Professional Documents
Culture Documents
مدينة كانو النيجيرية
مدينة كانو النيجيرية
مدينة كانو النيجيرية
نواكشوط ـ «القدس العربي» :الداخل إلى مدينة كانو عاصمة الشمال النيجيري وثالث أكبر مدينة نايجرية بعد الكوس وإيبادان،
يخيل إليه أنه داخل لفاس أو لمراكش؛ ذلك أن هذه المدينة التي هي ثاني مدن نيجيريا سكانا إذ يقطنها ثالثة ماليين نسمة،
مشهورة منذ قديم الزمان بالطراز العمراني المغربي المتميز لبواباتها المتعددة وألسوارها العظيمة التي تحيط بها إحاطة بياض
العين بسوادها.
وكانو هي عاصمة والية كانو إحدى الواليات الست وثالثين المكونة لجمهورية نيجيريا االتحادية وهي القلب االقتصادي
لنيجيريا ،ومركز اإلشعاع الثقافي لغرب افريقيا.
تعتبر مدينة كانو عاصمة بالد الهوسا أو ما يعرف اآلن بنيجيريا الشمالية ،وجز ًءا من جمهورية النيجر ،وكانت تقع في العصور
الوسطى في المنطقة المحصورة بين سلطنتي مالي وصنغي غربًا ،وسلطنة البرنو شرقًا ،تحدُّها من الشمال بالد أهير
والصحراء الكبرى ،ومن الجنوب ما يعرف اآلن بنيجيريا الجنوبية.
والهوسا (أو الحوصا) مصطلح يطلق على الذين يتكلمون بلغة الهوسا ،ولذلك فليس هناك جنس يمكن أن يتسمى بهذا االسم؛ إذ
إن الهوسويين ال ينحدرون من دم واحد ،بل جاء أغلبهم نتيجة امتزاج حدث بين جماعات قَ َب ِليَّة و ِع ْرقِية كثيرة ،أهمها:
السودانيون أهل البالد األصليون ،والطوارق من البربر ،والفوالنيون وغيرهم.
كبيرا في افريقيا الغربية،
انتشارا ً ً ونتج عن هذا االمتزاج هذا الشعب الذى أصبح يتكلم لغة واحدة ،هي لغة الهوسا التي انتشرت
حتى أصبحت لغة الناس والمعامالت المالية والتجارية.
وعلى الرغم من أن المتكلمين بلغة الهوسا في هذا الجزء من القارة الذي يعرف اآلن بنيجيريا كانوا يعيشون متجاورين،
ويتكلمون لغة واحدة ،ويدين معظمهم باإلسالم ،فإنهم لم يعيشوا تحت حكم دولة واحدة ،بل ك ََّونُوا سبع إمارات صغيرة ،تُعرف
باسم إمارات أو ممالك الهوسا ،وهي :كانو ،وكاتسينا ،وزاريا ،وجوبير ،ودورا ،ورانو ،وزمفرة.
وغالبية سكان كانو هم من قبيلة الهوسا ويتكلمون الهوسا المكتوبة بحروف عربية على نطاق واسع.
يذكر بعض المؤرخين أن أول من بنى أسوار كانو هو األمير «غجيما سو» 1095ـ ،1134لكن توسعت هذه األسوار
والبوابات بعد ذلك وبخاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر اللذين شهدا حركة إصالح إسالمي ،وتوسعات اقتصادية،
وهجرات متعددة إلى المدينة.
كبيرا في القرن السادس عشر في عهد السلطان محمد نزاكي 1618ـ ،1623وبعد قيام حركة الجهاد كما شهدت كانو توسعًا ً
اإلسالمي في القرن التاسع عشر تحولت مدينة كانو إلى إحدى اإلمارات النيِِّف والثالثين التابعة للخالفة اإلسالمية الصوكوتية،
كبيرا في تقوية األسس المالية ،والعسكرية ،والسياسية لدولة نيجيريا االتحادية. دورا ً وأدت ً
وتشتهر مدينة كانو بحرفييها المهرة في النسيج وصناعة الصبائغ الملونة للمالبس ،وكانت المدينة وما تزال هي أغنى الواليات
النيجيرية الشمالية التي تهيمن عليها قبيلة الهوسا.
وتشتهر كانو بأراضيها الخصبة ،وزراعتها المعطاء التي كانت عصب االقتصاد النيجيري قبل اكتشاف البترول.
وقد اشتهر الهوسويون الكنيون بالمهارة في الزراعة والصناعة والتجارة ،وقد استغلوا موقع بالدهم المتوسط بين السودان
الغربي والسودان الشرقي في االشتغال بالتجارة ،ولذلك مهروا في هذه الحرفة ،وكانوا من أكثر التجار مغامرة ،وكانت قوافلهم
تخترق الصحراء الكبرى ثالثة أشهر من كل عام؛ لتز ِّ ِود طرابلس ،وتونس وغيرهما من بلدان شمال افريقيا بمنتجات بالد
السودان من ذهب وعاج ورقيق.
كما اخترقت قوافلهم مناطق الغابات في الجنوب؛ حيث وصل نشاطهم التجاري إلى نوب ،واتجهوا شرقًا إلى برنو؛ حيث فتحوا
طريقًا للتجارة عام 856هـ ـ 1452م ،وتو َّغلوا في الجنوب حتى حوض فولتا األوسط.
وقد أصبحت طرق التجارة الخارجية ،وخاصة التي تخرج من بالد الهوسا ،متجهة شماال إلى أهير وتتصل عندها بالطرق
وفزان وتكدا وبرنو مفتوحة ومستعملة بطريقة كافية ومنظمة ،وأصبحت مألوفة جدا الرئيسية المتجهة إلى غات وغدامس َّ
للمسافرين والتجار؛ مما ش َّجع العلماء والباحثين على زيارة بالد الهوسا بكل سهولة وارتياح ،كما ش َّجع التجار المغامرين على
ارتيادها.
زار كانو العديد من الر َّحآلة والعلماء والباحثين الغربيين خاصة في القرن التاسع عشر ،وكان أشهرهم الرحالة األلماني الشهير
هزيك بارث الذي تفقد المدينة نيابة عن التاج البريطاني في منتصف القرن التاسع عشر ،وكتب عن مجتمعها ،واقتصادها،
ومعمارها ،ووضعها العسكري والسياسي ،وكان ذلك يمثل بداية االتصال األوروبي االستعماري بالداخل.
تعرضت مدينة كانو لغزو المستعمر االنكليزي كغيرها من إمارات خالفة الدولة الصوكوتية عام 1903م ،وأدى ذلك لهجرة
عدد غير قليل من مواطنيها.
دخل اإلسالم إلى كانو منذ زمن قديم عن طريق التجارة ،وذهب كثير من المؤرخين إلى أن من اعتنق اإلسالم من ملوك كانو
ظاميا» في عام 1349ـ 1385م: طن ِهو علي ياجي « ْ
ومن البواعث التي أدت إلى انتشار الثقافة اإلسالمية واللغة العربية في كانو زيارات جهابذة علماء البالد العربية واإلسالمية من
أمثال الشيخ مـحمد بن عبد الكريم المغيلي العالم المشهور الذي ساعد في تأسيس الدولة اإلسالمية حيث أشار إلى أمير كانو
بتكوين مجلس استشاري يضم الوزير والقاضي واإلمام وبعض رجال الدولة.
وتولى الشيخ المغيلي القضاء واإلفتاء في كانو وألِّف كتبا كثيرة ودرس فنونا عدة.
كان للحركة اإلصالحية التي قام بها الشيخ عثمان بن فودي في مطلع القرن التاسع عشر الميالدي دور عظيم في انتشار الثقافة