Professional Documents
Culture Documents
4الفصل الثاني المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ
4الفصل الثاني المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ
4الفصل الثاني المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ
24
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
* سبهيػ ػ ػ ػ ػػد
25
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
* متهـيـ ـ ـ ـ ــد:
شهد العامل يف السنوات األخَتة حركة نشطة وديناميكية يف مراجعة وربديث اؼبناىج يف ـبتلف اؼبراحل
مست ـبتلف نواحي حياة اإلنساف دبا فيها التغَتات اليت ّ
الدراسيّة ،وقد كانت ىذه اغبركة حتميّة نتيجة ّ
التفجر اؼبعريف يف ـبتلف اجملاالت ولكوف اعبزائر جزءا ال
اعبانب االجتماعي واالقتصادي والثقايف ،انىيك عن ّ
يتجزأ من العامل ،فقد ابت من الضروري مراجعة اؼبناىج الدراسية وربديثها يف بالدان ،حىت تصبح مسايرة
للتغيَتات
فعالية أال وىي تطبيق التدريس ابؼبقاربة
ومنها جاء االنتقاؿ من بيداغوجيا األىداؼ إىل بيداغوجيا أكثر ّ
ابلكفاءات حيث متّ إعداد مناىج ذبعل من اؼبتعلم ؿبورا للعملية التعليمية – التعلمية إذ تقوـ ىذه اؼبقاربة
على عدة بيداغوجيات وفبارسات حديثة منها بيداغوجيا اإلدماج وبيداغوجيا الفوارؽ وبيداغوجيا اؼبشروع،
وصوال إىل بيداغوجيا اػبطأ ىذه األخَتة اليت تعترب من أحدث اؼبمارسات وأصعبها ،حيث ذبعل من اػبطأ
نقطة لبداية التعلمات ومرآة تعكس اػبلل لدى اؼبتعلم ،وعليو قبد أنفسنا أماـ تساؤالت وىي كاآليت:
ػ ػ ػ ماىي اؼبقاربة ابلكفاءات؟ وماىي أىم خصائصها؟ وماىي أنواعها؟
أىم اؼبمارسات التدريسيّة اليت تتبناىا؟
ػ ػ فيما تتمثل ّ
وإذا كانت بيداغوجيا اػبطأ ىي أحدث ىذه اؼبمارسات فماذا نقصد ابػبطأ؟
ػ ػ وما ىي بيداغوجيا اػبطأ؟ وماىي أنواع اػبطأ وأىم مصادره؟
وىذا ما سنتطرؽ لو يف ىذا الفصل من الدراسة
26
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
أوال :المقاربة بالكفاءات:
تستمد اؼبقاربة ابلكفاءات جذورىا من علم النفس السلوكي ،ومن جوانب أخرى من علم النفس اؼبعريف،
كما أ ّنا تستند بصفة خاصة للنظرية البنائية اليت تع ّد نظرية نفسيّة لتفسَت التعلم وأساسا رئيسيّا من األسس
النفسيّة لبناء اؼبنهج اؼبدرسي إذ ترى أ ّف الطفل ال أييت إىل اؼبدرسة بعقل فارغ ،بل لديو خربات سابقة يبكن البناء
عليها حيث يتعلم من اػبربات اليت يعيشها ،ويفسر ىذه اػبربات بناءً على ما يعرفو ،فاؼبعرفة تبٌت وال تنقل ،تنتج
عن نشاط ،وربدث يف صيغ واؼبعٍت ىو اؼبتعلم ،م إ ّف بناء اؼبعرفة عملية تفاوضيّة اجتماعيّة أي عن طريق الشراكة
بُت اؼبعلم واؼبتعلم يف اإلدراؾ ويف تكوين اؼبعٌت ،ولذا تركز اؼبناىج على الكيف اؼبنهجي بدال من الكم اؼبعريف من
خالؿ نظاـ الوحدات الذي يب ّكن اؼبتعلم من الًتكيز على مضامُت بعينها تتوفر فيها شروط التناسق والتكامل بغية
ربقيق كفاءات ذات طبيعة مهاريّة وسلوكيّة تتكيّف مع الواقع اؼبعاصر يف عامل الشغل واؼبواطنة واغبياة اليوميّة وقد
ظهرت أل ّوؿ مرة يف كندا ،وانتقلت التجربة إىل فرنسا يف التسعينات غبل مشكلة الفشل الدراسي يف الثانوايت
الفرنسية ومن م تبنّت العديد من الدوؿ اؼبقاربة ابلكفاءات يف العمليّة التعليميّة التعلميّة ومن بينها اعبزائر
)(www.elhamel.net/forum/shouthreud.php?t=18267
*2مفهوم ادلقاربة ابلكفاءات« :بيداغوجية وظيفية تعمل على التحكم يف ؾبرايت اغبياة ،بكل ما كبملو من
تشابك يف العالقات وتعقيد يف الظواىر االجتماعية ،ومن م فهي اختيار منهجي يب ّكن اؼبتعلم من النّجاح يف ىذه
ابلسعي إىل تثمُت اؼبعارؼ اؼبدرسيّة وجعلها صاغبة لالستعماؿ يف ـبتلف مواقف
اغبياة على صورهتا ،وذلك ّ
اغبياة» (وزارة الًتبية الوطنية ،2115،ص)17:
وىي « :ال تتعارض مع البيداغوجية الكالسيكية ،ولكنها جاءت لتؤكد األىداؼ اليت أتخذ بعُت االعتبار
تطور اؼبدرسة واجملتمع وىذا يعٍت أف اؽبدؼ األساسي ؽبذا اؼبسعى البيداغوجي اغبديث ىو إعداد متعلمُت
يتجاوبوف مع عامل الشغل على أساس الكفاءة اؼبهنية اليت تتطلّبها الوظيفة ،عكس ما كانت عليو اؼبدرسة سابقا
واليت سعت إىل تلقُت معارؼ تتوج بشهادات على أساسها يتم التوظيف يف مناصب شغل على حساب اؼبهنة
والتحكم فيها إذا كاف اؽبدؼ من اؼبقاربة التقليدية سابقا ىو ربليل اغباجيات والتعرؼ على النوعيات ،والقدرات
واؼبعارؼ الضرورية عند تنفيذ بعض اؼبهاـ ،فاؼبقاربة اؼبؤسسة على الكفاءة هتدؼ إىل التعرؼ على النتائج اليت
تربىن على التنفيذ الفعاؿ للمهاـ » (غريب عبد الكرًن ،2113،ص)61:
27
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
ومن خالؿ ما سبق والتصورات اليت أخذت منها التطبيقات العملية التعليمية ؽبذه اؼبقاربة ،نستنتج من
التعريفات السابقة ،أف اؼبقاربة ابلكفاءات طريقة عملية اجرائية ،سبكن التلميذ من االندماج يف الوسط الدراسي
بسهولة ،والتكيف مع ـبتلف اؼبواقف بسهولة ويسر ،كما تساعد اؼبعلم يف وضع اسًتاتيجيات ذات داللة،
لتعديل تعلمات اؼبتعلمُت ،كل ىذا ضمن خطة ؿبددة ومدروسة ،مهيأ ؽبا سلفا (تعاقد بُت اؼبعلم واؼبتعلم) من
أجل اقباح العملية التعليمية.
*3خصائص ادلقاربة ابلكفاءات:
* اعتبار ؿبورية التعلم :فاؼبتعلم فاعل أساسي يف بناء اؼبعرفة والتعلمات ،فبا يدعو إىل استحضار جانب التعلم
الذايت يف كل األنشطة
* توفَت فضاء للتعلم الذايت :ويكوف ذلك بفتح اجملاؿ رحبًا أماـ اؼبتعلم لكي يوظّف إمكاانتو وقدراتو للتعلم ،وال
تعلمية ربفزه على التفاعل مع ؿبيطو تفاعال اهبابيا وبناء قوامو اؼبساءلة
يتأتى لو ذلك ّإال عن طريق بناء وضعيات ّ
واالستكشاؼ ارتباطا بقواعد التفكَت العلمي
* توفَت الشروط اؼباديّة والًتبويّة للتعلم الذايت ويقصد بذلك ـبتلف الوسائط والطرائق اليت تتيح فرص التعلم الذايت
(رحيمو خبات وآخروف ،2116 ،ص )7-6
من ىنا يتضح أنّو للمقاربة ابلكفاءات اسًتاتيجية تعمل على ع ّدة عناصر نذكر منها:
28
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
أحقيّة اؼبتعلم يف اػبطأ ،واؼبراد بو ّأال يعترب اػبطأ يف إقباز اؼبتعلم عمالً سلبيًا ،بل يكوف منطلقا للبيداغوجيا
يتم ضبط
العالجيّة اليت توظّف اػبطأ إهبابيا ،وتعتربه دليال وأداة كشف عن آليات التفكَت عند اؼبتعلم ،وىكذا ّ
تبصر من لدف اؼبتعلم (رحيمو خبات وآخروف ،2116 ،ص .)12-11
اػبطأ وربديد مصدره ،م عالجو بوعي و ّ
-1-4الكــفاءات النوعيــة :وىي اؼبرتبطة دبادة دراسيّة معيّنة أو ؾباؿ نوعي أو مهٍت ّ
معُت ،ولذلك فهي أقل
مشوليّة من الكفاءة اؼبستعرضة ،وقد تكوف سبيال إىل ربقيق الكفاءات اؼبستعرضة
-2-4الكفاءات ادلستعرضة :وتسمى أيضا الكفاءات اؼبمتدة ،ويقصد هبا الكفاءات العامة اليت ال ترتبط
دبجاؿ ؿبدد أو مادة دراسيّة معيّنة ،وإّمبا يبتد توظيفها إىل ؾباالت عدة أو مواد ـبتلفة ،ولذا فإ ّف ىذا النوع من
الكفاءات يتسم ابلغٌت يف مكوانتو ،إذ تسهم يف إحداثو تدخالت متعددة من اؼبواد ،كما يتطلّب ربصيلو زمنا
أطوؿ
إ ّف ىذا النوع من الكفاءات يبثل درجة عليا من الضبط واإلتقاف ،ولذلك يسمى كفاءات قصوى
-3-4الكفاءات القاعدية :وتسمى أيضا ابلكفاءات األساسيّة أو اعبوىريّة أو الدنيا وتش ّكل األسس الضروريّة
اليت البد من اعتبارىا يف بناء تعلمات الحقة واليت ال وبدث التعلم يف غياهبا
-4-4كفاءات اإلتقان :وىي اليت ال تبٌت عليها ابلضرورة تعلمات أخرى رغم أ ّف كفاءات اإلتقاف مفيدة يف
التكوين ّإال أفّ عدـ اكتفاء اؼبتعلم هبا ال يؤدي إىل فشلو يف الدراسة (بن سي مسعود لبٌت ،2118 ،ص)255
*5مزااي ادلقاربة ابلكفاءات :تساعد اؼبقاربة ابلكفاءات على ربقيق األغراض التالية:
أ* تبٍت الطرؽ البيداغوجية النشطة وتبتكرىا :إذ أ ّنا تعمل على إقحاـ اؼبتعلم يف أنشطة ذات معٌت ابلنسبة إليو،
ويتم ذلك بشكل فردي أو صباعي
حل اؼبشكالت ّ
منها إقباز اؼبشاريع و ّ
ب* ربفيز اؼبتعلمُت على العمل :أبف تتبٌت الطرؽ النشطة فإ ّنا تولّد الواقعية لدى اؼبتعلم
ج* تسمية اؼبهارات واكتساب اذباىات وميوؿ وسلوكات جديدة :تعمل اؼبقاربة ابلكفاءات على تنمية قدرات
اؼبتعلم العقلية (اؼبعرفية) العاطفية (االنفعالية) والنفس-حركية
29
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
د* عدـ إنباؿ احملتوايت (اؼبضامُت) :إ ّف اؼبقاربة ال تعٍت استبعاد اؼبضامُت ،وإّمبا سيكوف إدراجها يف إطار ما ينجزه
اؼبتعلم من كفاءات (سعيد جاير ،2118 ،ص)42
اثنيا :ادلمارسات التدريسية للمقاربة ابلكفاءات:
أىم التحدايت اليت تواجهها الًتبية يف عصران اغبايل كسب رىاف الًتبية اؼبستديبة اليت سبكن الفرد من
من ّ
فرص التكوين اؼبستمر بل أتسيس الكفاءات الضرورية لدى كل فرد واليت ذبعلو قادرا على التكيف االهبايب مع
صبلة التغَتات اليت تطرأ على مظاىر اغبياة اليومية
مفتاحا لدخوؿ القرف اؼبقبل فال بد لنا أف نعمل على فهم وتطبيق اؼبمارسات
ومن أجل جعل الًتبية ً
البيداغوجية وذبديد طرقها وأساليبها اؼبعتمدة يف التدريس ومن أىم اؼبمارسات اغبديثة ما يلي:
30
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
إذا الفارقية ىي عبارة عن إجراءات أو عمليات هتدؼ إىل جعل التعلم متكيفا مع الفروؽ الفردية بُت
اؼبتعلمُت وذلك قصد جعلهم يتحكموف يف األىداؼ اؼبتوخاة (غريب عبد الكرًن ،2116 ،ص )728
-2-1مسات البيداغوجيا الفارقية :تقسم ىذه البيداغوجيا:
_ بكونا بيداغوجيا مفردة :تعًتؼ ابؼبتعلم كشخص لو سبثالتو اػباصة
_ بكونا تعتمد توزيعا للمتعلمُت داخل بنيات ـبتلفة :سب ّكنهم من العمل حسب مسارات متعددة
ويشتغلوف على ؿبتوايت متمايزة بغرض استثمار أقصى امكاانهتم وقيادهتم كبو التفوؽ والنجاح
*تطبق بيداغوجيا الفوارؽ من خالؿ ؾبموعة من اإلجراءات الديداكتيكية ،ىي:
_ انتقاء األقساـ واؼبواد
_ جرد األىداؼ العامة للمواد الدراسية
_ ربديد األىداؼ مع مراعاة عامل الوقت ودرجة التحكم يف اؼبنهجية
_ اختيار وإعداد البياانت اؼبالئمة
_ تعيُت األىداؼ اؼبراد ربقيقها
_ ربديد اؼبقطع الديداكتيكي ومعيار النجاح
_ إقباز التقوًن
-3-1-إجراءات البيداغوجيا الفارقية :تتطلب الفارقية صبلة من اإلجراءات يبكن إصباؽبا كما يلي:
*معرفة وضعية االنطالؽ :قصد تطبيق التعلم دوف إغفاؿ للمتطلبات اؼبشار إليها من قبل مع الًتكيز على تتبع
ـبتلف مظاىر سلوؾ اؼبتعلمُت إثناء اقبازىم لفعل التعلم
*ىيكلة احملتوى :بكيفية متدرجة
*تنويع طرائق التدريس :مع استعماؿ متعددة حسب حاجات اؼبتعلمُت وغالبا ما يكتفي اؼبدرس بدور اؼبرشد
واؼبوجو
*ذبميع اؼبتعلمُت :حيث يتم تكوين ؾبموعات مرنة من حيث شكلها وكذا عددىا ويف بعض األحياف تكوف
ؾبموعات من نفس اؼبستوى
*التقوًن :تشتمل عملية التقوًن على االختبارات لتشخيص اؼبنطلقات ،أو اختبارات قصد فحص مدى ربقيق
األىداؼ الوسطية كما يبكن لالختبارات أف تكوف إصبالية ختامية (رحيمو خبات وآخروف ،مرجع سابق،
،2115-2114ص )81
31
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
فبا سبق نستخلص أف البيداغوجيا الفارقية ىي فبارسة ترقي دبكانة اؼبعلم داخل الوضعية التعليمية التعلمية كعنصر
فعاؿ ونشط لو قدراتو وكفاءاتو وأمباط تعليمية فريدة
ّ
-2التعلم التع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاوين:
-1- 2مفهوم التعلم التعاوين :ىو اسًتاتيجية تدريس انجحة تستخدـ فيها اجملموعات الصغَتة اؼبتعاونة ،وتضم
كل ؾبموعة تالميذ من مستوايت ـبتلفة القدرات ،حيث يبارسوف أنشطة تعليميّة متنوعة ،لتحسُت فهمهم
عما هبب أف يتعلمو فقط وإّمبا عليو أف يساعد
للموضوع اؼبراد تعلمو وكل عضو (متعلم) يف الفريق ليس مسؤوال ّ
جو من اإلقباز والتّحصيل واؼبتعة أثناء التعلم (عبد
زمالءه يف اجملموعة وابلتايل فتالميذ كل ؾبموعة يعملوف يف ّ
اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت ،2111-2111 ،ص)116
فقد قدـ جونسون Jonsonوآخروف :مدخال جديدا يف الًتبية عن مفهوـ التعلم التعاوين حيث يعمل التالميذ
معا يف ؾبموعات صغَتة إلقباز أىداؼ مشًتكة ،إذ يقسم التالميذ إىل ؾبموعات من ( )5 – 2أعضاء ،وبعد أف
يتلقوا تعليمات من اؼبعلم أيخذوف يف العمل بتعاوف حىت ينجزه صبيع أعضاء اجملموعة بنجاح (جونسوف ديفد
وآخروف ،1995 ،ص )6-1
-2-2إجراءات التعلم التع ـ ـ ـ ـ ـاوين:
*تقسيم اؼبعلم اؼبعلومات اؼبتوفرة عن اؼبوضوع وتوزيع األسئلة ومناقشتها يف كل ؾبموعة
* تقسيم اؼبتعلمُت يف ؾبموعات صغَتة متعاونة ( )9-4تالميذ يف كل ؾبموعة
* زبتار كل ؾبموعة قائدا ومقررا ،ويفضل أف يتناوب أعضاء اجملموعة مهمة الرئيس واؼبقرر
* ذبلس كل ؾبموعة يف دائرة
* بعد إسباـ كل ؾبموعة اؼبهمة تنضم اجملموعات يف اجملموعة الكربى األصلية ويف وجود اؼبعلم وربت إشرافو (عبد
اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت ،2111-2111 ،ص )7-6
-3-2أدوات التعلم التعـ ـ ـاوين :التعاوف والصراع شيئاف متالزماف ،فكلما زاد اىتماـ أعضاء اجملموعة بتحقيق
أىداؼ ؾبموعتهم وزاد اىتماـ بعضهم ببعض ،زاد احتماؿ أف تظهر بينهم صراعات معيّنة ،وذلك يتطلب ما يلي:
*تعليم اؼبتعلم اإلجراءات واؼبهارات الالزمة إلدارة الصراعات األكاديبية الفكرية اؼبالزمة للمجموعات التعليمية
*تعليم اؼبتعلمُت اإلجراءات واؼبهارات الالزمة للتفاوض من أجل الوصوؿ إىل حلوؿ بنّاءة لصراعاهتم
التدرب على جلسات العصف الذىٍت (جونسوف ديفد وآخروف ،1995 ،ص )111
* ّ
32
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
-4-2مراحل التعلم التعـ ـ ـاوين:
* مرحلة التعرؼ :يتم التعرؼ على اؼبشكلة أو اؼبهمة اؼبطروحة
يتم االتفاؽ على توزيع األدوار وربديد اؼبسؤوليات
* مرحلة البلورةّ :
* مرحلة اإلنتاجية :االلبراط يف العمل والتعاوف يف اقباز اؼبطلوب
يتم فيها كتابة تقرير ،أو عرض ما وصلت إليو اجملموعة (عبد اغبميد حسن وعبد اغبميد
* مرحلة اإلناءّ :
شاىُت ،2111-2111 ،ص ) 187
-5-2دور ادلعلم يف التعلم التع ـ ـ ـ ـ ـ ـاوين:
-اختيار وربديد األىداؼ وتنظيم الصف
-ربديد اؼبهمات الرئيسية والفرعية للموضوع
-تكوين اجملموعات على ضوء األسس اؼبناسبة
-تزويد اؼبتعلمُت ابإلرشادات الالزمة للعمل
-تشجيع اؼبتعلمُت على التعاوف
-اؼبالحظة الواعيّة ؼبشاركة أفراد اجملموعة
-ربط األفكار بعد انتهاء العمل التعاوين (ؿبمود داود سليماف الربيعي ،2116 ،ص )93-92
فبا سبق قبد أف تنفيذ التعلم التعاوين يتطلب فهم األمباط اؼبختلفة لو ،ويعتمد النموذج الذي ىبتاره اؼبدرس على
نوع اؼبادة الدراسية وحاجات اؼبتعلم
-3بيداغوجيـ ـ ـ ـ ـا ادلش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـروع :هتدؼ اسًتاتيجية اؼبشروع إىل ربط التعلم اؼبدرسي ابغبياة اليت وبياىا اؼبتعلم
خارج اؼبدرسة وداخلها معا ،وبعبارة أخرى تستهدؼ ربط احمليط اؼبدرسي ابحمليط االجتماعي ،وتنطبق على
األنشطة اليت تغلب عليها الصبغة العلميّة
-1-3ادلقصود ابدلشـاريع :عبارة عن دراسات أو ابداعات مستقلة أو مرتبطة بوحدات متباعدة ضمن اؼبقرر
الدراسي ،ربت إدارة اؼبدرس وبوساطتها يتوصل اؼبتعلموف إىل تعلم مسؤوليتهم اػباصة وذلك يف إطار :معاعبتها
وإنتاجها
اغبر
تنمي طريقة اؼبشروع روح العمل اعبماعي والتعاوف ،كما ىو اغباؿ يف اؼبشروعات اعبماعية ،وروح التنافس ّّ -
اؼبوجو يف اؼبشروعات الفرديّة
ّ
33
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
-التشجيع على تفريد التعلم ومراعاة الفروؽ الفرديّة بُت اؼبتعلمُت
-يش ّكل اؼبتعلم ؿبور العملية التعلميّة ،بدال من األستاذ ،فهو الذي ىبتار اؼبشروع ،وين ّفذه ربت اشراؼ األستاذ
-تعمل ىذه االسًتاتيجية على إعداد اؼبتعلم وهتيئتو خارج أسوار اؼبدرسة حبيث يًتجم ما تعلمو نظراي إىل واقع
ملموس (عبد اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت ،2111-2111 ،ص)116 -115
4ـ اسرتاتيجية حل ادلشك ـ ـالت :ىي خطّة تدريسيّة تتيح للمتعلم الفرصة للتفكَت العلمي حيث يتحدى التالميذ
معينة ،فيخططوف ؼبعاعبتها وحبثها وهبمعوف البياانت وينّظمونا ويستخلصوف منها إنتاجاهتم اػباصة
مشكالت ّ
-1-4خطوات حل ادلشكلة:
-ربديد اؼبشكلة
-صبع البياانت عن اؼبشكلة
-اقًتاح اغبلوؿ للمشكلة (فرض فروض)
-مناقشة اغبلوؿ اؼبقًتحة
اغبل األمثل للمشكلة (االستنتاج)
-التوصل إىل ّ
-تطبيق االستنتاجات التعليمات يف مواقف جديدة (عبد اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت ،مرجع سابق،
،2111-2111ص)118
-2-4أمهية تعلم أسلوب حل ادلشكالت :إ ّف حل اؼبشكالت أسلوب يضع اؼبتعلم يف موقف حقيقي يستخدـ
فيو ذىنو وـبتلف قدراتو العقلية هبدؼ الوصوؿ إىل حالة اتزاف معريف ،وتعترب حالة االتّزاف اؼبعريف حالة دافعية
تتم ىذه اغبالة عند الوصوؿ إىل حل للمشكلة أو إجابة للسؤاؿ أو اكتساب معرفة،
يسعى اؼبتعلم إىل ربقيقها ،و ّ
وابلتايل فإ ّف دافعية اؼبتعلم تعمل على استمرار نشاطو الذىٍت حىت يصل إىل اؽبدؼ وىو :الفهم ،اغبل ،اػبالص،
إكماؿ اؼبعرفة الناقصة لديو فيما يتعلق ابؼبشكلة تكمن أنبيّة حل اؼبشكالت عند اؼبتعلم يف الوصوؿ إىل حالة من
ربَت ذىنو
حل ؼبوضوع اؼبشكلة اليت ّ
الرضا واالتزاف اؼبعريف الذي يسعى اؼبتعلم لتحقيقو من خالؿ إهباد ّ
وابلتايل فتلك اغبالة من االتزاف اؼبعريف سبثل دبثابة الدافع القوي الذي وبرؾ ذىن اؼبتعلم وقدراتو العقليّة وهبعلها يف
حالة استمرار من العمل إىل غاية حل اؼبشكلة (ـبلويف فاطمة ،2113-2112 ،ص)31
34
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
اثلثا :بيداغوجي ـ ـ ـ ـ ـ ـا اخلـط ـ ـأ
متهيد :مل يكن من اؼبمكن اغبديث عن اػبطأ كقيمة انفعة قبل ؾبيء القرف العشرين وسلسلة التطورات اليت
راكمتها اؼبعرفة العلمية ،واليت توجت بظهور األبستمولوجيا اؼبعاصرة خصوصا مع غاستوف ابشالر يف ؾباؿ
الفيزايء كوىَتي وروبَت بالنشي يف ؾباؿ الرايضيات ،وجاف بياجيو يف ؾباؿ علم اغبياة ،وحيث سيعاد النظر يف
ؾبموعة من اؼبفاىيم اليت سيتم ربريرىا من اطالقيتها ومنها مفهوـ اػبطأ الذي كاف وإىل حد قريب يوضع كمقابل
للحقيقة والصواب والذي اجتهد العقل التقليدي كل االجتهاد حملارتو والتقليل من شأنو
ل قد أصبحت األخطاء اؼبرتكبة من طرؼ اؼبتعلمُت ربتل مكانة يف األعماؿ البيداغوجية ومنحها الديداكتيكيوف
أيضا أنبية قصوى يف النموذج النظري للتعليمات ،ؼبا تلعبو األخطاء من أنبية قصوى يف اسًتاتيجية التعليم اؼبنفذة
من طرؼ الفاعل التعليمي خصوصا إذا ازبذت كوضعية انطالؽ أثناء تقدًن النشاط التعليمي التعلمي
وىكذا يبكن اعتبار اػبطأ بشكل عاـ نوعا من سوء التوظيف للمعرفة التعليمية من طرؼ اؼبتعلم أاي كاف سببو أو
عدـ تعامل اؼبعلم كما ينبغي من ىذه األخطاء ،وىذا ما سنعمل على توضيحو من خالؿ تعريف اػبطأ
وبيداغوجيا اػبطأ وتوضيح كل ما يتعلق هبذه البيداغوجيا
–1مفهـ ـ ـ ـ ـ ـوم اخلطأ :ال يبكن فهم بيداغوجيا األخطاء فهما حقيقيا إال بفهم اػبطأ -أوال-لغة واصطالحا:
أ -لغة:
جاء يف لساف العرب البن منظور :اػبطأ واػبطاء :ضد الصواب ،وخطّأه زبطئة وزبطيئًا :نسبة إىل اػبطأ واػبطأ
صْبو . ...وأ ْخطأ نػ ْوؤه الر ِامي الغرض :مل ي ِ
ما مل يتعهد ،واػبطء :ما تعمد وأ ْخطأ الطَِّريق :عدؿ عنو وأ ْخطأ َّ
صيب أ ْخرى قػ ْرهبا. صب شيئاً واػبِطْأة :أرض ىبْ ِطئها اؼبطر وي ِ
ِ ِ
إذا طلب حاجتو ،فلم يػْنج ْح ،ومل ي ْ
وخطَّأه زبْ ِطئةً وزبْ ِطيئاً :نسبو إِىل اػبطا ،وقاؿ لو أ ْخطأْت .يقاؿ :إِ ْف أ ْخطأْت فخ ِطّْئٍت ،وإِف أصْبت
علي أي قل يل قد أسأْت وزبطَّأْت لو يف اؼبسألة أي أ ْخطأْت وزباطأه أي فص ِّوبٍْت ،وإِ ْف أسأْت فس ِّو ْئ َّ
أ ْخطأه واػبطأ :ما مل يػتػع َّم ْد ،واػبِ ْ
طء :ما تػع ِّمد (ابن منظور 2113 ،ـ)
وقاؿ األموي :اؼبخطأ من أراد الصواب فصار إىل غَته ،واػباطئ من تعمد ؼبا ال ينبغي (ـبتار الصحاح ،دمحم بن
أيب بكر بن عبد القادر الرازي1415،ىػ1995/ـ)65/1،
يف اؼبصباح اؼبنَت :يقاؿ خطئ يف دينو خطأ إذ أ م فيو ،واػبطأ :الذنب واإل م ،وأخطأ ىبطئ إذا سلك سبيل اػبطأ
عمدا أو سهوا ويقاؿ خطئ إذا تعمد ،وأخطأ إذا مل يتعمد ؼبن أراد شيئا ففعل غَته أو فعل غَت الصواب :أخطأ
(أضبد بن علي اؼبقرى الفيومي)174/1 ،
35
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
ويتبُت لنا ،فبا سبق ،أف اػبطأ يبكن أف يتخذ بعدا ذىنيا ومنطقيا ،فيكوف دبعٌت الوىم والظن
والكذب ،ومقابلو الصواب واغبقيقة ومن م ،فهو يعٍت العدوؿ واػبروج عن جادة الصواب ،وعدـ إصابة
اؽبدؼ اؼبقصود ،وعدـ ربقيق النجاح اؼبطلوب ومن جهة أخرى ،يدؿ اػبطأ على مفهوـ أخالقي ،فهو
يدؿ على أفعاؿ مشينة ومعيبة وسيئة ،مثل :اإل م ،والذنب ،وارتكاب اؼبعاصي والسيئات والكبائر
ب -اصطالحا:
يقاؿ إنو" :ابألضداد تعرؼ األشياء" فاػبطأ ىو مقابل الصدؽ والصواب واغبق والعلم واليقُت واػبطأ عائق
إبستمولوجي وبوؿ دوف تقدـ اؼبعرفة العلمية ،وبناء اليقُت اؼبنطقي الصحيح ،والسيما إذا بٍت اػبطأ على الظن،
والوىم ،واالفًتاض ،واالعتقاد ،والرأي الشخصي ،دوف االحتكاـ إىل مقاييس التجربة العلمية الصحيحة
أضف إىل ذلك ،فاػبطأ ىو عدـ مطابقة اغبكم مع الواقع ،أو عدـ انسجاـ الفكر مع ذاتو ومع الواقع على حد
سواء ويعٍت ىذا عدـ تطابق أحكاـ العقل أو الفكر أو الذىن وتصوراتو مع ما يقابلها من األشياء اػبارجية،
فعل فكري وذىٍت وبكم على ما ىو كاذب أبنو صادؽ أو العكس ،وقد يكوف اػبطأ ىوى وميال ومنزعا
فاػبطأ ٌ
فكراي غَت سليم ،إذ يعد الباطل حقاً أو اغبق ابطالً ،فهو بذلك إقر ٌار كاذب ،وفاس ٌد ،وزائف ودائما ،وبضر
اػبطأ إىل جانب صنوه ومقابلو الصواب ،كما وبضر اغبق إىل جانب الباطل ،واؼبعرفة إىل جانب اعبهل ،ووبمالف
على األحكاـ ،واألقواؿ ،واألفعاؿ ،واآلراء ،واالعتقادات ،واالحتماالت ،واالجتهادات ومن ىنا ،فاؼبخطئ ىو
من أراد الصواب ،فصار إىل غَته ويف الشرع اإلسالمي ،قاؿ البخاري يف صحيحو" :حدثنا عبد هللا بن يزيد
ادلقري ادلكي :حدثنا حيوة :حدثين يزيد بن عبد هللا بن اذلاد ،عن دمحم بن إبراىيم بن احلارث ،عن بسر بن
سعيد ،عن أيب قيس موىل عمرو بن العاص ،عن عمرو بن العاص أنو مسع رسول هللا يقول« :إذا حكم
احلاكم فاجتهد مث أصاب فلو أجران ،وإذا حكم فاجتهد مث أخطأ فلو أجر»( .البخاري ،2002 ،ابب أجر
اغباكم) ويعٍت ىذا أ ّف الشرع اإلسالمي وبث على االجتهاد ،وينظر إىل اػبطأ العلمي من زاوية إهبابية ،إذ خص
اػبطأ االجتهادي أبجر واحد ومن ىنا ،فاإلسالـ ىو دين العلم واؼبعرفة والتجريب واالجتهاد ،ماداـ يثمن اػبطأ
العلمي وهبذا ،يكوف اإلسالـ قد سبق بقروف جاستوف ابشالر ( )Gaston Bachlardإىل أف العلم ال يتقدـ
إال ابرتكاب األخطاء وتصحيحها وذباوزىا كبو بناء معارؼ علمية جديدة ،واالستفادة من األخطاء السابقة
36
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
جسد ىذا الرأي ـبطط ابشالر يف مفهومو للخطأ:
وقد ّ
الخطأ
من خالؿ ىذا الشكل والذي يبثل مفهوـ اػبطأ يتضح لنا اؼبعٌت اغبقيقي للخطأ حيث أنّو خروج عن القواعد أو
معُت ،يتحدد بنسبة درجة اكبرافو عن اؼبعيار
خروج عن اؼبألوؼ وىو فارؽ عن معيار ّ
(http://i3.makcdn.com/userfile/h/0/houarielbaclrir/office/1207411doc)
وغالبا ،ما يعٍت اػبطأ ( ،) L’erreurيف اجملاؿ الًتبوي ،إجابة اؼبتعلم اؼبتعثرة عن سؤاؿ أو تعليمة ما ،أو ىو
ذلك السلوؾ الذي يقوـ بو التلميذ أو اؼبتدرب ،ويكوف غَت متالئم مع اؼبطلوب أو تعليمات الوضعية السياقية
دبعٌت أف اػبطأ ىو ذلك اعبواب الذي ال يتطابق وال يتناسب مع التعليمات أو األسئلة اليت تذيلت هبا وضعية ما
* ليس اػبطأ ؾبرد نتيجة للجهل أو الشك أو اؼبصادفة كما تعتقد ذلك النظرية التجريبية أو السلوكية يف ؾباؿ
التعلم ،بل إنّو انتج عن أسلوب يف اؼبعرفة ،وعن تصور متناسق ،وعن معرفة قديبة أ ّكدت قباحها يف ؾباالت
يعرب عن
اؼبمارسة ،فاػبطأ انتج عن نظاـ من التصورات واغبدود والوسائل اليت يوظّفها التلميذ يف حل اؼبشكالت و ّ
نفسو من خالؿ عوائق يعاود إنتاجها وتصبح راسخة ،أي ّأنا ال زبتفي كلية ،وتقاوـ ،وتعود للظهور ،بعد أف
يكوف التلميذ قد زبلص من النموذج اؼبعريف اػباطئ (عبد هللا ضيف)2116
-يعترب اػبطأ من اؼبنظور البيداغوجي الًتبوي حالة من اؼبعرفة الناقصة نتيجة لسوء فهم أو نتيجة ػبلل يف سَتورة
التعليم والتعلم ،أو ىو قصور لدى اؼبتعلم يف فهم أو استيعاب التعلمات اؼبعطاة لو من طرؼ اؼبدرس ،يًتجم
37
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
سلوكيا إىل إعطاء معرفة ال تنسجم ومعايَت القبوؿ اؼبرتقبة ويرى الالند أنّو "كل حالة ذىنيّة أو فعل عقلي يعترب
صائبا ما ىو أصال أو خاطئ العكس" (دمحم الشرقي ،2111 ،ص)128
ج-بيداغوجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا اخل ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـأ :يقصد ببيداغوجيا األخطاء تلك اؼبقاربة الًتبوية والديداكتيكية اليت تعٌت
بتشخيص األخطاء ،وتبياف أنواعها ،وربديد مصادرىا ،وتبياف طرائق معاعبتها لكنها تنظر إىل اػبطأ من
وجهة إهبابية متفائلة ،على أساس أف اػبطأ ىو السبيل الوحيد للتعلم ،وخطة اسًتاتيجية مهمة وفعالة وبناءة
الكتساب اؼبعارؼ واؼبوارد ووبدد أصحاب معاجم علوـ الًتبية بيداغوجيا اػبطأ ابعتبارىا تصورا ومنهجا لعملييت
التعليم والتعلّم يقوـ على اعتبار اػبطأ اسًتاتيجية للتعلم أل ّف الوضعيات الديداكتيكية تعد وتنظم يف ضوء اؼبسار
الذي يقطعو الكتساب اؼبعرفة أو بنائها من خالؿ حبثو وما يبكن أف يتخلل ىذا البحث من أخطاء ،وىو
اسًتاتيجية تعترب اػبطأ أمرأ طبيعيا واهبابيا يًتجم سعي اؼبتعلم للوصوؿ إىل اؼبعرفة (رحيمو خبات وآخروف،
،2114ص )59وىذا نفس ما جاء بو عبد الكرًن غريب بقولو ":إ ّف بيداغوجيا اػبطأ تصور ومنهج
لعملية التعليم والتعلم ،فهو اسًتاتيجية للتعلم ،ألف الوضعيات الديداكتيكية تعد وتنظم يف ضوء اؼبسار الذي
يقطعو اؼبتعلم الكتساب اؼبعرفة أو بنائها من خالؿ حبثو ،وما يبكن أف يتخلل ىذا البحث من أخطاء؛ وىو
اسًتاتيجية للتعلم ،ألنو يعترب اػبطأ أمرا طبيعيا وإهبابيا يًتجم سعي اؼبتعلم للوصوؿ إىل اؼبعرفة " (عبد الكرًن
غريب ،2116 ،ص )723حيث تعترب أخطاء اؼبتعلمُت حالة طبيعية وإهبابية ونتيجة تعكس معٌت اؼبتعلم
للتعلم ،وىو سلوؾ شائع ال زبلو منو حصة من اغبصص الدراسيّة تقريبا ،كما أ ّف اػبطأ ليس ؾبرد تعثر يف الطريق،
إنّو اهبايب ومفيد يف بناء فعل التعلم بل إنّو نقطة انطالؽ اؼبعرفة أل ّف ىذه األخَتة ال تبدأ من الصفر بل تصطدـ
دبعرفة قبليّة موجودة فاؼبعرفة كما يؤكد غاستوف ابشالر« :ىي خطأ متّ تصحيحو»
وىناؾ من الباحثُت والدارسُت واؼبربُت من يبيز بُت بيداغوجيا األخطاء وبيداغوجيا األغالط ،فإذا كانت بيداغوجيا
األخطاء اسًتاتيجية إهبابية يف ؾباؿ الديداكتيك ،على أساس أف األخطاء ىي أساس التعلم واالستفادة
واالستيعاب والتمثل يف ؾباؿ الًتبية والتعليم ،فإف بيداغوجيا الغلط تنصب على تشخيص األغالط اللغوية لدى
اؼبتعلمُت ،وتصنيفها كميا ونوعيا ،ووصفها وربليلها وتفسَتىا ،هبدؼ معاعبتها وتصحيحها وهتتم اللسانيات
التطبيقية والسيكولسانيات بدراسة األغالط اللغوية لتحليل الصعوابت اللسانية ،وفهم آليات التعلم واالختالالت
واالضطراابت الناذبة عن األخطاء (عبد الكرًن غريب ،اؼبرجع السابق ،ص)723
38
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
وىذا اللبس وقع فيو كذلك أضبد أوزي يف كتابو (اؼبعجم اؼبوسوعي لعلوـ الًتبية ( ،حيث ترجم مصطلح
( ) Erreurابػبطأ والغلط يف الوقت نفسو ،ومل يبيز بينهما كما فعل عبد الكرًن غريب الذي ربط اػبطأ بكلمة
( ،)Erreurوالغلط بكلمة ( ) Fauteويف ىذا السياؽ ،يقوؿ أضبد أوزي" :لعل الصعوبة اليت واجهتنا أثناء
التعريف بلفظ اػبطأ ىي إشكالية التداخل بُت اػبطإ ( )Erreurواػبطأ ( )Fauteىكذا ،جاء يف معجم
روبَت الصغَت ومعجم الفلسفة أف اػبطأ ( )Erreurفعل ذىٍت يعرب عما ىو خاطئ حقيقة والعكس صحيح إنو
عنصر هبب تغيَته ،دبعٌت تغيَت حالة ذىنية ،وليس تغيَت لفظ آبخر ونعتقد أف ما يبيز اػبطأ( )Fauteكونو
يتضمن داللة أخالقية وقانونية ،حيث يشَت إىل اػبطيئة ،والذنب أو االستجابة اؼبضادة للقانوف واألخالؽ
وابلتايل ،فإنو يستوجب العقاب الشيء الذي ال نلمسو يف ( )Erreurقد يكوف ىذا التمييز مقبوال ومفيدا
إلزالة اللبس ولو مؤقتا ذلك أف اؼبقاـ ال يسمح بتدقيق لغوي أعمق ،كل ما كبتفظ بو ىو اعتبارنبا يتقاطعاف يف
معٌت اػبروج عما ىو صادؽ إضافة إىل أف اػبطأ يتحدد كمقابل للصواب وكلفظ مقًتف بو ومالزـ لو ،بل إف
الواحد منهما ال يعرؼ إال انطالقا من اآلخر")أضبد أوزي2116 ،ـ ،ص)132
قد نتفق مع أضبد أوزي على أف ىناؾ فرقا بُت اػبطأ والغلط ،فاػبطأ يتعلق دبا ىو معريف وبيداغوجي ،لكن الغلط
يتعلق دبا ىو أخالقي وقانوين وتشريعي لكننا لبتلف معو ومع عبد الكرًن غريب يف ترصبة اؼبصطلحُت ،فكلمة
( )Erreurىي اليت تعٍت الغلط ابؼبعٌت األخالقي والديٍت والتشريعي يف حُت ،ربيل كلمة ( )Fauteعلى
األ خطاء اؼبعرفية والًتبوية والديداكتيكية ويعرؼ أضبد أوزي بيداغوجيا اػبطأ بقولو ":ومن الزاوية البيداغوجية،
يتحدد اػبطأ كأثر معرفة سالفة كانت ذا أنبية ،لكن أصبحت خاطئة أو غَت مالئمة ومن جهتو عرؼ
( )Piéron Hاػبطأ أبنو تعبَت عن اختالؼ بُت قيمة مالحظة وقيمة حقيقية وعموما ،يبكن القوؿ :إف اػبطأ
ترصبة ؼبعرفة انقصة وتعبَت عن سوء فهم أو عدـ انتباه أو خلل يف سَتورة التعليم والتعلم كما أنو انعكاس
الضطراب أو ال توازف معريف ىبلق لصاحبو توترا ذىنيا " (أضبد أوزي :نفس اؼبرجع ،ص)133-132
ومن ىنا ،يبكن اغبديث عن اػبطأ التلقائي العفوي الناتج عن السهو أو الشرود وعدـ االنتباه ،أو نتيجة قصور
لدى اؼبتعلم؛ بسبب عجزه عن إدراؾ اؼبعلومات ،وتعثره يف إهباد اغبلوؿ اؼبناسبة لإلجابة عن التعليمات اؼبطروحة
ويف اؼبقابل ،ىناؾ اػبطأ اؼبقصود واؼبتعمد الذي يرتكبو اؼببدع ألغراض فنية وصبالية وبنائية وأدبية وفنية ،ويسمى
ىذا اػبطأ ابالنزايح ،وقد يكوف ىذا االنزايح بصراي ،أو صوتيا ،أو إيقاعيا ،أو صرفيا ،أو كبواي ،أو بالغيا ،أو
منطقيا ،أو دالليا وكلما كاف االنزايح طاغيا على النص األديب أو الفٍت ،كلما اقًتب النص من اإلبداعية والتميز
والوظيفة اإلوبائية
39
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
وعليو يبكننا القوؿ أ ّف بيداغوجيا اػبطأ اسًتاتيجية للتعليم والتعلّم تعترب اػبطأ إهبابيا وىي خطة بيداغوجية
معُت ،هتتم ىذه اػبطة ابلكشف عن ىذه
تفًتض وجود عوائق وصعوابت تواجو اؼبتعلم خالؿ سياؽ تعليمي ّ
األخطاء (حصرىا ػ نوعها ػ كثافتها ػ داللتها ػ تفسَتىا ػ أسباهبا) والبحث عن سبل معاعبتها وعلى ضوئها تنظم
الوضعيات التعلميّة (فيليب بَتينو ،2111 ،ص )68وجاء يف دراسة لعثمان آيت مهدي بعنواف :بيداغوجيا
يقوـ مساره ويزيل عنو اعوجاجوّ ،إال أ ّف
اػبطأ وكيفية التعامل مع أخطاء اؼبتعلمُت" :أ ّف كل خطأ يقابلو تصحيحّ ،
التصحيح قليال ما يكوف تربواي ،ينتقل من اػبطأ إىل الصواب دوف عوارض وـبلفات سيّئة وضارة ،أل ّف معاعبة
تتم يف كثَت من األحياف عن طرؽ التوبيخ والزجر والتهديد وابلتايل يصبح اػبطأ
اػبطأ يف البيداغوجيا التقليدية ّ
الضعف والبالدة"
مرادفا للعار و ّ
–2أنواع اخلطأ :يبكن تصنيف اػبطأ إىل عدة أنواع لكن أنبّها:
اػبطأ العائد إىل اؼبعرفة اػبطأ العائد إىل اؼبتعلم اػبطأ العائد إىل اؼبدرس
(بعد ابستيمولوجي) (بعد سيكولوجي) (بعد بيداغوجي)
ذباوز اؼبستوى الذىٍت للمتعلم قلة االنتباه تنسيق سريع للتعلم
عدـ التالؤـ مع ميوؿ اؼبتعلم ضعف الدافعية زبَت غَت مناسب لألنشطة
صعوبة اؼبعارؼ عدـ القدرة على التواصل عدـ تنويع الطرائق والوسائل
ضعف يف اؼبدارؾ الذىنية عدـ القدرة على التواصل
مرض انعداـ توازف الوجداف
حالة اجتماعية متوترة تصور سليب للهوية اؼبهنية
تصور سليب للمتعلم
غياب البيداغوجيا الفارقية
عدـ اعتبار الذكاءات اؼبتعددة
اجلدول رقم ( :)01يوضح أنواع اخلطأ( .عبد هللا اؽباليل ،2119 ،ص )6
40
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
–03مصادر اخلطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأ :ال يبكن بصفة قطعيّة حصر صبيع األسباب والعوامل اليت تؤدي إىل حدوث األخطاء
أثناء عملية التعلم ،ولكن رغم ذلك يبكن تصنيف األخطاء حسب مصادرىا كاآليت:
مصدر ديداكتيكي مصدر ابستمولوجي مصدر تعاقدي مصدر مبائي أو نشوئي مصدر اسًتاتيجي
إ ّف تطػ ػػور اؼبعرفػ ػػة جػ ػػاء ق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػد تن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػتج ق ػػد ىبط ػػئ اؼب ػػتعلم ألنّن ػػا يقص ػ ػ ػػد ب ػ ػ ػػو الكيفي ػ ػ ػػة م ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرتبط بطبيع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة
نتيج ػػة ح ػػدوث قط ػػائع األخط ػ ػ ػ ػػاء ع ػ ػ ػ ػػن ن ػػدعوه إىل اقب ػػاز عم ػػل ال ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػيت يتبعه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا أو احملتوايت ونوع طرائق
ابسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػتمولوجية بػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػُت غيػ ػ ػ ػػاب االلت ػ ػ ػ ػزاـ يتج ػػاوز قدرات ػػو العقلي ػػة يس ػ ػ ػ ػػلكها اؼب ػ ػ ػ ػػتعلم يف الت ػ ػ ػػدريس والوس ػ ػ ػػائل
الديداكتيكي ػػة وم ػػدى اؼبع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػارؼ القبلي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة دبقتضػػيات العقػػد والوجداني ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة اؼبمي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزة تعلماتو واقبازاتو
انس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػحاهبا عل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػى واؼبعرفػػة العلميّ ػة ل ػػذلك الدي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػداكتيكي للمرحل ػ ػػة النمائي ػ ػػة ال ػ ػػيت
حاجيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػاهتم ومػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػع ال بػ ػ ػ ّد م ػ ػػن االنط ػ ػػالؽ ب ػ ػ ػ ػ ػ ػػُت اؼب ػ ػ ػ ػ ػ ػػدرس يعيشها
متطلب ػ ػ ػ ػ ػػات الوس ػ ػ ػ ػ ػػط م ػػن ك ػػوف التلمي ػػذ أييت واؼبعلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػم إزاء
الًتبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػوي واللغػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة إىل القسػػم ومعػػو ضبولػػة اؼبعرفة
اؼبس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػتعملة وك ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػذا مصػػدرىا اؼبعرفػػة العامػػة
ػ ػ غيػػاب أو ل ػبس
تكوين األساتذة فيسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػعى اؼبعلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػم إىل
يف التعليم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة
مسػ ػ ػ ػ ػ ػػاعدة اؼبتعلمػ ػ ػ ػ ػ ػػُت
احمل ػ ػػددة ؼب ػ ػػا ى ػ ػػو
على ذباوز العوائق
مطل ػ ػ ػ ػ ػػوب م ػ ػ ػ ػ ػػن
اؼبتعلم
يقوؿ ابشالر" :ال ربدث اؼبعرفة ّإال ض ّد معرفة سابقة ؽبا أي ال يبكن اغبديث عن ّ
أي تعلم ّإال إذا انطلق
من معارؼ سابقة بتصحيحها وبناء معرفة قد تكوف بدورىا أساسا ؼبعرفة أخرى ،فتغدو اؼبدرسة هبذا اؼبعٌت فضاء
الرتكاب األخطاء دوف عواقب واؼبتعلم احملظوظ ىو الذي يرتكب أكرب عدد من األخطاء داخل الفصل الدراسي
ألنّو يستطيع ربليلها وتصحيحها لبناء أ كرب قدر من اؼبعارؼ وكذا عدـ تكرارىا خارج الفصل وتساىم ىذه
البيداغوجيا اؼبرتكزة على اػبطأ كاسًتاتيجية يف التعلم على تشجيع اؼبتعلم وذلك بطرح األسئلة اعبزئية واليت يراىا
درس يف ىذه البيداغوجيا مرافقا للمتعلم وموجودا يف
مالئمة وعلى صياغة فرضيات وتساؤالت مقلقة ويصبح اؼب ّ
41
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
الفصل ؼبساعدتو على تصحيح أخطائو وسبثّالتو ال ؼبراقبتو وتصيّد أخطائو فإ ّنا توفر للمتعلم ىامشا كبَتا من اغبرية
الفكرية اليت سبكنو من إاثرة استعداداتو الداخلية وتفجَت طاقتو اؼبكنونة دوف حسيب أو رقيب يبنع تدفق ىذه
اإلمكانيات اؽبائلة واليت يتوفر عليها اؼبتعلم (عبد هللا اؽباليل ،2119 ،ص )6
–5مبادئ بيداغوجيا اخلطـ ـ ـ ـ ـ ـأ :يستند اػبطأ البيداغوجي والديداكتيكي إىل ؾبموعة من األسس واؼببادئ ،يبكن
إصباؽبا فيما يلي:
*اخلطأ أساس التعلم والتكوين والتأىيل :أي ال يبكن للمتعلم أف يكتسب اػبربات والتجارب واؼبعارؼ واؼبوارد
إال ابرتكاب اػبطأ البيداغوجي والديداكتيكي ،وتكرار احملاوالت مرات عدة من أجل التعلم
*اخلطأ جتديد للمعرفة :دبعٌت أ ّف اػبطأ ليس جهال أو عدـ اؼبعرفة ،بل ىو معرفة تناساىا اؼبتعلم أو غفل عنها
لسبب من األسباب ،وقد قاؿ أفالطوف :اؼبعرفة تذكر ،واعبهل نسياف ،لذا يدرؾ اػبطأ ابؼبعرفة والتذكر واحملاولة
*اخلطأ ظاىرة طبيعية وإنسانية :ويعٍت ىذا أف من صفات اإلنساف العادية والطبيعية والفطرية اػبطأ والنسياف
واعبهل والغفلة ،وظبي اإلنساف إنساان ألنّو سريع النسياف
*اخلطأ حق من حقوق ادلتعلم :ويعٍت ىذا أ ّف اػبطأ ليس جريرة أو عيبا أو فعال مشينا ،بل ىو حق من حقوؽ
الطفل واؼبتعلم بصفة خاصة ،ومن حقوؽ اإلنساف بصفة عامة
*اخلطأ أداة التقومي :دبعٌت أ ّف التقوًن ينصب على تصحيح األخطاء ،وقياس قدرات اؼبتعلمُت الكفائية ،واختبار
إقبازاهتم وأداءاهتم العملية داخل الصف الدراسي
*اخلطأ تشخيص وتصحيح :بعد عملية تشخيص األخطاء ووصفها ،أتيت عملية تصحيح األخطاء يف ضوء
شبكات التحقق والتصحيح والتقوًن الذايت
*اخلطأ بناء للتعلمات :ويعٍت ىذا أ ّف اؼبعلم يبٍت تعلماتو ويصححها انطالقا من األخطاء اؼبرتكبة من قبل اؼبتعلم
*اخلطأ تدبري زلكم :أي إف األخطاء ىي اليت تدفع اؼبعلم إىل اختيار آليات جديدة على مستوى التخطيط،
والتدبَت ،والتقوًن
*اخلطأ أساس الدعم :ويعٍت ىذا أ ّف اؼبدرس ال يلتجئ إىل الدعم والتقوية والتثبيت إال بوجود اػبطأ الشائع
واؼبتكرر
42
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
*اخلطأ متنوع ادلصادر :أي أ ّف األخطاء ذات مصادر متنوعة ،إما عضوية ،وإما سيكولوجيةّ ،
وإما اجتماعية ،وإما
بيداغوجية ،وإما ديداكتيكية ،وإما لسانية ،وإما ابستومولوجية (صبيل ضبداوي ،2115 ،ص)15
ومن خالؿ ما سبق نستنتج أ ّف التعلم يرتكز من خالؿ بيداغوجيا اػبطأ على أ ّف:
اػبط ػػأ البي ػػداغوجي ال يع ػػٍت ع ػػدـ اؼبعرف ػػة ولك ػػن يع ػ ّػرب ع ػػن معرف ػػة مض ػػطربة هب ػػب االنط ػػالؽ منه ػػا لبن ػػاء معرف ػػة
صحيحة
اػبطأ الذي يرتكب يف وضعية تعلم ال يتكرر يف وضعيات حقيقية
ال يبكن تفادي اػبطأ يف سَتورة التعلم
اػبطأ خاصية إنسانية
اػبطأ شرط التعلم
من حق اؼبتعلم أف ىبطئ
اػبطأ ذو قيمة تشخيصية
مػػن األفضػػل أف يكػوف اؼبػػتعلم ىػػو مػػن يكتشػػف أخطػػاءه ويصػػححها ذاتيػػا لكػػي تتنمػػى لديػػو قػػيم الثقػػة ابلػػنفس
وازباذ القرار
*مدلول اخلطأ حسب الرتبية التقليدية :كانت الًتبية التقليدية ،وما تزاؿ إىل يومنا ىذا ،تنظر إىل اػبطأ نظرة
سلبية ،على أساس أف اػبطأ غلط مرذوؿ ،وفعل سيء ،وسلوؾ مشُت ،إذ رباسب اؼبتعلم حسااب عسَتا
على زالتو وعثراتو وأخطائو الذىنية واللغوية ،وتًتصد سقطاتو اللسانية ،وتتبع تراكيبو وتعابَته ابلنقد والتقوًن
والتجريح والعتاب والتقريع ومن م ،كاف النظر إىل األخطاء على أنا " اختالالت وظيفية ديداكتيكية،
حيث يبكن ذبنبها إذا ما أصغى التلميذ للنصائح والتنبيهات ) (Astolfi, J.P, Paris, 1999وأكثر من
ىذا ،فاػبطأ انتج عن السهو ،واللعب ،والشرود ،وعدـ االنتباه لدى اؼبتعلم ،وضعف ذاكرتو الذىنية ،وقلة حفظو،
والبفاض درجة ذكائو؛ فبا هبعلو ىذا الواقع تلميذا غَت كفء وغَت مؤىل ومن م ،ال يستحق النجاح أو الشهادة
أو اإلجازة ومن ىنا ،يكوف اػبطأ سببا يف حرماف اؼبتعلم أو الطالب من شهادتو أو نقطة النجاح والتميز
ومن ىنا ،كاف اػبطأ ،يف الثقافة الًتبوية التقليدية ،مذمة وعيبا ومدعاة للسخرية واإلىانة والضحك ،وسببا يف
القدح يف صاحبو ،والسيما إذا كاف ىبطئ يف مسائل لغوية عادية وبسيطة ومعروفة عند كل الناس ،والسيما األمور
43
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
النحوية والصرفية واإلمالئية والًتكيبية وعليو تسعى البيداغوجيا التقليدية كبو الدعوة للقضاء على اػبطأ يف مراحلو
األوىل ،قبل أف يستفحل أمره ويؤثر بشكل سليب على نتائج اؼبتعلمُت ،ويبكن أف نلمس ذلك فيما يقدمو اؼبعلموف
من توجيهات أثناء اؼبراقبة اؼبستمرة من قبيل :انتبهوا ،ىناؾ أخطاء ال هبب السقوط فيها ،فكروا جيدا ذبنبا
لألخطاء ،واؼبعلم يف ىذه اغبالة يعيد تفسَت اؼبعطيات اؼبقدمة للمتعلمُت ،وإذا ما تع ّذر عليهم ذباوز األخطاء
اؼبرتكبة يتطلب منهم األمر تكرار القسم الواقع ىنا يفسر على أنو يتم تعويد اؼبتعلمُت بشكل صريح أو ضمٍت
على ذبنب اػبطأ أو التحايل عليو بواسطة الغش كوف اؼبواقف اليت يتخذىا اؼبعلموف سلبية تدفع ابؼبتعلمُت إىل
إخفاء مشاكلهم التعليمية ومن شأف ىذا السلوؾ اؼبالحظ يف األنظمة البيداغوجية التقليدية أف يدفع ابلعمل
التعليمي إىل أوضاع بيداغوجية متأزمة من شأنا أف تؤثر على اؼبستوى التحصيلي للمتعلمُت (دمحم ؼبباشَتي،
،2112ص )78فاػبطأ يف البيداغوجيا التقليديّة سلوؾ مناؼ للصواب هبب ؿباربتو ،أو سوء فهم هبب إزالتو
وشطبو يف كل إنتاجات اؼبتعلمُت (عثماف آيت مهدي ،كيفية التعامل مع أخطاء اؼبتعلمُت ،2119 ،ص)18
ويعرب عن ىذه النقطة ابشالر دبخططو اآليت:
مشوش وساقط
الخطأ ّ اقتصاد الخطأ
*مدلول اخلطأ حسب الرتبية احلديثةّ :أما يف البيداغوجية اغبديثة فًتى أ ّف اػبطأ أصبح حقا من حقوؽ اؼبتعلم
ابعتباره منطلقا لعمليات التعلم والتعليم ،فاؼبعرفة ال تبدأ من الصفر بل الب ّد أف سبر عرب ؾبموعة من احملاوالت
اػباطئة وظاىرة سبثل نقطة انطالؽ اؼبعرفة ،تعمل على وضع منهجية علمية واضحة اؼبعامل للتعامل مع اػبطأ،
وىدفها ىو دمج اػبطأ يف الوضعيات الديداكتيكية لتصبح مناسبة تستغل يف البحث عن الصواب ويف ىذا
السياؽ ،يقوؿ أستولفي ( ":) Astolfiظبحت األحباث ،منذ سنوات ،يف الًتبية ،وخباصة يف الديداكتيك ابؼبرور
من تصور سليب للخطأ إىل تصور جديد هبعلو عالمة على طريقة وظيفة سَتورة التعلم ووسيلة دقيقة للوقوؼ على
44
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
الصعواب ت اليت يعاين منها التالميذ ودوف البحث غَت اجملدي لربط األخطاء بعدـ الًتكيز واالنتباه أو انعداـ
اؼبصلحة لدى بعض التالميذ فبتصور آخر ـبتلف للخطأ ،سيكوف فبكنا إعادة ذبديد فهم ما يدور يف القسم
عبعلو أكثر فاعلية يف التعليم"). (Astolfi, J.P, 1999
إذاً ،تدافع الًتبية اغبديثة واؼبعاصرة عن مفهوـ اػبطأ ،ابعتبارىا أداة إجرائية يف التعلم الذايت ،وبناء اؼبعارؼ
الديداكتيكية والًتبوية
-7األسس النظرية واإلبستمولوجية للخطأ:
يبكن اغبديث عن ؾبموعة من األسس والتصورات النظرية واؼبقارابت االبستمولوجية اليت كانت
وراء إرساء بيداغوجيا األخطاء واألغالط ،مثل :اؼبقاربة الفلسفية ،واؼبقاربة اؼبنطقية ،واؼبقاربة السيكولوجية
(علم النفس السلوكي ،وعلم النفس اؼبعريف ،وعلم النفس التكويٍت ) ،واؼبقاربة اإلبستمولوجية ،واؼبقاربة
البنيوية ،واؼبقاربة البيداغوجية،
ويف ىذا الصدد ،يقوؿ عبد الكرًن غريب ":تستند بيداغوجيا اػبطأ إىل مبادئ علم النفس التكويٍت
ومباحث إبستمولوجيا ابشالر ،فهي تدرج تدخالت اؼبدرس يف سَتورة احملاولة واػبطأ؛ حيث أ ّف اػبطأ ال
يقصى ،وإمبا يعترب فعال يًتجم نقطة انطالؽ اؼبعرفة فمن األخطاء تنطلق عملية التعليم والتعلم ويتجلى
البعد اإلبستمولوجي ؽبذا التصور يف االعًتاؼ حبق اؼبتعلم يف العلم ويتجلى البعد السيكولوجي لبيداغوجيا
األخطاء يف اعتبارىا ترصبة للتمثالت اليت تنظم بواسطتها الذات ذبربتها اليت تكوف ذات عالقة ابلنمو
اؼبعريف للمتعلم أما البعد البيداغوجي ،فيتجلى يف إاتحة الفرصة أماـ التالميذ للخروج عن اؼبوضوع،
وارتكاب اػبطأ أي :حرية اكتشاؼ اغبقيقة ،فبا يدعو اؼبدرس إىل أف يعمل أكثر فبا وبكم أي :يعاجل
القلق الذي يكتنف اؼبتعلم حُت يسعى إىل التفكَت ذاتيا ،والتخلص من ذاتيتو للبحث عن اغبقيقة
اؼبوضوعية " (عبد الكرًن غريب ،2116 ،ص )723ويعٍت ىذا أف شبة مقارابت وزبصصات ونظرايت عدة
حوؿ مفهوـ اػبطأ ،وكل مقاربة تعاجل موضوع اػبطأ من زاوية خاصة
*1-7ادلقاربـة الفلسفيـة :من اؼبعروؼ أ ّف مهمة الفلسفة ىي الكشف عن اغبقيقة ،مهما كانت مطلقة أو
نسبية لذلك ،جاءت حملاربة األوىاـ والظنوف والشكوؾ واؼبعتقدات اػباطئة وىكذا ،قبد سقراط وأفالطوف
وديكارت ونيتشو وميشيل فوكو وفالسفة االختالؼ ىبتلفوف حوؿ مفهوـ اػبطأ وإف كاف ىناؾ من يعتربه ضد
45
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
اليقُت والصواب (سقراط ،وأفالطوف ،ونيتشو ،وديكارت ) ،فإ ّف ىناؾ من يدافع عنو ويعتربه أساس التعلم وبناء
اغبقيقة (ميشيل فوكو ،وفالسفة التفكيك )
ويعد الفيلسوؼ العقالين رونيو ديكارت من أىم الفالسفة الذين اثروا على األخطاء الفكرية واؼبعتقدات الضالة،
والسيما يف كتابو (أتمالت ميتافيزيقية يف الفلسفة األوىل) الذي يقوؿ فيو" :تبُت يل ،منذ حُت ،أنٍت تلقيت ،إذ
كنت انعم األظفار ،طائفة من اآلراء اػباطئة ظننتها صحيحة م وضح يل أف ما نبنيو بعد ذلك على مبادئ،
تلك حاؽبا من االضطراب ،ال يبكن أف يكوف إال أمراً يشك فيو ،كثَتاً ويراتب منو ؽبذا ،قررت أف أحرر نفسي،
جدايً ،مرة يف حيايت ،من صبيع اآلراء اليت آمنت هبا قبالً ،وأف أبتدئ األشياء من أسس جديدة ،إذا كنت أريد أف
أقيم يف العلوـ قواعد وطيدة ،اثبتة مستقرة غَت أف اؼبشروع بدا يل ضخماً للغاية ،فًتيثت حىت أدرؾ سناً ال سن
أخرى ،بعدىا ،آمل أف أكوف فيها أصلح نضجاً لتنفيذه من أجل ىذا أرجأتو مدة طويلة أما اليوـ ،فقد غدوت
أعتقد أنٍت أخطئ إذا ترددت أيضاً ،دوف أف أعمل فيما بقي يل من العمل" (ديكارت ،1988 ،ص)24
وعليو ،إف األخطاء اليت انقشتها الفلسفة ىي األخطػاء الذىنيػة والفكريػة واؼبيتافيزيقيػة الػيت تػرتبط ابلوجػود ،واؼبعرفػة،
واإلنساف ،والقيم ،بل إف الفلسفة تتأرجح ،يف جوىرىا ،بُت اليقُت واػبطأ ،أو بُت اغبقيقة والوىم
*2-7ادلقاربـة ادلنطقية :هتتم اؼبقاربة اؼبنطقية ابلتمييز بُت اػبطأ والصواب ،واغبق والباطل ومن م ،يًتتب عن
كل تفكَت منطقي سليم الصواب واغبق واليقُت يف حُت ،يًتتب عن التفكَت الذي حاد عن جادة الصواب اػبطأ
والظن والباطل والتناقض ومن م ،يعد أرسطو(322-384ؽ ـ) أوؿ منظر للمنطق ،وقد جعلو مدخال
للفلسفة النظرية والعملية ،ومفتاحا لكل العلوـ القائمة على االستدالؿ ،واالستقراء ،واالستنباط ،والتحليل،
والًتكيب ،واالستنتاج ،والتعميم ،والتجريد ،واؼبقارنة ،والقياس ،والتقوًن ومل هبعلو علما مستقال بذاتو أو جزءا من
الفلسفة وعليو ،فقد أضحى علم اؼبنطق عند أرسطو علما معياراي تعليميا ،يقدـ ؾبموعة من اؼبقاييس النموذجية
واؼبثالية إلنتاج التفكَت الصحيح والسليم والصائب ،أو منع الفكر من الوقوع يف اػبطأ أو اؼبفارقة أو التناقض أو
اعبمع بُت األضداد وقد أصبح اؼبنطق اؼبعياري رائجا لدى كثَت من اؼبفكرين اؼبسلمُت والغربيُت ،أمثاؿ :ابن سينا،
والغزايل ،وجوبلو ،والالند
ويبتلك العقل اإلنساين -حسب أرسطو-ؾبموعة من القواعد النظرية واؼببادئ الكلية الفطرية اليت تعصم الذىن من
الوقوع يف اػبطأ ،أو تقيو من الوقوع يف الزلل أو التناقض أو الًتدد ويف الوقت نفسو ،توجهو إىل الصواب واغبق
واليقُت ويبكن للعقل أو الذىن أو الفكر أف يبٍت أحكاما يقينية وسليمة وصادقة منطقيا ابستناده إىل ؾبموعة من
46
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
اآلليات االستداللية اليت تعصم الذىن من الوقوع يف اػبطأ ،أو يتكئ على أربع قواعد منطقية ضرورية وأساسية
كبصرىا فيما يلي :مبدأ اؽبوية أو مبدأ الذاتية ،مبدأ عدـ التناقض ،مبدأ الثالث اؼبرفوع ،مبدأ السببية
وعلى أي حاؿ ،فإف شبة أطروحتُت متناقضتُت :أطروحة تذىب إىل أف اؼبنطق آلة تعصم الذىن من الوقوع يف
اػبطأ ،كما يتجلى ذلك واضحا عند أرسطو ،والفارايب ،والغزايل ،وابن سينا ،وىنري بوانكريو ،وليبنز
أما ابن تيمية ،وديكارت ،وغوبلو ،وبيكوف ،واستيورات ميل ،وأصحاب الوضعية اؼبنطقية ،والفلسفة اعبدلية،
والنزعة الرباغماتية فَتوف أف اؼبنطق الصوري األرسطي منطق عقيم ،وشكلي ،وميتافيزيقي ،وسكوين خاؿ من
اعبدؿ ،ولغوي كيفي ،ال يهتم ابلواقع وتناقضاتو وصَتورتو وذبدده ،بل يعٌت بصورة الفكر الشكلية (مبدأ اؽبوية)،
بل إف نتائجو ربصيل حاصل ،وال تقدـ أي شيء جديد لذلك ،دعا ىؤالء إىل منطق ذبرييب من جهة ،ومنطق
رمزي من جهة اثنية ،ومنطق جديل حركي من جهة اثلثة (برتراند راسل2111 ،ـ ،ص)66
-3-7مدلول اخلطأ حسب ادلنظور السلوكي :إذا كانت اؼبدرسة الشعورية تدرس الشعور الداخلي ،فإف
السلوكية ال تعٌت إال دبالحظة السلوؾ اػبارجي القابل للدراسة والرصد والتجريب ومن ىنا ،كلما كاف ىناؾ مثَت
أو حافز أو منبو خارجي ،كانت ىناؾ استجابة سلوكية ،دبثابة رد فعل على ىذا اؼبنبو البيئي أو احمليطي ىذا،
ويعد إدوارد ثورندايك (1949-1874ـ) من العلماء األمريكيُت الذين وبسبوف على ىذا التيار ،بل إنّو كاف
سباقا إىل وضع معادلة اؼبثَت واالستجابة كإطار مرجعي للتعلم ،ومبدأ أساسيا لسيكولوجية السلوؾ ،كما طرح
تصورا ترابطيا للتعلم وقد عرؼ بنظرية التعلم ابحملاولة واػبطأ ،عالوة على قانوف األثر الذي ارتبط ابظبو وتعٍت
نظرية احملاولة واػبطأ أف اإلنساف يتعلم عن طريق اػبطأ ،بتكراره جملموعة من احملاوالت الكثَتة بغية الوصوؿ إىل
اؽبدؼ اؼبطلوب وتقوـ ىذه النظرية التعلمية على ؾبموعة من اؼبفاىيم األساسية ىي:
التكرار :يساعد اؼبتعلم على ذبنب اػبطأ ،بعد القياـ دبجموعة من احملاوالت يف فًتات زمنية متعددة ،مع
تصحيح االستجاابت اػباطئة ابالستجاابت الصحيحة
التدعيم أو التعزيز :يعٍت التقوًن اإلهبايب ابؼبكافأة تشجيع اؼبتعلم على االستجابة
االنطفاء :إذا مل يتحقق التدعيم ،يقع االنطفاء أو تراجع اؼبتعلم عن االستجابة الفورية
االسرتجاع التلقائي :بعد عملية االنطفاء ،يبكن للمتعلم أف يسًتجع قواه بطريقة تلقائية
التعميم :ما يتعلمو اؼبتعلم من موارد يبكن أف يوظفها ويدؾبها أثناء مواجهتو لوضعيات متشاهبة
47
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
التمييز :يعٍت ىذا اؼببدأ أف اؼبتعلم إذا فشل يف حل اؼبشكلة الوضعية اعبديدة ،بناء على وضعيات سابقة
مشاهبة ،فالبد من اللجوء إىل مبدأ التمييز للتفريق بُت اؼبوقف السابق واؼبوقف اعبديد
العالقات الزمانية :يقوـ الزماف بدور ىاـ يف تقوًن التعلمات ،فكلما كانت االستجابة فورية ،ويف مدة قصَتة،
كاف التعلم انجحا ،وكلما طالت الفًتة الزمنية ضعف التعلم واالكتساب
من خصائص ىذه النظرية ارتباط اؼبثَت ابالستجابة على مستوى التعلم ،ووجود دافع أساسي للتعلم ،م
تكرار احملاوالت التعلمية بغية الوصوؿ إىل اؽبدؼ ،م إهباد حل عن طريق الصدفة ،م تعميم أثر اغبل الصحيح
على ابقي الوضعيات السياقية األخرى ومن ىنا ،توصل ثورندايك إىل ؾبموعة من القوانُت اؼبتعلقة بنظرية احملاولة
واػبطأ ،وىي :قانوف التكرار الذي يقوي الروابط بُت اؼبثَت واالستجابة ،وقانوف األثر القائم على الثواب (أضبد
عزت راجح1971 ،ـ ،ص )75وقانوف االستعداد اؼبرتبط ابلشعور ابلرضا واالنزعاج ،وقانوف التمرين الذي
يقوي االرتباطات التعلمية ،وقانوف االنتماء الذي يقوي الرابطة بُت اؼبثَت واالستجابة ،عندما تكوف االستجابة
الصحيحة أكثر انتماء إىل اؼبوقف ،وقانوف االستقطاب ابإلضافة إىل القوانُت الثانوية ،مثل :قانوف االستجابة
اؼبتعددة اليت تستلزـ استجاابت عدة ومتنوعة ،وقانوف االذباه أو اؼبنظومة ،ويعٍت ىذا مدى أتثر التعلم ابذباىات
اؼبتعلم وميولو ودوافعو ،وقانوف االستجابة ابؼبماثلة ،ويعٍت التعلم انطالقا من اؼبواقف السابقة اؼبشاهبة ،وقانوف
االنتقاؿ الًتابطي ،ويعٍت تعلم اؼبواقف يف ارتباطها ابؼبواقف التعلمية األخرى (عبد اجمليد نشوايت1984 ،ـ،
ص)327
*4-7ادلقاربة البنائية :يقودان اغبديث عن اػبطأ من وجهة نظر البيداغوجية اغبديثة ابلضرورة إىل اغبديث عن
اؼبدرسة البنائية واليت ترى أ ّف :ماداـ اؼبتعلم يقوـ ببناء اؼبعرفة بنفسو من خالؿ أنشطة متنوعة فإنّو يصادؼ
ابلضرورة تعثرات وعوائق وصعوابت وتناقضات ذبره إىل األخطاء ،حيث تقتضي بدورىا إىل تطور اؼبعرفة لديو
وعليو فاػبطأ وسيلة تعليميّة ضروريّة لبناء معرفة جديدة ،وال تكتفي البنائيّة ابالعًتاؼ حبق اؼبتعلم يف اػبطأ ولكن
48
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
تدعو إىل ربليلو وتفسَته واكتشاؼ مصدره ومعاعبتو ،ويؤكد ابشالر أ ّف أخطاء تالمذتنا يف فعل التعلم جزء من
اترىبو وىي شبيهة إىل حد ما ابألخطاء اليت عرفها اتريخ العلم خالؿ تطوره ،فال وجود ؼبعرفة دوف أخطاء
مصححة وال تبدأ أبدا من الصفر بل ال بد ؽبا أف اصطدـ دبعرفة عامية ومشًتكة ،وىذا ما ال ينبغي للبيداغوجيا
أف تتجاىلو (مؤلف صباعي بتصرؼ ،ص)119-118
*5-7الذكاءات ادلتعددة :إذا كاف جان بياجيو يقوؿ أبحادية الذكاء اإلنساين على اؼبستوى اؼبعريف ومن م،
وبصره يف الذكاء الرايضي اؼبنطقي ابعتباره أرقى الذكاءات اإلنسانية ،فإف ىناؾ من يقوؿ بتعدد الذكاءات لدى
اإلنساف ،وخاصة الباحث السيكولوجي األمريكي ىوارد غاردنر الذي ألّف ؾبموعة من الدراسات حوؿ نظرية
الذكاءات اؼبتعددة منذ 1983ـ ،ونذكر من بُت ىذه الدراسات (أطر الذكاء) و(الذكاءات اؼبتعددة)
ومن م ،تعد نظرية الذكاءات اؼبتعددة فلسفة سيكوبيداغوجية جديدة للحد من ظاىرة الفوارؽ الفردية داخل
ألنا تؤمن ابلتنشيط الفعاؿ ،وخلق اؼبواىب واؼببادرات والعبقرايت اؼبختلفة واؼبتنوعة ،وتساعد
الفصل الدراسي؛ ّ
اؼبتعلمُت على التعلم الذايت ،وذباوز أخطائهم ،واستغالؿ قدراهتم الذكائية يف ؾباالت متنوعة وتسعى ىذه النظرية
أيضا إىل إعادة الثقة يف اؼبتعلم يف ـبتلف الثقافات األخرى اليت تتعارض مع الثقافة الغربية اؼبركزية؛ ألف الذكاء
الرايضي اؼبنطقي ليس ىو الذكاء الوحيد الذي وبقق النجاح يف اغبياة ،فثمة ذكاءات أخرى مبدعة تؤمن اؼبستقبل
للمتعلم (Howard Gardner , 1996, p53).
49
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
خطأ مت تصحيحو علميا وكل اغبقائق العلمية ،يف وجودان الكوين واؼبعريف ،ىي عبارة عن أخطاء ابؼبفهوـ اإلهبايب
للخطأ ،ال ابؼبفهوـ السليب إذ أييت كل عامل ليصحح أخطاء سابقيو من الوجهة العلمية نظرية وتطبيقا ومن م،
فالتاريخ العلمي يف اغبقيقة ىو تصحيح لألخطاء كما أف العلم يتطور ويتقدـ بتصحيح النظرايت والتجارب
العلمية السابقة كما يقوؿ أيضا كارل بوبر ومن م ،فاغبقيقة عند ابشالر ىي القائمة على اػبطأ العلمي
اؼبصحح ،حيث " يتم التوصل إىل اغبقيقة العلمية عرب العودة إىل األخطاء اؼباضية أي :عرب عملية ندـ ومراجعة
فكريُت ويف الواقع ،فاؼبعرفة العلمية ىي معرفة تتم دوما ضد معرفة سابقة ،وذلك بتقويض اؼبعارؼ غَت اؼبصاغة
صياغة جيدة ،وبتخطي ما شكل ،يف النفس اؼبفكرة ،عائقا أماـ عملية التعقل اؼبعريف
إ ّف العلم من حيث حاجتو إىل االكتماؿ كما يف مبدئو نفسو ،يتعارض تعارضا مطلقا مع الرأي وإذا حصل أف
أعطى العلم الشرعية للرأي ،فذلك ألسباب أخرى غَت األسباب اليت يقوـ عليها الرأي :لدرجة تسمح ابلقوؿ أبف
الرأي ،من الناحية اؼببدئية ،ىو دوما خاطئ فالرأي يفكر تفكَتا انقصا ،بل ال يفكر :إنو يعرب عن حاجات
معرفية إف الرأي وىو يتناوؿ اؼبوضوعات من زاوية نفعها وفائدهتا ،وبرـ على نفسو معرفتها لذا ال يبكن أف
نؤسس أي شيء على الرأي بل هبب أوال أف نقضي عليو إنو العائق األوؿ الذي يتعُت ذباوزه يف ؾباؿ اؼبعرفة
العلمية )(Bachelard, 1970, pp13-14
وىكذا ،يشتغل ابشالر على اغبقيقة واػبطأ ضمن حقل اؼبعرفة العلمية أو ما يسمى ابإلبستمولوجيا ومن م،
يثبت ابشالر أف اغبقائق العلمية مبنية على اتريخ األخطاء ،وأف ىذه األخطاء تتقدـ عرب صراع النظرايت،
وتصحيح بعضها البعض وقد جسد ابشالر نظرتو للخطأ يف الشكل اآليت:
50
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
خطــأ خـطــأ أخطاء أخطاء ليست سوى سهو
عــادي عـــام مفيــدة إيجابـية تكلل ذهني
(www.manhal.net/articles.php?action=show8id=2007
ومن جهة أخرى ،يرى كارل بوبر أف النظرايت العلمية ال تكوف يقينية أو صحيحة دبجرد ارتباطها
ابلعقل كما يقوؿ العقالنيوف (إنشتُت) ،أو ابرتباطها ابلتجربة الواقعية كما يقوؿ التجريبيوف (بيَت دوىيم وىانز
رايشنباخ) ،بل تكوف علمية بصياغتها العلمية اؼبنطقية دبعٌت أف النظرية العلمية ال تكوف علمية إذا كانت قابلة
للتكذيب والتخطئة والتزييف والنقد والغربلة فعندما نقوؿ :ستهطل األمطار غدا وال هتطل ،فهذه النظرية ليست
علمية لصعوبة نقدىا وتقويبها واغبكم عليها ابلصحة واػبطأ أما إذا قلنا :إف اؼبعادف تتمدد ابغبرارة ،فهي نظرية
علمية ،إذ يبكن مستقبال أف قبد م عدان ال يتمدد ابغبرارة وهبذا النقد ،يبكن تطوير النظرايت العلمية بشكل
مستمر ويف ىذا ،يقوؿ كارؿ بوبر ":ال يعترب أي نسق نظري نسقا اختباراي إال إذا كاف قابال للخضوع الختبارات
أو روائز ذبريبية غَت أف قابلية التزييف (أو التكذيب) وليس قابلية ربقق النسق ىي اليت ينبغي أف نتخذىا معيار
الفصل بُت ما ىو علمي وما ليس علمي )(Karl Popper، ,1971، p37
مهم ومتقدـ ،ماداـ ينظر إىل اػبطأ نظرة إهبابية ،على
وىكذا ،يبدو أف التصور اإلبستمولوجي للخطأ تصور ّ
أساس أنو السبيل الوحيد لتقدـ العلم وتطويره وذبديده
-7-7مدلول اخلط ـ ـأ حسب ادلنظور الديين :وىب هللا العقػل لإلنسػاف لكػي يتميّػز بػو الصػاو وأودعػو يف أحسػن
تقوًن ،ووىب لو من القدرات الشيء الكثَت ،فاإلنساف كما وصػفو الرسول صلى هللا عليو وسلم أبنػّو خطػاء لقولػو
51
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
«كــل بــين آدم خطـاء وخــري اخلطــائني التوابــون» اؼبسػػتدرؾ علػػى الصػػحيحُت وقولػػو كػػذلك كمػػا جػػاء يف صػػحيح
مسلم« :والذي نفسي بيده لو مل تذنبوا لذىب هللا بكم وجلاء بقوم يذنبون ،فيستغفرون هللا فيغفر ذلم»
فاػبطأ ال يستثٌت من الوقوع فيو أحد ،فليست اؼبشكلة يف اػبطأ ،وإّمبا اؼبشكلة يف كيفية معاعبػة اػبطػأ ،فاػبطػأ مػن
يعلّػم أصػحابو مػن خػالؿ أخطائػو ،ففػي يػوـ أراد النػيب أف يعلّػم معػاذ بػن جبػل صفة البشر وقد كاف رسػوؿ هللا
إين أحبّػك ،فػػال تػػدعن يف دبػػر كػػل صػػالة أف تقػػوؿ:
ذكػرا يقولػػو بعػػد الصػػالة فأقبػػل إىل معػػاذ وقػػاؿ« :اي معػػاذ وهللا ّ
إين أحبّ ػك» أ ّن ػا هتيئ ػػة لقب ػػوؿ
اللّه ػػم أع ػ ّػٍت عل ػػى ذك ػػرؾ وش ػػكرؾ وحس ػػن عبادت ػػك» وق ػػد ك ػػاف موق ػػع قول ػػو« :وهللا ّ
النصيحة ويف يوـ آخر الحظ رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسػلّم أ ّف عمػر بػن اػبطّػاب زاحػم النػاس وىػو يطػوؼ لكػي
قوي» ففرح عمػر ؽبػذا الثنػاء
الرسوؿ أف يع ّدؿ سلوكو فقاؿ على سبيل التهيئة «اي عمر إنّك رجل ّ
يقبّل اغبجر فأراد ّ
« :فػػال تػزاضبن عنػػد اغبجػػر» ىػػذا وقػػد اتبػػع النّػيب وسػػائل عػػدة لتصػػحيح اػبطػػأ عنػػد الطفػػل أنبّهػػا التعلػػيم فقػػاؿ
والتّنبيو ػ التصحيح العلمي للخطأ ػ استثمار الوقت اؼبناسب لتصحيح اػبطأ –التصحيح ابؼبداعبة ػ ابغبػوار واإلقنػاع
ػ ابلثناء واؼبدح )(www.Almoslim.net/node/177310
تتميز اؼبمارسة الصفية ابلنظرة السلبية إىل األخطاء اليت يرتكبها اؼبتعلموف ،على أساس أف ىذه
األخطاء تسيء إليهم ،وتعرب عن تدين مستواىم اؼبعريف والثقايف ،وتراجع قدراهتم الكفائية عن االكتساب والتعلم
واالستيعاب؛ بسبب شرودىم ،وعدـ االنتباه إىل الدروس ،والمباالهتم اؼبستمرة ،وانشغاؽبم ابللعب ،واألفالـ،
واؼبسلسالت ،والتكنولوجيا الرقمية اؼبعاصرة ،وىذا يؤثر سلبا يف مستوى التالميذ لذا ،يشدد اؼبدرس على أخطاء
متعلميو دبختلف أنواعها وأصنافها وأقسامها ،ووباسبهم على ذلك حسااب شديدا إذ يلتجئ إىل تسطَت أخطائهم
اليت ارتكبوىا يف مواضيعهم اإلنشائية أو فروضهم واختباراهتم وامتحاانهتم ،فيؤنبهم على ذلك ،ويعرضهم للسخرية
والعتاب والتوبيخ والتقريع بشكل مباشر أماـ زمالئهم وبذلك ،وبمل اؼبدرس متعلميو وحدىم مسؤولية تلك
األخطاء يف حُت ،إف كثَتا من تلك األخطاء تعود إىل اؼبقررات واؼبناىج والربامج وطرائق التدريس ،بل إىل
اؼبدرسُت أنفسهم الذين يتقاعسوف عن أداء واجبهم ،أو تنقصهم الدراية والكفاية البيداغوجية ،والتمكن
الديداكتيكي ،وسوء توظيف الوسائل التعليمية-التعلمية ،أو قد ال يقوموف بواجباهتم قياما حسنا
ومن ىنا ،يكوف اػبطأ ،يف منظور اؼبمارسة ال صفية الواقعية ،عيبا شائنا يتوقف عنده اؼبدرس كثَتا أثناء عملية
التصحيح تشخيصا وربليال وتقويبا ومعاعبة ،وردبا يعتربه السبب اغبقيقي يف فشل اؼبتعلم ،والعامل الرئيس يف رسوبو
52
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
وتعثره وتكرار السنة الدراسية وبذلك ،يكوف اؼبدرس قد جانب جادة الصواب ،وأنبل اعبوانب األخرى يف العملية
الديداكتيكية بصفة عامة ،وعملية التقوًن بصفة خاصة وتتمثل ىذه اعبوانب يف عدـ مراعاتو للمعايَت الدنيا يف
ؾباؿ التقوًن ،كما يبدو ذلك واضحا يف بيداغوجيا الكفاايت ،وقد ال يراعي تنوع الذكاءات اؼبوجودة لدى
اؼبتعلمُت ،وال يبيز جيدا بُت الفوارؽ الفردية اؼبوجودة بينهم ،تلك الفوارؽ الناذبة عن عوامل وراثية ومكتسبة،
وعوامل اجتماعية واقتصادية وطبقية وثقافية وحضارية
ويعٍت ىذا كلو أف اؼبدرس ،داخل فصلو الدراسي ،ال يعترب اػبطأ أداة للتعلم والتكوين والتأىيل ،وآلية إجرائية لبناء
الدرس لتقوية اؼبتعلمُت ودعمهم ،ويعده أيضا وسيلة أساسية لتحقيق األىداؼ والكفاايت اؼبرجوة؛ ألف األخطاء
يقوـ نفسو بنفسو،
ىي اليت ذبعل اؼبتعلم -يف اغبقيقة -واعيا إبنتاجو وعملو وفروضو ،فهي اليت تعلمو كيف ّ
انطالقا من ؾبهوداتو الفردية ،أو ابمتالؾ القدرات الذاتية على تصحيح األخطاء اليت يكوف قد ارتكبها أو
دبساعدة أصدقائو وزمالئو ومدرسيو ويف ىذا السياؽ ،يقوؿ العريب اسليماين ورشيد اخلدميي ":من سلبيات
نظامنا التعليمي ،وطرائقنا البيداغوجية ،قتل روح اغبوار عند التلميذ ،واليت نشأت لديو منذ السنوات األوىل يف
حياتو لقد الحظ اترد أف األطفاؿ يبدؤوف بطرح األسئلة على آابئهم وعلى األشخاص الذين يكربونم سنا،
وىذا حوار كبن مطالبوف بتنميتو من خالؿ منحهم اغبق يف اػبطأ والصواب؛ ويرى دمحم بوبكري أبف اؼبدرس ال
ينتهي ىنا إال أف التالميذ يتوفروف على معارفهم اػباصة ،وعلى جهاز خاص بتمثالهتم ،وأنم ال يبارسوف ابلضرورة
ا لقطيعة اإلبستمولوجية الضرورية لكي يكتسب ىذا اؼبفهوـ معٌت ؛ كل ما يعرفو اؼبدرس ،ىو أف كل حياد أو
زلل عن تصوره يعترب خارج اغبقيقة ،أي خطأ ويستوجب وضع خط أضبر ربتو ،وىو شهادة إلغاء ،فهل تصور
يوما ما مصدر ىذا اػبطأ وأية طريقة سليمة لفهم ىذه األخطاء؟
إ ّف اػبطأ منبوذ داخل الفصوؿ الدراسية ،سواء من طرؼ اؼبدرس أو من طرؼ الزمالء وموقف األستاذ منو موقف
سليب يتبدى من تعاملو مع األجوبة اػباطئة والتالميذ الذين ىبطئوف؛ فاألجوبة اػباطئة ال تؤخذ بعُت االعتبار،
وقد تواجو بقرؼ األستاذ والتالميذ والتالميذ الذين ىبطئوف فإنم ال يسألوف ويصنفوف يف خانة معينة وقد
تولدت عن ىذه النظرة ثنائية ؾبتهد /كسوؿ" (العريب اسليماين ورشيد اػبديبي ،2115 ،ص)98
وعلى العموـ ،ما تزاؿ النظرة السلبية إىل األخطاء طاغية على القسم الدراسي ،ومازاؿ الًتكيز ينصب على
األخطاء تشخيصا ،وتصنيفا ،وتقويبا ،وتصحيحا ،ومعاعبة ،وليس على اؼبعايَت الدنيا ،مثل :معيار اؼبالءمة،
ومعيار االنسجاـ ،ومعيار االستخداـ السليم لألدوات
53
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
-9وظائف بيداغوجيا اخلطأ :شبة ؾبموعة من الوظائف اليت تؤديها بيداغوجيا األخطاء ،ويبكن حصرىا فيما يلي:
*وظيفة تعليمية تعلمية :وتعٍت أف اػبطأ وسيلة إهبابية يف تعلم اػبربات ،وبناء اؼبكتسبات ،فمن األخطاء يتعلم
اإلنساف ،وهبا يكوف نفسو بنفسو ،بعد التعرؼ إىل ـبتلف تعثراتو وعيوبو
*وظيفة تكوينية :حيث يتعلم اؼبتعلم كثَتا من ارتكابو لألخطاء ومن م يصبح اػبطأ وسيلة من وسائل التكوين
والتأ ىيل واالستفادة من اؽبفوات اليت وقع فيها ،بعدـ تكرارىا من جديد وربضر ىذه الوظيفة عند اؼبدرسُت
ابػبصوص ،والسيما اؼبتدربُت الذين يتلقوف دروسا يف طرائق التدريس
*وظيفة عالجية :حيث تساىم األخطاء يف الكشف عن مواطن القوة والضعف لدى اؼبتعلم ،ولذلك يتدخل
اؼبدرس لت شخيص ىذه األخطاء بتحليلها ووصفها والبحث عن عواملها ومصادرىا ،ومع اقًتاح آليات تدبَتية
ؼبعاعبتها إما بطريقة تربوية وديداكتيكية ،وإما بطريقة خارجية ذات طابع نفسي واجتماعي
*وظيفة توجيهية :وذلك ألف اػبطأ وبمل يف طياتو وظيفة توجيهية ،إذ يساعد اؼبدرس على معرفة مستوى اؼبتعلم،
وربديد قدراتو الكفائية والتأىيلية ،فيوجهو إىل اختيار األنسب من احملتوايت والربامج والطرائق والوسائل
الديداكتيكية ،وكذلك يوجو اؼبتعلم الوجهة الالئقة بو
*وظيفة تدبريية :إذ يساعد اػبطأ اؼبدرس يف تدبَت درسو الديداكتيكي ،بوضع زبطيط كفائي أو تسطَت ؾبموعة
من األىداؼ اإلجرائية ،وتوفَت العدة التدبَتية الالزمة فيما ىبص احملتوايت والطرائق البيداغوجية والوسائل
الديداكتيكية ،واختيار أفضل طريقة للتواصل ،وتنظيم الصف (فشار فاطمة الزىراء ،2116 ،ص)121
-1-10االستفادة من اخلطأ ودرلو يف التعليم :يبكن القوؿ إ ّف أىم شيء اتفق عليو اؼبنظروف يف ىذا
الباب ىو ضرورة اعتبار اػبطأ أمرا عاداي ومفيدا ،ال أمرا مذموما وغريبا عن التعلم ،بل منهم من ركز على اعتباره
نقطة انطالؽ التعلم مع مراعاة عدـ جعل اؼبتعلم يشعر أبي ذنب وىو ىبطئ وتستند معاعبة اػبطأ إىل مبادئ
علم النفس التكويٍت ومباحث اإليبستومولوجيا اليت أقبزىا ابشالر .فهي تدرج تدخالت اؼبدرس يف سَتورة احملاولة
واػبطأ ،حيث ال يقصي اػبطأ وإّمبا يعترب فعال يًتجم نقطة انطالؽ التجربة اؼبعرفية واػبطأ يصبح فرصة لبناء
التعلم إذا ما متّ االقتناع اؼببدئي ابػبطأ كحق طبيعي للتلميذ ابعتباره مازاؿ يتلمس طريقو يف الفهم واؼبعرفة والتعلم،
والتعامل مع اػبطأ وفق اإلجراءات التالية:
54
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
*اإلشعار ابخلطأ :يتعُت يف ىذه اؼبرحلة إشعار اؼبتعلم ابػبطأ دوف وضعو يف موقف اؼبذنب بل البد أف ننظر إىل
خطأ اؼبتعلم ابعتباره ؾبرد ؿباولة تشق طريقها كبو النجاح وىي مناسبة إلقصاء األفعاؿ اؼبنجزة صدفة
*تصنيف األخطاء :وىذا من حيث طبيعتها ومدى عالقتها ابؼبادة الدراسية ،م ىل ىي أخطاء مقبولة أـ غَت
مقبولة نسبة إىل سن التلميذ ومستواه التعليمي خصوصا تلك اؼبرتبطة ابلقواعد واؼببادئ األولية يف اؼبواد التعليمية
*حتليل اخلطأ :أي البحث عن األسباب الكامنة وراءه :ىل ىي أسباب ذاتية مرتبطة ابؼبتعلم كعدـ الًتكيز مثال أو
عدـ االنتباه أـ أف األمر مرتبط بعوامل أخرى تتجاوز اؼبتعلم واؼبعلم معا ومن م البحث عن األسباب األخرى
للخطأ واليت قد تكوف مرتبطة ابلتاريخ الشخصي والعائلي للتلميذ ،ؿبيطو السوسيوثقايف أو اعتبارات أخرى
*معاجلة اخلطأ :تعد اؼبعاعبة الطريقة اليت تدفع اؼبتعلم إىل ربقيق النجاح الدراسي ويلتجئ إليها اؼبدرس بعد
االنتهاء من عملية تصحيح االمتحاانت بغية تشخيص مواطن الضعف والقوة ،بتمثل اؼبعاعبة الداخلية الًتبوية
والديداكتيكية وسبثل اؼبعاعبة اػبارجية ذات الطابعُت النفسي واالجتماعي
دبعٌت أف اؼبعاعبة هتدؼ إىل اكتشاؼ األخطاء وتشخيصها يف سياقاهتا وتصنيفها نوعيا وكميا ،وربليلها وفق
القواعد اؼبعطاة ،ووصفها بدقة ،وتفسَتىا يف ضوء عواملها ومصادرىا ،وتقدًن معاعبة إجرائية انجعة قد تطوؿ
ىذه العملية وقد تقصر فمعاعبة اػبطأ تفًتض فهمو بشكل عميق وإعطائو بعدا تكوينيا ومن األفضل يف ىذه
اغبالة إعطاء الفرصة للتلميذ للتفكَت يف أخطائو وأتملها بنفسو ،وإذا ما تبُت عجزه تعطى الفرصة لزمالئو يف
الصف ،وإذا عجز اعبميع فإف الرسالة آنذاؾ تكوف مباشرة إىل اؼبعلم وطريقتو يف تدبَت وضعياتو التعليمية وابلتايل
إعادة النظر يف االسًتاتيجية التعليمية اليت يعتمدىا يف تدبَت برانؾبو
-التغذية الراجعة لتصحيح العملية الديداكتيكية ،وس ّد ثغراهتا اؼبختلفة واؼبتنوعة ،وتفادي نواقصها وعيوهبا ،سواء
أقاـ بتلك التغذية الراجعة اؼبعلم أـ اؼبتعلم نفسو اعتمادا على أدلة التصحيح
-ادلعاجلة ابلتكرار أو ابلعمليات التكميلية أي دبراجعة اؼبكتسبات السابقة ،وإضافة سبارين تكميلية مساعدة
للتقوية وتثبيت اؼبعارؼ والقواعد األساسية
-متثل منهجيات تعليمية جديدة :كمنهجية اإلدماج ،ومنهجية االستكشاؼ ،واالعتماد على التعلم الذايت،
وسبثل التعلم النسقي
55
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
-إجراء تغيريات يف العوامل األساسية :كتوفَت اغبياة اؼبدرسية داخل اؼبؤسسة ،وإعادة توجيو اؼبتعلم من جديد،
وتغيَت فضاء اؼبدرسة ،وخلق أجواء مؤسساتية ديبقراطية ،واالستعانة ابألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب
لتغيَت العوامل السلبية اليت يعيشها اؼبتعلم يف ظلها وعليو تكوف اؼبعاعبة بطريقة التشخيص ،ورصد التعثرات،
وتصنيف األخطاء ،ويتم إصالح األخطاء ومعاعبتها بطريقة فورية موجهة ،أو بطريقة بعدية (مبدأ الفارقية) ،أو
بطريقة مدؾبة مواكبة ،أو بطريقة مؤسساتية (داخل اؼبؤسسة) ،أو بطريقة خاصة (خارج اؼبؤسسة) ويف األخَت
تكوف اؼبعاعبة بتصحيح األوراؽ واألنشطة اؼبنجرة ،وتفيئ اؼبتعثرين ،والتدخل للمعاعبة (دمحم شرقي ،2111 ،ص
)138-137وتبُت ىذه اػبطاطة اآلتية ىذا التسلسل والًتابط بُت حلقات التعامل مع األخطاء:
التتبع والتقويم
سَتورة
استراتيجيات
تجاوز الخطأ
تصنيف الخطأ
يبُت لنا اسًتاتيجية ذباوز اػبطأ وذلك من خالؿ رصد اػبطأ وتشخيصو وإشعار اؼبتعلم
من خالؿ الشكل الذي ّ
خبطئو وتفسَت ىذا اػبطأ وكشف أسبابو كما هبب تصنيفو والتعرؼ على مصادره مّ معاعبتو وتداركو
إذ يرى ابشالر من خالؿ ربليلو الديداكتيكي للخطأ أنّو داخل فعل اؼبعرفة تتمظهر ابلضرورة بعض التأخرات
واالضطراابت يف سلوكات األفراد ،ويتحوؿ الفهم اعبديد للمعرفة كند ؼبعرفة مكتسبة قديبا ،كما يعمد ىذا الفهم
ألف الروح ليست دائما شابة وإمبا قد تعيش شيخوخة ،فبا إىل ىدـ اؼبعارؼ اليت مل كبسن بناءىا بشكل جيد
56
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
هبعلها ذبسد عمر أحكامها السابقة يف تفسَت اؼبواضيع اؼبعرفية اعبديدة ،ووباوؿ كي بروسو استخالص نظرية
ديداكتيكية للخطأ بقولو :يتمظهر العائق من خالؿ األخطاء غَت أف ىذه األخَتة ليست انذبة عن الصدفة ،وإّمبا
ىي متول دة ومستمرة ،إضافة إىل أف األخطاء اؼبوجودة عند نفس الشخص ،تكوف مرتبطة فيما بينها بواسطة منبع
مشًتؾ يتمثل يف:
وىكذا يكوف اػبطأ تعبَتا أو مظهرا واضحا جملموعة من التصورات العفوية أو احملدث اكتساهبا وبناؤىا ،واؼبدؾبة
ضمن شبكة متماسكة من التمثالت اؼبعرفية اؼبرسومة يف شكل عوائق فما اؼبقصود ابلعائق؟
*العوائق ادلرتبطة ابلتجربة األولية (ادلعرفة العامة) :التجربة األوىل تعٍت التجربة السابقة على النقد وىي ؾبموع
الصور واالنطباعات اليت تشكلها التجربة اؼبعتمدة على اؼبتعة واالندىاش أماـ الظواىر اؼبختلفة ،واليت سرعاف ما
تنقلب يف صورهتا التبسيطية إىل توليفات (فكرية) عجيبة ،لتصبح حقائق غَت قابلة للفحص أو النقد
*العائق اجلوىري :أي فكرة اعبوىر اليت تتسبّب يف توىاف العلماء لعصور طويلة حبثا عن جواىر األشياء بدال من
ظواىرىا
*عــائق التعمــيم :يقػػوؿ ابشــالر يف ىػػذا الصػػدد "أنّػو مػػا مػػن شػػيء عمػػل علػػى كػػبح تطػػور اؼبعرفػػة العلميػػة كمػػا فعػػل
اؼبذىب اػباطئ للتعميم الذي ساد من أرسطو إىل بيكون ،والػذي مػا يػزاؿ ابلنسػبة لعقػوؿ كثػَتة اؼبػذىب األساسػي
للمعرفة"
57
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
*العــائق اللغ ــوي أو اللفظ ــي :ويعػػٍت أ ّف ىنػػاؾ ألفػػاظ تتمػػدد أثنػػاء اسػػتخدامها لتػ ّ
ػدؿ عل ػػى أش ػػياء خػػارج دالالهتػػا
األصلية فبا هبعل من استخدامها مشوشا ومبهما إىل حد كبَت
*العائق اإلحيائي :ويعٍت بو إدخاؿ بعض العلوـ يف ؾبػاالت غػَت ؾباالهتػا الػيت تعمػل فيهػا خصوصػا إدخػاؿ األحيػاء
(البيولوجيا) يف علم الكيمياء والفيزايء ومنو ىػو ميلنػا إىل تصػور الظػواىر واألشػياء وكأ ّنػا تنطػوي علػى نػوااي وغػاايت
وإحساسات وانفعاالت
مػػا سػػبق مػػن عوائػػق ال تصػػادؼ العلمػػاء فقػػط أثنػػاء حبػػثهم عػػن اؼبعرفػػة بػػل إ ّف كلّهػػا أو بعضػػها تقػػف حػػاجزا
أماـ اؼبتعلم يف طريقو كبو التعلم(Bachelard, 1974) .
-2-10اســرتاتيجيات معاجلــة اخلطــأ مــن خــالل األســاليب النبويــة يف التعامــل مــع ادلخط ــني :لقػػد راعػػى اؼبعلػػم
األوؿ ملسو هيلع هللا ىلص صبلػػة مػػن األسػػاليب الًتبويّػة الكريبػػة أبروع صػػورىا وأكملهػػا ،وذلػػك يف تعاملػػو مػػع مػػن أخط ػأ مػػن بعػػض
أصحابو ،وىذه بعض منها:
أوال :أسلوب اإلشفاق على ادلخطئ وعـدم تعنيفـو :كػاف صػلوات هللا وسػالمو عليػو يقػ ّدر ظػروؼ النػاس ،ويراعػي
ػك أ ّف ذلػػك يبػػأل
أح ػواؽبم ،ويعػػذرىم مهلهػػم ،ويتلطػػف يف تصػػحيح أخطػػائهم ،ويًتفّػق يف تعلػػيمهم الص ػواب ،والشػ ّ
قلػػب اؼبنصػػوح حبًػا للرسػػالة وصػػاحبها ( ) ،مثػػل مػػا فعػػل مػػع معاويػػة بػػن اغبكػػم السػػلمي هنع هللا يضر يػػوـ غػػزوة أوطــاس،
ػ إذ عطػػس رجػػل مػػن القػػوـ :فقلػػت (يرضبػػك هللا) فرمػػاين القػػوـ حيػػث قػػاؿ« :بينمػػا أان أصػػلي مػػع رسػػوؿ هللا ػ
إيل؟) فجعل ػوا يضػػربوف أبيػػديهم علػػى أفخػػاذىم ،فلمػػا رأيػػتهم
أببصػػارىم ،فقلػػت (وا ثكػػل ّأم ػاه! مػػا ش ػأنكم تنظػػروف ّ
،فبػأيب ىػو وأمػي! مػا رأيػت معلمػا قبلػو وال بعػده أحسػن تعليمػا صمتونٍت ،لكٍت سكت ،فلما صلى رسوؿ هللا
ي ّ
منػػو ،فػػو هللا مػػا ض ػربٍت وال شػػتمٍت (أضبػػد الفيػػومي 1987 ،ـ) قػػاؿ( :إ ّف ىػػذه الصػػالة ال يصػػلح فيهػػا شػػيء مػػن
كالـ الناس إّمبا ىو التسبيح والتكبَت وقراءة القرآف)» (على اعبرجاين( ،ب ت) ،ص)58
اثنيا :أسلوب اإلرشاد إىل اخلطأ ابلرفق وادلالطفة :ويف أحياف أخرى يقابل اػبطأ بنوع من اؼبالطفة و ّ
الرفق
ابؼبخطئ ،كما صنع مع خادمو أنس بن مالك هنع هللا يضر حُت أمره الرسوؿ أف يذىب يف بعض حاجتو ،فانشغل
من أحسن الناس خلقا ،فأرسلٍت يوما غباجتو ،فقلت :وهللا عنها ابللّعب مع الصبياف ،قاؿ ( كاف رسوؿ هللا
،فخرجت حىت أمر على صبياف وىم يلعبوف يف السوؽ، ال أذىب ،ويف نفسي أف أذىب ؼبا أمرين بو نيب هللا
قد قبض بقفاي من ورائي قاؿ :فنظرت إليو وىو يضحك فقاؿ« :اي أنس أذىبت حيث فإذا رسوؿ هللا
58
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
أمرتك» قاؿ :قلت نعم أان أذىب اي رسوؿ هللا ،قاؿ أنس :وهللا لقد خدمتو تسع سنُت ما علمتو قاؿ لشيء
صنعتو مل فعلت كذا وكذا ،أو لشيء تركتو ىال فعلت كذا وكذا) (ابن األثَت اعبزري ،ب ت ،ص)41
رجال على صدقات بٍت سليم ،يدعى ابن اللتبية فلما وعن أيب محيد الساعدي هنع هللا يضر قاؿ( :استعمل رسوؿ
هال جلست يف بيت أبيك و ّأمك حىت
« :ف ّ جاء حاسبو ،فقاؿ :ىذا مالكم ،وىذا ىديّة ،فقاؿ رسوؿ هللا
أتتيك ىديتك إف كنت صادقا؟» مّ خطبنا ،فحمد هللا ،وأثٌت عليو ،مّ قاؿّ « :أما بعد ،فإ ّين أستعمل الرجل منكم
على العمل فبّا ّوالين هللا ،فيأيت فيقوؿ :ىذا مالكم ،وىذا ىديّة أىديت يل ،أفال جلس يف بيت أبيو وأمو حىت
حدا منكم لقي هللا
لقي هللا حبملو يوـ القيامة ،فألعرفن أ ً
أتتيو ىديتو؟ وهللا ال أيخذ أحد منكم شيئا بغَت حقو ّإال ّ
وبمل بعَتا لو رغاء أو بقرة ؽبا خوار أو شاة تْيعر مّ رفع يديو حىت رؤي بياض إبطيو يقوؿ( :اللّهم ىل بلغت،
بصر عيٍت وظبع أذين)» (متفق عليو أخرجو البخاري يف صحيحو " 293/ 4برقم 6979كتاب اغبيل ابب:
احتياؿ العامل ليهدى لو " ومسلم يف صحيحو" مسلم بشرح النووي 459/ 6برقم 1832كتاب اإلمارة ابب
ربرًن ىدااي العماؿ" واللفظ للبخاري)
رابعا :أسلوب اإلقناع ابخلطأ :من منهجو صلى هللا عليو وسلّم مع اؼبخطئُت أنّو كػاف ينػتهج معهػم أسػلواب رفيعػا يف
تقوًن أخطائهم من ذلك :إقناعو صػلى هللا عليػو وسػلّم لػذلك الشػاب مػن قػريش حػُت جػاء إىل النّػيب صػلى هللا عليػو
وس ػلّم وق ػػاؿ :اي رس ػػوؿ هللا ،ائ ػػذف يل يف ال ػزان فأقب ػػل علي ػػو الق ػػوـ يزج ػػروه ،فق ػػاؿ" :أدن ػػو" ،ف ػػدىن من ػػو قريب ػػا ،ق ػػاؿ:
ألمهػاهتم» قػاؿ« :أفتحبػو
فجلس :قاؿ« :أرببػو أل ّمػك؟» قػاؿ :ال وهللا جعلػٍت هللا فػداءؾ ،قػاؿ« :وال النّػاس وببونػو ّ
البنتػػك؟» ق ػػاؿ :ال وهللا اي رس ػػوؿ هللا جعل ػػٍت هللا ف ػػداءؾ ،ق ػػاؿ« :وال الن ػػاس وببون ػػو لبن ػػاهتم» ،وم ػػازاؿ النّ ػيب يس ػأؿ
حصػن فرجػو»،
طهػر قلبػو ،و ّ
والشاب هبيب :ال وهللا جعلٍت هللا فداءؾ ،فوضع يده عليو وقاؿ« :اللهم اغفػر ذنبػو ،و ّ
فلػػم يكػػن بعػػد ذلػػك الفػػىت يلتفػػت إىل شػػيء (اغبػػديث أخرجػػو أضبػػد يف اؼبسػػند 545/36بػػرقم 22211قػػاؿ
الشػيخ شػعيب األرانؤوط :إسػػناده صػحيح ،رجالػو ثقػػات رجػاؿ الصػػحيح ) فهػذا الشػاب عػػارـ الشػهوة ،صػػريح يف
59
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
هبػػذا الرفػػق اغبسػػن واغبػوار اؽبػػادئ ،فقػػاـ ذلػػك الفػػىت مقتنعػػا خبطئػػو التعبػػَت عػػن نزواتػػو دوف حيػػاء ،فلقيػػو الرسػػوؿ
عازما على تركو وعدـ االلتفات إليو
خامسا :أسلوب التلميح ابلغضب :من توجيو النيب صػلى هللا عليػو وسػلّم وإرشػاده للمخطئػُت أنػّو أحيػاان ال يواجػو
اؼبخط ػػئ بفعل ػػو ،وإّمبػ ػا يغض ػػب ل ػػذلك فيع ػػرؼ يف وجه ػػو (اغب ػػديث أخرج ػػو البخ ػػاري يف ص ػػحيحو 518/ 2ب ػػرقم
) وقػػد يبتسػػم ابتسػػامة اؼبغضػػب ،وىػػذه االبتسػػامة الػػيت يعاتػػب فيهػػا 3562كتػػاب :اؼبناقػػب ابب :صػػفة النػػيب
قوـ خطأه مثل ما فعل مع كعب بن مالك الذي زبلّف عن غزوة تبوك دوف عػذر وحػُت
يوجهو وي ّ
أحياان اؼبخطئ و ّ
رجوعػػو مػػن الغػػزوة قػػاؿ( :فجئتػػو فلمػػا سػػلمت عليػػو تبسػػم تبسػػم اؼبغضػػب م قػػاؿ( :تعػػاؿ) ،فجئػػت أمش ػػي ح ػػىت
إين وهللا لػو جلسػت عنػد غػَتؾ
جلست بػُت يديػو ،فقػاؿ يل« :مػا خلفػك أمل تكػن قػد اتبعػت ظهػرؾ» فقلػت :بلػى ّ
مػػن أىػػل الػػدنيا لرأيػػت أف سػػأخرج مػػن سػػخطو بعػػذر ولقػػد أعطي ػت جػػدال ،ولكػ ّػٍت هللا لقػػد علمػػت لػػئن حػػدثتك
إين
اليوـ حديث كذب ترضى بو عٍت ليوشكن هللا أف يسػخطك عل ّػي ،ولػئن حػدثتك حػديث صػدؽ ذبػد عل ّػي فيػو ّ
ألرجو فيو عفو هللا ،ال وهللا ما كاف يل من عػذر وهللا مػا كنػت قػط أقػوى وال أيسػر مػٍت ،حػُت زبلفػت عنػك ،فقػاؿ
» رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلّمّ « :أما ىذا فقد صدؽ فقم حىت يقضي هللا فيك
ففػي ىػػذا اغبػديث يتجلػػى األثػػر العظػيم يف هتػػذيب نفػوس اؼبخطئػػُت هبػػذا األسػلوب اغبسػػن ،عاقبػو اببتسػػامة مغضػػبة
من غَت صراخ رغم عظم ىذا اؼبوقف ،فأين كبن اليوـ من ىذا األسلوب النبوي اغبكيم؟!
سادسـا :أسـلوب العفـو الصــفح :مهمػا كػاف اػبطػػأ كبػَتا ،وبتػاج اإلنسػاف أحيػػاان إىل مثػل ىػذا األسػلوب يف الوقػػت
اؼبناسػػب إلصػػالح أخطػػاء بعػػض الصػػحابة ومػػن أروع األمثلػػة علػػى ذلػػك حػػُت قضػػى الرسػػوؿ صػػلى هللا عليػػو وسػلّم
ؿباولة حاطب بن أيب بلتعة يف إفشاء أسرار اؼبسلمُت إىل قريش وإخبارىم أبمر ذبهز اؼبسلمُت لفتح مكة
فاػبط ػػأ ال ػػذي اقًتف ػػو ى ػػذا الص ػػحايب اعبلي ػػل ل ػػيس خطػ ػأ يسػ ػَتا ب ػػل إنػّ ػو ح ػػاوؿ أف يكش ػػف أسػ ػرار الدول ػػة اؼبس ػػلمة
مػػن ألعػػدائها ،ومػػع ذلػػك عاملػػو معاملػػة رحيمػػة تػػدؿ علػػى إقالػػة عث ػرات ذوي الس ػوابق اغبسػػنة ،فجعػػل النػػيب
ماضي حاطب سببا يف الصفح عنو ،وىو أسلوب تربوي بليغ وفيو درس تربوي حكيم
اؼبتأمػل يف سػَتتو
وما ذكرانه ىنا قليل من كثَت وغيض من فيض يف تعاملو صلى هللا عليو وسلّم مع اؼبخطئُت ،و ّ
ومشائلػػو صػػلى هللا عليػػو وس ػلّم ليعجػػب مػػن حكمتػػو يف تربيػػة النفػػوس وإصػػالح أخطائهػػا دبنػػاىج تربويّػة بليغػػة يظهػػر
ذلك جليا يف مواقفو الًتبوية الكثَتة واعبديرة ابلوقوؼ عندىا لالستفادة منها ،وألخذ الدروس والعػرب ،ومػن م تبقػى
سَتتو ومشائلو الطاىرة نرباسا يضيء لنا الطريق يف صبيع مناحي اغبياة
60
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
سابعا :أسلوب العتـاب والتأنيـب :علػى أف يكػوف ىػذا العتػاب عتػااب توجيهيػا ،علػى قػدر اغباجػة مػن غػَت إسػفاؼ
وال إسراؼ ومن ذلك ما رواه البخاري عن أيب ذر قاؿ( :سببت رجال ّ
فعَتتو أبمو ،قاؿ لو :اي بن السػوداء ،فقػاؿ
رسوؿ هللا عليو وسلم« :اي أاب ذر أعَتتو أبمو ،إنّك امرؤ فيك جاىلية» (صحيح البخاري 26/ 1بػرقم 31كتػاب
الرجػل بسػواده
اإليباف ابب :اؼبعاصي من أمر اعباىلية) فقد عاجل النّيب صلى هللا عليو وسلّم خطا أيب ذر حػُت عػ َّت ّ
ابلتوبيخ والتأنيب مّ وجهو ؼبا هبب فعلو.
خالصة الفصل:
61
المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ الفصل الثاني:
الواقع أ ّف رجاؿ الًتبية والتعليم مازالوا ينظروف إىل اػبطأ بكيفيات ـبتلفة :ففي ؾباؿ البيداغوجيا التقليدية
يعترب اػبطأ فعال قبيحا ،وسلوكا شائنا ،وبتاج صاحبو إىل عقاب وأتنيب وعليو فاؼبتعلم مسؤوؿ عن خطئو سواء
كاف السبب ىو النسياف أو الشرود أو عدـ االنتباه أو اإلدماف على اللعب يعٍت ذلك أنو ليس ىناؾ أدىن
تسامح مع اػبطأ ّأما يف ؾباؿ البيداغوجيا اغبديثة ،فإف اػبطأ سلوؾ إهبايب ،وأنّو حق من حقوؽ الطفل واؼبتعلم،
وأف بناء التعلمات يكوف دبدى ارتكاب األخطاء وتصحيحها ومعاعبتها ،وشبة ؾبموعة من النظرايت واؼبقارابت اليت
اىتمت بدراسة اػبطأ ،حيث يعترب فريين "اػبطأ ؿباولة تشق طريقا كبو النجاح وتتيح إقصاء األفعاؿ اؼبنجزة
صدفة ،واليت ال تعطي نتائج إهبابية" وقد الحظ ميشيل زكار تشوك أف أكرب عملية يف الدعم البيداغوجي ىي
عملية ربليل األخطاء ألف اؼبتعلمُت هبدوف حرجا يف القياـ هبذا العمل
62