Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 31

‫الحياة الزوجية كما تصورها سورة التحريم‬

‫*‬
‫د‪ .‬إبراهيم عيسى صيدم‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف المرسلين‪ ،‬سيدنا محمد النبي الصياد‬
‫الوعد األمين‪ ،‬وعلى آله وصحابته ومن سار على هديه إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن إسالمنا الحنيف ْأولَى األسرة اهتماما ً خاصاً‪ ،‬وأفرد لها أحكاما ً تؤسس لها تأسيسا ً سيليماً‪،‬‬
‫وتنظم عالقاتها تنظيما ً دقيقاً‪ ،‬ألنها ت ُ َعدّ اللَّ ِبنة األهم ف بناء المجتمع العفيف الطاهر الزك ‪.‬‬
‫ولعييا النيياير في كتيياب ي تعييالى يلمييس هييسا ا هتمييام باألسييرة‪ ،‬ويدركييه فيمييا تناولتييه آيييا‬
‫القرآن وسوره من توجيها وإرشادا وأحكام تخص األسرة تربيةً وبنا ًء‪.‬‬
‫وهسه سورة التحريم هي إحيدا السيور التي تناوليد العدييد مين السييون األسيرية وميا يتعلي‬
‫بالحياة الزوجية‪ ،‬الت تمثلد في أرو مثيا يُبيرب مين حيياة النبي ‪ ‬ميع أوواجيهم مميا دفعني‬
‫لكتابة هسا البحثم ألن نبينا صلى ي عليه وسلم هو األسوة الحسنة الت بها نقتدي‪ ،‬وعليى دربهيا‬
‫نسير‪.‬‬

‫أهمية الموضوع ودوافع اختياره‪:‬‬


‫هسه الموضوعا من الموضوعا الهامية في بنياء األسيرة والمجتميع‪ ،‬وتظهير أهميتيه مين‬
‫خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬أن المجتمع وال بحاجة إلى توعية ف مختلف المجا ‪ ،‬سيما الت تخيص الحيياة الزوجيية‬
‫منهام ألن استمرار الحياة الزوجية ضمان لقيام مجتمع متماسك األركان‪ ،‬متين البنيان‪.‬‬
‫‪ .2‬كثيرون هم السين يعتقدون أن المسلم يخطئ‪ ،‬و ينبغ ليه أن يخطيئ‪ ،‬وهيسا تفكيير قاصيرم‬
‫خطاء – عدا األنبياء–‪ ،‬وعليه فينبغي تغييير هيسه الثقافية ليدا هيؤ ء‪ ،‬وتنيوير‬ ‫ألن كا ابن آدم ّ‬
‫عقولهم بما صح وثبد‪ ،‬وليس ش ء أثبد وأصح مما جاء ف القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ِ .3‬مثْا هسه الدراسة مستمدة من كتاب ي تعيالى‪ ،‬ومعتميدة علييه‪ ،‬فهي أصي رح الدراسيا وأثبت ُهيا‪،‬‬
‫ونتائ ُجهيا أفبي ُا النتيائح وأحسينُها‪ ،‬بخييالف الدراسيا الميدانييية‪ ،‬فإنهييا تكيون دقيقيية النتيائحم‬
‫ألنها تعتمد على ا ستقراء التام‪ ،‬و تقوم على أساس ثابد‪.‬‬
‫تناول ِمثْيا هيسه الدراسيا يع ِ ّمي النظير في كتياب ي‪ ،‬ويزييد األجير والثيواب عنيد ي‪ ،‬ويسيدّ‬ ‫‪ُ .4‬‬
‫بعض حاجة المكتبة اإلسالمية‪ ،‬وتع ّم به الفائدة –إن شاء ي–‪.‬‬
‫فهسه الحقائ جعلتن أهت ّم بهسا الموضو ‪ ،‬وأسعى للكتابة فيه‪ ،‬وي الموف والمستعان‪.‬‬

‫* دكتوراه ف أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن مين جامعية األوهير بالقياهرة عيام ‪2012‬م‪ ،‬عبيو رابطية علمياء فلسيطين‪،‬‬
‫‪isydum@iugaza.edu.ps‬‬
‫‪1‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫وفن التعاميا المسيترو والمتبيادل‬ ‫‪ .1‬تهدف هسه الدراسة إلى توعية األوواج حول الحياة الزوجية ّ‬
‫سبُا حا المسكال الواقعة ف بيد الزوجية‪.‬‬ ‫بين الزوجين‪ ،‬و ُ‬
‫‪ .2‬توجيه السباب المتقدمين للزواج إلى اختيار الزوجة الت توافر فيها الصفا اإليجابييةم ألن‬
‫ذلك أدعى ستمرار الحياة الزوجية وديمومتها‪.‬‬
‫‪ .3‬بييييان أن الحيييياة الزوجيييية تخليييو مييين الكبيييوا والعثيييرا والخالفيييا وسيييوء التفييياهم بيييين‬
‫الييزوجين‪ ،‬وهييسه ةبيعيية ف ي اإلنسييان‪ ،‬واألهييم ميين ذلييك هييو كيييف يتغل ي األوواج علييى تلييك‬
‫صيا ليديهم ثقافية‪ :‬أن ا خيتالف يفسيد‬ ‫المساكا؟ وكيف يتجاووون تلك العقبيا ؟ وكييف تتح ّ‬
‫ف الود قبية؟‬
‫‪ .4‬تهدف هسه الدراسة إلى بيان سيبُا التعاميا ميع المسيكال ‪ ،‬والتعياة معهيا في ضيوء الكتياب‬
‫وا ستعانة بالسنة‪.‬‬
‫‪ .5‬ولعا من أهم أهداف هسه الدراسة تقديم أفبا مقوما بناء األسرة الت يتكيون منهيا المجتميع‬
‫الفاضا‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫أن ُكت ي موضييو ت مسييتق اا حييول الحييياة الزوجييية ميين خييالل سييورة‬ ‫لييم يثبييد ‪-‬فيمييا أعلييم– ْ‬
‫أو تفسييرا تحليليية‬ ‫التحريم‪ ،‬وكيا ميا هناليك مين كتابيا حيول السيورة إنميا هي أشيبه بمقيا‬
‫للسورة كما ف كت التفسير‪ ،‬أو تفسير موضوع مقتب ‪ ،‬وأهم من كت ف ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬التفسييير الموضييوع لسيييور القييرآن الكيييريم‪-‬إعييداد نخبييية ميين علمييياء التفسييير وعليييوم القييرآن‪ ،‬وهيييو‬
‫بإشراف الدكتور مصطفى مسلم‪.‬‬
‫‪ .2‬نحو تفسير موضوع لسور القرآن الكريم‪-‬للسيخ محمد الغزال ‪.‬‬
‫ولم تتناول تلك الدراسا السورة من جانبها السي يتعل بالحياة الزوجية‪.‬‬

‫موضوع البحث‪:‬‬
‫تناول هسا البحث دراسة الجوان المتعلقة بالحياة الزوجية من خيالل سيورة التحيريم‪ ،‬وذليك‬
‫من خالل المسهد السي عرضد له من حياة النب ‪ ‬مع أوواجه‪ ،‬والتعرف عليى صيفا الزوجية‬
‫الصالحة‪ ،‬والوقوف على نماذج من التاريخ ذكرتهما السيورة عين النسياء‪ ،‬وميا يحيدا في الحيياة‬
‫سبُا العالج‪.‬‬
‫الزوجية من اضطرابا واختالفا ومساكا بين الزوجين وأفبا ُ‬
‫وقيد تييم تفصيييا الكييالم في هييسه المباحييث‪ ،‬وإيهيار مييا فيهييا ميين ِح َكييم وأحكييام‪ ،‬وذِكيير بعييض‬
‫النصييائح والتوجيهييا الت ي تخللييد تلييك الدراسيية‪ ،‬والتي تحتاجهييا كييا أسييرة‪ ،‬وتع يدّ أساس يا ً لبنيياء‬
‫مجتمع فاضا‪ ،‬وي ول التوفي ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫سورة التحريم ه إحدا السيور التي تعيالح قبيية اجتماعيية مهمية تتعلي بالحيياة األسيرية‪،‬‬
‫وقبا الوقوف على المبامين التربوية حول الحياة الزوجية الت تناولتها هسه السيورة سيأقف في‬
‫بد منها‪ ،‬وذلك على النحو التال ‪:‬‬ ‫عجالة مع هسه المقدما الت‬
‫ُ‬
‫أوالً‪ :‬مدنية السورة وتسميتها‪:‬‬
‫ذَ َكيير اإلجمييا علييى أنهييا مدينيية نييير واحييد ميين العلميياء‪ 1،‬وقييال اولوس ي ‪ :‬والمسييهور أنهييا‬
‫مدنية‪ ،2 .‬وه اثنتا عسرة آية‪ ،‬ومائتان سيبع وأربعيون كلمية‪ ،‬وأليف وسيتون حرفياً‪ 3،‬وهي مثيا‬
‫سورة الطال ف عدد آياتها وحروفها‪ ،‬وتزيد عنها سورة الطال بكلمتين‪.‬‬
‫وتسييمى سييورة التحييريم‪ ،‬وهييسا ا سييم المثبَييد فيي المصيياحف‪ ،‬والمسييتهر ميين بييين أسييماء‬
‫السورة‪ ،‬وسميد بهسا ا سم نسبة إلى ما وقع من تحريم النب ‪ ‬بعض ميا هيو مبياه ليهم عليى ميا‬
‫سيأت ف سب النـزول إن شاء ي‪.‬‬
‫وتسييمى سييورة النب ي ‪‬م سييتهاللها بييسكر النب ي ‪ ،‬و ِلمييا اختصييد بييه ميين حييديث عيين بيييد‬
‫النبوة‪ ،‬وبعض المسكال الت ةرأ ف هسا البيد الكريم‪.‬‬
‫حرم» وجعلها بمنـزلة ا سيم‪ ،‬وإدخيال‬ ‫اللّ َم ت ُ َح ِ ّرم‪ ،‬على حكاية جملة « ِل َم ت ُ ِ ّ‬
‫وتسمى كسلك سورة ِ‬
‫‪4‬‬
‫م التعريفة العهدية عليها‪ ،‬وإدنام الالمين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المتحرم وسورة لم تحرم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وقد ذكر السيوة ف اإلتقان أنها سورة‬
‫والمالحظ على هسه التسميا كلها أنها تدور حيول فليك واحيد‪ ،‬وهيو ميا حرميه النبي ‪ ‬عليى‬
‫نفسه‪.‬‬
‫وذكر اولوس عن ابن الزبير أنها سورة النساء‪ 6،‬قال ف التحرير والتنيوير‪ :‬وليم أقيف علييه‬
‫‪7‬‬
‫ولم يسكر صاح اإلتقان هسين ف أسمائها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ترتيب نـزول السورة‪:‬‬
‫تأت هسه السورة ضمن ِعيداد السيور المدنيية‪ ،‬وهي في السيور األواخير منهيا‪ ،‬فهي السيورة‬
‫الثانييية والعسييرون ف ي ترتي ي السييور المدنييية‪ ،‬وه ي السييورة الخامسيية بعييد المائيية ف ي ترتي ي‬
‫النييـزول‪ 8،‬أمييا ميين حيييث ترتيي المصييحف فهي تُعيدّ السييورة السادسيية والسييتون‪ ،‬تسييبقها سييورة‬

‫‪ 1‬انظر مطلع تفسير السورة عند القرةب والثعالب وابن عطية ونيرهم‪.‬‬
‫‪ 2‬اولوس ي ‪ ،‬أبييو الفبييا شييهاب الييدين السيييد محمييود ‪1270‬هييـ ‪ .‬روح المعااانف فااف ت سااير القاارم العباايم والساابع الم ااانف‪،‬‬
‫بيرو ‪ :‬دار إحياء التراا العرب ‪ ،‬د‪ ،. .‬ج‪ ،28‬ص‪.146‬‬
‫‪ 3‬الخاون‪ ،‬عل بين محميد بين إبيراهيم ‪741‬هيـ ‪ .‬لباا التووياف فاف معاانف التلاـزيف‪ ،‬ةبعية حسين حلمي الكتبي ومحميد حسين‬
‫جمال الحلب برخصة نظارة المعارف‪1317 ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.283‬‬
‫‪ 4‬ابن عاشور‪ ،‬السيخ محمد الطاهر ‪1393‬هـ ‪ .‬التحرير والتلوير‪ ،‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنسر‪1884 ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪. 343‬‬
‫‪ 5‬السيوة ‪ ،‬أبيو الفبيا جيالل اليدين عبيد اليرحمن بين أبي بكير ‪911‬هيـ ‪ .‬اإلتقاا فاف وماول القارم ‪ ،‬بييرو ‪ :‬دار الفكير‪ ،‬ة‬
‫‪1416/1‬هـ=‪1996‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.154‬‬
‫‪ 6‬اولوس ‪ ،‬روح المعانف‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪.146‬‬
‫‪ 7‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتلوير‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪.343‬‬
‫‪ 8‬انظيير الزركس ي ‪ ،‬أبييو عبييد ي محمييد بيين بهييادر بيين عبييد ي ‪794‬هييـ ‪ .‬البرهااا فااف ومااول القاارم ‪ ،‬بيييرو ‪ :‬دار المعرفيية‪،‬‬
‫‪1391‬هـ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،194‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪.343 ،28‬‬
‫‪3‬‬
‫الطال ‪ ،‬ويأت بعدها سورة الملك‪ ،‬وه السورة الخاتمة للجزء الثامن والعسيرين في المصيحف‬
‫السريف‪.‬‬
‫ثال اً‪ :‬جو نـزول السورة‪:‬‬
‫هسه السورة الكريمة معيدودة الخامسية بعيد المائية في عيداد نيـزول سيور القيرآن‪ ،‬يسيبقها في‬
‫ترتي النـزول سورة الحجيرا وييأت بعيدها سيورة الجمعية‪ .‬ومين المعليوم قطعيا ً أن نيزول هيسه‬
‫اويا كان بعد وواج النب ‪ ‬من وين بند جحش كميا دل عليى ذليك سيب النيزول‪ .‬ولييس مين‬
‫المعلوم تحديدا ً ومان نزول اويا ‪ ،‬ولكن يمكين الوقيوف عليى بعيض األحيداا في كتي التياريخ‬
‫سِي َير التي قييد توقفنييا ‪-‬علييى األقييا‪ -‬علييى تحديييد الفتييرة الزمنييية التي وقعييد فيهييا تلييك األحييداا‬
‫وال ّ‬
‫أسباب لنـزول اويا ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫والوقائع الت ه‬
‫فقصة ويد ووين وقع ذكرها ف سورة األحزاب‪ ،‬وهسه السورة باسم نزوة نزاهيا النبي ‪‬‬
‫‪1‬‬
‫وه نزوة األحزاب أو الخند ‪ ،‬وقد وقعد هسه الغزوة ف السنة الخامسة للهجرة‪.‬‬
‫ثم إن قدوم وفد بن تميم على رسول ي ‪ ‬كان سينة تسيع مين الهجيرة‪ ،‬وفييهم نيـزلد اوييا‬
‫‪ 5-4‬من سورة الحجرا ‪ 2،‬وهسه السورة تسب ف نـزولها سورة التحريم‪ ،‬كما سب ‪ .‬وبنا ًء علييه‬
‫فإنه من الثابد أن تكون سورة التحريم نزلد بعد السينة الخامسية مين الهجيرة‪ ،‬ومين المحتميا أن‬
‫تكون ف التاسعة أو بعدها‪ ،‬وي أعلم‪ .‬وأيا كاند الفترة الزمنية الت نيـزلد فيهيا السيورة إ أنهيا‬
‫نـزلد ف ومن كاند الدولة اإلسالمية الجديدة فيها أكثر استقرارا ً وأماناً‪ ،‬وهسا الجو السي نـزلد‬
‫فيييه السييورة يلقي بظاللييه علييى الحييياة البيتييية في بيييد النبييوة‪ ،‬فيحييدا فيييه مييا يحييدا ف ي بيييو‬
‫األوواج‪ ،‬ويجري عليه ما يجري على النياس‪ ،‬وهيسا ميا نلمحيه في سييرة النبي ‪ ،‬حييث ليم نجيد‬
‫مثا هسه الخالفا وقيع في الفتيرة المكيية و في بيدايا العهيد الميدن ‪ ،‬وإنميا يهير مثيا هيسه‬
‫الخالفا ف وقد كاند الحياة فيه أكثر استقرارا ً وأماناً‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬ملاسبة السورة لما قبمها‪:‬‬
‫السورة التي تسيب هيسه السيورة الكريمية هي سيورة الطيال ‪ ،‬وبيين السيورتين مين التناسي‬
‫والتالوم ما يخفى إدراكه‪ ،‬فإن السورتين متسيابهتان فيميا تعرضيان مين أحكيام‪ ،‬وتتنياو ن مين‬
‫موضوعا ‪ .‬وهسه وبعض وجوه التناس بين السورتين‪:‬‬
‫أولها‪ :‬من حيث افتتاه الخطاب ف السورتين‪ ،‬فكالهما افتُتِحد بخطاب النب ‪.‬‬
‫ثانيهاً‪ :‬سورة الطيال كانيد في خصيام نسياء األمية‪ ،‬وهيسه في خصيومة نسياء النبي ‪ ،‬إعظاميا ً‬
‫‪3‬‬
‫لمنصبهن أن يُسكرن مع سائر النسوة‪ ،‬فأفردهن بسورة خاصة‪.‬‬

‫‪218‬هيـ ‪ .‬السايرة اللبوياة‪ ،‬القياهرة‪ :‬دار الحيديث‪ ،‬ة ‪1419/2‬هيـ=‪1990‬م‪ ،‬ج‪،3‬‬


‫‪ 1‬ابن هسام‪ ،‬أبو محمد عبيد المليك بين هسيام‬
‫ص‪.185‬‬
‫‪ 2‬المرجع الساب ‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.193-186‬‬
‫‪ 3‬هسان الوجهان ذكرهما اإلمام اولوس ف تفسيره روح المعانف‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪.146‬‬
‫‪4‬‬
‫ثالثها‪ :‬اشتركد السورتان ف األحكام المخصوصة بالنسياء‪ ،‬واشيتراو الخطياب في الطيال في‬
‫أول تلييك السييورة يسييترو مييع الخطيياب بييالتحريم في أول هييسه السييورةم ألن الطييال في أكثيير‬
‫‪1‬‬
‫الصور يستما على تحريم ما أحا ي‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬ووجه ارتباة أول هسه السورة بخاتمة الت قبلها ما ذكره اإلمام البقاع في نظيم اليدرر‪،‬‬
‫حيث قال‪ :‬لما ختم سبحانه الطال بإحاةة علمه‪ ،‬وتنـزل أميره بيين الخيافقين في تيدبيره‪ ،‬دل‬
‫عليه أول هسه السورة بإعالء أمور الخل بأمر وقع بين خير خلقه وبين نسائه الالت من خيير‬
‫النساء‪ ،‬واجتهد كا ف إخفاء ما تعل به منه‪ ،‬فأيهره سبحانه عتابا ً ألوواج نبيه ‪ ‬ف صيورة‬
‫عقابيهم ألنيه أبليف رفقياًم رفقيا ً بيه ألنيه يكياد مين شيفقته يبخيع نفسيه السيريفة رحمية بأمتيهم تيارة‬
‫‪2‬‬
‫لطل رضاهم‪ ،‬وأخرا رنبة ف هداهم ‪...‬‬
‫أقر حقائ مهمة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فكأن اوية ف آخر الطال‬
‫منها‪ :‬حسن تدبير ي تعالى لهسا الكون من سموا وأرض وما بينهما من مخلوقا ‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬إحاةة علم ي تعالى بكا ش ءم سرا ً كان أو عالنية‪.‬‬
‫وقيد تجليد هيسه الحقييائ في مطليع هيسه السييورةم حييث كيان مين حسيين تيدبير ي تعيالى لهيسا‬
‫الكون ما ضربه مثالً من حياة نبيه ‪ ‬اليسي هيو أكيرم خلقيه ميع أوواجيه الالتي هين خيير النسياء‪،‬‬
‫حيث نـز أمر التحليا والتحريم من يدي نبيه ‪ ،‬وجعا ذلك هلل وحده‪ ،‬ثيم وضيع سيبحانه أفبيا‬
‫الحلول لمثا هسه المسكلة ف الحياة الزوجية‪.‬‬
‫أسير إليى بعيض أوواجيه‬‫ونموذج آخر يدلا على إحاةة علم ي تعالى بكا شي ء أن النبي ‪َّ ‬‬
‫حديثا ً فأفسته‪ ،‬فأةلعه ي عليه‪.‬‬
‫فهسه وجوهت من التناس بين السيورتين تيدلا عليى ميدا اليتالوم واليتالحم بينهيا‪ ،‬وتؤكيدان أن‬
‫القرآن تنـزيا من لدن حكيم خبير‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬أهداف السورة ومحورها‪:‬‬
‫لعا المتأما للسورة الكريمة ييدرو الجيو العيام اليسي تيدور حوليه موضيوعاتها‪ ،‬والسير اليسي‬
‫ينظم هسه الموضوعا ويجمع بينا‪ ،‬إنها تدور حول محور السرية والكتمان‪ ،‬ووجيوب كيتم السير‬ ‫ِ‬
‫والمحافظة عليه‪ ،‬وأن فبحه خيانة ونقض لألمانة والوفاء بالمعهود‪.‬‬
‫فالمقطع األول من اويا يدور حول موضو إسرار النب ‪ ‬حيديثا ً ليبعض أوواجيه وكتمهيا‬
‫إياه‪ ،‬ولكنها كسفد عن ذلك السير ونبّيأ بيه‪ ،‬فيأيهره ي ‪ ‬علييه‪ ،‬وحيدا ميا حيدا مين اإلييالء‬
‫وعدم قرب نسائه ‪.‬‬
‫ثم يأت المقطع الثان من مقاةع هسه السيورة‪ ،‬وهيو في نايية األهميية‪ ،‬وييدور حيول التربيية‬
‫لألها واألبناء وللبيد كله‪ ،‬ولعا من أهم ما يحافظ عليى تيرابا األسيرة وتماسيكها هيو المحافظية‬
‫علييى أسييرارها‪ ،‬وعييدم فبييح مييا يييدور بييين أفرادهييام ألن فبييحه خيانيية قييد تييؤدي إلييى دخييول‬

‫‪ 1‬الراوي‪ ،‬فخر الدين محمد بن ضياء الدين عمر ‪606‬هـ ‪ .‬م اتح الغيب‪ ،‬اوستانة‪ :‬مطبعة عل بك‪ ،‬د‪ ،. .‬ج‪ ،8‬ص‪.231‬‬
‫‪ 2‬البقاع ‪ ،‬أبو الحسن برهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسن الرباة ‪885‬هـ ‪ .‬نبم الدرر فف تلاسب اآليات والسور‪ ،‬بيرو ‪:‬‬
‫دار الكت العلمية‪ ،‬ة ‪1415/1‬هـ=‪1995‬م‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.43‬‬
‫‪5‬‬
‫المفسدين بين أجزائها‪ ،‬ومن ثم إفساد هسا النظام المترابا‪ ،‬وتفكيك ذلك التماسك المتيين وسييؤدي‬
‫بعد ذلك إلى الفساد ف الحال والمآل‪ ،‬وكما قيا‪ :‬البيو أسرار‪ ،‬فكان لزاما ً توعييةُ أفيراد األسيرة‬
‫جميعاًم لدرء كا عدو يريد أن يقتحم على هسا البناء‪ ،‬ومحاربة كا من حاول إفساد نظامه‪.‬‬
‫أما المقطع الثالث واألخير ف السيورة‪ ،‬فهيو ييدور حيول مثليين ضيربهما ي تعيالىم أحيدهما‬
‫للكافرين‪ ،‬واوخر للمؤمنين‪ .‬فأما المثا المبروب للكافرين فقد شما نميوذجين لبيتيين مين بييو‬
‫األنبياء السابقين –نوحا ً ولوةا ً عليهما السيالم‪ ،-‬حييث كانيد خيانتهميا لزوجيهميا بالنميمية‪ ،‬وكيان‬
‫إذا أوح إليهما بس ء أفستاه للمسركين‪ ،‬قاله البحاو‪ ،‬وقيا‪ :‬كانتا منافقتين‪ ،‬وقيا‪ :‬كانيد اميرأة‬
‫‪1‬‬
‫صد بالخيانة هنا الزنا‪.‬‬ ‫لوة تدل القوم بمن ورد على ووجها من أضياف‪ ،‬ولم يُق َ‬
‫وأما المثا المبروب للمؤمنين فقد اشتما أيبا ً على نموذجين مختلفين‪ :‬أميا األول فهيو عين‬
‫امرأة فرعون‪ ،‬المرأة الصالحة ف بيد كافر‪ ،‬على النقيض تماما ً للمثا الساب السي اشيتما عليى‬
‫الحديث عن امرأتين كافرتين ف بيتين مسلمين‪ ،‬ومعلوم أن امرأة فرعون خاضد معتركا ً صيعبا ً‬
‫ف يا مواجهتها لجبرو فرعون الطانية من جهة‪ ،‬ولعروض الحياة اليدنيا ووينتهيا مين ناحيية‬
‫أخرا‪ ،‬ولموقعها العال ف هسه المملكية مين ناحيية ثالثية‪ ،‬وألنوثتهيا وضيعفها مين ناحيية رابعية‪،‬‬
‫وفو كا هسا كاند امرأة واحدة ف وسا هسه البغوة الت تكالبد عليهيا مين كيا صيوب‪ ،‬كيا‬
‫هييسه التحييديا عاشييتها امييرأة فرعييون واقع يا ً ملموس ياً‪ ،‬ومييع ذلييك صييبر أمييام هييسه التحييديا‬
‫مجتمعة‪ ،‬وبقيد على إيمانهيا دون أن يُكسَيف أمرهيا دهيراً‪ ،‬فلميا ُكسِيف أ َ ْمير إيمانهيا أ َ َمير فرعيون‬
‫‪2‬‬
‫بتعسيبها‪ ،‬قيا‪ :‬فدعد بهسه الدعوا لما عرف فرعون بإيمانها بموسى ‪.‬‬
‫وأما مريم –عليها السالم‪ -‬فه نموج رائيع آخير في العفية والطهيارة والحصيانة‪ ،‬وميا كانيد‬
‫لتخييون األمانيية في حفييظ عرضييها‪ ،‬بييا حافظييد عليييه‪ ،‬وصييدقد بكلمييا ربهييا‪ ،‬وكانييد نموذج يا ً‬
‫للقانتين‪.‬‬
‫فالتقييد هييسه الموضييوعا علييى محييور واحييد يؤلييف بينهييا‪ ،‬ويجعلهييا وحييدة واحييدة مؤتلفيية‬
‫متماسكة كالبناء المتين‪ ،‬وهو محور السرية والكتمان وعدم الخيانة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اللبف ‪ ‬زوجا ً من خالل سورة التحريم‪:‬‬


‫َُ لَ َ‬
‫يك ت َ ْبت َ ِغي‬ ‫صدِّرا ً هسه السيورة الكريمية‪  :‬يَيا أَير َهيا النَّ ِبي ر ِل َيم ت ُ َح ِ ّير ُم َميا أ َ َحي َّا َّ‬ ‫قال ي تعالى ُم َ‬
‫َُ َمي ْيو َ ُك ْم َو ُهي َيو ْال َع ِلييي ُم‬ ‫َُ لَ ُكي ْم ت َ ِحلَّيةَ أ َ ْي َمييا ِن ُك ْم َو َّ‬
‫ض َّ‬‫يور َّر ِحييي تم * قَي ْد فَي َير َ‬‫نفُي ت‬ ‫َُ َ‬ ‫يك َو َّ‬ ‫ضييا َ أ َ ْو َو ِ‬
‫اجي َ‬ ‫َم ْر َ‬
‫ب يه ُ‬ ‫ف بَ ْع َ‬ ‫ع َّير َ‬ ‫علَيْي ِه َ‬
‫َُ َ‬ ‫ي َه َيرهُ َّ‬ ‫اجي ِه َحيدِيثا ً فَلَ َّميا نَبَّيأ َ ْ ِبي ِه َوأ َ ْ‬‫يض أ َ ْو َو ِ‬ ‫س َّر النَّ ِب ر ِإلَيى بَ ْع ِ‬‫ْال َح ِكي ُم * َو ِإ ْذ أ َ َ‬
‫َِ‬ ‫يير * ِإن تَتُو َبيا ِإلَيى َّ‬ ‫د َم ْن أَن َبأ َ َو هَيسَا قَيا َل نَبَّيأ َ ِن َ ْال َع ِليي ُم ْال َخ ِب ُ‬ ‫ض فَلَ َّما نَبَّأَهَا ِب ِه قَالَ ْ‬‫عن َب ْع ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫َوأَع َْر َ‬
‫صيا ِل ُح ْال ُميؤْ ِمنِينَ َو ْال َمالَئِ َكيةُ بَ ْعيدَ‬ ‫ََ ُه َو َم ْو َهُ َو ِجب ِْري ُا َو َ‬ ‫علَ ْي ِه فَإ ِ َّن َّ‬
‫ظاه ََرا َ‬ ‫َد قُلُوبُ ُك َما َو ِإن ت َ َ‬ ‫صغ ْ‬‫فَقَ ْد َ‬

‫‪ 1‬أبو حيان‪ ،‬محمد بن يوسف ‪745‬هـ ‪ .‬البحر المحيط‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار الكت العلمية‪ ،‬ة ‪1413/1‬هـ=‪1993‬م‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.289‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬قط ‪ ،‬سيد ‪1386‬هـ ‪ .‬فف ظالل القارم ‪ ،‬القياهرة‪ ،‬بييرو ‪ :‬دار السيرو ‪ ،‬ة ‪1423/2‬هيـ=‪2003‬م‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪،3622‬‬
‫أبو حيان‪ ،‬البحر المحيا‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.290‬‬
‫‪6‬‬
‫ةلَّقَ ُك َّن أَن يُ ْب ِدلَهُ أ َ ْو َواجيا ً َخيْيرا ً ِ ّمين ُك َّن ُمسْي ِل َما ٍ رمؤْ ِمنَيا ٍ قَانِتَيا ٍ تَائِبَيا ٍ‬
‫سى َربرهُ ِإن َ‬ ‫ع َ‬ ‫ير * َ‬ ‫ي ِه ت‬ ‫ذَ ِل َك َ‬
‫سا ِئ َحا ٍ ث َ ِيّ َبا ٍ َوأ َ ْب َكارا ً ‪( ‬التحريم‪. 5-1:‬‬ ‫عا ِبدَا ٍ َ‬ ‫َ‬
‫هسا المقطع من اويا الكريمة من سورة التحريم يتناول حيياة النبي ‪ ‬كيزوج‪ ،‬فتيسكر موقفيا ً‬
‫مير بهيا الحيياة الزوجيية في بييد النبيوة‪ ،‬وقيد اشيتما عليى جملية مين اوداب‬ ‫ّ‬ ‫من المواقف الت‬
‫واألحكام‪ ،‬تأديبا ً ألمته‪ ،‬وتعليما ً لها‪ ،‬وتربية لألوواج بما يحق حياة دائمة سعيدة‪.‬‬
‫ويحسن أن أبدأ بسكر سب نـزول هسه اويا ‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬سبب نـزول اآليات‪:‬‬
‫ورد ف سب نـزول هسه اويا ثالثة أسباب أحيدها ضيعيف‪ ،‬وسأقتصير عليى ذكير السيببين‬
‫الصحيحين‪:‬‬
‫الساابب األول‪ :‬مييا أخرجييه البخيياري –واللفييظ لييه‪ -‬ومسييلم‪ 1‬ونيرهمييا عيين عائسيية ‪-‬رضي ي‬
‫عنهييا‪ -‬أن النب ي ‪ ‬كييان يمكييث عنييد وين ي بنييد جحييش‪ ،‬ويسييرب عنييدها عس يالً‪ ،‬فتواص ي ْيد أنييا‬
‫د مغيافير؟ فيدخا عليى‬ ‫أن أيَّت َنا دخا عليها النب ‪ ‬فلتقا‪ :‬إن أجد فيك ريح مغافير‪ 2‬أ َ َك ْلي َ‬ ‫وحفصة َّ‬
‫إحداهما‪ ،‬فقا له ذلك‪ ،‬فقال‪« :‬با شربد عسالً عند وين بند جحيش‪ ،‬ولين أعيود ليه» فنيـزلد ‪‬‬
‫َِ ‪ ‬التحيريم‪ 4 :‬لعائسية وحفصية‪،‬‬ ‫يك ‪ ‬إليى ‪ِ ‬إن تَتُو َبيا ِإلَيى َّ‬ ‫َُ لَ َ‬ ‫َيا أَير َها النَّ ِب ر ِل َم ت ُ َح ِ ّر ُم َما أ َ َحي َّا َّ‬
‫اج ِه َحدِيثا ً ‪ ‬لقوله‪« :‬با شربدُ عسالً»‪.‬‬ ‫ض أ َ ْو َو ِ‬ ‫س َّر النَّبِ ر ِإلَى بَ ْع ِ‬ ‫و‪َ  :‬و ِإ ْذ أ َ َ‬
‫ع ِق َ هسه الرواية مباشيرة أن التي شيرب النبي ‪ ‬عنيدها العسيا‬ ‫وف رواية أخرا للبخاري َ‬
‫حفصة‪ ،‬وأن الالت تواةأن عليه عائسة وسودة وصفية‪ .‬وذكر السيوة ف الدر المنثيور روايية‬
‫عن ابين عبياس ‪ ‬أن التي شيرب النبي ‪ ‬العسيا عنيدها سيودة بنيد ومعية‪ ،‬وأن الالتي تواةيأن‬
‫عليه عائسة وحفصة‪3،‬وف رواية أخرا عن عبيد ي بين رافيع أنهيا أم سيلمة‪ ،‬وأن التي تواةيأ‬
‫‪4‬‬
‫عليه ه عائسة رض ي عنها‪.‬‬
‫السبب ال انف‪ :‬ذكر اإلمام الماوردي ف تفسيره أنها مارية أم إبراهيم‪ ،‬خال بهيا رسيول ي ‪‬‬
‫ف بيد حفصة بند عمير‪ ،‬وقيد خرجيد لزييارة أبيهيا‪ ،‬فلميا عياد وعلميد عتبيد عليى النبي ‪‬‬
‫فحرمهييا علييى نفسييه إرضيياء لحفصيية‪ ،‬وأمرهييا أن تخبيير أحييدا ً ميين نسييائه‪ ،‬فييأخبر بييه عائسيية‬
‫لمصييافاةٍ كانييد بينهمييا‪ ،‬وكانتييا تتظيياهران علييى نسيياء النبي ‪ ‬أي تتعاونييان‪ ،‬فحي ّيرم مارييية وةلي‬

‫‪ 1‬البخاري‪ ،‬أبو عبد ي محمد بن إسيماعيا ‪256‬هيـ ‪ .‬الجاامع الصاحيح‪ .‬بييرو ‪ :‬دار ابين كثيير‪ ،‬اليمامية‪1407 ،‬هيـ=‪1987‬م‪،‬‬
‫كتييياب الطيييال ‪ ،‬بييياب ليييم تحيييرم ميييا أحيييا ي ليييك‪ ،‬حيييديث رقيييم ‪،4966‬ج‪ ،5‬ص‪ .2016‬ومسيييلم‪ ،‬أبيييو الحسيييين مسيييلم بييين‬
‫الحجاج ‪261‬هـ ‪ .‬الجامع الصحيح‪ .‬بيرو ‪ :‬دار إحياء التراا العرب ‪ ،‬كتاب الطال ‪ ،‬باب وجيوب الكفيارة عليى مين حيرم‬
‫امرأته ولم ينو الطال ‪ ،‬د‪ ،. .‬حديث رقم ‪،1474‬ج‪ ،2‬ص‪.1100‬‬
‫ييرفُا ُح ْليييو‪ ،‬وليييه ِريييي تح ِ‬
‫كريهييية ُم ْن َكيييرة‪ .‬انظييير ابييين األثيييير‪ ،‬أبيييو السيييعادا المبيييارو بييين‬ ‫شييي َج ُر العُي ْ‬ ‫‪ 2‬ال َمغَيييافير‪ :‬شييي ء َي ْن َ‬
‫بييي ُحه َ‬
‫محمد ‪606‬هـ ‪ .‬اللهاية فف غريب الحديث واألثر‪ ،‬بيرو ‪ :‬المكتبة العلمية‪1399 ،‬هـ=‪1979‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.703‬‬
‫‪ 3‬السيوة ‪ ،‬أبو الفبا جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكير ‪911‬هيـ ‪ .‬الادر المل اور فاف الت ساير بالماوثور‪ ،‬القياهرة‪ :‬مركيز‬
‫هجر للبحوا والدراسا العربية واإلسالمية‪ ،‬المهندسين‪ ،‬ة ‪1424/1‬هـ=‪2003‬م‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.569‬‬
‫‪ 4‬المرجع الساب ‪،‬ج‪ ،14‬ص‪.569‬‬
‫‪7‬‬
‫ُحيرمهن شيهراً‪،‬‬ ‫حفصة‪ ،‬واعتزل سائر نسيائه تسيعة وعسيرين يومياً‪ ،‬وكيان جعيا عليى نفسيه أن ي ّ‬
‫‪1‬‬
‫فأنـزل ي هسه اوية‪ ،‬فراجع حفصة واستحا مارية وعاد إلى سائر نسائه‪.‬‬
‫المطمب ال انف‪ :‬المشهد الملبور لمحياة البيتية اللبوية‪:‬‬
‫هسه السورة الكريمة تكسف عما ييدور في حيياة النبي ‪ ‬الخاصية في بيتيه‪ ،‬وميا يجيري بينيه‬
‫وبين أوواجه‪ ،‬وهسا من أخص خصائص الحياة الزوجية‪ ،‬لكن األمير في الحيياة الزوجيية النبويية‬
‫مختلفم ألن النب ‪ ‬قدوة وأسوة حسنة‪ ،‬بهداه تهتدي األمة‪ ،‬وعلى خطاه تسيير‪ ،‬و شيك أن هيسا‬
‫المستور في حياتيه بيد ليه وأن يُكسَيف للنياسم حتيى يتعرفيوا عليى حياتيه‪ ،‬ويُسيتَفاد مين ةريقية‬
‫تعامله ‪ ‬مع أوواجه ف تعاما الزوج مع ووجه أو أوواجه‪.‬‬
‫يقييول سيييد قط ي –رحمييه ي‪ :-‬ثييم يجعييا ي حياتييه الخاصيية والعاميية كتاب يا ً مفتوح يا ً ألمتييه‬
‫وللبسرية كلها‪ ،‬تقرأ فيه صور هسه العقيدة‪ ،‬وترا فييه تطبيقاتهيا الواقعيية‪ .‬ومين ثيم يجعيا فيهيا‬
‫سييرا ً مخبييوءاً‪ ،‬و سييترا ً مطوي ياً‪ .‬بييا يعييرض جوان ي كثيييرة منهييا ف ي القييرآن‪ ،‬ويكسييف منهييا مييا‬
‫يطوا عادة عن الناس ف حياة اإلنسان العادي‪ .‬حتى مواضع البعف البسري السي حيلة فييه‬
‫لبسر‪ .‬با إن اإلنسان ليكاد يلمح القصد ف كسف هيسه المواضيع في حيياة الرسيول ‪ ‬للنياس إنيه‬
‫ليس له ف نفسه ش ء خاص‪ .‬فهو لهسه الدعوة كله‪ .‬فعالم يختبئ جان مين حياتيه ‪ ‬أو يخبيأ؟ إن‬
‫حياته ه المسهد المنظور القري الممكن التطبي من هسه العقيدةم وقيد جياء ‪ ‬ليعرضيها للنياس‬
‫‪2‬‬
‫ف شخصه‪ ،‬وف حياته‪ ،‬كما يعرضها بلسانه وتوجيهه‪ .‬ولهسا ُخ ِل ‪ .‬ولهسا جاء‪.‬‬
‫إن هسا الموقف من حياة النبي ‪ ‬يحيدد لنيا المفهيوم الحقيقي الصيحيح لألسيرة‪ ،‬ويكسيف عين‬
‫حقيقة التعاما بين اليزوجين‪ .‬إن التعاميا بيين اليزوجين لييس هدفيه شيهوة قصييرة ومتعية عاجلية‪،‬‬
‫و هو مسرو اقتصادي استهالك مرتبا بمنفعة ك ّا من الزوجين باوخر وقائم عليى المصيالح‬
‫المستركة‪ ،‬متى انقبد تلك المصلحة كان ا نفكاو وا نفصال‪ ،‬و هو مجيرد عواةيف ومييول‬
‫من كال الطرفين لآلخر‪ ،‬وإنما هو بناء ألسرة ممتدة الجسور‪ ،‬ممتيدة الفيرو م جيسورها تعيود إليى‬
‫أول أسرة خلقها ي تعيالى واسيتخلفها عليى هيسه األرض –آدم وحيواء‪ ،-‬التي تفرعيد عنهيا أ ُ َ‬
‫س تير‬
‫بقيد فروعها تمتد وتمتد إلى هيسه اللحظية‪ ،‬و تيزال تمتيد‪ ،‬بيا بيد لهيا أن تبقيى كيسلكم ليتحقي‬
‫مين وجودهييا الهييدف األسيمى ميين وجودهييا علييى هيسه األرض‪ ،‬وهي عمييارة األرض والمحافظيية‬
‫عليها بالكيفية الت أراد ي تعالى لها‪.‬‬
‫صير‬ ‫إن العالم اليوم قد تبدل حاله‪ ،‬وتغير مفهومه الصحيح لألسرة الحقيقة‪ ،‬وإنيك لتيرا َمين قَ َ‬
‫مفهومه لألسرة على المتعة وا ستمتا ‪ ،‬وجعا حظه األوفى منها قبياء شيهوة أو متعية عاجلية‪،‬‬
‫وإن من البسر َمن جعا األسرة مسروعا ً اقتصاديا ً ربحياً‪ ،‬يتاجر ب ِعرضيه ليك ِث ّير ماليه ويسيتثمره‪،‬‬
‫ويزيد من رصيده‪ ،‬وبعبيهم رفيض فكيرة اليزواج مين أصيلها‪ ،‬واسيتعاض عنهيا بفكيرة السيراكة‬
‫والصييداقة‪ ،‬واقتييرن بغيييره ميين نييير ضييوابا أو قييوانين تحكمييه‪ ،‬ونس ي هييؤ ء وأوليييك المقصييد‬

‫‪450‬هيـ ‪ .‬اللكااو والعياو ‪ ،‬بيييرو ‪ :‬دار الكتي العلمييية‪ ،‬مؤسسية الكتي‬


‫‪ 1‬المياوردي‪ ،‬أبييو الحسيين علي بين محمييد بين حبيي‬
‫الثقافية‪ ،‬د‪ ،. .‬ج‪ ،6‬ص‪.39‬‬
‫‪ 2‬قط ‪ ،‬سيد‪ .‬فف ظالل القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.3610-3609‬‬
‫‪8‬‬
‫األسمى السي من أجله ُو ِجدوا‪ ،‬با لم يفكير أحيدهم في ةبيعية خلقيه وتكوينيه وميا اليسي يصيلح ليه‬
‫وما السي يصلح؟ ج ِها هؤ ء جميعا ً أن ي تعالى خل السكر واألنثيى‪ ،‬وأن مين كيال الجنسيين‬
‫تتكون األسرة‪ ،‬وأن هسه األسرة بد أن تكون منببطة ببوابا‪ ،‬ومقيدة بقوانين تحكم سيلوكها‪،‬‬
‫وتنظم حياتها‪ ،‬وأن هسه األسرة لها وييفة وعليها واجبا ‪ ،‬وأن أخص ويائفها أن تحق الخالفية‬
‫على هسه األرض‪ .‬ولهسه الوييفة ُخلقد‪ ،‬ولتحقيقها بد لها أن تعما‪.‬‬
‫إن هسا المفهوم لألسرة ووييفتها ناب عين المجتمعيا نيير اإلسيالمية‪ ،‬بيا ولألسيف أن قيد‬
‫ناب عن بعض المجتمعا اإلسالمية‪.‬‬
‫إن هسا المسهد المنظور من حياته ‪ ‬يكسف لنا عن ةبيعة األسرة عليى صيورتها الصيحيحة‪،‬‬
‫وةبيعة التعاما األسري‪ ،‬وةريي تحقيي ا سيتقرار بيين أفيراد األسيرةم ليتسينى لهيم ا سيتمرار‬
‫على ةري ا ستخالف اليسي أراده ي تعيالى مينهم‪ ،‬فكيان بيد مين تجياوو تليك العقبية الطارئية‬
‫على حياة تلك األسرة‪ ،‬والقيام مين تليك العثيرة‪ ،‬وا سيتمرار في المسيير‪ ،‬فجياء كفيارة اليميين‪،‬‬
‫هسا هو المفهوم الواقع لألسرة الرشيدة‪.‬‬
‫وهسا المسهد الواقع بالنسبة لمعاصريه‪ ،‬والتاريخ بالنسبة لنا‪ ،‬بقي حييا فينيا وفييمن سيبقنا‪،‬‬
‫وسيبقى مسهدا ً حيا فيمن يأت بعدنا‪ ،‬يستفيدون منه اليدروس‪ ،‬ويأخيسون منيه ال ِع َبير‪ ،‬و خيير في‬
‫هسا العالم إن لم يست ِفد ويعتبر‪.‬‬
‫المطمب ال الث‪ :‬الغَ ْيرة داء اللساء‪:‬‬
‫الغَ ْيرة‪ :‬كراهة شركة الغير ف حقه ‪ ،1‬ومنه حديث عائسة ووج النب ‪« :‬أن رسيول ي ‪‬‬
‫خييرج ميين عنييدها ليييالً‪ ،‬قالييد‪ :‬ف ِغير عليييه ‪ ،2»...‬أي أنهييا كرهييد مسيياركة نيرهييا لييه في حبهييا‬
‫واستيثارها به‪ ،‬وكأنها خسيد أن يكيون خروجيه ‪ ‬مين عنيدها لييسه إليى نيرهيا‪ ،‬فوقعيد منهيا‬
‫الغَيْرة‪.‬‬
‫ن ْيييرة الرجييا علييى ووجييه‬ ‫والغَ ْيييرة منهييا مييا هييو محمييود‪ ،‬ومنهييا مييا هييو مييسمومم فميين األول‪َ :‬‬
‫وابنته وأخته‪ ،‬و َمن يغار على عرضه فهو ديّوا‪ ،‬والغيرة ف مثا هيسا تعيدّ مين ليواوم القوامية‬
‫للرجا‪ ،‬وفَ ْقدها يعد عيباً‪.‬‬
‫ومن الثان ‪ :‬الغَيرة المفرةة الت تقع من كثيير مين النسياء أو مين الرجيال‪ ،‬والتي تيؤدي إليى‬
‫الخروج عن ا ستقامة والصواب‪ .‬وعلى العكس تماما ً فإن عدم الغَيْرة أيبا ً مسموم‪.‬‬
‫نيْيرة بعيض النسياء‪ ،‬والغَيْيرة أمير‬ ‫إن من األمراض الت تعتيري الحيياة الزوجيية أحيانيا ً هي َ‬
‫بداخا المرأة أيا كاند‪ ،‬لم تسلم منها ووجا النب ‪ ‬الالتي هين أةهير النسياء‪ ،‬وكيأن بهيا أميرا ً‬
‫ِج ِب ِلّيا مغروس ف فطرة المرأة‪.‬‬

‫‪471‬هـ ‪ .‬التعري ات‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار الكتاب العرب ‪ ،‬ة ‪1405/1‬هـ‪ ،‬ص‪.210‬‬ ‫‪ 1‬الجرجان ‪ ،‬عل بن محمد عل‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬مرجيع سياب ‪ ،‬كتياب صيفا المنيافقين وأحكيامهم‪ ،‬بياب تحيريش السييطان وبعثيه سيراياه لفتنية‬
‫الناس وأن مع كا إنسان قرينا ً‪ ،‬حديث رقم ‪ ،2815‬ج‪ ،4‬ص‪.2168‬‬
‫‪9‬‬
‫لقيد رأينيا نسياء النبي ‪ ‬وقيد أخيس ببعبيهن الغَييرة مأخيسهام فوقيع ميا وقيع مينهن مين تيآمر‬
‫وتواف سوا ًء على مارية أو َمن شيرب النبي ‪ ‬عنيدها العسيا‪ ،‬ثيم تنفييس ميا ات ر ِفي علييه‪ ،‬ثيم كانيد‬
‫حرم النب ‪ ‬بعض ما أحا ي له‪ ،‬وما تاله من نب وقع منه ‪ ‬عليهن‪.‬‬ ‫النتيجة أن َّ‬
‫يقول السييخ محميد الغزالي ‪ :‬وقيد آخيسهن ي بيأمرين معيروفين فيى السييرة‪ :‬األول اتفياقهن‬
‫على مطالبية النبيى ‪ ‬بالمزييد مين النفقية‪ ،‬وضييقهن بالمعيسية الناشيفة التي التزمهيا‪ .‬وقيد رضيين‬
‫جميعا ً بالبقاء معه عندما أكد لهن أنه ما بد من هسه الحيياة لمين يرييد ي ورسيوله واليدار اوخيرة‬
‫أما األمر الثان فإن النب ‪ ‬كان لطيف العسرة لين الجان ‪ ،‬دميث األخيال ‪ ،‬فيأةمع ذليك بعيض‬
‫نسائه ف الجراءة عليه‪ .‬وكاند الغيرة ه السب ‪ ،‬فزعمد إحيداهن أنهيا شيمد منيه رائحية نيير‬
‫ةبيعية‪ ،‬فقال‪ :‬شربدُ عسالً عند وين فقالد‪ :‬لعا نحله وقع على نبا سئ‪ .‬فقال‪ :‬أعيود إلييه‬
‫و تخبري أحداً‪ .‬ثم يهر أن القصة مفتعلة‪ ،‬وأنها ميؤامرة لتزهييده في فالنية ونبي الرسيول‬
‫‪ ‬لما وقع‪ ،‬وهجر نساءه جميعا ً حتى شا أنيه ةلقهين ونيـزلد سيورة التحيريم تطفيئ هيسه الفتنية‬
‫‪1‬‬
‫وتؤدب من أحرج الرسول ‪ ‬وأساء المسلك‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ليسد الغيرة بالس ء الهيّن‪ ،‬إنها قيد تسيو صياحبها إليى سيوء المسيلك‪ .‬إنهيا قيد تسيببد‬
‫ف إصابة البيد النبوي باله ِ ّم وال َحزَ ن‪.‬‬

‫مثار الغَيرة المذمومة ومى الحياة الزوجية‪:‬‬


‫أصييبح بييد ميين التييسكير بييبعض اوثييار التيي تتركهييا الغَيييرة بمعناهييا المييسموم فيي الحييياة‬
‫الزوجية‪:‬‬
‫أولها‪ :‬الغَيرة قد تؤدي بصابحها إلى الحقد‪ ،‬ولعا أسوأ موضو يُثيار أميام الزوجية هيو موضيو‬
‫الزواج‪ ،‬فمن النساء من تغب ويتمعر وجهها‪ ،‬وينتقع لونها عندما يُثيار موضيو اليزواجم‬
‫ألنهييا الغَيييرة‪ ،‬وهييسا األميير يتسييب ف ي نييرس الحقييد ف ي قل ي هييسه الزوجيية علييى ميين تكلييم‬
‫بموضو التعدد ف الزواج أمامها‪ ،‬وقد يؤدي ف النهاية إلى القطيعة وسوء العاقبة‪.‬‬
‫ثانيهيا‪ :‬قيد تتيرو الغَييرة أثيرا ً سيييا ً مين الهييم والغي ِ ّم اليسي يحيدا لليزوجين أو ألحيدهما‪ ،‬وقيد رأينييا‬
‫رسو َل ي ‪ ‬وقد أصابه من اله ّم ما أصابه‪ ،‬وكسلك نسيا َءه الكريميا رضي ي عينهن‪ ،‬وإذا‬
‫كان هسا وقع ف أشرف بيد‪ ،‬وأةهر بيد‪ ،‬ومع خير خل ي ‪ ،‬فمن باب أولى أن يقيع في‬
‫بيو نيره ‪ ،‬فليتنبَّه األوواج إلى ذلك‪ .‬ولك أن تتخيا عندما يقع خالف بيين األوواج كييف‬
‫يكون حالهما‪ ،‬وكيف يكون حال أها ك ٍّا منهما؟ فال يكن ذلك بسب الغيْرة‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬قد تصبح الحياة الزوجية نيير رتيبية ونيير منتظمية‪ ،‬ويتزعيز بناوهيا‪ ،‬وتتخليا أركانهيا‪.‬‬
‫وقد حدا من هسه اوثار ف الحياة الزوجيية النبويية‪ ،‬حييث اعتيزل ‪ ‬نسياءه تسيعا ً وعسيرين‬
‫ليلة‪.‬‬

‫‪ 1‬الغزال ‪ ،‬محمد‪ .‬نحو ت سير موضووف لسور القرم ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار السرو ‪ ،‬ة ‪2000/4‬م‪ ،‬ص‪.468‬‬
‫‪10‬‬
‫روا البخاري عن ابن عباس رض ي عنهما قال‪ :‬لم أول حريصا ً عليى أن أسيال عمير بين‬
‫صيغ ْ‬
‫َد‬ ‫الخطيياب عيين المييرأتين ميين أوواج النبي ‪ ‬اللتييين قييال ي تعييالى‪ِ  :‬إن تَتُو َبييا ِإلَييى َّ‬
‫َِ فَقَي ْد َ‬
‫قُلُوبُ ُك َما ‪(‬التحريم‪ . 4 :‬حتى حح وحججد معه وعدل وعدلد معه بإداوة‪ ،‬فتبرو ثم جاء فسيكبد‬
‫على يديه منها فتوضأ‪ ،‬فقلد له‪ :‬يا أمير المؤمنين من المرأتان مين أوواج النبي ‪ ‬اللتيان قيال ي‬
‫َد قُلُوبُ ُك َمييا ‪‬؟ قييال‪ :‬واعجبيا ً لييك يييا ابيين عبيياس همييا عائسيية‬ ‫ص يغ ْ‬ ‫تعييالى‪ِ  :‬إن تَتُوبَييا ِإلَييى َّ‬
‫َِ فَقَي ْد َ‬
‫وحفصيية‪ ،‬ثييم اسييتقبا عميير الحييديث يسييوقه ‪ 1 ...‬وقييد جيياء فيييه أن نسييان كانييد تعييد العييدة لقتييال‬
‫المسلمين‪ ،‬فجاءه صاحبه وضيرب بابيه ضيربا ً شيديداً‪ ،‬فقيال عمير ‪ :‬أجياء نسيان؟ قيال‪ :‬بيا‬
‫أعظييم ميين ذلييك وأ ْهييول‪ ،‬ةل ي النب ي ‪ ‬نسيياءه‪ .‬وفيييه أيب يا ً أن رسييول ي ‪ ‬اعتييزل نسيياء تسييعا ً‬
‫وعسرين ليلة‪ ،‬وكان قد قال ‪« :‬ما أنا بداخا عليهن شهرا ً» من شدة موجدته عليهن‪.‬‬
‫إنه ألمر عظيم‪ ،‬وكان له و ْقعه على المسلمين‪ ،‬حتى لقد عدّه صاح عمر ‪ ‬أعظيم مين نيزو‬
‫نسان للمسلمين‪ .‬وكان له وقعه على النب ‪‬م حيث وجيد في نفسيه موجيدة شيديدة عليى أوواجيه‪،‬‬
‫وآلى أن يعتزلهن شهراً‪ .‬إنها حياة مبطربة‪ ،‬نير رتيبة و منتظمة‪ .‬والسب األساس اليسي أدا‬
‫إلى الوصول إلى هسه الحال هو الغَيرة‪.‬‬
‫رابعهيا‪ :‬الغيْيرة تفيتح بياب السيك بيين اليزوجين عليى مصيراعيه‪ ،‬وتوقيع األوواج في تخيوين كيا‬
‫منهما لآلخر‪ ،‬ومن ثم تسو إلى سوء ين بعبهما ببعض‪ ،‬وتجسس كا منهميا عليى اوخير‬
‫معنيىم نظيرا ً نعيدام الثقية بيين‬ ‫ً‬ ‫ومتابعة كيا منهميا لآلخير‪ .‬وحينيي ٍس يكيون للحيياة ةعيم و‬
‫الزوجين‪.‬‬
‫خامسييها‪ :‬إن الغَيييرة قييد تييؤدي إلييى ال ِكبيير‪ ،‬وهييو ميين أخطيير األمييراض التي تصييي المسييلمم ألن‬
‫مصير صاحبه إلى النار واستحقا نب ي وسخطه‪ ،‬والغَيْرة من األسيباب المؤديية إلييه‪،‬‬
‫سيما إذا كان الزوج قد عدّد ف الزوجا ‪ ،‬فقد تدفع الغيْرة إحيدا ووجاتيه إليى التعيال عليى‬
‫األخريا والتكبر عليهن‪ ،‬فتقارن بينها وبينهن لتقرر أنها أفبا منهن وأكثير جميا ً أو ميا ً‬
‫أو نيرهييا ميين وجييوه التفبيييا‪ .‬إن الزوجيية بطبعهييا تحي أن تسييتأثر بزوجهييا‪ ،‬و تحي أن‬
‫يسيياركها فيييه أحييد‪ ،‬وإذا تييزوج ووجهييا ميين أخييرا يهيير هييسا المييرض فيهييا وبييان وانكسييف‪،‬‬
‫ولعا هسا األمر قد يهر في قصية نيـزول اوييا ‪ ،‬عنيدما تمياأل ووجتيا النبي ‪ ‬علييه لييالً‬
‫يسرب عسالً عند فالنة‪ ،‬أو أن يطأ فالنة‪ ،‬وكان سببه الغيْرة‪.‬‬
‫عى إلى ا ستيثار بالس ء وعدم مساركة اوخرين فيه‪.‬‬ ‫سادسها‪ :‬الغَيرة أ ْب َعد عن اإليثار‪ ،‬وأ ْد َ‬
‫لهسا كان بد من التنبيه على خطورة الغَيرة المسمومة على الحياة الزوجية‪ ،‬وأنه بيد وأن‬
‫تكون ف حدود المسموه به شرعاًم والحسر من اإلفراة فيها أو التفريا‪.‬‬
‫ولعا من أهم األسباب الت تُظهر الغَيرة عند النساء وتكسفها ه تعيدد الزوجيا ‪ ،‬فيإذا قيدَّر‬
‫تسيلّم ألميره‪ ،‬و‬ ‫ي ‪ ‬للرجا أن يتزوج بأكثر من واحدة‪ ،‬فال بد للزوجة أن ترضى بقيدر ي‪ْ ،‬‬
‫ول ِ‬

‫‪ 1‬البخياري‪ ،‬الجاامع الصاحيح‪ ،‬مرجيع سياب ‪ ،‬كتياب النكياه‪ ،‬بيياب موعظية الرجيا ابنتيه لحيال ووجهيا‪ ،‬حيديث رقييم ‪،4895‬ج‪،5‬‬
‫ص‪.1991‬‬
‫‪11‬‬
‫يرض ي‪ ،‬وعليهيا أن ت ِعي َ أن تعيدد الزوجيا أمير مسيرو ‪،‬‬ ‫تبادر إلى أعمال قد توقعها فيما‬
‫تحرم ما أحا ي‪.‬‬ ‫فال يصح أن ِ ّ‬
‫هسا بيان للتصور اإلسالم حيول الغَييرة بمفهو َميْهيا المقبيول والميردود‪ ،‬و سيواء بيين هيسا‬
‫التصييور الييسي يتواف ي مييع ةبيعيية اإلنسييان‪ ،‬ويبييع العييالج بمييا يتناس ي وهييسه الطبيعيية‪ ،‬وبييين‬
‫التصييور الغربي لهييا‪ .‬ولعييا النيياير في المجتمعييا الغربييية يالحييظ تسييّبا ً واضييحا ً في األسييرة‪،‬‬
‫وخلخلة بينة ألركانها‪ ،‬وانحرافا ً أخالقيا وسلوكيا ً مقيتاً‪ ،‬و تجد تلك الغييرة في تليك المجتمعيا ‪،‬‬
‫فكاند نتيجة ذلك تفكك المجتمع‪ ،‬وتفكك األسرة‪ ،‬وانتسار الفاحسة وحوادا ا نتصاب‪.‬‬
‫إن الغَيْرة وإن كاند مسمومة ف بعض جوانبهيا ً إ أنهيا تحيافظ عليى أركيان األسيرة وبنائهيا‬
‫سلمياً‪ ،‬وتحفظ على المجتمع قِيَمه وأخالقه‪ ،‬ليبقى مجتمعا ً قويا ً متينا ً متماسكاً‪.‬‬
‫سن المعاشرة بين الزوجين‬ ‫المطمب الرابع‪ُ :‬ح ْ‬
‫يلزم ستمرار الحياة الزوجية بين الزوجين أن يكيون بينهميا ُحسين المعاشيرة‪ ،‬وليين الجاني‬
‫والمودة والرحمة والتآلف والمحبة المتبادلة‪ ،‬وهسا ما كان مترجميا ً ترجمية عمليية في حيياة النبي‬
‫‪ ‬مع أوواجه الكرام‪ ،‬فإنك لن تجد الكمال ف حسن المعاملية ‪ -‬أقيول في البييد وحسي ‪ ،‬وإنميا‬
‫ضيا َ‬ ‫مع كا الناس مسلمهم وكافرهم‪ -‬مثا معاملة النب ‪ ،‬وانظير إليى قوليه تعيالى‪ :‬ت َ ْبت َ ِغي َم ْر َ‬
‫اج َك‪( ‬التحريم‪ 1 :‬وتأما هسا التوافي والتنيانم بيين النبي ‪ ‬مين جهية وبيين أوواجيه جميعيا ً‬ ‫أ َ ْو َو ِ‬
‫من جهة أخرا إنه الرضا التام بين األوواج‪ ،‬وهيسا ميا أكدتيه الروايية في سيب النيـزولم حييث‬
‫قال ‪ ‬لحفصة عندما وجد في نفسيها مميا أصياب مين ماريية في بيتهيا –أي في بييد حفصية‪،-‬‬
‫سيؤْ ت َ ِن ‪ ،‬فقيال النبي ّ ‪:‬‬ ‫ونار نَيرة شيديدة‪ ،‬وقيد قاليد ليه‪ :‬قيد رأييدُ َمين كيان عنيدو‪ ،‬وي لقيد ُ‬
‫س ِ ّيريَّت َ‬ ‫احفَ ِظيي ِه» قاليد‪ :‬وميا هيو؟ قيال‪« :‬إنّي أ ُ ْشي ِهد ُو َّ‬
‫أن ُ‬ ‫ضيَنَّ ِك فَإنّ ُمس ِّر إلَي ِْك ِس ًيرا فَ ْ‬
‫ألر ِ‬
‫«ويِ ْ‬
‫ضا لَ ِك»‪ 1.‬فقد كيان ‪ ‬خيير األوواج إليى أوواجهيم‪ ،‬وفي حيديث عائسية رضي‬ ‫ى َح َرا تم ِر ً‬‫علَ َّ‬
‫َه ِس ِه َ‬
‫ي عنهييا عنييد اإلمييام الترمييسي قالييد‪ :‬قييال رسييول ي ‪« :‬خيييركم خيييركم ألهلييه وأنييا خيييركم‬
‫ألهلي ‪2.»...‬وميا ينبغي للرجيا أن يكيون في بيتيه دكتاتورييا ً أو متصيلبا ً عنيد رأيييه‪ ،‬وإنميا يسيياور‬
‫ووجييه‪ ،‬ويسييتمع إليهييا‪ ،‬فلعييا رأيهييا يكييون صييواباً‪ ،‬وقييد كييان ألمنييا خديجيية رض ي ي عنهييا عن يد‬
‫رسول ي ‪ ‬رأي‪.‬‬
‫ثم إن البيو أسرار ينبغ أن تُكسَف‪ ،‬وهسه األسرار درجا ‪ ،‬منها ميا يكيون خاصيا ً بيين‬
‫الزوج وووجه‪ ،‬ثم يتدرج بعد ذلك شييا ً فسيياً‪ ،‬فيع ّم األو د والزوجا األخريا إن كان له أكثير‬
‫من ووجة‪ .‬وإفساء األسرار ف الحياة الزوجية يعما على تفكك األسرة‪ ،‬ويتسب ف إيجاد شرخ‬
‫بييين األوواج قييد يييـزداد ِحييدة حتييى يصييا األميير إلييى الطييال م فييال بييد ميين الحفيياي علييى األسييرة‬
‫أسير النبي‬ ‫مترابطة متماسكة بحفظ أسرارها‪ .‬وقد رأينا ماذا حدا ف البيد النبوي الكريم عندما ّ‬

‫‪310‬هـ ‪ .‬جامع البيا ون توويف مي القرم ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ة ‪1420/1‬هـ=‪2000‬م‪،‬‬ ‫‪ 1‬الطبري‪ ،‬أبو جعفر محمد بن جرير‬
‫ج‪ ،23‬ص‪.477‬‬
‫‪ 2‬الترمسي‪ ،‬أبو عيسى محمد بن عيسى ‪269‬هـ ‪ .‬الجامع الصحيح‪ .‬بيرو ‪ :‬دار إحياء التراا العربي ‪ ،‬د‪ ،. .‬كتياب المناقي ‪،‬‬
‫باب فبا أوواج النب ‪ ،‬حديث رقم ‪ ،3895‬ج‪ ،5‬ص‪ .709‬قال أبو عيسى‪ :‬هسا حديث حسن نري صحيح‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ ‬إلى بعض أوواجه حديثا ً خاصا ً بينه وبينها‪ ،‬وأمرها أ تخبر به أحداً‪ ،‬لكنهيا أخبير بيه بعيض‬
‫نسييائه ‪ ،‬وأ ْفسييد سي ّير رسييول ي ‪ ،‬فأةلعييه ي عليييه‪ ،‬وحييدا بعييدها مييا حييدا ميين المقاةعيية‬
‫لنسييائه‪ ،‬واعتزالييه لهيين‪ ،‬حتييى لقييد قيييا‪ :‬إنييه ةلي نسيياءه‪ .‬ثييم رجعييد –برحميية ميين ي‪ -‬العالقييا‬
‫الزوجية ف بيد النبوة إليى ةبيعتهيا بعيدما نيـزل الحكيم اإللهي حيال لهيسه المسيكلة‪ ،‬وليكيون هيسا‬
‫الحكم ساريا ً ف كا بيد من بيو المسلمين بعد‪.‬‬
‫أين المجتمعا اإلسالمية اليوم من هيسه األخيال الكريمية؟ وأيين المجتمعيا الغربيية التي‬
‫معلّيم البسيرية‬ ‫تتغنى بالحرية وتتسيد بالديمقراةيية مين هيسه المعاملية الزوجيية الفرييدة في بييد ِ‬
‫كثيير مين مثيا هيسه اوداب‬ ‫ٍ‬ ‫ومؤدِّب اإلنسانية؟ إن الحياة الزوجية ف مجتمعيا الييوم تفتقير إليى‬
‫واألخال ‪ ،‬با تكياد المجتمعيا الغربيية ونيرهيا مين المجتمعيا نيير اإلسيالمية تخليو مين أدب‬
‫التسييامح والتواصييا والتالةييف بييين الييزوجين‪ ،‬لكيين المجتمييع اإلسييالم األصيييا يتمسييك ب ِق َيمييه‬
‫وأخالقه‪ ،‬ويتقل بين القرآن والسنة ف استلهام اوداب والفبائا‪ ،‬ويجعلهميا حيدوده التي تحمييه‬
‫من الزيف وا نحراف‪ ،‬وتحفظه من األمراض الت تهدم بناء األسرة‪ ،‬وتفتك بكيان المجتمع‪.‬‬
‫إن األميية اإلسييالمية اليييوم قييد آن لهييا تعييود إلييى هويتهييا اإلسييالمية األصيييلة‪ ،‬بعييدما رأ بييأم‬
‫تنتم ي إلييى دييين‪ ،‬وشيياهد التفكييك والقطيعيية ف ي بنيياء تلييك‬ ‫عينهييا مييا ح ي ّا بالمجتمعييا الت ي‬
‫المجتمعا م ألنها لم تُبنَ على أساس متين‪ ،‬فساء بناوهيا‪ ،‬وليم تيأ ِ بنتياجٍ ةيي ‪ ،‬ألن األسيرة فييه‬
‫افتقد ج َّا مقوما األسرة الروحانية والعاةفية‪ ،‬وأصبحد الصلة الت تربا بناء األسرة وتسيد‬
‫أركانها قائمة على المصالح المادية‪ ،‬فكان ما كان فيها من تسرذم من جهية‪ ،‬وتسيير وإباحيية و‬
‫مبا ة من جهة ثانية‪.‬‬
‫إذن ُح ْسيين المعاشييرة بييين الييزوجين يقتب ي أن تُبنَييى العالقيية بينهمييا علييى التسييامح والمحبيية‬
‫والرحمة‪ ،‬وأن يحفظ ك اا اوخر حاضرا ً ونائباً‪ ،‬وأن يتأدب الزوجيان بياوداب السيامية‪ ،‬ويتخلَّقيوا‬
‫باألخال الفاضلة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المبحث ال انف‪ :‬ص ات الزوجة الصالحة ونماذج من اللساء كما فف السورة‪.‬‬
‫الزوجة الصالحة سب من أسباب السعادة ف الدارين‪ ،‬إذا نظر إليها ووجهيا دخليه السيرور‪،‬‬
‫وشييعر باألمييان والسييكينة‪ ،‬وه ي عييون لييه علييى ةاعيية ي‪ .‬وقييد ذكيير سييورة التحييريم جوامييع‬
‫الصفا للزوجية الصيالحة نستعرضيها في هيسا المبحيث‪ ،‬وذكير لنيا نمياذج مين التياريخ لنسياء‬
‫مؤمنا ‪ ،‬ونساء كافرا ‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬ص ات الزوجة الصالحة‬
‫األسرة ل ِبنَة من لَ ِبنا المجتمع‪ ،‬عليها يقوم بناوه‪ ،‬ويستوي على أركانه‪ ،‬فال بد أن تكيون هيسه‬
‫األسرة سليمة األركان‪ ،‬متينة البنيان‪ ،‬وهسا يستلزم أن تكون ل ِبناتهيا صيالحة قويية لتكيون ثمراتهيا‬
‫نافعة بهية‪.‬‬
‫إن الزوج إذا أراد أن يُ ْقدِم على الزواج كان أماميه اختيياران‪ :‬إميا أن يختيار ووجية ذا ميال‬
‫س وجمال ونير ذلك من الصفا ‪ ،‬يت َّ ِبع ف ذلك هواه‪ ،‬ويجعا مييزان اليدِّين جانبيا ً‬ ‫س ونَ َ‬ ‫و َح َ‬
‫يح ُكييم ل يه إرادة‪ ،‬و يسييتأنس بييه في اختيييار‪ ،‬وإمييا أن يختييار ووجيية علييى أسيياس الييدين‪ ،‬علييى‬
‫ي الفريقين أح بالسعادة وأهدا سبيال؟ لسا فإن اإلسالم م ّهيد الطريي‬ ‫مقياس الهوا والمزاج‪ .‬فأ ّ‬
‫أمام السالكين وخيّرهم‪ ،‬وف هسه السورة الكريمة وضيع بيين أييدينا هيدايا هي صيفا للزوجية‬
‫الصيالحة‪ ،‬تجميع في تلييك الهيدايا صيفا ٍ في المييرأة التي سيتكون ووجيةم منهييا ميا هي عقدييية‬
‫وفكرييية‪ ،‬ومنهييا مييا ه ي تعبدييية وعملييية‪ ،‬ومنهييا مييا ه ي ِخ ْل ِقيّيية تعييود إلييى ةبيعيية المييرأة وبُنيتهييا‬
‫الجسمية‪ .‬وهسه وقفة مع هسه الصفا الت ورد ف هسه السيورة الكريمية‪ ،‬والتي أجملتهيا اويية‬
‫ين أَن يُ ْب ِدلَيهُ أ َ ْو َواجيا ً َخيْيرا ً ِ ّمين ُك َّن ُمسْي ِل َما ٍ رمؤْ ِمنَيا ٍ قَا ِنتَيا ٍ تَا ِئ َبيا ٍ‬
‫ةلَّقَ ُك َّ‬
‫سى َربريهُ ِإن َ‬
‫ع َ‬
‫الكريمة‪َ  :‬‬
‫سائِ َحا ٍ ث َ ِيّبَا ٍ َوأ َ ْب َكارا ً‪( ‬التحريم‪: 5 :‬‬ ‫عا ِبدَا ٍ َ‬
‫َ‬
‫أوالً‪ :‬مسممات‪:‬‬
‫هيييسه أول صيييفة مييين صيييفا الزوجييية الصيييالحة‪ ،‬أنهيييا مسيييلمة‪ ،‬واإلسيييالم يقتبييي التسيييليم‬
‫والخبو وا نقيياد ألوامير ي ‪ ‬وتكليفاتيه‪ ،‬وهيسا مين أهيم األسيس التي تجعيا الحيياة الزوجيية‬
‫أكثر استقراراًم ألن الزوجة إذا خبعد ألمر ي‪ ،‬وعلمد ما لها وما عليها –كسلك الزوج‪ -‬أثمير‬
‫هسا ا نقياد استقرارا ً ف بييد الزوجيية‪ ،‬يسيوده الرضيا والتيآلف والمحبية‪ ،‬ومين هنيا نيدرو ميدا‬
‫بغيض النظير عين جمالهيا أو‬ ‫ِّ‬ ‫عناية اإلسيالم في حثيه عليى اختييار الزوجية الصيالحة ذا اليدين‪،‬‬
‫حسييبها ونسييبها أو مالهييام ألن السييعادة تييأت بالمييال وحييده ‪ ،‬و بالجمييال وحييده‪ ،‬و بالحس ي‬
‫والنس وحيده كميا يعتقيد كثيير مين النياس‪ ،‬وإنميا تحصيا السيعادة بوجيود اليدين أو ً‪ ،‬فيإن كانيد‬
‫الزوجة ذا دين وجمال فسلك أفبا‪ ،‬وإن واد الميال والحسي والنسي فيسلك خيير كثيير‪ .‬ولهيسا‬
‫شواهد من الحياة عند بعض األوواج تؤكده‪ ،‬فكم من ووج تزوج ألجا الجمال فكانيد نهايية ذليك‬
‫الزواج الطال وكسا َمن تزوج ألجا المال أو الحس والنس ‪ ،‬أو ألجا عرض دنيوي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫لقد نبه القرآن الكريم األوواج إلى هسه الصفة مبدأً‪ ،‬حفايا ً على بيد الزوجية من ا نهييار أو‬
‫التلف‪ ،‬وهسا يتبمن جانبا ً تربويا ً عمليا ً لببا السلوو والحفياي عليى األعميال واألفعيال صيالحة‬
‫مستقيمة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مؤملات‪:‬‬
‫اإليمان‪ :‬هو التصدي بالقلي ‪ ،‬فهيو أمير يخيتص با عتقياد‪ ،‬وهيو خيالف اإلسيالم اليسي يعني‬
‫الخبو وا نقياد‪.‬‬
‫واإليمان إذا خالا القل انعكسد آثاره عليى الجيواره‪ ،‬فحسيند األعميال‪ ،‬واسيتقام السيلوو‪،‬‬
‫وسلمد السرائر من األحقياد والبيغائن والحسيد والغيا‪ ،‬وأصيبح الميؤمن الحي مثيا ً بيه يُحتيسَا‬
‫ويُقتَييدا‪ .‬وهييسا لييه أثييره ف ي بيييد الزوجييية‪ ،‬فصييفة اإليمييان بجان ي صييفة اإلسييالم بهمييا يتحق ي‬
‫ا نبباة وا ستقامة وصاله الحال وهدوء البال‪.‬‬
‫فيربَّ‬
‫ولعا من أهم ما يثمره اإليميان في حيياة اليزوجين الرضيا بميا قبيى ي تعيالى وقيدّر‪ُ ،‬‬
‫ص ي ِ أحييد الييزوجين علييى اوخيير‪ ،‬وهييسا ميين شييأنه أن يجعييا الحييياة بييين الييزوجين‬ ‫وواج ت ي ّم بغ ْ‬
‫مستحيلة أو شبه مستحيلة‪ ،‬فإذا ُو ِجيد اإليميان عنيد اليزوجين أورثهيم الرضيا‪ ،‬وعلميا أن وواجهميا‬
‫بقباء من ي وقدر‪ ،‬فيقع التسليم بسلك‪.‬‬
‫ومين ثمييرا هيسه الصييفة تحصيين المييرأة يياهرا ً وباةنياً‪ ،‬ومين هنييا نبيه القييرآن الكيريم إليهييا‬
‫لتتصف بها المرأة‪ ،‬وإلى أن يأخسها الزوج بعين ا عتبيار في الزوجية التي يختيار بجاني صيفة‬
‫اإلسالمم ألن اإليمان مانع عن كا معصية‪ ،‬مح ِفّز لعما كا ةاعة‪.‬‬
‫إن أهم األسباب الت تؤدي إليى وقيو المسياكا والخالفيا في الحيياة الزوجيية هي ضيعف‬
‫اإليمان‪ ،‬مما يؤدي إلى تجاوو الحدود الت حددها السر لألوواج‪ ،‬ووقو المخالفة وا ختالف‪،‬‬
‫ووجود اإليمان يمنع وقو ذلك‪.‬‬
‫إن الناير إلى المجتمعا اإلسالمية اليوم يرا نياب مفهوم اإليمان واإلسالم عين كثيير مين‬
‫ص َر مفهومه فقا على بعض السعائر الدينية من صيالة وصييام وصيدقة وحيح‬ ‫األسر المسلمة‪ ،‬وق ْ‬
‫ونسك ونيرها‪ ،‬وناب عن هؤ ء مفهوم التربية وآداب المعاملة و ُحسْن المعاشرة‪ ،‬وهيسا انعكيس‬
‫سلبا ً على تلك األسر‪ ،‬فوقعد فيها المساكا والخالفا ‪ ،‬وساء فيها األخال ‪ ،‬وتمزقد أركانهيا‪،‬‬
‫وأصييبح كي را فييرد ميين أفييراد تلييك األسيير‪ ،‬فاقييدا ً روابييا المييودة والقرابيية‪ ،‬منطوييا ً علييى نفسييه كييأن‬
‫اوخرين من أفراد أسرته يعنونه بس ء‪.‬‬
‫هسا على مستوا األسر ف المجتمعا المسلمة‪ ،‬أما المجتمعا الكيافرة فقيد نياب عنهيا هيسا‬
‫المفهيييوم بالكليييية‪ ،‬يبيييبطها ضيييابا‪ ،‬و يحكمهيييا ضيييمير‪ .‬فغيييياب المفهيييوم الحقيقييي ل يميييان‬
‫واإلسييالم مييؤذِن بخييراب البيييو واألسيير‪ ،‬ودمييار المجتمعييا ‪ ،‬ووجييوده يحق ي التييرابا والمييودة‬
‫والتآلف‪ ،‬ويؤدي إلى السعادة الدائمة على مستوا األوواج واألسر والمجتمعا عامة‪ ،‬ومين هنيا‬
‫كان أول صفة ف الزوجة ه اإلسالم واإليمان‪.‬‬
‫ثال اً‪ :‬قانتات‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫معيان‪ :‬اإلمسياو عين الكيالم‬‫ٍ‬ ‫معنى قانتا ‪ :‬أي ةائعا هلل‪1،‬والقنو ف اللغة يطل ويراد بيه‬
‫أو السييكو ‪ ،‬والييدعاء والخسييو واإلقييرار بالعبودييية‪ ،‬والطاعيية‪ ،‬والقيييام وإةاليية القيييام‪ ،‬ويقييال‬
‫أقر أي سيكند وانقياد ‪2.‬وييتم تحدييد هيسه المعيان حسي‬ ‫للمصل قاند‪ ،‬وقنتد المرأة لبعلها‪َّ :‬‬
‫السيا السي ورد فيه‪ ،‬وقد ورد ف هسا السيا السي ف سورة التحريم عامة تسيما كيا هيسه‬
‫المعان م فيال بيد أن تكيون الزوجية ذا لسيان جمييا‪ ،‬ينطي بعيسب الكيالم وأحسينه‪ ،‬ممسيكة عين‬
‫مقيرة ليه بالعبوديية‪،‬‬
‫الكالم الفاحش البسيء‪ ،‬وعن الغيبة والنميمة‪ ،‬ساكتة عن الثرثيرة‪ ،‬خاشيعة هلل ّ‬
‫منقادة ليه بالطاعية‪ ،‬قائمية عليى صيالتها ودعائهيا‪ ،‬مطيعية لزوجهيا منقيادة ليه‪ .‬هيسه الزوجية التي‬
‫توافر فيها هسه المعان ه الزوجة الصالحة المرضية‪ ،‬الت تنبن بها أسيرة سيليمة متينية‪ .‬أميا‬
‫تتسييم بالصيياله‪ ،‬و‬ ‫الزوجيية التي تكييون خييالف هييسه المعييان ‪ ،‬و تتييوافر فيهييا هييسه الصييفا‬
‫يمكيين ألسييرة صييالحة أن تنبن ي علييى مثييا هييسه الزوجيية‪ ،‬ولهييسا ينبغ ي للرجييا الييسي يُق يدِم علييى‬
‫مسييرو الييزواج أن يتخييير ميين النسيياء مييا كانييد قييد تربّييد في بيتهييا علييى هييسه اوداب الصييالحة‬
‫والمبادئ السامية‪.‬‬
‫ثال اً‪ :‬تائبات‪:‬‬
‫التوب‪ :‬ترو السن على أجما الوجوه‪ ،‬وهو أبليف وجيوه ا عتيسار‪ ،‬فيإن ا عتيسار عليى ثالثية‬
‫أوجه‪ :‬إما أن يقول المعتسِر‪ :‬لم أفعا‪ ،‬أو يقول‪ :‬فعلدُ ألجا كسا‪ ،‬أو فعلدُ وأسأ وقد أقلعيدُ ‪ ،‬و‬
‫رابع لسلك‪ ،‬وهسا األخير هو التوبة‪ ،‬والتوبة ف السر ترو السن لقُبحه والندم على ما فرة منيه‬
‫والعزيمة على ترو المعاودة وتدارو ما أمكنه أن يُتيدارو مين األعميال باإلعيادة‪ ،‬فمتيى اجتمعيد‬
‫ا التوبة‪3.‬وهسا لعمري مبدأ أساس مين المبيادئ التي تقيوم عليهيا الحيياة‬ ‫هسه األربع فقد َك ُما شرائ ُ‬
‫الزوجية‪ ،‬إذ هو خا الرجو عن الخطيأ اليسي يطيرأ عليى حيياة اليزوجين‪ ،‬وهيو السيبيا األفبيا‬
‫لعود المياه إلى مجاريها‪ ،‬فإنه قد يحدا ف الحياة الزوجية ما يع ّكر صفوها من منغصا الحياة‪،‬‬
‫وقد حدا هسا ف بيد النبوة كما في سيورة التحيريم‪ ،‬فلميا وقعيد المكاشيفة وا عتيراف بالخطيأ‪،‬‬
‫وكان الرجو عن ذلك الخطأ كاند استقامد الحيياة في بييد الزوجيية‪ .‬فلييس مين العيي أن يقيع‬
‫الزوج أو الزوجة ف الخطأ‪ ،‬ولكن العي أن يستمر ف خطيه و يرجع عنه‪.‬‬
‫إن هييسه الصييفة تربّ ي الييزوجين علييى الصييراحة والمكاشييفة‪ ،‬وتييزر ف ي نفس ييْهما التواضييع‬
‫وخبو ك ٍّا منهما لآلخر‪ ،‬والمرونة ف التعاما‪ ،‬وتستبق على ذلكم الربياة موصيو ً‪ ،‬محافَظيا ً‬
‫عليه‪ ،‬ليتولد عنه المودة والرحمة‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬وابدات‪:‬‬

‫‪ 1‬الطبري‪ ،‬جامع البيا ون توويف مي القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،23‬ص‪.489‬‬


‫‪ 2‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم ‪711‬هـ ‪ .‬لسا العر ‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار صادر ‪ ،‬ة ‪ /1‬د‪ ،. .‬ج‪ ،2‬ص‪ ،73‬مادة «قند»‪.‬‬
‫‪ 3‬األصفهان ‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد ‪502‬هـ ‪ .‬الم ردات فف غريب القرم ‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباو‪ ،‬د‪ ،. .‬ص‪.98‬‬
‫‪16‬‬
‫العبودييية مرتبيية عالييية ومنزليية سييامية يصييا إليهييا ميين عبيياده إ َميين أراد ي بييه خيييراً‪،‬‬
‫وأصا العبودية الخبو والتسلا‪ 1 ،‬والعبودية إيهار التسلا‪ ،‬والعبادة أبليف منهيام ألنهيا نايية‬
‫‪2‬‬
‫التسلا و يستحقها إ من له ناية اإلفبال وهو ي تعالى‪.‬‬
‫وإذا كاند العبادة تعن الطاعة والتسلا فإن هسا معناها أن كا واحد من الزوجين سوف يقيوم‬
‫بما عليه من واجبا ومسيوليا ‪ ،‬ويعرف ما عليه من حقيو تجياه اوخير‪ ،‬والتزاميه بهيسا يحقي‬
‫األلفة والمحبة بين الزوجين‪ ،‬ويديم العسرة بينهما‪.‬‬
‫إن اتصيياف الييزوجين بهييسه الصييفة يجعلهمييا خاضييعين ألميير ي متييسللين لييه‪ ،‬ممييا يجعلهييا‬
‫مسيتقيمين عليى مينهح ي‪ ،‬قييائمين عليى حيدوده‪ ،‬حييافظين لبيتهميا‪ ،‬عياملين علييى خدمية كيا واحييد‬
‫منهما لآلخر بما يرض ي‪ ،‬وهسا يترو أثرا ً على استقامة الحياة الزوجية وديمومتها‪.‬‬
‫بييد منهييا في الحييياة‬ ‫ومييا أجمييا مييا يحملييه لفييظ «العبودييية» ميين معييان ‪ ،‬تلييك المعييان التي‬
‫الزوجيةم أن يكون ك اا منهما متسلا لآلخر‪ ،‬خاضع له‪ ،‬حتيى تسيتقيم حياتهميا عليى الحي ‪ ،‬ويُنتِجيا‬
‫ذرية صالحة مباركة ةيبة‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬سائحات‪:‬‬
‫معنييى سييائحا ‪ :‬أي صييائما ‪ ،‬وسييم الصييائم سييائحا ً ألنييه كالسييائح ف ي السييفر بغييير واد‪،‬‬
‫وأصا السياحة ا ستمرار عليى اليسهاب في األرض كالمياء اليسي يسييح‪ ،‬والصيائم مسيتمر عليى‬
‫سِياحةُ السهاب ف األَرض للعبيادة‬ ‫فعا الطاعة وترو المستهى‪ ،‬وهو األكا والسرب والوقا ‪3.‬وال ّ‬
‫َّ ر ‪4‬‬
‫والت َره ‪.‬‬
‫بيد أن تكيون متحققية في كيال اليزوجين‪ ،‬والصيوم ِوجياء‪ ،‬يحيبس صياحبه عين‬ ‫هسه المعان‬
‫الوقو ف اإلثم والمعصية‪ ،‬وهو مما تستد الحاجة إليه في الحيياة الزوجييةم ألن المعاصي تفسيد‬
‫ُودَّها‪ ،‬وتع ِ ّكر صفوها‪ ،‬والصوم يحج هسه المعاص ‪.‬‬
‫إن شيييأن الصيييوم عظييييم‪ ،‬إذ يعميييا عليييى تهيييسي الحيييياة الزوجيييية‪ ،‬والمواونييية بيييين الماديييية‬
‫والروحانية‪ ،‬ولسلك كان وصف اوية الكريمة من سورة التحريم للزوجة بهسه الصفة لما فيها مين‬
‫كبح السهوة‪ ،‬واإلقبال على الطاعة‪ ،‬ولهسا قال ابين حجير‪ :‬إن المطليوب مين الصيوم في األصيا‬
‫كسر السهوة‪5 .‬ومتى ُكسِير السيهوة التي هي أهيم ميداخا السييطان عليى اإلنسيان كيان اإلقبيال‬
‫على الطاعة‪ ،‬ومتى كان بيد الزوجية قائما ً على ةاعة ي‪ ،‬بعيدا ً عن معصييته اجتنبيه السييطان‪،‬‬
‫وساده األمن واألمان‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬ثيبات وأبكاراً‪:‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪ ،‬لسا العر ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.273‬‬


‫‪ 2‬األصفهان ‪ ،‬الم ردات فف غريب القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ص‪.415‬‬
‫‪ 3‬الماوردي‪ ،‬اللكو والعيو ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.42‬‬
‫‪ 4‬ابن منظور‪ ،‬لسا العر ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.492‬‬
‫‪ 5‬العسييقالن ‪ ،‬أبييو الفبييا أحمييد بيين عل ي بيين حجيير ‪852‬هييـ ‪ .‬فااتح الباااري شاارح صااحيح الب اااري‪ ،‬بيييرو ‪ :‬دار المعرفيية‪،‬‬
‫‪1379‬هـ‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.110‬‬
‫‪17‬‬
‫هاتان الصفتان ذ ُ ِكرتا تعقيبا ً على ما حدا ف الحياة الزوجيية في بييد النبيوةم بيأن ي تعيالى‬
‫سييوف يبييدل نبيييه ‪ ‬بزوجييا تكييون فيييهن تلييك الصييفا سييالفة الييسكر‪ ،‬بجاني هيياتين الصييفتين ‪-‬‬
‫الثيوبة والبكارة‪ -‬على نحو ما كاند عليه نساوه ‪ ،‬وهسا سيوف يقيع فيميا ليو خالفنيه ‪ ‬أو تحيالفن‬
‫وتواةأن عليه‪ ،‬أ َّميا وقيد تابيد نسياوه ‪ ‬ورجعين عميا فعلنيه فيال شيك أن أمير الحيياة سييعود عليى‬
‫وضعه الطبيع من ا ستقامة و ُحسْن الحال‪ ،‬وهو ما وقع فعالً‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن المقبلين من الرجال على الزواج يختلفون باختالف أحوالهم‪ ،‬إذ منهم البكير‪ ،‬ومينهم‬
‫الثي ‪ ،‬ومنهم الساب‪ ،‬ومنهم َمن تقدمد به السن‪ ،‬واختالف أحوالهم هسه يتم بنيا ًء عليهيا اخيتالفهم‬
‫ف وجهاتهم عند اختيارهم للزوجا ‪ ،‬وكا واحد منهم يختار ما يناس حاله‪ ،‬وهي ميا جير بيه‬
‫على سبيا اإللزام‪.‬‬ ‫العادا ف بعض المجتمعا‬
‫ولعا من المالحظ أن النسبة األكبر من الرجال السين تقدمد بهم السن وقد سيب لهيم اليزواج‬
‫فإن أحدهم يتقدم من الزواج بالثيبا م ألن شعورا ً داخليا ً ينتابه أن هسا هو األنسي لحاليه واألليي‬
‫به‪ ،‬بخالف الساب فإنه يتقدم للزواج من البكرم لسعوره بيأن هيسا هيو األليي بيه واألنسي لحاليه‪،‬‬
‫ولسلك قال ‪ ‬لجابر بن عبد ي ‪-‬فيما يرويه البخاري‪ -‬وقد كان حديث عهيد بعيرس‪« :‬أتزوجيد»؟‬
‫قلد‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪« :‬أ ِبكرا ً أم ثيبا ً»؟ قال‪ :‬قلد‪ :‬با ثيبا ً‪ .‬قيال‪« :‬فهيال بكيرا ً تالعبهيا وتالعبيك»‪ 1.‬فهيسه‬
‫المالةفة النبوية لهيسا الصيحاب الجلييا جياء ِل َميا رأا النبي ‪ ‬مين حاليه‪ ،‬فكيان األنسي ليه أن‬
‫يتزوج بكرا ً ثيباً‪.‬‬
‫وعلى كا حال فإن األحوال تختلف عند المقبلين للزواج‪ ،‬وقيد أثبتيد التجيارب أن بعيض مين‬
‫تقدمد بهم السن تزوج من بكر حديثة السن‪ ،‬فكاند نتيجة ذلك الزواج سيية‪.‬‬
‫وقد رأينا كسلك من فَقَد ووجته وله منها أةفال‪ ،‬فتزوج من فتياة حديثية السين‪ ،‬فكانيد النتيجية‬
‫سيية كسلك‪.‬‬
‫إن العاقا يعات من كان ف الستينا من عمره إذا تزوج فتاة في العسيرينا مين عمرهيام‬
‫ألن ثييي َّم بي ْييون شاسيييع بينهميييا مييين حييييث ةبيعييية التفكيييير واإلدراو‪ ،‬ومييين حييييث البنيييية الجسيييدية‪،‬‬
‫ومتطلبا المعاشرة‪ ،‬ومن حيث السكا والمبمون‪.‬‬
‫أقولها اعتراضا ً على ما شرعه ي تعالى –فمعاذ ي أن أعترض له على حكم‪-‬‬ ‫هسه حقائ‬
‫ولكن مين خيالل فهمي لحكيم ي تعيالى بيأن المماثلية والمقاربية بيين اليزوجين أدوم للعسيرة‪ ،‬وإن‬
‫كان الكا جائزا ً –وي أعلم‪.-‬‬
‫إذن هسه صفا الزوجة الصالحة الت يمكن أن نبنى من خاللها مجتمعا ً سليماً‪ ،‬وه صيفا‬
‫كمييا رأينييا ميين جوامييع الصييفا الت ي تبن ي السخصييية المسييلمة الصييالحة ي ياهرا ً وباةنييا‪ ،‬وه ي‬
‫الخل ِقيّة‪.‬‬
‫صفا منها العقدية‪ ،‬ومنها التعبدية‪ ،‬ومنها ِ‬

‫‪ 1‬البخيياري‪ ،‬الجااامع الصااحيح‪ ،‬مرجييع سيياب ‪ ،‬كتيياب النك ياه‪ ،‬بيياب تسييتحد المغيبيية وتمتسييا السييعثة‪ ،‬حييديث رقييم‪ ،4949‬ج‪،5‬‬
‫ص‪.2009‬‬
‫‪18‬‬
‫ويحسيين هنييا أن أنقييا كلميية لسيييد قطي –رحمييه ي‪ -‬في هييسا المبييمار إذ يقييول‪ .. :‬ويتعييين‬
‫حيني ٍس على من يريد أن ينسئ بيتا ً مسلما ً أن يبحيث أو ً عين حارسية للقلعية‪ ،‬تسيتمد تصيورها مين‬
‫تصيوره هييو‪ ،‬ميين اإلسييالم‪ ،‬وسيبييح في هيسا بأشييياء‪ :‬سيبييح با لتمييا الكيياذب في المييرأة‪،‬‬
‫سيبح بخبراء الدمن‪ ،‬سيبح بالمظهر البرا للجيف الطافية على وجيه المجتميع‪ ،‬ليبحيث‬
‫‪1‬‬
‫عن ذا الدين‪ ،‬الت تعينه على بناء بيد مسلم‪ ،‬وعلى إنساء قلعة مسلمة‪.‬‬
‫المطمب ال انف‪ :‬نماذج من اللساء فف سورة التحريم‬
‫ذكير السيورة نميوذجين مين النسياء في التياريخ‪ ،‬نموذجيا ً ضيربه ي تعيالى ميثالً للكيافرين‪،‬‬
‫واوخيير ضييربه ي مييثالً للمييؤمنين‪ ،‬وكييال النمييوذجين يمييثالن جانبييا ً مهمييا ً ميين جوانيي الحييياة‬
‫الزوجية‪ ،‬ولهما عالقة وةيدة الصلة بالحياة الزوجية ف بيد النبوة‪.‬‬
‫ع ْبدَي ِْن ِم ْن ِع َبا ِدنَا‬
‫د َ‬ ‫َُ َمثَالً ِلّلَّسِينَ َكفَ ُروا ا ِْم َرأَة َ نُوهٍ َوا ِْم َرأَة َ لُوةٍ َكانَتَا ت َ ْح َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ض َر َ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َُ َميثَالً‬ ‫ب َّ‬‫ض َير َ‬‫َّاخلِينَ * َو َ‬ ‫شيْيا ً َوقِي َا ا ْد ُخيالَ النَّيا َر َمي َع الد ِ‬‫َِ َ‬ ‫ع ْن ُه َما ِمنَ َّ‬ ‫صا ِل َحي ِْن فَخَانَتَا ُه َما فَلَ ْم يُ ْغنِيَا َ‬
‫َ‬
‫ع َم ِلي ِه‬ ‫ْين ِلي ِعنيدَ َو َبيْتيا ً ِفي ْال َجنَّي ِة َونَ ِ ّج ِني ِمين ِف ْر َ‬
‫ع ْيونَ َو َ‬ ‫د َربّ ِ اب ِ‬ ‫ع ْونَ ِإ ْذ قَالَ ْ‬ ‫ِلّلَّسِينَ آ َمنُوا ا ِْم َرأَة َ ِف ْر َ‬
‫وحنَييا‬ ‫َد فَ ْر َج َهييا فَنَفَ ْخنَييا فِي ي ِه ِم ين رر ِ‬ ‫يد ِع ْمي َيرانَ الَّتِ ي أ َ ْح َ‬
‫ص ين ْ‬ ‫َونَ ِ ّجنِ ي ِميينَ ْالقَي ْيو ِم َّ‬
‫الظييا ِل ِمينَ * َو َم ْريَ َم ا ْبنَي َ‬
‫َد ِمنَ ْالقَا ِنتِينَ ‪( ‬التحريم‪. 12-10 :‬‬ ‫د ِب َك ِل َما ِ َر ِبّ َها َو ُكت ُ ِب ِه َو َكان ْ‬‫صدَّقَ ْ‬‫َو َ‬
‫الم ف األول‪ :‬الم ف المضرو لمكافرين‪:‬‬
‫ضييرب ي مييثالً للكييافرين امييرأة نييوه وامييرأة لييوة‪ ،‬وهمييا ووجتييان لعبييدين ميين عبيياد ي‬
‫صالحين‪ ،‬وهما نبيّيان مين أنبيياء ي‪ ،‬ولكنهميا اختارتيا الكفير عليى اإليميان‪ ،‬والنكيول عين متابعية‬
‫أصرتا على الكفر فخانتاهما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أنبياء ي‪ ،‬رنم قربهما منهما ومالومتهما لهما‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ولم تكن خيانة امرأتي نيوه وليوة –عليهميا السيالم‪ -‬في الفاحسية‪ .‬قيال ابين عبياس‪ :‬ميا بغيد‬
‫امرأة نب قا‪ ،‬وإنما كاند خيانتهما أنهما كانتا على نير دينهما‪ .‬قال القسييري‪ :‬وهيسا إجميا مين‬
‫‪2‬‬
‫المفسرين إنما كاند خيانتهما ف الدين‪ ،‬وكانتا مسركتين‪.‬‬
‫وقد فسر العلماء معنى الخيانة هنا على أقوال‪ ،‬أيهرها‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن الخيانية هنيا بكفرهميا‪ ،‬وكانيد اميرأة نيوه ‪ ‬تقيول‪ :‬هيو مجنيون‪ ،‬واميرأة ليوة ‪‬‬
‫كاند تخبر بأضيافه‪.‬‬
‫القول الثان ‪ :‬خيانتهما بالنميمة‪ ،‬كان إذا أوح إليهما بس ء أفستاه للمسركين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫القول الثالث‪ :‬خيانتهما بنفاقهما‪.‬‬
‫قال الران ‪ :‬الخيانة والنفا واحد إ أن الخيانة تُقال اعتبارا ً بالعهد واألمانة‪ ،‬والنفا يقيال‬
‫اعتبييارا ً بال يدِّين‪ ،‬ثييم يتييداخالن‪ ،‬فالخيانيية مخالفيية الح ي بيينقض العهييد ف ي السيير‪ .‬ونقيييض الخيانيية‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫األمانة‪.‬‬
‫‪ 1‬سيد قط ‪ ،‬فف ظالل القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.3620‬‬
‫‪880‬هيـ ‪ .‬المباا فاف وماول الكتاا ‪ ،‬بييرو ‪ :‬دار الكتي العلميية‪ ،‬ة ‪1419/1‬هيـ=‪1998‬م‪،‬‬ ‫‪ 2‬ابن عادل‪ ،‬أبو حفص عمر بن عل‬
‫ج‪ ،19‬ص‪.216-215‬‬
‫‪ 3‬المرجع الساب ‪ ،‬ج‪ ،19‬ص‪.216-215‬‬
‫‪ 4‬األصفهان ‪ ،‬الم ردات فف غريب القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.216‬‬
‫‪19‬‬
‫فهسه قصة امرأت نوه ولوة –عليهما السيالم‪ ،-‬وميا وقيع منهميا مين الخيانية يعيد عجيبية مين‬
‫العجائ ‪ ،‬ونريبة من الغرائ ‪ ،‬إذ يلي بامرأتين هيسا موقعهميا في أمية ذليك النبي أن يحصيا‬
‫منهمييا الكفيير‪ ،‬إذ إن موقعهمييا تحييد نبيييين صييالحين يييدعو إلييى التعجي ميين شييأنهما‪ ،‬واسييتغراب‬
‫حصول الكفر منهما واختياره على اإليمان‪.‬‬
‫الم ف ال انف‪ :‬الم ف المضرو لممؤملين‪:‬‬
‫المثا المبروب للمؤمنين هنا يسكر نموذجين ف التاريخ‪:‬‬
‫النموذج األول‪ :‬امرأة فرعون‪ :‬هسه المرأة الت تحد جبرو الطغاة‪ ،‬وعزفد عن مغريا‬
‫الحييياة الييدنيا ووين ِتهييا‪ ،‬وتخلَّييد عيين مركزهييا ا جتميياع المهيي ‪ ،‬ورضيييد بمييا عنييد ي تعييالى‪،‬‬
‫وصبر أمام كا هسه التحديا ‪ ،‬ودعد ربها سبحانه أن ين ّجيها من خبم هسا الكفر الطان ‪.‬‬
‫يقول سيد قط –رحمه ي‪ :-‬ودعياء اميرأة فرعيون وموقفهيا َمثَيا لالسيتعالء عليى عيرض‬
‫الحياة الدنيا ف أوهيى صيوره‪ .‬فقيد كانيد اميرأة فرعيون أعظيم مليوو األرض يومييس‪ ،‬في قصير‬
‫فرعون أمتع مكان تجد فيه امرأة ما تسته ‪ ،‬ولكنها استعلد على هسا باإليمان‪ ،‬وليم تعيرض عين‬
‫‪1‬‬
‫هييسا العييرض فحس ي ‪ ،‬بييا اعتبرتييه شييرا ً ودنس يا ً وبييال ًء تسييتعيس بيياهلل منييه‪ ،‬وتتفلييد ميين عقابيلييه‪،‬‬
‫وتطل النجاة منه‪ .‬وه امرأة واحدة ف مملكة عريبة قوية‪ ،‬وهيسا فبيا آخير عظييم‪ ،‬فيالمرأة‬
‫أشييد شييعورا ً وحساسييية بوةييأة المجتمييع وتصييوراته‪ ،‬ولكيين هييسه المييرأة وحييدها في وسييا ضييغا‬
‫المجتمع‪ ،‬وضغا القصر‪ ،‬وضغا الملك‪ ،‬وضغا الحاشية‪ ،‬والمقيام المليوك ‪ .‬في وسيا هيسا كليه‬
‫‪2‬‬
‫رفعد رأسها إلى السماء وحدها ف خبم هسا الكفر الطان ‪.‬‬
‫النموذج الثان ‪ :‬ميريم بنيد عميران‪ :‬وهي نميوذج العفية والطهيارة‪ ،‬ورميز اإليميان والطاعية‬
‫صيدَّقَ ْ‬
‫د ِب َك ِل َمييا ِ‬ ‫َد فَ ْر َج َهييا فَنَفَ ْخنَيا فِيي ِه ِمين رر ِ‬
‫وحنَيا َو َ‬ ‫َيد ِع ْم َيرانَ الَّتِي أ َ ْح َ‬
‫صين ْ‬ ‫وا نقيياد‪َ  ،‬و َم ْيريَ َم ا ْبن َ‬
‫َد ِمنَ ْالقَا ِنتِينَ ‪( ‬التحريم‪.)12 :‬‬ ‫َر ِبّ َها َو ُكت ُ ِب ِه َو َكان ْ‬
‫َد ِع ْم َرانَ ‪ ‬ذا نس شريف وأصا ةاهر‪ ،‬نير مجهولة النس ‪.‬‬ ‫فه ‪‬ا ْبن َ‬
‫َد فَ ْر َج َهييا‪ ‬واإلحصييان‪ :‬جعييا الس ي ء حصيييناً‪ ،‬أي يُسييلك إليييه‪ .‬ومعنيياه‪:‬‬ ‫ص ين ْ‬‫ثييم إنهييا ‪‬أ َ ْح َ‬
‫منعد فرجها عن الرجال‪ 3.‬وهسا يبرئها مما رمتها به يهود من الزنا‪.‬‬
‫إن ما وقع من مريم ‪-‬عليها السالم‪ -‬لم يكن خيانة‪ ،‬وإنما هو نفخة نفخها األمين جبريا ‪ ‬فيهيا‬
‫حييين تمثييا لهييا بسييرا ً سييوياً‪ ،‬فكييان ميين تلييك النفخيية روه ي عيسييى ‪ ،‬وهييسا مييا أفادتييه «الفيياء»‬
‫وحنَيا‪ ‬تفرييع‬ ‫الداخلة على قوله تعيالى‪ :‬فَنَفَ ْخنَيا‪ ،‬قيال ابين عاشيور‪ :‬وتفرييع ‪‬فَنَفَ ْخنَيا ِفيي ِه ِمين رر ِ‬
‫كيون ي فييه نبيييا ً بصييفة‬ ‫العطيية عليى العميا ألجليه‪ .‬أي جزيناهييا عليى إحصيان فرجهيا‪ ،‬أي بييأن ّ‬
‫‪4‬‬
‫خارقة للعادة فخلد بسلك ذكرها ف الصالحا ‪.‬‬

‫‪ 1‬ال َعقابيييا‪ :‬بقايييا ال ِعلّيية والعييداوة وال ِعس ي ‪ ،‬واحييدها ُ‬


‫ع ْقبُوليية‪ .‬ابيين منظييور‪ ،‬لسااا العاار ‪ ،‬مرجييع سيياب ‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪ ،466‬مييادة‬
‫«عقبا»‪.‬‬
‫‪ 2‬قط ‪ ،‬فف ظالل القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.3622‬‬
‫‪ 3‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتلوير‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪.378‬‬
‫‪ 4‬المرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪.378‬‬
‫‪20‬‬
‫ص يدَّقَ ْ‬
‫د ِب َك ِل َم يا ِ َر ِبّ َهييا‬ ‫وتييأت بعييد ذلييك خصييلة تعييود إلييى سييالمة ا عتقيياد وصييحة النييية ‪َ ‬و َ‬
‫َو ُكت ُ ِب ِه‪ ،‬وهسا التصدي يصحح المسار‪ّ ،‬‬
‫ويقوم السلوو‪.‬‬
‫َد ِمنَ ْالقَانِتِينَ ‪ ، ‬فه من أوائا َمن يُقال عنهم إنهم قانتون‪ ،‬وه َمثَيا يُبيرب‬ ‫وأخيرا ً ‪َ ‬و َكان ْ‬
‫للتجرد لطاعة ي تعالى‪ ،‬با وللمكثرين ف الطاعة‪ .‬قال ابن عاشور‪ :‬وهيسه اويية مثيال في عليم‬
‫اإلكثيار مين العبيادة‪ ،‬وأن شيأن ذليك أن يكيون‬ ‫اإلشارة إلى أنها ف عداد أهيا ِ‬ ‫المعان ‪ .‬ونكتته هنا ِ‬
‫‪1‬‬
‫للرجالم ألن نساء بن إسرائيا كن معفيا من عبادا كثيرة‪.‬‬
‫هييسه المعييان ف ي جملتهييا يج ي أن تتحق ي ف ي المييرأة ك ي تكييون صييالحة‪ ،‬إن مييريم –عليهييا‬
‫السالم‪ -‬قد جمعد بين جوامع أميور اليدين الثالثية‪ :‬العقييدة والتسيريع واألخيال ‪ ،‬ومين جميع هيسه‬
‫األمور الثالثة استح أن يتصف بالكمال‪ ،‬وأن يُخلّد ذكره‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬هييسان نموذجييان يبييربهما ي تعييالى للمييؤمنينم امييرأة فرعييون التي تعييد نموذجيا ً عالييا ً‬
‫للتجرد هلل من كا المؤثرا والمعوقا على ةري اإليميان والثبيا ‪ ،‬وميريم ابنيد عميران التي‬
‫تعد مثالً للتجرد هلل منس نسأتها‪ 2،‬وكال النموذجين يمثالن نموذجا ً رائعا ً للمرأة الصالحة‪.‬‬
‫أخرج السيخان عن أب موسى ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول ‪« :‬كما مين الرجيال كثيير وليم يكميا مين‬
‫النساء إ آسية امرأة فرعون ومريم بند عميران‪ ،‬وإن فبيا عائسية عليى النسياء كفبيا الثرييد‬
‫‪3‬‬
‫على سائر الطعام»‪.‬‬

‫والقة الم مين المضروبين بالمقطع األول‪:‬‬


‫عرفنا سب نـزول المقطع األول من اويا الكريمة‪ ،‬وأنه نـزل في شيأن بعيض نسياء النبي‬
‫‪ ،‬وما وقع من إحداهن من كسف سر النب ‪ ،‬وكان هسا أمرا ً عظيما ً وخرقا ً واضيحا ً لميا كتمهيا‬
‫إياه‪ .‬فكان نـزول تلك اويا تأديبا ً لنسائه ‪ ‬ونساء المؤمنين عمومياً‪ .‬ووييادة في التأديي ضيرب‬
‫ي هسين المثلين ف آخر السورة‪:‬‬
‫أولهمييا ِلمييا وقييع ميين كفيير امرأت ي نييوه ولييوة –عليهمييا السييالم‪ -‬وهمييا نبيييان م ين أنبييياء ي‬
‫صالحان‪ ،‬ومع هسا فقد خانتاهما‪ ،‬وليم تحفظيا سيرهما‪ ،‬فكيان ميا كيان مين حليول عقوبية ي تعيالى‬
‫بهما‪ ،‬ولم ينفعهما صلتهما بأنبياء يم ألنه وساةة و شفاعة ف الكفر واإليمان‪.‬‬
‫لتطلع عليه نساء النب ‪ ،‬وتتأسى به نساء المؤمنين‪.‬‬ ‫والمثا اوخر ضربه ي تعالى ّ‬
‫قال يحيى بن سالم تعقيبا ً على هسين المثليين‪ :‬مثيا ضيربه ي يحيسر بيه عائسية وحفصية مين‬
‫المخالفيية حييين تظاهرتييا علييى رسييول ي ‪ ،‬ثييم ضييرب لهمييا مييثالً بييامرأة فرعييون ومييريم بنييد‬
‫‪4‬‬
‫عمران‪ ،‬ترنيبا ً ف التمسك بالطاعا والثبا على الدين‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع الساب ‪ ،‬ج‪.378 ،28‬‬


‫‪ 2‬انظر‪ :‬قط ‪ ،‬فف ظالل القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.3622‬‬
‫‪ 3‬البخاري‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬كتاب األنبياء‪ ،‬باب قول ي تعالى‪ :‬وضرب ي مثال للسين آمنوا امرأة فرعون‪ ‬إلى‬
‫قوله ‪ ‬وكاند مين القيانتين‪ ‬التحيريم‪ ، 12-11:‬حيديث رقيم‪ ،3230‬ج‪ ،3‬ص‪ .1252‬مسيلم‪ ،‬الجاامع الصاحيح‪ ،‬مرجيع سياب ‪،‬‬
‫كتاب فبائا الصحابة ‪ ،‬باب فبائا خديجة أم المؤمنين ‪-‬رض ي تعالى عنها‪ ،-‬حديث رقم ‪ ،2431‬ج‪ ،4‬ص‪.1886‬‬
‫‪ 4‬انظر أبا حيان‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.290‬‬
‫‪21‬‬
‫وذكر الزمخسري كالما ً أشبه بكيالم يحييى بين سيالم‪ ،‬حييث قيال‪ :‬وفي ةي هيسين التمثيليين‬
‫تعريض بأم المؤمنين المسكورتين ف أول السورة‪ ،‬وميا فيرة منهميا مين التظياهر عليى رسيول‬
‫ي ‪ ‬بما كرهه‪ ،‬وتحسير لهما على أنلظ وجه وأشده‪ ،‬لما ف التمثيا مين ذكير الكفير‪ .‬ونحيوه في‬
‫ع ِن ْال َعيالَ ِمينَ ‪ ،‬وإشيارة إليى أن مين حقهميا أن تكونيا‬ ‫ى َ‬ ‫التغليظ قوله تعالى‪َ  :‬و َمن َكفَ َر فَإ ِ َّن يَ َ‬
‫ن ِن ا‬
‫ف اإلخالص والكمال فيه كمثا هاتين الميؤمنتين‪ ،‬وأن تيتكال عليى أنهميا ووجيا رسيول ي ‪،‬‬
‫فإن ذلك الفبا ينفعها إ مع كونهما مخلصيتين‪ ،‬والتعيريض بحفصية أرجيحم ألن اميرأة ليوة‬
‫أفسد عليه كما أفسد حفصة على رسول ي ‪ ،‬وأسرار التنـزيا ورمووه ف كا باب بالغة من‬
‫‪1‬‬
‫اللطف والخفاء حدا ً يد عن تفطن العالم ويزل عن تبصره‪.‬‬
‫العبرة من الم مين المضروبين فف السورة‪:‬‬
‫اهتم القرآن الكريم ببرب األمثال‪ ،‬فورد فيه ف مواضع كثييرة منيه بيين التصيريح أحيانيا ً‬
‫ياس فِي هَيسَا ْالقُ ْير ِ‬
‫آن ِمين ُكي ِّا َمثَي ٍا لَّ َعلَّ ُهي ْم يَتَيسَ َّك ُرونَ ‪‬‬ ‫والتلميح أخرا‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬ولَقَ ْد َ‬
‫ض َير ْبنَا ِللنَّ ِ‬
‫(الزمر‪.)27 :‬‬
‫يقول الدكتور محمد عبد المنعم خفياج –رحميه ي‪ :-‬ولميا كيان التمثييا يصيار إلييه لكسيف‬
‫المعنييى الممثييا لييه ورفييع الحجيياب عنييه وإبييراوه ف ي صييورة المسيياهد المحسييوس‪ ..‬فييإن المعنييى‬
‫الصرف إنما يدركه العقا مع مناوعية مين اليوهم‪ ،‬شياعد األمثيال في الكتي اإللهيية وفسيد في‬
‫عبارا البلغاء‪ ،‬وإشارا الحكمياء‪ ،‬فيمثيا الحقيير بيالحقير‪ ،‬كميا يمثيا العظييم بيالعظيم وإن كيان‬
‫الممثييا أعظييم ميين كييا عظيييم‪ ،‬كمييا مثييا ي سييبحانه وتعييالى ف ي اإلنجيييا نييا الصييدر بالنخاليية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والقلوب القاسية بالحصاة‪..‬‬
‫وهسه جملة من العبر المستفادة من ضرب هسين المثلين ف سورة التحريم‪:‬‬
‫الفائدة األولى‪ :‬أن هسين المثلين فيهما رسالة قوية إلى النسياء عامية‪ ،‬ونسياء النبي ‪ ‬خاصية‪،‬‬
‫بطيأ بيه عمليه ليم يسير بيه نسيبه»‪،3‬‬ ‫د َر ِهينَيةت‪( ‬الميدثر‪ ،)38 :‬وأن «مين ّ‬ ‫بأن ‪ُ ‬ك را نَ ْف ٍس بِ َما َك َ‬
‫سبَ ْ‬
‫قال سيد قط –رحمه ي‪ :-‬فيال كرامية و شيفاعة في أمير الكفير واإليميان‪ ،‬وأمير الخيانية في‬
‫‪4‬‬
‫العقيدة حتى ألوواج األنبياء‪.‬‬
‫إن امرأت نوه ولوة –عليهما السالم‪ -‬لم تنفعهما ُوصلتهما بأنبياء ي تعيالى‪ ،‬وليم ييدفع ذليك‬
‫عنهما عسابه‪ ،‬كما أن امرأة فرعون لم يبرها وصلتها بفرعون الطانية‪.‬‬
‫ووج لهييام تسييلية‬ ‫الفائييدة الثانييية‪ :‬جمييع ي تعييالى ف ي التمثيييا بييين الت ي لهييا ووج‪ ،‬والت ي‬
‫‪5‬‬
‫لألراما وتطييبا ً لقلوبهن‪.‬‬

‫‪538‬هييـ ‪ .‬الكشاااف‪ ،‬الرييياض‪ :‬مطبعيية العبيكييان‪ ،‬ة ‪1418/1‬هييـ=‪1998‬م ‪ ،‬ج‪،6‬‬ ‫‪ 1‬الزمخسييري‪ ،‬أبييو القاسييم محمييود بيين عميير‬
‫ص‪.164‬‬
‫‪ 2‬خفيياج ‪ ،‬محمييد عبييد الميينعم ‪2006‬م ‪ .‬ت سااير القاارم الحكاايم‪ .‬النجييف األشييرف‪ :‬مكتبيية النجيياه‪ ،‬ودار العهييد الجديييدة‪ ،‬ة ‪/1‬‬
‫د‪ ،. .‬ج‪ ،1‬ص‪.115‬‬
‫‪ 3‬جزء من حديث أخرجه مسلم‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬كتاب السكر والدعاء والتوبية وا سيتغفار‪ ،‬بياب فبيا ا جتميا‬
‫على تالوة القرآن وعلى السكر‪ ،‬حديث رقم ‪ ،2699‬ج‪ ،4‬ص‪.2074‬‬
‫‪ 4‬قط ‪ ،‬فف ظالل القرم ‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.3621‬‬
‫‪ 5‬الزمخسري‪ ،‬الكشاف‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.165‬‬
‫‪22‬‬
‫الفائدة الثالثة‪ :‬المحافظة على األسرة بحفظ أسيرارها‪ ،‬وأن إفسياء األسيرار يعيد خيانية يعاقَي‬
‫عليها اإلنسان‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪ :‬منح اإلسالم للمرأة ح ا ختيار‪ ،‬وجعلها بيين خييارين‪ :‬إميا أن تختيار ةريي‬
‫امرأت ي نييوه ولييوة ‪-‬عليهمييا السييالم‪ ،-‬وإمييا أن تختييار ةري ي آسيييا امييرأة فرعييون ومييريم بنييد‬
‫عمران‪ ،‬و سواء بين الخيارين‪ ،‬فإن أحدهما يؤدي إليى عيساب ي وسيخطه‪ ،‬واوخير ييؤدي إليى‬
‫رضا ي وجنته‪.‬‬
‫هكسا شأن القرآن الكريم أن يسكر الس ء ونقيبه‪ ،‬وهسا نجده ف مواضيع كثييرة منيه‪ ،‬فييسكر‬
‫مرة الجنة يتبعها بسكر النار‪ ،‬ومرة يسكر المؤمنين يردفهم بسكر الكافرين‪ ..‬وهكيسا‪ ،‬وقيد ذكير هنيا‬
‫مثلين ف شأن نساء كافرا ف بيو صالحين‪ ،‬وف المقابا مؤمنة ف بييد كيافر‪ .‬وهيسا ةريي‬
‫حسن ف الدعوة‪ ،‬يستبين به المرء السبيا‪ ،‬ويسير ف اختياره على بصيرة‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة‪ :‬إن اإلنسان يرحا من هسه الدنيا ويبقى ذكره‪ ،‬فإن كان خيرا ً فخير‪ ،‬وإن كيان‬
‫شرا ً فسر‪ ،‬فقد خلّد ي ذكر تلك النسوةم فأما امرأتا نوه ولوة –عليهما السالم‪ -‬فقيد خلُيد ذكرهميا‬
‫بالسر‪ ،‬وأما آسيا ومريم فقد خلُد ذكرهما بالخير‪.‬‬
‫الفائدة السادسة‪ :‬ذكر ي تعالى شأن امرأت نوه وليوة –عليهميا السيالم‪ -‬ترهيبيا ً لمين أراد‬
‫أن تفعا فعلهما‪ ،‬وتنفيرا ً من السير على ةريقهما‪ ،‬كما ذكر ي تعالى شيأن اميرأة فرعيون وميريم‬
‫–عليها السالم‪ -‬ترنيبا ً لسلوو مسلكهما‪ ،‬والسير حسوهما‪.‬‬
‫الفائدة السابعة‪ :‬ف ذكر المثلين على هسا النحو تعليم للدعاة ورجال الوعظ كيف يستفيدوا من‬
‫ةريقة القيرآن الكيريم في توصييا الفكيرة‪ ،‬ودعيوة النياس وتهيسيبهم‪ ،‬قيال تعيالى‪َ  :‬و ِت ْل َ‬
‫يك األ َ ْمثَيا ُل‬
‫اس َو َما يَ ْع ِقلُ َها ِإ َّ ْال َعا ِل ُمونَ ‪(‬العنكبو ‪.)43:‬‬‫نَب ِْربُ َها ِللنَّ ِ‬
‫فهسه جملة من الفوائيد لبيرب هيسين المثليين في سيورة التحيريم‪ .‬فيال بيد للميرأة المسيلمة أن‬
‫تقف عندهما‪ ،‬وأن تأخس العبرة من ضربهما‪.‬‬

‫المبحث ال الث‪ :‬اضطرا الحياة الزوجية وسبف العالج من خالل السورة‬


‫تخلو الحياة الزوجية من مسياكا تطيرأ عليهيا‪ ،‬وتعكير صيفوها‪ .‬واألهيم في هيسه الحالية أن‬
‫يتغلّ الزوجان عليى مسياكلهما‪ ،‬ويحالنهيا أو ً بيأول حتيى تسيتمر الحيياة وتسيتقيم‪ .‬وسيوف أبيين‬
‫هسا المبحث من خالل المطال اوتية‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬اليمين ومى الزوجة وتحمته‬
‫اختلف العلماء ف معنى التحريم الوارد ف قوله تعالى‪ِ  :‬ل َم ت ُ َح ِ ّر ُم َما أ َ َح َّا يُ لَي َك‪( ‬التحيريم‪:‬‬
‫‪ 1‬ها هو يمين توج الكفارة؟ وهيا هيو ةيال أم ؟ وقيد توسيع اإلميام القرةبي –رحميه ي‪-‬‬
‫ف بيان ذلك ذاكرا ً أقوال العلماء ومستند كا فري ‪ .‬وأيا ً كان الرأي ف هسه المسيألة فيإن وصيول‬
‫الزوج إلى التلفظ بالتحريم أو ما شيابهها مين األلفياي يين ّم عين أمير عظييم وقيع بيين اليزوجين أدا‬

‫‪23‬‬
‫إلى أن يتلفظ الزوج به‪ ،‬وقد يزيد الكيالم فييه فتتفياقم المسيكلة‪ ،‬ومين هنيا احتياج األمير إليى وضيع‬
‫حا لهسه المسكلة الطارئة على الحياة الزوجية‪.‬‬
‫إن الحياة الزوجيية تكياد تخليو مين مسيكال تعكير صيفوها‪ ،‬وهيسه المسيكال تتيراوه بيين‬
‫ال ِك َبر أحياناً‪ ،‬وقد تكون صغيرة ف أكثر األوقا ‪ .‬وقد تتسب هيسه المسيكال صيغيرها وكبيرهيا‬
‫ف المفارقة بين الزوجين إن لم يتم التخلص منها مبكراً‪ ،‬فإن ترو المسكلة بغير حا قد يزييد مين‬
‫حدَّتها ويجعلها تتفاقم وتكبر‪ ،‬وتقع العداوة والبغبياء بيين اليزوجين‪ ،‬وهيسا يجعلنيا نفهيم السير في‬
‫ين أ َ ْه ِلي ِه َو َح َكميا ً ِ ّم ْ‬
‫ين‬ ‫اإلتيان بحرف الفاء ف قوله تعالى‪َ  :‬و ِإ ْن ِخ ْفيت ُ ْم ِشيقَا َ بَ ْينِ ِه َميا فَيا ْب َعثُواْ َح َكميا ً ِ ّم ْ‬
‫أ َ ْه ِل َهييا ‪( ‬النسيياء‪)35 :‬م ألن اإلسييرا ف ي حييا المسييكلة بتطيي ي الخييواةر هييو أفبييا حييا‪ .‬وقييد‬
‫عرضد سورة التحريم إلى مسكلة وقعيد في الحيياة الزوجيية النبويية‪ ،‬وهيسه المسيكلة تكمين في‬
‫يمين حلفها النب ‪ ‬بأن يقرب مارية أم إبراهيم‪ ،‬أو أ يأكا عسالً عند ويني رضي ي عنهيا‬
‫–على خالف بين الروايا ‪ ،-‬فحدا تواةؤ بين نسائه ‪ ،‬وكان ذلك اليمين السي أدا إليى قطيعية‬
‫مارييية ‪-‬رضي ي عنهيا‪ ،-‬أو ا متنييا عيين شييرب العسييا الييسي جعلييه ي لييه حييال ً‪ ،‬و شييك أن‬
‫تدور ف نفس ووجه ‪-‬رض ي عنها‪ ،-‬وهسا ربما يكون ليه‬ ‫امتناعه عن شربه سيسب تساو‬
‫وقع س ء عليها إن ه علمد بما كان يُحاو حولها مين بعيض نسيائه ‪ ،‬وسييترت علييه قطيعية‬
‫منها لهن‪ .‬فه إذن مسكلة بد لها من حا‬
‫وتتلخص هسه المسكلة ف األمور التالية‪:‬‬
‫‪ ‬ذلك اليمين الت حلفها النب ‪.‬‬
‫‪ ‬مقاةعة النب ‪ ‬لنسائه واجتنابه لهن‪.‬‬
‫‪ ‬العداوة والبغباء الت ستقع من بعض نسائه ‪ ‬لبعض‪ ،‬بعد أن تتكسف األمور‪.‬‬

‫والج مشكمة اليمين‪:‬‬


‫جاء اويا بالحا األمثا لتلك المسكلة من وجوهها‪:‬‬
‫فأما مسكلة اليمين التي حلفهيا النبي ‪ ‬فقيد أنيـزل ي تعيالى تحلية اليميين‪ ،‬فقيال سيبحانه‪ :‬قَي ْد‬
‫َُ لَ ُكي ْم ت َ ِحلَّيةَ أ َ ْي َمييا ِن ُك ْم‪( ‬التحييريم‪ ،)2 :‬وتحليييا اليمييين‪ :‬كفارتهييا‪ ,‬أي‪ :‬إذا أحببييتم اسييتباحة‬ ‫فَي َير َ‬
‫ض َّ‬
‫سياكِينَ ‪( ..‬المائيدة‪:‬‬
‫عس ََيرةِ َم َ‬ ‫ارتُهُ ِإ ْ‬
‫ة َعيا ُم َ‬ ‫المحلوف عليهم وهو قوله تعالى ف سورة المائدة‪ :‬فَ َكفَّ َ‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1 .)89‬فكفّر النب ‪ ‬عن يمينه فأعت رقبة‪.‬‬
‫وأما مقاةعة النب ‪ ‬لنسائه واجتنابه لهن فقد انتهد بنـزول حكيم كفيارة اليميين التي فرضيها‬
‫ي‪ ،‬فرجع إلى نسائه جميعاً‪.‬‬

‫‪671‬هيـ ‪ .‬الجاامع ألحكاال القارم ‪ ،‬المنصيورة‪ :‬مكتبية اإليميان‪ ،‬ومكتبية جزييرة اليورد‪،‬‬‫‪ 1‬القرةب ‪ ،‬أبو عبد ي محمد بن أحمد‬
‫د‪ ،. .‬ج‪ ،10‬ص‪.80‬‬
‫‪ 2‬ورد ف ذلك حديث عزاه السيوة إلى ابين مردوييه عين أنيس ‪ ،‬جياء فييه‪« :‬فنزليد آيية التحيريم فيأعت رسيول ي ‪ ‬رقبية»‪.‬‬
‫السيوة ‪ ،‬الدر المل ور‪ ،‬مرجع ساب ‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.572-571‬‬
‫‪24‬‬
‫وأما العداوة والبغباء الت ستقع من بعض نسيائه ‪ ‬ليبعض‪ ،‬فإنهيا تيزول إذا ميا علميد تليك‬
‫النسوة ب ِعظم ما بدر منهن‪ ،‬ولسلك فتح ي لهن باب التوبية والرجيو إلييه‪ ،‬وحيسّرهن مين التميادي‬
‫علَيْي ِه فَيإ ِ َّن‬ ‫َد قُلُوبُ ُك َميا َو ِإن ت َ َ‬
‫ظياه ََرا َ‬ ‫َِ فَقَ ْد َ‬
‫صيغ ْ‬ ‫فيما تظاهرن عليه ‪ ،‬فقال سبحانه‪ِ  :‬إن تَتُوبَا ِإلَى َّ‬
‫صا ِل ُح ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪( ‬التحريم‪)4 :‬م وألن نسياء النبي ‪ ‬صيادقا مخ ِلصيا‬ ‫ََ ُه َو َم ْو َهُ َو ِجب ِْري ُا َو َ‬
‫َّ‬
‫تقيّا فقد اخترن ميا عنيد ي ورسيوله‪ ،‬ورجعين عميا صيدر مينهن –رضي ي عينهن أجمييعن‪،-‬‬
‫وصد إيمانهن كفيا بإوالة أي بغباء أو شحناء أو عداوة‪.‬‬
‫وهكسا والد المسكلة‪ ،‬ورجع النب ‪ ‬إلى نسائه‪ ،‬واستقام األمر‪ .‬وهسا الحكم با في أمتيه ‪‬‬
‫متى وقعد مسكلة بين الزوجين تُسا ِبه ما وقع ف بيد النبوة‪.‬‬
‫المطمب ال انف‪ :‬أفضف طرق العالج لمشاكف الحياة الزوجية‪:‬‬
‫أسلفنا السكر بأن الحياة الزوجية تخلو من عقبا ومساكا تواجههيا‪ ،‬ومين حكمية ي تعيالى‬
‫أن جعا رسولنا ‪ ‬لنا أسوة حسنة‪ ،‬به نقتيدا وعليى خطياه نسيير‪ ،‬وليم تكين حياتيه ‪ ‬بيدعا ً أو مين‬
‫ي شخص من أفراد النياس‪ ،‬ذا فيهيا األليم وميرارة‬ ‫عالم الخيال‪ ،‬وإنما كاند حياة ةبيعية كحياة أ ّ‬
‫العيش‪ ،‬وعاش فيها األميا‪ ،‬وتعيرض فيهيا لمنغّصيا الحيياة وا بيتالءا والمحين إليى ميا سيوا‬
‫ذلك مما يعيسه النياس‪ .‬ولعيا هيسا سيب مهيم وأسياس في تأسي المسيلمين بيه ‪ ‬أن كيان كبياقيهم‪.‬‬
‫وهسه السورة كما عرفنا ذكر مسكلة ةرأ على بيد النبوة‪ ،‬وكان نيـزول الحيا لتليك المسيكلة‬
‫الطارئة‪.‬‬
‫وإذا كاند الحياة الزوجية تخلو من مسياكا وعقبيا كيان لزاميا ً عليى األوواج أن يتعرفيوا‬
‫على أفبا الحلول الت تؤسس لحياة ووجية سعيدة‪ ،‬ولعا أهم هذه الحمول من وجهة نبري‪:‬‬
‫ساان االختيااار بااين الاازوجين ماان مباادأ األماار‪ :‬وذلييك ب ُحسيين اختيييار الزوجيية أو الييزوج‪،‬‬ ‫أوالً‪ُ :‬ح ْ‬
‫فييالزوج عليييه أن يختييار الزوجيية ذا الييدين وال ُخلُ ي ‪ ،‬والييول ّ يختييار بنتييه صيياح الييدين‬
‫والحصيين الحصييين للوقييو في المسيياكا‪ .‬وهييسا‬ ‫وال ُخلُي كييسلك‪ ،‬وهييسا يعتبيير صييمام األمييان‪ِ ،‬‬
‫الحا وقائ وليس عالج ‪ ،‬بمعنى أن كال الزوجين بيد ليه أن يحيرص عليى ُحسْين اختييار‬
‫اوخر بما يبمن حياة آمنة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬االت اق بين الزوجين ومى مبادئ وأسس تقاول وميهاا حيااتهم فيماا بعاد‪ ،‬وهيسا يكيون قبيا‬
‫تمام الزواج –ف مرحلة الخطوبة كما يُقال‪ ،-‬وخالل هسه المرحلة يتعرف ك اا مين اليزوجين‬
‫على اوخر‪ ،‬ويتم ف هسا الفترة المكاشفة بينهما بسكر ما يح أن يكون الزوج وما يحي ‪،‬‬
‫والزوجة كسلك‪ ،‬فيدخا كالهما عيالم الزوجيية عليى بصييرة مين أميره‪ ،‬يكيون قيد تعيرف كيا‬
‫واحد منهما على ةبيا اوخير وإن كانيد تليك المعرفية أوليية بسييطة‪ ،‬وهيسا يعيد حيالً وقائييا ً‬
‫كسابقه‪ ،‬يمنع كثيرا ً من المساكا الت قد تتسب من عدم فهم كا واحد لآلخر‪.‬‬
‫ثال اً‪ :‬تطويق أي مشكمة تقع بين الزوجين‪ ،‬وهف مسئولية كف واحد ملهما‪ ،‬ومعنيى هيسا أن هيسه‬
‫المسكلة بد وأن تبقى في حيدود بييد الزوجيية تخيرج منيهم ألن خروجهيا يعيرض حيياة‬
‫اليزوجين للخطير والفسياد‪ ،‬هييسا مين جهية‪ ،‬وميين جهية أخيرا بيد وأن يعمييا كي ّا واحيد ميين‬
‫‪25‬‬
‫س ُيواْ‬
‫الزوجين على حا هسه المسكلة الطارئةم منط ِلقا ً ف ذلك الحا مين قوليه تعيالى‪َ  :‬و َ تَن َ‬
‫ب َا َب ْينَ ُك ْم ‪( ‬البقرة‪ ،)237 :‬ومحاولة إذابة تلك المسكلة وأدهيا في مهيدها‪ ،‬وأن ييدعها‬ ‫ْالفَ ْ‬
‫ليال تزداد‪ ،‬فإذا وقعد ف المساء يتركها إليى الصيباه‪ ،‬وإذا وقعيد في الصيباه ييدعها‬
‫إلى المساء‪ ،‬وإنما يبادر ف حلها‪.‬‬
‫رابع ااً‪ :‬احتاارال وجهااات اللباار‪ :‬قييد يختلييف أحييد الييزوجين عيين اوخيير ف ي رأيييه‪ ،‬فييال يعن ي هييسا‬
‫ا ختالف ف وجها النظر أن العالقة بين الزوجين قد ساء ‪ ،‬لسا عليى اليزوجين أن يفهميا‬
‫هسه الحقيقة الت ه واقع ف الحياة الزوجية فكاو عنها‪ ،‬وكم ه المسكال الت وقعيد‬
‫بين األوواج بسب اختالفهم ف وجها نظرهم فال بد أن يعلم الزوجان أن ا خيتالف أمير‬
‫ِجبِلّ له فقه‪ ،‬وعليهما أن يفهما فقه ا ختالف‪ ،‬ويتعامالن ف حياتهما بنا ًء على هسا الفقه‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬المشكالت الكبرى فف الحياة الزوجية جعف لها اإلسالل حموالً ت تمف شدتها حسب نوع‬
‫المشااكمة وحجمهااا فييإن كييان قييد وجييد ميين امرأتييه خيانيية كييأن رأا معهييا رج يالً ف ي وضييع‬
‫الخيانة الظاهرة‪ ،‬فقد جعا اإلسالم الحا ف آييا اللعيان في صيدر سيورة النيور‪ ،‬وكيسا َمين‬
‫ياهر من ووجته فقد جعا اإلسالم الحا للظهار ف صدر سورة المجادلة‪ ،‬وهكسا‪.‬‬
‫فهسه أساسيا ف وضع أسلم الحليول ألي مسيكلة قيد تطيرأ عليى الحيياة الزوجيية أو ةيرأ‬
‫فعالً‪ ،‬وهسه ه عظمة القرآن‪ ،‬وعظمية اإلسيالم في الحفياي عليى األسيرة ةياهرة آمنية مطمينية‪،‬‬
‫يسودها الود وتحفّها السعادة‪ ،‬ويلفّها والوئام‪.‬‬

‫خاتمة البحث‪:‬‬
‫هسا البحث يدور حيول موضيو مهيم ينبني علييه المجتميع وهيو الحيياة الزوجيية‪ ،‬وقيد نياقش‬
‫البحث هسا الموضو من خالل سورة التحريم‪ ،‬السورة الت تخبرنا عن جوان مهمة في الحيياة‬
‫بين الزوجين‪ ،‬وقد قدمد السورة الكريمة مسهدا ً من مساهد الحياة ف بيد النبوة‪ ،‬وما ةيرأ علييه‬
‫سيبُا الخيالص مين مثيا‬ ‫من عوارض أخلّد باستقرار هيسا البييد الكيريم‪ ،‬وبينيد السيورة أفبيا ُ‬
‫هييسه العييوارض التي ربمييا يحييدا مثلهييا في كييا بيييد‪ .‬ثييم عييرض البحييث لنمييوذجين مهمييين ميين‬
‫النماذج الت ذكرتهميا السيورة حيدا أحيدهما في بيتيين مسيلميْن واوخير في بيتيين كيافريْن‪ ،‬وقيد‬
‫كسف البحث عن سر ضرب هسين المثلين والحكمة منهما‪.‬‬
‫وهسه الدراسة لهسه الموضوعا ف هسه السورة تعد نموذجيا ً تاريخييا ً صيادقا ً لكيا بييد وكيا‬
‫أسرة ف كا ومان ومكيان‪ ،‬ولين يُعيدم األوواج الخيير مين مثيا دراسية سيير الصيالحين والتأسي‬
‫بهم‪ ،‬وليس من أسوة لنا خير من نبينا ‪ ،‬فالحاجة ماسة إلى دراسة سيرته ‪ ‬والتعرف على بيتيهم‬
‫من أجا بناء مجتمع سليم متين يسوده التراحم واأللفة والمحبة والوئام‪.‬‬
‫الجديد فف هذا البحث‪:‬‬
‫هسه الدراسة ه إحدا الدراسيا القرآنيية الموضيوعية‪ ،‬مسيتمدة مين القيرآن الكيريم والسينة‬
‫والمطهرة‪ ،‬وتتسم باألصالة والثبو وصحة النتيائح‪ ،‬وهي القبيية تُعيد مين القبيايا المهمية في‬
‫‪26‬‬
‫الدراسا المعاصيرة‪ ،‬إذ إن كثييرا ً مين البياحثين يعتميد في دراسيته عليى اسيتبيانا ييتم توويعهيا‬
‫علييى فييية مسييتهدفة‪ ،‬ثييم يجمييع هييسه ا سييتبيانا ويحللهييا ويجعييا منهييا دراسيية تعتمييد علييى تلييك‬
‫تكون دقيقة‪ ،‬و تكون نتائجهيا قطعيية ثابتية‪ ،‬وإنميا تكيون ينيية‪،‬‬ ‫ا ستبيانا ‪ ،‬وه ف الغال‬
‫أمييا النتييائح التي تنبني علييى دراسيية قرآنييية فإنهييا تكييون صييحيحةم ألنهييا تعتمييد علييى أصييا ثابييد‬
‫صاد ‪ ،‬تستق منه معلوماتها‪ ،‬وتأخس عنه موضيوعاتها‪ ،‬فمين هنيا كانيد هيسه الدراسيا القرآنيية‬
‫تتسم باألصالة والثبو وصحة النتائح كما أسلفنا‪.‬‬
‫كما أن هسه الدراسة تخللها تقديم وصايا ً لألوواج منثيورة في ةياتيه‪ ،‬منهيا ميا يتعلي باختييار‬
‫الزوجيية مبييدأ ً قبييا الييزواج‪ ،‬ومنهييا مييا يتعلي بطيير التعامييا مييع المسيياكا والخالفييا في الحييياة‬
‫الزوجية‪ ،‬ونيرها من النصائح‪ ،‬وهسا أدعى ستقامة الحياة بين الزوجين‪.‬‬
‫التطبيق العممف ل كرة البحث وما جاء فيه من جديد‪:‬‬
‫قام الباحث بالوقوف على اويا ذا العالقية بموضيو البحيث‪ ،‬وبيدأ يسيتخرج ميا فيهيا مين‬
‫وح َكم وتوجيها ‪ ،‬وكيفية ا ستفادة منها ف الحياة الزوجيية بيين األوواج‪ ،‬وخاصية‬ ‫علوم وأحكام ِ‬
‫ف هسا العصر السي افتقر إلى كثير من مقوما األسرة‪ ،‬وافتقد كثيرا ً من أخال الحيياة الزوجيية‬
‫السعيدة‪ ،‬فوقعد المساكا والخالفا بين األوواج في كثيير مين المجتمعيا ‪ ،‬فوضيع البحيث قيدم‬
‫األوواج على عتبة الزواج الصالح بسكر أهم صفا الزوجة الصالحة‪ ،‬وميا عليى األوواج إ أن‬
‫يختاروا شريكة الحياة الت تحفظ عليهم دينهم ودنياهم‪ ،‬وكسفد لهم عن حقيقة مهمة وهي أن أي‬
‫وواج يتعرض لعثرا ‪ ،‬فليس معنى ذلك أن استمرار الحياة الزوجية أصبحد مستحيلة‪ ،‬با على‬
‫األوواج أن يتجاوووا كا خالف‪ ،‬ويسيطروا على أي مسكلة قد تقع بينهم‪.‬‬

‫أسئمة ومشكالت وقضايا تتعمق بالموضوع تحتاج إلى بحث ودراسة‪:‬‬


‫قييد يسييأل سييائا‪ :‬مييا فائييدة مثييا هييسه الدراسييا التي تكيياد تكييون متكييررة في موضييوعها ومييا‬
‫تناولته من مباحث؟‬
‫واإلجابة على ذلك أن مثا هسه الدراسا المسيتمدة مين القيرآن الكيريم والسينة المطهيرة هي‬
‫أصيييح الدراسيييا ‪ ،‬ونتائجهيييا أصيييد النتيييائح‪ ،‬وهيييسا يعنيييى أن أثرهيييا فييي واقيييع الحيييياة األسيييرية‬
‫وا جتماعية أنفع وأنجيع‪ ،‬وهيو ميا تحتاجيه المجتمعيا الييوم‪ ،‬حييث فقيد كثيير مين المجتمعيا‬
‫واألسيير ال ِق ي َيم اإلسييالمية واألخييال الفاضييلة‪ ،‬وسييب ذلييك عييدم اتبييا الميينهح السييليم ف ي تكييوين‬
‫بيد‬ ‫األسرة مبدأً‪ ،‬ومن هنا كاند هسه الدراسة الت تحتيوي عليى بعيض التوجيهيا الهامية التي‬
‫منها ستقامة الحياة واستمرارها لألسرة والمجتمع‪.‬‬
‫أقول‪ :‬بد أن تتوجه عناية الباحثين والدارسين إلى القرآن والسنة ليس في الدراسيا التي‬
‫البحث‪.‬‬ ‫تتعل باألسرة وحس ‪ ،‬وإنما ف كا مجال من مجا‬
‫أهم اللتائج والتوصيات‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أهم اللتائج‪:‬‬
‫‪27‬‬
‫بعد هسا العرض للمباحث المتعلقة بموضو «الحياة الزوجية كما تصورها سورة التحريم»‬
‫نخرج بأهم نتائح البحث‪ ،‬وه على النحو التال ‪:‬‬
‫وح َكم وتسريعا وآداب‪،‬‬ ‫أو ً‪ :‬هسه السورة المدنية اشتملد على ما اشتملد عليه من أحكام ِ‬
‫وه تعالح قبية بناء األسرة والحفاي على ديمومة الحياة بين الزوجين‪ ،‬وتسكر أسبابا ً للوقيعة‬
‫بين األوواج وإفساد الحياة الزوجية الهانية‪ ،‬وأفبا ةر الوقاية من أي مسكلة قد تقع‪ ،‬وأفبا‬
‫ةر العالج للمسكلة إن وقعد‪ .‬وهسه قبايا اجتماعية مهمة وخطيرة ف بناء المجتمع واألمة‬
‫والمحافظة على هسا البناء‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬اهتمد السورة ببرب األمثال تبيانا ً للناسم ألن قياس النظير بالنظير يقرب الفكرة‪،‬‬
‫وح َكمه‪.‬‬
‫ويكسف مواضع العبرة‪ ،‬ويعم النظرة‪ ،‬وهسا شأن القرآن الكريم ف تقرير أحكامه ِ‬
‫ثالثاً‪ :‬علّمتنا السورة الكريمة أن يُ ِق ّر اإلنسان بخطيه‪ ،‬ويستغفر منه‪ ،‬وأن ةبيعة البسر الخطأ‬
‫والنسيان‪ ،‬فليس عجيبا ً أن يخطئ اإلنسان‪ ،‬ولكن األعج أن يستمر على خطيه‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬أن النب ‪ ‬قدوة لهسه األمة‪ ،‬وأسوة حسنةم لسا فإن حياته ‪ ‬كحياة سائر البسر‪ ،‬ويجري‬
‫عليها ما يجري على حياة البسر‪ ،‬فال يعج اإلنسان من وقو الخالفا البيتية ف الحياة‬
‫الزوجية ف بيد النبوة‪.‬‬
‫مرض ف النساء‪ ،‬و أين امرأة ً بريية من هسا المرض ‪-‬إ من رحم‬ ‫ت‬ ‫خامساً‪ :‬ال َغيْرة المسمومة‬
‫ي‪ .-‬وهسا المرض قد يؤثر سلبا ً ف الحياة الزوجية‪ ،‬لسا ينبغ على األوواج التّنبره إلى هسا‬
‫المرض الخطير‪ ،‬وال َحدّ منه قدر اإلمكان من أجا استمرار الحياة الزوجية‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬يمو اإلنسان ف هسه الحياة الدنيا وتبقى سيرته‪ ،‬فإن كان من األتقياء ُخ ِلّد ِذ ْك ُره ف‬
‫ي الفريقين يختار؟‬ ‫الصالحين‪ ،‬وإن كان من األشقياء ُخ ِلّد ِذ ْك ُره ف األشرار‪ ،‬وعلى اإلنسان أ َّ‬
‫ثانياً‪ :‬أهم التوصيات‪:‬‬
‫مما يوص به الباحث‪:‬‬
‫أو ً‪ :‬هسه الدراسا واألبحاا المستمدة من القرآن الكريم والسنة المطهرة تتسم باألصالة‬
‫والثبو وص ّحة النتائح‪ ،‬ومن هنا أوص الباحثين با نطال ف أبحاثهم ودراساتهم من القرآن‬
‫والسنة المطهرة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أوص بتطوير هسه الدراسة وتوسيعهام ألنها لم تتناول الموضو بالتوسعة المطلوبةم‬
‫بسب تقيد البحث بعدد صفحا محددة‪ ،‬وهسا جعله نير متسع لدراسة الموضو بالتوسعة‬
‫المطلوبة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ثالثاً‪ :‬وصيةً للمتقدمين للزواج بأن يحرصوا على اختيار ذوا الدين واألخال ‪ ،‬فإن كاند‬
‫المرأة ذا مال وجمال فهو خير على خير‪ .‬وكسا أولياء األمور عليهم أن يختاروا صاح الدين‬
‫واألخال ‪ ،‬و يكون اهتمامهم متوجها ً نحو الوييفة والسقة والمنص والمال‪ ،‬فإن اجتمعد هسه‬
‫األمور مع الدين فسلك خير على خير‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬شك أن اإلنسان ‪-‬ولو لم يكن مسلما ً‪ -‬يسعى لحياة سعيدة وعيش هانئ‪ ،‬واإلسالم يمنع‬
‫نير المسلمين بأن يستفيدوا مما جاء فيه من أحكام وتسريعا ‪ ،‬وأن يقتبسوا من أنوار هدايته‬
‫لحياتهمم ألنه دين البسرية عامة‪ .‬وقد جاء اإلسالم بكا التفاصيا‪ ،‬وبيّن كا ما من شأنه أن يحق‬
‫سعادة البسريةم سوا ًء ف الحياة الزوجية أو ف نيرها‪ ،‬فعلى اإلنسان أن يستفيد منه‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫‪ .1‬اولوس ي ‪ ،‬أبييو الفبييا شييهاب الييدين السيييد محمييود ‪1270‬هييـ ‪ .‬روح المعااانف فااف ت سااير‬
‫القرم العبيم والسبع الم انف‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار إحياء التراا العرب ‪ ،‬د‪. .‬‬
‫‪ .2‬الخياون‪ ،‬علي بيين محمييد بيين إبييراهيم ‪741‬هييـ ‪ .‬لبااا التوويااف فااف معااانف التلااـزيف‪ ،‬ةبعيية‬
‫حسن حلم الكتب ومحمد حسن جمال الحلب برخصة نظارة المعارف‪1317 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .3‬ابن عاشيور‪ ،‬السييخ محميد الطياهر ‪1393‬هيـ ‪ .‬التحريار والتلاوير‪ ،‬تيونس‪ :‬اليدار التونسيية‬
‫للنسر‪1884 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .4‬السيوة ‪ ،‬أبو الفبا جالل الدين عبد اليرحمن بين أبي بكير ‪911‬هيـ ‪ .‬اإلتقاا فاف وماول‬
‫القرم ‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ة‪1416/1‬هـ=‪1996‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬الزركس ‪ ،‬أبو عبد ي محمد بن بهادر بين عبيد ي ‪794‬هيـ ‪ .‬البرهاا فاف وماول القارم ‪،‬‬
‫بيرو ‪ :‬دار المعرفة‪1391 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .6‬ابن هسام‪ ،‬أبو محمد عبد الملك بن هسام ‪218‬هـ ‪ .‬السيرة اللبوية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحيديث‪،‬‬
‫ة ‪1419/2‬هـ=‪1990‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬الراوي‪ ،‬فخر الدين محمد بن ضياء الدين عمر ‪606‬هـ ‪ .‬م ااتح الغياب‪ ،‬اوسيتانة‪ :‬مطبعية‬
‫عل بك‪ ،‬د‪. .‬‬
‫‪ .8‬البقاع ‪ ،‬أبو الحسن برهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسين الربياة ‪885‬هيـ ‪ .‬نبام الادرر‬
‫فف تلاسب اآليات والسور‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار الكت العلمية‪ ،‬ة ‪1415/1‬هـ=‪1995‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬أبييو حيييان‪ ،‬محمييد بيين يوسييف ‪745‬هييـ ‪ .‬البحاار المحاايط‪ ،‬بيييرو ‪ :‬دار الكت ي العلمييية‪ ،‬ة‬
‫‪1413/1‬هـ=‪1993‬م‪.‬‬
‫‪1386‬هييييـ ‪ ،‬القيييياهرة‪ ،‬بيييييرو ‪ :‬دار السييييرو ‪ ،‬ة‬ ‫‪ .10‬قطيييي ‪ ،‬سيييييد‪ .‬فااااف ظااااالل القاااارم‬
‫‪1423/2‬هـ=‪2003‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬البخياري‪ ،‬أبيو عبييد ي محميد بين إسييماعيا ‪256‬هيـ ‪ .‬الجاامع الصااحيح‪ .‬بييرو ‪ :‬دار ابيين‬
‫كثير‪ ،‬اليمامة‪1407 ،‬هـ=‪1987‬م‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ .12‬مسييلم‪ ،‬أبييو الحسييين مسييلم بيين الحجيياج ‪261‬هييـ ‪ .‬الجااامع الصااحيح‪ .‬بيييرو ‪ :‬دار إحييياء‬
‫التراا العربي ‪ ،‬كتياب الطيال ‪ ،‬بياب وجيوب الكفيارة عليى مين حيرم امرأتيه وليم ينيو الطيال ‪،‬‬
‫د‪ ،. .‬حديث رقم ‪،1474‬ج‪ ،2‬ص‪.1100‬‬
‫‪ .13‬ابن األثير‪ ،‬أبو السعادا المبارو بن محمد ‪606‬هـ ‪ .‬اللهاية فاف غرياب الحاديث واألثار‪،‬‬
‫بيرو ‪ :‬المكتبة العلمية‪1399 ،‬هـ=‪1979‬م‪.‬‬
‫‪ .14‬السيوة ‪ ،‬أبو الفبا جالل الدين عبيد اليرحمن بين أبي بكير ‪911‬هيـ ‪ .‬الادر المل اور فاف‬
‫الت سير بالموثور‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز هجير للبحيوا والدراسيا العربيية واإلسيالمية‪ ،‬المهندسيين‪،‬‬
‫ة ‪1424/1‬هـ=‪2003‬م‪.‬‬
‫‪450‬هيـ ‪ .‬اللكاو والعياو ‪ ،‬بييرو ‪ :‬دار‬ ‫‪ .15‬الماوردي‪ ،‬أبو الحسين عل بن محمد بين حبيي‬
‫الكت العلمية‪ ،‬مؤسسة الكت الثقافية‪ ،‬د‪. .‬‬
‫‪471‬هييـ ‪ .‬التعري ااات‪ ،‬بيييرو ‪ :‬دار الكتيياب العربي ‪ ،‬ة‬ ‫‪ .16‬الجرجييان ‪ ،‬علي بيين محمييد علي‬
‫‪1405/1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .17‬الغزال ‪ ،‬محمد‪ .‬نحاو ت ساير موضاووف لساور القارم ‪ ،‬القياهرة‪ ،‬بييرو ‪ :‬دار السيرو ‪ ،‬ة‬
‫‪2000/4‬م‪.‬‬
‫‪ .18‬الطبري‪ ،‬أبو جعفر محمد بن جرير ‪310‬هـ ‪ .‬جامع البيا ون توويف مي القرم ‪ ،‬مؤسسية‬
‫الرسالة‪ ،‬ة ‪1420/1‬هـ=‪2000‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬الترمييسي‪ ،‬أبييو عيسييى محمييد بيين عيسييى ‪269‬هييـ ‪ .‬الجااامع الصااحيح‪ .‬بيييرو ‪ :‬دار إحييياء‬
‫التراا العرب ‪ ،‬د‪. .‬‬
‫‪ .20‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم ‪711‬هـ ‪ .‬لسا العر ‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار صادر ‪ ،‬ة ‪ /1‬د‪. .‬‬
‫‪ .21‬األصفهان ‪ ،‬أبو القاسم الحسيين بين محميد ‪502‬هيـ ‪ .‬الم اردات فاف غرياب القارم ‪ ،‬مكتبية‬
‫نزار مصطفى الباو‪ ،‬د‪. .‬‬
‫‪ .22‬العسييقالن ‪ ،‬أبييو الفبييا أحمييد بيين عل ي بيين حجيير ‪852‬هييـ ‪ .‬فااتح الباااري شاارح صااحيح‬
‫الب اري‪ ،‬بيرو ‪ :‬دار المعرفة‪1379 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪880‬هييـ ‪ .‬المبااا فااف ومااول الكتااا ‪ ،‬بيييرو ‪ :‬دار‬ ‫‪ .23‬ابيين عييادل‪ ،‬أبييو حفييص عميير بيين علي‬
‫الكت العلمية‪ ،‬ة ‪1419/1‬هـ=‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ .24‬الزمخسري‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمر ‪538‬هـ ‪ .‬الكشاف‪ ،‬الرياض‪ :‬مطبعة العبيكيان‪ ،‬ة‬
‫‪1418/1‬هـ=‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ .25‬خفيياج ‪ ،‬محمييد عبييد الميينعم ‪2006‬م ‪ .‬ت سااير القاارم الحكاايم‪ .‬النجييف األشييرف‪ :‬مكتبيية‬
‫النجاه‪ ،‬ودار العهد الجديدة‪ ،‬ة ‪ /1‬د‪. .‬‬
‫‪ .26‬القرةب ‪ ،‬أبو عبد ي محمد بن أحمد ‪671‬هـ ‪ .‬الجامع ألحكال القارم ‪ ،‬المنصيورة‪ :‬مكتبية‬
‫اإليمان‪ ،‬ومكتبة جزيرة الورد‪ ،‬د‪. .‬‬

‫‪30‬‬
31

You might also like