Professional Documents
Culture Documents
الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة
الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة
الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة
_ نموذج هابرماس _
...يتبع
كوثر النحلي
05-03-2009, 01:47 AM
:نظرية الفاعلية التواصلية عند هابرماس
التفكير في التواصل هو في عمقه التفكير في مسألة الحداثة ،ويتعلق المر بنمطين اثنين :نمط ذاتي :ويمثله ماكس فيبير
والذي نظر إليه من خلل ما يسميه العقلنة بالغاية ) أي أن الفاعل الجاتماعي يحدد فعله تحديدا هادفا ،أي أنه يجعل منه
,فعل هدفا معينا (
نمط تواصلي :وهو الذي عبر عنه هابرماس في نظريته ،باعتباره ممارسة اجاتماعية رمزية تصاغ بواسطة اللغة العادية
.كما أنها تتحدد بالرجاوع إلى المعايير الواجاب الرجاوع إليها ) إلى المحددات الجاتماعية والثقافية (
.ينعث هابرماس العمل العقلني بالقياس إلى غاية ،اما بوصفه اختيارا عقلنيا أو تنسيقا بين الثنين
ثم ينتقل هابرماس إلى التحدث عن النشاط التواصلي فيقصد به ذلك التفاعل المصاغ بواسطة الرموز وهو يخضع لضرورة
المعايير الجاري بها العمل ،والتي تحدد انتظارات مختلللف أنماط السلوك المتبادل ) التواصل بين ذاتين فاعلتين على القل(
.وهذا هو معنى الفعل الجاتماعي عند ماكس فيبير
انطلقا من هذا التمييز بين هذين النمطين من الفاعلية والنشاط يمكن التفريق بين النشطة الجاتماعية التي يسيطر عليها
النشاط العقلني بالقياس إلى غاية ،أو تلك التي يبرز فيها التفاعل أو النشاط التواصلي بوصفه يتمثل في مجموعة من
المعايير التي توجاه التفاعلت المعبر عنها بواسطة اللغة ،غير أنه توجاد أنظمة فرعية ؛ النظام القتصادي أو أجاهزة الدولة
التي تبرز فيها مبادء النشاط العقلني ،بالقياس إلى الغاية ،وبالمقابل هناك أنظمة فرعية أخرى من العائلة أو القرابة ،تقوم
.بوظائف عديدة ،وتنقل الكثير من المعارف العلمية ،ولكنها تعتمد أساسا على القواعد الخلقية للتفاعل
يصوغ هابرماس عدة أسئلة مثل :كيف يكون النشاط ممكنا باعتياره نشاطا اجاتماعيا؟ بل وكيف يكون النشاط الجاتماعي
ممكنا؟ وكيف يكون النظام الجاتماعي ممكنا؟ هذه هي السئلة الساسية التي صاغها هابرماس في سياق بحثه عن صياغة
عناصر نظرية لمسألة الفاعلية التواصلية .وهو يرى أن نظرية الفعل تكون مؤهلة للجواب على هذه السئلة ،اذا كانت
قادرة على الشارة إلى الشروط التي يكون فيها الخر قادرا على ربط أفعاله بأفعال الذات .ذلك أن النظرية السوسيولوجاية
للفعلن ل تهتم فقط بالخصائص الصورية للنشاط الجاتماعي بشكل عام ،وانها تهتم كذلك بآليات التنسيق ،بين الفعال
.والممارسات التي تساعد على الربط المتواصل والثابت لمحتلف أشكال التفاعلت
قد أكتفي بالقول أن هابرماس بلحظ أن هناك فوارق كثيرة بين النظرية السوسيولوجاية والفلسفية فيما يخص الفعل
والممارسة ،ذلك أن النظرية السوسيولوجاية للفعل ل تهتم بالمشاكل الساسية المتعلقة بحرية الختيار والسببية ،أو بعلقة
الروح بالجسد أو بالقصدية ...وهي موضوعات تناولتها النتولوجايا والبستمولوجايا ،في حين أن ضرورة تفسير النظام
الجاتماعي متذاوت ،يؤدي بالنظرية السوسيولوجاية للفعل إلى البتعاد عن المقدمات الخاصة لفلسفة الوعي ) هيجل
.وكانط(
من أجال تعميق مفهوم النشاط التواصلي ودعمه نظريا .لجأ هابرماس إلى ادخل مفهوم العالم المعيش ؛ فإن كان التواصل
في حاجاة إلى سياق فإن العالم المعيش ل يقتصر دوره على توفير بعض عناصر هذا السياق .لنه ل يشكل خزانا من
القناعة ،يعمل المشاركون فيها التفاعل على استلهام بعض علماته ورموزه باتباع الحاجاة إلى التفاهم الذي يتولد داخل
.وضعية محددة بواسطة التأويلت القابلة لفلسفة ) الجاماع ( عكس ليوتار ) الختلف(
أدخل هابرماس اذن مفهوم عالم المعيش بوصفه خلفية للنشاط التواصلي ،أي أن المشاركين في التواصل يرتبطون بالتراث
الثقافي يستمدون منه بعض العناصر .ويقوم أيضا بالندماج الجاتماعي وخلق التضامن .يقوم أيضا بتشكيل الهويات الفردية
).هوية الشخص نفسه (
بهذا يمكن القول أن التجرية التواصلية عند هابرماس تأتي من العلقة التفاعلية التي تربط شخصين على القل داخل العالم
المعيش ،وفي إطار من التوافق اللغوي والتذاوتي .ومن ثم فإن كل شخص أو فاعل يملك القدرة على الكلم والفعل يمكنه
أن يشارك في التواصل ،وأن بعلن عن ادعاءاته للصلحية ،لكن شريطة أن يراعي مقاييس المعقولية والحقيقة والدقة
.والصدق
كما أن الفاعلية هي عبارة عن صياغة جاديدة لمسألة العقلنية في الفكر الغربي ،وحين يدعو هابرماس إلى نظرية
المجتمع ،فإنه ينظر إليها من زاوية المفاهيم الساسية للنشطة العقلنية ،ومن ثم فإن نظرية الفاعلية ليست مرتبطة فقط
.بنظرية المجتمع ولكنها تؤسس كذلك لنظرية المعرفة
إن التفاهم ضرورة حتمية في نظرية التواصل عند هابرماس وذلك من أجال الوصول إلى نوع من التفاق ،يؤدي إلى
التذاوت المشترك ،وإلى التفاهم والثقة المتبادلين ،بل وإلى التقارب في النظرات والراء .لذا اهتم هابرماس باللغة
والمعنى والحقيقة والتواصل والبرهنة المرتبط بشكل أساسي باشكالية المركزية المتعلقة بالعقلنة والحداثة اعتمادا في ذلك
إلى نظرية التداوليات الصورية التي يرى وظيفتها تتمقل في "اعادة بناء شروط المكان الكلية للتفاهم " على اعتبار أن كل
فاعل تواصلي يقوم بفعل الكلم مضطر للتعبير عن ادعاءات كلية للصلحية على أساس أنه يقدر على تبريرها للمشاركة
في أي عملية من عمليات التفاهم ،وفي هذا السياق يقول هابرماس » :يجب على المتكلم أن يختار نعبيرا معقول لكي
يتمكن المتكلم والمستمع من تفهم الواحد للخر ،والمتكلم يجب أن تكون له نية توصيل مضمون حقيقي لكي يتمكن المستمع
من مشاطرة معرفته ،وعلى هذا المتكلم أيضا أن يعبر عن مقاصده بصدق لكي يتمكن المستمع من تصديق تلفظ المتكلم
) والثقة به( وأخيرا يتعين على المتكلم اختيار تلفظ دقيق بالقياس إلى المعايير والصيم الجاري بها العمل ،لكي يتمكن
المستمع من قبول هذا التلفظ ،بطريقة تجعل المتكلم والمستمع في وضعية القدرة على التفاق على التلفظ ذي الخلفية
» .المعيارية
اذا اعتبرنا أن التداوليات تشتغل على نظرية التواصل ،وأنه كل تداول في اللغة هو من صميم التواصل ،فإن هابرماس لم
:يغفل الجانب التداولي في نظريته التواصلية ،ورأى أن هناك ثلث وظائف للتداوليات
.وصف شيء ما بواسطة جاملة معينة _ 1
.التعبير عن قصد المتكلم _ 2
.اقامة تذاوتية بين المتكلم والمستمع _ 3
ويمكن النظر إلى النموذح اللغوي الذي اقترحه هابرماس من منظور التداوليات الكلية ،باعتبار أن هناك قطاعات محددة من
الواقع تتمثل فيما يسميه بالطبيعة الخارجاية والمجتمع ،الطبيعة الداخلية واللغة ،تقابل هذه القطاعات مباشرة أنماطا محددة
.من العلقات مع الواقع؛ الموضوعية _ المعيارية _ الذاتية _ التذاوتية
خلصة لما قيل عن التداوليات الصورية والنشاط التواصلي فإن الفرق بينها موجاود في اعتبار الولى تبحث عن الشروط
الممكنة للتفاهم ،في حين تسعى نظرية النشاط التواصلي ،باعتباره نشاطا موجاها نحو التفاخم إلى وضع شروط مجتمع
.ممكن .مادام التفكير في التواصل شكله العقلني البرهاني هو في العمق تفكير فيما هو مجتمعي
كما قام هابرماس بتأسيس ما يسمى " أخلقيات تواصلية " تلك التي تضبط تدخلت الناس وتنظرم أساليب تبادلهم ،وهي
أخلقيات تجد في العقل مرتكزها ومرجاعها ،بمعنى أن هابرماس يؤسس أخلقيات التواصل على مبادئ عقلية تستمد بعض
عناصرها من التداوليات الكلية ،لن هذه التداوليات هي التي تسمح بالتفكير في الساس الذي يجعل من التلفظات أو أفعال
الكلم حقيقية أو دقيقة .ثم أن هابرماس حين يؤكد على المناقشة وعلى التواصل الجاتماعي فإنه يسلم بأن التفاعل يتعين أن
يحصل داخل مجال عمومي حديث يجمع بين العقلنية السياسية والمشروعية الديموقراطية » التي يجعلها هابرماس مبدأأ
أساسيا في التفكير ،وبكونها تتوقف على المكانية الساسية بنقد التمثلت الجاتماعية والمعايير الخلقية وأشكال
» .المشروعية السياسية ،وبدفعها نحو التطور في اتجاه ما نعتبره حقيقيا أو دقيق
هكذا كان هابرماس في نظريته الفاعلية التواصلية ،جاسد لنا جادل قائما بين الحداثة المعيارية والخلق التواصلية والتي
تؤكد الحقيقة القائمة على عملية تبادل البراهين والحجج ،وبالتالي هو تتويج لتفاق ذي طبيعية جاماعية ) النظرية الجاماعية
.للحقيقة (