‬
‫الجمعة والله أعلم‪.‬‬

‫ضوء الشمعة في عدد الجمعة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬اختلف علماء السلم في العدد الذي تنعقد به‬
‫الجمعة على أربعة عشر قول بعد إجممماعهم علممى أنممه لبممد‬
‫من عدد‪ ،‬وان نقل ابن حزم عممن بعممض العلممماء أنهمما تصممح‬
‫بواحد وحكاه الدارمي عن القاشمماني فقممد قممال فممي شممرح‬
‫المهذب أن القاشاني ل يعتد بممه فممي الجممماع‪ :‬أحممدها أنهمما‬
‫تنعقد باثنين أحممدهما المممام كالجماعممة وهممو قممول النخعممي‬
‫والحسن بن صالح وداود‪ ،‬الثاني ثلثممة أحممدهم المممام قممال‬
‫في شرح المهذب حكى عن الوزاعي وأبي ثور وقال غيره‬
‫هو مذهب أبي يوسف ومحمد حكمماه الرافعممي وغيممره عممن‬
‫القديم‪ ،‬الثمالث أربعمة أحمدهم الممام وبمه قمال أبمو حنيفمة‬
‫والثوري والليث وحكاه ابن المنذر عن الوزاعي وأبممي ثممور‬
‫‪85‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫واختاره وحكاه في شرح المهذب عن محمد وحكاه صاحب‬
‫التلخيص قول للشافعي في القديم وكممذا حكمماه فممي شممرح‬
‫المهذب واختاره المزني كما حكاه عنه الذرعي في القوت‬
‫وهو اختياري‪ ،‬الرابممع سممبعة حكممى عممن عكرمممة‪ ،‬الخممامس‬
‫تسعة حكى عن ربيعة‪ ،‬السادس اثنا عشممر فمي روايممة عمن‬
‫ربيعة حكاه عنه المتولي في التتمة والماوردي في الحمماوي‬
‫وحكاه الماوردي أيضا عن الزهري والوزاعممي ومحمممد بممن‬
‫الحسن‪ ،‬السابع ثلثة عشر أحدهم المام حكى عن إسحاق‬
‫بن راهويه‪ ،‬الثامن عشممرون روايممة ابممن حممبيب عممن مالممك‪،‬‬
‫التاسع ثلثون في رواية عن مالك‪ ،‬العاشر أربعممون أحممدهم‬
‫المام وبه قال عبيد الله بن عبد اللممه بممن عتبممة وعمممر بممن‬
‫عبد العزيز والشافعي وأحمد وإسممحاق ‪ -‬حكمماه عنهممم فممي‬
‫شرح المهذب‪ ،‬الحادي عشر أربعون غيممر المممام فممي أحممد‬
‫القولين للشافعي‪ ،‬الثاني عشر خمسون وبه قال عمممر بممن‬
‫عبد العزيز وأحمد في إحدى الروايتين عنهما‪ ،‬الثالث عشممر‬
‫ثمانون حكاه الممازري‪ ،‬الرابمع عشمر جممع كمثير بغيمر قيمد‬
‫وهذا مذهب مالك فالمشهور من مذهبه أنه ل يشترط عدد‬
‫معين بل تشترط جماعة تسكن بهم قرية ويقع بينهم الممبيع‬
‫ول تنعقد بالثلثة والربعة ونحوهم قممال الحممافظ ابممن حجممر‬
‫في شرح البخاري ولعل هذا المذهب أرجممح المممذاهب مممن‬
‫حيث الدليل‪ ،‬وأقول هو كذلك لنه لم يثبت في شمميء مممن‬
‫الحاديث تعيين عدد مخصوص وأنا أبين ذلممك أممما اشممتراط‬
‫ثمانين أو ثلثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة فل مستند له‬
‫البتة وأما الذي قال باثنين فإنه رأى العممدد واجبمما بالحممديث‬
‫والجممماع ورأى أنممه لممم يثبممت دليممل فممي اشممتراط عممدد‬
‫مخصوص ورأى أن أقل العدد اثنان فقممال بممه قياسمما علممى‬
‫الجماعة وهذا في الواقع دليل قوي ل ينقصه إل نص صريح‬
‫من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجمعة ل تنعقممد‬
‫إل بكذا أو بذكر عدد معين وهذا شيء ل سبيل إلى وجوده‪،‬‬
‫وأما الممذي قممال بثلثممة فممإنه رأى العممدد واجبمما فممي حضممور‬
‫الجمعة كالصلة فشرط العدد في المممأمومين المسممتمعين‬
‫للخطبة فإنه ل يحسن عد المام منهممم وهممو الممذي يخطممب‬
‫ويعممظ‪ ،‬وأممما الممذي قممال بأربعممة فمسممتنده ممما أخرجممه‬
‫‪86‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الدارقطني في سننه قممال حممدثنا أبممو بكممر النيسممابوري ثنمما‬
‫محمد بن يحيى ثنا محمد بن وهب بن عطيممة ثنمما بقيممة بممن‬
‫الوليد ثنا معوية بن يحيى ثنا معوية بممن سممعيد التجيممبي ثنمما‬
‫الزهري عن أم عبد الله الدوسممية قممالت قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم )الجمعة واجبممة علممى كممل قريممة وإن‬
‫لم يكن فيها إل أربعممة( قممال الممدارقطني ل يصممح هممذا عممن‬
‫الزهري وقد أخرجه البيهقي في سننه من هذا الطريق وله‬
‫طريق ثان قال الدارقطني حدثنا أبممو عبممد اللممه محمممد بممن‬
‫علي بن إسماعيل البلى ثنا عبيد الله بن محمد بن خنيممس‬
‫الكلعي ثنا موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمممد‬
‫هو الموقري ثنا الزهري حدثتني أم عبد الله الدوسية قالت‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )الجمعة واجبة على‬
‫كممل قريممة فيهمما إمممام وإن لممم يكونمموا إل أربعممة( قممال‬
‫الدارقطني الموقري متروك ول يصح هذا عن الزهمري كمل‬
‫من رواه عنه متروك‪ ،‬طريق ثالث قممال الممدارقطني حممدثنا‬
‫أبو عبد الله اليلي ثنا يحيى بن عثمان ثنا عمرو بممن الربيممع‬
‫بن طارق ثنا مسلمة بن علي عن محمممد بممن مطممرف عممن‬
‫الحكم بن عبد الله بن سعد عن الزهري عممن أم عبممد اللممه‬
‫الدوسية قالت سمعت رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يقول )الجمعة واجبة على أهل قرية وإن لم يكونوا إل ثلثة‬
‫‪0‬رابعهم إمامهم( قال الدارقطني الزهري ل يصممح سممماعه‬
‫من الدوسية والحكم متروك‪ ،‬طريق آخر قال ابن عدي في‬
‫الكامل أخبرنا ابن مسلم ثنا محمد بن مصفى ثنمما بقيممة ثنمما‬
‫معوية بن يحيى ثنا معاوية بن سعيد التجيبي عن الحكم بن‬
‫عبد الله عن الزهري عن أم عبد الله الدوسممية قممالت قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )الجمعة واجبة على كممل‬
‫قرية فيها إمام وإن لم يكونمموا إل أربعممة( حممتى ذكممر النممبي‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم ثلثممة ‪ -‬أخرجممه الممبيهقي مممن هممذا‬
‫الطريق وقال‪ :‬الحكم بن عبد الله متروك ومعوية بن يحيى‬
‫ضمعيف ول يصمح همذا عمن الزهمري‪ ،‬قلمت قمد حصمل ممن‬
‫اجتماع هذه الطرق نمموع قمموة للحممديث فممإن الطممرق يشممد‬
‫بعضها بعضا خصوصا إذا لم يكن في السند متهممم‪ ،‬ويزيممدها‬
‫قوة ما أخرجه الدارقطني قال حممدثنا علممي بممن محمممد بممن‬
‫‪87‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عقبة الشيباني ثنا إبراهيم بن إسحاق بمن أبمي العنبمس ثنما‬
‫إسحاق بن منصور ثنا هممر ثممم عممن إبراهيممم بممن محمممد بممن‬
‫المنتشر عن قيس بن مسملم عمن طمارق بمن شمهاب عمن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال )الجمعة واجبة في جماعة‬
‫إل على أربعممة عبممد مملمموك أو صممبي أو مريممض أو امممرأة(‬
‫وجه الدللة منه أنه أطلق الجماعة فشمل كممل ممما يسمممى‬
‫جماعة وذلك صادق بثلثة غير المام‪ .‬وأما الذي قال بمماثنى‬
‫عشر فمستنده ما أخرجممه البخمماري ومسمملم عممن جممابر أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعممة‬
‫فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبممق إل‬
‫اثنمما عشممر رجل‪ ،‬وجممه الدللممة منممه أن العممدد المعتممبر فممي‬
‫البتداء يعتبر في الدوام فلما لم تبطممل الجمعممة بانفضمماض‬
‫الزائد على اثنى عشر دل على أن هممذا العممدد كمماف‪ ،‬قلممت‬
‫هو دال على صممحتها بمماثني عشممر بل شممبهة وأممما اشممتراط‬
‫اثنى عشر وأنها ل تصح بدون هذا العممدد فليممس فيممه دللممة‬
‫على ذلك فإن هذه واقعة عين أكثر ممما فيهمما أنهممم انفضمموا‬
‫وبقى اثنا عشر رجل وتمت بهم الجمعة وليس فيها أنممه لممو‬
‫بقى أقل من هذا العدد لم تتم بهم فإن قلت فكيف أخممذت‬
‫من الحاديث السابقة اشتراط أربعة قلت لن قوله وإن لم‬
‫يكونوا إل أربعة بيان لقل عدد تجممزئ بممه الجمعممة أن ذلممك‬
‫شأن )أن( و)لو( الوصممليتين كممما تقممرر فممي العربيممة أنهممما‬
‫يذكر بعدهما منتهى الحوال وأندرها تقول أحسن إلممى زيممد‬
‫وان أسمماء وأعممط السممائل ولممو جمماء علممى فممرس فهاتممان‬
‫الحالتان منتهى غاية المحسممن إليممه والمعطممى ومنممه قمموله‬
‫تعالى )كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم‬
‫أو الوالدين والقربين( فليس بعد مرتبممة النفممس والوالديممة‬
‫والقربية مرتبة تذكر وكذلك قوله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫)وإن لممم يكونمموا إل أربعممة( بيممان لمنتهممى مراتممب العممدد‬
‫المجزئ ولو كان أقل منه مجزئا لممذكره ويرشممد إلممى ذلممك‬
‫التعبير بالغاية في قوله في الحديث الخر حتى ذكممر النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ثلثة فإن هممذا يممدل علممى أنممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم تنزل إلى مراتب العداد حتى انتهت غممايته‬
‫إلى ذكر الثلثة فإن قلت فعلى هذا يشممترط ثلثممة ل أربعممة‬
‫‪88‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قلت المراد ثلثة غير المام لقوله في الحديث الخممر )وإن‬
‫لم يكونوا إل ثلثة رابعهم إمامهم( فمإن قلمت مسملم دللمة‬
‫الحديث على ما ذكرت غير أنممه لممم يثبممت ثبمموت الحمماديث‬
‫المحتج بها فإنه ضعيف من جميع طرقه وإنما يحتج بما بلممغ‬
‫مرتبة الصحة أو الحسن قلت كذلك قولهم بالربعين حديثه‬
‫ضعيف ليس له طريق صحيح ول حسممن قممال النممووي فممي‬
‫شرح المهذب احتج أصحابنا لشتراط الربعين بممما أخرجممه‬
‫الدارقطني والبيهقي عن جابر قممال مضممت السممنة أن فممي‬
‫كل ثلثة إماما وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وفطممر‬
‫وأضحى وذلك أنهم جماعة‪ ،‬قال لكنه حديث ضعيف ضممعفه‬
‫الحفاظ وقال البيهقي هو حديث ل يصح الحتجاج بممه‪ ،‬قممال‬
‫النممووي واحتممج أيضمما بأحمماديث بمعنمماه لكنهمما ضممعيفة قممال‬
‫وأقرب ما يحتج به ما أحتج به البيهقي والصحاب عممن عبممد‬
‫الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال أول مممن جمممع بنمما‬
‫في المدينة أسعد ابن زرارة قبممل مقممدم النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم المدينة في نقيع الخضمات قلت كم كنتممم قمال‬
‫أربعين رجل حديث حسن رواه أبو داود والممبيهقي وغيرهممما‬
‫بأسانيد صحيحة قال البيهقي وغيره وهو حديث صحيح قال‬
‫أصحابنا وجه الدللة أن يقال أجمعت المممة علممى اشممتراط‬
‫العدد والصل الظهممر فل تصممح الجمعممة إل بعممدد ثبممت فيممه‬
‫التوقيف وقد ثبت جوازهمما بممأربعين فل يجمموز بأقممل منممه إل‬
‫بدليل صريح وثبت أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫)صلوا كما رأيتموني أصلي( ولم تثبت صلته لها بأقممل مممن‬
‫أربعيممن انتهممى‪ ،‬وأقممول ل دللممة فممي حممديث كعممب علممى‬
‫اشتراط الربعيممن لن هممذه واقعممة عيممن وذلممك أن الجمعممة‬
‫فرضت على النبي صلى الله عليه وسمملم وهممو بمكممة قبممل‬
‫الهجرة فلم يتمكن من إقامتها هناك من أجل الكفممار فلممما‬
‫هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم‬
‫أن يجمعوا فجمعوا واتفق أن عدتهم إذ ذاك كممانت أربعيممن‪،‬‬
‫وليس فيه ما يدل على أن من دون الربعين ل تنعقممد بهممم‬
‫الجمعة وقد تقرر في الصول أن وقائع العيان ل يحتج بهمما‬
‫على العموم‪ ،‬وقولهم لم يثبت أنه صلى الجمعة بأقممل مممن‬
‫أربعين يرده حممديث النفضمماض السممابق فممإنه أتمهمما بمماثني‬
‫‪89‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عشر فدل ذلممك علممى أن تعييممن الربعيممن ل يشممترك‪ ،‬وممما‬
‫أخرجه الطبراني عن أبي مسعود النصمماري قممال أول مممن‬
‫قدم من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير وهو أول مممن‬
‫جمع بها يمموم الجمعممة جمعهممم قبممل أن يقممدم رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجل قال الحافط ابمن‬
‫حجر ويجمع بينه وبين حديث كعممب بممأن أسممعد كممان أميممرا‬
‫وكان مصعب إماما‪ ،‬وأغرب من ذلك قول البيهقي بمماب ممما‬
‫يستدل به على أن عدد الربعين لممه تممأثير فيممما يقصممد منممه‬
‫الجماعة ثم أورد فيه حديث ابن مسعود قال جمعنا رسممول‬
‫اللمه صمملى اللمه عليممه وسملم وكنمت آخممر مممن أتمماه ونحممن‬
‫أربعون رجل فقال )إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكممم‬
‫فمن أدرك ذلك فليتممق اللممه وليممأمر بممالمعروف ولينممه عممن‬
‫المنكر وليصل الرحم( فاستدلله بهذا في غاية العجممب لن‬
‫هذه واقعة قصد فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمممع‬
‫أصحابه ليبشرهم فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد فهممل‬
‫يظن أنه لو حضر أقممل منهممم لممم يفعممل ممما دعمماهم لجلممه‪،‬‬
‫وإيراد البيهقي لهذا الحديث أقوى دليممل علممى أنممه لممم يجممد‬
‫من الحاديث ما يدل للمسألة صريحا‪ ،‬وقممد روى الطممبراني‬
‫في الوسط من حديث أنس مرفوعمما إذا راح منمما سممبعون‬
‫رجل إلى الجمعة كانوا كسبعين موسممى الممذين وفممدوا إلممى‬
‫ربهم أو أفضل ولم يستدل أحد بهذا الحديث على اشممتراط‬
‫سبعين في الجمعة مع أنه أوجه من كثير مممما اسممتدلوا بممه‬
‫علممى غيممره مممن العممدد‪ ،‬وقممال الغزالممي فممي البسمميط فممي‬
‫الستدلل على اعتبار الربعين مسممتند الشممافعي فممي هممذا‬
‫العممدد أن الصممل فممي الظهممر التمممام إل بشممرائط والعممدد‬
‫بالجماع شرط وللشرع اعتناء بكثرة الجمع ولذلك ل تنعقد‬
‫جمعتان في بلدة ول بد من مستند التقدير وأقل ما يحصممل‬
‫به القتداء غير كاف فيكفممى أدنممى مسممتند‪ ،‬وقممد روي عممن‬
‫جابر بن عبد الله أنه قال مضت السنة أن في كممل أربعيممن‬
‫فما فوقها جمعة واستأنس الشافعي بمذهب عمر بممن عبممد‬
‫العزيز وانضم إليه أنممه لممم يعتممبر أحممد زيممادة علممى أربعيممن‬
‫فكان هذا التقاء بالحتياط ‪ -‬هذا كلم الغزالي‪ ،‬وفي النهاية‬
‫لمام الحرمين نحوه فانظر إلى هذا المستند المركممب مممن‬
‫‪90‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثلثة أمور‪ :‬الول حديث ضعيف ل تقوم بممه الحجممة مممع أنممه‬
‫معارض بحديث آخمر وممع كمون همذا الحمديث غيمر مصمرح‬
‫برفعه والحديث المعارض لمه مصمرح برفعمه‪ ،‬وإذا قايسمت‬
‫بين الحديثين من جهة السناد كان إسناد الحديث المعارض‬
‫أمثل من إسناد هذا الحديث‪ ،‬والمممر الثمماني مممذهب تممابعي‬
‫والشافعي رضي الله عنه ل يحتج بمممذهب الصممحابي فضممل‬
‫عن التابعي ثم هو معارض بما حكى عن غيره من التابعين‪،‬‬
‫والثالث المر المنضممم إليممه ول حجممة فيممه مممع بطلنممه فممي‬
‫نفسه فإنه قد ثبت اعتبار الزيادة علممى الربعيممن عممن عمممر‬
‫بن عبد العزيز كما تقدم والروايتان عنه في سممنن الممبيهقي‬
‫فأخرج عن سليمان بمن موسمى أن عممر ابمن عبمد العزيممز‬
‫كتب إلى أهل المياه فيما بين الشممام إلممى مكممة جمعمموا إذا‬
‫بلغتم أربعين‪ ،‬وأخرج عن أبي المليح الرقى قال أتانا كتمماب‬
‫عمممر بممن عبممد العزيممز إذا بلممغ أهممل القريممة أربعيممن رجل‬
‫فليجمعوا‪ ،‬وأخرج عن معاوية بن صالح قال كتب عمممر بممن‬
‫عبممد العزيممز قممال أيممما قريممة اجتمممع فيهمما خمسممون رجل‬
‫فليؤمهم رجل منهم وليخطب عليهممم ليصممل بهممم الجمعممة‪،‬‬
‫ويوافق اشتراط الخمسين ما أخرجه الطبراني فممي الكممبير‬
‫والدارقطني عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم الجمعة علممى الخمسممين رجل وليممس علممى ممما‬
‫دون الخمسمين جمعمة ولفمظ المدارقطني علمى الخمسمين‬
‫جمعة ليس فيما دون ذلك لكنممه ضممعيف ومممع ضممعفه فهممو‬
‫محتمل للتأويل لن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجمموب ل‬
‫شرط للصممحة فل يلممزم مممن عممدم وجوبهمما علممى مممن دون‬
‫الخمسمممين عمممدم صمممحتها منهمممم‪ ،‬وعنمممدي أن الروايمممتين‬
‫الواردتين عن عمر بن عبد العزيز ليستا باختلف قولين لممه‬
‫بل المممراد منهممما ومممن حممديث أبممي أمامممة المممذكور ومممن‬
‫حممديث جممابر الممذي احتجمموا بممه للربعيممن ومممن الثممر الممذي‬
‫أخرجه البيهقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كممل‬
‫قرية فيها أربعون رجل فعليهم الجمعة بيان شممرط المكممان‬
‫الذي تصح فيه الجمعة ل العدد الذي تنعقد به فممإن الجمعممة‬
‫ل تصح في كل مكان بل في مكان مخصوص إما مصر قال‬
‫علممي رضممي اللممه عنممه ل جمعممة ول تشممريق إل فممي مصممر‬
‫‪91‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫جامع‪ ،‬وإما بلد أو قرية ول تصح في فضاء ول صحراء فأريد‬
‫بالحاديث والثممار المممذكورة بيممان المكممان الممذي يصمملح أن‬
‫يسمى بلد أو قرية حتى تصح إقامة الجمعة فيممه مممع قطممع‬
‫النظر عن عدد من يصلح ول يصلح أن يسمى بلدا أو قريممة‬
‫إل ممما كممان فيهمما مممن الرجممال قاطنمما جمممع نحممو الربعيممن‬
‫والخمسممين وممما شمماكل ذلممك فممذكر عمممر فممي أحممد كتبممه‬
‫الربعين وفي بعضها الخمسين كل منهما على وجه المثممال‬
‫ل التحديد بالعدد المخصوص‪ ،‬ويفيد هذا أنممه إذا قطممن فممي‬
‫مكان نحو هذا العدد صح أن تقام به الجمعة‪ ،‬ثم أن أقامهمما‬
‫أقل من هذا العدد وهم بعض من فيها صممحت منهممم ويؤيممد‬
‫هممذا التأويممل الممذي ظهممر لممي وأنممه هممو المممراد ممما أخرجممه‬
‫البيهقي عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيممز‬
‫إلى عدي بن عدي الكندي انظر لكل قرية أهل قرار ليسوا‬
‫بأهل عمود ينتقلون فأمر عليهم أميرا ثم مره فليجمع بهم‪،‬‬
‫وأخرج عن الوليد بن مسمملم قممال سممألت الليممث بممن سممعد‬
‫فقال كل مدينة أو قرية فممي جماعممة وعليهممم أميممرا أمممروا‬
‫بالجمعة فليجمع بهم فممإن أهممل السممكندرية ومممدائن مصممر‬
‫ومداين سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمممر بممن‬
‫الخطمماب وعثمممان بممن عفممان بأمرهممما وفيهممما رجممال مممن‬
‫الصحابة‪ ،‬وأخرج عن عبممد اللممه بممن عمممر الممذي سممئل عممن‬
‫القرى التي بين مكة والمدينة ما ترى في الجمعة فيها قال‬
‫نعم إذا كان عليهم أمير فليجمع‪ ،‬ومما يؤيد أيضا أنها ذكرت‬
‫لبيان المكان الصالح ل العدد الحاضر أن فممي حممديث جممابر‬
‫الذي استدلوا به للربعين عطفا على جمعة وفطر وأضحى‬
‫فلو كان الحديث لبيان اشتراط الربعين في الجمعممة وأنهمما‬
‫ل تصممح ممممن دونهممم للممزم مثممل ذلممك أيضمما فممي الفطممر‬
‫والضحى فكان يشترط فممي صممحتهما حضممور الربعيممن ول‬
‫يصحان ممممن دونهممم وليممس كممذلك فعلممم أن المممراد بيممان‬
‫المكان الذي يصلح لمشمروعية إقاممة الجعمة والعيماد فيمه‬
‫بحيث يممؤمر أهلممه بممذلك وبالجتممماع لممه ثممم أي جمممع أقممام‬
‫الجمعة صح ذلممك منهممم وأي جمممع أقممام العيمماد صممح ذلممك‬
‫منهم‪ ،‬ومما يؤيد ذلك أيضا التعبير بفي حيث قيممل فممي كممل‬
‫أربعين جمعة دون )من( وسائر حروف الجر فدل علممى أن‬
‫‪92‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المراد بالعدد إيقاعها فيهم ل منهم ول بد وذلك صادق بممأي‬
‫جمع أقاموها في بلد استوطنه أربعون وهذا استنباط حسن‬
‫دقيق‪ ،‬والحاصل أن الحمماديث والثممار دلممت علممى اشممتراط‬
‫إقامتها في بلد يسكنه عممدد كممثير بحيممث يصمملح أن يسمممى‬
‫بلدا ولم تدل على اشتراط ذلك العدد بعينممه فممي حضممورها‬
‫لتنعقد بل أي جمع أقاموها صحت بهممم وأقممل الجمممع ثلثممة‬
‫غيممر المممام فتنعقممد بأربعممة أحممدهم المممام هممذا ممما أدانممى‬
‫الجتهاد إلى ترجيحه وقد رجح هذا القول المزني كما نقلممه‬
‫عنه الذرعي في القوت وكفى به سلفا فممى ترجيحممه فممإنه‬
‫من كبار الخذين عن المام الشافعي ومن كبممار رواة كتبممه‬
‫الجديدة وقد أداه اجتهاده إلى ترجيح القول القديم‪ ،‬ورجحه‬
‫أيضا من أصحابنا أبو بكر بممن المنممذر فممي الشممراف ونقلممه‬
‫عنه النووي في شرح المهذب قال الممماوردي فممي الحمماوي‬
‫قال المزني احتج الشافعي بما ل يثبته أصحاب الحديث أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة جمع بأربعين‬
‫انتهى‪ ،‬وهذا هو الذي استدل به الرافعي في الشممرح وقممال‬
‫الحافظ ابن حجر في تخريجه لم أره ثم أورد حممديث كعممب‬
‫وقال أنه ل دللة فيه ثم قال الماوردي وقد قدح في حديث‬
‫كعب بأنه مضطرب ل يصح الحتجاج به لنه يروي تممارة أن‬
‫مصعبا صلى بالناس ويروي تارة أخرى أن سممعد بممن زرارة‬
‫صلى بهم وروى تممارة بالمدينممة وتممارة ببنممي بياضممة فلجممل‬
‫اضطرابه واختلف روايته ل يصح الحتجمماج بممه قلممت ومممن‬
‫اضطرابه أنه روى أنهم كانوا أربعين وروى أنهم كممان اثنممى‬
‫عشر كما تقدم‪ ،‬ثممم قممال الممماوردي ومممن الممدليل ممما روى‬
‫سليمان بن طريف عن مكحول عن أبي الدرداء عن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال إذا اجتمممع أربعممون رجل فعليهممم‬
‫الجمعة‪ ،‬وهذا الحديث أورده صمماحب التتمممة ثممم الرافعممي‪،‬‬
‫وقمال الحممافظ ابممن حجممر فمي تخريجممه ل أصممل لممه‪ ،‬وأورد‬
‫الرافعي وغيره حديث أبي أمامة أن النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال ل جمعة إل بأربعين قال الحافظ ابن حجر أيضمما‬
‫ول أصل له وقال ابن الرفعة في الكفايممة أن انتفممت الدلممة‬
‫المنصوصة علي اعتبار الربعيممن قلنمما الصممل الظهممر عاممما‬
‫وإنما يرد إلى ركعتين بشرائط منها العدد وأصممله مشممروط‬
‫‪93‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالجماع ولم ينقل عممن الشممارع لفممظ صممريح فممي التقممدير‬
‫وفهم منه طلب تكثير الجماعة لنه لم يشرع جمعممتين فممي‬
‫بلد فأكثر كما في غيرها من الصملوات وأكمثر مما قيمل فيمه‬
‫أربعون فأخذنا به احتياطا ثم قال وقد اعترض بعضهم على‬
‫هذا بأن المام أحمد اشترط في عقدها خمسممين فممي أحممد‬
‫قوليه قلت وحاصل ما ذكره ابن الرفعة أنه لم يوجممد دليممل‬
‫من النص على اعتبار الربعين فعدل إلى هذه الطريقة من‬
‫السممتدلل‪ ،‬وهممذا هممو الممذي عممول عليممه الممماوردي وإمممام‬
‫الحرمين والغزالي وغيرهم وتبعهم الرافعي والنووي‪.‬‬
‫)خاتمة( اعلم أن ترجيحنا لهذا القول أولى مممن ترجيممح‬
‫المتأخرين جممواز تعممدد الجمعممة فممإنه ليممس للشممافعي نممص‬
‫بجواز التعدد أصل ل في الجديد ول في القممديم وإنممما وقممع‬
‫منه في القممديم سممكوت فاسممتنبطوا منممه رأيمما بممالجواز ثممم‬
‫زادوا فرجحوه على نصوصه في الكتب الجديد وهممو نفسممه‬
‫قد قال ل ينسب لساكت قول فكيف ينسب إليه قممول مممن‬
‫سكوته ويرجح على نصوصه المصممرحة بخلفممه وأممما الممذي‬
‫نحن فيه فإنه نص لممه صممريح وقممد اقتضممت الدلممة ترجيحمما‬
‫فرجحناه فهو في الجملة قول له قام الدليل على ترجيحممه‬
‫على قوله الثاني فهو أولى ممن ترك نصممه بالكليممة وذهممب‬
‫إلى ترجيح شيء خلفه لم ينص عليه البتة ثممم يصممير لهممذه‬
‫المسألة أسوة بالمسائل الممتي صممحح فيهمما النممووي القممول‬
‫القديم كمسألة امتداد وقممت المغممرب إلممى مغيممب الشممفق‬
‫ومسألة تفضيل غسل الجمعة على غسممل الميممت ومسممألة‬
‫صوم الولي عن قريبه الميت وأشباه ذلك‪.‬‬

‫باب اللباس‬
‫مسألة ‪ -‬شخص من أبناء العرب يلبس الفروج والزنممط‬
‫الحمممر وعمامممة العممرب اشممتغل بممالعلم وفضممل وخممالط‬
‫الفقهاء فأمره آمر أن يلبممس لبمماس الفقهمماء لن فممي ذلممك‬
‫خرما لمروءته فهل الولى له ذلك أو السممتمرار علممى هيئة‬
‫عشيرته وما جنس ما كممان للنممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يلبس تحت عمامته وما مقدار عمامته وهل لبس أحممد مممن‬
‫الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم الزنط والفروج‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجممواب ‪ -‬ل إنكممار عليممه فممي لباسممه ذلممك ول خممرم‬
‫لمروءته لن ذلك لباس عشيرته وطممائفته ولممو غيممره أيضمما‬
‫إلممى لبمماس الفقهمماء لممم يخممرم مروءتممه فكممل حسممن ذاك‬
‫لمناسبته أهل جنسه وهذا لمناسبته أهممل وصممفه وقممد ذكممر‬
‫البارزي في توثيق عرى اليمان أن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم كان يلبس القلنس تحمت العممائم ويلبممس القلنممس‬
‫بغير عمائم ويلبس العمائم بغيممر قلنممس ويلبممس القلنممس‬
‫ذوات الذان فممي الحممروب وكممثيرا ممما كممان يعتممم بالعمممائم‬
‫الحرقانيممة السممود فممي أسممفاره ويعتجممر اعتجممارا قممال‬
‫والعتجار أن يضع تحممت العمامممة علممى الممرأس شمميئا قممال‬
‫وربما لم تكن العمامة فيشد العصممابة علممى رأسممه وجبهتممه‬
‫وكانت له عمامة يعتم بها يقال لها السحاب فكسمماها علممي‬
‫بن أبي طالب فكان ربما طلع علي فيقول صلى الله عليممه‬
‫وسلم )أتاكم علي في السحاب( يعني عمامته الممتي وهممب‬
‫لممه ‪ -‬هممذا ممما ذكممره البممارزي‪ ،‬وروى الممبيهقي فممي شممعب‬
‫اليمان عن ركانة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫يقول )فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلنس(‬
‫قال القزاز القلنسوة عشاء مبطن يستر به الممرأس‪ ،‬وروى‬
‫البيهقي أيضا عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫كان يلبس قلنسمموته بيضمماء‪ .‬دل مجممموع ممما ذكممر علممى أن‬
‫الذي كان يلبسه النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم والصممحابة‬
‫تحت العمامة هو القلنسوة ودل قوله بيضمماء علممى أنممه لممم‬
‫يكن من الزنوط الحمر وأشبه شيء أنها من جنممس الثيمماب‬
‫القطن أو الصوف الذي هو من جنممس الجبمماب والكسمماء ل‬
‫الممذي مممن جنممس الزنمموط‪ ،‬ويوضممح ذلممك ممما روينمماه فممي‬
‫سداسيات الرازي من طريق رستم أبي يزيد الطحان قممال‬
‫رأيت أنس بن مالك بالبصرة وعليه قلنسوة بيضاء مضربة‪،‬‬
‫وفي السداسيات أيضا من طريق أم نهار قالت كممان أنممس‬
‫بن مالك يمر بنا كممل جمعممة وعليممه قلنسمموة لطئة ومعنممى‬
‫لطئة أي لصقة بالرأس إشارة إلممى قصممرها وإنممما حممدثت‬
‫القلنس الطوال في أيام الخليفة المنصور فممي سممنة ثلث‬
‫وخمسين ومائة أو نحوها وفي ذلك يقول الشاعر‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وكنا نرجى من إمام زيادة * فزاد المام المصطفى في‬
‫القلنس‬
‫وأما مقدار العمامة الشريفة فلم يثبت في حديث وقممد‬
‫روى البيهقي في شعب اليمان عن أبي عبممد السمملم قممال‬
‫سألت ابن عمر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم‬
‫قممال كممان يممدير العمامممة علممى رأسممه ويغرزهمما مممن ورائه‬
‫ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه‪ ،‬وهذا يدل على أنها عممدة أذرع‬
‫والظمماهر أنهمما كممانت نحممو العشممرة أو فوقهمما بيسممير‪ ،‬وأممما‬
‫الفروج فقد صح أنه صمملى اللممه عليممه وسمملم لبسممه ‪ -‬رواه‬
‫البخاري عن عقبة بن عممامر قممال أهممدي للنممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فممروج حريممر فلبسممه فصمملى فيممه ثممم انصممرف‬
‫فنزعه نزعا شديدا كالكاره له وقال ل ينبغي همذا للمتقيمن‪،‬‬
‫قال العلماء الفممروج هممو القبمماء المفممرج مممن خلممف‪ ،‬وهممذا‬
‫الحديث أصل في لبس الخلفاء له وإنممما نزعممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لكونه كان حريرا وكممان لبسممه لممه قبممل تحريممم‬
‫الحرير فنزعه لما حرم‪ ،‬وفي صحيح مسمملم أنممه قممال حيممن‬
‫نزعه نهاني عنه جبريل‪.‬‬
‫مسمألة ‪ -‬رجمل ليمس لمه إل ثموب فغسمله ولبمس ثوبما‬
‫قصير الكم وخرج به بين الناس فهل في ذلك من عيممب أو‬
‫يقدح في الدين وإذا أنكر عليه أحممد فهممل هممو مصمميب فممي‬
‫إنكاره أو مخطئ‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس في هذه اللبسة من عيب ول تقدح فممي‬
‫الممدين بممل التقشممف فممي الملبممس سممنة حممض عليهمما سمميد‬
‫المرسلين وهو شعار السلف الصالحين ونص أصحابنا على‬
‫أنه يستحب تقصير الكم فقد صح أن النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم كان كمه إلى الرسغ وأنه لبممس جبممة ضمميقة الكميممن‬
‫وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلم تطويل الكمام بدعة‬
‫مخالف للسنة وإسراف‪ ،‬وروى الترمذي حممديث )مممن تممرك‬
‫اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعمماه اللممه يمموم القيامممة‬
‫على رؤوس الخلئق حتى يخيره مممن أي حلممل الجنممة شمماء‬
‫يلبسها( وروى ابن ماجة عن عبادة بن الصامت قممال خممرج‬
‫علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعليه جبة‬
‫رومية من صوف ضيقة الكمين فصلى بنا فيهمما ليممس عليممه‬
‫‪96‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شيء غيرها‪ ،‬وروى ابممن ماجممة عممن ابممن عبمماس قممال كممان‬
‫رسول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم يلبمس قميصما قصمير‬
‫اليدين والطول‪ ،‬وروينا من حديث أبي هريرة ثلثة يممدخلون‬
‫الجنة بغير حساب رجممل غسممل ثمموبه فلممم يجممد لممه خلفمما ‪-‬‬
‫الحديث‪ ،‬والحاديث في هذا والوعيد لمن لبس ثيابا وافتخر‬
‫بها كثيرة والعجب ممن ينكر مثل هممذا وهممو سممنة ول ينكممر‬
‫على من يلبس الحرير الذي هو حرام بممل يخضممعون لمثلممه‬
‫ويعظمونه ولكن من اشراط الساعة أن تنكر السممنة وتقممر‬
‫البدعة ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬خضب الرجل لحيته ويديه ورجليه بالحناء هممل‬
‫يجوز له من غيممر ضممرورة أم ل وهممل المممرأة والرجممل فممي‬
‫ذلممك سممواء‪ ،‬أم ل وهممل ورد فممي ذلممك شمميء مممن السممنة‬
‫الشريفة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬خضاب الشممعر مممن الممرأس واللحيممة بالحنمماء‬
‫جائز للرجل بل سنة صرح بممه النممووي فممي شممرح المهممذب‬
‫نقل عن اتفاق أصحابنا لما ورد فيه من الحاديث الصممحيحة‬
‫منها حديث الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‬
‫الله عليممه وسمملم قممال )إن اليهممود والنصممارى ل يصممبغونهم‬
‫فخالفوهم( وروى مسلم عن جممابر قممال أتممى بممأبي قحافممة‬
‫والد أبي بكر الصديق يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة‬
‫بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسمملم )غيممروا هممذا‬
‫واجتنبمموا السممواد( وأممما خضمماب اليممدين والرجليممن بالحنمماء‬
‫فيستحب للمرأة المتزوجة وحرام على الرجال إل لحاجممة ‪-‬‬
‫هكذا قاله أيضا في شرح المهذب قممال ومممن الممدليل علممى‬
‫تحريمه للرجال ما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن رسممول‬
‫الله صلى الله عليممه وسمملم أتممى بمخنممث قممد خضممب يممديه‬
‫ورجليه بالحناء فقال ما بال هذا فقيل يا رسول الله يتشممبه‬
‫بالنساء فأمر به فنفى إلى البقيع‪ ،‬ومنها حممديث الصممحيحين‬
‫عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجممل‬
‫قال النووي علة النهي اللمون ل الرائحممة فمإن ريمح الطيمب‬
‫للرجل محبوب والحناء في هذا كالزعفران‪ ،‬والحاديث فممي‬
‫استحبابه للنساء المتزوجات كثيرة مشهورة‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب الحاتم عن سؤال الخاتم‬
‫مسألة ‪ -‬التختممم بالفضممة هممل لممه وزن معلمموم ل يجمموز‬
‫الزيادة عليه وهل يجوز ‪00‬التختم بسائر المعادن كالنحاس‬
‫والحديد وهل يجوز تعممدد الخممواتم مممن الفضممة وهممل تختممم‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم بالفضممة أو بغيرهمما وهممل تبمماح‬
‫الفصوص في الخواتيم للرجال وهل كان خاتم النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم بفص وما كان فصه وهل تختم فممي اليمممن‬
‫أو الشمال وهل كان فصه مما يلي ظمماهر الكممف أو بمماطنه‬
‫وهل الحديث الذي ورد أن رجل دخل عليه صلى اللمه عليممه‬
‫وسلم وفي يده خاتم نحاس فقال ما لي أرى عليممك رائحممة‬
‫أهممل النممار صممحيح ومممن رواه وهممل يؤخممذ منممه التحريممم أو‬
‫الكراهة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما الوزن فلم يتعرض له أصممحابنا فممي كتممب‬
‫الفقممه ولكممن ورد فممي الحممديث )ول تتمممه مثقممال( قممال‬
‫الزركشمي فمي الخمادم لمم يتعممرض أصممحابنا لقممدر الخمماتم‬
‫ولعلهم اكتفوا بالعرف فما خرج عنه إسراف‪ ،‬وأممما التختممم‬
‫بسائر المعادن ماعدا الذهب فغير حرام بل خلف لكن هممل‬
‫يكره وجهان أحدهما نعم لحممديث بريممدة أن رجل جمماء إلممى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه فقال )ممما‬
‫لي أجد منك ريح الصنام( فطرحه ثم جاء وعليه خاتم مممن‬
‫حديد فقال )ممما لممي أرى عليممك حليممة أهممل النممار( فطرحممه‬
‫فقال يا رسول الله من أي شيء أتخممذه قممال )اتخممذه مممن‬
‫ورق ول تتمه مثقال( أخرجه أبو داود والترمذي وفي سممنده‬
‫رجل متكلم فيه فضعفه النووي فممي شممرح المهممذب لجلممه‬
‫ولكن ابن حبممان صممححه فممأخرجه فممي صممحيحه‪ ،‬وهممذا هممو‬
‫الحديث المسؤول عنه في السممؤال‪ ،‬والمموجه الثمماني أنممه ل‬
‫يكممره ورجحممه النممووي فمي الروضمة وشمرح المهمذب قمال‬
‫لضعف الحديث الول‪ ،‬ولما أخرجه أبو داود بإسناد جيد عن‬
‫معيقيب الصحابي قمال كمان خماتم النمبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم من حديد ملوى عليه فضممة‪ ،‬وأممما التعممدد فصممرح بممه‬
‫الدارمي من أصممحابنا فقممال يكممره للرجممل أن يلبممس فمموق‬
‫خاتمين فضة فمقتضاه جواز الخمماتمين بل كراهممة وارتضمماه‬
‫‪0‬السنوي وقيده الخوارزمي في الكافي بأن ل يجمع بينهما‬
‫‪98‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في إصبع‪ ،‬وأممما هممل تختممم النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بالفضة أو بغيرها فسيأتي حديث أنه كممان خمماتمه مممن ورق‬
‫وتقدم حممديث معيقيممب‪ ،‬أنممه كممان خمماتمه مممن حديممد‪ ،‬وأممما‬
‫تختمه بالذهب فقد كان قبل ذلك ثم نهى عنه وطرحه كممما‬
‫فممي الصممحيح‪ ،‬وأممما الفممص فمبمماح للرجممال وغيرهممم قممال‬
‫النووي فممي شممرح المهممذب يجمموز الخمماتم بفممص وبل فممص‬
‫ويجعل الفص مممن بمماطن كفممه أو ظاهرهمما وباطنهمما أفضممل‬
‫للحاديث الصحيحة فيه انتهى‪ ،‬وأما فص خاتم النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم ففممي صممحيح البخمماري أن فصممه كممان منممه‬
‫وفي صحيح مسلم عن أنس قممال كممان خمماتم النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسملم ممن ورق وكمان فصمه حبشميا فجممع بيمن‬
‫الحديثين بالحمل على التعدد وذكر فممي شممرح قمموله وكممان‬
‫فصه حبشيا أنه حجر من بلد الحبشة وقيل جممزع أو عقيممق‬
‫لن ذلممك قممد يممؤتى بممه مممن بلد الحبشممة‪ ،‬ورأيممت فممي‬
‫المفردات في الطب لبن البيطار أنه صنف مممن الزبرجممد‪،‬‬
‫وأما هل تختم صلى الله عليه وسلم فممي اليمممن أو اليسممار‬
‫فقد تختم في كل منهما صح كل ذلك من فعله قال النووي‬
‫في شرح المهذب التختم في اليمن أو اليسار كلهممما صممح‬
‫فعله عن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم لكنممه فممي اليمممن‬
‫أفضل لنه زينة واليمن بها أولى‪ ،‬وقال الحممافظ ابممن حجممر‬
‫ورد تختمه صلى الله عليه وسلم في اليمين من حديث ابن‬
‫عمر عند البخاري وأنس عند مسلم وابن عباس وعبد اللممه‬
‫بن جعفر عند الترمذي وجابر عنده في الشمائل وعلي عند‬
‫أبي داود والنسائي وعائشممة عنممد الممبزاز وأبممي أمامممة عنممد‬
‫الطبراني وأبي هريرة عند الدار قطنممي فممي غممرائب مالممك‬
‫فهؤلء تسعة من الصحابة‪ ،‬وورد تختمه باليسار من حممديث‬
‫أنس عند مسلم وابن عمر عند أبي داود وأبممي سممعيد عنممد‬
‫ابن سعد ووردت رواية ضعيفة أنه تختم أول في اليمين ثممم‬
‫حوله إلى اليسار أخرجها ابمن عمدي ممن حمديث ابمن عممر‬
‫واعتمد عليها البغوي في شرح السنة فجمع بيممن الحمماديث‬
‫المختلفة بأنه تختم أول في يمينه ثم تختم في يساره وكان‬
‫ذلك آخر المرين‪ ،‬وقال ابن أبي حاتم سألت أبا زرعة عممن‬
‫اختلف الحاديث فممي ذلممك فقممال ل يثبممت هممذا ولكممن فممي‬
‫‪99‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يمينه أكثر‪ ،‬وأما همل كمان فصمه ممما يلمي بماطن الكمف أو‬
‫ظاهره فقد ‪0‬ورد أيضا كلهما مممن فعلممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم ولكن أحاديث الباطن أصح وأكثر فلذلك كان أفضممل‬
‫والله أعلم‪.‬‬

‫ثلج الفؤاد في أحاديث لبس السواد‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫أخرج المام أحمد في مسنده ثنمما عفممان ح وقممال ابممن‬
‫أبي شيبة في مصنفه ثنا وكيع وقال ابن سعد في الطبقات‬
‫أنا وكيع بن الجراح وعفان بن مسلم عن حماد بن مسمملمة‬
‫عن أبي الزبير عن جابر أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫دخل مكة يوم الفتح‪ ،‬وعليه عمامة سوداء ‪ -‬أخرجه مسمملم‬
‫وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬وأخرج ابممن أبممي‬
‫شيبة ثنا عبيد الله أنا موسى ابن عبيدة عممن عبممد اللممه بممن‬
‫دينار عن ابن عمر أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم دخممل‬
‫مكة يوم الفتح وعليه شقة سوداء‪ ،‬وأخرج ابممن سممعد وابممن‬
‫أبي شيبة واحمد بن حنبل في مسنده جميعمما أنمما وكيممع بممن‬
‫الجراح عن مساور الوراق عن جعفر بن عممرو بمن حريممث‬
‫عن أبيمه أن النمبي صملى اللمه عليمه وسملم خطمب النماس‬
‫وعليه عمامة سوداء أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي في‬
‫الشمائل والنسائي وابن ماجة‪ ،‬وقال ابممن سممعد وابممن أبممي‬
‫شيبة أنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن أبممي الفضممل عممن‬
‫الحسن قممال كممانت عمامممة رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم سوداء‪ ،‬وقال ابن سعد أنا عتاب بن زياد أنا عبد الله‬
‫بن المبارك أنا سفيان عمن سمع الحسن يقول كانت رايممة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم سمموداء تسمممى العقمماب‬
‫وعمامته سوداء‪ ،‬وقال أبو بكر بن أبي داود ثنا إسممحاق بممن‬
‫الخيممل ثنمما عثمممان بممن عبممد الرحمممن الطرائفممي ثنمما عبممد‬
‫الرحمن بن أبي الرجال عن الزهري عممن أنممس قممال دخممل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وعليممه عمامممة‬
‫سوداء‪ ،‬وقال ابن عدي أنا القاسم بن عبد اللممه بممن مهممدي‬
‫ثنا يعقوب بن كاسب ثنا حاتم بن إسماعيل عن محمممد بممن‬
‫عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر ‪0‬قال‪ :‬كان للنممبي صمملى‬
‫‪100‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليه وسلم عمامة سوداء يلبسها في العيدين ويرخيهمما‬
‫خلفه قال ابممن عممدي ل أعلممم يرويممه عممن أبممي الزبيممر غيممر‬
‫العرزمي وعنه حاتم‪ ،‬وقال ابن عدي ثنا أبممو الفضممل جعفممر‬
‫بن احمد ثنا محمد بممن الصممباح الجرجممرائي ثنمما محمممد بممن‬
‫صدران أبو جعفر ثنا عنبسة بن سالم ثنا عبيد الله بممن أبممي‬
‫بكر عن أنس أنه رأى النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يعتممم‬
‫بعمامة سوداء وقال الطبراني ثنا أحمد بن زهيممر التسممتري‬
‫ثنا الحسن بن خلف الواسطي ثنما عبيمد اللمه بمن تممام ثنما‬
‫خالد الحذاء عن غنيم بن قيس عن أبي موسممى أن جبريممل‬
‫نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء‬
‫قد أرخمى ذؤابتمه ممن ورائه‪ ،‬وقمال الطمبراني ثنما بكمر بمن‬
‫سهل ثنا عبد الله بن يوسممف ثنمما يحيممى بممن حمممزة ثنمما أبممو‬
‫عبيدة الحمصي عن عبد الله بن بسر قال بعث رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى خيبر فعممه‬
‫بعمامممة سمموداء ثممم أرسمملها مممن ورائه وقممال علممى كتفممه‬
‫اليسرى‪ ،‬وقال ابن سعد أنا الفضل بن دكين ثنا شريك عن‬
‫جابر عن مولى لجعفى يقال له هرمز قال رأيت عليا عليممه‬
‫عمامة سوداء قد أرخاها من بيممن يممديه ومممن خلفممه‪ ،‬وقممال‬
‫ابن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الحسن بن صممالح عممن جممابر بممه‪،‬‬
‫وقال ابن سعد وابن أبي شيبة أنا وكيع بن الجراح عن أبممي‬
‫العنبس عمرو بن ميمون عن أبيه قال رأيت على علي بممن‬
‫أبي طالب عمامة سوداء قد أرخاها مممن خلفممه‪ ،‬وقمال ابممن‬
‫سعد وابن أبي شيبة أنا وكيع بن الجراح عن العمممش عممن‬
‫ثابت بن عبيد الله عن أبي جعفر النصال قممال رأيممت علممى‬
‫علي عمامة سوداء يوم قتل عثمممان‪ -‬أخرجممه الممبيهقي فممي‬
‫سننه‪ ،‬وقال ابن سعد أنا الفضل بن دكين وهشام أبو الوليد‬
‫الطيالسي قال ثنا شريك عن عاصممم عممن أبممي رزيممن قممال‬
‫خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنهما وعليه ثيمماب سممود‬
‫وعمامة سوداء‪ ،‬وقال ابن أبي شيبة ثنا شمماذان ثنمما شممريك‬
‫به‪ ،‬وقال ابن سعد أنا سعيد بن محمد الثقفي عممن رشممدين‬
‫قال رأيت عبد الله بن الزبير يعتم بعمامة سمموداء حرقانيممة‬
‫ويرخيها شبرا أو اقل من شبر وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيممع‬
‫ثنا عاصم بن محمد عن أبيه قال رأيت عبد الله بممن الزبيممر‬
‫‪101‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اعتم بعمامة سوداء قد أرخاها مممن خلفممه نحمموا مممن ذراع‪،‬‬
‫وقال ابن سعد أنا الفضل ‪0‬ابن دكين أنمما قيممس بممن الربيممع‬
‫عن يونس بن عبد الله الجرمي عن أشياخ منهم قممال أتممى‬
‫أبو موسى الشممعري معاويممة وهممو بالنخيلممة وعليممه عمامممة‬
‫سوداء وجبة سوداء ومعممه عصمما سمموداء‪ ،‬وقممال ابممن سممعد‬
‫وابن أبي شيبة أنا وكيع بممن الجممراح عممن سمملمة بممن وردان‬
‫قال رأيت على أنممس بممن مالممك عمامممة سمموداء علممى غيممر‬
‫قلنسوة قد أرخاها من خلفه‪ ،‬وقال ابن سعد قال عبد اللممه‬
‫بن صالح عن أبن لهيعة عن عبد اللممه بممن أبممي جعفممر قممال‬
‫رأيت علي عبد الله بن الحممارث بممن جممزء عمامممة حرقانيممة‬
‫قال فسلنا ابن لهيعة عن الحرقانية فقممال السمموداء‪ ،‬وقممال‬
‫ابن أبي شيبة ثنا غندر عن شعبة عن سماك عن ملحان بن‬
‫ثروان قال رأيت على عمار عمامة سوداء‪ ،‬وقممال الممبيهقي‬
‫في سننه أنا أبو الحسين الروذباري ثنا أبممو بكممر محمممد بممن‬
‫أحمد بن محمويه ثنا جعفر بن محمد القلنسي ثنمما آدم بممن‬
‫أبي أياس ثنا شعبة ثنا سماك بن حرب سمعت ملحممان بممن‬
‫ثوبان يقول كان عمان بن ياسر علينا بالكوفة وكان يخطبنا‬
‫كل جمعة وعليه عمامة سوداء‪ ،‬وقال البيهقي أنمما أبممو عبممد‬
‫الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن‬
‫مكرم ثنا عثمان بن عمر ثنا أبو لؤلؤة قال رأيت علممى ابممن‬
‫عمر عمامة سوداء‪ ،‬وقال ابن أبي شيبة ثنمما البكممراوي عممن‬
‫أبي عيسى عن أبيه زياد عن شيخ يقال له سالم قال رأيت‬
‫على أبي الدرداء عمامة سوداء وقال ثنا إسحاق بن منصور‬
‫ثنا شريك ثنا حرب الخثعمي قال رأيت على الممبراء عمامممة‬
‫سوداء وقال ثنا محمد بن عبد الله السدي عن شممريك بممن‬
‫مخارق عن عطاء قال رأيت على عبممد الرحمممن بممن عمموف‬
‫عمامة سوداء‪ ،‬وقال ثنا معن عممن حسممين بممن يممونس قممال‬
‫رأيت على واثلة عمامة سوداء‪ ،‬وقال ابن سعد أنا عبد الله‬
‫بن مسلمة بن قعنب ثنا عثيم بن نسطاس قال رأيت سعيد‬
‫بن المسميب يلبمس فمي الفطمر والضمحى عماممة سموداء‬
‫ويلبس عليها برنسا‪ ،‬وقال ابن سعد أنا الفضل بن دكين ثنا‬
‫بدر بن عثمممان قممال رأيممت علممى الحسممن البصممري عمامممة‬
‫سوداء‪ ،‬وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا عثمان بن أبي هنممد‬
‫‪102‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال رأيت على أبي عبيممد عمامممة سمموداء‪ ،‬وقممال ابممن أبممي‬
‫شمميبة فممي المصممنف ثنمما شممبابة عممن سممليمان قممال رأيممت‬
‫الحسن يعتم بعمامة سوداء قد أرخى طرفها خلفممه‪ ،‬وقممال‬
‫‪0‬ابن أبي شيبة حدثنا شبابة عن سليمان بممن المغيممرة قمال‬
‫رأيت أبا نضرة يعتم بعمامة سوداء قد أرخاها تحممت عنقممه‪،‬‬
‫وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا مالممك بممن مغممول عممن أبممي‬
‫صخرة قال رأيت على عبد الرحمن بن يزيد عمامة سوداء‪،‬‬
‫وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع قال رأيت على السود عمامممة‬
‫سوداء وقال ابن أبي شيبة ثنا جرير عن يعقوب بممن جعفممر‬
‫عن سعيد بن جممبير قممال كممانت عمامممة جبريممل يمموم غممرق‬
‫فرعون سوداء‪.‬‬
‫)فائدة( أخرج ابن عدي في الكامل وأبو نعيم والبيهقي‬
‫كلهما في دلئل النبوة عن ابن عباس قممال مممررت بممالنبي‬
‫صلى الله عليممه وسمملم وإذا معممه جبريممل وأنمما أظنممه دحيممة‬
‫الكلبي فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لوضممح‬
‫الثياب وأن ولده يلبسون السواد والله أعلم‪.‬‬

‫باب العيد‬

‫وصول الماني بأصول التهاني‬

‫]مقدمة[‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى وبعد فقممد‬
‫طال السؤال عن ما اعتاده الناس من التهنئة بالعيد والعام‬
‫والشممهر والوليممات ونحممو ذلممك هممل لممه أصممل فممي السممنة‬
‫فجمعت هذا الجزء في ذلك وسميته وصول الماني بأصول‬
‫التهاني‪.‬‬

‫التهنئة بالفضائل العلية والمناقب الدينية‬


‫أخرج الشيخان عن أنس قال أنزلت على النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم )ليغفر لممك اللممه ممما تقممدم مممن ذنبممك وممما‬
‫تأخر( مرجعه مممن الحديبيممة فقممال النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫‪103‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم لقد نزلت على آية أحب إلى مممما علممى وجممه الرض‬
‫ثم قرأها عليهم فقالوا هنيئا لك يمما رسممول اللممه ‪ -‬الحممديث‪،‬‬
‫وأخرج الحاكم في المستدرك عن أسامة قال تبعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إلى ‪0‬عمممارة يعنممي حمممزة أنممك‬
‫أعطيت نهرا في الجنممة يممدعى الكمموثر‪ ،‬وأخممرج أحمممد عممن‬
‫البراء بن عازب وزيد بن أرقم أن رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬من كنت موله فعلي موله فقال عمر بن‬
‫الخطاب هنيئا لك يا علي أمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة‪،‬‬
‫وأخرج أحمد وابن ماجة عن البراء بن عممازب قممال كنمما مممع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فممي سممفر فنزلنمما بغممدير‬
‫خم فنودي فينا الصلة جامعة فصلى الظهر وأخذ بيد علممى‬
‫فقال ألم تعلموا أني أولممى بممالمؤمنين مممن أنفسممهم قممالوا‬
‫بلى فأخذ بيد علي فقال اللهم من كنت موله فعلي ممموله‬
‫اللهم وال من واله وعاد من عمماداه قممال فلقيممه عمممر بعممد‬
‫ذلك فقال له هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصممبحت وأمسمميت‬
‫مولى كل مؤمن ومؤمنة‪ ،‬وأخرج ابن عساكر عن عبد اللممه‬
‫بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يمما عبممد‬
‫الله هنيئا لممك مممريئا خلقممت مممن طينممتي وأبمموك يطيممر مممع‬
‫الملئكة في السماء‪ ،‬وأخممرج أحمممد ومسمملم عممن أبممي بممن‬
‫كعب أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم سممأله أي آيممة فممي‬
‫كتاب الله أعظم قمال آيممة الكرسمي قمال ليهنمك العلمم أبما‬
‫المنذر‪.‬‬

‫التهنئة بالتوبة‬
‫أخرج الشيخان عن كعب بن مالك في قصة توبته قممال‬
‫وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسمملم يتلقمماني‬
‫الناس فوجا فوجا يهنئوني بتوبتي ويقولون ليهنك توبة اللممه‬
‫عليك حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم حوله الناس فقام طلحة بن عبيد اللممه يهممرول حممتى‬
‫صافحني وهنأني فكان كعب ل ينسمماها لطلحممة قممال كعممب‬
‫فلما سلمت على رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫وهو يبرق وجهه من السرور )أبشر بخير يوم مر عليك منذ‬
‫ولدتك أمك(‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫التهنئة بالعافية من المرض‬


‫أخرج الحاكم عن خوات بن جبير قال مرضممت فعممادني‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فلما برأت قال صح جسمك يمما‬
‫خوات‪ ،‬وأخممرج عبممد اللممه بممن أحمممد فممي زوائد الزهممد عممن‬
‫مسلم ‪0‬ابن يسار قممال كممانوا يقولممون للرجممل إذا بممرأ مممن‬
‫مرضه ليهنك الطهر‪.‬‬

‫التهنئة بتمام الحج‬


‫أخرج البزار عن عممدوة بممن مضممرس قممال أتيممت النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بمنى فقال )أفرخ روعممك يمما عممروة(‬
‫قال في الصحاح أفرخ الروع أي ذهب الفممزع يقممال ليفممرخ‬
‫روعك أي ليخرج عنك فزعك كما يخرج الفرخ عممن البيضممة‬
‫وأفرخ روعك يا فلن أي سكن جأشك قممال الميممداني وهممو‬
‫في هذا متعد وفممي الول لزم‪ ،‬وأخممرج الشممافعي فممي الم‬
‫عن محمد بن كعممب القرظممي قممال حممج آدم عليممه السمملم‬
‫فتلقته الملئكة فقالوا برنسكك يا آدم‪.‬‬

‫التهنئة بالقدوم من الحج‬


‫أخرج ابن السني والطممبراني عمن ابممن عمممر قمال جمماء‬
‫غلم إلممى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فقممال إنممي أحممج‬
‫فمشى معه النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فقممال )يمما غلم‬
‫زودك الله التقوى ووجهك الخيمر وكفماك الهمم( فلمما رجمع‬
‫الغلم سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال )يا غلم‬
‫قبل الله حجك وغفر ذنبك وأخلف نفقتك( وأخرج سعيد بن‬
‫منصور في سننه عن ابن عمر أنه كان يقول للحاج إذا قدم‬
‫تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك‪.‬‬

‫التهنئة بالقدوم من الغزو‬


‫أخرج الحاكم في المستدرك عن عروة قممال لممما قفممل‬
‫رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم وأصممحابه مممن بممدر‬
‫اسممتقبلهم المسمملمون بالروحمماء يهنئونهممم مرسممل صممحيح‬
‫السناد‪ ،‬وأخرج ابن السني عن عائشة قممالت كممان رسممول‬
‫‪105‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في غممزوة فلممما دخممل اسممتقبلته‬
‫فأخممذت بيممده فقلممت الحمممد اللممه الممذي نصممرك وأعممزك‬
‫وأكرمك‪ ،‬وأخرج ابن سعد عن عبممد اللممه ابممن أبممي سممفيان‬
‫أبي أحمد قال لقي أسيد بن الخضير رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسملم حيمن أقبمل ممن بمدر فقمال الحممد اللمه المذي‬
‫أظفرك وأقر عينك‪.‬‬

‫التهنئة بالنكاح‬
‫أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريممرة أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفا النسممان إذا تممزوج‬
‫قال )بارك الله لك وبارك عليممك وجمممع بينكممما فممي خيممر(‪.‬‬
‫‪0‬وأخرج ابن ماجه وأبو يعلى عن عقيل بن أبي طممالب أنممه‬
‫تزوج فقيل له بالرفاء والبنين فقممال ل تقولمموا هكممذا ولكممن‬
‫قولوا كما قال رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم )علممى‬
‫الخير والبركة بارك الله لك وبارك عليك( وأخرج الطبراني‬
‫عن هبار أن النبي صلى الله عليه وسملم شمهد نكماح رجمل‬
‫فقال على الخير والبركة واللفة والطائر الميمون والسممعة‬
‫في الرزق بارك الله لكم‪.‬‬

‫التهنئة بالمولود‬
‫أخرج ابن عساكر عن كلثوم بن جوشن قال جاء رجممل‬
‫عند الحسن وقد ولمد لمه مولمود فقيمل لمه يهنيمك الفممارس‬
‫فقال الحسن وما يدريك أفارس هو قالوا كيف تقول يمما أبمما‬
‫سعيد قال تقول بورك لك في الموهوب وشممكرت الممواهب‬
‫ورزقت بره وبلغ أشده‪ ،‬وأخرج الطبراني فممي الممدعاء مممن‬
‫طريق السري بن يحيى قممال ولممد لرجممل ولممد فهنممأه رجممل‬
‫فقال ليهنك الفارس فقال الحسن البصري وما يدريك قممل‬
‫جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد‪ ،‬ومن طريق حماد‬
‫بن زيد قال كان أيوب إذا هنأ رجل بمولود قممال جعلممه اللممه‬
‫مباركا عليك وعلى أمة محمد‪.‬‬

‫التهنئة بدخول الحمام‬

‫‪106‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال الغزالي في الحياء في أدب الحمام ل بأس بقمموله‬
‫لغيره عافاك الله ‪ -‬نقله في شرح المهذب‪ ،‬وفي الفردوس‬
‫من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى اللمه عليمه وسملم‬
‫قممال لبممي بكممر وعمممر وقممد خرجمما مممن الحمممام )طمماب‬
‫حمامكما( لكن بيض لممه ولممده فممي مسممنده فلممم يممذكر لممه‬
‫إسنادا‪.‬‬

‫التهنئة بشهر رمضان‬


‫أخرج الصبهاني فممي الممترغيب عممن سمملمان الفارسممي‬
‫قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يمموم‬
‫من شعبان فقال )يا أيها الناس أنه قد أظلكم شهر عظيم‪،‬‬
‫شهر مبارك‪ ،‬شهر فيه ليلة خير من ألممف شممهر( ‪ -‬الحممديث‬
‫قال ابن رجب هذا الحديث أصل في التهنئة بشهر رمضان‪.‬‬
‫‪0‬‬

‫التهنئة بالعيد‬
‫أخرج الطبراني في الكبير وزاهر بن طمماهر فممي تحفممة‬
‫عيد الضحى عن حبيب ابن عمر النصاري قال حدثني أبمي‬
‫قال لقيت واثلة رضي الله عنه يوم عيممد فقلممت تقبممل اللممه‬
‫منا ومنك فقال تقبل الله منا ومنك‪ ،‬وأخرج الصبهاني فممي‬
‫الترغيب عن صفوان بممن عمممرو السكسممكي قممال سمممعت‬
‫عبد الله بن بسر وعبد الرحمممن بممن عممائذ وجممبير بممن نفيممر‬
‫وخالد بن معدان يقال لهم فممي أيممام العيممد تقبممل اللممه منمما‬
‫ومنكم ويقولون ذلك لغيرهم‪ ،‬وأخرج الطبراني في الممدعاء‬
‫والبيهقي عن راشد بن سعد أن أبا أمامة وواثلة لقيمماه فممي‬
‫يوم عيد فقال تقبل الله منا ومنك‪ ،‬وأخرج زاهممر بممن طمماهر‬
‫فممي كتمماب تحفممة عيممد الفطممر وأبممو أحمممد الفرضممي فممي‬
‫مشيخته بسند حسن عن جبير بن نفيممر قمال كمان أصممحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول‬
‫بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنكم‪ ،‬وأخرج زاهر أيضا بسند‬
‫حسن عن محمممد بممن زيمماد اللهمماني قممال رأيممت أبمما أمامممة‬
‫الباهلي يقول فممي العيممد لصممحابه تقبممل اللممه منمما ومنكممم‪،‬‬
‫وأخرج البيهقي من طريق أدهم مولى عمر بن عبد العزيممز‬
‫‪107‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال كنا نقول لعمر بن عبد العزيز فممي العيممدين تقبممل اللممه‬
‫منا ومنك يا أمير المؤمنين فيرد علينا مثلممه ول ينكممر ذلممك‪،‬‬
‫وأخرج الطبراني في الممدعاء عممن شممعبة بممن الحجمماج قممال‬
‫لقيت يونس بن عبيد فقلت تقبل الله منا ومنممك فقممال لممي‬
‫مثله‪ ،‬وأخرج الطبراني في الدعاء من طريممق حوشممب بممن‬
‫عقيل قال لقيت الحسن البصري في يوم عيد فقلت تقبممل‬
‫الله منا ومنك‪ ،‬وأخرج ابن حبان في الثقات عممن علممي بممن‬
‫ثابت قال سألت مالكا عن قول الناس في العيد تقبل اللممه‬
‫منا ومنك فقال ما زال المر عندنا كذلك‪ ،‬لكممن أخممرج ابممن‬
‫عساكر من حديث عبادة بن الصممامت قممال سممألت رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسملم عممن قمول النماس فمي العيمدين‬
‫تقبل الله منا ومنكم فقال كذلك فعل أهل الكتابين وكرهه‪،‬‬
‫وفممي إسممناده عبممد الخممالق بممن خالممد بممن زيممد بممن واقممد‬
‫الدمشقي قال فيه البخاري منكر الحديث وقممال أبممو حمماتم‬
‫ضعيف وقال النسائي ليس بثقة وقال الدار قطني مممتروك‬
‫وقال أبو نعيم ل شيء‪0 .‬‬

‫التهنئة بالثوب الجديد‬


‫أخرج البخاري عن أم خالد بنممت خالممد أن رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم كساها خميصممة فألبسممها بيممده وقممال‬
‫)أبلي‪ ،‬واخلقي( مرتين‪ ،‬وأخرج ابن ماجه عن ابممن عمممر أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم رأى علممى عمممر قميصمما‬
‫أبيض فقال )البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا( وقممال‬
‫سعيد بن منصور في سننه ثنمما عبممد اللممه بمن المبممارك عمن‬
‫سعيد بن أياس الجريري عن أبي نضرة قال كممان أصممحاب‬
‫رسول الله صمملى اللمه عليممه وسملم إذا لبمس أحمدهم ثوبما‬
‫جديدا قيل له تبلى ويخلف الله عز وجل‪.‬‬

‫التهنئة بالصباح والمساء‬


‫أخرج الطبراني بسند حسممن عممن ابممن عمممر قممال قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجممل كيممف أصممبحت يمما‬
‫فلن قال أحمد الله إليك يا رسول الله فقممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم ذلك الذي أردت منك‪ ،‬وأخممرج بسممند‬
‫‪108‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫جيد عن ميسرة بممن حبممس قممال لقيممت واثلممة ابممن السممقع‬
‫فسلمت عليه فقلت كيف أنت يا أبا شداد أصلحك الله قال‬
‫بخير يا ابن أخي‪ ،‬وقال سعيد بن منصور في سممننه ثنمما أبممو‬
‫شهاب عن الحسن بن عمرو عن أبي معشممر عممن الحسممن‬
‫قال إنما كانوا يقولون السلم عليكم سلمت والله القلمموب‬
‫فأممما اليمموم فكيممف أصممبحت عافمماك اللممه وكيممف أمسمميت‬
‫أصلحك الله فإن أخذنا نقول لهم‬
‫]خاتممممة[‪ :‬روى الطمممبراني فمممي مسمممند الشممماميين‬
‫والخرائطي في مكارم الخلق عن عمرو بممن شممعيب عممن‬
‫أبيه عن جده أن رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫)أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استقرضمك‬
‫أقرضته وإن أصابه خير هنأته وإن أصممابته مصمميبة عزيتممه ‪-‬‬
‫الحديث( وله شاهد من حديث معمماذ بممن جبممل أخرجممه أبممو‬
‫الشيخ في الثمواب وممن حمديث معاويمة بمن حيمدة أخرجمه‬
‫الطبراني في الكبير‪.‬‬
‫)فائدة(‪ :‬قمال القممولي فمي الجمواهر‪ :‬لمم أر لصمحابنا‬
‫كلممما فممي التهنئة بالعيممدين والعمموام والشممهر كممما يفعلممه‬
‫الناس ورأيت فيما نقل من فوائد الشمميخ زكممي الممدين عبممد‬
‫العظيم المنذري أن الحممافظ أبمما الحسممن المقدسممي سممئل‬
‫عممن التهنئة فممي أوائل الشممهور والسممنين أهممو بدعممة أم ل‬
‫فأجاب بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك قممال والممذي‬
‫أراه أنه مباح ليس بسممنة ول بدعممة انتهممى‪ ،‬ونقلممه الشممرف‬
‫الغزي في شرح المنهاج ولم يزد عليه‪.‬‬

‫}كتاب الجنائز{‬
‫مسألة ‪ -‬سقط لم يستهل ولممم يختلممج وقممد بلممغ سممبعة‬
‫أشهر فصاعدا هل تجب الصلة عليه أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قممد يفهممم مممن عبممارة الرافعممي فممي شممرحيه‬
‫حيث قممال وإن بلممغ أربعممة أشممهر فصمماعدا ولممم يتحممرك ول‬
‫استهل ففي الصلة عليه قولن أظهرهما ل يصلى عليه أنه‬
‫ل يصلى عليه ولو بلغ سبعة أشهر مثل حيث قممال فصمماعدا‪،‬‬
‫وكذا من تعليله بأنه ل يرث ول يورث ومن تعليل غيممره أنممه‬
‫قممد يتخلممف نفممخ الممروح لمممر أراده اللممه تعممالى والشممبه‬
‫‪109‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تخصمميص قمموله فصمماعدا بممما لممم يجمماوز سممتة أشممهر فممإن‬
‫جاوزها دخل فمي حكمم المولمود ل السمقط وقمد قمال ابمن‬
‫الرفعة في الكفاية نقل عن الشيخ أبي حامممد السممقط مممن‬
‫ولد قبل تمام مدة الحمل وقيل هو من ولد ميتمما فممترجيحه‬
‫القول الول يدل على أن المولود بعد ستة أشهر مولممود ل‬
‫سقط فل يدخل تحت ضابط أحكام السقط والله أعلم‪.‬‬

‫الفوائد الممتازة في صلة الجنازة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ ،‬وقممع‬
‫السؤال عن الجنازة إذا صلى عليها أول ثممم حضممر مممن لممم‬
‫يصل وصلى فهل تكون الصلة الثانية فرضا أو نقل فممأجبت‬
‫بأنها فرض هذا هو المنقول فسممئلت عممن تحريممر ذلممك مممن‬
‫حيث النظر فإن ذلك مشكل فإن الفممرض بالصمملة الولممى‬
‫فكيف توصف الثانية بأنهمما فممرض فوضممعت هممذه الكراسممة‬
‫لتحرير ذلك وسميتها )الفوائد الممتازة في صمملة الجنممازة(‬
‫ونبدأ بذكر المنقول في ذلك قال الرافعي إذا أقيمت صمملة‬
‫الجنازة في جماعة ثم حضر آخرون فلهم أن يصمملوا عليهمما‬
‫أفرادا أو في جماعة أخرى وتكون صلتهم فرضا في حقهم‬
‫كما أنها فرض في حمق الوليممن بخلف مممن صمملها مممرة ل‬
‫تستحب له إعادتها فإن المعاد يكون تطوعا‪ ،‬وهممذه الصمملة‬
‫ل يتطوع فيها فإن كان قد صلى مرة وأعادهمما فممي جماعممة‬
‫لم تستحب أيضا في أظهر الوجهين ول فرق بين أن يكممون‬
‫حضممور الخريممن قبممل الممدفن أو بعممده ول يشممترط ظهممور‬
‫الميت‪ ،‬وخالف أبو حنيفة في الحالين أما قبممل الممدفن فلن‬
‫عنده ل يصلى على الجنازة مرتين وأما بعممده فلن عنممده ل‬
‫يصلى على القبر إل إذا دفممن ولممم يصممل عليممه وسمماعد أبمما‬
‫حنيفة مالك في الفصلين ‪ -‬هذا كلم الرافعي‪ ،‬وقال النووي‬
‫في شرح المهذب إذا صلى على الجنممازة جماعممة أو واحممد‬
‫ثم صلت عليه طائفة أخرى فصلة الجميع تقمع فرضما قمال‬
‫صاحب التتمة تنمموى الطائفممة الثانيممة بصمملتهم الفممرض لن‬
‫فعل غيرهم أسقط عنهم الحممرج ل الفممرض‪ ،‬وبسممط إمممام‬
‫الحرمين هذا بسطا حسنا فقال إذا صلى على الميت جمممع‬
‫‪110‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يقع الكتفاء ببعضهم فالذي ذهب إليه الئمممة أن صمملة كممل‬
‫واحممد منهممم تقممع فريضممة إذ ليممس بعضممهم بممأولى بوصممفه‬
‫بالقيممام بممالفرض مممن بعضممهم فمموجب الحكممم بالفرضممية‬
‫للجميع قال ويحتمل أن يقال هو كإيصممال المتوضممئ الممماء‬
‫إلممى رأسممه دفعممة وقممد اختلفمموا فممي أن الجميممع فممرض أم‬
‫الفرض ما يقع عليه السم فقط ولكممن قممد يتخيممل الفطممن‬
‫فرقا ويقول مرتبة الفرضية فوق مرتبة السنة وكممل مصممل‬
‫في الجمع الكثير ينبغي أن ل يحرم رتبة الفرضية وقد قممام‬
‫بما أمر به‪ ،‬وهذا لطيف ل يقع مثله في المسح قال ثم قال‬
‫الئمة إذا صلت طائفة ثانية كان كصلتهم مممع الوليممن فممي‬
‫جماعة واحدة ‪ -‬هذا كلم إمام الحرميممن وأقممره فممي شممرح‬
‫المهذب وقال فممي شممرح المهممذب قبممل ذلممك ممما نصممه إذا‬
‫حضر بعد الصلة عليه إنسان لم يكن صلى عليه أو جماعممة‬
‫صمملوا عليممه وكممانت صمملتهم فممرض كفايممة بل خلف عنممدنا‬
‫وقال أبو حنيفة ل يصمملى عليممه طائفممة ثانيممة لنممه ل يتنفممل‬
‫بصلة الجنازة فل يصليها طائفة بعد طائفة‪ ،‬والجممواب منممع‬
‫كون صلة الثانية نافلة بل هي عندنا فرض كفاية قال فممإن‬
‫قيل كيف تقع صلة الطائفة الثانية فرضمما ولممو تركوهمما لممم‬
‫يأثموا وليس هذا شممأن الفممروض فممالجواب أنممه قممد يكممون‬
‫ابتداء الشيء ليس بفرض فإذا دخل فيه صار فرضا كما إذا‬
‫دخممل فممي حممج التطمموع وكممما فممي الممواجب علممى التخييممر‬
‫بخصال الكفارة ولن الطائفة الولى لو كانت ألفا أو ألوفمما‬
‫وقعت صلة جميعهممم فرضمما بالتفمماق ومعلمموم أن الفممرض‬
‫كممان يسممقط ببعضممهم ول يقممول أحممد إن الفممرض يسممقط‬
‫بأربعة منهم على البهام والباقون متنفلون قممال فممإن قيممل‬
‫قد وقع في كلم كثير من الصممحاب أن فممرض الكفايممة إذا‬
‫فعله من تحصل به الكفاية سقط الفرض عن البمماقين وإذا‬
‫سممقط الفممرض عنممه كيممف قلتممم تقممع صمملة الثانيممة فرضمما‬
‫فالجواب أن عبارة المحققين سقط الحرج عن البمماقين أي‬
‫ل حرج عليهم في ترك هذا الفعممل فلممو فعلمموه وقممع فرضمما‬
‫كما لو فعلوه مع الولين دفعة واحدة وأما عبارة من يقممول‬
‫سقط الفرض عن البمماقين فمعنمماه سممقط حممرج الفممرض ‪-‬‬
‫هذا كلم شرح المهذب‪ ،‬وقال ابن الصباغ فممي الشممامل إذا‬
‫‪111‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صلى على الجنازة مرة جاز أن يصلى عليها مرة أخرى وبه‬
‫قال علي بن أبي طالب وأبو موسى الشممعري وابممن عمممر‬
‫وعائشة وإليه ذهب الوزاعي وأحمد وقممال النخعمي ومالمك‬
‫وأبو حنيفة ل يصلى على الجنازة مرتين إل أن يكون المولي‬
‫غائبا فيصمملى غيممره فيعيممدها الممولي‪ ،‬واحتجمموا بممأن الصمملة‬
‫الولى قد سقط بها الفرض فلممو صمملى ثانيمما لكممان تطوعمما‬
‫والصلة على الميت ل يتطوع بها أل تممرى أن مممن صمملى ل‬
‫يكررها قال وهذا منقوض بقولهم في الولي زاد في التتمممة‬
‫لن كل حالة جاز للولي أن يصمملي فيهمما علممى الميممت جمماز‬
‫لغيره قياسا على ما قبل الصلة وقال في التتمة إذا صمملى‬
‫على الجنازة قوم ثم جماءت جماعمة أخمرى وأرادوا الصملة‬
‫ينوون صلة الفرض لن فعل الغير ما أسقط الفممرض عنممه‬
‫وإنممما أسممقط الحممرج عنممه‪ ،‬وقممال الشمميخ أبممو إسممحاق‬
‫الشيرازي في كتابه النكت في الخلف‪ :‬مسألة يجمموز لمممن‬
‫لم يصل على الميت مع المممام أن يصمملي عليممه وقممال أبممو‬
‫حنيفممة ل يجمموز‪ ،‬دليلنمما أن سممكينة ممماتت ليل فكرهمموا أن‬
‫يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفنوها ثم أخبر‬
‫بذلك فخرج بهم وصلى علممى قبرهمما فممإن قيممل فممي عهممده‬
‫صلى الله عليه وسملم ل يسمقط الفمرض إل بصملته ولهمذا‬
‫قال ل يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إل أذنتممموني‬
‫به فإن صلتي عليه رحمة لممه قيممل لممو كممان كممذلك لعلمممه‬
‫الناس وكانوا ل يصلون وإنما ندبهم إلى إعلمه لبركة دعائه‬
‫ولهذا قال فإن صلتي عليكم رحمة ولم يقل إن الفرض لم‬
‫يسقط‪ ،‬ولن من جاز له أن يصلي على الميممت مممع النمماس‬
‫جاز له بعد صلتهم كالولي فإن قيل الولي لممه حممق التقممدم‬
‫قيل له حمق قبمل سمقوط الفمرض فأمما بعمده فل ولهمذا ل‬
‫تجب إعادتها قالوا لو جاز ذلك لصلى على النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم من قدم بعد موته كمعاذ وغيره قلنا هممذا حجممة‬
‫لنه قد صلى عليه ثلثة أيام وإنما لم تجمز علمى قمبره لنمه‬
‫قال عليه السلم ل تتخذوا قبري مسجدا‪ .‬فإن قالوا سممقط‬
‫فرض الصلة فل يصلى عليممه كمممن صمملى مممرة قلنمما ينكممر‬
‫ممن صلى الظهر ثم أدرك جماعة والصل غيممر مسمملم ثممم‬
‫ذاك سقط الفرض بفعله حقيقة وههنا سمقط الفمرض عنممه‬
‫‪112‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حكما فجاز ان يأتي بالعزيمة كالمسمافر فمي الرخمص ولن‬
‫من رد السلم مرة ل يرد مرة أخرى ومن لم يرد يجمموز أن‬
‫يرد ‪ -‬هذا كلم الشيخ أبي إسحاق بحروفه‪ .‬وقد تلخص مما‬
‫سقناه من النقول عدة مسالك في التعليل‪ :‬المسلك الول‬
‫القياس على فعل الطائفة الولى‪ ،‬والمسلك الثاني القياس‬
‫على أفراد الطائفة الولى إذا كانت عددا كممثيرا زيممادة عممما‬
‫يسقط الفرض فإن فعل كل واحد واحد منهم يوصممف بممأنه‬
‫فممرض بالتفمماق ول يقممال إن الفممرض فعممل بعممض منهممم‬
‫والباقي نفل لن ذلك تحكم إذ ليس بعضهم بأولى بالوصف‬
‫بالفرضية مممن بعممض‪ ،‬المسمملك الثممالث القيمماس علممى حممج‬
‫التطوع فإنه يكون ابتداؤه ليس بفرض فإذا دخل فيممه صممار‬
‫فرضا ول يستنكر هذا فله نظيممر فممي الجهمماد فممإن مممن لممم‬
‫يتعين عليه القتال إذا شرع فيه وحضممر الصممف تعيممن عليممه‬
‫وحرم عليه النصراف‪ ،‬المسلك الرابع القياس على المكفر‬
‫إذا أتى بجميع خصال الكفارة على الترتيب فإنه يثاب علممى‬
‫الكل ثواب الواجب مع ان الوجوب سقط بالخصمملة الولممى‬
‫وإنما قلنا في صورة المكفر أنه يثمماب علممى الجميممع ثممواب‬
‫الواجب لنه لو اقتصر على فممرد منهمما ل يثمماب عليممه ثممواب‬
‫الممواجب فانضمممام غيممره إليممه ل ينقصممه عنممه‪ ،‬المسمملك‬
‫الخامس القيمماس علممى رد السمملم فممإنه إذا رد واحممد جمماز‬
‫لغيره أن يرد ويكون قبله فرضا ول يوصف بأنه نفل لن رد‬
‫السلم ل تطوع فيه‪ ،‬المسلك السادس منع قممول الخصمموم‬
‫إن الفممرض سممقط بممالولين وإنممما السمماقط حرجممه ل هممو‬
‫ففرق بين سقوط الحرج المذي كمان يلحمق الممة لمو تمرك‬
‫وبين سقوط الفرض‪ ،‬المسلك السابع أن يقال على تقممدير‬
‫تسممليم سممقوط الفممرض فممرق بيممن سممقوطه حقيقممة وبيممن‬
‫سممقوطه حكممما وفعممل الوليممن إنممما أسممقط الفممرض عممن‬
‫غيرهم حكما ولم يسقطه حقيقة وإنما يسقط عنهم حقيقة‬
‫بفعلهم هم فإذا فعلمموه ثانيمما سممقط عنهممم حقيقممة فوصممف‬
‫فعلهم بمأنه أسمقط الفمرض عنهمم حقيقمة‪ ،‬وهمذا المسملك‬
‫عندي أقوى المسالك وأدقها وأقطعها للنزاع وكيف ل يكون‬
‫كذلك وهو مسمملك الشمميخ أبممي إسممحاق إمممام عصممره فممي‬
‫المناظرة والجدل غير مدافع‪ ،‬المسلك الثامن القياس على‬
‫‪113‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من صلى الظهر ثم أعادها فممي جماعممة فممإن أحممد القمموال‬
‫فيها أنهما جميعا يقعان عن الفرض ومممن قممال إن الفممرض‬
‫الولى قال أنه ينوى بالثانية الفممرض فكممذا صمملة الجنممازة‪،‬‬
‫المسلك التاسع تقرير قاعدة مهمة وذلك أن فرض الكفاية‬
‫اختلف هل هو واجب على البعض من أول وهلممة أو واجممب‬
‫على الكل ويسقط بفعل البعض فإن قلنا هممو واجممب علممى‬
‫البعض فذلك البعض المتصف بممأنه واجممب عليممه هممو الممذي‬
‫قممام بممه سممواء فعلممه واحممد أو جمممع علممى المعيممة أو علممى‬
‫الممترتيب وبهممذا يتضممح أن صمملة الطائفممة الثانيممة توصممف‬
‫بالفرض قطعا لن مجموع الطائفتين قد قام به وقممد تقممرر‬
‫أن الفرض موجه على من قام به فل سبيل إلى أن يبعممض‬
‫ويجعل فعل بعض من قام به فرضا وفعل بعضممهم نفل وإن‬
‫قلنا هو واجب على الكل فأوضح وأوضح لن كل من صممدر‬
‫منه الفعل مخاطب بالوجوب وموصوف بأن الفممرض تمموجه‬
‫عليه فهو من هذه الجهة شبيه بفممروض العيممان مممن حيممث‬
‫توجهه على كل فرد فرد وإن اختلفا في وجمموب المباشممرة‬
‫ومن توجه عليه فرض ففعله ل يقال إن فعله نفممل بممل هممو‬
‫فرض قطعا سبقه غيره إلى فعممل مثلممه أو ل وهممذا مسمملك‬
‫تحقيقممي مبنممي علممى أصممل قاعممدة فممرض الكفايممة وكيفيممة‬
‫توجهه والقولن فيه مشهوران والجمهور على الثمماني وهممو‬
‫أنه واجب على الكمل ويسممقط بمالبعض وممممن رجحمه مممن‬
‫المتأخرين المام فخر الممدين الممرازي والشمميخ تقممي الممدين‬
‫السممبكي‪ ،‬المسمملك العاشممر قممال ابممن السممبكي فممي رفممع‬
‫الحاجب الفعال قسمممان ممما تتكممرر مصمملحته بتكممرره فهممو‬
‫على العيممان كممالظهر مثل مصمملحتها الخضمموع وهممو يتكممرر‬
‫بتكررها وممما ل يتكممرر وهممو فممرض الكفايممة كإنقمماذ الغريممق‬
‫وكسوة العاري ومن هنا يعلم أن المقصود من فرض العين‬
‫الفاعلون وأفعممالهم بطريممق الصممالة وفممي فممرض الكفايممة‬
‫الغرض وقوع الفعل من غير نظر إلممى فمماعله وهممذا معنممى‬
‫قول الغزالي في فرض الكفاية أنه كممل مهممم دينممي يقصممد‬
‫الشرع حصوله ول يقصد به عين من يتوله قال فممان قلممت‬
‫كيف تستحبون صلة الجنممازة لمممن لممم يصمملها مممع حصممول‬
‫الفرض بالصلة أو ل قلت الغرض بالذات من صلة الجنازة‬
‫‪114‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫انتفمماع الميممت والممدعاء سممبب فمممن لممم يتحقممق النتفمماع‬
‫يستحب الصلة إذ يحتمل أن الله تعالى لممم يسممتجب دعمماء‬
‫الوليممن وإنممما لممم نمموجب إعممادة الصمملة لئل نمموجب ممما ل‬
‫يتناهى إذ لسنا على يقين مممن السممتجابة فممي واحممدة مممن‬
‫الصلوات وأيضمما فالسممتجابة ليسممت فممي قممدرتنا والتوصممل‬
‫إليهمما مممرة واجممب وبممما زاد مسممتحب فممان قلممت قممد قممال‬
‫الصحاب إن صلة الطائفة الثانيممة تقممع فرضمما مممع سممقوط‬
‫الحرج والثم بالولى فكيف تكممون فرضمما مممع جممواز تركهمما‬
‫قلت فرض الكفاية قسمان ما يحصل تمممام المقصممود منممه‬
‫أل ول يقبمل الزيمادة كإنقماذ الغريممق فهمذا إذا وقمع فعلمه ل‬
‫يتصور وقوعه ثانيمما وممما يتجممدد بممه مصمملحة بتكممرر الفاعممل‬
‫كالشتغال بالعلم وصلة الجنازة فهذا كل مممن أوقعممه وقممع‬
‫فرضا فإن قلت رد السلم فرض كفاية وقد قال الصممحاب‬
‫لو سلم علممى جماعممة فأجمماب الجميممع كممانوا كلهممم مممؤدين‬
‫للفرض سممواء أجمابوا معما أم علمى التعمماقب ومقتضمى مما‬
‫تقولممون أن الفممرض فيممما إذا أجممابوا علممى التعمماقب الول‬
‫لحصول تمام المقصود به قلت المقصممود الممذي مممن أجلممه‬
‫شرع أصل السلم إلقمماء المممودة بيممن المسمملمين علممى ممما‬
‫قممال صمملى اللممه عليممه وسمملم )أل أدلكممم علممى شمميء إذا‬
‫فعلتموه تحاببتم أفشوا السلم بينكم( والمودة ل تحصل إل‬
‫إذا بين المجيممب والمبتممدئ دون السمماكت ولممذلك يسممتحب‬
‫للثاني الجواب فإذا أجاب وقع فرضمما كممما قلنمماه انتهممى ممما‬
‫في رفع الحاجب‪.‬‬
‫كتاب الزكاة‬
‫مسألة ‪ -‬قالوا ل زكاة في التين‬
‫قممال فممي الروضممة بل خلف وهممو مشممكل لنممه فممي معنممى‬
‫العنب بل أولى‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المدار في الزكاة على ورود النص ول مدخل‬
‫للقياس في ذلك ولم يثبت نص في إيجابها في التين‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما المراد بفقير البلد الذي تصرف إليه الزكمماة‬
‫هل هو مممن أدرك وقممت الوجمموب بنيممة تقطممع الممترخص أم‬
‫كيممف الحممال وإذا لممم يقبممل الفقممراء الزكمماة هممل يجممبرهم‬

‫‪115‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحاكم أم ل وإذا لم يجبرهم هل يجوز النقممل مممع وجممودهم‬
‫أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المراد بفقير البلد من كممان ببلممد المممال عنممد‬
‫الوجوب صرح به المام وغيره‪ ،‬وذكر الزركشي فممي شممرح‬
‫المنهاج أن الفقراء إذا امتنعوا مممن أخممذ الزكمماة قوتلمموا ول‬
‫يصح لهم إبراء رب المال منها‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬شافعي ل يجمموز أن يقتصممر فممي إخممراج زكمماة‬
‫فقطره على أقل من ثلثة من كل صنف هممل يجمموز لممه أن‬
‫يقلد بعض المذاهب ممن يجوز القتصار على أقل من ذلك‬
‫إذ يعسر عليه إخراج قممدحين لشممخاص متعممددة أم ل فممإن‬
‫جوزتم فهل يسوغ له ذلك مع أنه أخرجهمما قبممل ذلممك علممى‬
‫مقتضى مذهبه سنين وهل يشترط في ذلك أن تممدعو إليممه‬
‫ضرورة أم ل وإذا وكل من مذهبه جواز أقل من ثلثة فهممل‬
‫يجب على الوكيل أن يراعي مذهب الموكممل أم ل فممإن لممم‬
‫يجب وأخرجها لقل من ثلثة فهل تسقط عن الموكل أم ل‬
‫فإن لممم تسممقط فهممل يلممزم الوكيممل إخراجهمما مممن ممماله أو‬
‫يستردها من الفقير أو يخرج الموكل بدلها من عنده‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يجوز للشافعي أن يقلد بعممض المممذاهب فممي‬
‫همذه المسمألة سمواء عممل فيهما فيمما تقمدم بممذهبه أم ل‬
‫وسواء دعت إليممه ضممرورة أم ل خصوصمما أن صممرف زكمماة‬
‫الفطر لقل من ثلثممة رأى فممي المممذهب فليممس الخممذ بممه‬
‫خروجمما عممن المممذهب بالكليممة بممل أخممذ بأحممد القممولين أو‬
‫الوجهين فيه وتقليد لمن رجحه من الصحاب‪ ،‬وأما مسممألة‬
‫الوكيل فينظر أن عين له الموكل الدفع إلى عدد فليس لممه‬
‫أن يدفع إلى أقل منه فإن فعل استرد من الفقير فإن تعذر‬
‫غرم الوكيل لبقية الشخاص من ممماله وإن أطلممق فيحتمممل‬
‫بطلن هذا التوكيل ويحتمل صحته ويراعى مذهب الموكممل‬
‫تنزيل للطلق منزلة التعين بقرينة المعتقد وهممذا الحتمممال‬
‫اظهر فإن صرفها والحالة هذه لواحد استرد فإن تعذر غرم‬
‫لحد عشر نفرا إذ الموجود من الصناف الن أربعة فيغممرم‬
‫لتسعة ثلثة أرباع قدحين وذلك قممدح ونصممف ولثنيممن أقممل‬
‫متمول ومدارك جميع ما قلناه من التخريممج ل تخفممى علممى‬
‫من له إلمام بالفقه‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫بذل العسجد لسؤال المسجد‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصممطفى‪ .‬السممؤال‬
‫في المسجد مكروه كراهة تنزيه وإعطاء السائل فيه قربممة‬
‫يثاب عليها وليس بمكروه فضل عممن أن يكممون حراممما هممذا‬
‫هو المنقول والذي دلممت عليممه الحمماديث أممما النقممل فقممال‬
‫النووي في شرح المهذب في باب الغسل فرع ل بأس بأن‬
‫يعطي السائل في المسجد شيئا لحديث عبممد الرحمممن بممن‬
‫أبي بكر الصممديق قمال قممال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم )هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا( فقممال أبممو بكممر‬
‫دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة في يد‬
‫عبد الرحمن فأخذتها فممدفعتها إليممه ‪ -‬رواه أبممو داود بإسممناد‬
‫جيممد ‪ -‬هممذا كلم شممرح المهممذب بحروفممه‪ ،‬والحممديث الممذي‬
‫أورده فيممه دليممل للمريممن معمما إن الصممدقة عليممه ليسممت‬
‫مكروهة وإن السؤال في المسجد ليس بمحرم لنممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم اطلع على ذلك بأخبار الصديق ولممم ينكممره‬
‫ولو كان حراما لم يقر عليه بل كان يمنع السائل من العممود‬
‫إلممى السممؤال فممي المسممجد وبممذلك يعممرف أن النهممي عممن‬
‫السممؤال فممي المسممجد أن ثبممت محمممول علممى الكراهممة‬
‫والتنزيه وهذا صارف له عن الحرمة قلت ومن أخذ تحريمه‬
‫من كونه مؤديا للمصلين برفع الصوت فأكثر ما ينهض ذلممك‬
‫دليل للكراهة وقد نص النووي في شرح المهذب علممى أنممه‬
‫يكره رفع الصوت بالخصومة في المسجد ولم يحكممم عليممه‬
‫بممالتحريم وكممذا رفممع الصمموت بممالقراءة والممذكر إذا آذى‬
‫المصمملين والنيممام نصمموا علممى كراهتممه ل تحريمممه والحكممم‬
‫بالتحريم يحتاج إلى دليل واضح صحيح السناد غير معارض‬
‫ثم إلى نص مممن أحممد أئمممة المممذهب وكممل مممن المريممن ل‬
‫سبيل إليممه‪ ،‬ثممم رأيممت أبمما داود والممبيهقي اسممتدل بالحممديث‬
‫المذكور على جواز المسالة في المسممجد فإنهممما قممال فممي‬
‫سممننهما بمماب المسممألة فممي المسممجد وأوردا فيممه الحممديث‬
‫المذكور‪ ،‬وأخرجه الحاكم في مستدركه فممي كتمماب الزكمماة‬
‫وقال صحيح على شرط مسلم قال المنممذري وقممد أخرجممه‬
‫‪117‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسلم في صحيحه والنسممائي فممي سممننه منممه حممديث أبممي‬
‫حازم سليمان الشجعي عن أبممي هريممرة رضممي اللممه عنممه‪،‬‬
‫قلت وأخرجه البخاري في أحكام المساجد للزركشي‪ ،‬ومن‬
‫الحاديث الدالة لما قلناه ما أخرجه الطبراني في الوسممط‬
‫عن عمار بن ياسر قال وقممف علممى علممي بممن أبممي طممالب‬
‫سائل وهو راكع في تطمموع فنممزع خمماتمه فأعطمماه السممائل‬
‫فنزلممت )إنممما وليكممم اللممه ورسمموله والممذين آمنمموا الممذين‬
‫يقيمون الصلة ويؤتون الزكمماة وهممم راكعممون( واخمرج ابمن‬
‫مردويه في تفسيره عن ابن عباس قال خمرج رسمول اللمه‬
‫صلى الله عليه وسمملم إلممى المسممجد والنمماس يصمملون وإذا‬
‫مسكين يسأل فقال أعطاك أحد شيئا قال نعم ذاك القممائم‬
‫قال على أي حال أعطاك قال وهو راكممع قممال وذلممك علممى‬
‫فكير رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم وتل اليممة )إنممما‬
‫وليكم اللمه ورسموله والمذين آمنموا المذين يقيممون الصملة‬
‫ويؤتون الزكاة وهم راكعون( وأخرج ابن جرير في تفسمميره‬
‫من طريق آخر عن ابن عباس قال كان علي قائممما يصمملي‬
‫فمر سائل وهو راكع فأعطاه خمماتمه فنزلممت اليممة‪ ،‬واخممرج‬
‫أبو الشيخ بن حبان وابن مردويه في تفسمميرهما عممن علممي‬
‫بممن أبممي طممالب قممال نزلممت هممذه اليممة )إنممما وليكممم اللممه‬
‫ورسوله ‪ -‬الية( على النبي صلى الله عليه وسلم في بيتممه‬
‫فخرج رسول الله صلى الله عليممه وسمملم والنمماس يصمملون‬
‫فإذا سائل فقال أعطمماك أحممد شمميئا قممال ل إل ذاك الراكممع‬
‫لعلى أعطاني خاتمه‪ ،‬وأخرج ابممن أبممي حمماتم فممي تفسمميره‬
‫وابن عساكر في تاريخه عن سلمة بممن كهيممل قممال تصممدق‬
‫علي بخاتمه وهو راكع فنزلت )إنما وليكممم اللممه ورسمموله ‪-‬‬
‫الية( فهذه خمممس طممرق لنممزول هممذه اليممة الكريمممة فممي‬
‫التصممدق علممى السممائل فممي المسممجد يشممد بعضممها بعضمما‪،‬‬
‫وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه والبيهقي في شعب‬
‫اليمان عن حذيفة بن اليمممان قممال قممام سممائل علممى عهممد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فسممأل فسممكت القمموم ثممم إن‬
‫رجل أعطاه فأعطمماه القمموم فقممال النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم )من سن خيرا فاستن به فله أجره ومثل أجممور مممن‬
‫اتبعه غير منتقص من أجورهم( ثم أن النهممي عممن السممؤال‬
‫‪118‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فممي المسممجد لممم يممرد مممن طريممق صممحيح‪ ،‬وممما وقممع فممي‬
‫المدخل لبن الحاج مممن حممديث )مممن سممأل فممي المسمماجد‬
‫فاحرموه( فإنه ل أصل لممه وإنممما قلنمما بالكراهممة أخممذا مممن‬
‫حممديث النهممي عممن نشممد الضممالة فممي المسممجد‪ ،‬وقمموله إن‬
‫المساجد لم تبن لهذا قال النووي في شرح مسلم في هذا‬
‫الحديث النهي عن نشد الضالة في المسجد ويلحممق بممه ممما‬
‫في معناه في البيع والشراء والجارة ونحوها وكراهممة رفممع‬
‫الصوت في المسجد بالعلم وغيره وأجاز أبو حنيفة ومحمممد‬
‫بن مسمملمة مممن أصممحاب مالممك رفممع الصمموت فيممه بممالعلم‬
‫والخصومة وغير ذلك مما يحتاج الناس إليممه لنممه مجمعهممم‬
‫فل بد لهم منه انتهى‪.‬‬

‫}كتاب الصيام{‬
‫مسممألة ‪ -‬لممو ولممدت الصممائمة ولممدا جافمما فهممل يبطممل‬
‫صومها أم ل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ذكممر النممووي المسممألة فممي شممرح المهممذب‬
‫وحكى فيها طريقين أحدهما القطممع بممأنه ل يبطممل والثمماني‬
‫فيه وجهان بناء على الغسل إن أوجبناه بطل وإل فل هكممذا‬
‫أرسل الطريقين من غير ترجيح‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا ارتد الصائم ثم عاد إلى السلم فممي بقيممة‬
‫يومه فهل يعتد يصومه أم ل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ذكممر صمماحب البحممر المسممألة وحكممى فيهمما‬
‫وجهين مبنيين على أن نية الخروج من الصمموم هممل تبطلممه‬
‫ومقتضاه تصحيح عممدم البطلن فممإنه الصممح فممي المسممألة‬
‫المبنى عليها‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل عليممه صمملة العشمماء‪ .‬وهممو فممي شممهر‬
‫رمضان فقام قبل الفجر يصليها فتذكر في خلل الصلة أنه‬
‫لم ينوِ الصمموم والمموقت ضمميق بحيممث أنممه إن قطممع الصمملة‬
‫ونوى الصوم خرج وقت الصلة وإن أتم الصلة خرج وقممت‬
‫النية فهل له أن يبطل أحدهما ويقضيه أو ينوي بقلبممه وهممو‬
‫في الصلة وإذا نوى بقلبه فهل يحصل تشريك في العبممادة‬
‫أم ل‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬ل يجوز له قطع الصلة ول ترك النية بل عليه‬
‫أن ينوي بقلبه في أثنمماء الصمملة ول يضممر ذلممك وليممس هممذا‬
‫تشريكا‪.‬‬

‫}كتاب الحج{‬
‫مسألة ‪ -‬الطواف هل هو يمين أو يسار‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬يسممري إلممى ذهممن كممثير مممن النمماس مممن‬
‫اشتراطنا جعل البيت عن يسار الطائف أن الطممواف يسممار‬
‫وليس كذلك بل هو يمين‪ ،‬وبيان ذلك مممن وجهيممن‪ :‬أحممدهما‬
‫أن الطائف عن يمين الممبيت لن كممل مممن كممان عممن يسممار‬
‫شيء فذلك الشيء عن يمينه‪ ،‬الثاني أن من استقبل شمميئا‬
‫ثم أراد المشي عن جهة يمينه فإنه يجعل ذلك الشيء عممن‬
‫يساره قطعا‪ ،‬وقد ثبممت فممي حممديث مسمملم عممن جممابر أنممه‬
‫صلى الله عليه وسلم أتى الميت فاستقبل الحجر ثم مشى‬
‫عن يمينه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل ل مال له وله وظائف فهل يلزمه النزول‬
‫عنها بمال ليحج‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يلزمممه ذلممك وليممس هممو مثممل بيممع الضمميعة‬
‫المعممدة لنفقتممه لن ذلممك معاوضممة ماليممة والنممزول عممن‬
‫الوظائف إن صححناه مثل التبرعات‪.‬‬

‫فتاوى المعاملت‬
‫}كتاب البيع{‬
‫مسألة ‪ -‬في دارين مشتركين بين جماعة‬
‫لكل منهم حصة تباين الخرى في كل منهما فباعوا الدارين‬
‫بثمممن واحممد فممي صممفقة واحممدة فهممل الممبيع فاسممد لتحقممق‬
‫الجهالة في الثمن المبتاع به حصممة كممل واحممد كممما لممو بمماع‬
‫عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد وجزموا فيه بالبطلن لما‬
‫فيه من جهالة قسطه أم صحيح‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الظاهر الصمحة‪ ،‬والفممرق بيمن هممذه المسمألة‬
‫وبين المسألة المقيس عليها واضح لن الثمممن فممي اختلف‬
‫الحصص معلوم بالجزئية بخلفه في مسألة العبد من حيممث‬
‫لكل عبد منهما نعم لو كانا في مسممالة العبممدين مشممتركين‬
‫‪120‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فيهممما بالحصممص علممى حممد اشممتراكهما فممي الممدارين اتجممه‬
‫الصحة أيضا لحصول العلم بالجزئية‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما يفعله بعض الناس من تركيب حوائج يجتمع‬
‫منها ذهب أو فضة ويسمى الكيمياء ويبيعه هممل يجمموز أم ل‬
‫أو يفرق بين ممما يظهممر للنقمماد وبيممن غيممره وكممذلك تركيممب‬
‫حوائج يظهر منها توتيا أو لدن أو زيمماد أو نيلممة أو سمممن أو‬
‫قطران أو نحو ذلك هل يباح ويحل أكل ثمنه كالغاليممة أم ل‬
‫كالمسك المخلوط بغيره واللبن المخلموط بالمماء أو يفممرق‬
‫بين ما إذا بين الحال للمشممتري وبيممن ممما إذا لممم يممبينه وإذا‬
‫بين وعلم البائع أن المشتري يبيعه من غير بيان فهل يحممل‬
‫له أكل ثمنه أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما مسالة الكيمياء فالذي يقطع به فيها عدم‬
‫الجواز وعملها من جملة الفساد فممي الرض فل يصممح فيهمما‬
‫البيع سواء ظهر للنقاد أم ل‪ ،‬وأما المركب الذي يظهر منممه‬
‫توتيا ونحوه الذي نقطع به فيه الجممواز قياسمما علممى الغاليممة‬
‫ويشترط للحل الدافع للثم أن يبين الحال حذرا من الغممش‬
‫والتدليس‪ ،‬والفرق بينه وبيمن مسمألة الكيميماء ظماهر فمإنه‬
‫ليممس فيمه ممن الفسماد مما فيهما ممن حيممث أن القممدر مممن‬
‫الكيمياء يباع مثل على أنه ذهب بدينار وإذا حقق أمره رجع‬
‫إلممى قيمممة الفلممس بخلف المركممب المممذكور‪ ،‬ويجمموز بيممع‬
‫المركب المذكور وإن علم أن المشتري يبيعه من غير بيان‬
‫والثم في ذلك على المشتري إذا لم يبين‪ ،‬والفرق بين هذا‬
‫المركب وبين مسألة اللبن والمسك المخلوطين هو الفرق‬
‫بينهما وبين الغالية‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل باع بستانا وفيه قمين طوب فهل يممدخل‬
‫في البيع أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يدخل إل إن صرح بدخوله وإن أطلق فل‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل له حصة في فرس باعها لنسان وسلمه‬
‫جميع الفممرس مممن غيممر إذن شممريكه فسممافر عليهمما سممفرا‬
‫عنيفا حتى أمرضها فمن يطالب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الذي سلم الفرس بغير إذن شممريكه ضممامن‬
‫لحصة شريكه فللشريك مطممالبته ومطالبممة الممذي أمرضممها‬
‫بالسفر والقرار عليه‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫باب الربا‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل بمماع عشممرين نصممفا فضممة مغشوشممة‬
‫بعشرة أنصاف طيبة واقبض في المجلس فهل البيع صحيح‬
‫أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذه الصورة لها أحوال الول أن يكون فضممة‬
‫العشرين مساوية لفضة العشرة وزنا‪ ،‬الثاني أن يكون أقل‬
‫منهمما‪ ،‬الثممالث أن يكممون اكممثر ول يصممح الممبيع فممي الحمموال‬
‫الثلث أما في الثاني والثالث فواضح لزيممادة أحممد الجممانبين‬
‫فممي الربمموي وأممما فممي الول فهممو مممن قاعممدة مممد عجمموة‬
‫ودرهم‪ ،‬ومن باع ربويا بمثله ومع أحد العوضين جنممس آخممر‬
‫فالبيع باطل‪.‬‬
‫باب الخيار‬
‫مسألة ‪ -‬رجل اشترى حلة نحاس بشممرط الممبراءة مممن‬
‫كل عيب ثم وجد بها عيبا فهل يصح البيع أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو صحيح ولكن الشرط باطل فإذا وجد عيبما‬
‫قديما فله الرد‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل بمماع جاريممة أبقممت عنممده فممأبقت عنممد‬
‫المشتري فاشتكاه وطالبه بثمنها فهل له ذلممك أو ليممس لممه‬
‫حتى ترجع من اباقتها‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ليممس لممه الرجمموع عليممه بثمممن الجاريممة ول‬
‫بالرش حتى ترجع من إباقها فيردها عليه إن لممم يكممن بيممن‬
‫له هذا العيب وأما في حال البمماق فل مطالبممة لممه بممالثمن‪،‬‬
‫وهذا الفرع عزيز النقل ولم يتعرض له الرافعي ول النممووي‬
‫وإنما نقله السبكي في تكملة شرح المهذب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل اشترى أمة على أنها مغبة فبممانت حممامل‬
‫فهل له الرد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم لن المغبة في العرف مممن انقطممع دمهمما‬
‫في أيام العادة ل بحمل ولهذا يقال فلنة ظنت حامل فبانت‬
‫مغبة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل اشترى شممقتين صممفقة واحممدة ثممم وجممد‬
‫بإحداهما عيبا فهممل يثبممت الممبيع فممي إحممداهما ويفسممد فممي‬
‫الخرى أو يفسد فيهما وهل يجبر البائع علممى أرش الشممقة‬
‫‪122‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لرغبة المشتري فيهما وإن كان المشتري قممد تصممرف فممي‬
‫إحداهما فما الحكم وهل يلزمممه يميممن أنممه ممما اطلممع علممى‬
‫العيب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬البيع صحيح في الشمقتين وللمشمتري الخيمار‬
‫عند ظهور العيب فيردهما معمما وليممس لممه أن يممرد المعيبممة‬
‫ويمسمممك السمممليمة ول طلمممب الرش‪ ،‬نعمممم إذا تصمممرف‬
‫المشتري في واحدة ثم ظهر بالخرى عيب فليس له الممرد‬
‫حينئذ لتبعيض الصفقة بل يطالب بالرش وإذا ادعممى البممائع‬
‫أن المشتري اطلع على العيب حلف المشتري أنه لم يطلع‬
‫عليه‪.‬‬

‫باب القالة‬
‫مسألة ‪ -‬رجل باع حمارا ثم طلب من المشتري القالة‬
‫فقال بشرط أن تبيعه لي بعممد ذلممك بكممذا فقممال نعممم فلممما‬
‫أقاله امتنع من البيع فهل تصح هذه القالة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إن كان هممذا الشممرط لممم يممدخله فممي صمملب‬
‫القالة بل تواطممأ عليممه قبلهمما ثممم حصمملت القالممة فالقالممة‬
‫صممحيحة والشممرط لغ ول يلزمممه الممبيع لممه ثانيمما وإن ذكممر‬
‫الشرط في صلب القالة فسدت القالة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل استأجر بيتمما سممنة ثممم أجممره لخممر بمماقي‬
‫إجارته ثم تقابل المستأجر الول مع المؤجر فإجارة الثمماني‬
‫صحيحة أم ل ومن يطالب المستأجر الثاني وبممماذا يطممالب‬
‫بالثمن أم بأجرة المثل‪.‬‬
‫الجمممواب ‪ -‬المممذي يظهمممر بطلن القالمممة فمممي العيمممن‬
‫المستأجرة بعد إيجارها لتعلق حممق الغيممر بهمما ولن القالممة‬
‫واردة في هذه الحالة علممى المنفعممة وهممي غيممر باقيممة فممي‬
‫ملكه فأشبه ما لو تقايل في العين المبيعممة بعممد بيعهمما وهممو‬
‫باطممل بل شممبهة وإذا بطممل القايممل فالجممارة الثانيممة باقيممة‬
‫والمطالبة للمؤجر الثاني بما آجر به‪.‬‬

‫باب السلم‬
‫مسألة ‪ -‬رجل أسملم فمي سممبعة عشممر أردبمما أرزا إلمى‬
‫اجل معلوم وأقبض رأس المممال فغل السممعر فأرسممل إليممه‬
‫‪123‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫نصف هذا القدر وقال إنما جعلت الدراهم عندي وديعة وقد‬
‫اشتريت لك بها هذا القدر‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬إن قممامت بينممة بالسمملم المممذكور لزمممه أداء‬
‫الرز كامل ولو غل السعر وإن لممم تكممن بينممة حلممف أنممه ممما‬
‫أسلم إليه ولزمه رد المال الذي أدعى أنممه وديعممة ول يلممزم‬
‫المدعى قبول ما اشتراه لنه لم يصممدقه علممى أنممه أذن لممه‬
‫في الشراء‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل يجوز السلم في السكر الخام القممائم فممي‬
‫أعساله الذي ل تضبط له نار وإذا طبخ وصممار فممي القممماع‬
‫وطين بالطين ل يعلم أي شيء يحصل منه سكر ول عسممل‬
‫تارة يحصل السكر كثيرا وتارة قليل‪.‬‬
‫الجواب عن هذه المسممألة يتوقممف علممى مقدمممة وذلممك أن‬
‫النووي حكى في الروضة وجهيممن فممي السمملم فممي السممكر‬
‫ولم يرجح منهما شيئا وصحح في تصحيح التنبيه الجواز في‬
‫كممل ممما دخلتممه نممار لطيفممة ومثممل بالسممكر وقممد نممازعه‬
‫المتأخرون في ذلك بأمور منها منع كون نار السكر لطيفممة‬
‫بل هي قوية وممن نازع بذلك ابن عرفة قال بعضممهم وهممو‬
‫أجدر بذلك فإنه كان له مطبخ سكر ومنها أن المفهوم مممن‬
‫كلم الرافعي تصحيح المنع قال السنوي في شرح المنهاج‬
‫مقتضى كلم الرافعي في الكبير المنع فممي الجميممع‪ .‬يعنممي‬
‫السكر وما ذكر معه إل أن المصممنف غيممره حالممة الختصممار‬
‫فحكى فيممه وجهيممن مممن غيممر ترجيممح وقممال فممي المهمممات‬
‫الصح في الجميع هو المنع على ممما يقتضمميه كلم الرافعممي‬
‫فإنه قال والسمن والدبس والسكر والفانيممد كممالخبز ففممي‬
‫سلمها الوجهان هذا لفظه وهذا الكلم مقتضمماه المنممع فممي‬
‫جميع هذه الشياء لنه الصحيح في الخبز ويؤيده أن الصممح‬
‫في باب الربا إلحاق ما دخلته النار للتمييز بما دخلته للطبخ‬
‫حتى ل يجوز بيع بعضه ببعض فمأطلق النممووي ذكممر وجهيممن‬
‫فقط ولم يصرح في غير التصحيح بتصحيح ‪ -‬هممذا كلممه كلم‬
‫المهمممات‪ ،‬وقممال الشمميخ ولممي الممدين العراقممي فممي نكتممه‬
‫مقتضى كلم الرافعي ترجيح البطلن في السمن والممدبس‬
‫والسكر والفانيد فأنه جعل فيها المموجهين فممي السمملم فممي‬
‫الخبز والصح فيه البطلن وحذف في الروضة هذا التشممبيه‬
‫‪124‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأطلق ذكر وجهين انتهممى‪ .‬وحاصممل ذلممك ميممل المتممأخرين‬
‫إلى تصحيح المنع في السكر نقل ومعنممى أممما النقممل فلنممه‬
‫مقتضى كلم الرافعي في الشرح مع ممما عضممده مممن خلممو‬
‫كتب النووي عن تصريح بتصحيح سوى تصحيح التنبيه وإنما‬
‫صحح فيه الجواز بناء على أنا ناره لطيفممة ولممم يثبممت ذلممك‬
‫بل ثبت خلفه‪ ،‬وأما المعنى فما ذكرناه مممن قمموة نمماره مممع‬
‫القياس على باب الربا في التسوية بين نار التمييز وغيرهمما‬
‫أن ثبممت أن نماره لطيفمة نعمم جممزم البلقينمي بمالجواز فمي‬
‫السكر ونقلممه عممن النممص هممذا كلممه فممي السممكر وهممو غيممر‬
‫المسألة المسؤول عنها‪ ،‬أما المسألة المسؤول عنهمما فهممي‬
‫القند وهو غير السكر لغة وعرفا أما لغة فمممن راجممع كتممب‬
‫اللغممة وجممد الفممرق بينهممما فممي التعريممف‪ ،‬وأممما عرفمما فممإن‬
‫الفقهاء أفردوا المسممألتين وتكلممموا علممى كممل علممى حممدتها‬
‫فدل على أنهم أرادوا بالسكر غير القائم في أعساله الممذي‬
‫هو القند فممن أفرد الكلم على كل علممى حممدتها البلقينممي‬
‫في التدريب فقال عطفا على ممما يصممح السمملم فيممه‪ :‬وفمي‬
‫السكر علممى النممص وفممي القنممد صممرح بممه الممماوردي هممذه‬
‫عبارته‪ ،‬لكن المفهوم من كلم الشيخ ولي الممدين العراقممي‬
‫في فتاويه الميل إلى تصممحيح المنممع فيممه أخممذا مممن عممموم‬
‫كلم الصحاب فإنه قال فيها الذي يظهر من كلم الصحاب‬
‫أن القند ليس مثليا فإن ناره قوية ليست للتمييممز ويختلممف‬
‫جودة ورداءة بحسب تربة القصب وجودة الطبخ كما ذكممره‬
‫أهل الخبرة بذلك وهو داخل في عموم منع الفقهاء السمملم‬
‫فيما دخلته النار للطبخ لكممن صممحح الممماوردي السمملم فممي‬
‫القند ومقتضى ذلك أنه مثلممى هممذا لفظممه فممي فتمماويه وممما‬
‫جزم به في صدر كلمه فهما عن الصحاب هو المتجه وبممه‬
‫نفتي وليست المسممألة مصممرحا بهمما فمي كلم الشمميخين إل‬
‫أنها داخلة في عموم منعهما السلم فيما طبممخ ويزيممد علممى‬
‫السكر غررا بممما فيممه مممن الختلف بحسممب تربممة القصممب‬
‫فتارة يحصل منه السممكر كممثيرا وتممارة قليل بخلف السممكر‬
‫فإن هذا الغرر معدوم فيه والله أعلم‪.‬‬

‫باب القرض‬
‫‪125‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬لو اقترض جاريممة مجوسممية هممل يجمموز لكممونه‬
‫ممنوعا من وطئها الن أم ل لحتمال أن تسلم‪ ،‬ولممو تممزوج‬
‫امرأة ولم يدخل بها فهممل يجمموز لممه أن يقممترض ابنتهمما ولممو‬
‫اقترض الخنثى المشكل هل يجوز أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما الوليان فالمتجه فيهما منع القتراض كما‬
‫قاله السنوي في أخت الزوجة وعمتها وخالتها وأما الثالثممة‬
‫فيجوز ذلك منقول‪.‬‬

‫قطع المجادلة عند تغيير المعاملة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ ،‬وبعد فقد‬
‫كثر السؤال عما وقع كثيرا في هممذه الزمممان وهممو اختلف‬
‫الخصوم في المطالبة بعد المناداة على الفلوس كل رطممل‬
‫بثلثين درهما بعد أن كانت بستة وثلثين وهل يطممالب مممن‬
‫عليه الدين بقيمته يوم اللزوم أو يوم المطالبممة وهممل يأخممذ‬
‫من الفلوس الجممدد المتعامممل بهمما عممددا بممالوزن أو بالعممدد‬
‫فرأيت أن أنظر في ذلك وفي جميع فروعممه تخريجمما علممى‬
‫القواعد الفقهية وكذا لو نودي على الذهب أو الفضة‪ ،‬وقممد‬
‫وقع في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة عكس ما نحن فيممه‬
‫وهو عزة الفلوس وغلوهما بعمد كثرتهما ورخصمها تكلمم فمي‬
‫ذلك قاضممي القضمماة جلل الممدين البلقينممي كلممما مختصممرا‬
‫فنسوقه ثم نتكلمم بمما وعمدنا بممه‪ :‬نقلمت مممن خمط شميخنا‬
‫قاضي القضاة شيخ السلم علم الدين البلقيني رحمه اللممه‬
‫قال في فوائد الخ شيخ السمملم جلل الممدين وتحريممره ممما‬
‫قال اتفق في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة عزة الفلوس‬
‫بمصر وعلى الناس ديون في مصر من الفلوس وكان سعر‬
‫الفضة قبل عممزة الفلمموس كممل درهممم بثمانيممة دراهممم مممن‬
‫الفلوس ثممم صممار بتسممعة وكممان الممدينار الفلممورى بمممائتين‬
‫وسممتين درهممما مممن الفلمموس والهرجممة بمممائتين وثمممانين‬
‫والناصري بمائتين وعشرة وكان القنطار المصري سممتمائة‬
‫درهم فعزت الفلوس ونمودي علمى المدرهم بسمبعة دراهممم‬
‫وعلى الدينار بناقص خمسين فوقع السؤال عمممن لممم يجممد‬
‫فلوسا وقد طلممب منممه صمماحب دينممه الفلمموس فلممم يجممدها‬
‫‪126‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فقال أعطني عوضا عنها ذهبا أو فضة بسعر يوم المطالبممة‬
‫ما الذي يجب عليه‪ ،‬وظهر لي فممي ذلممك أن هممذه المسممألة‬
‫قريبة الشبه من مسألة أبل الدية والمنقول في ابممل الديممة‬
‫أنها إذا فقدت فإنه يجب قيمتها بالغة ما بلغت على الجديممد‬
‫قال الرافعي فتقوم البل بغالب نقد البلممد ويراعممى صممفتها‬
‫في التغليظ فإن غلب نقدان في البلد تخير الجمماني وتقمموم‬
‫البل التي لو كانت موجودة وجب تسممليمها فممإن كممانت لممه‬
‫ابل معيبة وجبت قيمة الصممحاح مممن ذلممك الصممنف وإن لممم‬
‫يكن هناك ابل فيقوم من صنف أقرب البلد إليهممم‪ ،‬وحكممى‬
‫صاحب التهذيب وجهيممن فممي أنممه هممل تعتممبر قيمممة مواضممع‬
‫الوجود أو قيمة بلد العممواز لممو كممانت البممل موجممودة فيهمما‬
‫والشبه الثاني ووقع في لفظ الشافعي أنه يعتبر قيمة يوم‬
‫الوجوب والمراد على ما يفهمه كلم الصحاب يوم وجمموب‬
‫التسممليم أل تراهممم قممالوا إن الديممة المؤجلممة علممى العاقلممة‬
‫تقوم كل نجم منهمما عنممد محلممه وقممال الرويمماني أن وجبممت‬
‫الدية والبل مفقممودة فتعتممبر قيمتهمما يمموم الوجمموب أممما إذا‬
‫وجبت وهي موجودة فلممم يتفممق الداء حممتى أعمموزت تجممب‬
‫قيمة يوم العواز لن الحق حينئذ تحول إلى القيمة انتهممى‪،‬‬
‫قال فهذه تناظر مسممألتنا لنممه وجممب عليممه متقمموم معلمموم‬
‫الوزن وهو قنطارة من الفلوس مثل فلم يجده فممإن جرينمما‬
‫على ظاهرالنص الذي نقلممه الرافعممي فل يلزمممه الحمماكم إل‬
‫بقيمة يوم القرار فينظممر فممي سممعر الممذهب والفضممة يمموم‬
‫القممرار ويحكممم عليممه القاضممي بممذلك وإن قلنمما بممما قمماله‬
‫الروياني فتجب قيمتها يوم العواز فإن القارير كانت قبممل‬
‫العزة ‪ -‬انتهى ما أجاب به ابن البلقيني‪ ،‬وأعلم أنه نحمما فممي‬
‫جوابه إلى اعتبار قيمة الفلوس‪ ،‬وذلك أنها عدمت أو عممزت‬
‫فلم تحصل إل بزيادة والمثلى إذا عدم أو عممز فلممم يحصممل‬
‫إل بزيادة لم يجب تحصيله كما صححه النووي في الغصممب‬
‫بل يرجع إلممى قيمتممه‪ ،‬وإنممما نبهممت علممى هممذا لئل يظممن أن‬
‫الفلوس من المتقومات وإنما هي من المثليات في الصح‪،‬‬
‫والممذهب والفضممة المضممروبان مثليممان بل خلف إل أن فممي‬
‫المغشوش منهما وجهمما أنممه متقمموم‪ ،‬إذا تقممرر هممذا فممأقول‬
‫تترتب الفلوس في الذمة بأمور منها القرض وقمد تقمرر أن‬
‫‪127‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القرض الصحيح يرد فيممه المثممل مطلقمما فممإذا اقممترض منممه‬
‫رطل فلوس فممالواجب رد رطممل مممن ذلممك الجنممس سممواء‬
‫زادت قيمته أم نقصت أما في صورة الزيادة فلن القممرض‬
‫كالسلم وسيأتي النقل فيه‪ ،‬وأممما فممي صممورة النقممص فقممد‬
‫قممال فممي الروضممة مممن زوائده ولممو أقرضممه نقممدا فأبطممل‬
‫السلطان المعاملة به فليس له إل النقد الذي أقرضممه نممص‬
‫عليه الشافعي رضي الله عنه فإذا كان هذا مع إبطاله فمع‬
‫نقص قيمته من باب أولى‪ ،‬ومممن صممورة الزيممادة أن تكممون‬
‫المعاملة بالوزن ثم ينادي عليها بالعممدد ويكممون العممدد أقممل‬
‫وزنا وقولي فالواجب إشارة إلى ما يحصل الجبار عليه من‬
‫الجانبين هذا على دفعه وهذا على قبوله وبه يحكم الحمماكم‬
‫أما لو تراضيا على زيادة أو نقص فل إشممكال فممإن رد أكممثر‬
‫من قدر القرض جائز بل مندوب وأخذ أقل منممه إبممراء مممن‬
‫الباقي‪ ،‬وقولي من ذلك الجنس احتراز من غيره كممأن أخممذ‬
‫بممدله عروضمما أو نقممدا ذهبمما أو فضممة وهممذا مرجعممه إلممى‬
‫التراضي أيضا فإنه استبدال وهو مممن أنممواع الممبيع ول يجممبر‬
‫فيممه واحممد منهممما فممإن أراد أخممذ بممدله فلوسمما مممن الجممدد‬
‫المتعامل بها عددا فهل هو من جنسممه لكممون الكممل نحاسمما‬
‫أول لختصاصممه بوصممف زائد وزيممادة قيمممة محممل نظممر‬
‫والظاهر الول لكن ل إجبار فيها أيضا لختصاصها بممما ذكممر‬
‫فإن تراضيا على قدر فذاك وإل فل يجبر المدين علممى دفممع‬
‫رطل منها لنه أزيد قيمممة ول يجممبر الممدائن علممى أخممذ قممدر‬
‫منها عددا لنه أنقص وزنا فإن عدمت الفلوس العتممق فلممم‬
‫توجد أصل رجع إلى قدر قيمتها من الذهب والفضممة ويعتممبر‬
‫ذلك يوم المطالبممة فيأخممذ الن لممو قممدر انعممدامها فممي كممل‬
‫عشرة أرطال دينارا‪ ،‬ولو اقترض منممه فلوسمما عممددا كسممتة‬
‫وثلثين ثم أبطل السلطان المعاملة بها عممددا وجعلهمما وزنمما‬
‫كل رطل بستة وثلثين كما وقع في بعض السنين فإن كان‬
‫الذي قبضه معلوم القدر بالوزن رجع بقدره وزنمما ول تعتممبر‬
‫زيممادة قيمتممه ول نقصممها‪ ،‬وإن لممم يكممن وزنممه معلوممما فهممو‬
‫قرض فاسد لن شرط القرض أن يكممون المقممرض معلمموم‬
‫القدر بالوزن أو الكيممل وقممرض المجهممول فاسممد والعممدد ل‬
‫يعتبر به والمقبوض الفاسد يضمن بالمثممل أو بالقيمممة وهنمما‬
‫‪128‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قد تعذر الرجوع إلى المثل للجهل بقدره فيرجع إلى القيمة‬
‫وهل يعتممبر قيمممة مما أخممذه يموم القبممض أو يموم الصممرف؟‬
‫الظاهر الول فقد أخذ ما قيمتممه يمموم قبضممه سممتة وثلثممون‬
‫فيرد ما قيمته الن كذلك وهو رطل أو مثله مممن الفضممة أو‬
‫الذهب‪.‬‬
‫)فرع( فإن وقع مثل ذلك في الفضة فإن اقممترض منممه‬
‫أنصافا بالوزن ثم نودي عليها بممأنقص أو بأزيممد أو بالعممدد أو‬
‫اقترض عددا ثم نودي عليها بالوزن فل يخفى قياسممه علممى‬
‫ما ذكرنا‪.‬‬
‫)فصممل( ومنهمما السمملم والصممح جمموازه فممي الممدراهم‬
‫والدنانير والفلوس بشرطه ومعلوم أنه ل يتصور فيه قسممم‬
‫العدد لشتراط الوزن فيه فإذا حل الجل لزمه القدر الممذي‬
‫أسلم فيه وزنا سواء زادت قيمته عما كان وقت السمملم أم‬
‫نقصت ويجب تحصيله بالغا ثمنه ما بلغ فإن عدم فليممس إل‬
‫الفسممخ والرجمموع بممرأس المممال أو الصممبر إلممى الوجممود ول‬
‫يجوز السممتبدال عنممه فممإن كممان راس المممال فلوسمما وهممي‬
‫باقية بعينها أخذها وإن تلفت رجع إلى مثلها وزنا‪.‬‬
‫)فصممل( ومنهمما ثمممن ممما بيممع بممه فممي الذمممة قممال فممي‬
‫الروضة وأصلها لو باع بنقد معين أو مطلممق وحملنمماه علممى‬
‫نقد البلد فأبطل السلطان ذلك النقد لم يكن للبائع إل ذلك‬
‫النقد كما لو أسلم فمي حنطمة فرخصمت فليممس لمه غيرهما‬
‫وفيه وجه شاذ ضعيف أنه مخير إن شاء أجمماز العقممد بممذلك‬
‫النقد وإن شاء فسممخه كمما لممو تغيممب قبممل القبممض انتهممى‪.‬‬
‫فأقول هنا صور أحدها أن يبيع برطل فلوس فهذا ليممس لممه‬
‫إل رطممل زاد سممعره أم نقممص سممواء كممان عنممد الممبيع وزنمما‬
‫فجعل عددا أم عكسه وكذا لممو بمماع باقيممة فضممة أو عشممرة‬
‫أنصاف وهي خمسة دراهم أو دنانير ذهب ثممم تغيممر السممعر‬
‫فليس إل الوزن الذي سمى‪ ،‬الثانية أن يبيع بألف فلوسمما أو‬
‫فضممة أو ذهبمما ثممم يتغيممر السممعر فظمماهر عبممارة الروضممة‬
‫المذكورة أن له ما يسمى ألفا عند البيع ول عبرة بما طممرأ‬
‫ويحتمل أن له ما يسمى ألفا عنمد المطالبمة وتكمون عبمارة‬
‫الروضة محمولة على الجنس ل على القدر وهذا الحتمممال‬
‫وإن كان أوجه من حيث المعنى إل أنه ل يتأتى فممي صممورة‬
‫‪129‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫البطممال إذ ل قيمممة حينئذ إل عنممد العقممد ل عنممد المطالبممة‬
‫ويرده أيضا التشبيه بمسألة الحنطة إذا رخصت‪ ،‬الثالثممة أن‬
‫يبيعه بعدد من الفضة أو مممن الفلمموس كعشممرة أنصمماف أو‬
‫مائة فلس في الذمة وهي مجهولة الوزن فهذا البيع فاسممد‬
‫والمقبوض به يرجع بقيمته فيما أطلقه الشيخان ل بممما بيممع‬
‫به وليس من غرضنا وإن قلنا يرجع في المثلى منه بالمثممل‬
‫كممما صممححه السممنوي فكممان المممبيع فلوسمما فممالحكم فيممه‬
‫كالمغضوب وسيأتي‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ومنها الجممرة وفيهمما الصممور الثلثممة المممذكورة‬
‫في البيع والرجوع في الثالثة إلى أجرة المثل‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ومنهمما الصممداق وفيممه الصممور المممذكورة أيضمما‬
‫والرجوع في الثالثة إلى مهر المثل‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ومنها بدل الغصب بأن غصب فلوسمما أو فضممة‬
‫أو ذهبا ثم تغير سعرها فإن تغير إلممى نقممص لزمممه رد مثممل‬
‫يساوي المغصوب في القيمة في أعلى أحواله من الغصب‬
‫إلممى التلممف أو إلممى زيممادة لزمممه رد المثممل وزنمما والزيممادة‬
‫للمالك فإن كان المغصمموب عممدديا فممالقول قممول الغاصممب‬
‫في قدر وزنه لنه غارم‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ومنها المقبمموض بمالبيع الفاسممد وحكمممه حكممم‬
‫الغصب وهو اعتبار أكثر القيمة مممن يمموم القبممض إلممى يمموم‬
‫التلف‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ومنها التلف بل غصب ويرجع فيه إلى المثممل‬
‫وزنا من غير اعتبار نقص ول زيادة‪ ،‬وكذا لو بيعت الفلمموس‬
‫أو الفضة أو الذهب ثم حصممل تقايممل بعممد تلفهمما رجممع إلممى‬
‫مثلها وزنا‪ ،‬وكذا لو كانت ثمنا وتلفت ثم رد المبيع بعيممب أو‬
‫غيره‪ ،‬وكذا لو التقطت وجمماء المالممك بعممد التملممك والتلممف‬
‫فالرجوع في الكل إلى المثل وزنمما ول يعتممبر ممما طممرأ مممن‬
‫زيادة السعر أو نقصممه‪ ،‬وكممذا لممو بيعممت ثممم حصممل تخممالف‬
‫وفسخ وهي تالفة فيما صححه صاحب المطلب لكممن الممذي‬
‫أطلقه الشيخان وجوب القيمة فيه وعلى هذا تعتممبر قيمتهمما‬
‫يوم التلف‪ ،‬ومنهمما لممو اسممتعيرت فممإن الصممح جممواز إعممارة‬
‫الدراهم والدنانير للتزين‪ ،‬والذي أطلقه الشيخان فممي تلممف‬
‫العارية الرجوع بالقيمة ويعتبر يوم التلممف وصممحح السممبكي‬
‫‪130‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرجمموع بالمثممل فممي المثلممى والمعتمممد إطلق الشمميخين‪،‬‬
‫ومنها لممو أخممذت علممى جهممة السمموم فتلفممت وفيهمما القيمممة‬
‫ويعتبر يوم القبض فيممما صممححه المممام ويمموم التلممف فيممما‬
‫صححه غيره‪ ،‬ومنها لو أخممذت علممى جهممة الزكمماة المعجلممة‬
‫واقتضى الحال الرجوع وهي تالفة رجع بمثلها وزنا‪ ،‬وكذا لو‬
‫جعلت صداقا ثم تشطر وهي تالفة رجع بنصف مثلها وزنمما‪،‬‬
‫ومنها لو أداهمما الضممامن عممن المضمممون حيممث لممه الرجمموع‬
‫وحكمه حكم القرض‪.‬‬
‫)فصل‪ :‬في حكم ذلك في الوقاف( إذا شممرط الواقممف‬
‫لرباب الوظائف معلوما من أحد الصناف الثلثممة ثممم تغيممر‬
‫سعرها عما كممان حالممة الوقممف فلممه حممالن الول أن يعلممق‬
‫ذلك بالوزن بأن يشرط مثقال من الذهب أو عشرة دراهممم‬
‫من الفضة أو رطلن من الفلوس فالمستحق المموزن الممذي‬
‫شرطه زاد سعره أم نقص‪ ،‬الثاني أن يعلقه بغيره كثلثمائة‬
‫مثل ويكون هممذا القممدر قيمممة الممدينار يممومئذ أو قيمممة اثنممى‬
‫عشر درهما ونصفا أو قيمممة عشممرة أرطممال مممن الفلمموس‬
‫فالعبرة بما قيمته ذلك فلو زاد سعر الدينار فصار بأربعمائة‬
‫فله في الحال الول دينار وفي الثاني ثلثة أرباع دينار ولممو‬
‫نقص فصار بمائتين فله في الحال الول دينار وفممي الثمماني‬
‫دينار ونصف‪ ،‬وكذا لو زادت قيمة دراهم الفضممة أو نقصممت‬
‫أو قيمة أرطال الفلوس فالمستحق ما يساوي ثلثمائة فممي‬
‫الحال الثاني وما هو الوزن المقرر في الحال الول‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬إذا تحصل ريع الوقف عند النمماظر أو المباشممر‬
‫أو الجابي فنودي عليه برخص نظر فإن حصل منممه تقصممير‬
‫في صرفه بأن شرط الواقف الصرف في كل شهر فحصل‬
‫الريع في الشهر الثاني وآخر الصرف يوما واحدا مع حضور‬
‫المستحقين في البلد عصى وإثممم ولزممه ضممان مما نقمص‬
‫بالمنادى في ماله لنه كالغاصب بوضممع يممده عليممه وحبسممه‬
‫عن المستحقين وإن نودي عليه والحالة هذه بزيممادة كممانت‬
‫للوقف كما هو واضح وإن لم يحصل منه تقصممير بممأن كممان‬
‫شرط الواقف الصرف في كل سنة مثل فحصل الريع قبممل‬
‫تمام السنة أو حصل عند الوقت الذي شرط الصرف عنده‬
‫بعض الريع وهو يسممير جممدا بحيممث ل يمكممن قسمممته وآخممر‬
‫‪131‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ليجتمممع ممما يمكممن قسمممته فهممذا ل تقصممير فيممه والنقممص‬
‫الحاصمممل يكمممون ممممن ضممممان الوقمممف ول يمممدخل علمممى‬
‫المستحقين منها شيء كما لو رخصت أجممرة عقممار الوقممف‬
‫فممإنه علممى الوقممف ول ينقممص بسممببها شمميء مممن معمماليم‬
‫المسممتحقين ولممو نممودي عليممه والحالممة هممذه بزيممادة كممانت‬
‫للوقف ثم عند الصرف إلى المستحقين يراعى ممما قممدمناه‬
‫في الحالين المذكورين في الفصل الذي قبممل هممذا ويعمممل‬
‫بما يقتضيه‪.‬‬
‫)فصل‪ :‬في الوصية( إذا أوصى له بأحد الصناف الثلثة‬
‫وتغير سعرها من الوصية إلممى الممموت فالظمماهر أنهمما علممى‬
‫الحالين المذكورين في الوقف إن علق بممالوزن فللموصممى‬
‫له ما ذكر سواء زاد السعر أم نقص كما لو أوصى له بثوب‬
‫فزادت قيمتممه أو نقصممت وإن علممق بالقممدر اسممتحق القممدر‬
‫المسمى‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ومما وقع السؤال عنه مممن طلممق زوجتممه ولممه‬
‫منها ولد وقممرر لممه القاضممي فرضمما كممل شممهر مممائة درهممم‬
‫بمعاملة تاريخه فهل يلزمه عند تغير السعر ممما قممدره مممائة‬
‫يمموم التقريممر أو يمموم الممدفع وأقممول إن كممان الولممد رضمميعا‬
‫والتقرير أجرة الرضاع فمالحكم ممما سممبق فمي الجمرة إنهما‬
‫على ثلث صور وهذه الصورة هممي الثانيممة فظمماهر ممما فممي‬
‫الروضة فممي مسممألة الممبيع أن عليممه ممما يسمممى مممائة عنممد‬
‫التقرير وعلى الحتممال المذي ذكرنماه أن عليمه مما يسممى‬
‫مائة عند المطالبة وإن كممان الوليممد فطيممما فممالمقرر نفقممة‬
‫القريب وأصل الواجب فيها إنما هو الصناف بقممدر الكفايممة‬
‫فممإذا رأى الحمماكم تقريممر عمموض عممن ذلممك مممن النقممود أو‬
‫الفلوس ثم تغير السعر فهذا الذي قممرر ليممس بلزم بممدليل‬
‫إنه لو زاد سعر القوت والدم احتيج إلى زيادة على المقرر‬
‫فممالواجب عليممه فممي هممذه الصممورة ممما يسمممى مممائة عنممد‬
‫المطالبة قطعا ول يطرقه احتمال أصل‪.‬‬
‫)فصل(‪ :‬ودين المكاتبممة يمأتي فيمه مما فمي المبيع وديممن‬
‫المخارجة ليس بالزم والمدار فيه على قدرة العبد‪.‬‬
‫)فصممل(‪ :‬ووقممع السممؤال عممن طبمماخ الشمميخونية يأخممذ‬
‫أنصباء المستحقين من الطعام والخبز فيبيعها ثم يدفع لهم‬
‫‪132‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في آخر الشهر قدرا معلوما أقل مما باع به وأقول إن كان‬
‫أخذه لها على جهة الشراء من أربابها فهممذا اشممتراء فاسممد‬
‫لنه شراء لما لم يوجد بعد فحكمه في البيع والقبض حكممم‬
‫المبيع الفاسد فيضمممنه بقيمتممه مممن النقممود وإن كممان علممى‬
‫جهة أنه وكيل عن أربابها في البيع فهو وكيممل بجعممل فممبيعه‬
‫وقبضه صحيح ثم إن جعل ثمن نصيب كل واحد علممى حممدة‬
‫ولم يخلطه بغيره ول تصرف فيه دفعه إليه برمته ولممه منممه‬
‫القدر الذي شرط له كالثلث مثل وإن تصرف فيه فهو متعد‬
‫بالتصممرف فيممه فالقممدر الممذي تصممرف فيممه يضمممنه بمثلممه‬
‫والباقي يدفعه بعينه وإن خلطه ضمنه أيضا بمثله‪.‬‬
‫)فرع(‪ :‬من فتاوى ابمن الصملح سمئل عمن رجمل تمزوج‬
‫امرأة على مبلغ من الفلمموس فممي الذمممة فانعممدم النحمماس‬
‫فهل يرجممع إلممى قيمممة الفلمموس بقيمممة البلممد الممذي عقممدوا‬
‫النكاح فيه أم بقيمة البلد الذي تطالب فيه؟ فأجاب ل يرجع‬
‫إلى قيمتها أصل كما ل يرجع إلممى قيمممة المسمملم فيممه عنممد‬
‫تعذره وإنما يثبت لها الرجمموع إلممى مهممر المثممل بالفسممخ أو‬
‫النفساخ‪.‬‬
‫وهذه فوائد نختم بها الكتاب‪:‬‬
‫)الولممى( يكممره للمممام أبطممال المعاملممة الجاريممة بيممن‬
‫الناس لما أخرجه أبو داود عن ابن مسعود قال نهى رسول‬
‫اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم أن تكسممر سممكة المسمملمين‬
‫الجارية بينهم إل من بأس‪.‬‬
‫)الثانية( أخرج ابن أبي شيبة فممي المصممنف عممن كعممب‬
‫قال أول من ضرب الدينار والدرهم آدم عليه السلم‪.‬‬
‫)الثالثممة( قممال فممي شممرح المهممذب قممال الشممافعي‬
‫والصحاب يكره للمام ضرب الدراهم المغشوشة للحديث‬
‫الصحيح )مممن غممش فليممس منمما( ولن فيممه إفسممادا للنقممود‬
‫وإضممرارا بممذوي الحقمموق وغلء السممعار وانقطمماع الجلب‬
‫وغير ذلك من المفاسممد قممال أصممحابنا ويكممره لغيممر المممام‬
‫ضرب المغشوش لما ذكرنماه فمي الممام ولن فيمه افتئاتمما‬
‫على المام ولنه يخفى فيغتر به بخلف ضرب المام‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)الرابعممة( قممال الصممحاب يكممره لغيممر المممام ضممرب‬
‫الدراهم والدنانير وإن كانت خالصة لنممه مممن شممأن المممام‬
‫ولنه ل يؤمن فيه الغش والفساد‪.‬‬
‫)الخامسة( قال الصحاب مممن ملممك دراهممم مغشوشممة‬
‫كره لممه إمسمماكها بممل يسممكبها ويصممفيها قممال القاضممي أبممو‬
‫الطيممب إل إذا كممانت دراهممم البلممد مغشوشممة فل يكممره‬
‫إمساكها قال في شرح المهذب وقممد نممص الشممافعي علممى‬
‫كراهة إمساك المغشوشة واتفق عليه الصممحاب لنممه يغممر‬
‫به ورثته إذا مات وغيرهم فمي الحيماة كمذا عللمه الشمافعي‬
‫وغيره‪.‬‬
‫)السادسة( قال في شرح المهذب إذا كان الغممش فممي‬
‫الدراهم مستهلكا بحيث لو صفيت لم يكن له صورة جمازت‬
‫المعاملممة بهمما بالتفمماق وإن لممم يكممن مسممتهلكا فممإن كممانت‬
‫الفضة معلومممة ل تختلممف صمحة المعاملممة بهمما علممى عينهما‬
‫الحاضرة وفي الذمة بالتفاق أيضا‪ ،‬وإن كانت الفضممة المتي‬
‫فيها مجهولة ففيها أربعة أوجه‪ :‬أصمحها الجمواز بعينممه وفمي‬
‫الذمة لن المقصود رواجها ول يضر اختلطها بالنحاس كممما‬
‫ل يضر بيع المعجونات بالتفاق وإن كانت أفرادهمما مجهولممة‬
‫المقدار‪ ،‬والثاني المنع لن المقصود الفضممة وهممي مجهولممة‬
‫كما ل يجوز بيمع اللبمن المخلموط بالمماء بالتفماق‪ ،‬والثمالث‬
‫يصح بأعيانها ول يصممح التزامهمما فممي الذمممة كممما يجمموز بيممع‬
‫الحنطة المختلطة بالشعير بعينممه ول يصممح السمملم فيهمما ول‬
‫قرضها‪ ،‬والرابع إن كان الغش فيها غالبا لم يجز وإل جاز‪.‬‬
‫)السابعة( قال الخطممابي كممان أهممل المدينممة يتعمماملون‬
‫بالدراهم عددا وقممت قممدوم رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم ويدل عليه قول عائشة في قصممة شممرائها بريممرة إن‬
‫شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحممدة فعلممت تريممد الممدراهم‬
‫فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسمملم إلممى المموزن وجعممل‬
‫المعيممار وزن أهممل مكممة وكممان المموزن الجمماري بينهممم فممي‬
‫الدرهم ستة دوانيق وهو درهم السلم فممي جميممع البلممدان‬
‫وكانت الدراهم قبل السمملم مختلفممة الوزان فممي البلممدان‬
‫فمنها البغلي وهو ثمانيممة دوانيممق والطممبرى أربعممة دوانيممق‪،‬‬
‫وكانوا يستعملونها مناصفة مائة بغلية ومممائة طبريممة فكممان‬
‫‪134‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في المئتين منها خمسة دراهم زكمماة فلممما كممان زمممن بنممي‬
‫أمية قالوا إن ضممربنا البغليممة ظممن النمماس أنهمما الممتي تعتممبر‬
‫للزكمماة فيضممر الفقممراء وإن ضممربنا الطبريممة ضممر أربمماب‬
‫الممموال فجمعمموا الممدرهم البغلممي والطممبرى وفعلوهممما‬
‫درهمين كل ستة دوانيق وأما الدنانير فكممانت تحمممل إليهممم‬
‫مممن بلد الممروم فلممما أراد عبممد الملممك بممن مممروان ضممرب‬
‫الدنانير والممدراهم سممأل عممن أوزان الجاهليممة فممأجمعوا لممه‬
‫على أن المثقال اثنان وعشرون قيراطمما إل حبممة بالشممامي‬
‫وإن كل عشرة من الدراهم سممبعة مثاقيممل فضممربها انتهممى‬
‫كلم الخطممابى‪ ،‬وقممال الممماوردي فممي الحكممام السمملطانية‬
‫استقر في السلم وزن الممدرهم سممتة دوانيممق كممل عشممرة‬
‫سبعة مثاقيل واختلف في سبب استقرارها على هذا الوزن‬
‫فقيل كانت في الفرس ثلثة أوزان منهمما درهممم علممى وزن‬
‫المثقال عشرون قيراطا ودرهممم اثنمما عشممر ودرهممم عشممر‬
‫فلما احتيج في السلم إلى تقديره أخذ الوسط مممن جميممع‬
‫الوزان الثلثة وهو اثنان وأربعون قيراطا فكان أربعة عشر‬
‫قيراطا من قراريط المثقممال وقيممل أن عمممر بممن الخطمماب‬
‫رضي الله عنممه رأى الممدراهم مختلفممة منهمما البغلممي ثمانيممة‬
‫دوانيق والطبري أربعة دوانيممق واليمنممى دانممق واحممد فقممال‬
‫انظروا أغلب ما يتعامل الناس به من أعلها وأدناهمما فكممان‬
‫البغلي والطبري فجمعا فكانا اثنا عشر دانقمما فأخممذ نصممفها‬
‫فجعلها ستة دوانيق فجعله درهم السلم‪ ،‬قال واختلف في‬
‫أول من ضربها في السلم فحكى عن سعيد بممن المسمميب‬
‫أن أول من ضربها في السلم عبد الملك بن مممروان قممال‬
‫أبو الزناد أمر عبممد الملممك بضممربها فممي العممراق سممنة أربممع‬
‫وسبعين من الهجرة وقال المدائني بل ضربها في آخر سنة‬
‫خمس وسبعين ثممم أمممر بضممربها فممي النممواحي سممنة سممت‬
‫وسبعين قال وقيل أول من ضربها مصعب بن الزبيممر بممأمر‬
‫أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضممرب الكاسممرة‬
‫ثم غيرها الحجاج انتهى كلم الماوردي‪ .‬وقال ابن عبد الممبر‬
‫فممي التمهيممد كممانت الممدنانير فممي الجاهليممة وأول السمملم‬
‫بالشام وعند عرب الحجاز كلهمما روميممة تضممرب بلد الممروم‬
‫عليها صورة الملك واسم الذي ضممربت فممي أيممامه مكتمموب‬
‫‪135‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالرومية ووزن كل دينار منها مثقال كمثقالنا هذا وهممو وزن‬
‫درهميممن ودانقيممن ونصممف وخمسممة أسممباع حبممة وكممانت‬
‫الدراهم بالعراق وأرض المشرق كلها كسروية عليها صورة‬
‫كسرى واسمه فيها مكتوب بالفارسية ووزن كل درهم منها‬
‫مثقال فكتب ملك الروم واسمه لوى بن قرفممط إلممى عبممد‬
‫الملك أنه قد أعد له سككا ليوجه بهمما إليممه فيضممرب عليهمما‬
‫الدنانير فقال عبد الملك لرسوله ل حاجة لنا فيها قد عملنمما‬
‫سككا نقشنا عليها توحيد الله واسم رسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكان عبد الملك قد جعل للدنانير مثاقيل من زجمماج‬
‫لئل تغير أو تحول إلى زيادة أو نقصان وكانت قبل ذلك من‬
‫حجارة وأمر فنودي أن ل يتبايع أحد بعد ثلثة أيام من ندائه‬
‫بدينار رومي فضرب الدنانير العربية وبطلت الرومية‪ ،‬وقال‬
‫القاضي عياض ل يصح أن تكون الوقية والممدراهم مجهولممة‬
‫في زمن رسول الله صملى اللممه عليمه وسمملم عليممه وسمملم‬
‫وهممو يمموجب الزكمماة فممي أعممداد منهمما ويقممع بهمما المبايعممات‬
‫والنكحة كما ثبت في الحاديث الصممحيحة قممال وهممذا يممبين‬
‫أن قول من زعم أن الدراهم لممم تكممن معلومممة إلممى زمممن‬
‫عبد الملك بن مروان وأنه جمعها برأي العلممماء وجعممل كممل‬
‫عشرة وزن سبعة مثاقيل ووزن الدرهم ستة دوانيممق قممول‬
‫باطل وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكممن منهمما شمميء‬
‫مممن ضممرب السمملم وعلممى صممفة ل تختلممف بممل كممانت‬
‫مجموعات من ضرب فارس والروم وصغارا وكبممارا وقطممع‬
‫فضممة غيممر مضممروبة ول منقوشممة ويمنيممة ومغربيممة فممرأوا‬
‫صرفها إلممى ضممرب السمملم ونقشممه وتصمّيرها وزنمما واحممدا‬
‫وأعيانا يستغني فيها عن الموازين فجمعوا أكبرها وأصغرها‬
‫وضربوه علممى وزنهممم‪ .‬وقممال الرافعممي أجمممع أهممل العصممر‬
‫الول على التقدير بهذا الوزن وهو أن الدرهم ستة دوانيممق‬
‫كل عشرة دراهممم سممبعة مثاقيممل ولممم يتغيممر المثقممال فممي‬
‫الجاهليممة ول السمملم‪ .‬وقممال النممووي فممي شممرح المهممذب‬
‫الصحيح الذي يتعين اعتماده واعتقاده أن الدراهم المطلقة‬
‫في زمن رسول الله صلى الله عليه وسملم كمانت معلومممة‬
‫الوزن معروفممة المقممدار وهممي السممابقة إلممى الفهممام عنممد‬
‫الطلق وبها تتعلق الزكاة وغيرهمما مممن الحقمموق والمقممادير‬
‫‪136‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشرعية ول يمنع من همذا كمونه كمان هنماك دراهمم أخمرى‬
‫أقل أو أكثر من هذا القدر فإطلق النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم الدراهم محمول على المفهوم عند الطلق وهو كل‬
‫درهم ستة دوانيق كل عشممرة سممبعة مثاقيممل وأجمممع أهممل‬
‫العصممر الول فمممن بعممدهم إلممى يومنمما هممذا ول يجمموز أن‬
‫يجمعوا على خلف ما كان في زمن رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم وخلفائه الراشدين‪ .‬وأما مقدار الدرهم والدينار‬
‫فقال الحافظ أبو محمد عبد الحق في كتمماب الحكممام قممال‬
‫ابن حزم بحثت غاية البحث عند كل من وثقت بتميزه فكل‬
‫أتفق على أن دينار الذهب بمكة وزنه ثنتممان وثمممانون حبممة‬
‫وثلثة أعشار حبة من حب الشعير المطلق والدرهم سممبعة‬
‫أعشار المثقال فوزن الدرهم المكي سبع وخمسون وسممتة‬
‫أعشار حبة وعشر عشر حبة والرطل مممائة درهممم وثمانيممة‬
‫وعشرون درهما بالدرهم المذكور‪ -‬هذا كلم ابن حزم‪ ،‬قال‬
‫النووي بعد إيراده في شرح المهذب وقال غيممر هممؤلء وزن‬
‫الرطممل البغممدادي مممائة وثمانيممة وعشممرون درهممما وأربعممة‬
‫أسباع درهم وهو تسعون مثقال انتهى‪ .‬وقال ابن سعد فممي‬
‫الطبقات حدثنا محمد بن عمر الواقدي حدثني عبد الرحمن‬
‫بن أبي الزناد عن أبيه قال ضرب عبممد الملممك ابممن مممروان‬
‫الدنانير والدراهم سنة خمس وسبعين وهو أول من أحممدث‬
‫ضربها ونقش عليها‪ ،‬وفي الوائل للعسكري أنه نقش عليها‬
‫اسمه‪ ،‬وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق الحميممدي‬
‫عن سممفيان قممال سمممعت أبممي يقممول أول مممن وضممع وزن‬
‫سبعة الحارث بن أبي ربيعة يعني العشرة عددا سبعة وزنا‪،‬‬
‫وأخرج ابن عساكر عن مغيرة قال أول من ضرب الممدراهم‬
‫الزيوف عبيد الله بن زياد وهو قاتممل الحسممين‪ .‬وفممي تاريممخ‬
‫الذهبي أول ضرب الدراهم في بلد المغممرب عبمد الرحممن‬
‫بن الحكم الموي القائم بالندلس في القرن الثممالث وإنممما‬
‫كانوا يتعاملون بما يحمل إليهم من دراهم المشرق‪ ،‬وأخرج‬
‫ابن أبي حاتم فممي تفسمميره عممن أبممي جعفممر قممال القنطممار‬
‫خمسة عشر ألف مثقال والمثقال أربعة وعشرون قيراطا‪،‬‬
‫وأخرج ابن جرير في تفسيره عن السدي في قمموله تعممالى‬

‫‪137‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)والقناطير المقنطرة( قال يعنممي المضممروبة حممتى صممارت‬
‫دنانير أو دراهم‪.‬‬
‫)الفائدة الثامنة( في تحرير الدراهم النقممرة الممتي كممان‬
‫يتعامممل بهمما فممي القممرن الثممامن وشممرطها أربمماب الدولممة‬
‫القلوونية في أوقافهم كشيخون وصرغتمش ونحوهما قال‬
‫الذهبي في تاريخه في سممنة اثنممتين وثلثيممن وسممتمائة أمممر‬
‫الخليفة المستنصر بضرب الدراهم الفضة ليتعامل بها بممدل‬
‫عن قراضة الذهب فجلممس المموزير وأحضممر الممولة والتجممار‬
‫والصيارفة وفرشممت النطمماع وأفممرغ عليهمما الممدراهم وقممال‬
‫المموزير قممد رسممم مولنمما أميممر المممؤمنين بمعمماملتكم بهممذه‬
‫الدراهم عوضا عن قراضة المذهب رفقما بكمم وإنقماذا لكمم‬
‫من التعامل بالحرام من الصرف الربوي فأعلنوا بالدعاء ثم‬
‫أديرت بالعراق وسعرت كل عشرة بدينار فقال الموفق أبو‬
‫المعالي بن أبي الحديد الشاعر في ذلك‪:‬‬
‫ل عدمنا جميل رأيك فينا * أنت باعدتنا عن التطفيف‬
‫ورسمت اللجين حتى ألفنا * ه وما كان قبل بالمألوف‬
‫ليس للجمع كان منعك للصر * ف ولكن للعدل والتعريف‬
‫وقممال أبممن كممثير فممي تمماريخه فممي سممنة سممت وخمسممين‬
‫وسممبعمائة رسممم السمملطان الملممك الناصممر حسممن بضممرب‬
‫فلمموس جممدد علممى قممدر الممدينار ووزنممه وجعممل كممل أربعممة‬
‫وعشرين فلسا بدرهم وكان قبل ذلك الفلمموس العتممق كممل‬
‫رطل ونصف بدرهم‪ .‬وهذا صممريح فممي أن الممدراهم النقممرة‬
‫كان سعرها كل درهم ثلثا رطممل مممن الفلمموس كممما أن ممما‬
‫قاله الذهبي صريح في أنه كممان سممعرها حيممن ضممربت كممل‬
‫درهم عشر دينار‪ .‬وقال الحافظ ابن حجر في تمماريخه أنبمماء‬
‫الغمر في سنة ست وسبعين وسبعمائة بيممع الردب القمممح‬
‫بمائة وخمسة وعشرين درهما نقممرة وقيمتهمما إذ ذاك سممت‬
‫مثاقيل ذهب وربع انتهى‪ .‬وهذا على أن كل عشرين درهممما‬
‫مثقال‪ .‬وقال ابممن حجممر أيضمما فممي هممذه السممنة غل الممبيض‬
‫بدمشمق فمبيعت الحبمة الواحمدة بثلمث درهمم ممن حسماب‬
‫ستين بدينار‪ ،‬وهذا أيضا على أن كل عشرين درهما مثقال‪.‬‬
‫)التاسعة( التعامل بالفلوس قديم‪ ،‬قممال الجمموهري فممي‬
‫الصمحاح الفلمس يجممع علممى أفلممس وفلموس وقمد أفلمس‬
‫‪138‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرجل صار مفلسمما كأنممما صممارت دراهمممه فلوسمما وزيوفمما‬
‫ويجوز أن يراد به أنه صار إلى حمال يقممال فيهمما ليممس معممه‬
‫فلس انتهى‪ .‬وهذا يدل على وجودها في زمن العرب وقممال‬
‫سعيد بن منصور في سننه ثنا محمد بن أبان عن حماد عن‬
‫إبراهيممم قممال ل بممأس بالسمملف فممي الفلمموس‪ -‬أخرجممه‬
‫الشافعي في الم والبيهقي في سننه دليل علممى أنممه ل ربمما‬
‫في الفلوس‪ ،‬وإبراهيم هو النخعي‪ ،‬وهذا يدل على وجودهمما‬
‫في القرن الول‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة فممي المصممنف عممن‬
‫مجاهد قال ل بأس بالفلس بالفلسين يدا بيممد‪ ،‬وأخممرج عممن‬
‫حممماد مثلممه‪ ،‬وأخممرج عممن الزهممري أنممه سممئل عممن الرجممل‬
‫‪0‬يشتري الفلوس بالدراهم قال هو صرف فل تفارقه حممتى‬
‫تستوفيه‪ ،‬وذكر الصممولي فممي كتمماب الوراق أنممه فممي سممنة‬
‫إحدى وسبعين ومائتين ولى هممرون بممن إبراهيممم الهاشمممي‬
‫حسبة بغداد في زمن الخليفة المعتمد فأمر أهممل بغممداد أن‬
‫يتعاملوا بالفلوس فتعاملوا بها على كره ثم تركوها‪.‬‬
‫)العاشرة( أخرج سعيد بن منصور في سننه عممن عمممر‬
‫بن الخطاب قال من زافت عليممه ورقممة فل يخممالف النمماس‬
‫أنها طياب وليبتع بهمما سمممل ثمموب أو سممحق ثمموب‪ ،‬وأخممرج‬
‫أيضا عن الشعبي أن عبد الله بممن مسممعود بمماع نفايممة بيممت‬
‫المال زيوفا وقسيات بدراهم دون وزنهمما فممذكر ذلممك لعمممر‬
‫بن الخطاب فنهاه وقال أوقد عليها حتى يذهب ما فيها مممن‬
‫نحاس أو حديد حتى تخلص الفضة ثم بع الفضة بوزنها‪.‬‬
‫)الحادية عشرة( أخرج ابممن أبممي حمماتم عممن سممعيد بممن‬
‫المسميب قمال قمرض المدنانير والمدراهم ممن الفسماد فمي‬
‫الرض‪ ،‬وأخممرج عممن عطمماء فممي قمموله تعممالى )وكممان فممي‬
‫المدينة تسعة رهط يفسدون في الرض ول يصلحون( قمال‬
‫كانوا يقرضون الدراهم‬
‫)الثانية عشر( قال العسكري في الوائل أول من اتخممذ‬
‫ألسنة الموازين من الحديد عبد الله بن عامر بن كريز‪.‬‬

‫باب الرهن‬
‫مسألة ‪ -‬رجل رهن بيتا فيه مطلقته المعتدة فهل يصممح‬
‫القبض له عن الرهن وهو مشحون بأمتعة مطلقته‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬يتوقف على مقدمممة وهممي أن الشمميخين فممي‬
‫الشرح والمحرر والروضة والمنهمماج وشممرح المهممذب عممبرا‬
‫في قبض العقار بممأن قممال يحصممل بالتخليممة والتمكيممن منممه‬
‫بشممرط فراغممه مممن أمتعممة البممائع‪ ،‬وكممذا عممبر البغمموي فممي‬
‫التهذيب والقمولي فممي الجممواهر فمماختلف المتممأخرون فممي‬
‫لفظة البائع هل هي قيد أو مثال فقال السنوي فممي شممرح‬
‫المنهاج خرج بقوله أمتعة البائع أمتعة المشتري والمستعير‬
‫والمستأجر والغاصب ثم قال و في هذا التعميممم نظممر ولممم‬
‫يتعممرض لممذلك فممي المهمممات‪ ،‬ونقممل الشمميخ ولممي الممدين‬
‫العراقي هذا الكلم فممي شممرح البهجممة واقتصممر عليممه ولممم‬
‫يتعرض له في النكت‪ ،‬وكذا قال ابن الملقن تقييده بأمتعممة‬
‫البائع يخرج ما عممداه كأمتعممة المشممتري والمسممتأجر‪ ،‬وكممذا‬
‫ابن النقيب في نكته وأما السبكي فلم يذكر شيئا بممل قممال‬
‫عقب عبارة المنهاج فيشترط فممي صممحة التسممليم تفريغهمما‬
‫وقال الذرعي في الغنية ذكر البائع يوهم التقييد به وأمتعممة‬
‫المسممتعير والمسممتأجر والموصممى لممه بالمنفعممة والغاصممب‬
‫كأمتعممة البممائع أممما لممو كممانت مشممغولة بأمتعممة المشممتري‬
‫فالظاهر أنه ل يشترط التفريممغ لصممحة القبممض‪ ،‬وقممال فممي‬
‫التوسط قوله بأمتعة البائع مثممال ثممم ذكممر ممما تقممدم وقممال‬
‫ويحتمممل أنممه احممترز بأمتعممة البممائع عممن أمتعممة المشممتري‬
‫والظمماهر أنممه خممرج علممى الغممالب ول مفهمموم لممه‪ ،‬وأغممرب‬
‫السنوي فقال في شرح المنهاج أنه يخرج مما عمداه واغمتر‬
‫به من شرح المنهاج من أصممحابه وهممذا تخليممط ولممم ينظممر‬
‫قوله في السفينة مشحونة بالقممماش وهممو يشمممل قممماش‬
‫البائع وغيره انتهى ويشير إلى ذلك قول ابممن المقممري فممي‬
‫مختصر الروضة بشرط فراغه من متاع فنكممره ليعممم متمماع‬
‫البائع وغيره‪ ،‬إذا علمت ذلك فنعممود إلممى مسممألتنا فممالقبض‬
‫في الرهممن كممالقبض فممي الممبيع فممان كممان مشممغول بأمتعممة‬
‫الراهممن لممم يصممح بل شممك أو ل المرتهممن صممح بل شممك أو‬
‫المستأجر ونحوه فعلى جعله قيدا صح وعلى جعله مثممال ل‬
‫يصح وأمتعة المعتدة ليست كالمالك خلفا لمن تمموهم ذلممك‬
‫بممل المسممتأجر كممما يفهممم مممن تصممرفاتهم فممي بيممع الممدار‬

‫‪140‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المستحقة لسكنى المعتدة والظاهر في المسممتأجر ونحمموه‬
‫عدم الصحة‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫ماذا تقولون ل زال الزمان بكم * زاه وعلمكم في الرض‬
‫منتشرا‬
‫في مسلم أسلم الذمي توثقة * في الدين رهنا على حق‬
‫بغير مرا‬
‫فضاع ليل من البيت الذي سرقت * حاجاته ثم شاع القول‬
‫واشتهرا‬
‫فخاصم المسلم الذمي مدعيا * برهنه عند قاض شافعي‬
‫ذكرا‬
‫فألزم الحاكم الذمي معتمدا * ما لم يقله إمام كان معتبرا‬
‫هل حكمه باطل يا ذا العلوم * وهل للشافعية نقل بالذي‬
‫صدرا‬
‫جوزيتم بنعيم في الجنان غدا * عند الله الذي للعالمين برا‬
‫ثم الصلة وتسليم الله على * طه الحبيب ومن واله أو‬
‫نصرا >ص‬
‫ما لح برق وما ناحت مطوقة * على الغصون وهبت نسمة‬
‫سحرا‬
‫الجواب –‬
‫أقول من بعد حمد الله جل على * أنعامه وأجل الحمد من‬
‫شكرا‬
‫ثم الصلة على خير البرية من * عمت رسالته من جاء أو‬
‫غبرا‬
‫أن يسرق الرهن من حرز يليق فل * ضمان يلزم من ذا‬
‫في يديه جرى‬
‫وقوله بيمين منه نقبله * ولم يكلف بيانا فهو ما ظهرا‬
‫وإن يقتصر ولم يجعله في سكن * حرز يليق به يضمنه‬
‫معتبرا‬
‫قد خط معتمدا أحكام مذهبه * هذا جواب ابن السيوطي‬
‫مستطرا‬

‫باب الصلح‬
‫‪141‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬زقاق غير نافذ بممه بيمموت وعلممى كتفممه مخممزن‬
‫فأراد صاحب البيوت أن يبني علممى الزقمماق بابمما يصممون بممه‬
‫بيوته ويبني على الباب طبقة فهل لصاحب المخزن منعه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إن كان باب المخزن داخل الزقاق فله المنممع‬
‫من بناء باب وطبقة علوه إن كممان ذلممك بحيممث يصممير بمماب‬
‫المخزن داخل الباب وإن كان الباب يبني داخل بحيث يصير‬
‫باب المخزن خارجه فليس له المنع‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجلن لهما منزل مشترك فباع أحدهما حصته‬
‫لخر وللمشتري بجواره منزل فجدد عمارة منزلمه وأضماف‬
‫له قطعة من المشترك من غير قسمة فهل يلزمه هدمه أو‬
‫قيمة نصف القطعة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ينبغي أن يقسم فان خرج له الشق الذي فيه‬
‫البناء اختص به ول شيء عليه وإل خيممر شمريكه بيممن القلممع‬
‫بل غرم وبين البقاء بالجرة‪.‬‬

‫باب الحوالة‬
‫مسممألة ‪ -‬فيمممن جممبى بالمانممة ريممع وقممف بممإذن نمماظر‬
‫شرعي وصرف ذلك للمستحقين والعمارة بأذنه وفضل لممه‬
‫شيء ومن الوقف حمام تجمد على مستأجرها من أجرتهمما‬
‫شيء فأحال الناظر الجابي عليه بما فضممل لممه فهممل تصممح‬
‫الحوالة أم ل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬نعممم وهممي عبممارة عممن تعييممن جهممة للممدين‬
‫المستقر على الوقف‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل أحال رجل بدين له علممى آخممر ثممم تقممايل‬
‫أحكام الحوالة ومات المحتال فممادعى وارثممه علممى المحممال‬
‫عليه بالمبلغ المحال به وقبضه منه فهل له الرجوع‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المنقول عن الرافعي أنممه جممزم بعممدم صممحة‬
‫القالة في الحوالة وان كان البلقيني حكى عن الخمموارزمي‬
‫فيها خلفا وصحح الجواز فعلى ما جزم بممه الرافعممي يكممون‬
‫ما قبضه وارث المحتممال مممن المحممال عليممه صممحيحا واقعمما‬
‫موقعه ول رجوع عليه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬شخص له على آخر دين بممه ضمممان أحممال بممه‬
‫شخصا على ذمة الصيل والضامن فهل الحوالة صحيحة أم‬
‫‪142‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ل وإذا صحت فهل يطالب الصيل على انفراده أو الضممامن‬
‫أو هما معا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذه الحوالممة باطلممة فممان الرافعممي والنممووي‬
‫حكيا في صحتها وجهين ولم يرجحمما شمميئا وصممحح البلقينمي‬
‫البطلن ووجهه كما قال في الروضة أن صاحب الدين كمان‬
‫له مطالبة واحد فل يستفيد بالحوالة زيادة صفة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل له على رجل دين فمات الدائن وله ورثة‬
‫فأخذ الوصياء من المدين بعض المدين وأحمالهم علمى آخمر‬
‫بالباقي فقبلوا الحوالة وضمممنوا آخممر فمممات المحممال عليممه‬
‫فهل لهم الرجوع على المحيل أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يطالبون الضمامن وتركمة المحمال عليممه فمان‬
‫تبين إفلسهما بان فساد الحوالة لنهمما لممم تقممع علممى وفممق‬
‫المصلحة لليتام فيرجعون على المحيل‪.‬‬

‫باب الضمان‬
‫مسألة ‪ -‬قال أئمتنا فيمن أذن لرجل أن يؤدي عنه دينه‬
‫وهو عشرة فصالح المأذون رب الدين منها على نصفها أنه‬
‫يرجع بالعشممرة ولممو أن رب الممدين والحالممة هممذه أبممرأ مممن‬
‫خمسة وقبممض خمسممة رجممع المممأذون بخمسممة فقممط وهممم‬
‫مصرحون بأن الصلح مممن الممدين علممى بعضممه إبممراء لباقيممة‬
‫فأما أن ل يكون كل صلح حطيطة إبراء من الباقي وأما أن‬
‫يفرق بين ابراء وإبراء بفرق يعقل معناه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قممول السممائل فممي صممورة الصمملح أنممه يرجممع‬
‫بعشرة ممنوع فإن المنقول في الروضة في الصورتين معا‬
‫أن المأذون ل يرجع إل بخمسة ولممم يحممك فممي ذلممك خلفمما‬
‫وإنما اختلفت الصممورتان فممي أن صممورة الصمملح يممبرأ فيهمما‬
‫الضامن والصيل من الخمسة الباقية وصورة البراء ل يبرأ‬
‫فيها من الخمسة الباقية إل الضممامن فقممط ويبقممى الصمميل‬
‫وهذا هو محط الشكال فممانقلب المممر علممى السممائل وقممد‬
‫فرق بينهما بفرق معقول فلينظر من كلمه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل ضمن شخصا بممإذنه فممي عشممرين دينممارا‬
‫وللمضمون المديون عند الضامن مممال وديعممة فقممال لممه أد‬
‫العشرين مما عندك ثم أنممه وكممل وكيل فممي قبممض الوديعممة‬
‫‪143‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فهل للضامن إمساك الوديعة عنده حتى يقممض منهمما الممدين‬
‫أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم له ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل ضمن رجل فممي ديممن ثممم مممات الضممامن‬
‫وترك ورثة أخممذوا ممما خلفممه فطممالب الممدائن بعممض الورثممة‬
‫بالدين فأجابه بأنه إنما يلزمه قدر حصته من الميراث فقال‬
‫بل يلزمك الكل بمقتضى أن القدر الممذي خصممه مممن الرث‬
‫يستغرق جميع الدين فهل يلزمه ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إنما يلزمه على قدر نسبة ماله من الرث‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫يا منشئا لعلوم ما سبقت لها * يا عالم الزمن المشهور‬
‫كالعلم‬
‫ماذا جوابك يا بحر العلوم ويا * مفتي النام ومجلى حندس‬
‫الظلم‬
‫في رب دين على شخص أقربه * مع رفقة ضمنوا في‬
‫المال والذمم‬
‫أحال ذو المال شخصا بالمقربة * على الصيل وضمان‬
‫بجمعهم‬
‫فهل لمحتال هذا المال من طلب * لضامن قادر خال من‬
‫العدم‬
‫أو ل يطالب ضمانا لما ضمنوا * إل الصيل فقد بين شفا‬
‫ألمى‬
‫أثابك الله جنات مزخرفة * بجاه خير البرايا أشرف المم‬
‫الجواب –‬
‫الله أحمد حمدا غير منفصم * ثم الصلة على المبعوث‬
‫للمم‬
‫ما للذي احتال إن صححت من طلب * إل الصيل فقط‬
‫فاحكم ول تجم‬
‫ول يطالب ضمانا بما ضمنوا * فالنقل في ذاك باد فيه‬
‫للحكم‬

‫باب البراء‬
‫مسألة ‪ -‬أبرأك الله هل تصح بها البراءة‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬وقع في زوائد الروضة في البيع أنه نقل عممن‬
‫الغزالممي وأقممره أن باعممك اللممه وأقالممك اللممه وزوجممك اللممه‬
‫كناية‪ ،‬ولم يذكر سوى هذه الثلثة وذكر في أصممل الروضممة‬
‫نقل عن العبادي أن طلقك الله وأعتقك الله يقع به الطلق‬
‫والعتاق‪ ،‬ثم قال وظاهر هذا أنه صريح وذكر البوشنجي أنممه‬
‫كناية قال وقول صمماحب الممدين للغريممم أبممرأك اللممه كقممول‬
‫الممزوج طلقممك اللممه انتهممى‪ .‬فمقتضممى ممما ذكممره فممي الممبيع‬
‫تصممحيح مقالممة البوشممنجي أن الكممل كنايممة ويرشممد إليممه‬
‫استدرك مقالة العبادي بمقالته‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل نزل لخر عن إقطمماع والممتزم لممه أنممه إذا‬
‫صار اسمه في الديوان أعطاه مائتي دينار فلما صار اسمه‬
‫في الديوان أعطاه بعضها وأبرأه من الباقي فهل تصح‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا اللمتزام إن كمان بطريمق النممذر كمما هممو‬
‫العادة الن فالذي يظهر لي أنه ل تصح البراءة ولممو تراضمميا‬
‫لن النذر ل تصح البراءة منه لما فيه من حق اللممه كالزكمماة‬
‫والكفارة ويحتمل الصحة لن الحق فيه لمعين بخلف سائر‬
‫النذور والزكمماة والكفممارة والول أظهممر كممما لممو انحصممرت‬
‫صفة الستحقاق في معين فإنه ل تصح البراءة منه وأما إن‬
‫كان هذا اللمتزام ل بطريمق النمذر بمل فمي مقابلمة النمزول‬
‫وقلنا بصحة ذلك كما استنبطه السممبكي مممن خلممع الجنممبي‬
‫فإن البراءة منه تصح كما للخلع‪.‬‬

‫بذل الهمة في طلب براءة الذمة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬رجل اغتمماب رجل بسممب أو نحمموه أو قممذفه أو‬
‫خانه في أهله ثم إنه تاب بعممد ذلممك فهممل يكفممي فممي ذلممك‬
‫توبته ورجوعه إلى الله وكثرة ذكممره وعبممادته أم ل بممد مممن‬
‫تحلله من ذلك وذكره له ما ظلمه به إذا لم يكن علمه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل بد من تحلله من ذلك وذكره لمه مما ظلممه‬
‫به لن ذلك من شروط التوبة وما لم تصح التوبة لممم يكفممر‬
‫الذنب المتعلق بالدمي شيء‪ ،‬وإنما ل يحتاج إلى ذلك حيث‬
‫تعذر الوقوف على صاحب الحق لموت أو نحوه ‪ -‬هذا الذي‬
‫جزمت به هو الموافق لنقل العلممماء مممن أصممحابنا وللثممار‪:‬‬
‫‪145‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أما النقل فقال الشيخ محي الدين النووي في الذكممار فممي‬
‫باب كفارة الغيبممة والتوبممة منهمما أعلممم أن كممل مممن ارتكممب‬
‫معصية لزمه المبادرة إلى التوبة منهمما والتوبممة مممن حقمموق‬
‫الله يشترط فيها ثلثممة أشممياء أن يقلممع عممن المعصممية فممي‬
‫الحممال وأن ينممدم علممى فعلهمما وأن يعممزم أن ل يعممود إليهمما‪،‬‬
‫والتوبة من حقوق الدميين يشترط فيها هذه الثلثممة ورابممع‬
‫وهو رد الظلمة إلى صمماحبها وطلممب عفمموه عنهمما والبممراء‬
‫منها فيجب على المغتمماب التوبممة بهممذه المممور الربعممة لن‬
‫الغيبة حق آدمي ول بد من استحلله من اغتابه وهل يكفيممه‬
‫أن يقول قد اغتبتك فاجعلني في حل أم ل بممد أن يممبين ممما‬
‫اغتابه به فيه وجهان لصممحابنا أحممدهما يشممترط بيممانه فممإن‬
‫أبرأه من غير بيانه لم يصح كما لو أبرأه من مممال مجهممول‪،‬‬
‫والثاني ل يشترط لن هذا مما ل يتسممامح فيممه ول يشممترط‬
‫علمه بخلف المممال والول أظهممر لن النسممان قممد يسمممح‬
‫بالعفو عن غيبة دون غيبة فإن كممان صمماحب الغيبممة ميتمما أو‬
‫غائبا فقد تعذر تحصيل البراءة منها لكن قال العلماء ينبغممي‬
‫أن يكثر الستغفار له والدعاء ويكممثر مممن الحسممنات ‪ -‬هممذا‬
‫كلم النووي بحروفه‪ ،‬وقال الشيخ تقي الدين السبكي فممي‬
‫تفسيره قد ورد في الغيبة تشديدات كثيرة حممتى قيممل إنهمما‬
‫أشد من الزنا من جهة أن الزاني يتمموب فيتمموب اللممه عليممه‬
‫والغائب ل يتاب عليه حتى يستحل مممن المغيممب روى ذلممك‬
‫فمي حمديث لكممن سممنده ضمعيف قمال وهمذا وإن كمان فمي‬
‫حقمموق الدمييممن كلهمما ففممي الغيبممة شمميء آخممر وهممو هتممك‬
‫العممراض وانتقمماص المسمملمين وإبطممال الحقمموق بممما قممد‬
‫يترتب عليها وإيقاع الشحناء والعداوات ثم قممال فممإن قلممت‬
‫ما تقول في حديث كفارة الغتياب أن تستغفر لمن اغتبتممه‬
‫قلت‪ :‬في سنده من ل يحتج به وقواعد الفقه تأباه لنه حق‬
‫آدمي فل يسقط إل بالبراء فل بد أن يتحلل منه فممإن مممات‬
‫وتعذر ذلك قال بعمض الفقهماء يسممتغفر لمه فإممما أن يكمون‬
‫أخذه من هذا الحديث وإما أن يكون المقصود أن يصل إليه‬
‫من جهته حسنات عسى أن يعممدل ممما احتمممل مممن سمميئاته‬
‫وأن يكممون سممببا لعفمموه عنممه فممي عرصممات القيامممة وإل‬
‫فالقيمماس أن ل يسممقط أيضمما نعممم بالنسممبة إلممى الحكممام‬
‫‪146‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الدنيويممة كقبممول الشممهادة ونحوهمما إذا تحققممت منممه التوبممة‬
‫وعجز عن التحلل منه بموت ونحوه يكفي ذلك انتهى‪ ،‬وأمما‬
‫الثار فأخرج ابن أبي الدنيا في كتمماب الصمممت والطممبراني‬
‫في الوسط والصبهاني في الترغيب عن جابر بن عبد الله‬
‫وأبي سعيد الخدري قال قال رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم الغيبة أشد من الزنا قيل وكيف قال الرجل يزني ثم‬
‫يتوب فيتوب الله عليه وإن صاحب الغيبة ل يغفممر لممه حممتى‬
‫يغفر له صاحبه‪ ،‬وأخرج ابن أبي الدنيا عممن عطمماء بممن أبممي‬
‫رباح أنه سممئل عممن التوبممة مممن الفريممة فقممال تمشممى إلممى‬
‫صاحبك فتقول كذبت بما قلممت لممك وظلمممت وأسممأت فممإن‬
‫شئت أخذت بحقك وإن شممئت عفمموت‪ ،‬وأخممرج الصممبهاني‬
‫عن عائشة بنت طلحة قالت كنت عند عائشة أم المممؤمنين‬
‫وعندها أعرابية فخرجت العرابيممة تجممر ذيلهمما فقممالت بنممت‬
‫طلحة ما أطول ذيلها فقالت عائشة اغتبتها أدركيها تستغفر‬
‫لك‪ ،‬وأما مسألة خيانة الرجممل فممي أهلممه فقممد روى مسمملم‬
‫وأبو داود والنسائي عن بريدة قال قال رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم )ما من رجل يخلف رجل في أهله فيخممونه‬
‫فيهم إل نصب له يوم القيام فقيممل لممه هممذا قممد خانممك فممي‬
‫أهلك فخذ من حسناته ما شئت فيأخذ من حسناته ما شمماء‬
‫حتى يرضى أترون يممدع لممه مممن حسممناته شمميئا( هممذا لفممظ‬
‫الحديث فمن خان رجل في أهله بزنمما أو غيممره فقممط ظلممم‬
‫الزوج وتعلق له به حممق يطممالبه بممه فممي الخممرة‪ ،‬ل محالممة‬
‫بنص هذا الحديث وهممذا حممق آدمممي ل تصممح التوبممة منممه إل‬
‫بالشروط الربعة ومنها استحلله من ذلك بعد أن يعرفه به‬
‫بعينه على ما تقممدم فمي كلم النممووي ثمم أقممول لمه حمالن‬
‫أحدهما أن ل يكون على المرأة في ذلك تبعة ول ضرر بممأن‬
‫يكممون أكرههمما علممى ذلممك فهممذا كممما وصممفنا ل شممك فيممه‪،‬‬
‫والثاني أن يكون عليها في ذلك ضمرر بمأن تكمون مطاوعمة‬
‫فهذا قد يتوقف فيه من حيث أنه ساع في إزالة ضرره في‬
‫الخرة بضممرر المممرأة فممي الممدنيا والضممرر ل يممزال بالضممرر‬
‫فيحتمل أن ل يسوغ له في هذه الحالة أخباره بممه وأن أدى‬
‫إلى بقاء ضرره في الخرة‪ ،‬ويحتمممل أن يكممون ذلممك عممذرا‬
‫ويحكم بصحة توبته إذا علم الله منممه حسممن النيممة ويحتمممل‬
‫‪147‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن يكلف الخبار به في هممذه الحالممة ولكممن يممذكر معممه ممما‬
‫ينفي الضرر عنها بأن يذكر أنه أكرهها ويجوز الكممذب بمثممل‬
‫ذلك وهذا فيه جمممع بيممن المصمملحتين لكممن الحتمممال الول‬
‫أظهر عندي‪ ،‬ولو خاف مممن ذكممر ذلممك الضممرر علممى نفسممه‬
‫دون غيره فالظاهر أن ذلك ل يكون عذرا لن التخلص مممن‬
‫عذاب الخرة بضرر الممدنيا مطلمموب وقممد أقممر جماعممة مممن‬
‫السلف على أنفسهم بالزنا ليقام الحد عليهم فيطهروا مممع‬
‫أن ذلك محض حق الله والسممتر فيممه علممى أنفسممهم أولممى‬
‫فكيف في حق الدمي‪ ،‬ويحتمممل أن يقممال إنممه يعممذر بممذلك‬
‫ويرجى من فضل الله أن يرضى عنه خصمه إذا علم حسن‬
‫نيته‪ ،‬ولو لم يرض صاحب الحق في الغيبة والزنمما ونحوهممما‬
‫أن يعفممو إل ببممذل مممال فلممه بممذله سممعيا فممي خلص ذمتممه‬
‫والغبطة في ذلممك لممه ثممم رأيممت الغزالممي قممال فممي منهمماج‬
‫العابدين في فضل التوبة من حقوق الدميين‪ :‬وأما الحرمممة‬
‫بأن خنتممه فمي أهلممه أو ولممده أو نحمموه فل وجممه للسممتحلل‬
‫والظهار فإنه يولد فتنة وغيظا بل يفزع إلممى اللممه سممبحانه‬
‫ليرضيه عنك ويجعل له خيرا كثيرا في مقممابلته فممإن أمنممت‬
‫الفتنة والهيج وهو نادر فتستحل منه ثم قال في آخر كلمممه‬
‫وجملة المر أن ما أمكنك من إرضاء الخصمموم عملممت وممما‬
‫لم يمكنممك راجعممت اللممه بالتضممرع والصممدق ليرضمميه عنممك‬
‫فيكون ذلك في مشيئة الله يوم القيام والرجاء منه بفضممله‬
‫العظيم وإحسانه العميم إنه إذا علم الصدق من قلب العبد‬
‫فإنه يرضى خصماءه من جزيل فضله يوم القيام انتهى‪.‬‬

‫باب الشركة‬
‫مسألة ‪ -‬جماعة اشتركوا فممي مممال واشممتروا بممه قصممبا‬
‫وقلقاسا قائما على أصوله ثم جاء جماعممة أخممر ووافقمموهم‬
‫على أنهم شاركوهم في ذلك ولم يحضروه ول وزنمموا شمميئا‬
‫من الثمن ثم عملوا في قلع القصب والقلقاس أياممما فهممل‬
‫الشركة الثانيممة صممحيحة أم ل وإذا فسممدت فهممل لممه أجممرة‬
‫المثل في العمل أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الشركة الثانية باطلة وإذا عملوا في القصممب‬
‫والقلقاس على مسمى فاسممد فلهممم أجممرة المثممل وشممراء‬
‫‪148‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القلقاس وهو مدفون في الرض باطل وكممذا القصممب فممي‬
‫الرض إن كان مستورا بقشره وإل يصح‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل يسمممى عثمممان أخممرج مممن ممماله مممائة‬
‫وخمسين دينارا فاقرض منهمما خمسممين لرجممل يسمممى بممدر‬
‫الدين وشاركه بالمممائة الباقيممة وجلسمما فممي دكممان واشممتريا‬
‫قماشا بالمال وصارا يتصرفان معمما بممالبيع والشممراء ويأخممذ‬
‫كل منهما حصته من الربح أول فممأول ثممم تفاسممخا الشممركة‬
‫وأخذ عثمممان القممماش بأسممره ودفممع لبممدر الممدين خمسممين‬
‫دينارا عن حصته في القماش فادعى بممدر الممدين بعممد ذلممك‬
‫أنه لم يأخذ في مدة الشممركة شمميئا مممن الربممح وأن حصممته‬
‫منه باقية فهل يقبل قوله في ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إن كان عثمان دفع لبدر الدين الخمسين عل‬
‫أنها عوض عن حصته من القماش فهذا عبارة عممن شممرائها‬
‫فممإن وجممدت شممروط الممبيع مممن اليجمماب والقبممول والعلممم‬
‫بالعيان ونحو ذلك فهو بيع صحيح وليس له بعد ذلك دعوى‬
‫بربح سابق لن ذلك قد دخل في الحصممة الممتي باعهمما وقممد‬
‫رضى فيها بهذا الثمن سواء كان قمدر القيمممة أو أقممل‪ ،‬هممذا‬
‫إن صدق على البيع فإن أنكر فالقول قوله بيمينه والشركة‬
‫باقية في المتعة ويرد الخمسين دينارا ما لم تقم بينة على‬
‫تصديقه وإن لممم توجممد شممروط الممبيع فالشممركة باقيممة فممي‬
‫المتعة أعنممي شممركة الملكيممة وإن كممان عقممد الشممركة قممد‬
‫انفسخ والخمسون دينارا قبضها بغير طريق شرعي فيردها‬
‫وله حصته من المتعة ول حاجة حينئذ إلى دعوى ربممح لنممه‬
‫قائم بالمتعة فإن ادعى أن عثمان استبد بربممح أخممذه دونممه‬
‫وأنكر عثمان فالقول قول عثمان بيمينه‪0 .‬‬

‫باب الوكالة‬
‫مسألة ‪ -‬رجل وكل إنسانا في أن يسمملم لممه فممي قمممح‬
‫ففعل وضمن المسلم إليه رجل فهل تصح دعمموى الموكممل‬
‫على المسلم إليه بالقمح وعلى ضامنه وهل يجمموز للوكيممل‬
‫أن يشهد للموكل بالضمان أم ل‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجممواب ‪ -‬نعممم للموكممل الممدعوى علممى المسمملم إليممه‬
‫والضامن وأما شهادة الوكيل لممه فمإن كممان قبممل عزلممه لممم‬
‫تقبل وكذا بعده إن خاصم وإن لم يخاصم قبلت‪.‬‬

‫باب القرار‬
‫مسألة ‪ -‬إذا قال لفلن عندي أقل من ثلثة دراهممم كممم‬
‫يلزمه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬مقتضى القواعد أنه يلزمه بعممض درهممم وهممو‬
‫قدر ما يتمول من الدراهم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬مريض صدر بينه وبين زوجتممه مبممارأة ممما عممدا‬
‫حقوق الزوجية ولم يستفسروه عن مممراده بممالحقوق فهممل‬
‫تممدخل كسمموتها فممي لفممظ الحقمموق أو تحمممل علممى حممال‬
‫الصممداق ومنجمممه فقممط وهممل ينفممع قممول المريممض لغيممر‬
‫الشهود قبل موته ليس لزوجتي عندي سوى حال الصممداق‬
‫ومنجمه‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذه اللفظممة فممي أصمملها شمماملة لكممل حممق‬
‫للزوجة من صممداق وكسمموة ونفقممة ول يلممزم مممن إطلقهمما‬
‫إرادة جميع مدلولتها فممإذا طلقهمما الممزوج وأراد بعممض ذلممك‬
‫قبل منه وإذا أخممبر قبممل ممموته أنممه ليممس لهمما عنممده سمموى‬
‫الحال والمنجم نفع ذلك في تفسير هذه اللفظممة المطلقممة‬
‫في القرار‪.‬‬

‫باب الغصب‬
‫مسألة ‪ -‬سيد قطع يد عبممده ثممم غصممبه غاصممب فمممات‬
‫بالسراية عنده فماذا يلزم الغاصب ‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬مقتضى القواعد أنه ل يلزمه شيء لن هلكه‬
‫مستند إلى سبب متقدم على الغصب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل ذمي نهى مسلما عن منكر فهل له ذلممك‬
‫بناء على أنه مكلف بفروع الشريعة أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لنكار المنكممر مراتممب منهمما القممول كقمموله ل‬
‫تزن مثل ومنها المموعظ كقمموله اتممق اللممه فممإن الزنمما حممرام‬
‫وعقوبته شديدة ومنها السممب والتوبيممخ والتهديممد كقمموله يمما‬
‫فاسق يا من ل يخشى الله لئن لم تقلع عن الزنمما لرمينممك‬
‫‪150‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بهذا السهم ومنها الفعل كرميه بالسهم مممن أمسممك امممرأة‬
‫أجنبيممة ليزنممى بهمما وككسممره آلت الملهممي وإراقممة أوانممي‬
‫الخمور‪ ،‬وهذه المراتب الربعة للمسلم وليس للذمي منهمما‬
‫سوى الوليين فقط دون الخريين لن فيهما ولية وتسمملطا‬
‫ل يلقيان بالكافر وأما الوليان فليممس فيهممما ذلممك بممل هممما‬
‫مجرد فعل خير وقد ذكر السنوي في شرح المنهاج أن في‬
‫حفظه أنه ليس للكممافر إزالممة المنكممر يعنممي بالفعممل وهممي‬
‫المرتبة الرابعة وكذا ذكر الغزالممي فممي الحيمماء وعللممه بممأن‬
‫ذلك نصرة للدين فل يكون من أهلها مممن هممو جاحممد لصممل‬
‫الدين وعدوله‪ ،‬ثم قال في أثناء الباب ما نصه فإن قيل هل‬
‫يجوز للكافر الذمي أن يحتسب على المسلم إذا رآه يزنممي‬
‫قلنا أن منع المسلم بفعلممه فهممو تسمملط عليممه فنمنعممه مممن‬
‫حيث أنه تسلط وممما جعممل اللممه للكممافرين علممى المممؤمنين‬
‫سبيل وأما مجرد قوله ل تزن فليس بممنوع منه مممن حيممث‬
‫أنه نهى عن الزنا بل من حيممث أنممه إذلل للمسمملم إلممى أن‬
‫قال بل نقول إن الكافر إذا لم يقل للمسلم ل تزن يعمماقب‬
‫عليه أن رأينا خطاب الكفار بالفروع‪.‬‬

‫هدم الجاني على الباني‬


‫مقدمة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫أخبرني شيخنا شيخ السلم قاضي القضاة علممم الممدين‬
‫البلقيني إجازة عن أبي إسحاق التنمموخي عممن القاسممم بممن‬
‫مظفر أن عبد الرحيم بممن تمماج المنمماء أخممبره الحممافظ أبممو‬
‫القاسم ابن عساكر أنبأنمما أبممو محمممد بممن الكفمماني أنمما أبممو‬
‫محمد الحسن بن علي بن عبد الصمد الكلعي أنا تمام بممن‬
‫محمد أخممبرني أبممي حممدثني أبممو الحسممن علممي بممن شمميبان‬
‫الدينوري أخممبرني محمممد بممن عبممد الرحمممن الممدينوري عممن‬
‫رجل أظنه الربيع بن سليمان قممال قممال الشممافعي سمممعت‬
‫سفيان بن عيينة يقول أن العالم ل يماري ول يممداري ينشممر‬
‫حكمة الله فإن قبلت حمد الله وإن ردت حمممد اللممه‪ .‬وبعممد‬
‫فقد رفع إلى أن رجل أخممذ خربممة بجمموار مسممجد وبنممي بهمما‬
‫مخممازن ثممم أنممه قصممرها علممى سممكنى مممن يعممدها للفسمماد‬
‫‪151‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فيسممكن فيهمما جماعممة بعضممهم عممزاب وبعضممهم مممتزوجون‬
‫وعيالهم بمسكن آخر وإنما يعدون هذا المسكن ليختلوا فيه‬
‫للفساد وأن هذا الموضع يجتمممع فيممه كممل يمموم ثلثمماء خلممق‬
‫كثيرون يأتونه من أطراف البلد من نسمماء ورجممال وشممباب‬
‫مممرد فيجتمعممون فيممه علممى شممرب الخمممر والزنمما واللممواط‬
‫بحيث يدخل جماعة يباشرون الزنا أو اللواط ويتأخر جماعة‬
‫ينتظممرون انتهمماء النوبممة إليهممم فمنهممم مممن يقممف بالممدهليز‬
‫ومنهم من يقممف بممالطريق ومنهممم مممن يجلممس علممى بمماب‬
‫المسجد حتى قيل أنه رؤى رجل في ذلممك المسممجد ومعممه‬
‫صبي يلوط به وصار ذلممك مشمماعا فممي تلممك الخطممة وصممار‬
‫المكان معروفا بذلك بحيث يقصمد مممن أمكنممة بعيممدة لهمذه‬
‫المور‪ ،‬وبجوار هذا المكان الخبيث رجل مبممارك يقمموم فممي‬
‫إنكار ما يراه بحسممب ممما يممراه بحسممب اسممتطاعته فراجممع‬
‫صاحب البيت في إخلئه من هؤلء وتسممكين مممن هممو علممى‬
‫سيرة حميدة فأبى بعممد طممول المراجعممة سممنين رغبممة فممي‬
‫زيادة الجرة وكان من جملة قوله لممه هممذه أمممة مذنبممة ثممم‬
‫اتفق أن أخلى الله المكان من هؤلء بعوارض طممرأت لهممم‬
‫ثممم زالممت تلممك العمموارض فعممادوا ليسممكنوا علممى منمموالهم‬
‫فجاءني ذلك الرجل المبارك وشكا إلى هذا المر فقلت لممه‬
‫اذهب إلى صاحب المكان وقل له أن لممم يخممل هممؤلء منممه‬
‫أفتيت بهدمه‪ ،‬ومن جملممة السمماكنين ثممم رجممل جهلممه فمموق‬
‫جهل الجاهلين ومقامه أسفل سافلين فلما بلغه هذا الكلم‬
‫قال هذا ليس بحكم الله وذهب إلى الشمميخ شمممس الممدين‬
‫الباني فاستفتاه فأفتمماه بمأنه ل يهممدم وإن ممن قمال بهممدمه‬
‫يلزمه التعزيممر ثممم جمماء بهممذه الفتمموى وصممار يجلممس علممى‬
‫الدكاكين في السواق ويقممول فلن مجممازف فمي ديمن اللممه‬
‫وانضم إليه عصبة من نمطه فمنهممم مممن يقممول هممذا الممذي‬
‫أفتى به ‪ -‬يعني قولي بالهدم ‪ -‬خممرق للجممماع وآخممر يقممول‬
‫هذا جاء به من إرم ذات العماد وصار كل من الجهال يرمي‬
‫بكلم فألفت في ذلك كتابا سميته )رفع منممار الممدين وهممدم‬
‫بناء المفسدين( وهذا الكتمماب مختصممر منممه ليسممهل تنمماوله‬
‫فأقول أما ما تلفظ به الجهال فإن كلم الجاهلين ل يعبأ بممه‬
‫ول يلتفت إليه وأما ما أفتى بممه البمماني فممإنه قممد كتممب فممي‬
‫‪152‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صحيفة عمله وطبع عليها بطابع وسوف يعممرض عليممه وهممو‬
‫واقممف علممى الصممراط فيقممرؤه ويطلممب منممه الخممروج مممن‬
‫عهدته يوم ل ينفع جاه ول تعصب‪ ،‬وأممما الممذي أفممتيت أنممابه‬
‫فهو الذي وردت به الحاديث وثبت عن الصممحابة والتممابعين‬
‫ونص عليه العلماء من أئمة المذاهب الربعة ولم تزل عليه‬
‫الخلفاء والملمموك وولة المممور سمملفا وخلفمما وهمما أنمما أبيممن‬
‫ذلك‪:‬‬

‫ذكر الحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه‬


‫وسلم‬
‫ذكر الحاديث المرفوعة‪ :‬أخرج البخماري ومسملم عمن أبمي‬
‫هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم )أن أثقل الصلة على المنافقين صلة العشاء وصلة‬
‫الفجر ولو يعلمون ما فيهما لتوهما ولو حبوا ولقممد هممممت‬
‫أن آمممر بالصمملة فتقممام ثممم آمممر رجل فيصمملي بالنمماس ثممم‬
‫انطلق برجمال معممي معهمم حمزم ممن حطمب إلمى قموم ل‬
‫يشهدون الصلة فأحرق عليهم بيوتهم بالنممار( اسممتدل بهممذا‬
‫الحمديث مممن قمال بممأن الجماعممة فمرض عيمن وهمم عطماء‬
‫والوزاعي وأحمممد بممن حنبممل وداود وأبمو ثممور وابمن المنممذر‬
‫وابن خزيمة وابن حبان ‪ -‬الربعة من أصحابنا‪ ،‬قممال النممووي‬
‫في شرح المهذب والصحيح أنها فرض كفاية والجواب عممن‬
‫الهم بتحريق بيوتهم ما أجاب بممه الشممافعي وغيممره أن هممذا‬
‫ورد في قوم منممافقين يتخلفممون عممن الجماعممة ول يصمملون‬
‫فرادى قال وسياق هذا الحديث يؤيد هذا التأويممل‪ .‬قلممت إذا‬
‫تأمل المنصف هذا الكلم عممرف منممه أن المممام الشممافعي‬
‫رضي الله عنه قائل بجواز العقوبة بتحريق البيوت فإنه لممم‬
‫ينكر سوى الستدلل بالحديث على فرضية الجماعممة علممى‬
‫العيان وقال بمقتضى الحديث في حق المنافقين الممذين ل‬
‫يصلون وأما القائلون بأنها فرض عين فاستدللهم بالحديث‬
‫صريح في أنهم أيضا قائلون بجواز تحريق البيوت على مممن‬
‫تخلممف عنهمما مممن المسمملمين‪ ،‬وقممال الرافعممي فممي شممرح‬
‫المسند اللفظ ل يقتضي كون الحراق للتخلف فيحتمل أنممه‬
‫أراد طائفمة مخصوصمين ممن صمفتهم أنهمم يتخلفمون فأمما‬
‫‪153‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مطلممق التخلممف فممإنه ل يقتضممي الزجممر بممالحراق قممال‬
‫ويوضحه أن الشممافعي قممال فممي الم بعممد روايممة الحممديث‪،‬‬
‫فيشبه أن يكون ما قاله من همه بممالحراق إنممما قمماله فممي‬
‫قوم تخلفوا عن صمملة العشمماء لنفمماق‪ ،‬وقممال ابممن فرحممون‬
‫المالكي اختلف في هذا الحديث هل هممو فممي المممؤمنين أو‬
‫المنافقين قال والظاهر أنه في المؤمنين لقوله في الرواية‬
‫الخرى )ثم أتى قوما يصلون فممي بيمموتهم ليممس لهممم عممذر‬
‫فأحرقهمما عليهممم( والمنممافقون ل يصمملون فممي بيمموتهم قمال‬
‫وفممائدة قمموله لقممد هممممت تقممديم الوعيممد والتهديممد علممى‬
‫العقوبة لن المفسممدة إذا ارتفعممت وانممدفعت بممالخف مممن‬
‫الزواجر لم يعممدل إلممى العلممى انتهممى‪ .‬وقممال الحممافظ أبممو‬
‫الفضل بن حجر في شممرح البخمماري ذهمب جماعمة إلمى أن‬
‫الحديث ورد في المنافقين والذي يظهر لممي أن المممراد بممه‬
‫نفاق المعصية ل نفاق الكفممر بممدليل قمموله فممي روايممة أبممي‬
‫داود )ثم أتى قوما يصمملون فممي بيمموتهم ليسممت بهممم علممة(‬
‫فهذا يدل على أن نفاقهم نفاق معصية ل كفر لن الكافر ل‬
‫يصلي في بيته إنما يصلي في المسممجد ريمماء وسمممعة فممإذا‬
‫خل في بيته كان كما وصفه الله به مممن الكفممر والسممتهزاء‬
‫نبه عليه القرطبي قال ثم أنه قممد يسممتدل بالحممديث لكممون‬
‫الجماعة فرض كفاية إذ يحتمل أن يقممال التهديممد بممالتحريق‬
‫المممذكور يمكممن أن يقممع فممي حممق تمماركي فممرض الكفايممة‬
‫كمشروعية قتالهم‪ ،‬وقال ابن دقيق العيد فممي الحممديث إنممه‬
‫صلى الله عليه وسلم ل يهم إل بما يجوز له فعله لممو فعلممه‬
‫وأما كونه ترك ولممم يفعممل فلحتمممال أنهممم انزجممروا بممذلك‬
‫وتركوا التخلف الذي ذمهم بسببه‪ ،‬قال الحممافظ ابممن حجممر‬
‫وقد جاء في بعض الطرق بيان سبب الترك وهو ما أخرجممه‬
‫أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ )لول ما في الممبيوت مممن‬
‫النسمماء والذريممة لقمممت صمملة العشمماء وأمممرت فتيمماني‬
‫يحرقون ما في البيوت بالنار( فهممذا كلم الئمممة علممى هممذا‬
‫الحديث من المام الشافعي فمن بعده‪ .‬فإن قيل التحريممق‬
‫بالنار منسوخ قلنا >ص فممي الدمممي والحيمموان فقممط وقممد‬
‫نص أصحابنا في باب السير على جواز تحريق شجر الكفار‬
‫وهدم بنائهم إذا دعت ضرورة لذلك وقممد ورد هممذا الحممديث‬
‫‪154‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من رواية جماعة من الصحابة فأخرج ابن ماجه عن أسامة‬
‫بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )لينتهين‬
‫رجال عن ترك الجماعة أو لحرقممن بيمموتهم( وأخممرج أحمممد‬
‫والنسائي عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم كان يصلي الظهر بالهجير فل يكون وراءه إل الصممف‬
‫والصممفان والنمماس فممي قممايلتهم وتجممارتهم فممأنزل اللممه‬
‫)حافظوا على الصلوات والصملة الوسمطى( فقمال رسمول‬
‫اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم )لينتهيممن رجممال أو لحرقممن‬
‫بيوتهم( وأخرج أحمد بسممند صممحيح عممن ابممن أم مكتمموم أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسممجد فممرأى فممي‬
‫القوم رفقة فقممال )إنممي لهممم أن أجعممل للنمماس إماممما ثممم‬
‫أخرج فل أقدر على إنسان يتخلف عن الصمملة فممي بيتممه إل‬
‫أحرقته عليه( وأخرج الطبراني فممي الوسممط بسممند حسممن‬
‫عن أنس بن مالك أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫)لقد هممممت أن آمممر رجل يصمملي بالنمماس فممي جماعممة ثممم‬
‫انصرف إلى قوم سمعوا النداء فلم يجيبوا فاضرمها عليهممم‬
‫نارا( وأخممرج الحمماكم فممي مسممتدركه عممن ابممن مسممعود أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة‬
‫)لقد هممت أن آمر رجل يصلي بالناس ثم أحرق على قوم‬
‫يتخلفممون عممن الجمعممة بيمموتهم( وأخممرج ابممن مردويممه فممي‬
‫تفسيره عن ابن عباس قممال دعمما رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم مالك بن الدخشممم فقممال أخممرج لهممذا المسممجد‬
‫فقال مالك لعاصم انظرني حتى أخرج إليك بنار مممن أهلممي‬
‫فدخل على أهله فأخذ سعفات مممن نممار وخرجمموا يشممتدون‬
‫حتى دخلوا المسممجد وفيممه أهلممه فحرقمموه وهممدموه وخممرج‬
‫أهله فتفرقوا عنه‪ ،‬وأخرج ابممن إسممحاق وابممن مروديممه عممن‬
‫أبي رهم كلثوم بممن الحصممين وكممان مممن أصممحاب الشممجرة‬
‫قممال دعمما رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم مالممك بممن‬
‫الدخشم ومعن بن عدي أخا عاصم بن عممدي فقممال انطلقمما‬
‫إلى هذا المسممجد الظممالم أهلممه فاهممدماه وأحرقمماه فخرجمما‬
‫سريعين فقال مالك لمعن انظرني حتى أخرج إليك فممدخل‬
‫إلى أهله وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نممارا ثممم خرجمما‬
‫يشممتدان حممتى أتيمما المسممجد وفيممه أهلممه فحرقمماه وهممدماه‬
‫‪155‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وتفرقوا عنه‪ ،‬وأخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عممن‬
‫الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بممن‬
‫عمر بن قتادة وغيرهم قالوا أقبمل رسمول اللمه صملى اللمه‬
‫عليه وسلم من تبوك وكان أصحاب مسجد الضرار قد أتوه‬
‫وهو متجهز إلى تبمموك فقممالوا يمما رسممول اللممه إنمما قممد بنينمما‬
‫مسجدا لممذي العلممة فممي الحاجممة والليلممة المطيممرة والليلممة‬
‫الشاتية وأنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقممال إنممي علممى‬
‫جناح سممفر وحممال شممغل ولممو قممدمنا أتينمماكم إن شماء اللممه‬
‫فصلينا لكم فيه فلما نزل بذي أوان ‪ -‬بلد بينه وبين المدينممة‬
‫ساعة من نهار ‪ -‬وأتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عمموف‬
‫ومعن بن عدي أو أخاه عاصمم بمن عمدي أخمما بنمي العجلن‬
‫فقال انطلقا إلى هذا الظالم أهله فاهدماه وحرقاه فخرجمما‬
‫سريعين حتى أتيا بني سالم بممن عمموف فقممال مالممك لمعممن‬
‫انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلممي فممدخل أهلممه فأخممذ‬
‫سعفا من النخل فأشعل فيه نممارا ثممم خرجما يشمتدان حمتى‬
‫دخل المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل‬
‫فيهم من القرآن ما نزل‪ ،‬وأخرج ابممن المنممذر فممي تفسمميره‬
‫من وجه آخر عن محمد بن إسحاق مثلممه‪ ،‬وأخممرج الممبيهقي‬
‫في دلئل النبوة من طريق ابن إسحاق عممن ثقممة مممن بنممي‬
‫عمرو بن عمموف مرسممل مثلممه‪ ،‬وأخممرج أبممو داود والترمممذي‬
‫والحاكم وصححه من طريق صالح ابن محمد بن زائدة قال‬
‫دخل مسلمة أرض الروم فأتى برجل قد غل فسأل سممالما‬
‫عنه فقال سمعت أبي يحدث عن عمر عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال إذا وجدتم الرجل قد غممل فمماحرقوا متمماعه‬
‫واضربوه قال فوجدنا في متاعه مصحفا فسئل سممالم عنممه‬
‫فقال بعه وتصدق بثمنه وأخرج الحاكم وصححه من طريممق‬
‫عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قممال دخلممت يوممما علممى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلممى ثوبممان معصممفران‬
‫فقال ما هذان قلت صنعتهما لي أم عبد الله قمال أقسممت‬
‫عليك لممما رجعممت إليهمما فأمرتهمما أن توقممد لهممما التنممور ثممم‬
‫تطرحهممما فيممه فرجعممت إليهمما ففعلممت‪ ،‬وأخممرج مسمملم‬
‫والنسائي من طريق طاووس عن عبد الله ابن عمرو قممال‬
‫‪156‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رأى النبي صلى الله عليه وسلم على ثوبين معصفرين قال‬
‫أمك أمرتك بهممذا قلممت أغسمملهما قممال بممل أحرقهممما‪ ،‬قممال‬
‫النووي فممي شممرح مسمملم المممر بإحراقهممما عقوبممة وهتممك‬
‫لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل‪.‬‬

‫ذكر ما ورد عن الصحابة والتابعين في ذلك‬


‫قممال ابممن سممعد فممي الطبقممات فممي ترجمممة عمممر بممن‬
‫الخطاب قالوا إن عمر أول من ضممرب فممي الخمممر ثمممانين‬
‫واشتد على أهل الريب والتهم وأحرق بيت رويشد الثقفممي‬
‫وكان حانوتا قال ابن سعد والنباذ بالمدينة يسمى الحانوت‪،‬‬
‫وقال ابن سعد أيضا في ترجمة إبراهيممم بممن عبممد الرحمممن‬
‫بن عوف أخبرنا يزيد بن هرون ومعممن بممن عيسممى ومحمممد‬
‫ابن إسماعيل بن أبي فديك قالوا حدثنا ابممن أبممي ذئب عممن‬
‫سعد بن إبراهيم عن أبيه أن عمر بن الخطمماب حممرق بيممت‬
‫رويشد الثقفي وكان حانوتا للشممراب وكممان عمممر قممد نهمماه‬
‫فلقد رأيته يتلهب كأنه جمرة‪ ،‬أخرجه الممدولبي فممي الكنممى‬
‫من وجه آخر عن سعد بن إبراهيم‪ ،‬ورويناه أيضا في نسخة‬
‫إبراهيم بن سعد رواية كاتب الليث عنه‪ ،‬وقال عبممد الممرزاق‬
‫في المصنف أنا عبد الله بن عمر عن نافع عن صممفية ابنممة‬
‫أبي عبيد ومعمر عن نافع عن صفية قالت وجد عمر رضممي‬
‫الله عنه في بيت رجل من ثقيف خمرا‪ .‬وكان قد جلده في‬
‫الخمر فحرق بيته وقال ما اسمك قال رويشد قال بل أنممت‬
‫فويسق‪ ،‬وأخرج عن عبد القدوس عن نافع قال وجممد عمممر‬
‫في بيت رويشد الثقفي خمر فحرق بيتممه وقممال ممما اسمممك‬
‫قال رويشد قال بل أنت فويسق‪ ،‬وقال ابن أبي شمميبة فممي‬
‫المصنف ثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالممد عممن الحممارث‬
‫بممن شممبيل عممن أبممي عمممرو الشمميباني قممال بلممغ عمممر بممن‬
‫الخطاب أن رجل أثرى في بيممع الخمممر فقممال اكسممروا كممل‬
‫آنية له وسيروا كل ماشية له‪ ،‬وقال ابن سعد في الطبقات‬
‫أخبرنا محمد بن عمممر حممدثني عبممد اللممه بممن الحممارث‪ ،‬بممن‬
‫الفضيل عن أبيه عن حبيب بن عمير عممن مليممح بممن عمموف‬
‫السلمي قال بلغ عمر بن الخطاب أن سعد بن أبي وقمماص‬
‫صنع بابا مبوبا من خشب على باب داره وخص على قصره‬
‫‪157‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫خصا من قصب فبعث محمد بن مسلمة وأمرنممي بالمسممير‬
‫معه وقد أمره أن يحرق ذلك البمماب وذلممك الخممص فانتهينمما‬
‫إلى دار سعد فأحرق الباب والخص‪ ،‬وقال سعيد بن منصور‬
‫في سننه حدثنا مسكين بن ميمون ثنا عروة بن رويممم قممال‬
‫بينمما عمممر بممن الخطمماب يتصممفح النمماس يسممألهم عممن أهممل‬
‫أجنادهم إذ مر بأهل حمص فقال كيف أنتم وكيممف أميركممم‬
‫فقالوا خيرا يا أمير المؤمنين إل أنمه بنمى عليمة يكممون فيهمما‬
‫فكتب كتابا وأرسل إليممه بريممدا وأمممره إذا جئت بمماب عليتممه‬
‫فممأجمع حطبمما وأحممرق بمماب عليتممه فلممما قممدم جمممع حطبمما‬
‫وأحرق باب العلية فأخبروه فقال دعمموه فمإنه رسمول أميممر‬
‫المؤمنين‪ ،‬وقممال ابممن عبممد الحكممم فممي فتمموح مصممر حممدثنا‬
‫شعيب عن الليث وعبد الله بن صالح عن الليممث عممن يزيممد‬
‫بن أبي حبيب قال أول مممن بنممى غرفممة بمصممر خارجممة بممن‬
‫حذاقة فبلغ ذلك عمممر بممن الخطمماب فكتممب إلممى عمممر بممن‬
‫العاصي سلم عليممك أممما بعممد فممإنه بلغنممي أن خارجممة ابممن‬
‫حذاقة بنى غرفة ولقد أراد خارجة أن يطلممع علممى عممورات‬
‫جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فأهدمها إن شاء الله والسمملم‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة فممي المصممنف مممن طريممق سممعد بممن‬
‫إبراهيم عن أبيه قال دخل عبد الرحمن بن عوف ومعه ابن‬
‫له عليه قميص حرير على عمر فشق القميص‪ .‬فهممذه آثممار‬
‫صحيحة عن عمر بمن الخطمماب فمي همدم بيمموت الخمممارين‬
‫وإتلف أمكنة الفساد إذا تعينت طريقا لزالممة الفسمماد وقممد‬
‫فعل ذلك في خلفته والصحابة يومئذ متوافرون ولم ينكمره‬
‫أحد منهم فكان ذلك إجماعا وقد قال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم )اقتدوا باللممذين مممن بعممدي أبممي بكممر وعمممر( وقممال‬
‫البخاري في الدب المفرد حدثنا إبراهيم بن المنذر حممدثني‬
‫معن حدثني ابن المنكدر عن أبيه عن ربيعة بن عبد الله بن‬
‫الهدير بن عبد الله أن رجلين اقتمرا على ديكين على عهممد‬
‫عمر فأمر عمر بقتمل الديكمة فقممال لممه رجممل ممن النصممار‬
‫أتقتل أمة تسبح فتركها‪ ،‬وأخرج البيهقي في شعب اليمممان‬
‫عن عثمان بن عفان أنه قال في النرد لقد هممممت أن آمممر‬
‫بحزم حطب ثم أرسممل إلممى بيمموت الممذين هممم فمي بيمموتهم‬
‫فأحرقها‪ ،‬وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن الحسن أن‬
‫‪158‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عثمان بن عفان كان يممأمر بذبممح الحمممام الممتي يلعممب بهمما‪.‬‬
‫فهذان أثران عن عثمان بن عفان ثالث الخلفمماء الراشممدين‬
‫وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم )عليكم بسنتي وسممنة‬
‫الخلفاء الراشدين لمهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ(‬
‫وقد فعل ذلك عثمان وقاله في قصة النرد ولم ينكممر عليممه‬
‫أحد والصحابة يومئذ متوافرون فكان إجماعا مع أن اللعممب‬
‫بالحمام ليممس مممن المحرمممات‪ ،‬وأخممرج الممبيهقي عممن عبممد‬
‫الرحمن بن يزيد قال كنت جالسا مع عبد اللممه بمن مسمعود‬
‫فأتاه ابن له قد ألبسته أمه قميصا من حرير وهو معجب به‬
‫فقال يا بني من ألبسك هذا قال أمي قممال أدنممه فممدنا منممه‬
‫فشقه ثم قال اذهب إلى أمك فتلبسك ثوبمما غيممره‪ ،‬وأخممرج‬
‫ابن أبي شيبة من طريق المهاجرين شماس عن عمه قممال‬
‫رأى ابن مسعود ابنا له عليه قميص من حرير فشقه وقممال‬
‫إنما هذا للنساء‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيف قممال‬
‫انطلقت مع عبد الله حتى أتيت داره فأتاه بنون لممه عليهممم‬
‫قمص حرير فحرقها وقال انطلقوا إلى أمكم فتلبسكم غيمر‬
‫هذا‪ ،‬وأخرج ابن أبي الدنيا فممي ذم الملهممي والممبيهقي عممن‬
‫ابن الزبير أنه خطب بمكة فقال بلغني عممن رجممال يلعبممون‬
‫بلعبة يقال لها النردشير أني أحلف بالله ل أوتي بأحد يلعب‬
‫بها إل عاقبته في شعره وبشره وأعطيت سمملبه مممن أتمماني‬
‫به‪ ،‬وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن مجاهد قال مر ابممن‬
‫عمممر بقمموم يلعبممون بالشممهاردة فأحرقهمما بالنممار‪ ،‬وأخممرج‬
‫البيهقي عن مالك أنه قال الشممطرنج مممن النممرد بلغنمما عممن‬
‫ابن عباس أنه ولى مال يتيم فأحرقها‪ ،‬وقال أبممو نعيممم فممي‬
‫الحلية حدثنا محمد بن إبراهيم ثنمما محمممد بممن الحسمن ابمن‬
‫قتيبة ثنا أحمممد بممن زيممد الخممزار ثنمما ضمممرة ثنمما أكممدين بممن‬
‫سليمان أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عممامله عبممد اللممه‬
‫بن عوف على فلسطين أن أركب إلى البيت الذي يقال لممه‬
‫المكس فأهدمه ثممم أحملممه إلممى البحممر فانسممفه فممي اليممم‬
‫نسفا‪ ،‬وقال ابن جرير في تفسيره ثنا ابن حميد ثنمما هممرون‬
‫عن أبي جعفر عن ليممث أن شممقيقا لممم يممدرك الصمملة فممي‬
‫مسجد بني غاضرة فقيل له مسجد بني فلن لم يصلوا بعد‬
‫فقال ل أحممب أن أصمملي فيممه فممإنه بنممي علممى ضممرار وكممل‬
‫‪159‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسجد بني ضرارا أو رياء أو سمعة فإن أصممله ينتهممي إلممى‬
‫المسجد الذي بنى على ضرار‪.‬‬

‫ذكر نقول العلماء من أئمة المذاهب الربعة في‬


‫ذلك‪:‬‬
‫قال الشيخ تاج الدين السبكي في الطبقممات الوسممطى‬
‫فممي ترجمممة الصممطخري أحممد أئمممة أصممحابنا الشممافعيين‬
‫أصحاب الوجوه ما نصه ولي الحسبة ببغممداد وأحممرق طمماق‬
‫اللعب مممن أجممل ممما يعمممل فيممه مممن المنمماهي‪ ،‬وقممال فممي‬
‫الطبقات الكبرى في ترجمة الصطخري أيضمما مممن أخبمماره‬
‫في حسبته أنه كان يأتي إلى بماب القاضمي فمإذا لمم يجمده‬
‫جالسا يفصل القضايا أمر من يستكشف عنه هممل بممه عممذر‬
‫من أكل أو شرب أو حاجة النسان ونحو ذلك فإن لممم يجممد‬
‫به عذرا أمممره بممالجلوس للحكممم‪ ،‬ومنهمما أنممه أحممرق مكممان‬
‫الملهي من أجممل ممما يعمممل فيهمما مممن الملهممي‪ .‬قمال ابممن‬
‫السبكي وهذا منممه دليممل علممى أنممه كممان يممرى جممواز إتلف‬
‫مكان الفساد إذا تعين طريقا ‪ -‬هممذه عبممارة ابممن السممبكي‪.‬‬
‫وقمممد نقمممل المممماوردي فمممي الحكمممام السممملطانية فعمممل‬
‫الصطخري ولم ينكره وقال أيضا فممي الحكممام السمملطانية‬
‫يمتاز والى الجرائم على القضاة بممأوجه منهمما أن لممه فيمممن‬
‫تكررت منه الجرائم ولم ينزجر بالحدود استدامة حبسه إذا‬
‫أضر الناس بجرائمه حتى يموت‪ ،‬ومنها أن له أخذ المجممرم‬
‫بالتوبة قهرا ويظهر له مممن الوعيممد ممما يقمموده إليهمما طوعمما‬
‫ويتوعده بالقتل فيما ل يجب فيه القتل‪ ،‬وقال الغزالي فممي‬
‫الحياء درجات النهي عن المنكممر سممبعة‪ :‬الولممى التخويممف‬
‫بلطف أن ذلك حرام وذلك للجاهل‪ ،‬الثانيممة النهممي بممالوعظ‬
‫والنصح والتخويف بممالله‪ ،‬الثالثممة السممب والتعنيممف بممالقول‬
‫الغليممظ الخشممن وذلممك يعممدل إليممه عنممد العجممز عممن المنممع‬
‫بمماللطف وظهممور مبممادئ الصممرار والسممتهزاء بممالوعظ‬
‫والنصح‪ ،‬الرابعة التغيير باليد ككسممر آلت الملهممي وإراقممة‬
‫الخمر ونحممو ذلممك الخامسممة التهديممد والتخويممف كقمموله دع‬
‫عنك هذا أو لكسرن رأسممك أو لضممربن رقبتممك‪ :‬السادسممة‬
‫مباشرة الضرب باليممد والرجممل وغيممر ذلممك بل شممهر سمملح‬
‫‪160‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وذلك جائز للحمماد بشممرط الضممرورة والقتصممار علممى قممدر‬
‫الحاجة في الدفع‪ ،‬السابعة أن يحتاج إلممى أعمموان يشممهرون‬
‫السلح وفي احتياج هذا إلى إذن المام خلف فقال قائلون‬
‫يحتاج إليه لنممه يممؤدي إلممى تحريممك الفتممن وقممال آخممرون ل‬
‫يحتاج إلى إذن وهو القيس لن منتهمماه تجنيممد الجنممود فممي‬
‫رضا الله ودفع معاصيه ونحن نجمموز للحمماد مممن الغممزاة أن‬
‫يجتمعوا ويقاتلوا مممن أرادوا مممن فممرق الكفممار قمعمما لهممل‬
‫الكفر فكذلك قمممع أهممل الفسمماد جممائز لن الكممافر ل بممأس‬
‫بقتله فكذلك الفاسق المناضممل عممن فسممقه ل بممأس بقتلممه‬
‫والمقتول من القائمين في حرب الفريقين شهيد‪ ،‬ثممم قممال‬
‫الغزالممي فممإن قلممت فليجممز للسمملطان زجممر النمماس عممن‬
‫المعاصممي بمماتلف أممموالهم وتخريممب دورهممم الممتي فيهمما‬
‫يشممربون وإحممراق أممموالهم الممتي بهمما يتوصمملون للمعاصممي‬
‫فاعلم أن ذلك أن ورد الشرع به لم يكن خارجمما عممن سمنن‬
‫المصالح والمصالح يتبع فيها ول يبتممدع ‪ -‬هممذا كلم الغزالممي‬
‫فعلق القول به على وروده من الشرع لنممه لممم يقممف فيممه‬
‫على حديث‪ ،‬وقد صحت بممه الحماديث والثممار عممن الخلفمماء‬
‫الراشممدين فممإن قيممل التعزيممز بممإتلف المممال منسمموخ فممي‬
‫مذهبنا قلت محل ذلك فيما لم يتعين طريقا لزالممة الفسمماد‬
‫أما ما تعين طريقا لزالته فإنه غير منسوخ فيه ولهذا فعلممه‬
‫عمر بن الخطاب وغيره من الخلفاء الراشدين وهلممم جممرا‪،‬‬
‫وقد نص أصحابنا علممى مثممل ذلممك فممي فممروع منهمما قممولهم‬
‫يجمموز كسممر أوانممي الممذهب والفضممة لتحريممم اسممتعمالها‬
‫واتخاذها‪ ،‬ومنها قولهم أن آلت الملهي تكسر وهممو متفممق‬
‫عليه عندنا‪ ،‬ومنهمما قمال الغزالممي فمي الحيماء للممولة كسمر‬
‫الظروف التي فيها الخمممور زجممرا وتأديبمما دون الحمماد قممال‬
‫وقد فعل ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫تأكيدا للزجر وتأديبا دون الحاد قال وقد فعل ذلك في زمن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيدا للزجممر ولممم يثبممت‬
‫نسخه ‪ -‬هذا كلم الغزالي‪ ،‬قال السنوي في شرح المنهمماج‬
‫بعد نقله وهو من النفائس المهمات فانظر إلممى قمموله ولممم‬
‫يثبت نسخه كيف صرح بأن هذا القسممم مممما لممم يجممر فيممه‬
‫النسخ وإن جرى في القسم الخر‪ ،‬ومنها قال الغزالي فممي‬
‫‪161‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحيمماء فممي إراقممة الخمممور للحمماد ولممو كممانت الخمممر فممي‬
‫قوارير ضيقة الرؤوس ولو اشتغل بإراقتها لدركممه الفسمماق‬
‫ومنعوه أو لم يخف ذلك لكن كان فيه تضييع زمانه وتعطيل‬
‫شممغله فلممه كسممرها إذ ليممس عليممه أن يضمميع منفعممة بممدنه‬
‫وغرضه من أشغاله لجل ظممروف الخمممر ‪ -‬نقلممه السممنوي‬
‫وارتضاه‪ ،‬ومنها قال الغزالي في الحياء لو كممانت آنيممة مممن‬
‫بلور أو زجاج على صورة حيوان وفي كسرها خسران مممال‬
‫كثير جاز كسرها‪ ،‬ومنها قال الغزالي في الحياء لممو أخممبره‬
‫عدلن ابتداء من غير استخبار أن فلنا يشممرب الخمممر فممي‬
‫داره أو بأن فممي داره خمممرا أعممده للشممرب فلممه إذ ذك أن‬
‫يدخل داره ول يلزمه السممتئذان ويكممون قممد تخطممى ملكممه‬
‫بالدخول للتوصل إلى دفممع المنكممر ككسممر رأسممه بالضممرب‬
‫للمنع مهما احتاج إليه‪ ،‬ومنها قال الغزالي يتوقى في إراقممة‬
‫الخمور كسر الواني وفي النهي عن لبممس الحريممر تمزيممق‬
‫الثوب إن وجد إلممى ذلممك سممبيل فممإن لممم يقممدر إل بالكسممر‬
‫والتمزيق فله ذلك وسقطت قيمة الظرف ويقممومه بسممبب‬
‫الخمر إذا صار حائل بينه وبين الوصول إلى الخمر ولو ستر‬
‫الخمر ببدنه لكنا نقصد بدنه للضرب والجممرح لنتوصممل إلممى‬
‫إراقة الخمر فإذا ل تزيممد حرمممة ملكممه علممى حرمممة نفسممه‬
‫انتهى‪ ،‬وقال الحافظ عماد الدين بن كممثير فممي تمماريخه فمي‬
‫صفر سنة ثلث عشرة وثلثمائة بلغ الخليفممة المقتممدر بممالله‬
‫أن جماعة من الرافضة يجتمعون في مسجد نراثا فينممالون‬
‫مممن الصممحابة ول يصمملون الجمعممة ويكمماتبون القرامطممة‬
‫ويدعون إلى ولية محمد بممن إسممماعيل الممذي بيممن الكوفممة‬
‫وبغداد ويدعون أنه المهدي ويتبرؤون من المقتدر من تبعممه‬
‫فممأمر بالحتفمماظ عليهممم واسممتفتى العلممماء فممي المسممجد‬
‫المذكور فأفتوا بأنه مسجد ضممرار يهممدم كممما هممدم مسممجد‬
‫الضرار فممأمر الخليفممة بهممدم المسممجد المممذكور كممما أفممتى‬
‫بذلك العلماء فهدمه نازوك صاحب الشممرطة وأمممر المموزير‬
‫الخاقاني فجعل مكانه مقبرة فدفن فيه جماعة من الموتى‬
‫وقال ابن عطية في تفسمميره روى أن مسممجد الضممرار لممما‬
‫هدم وأحرق اتخذ مزبلة يرمى فيه القذار والقمامممات قممال‬
‫وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسمملم لممما نزلممت )ل‬
‫‪162‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تقم فيه أبدا( كان ل يمر بالطريق التي فيها المسجد‪ ،‬وقال‬
‫صمماحب عيممون التفاسممير كممل مسممجد بنممى مباهمماة وريمماء‬
‫وسمعة أو لغرض غير وجممه اللممه أو بمممال غيممر طيممب فهممو‬
‫لحممق بمسممجد الضممرار‪ ،‬وذكممر نحممو ذلممك الكواشممي فممي‬
‫تفسمميره وهممو مممن الشممافعية والشممهاب الياسمملوغي فممي‬
‫تفسيره وهو من الحنفية‪ ،‬وقال القرطبي فممي تفسمميره ممما‬
‫نصه قال علماؤنا ل يجوز أن يبنى مسجدا إلى جنب مسجد‬
‫ويجب هممدمه والمنممع مممن بنممائه لئل يتضممرر المسممجد الول‬
‫فيبقى شاغرا إل أن تكممون المحلممة كممبيرة فل يكفممي أهلهمما‬
‫مسجد واحد فيبنى حينئذ وكذلك قالوا ل ينبغي أن يبنى في‬
‫المصر الواحد جامعان ويجب منع الثاني ومن صلى الجمعة‬
‫فيه لمم تجمزئه وقمد أحمرق النمبي صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫مسجد الضرار وهدمه‪ ،‬قال علماؤنا وإذا كان المسجد الذي‬
‫يتخذ للعبادة وحض الشرع على بنائه يهدم‪ ،‬وينممزع إذا كممان‬
‫فيه ضرر فما ظنك بسواه بل هو أحرى أن يزال ويهدم هذا‬
‫كله كلم القرطبي‪ ،‬وقال ابن فرحون في طبقات المالكيممة‬
‫في ترجمة الحارث بن مسكين أحممد أئمممة المالكيممة قاضممي‬
‫مر‪ :‬كان عدل في قضائه محمممود السمميرة قممال محمممد بممن‬
‫عبد الحكم قال ابن أبي دؤاد لقد قام حارثكم مقام النبيمماء‬
‫وقد هدم مسجدا كممان بنمماه خراسمماني بيممن القبممول بناحيممة‬
‫القطب في الصحراء وكان يجتمممع فيممه للقممراءة والقصممص‬
‫والتعبير قال ابن فرحون وبمثل هذا أفتى يحيممى ابممن عمممر‬
‫في كل مسجد يبنى نائيا عن القرية حيث ل يصلى فيه أهل‬
‫القرية وإنما يصلى فيه من ينتابه وبذلك أفممتى فممي مسممجد‬
‫السبت بالقيروان وبمثلممه أفممتى أبممو عمممران فممي المسممجد‬
‫الذي بنى بجبل فاس‪ ،‬وقال ابن فرحون فممي كتممابه تبصممرة‬
‫الحكممام فممي أصممول القضممية ومناهممج الحكممام التعزيممر ل‬
‫يختص بفعل معين ول قممول معيممن فقممد عممزر رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم بالهجر وأمر عمر بن الخطاب بهجممر‬
‫صبيغ الذي كان يسأل عن مشكلت القرآن فكان ل يكلمممه‬
‫أحد وأمر رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم بكسممر دنممان‬
‫الخمر وشق ظروفها‪ ،‬ومن ذلك إبمماحته سمملب الصممائد فممي‬
‫حرم المدينة لمن وجده‪ ،‬وأمره عبد الله ابن عمرو بتحريق‬
‫‪163‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الثوبين المعصفرين وأمره يمموم خيممبر بكسممر القممدور الممتي‬
‫طبممخ فيهمما لحمموم الحمممر وهممدمه لمسممجد الضممرار وأمممره‬
‫بتحريق متاع الغال وبقطع نخل اليهود وتحريقها‪ ،‬ومن ذلممك‬
‫أنه صمملى اللممه عليممه وسملم بلغممه أن ناسمما مممن المنممافقين‬
‫يثبطون الناس عنه في غزوة تبوك فبعث إليهم طلحة فممي‬
‫نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم البيت ففعل‪ ،‬ومممن‬
‫ذلك أن عمر بن الخطاب أمر بتحريق قصر سممعد بممن أبممي‬
‫وقاص لما بلغه أنه احتجب عن الخروج للحكم بيممن النمماس‬
‫وأمر أيضا بتحريق حانوت رويشممد الثقفممي الممذي كممان يممبيع‬
‫الخمر وقال له أنت فويسق ولست برويشد‪ ،‬ومن ذلك أنممه‬
‫أراق اللبن المغشوش‪ ،‬وغير ذلك مما يكممثر تعممداده‪ ،‬وقممال‬
‫وهذه قضايا صحيحة معروفة‪ ،‬وقال المام شمس الدين بن‬
‫القيم الحنبلي فممي كتمماب الطممرق الحكميممة قممد منممع النممبي‬
‫صلى الله عليممه وسمملم الغممال مممن الغنيمممة سممهمه وحممرق‬
‫متاعه هو وخلفاؤه ومن بعده ومنع المقاتل من السلب لما‬
‫أساء شافعه على أمير السرية وعممزم علممى تحريممق بيمموت‬
‫تاركي الجمعة والجماعة وأمر بكسممر دنممان الخمممر وبكسممر‬
‫القممدور الممتي طبممخ فيهمما اللحممم الحممرام وبتحريممق الثمموبين‬
‫المعصفرين وسلك أصحابه وخلفاؤه من بعده من ذلممك ممما‬
‫هو معروف مشهور فحرق عمر بن الخطاب حانوت الخمار‬
‫بما فيه وحرق قرية يباع فيها الخمر وحرق قصر سممعد بممن‬
‫ابي وقمماص لممما احتجممب فممي قصممره عممن الرعيممة‪ ،‬وسممئل‬
‫أستاذنا المام كمال الممدين بممن الهمممام الحنفممي عممن رجممل‬
‫يجمع في بيته جماعة إلممى الفسممق فأجمماب بممما نصممه قممال‬
‫الفقهاء رجل أظهر الفسق في داره ينبغممي أن يتقممدم إليممه‬
‫أبدا للعذر فإن كف لممم يتعممرض لممه وإن لممم يكممف فالمممام‬
‫مخيممر إن شماء سممجنه وإن شماء ضممربه أسممواطا وإن شماء‬
‫أزعجه عن داره‪ ،‬وقد بالغ بعض أشياخنا حيث أمر بتخريممب‬
‫دار الفاسق انتهى‪ ،‬وقال ابن فرحون صممرح الحنفيممة بقتممل‬
‫من ل يزول فساده إل بالقتل وذكروا ذلك فممي اللمموطي إذا‬
‫أكثر مممن ذلممك يقتممل تعزيممرا‪ ،‬وفممي معجممم الدبمماء ليمماقوت‬
‫الحموي أن نور الدين الشممهيد لممما فتممح المدرسممة الكممبيرة‬
‫بحلب استدعى البرهمان البلخممي أممام الحنفيمة فمي زمممانه‬
‫‪164‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فألقى فيها الدرس وكان الذان بحلب على قاعدة الشمميعة‬
‫يزاد فيه حي على خير العمل محمد وعلى خير البشر فلما‬
‫سمع البلخي ذلك أمر الفقهاء فصعدوا المنارة وقت الذان‬
‫وقال لهم مروا المؤذنين يؤذنوا الذان المشروع ومن امتنع‬
‫منهم ألقوه من فوق المنارة على رأسممه ففعلمموا فلممم يعممد‬
‫أحممد يممؤذن علممى ذلممك‪ .‬وقممال ابممن كممثير فممي سممنة تسممع‬
‫وسبعمائة برزت المراسمميم السمملطانية المظفريممة بيممبرس‬
‫إلى نواب البلد الساحلية بإبطال الخمور وتخريب الحانممات‬
‫ففعل ذلك وفرح المسلمون فرحا كثيرا ولله الحمد‪ ،‬وقممال‬
‫الذهبي في العبر في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة خرب‬
‫البازار المعد للفاحشة ببغداد من أوله إلى آخره وممما يعلممم‬
‫ما غرم على بنائه إل الله تعممالى مممن عظمممه وللممه الحمممد‪،‬‬
‫وقال غيره في سنة ثلث وأربعين وسبعمائة خرب آل ملك‬
‫نممائب السمملطنة خزانممة النبمموذ وأراق خمورهمما وكممانت دار‬
‫فسق وفجور‪ ،‬وقال الحافظ ابن حجر في أنباء الغمممر فممي‬
‫سنة ثلث وسبعين وسبعمائة شدد منجك نائب الشام على‬
‫أهل اللهو وأمر بقطع الشجار الصفصاف التي بين النهرين‬
‫وبتحريق المكان الذي بالسوق العلى وأزال المنكرات منه‬
‫ومن الذي فوق الجهة وهدم البنية والحوانيت الممتي هنمماك‪.‬‬
‫قلت وما زال هذا دأب الخلفاء والملمموك سمملفا وخلفمما مممن‬
‫عهد الصحابة وهلم جرا‪ .‬والعلماء يفتممونهم بممذلك مممن غيممر‬
‫نكير‪ ،‬ومن طالع تواريخ المة وقف على ذلممك وعلمممه علممم‬
‫اليقين‪ ،‬وقد قلت في هذه الواقعة‪:‬‬
‫يقول ربع الفسق ما مسلم * مما له أرصدت يرضاني‬
‫ول ترى في الناس ذا مسكة * إل يرى في الوزن نقصاني‬
‫وإن يزنى أحد راجحا * فالجاهل اللوطي والزاني‬
‫وقلت إن لم يخل مما به * فالشرع فيه هدم ذا الجاني‬
‫واستفتى الباني فأفتى بأن * من قال هذا آثم جاني‬
‫يا أيها الناس أل فاسمعوا * مقال حق ليس بالواني‬
‫من ذا الذي أولى بتأثيمه * عند محب كان أوشاني‬
‫أهادم ربعا بنوه لكي * يعصى به الله أم الباني‬

‫باب القراض‬
‫‪165‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬لو اختلف المالك والعامل فقال المالك دفعت‬
‫لك المال قراضا وقال الخر بل قرضا من المصدق‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا الفرع لم أره منقول عندنا وإنما المنقول‬
‫عكسه وهممو فممي الروضممة محكممى فيممه وجهممان بل ترجيممح‪،‬‬
‫ورجح فيما إذا كان المممال باقيمما تصممديق المالممك وفيممما إذا‬
‫تلف تصممديق العامممل‪ ،‬وأممما هممذا الفممرع فالممذي يظهممر فيممه‬
‫تصديق العامل لن معه يدا وبلغني أنه منقول عند المالكية‬
‫كذلك‪.‬‬

‫باب المزارعة‬
‫مسألة ‪ -‬رجل لممه أرض اتفممق مممع شممخص عنممده قمممح‬
‫علممى أنهممما يزرعممان الرض وأن صمماحب القمممح يبممذر عممن‬
‫صاحب الرض ما يخصه من القمممح وأن ممما يخممص صمماحب‬
‫القمح يؤدي هو خراجه وإن صاحب الرض يحرث ما يخصه‬
‫وما يخص شريكه في مقابلة أنه يصبر عليه بما يخصه مممن‬
‫القمح ثم طلع الزرع فما الذي يستحقه كل منهما‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يختص صاحب القمح بجميع الزرع لن القمح‬
‫الذي بذره كله ملكه ولم يقع فيه قرض صحيح وعليه أجرة‬
‫المثممل للرض ولصمماحب الرض أيضمما أجممرة المثممل لعملممه‬
‫وحرثه لنه عمل بإجارة فاسدة‪.‬‬

‫باب الجارة‬
‫مسألة ‪ -‬رجل أجر أرضا عشر سنين ثم باعها لخر بعممد‬
‫ثمان سنين وجعل له أجرة السنتين فامتنع المسممتأجر مممن‬
‫زرعها وقال للمشتري ازرع أنت أرضك فهل له ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إذا باع الرض المؤجرة فالجارة لزمة باقيممة‬
‫على حكمها وليس للمستأجر المتناع ومعناه أن عليه بقيممة‬
‫الجممرة زرعهمما أم ل لن الجممرة تلممزم وأن لممم يسممتوف‬
‫المنفعة ول يجبر على الزرع نفسه‪ ،‬لكن الصورة المسؤول‬
‫عنها فيها جعل الجرة الباقية للمشتري فإن ذكر ذلممك فممي‬
‫العقد على وجه أنه شرط في البيع بطل البيع‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬فيمن أستأجر شخصا لقلع سن وجعممه فحضممر‬
‫لذلك فقال المستأجر سني طيبممة وامتنممع مممن قلعهمما فهممل‬
‫تنفسخ الجارة أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أطلق الجمهور أن الجارة تنفسخ‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل أسممتأجر بيتمما مرخممما علممى أن يسممكنه‬
‫خاصة وأقبض الجرة فوضع فيه كتانا واحترق البيت بسممببه‬
‫فهل يضمن البيت وإذا ضمنه فهل يلزمه قيمته أو بناء مثله‬
‫وهل تنفسخ الجارة وهل له الرجوع بأجرة بقية المدة‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬إن كممان حصممول الحريممق فممي الممبيت بفعممل‬
‫منسوب إليه من نار أوقدها وجرت إلممى ذلممك فهممو ضممامن‬
‫للبيت مطلقا وإن كان غير منسوب إليه فضمانه علممى مممن‬
‫نسممب إليممه الحريممق‪ ،‬وهممل يكممون المسممتأجر طريقمما فممي‬
‫الضمممان؟ ينظممر فممإن كممان أسممتأجر للنتفمماع مطلقمما فل أو‬
‫للسكنى خاصة فهو متعد بوضع الكتان فيصير بممذلك غاصممبا‬
‫كما ذكره الصحاب فيما إذا اكترى ليسممكن فاسممكن حممدادا‬
‫أو قصارا وإذا صار غاصبا صار طريقا في الضمممان والقممرار‬
‫على من نسب إليه الحريق وعلى كل حال تنفسخ الجممارة‬
‫بما حصل ويستحق بقية أجرة المدة فيرجع بها أو يحاسممب‬
‫بها مما يلزمه‪ ،‬وأممما هممل تلزمممه قيمممة الممدار أو بنمماء مثلهمما‬
‫فالذي أفتى به النووي ونقله عن نص الشافعي أنممه يلزمممه‬
‫بناء مثلها ولكن فيما إذا هدم جدارا‪ ،‬ول يظهر بينه وبين ممما‬
‫نحن فيه فممرق‪ ،‬وأممما السممنوي فصممحح وجمموب القيمممة لن‬
‫الجدار متقوم وأول النص فالعمدة على ما أفتى به النووي‬
‫وقصة جريح في الصحيح تؤيده‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬اسممتأجر إنسممان عينمما مممدة ولزمتممه الجممرة‬
‫باستيفاء المنفعة فادعى أنه معسر وكان أقر عنممد الجممارة‬
‫أنه ملى وقادر فهممل يقبمل قمموله فمي دعموى العسممار بعممد‬
‫إقراره‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يقبل قوله إل ببينممة تشممهد أنممه كممان قممادرا‬
‫وتلف ماله‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل أستأجر من رجل أرضا إقطاعية ليزرعها‬
‫مدة ثلث سنين فمات المؤجر بعد سنتين وخلف ولدا فهل‬
‫تنفسخ الجارة أو تبقى لولد المؤجر‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬الرض القطاعيممة فممي إجارتهمما كلم للعلممماء‬
‫حتى قال المحققممون أنهمما ل تصممح إجارتهمما لنهمما بصممدد أن‬
‫ينزعها المام من المقطع ويقطعها غيره لكن الذي نختمماره‬
‫صحة إجارتها ومع ذلك ل نقول أنها كالرض المملوكة حممتى‬
‫أنه إذا مات المؤجر تبقى الجارة بل نقول بانفساخ الجارة‬
‫بموته كما إذا مات البطن الول وقد أجر الوقف بممل أولممى‬
‫لن البطممن الثمماني ينتقممل إليممه الوقممف قطعمما والقطمماع ل‬
‫يتحقق انتقاله إلى الولد فقد يقطعه السلطان إيمماه وقممد ل‬
‫يقطعه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل سافر لبلد السلطان في طلب مممال‬
‫الذخيرة فأعطوه حق طريقممه فأخممذ صممحبته ثلثممة مماليممك‬
‫في خدمته فأعطى كل واحد منهم عشرة أشرفية فهل لممه‬
‫أن يدعى على أحدهم بالمبلغ الذي أعطاه في نظير سفره‬
‫معه وهل يلزمه أن يعطى من أخذ معه تسفيره‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يلزمممه أن يعطممى الممذي أخممذه معممه تسممفيره‬
‫بشرط أن يشرط عليه ذلك أو ل فإن سافر معه ولم يممذكر‬
‫له أجرة فل شيء له ومتى أعطاه شيئا وقد شممرطه لممه أو‬
‫ل أو لم يشرطه ولكن تبرع به فل رجوع له به‪.‬‬

‫باب الجعالة‬
‫مسألة ‪ -‬شخص حممج حجممة نافلممة فقممال لممه آخممر بعنممي‬
‫ثواب حجتك بكذا فقال له بعتك فهل ذلممك صممحيح‪ ،‬وينتقممل‬
‫الثواب إليه‪ ،‬وإذا قال شممخص لخممر أقممرأ لممي كممل يمموم ممما‬
‫تيسر من القرآن واجعل ثوابه لي وجعل له على ذلممك مممال‬
‫معلوما ففعل فهل يكون ثواب القراءة للمجعول له أو مثل‬
‫الثواب أم ل‪ ،‬وإذا انتقل الثواب له فهل يبقى للقارئ ثممواب‬
‫أم ل‪ ،‬وكذا إذا لم يقرأ له بجعالة ولكن قممرأ لممه تبرعمما مممن‬
‫نفسه وكذا سائر العبادات‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما مسألة الحج وسائر العبادات فباطلة عنممد‬
‫الفقهاء وأما مسألة القراءة فجائزة إذا شرط الدعاء بعدها‬
‫والمال الممذي يأخممذه مممن بمماب الجعالممة وهممي جعالممة علممى‬
‫الدعاء ل على القراءة فإن ثواب القراءة للقارئ ول يمكممن‬
‫نقله للمممدعو ولممه إنممما يقممال لممه مثممل ثمموابه فيممدعو بممذلك‬
‫‪168‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويحصل له أن استجاب الله الممدعاء وكممذا حكممم القممارئ بل‬
‫جعالة في الدعاء‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيمن يقرأ ختمات من القرآن بأجرة هل يحممل‬
‫له ذلك وهل يكون ما يأخذه من الجرة من بمماب التكسممب‬
‫أو الصدقة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم يحل له أخذ المال على القراءة والممدعاء‬
‫بعدها وليس ذلك من باب الجرة ول الصدقة بل مممن بمماب‬
‫الجعالة فإن القراءة ل يحوز الستئجار عليها لن منفعتها ل‬
‫تعود للمستأجر لما تقرر في مذهبنا من أن ثممواب القممراءة‬
‫للقممارئ ل للمقممروء لممه‪ .‬وتجمموز الجعالممة عليهمما إن شممرط‬
‫الدعاء بعدها وإل فل وتكممون الجعالممة علممى الممدعاء ل علممى‬
‫القراءة‪ .‬هذا مقتضى قواعد الفقه وقرره لنا أشياخنا‪ ،‬وفي‬
‫شرح المهذب أنه ل يحوز الستئجار لزيارة قبر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وتجوز الجعالة إن كانت علممى الممدعاء عنممد‬
‫زيارة قبره لن الدعاء تدخله النيابة ول يضر الجهممل بنفممس‬
‫الدعاء وإن كانت على مجرد الوقوف عنممده ومشمماهدته فل‬
‫لنه ل تدخله النيابة انتهى‪ ،‬ومسألة القراءة نظيره‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫ماذا جوابكم ل زال فضلكم * يعم سائلكم في كل ما سأل‬
‫في قارئ يقرأ القرآن ليس له * قصد سوى أنه في الوقف‬
‫قد حصل‬
‫لخذ معلومة في الوقف لزمة * فصار مثل أجير لزم‬
‫العمل‬
‫فهل ثياب على هذى القراءة أو * ثوابه في حضور يشبه‬
‫العمل‬
‫فقد تنازع فيها قائلن فمن * أصاب وجه صواب نلتم نزل‬
‫ول برحتم نجوما والزمان بكم * زاه ومبتهج والخير قد‬
‫حصل‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله حمدا يبلغ المل * ثم الصلة على المختار منتحل‬
‫ل يطلق القول في هذا بأن له * أجرا ول بانتفاء الجر عنه‬
‫خل‬

‫‪169‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بل المدار على ما كان نيته * بالقلب وهو على النيات قد‬
‫حمل‬
‫فإن نوى قربة لله كان له * أجر وأن ينو محض الجعل عنه‬
‫فل‬
‫وابن السيوطي قد خط الجواب لكي * يرى لدى الحشر‬
‫في فردوسه النزل‬

‫باب إحياء الموات‬


‫مسممألة ‪ -‬رجممل بيممده رزقممة اشممتراها ثممم مممات فوضممع‬
‫شخص يده عليها بتوقيع سلطاني فهل للورثة منازعته‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬إن كممانت الرزقممة وصمملت إلممى البممائع الول‬
‫بطريممق شممرعي بممأن أقطعممه السمملطان إياهمما وهممي أرض‬
‫موات فإنه يملكها ويصح منه بيعها ويملكهمما المشممتري منممه‬
‫وإذا مات فهي لورثته ول يجوز لحد وضع اليد عليها ل بأمر‬
‫سلطاني ول بغيره وإن كان السمملطان أقطعممه إياهمما وهممي‬
‫غير موات كما هو الغالب الن فممإن المقطممع ل يملكهمما بممل‬
‫ينتفع بها بحسب ما يقرهمما السمملطان فممي يممده وللسمملطان‬
‫انتزاعها متى شاء ول يجوز للمقطع بيعها فممإن بمماع ففاسممد‬
‫وإذا أعطاها السلطان لحد نفذ ول يطالب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما شرع فيه في هذه اليممام مممن هممدم البنيممة‬
‫المحدثة في الشوارع وحريم المساجد هل يجوز أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم هو جائز بل واجب‪.‬‬

‫البارع في إقطاع الشارع‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم علمى عبمماده الممذين اصمطفى‪ .‬عممرض‬
‫على ورقة صورتها‪ :‬فرع يجوز للمام إقطاع الشممارع علممى‬
‫الصح فيصير المقطع به كممالمتحجر ول يجمموز لحممد تملكممه‬
‫بالحياء وفي وجه غريب يجوز للمام تملممك ممما فضممل عممن‬
‫حاجة الطريق ومراد قائله أن للمام التملممك للمسمملمين ل‬
‫لنفسه‪ .‬وذكر الرافعي في الجنايات أنممه تقممدم فممي الحيمماء‬
‫أن الكثرين جوزوا القطاع وأن المقطع يبنى فيممه ويتملممك‬
‫وهذا ذهول فممإن الصممح فممي الصمملح منممع البنمماء وهنمما منممع‬
‫‪170‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التملك انتهى‪ .‬وأقول هذا الفرع منقول برمته مممن التكملممة‬
‫للزركشي والكلم عليه من وجهين‪ :‬المموجه الول فممي ذكممر‬
‫حكم المسألة إجمممال وحكمهمما علممى ممما هممو المفهمموم مممن‬
‫المنقول بعد مراجعة ما تيسر من كتب المممذهب كالروضممة‬
‫والشرح وتهذيب البغمموي وكممافي الخمموارزمي ونهايممة إمممام‬
‫الحرمين وبسمميط الغزالممي ووسمميطه والحكممام السمملطانية‬
‫للماوردي والتلخيص لبن القاص والبلغة للجرجاني وتعليممق‬
‫القاضي الحسين وغير ذلك‪ ،‬ومن كتب المتممأخرين الكفايممة‬
‫لبن الرفعة وشرح المنهاج للسبكي والمهمات والخادم أن‬
‫المام إذا أقطع أحدا موضعا من الشارع كان المقطع أولى‬
‫به من غيره للرتفاق خاصة دون التملك والبناء وأنه لو جاء‬
‫أحد بعد صدور القطاع إلى هذا الموضع فجلس فيه أزعممج‬
‫منه ول يقر ولو كان المقطع غائبا عنممه وليممس فيممه أمتعتممه‬
‫فإن قلت مقتضى قوله كالمتحجر أنه لممو جمماء أحممد وتعممدى‬
‫وجلس لم يمنع لن المشبه به وهو المتحجر قالوا أنه يصير‬
‫أحق من غيره ومع ذلك لو تعدى غيره وبنى لم يكممن عليممه‬
‫سمموى الثممم ويملممك البقيممة بالحيمماء ومقتضممى ذلممك أن‬
‫المتعدي هنا ليس عليه سمموى الثممم ول يزعممج قلممت ليممس‬
‫المر كذلك كمما سمنبينه مفصمل‪ .‬الموجه الثماني فمي الكلم‬
‫علممى ذلممك مممن حيممث التفصمميل فنقممول فممي هممذا الفممرع‬
‫المسؤول عنه أمور أحدها أن قوله كالمتحجر زيممادة زادهمما‬
‫الزركشممي وليسممت فممي كلم الشمميخين ول غيرهممما كممما‬
‫سممنبين ذلممك عنممد سممياق عبمماراتهم وحينئذ فل يممرد أصممل‬
‫السؤال المتقدم وعلى تقدير توجهه فالجواب عنه من ثلثة‬
‫أوجه‪ :‬الوجه الول أن القاعدة المقررة أنه ل يلزم اسممتواء‬
‫المشممبه والمشممبه بممه مممن كممل وجممه فيكممون التشممبيه فممي‬
‫الحقية فقط ل في القدر الزائد أيضا من حصول متعد بعممد‬
‫ثبوت الحقية وهذا واضح‪ ،‬الثاني الفرق بين الصورتين فإن‬
‫مسألة المتحجر البقعة فيها تقبل التملك فإذا وجممد الحيمماء‬
‫الذي هو أقوى سببا عمل بمقتضاه وقدم على التحجر الذي‬
‫هو أضعف وذلك مممن بمماب نسممخ السممبب الضممعيف لوجممود‬
‫أقوى منه ونظيره إدخال الحج على العمرة وطروء الحدث‬
‫الكبر على الصغر وتقديم المباشرة على السبب في بمماب‬
‫‪171‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجنايات‪ ،‬وأما مسألة الشارع فالبقعة فيها ل تقبممل التملممك‬
‫فلم يوجد سمبب أقموى يقمدم علمى همذا السمبب فتمسمكنا‬
‫بالسبب السابق الذي هو إقطاع المممام وألغممى كلممما طممرأ‬
‫بعده‪ ،‬الثالث أن قمموله عقممب هممذا التشممبيه ول يجمموز لحممد‬
‫تملكه بالحياء يجري مجممرى القيممد لمحممل التشممبيه فيكممون‬
‫فممي معنممى قمموله إنممه كممالمتحجر إل أنممه ل يجمموز لحممد أن‬
‫يتملكه فتكون هذه الجملة مخرجة لتلك الصورة المممذكورة‬
‫في المتحجر وهو تعدى شخص عليه بالحيمماء فل تممأتى هنمما‬
‫ويكون إخراجها مممن منطمموق الكلم ل مممن مفهممومه ولهممذا‬
‫عبر بقوله لحد الدال على العموم ولممم يقممل ول يجمموز لممه‬
‫تملكه أي للمقطع ليفيد أن المقطع وغيره في ذلممك سممواء‬
‫فبكل من هذه الوجه الثلثة عرف أن العبارة ل تعطى ذلك‬
‫المقتضى المذكور‪ ،‬ووجه رابع وهو أنه شبهه بالمتحجر مممن‬
‫حيث أنه لم يملك البقعة بالتحجر وكذلك هو ل يملك البقعة‬
‫بالقطمماع وعلممى هممذا فقمموله بعممده ول يجمموز لحممد تملكممه‬
‫بالحياء جار مجرى التفسير ل مجرى التقييد‪ ،‬المممر الثمماني‬
‫أن قوله وذكر الرافعي في الجنايات إلى قوله وهذا ذهممول‬
‫سبقه إليه ابن الرفعة في الكفاية ثممم السممبكي فممي شممرح‬
‫المنهاج ثم السنوي في المهمات فاعتمممده الزركشممي هنمما‬
‫وحاول في الخادم التأويل والجمع بين كلم الرافعي ونحممن‬
‫نسوق ما تيسر من عبارات الصحاب في المسألة قال في‬
‫الروضة وهل قطاع المام فيه مدخل وجهان أصممحهما عنممد‬
‫الجمهور نعم وهو المنصوص لن له فيه نظرا ولهممذا يزعممج‬
‫من أضر جلوسه‪ ،‬وأما تملك شيء من ذلك فل سممبيل إليممه‬
‫بحال‪ ،‬وحكى وجه في الرقم للعبادي وفممي شممرح مختصممر‬
‫الجويني لبي طاهر أن للمام أن يتملممك مممن الشمموارع ممما‬
‫فضل عممن حاجممة الطممروق والمعممروف الول‪ -‬هممذه عبممارة‬
‫الروضة فانظر كيف لم يممذكر فيهمما قمموله كممالمتحجر وقممال‬
‫البغوي في التهذيب‪ :‬القطائع قسمان أحدهما ما يملك وهو‬
‫ما مضى من إحياء الموات والثاني إقطمماع إرفمماق ل تملممك‬
‫فيه كمقاعد السواق والطممرق الواسممعة ويجمموز للسمملطان‬
‫إقطاعه لكنه ل يملكه بل يكون أولى به ويمنع أن يبني دكة‬
‫لنه يضمميق الطريممق ويضممر بالضممرير وبالبصممير بالليممل وإذا‬
‫‪172‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أقطع السلطان موضعا كان أحق به سواء نقل متمماعه إليممه‬
‫أو لم ينقل لن للمام النظر والجتهاد وإذا أقطعه ثبت يده‬
‫عليه‪ ،‬وقال الخوارزمي في الكافي القطائع ضربان إقطمماع‬
‫إرفماق وإقطماع تملمك أمما إقطماع الرفماق وهمو أن يقطمع‬
‫المممام أو نممائبه مممن إنسممان موضممعا مممن مقاعممد السممواق‬
‫والطريق الواسعة ليجلممس فيممه للممبيع والشممراء فيجمموز إذا‬
‫كان ل يضر بالمارة هذا هو المذهب‪ ،‬ولو أقطعه السمملطان‬
‫موضعا منه ل يملكه ويكون أولى به نقل متاعه إليممه أو لممم‬
‫ينقل ولو قام عنه أو غاب عنه ل ينقطع حقه عنممه حممتى لممو‬
‫عاد كان أولى به ولو قعد فيه بالسبق من غير إقطمماع كممان‬
‫أولى به ما دام هو فيه وكذا لممو قممام وتممرك فيممه شمميئا مممن‬
‫متاعه فليس لغيره إزعمماجه منممه ولممو لممم يممترك فيممه شمميئا‬
‫فسبق إليه غيممره كممان الثمماني أحممق بممه والفممرق بينهممما أن‬
‫الستحقاق تم بالقطاع وهو باق بعمد المذهاب والسمتحقاق‬
‫ههنمما بكممونه فيمه وقممد زال ‪ -‬هممذا هممو المممذهب انتهمى كلم‬
‫الخوارزمي بحروفه فانظر كيف صرح بأن المقطع أحق بممه‬
‫ولو قام أو غاب ولم يكمن لممه فيممه متماع وإنمه لمو أراد أحمد‬
‫الجلوس فيه في غيبته أزعج بخلف من قعممد بالسممبق مممن‬
‫غير إقطاع إذا قام ولم يممترك متمماعه كممان لغيممره الجلمموس‬
‫فيه ثم فرق بين المسألتين ببقاء السممتحقاق بعممد الممذهاب‬
‫بالقطمماع وهممذا ممما قممدمنا ذكممره فممي أول الكلم علممى‬
‫المسممألة‪ ،‬وقممال الممماوردي فممي الحكممام السمملطانية وأممما‬
‫القسم الثالث وهو ممما اختممص بأفنيممة الشمموارع والطرقممات‬
‫فهو موقوف على نظر السلطان وفي حكم نظممره وجهممان‬
‫أحممدهما أن نظممره فيممه مقصممور علممى كفهممم عممن التعممدي‬
‫ومنعهم من الضرار والصلح بينهم عند التشاجر وليس لمه‬
‫أن يقيم جالسمما ول أن يقممدم مممؤخرا ويكممون السممابق إلممى‬
‫المكان أحق به من المسبوق‪ ،‬والوجه الثاني أن نظره فيممه‬
‫نظر مجتهد فيما يراه صلحا من اجلس ممن يجلسممه ومنمع‬
‫من يمنعه وتقديم من يقممدمه كممما يجتهممد فممي أممموال بيممت‬
‫المال وإقطاع الممموات ول يجعممل السممابق أحممق علممى هممذا‬
‫الوجه وليس له على الوجهين أن يأخذ منهم على الجلمموس‬
‫أجرا وإذا تاركهم على التراضي كممان السممابق إلممى المكممان‬
‫‪173‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أحق من المسبوق انتهى‪ ،‬والوجه الثاني هو الذي ذكممر فممي‬
‫الروضة أنه الصح فانظر كيف صرح الماوردي بان السابق‬
‫ل يجعل أحق على هذا الوجه تقديما لقطاع المممام‪ ،‬وقممال‬
‫السبكي في شرح المنهاج وهل لقطاع المام مممدخل فممي‬
‫الشوارع وجهان أصحهما نعم ورجحه الكثرون ونممص عليممه‬
‫الشافعي لن للمام نظممرا واجتهممادا فممي أن الجلمموس فممي‬
‫الموضع هل هممو مضممر أول ولهممذا يزعممج مممن رأى جلوسممه‬
‫مضرا وإنما يزعجممه الممام وإذا كممان لجتهمماده فيممه ممدخل‬
‫فكممذلك لقطمماعه‪ ،‬والثمماني وهممو اختيممار الجمموري والقفممال‬
‫ورجحه الغزالي أنه ل مدخل للقطاع في ذلك لنهمما منتفممع‬
‫بها من غير عمل فأشبهت المعادن الظاهرة ولنه ل مدخل‬
‫للتمليممك فيهمما فل معنممى للقطمماع بخلف الممموات‪ ،‬قممال‬
‫الرافعي وللنزاع فيه مجال في قوله ل مدخل للتمليك فيممه‬
‫لن في الرقم للعبادي وفمي شمرح مختصمر الجمويني لبمن‬
‫طاهر وجه أن للمام أن يتملك من الشوارع ما فضممل عممن‬
‫حاجة الطروق وزاد الرافعي فقال في كتاب الجنايات فيما‬
‫إذا حفر بئرا في شارع بإذن المام أن الذي أورده أصممحابنا‬
‫العراقيون والروياني وصاحب التتمممة ل ضمممان وجمموزوا أن‬
‫يخصممص المممام قطعممة مممن الشممارع ببعممض النمماس فممإن‬
‫الخلف راجع إلى ممما تقممدم فممي إحيمماء الممموات أن إقطمماع‬
‫المام هل له مدخل في الشمموارع وبينمما أن الكممثرين قممالوا‬
‫نعم وجوزوا للمقطع أن يبني فيه ويتملكممه هممذا كلمممه فممي‬
‫الجنايات‪ ،‬قال السبكي ولم يتقدم منه في إحياء الموات إل‬
‫ما ذكرناه فقوله بينا أن الكثرين قالوا نعم يريممد بممه تجممويز‬
‫القطاع وهو صحيح وقمموله وجمموزوا للمقطممع أن يبنممي فيممه‬
‫يمكن تمشيته على قممول مممن يقممول بجممواز بنمماء دكممة فممي‬
‫الشممارع وقممد تقممدم فممي الصمملح أن الصممح خلفممه وقمموله‬
‫ويتملكه ل يمكن تمشيته إل على ما حكمماه هنمما عممن الرقممم‬
‫وشرح مختصر الجويني وهو وجه غريب منكر ل يكاد يعرف‬
‫فل يبنممي عليممه قممال والظمماهر أن الرافعممي لممما تكلممم فممي‬
‫الجنايممات طممال عهممده بممما ذكممره فممي الصمملح وفممي إحيمماء‬
‫الموات ولم يحرره‪ ،‬قال ابن الرفعة وكيف قممدر فهممو بعيممد‬
‫إل إذا جهل السبب الذي صار به الشارع شممارعا وإذا جهممل‬
‫‪174‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السبب ومنه ما يمتنع معه التملك جزممما ومنممه ممما ل يكممون‬
‫كذلك فكيممف يقممدم علممى تملكممه وأيضمما فممإن الشممارع وإن‬
‫اتسع في وقت قد يكممون فممي وقممت آخممر بقممدر الحاجممة أو‬
‫أضيق وهو موضوع شارعا لعممموم الوقممات‪ ،‬قممال السممبكي‬
‫وهمذا المذي قماله ابمن الرفعمة صمحيح ثمم قمال وإذا جوزنما‬
‫القطمماع فممي ذلممك فإنممما معنمماه أن يصممير المقطممع أحممق‬
‫بالرتفاق به من غيره قممال وقممد تكممرر فممي كلم الشممافعي‬
‫والصممحاب أن القطمماع قسمممان إقطمماع إرفمماق وهممو هممذا‬
‫وإقطاع تمليك وهو ما تقممدم فممي الممموات ليتملممك بالحيمماء‬
‫فالشارع وإن أطلق عليه اسممم الممموات فيممما عممدا المممرور‬
‫ونحوه ل يدخله الحياء ول الحمممى ول إقطمماع التمليممك‪ ،‬ثممم‬
‫قال السبكي‪ :‬فرع عممن الحكممام السمملطانية للممماوردي إذا‬
‫قلنا بدخول القطاع فل يجعل السابق أحممق قممال فممإن أراد‬
‫السابق بعد القطمماع فصممحيح لن بالقطمماع صممار المقطممع‬
‫أحق وأما إذا سممبق واحممد قبممل القطمماع فينبغممي أن يمتنممع‬
‫القطاع لغيره ما دام حقه باقيا ول يممأتي فيممه خلف لقمموله‬
‫صلى الله عليه وسلم )من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو‬
‫أحق به( وحاصله أن السبق موجب للحقية قطعا بالحديث‬
‫والقطاع موجب للحقية على الصممحيح فممإن تعارضمما قممدم‬
‫القدم تاريخا ولو فرضنا أنهما حصل في وقت واحد فينبغي‬
‫تقديم السبق لنه ثابت بالنص وإنما لم نقدمه بعد القطمماع‬
‫لنا نجعل القطاع سبقا انتهى كلم السممبكي‪ .‬فممانظر كيممف‬
‫نقل عن الماوردي أن السابق مع القطاع ل حق له وحمله‬
‫على السابق بعد صدور القطاع وقال إنه صحيح وعلله بأن‬
‫بالقطاع صار المقطع أحق وبأنا نجعل القطاع سممبقا وهممو‬
‫عين ما نقلناه في أول الكلم على المسممألة‪ ،‬المممر الثممالث‬
‫في بقية ما يتعلق بكلم الرافعممي قممال فممي المهمممات بعممد‬
‫سممياق كلميممه ول شممك فممي أن المممذكور هنمماك يعنممى فممي‬
‫الجنايات سهو فإنه أحال على المذكور هنمما فممأطلق القممول‬
‫من غير إمعان وقال في الخادم بعد أن ساق كلم الرافعي‬
‫وكلم ابن الرفعة فممي العممتراض عليممه الممذي يظهممر أنهممما‬
‫مسألتان إحداهما أن المام هل له أن يملك ابتمداء والصمح‬
‫المنع وهو المذكور هنا والثانية أنممه إذا أقطعممه المممام ذلممك‬
‫‪175‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فهممل للمقطممع أن يتملكممه إذا بنممى فيممه والصممح نعممم وهممو‬
‫المذكور في الجنايات قال والحاصل أن هذا القطاع بمثابة‬
‫إقطاع الموات إذا بنى فيه تملممك وليممس للمممام أن يملكممه‬
‫ابتداء قال فممإن قلممت يمنممع مممن هممذا حوالممة الرافعممي فممي‬
‫الجنايات على المذكور هنا وهو لم يممذكر هنمما التملممك بضممم‬
‫اللم وإنما ذكر التمليك‪ ،‬قلت قممد ذكممر هنمما جممواز القطمماع‬
‫ومن لزمه جواز التملك وقد صرح بهذا اللزم في الجنايات‬
‫وأيضا فلم يقل في الجنايات أنه يملكه بممل يتملكممه ومعنمماه‬
‫أنممه يتملكممه بالحيمماء للمسمملمين قممال علممى أن الصممواب‬
‫المذكور هنا وفيما نقله هناك عن الكثرين نظر أممما قممولهم‬
‫إنهم جوزوا فيه البناء فل يتأتى فيه العلى تجويز بنمماء دكممة‬
‫في الشارع إذا لم يضر وهو وجه والصح كما قاله في باب‬
‫الصلح المنع وإن لم يضر‪ ،‬وأما قممولهم إنهممم جمموزوا تملكممه‬
‫فل يتأتى إل على ما حكاه هنا عن الرقم وهممو وجممه غريممب‬
‫قلت حط محممط كلم الخممادم علممى إبقمماء العممتراض علممى‬
‫الرافعي والحكم عليه بالسهو فيما ذكره في الجنايات وهممو‬
‫معذور في ذلك فممانه حمماول الجمممع بينهممما بممالطريق الممتي‬
‫ذكرها فوجدها ل تتمشى على الراجممح فرجممع إلممى مممواقفه‬
‫المعترضين‪ ،‬وأقول ل بأس بتأويل كلم الرافعي على وجممه‬
‫يمنع نسبة الذهول والسهو إليه وعبارته فممي الجنايممات وإن‬
‫حفممر لمصمملحة عامممة ففيممه الوجهممان أو القممولن والخلف‬
‫راجع إلى ما تقدم في إحياء الموات إن إقطاع المممام هممل‬
‫له مدخل في الشوارع وبينا أن الكثرين قالوا نعم وجمموزوا‬
‫للمقطع أن يبني فيه ويتملكممه انتهممى‪ .‬فمحمممل اليممراد هنمما‬
‫إجراء الكلم علمى أن قمموله وجموزوا معطموف علممى قمالوا‬
‫فيكون منسوبا للكثرين وعلممى أن قمموله ويتملكممه الضمممير‬
‫فيه راجع إلى الشارع كما هو راجع إليه في قمموله أن يبنممي‬
‫فيممه وينممدفع الول بممأن يجعممل قمموله وجمموزوا مسممتأنفا ل‬
‫معطوفا على خبران فيكون إشارة إلى الوجه المذكور فممي‬
‫الصلح أنه يجمموز البنمماء فممي الطريممق وهممو وجممه مشممهور ل‬
‫غريب وإن لم يكن هو المصحح‪ ،‬والقصممد بسممياق ذلمك هنمما‬
‫الشارة إلى بناء الخلف في مسممألة حفممر الممبئر علممى هممذا‬
‫الخلف المممذكور فممي إحيمماء الممموات فممي إقطمماع المممام‬
‫‪176‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫للشارع وعلى الخلف المذكور في جواز البناء في الشممارع‬
‫ويوضح ما قلناه من السممتئناف وعممدم العطممف إن مسممألة‬
‫البناء ليست مذكورة في إحياء الموات وإنما هممي مممذكورة‬
‫في باب الصلح فكيف يظن بممالرافعي أنممه يعممزو إلممى بمماب‬
‫مسألتين وليس فيه إل إحداهما فتعين أن المذي عمزاه إلمى‬
‫إحياء الموات إنما هو مسألة إقطاع المام فقط وهي الممتي‬
‫حكى فيها هناك عن الكثرين الجواز وتممم الكلم عنممد قمموله‬
‫وبينا أن الكثرين قممالوا نعممم ثممم اسممتأنف كلممما آخممر علممى‬
‫طريق التذييل مرشحا لما ذكممره فقممال وجمموزوا أي طائفممة‬
‫من الصحاب للمقطع أن يبنممي فيممه فيكممون ذلممك ترشمميحا‬
‫لجممواز حفممر الممبئر فممي الشممارع لمصمملحة عامممة الممذي هممو‬
‫الظهر ول يلزم من ذلك أن يكون الراجح في مسألة البناء‬
‫الجممواز لممما أشممرنا إليممه مممن أن القصممد بسممياق ذلممك بنمماء‬
‫الخلف على الخلف والترشمميح ول يلممزم مممن بنمماء الخلف‬
‫في مسألة على الخلف في أخرى أن يستويا في الترجيممح‬
‫وأما اعتراضهم عليه في قوله ويتملكممه بممأن المموجه القممائل‬
‫بتملك الشارع المحكى في إحيمماء الممموات غريممب منكممر ل‬
‫يبنى عليه ول يعول فضل عن أن يعزى إلممى الكممثرين فممإنه‬
‫ينممدفع بأيسممر شمميء وذلممك أن العممتراض مبنممى علممى أن‬
‫الضمير في يتملكه عممائد إلممى الشممارع ونحممن نقممول ليممس‬
‫عائدا إلى الشارع بل إلى البناء المفهوم من قوله يبنى فيه‬
‫فيكون ذلك ترشيحا لجواز حفر الممبئر لنممه إذا قممالت فرقممة‬
‫بجواز أن يبنى في الشارع ما يكون ملكا لبانيه فجواز حفممر‬
‫البئر ؟؟ ل تملك وتجعل لعممموم المسمملمين أولممى‪ .‬هممذا ممما‬
‫تيسر تأويل كلم الرافعممي عليممه وهممو وإن كممان فيممه بعممض‬
‫تكلف فممإنه أولممى مممن نسممبة المممام الرافعممي إلممى السممهو‬
‫والذهول‪ .‬ومن النقول في المسألة عودا وانعطافا على ممما‬
‫تقدم قال ابن القاص في تلخيصه القطائع فرقتان أحممدهما‬
‫مضممى والثمماني إقطمماع إرفمماق ل يملممك مثممل المقاعممد فممي‬
‫السواق هو أحق به‪ ،‬وقال إمام الحرمين في النهاية الممذي‬
‫صار معظم الصحاب أن المموالي لممو أراد أن يقطممع القاعممد‬
‫فله ذلك كما له أن يقطع الموات من محييه‪ ،‬وقال الغزالي‬
‫في البسيط المام هل له أن يقطع مقاعد السواق؟ الممذي‬
‫‪177‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذهب إليه معظم الصحاب أن لممه ذلممك كممما فممي الممموات‪،‬‬
‫وذكر في الوسيط نحوه‪ ،‬وقال الجرجاني فممي البلغممة وأممما‬
‫الشوارع والرحاب الواسعة فلكممل أحممد أن يرتفممق بممالقعود‬
‫فيها للبيع والشراء بحيث ل يضممر بالمجتممازين ومممتى تركهمما‬
‫كان غيره أحق بها وإن قام عنها ليعممود إليهمما فممي غممد كممان‬
‫أولى بها فإن أقطع المممام مكانمما منهمما كممان المقطممع أحمق‬
‫بالرتفاق به من غيره‪ ،‬وقممال القاضممي حسممين فممي تعليقممه‬
‫القطاع قسمان أحدهما إقطاع تمليك وهممو الممموات الممذي‬
‫يتملكه المقطع بإحداث أمر فيه والثاني إقطاع إرفاق وهممو‬
‫مثل الرباطات ومقاعممد السممواق فللمممام أن يقطعهمما مممن‬
‫شاء ليجلس فيها للتجارة وغيرها إذا كان ل يتضممرر المممارة‬
‫به إذ لجتهاده مدخل في هذه المواضع بدليل أنه يمنع عنممه‬
‫من يجلس فيه على وجه يتضرر به النماس بخلف المعمادن‬
‫الظاهرة فإنه ل مدخل لجتهاد المممام فيهمما إذ ل يسمموغ لممه‬
‫منع أحد عنها بحال تم الحكم فيه أن المقطممع أحممق بممه ممما‬
‫دام يتردد ويرجع إليممه فممإن أعممرض عنممه وتركممه فللغيممر أن‬
‫يجلس فيه وإن اشتغل عنه بعذر أو غيره فحقممه قممائم فيممه‬
‫ليس للغير أن يجلس مكممانه وإذا مممرض أو غمماب إن كممانت‬
‫المدة قصيرة لم يكن للغيممر أن يجلممس مكممانه وإن طممالت‬
‫المدة فللغير الجلمموس مكممانه ول يملكممه المقطممع بحممال إذ‬
‫ليس فيه أثر عمارة ول عين مال بخلف الموات والمعممادن‬
‫الباطنة على أحد القممولين انتهممى‪ .‬فهممذه عبممارات مشمماهير‬
‫أئمة الصحاب ليس فيهمما تعممرض لتشمبيهه بمالمتحجر حمتى‬
‫يتوهم أن يأتي في المتعدي عليه على ما يأتي في المتعدى‬
‫على المتحجر والله أعلم‪ .‬قال مؤلفه رضي الله عنه ألفتممه‬
‫في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثمانمائة‪.‬‬

‫الجهر بمنع البروز على شاطئ النهر‬

‫مقدمة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وقممع فممي‬
‫هذه اليام أن رجل لممه بيممت بالروضممة علممى شمماطئ النيممل‬
‫‪178‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أصله قديم على سمت جدران بيوت الجيممران الصمملية ثممم‬
‫أحدث فيه من بضع عشممرة سممنة بممروز ذرعممه إلممى صمموب‬
‫البحر نحو عشرين ذراعا بالذراع الشرعي بحيث خرج عممن‬
‫سمت بيوت الجيران القديمممة ثممم أراد فممي هممذه اليممام أن‬
‫يحدث فيه بممروزا ثانيمما قممدام ذلممك الممبروز الول متصممل بممه‬
‫فحفر له أساسا ذرعه إلى صوب البحممر سممتة عشممر ذراعمما‬
‫بالذراع الشرعي بحيث يصير مجموع البروزين ستة وثلثين‬
‫ذراعا واقعة في حريم النهر وأرضه التي هممي عنممد احممتراق‬
‫النيل مشرع لممه وطريممق للممواردين والمممارين فقلممت لممه ل‬
‫يحل لك ذلك باتفاق المذاهب الربعة فشنع علي في البلممد‬
‫أني أفتيت بهدم بيوت الروضة وهذا كممذب محممض وإشمماعة‬
‫باطلة فممإن الممبيوت القديمممة الباقيممة علممى أصممولها ل يحممل‬
‫التعرض لها وإنما >ص الكلم في البروز الحادث وما يممراد‬
‫إحداثه الن وكثير من الناس يظنون أن مممذهب الشممافعي‪:‬‬
‫جواز البروز مطلقا وليس كذلك بل شرطه أن ل يكون في‬
‫شارع ول في حريم نهر ول نحو ذلك مما هو مبين في كتب‬
‫الفقه وقد وقع في حياة شيوخنا إن أيبك الخاصكي بنى بيتا‬
‫بمصر تجمماه جممامع الريممس وبممرز فيممه علممى شمماطئ النهممر‬
‫فاسممتفتى الشمميخ المممام العلمممة المحقممق جلل الممدين‬
‫المحلى الشافعي فأفتى بمنعه من ذلك وعلله بأن شطوط‬
‫النهار ل تملك ول يجمموز إحياؤهمما ول البنمماء فيهمما وهممذا هممو‬
‫منقول المذهب نص عليه إمامنا الشافعي رضممي اللممه عنممه‬
‫وسائر أصحابه ول نعلم في ذلك خلفا في المذهب بممل ول‬
‫في بقية المذاهب الربعة بل الئمة وأتباعهم متفقون علممى‬
‫هذا الحكم‪ .‬وهذه نبذة من نقول الئمة في ذلك‪:‬‬

‫ذكر نقول مذهبنا )الشافعية(‬


‫قال الرافعي في الشرح والنووي فممي الروضممة‪ :‬حريممم‬
‫المعمور ل يملك بالحياء والحريم هو المواضع القريبة التي‬
‫نحتاج إليها لتمام النتفاع كالطريق ومسيل الماء ونحوه ثم‬
‫تكلممما علممى حريممم الممدار وحريممم القريممة ثممم قممال والممبئر‬
‫المحفورة فممي الممموات حريمهمما الموضممع الممذي يقممف فيممه‬
‫النممازح وموضممع الممدولب ومممتردد البهيمممة ومصممب الممماء‬
‫‪179‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والموضممع الممذي يجتمممع فيممه لسممقي الماشممية والممزرع مممن‬
‫حوض ونحوه والموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منممه وكممل‬
‫ذلممك غممبر محممدود وإنممما هممو بحسممب الحاجممة كممذا قمماله‬
‫الشافعي والصحاب وفي وجه حريم البئر قدر عمقهمما مممن‬
‫كل جانب وبهذا يقاس حريم النهر‪ -‬هذا كلم الشمميخين‪ ،‬ثممم‬
‫قال بعد ذلك عمارة حافات هذه النهممار مممن وظممائف بيممت‬
‫المال ويجوز أن يبنى عليها قنطرة لعبممور النمماس لن ذلممك‬
‫مممن مصممالح المسمملمين انتهممى‪ .‬وقممال الشمميخ تقممي الممدين‬
‫السبكي في شرح المنهاج ما نصه فرع عممن أبممي حنيفممة ل‬
‫حريم للنهر وعن أبي يوسف ومحمد له حريم وهممو مممذهبنا‬
‫قال ورأيت في ديار مصر من الفقهاء من يسممتنكر العممماير‬
‫التي على حافات النيممل ويقممول أنممه ل يجمموز إحياؤهمما قممال‬
‫وهذا قد عمت به البلوى في جميع البلممدان قممال وإذا رأينمما‬
‫عمارة على ‪0‬حافة نهر ل نغيرها لحتمال أنها وضعت بحممق‬
‫وإنما الكلم في البتداء أو فيما عرف حاله‪ ،‬ثم قممال ومممما‬
‫عظمت البلوى به اعتقاد بعض العوام أن أرض النهممر ملممك‬
‫بيممت المممال وهممذا أمممر ل دليممل عليممه وإنممما هممو كالمعممادن‬
‫الظاهرة ل يجوز للمام إقطاعها ول تمليكها بل هممو أعظممم‬
‫من المعادن الظاهرة في ذلك المعنى والمعممادن الظمماهرة‬
‫إنما امتنع التملممك والقطمماع فيهمما لشممبهها بالممماء وبإجممماع‬
‫المسلمين علممى المنممع مممن إقطماع مشممارع المماء لحتيمماج‬
‫جميع الناس إليها فكيف يباع قال ولو فتح هممذا البمماب لدى‬
‫إلى أن بعض الناس يشممتري أنهممار البلممد كلهمما ويمنممع بقيممة‬
‫الخلق عنها فينبغي أن يشهر هذا الحكممم ليحممذر مممن يقممدم‬
‫عليه كائنا مممن كممان ويحمممل المممر علممى أنهمما مبقمماة علممى‬
‫الباحة كالموات وأن الخلق كلهم يشممتركون فيهمما‪ ،‬وتفممارق‬
‫الموات في أنها ل تملك بالحياء ول تبمماع ول تقطممع وليممس‬
‫للسلطان تصرف فيها بل هو وغيره فيها سواء فممإن وجممدنا‬
‫نهممرا صممغيرا بيممد قمموم مخصوصممين مسممتولين عليممه دون‬
‫غيرهم فهو ملكهم يتصرفون فيه بممما شمماؤوا وإن لممم يكممن‬
‫ملكا ولكن فيه مشارب لقمموم مخصوصممين فحقمموقهم فيممه‬
‫على تلك المشارب يتصرفون فيها بالطريق الشرعي ‪ -‬هذا‬
‫كله كلم السبكي‪ ،‬وهو تصريح بالنقل عن مممذهبنا أن النهممر‬
‫‪180‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫له حريم ل يجوز تملكه ول أحياؤه ول البناء فيه ول بيعه ول‬
‫إقطاعه‪ ،‬وقال في فتاويه النهممار ومجاريهمما العامممة ليسممت‬
‫مملوكة بل هي إما مباحة ل يجمموز لحممد تملهمما وإممما وقممف‬
‫علممى جميممع المسمملمين ول شممك أن النهممار الكبممار كالنيممل‬
‫والفرات مباحة كما صرح به الفقهمماء فممي كتبهممم ول يجمموز‬
‫تملك شيء منها بالحياء ل بالبيع من بيت المممال ول بغيممره‬
‫وكذلك حافاتها التي عموم الناس إلى الرتفمماق بهمما لجلهمما‬
‫والنهار الصغيرة الممتي حفرهمما قمموم مخصوصممون معرفممون‬
‫مملوكة لهم كسائر الملك المشتركة انتهى بحروفه‪ ،‬وهممو‬
‫تصريح بالنقل عن الفقهاء أن حافات النيل ل يجمموز تملكهمما‬
‫ول إحياءها‪ ،‬وقال في شممرح المنهمماج فممرع شممخص أراد أن‬
‫يغرس على حريمممه علممى ممماء جممار شممجرة جمماز وأن كممان‬
‫النهر مشتركا لنمه ل يضمر بهمم كمما يتخمذ علمى بماب داره‬
‫مشممرعا‪ ،‬وفممي فتمماوي القفممال‪ :‬رجممل لممه دار فممي موضممع‬
‫ويجري نهممر علممى بمماب داره فممأراد أن يغممرس شممجر علممى‬
‫جانب النهر بحذاء داره لم يجز فقيل لممه هممذا كممما لممو بنممى‬
‫دكة في الشارع فقال ليس كذلك انتهى‪ .‬فإذا منممع القفممال‬
‫من غرس شجرة فما ظنممك بالبنمماء‪ ،‬وقممال الزركشممي فممي‬
‫شرح المنهاج حافات النيل والفممرات ل يجمموز تملممك شمميء‬
‫منها بالحياء ول بالبتياع من بيت المال ول غيره قممال وقممد‬
‫عمت البلوى بالبنية على حافات النيل كما عمت بالقرافممة‬
‫مع أنها مسبلة‪ ،‬وذكر الدميري في شرح المنهاج نحو ذلممك‪،‬‬
‫وقممد راجعممت نممص الشممافعي فوجممدته نممص فممي مختصممر‬
‫المزني وفي الم علممى أن النهممر والممماء الظمماهر ل يملكممه‬
‫أحد من الناس ول يصح لحد أن يقطعه بحال والنمماس فيممه‬
‫شرع والمسلمون كلهم شركاء فممي ذلممك ‪ -‬هممذا نصممه فممي‬
‫الكتابين‪ ،‬زاد في الم ولو أحدث على شمميء مممن هممذا بنمماء‬
‫قيل له حول بناءك ول قيمة له فيما أحدث بتحممويله‪ ،‬وقممال‬
‫ابن الرفعة في الكفاية الحرائم هي المواضع القريبممة الممتي‬
‫يحتماج إليهما لتممام النتفماع بهما سمميت بمذلك لنهما يحمرم‬
‫التعرض لها بنوع عدوان وذلك يختلف باختلف المحيا وذكر‬
‫نحو ما تقدم عن الرافعي والنووي ثم قال وحمل الصحاب‬
‫قوله صلى الله عليممه وسمملم )حريممم الممبئر أربعممون ذراعمما(‬
‫‪181‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على آبار الحجاز فإنهمما تكممون عميقممة تحتمماج فممي المواضممع‬
‫التي يمر فيها الثور إلى ذلك المقممدار وحريممم النهممر ملقممى‬
‫النهر للطين وما يخرج منه مممن التقممن وهممو رسممابة الممماء‪،‬‬
‫وقال البغوي في التهذيب من حريم النهر ملقى الطين وما‬
‫يخرج منه‪ ،‬وقال الخوارزمي فممي الكممافي حريممم النهممر ممما‬
‫يلقى فيممه الطيممن عنممد الحفممر‪ ،‬وقممال السممبكي فممي شممرح‬
‫المنهاج في سنن البيهقي عن أبي هريرة قال قممال رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم )حريم البئر أربعممون ذراعمما مممن‬
‫جوانبها كلها( وعن ابن المسيب حريم البئر البممدئي خمممس‬
‫وعشرون ذراعا من نواحيها كلها وحريممم العممادي خمسممون‬
‫ذراعا من نواحيها كلها وحريم بئر الممزرع ثلثممائة ذراع ممن‬
‫نواحيها كلها‪ ،‬قال الزهري وسمممعت النمماس يقولممون حريممم‬
‫العيون خمسمائة ذراع وعن أبي هريرة مرفوعا مثممل قممول‬
‫ابن المسيب وعن ابن عباس حريممم الممبئر خمسممون ذراعمما‬
‫وحريم العين مائتا ذراع‪ ،‬ثم قال السبكي‪ :‬والشافعي لم ير‬
‫التحديد وحمل اختلف الروايات علممى القممدر المحتمماج إليممه‬
‫وبهذا يقاس حريم النهر قال ومن حريم النهر ملقممى طينممه‬
‫وما يخرج منه مما يحتاج إلى إلقائه عنممد حفممره قممال وفممي‬
‫كلم الصحاب وملقى تقنه وهو ما ينحى مع الممماء وسمممى‬
‫الرسابة‪ ،‬وفي سنن ابن ماجه عن عبممد اللممه بممن مغفممل أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال )من حفر بئرا فله أربعون‬
‫ذراعا عطنا لماشيته( وعن أبممي سممعيد الخممدري قممال قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )حريم البئر مممد رشمائها(‬
‫وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫)حريم النخلة مد جر يدها( قال القاضممي أبممو الطيممب وابممن‬
‫الصباغ إذا أحيا أرضا ليغرس فيها وغرس فليممس لغيممره أن‬
‫يغرس بجواره بحيث تلتف أغصان الغممراس وبحيممث تلتقممي‬
‫عروقهمما‪ ،‬وقممال الممماوردي حريممم الرض المحيمماة للزراعممة‬
‫طرقها ومفيض مائها وبيدر زرعها وما ل يستغنى عنممه مممن‬
‫مرافقها‪ .‬انتهى ما في شممرح المنهمماج للسممبكي فممي ضممبط‬
‫الحريم‪ ،‬وقال الغزى في أدب القضاء مسألة ل يجمموز لحممد‬
‫أن يبنى سكرا في النهر العام الكممبير الممذي ليممس بمملمموك‬

‫‪182‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لن النهر العام كالطريق المسلوك العام ولو أراد أن يضممع‬
‫صخرة في طريق واسع منع منه‪ ،‬وفي فتاوى ابن الصلح‪:‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا أراد رجل أن يبني عمارة سممكر فممي النهممر‬
‫الكبير الذي ليس بمملوك ثم يبنى عليممه طاحونممة ونمماعورة‬
‫ول يضر بمن هو فوقه ول بمن هو أسفل منه هممل لممه ذلممك‬
‫ويكون ذلك أحياء لممه ويكممون بمنزلممة الممموات الممذي يملممك‬
‫بالحياء حتى يملك قرار النهممر الممذي يبنممى عليممه العمممارات‬
‫ويملك حريمه أم ل؟‬
‫أجاب ليس له ذلك فإنه ل يخلو عن ضرر فإنه يمنع من‬
‫أن ينحدر في مكانه بسباحة أو سفينة أو نحو ذلك وطريممق‬
‫الماء العام كطريق السلوك العام ولممو أراد مريممد أن يضممع‬
‫صخرة في طريق شارع واسع منع منه وهذا شر مممن ذلممك‬
‫من وجه ولو قدر خلو ذلك عن الضممرر لممم يجممز ملممك ذلممك‬
‫الموضع كما ل يملك شيئا من الطرق الواسعة بشمميء مممن‬
‫الختصاصات الجائزة‪.‬‬

‫ذكر نقول الحنفية‬


‫قال في الهداية‪ :‬ول يجوز إحيمماء ممما قممرب مممن العممامر‬
‫ويممترك مرعممى لهممل القريممة ومطرحمما لحصممائدهم لتحقممق‬
‫حاجمماتهم إليهمما فل يكممون مواتمما لتعلممق حقهممم بهمما بمنزلممة‬
‫الطريق والنهر وعلى هذا قالوا ل يجوز أن يقطع المام ممما‬
‫ل غنى للمسلمين عنه كالملح والبار الممتي يسممتقى النمماس‬
‫منها لما ذكرنا ومن حفممر بئرا فممي بريممة فلممه حريمهمما فممإن‬
‫كانت للعطممن فحريمهمما أربعممون ذراعمما وإن كممانت للناضممح‬
‫فحريمها سممتون ذراعمما عنممدهما وعنممد أبممي حنيفممة أربعممون‬
‫ذراعا لهما إلى أن قال وإن كممان عينمما فحريمهمما خمسمممائة‬
‫ذراع بالتوقيف والصح أنه خمسمممائة ذراع مممن كممل جممانب‬
‫والذراع هي المكسرة فمن أراد أن يحفر في حريمهمما منممع‬
‫منه‪ ،‬ثم قال والقناة لها حريم بقدر ممما يصمملح وعممن محمممد‬
‫أنه بمنزلة البئر في اسممتحقاق الحريممم وقيممل هممذا عنممدهما‬
‫وعنده ل حريم لها ما لم يظهر الماء لنه نهر فممي التحقيممق‬
‫فيعتبر بالنهر الظاهر قالوا وعند ظهممور الممماء علممى الرض‬
‫فهو بمنزلة عين فمموارة فيقممدر بخمسمممائة ذراع والشممجرة‬
‫‪183‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تغرس في ارض موات لها حريم أيضا حتى لم يكممن لغيممره‬
‫أن يغرس شجرا في حريمه لنه يحتاج إلى حريممم لممه يجممد‬
‫ثمره ويضعه فيه وهو مقدر بخمسة أذرع وبمه ورد الحممديث‬
‫وما تركه الفرات أو دجلة وعممدل عنممه الممماء ويجمموز عمموده‬
‫إليه لم يجز أحياؤه لحاجة العامة إلى كونه نهرا وإن كان ل‬
‫يجوز أن يعود إليه فهو كالموات إذا لممم يكمن حريممما لعممامر‬
‫لنه ليس في ملك أحد لن قهر الماء يدفع قهر غيره ومممن‬
‫كان له نهر في أرض غيره فليس له حريم عند أبممي حنيفممة‬
‫إل أن يقيم بينة علممى ذلممك وقممال لممه مسممناة النهممر يمشممى‬
‫عليها ويلقى عليهمما طينممه ثممم عممن أبممي يوسممف أن حريمممه‬
‫مقدار نصف بطن النهر من كل جانب وعممن محمممد مقممدار‬
‫بطن النهر من كل جانب وهذا أرفق بالناس‪ ،‬ثم قال أعلممم‬
‫أن المياه أنواع منها ماء البحار ولكل واحد من الناس فيهمما‬
‫حق الشممفه وسممقي الراضممي حممتى إن مممن أراد أن يكممرى‬
‫منها نهرا إلى أرضه لم يمنع من ذلك والنتفماع بمماء البحمر‬
‫كالنتفاع بالشمس والقمر والهواء فل يمنع من النتفمماع بممه‬
‫على أي وجه شاء‪ ،‬والثمماني ممماء الوديممة العظممام كجيحممون‬
‫وسميحون ودجلمة والفمرات للنماس فيمه حمق الشمفه علمى‬
‫الطلق وحق سقي الراضممي فممإن أحيمما واحممد أرضمما ميتممة‬
‫وكرى منها نهر ليسقيها إن كممان ل يضممر بالعامممة ول يكممون‬
‫النهر في ملك أحد له ذلك لنها مباحممة فممي الصممل إذ قهممر‬
‫الماء يدفع قهر غيره وإن كان يضر بالعامة فليس لممه ذلممك‬
‫لن دفع الضرر عنهم واجب وعلى هذا نصب الرحممى عليممه‬
‫لن شق النهر للرحى كشقه للسقي ثممم قممال النهممار ثلثممة‬
‫نهر غير مملوك لحد ولممم يممدخل ممماؤه فمي المقاسممم بعممد‬
‫كالفرات ونحوه وهذا كريه علممى السمملطان مممن بيممت مممال‬
‫المسلمين لن منفعة الكرى لهم فتكون مؤنته من الخممراج‬
‫والجزيممة دون العشممر والصممدقات فممإن لممم يكممن فممي بيممت‬
‫المال شيء فالمام يجبر الناس على كريه أحيمماء لمصمملحة‬
‫العامة انتهمى ملخصما‪ ،‬وقمال القممدوري ول يجمموز إحيماء مما‬
‫قممرب مممن العممامر ويممترك مرعممى لهممل القريممة ومطرحمما‬
‫لحصائدهم ومن حفر بئرا في برية فله حريمهما فمإن كمانت‬
‫للتعطن فحريمها أربعون ذراعا وإن كانت للناضممح فسممتون‬
‫‪184‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذراعا وإن كانت عينمما فحريمهمما ثلثمممائة ذراع فمممن أراد أن‬
‫يحفر في حريمها منع منه‪ ،‬وما ترك الفرات ودجلممة وعممدل‬
‫عنه الماء ويجوز عوده إليه لم يجر أحياؤه وإن كان ل يجوز‬
‫أن يعود إليه فهو كممالموات إذا لممم يكممن حريممما لعممامر مممن‬
‫أحياه بإذن المام ملكه ومن كممان لممه نهممر فممي أرض غيممره‬
‫فليس له حريمه عند أبي حنيفة إل أن يقيم بينة علممى ذلممك‬
‫وقال أبممو يوسممف ومحمممد لممه مسممناة النهممر يمشممى عليهمما‬
‫ويلقى عليها طينه انتهى‪ .‬وقد عرف بهذا النص وغيممره مممن‬
‫كتب الحنفية أن الذي نقله السبكي عن أبي حنيفة من أنممه‬
‫ل حريم للنهر إنما هو في النهر المملوك في أرض الغيممر ل‬
‫في النهار الكبممار المباحمة كالنيمل والفممرات وقمال صمماحب‬
‫النافع وهو المام أبو المفاخر السويدي الزوزنممي ول يجمموز‬
‫إحيمماء ممما قممرب مممن العممامر يممترك مرعممى لهممل القريممة‬
‫ومطرحا لحصائدهم ومن حفر بئرا فله حريمها فممإن كممانت‬
‫بئر العطن فحريمهمما أربعممون ذراعمما وإن كممانت بئرا لناضممح‬
‫فستون ذراعا وإن كان عينا فحريمهمما خمسمممائة ذراع مممن‬
‫كل جانب فمن أراد أن يحفر في حريمها منع منه وما تركه‬
‫الفرات أو دجلة وعدل عنه ويجوز عوده إليه لم يجز إحياؤه‬
‫لحاجممة النهممر إليممه فممإن كممان ل يمكممن أن يعممود إليممه فهممو‬
‫كالموات إذا لم يكن حريما للعامر ومممن كممان لممه نهممر فممي‬
‫أرض غيره فليس له حريمه عند أبي حنيفة إل أن تكون لممه‬
‫بينة عليه وقال أبو يوسف ومحمد له مسممناة النهممر يمشممى‬
‫عليها ويلقى عليها طينه‪ ،‬وفي فتاوي قاضي خممان لممو حفممر‬
‫بئرا في المفازة أو في موضممع ل يملكممه أحممد بممإذن المممام‬
‫كان له ذلك وله ما حمموله أربعممون ذراعمما حريممما للممبئر ولممو‬
‫حفر نهرا في مفازة بإذن المام قال أبو حنيفممة ل يسممتحق‬
‫للنهر حريما وقال صاحباه يستحق مقدار عرض النهر حممتى‬
‫إذا كان مقدار عرض النهر ثلثة أذرع كممان لممه مممن الحريممم‬
‫مقدار ثلثة أذرع من الجانبين من كممل جممانب ذراع ونصممف‬
‫في قول الطحاوي وعن الكرخي مقدار عممرض النهممر‪ ،‬هممذا‬
‫في النهر الذي حفره إنسان وملكه‪ ،‬وقال في موضممع آخممر‬
‫ولو احتفر رجل قنمماة بغيممر إذن المممام فممي مفممازة وسمماق‬
‫الماء حتى أتى به أرضا فأحياها فإنه يجعل لقنمماته ولمخممرج‬
‫‪185‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مائه حريما بقدر ما يصلح وهذا قممول أبممي يوسممف ومحمممد‬
‫فأما عند أبي حنيفة إذا فعل ذلك بإذن المام فإنه يسممتحق‬
‫الحريم للموضع الذي يقع الماء فيه علممى وجممه الرض وإن‬
‫كان بغير إذن المام ل شيء لممه لن عنممد أبممي حنيفممة مممن‬
‫احتفر نهرا ل يستحق لمه الحريمم والقنماة إل أن يقمع المماء‬
‫على وجه الرض بمنزلة النهممر‪ ،‬وقممال فممي موضممع آخممر إذا‬
‫أحيا رجل أمواتا ليس لها شرب وحفر لها مممن نهممر للعامممة‬
‫حافتها غير مملوكة وساق إليها ما يكفيهمما مممن الممماء ينظممر‬
‫إن كان ذلك ل يضمر بالعاممة كمان لمه ذلمك وإن كمان يضمر‬
‫بالعامة ليس له أن يفعل ذلك ول للمام أن يأذن لممه بممذلك‬
‫وكذا ليس للمام أن يزيد في النهر العظيم كمموة أو كمموتين‬
‫إن كان يضر بالعامة وفي النهر الخاص المملمموك ليممس لممه‬
‫أن يفعل ذلك أضر بصمماحب الملممك أم لممم يضممر لن حافممة‬
‫النهر ملكه فل يملك حفرها وسعتها‪ ،‬وقال في موضممع آخممر‬
‫النهممار ثلثممة الول النهممر العظيممم الممذي لممم يممدخل فممي‬
‫المقاسممم كممالفرات ودجلممة وجيحممون وسمميحون والنيممل إذا‬
‫احتاج إلى الكرى فإصلح شطه يكون علممى السمملطان مممن‬
‫بيممت المممال فممإن لممم يكممن فممي بيممت المممال مممال يجممبر‬
‫المسمملمون علممى كريممه وإن أراد واحمد مممن المسمملمين أن‬
‫يكرى منها نهرا لرضه كان له ذلك إذا لم يضر بالعامة بممأن‬
‫ينكسر شط النهر ويخاف منه الغرق فيمنممع مممن ذلممك‪ ،‬ثممم‬
‫قال نهر يجري في سكة تحفر في كل سنة مرتين ويجتمممع‬
‫تراب كثير في السممكة قممالوا إن كممان الممتراب علممى حريممم‬
‫النهر لم يكن لهل السكة تكليف أرباب النهر نقممل الممتراب‬
‫وإن كان التراب جاوز حريم النهر كان لهم ذلك وكذلك نهر‬
‫لقوم يجري في أرض رجل حفممروا الممتراب وألقمموا الممتراب‬
‫في أرضه إن كان التراب في حريم النهر لم يكممن لصمماحب‬
‫الرض أن يأخذ أصحاب النهر برفممع الممتراب لن لهممم إلقمماء‬
‫التراب في حريم النهر فإن ألقمموا الممتراب فممي غيممر حريممم‬
‫النهر كان له أن يأخذهم برفع التراب‪ ،‬وقال في موضع آخر‬
‫رجل بنى في الطريق العظم بناء ل يضممر بممالطريق فعممثر‬
‫به إنسان فعطب أو دابة فتلفت كان ضامنا ولكل واحد من‬
‫الناس حق المنع والمطالبة بالرفع وكذا لو نصب على نهممر‬
‫‪186‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫العامة طاحونة ل تضر بالنهر فكممالطريق ولكممل واحممد حممق‬
‫المنع والرفع فإن ضر في الحالين ترتممب عليممه الثممم أيضمما‬
‫ولو جعل على نهر العامة قنطرة بغير إذن المام ولم يممزل‬
‫الناس والدواب يمرون عليه ثم انكسر أو وهي فعطممب بممه‬
‫إنسان أو دابة ضمن فإن كان بإذن المممام لممم يضمممن لنممه‬
‫فعلممه حسممبة وممممرا للنمماس انتهممى ملخصمما‪ ،‬وفممي فتمماوى‬
‫البزازي المياه ثلثة في عامة العموم كالنهار العظام مثممل‬
‫دجلة وجيحون وسيحون ليسمت مملوكمة لحمد فيملمك كمل‬
‫أحد سقى دوابه وأرضه ونصب الطاحونة والدالية والسانية‬
‫واتخمماذ المشممرعة والنهممر إلممى أرضممه بشممرط أن ل يضممر‬
‫بالعامة فإن أضر منع فإن فعل فلكل أحممد مممن أهممل الممدار‬
‫منعه المسلم والذمي والمكاتب فيه سممواء ثممم قممال النهممر‬
‫العظم كريه مممن بيممت المممال وإصمملح مسممناته أيضمما لنممه‬
‫للعامة وإن لم يكن في بيممت المممال مممال واحتمماج المسممناة‬
‫والنهر إلى العمارة يجبر العامة‪ ،‬وقممال صمماحب الكممافي ول‬
‫يجوز إحياء ما قرب من العامر ويترك مرعى لهممل القريممة‬
‫ومطرحمما لحصممائدهم لتحقممق حمماجتهم إليهمما فصممار كممالنهر‬
‫والطريق وعلى هممذا قمالوا ل يجمموز للمممام أن يقطممع ممما ل‬
‫غنى للمسلمين عنه كالملح والبار الممتي يستسممقى النمماس‬
‫منها ومن حفر بئرا فممي أرض ممموات فلممه حريمهمما أربعممون‬
‫ذراعا لقوله عليه السلم )من حفر بئرا فله حريمها أربعون‬
‫ذراعا( لن حافر البئر ل يتمكممن مممن النتفمماع بممبئره إل بممما‬
‫حولها فإنه يحتاج إلى أن يقف على شفير البئر ليستسممقي‬
‫الماء والى أن يبنى على شفير البئر ما يركب عليه البكممرة‬
‫والى أن يبني الحوض يجتمع فيه الممماء والممى موضممع تقممف‬
‫فيه مواشيه عند الشرب والى موضع تنام فيه مواشيه بعممد‬
‫الشرب فاستحق الحريم لذلك وقدره الشممرع بممأربعين ثممم‬
‫قيل أربعممون ذراعمما مممن الجمموانب الربعممة فممي كممل جممانب‬
‫عشممرة أذرع لن ظمماهر اللفممظ يجمممع الجمموانب الربعممة‬
‫والصحيح أن المراد بممه أربعممون ذراعمما مممن كممل جممانب لن‬
‫المقصود دفع الضرر عن صاحب البئر وهو ل يندفع بعشممرة‬
‫أذرع من كل جانب فإن كانت الناضح وهي التي تنزح الماء‬
‫منها بالبقر فكذلك عند أبي حنيفة أربعممون ذراعمما وعنممدهما‬
‫‪187‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حريمهمما سممتون ذراعمما لقمموله عليممه السمملم )حريممم العيممن‬
‫خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر‬
‫الناضح ستون ذراعا( لن استحقاق الحريم باعتبممار الحاجممة‬
‫وحاجة صاحب بئر الناضممح أكممثر‪ ،‬وحريممم العيممن خمسمممائة‬
‫ذراع لممما روينمما ولنممه يحتمماج فيهمما إلممى زيممادة المسممافة‬
‫والتوقيف ورد بخمسمممائة فاتبعنمماه إذ ل يممدخل الممرأي فممي‬
‫المقادير‪ ،‬ثم عند بعضمهم خمسممائة ممن الجموانب الربعمة‬
‫من كل جانب مائة وخمسممة وعشممرون ذراعمما والصممح أنممه‬
‫خمسمائة ذراع من كل جانب‪ ،‬والذراع هممو المكسممرة وهممو‬
‫ست قبضات وكان ذراع الملممك سممبع قبضممات فكسممر منممه‬
‫قبضته‪ ،‬ثم قال وما ترك الفرات أو دجلة وعدل عنممه الممماء‬
‫ويجوز عوده إليه لم يجز إحياؤه لحاجة النهر إليه‪ ،‬ثممم قممال‬
‫النهار ثلثة نهممر غيممر مملمموك لحممد ولممم يممدخل ممماؤه فممي‬
‫المقاسم بعد كالفرات ودجلة والنيل فكريه على السمملطان‬
‫إن احتاج إليه مممن بيممت المممال لن ذلممك مممن حاجممة عامممة‬
‫المسلمين وبيت المال معد للصرف إلى مصالح المسلمين‬
‫فإن لم يكن في بيت المال شيء فللمام أن يجممبر النمماس‬
‫على كريه لنه نصب نمماظرا وفممي تركممه ضممرر عممام‪ ،‬وفممي‬
‫خلصممة الفتمماوى‪ :‬الميمماه ثلثممة فممي نهايممة العممموم كالنهممار‬
‫العظام كدجلة والفممرات وجيحممون وسمميحون وهممي ليسممت‬
‫مملوكمة لحمد ولكمل أحمد أن يسمتقى منهما ويسمقى دابتمه‬
‫وأرضه ويشرب منه ويتوضأ به ولكل واحد نصب الطاحونممة‬
‫والسانية والدالية واتخاذ المشرعة واتخاذ النهر إلممى أرضممه‬
‫بشرط أن ل يضر بالعامة فإن أضر منع مممن ذلممك فممإن لممم‬
‫يضر وفعل فلكل واحممد مممن أهمل المدار مسمملم أو ذممى أو‬
‫امممرأة أو مكمماتب منعممه‪ ،‬وفممي مجمممع البحريممن وحريممم بئر‬
‫الناضح أربعون كالعطن وقال ستون وتقدر للعين خمسمائة‬
‫من كل جانب ويمنع غيره من الحفر فيه ويلحممق ممما امتنممع‬
‫عود دجلة والفرات إليه بالموات إذا لم يكممن حريممما لعممامر‬
‫وإن جمماز عمموده لممم يجممز إحيمماؤه‪ ،‬قممال ابممن فرشممته ‪0‬فممي‬
‫شرحه‪ :‬لن حق المسلمين قائم لجواز العممود وكممونه نهممرا‪،‬‬
‫ثم قال في المجمع‪ :‬والنهر في ملك الغيممر ل حريممم لممه إل‬
‫ببينة وقال له حريمم بقمدر إلقمماء الطيمن ونحموه وقيمل هممذا‬
‫‪188‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالتفاق‪ ،‬قال ابممن فرشممته وفممي المحيممط قممال المحققممون‬
‫للنهر حريم بقدر ما يحتاج إليممه بالتفمماق لضممرورة الحتيمماج‬
‫إليه‪ ،‬وقال شمس الدين بن يوسف القونوي في درر البحار‬
‫وحريم بئر النضح أربعون كالعطن وقممال سممتون خمسمممائة‬
‫من كل جانب ويمنع غيره منه ولحق بالموات ما امتنع عود‬
‫نحو دجلة إليه غير الحريم ويقدر حريم النهممر بنصممف النهممر‬
‫من جانبيه ل كله في وجه‪.‬‬

‫ذكر نقول الحنابلة‬


‫قال في المغني وهو أجل كتب الحنابلممة وعلممى منممواله‬
‫نسج الشيخ محي الممدين النممووي كتممابه شممرح المهممذب ممما‬
‫نصه‪ :‬وما قممرب مممن العممامر وتعلممق بمصممالحه مممن طرقممه‬
‫ومسيل مائة ومطرح قمامته وملقى ترابه وآلتممه فل يجمموز‬
‫إحياؤه بغير خلف في المممذهب وكممذلك ممما تعلممق بمصممالح‬
‫القرية كفنائها ومرعى ماشيتها ومحتطبها وطرقها ومسمميل‬
‫مياهها ل يملك بالحياء ول نعلم فيممه أيضمما خلفمما عممن أهممل‬
‫العلم وكممذلك حريممم الممبئر والنهممر والعيممن وكممل مملمموك ل‬
‫يجوز إحياء ما تعلق بمصالحه لقوله عليممه الصمملة والسمملم‬
‫)من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له( فمفهومه‬
‫أن ما تعلق به حق مسلم ل يملك بالحياء انتهى‪ ،‬وقال في‬
‫موضع آخر المعادن الظاهرة وهي التي توصل إلى ما فيهمما‬
‫من غير مؤونة ينتابها الناس وينتفعممون بهمما كالملممح والممماء‬
‫والكممبريت والكحممل ومقممالع الطيممن وأشممباه ذلممك ل يملممك‬
‫بالحياء ول يجوز اقطاعه لحد من الناس ول احتجمماره دون‬
‫المسلمين لن فيه ضررا بالمسلمين وتضييقا عليهممم ولنممه‬
‫يتعلق بممه مصممالح المسمملمين العامممة فلممم يجممز إحيمماؤه ول‬
‫اقطاعه كمشممارع الممماء وطرقممات المسمملمين‪ ،‬وقممال فممي‬
‫موضع آخر وممما نضممب عنممه الممماء مممن الجممزائر لممم يملممك‬
‫بالحياء قال أحمد في رواية العباس ابن موسممى إذا نضممب‬
‫الماء عن جزيرة إلى قناة رجل لم يبن فيها لن فيه ضممررا‬
‫وهو أن الماء يرجع إلى ذلك المكان فإذا وجممده مبنيمما رجممع‬
‫إلى الجممانب الخممر فأضممر بممأهله ولن الجممزائر منبممت الكل‬
‫والحطب فجممرت مجممرى المعممادن الظمماهرة انتهممى‪ ،‬وذكممر‬
‫‪189‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫نحوه غير واحد من المؤلفين‪ ،‬وفي المستوعب‪ :‬وما نضممب‬
‫عنه الماء من الرفاق والجزائر فليممس لحممد أن يتملكممه ول‬
‫يجممري ذلمك مجمرى الرض المموات نمص عليمه فمي روايمة‬
‫إبراهيم في دجلممة يصممير فممي وسممطها جزيممرة فيهمما طممرق‬
‫فأجازها قوم فقال كيف يجوزونها وهي شيء ل يملكه أحممد‬
‫وقال فمي روايمة يوسمف بمن موسمى إذا نضمب المماء ممن‬
‫جزيرة إلى فناء رجل هل يبنى فيه قال ل فيممه ضممرر علممى‬
‫غيره لن الماء قد يعود إليه وأن لممم يعممد بعممد فهممو طريممق‬
‫لكافة المسلمين‪.‬‬
‫]فائدة لطيفممة[‪ :‬قممال ابممن الحمماج فممي المممدخل‪ :‬ليممس‬
‫للنسان في المسجد إل موضع قيممامه وسممجوده وجلوسممه‪،‬‬
‫وما زاد على ذلممك فلسممائر المسمملمين فممإذا بسممط لنفسممه‬
‫شيئا ليصلي عليه احتاج لجممل سممعة ثمموبه أن يبسممط شمميئا‬
‫كبيرا ليعم ثوبه على سجادته فيكممون فممي سممجادته اتسمماع‬
‫خمارج فيمسممك بسممبب ذلمك موضمع رجليممن أو نحوهممما أن‬
‫سلم من الكبر من أنه ل ينضم إلى سممجادته أحممد فممإن لممم‬
‫يسلم من ذلك وولى الناس عنه وتباعممدوا منممه هيبممة لكمممه‬
‫وثوبه وتركهم هو ولم يأمرهم بالقرب إليه فيمسك ممما هممو‬
‫أكثر من ذلك فيكون غاصبا لذلك القدر من المسممجد فيقممع‬
‫بسممبب ذلممك فممي المحممرم المتفممق عليممه المنصمموص عممن‬
‫صاحب الشريعة صمملى اللممه عليممه وسمملم حيممث قممال )مممن‬
‫غصممب شممبرا مممن الرض طمموقه يمموم القيامممة إلممى سممبع‬
‫أرضممين( وذلممك الموضممع الممذي أمسممكه بسممبب قماشممه‬
‫وسجادته ليس للمسلمين به حاجة في الغالب إل في وقت‬
‫الصلة وهو فممي وقممت الصمملة غاصممب لممه فيقممع فممي هممذا‬
‫الوعيد بسب قماشه وسجادته وزيه فإن بعث بسجادته إلى‬
‫المسجد في أول الوقت أو قبله ففرشت له هناك وقعد هو‬
‫إلى أن يمتلئ المسجد بالناس ثم يممأتي كممان غاصممبا لممذلك‬
‫الموضع الذي عملت السجادة فيه لنه ليس لممه أن يحجممزه‬
‫وليس أحد فيه إل موضع صلته انتهى‪.‬‬

‫ذكر الحاديث الواردة في إثم من ظلم شيئا من‬


‫الرض وطريق المسلمين‬
‫‪190‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أخرج البخاري عن سعيد بن زيممد قممال سمممعت رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول )من ظلم من الرض شيئا‬
‫طوقه من سبع أرضين( وأخرج البخاري ومسلم عن سممعيد‬
‫بن زيد قال أشمهد لسمممعت رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يقول )من أخذ شبرا من الرض ظلممما فممإنه يطمموقه‬
‫يوم القيامة من سبع أرضين( وأخرج البخاري ومسمملم عممن‬
‫أبي سلمة بممن عبممد الرحمممن أنممه كممانت بينممه وبيممن النمماس‬
‫خصومة في أرض فدخل على عائشة فذكر لها ذلك فقالت‬
‫يا أبا سلمة اجتنب الرض فإن رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم )قال من ظلم قيد شبر من الرض طوقه مممن سممبع‬
‫أرضين( وأخرج البخاري عن ابن عمر قال قال النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم )من أخذ شيئا من الرض بغير حقه خسف‬
‫به يوم القيامة إلى سبع أرضممين( وأخممرج مسمملم عممن أبممي‬
‫هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ل يأخممذ‬
‫أحد شبرا من الرض بغيممر حقممه إل طمموقه اللممه إلممى سممبع‬
‫أرضين يوم القيامة( وأخرج البزار في سنده عن ابممن عمممر‬
‫قال قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم )ملعممون مممن‬
‫تولى غير مواليه ملعون من ادعى إلى غير أبيه ملعون من‬
‫غيمممر علم الرض( وأخمممرج البخممماري فمممي الدب المفمممرد‬
‫والحاكم في المستدرك عن علي بن أبي طممالب قممال هممذا‬
‫ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم )لعن الله‬
‫من ذبح لغير الله ومن تولى لغير مواليه ولعممن اللممه العمماق‬
‫لوالديه ولعن اللممه منتقممص منممار الرض( وأخممرج ابممن أبممي‬
‫الدنيا في ذم الملهي والبيهقي في شعب اليمان عن ابممن‬
‫عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال )لعن اللممه‬
‫من تولى غيممر مممواليه ولعممن اللممه مممن غيممر تخمموم الرض(‬
‫وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال )ملعون من غير حدود الرض ملعون ممن تمولى‬
‫غير مواليه( وأخرج البزار في مسنده عممن أبممي رافممع قممال‬
‫وجدنا صحيفة في قراب سيف رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم بعد وفاته مكتوب فيها )بسممم اللممه الرحمممن الرحيممم‬
‫فرقوا بين مضاجع الغلمان والجواري بل والخوة والخوات‬
‫لسبع سنين وأضربوا أبناؤكم علممى الصمملة إذا بلغمموا تسممعا‬
‫‪191‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ملعون من أدعى إلى غير قومه أو إلى غير مممواليه ملعممون‬
‫مممن اقتطممع شمميئا مممن تخمموم الرض( يعنممي بممذلك طممرق‬
‫المسلمين‪ ،‬وأخرج أحمد وابن حبان والطممبراني عممن يعلممي‬
‫بن مرة قال سمعت النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يقممول‬
‫)أيما رجل ظلم شبرا من الرض كلفه الله أن يحفره حممتى‬
‫يبلغ به سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى الله‬
‫بين الناس( وفي لفظ لحمممد )مممن أخممذ أرضمما بغيممر حقهمما‬
‫كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر( وفممي روايممة للطممبراني‬
‫)من ظلم من الرض شبرا كلف أن يحفره حتى يبلغ الممماء‬
‫ثم يحمله إلى المحشر( وأخرج أحمد والطبراني عن سممعد‬
‫بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫)من أخذ شيئا من الرض بغير حقه طوقه من سبع أرضين‬
‫ل يقبل منه صرف ول عدل( وأخرج ابن سعد في الطبقات‬
‫والطبراني عن الحكم بن الحارث السلمي قال قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم )من أخذ من طريممق المسمملمين‬
‫شبرا جاء به يوم القيامة يحمله ممن سمبع أرضمين( وأخمرج‬
‫أحمد والطبراني عن أبي مسعود قال قلت يا رسممول اللممه‬
‫أي الظلممم أظلممم فقممال )ذراع مممن الرض ينتقصممها المممرء‬
‫المسلم من حق أخيه فليس حصمماة مممن الرض يأخممذها إل‬
‫طوقها يوم القيامة إلى قعر الرض ول يعلم قعرها إل اللممه‬
‫الذي خلقها( وأخرج ابن سعد وأحمممد والطممبراني عممن أبممي‬
‫مالممك الشممجعي عممن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫)أعظم الغلول عند الله ذراع من الرض إذا اقتطعه طمموقه‬
‫من سبع أرضين(‪.‬‬
‫]خاتمة[‪ :‬أرسلت بقضية هممذا الرجممل الممذي أراد الممبروز‬
‫إلى قاضي القضاة الشافعي وأرسمملت لممه نقممول المممذهب‬
‫وهذا المؤلف وعرفته أن الذي كانوا يحكمون به مممن الذن‬
‫في البروز بالروضة ونحوها باطل ليس بحكممم اللممه ول هممو‬
‫مذهب الشافعي فأذعن للحق ومنع نوابه من الحكم بممذلك‬
‫ثممم أراد أن يرسممل إلممى الخصممم ويحكممم عليممه بممالمنع مممن‬
‫البروز فأرسمملت أقممول لممه ان أحسممن مممن ذلممك أن يحكممم‬
‫حكما عامما بمالمنع ممن غيممر تعييمن خصمم ول تمموجه دعمموه‬
‫فاستغرب ذلك فأرسلت أقول لممه أن ذلممك جممائز فممي مثممل‬
‫‪192‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذا ونحوه وقد حكم الشيخ تقي الدين السبكي نظيممر هممذا‬
‫الحكم وابلغ منه وألممف فيممه مؤلفمما فأرسمملت إليممه بمؤلممف‬
‫السبكي فممي ذلممك فحكممم بمنممع الممبروز فمي الروضممة منعمما‬
‫مطلقمما إلممى أن تقمموم السمماعة ونفممذ هممذا الحكممم قاضممي‬
‫القضاة الحنبلي وقاضي القضاة المممالكي‪ ،‬وأرسمملت بممذلك‬
‫وبهذا المؤلف إلى المقام الشريف مولنا السلطان فأحاط‬
‫بذلك علما وتوعد أهل البروزات منعمما وهممدما‪ .‬وقممد ختمممت‬
‫هذا المؤلف بقصيدة نظمت فيها المسألة لن النظم أيسممر‬
‫للحفظ وأسير على اللسنة وسميتها النهر لمممن بممرز علممى‬
‫شاطئ النهر وهي هذه‪:‬‬
‫بدأت ببسم الله في النظم للشعر * وأثنى بحمد الله في‬
‫السر والجهر‬
‫وصلى آله العرش ما ذكر اسمه * على المصطفى‬
‫المبعوث للسود والحمر‬
‫وهاتيك أبياتا يضاهي قريضها * إذا ما رأى الراؤون‬
‫بالكوكب الدري‬
‫فمسنده لبن الفرات عذوبة * وبهجته الزهراء تعزى إلى‬
‫الزهري‬
‫وألفاظه تحكى عن الماء رقة * وفيه معان كلها عن أبي‬
‫بحر‬
‫شذاه إلى الفاق طار فعرفه * وتحليقه في الجو كالورد‬
‫والنسر‬
‫وذلك في حكم من الشرع بين * يفوق السنى البدري في‬
‫ليلة البدر‬
‫به قال أصحاب المذاهب كلهم * وكل أمام قدوة عالم حبر‬
‫لقد عمت البلوى بأمر محرم * وظن مباحا ذاك كل امرئ‬
‫غمر‬
‫ففي روضة المقياس جار بروز من * أراد بأن يسطو على‬
‫البر والبحر‬
‫أتى في حريم النهر بعض بروزه * وسائره قد حل في‬
‫بقعة النهر‬
‫وما قال هذا قط في الدهر عالم * ولم يستبحه في القديم‬
‫أولو الخبر‬
‫‪193‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأعظم من ذا في البلية من عزا * أباحته للشافعية‬
‫بالقسر‬
‫وما قال هذا الشافعي وصحبه * ول أحد من قبل أو بعده‬
‫يدري‬
‫يمينا وفجر والليالي بعشرها * وشفع ووتر ثم ليل إذا‬
‫يسرى‬
‫بل النص في كتب المام وصحبه * بأن حريم البحر والنهر‬
‫إذ يجري‬
‫كل ذين ل ملك عليه يحوزه * وإن بناء الناس فيه أخو حظر‬
‫ول جاز إقطاع لديه ول انزوى * إلى ملك بيت المال بيعا‬
‫لمن يشرى‬
‫ومن فيه يبنى فليهد بناؤه * وننسفه في اليم نسفا على‬
‫قدر‬
‫وفي حسرة يمشى على فقد جسره * وفي خسره أضحى‬
‫إلى حشره يجري‬
‫وأما قديما قد رأينا مؤصل * على نمط الجيران في‬
‫السمت للجدر‬
‫فذلك نبقيه ونولي احترامه * لوضع بحق سابق غير ذي‬
‫ختر‬
‫ومن رام نقل يستفيد بعزوه * ليحكى نصوص العلم إن حل‬
‫في صدر‬
‫ففي الم نص الشافعي إمامنا * ومختصر عالي الذرى‬
‫سامي القدر‬
‫وتعليقة القاضي الحسين وغيره * وكافي الخوارزمي ذي‬
‫الفضل والذكر‬
‫وتهذيب محيي السنة البغوي مع * نقول كثير قد تجلى عن‬
‫الحصر‬
‫وفي الشرح نص الشافعي وروضة النواوي * حيا قبره‬
‫وابل القطر‬
‫كذا في فتاوى ابن الصلح بيانه * وناهيك بالحبر النقي عن‬
‫الصر‬
‫وسار عليه في الكفاية نجمنا * أجل ففيه جاء إذ ذاك من‬
‫مصر‬
‫‪194‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأوضحه في البتهاج وغيره المام * التقي السبكي‬
‫بالبسط والنشر‬
‫وفيه عن القفال لو رام نخلة * ليغرس بالشاطئ منعناه‬
‫بالقهر‬
‫وبين ذاك الزركشي بشرحه * ومن بعد في الشرح‬
‫الدميري ذو الفخر‬
‫وبينه الغزي في أدب القضا * فخذها نقول من بحار أولى‬
‫در‬
‫وخذ عن نقول المالكية مسندا * كل إمام منهم عالم حبر‬
‫وفي مدخل ابن الحاج أعظم بسطه * وبين ما فيه من‬
‫الثم والضر‬
‫وحد حريم النهر ألف ذراعه * وذلك أعلى الحد في حرم‬
‫النهر‬
‫وأما النقول المستفيضة عن أبي * حنيفة في هذا فأوفى‬
‫من البحر‬
‫وحدوا حريم العين من كل جانب * بخمس مئ من أذرع‬
‫هي ذو كسر‬
‫وأما نقول لبن حنبل جمة * وناهيك بالمغنى فكن فيه ذا‬
‫ذكر‬
‫ومذهبه في الجزر أضيق مذهب * لنص له أن ليس يبنى‬
‫على جزر‬
‫ومذهبنا في ذاك أفسح مذهب * لنهم قاسوا الحريم على‬
‫البئر‬
‫وأدنى حريم البئر قد قيل خمسة * وعشرون ذرعا من‬
‫ذراع أولى الشبر‬
‫وكل مكان عمه في زيادة * من الماء معدود من الرض‬
‫للنهر‬
‫وضابطه ما بين سطحين حفرة * إذ النهر مردود إلى مادة‬
‫الحفر‬
‫فحفرة مجرى الماء نهر ومبدأ الحريم من التسطيح قدرا‬
‫على قدر‬
‫ومن رام في هذا البناء فإنه * أضر على المارين في البحر‬
‫والبر‬
‫‪195‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يقيم به في أكثر العام ماؤه * فل يجد المارون طرقا إلى‬
‫المر‬
‫ومن ههنا مع ههنا كل سالك * يمر وهذا البرز كالطود في‬
‫البحر‬
‫وليس بها من يقطع الطرق غيره * فلله ممن يقطع‬
‫الطرق في الظهر‬
‫وقد صح في الثار تطويق سبعة * أراض لمن يجني من‬
‫الرض كالشبر‬
‫وقد صح أيضا لعنه وانخسافه * إلى الرضين السبع في‬
‫موقف الحشر‬
‫فمن رام مع هذا الوعيد بروزه * ففي العصر أن المعتدين‬
‫لفي خسر‬
‫وألفت في منع البروز بشاطئ * على النهر تأليفا أسميه‬
‫بالجهر‬
‫تضمن من هذي النقول عيونها * وأوضحت فيه ما تفرق‬
‫في السفر‬
‫وقد صب حكم الشرع بالمنع حاكم * على كل ما رام‬
‫البروز على النهر‬
‫لزوما لمنع في العموم لكل من * أراد بروزا في الحريم‬
‫مدى الدهر‬
‫وهذا صحيح نافذ يستمر ل * يشان بإفساد ونقض ول كسر‬
‫وقد حكم السبكي فيه نظيره * وألف تأليفا له عالي القدر‬
‫ومن لم يطع حكم الشريعة رده * إليها برغم راغم سطوة‬
‫القهر‬
‫من الملك الحامي زمام شريعة * فأيده الرحمن بالعز‬
‫والنصر‬
‫ونختم هذا النظم بالحمد دائما * لرب العل المختص‬
‫بالحمد والشكر‬
‫ونثني على الهادي بخير صلته * وتسليمه فهو المشفع في‬
‫الحشر‬
‫وآل له خصوا بكل مزية * وأصحابه الزاكين والنجم الزهر‬
‫ونتبع هذا بالرضا عن أئمة * هم قدوة للخلق في كل ما‬
‫عصر‬
‫‪196‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إمامي أعنى الشافعي ومالك * وأحمد والنعمان كل ذوو‬
‫قدر‬
‫وسميت هذا النظم بالنهر زاجرا * لمن رام أن يبني على‬
‫شاطئ النهر‬
‫فموضوعه بحر وبحر علومه * وعدته سبعون بيتا على بحر‬
‫ونختم بمما أخرجممه المبيهقي فمي شممعب اليممان بسمند‬
‫ضعيف من طريق بهز بن حكيممم عممن أبيممه عممن جممده قممال‬
‫قلت يا رسول الله ما حق جاري قال إن مرض عممدته إلممى‬
‫أن قال ول ترفع بناءك فوق بنائه فتسد عليه الريح‪ ،‬وأخرج‬
‫ابن عدي في الكامل والممبيهقي بسممند ضممعيف مممن طريممق‬
‫عمرو بن شعيب عن أبيه عممن جممده أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسمملم قممال )ليممس بمممؤمن مممن لممم يممأمن جمماره‬
‫بوائقه‪ ،‬قال أتدري ما حق الجممار إذا اسممتعانك أعنتممه ‪ -‬إلممى‬
‫أن قال ول تستطيل عليه بالبناء تحجب عنه الريح إل بإذنه(‬
‫قال البيهقي هذا شاهد للذي قبله يعتضد به‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فممي أرض آهممر ببلممد اكممدز وهممي أرض إسمملم‬
‫ليس فيها إل المسلمون ولكل قبيلة منهم أرض هم نازلون‬
‫بها وليس فيها ما ينتفع به من الحرث والزراعة في الغالب‬
‫وإنما غالب ما ينتفمع بمه فيهما مباحمات ممن النبمات كشمجر‬
‫الدوام والسدر وغيرهما مما ينبممت بغيممر تكلممف آدمممي وممما‬
‫شابهه من حبوب العشاب النابتة بغير حرث ول تعممب مممما‬
‫هو تبع للرض ويحصممل لمممن اعتنممى بجمممع ذلممك شمميء لممه‬
‫قيمة والرض المذكورة تملكها أهلها المممذكورون بهمما بممإذن‬
‫أمين البلد المولى بإذن أمير المؤمنين وأقطعها أميممر البلد‬
‫المممذكور لهلهمما النممازلين المممذكورين بهمما لمصممالح لممه‬
‫وللمسلمين في اقطاعهم إياها فهممل لمممن هممو بهمما أن يممبيع‬
‫كلها وشيئا من شجرها وهممل لهممم أن يمنعمموا غيرهممم مممن‬
‫الرعي فيها أو النتفاع منها بشيء‪ ،‬وأصل الرض المذكورة‬
‫مجهول ل يعرف هل هممي أرض عنمموة أو أرض صمملح وإنممما‬
‫هي من قديم الزمان بيممد مقممدم البلد يقطعهمما لمممن يشمماء‬
‫ونشممأوا علممى ذلممك خلفمما عممن سمملف وغممالب مصممالحهم‬
‫ومنافعهم متعلقممة بممذلك‪ .‬فممإن قلتممم لهممم بيممع كلهمما ومنممع‬
‫غيرهم منه فما معنى الحممديث المموارد فممي منممع بيممع فضممل‬
‫‪197‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الماء ليمنع به الكل وما معنى الحممديث المموارد فيممما يممروى‬
‫أربعممة ل تمنممع وذكممر فيهمما الممماء والكل أفتونمما مممأجورين‬
‫سددكم الله تعالى للصواب بعد السلم عليكم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪.‬‬
‫اتفق العلماء على أن الكل إذا جممز مممن نبمماته وقطممع وحيممز‬
‫بالخذ والتنازل فإن حائزه يملكه ولممه بيعممه ول يجممب عليممه‬
‫بذله وأما الكل الذي هو في منابته لم يقطع ولم يجممز فممإن‬
‫كان نابتا في أرض موات فالناس فيها سواء كالماء المبمماح‬
‫وعلممى هممذا يحمممل ممما ورد فممي الحممديث عممن النممبي عليممه‬
‫السلم من منعه‪ ،‬وإن كان نابتا في أرض مملوكة فهو ملك‬
‫لصاحب الرض ل يجب بذله ويجوز بيعه‪ ،‬بقممي قسممم واحممد‬
‫وهو الكل النابت في أرض أقطعهمما السمملطان إنسممانا وفيممه‬
‫تفصمميل فممإن كممانت تلممك الرض مواتمما لممم يجممز القطمماع‬
‫والحالة هذه لنه من الحمى المنهى عنه فممي الحممديث فممي‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم ) ل حمى إل لله ورسوله( وإنما‬
‫يجوز إقطاع الموات الخالي عن الكل والعشممب وإن كممانت‬
‫تلك الرض غير موات وهي مممن أراضممي بيممت المممال الممتي‬
‫يقطعها السلطان الن من الممديار المصممرية فممإن اقطاعهمما‬
‫صحيح ويختص المقطع بالكل الذي فيها ينتفع به ويبيعه لنه‬
‫مال من جملة أموال بيت المال سوغ السمملطان اسممتغلله‬
‫لهذا المقطع بعينه والظاهر أن أرض اكدز بهذه المثابة فممي‬
‫القطاع والستغلل والله أعلم‪.‬‬

‫باب الوقف‬
‫مسألة ‪ -‬وقف تعطل ريعه وفيه إمام وغيره فهل يلممزم‬
‫الناظر أن يستدين على الوقف ويعطيهم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يلزمه ذلك‬
‫مسممألة ‪ -‬المسممجد المعلممق علممى بنمماء الغيممر أو علممى‬
‫الرض المحتكرة إذا زالت عينه هل يزول حكمه بزوالها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم يزول حكمه إذ ل تعلق لوقفيممة المسممجد‬
‫بالرض وإنما قممال الصممحاب إذا انهممدم المسممجد وتعممذرت‬
‫إعممادته لممم يصممر ملكمما إذا كممانت الرض مممن جملممة وقممف‬
‫المسجد بدليل تعليلهم ذلك بأن الصلة تمكن فممي عرصممته‬
‫‪198‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على أن في صحة وقممف المسممجد علممى الرض المحتكممرة‬
‫نظرا لن بعض أئمتنا أفتى بأن الوقف في أرض مسممتأجرة‬
‫إذا كان ريعه ل يفي بالجرة أو وفممى بهمما ولممم يممزد ل يصممح‬
‫وقفه ابتداء لنه ملحق بما ل ينتفع به‪ ،‬ومعلوم أن المسممجد‬
‫ل ريع له تمموفى منممه أجممرة الرض وعلممى تقممدير أن يكممون‬
‫الواقف استأجرها مدة وأدى أجرتها فبعد انتهاء تلممك المممدة‬
‫ل يلزم الواقف الجرة فل يبقى إل تفريغ الرض منه وعلى‬
‫تقدير صممحة الوقممف لشممك فممي زوال حكمممه بممزوال عينممه‬
‫ويبني مالك الرض مكانه ما شاء‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل وقممف علممى أولده وأولدهممم ونسمملهم‬
‫وعقبهم تحجب الطبقممة العليمما السممفلى أبممدا علممى أن مممن‬
‫مات منهم ولم يخلف ولدا ول أسفل منه من ولد الظهر أو‬
‫البطن ينتقل نصيبه لمن في درجته فإذا انقرضوا كان وقفا‬
‫على محمد وحليمة وخديجة على أن من مات منهممم انتقممل‬
‫نصمميبه لمممن بقممي ثممم مممن بعممدهم علممى أولدهممم ونسمملهم‬
‫تحجب الطبقة العليا السفلى علممى ممما تقممدم تفصمميله فممي‬
‫أولد الواقف وانقرضوا وآل المممر إلممى الثلثممة المممذكورين‬
‫فمات محمممد عممن غيممر نسممل ثممم ممماتت حليمممة عممن بنممت‬
‫وخديجة عن ابن بنت فهل يشتركان في الوقف لقوله إنهم‬
‫على التفصيل المذكور في أولد الواقف وقد قال هنمماك أن‬
‫من لم يخلف منهممم ولممدا ول أسممفل منممه ينتقممل لمممن فممي‬
‫درجته ومفهومه إنه إذا خلف ولدا ما يختص به ول ينتقل أم‬
‫تستحق البنت دون ابن البنت‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬تستحق البنت فقط دون ابممن البنممت بصممريح‬
‫قوله تحجب الطبقة العليمما السممفلى وأيضمما فممإن الوقممف ل‬
‫ينتقل لولد الثلثة المذكورين إل بعد انقراضهم كلهم لقوله‬
‫على أن من مممات منهممم ينتقممل نصمميبه لمممن بقممي ثممم مممن‬
‫بعدهم لولدهم فلم يجعل ‪00‬للولد حقمما إل بعممد انقممراض‬
‫جميع الثلثة ثم اعتبر العلى فمالعلى فل حمق لبمن البنمت‬
‫لنه محجوب بالعليا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل وقف وقفمما علممى جهممات وشممرط أن ممما‬
‫فضل يصرف للفقراء والمساكين وله أخ وللخ أربعممة أولد‬
‫بصفة الفقر والمسكنة فهل للناظر أن يصرف لهم منه‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬نعم بل هم أولى من الجانب‬
‫مسألة ‪ -‬رجل وقف فممي مممرض ممموته علممى أولده ثممم‬
‫نسلهم فممإذا انقرضمموا فعلممى أولد أختممه‪ ،‬ومممات ثممم ممماتت‬
‫أولده وهم أطفال بعد شهر وله عاصب فطلممب أولد أختممه‬
‫الوقف ونازعهم العاصممب وقممال إن الوقممف لممم يصممح لنممه‬
‫صدر في مرض الموت‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المنقول في هممذه المسمألة أن الموقمموف إن‬
‫احتمله الثلث صح في قدر الثلث ولم يحتج إلى إجممازة وإن‬
‫كان وقفا علممى وارث وإن زاد علممى الثلممث صممح فممي قممدر‬
‫الثلث ووقممف الممزائد علممى الجممازة فممإذا مممات الولد قبممل‬
‫البلوغ فلوارثهم رد الوقف في القدر الزائد خاصة وأما قدر‬
‫الثلث هو لولد الخت ل يجوز إبطاله‬
‫مسألة ‪ -‬رجل وقف وقفا وشرط فيه النظر لمن يصلح‬
‫من الذرية فثبت صلح واحد منهم وحكم له بالنظر ثم بعممد‬
‫ذلك أثبت حاكم آخر صلح امرأة منهممم وحكممم لهمما بممالنظر‬
‫فهل يشتركان أو تقدم المرأة‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬إذا شممرط الواقممف النظممر لمممن يصمملح مممن‬
‫الذرية ولم يزد على ذلك وثبتت الصلحية للرجل وحكم لممه‬
‫بالنظر فل حق للمرأة بعد ذلك ولممو كممانت تصمملح ول يظممن‬
‫اختصمماص ذلممك بصمميغة أفعممل التفضمميل بممل هممو فممي هممذه‬
‫الصيغة أيضا لن الحق إذا ثبت لواحد لم ينتقممل إلممى غيممره‬
‫ولم يتعممده بممل لممو شممرط الواقممف بصمميغة أفعممل التفضمميل‬
‫كالصلح والرشد وثبت الصلحية والرشممدية لواحممد وحكممم‬
‫له به ثم وجد بعد ذلك من صار أصلح وارشد لم ينتقممل لممه‬
‫الحق لن العبرة بمن فيه هذا الوصممف فممي البتممداء ل فممي‬
‫الثناء وإل لم يستقر نظر لحد‪ ،‬ونظير ذلك إذا قلنا ل تنعقد‬
‫إمامة المفضول ‪0‬مع وجود الفاضممل فممذاك فممي البتممداء ل‬
‫فممي الممدوام‪ ،‬ومقصممود الواقممف تفممويض النظممر إلممى واحممد‬
‫يصلح ل إلى كل من يصلح وإل لدى إلى جعل النظر لجميع‬
‫الذرية إذا كانوا صالحين ويحصممل بسممبب ذلممك مممن اختلف‬
‫الكلمة ما يؤدي إلى فساد الوقف فالولى حمل )مممن( فممي‬
‫كلم الواقممف علممى النكممرة الموصمموفة ل علممى الموصممولة‬
‫وحينئذ ل عموم لها فإنها نكرة في اِلثبممات فل تعممم بممل لممو‬
‫‪200‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فممرض فيهمما عممموم كممان مممن عممموم البممدل ل مممن عممموم‬
‫الشمول‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬واقف وقف على أولده ثم أولدهم بالفريضممة‬
‫الشرعية ومن مات منهم انتقل نصمميبه إلممى ولممده ثممم إلممى‬
‫ولد ولده بالفريضة الشرعية للذكر مثل حممظ النممثيين فممإن‬
‫لم يكن فممإلى اخمموته وأخممواته فممإن لممم يكممن فممإلى أقممرب‬
‫الطبقات إليه على ما شرح فآل المر إلى أن ماتت امممرأة‬
‫من أولد الولد عن أولد عم ثلثممة محمممد وخمماتون أخمموان‬
‫وفاطمة بنت عممم فهممل تنتقممل حصممتها إلممى الثلثممة أو إلممى‬
‫محمد فقط كما فمي حكمم الفريضمة الشمرعية المتي عمول‬
‫عليها الواقف مممن أن ابممن العممم ل تشمماركه اخمموته ول ابممن‬
‫عمه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الظاهر انتقال حصتها إلى الثلثة لعموم قوله‬
‫أقرب الطبقات‪ ،‬وأما قمموله بالفريضممة الشممرعية فمحمممول‬
‫على تفضيل الذكر على النثى في السهم فقط ويؤيد هممذا‬
‫الحمل أمور أحدها قوله عقب ذلك للذكر مثل حظ النثيين‬
‫فهذه جملة مفسرة للمراد بذكر الفريضة الشرعية‪ ،‬الثمماني‬
‫أن الفريضة معناها الوضعي المقدرة ل مدلول لها غير ذلك‬
‫والتقممدير مممن صممفات النصممباء كممما قممال تعممالى )نصمميبا‬
‫مفروضمما( فل دللممة للفممظ الفريضممة علممى منممع ول تممأخير‪،‬‬
‫الثالث أنا لو أخذنا بحكم الفريضة الشامل لما ذكر لم نعط‬
‫بنت العم شيئا البتة وأن فقد ابن العم لن حكممم الفممرائض‬
‫أنها ل ميراث لها البتة ول يقول به أحد هنا فتعين تخصيصممه‬
‫بما ذكرنا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل وقف على أولده الذكور وسماهم وقممال‬
‫ومن توفى منهم انتقممل نصمميبه إلممى ولممده وولممد ولممده وأن‬
‫الذكور خاصة تحجممب الطبقممة العليمما منهممم أبممدا‪0 .‬الطبقممة‬
‫السفلى فإن لم يكن للمتوفى ولممد ول ولممد ولممد ول أسممفل‬
‫من ذلك رجع نصمميبه إلممى إخمموته المشمماركين لممه فممي هممذا‬
‫الوقف مضافا لما بأيديهم‪ ،‬وتوفى الواقف عممن أربعممة أولد‬
‫ثم مات أحد الربعة عن ثلثة ذكور فأخذوا نصيبه ثممم مممات‬
‫الثاني عن ولد ذكر فأخذ نصيبه ثم مات الثالث عممن ولممدين‬
‫صغيرين وولدي ولد فأخذ ولممداه نصمميبه ثممم مممات الولممدان‬
‫‪201‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصممغيران عممن ولممدي أخيهممما وعممن عمهممما فهممل يرجممع‬
‫نصمميبهما إلممى ابنممي أخيهممما عمل بممواو العطممف ولحممرص‬
‫الواقف على وصول نصيب كل أصل إلى فرعه بقوله فممإن‬
‫لم يكن للمتوفي منهم ولد ول ولد ولد ول أسفل مممن ذلممك‬
‫ولزوال مممن حجبهممما مممن ذلممك عنممد ممموت جممدهما أو إلممى‬
‫عمهما‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يرجع إلممى العممم دون ولممدي الخ عمل بقمموله‬
‫تحجب الطبقة العليا السفلى‪ ،‬وما ذكر من التعاليممل الثلثممة‬
‫فاسممد أممما قمموله عمل بممواو العطممف فإنهمما لممم يقصممد بهمما‬
‫التشريك مطلقا بل تفيد حجب العليا السفلى وإل لسممتحق‬
‫ولد الخ مع وجود عميهما ول قائل به‪ ،‬وأما قمموله ويحممرص‬
‫الواقف إلى آخره فقد قال السبكي في فتاويه في مسممألة‬
‫وقفية ذكر فيها شبه ذلك المقاصد إذا لم يدل عليها اللفممظ‬
‫ل تعتبر‪ ،‬وأما قوله ولزوال مممن حجبهممما إلممى آخممره فممذاك‬
‫إنما يعتبر ابتداء عند موت الصل الذي هممذان فرعمماه وأممما‬
‫زواله في الثناء بعد انتقال الوقممف إلممى جهممة ليممس هممذان‬
‫فرعيه فل عبرة به بل همذا مموت جديمد لجهمة غيمر الولمى‬
‫ينظر نظرا آخر أل ترى أنه لو مات هذان الولدان عن نسل‬
‫لستحق نسلهما ما كان بيدهما ولم يعد إلى ولد الخ شيء‬
‫فعممرف أن زوال الحمماجب فممي مثممل ذلممك ل أثممر لممه وإل‬
‫لستحقا مع وجود النسل وكانا يقولن قد زال الحمماجب لنمما‬
‫وحينئذ نقممول هممذا مسممتحق مممات عممن غيممر نسممل وشممرط‬
‫الواقممف حينئذ العممود إلممى الخمموة المشمماركين ول أخمموة‬
‫مشاركون فانتقلنا إلى أعلى طبقة وهممو العممم عمل بتقممديم‬
‫العليا على السفلى وأكد ذلك قول الواقف المشمماركين لممه‬
‫في هذا الوقممف مضممافا لممما بأيممديهم والعممم مشممارك بيممده‬
‫حصة وولدا الخ ل شيء بأيممديهما فل مشمماركة لهممما وهممذا‬
‫القدر المؤكد علوة وليس المعول عليها بممل المعممول علممى‬
‫ما صدر نابه‪0 .‬‬
‫مسممألة ‪ -‬أرض مممن أراضممي مصممر بيممد جماعممة بكريممة‬
‫يسممتغلونها فسممألهم السمملطان عممن مسممتندهم فممأظهروا‬
‫محضرا ثابتا على حاكم شافعي أنها وقف السمملطان صمملح‬
‫الدين بن أيوب عليهم بشممهادة جماعممة مسممتندهم السممماع‬
‫‪202‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وإن لم يصرحوا به وحكم بموجب ذلك فهل يستحقون ذلك‬
‫وهل للمام أن يقف بعممض أراضممي مصممر علممى مثممل هممذه‬
‫الجهة من غير أن يشتريها من بيممت المممال وهممل للمخممالف‬
‫الذي يرى أن مصر فتحممت عنمموة وأن أراضمميها ل تملممك أن‬
‫يتعرض لبطال ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم للمام أن يقف بعض أراضي بيت المممال‬
‫من غير شراء على مثل الجهة المذكورة علممى الصممح فممي‬
‫المذهب فقد نص الشممافعي علممى مما يشمهد لمذلك وصممرح‬
‫بصحته القاضي حسين وأفتى به ابن أبي عصممرون وأسممعد‬
‫الميهني والشاشي وابن الصلح والنووي وقال ابن الرفعممة‬
‫في المطلب أنه المذهب وصرح كل منهم بأنه ل يجوز لمن‬
‫يأتي بعد تغييره وأما السممبكي فاختممار لنفسممه أنممه ل يجمموز‬
‫للمام الوقف لكن ما وجدناه موقوفا لحد من الئمة ليممس‬
‫لنا أن نغيممره فالحاصممل أن عممدم التغييممر متفممق عليممه وقمد‬
‫حكى ابن الصلح في مجاميعه صورة استفتاء فممي أراضممي‬
‫وقفها الخليفة أو السمملطان نممائب الخليفممة علممى رجممل ثممم‬
‫عقبه هل يصح وهل يجوز لحد مممن الممولة تغييممره وصممرفه‬
‫إلممى جهممة أخممرى فأجمماب علممماء ذلممك العصممر مممن سممائر‬
‫المذاهب أن الوقف صممحيح ول يملممك أحممد مممن خلممق اللممه‬
‫اعتراضه ول تغييره ومن جملة من أفتى في هممذه الواقعممة‬
‫ابممن أبممي عصممرون وهممو كممان عيممن الشممافعية فممي زمممن‬
‫السلطانين العادلين نور الممدين الشممهيد وصمملح الممدين بممن‬
‫أيوب وكان مفتيهما وقاضيهما وقد نص العلماء علممى أنهممما‬
‫ما وقفا الممذي وقفمماه إل بإفتممائه‪ .‬فالحاصممل أن وقممف هممذه‬
‫الرض على المممذكورين صممحيح ول يجمموز لحممد تغييممره ول‬
‫نقله إلى جهة أخرى وثبوت ذلمك بالشمهادة المسمتندة إلمى‬
‫الستفاضة حيث لم يصرحوا بذلك صممحيح أممما فممي الوقممف‬
‫فأصل وأما في المستحقين فضمممنا كممما قمماله ابممن الصمملح‬
‫وابن الفركاح وليس للمخالف الممذي يممرى أن مصممر فتحممت‬
‫عنوة أن يتعرض لذلك بنقض ول إبطال لنممه إن كممان حكممم‬
‫‪0‬بصحته في الصل حاكم شافعي فذاك وإل فمعناه أمممران‬
‫أحممدهما ثبمموت الوقممف بممما ذكممر وممما ثبممت وقفممه قممديما ل‬
‫يتعرض له لن الظاهر وقوعه مستجمعا للشممرائط والثمماني‬
‫‪203‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حكم الشافعي المتأخر وأمر ثالث وهو أن بعض المتأخرين‬
‫ذكر أن أمر المام العظممم وفعلممه يرفعممان الخلف كحكممم‬
‫الحمماكم تفخيممما لشممأنه ونممص العلممماء علممى أن السمملطان‬
‫صلح الدين ما وقف الذي وقفممه حممتى أفتمماه بممذلك علممماء‬
‫عصممره مممن الشممافعية والحنفيممة والحنابلممة ولممول إرادة‬
‫الختصار لسقت عباراتهم في ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا ثبممت وقفيمة عيمن ولممم يعلممم ممآل الوقمف‬
‫وقلنا إنه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف هممل يختممص‬
‫به الفقراء دون الغنياء أم يشتركون فيه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يختص به الفقراء من أقاربه على الصح فإن‬
‫كانوا كلهم أغنياء صرف إليهم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل وقف مصحفا على من يقرأ فيه كل يمموم‬
‫حزبا ويدعو له وجعل له على ذلك معلوما من عقممار وقفممه‬
‫لذلك فأقام القارئ مدة يتناول المعلوم ولم يقرأ شمميئا ثممم‬
‫أراد التوبة فما طريقه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬طريقه أن يحسب اليام الممتي لممم يقممرأ فيهمما‬
‫ويقرأ عن كل يوم حزبمما ويممدعو عقممب كممل حممزب للواقممف‬
‫حتى يوفى ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬واقف وقف مدرسة وقرر بها شمميخا وصمموفية‬
‫فهل يجوز للناظر أن يقرر في المشيخة اثنيممن وهممل يجمموز‬
‫للشيخ السممتنابة إذا كممان بممه ضممعف فممي بممدنه أو كممان لممه‬
‫وظيفة أخرى تعارض هذه الوظيفة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أوقاف السلطين والمراء كلهمما أصمملها مممن‬
‫بيت المال أو راجعة إليه فيجوز لمن كان بصفة الستحقاق‬
‫من بيت المال مممن عممالم بممالعلوم الشممرعية وطممالب علممم‬
‫كذلك وصوفي على طريممق الصمموفية أهممل السممنة ونسمميب‬
‫من آل رسول اللمه صمملى اللمه عليممه وسملم أن يأكمل مممما‬
‫وقفوه غير متقيد بما شرطوه ويجوز والحالة هذه الستنابة‬
‫لعممذر وغيممره وتنمماول المعلمموم وإن لممم يباشممر ول اسممتناب‬
‫واشتراك اثنين فأكثر فممي الوظيفممة الواحممدة وأخممذ الواحممد‬
‫عدة وظمائف‪ ،‬وممن لمم يكمن بصمفة السمتحقاق ممن بيمت‬
‫المال لم يحل له ‪0‬الكل من هذا الوقف ولو قممرره النمماظر‬
‫وباشممر الوظيفممة لن هممذا مممال بيممت المممال ل يتحممول عممن‬
‫‪204‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حكمه الشرعي بجعل أحد وما يتوهمه كثير من الناس مممن‬
‫دخوله في ملك الذي وقفمه فهمو تمموهم فاسمد ل يفيممد فمي‬
‫باطن المر وأما الوقاف الممتي ملكهمما واقفوهمما فلهمما حكممم‬
‫آخر وهي قليلة بالنسبة إلى تلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا عجز الوقف عن توفية جميممع المسممتحقين‬
‫فهل تقدم منه الشعائر والشيخ أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ينظر في هذا الوقف فإن كان أصله من بيت‬
‫المال كمدارس الديار المصرية وخوانقها روعممى فممي ذلممك‬
‫صفة الحقية من بيت المال فإن كان في أربمماب الوظممائف‬
‫من هو بصفة الستحقاق من بيت المال ومممن ليممس كممذلك‬
‫قدم الولون على غيرهم كالعلماء وطلبة العلم وآل رسول‬
‫اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم وإن كممانوا كلهممم بصممفة‬
‫الستحقاق منه قدم الحوج فالحوج والفقممر فممالفقر فممإن‬
‫استووا كلهم في الحاجة قدم الكد فالكد فيقدم المممدرس‬
‫أول ثم المؤذن ثم المام ثم القيم‪ ،‬وإن كممان الوقممف ليممس‬
‫ما أخذه من بيت المال اتبممع فيممه شممرط الواقممف فممإن لممم‬
‫يشرط تقديم أحد لم يقدم أحد بل يقسممم بيممن جميممع أهممل‬
‫الوقف بالسوية الشعائر وغيرهم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬المدارس المبنية الن بالديار المصرية وغيرها‬
‫ول يعلم للواقف نص على أنها مسجد لفقممد كتمماب الوقممف‬
‫ول يقام بها جمعة هل تعطى حكم المسجد أو ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المدارس المشهورة الن حالها معلوم فمنهمما‬
‫ما علم نص الواقف أنها مسجد كالشمميخوخة فممي اليمموانين‬
‫خاصة دون الصحن‪ ،‬ومنها ما علم نصه أنها ليست بمسممجد‬
‫كالكاملية والبيبرسية فإن فرض ما لم يعلم فيممه ذلممك ولممو‬
‫بالستفاضة لم يحكم بأنها مسجد لن الصل خلفه‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬قممالوا إن المسممجد الموقمموف علممى قمموم‬
‫مخصوصين ل يجوز لحد أن يدخله أو يصلي فيه إل بممإذنهم‬
‫فهل المدارس والربط كذلك وهل يجمموز للموقمموف عليهممم‬
‫الذن في النتفاع مطلقا بالنوم والجلوس والكممل واجتممماع‬
‫الخصوم والقضاء بينهم وإقراء الصبيان أو هو مقيد بما كان‬
‫على وفق شرط الواقف‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬المسجد الموقمموف علممى معينيممن هممل يجمموز‬
‫لغيرهممم دخمموله والصمملة فيممه والعتكمماف بممإذن الموقمموف‬
‫عليهم‪ ،‬نقل السنوي في اللغاز أن كلم القفال في فتاويه‬
‫يوهم المنع ثم قال السممنوي مممن عنممده والقيمماس جمموازه‪،‬‬
‫وأقممول الممذي يترجممح التفصمميل فممإن كممان موقوفمما علممى‬
‫أشخاص معينممة كزيممد وعمممرو وبكممر مثل أو ذريتممه أو ذريممة‬
‫فلن جمماز الممدخول بممإذنهم وإن كممان علممى أجنمماس معينممة‬
‫كالشافعية والحنفية والصوفية لممم يجممز لغيممر هممذا الجنممس‬
‫الدخول ولو أذن لهم الموقوف عليهم فممإن صممرح الواقممف‬
‫بمنع دخول غيرهم لم يطرقممه خلف البتممة وإذا قلنمما بجممواز‬
‫الدخول بالذن في القسممم الول فممي المسممجد والمدرسممة‬
‫والرباط كان لهممم النتفمماع علممى نحممو ممما شممرطه الواقممف‬
‫للمعينين لنهم تبع لهم وهم مقيدون بما شرطه الواقف‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬جامع لممه نمماظر فمماتفق ممموت إمممامه والنمماظر‬
‫مسافر فقرر السلطان إماما فهل للنمماظر إذا حضممر عزلممه‬
‫وتقرير خلفه‪.‬‬
‫الجمواب ‪ -‬إذا ولمي السمملطان إمامما بعمد ممموت الممام‬
‫الول والوظيفة شاغرة والناظر مسافر فهي ولية صحيحة‬
‫يلزم الناظر إبقاءها وليس له عزله وتقرير خلفه‪.‬‬

‫النصاف في تمييز الوقاف‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬أمير وقف خانقمماه ورتممب بهمما شمميخا وصمموفية‬
‫وجعل لهم دراهم وزيتا وصابونا وخبزا ولحما فضاق الوقف‬
‫فهل يقدم الشيخ على الصوفية أو يصرف بينهم بالمحاصممة‬
‫وهل يقتصر على صنف من الصممناف الممتي عينهمما الواقممف‬
‫ويترك الباقي أو يأخممذون مممن جميممع الصممناف الممتي عينهمما‬
‫الواقممف بالمحاصممة وهممل تجمموز السممتنابة فممي شمميء مممن‬
‫الوظائف أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أقول أول وبمالله التوفيمق‪ :‬الوقماف قسممان‬
‫قسم ليس مأخذه مممن بيممت المممال ول مرجعممه إليممه وهممذا‬
‫الوقف مبناه على التشممديد والتحريممص ل يجمموز تنمماول ذرة‬
‫منه إل مع استيفاء ما شرطه الواقف لنممه مممال أجنممبي لممم‬
‫‪206‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يخرج عن ملكه إل على وجه مخصوص بالشممرط المممذكور‪،‬‬
‫وقسم مأخذه من بيت المممال بممأن يكممون واقفممه خليفممة أم‬
‫ملكا من الملوك السابقة كصلح الدين بممن أيمموب وأقمماربه‪،‬‬
‫أو مرجعه إلى بيت المال كأوقاف أمراء الدولممة القلوونيممة‬
‫ومن بعدهم إلى زماننا هذا وإنما قلنا إن مرجعممه إلممى بيممت‬
‫المال لن واقفيه أرقاء بين المال وفي ثبموت عتقهمم نظمر‬
‫وقد ذكر الشيخ تاج الدين بممن السممبكي فممي واقعممة وقعممت‬
‫بعد السبعمائة وهي عبد انتهى الملك فيه لبيت المال فأراد‬
‫شراء نفسه من وكيل بيت المال فأفتى جماعة بممالمنع لن‬
‫ذلك عقممد عتاقممة وعبممد بيممت المممال ل يجمموز عتقممه وأفممتى‬
‫آخرون بالجواز لنه عقد بعوض ل مجانا فلم يضع منه علممى‬
‫بيت المال شيء واختار ابن السبكي هذا الثاني أورده فممي‬
‫الترشيح فإذا اختلف في جواز العتق بعمموض فممما ظنممك بممه‬
‫بغير عموض وإنمما لمم ينمص متقمدمو الصمحاب علمى همذه‬
‫المسألة بخصوصها لنها لم تعم بها البلوى في زمنهم وإنما‬
‫كثر ذلك بعد الستمائة‪ ،‬وقد قام الشيخ عز الممدين بممن عبممد‬
‫السلم ‪ -‬لما حدث ذلك في زمنه ‪ -‬القومة الكبرى في بيممع‬
‫المراء وقال هؤلء عبيد بيت المال ول يصح عندي عتقهممم‪،‬‬
‫وروى الحافظ أبو القاسم ابن عساكر بسنده عن عمر بممن‬
‫عبد العزيز أنه دخل إليه بعض أولد خلفاء بنممي أميممة فقممال‬
‫له أعطني حقي من بيت المال فقال لممه عمممر ممما أحوجممك‬
‫إلى أن أبيعك وأصرف ثمنممك فممي مصممالح المسمملمين قممال‬
‫وكيف قال لن أباك وهو خليفة أخممذ أمممك مممن رقيممق بيممت‬
‫المال واستولدها إياك ولم يكن له ذلك فهو زان وأنت عبممد‬
‫بيت المال‪ ،‬وفي طبقات الحنفية في ترجمة بعض علمائهم‬
‫أنه كان من مماليك الخليفة الناصر فاشممتغل بممالعلم وبممرغ‬
‫وصار إماما قائما بالتدريس والفتمماء فأرسممل إليممه الخليفممة‬
‫الناصر بعتقه وقال له إنك قائم بنفممع المسمملمين فممرد إليممه‬
‫العتاقة وقال أنا عبد بيت المال فل يصح عتقممي‪ .‬فممإن قممال‬
‫قائل فقد ذكر الصحاب ‪0‬في السير أن المممام يتخيممر فيممه‬
‫بين القتل والمممن والسممترقاق قلنمما ل يصممح القيمماس علممى‬
‫مسألة السير لنه يجوز تفويته بالقتل فبممالمن أولممى ولنممه‬
‫لم يسممرف فيممه شمميء مممن بيممت المممال بخلف هممذا الممذي‬
‫‪207‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اشترى بثمن منه‪ ،‬وأيضا فقد نص الصحاب على أنممه ليممس‬
‫للمممام ذلممك فممي السممير بالتشممهي بممل ينظممر ممما تقتضمميه‬
‫المصمملحة فيفعلممه وثبمموت المصمملحة فممي عتممق هممذا الجممم‬
‫الغفير من مماليك بيت المال متعذر أو متعسر وإن وجدت‬
‫في واحد أو عشرة أو مائة ل توجد فممي ألمموف مؤلفممة وأي‬
‫مصلحة في عتقهم وجميع ما يراد منهم يمكنهممم فعلممه مممع‬
‫الرق‪ ،‬إذا عرف ذلك عرف أن مرجممع ممما بأيممديهم إلممى أنممه‬
‫مممال بيممت المممال فهممذا القسممم مممن الوقمماف مبنمماه علممى‬
‫المسامحة والترخيص لن لكممل مممن العلممماء وطلبممة العلممم‬
‫من الستحقاق في بيت المال أضعاف ممما يأخممذونه منهممم‪،‬‬
‫والدليل على هذه التفرقة أمور منها أن الشيخ ولممي الممدين‬
‫العراقي لما حكى قول السبكي في إعطاء وظيفممة العممالم‬
‫والفقيه لولده الصغير فرق بين الوقاف الخاصة والممتي ممما‬
‫أخذها من بيت المال وأظن الذرعي سبقه إلى ذلك‪ ،‬ومنها‬
‫أنه وقع في بعض كلم البلقيني التصممريح بممأن طلبممة العلممم‬
‫يأكلون من هذه الوقمماف الموجممودة الن علممى وجممه أنهممم‬
‫يستحقون من بيت المممال ذلممك وأكممثر منممه ذكممر ذلممك فممي‬
‫مجلس عقد بسبب ذلك أيام الظاهر برقوق‪ ،‬ومنها أنممك إذا‬
‫تأملت فتاوى النووي وابممن الصمملح وجممدتهما يشممددان فمي‬
‫الوقاف غاية التشديد وإذا تأملت فتاوى السبكي والبلقيني‬
‫وسائر المتأخرين وجدتهم يرخصون ويسهلون وليممس ذلممك‬
‫منهم لمخالفة للنووي بل كل تكلم بحسب الواقع في زمنه‬
‫فممإن غممالب الوقمماف الممتي كممانت فممي زمممن النممووي وابممن‬
‫الصلح كانت خاصة وإنما حدثت أوقاف التراك فمي أواخمر‬
‫القرن السابع وكثرت في القرن الثامن وهو عصر السبكي‬
‫ومن بعده وقطعت الرزاق التي كانت تجري على الفقهمماء‬
‫من بيت المال مممن عهممد عمممر بممن الخطمماب إلممى الخليفممة‬
‫المستعصم كل عام فرأى العلماء أن هذه الوقاف أرصدت‬
‫لهم من بيت المال عوضا عما كانوا يأخذونه منممه كممل عممام‬
‫فرخصوا فيها لنهممم كممانوا ‪0‬يأخممذون ذلممك القممدر مممن غيممر‬
‫عمل يكلفونه بل على القيام بالعلم خاصة فمن كممان بهممذه‬
‫الصفة جاز له فيما بينه وبين الله الخممذ منهمما وإن لممم يقممم‬
‫بما شممرطه الواقممف‪ ،‬ومممن لممم يكممن بصممفة القيممام بممالعلم‬
‫‪208‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اشتغال وأشغال حمرم عليمه الخمذ منهما وإن باشمر العممل‪،‬‬
‫وقد قال الدميري في شممرح المنهمماج سممألت شمميخنا يعنممي‬
‫السنوي مرتين عن غيبة الطالب عن الدرس هممل يسممتحق‬
‫المعلوم أو يعطى بقسط ما حضمر فقمال إن كممان الطمالب‬
‫في حال انقطاعه يشتغل بالعلم استحق وإل فل ولو حضممر‬
‫ولم يكن بصدد الشممتغال لممم يسممتحق لن المقصممود نفعممه‬
‫بالعلم ل مجرد حضوره‪ ،‬وكان يذهب إلى أن ذلك مممن بمماب‬
‫الرصاد‪ ،‬وقال الزركشي في شرح المنهاج ظن بعضهم أن‬
‫الجامكية على المامة والطلب ونحوهما مممن بمماب الجممازة‬
‫حممتى ل يسممتحق شمميئا إذا أخممل ببعممض الصمملوات أو اليممام‬
‫وليس كذلك بل هو من باب الرصاد والرزاق المبنى علممى‬
‫الحسممان والمسممامحة بخلف الجممازة فإنهمما مممن بمماب‬
‫المعاوضممة ولهممذا يمتنممع أخممذ الجممرة علممى القضمماء ويجمموز‬
‫أرزاقه من بيممت المممال بالجممماع انتهممى‪ ،‬وهممذا الممذي قمماله‬
‫الزركشي صحيح وهو محمول على الوقاف التي هممي مممن‬
‫القسم الثاني كما كان الكثر في زمانه وإذا قلنا بقوله مممن‬
‫الستحقاق مع الغيبة قلنا به مع الستنابة من باب أولى ول‬
‫نقول بواحد مممن المريممن فممي الوقمماف الممتي مممن القسممم‬
‫الول‪ ،‬وعلى هذا تحمل فتوى النممووي بممالمنع‪ ،‬ونقممول فممي‬
‫القسم الثاني بجواز النزول وإعطاء الوظيفة للولد الصممغير‬
‫ول نقول بذلك فممي القسممم الول وينبنممي علممى ذلممك أيضمما‬
‫مسألة تقديم الشيخ فما كان من القسم الول ل يقدم فيه‬
‫أحد على أحد إل بنص من الواقممف‪ ،‬وممما كممان مممن القسممم‬
‫الثاني ينظر فإن كممان الشمميخ بصممفة السممتحقاق مممن بيممت‬
‫المال لتصافه بممالعلم وبقيممة المنزليممن ليسمموا كممذلك قممدم‬
‫الشيخ إذا ضاق الوقف قطعا لنه منفممرد بالسممتحقاق‪ ،‬وإن‬
‫كان الكل بصفة العلم والشيخ أحوج منهم قممدم كممما يقممدم‬
‫إذا ضاق بيت المال الحوج فالحوج‪ ،‬وإن استووا في العلم‬
‫والحاجة صرف بينهممم بالمحاصممة مممن غيممر تقممديم‪ ،‬وينبنممي‬
‫على ذلك أيضا مسألة القتصار علممى صممنف مممن الصممناف‬
‫المقررة ففي القسم الول ل يقتصر ‪0‬بل يصرف مممن كممل‬
‫صنف بالمحاصة مراعاة لغرض الواقف وفممي الثمماني يجمموز‬

‫‪209‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القتصار عند الضيق والولى القتصار على النقد لنه أيسر‬
‫وبه تحصل سائر الصناف والله أعلم‪.‬‬

‫كشف الضبابة في مسألة الستنابة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ .‬وقممع‬
‫السؤال كثيرا عن الستنابة في الوظائف فقد عمت البلوى‬
‫بها وتمسك كثير من النظار في عدم جوازها بما نقممل عممن‬
‫النووي وابن عبد السلم إنهما أفتيا بعدم جوازهمما‪ ،‬وتمسممك‬
‫طائفممة منهممم فممي جوازهمما بممما نقلممه الممدميري فممي شممرح‬
‫المنهاج عن السبكي وغيره إنهم أفتوا بجوازها‪ ،‬وقد أفممتيت‬
‫بذلك غير مرة‪ .‬وسئلت الن عن تحرير القول في ذلك من‬
‫جهة النظر والدليل فوضعت له هذه الكراسممة‪ .‬ونبممدأ بنقممل‬
‫كلم السممبكي وغيممره فممي ذلممك قممال السممبكي فممي شممرح‬
‫المنهاج في باب الجعالة ما نصه‪ :‬فرع‪ -‬يقع كممثيرا فممي هممذا‬
‫الزمان أمام مسجد يستنيب فيممه‪ -‬أفممتى ابممن عبممد السمملم‬
‫والمصنف بأنه ل يستحق معلوم المامة ل المستنيب لعممدم‬
‫مباشرته ول النائب لعممدم وليتممه قممال واسممتنبطت أنمما مممن‬
‫قول الصحاب أن المجعول إذا استعان بغيمره وحصمل ممن‬
‫غيممره العمممل علممى قصممد العانممة منفممردا أو مشمماركا إذ‬
‫المجعممول لممه يسممتحق كمممال الجعممل أن ذلممك جممائز وأن‬
‫المستنيب يستحق جميع المعلوم لن النائب معين له لكني‬
‫أشترط في ذلك أن يكون النائب مثممل المسممتنيب أو خيممرا‬
‫منممه لن المقصممود فممي الجعالممة رد العبممد مثل ول يختلممف‬
‫باختلف الشخاص والمقصممود فممي المامممة العلممم والممدين‬
‫وصفات أخر فإذا كان المتولي بصفة ونائبه مثله فقد حصل‬
‫الغرض الذي قصممده مممن وله فكممان كالصممورة المفروضممة‬
‫فممي الجعالممة وإذا لممم يكممن بصممفته لممم يحصممل الغممرض فل‬
‫يستحق واحد منهما إن كانت التوليممة شممرطا وإن لممم تكممن‬
‫شممرطا اسممتحق المباشممر لتصممافه بالمامممة المقتضممية‬
‫للسممتحقاق‪ ،‬والسممتنابة فممي المامممة يشممبه التوكيممل فممي‬
‫المباحات‪ ،‬وفي معنى المامة كممل وظيفممة تقبممل السممتنابة‬
‫كالتممدريس ونحمموه وهممذا فممي القممدر الممذي ل يعجممز عممن‬
‫‪210‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مباشممرته بنفسممه أممما فممي ممما يعجممز عنممه فل إشممكال فممي‬
‫الستنابة‪ -‬هذا كله كلم السبكي‪ ،‬ونقله الشيخ كمال الممدين‬
‫الدميري في شرح المنهاج وأقره ثم قال كان الشمميخ فخممر‬
‫الدين بن عساكر مدرسا بالعذراوية والتقويممة والجاروخيممة‪-‬‬
‫وهذه الثلثة بدمشق‪ -‬والمدرسممة الصمملحية بالقممدس يقيممم‬
‫بهذه أشهرا وبهذه أشهرا في السنة هذا مممع علمممه وورعممه‬
‫قال وقد سممئل فممي هممذا الزمممان عممن رجممل ولممى تممدريس‬
‫مدرستين فممي بلممدتين متباعممدتين كحلممب ودمشممق فممأفتى‬
‫جماعة بجواز ذلك واستنيب منهم قاضي القضاة بهاء الدين‬
‫أبو البقاء السبكي والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبممد اللممه‬
‫البعلبكممي وشمممس الممدين الغممزي والشمميخ عممماد الممدين‬
‫الحسممباني كلهممم مممن الشممافعية‪ ،‬ومممن الحنفيممة والمالكيممة‬
‫والحنابلة آخرون انتهى‪ .‬وأقول قد أباح الله ورسوله وحملة‬
‫الشرع من جميع المذاهب الستنابة في عممدة مواضممع كممل‬
‫واحد منها يصلح على انفراده دليل مستقل لجواز السممتنابة‬
‫في الوظائف وهي قسمان قسم تجمموز السممتنابة فيممه وإن‬
‫لم يكن عذر وقسم ل يجوز إل مع العذر‪ ،‬وأما القسم الول‬
‫ففيه فروع‪ :‬الول تجوز الستنابة في غسل أعضاء الوضوء‬
‫وإن لم يكن له عذر قال النمووي ول نعلمم فمي ذلمك خلفما‬
‫بيممن المسمملمين إل ممما حكمماه صمماحب الشممامل عممن داود‬
‫الظاهري أنه قال ل يصح وضوءه إذا وضأه غيمره ورد عليمه‬
‫بأن الجماع منعقد على خلف ما قاله‪ ،‬وكذا تجوز الستنابة‬
‫في صب الماء على العضمماء وفممي إحضمماره للطهممارة مممن‬
‫غير كراهة فيهما سواء كان له عذر أم لم يكن فهممذه ثلثممة‬
‫فروع‪ ،‬الفرع الرابع‪ :‬يجوز لمن أراد التيمم أن يستنيب رجل‬
‫يطلب عنه الماء سواء كان له عذر أم ل قممال النممووي هممذا‬
‫هو المذهب الصحيح المشهور‪ ،‬وحكممى الخراسممانيون وجهمما‬
‫أنممه ل تجمموز السممتنابة إل لمعممذور قممال وهممذا المموجه شمماذ‬
‫ضعيف‪ ،‬الخممامس‪ :‬يجمموز أن يسممتنيب مممن ييممممه ويمسممح‬
‫أعضاءه بالتراب وإن لم يكن له عممذر علممى الصممحيح وفيممه‬
‫الوجه المذكور أنه ل يجوز بل عذر قممال النممووي وهممو شمماذ‬
‫ضممعيف‪ ،‬السممادس‪ :‬كممان الصمل فمي الذان أن يكمون مممن‬
‫وظائف المام العظم لنممه مممن شممعائر السمملم كالمامممة‬
‫‪211‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والحكم بين الناس ولهذا قال عمر رضي الله عنه لو أطيق‬
‫الذان مممع الخليفممي لذنممت فتفويضممه إلممى غيممره اسممتنابة‪،‬‬
‫السممابع ‪ :‬المامممة فممي الصمملة أيضمما مممن وظممائف المممام‬
‫العظممم ولهممذا اسممتمر الخلفمماء دهممرا هممم الممذين يقيمممون‬
‫الجماعة فتفويض ذلك إلى غيره اسممتنابة ومممما يممدل علممى‬
‫أنها من وظائف المام العظم أن عمر بن الخطاب رضممي‬
‫الله عنه لما طعنه أبو لؤلؤة وعهد إلى أهل الشورى أوصى‬
‫بأن يصلي صهيب بالناس حتى يجتمعمموا علممى خليفممة فلممما‬
‫تمموفي عممر وحضمروا للصمملة عليممه أراد عثممان أن يتقممدم‬
‫وذلك قبل البيعة فقال له عبد الرحمن بن عوف ليس ذلممك‬
‫لك الن إنممما هممو لصممهيب الممذي أوصممي لممه‪ ،‬الثممامن ‪ :‬مممن‬
‫وظمممائف إممممام الصممملوات أن يمممأمر الممممأمومين بتسممموية‬
‫الصفوف عند إرادة الحرام فلو كان المسجد كبيرا استناب‬
‫رجل يأمرهم بتسويتها‪ ،‬التاسع ‪ :‬يجوز أن يستنيب من ينظر‬
‫له هل طلع الفجر أو زالت الشمس أو غربممت الشمممس أو‬
‫غرب الشفق لجل الصلوات والصمموم ول يلزمممه أن يتممولى‬
‫ذلك بنفسه وان لم يكن لممه عممذر‪ ،‬العاشممر‪ :‬إقامممة الجمعممة‬
‫والخطبة من وظائف المام العظم أيضا علممى ممما قررنمماه‬
‫وتفويضه للغير استنابة‪ ،‬الحادي عشر‪ :‬استخلف المممام إذا‬
‫خممرج مممن الصمملة لحممدث أو رعمماف رجل يتممم الصمملة‬
‫بالمقتدين استنابة‪ ،‬الثاني عشممر‪ :‬إذا صمملى المممام العظممم‬
‫العيد في الصممحراء بالنمماس اسممتناب رجل يصمملي بالضممعفة‬
‫في المسجد‪ ،‬الثالث عشر والرابع عشممر ‪ :‬تجمموز السممتنابة‬
‫في تفرقة الزكمماة وفممي نيتهمما‪ ،‬الخممامس عشممر والسممادس‬
‫عشر ‪ :‬تجمموز السممتنابة فممي صممرف الكفممارات والصممدقات‬
‫المندوبة‪ ،‬السابع عشر والثامن عشر ‪ :‬تجوز السممتنابة فممي‬
‫ذبح الهدى وفي ذبح الضحية‪ ،‬التاسع عشر ‪ :‬تجوز اسممتنابة‬
‫أصممناف الزكمماة فممي قبضممها لهممم ذكممره فممي الروضممة مممن‬
‫زوائده‪ ،‬العشممرون ‪ :‬الحكممم بيممن النمماس وظيفممة المممام‬
‫العظم فإقامته القضاة لفصل الحكام استنابة ولم يستنب‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم قاضمميا ول أبممو بكممر وأول مممن‬
‫استناب عمر ‪ -‬أخرج الطبراني بسممند حسممن عممن السممائب‬
‫ابن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر لممم يتخممذا‬
‫‪212‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قاضيا وأول من استقضمى عممر قمال رد عنمي النماس فمي‬
‫الدرهم والدرهمين‪ ،‬وأخرج أبو يعلى بسند صحيح عممن ابممن‬
‫عمر قال ما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسمملم قاضمميا‬
‫ول أبو بكر ول عمر حتى كان في آخر زمانه قال ليزيد ابممن‬
‫أخممت نمممر اكفنممي بعممض المممور يعنممي صممغارها‪ ،‬الحممادي‬
‫والعشممرون إلممى الثممالث والثلثيممن‪ :‬وليممة الحسممبة ووليممة‬
‫المظممالم ووليممة الجممرائم وإمممارة الجهمماد وإمممارة سممائر‬
‫الحروب وإمارة تسيير الحجاج وإمممارة إقامممة الحممج ووليممة‬
‫قسم الفيء والغنيمة وولية الجزية ووليممة الخممراج ووليممة‬
‫القطاع وولية الديوان وولية النظر فممي بيممت المممال كلهمما‬
‫وليات شممرعية وهممي مممن وظممائف المممام وتفويضممه إياهمما‬
‫لغيره استنابة وهم نواب له‪ ،‬وقد عقد لهما المماوردي أبوابما‬
‫فممي كتمماب الحكممام السمملطانية فليممت شممعري كيممف تنكممر‬
‫الستنابة في عمل وظيفممة ونممواب المممام العظممم طبقممت‬
‫الدنيا في كل بلممد فممي أنممواع العمممال الممتي كلهمما وظممائفه‬
‫ومطوقة به شرعا ومتعلقممة بممذمته ومطوقممة بعنقممه يسممأل‬
‫عنها يوم القيامة عمل عمل‪ ،‬الرابع والثلثون ‪ :‬لولي النكمماح‬
‫أن يستنيب رجل فممي تزويممج ممموليته‪ ،‬الخممامس والثلثممون ‪:‬‬
‫قال الماوردي وأقره النووي لو استأجره لزيارة قممبر النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يصح وأما الجعالة عليها فان كممان‬
‫على مجرد الوقوف عند القبر ومشمماهدته لممم يصممح لنممه ل‬
‫تدخله النيابة وان كان على الدعاء عند زيارة قبره جماز لن‬
‫الدعاء مممما تممدخله النيابممة ول يضممر الجهممل بنفممس الممدعاء‬
‫انتهممى فكممذلك تممدخل النيابممة فممي وظيفممة قممراءة القممرآن‬
‫والدعاء للواقف‪ ،‬السادس والثلثون‪ :‬ذهب السبكي إلى أنه‬
‫يجوز أن يستأجر الشخص إنسانا للدعاء فيقول اسممتأجرتك‬
‫بكذا لتدعو لي بكذا فيذكر ما شاء من أمور الدنيا والخرة‪.‬‬
‫فهممذه سممتة وثلثممون فرعمما كلهمما فممي العبممادات‪ ،‬ومممما‬
‫جازت فيه الستنابة من غير العبادات طرفمما الممبيع بممأنواعه‬
‫والسلم والرهن والهبة والصلح والبممراء والحوالممة والقالممة‬
‫والضمان والكفالة والشركة والقراض والمساقاة والجممارة‬
‫والجعالممة واليممداع والعممارة والخممذ بالشممفعة والوقممف‬
‫والوصمممية والنكممماح والخلمممع والطلق والرجعمممة والعتممماق‬
‫‪213‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والكتابة وقبض الديون واقباضها والموال والجزيممة وتعييممن‬
‫المختممارة للنكمماح أو الطلق وتملممك المباحممات كالحيمماء‬
‫والصمممطياد والحتطممماب والسمممتقاء والمممدعوى والجمممواب‬
‫واستيفاء الحدود وسواء في كل ذلك كان للموكممل عممذر أم‬
‫ل وجوز بعضهم السممتنابة فممي القممرار واللتقمماط والظهممار‬
‫والتممدبير‪ .‬فهممذه نحممو مممائة موضممع أبمماح علممماء المسمملمين‬
‫الستنابة فيها من غير عذر وغالبها مممما انعقممد بممه الجممماع‬
‫أفل يصلح أن تلحق الوظممائف الممتي مبناهمما علممى الحسممان‬
‫والمسامحة بواحد منها‪ .‬ومن ألطف الفروع التي تجوز فيها‬
‫الستنابة ما ذكره إمام الحرمين في الساليب أنه يجوز أن‬
‫يستأجر رجل ليسرق له شيئا مممن أممموال الكفممار مممن غيممر‬
‫قتال ويكون ملكمما للمسممتأجر‪ .‬ومممن ألطفهمما أيضمما ممما فممي‬
‫فتاوى ابن الصلح أنه يجوز أن يسممتأجر رجل ليقعممد مكممانه‬
‫في الحبس فإذا كان هذا في الحبس المقصود منممه الزجممر‬
‫والتعلق بإنسان معين ففي سد وظيفة أولى‪.‬‬
‫)فصل( وأما القسم الثمماني وهممو ممما يكممون عنممد العممذر‬
‫ففيه فروع منها جواز الستنابة في الحج للمغصوب وجممواز‬
‫الستنابة في رمي الجمار لمن يحج بنفسه وحصل له عممذر‬
‫أيام الرمي وجواز الستنابة في الصوم عن الميت على ممما‬
‫صممححه النممووي ووردت بممه الحمماديث الصممحيحة وجممواز‬
‫الستنابة في العتكاف عنه في قممول حكمماه البممويطي عممن‬
‫الشافعي وجواز الستنابة في الصلة عنه في وجه حكاه‪.‬‬
‫)فصل( ذكر الحافظ عماد الدين بممن كممثير فممي تمماريخه‬
‫في ترجمة الشيخ محممي الممدين النممووي أنممه باشممر تمدريس‬
‫القبالية نيابة عن ابن خلكان وكذلك الفلكية والركنية وهممذا‬
‫من النووي دليل على أنه تجوز الستنابة لنممه أورع مممن أن‬
‫يفعل ما ل يجوز‪.‬‬
‫)فصل( ومن الدليل على جواز الستنابة أن جماعة من‬
‫الصحابة كانوا يفتون الناس في زمن النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم والفتاء بالصالة إنممما هممو منصممب النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لنممه المبعمموث لتبليممغ النمماس وتعليمهممم وإفتمماء‬
‫العلماء بعد وفاته إنممما هممو بطريممق الخلفممة والوراثممة عنممه‬
‫فإفتاؤهم في حياته بإذنه استنابة منه لهم ليقوموا عنمه بمما‬
‫‪214‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هو منصب له على وجه النيابممة‪ ،‬وقممد عقممد ابممن سممعد فممي‬
‫الطبقات بابا في ذكر مممن كممان يفممتي بالمدينممة علممى عهممد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرج فيه عن ابن عمممر‬
‫أنه سئل من كان يفتي الناس في زمن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قالبو بكر وعمر‪ ،‬وأخرج عممن القاسممم بممن‬
‫محمد قال كان أبو بكر وعمر وعثمممان وعلممي يفتممون علممى‬
‫عهد رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‪ ،‬وأخممرج عممن أبممي‬
‫عبد الله بن نيار السلمي قال كان عبد الرحمن بممن عمموف‬
‫ممن يفتي في عهد رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪،‬‬
‫وأخرج عن كعب بن مالك قممال كممان معمماذ بممن جبممل يفممتي‬
‫الناس بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وأخرج عن سهل ابن أبي حثمة قال كان الذين يفتون على‬
‫عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثة من المهاجرين‬
‫وثلثة من النصار عمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب ومعاذ‬
‫بن جبل وزيد بن ثابت‪ ،‬وقد تحصل مممن هممذه الثممار ثمانيممة‬
‫كانوا يفتون والنبي صلى الله عليه وسلم حي وقد جمعتهم‬
‫في بيتين فقلت‪:‬‬
‫وقد كان في عصر النبي جماعة * يقومون بالفتاء قومة‬
‫قانت‬
‫فأربعة أهل الخلفة معهم * معاذ أبي وابن عوف ابن ثابت‬
‫)فصل( ومن الدليل على جواز الستنابة ما أخرجه عبد‬
‫الله بن أحمد بن حنبل في زوائد مسند أبيممه عممن علممي بممن‬
‫أبي طالب قال لما نزلت عشر آيات من بممراءة دعمما النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليقرأهمما علممى أهممل مكممة ثممم‬
‫دعاني فقال لي أدرك أبا بكر فحيث ما لقيته فخممذ الكتمماب‬
‫منه فاقرأه علممى أهممل مكممة فلحقتممه فأخممذت الكتمماب منممه‬
‫ورجع أبو بكر فقال يا رسول الله نزل فممي شمميء قممال ) ل‬
‫ولكن جبريل جاءني فقممال لممي لممن يممؤدي عنممك إل أنممت أو‬
‫رجل منك ( وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنممس قممال‬
‫بعث النبي صلى الله عليه وسلم بممبراءة مممع أبممي بكممر ثممم‬
‫دعاه فقال )ل ينبغي لحد أن يبلغ هذا إل رجممل مممن أهلممي(‬
‫فدعا عليا فأعطاه إياه‪ .‬فهذه استنابة من النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم في تبليغ ما أمر بتبليغه ثم لما أمر أن يسممتنيب‬
‫‪215‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رجل من قبيلممة مخصوصممة رجممع إليممه فيسممتدل بفعلممه أو ل‬
‫على جواز الستنابة مطلقا إذا سممكت الواقممف عممن شممرط‬
‫ويستدل بفعله ثانيا على أنممه إذا خصممص الواقممف تخصيصمما‬
‫يتبع شرطه‪ ،‬وأخرج الترمذي وحسنه عن ابممن عبمماس قممال‬
‫بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكممر وأمممره أن ينممادي‬
‫بهؤلء الكلمات ثم أتبعه عليا فانطلقا فحجا فقام على أيممام‬
‫التشريق فنادى ذمة الله بريئة من كل مشرك فسيحوا في‬
‫الرض أربعة أشهر ول يحجن بعد العام مشرك ول يطمموفن‬
‫بالبيت عريان ول يدخل الجنة إل مؤمن فكممان علممي ينممادي‬
‫فإذا أعيا قام أبو بكر فنادى بها‪ .‬فهممذه نيابممة مممن أبممي بكممر‬
‫عن علي فانه قصد بالبعث علي‪ ،‬وأخرج البخاري عممن أبممي‬
‫هريرة قال بعثني أبو بكر فيمن يممؤذن يمموم النحممر بمنممى ل‬
‫يحج بعد العممام مشممرك ول يطمموف بممالبيت عريممان ‪ -‬فهممذه‬
‫نيابة مممن أبممي هريممرة أيضمما‪ ،‬والمقصممود بممالتبليغ فممي هممذه‬
‫القصة أن تكون من علي‪.‬‬
‫)فصممل( هممذا كلممه فممي وقممف سممكت واقفممه عممن ذكممر‬
‫الستنابة إباحة ومنعا وكان الواقف حرا مالكا لما وقفه أممما‬
‫وقمف صمرح واقفمه بتجمويز السمتنابة أو بمنعهما فمانه يتبمع‬
‫شرطه ل محالة‪ ،‬وأما وقف لم يملكه واقفممه وذلممك كالممذي‬
‫وقفه أمير المؤمنين أو السلطان من بيت المال فممان ذلممك‬
‫حكمه حكم الرصاد ل حكم الوقمماف الممتي ملكهمما واقفوهمما‬
‫فل يتقيد بما شرطه الواقف فيها لنه مال بيت المال أرصد‬
‫لمصالح المسلمين فإذا قرر فيه بعض من له استحقاق في‬
‫بيت المال جاز له أن يأكل منه وان لم يقم بممذلك الشممرط‬
‫ولو لم يكن بصفة الستحقاق من بيت المال لم يجز له أن‬
‫يأكل منه ولو باشر تلك الوظيفة‪ ،‬وبهممذا صممرح المتممأخرون‬
‫من أصحابنا فقال الزركشي فممي شممرح المنهمماج فممي بمماب‬
‫الجممارة ظممن بعضممهم أن الجامكيممة عممن المامممة والطلممب‬
‫ونحوهما من بمماب الجممارة حممتى ل يسممتحق شمميئا إذا أخممل‬
‫ببعض الصمملوات أو اليممام وليممس كممذلك بممل هممو مممن بمماب‬
‫الرصاد والرزاق المبني على الحسان والمسممامحة بخلف‬
‫الجارة فإنها من باب المعاوضممة ولهممذا يمتنممع أخممذ الجممرة‬
‫على القضاء ويجوز أرزاقه من بيت المال بالجممماع انتهممى‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقال الدميري في شرح المنهاج فممي بمماب الجعالممة سممألت‬
‫شيخنا يعني السنوي مرتين عن غيبة الطالب عممن الممدرس‬
‫هل يستحق المعلوم أو يعطى بقسممط ممما حضممر فقممال إن‬
‫كان الطالب في حال انقطاعه يشتغل بممالعلم اسممتحق وإل‬
‫فل ولو حضممر ولممم يكممن بصممدد الشممتغال لممم يسممتحق لن‬
‫المقصود نفعه بالعلم ل مجرد حضوره وكان يذهب إلممى أن‬
‫ذلك من باب الرصاد انتهى‪ .‬ومن صور ذلك ما يشترى من‬
‫أراضي بيت المال بالحيلة من غير بذل ثمن معتبر فحكمممه‬
‫حكم ما وقفه السلطان من أراضممي بيممت المممال وقممد أراد‬
‫برقمموق فممي سممنة نيممف وثمممانين وسممبعمائة إبطممال جميممع‬
‫الوقاف وردها إلى بيممت المممال بهممذه الحجممة وعقممد لممذلك‬
‫مجلسا حضممره علممماء عصممره فقممال الشمميخ سممراج الممدين‬
‫البلقيني أما ما وقف على خديجة وعويشممة فنعممم وأممما ممما‬
‫وقف على المدارس والعلماء وطلبة العلممم فل سممبيل إليممه‬
‫لن لهم في الخمس أكثر من ذلك وانما يممأكلون مممن هممذه‬
‫الوقاف بسبب استحقاقهم من بيت المال‪ ،‬ومن صور ذلك‬
‫ما اشترى بعقد صحيح وبذل فيه الثمن المعتبر ولكممن كممان‬
‫مشتريه من التراك الذين أصلهم عبيد بيت المال وأعتقهم‬
‫السلطان مجانا فان عتقهم في هممذه الصممورة غيممر صممحيح‬
‫فكل ما في أيديهم ملك لبيت المال فتجري أوقممافهم علممى‬
‫هذا الحكم‪.‬‬

‫المباحث الزكية في المسألة الدوركية‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ ،‬وبعد فقد‬
‫ورد على سؤال من بلد دوركي صممورته قممال الواقممف فممي‬
‫كتاب وقفه وقف على أولده الذكور وأولد أولدهم الممذكور‬
‫دون الناث فان لم يبق من أولده الذكور أحد يكممون وقفمما‬
‫على أولده الناث ما تقول السادة العلماء في معنى قمموله‬
‫فان لم يبق من أولد الذكور يكون وقفا على أولده النمماث‬
‫وفي معنى الضميرين المجرورين فيه أنهما لممماذا يرجعممان‬
‫وبممماذا يصممح معنممى كتمماب الوقممف وممما تقممول فيمممن قممال‬
‫بتحريممم إنمماث الممذكور وانتقممال الوقممف مممن نسممل الواقممف‬
‫‪217‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والخروج منهم بانقطاع الولد الصلبية بعد ما تصممرفوا فيممه‬
‫بإذن الحاكمين الحنفي والشافعي مدة سبع وعشرين سممنة‬
‫زعما منه أن معنى كتاب الوقف هكذا المفهوم من العبارة‬
‫الواقعة في كتاب الوقممف وهممي أي الطاحونممة وقممف علممى‬
‫أولده الذكور أي على أولد الواقف الذكور لما أن الضمممير‬
‫في أولده راجع إلى الواقف وعلى أولدهم الذكور الضمممير‬
‫راجع إلى أولد الذكور دون الناث نفممي عممن إنمماث الممذكور‬
‫فممان لممم يبممق مممن أولده الممذكور يكممون وقفمما علممى أولده‬
‫الناث فما بعد يكون وقفا على المسممجد الجممامع المعمممور‬
‫بدوركي فعلم من ذلممك أن الواقممف اختممص أول إلممى ذكممور‬
‫الواقف وخرج من البين إناث الذكور خائبممات بحكممم عبممارة‬
‫دون النمماث ولممم يسممتحق الوقممف إل مممن هممو مممن النمماث‬
‫الصلبية للواقممف ولممو بقممي أحممد مممن تلممك النمماث الصمملبية‬
‫يستحق إلى حين النقمراض وإل ل يسمتحق لمه أحمد غيرهما‬
‫فمن عانده يأتي بحجة شرعية ل بحجة عقلية ‪ -‬هذه صورة‬
‫السؤال‪ .‬فكتبت عليه ما نصممه ‪ :‬قممول الواقممف علممى أولده‬
‫الذكور وأولد أولدهم الذكور دون النماث ينفمي أولد بنمات‬
‫الذكور ل بنات الذكور‪ ،‬والحاصل أن الواقممف قصممر الوقممف‬
‫على من ينسب إليه فأولد بنيه يعطون ذكورا كانوا أو إناثمما‬
‫إذا وجد شرط الناث وهو فقممد المذكور وأولد بنمات بنيمه ل‬
‫يعطون البتة لنهم ل ينسبون إليه فبنت البممن تنسممب إلممى‬
‫جدها كابن البن وبنت البنت أو ابن البنت إنما ينسبان إلممى‬
‫أبيهممما ل إلممى جممدهما أبممي أمهممما فضمممير أولدهممم للولد‬
‫والذكور صممفة لولد المضمماف إلممى الضمممير ل لولد الول‬
‫المضاف إلى أولدهم إذ لو كان صفة له لزم محممذور أشممد‬
‫وهو الصرف إلى الولد الذكور من نسل جميع أولد الولد‬
‫الشامل للذكور والناث فيلزم الصرف إلى ابن بنممت البممن‬
‫وهو خلف المراد المفهوم من سياق غرض الواقممف حيممث‬
‫منع بنات نفسه مع وجود الذكور فل يمكن إعطاء من أدلى‬
‫ببنت ابن مع وجودهم ووجود بنات نفسه فعلم أن مقصوده‬
‫إعطاء من ينسممب إليممه مممن بنيممه وبنمماته وأولد بنيممه ذكممورا‬
‫وإناثا وأولد بني بنيه دون أولد بنات بنيه وعلم شممرط فقممد‬
‫الذكور في إعطاء الناث من صلبه بالنص منممه ومممن بنممات‬
‫‪218‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أولده إما بالقياس عليهن وأما بعموم نصه فان قوله أولده‬
‫في الموضعين وهما فان لم يبق مممن أولده الممذكور يكممون‬
‫وقفا على أولده الناث قد يقال لشموله لهمم لفظما لكممون‬
‫الجملة جمماءت عقممب النمموعين وان كممان الراجممح عنممدنا أن‬
‫أولد الولد ل يدخلون في الوقف على الولد فهممذا مممدرك‬
‫خاص بهذه الواقعة ‪ -‬هذه صممورة الجممواب‪ ،‬وقمد أورد عليممه‬
‫أنه على هذا التقرير يلزم خلو نص الواقممف عممن اسممتحقاق‬
‫أولد أولده فانه لممم يممذكر أول أولده و أولد أولدهممم ولممم‬
‫يذكر أولدهم‪ ،‬وأقول هذا المر مما زادنا يقينمما فيممما أفتينمما‬
‫به من استحقاق بنات أولده بشرط فقممد الممذكور ومممن أن‬
‫الذكور صفة لولدهممم ل لولد المضمماف هممو إليممه ومممن أن‬
‫قوله أولده في الموضعين شممامل بعممموم لفظممه للحقيقممة‬
‫والمجاز أعني أولد صلبه وأولد أولده فممان قلممت بيممن لممي‬
‫ذلك حتى أفهمه قلت الذي يحمل عليممه عبممارة الواقممف أن‬
‫قوله وقف على أولده الذكور ليس قاصرا على أولد صلبه‬
‫بل عاما فمي جميمع نسممله المذكور الطبقممة الولممى والثانيممة‬
‫والثالثة وهكذا إلى آخر نسله فممان قلممت كيممف تقممول ذلممك‬
‫وكيف يسوغ لك هذا الحمممل وهممذا عنممدك فممي المنهمماج ول‬
‫يدخل أولد الولد في الوقف على الولد في الصممح فهممذا‬
‫إفتاء بالقول المرجوح قلت كل غير أنممك قاصممر عممن إدراك‬
‫المدارك‪ ،‬والمدرك في هممذا الحمممل أمممور الول أن شممراح‬
‫المنهمماج قممالوا أن محممل الخلف فيممما إذا لممم يممرد الواقممف‬
‫جميعهم فان أراد ذلك دخل أولد الولد قطعا ‪ -‬ذكممره ابممن‬
‫خيران في اللطيممف‪ ،‬وإرادة الواقممف تعممرف بمالقرائن وقمد‬
‫قامت هنا وهي ممما يممذكر بعممد هممذا‪ ،‬المممر الثمماني أن قمموله‬
‫وأولد أولدهم الذكور قرينممة ظمماهرة فممي أنممه أراد بممالولد‬
‫جميممع نسممله ل أولد صمملبه فقممط ونممص علممى هممذا الفممرع‬
‫بخصوصه وهو الطبقة الثالثة ليبين شرطها الخاص بها وهممو‬
‫أن يكون ممن ينسب إلى الواقف بأن يكون من ذرية أولد‬
‫أولده الذكور ل من ذرية أولدهم النمماث ولممو كممان المممراد‬
‫بالولد الصلبية فقط لزم أن يعطممى الولد وأولد أولدهممم‬
‫دون أولدهم وهو خلف الظاهر‪ ،‬الثممالث أنممه ليممس المممراد‬
‫أيضا بأولد أولدهم طبقة مخصوصة بممل هممو عممام فمي كممل‬
‫‪219‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫طبقة من النسل وان بعدت ل يعطى مممن طبقممات النسممل‬
‫إل من يدلي إلممى الواقممف بمحممض الممذكور ول يعطممى مممن‬
‫أدلى بإناث فكمما أن همذا عممام فمي أولد أولدهمم لصمملبهم‬
‫ومن سفل فكذلك قوله على أولده عام فيمن ‪0‬هم لصلبه‬
‫ومن سفل‪ ،‬الرابع لو أخذنا بالخصمموص وقلنمما الولد خمماص‬
‫بالصلبية دون أولد الولد لكان الثاني أيضا كذلك وهو قوله‬
‫وأولد أولدهم فلم يكن يعطي من أولد أولدهممم إل طبقممة‬
‫واحدة وهم أولدهم لصمملبهم وكممان يحممرم جميممع الطبقممات‬
‫بعدهم وينقرض أهممل الوقممف بممانقراض الطبقممة الثالثممة ول‬
‫سبيل إلى ذلممك‪ ،‬الخممامس أن اللفمماظ يراعممى فيهمما عممرف‬
‫أربابها والواقف لهممذا الوقممف والحمماكم بممه والموثممق كلهممم‬
‫حنفية ومذهب الحنفية أن الوقممف علممى الولد يممدخل فيممه‬
‫أولد البنين قال في المحيط لو وقف على ولده يدخل فيممه‬
‫أولده لصلبه وأولد أبنممائه وفممي أولد البنممات روايتممان عممن‬
‫محمد انهم يدخلون فيه لن اسم الولمد يتنماولهم لن الولمد‬
‫اسممم المتولممد متفممرع مممن الصممل وأولد البنممات متفرعممة‬
‫متولدة من الم وأمهم متولدة مممن الجممد فكممانت بواسممطة‬
‫الم مضافة إلى الجدة وقال في موضع آخر لو قال أرضممى‬
‫هذه صدقة موقوفممة علممى أولدي دخممل فيممه البطممون كلهمما‬
‫لعموم اسم الولد وقال في موضع آخر لو قال هذه صدقة‬
‫على ولدي وولد ولدي وأولدهم دخل فيه البطون كلها وان‬
‫كثروا القرب والبعد فيه سواء لنه لما قممال أولدهممم فقممد‬
‫ذكرهم مضافا إلى أولده ل إلممى نفممس الواقممف فقممد ذكممر‬
‫أولدهم على العموم فيقع ذلك على البطممون كلهمما انتهممى‪.‬‬
‫فعلم أن الواقف ومن وثممق عنممه اقتصممر علممى لفممظ الولد‬
‫في الوقممف لعتقمماده أنممه شممامل لجميممع نسممله بنمماء علممى‬
‫مذهبه وزاد هذا المراد إيضاحا تنصيصه على شممرط يختممص‬
‫ببعض الفممروع النازلممة فعلممم أن مممراده بقمموله علممى أولده‬
‫الذكور جميع نسله من صلبه ومن سفل فكذلك قوله يكون‬
‫وقفا على أولده الناث يكون مممرادا بممه جميممع النمماث مممن‬
‫نسله من كانت لصلبه وبنات بنيه وخرج ببنات بنمماته وبنممات‬
‫بنممات بنيممه بالشممرط الممذي شممرطه‪ ،‬ويرشممح أن الواقممف‬
‫والموثق مشيا فممي لفممظ أولده علممى الشمممول بنمماء علممى‬
‫‪220‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مذهبهما أن عبارة الواقف وجيممزة جممدا ليممس فيهمما إل هممذا‬
‫القدر المذكور في السؤال من غير بسممط ول إطنمماب كممما‬
‫يفعله موثقو بلدنا‪ ،‬المممر السممادس أن الممذي زعممم إخممراج‬
‫بنات البنين من البنين متمسكا بما تمسممك بممه أخطممأ خطممأ‬
‫ثانيا بعد خطأه أول حيث رام إخراجهم من لفممظ الولد مممع‬
‫دخولهم فيه في مذهبه وذلك أنه إذا نظر إلى قول الواقمف‬
‫فممان لممم يبممق مممن أولده الممذكور يكممون وقفمما علممى أولده‬
‫الناث فان أخذ لفظ أولده في الشقين علممى العممموم فممي‬
‫أولد الصلب وأولد البنين فهو المممدعي ويلزمممه أن يعطممي‬
‫بنات البنين وان أخذه على الخصوص فيهما بممأولد الصمملب‬
‫قلنا له يا غافل يلزمممك أن ل تعطممي مممن أولد الولد أحممدا‬
‫فانه رتب على فقد أولده الذكور إعطاء أولده الناث وقممد‬
‫جعلت الولد فيهما خاصا بالصمملبية فلممزم أن تعطممي بنممات‬
‫الصلب عند فقد ذكممور الصمملب وتصممرفه إلممى الجممامع عنممد‬
‫فقد إناث الصلب ويذهب أولد الولد الذكور خائبين فيبقى‬
‫قول الواقف وأولد أولدهم الذكور لغيمما ل يعمممل بممه وهممو‬
‫باطل وان أخذه على العموم في الشممق الول دون الثمماني‬
‫فهو تحكم بحت فتعين أن يكون معنى قمموله فممان لممم يبممق‬
‫من أولده الذكور أي من فروعه صلبية ومممن سممفل يكممون‬
‫وقفا على أولده الناث أي فروعه صلبية ومن سممفل‪ .‬هممذا‬
‫ما سنح في هذه المسألة والله أعلم‪.‬‬

‫القول المشيد في وقف المؤيد‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ .‬وقممع‬
‫السؤال عن وقف الملك المؤيد شيخ وذلك أنه وقممف وقفمما‬
‫وقال فيه مهما فضل بعد المصارف يصممرف لولده لصمملبه‬
‫ثم لولدهم ثم لذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقممة بعممد طبقممة‬
‫تحجب الطبقة العليا منهممم أبممدا الطبقممة السممفلى علممى أن‬
‫من مات منهم عن ولد أو ولد ولد وان سفل انتقممل نصمميبه‬
‫إليه فان لم يكن له ولممد ول نسممل ول عقممب انتقممل نصمميبه‬
‫إلى من هو في درجته يقممدم القممرب إلممى المتمموفى منهممم‬
‫فالقرب ويقدم فمي السمتحقاق ممن أهمل الدرجمة الخموة‬
‫‪221‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على غيرهم ويقدم الخ الشقيق على الخ للب وابن العممم‬
‫الشقيق على ابن العممم للب وعلممى أنممه مممن تمموفى منهممم‬
‫ومن أولدهم ومن أولد أولدهممم ومممن أنسممالهم وأعقممابهم‬
‫وأن سفل قبل اسممتحقاقه لشمميء مممن منممافع هممذا الوقممف‬
‫وترك ولدا أو ولد ولد أو نسل أو عقبمما أو أسممفل مممن ذلممك‬
‫استحق ولده والسفل منه ممما كممان يسممتحقه المتمموفي لممو‬
‫بقي حيا حتى يصير إليه شيء من منافع هذا الوقممف وقممام‬
‫في الستحقاق مقام المتوفى أبا كان أو أما أو جدا أو جدة‬
‫ومن يجممري مجراهممم ومممات الواقممف وخلممف أولدا ذكممورا‬
‫وإناثا ثممم ممماتوا ولممم يبممق للواقممف إل ابنممة واحممدة فممماتت‬
‫وخلفت ابنة وابنة ابن فهل تقدم البنة عمل بقممول الواقممف‬
‫يقدم القرب إلى المتوفى منهم فالقرب أو يشمماركها ابممن‬
‫البممن فممأفتيت بممما نصممه‪ :‬تختممص البنممت بنصمميب أمهمما ول‬
‫يشاركها ابن البن وذلك لمرين أحدهما قوله أن من مممات‬
‫عن نصيب وله ولد واسفل منه ينتقل نصيبه لولممده ويقممدم‬
‫القرب إلممى المتمموفى منهممم فممالقرب وهممذه صممورة هممذه‬
‫الواقعة فإن بنت الواقف ماتت عن نصيب ولها ولد واسفل‬
‫منه فينتقل نصيبها لولدها ويقدم القرب وهي البنممت علممى‬
‫البعممد وهممو ابممن البممن عمل بتنصمميص الواقممف فممي هممذه‬
‫الصممورة بخصوصممها‪ ،‬والثمماني قمموله تحجممب العليمما الطبقممة‬
‫السفلى فقد أفتى السممبكي فممي هممذه الصممورة بعينهمما بممأن‬
‫العمة تختص ول يشاركها أولد إخوتها هكممذا أجمماب بممه فممي‬
‫ثلثة مواضع من فتمماويه وقممال عمل بقمموله تحجممب الطبقممة‬
‫العليا الطبقة السفلى وقال إن العمممل بهممذه الجملممة الول‬
‫من العمل بجملة ومن مات قبل الستحقاق إلى آخممره لن‬
‫العمل بالجملممة الولممى ل يممؤدي إلممى إلغمماء الجملممة الثانيممة‬
‫بالكلية لنها يعمل بها في بعض الصور وهو ما إذا فقممد مممن‬
‫هو أقرب بخلف العمل بالجملة الثانية فإنه يؤدي إلى إلغاء‬
‫الجملة الولى بالكليممة فممإن حملهمما علممى حجممب كممل أصممل‬
‫لفرعه فقط غير مفيد لعدم الحاجة إليممه إذ لممم يممدخل ولممد‬
‫الولد في لفممظ الوقممف مممع وجممود الولممد حممتى يحتمماج إلممى‬
‫الحتراز عنه واكثر ما يقال إنه تأكيد والتأسمميس أولممى مممن‬
‫التأكيد ‪ -‬وهذا كلم السبكي في أحممد المواضممع‪ ،‬وقممال فممي‬
‫‪222‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫موضممع آخممر إن بعممض الحنابلممة خممالفه وأفممتى بالمشمماركة‬
‫وحمل حجب الطبقة العليا السفلى على حجممب كممل أصممل‬
‫لفرعه ل علممى الممترتيب بيممن الطبقممتين قمال وهممذا ضممعيف‬
‫وخلف الظاهر‪ ،‬وأطال السبكي الكلم في تقرير ذلك فممي‬
‫موضعين آخرين بما ل يحتمل المحل بسطه ووافقه الشمميخ‬
‫ولممي الممدين العراقممي فممأفتى فممي صممورة نظيممر هممذه‬
‫بالختصاص أيضا وعدم المشاركة تقديما لقممرب الطبقممتين‬
‫ثم قال وبلغنممي عممن بعممض الشممافعية والمالكيممة والحنابلممة‬
‫انهم أفتوا بالمشاركة عمل بقول الواقممف ومممن مممات قبممل‬
‫الستحقاق إلى آخره قال وهذا عندي ضعيف لنمما ل نخممص‬
‫عمممموم حجمممب الطبقمممة العليممما السمممفلى بهمممذا المفهممموم‬
‫المستنبط من عبارة الواقف وإنما نخصه بأحد المخصصات‬
‫المعروفة ولم يوجد ذلك إل فيما إذا مات عممن نصمميب ولممه‬
‫ولد فإنه ينتقل نصيبه إليممه ‪ -‬هممذا كلم الشمميخ ولممي الممدين‪،‬‬
‫وأعلم أن السبكي إنما اعتمد في جوابه على جملة تحجممب‬
‫العليا السفلى فقط لنه لممم يكممن فممي لفممظ سممؤاله غيممره‬
‫ونحن اعتمدنا في جوابنا عليه‪ ،‬وعلى أمر ثان هو أقوى منه‬
‫وهو تنصيص الواقف على تقديم القرب إلى المتوفى عنممد‬
‫ذكر من مات عن نصيب وله ولد أو أسفل منه وبيان كممون‬
‫هذا أقوى أن المقرر في علم الصول أن اللفاظ ثلثة نص‬
‫وظمماهر ومحتمممل فممالنص ممما ل يحتمممل إل معنممى واحممدا‬
‫والظمماهر ممما احتمممل معنييممن أحممدهما أظهممر مممن الخممر‬
‫والمحتمل ما احتمل معنيين على السواء مممن غيممر رجحممان‬
‫ومرتبتها في القوة على هممذا الممترتيب وأنممه عنممد التعممارض‬
‫يقممدم النممص علممى الظمماهر والظمماهر علممى المحتمممل وقممد‬
‫اجتمعت اللفاظ الثلثة في هذا الوقف فالنص قموله فيممن‬
‫مات عن نصيب وله ولد أو أسممفل منممه أنممه يقممدم القممرب‬
‫إلى المتوفى فإن هذا ل يحتمل إل معنى واحممد لممو الظمماهر‬
‫قوله تحجب الطبقة العليا السفلى فإن هذا يحتمل معنييممن‬
‫أحدهما أن يراد حجب كممل أعلمى لكممل أسممفل‪ ،‬والثماني أن‬
‫يراد حجب كل أصممل لفرعممه فقممط والحمممل علممى المعنممى‬
‫الول أظهر لما ذكره السبكي من أن الثاني ل فائدة لممه إل‬
‫التأكيد والتأسيس أرجح مممن التأكيممد وقممد توافممق فممي هممذا‬
‫‪223‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الوقف النص والظاهر معا من غير تعارض والمحتمل قمموله‬
‫ومن مات قبل الستحقاق إلى آخره فممإنه يحتمممل أن يممراد‬
‫استحق مطلقا مع من هو في درجته ومع من هو أعلى منه‬
‫ويحتمل أن يراد استحق مع فقد من هممو أعلممى منممه فقممط‬
‫والمعنيممان مممن حيممث اللفممظ علممى السممواء فقممدم النممص‬
‫والظاهر معا لقوتهما وأخممر هممذا المحتمممل ليعمممل بممه فممي‬
‫صورة لم يعارضاه فيها وهو ما إذا قصد من هو أعلممى منممه‬
‫وأقرب ولما لم يكن في سؤال السبكي لفظ هو نص وكان‬
‫فيه لفظ ظاهر وهو تحجب الطبقممة العليمما السممفلى ولفممظ‬
‫محتمل وهو قوله ومن مات قبل الستحقاق إلى آخره وقد‬
‫تعارضمما رجممح العمممل بالظمماهر علممى المحتمممل جريمما علممى‬
‫القاعدة‪ ،‬وما وقع لبعض الئمة من الفتاء فيهمما بالمشمماركة‬
‫فذاك لكون لفظ السؤال فيها مخالفمما للفممظ هممذا السممؤال‬
‫والجوبة في الوقاف تختلف باختلف اللفمماظ فممإن مبناهمما‬
‫على مقتضمميات اللفمماظ فمممتى اختلممف بتغييممر أو زيممادة أو‬
‫نقص اختلف الجواب بحسبه والله أعلم‪ .‬تقرير آخممر يوضممح‬
‫ما تقدم‪ :‬قول الواقف )على أن مممن مممات منهممم عممن ولممد‬
‫وإن سفل انتقل نصيبه إليه فإن لم يكممن لممه ولممد ول نسممل‬
‫انتقل نصيبه إلممى مممن هممو فممي درجتممه يقممدم القممرب إلممى‬
‫المتوفى منهم فمالقرب ويقمدم فمي السمتحقاق ممن أهمل‬
‫الدرجة الخوة على غيرهم( اشتمل على أمرين أحدهما أن‬
‫نصيب من مات ينتقل إلى شعب الولد بممه الثماني أنممه فقمد‬
‫شعب الولد به ينتقل إلى نوع من في الدرجة فقوله يقممدم‬
‫القرب إلى المتوفى منهم فالقرب راجع إلى شعب الولممد‬
‫به وقوله ويقدم في السممتحقاق مممن أهممل الدرجممة الخمموة‬
‫على غيرهم راجع إلى نوع أهل الدرجة ولو كان قوله يقدم‬
‫القرب خاصا بأهل الدرجة وليس راجعا إلممى شممعب الولد‬
‫لم يقل في الجملة المعطوفة عليه ويقدم فممي السممتحقاق‬
‫من أهل الدرجة بل كانت العبممارة يقممدم القممرب فممالقرب‬
‫وتقدم الخوة على غيرهممم فلممما خممص هممذه الجملممة بأهممل‬
‫الدرجة عرف أن الجملة التي قبلها أما أعم من ذلممك وإممما‬
‫خاصة بشعب الولد فكما أنه إذا اجتمع فممي الدرجممة أخمموة‬
‫وغيرهممم وكممان فممي غيممر الخمموة مممن مممات أبمموه قبممل‬
‫‪224‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الستحقاق وكان حيا لستحق لممم يعطممى شمميئا مممع الخمموة‬
‫عمل بتنصيص الواقف على تقديم الخوة من أهممل الدرجممة‬
‫علممى غيرهممم فكممذلك إن كممان مممع الولد أولد أولد مممات‬
‫آباؤهم قبل الستحقاق ولو كانوا أحياء لستحقوا ل يعطممون‬
‫مع الولد شيئا عمل بتنصيص الواقف في هممذا النمموع علممى‬
‫تقديم القرب إلى المتوفى منهم فممالقرب ولنسممق عبممارة‬
‫السبكي في المواضع المذكورة لتستفاد‪ :‬الموضع الول‪:‬‬
‫سممئل السممبكي عممن امممرأة وقفممت علممى ذكممور وإنمماث‬
‫بالسوية فإن توفى واحد منهممم عممن ولممد وإن سممفل انتقممل‬
‫نصيبه إليه فإن لم يخلممف ولممدا فلخمموته الشممقاء ثممم لغيممر‬
‫الشممقاء ثممم إلممى مممن بقممي مممن أهممل طبقتممه ثممم لقممرب‬
‫الطبقات إلى الطبقة التي هو فيها على أن من توفى منهم‬
‫قبل استحقاقه شمميئا مممن منممافعه عممن ولممد وإن سممفل ثممم‬
‫عادت شرائط الوقف إلى حال لو كممان المتمموفى فيهمما حيمما‬
‫لستحق أقيم أقرب الطبقات إليه من ولده مقامه وعاد له‬
‫ما كان يعممود لمتوفمماه لممو كممان حيمما تحجممب الطبقممة العليمما‬
‫الطبقة السممفلى فتمموفيت امممرأة مممن أهممل الوقممف تممدعى‬
‫فاطمة وتركت بنت عمها سممت اليمممن وأولد ثلث أخمموات‬
‫لست اليمن ماتت الخوات قبمل وفماة فاطممة قبمل انتهماء‬
‫الوقف إليهممن وبقممي أولدهممن فهممل ينتقممل نصمميب فاطمممة‬
‫لست اليمن وحممدها أو يشمماركها فيممه أولد أخواتهمما فأجمماب‬
‫الشميخ تقمي المدين السمبكي ينتقمل نصميب فاطممة لسمت‬
‫اليمن عمل بقوله تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى قال‬
‫وقد تعارضا في هذا الوقف عمومان أحدهما هذا فإنه أعممم‬
‫من حجممب كممل شممخص ولممده خاصممة ومممن حجبممه الطبقممة‬
‫السفلى بكمالها من ولده وولد غيره‪ ،‬والثاني قوله أن مممن‬
‫توفي قبل استحقاقه يقام أقرب الطبقممات إليممه مممن ولممده‬
‫مقامه وهذا أعم من أن يكون بقي من طبقة المتوفى أحد‬
‫أول فحجممب كممل شممخص لولممده ل إشممكال فيممه ومحممل‬
‫التعارض في إقامة ولد المتوفى مقممامه عنممد وجممود أقممرب‬
‫منه وفي مثممل هممذا التعممارض يحتمماج إلممى الترجيممح‪ ،‬ووجممه‬
‫الترجيح أن العمل هنا بعممموم قمموله تحجممب الطبقممة العليمما‬
‫الطبقة السفلى‪ ،‬ل يوجب إلغمماء قمموله أن مممن تمموفى قبممل‬
‫‪225‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫استحقاقه يقام ولده مقامه لنا نعمل به عند عدم مممن هممو‬
‫أقرب منه بخلف العكس وهو أن يجعل هممذا علمى عممومه‬
‫ونقيم الولد مقام والده مطلقا فإن فيه إلغاء قمموله تحجممب‬
‫الطبقة العليا الطبقة السممفلى‪ ،‬وبيممانه أن حجممب الشممخص‬
‫غير ولده خارج منممه علممى هممذا التقممدير وحجبممه ولممده إنممما‬
‫يحتاج إليه لو كان في اللفظ الول ما يمدخله وليمس كمذلك‬
‫لنه إنما وقف على القرب فل يدخل ولمد الولمد ممع وجمود‬
‫الولد فيه حتى يحترز منه غاية ما فممي البمماب أن يقممال هممو‬
‫تأكيد والتأسمميس أولممى مممن التأكيممد ‪-‬هممذا جممواب السممبكي‬
‫بحروفه‪ ،‬ولو لم يكن في فتاويه إل هذا الموضممع لكممان فيممه‬
‫كفاية لكن ذكره في مواضع أخر نسوقها‪ :‬الموضممع الثمماني‪:‬‬
‫سئل السبكي عن رجل وقف على المجبر ثممم علممى أولده‬
‫أحمد وعائشة وفاطمة وزينب ثم على أولدهم وإن سممفلوا‬
‫ومن مات وله ولد وإن سفل كان نصيبه له وإن مممات أحممد‬
‫ليممس لممه نصمميب ولممه أولد وإن سممفلوا وآل المممر إليهممم‬
‫اسممتحقوا تحجممب الطبقممة العليمما الطبقممة السممفلى وتمموفي‬
‫المجبر ثم توفيت بنته زينب ثم ولده أحمد وتممرك أولدا أبمما‬
‫بكر وعليمما وعبممد المحسممن وشممامية وتمموفيت فاطمممة بنممت‬
‫المجبر وتركت بنتها ملمموك وشممرف ورزقممت عائشممة أولدا‬
‫محمدا ونفيسة ودنيا ثم رزقت دنيا المذكورة في حياة أمها‬
‫محمدا وعيسى وآسن ومريم ثم رزقممت مريممم محمممدا ثممم‬
‫ماتت مريم المممذكورة فممي حيمماة جممدتها عائشممة ثممم ممماتت‬
‫عائشة عن محمد ونفيسممة ودنيمما وأولدهمما محمممد وعيسممى‬
‫وآسممن وعممن محمممد بممن مريممم المتوفمماة فممي حياتهمما فهممل‬
‫لمحمد بن مريم هذا شيء بحكم تنزيله منزلة أمممه فأجمماب‬
‫السبكي الظاهر أنه ل يستحق لقوله تحجب الطبقممة العليمما‬
‫الطبقة السفلى فهو محجوب بأخواله فإنه إنما يستحق من‬
‫أمه أو جدته ل جائز أن يستحق ممن أممه لنهما حيممن ممماتت‬
‫كانت محجوبة بأمها قطعا فليس لها شيء ينتقل لبنها فلم‬
‫يبق إل استحقاقه من جدته على أن نصيبها ينتقممل لولدهمما‬
‫وأولد أولدهمما لكنممه قممال تحجممب الطبقممة العليمما السممفلى‬
‫وإطلق ذلك يقتضي العموم ويحتمممل أن يممراد بحجممب كممل‬
‫أصل فرعه‪ ،‬ثم قال واعلم أن هذه المسألة قد تكررت وأنا‬
‫‪226‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أستشكلها جدا وأقدم فيها وأوخر وهي فممي غايممة الشممكال‬
‫ينبغممي النظممر فيهمما أكممثر مممن هممذا وأن ل يسممتعجل فيهمما‬
‫بالجواب‪ ،‬والصيغ التي ترد في الوقمماف مختلفممة فمنهمما أن‬
‫يقول تحجب الطبقممة العليمما السممفلى ثممم يقممول مممن مممات‬
‫انتقل نصيبه فهنا يظهر أنه إذا مات واحد وله ابن وابن ابن‬
‫يقدم البن على ابن البن عمل بقوله تحجب العليا السفلى‬
‫فإنه عممام إل فيمممن كممان لممه نصمميب ومممات فينتقممل نصمميبه‬
‫لولده بمقتضى اللفظ الثاني على سبيل التخصمميص ويبقممى‬
‫العممموم فيممما عممداه وهممذا أولممى مممن حمممل تحجممب العليمما‬
‫السممفلى علممى حجممب الصممل لفرعممه فقممط لنممه يمكممن‬
‫تخصيصممه ولن قمموله نصمميبه حقيقتممه أن يكممون لممه نصمميب‬
‫يتناوله وحمله على الستحقاق الممذي يصممل إليممه بعممد ذلممك‬
‫مجاز ل دليل عليه وغاية ما في الباب أنممه قممد يممموت قبممل‬
‫الستحقاق وذلك ل يضر فإنه في كممل الحمموال قممد يحصممل‬
‫ذلك وحينئذ يحتمل أن يقال أنه دخممل فممي الوقممف موقوفمما‬
‫على شرط وخرج منه بموته ول يمتنع أن يقممال أنممه بممموته‬
‫تبين أنه لم يدخل أصل وكل الحتمالين سممائغ ل مممانع منممه‪،‬‬
‫ومنها الصيغة المذكورة ولكن بموت هذا البممن بعممد ويممترك‬
‫ابنا فهو مساو لبن عمه في الطبقة فهل يأخذ ابن عمه ممما‬
‫كان لبيه لو كان حيا لن المانع له حجب عمه لممه وقممد زال‬
‫ول يأخذ لنه إنما يأخذ من أبيه وأبوه ل حق لممه‪ ،‬هممذا محممل‬
‫احتمال والقرب أنه إن كان لفظ آخر عممام يمكممن إخراجممه‬
‫منه استحق وإل فل‪ ،‬مثال الول قمموله وقفممت علممى أولدي‬
‫وأولد أولدي بالواو ل بثم ويذكر الصمميغتين بعممد ذلممك فهنمما‬
‫أقول أنه يستحق بعد وفاة عمه ما كممان أبمموه يسممتحقه لممو‬
‫كان حيا ويختص ابن عمه الن من نصيب أبيه بممما كممان لممه‬
‫حين كان أبوه حيا وإن كممان هممذا يخممالف ظمماهر قمموله مممن‬
‫مات انتقل نصيبه إلى ولده لنه ليس مخالفة هذا أبعد مممن‬
‫مخالفة عموم قوله ثم على أولد أولده فيعمل فممي العممام‬
‫المتقدم إل فيما خص به قطعا بقوله تحجب الطبقممة العليمما‬
‫الطبقة السفلى‪ ،‬وأيضا بممه حجممب العممم لبممن أخيممه ويبقممى‬
‫فيما عداه على الصممل ويكممون قمموله انتقممل نصمميبه لولممده‬
‫معناه في هذه الحالة نصيبه الصلي‪ ،‬ومنها أن يقول وقفته‬
‫‪227‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على أولدي ثم أولد أولدي ممن ممات منهمم انتقمل نصميبه‬
‫لولممده تحجممب الطبقممة العليمما السممفلى فهنمما حجممب ابممن‬
‫المتوفي لبن أخيه صريح أصرح مممن الول بعممد حكممم مممن‬
‫مات‪ .‬الموضع الثالث‪ :‬سئل السبكي عن رجل عليممه وقممف‬
‫فإذا توفى عاد وقفا على ولديه أحمممد وعبممد القممادر بينهممما‬
‫بالسوية نصممفين يجممري نصمميب كممل منهممما عليممه ثممم علممى‬
‫أولده واحدا أو أكثر ذكرا أو أنثى أو ذكورا وإناثا للذكر مثل‬
‫حظ النثيين ثم على أولد أولده كذلك ثممم علممى أولد أولد‬
‫أولده مثل ذلك ثم على نسله وعقبه بطنا بعممد بطممن علممى‬
‫أنممه مممن تمموفى مممن الخمموين المممذكورين ومممن أولدهممما‬
‫وأنسالهما عن ولد أو ولد ولد أو نسممل عمماد ممما كممان جاريمما‬
‫عليه من ذلك على ولده ثم على ولد ولده ثممم علممى نسممله‬
‫على الفريضة وعلى أنه من تمموفى منهممما أو مممن أولدهممما‬
‫وأنسالهما عن غير نسل عاد ما كان جاريمما عليممه مممن ذلممك‬
‫على من في درجته من أهل الوقف المذكور يقدم القممرب‬
‫إليه منهم فممالقرب ويسممتوي الخ الشممقيق والخ مممن الب‬
‫ومن مات من أهل الوقف المذكور قبل اسممتحقاقه لشمميء‬
‫من منافع الوقف وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل مممن ذلممك‬
‫اسممتحق ولممده أو ولممد ولممده أو السممفل ممما كممان يسممتحقه‬
‫المتوفى لو بقي حيا إلممى أن يصممير إليممه شمميء مممن منممافع‬
‫الوقف المذكور وقام في السممتحقاق مقممام المتمموفى فممإذا‬
‫انقرضوا فعلى الفقراء والمساكين وتوفي الموقمموف عليممه‬
‫وانتقل الوقف إلى ولديه أحمد وعبد القادر ثممم تمموفي عبممد‬
‫القادر وترك أولده الثلثة وهم عمر وعلي ولطيفممة وولممدي‬
‫ابنه محمد المتمموفى فممي حيمماة والممده وهممما عبممد الرحمممن‬
‫وملكة ثم توفي عمر عن غير نسل ثم تمموفيت لطيفممة عممن‬
‫بنت تسمى فاطمة ثم توفى علي وترك بنتما َ تسمممى زينممب‬
‫ثم توفيت فاطمممة بنممت لطيفممة عممن غيممر نسممل فممإلى مممن‬
‫ينتقل نصيب فاطمة المذكورة؟‬
‫فأجاب السبكي بما نصه‪ :‬الحمد لله الذي ظهر الن أن‬
‫نصيب عبد القادر جميعممه يقسممم هممذا الوقممف علممى سممتين‬
‫جزءا لعبد الرحمن منه اثنان وعشرون جممزءا ولملكممة أحممد‬
‫عشر ولزينب سبعة وعشرون ول يسممتمر هممذا الحكممم فممي‬
‫‪228‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أعقابهم بممل فممي كممل وقممت بحسممبه ول اشممتهى أحممدا مممن‬
‫الفقهاء يقلدني في ذلك بل ينظر لنفسه والله أعلممم‪ .‬كتبممه‬
‫على السبكي الشافعي فممي ليلممة الثلثمماء رابممع ذي القعممدة‬
‫سنة إحدى وسبعمائة‪ .‬قال السبكي فممذكر السممائل أنممه لممم‬
‫يتبين له هذا الجواب بعد أن أقممام ينظممر فيممه أياممما فكتبممت‬
‫بيان ذلك وبالله التوفيق‪ :‬إنه لما تمموفى عبممد القممادر انتقممل‬
‫نصيبه إلى أولده الثلثممة وهممم عمممر وعلممي ولطيفممة بينهممم‬
‫للممذكر مثممل حممظ النممثيين لعلممي خمسمماه ولعمممر خمسممه‬
‫وللطيفة خمسه هممذا هممو الظمماهر عنممدنا ويحتمممل أن يقممال‬
‫يشاركهم عبد الرحمن وملكة ولدا محمد المتوفى في حياة‬
‫أبيممه ونممزل منزلممة أبيهممما فيكممون لهممما السممبعان ولعلممي‬
‫السبعان ولعمر السممبعان وللطيفممة السممبع وهممذا وإن كممان‬
‫محتمل فهو مرجمموح عنممدنا لن الممكممن فممي مأخممذه ثلثممة‬
‫أمور أحدها يزعمه بعض الحنابلة أن مقصمود الواقمف أن ل‬
‫يحرم أحدا من ذريته وهذا ضعيف لن المقاصد إذا لم يممدل‬
‫عليها اللفممظ ل تعتممبر‪ ،‬الثمماني إدخممالهم فممي الحكممم وجعممل‬
‫الترتيب بين كل أصل وفرعه ل بين الطبقتين جميعمما وهممذا‬
‫محتمل لكنه خلف الظاهر وقد كنممت مممرة ملممت إليممه فممي‬
‫وقف الطنبا للفظ اقتضاه فيه لست أعمه في كممل ترتيممب‪،‬‬
‫الثالث الستناد إلى قول الواقف أن قممول الواقممف أن مممن‬
‫مات مممن أهممل الوقممف قبممل اسممتحقاقه لشمميء قممام ولممده‬
‫مقمامه‪ ،‬وهمذا السمتناد ل يتمم‪ ،‬وقمد تعمرض السمبكي لهمذا‬
‫السؤال الخير في شرح المنهاج وقال بعد أن ساق صممورة‬
‫السؤال لما توفى عبد القادر انتقل نصيبه إلممى أولده عمممر‬
‫وعلممي ولطيفممة لعلممي خمسمماه ولعمممر خمسمماه وللطيفممة‬
‫خمسه ول يشاركهم عبد الرحمن وملكة ولممدا محمممد علممى‬
‫الرأي الرجح ويحتممل أن يقممال بمشمماركتهما لهممم أممما لمما‬
‫يزعمه بعض الحنابلة أن مقصود الواقف أن ذريته ل تحممرم‬
‫جعل الترتيب بين كل أصمل وفرعمه ل بيمن الطبقمتين وأمما‬
‫لن والدهما من أهل الوقف في حياة والده والكل ضعيف‪-‬‬
‫هذا لفظه فممي شممرح المنهمماج‪ .‬وسممئل الشمميخ ولممي الممدين‬
‫العراقي عمن وقف وقفا علممى أولده علممى أن مممن تمموفى‬
‫من ذكورهم انتقل نصيبه إلى أولده ثم إلى أولد أولده ثم‬
‫‪229‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إلى نسله وعقبه الذكور والناث من ولد الظهر خاصة دون‬
‫ولد البطن تحجب الطبقة العليا منهم أبدا الطبقة السممفلى‬
‫على أن من توفي من أولد الظهر المممذكورين وتممرك ولممدا‬
‫أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه إلى ولده ثم إلى‬
‫ولد ولده ثم إلى نسله وعقبه من ولد الظهر خاصة فإن لم‬
‫يترك ولدا ول نسل ول عقبا انتقل نصيبه إلى اخوته وأخواته‬
‫وكان من توفيت من النمماث مممن أولد الواقممف ومممن بقيممة‬
‫أولد الظهر من نسله انتقممل نصمميبها إلممى اخوتهمما وأخواتهمما‬
‫فإن لم يترك ولدا غيرهن من ولد الظهر ول أخا ول أختا أو‬
‫لم تترك المتوفاة من النمماث منهممم أخمما ول أختمما مممن أولد‬
‫الظهر المذكورين المشاركين له في الستحقاق ‪0‬وكل من‬
‫مممات مممن أولد الظهممر المممذكورين قبممل دخمموله فممي هممذا‬
‫الوقف واستحقاقه لشيء من منافعه وخلف ولدا أو أسفل‬
‫منه من ولد الظهر وآل الوقف إلى حال لممو كممان المتمموفى‬
‫حيا لستحق ذلك أو شيئا منه قام ولده ثممم ولممد ولممده وإن‬
‫سفل من ولد الظهر مقامه واستحق ما كان أصله يستحقه‬
‫لو كان حيا فإذا انقرض أولد الظهر صرف ما عين لهم إلى‬
‫أولد البطن على الوجوه المشروحة في أولد الظهممر فممآل‬
‫استحقاق الوقف إلى بنت ابن ابن الواقف وهممي آخممر أولد‬
‫الظهر فلما ماتت تركت ابنا وللواقف بنت بنممت وابممن بنممت‬
‫بنت فهؤلء الثلث من أولد البطون فمن المستحق منهم؟‬
‫فأجاب الشيخ ولي الدين بما نصممه‪ :‬المسممتحق لممذلك بنممت‬
‫بنت الواقف دون ابن بنممت بنتممه ودون ابممن بنممت ابممن ابنممه‬
‫عمل بقممول الواقممف أن الطبقممة العليمما تحجممب السممفلى إل‬
‫فيما استثناه من أن يموت إنسان ويخلف ولدا فيستحق ما‬
‫كان أصله يستحقه وليس هذا من المستثنى قال ثم بلغنممي‬
‫أن بعض المالكية والشافعية والحنابلة أفتوا بأن المسممتحق‬
‫لممذلك ابممن بنممت ابممن ابنممه فممإن أمممه هممي الممتي آل إليهمما‬
‫الستحقاق فينتقل له ما كان لمه عمل بشرط الواقممف إن‬
‫من مات وله ولد انتقل نصيبه إليه قال وهممذا غلممط وغفلممة‬
‫فإنه قيد ذلك فيما إذا كممان المتمموفى مممن أولد الظهممر وأن‬
‫يكون ولد أيضا من أولد الظهر وقممال حيممن مصممير الوقممف‬
‫لولد البطن إنهم يستحقونه على الوجمموه المشممروحة فممي‬
‫‪230‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أولد الظهر وهذا الولد خارج عن الصورتين فممإن أمممه آخممر‬
‫أولد الظهر فلما لم يبق أحد من أولد الظهممر انتقممل لولد‬
‫البطن ورجحنا أقربهم طبقة كما تقدم‪ ،‬قممال ثممم بلغنممي أن‬
‫بعض الحنابلة والشافعية أفتى باشتراك الثلثممة المممذكورين‬
‫فممي اسممتحقاق الوقممف لن كل منهممم قممد كممان لممه أصممل‬
‫مستحق وقد فهم من كلم الواقف أن حجب الطبقة العليمما‬
‫للسفلى إنما هو فيما إذا كانت العليا أصل السفلى لن من‬
‫مات وله ولد استحق ولده نصيب والده فإن كان والده قممد‬
‫مممات قبممل إيالممة السممتحقاق إليممه اسممتحق ولممده ممما كممان‬
‫يستحقه لو كان حيا فعلم أن الواحد ل يحجبه عمه ول خاله‬
‫وإنما يحجبه اصله وهؤلء الثلثة أصولهم مختلفة فاستحقوا‬
‫كلهم‪ ،‬قال‪ :‬وهذا عندي ضعيف فإنا ل نخممص عممموم حجممب‬
‫الطبقة العليا للسفلى بهذا المممر المسممتنبط المفهمموم مممن‬
‫عبارة الواقف وإنما نخصه بأحد المخصصات المعروفة ولم‬
‫يوجد ذلك إل فيمن يموت عن ولد مرافق له انتهى‪.‬‬
‫)فصل( قال السممبكي رحمممه اللممه قممول المموراقين فممي‬
‫كتب الوقاف من مات قبمل اسمتحقاقه لشميء ممن منمافع‬
‫الوقف وخلف ولدا استحق ولده ما كان يسممتحقه المتمموفى‬
‫لو بقي حيا حتى يصير إليه شيء مممن منممافع الوقممف وقممام‬
‫في الستحقاق مقامه عبارة جرت على ألسممنتهم وكتممابتهم‬
‫وهي تقتضي أن الولد إنما يستحق ما كان أبوه يستحقه لممو‬
‫بقي حيا إلى أن يصل إليه شيء من منممافع الوقممف فكيممف‬
‫يجعممل الوصممول شممرطا أو بعممض شممرط وضممرورة العبممارة‬
‫المذكورة جعله بعض شرط لنه جعل وصفا للبقمماء المقممدر‬
‫بعد لو غاية فهو جزء من الشرط وكان ينبغي أن ل يستحق‬
‫بمقتضى العبارة المذكورة إل شيئا ثانيا صمميرورته مسممتحقا‬
‫وهذا ليس بمراد وكأنهم أرادوا بالمصير إليه انتهمماء الوقممف‬
‫إلى حالة لو بقي حيا فيها لستحق فجعلوا ذلك مصيرا إليممه‬
‫وهو صفة للوقف وحال من أحوالها ول يبعد أن يجعممل علممة‬
‫وسببا وشرطا في استحقاقه الذي هو صفة له ويجعل هممذا‬
‫الستحقاق معلول عن الصفة واسمتعمال لفظمة تصمير فمي‬
‫ذلممك الظمماهر أنهمما مجمماز لن حقيقممة صمميرورة شمميء مممن‬
‫المنممافع إليممه إنممما هممو باسممتحقاقه إيمماه فممإذا فرضممنا وفمماة‬
‫‪231‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شممخص آخممر بعممد ذلممك لممو كممان هممذا الممذي اسممتحق باقيمما‬
‫لستحق نصيبه وحكمنا باستحقاق هذا الولد استحقاق ما لو‬
‫كان والده حيا الن لستحقه كان استعمال لفظة يصير في‬
‫حقه على سبيل الحقيقة لنه صار إليه قبل ذلك شيء لكنمما‬
‫قممد اسممتعملناه فممي المعنممى الول مجممازا فاسممتعماله فممي‬
‫الثاني مع الول جممع بيممن الحقيقمة والمجماز وهممو مرجموح‬
‫بالنسبة إلى المجاز المنفرد واسممتعماله فممي الثمماني وحممده‬
‫وهو الحقيقة وإطراح المجاز بالكلية يلزم عدم أخذه نصيب‬
‫والده ول قائل به ول شك أنه ليس بمراد فيترجح القتصممار‬
‫علممى اسممتعمال المجمماز المنفممرد ول يسممتحق مممن الميممت‬
‫الثاني شيئا إل بممدليل منفصممل والممموجب للنظممر فممي هممذه‬
‫المسألة وقف على شخص ثممم أولده ثممم أولدهممم وشممرط‬
‫أن من مات من بنمماته انتقممل نصمميبها للبمماقين مممن أخواتهمما‬
‫ومن مات قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف وله ولممد‬
‫استحق ولده ما كان يستحقه المتمموفى لممو كممان حيمما حممتى‬
‫يصير إليه من منافع الوقممف وقممام فممي السممتحقاق مقممامه‬
‫فمات الموقوف عليه وخلف ولدين وولد ولد مات أبوه في‬
‫حياة والده فأخذ الولدان نصيبهما وهما ابن وبنت وأخذ ولد‬
‫الولد النصيب الذي لو كان والده حيا لخذه ثم ماتت البنت‬
‫فهل يختص أخوها الباقي بنصيبها أو يشاركه فيه ابممن أخيممه‬
‫تعارض اللفظممان المممذكوران ونظرنمما فيممه النظممر المممذكور‬
‫ويرجحممه أن التنصمميص علممى الخمموة وعلممى البمماقين منهممم‬
‫كالخاص وقوله ومن مات قبممل السممتحقاق كالعممام فيقممدم‬
‫الخاص على العام فلممذلك ترجممح عنممدنا اختصمماص الخ وإن‬
‫كان الخر محتمل وهممو مشماركة ابممن الخ لممه واللمه أعلممم‪،‬‬
‫ومن المرجحات أيضا أن قوله يستحق مطلق لنه فعل في‬
‫سياق الثبات ل عموم له والمطلممق يكفممي فممي العمممل بممه‬
‫صورة واحدة وقد عملنا به في استحقاقه نصيب والممده فل‬
‫يعمل به في غيره‪ ،‬وقوله قبل استحقاقه شيئا يقتضممي أنممه‬
‫لم يستحق شيئا أصل وهو كممذلك فممي حيمماة والممده‪ ،‬وقمموله‬
‫استحق ولده فعل مطلق‪ ،‬وقمموله ممما كممان والممده يسممتحقه‬
‫عام لن ما للعموم وهذا العموم بالنسبة إلى جميممع نصمميب‬

‫‪232‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والده وهو معمول به فيه بالنسبة إلى ذلممك النصمميب وإلممى‬
‫نصيب من يموت بعد ذلك‪.‬‬
‫)فائدة( قال البلقيني الترتيب يستفاد مممن صممريح مممرة‬
‫ومن ظاهر أخرى ومن محتمل بقرينة فمن الصريح تحجممب‬
‫الطبقة العليا الطبقة السفلى ومن الظاهر التعبير بثم وأما‬
‫المحتمل بالقرينة فكقمموله وقفممت هممذا علممى أولدي وأولد‬
‫أولدي فإذا انقرض أولدي فهو لولد أولدي فإن قوله فإذا‬
‫انقرض أولدي قرينة دالة على أنه أراد بالواو والترتيب‬
‫)فائدة( ومما أكد الترتيب في هذا السممؤال الممذي نحممن‬
‫فيه تعبيره أول بثم في قوله ثم لولدهم ثم لذريتهم وقوله‬
‫طبقة بعممد طبقممة فممإن هممذه الجملممة مممع التعممبير بثممم تفيممد‬
‫الممترتيب فل يسممتحق أحممد مممن الطبقممة الثانيممة شمميئا حممتى‬
‫تنقرض جميع الطبقة الولى وهكذا في سائر الطبقات كما‬
‫هو منقول في الشرح والروضة‪ ،‬ومما يؤكد ذلك أيضا زيادة‬
‫لفظة أبدا في قوله تحجب الطبقة العليا منهم أبدا الطبقممة‬
‫السممفلى فإنهمما تفيممد أمريممن التأييممد والتأكيممد فالتأييممد يفيممد‬
‫الطممراد فممي كممل وقممت وزمممان فل تحتمممل الجملممة معممه‬
‫التخصيص بخلف ما سقطت منه فإنهمما تحتمممل التخصمميص‬
‫ببعض الشخاص في بعض الحيان فالتأكيد يفيد دفع تمموهم‬
‫عدل الشمول فيثبت الشمول المقصود هنا وهو حجب كممل‬
‫أعلى لكل أسفل شمول حقيقيا ل يقبممل التخصمميص ببعممض‬
‫الفراد وإل لذهبت فائدة التأكيد‪.‬‬
‫)فائدة( ومما يؤكممد ذلممك أيضمما تنصمميص الواقممف علممى‬
‫تقديم الخ الشقيق على الخ للب وابن العم الشقيق على‬
‫ابن العم للب فإذا كان الواقف لم يعط أهل الدرجة كلهممم‬
‫بل خص منهم الخوة ولم يعط الخوة كلهممم بممل قممدم الخ‬
‫الشمقيق علمى الخ للب ممع أن أباهمما واحمد لجمل زيمادة‬
‫القرب بالم فكيف يعطى من له أب آخر مع من هو أعلممى‬
‫ممن درجتمه فمإن تمسمك متمسمك بقموله وممن ممات قبمل‬
‫السمتحقاق أقيمم ولمده مقمامه قلنما يلزممه أن يعطمى الخ‬
‫للب مع الخ الشقيق لن أبمماه بهممذا الوصممف فيقممام ولممده‬
‫مقامه فإن قال في الجواب وقفت مع نممص الواقممف علممى‬
‫تقديم الشقيق وقدمته على عموم تلك الجملة قلنا له نقف‬
‫‪233‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هنا مع نص الواقف على تقديم القرب إلى المتوفى وعلى‬
‫حجممب الطبقممة العليمما للسممفلى وقممدمه علممى عممموم تلممك‬
‫الجملة فأممما أن تسمموى بينهممما فممي المنممع وأممما أن تسمموى‬
‫بينهما في العطاء وإل فالعمل بأحدهما دون الخممر تحكممم‪.‬‬
‫تقرير آخر بعبارة أخرى‪ :‬يقال للمتمسك بعموم قوله ومممن‬
‫مات قبل الستحقاق أقيم ولممده مقممامه القاعممدة المقممررة‬
‫فممي الصممول أنممه إذا اجتمممع نممص خمماص ولفممظ عممام فممإنه‬
‫يتمسك بالنص الخاص في تلك الصورة الخاصة ويخممص بممه‬
‫عموم اللفظ ويخرج من تلك الصورة الخاصة بممذلك النممص‬
‫الخاص ويبقى بقية العموم يعمل به فيما عدا تلك الصممورة‬
‫وأما أن يلغى النص الخاص بالكلية ويتمسك بممالعموم علممى‬
‫عمومه فهذا شيء ل يقوله أحد‪ ،‬وهذا الذي نحممن فيممه فيممه‬
‫ثلثة نصمموص خاصممة أحممدها تقممديم القممرب إلممى المتمموفى‬
‫فالقرب من الولد وأولدهممم‪ ،‬والثمماني تقممديم الخمموة مممن‬
‫أهل الدرجة على غيرهم‪ ،‬والثالث تقديم الخ الشقيق علممى‬
‫الخ للب وتقديم ابن العممم الشممقيق علممى ابممن العممم للب‬
‫فهذه ثلثة نصوص خاصة في صورة خاصة يتمسك بها فيها‬
‫وتخص من عموم تلممك الجملممة ول يعمممل بتلممك الجملممة إل‬
‫فيما عدا هذه الصممور الثلث الخاصممة فل يعطممى ابممن العممم‬
‫للب ول الخ للب مع الشقيق منهما وإن كان أبوهما مممات‬
‫قبل الستحقاق ولو عاش لستحق ول يقول قائل أعطيهما‬
‫مع الشقيق لجل قمموله ومممن مممات قبممل السممتحقاق أقيممم‬
‫ولده مقامه لن هذه الصورة مخرجة بنص يخصممها وكممذلك‬
‫ل يعطى سائر أهل الدرجة مع الخوة تمسكا بذلك العممموم‬
‫لنهم مخرجون بنص يخصممهم وكمذلك ل يعطممى البعممد مممن‬
‫أولد الولد مع القرب إلى المتوفى تمسكا بممذلك العممموم‬
‫لنه مخرج بنص يخصه فهذه الصور الثلث يعمل بنصوصممها‬
‫الخاصممة بهمما ويخممرج مممن ذلممك العممموم وتبقممى بقيممة ذلممك‬
‫العموم معمول به فيما عداها والله أعلم‪.‬‬

‫باب الفرائض‬
‫مسألة ‪ -‬رجل مات عن بنت وابن ابن فهل يكممون إرث‬
‫البنت حينئذ بالفرض أو بالتعصيب‪.‬‬
‫‪234‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬بالفرض‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫هداة الدين أعلم الخطاب* وفرسان الفرائض والحساب‬
‫لقد بعدت عن الفهام منا * مغربة تخال من الكذاب‬
‫تلقى الرث أربعة وأفضوا * إلى قسم يعد من العجاب‬
‫فأولهم مضى بالثلث حظا * وثلث اللذ بقي ثاني الصحاب‬
‫وثلث الباقي بعد الثاني مازوا * لثالثهم فأعصى للصواب‬
‫وحاز الرابع الباقي نصيبا * وقالوا قسمنا وفق الكتاب‬
‫وأشكل أمرهم جدا علينا * وبتنا منه في تيه ارتياب‬
‫فهل من كاشف عنا بفضل * وتبيان غياهيب الحجاب‬
‫وهل من عالم يشفى غليل * بشرح الحال في ضمن‬
‫الجواب‬
‫يجازيه الله عليه خيرا * ويمنحه الجزيل من الثواب‬
‫بقيتم للورى أعلم رشد * هداة في الذهاب وفي الياب‬
‫الجواب –‬
‫بحمد الله مفتتح الكتاب * ومبتدأ المسائل والجواب‬
‫وتسليم على الهادي لدين * ومن أوتي البلغة في الخطاب‬
‫جوابك خذه ل إشكال فيه * ول يشنى بشك وارتياب‬
‫لئن كدرت فهمك فيه لما * عييت لقد تبين باقتراب‬
‫فزوج ثم أم ثم جد * وأخت ل لم في انتساب‬
‫لها كالزوج نصف ثم سدس * لجد ثلث أم في الكتاب‬
‫فإن الصل ست ثم عالت * لتسع عند أرباب الحساب‬
‫ومن سبع تلى عشرين صحت * فتسع الزوج ثلث لكتساب‬
‫وست الم ثلث الباقي قطعا * وربع الخت ثلث في‬
‫اعتقاب‬
‫وباقيها ثمانية لجد * فخذ هذا الجواب على الصواب‬
‫وناظمه ابن السيوطي يرجو * من الرحمن عفوا في‬
‫المآب‬
‫مسألة ‪ -‬رجل مات وترك زوجة وأخمما ومممائة وخمسممين‬
‫دينارا فادعت الزوجة دينا مائة دينار وصدقها الخ وقبضممتها‬
‫ثم اقتسما الباقي فجاء رجل وادعممى بمممائة دينممار وصممدقته‬
‫الزوجة دون الخ فماذا يعطى‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬إنه يأخممذ سممبعة وثلثيممن دينممارا ونصممفا والخ‬
‫مثل ذلك والزوجة خمسة وسممبعين وبيممان ذلممك أن الخ لممو‬
‫صدقه أيضا لقسمت المائة والخمسون بينممه وبيممن الزوجممة‬
‫فيأخذ كل خمسة وسبعين فإذا صدقت الزوجة فقط أخذت‬
‫ما كانت تأخذه حال تصممديق الخ أيضمما مممن غيممر زيممادة ول‬
‫نقصان لن تصديقها يسري في القدر الذي كان يؤخممذ مممن‬
‫حصتها ويلغو في حصة الخ فكأنها أقرت بأنه يسممتحق مممما‬
‫في يدها سبعة وثلثين ونصفا خمسة وعشممرين مممن الممدين‬
‫والثنى عشر ونصف حصة الرث وأنه يستحق القدر الممذي‬
‫أخذه الخ بكماله فل يقبل قولها في جانب الخ ويقبممل فممي‬
‫جانبها من غير أن تضر بأخذ زيادة على ما كان يؤخممذ منهمما‬
‫لو صدق الخ‪.‬‬

‫البدر الذي انجلى في مسألة الول‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ .‬وقممع‬
‫السؤال عن امرأة أعتقت عبممد ثممم ممماتت وتركممت ابنمما ثممم‬
‫مات البن وترك ابن عم له ثم مات العتيق فهل يرثممه ابممن‬
‫عممم ابممن المعتقمة‪ ،‬وذلمك السممائل وهمو الشميخ بمدر المدين‬
‫المممارديني فرضممى هممذا المموقت أن المفممتين فممي عصممرنا‬
‫اختلفوا في هذا فأفتى بعضهم بممإرثه وبعضممهم بعممدم إرثممه‪،‬‬
‫وسممألني الشمميخ بممدر الممدين مممن المصمميب وهممل تعممرض‬
‫للمسالة أحد من المصنفين‪ .‬فأجبت بأن الصممواب مممع مممن‬
‫أفتى بعدم إرثه فإن ذلك مقتضى الدليل ومقتضى نصمموص‬
‫الصحاب قاطبة ثم وجدت ذلممك مصممرحا بممه وأنممه ل خلف‬
‫فيه في مممذهب الشممافعي ومالممك وأبممي حنيفممة وهممو أصممح‬
‫الروايتين في مذهب أحمد بن حنبل فهذه ثلثة أمور عقدت‬
‫هذه الكراسة لبيانها وسميتها البدر الذي انجلى في مسممألة‬
‫الول فأقول‪ :‬أما بيممان كممونه مقتضممى الممدليل فمممن وجهيممن‬
‫أحدهما قوله صلى الله عليه وسمملم )الممولء لحمممة كلحمممة‬
‫النسب( هذا الحمديث همو عممدة الرث بمالولء حيمث شممبه‬
‫الولء بالنسب وقد نص العلماء في هذا الحديث بخصوصممه‬
‫على أن المشبه دون المشبه به فجعلوا الولء دون النسب‬
‫‪236‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في القوة قال السبكي شبه صلى الله عليممه وسمملم الممولء‬
‫بالنسب والمشبه دون المشبه به وحينئذ فممالقول بممأن ابممن‬
‫العم يرث في هذه الصمورة يممؤدي إلممى زيمادة المولء علممى‬
‫النسب في القوى لن ضابط المذي يمرث بمالولء أن يكمون‬
‫بحيث لو مات المعتق يوم موت العممتيق ورثممه والمممرأة لممو‬
‫ماتت وابن عم ولممدها موجممود لممم يرثهمما بالجممماع فتمموريثه‬
‫بالولء مع عدم توريثه بالنسب تقويممة للممولء علممى النسممب‬
‫وهممو خلف ممما اقتضمماه الحممديث‪ ،‬المموجه الثمماني أن الدلممة‬
‫قامت على أنه ل يرث بالولء إل عصممبة المعتممق ولهممذا لممم‬
‫يرث إل أصممحاب الفممروض وعصممبة عصممبة المعتممق ليسمموا‬
‫عصبة للمعتق فلم يدخلوا تحت هذا اللفظ‪ ،‬وأمر ثالث وهو‬
‫أن الدلة قامت على أن الممولء ل يممورث قممال ابممن الصممباغ‬
‫في الشامل لممو كممان الممولء يممورث لكممان الممزوج والزوجممة‬
‫يرثانه وقد حصل الجماع على أنهممما ل يرثممان الممولء وقممام‬
‫إمام الحرمين في النهاية أصل البمماب أن عصممبة المعتممق ل‬
‫يرثممون الممولء كممما يرثممون الملك وحقوقهمما وإنممما يرثممون‬
‫بالولء بانتسابهم إلى المعتق فمقتضممى العصمموبة المحضممة‬
‫تقتضي توريثهم قال والدليل على أنهم ل يرثممون الممولء أن‬
‫الممولء لممو كممان موروثمما لقتضممى القيمماس أن يسممتوي فممي‬
‫استحقاقه بالرث الرجال والنسمماء كسممائر الحقمموق‪ ،‬وقممال‬
‫الرافعي قوله صلى الله عليه وسلم )الممولء لحمممة كلحمممة‬
‫النسب ل يباع ول يوهب( معناه قرابممة وامتشمماج كامتشمماج‬
‫النسب وقمموله ل يبمماع ول يمموهب يعنممي أن نفممس الممولء ل‬
‫ينقل من شخص إلى شمخص بعمموض وغيممر عمموض كممما أن‬
‫القرابة ل تنقل ويروى النهي عن بيع الولء وهبته ولممذلك ل‬
‫يورث الولء لكن يورث به كما أن النسب ل يورث ويممورث‬
‫به ومما يدل عليه أنه لو كممان الممولء موروثمما لشممترك فممي‬
‫اسممتحقاقه الرجممال والنسمماء كسممائر الحقمموق انتهممى كلم‬
‫الرافعي‪ ،‬وإذا لم يورث الولء لم يرث عصبة عصبة المعتق‬
‫شيئا لن عصبة المعتق إنما ورثوا بقرابتهممم مممن المعتممق ل‬
‫بممإرثهم الممولء الممذي كممان للمعتممق وعصممبة العصممبة ليسمموا‬
‫بأقارب المعتق ول ورثوا الولء من العصممبة فلممم يرثمموا بممه‬
‫شيئا هذا مقتضممى الممدليل‪ ،‬وأممما بيممان كممون ذلممك مقتضممى‬
‫‪237‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫نصوص الصحاب فمن وجوه أحدها أطبمماق الصممحاب علممى‬
‫قممولهم فممإن لممم يوجممد المعتممق فالسممتحقاق لعصممباته مممن‬
‫النسب الممذين يعصممبون بأنفسممهم فممإن لممم يوجممد عصممبات‬
‫المعتق أحد فالمال المعتق لمعتق ثمم لعصممباته ثمم لمعتممق‬
‫معتق المعتممق وهكممذا فجعلهممم المممال بعممد عصممبة المعتممق‬
‫لمعتممق المعتممق مممن غيممر واسممطة صممريح فممي أن عصممبة‬
‫العصبة ل يرثون شيئا وإل لقالوا فإن لم يوجد من عصممبات‬
‫المعتق أحد فلعصبة عصبته فكانوا يذكرون عصممبة العصممبة‬
‫قبممل أن يممذكروا معتممق المعتممق ول يتخيممل متخيممل دخممول‬
‫عصبة العصبة في لفممظ عصممبة المعتممق بحممال ل معنممى ول‬
‫لفظمما وكيممف يتخيممل ذلممك وعصممبة العصممبة ليسمموا بعصممبة‬
‫للمعتق بل هم منه أجانب محض وإذا كان الفقهاء لم يممروا‬
‫القتصممار علممى ذكممر المعتممق حممتى تعرضمموا لمعتممق معتممق‬
‫المعتق ومن فوقه مصرحين بتأخيرهم عممن عصممبة المعتممق‬
‫فكيف يتصور إرث عصبة العصمبة قبممل معتمق المعتمق مممن‬
‫غير تعرضهم له ول تصريحهم به‪ ،‬ويزيد ذلك وضوحا عبممارة‬
‫الرافعي حيممث قممال إذا لممم يكممن المعتممق حيمما ورث بممولئه‬
‫أقمممرب عصمممابته ول يمممرث أصمممحاب الفمممروض ول المممذين‬
‫يتعصبون بغيرهم فإن لم يوجد للمعتق عصممبة مممن النسممب‬
‫فمالميراث لمعتمق المعتمق فمإن لمم يكمن للعصمبات معتمق‬
‫المعتق وهكذا فانظر إلى قوله فإن لم يوجد للمعتق عصبة‬
‫من النسب تجده صريحا فيما ذكرناه فابن عم الولممد ليممس‬
‫عصبة للمعتقة ول نسيبا لها‪ .‬الوجه الثمماني‪ :‬قممول الرافعممي‬
‫للصحاب عبارة ضابطة لمن يرث بولء المعتق إذا لم يكن‬
‫المعتق حيا وهي أنه يرث العتيق بولء المعتممق ذكممر يكممون‬
‫عصبة للمعتق لو مات المعتممق يمموم ممموت العممتيق بصممفته‪،‬‬
‫وهذا الضابط يخرج عنممه عصممبة عصممبة المعتممق قطعمما لن‬
‫المرأة لو ماتت وابن عم ولدها موجممود لممم يرثهمما إجماعمما‪.‬‬
‫المموجه الثممالث‪ :‬قممال الرافعممي ول ميممراث لغيممر عصممبات‬
‫المعتق إل لمعتق أبيه أو جممده ول شممك أن عصممبة العصممبة‬
‫غير عصبة المعتق فدخلوا في هذا النفممي‪ ،‬وعبممارة البغمموي‬
‫في التهذيب ول ميراث لمعتق عصبة الميت إل لمعتق أبيممه‬
‫أو لمعتق جممده وإن عل وكممذلك معتممق عصممبات المعتممق ل‬
‫‪238‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يرث إل معتق أبي المعتممق أو معتممق جممده فممإن مممن أعتممق‬
‫عبدا ثبت له الولء على أولده وعلى أولد بنيه وإن سممفلوا‬
‫هذه عبارة البغوي في التهممذيب فممانظر كيممف صممرح بنفممي‬
‫الميراث عن معتممق عصممبات المعتممق ومعنممى العصممبة مممن‬
‫جملممة أفممراد عصممبة العصممبة فكممما أنممه ل ميممراث لممه بهممذا‬
‫التصريح فكذلك بمماقي عصممبة العصممبة لن العلممة فمي ذلمك‬
‫كونه أجنبيا من المعتق فسواء فممي ذلممك المعتممق والنسممب‬
‫وإنممما ورث معتممق الب والجممد بممالنجرار الممذي وقممع علممى‬
‫الحفمماد فلممو لممم يكممن فمي المسممألة إل هممذا التصممريح مممن‬
‫البغوي لكان كافيا ‪ -‬هذا بعض ما اقتضته نصوص الصحاب‪،‬‬
‫وأما التصريح فقال صاحب المحيط من الحنفيممة ممما نصممه‪:‬‬
‫ولو أعتق أمة ومات المعتق عن ابن والبن عن أخ لمه ثم‬
‫مات المعتق فالميراث لعصممبة المعتممق ول شمميء للخ للم‬
‫لنه أجنبي من المعتق قال وكذا لو كان للمعتق أخ لمه لم‬
‫يرث شيئا لنه ليس بعصبة له ‪ -‬هذه عبارة المحيط فممانظر‬
‫كيف علل الول بكونه أجنبيا من المعتق ولممم يعللممه بكممونه‬
‫صاحب فرض ول عصبة كما علل بذلك في الصمورة الثانيمة‬
‫فدل بفرقه بين التعليلين على أنه ل يرث أحممد مممن أقممارب‬
‫عصبة المعتق إذا كانوا أجانب من المعتممق عصممبة كممانوا أو‬
‫أصممحاب فممرض‪ ،‬وأصممرح مممن ذلممك عبممارة شمممس الئمممة‬
‫السرخسي من الحنفية أيضا في كتابه المبسوط فانه قممال‬
‫وإذا أعتق الرجل المة ثم مات وتممرك ابنمما ثممم مممات البممن‬
‫وترك أخا من أمه ثم ماتت المة فميراثهمما لعصممبة المعتممق‬
‫وليس للخ ممن ذلمك شميء لن الممولء للمعتمق وأخممو ابممن‬
‫المعتق لمه أجنبي من المعتق وكذا أخو المعتق لمممه لنممه‬
‫ليس بعصبة له إنما هو صمماحب فريضممة ول يخلممف المعتممق‬
‫في ميراث معتق إل من كان عصممبة لممه هممذه عبممارته فممان‬
‫قلت هذه كلها عللت واحتمالت فإن لم تأت بنقممل صممريح‬
‫وإل لم تقبل شيئا مما ذكرت قلت اسمع يا أيها الرجممل أنمما‬
‫عممادتي فممي التقريممر أن أبممدأ أو ل بالخفمماء ثممم انتقممل إلممى‬
‫الجلء وآتى بممالمحتملت ثممم أثنممى بالممدامغات فأكسممر بهمما‬
‫رؤوسا وأحيي بها نفوسا فأقول يا أيها الناس ل يحممل لحممد‬
‫أن يفتى في دين الله بما تحدث به نفسه مممن غيممر اعتممماد‬
‫‪239‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على نقول الئمة وإذا كممان النمماس الن ل يعتمممدون فتمموى‬
‫المجتهد باجتهاده واستنباطه مممع كممون ذلممك مقبممول شممرعا‬
‫لنه مسممتند إلممى أدلممة وحجممج ول يقبلممون منممه إل ممما كممان‬
‫منقول في المممذهب فكيممف يسمموغ لمممن ليممس مجتهممدا أن‬
‫يفتى بغير نقل ول استناد إلى حجة‪ ،‬هممذه المسممألة منقولممة‬
‫في الحاوي الكممبير للممماوردي وعبممارته فلممو أعتقممت امممرأة‬
‫عبدا وماتت وخلفت أبنا وأخا ثممم مممات العبممد المعتممق كممان‬
‫ولؤه للبن دون الخ ولو مات البن قبل موت العبد وخلف‬
‫عما وخال ثم مات العبد المعتق كان ولؤه لخاله دون عمممه‬
‫لن الخال أخو المعتقة والعم أجنبي منهمما ‪ -‬هممذا قممول مممن‬
‫جعل الولء ل يورث فأما على قول من جعله موروثا يجعل‬
‫الولء لعم البن وإن كممان أجنبيمما مممن المعتقممة دون الخممال‬
‫وإن كان أخاها لنتقال ماله إلى عمه دون خاله وقممد بسممط‬
‫السبكي المسألة بسمطا شمافيا فمي كتمابه الغيمث المغمدق‬
‫فقممال هممذه مسممألة اختلممف النمماس فيهمما وهممي إذا ممماتت‬
‫المعتقة وخلفت ابنمما وأخاهمما ثممم مممات ابنهمما وتممرك عصممبته‬
‫كأعمممامه وبنممي عمممه ثممم مممات العممتيق وتممرك أخمما مممولته‬
‫وعصبة ابنها فعن علي بن أبي طالب فيه روايتممان أحممدهما‬
‫أن ميراثه لخي مممولته لنممه أقممرب عصممبات المعتممق فممان‬
‫انقرض عصبتها كان بيت المال أحق به من عصبة ابنها وبه‬
‫قال أبان بن عثمان وقبيصة ابممن ذؤيممب وعطمماء وطمماووس‬
‫والزهري وقتادة ومالك والشافعي وأهل العممراق‪ ،‬والروايممة‬
‫الخرى عن علي أنه لعصبة البن روى نحو ذلممك عممن عمممر‬
‫وابن عباس وسعيد بن المسيب وبه قال شريح‪ ،‬وهذا يرجع‬
‫إلى أن الولء يورث كما يورث المال وقممد روى عممن أحمممد‬
‫نحو هذا واحتجوا بحديث عمممرو بممن شممعيب عممن أبيممه عممن‬
‫جده‪ ،‬قال صاحب المغنى من الحنابلة والصحيح الول فممان‬
‫الولء ل يورث وإنما هو باق للمعتق يرث به أقرب عصممباته‬
‫ومن لم يكن من عصباته لم يرث شيئا وعصبات البن غيممر‬
‫عصبات أمممه وحممديث عمممرو بممن شممعيب غلممط قممال حميممد‬
‫الناس يغلطون عمرو بن شعيب في هذا الحديث انتهى ممما‬
‫أورده السبكي هنا فانظر كيف صممرح بممأن عممدم الرث هممو‬
‫قول مالك والشافعي وأهل العممراق بل خلف عنممدهم وأنممه‬
‫‪240‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصحيح من قول أحمد‪ ،‬ثم قممال السممبكي بعممد ذلممك اتفممق‬
‫جمهور العلماء على أن الولء ل يورث ول خلف عندنا فيه‪،‬‬
‫وروى نحو ذلك عن عمر وعلي وزيد وابن مسعود وأبي بن‬
‫كعب وأبي مسعود البدري وأسامة ابن زيد وبه قال عطمماء‬
‫وسممالم بممن عبممد اللممه والحسممن وابممن سمميرين والشممعبي‬
‫والنخعي والزهري وقتادة وأبو الزناد والشافعي ومالك وأبو‬
‫حنيفة وإسحاق وأبممو ثممور وداود وهممو المشممهور عممن أحمممد‬
‫وحكى الحنابلة ذلك عن طاووس أيضمما وشممذ شممريح فقممال‬
‫الولء كالمال يورث عن المعتق فمن ملك شيئا حياته فهممو‬
‫لورثته‪ ،‬وحكى القاضي حسممين وغيممره ذلممك عممن طمماووس‬
‫أيضا ونقله ابن المنذر عن الزبيممر يعنممى ابممن العمموام ورواه‬
‫حنبل ومحمد بن الحكم عن أحمد بممن حنبممل وغلطهممما أبممو‬
‫بكر وغيره من أصحابه‪ -‬هذا كله كلم السبكي فانظر كيممف‬
‫صرح بأنه ل خلف عندنا في أن الولء ل يورث ونقممل ذلممك‬
‫عن مذهب مالك وأبي حنيفة ولم يحك عنهما خلفا وجعلممه‬
‫المشهور من مذهب أحمد فعرف بذلك أن مممن أفممتى فممي‬
‫هذه الصورة بالرث كان مخالفمما للمممذاهب الربعممة الثلثممة‬
‫باتفاق وأحمد على المشممهور مممن مممذهبه‪ ،‬وعلممم بممذلك أن‬
‫قول الماوردي فأما على قول مممن جعلممه موروثمما يريممد بممه‬
‫قول من شذ كشريح ونحوه وهو خلف قول أئمة المذاهب‬
‫الربعممة‪ ،‬وقممد راجعممت سممنن الممبيهقي فوجممدته رجممح قممول‬
‫الجمهور وعقد بابا احتج له فيه بحديث وآثممار ثممم عقممد بابمما‬
‫ثانيا لمن قال أن الولء يورث وروى فيه حممديث عمممرو بممن‬
‫شممعيب وضممعفه ثممم تممأوله علممى تقممدير الصممحة وروى فيممه‬
‫الرواية المعزوة إلى علممي وخطأهمما مممن حيممث السممناد ثممم‬
‫روى عنممه موافقممة الجمهممور ثممم روى عممن الزبيممر الروايممة‬
‫المعزوة إليه وتأولها ثم روى عن ابن الزبير أنه قضى بذلك‬
‫قال عطاء فعيب ذلك على ابن الزبير‪ ،‬وقال محمد بن زيممد‬
‫بن المهاجر لما قضى بممه ابممن الزبيممر سمممعت القاسممم بممن‬
‫محمد يقول سبحان الله أن الولء ليس بمال موضوع يرثممه‬
‫مممن ورثممه إنممما المممولى عصممبة‪ ،‬وهمما أنمما أسمموق ممما أورده‬
‫البيهقي في البابين ثم ارتقى إلى جميممع ممما ورد فممي ذلممك‬
‫عن الصممحابة فمممن بعممدهم مسممندا مخرجمما ليسممتفاد‪ :‬قممال‬
‫‪241‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫البيهقي باب الولء للكبر من عصممبة المعتممق وهممو القممرب‬
‫فالقرب منهم بالمعتق إذا كان قد مات المعتق‪ ،‬ثممم أخممرج‬
‫فيه من طريق أبي بكر بمن عبمد الرحممن بمن الحمارث بمن‬
‫هشام أن العاص بن هشام هلك وترك بنين لممه ثلثممة اثنممان‬
‫لم ورجل لعلة فهلك أحممد اللممذين لم وتممرك مممال وممموالي‬
‫فورثه أخوه المذي لممه وأبيمه مماله وولء ممواليه ثمم هلمك‬
‫الممذي ورث المممال وولء الممموالى وتممرك ابنممه وأخمماه لبيممه‬
‫فقال ابنه قد أحرزت ما كممان أبممي أحممرز مممن المممال وولء‬
‫الموالى وقال أخوه ليس كممذلك إنممما أحممرزت المممال فأممما‬
‫الممموالى فل أرأيممت لممو هلممك أخممي اليمموم ألسممت أرثممه أنمما‬
‫فاختصما إلى عثمان فقضى لخيممه بممولء الممموالى‪ ،‬وأخممرج‬
‫عن سعيد بن المسيب أن عمر وعثمان رضممي اللممه عنهممما‬
‫قال الولء للكبر‪ ،‬وأخممرج عممن النخعممي أن عليمما وعبممد اللممه‬
‫وزيدا قالوا الولء للكبر‪ ،‬وأخرج عن الشعبي أن عليا رضممي‬
‫الله عنه قال إذا أعتقت المرأة عبدا أو أمة فهلكت وتركت‬
‫ولدا ذكرا فولء ذلك المممولى لولممدها ممما كممانوا ذكممورا فممإذا‬
‫انقطعممت الممذكور رجممع الممولء إلممى أوليائهمما‪ ،‬وقممال شممريح‬
‫يمضممي الممولء علممى وجهممه كممما يمضممي الميممراث ولكممن ل‬
‫يورث الولء انثى إل شيئا أعتقته‪ ،‬وأخرج من طريممق مالممك‬
‫في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر أن أباه أخبره أنه كان‬
‫جالسا عند أبان بن عثمان بن عفان فاختصم إليه نفممر مممن‬
‫جهينة ونفر من بني الحارث بن الخزرج وكانت امممرأة مممن‬
‫جهينة وتفر من بني الحارث بن الخزرج وكانت امممرأة مممن‬
‫جهينة تحت رجل من بني الحممارث فممماتت المممرأة وتركممت‬
‫مال ومواليا فورثها ابنها وزوجها ثم مممات ابنهمما فقممال ورثممة‬
‫ابنها لنا ولء الموالى قد كان ابنهمما أحممرزه وقممال الجهنيممون‬
‫ليس كذلك إنما هم موالى صمماحبتنا فممإذا مممات ولممدها فلنمما‬
‫ولؤهم ونحن نرثهم فقضى أبانا بن عثمان للجهنييممن بممولء‬
‫الموالى‪ ،‬ثم قال الممبيهقي وقممد روى فيممه الحممديث مرسممل‬
‫يؤكد ما مضى من الثممار وأخرجممه مممن طريممق يممونس عممن‬
‫الزهممري قممال قممال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫)المولى أخ في الدين ونعمة وأحق الناس بميراثممه أقربهممم‬
‫مممن المعتممق( ثممم قممال الممبيهقي بمماب مممن قممال مممن أحممرز‬
‫‪242‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الميراث أحرز الولء وأخرج فيه من طريق حسممين المعلممم‬
‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن راب بممن حذيفممة‬
‫تممزوج امممرأة فولممدت لممه ثلثممة غلمممة فورثمموا رباعهمما وولء‬
‫مواليها وكان عمرو بن العاصي عصبة بنيها فممأخرجهم إلممى‬
‫الشام فماتوا فقممدم عمممرو ابممن العمماص ومممات مممولى لهمما‬
‫وترك مال فخاصمه اخوتهمما إلممى عمممر بممن الخطمماب فقممال‬
‫عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ما أحرز الولممد‬
‫أو الوالد فهو لعصبته مممن كممان( قممال فكتممب لممه كتابمما فيممه‬
‫شهادة عبد الرحمن بن عمموف وزيممد بممن ثمابت ورجممل آخممر‬
‫فلما استخلف عبد الملك اختصموا إلى هشام بن إسماعيل‬
‫أو إلى إسماعيل بن هشام فرفعهم إلى عبممد الملممك فقممال‬
‫هذا من القضاء الذي ما كنت أراه فقضى لنمما بكتمماب عمممر‬
‫بن الخطاب فنحن فيه إلى الساعة‪ ،‬قال الممبيهقي كممذا فممي‬
‫هذه الرواية قال وقد روينا عن سعيد بن المسيب عن عمر‬
‫بن الخطمماب وعثمممان بممن عفممان أنهممما قممال الممولء للكممبر‪،‬‬
‫ومرسل ابن المسيب عن عمر أصح مممن روايممة عمممرو بممن‬
‫شعيب قال وأما الحديث المرفوع فيه فليس فيه أن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ذلك في الممولء‪ ،‬ثممم أخممرج مممن‬
‫طريممق يزيممد بممن هممرون أنمما سممفيان الثممورى وشممربك عممن‬
‫عمران بن مسلم بن ربمماح عممن عبممد اللممه بممن مغفممل قممال‬
‫سمعت عليا يقممول الممولء شممعبة مممن النسممب فمممن أحممرز‬
‫الميراث فقد أحرز الولء‪ ،‬قال البيهقي كذا وجدته في هذه‬
‫الرواية وهو خطأ وكان يزيد حمل رواية الثوري على روايممة‬
‫شممريك وشممريك وهممم فيممه وإنممما لفممظ الحممديث ممما رواه‬
‫سليمان عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن مغفل قممال‬
‫قال علي رضي الله عنه الولء شعبة من الممرق مممن أحممرز‬
‫الولء أحرز الميراث قال البيهقي هذا هممو الصممحيح وكممذلك‬
‫رواه مسعر عن عمران وإنما معناه من كان له الولء كممان‬
‫له الميراث بالولء‪ ،‬ثم أخرج عن هشام بن عروة عممن أبيممه‬
‫قال قال الزبير بن العوام الولء للذي يحوز الميممراث‪ ،‬قممال‬
‫البيهقي وهذا يحتمممل أن يكممون المممراد بممه أن الممذي يحمموز‬
‫الميراث وهو العصبة الذي يأخممذ جميمع الميممراث هممو الممذي‬
‫يأخذ بالولء دون أصحاب الفروض‪ ،‬ثم أخرج عن محمد بمن‬
‫‪243‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫زيد بن المهاجر أنه حضر القاسم بممن محمممد بممن أبممي بكممر‬
‫وطلحة بن عبد الله بن عبد الرحمممن وهممما يختصمممان إلممى‬
‫ابن الزبير في ميراث أبي عمرو مممولى عائشممة وكممان عبممد‬
‫الله ورث عائشممة دون القاسممم لن أبمماه كممان أخاهمما لبيهمما‬
‫وأمها وكان محمدا أخاها لبيها ثم توفي عبد الله فورثه ابنه‬
‫طلحة ثم توفي أبو عمرو فقضى بممه عبممد اللممه بممن الزبيممر‪-‬‬
‫لطلحة قال فسمعت القاسم بن محمد يقول سممبحان اللممه‬
‫أن الولء ليس بمال موضوع يرثممه مممن ورثممه إنممما المممولى‬
‫عصبة قال البيهقي وروى ابن جريح عن عطاء تمموريث ابممن‬
‫الزبير ابن عبد الله بممن الرحمممن دون القاسممم قممال عطمماء‬
‫فعيب ذلك على ابن الزبير‪-‬هذا ما أورده البيهقي‪ .‬وقد عقد‬
‫سعيد بممن منصممور فممي سممننه بابمما لممذلك فممأخرج فيممه عممن‬
‫إبراهيم النخعي قال قال شريح من ملممك شمميئا حيمماته فهممو‬
‫لورثته من بعممد ممموته وقممال علممي وعبممد اللممه وزيممد الممولء‬
‫للكبر‪ ،‬وأخرج عممن الشممعبي أن عمممر وعليمما وابممن مسممعود‬
‫وزيدا كممانوا يجعلممون الممولء للكممبر وان شممريحا كممان يقممول‬
‫الولء بمنزلة المال يجرى مجرى الميراث وروى محمد بممن‬
‫الحسن صاحب أبممي حنيفممة فممي الصممل عممن يعقمموب عممن‬
‫الحسن بن عمارة عن الحكم عن عمر بن الخطمماب وعلممي‬
‫بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبممي ابممن كعممب وزيممد‬
‫بن ثابت وأبي مسعود النصماري وأسمامة بممن زيمد رضمموان‬
‫الله عليهم أنهم قالوا الولء للكممبر‪ ،‬وروى عممن أبممي حنيفممة‬
‫عن حماد عن إبراهيم مثله قال وهو قول أبي حنيفممة الممذي‬
‫يأخذ به وقول أبي يوسف ومحمد ثم روى عن يعقوب عممن‬
‫العمش عن إبراهيممم عممن شممريح أنممه قممال الممولء بمنزلممة‬
‫المممال قممال وليممس يأخممذ بهممذا أبممو حنيفممة ول أبممو يوسممف‬
‫ومحمد‪.‬‬
‫)فائدة( قولهم الولء للكممبر هممو بضممم الكمماف وسممكون‬
‫الباء أكبر الجماعة ومعنمماه هنمما القعممد بالنسممب ‪ -‬كممذا فممي‬
‫صحاح الجوهري ونهايممة ابممن الثيممر وذكممره الزركشممي فممي‬
‫شرح الجعبرية وزاد وليس المراد به الكبر في السن وقال‬
‫الخممبري فمي التلخيممص معنممى قممولهم الممولء للكممبر أي هممو‬
‫لقرب عصبات المولى يوم يموت العبد‪ .‬مدرك آخر ‪ :‬قممال‬
‫‪244‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السبكي الصحاب كلهم مصرحون الشيخ أبو حامممد وغيممره‬
‫بأن الولء ل ينتقل ثم قال قد تقرر أن الولء ل يورث ولكن‬
‫هل نقول أنه بنفس العتق ثبت للمعتممق وجميممع عصممباته أو‬
‫ثبت للمعتق فقط وبعده يثبت لعصباته ل علممى جهممة الرث‬
‫بل جهة أن ثبوته لهم كان بعد موت المعتق يخرج من كلم‬
‫الصحاب فيه وجهان والصحيح وظاهر الحديث فممي إلحمماق‬
‫المولء بالنسمب أنمه بنفمس العتمق ثبمت للجميمع فمي حيماة‬
‫المعتق قال ول شك أن كونه عتيقا للسيد يثبت نسممبه بينممه‬
‫وبين عصبته حسا فأنا نقول عتيق ابن عم فلن ونحو ذلممك‪،‬‬
‫وأما ثبوت هذه النسبة شرعا فالحممديث يقتضمميها وتوقيفهمما‬
‫على موت المعتق بعيد وأن أمكن القول به‪ ،‬ثم خرج علممى‬
‫ذلك مسألة ما لو أعتممق كممافر عبممدا مسمملما وللمعتممق ابممن‬
‫مسلم ثم مات العتيق في حياة المعتممق فممان مممبراثه لبممن‬
‫المعتق المسلم على الرجممح ل لممبيت المممال بنمماء علممى أن‬
‫الولء يثبت للعصبة فممي حيمماة المعتممق ومقممابله رأي أنممه ل‬
‫يثبت لهم في حياته والمعتق قام به مانع الكفر فانتقل إرثه‬
‫لبيت المال‪ ،‬ويوافق الول قول الرافعي في الوصممايا فيممما‬
‫إذا اعتق مريض عبدا ثم قتله السيد أنه ل يرث السمميد مممن‬
‫ديته لنه قاتل بل أن كان له وارث أقرب مممن سمميده فهممي‬
‫له وإل فلقرب عصبات السيد انتهى‪ .‬إذا تقرر ذلك نشأ من‬
‫هاتين القاعدتين أعني كونه ل ينتقض وكونه يثبممت للعصممبة‬
‫في حياة المعتق أن عصممبة العصممبة ل يرثممون شمميئا لنممه ل‬
‫سبيل إلى إثباته لمن هو أجنبي من المعتق في حال حيمماته‬
‫ول سبيل الى نقله فنشأ من ذلك أنهم ل يرثون منممه شمميئا‪.‬‬
‫عود إلى بممدء فممي نقممول أخممرى مصممرحة مممن كتممب سممائر‬
‫المذاهب‪ :‬قال الخبري من أصحابنا في كتاب التلخيص فممي‬
‫الفرائض إذا مات المولى قبل عبده لممم ينتقممل الممولء إلممى‬
‫عصبته لن الولء كالنسب ل يباع ول يوهب ول يورث وقال‬
‫شممريح وأحمممد هممو ممموروث كممما يممورث المممال وعممن ابممن‬
‫مسعود نحوه والول أصح عنه ثم قال امممرأة أعتقممت عبممدا‬
‫ثم ماتت فتركت ابنا وأخا ثم مات العبد فماله لبممن مممولته‬
‫فان ترك ابنها أباه أو عمه أو ابن عمممه فممأخو المممرأة أحممق‬
‫من عصبة ابنها في قول الجمهور‪ ،‬وعن عمر وعلي وشريح‬
‫‪245‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسعيد بن المسيب والحسن وأحمد بن حنبممل عصممبة ابنهمما‬
‫أولى وهو قياس قول عبد الله وكذلك أن مات أخو المممرأة‬
‫وخلف ابنا فهو أولى من عصبة البن‪ ،‬وعلممى القممول الخممر‬
‫عصبة البن أولى انتهممى‪ ،‬وهممذا مثممل ممما تقممدم فممي عبممارة‬
‫الماوردي وتلك أصرح حيث صرح بممان القممول الثمماني قممول‬
‫من جعل الولء موروثمما‪ ،‬وفممي الصممل لمحمممد بممن الحسممن‬
‫صاحب أبي حنيفممة ممما نصممه وإذا أعتقممت المممرأة عبممدا ثممم‬
‫ماتت وتركت ابنها وأخاها ثم مات ابنها وترك أخاه لبيه ثممم‬
‫مات العبد المعتق فان ميراثه لخي المرأة ول يكون لخممي‬
‫ابنها من ميراثه شيء وكذلك لو كان لبنها ابنة لم ترث من‬
‫ميراث المولى شيئا هذا نصه بحروفه وهو أصرح مما تقدم‬
‫في عبممارة المحيممط والمبسمموط‪ ،‬وفممي المدونممة فممي عقممد‬
‫موالي المرأة وميراثهممم وجممر الممولء ونقلممه وعقممل ممموالي‬
‫المرأة علممى قومهمما وميراثهممم لهمما وان ممماتت هممي لولممدها‬
‫الذكور فان لم يكن لها ولممد فممذلك لممذكور ولممد ولممدها دون‬
‫الناث وينتمي مولها إلى قومها كما كانت هممي تنتمممي وإذا‬
‫انقرض ولممدها وولممد ولممدها رجممع ميممراث مواليهمما لعصممبتها‬
‫الذين هم أقعد بهمما يمموم يممموت المممولى دون عصممبة الولممد‬
‫وقاله عدد من الصحابة والتابعين‪ ،‬وفي كتاب الرابممض فممي‬
‫خلصة الفرائض تأليف أبي محمد عبد الله بن أبي بكر بممن‬
‫يحيى بن عبد السلم المالكي ممما نصممه‪ :‬كممل امممرأة تركممت‬
‫موالي فميراثهم كميراث مولى الرجل إل في معنممى واحممد‬
‫يرثهممم بنوهمما وبنممو بنيهمما وان سممفلوا فممإذا انقرضمموا رجممع‬
‫الميراث بممالولء إلممى عصممبة الم دون عصممبة الممولء إل أن‬
‫يكون بنوها من عصبتها فتكمون عصممبتهم مممن عصمبتها مممن‬
‫قاله ابن القاسممم‪ ،‬وفممي المغنممي لبممن قدامممة الحنبلممي ممما‬
‫نصه‪ :‬لو أن المعتقة مات ابنهمما بعممدها وقبممل مولهمما وتممرك‬
‫عصبة كأعمممامه وبنممي أعمممامه ثممم مممات العبممد وتممرك أخمما‬
‫مولته وعصبة أبيها يصيرانه لخي مولته لنه أقرب عصممبة‬
‫المعتممق فممأن المممرأة لممو كممانت هممي الميتممة لورثهمما أخوهمما‬
‫وعصبتها فأن انقرض عصبتها كان بيت المال أحممق بممه مممن‬
‫عصبة ابنها‪ ،‬يروى نحو هممذا عممن علممي وبممه قممال أبممان ابممن‬
‫عثمممان وقبيصممة بممن ذؤيممب وعطمماء وطمماووس والزهممري‬
‫‪246‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقتادة ومالك والشممافعي وأهممل العممراق‪ ،‬وروى عممن علممي‬
‫رواية أخرى أنمه لعصمبة البمن‪ ،‬وروى نحممو ذلمك عممن عمممر‬
‫وابن عباس وسعيد بن المسيب وبه قال شريح‪ ،‬وهذا يرجع‬
‫إلى أن الولء يورث كما يورث المال‪ ،‬وقد روى عممن أحمممد‬
‫نحو هذا واحتجوا بأن عمرو بن شممعيب روى عممن أبيممه عممن‬
‫جده أن ريان بن حذيفممة تممزوج امممرأة فولممدت ثلثممة غلمممة‬
‫فممماتت أمهممم فورثمموا عنهمما ولء مواليهمما وكممان عمممرو بممن‬
‫العاص عصبة بنيها فأخرجهم إلى الشام فماتوا فقدم عمرو‬
‫بن العاص ومات مولها وترك مال فخاصمتهم اخوتهمما إلممى‬
‫عمر فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ما أحرز‬
‫الوالد والولد فهمو لعصممبته مممن كمان( وكتمب لممه كتابما فيمه‬
‫شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيممد ابممن ثممابت ورجممل آخممر‬
‫قال فنحن فيه إلى الساعة ‪ -‬رواه أبو داود وابن ماجمة فمي‬
‫سننهما قال والصحيح الول فممان الممولء ل يممورث علممى ممما‬
‫ذكرنا من قبل وإنما يورث بممه وهممو بمماق للمعتممق يممرث بممه‬
‫اقرب عصباته ومن لم يكممن مممن عصممباته لممم يممرث شمميء‬
‫وعصبات البممن غيممر عصممبات أمممه فل يممرث الجممانب منهمما‬
‫بولئها دون عصباتها وحديث عمممرو بممن شممعيب غلممط قممال‬
‫حميد الناس يغلطون عمر بن شعيب في هذا الخممبر فعلممى‬
‫هذا ل يرث المولى العممتيق مممن ممموالي معتقممه إل عصممباته‬
‫القرب منهم فالقرب على ما ذكرنا فمي ترتيمب العصممبات‬
‫انتهى كلم المغني‪.‬‬

‫باب الوصايا‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل أوصى لرجل بما سيحدثه الله تعالى‬
‫لمتممه مممن الولد ولممه وارث يسممتغرق ثممم تمموفي وقبممل‬
‫الموصى له وعلم الوارث بالوصية ثم أن المموارث المممذكور‬
‫وطئ المة المذكورة فأولدها ولدا فهل يكون الولممد رقيقمما‬
‫أو ينعقد حرا‪ ،‬وإذا انعقد حرا هل تلزمه القيمة أو ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذه المسألة لم أرها منقولة لكن مقتضى ما‬
‫ذكره الصحاب في صورة نظيرها أن الولد ينعقد حممرا وأن‬
‫عليه قيمته للموصى له‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬رجل مات وأوصى جماعة وجعممل زوجتممه أحممد‬
‫الوصياء وأوصى لهم بمبلغ فادعى مدع أنه ل يجوز لزوجته‬
‫أن تأخذ نظير ما أوصى به للوصياء لنها وارثة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما أصممل الوصممية للمموارث فل يطلممق القممول‬
‫بإبطالهمما بممل هممي موقوفممة علممى إجممازة الورثممة وأممما هممذه‬
‫المسألة بخصوصممها فالممذي يظهممر فيهمما اسممتحقاق الزوجممة‬
‫نظير ما يأخذه أحد الوصياء لنه ليس تبرعا محضا بل شبه‬
‫الجرة أو الجعالة للدخول في الوصايا وما يترتب عليها من‬
‫الخطار والنظر والقيام بحال الولد والمور الموصممى بهمما‪-‬‬
‫هذا ما ظهر لي‪ ،‬وقد رفع السؤال إلى الشمميخ فخممر الممدين‬
‫المقسي ووافقني على ما أفتيت بممه‪ ،‬وإلممى الشمميخ سممراج‬
‫الدين العبادي فخالف وأجاب بوقممف نصمميب الزوجممة جريمما‬
‫على القاعدة ولم يظهر لي موافقته‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل له مسمماطير علممى غرممماء مممن عشممرين‬
‫سنة وأكثر وأقل فأوصممى أن مممن أنكممر شمميئا مممما عليممه أو‬
‫ادعى وفاءه يحلف ويترك فهل يعمل بذلك والحال أن فممي‬
‫الورثة أطفال‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم يعمل به خصوصا إذا لم تكن بينممة تشممهد‬
‫بما في المساطير فإنها ل تقوم بها حجة ولممو كممان صمماحب‬
‫الحق حيا فإذا أجماب الممديون أنمه لشميء عليمه ممما فمي‬
‫المسطور قبل ذلك منه وحلف وبريء وأقل أمممور ذلممك إذا‬
‫شهدت بما فممي المسممطور بينممة مقبولممة أن يجعممل وصمميته‬
‫تحسب من الثلث وأما إذا لم تشممهد بممه بينممة فيسممقط مممن‬
‫رأس المال لعدم ثبوته‬
‫مسألة ‪ -‬رجل أسند وصية لقوام متعممددة بصمميغة تممدل‬
‫علممى اجتممماعهم وهممو قمموله أسممندت وصمميتي لفلن ولفلن‬
‫ولفلن فرد جماعة منهم الوصية فهل يتصممرف البمماقون أم‬
‫لبد من إقامة واحد عن الذي رد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إذا صرح باجتماع الوصياء علممى التصممرف أو‬
‫أطلق لم يجز للباقين النفراد بالتصرف بل ينصممب الحمماكم‬
‫بدل عمن رد يتصرف معهم لكن هذه الصيغة المذكورة في‬
‫السممؤال عنممدي فممي دللتهمما علممى الجتممماع نظممر بممل هممي‬
‫ظاهرة في استقلل كل واحد من أجل إعادة الجار في كل‬
‫‪248‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أسم فلممو حممذف الجممار مممما بعممد الول فقممال لفلن وفلن‬
‫وفلن كانت صورة الطلق‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قول المنهاج وغيممره ولممو أوصممى لجيرانممه‬
‫فلربعين دارا من كممل جممانب هممل الجمموانب منحصممرة فممي‬
‫أربعة جوانب حتى ل تكون الدور أكثر من مائة وستين دارا‬
‫أو تكون الجوانب أكثر من أربعممة بممأن تكممون دار الموصممى‬
‫مسدسة أو مثمنة أو مدورة وهممي محفوفممة بممدور تلصممقها‬
‫ثمانية أو عشرة وكل دار تلصقها دار بعممد دار إلممى أربعيممن‬
‫فالدور الملصقة لدار الموصى هل كلها جيران سواء كانت‬
‫أربعين دارا أو أكممثر أم ل وإذا كممانت كلهمما جيرانمما فهممل ممما‬
‫يلصق كل دار إلى أربعين دارا جيران للموصى حتى يكممون‬
‫جيرانمه فيمما إذا كمان تلصمقه عشمر دور ويلصمق كمل دار‬
‫أربعون دارا أربعمائة دار وإذا كان أكممثر مممن ذلممك بحسممابه‬
‫إلى ما ل نهاية له وهل في ذلك خلف بين الصحاب أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬كلم الصحاب في الجوانب الربعة أخذا مممن‬
‫الحديث الوارد في ذلممك محمممول علممى الغممالب فلممو كممانت‬
‫الدار على غير التربيع اعتبر ذلك من جميممع جوانبهمما وتزيممد‬
‫العممدة علممى مممائة وسممتين كممما يفهممم مممن كلمهممم وكممون‬
‫الجيران في الوصية محمولين على الربعين من كل جممانب‬
‫هو الراجح والمسألة فيهمما عشممرة أوجممه حكاهمما الزركشممي‬
‫في التكملة‬

‫}كتاب النكاح{‬
‫مسألة ‪ -‬رجل خطب امرأة ثم رغبت عنه هي أو وليها‬
‫فهل يرتفع التحريم عمن يريد خطبتهمما وهممل الخطبممة عقممد‬
‫شرعي وهل هو عقد جائز من الجانبين أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يرتفع تحريم الخطبة على الغير بالرغبة عنممه‬
‫فيما يظهر وأن لم يتعرضوا له وإنما تعرضوا لما إذا سممكتوا‬
‫أو رغب الخاطب‪ ،‬والظاهر أن الخطبة ليس بعقد شممرعي‪،‬‬
‫وإن تخيل كونها عقدا فليمس بلزم بمل جمائز ممن الجمانبين‬
‫قطعا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬امرأة حضرت إلى شاهدين ومعها صداقها وبه‬
‫فصل طلق بذيله رسم شهادة شاهدين مؤرخ بمدة يمكممن‬
‫‪249‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫انقضاء عدتها وسممئلت عممن ذلممك فممأخبرت بانقضمماء عممدتها‬
‫وحلفمت عليهمما وعلممى خلوهمما مممن كمل ممانع شمرعي فهمل‬
‫للحاكم أن يزوجها بمجممرد ذلممك أم ل بممد مممن إقامممة البينممة‬
‫على الطلق المذكور‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬في الشرح والروضة عن فتاوى البغوي أنه ل‬
‫بد من إقامة البينة وفي أدب القضاء للزبيلي التفصيل بيممن‬
‫الغريبة التي زوجها غائب وبين البلدية التي زوجهمما حاضممر‪،‬‬
‫وفي توثيق الحكام لبن العماد أن الصحيح أنه ل يحتاج إلى‬
‫إقامة البينة مطلقا وضعف قول البغوي والزبيلي‪ ،‬والراجممح‬
‫عندي مقالة البغوي وقد سكت عليها الشيخان ولم يتعقباها‬
‫بنكير‪.‬‬

‫}كتاب الصداق{‬
‫مسألة ‪ -‬رجل تممزوج بكممرا بالغممة فنممذرت أن ل تطممالبه‬
‫بنفسها ول بوكيلها ببقية حال صداقها عليممه ممما دامممت فممي‬
‫عصمته وذلك بحضور والدها واعترافه بجواز الشهاد عليهمما‬
‫وحكم بموجب ذلك حاكم شافعي فهل هممذا نممذر تممبرر أول‪،‬‬
‫وهل النذر يصح من المسلم المكلف أو ل بد أن يكون حائز‬
‫التصرف‪ ،‬وهل لها أن ترجممع عممن هممذا النممذر وتطممالبه قبممل‬
‫الطلق‪ ،‬وهل اعتراف والممدها بجممواز الشممهاد عليهمما قرينممة‬
‫على رشدها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إنما يصممح النممذر المممالي مممن جمائز التصممرف‬
‫فان كانت الزوجة البالغة رشيدة صح منها هذا النممذر وكممان‬
‫نذر تبرر وليس لها الرجوع عنه ول المطالبة ولو لممم يحكممم‬
‫به حاكم‪ ،‬وإن لم تكن رشيدة لممم يصممح ذلممك منهمما ول مممن‬
‫الولي لنه ل يجوز له العفو عن الصداق على الجديد‪ ،‬وأممما‬
‫هممل اعممتراف والممدها بجممواز الشممهاد عليهمما قرينممة رشممدها‬
‫فالذي يظهر خلفه وأنه ل بد من ثبوت رشممدها وهممو كممونه‬
‫مصلحة لدينها ومالها بطريقة الشرعي‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيما إذا أصدقها صداقا مسمى على أنهمما بكممر‬
‫ثم وطئها وادعت أنه أزال بكارتها بوطئه واعممترف هممو أنممه‬
‫وطئها فوجدها ثيبا فهل تستحق المسمممى لحصممول المموطء‬
‫أو مهر مثل ثيب لنه لم يسممتمتع إل بممثيب وهممل هممذه هممي‬
‫‪250‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المسممتثناة مممن قممولهم القممول قممول نممافي المموطء إل فممي‬
‫مسائل منها إذا تزوجهمما بشممرط البكممارة وادعممت أنممه أزال‬
‫بكارتها فالقول قولها لدفع الفسخ وقوله لدفع كمال المهممر‬
‫أم ل لن الواقعمممة الممممذكورة فيهمممما اعمممتراف بمممالوطء‬
‫والمستثناة من كلمهم ليس فيها ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬عبارة الروضة ولو قالت كنت بكرا فافتضممني‬
‫فأنكر فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ وقوله بيمينه لممدفع‬
‫كمال المهر فقوله فأنكر صادق بصممورتين أن ينكممر المموطء‬
‫بالكلية وأن ينكر الفتضاض الذي هو إزالة البكارة فقط مع‬
‫اعترافه بوقوع المموطء فعلممى هممذا تسممتوي الصممورتان فممي‬
‫الحكم وهو تصديقه فيما يتعلمق بممالمهر فقمط‪ ،‬ويحتممل أن‬
‫يكون المموطء قرينممة لتصممديقها فيكممون القممول قولهمما لكممن‬
‫الول هو الشبه الجاري على القواعد‪ ،‬وأممما قممولهم القممول‬
‫قول نافي الوطء إل في مسائل منها كذا إلممى آخممره فهممذه‬
‫عبممارة أصممحاب الشممباه والنظممائر وإنممما اقتصممروا علممى‬
‫الصورة التي فيها نفممي المموطء لنهمما المقصممودة بالسممتثناء‬
‫الذي هو موضوع كتبهم‪.‬‬

‫باب الوليمة‬
‫مسألة ‪ -‬تقبيل الخبز هل هو بدعة أم ل وإذا كان بدعممة‬
‫هممل يكممون حراممما أم ل وقمد قمال ابمن النحمماس فمي تنممبيه‬
‫الغافلين ومنها ‪ -‬أي من البدع ‪ -‬تقبيممل الخممبز وهممو بدعممة ل‬
‫تجوز وقد أفتى جماعة أنه يجوز دوسه ول يجوز بوسه لكن‬
‫دوسه خلف الولى وربما كرهممه بعضممهم وأممما بوسممه فهممو‬
‫بدعة وارتكاب البدع ل يجوز وانظر إلممى قممول عمممر رضممي‬
‫الله عنه في الحجر السود إني لعلم أنك ل تضممر ول تنفممع‬
‫ولول أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما‬
‫قبلتك‪ ،‬هذا وهو الحجر السود الذي همو ممن يماقوت الجنممة‬
‫وهو يمين الله في الرض يصممافح بهمما خلقممه كممما ورد فممي‬
‫الحديث فكيف يجمموز تقبيممل الخممبز‪ ،‬لكممن يسممتحب إكرامممه‬
‫ورفعه من تحت القدام من غير تقبيل وقد ورد في إكممرام‬
‫الخبز أحاديث ل أعلممم فيهمما شمميئا صممحيحا ول حسممنا ‪ -‬هممذا‬
‫نصه بحروفه فهل ما قاله هو الصحيح المعتمد أم ل‬
‫‪251‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬أما كون تقبيل الخبز بدعممة فصممحيح ولكممن ل‬
‫تنحصر في الحممرام بممل تنقسممم إلممى الحكممام الخمسممة ول‬
‫شك أنه ل يمكن الحكممم علممى هممذا بممالتحريم لنممه ل دليممل‬
‫على تحريممه ول بالكراهمة لن المكمروه مما ورد فيمه نهمي‬
‫خاص ولم يرد في ذلك نهي‪ ،‬والذي يظهر أن هذا من البدع‬
‫المباحة فان قصد بذلك إكرامه لجل الحاديث الواردة فممي‬
‫إكرامه فحسن ودوسممه مكممروه كراهممة شممديدة بممل مجممرد‬
‫إلقائه في الرض مممن غيممر دوس مكممروه لحممديث ورد فممي‬
‫ذلك‪.‬‬

‫حسن المقصد في عمل المولد‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وبعد فقد‬
‫وقع السؤال عن عمل المولد النبوي فممي شممهر ربيممع الول‬
‫ما حكمه من حيث الشرع وهل هو محمود أو مذموم وهممل‬
‫يثاب فاعله أو ل‪.‬‬
‫الجواب‪-‬عندي أن أصل عمل المولد الممذي هممو اجتممماع‬
‫الناس وقراءة ما تيسر من القرآن وروايممة الخبممار الممواردة‬
‫في مبدأ أمر النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم وممما وقممع فممي‬
‫مولده من اليات ثم يمد لهممم سممماط يممأكلونه وينصممرفون‬
‫من غير زيادة على ذلك هو من البممدع >ص الحسممنة الممتي‬
‫يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وإظهار الفممرح والستبشممار بمولممده الشممريف‪،‬‬
‫وأول من أحدث فعل ذلك صاحب اربل الملك المظفر أبممو‬
‫سعيد كوكبرى بن زين الدين علي بن بكتكين أحممد الملمموك‬
‫المجاد والكبراء الجواد وكان له آثار حسنة وهو الذي عمر‬
‫الجامع المظفري بسفح قاسيون قال ابن كثير في تاريخه‪:‬‬
‫كممان يعمممل المولممد الشممريف فممي ربيممع الول ويحتفممل بممه‬
‫احتفال هائل وكممان شممهما شممجاعا بطل عمماقل عالممما عممادل‬
‫رحمه الله وأكممرم مثممواه‪ ،‬قممال وقممد صممنف لممه الشمميخ أبممو‬
‫الخطاب بن دحية مجلدا في المولد النبوي سممماه )التنمموير‬
‫في مولد البشير النذير( فأجازه على ذلك بألف دينار‪ ،‬وقممد‬
‫طالت مدته في الملك إلى أن مممات وهممو محاصممر للفرنممج‬
‫‪252‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بمدينة عكا سنة ثلثين وستمائة محمود السيرة والسريرة‪،‬‬
‫وقال سبط بن الجوزي في مرآة الزمن‪ :‬حكممى بعممض مممن‬
‫حضر سماط المظفر في بعض الموالممد أنممه عممد فممي ذلممك‬
‫السممماط خمسممة آلف رأس غنممم شمموي وعشممرة آلف‬
‫دجاجة ومائة فرس ومائة ألممف زبديممة وثلثيممن ألممف صممحن‬
‫حلوى‪ ،‬قال وكان يحضر عنممده فممي المولممد أعيممان العلممماء‬
‫والصوفية فيخلع عليهم ويطلق لهم ويعمل للصوفية سماعا‬
‫من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهممم وكممان يصممرف‬
‫على المولد في كل سنة ثلث مائة ألممف دينممار وكممانت لممه‬
‫دار ضمميافة للوافممدين مممن أي جهممة علممى أي صممفة فكممان‬
‫يصرف على هذه الدار في كل سنة مائة ألممف دينممار وكممان‬
‫يستفك من الفرنج في كل سنة أساري بمممائتي ألممف دينممار‬
‫وكان يصرف على الحرمين والمياه بدرب الحجاز فممي كممل‬
‫سنة ثلثين ألف دينار هذا كله سوى صدقات السر‪ ،‬وحكممت‬
‫زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب أخممت الملممك الناصممر صمملح‬
‫الدين أن قميصه كان من كرباس غليممظ ل يسمماوي خمسممة‬
‫دراهم قالت فعمماتبته فممي ذلممك فقممال لبسممي ثوبمما بخمسممة‬
‫وأتصدق بالباقي خير من أن ألبس ثوبمما مثمنمما وأدع الفقيممر‬
‫والمسممكين‪ ،‬وقممال ابممن خلكممان فممي ترجمممة الحممافظ أبممي‬
‫الخطمماب بممن دحيممة‪ :‬كممان مممن أعيممان العلممماء ومشمماهير‬
‫الفضلء قدم من المغممرب فممدخل الشممام والعممراق واجتمماز‬
‫بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين‬
‫بن زين الدين يعتني >ص بالمولد النبوي فعمممل لممه كتمماب‬
‫التنوير في مولد البشير النذير وقرأه عليممه بنفسممه فأجممازه‬
‫بمألف دينمار قمال وقمد سممعناه علمى السملطان فمي سمتة‬
‫مجالس في سمنة خممس وعشممرين وسمتمائة انتهمى‪ .‬وقمد‬
‫ادعى الشيخ تاج الدين عمر بممن علممي اللخمممي السممكندري‬
‫المشهور بالفاكهاني من متأخري المالكية أن عممل المولمد‬
‫بدعة مذمومة وألف في ذلك كتابا سماه المورد في الكلم‬
‫على عمل المولد‪ ،‬وأنا أسوقه هنا برمته وأتكلم عليه حرفمما‬
‫حرفا؛ قال رحمه الله‪ :‬الحمد لله الممذي هممدانا ل تبمماع سمميد‬
‫المرسلين وأيدنا بالهداية إلى دعائم الدين ويسر لنا اقتفمماء‬
‫أثر السلف الصالحين حتى امتلت قلوبنا بأنوار علم الشرع‬
‫‪253‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقواطع الحق المبين وطهر سممرائرنا مممن حممدث الحمموادث‬
‫والبتداع في الدين أحمده على ما من به من أنمموار اليقيممن‬
‫وأشكره على ما أسداه من التمسك بالحبل المتين وأشممهد‬
‫أن ل إلممه إل اللممه وحممده ل شممريك لممه وأن محمممدا عبممده‬
‫ورسوله سيد الولين والخرين صلى اللمه عليمه وعلمى آلمه‬
‫وأصحابه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين صمملة دائمممة‬
‫إلممى يمموم الممدين‪ .‬أممما بعممد فممإنه تكممرر سممؤال جماعممة مممن‬
‫المباركين عن الجتماع الذي يعمله بعض الناس فممي شممهر‬
‫ربيع الول ويسمونه المولد أصل فممي الشممرع أو هممو بدعممة‬
‫وحدث في الدين وقصدوا الجواب عن ذلك مبينمما واليضمماح‬
‫عنه معينا فقلت وبالله التوفيق ‪:‬ل أعلم لهذا المولد هل لممه‬
‫أصل في كتاب ول سنة و ل ينقل عمله عن أحد من علممماء‬
‫المممة الممذين هممم القممدوة فممي الممدين المتمسممكون بآثممار‬
‫المتقدمين بممل هممو بدعممة أحممدثها البطممالون وشممهوة نفممس‬
‫اعتني بها الكالون بدليل أنا إذا أدرنا عليه الحكام الخمسة‬
‫قلنا إمما أن يكمون واجبما أو منمدوبا أو مباحما أو مكروهما أو‬
‫محرمممما وليمممس بمممواجب إجماعممما ول منمممدوبا لن حقيقمممة‬
‫المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم علممى تركممه وهممذا لممم‬
‫يأذن فيه الشرع ول فعله الصممحابة ول التممابعون المتممدينون‬
‫فيما علمت وهذا جوابي عنه بين يممدي اللممه تعممالى إن عنممه‬
‫سئلت ول جائز أن يكون مباحا لن البتداع في الدين ليممس‬
‫مباحا بإجماع المسلمين فلممم يبممق إل أن يكممون مكروهمما أو‬
‫حراما وحينئذ يكون الكلم فيه فممي فصمملين والتفرقممة بيممن‬
‫حالين أحدهما أن يعمله رجل من عين ماله لهله وأصممحابه‬
‫وعياله ل يجاوزون في ذلك الجتماع على أكل الطعممام و ل‬
‫يقترفون شميئا ممن الثمام وهمذا المذي وصمفناه بمأنه بدعمة‬
‫مكروهة وشناعة إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة‬
‫الذين هم فقهاء السلم وعلماء النام سرج الزمنممة وزيممن‬
‫المكنة‪ ،‬والثاني أن تدخله الجناية وتقمموى بممه العنايممة حممتى‬
‫يعطي أحدهم الشيء ونفسمه تتبعمه وقلبممه يمؤلمه ويمموجعه‬
‫لما يجد من ألم الحيف وقد قال العلماء أخذ المممال بالجمماه‬
‫كأخذه بالسمميف ل سمميما أن انضمماف إلممى ذلممك شمميء مممن‬
‫الغنمماء مممع البطممون الملى بممآلت الباطممل مممن الممدفوف‬
‫‪254‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والشممبابات واجتممماع الرجممال مممع الشممباب المممرد والنسمماء‬
‫الفاتنات إما مختلطات بهن أو مشممرفات والرقممص بممالتثني‬
‫والنعطاف والسممتغراق فممي اللهممو ونسمميان يمموم المخمماف‬
‫وكذلك النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن‬
‫بالتهنيك والتطريب في النشاد والخروج في التلوة والذكر‬
‫المشروع والمر المعتاد غافلت عن قمموله تعممالى)إن ربممك‬
‫لبالمرصمماد( وهممذا الممذي ل يختلممف فممي تحريمممه اثنممان ول‬
‫يستحسنه ذوو المممروءة الفتيممان وإنممما يحلممو ذلممك لنفمموس‬
‫موتى القلوب وغير المستقلين من الثام والذنوب وأزيممدك‬
‫أنهم يرونه من العبادات ل من المور المنكرات المحرمات‬
‫فإنا لله وإنا إليه راجعون بدأ السلم غريبا وسيعود كما بممدا‬
‫ولله در شيخنا القشيري حيث يقول فما أجازناه‪:‬‬
‫قد عرف المنكر واستنكر المعروف في أيامنا الصعبة‬
‫وصار أهل العلم في وهدة * وصار أهل الجهل في رتبة‬
‫جازوا عن الحق فما للذي * ساروا به فيما مضى نسبة‬
‫فقلت للبرار أهل التقي * والدين لما اشتدت الكربة‬
‫ل تنكروا أحوالكم قد أتت * نوبتكم في زمن الغربة‬
‫ولقد أحسن المام أبو عمرو بن العلء حيث يقول ل يممزال‪:‬‬
‫الناس بخير ما تعجب من العجب‪ ،‬هذا مع أن الشممهر الممذي‬
‫ولد فيه صلى الله عليممه وسممام وهممو ربيممع الول هممو بعينممه‬
‫الشهر الذي توفي فيه فليس الفرح فيه بأولى مممن الحممزن‬
‫فيه‪ .‬وهذا ما علينا أن نقول ومن اللممه تعممالى نرجممو حسممن‬
‫القبول‪.‬‬
‫هممذا جميممع ممما أورده الفاكهمماني فممي كتممابه المممذكور‪،‬‬
‫وأقول‪ :‬أما قوله ل أعلم لهمذا المولمد أصمل فمي كتماب و ل‬
‫سنة فيقال عليه نفي العلم ل يلزم منه نفممي الوجممود‪ ،‬وقممد‬
‫استخرج له إمام الحفاظ أبممو الفضممل بممن حجممر أصممل مممن‬
‫السنة واستخرجت له أنا أصل ثانيا وسيأتي ذكرها بعد هممذا‪،‬‬
‫وقوله بل هو بدعة أحدثها البطالون إلممى قمموله ول العلممماء‬
‫المتدينون يقال عليه قد تقدم أنه أحممدثه ملممك عممادل عممالم‬
‫وقصد به التقرب إلى الله تعالى وحضر عنده فيممه العلممماء‬
‫والصلحاء من غير نكير منهم وارتضاه ابن دحية وصنف لممه‬
‫من أجله كتابا فهؤلء علممماء متممدينون رضمموه وأقممروه ولممم‬
‫‪255‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ينكروه‪ ،‬وقمموله ول منممدوبا لن حقيقممة المنممدوب ممما طلبممه‬
‫الشممرع يقممال عليممه إن الطلممب فممي المنممدوب تممارة يكممون‬
‫بالنص وتارة يكون بالقياس وهذا وإن لم يرد فيه نص ففيه‬
‫القياس علمى الصملين التمي ذكرهمما‪ ،‬وقموله ول جمائز أن‬
‫يكممون مباحمما لن البتممداع فممي الممدين ليممس مباحمما بإجممماع‬
‫المسمملمين كلم غيممر مسمملم لن البدعممة لممم تنحصممر فممي‬
‫الحرام والمكروه بل قد تكون أيضا مباحة ومندوبة وواجبممة‬
‫قممال النممووي فممي التهممذيب السممماء واللغممات البدعممة فممي‬
‫الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهممد رسممول اللممه صمملى‬
‫الله علبه وسلم وهي منقسمة إلممى حسممنة وقبيحممة‪ ،‬وقممال‬
‫الشمميخ عممز الممدين بممن عبممد السمملم فممي القواعممد البدعممة‬
‫منقسمة إلى واجبممة ومحرمممة ومندوبممة ومكروهممة ومباحممة‬
‫قممال والطريممق فممي ذلممك أن تعممرض البدعممة علممى قواعممد‬
‫الشريعة فإذا دخلت في قواعد اليجاب فهي واجبة أو فممي‬
‫قواعد التحريم فهي محرمة أو الندب فمندوبة أو المكممروه‬
‫فمكروهة أو المبمماح فمباحممة‪ ،‬وذكممر لكممل قسممم مممن هممذه‬
‫الخمسة أمثلة إلممى أن قممال وللبممدع المندوبممة أمثلممة‪ :‬منهمما‬
‫إحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد فممي العصممر‬
‫الول ومنهمما التراويممح والكلم فممي دقممائق التصمموف وفممي‬
‫الجدل‪ ،‬ومنها جمممع المحافممل للسممتدلل فممي المسممائل إن‬
‫قصد بذلك وجممه اللممه تعممالى‪ ،‬وروى الممبيهقي بإسممناده فممي‬
‫مناقب الشافعي عن الشافعي قال المحممدثات مممن المممور‬
‫ضربان أحدهما ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو‬
‫إجماعا فهذه البدعة الضللة والثاني ما أحدث من الخيممر ل‬
‫خلف فيه لواحد من هذا‪ ،‬وهذه محدثة غير مذمومممة‪ ،‬وقممد‬
‫قال عمر رضي اللممه عنممه فممي قيممام شممهر رمضممان نعمممت‬
‫البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت فليس فيهمما‬
‫رد لما مضى ‪ -‬هذا آخممر كلم الشممافعي فعممرف بممذلك منممع‬
‫قول الشيخ تاج الدين ول جائز أن يكممون مباحمما إلممى قمموله‬
‫وهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهممة إلممى آخممره لن هممذا‬
‫القسم مما أحدث وليس فيممه مخالفممة لكتمماب ول سممنة ول‬
‫أثر ول إجماع فهي غير مذمومة كممما فممي عبممارة الشممافعي‬
‫وهو من الحسممان الممذي لممم يعهممد فممي العصممر الول فممان‬
‫‪256‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الثام إحسممان فهممو مممن‬
‫البدع المندوبممة كممما فممي عبممارة ابممن عبممد السمملم‪ ،‬وقمموله‬
‫والثمماني إلممى آخممره هممو كلم صممحيح فممي نفسممه غيممر أن‬
‫التحريم فيه إنما جاء من قبل هذه الشممياء المحرمممة الممتي‬
‫ضمت إليه ل من حيث الجتماع ل ظهار شممعار المولممد بممل‬
‫لو وقع مثل هذه المممور فممي الجتممماع لصمملة الجمعممة مثل‬
‫لكانت قبيحة شنيعة و ل يلزم من ذلممك ذم أصممل الجتممماع‬
‫لصلة الجمعة كما هو واضح وقد رأينا بعض هذه المور يقع‬
‫في ليالي من رمضان عند اجتممماع النمماس لصمملة التراويممح‬
‫فهل يتصور ذم الجتماع لجل هذه المور الممتي قرنممت بهمما‬
‫كل بل نقول أصل الجتماع لصلة التراويح سنة وقربة وممما‬
‫ضم إليها من هذه المممور قبيممح شممنيع وكممذلك نقممول أصممل‬
‫الجتماع لظهار شعار المولد مندوب وقربة وممما ضممم إليممه‬
‫من هذه المور مذموم وممنوع‪ ،‬وقوله مع أن الشهر الممذي‬
‫ولد فيه إلى آخره جوابه أن يقال أول أن ولدته صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أعظم النعم علينا ووفاته أعظممم المصممائب لنمما‬
‫والشريعة حثت على إظهار شكر النعم والصممبر والسمملوان‬
‫والكتم عند المصائب وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الممولدة‬
‫وهي إظهار شكر وفممرح بممالمولود و لممم يممأمر عنممد الممموت‬
‫بذبح ول غيره بل نهى عممن النياحممة وإظهممار الجممزع فممدلت‬
‫قواعد الشريعة علممى أنممه يحسممن فممي هممذا الشممهر إظهممار‬
‫الفرح بولدته صلى الله عليه وسلم دون إظهار الحزن فيه‬
‫بوفماته وقمد قمال ابمن رجمب فمي كتماب اللطمائف فمي ذم‬
‫الرافضممة حيممث اتخممذوا يمموم عاشمموراء مأتممما لجممل قتممل‬
‫الحسين لم يأمر الله ول رسوله باتخاذ أيام مصائب النبيمماء‬
‫وموتهم مأتما فكيف ممن هو دونهم‪.‬‬
‫وقد تكلمم الممام أبمو عبمد اللمه ابمن الحماج فمي كتمابه‬
‫المدخل على عمل المولد فأتقن الكلم فيه جممدا‪ ،‬وحاصممله‬
‫مدح ما كان فيه من إظهار شممعار وشممكر‪ ،‬وذم ممما احتمموى‬
‫عليه من محرمات ومنكرات‪ ،‬وأنا أسوق كلمه فصل فصممل‬
‫قال‪) :‬فصل في المولد( ومن جملة ممما أحممدثوه مممن البممدع‬
‫مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وإظهار الشعائر ما‬
‫يفعلونه في شهر ربيع الول من المولممد وقممد احتمموى ذلممك‬
‫‪257‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على بدع ومحرمممات جملممة فمممن ذلممك اسممتعمال المغمماني‬
‫ومعهم آلت الطرب من الطار المصرصممر والشممبابة وغيممر‬
‫ذلك مما جعلوه آلة للسماع ومضوا في ذلمك علممى العمموائد‬
‫الذميمة في كونهم يشغلون أكثر الزمنة الممتي فضمملها اللممه‬
‫تعالى وعظمها ببممدع ومحرمممات ول شممك أن السممماع فممي‬
‫غير هذه الليلة فيه ما فيه فكيف بمه إذا انضمم إلمى فضميلة‬
‫هذا الشهر العظيم الذي فضله الله تعالى وفضلنا فيه بهممذا‬
‫النبي الكريم فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينها وبين هذا‬
‫الشممهر الكريممم الممذي مممن اللممه علينمما فيممه بسمميد الوليممن‬
‫والخرين وكان يجب أن يزاد فيه من العبادة والخير شممكرا‬
‫للمولى على ما أولنا به من هذه النعم العظيمممة وان كممان‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم لممم يممزد فيممه علممى غيممره مممن‬
‫الشهور شيئا من العبادات وما ذاك إل لرحمتممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لمته ورفقه بهم لنه عليه الصلة والسلم كان‬
‫يترك العمل خشية أن يفممرض علممى أمتممه رحمممة منممه بهممم‬
‫لكن أشار عليممه السمملم إلممى فضمميلة هممذا الشممهر العظيممم‬
‫بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يمموم الثنيممن )ذاك يمموم‬
‫ولممدت فيممه( فتشممريف هممذا اليمموم متضمممن لتشممريف هممذا‬
‫الشممهر الممذي ولممد فيممه فينبغممي أن نحممترمه حممق الحممترام‬
‫ونفضله بما فضل الله به الشهر الفاضلة وهذا منهمما لقمموله‬
‫عليه السمملم )أنمما سمميد ولممد آدم ول فخممر‪ ،‬آدم فمممن دونممه‬
‫تحت لوائي( وفضيلة الزمنة والمكنة بما خصها الله به من‬
‫العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن المكنة والزمنة ل‬
‫تشرف لذاتها وإنما يحصل لها التشريف بما خصت بممه مممن‬
‫المعاني فانظر إلى ما خص اللممه بممه هممذا الشممهر الشممريف‬
‫ويوم الثنين أل ترى أن صوم هذا اليمموم فيممه فضممل عظيممم‬
‫لنه صلى الله عليه وسمملم ولممد فيممه فعلممى هممذا ينبغممي إذا‬
‫دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحممترم الحممترام‬
‫اللئق به اتباعا له صلى اللممه عليممه وسمملم فممي كممونه كممان‬
‫يخممص الوقممات الفاضمملة بزيممادة فعممل الممبر فيهمما وكممثرة‬
‫الخيرات أل ترى إلى قول ابن عباس كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أجود الناس بممالخير وكممان أجممود ممما يكممون‬
‫في رمضان فنمتثممل تعظيممم الوقممات الفاضمملة بممما امتثلممه‬
‫‪258‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على قدر استطاعتنا فان قال قائل قد الممتزم عليممه الصمملة‬
‫والسلم في الوقات الفاضلة ما ألتزمه مما قممد علممم ولممم‬
‫يلتزم في هذا الشهر ما ألتزمه في غيره فالجواب أن ذلممك‬
‫لما علم من عمادته الكريمممة انممه يريممد التخفيمف عمن أمتممه‬
‫سيما فيما كان يخصه أل ترى إلى أنممه عليممه السمملم حممرم‬
‫المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة ومع ذلك لممم يشممرع فممي‬
‫قتل صيده ول شجره الجزاء تخفيفا على أمته ورحممة بهمم‬
‫فكان ينظر إلى ما هو من جهته وان كان فاضل فمي نفسمه‬
‫فيممتركه للتخفيممف عنهممم فعلممى هممذا تعظيممم هممذا الشممهر‬
‫الشمممريف إنمممما يكمممون بزيمممادة العممممال الزاكيمممات فيمممه‬
‫والصدقات إلى غير ذلك من القربات فمن عجممز عممن ذلممك‬
‫فأقل أحواله أن يجتنب ما يحرم عليه ويسممكن لممه تعظيممما‬
‫لهذا الشهر الشريف وإن كان ذلك مطلوبا في غيره إل أنه‬
‫في هذا الشهر أكثر احتراما كممما يتأكممد فممي شممهر رمضممان‬
‫وفممي الشممهر الحممرم فيممترك الحممدث فممي الممدين ويجتنممب‬
‫مواضع البدع وممما ل ينبغممي وقممد ارتكممب بعضممهم فممي هممذا‬
‫الزمن ضد هذا المعنى وهو أنه إذا دخل هذا الشهر العظيم‬
‫تسارعوا فيه إلى اللهو وللعب بالدف والشبابة وغيرهما ويا‬
‫ليتهم عملوا المغاني ليس إل بل يزعم بعضممهم انممه يتممأدب‬
‫فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز وينظممرون إلممى مممن هممو‬
‫أكثر معرفة بالتهوك والطرق المبهجة لطرب النفوس وهذا‬
‫فيه وجوه من المفاسد ثم أنهم لم يقتصمروا علمى مما ذكمر‬
‫بممل ضممم بعضممهم إلممى ذلممك المممر الخطممر وهممو أن يكممون‬
‫المغنممي شممابا لطيممف الصممورة حسممن الصمموت والكسمموة‬
‫والهيئة فينشد التغزل ويتكسر فممي صمموته وحركمماته فيفتممن‬
‫بعممض مممن معممه مممن الرجممال والنسمماء فتقممع الفتنممة فممي‬
‫الفريقين ويثور من المفاسد ما ل يحصممى وقممد يممؤول ذلممك‬
‫في الغالب إلى فساد حمال المزوج وحممال الزوجمة ويحصممل‬
‫الفراق والنكد العاجل وتشممتت أمرهممم بعممد جمعهممم وهممذه‬
‫المفاسد مركبة على فعل المولممد إذا عمممل بالسممماع فممإن‬
‫خل منه وعمممل طعاممما فقممط ونمموي بممه المولممد ودعمما إليممه‬
‫الخوان وسلم من كل ما تقدم ذكره فهو بدعة بنفس نيتممه‬
‫فقط لن ذلك زيادة في الممدين وليممس مممن عمممل السمملف‬
‫‪259‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الماضين واتباع السلف أولى ولم ينقل عن أحممد منهممم أنممه‬
‫نوى المولد ونحن تبع فيسعنا ما وسعهم انتهى‪.‬‬
‫وحاصل ما ذكره أنه لم يذم المولممد بممل ذم ممما يحتمموي‬
‫عليه من المحرمات والمنكرات وأول كلمه صريح في أنممه‬
‫ينبغي أن يخص هذا الشهر بزيادة فعل البر وكثرة الخيرات‬
‫والصدقات وغير ذلك مممن وجمموه القربممات وهممذا هممو عمممل‬
‫المولد الذي استحسناه فانه ليس فيه شمميء سمموى قممراءة‬
‫القرآن وإطعام الطعام وذلك خير وبممر وقربممة‪ ،‬وأممما قمموله‬
‫آخرا إنه بدعة فإممما أن يكممون مناقضمما لممما تقممدم أو يحمممل‬
‫على انه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتمماب أو‬
‫يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نيممة المولممد كممما‬
‫أشار إليه بقوله فهو بدعممة بنفممس نيتممه فقممط وبقمموله ولممم‬
‫ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد فظمماهر هممذا الكلم أنممه‬
‫كره أن ينوي به المولد فقط ولم يكره عمل الطعام ودعاء‬
‫الخوان إليه وهذا إذا حقق النظر ل يجتمممع مممع أول كلمممه‬
‫لنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معمه علمى وجمه‬
‫الشكر لله تعالى إذا أوجد فممي هممذا الشممهر الشممريف سمميد‬
‫المرسلين صلى الله عليه وسلم وهذا هو معنى نية المولممد‬
‫فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أول و أما مجممرد فعممل‬
‫البر وما ذكر معه من غير نية أصل فانه ل يكاد يتصممور ولممو‬
‫تصور لم يكن عبادة ول ثواب فيه إذ ل عمل إل بنية ول نيممة‬
‫هنا إل الشكر لله تعالى على ولدة هممذا النمبي الكريمم فمي‬
‫هممذا الشممهر الشممريف وهممذا معنممى نيممة المولممد فهممي نيممة‬
‫مستحسنة بل شك فتأمل‪ ،‬ثم قال ابممن الحمماج ومنهممم مممن‬
‫يفعل المولد ل لمجرد التعظيم ولكن له فضممة عنممد النمماس‬
‫متفرقة كممان قممد أعطاهمما فممي بعممض الفممراح أو المواسممم‬
‫ويريد أن يستردها ويستحي أن يطلبها بذاته فيعمل المولممد‬
‫حتى يكون ذلك سببا لخذ ما اجتمع له عند الناس هذا فيممه‬
‫وجوه من المفاسد منها أنه يتصممف بصممفة النفمماق وهممو أن‬
‫يظهر خلف ما يبطن إذ ظاهر حاله أنه عمل المولد يبتغممي‬
‫به الدار الخرة وباطنه أنه يجمع به فضة‪ ،‬ومنهم من يعممل‬
‫المولممد لجممل جمممع الممدراهم أو طلممب ثنمماء النمماس عليممه‬
‫ومساعدتهم له وهذا أيضما فيمه ممن المفاسمد مما ل يخفمى‬
‫‪260‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫انتهى‪ ،‬وهذا أيضا من نمط ما تقدم ذكره وهو أن الذم فيممه‬
‫إنما حصل من عدم النية الصالحة ل من أصل عمل المولد‪.‬‬
‫وقد سئل شيخ السلم حممافظ العصممر أبممو الفضممل بممن‬
‫حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه‪ :‬أصل عمممل المولممد‬
‫بدعة لم تنقل عن أحممد مممن السمملف الصممالح مممن القممرون‬
‫الثلثة ولكنها مع ذلك قممد اشممتملت علممى محاسممن وضممدها‬
‫فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضممدها كممان بدعممة‬
‫حسنة وإل فل قال وقد ظهر لي تخريجها على أصممل ثممابت‬
‫وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قدم المدينة فوجممد اليهممود يصممومون يمموم عاشمموراء‬
‫فسممألهم فقممالوا هممو يمموم أغممرق اللممه فيممه فرعممون ونجممى‬
‫موسى فنحن نصومه شكرا لله تعممالى فيسممتفاد منممه فعممل‬
‫الشكر لله على ما من به في يوم معين مممن إسممداء نعمممة‬
‫أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم مممن كممل سممنة‬
‫والشممكر للممه يحصممل بممأنواع العبممادة كالسممجود والصمميام‬
‫والصدقة والتلوة وأي نعمة أعظم مممن النعمممة بممبروز هممذا‬
‫النبي نبي الرحمة فممي ذلممك اليمموم وعلممى هممذا فينبغممي أن‬
‫يتحممرى اليمموم بعينممه حممتى يطممابق قصممة موسممى فممي يمموم‬
‫عاشوراء ومن لم يلحظ ذلك ل يبالي بعمل المولد فممي أي‬
‫يوم من الشهر بل توسع قوم فنقلوه إلى يمموم مممن السممنة‬
‫وفيه ما فيه ‪ -‬فهذا ما يتعلق بأصل عمله‪ ،‬وأما ما يعمل فيه‬
‫فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر للممه تعممالى مممن‬
‫نحو ما تقدم ذكره من التلوة والطعممام والصممدقة وإنشمماد‬
‫شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركممة للقلمموب إلممى‬
‫فعل الخير والعمل للخرة وأما ممما يتبممع ذلممك مممن السممماع‬
‫واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ممما كممان مممن ذلممك مباحمما‬
‫بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم ل بممأس بإلحمماقه بممه وممما‬
‫كان حراما أو مكروهمما فيمنممع وكممذا ممما كممان خلف الولممى‬
‫انتهى‪ .‬قلت وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخممر وهممو ممما‬
‫أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫عق عممن نفسمه بعممد النبمموة ممع أنممه قمد ورد أن جمده عبممد‬
‫المطلب عق عنه في سممابع ولدتممه والعقيقممة ل تعمماد مممرة‬
‫ثانية فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليممه‬
‫‪261‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم إظهار للشكر على إيجاد اللممه إيمماه رحمممة للعممالمين‬
‫وتشريع لمته كما كان يصلي على نفسممه لممذلك فيسممتحب‬
‫لنا أيضا إظهار الشممكر بمولممده بالجتممماع وإطعممام الطعممام‬
‫ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات‪ ،‬ثممم رأيممت‬
‫إمام القراء الحافظ شمممس الممدين بممن الجممزري قممال فممي‬
‫كتابه المسمى عرف التعريف بالمولد الشريف ما نصه قممد‬
‫رؤى أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له ممما حالممك فقممال‬
‫في النار إل أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمممص مممن بيممن‬
‫أصممبعي ممماء بقممدر هممذا‪ -‬وأشممار لممرأس أصممبعه‪ -‬وأن ذلممك‬
‫بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولدة النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم وبإرضاعها له‪ .‬فإذا كان أبو لهممب الكممافر الممذي نممزل‬
‫القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النممبي صمملى‬
‫اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمممة النممبي‬
‫صلى اله عليمه وسملم يسمر بمولمده ويبممذل مما تصمل إليممه‬
‫قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم لعمري إنممما يكممون‬
‫جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم‪ .‬وقال‬
‫الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي فممي كتممابه‬
‫المسمى مورد الصادي فممي مولممد الهممادي قممد صممح أن أبمما‬
‫لهب يخفف عنه عذاب النار في مثممل يمموم الثنيممن لعتمماقه‬
‫ثويبة سرورا بميلد النبي صلى الله عليه وسلم ثم أنشد‪:‬‬
‫إذا كان هذا كافرا جاء ذمه * وتبت يداه في الجحيم مخلدا‬
‫أتى أنه في يوم الثنين دائما * يخفف عنه للسرور بأحمدا‬
‫فما الظن بالعبد الذي طول عمره * بأحمد مسرورا ومات‬
‫موحدا‬
‫وقال الكمال الدفوي في الطالع السعيد حكى لنمما صمماحبنا‬
‫العدل ناصر الدين محمود ابن العماد أن أبا الطيممب محمممد‬
‫بممن إبراهيممم السممبتي المممالكي نزيممل قمموص أحممد العلممماء‬
‫العاملين كان يجوز بالمكتب في اليوم الذي فيه ولممد النممبي‬
‫صلى اللممه عليممه وسمملم فيقممول يمما فقيممه هممذا يمموم سممرور‬
‫اصرف الصممبيان فيصممرفنا‪ ،‬وهممذا منممه دليممل علممى تقريممره‬
‫وعدم إنكاره وهذا الرجل كان فقيها مالكيا متفننا في علوم‬
‫متورعمما أخممذ عنممه أبممو حيممان وغيممره ومممات سممنة خمممس‬
‫وتسعين وستمائة‪.‬‬
‫‪262‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فائدة( قال ابن الحاج‪ :‬فإن قيل ما الحكمة فممي كممونه‬
‫عليه الصلة والسلم خص مولده الكريم بشممهر ربيممع الول‬
‫ويوم الثنين ولم يكن فممي شممهر رمضممان الممذي أنممزل فيممه‬
‫القرآن وفيه ليلة القدر ول في الشهر الحمرم ول فمي ليلمة‬
‫النصف من شعبان ول في يمموم الجمعممة وليلتهمما‪ .‬فممالجواب‬
‫من أربعة أوجه‪:‬‬
‫الول ما ورد في الحديث من أن الله خلق الشجر يمموم‬
‫الثنيممن وفممي ذلممك تنممبيه عظيممم وهممو أن خلممق القمموات‬
‫والرزاق والفواكه والخيرات التي يمتد به بنممو آدم ويحيممون‬
‫وتطيب بها نفوسهم‪.‬‬
‫الثاني أن في لفظه ربيع إشارة وتفاؤل حسممنا بالنسممبة‬
‫إلى اشتقاقه وقد قال أبو عبد الرحمن الصقلي لكل إنسان‬
‫من أسمه نصيب‪.‬‬
‫الثممالث أن فصممل الربيممع أعممدل الفصممول وأحسممنها‬
‫وشريعته أعدل الشرائع وأسمحها‪.‬‬
‫الرابع أن الحكيممم سممبحانه أراد أن يشممرف بممه الزمممان‬
‫الذي ولد فيه فلو ولدفي الوقات المتقدم ذكرها لكممان قممد‬
‫يتوهم أنه يتشرف بها‪.‬‬

‫باب الخلع‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل قممالت لممه زوجتممه ائت بشمماهد لبممرئك‬
‫وطلقني فأتى لها به فقالت أبرأتك فقال أنممت طممالق ثلثمما‬
‫فقالت له قل إن شاء الله فقال إن شاء الله‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أن كانت تعلم القممدر الممذي لهمما عليممه صممحت‬
‫البراءة وإل لم تصح وأما الطلق فانه نجزه ولم يعلقه على‬
‫الممبراءة فالظمماهر وقمموعه صممحت الممبراءة أم ل و ل ينفعممه‬
‫قوله بعد ذلك إن شاء الله‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل قال لزوجته أن أبرأتني من جميع ما‬
‫يلزمني لك فأنت طالق فأبرأته ثم قال أنت طالق ثممم بعممد‬
‫مضي قدر ثلث درج قال أنت طالق ثلثا فهل تبين بمماللفظ‬
‫الول أو يقع رجعيا وإذا قلتم بعدم البينونة لكون البممراء‪ ،‬ل‬
‫يقبل التعليق فهل تبين بقوله أنت طالق الثانية الذي قالهمما‬

‫‪263‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بعممد البممراء‪ ،‬وهممل يقممع طلقممتين أو يقعمما رجعممتين وتلحقممه‬
‫الطلقة الثالثة‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬إن كممان القممدر المممبرأ منممه معلوممما صممحت‬
‫البراءة ووقع الطلق بائنا ولممم يلحممق شمميء بعممد ذلممك وإن‬
‫كان مجهول لم يصح ولم يقع الطلق المعلق علممى الممبراءة‬
‫ثم قوله بعد أنممت طممالق يقممع بممه طلقممة رجعيممة ثممم تكمممل‬
‫الثلث بقوله بعد أن أنت طالق ثلثا‪ ،‬وقممول السممائل لكممون‬
‫البممراء ل يقبممل التعليممق ليسممت هممذه الصممورة مممن تعليممق‬
‫البراء بل هي من تعليق الطلق على البراء فالبراء معلق‬
‫عليه ل معلق فليفهم والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا قالت الزوجة أن طلقتني فأنت بريممء مممن‬
‫صداقي فهل يقع الطلق رجعيا أم يجب فيه مهر المثل كما‬
‫لو كان العمموض فاسممدا بممأن ذكممر خمممرا أو نحمموه أو ل يقممع‬
‫الطلق حمل على أن تعليق البراء ل يصح أم كيف الحال‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إذا قالت أن طلقتني فأنت بريء من صداقي‬
‫لمم يحصمل البمراء لن تعليقمه باطمل وهمل يقمع رجعيما ول‬
‫شيء أو بائنمما ويلزمهمما مهممر المثممل وجهممان جممزم الرافعممي‬
‫والنووي بالول في الباب الرابممع ممن أبمواب الخلممع وجزمما‬
‫بالثمماني نقل عممن القاضممي حسممين وأقممراه فممي الفممروع‬
‫المنثورة آخر الخلع‪ ،‬وذكر السنوي فممي المهمممات أن الول‬
‫هممو المشممهور فممي المممذهب‪ ،‬واقتصممر عليممه الرافعممي فممي‬
‫الشرح الصغير لكن مال في الكممبير إلممى الثمماني بحثمما وبممه‬
‫أجاب القفال في فتاويه والغزالي وصححه ابن الصلح‪.‬‬
‫مسمألة ‪ -‬رجمل قمال لزوجتمه إن أبرأتنمي ممن صمداقك‬
‫فأنت طالقا فممإذا أبرأتممه فهممل يقممع الطلق بائنمما أو رجعيمما‪،‬‬
‫وهل يشترط أن تبرئ على الفور أول‪ ،‬وهممل يشممترط علممم‬
‫كل منهما بقدر المبرأ منه أو علم الممزوج فقممط‪ ،‬أو الزوجممة‬
‫فقط وإذا رجع الزوج قبل صدور البراء هل يبطل حكمه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الراجح في هذه الصورة وقوعه بائنمما بشممرط‬
‫أن يكون في المجلس كما نبه عليه الزركشي في قواعممده‬
‫وبشرط أن تنوي الزوجة البراءة من المعلق عليه وبشممرط‬
‫أن يكونا عالمين بقدره كما نبه عليهمما الشميخ ولمي المدين‬
‫العراقي في فتاويه‪.‬‬
‫‪264‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫باب الطلق‬
‫مسألة ‪ -‬رجل طلق امرأته واحدة ثم خممرج مممن عنممدها‬
‫فلقيه شخص فقال ما فعلت بزوجتك قال طلقتهمما سممبعين‬
‫فهل يقع عليه الثلث‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم يقع عليه الثلث مؤاخذة بإقراره‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل قممال لزوجتممه الطلق يلزمنممي ثلثمما إن‬
‫آذيتني يكون سبب الفراق بيني وبينك فاختلست لممه نصممف‬
‫فضة فما يقع عليه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يطلقها حينئذ طلقة فيبر مممن حلفممه فممان لممم‬
‫يفعل وقع عليه الثلث‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل حلف بالطلق أنممه ل ينممام بحممذاء زوجتممه‬
‫فجمماءت وهممو مسممتغرق فممي النمموم واضممطجعت حممذاءه‬
‫وأيقظته فقام من نومه ولممم ينممم بحممذائها فهممل يقممع عليممه‬
‫الطلق‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يقع الطلق والحالة هذه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل تشمماجر مممع زوجتممه فقممالت لممه قممل لممي‬
‫طالق فقال طالق بل نية فهل يقع الطلق‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يقمع حممتى يصممرح بمأنت أو زوجممتي أو نحمو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬شمماهد حلممف بممالطلق ل يكتممب مممع فلن فممي‬
‫ورقة رسم شهادة فكتب الحالف أول ثم كتب الخر‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬إن لممم تكممن أصممل الورقممة المكتوبممة بخممط‬
‫المحلوف عليه ول كان بينه وبينه في هممذه الواقعممة تواطممؤ‬
‫ول على علمه أنه يكتب فيها لم يحنث وإل حنث‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫ما قولكم أهل العلم والتقى* بقيتم في عزة وفي ارتقا‬
‫في رجل طلق طلقتين * زوجته يا قرة لعين‬
‫ثم تزوجت بشخص فإذا * ما طلقت منه فهل من بعد ذا‬
‫لزوجها الول هل تعود * ل فارقت أبوابك السعود‬
‫على ثلث مثل ما قد كانت * أو بالذي يبقى بعيد بانت‬
‫وما هو الحكم افتنا مأجورا * فطالع السعد يضيء نورا‬
‫الجواب –‬
‫‪265‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحمد الله الذي قد وفقا * إلى الجواب بالصواب المنتقى‬
‫ثم على نبينا المين * صلته تشرق كل حين‬
‫إن طلقتين طلق الزوج وذا * من بعد ما تزوجت قد أخذا‬
‫فإنها بطلقة تعود * قد قاله أمامنا المفيد‬
‫وليس حقا بالثلث عادت * فافهم جوابي فهم حبر قانت‬
‫وابن السيوطي الشافعي يرتجى * من ربه مغفرة ويلتجى‬
‫مسممألة ‪ -‬قممول المنهمماج فممي الطلق يصممح السممتثناء‬
‫بشرط اتصاله ول يضر سكتة تنفس وعممى هممل هممو بكسممر‬
‫العين أو بفتحها وما معناه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو بالكسر وهو التعب مممن القممول قممال فممي‬
‫الصحاح العي خلف البيان‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬شخص أراد أن يحبس رجل بدين فقال لممه إن‬
‫طلقت زوجتك بائنا لم أحبسممك أو قممال لممه إن لممم تطلقهمما‬
‫بائنا حبستك فطلقها بمال خوفا من الحبس هممل يقممع عليممه‬
‫الطلق أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يفرق بين الموسر والمعسر فان كان موسرا‬
‫فتهديده بالحبس علممى الممدين إكممراه بحممق فل يمنممع وقمموع‬
‫الطلق‪ ،‬وإن كان معسرا فهممو ظلممم لن حبممس المعسممر ل‬
‫يجوز فهو إكراه بغير حق فل يقع الطلق‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيمن قال لزوجته تكوني طالقا هل تطلممق أم‬
‫ل لحتمال هذا اللفظ الحال والستقبال وهل هو صممريح أم‬
‫كناية‪ ،‬وإذا قلتم بعدم وقوعه في الحال فمتى يقممع أبمضممي‬
‫لحظة أم ل يقع أصل لن الوقت مبهم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الظاهر أن هذا اللفظ كناية فأن أراد به وقوع‬
‫الطلق في الحال طلقت أو التعليق احتاج إلى ذكر المعلق‬
‫عليه وإل فهو وعد ل يقممع بممه شمميء‪ ،‬ثممم بحممث بمماحث فممي‬
‫مسألة الخيرة فقال الكناية ما احتمل الطلق وغيره وهممذا‬
‫ليس كذلك فقلت بل هو كذلك لنممه يحتمممل إنشمماء الطلق‬
‫والوعد بممه فقممال إذا قصممد السممتقبال فيبغممي أن يقممع بعممد‬
‫مضي زمن كالمعلق علممى مضممي زمممان فقلممت ل لنممه لممم‬
‫يصرح بالتعليق و ل بد في التعليقات من ذكر المعلممق وهممو‬
‫الطلق والمعلق عليه وهممو الفعممل أو الزمممن مثل وهنمما لممم‬
‫يقع ذكر الزمان المعلق عليه قممال هممو مممذكور فممي الفعممل‬
‫‪266‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهو تكوني فممإنه يممدل علممى الحممدث والزمممان قلممت دللتممه‬
‫عليهممما ليسممت بالوضممع ول لفظيممة ولهممذا قممال النحمماة أن‬
‫الفعل وضممع لحممدث مقمترن بزممان ولممم يقولمموا أنممه وضمع‬
‫للحدث والزمان‪ ،‬وقد صرح ابن جنممي فممي الخصممائص بممأن‬
‫الدللت في عرف النحاة ثلث لفظيممة و صممناعية ومعنويممة‬
‫فالولى كدللة الفعل علممى الحممدث والثانيممة كممدللته علممى‬
‫الزمان والثالثة كممدللته علممى الفعممال‪ ،‬وصممرح ابممن هشممام‬
‫الخضراوي في الفصمماح بممأن دللممة الفعممال علممى الزمممان‬
‫ليست لفظية بل هي من باب دللة التضمن وقد بينت ذلك‬
‫في كتاب أصول النحو‪ ،‬ودللت التضمن واللممتزام ل يعمممل‬
‫بها في الطلق والقارير ونحوها بل ل يعتمممد فيهمما إل علممى‬
‫مدلول اللفظ من حيث الوضع والدللممة اللفظيممة فثبممت ممما‬
‫قلناه من أن هذه الصيغة وعد وهو مضممارع لممو دخممل عليممه‬
‫حرف التنفيس لقيل سمموف تكممونين طالقمما وهممذه الصمميغة‬
‫وعد بل شك فكذا عن تجممرده مممن سمموف فممان قيممل لفممظ‬
‫السؤال تكوني بحذف النون قلت ل فرق فممانه لغممة وعلممى‬
‫تقريممر أن يكممون لحنمما فل فممرق فممي وقمموع الطلق بيممن‬
‫المعرب والملحون بمثل ذلك فممان نمموى بممذلك المممر علممى‬
‫حذف اللم أي لتكمموني فهممو إنشمماء فتطلممق فممي الحممال بل‬
‫شك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل دخلممت امرأتممه إلممى بيممت رجممل مممن‬
‫إلزامه فدخل فوجدها قائمة مشدودة الوسط فقال صممرت‬
‫خديمة الطلق يلزمني ما بقيت تدخلي من هذه العتبة‪ ،‬ثممم‬
‫إن صمماحبة الممبيت انتقلممت إلممى دار أخممرى فهممل إذا دخلممت‬
‫الزوجة المحلوف عليها الدار الثانية يقع عليها الطلق أول‪.‬‬
‫الجممواب‪ -‬ل يقممع الطلق بممدخول الممدار الثانيممة ويقممع‬
‫بدخول الولى من تلك العتبة ولو بعد النقلممة لجممل التعييممن‬
‫بالشارة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل عليممه ديممن لشممخص فطممالبه فحلممف‬
‫المديون بالطلق متى أخذت مني هذا المبلغ في هذا اليوم‬
‫ممما أسممكن فممي هممذه الحممارة‪ ،‬ثممم أنممه تعمموض فممي المبلممغ‬
‫المذكور قماشا وانتقل مممن وقتممه فهممل إذا عمماد يقممع عليممه‬
‫الطلق أم ل‪.‬‬
‫‪267‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬هنمما أمممران يتكلممم فيهممما الول كممونه تعمموض‬
‫بالمبلغ قماشا والحلف على أخذ هذا المبلغ فالشممارة إلممى‬
‫المبلغ المدعى به الثابت في الذمة وهو نقد والمأخوذ غيممر‬
‫المشار إليه فلم يقع أخذ المحلوف عليه فل يقع الطلق إل‬
‫أن يريممد بالخممذ مطلممق السممتيفاء فيقممع حينئذ عمل بنيتممه‪،‬‬
‫الثاني العود بعد النقلة فان لم يقع الطلق وهو في صممورة‬
‫الطلق فواضممح وإن وقممع وهممو فممي صممورة قصممد مطلممق‬
‫الستيفاء فالحلف قممد وقممع علممى السممكنى مممن غيممر تقييممد‬
‫فيحنث بالسكنى في أي وقت كان‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل حلف بالطلق أنه متى غاب عممن زوجتممه‬
‫عشرة أيام بل نفقة كمانت طالقمما ثمم بعممد ذلمك جماء أبوهمما‬
‫وأخذها من منزل الزوج بغير إذنه وسافر بها إلى قطر آخر‬
‫فجاء الزوج إلى منزله وسأل عممن زوجتممه فممأخبر بممما وقممع‬
‫فتخلف الرجل عن السفر إليهم مدة تزيد على عشرة أيمام‬
‫فهل يقع عليه الطلق أم ل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ل يقممع عليممه الطلق والحالممة هممذه لمريممن‬
‫أحدهما أنها ل تستحق نفقة في هذه الحالة فينزل قمموله بل‬
‫نفقة على النفقة الواجبة أو ما يقوم مقامها‪ ،‬والثاني أنه لم‬
‫تحصل الغيبة عشرة أيام من جهته وإنما حصلت من جهتها‪،‬‬
‫ونظير هذه المسألة من المنقول من حلف ل يفارق غريمه‬
‫حتى يستوفي منه ففارقه الغريم وهو واقف لممم يتبعممه لممم‬
‫يحنث سواء أمكنه اتباعه أم ل لن المفارقة لم تحصل مممن‬
‫جهته‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل حلف بالطلق أني أجممود مممن فلن فهممل‬
‫عليه البينة بذلك‪ ،‬ورجل حلف أن هذا الشاش لغيممره الممذي‬
‫على رأس زيد لعمرو وأشار إليه فظهر أن الشمماش لغيممره‬
‫وكان الحمالف عهمد الشماش عممرو علمى زيمد فهمل يغلمب‬
‫جانب الشارة على الظممن ويقممع عليممه الطلق أول‪ ،‬ورجممل‬
‫أكره زيدا على طلق زوجته في مجلسه بطلقة فلم يوقعها‬
‫في مجلسه ثم إنه خرج في الترسيم وخلممع زوجتممه بطلقممة‬
‫على عوض معلوم فهل يعد ذلك إكراهمما ول يحنممث أم يقممع‬
‫عليه بصريح الخلع طلقة بائنة‪ ،‬وما هو الجود هممل الفضممل‬
‫دينا أو النسب أو الكرم‪.‬‬
‫‪268‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب‪ -‬الحوال ثلثة تارة يعرف الناس أن الحممالف أجممود‬
‫أي أدين من الخر فل حنث وتمارة يعرفمون أن الخمر أديمن‬
‫منه فيحنث وتارة ل يعلم ذلك لكونهما متقاربين في الممدين‬
‫أو النحس ول يعلممم أيهممما أميممز فل حنممث للشممك‪ ،‬ومسممألة‬
‫الشمماش يقممع فيهمما الطلق عنممدي ولممي فممي ذلممك مؤلممف‪،‬‬
‫ومسألة الخالع يقع فيها الطلق لنه خالف ما أكره عليه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل اشترى خرقة جموخ فقطمع بعممض الثمممن‬
‫للبائع فقال البائع على الطلق ما يلبسها إل أنمما أي الخرقممة‬
‫المذكورة ول نية للحالف أصل ثم اتفق هو والمشتري على‬
‫أن يفصل الخرقة المذكورة ويخيطها فلما فصلت وخيطممت‬
‫جيء بها وعلق فيها ما خرج منها مما ل بد من إخراجه عند‬
‫الخياط من قمموارة وممما يقطممع مممن الممذيل وغيممره للصمملح‬
‫ولبسها البائع ثم نزعها وقلع منها ما علقه فيها من القمموارة‬
‫وغيرها ثم دفعها للمشتري فلبسها هو وغيره فهممل اليميممن‬
‫تعلقت بحمله هممذه الخرقممة حممتى ل يحنممث الحممالف يلبممس‬
‫غيره لها بعممد إزالممة ممما ذكممر أو يحمممل اليميممن علممى خلف‬
‫القوارة وغيرها فل يتعلق به اليمين كما فممي مسممألة فتممات‬
‫الخبز عند المام وغيممره وكممما هممو ظمماهر كلم الروضممة إذا‬
‫حلف ل يلبس هذا الثوب فخيطه قميصا أو قبمماء أو جبممة أو‬
‫سراويل أو جعل الخف نعل حنث بالمتخذ منممه حممتى يحنممث‬
‫البائع بلبسها بعد إزالة ما ذكر‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يحنث الحالف والحالة هذه كممما هممو مقتضممي‬
‫صيغة الحصر حيث حلف ل يلبسها إل هو ول يفيد في الدفع‬
‫الحنث إزالة ما ذهممب بالتفصمميل مممن قمموارة وقصاصممة لن‬
‫العرف قاض بإزالة ذلك في الحال التفصيل ليحصل اللبس‬
‫المعتاد في مثلها وهذا مممما ل شممبهة فيممه ول وقفممة وليممس‬
‫كما لو حلف ل يأكل الرغيف فممأكله إل لقمممة كممما ل يخفممى‬
‫على من له أدنى ممارسة والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل قال لزوجاته الربع إحدى زوجاتي طالق‬
‫وكرر ذلك يقع عليه بكل مرة طلقة وعند قوله لهممن إحممدى‬
‫هؤلء طممالق وكممرر ذلممك ل يقممع عليممه غيممر واحممدة ول يقممع‬
‫بالتكرار شيء والحممال أنممه لممم يكممن فممي الموضممعين إرادة‬
‫إنشاء أو إخبار فما هو المعنى المقتضى لوقوع الطلق عند‬
‫‪269‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التكممرار فممي الولممى دون الثانيممة وهممل الحكممم فممي العتممق‬
‫كالحكم في الطلق في هاتين الصورتين أم يفرق بينهما‬
‫الجواب ‪ -‬المسألة ل وجود لهمما فممي الشممرحين ول فممي‬
‫الروضممة ول فممي شممروح المتممأخرين ل حكممما ول تصممويرا‪،‬‬
‫والممذي تقضمميه القواعممد اسممتواء الصممورتين وأنممه إن قصممد‬
‫فيهما التحاد لمم تطلممق غيممر اممرأة واحممدة أو التعممدد وقمع‬
‫بحسب ما عدد وأن أطلق فالذي يظهر أنه ل يقممع إل علممى‬
‫واحدة هذا بحسب من يقع عليه الطلق وأما عدد الطلقات‬
‫فمرتبممة ثانيممة فممان قصممد التأكممد فواحممدة أو السممتئناف أو‬
‫أطلق فثلث في صورتي ما إذا لم يقصممد إل امممرأة واحممدة‬
‫بل شك أو أطلق فيما بحثناه ولم نره منقول والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل قال لجنبية أنممت طممالق وزوجمتي كمذلك‬
‫هل تطلق زوجته‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ذكممر الرافعممي أنممه لممو قممال نسمماء العممالمين‬
‫طوالق وأنت يا زوجتي ل تطلممق زوجتممه لنممه عطممف علممى‬
‫نسوة لم يطلقممن وكممذا لممو قممال كممل امممرأة أتزوجهمما فهممي‬
‫طالق وأنت يا أم أولدي ل تطلق زوجته‪ ،‬قال السنوي في‬
‫التمهيد‪ :‬ويؤخذ مممن ذلممك أن العطممف علممى الباطممل باطممل‬
‫حتى إذا أشممار إلممى أجنبيممة فقممال طلقممت هممذه وزوجممتي ل‬
‫تطلق زوجته‪ ،‬انتهى‪ .‬فقممد يقممف الواقممف علممى هممذا النقممل‬
‫فيظن أنه الصورة المسؤول عنها فيبادر إلى الجواب بعممدم‬
‫الوقوع وليممس كممذلك فممإن الصممورة الممتي ذكرهمما الرافعممي‬
‫والتي ذكرها السنوي في العطممف خاصممة وهممو أن يقتصممر‬
‫على قوله وأنت يا زوجتي أو قوله وزوجممتي‪ ،‬وأممما الصممورة‬
‫التي في السممؤال فليسممت عطفمما بممل جملممة مسممتقلة مممن‬
‫مبتدأ وخبر حيث ضممم إليهمما قمموله كممذلك أي طممالق فالممذي‬
‫يقال في هممذه الصممورة أنهمما صمميغة كنايممة أن نمموى طلقهمما‬
‫بذلك طلقت وإل فل كما هو المنقول فيما لممو طلممق هممو أو‬
‫رجل امرأته ثم قال لزوجته أنت كهي فإن نوى طلقت وإل‬
‫فل وكذا لو قال لزوجته أنت طالق عشممرا فقممالت يكفينممي‬
‫واحدة فقال الباقي لضرتك فإنه إن نوى وقع علممى الضممرة‬
‫طلقتان وإل فل فقوله في صورة السممؤال وزوجممتي كممذلك‬
‫كقوله أنت كهي وكقوله الباقي لضرتك‪ ،‬ويؤيد هذا التخريج‬
‫‪270‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من أصله ما في الشرح والروضة أنه لممو أكممره علممى طلق‬
‫حفصة مثل فقال لها ولعمرة طلقتكما فإنهما يطلقممان لنممه‬
‫عدل عن المكممره عليممه وإن قممال طلقممت حفصممة وطلقممت‬
‫عمرة أو حفصمة طمالق وعممرة طمالق لمم تطلمق المكمره‬
‫عليها وهي حفصة وتطلق الخرى فانظر كيممف فرقمموا بيممن‬
‫الفراد والجمل المستقلة في الحكم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل قال لزوجته وكلتممك فممي تطليممق نفسممك‬
‫وأتى بهذا اللفظ أي لفظ التوكيممل فهممل يكممون هممذا تمموكيل‬
‫حتى لو طلقممت بعممد شممهر نفممذ أو تمليكمما حممتى يعتممبر فيممه‬
‫الفور‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ذهب القاضي حسين في هممذه الصممورة إلممى‬
‫أنه يعتبر الفور فيه وإن صرح بالتوكيممل لنممه تشمموبه شممعبة‬
‫من التمليممك قممال إمممام الحرميممن وهممو فقممه حسممن ولكنممه‬
‫متفممرد بممه بيممن الصممحاب هكممذا ذكممر فممي النهايممة وذكممره‬
‫الرافعي في الشرح باختصار والنووي في الروضممة بأخصممر‬
‫مما في الشرح‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬شخص حلف على زوجته بالطلق أنها ل تخممبز‬
‫فطيرا عند الجيران فعجنت دقيقما وجعلمت فيمه خميمرا ثمم‬
‫خبزته قبل أن يختمر عند الجيران وقصده منعهمما مممن خممبز‬
‫الفطير عندهم فهل يحنث أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الظاهر أنه ل يحنث عمل بالعرف في ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل قيل له أن لم تطأ زوجتك فممي هممذه‬
‫الليلة تكون طالقا فقال أي وأن لم ينمموي طلقمما ولممم يطممأ‬
‫في تلك الليلة فهل يقع عليه الطلق أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أي حرف جممواب كنعممم يسممتعمل فممي الخممبر‬
‫وفي النشاء‪ ،‬قال تعالى في النشاء‪) :‬ويستنبئونك أحق هو‬
‫قل إي وربي إنه لحق( وقد صرح الفقهاء بأن نعمم صمريحة‬
‫في النشاء كممالخبر فكممذلك إي فالظمماهر وقمموع الطلق بل‬
‫نية إل أن عندي فيه وقفة من حيث إنه تعليق ل تنجيز فقممد‬
‫يقال بالفرق بينهما فممي مثممل هممذه الصممورة إل أن القممرب‬
‫عممدم الفممرق خصوصمما والقاعممدة أن السممؤال معمماد فممي‬
‫الجواب‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القول المضي في الحنث في المضي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وبعد فقد‬
‫تكرر السؤال عمن حلف أنه فعل كممذا أولممم يفعلممه أو كممان‬
‫كذا أولم يكن ناسيا أو جاهل ثم تبين خلف ذلك هل يحنممث‬
‫في اليمن والطلق أول يحنث فيهما كما لممو حلممف ل يفعممل‬
‫كذا ففعله ناسيا أو جاهل بأنه المحلوف عليممه‪ .‬فمأجبت بممأن‬
‫الممذي يظهممر ترجيحممه الحنممث بخلف صممورة السممتقبال‪،‬‬
‫ومعتمدي في ذلك نقول صريحة وغيرها من كلم الرافعممي‬
‫والنووي وابن الصلح وغيرهم مممن المتممأخرين‪ ،‬وليممس فمي‬
‫كلم أحممد منهممم التصممريح بالتسمموية بيممن صممورتي المضممي‬
‫والستقبال إل في موضع وقع فممي الروضممة سممأذكر تممأويله‬
‫فأقول أما تصريح الرافعي والنووي ففي مواضع أحدها قال‬
‫في تعليق الطلق لو أشار إلى ذهممب وحلممف بممالطلق أنممه‬
‫الذي أخذه من فلن وشهد عممدلن أنممه ليممس ذلممك الممذهب‬
‫طلقت على الصحيح لنها وأن كانت شهادة على النفممي إل‬
‫أنه نفي يحيط العلم به‪ -‬هممذه عبممارة الروضممة وهممي إحممدى‬
‫صور المسألة بل شممك فحلفممه بممذلك إممما عممن جهممل بممه أو‬
‫نسيان فل يصح فرض المسألة مع العلم لنهمما حينئذ تطلممق‬
‫قطعا فل يصح حكاية خلف فيممه وممممن صممرح بممأن فممرض‬
‫هذه المسألة في الجهل والنسيان السممنوي والذرعممي ثممم‬
‫تعقبه الول بما اختمماره مممن عممدم حنممث الجاهممل والناسممي‬
‫مطلقا وسيأتي مستنده والجواب عنه‪ .‬وأممما الذرعممي فلممم‬
‫يممزد علممى أن قممال هنمما مأخممذه يقتضممي عممدم الحنممث وهممو‬
‫الجهل وليس في هذا اختيار له وسيأتي كلمممه فممي ترجيممح‬
‫الحنث‪ ،‬الموضع الثاني قال في آخر البمماب نقل عممن تعليممق‬
‫الشيخ إبراهيم المروذي وأقراه لو قال السني أن لممم يكممن‬
‫الخير والشر من الله فممامرأتي طممالق وقممال المعممتزلي إن‬
‫كانا من الله فامرأتي طالق أو قال السني أن لم يكممن أبممو‬
‫بكر أفضل من علي فامرأتي طالق وقال الرافضممي أن لممم‬
‫يكن علي أفضل من أبممي بكممر فممامرأتي طممالق وقممع طلق‬
‫المعتزلي والرافضي‪ ،‬وهذه من صور المسألة بل شك فممإن‬
‫حلممف المعممتزلي والرافضممي صممادر عممن معتقممدهما وغلبممة‬
‫‪272‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ظنهما‪ ،‬ولم يتعقب السنوي في المهمات هذا الموضع فإن‬
‫قلت ل يصح الستناد إليه لن وقوع الطلق هنا لفساد هممذا‬
‫الظن فل عذر له قلت هو عين المسألة بل شك لن فرضها‬
‫في ظن فاسد استند إليه ظانا صحته‪ .‬فإن قلت هذا اعتقاد‬
‫فاسد وهو دون الظن قلت كل بل العتقاد صممحيحا كممان أو‬
‫فاسدا أقوى من الظن كما صرح به أهل الصول إذ جعلمموه‬
‫قسيم العلم فممي الجممزم وجعلمموا غيممر الجممازم ظنمما ووهممما‬
‫وشكا وانظممر جمممع الجوامممع تجممده فيممه‪ ،‬ويقممرب مممن هممذا‬
‫الفرع ما نقله في الخادم عممن فتمماوى القاضممي حسممين لممو‬
‫حلف شافعي بالطلق أن من لم يقرأ الفاتحمة فمي الصملة‬
‫لم يسممقط فرضممه وحلممف حنفممي أنممه يسممقط وقممع الطلق‬
‫زوجة الحنفي‪ ،‬وإن كنا ل نسلم الوقوع في هممذا الفممرع لن‬
‫هذا ليس مما تبين القطع بفساده بخلف مسألة المعممتزلي‬
‫والرافضممي‪ .‬الموضممع الثممالث قممال الرافعممي لممو جلممس مممع‬
‫جماعة فقام ولبس خف غيره فقالت لممه امرأتممه اسممتبدلت‬
‫بخفك ولبست خف غيرك فحلف بالطلق أنه لم يفعل ذلك‬
‫فان كان خرج بعد خممروج الجماعممة ولممم يبممق هنمماك إل ممما‬
‫لبسه لم تطلق لنه لم يسممتبدل وإنممما اسممتبدل الخممارجون‬
‫قبله وان بقي غيره طلقت‪ ،‬واستدرك عليممه النممووي فقممال‬
‫صواب المسألة أنه إن خرج بعد الجميع نظر إن قصممد أنممي‬
‫لم آخذ بدله كان كاذبا فان كان عالما أنه أخذ بممدله طلقممت‬
‫وإن كممان سمماهيا فعلممى قممولي طلق الناسممي‪ ،‬وهممذا هممو‬
‫الموضع الممذي أخممذ منممه مممن أخممذ اسممتواء حممالتي المضممي‬
‫والستقبال وليس كما ظنوه بممل هممو محمممول علممى إجممراء‬
‫الخلف فقط كما صرح به الرافعممي فممي أوائل اليمممان ول‬
‫يلزم منه السممتواء فممي التصممحيح كممما هممو مقممرر معممروف‬
‫خلفا للسنوي في المهمات حيث تعقب الموضع الول بأنه‬
‫إنما يأتي على القول بحنث الناسي واسمتند فمي ذلمك إلمى‬
‫القول الرافعي في اليمان أن اليمين تنعقد علممى الماضممي‬
‫كما تنعقد على المستقبل وأنه إن كان جمماهل ففممي الحنممث‬
‫قممولن كمممن حلممف ل يفعممل كممذا ففعلممه ناسمميا فظممن مممن‬
‫التشبيه استواءهما في الصحيح وليس كممذلك كممما أوضممحه‬
‫هو في مواضع كممثيرة مممن المهمممات وإنممما قلممت ذلممك هنمما‬
‫‪273‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لمممور منهمما موافقممة >ص الموضممعين السممابقين وإل لدى‬
‫إلى التناقض ولشك أن درأه أولى‪ ،‬ومنها أن الرافعممي فمي‬
‫الشرح لم يصممحح فممي مسممألة السممتقبال شمميئا بممل حكممى‬
‫القولين بل ترجيح وإنما الذي رجح عدم الحنث النووي فممي‬
‫زوائد الروضة تبعا للمحرر فأكثر ما وقع مممن الرافعممي أنممه‬
‫حكى في مسألة الستقبال قولين بل ترجيح ثم حكاهما في‬
‫مسألة المضي كذلك فكيف ينسب له تصحيح عممدم الحنممث‬
‫في المضي وهو لم يصحح فممي الموضممعين شمميئا وإذا كممان‬
‫على تقدير تصحيحه في الستقبال عدم الحنث ل يلزم منه‬
‫تصحيحه في المضي بمجممرد إجممراء الخلف فلن ل ينسممب‬
‫إليه تصحيح في الثانية مع عدم تصحيحه في الولممى أولممى‪،‬‬
‫ومنها أن في فتاوي النووي الشارة إلى الفرق فممانه حكممى‬
‫القولين في حنث الناسي وصممحح عممدمه ثممم قممال وصممورة‬
‫المسألة أن يحلف أنه ل يفعل كذا فيفعله ناسمميا لليميممن أو‬
‫جاهل أنه المحلوف عليه فتصويره المسألة بذلك يشعر بأن‬
‫صورة المضي بخلف ذلك وإل لم يكن للتصوير بذلك فائدة‬
‫وكان فيه إخلل فكيف والمعروف من صممنيع العلممماء أنهممم‬
‫إذا حكممموا بحكممم ثممم قممالوا وصممورة المسممألة كممذا فممانهم‬
‫يقصدون إخراج بقية صورها من ذلممك الحكممم وهممذا أمممر ل‬
‫يخفى على من مارس كلم العلممماء وتصممانيفهم‪ ،‬ومنهمما أن‬
‫جمعا من المتأخرين صرحوا بالمسألة وبتصحيح الحنث فيها‬
‫منهم ابن الصلح في فتاويه فقال أنمه أظهمر القمولين قمال‬
‫ولم يذكر المحاملي في رؤوس المسائل إل الحنث ومنهممم‬
‫قاضي القضاة تقي الدين بن رزين وبالغ فممي بسممط الكلم‬
‫فيها وقد سقت عبارته في كتاب الشباه والنظممائر بطولهمما‬
‫ونممذكر هنمما المقصممود منهمما قممال للجهممل والنسمميان حالتممان‬
‫إحداهما أن يكون ذلك واقعمما فممي نفممس اليميممن أو الطلق‬
‫كما إذا دخل زيد الدار وجهل ذلك الحالف أو علمه ثم نسيه‬
‫فحلف بالله أو بالطلق أنمه ليمس فمي المدار فهمذه اليميمن‬
‫ظاهرها تصديق نفسه في النفي وقد يعرض فيها أن يقصد‬
‫أن المر كذلك في اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه أي لممم‬
‫يعلم خلفه و ل يكون قصده الجممزم بممأن المممر كممذلك فممي‬
‫الحقيقة بل ترجع يمينه إلى أنه حلف أنه يعتقد كذا أو يظنه‬
‫‪274‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهممو صممادق فممي أنممه معتقممد ذلممك أو ظممان لممه فممان قصممد‬
‫الحالف ذلك حالة اليمين أو تلفظ بممه >ص متصممل بهمما لممم‬
‫يحنث وإن قصد المعنى الول أو أطلق ففي وقمموع الطلق‬
‫ووجوب الكفارة قولن مأخذهما أن النسمميان والجهممل هممل‬
‫يكونان عممذرا فممي ذلممك كممما كانمما عممذرا فممي بمماب الوامممر‬
‫والنواهي أم ل كما لم يكونا عممذرا فممي غرامممات المتلفممات‬
‫ويقوى إلحاقها بالتلف فإن الحالف بالله أن زيدا في الدار‬
‫إذا لم يكن فيها قد انتهك حرمممة السممم المعظممم جمماهل أو‬
‫ناسيا فهو كالجاني خطأ‪ ،‬والحالف بالطلق إن كممانت يمينممه‬
‫بصيغة التعليق كقوله إن لم يكممن زيممد فممي الممدار فزوجممتي‬
‫طالق إذا تبين أنه لم يكن فيهمما فقممد تحقممق الشممرط الممذي‬
‫علق الطلق عليه فإنه لم يتعمرض إل لتعليمق الطلق علمى‬
‫عدم كونه في الدار ول أثر لكونه جاهل أو ناسمميا فممي عممدم‬
‫كونه في الممدار‪ ،‬وأممما إن كممان بغيممر صمميغة التعليممق كقمموله‬
‫لزوجته أنت طالق لقد خرج زيد من الممدار وكقمموله الطلق‬
‫يلزمني ليس زيد في الدار فهذا إذا قصد بممه اليميممن جممرى‬
‫مجممرى التعليممق وإل لوقممع الطلق فممي الحممال وإذا جممرى‬
‫مجرى التعليق كان حكمممه حكمممه‪ ،‬هممذه عبممارة ابممن رزيممن‬
‫بحروفهمما فممي هممذه الحالممة‪ ،‬ثممم ذكممر الحالممة الثانيممة وهممي‬
‫التعليق على الفعل في المسممتقبل فيفعلممه ناسمميا أو جمماهل‬
‫وصحح عدم الحنث فيها كما هو المشهور‪ ،‬وجزم بممما قمماله‬
‫ابن رزين من غير عزو إليممه القمممولي فممي شممرح الوسمميط‬
‫كما رأيته فيه ونقلممه عنممه الذرعممي فممي القمموت وقممال إنممه‬
‫أخذه من كلم ابن رزين‪ ،‬وذكر أيضا الزركشي في الخممادم‬
‫كلم ابن رزين وقال تابعه القمولي وغيره‪ .‬قلت‪ :‬وعلم من‬
‫كلم ابن رزين تقييد محل الخلف بقيممدين مهميممن أحممدهما‬
‫أن ل يقصد في يمينه الحلف على ظنه فإن قصممد أن ظنممه‬
‫كذلك لم يحنث قطعمما‪ ،‬الثمماني أن ل يكممون بصمميغة التعليممق‬
‫فإن كان حنث قطعا وهذا ل يمتري فيه أحد بممدليل مسممألة‬
‫الغراب المذكورة في المنهاج وإنما نبهت عليه لنممي رأيممت‬
‫بعض ضعفاء المشتغلين يهمممون فيممه ويظنممون أنممه ل فممرق‬
‫بين صيغة التعليق وغيرها في عدم الحنث في المضي أيضا‬
‫وهذا جهل مبين‪ ،‬وقال الذرعي في القوت تكلم ابن رزيممن‬
‫‪275‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫علممى هممذه المسممألة فممي فتمماويه وأحسممن ول ذكممر لقسممم‬
‫المضي في كلمهممم ويشممبه أن يقممال إن قلنمما فممي مسممألة‬
‫الستقبال بعدم الحنث وانحلل اليمين فينبغي أن ل يحنممث‬
‫هنمما وإن قلنمما ل ينحممل كممما رجحممه الرافعممي والنممووي فقممد‬
‫جعلنمماه خارجمما مممن اليميممن فيحنممث لن فممي إخراجممه عممن‬
‫اليمين هنا تكلفا فلم يحلف هنمما إل علممى كممونه فممي الواقممع‬
‫كذلك ل على ظنه ثم قال نعم يشبه أن ل يلزمه كفارة لنه‬
‫إذا حلف معتقدا فل انتهاك وينبغممي وقمموع الطلق إذا قصممد‬
‫تحقيق الخبر بتعليق الطلق بنقيض الحالة التي أخممبر عنهمما‬
‫ولم يكن كذلك‪ ،‬وقال صاحب الخادم فصل ابممن رزيممن بيمن‬
‫أن يقصد فممي يمينممه أن ظنممه كممذلك فل يحنممث وبيممن أن ل‬
‫يقصد ذلك فيحنمث وأطلمق ابمن الصملح الحنمث والصمواب‬
‫تفصيل ابن رزين قال ويدل لعدم الحنث فممي حالممة القصممد‬
‫يمين عمر في ابن صياد أنه الدجال ولم يممأمره صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم بالكفارة قال وينبغي أن يكون في القصممد هممل‬
‫هو حالة اليمين أو بعدها الخلف في الستثناء ونية الكنايممة‪.‬‬
‫انتهممى‪ .‬قممال الشمميخ ولممي الممدين العراقممي فممي مختصممر‬
‫المهمات عند قول الروضة فممإن حلممف علممى ماضممي كاذبمما‬
‫فإن كان جاهل ففي وجمموب الكفممارة القممولن فيمممن فعممل‬
‫المحلوف عليه ناسيا ما نصه‪ :‬قلت أفهم تعبيره بالجهممل أن‬
‫صورة المسألة أن يحلف على نفي شيء جهل وجوده فلممو‬
‫حلف على إثبات شيء بالتوهم ثم تبين خلفه فينبغي أن ل‬
‫يجري فيه الخلف بل يجزم بالحنث ول عبرة بممالظن الممبين‬
‫خطأه قال والفرق بينهما أنممه بنممى يمينممه فممي النفممي علممى‬
‫أصل ولم يبن يمينه في الثبات على شيء قال وبدل لذلك‬
‫أمور منها كلمهم في مسألة الغراب ومنها ما في الروضممة‬
‫لو أشار إلى ذهب وحلف بالطلق أنه الذي أخذه مممن فلن‬
‫وشهد شاهدان أنه ليس ذلك الذهب طلقت علممى الصممحيح‬
‫وإن كانت شهادة على النفي لنه نفي يحيممط العلممم بممه أي‬
‫محصور قال وهذا يدل على الفرق بالنسيان فممي الماضممي‬
‫بين النفي والثبممات انتهممى‪ ،‬فممانظر كيممف بممالغ رحمممه اللممه‬
‫وجزم بالحنث في قسم الثبات من غير إجممراء خلف وهممو‬

‫‪276‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صممريح منممه فممي أن مسممألة الممذهب المممذكورة ليسممت‬
‫مفروضة في العلم‪.‬‬
‫)تنبيه( ممن جزم بمقالة ابن الصمملح وابممن رزيممن مممن‬
‫المتأخرين ابن الملقن في شرحه الكبير والكمال الممدميري‬
‫ثم حكى عن السنوي تصحيح عدم الحنث‪ ،‬ومممن نقممل عممن‬
‫الدميري والذرعي أنهما قال بعدم الحنث فقد غلط عليهممما‬
‫كما يعرف ذلك من راجع شرحيهما وله دني فهم‪.‬‬
‫)تنممبيه( أصممل مسممألة الجهممل والنسمميان الممتي تختممص‬
‫بالسممتقبال مضممطرب فيممه غايممة الضممطراب توقممف فيهمما‬
‫الئمة الجلة حتى قال الصيمري ما أفتيت في يمين النمماس‬
‫قط وكذا قال أبممو الفيمماض والممماوردي قممال لن اسممتعمال‬
‫التوقي أحوط من فرطات القلم ومن توقف في الترجيممح‬
‫فيها الرافعي في الشرح فممأنه أرسممل القممولين ولممم يرجممح‬
‫واحممدا منهممما وذكممر النممووي مممن زوائده أن الراجممح عممدم‬
‫الحنث وصور فممي فتمماويه المسممألة بالسممتقبال كممما تقممدم‬
‫فحينئذ أصممل هممذه المسممألة المبنممى عليهمما مضممطرب فيممه‬
‫يتوقف فيه ل ترجيح فيه للرافعي في الشرح وإن رجح في‬
‫المحرر وترجيح النووي فيه مقيد به كما أفصح بممه هممو فممي‬
‫فتاويه فل يتعداه إلى غيره مع تصريحه هممو والرافعممي فممي‬
‫عدة مسائل بما يقتضي الفرق بين المسألتين ومع تصممريح‬
‫خلئق من أئمة المذهب منهم من هممو فممي مرتبممة الترجيممح‬
‫بالفرق أيضا‪ ،‬ثم رأيت في الخادم ما نصه توقممف الرافعممي‬
‫في الترجيح في مسألة الناسي وكذلك الموجود في غممالب‬
‫كتممب الصممحاب إرسممال القممولين بل ترجيممح‪ ،‬وتوقممف فممي‬
‫الفتاء فيها القاضي أبو حامممد وأبممو الفيمماض البصممري وأبممو‬
‫القاسم الصيمري والماوردي وكذلك ابن الرفعممة فممي آخممر‬
‫عمره‪ ،‬ورجحت طائفة الحنث منهم أبو بكر الصمميرفي فممي‬
‫كتاب الدلئل والعلم واختاره ابن عبد السلم في القواعد‬
‫وبممه قممال الئمممة الثلث لن اللفممظ لممم يغلممب فممي عممرف‬
‫الستعمال على حال الذكر وقال غيره أنه الرجح دليل وأنه‬
‫قول أكثر العلماء وأنه أثبت في المممذهب فممإن الطلق مممن‬
‫خطاب الوضع لنه نصب سببا للتحريممم وخطمماب الوضممع ل‬
‫يشترط فيه علم المكلف وشعوره ولهذا لو خاطب زوجتممه‬
‫‪277‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالطلق جاهل بأنها زوجته وقع فكذلك الناسي‪ ،‬وأما حديث‬
‫)رفع عن أمتي الخطأ والنسيان( فهممو محمممول علممى نفممي‬
‫الثم والمؤاخممذة ول عممموم فيممه مممن حيممث أن الكلم إنممما‬
‫يصح فيه تقدير مضمر ول عممموم فممي المقممدرات علممى ممما‬
‫تقرر في الصول‪ ،‬وذكر نحو هذا الكلم الشمميخ بهمماء الممدين‬
‫السبكي في تكملة شرح المنهاج لبيه وزيادات والده أيضمما‬
‫كان يتوقف في الفتوى بها وإنما نقلت هممذا كلممه لبيممن لممك‬
‫أن مسممألة السممتقبال متوقممف فيهمما غايممة التوقممف فمممن‬
‫مصحح للحنث وناسبه للكثرين ومن متوقف حتى الرافعي‬
‫فكيف يلحق بها مسألة المضي مممن غيممر نقممل صممريح فيهمما‬
‫عن المتقدمين أو المصممححين ممع التصمريح منهمم بمالحنث‬
‫فيها من غير تصريح بخلفه هذا ما ل يكون أبدا‪.‬‬
‫)تنبيه( قيل قد تعقب في المهمات الموضممع الول فممي‬
‫الروضممة بممأن الرجمموع إلممى الشممهادة فيممه نممزاع ومخممالف‬
‫للمذكور في الصلة أنه ل يرجع إلممى أخبممار الغيممر بممل إلممى‬
‫تذكره قلنا هذا لنا ل علينا فإنه إذا حكم بالحنث عند الخبار‬
‫المتنازع فممي قبمموله فعنممد تممذكره هممو أولممى ومعولنمما علممى‬
‫النكشاف والتبيين بطريق معتبر مقبول‪.‬‬
‫)تنبيه( إن قيل حديث عمر في حلفه أن ابن صممياد هممو‬
‫الدجال يدل على عدم الحنث مطلقا لنه ليس فيه ما يممدل‬
‫أنه قصد أن ظنه كذلك فيكون عاما قلت ل دللة فيممه فممإن‬
‫ابن صياد لم يتبين أمره ول حنمث مممع الشمك والخبمار فمي‬
‫كونه هو الدجال أو غيممره متعارضمة وقمد قمال النمووي فمي‬
‫شرح مسلم قال العلممماء قصممة ابممن صممياد مشممكلة وأمممره‬
‫مشتبه والظاهر أن النبي صلى اللممه عليممه وسمملم لممم يمموح‬
‫إليه في أمره بشيء وإنما أوحى إليه بصفات الدجال وكان‬
‫في ابن صياد قرائن محتملة فلذلك كممان النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم ل يقطع في أمره بشيء بل قممال لعمممر ل خيممر‬
‫لك في قتله‪ -‬الحديث هذا كلم النووي‪.‬‬
‫)تنبيه( ذهب بعض علماء العصر إلى الحنث في الجهممل‬
‫دون النسيان فقلت له ل يصح هذا لن الجاهل أولى بالعذر‬
‫من الناس إذ من علم ثم نسممي ينسممب إلممى تقصممير صممرح‬
‫بذلك الفقهاء في مواضع منها من صلى مممع نجاسممة جهلهمما‬
‫‪278‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هل تلزمه العادة قولن أصحهما‪ -‬نعم فمإن علمهمما ونسمميها‬
‫فطريقان أصحهما القطع بالعادة لنه منسوب إلى تقصممير‬
‫بخلف الجاهل‪ ،‬وفي التيمم لممو أدرج فممي رحلممه ممماءا ولممم‬
‫يشعر به فتيمم وصلى ل إعادة عليه بخلف ما لو علم فممي‬
‫رحله ماءا ثم نسيه وتيمم تلزمه العادة فقبله لنصافه‪.‬‬
‫)تنبيه( تخيل متخيل الحنث في اليمين دون الطلق لن‬
‫في الول الكفارة فهممو مممن بمماب الغرامممات فل يعممذر فيهمما‬
‫بالنسممميان ونحممموه كمممالتلف ونحوهممما بخلف الطلق إذ ل‬
‫غرامة فيه‪ ،‬وهذا تخيل فاسد بل الطلق أولى بممالحنث مممن‬
‫اليمين أل ترى أن مسألة الستقبال طريقة قاطعة بممالحنث‬
‫في الطلق وتخصيص الخلف باليمين لن المدار فيه علممى‬
‫هتك حرمممة السممم المعظممم ول هتممك ممع النسمميان ونحمموه‬
‫والمدار في الطلق على وجود الصفة المعلق عليهمما وهممي‬
‫موجودة بكل حال‪.‬‬
‫)تنبيه( قيل يدل لعدم الحنث قموله تعمالى )ل يؤاخمذكم‬
‫الله باللغو في أيمانكم( فإن أحد القوال في تفسممير اللغممو‬
‫إنه الحلف على الشيء يرى أنه كذلك ثممم يتممبين خلفممه فل‬
‫إثم فيه ول كفارة قلت الجواب عنه من وجهين أحممدهما أن‬
‫الصح المعتمد في تفسير الية إنها فيما سبق إلى اللسممان‬
‫من غير قصد اليمين‪ ،‬روينا هممذا التفسممير بأسممانيد صممحيحة‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا وعممن ابممن عبمماس‬
‫وعائشة موقوفا كما أسندته في كتاب ترجمان القرآن وهو‬
‫التفسممير المسممند وعليممه أكممثر المفسممرين مممن السمملف‬
‫وغيرهم منهم مجاهمد وعكرممة والشمعبي وأبمو قلبمة وأبمو‬
‫صالح وطاووس والنخعممي وخلئق ونقلممه ابممن العربممي فممي‬
‫أحكام القرآن عممن تفسممير الشممافعي وذهممب آخممرون وهممو‬
‫رواية عن ابن عباس إلى أنه فيمن حلف على أمر على أن‬
‫ل يفعله فيرى الذي هو خير منه فأمر اللممه أن يكفممر يمينممه‬
‫ويأتي الذي هو خير‪ -‬هكممذا أخرجممه ابممن جريممر مممن طريممق‬
‫علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس وهو أصح الطممرق عنممه‬
‫في التفسير‪ ،‬واستفدنا منهمما أن نفممي المؤاخممذة فممي اليممة‬
‫خاص بالثم دون الكفارة‪ ،‬وذهب آخرون إلى أن اليممة فممي‬
‫الحلف على فعل حرام أو ترك واجب فيحنث ويكفر أخممرج‬
‫‪279‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذلك ابن جرير عممن سممعيد بممن جممبير وسممعيد بممن المسمميب‬
‫وصرحا بأن نفي المؤاخذة خاص بالثم دون الكفارة وذهب‬
‫آخرون إلى أنها فيمن حلف على الشيء أن يفعله فينسى‪،‬‬
‫الوجه الثاني أن القول بأنها فيمن حلف على الشيء يظممن‬
‫أنه كذلك فإذا هو غيره أخرجه ابن جريممر عممن أبممي هريممرة‬
‫وابن عباس بإسممنادين ضممعيفين وأخرجممه عممن جماعممة مممن‬
‫التممابعين‪ ،‬ثممم هممم ثلث فممرق فرقممة سممكتت عممن وجمموب‬
‫الكفارة وعممدمه وفرقممة صممرحت بوجوبهمما وفرقممة صممرحت‬
‫بعدمه فالستدلل بقول هذه الفرقة معارض بقول الفرقممة‬
‫الخرى ويؤيد ذلك أشياء منها أن نفي المؤاخذة إنما ينصب‬
‫على الثم دون الكفارة بممدليل ربنمما ل تؤاخممذنا إن نسممينا أو‬
‫أخطأنا ومعلمموم أن الكفممارات والغرامممات غيممر داخلممة فممي‬
‫ذلك ومنها أن هذا التفسير اختاره مالك كما نقله عنممه ابممن‬
‫العربممي فممي أحكممامه مممع أن مممذهبه فممي المسممألة وقمموع‬
‫الطلق فدل علممى أن اليممة ليسممت دالممة علممى خلف ذلممك‬
‫ومنها أن في الية ما يدل علممى وجمموب الكفممارة مممع عممدم‬
‫المؤاخذة وهو قوله فكفممارته إطعممام إلممى آخممره فممإن ابممن‬
‫عباس وغيره قالوا أن الضمير راجع إلى لغو اليمين الذي ل‬
‫مؤاخذة فيه شرعت فيه الكفارة جبرا وذهبوا إلى أن قمموله‬
‫تعممالى ولكممن يؤاخممذكم بممما كسممبت قلمموبكم وبممما عقممدتم‬
‫اليمان في اليمين الغموس وأنها ل كفارة فيها تغليظا عليه‬
‫وهو مذهب جماعة من العلماء ورأى عندنا جار فممي القتممل‬
‫عمدا فلم يجعل هؤلء فيه الكفارة تغليظا وخصوصمما بقتممل‬
‫الخطممأ وكممذلك تممرك الصمملة والصمموم عمممدا قممال هممؤلء ل‬
‫قضاء فيه تغليظا وترك أبعاض الصلة عمممدا قممالوا أيضمما ل‬
‫يجبر بالسجود والقائلون بالكفارة في اليمين الغموس وهو‬
‫المعظم استدلوا بالقياس على غيرها لنها أولى بالجبر كما‬
‫استدلوا بذلك في القتممل وممما ذكممر معمه فمإذا ثبممت وجمموب‬
‫الكفارة في اللغو المفسر بالخطممأ علممى هممذا التقريممر مممن‬
‫رجوع الضمير إلى اللغو‪ ،‬ويحرر ذلك على مذهب من يممرى‬
‫وجوب الكفارة في اليمين الغموس ومن ل يراه فممإن قيممل‬
‫الضمير يرجع إلى أقرب مممذكور قلنمما ليممس هممذا بممدائم ول‬
‫غالب بل تارة كذا وتمارة بخلفمه خصوصما إذا ورد التفسممير‬
‫‪280‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بذلك من أصح الطرق عن ابممن عبمماس الممذي هممو ترجمممان‬
‫القرآن وحبر المة وإمام العرب وتابعه فيه أئمة التابعين‪.‬‬
‫)تنممبيه( قيممل‪ :‬يممدل لعممدم الحنممث قمموله تعممالى )وليممس‬
‫عليكم جناح فيما أخطأتم به( قلت‪ :‬ل دللة فيه لوجه‪:‬‬
‫أحدها أن جماعة قالوا الية مخصوصة بنسبة زيممد إلممى‬
‫محمد وهو السبب الذي نزلت فيه الية وهذا على رأي من‬
‫يقول العبرة بخصوص السبب ل بعموم اللفظ‪.‬‬
‫الثاني على اعتبار العموم اتفق المفسممرون أو أكممثرهم‬
‫على تفسير الخطأ في الية بما كان مممن غيممر قصممد فعلممى‬
‫هذا إنما يصح الستدلل بالية على ممما سممبق إليممه اللسممان‬
‫من اليمان فهو كقوله تعالى )ل يؤاخمذكم اللمه بماللغو فمي‬
‫أيمانكم( على أصح القوال فيه ولهذا عقبه بقوله )ولكن ما‬
‫تعمدت قلوبكم( كما قال هناك )ولكن يؤاخذكم بما كسممبت‬
‫قلوبكم(‪.‬‬
‫الثالث على تقدير تسليم أن المراد بالخطأ ما هو أعممم‬
‫من ذلك أن اليممة دالممة علممى نفممي الثممم فقممط لنممه معنممى‬
‫الجناح قال الجوهري في الصحاح الجناح بالضم الثممم هممذه‬
‫عبارته‪ ،‬ول يلزم مممن نفممي الثممم نفممي الكفممارة أل تممرى أن‬
‫القاتل خطأ عليه الكفارة إجماعا وكذا الجاني فممي الحممرام‬
‫بإزالممة شممعر أو نحمموه خطممأ ومممن ظممن أن وقمموع الطلق‬
‫وكفارة اليمين من باب خطاب التكليف ل الوضع فقد أبعممد‬
‫وليت شعري ما يقول المحتج بعموم هذه الية فيمن صمملى‬
‫بنجاسة جاهل فإن قال ل تلزمه العادة أخذا بعمومهمما فقممد‬
‫خالف مذهب الشافعي وإن قممال ألزمممه العممادة ول أقيممده‬
‫بجهله إل عدم الثم فقد سلم ما قلناه‪.‬‬
‫)تنبيه( فإن قلت هذا تحرير النقل والممدليل فممما تحريممر‬
‫الفرق بين المضي والستقبال من حيث المعنى حيث قلت‬
‫بالحنث في الول دون الثاني قلت تحرر لي في ذلك ثلثممة‬
‫فروق‪ :‬أحدها ما أشار إليه ابن رزين أن النتهاك ونحوه في‬
‫الول وقع حالممة اليميممن بخلف الثمماني فممإن نفممس اليميممن‬
‫صدرت سالمة من ذلك ثم طرأ ذلك بعدها وكان هذا راجممع‬
‫إلى أنه يغتفر في الثناء ما ل يغتفر في البتداء‪ .‬الثمماني ممما‬
‫أشار إليه الذرعممي أن تممرك الحنممث فممي الول يممؤدي إلممى‬
‫‪281‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إلغماء اليميمن الصمادرة بالكليمة وإلغماء يميمن مقصمودة لمم‬
‫يسبق إليها اللسان بعيد بخلف الثاني فأن ترك الحنث فيه‬
‫ل يؤدي إلى ذلك بناء على أن اليميممن ل تنحممل وهممو الصممح‬
‫فتؤثر بعد ذلك‪ .‬الثالث وهو أقواها عندي ولم أر من تعرض‬
‫له أن الحممالف علممى الماضممي غيممر معممذور بخلف الحممالف‬
‫على المستقبل وبيان كونه غير معذور من وجهيممن أحممدهما‬
‫أن الحالف على الماضي ل يقصد به إل تحقيممق الخممبر إذ ل‬
‫يتعلق به حث ول منع فكان عليه أن يسممتثبت قبممل الحلممف‬
‫بخلف الحالف على المستقبل فإن قصده الحممث أو المنممع‬
‫فله في الحلف قصد صممحيح والسممتثبات فيممه غيممر متصممور‬
‫فإذا وقع الفعل المحلمموف عليممه مممع جهممل أو نسمميان كممان‬
‫معممذورا بخلف الحممالف علممى الماضممي غيممر مسممتثبت ول‬
‫متحقق فإنه مقصر غير معذور‪ ،‬الوجه الثاني أنه كان يمكنه‬
‫أن يحلف علمى أن ظنممه كممذا أو معتقمده أو مما انتهممى إليمه‬
‫علمه لفظا بذلك أو ناويا له فيكون صادقا فلمما تمرك ذلمك‬
‫وعدل إلى الجزم بأنه في نفس المر كذلك والواقع بخلفه‬
‫كان كاذبا مقصرا حيث لم يقتصر في يمينه علممى ظنممه بممل‬
‫عداه إلى الواقع جازما به فلم يعذر لذلك‪ ،‬ومممما يصمملح أن‬
‫يعد فرقا رابعا أن التعليق في الماضي يقتضممي الحنممث مممع‬
‫الجهل قطعمما كقمموله إن كممانت امرأتممي فممي الحمممام فهممي‬
‫طالق بخلف التعليق في المستقبل فإنه ل يقتضي الحنممث‬
‫إذا وقمممع ممممع الجهمممل أو النسممميان وإذا افمممترق المضمممي‬
‫والستقبال في التعليق فل بدع أن يفترقا فممي اليميممن لنممه‬
‫جار مجراه‪.‬‬
‫)تنبيه( تقدم في كلمي أنه ل يلممزم مممن البنمماء وإجممراء‬
‫الخلف الستواء في التصحيح وهذا أمممر متفممق عليممه فممإن‬
‫قيل الغالب الستواء قلنا ل يلزم الحمل على الغالب إل مع‬
‫عدم التصريح بخلفه على أنه إن أريد بالغالب أن ذلممك هممو‬
‫الكثر مع كثرة مقابله أيضا فهذا ل يمنمع الحممل علمى غيمر‬
‫الغالب الكثير لما قام من الشواهد لممذلك وإن أريممد أن ممما‬
‫خالف ذلك نادر جدا فليس كذلك بل هممو فممي غايممة الكممثرة‬
‫ولول خشية الطالة والخروج عن المقصود لوردت مسائله‬
‫هنا وقد أفردتها بتأليف مستقل‪ ،‬ومن أمثلة ذلممك ممما ذكممره‬
‫‪282‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرافعي لو نسي الممماء فممي رحلممه فممتيمم وصمملى فقممولن‬
‫أظهر هما وهو الجديد وجوب العادة قممال ولممو أدرج الممماء‬
‫في رحله وهو ل يشعر به ففيه قممول النسمميان لكممن الصممح‬
‫هنا نفي العادة لنه ل تقصير فيه وفي الممذهول بعممد العلممم‬
‫نوع تقصير وهذا الفرع أشبه شيء بالمسألة التي نحن فيها‬
‫فإن الناسي فمي مسممألة السممتقبال ل ينسممب إلممى تقصممير‬
‫بخلف مسألة المضي فإن القدام على الحلف علممى نفممي‬
‫الشيء بعد وقوعه أو عكسه فيه نوع تقصممير‪ ،‬وممما أحسممن‬
‫قول الشيخ تاج الدين السبكي في رفع الحمماجب رب فممرع‬
‫لصل ذلك الصل يظهر فيه الحكم أقوى مممن ظهمموره فيممه‬
‫لنتهمماض الممدليل عليممه ولهممذا تممرى الصممحاب كممثيرا ممما‬
‫يصححون في المبنى خلف ما يصححونه في المبنممى عليممه‬
‫انتهى‪.‬‬
‫)تنبيه( مما يحصل الئتناس به لما قلنمماه قممول الفقهمماء‬
‫إن المسألة ذات الطريقيممن إذا كممان الصممح فيهممما طريقممة‬
‫الحلف فالغالب أن الصممح فيهمما ممما وافممق طريقممة القطممع‬
‫وهذه المسألة فيها طريقة قاطعة بالحنث كما تقدم أن ابن‬
‫الصلح نقل ذلك عن المحاملي وحينئذ فالراجح مممن قممولي‬
‫الطريقة المشهورة ما وافقها‪ ،‬علممى أن عنممدي فممي إثبممات‬
‫القولين في المسألة نظرا فإن الذرعي ذكممر أن الصممحاب‬
‫لم يتعرضوا لقسم المضي فالظاهر إجراء القولين فيها من‬
‫تخريممج الرافعممي‪ ،‬ثممم رأيممت أن أوسممع النظممر فممي كتممب‬
‫الشممافعي والصممحاب فممي هممذه المسممألة لقممف علممى‬
‫متفرقممات كلمهممم فيهمما واعلممم مممن تعممرض لهمما ممممن لممم‬
‫يتعرض لها فراجعت الم فوجدت فيها ما يدل على الحنممث‬
‫ونصه في أبواب ما اختلف فيه مالك والشافعي قال الربيع‬
‫قلت للشافعي ما لغو اليمين فقممال أممما الممذي نممذهب إليممه‬
‫فما قالت عائشة أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه‬
‫عن عائشة أنها قالت لغو اليمين قول النسان ل واللممه وبل‬
‫والله فقلت للشافعي ما الحجة فيما قلممت قممال اللغممو فممي‬
‫لسان العرب الكلم غير المعقود عليه فيه من جماع اللغممو‬
‫يكون الخطأ فخمالفتموه وزعمتممم أن اللغممو حلمف النسمان‬
‫على الشيء يظن أنه كما حلف عليه ثم يوجد علممى خلفممه‬
‫‪283‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال الشافعي فهذا ضد اللغو هممذا هممو الثبممات فممي اليميممن‬
‫بعقدها على ما يعقد عليه وقول الله )ولكممن يؤاخممذكم بممما‬
‫عقدتم اليمان( ما عقدتم به عقد اليمين عليه ولممو احتمممل‬
‫اللسان ما ذهبتم إليه منع من احتماله ما ذهبت إليه عائشة‬
‫وكانت أولى أن تتبع منكممم لنهمما أعلممم باللسممان منكممم مممع‬
‫علمها بالفقه‪ -‬هذا نصه بحروفه‪ ،‬فقوله هذا ضد اللغممو إلممى‬
‫آخره صريح في الحكم بالحنث والمؤاخممذة علممى خلف ممما‬
‫في اللغو فإن الشافعي قصد بهذا الكلم الممرد علممى مالممك‬
‫فإنه اختار تفسير اللغو في الية بذلك كما تقدم واحتممج بممه‬
‫على عدم الحنث في اليمين فيمن حلف على ظنه ثم تبين‬
‫خلفممه وإذا كممان نممص الشممافعي صممريحا فممي الحنممث فممي‬
‫اليمين ففي الطلق أولممى لن مالكمما موافممق علممى الحنممث‬
‫فيممه‪ ،‬ثممم رأيممت فممي موضممع آخممر مممن الم ممما نصممه قيممل‬
‫للشافعي فإنا نقول أن اليمين التي ل كفارة فيها فإن حنث‬
‫فيها صاحبها إنها يمين واحدة إل أن لهمما وجهيمن وجمه يعمذر‬
‫فيه صاحب ويرجى له أن ل يكون عليممه فيهمما إثممم لنممه لممم‬
‫يعقد فيها إثم ول كذب وهو أن يحلف بالله على المممر لقممد‬
‫كان ولم يكن فإذا كان ذلك جهده ومبلغ علمه فممذلك اللغممو‬
‫الذي وضع الله منه المؤونة عمن العبماد وقمال )ل يؤاخمذكم‬
‫الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقممدتم اليمممان(‬
‫والوجه الثاني أنه إن حلف عامدا للكذب استخفافا بمماليمين‬
‫بالله كاذبا فهو الوجه الثمماني الممذي ليسممت فيممه كفممارة لن‬
‫الذي يعرض من ذلك أعظم من أن يكون فيممه كفممارة وأنممه‬
‫ليقال لممه تقممرب إلممى اللممه بممما اسممتطعت مممن خيممر فقممال‬
‫الشافعي أخبرنا سفيان ثنا عمرو بن دينار وابن جريممج عممن‬
‫عطاء قال ذهبممت أنمما وعبيممد بممن عميممر إلممى عائشممة وهممي‬
‫معتكفممة فممي سممتر فسممألتها عممن قممول اللممه عممز وجممل )ل‬
‫يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم( قممالت هممو ل واللممه وبلممى‬
‫والله قال الشافعي فلغو اليمين كممما قممالت عائشممة رضممي‬
‫الله عنها وذلك إذا كممان علممى اللجمماج والغضممب والعجلممة ل‬
‫يعقد على ما حلف عليه وعقد اليمين أن يثبتها على شمميء‬
‫بعينه أن ل يفعل الشيء فيفعله أو ليفعلنه فل يفعله أو لقد‬
‫كان وما كان فهذا عليه الكفارة هذا نصممه بحروفممه‪ ،‬وقمموله‬
‫‪284‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قيل للشافعي يعني من جهة أصممحاب مالمك فهممذان نصممان‬
‫في الم صريحان في الحنث‪ ،‬وقد استوعبت الم من أولهمما‬
‫إلى آخرهمما فلممم أجمد فيهمما تعرضمما للمسممألة إل فمي هممذين‬
‫الموضعين وقمد جمزم فيهما بمالحنث كمما تمرى ثمم راجعمت‬
‫مختصر المزني‪.‬‬

‫فتح المغالق من أنت تالق‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ .‬وقممع‬
‫السؤال عمن قال لزوجته أنممت تممالق ناويمما بممه الطلق هممل‬
‫يقع به طلق فأجبت الذي عندي أنه إن نوى به الطلق وقع‬
‫سواء كان عاميا أو فقيها ول يقال أنممه بمنزلممة ممما لممو قممال‬
‫أنت فالق أو ممالق فمإنه ل يقمع بمه شميء لن حمرف التماء‬
‫قريب من مخرج الطاء ويبدل كل منهما من الخر في كثير‬
‫من اللفاظ فأبدلت الطاء تاء في قولهم طرت يممده وتممرت‬
‫يده أي سقطت وضممرب يممده بالسمميف فأطرهمما وأترهمما أي‬
‫قطعهمما وأنممدرها والتقطممر التهيممؤ للقتممال والتقممتر لغممة فيممه‬
‫ويقال في القمطرة كمترة بإبدال القاف كافا والطمماء تمماءا‬
‫وفي القسط كست كذلك ويقال في ذاطممه أي خنقممه أشممد‬
‫الخنق حتى دلع لسانه ذاته بالتاء ويقل غلممط وغلممت لغتممان‬
‫بمعنممى ويقممال فممي الفسممطاط فسممتاط فممي ألفمماظ أخممر‬
‫مممذكورة فممي كتممب اللغممة والكتممب المؤلفممة فممي البممدال‪،‬‬
‫وأبممدلت التمماء طمماء فممي نحممو مصممطفي ومضممطر ومطعممن‬
‫ومظطلم وأطيرنا إلى ممما ل يحصممى فثبممت بممذلك أن التمماء‬
‫والطاء حرفان متعاوران وينضم إلى هذا الوضع العربي مع‬
‫النية العرف وشهرة ذلك في ألسنة العوام كممثيرا ولشممهرة‬
‫اللفظ في اللسنة مدخل كبير في الطلق اعتممبره الفقهمماء‬
‫في عدة مسائل فهذه ثلثة أمور مقوية لوقوع الطلق فممي‬
‫هذا القسم فإن كان اللفظ بذلك عاميا حصل أمر رابع في‬
‫التقوية فإن قال قائل هذا اللفظ ليس من الصرائح ول من‬
‫الكنايات فل يقع به شميء قلنما أقمل مراتبمه أن يكمون ممن‬
‫الكنايات فإن أصل اللفممظ بالطمماء صممريح وخممرج إلممى حيممز‬
‫الكناية بإبدال حرف الطاء تاء ويؤيد ذلك من المنقول عممام‬
‫‪285‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وخاص فالعام قال في الروضة فرع إذا اشتهر فممي الطلق‬
‫لفظ سوى اللفاظ الثلثة الصريحة كحلل الله على حممرام‬
‫أو أنممت علممى حممرام أو الحممل علممى حممرام ففممي التحمماقه‬
‫بالصمممريح أوجمممه أصمممحها نعمممم لحصمممول التفممماهم وغلبمممة‬
‫الستعمال وبهذا قطع البغوي وعليه تنطبق فتمماوى القفممال‬
‫والقاضي حسين والمتأخرين‪ ،‬والثمماني ل ورجحممه المتممولي‪،‬‬
‫والثالث حكاه المام عن القفال أنه إن نوى شيئا آخممر مممن‬
‫طعام وغيره فل طلق وإذا ادعاه صممدق وإن لممم ينممو شمميئا‬
‫فإن كان فقيها يعلم أن الكنايممة ل تعمممل إل بالنيممة لممم يقممع‬
‫وإن كان عاميا سألناه عما يفهم منه إذا سمممعه مممن غيممره‬
‫فإن قال يسبق إلى فهمي منه الطلق حمل على ما يفهمه‬
‫والذي حكاه المتولي عن القفال أنممه إن نمموى غيممر الزوجممة‬
‫فذاك وإل يقع الطلق للعرف قلت الرجممح الممذي قطممع بممه‬
‫العراقيون المتقدمون أنه كنايممة مطلقمما واللممه أعلممم‪ ،‬وأممما‬
‫البلد التي يشتهر فيها اللفممظ للطلق فهممو كنايممة فممي حممق‬
‫أهلها بل خلف انتهى‪ .‬فانظر كيف صدر الفرع بضابط وهممو‬
‫أن يشتهر في الطلق لفظ ولم يخصه بلفظ دون لفممظ ول‬
‫يظن أحد اختصاصه بلفظ الحلل على حممرام ونحمموه فإنممما‬
‫ذكر هذه على سبيل التمثيل فالضابط لفظ يشتهر في بلممد‬
‫أو فريممق اسممتعماله فممي الطلق وهممذا اللفممظ اشممتهر فممي‬
‫ألسممنة العمموام اسممتعماله فيممه فهممو كنايممة فممي حقهممم عنممد‬
‫النووي وصريح عنممد الرافعممي‪ ،‬وأممما فممي حممق غيرهممم مممن‬
‫الفقهاء وعوام بلد لم يشتهر ذلك في لسانهم فهو كناية ول‬
‫يأتي قول بأنه صريح فإن نظممر نمماظر إلممى أن الفقهمماء لممم‬
‫ينبهوا على هذا اللفظ في كتبهم قلنا الفقهمماء لممم يسممتوفوا‬
‫كل الكنايات بل عممددوا منهمما جمل ثمم أشمماروا إلمى ممما لممم‬
‫يذكروه بضممابط‪ ،‬وقممد اسممتنبط البلقينممي مممن حممديث قممول‬
‫إبراهيم لمرأة ابنة إسماعيل عليهما السلم قولي لممه يغيممر‬
‫عتبة بابه إن هذه اللفظة من كنايات الطلق ولم ينص على‬
‫هممذه اللفظممة أحممد قبلممه ولعممل الفقهمماء إنممما سممكتوا عممن‬
‫التعرض للفظة تالق لكونها لم تقع في زمنهم وإنممما حممدث‬
‫ذلك في ألسنة العامة من المتأخرين وأما من قال أن تالقا‬
‫من التلق وهو معنى غير الطلق فكلمه أشد سقوطا مممن‬
‫‪286‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن يتعرض لرد فإن التلق ل يبنى منه وصممف علممى فاعممل‪،‬‬
‫وأما الخاص ففي الروضة وأصلها في مسائل منثممورة عممن‬
‫زيادات العبادي ولو قممال أنممت طممال وتممرك القمماف طلقممت‬
‫حمل على الترخيم‪ ،‬وقال البوشممنجي ينبغممي أن ل يقممع وإن‬
‫نوى فإن قال يا طال ونوى وقع لن الترخيم إنممما يقممع فممي‬
‫النممداء فأممما فممي غيممر النممداء فل يقممع إل نممادرا فممي الشممعر‬
‫انتهى‪ .‬وإبدال الحرف أقرب إلى الوقوع من حذفه بالكليممة‬
‫قال السنوي في الكوكب ولم يبين الرافعممي المممراد بهممذه‬
‫النية فيحتمل أن يكممون المممراد بهمما نيممة الطلق وأن يكممون‬
‫المراد نية الحممذف مممن طممالق قلممت فممإن أريممد الول كممان‬
‫كناية أو الثاني كان صريحا فممإن قلممت الحممذف معهممود لغممة‬
‫وفقها بهذا الفرع والبدال وإن عهد لغة لم يعهد فقها ففممي‬
‫أي فرع اعتبر الفقهاء بالبدال قلت في فروع قال السنوي‬
‫في الكوكب إبدال الهاء من الحاء لغة قليلة وكممذلك إبممدال‬
‫الكاف من القمماف فمممن فممروع الول إذا قممرأ فممي الفاتحممة‬
‫الهمد لله بالهاء عوضا عن الحاء فإن الصلة تصح كما قاله‬
‫القاضي حسين في باب صفة الصلة من تعليقه ونقله عنه‬
‫ابن الرفعة في الكفاية‪ ،‬وأممما الثمماني فمممن فروعممه إذا قممرأ‬
‫المستقيم بالقماف المعقمودة المشمبهة للكماف فإنهما تصمح‬
‫أيضا كما ذكره الشيخ نصر المقدسي فممي كتممابه المقصممود‬
‫والروياني في الحيلة ونقله عنه النووي في شممرح المهممذب‬
‫وجزم به ابن الرفعة في الكفاية قال السنوي والصحة في‬
‫أمثال هذه المور لجل وروده في اللغة وبقاء الكلمة علممى‬
‫مممدلولها أظهممر بخلف التيممان بالممدال المهملممة فممي الممذين‬
‫عوضا عممن المعجمممة فمإن إطلق الرافعممي وغيمره يقتضمي‬
‫البطلن وانممه ل يممأتي فيممه الخلف فممي إبممدال الضمماد ظمماء‬
‫وسببه عسر التمييز في المخرج انتهى‪.‬‬
‫)فصل( فإن لم ينو به الطلق فله حالن أحممدهما أن ينمموي‬
‫به الصرف عن الطلق ول شممك أنممه ل يقممع شمميء والحالممة‬
‫هذه‪ ،‬ولو قيل بأن ذلك يقبل من الفقيه ويدين فيممه العممامي‬
‫فيؤاخذ به ظاهرا ول يقع باطنا لم يكن ببعيد‪ ،‬وهذا ل يتممأتى‬
‫على القول بأنه كناية لن الكناية ل تديين فيها وإنممما يتممأتى‬
‫أن جعلناه صريحا وهو قوي جدا أما على رأي الرافعي فممي‬
‫‪287‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اللفظ الذي اشتهر فواضممح وأممما علممى ممما صممححه النممووي‬
‫فهذا لمن تأمله أقوى من لفظ الحلل على حرام فإن ذاك‬
‫لفظ آخر غير لفظ الطلق ويحتمل معاني‪ ،‬وأما لفظ تممالق‬
‫يحتمل معنى آخر وإنما هو لفممظ الطلق أبممدل منممه حممرف‬
‫بحرف مقارب له في المخرج ويؤيد جعله صريحا ممما أشممار‬
‫إليممه السممنوي فممي أنممت طممال علممى إرادة نيممة المحممذوف‬
‫بالطلق ويؤيده صحة الصلة بالهمد لله فإنه صريح فممي أن‬
‫الحرف المبدل قائم مقام الحرف المبدل منه من كل وجه‬
‫فيستمر اللفظ على صراحته كما استمر ذلك اللفظ معتممدا‬
‫به في القراءة بل أولى لن باب الصلة وإبطالهمما بسممقوط‬
‫حرف من الفاتحممة أضمميق وبمماب القممراءة أشممد ضمميقا فممإن‬
‫القراءة ل تجوز بالمعنى ول بالمرادف بل ول بالشمماذ الممذي‬
‫قرئ به في الجملة ولممم يقممرأ أحممد قممط الهمممد للممه بالهمماء‬
‫فقممولهم بالصممحة والحالممة هممذه لمجممرد البممدال بممالحرف‬
‫المقارب أدل دليل على أن البدال بما ذكر ل يخرج اللفممظ‬
‫عن معناه الموضوع له فانشممرح الصممدر بممذلك إلممى القممول‬
‫بصراحة هذا اللفظ والله أعلممم‪ ،‬ول يلزمنمما طممرد ذلممك فممي‬
‫الفقيه لن هذا البدال ليس من نعته ول مممن عممادته فقبممل‬
‫قوله في عدم إرادته وكمان فمي حقمه كالكنايمة ل يعممل إل‬
‫بالنية‪ ،‬الحال الثاني أن ل ينمموى شمميئا بممل يطلممق‪ ،‬والوقمموع‬
‫في هممذه الحالممة فممي حممق العممامي باطنمما لممه وجممه مأخممذه‬
‫الصراحة أو الشبه بالصراحة وأما ظاهرا فأقوى بممل ينبغممي‬
‫أن يجزم به وفي حق الفقيه محل توقف‪.‬‬
‫)فرع( أما لو قال على التلق بالتاء فهو كناية قطعا في‬
‫حممق كممل أحممد العممامي والفقيممه فممإن نمموى فطلق وإل فل‪،‬‬
‫والفرق بينه وبين تالق أن تالقا ل معنى لممه يحتملممه والتلق‬
‫له معنى يحتمله‪.‬‬
‫)فرع( ولو قال أنت دالق بالدال فيمكن أن يأتي فيه ما‬
‫في تالق بالتاء لن الدال والطاء أيضا متعاوران في البدال‬
‫إل أن هذا اللفظ لم يشتهر في اللسممنة كاشممتهار تممالق فل‬
‫يمكن أن يأتي فيه القول بالوقوع مع فقد النية أصل مع أن‬
‫لدالق معنى غير الطلق يقال سيف دالممق إذا كممان سمملس‬
‫الخروج من غمده ورجل دالق كثير الغارات‪.‬‬
‫‪288‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فرع( ولو قال أنت طالق بالقاف المعقودة قريبة مممن‬
‫الكاف كما يلفظ بها العرب فل شك في الوقوع فلو أبممدلها‬
‫كافا صريحة فقال طالك فيمكن أن يكون كما لو قال تممالق‬
‫بالتاء إل أنه ينحط عنه بعدم الشهرة على اللسنة فالظاهر‬
‫أنه كدالق بالدال إل أنه ل معنى له يحتمله‪ ،‬وتعمماور القمماف‬
‫والكمماف كممثير فممي اللغممة وقممد قممرأ وإذا السممماء كشممطت‬
‫وقشطت وتقدم أنه يقال في قسط كسممط وفممي قمطممرة‬
‫كمترة‪.‬‬
‫)فرع( فلو أبممدل الحرفيممن فقممال تالممك بالتمماء والكمماف‬
‫فيحتمل أن يكون كناية إل أنممه أضممعف مممن جميممع اللفمماظ‬
‫السابقة ثم أنه ل معنى لممه محتمممل ولممو قممال ذلممك بالممدال‬
‫والكاف فهو أضعف من تالك مع أن له معاني محتملة منها‬
‫المماطلة للغريم ومنها المساحقة يقممال تممدالكت المرأتممان‬
‫إذا تساحقتا فيكون كناية قذف بالمساحقة والحاصل أن هنا‬
‫ألفاظا بعضها أقوى من بعض فأقواها تالق ثممم دالممق وفممي‬
‫رتبتها طالك ثم تالك ثم دالك وهي أبعدها والظمماهر القطممع‬
‫بأنها ل تكون كناية طلق أصل‪ ،‬ثممم رأيممت المسممألة منقولممة‬
‫في كتب الحنفية قال صاحب الخلصة وفي الفتمماوى رجممل‬
‫قال لمرأته أنت تالق أو تالغ أو طممالغ أو تالممك عممن الشمميخ‬
‫المام الجليل أبي بكر محمد بن الفضل أنه يقممع وأن تعمممد‬
‫وقصد أن ل يقع ول يصدق قضاء ويصدق ديانة إل إذا أشهد‬
‫قبممل أن يتلفممظ وقممال أن امرأتممي تطلممب منممي الطلق ول‬
‫ينبغممي لممي أن أطلقهمما فممأتلفظ بهمما قطعمما لعلتهمما وتلفممظ‬
‫وشممهدوا بممذلك عنممد الحمماكم ل يحكممم بممالطلق وكممان فممي‬
‫البتداء يفرق بين الجاهل والعممالم كممما هممو جممواب شمممس‬
‫الئمة الحلواني ثم رجع إلى ما قلنا وعليه الفتوى‪.‬‬

‫المنجلي في تطور الولي‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬رفممع إلممي‬
‫سؤال في رجل حلممف بممالطلق أن ولممي اللممه الشمميخ عبممد‬
‫القادر الطشطوطي بات عنده ليلة كذا فحلف آخر بالطلق‬
‫أنه بات عنده في تلك الليلة بعينها فهممل يقممع الطلق علممى‬
‫‪289‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أحمدهما أم ل؟ فأرسملت قاصمدي إلمى الشميخ عبمد القمادر‬
‫فسأله عممن ذلممك فقممال ولممو قممال أربعممة أنممي بممت عنممدهم‬
‫لصدقوا فأفتيت بأنه ل يحنث واحد منهما‪ ،‬وتقرير ذلك مممن‬
‫حيث الفقه أنه ل يخلممو أممما أن يقيممم كممل منهممما بينممة أو ل‬
‫يقيم أحد منهما أو يقيمها واحد دون الخر فالحممالن الولن‬
‫عدم الحنث فيهممما واضممح ل ينممازع فيممه أحممد لنممه ل يمكممن‬
‫تحنيثهما معا كما هو ظاهر ول تحنيث واحد معين منهما لنه‬
‫تحكم وترجيح من غير مرجح وأنت خبير بممما قمماله الفقهمماء‬
‫في مسألة الطائر‪ ،‬وأما الحال الثالث فقد ينممازع فيهمما مممن‬
‫يتوهم أن وجود الشخص الواحد في مكانين في وقت واحد‬
‫غير ممكن بل هو مستحيل وليس كما توهمه هذا المتمموهم‬
‫من الستحالة فقممد نممص الئمممة العلم علممى أن ذلممك مممن‬
‫قسم الجائز الممكن وإذا كممان ممكنمما فظمماهر أنممه ل حنممث‬
‫لن من حلف على وجود شيء ممكن عنده لم يحكم عليممه‬
‫بالحنث لمكان صدقه‪ ،‬والطلق ل يقع في الظمماهر بالشممك‬
‫وهذا أمر ل يحتاج إلى تقرير وإنما المذي يحتماج إليمه إثبمات‬
‫كون هذا المحلوف عليه ممكنا وقممد وقعممت هممذه المسممألة‬
‫قممديما وأفممتى فيهمما العلممماء بعممدم الحنممث كممما أفممتيت بممه‬
‫واستنادهم فيه إلى كونه ممكنمما غيممر مسممتحيل فممأقول قممد‬
‫نص على إمكان ذلك أئمة أعلم منهممم العلمممة علء الممدين‬
‫القونوي شارح الحاوي والشيخ تاج الممدين السممبكي وكريممم‬
‫الممدين الملممي شمميخ الخانقمماه الصمملحية سممعيد السممعداء‬
‫وصممفي الممدين بممن أبممي المنصممور وعبممد الغفممار بممن نمموع‬
‫القوصممي صمماحب الوحيممد والعفيممف اليممافعي والشمميخ تمماج‬
‫الممدين ابممن عطمماء اللممه والسممراج ابممن الملقممن والبرهممان‬
‫البناسي والشيخ عبد الله المنمموفي وتلميممذه الشمميخ خليممل‬
‫المالكي صاحب المختصر وأبو الفضممل محمممد بممن إبراهيممم‬
‫التلمساني المالكي وخلق آخرون‪ ،‬وحاصل ممما ذكممروه فممي‬
‫توجيه ذلك ثلثممة أمممور‪ :‬أحممدها أنممه مممن بمماب تعممدد الصممور‬
‫بالتمثل والتشكل كما يقع ذلك للجان‪ ،‬والثاني أنه من بمماب‬
‫طي المسافة وزوي الرض مممن غيممر تعممدد فيممراه الرائيممان‬
‫كل فممي بيتممه وهممي بقعممة واحممدة إل أن اللممه طمموى الرض‬
‫ورفع الحجب المانعة من الستطراق فظن أنه في مكممانين‬
‫‪290‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وإنما همو فمي مكمان واحمد‪ ،‬وهمذا أحسمن مما يحممل عليمه‬
‫حديث رفع بيت المقدس حتى رآه النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم بمكممة حممال وصممفه إيمماه لقريممش صممبيحة السممراء‪،‬‬
‫والثالث أنه مممن بمماب عظممم جثممة الممولي بحيممث مل الكممون‬
‫فشوهد في كل مكان كممما قممرر بممذلك شممأن ملممك الممموت‬
‫ومنكر ونكيممر حيممث يقبممض مممن مممات فممي المشممرق وفممي‬
‫المغممرب فممي سمماعة واحممدة ويسممأل مممن قممبر فيهممما فممي‬
‫الساعة الواحدة فإن ذلك أحسممن الجوبممة فممي الثلثممة‪ ،‬ول‬
‫ينافي ذلك رؤيته علممى صممورته المعتممادة فمإن اللممه يحجممب‬
‫الممزائد عممن البصممار أو يدمممج بعضممه فممي بعممض كممما قيممل‬
‫بالمرين في رؤية جبريل في صورة دحية وخلقتممه الصمملية‬
‫أعظممم مممن ذلممك بحيممث أن جنمماحين مممن أجنحتممه يسممدان‬
‫الفق‪ ،‬وها أنا أذكر بعض كلم الئمة في ذلك قممال العلمممة‬
‫علء الدين القونوي في تأليف له يسمممى العلم ممما نصممه‪:‬‬
‫وفي الممكن أن يخص الله تعممالى بعممض عبمماده فممي حممال‬
‫الحياة بخاصية لنفسه الملكية القدسية وقوة لهمما يقممدر بهمما‬
‫على التصرف في بدن آخر غير بدنها المعهود مع اسممتمرار‬
‫تصرفها في الول وقد قيممل فممي البممدال أنهممم إنممما سممموا‬
‫إبدال لنهم قد يرحلممون إلممى مكممان ويقيمممون فممي مكممانهم‬
‫الول شبحا آخر شبيها بشبحهم الصلي بممدل عنممه وإذا جمماز‬
‫في الجن أن يتشكلوا في صور مختلفة فالنبيمماء والملئكممة‬
‫والولياء أولى بذلك‪ ،‬وقد أثبت الصوفية عالما متوسطا بين‬
‫عالم الجساد وعالم الرواح سموه عالم المثال وقالوا هممو‬
‫ألطف من عممالم الجسمماد وأكثممف مممن عمالم الرواح وبنموا‬
‫على ذلك تجسد الرواح وظهورهمما فممي صممور مختلفممة مممن‬
‫عالم المثال وقد يستأنس لذلك بقمموله تعممالى )فتمثممل لهمما‬
‫بشرا سويا( فتكون الروح الواحممدة كممروح جبريممل مثل فممي‬
‫وقت واحد مدبرة لشممبحه الصمملي ولهممذا الشممبح المثممالي‪،‬‬
‫وينحل بهذا ما قد اشتهر نقله عممن بعممض الئمممة أنممه سممأل‬
‫بعض الكابر عن جسم جبريل عليه السلم فقال أيممن كممان‬
‫يذهب جسمه الول الممذي سممد الفممق بممأجنحته لممما تممراءى‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم في صورته الصلية عنممد إتيممانه‬
‫إليه في صورة دحية‪ ،‬وقد تكلف بعضهم الجممواب عنممه بممأنه‬
‫‪291‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يجوز أن يقال كان يندمج بعضممه فممي بعممض إلممى أن يصممغر‬
‫حجمه فيصير بقدر صورة دحيممة ثممم يعممود ينبسممط إلممى أن‬
‫يصير كهيئتممه الولممى وممما ذكممره الصمموفية أحسممن وهممو أن‬
‫يكون جسمه الول بحاله لم يتغير وقد أقام اللممه لممه شممبحا‬
‫آخر وروحه تتصرف فيهما جميعمما فممي وقممت واحممد وكممذلك‬
‫النبياء ول بعممد فممي ذلممك لنممه إذا جمماز إحيمماء الممموتى لهممم‬
‫وقلب العصا ثعبانا وأن يقدرهم الله على خلف المعتاد في‬
‫قطع المسافة البعيدة كما بين السماء والرض فممي لحظممة‬
‫واحدة إلممى غيممر ذلممك مممن الخمموارق فل يمتنممع أن يخصممهم‬
‫بالتصرف في بدنين وأكثر من ذلك وعلى هذا الصل تخرج‬
‫مسائل كثيرة وتنحل به إشكالت غير يسيرة كقممولهم جنممة‬
‫عرضها السماوات والرض وهممي فمرق السممماوات والرض‬
‫وسقفها عرش الرحمن كيف أريها النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم فممي عممرض الحممائط حممتى تقممدم إليهمما فممي صمملته‬
‫ليقتطف منها عنقودا على ما ورد بممه الحممديث وجمموابه أنممه‬
‫بطريق التمثل‪ ،‬وكممما يحكممى عممن قضمميب البممان الموصمملي‬
‫وكان من البدال أنه اتهمه بعض من لم يممره يصمملي بممترك‬
‫الصلة وشدد النكير عليه في ذلممك فتمثممل لممه علممى الفممور‬
‫فممي صممور مختلفممة وقممال فممي أي هممذه الصممور رأيتنممي ممما‬
‫أصلي‪ ،‬ولهم حكايات كثيرة مبنية على هممذه القاعممدة وهممي‬
‫مممن أمهممات القواعممد عنممدهم واللممه أعلممم هممذا كلممه كلم‬
‫القونوي بحروفه‪ .‬وقال الشيخ تاج الدين بممن السممبكي فممي‬
‫الطبقات الكبرى في ترجمة أبي العباس الملثم‪ :‬كممان مممن‬
‫أصحاب الكرامممات والحمموال ومممن أخممص النمماس بصممحبته‬
‫تلميذه الشيخ الصممالح عبممد الغفممار بممن نمموح صمماحب كتمماب‬
‫الوحيد في علم التوحيممد وقممد حكممى فممي كتممابه كممثيرا مممن‬
‫كراممماته مممن ذلممك قممال كنمما عنممده يمموم الجمعممة فاشممتغلنا‬
‫بالحديث وكان حديثه يلذ للمسامع فبينما نحن في الحممديث‬
‫والغلم يتوضأ فقال له الشيخ إلى أين يا مبارك فقممال إلممى‬
‫الجممامع فقممال وحيمماتي صممليت فخممرج الغلم وجمماء فوجممد‬
‫الناس قمد خرجمموا مممن الجممامع قمال عبمد الغفمار فخرجمت‬
‫فسألت الناس فقالوا كان الشيخ أبممو العبمماس فممي الجممامع‬
‫والناس تسلم عليه فرجعت إليه فسألته فقال أنمما أعطيممت‬
‫‪292‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التبدل‪ ،‬قال ابن السممبكي ولعممل قمموله صممليت مممن صممفات‬
‫البدلية فإنهم يكونون في مكممان وشممبحهم فممي مكممان آخممر‬
‫قال وقد تكون تلك الصمفة الكشممف الصموري الممذي ترتفمع‬
‫فيممه الجممدران ويبقممى السممتطراق فيصمملي كيممف كممان ول‬
‫يحجبممه السممتطراق انتهممى‪ .‬وقممال صممفي الممدين بممن أبممي‬
‫المنصور في رسالته جرت للشيخ مفممرج ببلممده قضممية مممع‬
‫أصحابه قال شخص منهم كان قد حممج لخممر رأيممت مفرجمما‬
‫بعرفة فنازعه الخر بممأن الشمميخ ممما فممارق دمممامين ول راح‬
‫لغيرها وحلف كل منهما بالطلق الذي كممان قممد حممج حلممف‬
‫بالطلق من زوجته أنه رآه بعرفة وحلف الخر بالطلق أنممه‬
‫لم يغب عن دمامين في يوم عرفة فاختصما إليه وذكر كممل‬
‫منهما يمينه فأقرهما علممى حالهممما وأبقممى كممل واحممد علممى‬
‫زوجته فسألته عن حكمة فيهما وصدق أحدهما يوجب حنث‬
‫الخر وكان حاضممرا معنمما رجممال معتممبرون قممال الشمميخ لنمما‬
‫قولوا إذنا منه بأن نتحدث في سر هذا الحكم فتحممدث كممل‬
‫منهم‪ :‬وجه ل يكفى وكأن المسألة قد اتضممحت لممي فأشممار‬
‫إلي باليضاح فقلت الولي إذا تحقق فممي وليتممه مكممن مممن‬
‫التصور في صور عديممدة وتظهممر علممى روحممانيته فممي حيممن‬
‫واحد في جهات متعددة فممإنه يعطممى التطممور فممي الطمموار‬
‫والتلبممس فممي الصممور علممى حكممم إرادتممه فالصممورة الممتي‬
‫ظهرت لمن رآها بعرفة حق وصورته الممتي رآهمما الخممر لممم‬
‫تفارق دمامين حق وصدق كل منهما في يمينه فقال الشيخ‬
‫هذا هو الصحيح‪ .‬انتهى‪ .‬وقد ساق ذلك اليممافعي فممي كفايممة‬
‫المعتقد وقال فإن قلت هذا مشكل ول سبيل إلى أن يسلم‬
‫الفقيه ذلك ول يسوغ في عقله أبدا ول يصممح الحكممم عنممده‬
‫بعدم حنث الثنين أبدا إذ وجود شممخص واحممد فممي مكممانين‬
‫في وقت واحد محال في العقل فالجواب عن هذا ما أجاب‬
‫به الشيخ صفي الدين المذكور وليس ذلك محال لنه إثبات‬
‫تعدد الصور الروحانية وليس ذلك بصورة واحدة حتى يلممزم‬
‫منه المحال قال فان قيل الشكال باق في تعدد الصور من‬
‫شخص واحد فالجواب أن ذلك قممد وقممع وشمموهد ول يمكممن‬
‫جحده وان تحير فيه العقل‪ ،‬من ذلمك ممما اشممتهر عممن كممثير‬
‫من الفقهاء وغيرهم أن الكعبة المعظمممة شمموهدت تطمموف‬
‫‪293‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بجماعة من الولياء في أوقات في غير مكانها ومعلوم أنهمما‬
‫في مكانها لم تفممارقه فممي تلممك الوقممات ومممن ذلممك قصممة‬
‫قضيب البان وروينا عن بعض الكابر أنه قال ما الشأن في‬
‫الطيران إنما الشأن فممي اثنيممن أحممدهما بالمشممرق والخممر‬
‫بممالمغرب يشممتاق كممل منهممما إلممى زيمارة الخممر فيجتمعممان‬
‫ويتحممدثان ويعممود كممل واحممد منهممما إلممى مكممانه والنمماس‬
‫يشاهدون كل واحد منهما في مكانه لممم يممبرح عنممه‪ .‬وقممال‬
‫اليافعي أيضا في روض الرياحين ذكر بعض أصممحاب سممهل‬
‫بن عبد الله قال حج رجل سنة فلما رجع قال لخ له رأيممت‬
‫سهل بن عبد الله في الموقف بعرفة فقال لممه أخمموه نحممن‬
‫كنا عنده يوم التروية في رباطه بباب تستر فحلف بالطلق‬
‫أنه رآه في الموقممف فقممال لممه أخمموه قممم بنمما حممتى نسممأله‬
‫فقاما ودخل عليه وذكرا له ما جرى بينهما وسأله عن حكم‬
‫اليمين فقال سممهل مممالكم بهممذا مممن حاجممة اشممتغلوا بممالله‬
‫وقال للحالف أمسك عليك زوجك ول تخبر بهذا أحدا انتهى‪.‬‬
‫وقال الشيخ خليل المالكي صاحب المختصر المشممهور‬
‫في كتابه الذي ألفممه فممي منمماقب شمميخه الشمميخ عبممد اللممه‬
‫المنوفي ما نصه‪ :‬الباب السادس فممي طممي الرض لممه مممع‬
‫عدم تحركه من ذلك أن رجل جاء مممن الحجمماز وسممأل عممن‬
‫الشيخ وذكر أنه رآه واقفا بعرفة فقال له الناس الشيخ لممم‬
‫يزل من مكممانه فحلممف علممى ذلممك فطلممع الشمميخ وأراد أن‬
‫يتكلم فأشار إليه بالسكوت وذكممر وقممائع أخممرى وقعممت لممه‬
‫من هذا النوع ثم قال فإن قلت كيف يمكن وجود الشممخص‬
‫الواحد بمكانين قلت الولي إذا تحقق في وليته تمكممن مممن‬
‫التصور في روحانيته ويعطي من القدرة التصوير في صممور‬
‫عديدة وليس ذلك بمحال لن المتعدد هو الصورة الروحانية‬
‫وقد اشتهر ذلك عند العارفين بالله كما حكممى عممن قضمميب‬
‫البان أنكر عليه بعض الفقهاء عدم الصلة فممي جماعممة ثممم‬
‫اجتمع ذلك الفقيه به فصلى بحضرته ثمان ركعات في أربع‬
‫صور ثم قال له أي صورة لم تصل معكم فقبممل يممد الشمميخ‬
‫وتاب‪ ،‬وكما حكى عن الشيخ أبي عباس المرسي أنه طلبممه‬
‫إنسان لمر عنده يوم الجمعة بعد الصلة فأنعم له ثممم جمماء‬
‫له أربعة كل منهم طلب منه مثممل ذلممك فممأنعم للجميممع ثممم‬
‫‪294‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صلى الشمميخ مممع الجماعممة وجمماء فقعممد بيممن الفقهمماء ولممم‬
‫يذهب لحد منهم وإذا بكل من الخمسة جاء يشممكر الشمميخ‬
‫على حضوره عنممده‪ ،‬وقممد حكممى جماعممة أن الكعبممة رؤيممت‬
‫تطوف ببعممض الوليمماء هممذا كلم الشمميخ خليممل وناهيممك بممه‬
‫إمامة وجللة‪ ،‬ورأيت في مناقب الشيخ تاج الدين بن عطاء‬
‫الله لبعممض تلميممذه أن رجل مممن جماعممة الشمميخ حممج قممال‬
‫فرأيت الشيخ في المطاف وخلممف المقممام وفممي المسممعى‬
‫وفي عرفة فلما رجعت سألت عن الشيخ فقيممل هممو طيممب‬
‫فقلممت همل سمافر أو خممرج مممن البلممد فقيمل ل فجئت إليمه‬
‫وسلمت عليه فقال لي مممن رأيممت فممي سممفرتك هممذه مممن‬
‫الرجال قلت يا سيدي رأيتممك فتبسممم وقممال الرجممل الكممبير‬
‫يمل الكون لو دعى القطب من حجر لجاب‪ .‬وقال صمماحب‬
‫الوحيممد‪ :‬الخصممائص اللهيممة ل يحجممر عليهمما فهممذا عزرائيممل‬
‫يقبض في كل ساعة من الخلئق فممي جميممع العمموالم ممما ل‬
‫يعلمه إل الله وهو يظهممر لهممم بصممور أعمممالهم فممي مممرائى‬
‫شتى وكل واحد منهم يشهده ويبصممره فممي صممور مختلفممة‪.‬‬
‫وقال الشيخ سراج الدين ابن الملقن ومن خطه نقلت فممي‬
‫طبقات الولياء‪ :‬الشيخ قضيب البان الموصمملي ذو الحمموال‬
‫الباهرة والكرامات المتكمماثرة سممكن الموصممل واسممتوطنها‬
‫إلى أن مات فيها قريبا من سنة سممبعين وخمسمممائة ذكممره‬
‫الكمال ابن يونس فوقع فيه موافقة لمن عنممده فبينمما هممم‬
‫كذلك إذ دخل عليهم فبهتوا وقال يا ابممن يممونس أنممت تعلممم‬
‫كلما يعلمه الله قال ل قال فأين كنت أنا من العلم الممذي ل‬
‫تعلمه أنت فلم يدر ابن يونس ما يقول وسممئل عنممه الشمميخ‬
‫عبد القادر الكيلني فقال هو ولي مقرب ذو حممال مممع اللممه‬
‫وقدم صدق عنده فقيل له ما نراه يصلي فقممال انممه يصمملي‬
‫من حيث ل ترونه وإني أراه إذا صمملى بالموصممل أو بغيرهمما‬
‫من آفاق الرض يسجد عند باب الكعبة‪ ،‬وقال أبممو الحسممن‬
‫القرشي رأيته في بيته بالموصل قد مله ونما جسممد‪ :‬نممماء‬
‫خارقا للعادة فخرجمت وقمد همالني منظمره ثمم عمدت إليمه‬
‫فرأيته في زاوية البيت وقد تصاغر حتى صار قدر العصفور‬
‫ثم عدت إليه فرأيته كحالته المعتادة انتهى‪ .‬وفي الطبقممات‬
‫المذكورة من هذا النمط أشياء كثيرة‪ .‬وقال الشمميخ برهممان‬
‫‪295‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الممدين البتاسممي فممي كتمماب تلخيممص الكمموكب المنيممر فممي‬
‫مناقب الشيخ أبي العباس البصير من كراماته أنه لما قممدم‬
‫مكة اجتمع بالشيخ أبي الحجاج القصري فجلسا في الحرم‬
‫يتذاكران أحوال القوم فقال أبو الحجاج هل لك في طواف‬
‫أسبوع فقمال أبمو العبماس إن للمه رجمال يطموف بيتمه بهمم‬
‫فنظر أبو الحجاج وإذا بالكعبة طائفممة بهممما‪ ،‬قممال البناسممي‬
‫ول ينكر ذلك فقد تضافرت أخبار الصالحين على نظير هذه‬
‫الحكاية‪ .‬وقال العلمة شمس الممدين بممن القيممم فممي كتمماب‬
‫الروح‪ :‬للروح شأن آخر غير شأن البدن فتكون في الرفيق‬
‫العلممى وهممي متصمملة ببممدن الميممت بحيممث إذا سمملم علممى‬
‫صاحبها رد السلم وهي في مكانها هنمماك وهممذا جبريممل رآه‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح منها جناحممان‬
‫سدا الفق وكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى‬
‫يضممع ركبممتيه علممى ركبممتيه ويممديه علممى فخممذيه وقلمموب‬
‫المخلصين تتسع لليمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هممذا‬
‫الممدنو وهممو فممي مسممتقره مممن السممماوات‪ ،‬وقممال صمماحب‬
‫الوحيد‪ :‬من القوم من كان يخلي جسممده ويصممير كالفخممارة‬
‫التي ل روح فيها كما أخبرني عيسى بن المظفر عن الشيخ‬
‫شمممس الممدين الصممبهاني وكممان عالممما ومدرسمما وحاكممما‬
‫بقوص أن رجل كان يخلي جسده ثلثة ايممام ثممم يرجممع إلممى‬
‫حاله الذي كان عليه انتهممى‪ .‬قلممت الصممبهاني المممذكور هممو‬
‫العلمة شمس الممدين المشممهور صمماحب شممرح المحصممول‬
‫وغيره من التصانيف في الصمملين نقممل ابممن السممبكي فممي‬
‫طبقاته عن الشيخ تاج الدين الفركاح أنه قال لم يكممن فممي‬
‫زمانه في علم الصول مثله‪ ،‬وقال ابن السممبكي أيضمما فممي‬
‫الطبقممات الكممبرى الكرامممات أنممواع إلممى أن قممال الثمماني‬
‫والعشممرون التطممور بممأطوار مختلفممة وهممذا الممذي تسممميه‬
‫الصوفية بعالم المثال وبنوا عليممه تجسممد الرواح وظهورهمما‬
‫في صور مختلفة مممن عممالم المثممال واستأنسمموا لممه بقمموله‬
‫تعالى )فتمثل لها بشرا سويا( ومنه قصة قضيب البممان ثممم‬
‫ذكرها وذكممر غيرهمما‪ .‬قلممت ومممن شممواهد ممما نحممن فيممه ممما‬
‫أخرجه أحمد والنسائي بسند صممحيح عممن ابممن عبمماس قممال‬
‫قال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم لممما أسممرى بممي‬
‫‪296‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فأصبحت بمكة قطعممت وعرفممت أن النمماس مكممذبي فممذكر‬
‫الحديث إلى أن قال قالوا وتستطيع أن تنعت المسجد وفي‬
‫القوم من قد سافر إليه قال رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فذهبت أنعت فما زلت أنعت حتى التبس على بعض‬
‫النعت فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليممه حممتى وضممع دون دار‬
‫عقيل أو عقال فنعته وأنمما أنظممر إليممه‪ .‬فهممذا إممما مممن بمماب‬
‫التمثيل كما في رؤية الجنة والنار في عممرض الحممائط وإممما‬
‫من باب طي المسافة وهو عندي أحسن هنا ومن المعلمموم‬
‫أن أهل بيت المقدس لم يفقدوه تلك الساعة مممن بلممدهم‪،‬‬
‫ومن ذلك ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابممن المنممذر‬
‫في تفاسيرهم والحاكم في المسممتدرك وصممححه عممن ابممن‬
‫عباس في قوله تعالى )لول أن رأى برهان ربممه( قمال مثممل‬
‫له يعقوب وأخرج ابن جرير مثله عن سعيد بن جبير وحميد‬
‫بن عبد الرحمن ومجاهد والقاسممم ابممن أبممي بممزة وعكرمممة‬
‫ومحمد بن سيرين وقتممادة وأبممي صممالح وشمممر بممن عطيممة‬
‫والضحاك وأخممرج عممن الحسممن قممال انفممرج سممقف الممبيت‬
‫فرأى يعقوب‪ ،‬وفي لفظ عنه قال رأى تمثال يعقوب‪ .‬فهممذا‬
‫القول من هؤلء السلف دليل علممى اثبممات المثممال أو طممي‬
‫المسافة وهو شاهد عظيم لمسألتنا حيث رأى يوسف عليه‬
‫السلم وهو بمصممر أبمماه وكممان إذ ذاك بممأرض الشممام ففيممه‬
‫اثبات رؤيممة يعقمموب عليممه السمملم بمكممانين متباعممدين فممي‬
‫وقت واحد بناء على إحدى القاعدتين اللتين ذكرناهما والله‬
‫أعلم‪.‬‬

‫باب اللعان‬
‫مسألة ‪ -‬امرأة نفت ابنها بعد اعترافها به وحكم بالنفي‬
‫حاكم فهل ينتفي منها وهل لها أن تقر به ثانيا‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الولممد ل يلحممق الم باعترافهمما بممل لبممد مممن‬
‫إقامتها البينة فإن أقامتها فل يفيد النفي بعدها‪.‬‬

‫}كتاب النفقات{‬
‫مسألة ‪ -‬إذا أذن الولي في النفاق على الزوجة ومات‬
‫هممل يسممتمر الذن إلممى البينونممة الكممبرى أو ينقطممع بممموته‬
‫‪297‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويحتاج إلى إذن ولي إن كان أو الحاكم‪ ،‬وإذا قممرر لهمما فممي‬
‫نظير كسوتها مبلغ معين ورضيت بممه ثممم بعممد مممدة تراضمميا‬
‫على أقل من ذلك هل يصح أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المسممألة الولممى مسممألة حسممنة ولممم أجممدها‬
‫منقولة والذي يتخممرج علممى القواعممد الحتمممال الثمماني لنممه‬
‫كالوكيل عن الولي في النفمماق عليهمما فينقطممع بممموته هممذا‬
‫مقتضى القواعد ولكن الحسن خلفه لطباق النمماس علممى‬
‫عدم النزاع في ذلك من عهد النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫إلى الن‪ ،‬وأما إذا قممرر لهمما فممي نظيممر كسمموتها دراهممم ثممم‬
‫تراضيا على أقل وهي جائزة التصرف فإنه يجوز‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في امرأة ناشزة هل تستحق شيئا من النفقممة‬
‫والقسم والكسمموة أم ل وإذا قلتممم بممالمنع فهممل إذا رجعممت‬
‫في بعض اليوم هل تعود نفقة اليوم أو بعضه‪ ،‬وهل تسممقط‬
‫كسوة الفصل كله أم بعضه‪ ،‬وما معنى قولهم الفصممل هممل‬
‫هو العام أو بعضه أو أحد الشهور المقرر فيها الكسوة‪ ،‬وإذا‬
‫ادعى الزوج النشوز وأنكرت الزوجة فهل القممول قولهمما أم‬
‫قوله وهل يلزم أحدهما يمين أم يكلممف البينممة‪ ،‬وإذا طلقهمما‬
‫وهي ناشزة فهل لهمما السممكنى‪ ،‬وإذا قلتممم بممالمنع فلزمممت‬
‫مسكن النكاح وأطاعت فهل تستحق السكنى أم ل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ل تسممتحق الناشممزة شمميئا مممما ذكممر‪ ،‬وإذا‬
‫رجعت في بعض اليوم لم تستحق لذلك اليوم شيئا على ما‬
‫رجحه في زوائد الروضة فممي النكمماح وحكممى فممي النفقممات‬
‫وجهين بل ترجيح‪ ،‬ويسقط بالنشوز كسوة فصل كامل وهممو‬
‫نصف العام ول تعود بعود الطاعة على قياس ممما ذكممر فممي‬
‫النفقة‪ ،‬وإذا ادعى النشوز وأنكرته فالقول قولها بيمينهمما إل‬
‫أن تكون له بينة‪ ،‬وإذا طلقهمما وهممي ناشممزة فل سممكنى لهمما‬
‫فإن عادت إلى الطاعة عاد حق السكنى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬زوجة خرجت من منزل الزوج بغير إذنممه إلممى‬
‫منممزل أبيهمما وأقممامت بممه مممدة وطلقهمما الممزوج طلقمما بائنمما‬
‫واستمرت نحو عشرة أشهر وادعت أنها مشتملة منه علممى‬
‫حمل فهل تستحق النفقة والكسوة للمممدة الماضممية‪ ،‬وهممل‬
‫القول قوله أنها خرجت من منزله بغير إذنممه أو يحتمماج إلممى‬
‫بينة‪ ،‬وهل يثبت موت الحمل في بطن أمه بالبينة أم ل وإذا‬
‫‪298‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثبت موته فهممل تسممتحق المطلقممة النفقممة والكسمموة أم ل‪،‬‬
‫وهممل إذا وضممعته ميتمما يكممون الحكممم كممذلك أم ل‪ ،‬وهممل‬
‫للمطلق أن يسأل البينة عن قممراءة الفاتحممة أو عممن شمميء‬
‫من شروط الصلة وإذا سألها وكممانت ل تحسممن شمميئا مممن‬
‫ذلك فهل يكون قادحا في الشهادة أم ل‪ ،‬وهل إذا أتت بولد‬
‫وادعت أنه من المطلق يلحق به أم ل‪.‬‬
‫الجمممواب ‪ -‬إذا طلقمممت الناشمممز وهمممي حاممممل ففمممي‬
‫استحقاقها النفقة رأيممان مبنيممان علممى أن النفقممة هممل هممي‬
‫للحمل أو لها بسبب الحمل فإن قلنا للحمل استحقت أولها‬
‫بسببه لم تستحق وهذا القول الثاني أظهر وهو أنها لهمما فل‬
‫تستحق‪ ،‬والمسألة الثانية أيضا مبنية على هذا الخلف فممإن‬
‫قلنمما للحمممل لممم تجممب للمممدة الماضممية لن نفقممة القريممب‬
‫تسقط بمضي الزمان وإن قلنا لهمما وجبممت أعنممي فممي غيممر‬
‫هذه الصورة التي هي صورة النشوز‪ ،‬وقممدر الممواجب أيضمما‬
‫مبني على هذا الخلف فإن قلنا للحمممل فممالواجب الكفايممة‬
‫من غير تقدير وإن قلنا لها فالواجب مقدر وهو القدر الممذي‬
‫يجب حالة العصمممة ويختلممف باليسممار والعسممار والتوسممط‬
‫وهذا أيضا في غير صورة النشوز لما تقدم مممن أن الناشممز‬
‫ل تستحق شيئا‪ ،‬والفممروع المبنيممة علممى هممذا الخلف اثنممان‬
‫وثلثممون فرعمما سممقتها فممي تممأليفي الشممباه والنظممائر‪ ،‬وإذا‬
‫ادعى أنها خرجت بغير إذنمه وأنكمرت فمقتضمى مما ذكمروه‬
‫في العدد أن القممول قممول الممزوج بيمينممه لن الصممل عممدم‬
‫الذن‪ ،‬لكممن فممي الروضممة وأصمملها فممي النفقممات لممو ادعممى‬
‫الزوج النشوز وأنكرت فالصحيح أن القول قولها لن الصل‬
‫عدم النشوز وأما ثبوت موت الحمل في بطممن أمممه بالبينممة‬
‫فقممد رجحمموا ثبمموت الحمممل نفسممه بالبينممة لن لممه مخممائل‬
‫وقرائن يظهر بها ومقتضى هذا أن ممموته فممي البطممن أيضمما‬
‫يثبت بها لن لذلك مخائل يعرفها النساء والطباء وإذا ثبممت‬
‫موته أو وضع ميتا استحقت النفقة والكسوة إلى آخممر يمموم‬
‫الوضع بناء على الظهر أن النفقة لها ل للحمل والكلم في‬
‫غير صممورة النشمموز‪ ،‬وللمممدعى عليممه أن يقممدح فممي البينممة‬
‫بالفسق ويفسر ذلك بالتقصممير فممي تعلممم واجبممات الصمملة‬
‫فإذا ثبت ذلك كان قادحا في عدالته وشهادته لكممن بشممرط‬
‫‪299‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن يكون ذلك مما يلزم تعلمه إجماعا أو فممي معتقممده فممإن‬
‫كان مقلدا من ل يرى لزوم تعلم الفاتحة لممم يفسممق بممترك‬
‫تعلمها وكذا لو تعذر عليه حفظها فإنه يعذر في ذلك ويممأتي‬
‫بالبدل فل يفسق‪ ،‬وإذا أتممت المطلقممة بولممد لحممق المطلممق‬
‫من غير دعوى بشرط أن يكون بيممن الممولدة والطلق أربممع‬
‫سنين فأقل وبشرط أن ل يطرأ عليها فراش لغيره‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل تزوج بامرأة ودخل بها ثم غاب عنها أكثر‬
‫من سنة ونصف ولممم يعلممم لممه مكممان فممأثبتت غيبتممه علممى‬
‫حاكم شافعي وعدم النفقة وعدم مال له تصممرف لهمما منممه‬
‫نفقتها فخيرها الحاكم بين القامة والفسخ فاختارت الفسخ‬
‫فأجابها الحاكم وفسخ فهل يجمموز هممذا الفسممخ أم ل لكممون‬
‫الشهود ل يعلمون مقر الزوج فكيف يعلمون بإعساره‪.‬‬
‫الجواب قمال ابمن العمماد فمي كتمابه توقيمف الحكمام علمى‬
‫غوامض الحكام فرع إذا تحقق الشممهود إعسممار الممزوج ثممم‬
‫غمماب مممدة طويلممة وادعممت امرأتممه إعسمماره جمماز لهممم أن‬
‫يشممهدوا أنممه الن معسممر استصممحابا للصممل ولنظممر إلممى‬
‫احتمال طروء اليسار قاله ابن الصلح في فتمماويه‪ ،‬قممال ول‬
‫يكفي الشهود أن يقولوا نشهد أنه غاب وهممو معسممر بممل ل‬
‫بد أن يشهدوا أنممه الن معسممر‪ ،‬ونظيممره الشممهادة بممالموت‬
‫على الستفاضة ل يكفي أن يقولوا سمعنا أنه مات بل لبممد‬
‫أن يقولوا نشهد أنه مات ويجوز لهممم الجممزم اعتمممادا علممى‬
‫غلبة الظن‪ ،‬قمال‪ :‬ونظيمر ذلمك ممما لمو رأى الشماهد إنسممانا‬
‫أقرض غيره مال ثم غاب عنه مدة طويلة يحتمل أنممه وفمماه‬
‫فيها أو أبرأه فإنه يجوز له أن يشهد للمقممرض ببقمماء الحممق‬
‫في ذمة المقترض ول نظر إلى احتمال الوفمماة انتهممى كلم‬
‫ابن العماد وحينئذ إذا كممان هممؤلء الشممهود عرفمموا إعسمماره‬
‫قبل غيبته ثم غاب ولم يعرفوا مقره فشممهدوا بممأنه معسممر‬
‫الن فشممهادتهم مقبولممة وفسممخ الحمماكم المرتممب عليهمما‬
‫صحيح‪.‬‬

‫النقول المشرقة في مسألة النفقة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫‪300‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ .‬وقممع‬
‫السؤال عن رجل تممزوج بممامرأة حممرة وأراد الممدخول عليهمما‬
‫في منزله فامتنعت من ذلك وقالت أنا ل أخرج من منزلممي‬
‫فسكن معهمما فممي منزلهمما فهممل يلزمممه نفقممة أم ل‪ .‬وأقممول‬
‫عبارة الروضة إذا زوج أمته لم يلزمه تسممليمها إلممى الممزوج‬
‫ليل ونهممارا لكممن يسممتخدمها نهممارا ويسمملمها ليل‪ ،‬ولممو قممال‬
‫السمميد ل أخرجهمما مممن داري ولكممن أخلممي لممك بيتمما لتممدخله‬
‫وتخلممو بهمما فقممولن أظهرهممما ليممس لممه ذلممك فممإن الحيمماء‬
‫والمروءة يمنعانه دخول دار غيره‪ ،‬وعلى هذا فل نفقة على‬
‫الزوج كما لو قالت الحرة أدخل بيتي ول أخممرج إلممى بيتممك‪،‬‬
‫والثاني للسيد ذلك لتدوم يده على ملكه مممع تمكممن الممزوج‬
‫من حقه فعلى هذا تلزمه النفقة هذه عبارة الروضممة وهممي‬
‫صريحة أو ظاهرة في أن ذلك فيما إذا جاء الزوج واسممتمتع‬
‫مسممألة ‪ -‬المممة عليهمما فممإن‬ ‫بها في منزلها بدليل قياس‬
‫محل مسألة المة فيما إذا فعل الزوج ذلك بل شك فكذلك‬
‫مسألة الحرة المقيس عليها ولو كانت مسألة الحممرة فيممما‬
‫إذا لم يفعل ومسألة المة فيما إذا فعل لممم يصممح القيمماس‬
‫كممما ل يخفممي إذ للفممارق حينئذ ٍ أن يفممرق بيممن المقيممس‬
‫والمقيس عليه بوجممود السممتمتاع فممي هممذا دون هممذا فممإن‬
‫زعم زاعم أن مسألة المة أيضا محلهمما فيممما إذا لممم يفعممل‬
‫قلنا قد صرح الشيخ جلل الدين المحلى في شرح المنهمماج‬
‫بخلف ذلك فقال ما نصه‪ :‬ولو أخلممى السمميد فممي داره بيتمما‬
‫وقال للزوج تخلو بها فيممه لممم يلزمممه ذلممك فممي الصممح لن‬
‫الحياء والمروءة يمنعانه من دخول داره ولو فعممل ذلممك فل‬
‫نفقممة عليممه هممذا لفظممه‪ ،‬ويقممويه مممن جهممة المعنممى أمممران‬
‫أحدهما أنها لو كانت فيما إذا لم يدخل لممم يكممن فيهمما قممول‬
‫بوجوب النفقة فممإن الممزوج إذا لممم يممدخل ل نفقممة عليممه بل‬
‫خلف والخلف في هذه مصمرح بمه فمي الروضمة والشمرح‬
‫كممما تممرى فتعيممن أن يكممون محلممه فيممما إذا دخممل‪ ،‬والمموجه‬
‫الثاني أن هذه المسممألة كمسممألة ممما إذا اسممتخدمها السمميد‬
‫نهارا وسلمها للزوج ليل والمرجح في تلك أنه ل نفقة علممى‬
‫الزوج مع دخوله واستمتاعه كممل ليلممة فكممذا هممذه بممل هممذه‬
‫أولى لن الحرج فيها أضمميق مممن تلممك فممإنه هنمماك تسمملمها‬
‫‪301‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫نصف تسليم وهو الليل كله الذي هو محل السممتمتاع وهنمما‬
‫لم يتسلمها أصل ويؤكد ما قلناه من الولوية أمر آخممر وهممو‬
‫أن قول السيد ل أسلمها إليممك نهممارا بممل ليل فقممط مقبممول‬
‫منه ومجاب إليه وقوله ل أخرجها من داري ولكن أخلي لك‬
‫بيتا فيها غير مقبول منه ول مجاب إليه فإذا لم يلزم الممزوج‬
‫نفقة في حالة مجاب إليها السمميد شممرعا فكيممف يتخيممل أن‬
‫تلزمه النفقة في حالة ليجاب السمميد إليهمما شممرعا هممذا ممما‬
‫أفهمته عبارة الروضة‪ ،‬وقال في الروضممة أيضمما فممي كتمماب‬
‫النفقات ما نصه‪ :‬فرع لو قالت المرأة ل أمكن ل في بيممتي‬
‫أو في موضع كذا أو بلد كممذا فهممي ناشممزة‪ ،‬وعنممد الرافعممي‬
‫في الشممرح بأوضممح مممن عبممارة الروضممة فقممال ولممو قممالت‬
‫المرأة ل أمكن إل في بيتي أو في بيت كذا أو بلد كذا فهممي‬
‫ناشزة لن التمكين التام لم يوجد‪ ،‬وهذا كما لو سلم للبممائع‬
‫المممبيع وشممرط أن ل ينقلممه إلممى موضممع كممذا هممذه عبممارة‬
‫الرافعي فانظر كيف علله بقوله لن التمكين التام لم يوجد‬
‫فدل على أنه وجد تمكين ناقص والتمكين النمماقص ل تجممب‬
‫معه نفقة وإن استمتع الزوج كما عللوا به مسألة المممة إذا‬
‫استخدمها السمميد نهممارا وأسمملمها للممزوج ليل فممإنه ل نفقممة‬
‫على الزوج مع رضمماه بممه وإجبمماره عليممه شممرعا لنممه ليممس‬
‫بتمكين تام وانظر أيضا كيف شبهه الرافعي بمسألة تسليم‬
‫البائع المبيع بشرط أن ل ينقلممه فممإن هممذا ل يكممون تسممليما‬
‫تاممما وإن رضممي بممه المشممتري‪ ،‬ثممم راجعنمما كتمماب التتمممة‬
‫للمتولي فوجدنا عبارته أوضح مممن عبممارة الرافعممي والسممر‬
‫في ذلك أن الكتب الصممول تبسممط فيهمما العبممارة بسممطا ل‬
‫يبقى معه إشكال علممى قاصممري الفهممم والكتممب المممأخوذة‬
‫منها تكف فيها العبارة اتكال علممى فهممم الفطممن أو توقيممف‬
‫الموقف ولممما كممانت الروضممة مممأخوذة مممن الشممرح كممانت‬
‫عبارة الشرح أوضح من عبارتها‪ ،‬ولما كان الشممرح مممأخوذا‬
‫من مثل التتمة ونحوها كانت عبارتهم أوضح‪ ،‬وعبارة التتمة‬
‫نصها‪ :‬التسليم الذي يتعلق بممه اسممتحقاق النفقممة أن تقممول‬
‫المرأة لزوجها أنا في طاعتك فخذني إلى أي مكممان شممئت‬
‫فإذا أظهرت الطاعة من نفسها على هذا الوجه فقد جعلت‬
‫ممكنة سواء تسلمها الزوج أو لممم يتسمملمها فأممما إذا قممالت‬
‫‪302‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أسلم نفسي إليك في منزلي أو في موضع كممذا دون غيممره‬
‫مممن المواضممع لممم يكممن هممذا تسممليما تاممما كالبممائع إذا قممال‬
‫للمشتري أسلم المبيع إليممك علممى شممرط أن ل تنقلممه مممن‬
‫موضعه أو على شرط أن تتركه فممي موضممع كممذا لممم يكممن‬
‫تسليما للمبيع حتى يجممب تسممليم الثمممن علممى قولنمما تجممب‬
‫البداية بتسليم المبيع هذا نممص التتمممة بحروفممه‪ ،‬ومنممه أخممذ‬
‫الرافعي‪ ،‬وقال في التتمة أيضا فممي مسممألة المممة لممو قممال‬
‫السيد الزوج أذنت لك أن تدخل منزلي متى شئت من ليممل‬
‫أو نهار ولكني ل أمكن الجارية من الخروج مممن داري فمممن‬
‫أصحابنا من قال لها النفقة لن للسيد فيهمما حقمما فل يمكممن‬
‫أن يكلف إزالة يده والمزوج قمد يمكمن منهما علمى الطلق‪،‬‬
‫ومنهم من قال ل تسممتحق النفقممة لن الممزوج يحتشممم مممن‬
‫دخول داره في كل وقممت فل يكمممل التسممليم هممذه عبممارته‬
‫فممانظر كيممف علممل المموجه القممائل بعممدم النفقممة الممذي هممو‬
‫المصحح في الروضة بعدم كمال التسليم فاندفع قول مممن‬
‫قال أن التسليم في مسألة لو أخلى في داره بيتمما كممامل إذ‬
‫يممدخل عليهمما مممن شمماء مممن ليممل أو نهممار بخلف مسممألة‬
‫تسليمها ليل ل نهارا فإنه ناقص فيها‪ ،‬أنت قد رأيت تصممريح‬
‫المتولي بخلفه‪ ،‬وقد صرح المتولي أيضا في مسألة الحممرة‬
‫بالتسوية بين ممما إذا قممالت أسمملم نفسممي ليل وبيممن ممما إذا‬
‫قالت ل أسلم نفسي إل في بيممتي فقممال ممما نصممه‪ :‬الثممالث‬
‫عشر السيد إذا زوج أمته فإن سلمها إلى الزوج ليل ونهممارا‬
‫وجبت نفقتها وأما إن سلمها ليل دون النهار اختلف أصحابنا‬
‫فيه على ثلثة أوجه أحدها ل تستحق النفقة وهو اختيار ابن‬
‫أبي هريممرة ووجهممه أنممه تسممليم نمماقص فل تسممتحق النفقممة‬
‫كالحرة إذا قالت أسلم نفسممي ليل أو قممالت أسمملم نفسممي‬
‫في وضممع مخصمموص‪ ،‬والثمماني تجممب النفقممة بخلف الحممرة‬
‫والفرق أن للزوج أن يسافر بها وليس له أن يسافر بالمممة‬
‫فانظر بحمد الله إلى هممذا التصممريح المطممابق لممما فهمنمماه‬
‫وكيف قطع بعدم وجوب النفقممة فمي الحممرة فمي مسمألتين‬
‫التسليم ليل والتسممليم فممي موضممع مخصمموص وفممرق بينهمما‬
‫وبين المة حيث الخلف فيها بممأن الممزوج يملممك المسممافرة‬
‫بممالحرة فكممان امتناعهمما مممن النقلممة نشمموزا كامتناعهمما مممن‬
‫‪303‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المسافرة معه ول يملك المسافرة بالمة فجرى وجه أنه ل‬
‫يملك نقلها فلم يكن نشوزا ول مسممقطا للنفقممة علممى هممذا‬
‫المموجه‪ ،‬وقممد صممرح النممووي أيضمما فممي الروضممة بالتفرقممة‬
‫المذكورة فقال لو سامح السيد فسمملمها ليل ونهممارا فعلممى‬
‫الزوج تسليم المهممر وتمممام النفقممة وإن لممم يسمملمها إل ليل‬
‫فهل تجب جميع النفقممة أو نصممفها أم ل يجممب شمميء؟ فيممه‬
‫أوجه أصحها عنممد جمهممور العراقييممن والبغمموي أنممه ل يجممب‬
‫شيء ويجممري الوجهممان الخيممران فيممما إذا سمملمت الحممرة‬
‫نفسها ليل واشتغلت عن الزوج نهارا‪ ،‬قلت الصحيح الجممزم‬
‫في الحرة أنه ل يجممب شمميء فممي هممذا الحممال واللممه أعلممم‬
‫فانظر كيممف صممحح طريقممة الجممزم فممي الحممرة مممع إجممراء‬
‫الخلف في المة‪ .‬وأما قول من قال كيف يممدخل ويسممتمتع‬
‫في غير مقابل فجوابه أنه في مقابلة المهر وقممد قممال فممي‬
‫الروضة هنا ما نصه‪ :‬وأما المهر فقممال الشمميخ أبممو حامممد ل‬
‫يجب تسليمه كالنفقة وقال القاضي أبو الطيب يجممب قممال‬
‫ابن الصباغ لن التسليم الذي يتمكن معممه مممن المموطء قممد‬
‫حصممل وليممس كالنفقممة فإنهمما ل تجممب بتسممليم واحممد قلممت‬
‫الصح الوجوب والله أعلم فإن قال قممائل أيسممتمتع بهمما ول‬
‫تلزمه نفقة قلنا الستمتاع في مقابلة المهر كما هو مصممرح‬
‫بممه فممي كلمهممم وكيممف يتخيممل أن النفقممة تجممب بمطلممق‬
‫السممتمتاع وقممد قممال صمماحب التنممبيه ول تجممب النفقممة إل‬
‫بالتمكين التام قال ابن الرفعة فممي الكفايممة احممترز الشمميخ‬
‫بلفظ التام عما إذا قممالت أنمما أسمملم نفسممي إليممك ليل دون‬
‫النهار وفي نهار دون الليل أوفي البلد الفلني دون غيره أو‬
‫في المنزل الفلني فإن النفقة ل تجب بذلك إذ لممم يحصممل‬
‫التمكين المقابل بالنفقممة وقممال وصممورة التمكيممن التممام أن‬
‫تقممول سمملمت نفسممي إليممك فممإن اخممترت أن تصممير إلممي‬
‫وتأخذني وتستمتع بي فممذاك إليممك وإن اخممترت جئت إليممك‬
‫في أي مكان شئت أو ما يؤدى هذا المعنى‪ ،‬وعبارة الشمميخ‬
‫فممي المهممذب إذا سمملمت المممرأة إلممى زوجهمما ومكممن مممن‬
‫السممتمتاع بهمما ونقلهمما إلممى حيممث يريممد وهممما مممن أهممل‬
‫الستمتاع في نكاح صحيح وجبت نفقتها فممإن امتنعممت مممن‬
‫تسليم نفسها أو مكنت من اسممتمتاع دون اسممتمتاع أو فممي‬
‫‪304‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫منزل دون منزل أو في بلد دون بلد لم تجب النفقة لنه لم‬
‫يوجد التمكيممن التممام فلممم تجممب النفقممة كممما ل يجممب ثمممن‬
‫المبيع إذا امتنع البائع من تسليم المبيع أو سلم في موضممع‬
‫دون موضع‪ ،‬وعبارة ابن الصباغ في الشممامل‪ :‬فممإذا مكنممت‬
‫الزوجة من نفسها بأن تقول سمملمت نفسممي إليممك فممي أي‬
‫مكان شئت فقمد وجبمت لهما النفقمة فأمما إذا قمالت أسملم‬
‫نفسي إليك في منزلي أو في الموضممع الفلنممي دون غيممره‬
‫لم يكن هذا تسليما تاما ولم تسممتحق النفقممة كممما لممو قممال‬
‫البائع أسلم إليك السمملعة علمى أن تتركهمما فمي موضممعها أو‬
‫في مكان بعينه لم يكن تسليما يستحق بممه تسممليم العمموض‬
‫إليممه ولهممذا قلنمما إن السمميد إذا زوج أمتممه وسمملمها ليل دون‬
‫النهممار لممم تسممتحق النفقممة علممى الممزوج فممإنه لممم يحصممل‬
‫التسليم التام‪ ،‬وعبارة المحاملي في المجموع‪ :‬وإنما يجممب‬
‫بالتمكين التام المستند إلى عقد صحيح فمإذا قمالت المممرأة‬
‫مكنتك من نفسي فإن شئت أن تتركني في منزلي فافعممل‬
‫وإن شئت أن تنقلني إلى حيث شئت فافعل فإذا وجد ذلممك‬
‫استحقت النفقة وأما إذا لم يكن ذلك تمكينا تاما بأن قممالت‬
‫أمكنك من نفسي في منزلمي ول أنتقمل معمك إلمى موضمع‬
‫آخر فإنها ل تستحق النفقة بحال كالسيد إذا زوج أمته ولممم‬
‫يسلمها ليل ول نهارا بل قال أسلمها بالليل دون النهار فممإن‬
‫النفقة ل تجب بذلك‪ ،‬وعبارة ابن أبي عصرون في المرشممد‬
‫إذا سملمت المممرأة إلمى زوجهمما ومكممن ممن السمتمتاع بهما‬
‫ونقلها إلى حيث يريد وهما مممن أهممل السممتمتاع فممي نكمماح‬
‫صحيح وجبت النفقة عليه وإن امتنعت من تسليم نفسها أو‬
‫مكنت من استمتاع دون استمتاع أو في منممزل دون منممزل‬
‫أو في بلد دون بلد لم تجب النفقة‪ ،‬وعبممارة سممليم الممرازي‬
‫في الكفاية‪ :‬وإذا لم تسلم نفسها إلممى الممزوج لممم تسممتحق‬
‫عليه نفقة وسواء امتنعممت منممه بكممل حممال أو قممالت أنتقممل‬
‫معك إلى محلة دون محلة وهكذا إن تزوج بها وسممكت كممل‬
‫واحد منهما فلم يطلب الزوج أن تسلم نفسها ولممم تطلممب‬
‫هممي أن يتسمملمها لممم تسممتحق النفقممة وإذا أراد أن تسمملم‬
‫نفسها فإن كان الزوج حاضرا سلمت نفسها إليه بأن تقول‬
‫بذلت نفسي لك فإن شئت أن تردد إلى فافعل وإن شممئت‬
‫‪305‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن تنقلنممي إلممى أي موضممع أردت فافعممل وإذا فعلممت ذلممك‬
‫استحقت النفقممة‪ ،‬وعبممارة صمماحب البيممان‪ :‬إذا زوج الرجممل‬
‫أمته فليممس عليممه أن يرسمملها مممع زوجهمما ليل ونهمارا وإنممما‬
‫يجب عليه أن يرسمملها معممه بالليممل دون النهممار فممإن اختممار‬
‫السيد إرسالها لزوجها ليل ونهارا وجممب علممى الممزوج جميممع‬
‫نفقتها لنه قد حصل له الستمتاع التام وإن سمملمها السمميد‬
‫بالليل دون النهار ففيه وجهان من أصحابنا مممن قممال يجممب‬
‫عليه نصف نفقتها والمذهب أنممه ل يجممب عليممه شمميء مممن‬
‫نفقتها لنه لممم يسمملمها تسممليما تاممما فهممو كممما لممو سمملمت‬
‫الحممرة نفسممها بالليممل دون النهممار أو فممي بيممت دون بيممت‪،‬‬
‫وعبارة الشاشي في العمدة‪ :‬إذا سلمت المرأة إلى زوجهمما‬
‫وهي من أهل الستمتاع ومكممن مممن السممتمتاع بهمما ونقلهمما‬
‫حيممث يريممد وجممب عليممه نفقتهمما‪ ،‬وكممذا عبممارته فممي كتممابه‬
‫المسمى بالترغيب‪ ،‬ثم رأيت الماوردي قال في الحاوي ممما‬
‫نصه‪ :‬وأمما التمكيمن فيشمتمل علمى أمريمن ل يتمم إل بهمما‬
‫أحدهما تمكينه من الستمتاع بها والثاني تمكينه من النقلممة‬
‫معه حيث شاء في البلد الذي تزوجها فيه وإلممى غيممره مممن‬
‫البلد إذا كانت السبل مأمونة فلممو مكنتممه مممن نفسممها ولممم‬
‫تمكنه من النقلة معه لم تجب عليه النفقة لن التمكين لممم‬
‫يكمل إل أن يستمتع بها في زمان المتناع من النقلة فتجب‬
‫لها النفقة ويصير استمتاعه بها عفوا عممن النقلممة فممي ذلممك‬
‫الزمان هذه عبارته‪ ،‬وقد يتمسك بهمما مممن أفممتى بخلف ممما‬
‫أفتينا به بل أنا لما رأيتها توقفت كممل التوقممف ثممم بممان لممي‬
‫أنها ل تعارض ما تقدم وذلك أني رأيت الماوردي اختار فممي‬
‫النفقممة طريقممة ضممعيفة خلف الطريقممة الممتي صممححها‬
‫الشمميخان واعممترف هممو أن ممما اختمماره مخممالف لممما عليممه‬
‫الجمهور ولظاهر مذهب الشافعي فممإنه اختممار أنممه ل يخلممو‬
‫استمتاع بزوجة عن نفقة وفرع على ذلك واختار في المممة‬
‫إذا سلمت ليل ل نهممارا أنممه يجممب لهمما القسممط مممن النفقممة‬
‫وقال في الحرة الممتنعة من النقلممة إذا اسممتمتع بهمما يجممب‬
‫لهمما نفقممة زمممن السممتمتاع علممى قيمماس قمموله فممي المممة‬
‫بالتقسمميط ومعلمموم أن هممذه الطريقممة فممي المممة ضممعيفة‬
‫والمشهور أنه ل نفقة لها أصل‪ ،‬وهذه عبارة الماوردي قممال‬
‫‪306‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحالممة الثانيممة أن يمكنهمما منهمما ليل فممي زمممان السممتمتاع‬
‫ويمنعه منها نهارا في زمان الستخدام فل خيار للممزوج فممي‬
‫فسخ نكاحها إذا كان عالممما برقهمما لنممه حكممم مسممتقر فممي‬
‫نكمماح المممة وفممي نفقتهمما وجهممان أحممدهما وهممو قممول أبممي‬
‫إسحاق المروزي وجمهور أصحابنا أنه ل نفقة عليه لقصممور‬
‫استمتاعه عن حال الكمال‪ ،‬والوجه الثمماني وهممو قممول أبممي‬
‫علي بن أبممي هريممرة والظهممر عنممدي أن عليممه مممن نفقتهمما‬
‫بقسطه من زمممان السممتمتاع وهممو أن يكممون علممى الممزوج‬
‫عشاؤها وعلى السيد غداؤها لن العشاء يراد لزمان الليممل‬
‫والغداء يراد لزمان النهار وعليه من الكسمموة ممما تتممدثر بممه‬
‫ليل وعلى السيد منه ما تلبسه نهارا وإنما تقسطت النفقممة‬
‫عليه ولم تسقط عنه مممن أجممل وجممود السمتمتاع لئل يخلممو‬
‫استمتاع بزوجة مممن اسممتحقاق نفقممة هممذا لفظممه بحروفممه‪،‬‬
‫فممانظر كيممف رجممح فممي مسممألة المممة خلف ممما رجحممه‬
‫الشيخان وكيف قال في الول أنه قممول جمهممور الصممحاب‬
‫وفي ما رجحه الظهر عندي إشارة إلى أنه اختيار له خممارج‬
‫عممما رجحممه الجمهممور‪ ،‬وانظممر كيممف بنممى أصممله علممى أن‬
‫الستمتاع ل يخلو من نفقمة وذلمك غيمر لزم عنمد الجمهمور‬
‫ومنهم الشيخان فعرف أن قوله ذلك في الحمرة بنماء علمى‬
‫أصله هو ل على طريقة الجمهور‪ ،‬وقال الماوردي أيضا بعد‬
‫هذا الكلم بورقتين‪ :‬فإن بوأها معه السيد منممزل ليل ونهممارا‬
‫وجبت عليه نفقتها وإن منعه منها ليل ونهارا سقطت نفقتها‬
‫وكان السيد متعديا بمنعها منممه فممي الليممل دون النهممار وإن‬
‫بوأها معه ليل واستخدمها نهممارا لممم يتعممد‪ ،‬وفمي نفقتهمما ممما‬
‫قدمناه من الوجهين أحدهما وهو قممول المممروزي والظمماهر‬
‫من مذهب الشافعي أنه يسقط عنه جميعها‪ ،‬والثمماني وهممو‬
‫قول أبي علي بن أبي هريرة وهو الصممح عنممدي أنممه يجممب‬
‫عليه من النفقة بقسطها من زمان الليممل دون النهممار وهممو‬
‫ما >ص ‪0‬قابل العشاء دون الغداء‪ .‬انتهى‪ .‬وإنممما قممال فممي‬
‫الول إنه الظاهر من مذهب الشافعي لنمه نمص عليمه فمي‬
‫المختصر كممما تقممدمت عبممارته ثممم تأمممل عبممارة الممماوردي‬
‫السابقة في الحرة تجده لم يوجب لها النفقة في كل اليام‬
‫إنما أوجب لها نفقة زمممن السممتمتاع خاصممة لقمموله ويصممير‬
‫‪307‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫استمتاعه بها عفوا عن النقلة في ذلك الزمان فقيده بقوله‬
‫في ذلك الزمان وذلك يحتمل معنيين أحدهما أنه يجممب لهمما‬
‫إذا استمتع فمي يمموم نفقممة ذلمك اليمموم كلممه فعلممى هممذا إذا‬
‫استمتع بها في منزلها أياما وترك ذلممك أياممما أو غمماب عنهمما‬
‫في البلد أو في سفر لم تستحق نفقة أيممام الغيبممة ول أيممام‬
‫ترك الستمتاع ولو كانت في منزلممه لسممتحقت نفقممة هممذه‬
‫اليام كلها وهذا أغلظ ما يؤخذ مممن عبممارة الممماوردي وهممي‬
‫كالصريحة فيه‪ ،‬والثاني أنه إذا استمتع بها في يوم لم تجب‬
‫نفقة ذلك اليوم كله بل بالقسممط فممإن اسممتمتع فممي النهممار‬
‫لزمه غداؤها دون العشاء أو في الليل لزمممه عشمماؤها دون‬
‫الغداء كما هو قياس قوله في المة وهذا يرشد إليممه قمموله‬
‫ويصير استمتاعه بها عفوا عن النقلة فممي ذلممك الزمممان أي‬
‫في زمن الستمتاع خاصة فل يجب عليه إل نفقته فقط لن‬
‫العفو مقصور عليه والنفقة عنده تقسمميط فيجممب ممما قابممل‬
‫ذلك الزمن فقط أما الغداء أو العشاء وتبقي سائر الوقات‬
‫التي لم يستمتع بها وهممي ممتنعممة غيممر عفممو فل يجممب لهمما‬
‫شيء ول شك أن كل من المعنيين تحتمله عبممارته ويحتمممل‬
‫أيضا أصل العبارة معنى ثالثا وهو أنممه لممم يممرد بممذلك الممتي‬
‫قالت ل أسلم إل في بيتي وإنما أراد من سلمت في منزله‬
‫وبممذلت لممه الطاعممة ثممم أراد أن ينقلهمما إلممى منممزل آخممر أو‬
‫يسافر بها إلى بلد آخر فممامتنعت فممإنه ممما دام يسممتمتع بهمما‬
‫في منزله الول يجب لها النفقة استصحابا للطاعة السابقة‬
‫والتسليم السابق مع تقويته بالستمتاع بخلف من قممالت ل‬
‫أسلم إل في بيتي فإنها لم تدخل تحت قهره وطاعته أصممل‬
‫فل يفيممد السممتمتاع بهمما نفقممة بممل هممو فممي هممذه الصممورة‬
‫كالمحجور عليه من قبلهمما خلف موضموع الزوجيمة ولشمك‬
‫أن العرف قاض بأن للساكن بزوجته فممي بيممت نفسممه مممن‬
‫الراحة والعز والسلطة وقوة النفس ما ليس للسمماكن فممي‬
‫بيت زوجته أو عند أهلها والنسان ل يكون أميممرا فممي بيممت‬
‫غيممره والممزوج يحتمماج ‪0‬إلممى المباسممطة مممع زوجتممه ورفممع‬
‫الحشمة معها في القوال والفعال وذلك ل يتأتى لممه وهممي‬
‫في منزل أهلها خصوصا إذا كانت الدار واحدة تجمع الجميع‬
‫وهي في حجرة مممن حجرهمما وان اسممتقلت بمرافقهمما‪ ،‬هممذا‬
‫‪308‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أمر يعرفه كل أحد وقد ورد حديث مخرج في بعض الجزاء‬
‫الحديثية أن إبليس قال إنما أحزن على السمماكن فممي بيممت‬
‫زوجتممه‪ ،‬ول يحضممرني الن سممنده وسممأتبعه وألحقممه‪ ،‬ثممم‬
‫تذكرت عن شيخنا شيخ السلم شرف الممدين المنمماوي أنممه‬
‫كان يقول فيما إذا امتنعت الزوجة من النقلة وسكن الزوج‬
‫في بيتها ينبغي أن يعرض عليها النقلة في كل يوم ليتحقممق‬
‫امتناعها فإذا امتنعت سقطت نفقممة ذلممك اليمموم لن نشمموز‬
‫لحظة في اليوم يسقط نفقة كممل اليمموم‪ ،‬وهممذا الممذي قمماله‬
‫شيخنا تحقيقا من عنده قصممد بممه أن يتحقممق امتناعهمما مممن‬
‫النقلة في كل يوم لحتمال أن تكممون رجعممت عممن المتنمماع‬
‫ويكون سكن الزوج في منزلها باختيار نفسه وهي بحيث لو‬
‫طلب منها لجابت فإنها في هذه الحالة تسممتحق النفقممة بل‬
‫شممك‪ ،‬والممذي أقمموله أن ممما قمماله شمميخنا محمممول علممى‬
‫الستحباب والستظهار لبراءة الذمة لجل هممذا الحتمممال ل‬
‫على الوجوب لن الصل بقاؤها على المتناع إلى أن يتيقن‬
‫منها الطاعة صريحا‪.‬‬
‫)تممذنيب( ذكممر الصممحاب أن المممة الموقوفممة يزوجهمما‬
‫الحاكم قال الماوردي هذا إذا لم يكن للوقممف نمماظر خمماص‬
‫فإن كان له ناظر خاص فهو الذي يممزوج‪ ،‬قممال ابممن العممماد‬
‫فممي "توقيممف الحكممام علممى غمموامض الحكممام" وقممد اغممتر‬
‫صاحب المهمات بمقالة الماوردي فجعلها تقييدا لطلقهممما‬
‫وأخطأ في ذلك فإن الماوردي بنى جوابه في المسألة على‬
‫أن وليممة التزويممج تابعممة لوليممة المممال وهممو وجممه ضممعيف‬
‫والكثرون علىخلفممه والرافعممي نقممل هنمما عممن الكممثرين أن‬
‫الحمماكم يممزوج انتهممى‪ ،‬وهممذا نظيممر ممما نحممن فيممه مممن أن‬
‫الماوردي بنى جوابه في هذه المسألة علممى اختيمماره أنممه ل‬
‫يخلو استمتاع بزوجة من استحقاق نفقممة حممتى إنممه أوجممب‬
‫للمممة المسمملمة ليل ل نهممارا شممطر النفقممة وهممو خلف‬
‫المصحح في المذهب وقول الجمهور فل يغترن أحممد بممذلك‬
‫ويجعله تقييدا لطلق الصحاب فتأنس بذلك‪.‬‬
‫)تأكيد( وقد اختار الممماوردي أيضمما وجمموب النفقممة فممي‬
‫مسائل ‪0‬على خلف ما رجحه الكثرون والشيخان قال ابن‬
‫الرفعة في الكفاية لو سافرت بإذنه في حاجتهمما ولممم يكممن‬
‫‪309‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫معها فقولن أحدهما ل تسقط النفقة لنها سممافرت بممالذن‬
‫وهذا أظهر عند الممماوردي وأظهرهممما عنممد أكممثر الصممحاب‬
‫أنها تسقط لنها غير ممكنة وبممه قطممع بعضممهم‪ ،‬وقممال ابممن‬
‫الرفعة أيضا لو صامت تطوعا سقطت نفقتها وفممي وجممه ل‬
‫تسممقط‪ ،‬وقممال الممماوردي‪ :‬إن لممم يممدعها إلممى الخممروج‬
‫بالستمتاع فهي على حقها وإن دعاها فأبت فإن كممان ذلممك‬
‫في أول النهار سقطت نفقتها وإن كان في آخره فل لقرب‬
‫الزمان‪ ،‬قال ابن الرفعة ويفهم من كلمه أنه لو دعاها إلممى‬
‫الخروج بغير الستمتاع فلم تفعل كممانت علممى حقهمما‪ ،‬وهممذا‬
‫وجه ثالث حكاه في العممدة‪ ،‬قممال الرافعممي وقممد استحسممن‬
‫الروياني هذا التفصيل والكثرون سكتوا عنه انتهى‪ .‬فممانظر‬
‫إلمى همذين الفرعيمن كيمف قمال المماوردي فيهمما بوجموب‬
‫النفقة على خلف ما عليه الكثرون مشيا علممى أصممله فممي‬
‫أنه ل تخلو زوجة عن نفقة‪ ،‬وانظر إلممى الرافعممي كيممف لممم‬
‫يعتبر تفصيله في الفرع الثاني ول قيد بممه إطلق الصممحاب‬
‫بل نبه على أن الكثرين سكتوا عنه‪ ،‬وهكذا المسممألة الممتي‬
‫نحن فيها أطلق الصممحاب فيهمما عممدم وجمموب النفقممة ولممم‬
‫يقيممدوه بممما إذا اسممتمتع‪ ،‬ولممم أر هممذا القيممد إل فممي كلم‬
‫الماوردي وحمده جريما علمى مما اختماره فمي مسمألة الممة‬
‫وغيرها من وجوب النفقة على خلف قول الكثرين فتفطن‬
‫إن كنت من أهل الفطنممة وإل فخممل الهمموى لرجمماله‪ ،‬ومممما‬
‫يؤيد أن هذا التخصيص الذي قاله الممماوردي ليممس بمعتمممد‬
‫أن الرافعي لم يعول على ذكممره بممل أطلممق المسممألة كممما‬
‫أطلقها سائر الصحاب وكذا ابن الرفعة في الكفاية لم ينبه‬
‫عليه أصل مع حرصه على تتبع ما أغفله الرافعي من القيود‬
‫والتخصيصات وغير ذلك وما ذاك إل لنممه رآه مفرعمما علممى‬
‫طريقة مرجوحة فأعرض عن التشاغل به‪.‬‬
‫وإذ قد انتهى القول فيما أوردنمماه فلنلخممص الكلم فممي‬
‫المسألة فنقول‪ :‬إذا سكن الممزوج فممي بيممت زوجتممه أو عنممد‬
‫أهلها فله أحوال أحدها أن يكون هو الطالب لذلك والمممرأة‬
‫أو أهلها كارهون لذلك مريممدون منممه أن ينقممل زوجتممه إلممى‬
‫مكان ‪0‬يستأجره فهذا عليه النفقة وأجرة المنممزل كممما هممو‬
‫واضح‪ ،‬وفي المحيط من كتب الحنفيممة أنهمما إذا منعتممه مممن‬
‫‪310‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الدخول فممي منزلهمما وقممد سممألته أن يحولهمما إلممى منزلممه ل‬
‫تكون ناشزة وتستحق النفقة وهو واضح‪ ،‬الحممال الثمماني أن‬
‫تعرض المرأة أو أهلها ذلك عليه عرضا من غير امتناع مممن‬
‫النقلة معه فيرضى بذلك فهذا أيضا ل يسممقط النفقممة لنهمما‬
‫بحيممث لممو طلممب منهمما النقلممة إلممى منزلممه لجممابت‪ ،‬وهممذه‬
‫الصممورة بعينهمما مصممرح بهمما فممي الكفايممة لسممليم الممرازي‬
‫ومأخوذة من عبارة الروضممة‪ ،‬وهممل عليمه فمي هممذه الحالممة‬
‫أجرة المنزل؟ ينظر فإن صرح بعقد إجارة لزمته الجرة أو‬
‫صممرح بإباحممة السممكنى لممه لممم تلزمممه وإن سممكت ففيممه‬
‫احتمالن عنممدي‪ ،‬ثممم رأيممت ابممن العممماد جممزم فممي توقيممف‬
‫الحكام بممأن عليممه الجممرة لمممدة مقممامه معهمما قممال لنممه ل‬
‫ينسب إلى ساكت قول ولن عدم المنع أعم من الذن فإن‬
‫أذنت فل أجرة لمدة سكنه انتهى‪ ،‬الحال الثممالث أن يطلممب‬
‫الزوج تحويلها إلى منزلممه وتمتنممع هممي مممن ذلممك وتقممول ل‬
‫أسلم إل في منزلي فيأتي إلى منزلها ويستمتع بها فيممه ليل‬
‫ونهارا‪ ،‬وهذه الصورة هي محل الكلم فممالمفهوم مممن كلم‬
‫الروضة والشرح والتتمة وسائر كتب الصحاب أنممه ل نفقممة‬
‫لها فممي هممذه الحالممة إل ممما وقممع فممي كلم الممماوردي وقممد‬
‫علمت أنه مفرع على طريقة مرجوحة وأنه لممم يمموجب لهمما‬
‫النفقة مطلقا بل نفقمة زممن السمتمتاع خاصمة دون اليمام‬
‫التي لم يستمتع بها أو غاب عنها علممى خلف ممما لممو كممانت‬
‫في منزله والله أعلم‪.‬‬

‫تنزيه النبياء عن تسفيه الغبياء‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫أما بعد حمد الله غافر الزلت ومقيل العثرات والصمملة‬
‫والسملم علمى سميدنا محممد المذي أنمزل عليمه فمي كتمابه‬
‫العزيز )أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل‬
‫مممن يشمماء ويهممدي مممن يشمماء فل تممذهب نفسممك عليهممم‬
‫حسرات( وعلى آله وصممحبه النجمموم ‪0‬النيممرات فهممذا جممزء‬
‫سميته )تنزيممه النبيمماء عممن تسممفيه الغبيمماء( والسممبب فممي‬
‫تأليفه أنه وقع أن رجل خاصم رجل فوقع بينهما سممب كممثير‬
‫فقذف أحدهما عرض الخر فنسبه الخر إلى رعي المعزى‬
‫‪311‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فقال لممه ذاك تنسممبني إلممى رعممى المعممزى فقممال لممه والممد‬
‫القائل النبياء رعوا المعزى أو ما من نبي إل رعى المعممزة‪،‬‬
‫وذلك بسوق الغزل بجوار الجامع الطولمموني بحضممرة جمممع‬
‫كثير من العوام فترافعوا إلممى الحكممام فبلممغ الخممبر قاضممي‬
‫القضاة المالكي فقال لو رفع إلى ضربته بالسياط فسممئلت‬
‫ماذا يلزم الذي ذكر النبيمماء مسممتدل بهممم فممي هممذا المقممام‬
‫فأجبت بأن همذه المسممتدل يعمزر التعزيممر البليمغ لن مقمام‬
‫النبيمماء أجممل مممن أن يضممرب مثل لحمماد النمماس ولممم أكممن‬
‫عرفت من هممو القممائل ذلممك فبلغنممي بعممد ذلممك أنممه الشمميخ‬
‫شممس الممدين الحمصمماني أممام الجممامع الطولمموني وشميخ‬
‫القراء وهو رجل صالح في اعتقاده فقلت مثل هممذا الرجممل‬
‫تقال عثرته وتغفر زلته ول يعزر لهفوة صدرت منممه وكتبممت‬
‫ثانيا بذلك فبلغني أن رجل استنكر مني هذا الكلم وقال إن‬
‫هذا القائل ل ينسب إليه في ذلممك عممثرة ول ملم وإن ذلممك‬
‫من المباح المطلق ل ذنب فيه ول أثام واستفتى على ذلممك‬
‫من لم تبلغه واقعة الحال فخرجوه على ما ذكممره القاضممي‬
‫عياض في مذاكرة العلممم لجممل ذكممر لفممظ السممتدلل فممي‬
‫الجواب والسؤال فخشمميت أن تشممرب قلمموب العمموام هممذا‬
‫الكلم فيكممثروا مممن اسممتعماله فممي المجممادلت والخصممام‬
‫ويتصرفوا فيه بأنواع من عبمماراتهم الفاسممدة فيممؤديهم إلممى‬
‫أن يمرقوا من دين السلم فوضعت هممذه الكراسممة نصممحا‬
‫للدين وإرشادا للمسمملمين والسمملم‪ .‬ولنبممدأ بالفصمل المذي‬
‫ذكره القاضي عياض في الشفا في تقرير ذلممك فممإنه جمممع‬
‫فيه فأوعى وحرر فاستوفى قال فصل الوجه الخممامس‪ :‬أن‬
‫ل يقصد نقصا ول يذكر عيبا ول سبا ولكنه ينزع بذكر بعممض‬
‫أوصافه أو يستشممهد ببعممض أحمواله عليممه الصمملة والسملم‬
‫الجائزة عليه في الدين على طريق ضممرب المثممل والحجممة‬
‫لنفسه أو لغيره أو على التشبه به أو عنممد هضمميمة نممالته أو‬
‫غضاضة لحقته ليس على طريق التأسي وطريممق التحقيممق‬
‫بل علممى قصممد الممترفيع لنفسممه أو غيممره أو سممبيل التمثيممل‬
‫وعدم التوقير لنبيه عليممه الصمملة والسمملم أو قصممد الهممزل‬
‫والتندير بقوله كقول القائل إن قيل فممي السمموء فقممد قيممل‬
‫في النبي وإن كذبت فقممد كممذب النبيمماء أو إن أذنبممت فقممد‬
‫‪312‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أذنبوا وأنا أسلم من ألسنة الناس ولممم يسمملم منهممم أنبيمماء‬
‫الله ورسله أو قد صممبرت كممما صممبر أولممو العممزم أو كصممبر‬
‫أيوب أو صبر نبي اللمه علمى عمداه وحكمم علمى أكمثر ممما‬
‫صبرت وكقول المتنبي‪:‬‬
‫أنا في أمة تداركها اللم * مه غريب كصالح في ثمود‬
‫ونحوه من أشعار المتعجرفين في القول المتسمماهلين فممي‬
‫الكلم كقول المعري‪:‬‬
‫كنت موسى وافته بنت شعيب * غير أن ليس فيكما بفقير‬
‫على أن آخر البيت شديد وداخل في بمماب الزراء والتحقيممر‬
‫بممالنبي عليممه الصمملة والسمملم وتفضمميل حممال غيممره عليممه‪،‬‬
‫وكذلك قوله‪:‬‬
‫لول انقطاع الوحي بعد محمد * قلنا محمد من أبيه بديل‬
‫هو مثله في الفضل إل أنه * لم يأته برسالة جبريل‬
‫فصدر البيت الثاني مممن هممذا الفصممل شممديد لتشممبيهه غيممر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فممي فضممله بممالنبي صمملى اللممه‬
‫عليممه وسمملم والعجممز محتمممل لمموجهين أحممدهما أن هممذه‬
‫الفضيلة نقصت الممدوح والخر استغناؤه عنها وهذه أشممد‪،‬‬
‫ونحو منه قوله الخر‪:‬‬
‫وإذا ما رفعت راياته * صفقت بين جناحي جبرئيل‬
‫وقول الخر من أهل العصر‪:‬‬
‫فر من الخلد واستجار بنا * فصبر الله قلب رضوان‬
‫وكقول حسان المصيصي من شعراء النممدلس فممي محمممد‬
‫بن عباد المعروف بالمعتمد ووزيره أبي بكر بن زيدون‪:‬‬
‫كأن أبا بكر أبو بكر الرضا * وحسان حسان وأنت محمد‬
‫إلى أمثال هذا‪ ،‬وإنما كثرنا بشاهدها مممع اسممتثقالنا حكايتهمما‬
‫لتعريف أمثلتها ولتساهل كممثير مممن النمماس فممي ولمموج هممذا‬
‫الباب الضنك واستخفافهم فادح هممذا العبممء وقلممة علمهممم‬
‫بعظيم ما فيه من الوزر وكلمهم فيه بما ليس لهم به علممم‬
‫ويحسممبونه هينمما وهممو عنممد اللممه عظيممم ل سمميما الشممعراء‬
‫وأشدهم فيه تصريحا وللسانه تسريحا ابن هانئ الندلسممي‬
‫وابن سليمان المعري بل قد خممرج كممثير مممن كلمهممما عممن‬
‫هذا إلى حد الستخفاف والنقص وصريح الكفممر وقممد أجبنمما‬
‫عنه‪ ،‬وغرضنا الن الكلم في هذا الفصل الذي سقنا أمثلتممه‬
‫‪313‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فإن هذه كلها وإن لم تتضمن سبا ول أضافت إلى الملئكممة‬
‫والنبياء نقصا ولست أعني عجزي لبيتي المعممري ول قصممد‬
‫قائلها إزراء وغضما فممما وقمر النبمموة ول عظممم الرسممالة ول‬
‫عزر حرمة الصطفاء ول عممزز حظمموة الكرامممة حممتى شممبه‬
‫من شبه فمي كرامممة نالهما أو معممرة قصممد النتفماء منهمما أو‬
‫ضرب مثل لتطبيب مجلسممه أو إغلء فممي وصممف لتحسممين‬
‫كلمه بمن عظم الله خطره وشممرف قممدره والممزم تمموقيره‬
‫وبره ونهى عن جهر القول له ورفع الصوت عنده فحق هذا‬
‫أن درئ عنه القتل الدب والسممجن وقمموة تعزيممزه بحسممب‬
‫شنعة مقاله ومقتضى قبح ما نطق به ومألوف عادته لمثله‬
‫أو ندوره أو قرينة كلمه أو ندمه على ممما سممبق منممه‪ ،‬ولممم‬
‫يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممممن جمماء بممه وقممد أنكممر‬
‫الرشيد على أبي نواس قوله‪:‬‬
‫فإن يك باقي سحر فرعون فيكم * فإن عصا موسى بكف‬
‫خصيب‬
‫وقال له يا ابن اللخناء أنت المستهزئ بعصمما موسممى وأمممر‬
‫بإخراجه عن عسكره من ليلتممه إلممى أن قممال فممالحكم فممي‬
‫أمثال هذا ما بسطناه من طريق الفتيمما‪ ،‬علممى هممذا المنهممج‬
‫جمماءت فتيمما إمممام مممذهبنا مالممك بممن أنممس وأصممحابه ففممي‬
‫النوادر من رواية ابن أبي مريم في رجل عيممر رجل بممالفقر‬
‫فقال تعيرني بالفقر وقد رعى النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫الغنم فقال مالك قد عممرض بممذكر النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم في غير موضعه أرى أن يؤدب‪ ،‬قال ول ينبغممي لهممل‬
‫الذنوب إذا عوتبوا أن يقولوا قد أخطأت النبياء قبلنا‪ ،‬وقال‬
‫عمر بن عبد العزيز لرجل انظر لنا كاتبا يكممون أبمموه عربيمما‬
‫فقال كاتب له قد كان أبو النبي كافرا فقال جعلت هذا مثل‬
‫فعزله وقال ل تكتب لي أبدا‪ ،‬وقد كممره سممحنون أن يصمملي‬
‫على النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم عنممد التعجممب إل علممى‬
‫طريق الثواب والحتسمماب تمموقيرا لممه وتعظيممما كممما أمرنمما‬
‫الله‪ ،‬وقال القابسي عن رجل قال لرجممل قبيممح كممأنه وجممه‬
‫نكير ولرجل عبوس كأنه وجممه مالممك الغضممبان وفممي الدب‬
‫بالسوط والسجن نكال للسفهاء وإن قصد ذم الملك قتممل‪،‬‬
‫وقال أيضا في شاب معروف بالخير قال لرجل شيئا فقممال‬
‫‪314‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫له الرجل اسكت فإنك أمي فقال الشاب أليس كان النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أميا فشنع عليه مقاله وكفره النمماس‬
‫وأشممفق الشمماب مممما قممال وأظهممر النممدم عليممه فقممال أبممو‬
‫الحسن أممما إطلق الكفممر عليممه فخطممأ لكنممه مخطممئ فممي‬
‫استشهاده بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وكممون النممبي‬
‫أميا آيممة لممه وكممون هممذا أميمما نقيصممة وجهالممة ومممن جهمالته‬
‫احتجمماجه بصممفة النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم لكنممه إذا‬
‫استغفر وتاب واعترف ولجممأ إلممى اللممه فيممترك لن قمموله ل‬
‫ينتهي إلى حد القتل وما طريقه الدب فطوع فاعله بالنممدم‬
‫عليه يوجب الكف عنه‪ ،‬ونزلت أيضمما مسممألة اسممتفتى فيهمما‬
‫بعض قضاة الندلس شيخنا القاضي أبا محمممد بممن منصممور‬
‫في رجل تنقصممه آخممر بشمميء فقممال لممه إنممما تريممد نقصممي‬
‫بقولك وأنا بشر وجميع البشر يلحقهممم النقممص حممتى النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فأفتاه بإطالة سمجنه وإيجمماع أدبممه إذ‬
‫لم يقصد السب وكان بعض الفقهاء بالنممدلس أفممتى بقتلممه‬
‫هذا كله كلم القاضي عياض في الشفا‪ .‬ويفطن لقوله فممي‬
‫أول الفصل على طريممق ضممرب المثممل والحجممة لنفسممه أو‬
‫لغيره كيف سوى في الحكم بيممن ضممارب المثممل والمحتممج‪،‬‬
‫والمحتج هو المستدل ومممراده المسممتدل فممي الخصممومات‬
‫والتممبري مممن المعممرات‪ ،‬وكممذلك قمموله ينممزع بممذكر بعممض‬
‫أوصافه أو يستشهد ببعض أحممواله فممإن الستشممهاد بمعنممى‬
‫الستدلل وكذلك قوله في آخر الفصممل لكنممه مخطممئ فممي‬
‫استشهاده بصفة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقمموله ومممن‬
‫جهالته احتجاجه بصفة النبي صلى اللممه عليممه وسمملم فهممذه‬
‫المواضع كلها صريحة في تخطئة المسممتدل فممي مثممل هممذا‬
‫المقام ووجوب تأديبه‪ ،‬وإنما نبهت على هذا لنه أنكر علممى‬
‫ذكر لفظ المستدل في الفتاء وليس بمنكر فإن المسممتدل‬
‫تارة يكون في مقام التممدريس والفتمماء والتصممنيف وتقريممر‬
‫العلم بحضرة أهله وهممذا ل إنكممار عليممه كممما سمميأتي وتممارة‬
‫يكون في الخصام والتبري من معرة أو نقص ينسممب إليهمما‬
‫هو أو غيممره وهممذا محممل النكممار والتممأديب لسمميما إذا كممان‬
‫بحضممرة العمموام وفممي السممواق وفممي التعممارض بالسممب‬
‫والقذف ونحو ذلممك ولكممل مقممام مقممال ولكممل محممل حكممم‬
‫‪315‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يناسبه‪ ،‬وكذلك الثر الممذي أشممار إليممه القاضممي عممن كمماتب‬
‫عمر بن عبد العزيز فممإنه ممما قصممد بممما ذكممره إل الحتجمماج‬
‫على أنممه ل ينقصممه كفممر أبيممه والسممتدلل عليممه ومممع ذلممك‬
‫أنكره عليه عمر وصرفه عن عمله‪ ،‬أخبرني شمميخنا قاضممي‬
‫القضاة شيخ السلم علم الممدين بممن شمميخ السمملم سممراج‬
‫الدين البلقيني الشافعي رحمه اللممه إجممازة عممن أبيممه شمميخ‬
‫السلم أن الشيخ تقي الدين السبكي أخممبره عممن الحممافظ‬
‫شرف الدين الدمياطي أنا الحافظ يوسف بن خليل أنمما أبممو‬
‫المكارم اللبان أنا أبممو علممى الحممداد أنمما الحممافظ أبممو نعيممم‬
‫الصبهاني ثنا عبد الله بممن محمممد بممن جعفممر ثنمما أحمممد بممن‬
‫الحسن الحذاء ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنمما أحمممد بممن‬
‫عبد الله بن يونس قال سمعت بعض شيوخنا يذكر أن عمر‬
‫بن عبد العزيز أتى بكاتب يخط بين يديه وكان مسلما وكان‬
‫أبوه كافرا فقال عمر للذي جاء بممه لممو كنممت جئت بممه مممن‬
‫أبناء المهاجرين فقال الكاتب ما ضر رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم كفر أبيه فقال عمرو قد جعلته مثل ل تخط بين‬
‫يدي بقلم أبدا ‪ -‬هكذا أخرجه في الحلية فالكاتب قصد بهممذا‬
‫الكلم الحتجاج والستدلل على نفي النقص عنه وقد قممال‬
‫عمر فممي الممرد عليممه إنممه جعلممه مثل فعلممم أن المسممتدل ل‬
‫منافاة بينه وبين ضارب المثممل‪ ،‬والجممامع بينهممما أن ضممرب‬
‫المثل يراد للستشهاد كما أن الستدلل كذلك فبهذا القممدر‬
‫المشممترك يصممح إطلق المسممتدل علممى ضممارب المثممل‬
‫وعكسه‪ ،‬ومن له إلمام بالحاديث والثممار وكلم المتقممدمين‬
‫ل يستنكر ذلك فإنهم كثيرا ما يطلقون ضممرب المثممل علممى‬
‫الحجة‪ ،‬ولهذا سوى بينهما القاضي عياض حيممث قممال علممى‬
‫طريق ضرب المثل والحجة لنفسممه أو لغيممره ومممما أطلممق‬
‫فيه الولون ضرب المثل على الحجة ما أخرجه ابممن ممماجه‬
‫وغيره عن أبي سلمة أن أبا هريرة قال لرجل يا ابممن أخممي‬
‫إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسمملم حممديثا فل‬
‫تضرب له المثال وكان عارضه بقياس من الرأي كممما فممي‬
‫بعممض طممرق الحممديث عنممد الهممروي فممي ذم الكلم أي فل‬
‫تقممابله بحجممة مممن رأيممك فممأطلق أبممو هريممرة علممى الحجممة‬
‫والستدلل ضرب المثل‪ ،‬واللغة أيضا تشهد لذلك قال فممي‬
‫‪316‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصحاح ضرب مثل وصف وبين وقال ابن الثير في النهايممة‬
‫ضممرب المثممال اعتبممار الشمميء بغيممره وتمممثيله بممه‪ ،‬وإنممما‬
‫حكممت فمي الفتماء علمى لفمظ المسمتدل وعللتمه بضمرب‬
‫المثل لعرف أن المستدل الذي حكمت عليممه هممو المحتممج‬
‫بضرب ذلك مثل للغير ل المستدل فممي الممدرس والتصممنيف‬
‫ومذاكرة العلم بيممن أهلممه فممإن ذلممك ل يسمممى فممي عممرف‬
‫العلماء ضرب مثل وقصدت أيضا القتداء بالخليفممة الصممالح‬
‫عمر بن عبد العزيز في لفظه‪ ،‬وقد وجممدت للقصممة طريقمما‬
‫آخر قال الهروي في ذم الكلم أنا أبو يعقوب أنا أبو بكر بن‬
‫أبي الفضل أنا أحمد بممن محمممد بممن يممونس ثنما عثممان بممن‬
‫سعيد ثنا يممونس العسممقلني ثنمما ضمممرة ثنمما علممي بممن أبممي‬
‫جميلة قال قال عمر ابممن عبممد العزيممز لسممليمان بممن سممعد‬
‫بلغني أن أبا عاملنمما بمكممان كممذا وكممذا زنممديق قممال هممو ممما‬
‫يضره ذلك يا أمير المؤمنين قد كمان أبممو النممبي صمملى اللمه‬
‫عليه وسلم كافرا فما ضره فغضب عمر غضبا شديدا وقال‬
‫ما وجدت له مثل غيمر النمبي صملى اللمه عليمه وسملم قمال‬
‫فعزله عممن الممدواوين‪ ،‬ومممما وقممع فممي عبممارة العلممماء مممن‬
‫إطلق ضرب المثل على الستدلل ما وقع في عبممارة ابممن‬
‫الصلح في جزئه الذي ألفه في صلة الرغممائب حيممث ذكممر‬
‫إنكار الشيخ عز الدين بن عبد السلم لها وقممال أنممه ضممرب‬
‫له المثل بقمموله )أرأيممت الممذي ينهممي عبممدا إذا صمملى( وأممما‬
‫الفصل السابع من الشفا الذي قال المعممترض أن المسممألة‬
‫فيه فنذكره ليعلم من علم واقعة الحال أنه غير مطابق لها‬
‫قال القاضي عياض‪ :‬الوجه السابع أن يذكر ممما يجمموز علممى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أو يختلف في جوازه عليه وممما‬
‫يطرأ من المور البشرية له ويمكن إضافتها إليه أو يذكر ما‬
‫امتحن به وصممبر فممي ذات اللممه علممى شممدته مممن مقاسمماة‬
‫أعدائه وأذاهم له ومعرفة ابتداء حاله وسيرته وما لقيه ممن‬
‫بؤس زمنه وممر عليمه ممن معانماة عيشمته كمل ذلمك علمى‬
‫طريممق الروايممة ومممذاكرة العلممم ومعرفممة ممما صممحت عنممه‬
‫العصمة للنبياء وما يجوز عليهم فهذا فن خارج عن الفنون‬
‫الستة إذ ليس فيه غمض ول نقص ول إزراء ول اسممتخفاف‬
‫ل في ظاهر اللفممظ ول فممي مقصممد اللفممظ لكممن يجممب أن‬
‫‪317‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يكون الكلم فيه مع أهل العلم وفهممماء طلبممة الممدين ممممن‬
‫يفهم مقاصده ويحقممق فمموائده ويجنممب ذلممك مممن عسمماه ل‬
‫يفهمه أو يخشمى بمه فتنمة فقمد كمره بعمض السملف تعليمم‬
‫النساء سورة يوسف لما انطمموت عليممه مممن تلممك القصممص‬
‫لضممعف معرفتهممن ونقممص عقممولهن وإدراكهممن هممذا كلم‬
‫القاضي في الفصل السابع فانظر كيف فرض المسألة في‬
‫رواية الحديث ومذاكرة العلم ثم لم يطلممق ذلممك بممل قيممده‬
‫بأن يكون الكلم فيه مع أهل العلم وفهممماء الطلبممة‪ ،‬وهممذه‬
‫الواقعة لم تكن في مذاكرة العلم ولم يحضرها طالب علم‬
‫البتة بممل كممانت فممي السممباب والخصممام فممي سمموق الغممزل‬
‫بحضرة جمع من التجممار والممدللين والسمموقة وكلهممم عمموام‬
‫وأكثرهم سفهاء اللسمنة يطلقمون ألسمنتهم فمي كمثير ممن‬
‫المور بممما يمموجب سممفك دمممائهم ول يعلمممون عاقبممة ذلممك‬
‫فيقال لمن أنكر ما أفتيت بممه إن لممم تعممرف عيممن الواقعممة‬
‫فأنت معذور وقولك ل تعزير ول عممثرة ان أردت فيممما وقممع‬
‫في مجلس الدرس ومذاكرة العلم بين أهله فمسلم وليس‬
‫هو صورة الواقعة وإن أردت ما وقممع فممي السمموق بالصممفة‬
‫المشروحة فمعاذ اللممه وحاشممى المفممتين أن يقولمموا ذلممك‪،‬‬
‫وبعد هذا كله فلست أقصد بذلك غضا من القممائل ول حطمما‬
‫عليه فممإني أعتقممد دينممه وخيممره وصمملحه وإنممما هممي بممادرة‬
‫بممدرت وزلممة فرطممت وعممثرة وقعممت فليسممتغفر اللممه منهمما‬
‫ويتوب إليه ويندم على ما وقع منه ول يعود‪ ،‬ول يقدح ذلممك‬
‫في صلحه فإن الشيخ عز الدين بن عبد السمملم قممال فممي‬
‫قواعده من ظن أن الصغيرة تنقص الولية فقد جهل وقمال‬
‫إن الممولي إذا وقعممت منممه الصممغيرة فممإنه ل يجمموز للئمممة‬
‫والحكام تعزيره عليها‪ ،‬ونص الشافعي رضي الله عنه علممى‬
‫أن ذوي الهيئات ل يعزرون للحديث وفسرهم بممأنهم الممذين‬
‫ل يعرفممون بالشممر فيممزل أحممدهم الزلممة فيممترك‪ ،‬وفسممرهم‬
‫بعمممض الصمممحاب أنهمممم أصمممحاب الصمممغائر دون الكبمممائر‬
‫وفسرهم بعضهم بممأنهم الممذين إذا وقممع منهممم الممذنب تممابوا‬
‫وندموا‪ ،‬والحاديث الواردة في إقالة ذوي الهيئات عممثراتهم‬
‫كثيرة أخرج أحمممد فممي مسممنده والبخمماري فممي الدب وأبممو‬
‫داود والنسائي عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله‬
‫‪318‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليمممه وسممملم "أقيلممموا ذوي الهيئات عمممثراتهم إل الحمممدود‬
‫وأخرجه النسائي من وجه آخر بلفظ تجمماوزوا عممن زلممة ذي‬
‫الهيئة‪ ،‬وأخرجممه بمماللفظ الول الطممبراني فممي الكممبير مممن‬
‫حديث ابن مسعود‪ ،‬وابن عدي في الكامل من حديث أنس‪،‬‬
‫وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير من حممديث زيممد بممن‬
‫ثابت بلفظ تجافوا عن عقوبة ذي المروءة إل فممي حممد مممن‬
‫حدود الله‪ ،‬وأخرجه في المعجممم الوسممط مممن حمديث ابممن‬
‫عباس بلفظ تجافوا عن ذنب السممخى فممإن اللممه آخممذ بيممده‬
‫كلما عممثر‪ ،‬وأخرجممه بهممذا اللفممظ مممن حممديث ابممن مسممعود‬
‫الطبراني في الكبير وأبممو نعيممم فممي الحليممة‪ ،‬وقممال الشمميخ‬
‫تقي الدين السبكي في كتابه طريق المعدلة في قتممل مممن‬
‫ل وارث له‪ :‬قول الصممحاب إن مممن قتممل قممتيل ل وارث لممه‬
‫فللسلطان الخيرة بيممن أن يقتممص منممه أو يعفممو عممن الديممة‬
‫وليس له العفو مجانا كأنهم ذكروه على الغالب‪ ،‬وقد يظهر‬
‫للمام من المصلحة ما يقتضي العفو عنه مجانمما إذا كممان ل‬
‫مممال لممه ول يقممدر علممى الكسممب وفيممه صمملح وخيممر ونفممع‬
‫للمسلمين ولكن فرطت منه تلك البادرة فقتل بها وظهرت‬
‫توبته وحسممنت طريقتممه فممالقول بممأن هممذا ل يجمموز للمممام‬
‫العفو عنه بعيد ل سيما إذا لم يكن بالمسمملمين حاجممة إلممى‬
‫ذلك القدر الذي يؤخممذ منممه فممالرأي عنممدي أن يكممون ذلممك‬
‫مفوضا إلى رأي المام والمام يجب عليه فيممما بينممه وبيممن‬
‫الله أن ل يختار إل ما فيممه مصمملحة ظمماهرة للمسمملمين ول‬
‫يقدم على سفك دم مسلم بمجرد ما يقال له إن هذا جممائز‬
‫فجوازه منمموط بظهممور المصمملحة فيممه للمسمملمين ولقامممة‬
‫الدين ل لحظ نفسه ول لغممرض مممن أغممراض الممدنيا وحيممث‬
‫شك في ذلك يتعين الكف عن الممدم وتبقيممة ذلممك الشممخص‬
‫لنه نفس معصومة إل بحقها فمتى قتلهمما مممن غيممر مرجممح‬
‫أخشى عليه أن يدخل فيمممن قتلهمما بغيممر حقهمما انتهممى كلم‬
‫السبكي‪ .‬فإذا جوز السبكي العفممو عمممن فيممه صمملح وخيممر‬
‫ونفع للمسلمين من القتل قصاصا مجانا بل دية فمن تعزير‬
‫زلة فرطت منه من بمماب أولممى وهممذا ل شممبهة فيممه‪) .‬عممود‬
‫لبدء( قال ابن السبكي في كتممابه الترشمميح قممال الشممافعي‬
‫رضي الله عنه في بعض نصوصه وقطع رسول اللممه صمملى‬
‫‪319‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليممه وسمملم امممرأة لهمما شممرف فكلممم فيهمما فقممال لممو‬
‫سرقت فلنة لمرأة شريفة لقطعت يدها قال ابن الشبكي‬
‫فانظر إلى قوله فلنممة ولممم يبممح باسمم فاطمممة تأدبما معهما‬
‫رضي الله عنها أن يذكرها في هذا المعرض وإن كان أبوها‬
‫صلى الله عليه وسلم قد ذكرهمما لن ذلممك منممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم حسن دال علممى أن الخلممق عنممده فممي الشممرع‬
‫سواء انتهى‪ .‬فهذا من صنع الشافعي ثم من تقرير السبكي‬
‫أصل في هذه المسألة ونقل من حيث مذهبنا فقمموله تأدبمما‬
‫يدل على أن ضده خلف الدب وقوله لن ذلممك منممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم حسن يدل على أنه من غيره قبيح هذا مممع‬
‫كون الشافعي رضي الله عنممه إنممما سمماق الحممديث مسمماق‬
‫الحتجاج على المسائل الشرعية ومساق تقرير العلممم فممي‬
‫التصنيف الذي ل يقف عليه إل أهله بل لو صرح بالسم في‬
‫مثل هذا المحل لم يكن فيه شمميء‪ ،‬وأمممر آخممر أن النقممص‬
‫المذكور واقع في حيز "لو" منفي عنهمما ل مثبممت لهمما وإنممما‬
‫ذكر على سبيل الفرض الذي ل سمبيل إلمى وقموعه فكيمف‬
‫يظن بالشافعي أنه يخالف ما قرره المالكيمة فمي المسممألة‬
‫التي نحن فيها‪ ،‬وإنما ذكرت هذا الكلم لن قممائل قممال هممذا‬
‫الممذي أفممتيت بممه مممذهب المالكيممة وليممس بمنصمموص فممي‬
‫ممذهبك‪ ،‬وكمذا يقمع لهمل العصمر كمثيرا يمدعون علينما فمي‬
‫فتمماوى كممثيرة أنهمما مخالفممة للمممذهب بمجممرد كونهمما غيممر‬
‫منصوصة ل بنفي ول بإثبات كما وقع لنا في العام الماضممي‬
‫حين أفتينا بهدم الدار التي بنيت برسم الفسمماد فممادعوا أن‬
‫ذلك خلف المذهب بمجرد كون الصحاب لم ينصمموا عليهمما‬
‫على أن الغزالي وغيره أشاروا إليها كما بيناه فممي التممأليف‬
‫الذي ألفناه فيها‪ ،‬ثم نقول في هذه وغيرها قولهم ما أفتيت‬
‫به خلف المذهب مستدلين على ذلك بعدم وجود المسممألة‬
‫منصوصا عليها معارض بأنا نقممول لهممم ممما أفممتيتم أنتممم بممه‬
‫أيضا خلف المذهب لن المسألة غير منصوص عليها فكممما‬
‫استندتم إلى العممدم فممي نسممبة الخلف إلممى اسممتندت إلممى‬
‫العدم في نسبته إليكم فممإن الثبممات والنفممي كلهممما حكممم‬
‫شممرعي يحتمماج إلممى دليممل أو نقممل فممإن قممالوا أخممذناه مممن‬
‫القواعد قلت وأنا أيضا أخذت من القواعد وعلى بيان ذلممك‬
‫‪320‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لمن يريد النصماف فممن قمال التعزيمر فمي همذه المسمألة‬
‫خلف المذهب لن الصحاب لم ينصوا عليها أقول له فهممل‬
‫نص الصحاب على أنه ل تعزير فيها حتى تقدم على القول‬
‫به وتنسبه إلى مذهب الشممافعي‪ ،‬وكممذلك مممن قممال القممول‬
‫بهدم الدار الموصوفة بالصفات الممتي شممرحتها فممي تأليفهمما‬
‫خلف المذهب لنه لم ينص عليها أقول له فهل نصوا علممى‬
‫أنها ل تهمدم حمتى اسمتندت إليممه وإذا حصممل السممتواء فمي‬
‫الجانبين من حيث عدم النص وجدت النقول فممي المممذاهب‬
‫بأحممدهما والدلممة ثابتممة عيممه مممن الحمماديث والثممار وجممب‬
‫الوقوف عنده وعدم التجاوز إلى الجانب الخر إذا لممم يكممن‬
‫في قواعد مممذهبنا ممما يخممالفه‪ ،‬وقممد وقممع فممي فتمماوى ابممن‬
‫الصلح أنه سئل عن مسألة ل نممص فيهمما للصممحاب فممأفتى‬
‫فيها بالمنصوص في مذهب أبممي حنيفممة وبيممن ذلممك‪ ،‬وقممرر‬
‫النووي في شرح المهذب مسألة ل نقل فيها عندنا وأجمماب‬
‫فيها بمذهب الحسن البصري وقال أنه ليس في قواعدنا ما‬
‫ينفيه‪ ،‬وسئل البلقيني عن مسألة فقال ل نقممل فيهمما عنممدنا‬
‫وأجاب فيها بما ذكره القاضمي عيمماض فمي المممدارك وذكممر‬
‫بعممض الصممحاب مسممألة ل نقممل فيهمما عنممدنا وأفممتى فيهمما‬
‫بالمنقول في مذهب الحنابلة‪ ،‬وذكر الزركشي فممي الخممادم‬
‫مسممألة مسممح الخممف للمحممرم وقممال ل نقممل فيهمما وأجمماب‬
‫بالمنقول في مذهب المالكية فممي أشممياء كممثيرة ل تحصممى‬
‫وقد استوعبتها في كتابي الينبوع فيما زاد على الروضة من‬
‫الفروع‪ ،‬ومسألة الهممدم نممص عليهمما أئمممة المممذاهب الثلثممة‬
‫وأشار إليها الغزالي وطائفة وثبتت فيها الحاديث الصحيحة‬
‫والثار الكثيرة عن عمممر بممن الخطمماب وعثمممان بممن عفممان‬
‫وابن مسعود وابن الزبير وابن عباس وعمر بن عبد العزيممز‬
‫وغيرهم سلفا وخلفا قول وفعل ول نص في مممذهبنا يخممالف‬
‫ذلك إل قولهم إنمه ل تعمذير بمإتلف الممال‪ ،‬وهمذه القاعمدة‬
‫مخصوصة ليست على عمومها بدليل قممولهم إنممه ل يكسممر‬
‫آنية الخمر والواني المثمنة إذا كان فيهمما صممورة إلممى غيممر‬
‫ذلك فعلم أن القاعدة مخصوصة بما لم يتعين إتلفه طريقا‬
‫لزالة الفساد‪ ،‬وتقرير ذلممك بإيضمماحه يسممتدعى طممول وقممد‬
‫بسطته في التأليف المشار إليممه‪ ،‬وكممذلك نقممول فممي هممذه‬
‫‪321‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المسألة قد نص أئمة المالكية على التعزير فيها ولممم ينممص‬
‫أصحابنا على خلفه ول في قواعد مذهبنا ممما ينفيممه فمموجب‬
‫الوقوف عنده والعمممل بممه وهممذا النممص الممذي أوردنمماه عممن‬
‫الشافعي رضي الله عنه يصلح أصممل فممي المسممالة وتقريممر‬
‫السبكي له وإيضاحه زاده بيانمما وحسممنا وسممأتتبع ذلممك مممن‬
‫نصمموص الشممافعي والصممحاب فممي كتبهممم فممي الفقممه‬
‫وشروحهم للحديث ما أراه مقويا لذلك فاذكره‪.‬‬
‫)فصل( قال الرافعي فممي الشممرح وتبعممه فممي الروضممة‬
‫في باب >ص ‪0‬الردة في كتب أصحاب أبمي حنيفممة اعتنمماء‬
‫تام بتفصيل القوال والفعال المقتضية للكفر وأكثرها مممما‬
‫يقتضي إطلق أصحابنا الموافقممة عليممه فنممذكر ممما يحضممرنا‬
‫في كتبهم‪ ،‬ثم سردها الرافعي وتبعممه فممي الروضممة وتعقبمما‬
‫جملة منها‪ ،‬ثم قال الرافعي وتبعه في الروضة بعممد الفممراغ‬
‫من سردها‪ :‬وهذه الصور تتبعوا فيهمما اللفمماظ الواقعممة مممن‬
‫كلم الناس وأجابوا فيها اتفاقمما واختلفمما بممما ذكممر ومممذهبنا‬
‫يقتضي موافقتهم في بعضممها وفممي بعضممها يشممترط وقمموع‬
‫اللفممظ فممي معممرض السممتهزاء وقممد بيممن ذلممك فهممذا مممن‬
‫الشيخين صريح فيما قررناه من الفتوى بما نص عليممه فممي‬
‫المذاهب بقية الئمة فيما ل نص فيه عنممدنا ول فممي قواعممد‬
‫مذهبنا ما ينفيه‪ ،‬ثم قممال النممووي فممي الروضممة مممن زوائده‬
‫عقب ذلك قلت قممد ذكممر القاضممي عيمماض فممي آخممر كتمماب‬
‫الشفا جملة من اللفاظ المكفرة غير ممما سممبق نقلهمما عممن‬
‫الئمة أكثرها مجمع عليه‪ ،‬ولخص مما فمي الشمفا ممن ذلمك‬
‫فهذا من النووي عين ما جنحنا إليه بل هو نص صممريح فممي‬
‫مسألتنا هذه بعينها‪ ،‬وقال في الروضممة تبعمما للرافعممي فيممما‬
‫نقله عممن كتممب أصممحاب أبممي حنيفممة واختلفمموا فيمممن قممال‬
‫رؤيتي إليك كرؤية ملك الموت وأكثرهم على أنممه ل يكفممر‪،‬‬
‫زاد النووي قلت الصواب إنه ل يكفر‪ ،‬وهممذه إحممدى الصممور‬
‫التي ساقها القاضي عياض في الفصل الخامس فممإذا كممان‬
‫فيها قول بالتكفير فل أقل من التعزير إذا لم يكفر‪.‬‬
‫)فصل( قال سعيد بن منصور في سممننه ثنما هشمميم ثنمما‬
‫مغيرة عن إبراهيم قال كانوا يكرهون أن يتناولوا شيئا مممن‬
‫القرآن عندما يعرض من أحمماديث الممدنيا قيممل لهشمميم نحممو‬
‫‪322‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قموله )جئت علمى قمدر يما موسمى( قمال نعمم‪ ،‬وقمد صمرح‬
‫العماد الينهي من أصحابنا بهممذا الحكممم فقممال بمنممع ضممرب‬
‫المثال مممن القممرآن نقلممه ابممن الصمملح فممي فمموائد رحلتممه‪،‬‬
‫والينهى هذا من تلمذة البغوي‪ ،‬وهذا شمماهد لممما نحممن فيممه‬
‫فكممما أن الدب ن ل يضممرب كلمممات القممرآن مثل لواقعممة‬
‫دنيوية فكذلك الدب أن ل تضرب أحوال النبيمماء مثل لحممال‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫)فصل( وسئل شيخ السمملم والحفمماظ قاضممي القضمماة‬
‫شهاب الدين بن حجر بما نصمه‪ :‬مما قمول أئمممة المدين فمي‬
‫هذه الموالد التي يصنعها الناس محبة في النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم غير أن بعض الوعمماظ يممذكرون فممي مجالسممهم‬
‫الحفلة المشتملة على الخاص والعام من الرجممال والنسمماء‬
‫ماجريممات هممي مخلممة بكمممال التعظيممم حممتى يظهممر مممن‬
‫السامعين لها حزن ورقة فيبقى في حيز مممن يرحممم ل فمي‬
‫حيز من يعظم‪ ،‬من ذلك أنهم يقولون أن المراضممع حضممرن‬
‫ولم يأخذنه لعدم ماله ال حليمة رغبت فممي رضمماعه شممفقة‬
‫عليه‪ ،‬ويقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم كممان يرعممى‬
‫غنما وينشدون‪:‬‬
‫بأغنامه سار الحبيب إلى المرعى * فيا حبذا راع فؤادي له‬
‫يرعى‬
‫وفيمه‪ :‬فمما أحسممن الغنممام وهممو يسموقها‪ ،‬وكممثير مممن همذا‬
‫المعنى المخل بالتعظيم فما قولكم في ذلممك؟ فأجمماب بممما‬
‫نصه‪ :‬ينبغي لمن يكون فطنا أن يحذف من الخبر ممما يمموهم‬
‫في المخبر عنه نقصا ول يضره ذلمك بمل يجمب همذا جموابه‬
‫بحروفه‪.‬‬
‫)فصل( ومما يدخل في هذا الباب ما أخرجممه ابممن أبممي‬
‫الدنيا في كتاب الصمت عن مطرف قال ليعظم جلل اللممه‬
‫في صممدوركم فل تممذكروه عنممد مثممل قممول أحممدكم للكلممب‬
‫اللهم اخزه وللحمار وللشاة‪.‬‬
‫)فصل( قال السهيلي في الممروض النممف بعممد أن أورد‬
‫حديث إن أبي وأباك في النار ما نصه‪ :‬وليس لنمما أن نقممول‬
‫نحن هذا في أبويه صلى الله عليه وسلم لقوله صمملى اللممه‬

‫‪323‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليه وسلم ل تممؤذوا الحيمماء بسممبب الممموات واللممه تعممالى‬
‫يقول‪) :‬إن الذين يؤذون الله ورسوله الية(‪.‬‬
‫)فصل( رعي الغنم لممم يكممن صممفة نقممص فممي الزمممن‬
‫الول لكممن حممدث العممرف بخلفممه ول يسممتنكر ذلممك قممرب‬
‫حرفة هي نقص في زمممان دون زمممان وفممي بلممد دون بلممد‪،‬‬
‫ويشهد لذلك كلم الفقهمماء فممي الكفمماءة فممي النكمماح وفممي‬
‫المممروءة فممي الشممهادات والمسممألة مسممطورة حممتى فممي‬
‫المنهاج‪ ،‬ثممم إن الخصممم لممم يخممرج هممذه الكلمممة إل مخممرج‬
‫الشتم والتنقيص حيث قال وأنت يا راعي المعزى صار لممك‬
‫كلم‪ ،‬ومثل هذا الموطن ل يحتممج فيممه بممأحوال النبيمماء أبممدا‬
‫خصوصا بين العوام هذا ل يقوله مممن يعلممم أنممه يلقممى اللممه‬
‫تعالى‪ ،‬وقد تذكرت هنا نكتة لطيفة قال الشمميخ تمماج الممدين‬
‫ابن السبكي في الترشيح كنت يوممما فممي دهليممز دارنمما فممي‬
‫جماعة فمر بنا كلب يقطممر ممماء يكمماد يمممس ثيابنمما فنهرتممه‬
‫وقلت يا كلب يا ابن الكلب وإذا بالشيخ المام يعنممي والممده‬
‫الشيخ تقي الدين السبكي يسمممعنا مممن داخممل فلممما خممرج‬
‫قال لم شتمته فقلت ما قلت إل حقا أليس هممو بكلممب ابممن‬
‫كلب فقممال هممو كممذلك إل أنممك أخرجممت الكلم فممي مخممرج‬
‫الشتم والهانة ول ينبغي ذلممك فقلممت هممذه فممائدة ل ينممادي‬
‫مخلوق بصفته إل إذا لم يخرج مخرج الهانة هذا لفظه في‬
‫الترشيح‪.‬‬
‫)فصممل(‪ :‬المممماراة فممي مثممل هممذا الموضممع والتممدليس‬
‫وقصد النتقام بالضغائن الباطنة ل يضر إل فاعله ول يصيب‬
‫المشنع عليه من ضممرره شمميء والحممق للنبيمماء‪ ،‬وقممد ذكممر‬
‫السبكي أن تارك الصلة يخاصمه كل صالح لن لكل صممالح‬
‫في الصلة حقا حيث فيهمما السمملم علينمما وعلممى عبمماد اللممه‬
‫الصالحين‪ ،‬وكذلك المدلس في هذه المسألة يخاصمممه كممل‬
‫النبياء يوم القيامممة وعممدتهم مممائة ألممف وأربعممة وعشممرون‬
‫ألف‪ ،‬وقد قيل ليحيى بن معين أما تخشى أن يكممون هممؤلء‬
‫الذين تركت حديثهم خصماءك عنممد اللممه فقممال لن يكونمموا‬
‫خصماء لي أحب إلى من أن يكون النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم خصمي يقول لي لم لممم تممذب الكممذب عممن حممديثي‪،‬‬
‫وكذلك أقول لن يكون كل أهل العصر فممي هممذه المسممألة‬
‫‪324‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫خصمائي أحب إلى من أن يخاصمني نبي واحممد فضممل عممن‬
‫جميع النبياء‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجممل حكممم بحكممم فممأنكره عليممه قضمماة بلممده‬
‫فقال له سلطان البلد ارجع عن هذا الحكم فإنه لم يوافقك‬
‫عليه أحممد فممأبى وحلممف أنممه ل يرجممع لقممول أحممد ولممو قممام‬
‫الجناب العالي عليه الصلة والسلم من قبره ما سمعت له‬
‫حتى يريني النص فهممل يكفممر بهممذا‪ ،‬ثممم قممال بعممد مممدة لممو‬
‫سممبني نممبي مرسممل أو ملممك مقممرب لسممببته‪ ،‬وصممار يفممتي‬
‫العامة والسوقة بجواز هذا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما قوله الول وهو قمموله ل يرجممع لحممد ولممو‬
‫قام صلى الله عليه وسلم من قبره ما سمع له حممتى يريممه‬
‫النص فهذا له ثلثة أحمموال الول أن يكممون هممذا صممدر منممه‬
‫علممى وجممه سممبق اللسممان وعممدم القصممد وهممذا هممو الظممن‬
‫بالمسلم واللئق بحمماله ولعلممه أراد مثل أن يقممول ولممو قممام‬
‫مالك من قممبره فسممبق لسممانه إلممى الجنمماب الرفيممع لحممدة‬
‫حصلت عنده فهذا ل يكفر ول يعممزر إذا عممرف بممالخير قبممل‬
‫ذلك ويقبل منه دعمموى سممبق اللسممان ول يكتفممي منممه فممي‬
‫خاصممة نفسممه بممذلك بممل عليممه أن يظهممر النممدم علممى ذلممك‬
‫وينممادي علممى نفسممه فممي المل بالخطممأ ويبممالغ فممي التوبممة‬
‫والستغفار ويحثو التراب علممى رأسممه ويكممثر مممن الصممدقة‬
‫والعتق والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر والستقالة مممن‬
‫هممذه العممثرة‪ ،‬الحممال الثمماني أن ل يكممون علممى وجممه سممبق‬
‫اللسان ول على وجه العتقاد الذي يذكره المصمم فيقممول‬
‫مثل لو أمرني النس والجن بهذا ما سمعت لهم ولو روجممع‬
‫في خاصة نفسممه لقممال ممما أردت ظمماهر العبممارة ولممو قممام‬
‫النبي صلى الله عليممه وسمملم مممن قممبره حقيقممة وقممال لممي‬
‫لبادرت إلى امتثال قوله وسمعت من غير تلعثم ول توقممف‬
‫ولكن هذه عبارة قلتها على وجه المبالغة لعلمي بأن قيامه‬
‫الن من قبره وقوله لي غير كائن وهو محال عادة فهممذا ل‬
‫يكفي ولكنه أتى بعظيم من القول فيعزل مممن الحكممم بيممن‬
‫المسلمين ويعزر تعزيرا لئقا به من غير أن ينتهي إلى حممد‬
‫القتممل‪ ،‬الحممال الثممالث أن بعظيممم مممن القممول فيعممزل مممن‬
‫الحكم بين المسلمين ويعممزر تعزيممرا لئقمما بممه مممن غيممر أن‬
‫‪325‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ينتهي إلى حمد القتممل‪ ،‬الحممال الثممالث أن يكمون علممى وجممه‬
‫العتقاد بحيث يعتقد في نفسه أنه لو كان النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم حيا وقال له الحكم بخلف ما حكمت لم يسمع‬
‫له وهذا كفر نعوذ بالله منه قممال اللممه تعممالى )قممل أطيعمموا‬
‫الله والرسول فإن تولوا فإن الله ل يجب الكممافرين( وقممال‬
‫تعالى )فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهممم‬
‫ثممم ل يجممدوا فممي أنفسممهم حرجمما مممما قضمميت ويسمملموا‬
‫تسليما( وقصة الذي حكم له النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫فلم يرض بحكمه وجاء إلى عمر بممن الخطمماب رضممي اللممه‬
‫عنه ليحكم له فقتله عمر بالسيف مشهورة وقد أهدر النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم دمه‪ ،‬والعجب من قمموله ممما سمممعت‬
‫له حتى يريني النص وقوله صلى الله عليه وسلم نفسه هو‬
‫النص فأي نص يريه بعد قوله‪ ،‬والظن بالمسلم إنه ل يقول‬
‫ذلك عن اعتقاد والله أعلم‪ .‬وأما قمموله الثمماني فمممن أخطممأ‬
‫الخطأ وأقبحممه وأشممد مممن قممول هممذه المقالممة فممي السمموء‬
‫الفتاء بإباحتها فأما أصل المقالممة وهممو أن يقممول قممائل لممو‬
‫سبني نبي أو ملك لسببته فالجواب فيها كما قال ابن رشممد‬
‫وابن الحمماج أنممه يعممزر علممى ذلممك التعزيممر البليممغ بالضممرب‬
‫والحبس وأما إباحته للناس أن يقولمموا ذلممك فمرتبممة أخممرى‬
‫فوق ذلك في السوء لنه إغراء للعامة على ارتكاب الحرام‬
‫أو اسممتحلله وغممض مممن منصممب النبيمماء والملئكممة عليهممم‬
‫السمملم وكيممف يتصممور أن يبمماح هممذا لحممد والنبيمماء عليهممم‬
‫السلم معصممومون فل يسممبون إل مممن أمممر الشممرع بسممبه‬
‫ومن سب بالشرع لممم يجممز لممه أن يسممب سممابه فالمسممألة‬
‫مسممتحيلة مممن أصمملها فممالجواب ردع هممذا الرجممل وزجممره‬
‫وهجره في الله وعليه التوبة والنابة والقلع‪.‬‬

‫باب الجهاد‬
‫مسألة ‪ -‬في الرمي بالنشاب على نية الجهاد في سبيل‬
‫الله هل هو واجب لمطلق المر فمي قمموله تعممالى )وأعممدوا‬
‫لهم ما استطعتم من قوة( والقوة مفسرة من النبي صمملى‬
‫الله عليممه وسمملم بممالرمي أم ل‪ ،‬وإذا لممم يكممن واجبمما فهممل‬
‫الصممارف عممن ذلممك قممول مممن قممال مممن الصممحابة اليممة‬
‫‪326‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫منسوخة‪ ،‬وإذا قلتم بسممنيته فهممل ذلممك مممن بمماب أن المممر‬
‫بالوجوب إذا انتفى ما يبقى الندب أو قطع النظر عن اليممة‬
‫بالكلية لدعوى نسخها وأخذت السنية من فعل النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نقول مممذهبنا إن الرمممي بالنشمماب علممى نيممة‬
‫التأهب للجهاد سممنة ل واجممب ول مبمماح مسممتوى الطرفيممن‬
‫هكذا نص عليه الصحاب‪ ،‬وإذا نظرنمما إلممى مقتضممى الدلممة‬
‫من اليممة والحمماديث وجممدناها تممدل علممى ذلممك ول تتعممداه‪،‬‬
‫وبيممان ذلممك أن نقممول المممر فممي اليممة الكريمممة لممه أربعممة‬
‫احتمالت‪ :‬أحدها أن تكممون للرشمماد كممما فممي قمموله تعممالى‬
‫)وأشمممهدوا إذا تبمممايعتم( وهمممذا الحتممممال ضمممعيف لكمممثرة‬
‫الحاديث الواردة في الترغيب في الرمممي وترتيممب الثممواب‬
‫عليه ومثل ذلك ل يكون إل فيما أمر به على وجه الندب أو‬
‫الوجوب ل على وجه الرشاد كحديث "تعلممموا الرمممي فممإن‬
‫ما بين الهدفين روضة من ريمماض الجنممة" وحممديث "الرمممي‬
‫سممهم مممن سممهام السمملم" الثمماني أن يكممون للنممدب وهممو‬
‫المدعى لنه في صيغة المر أظهممر مممن الرشمماد فيهمما وإذا‬
‫انتفممى الوجمموب بممالطريق التممي بقممي النممدب لنممه القممدر‬
‫المتيقن من صيغة الطلب ول نافي له بل الحاديث المممرة‬
‫والمرغبة مثبتة له‪ ،‬الثالث أن يكممون للوجمموب ول شمك أنممه‬
‫بعيممد مممن لفممظ اليممة لن صمميغة المممر لممم تنصممب عليممه‬
‫بخصوصه إنما انصبت علممى المسممتطاع مممن قمموة الصممادق‬
‫بالرمي وبغيره كما هو مدلول لفممظ "ممما" الممتي موضمموعها‬
‫العموم لغة وشرعا وكما ورد بذلك التفسممير عممن الصممحابة‬
‫والتابعين أخرج ابن مردويه في تفسمميره وأبممو الشمميخ ابممن‬
‫حيان في كتاب السبق والرمممي مممن طريممق الضممحاك عممن‬
‫ابن عباس في قوله تعالى )وأعدوا لهم ممما اسممتطعتم مممن‬
‫قوة( قال الرمي والسيوف والسلح‪ ،‬وأخرج أبو الشيخ عن‬
‫مخلممد بممن يزيممد قممال سممألت الوزاعممي عممن قمموله تعممالى‬
‫)وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة( قممال القمموة سممهم فممما‬
‫فوقه‪ ،‬وأخرج ابن أبي حاتم في تفسمميره مممن طريممق عبمماد‬
‫بن جويرية عن الوزاعممي قممال سممألت الزهممري عممن قمموله‬
‫تعالى )وأعدو لهم ما استطعتم من قمموة( قممال قممال سممعيد‬
‫‪327‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابن المسيب قممال القمموة الفممرس إلممى السممهم فممما دونممه‪،‬‬
‫وأخرج عن مقاتل بن حيان قال القمموة السمملح وممما سممواه‬
‫من قوة الجهاد‪ ،‬وأخرج عن عكرمممة قممال القمموة الحصممون‪،‬‬
‫وأخرج عن مجاهد قال القوة ذكور الخيل‪ ،‬وأخرج عن رجاء‬
‫بن أبي سلمة قال لقي رجل مجاهدا وهو يتجهز إلى الغممزو‬
‫ومعه جوالق فقممال مجاهممد وهممذا مممن القمموة فهممذه أقمموال‬
‫الصحابة والتابعين صريحة في أن المراد مممن اليممة ممما هممو‬
‫أعم من الرمي وغيمره‪ ،‬وأمما الحمديث الصمحيح وهمو قموله‬
‫صلى الله عليه وسلم "أل إن القوة الرمي" فليممس المممراد‬
‫منه حصر مدلول اليممة فيممه بممل المممراد أنممه معظممم القمموة‬
‫وأعظم أنواعها تأثيرا ونفعا على حد قوله "الحج عرفة" أي‬
‫معظم أعمال الحج وليس المراد أنممه ل ركممن للحممج سممواه‬
‫كما هو معروف‪ ،‬وقد فهم هذا الفهم مكحول مممن التممابعين‬
‫فقال في تفسير الية الرمي من القوة أخرجه ابممن المنممذر‬
‫في تفسيره‪ ،‬وإذا تقرر ذلك كان القول بوجوب الرمي أخذا‬
‫من المر في الية ل على معنى أنممه واجممب بعينممه بممل مممن‬
‫باب إيجاب شيء ل بعينه كما قال الفقهاء في خائف العنت‬
‫أنه يجب عليه التعفف ول يقال إن النكاح فممي حقممه واجممب‬
‫على معنى أنه واجب بعينه بل على معنى أن السممعي فممي‬
‫العفاف واجب إما بالنكاح وإممما بالتسممري فإيجمماب النكمماح‬
‫عليه مممن بمماب إيجمماب شمميء ل بعينممه‪ ،‬وممما كممان مممن هممذا‬
‫القبيممل إذا حكممم عليممه بعينممه قيممل إنممه سممنة ولهممذا أطلممق‬
‫أصحاب المختصرات قولهم النكاح سممنة لمحتمماج إليممه بحممد‬
‫أهبته‪ ،‬وكذلك هنا الممواجب إعممداد مما ينتفممع بممه فمي القتمال‬
‫ويدفع به العدو إما الرمي أو غيره وإذا حكممم علممى الرمممي‬
‫بعينه قيل إنه سنة كما صرح به الصحاب فعرف بذلك وجه‬
‫قولهم إنه سنة وإنه ليممس لكممون اليممة منسمموخة بممل لهممذه‬
‫القاعممدة الصممولية الممتي أشممرنا إليهمما‪ .‬الحتمممال الرابممع أن‬
‫المممر قممد يكممون فممي اليممة ليممس لكممل النمماس بممل لقمموم‬
‫مخصوصين وهم المرصدون للجهمماد المنزلممون فممي ديمموان‬
‫الفيء فيكون واجبا عليهم من حيممث أنهممم ارتزقمموا أممموال‬
‫الفيء على ن يقوموا بدفع الكفار عممن المسمملمين فمموجب‬
‫عليهم السعي في تحصيل ما يحصل به الممدفع‪ ،‬ويؤيممد هممذا‬
‫‪328‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ما ورد أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كتب إلممى أبممي‬
‫عبيممدة علممموا غلمممانكم العمموم ومقمماتلتكم الرمممي وهممذا‬
‫الوجوب من باب إيجاب ممما ل يتممم الممواجب إل بممه كإيجمماب‬
‫نصب السلم عند إيجمماب صممعود السممطح وليممس مممن بمماب‬
‫الوجوب المطلق‪ ،‬وهو أيضا إذا نظر إليه فممي حممد ذاتممه لممم‬
‫يحكممم عليممه بخصوصممه إل بالنسممبة كغسممل بعممض الممرأس‬
‫والرقبممة مممع المموجه فممي الوضمموء فممإنه مممن بمماب مقدمممة‬
‫الواجب ويطلق عليه الوجوب لجل تحقق استيعاب المموجه‬
‫وإذا نظر إليه في حد ذاته كممان سممنة لن الممواجب الصمملي‬
‫في الوضوء غسل الوجه ل بعممض الممرأس والرقبممة فاتضممح‬
‫بهممذا قممول الصممحاب أنممه مممن قسممم السممنة ل مممن قسممم‬
‫الواجب ول المباح المستوى الطرفين والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في أي سنة كان فرض الجهاد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬روى أحمد والترمذي والحمماكم وغيرهممم عممن‬
‫ابن عباس قال لما أخرج النبي صلى الله عليه وسمملم مممن‬
‫مكة قال أبو بكر أخرجوا نممبيهم إنمما للممه وإنمما إليممه راجعممون‬
‫ليهلكن فنزلت )أذن للممذين يقمماتلون بممأنهم ظلممموا ‪ -‬اليممة(‬
‫قال أبو بكر فعرفت أنه سيكون قتال قال ابن عباس فهممي‬
‫أول آيممة نزلممت فممي القتممال‪ ،‬قممال ابممن الحصممار مممن أئمممة‬
‫المالكية في كتابه الناسخ والمنسوخ اسممتنبط بعضممهم مممن‬
‫هذا الحديث أنها نزلت في سممفر الهجممرة‪ ،‬وأخممرج الممبيهقي‬
‫فممي دلئل النبمموة عممن مجاهممد قممال خممرج نمماس مؤمنممون‬
‫مهاجرين من مكة إلى المدينة فاتبعهم كفممار قريممش فمأذن‬
‫الله لهم في قتالهم فأنزل الله )أذن للذين يقاتلون ‪ -‬اليممة(‬
‫فقمماتلوهم‪ ،‬وأخممرج ابممن أبممي حمماتم فممي تفسمميره عممن ابممن‬
‫عباس أن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلممة اجتمعمموا‬
‫ليدخلوا دار النممدوة فاعترضممهم إبليممس فممذكر القصممة قممال‬
‫فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سممنة‬
‫بمكة ثم أذن الله له بالخروج إلى المدينة وأمرهم بممالهجرة‬
‫وافممترض عليهممم القتممال فممأنزل اللممه )أذن للممذين يقمماتلون‬
‫بأنهم ظلموا اليممة( فكممان هاتممان اليتممان أول ممما نممزل فمي‬
‫الحرب‪ ،‬وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبيممر قممال إن‬
‫أول آيممة نزلممت فممي الجهمماد حيممن ابتلممى المسمملمون بمكممة‬
‫‪329‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسطت بهم عشائرهم ليفتنموهم عمن السملم وأخرجموهم‬
‫من ديارهم فأنزل الله )أذن للذين يقماتلون بمأنهم ظلمموا ‪-‬‬
‫الية( وذلك حين أذن الله لرسوله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بممالخروج وأذن لهممم بالقتممال‪ ،‬وأخممرج ابممن أبممي حمماتم عممن‬
‫مقاتل بن حبان قممال إن مشممركي أهممل مكممة كممانوا يممؤذون‬
‫المسلمين بمكة فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫قتالهم بمكة فلما خرج إلى المدينة أنممزل اللممه )أذن للممذين‬
‫يقمماتلون بممأنهم ظلممموا( وأخممرج ابممن أبممي حمماتم عممن عبممد‬
‫الرحمن بن زيد بممن أسمملم فممي قمموله )أذن للممذين يقمماتلون‬
‫بأنهم ظلموا( قال أذن لهم في قتالهم بعد ممما عفممى عنهممم‬
‫عشر سنين‪ ،‬هذه الثار كلها متضممافرة علممى أن ذلممك كممان‬
‫في السنة الولى من الهجممرة غيممر أن هممذه اليممة مبيحممة ل‬
‫موجبة‪ ،‬وقد نص المام الشافعي رضي اللممه عنممه علممى أن‬
‫القتال كان قبل الهجممرة ممنمموع ثممم أبيممح بعممد الهجممرة ثممم‬
‫وجب بآيات المر فلعل اليجاب كان في آخر السنة الولى‬
‫أو أول السممنة الثانيممة وفيهمما كممان مبممدأ الغممزوات‪ ،‬وذكممر‬
‫القاضي عياض أن فرض الجهاد العام كان عام الفتممح سممنة‬
‫ثمان فمي بممراءة لقموله تعمالى )وقمماتلوا المشممركين كافمة(‬
‫وهممذا ل ينممافي ممما سممبق لن فرضمميته قبممل ذلممك كممانت‬
‫مخصوصممة وهممذا اليممة فرضممت علممى العممموم‪ ،‬وقممد روى‬
‫النسائي والحاكم عن ابن عباس أن ناسا أتمموا النممبي صمملى‬
‫الله عليممه وسمملم فقممالوا يمما نممبي اللممه كنمما فممي عممز ونحممن‬
‫مشركون فلما آمنا صرنا أزلة قممال إنممي أمممرت بممالعفو فل‬
‫تقاتلوا القوم فلممما حمموله اللممه إلممى المدينممة أمممره بالقتممال‬
‫فكفوا فأنزل الله )ألم تر إلى الذين قيل لهم كّفوا أيديكم ‪-‬‬
‫الية( وهذا أيضا ظاهر في أن فرض القتال كممان فممي سممنة‬
‫الهجممرة‪ ،‬وفممي بعممض طممرق الحممديث فلممما كممانت الهجممرة‬
‫وأمروا بالقتال كره القوم ذلك فأنزل الله اليممة‪ ،‬ثممم رأيممت‬
‫ابن سعد في الطبقات ذكر أن أول لواء عقده رسول اللممه‬
‫صلى اللممه عليممه وسمملم لخمسممة فممي رمضممان علممى رأس‬
‫سبعة أشهر من مهاجره وبعثه في ثلثين رجل لغير قريممش‬
‫ثم بعث سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ في شمموال‬
‫على رأس ثمانية أشهر من مهاجره وبعثه فممي سممتين رجل‬
‫‪330‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثم بعث سرية سمعد بمن أبمي وقماص إلمى الخمرار فمي ذي‬
‫القعممدة علممى رأس تسممعة أشممهر مممن مهمماجره وبعثممه فممي‬
‫عشرين رجل فهذا كله يدل على أن فرض الجهاد كان فممي‬
‫السنة الولى من الهجرة والله أعلم‪.‬‬

‫}كتاب الصيد والذبائح{‬


‫مسألة ‪ -‬في الرمي بالبندق في الفلوات علممى الطيممور‬
‫هل يجوز أول مع أنه ل يحصل لحد به ضرر‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬مممذهبنا ومممذهب أكممثر العلممماء أن الصمميد‬
‫المقتول بالبندق ل يحل أكله وأنه داخممل فممي الموقمموذة إل‬
‫أن يدركه وفيه حياة مستقرة وأما الرمي بالبنممدق فالصممل‬
‫فيه حديث الصحيح أنممه صمملى اللممه عليممه وسمملم نهممى عممن‬
‫الخذف وقال إنه ل يصاد به صيد ول ينكممى بممه عممدو ولكنهمما‬
‫قد تكسر السن وتفقأ العيممن فمذهب أكممثر العلممماء إلممى أن‬
‫هذا النهي للتحريممم وهممو المعممروف مممن مممذهبنا صممرح بممه‬
‫مجلي في الممذخائر وأفممتى بممه الشمميخ عممز الممدين بممن عبممد‬
‫السلم وجزم به ابن الرفعممة فممي الكفايممة وعبممارته‪ :‬القتممل‬
‫بالبندق ل يحممل المقتممول لنممه يقتممل الصمميد لقمموة راميممه ل‬
‫بحده ول يحل الرممي بمه لن فيمه تعريمض الحيموان للهلك‬
‫انتهى‪ .‬وقيل إنه يجوز لنه طريق إلى الصطياد وقال شمميخ‬
‫السلم ابن حجر التحقيق التفصيل فممإن كممان الغممالب مممن‬
‫حال الرامي أنه يقتلمه بممه امتنممع وإل جماز ل سمميما إن كمان‬
‫الرامي ل يصل إليه إل بذلك ثم ل يقتله غالبا‪ ،‬وقال الحسن‬
‫البصري يكره رمي البندق في القرى والمصممار‪ ،‬ومفهممومه‬
‫أنه ل يكره في الفلة فجعل مدار النهي على خشية إدخال‬
‫الضرر على أحد من المسلمين‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫باب الطعمة‬
‫مسألة ‪ -‬هممل يحممل أكممل البطممارخ وهممل هممو نجممس أم‬
‫طاهر‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المنقول في الجممواهر للقمممولي أنممه ل يجمموز‬
‫أكل سمك ملح ولم ينزع ما في جمموفه فممإن كممان البطممارخ‬
‫بهذه الصفة فهو حرام‪ ،‬ومن نسب العفو إلى الروضة فهممو‬
‫‪331‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫غالط لن الذي في الروضة‪ :‬هل يحل أكل السمك الصممغار‬
‫إذا شويت ولم يشق ما فممي جوفهمما ويخممرج ممما فيممه؟ فيممه‬
‫وجهان وجه الجواز عسممر تتبعهمما‪ ،‬وعلممى المسممامحة جممرى‬
‫الولممون فممإن الرويمماني بهممذا أفممتى ورجيعهمما طمماهر عنممدي‬
‫انتهى‪ .‬وهذه غير المسألة لنممه فرضممها فممي الصممغار وعلممل‬
‫الجواز بعسر التتبع وهو مفقود في الكبار‪.‬‬

‫}كتاب اليمان{‬
‫مسألة ‪ -‬فممي رجممل حلممف شممهد اللممه أو يشممهد اللممه أو‬
‫أضاف قوله وحق هل تنعقد يمينه وتلزمه الكفارة إذا حنممث‬
‫أم ل‪ ،‬وما إذا حلف بالجناب الرفيع وأراد به الله‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل نقل عندي في ذلك‪ ،‬والذي يظهر في شهد‬
‫الله ويشهد الله أنه ليممس بيميممن وفممي الذكممار للنممووي ممما‬
‫يشهد لذلك فإنه ذكر ما معناه أن من الناس من يتورع عن‬
‫اليمين فيعدل إلى قوله شهد الله فيقع في أشممد مممن ذلممك‬
‫من حيث أنه نسب إلى الله تعالى أنه شهد الشيء وعلمممه‬
‫على خلف ما هو عليه وكذا لو ضم إليه قمموله وحممق شممهد‬
‫الله إل إن أراد بشهد المصدر فيكممون معنمماه وحممق شممهادة‬
‫الله أي علمه فيكون والحالة هذه يمينمما لنممه حلممف بممالعلم‬
‫وإطلق الفعل وإرادة المصدر سائغ لقوله تعالى‪) :‬هذا يوم‬
‫ينفع الصادقين صدقهم( أي يوم نفعهم‪ ،‬وقول الشاعر‪:‬‬
‫من جفان تعتري نادينا * بسديف حين هاج الصنبر‬
‫أي حين يهيج الصنوبر‪ .‬وإذا حلف بالجنمماب الرفيممع وأراد بممه‬
‫الله فهو يمين بل شك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل حلف ل يشارك أخاه في هذه الدار وهي‬
‫ملك أبيهما فمات الوالد وانتقل الرث لهما وصارا شريكين‬
‫فهل يحنث الحالف بذلك أم ل‪ .‬وهل استدامة الملك شركة‬
‫تؤثر أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما مجرد دخولها في ملكة بالرث فل يحنممث‬
‫به وأما الستدامة فمقتضى قواعد الصحاب أنه يحنث بها‪.‬‬

‫}كتاب الضحية{‬

‫‪332‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬وردت من المغرب فيما ذكره الشيخ أبممو عبممد‬
‫اللممه البللممي فممي مختصممر الحيمماء حيممث قممال فممي كتمماب‬
‫الضحية وتتأكد الضحية عن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وقد بحثنا عن هذا الفرع في كتممب السممادة المالكيممة‬
‫فما وجدنا ما يثلممج الصممدر ويزيممل اللبممس فكتبنمما لكممم فيممه‬
‫لتبينوا لنا أصله من السنة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال المام أحمد فممي مسممنده ثنمما أسممود بممن‬
‫عامر قال ثنا شريك عن أبي الحسناء عن أبي الحكممم عممن‬
‫حنش عن علي بن ابي طالب رضي الله عنممه قممال أمرنممي‬
‫رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم أن أضممحي عنممه فأنمما‬
‫أضحي عنه أبدا‪ ،‬وقال ابن أبي الممدنيا فممي كتمماب الضمماحي‬
‫حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شريك عن أبي الحسناء عممن‬
‫الحكم عن حنش عن علي قال أمرنممي رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم أن أضحي عنه بكبش فأنا أحب أن أفعلممه‪،‬‬
‫وقال أبو داود في سننه ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنمما شممريك‬
‫عن أبي الحسناء عممن الحكممم عممن حنممش قممال رأيممت عليمما‬
‫يضحي بكبشين فقلت له ما هذا فقال إن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنمه فأنما أضمحي عنمه‪،‬‬
‫وقال الترمذي في جامعه وابن أبي الدنيا معا ثنا محمد بممن‬
‫عبيد المحاربي الكوفي ثنا شممريك عممن أبممي الحسممناء عممن‬
‫الحكم عن حنش عن على أنه كان يضحي بكبشين أحدهما‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم والخر عن نفسه فقيل لممه‬
‫فقال أمرني به يعني النبي صلى الله عليه وسلم فل أدعممه‬
‫أبدا‪ ،‬قال الترمذي هذا حديث غريب ل نعرفه إل من حديث‬
‫شريك انتهى‪ ،‬وقد نص على هذه المسممألة بخصوصممها مممن‬
‫المالكية القاضي أبو بكر ابمن العربمي فمي الحموذي‪ ،‬وممن‬
‫أصحابنا الشافعية أبو الحسن العبادي والقفممال فممي فتمماويه‬
‫وجزم القفال بممأنه ل يجمموز للمضممحى أن يأكممل منهمما شمميئا‬
‫وكذا قال ابن العربي وعلله بأن الذابح لم يتقممرب بهمما عممن‬
‫نفسه وإنما تقرب بها عن غيره فلم يجممز لممه أن يأكممل مممن‬
‫حق الغير شيئا‪ ،‬وكذا نقلممه الترمممذي فممي جممامعه عممن ابممن‬
‫المبارك قال فإن ضحى فل يأكممل منهمما شمميئا ويتصممدق بهمما‬

‫‪333‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كلها‪ ،‬قال البلقيني في تصحيح المنهاج‪ :‬حديث على إن صح‬
‫محمول على أنه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫باب الدعوى والبينات‬


‫مسألة ‪ -‬ثلثة وضعوا أيديهم بالسوية علممى دار فممادعى‬
‫أحدهم أنه يملك جميعها وأقممام بينممة شممهدت لممه بممذلك ثممم‬
‫ادعى الثاني أنه يملك ثلثي الدار وأقام بينة بذلك ثم ادعممى‬
‫الثالث أنه يملك ثلث الممدار وأقممام بينممة بممذلك فممماذا يفعممل‬
‫الحاكم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لكل منهم ثلثها لن بينة كل منهم شهدت لممه‬
‫بما في يده وشهدت للولين بزيادة فلم تثبممت الزيممادة مممن‬
‫أجممل المعارضممة أممما مممدعى الكممل فلن بينتممه فممي الممزائد‬
‫معارضة ببينة مدعى الثلثين في الثلثين وبينة مدعي الثلممث‬
‫في الثلممث فتسمماقطا وسممقطت دعممواه فممي الثلممثين‪ ،‬وأممما‬
‫مدعى الثلثين فلن بينته في الممزائد معارضممة ببينممة مممدعى‬
‫الكل فيه فتسمماقطا وسممقطت دعممواه بممالثلث الممزائد وأممما‬
‫مدعى الثلث فبينته لم تشهد بزيمادة علمى ممما فمي يمده ول‬
‫يعارضها بينة مدعى الثلثين بل عارضها مدعى الكممل ولكممن‬
‫اليد مرجحة فاستقر لكل منهم الثلث الذي في يممده‪ ،‬وهممل‬
‫هذا الستقرار باليد فقط أو بها وبالبينة معا فيه كلم طويل‬
‫ليس هذا محله‪.‬‬

‫حسن التصريف في عدم التحليف‬


‫وقع في هذه اليام أنني استفتيت عممن رجممل أقممر بممأنه‬
‫استأجر أرضمما مممن مالكهمما وأنممه رأى وتسمملم وأشممهد علممى‬
‫نفسه بذلك ثم عمماد بعممد مممدة وأنكممر الرؤيممة وطلممب يميممن‬
‫المؤجر بذلك فهل لمه ذلمك‪ .‬فمأجبت بمأن لمه تحليفمه علمى‬
‫التسليم ل على الرؤية‪ ،‬ثم بلغنممي عممن بعممض المفممتين أنممه‬
‫أجاب بأن له التحليف في الرؤية أيضمما فكتبممت لممه أن هممذا‬
‫المر تأباه القواعد فل يقبل إل بنقل صريح وفرق بينه وبين‬
‫مسألة القبض فكتب لي ممما ملخصممه أن ذلممك معلمموم مممن‬
‫عممموم وخصمموص أممما العممموم فقممولهم أن كلممما لممو أقممر‬
‫المدعى عليه به نفع المدعى تجوز الدعوى به وتسمع‪ ،‬أممما‬
‫‪334‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الخصوص فقول المنهاج في باب القرار لو أقر ببيع أو هبة‬
‫وإقباض ثم قال كان فاسدا وأقررت لظني الصحة لم يقبل‬
‫وله تحليف المقر له‪ ،‬قال ولممم يفممرق الصممحاب بيممن علممة‬
‫فسمماد وعلممة قممال وإذا حلممف بعممد إقممرار المممدعي بممالبيع‬
‫فتحليفه عند انتفاء شرطه أولى قال ويشهد لممذلك تصممحيح‬
‫السنوي أن القول قممول منكممر الرؤيممة وممموافقته علممى أن‬
‫القول قول من قممال أن المممبيع معلمموم والفممرق أن دعمموى‬
‫عدم الرؤية أقرب إلى الصدق من دعوى كونه غيممر معلمموم‬
‫ومنكر الرؤية معه أصل وظاهر فظهر أن القواعد ممما تممأبى‬
‫ذلك قال ونحن في الجواب ما خرجنا على مسممألة القبممض‬
‫ولو خرجنا صح التخريج لكن ل معنى للتخريج مع النقل من‬
‫العموم والخصوص هذا آخر كلمه‪ .‬فلما وقفت عليممه رأيتممه‬
‫لم يحم حول الحمى وهو في غاية الفساد فكتبممت إليممه ممما‬
‫صممورته‪ :‬وقفممت علممى ممما سممطره مولنمما فوجممدت فيممه‬
‫مؤاخذات وكنا أردنا الغضاء عن ذلك كما هو دأبنا مع أكممثر‬
‫الناس ثم قوى العزم على ذكر ذلك لن أكثر إعراضنا إنممما‬
‫هو عن الجمماهلين كممما أمممر اللممه ل عممن مثلكممم فمممن ذلممك‬
‫قولكم أن كل ما لو أقر المدعى عليه به نفع المدعى تجوز‬
‫الدعوى به وتسمع فجمموابه أن هممذه القاعممدة ليسممت علممى‬
‫عمومهمما وإنممما هممي أكثريممة‪ ،‬ومممن ذلممك اسممتدللكم علممى‬
‫مسألتنا بمسألة القرار بالبيع المذكورة فممي المنهمماج وهممذا‬
‫أمر عجيب يطممول التعجممب منممه وممما ظننممت أن مثممل هممذا‬
‫يلتبس على آحاد الناس فضل عنكم وأشد من ذلك دعواكم‬
‫أنممه نقممل خمماص فممي المسممألة وليممس بخمماص بممل ول عممام‬
‫فشتان ممما بيممن المسممألتين وإن بينهممما لشممد المباينممة وإن‬
‫بينهممما مممن الفممرق كممما بيممن القممدم والفممرق بممل كممما بيممن‬
‫حضيض الثرى ومناط الثريا‪ ،‬وبيان ذلك أن مسألة المنهمماج‬
‫صورتها فيمممن أقممر بعقممد إجمممالي مشممتمل علممى جزئيممات‬
‫وصفات وشروط فعاد ولم يكذب نفسه ولكن أنكر شممرطا‬
‫من شروطه أو شيئا من لوازمه أو صفة مممن صممفاته قممائل‬
‫معتذرا لم أظممن أن فممواته يفسممد العقممد فلهممذا سمممحنا لممه‬
‫بالتحليف لن مثل هذا قد يخفي عليممه‪ ،‬وأممما مسممألتنا هممذه‬
‫فصورتها أنه أقر على نفسه أنه رأى ما شهد عليه بذلك ثم‬
‫‪335‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عاد وأنكر ذلك بالكلية وأكذب نفسه بل عذر ول تأويل فأين‬
‫هذه المسألة من تلك أيقاس على رجل أقممر بعقممد مجمممل‬
‫ثم لم ينكر ما وقع منه وإنما أنكر شيئا من لوازمه كالرؤيممة‬
‫مثل وهو لم يتعرض لهمما فممي إقممراره الول ول ذكرهمما مممن‬
‫صرح بإقراره بالرؤية ثم عاد يكذب نفسه ول عممذر لممه فممي‬
‫ذلك ل ول كرامة ول نعمة عين‪ ،‬وقولنا ول عذر له ول تأويل‬
‫احترزت به عن مسألة القبض فإنه فيها أقر بالقبض ثم عاد‬
‫وأكذب نفسه فيه لكن بعذر وتأويل لنه جرت العادة بتأخير‬
‫القبض عن العقد وإن الناس يقرون به لجل رسممم القبالممة‬
‫ليقبضوا بعد ذلك ول كذلك الرؤية فمإنه لمم تجمر العمادة ول‬
‫الشرع بتأخيرها عن العقممد حممتى نقمول إنمه أقمر بهمما لجممل‬
‫رسم القبالة ليرى بعد ذلك هذا فممرق ممما بينهممما فقممد علممم‬
‫بهممذا أن مسممألة الرؤيممة تفممارق مسممألة القبممض وإن كممانت‬
‫تشبهها وأنها قياس مسألة البيع المذكورة في المنهاج بكل‬
‫وجه لن القرار في مسألة البيع بأمر عام أنكر منه جزئيممة‬
‫خاصة من لوازمه مع بقائه على وقوع أصل العقد المقر به‬
‫لكن بفقد شرط من شروطه ومسممألتنا هممذه القممرار فيهمما‬
‫وقع بجزئية خاصة ل غير ثم عاد وأنكرها فل يعذر في ذلممك‬
‫ول يقبممل رجمموعه ول يسمممح لممه بممالتحليف كممما هممو شممأن‬
‫القارير غالبما وإنمما كمان يصملح لكمم أن تسمتدلوا بمسمالة‬
‫المنهاج لو كانت الصورة أنممه أقممر بعقممد إجممارة فقممط ولممم‬
‫يتعرض للرؤية ول غيرها ثم عاد وقال لم أر فهذه هي التي‬
‫يقال فيها له التحليف وأنها داخلة في مسألة المنهمماج وأممما‬
‫صورتنا هذه فل‪ ،‬وإنما نظير صورتنا هذه أن يقر ببيع ورؤية‬
‫ثم يعود ويقول لم أر فتقولون في هذه أن لممه التحليممف إن‬
‫قلتم ل فهو المقصود وإن قلتم نعممم قلنمما لكممم ل نقممل فممي‬
‫ذلك والقواعد تأباه فإن المسممألة الممتي اسمتندتم إليهما فمي‬
‫المنهاج ليس صورتها أنه صرح بالقرار بالرؤية مممع القممرار‬
‫بالبيع وإنما صورتها أنممه أقممر بممالبيع مممن غيممر تعممرض لممذكر‬
‫شروطه من رؤيممة أو غيرهمما ثممم عمماد وأنكممر الرؤيممة‪ ،‬ومممن‬
‫العجب قولكم أن الصحاب لم يفرقوا بين علة فساد وعلة‬
‫فإن هذا إنما يمشي معكم في أمممر عممام لممه شممرط فممواته‬
‫مفسد لم يذكره عند القرار ثم عمماد وذكممره‪ ،‬وأممما القممرار‬
‫‪336‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالرؤية الذي هو مسألتنا فليس شيئا عاما له شممرط فممواته‬
‫يفسده وإنما هو أمر خاص أقر به ثم عاد وأنكره فل يسمع‬
‫فثبت بهذا أن بين مسألتنا ومسألة المنهاج بونا عظيما وإن‬
‫قولنا فمي مسممألة إنكممار الرؤيممة بعممد القممرار بهمما ليممس لممه‬
‫التحليف هو الذي يقتضيه النظر الصحيح والتخريج الصممحيح‬
‫الرجيح فل يعدل عنه إل بنقممل صممريح فحينئذ نقبلممه ونقممول‬
‫إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل‪.‬‬

‫باب الشهادات‬
‫مسألة ‪ -‬قراء يقرؤون القرآن بأصوات حسنة محترزين‬
‫مممن الزيممادة والنقممص فيممه عممالمين بأحكممام القممراءة فهممل‬
‫يمنعون من ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قممراءة القممرآن باللحممان والصمموات الحسممن‬
‫والترجيع إن لم تخرجه عن هيئته المعتبرة سنة حسممنة وإن‬
‫أخرجته فحرام فاحش هذا منقول المذهب صرح به النووي‬
‫فممي الروضممة والتبيممان‪ ،‬ويممدل للشممق الول أحمماديث منهمما‬
‫حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قممرأ سممورة‬
‫الفتح في السفر يرجع فيها ويقول آ آ آ‪ ،‬ومنها حديث البراء‬
‫أن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم قممال )زينمموا القممرآن‬
‫بأصممواتكم( رواه أبممو داود والنسممائي وابممن ممماجه والحمماكم‬
‫ورواه الدارمي والبيهقي بلفظ )حسممنوا القممرآن بأصممواتكم‬
‫فممإن الصمموت الحسممن يزيممد القممرآن حسممنا( ومنهمما حممديث‬
‫فضالة بن عبيد النصاري أن رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قممال )للممه أشممد أذانمما إلممى الرجممل الحسممن الصمموت‬
‫بالقرآن من صاحب القينة إلممى قينتممه( رواه الحمماكم وقممال‬
‫صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ومنهمما حمديث أبمي هريمرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال )ما أذن الله لشمميء‬
‫ما أذن لنممبي يتغنممى بممالقرآن( رواه الشمميخان وأذن بمعنممى‬
‫استمع‪ ،‬وفي معناه حديث سعد بن أبي وقاص وابن عبمماس‬
‫وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال )ليس منا مممن‬
‫لم يتغن بالقرآن( على أحد التأويلين في الحديث وهممو فممي‬
‫المسممتدرك‪ ،‬وفممي لفممظ عممن سممعد )أن هممذا القممرآن نممزل‬
‫محزن فإذا قرأتموه فممابكوا وتغنمموا بممه فمممن لممم يتغممن بممه‬
‫‪337‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فليس منا( رواه البيهقي في شعب اليمممان‪ ،‬ومنهمما حممديث‬
‫بريدة أنه صلى الله عليه وسلم سمممع قممراءة أبممي موسممى‬
‫فقال )لقد أوتي مزمارا من مزاميممر آل داود( رواه مسمملم‪،‬‬
‫ويدل للشق الثاني ما رواه الممبيهقي عممن ابممن عبمماس قممال‬
‫سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسممن النمماس‬
‫قراءة فقال )من إذا قرأ رأيت أنممه يخشممى اللممه( وممما رواه‬
‫أيضا عن حذيفممة عممن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫)اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهممل‬
‫الفسق وأهل الكتاب فمإنه سميجيء قموم يرجعمون القمرآن‬
‫ترجيع الغناء والرهبانية ل يجاوز حنمماجرهم مفتونممة قلمموبهم‬
‫وقلمموب الممذين يعجبهممم شممأنهم( وروى أيضمما عممن عممابس‬
‫الغفاري قال سمعت النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يممذكر‬
‫خصممال يتخمموفهن علممى أمتممه مممن بعممده إمممارة السممفهاء‬
‫واستخفافا بالممدم وقطيعممة الرحممم وكممثرة الشممرط ونشمموا‬
‫يتخذون القرآن مزامير يتغنممون غنمماء يقممدمون الرجممل بيممن‬
‫أيديهم ليس بأفضلهم ول أعلمهم ل يقدمونه إل ليغنى لهم‪،‬‬
‫وروى الدارمي عن العمش قال قرأ رجل عند أنس يلحممن‬
‫من هذه اللحان فكممره ذلممك أنممس‪ ،‬وروى عممن محمممد بممن‬
‫سيرين قال كانوا يرون هذه اللحممان فممي القممراءة محدثممة‪،‬‬
‫والحاديث والثار في الشقين كثيرة وفيما أوردناه كفاية‪.‬‬

‫باب جامع‬
‫مسممألة ‪ -‬رجممل سمملم علممى جماعممة مسمملمين وفيهممم‬
‫نصراني‬
‫فأنكر عليه ذلك فقال ممما قصممدت ال المسمملمين فقيممل لممه‬
‫من حقك أن تقول السلم على من اتبع الهدى فهل يجممزئ‬
‫اللفظ الول أو يتعين الثاني‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ل يجممزئ فممي السمملم إل اللفممظ الول ول‬
‫يستحق الرد إل به ويجوز السمملم علممى المسمملمين وفيهممم‬
‫نصراني إذا قصد المسلمين فقط‪ ،‬وأممما السمملم علممى مممن‬
‫اتبع الهدى فإنما شرع في صمدور الكتممب إذا كتبممت للكمافر‬
‫كما ثبت في الحديث الصحيح‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬إذا قال من يشمت العاطس يرحم الله سيدي‬
‫أو قممال مممن يبتممدئ السمملم السمملم علممى سمميدي أو الممراد‬
‫وعلى سيدي السلم هل يتأدى بذلك السنة أو الفرض‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال ابن صممورة فممي كتمماب المرشممد‪ :‬وليكممن‬
‫التشميت بلفظ الخطاب لنه الوارد‪ ،‬قال ابممن دقيممق العيممد‬
‫فممي شممرح اللمممام‪ :‬وهممؤلء المتممأخرون إذا خمماطبوا مممن‬
‫يعظمونه قالوا يرحم الله سيدنا أو ما أشممبه ذلمك مممن غيممر‬
‫خطمماب وهممو خلف ممما دل عليممه المممر فممي الحممديث قممال‬
‫وبلغني عن بعض علماء زماننا أنه قيل لممه ذلممك فقممال قممل‬
‫يرحمك الله يمما سمميدنا قممال وكممأنه قصممد الجمممع بيممن لفممظ‬
‫الخطاب وبيممن ممما اعتممادوه مممن التعظيممم‪ .‬انتهممى‪ .‬ويقمماس‬
‫بذلك مسائل السلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل قال اللهم اجمعنمما فممي مسممتقر رحمتممك‬
‫فأنكر عليه شخص فمن المصيب‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الكلم أنكممره بعممض العلممماء ورد عليممه‬
‫الئمة منهم النممووي وقممال‪ :‬الصممواب جممواز ذلممك ومسممتقر‬
‫الرحمة هو الجنة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل من الصوفية أخممذ العهممد علممى رجممل ثممم‬
‫اختار الرجل شيخا آخر وأخذ عليه العهممد فهممل العهممد الول‬
‫لزم أم الثاني‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يلزم العهد الول ول الثاني ول أصل لذلك‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫ما قولكم يا أولي اللباب في رجل * مؤذن لخطيب كلما‬
‫صعدا‬
‫يقول ملتزما بعد الصلة على * خير البرية من جاء النام‬
‫هدى‬
‫وزده يا رب تشريفا وقد علموا * ضرورة أنه بالمجد‬
‫منفردا‬
‫وقدره زائد وهو المكمل في * خلق وأخلقه محمودة أبدا‬
‫لم يسأل الشرف العالي لرتبته * إذ شرفت بعزيز خص‬
‫متحدا‬
‫فهل عليه اعتراض في مقالته * وقد تعاهد هذا كل من‬
‫وجدا‬
‫‪339‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أو قوله ذا يضاهي ما يجوزه * متن الحديث الذي في‬
‫ضمنه وردا‬
‫ذكر الترحم يا من للعلوم يرى * وفضله ظاهر والخير منه‬
‫بدا‬
‫أنت الذي ناله من فيضكم مدد * وزال عنه بفتياكم أذى‬
‫وردى‬
‫لزلت ترشد محتاجا لمسألة * أعيت ونلت منال ناله‬
‫السعدا‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله حمدا دائما أبدا * سبحانه لم يزل بالحمد منفردا‬
‫ثم الصلة على الهادي النبي ومن * هدى بدعوته الدنين‬
‫والبعدا‬
‫من قال للمصطفى أثناء دعوته * وزده يا رب تشريفا فقد‬
‫رشدا‬
‫ول اعتراض عليه في مقالته * ول التفات إلى إنكار من‬
‫فندا‬
‫أل ترى النووي الحبر قال كذا * في صدر خطبة كتب‬
‫عددت عددا‬
‫وهو المكمل حقا في فضائله * من غير ريب ول نقص‬
‫يهيى أبدا‬
‫لكن زيادات فضل الله ليس لها * حد تحاط به أو تنتهي‬
‫أبدا‬
‫وانظر أحاديث أوصاف الجنان تجد * مضمونها بالذي قد‬
‫قلت قد شهدا‬
‫في كل يوم يراه النبياء بها * والمؤمنون نوال لم يكن‬
‫عهدا‬
‫وعند رؤية بيت الله زده على * دعا النبي وتشريفا كما‬
‫وردا‬
‫فهل يقول امرؤ في كعبة عظمت * بأن هذا توهم ليس‬
‫معتمدا‬
‫وابن السيوطي قد خط الجواب عسى * يوم المعاد يجي‬
‫في زمرة السعدا‬

‫‪340‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬هل يستدل لجواز قول الناس ممما لممي إل اللممه‬
‫وأنت بقوله تعالى )يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من‬
‫المؤمنين(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قد يتمسك به المتمسك لكن يرد عليممه أمممور‬
‫منها أن الرجح في من اتبعك أنه معطمموف علممى الكمماف ل‬
‫على الجللة‪ ،‬والتمسممك إنمما يصممح إذا قمدر معطوفما علممى‬
‫الجللة‪ ،‬ومنها أن هذا الكلم صممادر مممن اللممه وهممو صمماحب‬
‫هممذا المنصممب فل يصمملح أن يقمماس عليممه المخلوقممون فممي‬
‫قولهم مثل ذلك ونظيره أنه تعالى أقسم بالمخلوقممات فممي‬
‫قوله والذاريات والطور والنجم والفجممر والشمممس والليممل‬
‫والضحى والتين والزيتون والعصر وليس ذلك لغيممره وكممان‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لغيره بلفظ الصمملة لنممه‬
‫صاحب منصب الصلة وليس لغيره أن يدعو لحد من المة‬
‫بلفظ الصلة‪ ،‬وذكر الشيخ عز الدين بممن عبممد السمملم فممي‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم )أن يكون اللممه ورسمموله أحممب‬
‫إليه مما سواهما( أن التشريك في الضمممير مممن خصائصممه‬
‫صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬وإن كممان قممد نهممى عنممه فممي قصممة‬
‫الخطيب‪ ،‬ويؤيد عدم الستدلل بالية على ذلممك ممما ورد أن‬
‫رجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء اللممه وشممئت‬
‫فقال )جعلتني لله عدل بل ما شاء الله وحده(‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬الصلة على النبي صلى الله عليه وسمملم عنممد‬
‫التعجب هل تستجب أو تكره فقد ذكممر بعممض العلممماء أنهمما‬
‫تستحب وقال أخذته من نص الشافعي رضي الله عنه فممي‬
‫قوله وأحب أن يكممثر الصمملة عليممه فممي كممل الحممالت قممال‬
‫فدخل في عمومه حالة التعجب‪ ،‬ثم نقل عممن سممحنون أنممه‬
‫كرهها عنمد التعجمب وقمال ل يصملى عليمه إل علمى طريمق‬
‫الحتساب وطلب الثواب ثم نازعه في ذلك بممأن ذكممر اللممه‬
‫عند التعجب مشروع‪ ،‬وقد بوب عليممه البخمماري فقممال بمماب‬
‫التكممبير والتسممبيح عنممد التعجممب وروى فيممه حممديث عمممر‬
‫وحديث صممفية‪ ،‬وهممل ورد دليممل خمماص بكراهتهمما كممما قممال‬
‫سحنون‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قد يستدل لسحنون بما أخرجممه الحمماكم عممن‬
‫ابن عمر أن رجل عطس بحضرته فقال الحمد لله والسلم‬
‫‪341‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على رسول اللممه فقممال ابممن عمممر‪ :‬وأنمما أقممول الحمممد للممه‬
‫والسلم على رسول الله ولكن ما هكذا علمنا‪ ،‬لكممن الممذي‬
‫نختاره خلف قول سحنون لنه لم يرد عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم نهمي عمن الصملة عليممه حالممة التعجممب ول تمرد‬
‫قصة ابن عمممر فممي العطمماس لن العطمماس ورد فيممه ذكممر‬
‫يخصممه فالعممدول إلممى غيممره أو الزيممادة فيممه عممدول عممن‬
‫المشروع وزيادة عليه وذلك بدعة ومذموم فلما كان الوارد‬
‫في العطاس الحمد فقط كان ضم السلم إليه من الزيممادة‬
‫في الذكار وذلك متفق علممى ذمممه وقممد نهممى الفقهمماء عممن‬
‫الصلة عليه عند الذبح لنه زيادة على ما ورد من التسمية‪،‬‬
‫وقممد عقممد النممووي فممي الذكممار بابمما لجممواز التعجممب بلفممظ‬
‫التسبيح والتهليل ونحوهممما وأورد فيممه عممدة أحمماديث وآثممار‬
‫وقممع فيهمما ذكممر سممبحان اللممه عنممد التعجممب فقممول النممووي‬
‫ونحوهما يدخل فيه فصل القول فممي ذلممك أن الصمملة عنممد‬
‫التعجب ل تكره لعدم النهي ول تسممتحب لعممدم دليممل علممى‬
‫طلبها حينئذ بممل هممي مممن المممور المباحممة كممما أشممار إليممه‬
‫النووي بلفظ الجواز في الترجمة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في شخص يدعى فقهمما يقممول أن توحيممد اللممه‬
‫متوقف على معرفة علم المنطق وإن علم المنطق فممرض‬
‫عين على كل مسلم وإن لمتعلمممه بكممل حممرف منممه عشممر‬
‫حسنات ول يصممح توحيممد مممن ل يعلمممه ومممن أفممتى وهممو ل‬
‫يعلمه فمما يفمتى بمه باطمل‪ ،‬وقمال إن الحشيشمة كمل ممن‬
‫اسممتعملها كفممل‪ ،‬وقممال إن المجتهممد يحممل الحممرام ويحممرم‬
‫الحلل‪ ،‬وقال إن أبا حامد الغزالي ليممس بفقيممه وإنممما كممان‬
‫زاهدا فماذا يجب عليه في ذلك‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬فممن المنطممق فممن خممبيث مممذموم يحممرم‬
‫الشتغال به لبنممى؟؟ بعممض ممما فيممه علممى القممول بممالهيولى‬
‫الذي هو كفر يجر إلى الفلسفة والزندقممة وليممس لممه ثمممرة‬
‫دينية أصل بل ول دنيوية نص على مجممموع ممما ذكرتممه أئمممة‬
‫الدين وعلماء الشممريعة فممأول مممن نممص علممى ذلممك المممام‬
‫الشافعي رضممي اللممه عنممه ونممص عليممه مممن أصممحابه إمممام‬
‫الحرميممن والغزالممي فممي آخممر أمممره وابممن الصممباغ صمماحب‬
‫الشامل وابن القشيري ونصر المقدسي والعماد بن يممونس‬
‫‪342‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وحفده والسلفي وابن بندار وابن عساكر وابن الثيممر وابممن‬
‫الصلح وابن عبد السلم وأبو شممامة والنممووي وابممن دقيممق‬
‫العيد والبرهممان الجعممبري وأبممو حيممان والشممرف الممدمياطي‬
‫والذهبي والطيممبي والملمموى والسممنوي والذرعممي والممولي‬
‫العراقي والشممرف بممن المقممري وأفممتى بممه شمميخنا قاضممي‬
‫القضاة شرف الدين المناوي‪ ،‬ونص عليه من أئمة المالكية‬
‫ابن أبي زيد صاحب الرسالة والقاضي أبو بكر بممن العربممي‬
‫وأبو بكر الطرطوشي وأبو الوليد الباجي وأبو طالب المكي‬
‫صاحب قوت القلوب وأبو الحسن بن الحصار وأبو عامر بن‬
‫الربيع وأبو الحسممن بممن حممبيب وأبممو حممبيب المممالقي وابممن‬
‫المنير وابن رشد وابممن أبممي جمممرة وعامممة أهممل المغممرب‪،‬‬
‫ونص عليه من أئمة الحنفية أبو سعيد السمميرافي والسممراج‬
‫القزوينممي وألممف فممي ذمممه كتابمما سممماه نصمميحة المسمملم‬
‫المشفق لمن ابتلى بحمب علممم المنطممق‪ ،‬ونمص عليممه ممن‬
‫أئمة الحنابلة ابن الجوزي وسعد الدين الحارثي والتقي ابن‬
‫تيمية وألف في ذمممه ونقممص قواعممده مجلممدا كممبيرا سممماه‬
‫نصمميحة ذوي اليمممان فمي الممرد علممى منطممق اليونممان وقمد‬
‫اختصرته في نحو ثلث حجمه وألفت في ذم المنطق مجلدا‬
‫سقت فيه نصوص الئمة في ذلك‪ ،‬وقممول هممذا الجاهممل إن‬
‫المنطممق فممرض عيممن علممى كممل مسمملم يقممال لممه إن علممم‬
‫التفسير والحديث والفقه التي هي أشممرف العلمموم ليسممت‬
‫فرض ‪0‬بالجماع بل هي فرض كفاية فكيف يزيممد المنطممق‬
‫عليهمما فقممائل هممذا الكلم إممما كممافر أو مبتممدع أو معتمموه ل‬
‫يعقل‪ ،‬وقوله إن توحيد الله متوقف على معرفته من أكذب‬
‫الكذب وأبلغ الفتراء ويلزم عليممه تكفيممر غممالب المسمملمين‬
‫المقطوع بإسلمهم ولو قدر أن المنطق في نفسممه حممق ل‬
‫ضرر فيه لم ينفع في التوحيد أصل ول يظن أنه ينفع فيه إل‬
‫من هو جاهل بالمنطق ل يعرفه لن المنطممق إنممما براهينممه‬
‫على الكليات والكليممات ل وجممود لهمما فممي الخممارج ول تممدل‬
‫على جزء أصل هكذا قرره المحققممون العممارفون بممالمنطق‬
‫فهذا الكلم الذي قاله هذا القائل اسممتدللنا بممه علممى أنممه ل‬
‫يعرف المنطق ول يحسنه فيلزم بمقتضى قوله أنه مشرك‬
‫لنه قال إن التوحيد متوقف على معرفتممه وهممو لممم يعرفممه‬
‫‪343‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بعد فان قممال أردت بمذلك أن إيمممان المقلممد ل يصممح وإنممما‬
‫يصح إيمان المستدل قلنا لم يريدوا بالمستدل على قواعممد‬
‫المنطق بل أرادوا مطلق الستدلل الذي هو في طبممع كممل‬
‫أحد حتى في طبع العجائز والعراب والصممبيان كالسممتدلل‬
‫بالنجوم على أن لها خالقا وبالسماء والنهار والثمار وغيرها‬
‫وهذا ل يحتاج إلى منطق ول غيره والعمموام والجلف كلهممم‬
‫مؤمنون بهذا الطريق‪ ،‬وقوله إن للمتكلممم بكممل حممرف منممه‬
‫عشر حسنات هذا لشيء ل نعرفه إل للقرآن الذي هو كلم‬
‫الله جل جلله فإن أراد هذا الجاهل أن يلحق المنطق الذي‬
‫هو من وضممع الكفممار بكلم رب العممالمين فقممد ضممل ضمملل‬
‫بعيدا وخسر خسرانا مبينما والعجمب مممن حكمممه علمى اللممه‬
‫بالباطل والخبار بمقادير الثممواب ل يتلقممى إل مممن صمماحب‬
‫النبوة عليه الصلة والسلم‪ ،‬وقوله إن من ل يعلم المنطممق‬
‫ففتواه ل تصح يلزم عليممه أن الصممحابة والتممابعين لممم تصممح‬
‫فتواهم فإن المنطق إنما دخل بلد السلم في حدود سممنة‬
‫ثمانين ومائة من الهجرة فمضى في السلم هذه المدة ول‬
‫وجممود للمنطممق فيممه وقممد كممان فممي هممذه المممدة غممالب‬
‫المجتهدين من الئمة المرجوع إليهم في امر الدين أفيظن‬
‫عاقل مثل هذا الظن وقد نممص الشممافعي رضممي اللممه عنممه‬
‫نفسه على ذم الشتغال بالمنطق أفيقول هذا الجاهل هممذه‬
‫المقالة في مثل الشافعي رضي اللممه عنممه ومممن سممميناهم‬
‫من أئمة المذاهب الربعة الذين دونوا الفقه وأضحوا سممبل‬
‫الفتاوى وهم عصمة الدين‪ .‬وقول هذا الجاهممل أن الغزالممي‬
‫ليس بفقيه يستحق عليه أن يضرب بالسياط ضممربا شممديدا‬
‫ويحبس حبسا طويل حتى ل يتجاسممر جاهممل أن يتكلممم فممي‬
‫حق أحد من أئمة السلم بكلمة تشعر بنقص‪ ،‬وقمموله هممذه‬
‫الكلمة صادر عن جهل مفممرط وقلممة ديممن فهممو مممن أجهممل‬
‫الجاهلين وأفسق الفاسقين ولقد كان الغزالي فممي عصممره‬
‫حجممة السمملم وسمميد الفقهمماء ولممه فممي الفقممه المؤلفممات‬
‫الجليلة ومذهب الشافعي الن مداره على كتبممه فممإنه نقممح‬
‫المذهب وحرره ولخصممه فممي البسمميط والوسمميط والمموجيز‬
‫والخلصممة وكتممب الشمميخين إنممما هممي مممأخوذة مممن كتبممه‪،‬‬
‫والحاصل أن هذا الرجممل الممذي صممدرت عنممه هممذه المقالممة‬
‫‪344‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رجل غلب عليه الجهممل والحمممق والفسممق فممالواجب علممى‬
‫المحتاط لدينه أن يهجره في الله ويتخذه عدوا يبغضه فيممه‬
‫إلى أن تأتيه من الله قاصمة تلحقه بالغممابرين‪ .‬وقمموله فممي‬
‫الحشيشممة مممن اسممتعملها كفممر ل ينكممر عليممه إطلق هممذه‬
‫المقالة لن مثممل هممذا يجمموز أن يقممال فممي معممرض الزجممر‬
‫والتغليظ كقوله صلى الله عليممه وسمملم "مممن تممرك الصمملة‬
‫فقممد كفممر" فيكممون مممؤول علممى المسممتحل أو المممراد كفممر‬
‫النعمة ل كفر الملة فإن أراد حقيقة الكفر مممن غيممر تأويممل‬
‫فباطممل لن مممذهب أهممل السممنة أن ل يكفممر أحممد بممذنب‪،‬‬
‫والعالم إذا أفتى بمثل هذه العبارة إنما يطلقها متأول علممى‬
‫ما ذكرنا والمجتهد ل يحلل حراما ول يحممرم حلل فالتحليممل‬
‫والتحريم لله وحممده ل شممريك لممه بممل ول يحممدث قممول مممن‬
‫عنده إنما وظيفته أن ينظر في أقوال من تقدمه ويختار ممما‬
‫قام الدليل عنده على رجحانه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل ألهمه الله طبا يداوي بممه المسمملمين‬
‫ويحصل به نفع لهم وداوى به جماعة في بلده بعشممب مممن‬
‫العشاب الذي ألهمه الله وحصل لهم به الشمفاء فماعترض‬
‫عليه جماعممة حسمماد وأرادوا منعممه مممن مممداواة المسمملمين‬
‫فهممل يجمموز لهممم ذلممك أم ل والحممال أن الطممبيب المممذكور‬
‫أحضر الجماعة الذين داواهم وهم أكمثر ممن عشمرين نفمرا‬
‫إلى شهود المسلمين واعترفوا بحصول الشممفاء علممى يممده‬
‫وكتب بذلك محضرا واتصل بحاكم وهل يثبت بهذا المحضممر‬
‫عدالة الطبيب وهل يجوز لهمم إخراجمه ممن البلمد وهمل إذا‬
‫قممال الطممبيب ألهمممت مممن اللممه هممذا الممدواء يسمموغ لحممد‬
‫العتراض عليه‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬اللهممام ل ينكممر لكنممه إنممما يصممح غالبمما مممع‬
‫الصوفية الخلص أرباب القلوب الصافية النيرة وقد يحصممل‬
‫لغيرهم من آحاد المسلمين لكنه قد يصح وقد ل يصح فممإن‬
‫كان هذا الذي ألهم الطب من الصوفية أرباب القلوب فممإنه‬
‫ل يخطئ في الغالب بحسب تمكممن حلممه وقمموته‪ ،‬وإن كممان‬
‫من غيرهم فعليه توقى ذلممك والرجمموع إلممى قممانون الطممب‬
‫المذي تعمارف النماس الممداواة بمه وليمس لحمد منعمه ممن‬
‫المداواة ما لم يظهممر عليممه كممثرة الخطممأ والولممى لممه فممي‬
‫‪345‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحممالين أن يممبين للمممداوى أنممه لممم يعتمممد فممي ذلممك علممى‬
‫القانون المتعارف في الطب لينظر ذاك لنفسه ويحتاط لها‬
‫لئل يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم "من تطبب ولممم‬
‫يعلم منه طب فهو ضامن" والمحضر المذكور ل فائدة فيممه‬
‫ول يثبت به عدالة ول يجوز إخراجه من البلد بهذا السبب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل اشتهر بوقتنا هذا بعلم التعممبير وفتممح‬
‫عليه ونور الله بصيرته بمعرفة تفسير الرؤيا وإن كممان فممي‬
‫غيرها مزجى البضاعة فإذا قص عليممه أحممد رؤيمما بممادر إلممى‬
‫تفسيرها فيحمد الله تعالى ويصلي على نممبيه محمممد صمملى‬
‫الله عليه وسلم ثم يفسرها بكلم أهل الصممناعة ويستشممهد‬
‫عليه بأدلة من الكتاب والسنة وما وافق القواعد والمنقممول‬
‫في هذا الفن متبعا شروطه وآدابه فممي الغلممب ولممم ينقممل‬
‫عنه مع كثرة تعبيره أنممه أخطممأ فممي شمميء مممن ذلممك خطممأ‬
‫فاحشا خالف فيه منقول أهل الفن هذا وقممد قممرأ فيممه كتبمما‬
‫على مشايخ عصره وتفهم ظواهرها بحسممب الحممال وشمماع‬
‫نفع الناس به وقصدوه مممن المكنممة البعيممدة لفقممد العلممماء‬
‫بذلك‪ ،‬ثم إن رجل كبيرا من النمماس قممام علممى هممذا الرجممل‬
‫المذكور وأنكر عليه كثرة تعبيره لكل سائل كائنما ممن كمان‬
‫وسرعة مبادرته لذلك فزجره ونهاه عن تعبير الرؤيا مطلقا‬
‫قاصدا نصحه وقال له ما معناه هذا العلم تخييلت من بمماب‬
‫الظن والحدث وهو مظنة الكذب والخطممأ فل يجمموز العمممل‬
‫به ول العتماد عليه فانزجر الرجل المذكور وكف عن تعبير‬
‫الرؤيا مممدة طويلممة فتضممرر كممثير مممن النمماس بسممبب ذلممك‬
‫ورموه بألسنتهم وظنوا بامتناعه أن قصده بممه طلممب الممدنيا‬
‫من الكابر بسؤالهم له في ذلك واحتيمماجهم إليممه وقمد وقمع‬
‫فممي ورطممة مممع النمماس بسممبب ذلممك وحصممل عنممده شممك‬
‫وارتياب في هذا العلممم هممل لممه حقيقممة أو كممما يقمموله هممذا‬
‫المعترض وهل الولى له الرجمموع إلممى ممما كممان عليممه مممن‬
‫التعبير لكل سائل إذ الحاجة والضرورة إليه أم ل‪ ،‬وإذا كمان‬
‫لم يأخذ عليه جعالة فهل يثاب عليه أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬القول بأن الرؤيا وتعبيرها تخيلت ل أصل لها‬
‫يكاد يخرق الجماع فممإن الكتمماب والسممنة طافحممان باعتبممار‬
‫الرؤيا وتأويلهمما وقممد ورد فممي الحممديث أن رؤيمما العبممد كلم‬
‫‪346‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يكلمه ربه في المنام‪ ،‬وفي حديث آخر إن الله وكل بالرؤيا‬
‫ملكا يريها للنائم‪ ،‬والحاديث في ذلك ونحمموه كممثيرة تخممرج‬
‫عممن حممد الحصممر وإنممما قصممر علممم النمماس عممن كممثير مممن‬
‫المغيبات لعدم وقوفهم على السنة واشتغالهم بهمما وهممي ل‬
‫تؤخذ إل من جهة الوحي فعدلوا عممن معممدنها ورجعمموا إلممى‬
‫أقوال الحكماء والفلسممفة الجهممال الضمملل الممذين حدسمموا‬
‫بأفكارهم وخمنوا فلم يقفوا على حقيقة الحال كقولهم هذا‬
‫في الرؤيا وكقولهم في الطاعون والزلزلة والرعممد والممبرق‬
‫والصواعق والقوس والمجرة والمطر والسحاب وسائر ممما‬
‫فمموق الملكمموت وممما تحممت الرضممين كممل ذلممك خمماض فيممه‬
‫الفلسفة قبحهم الله بالظنون الفاسدة فممأتوا فيهمما بأشممياء‬
‫أكممذبهم فيهمما صمماحب الشممريعة صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫الموحى إليممه بعلمموم الوليممن والخريممن‪ ،‬وقممول المنكممر فل‬
‫يجوز العمل به كلم عجيب فإن الرؤيا ليست علم عمل بل‬
‫إما تبشير بخير أو تحذير من شر فأي عمل هنا‪ ،‬نعم التثبت‬
‫مطلمموب وعممدم المسممارعة والمبممادرة وقممد تكممون الرؤيمما‬
‫صورتها واحدة ويختلف تأويلها بحسب الرائي وحاله وصفته‬
‫وما اتفق له في أيممام الرؤيمما وقممد تكممون الرؤيمما مممن أنممواع‬
‫الكشف الذي يحصل لرباب الحوال في كثير من أوقمماتهم‬
‫وهذه ل يليق بكل معبر تأويلها إنما يؤولها صمماحب حمال لممه‬
‫معرفة بأحوال القوم‪ ،‬وفي جواز أخذ الجعالممة علممى تأويممل‬
‫الرؤيمما وقفممة ويقممرب الجممواز لنممه ليممس مممن الفممروض‬
‫والعبادات التي يمتنع أخذ الجرة عليها ووجه التوقف كممونه‬
‫كلممما يقممال فيشممبه السممتئجار علممى كلمممة ل تتعممب ولكممن‬
‫الفرق أوضح وفي الثممواب عليممه إذا لممم يأخممذ أجممرة وقفممة‬
‫أيضا والقرب أنه ل ثواب لنه ليس من العلمموم المفروضممة‬
‫ول المندوب بل من المباحات والله أعلم‪.‬‬

‫رفع الباس وكشف اللتباس‬


‫في ضرب المثل من القرآن والقتباس‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫‪347‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسممألة ‪ -‬اسممتعمال ألفمماظ القممرآن فممي المحمماورات‬
‫والمخاطبات والمجاوبات والنشاءات والخطممب والرسممائل‬
‫والمقامممات مممرادا بهمما غيممر المعنممى الممذي أريممدت بممه فممي‬
‫القرآن يسمممى عنممد الصممدر الول مممن الصممحابة والتممابعين‬
‫فمممن بعممدهم مممن الئمممة والعلممماء ضممرب مثممل وتمثل‬
‫واستشهادا إذا كان في النثر‪ ،‬وقد يسمممى اقتباسمما بحسممب‬
‫اختلف المورد فإذا كان في الشممعر سمممى اقتباسمما ل غيممر‬
‫فأما الول وهو الذي في النثر سممواء كممان تمثل أو اقتباسمما‬
‫فجائز في مذهبنا بل خلف عندنا نص عليه الصحاب إجمال‬
‫وتفصمميل واسممتعملوه فممي خطبهممم وإنشممائهم ورسممائلهم‬
‫ومقاماتهم‪ ،‬أما النصوص فقالوا في باب الغسممل انممه يجمموز‬
‫للجنب أن يورد ألفاظ القرآن ل بقصد القممرآن وقممالوا فممي‬
‫باب شروط الصلة إن المصلي لممو نطممق بنظممم القممرآن ل‬
‫بقصد القرآن بل بقصممد التفهيممم فقممط بطلممت صمملته فممإن‬
‫قصممد القممراءة والتفهيممم معمما لممم تبطممل‪ ،‬ولممم يحكمموا فممي‬
‫المسألة خلفا قممال النممووي فممي شممرح المهممذب فممي بمماب‬
‫الغسل ما نصه‪ :‬قال أصحابنا ولو قال لنسممان خممذ الكتمماب‬
‫بقوة ولم يقصد القرآن جاز وكذا ما أشبهه‪ ،‬وقال الرافعممي‬
‫في الشرح وأممما إذا قممرأ شمميئا منممه ل علممى قصممد القممرآن‬
‫فيجمموز‪ ،‬وفممي الروضممة مثلممه‪ ،‬وقممال السممنوي فممي شممرح‬
‫المنهاج عند قوله ويحل إذا كان ل بقصد قرآن هممذا الحكممم‬
‫ل يختص بأذكار القرآن بل يأتي أيضا في مواعظه وأحكامه‬
‫وأخباره وغير ذلممك كممما دل عليممه كلم الرافعممي فممإنه عممبر‬
‫بقوله أما إذا قرأ شيئا منه ل على قصد القرآن فيجوز هممذه‬
‫عبارته وذكر مثلها في الروضة‪ ،‬وصرح القاضي أبو الطيممب‬
‫في تعليقه بالوامر انتهى‪ .‬وقال الرافعي في بمماب شممروط‬
‫الصلة إذا أتى المصلي بشيء من نظم القممرآن قاصممدا بممه‬
‫القراءة لم يضممر وإن قصممد مممع القممراءة شمميئا آخممر كتنممبيه‬
‫المام أو غيره والفتح على من ارتج عليه وتفهيم المر من‬
‫المممور مثممل أن يقممول لجماعممة يسممتأذنون فممي الممدخول‬
‫ادخلوها بسلم آمنين أو يقول يا يحيى خذ الكتاب بقوة وما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬ول فرق بين أن يكممون منتهيمما فممي قراءتممه إلممى‬
‫تلك الية أو ينشئ قراءتها حينئذ‪ ،‬وقال أبو حنيفممة إذا قصممد‬
‫‪348‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شمميئا آخممر سمموى القممراءة بطلممت صملته إل أن يريمد تنممبيه‬
‫المام والمار بين يديه وإن لم يقصد إل الفهام والعلم فل‬
‫خلف في بطلن الصلة كما لو أفهم بعبارة أخممرى انتهممى‪.‬‬
‫وذكر مثله في الشرح الصغير والمحرر وذكر النممووي مثلممه‬
‫في الروضة وشمرح المهمذب والمنهماج‪ ،‬وإنمما بمدأت بنقمل‬
‫كلم الشيخين لن العتماد الن في الفتيا على كلمهما وإل‬
‫فالمسألة متفق عليها بين الصحاب قال إمام الحرمين في‬
‫النهاية في باب شممروط الصمملة‪ :‬ولممو قممرأ المصمملي آيممة أو‬
‫بعضا من آية فأفهم بها كلما مثل أن يقممول خممذها بقمموة أو‬
‫يقول وقد حضر جمممع فاسممتأذنوا ادخلوهمما بسمملم فممإن لممم‬
‫تخطر له قراءة القممرآن ولكممن جممرد قصممده إلممى الخطمماب‬
‫بطلت صلته وإن قصد القراءة ولم يخطممر لممه إفهممام أحممد‬
‫بحيث لو دخلوا لم يرد دخولهم من معنى قوله فل شممك أن‬
‫صلته ل تبطل‪ ،‬وإن قصممد قممراءة القممرآن وقصممد إفهممامهم‬
‫فالذي قطع به الئمة أن الصلة ل تبطممل وقممال أبممو حنيفممة‬
‫تبطل الصلة بهذا‪ ،‬وقال في بمماب الغسممل لممو قممال الجنممب‬
‫شيئا من القرآن وقصد به غير القرآن لم يعممص وإن أجممراه‬
‫على لسانه ولم يقصد قممراءة ول غيرهمما فقممد كممان شمميخي‬
‫يقول ل يعصي وهذا مقطوع به انتهممى‪ .‬وقممال البغمموي فممي‬
‫التهذيب لو قال الجنممب شمميئا مممن القممرآن ل بقصممد قممراءة‬
‫القممرآن فممإنه يجمموز وكممذلك لممو تكلممم بكلمممة توافممق نظممم‬
‫القممرآن‪ ،‬وقممال فممي بمماب شممروط الصمملة ولممو تكلممم بكلم‬
‫موافق نظمه نظممم القممرآن مثممل إن دق رجممل البمماب قممال‬
‫ادخلوها بسلم أو أراد دفع كتاب فقال يا يحيى خمذ الكتماب‬
‫نظر إن لم يكن قصد به قراءة القممرآن بطلممت صمملته وإن‬
‫قصممد قممراءة القممرآن وإعلمممه ل تبطممل وعنممد أبممي حنيفممة‬
‫تبطل‪ ،‬وقال الغزالي في البسيط إذا أتممى الجنممب بممالقرآن‬
‫علممى قصممد غيممره ل يعصممي فممإن لممم يقصممد ل القممراءة ول‬
‫غيرها قال الشيخ أبو محمد ل يعصي لن القصد معتبر فممي‬
‫هذا الجنس وقال في باب شروط الصلة إذا استأذن جمممع‬
‫وهو في الصلة فقال ادخلوها بسلم أو قال خذها بقمموة أو‬
‫غيممر ذلممك مممن خطمماب الدمييممن فممإن قصممد التفهيممم دون‬
‫القراءة بطلت صمملته وإن قصممد القممراءة دون التفهيممم لممم‬
‫‪349‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تبطل وإن قصدهما جميعا قال أصحابنا ل تبطممل وقممال أبممو‬
‫حنيفة تبطل‪ ،‬وقال المتولي في التتمممة‪ :‬الخامسممة إذا نممابه‬
‫أمر في الصلة فتل آية من القرآن يحصممل بهمما تنممبيه الغيممر‬
‫علممى بعممض المممور مثممل إن دق البمماب فقممرأ قمموله تعممالى‬
‫)ادخلوها بسلم آمنين( أو رأى إنسانا اسمه موسى يمشمي‬
‫بالنعل على بساطه فقرأ قمموله تعممالى )اخلممع نعليممك( فممإن‬
‫قصد به التنبيه تبطل الصمملة لن هممذا خطمماب وافممق نظممم‬
‫القرآن وإن قصد القراءة ل تبطل صمملته وإن تضمممن ذلممك‬
‫تنبيها وقال أبو حنيفة تبطل‪ ،‬ودليلنا ما روي أن عليمما رضممي‬
‫الله عنه كان يصلي في مسجد الكوفممة فممدخل عليممه رجممل‬
‫من الخوارج فعرض به وقال ل حكم إل لله ورسوله وقصد‬
‫النكار حيث رضي التحكيم فتل علي )فاصبر إن وعممد اللممه‬
‫حق ول يستخفنك الذين ل يوقنون( فلممما سمملم قممال كلمممة‬
‫حق أريد بها باطل ولو كمان ذلمك يبطمل الصملة لمما أقمدم‬
‫عليه علي رضي اللممه عنممه‪ ،‬ونقممول الصممحاب فممي ذلممك ل‬
‫تحصى وفيممما أوردنمماه كفايممة‪ ،‬وقممال النممووي فممي التبيممان‪:‬‬
‫فصل في قراءة القرآن يراد بها الكلم ذكممر ابممن أبممي داود‬
‫في هذا اختلفا فروى عن إبراهيم النخعي أنه كان يكره أن‬
‫يتناول القرآن لشيء يعرض من أمر الدنيا‪ ،‬وعن عمممر بممن‬
‫الخطاب أنه قرأ في صلة المغرب بمكممة والممتين والزيتممون‬
‫وطور سنين ثم رفع صوته وهذا البلد المين‪ ،‬وعن حكيممم ‪-‬‬
‫بضم الحاء ‪ -‬بن سعد أن رجل من المحكمة أتى عليا رضي‬
‫الله عنه وهو في صلة الصبح فقال لئن أشممركت ليحبطممن‬
‫عملك ولتكونن من الخاسرين فأجابه علي وهو في الصمملة‬
‫فاصبر إن وعد الله حق ول يستخفنك الذين ل يوقنون‪ ،‬قال‬
‫أصحابنا إذا استأذن إنسممان علممى المصمملي فقممال المصمملي‬
‫ادخلوها بسلم آمين فإن أراد التلوة أو التلوة والعلم لممم‬
‫تبطممل صمملته وإن أراد العلم أو لممم تحضممره نيممة بطلممت‬
‫صلته انتهى كلم النووي في التبيان‪ .‬فانظر كيف أخذ حكم‬
‫المسألة مما ذكره الصحاب في المصمملي والثممر المممذكور‬
‫عن علي أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والممبيهقي فممي‬
‫سننه وترجم عليه بمماب ممما يجمموز مممن قممراءة القممرآن فممي‬
‫الصلة يريد به جوابا أو تنبيها‪.‬‬
‫‪350‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫من استعمل ذلك من الصحابة والتابعين‬


‫ذكر من استعمل ذلك من الصحابة والتابعين غير‬
‫من تقدم ذكره‪:‬‬
‫‪-‬أخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي فممي دلئل النبمموة‬
‫عن الشعبي قممال لممما سمملم الحسممن بممن علممي المممر إلممى‬
‫معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أممما بعممد فممإن أكيممس‬
‫الكيس التقى وإن أعجز العجممز الفجممور أل وإن هممذا المممر‬
‫الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية ل امرؤ كان أحق به مني وهو‬
‫حق لي تركته إرادة إصلح المسمملمين وحقممن دمممائهم وإن‬
‫أدرى لعله فتنممة لكممم ومتمماع إلممى حيممن ثممم اسممتغفر ونممزل‬
‫وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن حفصة‬
‫أم المؤمنين رضي الله عنها أنها بلغها قتممل عثمممان فقممالت‬
‫قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغممدا مممن كممل مكممان‬
‫فكفرت بأنعم الله‪ ،‬في الصحيحين عن عائشممة رضممي اللممه‬
‫عنها أنها قالت في قصة الفك وإني ل أجممد لممي ولكممم مثل‬
‫إل قول أبي يوسف فصبر جميل والله المسممتعان علممى ممما‬
‫تصفون‪ ،‬ومن هنا سمى العلماء استعمال ذلك ضممرب مثممل‬
‫وتمثل وكذا من قوله صلى الله عليه وسلم لبي بكر وعمر‬
‫حين استشممارهما فممي أسممرى بممدر مثلممك يمما أبمما بكممر مثممل‬
‫إبراهيم حيث قال فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنممك‬
‫غفور رحيم ومثلك يا عمر مثل نمموح حيممث قممال رب ل تممذر‬
‫على الرض من الكافرين ديارا‪ ،‬وفي رواية إن مثلك يمما أبمما‬
‫بكر مثل عيسى قممال إن تعممذبهم فممإنهم عبممادك وإن تغفممر‬
‫لهم فإنك أنت العزيز الحكيم وإن مثلك يا عمر مثل موسى‬
‫قال ربنمما اطمممس علممى أممموالهم واشممدد علممى قلمموبهم فل‬
‫يؤمنوا حتى يروا العممذاب الليممم فمممن هممذا وأمثمماله أطلممق‬
‫السلف والخلف على ذلك ضرب مثل‪.‬‬

‫ما ورد في الحديث المرفوع من استعمال ما نحن‬


‫فيه‬
‫وقد ورد في الحديث المرفوع اسممتعمال ممما نحممن فيممه‬
‫وكفى به حجة‪:‬‬
‫‪351‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫‪-‬أخرج الترمذي وحسنه عممن أبممي حمماتم المزنممي قممال قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم إذا أتمماكم مممن ترضممون‬
‫دينه وخلقه فزوجوه إل تفعلوه تكن فتنة في الرض وفساد‬
‫كبير‪ ،‬وقد سبقني إلى الحتجاج بهذا الحممديث علممى التمثممل‬
‫بنظم القرآن الحافظ أبو بكر ابممن مردويممه حيممث أورد هممذا‬
‫الحممديث فممي تفسمميره عنممد قمموله تعممالى فممي آخممر سممورة‬
‫النفممال إل تفعلمموه تكممن فتنممة فممي الرض وفسمماد كممبير‪،‬‬
‫وأخرجه أيضا من حديث أبي هريرة‪ ،‬وفيه حجممة لمممر آخممر‬
‫وهممو أنممه يجمموز تغييممر بعممض النظممم بإبممدال كلمممة بممأخرى‬
‫وبزيادة ونقص كما يفعله أهل النشاء كثيرا لنه ل يقصد به‬
‫التلوة ول القراءة ول إيممراد النظممم علممى أنممه قممرآن‪ ،‬ومممن‬
‫الحاديث التي يستدل بها لجواز ذلك ما أخرجه مالك وابممن‬
‫أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أنس أن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم خرج إلى خيبر فجاءها ليل فلممما أصممبح خرجممت‬
‫يهممود بمسمماحيهم ومكمماتلهم فلممما رأوه قممالوا محمممد واللممه‬
‫محمد والخميس فقال النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم اللممه‬
‫أكبر خربممت خيممبر إنمما إذا نزلنمما بسمماحة قمموم فسمماء صممباح‬
‫المنذرين‪ ،‬قال بعضهم هذا الحديث من أدلة القتباس وقال‬
‫ابن عبد البر في التمهيد في هذا الحديث جممواز الستشممهاد‬
‫بالقرآن فيما يحسممن ويجمممل وذكممر ابممن رشمميق مثلممه فممي‬
‫شرح الموطأ وهما مالكيان وقال النووي في شممرح مسمملم‬
‫في الحديث جواز الستشهاد في مثل هذا السياق بممالقرآن‬
‫في المور المحققة وقد جاء لهذا نظائر كثيرة كما ورد في‬
‫فتح مكة أنه صلى الله عليه وسلم جعل يطعن في الصنام‬
‫ويقول جاء الحق وممما يبممدئ الباطممل وممما يعيممد جمماء الحممق‬
‫وزهق الباطل‪ ،‬قالوا وإنما يكره ضرب المثال مممن القممرآن‬
‫في المزح ولغو الحديث فيكره‪ ،‬وأخرج ابن أبي شمميبة عممن‬
‫سعد ابن أبي وقاص قال لما كان يوم فتح مكة أمن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم النمماس إل أربعممة نفممر وامرأتيممن‬
‫وقممال اقتلمموهم وإن وجممدتموهم متعلقيممن بأسممتار الكعبممة‬
‫عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل وقعيس بن ضبابة‬
‫وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فذكر الحديث إلى أن قال‬
‫وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عنممد عثمممان‬
‫‪352‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعممة جمماء بممه‬
‫حتى أوقفه علممى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فقممال يمما‬
‫رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسمه فنظمر إليمه ثلثمما كممل‬
‫ذلك يأبى فبايعه بعد الثلث ثم أقبل على أصحابه فقال أما‬
‫فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عممن‬
‫بيعته فيقتله‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم مممن تكلممم يمموم الجمعممة‬
‫والمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا‪ ،‬وأخرج ابن أبي‬
‫حاتم عن عائشممة قمالت كتممب أبممي فممي وصمميته بسممم اللممه‬
‫الرحمن الرحيم هذا ما أوصي به أبممو بكممر بممن أبممي قحافممة‬
‫عند خروجه مممن الممدنيا حيممن يممؤمن الكممافر ويتقممي الفمماجر‬
‫ويصدق الكاذب إني اسممتخلفت عليكممم عمممر بممن الخطمماب‬
‫فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيممه وإن يجممر ويبممدل فل‬
‫أعلممم الغيممب وسمميعلم الممذين ظلممموا أي منقلممب ينقلبممون‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة عمن بكمر قمال لمما انتهمى الربيمع بمن‬
‫خيثم إلى مسجد قومه قالوا له يا ربيممع لممو قعممدت لتحممدثنا‬
‫اليوم فقعد فجاء حجر فشجه فقال فمن جاءه موعظة من‬
‫ربه فانتهى فله ما سلف‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عممن سممعيد‬
‫بن المسيب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا‬
‫رأى الهلل قال آمنت بالذي خلقك فسواك فعدلك‪ ،‬وأخممرج‬
‫البخاري عن هذيل بن شرحبيل قال سئل أبممو موسممى عممن‬
‫ابنة وابنة ابن وأخممت قمال للبنممة النصممف وللخممت النصممف‬
‫وائت ابن مسممعود فسمميتابعني فسممئل ابممن مسممعود وأخممبر‬
‫بقممول أبممي موسممى فقممال لقممد ضممللت إذا وممما أنمما مممن‬
‫المهتدين‪ ،‬وأخرج ابن سعد في طبقاته عن فروة بن نوفممل‬
‫الشجعي قال قال ابن مسعود إن معاذ بن جبممل كممان أمممة‬
‫قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين فقلت غلط أبممو عبممد‬
‫الرحمن إنما قال الله إن إبراهيم كان أمة قانتمما للممه حنيفمما‬
‫ولم يك من المشممركين فأعادهمما علممى فقممال ان معمماذ بممن‬
‫جبل كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين فقلممت‬
‫إنه تعمد المر تعمممدا فسممكت فقممال أتممدري ممما المممة وممما‬
‫القانت قلت الله أعلم فقال المة الذي يعلم النمماس الخيممر‬
‫والقانت المطيع لله ولرسوله وكذلك كان معمماذ كممان يعلممم‬
‫‪353‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الناس الخير وكان مطيعا لله ولرسوله‪ ،‬وأخممرج ابممن سممعد‬
‫عن مسروق قال كنا عند ابممن مسممعود فقممال إن معمماذ بممن‬
‫جبل كان أمة قانتا لله ‪0‬حنيفا ولم يك من المشركين فقال‬
‫فروة بن نوفل نسي أبو عبممد الرحمممن إبراهيممم تعنممي قممال‬
‫وهل سمعتني ذكرت إبراهيم‪ ،‬المة الذي يعلم الناس الخير‬
‫والقانت الذي يطيع الله ورسوله‪ ،‬وأخرج ابن الضريس في‬
‫فضائل القرآن عن عبد الله بن مسعود أنه أتممى مكممة فمممر‬
‫بأعرابي وهو يصلي وهو يقول نحج بيممت ربنمما فممي كلم لممه‬
‫فقال عبد الله ما سمعنا بهذا في الملممة الخممرة إن هممذا إل‬
‫اختلق‪ ،‬واخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عممن ابممن أبممي‬
‫ليلى الكندي قال أشرف عثمان على الناس مممن داره وقمد‬
‫أحاطوا به فقال يا قوم ل يجرمنك شقاقي أن يصيبكم مثل‬
‫ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط‬
‫منكم ببعيد يا قوم ل تقتلوني إنكم إن تقتلمموني كنتممم هكممذا‬
‫وشبك بين أصابعه‪ ،‬وأخممرج الشممافعي فممي الم عممن عممروة‬
‫قال كان أبو حذيفة بن اليمان شيخا كبيرا فخممرج يمموم أحممد‬
‫يتعرض للشهادة فابتدره المسمملمون فتواشممقوه بأسمميافهم‬
‫وحذيفة يقول أبى أبي فل يسمعونه من شغل الحرب حتى‬
‫قتلوه فقال حذيفممة يغفممر اللممه لكممم وهممو أرحممم الراحميممن‬
‫فقضى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فيممه بممديته‪ ،‬وأخممرج‬
‫الشافعي عن المطلب بن حنطب أنه طلق امرأته البتة ثممم‬
‫أتى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقممال ممما حملممك علممى‬
‫ذلك فقال قد فعلت قال فقرا ولو أنهم فعلوا ممما يوعظممون‬
‫به لكان خيرا لهم وأشممد تثبيتمما أمسممك عليممك امرأتممك فممإن‬
‫الواحد ثبت‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن هشممام‬
‫بن عروة قال أتى عمر بن عبممد العزيممز بقمموم قعممدوا علممى‬
‫شراب معهم رجل صائم فضربه وقال ل تقعدوا معهم حتى‬
‫يخوضوا في حممديث غيممره‪ ،‬وأخممرج بممن أبممي شمميبة عممن أم‬
‫راشد قمالت كنممت عنممد أم هممانئ فسمممعت رجليممن يقممولن‬
‫بايعته أيدينا ولم تبايعه قلوبنا فذكرت ذلك لعلي فقال علي‬
‫من نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليممه‬
‫الله فسيؤتيه أجرا عظيما‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عممن علممي‬
‫بن أبي طالب قال من أدرك ذلك الزمان فل يطعنن برمممح‬
‫‪354‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ول يضممرب بسمميف ول يممرم بحجممر واصممبر فممإن العاقبممة‬
‫للمتقيممن‪ ،‬وأخمرج الزجماجي فمي أممماليه عمن جويريمة بنممت‬
‫أسماء قال قدم عمر بن الخطاب مكممة فوضممع الممدرة بيممن‬
‫أذني أبي سفيان وضرب رأسه فجاءت هند فقالت أتضممربه‬
‫فو الله لرب يوم لو ضربته لقشممعر بممك بطممن مكممة فقممال‬
‫عمر أجل والله جاء الحق وزهممق الباطممل إن الباطممل كممان‬
‫زهوقا‪ ،‬وأخرج ابن عساكر عن محمد بممن عبممد الملممك قممال‬
‫سمع عبد الله بن مسعود أعرابيا ينادي بالصمملة فأتمماه ابممن‬
‫مسعود فقرا بأم القمرآن ثمم قمال نجمح بيمت ربنما ونقضمي‬
‫الدين وهن يهوين بنا بخطرات يهوين قال ابممن مسممعود ممما‬
‫سمعنا بهممذا فممي الملممة الخممرة إن هممذا إل ّ اختلق‪ ،‬وأخممرج‬
‫الطبراني من طريق قتمادة عممن أنمس عممن أبمي طلحممة أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لما صبح خيبر تل هذه اليمة إنما‬
‫إذا نزلنا بساحة قمموم فسمماء صممباح المنممذرين‪ ،‬وأخممرج ابممن‬
‫سعد في طبقاته عن عمرو بن ميمون قال رأيت عمممر بممن‬
‫الخطاب لما طعن عليممه ملحفممة صممفراء قممد وضممعها علممى‬
‫جرحه وهو يقول وكان أمر الله قدرا مقممدورا‪ ،‬وأخممرج ابممن‬
‫سعد عن عمرو بن ميمون أن عمممر لممما طعممن دخممل عليممه‬
‫كعب فقال الحممق مممن ربممك فل تكممونن مممن الممممترين قممد‬
‫أنباتك أنك شممهيد فقلممت مممن أيممن لممي بالشممهادة وأنمما فممي‬
‫جزيرة العرب‪ ،‬وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن رافع قممال‬
‫طعن ابنا معاذ ابن جبل فقال معاذ كيممف تجممدانكما قممال يمما‬
‫أبانمما الحممق مممن ربممك فل تكممونن مممن الممممترين قممال وأنمما‬
‫ستجداني إن شماء اللممه ممن الصمابرين‪ ،‬وأخمرج ابممن سممعد‬
‫وابن أبي حاتم في تفسيره عن أبي جعفر قال‪ :‬قممال علممي‬
‫بن أبي طالب للحسن قم فاخطب النمماس يمما حسممن‪ .‬قممال‬
‫أني أهابك أن أخطممب وأنمما أراك فتغيممب عنممه حيممث يسمممع‬
‫كلمه ول يراه فقام الحسن فخطممب ثممم نممزل فقممال علممى‬
‫ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم‪ ،‬وأخممرج ابممن سممعد‬
‫عن عمر بممن الحكممم أن أبمما موسممى الشممعري وعمممرو بممن‬
‫العاص تكلما فقال أبو موسى لعمرو إنما مثلك كالكلب أن‬
‫تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث فقال له عمرو إنممما مثلممك‬
‫مثل الحمار يحمل أسفارا‪ ،‬وأخرج ابن سممعد عممن ابممن أبممي‬
‫‪355‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مليكة قال سمعت جابر بن عبد الله يقول لعبيد بممن عميممر‬
‫كيف أنت يا ليثي قال بخير على ظهمور عمدونا علينما فقمال‬
‫جابر ربنا ل تجعلنا فتنة للقوم الظالمين‪ ،‬وأخرج أحمممد فممي‬
‫مسنده عن سلمان الفارسي أنه قيل له ما كان بينك وبيممن‬
‫حذيفة قال وكان النسممان عجممول‪ ،‬وأخممرج أحمممد عممن أبممي‬
‫الدرداء أنه بلغه أن أبا ذر أخرج إلى الربذة فاسترجع قريبمما‬
‫مممن عشممر مممرات ثممم قممال فممارتقبهم واصممطبر كممما قيممل‬
‫لصحاب الناقة اللهممم أن كممذبوا أبمما ذر فممإني ل أكممذبه وان‬
‫اتهموه فإني ل أتهمه والذي نفسي بيده لو أن أبمما ذر قطممع‬
‫يمنى ما أبغضته بعد الذي سمعت رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم يقول ما أظلت الخضراء ول أقلت الغممبراء مممن‬
‫ذي لهجة أصدق من أبي ذر‪ ،‬وأخرج ابن سممعد عممن عمممارة‬
‫بن أبي حفصة أن عمر بن عبد العزيز قيل لممه فممي مرضممه‬
‫ممن توصمي بأهلمك فقمال‪ :‬إن ولمي فيهمم اللمه المذي نمزل‬
‫الكتاب وهو يتولى الصالحين‪ ،‬وأخرج ابممن سممعد وابممن أبممي‬
‫شيبة عن هبيرة ابن خزيمة قال‪ :‬قال الربيع بن خيثم حيممن‬
‫قتل الحسين اللهم فاطر السممماوات والرض عممالم الغيممب‬
‫والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيمما كمانوا فيمه يختلفمون‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة عن ابممن أبممي مليكممة قممال‪ :‬قممال ابممن‬
‫الزبير لعبيممد بممن عميممر كلممم هممؤلء لهممل الشممام رجمماء أن‬
‫يردهممم ذاك فسمممع ذلممك الحجمماج فأرسممل إليهممم ارفعمموا‬
‫أصواتكم فل تسمعوا منه شيئا فقال عبيد ويحكم ل تكونمموا‬
‫كالممذين قممالوا ل تسمممعوا لهممذا القممرآن والغمموا فيممه لعلكممم‬
‫تغلبون‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي يعلى قال كان الربيع‬
‫بن خيثم إذا مر بمالمجلس يقممول قولمموا خيممرا افعلمموا خيممرا‬
‫وداوموا على صالحة ول تقسوا قلوبكم ول يتطمماول عليكممم‬
‫المممد ول تكونمموا كالممذين قممالوا سمممعنا وهممم ل يسمممعون‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبممي شمميبة عممن مسممروق انممه قممدم فأتمماه أهممل‬
‫الكوفة وناس من التجار فجعلوا يثنون عليه ويقولون جزاك‬
‫الله خيرا ما كان أعفك عن أموالنا فقممرأ هممذه اليممة أفمممن‬
‫وعدناه وعدا حسنا فهو لقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا‬
‫وكان يقرأها كذلك‪ ،‬وأخرج أبو نعيم في الحليممة عممن قتممادة‬
‫أن عبد الله بن غالب كان يقص في المسممجد الجممامع فمممر‬
‫‪356‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليه الحسن فقال يا عبد الله لقممد شممققت علممي أصممحابك‬
‫فقممال ممما أرى عيممونهم انفقممأت ول أرى ظهممورهم انممدقت‬
‫والله يأمرنا يا حسن أن نذكره كثيرا وتأمرنا أن نذكره قليل‬
‫كل ل تطعه واسجد واقترب فقممال الحسممن واللممه ممما أدري‬
‫أسجد أم ل‪ ،‬وأخرج أبو نعيم عن عممون العبممدي أن الحجمماج‬
‫لما أمر بقتل سعيد بن جممبير قممال سممعيد بممن جممبير وجهممت‬
‫وجهي للذي فطممر السممماوات والرض حنيفمما وممما أنمما مممن‬
‫المشركين فقال الحجاج شدوا به لغير القبلة فقممال سممعيد‬
‫فأينما تولوا فثم وجه الله فقال الحجاج كبوه لمموجهه فقممال‬
‫سعيد منها خلقنماكم وفيهما نعيمدكم‪ ،‬وأخمرج أبمو نعيمم عمن‬
‫سالم بن أبي حفصة قال لما أتى سعيد ابممن جممبير الحجمماج‬
‫قال لقتلنك قال دعوني أصمملي ركعممتين قممال وجهمموه إلممى‬
‫قبلة النصارى قممال أينممما تولمموا فثممم وجممه اللممه إنممي أعمموذ‬
‫بالرحمن منك إن كنت تقيا‪ ،‬وأخرج ابن أبي شيبة عممن عبممد‬
‫الكريم قال كان عمر بن عبد العزيز إذا دخل بيتا قال بسم‬
‫الله والحمد لله ول قموة إل بمالله والسملم علممى نمبي اللمه‬
‫اللهممم افتممح لممي أبممواب رحمتممك وأدخلنممي مممدخل صممدق‬
‫وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن واسع قال قممدمت مممن‬
‫مكة فانطلق بي إلى مممروان بممن المهلممب وهممو أميممر علممى‬
‫البصرة فرحب بي فقلت إن استطعت أن تكممون كممما قممال‬
‫أخو بني عدي قال ومن أخو بن عدي قلممت العلء بممن زيمماد‬
‫استعمل صديق له مرة على عمل فكتب إليه أما بعممد فممإن‬
‫اسممتطعت أن ل تممبيت إل وظهممرك خفيممف وبطنممك خميممص‬
‫وكفك نقية من دماء المسلمين وأممموالهم فإنممك إذا فعلممت‬
‫ذلك لم يكن عليك سبيل إنما السبيل على الممذين يظلمممون‬
‫الناس ويبغون فممي الرض بغيممر الحممق قممال مممروان صممدق‬
‫والله ونصح‪.‬‬

‫ما وقع للمام مالك رضي الله عنه من ذلك‬


‫ذكر ما وقع للمام مالك رضي الله عنه من ذلك‪:‬‬
‫أخرج الخطيب البغدادي وغيره عن سعيد بن بشير بممن‬
‫ذكوان قال كان مالك بن أنس إذا سمئل عمن مسمألة يظمن‬
‫‪357‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن صاحبها غير متعلم وأنممه يريممد المغالطممة يقممول وللبسممنا‬
‫عليهم ما يلبسون‪.‬‬

‫ما وقع للمام الشافعي رضي الله عنه من ذلك‬


‫ذكر ما وقع للمام الشافعي رضي الله عنه من ذلك‪:‬‬
‫رأيت في تاريخ من دخل مصر للحافظ زكي الدين عبد‬
‫العظيم المنذري فممي ترجمممة التمماج الرممموي تلميممذ المممام‬
‫فخر الدين الرازي ومصنف الحاصل مختصر المحصول في‬
‫الصول ما نصه‪ :‬أملي علممى المممام تمماج الممدين محمممد بممن‬
‫الحسممين الرممموي بالقمماهرة نسممخة كتمماب شمماهده بمدينممة‬
‫سمماوة فممي الخزانممة الموضمموعة فممي جامعهمما بخممط المممام‬
‫الشافعي رضي الله عنه كتبه إلى صاحب مكة شفاعة فممي‬
‫الحاج وهذه عبارة المام إني مهممد إليممك يمما سمميد البطحمماء‬
‫كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها فممي السممماء‬
‫وأنا أتشفع إليك في ضعفاء الحاج من ركب الريممح ومضممغة‬
‫الشيح‪ .‬كتبممه محمممد بممن إدريممس بممن شممافع وكممان التاريممخ‬
‫مذكورا فأنسيته انتهى‪.‬‬

‫ما وقع لحجة السلم الغزالي من استعمال ذلك‬


‫ذكر ما وقع لحجة السلم الغزالي من استعمال ذلك‪:‬‬
‫قال في أول كتابه المسمى بالنتصار لممما فممي الحيمماء‬
‫من السرار ممما نصممه‪ :‬سممألت يسممرك اللممه لمراتممب العلممم‬
‫تصعد مراقيها وقرب لك مقامات الولية تحل معاليهمما عممن‬
‫بعض ما وقع في الملء الملقب بالحياء مممما أشممكل علممى‬
‫من حجب فهمه وقصر علمه ولم يفز بشيء من الحظمموظ‬
‫الملكيممة قممدحه وسممهمه وأظهممرت التحممزن لممما غمماش بممه‬
‫شممركاء الطغممام وأمثممال النعممام وأتبمماع العمموام وسممفهاء‬
‫الحلم وعممار أهممل السمملم حممتى طعنمموا عليممه ونهمموا عممن‬
‫قراءاته ومطالعته وأفتوا بمجممرد الهمموى علممى غيممر بصمميرة‬
‫بإطراحه ومنابذته ونسبوا ممليه إلى ضلل وإضمملل ونممبزوا‬
‫قممراءه ومنتحليممه بزيممغ فممي الشممريعة واختلل فممإلى اللممه‬
‫انصممرافهم ومممآلهم وعليممه فممي العممرض الكممبر إيقممافهم‬
‫وحسممابهم فسممتكتب شممهادتهم ويسممألون وسمميعلم الممذين‬
‫‪358‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ظلموا أي منقلب ينقلبون بل كذبوا بما لممم يحيطمموا بعلمممه‬
‫وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قممديم ولممو ردوه إلممى‬
‫الرسول وإلى أولى المممر منهممم لعلمممه الممذين يسممتنبطونه‬
‫منهم ولكن الظالمين في شقاق بعيد ول عجممب فقممد ثمموى‬
‫أدلء الطريق وذهب أرباب التحقيق فلم يبق في الغالب إل‬
‫أهل الزور والفسوق إلى أن قال حجبوا عن الحقيقة بأربعة‬
‫الجهل والصرار ومحبة الدنيا والظهممار واللممه مممن ورائهممم‬
‫محيط وهو على كل شمميء شممهيد فكممان قممد جمممع الخلئق‬
‫في صعيد وجاءت كل نفمس معهما سمائق وشمهيد فمأعرض‬
‫عن الجاهلين ول تطع كل أفمماك أثيممم وإن كممان كممبر عليممك‬
‫إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الرض أو سلما‬
‫في السماء فتأتيهم بآية ولممو شمماء اللممه لجعممل النمماس أمممة‬
‫واحدة فاصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين كل شيء‬
‫هالك إل وجهه له الحكم وإليه ترجعممون هممذا نممص الغزالممي‬
‫بحروفه‪.‬‬

‫ما جرى بين ابن الصلح والعز بن عبد السلم‬


‫وقد وقع في دمشق أن الشيخ تقي الدين ابممن الصمملح‬
‫أفتى بالمنع من صلة الرغائب ثم لما قدم الشيخ عز الدين‬
‫بن عبد السلم أفتى بالمنع منها فعارضه ابن الصلح ورجممع‬
‫عما أفتى به أول وألف كراسة فممي الممرد عليممه وضممرب لممه‬
‫المثل بقوله تعالى )أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى( فألف‬
‫الشيخ عز الدين كراسة في الرد علممى ابممن الصمملح وقممال‬
‫فيها وأما ضربه لي المثل بقوله تعالى )أرأيممت الممذي ينهممى‬
‫عبدا إلى صلى( فأنا إنما نهيت عن شيء نهى عنممه رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد حكى ذلممك أبممو شمامة فممي‬
‫كتابه الباعث على إنكار البممدع والحمموادث وقممال إن النمماس‬
‫ضربوا لبن الصلح المثل بقول عائشة فممي حممق سممعد بممن‬
‫عبادة وكان قبل ذلك رجل صممالحا ولكممن احتملتممه الحميممة‪،‬‬
‫ويشبه هذا ما ورد عن علي بن أبي طالب أنه كممان ل يممرى‬
‫صلة النافلة قبل صلة العيد وأنه دخل مسجد الكوفة يمموم‬
‫العيد فرأى قوما يصلون فلم ينههم فقممال لممه مممن معممه أل‬
‫تنهاهم فقال ل أكون ممن نهى عبدا إذا صلى‪ ،‬وعممن مالممك‬
‫‪359‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابن أنس أنه أمر بصلة في وقت كراهة فقام فصلى فقيل‬
‫له فممي ذلممك فقممال ل أكممون ممممن إذا قيممل لهممم اركعمموا ل‬
‫يركعون‪.‬‬
‫)فصل( عد علماء البلغة هذا المر شرطا من شممروط‬
‫النشاء‪ ،‬قممال ابممن الثيممر فممي كتممابه المثممل السممائر‪ :‬يفتقممر‬
‫صاحب هذا الفن إلى ثمانية أنواع من اللت‪ :‬الول معرفممة‬
‫العربية من النحو والتصريف‪ ،‬الثاني معرفممة اللغممة‪ ،‬الثممالث‬
‫معرفة أمثال العرب وأيامهم ومعرفة الوقممائع الممتي جمماءت‬
‫في حوادث خاصة بأقوام فإن ذلك يجممري مجممرى المثممال‪،‬‬
‫الرابع الطلع علممى تأليفممات مممن تقممدمه مممن أربمماب هممذه‬
‫الصممناعة المنظمموم منممه والمنثممور والتحفممظ للكممثير منممه‪،‬‬
‫الخامس معرفة الحكام السلطانية‪ ،‬السادس حفظ القرآن‬
‫الكريم والتمدرب باسمتعماله وإدراجمه فمي مطماوى كلممه‪،‬‬
‫السابع حفظ ما يحتاج إليه من الخبممار الممواردة عممن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم والسلوك بها مسلك القممرآن الكريممم‬
‫في الستعمال انتهى‪ .‬وقد أطبق أرباب الفن على اشتراط‬
‫ذلك واستعماله في مطاوي الخطب والرسائل والمقامممات‬
‫ونحممو ذلممك وفيهممم أئمممة فقهمماء كبممار ومحممدثون وزهمماد‬
‫وورعون‪ ،‬وقد ألف الحرير صمماحب المقامممات كتابمما سممماه‬
‫توشيح البيان بالملتقط من القرآن قال فيه أممما بعممد فإنممك‬
‫أشرت أيها الحبر البر إلى أن ألتقط لك مممن القممرآن الممذي‬
‫أخرس الفصحاء وأفحم البلغاء ما يوشح به المتمثل لفظممه‬
‫والواعظ وعظه والكمماتب كتبممه والخمماطب خطبممه فممامتثلت‬
‫أمممرك بالنقيمماد مممع العممتراف بقصممور شمماو الرتيمماد عممن‬
‫استغراق هذا المراد والنتهاء إلممى جوامممع المممواد إذ كممانت‬
‫أسرار القرآن ل يدرك غورها وعجائبه ل يزال ينمممي نورهمما‬
‫ونورها إلى أن قال وها أنا قد جمعت لممك مممن هممذا النمممط‬
‫والدر الملتقط ما رجوت أن يجمع بين رضا الباري وارتضاء‬
‫القارئ‪.‬‬

‫ما استعمله الشيخ تاج الدين السبكي‬


‫ذكر ما استعمله الشيخ تاج الدين السبكي في خطبة كتاب‬
‫الشباه والنظائر من تضمين اليات والحاديث‪:‬‬
‫‪360‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال‪ :‬فمنهم أو كلهم من أحب حمب الخيمر وسمار علمى‬
‫منهاجه أحسن سير ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬وسيد هذه الطائفممة أبممو‬
‫بكر بن الحداد تقدم هذه الفرقة تقدم النص علممى القيمماس‬
‫وسبق وهي تناديه ما في وقوفك ساعة مممن بمماس وتصممدر‬
‫ولو عورض لقال لسان الحال الحق ممروا أبما بكمر فليصمل‬
‫بالناس ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬وأنفق من خزائن علمممه ولممم يخممش‬
‫من ذي العرش إقلل هكذا‪ .‬هكممذا وإل فل ل‪ -‬إلممى أن قممال‪:‬‬
‫وجاء همذا الكتماب علمى وفمق مطلموبه كمامل فمي أسملوبه‬
‫شامل للفضل بعيده وقريبه شفاء لممما فممي الصممدور ووفمماء‬
‫لما للعلم في ذمة بني الدهور ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬وحررتممه فممي‬
‫الدجى بشهادة النجوم ولقيممت عسممره بهمممة نبممذت سممهيل‬
‫بالعراء وهو مذموم ‪ -‬إلى أن قممال‪ :‬وراح الفقيممه المسممتفيد‬
‫يبدي ويعيد ول مزيد على تحقيقه وينفق سوقه فل يجد من‬
‫يسممكع فممي ظلم الشممبهات غيممر صممبح فضممله اسممتغلظ‬
‫فاستوى على سوقه وكمل كتابا طبخ قلوب الحاسدين لممما‬
‫استوى وسحابا ل تغير معه الغراض الموية قائلممة ل نممبرح‬
‫نحن ول أنممت مكانمما سمموى‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬ول آمممن طائفممة‬
‫تطوف على محاسنه فتأخذها وتدعيها وتدخل وتخرج وليت‬
‫لها أذنا واعية فتعيها وتسرح في روضه فتجنى على مصنفه‬
‫وتجني كل زهر وتسرق ثمره وتقممول ل قطممع فممي ثمممر ول‬
‫كثر‪ -‬إلى أن قال‪ :‬لعممب بهمما شمميطان الحسممد وشممد وثاقهمما‬
‫الذي ل يوثق به بجعل من مسد‪.‬‬

‫ما استعمله الشيخ بهاء الدين السبكي من ذلك‬


‫ذكر ما استعمله الشيخ بهاء الممدين السممبكي مممن ذلممك‬
‫في خطبة كتاب عروس الفراح في شرح تلخيص المفتاح‪:‬‬
‫قال‪ :‬تشتمل على جنمماس القلممب فتسممكن بمممد النصممر‬
‫لهبا يرمي بشرر كالقصر إذا التفت الساق بالسمماق واشممتد‬
‫كرب ذلممك اللممف والنشممر إلممى أن قممال وردوا مناهممل هممذا‬
‫العلم فصدروا عنها بملء سجلهم وكيف ل وقد أجلبوا عليه‬
‫بخيلهم ورجلهم‪ -‬إلممى أن قممال أولممى لممه فممأولى أن يعطممي‬
‫القمموس باريهمما كأنممما ضممرب بينممه وبيممن العلممم بسممور مممن‬
‫الشدائد وقيل ارجع وراءك فالتمس نورا إنما أنممت تضممرب‬
‫‪361‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في حديد بارد ولو أوتي رشده لنف أن يسخر منه السمماخر‬
‫واغترف من هذا البحر الزاجمر واعمترف بمأنه المذي يلتقمط‬
‫منه جواهر المفاخر وترى الفلك فيه بشراع العلم مواخر‪.‬‬

‫ما استعمله العلمة زين الدين ابن الوردي‬


‫ذكر ما استعمله العلمممة زيممن الممدين بممن المموردي فممي‬
‫مقامته الحرقة للخرقممة‪ :‬مممن ذلمك قمال‪ :‬أسممقط فممي يمموم‬
‫مشهود تسعة من أعيان الشهود فلول نفممر مممن كممل فرقممة‬
‫من يذم هذا للبراز الجممري علممى تخريممق الخرقممة‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬سطوة وعتوا واستكبارا في الرض وعلوا وخوفا على‬
‫الدرهم والدينار بل مكر الليل والنهار‪ -‬إلى أن قال‪ :‬وقممالوا‬
‫كبرت كلمة واستحلوا نسبه وشتمه‪ -‬إلى أن قال‪ :‬فأقسموا‬
‫بالله جهد إيمانهم أن ذلممك لممم يكممن فممي أديممانهم‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬لقد بالغ في الختل والفتنة أشممد مممن القتممل‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬ما أولى أحكامه بالنتقاض ومما أحقممه بقممول السممحرة‬
‫لفرعون فاقض ما أنت قاض ولول العافية لتمموهمت أن ممما‬
‫ها هنا نافيه ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬فكم صاحب مكتوب يبكي علممى‬
‫حاله كأنما أوتي كتابه بشممماله‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬اذهممب حممب‬
‫الذهب ودهن ذهنممه وأفممتى كل إن النسممان ليطغممى أن رآه‬
‫استغنى ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬فل قوة لنا مممن جمرتممه ول حممول ل‬
‫يحب الله الجهر بالسمموء مممن القممول‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬سممكر‬
‫بخمر الولية إن في ذلك لية ‪ -‬إلى أن قال شعرا‪:‬‬
‫جرحت البرياء فأنت قاض * على العراض بالغراض ضار‬
‫ألم تعلم بأن الله عدل * ويعلم ما جرحتم بالنهار‬
‫إلى أن قال‪ :‬لقد غمماظني عممامي يعلممو بنفسممه والعامممة‬
‫عمى أفنجعل فيها من يفسد فيهمما ويسممفك الممدما‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬خذوه فغلوه فأنا نخاف أن يقتلوه واحسموا مادة هممذا‬
‫الكذاب المبير إل تفعلوه تكن فتنة في الرض وفساد كبير‪.‬‬
‫وقال ابن الوردي أيضا فممي مقامممة الطمماعون‪ :‬وقهممر خلفمما‬
‫بالقاهرة وتنبهت عينه لمصر فإذا هم بالساهرة‪ .‬وقال أيضا‬
‫في منطق الطير في البازوحنت الجمموارح إلممي وبعممث إلممى‬
‫الطيممر فممإذا هممم بالسمماهرة مممن عينممي‪ -‬إلممى أن قممال فممي‬
‫الحمامممة‪ :‬حملممت المانممة الممتي أبممت الجبممال عممن حملهمما‬
‫‪362‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وامتثلت مرسوم أن اللممه يممأمركم أن تممؤدوا المانممات إلممى‬
‫أهلها فمهما حدث على البعد من أخصامك أنا آتيك به قبممل‬
‫أن تقوم من مقامك ‪ -‬إلى أن قال في البنفسممج‪ :‬فأنمما فممي‬
‫الحالين مستطاب ول رطب ول يابس إل في كتاب‪ -‬إلى أن‬
‫قال في البوم‪ :‬ألم تر ما بممالحيوان يفعلممون فمنهمما ركمموبهم‬
‫ومنها يأكلون أتدري من يرزق البوم الله ل إله إل هو الحممي‬
‫القيوم فل تغتر بما إدراكه فوت كممل نفممس ذائقممة الممموت‪-‬‬
‫إلممى أن قممال فممي المنثممور‪ :‬وفممي اختلف صممبغتي واتحمماد‬
‫طينتي دليل على وحدانية جبلتي الممذي خلممق النسممان مممن‬
‫مضغة صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة‪ -‬إلممى أن قممال‬
‫في الريحان‪ :‬اعتدل لوني ولطف كوني وما أبرئ نفسي إذ‬
‫كممان النمممام مممن جنسممي وأرجممو أن يكممون للتوبممة منتهيمما‬
‫وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطمموا عمل صممالحا وآخممر سمميئا‪-‬‬
‫إلى أن قال في الخفاش‪ :‬وبالليل أكشف الغطمما إن ناشممئة‬
‫الليل هو أشد وطأ‪ -‬إلى أن قال فممي الممديك‪ :‬أنمما قممد أذنممت‬
‫فأقمت الصلة ومن أحسن قول ممن دعا إلى اللممه أنهمماكم‬
‫عن معصية الله بخروج الوقت فل تعصوه والله يقدر الليممل‬
‫والنهار علم أن لن تحصمموه كممم منحممت أهممل الممدار إخممائي‬
‫وولئي وهممم يممذبحون أبنممائي ويسممتحيون نسممائي‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬ومزقوا قبمماءه الملممون فاصممبر واحتسممب تماممما علممى‬
‫الذي أحسن‪ -‬إلى أن قممال فممي الخزامممى‪ :‬وأهيممن بالممدوس‬
‫واللمس وشروه بثمن بخس إلى أن قال في البط‪ :‬فما هو‬
‫بماش على الماء إليه ول طائر يطير بجناحيه‪ -‬إلى أن قممال‬
‫في النمممل‪ :‬أتممدري مممن أعطممى النمممل هممذى القمموى فممالق‬
‫الحب والنوى‪ -‬إلى أن قممال‪ :‬فانتفممخ الشممقيق فممي عروقممه‬
‫فاستغلظ فاستوى على سوقه‪ -‬إلى أن قممال‪ :‬فسممرت سممر‬
‫سير ولبمماس التقمموى ذلممك خيممر ل تكممن كالمنممافقين الممذين‬
‫بطن كفرهم وظهر إسلمهم وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم‪-‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬أما أنت أيها الفراش فل تتبع الهوى ول تكممذب‬
‫فممي الممدعوى‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬فتلقممى نفسممك فيهمما غممرورا‬
‫وتحسب النار نممورا فتممدعو ثبممورا وتصمملى سممعيرا‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬فإن كنتم من النسكة فل تلقمموا بأيممديكم إلمى التهلكممة‬
‫بلى من أراد الفخار بشهادة اثنين إذ هما في الغار‪ -‬إلى أن‬
‫‪363‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال‪ :‬نحن من الموت على يقين قل فتمنوا الموت إن كنتم‬
‫صادقين إلى أن قال‪ :‬أفي كتاب منزل رأيتموها أم عن نبي‬
‫مرسممل تلقيتموهمما إن هممي إل أسممماء سممميتموها‪ -‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬تحسدني على سواد الثياب وقال يا ويلتي أعجزت أن‬
‫أكون مثممل هممذا الغممراب‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬فلممو صممحت حممتى‬
‫تنشق وجاءت سكرة الموت بممالحق‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬وهممون‬
‫الشياء ول تنس نصيبك من الدنيا‪ .‬وقال ابن المموردي أيضمما‬
‫في مفتتح كتاب خريدة العجائب وفريممدة الغممرائب‪ :‬الحمممد‬
‫لله غافر المذنب قابمل التموب شمديد العقماب عمالم الغيمب‬
‫راحم الشيب منزل الكتاب‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬سمماطح الغممبراء‬
‫علممى متمن المماء فيمسممكه بحكمتممه عمن الضممطراب منهمما‬
‫خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم يوم الحشر والمممآب‪.‬‬
‫وقال ابن الوردي أيضا في مفاخرة السمميف والقلممم‪ :‬فقممال‬
‫القلم بسم الله مجراها ومرساها والنهممار إذا جلهمما والليممل‬
‫إذا يغشاها‪ -‬إلى أن قال‪ :‬بسم الله الخافض الرافممع وأنزلنمما‬
‫الحديد فيه بأس شديد ومنافع‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬الجنممة تحممت‬
‫ظلله ولسيما حين يسل فتري ودق الدم يخرج من خللممه‬
‫ما هو كالقلم المشبه بقوم عروا عممن لبوسممهم ثممم نكسمموا‬
‫على رؤوسهم فكأن السيف خلق من ماء دافممق أو كمموكب‬
‫راشق‪ -‬إلى أن قال‪ :‬قال القلم أو من ينشأ في الحلية وهو‬
‫فممي الخصممام غيممر مممبين يفمماخر وهممو قممائم عممن الشمممال‬
‫الجالس عن اليمين‪ -‬إلى أن قال‪ :‬أنت للرهب وأنمما للرغممب‬
‫‪0‬وإذا كان بصرك حديدا فبصممري ممما ذهممب‪ -‬إلممى أن قممال‪:‬‬
‫فطالما أمرت بعض فراخممي وهممي السممكين فأصممبحت مممن‬
‫النفاثات في عقدك يا مسكين‪ -‬إلى أن قممال‪ :‬تفصممل ممما ل‬
‫يفصممل وتقطممع ممما أمممر اللممه بممه أن يوصممل ل جممرم سمممر‬
‫السيف وصقل قفاه وسقي ماءا حميما فقطع امعمماه‪ -‬إلممى‬
‫أن قال‪ :‬أنا من مازج من نار والقلم من صلصال كالفخممار‪-‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬فتل ذو القلم لقلمه إنمما أعطينمماك الكمموثر فتل‬
‫صاحب السمميف لسمميفه فصممل لربممك وانحممر فتل ذو القلممم‬
‫لقلمه إن شانئك هو البتر قال القلم أما وكتابي المسممطور‬
‫وبيممتي المعمممور‪ -‬إلممى أن قممال‪ :‬مممع أنممي ممما ألوتممك نصممحا‬
‫أفنضرب عنكم الذكر صفحا‪.‬‬
‫‪364‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫نقول عن علماء في هذا الباب‬


‫وقال القاضي عياض في خطبة كتاب الشفا وكممذب بممه‬
‫وصدف عن آياته من كتب الله عليه الشقاء حتما ومن كان‬
‫في هذه أعمى فهو في الخرة أعمى‪ ،‬وقال أيضمما حملتنممي‬
‫من ذلك أمرا إمرا وأرهقتني فيما ندبتني إليه عسرا‪.‬‬
‫وقال الخطيب ابن نباته القديم في خطبممة لممه فيمما أيهمما‬
‫الغفلة المطرقون أما أنتم بهذا الحديث مصدقون مممالكم ل‬
‫تشفقون فورب السممماء والرض إنممه لحممق مثممل ممما أنكممم‬
‫تنطقون‪.‬‬
‫وقال عبد المؤمن الصممفهاني صمماحب أطبمماق الممذهب فممي‬
‫الوعظ فمن عاين تلون الليل والنهممار ل يغممتر بممدهره ومممن‬
‫علم أن الممثرى مضممجعه ل يمممرح علممى ظهممره فيمما قمموم ل‬
‫تركضوا خيممل الخيلء فممي ميممدان العممرض أأمنتممم مممن فممي‬
‫السماء أن يخسف بكم الرض‪.‬‬
‫وقال العماد الكاتب في كتاب فتح بيت المقدس والبلد‬
‫الشامية واستخلصممها مممن يممد الفرنممج علممى يممد السمملطان‬
‫صلح الدين بن أيوب‪ :‬والفرق بيممن فتمموح الشممام فممي هممذا‬
‫العصر وبين فتوحه في أول المر فرق يتممبين تممبين الخيممط‬
‫البيض من الخيط السود من الفجر‪ -‬إلى أن قممال والشممام‬
‫الن قد فتح حيث السمملم قممد وهممن العظممم منممه واشممتعل‬
‫الرأس شيبا وهريق شبابه وقممد عمماد غريبمما كممما بممدأ غريبمما‬
‫وطممال المممد علممى القلمموب فقسممت ورانممت الفتممن علممى‬
‫البصائر فطمست وعرض هذا الدنى قد أعمى وأصممم حبممه‬
‫ومتاع هذه الحياة القليل قد شغل عن الحممظ الجزيممل فممي‬
‫الخرة كسبه وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون وأمممدهم‬
‫في طغيانهم يعمهون‪ -‬إلممى أن قممال فكممل معمماد معممادي إل‬
‫هذا المعاد وكل مداد يكتب به أسود إل هذا المداد أفسممحر‬
‫هممذا أم أنتممم ل تبصممرون إلممى أن قممال فسمماروا مممدججين‬
‫وسروا مدلجين وصبحوا صفورته وساء صباح المنذرين‪.‬‬
‫وقال المام ضياء الدين ابن الثيممر فممي رسممالة‪ :‬وعبمماد‬
‫اللممه الصممالحون إذا حلمموا بممأرض أمنممت وسممكنت وأخممذت‬
‫زخرفا وازينت‪ .‬وقال في رسممالة أخممرى وقلممما ولممى امممرؤ‬
‫‪365‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قوما فشكروا اثر مقامه وتألموا لفقد أيامه إل الذين آمنمموا‬
‫وعملوا الصالحات وقليل ممما هممم‪ ،‬وقممال فممي تقليممد حسممنه‬
‫فابدأوا أول بالنظر في العقائد وأهد فيها إلى سبيل الفرقممة‬
‫الناجية المذي همو سمبيل واحمد وتلمك الفرقمة همي السملف‬
‫الصالح الذين لزموا موطن الحق فأقاموا وقممالوا ربنمما اللممه‬
‫ثم استقاموا ومن عداهم فشممعب كممانوا ديانمما وعبممدوا مممن‬
‫الهواء أوثانا واتبعوا ما لم ينزل الله به سمملطانا ولممو نشمماء‬
‫لرينا كهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القممول‪-‬‬
‫إلى أن قال فخذهم بآلة التعزير الممتي هممي نزاعممة للشمموى‬
‫تدعو من أدبر وتولى‪ -‬إلى أن قال وأممما التسممعير فممإنه وأن‬
‫آثره القاطنون وحكم به القاسطون قيل أن ذلممك لمصمملحة‬
‫الفقير في تيسير العسير فليس لحد أن يكون ندا لله فممي‬
‫خفض ما رفع وبذل ما منع فقف أنممت حيممث أوقفممك حكممم‬
‫الحق ودع ما يعن لك من مصلحة الخلق ول تكن ممن تبممع‬
‫الرأي والنظر وترك الية والخبر فحكمة اللممه مطويممة فيممما‬
‫يأمر به على ألسنة رسله وليست مممما يسممتنبطه ذو العلممم‬
‫بعلمه ول يستدل عليه ذو العقل بعقلممه ولممو كممان مممن عنممد‬
‫الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا‪ .‬وقال في رسالة تشممفع إلممى‬
‫الخليفممة وحبمماه مممن عمممر الزمممان بعقممد ألممف ومممن خلقممه‬
‫بعقيدة اللف وجعل عقبه كلمة باقية إذا أصممبحت العقمماب‬
‫كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصممف‪ -‬إلممى أن قممال هممو‬
‫يرجو أن ل يكون في رجائه هذا من الخائبين وأن يقممال لممه‬
‫أقبل ول تخف إنممك مممن المنيممن وليممس هنمما إل عفممو أميممر‬
‫المؤمنين الذي ل يحتاج إلى سمفير وفيمه يصمح ويعفمو عمن‬
‫كثير‪ .‬وقال في رسالة أخرى عن الملك الظاهر غازي إلممى‬
‫الخليفة الناصر ولما بلغ الخممادم محضممرة قممال أنممي نممذرت‬
‫للرحمن صوما وعد يومه بالمدهر كلمه وإن كممان فمي اليمام‬
‫يوما‪ .‬وقال في رسالة أخرى فعبقممت السممماع بهممذا الخممبر‬
‫الريج واهتزت له المال وربت وأنبتت مممن كممل زوج بهيممج‪.‬‬
‫وقممال فممي رسممالة أخممرى فأصممبحت يممدي حمالممة الحطممب‬
‫وأصبح خاطري أبا جهل بعممد أن كممان أبمما لهممب‪ .‬وقممال فممي‬
‫رسالة أخرى ومحاهم الخطممب ولممم يكممن الخطممب بمريممب‬
‫وكممان موعممدهم الصممبح أليممس الصممبح بقريممب‪ .‬وقممال فممي‬
‫‪366‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رسالة أخرى فظن في سورة قمموة الحتممماء وقممال سممآوي‬
‫إلى جبل يعصمني من الماء‪ .‬وقمال فممي أخممرى وعنممد ذلمك‬
‫عمد العبد إلى ما أميت به من عدل فجعلممه حبمماء منشممورا‬
‫وقدم إلى ما عمل بها من عمل فجعله هباء منثورا‪ -‬إلى أن‬
‫قال تبعتهم على ذلك وكابد أسباب منها آيات محكمات هن‬
‫أم الكتاب‪ -‬إلى أن قال ويرجو العبد أن تكممون وليتممه هممذه‬
‫ولية بر والطاف وأن يرزق الله الناس أعواما سمانا يأكلن‬
‫ما تقدم من العجاف وأن يكون ممن أصاب اللممه بممه قوممما‬
‫إذا هم يستبشرون وأن يجعممل عممامه هممو العممام الممذي فيممه‬
‫يغاث الناس وفيه يعصرون ولقد وجد من ألطاف الله مممرة‬
‫بعد أخرى ما يقال معه أن في ذلك لممذكرى فممما يريممه مممن‬
‫آية إل هي أكبر من أختها مقاممما وكممذلك يزجممى سممحابا ثممم‬
‫يؤلف بينه ثم يجعله ركاما‪.‬‬
‫وقال البيضاوي في أول تفسيره الحمد لله الممذي نممزل‬
‫الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا‪ -‬إلى أن قممال ثممم‬
‫بين الناس ما نزل إليهممم حسممبما عممن لهممم مممن مصممالحهم‬
‫ليدبروا آياته وليتذكر أولو اللباب تذكيرا‪ -‬إلى أن قال ومهد‬
‫لهم قواعد الحكام وأوضاعها من نصوص اليممات وألماعهمما‬
‫ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا فمن كان لممه قلممب‬
‫أو ألقى السمع وهو شهيد فهو فممي الممدارين حميممد وسممعيد‬
‫ومن لم يرفع إليه رأسه وأطفأ نبراسه يعش ذميما ويصلى‬
‫سعيرا‪.‬‬
‫وقال ابن المنير في النتصاف في مسألة رد فيها على‬
‫الزمخشري ما نصه‪ :‬ولو نظممر بعيممن النصمماف إلممى جهالممة‬
‫القدريممة وضممللها لنبعممث إلممى حممدائق السممنة وظللهمما‬
‫ولممتزحزح عممن مزالممق البدعممة ومزالهمما ولكممن كممره اللممه‬
‫إنبعمماثهم ليعلممم أي الفريقيممن أحممق بممالمن والممدخول فممي‬
‫العلم‪.‬‬
‫وقال ابن دقيق العيد في خطبة كتابه اللمام‪ :‬ولم يكن‬
‫ذلك مانعا لي من وصل ماضمميه بالمسممتقبل ول موجبمما لن‬
‫أقطع ما أمر الله به أن يوصل‪.‬‬
‫وقال ابن الساعاتي من أئمة الحنفية فممي شممرح كتممابه‬
‫مجمممع البحريممن فكممانت حالممة عجممزت البلغمماء عممن نعتهمما‬
‫‪367‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ونطقت بها ألسن طالت مدة صمتها وما ينعممم اللممه بنعمممة‬
‫إل وهي أكبر من أختها‪.‬‬
‫وقال الشيخ جمال الدين السنوي في خطبه المهمات‪:‬‬
‫وإذا تأمل المنصف هممذا التصممنيف وأمعممن النظممر فممي هممذا‬
‫التأليف حكم أنه لنظم الكتابين كممالقوافي وأن هممذا الثممالث‬
‫هو ثالث الثافي وربما تأمله بعض أبناء الوقت ممن أدركممه‬
‫الخزي والمقت واتخذ إلهه هممواه وشمميطانه ممموله وألبسممه‬
‫الله رداء الحسد وسربال الشقاوة وختم على سمعه وقلبه‬
‫وجعل على بصره غشاوة فنظممر إليممه بطممرف خفممي وصممم‬
‫عممن إدراك ممما فيممه وعمممى كممما وقممع فممي الكتمماب الول‬
‫الموضوع لبعض هذه النواع المسمى بممالجواهر فلممم يكممن‬
‫ذلك مانعا أن اشفع بالثاني الول ول قاطعا ما أمر اللممه بممه‬
‫أن يوصل‪.‬‬
‫)فصل( ومن أكثر الناس استعمال لذلك الصمموفية وقممد‬
‫يسمممى ضممرب مثممل وقممد يسمممى إشممارة بحسممب اختلف‬
‫المورد‪ ،‬وكتبهم مشممحونة بممذلك ومحمماوراتهم ومخاطبمماتهم‬
‫حتى ذكروا أن منهم مممن أقممام برهممة ل يتكلممم ول يخمماطب‬
‫أحدا إل من القرآن‪ ،‬وممن حكمى عنمه اسممتعمال ذلمك فمي‬
‫محمماوراته الجنيممد والسممرى ومعممروف الكرخممي والشممبلي‪،‬‬
‫حضر شيخ من الصمموفية سممماعا فحصممل لبعممض المريممدين‬
‫وجد فأراد أن يقوم فقال له الشيخ الذي يممراك حيممن تقمموم‬
‫فسكن عن القيام‪ ،‬ودخل آخمر علمى جماعممة وهمم سممكوت‬
‫فقال ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم ل ينطقون‪ ،‬ودخل‬
‫رجل على بعض الولياء فاستحقره فممي عينممه فقممال‪ :‬سممرا‬
‫حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فاطلع الولي على ذلك بطريق‬
‫الكشف فقال له يا فلن أقرأ ما بعدها‪ .‬وفي لطائف المنن‬
‫للشيخ تاج الدين بن عطاء الله قال الجنيد التصديق بعلمنمما‬
‫هذا ولية وإذا فاتتك المنة في نفسممك فل يفتممك أن تصممدق‬
‫بها في غيرك فإن لم يصبها وابل فطممل‪ .‬وقممال الشمميخ أبممو‬
‫الحسن الشاذلي في حزبه المشهور نسممألك العصمممة فممي‬
‫الحركممات والسممكنات والرادات والخطممرات مممن الشممكوك‬
‫والظنون والوهام السمماترة للقلمموب عممن مطالعممة الغيمموب‬
‫فقمممد ابتلمممى المؤمنمممون وزلزلممموا زلمممزال شمممديدا ليقمممول‬
‫‪368‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله‬
‫إل غرورا‪ .‬وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في الحكممم‬
‫ما أرادت همم سالك أن تقممف عنممدما كشممفت لهمما ونادتهمما‬
‫هواتممف الحقيقممة الممذي تطلممب أمامممك ول تممبرجت ظممواهر‬
‫المكنونات ال نادتك به حقائقهمما إنممما نحممن فتنممة فل تكفممر‪،‬‬
‫وقال ل ترحل من كون إلى كون فتكون كحمار الرحا يسير‬
‫والذي ارتحل إليه هو الممذي ارتحممل منممه ولكممن ارحممل مممن‬
‫الكوان إلى المكون وأن إلى ربك المنتهى وقال ل تفرحممك‬
‫الطاعة لنها برزت منك وافممرح بهمما لنهمما بممرزت مممن اللممه‬
‫إليك قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مممما‬
‫يجمعون‪ ،‬وقال‪ :‬قوم أقامهم الحق لخدمته وقمموم اختصممهم‬
‫بمحبته كل نمد هؤلء وهؤلء من عطاء ربك وما كان عطمماء‬
‫ربك محظورا‪ ،‬وقال ربممما أفممادك فممي ليممل القبممض ممما لممم‬
‫تستفده في إشراق نهار البسط ل تدرون أيهم أقممرب لكممم‬
‫نفعا‪ ،‬وقال الحقائق ل ترد فممي حممال التجلممي مجملممة وبعممد‬
‫الوعي يكون البيان فممإذا قرأنمماه فمماتبع قرآنممه ثممم إن علينمما‬
‫بيانه متى وردت الواردات اللهية إليك هدت العمموائد عليممك‬
‫أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها‪ ،‬وقال الوارد يأتي مممن‬
‫حضرة قهار لجل ذلك ل يصادمه شيء إل دمغه بل نقممذف‬
‫بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق‪ ،‬وقال بل دخلمموا‬
‫إلى ذلك بالله ولله ومن الله وإلممى اللممه وقممل رب أدخلنممي‬
‫مدخل صممدق وأخرجنممي مخممرج صممدق ليكممون نظممري إلممى‬
‫حولك وقوتك إذا أدخلتنممي واستسمملمي وانقيممادي إليممك إذا‬
‫أخرجتنمي واجعمل لمي ممن لمدنك سمملطانا نصميرا تنصممرني‬
‫وتنصر بي‪ ،‬وقممال السمملفي فممي بعممض أحزابممه سمممعت أبمما‬
‫محمد جعفر بممن أحمممد بممن الحسممين بممن السممراج النحمموي‬
‫ببغداد يقول رأيت على أبي الحسن القزوينممي الزاهممد ثوبمما‬
‫رفيعا لينا فخطر ببالي كيف مثله في زهده يلبس مثل هممذا‬
‫فقال في الحال بعد أن نظر إلى قممل مممن حممرم زينممة اللممه‬
‫التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق‪ ،‬قال وحضرنا عنممده‬
‫يوما لقراءة الحديث فتمادى بنا الوقت إلى أن وصلت إلينمما‬
‫الشمس وتأذينا بحرها فقلت في نفسممي لممو تحممول الشمميخ‬
‫إلى الظل فقال والله في الحال‪ :‬قل نار جهنم أشد حرا‪.‬‬
‫‪369‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فصممل( ومممن مصممطلح أهممل فممن البلغممة أن يصممدروا‬
‫إنشاءاتهم بآية مممن القممرآن الكريممم فيهمما مناسممبة لممما هممم‬
‫بصدده ويوردوها بعد البسملة مممن غيممر تصممدير يقممال اللممه‬
‫تعممالى أو نحمموه لتكممون البسممملة ملصممقة لليممة مممن غيممر‬
‫فاصل‪ ،‬أنشأ الشهاب بن فضل الله صورة مبايعممة للخليفممة‬
‫الحمماكم بممن المسممتكفي العباسممي أورد صممدرها‪ :‬إن الممذين‬
‫يبايعونك إنما يبايعون الله إلى آخر الية وقرئ ذلك بحضرة‬
‫القضاة الربعة ومشممايخ السمملم والممدين بالممديار المصممرية‬
‫وكانوا جما غفيرا وعددا كممثيرا فممما منهممم مممن أبممدى لممذلك‬
‫نكيممرا وذلممك فممي سممنة اثنممتين وأربعيممن وسممبعمائة‪ .‬وأنشممأ‬
‫الجمال اليعموزي كتاب بشارة بخلص دميمماط مممن الفرنممج‬
‫بحضرة الشيخ عز الدين بن عبد السلم وأرسله إلى بغممداد‬
‫لحضرة الخليفة أورد صممدره‪ :‬الحمممد للممه الممذي أذهممب عنمما‬
‫الحزن إن ربنا لغفمور شمكور‪ .‬وأنشمأ ابمن الثيمر كتابما عمن‬
‫زعيم الموصل إلى صدر الدين شيخ الشيوخ ببغداد يبشممره‬
‫بعود مملكته إليه أورد صدره‪ :‬الحمد للممه الممذي أذهممب عنمما‬
‫الحزن إن ربنا لغفور شكور‪ ،‬وأنشأ تقليممدا لقاضممي القضمماة‬
‫بالديار المصرية أورد صدره‪ :‬رب أوزعني أن اشكر نعمتممك‬
‫التي أنعمت علي وعلممى والممدي وأن أعمممل صممالحا ترضمماه‬
‫وأصلح لي في ذريتي أني تبت إليك وإنممي مممن المسمملمين‪،‬‬
‫وأنشممأ أيضمما رسممالة فممي رجممل غضممب عليممه الخليفممة أورد‬
‫صدرها ول تسال عن أصحاب الجحيم‪ .‬وأنشأ الحممافظ فتممح‬
‫الدين بن سيد الناس رسالة في صلح بين طائفة أورد فممي‬
‫صدرها‪ :‬أن أريد إل الصمملح ممما اسممتطعت وممما تمموفيقي إل‬
‫بالله عليه توكلت وإليه أنيممب‪ .‬وأنشممأ ابممن الثيممر كتابمما فممي‬
‫تهنئة الخليفة بمولود أورد صدره‪ :‬ووهبنا لداود سليمان نعم‬
‫العبد إنه أواب‪ ،‬وأنشأ كتابا إلممى أخيممه العلمممة مجممد الممدين‬
‫صاحب جامع الصول يذكر مفارقته مصر أورد صممدره‪ :‬كممم‬
‫تركوا من جنات وعيمون وزروع ومقمام كريمم ونعممة كمانوا‬
‫فيها فاكهين‪ ،‬وأنشأ كتابا إلى الخليفممة عممن الملممك الفضممل‬
‫حين حوصرت دمشق‪ .‬أورد صدره‪ :‬وإن كان مكرهم لتزول‬
‫منه الجبال‪ ،‬وأنشأ كتابمما إلممى الخليفممة عممن الملممك الرحيممم‬
‫وكانت طائفة من مماليكه أرادوا الفتك به فظفر بهممم أورد‬
‫‪370‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صدره‪ :‬له معقبات من بين يديه ومن خلفممه يحفظممونه مممن‬
‫أمر الله‪ .‬وأنشأ الكمال عبد الرزاق الصممبهاني مقامممة فممي‬
‫القوس أورد صدرها‪ :‬ويسألونك عن ذي القرنين قل سممأتلو‬
‫عليكم منه ذكرا‪ .‬وكتب الشمميخ علممي بممن وفمما رسممالة إلممى‬
‫بعض أصحابه أورد صدرها‪ :‬وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل‬
‫هممو‪ .‬وألممف الحممافظ الممذهبي كتابمما فممي رتممن الممذي ادعممى‬
‫الصحبة بعد الستمائة سممماه كسممر وثممن رتممن أورد صممدره‪:‬‬
‫سبحانك هممذا بهتممان عظيممم‪ .‬وأنشممأ بعممض الفضمملء‪ .‬كتمماب‬
‫بشارة بفتح بلد النوبة والسممودان لممما غزيممت أورد صممدره‪:‬‬
‫وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونمما آيممة الليممل‪ .‬وأنشممأ فخممر‬
‫الدين بن الدهان كتابا إلى القاضي الفاضممل يسممأله الصمملح‬
‫لمير المواصلة مع السلطان صلح الدين بن أيمموب افتتحممه‬
‫بقمموله قممل اللهممم فمماطر السممماوات والرض عممالم الغيممب‬
‫والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون‪.‬‬
‫وأعظم من هؤلء كلهممم وأفضممل وأفخممم واكمممل أمممام‬
‫العلماء والبلغاء إمامنا المام الشافعي رضي الله عنه فممإنه‬
‫سلك مسلك البراعممة وأتممى بممواجب هممذه الصممناعة فصممدر‬
‫كتاب الرسالة بهذه الية )الحمد لله الذي خلممق السممماوات‬
‫والرض وجعممل الظلمممات والنممور ثممم الممذين كفممروا بربهممم‬
‫يعدلون( وبنى عليها الخطبة ولم يصممدرها بقمموله قممال اللممه‬
‫تعالى بل وصلها وذلك لن الخطبممة مممن نمموع النشمماء فممان‬
‫واجبها وصل اليممة بالبسممملة مممن غيممر أن يقممال قممال اللممه‬
‫ونحمموه ثممم لممما عقممد البممواب وأورد اليممات فيهمما للحتجمماج‬
‫صدرها بقوله قال الله تعالى فأعطى كل مقام حقه ووفممى‬
‫كل موضع قسممطه وكيممف ل وهممو أمممام الفصمماحة والبلغممة‬
‫والبراعة والذي يقتدي به أكابر هذه الصناعة‪ .‬فإن قلت هل‬
‫لذلك من نكتة يستحسنها أهل الذوق أو دليل مممن الحممديث‬
‫النبوي يطرب إليه أهل الشوق قلت نعم أما النكتة فشيئان‬
‫أحدهما أنهم أرادوا أن يجعلوا الية مقام خطبة المقامممة أو‬
‫الرسالة أو نحوها بجامع أنها ذكر والخطبممة ذكممر كممما جعممل‬
‫البخاري حديث إنما العمممال بالنيممات مقممام خطبممة الكتمماب‬
‫فافتتح به‪ ،‬والثاني أنه لما كانت البسملة من القرآن واليممة‬
‫ممن القمرآن ناسمب أن ل يفصمل بينهمما بشميء بمل تكمون‬
‫‪371‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ملصقة بهمما أل تممرى أن القممارئ إذا أراد أن يقممرأ مممن أثنمماء‬
‫سورة فإنه يستحب له أن يبسمل ويقرأ عقبها من الموضع‬
‫الذي أراده ولم يقل أحد من المة أنه إذا بسمل يقول قال‬
‫الله ثم يشرع في القراءة إنما يفعل ذلك من أراد إيراد آية‬
‫للحتجاج ونحوه وأما من أراد محض القراءة فل يفعل ذلك‬
‫بحال ولو فعله عد بدعة وخلفا لما عليه الئمة سلفا وخلقا‬
‫ولما نص عليه أئمممة القممراءات فممي كتبهممم ولممما ثبممت فممي‬
‫الحاديث الصحيحة من فعل النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫فلم يرد قط عنه صلى الله عليممه وسمملم ول عممن أحممد مممن‬
‫أصحابه ول من سائر المة أنهممم كممانوا إذا أرادوا أن يقممرأوا‬
‫من أثناء سورة يقولون عقب البسملة قال الله تعمالى فمي‬
‫مفتتح قراءتهم كانوا يقرؤون الية موصممولة بالبسممملة مممن‬
‫غير أن يقولوا قال الله إذا أرادوا إيراد آيممة للحتجمماج علممى‬
‫حكمم أو نحموه يقولمون قمال اللمه تعمالى كمذا ممن غيمر أن‬
‫يبسملوا‪ ،‬هذا ما تقرر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫والصحابة والتابعين وهلم جرا وعليه عمل المام الشممافعي‬
‫فإنه لما أراد افتتاح الخطبة بسمل ووصممل البسممملة باليممة‬
‫من غير أن يقول قال الله ولما أراد الحتجاج فممي البممواب‬
‫باليات قال قال الله وذكممر اليممة مممن غيممر بسممملة‪ ،‬وعلممى‬
‫ذلك عمل علماء المة وبلغائها كافة‪.‬‬
‫وأما الدليل فعام وهو ممما أشممرنا إليممه مممن فعممل النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في القراءة وخاص وذلممك أنممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم كتب كتابا إلى اليمين فصدره بعد البسملة‬
‫بآية كالخطبة والعنوان وبراعة السممتهلك للكتمماب ووصمملها‬
‫بالبسملة من غير أن يقول قال اللممه تعممالى ونحمموه وبممذلك‬
‫اقتدى الئمة والبلغمماء فممي مكاتبمماتهم ورسممائلهم وخطبهممم‬
‫وإنشا آتهم‪ ،‬قال البيهقي في دلئل النبمموة أخبرنمما أبممو عبممد‬
‫الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمممد ابممن‬
‫عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسممحاق حممدثني عبممد‬
‫الله بن أبي بكر عن أبيه أبي بكر بن محمد بممن عمممرو بممن‬
‫حزم قال هذا كتمماب رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن فكتب‬
‫له كتابا وعهدا فكتممب بسممم اللممه الرحمممن الرحيممم يمما أيهمما‬
‫‪372‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الذين آمنوا أوفوا بالعقود عهد من رسول اللممه لعمممرو ابممن‬
‫حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى اللممه فممي أمممره كلممه‬
‫فإن الله مع الذين اتقمموا والممذين هممم محسممنون وأمممره أن‬
‫يأخذ الحق كما أمره أن يبشر الناس بالخير وساق الكتمماب‬
‫بطوله‪ ،‬وقال ابن أبي شيبة في المصممنف ثنمما سممليمان بممن‬
‫داود عن شعبة عن أبي إسحاق قال كتب إلينمما ابممن الزبيممر‬
‫بئس السم الفسوق بعد اليمان صدقة الفطر صاع صاع‪.‬‬
‫)فصممل( وأممما القتبمماس فممي الشممعر فلممم ينممص عليممه‬
‫متقممدمو أصممحابنا مممع شمميوعه فممي إعصممارهم واسممتعمال‬
‫الشعراء له قديما وحديثا فسكوتهم على ذلك وعدم نصممهم‬
‫على تحريمه يممدل علممى أنهممم رأوه جممائزا كضممرب المثممال‬
‫والقتباس في النثر وأصرح من ذلممك أن جماعممة مممن أئمممة‬
‫المممذهب اسممتعملوه فممي شممعرهم قممال الشمميخ تمماج الممدين‬
‫السبكي في الطبقات في ترجمة الستاذ أبي منصممور عبممد‬
‫القاهر بممن طمماهر التميمممي البغممدادي أحممد كبممار الصممحاب‬
‫وأجلئهم من شعر قوله‪:‬‬
‫يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف * ثم انتهى ثم ارعوى ثم‬
‫اعترف‬
‫أبشر بقول الله في آياته * إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف‬
‫قال ابن السبكي اسممتعمال مثممل السممتاذ أبممي منصممور‬
‫مثل هذا القتباس في شعره فائدة فإنه جليل القدر وبعض‬
‫الناس بحث أنه ل يجوز وهذا الستاذ أبو منصممور مممن أئمممة‬
‫الدين وفممد فعممل هممذا‪ ،‬واسممند عنممه هممذين البيممتين السممتاذ‬
‫الحافظ أبو القاسم بن عساكر وهما حجممة فممي جممواز مثممل‬
‫ذلك‪ .‬قلت وروى البيهقي في شعب اليمان عن شيخه أبي‬
‫عبد الرحمن السلمي قال أنشدنا أحمد بن محمد بممن يزيممد‬
‫لنفسه‪:‬‬
‫سل الله من فضله واتقه * فإن التقى خير ما يكتسب‬
‫ومن يتق الله يجعل له * ويرزقه من حيث ل يحتسب‬
‫فإسناد البيهقي هذا الشعر وتخريجه في مثممل هممذا الكتمماب‬
‫الجليل يممدل علممى أنممه يجمموزه وقممد اسممتعمله أيضمما المممام‬
‫الرافعي وناهيك به إمامة وجللة وورعا فقال وأنشممده فممي‬
‫أماليه ورواه عنه الئمة‪:‬‬
‫‪373‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الملك لله الذي عنت الوجو * ه له وذلت عنده الرباب‬
‫متفرد بالملك والسلطان قد * خسر الذين تجاذبوه وخابوا‬
‫دعهم وزعم الملك يوم غرورهم * فسيعلمون غدا من‬
‫الكذاب‬
‫واستعمله أيضا شيخ الحموي وابن المموردي وجمممع مممن‬
‫المتممأخرين آخرهممم الحممافظ ابممن حجممر ولممما أنشممأ شمميخنا‬
‫الشهاب الحجازي كتابه في اقتباسات القرآن أوقفممه عليممه‬
‫فكتب له خطه عليه وأثنى عليه‪ ،‬وقال الشرف بن المقري‬
‫صاحب الروض والرشاد فممي شممرح بممديعيته‪ :‬ممما كممان مممن‬
‫القتباس في الشعر فممي المممواعظ والزهممد ومممدحه صمملى‬
‫الله عليه وسلم وآله وصممحبه فهممو مقبممول وغيممره مممردود‪،‬‬
‫وقال التقى بن حجة‪ :‬القتباس ثلثة أقسام مقبممول ومبمماح‬
‫ومردود فالول ممما كممان فممي الخطممب والمممواعظ والعهممود‬
‫والثاني ما كان في الغزل والرسائل والقصص والثممالث ممما‬
‫كان في الهزل والخلعة‪ .‬وذكر الشمميخ علء الممدين العطممار‬
‫تلميذ النووي في كتاب له ألفه في الشعر أنه سأل النووي‬
‫عن القتباس فأجازه في النثر وكرههه في الشعر‪ ،‬ووافقممه‬
‫على ذلك الشبح بهاء الدين ابن السبكي فجمموزه فممي النممثر‬
‫واسممتعمله وقممال الممورع اجتنممابه فممي الشممعر‪ -‬ذكممره فممي‬
‫عممروس الفممراح‪ ،‬قلممت وعلممة التفرقممة بيممن النممثر والشممعر‬
‫ظاهرة فإن القرآن الكريم لما نزه عن كونه شممعرا ناسممب‬
‫أن يتنممزه عممن تضمممينه الشممعر بخلف النممثر‪ .‬هممذا مجممموع‬
‫المنقول عندنا فممي هممذه المسممألة‪ ،‬وحاصمملة التفمماق علممى‬
‫جممواز ضممرب المثممال مممن القممرآن واقتباسممه فممي النممثر‬
‫والختلف فممي اقتباسممه فممي الشممعر فممالكثرون جمموزوه‬
‫واستعملوه منهم الرافعي وأما النووي والبهاء بن السممبكي‬
‫فكرهاه ورعا ل تحريما‪ ،‬ولم أقف على نقل بتحريمممه لحممد‬
‫من الشافعية‪ ،‬ومحل ذلممك كلممه فممي غيممر الهممزل والخلعممة‬
‫والمجون‪.‬‬
‫ويلتحق بممما نحممن فيممه فممائدة جليلممة ذكممر جماعممة مممن‬
‫المتأخرين منهم الشيخ ولي الدين العراقممي عممن الشممريف‬
‫تقي الدين الحسيني أنه نظم قوله‪:‬‬
‫مجاز حقيقتها فاعبروا * ول تعمروا هونوها تهن‬
‫‪374‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وما حسن بيت له زخرفت * تراه إذا زلزلت لم يكن‬
‫ثم توقف لكونه استعمل هذه اللفاظ القرآنية فممي الشممعر‬
‫فجاء إلى الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيممد ليسممتفتيه عممن‬
‫ذلك فلما أنشده إياهمما قمال لمه الشمميخ قممل " ومما حسمن‬
‫كهف" فقال يا سيدي أفممدتني وأفممتيتني‪ ،‬ثممم رأيممت الشمميخ‬
‫داود الباخلي الشاذلي تعرض للمسألة في كتممابه المسمممى‬
‫باللطيفة المرضية في شرح دعاء الشاذلية وبسطها أحسن‬
‫بسط فقال ما نصه قوله يعني الشيخ أبا الحسممن الشمماذلي‬
‫فقد ابتلى المؤمنون إلى آخممره هممذا اللفممظ موافممق للفممظ‬
‫التلوة إل فمممي قممموله فقمممد ابتلمممى المؤمنمممون وليقمممول‬
‫المنممافقون‪ ،‬والقممرآن هنالممك ابتلممى المؤمنممون وإذ يقممول‬
‫المنممافقون ولممم يممرد بممذلك التلوة ولممو أريممد التلوة لتعيممن‬
‫التيان بلفظها إذ ل يحل لمسلم أن يزيد حرفا فممي القممرآن‬
‫ول ينقص حرفا وكممل مممؤمن يعلممم ذلممك ويقطممع بممه وذلممك‬
‫معلوم ضرورة عند المؤمنين فكيف العلممماء العرافيممن وإذا‬
‫لممم يقصممد التلوة جمماز للنسممان النطممق بمماللفظ الموافممق‬
‫للتلوة سواء كممان جنبمما أو متطهممرا أو يجمموز مسممه مكتوبمما‬
‫على غير وضوء لنممه إذ ذاك ليممس بقممرآن وإذا كممان كممذلك‬
‫جاز أن يزيد لفظا وينقص لفظا كغيره من الكلم قال وقممد‬
‫وقعت هذه المسألة خصوصا في وقت وتردد سؤال الناس‬
‫منى عنها وأجبت عنها قال وهممذا نمص السممؤال‪ :‬هممل يجمموز‬
‫ذكر كلمات بسيرة مما يذكر في القرآن العظيم ويقصد بممه‬
‫معنى غير ممما هممو فممي القممرآن كقمموله لمممن اسممتأذن عليممه‬
‫ادخلوها بسلم آمنين أو يا يحيى خذ الكتمماب بقمموة أو عتممب‬
‫على أمر فقال كان ذلك في الكتاب مسطورا فممإن مممدلول‬
‫اسم الشارة في قوله غيمر مما همو فمي القمرآن أو أراد أن‬
‫يخبر عن حال نفسه هو فقال وما أبرئ نفسممي إن النفممس‬
‫لمارة بالسوء أو وقعت فتنة فثبت قوم واضطرب آخممرون‬
‫فقال ليهلك من هلك عن بينة ويحيمما مممن حممي عممن بينممة أو‬
‫ضمن ذلك خطبة أو رسالة قاصدا سممياق قمموله غيممر قاصممد‬
‫معمماني التلوة‪ ،‬وإذا جماز ذلمك فهممل لمه أن يزيمد فمي ذلمك‬
‫وينقص منه أو يغير نظمه بتقممديم أو تممأخير أو تغييممر حركممة‬
‫إعراب ونحو ذلك‪ .‬ونص الجواب ‪ -‬الكلم فممي جممواب هممذا‬
‫‪375‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السؤال مستمد مممن وجهيممن أحممدهما تحقيممق معمماني ذلممك‬
‫وتممبيين وجمموه قواعممد تنبنممي عليهمما وجمموه معممانيه وذلممك‬
‫يستدعي الكلم من علوم غامضة جليلة هي أساس العلوم‬
‫ومستنار الفهوم قل مممن يصممل بممالتحقيق إليهمما وكممثير مممن‬
‫الناس لم يعرج عليها وما ذاك إل لعلوها عممن فهممم العممموم‬
‫وغموض معانيها على كثير من الفهوم كعلم قواعد معرفممة‬
‫إعجاز القرآن وعلممم أصممول الممدين وأصممول الفقمه ودقمائق‬
‫علمموم العربيممة واللغممة وأسممرارهما وعلممم البيممان والبممديع‬
‫والمعاني وتصرف اللسممان العربممي وسممعة ميممدانه والنظممر‬
‫في سرعة تصريف جواد البلغة عند إطلق عنانه في أنحاء‬
‫أنواع الكلم والتصرف في بدائع المعاني في التوصممل إلممى‬
‫الفهام ولكل عبد في مقدار فهمه ومبلغ علمه حممال ولكممل‬
‫مقام مقال‪ ،‬ولقد بلغني عن الشمميخ المممام عممز الممدين بممن‬
‫عبممد السمملم أنممه سممئل عممن مسممألة فممي نحممو ذلممك وكممان‬
‫بالسمكندرية فقمال ل أجيممب عمن هممذه المسمألة فمي همذه‬
‫البلدة‪ ،‬وما ذاك إل لدقة الجواب عن إفهام كثير من الناس‬
‫لنه إذا لطف الكلم في دقائق العلوم استصعب ذلك علممى‬
‫فهم من لممم يكممن ذا فهممم ثمماقب وذهممن صممحيح وممارسممة‬
‫لكثير من العلوم التي هممي أدوات لدراك غممامض المعمماني‪،‬‬
‫ولقد ذاكرت الشيخ المام شيخ وقته وإمام عصممره شمميخنا‬
‫الشيخ شمس الدين الجزري في مسألة من ذلك فقال لي‬
‫حضرت مع جماعممة مممن الفقهمماء فحمماولت أن أوصممل إلممى‬
‫أذهانهم معنى هذه المسألة فلم يمكممن لبعممد أذهممانهم عممن‬
‫إدراك ذلك‪ ،‬والصل الخر المعتمد عليه في بيان ذلك وهي‬
‫القواطع السمعية والنقول البينة الجلية التي تقرع السماع‬
‫ويرتفع عند وجودها النزاع وفممي ذلممك أعظممم كفايممة وأكممبر‬
‫حجة وأجل بيان وأوضح محجممة إذ النقممول الصممريحة يصممل‬
‫إلى فهم معناها وإدراك دللتها عموم الفهام ويشترك فممي‬
‫الوصول إلى العلم بها الخاص والعام وفي تقصمميها والنظممر‬
‫لما فيها ما هو جممواب عممن هممذا السممؤال وبيممان لمثممل هممذا‬
‫الحممال وذلممك نوعممان أحمدهما ذكممر ممما جمماء فممي ذلممك مممن‬
‫الحاديث والثممار وكلم الئمممة والعلممماء والخطبمماء والدبمماء‬
‫وما سممطره فممي ذلممك علممماء البيممان وأئمممة اللسممان قممول‪،‬‬
‫‪376‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والثاني ما ذكره العلماء أئمة الفتوى في ذلك حكممما وذلممك‬
‫أمر في ذلك كاف وجمواب فمي المسممألة شماف أممما النموع‬
‫الول فمن ذلك ما رواه مسمملم عممن علممى أن رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلة قممال وجهممت‬
‫وجهي للذي فطممر السممماوات والرض حنيفمما وممما أنمما مممن‬
‫المشركين إن صمملتي ونسممكي ومحيمماي ومممماتي للممه رب‬
‫العالمين ل شريك لممه وبممذلك أمممرت وأنمما مممن المسمملمين‪-‬‬
‫الحديث‪ ،‬هذا ظاهر في الدللممة علممى ذلممك لن التلوة إنممي‬
‫وجهت وجهي وأنا أول المسمملمين ففممي ذلممك أوضممح بيممان‬
‫وأشفي جواب لما ذكر‪ ،‬وقد نص على ذلك القاضي عيمماض‬
‫في شرح مسلم عند ذكره الحديث وقال وجه قوله من أنه‬
‫لم يرد تلوة الية بل الخبممار بممالعتراف بحالممة فنبممه بممذلك‬
‫على قواعد جليلة من أنه يجوز أن يراد بشيء مممن كلمممات‬
‫القرآن غير التلوة وقد نص على ذلك الئمممة مممن المالكيممة‬
‫والشافعية وعلم ذلك من قممولهم وأنممه إذا أريممد بممذلك غيممر‬
‫التلوة جاز أن يحذف شمميء منممه ويممزاد علممى سممياق قممول‬
‫قائله‪ ،‬ومن ذلك ما رواه البخاري في حديث هرقل فإن فيه‬
‫ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسمملم فممإذا فيممه‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل‬
‫عظيم الممروم سمملم علممى مممن اتبممع الهممدى أممما بعممد فممإني‬
‫أدعوك بدعاية السلم أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتيممن‬
‫فإن توليت فإنما عليك إثم الريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا‬
‫إلى كلمة‪ -‬إلى قوله بأنا مسلمون فذكر فيه سلم على من‬
‫اتبع الهدى والتلوة والسمملم وذكممر فيممه ويمما أهممل الكتمماب‪،‬‬
‫ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال كان أكممثر‬
‫دعاء النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم اللهممم آتنمما فممي الممدنيا‬
‫حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار والتلوة ربنا آتنا‪،‬‬
‫وقد سممماه أنممس دعمماءا ولممم يسمممه تلوة‪ ،‬وفممي البخمماري‬
‫حممديث ل تفضمملوا بيممن أنبيمماء اللممه فممإنه ينفممخ فممي الصممور‬
‫فيصعق من في السممماوات والرض إل مممن شمماء اللممه ثممم‬
‫ينفخ فيه أخرى فأكون أول مممن يبعممث ‪ -‬الحممديث‪ ،‬وحممديث‬
‫عبادة بن الصامت أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫وحوله عصابة من أصحابه بايعوني على أن ل تشركوا بالله‬
‫‪377‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شيئا ول تسرقوا ول تزنوا ول تقتلوا أولدكم ول تأتوا ببهتان‬
‫تفترونه بيممن أيممديكم وأرجلكممم ول تعصمموني فممي معممروف‪،‬‬
‫وحديث ابن عمر قدم النبي صلى الله عليه وسمملم فطمماف‬
‫بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصممفا‬
‫والمممروة وقممد كممان لكممم فممي رسممول اللممه أسمموة حسممنة‪،‬‬
‫وحديث البراء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صمملى‬
‫نحو بيت المقدس ستة عشر أو سممبعة عشممر شممهرا وكممان‬
‫يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله )قد نرى تقلب وجهك‬
‫في السماء( فتوجه نحو الكعبة )وقال السفهاء مممن النمماس‬
‫ما ولهم عن قبلتهممم الممتي كممانوا عليهمما قممل للممه المشممرق‬
‫والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم( ومن ذلممك‬
‫ما رواه الترمذي عن أبي هريممرة قممال‪ :‬قممال‪ :‬رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم "إذا خطب إليكممم مممن ترضممون دينممه‬
‫وخلقممه فزوجمموه إل تفعلمموا تكممن فتنممة فممي الرض وفسمماد‬
‫عريممض" ففممي ذلممك دللممة ظمماهرة علممى المعنييممن جميعمما‬
‫الحممذف حيممث حمذف الهمماء مممن تفعلمموه والزيممادة والقصممد‬
‫سياق كلم المتكلم إذا قصد غير التلوة‪ ،‬ومن ذلك ما روى‬
‫مالك في الموطأ عن يحيى بن سممعيد أنممه بلغممه أن رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كممان يممدعو فيقممول اللهممم فممالق‬
‫الصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا أقض‬
‫عني الدين واغثني من الفقر‪ ،‬وروى فممي كتمماب إلممى ملممك‬
‫فارس من محمد رسول الله إلممى كسممرى عظيممم فممارس‪-‬‬
‫إلى قوله فإني أنا رسول الله إلى النمماس كافممة لنممذر مممن‬
‫كان حيا ويحق القول على الكافرين‪ ،‬وروي فممي عهممد أبممي‬
‫بكر لعمر هذا ما عهد أبو بكر خليفممة رسممول اللممه‪ -‬إلممى أن‬
‫قال والخير أردت ولكل امرئ ممما اكتسممب وسمميعلم الممذين‬
‫ظلموا أي منقلب ينقلبون‪ ،‬وفي رسالة أبي بكر إلممى علممي‬
‫أيام توقفه عن البيعة فقال والله على ما نقول شهيد وبممما‬
‫نحن عليه بصير‪ ،‬وقال علي في جمموابه آخممر كلم لممه وإنممي‬
‫عائد إلى جماعتكم ومبايع صاحبكم‪ -‬إلى قوله ليقضي اللممه‬
‫أمرا كان مفعول وكان الله على كل شممهيدا‪ .‬ومممن رسممائل‬
‫القاضي الفاضل وقد ذكر الفرنج‪ :‬وغضبوا زادهم الله غضبا‬
‫وأوقدوا نارا للحرب جعلها الله لهم حطبا‪ ،‬ومن ذلممك قممول‬
‫‪378‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الفقيه المام الخطيب عبد الرحيم بن محمد بممن إسممماعيل‬
‫بن نباته في خطبه المشممهورة السممائرة شممرقا وغربمما قممال‬
‫في خطبة هنالك‪ :‬يرفع الحجاب ويوضع الكتاب ويجمع مممن‬
‫وجب له الثواب وحق عليه العذاب فيضرب بينهم بسور لممه‬
‫باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب‪ ،‬وقال في‬
‫خطبة أخرى ياله من نادم على تضييعه أسفا على المسيء‬
‫مممن صممنيعه حيممث عمماين رتممب الصممالحين وأبصممر منممازل‬
‫المفلحين الذين قدروا اللمه حمق قمدره وكمانوا تصممب نهيمه‬
‫وأمره ولم تلههم تجارة ول بيع عن ذكره‪ ،‬وقال في أخممرى‬
‫أل وأن الجهاد كنز وفر الله به أقسامكم وحرز طهر الله به‬
‫أجسامكم وعن أظهر الله فيه إسلمكم فممإن تنصممروا اللممه‬
‫ينصركم ويثبت أقدامكم فأحسنوا رحمكم اللممه الثقممة بمممن‬
‫لم يمزل بكممم بمرا لطيفمما وقماتلوا أوليماء الشميطان إن كيمد‬
‫الشيطان كان ضعيفا واغتنموا بمقارعة العدو وقرب الفرج‬
‫فإن الله اجتباكم وممما جعممل عليكممم فمي الممدين مممن حمرج‪،‬‬
‫وقممال فممي أخممرى وخرسممت اللسممن الفصمميحة عممن الكلم‬
‫وقضى بدار البوار لمن حرم دار السلم وعرف المجرمممون‬
‫بسيماهم فأخذوا بالنواصي والقدام‪ ،‬وكلمه في نحممو ذلممك‬
‫كثير في خطبه وكذلك غيره من الفصممحاء والعلممماء وأئمممة‬
‫اللسان‪ ،‬والستدلل على ذلممك بهممذه الخطممب ظمماهر جلممي‬
‫لنهمما اشممتهرت علممى رؤوس المنممابر وذكممرت فممي جمممع‬
‫المسمملمين وجممموعهم وتكممررت علممى أسممماع كممثير مممن‬
‫العلماء والئمة الكابر فالحتجاج بها علممى مثممل ذلممك جلممي‬
‫ظاهر‪ .‬وقال القاضممي المممام ناصممر الممدين بممن المنيممر فممي‬
‫خطبممه المشممهورة مممع اشممتهاره بممالعلوم الدينيممة والدبيممة‬
‫وتقدمه وتبحره في ذلك وسيادته فقممال فممي خطبممة‪ :‬كيممف‬
‫بك إذا جئت وأنت لجميع ما خلفت فاقد وجاءت كممل نفممس‬
‫معها سائق وشاهد‪ ،‬وقال في أخرى الحمد لله الذي يممدافع‬
‫عن الذين آمنوا ويكافئ بالحسنى والزيادة الممذين أحسممنوا‪،‬‬
‫وقال في أخرى بل هو الفمرد الصممد الواحمد الحمد يسممع‬
‫النجوى ويعلم السر وأخفى وهو تعالى أينما كنا معنا‪ ،‬وقال‬
‫في أخرى فا لله الله عباد الله شمممروا الممذيل فممإن السمميل‬
‫قد بلغ الزبى فحلوا الحبا وسلوا الظبا وأعممدوا لعممدوكم ممما‬
‫‪379‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبونهم به رهبا‪ ،‬قال‬
‫والستدلل بهذه الخطب على نحو ما تقدم في تلك وتزيممد‬
‫هممذه بوفممور علممم مممن نسممبت إليممه وتقممدمه فممي العلمموم‬
‫الشممرعية عليممه‪ .‬وإنممما ذكممرت هممذه مممن هممذين لشممهرتهما‬
‫وكثرة دور خطبهما بين الناس وكثرتهما وإل فكلم العلممماء‬
‫والفصحاء فممي هممذا المنهمماج متسممع وكممثير وسمملوك أربمماب‬
‫العلوم والداب في ذلك معلوم وشهير‪ ،‬وقال الحريري في‬
‫المقامة الثانيممة الحلوانيممة فلممم يممك إل كلمممح البصممر أو هممو‬
‫أقرب حتى أنشممد فممأغرب‪ ،‬وقممال فممي الخامسممة الكوفيممة‪:‬‬
‫فهل سمعتم يا أولي اللباب بأعجب من هذا العجاب فقلنمما‬
‫إل ومن عنده علم الكتاب‪ ،‬وقال فممي السادسممة لقممد جئتممم‬
‫شيئا إدا وجرتم عن القصد جدا‪ ،‬وقال فيها أيضا فممإن كنممت‬
‫صممدعت عممن وصممفك بمماليقين فممأت بآيممة إن كنممت مممن‬
‫الصادقين‪ ،‬وقال في السكندرية واصممبر علممى كيمد الزممان‬
‫وكده فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمممر مممن عنممده‪ ،‬وقممال‬
‫في الرجبية كل ساء ممما تتوهمممون ثممم كل سمموف تعلمممون‪،‬‬
‫وقال في الميافارقية‪:‬‬
‫ول سما يفتح مستصعب * مستغلق الباب منيعا مهيب‬
‫إل ونودي حين يسمو له * نصر من الله وفتح قريب‬
‫وقممال فممي البغداديممة فعاهممدني أن ل أفمموه بممما أعتمممد‬
‫مادمت حل بهذا البلد‪ ،‬وقال فممي الملطيممة فقممال افعممل لئل‬
‫يرتاب المبطلون ويظنوا بي الظنون‪ .‬ومثممل ذلممك ونظممائره‬
‫كثير جدا والقصد التنبيه على ما ذكر ليعلم الناظر أنممه أمممر‬
‫ظاهر مشهور معلوم والستشهاد بما في المقامات لكممثرة‬
‫دورها بين الناس واشتهارها واطلع علماء السلم على ممما‬
‫فيها وقراءتها وإقرائها وحفظها وشرحها والعتناء بها يوضح‬
‫صحة الستشهاد بما فيها على ممما ذكممر وهاأنمما أذكممر جملممة‬
‫دالة على صحة ذلمك مؤكمدة لمما نحمن بسمبيله ممما ذكمره‬
‫الئمة وعلماء البلغة وفرسان اللسان والذين يرجممع إليهممم‬
‫في مثل هذا الشأن ليعلم أن ذلك عنممدهم معلمموم السممبيل‬
‫علما جزما وأنه مشهور بينهم نثرا ونظما‪ :‬وأنشممد القاضممي‬
‫أبو بكمر البماقلني فمي ذلمك جملمة فمي كتماب العجماز لمه‬

‫‪380‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأنشد المام أبو بكممر الطرطوشممي فممي كتمماب الفمموائد لممه‬
‫قال أنشدني بعض البغداديين‪:‬‬
‫رحل الظاعنون عنك وأبقوا * في حواشي الحشا وجدا‬
‫مقيما‬
‫قد وجدنا السلم بردا سلما * إذ وجدنا النوى عذابا أليما‬
‫وأما علماء البيان في كتبهم فقد أكثروا من ذلك أنشدوا‬
‫للحماسيين‪:‬‬
‫إذا رمت عنها سلوة قال شافع * من الحب ميعاد السلو‬
‫المقابر‬
‫سيبقى لها في مضمر القلب والحشا * سريرة ود يوم‬
‫تبلى السرائر‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫ل تعاشر معشر أضلوا الهدى * فسواء أقبلوا أو أدبروا‬
‫بدت البغضاء من أفواههم * والذي يخفون منها أكبر‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫إن كنت أزمعت على هجرنا * من غير ما جرم فصبر جميل‬
‫وإن تبدلت بنا غيرنا * فحسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫خلة الغانيات خلة سوء * فاتقوا الله يا أولي اللباب‬
‫وإذا ما سألتموهن شيئا * فاسألوهن من وراء حجاب‬
‫قال ولول خشية التطويل لذكرت من ذلك جملة كممثيرة‬
‫لكن في التنبيه بما ذكر كفاية ولني أكره ذكر التضمين في‬
‫الشعر لكن المقصود العلم بأن ذلك مذكور مشهور‪ .‬وأممما‬
‫النمموع الثمماني مممن السممتدلل وهممو ممما ذكممره أئمممة الفتمموى‬
‫وعلماء الصول فقد نص القاضمي أبمو بكمر البماقلني أممام‬
‫هذا الفن والقدوة في هذا الباب في كتاب إعجاز القرآن له‬
‫على تضمممين كلمممات مممن القممرآن فممي نممثر الكلم ونظمممه‬
‫وذكر من ذلك جملة ولكن أشار إلى كراهممة التضمممين فممي‬
‫الشعر خاصة وذلك ظاهر لجلل كلمات تذكر فممي القممرآن‬
‫العظيم أن تساق في أوزان الشعر وجعل ذلك على سممبيل‬
‫الكراهة في الشعر خاصة دون المنع والتحريممم‪ ،‬والمكممروه‬
‫جائز القدام عليه عند علمماء الصمول وهمذا بخلف الكلم‪،‬‬
‫وكلم مثل هذا المام في مثل ذلك كاف وكممذلك ممما ذكممره‬
‫‪381‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القاضي عياض في شرح مسمملم كممما تقممدم‪ ،‬وذكممر المممام‬
‫محي الدين النووي في كتاب التبيان له فقال قال أصممحابنا‬
‫إذا قال النسان خذ الكتاب بقوة وقصد به غير القرآن فهممو‬
‫جائز قالوا ويجوز للجنب والحائض أن يقول عند المصيبة إنا‬
‫لله وإنا إليه راجعون إذا لممم يقصممدا القممرآن فممانظر صممريح‬
‫هذا النقل‪ ،‬وهذا إمام من المجتهدين في مممذهب الشممافعي‬
‫بل هو في هذا الزمان عمدة المذهب فممي نقلممه وتصممحيحه‬
‫وقممد صممرح بجممواز أن يقصممد غيممر القممرآن كممرر ذلممك فممي‬
‫مواضع‪ ،‬وكذلك ذكر إمام الحرمين وهممو قممدوة فمي العلمموم‬
‫الفقهية والصول الدينية‪ ،‬ولممو بسممط القممول فممي ذلممك نقل‬
‫وبحثا لتسع جدا‪ ،‬وقد نص على ذلممك الئمممة مممن المالكيممة‬
‫والشافعية ولم أر لحد من أئمة المذهبين في ذلممك خلفمما‪،‬‬
‫وأما علماء البيان وأئمة الفصاحة وأهل الجتهمماد فممي بممدائع‬
‫اللسان العربي وهم مممن أئمممة المسمملمين وعلمممائهم فقممد‬
‫أوضحوا القول في ذلك وسموه بالقتباس ولم يكتفمموا فممي‬
‫ذلك بحكممم الجممواز فقممط وإنممما جعلمموه مممن حسممن الكلم‬
‫وجيده ومعدودا فممي طبقممات الفصمماحة إذ هممو عنممدهم مممن‬
‫أنواع علم البديع فقد اجتمع على التصممريح بالمقصممود مممن‬
‫ذلك أئمة الفتوى وأئمة الفصماحة وهممو كممما تممرى أممر بيممن‬
‫معلوم واضح للمتأملين والمسألة ظاهرة جليممة وشممواهدها‬
‫من السنة وكلم السلف والخلف والعلماء والفصحاء كممثيرا‬
‫جدا‪ .‬ومما استشهدوا به علممى القتبمماس مممع تغييممر اللفممظ‬
‫المنقول قول بعض المغاربة‪:‬‬
‫قد كان ما خفت أن يكونا * إنا إلى الله راجعونا‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫يريد الجاهلون ليطفئوه * ويأبى الله إل أن يتمه‬
‫ومما استشهدوا به على القتباس من لفممظ الحممديث قممول‬
‫ابن عباد‪:‬‬
‫قال لي ان رقيبي * سيء الخلق فداره‬
‫قلت دعني وجهك الجنة * حفت بالمكاره‬
‫وهذا ل جائز أن يكون هو الحديث أصل بل هممو موافقممة‬
‫في ظاهر عبارة فقط والله تعممالى المسممدد والهممادي وهممو‬
‫حسممبنا ونعممم الوكيممل انتهممى جممواب الشمميخ داود الشمماذلي‬
‫‪382‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بلفظه‪ ،‬وهو أحد أئمة المالكية وأحد محققي الصمموفية أخممذ‬
‫التصوف عن الشيخ تاج الدين بن عطاء اللممه والعلمموم عممن‬
‫الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزري شارح منهاج‬
‫البيضاوي وعن غيره من المشايخ وله مؤلفات جيدة تممؤذن‬
‫بطول باع ورسوخ قدم وسعة اطلع رحمه الله ونفعنا به‪.‬‬

‫أسئلة واردة من التكرور في شوال سنة ثمان‬


‫وتسعين وثمانمائة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫هممذا كتمماب فيممه أسممئلة مممن الفقيممر العاصممي الحقيممر‬
‫المذنب المنكسر الراجي عفو ربه الكريممم الكممبير وسممميته‬
‫مطلب الجواب بفصل الخطاب‪ ،‬الحمد للممه الكامممل الممذات‬
‫الحممي القيمموم الزلممي الصممفات وصمملى اللممه علممى حممبيبه‬
‫المفضل على سائر المخلوقات وعلى آله وصحبه وأزواجممه‬
‫الطاهرات‪.‬‬
‫)فصل( رد الجواب على من علمه الله فرض كما قممال‬
‫الله لدم أنممبئهم بأسمممائهم كممما أن السممكوت علممى مممن ل‬
‫يعلم فممرض كممما قممالت الملئكممة ل علممم لنمما إل ممما علمتنمما‬
‫وكذلك أن نخضع لمن علمه الله ما لم يعلمه لمك كممما أممر‬
‫اللممه الملئكممة أن يسممجدوا لدم فسممجدوا وكممانوا عبممادا‬
‫مكرمين وأبى إبليس وقيل له وإن عليممك اللعنممة إلممى يمموم‬
‫الدين‪ ،‬والسؤال على من لم يعلم فممرض قممال اللممه تعممالى‬
‫فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون‪.‬‬
‫)فصل( نسأل عن قوم عادة ملوكهم أخذ الموال منهم‬
‫بعادة معروفة في زمن معروف وأكثره عند ظهور الثريا أو‬
‫الشتاء أو الصيف بأموال شتى منهمما ممما يخممرج مممن الرض‬
‫كممالمن ومنهمما ممما يخممرج مممن الممدوم حممتى حبالهمما ونعالهمما‬
‫وحصيرها ويفرض ذلك عليهم في كل سنة فالبلممد للملمموك‬
‫ومممن أراده منهممم فيجيممء عنممدهم فيعطيهممم شمميئا ثممم‬
‫يشترطون عليه شروطهم فيرضونهم فإن نقص شيء مممن‬
‫خراجهم أخذوه وعذبوه وأخرجوه وجعلموا فمي بلدهمم مممن‬
‫أرادوا‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فصل( ولهم عند قمموم بقممرات وشممياه ومممزاود طعممام‬
‫وغير ذلك من الخراج في كل زمممن معممروف فمممن أعطممى‬
‫وإل ضربوه أو نفوه‪.‬‬
‫)فصل( ويأتيهم سادات قوم وكممبراؤهم مممع جماعمماتهم‬
‫فيطلبون البلد فيقولون لهم إن كانت عادتنا علممى ممما هممي‬
‫عليه فأتوا بقبيلتكم فلتختر واحدا منكم يحكمون لهم بممذلك‬
‫ومرة يحكمون لمن يعطيهم أموال كثيرة أو يرجون منممه أو‬
‫يخافون شره‪.‬‬
‫)فصممل( ومنهممم مممن يخاصممم علممى الحممرار ويممدعوهم‬
‫بالعبيد فإن مات من ادعى عليه ذلك لم يقسموا بين ورثته‬
‫ثم يدعوهم من بقى باسم الرق وإن قلت لهم هؤلء أحرار‬
‫كادوا يقتلونك ويقولون هؤلء عبيد أتباع للسيف ومنهم من‬
‫يجعلهم كالخدم بالضرب والعذاب ومنهم من يسممخر منهممم‬
‫ويأخذ منهم الموال ول يضممرهم فممي أنفسممهم ومنهممم مممن‬
‫يبيعهم بالتنافس والتنازع ومنهم من يؤمر على قوم فيأخممذ‬
‫منه الخراج أكثر مما أخذ منممه الملمموك فممإن أبمموا نفمماهم أو‬
‫سلط عليهم الميممر أو وزراءه ومنهممم مممن يممؤمر علممى بلممد‬
‫فيتركه ويمشي إلى أحرار قبيلته حيث كانوا فيأخذ منهم ما‬
‫أراد حتى يكون القتال في ذلك‪.‬‬
‫)فصل( ومنهم من ل يورث فما تركه بعده لبناء إخمموته‬
‫وأهممل القمموة والجمماه ومنهممم مممن يكممون أميممرا علممى قمموم‬
‫فيعطي الملوك ماله ثم يجيء عندهم فيأخذ منهم أضممعاف‬
‫ذلك‪.‬‬
‫)فصممل( مممن بعممض أممموال الملمموك الخممراج علممى‬
‫المسلمين ومكس السممفار والسممواق علممى كممل مممن جمماء‬
‫بالخيل أو البممل أو البقممر أو الغنممم أو الرقيممق أو الثيمماب أو‬
‫الطعام وكذلك عند البممواب عنممد دخممول قمموم أو خروجهممم‬
‫ولو بحطب‪.‬‬
‫)فصممل( ومنهممم مممن بينممه وبيممن الكفممار المصمماحبة‬
‫والمراسلة فإن قتلوا المسلمين أو نهبوهم أو قطعوا عليهم‬
‫الطرق لم يبممالوا بممذلك إن أعطمموهم شمميئا ومنهممم مممن إذا‬
‫أغممرت علممى الكفممار وآذيتهممم آذاك أكممثر مممما آذيممت بممه‬
‫المشركين فيكون ذلك عونا للكفار وضعفا للمسلمين‪.‬‬
‫‪384‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فصممل( ومنهممم مممن اختممار الكفممار علممى المسمملمين‬
‫لسكون بلدهم أو ربح تجارته في أرضهم أو سممكون بعممض‬
‫أقاربهم أو بسبب من السباب من دنياهم ل يبالون بممأوامر‬
‫الله ونواهيه إل حيث كانت اللقمة بدا‪.‬‬
‫)فصل( منهم من لم يبال بالكتاب والسنة إل حيث كان‬
‫الدرهم والدينار معه وإل فل‪.‬‬
‫)فصل( منهم من ل يعطي المرأة صممداقها أصممل وكممان‬
‫ذلك عادة فليس لهن عند الرجال إل الذبيحة والنفقة‪.‬‬
‫)فصل( وعادتهم عممدم الحيمماء عنممد اجتممماعهم بالنسمماء‬
‫وخلمموتهم بهممن واللعممب بهممن وحممديثهن ورؤيتهممن وكشممف‬
‫زينتهن وأكثرهن للمزمار والعممود والغنمماء وضممرب الممدفوف‬
‫والزغاريت وآلت اللهو كلها ويعرضممن بأنفسممهن ويقلممن إن‬
‫الجن فينا وإن دواءنا بذلك وفيهن من يقلن إن مممن الخممدم‬
‫من يقتل وإن مسك مرضت وإذا جن الليل يطممرن ومعهممن‬
‫النار ويقتلن بذلك‪.‬‬
‫)فصممل( ومنهممم مممن يقاتممل فيممما بينهممم تكممبرا وتجممبرا‬
‫وتنافسا وينهممب بعضممهم بعضمما ويغيممر بعضممهم علممى بعممض‬
‫ومنهم من يمنع بلد الله إذا وكله المراء عليهم إل بالخراج‬
‫ويمنع الماء والفواكه والحشيش والكل وكممل ممما ينبممت فممي‬
‫الرض حتى يمنعون الطرق ويسدونها بالحجممارة والشممجار‬
‫حتى ل يقرب المسافرون بلدهم ويعذبون بهائم المسلمين‬
‫بآلت مممن العممذاب والضممرب وسممد الفممواه ويربطممون مممع‬
‫أذناب النعام الشوكة وماله أذى‪.‬‬
‫)فصل( منهم من ليممس لممه حرفممة إل الغنمماء والمزمممار‬
‫ومدح من أعطاه وذم عكسه ومنهم من ليس له حرفممة إل‬
‫أن يكون مممع المممراء والكممبراء فيأكممل معهممم ويعيممش فممي‬
‫أموالهم الحرام‪.‬‬
‫)فصل( منهم من حرفته أن يكون جالسمما حممتى يجيممء‬
‫أوان الطعام فيحضر ويسلم ويأكل‪.‬‬
‫)فصل( ومنهم من حرفته القمار والميسر وأمثال ذلك‪.‬‬
‫)فصل( منهم مممن حرفتممه أن ينكممح النسمماء المطلقممات‬
‫بالثلث فيحللهن لزواجهن‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فصل( ومنهم من حرفته أن يرمي عقله فيجعل نفسه‬
‫كالمجنون فيضحك الناس بممه ومنهممم مممن حرفتممه السممؤال‬
‫ومنهممم مممن حرفتممه أن يممتزوج النسمماء الكممثيرات الممموال‬
‫ويعيش في رزقهن ومنهم من حرفته السممرقة ومنهممم مممن‬
‫حرفته الختلس ومنهممم مممن حرفتممه أن يصمميد ومنهممم مممن‬
‫حرفتممه أن يكممون مممع المممراء فيقضممي للنمماس حمموائجهم‬
‫ويعيش هناك ومنهم من حرفته أن يعادي للنمماس أعممداءهم‬
‫ويحب لهم أحبتهم سواء كانوا على الحق أو الباطل‪.‬‬
‫)فصل( منهم من حرفته علم الحديث والقصص وأخبار‬
‫الدنيا والحكايات المضحكة بالحق أو الكذب‪.‬‬
‫)فصل( منهم ممن حرفتمه أن يكمون نمامما أو مغتابما أو‬
‫متجسسمما ومنهممم مممن حرفتممه معمماداة العلممماء والتقيمماء‬
‫والصالحين ومنهم من حرفته أن يكون رسممول بيممن النسمماء‬
‫والرجال كالديوث ومنهم من حرفته أن يخلط الماء بمماللبن‬
‫أو الشممحم مممع اللحممم الهزيممل أو دنيممء بجيممد ومنهممم مممن‬
‫حرفته أن ينمزل المسمافرين فمي مسمكنه فيخمدعهم بقمدر‬
‫طمماقته وقلممة عقممولهم ومنهممم مممن حرفتممه إلبمماس الحممق‬
‫بالباطل عند الموازين والمكاييل‪.‬‬
‫)فصل( عمموائد بعضممهم البخممل والجبممن وعممدم الرحمممة‬
‫للناس كافة وقطع الرحم ومنهم من عادته السخاء والكرم‬
‫والشممجاعة إل أن عنممدهم مممع ذلممك كممثرة الظلممم والفسمماد‬
‫والختلط بالنسمماء الجممانب ويحلفممون بالبمماء والمهممات‬
‫والنساء ويشهدون بالزور ولنسائهم مكان معممروف يخلممون‬
‫فيه بالرجال في يوم نكاح أو يوم عرس أو يمموم عيممد ولهممم‬
‫لهو يتضاربون فيه حتى يقع في ذلك شج وكسر سن أو يممد‬
‫أو رجل أو قتل‪ ،‬وعادة بعضهم بناء المساجد وتلوة القممرآن‬
‫والعلوم والمدائح والحج ومع ذلك يعبدون الصنام ويذبحون‬
‫لها ول تصوم نساؤهم ول يصمملين إل إذا كممبرن ول يممدخلون‬
‫مساجدهم إل ومع كل واحد منهم عصا‪ ،‬وعندهم طلسمات‬
‫للنكاح والممبيع والشممراء والرهممج والحممروب والمحبممة ووجممع‬
‫الرأس والضرس ويزعمون أنهم ملوك الدنيا وأبناء النبيمماء‬
‫ومنهم من يجحد البعث والحشر والنشر والحساب والثواب‬
‫والعقاب ويسجدون لملوكهم ويركعون لهم ومنهم مممن هممو‬
‫‪386‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسلم ويجعلون أموالهم دول بينهم يغير بعضهم على بعض‬
‫ويقتلونهم‪.‬‬
‫)فصل( منهم من عادته أن يجيممء إلممى قمموم فيسممألهم‬
‫إبلهم ليسافروا عليها فيحملوا عليها الطعام إلى بلممد الملممح‬
‫ويحملوا عليها الملممح إلممى بلد السممودان فيبيعونهمما بالثيمماب‬
‫والمتمماع ثممم يرجعممون إلممى بلدهممم فيجيئهممم أربمماب البممل‬
‫فيعطونهم من الثياب ممما شمماء اللممه فمممرة يرضممون ومممرة‬
‫يأبون حتى يسترضوهم وإل فيخاصمون ما شرط أحد علممى‬
‫أحد منهم ذرة‪.‬‬
‫)فصل( منهم من صمملته بممالتيمم أبممدا فل يتوضممأون إل‬
‫نادرا ول يغتسلون من الجنابة إل نادرا وتوحيدهم بالفم وما‬
‫يعرفون حقيقة التوحيد وزكاتهم يجلبون بها مصممالح دنيمماهم‬
‫أو يدفعون بها مضارهم وحجهم بممالموال المحرمممة ومنهممم‬
‫من عادته محبة العلماء والصلة على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم والعمال الصممالحة والصممدقة وإطعممام الطعممام‬
‫وقرى الضيف وغير ذلك من وجوه الخير ول يتركون ما هم‬
‫عليه من تكبر واسترقاق الحرار والمقاتلممة والظلممم وأكممل‬
‫الحرام ومنهم من عادته مصاحبة الكفمار ومؤاخماتهم وذكمر‬
‫أخبار المسلمين وعيوبهم لهم ومنهم من يعادي مممن عممادى‬
‫الكفار‪.‬‬
‫)فصل( ومن فقهائهم من عممادته تمرك القمرآن والسممنة‬
‫وأخذ الرسالة والمدونة الصغرى وابممن الجلب والطليطلممي‬
‫وابن الحاجب حتى عادوا من يفسر القممرآن ويقولممون قممال‬
‫أبو بكر الصديق إن كذبت على ربي أي أرض تحملنممي وإذا‬
‫سمعوا آية تتلى لتفسير نفروا عنها نفرة الحمر الوحشية‪.‬‬
‫)فصل( منهم من ل يفممارق المممراء طرفممة عيممن يأكممل‬
‫معهم ويشممرب ويأخممذ مممن أممموالهم المحرمممة ومنهممم مممن‬
‫يحلل ذلك للملوك ومن تبعهم ومنهم مممن سممكت لممم يممأمر‬
‫ولم ينه ومنهم من نهى فعادوه فخاف فسكت ومنهممم مممن‬
‫يأخذ الزكاة ول يستحقها ومنهم من حرفته أن يشممترط مممع‬
‫الناس أن يصلي بهم ويقرئ صبيانهم ويرى عنممدهم المنكممر‬
‫العظيم ويسكت وإن تكلم قالوا له اسكت فقممد ذكممرت ممما‬
‫عليممك فخممذ شممرطك ومالممك ول تممزر وازرة وزر أخممرى‬
‫‪387‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فيسكت ومنهم من إذا وعظت الناس قممالوا لممك أممما نحممن‬
‫فقهاء مثلممك فنحممن قممد رأينمما ذلممك وسممكتنا عنممه هممذا آخممر‬
‫الزمان نهى المنكر فيه منكممر يمما أيهمما الممذين آمنمموا عليكممم‬
‫أنفسكم ل يضركم من ضل إذا اهتممديتم وتقممول لممه العامممة‬
‫أما رأيت فلنا هو أعلم منك وأتقى وأعز وأشرف وقد ترك‬
‫ذلممك وهممو يممراه ويقممدر علممى قطعممه فيسممكتوك بممذلك وإل‬
‫جعلوك شر خلق الله وأجهل الناس واسممفه النمماس ومنهممم‬
‫من تعظه من العلممماء فيطيعممك ويصممدقك فممإذا خممرج مممن‬
‫عندك يكذبك ويذكر للعامة دلئلممه علممى تكممذيبك وتصممديقه‬
‫ومنهم من إذا وعظت العامة وقبلت وتابت خل بهم فنقممض‬
‫عنهم ذلك حتى تعود العامة على ما كانت عليه‪.‬‬
‫)فصل( منهم من يأخذ العشر عند الميممراث فل يقسممم‬
‫لحد إل إذا أخذ عشممرة ومنهممم مممن اكتسممابه بالطلسمممات‬
‫والرقى لباب المحبة والنكاح والوجه عند العامممة والخاصممة‬
‫ومن غضبوا عليه يفعلون بمه مما قمدروا مممن مكمائد السموء‬
‫فمرة يوافق فعلهم بالقدر ويقولون هذا فعلنا‪.‬‬
‫)فصل( منهم من يشتري القضاء بماله ويأخممذ الرشمموة‬
‫والسحت ويحكم بما يريد ومنهم من يممؤمره الملمموك علممى‬
‫قوم فيأخذ زكاتهم ول يقسمها بين من يستحقها‪.‬‬
‫)فصممل( منهممم مممن يقممرأ بالشممواذ ويممترك القممراءات‬
‫المشهورة‪.‬‬
‫)فصل( ومنهم اللد الخصم في كل شيء‪.‬‬
‫)فصممل( ومنهممم مممن ليممس لممه عمممل إل تلوة القممرآن‬
‫والحديث والعبادة ولزوم الخلوة وقراءة الرسالة والشهاب‬
‫وأمثال ذلك‪.‬‬
‫)فصممل( منهممم مممن يكممون عنممد الجهممال يأكممل معهممم‬
‫ويشرب ويكون أمامهم‪.‬‬
‫)فصل( منهم من يقول ويعتقد أن بعض الناس يقتلممون‬
‫بعضا بمس أو مقاربة ويزعمون أنهم يمرضونهم >ص وإن‬
‫أعطوهم ممما أرادوا داووهممم ومنهممم مممن يعتقممد أن الجممرب‬
‫والجممذام والممبرص والزكممام وسممائر المممراض تعممدى وإذا‬
‫نكحت امرأة ومات عنممدها ثلثممة مممن الزواج تشمماءموا بهمما‬
‫وكذلك الدار والخيل ومنهم من يزعممم أن بعممض الطيممور أو‬
‫‪388‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السباع أنحس من بعض ومنهم من إذا رميته بمشط يقممول‬
‫لك ل فإنه يأتي بطلق ويقولون في اليام بعضممها منحمموس‬
‫وبعضها مسعود ويذمون الحجامة في بعممض اليممام وشممرب‬
‫الدواء ومشى المسافرين والنكاح فيها وكممذلك بعممض البلد‬
‫والمياه والمراعي يزعمون أن بعضها أعكس من بعض‪.‬‬
‫)فصل( منهم من يزعم أنممه عممارف إذا كرهممت البهيمممة‬
‫أولدها ويعممرف أسممباب ذلممك ويقممول للنمماس تعممالوا عنممدي‬
‫كلكم فيأتونه فيكيل بذراعه أرجلهم ثم يبقممى بعممد ذلممك ممما‬
‫مسح بيديه أرجلهم ويعزم بشيء في نفسه ويزعم أن ذلك‬
‫قراءة ثم يكيلهممم ثانيممة فيزيممد المممر علممى ممما هممو عليممه أو‬
‫ينقممص فيأخممذ ذلممك فيأخممذون مممن أشممعار رأسممه أو لحيتممه‬
‫فيبخرونه على تلك البهيمة فيوافق مرة ومرة ل‪.‬‬
‫)فصل( منهم من إذا سرق ماله وأخذ المتهمين فيوقممد‬
‫نارا ويقيد المتهمين بشيء قصير ويممأمرهم بالمشممي عليهمما‬
‫فيمرون عليها فالذي يسرق تارة تحرقه والذي لم يسرق ل‬
‫تحرقه ول تمسممه ومنهممم مممن يأخممذ المتهممم ويأخممذ المممراة‬
‫ويعلقهمما علممى خيممط ويأخممذ الخيممط ويمدلي المممراة ويجعممل‬
‫خطين في الرض ويجعل الرماد على خط واحد من الرض‬
‫ويترك الخر ويدليها علممى وسممط الخطيممن ويقممرؤن سممورة‬
‫يس على ذلممك فممإن تحركممت المممراة وجممرت علممى طريممق‬
‫الرماد ثبتت السرقة عليه وإل فل‪.‬‬
‫)فصل( منهم من يقرئ الصبيان فإذا ختم واحممد أو بلممغ‬
‫النصف أو الثلث حملوه على درقممة مممن فمموق رؤوسممهم أو‬
‫على فرس أو جمل ويجتمع عليه القراء ويطوفون به البلممد‬
‫كله يقرؤون عليه آيات الرجمماء ومممدائح رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم فيعطيهم الناس طعاما وشرابا وغنما وثيابا‬
‫فيتركونه للفقيه‪.‬‬
‫)فصل( ومنهم من يمشي بين العوام ويناجي كممل مممن‬
‫يلقاه إل أريك رقية العين والنكمماح ودخلممة القلمموب والمموجه‬
‫عند السلطين وأمثال ذلك‪.‬‬
‫)فصل( ومنهم من ل يزوجون ال صاحب نسب وحسب‬
‫ومال كثير ول يزوجون الفقير ولو كان عالما صالحا تقيا‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فصل( ومنهم قوم ل يعدون الطلق فليس لممه عنممدهم‬
‫حد ومنهم من يعد الطلق فإذا وصلوا ثلثا أعطى شمميئا ثممم‬
‫يعيدها بغير محلممل ومنهممم مممن ل يعتممد المممرأة فتنكممح مممن‬
‫أرادت في العدة ومنهم من يشتري للمتي طلقهمما ثلثما ممن‬
‫يحللها أو تشتريه هي بنفسها أو أحد من أهلها‪.‬‬
‫)فصل( منهممم ملمموك ل يقيمممون القصمماص أصممل وإنممما‬
‫يأخذون المال ويقسمونه بين من ل يستحقه شرعا‪.‬‬
‫)فصل( منهم من يدعي أنه شممريف ليكممرم ول شممهادة‬
‫له في ذلك ومنهممم مممن يممدعى أنممه عممالم أو ولممي أو عابممد‬
‫ليستخدم وليس كممذلك ومنهممم مممن إذا قصممده المسمملمون‬
‫بقتل أو أخذ مال أو نحوه يقاتل حممتى يقتممل أو يقتممل وفممي‬
‫نيته من قتل دون ماله فهو شهيد ومنهم مممن يممأتي القتممال‬
‫حتى يقتل بغير حركة منه وفي نيته إني أريد أن تبوء بإثمي‬
‫وإثمك فتكون من أصحاب النار كما فعل هابيل ثممم عثمممان‬
‫أيهما أعلى من الخر‪.‬‬
‫)فصل( هل يجب على المممر بممالمعروف والنمماهي عممن‬
‫المنكر القتال في ذلك بقدر طاقته‪.‬‬
‫)فصل( فقيه رأى منكرا فعلم أنه ل يقبممل النمماس نهيممه‬
‫ول أمره يسممقط ذلممك عنممه المممر بممالمعروف والنهممي عممن‬
‫المنكر‪.‬‬
‫)فصل( ما قلتم فيمن أمممر بمعممروف ونهممى عممن منكممر‬
‫وقصد به رياء وسمعة‪.‬‬
‫)فصل( ما قلتم فيمن أمممر بمعممروف ونهممى عممن منكممر‬
‫وخوفوه فسكت خوفا وفيمن أمر بمعروف ونهى عن منكر‬
‫ثممم سممكت عجممزا عممن سمموء مقممالت النمماس لممه والضممرر‬
‫والتعب‪.‬‬
‫)فصل( ما قلتم في رجليممن أمممرا بمعممروف ونهيمما عممن‬
‫منكر حتى رأيما أممرا عظيمما فيمه هلك النفموس والمموال‬
‫فتركه واحد منهما ولم يقاتل عليه وقاتل عليممه الخممر حممتى‬
‫قتل وقتل أيهما أعلى من الخر‪.‬‬
‫)فصل( ما قلتم في رجلين أحدهما يخالط أمراء السوء‬
‫فيشفع للمسلمين لممديهم وينفعهممم والخممر اعممتزلهم أيهممما‬
‫أعلى‪.‬‬
‫‪390‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فصل( في بلدنا كتب يذكرون عن رسممول اللممه صمملى‬
‫اللممه عليممه وسمملم أقاويممل ليسممت فممي الموطممأ ول فممي‬
‫الصحيحين وليس عندنا من يعلم ذلك فما يفعل فيها‪.‬‬
‫)فصل( هل يتمثل الشيطان بأمر من أمور الله ككتممابه‬
‫وملئكته ورسله وأوليائه أم ل‪.‬‬
‫)فصل( هل يجوز مممدح النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بالكلم العجمي أم ل‪.‬‬
‫)فصل( هل يدخل أحد الجنممة بمحبممة النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم وهو عاص وتارك بعض الفرائض‪.‬‬
‫)فصل( رجل يعظ الرجال فقال له النساء عظنا معهممم‬
‫فجعل بيممن الرجممال والنسمماء سممترا ل يممرى أحممد الفريقيممن‬
‫الخر يجوز له ذلك أم ل‪.‬‬
‫)فصل( أيجوز لنا أن نقممرئ نسمماءنا سممورة النممور حممتى‬
‫يحفظنها ويفسرنها أم ل‪.‬‬
‫)فصل( أيجوز لمسلم إن حضر القتال بيممن المسمملمين‬
‫والكفار أن يرمي نفسه في الغرر لحب الشهادة‪.‬‬
‫)فصل( أيجب القتال على أمراء المسلمين بأنفسهم أو‬
‫ليس عليهم إل تجهيز المور وصلحها وهل يجوز للميممر أن‬
‫يرمي نفسه على أشد إلباس من الكفار وهممو إذا مممات لممم‬
‫يجتمع المسلمون بعده لقتممال ول يجتمعممون علممى غيممره إل‬
‫بعد مدة طويلة‪.‬‬
‫)فصل( هل تقبل هدية الكفممار وتجمموز صممحبتهم وليممس‬
‫عليهم جزية‪.‬‬
‫)فصل( وتبين لي أممر هيئة السمماوات والرض بمدلئل‬
‫القرآن والحديث‪ ،‬وعرض بلدنا وطولها‪ ،‬وبلغني أنممك ألفممت‬
‫شيئا في حروف التهجممي فل يليممق بكرمممك أن تكتمممه عنمما‪،‬‬
‫وأنا أحبك في الله وإني لمشتاق إلى لقائك غايممة‪ .‬واسمممي‬
‫محمد بن محمد بن علي اللمتمموني فل تنسممني فممي دعممائك‬
‫والسلم‪.‬‬

‫فتح المطلب المبرور وبرد الكبد المحرور في‬


‫الجواب‬
‫عن السئلة الواردة من التكرور‬
‫‪391‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫من الفقير عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بممن ابممي‬
‫بكر بن عثمان بن محمد بن خضر ابن أيوب بن محمممد بممن‬
‫همام الخضيري السيوطي الشافعي إلى حممبيبه وأخيممه فممي‬
‫الله الشيخ العالم الصالح شمس الدين محمد بن محمد بن‬
‫علي اللمتوني أعزه الله تعالى في الدارين وأزال عن قلبه‬
‫كل ريممن سمملم عليممك ورحمممة اللممه وبركمماته وعلممى ولممدك‬
‫وأهلك ومن يلوذ بك‪ .‬أما بعد فإني أحمد الله إليممك الممذي ل‬
‫إله إل هو وأصلي وأسلم على نبيه محمد صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬ثم إنه قد وردت على أسئلتك المفيدة التي سممميتها‬
‫مطلب الجواب‪.‬‬
‫وهذه أجوبتها سميتها )فتح المطلب المبرور وبرد الكبد‬
‫المحرور في الجممواب عممن السممئلة الممواردة مممن التكممرور(‬
‫فاعلم أن جميع ما سألت عنه في هذه الفصممول مممن فعممل‬
‫الملمموك والرعيممة للشممياء الممتي وصممفتها كلهمما مذمومممة‬
‫ومحرمة شرعا إل ما استثنيته لك وبعضه أشد في الحرمممة‬
‫من بعض وبعضها مقتض للكفممر وهممو مما ذكمرت عمن قموم‬
‫أنهم يذبحون للصنام ويعبدونها وقوم أنهم يجحدون البعممث‬
‫والحساب والثواب والعقاب وقوم أنهم يسجدون لملمموكهم‬
‫فهممذا كلممه كفممر‪ ،‬والبمماقي محممرم ل يقتضممي الكفممر إل ممما‬
‫يستثني والقدر المستثنى من التحريم من حرفته أن يكممون‬
‫جالسا حتى يجيء أوان الطعام فيحضر ويسلم ويأكل ومن‬
‫حرفته أن ينكح المطلقات الثلث فيحللهن لزواجهن حيممث‬
‫لم يصممرح بممذلك لفظمما فممي العقممد ومممن حرفتممه أن يجعممل‬
‫نفسه كالمجنون يضحك الناس ومن حرفتممه السممؤال ومممن‬
‫حرفته نكاح النساء الكثيرات الموال ويعيممش فممي رزقهممن‬
‫ومممن حرفتممه الصمميد ومممن حرفتممه أن يكممون مممع المممراء‬
‫فيقضممي للنمماس حمموائجهم ويرتممزق بممذلك ومممن حرفتممه‬
‫التحديث والقصص ورواية الخبار الحق بخلف الكذب ومن‬
‫يأخمذ إبمل قموم للسمفر ثمم إذا رجمع أرضماهم بشميء ولمم‬
‫يشترط في أول المر شيئا ومن يكون عند الجهممال يممؤمهم‬
‫ويأكل معهم ويشرب ومن يقرئ الصممبيان فممإذا ختممم واحممد‬
‫دار به البلممد فيعطممي عليممه ممما يعطممي ومممن يكتممب للنمماس‬
‫‪392‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرقممى إذا لممم يكممن فيهمما مممذموم شممرعا ومممن ل يممزوج إل‬
‫صمماحب نسممب وحسممب ومممال فكممل هممذه الصممور ليسممت‬
‫بمحرمة لكمن بعضمها مكمروه كراهمة تنزيمه وبعضمها مبماح‪.‬‬
‫وبقي من السئلة ما يذكر جوابه فمنها من سكت عن إنكار‬
‫المنكر لخوف فل شيء عليه وكممذا إذا أنكممر وقممالوا لممه قممد‬
‫بلغت فاسكت فسمكت ل لموم عليمه إل أن يكمون ممن ولة‬
‫المور أوله شوكة يقدر بها على إزالته باليد‪ ،‬ومنها من يقرأ‬
‫بالشواذ وذلك حرام بالجماع‪ ،‬ومنها اللد الخصممم فممي كممل‬
‫شيء وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال )أبغض الرجال إلى الله اللد الخصممم(‬
‫أخرجه البخاري وغيره‪ ،‬ومنها مممن ليممس لممه عمممل إل تلوة‬
‫القرآن والحديث والعبادة ولممزوم الخلمموة وقممراءة الرسممالة‬
‫والشهاب وأمثال ذلك وهذا من الخصممال الحميممدة الحسممنة‬
‫تقبل الله منه‪ ،‬ومنها من يعتقد أن بعض الناس يقتل بمممس‬
‫أو مقاربة أو يمرض وهذا اعتقاد فاسد فإن كان ذلك بسحر‬
‫أثم فاعله أو كفر‪ ،‬ومنها من يعتقد أن المراض تعممدي وهممو‬
‫اعتقاد فاسد قال صلى اللممه عليممه وسمملم ل عممدوى‪ ،‬ومنهمما‬
‫التشاؤم بالمرأة والدار والفرس وقد ورد في ذلك الحممديث‬
‫في الصحيح واختلف العلماء هل ذلك على ظاهره أو مؤول‬
‫والمختار أنه علمى ظماهره وهمو ظمماهر قممول مالمك‪ ،‬ومنهما‬
‫التشاؤم ببعض الطيور أو السباع أو بالمشممط أو باليممام ول‬
‫أصل لذلك‪ ،‬ومنها ذم الحجامة في بعض اليام وهممو صممحيح‬
‫نهى رسول الله صلى الله عليه وسمملم عممن الحجامممة يمموم‬
‫الجمعة ويوم السبت ويمموم الحممد ويمموم الربعمماء رواه ابممن‬
‫ماجه والحاكم من حديث ابن عمر وروى أبو داود عممن أبممي‬
‫بكرة أنه كان ينهي عن الحجامممة يمموم الثلثمماء ويزعممم عممن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوم الثلثاء يوم الممدم‬
‫وفيه ساعة ل يرقى‪ ،‬وروى البزار والحاكم عن أبممي هريممرة‬
‫عن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال مممن احتجممم يمموم‬
‫الربعاء أو يوم السبت فأصابه وضممح فل يلممومن إل نفسممه‪،‬‬
‫وروى أبو يعلى في مسنده عن الحسين ابن علي قال قال‬
‫رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم إن فممي يمموم الجمعممة‬
‫لساعة ل يحتجم فيها أحممد إل مممات وصممح المممر بالحجامممة‬
‫‪393‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يوم الخميس ويوم الثنين في حممديث رواه الحمماكم وغيممره‬
‫ومنها ذم السفر والنكاح في بعض اليام وهممو صممحيح أيضمما‬
‫ثبت عن علي رضي الله عنممه انممه كممان يكممره أن يممتزوج أو‬
‫يسمافر فمي محماق الشمهر وإذا كمان القممر فمي العقمرب‪،‬‬
‫ومنها ذم شرب الدواء في بعض اليام ولم أقف فيممه علممى‬
‫حممديث ول أثممر‪ .‬ومنهمما ذم بعممض البلد والميمماه والمراعممي‬
‫وذلك خاص بما حلت به عقوبة من اللممه كممما ورد الحممديث‬
‫بذلك في بابل والحجر وآبممار ثمممود ونحوهمما‪ .‬ومنهمما مسممألة‬
‫المتكلم على البهيمة والمتهم بالسرقة وهذا شيء ل أصممل‬
‫له‪ .‬ومنها مممن قصممد بقتممل أو أخممذ مممال فقاتممل وآخممر أبممى‬
‫القتال حتى قتل بغير حركة أيهما أعلى‪ ،‬والجواب الذي أبى‬
‫القتال أعلى وأفضل من الذي قاتل وفيه ورد الحممديث كممن‬
‫عبد الله المقتول ول تكن عبد الله القاتل‪ .‬ومنها هل يجممب‬
‫على المر بالمعروف والناهي عن المنكر القتال في ذلممك‪،‬‬
‫والجممواب ل‪ .‬ومنهمما مممن رأى منكممرا وعلممم أن النمماس ل‬
‫يقبلون نهيه وأمره أيسممقط عنممه المممر بممالمعروف والنهممي‬
‫عن المنكر‪ ،‬والجواب ل يسقط بممل يممأمر وينهممي فممإن قبممل‬
‫قبممل وإن رد رد‪ .‬ومنهمما مممن أمممر ونهممى وقصممد بممه ريمماء‬
‫وسمعة‪ ،‬والجواب أنممه مممذموم آثممم فشممرط ذلممك الخلص‬
‫لوجه الله تعالى‪ .‬ومنها من أمر ونهى ثم سممكت لخمموف أو‬
‫عجز عن سوء مقالت الناس له أو ضرر أو تعب‪ ،‬والجواب‬
‫هو معذور‪ .‬ومنها رجلن أمرا ونهيا ثم قاتل واحد وترك آخر‬
‫القتال أيهما أعلى‪ ،‬والجواب أن الممذي تممرك أعلممى وأفضممل‬
‫فليس سل السيف في أمة محمد صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بالهين‪ .‬ومنها رجلن أحدهما يخممالط أمممراء السمموء فيشممفع‬
‫للمسملمين لمديهم وينفعهمم والخمر اعمتزلهم أيهمما أعلمى‪،‬‬
‫والجواب أن الول أعلى إن أمن على نفسممه الفتتممان بهممم‬
‫والدخول في أهوائهم والثاني أعلى لمن خشي على نفسه‬
‫ذلك‪ .‬ومنها سألت عن كتب فيها أحاديث عممن رسممول اللممه‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم ليسممت فممي الموطممأ ول فممي‬
‫الصممحيحين وليممس عنممدكم مممن يعلممم ذلممك فممما تفعلممون‪،‬‬
‫والجواب ل تممرووا منهمما إل ممما ثبممت وروده وإل فقفمموا عممن‬
‫روايتها حتى تكتبوا بها إلى وأنممبئكم بأمرهمما وإذا علمتممم أن‬
‫‪394‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحممديث فممي سممائر الكتممب السممتة أو مسممند المممام أحمممد‬
‫فممارووه مطمئنيممن وكممذلك ممما كممان مممذكورا فممي تصممانيف‬
‫الشيخ محممي الممدين النممووي أو المنممذري صمماحب الممترغيب‬
‫والترهيب فممارووه مطمئنيممن‪ .‬ومنهمما هممل يتمثممل الشمميطان‬
‫بأمر من أمور الله ككتابه وملئكتممه ورسممله‪ ،‬والجممواب قممد‬
‫ورد الحديث أن الشيطان ل يتمثل بالنبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم ول بالكعبة‪ .‬ومنها هل يجمموز مممدح النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم بالعجمى‪ ،‬والجواب نعم‪ .‬ومنها هل يممدخل أحممد‬
‫الجنة بمحبته صلى الله عليه وسملم وهمو عماص‪ ،‬والجمواب‬
‫نعم‪ .‬ومنها رجل يعظ الرجال والنساء وبين الفريقيممن سممتر‬
‫ل يتراءيان أيجوز‪ ،‬والجممواب نعممم‪ .‬ومنهمما هممل يجمموز إقممراء‬
‫النسمماء سممورة النممور‪ ،‬والجممواب نعممم روى الحمماكم فممي‬
‫المستدرك وصححه والبيهقي في شعب اليمان عن عائشة‬
‫قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪" :‬ل تنزلمموهن‬
‫الغرف ول تعلمونهن الكتابة يعني النساء وعلممموهن الغممزل‬
‫وسورة النور"‪ ،‬ومنها أيجمموز لمسمملم فممي قتممال الكفممار أن‬
‫يرمي نفسه في الغرر لحب الشهادة‪ ،‬والجواب نعم ويجوز‬
‫ذلك للميممر الممذي سممألت عنممه‪ .‬ومنهمما أيجممب القتممال علممى‬
‫المراء بأنفسهم أو ليس عليهم إل تجهيز المممور وصمملحها‪،‬‬
‫والجواب ليس عليهم إل تجهيز المور وصلحها‪ .‬ومنهمما هممل‬
‫تقبل هدية الكفممار وتجموز صمحبتهم‪ ،‬والجممواب نعممم‪ .‬ومنهمما‬
‫سممألت أن بيممن لممك أمممر هيئة السممماوات والرض بممدلئل‬
‫القرآن والحديث‪ ،‬والجممواب إن لممي فممي ذلممك تأليفمما كممامل‬
‫يسمى الهيئة السنية في الهيئة السنية وسأرسل لكممم منممه‬
‫نسخة‪ .‬وسألت عن الرسالة التي لي فممي حممروف التهجممي‬
‫وسأرسل لكم منها نسخة أيضا‪ .‬وإني أحبممك فممي اللممه كممما‬
‫أحببتني ونرجو من فضل الله أن يجمعنا في اللممه مممن غيممر‬
‫عذاب يسبق‪ ،‬ول تنسني من دعائك والسلم عليك ورحمممة‬
‫الله بركاته‪.‬‬

‫سم الله الرحمن الرحيم‬


‫الفتاوى الصولية الفقهية‬

‫‪395‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬وقعت في الدرس ‪ -‬قممال الشمميخ جلل الممدين‬
‫المحلي في شممرح جمممع الجوامممع‪ :‬وإثممم القاتممل الممذي هممو‬
‫مجمع عليه ليثاره نفسه بالبقاء علممى مكممافئه الممذي خيممره‬
‫بينهما المكره بقمموله اقتممل هممذا وإل قتلتممك‪ ،‬أقممول‪ :‬أشممكل‬
‫إعراب الذي وعائده فإن الممكن فيه أمور مع القطممع بممأن‬
‫الهاء في خيممره عمائدة علممى القاتمل وفاعمل خيممر المكممره‪:‬‬
‫أحدها أن يجعممل الممذي صممفة لمكممافئ ويشممكل عليممه عممود‬
‫ضميره بينهممما وهممو مثنممى علممى الممذي وهممو مفممرد والعممائد‬
‫يشممترط فيممه المطابقممة‪ ،‬الثمماني أن يجعممل صممفة لنفسممه‬
‫ومكافئه إما على أنها صفة سببية ل يشترط فيها المطابقة‬
‫كقولك مررت بالرجلين الضارب أبوهما عمرا أو هممو فاسممد‬
‫لختلف إعرابهما فإن نفسه منصوب ومكافئه مجرور ولن‬
‫الفراد في المثال المذكور لسناد الوصف إلى الظمماهر ول‬
‫إسناد في الذي وإنما ربطه مممررت بممالرجلين الممذي ضممرب‬
‫أبوهما عمرا‪ ،‬الثممالث أن يجعممل صممفة لهممما علممى أن الممذي‬
‫أريد به الجنس والذي إذا أريد به الجنس جاز إطلقممه علممى‬
‫المثنى والجمممع علمى حمد قموله كمثمل الممذي اسممتوقد نممارا‬
‫وخضممتم كالممذي خاضمموا فحصمملت المطابقممة‪ ،‬وأممما اختلف‬
‫العراب فيوجب جعل الممذي نعتمما مقطوعمما علممى الرفممع أو‬
‫النصب ول يخممل بممالتركيب‪ ،‬الرابممع أن يجعممل صممفة للبقمماء‬
‫والبقمماء معممرف بلم الجنممس صممادق بالواحممد فممأكثر فجمماء‬
‫الموصول مراعاة للفظ والضمير مراعمماة لمعنمماه كممما هممو‬
‫المعهود في مثل ذلك وهذا أمثل الوجه وأقربهمما‪ ،‬الخممامس‬
‫أن يجعممل صممفة ليثمماره كممذلك‪ ،‬السممادس أن يجعممل صممفة‬
‫للقاتل فالعائد الهاء في خيره وهذا أسهل الوجه لكنه بعيممد‬
‫معنى وأعرابا أيضا لما فيه من الفصممل الكممثير بيممن الصممفة‬
‫والموصوف‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل سبب النزول يخص المنممزول فيممه بلفظممه‬
‫وحكمه أم يعمه وغيره‪ ،‬وإذا ورد السبب خاصا فهممل يكممون‬
‫التخصيص من السبب أم من النص وإذا لم يكن من النممص‬
‫فهل يقضي على النص أم ل وهل السبب ناشئ عن النممص‬
‫أم من أهل التأويل وهل التأويل ناشئ عن النص أم ل؟‬

‫‪396‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬أما كون سبب النزول هل يخص المنزول فيه‬
‫أم ل ‪ -‬فهذه مسألة خلف بين أهل الصول منهم من يقول‬
‫إنممه يخممص المنممزول فيممه فل يعممم غيممره والصممح وهممو رأى‬
‫الكثرين أنه ل يخصه بل يعممم غيممره ولكممن صممورة السممبب‬
‫قطعية الدخول ل يجوز إخراجهمما منممه‪ ،‬وأممما قمموله وإذا ورد‬
‫السبب خاصا فهممل يكممون التخصمميص مممن السممبب أن مممن‬
‫النممص ‪ -‬فهممذا إنممما يجيممء علممى قولنمما بممأن السممبب يخممص‬
‫المنزول فيه ونحن قد بينمما أن الصممح خلفممه وعلممى تقممدير‬
‫القول به فالتخصيص من السبب للنص العام اللفممظ فقممط‬
‫عده أهل الصممول مممن المخصصممات للعممموم علممى القممول‬
‫بتخصيصه وذلك لن سبب النزول إنمما يقبمل إذا ورد بسمند‬
‫صحيح متصل فهو في حكم الحممديث المرفمموع‪ ،‬ومممن يممرى‬
‫جواز تخصيص الكتاب بالسنة وهم الجمهور ل يستنكر ذلك‪،‬‬
‫وقوله وإذا لم يكن من النص فهل يقضي على النممص ‪ -‬قممد‬
‫علم جوابه وهممو أن سممبب النممزول نممص أيضمما فممإنه حممديث‬
‫والحديث يقضى على القرآن‪ -‬أخرج سعيد بن منصممور فممي‬
‫سممننه عممن يحيممى بممن أبمي كممثير قمال السممنة قاضممية علممى‬
‫الكتمماب‪ ،‬ويحيممى هممذا مممن التممابعين مممن إضممراب الزهممري‪،‬‬
‫وقوله وهل السبب ناشئ عن النص‪ -‬قممد علممم جمموابه وهممو‬
‫أنه ناشئ عن نص لكن نص حديثي ل قرآنممي وليممس ناشممئا‬
‫عن التأويل فإن السبب ل يكون إل عن نص مقبممول ل عممن‬
‫تأويممل ول مممدخل للتأويممل فممي ذلممك‪ ،‬وقمموله وهممل التأويممل‬
‫ناشئ عن النص‪ -‬جوابه أنه قد علم أنه ل تأويل‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬تقممرر أنممه إذا خل العصممر عممن مجتهممد يقمموم‬
‫بفمرض الكفايمة أثمموا عمن آخرهمم فمما الجممع بينمه وبيمن‬
‫قولهم في مسألة الفترة أنه إذا لم يجد صاحب النازلة مممن‬
‫ينقل له حكما في نازلته الصحيح انتفاء التكليف عممن العبممد‬
‫وأنه ل يثبت في حقه إيجاب ول تحريم ول يؤاخذ بأي شيء‬
‫صنعه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬متعلق الثم مختلف فالثم لمن كان يمكنممه‬
‫بلوغ هذه الرتبة وقصر فيهمما وعممدم التكليممف لغيممره وليممس‬
‫المخاطب بفرض الجتهاد كل أحممد بممل مممن هممو فممي صممفة‬

‫‪397‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫خاصممة كممما قررنمماه فممي كتمماب الممرد علممى مممن أخلممد إلممى‬
‫الرض‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل يقلممد المممام الشممافعي رضممي اللممه عنممه‬
‫أصابته نجاسة كلبية فغسلها على مقتضى مذهب إمامه ثم‬
‫أصابته وعسر عليه غسلها فهممل يجمموز لممه تقليممد مممن يممرى‬
‫عدم وجوب هذا الغسل أم ل لن ما التزمه وعمممل بممه أول‬
‫يمنعه من مخالفته آخرا وإذا قلتم إن له التقليد فممما معنممى‬
‫قول السنوي في شرح منهاج البيضاوي إنه إذا قلد مجتهدا‬
‫في مسألة فليس له تقليد غيره فيها اتفاقا ويجوز ذلك في‬
‫حكم آخر على المختار فلو التزم مذهبا معينا ففي الرجمموع‬
‫إلى غيره من المذاهب ثلثة أقوال ثالثها يجوز الرجوع فيما‬
‫لم يعمل به ول يجوز فممي غيممره هممل معنمماه امتنمماع التقليممد‬
‫فيممما تقممدم السممؤال عنممه أم ل وممما الراجممح مممن القمموال‬
‫الثلثة‪ ،‬وكذلك قول الشيخ جلل الدين المحلممي فممي شممرح‬
‫جمع الجوامع وإذا عمممل العممامي بقممول مجتهممد فممي حادثممة‬
‫فليس له الرجوع عنه إلى غيره فممي مثلهمما لنممه قممد الممتزم‬
‫ذلك القول بالعمل به‪ -‬إلى أن قال والصح جوازه أي جواز‬
‫الرجوع إلى غيره في حكم آخممر‪ -‬إلممى أن قممال الصممح أنممه‬
‫يجب على العامي وغيره ممن لم يبلغ رتبة الجتهاد الممتزام‬
‫مذهب معين‪ ،‬ثم قال في خروجه عنه أقوال ثالثها ل يجمموز‬
‫في بعض المسائل ويجوز في بعممض توسممطا بيممن القممولين‬
‫في الجواز في غير ما عمل به أخممذا مممما تقممدم فمي عمممل‬
‫غير الملتزم فإنه إذا لم يجز له الرجوع قممال ابممن الحمماجب‬
‫كالمدي اتفاقا فالملتزم أولى بذلك وقد حكيمما فيممه الجممواز‬
‫فيقيممد بممما قلنمماه انتهممى‪ ،‬وإذا قلتممم بامتنمماع التقليممد فممي‬
‫المسؤول عنه وهي المسائل التي عمممل بهمما فكيممف يلممتئم‬
‫ذلك مع ما قال الكمال الممدميري فممي شممرحه فممي القضمماء‬
‫فرع‪ :‬ل يشترط أن يكون للمجتهد مذهب مدون وإذا دونت‬
‫المممذاهب فهممل يجمموز للمقلممد أن ينتقممل مممن مممذهب إلممى‬
‫مذهب؟ الصح الجممواز كممما لممو قلممد فممي القبلممة هممذا أياممما‬
‫انتهممى‪ ،‬وإطلقممه شممامل لممما عمممل بممه وممما لممم يعمممل بممه‬
‫والمسؤول إيضاح ذلك‪.‬‬

‫‪398‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬الصح جممواز النتقممال مطلقمما فيممما عمممل بممه‬
‫وفيما لم يعمل به كذا صححه الرافعممي وهممو المنقممول فممي‬
‫السؤال عن الدميري لكن بشرط عدم تتبممع الرخممص وهممي‬
‫مسممألة غيممر الممتي حكممى فيهمما المنممع اتفاقمما ولممذا جمممع‬
‫الصوليون بينهما فحكموا التفماق فمي همذه وحكموا الخلف‬
‫في تلك‪ ،‬ومن جملة قول التفصيل والفرق بيممن المسممألتين‬
‫أن تلك في التمذهب بمذهب معين وإرادة النتقال عنه بعد‬
‫العمل به أو ببعضه ومسألة المنع اتفاقا فيمن استفتى فممي‬
‫حادثة مجتهد فأفتاه وعمل بقوله ثم وقعت له مرة أخممرى‪،‬‬
‫وحاصل الفرق أن في هذه تقليدا في جزئيممة معينممة خاصممة‬
‫وتلك فيها تقليد كلي علممى سممبيل الجمممال ل التفصمميل‪ ،‬إذا‬
‫تقرر هذا فمقلد الشممافعي إذا غسممل نجاسممة الكلممب علممى‬
‫مذهبه وأراد بعد ذلك أن ينتقل ويقلد غيممره فيهمما فلممه ذلممك‬
‫لكممن بشممرط مراعمماة ذلممك المممذهب فممي جميممع شممروط‬
‫الطهارة والصلة مممن مسممح كممل الممرأس أو الربممع والممدلك‬
‫ومراعاة الترتيب في قضاء الصلوات فإن أخل بشمميء مممن‬
‫ذلك كانت صلته باطلة باتفاق المذهبين‪.‬‬

‫الفتاوى القرآنية‬
‫سورة الفاتحة‬
‫مسألة ‪ -‬وجد في بعض التفاسير في قوله فممي سممورة‬
‫الفاتحة افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة لنها جمعت جميع‬
‫مقاصد القرآن ولذلك من أسمممائها أم القممرآن وأم الكتمماب‬
‫والساس فصارت كالعنوان‪ ،‬والمقصود بيان ذلك على وجه‬
‫التفصيل والتبيين‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هممذا الكلم قممد تكلمممت عليممه فممي عممدة مممن‬
‫تصانيفي منها التقان في علوم القرآن ومنهمما الكليممل فممي‬
‫استنباط التنزيل ومنها قطف الزهممار فممي كشممف السممرار‬
‫ومنها حاشية البيضاوي‪ ،‬وأنا ألخممص ذلممك هنمما فممأقول قممال‬
‫العلماء إنما افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة لنهمما جمعممت‬
‫جميع مقاصد القرآن فناسب الفتتاح بها لنها تصير كبراعة‬
‫الستهلل وهي التيان أول الكلم بما يممدل علممى المقصممود‬
‫على وجه الجمممال وكممالعنوان والمممراد بممالعنوان نمموع مممن‬
‫‪399‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أنواع البديع يسمى بذلك قممال ابممن أبممي الصممبع فممي بممدائع‬
‫القرآن العنوان أن يأخذ المتكلممم فممي غممرض فيممأتي لقصممد‬
‫تكميلممه وتأكيممده بأمثلممة فممي ألفمماظ تكممون عنوانمما لخبممار‬
‫متقدمة وقصص سالفة ومنه نوع عظيممم جممدا وهممو عنمموان‬
‫العلوم بأن يممذكر فممي الكلم ألفمماظ تكممون مفاتيممح العلمموم‬
‫ومداخل لها‪ -‬هممذا كلم ابممن أبممي الصممبع‪ ،‬والفاتحممة لكونهمما‬
‫جامعممة لجميممع مقاصممد القممرآن وفيهمما الشممارة إلممى جميممع‬
‫الخبار المتقدمة من بدء الخلق والمم السالفة من اليهممود‬
‫والنصممارى وغيرهممم وفيهمما الشممارة إلممى مفاتيممح العلمموم‬
‫ومداخلها من أصول الدين والفقه والتصوف وهممذه العلمموم‬
‫الثلثة هي أجل العلوم فإن الول هو الذي يصح به اليمممان‬
‫والثاني هو الذي تصح به العمال والثالث هو الذي تتممم بممه‬
‫محاسن الخلق ويصل إلى حضرة الخلق وما عدا هذه من‬
‫العلوم كالوسيلة لها فلما جمعت الفاتحة هذه كانت جممديرة‬
‫بمأن تكمون عنمموان القممرآن بممالتقرير الممذي ذكممره ابممن أبمي‬
‫الصبع‪.‬‬

‫القذاذه في تحقيق محل الستعاذة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد للممه وسمملم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪ .‬وقممع‬
‫السؤال عما يقع من الناس كثيرا إذا أرادوا إيراد آيممة قممالوا‬
‫قممال اللممه تعممالى بعممد أعمموذ بممالله مممن الشمميطان الرجيممم‬
‫ويذكرون الية هل )بعد( هممذه جممائزة قبممل السممتعاذة أم ل‬
‫وهل أصاب القارئ في ذلك أو أخطأ‪.‬‬
‫فأقول الذي ظهر لي مممن حيممث النقممل والسممتدلل أن‬
‫الصواب أن يقممول قممال اللممه تعممالى ويممذكر اليممة ول يممذكر‬
‫الستعاذة فهذا هو الثابت في الحاديث والثار من >ص >‬
‫فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين فمممن‬
‫بعدهم‪ -‬أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عممن أنممس‬
‫قال‪ :‬قال‪ :‬أبو طلحممة يمما رسممول اللممه إن اللممه يقممول‪) :‬لممن‬
‫تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون( وإن أحممب أممموالي إلممي‬
‫بيرحاء الحديث‪ ،‬وأخرج عبد بن حميد والبزار عن حمزة بن‬
‫عبد الله بن عمر قال‪ :‬قال عبد الله بن عمر حضرتني هذه‬
‫‪400‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الية‪) :‬لن تنالوا البر حتى تنفقوا مممما تحبممون( فممذكرت ممما‬
‫أعطاني اللممه فلممم أجممد أحممب إلممي مممن جاريممة لممي روميممة‬
‫فأعتقتها‪ ،‬وأخرج ابن المنذر عن نممافع قممال كممان ابممن عمممر‬
‫يشتري السكر فيتصدق به فنقول له لو اشتريت لهم بثمنه‬
‫طعاما كان أنفع لهم فيقول إني أعرف الذي تقولممون لكممن‬
‫سمعت الله يقول )لن تنالوا البر حتى تنفقوا مممما تحبممون(‬
‫وإن ابن عمر يحب السكر‪ ،‬وأخرج الترمذي عن علي قممال‪:‬‬
‫قال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم )مممن ملممك زادا‬
‫وراحلة ولم يحج بيت الله فل يضره مات يهوديا أو نصممرانيا‬
‫وذلك بأن الله تعالى يقول ولله على الناس حج البيت مممن‬
‫استطاع إليه سبيل ومن كفر فإن الله غنممي عممن العممالمين(‬
‫وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رفع الحممديث إلممى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الله قضى على نفسه‬
‫أنممه مممن آمممن بممه هممداه ومممن وثممق بممه نجمماه" قممال الربيممع‬
‫وتصديق ذلك في كتاب الله )ومن يعتصم بممالله فقممد هممدي‬
‫إلى صراط المستقيم( وأخرج ابن أبي حاتم عن سماك بن‬
‫الوليد أنه سممأل ابممن عبمماس ممما تقممول فممي سمملطان علينمما‬
‫يظلمونا ويعتممدون علينمما فممي صممدقاتنا أفل نمنعهممم قممال ل‬
‫الجماعة الجماعممة إنممما هلكممت المممم الخاليممة بتفرقهمما أممما‬
‫سمعت قول الله )واعتصموا بجبل الله جميعمما ول تفرقمموا(‬
‫وأخرج أبو يعلى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫قال )ل تستضيئوا بنار المشممركين( قممال الحسممن وتصممديق‬
‫ذلك في كتاب الله )يا أيها الذين أمنوا ل تتخذوا بطانة مممن‬
‫دونكم( وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عممن ابممن عمممرو‬
‫أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال فممي الجمعممة )هممي‬
‫كفارة إلى الجمعممة >ص > الممتي تليهمما وزيممادة ثلثممة أيممام‬
‫وذلك لن الله يقول من جاء بالحسممنة فلممه عشممر أمثالهمما(‬
‫والحاديث والثار في ذلممك أكممثر مممن أن تحصممر فالصممواب‬
‫القتصار على إيراد الية من غير استعاذة اتباعا للوارد فممي‬
‫ذلك فإن الباب باب اتباع‪ ،‬والستعاذة المأمور بها في قوله‬
‫تعالى )فإذا قرأت القممرآن فاسممتعذ( إنممما هممي عنممد قممراءة‬
‫القرآن للتلوة أما إيراد آية منه للحتجاج والسممتدلل علممى‬
‫حكم فل‪ ،‬وأيضا فإن قوله "قال الله تعالى بعد أعوذ بممالله"‬
‫‪401‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تركيب ل معنممى لممه وليممس فيممه متعلممق للظممرف وإن قممدر‬
‫تعلقه بقال ففيه الفساد التي‪ ،‬وإن قال‪ :‬قممال‪ :‬أعمموذ بممالله‬
‫من الشيطان الرجيم وذكممر اليممة ففيممه مممن الفسمماد جعممل‬
‫الستعاذة مقول الله وليست من قوله‪ ،‬وإن قدم الستعاذة‬
‫ثممم عقبهمما بقمموله قممال اللممه وذكممر اليممة فهممو أنسممب مممن‬
‫الصورتين غير أنه خلف الوارد وخلف المعهود مممن وصممل‬
‫آخر الستعاذة بأول المقروء من غير تخلل فاصل ول شممك‬
‫أن الفرق بيممن قممراءة القممرآن للتلوة وبيممن إيممراد آيممة منممه‬
‫للحتجاج جلي واضح‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إذا قممرأ كلمممة ملفقممة مممن قراءتيممن كممالرحيم‬
‫مالك بالدغام مع اللف وترى الناس سممكرى بممترك اللممف‬
‫وعدم المالة هل يجوز أم ل وإذا قلتم يجوز فهل ذلك جائز‬
‫سواء أخل بالمعنى أم ل غيممر نظممم القممرآن كقمموله لقضممى‬
‫إليهم أجلهم ببناء الفعل للمفعول مع نصب اللم أم ل‪ ،‬وممما‬
‫معنى قولهم القراءة سنة متبعة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الذي اختاره ابن الجزري فممي النشممر أنممه إن‬
‫كانت إحدى القراءتين مترتبة على الخرى منع التلفيق منع‬
‫تحريم كمن يقرأ )فتلقى آدم من ربممه كلمممات( برفعهممما أو‬
‫بنصبهما ونحو ذلك مما ل يجوز في العربية واللغممة وإن لممم‬
‫يكن كذلك فرق فيه بين مقام الرواية وغيرهمما فيحممرم فممي‬
‫الول لنه كذب فممي الروايممة وتخليممط ويجمموز فممي التلوة ‪-‬‬
‫هذا خلصة ما قاله ابن الجزري‪ ،‬وذكر ابن الصلح والنممووي‬
‫أن التالي ينبغي لممه أن يسممتمر علممى قممراءة واحممدة مممادام‬
‫الكلم مرتبطا فممإذا انقضممى ارتبمماطه فلممه أن يقممرا بقممراءة‬
‫أخرى‪ ،‬وهذا الطلق محمول على التفصيل الذي ذكره ابن‬
‫الجزري وأما قولهم القراءة سنة متبعة فهممذا أثممر عممن زيممد‬
‫بن ثابت أخرجه سعيد بممن منصممور فممي سممننه وغيممره قممال‬
‫البيهقي في تفسيره أراد أن اتباع مممن قبلنمما فممي الحممروف‬
‫سنة ول تجوز مخالفة المصحف الذي هو إمممام ول مخالفممة‬
‫القراءات التي هي مشهورة وإن كان غير ذلممك سممائغا فممي‬
‫اللغة انتهى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬الحممديث الممذي رواه أبممو داود فممي سممننه عممن‬
‫الشريد بن سويد قال رآنممي رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫‪402‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم وأنا جالس هكذا وقد اتكأت على الية يممدي اليسممرى‬
‫ووضممعتها خلممف ظهممري فقممال "أتقعممد قعممدة المغضمموب‬
‫عليهم" من هم المغضوب عليهم هل هممم المممذكورون فممي‬
‫قوله تعالى )غير المغضوب عليهم(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم المراد بالمغضمموب عليهممم فممي الحممديث‬
‫المممذكورون فممي سممورة الفاتحممة وهممم اليهممود وقممد أورده‬
‫النووي فمي شمرح المهمذب مسممتدل بممه علممى كراهمة همذه‬
‫القعدة لفعل اليهممود لهمما وأورد بعممده حممديث البخمماري عممن‬
‫عائشة أنها كانت تكره أن يجعل الرجمل يمده فمي خاصمرته‬
‫وتقممول أن اليهممود تفعلممه فممدل علممى أن المقصممود كراهممة‬
‫التشبه باليهود في كيفية قعودهم‪.‬‬

‫سورة البقرة‬
‫مسألة ‪ -‬في قول المممام البيضمماوي فممي إعممراب قمموله‬
‫تعالى )الله ولي الذين آمنمموا يخرجهممم مممن الظلمممات إلممى‬
‫النور( يصح أن تكون هذه الجملة مستأنفة ويصح أن تكممون‬
‫حال من المستكن في ولي أو من الموصول أو منهما‪ ،‬بيممن‬
‫لنا كيف صيغة الحال على كل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬من القواعد المقررة في العربيمة أن صماحب‬
‫الحال والحال يشبهان المبتدأ والخبر فلمذلك السممبب يجمموز‬
‫أن يكممون صمماحب الحممال واحممدا ويتعممدد حمماله كممما يكممون‬
‫المبتدأ واحد والخبر متعدد ويجوز أن يكممون صمماحب الحممال‬
‫متعددا والحال متعدد أو متحد ويشترط وجود الرابممط لكممل‬
‫مممن الضممابطين كممما يشممترط وجممود الرابممط لكممل مممن‬
‫المبتدأين‪ ،‬ومممن القواعممد المشممهورة حممتى فممي اللفيممة أن‬
‫الحال يأتي من المضاف إليه إذا كممان المضمماف عممامل فيممه‬
‫كما قال‪:‬‬
‫ول تجز حال من المضاف له * إل إذا اقتضى المضاف‬
‫عمله‬
‫إذا تقممرر ذلممك فممالوجه الول وهممو أنممه حممال مممن الضمممير‬
‫المستكن في ولي وهو المذي رجحمه أبممو حيمان فمي البحممر‬
‫فممإن صمميغة ولممي صممفة مشممبهة وفيممه ضمممير الفاعممل هممو‬
‫الوضح والحال تأتي من الفاعل كثيرا‪ ،‬وتقممدير الكلم اللممه‬
‫‪403‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ولي المؤمنين حمال إخراجممه إيماهم مممن الظلمممات أو حمال‬
‫كونه مخرجا لهم أي مولهم حيث أخرجهم والحال قيد فمي‬
‫العامممل فجملممة الخممراج حممال مبينممة لهيئة التممولي وضمممير‬
‫يخرج المستتر فيه هو الرابط لجملة الحال بصمماحبها وإنممما‬
‫جعل من ضمير ولي ل من نفس ولي لنه واقممع خممبرا عممن‬
‫المبتدأ والقاعدة أن الحال ل تأتي من الخبر بل من الفاعل‬
‫أو المفعممول أو ممما كممان فممي معناهممما وهممو المضمماف إليممه‬
‫بشرطه أو المبتدأ على رأي وأما الخبر فل يأتي منه الحممال‬
‫فلذلك عدل إلى الضمير الممذي هممو فمماعله‪ .‬والمموجه الثمماني‬
‫وهو أنها حال من الموصول واضح أيضا لنه مجرور بإضافة‬
‫الصفة المشبهة إليه فهو من قاعدة ما كان المضاف عممامل‬
‫فيه وهو في معنممى المفعممول ولهممذا لممو جئت بممدل الصممفة‬
‫المشبهة بالفعل ظهرت المفعولية فيقال الله تممولى الممذين‬
‫آمنمموا فيكممون الممذين مفعممول والحممال يممأتي مممن المفعممول‬
‫وتقمدير الكلم اللمه ولمي الممؤمنين حمال كمونهم مخرجيمن‬
‫بهدايته من الظلمات فممإذا قممدرت الحممال مممن ضمممير ولممي‬
‫كانت في تقدير مخرجا بالكسر اسم فاعل وإذا قدرتها من‬
‫الممذين الممذي هممو فممي معنممى المفعممول كممانت فممي تقممدير‬
‫مخرجين بالفتح اسم مفعول‪ .‬والمموجه الثممالث واضممح أيضمما‬
‫وهو أنها حال منهما معا فإن فيها رابطين رابط بالول وهممو‬
‫ضمير يخرج المستتر الذي هممو فاعممل ورابممط بالثمماني وهممو‬
‫ضمير الذين آمنوا الذي هو مفعول يخرج وهممو هممم وتقممدير‬
‫الكلم على هذا الله ولي المؤمنين حال كمونه مخرجما لهمم‬
‫بالهداية وحال كونهم مخرجين بالهتداء وفي ذلك ملحظممة‬
‫أخرى لقاعدة أصولية وهي استعمال المشترك في معنييه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قمموله تعممالى )كلمموا مممما فممي الرض حلل‬
‫طيبا( هل يصح نصب حلل على التمييز‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل يصح بل هو حال أو مفعول به‪.‬‬

‫سورة آل عمران‬
‫مسألة ‪ -‬المسؤول من صدقاتكم فسح الله في أجلكممم‬
‫بيان معنممى قممول المممام البيضمماوي فممي تفسممير سممورة آل‬
‫عمران عند قوله تعالى )بيدك الخير إنممك علممى كممل شمميء‬
‫‪404‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قدير( ذكر الخير وحده لنه المقضى بالذات والشر مقضى‬
‫بالعرض إذ ل يوجد شر جزئي ما لم يتضمن خيرا كليمما بيانمما‬
‫شافيا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل شك أن الشرائع كلهمما متفقممة علممى النظممر‬
‫إلممى جلممب المصممالح ودرء المفاسممد وكممذا أحكممام القضمماء‬
‫والقدر جارية على سممنن ذلممك وإن خفممي وجممه ذلممك علممى‬
‫الناس في كثير منها ولهممذا ورد فممي الحممديث ل تتهممم اللممه‬
‫على نفسك فإذا علم ذلك ومن المعلوم أن الله قدر الخيممر‬
‫والشر كان مظنة أن يقول قائل كيف قدر الشر وهو خلف‬
‫ما علم نظره إليه شممرعا وقممدرا وهممذه هممي الشممبهة الممتي‬
‫تمسك بهمما المعتزلممة‪ ،‬والجممواب أن الشممر اليسممير إذا كممان‬
‫وسيلة إلي خير كثير كان ارتكابه مصلحة ل مفسدة أل ترى‬
‫أن الفصد والحجامة وشرب الدواء الكريممه وقطممع السمملعة‬
‫ونحوهمما مممن المممور المؤلمممة لكممونه وسمميلة إلممى حصممول‬
‫الصحة حسن ارتكممابه فممي مقتضممى الحكمممة ويعممد خيممرا ل‬
‫شرا وصحة ل مرضا لسممتلزامه ذلممك فكممذلك كلممما قضمماه‬
‫الله من الشر فإنما قضاه بحكمممة بالغممة وهممو وسمميلة إلممى‬
‫خير أعظم وأعم نفعا ولهذا ورد ل تكرهوا الفتن فممإن فيهمما‬
‫حصاد المنافقين وورد لو لممم تممذنبوا لخفممت عليكممم ممما هممو‬
‫أكبر من ذلك العجب العجب فتقدير الذنوب وإن كان شممرا‬
‫فليست لكونها مقصودة في نفسها بل لغيرها وهو السلمة‬
‫من داء العجب التي هي خير عظيم‪ ،‬قال بعممض المحققيممن‬
‫ولهذا قيل يما ممن إفسماده إصمملح يعنمي أن مما قمدره مممن‬
‫المفاسد فلتضمنه مصالح عظيمة اغتفر ذلك القدر اليسممير‬
‫في جنبها لكونه وسيلة إليها‪ ،‬وما أدى إلى الخيممر فهممو خيممر‬
‫فكل شر قدره الله لكونه لم يقصد بالذات بل بالعرض لما‬
‫يستلزمه من الخير العظم يصدق عليممه بهممذا العتبممار أنممه‬
‫خير فدخل في قوله بيدك الخير فلذا اقتصر عليه في وجممه‬
‫أنه شامل لما قصممد أصممل ولممما وقممع اسممتلزاما وهممذه مممن‬
‫مسألة ليس في المكان أبدع مما كان التي قررها الغزالي‬
‫وألفنا في شرحها كتاب تشممييد الركممان فلينظممره مممن أراد‬
‫البسط والله أعلم‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )ولله على الناس حممج الممبيت(‬
‫كيف أضاف الحج إلى البيت والمضاف غيممر المضمماف إليممه‬
‫ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬كيف تسأل عن هذا ومن شأن المضاف أبممدا‬
‫أن يكون غير المضاف إليه إل إضافة البيان وهممذه الضممافة‬
‫في الية من باب إضافة المصدر إلى مفعوله‪ ،‬وأممما حممديث‬
‫الحج عرفمة فعلمى حمذف مضماف والتقمدير معظمم أفعمال‬
‫الحج وقوف عرفة‪.‬‬
‫فأعاد السائل السؤال‪ :‬يحيط علم سيدنا ومولنا أنه إذا‬
‫كممان معظممم أفعممال الحممج يكممون بعرفممة فممما الحكمممة فممي‬
‫إضافة الحج إلى البيت دون غيره‪.‬‬
‫فأجبت‪ :‬البيت هو المقصود بالذات فأضمميف الحممج إليممه‬
‫قال تعالى )جعل الله الكعبة البيت الحممرام قياممما للنمماس(‪،‬‬
‫وقال سبحانه )وإذ جعلنا البيت مثابممة للنمماس وأمنمما( وقممال‬
‫)إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين‬
‫فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا( فاليممات‬
‫والحاديث دلت على أن البيت هممو المقصممود العظممم وهممو‬
‫أشرف من عرفة وسائر البقمماع إل القممبر الشممريف النبمموي‬
‫فأضيف الحج إليه لنه المعظم فوق عرفة وأما قوله صمملى‬
‫الله عليه وسلم الحج عرفة فاعتبار آخممر وذلممك لنممه سمميق‬
‫لبيممان ممما يعتنممى الحمماج بحصمموله خمموف فمموات الحممج فممإن‬
‫وقمموف عرفممة مقممدر بزمممان مخصمموص وهممو مممن زوال‬
‫الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجممر يمموم العيممد فمممن لممم‬
‫يدرك الوقوف في لحظة من هذا الزمان فاته الحممج بخلف‬
‫الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والحلممق الممتي‬
‫هي بقية أركان الحج فإنها ل تفوت أصل ول تتقيد بوقت بل‬
‫هي مطلقة متى فعلت أجزأت فلهذا قممال الحممج عرفممة أي‬
‫المر الذي يحصل بممه إدراك الحممج أو فممواته وقمموف عرفممة‬
‫فمممن أدركممه أدرك الحممج ومممن فمماته الحممج فهممذه إضممافة‬
‫اعتبارية وقوله حج البيت إضافة حقيقية فافهم الفممرق بيممن‬
‫الضافتين‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )يمددكم ربكممم بخمسممة آلف‬
‫من الملئكة مسومين( ما السمة التي كانت عليهممم‪ ،‬وهممل‬
‫‪406‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كان للنبي صلى الله عليممه وسمملم عذبممة فمإن الشمميخ مجممد‬
‫الدين الشيرازي نقل في شرح البخاري أنه كممان لممه عذبممة‬
‫طويلة نازلة بيممن كتفيممه وتممارة علممى كتفممه وانممه ممما فممارق‬
‫العذبة قط وأنه قال خالفوا اليهود ول تصمموا فإن تصممميم‬
‫العمامممة مممن زي أهممل الكتمماب وأنممه قممال أعمموذ بممالله مممن‬
‫عمامة صماء فهل هذه الحاديث صحيحة وما على من علم‬
‫أن العذبممة سممنة وتركهمما مسممتنكفا عنهمما وهممل إذا اقتممدى‬
‫الشخص برسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي العذبممة‬
‫وحصل له الخيلء يحرم عليه أم ل وهل يجمموز أن يقممال إن‬
‫الحاديث كلم الله‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما السمة التي كانت عليهم فروى ابممن أبممي‬
‫حاتم في تفسيره بأسانيد عن علممي وابممن عبمماس ومجاهممد‬
‫أنها الصوف البيض في نواصي خيولهم وأذنابها وروي عممن‬
‫أبي هريرة بالعهن الحمممر وروي عممن مكحممول وغيممره أنهمما‬
‫العمائم وروي من طريق وكيع عممن هشممام بممن عممروة عممن‬
‫يحيى بن عباد أن الزبير كان عليه يوم بممدر عمامممة صممفراء‬
‫معتجرا بها فنزلت الملئكة عليهم عمائم صممفر‪ ،‬ورواه ابممن‬
‫المنذر من طريق هشام عن عباد بن حمزة وزاد في آخممره‬
‫مثممل سمميما الزبيممر‪ ،‬وروى الطممبراني فممي الكممبير عممن ابممن‬
‫عباس قال كان سيما الملئكممة يمموم بممدر عمممائم بيممض قممد‬
‫أرسلوها إلى ظهورهم‪ ،‬وفي إسممناده عمممار بممن أبمي مالمك‬
‫ضعفه الزدي‪ ،‬وروي أيضا عن عروة قال نزل جبريل عليممه‬
‫السلم يمموم بممدر علممى سمميما الزبيممر وهممو معتجممر بعمامممة‬
‫صفراء وهو مرسممل صممحيح السممناد‪ ،‬وروي أيضمما عممن ابممن‬
‫عباس قال‪ :‬قال رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي‬
‫قوله مسومين قال معلمين وكانت سيما الملئكة يموم بمدر‬
‫عمائم سود‪ ،‬وفممي إسممناده عبممد القممدوس بممن حممبيب وهممو‬
‫مممتروك‪ ،‬وروى ابممن جريممر بإسممناد حسممن عممن أبممي أسمميد‬
‫الساعدي وهو بممدري قممال خرجممت الملئكممة يمموم بممدر فممي‬
‫عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم‪ .‬فالذي صح من هممذه‬
‫الروايات في العمائم أنها صفر مرخاة بين الكتاف‪ ،‬ورواية‬
‫البيض والسود ضعيفة‪ .‬والعتجار لف العمامة على الممرأس‬
‫قاله فممي الصممحاح‪ .‬وأممما العذبممة فمموقفت فيهمما علممى عممدة‬
‫‪407‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أحاديث من لبممس النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم وإلباسممه‬
‫وليس فيها طويلة‪ :‬الول عن عمرو بمن حريممث قمال رأيمت‬
‫النبي صملى اللممه عليمه وسمملم علممى المنمبر وعليمه عماممة‬
‫سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيممه رواه مسمملم وأبممو داود‪،‬‬
‫الثاني عن ابن عمر قال كان النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه قال نافع وكان ابممن عمممر‬
‫يفعل ذلك رواه الترمممذي فممي الشمممائل‪ ،‬الثممالث عممن عبممد‬
‫الرحمن بن عوف قال عممني رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم فسدلها بين يدي ومممن خلفممي رواه أبممو داود‪ ،‬الرابممع‬
‫عن عائشة قالت عمم رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫عبد الرحمن بن عوف وأرخى له أربع أصابع رواه الطبراني‬
‫فممي الوسممط عممن شمميخه مقممدام بممن داود وهممو ضممعيف‪،‬‬
‫الخامس عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كممان إذا‬
‫اعتم أرخى عمامته بين يديه ومن خلفه رواه فممي الوسممط‬
‫وفيه الحجاج بن رشد ضعيف‪ ،‬السادس عممن ابممن عمممر أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عمم عبممد الرحمممن بممن عمموف‬
‫فأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحوها ثم قال هكذا فمماعتم‬
‫فممإنه أعممرب وأحسممن رواه فممي الوسممط وإسممناده حسممن‪،‬‬
‫السابع عن أبي عبد السلم قال قلت لبن عمر كيممف كممان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم قال كان يممدير كممور‬
‫العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه ويرسلها بيممن كتفيممه‬
‫رواه الطبراني في الكبير وإسناده على شممرط الصممحيح إل‬
‫أبا عبد السلم وهو ثقة‪ ،‬الثامن عن أبي موسى أن جبريممل‬
‫نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء‬
‫قد أرخى ذؤابتها من ورائه رواه في الكبير وفيممه عبممد اللممه‬
‫بن تمممام وهممو ضممعيف‪ ،‬التاسممع عممن ابممن عمممر قممال‪ :‬قممال‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم عليكممم بالعمممائم فإنهمما‬
‫سيما الملئكممة وأرخوهمما خلممف ظهمموركم رواه فممي الكممبير‬
‫وفيه علي بن يونس وهو مجهول‪ ،‬العاشر عممن أبممي إمامممة‬
‫قال كان رسول الله صلى الله عليممه وسمملم ل يممولي واليمما‬
‫حتى يعممه ويرخي لها مممن جممانبه اليمممن نحممو الذن رواه‬
‫في الكبير وفيه جميع بن ثوب متروك‪ ،‬الحممادي عشممر عممن‬
‫عبد الله بن بسر قمال بعمث رسمول اللمه صملى اللمه عليمه‬
‫‪408‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم عليا إلى خيبر فعممه بعمامة سوداء ثم أرسمملها مممن‬
‫ورائه أو قال على كتفمه رواه فمي الكمبير وإسمناده حسمن‪،‬‬
‫الثاني عشر عن عائشة قالت‪ :‬عمم رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بفناء بيتي هذا وترك من‬
‫عمممامته مثممل ورق العشممر ثممم قممال رأيممت أكممثر الملئكممة‬
‫معتميممن أخرجممه ابممن عسمماكر‪ .‬هممذا ممما حضممرني الن مممن‬
‫الحاديث فيها فقول الشيخ مجد الممدين كممان لرسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم عذبممة صممحيح وقمموله طويلممة لممم أره‬
‫لكممن يمكممن أن يؤخممذ مممن أحمماديث إرخائهمما بيممن الكتفيممن‪،‬‬
‫وقوله بين كتفيه صحيح كما تقدم‪ ،‬وقوله وتارة علممى كتفممه‬
‫لم أقف عليه من لبسممه لكممن مممن إلباسممه كممما تقممدم فممي‬
‫تعميمه عبد الرحمن بن عوف وعليا‪ ،‬وقوله ما فارق العذبة‬
‫قط لم أقف عليه في حممديث بممل ذكممر صمماحب الهممدي أنممه‬
‫كان يعتم تارة بعذبة وتارة بل عذبة‪.‬‬
‫وأما حديث خالفوا اليهود إلى آخره وحديث أعوذ بممالله‬
‫من عمامة صماء فل أصل لهما ومن علم أنها سممنة وتركهمما‬
‫استنكافا عنها أثم أو غيممر مسممتنكف فل‪ ،‬قممال النممووي فممي‬
‫شرح المذهب يجوز لبمس العماممة بإرسمال طرفهما وبغيمر‬
‫إرساله ول كراهة في واحد منهما ولم يصح في النهي عممن‬
‫ترك إرسالها شيء وإرسالها إرسال فاحشا كإرسال الثمموب‬
‫فيحممرم للخيلء ويكممره لغيممر الخيلء لحممديث ابممن عمممر أن‬
‫النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال "السممبال فممي الزار‬
‫والقميص والعمامة من جر شيئا خيلء لممم ينظممر اللممه إليممه‬
‫يوم القيامة" رواه أبو داود والنسمائي بإسممناد صمحيح‪ ،‬وأمما‬
‫إذا اقتدى الشخص بممه صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي عمممل‬
‫العذبة وحصل له ضمن ذلك خيلء فممدواؤه أن يعممرض عنممه‬
‫ويعالج نفسه على تركه ول يوجب ذلك ترك العذبة فإن لممم‬
‫يزل إل بتركها فليتركهمما مممدة حممتى يممزول لن تركهمما ليممس‬
‫بمكممروه وإزالممة الخيلء واجبممة‪ ،‬وأممما هممل يجمموز أن يقممال‬
‫الحاديث كلم اللممه فنعممم بمعنممى أنهمما مممن عنممد اللممه قممال‬
‫تعالى‪) :‬وما ينطق عن الهوى إن هو إل ّ وحي يمموحى( وروى‬
‫أبو داود وابن حيان فممي صممحيحه مممن حممديث المقممدام بممن‬
‫معدي كرب قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أل‬
‫‪409‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إني أوتيت الكتمماب وممما يعممدله فممرب شممبعان علممى أريكتممه‬
‫يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتمماب اللممه ممما كممان فيممه‬
‫من حلل استحللناه وما فيه من حممرام حرمنمماه أل وإن ممما‬
‫حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حممرم اللممه‪،‬‬
‫وروى أبو داود من حديث العرباض بن سارية نحوه وفيه أل‬
‫إني أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها بمثممل القممرآن أو‬
‫اكثر‪ ،‬وأصرح من ذلك في المطلوب ما رواه أحمد عن أبي‬
‫أمامة الباهلي قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسمملم‬
‫ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمممتي مثممل الحييممن ربيعممة‬
‫ومضر فقال رجل يا رسول الله وممما ربيعممة ومضممر فقممال‪:‬‬
‫إنما أقول ما أقول وإسناده حسن‪ ،‬وقال حسان بممن عطيممة‬
‫كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسمملم بالسممنة‬
‫كما ينزل بالقرآن أخرجه الدارمي بإسناد صممحيح عنممه وهممو‬
‫شممامي ثقممة مممن صممغار التممابعين ولممذلك شممواهد كممثيرة‬
‫استوعبتها في القطعة الممتي كتبتهمما علممى سممنن ابممن ماجممة‬
‫وفيما ذكرناه كفاية‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما وجه عطف قوله تعالى )وكفر عنا سمميئاتنا(‬
‫علممى قمموله )فمماغفر لنمما ذنوبنمما( مممع أن الممذنوب بمعنممى‬
‫السيئات‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬فيه أوجه أحممدها أن المممراد بالممذنوب الكبممائر‬
‫وبالسيئات الصغائر ويؤيد هممذا أن التكفيممر إنممما يكممون فممي‬
‫الصممغائر كممما فممي الحمماديث الصممحيحة‪ ،‬الثمماني أن المممراد‬
‫بالذنوب ما قدموه قبل السلم وبالسمميئات ممما يحممدث بعممد‬
‫السممملم‪ ،‬الثمممالث أن الممممراد بالمممذنوب تمممرك الطاعمممات‬
‫وبالسيئات فعممل المعاصممي‪ ،‬الرابممع أن المممراد بهممما شمميء‬
‫واحد وأنه من باب عطف المترادفين كقوله‪ :‬والفممى قولهمما‬
‫كذبا ومينا‪.‬‬

‫سورة النساء‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )وليخش الذين لمو تركموا ممن‬
‫خلفهم ذرية ضعافا( ما فائدة قوله ضعافا مع أن ذرية يغنى‬
‫عنه فإن الذرية هم الصغار‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬أما من حيث التفسير فإن ابن عبمماس رضممي‬
‫الله عنهما فسر الذرية في الية بالولد ذكورا كانوا أو إناثمما‬
‫وفسر قوله ضعافا أي صغارا فعلم أن الذرية شامل للولد‬
‫مطلقمما كيممف كممانوا وتخصيصممهم فممي اليممة بالصممغار مممن‬
‫الوصف أعني صغارا‪ ،‬وقال الراغممب فممي مفممردات القممرآن‬
‫الذريممة أصمملها الصممغار مممن الولد وإن كممان قممد يقممع علممى‬
‫الصغار والكبار معا في التعارف هذا لفظه وهذا قممول آخممر‬
‫فرق فيه بين اللغة والعرف والول أصح لن القرآن نمماطق‬
‫بإطلق الذرية على الكبار والصغار في قمموله تعممالى )ذريممة‬
‫من حملنا مع نوح( وقوله )قال ومن ذريممتي( وقمموله )ومممن‬
‫ذريتنا أمة مسلمة لك( فدل ذلممك علممى أن إطلقممه عليهممما‬
‫من حيث اللغممة أيضمما وقممال تعممالى )إن اللممه اصممطفى آدم‬
‫ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريممة بعضممها‬
‫من بعض( وقال جماعممة الذريممة تطلممق علممى الولد وعلممى‬
‫الباء أيضا قال صاحب نظممم القممرآن الذريممة تقممال للواحممد‬
‫والجمع وللصل والنسل ومنممه قمموله تعممالى )وآيممة لهممم أنمما‬
‫حملنمما ذريتهممم فممي الفلممك المشممحون( أي آبمماءهم‪ ،‬وقممال‬
‫الزملكاني في أسرار التنزيل الذرية كما تطلق على الولد‬
‫تطلق على الباء لن الب ذرئ مممن الولممد أي خلممق فكممان‬
‫ذرية لولده كما أن الولد ذرئ من أبيه قال ومن اسممتعمالها‬
‫في الباء قوله تعالى )وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلممك‬
‫المشحون( أي آباءهم قال ومنه قوله تعممالى )ذريممة بعضممها‬
‫من بعض( جعل آدم ومن ذكر معه ذرية للنبياء انتهى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما صرح الفقهاء فيممه بممأنه حممرام اسممتنادا لممما‬
‫نطق القممرآن الكريممم فيممه بالحرمممة كآيممة )حرمممت عليكممم‬
‫أمهاتكم‪ ،‬حرمت عليكم الميتة( إلى غير ذلممك هممل الحرمممة‬
‫فيممه لعينممه أم لمعنممى آخممر حكمموا فممي ذلممك خلفمما وحينئذٍ‬
‫فالقائل بأن المحرم معيممن هممل يقممول إن حممد الحكممم بممأنه‬
‫خطمماب اللممه المتعلممق بأفعممال المكلفيممن إلممى آخممره قيممد‬
‫الفعممال فيممه ل مفهمموم لممه أو معتممبر لبممد منممه لخممراج ممما‬
‫احترزوا عنه بممه ممممال يسمممى حكممما وحينئذ ٍ فكيممف معلممق‬
‫الحكم بالعين كما ذهب إليه من ذهب‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬الخلف في أن التحريم والتحليل هل هما من‬
‫صفات الفعال أو ممن صمفات العيمان شمهير حكماه خلئق‬
‫منهم القاضي أبو بكر البمماقلني فممي التقريممب وحكمماه مممن‬
‫المتأخرين السبكي وزيف القول الثاني جدا حممتى قممال إنممه‬
‫قال به من ل تحقيق عنده‪ ،‬وحكاه ولده الشمميخ تمماج الممدين‬
‫وقال إن القول بأنهما مممن صممفات الفعممال أصمملنا والقممول‬
‫بأنهما من صفات العيان قممول بعممض المعتزلممة وهممو قممول‬
‫باطل‪ -‬هذه عبارته‪ ،‬وذكر والده أن فائدة الخلف تظهر في‬
‫فروع فقهية منهمما ممما لممو كممان بيممد شممخص مممال مغصمموب‬
‫فأعطاه لخر وهما جاهلن بالغصب ظانممان أنمه ملكمه فمإن‬
‫قلنا التحريم من صفات الفعال لم يوصف هذا المممال بممأنه‬
‫حرام وإن قلنا من صفات العيممان وصممف بممه‪ ،‬ومنهمما قتممل‬
‫الخطأ يوصف بممالتحريم علممى قممول العيممان دون الفعممال‪،‬‬
‫وذكر ولده الشيخ تاج الدين له فوائد أصولية منهمما أن نحممو‬
‫حرمممت عليكممم أمهمماتكم ل إجمممال فيممه قطعمما علممى قممول‬
‫العيان ويجمري فيمه الخلف علمى قمول الفعمال وأمما حمد‬
‫الحكم المذكور فإنه ماش على القول الصواب دون القممول‬
‫المزيف ومن يقول بمالمزيف يحتمماج فممي الحممد إلمى عبممارة‬
‫تناسب مذهبه هذا آخر الجممواب‪ ،‬ثممم إن قممول السممائل هممل‬
‫الحرمة فيه لعينممه أم لمعنممى آخممر عبممارة ملبسممة فممإن لنمما‬
‫مسألتين مسألة تعلممق الحكممم بالفعممال أو بالعيممان وهممذه‬
‫مطممردة فممي كممل تحريممم وتحليممل ومسممألة إذا قلنمما تتعلممق‬
‫بالفعال ففي بعض الصور يجري فيهمما خلف هممل التحريممم‬
‫للعين أو الممذات أو لمعنممى خممارج كممما قيممل فممي اسممتعمال‬
‫أواني النقممدين وهممذه غيممر مطممردة فممي كممل تحريممم فممأول‬
‫السؤال يوهم أنه عن هذه المسألة وآخممره يمموهم أنممه عممن‬
‫الولى‪.‬‬

‫سورة العراف‬
‫مسألة ‪ -‬فممي قمموله تعممالى )إن ربكممم اللممه الممذي خلممق‬
‫السممماوات والرض فممي سممتة أيممام( هممل كممانت اليممام ثممم‬
‫موجودة قبل خلق السماوات والرض وهممل كممانت لهمما ثممم‬
‫أمور تعرف بها أو في الية شيء مقدر‪.‬‬
‫‪412‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬الذي وضح لي بعد الجتهاد والنظر في الدلة‬
‫والتمهل أياما حتى أعطيت النظر حقه أن خلق السممماوات‬
‫والرض وخلق اليممام كممانت دفعممة واحممدة مممن غيممر تقممديم‬
‫أحدهما على الخر‪ ،‬وذكممر الدلممة علممى ذلممك يطممول ولكممن‬
‫نذكر شيئا مختصرا وذلك أنه روى مسلم في صممحيحه عممن‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫"خلق الله التربة" وفي لفظ‪" :‬الرض يوم السبت والجبممال‬
‫يوم الحد والشجر يوم الثنين والمكروه يوم الثلثاء والنممور‬
‫يوم الربعاء والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجمعة" فهذا‬
‫يدل على خلق هذه الشياء في هذه اليام المسماة بعينها‪،‬‬
‫وروى ابممن جريممر وابممن المنممذر فممي تفسمميريهما عممن ابممن‬
‫مسعود وناس من الصحابة قالوا إن الله كان عرشممه علممى‬
‫الماء لم يخلق شيئا غير مما خلمق قبمل المماء فلمما أراد أن‬
‫يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما‬
‫عليه فسماه سماءا ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحممدة ثممم‬
‫فتقها فجعلها سبع أرضممين فمي يمموم الحممد والثنيممن وخلمق‬
‫الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها فممي يمموم‬
‫الثلثاء والربعاء ثم استوى إلى السماء ففتقها فجعلها سبع‬
‫سموات في يوم الخميس والجمعة وأوحى في كممل سممماء‬
‫أمرها خلق في كل سماء خلقها من الملئكة والخلق الممذي‬
‫فيها فهذا الثر أيضا صريح في أن اليام الممتي خلقممت فيهمما‬
‫السماوات والرض هي هذه المسماة بعينهمما وهممو المعتمممد‬
‫في أن البتداء يوم الحد ل يوم السبت لحاديث أخر كثيرة‬
‫دلت على ذلك وحديث مسلم أعله الحفاظ وصمموبوا وقفممه‬
‫على كعب وإنما ذكرته للقدر المشترك فيه وهو أن الخلممق‬
‫وقممع فممي اليممام المسممماة المعهممودة وقممد دل الثممر الممذي‬
‫سقناه على أمر آخر وهو أن اليام لم يتقممدم خلقهمما لقمموله‬
‫لم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ثم ذكممر خلممق الرض‬
‫والسماء وفتقهما‪ ،‬وروى ابن أبممي حمماتم فممي تفسمميره عممن‬
‫ابن عباس أنه سئل عن الليل كان قبل أم النهار قال الليل‬
‫ثم قرأ )إن السماوات والرض كانتا رتقمما ففتقناهممما( فهممل‬
‫تعلمون كان بينهما إل ظلمة فهذا يممدل علممى أنممه لممم يكممن‬
‫قبل خلق الرض نهار ول أيام‪ ،‬وروى ابن عسمماكر عممن ابممن‬
‫‪413‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عباس قال أول ممما خلممق اللممه الحممد فسممماه الحممد فهممذه‬
‫الدلة الربعة إذا ركبت مع بعضها أنتجت للمجتهممد أن خلممق‬
‫اليام وقع مقارنمما لخلممق الرض والسممماوات ل متقممدما ول‬
‫متممأخرا وأن اليممام المممذكورة فممي قمموله تعممالى )خلممق‬
‫السماوات والرض في ستة أيام( هي أول أيام خلقت فممي‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫يا عالم العصر ل زالت أناملكم * تهي وجودكم نام مدى‬
‫الزمن‬
‫لقد سمعت خصاما بين طائفة * من الفاضل أهل العلم‬
‫واللسن‬
‫في الرض هل خلقت قبل السماء وهل * بالعكس جا أثر‬
‫يا نزهة الزمن‬
‫فمنهم قال إن الرض منشأة * بالخلق قبل السما قد جاء‬
‫في السنن‬
‫ومنهم من أتى بالعكس مستندا * إلى كلم إمام ماهر‬
‫فطن‬
‫أوضح لنا ما خفى من مشكل وأبن * نجاك ربك من وزر‬
‫ومن محن‬
‫ثم الصلة على المختار من مضر * ما حي الضللة هادي‬
‫الخلق للسنن‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله ذي الفضال والمنن * ثم الصلة على المبعوث‬
‫بالسنن‬
‫الرض قد خلقت قبل السماء كما * قد نصه الله في حم‬
‫فاستبن‬
‫ول ينافيه ما في النازعات أتى * فدحوها غير ذاك الخلق‬
‫للفطن‬
‫فالحبر أعنى ابن عباس أجاب بذا * لما أتاه به قوم ذوو‬
‫لسن‬
‫وابن السيوطي قد خط الجواب لكي * ينجو من النار‬
‫والثام والفتن‬

‫‪414‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعممالى )خلممق اللممه السممماوات( هممل‬
‫السماوات مفعول به أو مفعول مطلق‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو مفعول مطلق ومن أعربه مفعول به فقممد‬
‫غلطه المحققون منهم ابن الحاجب في أماليه وابن هشممام‬
‫فمي مغنيمه ووجهموه بمأمور منهما أن المفعمول بمه مما كمان‬
‫موجودا قبل الفعل الذي عمل فيه ثم أوقع الفاعل بممه فعل‬
‫والمفعممول المطلممق ممما كممان الفعممل العامممل بممه هممو فعممل‬
‫إيجاده‪ ،‬قال ابن هشام والذي غر النحممويين فممي هممذا أنهممم‬
‫يمثلون الفعل المطلق بأفعال العباد وهم إنما يجممرى علممى‬
‫أيممديهم إنشمماء الفعممال ل الممذوات فتوهممموا أن المفعممول‬
‫المطلق ل يكون إل حدثا ولو مثلوا بأفعال الله تعالى لظهر‬
‫لهم أنه ل يختص بذلك لنه سبحانه موجد للفعال وللممذوات‬
‫جميعا قال وكذا البحث في أنشأت كتابا وعمممل فلن خيممرا‬
‫وآمنوا وعملوا الصمالحات همذا مما ذكمره ابمن هشمام‪ ،‬وقمد‬
‫رأيممت للشمميخ تقممي الممدين السممبكي فممي هممذه المسممألة‬
‫بخصوصها تأليفين نفيسين أحممدهما مطممول سممماه التهممدي‬
‫إلى معنى التعدي أتى فيه بنفائس وغرائب ثممم لخصممه فممي‬
‫كتاب أخصر منه سماه بيان المحتمل في تعديه عمممل قممال‬
‫فيه في توجيه ما ذكرناه المفعول به هو محل الفعممل ومممن‬
‫ضرورة قولنا مفعول به أن يكون المفعول غيره فزيدا فممي‬
‫ضربت زيدا مفعول به لنممه فممي محممل الفعممل وأممما الفعممل‬
‫وأما المفعول الذي أوجده الفاعل فالضرب وهممو المفعممول‬
‫المطلق وكممذا نحممو خلممق اللممه السممماوات وعملممت صممالحا‬
‫السممماوات والصممالح هممو نفممس المفعممول ل محممل الفعممل‬
‫والمفعممول غيممره فهممو مطلممق بمعنممى أن ممما سممواه مممن‬
‫المفاعيل مقيد وهممو نفممس المفعممول المطلممق أي المجممرد‬
‫عن القيود وهو الصادر عن الفاعممل وهممو نفممس فعلممه قممال‬
‫وإنما سرى الغلط من ظممن أن المفعممول المطلممق شممرطه‬
‫أن يكون مصدرا وليس كممذلك فليممس كممل مفعممول مطلممق‬
‫مصدرا ‪ -‬هذا كلم السبكي‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )أيان مرساها( ما إعرابه؟‬
‫الجواب ‪ -‬أيان خبر مقدم ومرساها مبتدأ مؤخر‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سورة براءة‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )ول تصل على أحد منهم مات‬
‫أبدا ول تقم على قبره( هل يفسر القيام هنا بزيارة القبممور‬
‫وهل يستدل بذلك على أن الحكمة فممي زيممارته صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قبر أمه أنه لحيائها لتؤمن بممه بممدليل أن تاريممخ‬
‫الزيارة كان بعد النهي‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المراد بالقيام على القبر الوقوف عليه حالممة‬
‫الدفن وبعده ساعة ويحتمل أن يعم الزيارة أيضا أخممذا مممن‬
‫الطلق‪ ،‬وتاريخ الزيارة كان قبل النهي ل بعممده فممإن الممذي‬
‫صح في الحاديث أنه صمملى اللممه عليممه وسمملم زارهمما عممام‬
‫الحديبية والية نازلة بعد غزوة تبوك ثم الضمممير فممي منهممم‬
‫خاص بالمنافقين وإن كممان بقيممة المشممركين يلحقممون بهممم‬
‫قياسا وقد صح في حديث الزيارة أنه استأذن ربه في ذلممك‬
‫فممأذن لممه وهممذا الذن عنممدي يسممتدل بممه علممى أنهمما مممن‬
‫الموحممدين ل مممن المشممركين كممما هممو اختيمماري‪ ،‬ووجممه‬
‫الستدلل به أنه نهاه عن القيام على قبور الكفار وأذن لممه‬
‫في القيام على قبر أمه فدل على أنها ليست منهم وإل لما‬
‫كان يأذن له فيه واحتمال التخصيص خلف الظاهر ويحتمماج‬
‫إلى دليل صريح فإن قلمت اسمتئذانه يمدل علمى خلفمه وإل‬
‫لزارها من غير استئذان قلممت لعلممه كممان عنممده وقفممة فممي‬
‫صحة توحيد من كان في الجاهلية حمتى أوحمي إليمه بصمحة‬
‫ذلك‪.‬‬

‫سورة يونس‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )أمن ل يهدي( ممما أصممل هممذه‬
‫الكلمة وماضيها وما اعللها وهل إعللها جار على الصل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬أصممل يهممدى يهتممدي قلبممت التمماء دال لتممدغم‬
‫فصار يهددى ثم سكنت لذلك فنقلت حركتهمما وهمي الفتحمة‬
‫إلى الهاء قبلها وأدغمت فصار يهدى‪ ،‬قال أبو البقاء‪ :‬ونظير‬
‫ذلك قوله تعالى )يكاد البرق يخطف أبصممارهم( فيمممن قممرأ‬
‫بفتح الياء والخاء والطمماء المشممددة قممال فالصممل يختطممف‬
‫قلبت التاء طاءا وأدغمت فممي الطمماء ونقلممت حركتهمما إلممى‬
‫الخاء وأما الماضي فهدى والصممل اهممددى قلبممت التمماء دال‬
‫‪416‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فصار اهتددى ونقلت حركتها إلى الهاء فاستغنى عن همزة‬
‫الوصل فحذفت وأدغمت الممدال فممي الممدال فصممارت هممدى‬
‫وهذا العلل جار على الصممل وليممس بخممارج عممن القيمماس‬
‫كما نص عليه علماء التصريف فإن فاء الفتعال تممدغم فممي‬
‫أحرف معروفممة منهمما الممدال وقممد مثممل لممذلك الجممار بممردى‬
‫بقراءة مردفيممن والصممل مرتممدفين قلبممت التمماء دال فصممار‬
‫مرددفين ثم نقلمت حركمة المدال إلمى الممراء وأدغمممت فمي‬
‫الثانية‪.‬‬

‫سورة هود‬
‫مسألة ‪ -‬قمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم "شمميبتني هممود‬
‫وأخواتها" ما المراد بأخواتها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المراد بهن سورة الواقعة والمرسمملت وعممم‬
‫يتساءلون وإذا الشمس كورت كذا ثبت مفسرا في حممديث‬
‫الترمذي والحاكم زاد الطبراني في رواية والحاقة‪ ،‬زاد ابممن‬
‫مردويه في أخرى هل أتاك حديث الغاشممية‪ ،‬زاد ابممن سممعد‬
‫فممي أخممرى القارعممة وسممأل سممائل وفممي أخممرى اقممتربت‬
‫الساعة‪.‬‬

‫سورة يوسف‬
‫مسألة ‪-‬‬
‫ما قول حاو لتنبيه لبهجته * در نفيس صحيح يخطف البصرا‬
‫بروضة أظهر المنهاج في مل * محررا ولرباب الذكا قمرا‬
‫في آية قرئت في يوسف علنا * في وحي قرآننا هذا إليك‬
‫جرى‬
‫وفي إشارات آيات الكتاب بها * بتلك في آية تبدو لمن‬
‫نظرا‬
‫هل الشارة معناها الجميع وهل * بأحسن القصص القرآن‬
‫قد حصرا‬
‫وهل تنزل في صوم بأجمعه * أو ليلة القدر أنزلنا كما ذكرا‬
‫وأهل كفر وتوحيد لهم رفق * في النار إن عذبوا هل ذاك‬
‫قد أثرا‬

‫‪417‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ل زلت تجلو ظلم الجهل في زمن * بكم زها ولرشاد‬
‫النام يرى‬
‫بكم شفا وبتوضيح العلوم سما * لمسلم ولجمع الخلق قد‬
‫شهرا‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله حمدا مثل ما أمرا * ثم الصلة على المختار من‬
‫مضرا‬
‫إن الشارة خصوها بما اشتملت * عليه سورتها ل شك‬
‫منحصرا‬
‫وليلة القدر فيها كان منزله * إلى سماء الدنا جمعا كما أثرا‬
‫وأهل توحيده في النار يرتفقوا * بموتهم فشعور منهم‬
‫شعرا‬
‫وأهل كفر فمنهم ذو تشدده * ومن يخفف عنه حسب ما‬
‫ذكرا‬

‫دفع التعسف عن أخوة يوسف‬


‫مسألة ‪ -‬في رجلين قال أحدهما إن أخوة يوسف عليممه‬
‫السلم أنبياء وقال الخر ليسوا بأنبياء فمن أصاب‬
‫الجواب ‪ -‬في أخوة يوسف عليه السلم قولن للعلممماء‬
‫والذي عليه الكثرون سلفا وخلفمما أنهممم ليسمموا بأنبيمماء أممما‬
‫السلف فلم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم قالوا بنبمموتهم‪-‬‬
‫كذا قال ابن تيمية‪ ،‬ول أحفظه عن أحممد مممن التممابعين وأممما‬
‫أتباع التابعين فنقل عن ابممن زيممد أنممه قممال بنبمموتهم وتممابعه‬
‫على هذا فئة قليلة وأنكممر ذلممك أكممثر التبمماع فمممن بعممدهم‪،‬‬
‫وأما الخلف فالمفسرون فرق منهم من قال بقول ابن زيد‬
‫كالبغوي ومنهم من بالغ فممي رده كممالقرطبي والمممام فخممر‬
‫الدين وابن كثير ومنهم من حكى القممولين بل ترجيممح كممابن‬
‫الجوزي ومنهم من لم يتعرض للمسألة ولكن ذكر ممما يممدل‬
‫على عدم كونهم أنبياء كتفسيره السباط بمن نبئ من بني‬
‫إسرائيل والمنزل إليهم بالمنزل إلممى أنبيممائهم كممأبي الليممث‬
‫السمرقندي والواحدي ومنهم من لم يمذكر شميئا ممن ذلمك‬
‫ولكممن فسممر السممباط بممأولد يعقمموب فحسممبه نمماس قممول‬
‫بنبوتهم وإنما أريممد بهممم ذريتممه ل بنمموه لصمملبه كممما سمميأتي‬
‫‪418‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تحرير ذلك‪ ،‬قال القاضي عياض في الشفا أخوة يوسف لم‬
‫تثبت نبوتهم وذكر السباط وعممدهم فممي القممرآن عنممد ذكممر‬
‫النبياء قال المفسرون يريممد مممن نممبئ مممن أبنمماء السممباط‬
‫فانظر إلى هذا النقل عممن المفسممرين مممن مثممل القاضممي‪،‬‬
‫وقال ابن كممثير أعلممم أنممه لممم يقممم دليممل علممى نبمموة أخمموة‬
‫يوسف وظاهر سياق القممرآن يممدل علممى خلف ذلممك ومممن‬
‫الناس من يزعم أنهم أوحى إليهم بعد ذلك وفي هممذا نظممر‬
‫ويحتاج مدعى ذلك إلى دليل ولم يذكروا سوى قوله تعممالى‬
‫)وما أنممزل إلممى إبراهيممم إلممى قمموله والسممباط( وهممذا فيممه‬
‫احتمال لن بطون بنممي إسممرائيل يقممال لهممم السممباط كممما‬
‫يقال للعرب قبائل وللعجم شعوب فذكر تعممالى أنممه أوحممى‬
‫إلى النبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمممال لنهممم‬
‫كثيرون ولكن كل سبط من نسل رجممل مممن أخمموة يوسممف‬
‫ولم يقم دليل على أعيان هؤلء أنهممم أوحممى إليهممم انتهممى‪.‬‬
‫وقال الواحدي السباط من ولد إسحاق بمنزلة القبائل مممن‬
‫ولد إسماعيل وكممان فممي السممباط أنبيمماء وقممال فممي قمموله‬
‫تعمممالى )ويتمممم نعمتمممه عليمممك وعلمممى آل يعقممموب( يعنمممي‬
‫المختصين بالنبوة منهم‪ ،‬وقال السمرقندي في قوله تعالى‬
‫)وما أنزل إلينا( إلى قوله والسباط السبط بلغتهممم بمنزلممة‬
‫القبيلة للعرب وما أنزل على أنبيائهم وهم كانوا يعملون بممه‬
‫فأضاف إليهم كما أنه أنممزل علممى محمممد صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم فأضمماف إلممى أمتممه فقممال وممما أنممزل إلينمما فكممذلك‬
‫السممباط أنممزل علممى أنبيممائهم فأضمماف إليهممم لنهممم كممانوا‬
‫يعملون به وقمال فمي قموله تعمالى )إنما أوحينما إليمك( إلمى‬
‫وقوله )والسباط( هم أولد يعقوب أوحى إلى أنبيائهم‪ ،‬ثممم‬
‫رأيت الشيخ تقي الدين بن تيميممة ألممف فممي هممذه المسممألة‬
‫مؤلفا خاصا قال فيه ما ملخصممه‪ :‬الممذي يممدل عليممه القممرآن‬
‫واللغة والعتبار أن أخوة يوسف ليسمموا بأنبيمماء وليممس فممي‬
‫القرآن ول عن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم بممل ول عممن‬
‫أصحابه خبر بأن الله تعالى نبأهم وإنما احتج من قال إنهممم‬
‫نبئوا بقوله فممي آيممتي البقممرة والنسمماء )والسممباط( وفسممر‬
‫السباط بأنهم أولد يعقوب‪ ،‬والصواب أنه ليس المراد بهممم‬
‫أولده لصلبه بل ذريته كما يقممال فيهممم أيضمما بنممو إسممرائيل‬
‫‪419‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقد كان فممي ذريتممه النبيمماء فالسممباط مممن بنممي إسممرائيل‬
‫كالقبائل من بني إسماعيل‪ ،‬قمال أبمو سمعيد الضمرير أصمل‬
‫السممبط شممجرة ملتفممة كممثيرة الغصممان فسممموا السممباط‬
‫لكممثرتهم فكممما أن الغصممان مممن شممجرة واحممدة كممذلك‬
‫السممباط كممانوا مممن يعقمموب ومثممل السممبط الحافممد وكممان‬
‫الحسممن والحسممين سممبطى رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم والسباط حفدة يعقوب ذرارى أبنممائه الثنممى عشممر‪،‬‬
‫وقال تعممالى )ومممن قمموم موسممى أمممة يهممدون بممالحق وبممه‬
‫يعدلون وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما( فهممذا صممريح‬
‫في أن السباط هم المم من بني إسرائيل كل سبطة أمممة‬
‫ل أنهممم بنمموه الثنمما عشممر بممل ل معنممى لتسممميتهم قبممل أن‬
‫تنتشر عنهم الولد أسباطا فالحال أن السبط هم الجماعممة‬
‫من الناس ومن قممال السممباط أولد يعقمموب لممم يممرد أنهممم‬
‫أولده لصلبه بل أراد ذريته كما قال بنو إسممرائيل وبنممو آدم‬
‫فتخصيص الية ببنيممه لصمملبه غلممط ل يممدل عليممه اللفممظ ول‬
‫المعنى ومن ادعاه فقد أخطأ بينا والصواب أيضا أن كمونهم‬
‫أسباطا إنما سموا به من عهد موسى للية المتقدمة ومممن‬
‫حينئذ كانت فيهم النبوة فإنه ل يعممرف أنممه كممان فيهممم نممبي‬
‫قبل موسى إل يوسف ومما يؤيممد هممذا أن اللممه تعممالى لممما‬
‫ذكر النبياء من ذرية إبراهيم قال ومن ذريته داود وسليمان‬
‫اليات فذكر يوسف ومن معه ولم يذكر السباط فلممو كممان‬
‫أخوة يوسف نبئوا كما نبئ يوسف لذكروا معممه وأيضمما فمإن‬
‫الله يذكر عن النبياء من المحامد والثناء ما يناسممب النبمموة‬
‫وإن كان قبل النبوة كما قال عن موسى )ولممما بلممغ أشممده‬
‫الية( وقال في يوسف كذلك‪ ،‬وفمي الحممديث أكممرم النمماس‬
‫أكرم ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم نبي مممن نممبي مممن‬
‫نبي فلو كانت اخوته أنبياء كانوا قد شاركوه في هذا الكممرم‬
‫وهو تعممالى لممما قممص قصممة يوسممف وممما فعلمموا معممه ذكممر‬
‫اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الستغفار من أبيهم ولممم يممذكر‬
‫من فضلهم ما يناسب النبوة ول شيئا من خصممائص النبيمماء‬
‫بل ول ذكر عنهم توبة باهرة كما ذكر عممن ذنبممه دون ذنبهممم‬
‫بل إنما حكممى عنهممم العممتراف وطلممب السممتغفار ول ذكممر‬
‫سبحانه عن أحد من النبياء ل قبل النبوة ول بعدها أنه فعل‬
‫‪420‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مثل هذه المور العظيمة من عقوق الوالد وقطيعة الرحممم‬
‫وإرقاق المسلم وبيعه إلى بلد الكفر والكممذب الممبين وغيممر‬
‫ذلممك مممما حكمماه عنهممم ولممم يحممك عنهممم شمميئا يناسممب‬
‫الصطفاء والختصمماص الممموجب لنبمموتهم بممل الممذي حكمماه‬
‫يخالف ذلك بخلف ما حكاه عن يوسف‪ ،‬ثم إن القرآن يدل‬
‫على أنه لم يأت أهل مصر نبي قبل موسى سمموى يوسممف‬
‫لية غافر‪ ،‬ولو كان من أخوة يوسف نبي لكان قد دعا أهممل‬
‫مصر وظهرت أخبار نبوته فلما لم يكممن ذلممك علممم أنممه لممم‬
‫يكن منهم نبي فهذه وجوه متعددة يقوى بعضها بعضا‪ .‬وقممد‬
‫ذكر أهل السير أن أخمموة يوسممف كلهممم ممماتوا بمصممر وهممو‬
‫أيضا وأوصى بنقله إلى الشام فنقله موسمى‪ .‬والحاصمل أن‬
‫الغلط في دعوى نبوتهم حصل من ظن انهم هممم السممباط‬
‫وليس كذلك إنما السباط ذريتهم الذين قطعوا أسباطا من‬
‫عهممد موسممى كممل سممبط أمممة عظيمممة ولممو كممان المممراد‬
‫بالسباط أبناء يعقوب لقال ويعقوب وبنيه فإنه أوجز وأبيممن‬
‫واختير لفظ السباط على لفظ بني إسرائيل للشممارة إلممى‬
‫أن النبوة إنما حصلت فيهم من حين تقطيعهم أسباطا مممن‬
‫عهد موسى‪ -‬هذا كله كلم ابن تيمية والله أعلم‪.‬‬

‫سورة الحجر‬
‫مسألة –‬
‫ما القول يا عالم العصر الذي شهدت * بفضله فرق‬
‫العجام والعرب‬
‫في قول رب العل فيما حكاه لنا * في سورة الحجر عن‬
‫قوم أولي نسب‬
‫مستثنيا في نجاة آل لوطهم * بجمعهم يا أولي الحلم‬
‫والرتب‬
‫مستثنيا ثانيا في قوله امرأة * مقررا أنها في غابر الحقب‬
‫ما حكم الول والثاني وذكرهما * في آية نسقا يفضى إلى‬
‫السبب‬
‫ما الشأن فيه أبن ل زلت ترشدنا * في المشكلت وما‬
‫تبديه من عجب‬

‫‪421‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أنا لك الله جنات النعيم إذا * هال الحساب وظل الناس‬
‫في كرب‬
‫ثم الصلة على المختار من مضر * حامي البرية ماحى‬
‫الشرك والريب‬
‫وآله الغر والصحاب ما طلعت * شمس الضحى وحدا حاد‬
‫على قتب‬
‫الجواب –‬
‫حمدا لمن أنزل القرآن بالعربي * مفصل القول محضا غير‬
‫ذي أشب‬
‫ثم الصلة على المختار سيدنا * محمد خير أهل العجم‬
‫والعرب‬
‫إذا تكرر مستثنى نظرت إلى * معناه يوصلك المعنى إلى‬
‫الرب‬
‫فحيث أمكن في كل لسابقه * فاجعله منه بل ريب ول‬
‫نصب‬
‫وهذه الية الغراء منه فخذ * فصل الخطاب وكن في‬
‫الحرب ذا أهب‬
‫فأول مخرج من مجرمين عدوا * لل لوط فل جرم لل‬
‫نبي‬
‫والثاني ينفى من النجاء امرأته * هذا الجواب عن الشياخ‬
‫والكتب‬
‫وابن السيوطي يرجو عفو خالقه * وأن يكون بخير الخلق‬
‫ذا سبب‬

‫سورة النحل‬
‫مسممألة ‪ -‬فممي قمموله تعممالى )وإن تعممدوا نعمممة اللممه ل‬
‫تحصوها( هل المراد بها جنس النعمة أو النعمة الواحدة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أكثر المفسرين على أن المممراد بهمما الجنممس‬
‫وممن جممزم بممه مممن أهممل التممدقيق الراغممب فممي مفرداتممه‬
‫ومحمود بن حمزة الكرماني في غرائبممه‪ ،‬وقيممل المممراد أن‬
‫النعمة الواحدة لو عد ما يتشعب عنها من النعم لم يحممص‪،‬‬
‫وهذا أدق معنى والول أوفق لمراد اللفاظ وموارد اللغة‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سورة السراء‬
‫مسألة –‬
‫ماذا جواب إمام مفرد شهرت * آياته كاشتهار الشمس‬
‫والقمر‬
‫إذ لم يكن ثم من يحصى فضائله * في العصر بل ليس ذا‬
‫في قدرة البشر‬
‫فيما قرأناه في السرا وبان لنا * معناه في محكم اليات‬
‫والسور‬
‫بأن ل شيء في الدنيا بأجمعها * إل يسبح في حمد لمقتدر‬
‫وقول أحمد طه حيث مر على * قبرين قد عذبا في غاية‬
‫الضرر‬
‫وشق غصنا رطيبا ثم أودع في * كل نصيبا كما قد جاء في‬
‫الثر‬
‫وقال تسبيح هذا الغصن غايته * يبسا يحل به ينفيه عن‬
‫نظر‬
‫هل ذا يعارض آيات الكتاب إذا * أو ل يعارضه يا منتهى‬
‫وطري‬
‫جنات عدن لكم مأوى ومسكنكم * يوم المعاد بقصر يانع‬
‫نضر‬
‫ول برحتم لحل المشكلت كما * تأليفكم للهدى يسمو‬
‫مدى الدهر‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله في الصال والبكر * ثم الصلة على المختار من‬
‫مضر‬
‫قد خصصت آية السرى بمتصف * وصف الحياة كرطب‬
‫الزرع والشجر‬
‫فيابس مات ل تسبيح منه كذا * مازال عن موضع كالقطع‬
‫للحجر‬

‫سورة الكهف‬
‫مسممألة مممن حلممب ‪ -‬قممد وقممع فممي تفسممير القاضممي‬
‫البيضاوي موضع عسر فهمه فمي تفسممير قمموله تعممالى فممي‬
‫سورة الكهف )ول تقولن لشيء إني فاعل ذلمك غمدا إل أن‬
‫‪423‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يشاء الله( والستثناء من النهممي أي ل تقممولن لجممل شمميء‬
‫تعزم عليه إني فاعله فيما يستقبل إل بأن يشاء اللممه أي إل‬
‫ملتبسا بمشيئته قائل إن شاء الله أي إل وقت أن يشاء الله‬
‫أن يقوله بمعنى أن يمأذن لمك ول يجمموز تعليقممه بفاعممل لن‬
‫اسممتثناء اقممتران المشمميئة بالفعممل غيممر سممديد واسممتثناء‬
‫اعتراضها دونه ل يناسب النهي انتهى‪ .‬والمقصود بيان ذلك‪،‬‬
‫ويوضح ذلك قموله ول يجموز تعليقمه بفاعمل لن إلمى آخمره‬
‫فإن هذا عسر فهمه على كثير من الناس‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬سممبب ذلممك وجممازة العبممارة واختصممارها‪،‬‬
‫ويوضحه ما في عبارة ابن الحاجب حيث قممال‪ :‬المموجه فيممه‬
‫أن يكون استثناء مفرغمما كقولممك ل تجيممء إل بمإذن زيممد ول‬
‫تخممرج إل عشممية علممى أن يكممون العممم المحممذوف حممال أو‬
‫مصممدرا وحممذفت البمماء مممن بممأن يشمماء اللممه أي إل بممذكر‬
‫المشيئة وقد علم أن ذكر المشيئة المستصحبة في الخبممار‬
‫عممن الفعممل المسممتقبل هممي المشمميئة المممذكورة بحممرف‬
‫الشرط أو مما فمي معنمماه كقولممك لفعلممن إن شماء اللممه أو‬
‫بمشيئة الله وما أشبهها‪ ،‬قال وأما ما ذكر أنه متصل بقمموله‬
‫إني فاعل ففاسد إذ يصير المعنى إني فاعممل بكممل حممال إل‬
‫في حال مشيئة الله فيصممير المعنممى النهممي عممن أن يقممول‬
‫إني فاعل إن شاء الله وهذا ل يقوله أحد‪ .‬انتهى‪ .‬وقد وضح‬
‫بهذا معنى قول القاضي ول يجوز تعليقه بفاعل لن استثناء‬
‫اقتران المشيئة بالفعل غير سديد‪ ،‬وهذا التعليل من زوائده‬
‫على الكشاف أخذه من أمالي ابن الحاجب‪ ،‬وقول القاضي‬
‫واستثناء اعتراضها دونه ل يناسممب النهممي هممذا التعليممل هممو‬
‫المذكور في الكشاف وعبارته ل بقوله إنممي فاعممل لنممه لممو‬
‫قممال إنممي فاعممل كممذا إل أن يشمماء اللممه كممان معنمماه إل أن‬
‫تعترض مشيئة الله دون فعله وذلك ما ل مدخل فيه للنهممي‬
‫انتهى‪ .‬والحاصل أن القاضي علل إبطال تعلقممه بقمموله إنممي‬
‫فاعل بأمرين‪ :‬أحدهما أنه يؤدي إلممى النهممي عممن أن يقممول‬
‫إني فاعل إن شاء الله وذلك فاسد‪ ،‬والثاني أنه يممؤدي إلممى‬
‫أن المعنى إني فاعل إل أن يعممترض المشمميئة دون الفعممل‪،‬‬
‫وهذا القمدر وإن كمان صمحيحا فمي نفسمه إل أنمه ل ممدخل‬
‫للنهي فيممه فل يلممتئم معممه قمموله ول تقممولن لشمميء فبطممل‬
‫‪424‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تعليممق السممتثناء بقمموله إنممي فاعممل ويعيممن تعليقممه بممالنهي‬
‫والول من المرين ذكره ابن الحاجب ولممم يممذكره صمماحب‬
‫الكشاف فجمع القاضي بينهما كعادته في الجمع واليجاز‪.‬‬

‫سورة طه‬
‫مسألة ‪ -‬ما معنى قوله تعالى )ومن أعرض عن ذكممري‬
‫فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليست هممذه اليممة فممي المسمملم الممذي حفممظ‬
‫القممرآن ثممم نسمميه بممل فممي الكممافر‪ ،‬ومعنممى نسمميانه تركممه‬
‫اليمان به والعراض عنه فيحشر يموم القياممة أعممى كمما‬
‫قال تعالى )ونحشممرهم يمموم القيامممة علممى وجمموههم عميمما‬
‫وبكما وصما( ول يظن من ذلك سهولة نسيان القمرآن فقمد‬
‫ورد الوعيد عليمه فمي قموله صملى اللمه عليمه وسملم "ممن‬
‫حفظ القرآن ثم نسيه لقي اللممه يمموم القيامممة أجممذم" رواه‬
‫أبو داود‪.‬‬

‫سورة الفرقان‬
‫مسألة ‪ -‬قوله تعالى )وعادا وثمودا( لممم صممرفت ثمممود‬
‫وفيها علتان مانعتان من الصرف العجمة والعلمية‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس في ثمود عجمة بل هو اسم عربي نمص‬
‫عليه أئمة اللغة منهم الجوهري في صحاحه‪ ،‬وكذا نص أهل‬
‫التاريخ قاطبة على أن قبيلة ثمود من العرب ل من العجممم‬
‫ولهذه الصيغة اشتقاقات وتصاريف في كلم العرب وليممس‬
‫هممذا شممأن العجمممي فليممس فيممه حينئذ ٍ إل العلميممة‪ ،‬ثممم إن‬
‫اعتبر اسما للقبيلة منممع مممن الصممرف للتممأنيث مممع العلميممة‬
‫وإن اعتبر اسما للب أو الحي صرف لخلوه من علة ثانية‪.‬‬

‫سورة الشعراء‬
‫مسألة –‬
‫ماذا يقول إمام العصر من شهدت * بفضله الخلق حتى‬
‫شاع واشتهرا‬
‫في قصة المجتبى موسى الكليم ترى * في قول خالقنا‬
‫في سورة الشعرا‬
‫‪425‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مخاطبا فأتيا فرعون تثنية * قول كذاك كما قد قيل معتبرا‬
‫إنا رسول إله العرش مفردة * من غير تثنية تبدو لمن‬
‫نظرا‬
‫هل الرسالة للثنين مسندة * أو واحد منهما يا ناظم الدررا‬
‫وإن تقولوا لكل ما دللته * أو واحد وحده والحال قد شهرا‬
‫وإن يكن لهما ماذا تقول إذا * قد بلغت من قريب منهما‬
‫وجرى‬
‫أثابك الله جنات النعيم كما * ضاء الزمان بكم والغيث قد‬
‫قطرا‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله حمدا ليس منحصرا * ثم الصلة على المختار‬
‫من مضرا‬
‫موسى وهرون بالرسال قد وصفا * لما دعا باشتراك حيث‬
‫سال جرى‬
‫أما تلوت بطه بعد أزري أشركه ويتلوه في أمري كما أثرا‬
‫وحيث أفرد في أنا رسول فل * إشكال عند لبيب خالط‬
‫الكبرا‬
‫فمن قواعد هذا النحو أن فعو * ل مع فعيل يجي لثنين أو‬
‫كثرا‬

‫سورة الحزاب‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعالى )إن المسمملمين والمسمملمات(‬
‫إلى قوله )أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما( هممل العممداد‬
‫للمجموع أو لكل فرد فرد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬العداد في هذه الية مرتب على المسمملمين‬
‫الموصوفين بكل ما ذكر في الية من الصفات ل علممى كممل‬
‫فرد فرد من الصفات فالمعطوفممات مممن عطممف الصممفة ل‬
‫من عطف الذوات‪ ،‬والمراد بهم البالغون درجة الكمال من‬
‫هذه المة‪ ،‬والمراد بالعد أكمل ما أعد بدليل تنكيممر مغفممرة‬
‫الدال على التعظيم وتنكير أجر الممدال عليممه أيضمما ووصممفه‬
‫تعظيما وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم جممدا ل يعممبر‬
‫عنه وذلك ابلغ ما أعممد للمسمملمين الممذين لممم يتصممفوا بكممل‬
‫هذه الصفات أو ببعضممها فممإن أجرهممم دون ذلممك‪ ،‬هممذا مممن‬
‫‪426‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حيث الستنباط المأخوذ من قواعد العربية والمعمماني وأممما‬
‫من حيث النقل عن العلماء فقممد قممال الغزالممي فممي بعممض‬
‫كلمه إن الموعود في القمرآن بالجنمة لمم يقمع مرتبما علمى‬
‫مجرد السلم أو اليمان بل لم يقع فيه إل مقرونا باشتراك‬
‫انضمام العمال إليممه ذكممر ذلممك فممي معممرض الحممث علممى‬
‫العمال فهذا يدل على أن العمال الواقعة فممي هممذه اليممة‬
‫كل منها جزء المحكوم عليه وليس كل منها محكوممما عليممه‬
‫استقلل‪ ،‬ويؤيده أيضا من حيث الستنباط أنه لممو كممان كممل‬
‫فممرد محكوممما عليممه اسممتقلل لممزم الحكممم علممى فممرد مممن‬
‫العمال كالصوم أو الصدقة المذكور في اليممة مجممردا عممن‬
‫الوصف المصدر به وهو السلم واليمان وهو باطممل قطعمما‬
‫وإذا بطل اللزم بطل الملزوم فإن قال قائل هذا مسممتثنى‬
‫ل بد من اعتباره لما دل عليه من خارج قلنا والبمماقي أيضمما‬
‫دل على اعتبار مجموعه القواعد العربية والبيانية والسممياق‬
‫يرشممد إليممه والحمماديث الممواردة فممي الحسمماب والمموزن‬
‫والتقمماص إذا وقعممت عليهمما بلفظهمما مممع مراعمماة قواعممد‬
‫الستدلل وأساليب البيان وغير ذلك من المور المشترطة‬
‫فممي الجتهمماد أنتجممت للمجتهممد أن العممداد مرتممب علممى‬
‫المجموع ل على كل فرد فرد والله أعلم‪.‬‬

‫سورة سبأ‬
‫مسألة –‬
‫الحمد لله بارئ الخلق والنسم * ومنزل الكتب للتبيين‬
‫للمم‬
‫ثم الصلة على المبعوث من مضر * محمد المصطفى‬
‫الهادي من الظلم‬
‫وآله وصحاب ثم شيعته * والتابعين بإحسان لثرهم‬
‫ماذا تقول موالينا وسادتنا * وقدوة الخلق للرحمن بالحكم‬
‫من مدحهم بكتاب الله منتظم * بفاطر وسواها أي منتظم‬
‫أبقاهم الله في خير وفي دعة * وفي ازدياد علوم فوق‬
‫علمهم‬
‫هل جاز أن يقرأ النسان في سبأ * منساته ويجر الهاء‬
‫كالقسم‬
‫‪427‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهل يجازي بها بالياء إن ضممت * بكسر زاي وضم الراء‬
‫في الكلم‬
‫وهل هشام قرا في نص مذهبه * عن ابن عامر ابراهام‬
‫ملتزم‬
‫في سورة الحج أو في النبياء وما * ترون فيمن قرأ هذا‬
‫بل كتم‬
‫وحالف بطلق من حليلته * بان ذا ليس من سبع على‬
‫المم‬
‫الجواب – أما من قرأ منسأته بالجر فهو لحن مخطممئ‬
‫غالط جاهل لنها مفعول تأكل والمنسأة العصا‪ ،‬وأما )وهممل‬
‫يجازى إل الكفور( ففيممه قراءتممان بضممم اليمماء وفتممح الممزاي‬
‫مبينا للمفعول ورفع الكفور نائبا عن الفاعل‪ ،‬وبضممم النممون‬
‫وكسر الزاي مبنيا للفاعل ونصب الكفور مفعول وليس فيه‬
‫غير ذلك‪ ،‬وأممما ابراهممام فممي الحممج والنبيمماء فلممم يممرد مممن‬
‫طريق التيسير والشاطبية لكن ابن الجزري ذكر في النشر‬
‫أن عياشا روى عن ابن عامر أنه قممرأ ابراهممام فممي القممرآن‬
‫كله‪ ،‬وقد ذكر هو وغيره أن القراءات ليست منحصرة فيما‬
‫في التيسير والشاطبية لكن أخشى أن تكون هممذه الروايممة‬
‫من شواذ السبعة فقد ذكر السبكي وغيره أن عندهم شمميئا‬
‫كثيرا شاذا‪ ،‬وأما الحالف بمالطلق أن هممذه القممراءة ليسممت‬
‫من السبع فأقول أن كان من المبتدئين في هذا الفن ممن‬
‫أخذ بالتيسير والشاظبية فل حنث عليممه لن مممراده ليسممت‬
‫من السبع من طريممق هممذين الكتممابين اللممذين عليهممما الن‬
‫المعول فيمينه مخصوصممة وإن كممان مممن المتبحريممن ممممن‬
‫أمكنه الطلع على ما في النشممر فممإنه يحنممث إل أن يصممل‬
‫إلى درجة الترجيح بحيث يترجح عنممده شممذوذ هممذه الروايممة‬
‫ذ‪ ،‬وقلت في الجواب نظما‪:‬‬ ‫وعدم إثباتها فل يحنث حينئ ٍ‬
‫الحمد لله ذي الفضال والنعم * ثم الصلة على المبعوث‬
‫للمم‬
‫من قال في سبأ منساته وآتى * بالجر فهو حمار قده‬
‫باللجم‬
‫ومن قرأ هل نجازي نون أوله * وكسر زاي فنصب الراء‬
‫عنه نمي‬
‫‪428‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وليس في الحج ابراهام واقتربا * ل في القصيد ول‬
‫التيسير فاحتكم‬
‫لكن في النشر عن عياش يأثره * عن ابن عامرهم يا‬
‫طيب نشرهم‬
‫وحالف بطلق إذ نفاه من السبع الجواب له التفصيل‬
‫فارتسم‬
‫إن كان مبتدئا ل حنث يلحقه * إذ نفيه بيمين وفق ظنهم‬
‫إذ المراد بنفي السبع من طرق * أتت بتيسيرهم أو في‬
‫قصيدهم‬
‫وإن يكن من علة الفن يحنث ل * إن كان مجتهدا يعلو‬
‫لنفيهم‬
‫وابن السيوطي قد خط الجواب لكي * ينجو غدا من سعير‬
‫النار والضرم‬

‫سورة يس‬
‫مسألة ‪ -‬ما معنى قوله تعالى )وضممرب لنمما مثل ونسممي‬
‫خلقه ‪ -‬الية(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬روى الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن‬
‫عباس قال جاء العاصي ابممن وائل إلممى رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم بعظم حائل ففتممه فقممال يمما محمممد أيبعممث‬
‫الله هذا بعد ما أرم قال "نعم يبعممث اللممه هممذا ويميتممك ثممم‬
‫يحييك ثم يدخلك نار جهنم" فنزلت اليات )أولم ير النسان‬
‫أنمما خلقنمماه مممن نطفممة فممإذا هممو خصمميم مممبين( إلممى آخممر‬
‫السورة‪ ،‬ومن هممذا الحممديث يعممرف معنممى اليممة فالنسممان‬
‫الممممذكور همممو العاصمممي ابمممن وائل السمممهمي وهمممو أحمممد‬
‫المستهزئين المذكورين في سورية الحجر قتل ببممدر كممافرا‬
‫وضربه المثل بالعظم الرميم ونسمي خلقمه أول ممن نطفمة‬
‫ولهذا قال تعالى )قل يحييها الذي أنشأها أول مرة( والقادر‬
‫على النشاء قادر على العادة بل هي أهون‪.‬‬

‫سورة الصافات‬
‫القول الفصيح في تعيين الذبيح‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫‪429‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى وبعد فقممد‬
‫وردت إلى فتوى في السيد إسحاق والسيد إسممماعيل مممن‬
‫الذبيح منهما والخلف الوارد فيهما ما الصح والراجح منممه‪.‬‬
‫فأجبت الخلف في الذبيح معممروف مشممهور بيممن الصممحابة‬
‫فمممن بعممدهم ولكممل مممن القممولين حجممج أممما القممول بممأنه‬
‫إسماعيل فهممو قممول علممي وابممن عمممر وأبممي هريممرة وأبممي‬
‫الطفيل وسعيد بممن جممبير ومجاهممد والشممعبي ويوسممف بممن‬
‫مهران والحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي وسممعيد‬
‫بن المسيب وابي جعفر الباقر وأبي صالح والربيع ابن أنس‬
‫والكلبي وأبي عمرو بن العلء وأحمد بن حنبل وغيرهم وهو‬
‫إحدى الروايتين عن ابن عبمماس‪ ،‬ورجحممه جماعممة خصوصمما‬
‫غالب المحدثين‪ ،‬وقال أبو حاتم الصحيح أنه إسماعيل وقال‬
‫البيضاوي إنه الظهر‪ ،‬وفي الهدي أنه الصممواب عنممد علممماء‬
‫الصممحابة والتممابعين فمممن بعممدهم‪ ،‬قممال وأممما القممول بممأنه‬
‫إسحاق فمردود بأكثر من عشرين وجهمما روى الحمماكم فممي‬
‫المستدرك وابن جرير فممي تفسمميره والممموي فممي مغممازيه‬
‫والخلعي في فوائده من طريق إسممماعيل بممن أبممي كريمممة‬
‫عن عمر ابن أبي محمد الخطابي عن العتبي عن أبيممه عممن‬
‫عبد الله بن سعد عن الضابجي قال حضرنا مجلس معاويممة‬
‫رضممي اللممه عنممه فتممذاكر القمموم إسممماعيل وإسممحاق ابنممي‬
‫إبراهيم أيهممما الذبيممح فقممال بعممض القمموم إسممماعيل وقممال‬
‫بعضهم بل إسحاق فقال معاوية علممى الخممبير سممقطتم كنمما‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أعرابي فقال‬
‫يا رسول الله خلفت الكل يابسا والماء عابسا هلممك العيممال‬
‫وضاع المال فعد على مما أفاء الله عليك يا ابممن الممذبيحين‬
‫فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسمملم ولممم ينكممر عليممه‬
‫فقال القوم من الممذبيحان يمما أميممر المممؤمنين قممال إن عبممد‬
‫المطلب لما أمر بحفر زمزم نممذر للممه إن سممهل أمرهمما أن‬
‫ينحر بعض بنيه فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة فخممرج‬
‫السهم على عبد اللممه فممأراد أن ينحممره فمنعممه أخممواله بنممو‬
‫مخزوم وقالوا ارض ربك وافد ابنك ففداه بممائة ناقمة قمال‬
‫معاوية هذا واحد والخر إسماعيل‪ ،‬هذا حديث غريممب وفممي‬
‫إسناده من ل يعرف حاله‪ ،‬وروى المام أحمممد فمي مسممنده‬
‫‪430‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من طريق حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغنوي عممن أبمي‬
‫الطفيل عن ابمن عبماس قمال لمما أممر إبراهيمم بالمناسمك‬
‫عرض له الشيطان عند المسعى فسممابقه فسممبقه إبراهيممم‬
‫ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة فعممرض لممه الشمميطان‬
‫فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض لممه عنممد الجمممرة‬
‫الوسممطى فرممماه بسممبع حصمميات وثممم تلممه للجممبين وعلممى‬
‫إسماعيل قميص أبيممض فقممال لممه يمما أبممت ليممس لممي ثمموب‬
‫تكفيني فيه غيره فاخلعه حتى تكفنني فيممه فعممالجه ليخلعممه‬
‫فنودي من خلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ‪ -‬الحممديث‬
‫بطوله في المناسك‪ ،‬ثم رواه أحمد مممن طريممق حممماد عممن‬
‫عطاء بممن السممائب عممن سممعيد بممن جممبير عممن ابممن عبمماس‬
‫فذكره إل أنه قال إسحاق قممال ابممن كممثير والول أصممح لن‬
‫أمور المناسك إنما وقعت لبراهيم وإسماعيل‪ ،‬وروى أحمد‬
‫أيضا عن سفيان عن منصور عن خمماله مسممافع عممن صممفية‬
‫بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامممة‬
‫أهل دارنا أرسل رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم إلممى‬
‫عثمان بن طلحة وقالت مرة أنها سألت عثمممان لممم دعمماك‬
‫النبي صلى اللممه عليممه وسمملم قممال‪ :‬قممال إنممي كنممت رأيممت‬
‫قرنممي الكبممش حيممن دخلممت الممبيت فنسمميت أن آمممرك أن‬
‫تخمرهما فخمرهما فإنه ل ينبغي أن يكون في البيت شمميء‬
‫يشغل المصلين‪ ،‬قال ابن كثير هذا دليممل مسممتقل علممى أن‬
‫الذبيح إسماعيل فمإن قريشما توارثموا قرنمي الكبمش المذي‬
‫فدى به إبراهيم خلفا عن سلف‪ ،‬وقممال الشممعبي قممد رأيممت‬
‫قرني الكبش في الكعبة‪ ،‬وقال ابن جرير ثنا يونس أنا ابممن‬
‫وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبممي ربمماح عممن‬
‫ابممن عبمماس قممال المفممدى إسممماعيل وزعمممت اليهممود أنممه‬
‫إسحاق وكذبت اليهود وقممال ابممن إسممحاق ذكممر محمممد بممن‬
‫كعب أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلمى رجمل كمان يهوديما‬
‫فاسلم وحسن إسلمه وكان من علمممائهم فسممأله أي ابنممي‬
‫إبراهيم أمر بذبحه فقال إسماعيل والله يمما أميممر المممؤمنين‬
‫وإن يود لتعلممم بممذلك ولكنهممم يحسممدونكم معشممر العممرب‪،‬‬
‫وقال ابن كثير نص في التوراة أن إسماعيل ولد ولبراهيممم‬
‫ست وثمانون سنة وولد إسحاق وله تسع وتسعون وعندهم‬
‫‪431‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده ‪ -‬وفي نسخة بكره‬
‫‪ -‬فممأقحموا ههنمما كممذبا وحسممدا )إسممحاق( وحرفمموا وحيممدك‬
‫بمعنى الذي ليس عندك غيممره فمإن إسمماعيل كمان بمكمة‪،‬‬
‫وهذا تحريف وتأويل باطل فإنه ل يقال وحيد إل لممن ليمس‬
‫له غيره وأيضا فإن أول ولد له معزة ما ليسممت لمممن بعممده‬
‫من الولد فالمر بذبحه ابلغ في البتلء والختبار ولن اللممه‬
‫تعممالى قممال بعممد ذلممك )وبشممرناه بإسممحاق( فممدل علممى أن‬
‫المأمور بذبحه غيره وقممال )فبشممرناها بإسممحاق ومممن وراء‬
‫إسحاق يعقوب( أي يولمد لمه ولمد يسممى يعقموب وذلمك ل‬
‫يتخلف فامتنع أن يؤمر بذبحه‪ ،‬قال ومممن قممال إنممه إسممحاق‬
‫فإنما أخذه عن أهل الكتاب بل حجممة وليممس فيممه كتمماب ول‬
‫سنة قال وقد ورد في ذلك حمديث لمو ثبممت لقلنما بممه علممى‬
‫الرأس والعين وهو وما رواه ابن جرير عن أبي كريممب عممن‬
‫زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عممن علممى ابممن زيممد بممن‬
‫جدعان عن الحسن عن الحنف بن قيس عن العبمماس ابممن‬
‫عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسمملم قممال الذبيممح‬
‫إسحاق‪ ،‬والحسن بن دينار متروك وشمميخه منكممر الحممديث‪،‬‬
‫وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن‬
‫حماد بن سلمة عن علي بن زيد به مرفوعمما‪ ،‬ثممم رواه عممن‬
‫مبارك بن فضالة عن الحسن عن الحنف عن العباس قوله‬
‫وهذا أشبه واصح انتهى‪ .‬قلت قد رفعه مبارك مممرة فممرواه‬
‫البزار في مسنده عن معمر بن سهل الهوازي عن مسمملم‬
‫بن إبراهيم عن مبارك عن الحسن عن الحنف عن العباس‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬الذبيح إسحاق" ولممه‬
‫شواهد أحدها ما أخرجه البزار عن أبي كريب عممن زيممد بممن‬
‫الحباب عن أبي سعيد عن علي بمن زيمد عمن الحسممن عمن‬
‫الحنف عن العباس عن النبي صلى الله عليممه وسمملم قممال‬
‫داود أسألك بحق آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب قممال أممما‬
‫إبراهيم فالقي في النار فصبر في أجلي وتلك بلية لم تنلك‬
‫وأما إسحاق فبذل نفسه للذبح فصبر من أجلي وتلممك بليممة‬
‫لم تنلك وأما يعقوب فغاب يوسف عنه وتلك بلية لم تنلممك‪،‬‬
‫وأبو سعيد هو الحسن بن دينار ضمعيف كمما تقمدم‪ ،‬وأخمرج‬
‫الديلمي في مسند الفردوس من طريق عبد الله بن محمد‬
‫‪432‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بن ناجية عن محمد بن حرب النسائي عن عبد المؤمن بممن‬
‫عباد عن العمش عن عطية عن أبي سعيد الخممدري قممال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن داود سأل ربممه‬
‫مسممألة فقممال اجعلنممي مثممل إبراهيممم وإسممحاق ويعقمموب‬
‫فأوحى الله إليه أني ابتليت إبراهيممم بالنممار فصممبر وابتليممت‬
‫إسممحاق بالذبممح فصممبر وابتليممت يعقمموب فصممبر"‪ .‬الحممديث‬
‫الثاني ما أخرجه الدارقطني والديلمي في مسند الفردوس‬
‫من طريقه عن محمد بممن أحمممد بممن إبراهيممم الكمماتب عممن‬
‫الحسين بن فهم عن خلف بن سالم عن بهز بن أسممد عممن‬
‫شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الحوص عممن عبممد اللممه بممن‬
‫مسممعود قممال‪ :‬قممال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫"الذبيح إسحاق" الثالث ما أخرجه الطبراني في الكبير من‬
‫طريق شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الحوص قممال افتخممر‬
‫رجل عند ابن مسعود وفي لفمظ فماخر اسمماء بمن خمارجه‬
‫رجل فقممال أنمما ابممن الشممياخ الكممرام فقممال عبممد اللممه ذاك‬
‫يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيممم خليممل‬
‫الله وهذا إسناد صحيح موقوف وروى أيضا عنه قممال سممئل‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم مممن أكممرم النمماس قممال‬
‫يوسف بن إسحاق ذبيح الله وفي سنده بقيممة وهممو مممدلس‬
‫وأبو عبيدة عممن أبيممه عبممد اللممه منقطممع‪ ،‬الرابممع ممما أخرجممه‬
‫الطبراني في الوسط وابممن أبممي حمماتم فممي تفسمميره مممن‬
‫طريق الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن زيد بممن أسمملم‬
‫عن أبيه عن عطماء بمن يسمار عمن أبمي هريمرة قمال‪ :‬قمال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن الله خيرني بيممن أن‬
‫يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي فمماخترت شممفاعتي ورجمموت‬
‫أن يكون أعم لمتي ولول الذي سبقني إليممه العبممد الصممالح‬
‫لعجلت دعوتي إن الله لما فممرج عممن إسممحاق كممرب الذبممح‬
‫قيل له يا إسحاق سل تعطه قال أممما واللممه لتعجلنهمما قبممل‬
‫نزغات الشيطان اللهممم مممن مممات ل يشممرك بممك شمميئا قممد‬
‫احسن فمماغفر لممه‪ ،‬وعبممد الرحمممن ضممعيف قممال ابممن كممثير‬
‫والحديث غريب منكممر قممال وأخشممى أن يكممون فيممه زيممادة‬
‫مدرجة وهي قوله إن اللمه لمما فمرج إلمى آخمره‪ ،‬وإن كمان‬
‫محفوظمما فالشممبه أن السممياق عممن إسممماعيل وحرفمموه‬
‫‪433‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بإسحاق‪ ،‬وأخرج عبد الرزاق عمن معممر عمن الزهمري عمن‬
‫القاسم قال اجتمممع أبممو هريممرة وكعممب فجعممل أبممو هريممرة‬
‫يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل نممبي دعمموة‬
‫مستجابة وأني قد خبأت دعوتي شفاعة لمتي يوم القيامممة‬
‫فقال كعب أفل أخبرك عن إبراهيممم إنمه لمما رأى ذبمح ابنممه‬
‫إسحاق قال الشيطان إن لم أفن هؤلء عند هذه لم افتنهم‬
‫أبدا فخرج إبراهيمم بمابنه ليمذبحه فمذهب الشميطان فمدخل‬
‫على سارة فقال أيممن ذهممب إبراهيممم بابنممك قممالت غممدا بممه‬
‫لبعض حاجاته قال فإنه لم يغممد بممه لحاجممة وإنممما ذهممب بممه‬
‫ليذبحه قالت ولم يذبحه قال زعم أن ربه أمره بذلك قممالت‬
‫قد أحسن أن يطيع ربه فذهب الشيطان في أثرهممما فقممال‬
‫للغلم أين ذهب بك أبوك قال لبعممض حاجمماته قممال فممإنه ل‬
‫يذهب بك لحاجة ولكنه يذهب بك ليذبحك قال ولم يممذبحني‬
‫قال يزعم أن ربه أمره بذلك قممال فمموا اللممه لئن كممان اللممه‬
‫أمره بذلك ليفعلن فتركه ولحق بإبراهيم فقال أيممن غممدوت‬
‫بابنك قال لحاجة قال فإنك لم تغد به لحاجة إنما غدوت بممه‬
‫لتذبحه قال ولم أذبحه قال تزعم أن ربك أمرك بممذلك قممال‬
‫فوا الله لئن كان الله أمرني بذلك لفعلممن فممتركه ويئس أن‬
‫يطاع‪ ،‬وقد رواه ابن جرير عن يونس بن عبممد العلممى عممن‬
‫ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عمممرو بممن‬
‫أبي سفيان بن أسيد ابن حارثة الثقفي أخبره أن كعبا قممال‬
‫لبي هريرة فذكره بطوله‪ ،‬وقال في آخره وأوحى الله إلى‬
‫إسحاق إني أعطيتك دعوة استجيب لك فيهمما قممال إسممحاق‬
‫اللهممم إنممي أدعمموك أن تسممتجيب لممي أيممما عبممد لقيممك مممن‬
‫الولين والخرين ل يشرك بممك شمميئا فممأدخله الجنممة‪ ،‬وقممال‬
‫عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد أنا الليث بن خلد أبو بكر‬
‫البلخي حدثنا محمد بن ثابت العبدي عممن موسممى بممن أبممي‬
‫بكر عن سعيد بن جبير قممال لممما رأى إبراهيممم فممي المنممام‬
‫ذبح إسحاق سار به من منزله إلممى المنحممر بمنممى مسمميرة‬
‫شهر في غداة واحدة فلممما صممرف عنممه الذبممح وأمممر بذبممح‬
‫الكبش ذبحه ثم راح به رواحا إلى نزله فممي عشممية واحممدة‬
‫مسيرة شهر طويت له الودية والجبال‪ ،‬وهذا القممول نسممبه‬
‫القرطبي للكثرين وعزاه البغوي وغيممره إلممى عمممر وعلممي‬
‫‪434‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وابن مسممعود وجممابر والعبمماس وعكرمممة وسممعيد بممن جممبير‬
‫ومجاهد والشعبي وعبيد بن عميمر وأبمي ميسمرة وزيمد بمن‬
‫اسلم وعبد اللممه بممن شممقيق والزهممري والقاسممم بممن يزيممد‬
‫ومكحممول وكعممب وعثمممان بممن حاضممر والسممدي والحسممن‬
‫وقتادة وأبي الهذيل وابن سابط ومسروق وعطمماء ومقاتممل‬
‫وهو إحدى الروايممتين عممن ابممن عبمماس واختمماره المممام أبممو‬
‫جعفر بن جرير الطبري وأجاب عن البشممارة بيعقمموب بممأنه‬
‫كان قد بلغ معه السعي أي العمل ومممن الممكممن أنممه كممان‬
‫ولد له أولد مع يعقمموب أيضمما‪ ،‬وأممما القرنممان فمممن الجممائز‬
‫أنهما نقل من بلد الشام‪ ،‬وقال سعيد بن جبير سار به مممن‬
‫الشام على البراق حتى آتى به منى في ليلممة واحممدة فلممما‬
‫صرف عنه الذبح سار به كذلك‪ ،‬وأخرج من طريق داود عن‬
‫عكرمة عن ابن عباس في قوله وبشرناه بإسحاق نبيا قممال‬
‫بشر به نبيا حين فممداه اللمه ممن الذبممح ولمم تكممن البشمارة‬
‫بالنبوة عند مولده‪ ،‬وجزم بهذا القممول القاضممي عيمماض فممي‬
‫الشفا والسهيلي في التعريف والعلم وكنت ملت إليه في‬
‫علممم التفسممير وأنمما الن متوقممف فممي ذلممك واللممه سممبحانه‬
‫وتعالى أعلم‪.‬‬

‫سورة الفتح‬
‫مسألة ‪ -‬قوله تعالى )ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبممك‬
‫وما تأخر(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أحسن ما يجاب به عن الية الكريمة أنه كنى‬
‫بالمغفرة عن العصمة أي ليعصمممك اللممه عممن الممذنب فيممما‬
‫تقدم من عمرك وممما تممأخر وقممد نممص غيممر واحممد علممى أن‬
‫المغفرة والعفممو والتوبممة جمماءت فممي القممرآن والسممنة فممي‬
‫معرض السقاط والترخيص وإن لم يكن ذنممب ومنممه قمموله‬
‫تعالى )عفا الله عنممك لممم أذنممت لهممم( عفمما اللممه لكممم عممن‬
‫صدقة الخيل والرقيق )فإذ لم تفعلمموا وتمماب اللممه عليكممم ‪-‬‬
‫علم الله أنكم كنتم تختممانون أنفسممكم فتمماب عليكممم وعفمما‬
‫عنكم( أي رخص لكم )علم أن لممن تحصمموه فتمماب عليكممم(‬
‫وقد ألفت في ذلك مؤلفا سميته )المحرر في قمموله تعممالى‬
‫ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر(‪.‬‬
‫‪435‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫سورة الواقعة‬
‫مسألة ‪ -‬قوله تعالى )يطمموف عليهممم ولممدان مخلممدون(‬
‫هل الولدان من مخلوقممات الممدنيا أو مممن مخلوقممات الجنممة‬
‫وهل هم طوال أو قصار وهل يتمتعون في الخرة بالنساء‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الولدان مممن مخلوقممات الجنممة ل الممدنيا وهممم‬
‫متفاوتون في الخلقة بالطول والقصر وكذلك الحور بخلف‬
‫أهل الجنة من البشممر فممإنهم سممواء فممي الخلقممة ول يتمتممع‬
‫الولدان فممي الجنممة بالنسمماء بممل هممم معممدون لخدمممة أهممل‬
‫الجنة‪.‬‬

‫سورة المجادلة‬
‫مسألة من حلب ‪ -‬وقع في تفسير البيضاوي في سورة‬
‫قد سمع الله )وللكافرين عممذاب أليممم( قممال القاضممي وهممو‬
‫نظير قوله تعالى )ومن كفر فإن الله غنممي عممن العممالمين(‬
‫فما وجه كونه نظيرا له‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬وجه إيقمماع لفممظ الكفممر موضممع عممدم الفعممل‬
‫فإنه هناك أوقع ومن كفر موضع ومن لممم يحممج وهنمما أوقممع‬
‫وللكافرين موضع وللذين ل يقبلونها‪.‬‬

‫سورة الملك‬
‫مسممألة مممن حلممب ‪ -‬وقممع فممي تفسممير البيضمماوي فممي‬
‫تفسير الملك فممي قمموله )فسممحقا لصممحاب السممعير( قممال‬
‫والتغليب لليجاز إلى آخره فالتغليب في ماذا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو في قوله لصحاب السممعير فممإنه أريممد بممه‬
‫الفريقان أصممحاب السمعير والمذين قمالوا لمو كنمما نسممع أو‬
‫نعقل ما كنا فيهم ولو جاء على طبق الية المتقدمممة لقيممل‬
‫فسحقا لهم ولصحاب السعير منهم فوقع التغليممب لليجمماز‬
‫ولن الذين يكونون فيهم يصيرون منهم‪.‬‬

‫سورة المدثر‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله سبحانه وتعالى )والصممبح إذا أسممفر(‬
‫هل له تعلق بضمموء الشمممس أم ل وهممل للنهممار ضمموء غيممر‬
‫‪436‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ضوء الشمس مختص به أم ل نممور لممه ول ضمموء أصممل وممما‬
‫معنى قمموله تعممالى )حممتى يتممبين لكممم الخيممط البيممض مممن‬
‫الخيط السود من الفجر( وهل الوارد في الحديث أن اللممه‬
‫تعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وسملم فجممزأه أربعممة‬
‫أجزاء فخلممق مممن الجممزء الول العممرش وخلممق مممن الجممزء‬
‫الثاني القلم وخلق من الثالث اللوح ثم قسم الجزء الرابممع‬
‫وجزأه أربعة أجزاء وخلق من الجزء الول العقل وخلق من‬
‫الجزء الثاني المعرفة وخلق من الجزء الثالث نور الشمس‬
‫والقمر ونور البصار ونور النهار وجعل الجممزء الرابممع تحممت‬
‫ساق العمرش ممدخورا يقتضمي أن نمور الشممس غيمر نمور‬
‫النهممار أم ل‪ ،‬وهممل قممال قممائل أن المممراد بقمموله تعممالى‬
‫)والشمس وضحاها( أن الضحى هنمما هممو النهممار فممي قمموله‬
‫تعممالى )والنهممار إذا جلهمما( وهممل هممما غيممر أم ل أفتونمما‬
‫مأجورين وأبسطوا الجواب أثابكم الله الجنة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله وسلم على عباده الذين اصممطفى‬
‫الصبح في اللغة هو الفجر كذا في الصممحاح وأسممفر معنمماه‬
‫اضاء كذا أخرجه ابن المنممذر فممي تفسمميره عممن قتممادة وإذا‬
‫تعلق بهذين المرين لممم يكممن لليممة تعلممق بضمموء الشمممس‬
‫ومقتضممى الدلممة مممن الحمماديث والثممار وكلم الثممم ة فممي‬
‫تفسير اليات وكلم أهل اللغة مختلممف منممه ممما يشممهد لن‬
‫النهار نوره غير نور الشمس ومنه ما يشهد لن نوره نورها‬
‫فمن الول ما أخرجه ابن جرير فممي تفسمميره عممن السممدي‬
‫في قوله تعالى )الحمد لله الذي خلممق السممماوات والرض‬
‫وجعل الظلمات والنور( قال الظلمات ظلمة الليممل والنممور‬
‫نور النهار فهذا تصريح بأن النهار له نور حيممث أضممافه إليممه‬
‫وقابله بظلمة الليل وليممس سممببه الشمممس كممما أن ظلمممة‬
‫الليل ليس لها سبب نشممأت عنممه‪ ،‬وأخممرج ابممن جريممر عممن‬
‫قتادة في الية قال خلق الله السماوات قبل الرض وخلممق‬
‫الظلمة قبل نور النور وخلق الجنة قبممل النممار‪ ،‬وأخممرج ابممن‬
‫المنذر عن أبي عبيممد فممي اليممة قممال النممور الضمموء فهممذان‬
‫صريحان في أن المراد بالنور ضوء خلقه الله على حمماله ل‬
‫تعلق له بالشمس ول بغيرهمما‪ ،‬وأخممرج ابممن أبممي حمماتم فممي‬
‫تفسيره عن عكرمة قال سئل ابن عباس الليممل كممان قبممل‬
‫‪437‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫النهار فقرأ ابن عباس )إن السممماوات والرض كانتمما رتقمما(‬
‫قال فالرتق الظلمة الليل كان قبل النهار‪ ،‬ومن الدلة على‬
‫ذلممك قمموله تعممالى )فمحونمما آيممة الليممل وجعلنمما آيممة النهممار‬
‫مبصرة( فكما أن الليل كممان يسمممى ليل قبممل خلممق القمممر‬
‫فيممه كمذلك كممان يسممى النهمار نهممارا قبمل خلمق الشمممس‬
‫واسممتمرت التسمممية فممي الليممل والنهممار بعممد خلممق القمممر‬
‫والشممس فالنهمار علمى همذا غيمر الشممس وضموؤها غيمر‬
‫نورهمما‪ ،‬وقممال الكرممماني القممديم فممي تفسمميره فممي سممورة‬
‫النعام في قوله )وجعل الظلمات والنممور( جمممع الظلمممات‬
‫لنهمما تحممدث عممن أشممياء كظلمممة الليممل وظلمممة السممحاب‬
‫وظلمة البحر ووحد النور لنه متحد الوصممف وهممو ممما يممرى‬
‫ويرى به‪ ،‬وأعظم دليل على أن النهار له نور يخصه ل تعلق‬
‫له بالشمس أن الجنة فيها نهممار بل شمممس أخممرج الممبيهقي‬
‫في شعب اليمان عن شعيب بن الحجممام قممال خرجممت أنمما‬
‫وأبو الغالب الرياحي قبل طلمموع الشمممس فقممال نممبئت أن‬
‫الجنة هكذا‪ ،‬وقد وردت آثار بأن اليام علممى عممدتها أجسممام‬
‫مخلوقة تتكلم وتحشر كأثر ما من يوم ينقضي من الدنيا إل‬
‫قال ذلك اليوم الحمد لله الذي أخرجني مممن الممدنيا وأهلهمما‬
‫ثم يطوى عليه فيختم إلى يوم القيامة حتى يكون اللممه هممو‬
‫الذي يفض خاتمه أخرجه أبو نعيم في الحليممة عممن مجاهممد‪،‬‬
‫وروى ابن خزيمة والحمماكم فممي المسممتدرك حممديث تحشممر‬
‫اليام على هيئتها وتحشر الجمعة زهراء منيرة أهلها يحفون‬
‫بها كالعروس تضيء لهممم يمشممون فمي ضمموئها فهممذه كلهمما‬
‫تدل على أن النهار لمه ضمموء يخصممه ل تعلمق لمه بالشممس‬
‫لكن عارض هذا أن ابن جرير قال في تفسيره اختلف أهممل‬
‫التأويل في قوله تعالى )والشمممس وضممحاها( فقممال قتممادة‬
‫معنى ذلك والشمس والنهار وكان يقول الضحى هو النهممار‬
‫كله وقال مجاهد وضحاها وضوءها قال ابن جرير والصواب‬
‫أن يقال إن الله تعالى أقسم بالشمممس ونهارهمما لن ضمموء‬
‫الشمس الظاهرة همو النهمار همذه عبمارة ابمن جريمر وهمي‬
‫صريحة في أن النهار هو ضمموء الشمممس‪ ،‬وقممال الكرممماني‬
‫القممديم فممي تفسمميره ممما نصممه‪ :‬والشمممس سممراج النهممار‬
‫بالجماع وضحاها ارتفاعها وضوؤها وحرها وقيل هممو النهممار‬
‫‪438‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كله ثم قال )والنهار إذا جلها( أي جلممى الظلمممة وقيممل جل‬
‫الشمس لنها تظهممر بالنهممار وإن كممان النهممار مممن ضمموئها ‪-‬‬
‫هذه عبممارته وهممي أيضمما صممريحة فممي أن النهممار مممن ضمموء‬
‫الشمس‪ ،‬وقممال الراغممب الصممبح والصممباح أول النهممار وهممو‬
‫وقت ما احمر الفق بحاجب الشمممس فأسممند نممور الصممباح‬
‫والنهار إلى الشمس وقد وردت آثار كممثيرة اسممتوفيتها فممي‬
‫التفسير المأثور شاهدة للقولين معا ول حاجة إلى الطالممة‬
‫بذكرها وفيها ما يدل على أن الفجر أيضا من نور الشمممس‬
‫وفيها ما يدل على خلفه‪ ،‬والحديث المممذكور فممي السممؤال‬
‫ليس له إسناد يعتمد عليه‪ ،‬وقممول السممائل وهممو قممال قممائل‬
‫إلى آخره قد حكيناه فما تقدم عن قتادة والله أعلم‪.‬‬

‫سورة المرسلت‬
‫مسألة ‪ -‬في قمموله تعممالى )إنهمما ترمممي بشممرر كالقصممر‬
‫كأنه جمالت صفر(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬في قوله تعالى كالقصر قراءتممان المشممهورة‬
‫بسكون الصاد والمراد به البيت قاله ابن قتيبممة‪ ،‬وقممال ابممن‬
‫مسعود كالحصون والمدائن وقممرأ ابممن عبمماس بفتممح الصمماد‬
‫جمع قصرة والمراد به أعنمماق البممل وقيممل أصممول الشممجر‬
‫قال ابن عباس كانت العرب تقول فممي الجاهليممة‪ :‬اقصممروا‬
‫لنا الحطممب فيقطممع علممى قممدر الممذراع والممذراعين‪ ،‬وقمموله‬
‫جمالت فيه قراءتان المشهورة بكسر الجيممم جمممع جمالممة‬
‫وجمالة جمع جمل والصفر هي السود شبهها بالبل السممود‬
‫وإطلق الصفر على البل السود معمروف كمإطلق السمواد‬
‫على الخضرة وقرأ ابن عباس جمالت بضم الجيم وفسممره‬
‫بحبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حممتى تكممون كأوسممط‬
‫الرجال رواه البخاري في صممحيحه والقراءتممان بتفسمميرهما‬
‫في قوله تعالى )حتى يلج الجمل فممي سممم الخيمماط( وفممي‬
‫رواية عن ابن عباس أن المراد بقوله )جمالت صفر( قطع‬
‫نحاس أخرجها ابن أبي حاتم‪.‬‬

‫سورة الليل‬

‫‪439‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله تعممالى )ل يصمملها إل الشممقى الممذي‬
‫كذب وتولى وسيجنبها التقى( إلى آخر السورة هممل نزلممت‬
‫في رجلين معينين وما سبب نزولها وهل المراد بالتقى أبو‬
‫بكر الصديق‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أخرج الممبزار فممي مسممنده وابممن جريممر وابممن‬
‫المنذر في تفسيرهما عن عبد الله بن الزبيممر‪ ،‬وابممن جريممر‬
‫أيضا عن سعيد بن جبير وابن أبي حمماتم فممي تفسمميره عممن‬
‫عروة بن الزبير أن قوله تعالى )وسيجنبها التقى( إلى آخر‬
‫السورة نزلت في أبي بكممر الصممديق حيممث اشممترى سممبعة‬
‫كلهم يعذب في الله وأعتقهم‪ ،‬وقال ابن جريممر ان الصممحيح‬
‫الذي قاله أهل التأويل إنها نزلت في أبممي بكممر رضممي اللممه‬
‫عنه‪ ،‬واخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي اللممه عنممه‬
‫أن الية نزلت في أبي بكر وأن ما قبلها نزل فممي أميممة بممن‬
‫خلف‪ ،‬وممن ذكر أنهمما نزلممت فممي أبممي بكممر الواحممدي فممي‬
‫أسممباب النممزول والسممهيلي فممي التعريممف والعلم وقممال‬
‫القرطبي في تفسيره قممال ابممن عبمماس الشممقى أميممة بممن‬
‫خلف والتقى أبو بكر الصديق‪ ،‬وقممال بعممض أهممل المعمماني‬
‫أراد بالشقى والتقى الشقي والتقي‪ ،‬ونقل ابن جرير هممذا‬
‫القممول وضممعفه وصممحح الول وقممد تممواردت خلئق مممن‬
‫المفسرين ل يحصون على أنها نزلممت فممي أبممي بكممر واللممه‬
‫أعلم‪.‬‬

‫الحبل الوثيق في نصرة الصديق‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى وبعد فقممد‬
‫رفع إلى سؤال في قوله تعالى )ل يصلها إل الشقى الذي‬
‫كذب وتولى وسيجنبها التقى الذي يؤتي ماله يممتزكى( إلممى‬
‫آخر السورة هل نزل ذلك فممي رجليممن معينيممن وممما سممبب‬
‫نزوله وهل المراد بالتقى أبو بكممر الصممديق أو اليممة عامممة‬
‫فيه وفي غيره‪ ،‬وذكر السائل أن السبب فممي هممذا السممؤال‬
‫أن المير ازدمر حاجب الحجاب والمير خاير بك من حديممد‬
‫وقع بينهما تنازع في أبي بكر رضي الله عنه هل هو أفضممل‬
‫الصحابة وأن خاير بك قائل بذلك وأن ازدمر ينكر ذلك وأنه‬
‫‪440‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫طالب خاير بك بدليل من القرآن علممى أن أبمما بكممر أفضممل‬
‫وأن خاير بك استدل عليممه بقمموله تعممالى وسمميجنبها التقممى‬
‫فإنها نزلممت فمي حمق أبمي بكممر وقممد قمال اللمه تعممالى )إن‬
‫أكرمكم عند الله أتقاكم( وأن ازدمر قال التقممى عممام فممي‬
‫أبي بكر وغيره وطالب كل منهما الخر بشهادة العلماء لممه‬
‫بنصره قوله وأن الشيخ شمس الدين الجوجري كتب علممى‬
‫سؤال نظير هذا السؤال فقلت أرني ما كتممب فممأرانيه فممإذا‬
‫فيه أن الية وإن نزلت في أبي بكر فإنهمما عامممة المعنممى إذ‬
‫العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السممبب فقلممت هممذا شمأن‬
‫من يلقي نفسه في كل واد والرجل فقيه فما له يتكلم في‬
‫غير فنمه وهمذه المسمألة تفسميرية حديثيمة أصمولية كلميمة‬
‫نحوية فمن لم يكن متبحرا فممي هممذه العلمموم الخمسممة لممم‬
‫يحسن التكلم في هذه المسألة وأنا أوضح الكلم عليها في‬
‫فصلين‪:‬‬
‫)الفصل الول(‪ :‬في تقرير أنها نزلت في حق أبمي بكممر‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬قال البزار في مسنده حدثنا بعض أصممحابنا‬
‫عن بشر ابن السري ثنا مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد‬
‫الله بن الزبير عممن أبيممه قممال نزلممت هممذه اليممة )وسمميجنبها‬
‫التقى الذي يؤتي ماله يممتزكى وممما لحممد عنممده مممن نعمممة‬
‫تجزى( إلى آخر السورة في أبي بكممر الصممديق‪ ،‬وقممال ابممن‬
‫جرير في تفسيره‪ :‬حدثني محمد ابن إبراهيم النماطي ثنمما‬
‫هرون بن معروف ثنا بشر بن السرى به وقال ابممن المنممذر‬
‫في تفسيره حدثنا موسى بن هرون ثنا هرون بممن معممروف‬
‫ثنا بشر بن السري به وقال الجممري فممي الشممريعة ثنمما أبممو‬
‫بكر بن أبي داود ثنا محمود بن آدم المممروزي ثنمما بشممر بممن‬
‫السري به‪ ،‬وقال ابن أبممي حمماتم فممي تفسمميره ثنمما أبممي ثنمما‬
‫محمد بن أبي عمر العدني ثنا سفيان ثنا هشممام بممن عممروة‬
‫عن أبيه أن أبا بكر الصديق أعتق سممبعة كلهممم يعممذب فممي‬
‫الله منهم بلل وعممامر بممن فهيممرة وفيممه نزلممت )وسمميجنبها‬
‫التقى( إلى آخر السورة‪ ،‬وقال ابن جريممر حممدثنا ابممن عبممد‬
‫العلى ثنا ابن ثور عن معمر قال أخممبرني عممن سممعيد فممي‬
‫قوله )وسيجنبها التقى( قال نزلت في أبي بكر أعتق ناسمما‬
‫لم يلتمس منهم جزاءا ول شكورا ستة أو سبعة منهممم بلل‬
‫‪441‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وعامر بن فهيرة‪ ،‬وقال ابن إسحاق حدثني محمد ابممن أبممي‬
‫عتيق عن عامر بن عبد الله عن أبيه قممال قممال أبممو قحافممة‬
‫لبي بكممر أراك تعتممق رقابمما ضممعافا فلممو أنممك إذ فعلممت ممما‬
‫فعلت اعتقت رجال جلدا يمنعونك ويقوموني دونك فقال يما‬
‫أبممة إنممي إنممما أريممد ممما أريممد ثممم نزلممت هممذه اليممات فيممه‬
‫)وسيجنبها التقى الذي يؤّتى ماله يممتزكى وممما لحممد عنممده‬
‫من نعمة تجزى إل ابتغاء وجه ربه العلى ولسوف يرضممى(‬
‫أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق زياد البكائي عممن‬
‫ابن إسحاق‪ ،‬وقال صحيح على وجه مسلم‪ ،‬وقال ابن جرير‬
‫حدثني هرون بن إدريس الصم ثنا عبد الرحمن بممن محمممد‬
‫المحاربي ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد اللممه بممن‬
‫عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق عن عممامر بممن عبممد اللممه‬
‫بن الزبير قال كمان أبمو بكمر الصمديق يعتمق علممى السملم‬
‫بمكة فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن فقال له أبوه أي‬
‫بني أراك تعتق أناسا ضعفاء فلممو أنممك أعتقممت رجممال جلممدا‬
‫يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك فقال أي أبممت إنممما‬
‫أريد ما عند الله قال فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه اليممة‬
‫أنزلت فيه )فأما من أعطى واتقى وصممدق بالحسممنى( إلممى‬
‫قوله )وما لحد عنده من نعمممة تجممزى إل ابتغمماء وجممه ربممه‬
‫العلى( وقال ابن أبي حماتم ثنما أبمي ثنما منصمور ابمن أبمي‬
‫مزاحم ثنا ابن أبي الوضاح عن يونس بن أبي إسممحاق عممن‬
‫عبد الله بن مسعود رضممي اللممه عنممه أن أبمما بكممر الصممديق‬
‫رضي الله عنه اشمترى بلل ممن أميمة بمن خلمف وأبمى بمن‬
‫خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه لله فأنزل الله )والليل إذا‬
‫يغشى( إلى آخرهمما فمي أبمي بكممر وأميممة بمن خلمف‪ ،‬وقمال‬
‫الجممري فممي الشممريعة ثنمما حامممد بممن شممعيب أبممو العبمماس‬
‫البلخي ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا أبو سعيد المؤدب عممن‬
‫يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسممحاق عممن عبممد اللممه بممن‬
‫مسعود قال إن أبا بكر اشترى بلل من أمية بن خلف وأبى‬
‫بن خلف ببردة وعشرة أواق فاعتقه لله فأنزل الله )والليل‬
‫إذا يغشى( إلى قوله )وسمميجنبها التقممى الممذي يممؤتى ممماله‬
‫يتزكى( يعني أبا بكر )وما لحد عنده من نعمة تجزى( قممال‬
‫لم يصنع ذلك أبو بكر ليد كممانت منممه إليممه فيكممافئه بهمما )إل‬
‫‪442‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابتغمماء وجممه ربممه العلممى ولسمموف يرضممى( وفممي تفسمميره‬
‫البغوي قال سعيد بن المسمميب بلغنممي أن أميممة ابممن خلممف‬
‫قال لبي بكر الصديق في بلل حين قال أتبيعنيه قممال نعممم‬
‫أبيعه بقسطاس عبد لبي بكممر صمماحب عشممرة آلف دينممار‬
‫وغلمان وجوار ومواش وكان مشركا يأبى السلم فاشتراه‬
‫أبو بكر به فقال المشركون ما فعل ذلممك أبممو بكممر ببلل إل‬
‫ليد كانت لبلل عنده فأنزل الله )وما لحد عنده مممن نعمممة‬
‫تجزى( وفي تفسير القرطبي روى عطمماء أو الضممحاك عممن‬
‫ابن عباس قممال عممذب المشممركون بلل فاشممتراه أبممو بكممر‬
‫برطممل مممن ذهممب مممن أميممة بممن خلممف وأعتقممه فقممال‬
‫المشركون ما أعتقه أبو بكر إل ليد كانت لممه عنممده فنزلممت‬
‫)وما لحد عنده من نعمممة تجممزى( قممال الجممري‪ :‬هممذا وممما‬
‫قدمناه من الحاديث يدل على أن الله خص أبا بكر بأشممياء‬
‫فضله بها على جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهممم فهممذا‬
‫ما يتعلق بنممزول اليممة وهممو مممن علممم الحممديث ويممأتي فممي‬
‫الفصل بعد هذا ما يتعلق بهما ممن العلموم الربعممة التفسمير‬
‫والكلم وأصممول الفقممه والنحممو وقممد تممواردت خلئق مممن‬
‫المفسرين ل يحصون على أنهمما نزلممت فممي حممق أبممي بكممر‬
‫رضي الله عنه وكذا أصحاب الكتب المؤلفة في المبهمات‪.‬‬
‫)الفصل الثاني(‪ :‬فممي تضممعيف ممما أفممتى بممه الجمموجري‬
‫وذلممك مممن أربعممة وجمموه ثلثممة جدليممة وواحممد مممن طريممق‬
‫التحقيق فأما الثلثة الولى فأحدها أن نقول ل شك انممه لممو‬
‫جاز لحد أن يفتي في مسألة بمجرد نظره لها في كتاب أو‬
‫كتابين من غير أن يكون متقنا لممذلك الفممن بجميممع أطرافممه‬
‫ماهرا فيه متبحرا فيه لجاز لحاد الطلبة أن يفتوا بل العوام‬
‫والسمموقة ل يعممدم أحممد منهممم أن يكممون عارفمما بعممدة مممن‬
‫المسائل تعلمها من عالم أو رآها فممي كتمماب ول ريممب فممي‬
‫أنه ل يجوز لحد منهم أن يفتي وقمد نمص العلمماء علمى أن‬
‫العامي لو تعلم مسائل وعرفها لم يكن له أن يفتي بها إنما‬
‫يفتي المتبحر فممي العلممم العممارف بتنزيممل الوقممائع الجزئيممة‬
‫على الكلية الكليات المقررة في الكتمب ومما شمرطوا فمي‬
‫المفتي أن يكون مجتهدا إل لهممذا المعنممى وأمثمماله والمممدار‬
‫الن على التبحر فمن تبحر في فن أفتى بممه وليممس لممه أن‬
‫‪443‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يتعدى إلى فن لم يتبحر فيه ويطلق قلمه فيه وهو لم يقف‬
‫على متفرقات كلم أربمماب ذلممك الفممن فلعلممه يعتمممد علممى‬
‫مقالة مرجوحة وهو يظنها عندهم صممحيحة وهممذه المسممألة‬
‫مممن ذلممك كممما سممنبينه‪ ،‬وكممذلك ليممس لحممد أن يفممتي فممي‬
‫العربية وقصارى أمره النظر فممي ابممن المصممنف والتوضمميح‬
‫ونحو ذلك بل حتى يحيط بالفن خممبرة ويقممف علممى غرائبممه‬
‫وغوامضه ونوادره فضل عن ظواهره ومشاهيره‪ ،‬وما مثممل‬
‫من يفتي في النحو وقصارى أمره ما ذكر إل مثممل ممما قممرأ‬
‫المنهاج واقتصر عليه وأراد أن يفتي في الفقممه فلممو جمماءته‬
‫مسألة من الروضة مثل فإن كان دينمما قممال هممذه لممم أقممف‬
‫عليها وإن كان غير ذلك أنكرها بالكلية وقال هذا شمميء لممم‬
‫يقله أحد بل ول والله ل يكتفممي فممي إباحممة الفتمموى بحفممظ‬
‫الروضة وحدها فماذا يصنع في المسائل التي اختلممف فيهمما‬
‫الترجيح‪ ،‬ماذا يصممنع فممي المسممائل ذات الصممور والقسممام‪،‬‬
‫ولم يذكر في الروضة بقية صممورها وأقسممامها‪ ،‬ممماذا يصممنع‬
‫فممي مسممائل لهمما قيممود ومحممال تركممت مممن الروضممة وهممي‬
‫مفرقة في شرح المهذب وغيره من الكتب‪ ،‬ماذا يصنع في‬
‫مسائل خلت عنها الروضة بالكلية بل لبد في المفممتى مممن‬
‫أن يضم إلى الروضة حمل كتب فمإن لممم ينهمض إلمى ذلمك‬
‫وعسر عليه النظممر فممي كتمماب الشممافعي رضممي اللممه عنممه‬
‫وأصحابه المتقدمين فل أقل من استيعاب كتممب المتممأخرين‬
‫وقد قمال ابممن بلبممان الحنفممي فمي كتمابه زلمة القمارئ قمال‬
‫الشيخ أبو عبد الله الجرجمماني فممي خزانممة الكمممل ل يجمموز‬
‫لحد أن يفتي في هذا الباب يعني باب اللحن فممي القممراءة‬
‫إل بعد معرفة ثلثة أشياء حقيقة النحممو والقممراءات الشممواذ‬
‫وأقاويل المتقدمين والمتأخرين من أصحابنا في هذا الباب‪،‬‬
‫الوجه الثاني أن يقول ل شك فممي أن القممرآن الكريممم حمماو‬
‫لجميع العلوم وأئمة المفسرين وأصممناف شممتى كممل صممنف‬
‫منهم غلب عليه فن مممن العلمموم فكممان تفسمميره فممي غايممة‬
‫التقان من حيث ذلك الفن الغالب عليممه فينبغممي لمممن أراد‬
‫التكلم على آية من حيثية أن ينظر تفسير مممن غلممب عليممه‬
‫ذلك الفن الذي تلك الحيثية منه فمن أراد التكلم علممى آيممة‬
‫من حيث التفسير الذي هو نقل محض ومعرفة الرجح فيممه‬
‫‪444‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فالولى أن ينظر عليها تفاسممير أئمممة النقممل والثممر وأجلهمما‬
‫تفسير ابممن جريممر الطممبري فقممد قممال النممووي فممي تهممذيب‬
‫السماء واللغات‪ :‬كتاب ابن جرير في التفسممير لممم يصممنف‬
‫أحد مثله وقريب منه من تفاسير المتأخرين تفسير الحافظ‬
‫عماد الدين ابن كثير وكذلك من أراد التكلم على آية تتعلق‬
‫بالخبار السابقة أو التية كاشراط الساعة وأحمموال الممبرزخ‬
‫والبعممث والملكمموت ونحممو ذلممك مممما ل مجممال للممرأي فيممه‬
‫فالولى أخذها من التفسمميرين المممذكورين وسممائر تفاسممير‬
‫المحممدثين المسممندة كسممعيد بممن منصممور والقربمماني وابممن‬
‫المنذر وابن أبمي حماتم وأبمي الشمميخ وممن جممرى مجراهمم‬
‫ومن أراد التكلم على آية من حيث علم الكلم فممالولى أن‬
‫ينظر عليها تفسير من غلب عليممه الكلم واشممتهر بالبراعممة‬
‫فيه كابن فممورك والبمماقلني وإمممام الحرميممن والمممام فخممر‬
‫الدين والصبهاني ونحوهم‪ ،‬ومن أراد التكلم عليها من حيث‬
‫العممراب فممالولى أن ينظممر عليهمما تفسممير أئمممة النحممو‬
‫المتبحرين فيه كأبي حيان‪ ،‬ومن أراد التكلم عليها من حيث‬
‫البلغة فالولى أن ينظر عليهمما الكشمماف وتفسممير الطيممبي‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬ومسألة تفضيل أبي بكر من علممم الكلم وكممونه‬
‫هو المراد بالية من علم التفسير فكممان الولممى للجمموجري‬
‫قبل الكتابة أن ينظر عليها كتمماب ابممن جريممر ونحمموه لجممل‬
‫معرفة الرجح في التفسير وكتاب المام فخر الدين ونحوه‬
‫لجل معرفة التقرير الكلمي ثم ينهض إلممى مراجعممة كتممب‬
‫أئمة الكلم لينظر كيف قرر والسممتدلل بهمما علممى أفضمملية‬
‫الصديق ككتب الشيخ أبي الحسممن الشممعري وابممن فممورك‬
‫والباقلني والشهرسممتاني وإمممام الحرميممن والغزالممي ومممن‬
‫جرى مجراهم ويتعب كممل التعممب ويجممد كممل الجممد ويعممتزل‬
‫الراحة والشغل ول يسأم ول يضجر يدع الفتيا تمكث عنممده‬
‫الشممهر والشممهرين والعممام والعممامين فممإذا وقممف علممى‬
‫متفرقات كلم الناس في المسألة ونظر وحقق وأورد على‬
‫نفسه كل أشكال وأعممد لممه الجممواب المقبممول حطممم حينئذٍ‬
‫على الكتابة وحكم بين المممراء وفصممل بيممن العلممماء‪ ،‬وأممما‬
‫الستعجال فممي الجممواب والكتابممة بمجممرد ممما يخطممر ببمماله‬
‫ويظهر فيه بادئ الرأي مع الراحممة والتكممال علممى الشممهرة‬
‫‪445‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وعدم التضلع بذلك الفن وما يحتاج إليممه فيممه فممإنه ل يليممق‬
‫ولهذا تجممد الواحممد ممممن كممان بهممذه المثابممة يكتممب ويرجممع‬
‫ويتزلزل بأدنى زلزلة ويضطرب قوله في المسألة الواحممدة‬
‫مرات ويبحث معه أدنى الطلبة فيشككه وأكثر ما يحتممج بممه‬
‫الواحد منهم إذا صمم على قوله أن يقممول الظمماهر كممذا أو‬
‫كذا أو هذا الذي ظهر لي من غير اعتماد على مستند بيممده‬
‫أو حجة يظهرهمما كممأنه الشمميخ أبممو الحسممن الشمماذلي إمممام‬
‫أرباب القلوب فممي زمممانه الممذي كممان يسممأل معتمممدا علممى‬
‫اللهام الواقع في قلبه ذاك إلهامه صممواب ل يخطممئ وبعممد‬
‫موتات ماتها في اللممه‪ ،‬المموجه الثممالث أن نقممول ل شممك أن‬
‫المفتي حكمه حكم الطبيب ينظر في الواقعممة ويممذكر فيهمما‬
‫ممما يليممق بهمما بحسممب مقتضممى الحممال والشممخص والزمممان‬
‫فالمفتي طبيب الديان وذلك طبيب البدان وقد قممال عمممر‬
‫بن عبد العزيز يحدث للناس أحكام بحسب ممما أحممدثوا مممن‬
‫الفجممور قممال السممبكي ليممس مممراده أن الحكممام الشممرعية‬
‫تتغير بتغير الزمممان بممل بمماختلف الصممور الحادثممة فممإنه قممد‬
‫يحصل بمجموع أمور حكم ل يحصل لكممل واحممد منهمما فممإذا‬
‫حدثت صورة على صممفة خاصممة علينمما أن ننظممر فيهمما فقممد‬
‫يكون مجموعها يقتضي الشممرع لممه حكممما خاصمما هممذا كلم‬
‫السبكي قرره في كتاب ألفه في شأن رافضي حكم بقتلممه‬
‫وسماه غيرة اليمان الجلى لبي بكر وعمر وعثمان وعلي‪،‬‬
‫وقال السبكي أيضا في فتاويه ما معنمماه يوجممد فممي فتمماوى‬
‫المتقدمين من أصحابنا أشمياء ل يمكمن الحكممم عليهما بأنهمما‬
‫المذهب في كل صورة لنها وردت على وقائع فلعلهممم رأوا‬
‫أن تلك الوقائع يستحق أن يفتي بها بممذلك ول يلممزم اطممراد‬
‫ذلممك واسممتمراره وهممذه الواقعممة المسممؤول عنهمما تتعلممق‬
‫برافضي وليته رافضممي فقممط بممل زنممديق جاهممل مممن كبممار‬
‫الجهلة ولقد اجتمعت به مرة فرأيت منه العجب من إنكاره‬
‫الحتجاج بحديث رسمول اللممه صمملى اللممه عليمه وسملم ورد‬
‫أقواله الشريفة ويقول لعنه الله وفض فاه النممبي واسممطى‬
‫ما قاله وهو في القرآن فصحيح وما قاله وليس في القرآن‬
‫وذكر كلمة ل أستطيع ذكرها فرجعت من عنده ولم أجتمممع‬
‫به إلى الن وألفت مؤلفا سميته مفتاح الجنة في العتصام‬
‫‪446‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالسنة وكان من جملة أقواله في ذلك المجلس على عنده‬
‫العلم والشجاعة وأبو بكر ليس عنده ذلك وإنما زوجه بابنته‬
‫وأنفق عليه ممماله فكافممأه بالخلفممة بعممده فقلممت لممه وردت‬
‫الحاديث بأن أبا بكر أعلم الصممحابة وأشممجعهم فقممال هممذه‬
‫الحاديث كذب ثم أعاد الن الكلم في ذلممك مممع خمماير بممك‬
‫وطلب منه الستدلل على أفضلية أبي بكر بآية من القرآن‬
‫لنه ل يرى الحديث حجة فذكر له خاير بك هممذه اليممة ولممم‬
‫يقلها من عند نفسه بل رآها في بعض كتب الكلم فممذكرها‬
‫فكان ل يليق بالجوجري في مثل هذه الواقعة أن يفتي بأن‬
‫الية ليست خاصة بأبي بكر ول دالممة علممى أفضممليته فيؤيممد‬
‫مقالة الرافضي ويثبته على معتقده الخبيث ويممدحض حجممة‬
‫قررها أئمة كل فرد منهم أعلممم بالتفسممير والكلم وأصممول‬
‫الفقه من مائة ألف من مثل الجوجري واللممه لممو كممان هممذا‬
‫القول في الية هممو المرجمموح لكممان اللئق فممي مثممل هممذه‬
‫الواقعة أن يفتي بممه فكيممف وهممو الراجممح والممذي أفممتى بممه‬
‫الجوجري قول مرجوح‪ ،‬هذه الوجمموه الثلثممة الجدليممة وأممما‬
‫الوجه الذي يممرد بممه عليممه مممن جهممة التحقيممق فممأقول قممال‬
‫البغوي في معالم التنزيممل يريممد بممالتقى الممذي يممؤتى ممماله‬
‫يتزكى يطلب أن يكون عند الله زكيا ل رياء ول سمعة يعني‬
‫أبا بكر الصديق فممي قممول الجميممع وقممال ابممن الخممازن فممي‬
‫تفسمميره التقممى هنمما أبممو بكممر الصممديق فممي قممول جميممع‬
‫المفسرين وقال المممام فخممر الممدين الممرازي فممي تفسمميره‬
‫أجمممع المفسممرون هنمما علممى أن المممراد بممالتقى أبممو بكممر‬
‫وذهبت الشيعة إلممى أن المممراد بممه علممي فممانظر إلممى نقممل‬
‫هممؤلء الئمممة الثلثممة إجممماع المفسممرين علممى أن المممراد‬
‫بالتقى أبو بكر ل كل تقى‪ ،‬وقممال الصممبهاني فممي تفسمميره‬
‫خص الصلى بالشقى والتجنممب بممالتقى وقممد علممم أن كممل‬
‫شقي يصملها وكمل تقمي يجنبهما ل يختمص بالصملى أشمقى‬
‫الشممقياء ول بالنجمماة أتقممى التقيمماء لن اليممة واردة فممي‬
‫الموازنة بيممن حممالتي عظيممم مممن المشممركين وعظيممم مممن‬
‫المؤمنين فأريد أن يبالغ فممي صممفتيهما المتناقضممتين فقيممل‬
‫الشقى وجعل مختصا بالصلى كممأن النممار لممم تخلممق إل لممه‬
‫وقيل التقى وجعل مختصا بالنجاة كأن الجنمة لمم تخلمق إل‬
‫‪447‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫له‪ .‬انتهى‪ ،‬وهذا صريح في أن المراد بالتقى أتقممى التقيمماء‬
‫على الطلق ل مطلق التقى وأتقى التقيمماء علممى الطلق‬
‫بعد النبيين أبو بكر الصديق رضممي اللممه تعممالى عنممه‪ ،‬وقممال‬
‫النسفي في تفسيره التقى الكمل تقمموى وهممو صممفة أبممي‬
‫بكر الصديق رضي الله تعالى عنمه وقمال ودل علمى فضمله‬
‫على جميع المة قال تعالى )إن أكرمكم عند اللممه أتقمماكم(‬
‫انتهى‪ .‬وقال القرطبي في تفسيره قال ابن عبمماس التقممى‬
‫أبو بكر الصممديق وقممال بعممض أهممل المعمماني أراد بالشممقى‬
‫والتقى الشقي والتقي كقول طرفة‪:‬‬
‫تمنى رجال أن أموت وإن أمت * فتلك سبيل لست فيها‬
‫بأوحد‬
‫أي واحد ووحيد فوضع أفعل موضع فعيل انتهى‪ .‬وهذا الذي‬
‫نقله عن بعض أهل المعاني هممو الممذي أفممتى بممه الجمموجري‬
‫عادل عن قول جميع المفسرين إلى قول بعض أهممل النحممو‬
‫قال ابن الصلح حيث رأيممت فمي كتممب التفسممير قمال أهممل‬
‫المعمماني فممالمراد بممه مصممنفو الكتممب فممي معمماني القممرآن‬
‫كالزجاج والفراء والخفش وابن النباري انتهى‪ .‬وكممذا نقممل‬
‫ابن جرير في تفسيره هذه المقالة عن بعض أهممل العربيممة‬
‫ثم قال والصحيح الذي جاءت به الثار عن أهل التأويل أنهمما‬
‫في أبي بكر بعتقه من أعتق من المماليك ابتغاء وجممه اللممه‬
‫فممأنت تممرى هممذه النقممول تنممادي علممى أن الممذي أفممتى بممه‬
‫الجوجري مقالة في الية لبعض النحويين مشى عليها بعض‬
‫المصنفين فممي التفسممير وأن الممذي وردت بممه الثممار وقمماله‬
‫المفسرون من السمملف وصممححه الخلممف اختصاصممها بممأبي‬
‫بكر ابقاء للصيغة على بابها هذا بيان رجحان ذلك من حيث‬
‫التفسير وأما من حيث أصول الفقه والعربيممة فممأقول قممول‬
‫الجوجري إن العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب فممرع‬
‫أن يكون في اللفظ عموم حتى يكممون العممبرة بممه واليممة ل‬
‫عموم فيها أصل ورأسا بل هي نممص فممي الخصمموص وبيممان‬
‫ذلك من وجهين‪ :‬أحدهما أن العموم إنما يسممتفاد فممي مثممل‬
‫هذه الصيغة من أل الموصولة والتعريفية وليسممت أل هممذه‬
‫موصولة قطعا لن التقى أفعممل تفضمميل وأل الموصممولة ل‬
‫توصل بأفعل التفضيل بإجممماع النحمماة وإنممما توصممل باسممم‬
‫‪448‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الفاعل والمفعول وفي الصفة المشممبهة خلف وأممما أفعممل‬
‫التفضيل فل توصل به بل خلف وأما التعريفيممة فإنممما تفيممد‬
‫العموم إذا دخلت على الجمع فممإن دخلممت علممى مفممرد لممم‬
‫تفده كما اختار المام فخر الدين ومن قال إنها تفيممده فيممه‬
‫قيده بأن ل يكون هناك عهد فإن كان لممم تفممده قطعمما هممذا‬
‫هو المقرر في علم الصول والتقى مفممرد ل جمممع والعهممد‬
‫فيه موجود فل عموم فيه قطعمما فعلممم بممذلك أنممه ل عممموم‬
‫فمي التقمى فتأممل فمإنه نفيمس فتممح اللمه بممه علممي تأييمدا‬
‫للجناب الصديقي‪ ،‬المموجه الثمماني أن التقممى أفعممل تفضمميل‬
‫وأفعل التفضيل ل عممموم فيممه بممل وضممعه للخصمموص فممإنه‬
‫لتفرد الموصوف بالصفة وأنه ل مساوى له فيها كممما تقممول‬
‫زيد أفضل الناس أو الفضممل فإنهمما صمميغة خصمموص قطعمما‬
‫عقل ونقل ول يجوز أن تتناول غيره أبممدا فبممان بممذلك أنممه ل‬
‫عموم في التقى وإلى ذلك يشممير تقريممر الصممبهاني حيممث‬
‫قال فإن قلت كيممف قممال ل يصمملها إل الشممقى وسمميجنبها‬
‫التقى وقد علم أن كل شقي يصمملها وكممل تقممي يجنبهمما ل‬
‫يختص بالصلى أشممقى الشممقياء ول بالنجمماة أتقممى التقيمماء‬
‫وإن زعمممت أنممه نكممر النممار فممأراد نممارا بعينهمما مخصوصممة‬
‫بالشقى فما تصممنع بقمموله وسمميجنبها التقممى فقممد علممم أن‬
‫أفسق المسلمين يجنممب تلممك النممار المخصوصممة ل التقممى‬
‫منهممم خاصممة قلممت اليممة واردة فممي الموازنممة بيممن حممالتي‬
‫عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين فأريد أن يبممالغ‬
‫فممي صممفتهما المتناقضممتين فقيممل الشممقي وجعممل مختصمما‬
‫بالصمملى كممأن النممار لممم تخلممق إل لممه وقيممل التقممى وجعممل‬
‫مختصا بالنجاة كأن الجنة لم تخلق إل له هممذه عبممارة وهممي‬
‫صريحة في إرادة الخصوص أخذا من صيغة أفعل التفضمميل‬
‫ومن جنح من أهل العربية إلى أنها للعموم احتاج إلى تأويل‬
‫التقممى بممالتقى ليخممرج عممن التفضمميل وهممذا مجمماز قطعمما‬
‫والمجمماز خلف الصممل ول يصممار إليممه إل بممدليل ول دليممل‬
‫يساعده بل الدليل يعارضه وهو الحاديث الواردة في سبب‬
‫النزول وإجماع المفسرين كما نقله مممن تقممدم فثبممت بهممذا‬
‫كله أن الكلم على حقيقته للتفضيل وأن اللم للعهد وأنه ل‬
‫عموم فيممه أصممل فممإن قلممت‪ :‬لممم يؤخممذ العممموم مممن لفممظ‬
‫‪449‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التقى بل من لفظ الذي يؤتى فإن الذي من صمميغ العممموم‬
‫قلت‪ :‬هممذه غفلممة منممك وجهممل بالعربيممة فممإن الممذي وصممف‬
‫للتقى وقد تبين أن التقممى خمماص فيجممب أن تكممون صممفته‬
‫كذلك لما تقرر في العربيممة أن الوصممف ل يكممون أعممم مممن‬
‫الموصوف بل مساويا له أو أخص منممه فاشممدد بهممذا الكلم‬
‫يديك وعض عليه بناجممذيك علممى أن فممي قمموله )وممما لحممد‬
‫عنده من نعمة تجزى( وقوله )ولسمموف يرضممى( ممما يشممير‬
‫إلى التنصيص على التخصيص وقد قرر المممام فخممر الممدين‬
‫اختصمماص اليممة بممأبي بكممر والسممتدلل بهمما علممى أفضممليته‬
‫بطريق آخر فقممال أجمممع المفسممرون منمما علممى أن المممراد‬
‫بالتقى أبممو بكممر وذهممب الشمميعة إلممى أن المممراد بممه علممي‬
‫والدللة النقلية ترد ذلك وتؤيد الول وبيان ذلممك أن المممراد‬
‫من هذا التقى أفضل الخلق لقوله تعالى )إن أكرمكم عنممد‬
‫الله أتقيكم( والكرم هو الفضل فالتقى المممذكور هنمما هممو‬
‫أفضل الخلق عند الله والمة مجمعة على أن أفضل الخلق‬
‫بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أبو بكر وإما علي‬
‫ول يمكن حمل الية على علي فتعين حملها على أبممي بكممر‬
‫وإنما لم يكن حملها على علي لنه قممال عقيممب صممفة هممذا‬
‫التقى وما لحد عنمده مممن نعمممة تجمزي وهمذا والوصممف ل‬
‫يصدق على علي لنه كان في تربية النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم لنه أخذه من أبيممه فكممان يطعمممه ويسممقيه ويكسموه‬
‫ويربيه فكان الرسول صلى اللممه عليممه وسمملم منعممما عليممه‬
‫نعمة يجب جزاؤها أما أبو بكر فلمم يكمن للنمبي صملى اللمه‬
‫عليه وسلم عليه نعمة دنيوية بل أبو بكممر كممان ينفممق علممى‬
‫الرسول وإنما كان للرسممول عليممه نعمممة الهدايممة والرشمماد‬
‫إلى الدين وهذه النعمة ول تجزي لقوله تعممالى )ل أسممألكم‬
‫عليه أجمرا( والمممذكور هنمما ليممس مطلممق النعمممة بممل نعمممة‬
‫تجزي فعلم أن هذه الية ل تصلح لعلي وإذا ثبت أن المراد‬
‫بهذه الية من كان أفضل الخلق وثبت أن ذلك الفضل من‬
‫الية إما أبو بكر وإما علي وثبت أن الية غير صممالحة لعلممي‬
‫تعين حملها على أبي بكر وثبت دللة الية أيضا على أن أبمما‬
‫بكر أفضل المة انتهى كلم المام‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سورة القدر‬
‫مسألة –‬
‫يا مفردا فاق أهل العسر بل سلفا * وصار مشتهرا بالعلم‬
‫والعمل‬
‫في ليلة القدر بالفراد قد شهرت * وهل تظن بشهر‬
‫الصوم في الزل‬
‫أو باليقين وبالعشر الخير ترى * من غير شك ول ريب ول‬
‫جدل‬
‫وإن تقولوا به ماذا أوائلها * هل بالغروب إلى فجر يلوح‬
‫جلي‬
‫وهل لقائم نصف الليل من عمل * من الغروب بفرد‬
‫العشر في وجل‬
‫يدعو الله مظنا أن دعوته * قد استجيبت بنيل القصد‬
‫والمل‬
‫أفتوا عبيدا غدا ممن يلوذ بكم * يرجو لكم كل قدر‬
‫تقصدون علي‬
‫أثابكم ربكم جناته كرما * بجاه خير البرايا أشرف الرسل‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله رب الحمد في الزل * ثم الصلة عليه خاتم‬
‫الرسل‬
‫في ليلة القدر أقوال وعدتها * لنحو خمسين قول يا أخي‬
‫صل‬
‫فقيل دائرة في العام أجمعه * وقيل بل نصف شعبان بل‬
‫زلل‬
‫ورجحوا كونها شهر الصيام أتت * وذاك ظن قوي بالدليل‬
‫جلي‬
‫وكونها فيه دارت قول طائفة * وكونها في الخير العشر‬
‫فهو جلي‬
‫وذاك ظن بل قطع وأولها * من الغروب إلى فجر الصباح‬
‫جلى‬
‫ومن يقم نصف ليل أو أقل حوى * فضل القيام بها فاقصد‬
‫بل وجل‬

‫‪451‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بل من يصلي العشا والصبح ثمت في * جماعة حاز منها‬
‫الحظ في المل‬
‫كذا أتى في حديث صح مسنده * فاقبله طوعا وكن في‬
‫الدين ذا عمل‬
‫هذا جواب ابن السيوطي مرتجيا * من فضل خالقه‬
‫الغفران للزلل‬
‫بروضة المشتهى خط الجواب لدى * شوال من عام‬
‫تسعين بل ملل‬
‫مسألة ‪ -‬في كيفية الوحي من اللممه هممل يتلقمماه الملممك‬
‫من الله تعالى بكلم يفهمه الملك أو بالعربية للنبي العربي‬
‫وبالعبرانية للنبي العبراني وهل يلقيه الملك إلممى جبريممل أو‬
‫جبريل المتلقي من الله تعالى وقوله تعالى )إنا أنزلناه فممي‬
‫ليلة القدر( وفسر بنزوله إلى بيت العممزة ممما كيفيممة نزولممه‬
‫إليه وقوله تعالى للقلم اكتب ما هو كائن إلى يمموم القيامممة‬
‫هل يكون بالهام من الله تعالى يلهمه للقلممم أو بممإملء مممن‬
‫الله تعالى وكيف أخذ الملك المموحي مممن اللمموح المحفمموظ‬
‫هل يقول الله له اليوم الفلني يقع فيه كذا خذه من اللمموح‬
‫أو يوم يقع فيه يقول له خذها وألقها إلمى النممبي وهمل تنممام‬
‫الملئكة وقوله تعالى )فممأوحى إلممى عبممده ممما أوحممى( هممل‬
‫أطلع على ذلك الوحي ملك أو ذكره النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم لحد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال الصبهاني في أوائل تفسيره اتفممق أهممل‬
‫السممنة والجماعممة علممى أن كلم اللممه منممزل واختلفمموا فممي‬
‫معنى النزال فمنهم من قممال إظهممار القممراءة ومنهممم مممن‬
‫قال إن الله تعالى ألهممم كلمممه جبريممل وعلمممه قراءتممه ثممم‬
‫جبريل أداه في الرض‪ ،‬وقال الطيبي في حاشية الكشاف‪:‬‬
‫لعل نزول القرآن على الرسول صلى الله عليممه وسمملم أن‬
‫يتلقفه الملك من الله تلقفا روحانيمما أو يحفظممه مممن اللمموح‬
‫المحفمموظ فينممزل بممه إلممى الرسممول ويلقيممه عليممه‪ ،‬وقممال‬
‫القطب الرازي في حواشي الكشاف‪ :‬المراد بإنزال الكتب‬
‫على الرسل أن يتلقفهما الملمك ممن اللمه تلقفمما روحانيما أو‬
‫يحفظهمما مممن اللمموح المحفمموظ وينممزل بهمما فيلقيهمما عليهممم‬
‫انتهى‪ .‬وقد سألت شيخنا العلمة محي الدين الكافيجي عن‬
‫‪452‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كيفية التلقف الروحاني فقال لي ل يكيف‪ ،‬وقال الزركشي‬
‫اختلف العلممماء فممي المنممزل علممى النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم على ثلثممة أقمموال‪ :‬أحممدها أنممه اللفممظ والمعنممى وأن‬
‫جبريل حفظ القرآن من اللمموح المحفمموظ ونممزل بممه وذكممر‬
‫بعضهم أن أحرف القرآن في اللمموح المحفمموظ كممل حممرف‬
‫منها بقدر جبل قاف‪ ،‬والثاني أن جبريل إنما نممزل بالمعمماني‬
‫خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم علممم تلممك المعمماني‬
‫وعبر عنهمما بلغممة العممرب وتمسممك قممائل هممذا بظمماهر قمموله‬
‫تعممالى )نممزل بممه الممروح الميممن علممى قلبممك(‪ .‬والثممالث أن‬
‫جبريل ألقممى عليممه المعنممى وأنممه عممبر بهممذه اللفمماظ بلغممة‬
‫العرب وأن أهل السماء يقرؤنهما بالعربيمة ثمم إنمه نمزل بمه‬
‫كذلك بعد ذلك‪ ،‬وقال البيهقي في معنممى قمموله تعممالى )إنمما‬
‫أنزلناه في ليلة القدر( يريد والله أعلم أنا أسمممعناه الملممك‬
‫وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع فيكون الملممك هممو المنتقممل‬
‫به من علو إلى أسفل‪ ،‬قال أبو شامة ولبد من هذا المعنى‬
‫على مذهب أهل السنة‪ .‬فهذه نبممذة مممن كلم أئمممة السممنة‬
‫في كيفية تلقي جبريل الوحي‪ ،‬وحاصل ما في ذلك أقمموال‪:‬‬
‫أحدها أنه ألهمه‪ ،‬والثاني أنه سمعه مممن اللممه‪ :‬والثممالث أنممه‬
‫حفظه من اللوح المحفوظ وقول التلقف الروحاني الظاهر‬
‫أنه اللهام فل يكون قول رابعا‪ ،‬وقد سئل المام أبو إسحاق‬
‫إسماعيل البخاري الصفار عن تبليغ الوحي من جبريل إلممى‬
‫أنبياء الله هل سمع من اللممه تعممالى جملممة أم جمماء بممه مممن‬
‫اللوح المحفوظ قال كل المموجهين جممائز وذكممر فممي تفسممير‬
‫سورة القدر أن الله تعالى سمع جبريل كلممه جملممة واحممدة‬
‫ثم أمله جبريل على السفرة وهم ملئكة في سممماء الممدنيا‬
‫لكي ل يكون لهم احتياج حين أسمعهم الله تعممالى القممرآن‪.‬‬
‫وذكر الفقيه الزاهد أبو الليممث فممي تفسممير سممورة الممدخان‬
‫وفي سورة الحزاب في قوله تعالى )ليسأل الصادقين عن‬
‫صدقهم( وقال في سورة الدخان جاء بها جملة واحدة مممن‬
‫اللوح المحفمموظ إلممى سممماء الممدنيا ثممم أنممزل علممى محمممد‬
‫نجوما وذكر الدينوري أنه سمع من الله جملممة ثممم نممزل بممه‬
‫على محمد صلى الله عليه وسلم متفرقا وقال بعضهم جاء‬
‫جبريل عليه السلم به سماعا من إسرافيل وإسرافيل مممن‬
‫‪453‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى سماء الممدنيا ثممم نممزل بممه‬
‫جبريل عليه السمملم علممى محمممد صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫متفرقا ويقال جاء به جبريل في ليلة القممدر بممما يحتمماج لممه‬
‫من سنه إلى سماء الدنيا ثم نزل بممه علممى محمممد متفرقمما‪.‬‬
‫وقد نظرت فمي الحمماديث والثممار فوجممدتها أيضمما مختلفممة‪،‬‬
‫وأخرج الطبراني من حديث النممواس بممن سمممعان مرفوعمما‬
‫"إذا تكلم الله بالوحي أخممذت السممماء رجفممة شممديدة فممإذا‬
‫سمع ذلك أهل السماء صعقوا وخروا سجدا فيكممون أولهممم‬
‫يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد فينتهي به‬
‫إلى الملئكة كلما مر بسماء سأله أهلها ماذا قال ربنا قممال‬
‫الحق فينتهي به إلى حيممث أمممر" وأخممرج ابممن مردويممه مممن‬
‫حديث ابن مسعود رفعه "إذا تكلم الله بالوحي سمممع أهممل‬
‫السممماوات صلصمملة فيفزعممون الحممديث" هممذان الحممديثان‬
‫شاهدان للقول الثمماني أن جبريممل يسمممع المموحي مممن اللممه‬
‫تعالى‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم في تفسمميره وأبممو الشميخ ابممن‬
‫حيان في كتاب العظمة عن ابن سابط قال "في أم الكتاب‬
‫كل شيء هممو كممائن إلممى يمموم القيامممة وكممل بممه ثلثممة مممن‬
‫الملئكة فوكل جبريل بالكتب والوحي إلى إلنبيمماء والنصممر‬
‫عند الحروب وبالهلكات إذا أراد الله أن يهلممك قوممما ووكممل‬
‫ميكائيل بالقطر والنبات ووكل ملك الموت بقبممض النفممس‬
‫فإذا كان يوم القيامة عارضوا بين حفظهم وبين ما كان في‬
‫أم الكتاب فيجدونه سممواء" فهممذا شمماهد للقممول الثممالث أن‬
‫جبريل حفظ الوحي من أم الكتاب وهممو اللمموح المحفمموظ‪،‬‬
‫وأخرج البيهقي في شعب اليمان عن ابن عباس قممال بينمما‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم ومعممه جبريممل ينمماجيه إذ‬
‫انشق أفممق السممماء ونممزل ملممك فقممال يمما محمممد إن ربممك‬
‫يقرئك السلم ويخيرك بين أن تكون نبيا ملكمما أو نبيمما عبممدا‬
‫قال فقلت نبي عبد فعرج ذلك الملك فقلت يا جبريممل مممن‬
‫هذا قال هذا إسرافيل خلقه الله بيممن يممديه صممافا قممدميه ل‬
‫يرفع طرفه بين يمديه اللمموح المحفمموظ فمإذا أذن اللممه فممي‬
‫شيء من السماء أو في الرض ارتفع ذلممك اللمموح فضممرب‬
‫جبهته فينظر فيه فإن كان من عملممي أمرنممي بممه وإن كممان‬
‫من عمل ميكائيل أمره به وإن كان من عمل ملممك الممموت‬
‫‪454‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أمره به ‪ -‬الحديث‪ .‬وأخرج ابن أبممي زيممد فممي كتمماب السممنة‬
‫عممن كعممب قممال إذا أراد اللممه أن يمموحي أمممرا جمماء اللمموح‬
‫المحفوظ حتى يصفق جبهة إسرافيل فيرفع رأسممه فينظممر‬
‫فإذا المر مكتوب فينادي جبريل فيلبيه فيقول أمممرت بكممذا‬
‫أمرت بكذا فيهبط جبريل على النبي فيمموحي إليممه‪ .‬وأخممرج‬
‫أبو الشيخ في كناب العظمة عن أبي بكممر الهممذلي قممال إذا‬
‫أمر الله بالمر تدلت اللواح علممى إسممرافيل بممما فيهمما مممن‬
‫أمر الله فينظر فيها إسرافيل ثم ينادي جبريل فيجيبه وذكر‬
‫نحوه‪ .‬وأخرج أيضا عممن أبممي سممنان قممال اللمموح المحفمموظ‬
‫معلق بالعرش فممإذا أراد اللممه أن يمموحى بشمميء كتممب فممي‬
‫اللوح فيجيء اللوح حتى يقرع جبهة إسممرافيل فينظممر فيممه‬
‫فإن كان إلى أهل السماء دفعه إلى ميكائيل وإن كان إلممى‬
‫أهل الرض دفعه إلى جبريل ‪ -‬الحديث‪ ،‬وله شممواهد كممثيرة‬
‫استوفيتها في كتابي الذي ألفته في أخبار الملئكة منها ممما‬
‫أخرجه البيهقي في شممعب اليمممان عممن عبممد الرحمممن بممن‬
‫سابط قال يدبر أمر الممدنيا أربعممة جبريممل وميكائيممل وملممك‬
‫الموت وإسرافيل فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود وأممما‬
‫ميكائيل فموكل بالقطر والنبات وأما ملممك الممموت فموكممل‬
‫بقبض الرواح وأما اسرافيل فهو ينزل بممالمر عليهممم‪ .‬وممما‬
‫أخرجمه أبمو الشميخ عمن عكرممة بمن خلمد أن رجل قمال يما‬
‫رسممول اللممه أي الملئكممة أكممرم علممى اللممه فقممال جبريممل‬
‫وميكائيممل واسممرافيل وملممك الممموت فأممما جبريممل صمماحب‬
‫الحرب وصاحب المرسلين وأممما ميكائيممل فصمماحب القطممر‬
‫والنبممات وأممما ملممك الممموت فموكممل بقبممض الرواح وأممما‬
‫اسرافيل فأمين الله بينه وبينهم فهذه الحاديث والثار تدل‬
‫علممى أمممر خلف القممولين السمابقين وهمو أن جبريممل يأخممذ‬
‫المموحي مممن إسممرافيل وإسممرافيل يأخممذه مممما كتممب تلممك‬
‫الساعة في اللوح‪ ،‬ويمكن الجمع لمن تأمل فل يكون بينهما‬
‫اختلف‪ .‬وقول السائل أو بالعربية للنبي العربي وبالعبرانية‬
‫للنبي العبراني جوابهما أخرجممه ابممن أبممي حمماتم بسممند عممن‬
‫سفيان الثوري قال لم ينزل وحي إل بالعربية ثم ترجم كممل‬
‫نبي لقومه‪ .‬وقوله هل يلقيه الملممك إلممى جبريممل أو جبريممل‬
‫المتلقي من الله تقممدم فممي ذلممك أحمماديث مختلفممة بعضممها‬
‫‪455‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شاهد للول وبعضها شاهد للثاني‪ .‬وقمموله ممما كيفيممة نزولممه‬
‫إلى بيت العزة ذكر علي بن سهل النيسابوري في تفسيره‬
‫أن كيفية ذلك أن جبريل حفظه من اللوح المحفوظ ثم أتى‬
‫به إلى بيت العزة فأمله على السفرة الكتبة يعني الملئكة‬
‫وهو معنى قوله تعالى )بأيممدي سممفرة كممرام بممررة( وتممابعه‬
‫المام علم الدين السخاوي فقال فممي كتممابه جمممال القممراء‬
‫نزل به جبريل إلممى السممماء الممدنيا وأمممره سممبحانه بممإملئه‬
‫علممى السممفرة الكممرام وإنسماخهم إيماه وتلوتهمم لمه‪ .‬وأممما‬
‫سؤال القلم فمعنى الحديث أن الله أجراه بالكتابة لما هممو‬
‫كممائن بقممدرة مممن اللممه ل بممالملء ول باللهممام لنهممما إنممما‬
‫يكونممان للحيمموان والقلممم مممن نمموع الجممماد وخطممابه ورده‬
‫الجواب من باب خطاب السماء والرض فممي قمموله تعممالى‬
‫)إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين(‪ .‬ويؤيد هممذا المعنممى‬
‫ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس قال إن اللممه لممما خلممق‬
‫العرش استوى عليه ثم خلق القلم وأمممره أن يجممري بمإذنه‬
‫فجرى بما هو كائن فأثبته الله في الكتاب المكنممون فقمموله‬
‫بإذنه أي بقدرته أي أوجد الكتابة في اللوح بمر القلم عليممه‬
‫بخلق الله ذلك‪ .‬ويؤيده ما أخرجه ابممن جريممر فممي تفسمميره‬
‫عن جبير بن نفير قال إن الله خلق القلممم فكتممب بهممما هممو‬
‫خالق وما هو كائن من خلقه فإدخال باء اللة عليممه وإسممناد‬
‫كتب إلى الله صريح في أن القلم آلة والعلممم والقممدرة للممه‬
‫تعالى‪ .‬وقول السائل وكيف أخذ الملممك المموحي مممن اللمموح‬
‫إلى آخره جوابه ما تقدم في أثر كعب وشبهه‪ .‬وقوله وهممل‬
‫تنام الملئكة لم أقف علممى شمميء فممي ذلممك ولكممن ظمماهر‬
‫قمموله تعممالى )يسممبحون الليممل والنهممار ل يفممترون( انهممم ل‬
‫ينامون‪ .‬وقوله )فأوحى إلى عبده( إلى آخره من جملممة ممما‬
‫أوحاه إليه تلك الليلة فرض الصمملوات الخمممس فممي أشممياء‬
‫أخر بينها النبي صلى الله عليه وسلم للنمماس ومنممه ممما لممم‬
‫يؤمر ببيانه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬رجل ادعى أن ل إله إل الله أفضل مممن كلمممة‬
‫بقدرها من القرآن والشتغال بها أفضل مممن القممرآن يعنممي‬
‫التلوة والذكر متمسكا بقوله صلى الله عليه وسلم "أفضل‬
‫كلمة قلتها والنبيون من قبلي ل إله إل الله" فهل ممما يقممول‬
‫‪456‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مستقيم مع قوله صلى اللممه عليممه وسمملم فضممل كلم اللممه‬
‫على سائر الكلم كفضل اللممه علممى خلقممه وأيضمما فممالقرآن‬
‫تحرم تلوته على الجنب ومسه على المحدث بخلف الذكر‬
‫وغير ذلك مما يدل على فضله‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ل إلممه إل اللممه مممن جملممة كلمممات القممرآن‬
‫فتفضيلها على بقية كلماته من بمماب تفضمميل بعممض القممرآن‬
‫على بعض ل من باب تفضيل غير القرآن على القرآن‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما كيفية ما حزب القرآن هل هممو بعممد اليممات‬
‫أم غيرها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬حزب بعممض الحممروف ل اليممات ول الكلمممات‬
‫والله سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬

‫الفتاوى الحديثية‬
‫}كتاب الطهارة{‬
‫مسألة ‪ -‬ما قولكم في حديث من توضأ على طهر كتب‬
‫الله له عشر حسنات أخرجممه أبممو داود والترمممذي هممل هممو‬
‫صممحيح أو ضممعيف وممما وجممه ضممعفه مممن جهممة الروايممة أو‬
‫المعنى‪ ،‬وكذا حديث الوضوء على الوضوء نور على نور هل‬
‫خرجه أحد فإن المنذري فممي الممترغيب والممترهيب قممال لممم‬
‫أقف على من خرجه ولعلممه مممن كلم السمملف والمسممؤول‬
‫الكلم على هذين الحديثين وتبيين صحتهما ومعانيهما‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث الول ضعيف صممرح بضممعفه جماعممة‬
‫وسممببه أن فممي إسممناده عبممد الرحمممن بممن زيمماد بممن أنعممم‬
‫الفريقي ضممعفه يحيممى بممن معيممن والنسممائي وقممال المممام‬
‫أحمد نحن ل نروي عنه شيئا لكممن أبممو داود إذ رواه سممكت‬
‫عليه فلم يضعفه وقد قال إن ما رويته في هذا الكتاب ولم‬
‫أضعفه فهو صالح يعني للحتجاج والصالح له إممما صممحيح أو‬
‫حسممن فيحتمممل أن يكممون الحممديث عنممده حسممنا لن عبممد‬
‫الرحمن بن زياد بن أنعم لمم يتفمق علمى ضمعفه فقمد قمال‬
‫بعضهم كان الثمموري يعظمممه ويعممرف حقممه لكممن المشممهور‬
‫تضعيف الحممديث‪ ،‬وأممما معنمماه فظمماهر لن الحسممنة بعشممر‬
‫أمثالها والوضوء حسنة فمن عملها كتبت له عشممرا‪ ،‬ثممم إن‬
‫لفظ الحديث كتب له بالبناء للمجهول مممن غيممر ذكممر اللممه‪.‬‬
‫‪457‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأما الحديث الثاني فلم نممر أحممدا أخرجممه كممما قممال المممام‬
‫المنذري وكذا قال الحافظ زين الدين العراقي فممي تخريممج‬
‫أحاديث الحياء لكن قال الحافظ بممن حجممر أن رزينمما أورده‬
‫في كتابه ومعناه أيضا ظاهر لن الوضمموء يكسممب أعضمماءه‬
‫نورا ولهذا قيل إنه مشتق من الوضاءة ودليله قضية الغممرة‬
‫والتحجيل فكممان الوضمموء علممى الوضمموء يقمموى ذلممك النممور‬
‫ويزيده إذ لم يعرض له من الحدث مما يقتضمي سممتره وقمد‬
‫كان شيخنا شيخ السمملم المنمماوي يممذكر لنمما أن الصممالحين‬
‫يشاهدون الحدث على العضاء ويرتبون عليه مقتضاه وفيه‬
‫إشارة إلى ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد حديث فممي قممراءة سممورة القممدر بعممد‬
‫الوضوء وما حاله‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬روى الممديلمي فممي مسممند الفممردوس مممن‬
‫طريق أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك قال‪ :‬قمال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ في أثر وضمموئه‬
‫إنا أنزلناه في ليلة القدر مممرة واحممدة كممان مممن الصممديقين‬
‫ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء ومن قرأها ثلثا‬
‫حشره الله محشر النبياء" وأبو عبيدة مجهول‪.‬‬

‫الخبار المأثورة في الطلء بالنورة‬


‫مسألة ‪ -‬ما قممولكم فممي الطلء بممالنورة هممل هممو سممنة‬
‫مأثورة عن الشارع أم ل وهل الحمماديث الممواردة فممي ذلممك‬
‫ثابتة أم ل كحديث أم سمملمة الممذي أخرجممه ابممن ممماجه أنممه‬
‫صلى الله عليممه وسمملم كممان إذا طلممى بممدأ بعممورته بممالنورة‬
‫وسائر جسده كله وحديث عائشة الذي أخرجه المام أحمد‬
‫قالت أطلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنورة فلما‬
‫فرغ منها قال يمما معشممر المسمملمين عليكممم بممالنورة فإنهمما‬
‫طيبمممة وطهمممور وإن اللمممه يمممذهب بهممما عنكمممم أوسممماخكم‬
‫وأشعاركم فإن قلتم بأن ذلك ثابت فما الجمع بينه وبين ممما‬
‫أخرجه أبو حاتم عن أنس كان رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم ل يتنور فإذا كممثر شممعره حلقممه وقممول الشمميخ محممي‬
‫الدين النووي في فتاويه لم يثبت في ذلك شيء‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجممواب ‪ -‬الحمممد للممه قممد وردت الحمماديث والثممار‬
‫مرفوعة وموقوفة ومقطوعة موصولة ومرسلة عممن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين باستعمال النورة‬
‫فهي مباحممة غيممر مكروهممة وهممل يطلممق عليهمما سممنة محممل‬
‫توقف لن السنة تحتاج إلى ثبمموت المممر بهمما كحلممق العانممة‬
‫ونتف البط وقص الشارب وقلم الظفار وفعل النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وإن كان دليل على السنة فقد يقال هنا أن‬
‫هذا من المور العادية التي ل يدل فعله لهمما علممى السممنية‪،‬‬
‫وقد يقال أنه إنما فعل ذلك لبيان الجواز كسممائر المباحممات‬
‫التي فعلها ولم توصف بأنها سنة‪ ،‬وقد يقمال إنهما سمنة لمما‬
‫فيه من القتداء وقد يقممال فيهمما بالسممتحباب بنمماء علممى أن‬
‫المستحب أخف مرتبممة مممن السممنة ومحممل هممذا كلممه مممالم‬
‫يقصد المتنور اتباع النبي صلى الله عليه وسمملم فممي فعلممه‬
‫أما إذا قصد ذلك فل ريب في أنه مأجور وآت بسنة‪.‬‬

‫ذكر الحاديث الواردة في أنه صلى الله عليه وسلم تنور‬


‫قال ابن ماجه في سننه حدثنا علي بن محمممد ثنمما عبممد‬
‫الرحمن بن عبد اللممه ثنمما حممماد بممن سمملمة عممن أبممي حمماتم‬
‫الزماني عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سمملمة رضممي اللممه‬
‫عنها أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم كممان إذا أطلممى بممدأ‬
‫بعورته فطلها وسائر جسده أهله قال الحافظ عماد الممدين‬
‫ابن كثير في كتابه الذي ألفه فممي الحمممام هممذا إسممناد جيممد‬
‫وعبد الرحمن ابن عبد الله هذا ذكر صمماحب الطممراف أنممه‬
‫أبو سعيد مولي بن هاشم فالله أعلممم‪ ،‬ثممم رواه ابممن ممماجه‬
‫عن علي بن محمد عن إسحاق بن منصور عممن كامممل أبممي‬
‫العلء عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة أن رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم أطلممى وولممي عممانته بيممده وقممد رواه‬
‫عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن حبيب بن أبي ثابت‬
‫عن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم مرسممل وهممذا أيضمما‬
‫إسناد جيد انتهى كلم ابن كثير‪ .‬قلت وله طريممق آخممر قممال‬
‫الخرائطي في مساوي الخلق حدثنا القنطري ثنا يزيد بممن‬
‫خلد بن يزيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن كهيل عن‬
‫حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة أن النبي صلى اللممه عليممه‬
‫‪459‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم كان ينوره الرجممل فممإذا بلممغ مراقممه تممولى هممو ذلممك‪،‬‬
‫وقال الخرائطي حدثنا أبو بكر أحمد بن إسممحاق بممن صممالح‬
‫الوزان ثنا سممليمان بممن سمملمة الجنممائزي ثنمما سممليمان ابممن‬
‫ناشرة قال سمعت محمد بن زياد اللهاني يقول كان ثوبان‬
‫مولى رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم جممارا لممي فكممان‬
‫يدخل الحمام فقلت وأنت صاحب رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم تدخل الحمام فقال كان رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم يدخل الحمام وكان يتنور ‪ -‬أخرجه يعقمموب ابممن‬
‫سفيان في تاريخه عن سليمان بن سلمة الحمصي ثنا بقية‬
‫ثنا سليمان بن ناشرة به‪ ،‬وأخرجه ابن عساكر فممي تمماريخه‬
‫من طريقه‪ ،‬وهممذا الحممديث فممات ابممن كممثير‪ .‬وأخرجممه ابممن‬
‫عساكر في تاريخه من طريق موسى بممن أيمموب عممن بقيممة‬
‫عن عمر بن سليمان الدمشقي عن مكحول عن وائلممة بممن‬
‫السقع قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر‬
‫جعلممت لممه مممائدة فأكممل متكئا وأطلممى وأصممابته الشمممس‬
‫ولبس الظلة قال أحمد سألت آدم ما الظلمة قمال البرطلمة‬
‫وأومأ بيده إلى رأسه‪ ،‬وهذا أيضا فات ابن كثير‪.‬‬
‫وقال سعيد بن منصور في سممننه ثنمما هشمميم عممن أبممي‬
‫المشرفي ليث بن أبي راشد عن أبي معشممر عممن إبراهيممم‬
‫قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطلممى ولممى‬
‫عانته بيده ‪ -‬أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن هشمميم‬
‫وشريك كلهما عن أبي المشرفي به‪ ،‬قممال ابممن كممثير وهممو‬
‫مرسل يتقوى بالموصممول الممذي أخرجممه ابممن ممماجه‪ ،‬وقممال‬
‫سعيد بن منصور ثنا الصعدي بن سنان العقيلي عممن محمممد‬
‫بن الزبير الحنظلي عن مكحول قال لما افتتح رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليممه وسمملم خيممبر أكممل متكئا وتنممور‪ .‬قلممت هممذا‬
‫الحديث فات ابن كثير فلم يذكره وهممو مرسممل‪ .‬وقممال أبممو‬
‫داود فمي المراسميل حمدثنا أبمو كاممل الجحمدري عمن عبمد‬
‫الواحد هو ابن زياد عن صالح بن صالح عن أبي معشر زياد‬
‫بن كليب أن رجل نور رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫فلما بلغ العانة كف الرجل ونور رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم نفسممه ‪ -‬أخرجممه الممبيهقي فممي سممننه الكممبرى‪ .‬وفممي‬
‫تاريخ ابن عساكر كربسند ضعيف عممن ابممن عمممر أن النممبي‬
‫‪460‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يتنور كممل شممهر ويقلممم أظفمماره‬
‫كل خمس عشرة‪ .‬هذا الحديث فات ابن كممثير وفيممه فممائدة‬
‫نفيسة وهي ذكر التوقيت‪.‬‬

‫ذكر الثار عن الصحابة فمن بعدهم‬


‫أخرج الطبراني عن يعلي بن مرة الثقفي قممال أطليممت‬
‫يوما ثممم تخلقممت بزعفممران فممأتيت النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فناولته يدي فقلت يا رسول الله صلى على فقال ما‬
‫هذا الذي على يدك‪ .‬قلت إني تنورت ثم تخلقت فقال ألممك‬
‫امرأة قلت ل قال ألك سرية قلت ل قال فانطلق فاغسممله‬
‫ثم اغسله ثلث مرات فانطلقت فاغتسلت ثلث مممرات ثممم‬
‫أتيت النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فصمملى علممي‪ .‬وأخممرج‬
‫مسدد في مسنده والطبراني في الكبير بسند رجاله رجال‬
‫الصحيح عن ابن عمر أنه كان يدخل الحمام فينوره صاحب‬
‫الحمام فإذا بلغ حقوه قال لصاحب الحمممام أخممرج‪ ،‬وأخممرج‬
‫البيهقي في سننه عن محمممد بممن زيمماد اللهمماني قممال كممان‬
‫ثوبان جارا لنا وكان يدخل الحمام ويتنممور‪ ،‬وأخممرج الممبيهقي‬
‫من طريق أسامة بن زيد الليثي عن نافع قال كان عبد الله‬
‫بن عمر يطلي فيأمرني أطليه حتى إذا بلغ سفلته وليها هو‪،‬‬
‫وأخرج الخرائطي عن مكحول قممال لممما قممدم أبممو الممدرداء‬
‫وأصحاب رسول الله صلى الله عليممه وسملم الشممام دخلمموا‬
‫الحمامات وأطلوا بالنورة‪ ،‬وأخرج البيهقي من طريممق عبممد‬
‫الله بن عمر عن نافع أن ابممن عمممر كممان ل يممدخل الحمممام‬
‫وكان يتنور في البيت ويلبس إزارا ويأمرني أطلي ما ظهممر‬
‫منه ثممم يممأمرني أن أخممرج عنممه فيلممي فرجممه‪ ،‬وأخممرج عبممد‬
‫الرزاق عن أم كلثوم قالت أمرتني عائشة فطليتها بممالنورة‬
‫ثم طليتها بالحناء على أثرها ما بين قرنهما إلمى قمدمها ممن‬
‫حصباء كانت بها‪ ،‬وقال ابن أبي شيبة فممي المصممنف حممدثنا‬
‫مالك بن اسماعيل عن كامل عن حبيب قال دخممل الحمممام‬
‫عطاء وطاووس ومجاهد فاطلوا فيه وحدثنا أبو أسامة عممن‬
‫عمر بن حمزة أن سالما أطلى مممرة‪ ،‬وأخممرج ابممن عسمماكر‬
‫عن أبي عثمان والربيع وأبي حارثة قال بلممغ عمممر أن خالممد‬
‫بن الوليممد دخممل الحمممام فتممدلك بعممد النممورة بخممبز عصممفر‬
‫‪461‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫معجون بخمر فكتب إليه بلغني أنك تدلكت بخمر وأن اللممه‬
‫قد حرم ظاهر الخمر وباطنها وقد حممرم مممس الخمممر كممما‬
‫حرم شربها فل تمسوها أجسامكم فإنها نجس‪.‬‬

‫ذكر الحديث الوارد في أنه صلى الله عليه وسلم لم يتنور‬


‫قال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا حسين بممن علممي‬
‫عن زائدة عن هشام عن الحسن ‪ -‬هو البصري ‪ -‬قال‪ :‬كان‬
‫رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم وأبممو بكممر وعمممر ل‬
‫يطلون‪ .‬قال ابن كثير‪ :‬هذا من مراسيل الحسن وقممد تكلممم‬
‫فيها ثم هو معارض بالحاديث السابقة‪ .‬وأخرج البيهقي في‬
‫سننه عن عبد الله بن المبارك قممال ممما أدرى مممن أخممبرني‬
‫عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنور‪ .‬وأخممرج‬
‫أبو داود في المراسيل من طريق عبممد الوهمماب بممن عطمماء‬
‫عن سعيد عن قتادة أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم لممم‬
‫يتنور ول أبو بكر ول عمر ول عثمان‪ ،‬كلهما منقطع‪ .‬وأخرج‬
‫البيهقي من طريق مسلم الملئي عن أنس قال كان النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ل يتنور فمإذا كمثر شمعره حلقمه قمال‬
‫البيهقي مسلم الملئي ضممعيف الحممديث فممإن كممان حفظممه‬
‫فيحتمل أن يكون قتادة أخذه أيضا عن أنممس‪ .‬قلممت فرجممع‬
‫المر إلى أنه حديث واحد وهممو أول ضممعيف وثانيمما معممارض‬
‫بالحاديث السابقة وهي أقوى منه سندا وأكثر عممددا وثالثمما‬
‫أن تلك مثبتة وهذا ناف والقاعممدة الصممولية عنممد التعممارض‬
‫تقديم المثبت على النافي خصوصمما أن الممتي روت الثبممات‬
‫باشرت الواقعة وهي من أمهات المؤمنين وهي أجدر بهذه‬
‫القضية فإنها مما يفعل في الخلوة غالبا ل بين أظهر الناس‬
‫وكلهممما مممن وجمموه الترجيحممات‪ .‬فهممذه خمسممة أجوبممة‪،‬‬
‫وسادس وهو أنه على حسمب اختلف الوقمات فتمارة كمان‬
‫يتنممور وتممارة كممان يحلممق ول يتنممور‪ ،‬وقممد روى مثممل هممذا‬
‫الختلف عن ابن عمر فتقدم من طرق عنه أنه كان يتنممور‪،‬‬
‫وأخممرج الطممبراني فممي الكممبير بسممند رجمماله موثقممون عممن‬
‫مسكين بن عبد العزيز عن أبيه قال دخلت علممى عبممد اللممه‬
‫بن عمر وجاريته تحلق عنممه الشممعر فقممال إن النممورة تممرق‬
‫الجلد‪ .‬فالجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه فعل المرين معمما‬
‫‪462‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذا في أوقات وهذا في أوقممات‪ ،‬نعممم ثبممت عممن عمممر بممن‬
‫الخطاب أنه كان يكره التنور ويعلله بممأنه مممن النعيممم‪ .‬قممال‬
‫سعيد بن منصور حدثنا حبان بن علي عن محمد بممن قيممس‬
‫السدي عن رجل قممال كممان عمممر بممن الخطمماب يسممتطيب‬
‫بالحديد فقيل له أل تنور قال إنهمما مممن النعيممم وأنمما أكرههمما‬
‫وقممال ابممن أبممي شمميبة حممدثنا وكيممع عممن محمممد بممن قيممس‬
‫السدي عن علي بن أبي عائشة قال كان عمر رجل أهيممب‬
‫وكان يحلق عنه الشعر وذكرت له النورة فقال النممورة مممن‬
‫النعيم‪ .‬وقد روي عنه ما يدل على أنه إنما كره الكثممار مممن‬
‫ذلك‪ .‬قال عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد حممدثنا بقيممة‬
‫حممدثني أرطمماة بممن المنممذر حممدثني بعضممهم أن عمممر بممن‬
‫الخطمماب قممال إيمماكم وكممثرة الحمممام وكممثرة طلء النممورة‬
‫والتوطي على الفممرش فممإن عبمماد اللممه ليسمموا بممالمتنعمين‬
‫فهذا الثر قمماطع للنممزاع‪ ،‬و أولممى ممما اعتمممد فممي التمموقيت‬
‫حديث ابن عمر السابق وهو التنممور كممل شممهر فيكممره فممي‬
‫أقل من ذلك‪ ،‬ثم رأيت في مساوي الخلق للخرائطي قال‬
‫حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ثنا عبد العزيز بن‬
‫الخطاب ثنا حميد يعني ابن يعقوب مولي بني هاشم وكممان‬
‫ثقة عن العباس بن فضل عن القاسم عن أبممي حممازم عممن‬
‫ابن عباس قال يا أيها الناس اتقوا الله ول تكذبوا فوالله ما‬
‫أطلى نبي قط‪ ،‬لكن قال ابن الثيممر فممي النهايممة ممما أطلممى‬
‫نبي قط أي ما مال إلى هواه وأصله من ميل الطلي وهممي‬
‫العناق واحدتها طلة يقال أطلممى الرجممال اطلء اذا مممالت‬
‫عنقه إلى أحد الشقين انتهى‪ .‬وقال صمماحب الملخممص فممي‬
‫غريب الحديث في حديثه عليه السلم ممما أطلممى نممبي قممط‬
‫أي ما مالت طلته أي عنقه أي ما جمار‪ ،‬وقممال عبممد الغممافر‬
‫الفارسي في مجمع الغرائب في بعض الحاديث ممما أطلممى‬
‫نممبي قممط أي ممما مممال إلممى همموى والصممل فيممه ميممل عنممق‬
‫النسان يقال أطلى الرجل أي مالت عنقه للموت أو غيره‪،‬‬
‫وذكر مثل ذلك أيضا صاحب القاموس‪.‬‬
‫)خاتمممة(‪ :‬روى البخمماري فممي تمماريخه وابممن عممدي فممي‬
‫الكامل والطبراني في الكممبير والوسممط عممن أبممي موسممى‬
‫الشعري قال قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم أول‬
‫‪463‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مممن صممنعت لممه النممورة ودخممل الحمممام سممليمان بممن داود‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قصة بلقيس قيممل‬
‫لها ادخلممي الصممرح فلممما رأتممه حسممبته لجممة وكشممفت عممن‬
‫ساقيها فإذا هي شعراء فقال سليمان ما يذهبه قالوا يذهبه‬
‫الموس قال أثر الممموس قبيممح فجعلممت الشممياطين النممورة‬
‫فهو أول من جعلت لممه النممورة‪ .‬وأخممرج سممعيد بممن منصممور‬
‫وابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد مثله وله طممرق عممن‬
‫مجاهد وغيره‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في القصة‬
‫أن الشياطين صنعوا له نورة من أصممداف فطلوهمما فممذهب‬
‫الشعر‪.‬‬

‫}كتاب الصلة{‬
‫مسألة ‪ -‬الحممديث الممذي رواه أبممو داود أنممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم صلى بأصحابه ثم تذكر أنه جنممب فأشممار إليهممم‬
‫أن اسكنوا وخرج واغتسل وعاد وتحرم بهم‪ ،‬هذا الستدلل‬
‫به على من أحرم منفردا ثم نوى القممدوة فممي خلل صمملته‬
‫ظمماهر أم ل‪ ،‬وقممول السممنوى ومممن المعلمموم أنهممم أنشممأوا‬
‫اقتداءا جديدا هل ذلك في رواية أو طريق وهل عينت تلممك‬
‫الصلة‪.‬‬
‫الجمواب ‪ -‬السمتدلل بالحمديث الممذكور ظماهر وقموله‬
‫ومن المعلوم أي من طريممق السممتدلل لنهممم تممابعوه بعممد‬
‫عمموده ول يمكممن المتابعممة إل بعممد إنشمماء اقتممداء جديممد لن‬
‫القتممداء الول لممم يصممادف محل لكممونه ليممس فممي صمملة‬
‫والصلة المذكورة في الحديث هي الصبح‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في الحديث أنه صلى اللممه عليممه وسمملم قنممت‬
‫شهرا يدعو علممى قمموم فهممل كممان ذلممك عقممب فراغممه مممن‬
‫القنوت الذي هو اللهم أهدنا فيمن هديت إلى آخره أم ابتدأ‬
‫به دونه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف في شمميء مممن الحمماديث علممى أنممه‬
‫صلى الله عليه وسمملم جمممع بيممن القنمموت المذي همو اللهمم‬
‫إهدنا إلى آخره وبين الدعاء على القوم بل ظاهر الحاديث‬
‫أنه اقتصر في قنوته على الدعاء عليهم‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬حديث ل صلة لجار المسجد إل فممي المسممجد‬
‫هل ورد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم أخرجه الدارقطني وإسممناده ضممعيف هممو‬
‫من حديث أبي هريرة رواه الحمماكم والطممبراني عنممه أيضمما‪،‬‬
‫ورواه الدارقطني أيضا من حممديث جممابر عممن علممي‪ ،‬ورواه‬
‫ابن حبان في الضعفاء عن عائشة وأسانيده كلها ضعيفة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قد كره الفقهاء أن يقال للعشاء عتمممة فكيممف‬
‫ورد في الحديث الصحيح "لو يعلمون ما في العتمة والصبح‬
‫لشهدوهما ولو حبوا"‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬عممن الحممديث مممن أوجممه‪ ،‬الول‪ :‬يحتمممل أن‬
‫يكون هذا قبل النهي عن تسميتها عتمة‪ ،‬الثمماني‪ :‬أنممه جممرى‬
‫على ما اشتهر على ألسنتهم كقوله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫أفلح وأبيه إن صدق وقد نهى أن يحلممف بالبمماء وإنممما ذلممك‬
‫أمر جرى على اللسنة‪ ،‬الثالث‪ :‬يحتمل أن يكون ذلممك مممن‬
‫كلم الراوي ل من كلم النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم لن‬
‫في بعض طرق الحممديث ممما فممي العشمماء أو الصممبح فلعممل‬
‫الراوي رواه بالمعنى ولم يطلمع علمى النهمي عمن تسمميتها‬
‫عتمة‪ ،‬الرابع‪ :‬يحتمل أن يكون ذكر ذلك لبيان أن النهي عن‬
‫تسميتها به نهي تنزيه ل تحريم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد حديث ل تسودوني في الصلة‬
‫الجواب ‪ -‬لم يرد ذلك والله أعلم‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬هممل ورد أن بلل أو غيممره أذن بمكممة قبممل‬
‫الهجرة‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬ورد ذلممك بأسممانيد ضممعيفة ل يعتمممد عليهمما‬
‫والمشهور الذي صححه أكثر العلماء ودلت عليممه الحمماديث‬
‫الصحيحة أن الذان إنما شرع بعممد الهجممرة وإنممه لممم يممؤذن‬
‫قبلها بلل ول غيره‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله صلى اللممه عليممه وسمملم "إذا أقيمممت‬
‫الصلة فل صلة إل المكتوبة" هممل المممراد الكمممال أو عممدم‬
‫الصحة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس المراد هذا ول هذا لن ذلك إنممما يكممون‬
‫في النفي المراد بممه النفمي علمى ظمماهره وأممما النفمي هنمما‬
‫فالمراد به النهي أي ل تصلوا إل المكتوبة والله أعلم‪.‬‬
‫‪465‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬في قول البخاري في باب وضممع اليممد اليمنممى‬
‫على اليسرى في الصلة‪ :‬حدثنا عبد اللممه بممن مسمملمة عممن‬
‫مالك عن أبي حازم عن سهل بممن سممعد قممال كممان النمماس‬
‫يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنممى علممى ذراعممه اليسممرى‬
‫في الصلة قال أبو حازم ل أعلم إل ينمي ذلممك إلممى النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قممال أبممو عبممد اللممه وقممال إسممماعيل‬
‫ينمي ذلك ولم يقل ينمي برفع الياء هل معنى قمموله ينمممي‬
‫ذلك برفع الياء ولممم يقممل ينمممي بالفتممح فيكممون فممي الكلم‬
‫تقديم وتأخير أو التقدير ينمممي ذلممك ولممم يقممل ينمممي برفممع‬
‫الياء وما وجه الصواب في ذلك وما الرواية فيه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬معناه قال إسماعيل ينمممي بضممم اليمماء مبنيمما‬
‫للمفعول ولم يقل ينمي بالفتح مبنيا للفاعل‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬حممديث سمملموا علممى اليهممود والنصممارى ول‬
‫تسلموا على يهود أمممتي قيممل وممما يهممود أمتممك قممال تممراك‬
‫الصلة هل ورد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف عليه وأورد في الفممردوس بلفممظ ول‬
‫تسلموا على شارب الخمر وبيض له ولده في مسنده فلممم‬
‫يذكر له إسنادا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬من التكرور ما الفرق بين حديث جابر بن عبد‬
‫الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسمملم‬
‫نهاهم عن بيع بيوتهم حيممن أرادوا بيعهمما بسممبب بعممدها مممن‬
‫المسجد فقال لهم صلى اللممه عليممه وسمملم "إن لكممم بكممل‬
‫خطوة درجة" رواه مسلم وكذا حممديث أبممي هريممرة رضممي‬
‫الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسمملم قممال البعممد‬
‫فالبعد من المسجد أعظممم أجممرا وبيممن حممديث حذيفممة بممن‬
‫اليمان رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم "فضل الدار القريبة مممن المسممجد علممى الممدار‬
‫الشاسعة كفضل الغازي على القاعد" خرجه المام أحمد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل تخالف بين هذه الحاديث فممإن كممل واقعممة لهمما‬
‫حكممم يخصممها‪ ،‬وشمماهد ذلممك أن الحمماديث قممد وردت فممي‬
‫تفضيل ميامين الصفوف فلما رغب الناس في ذلك عطلمموا‬
‫ميسرة المسجد فقيل يا رسول اللممه ان ميسممرة المسممجد‬
‫قد تعطلت فقال من عمر ميسرة المسجد كتممب لممه كفلن‬
‫‪466‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من الجر فأعطى أهل المبسرة في هذه الحالة ضممعف ممما‬
‫لهل الميمنة من الجر وليس لهم ذلك في كل حممال وإنممما‬
‫خص بذلك هذه الحالة لما صارت معطلة وكممذلك ممما نحممن‬
‫فيه أصل القضية تفضيل الدار القريبممة مممن المسممجد علممى‬
‫البعيدة منها فلما ثبت لها هذا الفضل رغب كل الناس فممي‬
‫ذلك حتى أراد بنو سلمة أن يغيروا ظمماهر المدينممة وينتقلمموا‬
‫قرب المسجد فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعممرى‬
‫ظاهر المدينة فأعطاهم هذا الفضل في هذه الحالممة ونممزل‬
‫في هذه القصة قمموله تعممالى )ونكتممب ممما قممدموا وآثممارهم(‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم حين نزلت الية "يا بني سمملمة‬
‫دياركم تكتب آثاركم"‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في حديث الترمذي عممن عممدي بمن ثممابت عممن‬
‫أبيه عممن جممده مرفوعمما العطمماس والنعمماس والتثمماؤب فممي‬
‫الصمملة مممن الشمميطان إسممناده ضممعيف ولممه شمماهد عنممد‬
‫الطبراني ضعيف عن ابن مسممعود قمموله وفممي حممديث ابممن‬
‫أبي شيبة عممن أبممي هريممرة إن اللممه يكممره التثمماؤب ويحممب‬
‫العطاس في الصلة قال الحافظ ابن حجر إسناده ضممعيف‬
‫وهو موقوف وفي حديث عبد الرزاق عن قتممادة قممال سممبع‬
‫من الشيطان فذكر منها شدة العطاس ما الجمع بين ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المقام مقامان مقممام الطلق ومقممام نسممبي‬
‫فأممما مقممام الطلق فممإن التثمماؤب والعطمماس فممي الصمملة‬
‫كلهما من الشيطان وعليممه يحمممل حممديث الترمممذي‪ ،‬وأممما‬
‫المقممام النسممبي فممإذا وقعمما فممي الصمملة مممع كونهممما مممن‬
‫الشيطان فالعطاس في الصلة أحب إلى الله من التثمماؤب‬
‫فيها والتثاؤب فيها أكره إليه من العطاس فيها‪ ،‬وعلممى هممذا‬
‫يحمل أثر ابن أبي شيبة فهو راجع إلى تفمماوت رتممب بعممض‬
‫المكروه على بعض هذا على تقدير ثبوت لفظ فمي الصمملة‬
‫في الثر‪.‬‬

‫الجواب الحزم عن حديث التكبير جزم‬


‫مسألة ‪ -‬في قوله عليه الصمملة والسمملم التكممبير جممزم‬
‫وفي قول بعضهم تأييدا لمقتضاه أنه عليه الصمملة والسمملم‬
‫لم ينطق بالتكبير إل مجزوما هل الحديث ثابت أم ل‪ ،‬وعلى‬
‫‪467‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تقدير ثبوته هل هو صحيح أو حسن أو ضعيف ومممن خرجممه‬
‫من العلممماء ومممن رجمماله ومممن تعممرض للكلم علممى سممنده‬
‫ومتنممه مممن الئممة‪ ،‬وممما التحقيمق فمي حكمم المسممألة همل‬
‫يشترط الجزم فيهمما أو ل وهممل للشممافعي رضممي اللممه عنممه‬
‫فيها نص أم ل‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬أممما الحممديث فغيممر ثممابت قممال الحممافظ أبممو‬
‫الفضل ابن حجر في تخريج أحاديث الشرح الكممبير‪ :‬حممديث‬
‫التكبير جزم ل أصل له وإنما هو من قول إبراهيممم النخعممي‬
‫حكاه عنه الترمذي انتهممى‪ .‬وقممد وقفممت علممى إسممناده عممن‬
‫النخعي قال عبد الرزاق في مصممنفه عممن يحيممى بممن العلء‬
‫عن مغيرة قال قممال ابراهيممم التكممبير جممزم يقممول ل يمممد ‪-‬‬
‫هكذا وقع في الرواية مفسرا وهذا التفسير إما من الممراوي‬
‫عن النخعي أو من يحيممى أو مممن عبممد الممرزاق وكممل منهممم‬
‫أولى بالرجوع إليه فممي تفسممير الثممر‪ ،‬وفسممره بممذلك أيضمما‬
‫المام الرافعي في الشرح وابن الثير في النهايممة وجماعممة‬
‫آخمرون‪ ،‬وأغمرب المحمب الطمبري فقمال معنماه ل يممد ول‬
‫يعرب بل يسكن آخره وهمذا الثماني ممردود بوجموه‪ :‬أحمدها‬
‫مخالفته لتفسير الراوي والرجوع إلى تفسير الممراوي أولممى‬
‫كما تقرر في علم الصول‪ ،‬الثاني مخممالفته لممما فسممره بممه‬
‫أهل الحديث والفقه‪ ،‬الثالث أن إطلق الجممزم علممى حممذف‬
‫الحركة العرابية لم يكن معهودا في الصدر الول وإنما هو‬
‫اصطلح حادث فل يصح الحمل عليه‪ .‬وأما حديث أنممه عليممه‬
‫السلم لم ينطق بالتكبير إل مجزوممما فلممم نقممف عليممه وإن‬
‫كممان هممو الظمماهر مممن حمماله صمملى اللممه عليممه وسمملم لن‬
‫فصاحته العظيمة تقتضممي ذلممك‪ ،‬وأممما هممل يشممترط الجممزم‬
‫فجوابه ل بل لو وقف عليه بالحركة صممح تكممبيره وانعقممدت‬
‫صلته لن قصارى أمره أنه صرح بالحركة في حالة الوقف‬
‫وهو دون اللحن ومعلوم أنه لو لحن بأن نصب الجللممة مثل‬
‫لم يضره في صحة الصلة كما لو لحن في الفاتحممة لحنمما ل‬
‫يغير المعنى فإنه ل تبطل صمملته كممما هممو منصمموص عليممه‪،‬‬
‫وأما هل للشافعي رضي الله عنه نص في ذلك فجوابه أنممه‬
‫لم ينص على ذلك وكذلك غالب الصحاب اكتفاءا بما نصمموا‬
‫عليه في اللحن فممي القممراءة ومممن نممص علممى ذلممك منهممم‬
‫‪468‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كالمحب الطبري فكلمه في السممتحباب ل فممي الشممتراط‬
‫بقرينة ذكر ذلممك مممع مسممألة المدومممد التكممبير ل يبطممل بل‬
‫خلف وحذفه سنة بل خلف‪ ،‬نعممم نممص الشممافعي فممي الم‬
‫على جزم التكبير بمعنى حذفه وعدم مده وتمطيطه‪.‬‬

‫المصابيح في صلة التراويح‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وبعد فقد‬
‫سممئلت مممرات هممل صمملى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫التراويح وهي العشرون ركعة المعهودة الن وأنمما أجيممب بل‬
‫ول يقنع مني بذلك فأردت تحرير القول فيها فممأقول‪ :‬الممذي‬
‫وردت بممه الحمماديث الصممحيحة والحسممان والضممعيفة المممر‬
‫بقيام رمضان والترغيب فيه مممن غيممر تخصمميص بعممدد ولممم‬
‫يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى عشممرين ركعممة وإنممما‬
‫صلى ليالي صلة لم يذكر عددها ثم تأخر في الليلة الرابعة‬
‫خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنهمما‪ ،‬وقممد تمسممك بعممض‬
‫من أثبت ذلك بحممديث ورد فيممه ل يصمملح الحتجمماج بممه وأنمما‬
‫أورده وابين وهاءه ثم أبين ما ثبممت بخلفممه‪ .‬روى ابممن أبممي‬
‫شيبة في مسنده قال حدثنا يزيد أنا ابراهيم بن عثمان عممن‬
‫الحكم بن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والمموتر ‪-‬‬
‫أخرجه عبد بن حميد في مسنده ثنا أبو نعيم ثنمما أبممو شمميبة‬
‫يعني إبراهيم بن عثمان به‪ ،‬وأخرجه البغوي في معجمه ثنمما‬
‫منصور بن أبي مزاحم ثنا أبو شمميبة بممه وأخرجممه الطممبراني‬
‫أي من طريق أبي شيبة أيضا قلت هذا الحديث ضعيف جدا‬
‫ل تقوم به حجة قال الذهبي في الميزان إبراهيم بن عثمان‬
‫أبو شيبة الكوفي قاضي واسط يروى عن زوج أمممه الحكممم‬
‫بن عبينة كذبه شعبة وقال ابن معين ليس بثقة وقال أحمد‬
‫بن حنبل ضعيف وقال البخاري سكتوا عنه ‪ -‬وهي من صمميغ‬
‫التجريح ‪ -‬وقال النسممائي‪ :‬مممتروك الحممديث‪ ،‬قممال الممذهبي‪:‬‬
‫ومن مناكيره ما رواه عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس‬
‫قال كان رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم يصمملي فممي‬
‫رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر‪ ،‬قال وقد ورد‬
‫‪469‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫له عن الحكم عدة أحاديث مممع أنممه روى عنممه أنممه قممال ممما‬
‫سمعت مممن الحكممم إل حممديثا واحممدا قممال وهممو الممذي روى‬
‫حديث ما هلكت أمة إل فممي آدار ول تقمموم السمماعة إل فممي‬
‫آدار وهو حديث باطل ل أصل له انتهى كلم الذهبي‪ .‬وقممال‬
‫المزني في تهذيبه أبو شيبة ابراهيم ابن عثمممان لممه منمماكير‬
‫منها حممديث أنممه كممان يصمملي فممي رمضممان عشممرين ركعممة‬
‫والمموتر قممال وقممد ضممعفه أحمممد وابممن معيممن والبخمماري‬
‫والنسائي وأبو حاتم الرازي وابن عدي وأبو داود والترمممذي‬
‫والحوص بن المفضممل الغلبممي وقممال الترمممذي فيممه منكممر‬
‫الحديث وقال الجوزجاني ساقط وقال أبو علي النيسابوري‬
‫ليس بممالقوي وقممال صممالح بممن محمممد البغممدادي ضممعيف ل‬
‫يكتب حديثه وقال معاذ العنبري كتبت إلى شعبة أسأله عنه‬
‫أروي عنه قال ل ترو عنه فمإنه رجمل ممذموم انتهمى‪ .‬وممن‬
‫اتفق هؤلء الئمة على تضعيفه ل يحل الحتجاج بحديثه مممع‬
‫أن هذين المامين المطلعين الحافظين المسممتوعبين حكيمما‬
‫فيه ما حكيا ولم ينقل عن أحد أنممه وثقممه ول بممأدنى مراتممب‬
‫التعديل وقد قال الذهبي وهو من أهل الستقراء التام فممي‬
‫نقد الرجال لم يتفق اثنان من أهل الفن علممى تجريممح ثقممة‬
‫ول توثيق ضعيف ومممن يكممذبه مثممل شممعبة فل يلتفممت إلممى‬
‫حديثه مع تصريح الحافظين المذكورين نقل عن الحفاظ إن‬
‫هذا الحديث مما أنكر عليه وفي ذلك كفايممة فممي رده وهممذا‬
‫أحد الوجوه المردود بها‪ .‬المموجه الثمماني‪ :‬إنممه قممد ثبممت فممي‬
‫صحيح البخاري وغيره أن عائشة سممئلت عممن قيممام رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان يزيممد‬
‫في رمضان ول في غيره على إحدى عشرة ركعة‪ .‬الثممالث‪:‬‬
‫إنه قد ثبمت فمي صممحيح البخمماري عمن عممر أنممه قمال فمي‬
‫التراويممح نعمممت البدعممة هممذه والممتي ينممامون عنهمما أفضممل‬
‫فسماها بدعة يعني بدعة حسنة وذلك صممريح فممي أنهمما لممم‬
‫تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسمملم وقممد نممص‬
‫على ذلك المام الشافعي وصرح بممه جماعممات مممن الئمممة‬
‫منهم الشيخ عز الدين بن عبد السمملم حيممث قسممم البدعممة‬
‫إلى خمسة أقسممام وقممال ومثممال المندوبممة صمملة التراويممح‬
‫ونقله عنه النووي فممي تهممذيب السممماء واللغممات‪ ،‬ثممم قممال‬
‫‪470‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشممافعي‬
‫قال المحدثات في المور ضممربان أحممدهما ممما أحممدث مممما‬
‫خالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعممة الضممللة‬
‫والثاني ما أحدث من الخير وهذه محدثة غير مذمومة وقممد‬
‫قال عمر في قيام شهر رمضان نعمت البدعممة هممذه يعنممي‬
‫أنها محدثة لم تكن ‪ -‬هذا آخممر كلم الشممافعي‪ ،‬وفممي سممنن‬
‫الممبيهقي وغيممره بإسممناد صممحيح عممن السممائب بممن يزيممد‬
‫الصحابي قال كانوا يقومون علمى عهمد عممر بمن الخطماب‬
‫في شهر رمضان بعشرين ركعة ولو كممان ذلممك علممى عهممد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لذكره فإنه أولى بالسناد‬
‫وأقوى في الحتجاج‪ .‬الرابع‪ :‬أن العلماء اختلفوا في عممددها‬
‫ولو ثبت ذلك من فعممل النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم لممم‬
‫يختلف فيه كعدد الوتر والرواتب فروى عن السود بن يزيد‬
‫أنه كان يصليها أربعين ركعة غير الوتر وعن مالك التراويممح‬
‫ست وثلثون ركعة غير الوتر لقول نافع أدركت الناس وهم‬
‫يقومون رمضان بتسممع وثلثيممن ركعممة يمموترون منهمما بثلث‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أنهمما تسممتحب لهممل المدينممة سممتا وثلثيممن ركعممة‬
‫تشبيها بأهل مكة حيث كممانوا يطوفممون بيممن كممل ترويحممتين‬
‫طوافا ويصمملون ركعممتيه ول يطوفممون بعممد الخامسممة فممأراد‬
‫أهممل المدينممة مسمماواتهم فجعلمموا مكممان كممل طممواف أربممع‬
‫ركعات ولو ثبت عددها بالنص لم تجز الزيممادة عليممه ولهممل‬
‫المدينة والصدرالول كانوا أورع من ذلك ومممن طممالع كتممب‬
‫المذهب خصوصا شرح المهذب ورأى تصممرفه وتعليلممه فمي‬
‫مسائلها كقراءتها ووقتها وسن الجماعة فيها بفعل الصحابة‬
‫وإجماعهم علم علم اليقين أنمه لمو كمان فيهما خمبر مرفموع‬
‫لحتج به‪ .‬هذا جوابي في ذلك والله سبحانه وتعممالى أعلممم‪.‬‬
‫ثم رأيت في تخريج أحاديث الشممرح الكممبير لشمميخ السمملم‬
‫ابن حجر ما نصه‪ :‬قول الرافعي إنه صلى الله عليممه وسمملم‬
‫صلى بالناس عشممرين ركعممة ليلممتين فلممما كممان فممي الليلممة‬
‫الثالثة اجتمع النمماس فلممم يخممرج إليهممم ثممم قممال مممن الغممد‬
‫"خشيت أن تفرض عليكم فل تطيقوها" متفق على صممحته‬
‫من حديث عائشة دون عدد الركعممات زاد البخمماري فتمموفى‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم المممر علممى ذلممك‪ .‬قممال‬
‫‪471‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شيخ السلم وأما العدد فروى ابن حبان فممي صممحيحه مممن‬
‫حديث جابر أنه صلى بهم ثمان ركعات ثم أوتر‪ .‬فهذا مباين‬
‫لما ذكره الرافعي قال نعم ذكر العشممرين ورد فممي حممديث‬
‫آخر رواه البيهقي من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله‬
‫عليممه وسمملم كممان يصمملي فممي رمضممان فممي غيممر جماعممة‬
‫عشرين ركعة والوتر زاد سليم الرازي في كتمماب الممترغيب‬
‫ويوتر بثلث قال الممبيهقي تفممرد بممه أبممو شمميبة إبراهيممم بممن‬
‫عثمان وهو ضعيف وفي الموطأ وابن أبممي شمميبة والممبيهقي‬
‫عن عمر أنه جمع الناس على أبي بممن كعممب فكممان يصمملي‬
‫بهممم فممي شممهر رمضممان عشممرين ركعممة ‪ -‬الحممديث انتهممى‪.‬‬
‫فالحاصل أن العشرين لم تثبت من فعله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وما نقله عن صحيح ابن حبان غايممة فيممما ذهبنمما إليممه‬
‫من تمسكنا بما في البخاري عن عائشة أنه كان ل يزيد في‬
‫رمضان ول في غيره على إحدى عشرة فإنه موافق له من‬
‫حيث أنه صلى التراويح ثمانيمما ثممم أوتممر بثلث فتلممك إحممدى‬
‫عشرة‪ .‬ومما يدل لذلك أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان‬
‫إذا عمل عمل واظب عليه كما واظب على الركعتين اللتين‬
‫قضاهما بعد العصر مع كون الصلة في ذلممك المموقت منهيمما‬
‫عنها ولو فعل العشرين ولو مرة لممم يتركهمما أبممدا ولممو وقممع‬
‫ذلك لم يخف على عائشة حيث قالت ما تقدم واللممه أعلممم‬
‫وفي الوائل للعسكري‪ :‬أول من سممن قيممام رمضممان عمممر‬
‫سنة أربع عشرة‪ ،‬وأخرج البيهقي وغيره من طريممق هشممام‬
‫بن عروة عن أبيه قال إن عمر بن الخطاب أول مممن جمممع‬
‫الناس على قيام شهر رمضان الرجال على أبممي بممن كعممب‬
‫والنساء على سليمان بن أبي خيثمة‪ .‬وأخرج ابن سعد عممن‬
‫أبي بكر بن سليمان بن أبممي خيثمممة نحمموه وزاد فلممما كممان‬
‫عثمان بن عفممان جمممع الرجممال والنسمماء علممى إمممام واحممد‬
‫سليمان بن أبي خيثمة‪ .‬وقال سعيد بمن منصمور فمي سمننه‬
‫حممدثنا عبممد العزيممز بممن محمممد حممدثني محمممد بممن يوسممف‬
‫سمعت السائب بن يزيد يقول كنا نقوم في زمان عمر بممن‬
‫الخطاب بإحدى عشرة ركعة نقرأ فيها بالمئين ونعتمد على‬
‫العصي من طول القيممام وننقلممب عنممد بممزوغ الفجممر‪ .‬فهممذا‬
‫أيضا موافق لحديث عائشة‪ .‬وكان عمر لممما أمممر بالتراويممح‬
‫‪472‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اقتصر أول على العدد الممذي صممله النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم ثم زاد في آخر المر‪ .‬وقال سعيد أيضا حدثنا هشمميم‬
‫ثنا زكريا بن أبي مريم الخزاعي سمممعت أبمما أمامممة يحممدث‬
‫قال إن الله كتب عليكم صيام رمضممان ولممم يكتممب عليكممم‬
‫قيامه وإنما القيام شيء ابتدعتموه فدوموا عليه ول تتركوه‬
‫فإن ناسا من بنى اسرائيل ابتدعوا بدعة ابتغاء رضوان الله‬
‫فعاتبهم الله بتركها ثم تل )ورهبانية ابتدعوها( الية‪ .‬وأخممرج‬
‫أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال سمعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يرغب فممي قيممام رمضممان ولممم يكممن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيممام‪.‬‬
‫وقال الذرعي في التوسط‪ :‬وأما من نقل عنممه صمملى اللممه‬
‫عليممه وسمملم أنممه صمملى فممي الليلممتين اللممتين خممرج فيهممما‬
‫عشرين ركعممة فهممو منكممر‪ ،‬وقممال الزركشممي فممي الخممادم‪:‬‬
‫دعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهممم فممي تلممك‬
‫الليلة عشرين ركعة لم يصح بل الثابت في الصحيح الصلة‬
‫من غير ذكر العدد وجاء في رواية جابر أنه صلى بهم ثممان‬
‫ركعات والوتر ثم انتظروه في القابلة فلم يخرج إليهم رواه‬
‫ابن حزيمة وابن حبان في صحيحيهما‪ .‬وقممال السممبكي فممي‬
‫شرح المنهاج‪ :‬اعلم أنممه لممم ينقممل كممم صمملى رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم تلك الليالي هل هو عشممرون أو أقممل‬
‫قال ومذهبنا أن التراويح عشرون ركعممة لممما روى الممبيهقي‬
‫وغيره بالسممناد الصممحيح عممن السممائب بممن يزيممد الصممحابي‬
‫رضي الله عنه قال كنا نقوم على عهد عمر رضي الله عنه‬
‫بعشرين ركعممة والمموتر هكممذا ذكممره المصممنف واسممتدل بممه‬
‫ورأيت إسناده في البيهقي لكن في الموطممأ وفممي مصممنف‬
‫سعيد بن منصور بسند في غايممة الصممحة عممن السممائب بممن‬
‫يزيد إحدى عشرة ركعة‪ .‬وقممال الجمموري مممن أصممحابنا عممن‬
‫مالك أنه قال المذي جممع عليمه النماس عممر بمن الخطماب‬
‫أحب إلي وهو إحدى عشرة ركعة وهي صمملة رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم قيل لممه إحممدى عشممرة ركعممة بممالوتر‬
‫قال نعم وثلث عشرة قريب قال ول أدري من أيممن أحممدث‬
‫هذا الركوع الكممثير‪ .‬وقممال الجمموري إن عممدد الركعممات فممي‬
‫شهر رمضان ل حد له عند الشافعي لنه نافلة‪ ،‬ورأيت فممي‬
‫‪473‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كتاب سعيد بن منصور آثارا في صلة عشرين ركعة وسممت‬
‫وثلثين ركعة لكنها بعد زمان عمر بن الخطاب‪ ،‬ومممال ابممن‬
‫عبد البر إلى رواية ثلث وعشرين بممالوتر وأن روايممة مالممك‬
‫في إحدى عشرة وهم وقال إن غيممر مالممك يخممالفه ويقممول‬
‫إحدى وعشرين قال ول أعلم أحدا قممال فممي هممذا الحممديث‬
‫إحدى عشرة ركعة غير مالك وكأنه لم يقممف علممى مصممنف‬
‫سعيد بن منصور في ذلك فإنه رواها كما رواهمما مالممك عممن‬
‫عبد العزيز بن محمد عن محمد بن يوسف شيخ مالك فقممد‬
‫تظافر مالك وعبد العزيز الدراوردي على روايتها إل أن هذا‬
‫أمر يسهل الخلف فيه فإن ذلك من النوافل من شاء أقممل‬
‫ومن شاء أكثر ولعلهم في وقت اختاروا تطويل القيام على‬
‫عدد الركعات فجعلوها إحممدى عشممرة وفممي وقممت اختمماروا‬
‫عدد الركعات فجعلوها عشرين وقد استقر العمل على هذا‬
‫‪ -‬انتهى كلم السبكي‪.‬‬

‫}كتاب الصيام{‬
‫مسألة ‪ -‬الذي يقال على اللسنة أن اليام الممبيض إنممما‬
‫سميت بذلك لن آدم عليه السلم لما هبط من الجنة أسود‬
‫جلده فأمره الله بصيامها فلما صام اليوم الول أبيض ثلممث‬
‫جلده وفي اليوم الثمماني الثلممث الثمماني وفممي اليمموم الثممالث‬
‫بقيته هل له أصل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا ورد في حديث أخرجه الخطيب البغدادي‬
‫في أماليه وابن عساكر في تاريخ دمشممق مممن حممديث ابممن‬
‫مسعود مرفوعا من طريق وموقوفا من آخر وأخرجممه ابممن‬
‫الجوزي في الموضوعات من الطريممق المرفمموع وقممال إنممه‬
‫حديث موضوع وفي إسناده جماعة مجهولون ل يعرفون‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في حديث البيهقي " من فطر صائما كممان لممه‬
‫أجر من عمله " ما معناه"‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬كان خطر لي احتمالن‪ :‬الول أن معنمماه فلممه‬
‫أجر من عمل الصوم على حد قوله في الحديث الخر "من‬
‫فطر صائما فله مثل أجره" فالضمير في عملممه راجممع إلممى‬
‫الصوم المفهوم من صائم‪ .‬الثاني أن يكون هذا قماله النممبي‬
‫صلى اللممه عليممه وسمملم أول ممما شممرع هممذا الحكممم فممأخبر‬
‫‪474‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصحابة الذين بحضرته أن مممن عمممل هممذه الحسممنة منهممم‬
‫فله أجر من عمل بها بعدهم إلى يوم القيامة على حد قوله‬
‫في الحديث الخر "من سن سنة حسممنة فلممه أجرهمما وأجممر‬
‫من عمل بها إلى يوم القيامة ل ينقص من أجورهم شمميء"‬
‫ثم راجعت طرق الحديث فوجدتها تؤيد الحتمال الول فإن‬
‫الحديث أخرجممه الممبيهقي مممن طريممق عبممد الحممق بممن أبممي‬
‫سليمان عن عطاء عممن زيممد بممن خالممد الجهنممي قممال‪ :‬قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائما كممان لممه‬
‫أجر من عمله من غير أن ينقص من اجر الصائم شيئا ومن‬
‫جهز غازيا أو خلفه في أهله كان له مثل أجره مممن غيممر أن‬
‫ينقص من اجره شيئا وأخرجه أيضا مممن طريممق معقممل بممن‬
‫عبيد الله عن عطاء عن زيممد بممن خالممد مرفوعمما مممن فطممر‬
‫صائما كان له مثل أجره ل ينقص من أجره شيئا ومن جهممز‬
‫غازيا في سبيل الله كان له مثل أجره ل ينقممص مممن اجممره‬
‫شيئا‪ ،‬وأخرجه الدارقطني مممن طريمق ابممن أبمي ليلممى عمن‬
‫عطاء عن زيد مرفوعا من جهز غازيا أو خلفه فممي أهلممه أو‬
‫فطر صائما فله مثل أجممره مممن غيممر أن ينقممص مممن أجممره‬
‫شيئا‪ .‬واخرجه أيضا من طريق ابممن جريممج عممن عطمماء عممن‬
‫زيد بن خالد مرفوعا من فطر صائما أو جهز غازيا فله مثل‬
‫أجره‪ .‬دلت هذه الطرق علممى أن مممراد الحممديث فلممه مثممل‬
‫أجر من عمل الصوم ل مثل أجر من عمممل تفطيممر الصممائم‬
‫وإن اللفظ الول يجوز أن يكون من تغيير الرواة ويجوز أن‬
‫يكون "من" فيه بمعنى " ما" والصل كان له أجر ما عملممه‬
‫وهو الصوم فالضمير فممي عملممه راجممع إلممى "مممن" بمعنممى‬
‫"ما" من غير احتياج إلى التأويل السممابق فممإن قلممت‪ :‬فهممل‬
‫يجوز أن يقرأ كان له أجر بالتنوين ومن عمله بالجر‪ .‬قلممت‪:‬‬
‫ل لمرين أحممدهما أن "مممن" إن قممدرت تبعيضممية والضمممير‬
‫راجع إلى الصائم كان منافيا لقوله في الرواية الخرى كان‬
‫لممه مثممل أجممره فإنهمما تقتضممي المثليممة وتلممك علممى التأويممل‬
‫المممذكور تقتضممي البعضممية وإن قممدرت تبعضممية والضمممير‬
‫للتفطير ففاسد كما ل يخفى الثمماني أنهمما إن قممدرت سممببية‬
‫والضمير للصائم ففاسد كما ل يخفى لن النسممان ل يممؤجر‬
‫بسبب عمل غيره إنما يؤجر بسبب عمل نفسه‪ ،‬أو للمفطر‬
‫‪475‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لم يصح اعتلق ما بعده به وهو قوله من غير أن ينقص من‬
‫أجر الصائم شيئا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في حديث أنس قال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم إن في الجنة نهرا يقمال لممه رجممب ممماؤه أبيممض‬
‫من اللبن وأحلى من العسل من صام يوما من رجب سقاه‬
‫الله من ذلك النهر‪ ،‬وحديث أنممس قممال رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم من صام من شهر حرام الخميس والجمعة‬
‫والسبت كتب له عبادة سبعمائة سنة‪ ،‬وحديث ابممن عبمماس‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام مممن رجممب‬
‫يوما كان كصيام شهر ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنمه‬
‫أبواب الجحيم السبعة ومن صام منه ثمانية أيام فتحممت لممه‬
‫أبواب الجنممة الثمانيممة ومممن صممام منممه عشممرة أيممام بممدلت‬
‫سيئاته حسنات هل هذه الحاديث موضوعة وما الفرق بين‬
‫الضعيف والغريب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليست هذه الحاديث بموضوعة بل هي من‬
‫قسم الضعيف الذي تجوز روايته في الفضائل أممما الحممديث‬
‫الول فممأخرجه أبممو الشمميخ بممن حبممان فممي كتمماب الصمميام‪،‬‬
‫والصبهاني وابن شمماهين كلهممما فممي الممترغيب‪ ،‬والممبيهقي‬
‫وغيرهم قال الحافظ ابن حجر وليس في إسناده من ينظر‬
‫في حاله سوى منصممور ابممن زائدة السممدي وقممد روى عنممه‬
‫جماعممة لكممن لممم أر فيممه تعممديل‪ ،‬وقممد ذكممره الممذهبي فممي‬
‫الميزان وضعفه بهذا الحديث‪ ،‬وأما الحديث الثاني فممأخرجه‬
‫الطبراني وأبو نعيم وغيرهما من طرق بعضها بلفمظ عبمادة‬
‫سنتين قال الحافظ ابن حجر وهممو أشممبه ومخرجممه أحسممن‬
‫وإسناد الحديث أمثل من الضعيف قريب من الحسن‪ .‬وأممما‬
‫الحديث الثالث فأخرجه البيهقي في فضائل الوقات وغيره‬
‫وله طرق وشواهد ضعيفة ل تثبت إل أنه يرتقممى عممن كممونه‬
‫موضوعا‪ .‬وأما الفمرق بيممن الضممعيف والغريمب فمإن بينهممما‬
‫عموما وخصوصا من وجه فقد يكون الحديث ضممعيفا غريبمما‬
‫معا وقد يكون غريبا ل ضعيفا لصممحة سممنده أو حسممنه وقمد‬
‫يكون ضعيفا ل غريبا لتعدد إسناده وفقد شرط من شممروط‬
‫القبول كما هو مقرر في علم الحديث‪.‬‬

‫‪476‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫}كتاب الحج{‬
‫مسألة ‪ -‬حديث ابن مسعود ما رأيت رسول الله صمملى‬
‫الله عليه وسلم صلى صلة إل لميقاتهمما إل صمملة المغممرب‬
‫والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ما معناه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال العلماء معنى قوله وصلى الفجممر يممومئذ‬
‫قبل ميقاتها أي قبل ميقاتها المعتمماد فممي بمماقي اليممام لنممه‬
‫صلها بغلس جدا وقت طلمموع الفجممر وكممانت عممادته صمملى‬
‫الله عليه وسلم قبل ذلممك التممأخير عممن طلمموع الفجممر قليل‬
‫وأما المغرب والعشاء تلك الليلة فصلهما مجموعتين جمممع‬
‫تأخير بأن أخر المغرب إلى وقت العشمماء وصمملهما جميعمما‬
‫بمزدلفة‪ ،‬وجمع المذكورة في الحديث هي مزدلفة سممميت‬
‫بذلك لجتماع الناس بها والحديث المذكور أخرجه البخمماري‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل قال إن حديث الباذنجان لما أكل لممه‬
‫أصح من حديث ماء زمزم لما شرب له هل هممو مصمميب أو‬
‫مخطئ‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو مخطئ أشد الخطأ فإن حديث الباذنجممان‬
‫كذب باطل موضوع بإجماع أئمة الحديث نبه على ذلك ابن‬
‫الجوزي في الموضوعات والممذهبي فممي الميممزان وغيرهممما‬
‫وحديث زمزم مختلف فيه قيل صممحيح وقيممل حسممن وقيممل‬
‫ضعيف فأدنى درجاته الضعف ولممم يقممل أحممد إنممه فممي حممد‬
‫الوضع قال الشيخ بدر الدين الزركشي فممي كتممابه التممذكرة‬
‫في الحاديث المشتهرة حديث الباذنجان لما أكل له باطممل‬
‫ل أصل له وقد لهج به العوام حتى سمعت قائل منهم يقول‬
‫هو أصح من حديث ماء زمزم لما شرب له قال وهذا خطممأ‬
‫قبيح‪ ،‬قال وحديث "ماء زمزم لما شممرب لممه" أخرجممه ابممن‬
‫ماجه في سننه من حديث جابر بإسناد جيد ورواه الخطيب‬
‫فممي تاريممخ بغممداد بإسممناد قممال فيممه الحممافظ شممرف الممدين‬
‫الدمياطي إنه على رسم الصحيح انتهى‪ .‬وقد ألف الحممافظ‬
‫ابن حجر جزءا في حديث ماء زمزم لممما شممرب لممه وتكلممم‬
‫عليه في تخريج الذكممار فاسممتوعب وحاصممل ممما ذكممره أنممه‬
‫مختلف فيه فضعفه جماعة وصححه آخرون منهممم الحممافظ‬
‫المنذري في الترغيب والحافظ الممدمياطي قممال والصممواب‬
‫‪477‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أنه حسن لشواهده ثم أورده مممن طممرق مممن حممديث جممابر‬
‫وابن عباس وغيرهما قال وحديث جممابر مخممرج فممي مسممند‬
‫أحمد ومسند أبي بكر بن أبممي شمميبة ومصممنفه وسممنن ابممن‬
‫ماجه وسنن البيهقي وشعب اليمان له وحديث ابن عبمماس‬
‫في سنن الدارقطني ومستدرك الحمماكم وأخرجممه الممبيهقي‬
‫أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا لكممن‬
‫سنده مقلوب وورد هذا اللفممظ أيضمما عممن معاويممة موقوفمما‬
‫بسند حسن ل علة له وله شواهد أخممر مرفوعممة وموقوفممة‬
‫تركتها خشية الطالة ولما نظممر المنممذري والممدمياطي إلممى‬
‫كثرة شواهده مع جودة طريق أبي الزبير عممن جممابر حكممما‬
‫له بالصحة‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫ماذا جواب أمام فاق أعصره * وخطه فاق في الفتاء من‬
‫سبقا‬
‫فيمن روى أن باذنجانهم وردت * فيه الرواية من قول‬
‫الذي صدقا‬
‫محمد خير خلق الله قاطبة * صلى عليه إله العرش من‬
‫خلقا‬
‫إن الشفاء به قصدا لكله * كماء زمزم دام الغيث مندفقا‬
‫من فضلكم هل لهذا صحة فلكم * أعربتم عن أمور جل‬
‫من خلقا‬
‫أوضح لنا أمره دام السرور بكم * يا أفصح الناس أن أفتى‬
‫وأن نطقا‬
‫لزلتم عدة للسائلين لكم * وباب جودكم للناس ل غلقا‬
‫الجواب ‪ -‬الله أشكر من نعمائه غدقا * وأتبع الشكر‬
‫بالتحميد ملتحقا‬
‫ثم الصلة على الهادي النبي ومن * أسرى به ليلة المعراج‬
‫ثم رقى‬
‫ابطل أحاديث باذنجانهم فلقد * نصوا على أنه الموضوع‬
‫مختلقا‬
‫وماء زمزم صحح ما رووه به * والله أعلم تم القول متسقا‬
‫مسألة ‪ -‬يا غرة في جبهة الدهر افتنا * ل زلت تفتى كل‬
‫من جاء يسال‬
‫‪478‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في زمزم أو ماء كوثر حشرنا * من منهما يا ذا المعالي‬
‫أفضل‬
‫جوزيت بالحسان عنا كلنا * وبجنة المأوى جزاؤك اكمل‬
‫الجواب –‬
‫لله حمدا والصلة على النبي محمد من للبرية يفضل‬
‫ما جاءنا خبر بذلك ثابت * فالوقف عن خوض بذلك أجمل‬
‫هذا جواب ابن السيوطي راجيا * من ربه التثبيت لما يسأل‬
‫مسألة ‪ -‬قال الجندي في فضائل مكة ثنا عبممد الرحمممن‬
‫بن محمد ثنا عبد الرزاق عن أبي معشر المدني عن محمد‬
‫بن المنكدر عن جابر بن عبد اللممه قممال‪ :‬قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت سبعا وصمملى خلممف‬
‫المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفر الله ذنمموبه كلهمما‬
‫بالغة ما بلغت‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أبو معشر المدني هو نجيح السممندي روى لممه‬
‫أصحاب السنن الربعة وفيه ضعف‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫يا عالم العصر ل زالت أناملكم * تهمي وعلمكم في‬
‫الرض ينتشر‬
‫هل النبيون حجوا البيت كلهم * أو لم يحج به بعض كما‬
‫ذكروا‬
‫عن صالح مع هود أن حجمها * للبيت أنكر يا مولى له نظر‬
‫وآدم حين حج البيت هل أحد * لرأسه حالق أن كان قد‬
‫ذكروا‬
‫هل بالحديد وهل جبريل فاعله * أو جوهر أو بغير هل لذا‬
‫أثر‬
‫أكشف لنا وأبن ل زلت ترشدنا * طرق الصواب إلى أن‬
‫ينتهي العمر‬
‫ثم الصلة على المختار من مضر * ما دام للبيت حجاج‬
‫ومعتمر‬
‫الجواب ‪ -‬نعم ورد عن عروة بن الزبير قال ما من نبي‬
‫إل حج هذا البيت إل ما كان من هممود وصممالح تشمماغل بممأمر‬
‫قومهما حتى قبضهما الله ولم يحجا أخرجه ابن إسحاق في‬
‫المبتدأ وابن عسمماكر فممي تمماريخه وقصممته أن جبريممل حلممق‬
‫‪479‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رأس آدم عليهما السلم حين حج بياقوته من الجنة رويناها‬
‫في تاريخ الخطيب من طريق جعفممر بممن محمممد عممن آبممائه‬
‫والله أعلم‪.‬‬

‫}كتاب النكاح{‬
‫مسألة ‪ -‬قوله صلى الله عليه وسلم لعن اللممه المحلممل‬
‫والمحلمل لمه همل همو صمحيح وهمل فيمه معارضمة لممذهب‬
‫الشافعي أم ل؟‬
‫الجواب ‪ -‬هو صحيح له طرق كثيرة وليس فيه معارضة‬
‫لمذهبنا لن الجمهور حملوا الحديث على ما إذا صممرح فممي‬
‫العقد باشتراط أنه إذا وطئ طلق وممن قال بهممذا الحمممل‬
‫المام أبو عمر بن عبد البر من كبار المالكيممة قممال الظهممر‬
‫بمعاني الحديث حمله على التصريح بذلك ل علممى نيتممه لن‬
‫امرأة رفاعة صرحت بأنها تريممد الرجمموع إلممى زوجهمما الول‬
‫وقد تضمن الحديث إقرارها على صحة النكاح فإذا لم تقدح‬
‫فيه نيتها فكذلك نية الزوج ونية المطلممق أولممى أن ل تقممدح‬
‫فلم يبمق للحمديث معنممى إل الحمممل علمى الظهمار فيكمون‬
‫كنكاح المتعة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث بريممرة فممي مفارقتهمما زوجهمما مممع كممونه‬
‫صلى الله عليه وسلم كلمها في إبقائه ل ينافي ما ثبت من‬
‫أنه صلى الله عليه وسلم يجبر من شاء على نكاح من شاء‬
‫من الرجال لن ذاك حيث كان منه إلزام وحديث بريرة لممم‬
‫يكن منه إلزام لها ولهذا قالت يمما رسممول اللممه أتممأمرني أم‬
‫تشفع فاستفهمته هل هو ملزم لها أم مخير‪ .‬فأجابها بقمموله‬
‫"ل بل اشفع" الدال على أنه مخير ل ملزم والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قوله صلى الله عليه وسلم‪ :‬حبممب إليكممم مممن‬
‫دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عينممي فممي الصمملة لممم‬
‫بدا بالنساء وأخر الصلة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لما كان المقصود من سياق الحديث بيان ممما‬
‫أصابه النبي صلى الله عليه وسلم من متمماع الممدنيا بممدأ بممه‬
‫كما قال في الحديث الخممر ممما أصممبنا مممن دنيمماكم هممذه إل‬
‫النساء ولما كان الذي حبب إليه من متاع الدنيا هو أفضمملها‬
‫وهو النساء بدليل قوله في الحديث الخر الدنيا متاع وخيممر‬
‫‪480‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫متاعها المرأة الصممالحة ناسممب أن يضممم إليممه بيممان أفضممل‬
‫المور وذلك الصلة فإنها أفضل العبادات بعد اليمان فكان‬
‫الحديث على أسلوب البلغة مممن جمعممه بيممن أفضممل أمممور‬
‫الدنيا وأفضل أمور الدين وفي ذلك ضم الشيء إلى نظيره‬
‫وعبر في أمر الدين بعبارة ابلغ مما عبر به فممي أمممر الممدنيا‬
‫حيث اقتصر في أمر الدنيا على مجممرد التحبممب وقممال فممي‬
‫أمممر الممدين جعلممت قممرة عينممي فممإن فممي قممرة العيممن مممن‬
‫التعظيم في المحبة ما ل يخفى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قصممة السمميد سممليمان هممل قممال لطمموفن‬
‫الليلة على سبعين امرأة أو قال على تسعين امرأة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬في هذا الحديث روايات إحداها على سممبعين‬
‫امممرأة رواهمما البخمماري فممي أحمماديث النبيمماء‪ ،‬الثانيممة علممى‬
‫تسعين امرأة رواهمما البخمماري فممي اليمممان والنممذور وأشمار‬
‫إليها في أحاديث النبياء تعليقا فقال قال شعيب وابممن أبممي‬
‫الزناد تسعين وهو أصح هذه عبارته‪ ،‬الثالثة لطمموفن الليلممة‬
‫بمائة امرأة رواهمما البخمماري فممي النكمماح‪ ،‬الرابعممة لطمموفن‬
‫الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسممعين هكممذا علممى الشممك‬
‫رواها البخاري في الجهاد‪ ،‬الخامسة على ستين امرأة أشار‬
‫إليها الحافظ ابن حجر فقمال فمي شممرح البخمماري مما نصمه‬
‫محصل الروايات ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسممعون‬
‫ومممائة قممال والجمممع بينهمما أن السممتين كممن حممرائر وممما زاد‬
‫عليهن كممن سممرارى أو بممالعكس وأممما السممبعون فللمبالغممة‬
‫وأما التسممعون والمممائة فكممن دون المممائة وفمموق التسممعين‬
‫فمن قال تسعون ألغى الكسر ومن قال مممائة جممبره ومممن‬
‫ثم وقع التردد في الرواية التي في الجهاد انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد وقفت على رواية سادسة وهي ألممف امممرأة‬
‫أخرج الحافظ أبو القاسم ابن عساكر مممن طريممق الخممدري‬
‫عن مقاتل عن أبي الزناد عن أبيممه عممن عبممد الرحمممن عممن‬
‫أبي هريممرة أن سمملميان بممن داود عليهممما السمملم كممان لممه‬
‫أربعمائة امرأة وستمائة سرية فقممال يوممما لطمموفن الليلممة‬
‫على ألف امرأة فتحمل كل واحدة منهن بفارس يجاهد في‬
‫سبيل الله ولم يسممتثن فطمماف عليهممن فلممم تحمممل واحممدة‬
‫منهن إل امرأة واحدة جاءت بشق إنسان فقال النبي صلى‬
‫‪481‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليه وسلم والمذي نفسمي بيمده لمو اسمتثنى فقمال إن‬
‫شاء الله لولد له ما قال فرسان ولجاهدو في سبيل الله‪.‬‬

‫}كتاب الجنايات{‬
‫مسممألة ‪ -‬مممن شممرب الخمممر لممم تقبممل صمملته أربعيممن‬
‫صباحا هل ورد وهل هو صحيح‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬نعممم أخرجممه أحمممد فممي مسممنده والترمممذي‬
‫والنسائي وغيرهم من طرق عن عبد الله بن عمر مرفوعمما‬
‫من شرب الخمر لم تقبل له صلة أربعين صباحا فمإن تماب‬
‫تاب الله عليه فإن عاد لم تقبل له صلة أربعين صباحا فإن‬
‫تاب‪ ..‬تاب الله عليه فممإن عمماد لممم تقبممل لممه صمملة أربعيممن‬
‫صباحا فإن تاب لم يتب الله عليه وكان حقمما علممى اللممه أن‬
‫يسقيه من نهر الخبال‪ -‬لفظ الترمذي وقممال حممديث حسممن‬
‫وفي الباب عن عبد الله بن عمر وأخرجه أحمممد والنسممائي‬
‫بسند صممحيح بهممذا اللفممظ وأخرجممه الممبزار والطممبراني مممن‬
‫طرق مختصرا وعممن ابممن عبمماس أخرجممه الطممبراني بسممند‬
‫حسن نحوه وأخرجه أيضا بلفظ كان نجسا أربعين يوما بدل‬
‫لم تقبل له صلة وبممدل فممإن تمماب فممإن عمماد وعممن أبممي ذر‬
‫أخرجه احمد والبزار بنحوه وعن عياض بن غنم اخرجه أبممو‬
‫يعلى والطبراني بسند ضعيف نحوه أيضا عممن السممائب بممن‬
‫يزيد أخرجه الطممبراني بسممند ضممعيف مختصممرا مممن شممرب‬
‫مسكرا لم تقبل له صلة أربعين يوما وعن أسماء بنت يزيد‬
‫أخرجه أحمد والطبراني بسند حسن بلفممظ لممم يممرض اللممه‬
‫عنه أربعين ليلة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في الحديث أتمى ابممن مسممعود برجممل نشمموان‬
‫فقال ترتروه ومزمزوه ثم دعا بسوط فقطعممت ثمرتممه ثممم‬
‫دق رأسه ما معنى هذه اللفاظ؟‬
‫الجواب ‪ -‬قال في النهايممة قمموله ترتممروه ومزمممزوه أي‬
‫حركوه ليسممتنكه هممل يوجممد منممه ريممح الخمممر أم ل ويممروى‬
‫تلتلوه ومعنى الكل التحريك وقال في حرف الميم مزمزوه‬
‫هو أن يحرك تحريكا عنيفا لعله يفيممق مممن سممكره ويصممحو‬
‫قال وثمرة السوط طرفممه الممذي يكممون فممي اسممفله وإنممما‬
‫دقها لتلين تخفيفا على الذي يضرب‪.‬‬
‫‪482‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬عن أيمممن بممن خريممم قممال‪ :‬قممام رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال‪" :‬يا أيهمما النمماس عممدلت‬
‫شهادة الزور إشراكا بالله عز وجل ثلثا ثممم قممرأ )فمماجتنبوا‬
‫الرجس مممن الوثممان واجتنبمموا قممول الممزور( مممن رواه مممن‬
‫الئمة وما حاله‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬رواه أحمد في مسنده والترمذي هكذا وأيمن‬
‫مختلف في صحبته فذكره ابن منممدة وغيممره فممي الصممحابة‬
‫وقال العجلي‪ :‬تابع صالح ثقة وليس لممه عنممد الترمممذي غيممر‬
‫هذا الحديث وقد ورد من رواية خريم بممن فاتممك وهممو والممد‬
‫أيمن هكذا أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجممة وقممال يحيممى‬
‫بن معين إنه الصواب أي إنه من حديث خريم ل من حديث‬
‫ابنه أيمن وله شماهد عمن ابمن مسمعود قمال تعمدل شمهادة‬
‫الممزور الشممرك بممالله ثممم تل هممذه اليممة أخرجممه سممعيد بممن‬
‫منصور وابن جرير والطبراني والبيهقي في شعب اليمان‪.‬‬

‫}كتاب الدب والرقائق{‬


‫مسألة ‪ -‬قوله صلى اللممه عليممه وسمملم لممو دعيممت إلممى‬
‫كراع لجبت هل المراد بالكراع موضع معين بالمدينة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الرجح أن المراد بممالكراع فممي هممذا الحممديث‬
‫كراع الدابة وقيل المراد به مكممان بممالحرة وقممع فممي بعممض‬
‫الكتب بلفظ لو دعيت إلى كراع الغيم ورده للنقاد وقال إنه‬
‫تخريف‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل الفضل قول ل إله إل اللممه أو الحمممد للممه‬
‫رب العالمين وما الفضل الذكر أو الحمد؟‬
‫الجواب ‪ -‬قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬أفضممل الممذكر ل‬
‫إله إل الله وأفضل الدعاء الحمد لله" دل على هذا الحديث‬
‫بمنطمموقه علممى أن كل مممن الكلمممتين أفضممل نمموعه ودل‬
‫بمفهومه على أن ل إله إل الله أفضل من الحمد فممإن نمموع‬
‫الذكر أفضل من نوع الدعاء ودليممل آخممر روى ابممن شمماهين‬
‫في السنة بسند ضممعيف عممن أنممس مرفوعمما التوحيممد ثمممن‬
‫الجنة والحمد ثمن كل نعمممة وهممذا يممدل علممى أن ل إلممه إل‬
‫الله أفضل من الحمد لله لن الجنة أفضل من جميع النعممم‬
‫الدنيوية فثمنها أفضل‪.‬‬
‫‪483‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة من التكرور‪ -‬ممما معنممى قمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسملم كمان داود عليمه السملم يأكمل خمبز الشمعير بالملمح‬
‫والرماد‪ ،‬وما العهد والوعد في حديث سمميد السممتغفار وممما‬
‫معنى من قالها موقنا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬معنى اثر داود عليممه السمملم أنممه كممان يأتممدم‬
‫بالملممح ويخلطممه بالرممماد مبالغممة فممي التضممرع والتواضممع‪،‬‬
‫والعهد ما أخذ عليهم وهم في عالم الذر يوم ألست بربكممم‬
‫والوعد ما جاء على لسان النبي صلى الله عليممه وسمملم إن‬
‫من مات ل يشرك بالله شيئا دخل الجنة‪ ،‬ومعنى من قالهمما‬
‫موقنا مخلصا مصدقا بثوابها‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث أول ما خلق الله القلممم هممل ورد ومممن‬
‫خرجه وهل هو صحيح أم ل؟‬
‫الجواب ‪ -‬هو حديث صحيح ورد من روايممة جماعممة مممن‬
‫الصحابة فعن عبادة بن الصامت قال سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقممول‪ :‬إن أول ممما خلممق اللممه القلممم‬
‫فقال له اكتب قال يا رب ما أكتب قممال‪ :‬أكتممب القممدر وممما‬
‫هممو كممائن إلممى البممد رواه أحمممد فممي مسممنده وأبممو داود‬
‫والترمذي وقال حسن صحيح وعن ابممن عبمماس قممال‪ :‬قممال‬
‫رسول الله صملى اللمه عليمه وسملم إن أول مما خلمق اللمه‬
‫القلم قال ما أكتب قال كل شيء كائن إلممى يمموم القيامممة‪.‬‬
‫رواه الطبراني فممي الكممبير بسممند رجمماله ثقممات إل أن فيممه‬
‫مؤمل بن إسماعيل وثقه ابن معين وغيره وضعفه البخاري‬
‫وغيره ورواه أيضا بلفظ لما خلق الله القلم قمال لمه اكتمب‬
‫فجرى بما هو كائن إلى قيام الساعة ورجمماله ثقممات‪ ،‬ورواه‬
‫أيضا موقوفا عليه بلفظ إن الله خلق العرش فاستوى عليه‬
‫ثم خلق القلم فأمره أن يجري بإذنه فقال يا رب بما أجرى‬
‫قال بما أنا خالق وكممائن فممي خلقممي مممن قطممر أو نبممات أو‬
‫نفس أو اثر أو رزق أو اجل فجرى القلم بما هو كممائن إلممى‬
‫يوم القيامة ورجاله ثقات إل الضحاك بن مزاحم فوثقه ابن‬
‫حبان وقال لم يسمع من ابن عباس وضعفه جماعممة ورواه‬
‫ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق موقوفا على ابن عباس‬
‫بلفظ أول ما خلق الله القلم قال ما أكتب قال اكتب القدر‬
‫فجرى بما يكون من ذلك اليمموم إلممى قيممام السمماعة‪ ،‬ورواه‬
‫‪484‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابن جرير أيضا عن ابن عباس موقوفا بلفظ إن أول شمميء‬
‫خلقه الله القلم فأمره بكتب كل شيء ورجاله ثقات ورواه‬
‫ابن عساكر في تاريخه من طريق أبي عبد الله مممولى بنممي‬
‫أمية عن أبي صالح عممن أبممي هريممرة سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول إن أول شيء خلقه الله القلممم‬
‫ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال له اكتب ما يكممون أو ممما‬
‫هو كائن من عمل أو رزق أو اثر أو أجممل فكتممب ذلممك إلممى‬
‫يوم القيامة ورواه ابن جرير من طريق معاوية بن قرة عن‬
‫أبيه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ن والقلم‬
‫وما يسطرون( قال لوح من نور وقلم مممن نممور يجممري بممما‬
‫هو كائن إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث لية من كتاب الله خير من محمد وآلممه‬
‫من أخرجه من أئمة الحديث‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف عليه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث أحبوا البنين فإن البنات يحببن أنفسهن‬
‫هل ورد؟‬
‫الجواب ‪ -‬هذا ل يعرف ولم أقف عليممه فممي شمميء مممن‬
‫كتب الحديث‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد في الحديث أن نبيا مممن النبيمماء شممكا‬
‫الضعف فأمره الله بأكل البيض‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم وهو ضعيف جدا رواه البيهقي في شعب‬
‫اليمان من حديث ابن عمر‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد في الحديث كما تكونون يولى عليكم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم رواه ابن جميع فممي معجمممه مممن حممديث‬
‫الحسن عن أبي بكرة وذكر ابن النباري في بعض كتبممه أن‬
‫الرواية كما تكونوا بحذف النون‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث الخلق عيال اللممه وأحبهممم إليممه أنفعهممم‬
‫لعياله هل ورد وهل هو صحيح ومن أخرجه؟‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ورد من رواية أنس وابن مسعود وأبي هريرة‬
‫فحديث أنس أخرجه البزار وأبو يعلى والطبراني والممبيهقي‬
‫في شعب اليمان من طريق يوسف بممن عطيممة عممن ثممابت‬
‫عنه ويوسف متروك وحديث ابن مسعود أخرجه الطممبراني‬
‫في الكبير والصبهاني في ترغيبممه مممن طريممق الحكممم عممن‬
‫‪485‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إبراهيم عن علقمة عنه وحديث أبي هريرة أخرجه الديلمي‬
‫في مسند الفممردوس مممن طريممق أبممي الهيثممم السممليل بممن‬
‫موسى بن سليل عن أبيه عن جده عن بسر بممن نممافع عممن‬
‫يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنممه بلفممظ الخلممق كلهممم‬
‫عيال الله وتحت كنفه فأحب الخلق إلممى اللممه مممن أحسممن‬
‫إلى عياله وأبغض الخلق إلى الله من ضيق على عياله‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث ل تظهر الشممماتة بأخيممك فيرحمممه اللممه‬
‫ويبتليك هل ورد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم أخرجممه الترمممذي مممن حممديث واثلممة بممن‬
‫السقع وحسنه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد أن سعفص نهر في السماء يخرج من‬
‫خلل الجنة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف على ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد أن آدم عليه السلم والطبقممة الولممى‬
‫مممن أولده كممانوا سممتين ذراعمما والثانيممة أربعيممن والثالثممة‬
‫عشرين والرابعة سبعة أذرع‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا العدد المخصوص في الطبقممات لممم يممرد‬
‫وإنما ورد أن طممول آدم كممان سممتين ذراعمما وأن مممن بعممده‬
‫تناقص ولم يزل الناس يتناقصون‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬اللهم اهد قريشا فإن علم العممالم منهممم يسممع‬
‫طبقات الرض من رواه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬رواه أبو يعلى فممي مسممنده مممن حممديث ابممن‬
‫عباس وسنده جيد‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث أنا جد كل تقي هل ورد؟‬
‫الجواب ‪ -‬ل أعرفه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث من جلس فوق عالم بغير إذنممه فكأنممما‬
‫جلس على المصحف هل له أصل؟‬
‫الجواب ‪ -‬ل أصل له‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث من بش في وجه ذمممي فكأنممما لكزنممي‬
‫في جنبي هل له أصل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل أصل له‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد أن النبي صلى الله عليممه وسمملم ليلممة‬
‫السراء اطلع على النار فرأى فيهمما رجل عليممه حلممل خضممر‬
‫‪486‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويروح عليه بمراوح فقال يا جبريل من هذا فقال هذا حاتم‬
‫الطممائي وهممل ورد أن شممجرة كممانت فممي بسممتان فقطعممت‬
‫نصفين فجعل منها نصف في القبلممة والخممر فممي مرحمماض‬
‫فشكا إلى ربه فأوحى إليه لئن لم تنته لجعلنك في مجلس‬
‫قاض ل يعرف الشرع‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذان باطلن‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث أن رجل قال يمما رسممول اللممه إيممش هممو‬
‫الذي يخفى قال شيء ل يكون‪ ،‬وحديث كفممى بممالمرء إثممما‬
‫أن يحدث بكل ما سمع هل هما صحيحان‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الول باطل والثاني صحيح أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث من لبس ثوب شهرة كيف لفظه ومممن‬
‫رواه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬رواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عمر‬
‫بلفظ من لبس ثوب شهرة ألبسممه اللمه يموم القياممة ثموب‬
‫مذلة ورواه ابن ماجة من حمديث أبمي ذر بلفمظ ممن لبمس‬
‫ثوب شهرة اعرض الله عنه حتى يضعه متى وضعه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬روى الطبراني في تاريخه الكبير والمسممعودي‬
‫في تاريخه وغيرهما إن أول من رمي بالقوس العربيممة آدم‬
‫عليه السلم وذلك أنه لما أمره اللممه بالزراعممة حيممن أهبممط‬
‫من الجنة وزرع أرسمل اللمه طمائرين عليمه يمأكلن مما زرع‬
‫ويخرجان ما بذر فشكا إلى اللممه ذلممك فهبممط عليممه جبريممل‬
‫وبيده قمموس ووتممر وسمهمان فقممال آدم مما همذا يما جبريمل‬
‫فأعطاه القوس وقال همذا قموة اللمه وأعطماه الموتر وقمال‬
‫هذه شمدة اللمه وأعطماه السمهمين وقمال همذه نكايمة اللمه‬
‫وعلمه الرمي بهما فرمى الطممائرين فقتلهممما وجعلهمما عممدة‬
‫في غربته وأنسا عند وحشته ثم صار إلممى إبراهيممم الخليممل‬
‫ثم إلى ولده إسماعيل وفممي روايممة قممال لممه جبريممل خممذها‬
‫ونش أب ومنه اشمتق اسمم النشماب‪ .‬واختلمف فمي قموس‬
‫إبراهيم عليه السلم هل هي القوس التي هبطت على آدم‬
‫من الجنة أو غيرها فمنهم من قال إنها هممي وإن آدم خبأهمما‬
‫منا خبأ عصا موسى ومنهم مممن قممال إنهمما غيرهمما وإن اللممه‬
‫أهبط على إبراهيم قوسا من الجنة وكممان ولممده إسممماعيل‬
‫‪487‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أرمى أهل زمانه وعنه أخذ الرمي بأرض الحجاز والذي ذكر‬
‫أن إبراهيم صنعها هي قوس النبع وصح أن ترك الرمي بعد‬
‫تعلمه معصية رواه مسلم من حديث عقبة بن عممامر وثبممت‬
‫أنه صمملى اللممه عليممه وسمملم رمممى بممالقوس وركممب الخيممل‬
‫مسرجة ومعراة وتقلد بالسيف وطعن بالرمح وكممان عنممده‬
‫ثلث قسى قوس تممدعى الروحمماء وقمموس تسمممى البيضمماء‬
‫وقوى تسمى الصفراء وقال إن الله ليدخل بالسهم الواحممد‬
‫ثلثة نفر الجنة صممانعه المحتسممب فيممه الخيممر والرامممي بممه‬
‫ومنبله وارموا واركبوا وإن ترموا أحب إلممى مممن أن تركبمموا‬
‫وكل شيء يلهو به المؤمن باطممل إل تممأديبه فرسممه ورميممه‬
‫عن قوسه وملعبة امرأته فهل هذه الخبممار صممحيحة بينمموا‬
‫لنا ذلك وإن كان عندكم زيادة فتفضلوا بها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما المنقول عن الطبري أو ل فلم أر له أصل‬
‫فممي الحممديث وراجعممت تاريممخ الطممبري فممي ترجمممة آدم‬
‫وإبراهيم وإسماعيل عليهما السلم فلم أجده فيممه ول يبعممد‬
‫صحته فإن الله تعممالى علممم آدم علممم كممل شمميء وقممد ورد‬
‫الحديث بأن أول من نطق بالعربيممة إسممماعيل ورأيممت مممن‬
‫صممرح بممأن أول مممن تكلممم بهمما آدم حممتى تقممادمت العربيممة‬
‫فحرفت وصارت سريانية فجاء إسماعيل وفتق الله لسممانه‬
‫بها‪ ،‬وأما حديث عقبة بن عامر فهو في صحيح مسمملم كممما‬
‫ذكر‪ ،‬وأما كونه صلى الله عليه وسلم رمى بالقوس وركممب‬
‫الخيل فصحيح ثابت في الحماديث المشممهورة ومممن ركمموبه‬
‫الخيل معرورات ركوبه فرس أبي الدحداح ليلممة فممزع أهممل‬
‫المدينة ثم رجع وهو يقول لن تراعوا‪ ،‬لن تراعوا وأما تقلده‬
‫السمميف وأممما حممديث إن اللممه ليممدخل بالسممهم الواحممد ‪-‬‬
‫الحديث بطوله فأخرجه أبو داود والترمممذي والنسممائي مممن‬
‫حديث عقبة بن عامر والطبراني فممي الوسممط مممن حممديث‬
‫أبي هريرة وله شواهد كثيرة وأما زيادة على ذلك إجابة لما‬
‫التمس السائل فروى ابن أبي الدنيا في كتاب الرمممي مممن‬
‫طريق الضحاك بن مزاحم عممن ابممن عبمماس قممال أول مممن‬
‫عمممل القسممى إبراهيممم عمممل لسممماعيل قوسمما ولسممحاق‬
‫قوسا فكانوا يرمون بها فعلمهم الرمي وكان أول من اتخممذ‬
‫القمموس الفارسممية نمممروذ‪ ،‬وروى مممن حممديث أبممي رافممع‬
‫‪488‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مرفوعا حق الولد على الوالد أن يعلمممه الكتابممة والسممباحة‬
‫والرمي وفي الصحيح ارموا بني إسماعيل فإن أبمماكم كممان‬
‫راميا وفي صحيح مسلم في تفسممير قمموله تعممالى )وأعممدوا‬
‫لهم ما استطعتم من قوة( أل إن القمموة الرمممي قالهمما ثلثمما‬
‫وروى الطبراني مممن حممديث أبممي الممدرداء مممن مشممى بيممن‬
‫الغرضين كان له بكل خطوة حسممنة وروى ابممن أبممي الممدنيا‬
‫من حمديث أبمي هريممرة تعلمموا الرمممي فمإن بيممن الهمدفين‬
‫روضة من رياض الجنممة وروى الطممبراني فممي الصممغير عممن‬
‫عائشة مرفوعا ما علممى أحمدكم إذا ألممح بممه همممه أن يتقلممد‬
‫قوسه فينفى بها همه وأسانيدها ضعيفة‪ ،‬وروى فممي الكممبير‬
‫من حديث أبي عمرو النصاري البدري من رمى بسهم في‬
‫سبيل الله قصر أو بلغ كممان لممه نممورا يمموم القيامممة وسممنده‬
‫ضعيف أيضا والحاديث المتعلقة بالرمي كممثيرة وقممد ألفممت‬
‫كتابا في الرمي سميته غرس النشاب في الرمي بالنشاب‬
‫وكتابا في الخيل سميته جر الذيل في علم الخيل‪.‬‬

‫القول الجلي في حديث الولي‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسممألة ‪ -‬الحممديث الممذي أخرجممه البغمموي فممي تفسممير‬
‫سورة شورى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم عن جبريل عن الله يقول عز وجل من أهان لي وليا‬
‫فقد بارزني بالمحاربة وإني لغضممب لوليممائي كممما يغضممب‬
‫ي عبممدي المممؤمن بمثممل أداء ممما‬‫الليث الحرد وما تقرب إل م ّ‬
‫افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل‬
‫حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا إن دعمماني‬
‫أجبته وإن سألني أعطيته وما ترددت في شمميء أنمما فمماعله‬
‫ترددي في قبض روح عبدي المممؤمن يكممره الممموت وأكممره‬
‫مسمماءته ول بممد لممه منممه وإن مممن عبممادي المممؤمنين لمممن‬
‫يسألني الباب من العبممادة فممأكفه عنممه أن ل يممدخله عجممب‬
‫فيفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن ل يصلح إيمممانه‬
‫إل الغنى ولو أفقرته لفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين‬
‫لمن ل يصلح إيمانه إل الفقر ولو أغنيتممه لفسممده ذلممك وإن‬
‫من عبادي المممؤمنين لمممن ل يصمملح إيمممانه إل الصممحة ولممو‬
‫‪489‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أسممقمته لفسممده ذلممك وإن مممن عبممادي المممؤمنين لمممن ل‬
‫يصلح إيمانه إل السقم ولو أصححته لفسده ذلك إني ادبممر‬
‫أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير مممن أخرجممه مممن‬
‫الئمة وما حاله‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا فممي كتمماب‬
‫الولياء قال حدثنا الهيثم بن خارجة والحكم بن موسى قممال‬
‫ثنا الحسن بن يحيى الخشممني عممن صممدقة الدمشممقي عممن‬
‫هشام الكناني عن أنس بطوله ولفظه‪ ،‬وأخرجممه أبممو نعيممم‬
‫في الحلية في ترجمة الحسن بن يحيممى الخشممني قممال ثنمما‬
‫أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن‬
‫أبي شيبة ثنا عبد الجبار بن عاصم ح وثنا أبو بكر محمد بممن‬
‫الحسين الجري ثنا أحمد بن يحيى الحلممواني ح وثنمما مخلممد‬
‫ابن جعفر ثنا أحمد بن محمد بن يزيد البراتي قال ثنا الحكم‬
‫بن موسى قال ثنا الحسممن بممن يحيممى الخشممني بممه بطمموله‬
‫ولفظه وقال غريب من حديث أنس لم يروه عنه على هممذا‬
‫السياق إل هشام وعنه صدقة تفممرد بممه الحسممن‪ .‬والحسممن‬
‫بن يحيى قال الذهبي تركوه وقال أبو حمماتم صممدوق سمميء‬
‫الحفممظ وقممال دحيممم ل بممأس بممه‪ ،‬وروى الطممبراني فممي‬
‫الوسط من طريق عمر بن سعيد الدمشممقي وهممو ضممعيف‬
‫عن صدقة بن عبد الله أبي معاوية عن عبد الكريم الجزري‬
‫عن أنس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسملم قمال‬
‫الله تعالى من أهان لي وليا فقممد بممارزني بالمحاربممة وإنممي‬
‫لسرع شمميء إلممى نصممرة أوليممائي إنممي لغضممب لهممم كممما‬
‫يغضممب الليممث الحممرد هكممذا رواه مختصممرا ثممم إن لصممل‬
‫الحديث شواهد منها ما أخرجه البخمماري فممي صممحيحه مممن‬
‫طريق خالد بن مخلد عن سليمان بن بلل عممن شممريك بممن‬
‫عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسممار عممن أبممي هريممرة‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عممادى لممي‬
‫وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلمى عبمدي بشميء أحمب‬
‫إلممي مممما افترضممت عليممه وممما يممزال عبممدي يتقممرب إلممي‬
‫بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمممع بممه‬
‫وبصره الذي يبصر به ويده الممتي يبطممش بهمما ورجلممه الممتي‬
‫يمشي بهمما ولئن سممألني لعطيتممه ولئن اسممتعاذني لعيممذنه‬
‫‪490‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددى عممن نفممس المممؤمن‬
‫يكره الموت وأكره مساءته ول بممد لممه منممه تفممرد بممإخراجه‬
‫البخاري وأورده الذهبي في الميزان في ترجمة خالد وقممال‬
‫هذا حديث غريب جدا تفرد به خالممد بممن مخلممد ولممول هيبممة‬
‫الجممامع الصممحيح لعممدوه فممي منكممرات خالممد وذلممك لغرابممة‬
‫لفظه ولنه مما تفرد به شريك وليس بالحممافظ‪ ،‬ومنهمما ممما‬
‫أخرجه المام أحمد في مسنده عن حماد بن خالممد الخيمماط‬
‫عن عبد الواحد مولى عروة عن عممروة عممن عائشممة قممالت‬
‫قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم مممن آذى لممي وليمما‬
‫ي عبدي بمثل الفممرائض‬ ‫فقد استحل محاربتي وما تقرب إل ّ‬
‫وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبممه فممإذا أحببتممه‬
‫إن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته وما ترددت عممن شمميء‬
‫أنا فاعله ترددي عن وفاته لنه يكره الموت وأكره مساءته‬
‫ورجمماله رجممال الصممحيح إل عبممد الواحممد وثقممه أبممو زرعممة‬
‫والعجلي وابن معيممن فممي روايممة وضممعفه غيرهممم وأخرجممه‬
‫الطبراني في الوسط قال ثنا هرون بن كامل ثنا سعيد بن‬
‫أبي مريم ثنا إبراهيم بن سممويد المممدني حممدثني أبممو حممزرة‬
‫يعقوب بن مجاهد أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة عممن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قممال إن اللممه يقممول مممن‬
‫أهان لي وليا فقد استحل محاربتي وما تقرب إلي عبد مممن‬
‫عبادي بمثل أداء فرائضي وإن عبدي ليتقرب إلي بالنوافممل‬
‫حتى أحبه فإذا أحببته كنت عينه التي يبصر بها وأذنممه الممتي‬
‫يسمع بها ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بهمما وإن‬
‫دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وما ترددت عن شمميء أنمما‬
‫فاعله ترددي عن موته وذلك أنممه يكممره الممموت وأنمما أكممره‬
‫مساءته وقال لم يروه عن عروة إل أبو حزرة وعبد الواحممد‬
‫بن ميمون‪ .‬قلت ورجال السناد رجممال الصممحيح إل هممرون‪،‬‬
‫ومنها ما رواه أبو يعلى في مسنده عن العبمماس بممن الوليممد‬
‫عن يوسف بن خالد عن عمممر بممن إسممحاق عممن عطمماء بممن‬
‫يسار عن ميمونة أم الممؤمنين أن رسمول اللمه صمملى اللمه‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬قال الله عز وجل من آذى لممي وليمما فقممد‬
‫استحل محاربتي وما تقرب إلي عبدي بمثممل أداء فرائضممي‬
‫وإنه ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت رجلممه‬
‫‪491‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التي يمشي بها ويده التي يبطش بها ولسممانه الممذي ينطممق‬
‫به وقلبه الذي يعقل به إن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته‬
‫وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن موته وذلك أنه‬
‫يكممره الممموت وأنمما أكممره مسمماءته‪ ،‬ويوسممف هممو السمممتي‬
‫كذاب‪ .‬ومنها ما رواه الطبراني في الكبير عن أبممي غمامممة‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قممال إن اللممه تعممالى‬
‫يقول من أهان لي وليا فقممد بممارزني بالعممداوة ابممن آدم لممم‬
‫تدرك ما عندي إل بأداء ما افترضت عليممك ول يممزال عبممدي‬
‫يتحبب إلي بالنوافل حتى أحبه فأكون سمممعه الممذي يسمممع‬
‫به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به وقلبه الذي‬
‫يعقممل بممه فممإذا دعمماني أجبتممه وإن سممألني أعطيتممه وإن‬
‫استنصرني نصرته‪ .‬وفي سنده علي بن زيد ضممعيف‪ .‬ومنهمما‬
‫ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس قال‪ :‬قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى من عممادى لممي وليمما‬
‫فقد ناصبني بالمحاربممة وممما تممرددت عممن شمميء أنمما فمماعله‬
‫كترددي عن ممموت المممؤمن يكممره الممموت وأكممره مسمماءته‬
‫وربما سألني ولي المؤمن الغني فأصرفه عممن الغنممى إلممى‬
‫الفقر ولو صرفته إلى الغنى لكممان شممرا لممه وربممما سممألني‬
‫وليي المؤمن الفقر فأصرفه إلممى الغنممى ولممو صممرفته إلممى‬
‫الفقر لكان شرا له‪ .‬ومن شواهد قوله وإن من عبادي لمن‬
‫يسألني الباب من العبادة إلى آخره ممما أخرجممه أبممو الشمميخ‬
‫ابن حبان في كتاب الثواب عممن حمماجب بممن أبممي بكممر عممن‬
‫أحمممد الممدورقي عممن أبممي عثمممان الممموي عممن صممخر بممن‬
‫عكرمه عن كليب الجهني رضي الله عنه عممن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال‪ :‬قال الله عز وجل لول أن الذنب خيممر‬
‫لعبدي المؤمن من العجممب ممما خليممت بيممن عبممدي المممؤمن‬
‫وبين الذهب‪ .‬وما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس مممن‬
‫طريق جعفر بن محمممد بممن عيسممى الناقممد عممن سممويد بممن‬
‫سعيد عن ضمام بن إسماعيل عن موسممى بممن وردان عممن‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لول‬
‫أن المؤمن يعجب بعمله لعصم من الذنب حممتى ل يهممم بممه‬
‫ولكن الممذنب خيممر لممه مممن العجممب‪ ،‬وممما أخرجممه أبممو نعيممم‬
‫والحاكم في التاريخ من طريق سلم بن أبي الصممهباء عممن‬
‫‪492‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثابت عن أنس‪ ،‬والديملي من طريممق كممثير بممن يحيممى عممن‬
‫أبيه عن الجربوي عن أبي نضرة عن أبممي سممعيد قممال قممال‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم لممو لممم تكونمموا تممذنبون‬
‫لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬شخص روى حديثا عن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم عن الله عز وجل أنه قال ما تممرددت فممي شمميء أنمما‬
‫فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن فقممال لممه رجممل‬
‫تجازف في الحديث فما حال هذا الحديث وما معناه؟‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الحممديث صممحيح رواه البخمماري فممي‬
‫صحيحه والتردد في الحديث عنه أجوبممة مشممهورة أحسممنها‬
‫وعليه ابن الجوزي أن هذا من باب الخطاب لنمما بممما نعقممل‬
‫والباري تعالى منزه عن حقيقته على حد قوله ومممن أتمماني‬
‫يمشي أتيته هرولة فكما أن أحدنا يريد ضمرب ولمده تأديبيما‬
‫فتمنعه المحبة وتبعثه الشفقة فيتردد بينهما ولممو كممان غيممر‬
‫الوالد كالمعلم لم يتردد بل كممان يبممادر إلممى ضممربه لتممأديبه‬
‫فأريد تفهيمنا لتحقيق المحبة للولي بذكر التردد جريا علممى‬
‫مخاطبة العرب بما يفهمون‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث من قرأ القرآن وأعربممه كتممب لممه بكممل‬
‫حرف عشر حسنات ومن قممرأه ولحممن فيممه كتممب لممه بكممل‬
‫حرف حسنة هل هو صحيح؟‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الحممديث أخرجممه الممبيهقي فممي شممعب‬
‫اليمان من طريق نعيم ابن حماد عن أبي عصمة عممن زيممد‬
‫العمممى عممن سممعيد بممن المسمميب عممن عمممر بممن الخطمماب‬
‫مرفوعا من قرأ القرآن فأعربه كله فله بكل حرف أربعون‬
‫حسنة فإن أعرب بعضه ولحن في بعضممه فلممه بكممل حممرف‬
‫عشرون حسنة وإن لم يعممرب منممه شمميئا فلممه بكممل حممرف‬
‫عشر حسنات‪ .‬وهذا إسممناد ضممعيف مممن وجمموه‪ :‬أحممدها أن‬
‫سعيد بن المسيب لم يدرك عمممر فهممو منقطممع‪ .‬الثمماني أن‬
‫زيد العمي ليس بالقوي‪ .‬الثالث أن عصمة هو نوح بن أبممي‬
‫مريم الجامع الكممذاب المعممروف بالوضممع والظمماهر أن هممذا‬
‫الحديث مما صنعت يداه وقممد ذكممره الممذهبي فممي ترجمتممه‬
‫وعده من مناكيره وقد رواه الطممبراني فممي الوسممط علممى‬
‫كيفية أخرى مخالفة في السند والصحابي والمتن وهو دليل‬
‫‪493‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ضعف الحديث ونكارته واضطرابه فقال حممدثنا الفضممل بممن‬
‫هرون ثنا إسماعيل بن هرون الترجماني ثنا عبد الرحيم بن‬
‫زيد العمي عن أبيه عن عروة عن عائشة مرفوعا مممن قممرأ‬
‫القرآن على أي حممرف كممان كتممب اللممه لممه عشممر حسممنات‬
‫ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجممات ومممن قممرأه‬
‫فأعرب بعضا ولحن بعضا كتب لممه عشممرون حسممنة ومحممى‬
‫عنه عشممرون سمميئة ورفممع لممه عشممرون درجممة ومممن قممرأه‬
‫وأعربه كله كتب له أربعون حسنة ومحى عنه أربعون سيئة‬
‫ورفع له أربعون درجة‪ .‬قال الطبراني لم يممروه عممن عممروة‬
‫إل زيد تفرد به ابنه وقد عرفت ضممعف زيممد وابنممه مممتروك‪.‬‬
‫وروى البيهقي في شعب اليمان أيضا من طريق بقيممة بممن‬
‫الوليد عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عممن ابممن عمممر‬
‫مرفوعا من قرأ القرآن فأعرب في قراءاتممه كممان لممه بكممل‬
‫حرف عشرون حسنة ومن قرأه بغير إعراب كممان لممه بكمل‬
‫حرف عشر حسنات‪ .‬وهذا السناد ل يصح أيضمما فممإن بقيممة‬
‫مدلس وقد عنعنه‪ .‬وروى الطبراني وأبممو نعيممم مممن حممديث‬
‫علي بن حرب عن عبد الرحمن بممن يحيممى عممن مالممك عممن‬
‫ابن القاسم عن أبيه عن عائشة مرفوعمما مممن قممرأ القممرآن‬
‫فأعربه كانت له دعوة عند الله مسممتجابة إن شمماء أعممد لممه‬
‫في الدنيا وإن شاء أخرهمما إلممى يمموم القيامممة‪ ،‬وهممو غريممب‬
‫أيضا‪ .‬وروى الطبراني في الوسط من طريممق نهشممل عممن‬
‫الضحاك بممن مزاحممم عممن أبممي الحمموص عممن ابممن مسممعود‬
‫مرفوعا أعربوا القرآن فإنه مممن قممرأ القممرآن فممأعربه فلممه‬
‫بكل حرف عشر حسنات وكفارة عشر سيئات ورفع عشممر‬
‫درجات‪ ،‬ونهشل متروك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬القول المشممهور علممى اللسممنة وهممو الخمممول‬
‫نعمة وكل يأباه والشهرة آفة وكل يرضاه هل ورد؟‬
‫الجواب ‪ -‬ليممس هممذا بحممديث وإنممما هممو مممن كلم أبممي‬
‫المحاسن الروياني مممن أئمممة الشممافعية قممال الحممافظ أبممو‬
‫سعد السمعاني في تاريخ بغداد‪ :‬سمممعت أبمما النممواس هبممة‬
‫الله بن سعد الطبري بآمل يقول سمعت جدي لمي المام‬
‫أبا المحاسممن عبممد الواحممد بممن إسممماعيل الرويمماني يقممول‪:‬‬
‫الشهرة آفة وكل يتحراهمما‪ .‬والخمممول راحممة وكممل يتوقاهمما‪.‬‬
‫‪494‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الخمول قال حدثنا محمد بن‬
‫علي ثنا إبراهيم بن الشعث سمعت الفضمميل يقممول بلغنممي‬
‫أنه يقال للعبد في بعض مننه من بها عليه ألممم أنعممم عليممك‬
‫ألم أعطك ألم ألم ألم أخمل ذكرك‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬حممديث يممدخل الفقممراء الجنممة قبممل الغنيمماء‬
‫بخمسمائة عام‪ ،‬وحديث اتخذوا مع الفقممراء أيممادي قبممل أن‬
‫تجيء دولتهممم‪ ،‬وحممديث أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫أنشد بين يديه‪:‬‬
‫لسعت حية الهوى كبدي * فل طبيب لها ول راقي‬
‫إل الحبيب الذي شغفت به * فعنده رقيتي وترياقي‬
‫فتواجد حتى سقطت البردة عن كتفيه ما حالها‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الحممديث الول صممحيح أخرجممه بهممذا اللفممظ‬
‫الترمممذي مممن حممديث أبممي هريممرة وقممال حسممن صممحيح‪،‬‬
‫والحديثان الخران باطلن موضوعان باتفاق أهل الحديث‬
‫مسألة ‪ -‬حديث "خيركم بعممد المممائتين الخفيممف الحمماذ"‬
‫هل هو صحيح‪ ،‬وقيل إنه الحال باللم في آخره‪ ،‬وقمال آخمر‬
‫إنه الجاد بالجيم والممدال المهملممة‪ ،‬وقممال آخممر إنممه منسمموخ‬
‫بحديث "تناكحوا تناسلوا" فهل ما قالوه صحيح أم ل؟‬
‫الجواب ‪ -‬هذا الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده من‬
‫حديث حذيفة بممن اليمممان بلفممظ خيركممم فممي المممائتين كممل‬
‫خفيف الحاذ قيل يا رسول الله وما خفيف الحاذ قال من ل‬
‫أهل له ول مممال‪ ،‬وفممي إسممناده داود بممن الجممراح قممال فيممه‬
‫أحمد ل بأس بممه إل أنممه حممدث عممن سممفيان بمنمماكير وقممال‬
‫الدارقطني متروك وقال النسائي رديء غيممر حممديث منكممر‬
‫وقال ابن عدى عامة ما يرويه ل يتابع عليه وقال أبممو حمماتم‬
‫محله الصدق تغير حفظه قممال الممذهبي فممي الميممزان وهممذا‬
‫الحديث مما غلط فيه فإن أبا حمماتم قممال فيممه إنممه منكممر ل‬
‫يشبه حديث الثقات قال وإنما كان بدء هذا الخبر فيما ذكممر‬
‫لمي أن رجل أتمى رواد فمذكر لمه هممذا الحمديث فاستحسممنه‬
‫وكتبه ثم حدث به بعد فظن أنه مممن سممماعه انتهممى‪ .‬وروى‬
‫الترمذي مممن حممديث أبممي أمامممة إن أغبممط أوليممائي عنممدي‬
‫لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ مممن الصمملة‪ .‬وأممما الحمماذ فهممو‬
‫بالحاء المهملممة والممذال المعجمممة الخفيفممة ومممن قممال إنممه‬
‫‪495‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫باللم أو بالجيم والدال المهملة فقد صحف قال ابممن الثيممر‬
‫في النهاية في حرف الحاء المهملة فممي فصممل حمموذ اصممل‬
‫الحاذ طريقة المتن وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس‬
‫أي خفيف الظهر من العيال والحاذ والحال واحد‪ ،‬وكذا قال‬
‫الديلمي في مسند الفردوس وزاد ضربه النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم مثل لقلة ماله وعياله وفممي الصممحاح حمماذ متنممه‬
‫وحال متنه واحد وهو موضوع اللبد من ظهر الفممرس وفممي‬
‫الحديث مؤمن خفيف الحاذ أي خفيف الظهممر انتهممى‪ .‬وأممما‬
‫من قال إنه منسوخ فلم يصب لما تقرر فممي علممم الصممول‬
‫أن النسخ خاص بممالطلب ول يممدخل الخممبر وهممذا خممبر كممما‬
‫ترى‪ ،‬ثم إنه ل منافاة بينه وبين حديث تناكحوا تناسلوا حتى‬
‫يحتاج إلى دعوى النسخ لن المر بالنكاح ليممس عاممما لكممل‬
‫أحد بل بشروط مخصوصة كما تقرر في علم الفقه فيحمل‬
‫هذا الحديث علممى ممن ليسممت فيممه الشمروط وخشمي ممن‬
‫النكاح التوريط فممي أمممور يخشممى منهمما علممى دينممه بسممبب‬
‫طلب المعيشة وبذلك يحصل الجمع بين الحديثين ول نسممخ‬
‫فدعوى النسخ في الخبر جهل بقواعد الصول‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قول صاحب الشفا عن قوله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم "إن لله ملئكة سياحين في الرض عبمادتهم كمل دار‬
‫فيها اسم محمد"‪ .‬هل هي بالباء الموحدة أو باليمماء المثنمماة‬
‫من تحممت وإذا كممانت باليمماء فممما معناهمما أو بالموحممدة فممما‬
‫معناها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هممو بالبمماء الموحممدة مممن العبممادة وهممو مبتممدأ‬
‫خبره كممل دار علممى تقممدير مضمماف أي حراسممة كممل دار أو‬
‫حفظ كل دار أو نحو ذلك ثم إن هذا الحديث غير ثابت‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬السماء التي اشتهرت للبوني هل لها أصل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف لها على أصل إل ما أخرجه ابن أبممي‬
‫الدنيا في كتاب الدعاء قال حدثنا محمد بن سعيد ثنا سمملم‬
‫الطويل عن الحسن بن علي عن الحسن البصري قال لممما‬
‫بعث الله إدريس إلى قممومه وقممد فشمما فيهممم السممحر فلممم‬
‫يطقهم علمه الله هذه السماء ثم أوحى إليممه أن ل تبممديهن‬
‫للقوم فيدعوني بهن ولكن قلهن سرا في نفسك فكممان إذا‬
‫دعا بهن استجيب له وبهن دعا فرفعه اللممه مكانمما عليمما ثممم‬
‫‪496‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫علمهن الله موسى وكممان ل يخلممص إليممه سممحر ولسممم إذا‬
‫دعا بهن ثم علمهن محمدا صلى الله عليه وسلم فكممان إذا‬
‫دعا بهن استجيب له وبهممن دعمما فممي غممزوة الحممزاب قممال‬
‫الحسن فإذا أردت أن تدعو اللممه التممماس المغرفممة لجميممع‬
‫الذنوب والخطايا فصم ثلثة أيام واغتسل والبس ثيابا جددا‬
‫وقم إذا نام كل ذي عين فاخرج إلى فضاء من الرض فادع‬
‫الله بهن أربعين مرة فإنهن أربعون اسما عممدد أيممام التوبممة‬
‫ثم سل حاجتك من أمر آخرتك ودنياك تقول سبحانك ل إله‬
‫إل أنت يا رب كل شيء ووارثه يا إله اللهة الرفيع جلله يمما‬
‫الله المحمود في كل فعاله يا رحمن كل شيء وراحمممه يمما‬
‫حي حين ل حي في ديمومة ملكه وبقائه يا قيوم فل يفمموت‬
‫شيء عن علمه ول يؤوده يمما واحممد البمماقي أول كممل شمميء‬
‫وآخره يا دائم فل فناء ول زوال لملكه يا صمد في غير شبه‬
‫ول شيء كمثلممه يمما بممار فل شمميء كفممؤه يممدانيه ول إمكممان‬
‫لوصفه يا كبير أنت الذي ل تهتدي القلوب لصفة عظمته يمما‬
‫باري النفوس بل مثال خل من غيره يمما زاكممي الطمماهر مممن‬
‫كل شيء بقدسه يمما كممافي الموسممع لممما خلممق مممن عطمماء‬
‫فضله يا نقيا من كل جور لم يرضممه ولممم يخممالط فعمماله يمما‬
‫حنان أنت الذي وسعت كل شيء رحمة وعلممما يمما منممان ذا‬
‫الحسان قد عم كل الخلئق منه يا ديان العباد فكممل يقمموم‬
‫خاضعا لرهبته يا خممالق مممن فممي السممماوات والرض وكممل‬
‫إليه معاده يا رحيم كل صريخ ومكممروب وغيمماثه ومعمماذه يمما‬
‫تام فل تصف اللسن كل جلله وعزه يمما مبممدئ البممدائع لممم‬
‫يبغ في إنشائها عونا من خلقممه يمما علم الغيمموب فل يممؤوده‬
‫شيء من حفظه يمما حليممم ذو النمماة فل يعممادله شمميء مممن‬
‫خلقه يا معيد ما افنى إذا برز الخلئق لدعوته من مخافته يا‬
‫حميد الفعممال ذا المممن علممى جميممع خلقممه بلطفممه يمما عزيممز‬
‫المنيممع الغممالب علممى أمممره فل شمميء يعممادله يمما قمماهر ذا‬
‫البطممش الشممديد أنممت الممذي ل يطمماق انتقممامه يمما قريممب‬
‫المتعالي فوق كل شيء علوه وارتفاعه يمما مممذل كممل جبممار‬
‫بقهر عزيز سلطانه يا نور كل شيء وهداه أنت الممذي فلممق‬
‫الظلمممات نمموره يمما عممالي الشممامخ فمموق كممل شمميء علمموه‬
‫وارتفاعه يا قدوس الظاهر على كل شيء فل شيء يعادله‬
‫‪497‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من خلقه يا مبدئ البرايا ومعيدها بعد فنائها بقدرته يا جليل‬
‫المتكبر عممن كممل شمميء فالعممدل أمممره والصممدق وعممده يمما‬
‫محمود فل تبلغ الوهام كل ثنائه ومجده يمما كريممم العفممو ذا‬
‫العدل أنت الممذي مل كممل شمميء عممدله يمما عظيممم ذا الثنمماء‬
‫الفاخر وذا العز والمجد والكبرياء فل يذل عزه يا عجيب فل‬
‫تنطق اللسن بكل آلئه وثنائه يا غياثي عنممد كممل كربممة ويمما‬
‫مجيبي عنممد كممل دعمموى أسممألك أمانمما مممن عقوبممات الممدنيا‬
‫والخممرة وأن تحبممس عنممي أبصممار الظلمممة المريممدين بممي‬
‫السوء وأن تصرف قلوبهم من شر ما يضمرون إلى خير ما‬
‫ل يملكه غيرك اللهم هذا الدعاء ومنك الجابة وهممذا الجهممد‬
‫وعليك التكلن‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬هممل ورد أنممه صمملى اللممه عليممه وسمملم لبممس‬
‫السراويل‪:‬‬
‫الجواب ‪ -‬ذكر شيخنا الشيخ تقي الدين الشمني رحمممه‬
‫الله في حاشية الشفا عنممد ذكممره شممراء النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم للسراويل وقوله لبي هريرة "صمماحب الشمميء‬
‫أحق بحمله"‪ ،‬قال‪ :‬قالوالم يثبت أنه صلى الله عليه وسمملم‬
‫لبس السراويل ولكنه اشممتراها ولممم يلبسممها‪ ،‬وفممي الهممدى‬
‫لبن القيم أنه لبسها قالوا وهو سبق قلم‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقد أجبت بذلك مرات ثممم رأيممت الحممديث الممذي أورده‬
‫صاحب الشفا في المعجم الوسط للطممبراني ومسممند أبممي‬
‫يعلى وفيه أنه لبسها‪ ،‬ولفظه عن أبممي هريممرة قممال دخلممت‬
‫يوما السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسمملم فجلممس‬
‫إلى البزازين فاشمترى سمراويل بأربعمة دراهمم وكمان لهمل‬
‫الشوق وزان فقال له رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫أوزن وأرجممح وأخممذ رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫السراويل فذهبت لحمله عنه فقال‪" :‬صاحب الشيء أحممق‬
‫بشيئه أن يحمله إل أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخمموه‬
‫المسلم" قلت يا رسول الله وإنك لتلبس السممراويل قممال"‬
‫أجممل فممي السممفر والحضممر وبالليممل وبالنهممار فممإني أمممرت‬
‫بالستر فلم أجد شيئا استر منه" أخرجاه من طريق يوسف‬
‫بن زيماد الواسمطي عمن عبمد الرحممن بمن زيماد ابمن أنعمم‬
‫الفريقي عن أبي مسلم الغممر عممن أبممي هريممرة‪ ،‬ويوسممف‬
‫‪498‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وشيخه ضعيفان‪ .‬وأخرج أحمد قال ثنا يزيممد بممن هممرون أنمما‬
‫شعبة عن سماك بن حرب سمممعت أبمما صممفوان مالممك بممن‬
‫عمير السدي يقول قدمت قبل أن يهاجر النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فاشترى مني سراويل فأرجح لي‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬حممديث شمميبتني هممود وأخواتهمما ممما المممراد‬
‫بأخواتها؟‬
‫الجواب ‪ -‬المراد به سممورة الواقعممة والمرسمملت وعممم‬
‫يتساءلون وإذا الشمس كورت كذا ثبت مفسرا في حممديث‬
‫الترمذي والحاكم زاد الطبراني في رواية والحاقممة زاد ابممن‬
‫مردويه في أخرى وهل أتاك حديث الغاشية زاد ابممن سممعد‬
‫في أخرى القارعة وسال سائل وفي أخرى عن عطاء قوله‬
‫اقتربت الساعة‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬قممال ابممن حبممان فممي صممحيحه يسممتدل بهممذا‬
‫الحديث أعني حممديث أنممي أبيممت يطعمنممي ربممي ويسممقيني‬
‫على بطلن ما ورد إنه كممان يضممع الحجممر علممى بطنممه مممن‬
‫الجوع لنه كان يطعم ويسممقي مممن ربممه إذا واصممل فكيممف‬
‫يترك جائعا مع عدم الوصال حتى يحتاج إلى شد حجر على‬
‫بطنه قال وأممما لفممظ الحممديث الحجممز بممالزاي وهممو طممرف‬
‫الزار فتصحف بالراء‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل منافاة بيممن المريممن‪ .‬لنممه ل مممانع مممن أن‬
‫يطعم ويسقى إذا واصل في الصوم تكرمة له ويحصممل لممه‬
‫الجوع في بعممض الحيممان علممى وجممه البتلء الممذي يحصممل‬
‫للنبياء تعظيممما لمه كمما قمال فمي حمديث آخممر أجمموع يومما‬
‫واشبع يوممما وكممما قممال جممابر فممي حممديثه لمرأتممه سمممعت‬
‫صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيممه‬
‫الجوع‪.‬‬
‫مسمألة ‪ -‬سميرة البكمري همل كلهما صمحيحة أو الغمالب‬
‫عليها الصحة وهل تجوز قراءتها‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الغممالب عليهمما البطلن والكممذب ول تجمموز‬
‫قراءتها‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬هممل ردت الشمممس للنممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم بعد ما غربت في وقعة الخنممدق أو فممي غيرهمما وهممل‬
‫صلى العصر في وقتها أو قضاها بعد غروب الشمس‪.‬‬
‫‪499‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬الثابت فمي الصممحاح فممي غممزوة الخنممدق أنممه‬
‫صلى العصر بعد المغرب لكن روى الطحماوي أن الشمممس‬
‫ردت إليممه حممتى صمملها وقممال أن رواتممه ثقممات حكمماه عنممه‬
‫النووي في شممرح مسمملم والحممافظ ابممن حجممر فممي تخريممج‬
‫أحاديث الشرح الكبير ويمكن الجمع بين هممذه الروايممة وممما‬
‫في الصحاح بأن يحمل قوله بعد ما غربت أو بعممد المغممرب‬
‫على وجود الغروب الول ول ينافي ذلك كونها عادت فغايممة‬
‫ما في الباب أن رواية الصحاح سكتت عن العود الثابتة في‬
‫غيرها وقد ورد أيضا أن الشمس ردت لجله بعد ممما غربممت‬
‫عن علي رضي الله عنه وكممانت العصممر فمماتته ورأى النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في حجره فقال اللهممم إن كممان فممي‬
‫طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمممس فطلعممت بعممد‬
‫ما غربت‪ ،‬وورد أن الشمس حبست له فممي قصممة السممراء‬
‫حيممن أخممبر بقممدوم العيممر فأبطممأت والقصممتان فممي الشممفا‬
‫للقاضي عياض وقد تكلمت عليهما في تخريج أحاديثه‪.‬‬
‫مسمألة ‪ -‬حمديث "لمو كمان بعمدي نمبي لكمان عممر بمن‬
‫الخطاب" هل له أصل في كتب الحديث‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم هذا الحديث أخرجه الترمذي من حممديث‬
‫عقبة بن عامر‪ ،‬والطبراني من حديث أبممي سممعيد الخممدري‬
‫وعصمة بن مالك‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في رجل بيده حجر بلور يقعد على الطرقممات‬
‫ويقول الحجار سلمت على النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫وهذا الحجر من جنممس الحجممار الممتي سمملمت علممى النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال له رجل كذبت هممذا الحجممر ممما‬
‫سلم على النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال مممن جنسممه‬
‫فمأنكر ذلمك فأيهمما المخطمئ والمصميب وهمل الحجمار إذا‬
‫سمعت صوت المصلي على النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫هل تصلي عليه بلسان الحال كممما ورد أن مممن كتممب اسممم‬
‫النبي صلى اللمه عليمه وسملم فمي المورق بالصملة عليمه ل‬
‫تزال تلك الحرف تصمملي ممما دامممت تلممك الحممرف مكتوبممة‬
‫وهل تثبممت أن الحجممر سمملم علممى النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪500‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬ثبت من طممرق صممحيحة أن الحجممار سمملمت‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم لكن البلور بخصوصممه لممم‬
‫يرد فيه حديث ولم يرد في الحديث أن الحجار إذا سمممعت‬
‫الصلة عليه تصلي عليه ول ورد أيضمما أن مممن كتممب اسمممه‬
‫الشريف في الورق بالصلة عليه تصلي عليه تلممك الحممرف‬
‫وإنما الوارد من صمملى عليممه فممي كتمماب لممم تممزل الملئكممة‬
‫تصلي عليه أي على المصلي ما دام اسمه في ذلك الكتاب‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في خبر ورد عن النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫أنه قال خلق الله الرواح قبل الجسمماد بممألفي عممام‪ ،‬وعممن‬
‫ابن عباس أنه قال خلق اللممه الرواح قبممل الجسمماد بأربعممة‬
‫آلف سنة وخلق الرزاق قبل الرواح باربعة آلف سممنة ممما‬
‫الجواب عن التعارض بين هذه الخبار‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إنما يطلب الجواب عن التعارض بين حديثين‬
‫ثابتين وهذان الحديثان غير ثابتين أما الثاني فباطل ل أصل‬
‫لممه وأممما الول فممورد بإسممناد ضممعيف جممدا فل نعممول عليممه‬
‫والمعممول عليممه فممي ذلممك الحممديث الصممحيح أن اللممه قممدر‬
‫المقادير قبل أن يخلق السممماوات والرض بخمسممين ألممف‬
‫سنة وذلك شامل للرزاق‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في أخبار وردت عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم أنه احتجم فمي الخممدعين وبيممن الكتفيممن وقيممل فممي‬
‫الخدعين والكاهل وقيممل وهممو محممرم بمشمملل علممى ظهممر‬
‫القممدم ممما الجممواب عممن الخممدعين والكاهممل وعممن القممول‬
‫الثالث‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث الول أخرجه أبممو داود عممن أنممس أن‬
‫النبي صلى اللممه عليممه وسمملم احتجممم ثلثمما فممي الخممدعين‬
‫والكاهل قال صاحب النهاية الخممدعان عرقممان فممي جممانبي‬
‫العنق والكاهممل مقممدم أعلممى الظهممر وقممال الجمموهري فممي‬
‫الصحاح الخدع عرق وهو شعبة من الوريممد وهممما أخممدعان‬
‫وربما وقعت الشرطة على أحممدهما فينممزف صمماحبه‪ .‬وأممما‬
‫الحديث الثاني فاخرجه ابن عباس عن أنس أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم احتجم وهو محممرم علممى ظهممر القممدم مممن‬
‫وجع كان به‪ ،‬وفممي روايممة بمشمملل وهممو بضممم الميممم وفتممح‬
‫‪501‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشين وتشديد اللم الولى وفتحها اسمم موضممع بيممن مكممة‬
‫والمدينة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيما ورد عن بحيرا أنه بشر بالنبي صملى اللمه‬
‫عليه وسلم هل كانت تلك البشارة صادرة منممه عممن إيمممان‬
‫به حينئذٍ وهل مات بحيممرا قبممل البعثممة أم بعممدها وإذا مممات‬
‫قبل البعثة فهل مات مسلما أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬بشارة بحيرا الراهب بالنبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم لما لقيه في سفره كممانت قبممل البعثممة بممدهر طويممل‬
‫ففي طبقات ابن سعد ودلئل أبي نعيم أن سنه صلى اللممه‬
‫عليه وسمملم كممان إذ ذاك اثنممتي عشممرة سممنة‪ ،‬وفممي روايممة‬
‫أخرجها ابممن منممدة عشممرين سممنة‪ ،‬وكممان بحيممرا علممى ديممن‬
‫النصرانية وانتهممى إليممه علمهمما‪ ،‬قممال ابممن حجممر فممي كتمماب‬
‫الصابة ما أدرى أدرك البعثة أم ل وقد ذكره ابن منده وأبمو‬
‫نعيم في كتابيهما في الصحابة‪ ،‬وبالجملممة فقممد مممات علممى‬
‫ديممن حممق وهممو إن لممم يكممن أدرك البعثممة فقممد أدرك ديممن‬
‫النصرانية قبل نسخه بالبعثة المحمدية‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيما جاءت به الرواية حيممن ولممد النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم وعطس أشمتته الملئكة لكونه عطممس أو‬
‫شمتته وما المشمت ومممن الممراوي أهممي الشممفاء أو غيرهمما‬
‫وما نسبها‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقممف فممي شمميء مممن الحمماديث مصممرحا‬
‫على أنه صلى الله عليه وسلم لممما ولممد عطممس وعلممى أن‬
‫الملئكة شمتته بعمد مراجعمة احماديث المولمد ممن مظانهما‬
‫كالطبقات لبممن سممعد ودلئل النبمموة للممبيهقي ولبممي نعيممم‬
‫وتاريخ ابن عسمماكر علممى بسممطه واسممتيعابه وكالمسممتدرك‬
‫للحاكم ونحوه‪ .‬وإنما الحديث الذي روته الشممفاء فيممه لفممظ‬
‫يشبه التشميت لكن لم يرد فيه العطمماس وهممو ممما أخرجممه‬
‫أبو نعيم في دلئل النبوة من طريق الزهري وعبد الرحمممن‬
‫بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ثممم جممده عبممد الرحمممن‬
‫بن عوف عن أمه الشفاء بنت عمرو بممن عمموف قممالت لممما‬
‫ولدت آمنة بنت وهب محمدا صلى اللممه عليممه وسمملم وقممع‬
‫على يدي فاستهل فسمعت قائل يقول رحمك الله ورحمك‬
‫ربك الحديث‪ ،‬والمعروف في اللغة أن الستهلل هو صممياح‬
‫‪502‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المولود أول ما يولد فممإن أريممد بممه هنمما العطمماس فمحتمممل‬
‫وحمل القممائل المممذكور علممى الملممك ظمماهر‪ ،‬وأممما الشممفاء‬
‫فوقع في هذه الروايممة أنهمما بنممت عمممرو بممن عمموف والممذي‬
‫ذكره ابن سعد في طبقاته أنهمما بنممت بنممت عمموف بممن عبممد‬
‫الحرث بن زهرة بن كلب أسلمت قديما وهمماجرت وممماتت‬
‫في حياة رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم فقممال عبممد‬
‫الرحمن بن عوف يا رسول الله أعتق عن أمي فقممال نعممم‬
‫فأعتق عنها قال ابممن سممعد فكممان فيهمما سممنة العتاقممة عممن‬
‫الميت‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬أورد بعضهم في بعض الكتب حديثا فقال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم الحممى رائد الممموت ثمم‬
‫قال أي طالبه فهل لهممذا الحممديث أصممل وهممل رائد بمعنممى‬
‫طالب كما ذكره أو له معنى آخر فممإن كممان بمعنممى طممالب‬
‫فليممس كممل حمممى مخوفممة إذ فيهمما المخمموف المممؤدى إلممى‬
‫الموت وفيها الغير المخوف وقوله الحمى يشمل الكل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث ضعيف أخرجه ابن السني في الطب‬
‫النبوي قال ابن الثير فممي معنمماه أي رسممول الممموت الممذي‬
‫يتقدمه كما يتقدم الرائد قومه انتهى‪ .‬وهذا المعنى ل ينافيه‬
‫عدم استلزامه كممل حمممى للممموت لن المممراض كلهمما مممن‬
‫حيث هي مقدمات للممموت ومنممذرات بممه وإن أفضممت إلممى‬
‫سلمة جعلها تذكرة لبن آدم يتفكر بها الممموت وقممد أخممرج‬
‫أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال ممما مممن مممرض يمممرض‬
‫العبد إل رسول ملك الموت عنده حتى إذا كان آخممر مممرض‬
‫يمرضه العبد أتمماه ملممك الممموت عليممه السمملم فقممال أتمماك‬
‫رسول بعد رسول فلم تعبأ به وقد أتاك رسول يقطع أثممرك‬
‫من الدنيا في آثممار أخممر بهممذا المعنممى فوضممح أن المممراض‬
‫كلها رسل للموت بمعنى أنها مقدماته ومنذرات به إلممى أن‬
‫يجيء في وقته المقدر فليس شمميء مممن المممراض موجبمما‬
‫للموت بذاته‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما الجواب عن قوله عليممه السمملم "ل عممدوى‬
‫ول طيرة ول هامة الحديث" وعن قوله في تعويذة الحسممن‬
‫والحسين "أعيذكما بكلمات الله التامممة مممن شممر كممل هممام‬

‫‪503‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهامة" الحديث فإن الول يممدل علممى نفممي الهممام والثمماني‬
‫على وجوده فما التوفيق؟‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث الثاني لفظه من كل شيطان وهامممة‬
‫والهامة بالتشديد واحدة الهوام وهي الحيات والعقارب وما‬
‫شمماكلها وأممما الهامممة المنفيممة فممي الحممديث الول فهممي‬
‫بالتخفيف شيء كانت العرب تزعمه ل وجود له في الخارج‬
‫كانوا يقولممون إن القتيممل إذا قتممل يخممرج لممه طممائر يسمممى‬
‫الهامة فيقول اسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثأره ومنه قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫يا عمرو إل تدع شتمي ومنقصتي * أضربك حتى تقول‬
‫الهامة اسقوني‬
‫مسألة ‪ -‬حديث "شفاء أمممتي فممي ثلث آيممة مممن كتمماب‬
‫الله أو لعقة من عسل أو كاس من حجام أو لذعة من نار"‬
‫هل ورد لذعة من نار‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم ورد لذعة من نار لكن لفظ الحديث "إن‬
‫كان في أدويتكم خير ففي شرطة محجممم أو شممربة عسممل‬
‫أو لذعممة بنممار توافممق الممداء وممما أحممب أن أكتمموي" أخرجممه‬
‫البخاري من حممديث جممابر وروى البخمماري مممن حممديث ابممن‬
‫عباس "الشفاء في ثلثة في شرطة محجم أو شربة عسل‬
‫أو كية بنار وأنا أنهي أمتي عن الكي" وروى البزار عن ابممن‬
‫عمر أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‪ :‬إن كممان فممي‬
‫شمميء مممن أدويتكممم شممفاء ففممي شممرطة محجممم أو لعقممة‬
‫عسممل" هممذه ألفمماظ الحممديث‪ ،‬واللذعممة بسممكون الممذال‬
‫المنقوطة والعين المهملة بل نقط هي الخفيممف مممن حممرق‬
‫النار وليست بالغين المنقوطة والدال المهملممة كممما ينطممق‬
‫بها كثير من العوام‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث يا مقلب القلوب قلب قلوبنا عن دينممك‬
‫هل ورد؟‬
‫الجممواب ‪ -‬لممم يممرد بلفممظ قلممب وهممو منمماف للمعنممى‬
‫المقصود إنما ورد "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينممك"‬
‫رواه أحمد وغيره من حديث أسممماء بنممت يزيممد والشمميخان‬
‫من حديث عائشة‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة‪ -‬ما يقوله بعض المممداح علممى أنممه حممديث زينمموا‬
‫ي‬
‫مجالسكم بالصلة علي فإن صلتكم تبلغني أو تعرض عل ّ‬
‫هل هممو حممديث وهممل هممو حسممن أو صممحيح أو ضممعيف وممما‬
‫لفظه؟‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الحممديث ضممعيف أخرجممه الممديلمي فممي‬
‫ي فممإن‬‫مسند الفردوس بلفظ زينوا مجالسكم بالصمملة عل م ّ‬
‫صلتكم علي نور لكم يوم القيامة‪ ،‬وأما قوله فممإن صمملتكم‬
‫تعرض علي أو تبلغني فقطعة من حممديث آخممر ثممابت قمموي‬
‫أولممه صمملوا علممي حيثممما كنتممم فممإن صمملتكم تبلغنممي رواه‬
‫الطبراني من حديث الحسن بن علي‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد في فضل المغزل حديث؟‬
‫الجواب ‪ -‬روى ابن عساكر في تاريخه من طريق يزيممد‬
‫بن مروان عن زياد بن عبد الله القرشي قال دخلممت علممى‬
‫هند بنت المهلب بن أبممي صممفرة وهممي امممرأة الحجمماج بممن‬
‫يوسف فرأيت في يدها مغمزل تغمزل فقمال أتغزليمن وأنمت‬
‫امرأة أمير قالت سمعت أبي يقول قال رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم أطولكن طاقة أعظمكن أجممرا وهممو يطممرد‬
‫الشيطان‪ .‬ويذهب بحديث النفس‪ .‬وأخرج ابن عسمماكر مممن‬
‫طريق موسى ابن إبراهيم المروزي حدثنا مالك ابممن أنممس‬
‫عن أبي حازم عن سهل بن سممعد قممال‪ :‬قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم عمممل البممرار مممن الرجممال الخياطممة‬
‫وعمل البممرار ممن النسماء المغمزل‪ ،‬وموسممى بممن إبراهيممم‬
‫متروك‪ .‬وأخممرج ابممن عسمماكر مممن طريممق محمممد بمن بكممار‬
‫السكسكي ثنا موسى بن أبي عوف ثنا العقيلي ثنا زياد أبممو‬
‫السكن قال دخلت على أم سلمة وبيممدها مغممزل تغممزل بممه‬
‫فقلت كلما أتيتك وجدت في يديك مغزل فقالت إنممه يطممرد‬
‫الشيطان ويذهب حديث النفس وإنه بلغني أن رسول اللممه‬
‫صلى الله عليممه وسملم قمال "إن أعظمكمن اجمرا أطممولكن‬
‫طاقة" وقال الخطيب في التاريخ أنا محمد بن الحسين بممن‬
‫الفضل القطان أنا عثمان بممن أحمممد الممدقاق ثنمما سممهل بممن‬
‫أحمد الواسطي ثنمما عمممرو بممن علممي قممال محمممد بممن زيمماد‬
‫صاحب ميمممون بممن مهممران مممتروك الحممديث كممذاب منكممر‬
‫الحديث سمعته يقول ثنا ميمون بن مهران عن ابن عبمماس‬
‫‪505‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زينمموا مجممالس‬
‫نسائكم بالمغزل‪.‬‬
‫مسألة –‬
‫ما الجمع بين حديث في سند * عن أكرم الخلق والمبعوث‬
‫من مضر‬
‫إن الولدة للمولود كائنة * بإذن خالقنا حقا على الفطر‬
‫ووالداه بتهويد وما معه * يصرفاه كما قد جاء في الثر‬
‫وبين ما صح في الثار أن إذا * أراد رب العل التخليق‬
‫للبشر‬
‫فيأخذ الملك الماء المخلق في * يد يمرغه في ترب معتبر‬
‫يقول يا رب مخلوق وكيف به * مقدر الخلق من أنثى ومن‬
‫ذكر‬
‫ما الرزق ما أجل ما الحال فيه وهل * يشقى ويسعد ما‬
‫المحتوم في القدر‬
‫من أين للبوين الحكم فيه إذا * كان القضا ومضى حال‬
‫على قدر‬
‫حقق لنا يا إمام العصر صورته * يا عالما فاق أهل العلم‬
‫والثر‬
‫وحافظا المرء إن حانت منيته * وفارقت روحه جسما من‬
‫البشر‬
‫فهل يموتان أو للغير ينتقل * يا ذا العلوم ورب الخبر‬
‫والخبر‬
‫ل زال مجدك محروسا بأربعة * العز والنصر والقبال‬
‫والظفر‬
‫الجواب –‬
‫الحمد لله موصول مدى الدهر * ثم الصلة على المبعوث‬
‫من مضر‬
‫ما بين ذين تناف كل ذي سبب * وذي فعال جرى في‬
‫سابق القدر‬
‫فيكتب الملك المأمور ما سبقت * به المقادير من رشد‬
‫ومن خسر‬
‫فيولد المرء ذا رشد وتدركه * سوابق القدر المحتوم في‬
‫الذكر‬
‫‪506‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يسبب الله أسباب الضلل على * يدي أب أو لعين الجن‬
‫والبشر‬
‫أل ترى قاتل النسان ذا سبب * وكان في قدر هذا منتهى‬
‫العمر‬
‫وحافظا المرء مهما مات يعتكفا * بقبره ذاكرين الله في‬
‫الدهر‬
‫يسبحان بتهليل ويكتب ذا * لصاحب القبر هذا جاء في الثر‬
‫ول يموتان إل عند نفخته * في الصور للصعق كالملك‬
‫فاذكر‬
‫وابن السيوطي قد خط الجواب لكي * يكون في الحشر‬
‫ممن فاز بالظفر‬
‫مسألة ‪ -‬ماذا جوابك يا بحر العلوم ويا * مجلي الهموم‬
‫ومن في دهره برعا‬
‫في القهقرى رجعة المختار من مضر * رسول رب العل‬
‫لما له وقعا‬
‫مع عمه حمزة ماذا المراد به * ما حكمة فيه يا من للورى‬
‫نفعا‬
‫أوضح لنا أمره من فضلكم لنرى * ما لم ير الن في مصر‬
‫ول سمعا‬
‫لك النعيم غدا يوم الحساب فكم * أبديت من حجج كالبدر‬
‫إذ طلعا‬
‫ثم الصلة على من قد عل شرفا * على النام وساد الكل‬
‫فارتفعا‬
‫ما حن وحش إلى وكر وغرد في * خمائل اليك قمري وقد‬
‫سحبا‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله ما نجم الهدى طالعا * ثم الصلة عليه‬
‫سيد الشفعا‬
‫لعله كان من خوف الوثوب وقد * رآه في حالة ل تمنع‬
‫الفزعا‬
‫أو كان مقصوده لحظا يداومه * لكن يرى منه ما من بعده‬
‫صنعا‬
‫أو كان مقصوده للناس تعلمة * كيف الرجوع لدى خوف‬
‫فذا شرعا‬
‫‪507‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أو كان ذا قبل نهى منه مرتجعا * عن قهقرى فأتاه قبل ما‬
‫وقعا‬
‫وقد يقال كنى الراوي بذلك عن * الرجوع للبيت ل بالظهر‬
‫قد رجعا‬
‫هذي أمور تبدت قلت محتمل * ولم أر أحدا أبدى فأتبعا‬
‫مسألة ‪ -‬حديث اللهم من أحببته فأقلل ماله وولده هل‬
‫ورد فقد قيل إنه باطل؟‬
‫الجمواب ‪ -‬همذا الحممديث أخرجمه ابمن مماجه فمي سممننه‬
‫والطبراني في الكمبير عمن عممرو بمن غيلن الثقفمي قمال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم مممن آمممن بممي‬
‫وصدقني وعلم أن ما جئت به هو الحق مممن عنممدك فأقلممل‬
‫ماله وولده وحبب إليه لقاءك وعجممل لممه القضمماء ومممن لممم‬
‫يؤمن بي ويصمدقني ولممم يعلممم أن مما جئت بمه الحمق ممن‬
‫عندك فأكثر ماله وولده وأطممل عمممره" وسممنده صممحيح إن‬
‫صحت صممحبة عمممرو بممن غيلن فممإنه مختلممف فممي صممحبته‬
‫وأبوه هو الذي أسلم على عشر نسوة فأمر أن يختار أربعمما‬
‫وبقيممة رجمماله ثقممات‪ ،‬وقممد أورده الممديلمي فممي مسممند‬
‫الفردوس ثم قال وفي الباب عن معاذ بن جبل وفضالة بن‬
‫عبيد‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومن شواهده ما أخرجممه سمعيد بممن منصممور فمي‬
‫كتاب السنن له قال ثنا عبممد الرحمممن بممن أبممي الزنمماد عممن‬
‫عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن عبد اللممه بممن عبممد‬
‫الرحمن بن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال‪" :‬اللهم من ابغضني وعصمماني فممأكثر لممه المممال‬
‫والولد اللهم من أحبنممي وأطمماعني فممارزقه الكفمماف اللهممم‬
‫ارزق آل محمد الكفاف اللهم رزق يوم بيمموم‪ ،‬ويناسممبه ممما‬
‫أورده السلفي في الطيوريات من طريق علممي بممن الجعممد‬
‫عن شعبة عن منصممور عممن بعممض أصممحابه أن يهوديمما أتممى‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم فقممال ادع لمي فقمال" "اللهممم‬
‫أصح جسمه وأكثر ماله وأطل حياته"‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬لفظ الحممديث " لممو كممان شمميء سممابق القممدر‬
‫سبقته العين " هكذا أخرجه مسلم في صحيحه من حممديث‬
‫ابن عباس وأخرجه أحمد والترمذي والنسممائي وابممن ممماجه‬
‫‪508‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من حديث أسماء بنت عميس بلفظ لممو كمان شميء يسممبق‬
‫القدر لسبقته العين‪ ،‬وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس‬
‫من حديث عبد اللممه بممن جممراد بلفممظ العيممن والنفممس كممادا‬
‫يسبقان القدر‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث من لم يكن له مال يتصدق بممه فليلعممن‬
‫اليهود فإنها له صدقة هل ورد؟‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الحممديث أخرجممه السمملفي فممي الفمموائد‬
‫المسماة الطيوريات من طريق يحيى بن خالممد المخزومممي‬
‫قال حدثنا عبد الله بن محمد بن طلحممة بممن زادان المزنممي‬
‫ثقة عن أبيه عن هشام بن عروة عن عائشممة مرفوعمما مممن‬
‫لم يكن عنده صدقة فليلعن اليهود‪ .‬وأخرجممه الممديلمي فممي‬
‫مسند الفردوس من طريق أبي بكر محمد بن إسممحاق بممن‬
‫يعقوب الطلحي عن سليم المكي عن طلحة بن عمرو عن‬
‫عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ماذا يقول المذي زادت منماقبه * علمى أكابرنما‬
‫في العلم والدب‬
‫فيمن روى أن خير الخلق سيدنا * رسول رب العباد الهادي‬
‫العربي‬
‫قال الدراهم والدينار قد جعل * خواتم الله في أرض لذي‬
‫طلب‬
‫من جاء بالخاتم المذكور حاجته* تقضي ولم يعزه راويه‬
‫للكتب‬
‫هل ذا صحيح وما معناه إن وردت * به الرواية أو قد صح‬
‫في الكتب‬
‫جد بالجواب فقد أشفيت لي علل * نجيت دهرك من هم‬
‫ومن نصب‬
‫ونلت جنة عدن يوم مبعثنا * بجاه خير النام الطاهر‬
‫النسب‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد للممه حمممدا دائم الحقممب * ثممم الصمملة‬
‫على خير الورى العربي‬
‫هذا الحديث رويناه له سند * رواته ضعفت فيما حكى‬
‫الذهبي‬

‫‪509‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في معجم الطبراني الوسط انتظمت * فيه روايته يا‬
‫منتهى الطلب‬
‫وصح في الحلية الغراء من طرق * يعل رفع بها وقفا على‬
‫وهب‬
‫بأنها خاتم تقضي المعايش لم * توضع لكل إذا عدت ول‬
‫شرب‬
‫وابن السيوطي يرجو إذا أجاب بذا * في الحشر لمحة‬
‫غفران بل نصب‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم‬
‫"حياتي خير لكم وموتي خيممر لكممم" فقمد أشممكل ممن جهممة‬
‫تنزيل المقصود منممه علممى القواعممد النحويممة بنمماء علممى أن‬
‫افعل التفضيل يوصل بمن عند تجرده ووصله بها غير متأت‬
‫بحسب الظاهر إذ يصير الكلم حياتي خير لكم مممن مممماتي‬
‫ومماتي خير لكم من حياتي وهو مشكل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إنما حصممل الشممكال مممن ظممن أن خيممرا هنمما‬
‫أفعل تفضيل وليس كذلك فإن لفظممة خيممر لهمما اسممتعمالن‬
‫أحممدهما أن يممراد بهمما معنممى التفضمميل ل الفضمملية وضممدها‬
‫الشر وهي كلمة باقية على أصمملها لممم يحممذف منهمما شمميء‬
‫والثاني أن يراد بها معنى الفضلية وهي الممتي توصممل بمممن‬
‫وهذه أصلها أخير حذفت همزتها تخفيفا ويقابلهمما شممر الممتي‬
‫اصلها أشر قال في الصحاح الخير ضد الشر قال الشاعر‪:‬‬
‫فما كنانة في خير مخامرة * ول كنانة في شر بأشرار‬
‫وتأنيث هذه خيرة وجمعها خيرات وهي الفاضلت مممن كممل‬
‫شيء قال تعالى )فيهن خيرات حسان( أولئك لهم الخيرات‬
‫ولم يريدوا به معنى أفعل فلو أردت معنممى التفضمميل قلممت‬
‫فلنة خير الناس ولم تقل خيرة ول تثنى ول تجمع لنه فممي‬
‫معنى أفعل انتهى كلم الصحاح‪ .‬وقال الراغب في مفردات‬
‫القرآن الخير والشر يقالن على وجهيممن أحممدهما أن يكونمما‬
‫اسمين كقوله تعالى )ولتكن منكم أمة يدعون إلممى الخيممر(‬
‫الثاني أن يكونا وصفين وتقديرهما تقدير أفعل من نحو هذا‬
‫خيممر مممن ذاك وأفضممل وقمموله تعممالى )فممأت بخيممر منهمما(‬
‫ويحتمل السمية والوصفية معا قوله تعالى )ولو أنهم آمنوا‬
‫واتقوا لمثوبة من عند الله خير( هذا أفعل تفضميل بمل همي‬
‫‪510‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫للتفضيل ل للفضلية كما في قوله تعالى )أفمن يلقممى فممي‬
‫النار خيممر( و )خيممر مسممتقرا( وفممي قممول حسممان فشممركما‬
‫لخيركما الفداء انتهى‪ .‬إذا عرف ذلك فخير في الحديث من‬
‫القسم الول وهي يراد بها التفضيل ل الفضمملية فل توصممل‬
‫بمن وليست بمعنى أفعل وإنما المقصممود أن فمي كممل مممن‬
‫حياته ومماته صلى الله عليه وسلم خير ل أن هذا خير مممن‬
‫هذا ول أن هذا خير من هذا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ماذا جواب إمام ل نظير لممه * فممي العصممر كل‬
‫ول في سالف الدهر‬
‫في الحافظين على النسان إذ كتبا * هل بالمداد وحبر عد‬
‫للبشر‬
‫وكاغد يكتبا ما كان مع قلم * أول كذلك يا من ضاء كالقمر‬
‫أثابكم ربكم جناته كرما * بجاه خير الورى المبعوث من‬
‫مضر‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد للممه حمممدا غيممر منحصممر * ثممم الصمملة‬
‫على المختار من مضر‬
‫مداده الريق فيما قد أتى ولسا * ن الخلق أقلمهم قد جاء‬
‫في الثر‬
‫وفي الصحيفة كتب والبطاقة جا * من غير تعيين جنس‬
‫صح في الخبر‬
‫مسألة ‪ -‬هل الشمع كممان علمى عهمد النمبي صمملى اللمه‬
‫عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين وهل الستضماءة بمه ممع‬
‫أن غيره من الدهان يقوم مقامه تعد إسرافا‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الشمممع كممان موجممودا مممن قممديم مممن زمممن‬
‫الجاهلية قبل البعثة وقد ذكر العسكري في الوائل إن أول‬
‫من أوقد لممه الشمممع جذيمممة بممن مالممك البممرش وهممو قبممل‬
‫البعثة النبوية بدهر وليس الستصباح به إسرافا لنه لو كان‬
‫كذلك لنهى عنه فإنه كان موجودا في أيام النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم فلما لم ينه عنه دل على أنه مباح بممل ورد فممي‬
‫حديث أنه أوقد للنبي صلى الله عليه وسلم عند دفنممه عبممد‬
‫اللممه ذا البجممادين وقممد ألفممت فممي المسممألة مؤلفمما سممميته‬
‫مسامرة السموع في ضوء الشموع‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قطف الثمر في موافقات عمر‬
‫سئلت عن موافقات عمر رضي الله عنه فنظمت فيهمما‬
‫هذه البيات‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وصلى الله * على نبيه الذي اجتباه‬
‫يا سائلي والحادثات تكثر * عن الذي وافق فيه عمر‬
‫وما يرى أنزل في الكتاب * موافقا لرأيه الصواب‬
‫خذ ما سألت عنه في أبيات * منظومة تأمن من شتات‬
‫ففي المقام وأسارى بدر * وآيتي تظاهر وستر‬
‫وذكر جبريل لهل الغدر * وآيتين أنزل في الخمر‬
‫وآية الصيام في حل الرفث * وقوله نساؤكم حرث يبث‬
‫وقوله ل يؤمنون حتى * يحكموك إذ بقتل أفتى‬
‫وآية فيها لبدر أو به * ول تصل آية في التوبة‬
‫وآية في النور هذا بهتان * وآية فيها بها الستئذان‬
‫وفي ختام آية في المؤمنين * تبارك الله بحفظ المتقنين‬
‫وثلة من في صفات السابقين * وفي سواء آية المنافقين‬
‫وعددوا من ذاك نسخ الرسم * لية قد نزلت في الرجم‬
‫وقال قول هو في التوراة قد * نبهه كعب عليه فسجد‬
‫وفي الذان الذكر للرسول * رأيته في خبر موصول‬
‫وفي القرآن جاء بالتحقيق * ما هو من موافق الصديق‬
‫كقوله هو الذي يصلي * عليكم أعظم به من فضل‬
‫وقوله في آخر المجادلة * ل تجد الية في المخالله‬
‫نظمت ما رأيته منقول * والحمد لله على ما أولي‬
‫مسألة ‪ -‬حديث الغنمماء ينبممت فممي القلممب القسمموة كممما‬
‫ينبت الماء البقل هل ورد؟‬
‫الجواب ‪ -‬أخرجه ابن أبي الدنيا في كتمماب ذم الملهممي‬
‫من حديث ابن مسعود مرفوعا بلفممظ الغنمماء ينبممت النفمماق‬
‫في القلب كما ينبت الماء البقممل وزعممم بعضممهم أن لفظممة‬
‫الغني بالقصر وأن المراد غني المال الممذي هممو ضممد الفقممر‬
‫وصوب بعض الحفاظ أنه بالمد وان المراد به التغني ولهممذا‬
‫أخرجممه ابممن أبممي الممدنيا فممي كتمماب ذم الملهممي واسممتبدل‬
‫لصحة هذا بأن ابن أبي الدنيا أخرج أيضا من وجه آخممر عممن‬
‫ابن مسعود موقوفا قال الغناء ينبت النفاق في القلب كممما‬
‫‪512‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ينبت الماء البقل والذكر ينبت اليمان في القلب كما ينبممت‬
‫الماء الزرع فمقابلة الغناء بالذكر تممدل علممى أن المممراد بممه‬
‫التغني‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في مجيء المهدي مممن الغممرب هممل ورد فيممه‬
‫أثر يعتمد عليه وهل للقول بأنه موجود الن بالمغرب صحة‬
‫أو ل وهل مجيئه قبل نزول عيسى عليه السلم وهل نممزول‬
‫عيسى ممموقت بمموقت وهممل يقيممم بالممدنيا إذا نممزل ويممتزوج‬
‫ويولد له ولدان يسمى أحممدهما محمممدا والخممر أبمما موسممى‬
‫ويدفن بازاء النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم وهممل المقالممة‬
‫الحاصلة بين الناس إنه ينزل بالشممام بالجممامع الممموي وان‬
‫بغلة تشد له كل جمعة انتظارا لنزوله لها صممحة أم ل وهممل‬
‫نزولممه قبممل يممأجوج ومممأجوج أو بعممده وممما طممول يممأجوج‬
‫ومأجوج ومن أين خروجهم وما مقممدار إقممامتهم وممما صممفة‬
‫الدابة التي تخرج في آخر الزمان ومن أيممن خروجهمما وأيممن‬
‫تصل وهل ذلك قبل نزول عيسى أو بعده وهل الحور العين‬
‫والملئكة يموتون أو ل ومن يتولى قبض أرواحهم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬على سبيل الختصار‪ :‬الحاديث فممي المهممدي‬
‫مختلفة وكذلك العلماء ففي بعضها ل مهدي إل عيسممى بممن‬
‫مريم وأكثر الحاديث على أنه غيره وانه من أهل البيت ثممم‬
‫في بعضها أنه من ولممد فاطمممة وفممي بعضممها أنممه مممن ولممد‬
‫العباس وبعض العلماء حمله على المهدي ثالث خلفاء بنممي‬
‫العباس الذي تولى الخلفة في القرن الثاني والممذي ترجممح‬
‫عندي من أكثر الحاديث أنه غيره وأنه خليفة يقوم في آخر‬
‫الزمان وانه من ولد فاطمة وقد ثبت في أحاديث أنه يخرج‬
‫من قبل المشرق وأنه يبايع له بمكممة بيممن الركممن والمقممام‬
‫وأنه يدخل بيت المقدس وأنه يمكث سممبع سممنين وأنممه يمل‬
‫الرض عدل‪ ،‬وفي بعض الروايات بسممند ضممعيف أن النمماس‬
‫يقتتلون على الملك فينادي مناد من السممماء أميركممم فلن‬
‫فيبايعون له‪ ،‬ولم يقع شيء من ذلك إلى الن فبطممل قممول‬
‫مممن قممال إنممه موجممود الن بممالمغرب‪ ،‬وفممي الحمماديث أن‬
‫عيسى عليه السلم ينزل في حياته فيسمملم المهممدي المممر‬
‫له‪ ،‬ونزول عيسى عليه السملم مموقت بموقت وهمو خمروج‬
‫الدجال فانه ينزل في أيامه ويقتلممه وورد فممي الحممديث أنممه‬
‫‪513‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يمكث سبع سنين وفي رواية أربعين سنة وأنه يتزوج ويولد‬
‫له ويحج ويدفن عند النبي صلى الله عليه وسمملم ولممم تممرد‬
‫تسمية ولممده‪ ،‬وفممي الحممديث أيضمما أنممه ينممزل عنممد المنممارة‬
‫البيضاء شرقي دمشق‪ .‬وأما شد البغلة كل جمعة فل أصممل‬
‫له‪ ،‬ونزوله قبل يأجوج ومأجوج فانهم يخرجممون فممي أواخممر‬
‫أيامه‪ .‬وأممما طممول يممأجوج ومممأجوج ففممي أثممر أخرجممه ابممن‬
‫المنذر عن ابن عباس موقوفمما أنهممم شممبر وشممبران وثلثممة‬
‫أشبار‪ .‬وفي حديث ضعيف مرفوع أخرجممه الطممبراني انهممم‬
‫أصممناف صممنف منهممم طممول الرز مممائة وعشممرون ذراعمما‬
‫وصنف منهم يفترش بأذنه ويلتحف بالخرى‪ ،‬وأما خروجهممم‬
‫فمممن خلممف السممد أقصممى بلد الممترك وفممي الحممديث أن‬
‫مقدمتهم بالشام وسمماقتهم بخراسممان‪ ،‬وأممما مممدة إقممامتهم‬
‫فيسيرة فممانهم يخرجممون فممي زمممن عيسممى ويهلكممون فممي‬
‫زمنه‪ ،‬وأما صفة الدابة فذات زغب وريش لها أربعة قمموائم‬
‫ومسافة ما بين أذنيها مسيرة فرسخ للراكب وخروجها مممن‬
‫صدع في الصفا بمكة ‪ -‬وفي رواية من بعض أودية تهامممة ‪-‬‬
‫فتدور الرض بأسرها‪ ،‬واختلفت الحاديث هل خروجها قبممل‬
‫نزول عيسى أو بعده‪ .‬وأما الحممور العيممن والولممدان وزبانيممة‬
‫النار فل يموتون وهم ممن استثنى الله تعالى في قوله )إل‬
‫من شاء الله( وأما الملئكة فيموتممون بالنصمموص والجممماع‬
‫ويتولى قبض أرواحهم ملك الموت ويموت ملك الممموت بل‬
‫ملك الموت‪ .‬هذا ما يتعلممق بالسممئلة علمى وجمه الختصممار‪،‬‬
‫وسرد الدلة فمي ذلمك والحماديث يحتممل كراريمس كمثيرة‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في الحديث أن الطمماعون وخممز إخمموانكم مممن‬
‫الجن فكيف يتصممور وقمموع هممذا المممر مممن الخمموان وكيممف‬
‫سمموا فمي همذا الحمديث إخوانما وكمذا فمي حمديث العظمم‬
‫وليسوا مممن بنممي آدم‪ ،‬وهممل ورد فممي الحممديث بلفممظ وخممز‬
‫أعدائكم وكيف يكون شهادة مع أنه صلى الله عليممه وسمملم‬
‫استعاذ منه وهل وجدت أدعية تمنممع منممه‪ ،‬وهممل لقممول مممن‬
‫قال إنه صلى الله عليه وسلم لم يؤلف صحة أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المحفوظ فممي الحممديث )وخممز أعممدائكم مممن‬
‫الجن( هكذا أخرجممه المممام أحمممد والممبزار وأبممو يعلممى فممي‬
‫‪514‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسانيدهم والطبراني مممن حممديث أبممي موسممى الشممعري‪،‬‬
‫وأخرجه الطبراني أيضا من حديث ابن عمممر‪ ،‬وأخرجممه أبممو‬
‫يعلي من حديث عائشة كلهم بلفظ أعدائكم‪ ،‬ولم يقممع فممي‬
‫شيء من طرق الحديث بلفظ اخمموانكم قممال الحممافظ ابممن‬
‫حجر في شرح البخاري يقع في ألسممنة النماس بلفممظ وخمز‬
‫إخوانكم ولم أره في شيء من طممرق الحممديث بعممد التتبممع‬
‫الطويممل التممام ل فممي الكتممب المشممهورة ول فممي الجممزاء‬
‫المنثورة فزال الشكال المذكور‪ .‬وأما تسميتهم إخوانا فممي‬
‫حديث العظم فباعتبممار اليمممان فممإن الخمموة فممي الممدين ل‬
‫تستلزم التحاد في الجنس‪ .‬وأممما قممول السممائل إنممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم استعاذ منه فليس كذلك ول ورد في شيء‬
‫من الحاديث أنه استعاذ منه بل الوارد انه صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم دعمما بمه وطلبمه لمتممه ففمي الحممديث عمن أبمي بكممر‬
‫الصديق قال كنت مع النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فقممال‬
‫)اللهم طعنا وطاعونا( أخرجه أبو يعلممي وأخممرج أحمممد عممن‬
‫معاذ بن جبل قال إن الطاعون شهادة ورحمة ودعوة نبيكم‬
‫قال أبو قلبة فعرفت الشهادة وعرفت الرحمة ولم أدر ممما‬
‫دعوة نبيكم حممتى أنممبئت أن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم بين ما هو ذات ليلة يصلى إذ قال في دعممائه فحمممى‬
‫إذن وطاعونا ثلث مرات فلما أصممبح قممال لممه إنسممان مممن‬
‫أهله يا رسممول اللممه قممد سمممعتك الليلممة تممدعو بممدعاء قممال‬
‫وسمعته قال نعم قال إنممي سممألت ربممي أن ل يهلممك أمممتي‬
‫بسممنه فأعطانيهمما وسممألت اللممه أن ل يسمملط عليهممم عممدوا‬
‫غيرهممم فأعطانيهمما وسممألته أن ل يلبسممهم شمميعا ول يممذيق‬
‫ي فقلت فحمى إذن أو طاعونمما‬ ‫بعضهم بأس بعض فأبى عل ّ‬
‫ثلث مممرات‪ .‬وأخممرج أحمممد والطممبراني عممن أبممي موسممى‬
‫الشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهممم‬
‫فناء أمتي قتل فمي سممبيلك بممالطعن والطماعون‪ ،‬وللحمديث‬
‫طرق أخرى صريحة في أنه دعا به ل إنه اسممتعاذ منممه ولممم‬
‫يرد دعاء يمنع منممه ول شمميء أصممل‪ ،‬ولممم يممرد حممديث بممأنه‬
‫صلى الله عليه وسلم يؤلف تحت الرض أو ل يؤلف‪.‬‬
‫مسألة وردت نظما ‪-‬‬
‫أظن الناس بالثام باءوا * فكان جزاؤهم هذا الوباء‬
‫‪515‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أسيد من له قانون طب * بحيلة برئه يرجى الشفاء‬
‫أ آجال الورى متقاربات * بهذا الفصل أم فسد الهواء‬
‫أم الفلك أوجبت اتصال * به في الناس قد عاث الفناء‬
‫أم استعداد أمزجة جفاها * جميل الطب واختلف الفداء‬
‫أم اقتربت على ما تقتضيه * عقائدنا فللزمن انقضاء‬
‫أفدنا ما حقيقة ما نراه * فما الذهان احرفها سواء‬
‫وقل ما صح عندك عن يقين * بحق ل يعارضه رياء‬
‫فاني غير مفش سر صبر * من المتسرعين به حياء‬
‫ول تخل الحبة من دعاء * فمنك اليوم يلتمس الدعاء‬
‫الجواب ‪ -‬بحمد الله يحسن البتداء * وللمختار ينعطف‬
‫الثناء‬
‫سألت فخذ جوابك عن يقين * فما أوردت عندهم هباء‬
‫فما الطاعون أفلكا ول إذ * مزاج ساء أو فسد الهواء‬
‫رسول الله أخبر أن هذا * بوخز الجن يطعننا العداء‬
‫يسلطهم إله الخلق لما * بهم تفشو المعاصي والزناء‬
‫يكون شهادة في أهل خير * ورجسا للولى بالشر باءوا‬
‫أتانا كل هذا في حديث * صحيح ما به ضعف وداء‬
‫ومن يترك حديثا عن نبي * كما قال الفلسفة الجفاء‬
‫فذلك ماله في العقل حظ * ومن دين النبي هو البراء‬
‫وناظمه ابن السيوطي يدعو * بكشف الكرب أن نفع‬
‫الدعاء‬
‫مسألة ‪ -‬في الحديث الذي ورد لما أنزل الله )ثلممة مممن‬
‫الولين وقليل من الخرين( بكى عمر وقال يا رسممول اللممه‬
‫آمنا بك وصدقناك ومن ينجو منا قليل فأنزل الله )ثلممة مممن‬
‫الولين وثلة من الخرين( فدعا رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم عمر فقال قد أنزل الله فيما قلت فقال عمر رضممينا‬
‫عن ربنا وتصديق نبينا فقممال رسممول اللمه صملى اللمه عليممه‬
‫وسلم مممن آدم إلينمما ثلممة ومنممى إلممى يمموم القيامممة ثلممة فل‬
‫يستتمها إل أسودان من رعاة البل ممن قال ل إله إل الله‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الحممديث أورده الواحممدي فممي أسممباب‬
‫النزول مقطوعا هكذا بل إسناد وأخرجه ابن أبي حمماتم فممي‬
‫تفسيره بسنده عن عروة بن رويم مرفوعا مرسممل ووصممله‬
‫ابن عساكر في تاريخ دمشق فأخرجه من طريق هشام بن‬
‫‪516‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عمار عن عبد ربه بن صالح عن عروة بن رويممم عممن جممابر‬
‫بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت‬
‫)إذا وقعت الواقعة( ذكر فيها )ثلة مممن الوليممن وقليممل مممن‬
‫الخرين( قال عمر يا رسول الله ثلة من الولين وقليل منا‬
‫قال فأمسك آخر السورة سممنة ثممم نممزل )ثلممة مممن الوليممن‬
‫وثلة من لخرين( فقال رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫يا عمر تعال فاسمع ما قد أنزل الله )ثلة من الوليممن وثلممة‬
‫ي ثلممة وأمممتي ثلممة ولممن‬
‫مممن الخريممن( أل وإن مممن آدم إل م ّ‬
‫تستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة البل ممممن‬
‫يشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له فقوله بالسممودان‬
‫هو جمع أسود وكذا قمموله فممي السممؤال إل سممودان هممي إل‬
‫التي للستثناء وسودان جمع أسود وليس تثنية أسود معرفا‬
‫كما ظن‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيما نقله المام الغزالي فممي الممدرة الفمماخرة‬
‫في كشف علوم الخرة من فتنة الممموت وذلممك أن إبليممس‬
‫لعنه الله وكل أعوانه واستعملهم بالميت فيأتونه على صفة‬
‫أبممويه علممى صممفة اليهوديممة فيقممولن لممه مممت يهوديمما فممان‬
‫انصرف عنهم جاء أقوام آخرون على صفة النصممارى حممتى‬
‫يعرض عليه عقائد كل ملة فمن أراد الله هدايته أرسل إليه‬
‫جبريل فيطرد الشيطان وجنده فيبتسم الميت ويقممول مممن‬
‫أنت الممذي مممن اللممه علممي بممك فممي دار غربممتي فيقممول أنمما‬
‫جبريممل وهممؤلء أعممداؤك مممن الشممياطين مممت علممى الملممة‬
‫الحنيفية والشريعة المحمدية فما شيء أحب المى النسممان‬
‫وأفرح منه بذلك وهو معنى قوله تعالى )ربنا ل تممزغ قلوبنمما‬
‫بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمممة إنممك أنممت الوهمماب(‬
‫وقال رجل الدرة الفاخرة موضوعة على الغزالي وليس لها‬
‫محل من الحياء وإن جبريل لم ينزل إلى الرض بعد ممموت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬واحتممج لممه بحممديث رواه‬
‫عن أبي هريرة أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫وقال يا محمد ربك يقرئك السلم ويقول كيف تجممدك قممال‬
‫أجدني يا أمين الله وجعا من هممذا معممك قممال ملممك الممموت‬
‫وهذا آخر عهدي بالدنيا بعدك وآخممر عهممدك بهمما ولممن آسممي‬
‫على شيء هالك من بني آدم بعدك ولن أهبممط إلممى الرض‬
‫‪517‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بعدك لحد أبدا‪ .‬فهل الممدرة موضمموعة علممى الغزالممي أم ل‬
‫وهل الحديث المعارض له صحيح أم ل‪ ،‬وهممل جبريمل ينممزل‬
‫لعيسى بن مريم عنممد نزولممه ممن السمماء أم ل‪ ،‬وهممل يمرد‬
‫كلم الغزالي بالحديث المعارض أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما المذكور أول من فتنة الممموت إلممى آخممره‬
‫فلم أقف عليه في الحديث هكذا وإنما ورد ما يقرب منممه ‪:‬‬
‫فأخرج أبو نعيم في الحلية من حديث واثلة بن السقع عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال أحضروا موتمماكم ولقنمموهم‬
‫ل إله إل اللممه وبشممروهم بالجنممة فممان الحليممم مممن الرجممال‬
‫والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع وإن الشيطان أقرب ما‬
‫يكون من ابن آدم عند ذلك المصممرع‪ .‬وأخممرج الحممارث بممن‬
‫أبي أسامة في مسنده مممن مرسممل عطمماء بممن يسممار عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال )معالجة ملك الموت أشد‬
‫من ألف ضربة بالسيف وما من مؤمن يموت إل وكل عرق‬
‫منه يألم على حدة وأقممرب ممما يكممون عممدو اللممه منممه تلممك‬
‫الساعة( مرسل جيد السمناد‪ .‬وأخمرج ابمن أبمي المدنيا فمي‬
‫ذكر الموت من طريق آخر مرسممل نحمموه فهممذا ممما وقفممت‬
‫عليه من الحاديث الدالة على حضور الشيطان عند الموت‬
‫وأما حضور جبريل فأخرج الطبراني في الكبير عن ميمونممة‬
‫بنت سعد قالت قلت يا رسول اللممه أينممام الجنممب قممال ممما‬
‫أحب أن ينام حتى يتوضأ إني أخاف أن يتمموفى فل يحضممره‬
‫جبريل‪ .‬دل هممذا الحممديث بمفهممومه علممى أن جبريممل عليممه‬
‫السمملم يحضممر الممموتى خصوصمما مممن كممان علممى طهممارة‬
‫واستفدنا منه أن طهارة الجنابة كافية في حضمموره وأنممه ل‬
‫يشترط طهارة الحدث الصغر وأن الجنب إذا توضممأ يرجممى‬
‫له الكتفاء بمذلك وحضموره وأمما قمول ممن قمال إن المدرة‬
‫الفاخرة موضوعة على الغزالي فليس كما قال فقد نسممبها‬
‫إليه الكابر منهم القرطبي في التذكرة وينقل منها الصفحة‬
‫والورقة بحروفها ومنهممم خاتمممة الحفمماظ أبممو الفضممل ابممن‬
‫حجممر فممي تخريممج أحمماديث الشممرح الكممبير‪ .‬نعممم الممدرة‬
‫الموجودة الن مشممتملة علممى ألفمماظ ركيكممة‪ .‬وأشممياء غيممر‬
‫مستقيمة العراب والذي يظهر أن ذلك مممن تغييممر النسمماخ‬
‫لكثرة تداول أيدي العوام عليها فزادوا فيها ونقصوا وحرفوا‬
‫‪518‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وغيروا وقد نقل الحافظ ابن حجر في التخريممج عنهمما شمميئا‬
‫ليس موجممودا فيهمما الن فكممأنه مممما أسممقطه النسمماخ وقممد‬
‫أمليت عليها تخريجا فممي خمسممين مجلسمما فممي سممنة أربممع‬
‫وسبعين حررت فيه ما وقع فيها من الحاديث والثار وبينت‬
‫ما له أصل وما ل أصل له‪ .‬وأما حديث الوفاة وقول جبريل‬
‫هذا آخر وطئتي بالرض فضعيف جدا ولو صح لم يكممن فيممه‬
‫معارضة لنه يحمل على أنه آخر عهده بانزال الوحي‪ .‬وأممما‬
‫نزوله ليلة القدر مع الملئكة فذكره جماعة من المفسرين‬
‫في قوله تعالى )تنزل الملئكة والروح فيهمما( قممالوا المممراد‬
‫بالروح جبريل‪ ،‬وروى فيه من حديث أنس مرفوعا إذا كانت‬
‫ليلممة القممدر نممزل جبريممل فممي كبكبممة مممن السممماء يصمملون‬
‫ويسلمون على كل قممائم أو قاعممد يممذكر اللممه تعممالى‪ .‬وأممما‬
‫نزوله على عيسى عليه السلم فأخرج مسلم في صممحيحه‬
‫من حديث النواس بن سمعان قال ذكر رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم الدجال فممذكر الحممديث فممي قصممة الممدجال‬
‫ونزول عيسى وقتله إياه قال فبينما هو كذلك إذ أوحى الله‬
‫إلى عيسى إني قد أخرجممت عبممادا لممي ل بممد أن لحممد فممي‬
‫قتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومممأجوج‬
‫الحديث فقوله أوحممى اللممه الممى عيسممى ظمماهر فممي نممزول‬
‫جبريل اليمه‪ ،‬وأمما قموله وهمل يمرد كلم الغزالمي بالحمديث‬
‫المعارض فقد تبين أنه ل معارضة لعدم صحة الحديث أصل‬
‫ثم يحمله على ما ذكرناه كما تقدم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما معنى قوله ول ينفع ذا الجد منك الجد‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الجممد بفتممح الجيممم علممى الصممحيح المشممهور‬
‫ومعناه فيما ذكر الخطابي الغنممي وفيممما ذكممر غيممره الحممظ‬
‫قممال الخطممابي ومممن هنمما بمعنممى البممدل والمعنممى ل ينفممع‬
‫صاحب الغنى غناه بذلك وقال الجوهري في الصممحاح منممك‬
‫هنا بمعنى عندك أي ل ينفع ذا الغنى عندك غناه إنما ينفعممه‬
‫العمل الصالح وقال ابن التين الصممحيح عنممدي انهمما ليسممت‬
‫بمعنى البدل ول بمعنى عند بل هو كما تقول ل ينفعك منى‬
‫شيء إن أنا أردتك بسوء وأوضحه ابممن دقيممق العيممد فقممال‬
‫ينفع هنا قد ضمن معنى يمنع وما قاربه ومن متعلق به بهذا‬
‫العتبار ول يجمموز تعلقممه بالجممد لن الجممد منممه تعممالى نممافع‬
‫‪519‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫انتهممى‪ .‬وعلممى هممذا فمممن للتعديممة أو لبتممداء الغايممة‪ ،‬ومممن‬
‫الغريب ما حكاه الراغب أن المراد بالجد هنا أبو الب أي ل‬
‫ينفع أحدا نسبه‪ ،‬وأغرب منه ممما حكمماه القرطممبي عممن أبممي‬
‫عمرو الشيباني أنه الجد بكسر الجيم وان معنمماه ل ينفممع ذا‬
‫الجتهاد اجتهاده وأنكره الطبري ووجممه القممزاز إنكمماره بممأن‬
‫الجتهاد في العمل نافع لن الله قد دعمما الخلممق إلممى ذلممك‬
‫فكيف ل ينفع عنده قال ويحتمل أن يكممون المممراد الجتهمماد‬
‫في طلب الدنيا وتضييع أمر الخرة‪ ،‬وقال غيره لعل المراد‬
‫أنه ل ينفع بمجرده ما لم يقارنه القبممول وذلممك ل يكممون إل‬
‫بفضل الله ورحمته كما ورد لن يدخل أحممدكم الجنممة عملممه‬
‫وقيل المراد على رواية الكسر السعي التام في الحرص أو‬
‫السراع في الهرب‪ ،‬قال النممووي الصممحيح المشممهور الممذي‬
‫عليه الجمهور أنه بالفتمح وهممو الحممظ فمي الممدنيا بالمممال أو‬
‫الولد أو العظمة أو السلطان والمعنى ل ينجيه حظممه منممك‬
‫وإنما ينجيه فضلك ورحمتك‪.‬‬
‫مسممألة ‪ -‬ممماذا الجممواب مممن البحممر المفيممد لنمما * فممي‬
‫مشكل وإليه يهرع البشر‬
‫عند الحوادث ان قال الكابر ل * تفتى وقصر منهم من له‬
‫نظر‬
‫في الكاس والطاس والساقي وشاربهم * وفي النديم‬
‫وقول قاله عمر‬
‫أعني به العالم المعروف نسبته * لفارض قبره بالسحب‬
‫منهمر‬
‫في سقيه من حميا كاس خمرته * ما الصفو ما سقيه ما‬
‫الكاس ما الخمر‬
‫وأهل مكة قالوا في سؤالهم * بالهاشمي المصطفى لماله‬
‫حضروا‬
‫قبيل خلق السما والرض أين ثوى * الهك الحق يا مختار يا‬
‫طهر‬
‫أجابهم في عماء كان وهو كذا * ما هو العماء وما معناه يا‬
‫مهر‬
‫ومن توالد مختونا وعدتهم * في النبياء سوى طه وهل‬
‫حصروا‬
‫‪520‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالفضل منك أجب هذا السؤال بدا * قدما تصوره بالنقل‬
‫مشتهر‬
‫بين الكابر لكن ل جواب لهم * عليه يا عالما ألفاظه درر‬
‫وحاز كل فخار بالعلوم وقد * أضحت به مصر تزهو ثم‬
‫تفتخر‬
‫الجواب ‪ -‬أما قول ولي الله الشيخ عمر بن الفارض فل‬
‫نتكلممم عليممه بممل مممن أراد أن يعممرف معنمماه فليجممع جمموعه‬
‫ويسهر سهره يعرف معناه‪ .‬وأما الحديث فهو من المتشابه‬
‫الذي ل يخاض في معناه قال أبو عبيد في غريممب الحممديث‬
‫ل ندري كيف كان ذلك العماء وقيل هممو كممل أمممر ل تممدركه‬
‫عقممول بنممي آدم ول يبلممغ كنهممه الوصممف والفطممن‪ ،‬وقممال‬
‫الزهري نحن نممؤمن بممه ول نكيفممه بصممفة‪ .‬وأممما مممن خلممق‬
‫مختونا من النبياء فسبعة عشر‪ :‬آدم وشيث وادريس ونوح‬
‫وسام ولمموط ويوسممف وموسممى وشممعيب وسممليمان وهممود‬
‫وصممالح وزكريمما ويحيممى وعيسممى وحنظلممة بممن صممفوان‬
‫وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد عن النبي صلى الله عليممه وسمملم أنممه‬
‫قال اللهم من دعمموت عليممه بشميء أو سممببته أو نحمو ذلمك‬
‫فاجعله رحمة له‪ ،‬وما التوفيق بينممه وبيممن قمموله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم‬
‫فاشقق اللهم عليه فمانه ينحمل ويمؤول إلمى المدعاء لهممم ل‬
‫عليهم وهو ل يدعو لمن يؤذى المسلمين ويشق عليهم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث صحيح أخرجه الشيخان بلفممظ اللهممم‬
‫إني أتخممذ عنممدك عهممدا أن ل تخلفنيممه فانممما أنما بشممر فمأي‬
‫المؤمنين آذيته أو سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكمماة‬
‫وصلة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة‪ .‬وأخرج أحمد فممي‬
‫مسنده بسند صحيح عن أنممس أن رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم دفع إلى حفصة رجل وقال احتفظي به فغفلممت‬
‫عنه ومضى فقال لها رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫"قطع الله يممدك" ففزعممت فقممال إنممي سممألت ربممي تبممارك‬
‫وتعالى أيما انسان من أمتي دعوت الله عليه أن يجعلها له‬
‫مغفرة‪ ،‬قال ابن القاص من أصحابنا وتبعممه إمممام الحرميممن‬
‫من خصائصه صلى الله عليممه وسمملم أنممه يجمموز لممه الممدعاء‬
‫‪521‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على من شاء بغير سبب ويكون فيه ممن الفموائد مما أشمار‬
‫إليه في الحديث وبهذا يعرف أنه ل تنافى بين هذا الحممديث‬
‫والحديث المذكور في السؤال لن الدعاء علممى المموالي إذا‬
‫شق ونحره دعاء بسبب فلم يدخل في ذلك الحديث وأيضمما‬
‫فالمقصود بالول الدعاء على معين وهذا على مبهم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬أذيبوا طعامكم بممذكر اللممه والصمملة ول تنمماموا‬
‫عليه فتقسوا قلوبكم هممل هممو وارد وقممد ذكممر الشمميخ نجممم‬
‫الدين الكبرا أن الذكر يقطع لقيمات الحرام هل له محمممل‬
‫وهل هو جار على القواعد أم ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث المذكور وارد أخرجه الطممبراني فممي‬
‫معجمه الوسممط وابممن السممني فممي عمممل يمموم وليلممة مممن‬
‫حديث عائشة مرفوعا‪ ،‬وما ذكره الشيخ نجم الممدين الكممبرا‬
‫جار على القواعد ومحمله على لقيمات يسمميرة كممما أشممار‬
‫إليه الشيخ بقوله لقيمات بالتصغير يأكلها النسان في وقت‬
‫غلبة الحرام على الدنيا كما في زماننا هذا فان ذلك يباح له‬
‫من حيث الشرع كما نص عليه ابن عبد السلم وغيممره انممه‬
‫لو عم الحرام الدنيا جاز للمسلم أن يأكل منه قممدر القمموت‬
‫كما يباح للمضطر أكل الميتممة وفممي معنمماه قيممل لممو كممانت‬
‫الدنيا دما عبيطا كان قمموت المممؤمن منهمما حلل ومممع كممونه‬
‫مباحا من حيث الشرع فانه يورث ظلمة في القلممب قممل ل‬
‫يستوي الخبيث والطيب فالذكر ينوره ويمحق تلك الظلمممة‬
‫كما أن الدواء يذهب الخلط المتولدة من الغذاء المممذموم‬
‫ويقطعها )إن الحسنات يذهبن السيئات(‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حممديث مممر بجنممازة فممأثنى عليهمما خيممرا فقممال‬
‫وجبت إلى آخره هل هو صحيح يعمل بظمماهره وهممل يكممون‬
‫ثناء اثنيممن أو أكممثر موجبمما للجنممة أو النممار بحسممب الثنمماء أو‬
‫العبرة بثناء الكثر‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحديث الصحيح والعمل بظمماهره بشممرط أن‬
‫يكون الثناء من عدل خير صالح للتزكية كممذا حمممل العلممماء‬
‫الحديث وليس ثناء من ذكر موجبا لذاته بل علمة علممى ممما‬
‫عند الله للعبد باخبار الصادق المصدوق ول يحتاج إلممى ثنمماء‬
‫الكثر بل ثناء الثنين كاف ورد به الحديث‪.‬‬

‫‪522‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬فيما روى البيهقي عن أبممي الضممحى عممن ابممن‬
‫عباس أنه قال في قوله تعالى )ومممن الرض مثلهممن( قممال‬
‫سبع أرضين في كل أرض نبي كنممبيكم وآدم كممآدمكم ونمموح‬
‫كنوحكم وإبراهيم كابراهيمكم وعيسممى كعيسمماكم ثممم قممال‬
‫إسناد هذا الحديث إلى ابن عبمماس صممحيح إل أنممي ل أعلممم‬
‫لبممي الضممحى متابعمما فممإذا كممان المممر كممذلك فهممل هممؤلء‬
‫المذكورون من البشر أو من الجن أو خلق آخممر وهممل كممل‬
‫واحد منهم كان مقارنا لمثله من أنبياء البشممر فممي الزمممان‬
‫أم كيف الحال‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬هممذا الحممديث رواه الحمماكم فممي المسممتدرك‬
‫وقال صحيح السناد ورواه البيهقي في شعب اليمان وقال‬
‫إسناده صحيح ولكنه شاذ بمممره‪ ،‬وهممذا الكلم مممن الممبيهقي‬
‫في غاية الحسن فانه ل يلزم من صحة السناد صحة المتن‬
‫كممما تقممرر فممي علمموم الحممديث لحتمممال أن يصممح السممناد‬
‫ويكون في المتن شذوذ أو علة تمنع صحته وإذا تبين ضعف‬
‫الحديث أغنى ذلك عن تأويله لن مثل هذا المقممام ل تقبممل‬
‫فيه الحاديث الضعيفة ويمكن أن يؤول على أن المراد بهم‬
‫النذر الذين كانوا يبلغون الجن عن أنبياء النشر ول يبعممد أن‬
‫يسمى كل منهم باسم النبي الذي بلغ عنه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل تنام الملئكة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ظاهر قوله تعالى )يسبحون الليممل والنهممار ل‬
‫يفترون( أنهم ل ينامون‪ ،‬ثم رأيممت فممي الحممديث ممما يشممهد‬
‫لذلك قال ابن عساكر في تاريخه أنا أبو الحسممن علممي بممن‬
‫الحسن بن الحسين وأبو طاهر محمد ابن الحسين قممال أنمما‬
‫أبو علي الهوازي ثنا عبد الوهاب بن عبد الله بن عمممر ثنمما‬
‫أبو الفتح المظفر بن أحمد بن برهان المقممري ثنمما أبممو بكممر‬
‫محمد بن أيوب الممداراني ثنمما الحسممن بممن علممي بممن خلممف‬
‫الصيدلني ثنا سليمان بن عبد الرحمممن حممدثني عثمممان بممن‬
‫حصن بن عبيممده ابممن علق قممال سمممعت عممروة بممن رويممم‬
‫اللخمي يقول حدثني أنس بن مالك عن رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم أن الملئكة قالوا ربنا خلقتنمما وخلقممت بنممي‬
‫آدم فجعلتهم يأكلون الطعام ويشربون الشممراب ويلبسممون‬
‫الثيممماب ويمممأتون النسممماء ويركبمممون المممدواب وينمممامون‬
‫‪523‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويستريحون ولم تجعل لنا من ذلك شيئا فاجعل لهممم الممدنيا‬
‫ولنا الخرة فقال عز وجل ل أجعل من خلقته بيدي ونفخت‬
‫فيه من روحي كمن قلت له كن فكان‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد في الدعاء المأثور اللهم إنممي أسممألك‬
‫بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والرض أن تجعلني‬
‫في حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أخرج الطبراني عن سعيد بن جبير قال‪ :‬كان‬
‫ابن عباس يدعو فذكره ولم أقف عليه مرفوعا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد في تسريح اللحيممة شمميء وهممل يقممرأ‬
‫عند تسريحها شيئا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ورد في تسريح اللحية أحاديث أخرج البيهقي‬
‫في شعب اليمان عن سهل بن سعد قال كان رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسمملم يكممثر التطيلممس ويكممثر دهممن رأسممه‬
‫ويسرح لحيته بالممماء‪ .‬وأخممرج الترمممذي فممي الشمممائل مممن‬
‫حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر دهممن‬
‫رأسمه وتسمريح لحيتمه‪ .‬وأخمرج الخطيمب فمي الجمامع ممن‬
‫حديث الحسن مرسل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كان يسرح لحيته بالمشط‪ .‬وأما القراءة عند تسريحها فلممم‬
‫يرد في ذلك حديث ول أثر‪.‬‬
‫ي واحممدة أمممر اللممه‬
‫مسألة ‪ -‬في حديث مممن صمملى عل م ّ‬
‫سبحانه وتعالى الحفظة أن ل تكتب عليممه سمميئة ثلثممة أيممام‬
‫هل ورد‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف علممى هممذا الحممديث فممي شمميء مممن‬
‫الكتب المعتبرة‪.‬‬

‫إعمال الفكر في فضل الذكر‬


‫مسألة ‪ -‬في الذكر والتسممبيح والممدعاء هممل هممو معممادل‬
‫للصدقة ويقوم مقامها في دفع البلء‪.‬‬
‫الجممواب ‪ -‬الحمماديث والثممار صممريحة فممي ذلممك وفممي‬
‫تفضيله على الصدقة‪ ،‬وأما كونه سببا لدفع البلء فهممو أمممر‬
‫ل مريممة فيممه فقممد وردت أحمماديث ل تحصممى فممي أذكممار‬
‫مخصومة من قالها عصمم ممن البلء وممن الشميطان وممن‬
‫الضر ومن السم ومن لذعة العقرب ومن أن يصيبه شمميء‬
‫‪524‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يكرهه وكتاب الذكار للشيخ محي الممدين النممووي مشممحون‬
‫بممذلك وكممذا كتمماب الممدعاء للطممبراني وللممبيهقي فل معنممى‬
‫للطالة بذلك‪ ،‬وقد صح فممي ل حممول ول قمموة إل بممالله أنهمما‬
‫تدفع سبعين بابا من الضر أدناها الفقممر وفممي روايممة أدناهمما‬
‫الهم‪ ،‬وأخممرج الحمماكم وصممححه عممن ثوبممان مرفوعمما ل يممرد‬
‫القدر إل الدعاء‪ .‬وأخممرج الحمماكم أيضمما مممن حمديث عائشممة‬
‫مرفوعا الممدعاء ينفممع مممما نممزل ومممما لممم ينممزل وان البلء‬
‫لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجممان إلممى يمموم القيامممة‪ .‬وأخممرج‬
‫مثله من حديث ابن عمر‪ .‬وأخرج أبو داود وغيممره عممن ابممن‬
‫عباس مرفوعا من لزم الستغفار جعل الله له من كل هممم‬
‫فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقممه مممن حيممث ل يحتسممب‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة عن سويد بن جميل قال من قال بعد‬
‫العصر ل إله إل الله له الحمد وهممو علممى كممل شممىء قممدير‬
‫قاتلن عن قائلهن إلى مثلها مممن الغممد وأخممرج إسممحاق بممن‬
‫راهويه في مسنده من طريق الزهممري قممال أتممى أبممو بكممر‬
‫الصديق بغراب وافر الجناحين فقممال سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ما صيد صيد ول عضدت عضاة‬
‫ول قطعت وشيجة إل بقلة التسبيح‪ ،‬وأخرجه أبو الشيخ في‬
‫كتاب العظمة من طريق ابن عون بن مهران عن أبي بكممر‬
‫موقوفا‪ .‬وأخرج أبو نعيم في الحليمة مثلمه ممن حممديث أبمي‬
‫هريممرة‪ ،‬وأبممو الشمميخ فممي العظمممة نحمموه مممن حممديث أبممي‬
‫الدرداء مرفوعا ما أخذ طائر ول حوت إل بتضممييع التسممبيح‪،‬‬
‫ومممن حممديث أنممس مرفوعمما آجممال البهممائم كلهمما وخشمماش‬
‫الرض فممي التسممبيح فممإذا انقضممى تسممبيحها قبممض اللممه‬
‫أرواحها‪ ،‬ومن حديث يزيد مرثد مرفوعا ل يصاد شمميء مممن‬
‫الطير والحيتان إل بما يضيع من تسبيح اللممه‪ .‬وأممما تفضمميل‬
‫الذكر على الصدقة ففيه أحاديث كثيرة مرفوعممة وموقوفممة‬
‫فمممن الموقوفممة ممما أخرجممه الحمماكم والترمممذي عممن أبممي‬
‫الممدرداء مرفوعمما أل أنممبئكم بخيممر أعمممالكم وأزكاهمما عنممد‬
‫مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الممذهب‬
‫والممورق وان تلقمموا عممدوكم فتضممربوا أعنمماقهم ويضممربوا‬
‫أعناقكم قالوا وما ذاك يا رسول الله قال ذكر الله‪ .‬وأخممرج‬
‫الترمذي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صمملى اللممه‬
‫‪525‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليه وسمملم سممئل أي العبمماد أفضممل درجممة عنممد اللممه يمموم‬
‫القيامة قال الذاكرون الله كثيرا‪ .‬قلت يا رسول اللممه ومممن‬
‫الغازي في سبيل الله قممال لممو ضممرب بسمميفه فممي الكفممار‬
‫والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون اللممه‬
‫أفضل منه درجة‪ .‬وأخرج الحمماكم عممن الممبراء مرفوعمما مممن‬
‫قال ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ .‬له الملك ولممه الحمممد‬
‫وهو على كل شيء قدير عشممر مممرات فهممو كعتممق نسمممة‪.‬‬
‫وأخرج البيهقي في شعب اليمان من طريق أنس مرفوعمما‬
‫لن أقعد مع قوم يذكرون الله منذ صلة الغداة حتى تطلممع‬
‫ى من أن أعتق أربعة مممن ولممد اسممماعيل‪،‬‬ ‫الشمس أحب إل ّ‬
‫ففممي هممذين عممدل الممذكر بممالعتق وتفضمميله عليممه‪ .‬ومممن‬
‫الموقوفات أخرج ابممن أبممي شمميبة فممي المصممنف عممن ابممن‬
‫ي مممن أن أنفممق‬ ‫مسعود قال لن أسبح تسممبيحات أحممب إلم ّ‬
‫بعددهن دنانير في سبيل اللممه وأخممرج عنممه قممال لن أقممول‬
‫سبحان الله والحمد لله ول إله إل الله والله أكبر أحب إلممي‬
‫من أن أتصدق بعددها دنانير‪ .‬وأخرج عن عبد الله بن عمرو‬
‫بن العاص قال لن أقول سبحان الله والحمد لله ول إله إل‬
‫ي من أن أحمل على عدتها من خيل‬ ‫الله والله أكبر أحب إل ّ‬
‫بأرسممانها‪ .‬وأخممرج عممن ابممن عمممر قممال ذكممر اللممه بالغممداة‬
‫والعشي أعظم من حطم السيوف في سبيل الله وإعطمماء‬
‫المال سحا‪ .‬وأخرج عن أبممي الممدرداء قممال لن أسممبح مممائة‬
‫ي مممن أن أتصممدق بمممائة دينممار علممى‬ ‫تسممبيحة أحممب إلمم ّ‬
‫المساكين‪ .‬وأخرج عن معمماذ بممن جبممل قممال لممو أن رجليممن‬
‫أحدهما يحمل على الجياد في سبيل الله والخر يممذكر اللممه‬
‫لكان الذاكر أعظم وأفضل أجرا‪ .‬وأخرج عنه قال‪ :‬لن أذكر‬
‫الله من غدوة حتى تطلع الشمس أحب إلى من أن أحمممل‬
‫على الجياد في سبيل الله‪ .‬وأخرج عن عبادة بممن الصممامت‬
‫مثله‪ .‬وأخرج عن سلمان الفارسي قال لو بات رجل يعطى‬
‫القيان البيض وبات آخر يقرأ القرآن أو يذكر الله لرأيت أن‬
‫ذاكر الله أفضل‪ .‬وأخرج عن ابن عمرو قممال لممو أن رجليممن‬
‫أقبل أحدهما من المشرق والخر مع المغممرب مممع أحممدهما‬
‫ذهب ل يضع منه شيئا إل في حق والخممر يممذكر اللممه حممتى‬
‫يلتقيا في طريق كان الذي يذكر الله أفضلهما فهؤلء سممبع‬
‫‪526‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صحابة صرحوا بتفضيل الذكر علممى الصممدقة‪ ،‬ومممن أقمموال‬
‫غير الصحابة أخرج ابن أبي شمميبة عممن أبممي الحمموص قممال‬
‫لتسبيحة في طلب حاجة خير من لقوح صفى في عام أزبة‬
‫أو لزبة‪ .‬وأخرج عن أبي بردة قال لو أن رجلين أحدهما في‬
‫حجره دنانير يعطيها والخر يذكر الله كان ذاكر الله أفضل‪.‬‬
‫والثار في المعنى كثيرة وفيما أوردناه كفاية‪ .‬ومما استدل‬
‫به على تفضيل الذكر على سائر العبممادات أنممه لممم يرخممص‬
‫في تركممه فممي حممال مممن الحمموال ‪ -‬أخممرج ابممن جريممر فممي‬
‫تفسيره عن قتادة قال افترض اللممه ذكممره عنممد أشممغل ممما‬
‫تكونوا عند الضراب بالسيوف فقال )يا أيها الذين آمنمموا إذا‬
‫لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكممم تفلحممون( واللممه‬
‫أعلم‪.‬‬

‫نتيجة الفكر في الجهر بالذكر‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وكفى‪ .‬وسلم علممى عبمماده الممذين اصممطفى‪.‬‬
‫سألت أكرمك الله عما اعتاده السممادة الصمموفية مممن عقممد‬
‫حلق الذكر والجهر به في المساجد ورفع الصمموت بالتهليممل‬
‫وهل ذلك مكروه أو ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬إنه ل كراهة في شيء مممن ذلممك وقممد وردت‬
‫أحاديث تقتضي استحباب الجهممر بالممذكر وأحمماديث تقتضممي‬
‫استحباب السرار به والجمع بينهما أن ذلك يختلف باختلف‬
‫الحمموال والشممخاص كممما جمممع النممووي بمثممل ذلممك بيممن‬
‫الحاديث الواردة باستحباب الجهر بقراءة القرآن والممواردة‬
‫باستحباب السرار بها وها أنا أبين ذلك فصل فصل‪.‬‬

‫ذكر الحاديث الدالة على استحباب الجهر بالذكر تصريحا‬


‫أو التزاما‪.‬‬
‫)الحديث الول( أخرج البخاري عن أبي هريرة قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللممه أنمما عنممد ظممن‬
‫عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فان ذكرني في نفسه ذكرتممه‬
‫في نفسممي وان ذكرنممي فممي مل ذكرتممه فممي مل خيممر منممه‬
‫والذكر في المل ل يكون إل عن جهر‪.‬‬
‫‪527‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)الحديث الثاني( أخرج البزار والحاكم فممي المسممتدرك‬
‫وصححه عن جابر قال خممرج علينمما النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فقال يا أيها الناس إن لله سرايا مممن الملئكممة تحممل‬
‫وتقف على مجالس الذكر فممي الرض فممارتعوا فممي ريمماض‬
‫الجنة قالوا وأين رياض الجنة قممال مجممالس الممذكر فاغممدوا‬
‫وروحوا في ذكر الله‪.‬‬
‫)الحديث الثالث( أخرج مسلم والحاكم واللفظ له عممن‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسمملم أن‬
‫لله ملئكة سمميارة وفضمملء يلتمسممون مجممالس الممذكر فممي‬
‫الرض فممإذا أتمموا علممى مجلممس ذكممر حممف بعضممهم بعضمما‬
‫بأجنحتهم الى السماء فيقول الله ممن أيمن جئتمم فيقولمون‬
‫جئنمما مممن عنممد عبممادك يسممبحونك ويكبرونممك ويحمممدونك‬
‫ويهللونك ويسألونك ويستجيرونك فيقول ممما يسممألون وهممو‬
‫أعلم فيقولون يسألونك الجنة فيقول وهل رأوهمما فيقولممون‬
‫ل يارب فيقول فكيف لو رأوها ثم يقممول ومممم يسممتجيروني‬
‫وهممو أعلممم بهممم فيقولممون مممن النممار فيقممول وهممل رأوهمما‬
‫فيقولون ل فيقول فكيف لو رأوها ثم يقول اشهدوا أني قد‬
‫غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوني وأجرتهم مما استجاروني‬
‫فيقولون ربنا إن فيهم عبدا خطاء جلس إليهم وليس منهممم‬
‫فيقول وهو أيضا قممد غفممرت لممه هممم القمموم ل يشممقى بهممم‬
‫جليسهم‪.‬‬
‫)الحديث الرابع( أخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة‬
‫وأبي سمعيد الخمدري رضمي اللمه تعمالى عنهمما قمال‪ -‬قمال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يذكرون اللممه‬
‫إل حفتهم الملئكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة‬
‫وذكرهم الله فيمن عنده‬
‫)الحديث الخامس( أخرج مسلم والترمذي عن معاويممة‬
‫أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم خممرج علممى حلقممة مممن‬
‫أصحابه فقال ما يجلسكم قالوا جلسنا نممذكر اللممه ونحمممده‬
‫فقممال انممه أتمماني جبريممل فممأخبرني أن اللممه يبمماهي بكممم‬
‫الملئكة‪.‬‬
‫)الحديث السممادس( أخممرج الحمماكم وصممححه والممبيهقي‬
‫في شعب اليمان عن أبي سعيد الخدري قال قممال رسممول‬
‫‪528‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله صلى الله عليمه وسملم أكممثروا ذكممر اللمه حممتى يقولموا‬
‫مجنون‪.‬‬
‫)الحديث السابع( أخرج البيهقي في شعب اليمان عممن‬
‫أبي الجوزاء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى اللمه‬
‫عليه وسلم أكمثروا ذكمر اللممه حمتى يقممول المنممافقين أنكممم‬
‫مراؤون ‪ -‬مرسل‪ ،‬ووجمه الدللممة ممن هممذا والممذي قبلمه أن‬
‫ذلك إنما يقال عند الجهر دون السرار‪.‬‬
‫)الحديث الثامن( أخممرج الممبيهقي عممن أنممس قممال قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مررتم بريمماض الجنممة‬
‫فارتعوا قالوا يا رسممول اللممه وممما ريمماض الجنممة قممال حلممق‬
‫الذكر‪.‬‬
‫)الحديث التاسع( أخرج بقي بن مخلد عن عبد الله بممن‬
‫عمرو أن النبي صلى الله عليه وسمملم مممر بمجلسممين أحممد‬
‫المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه والخر يعلمممون العلممم‬
‫فقال كل المجلسين خير وأحدهما أفضل من الخر‪.‬‬
‫)الحديث العاشر( أخرج البيهقي عن عبد الله بن مغفل‬
‫قال قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم ممما مممن قمموم‬
‫اجتمعوا يذكرون اللممه إل نمماداهم منمماد مممن السممماء قوممموا‬
‫مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات‪.‬‬
‫)الحديث الحادي عشر( أخرج البيهقي عممن أبممي سممعيد‬
‫الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قممال يقممول الممرب‬
‫تعالى يوم القيامة سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكممرم‬
‫فقيل ومن أهل الكرم يا رسممول اللممه قممال مجممالس الممذكر‬
‫في المساجد‪.‬‬
‫)الحديث الثاني عشر( أخرج البيهقي عن ابممن مسممعود‬
‫قال إن الجبل لينممادي الجبممل باسمممه يمما فلن هممل مممر بممك‬
‫اليوم لله ذاكر فان قال نعم استبشر ثم قرأ عبد الله )لقممد‬
‫جئتم شيئا إذا تكاد السماوات يتفطممرن منممه ‪ -‬اليممة( وقممال‬
‫أيسمعون الزور ول يسمعون الخير‪.‬‬
‫)الحديث الثالث عشر( أخمرج ابمن جريمر فمي تفسميره‬
‫عن ابن عباس في قوله )فما بكت عليهم السماء والرض(‬
‫قال إن المممؤمن إذا مممات بكممى عليممه مممن الرض الموضممع‬
‫الذي كان يصلي فيه ويذكر الله فيه‪ ،‬وأخرج ابن أبي الممدنيا‬
‫‪529‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن أبي عبيد قال إن المممؤمن إذا مممات نممادت بقمماع الرض‬
‫عبد الله المؤمن مات فتبكي عليه الرض والسممماء فيقممول‬
‫الرحمن ما يبكيكما على عبدي فيقولون ربنا لم يمممش فممي‬
‫ناحية منا قممط إل وهممو يممذكرك‪ ،‬وجممه الدللممة مممن ذلممك أن‬
‫سماع الجبال والرض للذكر ل يكون إل عن الجهر به‪.‬‬
‫)الحمديث الرابمع عشمر( أخمرج المبزار والمبيهقي بسمند‬
‫صحيح عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم قال الله تعالى عبدي إذا ذكرتني خاليا ذكرتممك خاليمما‬
‫وإن ذكرتني في مل ذكرتك في مل خير منهم وأكثر‪.‬‬
‫)الحديث الخامس عشر( أخممرج الممبيهقي عممن زيممد بممن‬
‫أسلم قال قال ابممن الدرع انطلقممت مممع النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم ليلة فمر برجل في المسجد يرفع صمموته قلممت‬
‫يا رسول الله عسى أن يكون هذا مرائيا قال ل ولكنه أواه‪،‬‬
‫وأخرج البيهقي عن عقبة بممن عممامر أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال لرجل يقممال لممه ذو البجممادين إنممه أواه‬
‫وذلك أنه كان يذكر الله‪ ،‬وأخرج البيهقي عن جابر بممن عبممد‬
‫الله أن رجل كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل لممو أن هممذا‬
‫خفض من صوته فقال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫دعه فانه أواه‬
‫)الحديث السادس عشر( أخرج الحاكم عممن شممداد بممن‬
‫أوس قال إنمما لعنممد النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم إذ قممال‬
‫ارفعوا أيديكم فقولوا ل إله إل الله ففعلنا فقال رسول الله‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم اللهممم إنممك بعثتنممي بهممذه الكلمممة‬
‫وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة إنك ل تخلف الميعمماد ثممم‬
‫قال ابشروا فان الله قد غفر لكم‪.‬‬
‫)الحديث السممابع عشممر( أخممرج الممبزار عممن أنممس عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله سيارة من الملئكة‬
‫يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهممم فيقممول اللممه‬
‫تعممالى غشمموهم برحمممتي فهممم الجلسمماء ل يشممقى بهممم‬
‫جليسهم‪.‬‬
‫)الحديث الثامن عشر( أخرج الطبراني وابن جرير عممن‬
‫عبد الرحمن ابن سهل بن حنيف قممال نزلممت علممى رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسمملم وهممو فممي بعممض أبيمماته )واصممبر‬
‫‪530‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫نفسك مممع الممذين يممدعون ربهممم بالغممداة والعشممي ‪ -‬اليممة(‬
‫فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله تعممالى منهممم ثممائر‬
‫الرأس وجاف الجلد وذو الثمموب الواحممد فلممما رآهممم جلممس‬
‫معهم وقال الحمد لله الذي جعل في أمتي مممن أمرنممي أن‬
‫أصبر نفسي معهم‪.‬‬
‫)الحديث التاسع عشر( أخرج المممام أحمممد فممي الزهممد‬
‫عن ثابت قال كان سلمان فمي عصممابة يمذكرون اللممه فمممر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فكفوا فقال ممما كنتممم تقولممون‬
‫قلنا نذكر الله قال إني رأيت الرحمة تنزل عليكممم فممأحببت‬
‫أن أشارككم فيها ثم قال الحمد لله الذي جعممل فممي أمممتي‬
‫من أمرت أن أصبر نفسي معهم‪.‬‬
‫)الحديث العشرون( أخرج الصبهاني في الترغيب عممن‬
‫أبي رزين العقيلي أن رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫قال له أل أدلمك علمى ملك الممر المذي تصميب بمه خيمري‬
‫الدنيا والخممرة قممال بلممى قممال عليممك بمجممالس الممذكر وإذا‬
‫خلوت فحرك لسانك بذكر الله‪.‬‬
‫)الحممديث الحممادي والعشممرون( أخممرج ابممن أبممي الممدنيا‬
‫والبيهقي والصبهاني عن أنس قال قال رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم لن أجلس مع قوم يذكرون الله بعد صمملة‬
‫الصبح إلى أن تطلع الشمس أحب إلممي مممما طلعممت عليممه‬
‫الشمس ولن أجلس مع قوم يذكرون الله بعد العصر إلممى‬
‫أن تغيب الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها‪.‬‬
‫)الحديث الثاني والعشرون( أخممرج الشمميخان عممن ابممن‬
‫عباس قال إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس مممن‬
‫المكتوبة كان على عهد النبي صلى اللممه عليممه وسمملم قممال‬
‫ابن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته‪.‬‬
‫)الحديث الثالث والعشرون( أخرج الحاكم عن عمر بن‬
‫الخطاب عن رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم قمال مممن‬
‫دخل السوق فقال ل إلممه إل اللممه وحممده ل شممريك لممه‪ -‬لممه‬
‫الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علممى كممل شمميء قممدير‬
‫كتب الله له ألف ألف حسممنة ومحمما عنممه ألممف ألممف سمميئة‬
‫ورفع له ألف ألف درجة وبنى له بيتا في الجنة‪ ،‬وفي بعممض‬
‫طرقه فنادى‪.‬‬
‫‪531‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)الحممديث الرابممع والعشممرون( أخممرج أحمممد وأبممو داود‬
‫والترمذي وصححه والنسائي وابممن ممماجه عممن السممائب أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاءني جبريل فقممال‬
‫مر أصحابك يرفعوا أصواتهم بالتكبير‪.‬‬
‫)الحممديث الخممامس والعشممرون( أخممرج المممروزي فممي‬
‫كتاب العيدين عن مجاهد أن عبد الله بن عمممر وأبمما هريممرة‬
‫كانا يأتيان السوق أيام العشر فيكبران ل يأتيممان السمموق إل‬
‫لذلك وأخرج أيضا عن عبيد بن عمير قممال كممان عمممر يكممبر‬
‫في قبته فيكبر أهل المسجد فيكبر أهل السوق حممتى ترتممج‬
‫منى تكبيرا‪ ،‬وأخرج أيضا عن ميمون بن مهران قال أدركت‬
‫النمماس وأنهممم ليكممبرون فممي العشممر حممتى كنممت أشممبهها‬
‫بالمواج من كثرتها‪.‬‬
‫)فصل( إذا تأملت ما أوردنا من الحمماديث عرفممت مممن‬
‫مجموعها أنه ل كراهة البتة في الجهممر بالممذكر بممل فيممه ممما‬
‫يدل على استحبابه إما صريحا أو التزاممما كممما أشممرنا إليممه‪،‬‬
‫وأما معارضته بحديث خير الذكر الخفي فهو نظير معارضة‬
‫أحاديث الجهممر بممالقرآن بحممديث المسممر بممالقرآن كالمسممر‬
‫بالصدقة‪ ،‬وقد جمع النووي بينهما بأن الخفاء أفضممل حيممث‬
‫خاف الرياء أو تأذى به مصلون أو نيام والجهممر أفضممل فممي‬
‫غيممر ذلممك لن العمممل فيممه أكممثر ولن فممائدته تتعممدى إلممى‬
‫السامعين ولنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلممى الفكممر‬
‫ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط‪ ،‬وقممال‬
‫بعضهم‪ :‬بستحب الجهر ببعض القراءة والسرار ببعضها لن‬
‫المسر قد يمل فيأنس بالجهر والجمماهر قممد يكممل فيسممتريح‬
‫بالسرار انتهى‪ ،‬وكذلك نقول في الذكر على هذا التفصمميل‬
‫وبه يحصل الجمع بين الحاديث فإن قلت‪ :‬قال اللممه تعممالى‬
‫)واذكر ربك فممي نفسممك تضممرعا وخفيممة ودون الجهممر مممن‬
‫القول( قلت‪ :‬الجواب عن هذه الية من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬إنها مكيممة كآيممة السممراء )ول تجهممر بصمملتك ول‬
‫تخافت بها( وقد نزلممت حيممن كممان النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يجهر بالقرآن فيسمعه المشركون فيسممبون القممرآن‬
‫ومن أنزله فأمر بترك الجهممر سممدا للذريعممة كممما نهممى عممن‬
‫سممب الصممنام لممذلك فممي قمموله تعممالى )ول تسممبوا الممذين‬
‫‪532‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم( وقممد زال‬
‫هذا المعنى وأشار إلى ذلك ابن كثير في تفسيره‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إن جماعة من المفسممرين منهممم عبممد الرحمممن‬
‫بن زيد بن أسلم شيخ مالك وابن جريممر حملمموا اليممة علممى‬
‫الذاكر حال قراءة القرآن وانممه أمممر لممه بالممذكر علممى هممذه‬
‫الصممفة تعظيممما للقممرآن أن ترفممع عنممده الصمموات ويقممويه‬
‫اتصالها بقوله‪) :‬وإذا قممرئ القممرآن فاسممتمعوا لممه وأنصممتوا(‬
‫قلت‪ :‬وكأنه لما أمر بالنصات خشي مممن ذلممك الخلد إلممى‬
‫البطالة فنبه على أنه وإن كان مممأمورا بالسممكوت باللسممان‬
‫إل أن تكليف الذكر بالقلب باق حتى ل يغفل عن ذكممر اللممه‬
‫ولذا ختم الية بقوله )ول تكن من الغافلين(‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ممما ذكممره الصمموفية أن المممر فممي اليممة خمماص‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسمملم الكامممل المكمممل وأممما غيممره‬
‫ممن هو محل الوساوس والخواطر الردية فمممأمور بممالجهر‬
‫لنه أشد تأثيرا فممي دفعهمما قلممت‪ :‬ويؤيممده مممن الحممديث ممما‬
‫أخرجه البزار عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صمملى‬
‫الله عليه وسلم من صلى منكم بالليل فليجهر بقراءته فإن‬
‫الملئكة تصلي بصلته وتسمممع لقراءتممه وإن مممؤمني الجممن‬
‫الذين يكونون في الهواء وجيرانه معه في مسممكنه يصمملون‬
‫بصلته ويستمعون قراءته وأنه ينطرد بجهممره بقراءتممه عممن‬
‫داره وعن الدور التي حوله فساق الجن ومردة الشممياطين‬
‫فإن قلت‪ :‬فقد قال تعالى )ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه ل‬
‫يحب المعتدين( وقد فسر العتداء بالجهر في الدعاء قلت‪:‬‬
‫الجواب عنه من وجهين‪ :‬أحدهما‪ :‬أن الراجممح فممي تفسمميره‬
‫أنممه تجمماوز المممأمور بممه أو اخممتراع دعمموة ل أصممل لهمما فممي‬
‫الشرع ويؤيده ما أخرجه ابن ماجة والحاكم فممي مسممتدركه‬
‫وصححه عن أبي نعامممة رضممي اللممه عنممه أن عبممد اللممه بممن‬
‫مغفل سمع ابنه يقول اللهم إني أسألك القصر البيض عممن‬
‫يمين الجنة فقال إني سمعت رسول الله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يقول سيكون في هذه المة قوم يعتدون في الدعاء‬
‫فهذا تفسير صحابي وهو أعلم بالمراد‪ .‬الثاني‪ :‬علممى تقممدير‬
‫التسليم فالية في الدعاء ل في الممذكر والممدعاء بخصوصممه‬
‫الفضل فيه السرار لنه أقرب إلى الجابة ولذا قال تعممالى‬
‫‪533‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)إذ نممادى ربممه نممداء خفيمما( ومممن ثممم اسممتحب السممرار‬
‫بالستعاذة في الصلة اتفاقا لنها دعاء فإن قلت فقممد نقممل‬
‫عن ابن مسعود أنممه رأى قوممما يهللممون برفمع الصموت فمي‬
‫المسجد فقممال ممما أراكممم إل مبتممدعين حممتى أخرجهممم مممن‬
‫المسجد قلت هذا الثر عن ابممن مسممعود يحتمماج إلممى بيممان‬
‫سنده ومن أخرجه مممن الئمممة الحفمماظ فممي كتبهممم وعلممى‬
‫تقدير ثبوته فهو معارض بالحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة‬
‫وهي مقدمة عليه عند التعارض‪ ،‬ثم رأيت ما يقتضممي إنكممار‬
‫ذلك عن ابن مسعود قال المام أحمد بن حنبممل فمي كتماب‬
‫الزهد ثنا حسين ابن محمد ثنمما المسممعودي عممن عممامر بممن‬
‫شقيق عن أبي وائل قال هؤلء الذين يزعمون أن عبد اللممه‬
‫كان ينهى عن الذكر ما جالسممت عبممد اللممه مجلسمما قممط إل‬
‫ذكر الله فيه‪ ،‬وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت البنابي قال‬
‫إن أهل ذكر الله ليجلسون إلى ذكر الله واللممه وأن عليهممم‬
‫من الثام أمثال الجبال وأنهم ليقومون من ذكر الله تعممالى‬
‫ما عليهم منها شيء‪.‬‬

‫الدر المنظم في السم العظم‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله الذي له السممماء الحسممنى والصممفات العليمما‬
‫والصلة والسلم على سيدنا محمد المخصمموص بالشممفاعة‬
‫العظمى وعلى آله وصحبه ذوي المقام السممنى وبعممد فقممد‬
‫سئلت عن السم العظم وما ورد فيه فأردت أن أتتبممع ممما‬
‫ورد فيه من الحاديث والثممار والقمموال فقلممت فممي السممم‬
‫العظم اقوال الول‪ :‬أنه ل وجود له بمعنى أن أسممماء اللممه‬
‫تعالى كلها عظيمة ل يجوز تفضيل بعضها على بعممض ذهممب‬
‫إلممى ذلممك قمموم منهممم أبممو جعفممر الطممبري وأبممو الحسممن‬
‫الشعري وأبو حاتم بن حبان والقاضممي أبممو بكممر البمماقلني‪،‬‬
‫ونحوه قمول مالمك وغيمره ل يجموز تفضميل بعمض السمماء‬
‫على بعض وحمل هممؤلء ممما ورد مممن ذكممر السممم العظممم‬
‫على أن المراد به العظيم‪ ،‬وعبارة الطممبري اختلفممت الثممار‬
‫في تعييممن السممم العظممم والممذي عنممدي أن القمموال كلهمما‬
‫صحيحة إذ لممم يممرد فممي خممبر منهمما أنممه السممم العظممم ول‬
‫‪534‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شيء أعظم منه فكأنه تعالى يقول كل اسم مممن أسمممائي‬
‫يجوز وصفه بكونه أعظم فيرجممع إلممى معنممى عظيممم وقممال‬
‫ابن حبان العظمية الممواردة فممي الخبممار المممراد بهمما مزيممد‬
‫ثواب الداعي بذلك كما أطلق ذلك في القرآن والمممراد بممه‬
‫مزيد ثواب الداعي والقارئ‪ ،‬القول الثاني‪ :‬أنه مممما اسممتأثر‬
‫الله بعلمه ولم يطلع عليه أحدا مممن خلقممه كممما قبممل بممذلك‬
‫في ليلة القدر وفي ساعة الجابة وفممي الصمملة الوسممطى‪،‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أنه هو نقله المام فخر الدين عن بعض أهل‬
‫الكشف واحتج لممه بممأن مممن أراد أن يعممبر عممن كلم عظيممم‬
‫بحضرته لم يقل أنت قلت كذا وإنما يقممول هممو تأدبمما معممه‪،‬‬
‫القول الرابع‪) ،‬الله( لنه اسم لمم يطلمق علمى غيممره ولنمه‬
‫الصل في السماء الحسنى ومن ثم أضيفت إليه قال ابممن‬
‫أبي حاتم في تفسيره حدثنا الحسن بن محمممد بممن الصممباح‬
‫حدثنا إسماعيل بن علية عن أبممي رجمماء حممدثني رجممل عممن‬
‫جابر بن عبد الله بن زيد أنه قال اسم الله العظم هو اللممه‬
‫ألم تسمع أنممه يقممول )هممو اللممه ل إلممه إل هممو عممالم الغيممب‬
‫والشهادة هو الرحمن الرحيممم( وقممال ابممن أبممي الممدنيا فممي‬
‫كتاب الدعاء حدثنا إسحاق بممن إسممماعيل عممن سممفيان بممن‬
‫عيينة عن مسعر قال قممال الشممعبي اسممم اللممه العظممم يما‬
‫الله‪ .‬القول الخامس‪ :‬الله الرحمن الرحيم قال الحافظ ابن‬
‫حجر في شرح البخاري ولعل مستنده ما أخرجه ابن ممماجه‬
‫عن عائشة أنهمما سممألت النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أن‬
‫يعلمها السم العظم فلم يفعل فصلت ودعممت اللهممم إنممي‬
‫أدعوك اللممه وأدعمموك الرحمممن وأدعمموك الرحيممم‪ ،‬وأدعمموك‬
‫بأسمممائك الحسممنى كلهمما ممما علمممت منهمما وممما لممم أعلممم‪-‬‬
‫الحديث‪ ،‬وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لهمما إنممه لفممي‬
‫السماء التي دعوت بها قال وسنده ضعيف وفي الستدلل‬
‫به نظر انتهى‪ .‬قلت أقمموى منممه فمي السممتدلل ممما أخرجممه‬
‫الحاكم في المستدرك وصححه ابممن عبمماس أن عثمممان بممن‬
‫عفان سأل رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم عممن بسممم‬
‫الله الرحمن الرحيم فقال هو اسم من أسممماء اللممه تعممالى‬
‫وما بينه وبيممن اسممم اللممه الكممبر إل كممما بيممن سممواد العيممن‬
‫وبياضها من القرب‪ ،‬وفممي مسممند الفممردوس للممديلمي مممن‬
‫‪535‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حديث ابن عباس مرفوعا اسم الله العظم في ست آيممات‬
‫من آخر سورة الحشر‪ ،‬القممول السممادس الرحمممن الرحيممم‬
‫الحي القيوم لحديث الترمذي وغيره عن أسماء بنممت يزيممد‬
‫أنه عليه السلم قال اسم الله العظممم فممي همماتين اليممتين‬
‫)وإلهكم إله واحممد ل إلممه إل هممو الرحمممن الرحيممم( وفمماتحه‬
‫سممورة آل عمممران )اللممه ل إلممه هممو الحممي القيمموم( القممول‬
‫السابع‪ :‬الحي القيوم لحديث ابن ممماجه والحمماكم عممن أبممي‬
‫أمامة رضي الله تعالى عنه رفعه السم العظممم فممي ثلث‬
‫سور‪ :‬البقرة وآل عمران وطه‪ ،‬قممال القاسممم الممراوي عممن‬
‫أبي أمامة التمسته فيها فعرفت أنممه الحممي القيمموم‪ ،‬وقممواه‬
‫الفخر الممرازي واحتممج بأنهممما يممدلن علممى صممفات العظمممة‬
‫بالربوبية ممما ل يممدل علممى ذلممك غيرهممما كممدللتهما‪ .‬القممول‬
‫الثامن‪ :‬الحنان المنممان بممديع السممماوات والرض ذو الجلل‬
‫والكرام لحديث أحمد وأبي داود وابن حبممان والحمماكم عممن‬
‫أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسمملم جالسمما‬
‫ورجل يصلي ثم دعا اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ل إلممه‬
‫إل أنت الحنان المنان بديع السماوات والرض يمما ذا الجلل‬
‫والكرام يا حي يا قيوم فقال صمملى اللممه عليممه وسمملم لقممد‬
‫دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعى بممه أجمماب وإذا سممئل‬
‫بممه أعطممى‪ .‬القممول التاسممع‪ :‬بممديع السممماوات والرض ذو‬
‫الجلل والكرام أخممرج أبممو يعلممى مممن طريممق السممرى بممن‬
‫يحيى عن رجل من طيء واثنى عليه خيرا قال كنت أسممال‬
‫الله تعممالى أن يرينممي السممم العظممم فرأيممت مكتوبمما فممي‬
‫الكممواكب فممي السممماء يمما بممديع السممماوات والرض يمما ذا‬
‫الجلل والكرام‪ .‬القول العاشر‪ :‬ذو الجلل والكرام لحديث‬
‫الترمذي عن معاذ سمع النبي صلى اللممه عليممه وسمملم رجل‬
‫يقول يا ذا الجلل والكرام فقال قممد اسممتجيب لممك فسممل‪،‬‬
‫وأخرج ابن جرير في تفسير سورة النمل عن مجاهممد قممال‬
‫السم الذي إذا دعى به أجاب يا ذا الجلل والكممرام واحتممج‬
‫له الفخر بأنه يشمل جميممع الصممفات المعتممبرة فمي اللهيمة‬
‫لن في الجلل إشممارة إلممى جميممع السمملوب وفممي الكممرام‬
‫إشارة إلى جميع الضافات‪ .‬القممول الحممادي عشممر‪ :‬اللممه ل‬
‫إله إل هو الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولممم يكممن لممه‬
‫‪536‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كفوا أحد لحديث أبي داود والترمذي وابممن ممماجه والحمماكم‬
‫عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمممع رجل‬
‫يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنممت اللممه ل إلممه إل‬
‫أنت الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكممن لممه كفمموا‬
‫أحد فقال لقد سألت الله بالسم الذي إذا سئل بممه أعطممى‬
‫وإذا دعي به أجاب‪ ،‬وفي لفظ عند أبي داود لقد سألت الله‬
‫باسمه العظم قال الحافظ ابن حجر وهو أرجح من حديث‬
‫السند عن جميع ما ورد في ذلك‪ .‬القول الثمماني عشممر‪ :‬رب‬
‫رب أخرج الحاكم عن أبي الدرداء وابممن عبمماس قممال اسممم‬
‫اللممه الكممبر رب رب‪ ،‬وأخممرج ابممن أبممي الممدنيا عممن عائشممة‬
‫مرفوعا وموقوفا إذا قال العبد يا رب يا رب قال الله تعالى‬
‫لبيك عبدي سل تعط‪ ،‬القول الثالث عشممر‪ - :‬ولممم أدر مممن‬
‫ذكره‪ -‬مالك الملك أخرج الطبراني في الكبير بسند ضعيف‬
‫عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫اسم الله العظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الية من‬
‫آل عمران )قل اللهم مالك الملك تؤتي الملممك مممن تشمماء‪-‬‬
‫إلى قوله )وتمرزق ممن تشماء بغيمر حسماب( القمول الرابمع‬
‫عشر‪ :‬دعوة ذي النون لحديث النسائي والحاكم عن فضالة‬
‫بن عبيد رفعه دعوة ذي النون في بطممن الحمموت )ل إلممه إل‬
‫أنت سبحانك إني كنت مممن الظممالمين( لممم يممدع بهمما رجممل‬
‫مسلم قط إل استجاب الله له‪ ،‬أخرج ابن جرير من حممديث‬
‫معبد مرفوعا اسم الله الذي إذا دعي بممه أجمماب وإذا سممئل‬
‫به أعطى دعوة يونس بن متى‪ ،‬أخرج الحاكم عن سعد بممن‬
‫أبي وقاص مرفوعا أل أدلكم على اسم الله العظممم دعمماء‬
‫يونس فقال رجل هل كانت ليونس خاصة فقممال أل تسمممع‬
‫قوله )ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين( وأخرج ابن‬
‫أبي حاتم عن كثير ابن معبد قال سألت الحسن عممن اسممم‬
‫الله العظم قال أما تقرأ القرآن قممول ذي النممون ل إلممه إل‬
‫أنت سممبحانك إنممي كنممت مممن الظممالمين‪ .‬القممول الخممامس‬
‫عشر‪ :‬كلمة التوحيد نقلمه عيماض‪ .‬القمول السمادس عشمر‪:‬‬
‫نقل الفخممر الممرازي عممن زيممن العابممدين أنممه سممأل اللممه أن‬
‫يعلمه السم العظم فرأى في النوم هو الله‪ . .‬الله‪ . .‬اللممه‬
‫ل إله إل هو رب العرش العظيم‪ .‬القول السابع عشممر‪ :‬هممو‬
‫‪537‬‬
‫الجزء الول من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مخفي في السماء الحسنى ويؤيده حديث عائشة المتقممدم‬
‫لما دعت ببعض السماء الحسممنى قممال إنممه لفممي السممماء‬
‫التي دعوت بها‪ .‬القممول الثممامن عشممر‪ :‬أنممه كممل اسممم مممن‬
‫أسمائه تعالى دعا العبد به ربه مستغرقا بحيث ل يكون في‬
‫فكره حالة إذ غير الله فإن من دعا الله تعالى بهذه الحالممة‬
‫كان قريب الجابة وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيممد‬
‫البسطامي أنه سأله رجل عن السم العظممم فقممال ليممس‬
‫له حد محدود إنما هو فراغ قلبك بوحدانيته فإذا كنت كذلك‬
‫فافزع إلى أي اسممم شممئت فإنممك تسممير بممه إلممى المشممرق‬
‫والمغرب وأخرج أبو نعيم أيضا عن أبممي سممليمان الممداراني‬
‫قال سممألت بعممض المشممايخ عممن اسممم اللممه العظممم قممال‬
‫تعرف قلبك قلت نعم قال فإذا رأيته قممد أقبممل ورق فسممل‬
‫الله حاجتك فذاك اسم الله العظم وأخرج أبممو نعيممم أيضمما‬
‫عممن ابممن الربيممع السممائح أن رجل قممال لممه علمنممي السممم‬
‫العظم فقال اكتب بسم اللممه الرحمممن الرحيممم أطممع اللممه‬
‫يطعممك كممل شمميء‪ .‬القممول التاسممع عشممر‪ :‬اللهممم حكمماه‬
‫الزركشي في شرح جمع الجوامع واستدل لممذلك بممأن اللممه‬
‫دال علممى الممذات والميممم دالممة علممى الصممفات التسممعة‬
‫والتسعين ذكممره ابممن مظفممر وهممذا قممال الحسممن البصممري‬
‫اللهم مجمع الدعاء وقال النضر بن شميل مممن قممال اللهممم‬
‫فقد دعا الله بجميع أسمائه‪ .‬العشرون‪ :‬ألم أخرج ابن جرير‬
‫على ابن مسعود قال آلم هو اسم الله العظم وأخرج ابممن‬
‫أبي حاتم عن ابن عبماس قمال آلممم اسمم ممن أسمماء اللمه‬
‫العظم وأخرج ابن جرير وابن أبممي حمماتم عممن ابممن عبمماس‬
‫قال آلم قسم أقسم الله به وهو من أسمائه تعالى‪.‬‬

‫تم الجزء الول من الحاوى للفتاوى‪،‬‬


‫ويليه‬
‫الجزء الثاني أوله‪" :‬المنحة في السبحة"‬

‫‪538‬‬

You might also like