الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة‬

‫_ نموذج هابرماس _‬

‫_ قراءة واستعراض لهم أفكار الكتاب _‬

‫إنجاز ‪ :‬كوثر النحلي‬


‫كوثر النحلي‬
‫‪05-03-2009, 01:46 AM‬‬
‫‪ :‬تقديــم‬
‫نظرية التواصل خاصية يعرف بها النسان وغير النسان ‪ ،‬وتتجسد أصولها المعرفية في الظواهر اللغوية ؛ والتواصل‬
‫كظاهرة لغوية هو علم قائم بذاته من العلوم النسانية والعلوم الدقيقة؛ خاصة التداوليات التي تشتغل على ظاهرة تواصلية‬
‫‪ .‬بآعتبار أن كل ما يتداول في اللغة هو من صميم التواصل‬
‫إن الحديث عن نظرية التواصل هو الحديث عن ظاهرة اللغة بالساس في تجسيدها الواقعي الحقيقي ل الميتافيزيقي‪ .‬ويصبح‬
‫النشاط التواصلي مرتبط بالساس بالنشاط الجاتماعي والواقع المعاش ‪ ،‬كما تطرق لذلك هابرماس‪ ،‬فكان للتواصل أبعادا‬
‫انسانية‪ ،‬أخلقية تمثلت في الكثير من المعايير ‪ .‬هذا ما التساؤل عن كيفية اشتغال هابرماس على نظرية التواصل ؟وكيف‬
‫استطاع أن يبلور هذا التواصل من فكر عقلني إلى بعد إنساني ‪..‬؟‬
‫‪ :‬إن الكتاب قيد القراءة‪،‬عرض مجموعة من القضايا والفكار قد نصبها في منحيين اثنين‬
‫‪ .‬هابرماس والنظرية النقدية _ ‪1‬‬
‫‪ .‬جادل الحداقة والتواصل _ ‪2‬‬
‫كوثر النحلي‬
‫‪05-03-2009, 01:46 AM‬‬
‫‪:‬هابرماس والنظرية النقدية‬
‫لقد أتى هابرماس امتدادا لفلسفة النظرية النقدية أمثال ‪ :‬أودرنو ‪ ،‬بولوك ‪ ،‬هوركهايمر‪ ،‬ماركوز وميغل ؛ الذين أسسوا لهذه‬
‫النظرية ونظروا لها عن طريق نقد عقلنية الحداثة والنظر إليها بآعتبارها لم تأتي بجديد وأنها سقطت في براثين السيطرة‬
‫على العقل والمجتمع بأكمله ؛ عن طريق هيمنة اللة على النسان ‪ .‬ولقد قام فلسفة النظرية النقدية الكشف على مجموعة‬
‫من المشاكل قد تتمثل أبرزها في كون الفلسفة بقيت بدون موضوع ‪ ،‬بعدما انفصلت كل العلوم عنها ‪ ،‬فالمجتمع استقل عنها‬
‫‪ .‬وأصبح له علم خاص به‪ ،‬والطبيعة كذلك ) علم الحياء ( والنسان له علومه ) النثروبولوحيا( والتاريخ له مباحثه‬
‫!إذن ماذا بقي للفلسفة ؟‬
‫إن صفة التساؤل ربما الوحيدة التي بقيت ‪ .‬وهل هذا يدفعنا القول بأن ننعث تفكيرنا بأنه فلسفي ‪ ،‬يتمحور فقط حول السؤال ؟‬
‫‪ .‬أم أن الفلسفة تفترض إلى جاانب السؤال مقاييس أخرى تتفرد بها مثل الذات والوعي‬
‫بالنسبة للذات وكما أراد لها ديكارت أن تكون هي المؤسس لفكر الحداثة ‪ ،‬فقدت الكثير من دللتها لن شجرة ديكارت _‬
‫الفلسفة شجرة جاذورها الميتافيزيقا وجاذعها علم الطبيعة _ أصبحت غابة من العلوم يصعب اختراقها والتحكم في طرقها‬
‫‪ .‬باسم الفلسفة‬
‫إن النظرية النقدية في صياغتها لسئلتها وأساليب محاكمتها للفلسفة الوضعية ونتائج الحداثة خاصة مع كانط وهيجل اللذان‬
‫‪ .‬كانا أكثر عرضة من مفكري النظرية النقدية‬
‫فهيجل حسب النظرية النقدية فشلت فلسفته في تغير العالم والتوحد مع الواقع ‪ .‬وكانط أنقد العقلنية متسائل عن امكانية‬
‫‪ .‬تأسيس الميتافيزيقا القائمة على أساس الواجاب الخلقي وذلك في كتابه ) نقد العقل الخالص(‬
‫إن النظرية النقدية بمفهومها الحداثي أرادت ان تحرر تفكير النسان الغربي من قيد السلطة والمجتمع ‪ ،‬والمؤسسة الدينية ‪،‬‬
‫ولم تعزو هذه المهمة _ أي النقد _ للعقل بصورة عشوائية بل انها حركة عميقة تعتقد بمهمة الفكر ‪ ،‬وقدرته على التعليق‬
‫‪ .‬والتفسير ودوره في تنظيم الحياة ‪ ،‬مع رفضها التلقائية الصيلة للفكر‬
‫كما أنه تم طرح مسألة أخرى تتعلق بالسؤال في مجال الفلسفة الحديثة ‪ ،‬والمتمثل في امكانية نجاح فلسفة الحداثة في تحرير‬
‫الغربي من القيود والخرافات والستعباد أم أنها خلقت وسائل جاديدة لستعباده ؟‬
‫إن أصحاب النظرية النقدية لم يريدوا التضحية بالفلسفة أمام هجوم النزعة الوضعية _اديولوجايا المناهج التجريبية _ بل‬
‫انطلقوا من ضرورة نقدها ومحاولة محاسبة مفاهيمها ‪ ،‬ولم يقبلوا التخلي عن السؤال أمام أنساق الجاوية الجاهزة ‪ .‬وخاصة‬
‫‪ .‬الوضعية ‪ ،‬لهذا انتقدوها وعملوا على تفكيك مكونات النسق الفلسفي ولسيما الهيجلي منه‬
‫مازال الحديث في اطار النظرية النقدية وما قدمته من أفكار ونقد للفلسفة ‪ ،‬ونقد الميتافيزيقا التي تدعي ادراك الوجاود‬
‫والتفكير في الكلية واكتشاف معنى العالم ؛ في حين أن الفلسفة يلزمها نقد كل نزوع ميتافيزيقي يفصل الفكر عن سياقه ‪،‬‬
‫‪ .‬وينتزع الكائن من عالمه المعيش‬
‫‪ .‬لذلك فالفلسفة ليست عبارة عن تصورات خيالية‪ ،‬وانما تشكل قوة تاريخية حقيقية‬
‫اذن مناهضة الميتافيزيقا ‪ ،‬اقتران النشاط النساني بالتفلسف ‪ ،‬النخراط في الحركة التاريخية‪ ،‬اتخاد موقف نقدي ازاء العالم‬
‫؛ هذه هي أكبر مهمة لدى مفكري النظرية النقدية‪ ،‬لنهم أرادوا الربط بين النظر والعمل‪ ،‬بين الفكر والتاريخ ؛ ليس استلهاما‬
‫للماركسية أو تبيين لطروحتها القائلة بتحقق الفلسفة في التاريخ بعد تحويل المجتمع الرأسمالي من علقاته الطبقية إلى‬
‫الحالة اللطبقية ‪ ،‬بل هو اعتبار تلك التحولت والتناقضات المجتمعية التي أسستها الحداثة ومقاييس العقلنية والتي ل‬
‫تستجيب تماما لتحليلت ماركس ‪ .‬فالنظرية النقدية أخذت بعض مقوماتها ‪ ،‬لسيما في البداية من الماركسية لكنها قطعت مع‬
‫‪ .‬تعاليمها في الوقت الذي تبين لروادها أنه نظام توتاليتاري يمكنه تسييج الحرية وخنق البعد النقدي للتفكير‬
‫ثم أنهم في نقدهم لماركس لم ينظروا إلى الفلسفة في علقتها بمصير طبقة اجاتماعية محددة‪ ،‬بقدر ما أكدوا على دور الفرد‬
‫في ممارسة الفلسفة ‪ ،‬لن الفرد هو الذي يعطي لها معنى دون أن تنحصر دللتها فيما هو ) فردي ( ‪ .‬إذ أن كل فرد يمكنه‬
‫أن يقوم باعطاء معنى للفلسفة من خلل النصهار والتجذر في وجاود كل فرد على حدة‪ .‬نفس النقد ينطبق على التجاه‬
‫‪ .‬العقلني الذي يفترض ضرورة _ في نظر هركهايمر_ علقة دائمة ومستقلة للممارسة النسانية بين المفهوم والواقع‬
‫كما أن النظرية النقدية ل تفصل بين السوسيولوجايا والعلوم الجاتماعية والفلسفة ‪ ،‬لدرجاة اعتبروا أن نظرية المجتمع انبثقت‬
‫من الفلسفة ‪ ،‬لذلك نجد بعض المفكرين يمارس الفلسفة على طريق السوسيولوجايا ‪ ،‬ويكتب في السوسيولوجايا بالسلوب‬
‫الفلسفي ‪ ،‬أي أنهم في النظرية النقدية كسروا حدود الفلسفة _ التي ل حدود لها _ وحدود العلوم النسانية‪ .‬وهذا النوع من‬
‫التمرد على حدود الحقول المعرفية ‪ ،‬استفز ردود المفكرين ذوي النزعة الوضعية ‪ .‬والمواجاهة المبدئية التي جامعت‬
‫الوضعيين ‪ ،‬وأصحاب النظرية النقدية ل تقتصر فقط على مسألة حدود المجالت المعرفية أو على موقع العلم في المجتمع‬
‫الحديث ‪ ،‬وإنما هي مواجاهة تعكس اختلفا جاوهريا في النظر إلى الواقع والمجتمع والحداثة ‪ ،‬وتفاوتا واضحا في النظر إلى‬
‫الفلسفة ‪ .‬هذه المسألة التي ضمت مجموعة من العلماء والبستمولوجايين من بينهم كارل بوبر ‪ ،‬هانز ألبير وهما يمثلن‬
‫‪.‬التجاه الوضعي ‪ .‬و أدورنو هابرماس وقد عبرا عن الموقف النقدي في ندوة أواخر الستينات‬
‫يقول أدورنو ‪ » :‬إن ماهو حاسم ‪ ،‬ل يتمثل في العلقة المباشرة مع الممارسة‪ ،‬بل بالموقع الذي تعطيه للعلم في حياة الفكر‬
‫وفي الواقع)‪ (...‬إن الجدل يتعامل في هذا الخلف بتعنت لنه ل يؤمن بضرورة الستمرار في التفكير حيث يتوقف عنه‬
‫خصومه‪،‬أي التفكير أمام سلطة صناعة العلم غير الخاضعة للسؤال «‪.‬بالضافة الى نقد النزعة الوضعية‪،‬فإن فلسفة‬
‫‪.‬النظرية النقدية ولسيما أدورنو‪،‬جاعلوا الشكالية الفلسفية تدور بين نسقي كانط وهيجل‬
‫إن الفلسفة عند النظرية النقدية ل تسعى إلى الحتماء بأي سلطة ‪ ،‬لنها تنوع عن الفكر حريته وتتحايل على النقد لكي‬
‫‪.‬تقصيه‪ ،‬ول تريد التصالح مع الواقع لن النزعة الوضعية الحتمية بكل أشكال السلطة تتخذ من الواقع منطلقها ومرماها‬
‫قد أتى هابرماس امتدادا بهذا الفكر النقدي دافعا بالحداثة إلى القدم ‪ ،‬وقد تكون الصراعات المختلفة التي ولدتها تلك الحداثة‬
‫بالضافة إلى النمو الديموغرافي وتطور وسائل العلم والتواصل ماهي ال ممارسة اجاتماعية ونمط حياة متمفصل مع‬
‫التغير والتجديد ولكن مع القلق كذلك واللستقرار والتعئبة المستمرة والذاتية المتوجاة ‪ ،‬والتوتر والزمة ‪ .‬كما أنها تصور‬
‫مثالي أو أسطوري فكانت الحداثة وبدايتها اللحظة التي يبدأ فيها النسان المجتمع ‪ ،‬المجتمع يفكر في ذاته ويتأمل نفسه بلغة‬
‫‪ .‬الحداثة‬
‫إن الحديث عن هابرماس ونظريته للحداقة والعقلنية هي بالساس حديث واحالةة إلى ماكس فيبير الذي يعتبر المرجاع‬
‫الساسي لكل ما أتى به هابرماس ‪ .‬وفي حديث بين الحداثة والتواصل يرى هابرماس أن الحداثة بلورت التصال أي جاعلت‬
‫التواصل يحكم تلك الحداثة‪ ،‬وأنه سمح لها بالنتشار مع مختلف الثقافات والمرجاعيات‪ ،‬سواء كانت هذه الحداثة تستجيب‬
‫لضوابط العقل وتدمجه في مقوماتها‪ ،‬او سواء كانت محتفظة بقيم ومعايير ما قبل الحداثة _ تصورات تقليدية ‪ ،‬التفسير‬
‫الغائي للطبيعة _ ولهذا كانت النظرية التي اشتغل عليها هابرماس في علقتها بالنظرية النقدية ومسألة الحداثة هي الفاعلية‬
‫التواصلية ‪ .‬اذن ما المقصود بالفاعلية التواصلية ‪ ،‬وعلى أي أساس بنى هابرماس نطريته هاته ؟ وما علقتها بالمجتمع‬
‫عامة والفرد خاصة ؟‬

‫‪ ...‬يتبع‬
‫كوثر النحلي‬
‫‪05-03-2009, 01:47 AM‬‬
‫‪ :‬نظرية الفاعلية التواصلية عند هابرماس‬

‫التفكير في التواصل هو في عمقه التفكير في مسألة الحداثة ‪ ،‬ويتعلق المر بنمطين اثنين‪ :‬نمط ذاتي ‪ :‬ويمثله ماكس فيبير‬
‫والذي نظر إليه من خلل ما يسميه العقلنة بالغاية ) أي أن الفاعل الجاتماعي يحدد فعله تحديدا هادفا ‪ ،‬أي أنه يجعل منه‬
‫‪ ,‬فعل هدفا معينا (‬
‫نمط تواصلي ‪ :‬وهو الذي عبر عنه هابرماس في نظريته ‪ ،‬باعتباره ممارسة اجاتماعية رمزية تصاغ بواسطة اللغة العادية‬
‫‪ .‬كما أنها تتحدد بالرجاوع إلى المعايير الواجاب الرجاوع إليها ) إلى المحددات الجاتماعية والثقافية (‬
‫‪ .‬ينعث هابرماس العمل العقلني بالقياس إلى غاية ‪ ،‬اما بوصفه اختيارا عقلنيا أو تنسيقا بين الثنين‬
‫ثم ينتقل هابرماس إلى التحدث عن النشاط التواصلي فيقصد به ذلك التفاعل المصاغ بواسطة الرموز وهو يخضع لضرورة‬
‫المعايير الجاري بها العمل ‪ ،‬والتي تحدد انتظارات مختلللف أنماط السلوك المتبادل ) التواصل بين ذاتين فاعلتين على القل(‬
‫‪.‬وهذا هو معنى الفعل الجاتماعي عند ماكس فيبير‬
‫انطلقا من هذا التمييز بين هذين النمطين من الفاعلية والنشاط يمكن التفريق بين النشطة الجاتماعية التي يسيطر عليها‬
‫النشاط العقلني بالقياس إلى غاية ‪ ،‬أو تلك التي يبرز فيها التفاعل أو النشاط التواصلي بوصفه يتمثل في مجموعة من‬
‫المعايير التي توجاه التفاعلت المعبر عنها بواسطة اللغة‪ ،‬غير أنه توجاد أنظمة فرعية ؛ النظام القتصادي أو أجاهزة الدولة‬
‫التي تبرز فيها مبادء النشاط العقلني ‪ ،‬بالقياس إلى الغاية ‪ ،‬وبالمقابل هناك أنظمة فرعية أخرى من العائلة أو القرابة ‪ ،‬تقوم‬
‫‪ .‬بوظائف عديدة‪ ،‬وتنقل الكثير من المعارف العلمية ‪ ،‬ولكنها تعتمد أساسا على القواعد الخلقية للتفاعل‬
‫يصوغ هابرماس عدة أسئلة مثل ‪ :‬كيف يكون النشاط ممكنا باعتياره نشاطا اجاتماعيا؟ بل وكيف يكون النشاط الجاتماعي‬
‫ممكنا؟ وكيف يكون النظام الجاتماعي ممكنا؟ هذه هي السئلة الساسية التي صاغها هابرماس في سياق بحثه عن صياغة‬
‫عناصر نظرية لمسألة الفاعلية التواصلية ‪ .‬وهو يرى أن نظرية الفعل تكون مؤهلة للجواب على هذه السئلة ‪ ،‬اذا كانت‬
‫قادرة على الشارة إلى الشروط التي يكون فيها الخر قادرا على ربط أفعاله بأفعال الذات ‪ .‬ذلك أن النظرية السوسيولوجاية‬
‫للفعلن ل تهتم فقط بالخصائص الصورية للنشاط الجاتماعي بشكل عام ‪ ،‬وانها تهتم كذلك بآليات التنسيق ‪ ،‬بين الفعال‬
‫‪ .‬والممارسات التي تساعد على الربط المتواصل والثابت لمحتلف أشكال التفاعلت‬
‫قد أكتفي بالقول أن هابرماس بلحظ أن هناك فوارق كثيرة بين النظرية السوسيولوجاية والفلسفية فيما يخص الفعل‬
‫والممارسة‪ ،‬ذلك أن النظرية السوسيولوجاية للفعل ل تهتم بالمشاكل الساسية المتعلقة بحرية الختيار والسببية ‪ ،‬أو بعلقة‬
‫الروح بالجسد أو بالقصدية‪ ...‬وهي موضوعات تناولتها النتولوجايا والبستمولوجايا ‪ ،‬في حين أن ضرورة تفسير النظام‬
‫الجاتماعي متذاوت ‪ ،‬يؤدي بالنظرية السوسيولوجاية للفعل إلى البتعاد عن المقدمات الخاصة لفلسفة الوعي ) هيجل‬
‫‪.‬وكانط(‬
‫من أجال تعميق مفهوم النشاط التواصلي ودعمه نظريا ‪ .‬لجأ هابرماس إلى ادخل مفهوم العالم المعيش ؛ فإن كان التواصل‬
‫في حاجاة إلى سياق فإن العالم المعيش ل يقتصر دوره على توفير بعض عناصر هذا السياق ‪ .‬لنه ل يشكل خزانا من‬
‫القناعة ‪ ،‬يعمل المشاركون فيها التفاعل على استلهام بعض علماته ورموزه باتباع الحاجاة إلى التفاهم الذي يتولد داخل‬
‫‪.‬وضعية محددة بواسطة التأويلت القابلة لفلسفة ) الجاماع ( عكس ليوتار ) الختلف(‬
‫أدخل هابرماس اذن مفهوم عالم المعيش بوصفه خلفية للنشاط التواصلي ‪ ،‬أي أن المشاركين في التواصل يرتبطون بالتراث‬
‫الثقافي يستمدون منه بعض العناصر‪ .‬ويقوم أيضا بالندماج الجاتماعي وخلق التضامن ‪ .‬يقوم أيضا بتشكيل الهويات الفردية‬
‫‪ ).‬هوية الشخص نفسه (‬
‫بهذا يمكن القول أن التجرية التواصلية عند هابرماس تأتي من العلقة التفاعلية التي تربط شخصين على القل داخل العالم‬
‫المعيش ‪ ،‬وفي إطار من التوافق اللغوي والتذاوتي ‪ .‬ومن ثم فإن كل شخص أو فاعل يملك القدرة على الكلم والفعل يمكنه‬
‫أن يشارك في التواصل‪ ،‬وأن بعلن عن ادعاءاته للصلحية ‪ ،‬لكن شريطة أن يراعي مقاييس المعقولية والحقيقة والدقة‬
‫‪.‬والصدق‬
‫كما أن الفاعلية هي عبارة عن صياغة جاديدة لمسألة العقلنية في الفكر الغربي ‪ ،‬وحين يدعو هابرماس إلى نظرية‬
‫المجتمع ‪ ،‬فإنه ينظر إليها من زاوية المفاهيم الساسية للنشطة العقلنية‪ ،‬ومن ثم فإن نظرية الفاعلية ليست مرتبطة فقط‬
‫‪ .‬بنظرية المجتمع ولكنها تؤسس كذلك لنظرية المعرفة‬
‫إن التفاهم ضرورة حتمية في نظرية التواصل عند هابرماس وذلك من أجال الوصول إلى نوع من التفاق ‪ ،‬يؤدي إلى‬
‫التذاوت المشترك ‪ ،‬وإلى التفاهم والثقة المتبادلين ‪ ،‬بل وإلى التقارب في النظرات والراء ‪ .‬لذا اهتم هابرماس باللغة‬
‫والمعنى والحقيقة والتواصل والبرهنة المرتبط بشكل أساسي باشكالية المركزية المتعلقة بالعقلنة والحداثة اعتمادا في ذلك‬
‫إلى نظرية التداوليات الصورية التي يرى وظيفتها تتمقل في "اعادة بناء شروط المكان الكلية للتفاهم " على اعتبار أن كل‬
‫فاعل تواصلي يقوم بفعل الكلم مضطر للتعبير عن ادعاءات كلية للصلحية على أساس أنه يقدر على تبريرها للمشاركة‬
‫في أي عملية من عمليات التفاهم ‪ ،‬وفي هذا السياق يقول هابرماس ‪ » :‬يجب على المتكلم أن يختار نعبيرا معقول لكي‬
‫يتمكن المتكلم والمستمع من تفهم الواحد للخر ‪ ،‬والمتكلم يجب أن تكون له نية توصيل مضمون حقيقي لكي يتمكن المستمع‬
‫من مشاطرة معرفته‪ ،‬وعلى هذا المتكلم أيضا أن يعبر عن مقاصده بصدق لكي يتمكن المستمع من تصديق تلفظ المتكلم‬
‫) والثقة به( وأخيرا يتعين على المتكلم اختيار تلفظ دقيق بالقياس إلى المعايير والصيم الجاري بها العمل ‪ ،‬لكي يتمكن‬
‫المستمع من قبول هذا التلفظ ‪ ،‬بطريقة تجعل المتكلم والمستمع في وضعية القدرة على التفاق على التلفظ ذي الخلفية‬
‫‪ » .‬المعيارية‬
‫اذا اعتبرنا أن التداوليات تشتغل على نظرية التواصل ‪ ،‬وأنه كل تداول في اللغة هو من صميم التواصل ‪ ،‬فإن هابرماس لم‬
‫‪:‬يغفل الجانب التداولي في نظريته التواصلية ‪ ،‬ورأى أن هناك ثلث وظائف للتداوليات‬
‫‪.‬وصف شيء ما بواسطة جاملة معينة _ ‪1‬‬
‫‪ .‬التعبير عن قصد المتكلم _ ‪2‬‬
‫‪.‬اقامة تذاوتية بين المتكلم والمستمع _ ‪3‬‬
‫ويمكن النظر إلى النموذح اللغوي الذي اقترحه هابرماس من منظور التداوليات الكلية‪ ،‬باعتبار أن هناك قطاعات محددة من‬
‫الواقع تتمثل فيما يسميه بالطبيعة الخارجاية والمجتمع‪ ،‬الطبيعة الداخلية واللغة ‪ ،‬تقابل هذه القطاعات مباشرة أنماطا محددة‬
‫‪.‬من العلقات مع الواقع؛ الموضوعية _ المعيارية _ الذاتية _ التذاوتية‬
‫خلصة لما قيل عن التداوليات الصورية والنشاط التواصلي فإن الفرق بينها موجاود في اعتبار الولى تبحث عن الشروط‬
‫الممكنة للتفاهم ‪ ،‬في حين تسعى نظرية النشاط التواصلي‪ ،‬باعتباره نشاطا موجاها نحو التفاخم إلى وضع شروط مجتمع‬
‫‪.‬ممكن ‪ .‬مادام التفكير في التواصل شكله العقلني البرهاني هو في العمق تفكير فيما هو مجتمعي‬
‫كما قام هابرماس بتأسيس ما يسمى " أخلقيات تواصلية " تلك التي تضبط تدخلت الناس وتنظرم أساليب تبادلهم ‪ ،‬وهي‬
‫أخلقيات تجد في العقل مرتكزها ومرجاعها‪ ،‬بمعنى أن هابرماس يؤسس أخلقيات التواصل على مبادئ عقلية تستمد بعض‬
‫عناصرها من التداوليات الكلية ‪ ،‬لن هذه التداوليات هي التي تسمح بالتفكير في الساس الذي يجعل من التلفظات أو أفعال‬
‫الكلم حقيقية أو دقيقة‪ .‬ثم أن هابرماس حين يؤكد على المناقشة وعلى التواصل الجاتماعي فإنه يسلم بأن التفاعل يتعين أن‬
‫يحصل داخل مجال عمومي حديث يجمع بين العقلنية السياسية والمشروعية الديموقراطية » التي يجعلها هابرماس مبدأأ‬
‫أساسيا في التفكير ‪ ،‬وبكونها تتوقف على المكانية الساسية بنقد التمثلت الجاتماعية والمعايير الخلقية وأشكال‬
‫‪ » .‬المشروعية السياسية ‪ ،‬وبدفعها نحو التطور في اتجاه ما نعتبره حقيقيا أو دقيق‬
‫هكذا كان هابرماس في نظريته الفاعلية التواصلية ‪ ،‬جاسد لنا جادل قائما بين الحداثة المعيارية والخلق التواصلية والتي‬
‫تؤكد الحقيقة القائمة على عملية تبادل البراهين والحجج‪ ،‬وبالتالي هو تتويج لتفاق ذي طبيعية جاماعية ) النظرية الجاماعية‬
‫‪ .‬للحقيقة (‬

You might also like