Professional Documents
Culture Documents
الحياة الزوجية كما تصورها سورة التحريم
الحياة الزوجية كما تصورها سورة التحريم
*
د .إبراهيم عيسى صيدم
المقدمة:
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على أشرف المرسلين ،سيدنا محمد النبي الصياد
الوعد األمين ،وعلى آله وصحابته ومن سار على هديه إلى يوم الدين ،أما بعد:
فإن إسالمنا الحنيف ْأولَى األسرة اهتماما ً خاصاً ،وأفرد لها أحكاما ً تؤسس لها تأسيسا ً سيليماً،
وتنظم عالقاتها تنظيما ً دقيقاً ،ألنها ت ُ َعدّ اللَّ ِبنة األهم ف بناء المجتمع العفيف الطاهر الزك .
ولعييا النيياير في كتيياب ي تعييالى يلمييس هييسا ا هتمييام باألسييرة ،ويدركييه فيمييا تناولتييه آيييا
القرآن وسوره من توجيها وإرشادا وأحكام تخص األسرة تربيةً وبنا ًء.
وهسه سورة التحريم هي إحيدا السيور التي تناوليد العدييد مين السييون األسيرية وميا يتعلي
بالحياة الزوجية ،الت تمثلد في أرو مثيا يُبيرب مين حيياة النبي ميع أوواجيهم مميا دفعني
لكتابة هسا البحثم ألن نبينا صلى ي عليه وسلم هو األسوة الحسنة الت بها نقتدي ،وعليى دربهيا
نسير.
* دكتوراه ف أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن مين جامعية األوهير بالقياهرة عيام 2012م ،عبيو رابطية علمياء فلسيطين،
isydum@iugaza.edu.ps
1
أهداف البحث:
وفن التعاميا المسيترو والمتبيادل .1تهدف هسه الدراسة إلى توعية األوواج حول الحياة الزوجية ّ
سبُا حا المسكال الواقعة ف بيد الزوجية. بين الزوجين ،و ُ
.2توجيه السباب المتقدمين للزواج إلى اختيار الزوجة الت توافر فيها الصفا اإليجابييةم ألن
ذلك أدعى ستمرار الحياة الزوجية وديمومتها.
.3بييييان أن الحيييياة الزوجيييية تخليييو مييين الكبيييوا والعثيييرا والخالفيييا وسيييوء التفييياهم بيييين
الييزوجين ،وهييسه ةبيعيية ف ي اإلنسييان ،واألهييم ميين ذلييك هييو كيييف يتغل ي األوواج علييى تلييك
صيا ليديهم ثقافية :أن ا خيتالف يفسيد المساكا؟ وكيف يتجاووون تلك العقبيا ؟ وكييف تتح ّ
ف الود قبية؟
.4تهدف هسه الدراسة إلى بيان سيبُا التعاميا ميع المسيكال ،والتعياة معهيا في ضيوء الكتياب
وا ستعانة بالسنة.
.5ولعا من أهم أهداف هسه الدراسة تقديم أفبا مقوما بناء األسرة الت يتكيون منهيا المجتميع
الفاضا.
الدراسات السابقة:
أن ُكت ي موضييو ت مسييتق اا حييول الحييياة الزوجييية ميين خييالل سييورة لييم يثبييد -فيمييا أعلييم– ْ
أو تفسييرا تحليليية التحريم ،وكيا ميا هناليك مين كتابيا حيول السيورة إنميا هي أشيبه بمقيا
للسورة كما ف كت التفسير ،أو تفسير موضوع مقتب ،وأهم من كت ف ذلك:
.1التفسييير الموضييوع لسيييور القييرآن الكيييريم-إعييداد نخبييية ميين علمييياء التفسييير وعليييوم القييرآن ،وهيييو
بإشراف الدكتور مصطفى مسلم.
.2نحو تفسير موضوع لسور القرآن الكريم-للسيخ محمد الغزال .
ولم تتناول تلك الدراسا السورة من جانبها السي يتعل بالحياة الزوجية.
موضوع البحث:
تناول هسا البحث دراسة الجوان المتعلقة بالحياة الزوجية من خيالل سيورة التحيريم ،وذليك
من خالل المسهد السي عرضد له من حياة النب مع أوواجه ،والتعرف عليى صيفا الزوجية
الصالحة ،والوقوف على نماذج من التاريخ ذكرتهما السيورة عين النسياء ،وميا يحيدا في الحيياة
سبُا العالج.
الزوجية من اضطرابا واختالفا ومساكا بين الزوجين وأفبا ُ
وقيد تييم تفصيييا الكييالم في هييسه المباحييث ،وإيهيار مييا فيهييا ميين ِح َكييم وأحكييام ،وذِكيير بعييض
النصييائح والتوجيهييا الت ي تخللييد تلييك الدراسيية ،والتي تحتاجهييا كييا أسييرة ،وتع يدّ أساس يا ً لبنيياء
مجتمع فاضا ،وي ول التوفي .
2
تمهيد:
سورة التحريم ه إحدا السيور التي تعيالح قبيية اجتماعيية مهمية تتعلي بالحيياة األسيرية،
وقبا الوقوف على المبامين التربوية حول الحياة الزوجية الت تناولتها هسه السيورة سيأقف في
بد منها ،وذلك على النحو التال : عجالة مع هسه المقدما الت
ُ
أوالً :مدنية السورة وتسميتها:
ذَ َكيير اإلجمييا علييى أنهييا مدينيية نييير واحييد ميين العلميياء 1،وقييال اولوس ي :والمسييهور أنهييا
مدنية ،2 .وه اثنتا عسرة آية ،ومائتان سيبع وأربعيون كلمية ،وأليف وسيتون حرفياً 3،وهي مثيا
سورة الطال ف عدد آياتها وحروفها ،وتزيد عنها سورة الطال بكلمتين.
وتسييمى سييورة التحييريم ،وهييسا ا سييم المثبَييد فيي المصيياحف ،والمسييتهر ميين بييين أسييماء
السورة ،وسميد بهسا ا سم نسبة إلى ما وقع من تحريم النب بعض ميا هيو مبياه ليهم عليى ميا
سيأت ف سب النـزول إن شاء ي.
وتسييمى سييورة النب ي م سييتهاللها بييسكر النب ي ،و ِلمييا اختصييد بييه ميين حييديث عيين بيييد
النبوة ،وبعض المسكال الت ةرأ ف هسا البيد الكريم.
حرم» وجعلها بمنـزلة ا سيم ،وإدخيال اللّ َم ت ُ َح ِ ّرم ،على حكاية جملة « ِل َم ت ُ ِ ّ
وتسمى كسلك سورة ِ
4
م التعريفة العهدية عليها ،وإدنام الالمين.
5
المتحرم وسورة لم تحرم. َّ وقد ذكر السيوة ف اإلتقان أنها سورة
والمالحظ على هسه التسميا كلها أنها تدور حيول فليك واحيد ،وهيو ميا حرميه النبي عليى
نفسه.
وذكر اولوس عن ابن الزبير أنها سورة النساء 6،قال ف التحرير والتنيوير :وليم أقيف علييه
7
ولم يسكر صاح اإلتقان هسين ف أسمائها.
ثانياً :ترتيب نـزول السورة:
تأت هسه السورة ضمن ِعيداد السيور المدنيية ،وهي في السيور األواخير منهيا ،فهي السيورة
الثانييية والعسييرون ف ي ترتي ي السييور المدنييية ،وه ي السييورة الخامسيية بعييد المائيية ف ي ترتي ي
النييـزول 8،أمييا ميين حيييث ترتيي المصييحف فهي تُعيدّ السييورة السادسيية والسييتون ،تسييبقها سييورة
1انظر مطلع تفسير السورة عند القرةب والثعالب وابن عطية ونيرهم.
2اولوس ي ،أبييو الفبييا شييهاب الييدين السيييد محمييود 1270هييـ .روح المعااانف فااف ت سااير القاارم العباايم والساابع الم ااانف،
بيرو :دار إحياء التراا العرب ،د ،. .ج ،28ص.146
3الخاون ،عل بين محميد بين إبيراهيم 741هيـ .لباا التووياف فاف معاانف التلاـزيف ،ةبعية حسين حلمي الكتبي ومحميد حسين
جمال الحلب برخصة نظارة المعارف1317 ،هـ ،ج ،4ص.283
4ابن عاشور ،السيخ محمد الطاهر 1393هـ .التحرير والتلوير ،تونس :الدار التونسية للنسر1884 ،هـ ،ج ،28ص. 343
5السيوة ،أبيو الفبيا جيالل اليدين عبيد اليرحمن بين أبي بكير 911هيـ .اإلتقاا فاف وماول القارم ،بييرو :دار الفكير ،ة
1416/1هـ=1996م ،ج ،1ص.154
6اولوس ،روح المعانف ،مرجع ساب ،ج ،28ص.146
7ابن عاشور ،التحرير والتلوير ،مرجع ساب ،ج ،28ص.343
8انظيير الزركس ي ،أبييو عبييد ي محمييد بيين بهييادر بيين عبييد ي 794هييـ .البرهااا فااف ومااول القاارم ،بيييرو :دار المعرفيية،
1391هـ ،ج ،1ص ،194ابن عاشور ،التحرير والتنوير ،مرجع ساب ،ج.343 ،28
3
الطال ،ويأت بعدها سورة الملك ،وه السورة الخاتمة للجزء الثامن والعسيرين في المصيحف
السريف.
ثال اً :جو نـزول السورة:
هسه السورة الكريمة معيدودة الخامسية بعيد المائية في عيداد نيـزول سيور القيرآن ،يسيبقها في
ترتي النـزول سورة الحجيرا وييأت بعيدها سيورة الجمعية .ومين المعليوم قطعيا ً أن نيزول هيسه
اويا كان بعد وواج النب من وين بند جحش كميا دل عليى ذليك سيب النيزول .ولييس مين
المعلوم تحديدا ً ومان نزول اويا ،ولكن يمكين الوقيوف عليى بعيض األحيداا في كتي التياريخ
سِي َير التي قييد توقفنييا -علييى األقييا -علييى تحديييد الفتييرة الزمنييية التي وقعييد فيهييا تلييك األحييداا
وال ّ
أسباب لنـزول اويا . ت والوقائع الت ه
فقصة ويد ووين وقع ذكرها ف سورة األحزاب ،وهسه السورة باسم نزوة نزاهيا النبي
1
وه نزوة األحزاب أو الخند ،وقد وقعد هسه الغزوة ف السنة الخامسة للهجرة.
ثم إن قدوم وفد بن تميم على رسول ي كان سينة تسيع مين الهجيرة ،وفييهم نيـزلد اوييا
5-4من سورة الحجرا 2،وهسه السورة تسب ف نـزولها سورة التحريم ،كما سب .وبنا ًء علييه
فإنه من الثابد أن تكون سورة التحريم نزلد بعد السينة الخامسية مين الهجيرة ،ومين المحتميا أن
تكون ف التاسعة أو بعدها ،وي أعلم .وأيا كاند الفترة الزمنية الت نيـزلد فيهيا السيورة إ أنهيا
نـزلد ف ومن كاند الدولة اإلسالمية الجديدة فيها أكثر استقرارا ً وأماناً ،وهسا الجو السي نـزلد
فيييه السييورة يلقي بظاللييه علييى الحييياة البيتييية في بيييد النبييوة ،فيحييدا فيييه مييا يحييدا ف ي بيييو
األوواج ،ويجري عليه ما يجري على النياس ،وهيسا ميا نلمحيه في سييرة النبي ،حييث ليم نجيد
مثا هسه الخالفا وقيع في الفتيرة المكيية و في بيدايا العهيد الميدن ،وإنميا يهير مثيا هيسه
الخالفا ف وقد كاند الحياة فيه أكثر استقرارا ً وأماناً.
رابعاً :ملاسبة السورة لما قبمها:
السورة التي تسيب هيسه السيورة الكريمية هي سيورة الطيال ،وبيين السيورتين مين التناسي
والتالوم ما يخفى إدراكه ،فإن السورتين متسيابهتان فيميا تعرضيان مين أحكيام ،وتتنياو ن مين
موضوعا .وهسه وبعض وجوه التناس بين السورتين:
أولها :من حيث افتتاه الخطاب ف السورتين ،فكالهما افتُتِحد بخطاب النب .
ثانيهاً :سورة الطيال كانيد في خصيام نسياء األمية ،وهيسه في خصيومة نسياء النبي ،إعظاميا ً
3
لمنصبهن أن يُسكرن مع سائر النسوة ،فأفردهن بسورة خاصة.
1الراوي ،فخر الدين محمد بن ضياء الدين عمر 606هـ .م اتح الغيب ،اوستانة :مطبعة عل بك ،د ،. .ج ،8ص.231
2البقاع ،أبو الحسن برهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسن الرباة 885هـ .نبم الدرر فف تلاسب اآليات والسور ،بيرو :
دار الكت العلمية ،ة 1415/1هـ=1995م ،ج ،8ص.43
5
المفسدين بين أجزائها ،ومن ثم إفساد هسا النظام المترابا ،وتفكيك ذلك التماسك المتيين وسييؤدي
بعد ذلك إلى الفساد ف الحال والمآل ،وكما قيا :البيو أسرار ،فكان لزاما ً توعييةُ أفيراد األسيرة
جميعاًم لدرء كا عدو يريد أن يقتحم على هسا البناء ،ومحاربة كا من حاول إفساد نظامه.
أما المقطع الثالث واألخير ف السيورة ،فهيو ييدور حيول مثليين ضيربهما ي تعيالىم أحيدهما
للكافرين ،واوخر للمؤمنين .فأما المثا المبروب للكافرين فقد شما نميوذجين لبيتيين مين بييو
األنبياء السابقين –نوحا ً ولوةا ً عليهما السيالم ،-حييث كانيد خيانتهميا لزوجيهميا بالنميمية ،وكيان
إذا أوح إليهما بس ء أفستاه للمسركين ،قاله البحاو ،وقيا :كانتا منافقتين ،وقيا :كانيد اميرأة
1
صد بالخيانة هنا الزنا. لوة تدل القوم بمن ورد على ووجها من أضياف ،ولم يُق َ
وأما المثا المبروب للمؤمنين فقد اشتما أيبا ً على نموذجين مختلفين :أميا األول فهيو عين
امرأة فرعون ،المرأة الصالحة ف بيد كافر ،على النقيض تماما ً للمثا الساب السي اشيتما عليى
الحديث عن امرأتين كافرتين ف بيتين مسلمين ،ومعلوم أن امرأة فرعون خاضد معتركا ً صيعبا ً
ف يا مواجهتها لجبرو فرعون الطانية من جهة ،ولعروض الحياة اليدنيا ووينتهيا مين ناحيية
أخرا ،ولموقعها العال ف هسه المملكية مين ناحيية ثالثية ،وألنوثتهيا وضيعفها مين ناحيية رابعية،
وفو كا هسا كاند امرأة واحدة ف وسا هسه البغوة الت تكالبد عليهيا مين كيا صيوب ،كيا
هييسه التحييديا عاشييتها امييرأة فرعييون واقع يا ً ملموس ياً ،ومييع ذلييك صييبر أمييام هييسه التحييديا
مجتمعة ،وبقيد على إيمانهيا دون أن يُكسَيف أمرهيا دهيراً ،فلميا ُكسِيف أ َ ْمير إيمانهيا أ َ َمير فرعيون
2
بتعسيبها ،قيا :فدعد بهسه الدعوا لما عرف فرعون بإيمانها بموسى .
وأما مريم –عليها السالم -فه نموج رائيع آخير في العفية والطهيارة والحصيانة ،وميا كانيد
لتخييون األمانيية في حفييظ عرضييها ،بييا حافظييد عليييه ،وصييدقد بكلمييا ربهييا ،وكانييد نموذج يا ً
للقانتين.
فالتقييد هييسه الموضييوعا علييى محييور واحييد يؤلييف بينهييا ،ويجعلهييا وحييدة واحييدة مؤتلفيية
متماسكة كالبناء المتين ،وهو محور السرية والكتمان وعدم الخيانة.
1أبو حيان ،محمد بن يوسف 745هـ .البحر المحيط ،بيرو :دار الكت العلمية ،ة 1413/1هـ=1993م ،ج ،8ص.289
2انظر :قط ،سيد 1386هـ .فف ظالل القارم ،القياهرة ،بييرو :دار السيرو ،ة 1423/2هيـ=2003م ،ج ،6ص،3622
أبو حيان ،البحر المحيا ،مرجع ساب ،ج ،8ص.290
6
ةلَّقَ ُك َّن أَن يُ ْب ِدلَهُ أ َ ْو َواجيا ً َخيْيرا ً ِ ّمين ُك َّن ُمسْي ِل َما ٍ رمؤْ ِمنَيا ٍ قَانِتَيا ٍ تَائِبَيا ٍ
سى َربرهُ ِإن َ ع َ ير * َ ي ِه ت ذَ ِل َك َ
سا ِئ َحا ٍ ث َ ِيّ َبا ٍ َوأ َ ْب َكارا ً ( التحريم. 5-1: عا ِبدَا ٍ َ َ
هسا المقطع من اويا الكريمة من سورة التحريم يتناول حيياة النبي كيزوج ،فتيسكر موقفيا ً
مير بهيا الحيياة الزوجيية في بييد النبيوة ،وقيد اشيتما عليى جملية مين اوداب ّ من المواقف الت
واألحكام ،تأديبا ً ألمته ،وتعليما ً لها ،وتربية لألوواج بما يحق حياة دائمة سعيدة.
ويحسن أن أبدأ بسكر سب نـزول هسه اويا :
المطمب األول :سبب نـزول اآليات:
ورد ف سب نـزول هسه اويا ثالثة أسباب أحيدها ضيعيف ،وسأقتصير عليى ذكير السيببين
الصحيحين:
الساابب األول :مييا أخرجييه البخيياري –واللفييظ لييه -ومسييلم 1ونيرهمييا عيين عائسيية -رضي ي
عنهييا -أن النب ي كييان يمكييث عنييد وين ي بنييد جحييش ،ويسييرب عنييدها عس يالً ،فتواص ي ْيد أنييا
د مغيافير؟ فيدخا عليى أن أيَّت َنا دخا عليها النب فلتقا :إن أجد فيك ريح مغافير 2أ َ َك ْلي َ وحفصة َّ
إحداهما ،فقا له ذلك ،فقال« :با شربد عسالً عند وين بند جحيش ،ولين أعيود ليه» فنيـزلد
َِ التحيريم 4 :لعائسية وحفصية، يك إليى ِ إن تَتُو َبيا ِإلَيى َّ َُ لَ َ َيا أَير َها النَّ ِب ر ِل َم ت ُ َح ِ ّر ُم َما أ َ َحي َّا َّ
اج ِه َحدِيثا ً لقوله« :با شربدُ عسالً». ض أ َ ْو َو ِ س َّر النَّبِ ر ِإلَى بَ ْع ِ وَ :و ِإ ْذ أ َ َ
ع ِق َ هسه الرواية مباشيرة أن التي شيرب النبي عنيدها العسيا وف رواية أخرا للبخاري َ
حفصة ،وأن الالت تواةأن عليه عائسة وسودة وصفية .وذكر السيوة ف الدر المنثيور روايية
عن ابين عبياس أن التي شيرب النبي العسيا عنيدها سيودة بنيد ومعية ،وأن الالتي تواةيأن
عليه عائسة وحفصة3،وف رواية أخرا عن عبيد ي بين رافيع أنهيا أم سيلمة ،وأن التي تواةيأ
4
عليه ه عائسة رض ي عنها.
السبب ال انف :ذكر اإلمام الماوردي ف تفسيره أنها مارية أم إبراهيم ،خال بهيا رسيول ي
ف بيد حفصة بند عمير ،وقيد خرجيد لزييارة أبيهيا ،فلميا عياد وعلميد عتبيد عليى النبي
فحرمهييا علييى نفسييه إرضيياء لحفصيية ،وأمرهييا أن تخبيير أحييدا ً ميين نسييائه ،فييأخبر بييه عائسيية
لمصييافاةٍ كانييد بينهمييا ،وكانتييا تتظيياهران علييى نسيياء النبي أي تتعاونييان ،فحي ّيرم مارييية وةلي
1البخاري ،أبو عبد ي محمد بن إسيماعيا 256هيـ .الجاامع الصاحيح .بييرو :دار ابين كثيير ،اليمامية1407 ،هيـ=1987م،
كتييياب الطيييال ،بييياب ليييم تحيييرم ميييا أحيييا ي ليييك ،حيييديث رقيييم ،4966ج ،5ص .2016ومسيييلم ،أبيييو الحسيييين مسيييلم بييين
الحجاج 261هـ .الجامع الصحيح .بيرو :دار إحياء التراا العرب ،كتاب الطال ،باب وجيوب الكفيارة عليى مين حيرم
امرأته ولم ينو الطال ،د ،. .حديث رقم ،1474ج ،2ص.1100
ييرفُا ُح ْليييو ،وليييه ِريييي تح ِ
كريهييية ُم ْن َكيييرة .انظييير ابييين األثيييير ،أبيييو السيييعادا المبيييارو بييين شييي َج ُر العُي ْ 2ال َمغَيييافير :شييي ء َي ْن َ
بييي ُحه َ
محمد 606هـ .اللهاية فف غريب الحديث واألثر ،بيرو :المكتبة العلمية1399 ،هـ=1979م ،ج ،3ص.703
3السيوة ،أبو الفبا جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكير 911هيـ .الادر المل اور فاف الت ساير بالماوثور ،القياهرة :مركيز
هجر للبحوا والدراسا العربية واإلسالمية ،المهندسين ،ة 1424/1هـ=2003م ،ج ،14ص.569
4المرجع الساب ،ج ،14ص.569
7
ُحيرمهن شيهراً، حفصة ،واعتزل سائر نسيائه تسيعة وعسيرين يومياً ،وكيان جعيا عليى نفسيه أن ي ّ
1
فأنـزل ي هسه اوية ،فراجع حفصة واستحا مارية وعاد إلى سائر نسائه.
المطمب ال انف :المشهد الملبور لمحياة البيتية اللبوية:
هسه السورة الكريمة تكسف عما ييدور في حيياة النبي الخاصية في بيتيه ،وميا يجيري بينيه
وبين أوواجه ،وهسا من أخص خصائص الحياة الزوجية ،لكن األمير في الحيياة الزوجيية النبويية
مختلفم ألن النب قدوة وأسوة حسنة ،بهداه تهتدي األمة ،وعلى خطاه تسيير ،و شيك أن هيسا
المستور في حياتيه بيد ليه وأن يُكسَيف للنياسم حتيى يتعرفيوا عليى حياتيه ،ويُسيتَفاد مين ةريقية
تعامله مع أوواجه ف تعاما الزوج مع ووجه أو أوواجه.
يقييول سيييد قط ي –رحمييه ي :-ثييم يجعييا ي حياتييه الخاصيية والعاميية كتاب يا ً مفتوح يا ً ألمتييه
وللبسرية كلها ،تقرأ فيه صور هسه العقيدة ،وترا فييه تطبيقاتهيا الواقعيية .ومين ثيم يجعيا فيهيا
سييرا ً مخبييوءاً ،و سييترا ً مطوي ياً .بييا يعييرض جوان ي كثيييرة منهييا ف ي القييرآن ،ويكسييف منهييا مييا
يطوا عادة عن الناس ف حياة اإلنسان العادي .حتى مواضع البعف البسري السي حيلة فييه
لبسر .با إن اإلنسان ليكاد يلمح القصد ف كسف هيسه المواضيع في حيياة الرسيول للنياس إنيه
ليس له ف نفسه ش ء خاص .فهو لهسه الدعوة كله .فعالم يختبئ جان مين حياتيه أو يخبيأ؟ إن
حياته ه المسهد المنظور القري الممكن التطبي من هسه العقيدةم وقيد جياء ليعرضيها للنياس
2
ف شخصه ،وف حياته ،كما يعرضها بلسانه وتوجيهه .ولهسا ُخ ِل .ولهسا جاء.
إن هسا الموقف من حياة النبي يحيدد لنيا المفهيوم الحقيقي الصيحيح لألسيرة ،ويكسيف عين
حقيقة التعاما بين اليزوجين .إن التعاميا بيين اليزوجين لييس هدفيه شيهوة قصييرة ومتعية عاجلية،
و هو مسرو اقتصادي استهالك مرتبا بمنفعة ك ّا من الزوجين باوخر وقائم عليى المصيالح
المستركة ،متى انقبد تلك المصلحة كان ا نفكاو وا نفصال ،و هو مجيرد عواةيف ومييول
من كال الطرفين لآلخر ،وإنما هو بناء ألسرة ممتدة الجسور ،ممتيدة الفيرو م جيسورها تعيود إليى
أول أسرة خلقها ي تعيالى واسيتخلفها عليى هيسه األرض –آدم وحيواء ،-التي تفرعيد عنهيا أ ُ َ
س تير
بقيد فروعها تمتد وتمتد إلى هيسه اللحظية ،و تيزال تمتيد ،بيا بيد لهيا أن تبقيى كيسلكم ليتحقي
مين وجودهييا الهييدف األسيمى ميين وجودهييا علييى هيسه األرض ،وهي عمييارة األرض والمحافظيية
عليها بالكيفية الت أراد ي تعالى لها.
صير إن العالم اليوم قد تبدل حاله ،وتغير مفهومه الصحيح لألسرة الحقيقة ،وإنيك لتيرا َمين قَ َ
مفهومه لألسرة على المتعة وا ستمتا ،وجعا حظه األوفى منها قبياء شيهوة أو متعية عاجلية،
وإن من البسر َمن جعا األسرة مسروعا ً اقتصاديا ً ربحياً ،يتاجر ب ِعرضيه ليك ِث ّير ماليه ويسيتثمره،
ويزيد من رصيده ،وبعبيهم رفيض فكيرة اليزواج مين أصيلها ،واسيتعاض عنهيا بفكيرة السيراكة
والصييداقة ،واقتييرن بغيييره ميين نييير ضييوابا أو قييوانين تحكمييه ،ونس ي هييؤ ء وأوليييك المقصييد
471هـ .التعري ات ،بيرو :دار الكتاب العرب ،ة 1405/1هـ ،ص.210 1الجرجان ،عل بن محمد عل
2أخرجه مسلم ،الجامع الصحيح ،مرجيع سياب ،كتياب صيفا المنيافقين وأحكيامهم ،بياب تحيريش السييطان وبعثيه سيراياه لفتنية
الناس وأن مع كا إنسان قرينا ً ،حديث رقم ،2815ج ،4ص.2168
9
لقيد رأينيا نسياء النبي وقيد أخيس ببعبيهن الغَييرة مأخيسهام فوقيع ميا وقيع مينهن مين تيآمر
وتواف سوا ًء على مارية أو َمن شيرب النبي عنيدها العسيا ،ثيم تنفييس ميا ات ر ِفي علييه ،ثيم كانيد
حرم النب بعض ما أحا ي له ،وما تاله من نب وقع منه عليهن. النتيجة أن َّ
يقول السييخ محميد الغزالي :وقيد آخيسهن ي بيأمرين معيروفين فيى السييرة :األول اتفياقهن
على مطالبية النبيى بالمزييد مين النفقية ،وضييقهن بالمعيسية الناشيفة التي التزمهيا .وقيد رضيين
جميعا ً بالبقاء معه عندما أكد لهن أنه ما بد من هسه الحيياة لمين يرييد ي ورسيوله واليدار اوخيرة
أما األمر الثان فإن النب كان لطيف العسرة لين الجان ،دميث األخيال ،فيأةمع ذليك بعيض
نسائه ف الجراءة عليه .وكاند الغيرة ه السب ،فزعمد إحيداهن أنهيا شيمد منيه رائحية نيير
ةبيعية ،فقال :شربدُ عسالً عند وين فقالد :لعا نحله وقع على نبا سئ .فقال :أعيود إلييه
و تخبري أحداً .ثم يهر أن القصة مفتعلة ،وأنها ميؤامرة لتزهييده في فالنية ونبي الرسيول
لما وقع ،وهجر نساءه جميعا ً حتى شا أنيه ةلقهين ونيـزلد سيورة التحيريم تطفيئ هيسه الفتنية
1
وتؤدب من أحرج الرسول وأساء المسلك.
إذن ،ليسد الغيرة بالس ء الهيّن ،إنها قيد تسيو صياحبها إليى سيوء المسيلك .إنهيا قيد تسيببد
ف إصابة البيد النبوي باله ِ ّم وال َحزَ ن.
1الغزال ،محمد .نحو ت سير موضووف لسور القرم ،القاهرة ،بيرو :دار السرو ،ة 2000/4م ،ص.468
10
روا البخاري عن ابن عباس رض ي عنهما قال :لم أول حريصا ً عليى أن أسيال عمير بين
صيغ ْ
َد الخطيياب عيين المييرأتين ميين أوواج النبي اللتييين قييال ي تعييالىِ :إن تَتُو َبييا ِإلَييى َّ
َِ فَقَي ْد َ
قُلُوبُ ُك َما (التحريم . 4 :حتى حح وحججد معه وعدل وعدلد معه بإداوة ،فتبرو ثم جاء فسيكبد
على يديه منها فتوضأ ،فقلد له :يا أمير المؤمنين من المرأتان مين أوواج النبي اللتيان قيال ي
َد قُلُوبُ ُك َمييا ؟ قييال :واعجبيا ً لييك يييا ابيين عبيياس همييا عائسيية ص يغ ْ تعييالىِ :إن تَتُوبَييا ِإلَييى َّ
َِ فَقَي ْد َ
وحفصيية ،ثييم اسييتقبا عميير الحييديث يسييوقه 1 ...وقييد جيياء فيييه أن نسييان كانييد تعييد العييدة لقتييال
المسلمين ،فجاءه صاحبه وضيرب بابيه ضيربا ً شيديداً ،فقيال عمير :أجياء نسيان؟ قيال :بيا
أعظييم ميين ذلييك وأ ْهييول ،ةل ي النب ي نسيياءه .وفيييه أيب يا ً أن رسييول ي اعتييزل نسيياء تسييعا ً
وعسرين ليلة ،وكان قد قال « :ما أنا بداخا عليهن شهرا ً» من شدة موجدته عليهن.
إنه ألمر عظيم ،وكان له و ْقعه على المسلمين ،حتى لقد عدّه صاح عمر أعظيم مين نيزو
نسان للمسلمين .وكان له وقعه على النب م حيث وجيد في نفسيه موجيدة شيديدة عليى أوواجيه،
وآلى أن يعتزلهن شهراً .إنها حياة مبطربة ،نير رتيبة و منتظمة .والسب األساس اليسي أدا
إلى الوصول إلى هسه الحال هو الغَيرة.
رابعهيا :الغيْيرة تفيتح بياب السيك بيين اليزوجين عليى مصيراعيه ،وتوقيع األوواج في تخيوين كيا
منهما لآلخر ،ومن ثم تسو إلى سوء ين بعبهما ببعض ،وتجسس كا منهميا عليى اوخير
معنيىم نظيرا ً نعيدام الثقية بيين ً ومتابعة كيا منهميا لآلخير .وحينيي ٍس يكيون للحيياة ةعيم و
الزوجين.
خامسييها :إن الغَيييرة قييد تييؤدي إلييى ال ِكبيير ،وهييو ميين أخطيير األمييراض التي تصييي المسييلمم ألن
مصير صاحبه إلى النار واستحقا نب ي وسخطه ،والغَيْرة من األسيباب المؤديية إلييه،
سيما إذا كان الزوج قد عدّد ف الزوجا ،فقد تدفع الغيْرة إحيدا ووجاتيه إليى التعيال عليى
األخريا والتكبر عليهن ،فتقارن بينها وبينهن لتقرر أنها أفبا منهن وأكثير جميا ً أو ميا ً
أو نيرهييا ميين وجييوه التفبيييا .إن الزوجيية بطبعهييا تحي أن تسييتأثر بزوجهييا ،و تحي أن
يسيياركها فيييه أحييد ،وإذا تييزوج ووجهييا ميين أخييرا يهيير هييسا المييرض فيهييا وبييان وانكسييف،
ولعا هسا األمر قد يهر في قصية نيـزول اوييا ،عنيدما تمياأل ووجتيا النبي علييه لييالً
يسرب عسالً عند فالنة ،أو أن يطأ فالنة ،وكان سببه الغيْرة.
عى إلى ا ستيثار بالس ء وعدم مساركة اوخرين فيه. سادسها :الغَيرة أ ْب َعد عن اإليثار ،وأ ْد َ
لهسا كان بد من التنبيه على خطورة الغَيرة المسمومة على الحياة الزوجية ،وأنه بيد وأن
تكون ف حدود المسموه به شرعاًم والحسر من اإلفراة فيها أو التفريا.
ولعا من أهم األسباب الت تُظهر الغَيرة عند النساء وتكسفها ه تعيدد الزوجيا ،فيإذا قيدَّر
تسيلّم ألميره ،و ي للرجا أن يتزوج بأكثر من واحدة ،فال بد للزوجة أن ترضى بقيدر يْ ،
ول ِ
1البخياري ،الجاامع الصاحيح ،مرجيع سياب ،كتياب النكياه ،بيياب موعظية الرجيا ابنتيه لحيال ووجهيا ،حيديث رقييم ،4895ج،5
ص.1991
11
يرض ي ،وعليهيا أن ت ِعي َ أن تعيدد الزوجيا أمير مسيرو ، تبادر إلى أعمال قد توقعها فيما
تحرم ما أحا ي. فال يصح أن ِ ّ
هسا بيان للتصور اإلسالم حيول الغَييرة بمفهو َميْهيا المقبيول والميردود ،و سيواء بيين هيسا
التصييور الييسي يتواف ي مييع ةبيعيية اإلنسييان ،ويبييع العييالج بمييا يتناس ي وهييسه الطبيعيية ،وبييين
التصييور الغربي لهييا .ولعييا النيياير في المجتمعييا الغربييية يالحييظ تسييّبا ً واضييحا ً في األسييرة،
وخلخلة بينة ألركانها ،وانحرافا ً أخالقيا وسلوكيا ً مقيتاً ،و تجد تلك الغييرة في تليك المجتمعيا ،
فكاند نتيجة ذلك تفكك المجتمع ،وتفكك األسرة ،وانتسار الفاحسة وحوادا ا نتصاب.
إن الغَيْرة وإن كاند مسمومة ف بعض جوانبهيا ً إ أنهيا تحيافظ عليى أركيان األسيرة وبنائهيا
سلمياً ،وتحفظ على المجتمع قِيَمه وأخالقه ،ليبقى مجتمعا ً قويا ً متينا ً متماسكاً.
سن المعاشرة بين الزوجين المطمب الرابعُ :ح ْ
يلزم ستمرار الحياة الزوجية بين الزوجين أن يكيون بينهميا ُحسين المعاشيرة ،وليين الجاني
والمودة والرحمة والتآلف والمحبة المتبادلة ،وهسا ما كان مترجميا ً ترجمية عمليية في حيياة النبي
مع أوواجه الكرام ،فإنك لن تجد الكمال ف حسن المعاملية -أقيول في البييد وحسي ،وإنميا
ضيا َ مع كا الناس مسلمهم وكافرهم -مثا معاملة النب ،وانظير إليى قوليه تعيالى :ت َ ْبت َ ِغي َم ْر َ
اج َك( التحريم 1 :وتأما هسا التوافي والتنيانم بيين النبي مين جهية وبيين أوواجيه جميعيا ً أ َ ْو َو ِ
من جهة أخرا إنه الرضا التام بين األوواج ،وهيسا ميا أكدتيه الروايية في سيب النيـزولم حييث
قال لحفصة عندما وجد في نفسيها مميا أصياب مين ماريية في بيتهيا –أي في بييد حفصية،-
سيؤْ ت َ ِن ،فقيال النبي ّ : ونار نَيرة شيديدة ،وقيد قاليد ليه :قيد رأييدُ َمين كيان عنيدو ،وي لقيد ُ
س ِ ّيريَّت َ احفَ ِظيي ِه» قاليد :وميا هيو؟ قيال« :إنّي أ ُ ْشي ِهد ُو َّ
أن ُ ضيَنَّ ِك فَإنّ ُمس ِّر إلَي ِْك ِس ًيرا فَ ْ
ألر ِ
«ويِ ْ
ضا لَ ِك» 1.فقد كيان خيير األوواج إليى أوواجهيم ،وفي حيديث عائسية رضي ى َح َرا تم ِر ًعلَ َّ
َه ِس ِه َ
ي عنهييا عنييد اإلمييام الترمييسي قالييد :قييال رسييول ي « :خيييركم خيييركم ألهلييه وأنييا خيييركم
ألهلي 2.»...وميا ينبغي للرجيا أن يكيون في بيتيه دكتاتورييا ً أو متصيلبا ً عنيد رأيييه ،وإنميا يسيياور
ووجييه ،ويسييتمع إليهييا ،فلعييا رأيهييا يكييون صييواباً ،وقييد كييان ألمنييا خديجيية رض ي ي عنهييا عن يد
رسول ي رأي.
ثم إن البيو أسرار ينبغ أن تُكسَف ،وهسه األسرار درجا ،منها ميا يكيون خاصيا ً بيين
الزوج وووجه ،ثم يتدرج بعد ذلك شييا ً فسيياً ،فيع ّم األو د والزوجا األخريا إن كان له أكثير
من ووجة .وإفساء األسرار ف الحياة الزوجية يعما على تفكك األسرة ،ويتسب ف إيجاد شرخ
بييين األوواج قييد يييـزداد ِحييدة حتييى يصييا األميير إلييى الطييال م فييال بييد ميين الحفيياي علييى األسييرة
أسير النبي مترابطة متماسكة بحفظ أسرارها .وقد رأينا ماذا حدا ف البيد النبوي الكريم عندما ّ
310هـ .جامع البيا ون توويف مي القرم ،مؤسسة الرسالة ،ة 1420/1هـ=2000م، 1الطبري ،أبو جعفر محمد بن جرير
ج ،23ص.477
2الترمسي ،أبو عيسى محمد بن عيسى 269هـ .الجامع الصحيح .بيرو :دار إحياء التراا العربي ،د ،. .كتياب المناقي ،
باب فبا أوواج النب ،حديث رقم ،3895ج ،5ص .709قال أبو عيسى :هسا حديث حسن نري صحيح.
12
إلى بعض أوواجه حديثا ً خاصا ً بينه وبينها ،وأمرها أ تخبر به أحداً ،لكنهيا أخبير بيه بعيض
نسييائه ،وأ ْفسييد سي ّير رسييول ي ،فأةلعييه ي عليييه ،وحييدا بعييدها مييا حييدا ميين المقاةعيية
لنسييائه ،واعتزالييه لهيين ،حتييى لقييد قيييا :إنييه ةلي نسيياءه .ثييم رجعييد –برحميية ميين ي -العالقييا
الزوجية ف بيد النبوة إليى ةبيعتهيا بعيدما نيـزل الحكيم اإللهي حيال لهيسه المسيكلة ،وليكيون هيسا
الحكم ساريا ً ف كا بيد من بيو المسلمين بعد.
أين المجتمعا اإلسالمية اليوم من هيسه األخيال الكريمية؟ وأيين المجتمعيا الغربيية التي
معلّيم البسيرية تتغنى بالحرية وتتسيد بالديمقراةيية مين هيسه المعاملية الزوجيية الفرييدة في بييد ِ
كثيير مين مثيا هيسه اوداب ٍ ومؤدِّب اإلنسانية؟ إن الحياة الزوجية ف مجتمعيا الييوم تفتقير إليى
واألخال ،با تكياد المجتمعيا الغربيية ونيرهيا مين المجتمعيا نيير اإلسيالمية تخليو مين أدب
التسييامح والتواصييا والتالةييف بييين الييزوجين ،لكيين المجتمييع اإلسييالم األصيييا يتمسييك ب ِق َيمييه
وأخالقه ،ويتقل بين القرآن والسنة ف استلهام اوداب والفبائا ،ويجعلهميا حيدوده التي تحمييه
من الزيف وا نحراف ،وتحفظه من األمراض الت تهدم بناء األسرة ،وتفتك بكيان المجتمع.
إن األميية اإلسييالمية اليييوم قييد آن لهييا تعييود إلييى هويتهييا اإلسييالمية األصيييلة ،بعييدما رأ بييأم
تنتم ي إلييى دييين ،وشيياهد التفكييك والقطيعيية ف ي بنيياء تلييك عينهييا مييا ح ي ّا بالمجتمعييا الت ي
المجتمعا م ألنها لم تُبنَ على أساس متين ،فساء بناوهيا ،وليم تيأ ِ بنتياجٍ ةيي ،ألن األسيرة فييه
افتقد ج َّا مقوما األسرة الروحانية والعاةفية ،وأصبحد الصلة الت تربا بناء األسرة وتسيد
أركانها قائمة على المصالح المادية ،فكان ما كان فيها من تسرذم من جهية ،وتسيير وإباحيية و
مبا ة من جهة ثانية.
إذن ُح ْسيين المعاشييرة بييين الييزوجين يقتب ي أن تُبنَييى العالقيية بينهمييا علييى التسييامح والمحبيية
والرحمة ،وأن يحفظ ك اا اوخر حاضرا ً ونائباً ،وأن يتأدب الزوجيان بياوداب السيامية ،ويتخلَّقيوا
باألخال الفاضلة.
13
المبحث ال انف :ص ات الزوجة الصالحة ونماذج من اللساء كما فف السورة.
الزوجة الصالحة سب من أسباب السعادة ف الدارين ،إذا نظر إليها ووجهيا دخليه السيرور،
وشييعر باألمييان والسييكينة ،وه ي عييون لييه علييى ةاعيية ي .وقييد ذكيير سييورة التحييريم جوامييع
الصفا للزوجية الصيالحة نستعرضيها في هيسا المبحيث ،وذكير لنيا نمياذج مين التياريخ لنسياء
مؤمنا ،ونساء كافرا .
المطمب األول :ص ات الزوجة الصالحة
األسرة ل ِبنَة من لَ ِبنا المجتمع ،عليها يقوم بناوه ،ويستوي على أركانه ،فال بد أن تكيون هيسه
األسرة سليمة األركان ،متينة البنيان ،وهسا يستلزم أن تكون ل ِبناتهيا صيالحة قويية لتكيون ثمراتهيا
نافعة بهية.
إن الزوج إذا أراد أن يُ ْقدِم على الزواج كان أماميه اختيياران :إميا أن يختيار ووجية ذا ميال
س وجمال ونير ذلك من الصفا ،يت َّ ِبع ف ذلك هواه ،ويجعا مييزان اليدِّين جانبيا ً س ونَ َ و َح َ
يح ُكييم ل يه إرادة ،و يسييتأنس بييه في اختيييار ،وإمييا أن يختييار ووجيية علييى أسيياس الييدين ،علييى
ي الفريقين أح بالسعادة وأهدا سبيال؟ لسا فإن اإلسالم م ّهيد الطريي مقياس الهوا والمزاج .فأ ّ
أمام السالكين وخيّرهم ،وف هسه السورة الكريمة وضيع بيين أييدينا هيدايا هي صيفا للزوجية
الصيالحة ،تجميع في تلييك الهيدايا صيفا ٍ في المييرأة التي سيتكون ووجيةم منهييا ميا هي عقدييية
وفكرييية ،ومنهييا مييا ه ي تعبدييية وعملييية ،ومنهييا مييا ه ي ِخ ْل ِقيّيية تعييود إلييى ةبيعيية المييرأة وبُنيتهييا
الجسمية .وهسه وقفة مع هسه الصفا الت ورد ف هسه السيورة الكريمية ،والتي أجملتهيا اويية
ين أَن يُ ْب ِدلَيهُ أ َ ْو َواجيا ً َخيْيرا ً ِ ّمين ُك َّن ُمسْي ِل َما ٍ رمؤْ ِمنَيا ٍ قَا ِنتَيا ٍ تَا ِئ َبيا ٍ
ةلَّقَ ُك َّ
سى َربريهُ ِإن َ
ع َ
الكريمةَ :
سائِ َحا ٍ ث َ ِيّبَا ٍ َوأ َ ْب َكارا ً( التحريم: 5 : عا ِبدَا ٍ َ
َ
أوالً :مسممات:
هيييسه أول صيييفة مييين صيييفا الزوجييية الصيييالحة ،أنهيييا مسيييلمة ،واإلسيييالم يقتبييي التسيييليم
والخبو وا نقيياد ألوامير ي وتكليفاتيه ،وهيسا مين أهيم األسيس التي تجعيا الحيياة الزوجيية
أكثر استقراراًم ألن الزوجة إذا خبعد ألمر ي ،وعلمد ما لها وما عليها –كسلك الزوج -أثمير
هسا ا نقياد استقرارا ً ف بييد الزوجيية ،يسيوده الرضيا والتيآلف والمحبية ،ومين هنيا نيدرو ميدا
بغيض النظير عين جمالهيا أو ِّ عناية اإلسيالم في حثيه عليى اختييار الزوجية الصيالحة ذا اليدين،
حسييبها ونسييبها أو مالهييام ألن السييعادة تييأت بالمييال وحييده ،و بالجمييال وحييده ،و بالحس ي
والنس وحيده كميا يعتقيد كثيير مين النياس ،وإنميا تحصيا السيعادة بوجيود اليدين أو ً ،فيإن كانيد
الزوجة ذا دين وجمال فسلك أفبا ،وإن واد الميال والحسي والنسي فيسلك خيير كثيير .ولهيسا
شواهد من الحياة عند بعض األوواج تؤكده ،فكم من ووج تزوج ألجا الجمال فكانيد نهايية ذليك
الزواج الطال وكسا َمن تزوج ألجا المال أو الحس والنس ،أو ألجا عرض دنيوي.
14
لقد نبه القرآن الكريم األوواج إلى هسه الصفة مبدأً ،حفايا ً على بيد الزوجية من ا نهييار أو
التلف ،وهسا يتبمن جانبا ً تربويا ً عمليا ً لببا السلوو والحفياي عليى األعميال واألفعيال صيالحة
مستقيمة.
ثانياً :مؤملات:
اإليمان :هو التصدي بالقلي ،فهيو أمير يخيتص با عتقياد ،وهيو خيالف اإلسيالم اليسي يعني
الخبو وا نقياد.
واإليمان إذا خالا القل انعكسد آثاره عليى الجيواره ،فحسيند األعميال ،واسيتقام السيلوو،
وسلمد السرائر من األحقياد والبيغائن والحسيد والغيا ،وأصيبح الميؤمن الحي مثيا ً بيه يُحتيسَا
ويُقتَييدا .وهييسا لييه أثييره ف ي بيييد الزوجييية ،فصييفة اإليمييان بجان ي صييفة اإلسييالم بهمييا يتحق ي
ا نبباة وا ستقامة وصاله الحال وهدوء البال.
فيربَّ
ولعا من أهم ما يثمره اإليميان في حيياة اليزوجين الرضيا بميا قبيى ي تعيالى وقيدّرُ ،
ص ي ِ أحييد الييزوجين علييى اوخيير ،وهييسا ميين شييأنه أن يجعييا الحييياة بييين الييزوجين وواج ت ي ّم بغ ْ
مستحيلة أو شبه مستحيلة ،فإذا ُو ِجيد اإليميان عنيد اليزوجين أورثهيم الرضيا ،وعلميا أن وواجهميا
بقباء من ي وقدر ،فيقع التسليم بسلك.
ومين ثمييرا هيسه الصييفة تحصيين المييرأة يياهرا ً وباةنياً ،ومين هنييا نبيه القييرآن الكيريم إليهييا
لتتصف بها المرأة ،وإلى أن يأخسها الزوج بعين ا عتبيار في الزوجية التي يختيار بجاني صيفة
اإلسالمم ألن اإليمان مانع عن كا معصية ،مح ِفّز لعما كا ةاعة.
إن أهم األسباب الت تؤدي إليى وقيو المسياكا والخالفيا في الحيياة الزوجيية هي ضيعف
اإليمان ،مما يؤدي إلى تجاوو الحدود الت حددها السر لألوواج ،ووقو المخالفة وا ختالف،
ووجود اإليمان يمنع وقو ذلك.
إن الناير إلى المجتمعا اإلسالمية اليوم يرا نياب مفهوم اإليمان واإلسالم عين كثيير مين
ص َر مفهومه فقا على بعض السعائر الدينية من صيالة وصييام وصيدقة وحيح األسر المسلمة ،وق ْ
ونسك ونيرها ،وناب عن هؤ ء مفهوم التربية وآداب المعاملة و ُحسْن المعاشرة ،وهيسا انعكيس
سلبا ً على تلك األسر ،فوقعد فيها المساكا والخالفا ،وساء فيها األخال ،وتمزقد أركانهيا،
وأصييبح كي را فييرد ميين أفييراد تلييك األسيير ،فاقييدا ً روابييا المييودة والقرابيية ،منطوييا ً علييى نفسييه كييأن
اوخرين من أفراد أسرته يعنونه بس ء.
هسا على مستوا األسر ف المجتمعا المسلمة ،أما المجتمعا الكيافرة فقيد نياب عنهيا هيسا
المفهيييوم بالكليييية ،يبيييبطها ضيييابا ،و يحكمهيييا ضيييمير .فغيييياب المفهيييوم الحقيقييي ل يميييان
واإلسييالم مييؤذِن بخييراب البيييو واألسيير ،ودمييار المجتمعييا ،ووجييوده يحق ي التييرابا والمييودة
والتآلف ،ويؤدي إلى السعادة الدائمة على مستوا األوواج واألسر والمجتمعا عامة ،ومين هنيا
كان أول صفة ف الزوجة ه اإلسالم واإليمان.
ثال اً :قانتات:
15
معيان :اإلمسياو عين الكيالمٍ معنى قانتا :أي ةائعا هلل1،والقنو ف اللغة يطل ويراد بيه
أو السييكو ،والييدعاء والخسييو واإلقييرار بالعبودييية ،والطاعيية ،والقيييام وإةاليية القيييام ،ويقييال
أقر أي سيكند وانقياد 2.وييتم تحدييد هيسه المعيان حسي للمصل قاند ،وقنتد المرأة لبعلهاَّ :
السيا السي ورد فيه ،وقد ورد ف هسا السيا السي ف سورة التحريم عامة تسيما كيا هيسه
المعان م فيال بيد أن تكيون الزوجية ذا لسيان جمييا ،ينطي بعيسب الكيالم وأحسينه ،ممسيكة عين
مقيرة ليه بالعبوديية،
الكالم الفاحش البسيء ،وعن الغيبة والنميمة ،ساكتة عن الثرثيرة ،خاشيعة هلل ّ
منقادة ليه بالطاعية ،قائمية عليى صيالتها ودعائهيا ،مطيعية لزوجهيا منقيادة ليه .هيسه الزوجية التي
توافر فيها هسه المعان ه الزوجة الصالحة المرضية ،الت تنبن بها أسيرة سيليمة متينية .أميا
تتسييم بالصيياله ،و الزوجيية التي تكييون خييالف هييسه المعييان ،و تتييوافر فيهييا هييسه الصييفا
يمكيين ألسييرة صييالحة أن تنبن ي علييى مثييا هييسه الزوجيية ،ولهييسا ينبغ ي للرجييا الييسي يُق يدِم علييى
مسييرو الييزواج أن يتخييير ميين النسيياء مييا كانييد قييد تربّييد في بيتهييا علييى هييسه اوداب الصييالحة
والمبادئ السامية.
ثال اً :تائبات:
التوب :ترو السن على أجما الوجوه ،وهو أبليف وجيوه ا عتيسار ،فيإن ا عتيسار عليى ثالثية
أوجه :إما أن يقول المعتسِر :لم أفعا ،أو يقول :فعلدُ ألجا كسا ،أو فعلدُ وأسأ وقد أقلعيدُ ،و
رابع لسلك ،وهسا األخير هو التوبة ،والتوبة ف السر ترو السن لقُبحه والندم على ما فرة منيه
والعزيمة على ترو المعاودة وتدارو ما أمكنه أن يُتيدارو مين األعميال باإلعيادة ،فمتيى اجتمعيد
ا التوبة3.وهسا لعمري مبدأ أساس مين المبيادئ التي تقيوم عليهيا الحيياة هسه األربع فقد َك ُما شرائ ُ
الزوجية ،إذ هو خا الرجو عن الخطيأ اليسي يطيرأ عليى حيياة اليزوجين ،وهيو السيبيا األفبيا
لعود المياه إلى مجاريها ،فإنه قد يحدا ف الحياة الزوجية ما يع ّكر صفوها من منغصا الحياة،
وقد حدا هسا ف بيد النبوة كما في سيورة التحيريم ،فلميا وقعيد المكاشيفة وا عتيراف بالخطيأ،
وكان الرجو عن ذلك الخطأ كاند استقامد الحيياة في بييد الزوجيية .فلييس مين العيي أن يقيع
الزوج أو الزوجة ف الخطأ ،ولكن العي أن يستمر ف خطيه و يرجع عنه.
إن هييسه الصييفة تربّ ي الييزوجين علييى الصييراحة والمكاشييفة ،وتييزر ف ي نفس ييْهما التواضييع
وخبو ك ٍّا منهما لآلخر ،والمرونة ف التعاما ،وتستبق على ذلكم الربياة موصيو ً ،محافَظيا ً
عليه ،ليتولد عنه المودة والرحمة.
رابعاً :وابدات:
1البخيياري ،الجااامع الصااحيح ،مرجييع سيياب ،كتيياب النك ياه ،بيياب تسييتحد المغيبيية وتمتسييا السييعثة ،حييديث رقييم ،4949ج،5
ص.2009
18
ويحسيين هنييا أن أنقييا كلميية لسيييد قطي –رحمييه ي -في هييسا المبييمار إذ يقييول .. :ويتعييين
حيني ٍس على من يريد أن ينسئ بيتا ً مسلما ً أن يبحيث أو ً عين حارسية للقلعية ،تسيتمد تصيورها مين
تصيوره هييو ،ميين اإلسييالم ،وسيبييح في هيسا بأشييياء :سيبييح با لتمييا الكيياذب في المييرأة،
سيبح بخبراء الدمن ،سيبح بالمظهر البرا للجيف الطافية على وجيه المجتميع ،ليبحيث
1
عن ذا الدين ،الت تعينه على بناء بيد مسلم ،وعلى إنساء قلعة مسلمة.
المطمب ال انف :نماذج من اللساء فف سورة التحريم
ذكير السيورة نميوذجين مين النسياء في التياريخ ،نموذجيا ً ضيربه ي تعيالى ميثالً للكيافرين،
واوخيير ضييربه ي مييثالً للمييؤمنين ،وكييال النمييوذجين يمييثالن جانبييا ً مهمييا ً ميين جوانيي الحييياة
الزوجية ،ولهما عالقة وةيدة الصلة بالحياة الزوجية ف بيد النبوة.
ع ْبدَي ِْن ِم ْن ِع َبا ِدنَا
د َ َُ َمثَالً ِلّلَّسِينَ َكفَ ُروا ا ِْم َرأَة َ نُوهٍ َوا ِْم َرأَة َ لُوةٍ َكانَتَا ت َ ْح َ ب َّ ض َر َ قال تعالىَ :
َُ َميثَالً ب َّض َير ََّاخلِينَ * َو َ شيْيا ً َوقِي َا ا ْد ُخيالَ النَّيا َر َمي َع الد َِِ َ ع ْن ُه َما ِمنَ َّ صا ِل َحي ِْن فَخَانَتَا ُه َما فَلَ ْم يُ ْغنِيَا َ
َ
ع َم ِلي ِه ْين ِلي ِعنيدَ َو َبيْتيا ً ِفي ْال َجنَّي ِة َونَ ِ ّج ِني ِمين ِف ْر َ
ع ْيونَ َو َ د َربّ ِ اب ِ ع ْونَ ِإ ْذ قَالَ ْ ِلّلَّسِينَ آ َمنُوا ا ِْم َرأَة َ ِف ْر َ
وحنَييا َد فَ ْر َج َهييا فَنَفَ ْخنَييا فِي ي ِه ِم ين رر ِ يد ِع ْمي َيرانَ الَّتِ ي أ َ ْح َ
ص ين ْ َونَ ِ ّجنِ ي ِميينَ ْالقَي ْيو ِم َّ
الظييا ِل ِمينَ * َو َم ْريَ َم ا ْبنَي َ
َد ِمنَ ْالقَا ِنتِينَ ( التحريم. 12-10 : د ِب َك ِل َما ِ َر ِبّ َها َو ُكت ُ ِب ِه َو َكان ْصدَّقَ َْو َ
الم ف األول :الم ف المضرو لمكافرين:
ضييرب ي مييثالً للكييافرين امييرأة نييوه وامييرأة لييوة ،وهمييا ووجتييان لعبييدين ميين عبيياد ي
صالحين ،وهما نبيّيان مين أنبيياء ي ،ولكنهميا اختارتيا الكفير عليى اإليميان ،والنكيول عين متابعية
أصرتا على الكفر فخانتاهما. ّ أنبياء ي ،رنم قربهما منهما ومالومتهما لهما ،ومع ذلك
ولم تكن خيانة امرأتي نيوه وليوة –عليهميا السيالم -في الفاحسية .قيال ابين عبياس :ميا بغيد
امرأة نب قا ،وإنما كاند خيانتهما أنهما كانتا على نير دينهما .قال القسييري :وهيسا إجميا مين
2
المفسرين إنما كاند خيانتهما ف الدين ،وكانتا مسركتين.
وقد فسر العلماء معنى الخيانة هنا على أقوال ،أيهرها:
القول األول :أن الخيانية هنيا بكفرهميا ،وكانيد اميرأة نيوه تقيول :هيو مجنيون ،واميرأة ليوة
كاند تخبر بأضيافه.
القول الثان :خيانتهما بالنميمة ،كان إذا أوح إليهما بس ء أفستاه للمسركين.
3
القول الثالث :خيانتهما بنفاقهما.
قال الران :الخيانة والنفا واحد إ أن الخيانة تُقال اعتبارا ً بالعهد واألمانة ،والنفا يقيال
اعتبييارا ً بال يدِّين ،ثييم يتييداخالن ،فالخيانيية مخالفيية الح ي بيينقض العهييد ف ي السيير .ونقيييض الخيانيية:
4
األمانة.
1سيد قط ،فف ظالل القرم ،مرجع ساب ،ج ،6ص.3620
880هيـ .المباا فاف وماول الكتاا ،بييرو :دار الكتي العلميية ،ة 1419/1هيـ=1998م، 2ابن عادل ،أبو حفص عمر بن عل
ج ،19ص.216-215
3المرجع الساب ،ج ،19ص.216-215
4األصفهان ،الم ردات فف غريب القرم ،مرجع ساب ،ج ،1ص.216
19
فهسه قصة امرأت نوه ولوة –عليهما السيالم ،-وميا وقيع منهميا مين الخيانية يعيد عجيبية مين
العجائ ،ونريبة من الغرائ ،إذ يلي بامرأتين هيسا موقعهميا في أمية ذليك النبي أن يحصيا
منهمييا الكفيير ،إذ إن موقعهمييا تحييد نبيييين صييالحين يييدعو إلييى التعجي ميين شييأنهما ،واسييتغراب
حصول الكفر منهما واختياره على اإليمان.
الم ف ال انف :الم ف المضرو لممؤملين:
المثا المبروب للمؤمنين هنا يسكر نموذجين ف التاريخ:
النموذج األول :امرأة فرعون :هسه المرأة الت تحد جبرو الطغاة ،وعزفد عن مغريا
الحييياة الييدنيا ووين ِتهييا ،وتخلَّييد عيين مركزهييا ا جتميياع المهيي ،ورضيييد بمييا عنييد ي تعييالى،
وصبر أمام كا هسه التحديا ،ودعد ربها سبحانه أن ين ّجيها من خبم هسا الكفر الطان .
يقول سيد قط –رحمه ي :-ودعياء اميرأة فرعيون وموقفهيا َمثَيا لالسيتعالء عليى عيرض
الحياة الدنيا ف أوهيى صيوره .فقيد كانيد اميرأة فرعيون أعظيم مليوو األرض يومييس ،في قصير
فرعون أمتع مكان تجد فيه امرأة ما تسته ،ولكنها استعلد على هسا باإليمان ،وليم تعيرض عين
1
هييسا العييرض فحس ي ،بييا اعتبرتييه شييرا ً ودنس يا ً وبييال ًء تسييتعيس بيياهلل منييه ،وتتفلييد ميين عقابيلييه،
وتطل النجاة منه .وه امرأة واحدة ف مملكة عريبة قوية ،وهيسا فبيا آخير عظييم ،فيالمرأة
أشييد شييعورا ً وحساسييية بوةييأة المجتمييع وتصييوراته ،ولكيين هييسه المييرأة وحييدها في وسييا ضييغا
المجتمع ،وضغا القصر ،وضغا الملك ،وضغا الحاشية ،والمقيام المليوك .في وسيا هيسا كليه
2
رفعد رأسها إلى السماء وحدها ف خبم هسا الكفر الطان .
النموذج الثان :ميريم بنيد عميران :وهي نميوذج العفية والطهيارة ،ورميز اإليميان والطاعية
صيدَّقَ ْ
د ِب َك ِل َمييا ِ َد فَ ْر َج َهييا فَنَفَ ْخنَيا فِيي ِه ِمين رر ِ
وحنَيا َو َ َيد ِع ْم َيرانَ الَّتِي أ َ ْح َ
صين ْ وا نقييادَ ،و َم ْيريَ َم ا ْبن َ
َد ِمنَ ْالقَا ِنتِينَ ( التحريم.)12 : َر ِبّ َها َو ُكت ُ ِب ِه َو َكان ْ
َد ِع ْم َرانَ ذا نس شريف وأصا ةاهر ،نير مجهولة النس . فه ا ْبن َ
َد فَ ْر َج َهييا واإلحصييان :جعييا الس ي ء حصيييناً ،أي يُسييلك إليييه .ومعنيياه: ص ين ْثييم إنهييا أ َ ْح َ
منعد فرجها عن الرجال 3.وهسا يبرئها مما رمتها به يهود من الزنا.
إن ما وقع من مريم -عليها السالم -لم يكن خيانة ،وإنما هو نفخة نفخها األمين جبريا فيهيا
حييين تمثييا لهييا بسييرا ً سييوياً ،فكييان ميين تلييك النفخيية روه ي عيسييى ،وهييسا مييا أفادتييه «الفيياء»
وحنَيا تفرييع الداخلة على قوله تعيالى :فَنَفَ ْخنَيا ،قيال ابين عاشيور :وتفرييع فَنَفَ ْخنَيا ِفيي ِه ِمين رر ِ
كيون ي فييه نبيييا ً بصييفة العطيية عليى العميا ألجليه .أي جزيناهييا عليى إحصيان فرجهيا ،أي بييأن ّ
4
خارقة للعادة فخلد بسلك ذكرها ف الصالحا .
538هييـ .الكشاااف ،الرييياض :مطبعيية العبيكييان ،ة 1418/1هييـ=1998م ،ج،6 1الزمخسييري ،أبييو القاسييم محمييود بيين عميير
ص.164
2خفيياج ،محمييد عبييد الميينعم 2006م .ت سااير القاارم الحكاايم .النجييف األشييرف :مكتبيية النجيياه ،ودار العهييد الجديييدة ،ة /1
د ،. .ج ،1ص.115
3جزء من حديث أخرجه مسلم ،الجامع الصحيح ،مرجع ساب ،كتاب السكر والدعاء والتوبية وا سيتغفار ،بياب فبيا ا جتميا
على تالوة القرآن وعلى السكر ،حديث رقم ،2699ج ،4ص.2074
4قط ،فف ظالل القرم ،مرجع ساب ،ج ،6ص.3621
5الزمخسري ،الكشاف ،مرجع ساب ،ج ،6ص.165
22
الفائدة الثالثة :المحافظة على األسرة بحفظ أسيرارها ،وأن إفسياء األسيرار يعيد خيانية يعاقَي
عليها اإلنسان.
الفائدة الرابعة :منح اإلسالم للمرأة ح ا ختيار ،وجعلها بيين خييارين :إميا أن تختيار ةريي
امرأت ي نييوه ولييوة -عليهمييا السييالم ،-وإمييا أن تختييار ةري ي آسيييا امييرأة فرعييون ومييريم بنييد
عمران ،و سواء بين الخيارين ،فإن أحدهما يؤدي إليى عيساب ي وسيخطه ،واوخير ييؤدي إليى
رضا ي وجنته.
هكسا شأن القرآن الكريم أن يسكر الس ء ونقيبه ،وهسا نجده ف مواضيع كثييرة منيه ،فييسكر
مرة الجنة يتبعها بسكر النار ،ومرة يسكر المؤمنين يردفهم بسكر الكافرين ..وهكيسا ،وقيد ذكير هنيا
مثلين ف شأن نساء كافرا ف بيو صالحين ،وف المقابا مؤمنة ف بييد كيافر .وهيسا ةريي
حسن ف الدعوة ،يستبين به المرء السبيا ،ويسير ف اختياره على بصيرة.
الفائدة الخامسة :إن اإلنسان يرحا من هسه الدنيا ويبقى ذكره ،فإن كان خيرا ً فخير ،وإن كيان
شرا ً فسر ،فقد خلّد ي ذكر تلك النسوةم فأما امرأتا نوه ولوة –عليهما السالم -فقيد خلُيد ذكرهميا
بالسر ،وأما آسيا ومريم فقد خلُد ذكرهما بالخير.
الفائدة السادسة :ذكر ي تعالى شأن امرأت نوه وليوة –عليهميا السيالم -ترهيبيا ً لمين أراد
أن تفعا فعلهما ،وتنفيرا ً من السير على ةريقهما ،كما ذكر ي تعالى شيأن اميرأة فرعيون وميريم
–عليها السالم -ترنيبا ً لسلوو مسلكهما ،والسير حسوهما.
الفائدة السابعة :ف ذكر المثلين على هسا النحو تعليم للدعاة ورجال الوعظ كيف يستفيدوا من
ةريقة القيرآن الكيريم في توصييا الفكيرة ،ودعيوة النياس وتهيسيبهم ،قيال تعيالىَ :و ِت ْل َ
يك األ َ ْمثَيا ُل
اس َو َما يَ ْع ِقلُ َها ِإ َّ ْال َعا ِل ُمونَ (العنكبو .)43:نَب ِْربُ َها ِللنَّ ِ
فهسه جملة من الفوائيد لبيرب هيسين المثليين في سيورة التحيريم .فيال بيد للميرأة المسيلمة أن
تقف عندهما ،وأن تأخس العبرة من ضربهما.
23
إلى أن يتلفظ الزوج به ،وقد يزيد الكيالم فييه فتتفياقم المسيكلة ،ومين هنيا احتياج األمير إليى وضيع
حا لهسه المسكلة الطارئة على الحياة الزوجية.
إن الحياة الزوجيية تكياد تخليو مين مسيكال تعكير صيفوها ،وهيسه المسيكال تتيراوه بيين
ال ِك َبر أحياناً ،وقد تكون صغيرة ف أكثر األوقا .وقد تتسب هيسه المسيكال صيغيرها وكبيرهيا
ف المفارقة بين الزوجين إن لم يتم التخلص منها مبكراً ،فإن ترو المسكلة بغير حا قد يزييد مين
حدَّتها ويجعلها تتفاقم وتكبر ،وتقع العداوة والبغبياء بيين اليزوجين ،وهيسا يجعلنيا نفهيم السير في
ين أ َ ْه ِلي ِه َو َح َكميا ً ِ ّم ْ
ين اإلتيان بحرف الفاء ف قوله تعالىَ :و ِإ ْن ِخ ْفيت ُ ْم ِشيقَا َ بَ ْينِ ِه َميا فَيا ْب َعثُواْ َح َكميا ً ِ ّم ْ
أ َ ْه ِل َهييا ( النسيياء)35 :م ألن اإلسييرا ف ي حييا المسييكلة بتطيي ي الخييواةر هييو أفبييا حييا .وقييد
عرضد سورة التحريم إلى مسكلة وقعيد في الحيياة الزوجيية النبويية ،وهيسه المسيكلة تكمين في
يمين حلفها النب بأن يقرب مارية أم إبراهيم ،أو أ يأكا عسالً عند ويني رضي ي عنهيا
–على خالف بين الروايا ،-فحدا تواةؤ بين نسائه ،وكان ذلك اليمين السي أدا إليى قطيعية
مارييية -رضي ي عنهيا ،-أو ا متنييا عيين شييرب العسييا الييسي جعلييه ي لييه حييال ً ،و شييك أن
تدور ف نفس ووجه -رض ي عنها ،-وهسا ربما يكون ليه امتناعه عن شربه سيسب تساو
وقع س ء عليها إن ه علمد بما كان يُحاو حولها مين بعيض نسيائه ،وسييترت علييه قطيعية
منها لهن .فه إذن مسكلة بد لها من حا
وتتلخص هسه المسكلة ف األمور التالية:
ذلك اليمين الت حلفها النب .
مقاةعة النب لنسائه واجتنابه لهن.
العداوة والبغباء الت ستقع من بعض نسائه لبعض ،بعد أن تتكسف األمور.
671هيـ .الجاامع ألحكاال القارم ،المنصيورة :مكتبية اإليميان ،ومكتبية جزييرة اليورد، 1القرةب ،أبو عبد ي محمد بن أحمد
د ،. .ج ،10ص.80
2ورد ف ذلك حديث عزاه السيوة إلى ابين مردوييه عين أنيس ،جياء فييه« :فنزليد آيية التحيريم فيأعت رسيول ي رقبية».
السيوة ،الدر المل ور ،مرجع ساب ،ج ،14ص.572-571
24
وأما العداوة والبغباء الت ستقع من بعض نسيائه ليبعض ،فإنهيا تيزول إذا ميا علميد تليك
النسوة ب ِعظم ما بدر منهن ،ولسلك فتح ي لهن باب التوبية والرجيو إلييه ،وحيسّرهن مين التميادي
علَيْي ِه فَيإ ِ َّن َد قُلُوبُ ُك َميا َو ِإن ت َ َ
ظياه ََرا َ َِ فَقَ ْد َ
صيغ ْ فيما تظاهرن عليه ،فقال سبحانهِ :إن تَتُوبَا ِإلَى َّ
صا ِل ُح ْال ُمؤْ ِمنِينَ ( التحريم)4 :م وألن نسياء النبي صيادقا مخ ِلصيا ََ ُه َو َم ْو َهُ َو ِجب ِْري ُا َو َ
َّ
تقيّا فقد اخترن ميا عنيد ي ورسيوله ،ورجعين عميا صيدر مينهن –رضي ي عينهن أجمييعن،-
وصد إيمانهن كفيا بإوالة أي بغباء أو شحناء أو عداوة.
وهكسا والد المسكلة ،ورجع النب إلى نسائه ،واستقام األمر .وهسا الحكم با في أمتيه
متى وقعد مسكلة بين الزوجين تُسا ِبه ما وقع ف بيد النبوة.
المطمب ال انف :أفضف طرق العالج لمشاكف الحياة الزوجية:
أسلفنا السكر بأن الحياة الزوجية تخلو من عقبا ومساكا تواجههيا ،ومين حكمية ي تعيالى
أن جعا رسولنا لنا أسوة حسنة ،به نقتيدا وعليى خطياه نسيير ،وليم تكين حياتيه بيدعا ً أو مين
ي شخص من أفراد النياس ،ذا فيهيا األليم وميرارة عالم الخيال ،وإنما كاند حياة ةبيعية كحياة أ ّ
العيش ،وعاش فيها األميا ،وتعيرض فيهيا لمنغّصيا الحيياة وا بيتالءا والمحين إليى ميا سيوا
ذلك مما يعيسه النياس .ولعيا هيسا سيب مهيم وأسياس في تأسي المسيلمين بيه أن كيان كبياقيهم.
وهسه السورة كما عرفنا ذكر مسكلة ةرأ على بيد النبوة ،وكان نيـزول الحيا لتليك المسيكلة
الطارئة.
وإذا كاند الحياة الزوجية تخلو من مسياكا وعقبيا كيان لزاميا ً عليى األوواج أن يتعرفيوا
على أفبا الحلول الت تؤسس لحياة ووجية سعيدة ،ولعا أهم هذه الحمول من وجهة نبري:
ساان االختيااار بااين الاازوجين ماان مباادأ األماار :وذلييك ب ُحسيين اختيييار الزوجيية أو الييزوج، أوالًُ :ح ْ
فييالزوج عليييه أن يختييار الزوجيية ذا الييدين وال ُخلُ ي ،والييول ّ يختييار بنتييه صيياح الييدين
والحصيين الحصييين للوقييو في المسيياكا .وهييسا وال ُخلُي كييسلك ،وهييسا يعتبيير صييمام األمييانِ ،
الحا وقائ وليس عالج ،بمعنى أن كال الزوجين بيد ليه أن يحيرص عليى ُحسْين اختييار
اوخر بما يبمن حياة آمنة.
ثانياً :االت اق بين الزوجين ومى مبادئ وأسس تقاول وميهاا حيااتهم فيماا بعاد ،وهيسا يكيون قبيا
تمام الزواج –ف مرحلة الخطوبة كما يُقال ،-وخالل هسه المرحلة يتعرف ك اا مين اليزوجين
على اوخر ،ويتم ف هسا الفترة المكاشفة بينهما بسكر ما يح أن يكون الزوج وما يحي ،
والزوجة كسلك ،فيدخا كالهما عيالم الزوجيية عليى بصييرة مين أميره ،يكيون قيد تعيرف كيا
واحد منهما على ةبيا اوخير وإن كانيد تليك المعرفية أوليية بسييطة ،وهيسا يعيد حيالً وقائييا ً
كسابقه ،يمنع كثيرا ً من المساكا الت قد تتسب من عدم فهم كا واحد لآلخر.
ثال اً :تطويق أي مشكمة تقع بين الزوجين ،وهف مسئولية كف واحد ملهما ،ومعنيى هيسا أن هيسه
المسكلة بد وأن تبقى في حيدود بييد الزوجيية تخيرج منيهم ألن خروجهيا يعيرض حيياة
اليزوجين للخطير والفسياد ،هييسا مين جهية ،وميين جهية أخيرا بيد وأن يعمييا كي ّا واحيد ميين
25
س ُيواْ
الزوجين على حا هسه المسكلة الطارئةم منط ِلقا ً ف ذلك الحا مين قوليه تعيالىَ :و َ تَن َ
ب َا َب ْينَ ُك ْم ( البقرة ،)237 :ومحاولة إذابة تلك المسكلة وأدهيا في مهيدها ،وأن ييدعها ْالفَ ْ
ليال تزداد ،فإذا وقعد ف المساء يتركها إليى الصيباه ،وإذا وقعيد في الصيباه ييدعها
إلى المساء ،وإنما يبادر ف حلها.
رابع ااً :احتاارال وجهااات اللباار :قييد يختلييف أحييد الييزوجين عيين اوخيير ف ي رأيييه ،فييال يعن ي هييسا
ا ختالف ف وجها النظر أن العالقة بين الزوجين قد ساء ،لسا عليى اليزوجين أن يفهميا
هسه الحقيقة الت ه واقع ف الحياة الزوجية فكاو عنها ،وكم ه المسكال الت وقعيد
بين األوواج بسب اختالفهم ف وجها نظرهم فال بد أن يعلم الزوجان أن ا خيتالف أمير
ِجبِلّ له فقه ،وعليهما أن يفهما فقه ا ختالف ،ويتعامالن ف حياتهما بنا ًء على هسا الفقه.
خامساً :المشكالت الكبرى فف الحياة الزوجية جعف لها اإلسالل حموالً ت تمف شدتها حسب نوع
المشااكمة وحجمهااا فييإن كييان قييد وجييد ميين امرأتييه خيانيية كييأن رأا معهييا رج يالً ف ي وضييع
الخيانة الظاهرة ،فقد جعا اإلسالم الحا ف آييا اللعيان في صيدر سيورة النيور ،وكيسا َمين
ياهر من ووجته فقد جعا اإلسالم الحا للظهار ف صدر سورة المجادلة ،وهكسا.
فهسه أساسيا ف وضع أسلم الحليول ألي مسيكلة قيد تطيرأ عليى الحيياة الزوجيية أو ةيرأ
فعالً ،وهسه ه عظمة القرآن ،وعظمية اإلسيالم في الحفياي عليى األسيرة ةياهرة آمنية مطمينية،
يسودها الود وتحفّها السعادة ،ويلفّها والوئام.
خاتمة البحث:
هسا البحث يدور حيول موضيو مهيم ينبني علييه المجتميع وهيو الحيياة الزوجيية ،وقيد نياقش
البحث هسا الموضو من خالل سورة التحريم ،السورة الت تخبرنا عن جوان مهمة في الحيياة
بين الزوجين ،وقد قدمد السورة الكريمة مسهدا ً من مساهد الحياة ف بيد النبوة ،وما ةيرأ علييه
سيبُا الخيالص مين مثيا من عوارض أخلّد باستقرار هيسا البييد الكيريم ،وبينيد السيورة أفبيا ُ
هييسه العييوارض التي ربمييا يحييدا مثلهييا في كييا بيييد .ثييم عييرض البحييث لنمييوذجين مهمييين ميين
النماذج الت ذكرتهميا السيورة حيدا أحيدهما في بيتيين مسيلميْن واوخير في بيتيين كيافريْن ،وقيد
كسف البحث عن سر ضرب هسين المثلين والحكمة منهما.
وهسه الدراسة لهسه الموضوعا ف هسه السورة تعد نموذجيا ً تاريخييا ً صيادقا ً لكيا بييد وكيا
أسرة ف كا ومان ومكيان ،ولين يُعيدم األوواج الخيير مين مثيا دراسية سيير الصيالحين والتأسي
بهم ،وليس من أسوة لنا خير من نبينا ،فالحاجة ماسة إلى دراسة سيرته والتعرف على بيتيهم
من أجا بناء مجتمع سليم متين يسوده التراحم واأللفة والمحبة والوئام.
الجديد فف هذا البحث:
هسه الدراسة ه إحدا الدراسيا القرآنيية الموضيوعية ،مسيتمدة مين القيرآن الكيريم والسينة
والمطهرة ،وتتسم باألصالة والثبو وصحة النتيائح ،وهي القبيية تُعيد مين القبيايا المهمية في
26
الدراسا المعاصيرة ،إذ إن كثييرا ً مين البياحثين يعتميد في دراسيته عليى اسيتبيانا ييتم توويعهيا
علييى فييية مسييتهدفة ،ثييم يجمييع هييسه ا سييتبيانا ويحللهييا ويجعييا منهييا دراسيية تعتمييد علييى تلييك
تكون دقيقة ،و تكون نتائجهيا قطعيية ثابتية ،وإنميا تكيون ينيية، ا ستبيانا ،وه ف الغال
أمييا النتييائح التي تنبني علييى دراسيية قرآنييية فإنهييا تكييون صييحيحةم ألنهييا تعتمييد علييى أصييا ثابييد
صاد ،تستق منه معلوماتها ،وتأخس عنه موضيوعاتها ،فمين هنيا كانيد هيسه الدراسيا القرآنيية
تتسم باألصالة والثبو وصحة النتائح كما أسلفنا.
كما أن هسه الدراسة تخللها تقديم وصايا ً لألوواج منثيورة في ةياتيه ،منهيا ميا يتعلي باختييار
الزوجيية مبييدأ ً قبييا الييزواج ،ومنهييا مييا يتعلي بطيير التعامييا مييع المسيياكا والخالفييا في الحييياة
الزوجية ،ونيرها من النصائح ،وهسا أدعى ستقامة الحياة بين الزوجين.
التطبيق العممف ل كرة البحث وما جاء فيه من جديد:
قام الباحث بالوقوف على اويا ذا العالقية بموضيو البحيث ،وبيدأ يسيتخرج ميا فيهيا مين
وح َكم وتوجيها ،وكيفية ا ستفادة منها ف الحياة الزوجيية بيين األوواج ،وخاصية علوم وأحكام ِ
ف هسا العصر السي افتقر إلى كثير من مقوما األسرة ،وافتقد كثيرا ً من أخال الحيياة الزوجيية
السعيدة ،فوقعد المساكا والخالفا بين األوواج في كثيير مين المجتمعيا ،فوضيع البحيث قيدم
األوواج على عتبة الزواج الصالح بسكر أهم صفا الزوجة الصالحة ،وميا عليى األوواج إ أن
يختاروا شريكة الحياة الت تحفظ عليهم دينهم ودنياهم ،وكسفد لهم عن حقيقة مهمة وهي أن أي
وواج يتعرض لعثرا ،فليس معنى ذلك أن استمرار الحياة الزوجية أصبحد مستحيلة ،با على
األوواج أن يتجاوووا كا خالف ،ويسيطروا على أي مسكلة قد تقع بينهم.
رابعاً :أن النب قدوة لهسه األمة ،وأسوة حسنةم لسا فإن حياته كحياة سائر البسر ،ويجري
عليها ما يجري على حياة البسر ،فال يعج اإلنسان من وقو الخالفا البيتية ف الحياة
الزوجية ف بيد النبوة.
مرض ف النساء ،و أين امرأة ً بريية من هسا المرض -إ من رحم ت خامساً :ال َغيْرة المسمومة
ي .-وهسا المرض قد يؤثر سلبا ً ف الحياة الزوجية ،لسا ينبغ على األوواج التّنبره إلى هسا
المرض الخطير ،وال َحدّ منه قدر اإلمكان من أجا استمرار الحياة الزوجية.
سادساً :يمو اإلنسان ف هسه الحياة الدنيا وتبقى سيرته ،فإن كان من األتقياء ُخ ِلّد ِذ ْك ُره ف
ي الفريقين يختار؟ الصالحين ،وإن كان من األشقياء ُخ ِلّد ِذ ْك ُره ف األشرار ،وعلى اإلنسان أ َّ
ثانياً :أهم التوصيات:
مما يوص به الباحث:
أو ً :هسه الدراسا واألبحاا المستمدة من القرآن الكريم والسنة المطهرة تتسم باألصالة
والثبو وص ّحة النتائح ،ومن هنا أوص الباحثين با نطال ف أبحاثهم ودراساتهم من القرآن
والسنة المطهرة.
ثانياً :أوص بتطوير هسه الدراسة وتوسيعهام ألنها لم تتناول الموضو بالتوسعة المطلوبةم
بسب تقيد البحث بعدد صفحا محددة ،وهسا جعله نير متسع لدراسة الموضو بالتوسعة
المطلوبة.
28
ثالثاً :وصيةً للمتقدمين للزواج بأن يحرصوا على اختيار ذوا الدين واألخال ،فإن كاند
المرأة ذا مال وجمال فهو خير على خير .وكسا أولياء األمور عليهم أن يختاروا صاح الدين
واألخال ،و يكون اهتمامهم متوجها ً نحو الوييفة والسقة والمنص والمال ،فإن اجتمعد هسه
األمور مع الدين فسلك خير على خير.
رابعاً :شك أن اإلنسان -ولو لم يكن مسلما ً -يسعى لحياة سعيدة وعيش هانئ ،واإلسالم يمنع
نير المسلمين بأن يستفيدوا مما جاء فيه من أحكام وتسريعا ،وأن يقتبسوا من أنوار هدايته
لحياتهمم ألنه دين البسرية عامة .وقد جاء اإلسالم بكا التفاصيا ،وبيّن كا ما من شأنه أن يحق
سعادة البسريةم سوا ًء ف الحياة الزوجية أو ف نيرها ،فعلى اإلنسان أن يستفيد منه.
29
.12مسييلم ،أبييو الحسييين مسييلم بيين الحجيياج 261هييـ .الجااامع الصااحيح .بيييرو :دار إحييياء
التراا العربي ،كتياب الطيال ،بياب وجيوب الكفيارة عليى مين حيرم امرأتيه وليم ينيو الطيال ،
د ،. .حديث رقم ،1474ج ،2ص.1100
.13ابن األثير ،أبو السعادا المبارو بن محمد 606هـ .اللهاية فاف غرياب الحاديث واألثار،
بيرو :المكتبة العلمية1399 ،هـ=1979م.
.14السيوة ،أبو الفبا جالل الدين عبيد اليرحمن بين أبي بكير 911هيـ .الادر المل اور فاف
الت سير بالموثور ،القاهرة :مركز هجير للبحيوا والدراسيا العربيية واإلسيالمية ،المهندسيين،
ة 1424/1هـ=2003م.
450هيـ .اللكاو والعياو ،بييرو :دار .15الماوردي ،أبو الحسين عل بن محمد بين حبيي
الكت العلمية ،مؤسسة الكت الثقافية ،د. .
471هييـ .التعري ااات ،بيييرو :دار الكتيياب العربي ،ة .16الجرجييان ،علي بيين محمييد علي
1405/1هـ.
.17الغزال ،محمد .نحاو ت ساير موضاووف لساور القارم ،القياهرة ،بييرو :دار السيرو ،ة
2000/4م.
.18الطبري ،أبو جعفر محمد بن جرير 310هـ .جامع البيا ون توويف مي القرم ،مؤسسية
الرسالة ،ة 1420/1هـ=2000م.
.19الترمييسي ،أبييو عيسييى محمييد بيين عيسييى 269هييـ .الجااامع الصااحيح .بيييرو :دار إحييياء
التراا العرب ،د. .
.20ابن منظور ،محمد بن مكرم 711هـ .لسا العر ،بيرو :دار صادر ،ة /1د. .
.21األصفهان ،أبو القاسم الحسيين بين محميد 502هيـ .الم اردات فاف غرياب القارم ،مكتبية
نزار مصطفى الباو ،د. .
.22العسييقالن ،أبييو الفبييا أحمييد بيين عل ي بيين حجيير 852هييـ .فااتح الباااري شاارح صااحيح
الب اري ،بيرو :دار المعرفة1379 ،هـ.
880هييـ .المبااا فااف ومااول الكتااا ،بيييرو :دار .23ابيين عييادل ،أبييو حفييص عميير بيين علي
الكت العلمية ،ة 1419/1هـ=1998م.
.24الزمخسري ،أبو القاسم محمود بن عمر 538هـ .الكشاف ،الرياض :مطبعة العبيكيان ،ة
1418/1هـ=1998م.
.25خفيياج ،محمييد عبييد الميينعم 2006م .ت سااير القاارم الحكاايم .النجييف األشييرف :مكتبيية
النجاه ،ودار العهد الجديدة ،ة /1د. .
.26القرةب ،أبو عبد ي محمد بن أحمد 671هـ .الجامع ألحكال القارم ،المنصيورة :مكتبية
اإليمان ،ومكتبة جزيرة الورد ،د. .
30
31