Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 39

‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫* سبهيػ ػ ػ ػ ػػد‬

‫أوال‪ :‬ادلقـ ــاربـ ــة ابلكفـ ــاءات‬


‫‪ *1‬اػبلفيّة النظريّة ؼبقاربة التدريس ابلكفاءات‬
‫‪ *2‬مفهوـ اؼبقاربة ابلكفاءات‬
‫‪ *3‬خصائص اؼبقاربة ابلكفاءات‬
‫‪ *4‬أنواع الكفاءات‬
‫‪ *5‬مزااي اؼبقاربة ابلكفاءات‬
‫اثنيا‪ :‬ادلمارسات التدريسية للمقاربة ابلكفاءات‬
‫‪ *1‬البيداغوجيا الفارقية‬
‫‪ * 2‬التعلم التعاوين‬
‫‪ * 3‬بيداغوجيا اؼبشروع‬
‫‪ * 4‬اسًتاتيجية اؼبشكالت‬
‫اثلثا‪ :‬بي ـ ــداغوجيا اخلط ــأ‬
‫‪ * 1‬مفهوـ بيداغوجيا اػبطأ‬
‫‪ * 2‬أنواع اػبطأ‬
‫‪ * 3‬مصادر اػبطأ‬
‫‪ * 4‬أنبية بيداغوجيا اػبطأ‬
‫‪ * 5‬مبادئ بيداغوجيا اػبطأ‬
‫‪ *6‬مواقف ـبتلفة من بيداغوجيا اػبطأ‬
‫‪ * 7‬األسس النظريّة واإلبستمولوجية للخطأ‬
‫‪ *8‬بيداغوجيا اػبطأ بُت الواقع واؼبتوقع‬
‫‪ * 9‬وظائف بيداغوجيا اػبطأ‬
‫‪ * 11‬اسًتاتيجية معاعبة اػبطأ‬
‫* خالصة الفصل‬

‫‪25‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫* متهـيـ ـ ـ ـ ــد‪:‬‬

‫شهد العامل يف السنوات األخَتة حركة نشطة وديناميكية يف مراجعة وربديث اؼبناىج يف ـبتلف اؼبراحل‬
‫مست ـبتلف نواحي حياة اإلنساف دبا فيها‬ ‫التغَتات اليت ّ‬
‫الدراسيّة‪ ،‬وقد كانت ىذه اغبركة حتميّة نتيجة ّ‬
‫التفجر اؼبعريف يف ـبتلف اجملاالت ولكوف اعبزائر جزءا ال‬
‫اعبانب االجتماعي واالقتصادي والثقايف‪ ،‬انىيك عن ّ‬
‫يتجزأ من العامل‪ ،‬فقد ابت من الضروري مراجعة اؼبناىج الدراسية وربديثها يف بالدان‪ ،‬حىت تصبح مسايرة‬
‫للتغيَتات‬
‫فعالية أال وىي تطبيق التدريس ابؼبقاربة‬
‫ومنها جاء االنتقاؿ من بيداغوجيا األىداؼ إىل بيداغوجيا أكثر ّ‬
‫ابلكفاءات حيث متّ إعداد مناىج ذبعل من اؼبتعلم ؿبورا للعملية التعليمية – التعلمية إذ تقوـ ىذه اؼبقاربة‬
‫على عدة بيداغوجيات وفبارسات حديثة منها بيداغوجيا اإلدماج وبيداغوجيا الفوارؽ وبيداغوجيا اؼبشروع‪،‬‬
‫وصوال إىل بيداغوجيا اػبطأ ىذه األخَتة اليت تعترب من أحدث اؼبمارسات وأصعبها‪ ،‬حيث ذبعل من اػبطأ‬
‫نقطة لبداية التعلمات ومرآة تعكس اػبلل لدى اؼبتعلم‪ ،‬وعليو قبد أنفسنا أماـ تساؤالت وىي كاآليت‪:‬‬
‫ػ ػ ػ ماىي اؼبقاربة ابلكفاءات؟ وماىي أىم خصائصها؟ وماىي أنواعها؟‬
‫أىم اؼبمارسات التدريسيّة اليت تتبناىا؟‬
‫ػ ػ فيما تتمثل ّ‬
‫وإذا كانت بيداغوجيا اػبطأ ىي أحدث ىذه اؼبمارسات فماذا نقصد ابػبطأ؟‬
‫ػ ػ وما ىي بيداغوجيا اػبطأ؟ وماىي أنواع اػبطأ وأىم مصادره؟‬
‫وىذا ما سنتطرؽ لو يف ىذا الفصل من الدراسة‬

‫‪26‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المقاربة بالكفاءات‪:‬‬

‫‪*1‬اخللفية النظرية دلقاربة التدريس ابلكفاءات‪:‬‬

‫تستمد اؼبقاربة ابلكفاءات جذورىا من علم النفس السلوكي‪ ،‬ومن جوانب أخرى من علم النفس اؼبعريف‪،‬‬
‫كما أ ّنا تستند بصفة خاصة للنظرية البنائية اليت تع ّد نظرية نفسيّة لتفسَت التعلم وأساسا رئيسيّا من األسس‬
‫النفسيّة لبناء اؼبنهج اؼبدرسي إذ ترى أ ّف الطفل ال أييت إىل اؼبدرسة بعقل فارغ‪ ،‬بل لديو خربات سابقة يبكن البناء‬
‫عليها حيث يتعلم من اػبربات اليت يعيشها‪ ،‬ويفسر ىذه اػبربات بناءً على ما يعرفو‪ ،‬فاؼبعرفة تبٌت وال تنقل‪ ،‬تنتج‬
‫عن نشاط‪ ،‬وربدث يف صيغ واؼبعٍت ىو اؼبتعلم‪ ،‬م إ ّف بناء اؼبعرفة عملية تفاوضيّة اجتماعيّة أي عن طريق الشراكة‬
‫بُت اؼبعلم واؼبتعلم يف اإلدراؾ ويف تكوين اؼبعٌت‪ ،‬ولذا تركز اؼبناىج على الكيف اؼبنهجي بدال من الكم اؼبعريف من‬
‫خالؿ نظاـ الوحدات الذي يب ّكن اؼبتعلم من الًتكيز على مضامُت بعينها تتوفر فيها شروط التناسق والتكامل بغية‬
‫ربقيق كفاءات ذات طبيعة مهاريّة وسلوكيّة تتكيّف مع الواقع اؼبعاصر يف عامل الشغل واؼبواطنة واغبياة اليوميّة وقد‬
‫ظهرت أل ّوؿ مرة يف كندا‪ ،‬وانتقلت التجربة إىل فرنسا يف التسعينات غبل مشكلة الفشل الدراسي يف الثانوايت‬
‫الفرنسية ومن م تبنّت العديد من الدوؿ اؼبقاربة ابلكفاءات يف العمليّة التعليميّة التعلميّة ومن بينها اعبزائر‬
‫)‪(www.elhamel.net/forum/shouthreud.php?t=18267‬‬

‫‪*2‬مفهوم ادلقاربة ابلكفاءات‪« :‬بيداغوجية وظيفية تعمل على التحكم يف ؾبرايت اغبياة‪ ،‬بكل ما كبملو من‬
‫تشابك يف العالقات وتعقيد يف الظواىر االجتماعية‪ ،‬ومن م فهي اختيار منهجي يب ّكن اؼبتعلم من النّجاح يف ىذه‬
‫ابلسعي إىل تثمُت اؼبعارؼ اؼبدرسيّة وجعلها صاغبة لالستعماؿ يف ـبتلف مواقف‬
‫اغبياة على صورهتا‪ ،‬وذلك ّ‬
‫اغبياة» (وزارة الًتبية الوطنية ‪ ،2115،‬ص‪)17:‬‬

‫وىي‪ « :‬ال تتعارض مع البيداغوجية الكالسيكية‪ ،‬ولكنها جاءت لتؤكد األىداؼ اليت أتخذ بعُت االعتبار‬
‫تطور اؼبدرسة واجملتمع وىذا يعٍت أف اؽبدؼ األساسي ؽبذا اؼبسعى البيداغوجي اغبديث ىو إعداد متعلمُت‬
‫يتجاوبوف مع عامل الشغل على أساس الكفاءة اؼبهنية اليت تتطلّبها الوظيفة‪ ،‬عكس ما كانت عليو اؼبدرسة سابقا‬
‫واليت سعت إىل تلقُت معارؼ تتوج بشهادات على أساسها يتم التوظيف يف مناصب شغل على حساب اؼبهنة‬
‫والتحكم فيها إذا كاف اؽبدؼ من اؼبقاربة التقليدية سابقا ىو ربليل اغباجيات والتعرؼ على النوعيات‪ ،‬والقدرات‬
‫واؼبعارؼ الضرورية عند تنفيذ بعض اؼبهاـ‪ ،‬فاؼبقاربة اؼبؤسسة على الكفاءة هتدؼ إىل التعرؼ على النتائج اليت‬
‫تربىن على التنفيذ الفعاؿ للمهاـ » (غريب عبد الكرًن‪ ،2113،‬ص‪)61:‬‬

‫‪27‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫ومن خالؿ ما سبق والتصورات اليت أخذت منها التطبيقات العملية التعليمية ؽبذه اؼبقاربة‪ ،‬نستنتج من‬
‫التعريفات السابقة‪ ،‬أف اؼبقاربة ابلكفاءات طريقة عملية اجرائية‪ ،‬سبكن التلميذ من االندماج يف الوسط الدراسي‬
‫بسهولة‪ ،‬والتكيف مع ـبتلف اؼبواقف بسهولة ويسر‪ ،‬كما تساعد اؼبعلم يف وضع اسًتاتيجيات ذات داللة‪،‬‬
‫لتعديل تعلمات اؼبتعلمُت‪ ،‬كل ىذا ضمن خطة ؿبددة ومدروسة‪ ،‬مهيأ ؽبا سلفا (تعاقد بُت اؼبعلم واؼبتعلم) من‬
‫أجل اقباح العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪*3‬خصائص ادلقاربة ابلكفاءات‪:‬‬

‫* اعتبار ؿبورية التعلم‪ :‬فاؼبتعلم فاعل أساسي يف بناء اؼبعرفة والتعلمات‪ ،‬فبا يدعو إىل استحضار جانب التعلم‬
‫الذايت يف كل األنشطة‬

‫* توفَت فضاء للتعلم الذايت‪ :‬ويكوف ذلك بفتح اجملاؿ رحبًا أماـ اؼبتعلم لكي يوظّف إمكاانتو وقدراتو للتعلم‪ ،‬وال‬
‫تعلمية ربفزه على التفاعل مع ؿبيطو تفاعال اهبابيا وبناء قوامو اؼبساءلة‬
‫يتأتى لو ذلك ّإال عن طريق بناء وضعيات ّ‬
‫واالستكشاؼ ارتباطا بقواعد التفكَت العلمي‬

‫* توفَت الشروط اؼباديّة والًتبويّة للتعلم الذايت ويقصد بذلك ـبتلف الوسائط والطرائق اليت تتيح فرص التعلم الذايت‬
‫(رحيمو خبات وآخروف‪ ،2116 ،‬ص ‪)7-6‬‬

‫ػ ػ ػ ػ كما أ ّف من بُت خصائصها‪:‬‬

‫النظر إىل اغبياة من منظور عملي تطبيقي نفعي‬ ‫‪‬‬


‫تفعيل ؿبتوايت اؼبواد التعليميّة يف اؼبدرسة‪ ،‬ويف اغبياة مع التخفيف منها واالىتماـ ابألوىل‬ ‫‪‬‬
‫السعي إىل تثمُت اؼبعارؼ اؼبدرسية وجعلها صاغبة لالستعماؿ يف ـبتلف مواقف اغبياة‬ ‫‪‬‬
‫جعل اؼبتعلمُت يتعلموف أبنفسهم عن طريق حسن التوجيو وربفيزىم على العمل‬ ‫‪‬‬
‫)‪)www.elhamel.net/forum/shouthreud.php?t=18267‬‬

‫من ىنا يتضح أنّو للمقاربة ابلكفاءات اسًتاتيجية تعمل على ع ّدة عناصر نذكر منها‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أحقيّة اؼبتعلم يف اػبطأ‪ ،‬واؼبراد بو ّأال يعترب اػبطأ يف إقباز اؼبتعلم عمالً سلبيًا‪ ،‬بل يكوف منطلقا للبيداغوجيا‬
‫يتم ضبط‬
‫العالجيّة اليت توظّف اػبطأ إهبابيا‪ ،‬وتعتربه دليال وأداة كشف عن آليات التفكَت عند اؼبتعلم‪ ،‬وىكذا ّ‬
‫تبصر من لدف اؼبتعلم (رحيمو خبات وآخروف‪ ،2116 ،‬ص ‪.)12-11‬‬
‫اػبطأ وربديد مصدره‪ ،‬م عالجو بوعي و ّ‬

‫‪ *4‬أنـ ـواع الكفـ ـاءات‪ :‬تصنف الكفاءات بصفة ّ‬


‫عامة إىل كفاءات نوعية يف مقابل كفاءات مستعرضة‬
‫وكفاءات أساسيّة قاعديّة يف مقابل كفاءات اإلتقاف‪:‬‬

‫‪-1-4‬الكــفاءات النوعيــة‪ :‬وىي اؼبرتبطة دبادة دراسيّة معيّنة أو ؾباؿ نوعي أو مهٍت ّ‬
‫معُت‪ ،‬ولذلك فهي أقل‬
‫مشوليّة من الكفاءة اؼبستعرضة‪ ،‬وقد تكوف سبيال إىل ربقيق الكفاءات اؼبستعرضة‬

‫‪-2-4‬الكفاءات ادلستعرضة‪ :‬وتسمى أيضا الكفاءات اؼبمتدة‪ ،‬ويقصد هبا الكفاءات العامة اليت ال ترتبط‬
‫دبجاؿ ؿبدد أو مادة دراسيّة معيّنة‪ ،‬وإّمبا يبتد توظيفها إىل ؾباالت عدة أو مواد ـبتلفة‪ ،‬ولذا فإ ّف ىذا النوع من‬
‫الكفاءات يتسم ابلغٌت يف مكوانتو‪ ،‬إذ تسهم يف إحداثو تدخالت متعددة من اؼبواد‪ ،‬كما يتطلّب ربصيلو زمنا‬
‫أطوؿ‬

‫إ ّف ىذا النوع من الكفاءات يبثل درجة عليا من الضبط واإلتقاف‪ ،‬ولذلك يسمى كفاءات قصوى‬

‫‪-3-4‬الكفاءات القاعدية‪ :‬وتسمى أيضا ابلكفاءات األساسيّة أو اعبوىريّة أو الدنيا وتش ّكل األسس الضروريّة‬
‫اليت البد من اعتبارىا يف بناء تعلمات الحقة واليت ال وبدث التعلم يف غياهبا‬

‫‪-4-4‬كفاءات اإلتقان‪ :‬وىي اليت ال تبٌت عليها ابلضرورة تعلمات أخرى رغم أ ّف كفاءات اإلتقاف مفيدة يف‬
‫التكوين ّإال أفّ عدـ اكتفاء اؼبتعلم هبا ال يؤدي إىل فشلو يف الدراسة (بن سي مسعود لبٌت‪ ،2118 ،‬ص‪)255‬‬
‫‪*5‬مزااي ادلقاربة ابلكفاءات‪ :‬تساعد اؼبقاربة ابلكفاءات على ربقيق األغراض التالية‪:‬‬

‫أ* تبٍت الطرؽ البيداغوجية النشطة وتبتكرىا‪ :‬إذ أ ّنا تعمل على إقحاـ اؼبتعلم يف أنشطة ذات معٌت ابلنسبة إليو‪،‬‬
‫ويتم ذلك بشكل فردي أو صباعي‬
‫حل اؼبشكالت ّ‬
‫منها إقباز اؼبشاريع و ّ‬
‫ب* ربفيز اؼبتعلمُت على العمل‪ :‬أبف تتبٌت الطرؽ النشطة فإ ّنا تولّد الواقعية لدى اؼبتعلم‬
‫ج* تسمية اؼبهارات واكتساب اذباىات وميوؿ وسلوكات جديدة‪ :‬تعمل اؼبقاربة ابلكفاءات على تنمية قدرات‬
‫اؼبتعلم العقلية (اؼبعرفية) العاطفية (االنفعالية) والنفس‪-‬حركية‬

‫‪29‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫د* عدـ إنباؿ احملتوايت (اؼبضامُت)‪ :‬إ ّف اؼبقاربة ال تعٍت استبعاد اؼبضامُت‪ ،‬وإّمبا سيكوف إدراجها يف إطار ما ينجزه‬
‫اؼبتعلم من كفاءات (سعيد جاير‪ ،2118 ،‬ص‪)42‬‬
‫اثنيا‪ :‬ادلمارسات التدريسية للمقاربة ابلكفاءات‪:‬‬
‫أىم التحدايت اليت تواجهها الًتبية يف عصران اغبايل كسب رىاف الًتبية اؼبستديبة اليت سبكن الفرد من‬
‫من ّ‬
‫فرص التكوين اؼبستمر بل أتسيس الكفاءات الضرورية لدى كل فرد واليت ذبعلو قادرا على التكيف االهبايب مع‬
‫صبلة التغَتات اليت تطرأ على مظاىر اغبياة اليومية‬
‫مفتاحا لدخوؿ القرف اؼبقبل فال بد لنا أف نعمل على فهم وتطبيق اؼبمارسات‬
‫ومن أجل جعل الًتبية ً‬
‫البيداغوجية وذبديد طرقها وأساليبها اؼبعتمدة يف التدريس ومن أىم اؼبمارسات اغبديثة ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬البيداغوجيا الفارقية‪ :‬تعترب البيداغوجيا الفارقية من بُت أىم االسًتاتيجيات اليت ّ‬


‫اىتمت هبا اؼبقاربة ابلكفاءات‬
‫فيم تتمثل البيداغوجيا الفارقية؟ وما ىي خصائصها؟ وما أىدافها وغايتها؟ ما ىي مشروعية تطبيقها يف فصولنا؟‬
‫كيف يبكن اعتماد التفريق البيداغوجي يف الصف الواحد؟‬
‫‪-1-1‬مفهومها‪ :‬يعرؼ لوي لوغراند ‪ Louis Legrand‬البيداغوجيا الفارقية كاآليت‪« :‬ىي سباشي تربوي‬
‫يستخدـ ؾبموعة من الوسائل التعليمية التعلمية قصد مساعدة األطفاؿ اؼبختلفُت يف العمر والقدرات والسلوكيات‬
‫واؼبنتمُت إىل فصل واحد على الوصوؿ بطرؽ ـبتلفة إىل نفس اؽبدؼ » (أضبد أوزي‪ ،2116 ،‬ص‪)54‬‬
‫*يقًتح فليب ماريو على اؼبعلمُت أو األساتذة أسلوبُت يتفق كالنبا مع مبادئ الفارقية‪ :‬يتمثل األسلوب األوؿ يف‬
‫ضبط ىدؼ واحد جملموعة الفصل مع اتباع خطوات ـبتلفة تقضي كلها إىل نفس اؽبدؼ ويتمثل األسلوب الثاين‬
‫يف تشخيص الثغرات اغباصلة عند كل تلميذ وضبط أىداؼ ـبتلفة تبعا لألخطاء اؼبالحظة‬
‫*ويعرؼ الدكتور مراد البهلول يف رسالة دكتوراه حوؿ البيداغوجيا الفارقية (‪ )1995‬ربت إشراؼ فليب مَتينو‬
‫البيداغوجيا الفارقية كاآليت‪« :‬تتمثل الفارقية يف وضع الطرؽ واألساليب اؼبالئمة للفروؽ ما بُت األفراد والكفيلة‬
‫بتمكُت كل فرد من سبلك الكفاايت اؼبشًتكة اؼبستهدفة يف اؼبنهج»‬
‫والفروؽ الفردية بُت التالميذ اؼبنتمُت إىل فصل واحد عديدة ومتنوعة‪:‬‬
‫‪ -‬فروؽ يف االستعدادات الذىنية واؼبعرفية‬
‫‪ -‬فروؽ وجدانية تتمثل يف الرغبة يف التعلم‬
‫‪ -‬فروؽ تتصل بعالقة الفرد ابؼبعرفة‬
‫‪-‬فروؽ تتمثل ابلوسط االجتماعي الذي نشأ فيو‬

‫‪30‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫إذا الفارقية ىي عبارة عن إجراءات أو عمليات هتدؼ إىل جعل التعلم متكيفا مع الفروؽ الفردية بُت‬
‫اؼبتعلمُت وذلك قصد جعلهم يتحكموف يف األىداؼ اؼبتوخاة (غريب عبد الكرًن‪ ،2116 ،‬ص ‪)728‬‬
‫‪-2-1‬مسات البيداغوجيا الفارقية‪ :‬تقسم ىذه البيداغوجيا‪:‬‬
‫_ بكونا بيداغوجيا مفردة‪ :‬تعًتؼ ابؼبتعلم كشخص لو سبثالتو اػباصة‬
‫_ بكونا تعتمد توزيعا للمتعلمُت داخل بنيات ـبتلفة‪ :‬سب ّكنهم من العمل حسب مسارات متعددة‬
‫ويشتغلوف على ؿبتوايت متمايزة بغرض استثمار أقصى امكاانهتم وقيادهتم كبو التفوؽ والنجاح‬
‫*تطبق بيداغوجيا الفوارؽ من خالؿ ؾبموعة من اإلجراءات الديداكتيكية‪ ،‬ىي‪:‬‬
‫_ انتقاء األقساـ واؼبواد‬
‫_ جرد األىداؼ العامة للمواد الدراسية‬
‫_ ربديد األىداؼ مع مراعاة عامل الوقت ودرجة التحكم يف اؼبنهجية‬
‫_ اختيار وإعداد البياانت اؼبالئمة‬
‫_ تعيُت األىداؼ اؼبراد ربقيقها‬
‫_ ربديد اؼبقطع الديداكتيكي ومعيار النجاح‬
‫_ إقباز التقوًن‬
‫‪-3-1-‬إجراءات البيداغوجيا الفارقية‪ :‬تتطلب الفارقية صبلة من اإلجراءات يبكن إصباؽبا كما يلي‪:‬‬
‫*معرفة وضعية االنطالؽ‪ :‬قصد تطبيق التعلم دوف إغفاؿ للمتطلبات اؼبشار إليها من قبل مع الًتكيز على تتبع‬
‫ـبتلف مظاىر سلوؾ اؼبتعلمُت إثناء اقبازىم لفعل التعلم‬
‫*ىيكلة احملتوى‪ :‬بكيفية متدرجة‬
‫*تنويع طرائق التدريس‪ :‬مع استعماؿ متعددة حسب حاجات اؼبتعلمُت وغالبا ما يكتفي اؼبدرس بدور اؼبرشد‬
‫واؼبوجو‬
‫*ذبميع اؼبتعلمُت‪ :‬حيث يتم تكوين ؾبموعات مرنة من حيث شكلها وكذا عددىا ويف بعض األحياف تكوف‬
‫ؾبموعات من نفس اؼبستوى‬
‫*التقوًن‪ :‬تشتمل عملية التقوًن على االختبارات لتشخيص اؼبنطلقات‪ ،‬أو اختبارات قصد فحص مدى ربقيق‬
‫األىداؼ الوسطية كما يبكن لالختبارات أف تكوف إصبالية ختامية (رحيمو خبات وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪ ،2115-2114‬ص ‪)81‬‬

‫‪31‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫فبا سبق نستخلص أف البيداغوجيا الفارقية ىي فبارسة ترقي دبكانة اؼبعلم داخل الوضعية التعليمية التعلمية كعنصر‬
‫فعاؿ ونشط لو قدراتو وكفاءاتو وأمباط تعليمية فريدة‬
‫ّ‬
‫‪-2‬التعلم التع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاوين‪:‬‬

‫‪-1- 2‬مفهوم التعلم التعاوين‪ :‬ىو اسًتاتيجية تدريس انجحة تستخدـ فيها اجملموعات الصغَتة اؼبتعاونة‪ ،‬وتضم‬
‫كل ؾبموعة تالميذ من مستوايت ـبتلفة القدرات‪ ،‬حيث يبارسوف أنشطة تعليميّة متنوعة‪ ،‬لتحسُت فهمهم‬
‫عما هبب أف يتعلمو فقط وإّمبا عليو أف يساعد‬
‫للموضوع اؼبراد تعلمو وكل عضو (متعلم) يف الفريق ليس مسؤوال ّ‬
‫جو من اإلقباز والتّحصيل واؼبتعة أثناء التعلم (عبد‬
‫زمالءه يف اجملموعة وابلتايل فتالميذ كل ؾبموعة يعملوف يف ّ‬
‫اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت‪ ،2111-2111 ،‬ص‪)116‬‬
‫فقد قدـ جونسون ‪ Jonson‬وآخروف‪ :‬مدخال جديدا يف الًتبية عن مفهوـ التعلم التعاوين حيث يعمل التالميذ‬
‫معا يف ؾبموعات صغَتة إلقباز أىداؼ مشًتكة‪ ،‬إذ يقسم التالميذ إىل ؾبموعات من (‪ )5 – 2‬أعضاء‪ ،‬وبعد أف‬
‫يتلقوا تعليمات من اؼبعلم أيخذوف يف العمل بتعاوف حىت ينجزه صبيع أعضاء اجملموعة بنجاح (جونسوف ديفد‬
‫وآخروف‪ ،1995 ،‬ص ‪)6-1‬‬
‫‪-2-2‬إجراءات التعلم التع ـ ـ ـ ـ ـاوين‪:‬‬
‫*تقسيم اؼبعلم اؼبعلومات اؼبتوفرة عن اؼبوضوع وتوزيع األسئلة ومناقشتها يف كل ؾبموعة‬
‫* تقسيم اؼبتعلمُت يف ؾبموعات صغَتة متعاونة (‪ )9-4‬تالميذ يف كل ؾبموعة‬
‫* زبتار كل ؾبموعة قائدا ومقررا‪ ،‬ويفضل أف يتناوب أعضاء اجملموعة مهمة الرئيس واؼبقرر‬
‫* ذبلس كل ؾبموعة يف دائرة‬
‫* بعد إسباـ كل ؾبموعة اؼبهمة تنضم اجملموعات يف اجملموعة الكربى األصلية ويف وجود اؼبعلم وربت إشرافو (عبد‬
‫اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت‪ ،2111-2111 ،‬ص ‪)7-6‬‬

‫‪-3-2‬أدوات التعلم التعـ ـ ـاوين‪ :‬التعاوف والصراع شيئاف متالزماف‪ ،‬فكلما زاد اىتماـ أعضاء اجملموعة بتحقيق‬
‫أىداؼ ؾبموعتهم وزاد اىتماـ بعضهم ببعض‪ ،‬زاد احتماؿ أف تظهر بينهم صراعات معيّنة‪ ،‬وذلك يتطلب ما يلي‪:‬‬

‫*تعليم اؼبتعلم اإلجراءات واؼبهارات الالزمة إلدارة الصراعات األكاديبية الفكرية اؼبالزمة للمجموعات التعليمية‬

‫*تعليم اؼبتعلمُت اإلجراءات واؼبهارات الالزمة للتفاوض من أجل الوصوؿ إىل حلوؿ بنّاءة لصراعاهتم‬

‫التدرب على جلسات العصف الذىٍت (جونسوف ديفد وآخروف‪ ،1995 ،‬ص ‪)111‬‬
‫* ّ‬

‫‪32‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪-4-2‬مراحل التعلم التعـ ـ ـاوين‪:‬‬
‫* مرحلة التعرؼ‪ :‬يتم التعرؼ على اؼبشكلة أو اؼبهمة اؼبطروحة‬
‫يتم االتفاؽ على توزيع األدوار وربديد اؼبسؤوليات‬
‫* مرحلة البلورة‪ّ :‬‬
‫* مرحلة اإلنتاجية‪ :‬االلبراط يف العمل والتعاوف يف اقباز اؼبطلوب‬
‫يتم فيها كتابة تقرير‪ ،‬أو عرض ما وصلت إليو اجملموعة (عبد اغبميد حسن وعبد اغبميد‬
‫* مرحلة اإلناء‪ّ :‬‬
‫شاىُت‪ ،2111-2111 ،‬ص ‪) 187‬‬
‫‪-5-2‬دور ادلعلم يف التعلم التع ـ ـ ـ ـ ـ ـاوين‪:‬‬
‫‪-‬اختيار وربديد األىداؼ وتنظيم الصف‬
‫‪-‬ربديد اؼبهمات الرئيسية والفرعية للموضوع‬
‫‪-‬تكوين اجملموعات على ضوء األسس اؼبناسبة‬
‫‪-‬تزويد اؼبتعلمُت ابإلرشادات الالزمة للعمل‬
‫‪-‬تشجيع اؼبتعلمُت على التعاوف‬
‫‪-‬اؼبالحظة الواعيّة ؼبشاركة أفراد اجملموعة‬
‫‪-‬ربط األفكار بعد انتهاء العمل التعاوين (ؿبمود داود سليماف الربيعي‪ ،2116 ،‬ص ‪)93-92‬‬
‫فبا سبق قبد أف تنفيذ التعلم التعاوين يتطلب فهم األمباط اؼبختلفة لو‪ ،‬ويعتمد النموذج الذي ىبتاره اؼبدرس على‬
‫نوع اؼبادة الدراسية وحاجات اؼبتعلم‬
‫‪-3‬بيداغوجيـ ـ ـ ـ ـا ادلش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـروع‪ :‬هتدؼ اسًتاتيجية اؼبشروع إىل ربط التعلم اؼبدرسي ابغبياة اليت وبياىا اؼبتعلم‬
‫خارج اؼبدرسة وداخلها معا‪ ،‬وبعبارة أخرى تستهدؼ ربط احمليط اؼبدرسي ابحمليط االجتماعي‪ ،‬وتنطبق على‬
‫األنشطة اليت تغلب عليها الصبغة العلميّة‬

‫‪-1-3‬ادلقصود ابدلشـاريع‪ :‬عبارة عن دراسات أو ابداعات مستقلة أو مرتبطة بوحدات متباعدة ضمن اؼبقرر‬
‫الدراسي‪ ،‬ربت إدارة اؼبدرس وبوساطتها يتوصل اؼبتعلموف إىل تعلم مسؤوليتهم اػباصة وذلك يف إطار‪ :‬معاعبتها‬
‫وإنتاجها‬

‫‪-2-3‬شليزات بيداغوجيا ادلشروع‪:‬‬

‫اغبر‬
‫تنمي طريقة اؼبشروع روح العمل اعبماعي والتعاوف‪ ،‬كما ىو اغباؿ يف اؼبشروعات اعبماعية‪ ،‬وروح التنافس ّ‬‫‪ّ -‬‬
‫اؼبوجو يف اؼبشروعات الفرديّة‬
‫ّ‬

‫‪33‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪ -‬التشجيع على تفريد التعلم ومراعاة الفروؽ الفرديّة بُت اؼبتعلمُت‬

‫‪ -‬يش ّكل اؼبتعلم ؿبور العملية التعلميّة‪ ،‬بدال من األستاذ‪ ،‬فهو الذي ىبتار اؼبشروع‪ ،‬وين ّفذه ربت اشراؼ األستاذ‬

‫‪ -‬تعمل ىذه االسًتاتيجية على إعداد اؼبتعلم وهتيئتو خارج أسوار اؼبدرسة حبيث يًتجم ما تعلمو نظراي إىل واقع‬
‫ملموس (عبد اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت‪ ،2111-2111 ،‬ص‪)116 -115‬‬
‫‪ 4‬ـ اسرتاتيجية حل ادلشك ـ ـالت‪ :‬ىي خطّة تدريسيّة تتيح للمتعلم الفرصة للتفكَت العلمي حيث يتحدى التالميذ‬
‫معينة‪ ،‬فيخططوف ؼبعاعبتها وحبثها وهبمعوف البياانت وينّظمونا ويستخلصوف منها إنتاجاهتم اػباصة‬
‫مشكالت ّ‬
‫‪-1-4‬خطوات حل ادلشكلة‪:‬‬
‫‪-‬ربديد اؼبشكلة‬
‫‪-‬صبع البياانت عن اؼبشكلة‬
‫‪-‬اقًتاح اغبلوؿ للمشكلة (فرض فروض)‬
‫‪-‬مناقشة اغبلوؿ اؼبقًتحة‬
‫اغبل األمثل للمشكلة (االستنتاج)‬
‫‪-‬التوصل إىل ّ‬
‫‪-‬تطبيق االستنتاجات التعليمات يف مواقف جديدة (عبد اغبميد حسن وعبد اغبميد شاىُت‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪ ،2111-2111‬ص‪)118‬‬
‫‪-2-4‬أمهية تعلم أسلوب حل ادلشكالت‪ :‬إ ّف حل اؼبشكالت أسلوب يضع اؼبتعلم يف موقف حقيقي يستخدـ‬
‫فيو ذىنو وـبتلف قدراتو العقلية هبدؼ الوصوؿ إىل حالة اتزاف معريف‪ ،‬وتعترب حالة االتّزاف اؼبعريف حالة دافعية‬
‫تتم ىذه اغبالة عند الوصوؿ إىل حل للمشكلة أو إجابة للسؤاؿ أو اكتساب معرفة‪،‬‬
‫يسعى اؼبتعلم إىل ربقيقها‪ ،‬و ّ‬
‫وابلتايل فإ ّف دافعية اؼبتعلم تعمل على استمرار نشاطو الذىٍت حىت يصل إىل اؽبدؼ وىو‪ :‬الفهم‪ ،‬اغبل‪ ،‬اػبالص‪،‬‬
‫إكماؿ اؼبعرفة الناقصة لديو فيما يتعلق ابؼبشكلة تكمن أنبيّة حل اؼبشكالت عند اؼبتعلم يف الوصوؿ إىل حالة من‬
‫ربَت ذىنو‬
‫حل ؼبوضوع اؼبشكلة اليت ّ‬
‫الرضا واالتزاف اؼبعريف الذي يسعى اؼبتعلم لتحقيقو من خالؿ إهباد ّ‬
‫وابلتايل فتلك اغبالة من االتزاف اؼبعريف سبثل دبثابة الدافع القوي الذي وبرؾ ذىن اؼبتعلم وقدراتو العقليّة وهبعلها يف‬
‫حالة استمرار من العمل إىل غاية حل اؼبشكلة (ـبلويف فاطمة‪ ،2113-2112 ،‬ص‪)31‬‬

‫‪34‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫اثلثا‪ :‬بيداغوجي ـ ـ ـ ـ ـ ـا اخلـط ـ ـأ‬
‫متهيد‪ :‬مل يكن من اؼبمكن اغبديث عن اػبطأ كقيمة انفعة قبل ؾبيء القرف العشرين وسلسلة التطورات اليت‬
‫راكمتها اؼبعرفة العلمية‪ ،‬واليت توجت بظهور األبستمولوجيا اؼبعاصرة خصوصا مع غاستوف ابشالر يف ؾباؿ‬
‫الفيزايء كوىَتي وروبَت بالنشي يف ؾباؿ الرايضيات‪ ،‬وجاف بياجيو يف ؾباؿ علم اغبياة‪ ،‬وحيث سيعاد النظر يف‬
‫ؾبموعة من اؼبفاىيم اليت سيتم ربريرىا من اطالقيتها ومنها مفهوـ اػبطأ الذي كاف وإىل حد قريب يوضع كمقابل‬
‫للحقيقة والصواب والذي اجتهد العقل التقليدي كل االجتهاد حملارتو والتقليل من شأنو‬
‫ل قد أصبحت األخطاء اؼبرتكبة من طرؼ اؼبتعلمُت ربتل مكانة يف األعماؿ البيداغوجية ومنحها الديداكتيكيوف‬
‫أيضا أنبية قصوى يف النموذج النظري للتعليمات‪ ،‬ؼبا تلعبو األخطاء من أنبية قصوى يف اسًتاتيجية التعليم اؼبنفذة‬
‫من طرؼ الفاعل التعليمي خصوصا إذا ازبذت كوضعية انطالؽ أثناء تقدًن النشاط التعليمي التعلمي‬
‫وىكذا يبكن اعتبار اػبطأ بشكل عاـ نوعا من سوء التوظيف للمعرفة التعليمية من طرؼ اؼبتعلم أاي كاف سببو أو‬
‫عدـ تعامل اؼبعلم كما ينبغي من ىذه األخطاء‪ ،‬وىذا ما سنعمل على توضيحو من خالؿ تعريف اػبطأ‬
‫وبيداغوجيا اػبطأ وتوضيح كل ما يتعلق هبذه البيداغوجيا‬
‫‪ –1‬مفهـ ـ ـ ـ ـ ـوم اخلطأ‪ :‬ال يبكن فهم بيداغوجيا األخطاء فهما حقيقيا إال بفهم اػبطأ ‪-‬أوال‪-‬لغة واصطالحا‪:‬‬
‫أ ‪-‬لغة‪:‬‬
‫جاء يف لساف العرب البن منظور‪ :‬اػبطأ واػبطاء‪ :‬ضد الصواب‪ ،‬وخطّأه زبطئة وزبطيئًا‪ :‬نسبة إىل اػبطأ واػبطأ‬
‫صْبو‪ . ...‬وأ ْخطأ نػ ْوؤه‬ ‫الر ِامي الغرض‪ :‬مل ي ِ‬
‫ما مل يتعهد‪ ،‬واػبطء‪ :‬ما تعمد وأ ْخطأ الطَِّريق‪ :‬عدؿ عنو وأ ْخطأ َّ‬
‫صيب أ ْخرى قػ ْرهبا‪.‬‬ ‫صب شيئاً واػبِطْأة‪ :‬أرض ىبْ ِطئها اؼبطر وي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إذا طلب حاجتو‪ ،‬فلم يػْنج ْح‪ ،‬ومل ي ْ‬
‫وخطَّأه زبْ ِطئةً وزبْ ِطيئاً‪ :‬نسبو إِىل اػبطا‪ ،‬وقاؿ لو أ ْخطأْت ‪.‬يقاؿ‪ :‬إِ ْف أ ْخطأْت فخ ِطّْئٍت‪ ،‬وإِف أصْبت‬
‫علي أي قل يل قد أسأْت وزبطَّأْت لو يف اؼبسألة أي أ ْخطأْت وزباطأه أي‬ ‫فص ِّوبٍْت‪ ،‬وإِ ْف أسأْت فس ِّو ْئ َّ‬
‫أ ْخطأه واػبطأ‪ :‬ما مل يػتػع َّم ْد‪ ،‬واػبِ ْ‬
‫طء‪ :‬ما تػع ِّمد (ابن منظور ‪2113 ،‬ـ)‬

‫وقاؿ األموي‪ :‬اؼبخطأ من أراد الصواب فصار إىل غَته‪ ،‬واػباطئ من تعمد ؼبا ال ينبغي (ـبتار الصحاح‪ ،‬دمحم بن‬
‫أيب بكر بن عبد القادر الرازي‪1415،‬ىػ‪1995/‬ـ‪)65/1،‬‬
‫يف اؼبصباح اؼبنَت‪ :‬يقاؿ خطئ يف دينو خطأ إذ أ م فيو‪ ،‬واػبطأ‪ :‬الذنب واإل م‪ ،‬وأخطأ ىبطئ إذا سلك سبيل اػبطأ‬
‫عمدا أو سهوا ويقاؿ خطئ إذا تعمد‪ ،‬وأخطأ إذا مل يتعمد ؼبن أراد شيئا ففعل غَته أو فعل غَت الصواب‪ :‬أخطأ‬
‫(أضبد بن علي اؼبقرى الفيومي‪)174/1 ،‬‬

‫‪35‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫ويتبُت لنا‪ ،‬فبا سبق‪ ،‬أف اػبطأ يبكن أف يتخذ بعدا ذىنيا ومنطقيا‪ ،‬فيكوف دبعٌت الوىم والظن‬
‫والكذب‪ ،‬ومقابلو الصواب واغبقيقة ومن م‪ ،‬فهو يعٍت العدوؿ واػبروج عن جادة الصواب‪ ،‬وعدـ إصابة‬
‫اؽبدؼ اؼبقصود‪ ،‬وعدـ ربقيق النجاح اؼبطلوب ومن جهة أخرى‪ ،‬يدؿ اػبطأ على مفهوـ أخالقي‪ ،‬فهو‬
‫يدؿ على أفعاؿ مشينة ومعيبة وسيئة‪ ،‬مثل‪ :‬اإل م‪ ،‬والذنب‪ ،‬وارتكاب اؼبعاصي والسيئات والكبائر‬
‫ب ‪-‬اصطالحا‪:‬‬
‫يقاؿ إنو‪" :‬ابألضداد تعرؼ األشياء" فاػبطأ ىو مقابل الصدؽ والصواب واغبق والعلم واليقُت واػبطأ عائق‬
‫إبستمولوجي وبوؿ دوف تقدـ اؼبعرفة العلمية‪ ،‬وبناء اليقُت اؼبنطقي الصحيح‪ ،‬والسيما إذا بٍت اػبطأ على الظن‪،‬‬
‫والوىم‪ ،‬واالفًتاض‪ ،‬واالعتقاد‪ ،‬والرأي الشخصي‪ ،‬دوف االحتكاـ إىل مقاييس التجربة العلمية الصحيحة‬

‫أضف إىل ذلك‪ ،‬فاػبطأ ىو عدـ مطابقة اغبكم مع الواقع‪ ،‬أو عدـ انسجاـ الفكر مع ذاتو ومع الواقع على حد‬
‫سواء ويعٍت ىذا عدـ تطابق أحكاـ العقل أو الفكر أو الذىن وتصوراتو مع ما يقابلها من األشياء اػبارجية‪،‬‬
‫فعل فكري وذىٍت وبكم على ما ىو كاذب أبنو صادؽ أو العكس‪ ،‬وقد يكوف اػبطأ ىوى وميال ومنزعا‬
‫فاػبطأ ٌ‬
‫فكراي غَت سليم‪ ،‬إذ يعد الباطل حقاً أو اغبق ابطالً‪ ،‬فهو بذلك إقر ٌار كاذب‪ ،‬وفاس ٌد‪ ،‬وزائف ودائما‪ ،‬وبضر‬
‫اػبطأ إىل جانب صنوه ومقابلو الصواب‪ ،‬كما وبضر اغبق إىل جانب الباطل‪ ،‬واؼبعرفة إىل جانب اعبهل‪ ،‬ووبمالف‬
‫على األحكاـ‪ ،‬واألقواؿ‪ ،‬واألفعاؿ‪ ،‬واآلراء‪ ،‬واالعتقادات‪ ،‬واالحتماالت‪ ،‬واالجتهادات ومن ىنا‪ ،‬فاؼبخطئ ىو‬
‫من أراد الصواب‪ ،‬فصار إىل غَته ويف الشرع اإلسالمي‪ ،‬قاؿ البخاري يف صحيحو‪" :‬حدثنا عبد هللا بن يزيد‬
‫ادلقري ادلكي‪ :‬حدثنا حيوة‪ :‬حدثين يزيد بن عبد هللا بن اذلاد‪ ،‬عن دمحم بن إبراىيم بن احلارث‪ ،‬عن بسر بن‬
‫سعيد‪ ،‬عن أيب قيس موىل عمرو بن العاص‪ ،‬عن عمرو بن العاص أنو مسع رسول هللا يقول‪« :‬إذا حكم‬
‫احلاكم فاجتهد مث أصاب فلو أجران‪ ،‬وإذا حكم فاجتهد مث أخطأ فلو أجر»‪( .‬البخاري‪ ،2002 ،‬ابب أجر‬
‫اغباكم) ويعٍت ىذا أ ّف الشرع اإلسالمي وبث على االجتهاد‪ ،‬وينظر إىل اػبطأ العلمي من زاوية إهبابية‪ ،‬إذ خص‬
‫اػبطأ االجتهادي أبجر واحد ومن ىنا‪ ،‬فاإلسالـ ىو دين العلم واؼبعرفة والتجريب واالجتهاد‪ ،‬ماداـ يثمن اػبطأ‬
‫العلمي وهبذا‪ ،‬يكوف اإلسالـ قد سبق بقروف جاستوف ابشالر (‪ )Gaston Bachlard‬إىل أف العلم ال يتقدـ‬
‫إال ابرتكاب األخطاء وتصحيحها وذباوزىا كبو بناء معارؼ علمية جديدة‪ ،‬واالستفادة من األخطاء السابقة‬

‫‪36‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫جسد ىذا الرأي ـبطط ابشالر يف مفهومو للخطأ‪:‬‬
‫وقد ّ‬

‫يتحدد بنسبة درجة انحرافه عن‬


‫الخروج عن المألوف من‬ ‫هو فارق عن معيار معين‬
‫االستعمال‬
‫المعيار‬ ‫‪‬‬

‫الخطأ‬

‫الخروج عن قواعد اللغة‬ ‫االنحرافات متعددة مواصفاته‬


‫أخطاء في اإلنتاج‬ ‫‪‬‬

‫الشكل رقم(‪ :)01‬ميثل مفهوم اخلطأ‬

‫من خالؿ ىذا الشكل والذي يبثل مفهوـ اػبطأ يتضح لنا اؼبعٌت اغبقيقي للخطأ حيث أنّو خروج عن القواعد أو‬
‫معُت‪ ،‬يتحدد بنسبة درجة اكبرافو عن اؼبعيار‬
‫خروج عن اؼبألوؼ وىو فارؽ عن معيار ّ‬
‫‪(http://i3.makcdn.com/userfile/h/0/houarielbaclrir/office/1207411doc) ‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يعٍت اػبطأ (‪ ،) L’erreur‬يف اجملاؿ الًتبوي‪ ،‬إجابة اؼبتعلم اؼبتعثرة عن سؤاؿ أو تعليمة ما‪ ،‬أو ىو‬
‫ذلك السلوؾ الذي يقوـ بو التلميذ أو اؼبتدرب‪ ،‬ويكوف غَت متالئم مع اؼبطلوب أو تعليمات الوضعية السياقية‬
‫دبعٌت أف اػبطأ ىو ذلك اعبواب الذي ال يتطابق وال يتناسب مع التعليمات أو األسئلة اليت تذيلت هبا وضعية ما‬

‫* ليس اػبطأ ؾبرد نتيجة للجهل أو الشك أو اؼبصادفة كما تعتقد ذلك النظرية التجريبية أو السلوكية يف ؾباؿ‬
‫التعلم‪ ،‬بل إنّو انتج عن أسلوب يف اؼبعرفة‪ ،‬وعن تصور متناسق‪ ،‬وعن معرفة قديبة أ ّكدت قباحها يف ؾباالت‬
‫يعرب عن‬
‫اؼبمارسة‪ ،‬فاػبطأ انتج عن نظاـ من التصورات واغبدود والوسائل اليت يوظّفها التلميذ يف حل اؼبشكالت و ّ‬
‫نفسو من خالؿ عوائق يعاود إنتاجها وتصبح راسخة‪ ،‬أي ّأنا ال زبتفي كلية‪ ،‬وتقاوـ‪ ،‬وتعود للظهور‪ ،‬بعد أف‬
‫يكوف التلميذ قد زبلص من النموذج اؼبعريف اػباطئ (عبد هللا ضيف‪)2116‬‬
‫‪ -‬يعترب اػبطأ من اؼبنظور البيداغوجي الًتبوي حالة من اؼبعرفة الناقصة نتيجة لسوء فهم أو نتيجة ػبلل يف سَتورة‬
‫التعليم والتعلم‪ ،‬أو ىو قصور لدى اؼبتعلم يف فهم أو استيعاب التعلمات اؼبعطاة لو من طرؼ اؼبدرس‪ ،‬يًتجم‬

‫‪37‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫سلوكيا إىل إعطاء معرفة ال تنسجم ومعايَت القبوؿ اؼبرتقبة ويرى الالند أنّو "كل حالة ذىنيّة أو فعل عقلي يعترب‬
‫صائبا ما ىو أصال أو خاطئ العكس" (دمحم الشرقي‪ ،2111 ،‬ص‪)128‬‬

‫ج‪-‬بيداغوجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا اخل ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـأ‪ :‬يقصد ببيداغوجيا األخطاء تلك اؼبقاربة الًتبوية والديداكتيكية اليت تعٌت‬
‫بتشخيص األخطاء‪ ،‬وتبياف أنواعها‪ ،‬وربديد مصادرىا‪ ،‬وتبياف طرائق معاعبتها لكنها تنظر إىل اػبطأ من‬
‫وجهة إهبابية متفائلة‪ ،‬على أساس أف اػبطأ ىو السبيل الوحيد للتعلم‪ ،‬وخطة اسًتاتيجية مهمة وفعالة وبناءة‬
‫الكتساب اؼبعارؼ واؼبوارد ووبدد أصحاب معاجم علوـ الًتبية بيداغوجيا اػبطأ ابعتبارىا تصورا ومنهجا لعملييت‬
‫التعليم والتعلّم يقوـ على اعتبار اػبطأ اسًتاتيجية للتعلم أل ّف الوضعيات الديداكتيكية تعد وتنظم يف ضوء اؼبسار‬
‫الذي يقطعو الكتساب اؼبعرفة أو بنائها من خالؿ حبثو وما يبكن أف يتخلل ىذا البحث من أخطاء‪ ،‬وىو‬
‫اسًتاتيجية تعترب اػبطأ أمرأ طبيعيا واهبابيا يًتجم سعي اؼبتعلم للوصوؿ إىل اؼبعرفة (رحيمو خبات وآخروف‪،‬‬
‫‪ ،2114‬ص‪ )59‬وىذا نفس ما جاء بو عبد الكرًن غريب بقولو‪ ":‬إ ّف بيداغوجيا اػبطأ تصور ومنهج‬
‫لعملية التعليم والتعلم‪ ،‬فهو اسًتاتيجية للتعلم‪ ،‬ألف الوضعيات الديداكتيكية تعد وتنظم يف ضوء اؼبسار الذي‬
‫يقطعو اؼبتعلم الكتساب اؼبعرفة أو بنائها من خالؿ حبثو‪ ،‬وما يبكن أف يتخلل ىذا البحث من أخطاء؛ وىو‬
‫اسًتاتيجية للتعلم‪ ،‬ألنو يعترب اػبطأ أمرا طبيعيا وإهبابيا يًتجم سعي اؼبتعلم للوصوؿ إىل اؼبعرفة " (عبد الكرًن‬
‫غريب‪ ،2116 ،‬ص‪ )723‬حيث تعترب أخطاء اؼبتعلمُت حالة طبيعية وإهبابية ونتيجة تعكس معٌت اؼبتعلم‬
‫للتعلم‪ ،‬وىو سلوؾ شائع ال زبلو منو حصة من اغبصص الدراسيّة تقريبا‪ ،‬كما أ ّف اػبطأ ليس ؾبرد تعثر يف الطريق‪،‬‬
‫إنّو اهبايب ومفيد يف بناء فعل التعلم بل إنّو نقطة انطالؽ اؼبعرفة أل ّف ىذه األخَتة ال تبدأ من الصفر بل تصطدـ‬
‫دبعرفة قبليّة موجودة فاؼبعرفة كما يؤكد غاستوف ابشالر‪« :‬ىي خطأ متّ تصحيحو»‬

‫وىناؾ من الباحثُت والدارسُت واؼبربُت من يبيز بُت بيداغوجيا األخطاء وبيداغوجيا األغالط‪ ،‬فإذا كانت بيداغوجيا‬
‫األخطاء اسًتاتيجية إهبابية يف ؾباؿ الديداكتيك‪ ،‬على أساس أف األخطاء ىي أساس التعلم واالستفادة‬
‫واالستيعاب والتمثل يف ؾباؿ الًتبية والتعليم‪ ،‬فإف بيداغوجيا الغلط تنصب على تشخيص األغالط اللغوية لدى‬
‫اؼبتعلمُت‪ ،‬وتصنيفها كميا ونوعيا‪ ،‬ووصفها وربليلها وتفسَتىا‪ ،‬هبدؼ معاعبتها وتصحيحها وهتتم اللسانيات‬
‫التطبيقية والسيكولسانيات بدراسة األغالط اللغوية لتحليل الصعوابت اللسانية‪ ،‬وفهم آليات التعلم واالختالالت‬
‫واالضطراابت الناذبة عن األخطاء (عبد الكرًن غريب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪)723‬‬

‫‪38‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫وىذا اللبس وقع فيو كذلك أضبد أوزي يف كتابو (اؼبعجم اؼبوسوعي لعلوـ الًتبية (‪ ،‬حيث ترجم مصطلح‬
‫(‪ ) Erreur‬ابػبطأ والغلط يف الوقت نفسو‪ ،‬ومل يبيز بينهما كما فعل عبد الكرًن غريب الذي ربط اػبطأ بكلمة‬
‫(‪ ،)Erreur‬والغلط بكلمة (‪ ) Faute‬ويف ىذا السياؽ‪ ،‬يقوؿ أضبد أوزي‪" :‬لعل الصعوبة اليت واجهتنا أثناء‬
‫التعريف بلفظ اػبطأ ىي إشكالية التداخل بُت اػبطإ (‪ )Erreur‬واػبطأ (‪ )Faute‬ىكذا‪ ،‬جاء يف معجم‬
‫روبَت الصغَت ومعجم الفلسفة أف اػبطأ (‪ )Erreur‬فعل ذىٍت يعرب عما ىو خاطئ حقيقة والعكس صحيح إنو‬
‫عنصر هبب تغيَته‪ ،‬دبعٌت تغيَت حالة ذىنية‪ ،‬وليس تغيَت لفظ آبخر ونعتقد أف ما يبيز اػبطأ(‪ )Faute‬كونو‬
‫يتضمن داللة أخالقية وقانونية‪ ،‬حيث يشَت إىل اػبطيئة‪ ،‬والذنب أو االستجابة اؼبضادة للقانوف واألخالؽ‬
‫وابلتايل‪ ،‬فإنو يستوجب العقاب الشيء الذي ال نلمسو يف (‪ )Erreur‬قد يكوف ىذا التمييز مقبوال ومفيدا‬
‫إلزالة اللبس ولو مؤقتا ذلك أف اؼبقاـ ال يسمح بتدقيق لغوي أعمق‪ ،‬كل ما كبتفظ بو ىو اعتبارنبا يتقاطعاف يف‬
‫معٌت اػبروج عما ىو صادؽ إضافة إىل أف اػبطأ يتحدد كمقابل للصواب وكلفظ مقًتف بو ومالزـ لو‪ ،‬بل إف‬
‫الواحد منهما ال يعرؼ إال انطالقا من اآلخر")أضبد أوزي‪2116 ،‬ـ‪ ،‬ص‪)132‬‬
‫قد نتفق مع أضبد أوزي على أف ىناؾ فرقا بُت اػبطأ والغلط‪ ،‬فاػبطأ يتعلق دبا ىو معريف وبيداغوجي‪ ،‬لكن الغلط‬
‫يتعلق دبا ىو أخالقي وقانوين وتشريعي لكننا لبتلف معو ومع عبد الكرًن غريب يف ترصبة اؼبصطلحُت‪ ،‬فكلمة‬
‫(‪ )Erreur‬ىي اليت تعٍت الغلط ابؼبعٌت األخالقي والديٍت والتشريعي يف حُت‪ ،‬ربيل كلمة (‪ )Faute‬على‬
‫األ خطاء اؼبعرفية والًتبوية والديداكتيكية ويعرؼ أضبد أوزي بيداغوجيا اػبطأ بقولو‪ ":‬ومن الزاوية البيداغوجية‪،‬‬
‫يتحدد اػبطأ كأثر معرفة سالفة كانت ذا أنبية‪ ،‬لكن أصبحت خاطئة أو غَت مالئمة ومن جهتو عرؼ‬
‫(‪ )Piéron H‬اػبطأ أبنو تعبَت عن اختالؼ بُت قيمة مالحظة وقيمة حقيقية وعموما‪ ،‬يبكن القوؿ‪ :‬إف اػبطأ‬
‫ترصبة ؼبعرفة انقصة وتعبَت عن سوء فهم أو عدـ انتباه أو خلل يف سَتورة التعليم والتعلم كما أنو انعكاس‬
‫الضطراب أو ال توازف معريف ىبلق لصاحبو توترا ذىنيا " (أضبد أوزي‪ :‬نفس اؼبرجع‪ ،‬ص‪)133-132‬‬

‫ومن ىنا‪ ،‬يبكن اغبديث عن اػبطأ التلقائي العفوي الناتج عن السهو أو الشرود وعدـ االنتباه‪ ،‬أو نتيجة قصور‬
‫لدى اؼبتعلم؛ بسبب عجزه عن إدراؾ اؼبعلومات‪ ،‬وتعثره يف إهباد اغبلوؿ اؼبناسبة لإلجابة عن التعليمات اؼبطروحة‬
‫ويف اؼبقابل‪ ،‬ىناؾ اػبطأ اؼبقصود واؼبتعمد الذي يرتكبو اؼببدع ألغراض فنية وصبالية وبنائية وأدبية وفنية‪ ،‬ويسمى‬
‫ىذا اػبطأ ابالنزايح‪ ،‬وقد يكوف ىذا االنزايح بصراي‪ ،‬أو صوتيا‪ ،‬أو إيقاعيا‪ ،‬أو صرفيا‪ ،‬أو كبواي‪ ،‬أو بالغيا‪ ،‬أو‬
‫منطقيا‪ ،‬أو دالليا وكلما كاف االنزايح طاغيا على النص األديب أو الفٍت‪ ،‬كلما اقًتب النص من اإلبداعية والتميز‬
‫والوظيفة اإلوبائية‬

‫‪39‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫وعليو يبكننا القوؿ أ ّف بيداغوجيا اػبطأ اسًتاتيجية للتعليم والتعلّم تعترب اػبطأ إهبابيا وىي خطة بيداغوجية‬
‫معُت‪ ،‬هتتم ىذه اػبطة ابلكشف عن ىذه‬
‫تفًتض وجود عوائق وصعوابت تواجو اؼبتعلم خالؿ سياؽ تعليمي ّ‬
‫األخطاء (حصرىا ػ نوعها ػ كثافتها ػ داللتها ػ تفسَتىا ػ أسباهبا) والبحث عن سبل معاعبتها وعلى ضوئها تنظم‬
‫الوضعيات التعلميّة (فيليب بَتينو‪ ،2111 ،‬ص ‪ )68‬وجاء يف دراسة لعثمان آيت مهدي بعنواف‪ :‬بيداغوجيا‬
‫يقوـ مساره ويزيل عنو اعوجاجو‪ّ ،‬إال أ ّف‬
‫اػبطأ وكيفية التعامل مع أخطاء اؼبتعلمُت‪" :‬أ ّف كل خطأ يقابلو تصحيح‪ّ ،‬‬
‫التصحيح قليال ما يكوف تربواي‪ ،‬ينتقل من اػبطأ إىل الصواب دوف عوارض وـبلفات سيّئة وضارة‪ ،‬أل ّف معاعبة‬
‫تتم يف كثَت من األحياف عن طرؽ التوبيخ والزجر والتهديد وابلتايل يصبح اػبطأ‬
‫اػبطأ يف البيداغوجيا التقليدية ّ‬
‫الضعف والبالدة"‬
‫مرادفا للعار و ّ‬

‫‪–2‬أنواع اخلطأ‪ :‬يبكن تصنيف اػبطأ إىل عدة أنواع لكن أنبّها‪:‬‬

‫اػبطأ العائد إىل اؼبعرفة‬ ‫اػبطأ العائد إىل اؼبتعلم‬ ‫اػبطأ العائد إىل اؼبدرس‬
‫(بعد ابستيمولوجي)‬ ‫(بعد سيكولوجي)‬ ‫(بعد بيداغوجي)‬
‫‪ ‬ذباوز اؼبستوى الذىٍت للمتعلم‬ ‫‪ ‬قلة االنتباه‬ ‫‪ ‬تنسيق سريع للتعلم‬
‫‪ ‬عدـ التالؤـ مع ميوؿ اؼبتعلم‬ ‫‪ ‬ضعف الدافعية‬ ‫‪ ‬زبَت غَت مناسب لألنشطة‬
‫‪ ‬صعوبة اؼبعارؼ‬ ‫‪ ‬عدـ القدرة على التواصل‬ ‫‪ ‬عدـ تنويع الطرائق والوسائل‬
‫‪ ‬ضعف يف اؼبدارؾ الذىنية‬ ‫‪ ‬عدـ القدرة على التواصل‬
‫‪ ‬مرض‬ ‫‪ ‬انعداـ توازف الوجداف‬
‫‪ ‬حالة اجتماعية متوترة‬ ‫‪ ‬تصور سليب للهوية اؼبهنية‬
‫‪ ‬تصور سليب للمتعلم‬
‫‪ ‬غياب البيداغوجيا الفارقية‬
‫‪ ‬عدـ اعتبار الذكاءات اؼبتعددة‬
‫اجلدول رقم (‪ :)01‬يوضح أنواع اخلطأ‪( .‬عبد هللا اؽباليل‪ ،2119 ،‬ص ‪)6‬‬

‫‪40‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪ –03‬مصادر اخلطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأ‪ :‬ال يبكن بصفة قطعيّة حصر صبيع األسباب والعوامل اليت تؤدي إىل حدوث األخطاء‬
‫أثناء عملية التعلم‪ ،‬ولكن رغم ذلك يبكن تصنيف األخطاء حسب مصادرىا كاآليت‪:‬‬

‫مصدر ديداكتيكي‬ ‫مصدر ابستمولوجي مصدر تعاقدي مصدر مبائي أو نشوئي مصدر اسًتاتيجي‬

‫إ ّف تطػ ػػور اؼبعرفػ ػػة جػ ػػاء ق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػد تن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػتج ق ػػد ىبط ػػئ اؼب ػػتعلم ألنّن ػػا يقص ػ ػ ػػد ب ػ ػ ػػو الكيفي ػ ػ ػػة م ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرتبط بطبيع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬
‫نتيج ػػة ح ػػدوث قط ػػائع األخط ػ ػ ػ ػػاء ع ػ ػ ػ ػػن ن ػػدعوه إىل اقب ػػاز عم ػػل ال ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػيت يتبعه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا أو احملتوايت ونوع طرائق‬
‫ابسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػتمولوجية بػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػُت غيػ ػ ػ ػػاب االلت ػ ػ ػ ػزاـ يتج ػػاوز قدرات ػػو العقلي ػػة يس ػ ػ ػ ػػلكها اؼب ػ ػ ػ ػػتعلم يف الت ػ ػ ػػدريس والوس ػ ػ ػػائل‬
‫الديداكتيكي ػػة وم ػػدى‬ ‫اؼبع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػارؼ القبلي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة دبقتضػػيات العقػػد والوجداني ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة اؼبمي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزة تعلماتو واقبازاتو‬
‫انس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػحاهبا عل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػى‬ ‫واؼبعرفػػة العلميّ ػة ل ػػذلك الدي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػداكتيكي للمرحل ػ ػػة النمائي ػ ػػة ال ػ ػػيت‬
‫حاجيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػاهتم ومػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػع‬ ‫ال بػ ػ ػ ّد م ػ ػػن االنط ػ ػػالؽ ب ػ ػ ػ ػ ػ ػػُت اؼب ػ ػ ػ ػ ػ ػػدرس يعيشها‬
‫متطلب ػ ػ ػ ػ ػػات الوس ػ ػ ػ ػ ػػط‬ ‫م ػػن ك ػػوف التلمي ػػذ أييت واؼبعلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػم إزاء‬
‫الًتبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػوي واللغػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬ ‫إىل القسػػم ومعػػو ضبولػػة اؼبعرفة‬
‫اؼبس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػتعملة وك ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػذا‬ ‫مصػػدرىا اؼبعرفػػة العامػػة‬
‫ػ ػ غيػػاب أو ل ػبس‬
‫تكوين األساتذة‬ ‫فيسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػعى اؼبعلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػم إىل‬
‫يف التعليم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬
‫مسػ ػ ػ ػ ػ ػػاعدة اؼبتعلمػ ػ ػ ػ ػ ػػُت‬
‫احمل ػ ػػددة ؼب ػ ػػا ى ػ ػػو‬
‫على ذباوز العوائق‬
‫مطل ػ ػ ػ ػ ػػوب م ػ ػ ػ ػ ػػن‬
‫اؼبتعلم‬

‫جدول رقم (‪ :)02‬يوضح مصادر اخلطأ (العريب اسليماين‪ ،2119 ،‬ص‪)118-117‬‬

‫‪–4‬أمهية بيداغوجيا اخلطأ‪:‬‬

‫يقوؿ ابشالر‪" :‬ال ربدث اؼبعرفة ّإال ض ّد معرفة سابقة ؽبا أي ال يبكن اغبديث عن ّ‬
‫أي تعلم ّإال إذا انطلق‬
‫من معارؼ سابقة بتصحيحها وبناء معرفة قد تكوف بدورىا أساسا ؼبعرفة أخرى‪ ،‬فتغدو اؼبدرسة هبذا اؼبعٌت فضاء‬
‫الرتكاب األخطاء دوف عواقب واؼبتعلم احملظوظ ىو الذي يرتكب أكرب عدد من األخطاء داخل الفصل الدراسي‬
‫ألنّو يستطيع ربليلها وتصحيحها لبناء أ كرب قدر من اؼبعارؼ وكذا عدـ تكرارىا خارج الفصل وتساىم ىذه‬
‫البيداغوجيا اؼبرتكزة على اػبطأ كاسًتاتيجية يف التعلم على تشجيع اؼبتعلم وذلك بطرح األسئلة اعبزئية واليت يراىا‬
‫درس يف ىذه البيداغوجيا مرافقا للمتعلم وموجودا يف‬
‫مالئمة وعلى صياغة فرضيات وتساؤالت مقلقة ويصبح اؼب ّ‬

‫‪41‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الفصل ؼبساعدتو على تصحيح أخطائو وسبثّالتو ال ؼبراقبتو وتصيّد أخطائو فإ ّنا توفر للمتعلم ىامشا كبَتا من اغبرية‬
‫الفكرية اليت سبكنو من إاثرة استعداداتو الداخلية وتفجَت طاقتو اؼبكنونة دوف حسيب أو رقيب يبنع تدفق ىذه‬
‫اإلمكانيات اؽبائلة واليت يتوفر عليها اؼبتعلم (عبد هللا اؽباليل‪ ،2119 ،‬ص ‪)6‬‬

‫‪ –5‬مبادئ بيداغوجيا اخلطـ ـ ـ ـ ـ ـأ‪ :‬يستند اػبطأ البيداغوجي والديداكتيكي إىل ؾبموعة من األسس واؼببادئ‪ ،‬يبكن‬
‫إصباؽبا فيما يلي‪:‬‬

‫*اخلطأ أساس التعلم والتكوين والتأىيل‪ :‬أي ال يبكن للمتعلم أف يكتسب اػبربات والتجارب واؼبعارؼ واؼبوارد‬
‫إال ابرتكاب اػبطأ البيداغوجي والديداكتيكي‪ ،‬وتكرار احملاوالت مرات عدة من أجل التعلم‬

‫*اخلطأ جتديد للمعرفة‪ :‬دبعٌت أ ّف اػبطأ ليس جهال أو عدـ اؼبعرفة‪ ،‬بل ىو معرفة تناساىا اؼبتعلم أو غفل عنها‬
‫لسبب من األسباب‪ ،‬وقد قاؿ أفالطوف‪ :‬اؼبعرفة تذكر‪ ،‬واعبهل نسياف‪ ،‬لذا يدرؾ اػبطأ ابؼبعرفة والتذكر واحملاولة‬

‫*اخلطأ ظاىرة طبيعية وإنسانية‪ :‬ويعٍت ىذا أف من صفات اإلنساف العادية والطبيعية والفطرية اػبطأ والنسياف‬
‫واعبهل والغفلة‪ ،‬وظبي اإلنساف إنساان ألنّو سريع النسياف‬

‫*اخلطأ حق من حقوق ادلتعلم‪ :‬ويعٍت ىذا أ ّف اػبطأ ليس جريرة أو عيبا أو فعال مشينا‪ ،‬بل ىو حق من حقوؽ‬
‫الطفل واؼبتعلم بصفة خاصة‪ ،‬ومن حقوؽ اإلنساف بصفة عامة‬

‫*اخلطأ أداة التقومي‪ :‬دبعٌت أ ّف التقوًن ينصب على تصحيح األخطاء‪ ،‬وقياس قدرات اؼبتعلمُت الكفائية‪ ،‬واختبار‬
‫إقبازاهتم وأداءاهتم العملية داخل الصف الدراسي‬

‫*اخلطأ تشخيص وتصحيح‪ :‬بعد عملية تشخيص األخطاء ووصفها‪ ،‬أتيت عملية تصحيح األخطاء يف ضوء‬
‫شبكات التحقق والتصحيح والتقوًن الذايت‬

‫*اخلطأ بناء للتعلمات‪ :‬ويعٍت ىذا أ ّف اؼبعلم يبٍت تعلماتو ويصححها انطالقا من األخطاء اؼبرتكبة من قبل اؼبتعلم‬

‫*اخلطأ تدبري زلكم‪ :‬أي إف األخطاء ىي اليت تدفع اؼبعلم إىل اختيار آليات جديدة على مستوى التخطيط‪،‬‬
‫والتدبَت‪ ،‬والتقوًن‬

‫*اخلطأ أساس الدعم‪ :‬ويعٍت ىذا أ ّف اؼبدرس ال يلتجئ إىل الدعم والتقوية والتثبيت إال بوجود اػبطأ الشائع‬
‫واؼبتكرر‬

‫‪42‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫*اخلطأ متنوع ادلصادر‪ :‬أي أ ّف األخطاء ذات مصادر متنوعة‪ ،‬إما عضوية‪ ،‬وإما سيكولوجية‪ّ ،‬‬
‫وإما اجتماعية‪ ،‬وإما‬
‫بيداغوجية‪ ،‬وإما ديداكتيكية‪ ،‬وإما لسانية‪ ،‬وإما ابستومولوجية (صبيل ضبداوي‪ ،2115 ،‬ص‪)15‬‬

‫ومن خالؿ ما سبق نستنتج أ ّف التعلم يرتكز من خالؿ بيداغوجيا اػبطأ على أ ّف‪:‬‬

‫‪ ‬اػبط ػػأ البي ػػداغوجي ال يع ػػٍت ع ػػدـ اؼبعرف ػػة ولك ػػن يع ػ ّػرب ع ػػن معرف ػػة مض ػػطربة هب ػػب االنط ػػالؽ منه ػػا لبن ػػاء معرف ػػة‬
‫صحيحة‬
‫‪ ‬اػبطأ الذي يرتكب يف وضعية تعلم ال يتكرر يف وضعيات حقيقية‬
‫‪ ‬ال يبكن تفادي اػبطأ يف سَتورة التعلم‬
‫‪ ‬اػبطأ خاصية إنسانية‬
‫‪ ‬اػبطأ شرط التعلم‬
‫‪ ‬من حق اؼبتعلم أف ىبطئ‬
‫‪ ‬اػبطأ ذو قيمة تشخيصية‬
‫‪ ‬مػػن األفضػػل أف يكػوف اؼبػػتعلم ىػػو مػػن يكتشػػف أخطػػاءه ويصػػححها ذاتيػػا لكػػي تتنمػػى لديػػو قػػيم الثقػػة ابلػػنفس‬
‫وازباذ القرار‬

‫‪-6‬مواقف سلتلفة من بيداغوجيا اخلطأ‪:‬‬

‫*مدلول اخلطأ حسب الرتبية التقليدية‪ :‬كانت الًتبية التقليدية‪ ،‬وما تزاؿ إىل يومنا ىذا‪ ،‬تنظر إىل اػبطأ نظرة‬
‫سلبية‪ ،‬على أساس أف اػبطأ غلط مرذوؿ‪ ،‬وفعل سيء‪ ،‬وسلوؾ مشُت‪ ،‬إذ رباسب اؼبتعلم حسااب عسَتا‬
‫على زالتو وعثراتو وأخطائو الذىنية واللغوية‪ ،‬وتًتصد سقطاتو اللسانية‪ ،‬وتتبع تراكيبو وتعابَته ابلنقد والتقوًن‬
‫والتجريح والعتاب والتقريع ومن م‪ ،‬كاف النظر إىل األخطاء على أنا " اختالالت وظيفية ديداكتيكية‪،‬‬
‫حيث يبكن ذبنبها إذا ما أصغى التلميذ للنصائح والتنبيهات )‪ (Astolfi, J.P, Paris, 1999‬وأكثر من‬
‫ىذا‪ ،‬فاػبطأ انتج عن السهو‪ ،‬واللعب‪ ،‬والشرود‪ ،‬وعدـ االنتباه لدى اؼبتعلم‪ ،‬وضعف ذاكرتو الذىنية‪ ،‬وقلة حفظو‪،‬‬
‫والبفاض درجة ذكائو؛ فبا هبعلو ىذا الواقع تلميذا غَت كفء وغَت مؤىل ومن م‪ ،‬ال يستحق النجاح أو الشهادة‬
‫أو اإلجازة ومن ىنا‪ ،‬يكوف اػبطأ سببا يف حرماف اؼبتعلم أو الطالب من شهادتو أو نقطة النجاح والتميز‬

‫ومن ىنا‪ ،‬كاف اػبطأ‪ ،‬يف الثقافة الًتبوية التقليدية‪ ،‬مذمة وعيبا ومدعاة للسخرية واإلىانة والضحك‪ ،‬وسببا يف‬
‫القدح يف صاحبو‪ ،‬والسيما إذا كاف ىبطئ يف مسائل لغوية عادية وبسيطة ومعروفة عند كل الناس‪ ،‬والسيما األمور‬

‫‪43‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫النحوية والصرفية واإلمالئية والًتكيبية وعليو تسعى البيداغوجيا التقليدية كبو الدعوة للقضاء على اػبطأ يف مراحلو‬
‫األوىل‪ ،‬قبل أف يستفحل أمره ويؤثر بشكل سليب على نتائج اؼبتعلمُت‪ ،‬ويبكن أف نلمس ذلك فيما يقدمو اؼبعلموف‬
‫من توجيهات أثناء اؼبراقبة اؼبستمرة من قبيل‪ :‬انتبهوا‪ ،‬ىناؾ أخطاء ال هبب السقوط فيها‪ ،‬فكروا جيدا ذبنبا‬
‫لألخطاء‪ ،‬واؼبعلم يف ىذه اغبالة يعيد تفسَت اؼبعطيات اؼبقدمة للمتعلمُت‪ ،‬وإذا ما تع ّذر عليهم ذباوز األخطاء‬
‫اؼبرتكبة يتطلب منهم األمر تكرار القسم الواقع ىنا يفسر على أنو يتم تعويد اؼبتعلمُت بشكل صريح أو ضمٍت‬
‫على ذبنب اػبطأ أو التحايل عليو بواسطة الغش كوف اؼبواقف اليت يتخذىا اؼبعلموف سلبية تدفع ابؼبتعلمُت إىل‬
‫إخفاء مشاكلهم التعليمية ومن شأف ىذا السلوؾ اؼبالحظ يف األنظمة البيداغوجية التقليدية أف يدفع ابلعمل‬
‫التعليمي إىل أوضاع بيداغوجية متأزمة من شأنا أف تؤثر على اؼبستوى التحصيلي للمتعلمُت (دمحم ؼبباشَتي‪،‬‬
‫‪ ،2112‬ص‪ )78‬فاػبطأ يف البيداغوجيا التقليديّة سلوؾ مناؼ للصواب هبب ؿباربتو‪ ،‬أو سوء فهم هبب إزالتو‬
‫وشطبو يف كل إنتاجات اؼبتعلمُت (عثماف آيت مهدي‪ ،‬كيفية التعامل مع أخطاء اؼبتعلمُت‪ ،2119 ،‬ص‪)18‬‬
‫ويعرب عن ىذه النقطة ابشالر دبخططو اآليت‪:‬‬

‫مشوش وساقط‬
‫الخطأ ّ‬ ‫اقتصاد الخطأ‬

‫البيداغوجيا التقليدية والخطأ‬

‫سوء فهم يجب إقصاؤه‬ ‫ليس هناك تسامح مع الخطأ‬

‫الشكل رقم (‪ :)02‬اخلطأ يف نظر البيداغوجيا التقليدية‬

‫*مدلول اخلطأ حسب الرتبية احلديثة‪ّ :‬أما يف البيداغوجية اغبديثة فًتى أ ّف اػبطأ أصبح حقا من حقوؽ اؼبتعلم‬
‫ابعتباره منطلقا لعمليات التعلم والتعليم‪ ،‬فاؼبعرفة ال تبدأ من الصفر بل الب ّد أف سبر عرب ؾبموعة من احملاوالت‬
‫اػباطئة وظاىرة سبثل نقطة انطالؽ اؼبعرفة‪ ،‬تعمل على وضع منهجية علمية واضحة اؼبعامل للتعامل مع اػبطأ‪،‬‬
‫وىدفها ىو دمج اػبطأ يف الوضعيات الديداكتيكية لتصبح مناسبة تستغل يف البحث عن الصواب ويف ىذا‬
‫السياؽ‪ ،‬يقوؿ أستولفي (‪ ":) Astolfi‬ظبحت األحباث‪ ،‬منذ سنوات‪ ،‬يف الًتبية‪ ،‬وخباصة يف الديداكتيك ابؼبرور‬
‫من تصور سليب للخطأ إىل تصور جديد هبعلو عالمة على طريقة وظيفة سَتورة التعلم ووسيلة دقيقة للوقوؼ على‬

‫‪44‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الصعواب ت اليت يعاين منها التالميذ ودوف البحث غَت اجملدي لربط األخطاء بعدـ الًتكيز واالنتباه أو انعداـ‬
‫اؼبصلحة لدى بعض التالميذ فبتصور آخر ـبتلف للخطأ‪ ،‬سيكوف فبكنا إعادة ذبديد فهم ما يدور يف القسم‬
‫عبعلو أكثر فاعلية يف التعليم")‪. (Astolfi, J.P, 1999‬‬

‫إذاً‪ ،‬تدافع الًتبية اغبديثة واؼبعاصرة عن مفهوـ اػبطأ‪ ،‬ابعتبارىا أداة إجرائية يف التعلم الذايت‪ ،‬وبناء اؼبعارؼ‬
‫الديداكتيكية والًتبوية‬
‫‪-7‬األسس النظرية واإلبستمولوجية للخطأ‪:‬‬
‫يبكن اغبديث عن ؾبموعة من األسس والتصورات النظرية واؼبقارابت االبستمولوجية اليت كانت‬
‫وراء إرساء بيداغوجيا األخطاء واألغالط‪ ،‬مثل‪ :‬اؼبقاربة الفلسفية‪ ،‬واؼبقاربة اؼبنطقية‪ ،‬واؼبقاربة السيكولوجية‬
‫(علم النفس السلوكي‪ ،‬وعلم النفس اؼبعريف‪ ،‬وعلم النفس التكويٍت )‪ ،‬واؼبقاربة اإلبستمولوجية‪ ،‬واؼبقاربة‬
‫البنيوية‪ ،‬واؼبقاربة البيداغوجية‪،‬‬
‫ويف ىذا الصدد‪ ،‬يقوؿ عبد الكرًن غريب‪ ":‬تستند بيداغوجيا اػبطأ إىل مبادئ علم النفس التكويٍت‬
‫ومباحث إبستمولوجيا ابشالر‪ ،‬فهي تدرج تدخالت اؼبدرس يف سَتورة احملاولة واػبطأ؛ حيث أ ّف اػبطأ ال‬
‫يقصى‪ ،‬وإمبا يعترب فعال يًتجم نقطة انطالؽ اؼبعرفة فمن األخطاء تنطلق عملية التعليم والتعلم ويتجلى‬
‫البعد اإلبستمولوجي ؽبذا التصور يف االعًتاؼ حبق اؼبتعلم يف العلم ويتجلى البعد السيكولوجي لبيداغوجيا‬
‫األخطاء يف اعتبارىا ترصبة للتمثالت اليت تنظم بواسطتها الذات ذبربتها اليت تكوف ذات عالقة ابلنمو‬
‫اؼبعريف للمتعلم أما البعد البيداغوجي‪ ،‬فيتجلى يف إاتحة الفرصة أماـ التالميذ للخروج عن اؼبوضوع‪،‬‬
‫وارتكاب اػبطأ أي‪ :‬حرية اكتشاؼ اغبقيقة‪ ،‬فبا يدعو اؼبدرس إىل أف يعمل أكثر فبا وبكم أي‪ :‬يعاجل‬
‫القلق الذي يكتنف اؼبتعلم حُت يسعى إىل التفكَت ذاتيا‪ ،‬والتخلص من ذاتيتو للبحث عن اغبقيقة‬
‫اؼبوضوعية " (عبد الكرًن غريب‪ ،2116 ،‬ص‪ )723‬ويعٍت ىذا أف شبة مقارابت وزبصصات ونظرايت عدة‬
‫حوؿ مفهوـ اػبطأ‪ ،‬وكل مقاربة تعاجل موضوع اػبطأ من زاوية خاصة‬

‫‪*1-7‬ادلقاربـة الفلسفيـة‪ :‬من اؼبعروؼ أ ّف مهمة الفلسفة ىي الكشف عن اغبقيقة‪ ،‬مهما كانت مطلقة أو‬
‫نسبية لذلك‪ ،‬جاءت حملاربة األوىاـ والظنوف والشكوؾ واؼبعتقدات اػباطئة وىكذا‪ ،‬قبد سقراط وأفالطوف‬
‫وديكارت ونيتشو وميشيل فوكو وفالسفة االختالؼ ىبتلفوف حوؿ مفهوـ اػبطأ وإف كاف ىناؾ من يعتربه ضد‬

‫‪45‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫اليقُت والصواب (سقراط‪ ،‬وأفالطوف‪ ،‬ونيتشو‪ ،‬وديكارت )‪ ،‬فإ ّف ىناؾ من يدافع عنو ويعتربه أساس التعلم وبناء‬
‫اغبقيقة (ميشيل فوكو‪ ،‬وفالسفة التفكيك )‬

‫ويعد الفيلسوؼ العقالين رونيو ديكارت من أىم الفالسفة الذين اثروا على األخطاء الفكرية واؼبعتقدات الضالة‪،‬‬
‫والسيما يف كتابو (أتمالت ميتافيزيقية يف الفلسفة األوىل) الذي يقوؿ فيو‪" :‬تبُت يل‪ ،‬منذ حُت‪ ،‬أنٍت تلقيت‪ ،‬إذ‬
‫كنت انعم األظفار‪ ،‬طائفة من اآلراء اػباطئة ظننتها صحيحة م وضح يل أف ما نبنيو بعد ذلك على مبادئ‪،‬‬
‫تلك حاؽبا من االضطراب‪ ،‬ال يبكن أف يكوف إال أمراً يشك فيو‪ ،‬كثَتاً ويراتب منو ؽبذا‪ ،‬قررت أف أحرر نفسي‪،‬‬
‫جدايً‪ ،‬مرة يف حيايت‪ ،‬من صبيع اآلراء اليت آمنت هبا قبالً‪ ،‬وأف أبتدئ األشياء من أسس جديدة‪ ،‬إذا كنت أريد أف‬
‫أقيم يف العلوـ قواعد وطيدة‪ ،‬اثبتة مستقرة غَت أف اؼبشروع بدا يل ضخماً للغاية‪ ،‬فًتيثت حىت أدرؾ سناً ال سن‬
‫أخرى‪ ،‬بعدىا‪ ،‬آمل أف أكوف فيها أصلح نضجاً لتنفيذه من أجل ىذا أرجأتو مدة طويلة أما اليوـ‪ ،‬فقد غدوت‬
‫أعتقد أنٍت أخطئ إذا ترددت أيضاً‪ ،‬دوف أف أعمل فيما بقي يل من العمل" (ديكارت‪ ،1988 ،‬ص‪)24‬‬

‫وعليو‪ ،‬إف األخطاء اليت انقشتها الفلسفة ىي األخطػاء الذىنيػة والفكريػة واؼبيتافيزيقيػة الػيت تػرتبط ابلوجػود‪ ،‬واؼبعرفػة‪،‬‬
‫واإلنساف‪ ،‬والقيم‪ ،‬بل إف الفلسفة تتأرجح‪ ،‬يف جوىرىا‪ ،‬بُت اليقُت واػبطأ‪ ،‬أو بُت اغبقيقة والوىم‬

‫‪*2-7‬ادلقاربـة ادلنطقية‪ :‬هتتم اؼبقاربة اؼبنطقية ابلتمييز بُت اػبطأ والصواب‪ ،‬واغبق والباطل ومن م‪ ،‬يًتتب عن‬
‫كل تفكَت منطقي سليم الصواب واغبق واليقُت يف حُت‪ ،‬يًتتب عن التفكَت الذي حاد عن جادة الصواب اػبطأ‬
‫والظن والباطل والتناقض ومن م‪ ،‬يعد أرسطو(‪322-384‬ؽ ـ) أوؿ منظر للمنطق‪ ،‬وقد جعلو مدخال‬
‫للفلسفة النظرية والعملية‪ ،‬ومفتاحا لكل العلوـ القائمة على االستدالؿ‪ ،‬واالستقراء‪ ،‬واالستنباط‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والًتكيب‪ ،‬واالستنتاج‪ ،‬والتعميم‪ ،‬والتجريد‪ ،‬واؼبقارنة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقوًن ومل هبعلو علما مستقال بذاتو أو جزءا من‬
‫الفلسفة وعليو‪ ،‬فقد أضحى علم اؼبنطق عند أرسطو علما معياراي تعليميا‪ ،‬يقدـ ؾبموعة من اؼبقاييس النموذجية‬
‫واؼبثالية إلنتاج التفكَت الصحيح والسليم والصائب‪ ،‬أو منع الفكر من الوقوع يف اػبطأ أو اؼبفارقة أو التناقض أو‬
‫اعبمع بُت األضداد وقد أصبح اؼبنطق اؼبعياري رائجا لدى كثَت من اؼبفكرين اؼبسلمُت والغربيُت‪ ،‬أمثاؿ‪ :‬ابن سينا‪،‬‬
‫والغزايل‪ ،‬وجوبلو‪ ،‬والالند‬

‫ويبتلك العقل اإلنساين ‪-‬حسب أرسطو‪-‬ؾبموعة من القواعد النظرية واؼببادئ الكلية الفطرية اليت تعصم الذىن من‬
‫الوقوع يف اػبطأ‪ ،‬أو تقيو من الوقوع يف الزلل أو التناقض أو الًتدد ويف الوقت نفسو‪ ،‬توجهو إىل الصواب واغبق‬
‫واليقُت ويبكن للعقل أو الذىن أو الفكر أف يبٍت أحكاما يقينية وسليمة وصادقة منطقيا ابستناده إىل ؾبموعة من‬

‫‪46‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫اآلليات االستداللية اليت تعصم الذىن من الوقوع يف اػبطأ‪ ،‬أو يتكئ على أربع قواعد منطقية ضرورية وأساسية‬
‫كبصرىا فيما يلي‪ :‬مبدأ اؽبوية أو مبدأ الذاتية‪ ،‬مبدأ عدـ التناقض‪ ،‬مبدأ الثالث اؼبرفوع‪ ،‬مبدأ السببية‬

‫وعلى أي حاؿ‪ ،‬فإف شبة أطروحتُت متناقضتُت‪ :‬أطروحة تذىب إىل أف اؼبنطق آلة تعصم الذىن من الوقوع يف‬
‫اػبطأ‪ ،‬كما يتجلى ذلك واضحا عند أرسطو‪ ،‬والفارايب‪ ،‬والغزايل‪ ،‬وابن سينا‪ ،‬وىنري بوانكريو‪ ،‬وليبنز‬

‫أما ابن تيمية‪ ،‬وديكارت‪ ،‬وغوبلو‪ ،‬وبيكوف‪ ،‬واستيورات ميل‪ ،‬وأصحاب الوضعية اؼبنطقية‪ ،‬والفلسفة اعبدلية‪،‬‬
‫والنزعة الرباغماتية فَتوف أف اؼبنطق الصوري األرسطي منطق عقيم‪ ،‬وشكلي‪ ،‬وميتافيزيقي‪ ،‬وسكوين خاؿ من‬
‫اعبدؿ‪ ،‬ولغوي كيفي‪ ،‬ال يهتم ابلواقع وتناقضاتو وصَتورتو وذبدده‪ ،‬بل يعٌت بصورة الفكر الشكلية (مبدأ اؽبوية)‪،‬‬
‫بل إف نتائجو ربصيل حاصل‪ ،‬وال تقدـ أي شيء جديد لذلك‪ ،‬دعا ىؤالء إىل منطق ذبرييب من جهة‪ ،‬ومنطق‬
‫رمزي من جهة اثنية‪ ،‬ومنطق جديل حركي من جهة اثلثة (برتراند راسل‪2111 ،‬ـ‪ ،‬ص‪)66‬‬

‫‪-3-7‬مدلول اخلطأ حسب ادلنظور السلوكي‪ :‬إذا كانت اؼبدرسة الشعورية تدرس الشعور الداخلي‪ ،‬فإف‬
‫السلوكية ال تعٌت إال دبالحظة السلوؾ اػبارجي القابل للدراسة والرصد والتجريب ومن ىنا‪ ،‬كلما كاف ىناؾ مثَت‬
‫أو حافز أو منبو خارجي‪ ،‬كانت ىناؾ استجابة سلوكية‪ ،‬دبثابة رد فعل على ىذا اؼبنبو البيئي أو احمليطي ىذا‪،‬‬
‫ويعد إدوارد ثورندايك (‪1949-1874‬ـ) من العلماء األمريكيُت الذين وبسبوف على ىذا التيار‪ ،‬بل إنّو كاف‬
‫سباقا إىل وضع معادلة اؼبثَت واالستجابة كإطار مرجعي للتعلم‪ ،‬ومبدأ أساسيا لسيكولوجية السلوؾ‪ ،‬كما طرح‬
‫تصورا ترابطيا للتعلم وقد عرؼ بنظرية التعلم ابحملاولة واػبطأ‪ ،‬عالوة على قانوف األثر الذي ارتبط ابظبو وتعٍت‬
‫نظرية احملاولة واػبطأ أف اإلنساف يتعلم عن طريق اػبطأ‪ ،‬بتكراره جملموعة من احملاوالت الكثَتة بغية الوصوؿ إىل‬
‫اؽبدؼ اؼبطلوب وتقوـ ىذه النظرية التعلمية على ؾبموعة من اؼبفاىيم األساسية ىي‪:‬‬

‫‪‬التكرار ‪ :‬يساعد اؼبتعلم على ذبنب اػبطأ‪ ،‬بعد القياـ دبجموعة من احملاوالت يف فًتات زمنية متعددة‪ ،‬مع‬
‫تصحيح االستجاابت اػباطئة ابالستجاابت الصحيحة‬

‫‪ ‬التدعيم أو التعزيز‪ :‬يعٍت التقوًن اإلهبايب ابؼبكافأة تشجيع اؼبتعلم على االستجابة‬

‫‪ ‬االنطفاء‪ :‬إذا مل يتحقق التدعيم‪ ،‬يقع االنطفاء أو تراجع اؼبتعلم عن االستجابة الفورية‬

‫‪‬االسرتجاع التلقائي‪ :‬بعد عملية االنطفاء‪ ،‬يبكن للمتعلم أف يسًتجع قواه بطريقة تلقائية‬

‫‪‬التعميم‪ :‬ما يتعلمو اؼبتعلم من موارد يبكن أف يوظفها ويدؾبها أثناء مواجهتو لوضعيات متشاهبة‬

‫‪47‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪‬التمييز ‪ :‬يعٍت ىذا اؼببدأ أف اؼبتعلم إذا فشل يف حل اؼبشكلة الوضعية اعبديدة‪ ،‬بناء على وضعيات سابقة‬
‫مشاهبة‪ ،‬فالبد من اللجوء إىل مبدأ التمييز للتفريق بُت اؼبوقف السابق واؼبوقف اعبديد‬

‫‪‬العالقات الزمانية‪ :‬يقوـ الزماف بدور ىاـ يف تقوًن التعلمات‪ ،‬فكلما كانت االستجابة فورية‪ ،‬ويف مدة قصَتة‪،‬‬
‫كاف التعلم انجحا‪ ،‬وكلما طالت الفًتة الزمنية ضعف التعلم واالكتساب‬

‫من خصائص ىذه النظرية ارتباط اؼبثَت ابالستجابة على مستوى التعلم‪ ،‬ووجود دافع أساسي للتعلم‪ ،‬م‬
‫تكرار احملاوالت التعلمية بغية الوصوؿ إىل اؽبدؼ‪ ،‬م إهباد حل عن طريق الصدفة‪ ،‬م تعميم أثر اغبل الصحيح‬
‫على ابقي الوضعيات السياقية األخرى ومن ىنا‪ ،‬توصل ثورندايك إىل ؾبموعة من القوانُت اؼبتعلقة بنظرية احملاولة‬
‫واػبطأ‪ ،‬وىي‪ :‬قانوف التكرار الذي يقوي الروابط بُت اؼبثَت واالستجابة‪ ،‬وقانوف األثر القائم على الثواب (أضبد‬
‫عزت راجح‪1971 ،‬ـ‪ ،‬ص‪ )75‬وقانوف االستعداد اؼبرتبط ابلشعور ابلرضا واالنزعاج‪ ،‬وقانوف التمرين الذي‬
‫يقوي االرتباطات التعلمية‪ ،‬وقانوف االنتماء الذي يقوي الرابطة بُت اؼبثَت واالستجابة‪ ،‬عندما تكوف االستجابة‬
‫الصحيحة أكثر انتماء إىل اؼبوقف‪ ،‬وقانوف االستقطاب ابإلضافة إىل القوانُت الثانوية‪ ،‬مثل‪ :‬قانوف االستجابة‬
‫اؼبتعددة اليت تستلزـ استجاابت عدة ومتنوعة‪ ،‬وقانوف االذباه أو اؼبنظومة‪ ،‬ويعٍت ىذا مدى أتثر التعلم ابذباىات‬
‫اؼبتعلم وميولو ودوافعو‪ ،‬وقانوف االستجابة ابؼبماثلة‪ ،‬ويعٍت التعلم انطالقا من اؼبواقف السابقة اؼبشاهبة‪ ،‬وقانوف‬
‫االنتقاؿ الًتابطي‪ ،‬ويعٍت تعلم اؼبواقف يف ارتباطها ابؼبواقف التعلمية األخرى (عبد اجمليد نشوايت‪1984 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪)327‬‬

‫تغَت سلوؾ اؼبتعلم على إثر منهج أو مؤثر صادر عن‬


‫نستنتج أف فعل التعلم حسب السلوكية ال وبدث ّإال نتيجة ّ‬
‫يتم بفعل تراكم اؼبعارؼ وتكدسها وذبميع أجزاء سابقة منها عرب مراحل متتالية‬
‫احمليط وعليو فاكتساب اؼبعرفة ّ‬
‫فيكفي تنقيّة مسار تعلم اؼبتعلم من األخطاء‪ ،‬وعليو فاػبطأ ليس سوى عيبا وإجابة سيئة وشيئا شاذا وسلبيا ينبغي‬
‫التخلص منو بسرعة وأبي شبن واؼبتعلم اؼبخطئ ينظر إليو دائما على أنّو مل ينتبو أو مل يقم ابجملهود اؼبطلوب وىكذا‬
‫فاػبطأ ينتج دائما حسب ىذه اؼبقاربة عن جهل أو عدـ أتكد (دمحم شرقي‪ ،2111 ،‬ص‪)135‬‬

‫‪*4-7‬ادلقاربة البنائية‪ :‬يقودان اغبديث عن اػبطأ من وجهة نظر البيداغوجية اغبديثة ابلضرورة إىل اغبديث عن‬
‫اؼبدرسة البنائية واليت ترى أ ّف‪ :‬ماداـ اؼبتعلم يقوـ ببناء اؼبعرفة بنفسو من خالؿ أنشطة متنوعة فإنّو يصادؼ‬
‫ابلضرورة تعثرات وعوائق وصعوابت وتناقضات ذبره إىل األخطاء‪ ،‬حيث تقتضي بدورىا إىل تطور اؼبعرفة لديو‬
‫وعليو فاػبطأ وسيلة تعليميّة ضروريّة لبناء معرفة جديدة‪ ،‬وال تكتفي البنائيّة ابالعًتاؼ حبق اؼبتعلم يف اػبطأ ولكن‬

‫‪48‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫تدعو إىل ربليلو وتفسَته واكتشاؼ مصدره ومعاعبتو‪ ،‬ويؤكد ابشالر أ ّف أخطاء تالمذتنا يف فعل التعلم جزء من‬
‫اترىبو وىي شبيهة إىل حد ما ابألخطاء اليت عرفها اتريخ العلم خالؿ تطوره‪ ،‬فال وجود ؼبعرفة دوف أخطاء‬
‫مصححة وال تبدأ أبدا من الصفر بل ال بد ؽبا أف اصطدـ دبعرفة عامية ومشًتكة‪ ،‬وىذا ما ال ينبغي للبيداغوجيا‬
‫أف تتجاىلو (مؤلف صباعي بتصرؼ‪ ،‬ص‪)119-118‬‬

‫‪*5-7‬الذكاءات ادلتعددة ‪ :‬إذا كاف جان بياجيو يقوؿ أبحادية الذكاء اإلنساين على اؼبستوى اؼبعريف ومن م‪،‬‬
‫وبصره يف الذكاء الرايضي اؼبنطقي ابعتباره أرقى الذكاءات اإلنسانية‪ ،‬فإف ىناؾ من يقوؿ بتعدد الذكاءات لدى‬
‫اإلنساف‪ ،‬وخاصة الباحث السيكولوجي األمريكي ىوارد غاردنر الذي ألّف ؾبموعة من الدراسات حوؿ نظرية‬
‫الذكاءات اؼبتعددة منذ ‪1983‬ـ‪ ،‬ونذكر من بُت ىذه الدراسات (أطر الذكاء) و(الذكاءات اؼبتعددة)‬

‫ومن م‪ ،‬تعد نظرية الذكاءات اؼبتعددة فلسفة سيكوبيداغوجية جديدة للحد من ظاىرة الفوارؽ الفردية داخل‬
‫ألنا تؤمن ابلتنشيط الفعاؿ‪ ،‬وخلق اؼبواىب واؼببادرات والعبقرايت اؼبختلفة واؼبتنوعة‪ ،‬وتساعد‬
‫الفصل الدراسي؛ ّ‬
‫اؼبتعلمُت على التعلم الذايت‪ ،‬وذباوز أخطائهم‪ ،‬واستغالؿ قدراهتم الذكائية يف ؾباالت متنوعة وتسعى ىذه النظرية‬
‫أيضا إىل إعادة الثقة يف اؼبتعلم يف ـبتلف الثقافات األخرى اليت تتعارض مع الثقافة الغربية اؼبركزية؛ ألف الذكاء‬
‫الرايضي اؼبنطقي ليس ىو الذكاء الوحيد الذي وبقق النجاح يف اغبياة‪ ،‬فثمة ذكاءات أخرى مبدعة تؤمن اؼبستقبل‬
‫للمتعلم ‪(Howard Gardner , 1996, p53).‬‬

‫فعالة تساىم يف تنشيط الدروس‬


‫نالحظ نظرية الذكاءات اؼبتعددة عبارة عن آليات ديداكتيكية وبيداغوجية ّ‬
‫وربويلها إىل مهارات وقدرات كفائية إجرائية‪ ،‬تعمل على سبهَت اؼبتعلم بشكل جيد‪ ،‬وجعلو أماـ وضعيات معقدة‬
‫ؼبواجهتها أو التأقلم معها كما أنا نظرية صاغبة ؼبعاعبة التعثر الدراسي‪ ،‬وؿباربة العنف والشغب داخل الفضاءات‬
‫الًتبوية التعلي مية‪ ،‬والقضاء على التسرب واؽبدر والفشل الدراسي‪ ،‬ومعاعبات الكثَت من معوقات التعلم لدى‬
‫أىم ميزة تتّسم هبا النظرية أنا تنبٍت على فلسفة التشجيع والتحفيز‪،‬‬
‫اؼبتعلمُت العاديُت أو من ذوي االحتياجات و ّ‬
‫وغرس الدافعية يف نفسية اؼبتعلم ومن جهة أخرى‪ ،‬تستند إىل الطرائق البيداغوجية الفعالة اليت تشوؽ اؼبعلم واؼبتعلم‬
‫على حد سواء‪ ،‬وتعمل على تقوية الطالب واؼبتعلم معا‬
‫‪ *6-7‬ادلقاربة االبستمولوجية‪ :‬يرى جاستوف ابشالر (‪1962-1884( )Bachelard G‬ـ) أف اغبقيقة‪،‬‬
‫يف اجملاؿ العلمي‪ ،‬تعًتضها ؾبموعة من العوائق اإلبستمولوجية (اؼبعرفية) كالظن‪ ،‬واػبطأ‪ ،‬والوىم‪ ،‬والرأي لذا‪،‬‬
‫ينبغي التحرر من ىذه األخطاء والعوائق لبناء حقيقة علمية يقينية وصادقة ومن م‪ ،‬فاغبقيقة العلمية ىي دبثابة‬

‫‪49‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫خطأ مت تصحيحو علميا وكل اغبقائق العلمية‪ ،‬يف وجودان الكوين واؼبعريف‪ ،‬ىي عبارة عن أخطاء ابؼبفهوـ اإلهبايب‬
‫للخطأ‪ ،‬ال ابؼبفهوـ السليب إذ أييت كل عامل ليصحح أخطاء سابقيو من الوجهة العلمية نظرية وتطبيقا ومن م‪،‬‬
‫فالتاريخ العلمي يف اغبقيقة ىو تصحيح لألخطاء كما أف العلم يتطور ويتقدـ بتصحيح النظرايت والتجارب‬
‫العلمية السابقة كما يقوؿ أيضا كارل بوبر ومن م‪ ،‬فاغبقيقة عند ابشالر ىي القائمة على اػبطأ العلمي‬
‫اؼبصحح‪ ،‬حيث " يتم التوصل إىل اغبقيقة العلمية عرب العودة إىل األخطاء اؼباضية أي‪ :‬عرب عملية ندـ ومراجعة‬
‫فكريُت ويف الواقع‪ ،‬فاؼبعرفة العلمية ىي معرفة تتم دوما ضد معرفة سابقة‪ ،‬وذلك بتقويض اؼبعارؼ غَت اؼبصاغة‬
‫صياغة جيدة‪ ،‬وبتخطي ما شكل‪ ،‬يف النفس اؼبفكرة‪ ،‬عائقا أماـ عملية التعقل اؼبعريف‬

‫إ ّف العلم من حيث حاجتو إىل االكتماؿ كما يف مبدئو نفسو‪ ،‬يتعارض تعارضا مطلقا مع الرأي وإذا حصل أف‬
‫أعطى العلم الشرعية للرأي‪ ،‬فذلك ألسباب أخرى غَت األسباب اليت يقوـ عليها الرأي‪ :‬لدرجة تسمح ابلقوؿ أبف‬
‫الرأي‪ ،‬من الناحية اؼببدئية‪ ،‬ىو دوما خاطئ فالرأي يفكر تفكَتا انقصا‪ ،‬بل ال يفكر‪ :‬إنو يعرب عن حاجات‬
‫معرفية إف الرأي وىو يتناوؿ اؼبوضوعات من زاوية نفعها وفائدهتا‪ ،‬وبرـ على نفسو معرفتها لذا ال يبكن أف‬
‫نؤسس أي شيء على الرأي بل هبب أوال أف نقضي عليو إنو العائق األوؿ الذي يتعُت ذباوزه يف ؾباؿ اؼبعرفة‬
‫العلمية )‪(Bachelard, 1970, pp13-14‬‬

‫وىكذا‪ ،‬يشتغل ابشالر على اغبقيقة واػبطأ ضمن حقل اؼبعرفة العلمية أو ما يسمى ابإلبستمولوجيا ومن م‪،‬‬
‫يثبت ابشالر أف اغبقائق العلمية مبنية على اتريخ األخطاء‪ ،‬وأف ىذه األخطاء تتقدـ عرب صراع النظرايت‪،‬‬
‫وتصحيح بعضها البعض وقد جسد ابشالر نظرتو للخطأ يف الشكل اآليت‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الخطأ مكانة متميزة‬ ‫الخطأ مستوى نظري‬

‫الخطأ عند باشالر‬

‫الخطأ ليس مجرد محاولة‬ ‫يجب التمييز بين األخطاء ألنها‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫خطــأ‬ ‫خـطــأ‬ ‫أخطاء‬ ‫أخطاء‬ ‫ليست سوى سهو‬
‫عــادي‬ ‫عـــام‬ ‫مفيــدة‬ ‫إيجابـية‬ ‫‪ ‬تكلل ذهني‬

‫الشكل رقم (‪ :)03‬وجهة نظر ابشالر يف اخلطأ‪.‬‬

‫‪(www.manhal.net/articles.php?action=show8id=2007‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يرى كارل بوبر أف النظرايت العلمية ال تكوف يقينية أو صحيحة دبجرد ارتباطها‬
‫ابلعقل كما يقوؿ العقالنيوف (إنشتُت)‪ ،‬أو ابرتباطها ابلتجربة الواقعية كما يقوؿ التجريبيوف (بيَت دوىيم وىانز‬
‫رايشنباخ)‪ ،‬بل تكوف علمية بصياغتها العلمية اؼبنطقية دبعٌت أف النظرية العلمية ال تكوف علمية إذا كانت قابلة‬
‫للتكذيب والتخطئة والتزييف والنقد والغربلة فعندما نقوؿ‪ :‬ستهطل األمطار غدا وال هتطل‪ ،‬فهذه النظرية ليست‬
‫علمية لصعوبة نقدىا وتقويبها واغبكم عليها ابلصحة واػبطأ أما إذا قلنا‪ :‬إف اؼبعادف تتمدد ابغبرارة‪ ،‬فهي نظرية‬
‫علمية‪ ،‬إذ يبكن مستقبال أف قبد م عدان ال يتمدد ابغبرارة وهبذا النقد‪ ،‬يبكن تطوير النظرايت العلمية بشكل‬
‫مستمر ويف ىذا‪ ،‬يقوؿ كارؿ بوبر‪ ":‬ال يعترب أي نسق نظري نسقا اختباراي إال إذا كاف قابال للخضوع الختبارات‬
‫أو روائز ذبريبية غَت أف قابلية التزييف (أو التكذيب) وليس قابلية ربقق النسق ىي اليت ينبغي أف نتخذىا معيار‬
‫الفصل بُت ما ىو علمي وما ليس علمي )‪(Karl Popper، ,1971، p37‬‬
‫مهم ومتقدـ‪ ،‬ماداـ ينظر إىل اػبطأ نظرة إهبابية‪ ،‬على‬
‫وىكذا‪ ،‬يبدو أف التصور اإلبستمولوجي للخطأ تصور ّ‬
‫أساس أنو السبيل الوحيد لتقدـ العلم وتطويره وذبديده‬

‫‪-7-7‬مدلول اخلط ـ ـأ حسب ادلنظور الديين‪ :‬وىب هللا العقػل لإلنسػاف لكػي يتميّػز بػو الصػاو وأودعػو يف أحسػن‬
‫تقوًن‪ ،‬ووىب لو من القدرات الشيء الكثَت‪ ،‬فاإلنساف كما وصػفو الرسول صلى هللا عليو وسلم أبنػّو خطػاء لقولػو‬

‫‪51‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫«كــل بــين آدم خطـاء وخــري اخلطــائني التوابــون» اؼبسػػتدرؾ علػػى الصػػحيحُت وقولػػو كػػذلك كمػػا جػػاء يف صػػحيح‬
‫مسلم‪« :‬والذي نفسي بيده لو مل تذنبوا لذىب هللا بكم وجلاء بقوم يذنبون‪ ،‬فيستغفرون هللا فيغفر ذلم»‬

‫فاػبطأ ال يستثٌت من الوقوع فيو أحد‪ ،‬فليست اؼبشكلة يف اػبطأ‪ ،‬وإّمبا اؼبشكلة يف كيفية معاعبػة اػبطػأ‪ ،‬فاػبطػأ مػن‬
‫يعلّػم أصػحابو مػن خػالؿ أخطائػو‪ ،‬ففػي يػوـ أراد النػيب أف يعلّػم معػاذ بػن جبػل‬ ‫صفة البشر وقد كاف رسػوؿ هللا‬
‫إين أحبّػك‪ ،‬فػػال تػػدعن يف دبػػر كػػل صػػالة أف تقػػوؿ‪:‬‬
‫ذكػرا يقولػػو بعػػد الصػػالة فأقبػػل إىل معػػاذ وقػػاؿ‪« :‬اي معػػاذ وهللا ّ‬
‫إين أحبّ ػك» أ ّن ػا هتيئ ػػة لقب ػػوؿ‬
‫اللّه ػػم أع ػ ّػٍت عل ػػى ذك ػػرؾ وش ػػكرؾ وحس ػػن عبادت ػػك» وق ػػد ك ػػاف موق ػػع قول ػػو‪« :‬وهللا ّ‬
‫النصيحة ويف يوـ آخر الحظ رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسػلّم أ ّف عمػر بػن اػبطّػاب زاحػم النػاس وىػو يطػوؼ لكػي‬
‫قوي» ففرح عمػر ؽبػذا الثنػاء‬
‫الرسوؿ أف يع ّدؿ سلوكو فقاؿ على سبيل التهيئة «اي عمر إنّك رجل ّ‬
‫يقبّل اغبجر فأراد ّ‬
‫‪« :‬فػػال تػزاضبن عنػػد اغبجػػر» ىػػذا وقػػد اتبػػع النّػيب وسػػائل عػػدة لتصػػحيح اػبطػػأ عنػػد الطفػػل أنبّهػػا التعلػػيم‬ ‫فقػػاؿ‬
‫والتّنبيو ػ التصحيح العلمي للخطأ ػ استثمار الوقت اؼبناسب لتصحيح اػبطأ –التصحيح ابؼبداعبة ػ ابغبػوار واإلقنػاع‬
‫ػ ابلثناء واؼبدح )‪(www.Almoslim.net/node/177310‬‬

‫‪*8‬بيداغوجيا اخلطأ بني الواقع وادلتوقع‪:‬‬

‫تتميز اؼبمارسة الصفية ابلنظرة السلبية إىل األخطاء اليت يرتكبها اؼبتعلموف‪ ،‬على أساس أف ىذه‬
‫األخطاء تسيء إليهم‪ ،‬وتعرب عن تدين مستواىم اؼبعريف والثقايف‪ ،‬وتراجع قدراهتم الكفائية عن االكتساب والتعلم‬
‫واالستيعاب؛ بسبب شرودىم‪ ،‬وعدـ االنتباه إىل الدروس‪ ،‬والمباالهتم اؼبستمرة‪ ،‬وانشغاؽبم ابللعب‪ ،‬واألفالـ‪،‬‬
‫واؼبسلسالت‪ ،‬والتكنولوجيا الرقمية اؼبعاصرة‪ ،‬وىذا يؤثر سلبا يف مستوى التالميذ لذا‪ ،‬يشدد اؼبدرس على أخطاء‬
‫متعلميو دبختلف أنواعها وأصنافها وأقسامها‪ ،‬ووباسبهم على ذلك حسااب شديدا إذ يلتجئ إىل تسطَت أخطائهم‬
‫اليت ارتكبوىا يف مواضيعهم اإلنشائية أو فروضهم واختباراهتم وامتحاانهتم‪ ،‬فيؤنبهم على ذلك‪ ،‬ويعرضهم للسخرية‬
‫والعتاب والتوبيخ والتقريع بشكل مباشر أماـ زمالئهم وبذلك‪ ،‬وبمل اؼبدرس متعلميو وحدىم مسؤولية تلك‬
‫األخطاء يف حُت‪ ،‬إف كثَتا من تلك األخطاء تعود إىل اؼبقررات واؼبناىج والربامج وطرائق التدريس‪ ،‬بل إىل‬
‫اؼبدرسُت أنفسهم الذين يتقاعسوف عن أداء واجبهم‪ ،‬أو تنقصهم الدراية والكفاية البيداغوجية‪ ،‬والتمكن‬
‫الديداكتيكي‪ ،‬وسوء توظيف الوسائل التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬أو قد ال يقوموف بواجباهتم قياما حسنا‬

‫ومن ىنا‪ ،‬يكوف اػبطأ‪ ،‬يف منظور اؼبمارسة ال صفية الواقعية‪ ،‬عيبا شائنا يتوقف عنده اؼبدرس كثَتا أثناء عملية‬
‫التصحيح تشخيصا وربليال وتقويبا ومعاعبة‪ ،‬وردبا يعتربه السبب اغبقيقي يف فشل اؼبتعلم‪ ،‬والعامل الرئيس يف رسوبو‬

‫‪52‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫وتعثره وتكرار السنة الدراسية وبذلك‪ ،‬يكوف اؼبدرس قد جانب جادة الصواب‪ ،‬وأنبل اعبوانب األخرى يف العملية‬
‫الديداكتيكية بصفة عامة‪ ،‬وعملية التقوًن بصفة خاصة وتتمثل ىذه اعبوانب يف عدـ مراعاتو للمعايَت الدنيا يف‬
‫ؾباؿ التقوًن‪ ،‬كما يبدو ذلك واضحا يف بيداغوجيا الكفاايت‪ ،‬وقد ال يراعي تنوع الذكاءات اؼبوجودة لدى‬
‫اؼبتعلمُت‪ ،‬وال يبيز جيدا بُت الفوارؽ الفردية اؼبوجودة بينهم‪ ،‬تلك الفوارؽ الناذبة عن عوامل وراثية ومكتسبة‪،‬‬
‫وعوامل اجتماعية واقتصادية وطبقية وثقافية وحضارية‬

‫ويعٍت ىذا كلو أف اؼبدرس‪ ،‬داخل فصلو الدراسي‪ ،‬ال يعترب اػبطأ أداة للتعلم والتكوين والتأىيل‪ ،‬وآلية إجرائية لبناء‬
‫الدرس لتقوية اؼبتعلمُت ودعمهم‪ ،‬ويعده أيضا وسيلة أساسية لتحقيق األىداؼ والكفاايت اؼبرجوة؛ ألف األخطاء‬
‫يقوـ نفسو بنفسو‪،‬‬
‫ىي اليت ذبعل اؼبتعلم ‪-‬يف اغبقيقة ‪-‬واعيا إبنتاجو وعملو وفروضو‪ ،‬فهي اليت تعلمو كيف ّ‬
‫انطالقا من ؾبهوداتو الفردية‪ ،‬أو ابمتالؾ القدرات الذاتية على تصحيح األخطاء اليت يكوف قد ارتكبها أو‬
‫دبساعدة أصدقائو وزمالئو ومدرسيو ويف ىذا السياؽ‪ ،‬يقوؿ العريب اسليماين ورشيد اخلدميي‪ ":‬من سلبيات‬
‫نظامنا التعليمي‪ ،‬وطرائقنا البيداغوجية‪ ،‬قتل روح اغبوار عند التلميذ‪ ،‬واليت نشأت لديو منذ السنوات األوىل يف‬
‫حياتو لقد الحظ اترد أف األطفاؿ يبدؤوف بطرح األسئلة على آابئهم وعلى األشخاص الذين يكربونم سنا‪،‬‬
‫وىذا حوار كبن مطالبوف بتنميتو من خالؿ منحهم اغبق يف اػبطأ والصواب؛ ويرى دمحم بوبكري أبف اؼبدرس ال‬
‫ينتهي ىنا إال أف التالميذ يتوفروف على معارفهم اػباصة‪ ،‬وعلى جهاز خاص بتمثالهتم‪ ،‬وأنم ال يبارسوف ابلضرورة‬
‫ا لقطيعة اإلبستمولوجية الضرورية لكي يكتسب ىذا اؼبفهوـ معٌت ؛ كل ما يعرفو اؼبدرس‪ ،‬ىو أف كل حياد أو‬
‫زلل عن تصوره يعترب خارج اغبقيقة‪ ،‬أي خطأ ويستوجب وضع خط أضبر ربتو‪ ،‬وىو شهادة إلغاء‪ ،‬فهل تصور‬
‫يوما ما مصدر ىذا اػبطأ وأية طريقة سليمة لفهم ىذه األخطاء؟‬

‫إ ّف اػبطأ منبوذ داخل الفصوؿ الدراسية‪ ،‬سواء من طرؼ اؼبدرس أو من طرؼ الزمالء وموقف األستاذ منو موقف‬
‫سليب يتبدى من تعاملو مع األجوبة اػباطئة والتالميذ الذين ىبطئوف؛ فاألجوبة اػباطئة ال تؤخذ بعُت االعتبار‪،‬‬
‫وقد تواجو بقرؼ األستاذ والتالميذ والتالميذ الذين ىبطئوف فإنم ال يسألوف ويصنفوف يف خانة معينة وقد‬
‫تولدت عن ىذه النظرة ثنائية ؾبتهد‪ /‬كسوؿ" (العريب اسليماين ورشيد اػبديبي‪ ،2115 ،‬ص‪)98‬‬

‫وعلى العموـ‪ ،‬ما تزاؿ النظرة السلبية إىل األخطاء طاغية على القسم الدراسي‪ ،‬ومازاؿ الًتكيز ينصب على‬
‫األخطاء تشخيصا‪ ،‬وتصنيفا‪ ،‬وتقويبا‪ ،‬وتصحيحا‪ ،‬ومعاعبة‪ ،‬وليس على اؼبعايَت الدنيا‪ ،‬مثل‪ :‬معيار اؼبالءمة‪،‬‬
‫ومعيار االنسجاـ‪ ،‬ومعيار االستخداـ السليم لألدوات‬

‫‪53‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪-9‬وظائف بيداغوجيا اخلطأ‪ :‬شبة ؾبموعة من الوظائف اليت تؤديها بيداغوجيا األخطاء‪ ،‬ويبكن حصرىا فيما يلي‪:‬‬

‫*وظيفة تعليمية تعلمية‪ :‬وتعٍت أف اػبطأ وسيلة إهبابية يف تعلم اػبربات‪ ،‬وبناء اؼبكتسبات‪ ،‬فمن األخطاء يتعلم‬
‫اإلنساف‪ ،‬وهبا يكوف نفسو بنفسو‪ ،‬بعد التعرؼ إىل ـبتلف تعثراتو وعيوبو‬

‫*وظيفة تكوينية‪ :‬حيث يتعلم اؼبتعلم كثَتا من ارتكابو لألخطاء ومن م يصبح اػبطأ وسيلة من وسائل التكوين‬
‫والتأ ىيل واالستفادة من اؽبفوات اليت وقع فيها‪ ،‬بعدـ تكرارىا من جديد وربضر ىذه الوظيفة عند اؼبدرسُت‬
‫ابػبصوص‪ ،‬والسيما اؼبتدربُت الذين يتلقوف دروسا يف طرائق التدريس‬

‫*وظيفة عالجية ‪ :‬حيث تساىم األخطاء يف الكشف عن مواطن القوة والضعف لدى اؼبتعلم‪ ،‬ولذلك يتدخل‬
‫اؼبدرس لت شخيص ىذه األخطاء بتحليلها ووصفها والبحث عن عواملها ومصادرىا‪ ،‬ومع اقًتاح آليات تدبَتية‬
‫ؼبعاعبتها إما بطريقة تربوية وديداكتيكية‪ ،‬وإما بطريقة خارجية ذات طابع نفسي واجتماعي‬

‫*وظيفة توجيهية‪ :‬وذلك ألف اػبطأ وبمل يف طياتو وظيفة توجيهية‪ ،‬إذ يساعد اؼبدرس على معرفة مستوى اؼبتعلم‪،‬‬
‫وربديد قدراتو الكفائية والتأىيلية‪ ،‬فيوجهو إىل اختيار األنسب من احملتوايت والربامج والطرائق والوسائل‬
‫الديداكتيكية‪ ،‬وكذلك يوجو اؼبتعلم الوجهة الالئقة بو‬

‫*وظيفة تدبريية‪ :‬إذ يساعد اػبطأ اؼبدرس يف تدبَت درسو الديداكتيكي‪ ،‬بوضع زبطيط كفائي أو تسطَت ؾبموعة‬
‫من األىداؼ اإلجرائية‪ ،‬وتوفَت العدة التدبَتية الالزمة فيما ىبص احملتوايت والطرائق البيداغوجية والوسائل‬
‫الديداكتيكية‪ ،‬واختيار أفضل طريقة للتواصل‪ ،‬وتنظيم الصف (فشار فاطمة الزىراء‪ ،2116 ،‬ص‪)121‬‬

‫‪-10‬اسرتاتيجيات معاجلة اخلط ـأ‪:‬‬

‫‪-1-10‬االستفادة من اخلطأ ودرلو يف التعليم‪ :‬يبكن القوؿ إ ّف أىم شيء اتفق عليو اؼبنظروف يف ىذا‬
‫الباب ىو ضرورة اعتبار اػبطأ أمرا عاداي ومفيدا‪ ،‬ال أمرا مذموما وغريبا عن التعلم‪ ،‬بل منهم من ركز على اعتباره‬
‫نقطة انطالؽ التعلم مع مراعاة عدـ جعل اؼبتعلم يشعر أبي ذنب وىو ىبطئ وتستند معاعبة اػبطأ إىل مبادئ‬
‫علم النفس التكويٍت ومباحث اإليبستومولوجيا اليت أقبزىا ابشالر‪ .‬فهي تدرج تدخالت اؼبدرس يف سَتورة احملاولة‬
‫واػبطأ‪ ،‬حيث ال يقصي اػبطأ وإّمبا يعترب فعال يًتجم نقطة انطالؽ التجربة اؼبعرفية واػبطأ يصبح فرصة لبناء‬
‫التعلم إذا ما متّ االقتناع اؼببدئي ابػبطأ كحق طبيعي للتلميذ ابعتباره مازاؿ يتلمس طريقو يف الفهم واؼبعرفة والتعلم‪،‬‬
‫والتعامل مع اػبطأ وفق اإلجراءات التالية‪:‬‬

‫‪54‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫*اإلشعار ابخلطأ‪ :‬يتعُت يف ىذه اؼبرحلة إشعار اؼبتعلم ابػبطأ دوف وضعو يف موقف اؼبذنب بل البد أف ننظر إىل‬
‫خطأ اؼبتعلم ابعتباره ؾبرد ؿباولة تشق طريقها كبو النجاح وىي مناسبة إلقصاء األفعاؿ اؼبنجزة صدفة‬

‫*تصنيف األخطاء‪ :‬وىذا من حيث طبيعتها ومدى عالقتها ابؼبادة الدراسية‪ ،‬م ىل ىي أخطاء مقبولة أـ غَت‬
‫مقبولة نسبة إىل سن التلميذ ومستواه التعليمي خصوصا تلك اؼبرتبطة ابلقواعد واؼببادئ األولية يف اؼبواد التعليمية‬

‫*حتليل اخلطأ‪ :‬أي البحث عن األسباب الكامنة وراءه‪ :‬ىل ىي أسباب ذاتية مرتبطة ابؼبتعلم كعدـ الًتكيز مثال أو‬
‫عدـ االنتباه أـ أف األمر مرتبط بعوامل أخرى تتجاوز اؼبتعلم واؼبعلم معا ومن م البحث عن األسباب األخرى‬
‫للخطأ واليت قد تكوف مرتبطة ابلتاريخ الشخصي والعائلي للتلميذ‪ ،‬ؿبيطو السوسيوثقايف أو اعتبارات أخرى‬

‫*معاجلة اخلطأ‪ :‬تعد اؼبعاعبة الطريقة اليت تدفع اؼبتعلم إىل ربقيق النجاح الدراسي ويلتجئ إليها اؼبدرس بعد‬
‫االنتهاء من عملية تصحيح االمتحاانت بغية تشخيص مواطن الضعف والقوة‪ ،‬بتمثل اؼبعاعبة الداخلية الًتبوية‬
‫والديداكتيكية وسبثل اؼبعاعبة اػبارجية ذات الطابعُت النفسي واالجتماعي‬

‫دبعٌت أف اؼبعاعبة هتدؼ إىل اكتشاؼ األخطاء وتشخيصها يف سياقاهتا وتصنيفها نوعيا وكميا‪ ،‬وربليلها وفق‬
‫القواعد اؼبعطاة‪ ،‬ووصفها بدقة‪ ،‬وتفسَتىا يف ضوء عواملها ومصادرىا‪ ،‬وتقدًن معاعبة إجرائية انجعة قد تطوؿ‬
‫ىذه العملية وقد تقصر فمعاعبة اػبطأ تفًتض فهمو بشكل عميق وإعطائو بعدا تكوينيا ومن األفضل يف ىذه‬
‫اغبالة إعطاء الفرصة للتلميذ للتفكَت يف أخطائو وأتملها بنفسو‪ ،‬وإذا ما تبُت عجزه تعطى الفرصة لزمالئو يف‬
‫الصف‪ ،‬وإذا عجز اعبميع فإف الرسالة آنذاؾ تكوف مباشرة إىل اؼبعلم وطريقتو يف تدبَت وضعياتو التعليمية وابلتايل‬
‫إعادة النظر يف االسًتاتيجية التعليمية اليت يعتمدىا يف تدبَت برانؾبو‬

‫ومن أىم االسًتاتيجيات يف اؼبعاعبة أنو يبكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪-‬التغذية الراجعة لتصحيح العملية الديداكتيكية‪ ،‬وس ّد ثغراهتا اؼبختلفة واؼبتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوهبا‪ ،‬سواء‬
‫أقاـ بتلك التغذية الراجعة اؼبعلم أـ اؼبتعلم نفسو اعتمادا على أدلة التصحيح‬

‫‪-‬ادلعاجلة ابلتكرار أو ابلعمليات التكميلية أي دبراجعة اؼبكتسبات السابقة‪ ،‬وإضافة سبارين تكميلية مساعدة‬
‫للتقوية وتثبيت اؼبعارؼ والقواعد األساسية‬

‫‪-‬متثل منهجيات تعليمية جديدة‪ :‬كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاؼ‪ ،‬واالعتماد على التعلم الذايت‪،‬‬
‫وسبثل التعلم النسقي‬

‫‪55‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪-‬إجراء تغيريات يف العوامل األساسية‪ :‬كتوفَت اغبياة اؼبدرسية داخل اؼبؤسسة‪ ،‬وإعادة توجيو اؼبتعلم من جديد‪،‬‬
‫وتغيَت فضاء اؼبدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية ديبقراطية‪ ،‬واالستعانة ابألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب‬
‫لتغيَت العوامل السلبية اليت يعيشها اؼبتعلم يف ظلها وعليو تكوف اؼبعاعبة بطريقة التشخيص‪ ،‬ورصد التعثرات‪،‬‬
‫وتصنيف األخطاء‪ ،‬ويتم إصالح األخطاء ومعاعبتها بطريقة فورية موجهة‪ ،‬أو بطريقة بعدية (مبدأ الفارقية)‪ ،‬أو‬
‫بطريقة مدؾبة مواكبة‪ ،‬أو بطريقة مؤسساتية (داخل اؼبؤسسة)‪ ،‬أو بطريقة خاصة (خارج اؼبؤسسة) ويف األخَت‬
‫تكوف اؼبعاعبة بتصحيح األوراؽ واألنشطة اؼبنجرة‪ ،‬وتفيئ اؼبتعثرين‪ ،‬والتدخل للمعاعبة (دمحم شرقي‪ ،2111 ،‬ص‬
‫‪ )138-137‬وتبُت ىذه اػبطاطة اآلتية ىذا التسلسل والًتابط بُت حلقات التعامل مع األخطاء‪:‬‬

‫التتبع والتقويم‬

‫معالجة وتدارك الخطأ‬ ‫رصد الخطأ وتشخيصه‬

‫سَتورة‬
‫استراتيجيات‬
‫تجاوز الخطأ‬

‫تفسير الخطأ واكتشاف أسبابه‬

‫التعلم‬ ‫إشعار المتعلم بالخطأ‬

‫تصنيف الخطأ‬

‫الشكل رقم (‪ :)04‬ميثل اسرتاتيجيات جتاوز اخلطأ‬

‫يبُت لنا اسًتاتيجية ذباوز اػبطأ وذلك من خالؿ رصد اػبطأ وتشخيصو وإشعار اؼبتعلم‬
‫من خالؿ الشكل الذي ّ‬
‫خبطئو وتفسَت ىذا اػبطأ وكشف أسبابو كما هبب تصنيفو والتعرؼ على مصادره مّ معاعبتو وتداركو‬

‫إذ يرى ابشالر من خالؿ ربليلو الديداكتيكي للخطأ أنّو داخل فعل اؼبعرفة تتمظهر ابلضرورة بعض التأخرات‬
‫واالضطراابت يف سلوكات األفراد‪ ،‬ويتحوؿ الفهم اعبديد للمعرفة كند ؼبعرفة مكتسبة قديبا‪ ،‬كما يعمد ىذا الفهم‬
‫ألف الروح ليست دائما شابة وإمبا قد تعيش شيخوخة‪ ،‬فبا‬ ‫إىل ىدـ اؼبعارؼ اليت مل كبسن بناءىا بشكل جيد‬

‫‪56‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫هبعلها ذبسد عمر أحكامها السابقة يف تفسَت اؼبواضيع اؼبعرفية اعبديدة‪ ،‬ووباوؿ كي بروسو استخالص نظرية‬
‫ديداكتيكية للخطأ بقولو‪ :‬يتمظهر العائق من خالؿ األخطاء غَت أف ىذه األخَتة ليست انذبة عن الصدفة‪ ،‬وإّمبا‬
‫ىي متول دة ومستمرة‪ ،‬إضافة إىل أف األخطاء اؼبوجودة عند نفس الشخص‪ ،‬تكوف مرتبطة فيما بينها بواسطة منبع‬
‫مشًتؾ يتمثل يف‪:‬‬

‫‪ ‬أسلوب التعرؼ على اؼبفهوـ‬


‫‪ ‬امتالؾ تصور خاص ابؼبوضوع قد يكوف متماسكا أو ابألحرى صحيحا من منظوره اػباص‬
‫‪ ‬معرفة قديبة قد تكوف فاعلة داخل ؾباؿ كبَت من األفعاؿ (دمحم وقيدي‪ ،1984 ،‬ص‪)82‬‬

‫وىكذا يكوف اػبطأ تعبَتا أو مظهرا واضحا جملموعة من التصورات العفوية أو احملدث اكتساهبا وبناؤىا‪ ،‬واؼبدؾبة‬
‫ضمن شبكة متماسكة من التمثالت اؼبعرفية اؼبرسومة يف شكل عوائق فما اؼبقصود ابلعائق؟‬

‫مبسط للعوائق االبستيمولوجية‪ ،‬يبكننا القوؿ أ ّنا كل ما يؤدي إىل مقاومة‬


‫إذا ما أردان إعطاء تعريف ّ‬
‫اكتساب معرفة علمية جديدة ومنو يعترب ابشالر أ ّف التمثالت اليت تًتسخ يف ذىن اؼبتعلم على شكل أفكار‬
‫مسبقة تكوف ضبولة معرفيّة على شكل ؾبموعة من العوائق االبستيمولوجية‪ ،‬اليت تضمر وتقاوـ اكتساب اؼبعرفة‬
‫العلميّة اعبديدة ويف ىذا اإلطار قسم ابشالر العوائق االبستيمولوجية إىل طبس عوائق أساسية واليت تتسبب يف‬
‫ارتكاب األخطاء من جديد مرة أخرى وىي‪:‬‬

‫*العوائق ادلرتبطة ابلتجربة األولية (ادلعرفة العامة)‪ :‬التجربة األوىل تعٍت التجربة السابقة على النقد وىي ؾبموع‬
‫الصور واالنطباعات اليت تشكلها التجربة اؼبعتمدة على اؼبتعة واالندىاش أماـ الظواىر اؼبختلفة‪ ،‬واليت سرعاف ما‬
‫تنقلب يف صورهتا التبسيطية إىل توليفات (فكرية) عجيبة‪ ،‬لتصبح حقائق غَت قابلة للفحص أو النقد‬

‫*العائق اجلوىري‪ :‬أي فكرة اعبوىر اليت تتسبّب يف توىاف العلماء لعصور طويلة حبثا عن جواىر األشياء بدال من‬
‫ظواىرىا‬

‫*عــائق التعمــيم‪ :‬يقػػوؿ ابشــالر يف ىػػذا الصػػدد "أنّػو مػػا مػػن شػػيء عمػػل علػػى كػػبح تطػػور اؼبعرفػػة العلميػػة كمػػا فعػػل‬
‫اؼبذىب اػباطئ للتعميم الذي ساد من أرسطو إىل بيكون‪ ،‬والػذي مػا يػزاؿ ابلنسػبة لعقػوؿ كثػَتة اؼبػذىب األساسػي‬
‫للمعرفة"‬

‫‪57‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫*العــائق اللغ ــوي أو اللفظ ــي‪ :‬ويعػػٍت أ ّف ىنػػاؾ ألفػػاظ تتمػػدد أثنػػاء اسػػتخدامها لتػ ّ‬
‫ػدؿ عل ػػى أش ػػياء خػػارج دالالهتػػا‬
‫األصلية فبا هبعل من استخدامها مشوشا ومبهما إىل حد كبَت‬

‫*العائق اإلحيائي‪ :‬ويعٍت بو إدخاؿ بعض العلوـ يف ؾبػاالت غػَت ؾباالهتػا الػيت تعمػل فيهػا خصوصػا إدخػاؿ األحيػاء‬
‫(البيولوجيا) يف علم الكيمياء والفيزايء ومنو ىػو ميلنػا إىل تصػور الظػواىر واألشػياء وكأ ّنػا تنطػوي علػى نػوااي وغػاايت‬
‫وإحساسات وانفعاالت‬

‫مػػا سػػبق مػػن عوائػػق ال تصػػادؼ العلمػػاء فقػػط أثنػػاء حبػػثهم عػػن اؼبعرفػػة بػػل إ ّف كلّهػػا أو بعضػػها تقػػف حػػاجزا‬
‫أماـ اؼبتعلم يف طريقو كبو التعلم‪(Bachelard, 1974) .‬‬

‫‪-2-10‬اســرتاتيجيات معاجلــة اخلطــأ مــن خــالل األســاليب النبويــة يف التعامــل مــع ادلخط ــني‪ :‬لقػػد راعػػى اؼبعلػػم‬
‫األوؿ ملسو هيلع هللا ىلص صبلػػة مػػن األسػػاليب الًتبويّػة الكريبػػة أبروع صػػورىا وأكملهػػا‪ ،‬وذلػػك يف تعاملػػو مػػع مػػن أخط ػأ مػػن بعػػض‬
‫أصحابو‪ ،‬وىذه بعض منها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أسلوب اإلشفاق على ادلخطئ وعـدم تعنيفـو‪ :‬كػاف صػلوات هللا وسػالمو عليػو يقػ ّدر ظػروؼ النػاس‪ ،‬ويراعػي‬
‫ػك أ ّف ذلػػك يبػػأل‬
‫أح ػواؽبم‪ ،‬ويعػػذرىم مهلهػػم‪ ،‬ويتلطػػف يف تصػػحيح أخطػػائهم‪ ،‬ويًتفّػق يف تعلػػيمهم الص ػواب‪ ،‬والشػ ّ‬
‫قلػػب اؼبنصػػوح حبًػا للرسػػالة وصػػاحبها ( )‪ ،‬مثػػل مػػا فعػػل مػػع معاويػػة بػػن اغبكػػم السػػلمي هنع هللا يضر يػػوـ غػػزوة أوطــاس‪،‬‬
‫ػ إذ عطػػس رجػػل مػػن القػػوـ‪ :‬فقلػػت (يرضبػػك هللا) فرمػػاين القػػوـ‬ ‫حيػػث قػػاؿ‪« :‬بينمػػا أان أصػػلي مػػع رسػػوؿ هللا ػ‬
‫إيل؟) فجعل ػوا يضػػربوف أبيػػديهم علػػى أفخػػاذىم‪ ،‬فلمػػا رأيػػتهم‬
‫أببصػػارىم‪ ،‬فقلػػت (وا ثكػػل ّأم ػاه! مػػا ش ػأنكم تنظػػروف ّ‬
‫‪ ،‬فبػأيب ىػو وأمػي! مػا رأيػت معلمػا قبلػو وال بعػده أحسػن تعليمػا‬ ‫صمتونٍت‪ ،‬لكٍت سكت‪ ،‬فلما صلى رسوؿ هللا‬
‫ي ّ‬
‫منػػو‪ ،‬فػػو هللا مػػا ض ػربٍت وال شػػتمٍت (أضبػػد الفيػػومي‪ 1987 ،‬ـ) قػػاؿ‪( :‬إ ّف ىػػذه الصػػالة ال يصػػلح فيهػػا شػػيء مػػن‬
‫كالـ الناس إّمبا ىو التسبيح والتكبَت وقراءة القرآف)» (على اعبرجاين‪( ،‬ب ت)‪ ،‬ص‪)58‬‬

‫اثنيا‪ :‬أسلوب اإلرشاد إىل اخلطأ ابلرفق وادلالطفة‪ :‬ويف أحياف أخرى يقابل اػبطأ بنوع من اؼبالطفة و ّ‬
‫الرفق‬
‫ابؼبخطئ‪ ،‬كما صنع مع خادمو أنس بن مالك هنع هللا يضر حُت أمره الرسوؿ أف يذىب يف بعض حاجتو‪ ،‬فانشغل‬
‫من أحسن الناس خلقا‪ ،‬فأرسلٍت يوما غباجتو‪ ،‬فقلت‪ :‬وهللا‬ ‫عنها ابللّعب مع الصبياف‪ ،‬قاؿ ( كاف رسوؿ هللا‬
‫‪ ،‬فخرجت حىت أمر على صبياف وىم يلعبوف يف السوؽ‪،‬‬ ‫ال أذىب‪ ،‬ويف نفسي أف أذىب ؼبا أمرين بو نيب هللا‬
‫قد قبض بقفاي من ورائي قاؿ‪ :‬فنظرت إليو وىو يضحك فقاؿ‪« :‬اي أنس أذىبت حيث‬ ‫فإذا رسوؿ هللا‬

‫‪58‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أمرتك» قاؿ‪ :‬قلت نعم أان أذىب اي رسوؿ هللا‪ ،‬قاؿ أنس‪ :‬وهللا لقد خدمتو تسع سنُت ما علمتو قاؿ لشيء‬
‫صنعتو مل فعلت كذا وكذا‪ ،‬أو لشيء تركتو ىال فعلت كذا وكذا) (ابن األثَت اعبزري‪ ،‬ب ت‪ ،‬ص‪)41‬‬

‫ػذـ اػبطػػأ ويشػػهر بػػو‪ ،‬وال يشػػهر بصػػاحبو‪،‬‬


‫يػ ّ‬ ‫فيمــا يــذم دون التص ـريح‪ :‬كػػاف النػػيب‬ ‫اثلثــا‪ :‬أســلوب التعــوي‬
‫يواج ػػو اؼبخط ػػئ ابػبط ػػأ أم ػػاـ الن ػػاس‪ ،‬أل ّف ذل ػػك ي ػػؤدي إىل ربط ػػيم شخص ػػية اؼبخط ػػئ وإذالؿ‬ ‫ول ػػذلك مل يك ػػن‬
‫نفسيتو‪ ،‬وىذا أسلوب ذكي يتعلم منو اؼبخطئ دوف أف ينظر لو اآلخروف نظػرة ازدراء (أخرجػو مسػلم يف صػحيحو"‬
‫مسلم بشرح النووي ‪186/5‬برقم ‪ 1411‬كتاب النكاح ابب‪ :‬استحباب النكاح ؼبن اتقت نفسو إليو)‬

‫رجال على صدقات بٍت سليم‪ ،‬يدعى ابن اللتبية فلما‬ ‫وعن أيب محيد الساعدي هنع هللا يضر قاؿ‪( :‬استعمل رسوؿ‬
‫هال جلست يف بيت أبيك و ّأمك حىت‬
‫‪« :‬ف ّ‬ ‫جاء حاسبو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ىذا مالكم‪ ،‬وىذا ىديّة‪ ،‬فقاؿ رسوؿ هللا‬
‫أتتيك ىديتك إف كنت صادقا؟» مّ خطبنا‪ ،‬فحمد هللا‪ ،‬وأثٌت عليو‪ ،‬مّ قاؿ‪ّ « :‬أما بعد‪ ،‬فإ ّين أستعمل الرجل منكم‬
‫على العمل فبّا ّوالين هللا‪ ،‬فيأيت فيقوؿ‪ :‬ىذا مالكم‪ ،‬وىذا ىديّة أىديت يل‪ ،‬أفال جلس يف بيت أبيو وأمو حىت‬
‫حدا منكم لقي هللا‬
‫لقي هللا حبملو يوـ القيامة‪ ،‬فألعرفن أ ً‬
‫أتتيو ىديتو؟ وهللا ال أيخذ أحد منكم شيئا بغَت حقو ّإال ّ‬
‫وبمل بعَتا لو رغاء أو بقرة ؽبا خوار أو شاة تْيعر مّ رفع يديو حىت رؤي بياض إبطيو يقوؿ‪( :‬اللّهم ىل بلغت‪،‬‬
‫بصر عيٍت وظبع أذين)» (متفق عليو أخرجو البخاري يف صحيحو " ‪ 293/ 4‬برقم ‪ 6979‬كتاب اغبيل ابب‪:‬‬
‫احتياؿ العامل ليهدى لو " ومسلم يف صحيحو" مسلم بشرح النووي ‪ 459/ 6‬برقم ‪1832‬كتاب اإلمارة ابب‬
‫ربرًن ىدااي العماؿ" واللفظ للبخاري)‬

‫رابعا‪ :‬أسلوب اإلقناع ابخلطأ‪ :‬من منهجو صلى هللا عليو وسلّم مع اؼبخطئُت أنّو كػاف ينػتهج معهػم أسػلواب رفيعػا يف‬
‫تقوًن أخطائهم من ذلك‪ :‬إقناعو صػلى هللا عليػو وسػلّم لػذلك الشػاب مػن قػريش حػُت جػاء إىل النّػيب صػلى هللا عليػو‬
‫وس ػلّم وق ػػاؿ‪ :‬اي رس ػػوؿ هللا‪ ،‬ائ ػػذف يل يف ال ػزان فأقب ػػل علي ػػو الق ػػوـ يزج ػػروه‪ ،‬فق ػػاؿ‪" :‬أدن ػػو"‪ ،‬ف ػػدىن من ػػو قريب ػػا‪ ،‬ق ػػاؿ‪:‬‬
‫ألمهػاهتم» قػاؿ‪« :‬أفتحبػو‬
‫فجلس‪ :‬قاؿ‪« :‬أرببػو أل ّمػك؟» قػاؿ‪ :‬ال وهللا جعلػٍت هللا فػداءؾ‪ ،‬قػاؿ‪« :‬وال النّػاس وببونػو ّ‬
‫البنتػػك؟» ق ػػاؿ‪ :‬ال وهللا اي رس ػػوؿ هللا جعل ػػٍت هللا ف ػػداءؾ‪ ،‬ق ػػاؿ‪« :‬وال الن ػػاس وببون ػػو لبن ػػاهتم»‪ ،‬وم ػػازاؿ النّ ػيب يس ػأؿ‬
‫حصػن فرجػو»‪،‬‬
‫طهػر قلبػو‪ ،‬و ّ‬
‫والشاب هبيب‪ :‬ال وهللا جعلٍت هللا فداءؾ‪ ،‬فوضع يده عليو وقاؿ‪« :‬اللهم اغفػر ذنبػو‪ ،‬و ّ‬
‫فلػػم يكػػن بعػػد ذلػػك الفػػىت يلتفػػت إىل شػػيء (اغبػػديث أخرجػػو أضبػػد يف اؼبسػػند ‪ 545/36‬بػػرقم ‪ 22211‬قػػاؿ‬
‫الشػيخ شػعيب األرانؤوط‪ :‬إسػػناده صػحيح‪ ،‬رجالػو ثقػػات رجػاؿ الصػػحيح ) فهػذا الشػاب عػػارـ الشػهوة‪ ،‬صػػريح يف‬

‫‪59‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫هبػػذا الرفػػق اغبسػػن واغبػوار اؽبػػادئ‪ ،‬فقػػاـ ذلػػك الفػػىت مقتنعػػا خبطئػػو‬ ‫التعبػػَت عػػن نزواتػػو دوف حيػػاء‪ ،‬فلقيػػو الرسػػوؿ‬
‫عازما على تركو وعدـ االلتفات إليو‬

‫خامسا‪ :‬أسلوب التلميح ابلغضب‪ :‬من توجيو النيب صػلى هللا عليػو وسػلّم وإرشػاده للمخطئػُت أنػّو أحيػاان ال يواجػو‬
‫اؼبخط ػػئ بفعل ػػو‪ ،‬وإّمبػ ػا يغض ػػب ل ػػذلك فيع ػػرؼ يف وجه ػػو (اغب ػػديث أخرج ػػو البخ ػػاري يف ص ػػحيحو ‪ 518/ 2‬ب ػػرقم‬
‫) وقػػد يبتسػػم ابتسػػامة اؼبغضػػب‪ ،‬وىػػذه االبتسػػامة الػػيت يعاتػػب فيهػػا‬ ‫‪ 3562‬كتػػاب‪ :‬اؼبناقػػب ابب‪ :‬صػػفة النػػيب‬
‫قوـ خطأه مثل ما فعل مع كعب بن مالك الذي زبلّف عن غزوة تبوك دوف عػذر وحػُت‬
‫يوجهو وي ّ‬
‫أحياان اؼبخطئ و ّ‬
‫رجوعػػو مػػن الغػػزوة قػػاؿ‪( :‬فجئتػػو فلمػػا سػػلمت عليػػو تبسػػم تبسػػم اؼبغضػػب م قػػاؿ‪( :‬تعػػاؿ)‪ ،‬فجئػػت أمش ػػي ح ػػىت‬
‫إين وهللا لػو جلسػت عنػد غػَتؾ‬
‫جلست بػُت يديػو‪ ،‬فقػاؿ يل‪« :‬مػا خلفػك أمل تكػن قػد اتبعػت ظهػرؾ» فقلػت‪ :‬بلػى ّ‬
‫مػػن أىػػل الػػدنيا لرأيػػت أف سػػأخرج مػػن سػػخطو بعػػذر ولقػػد أعطي ػت جػػدال‪ ،‬ولكػ ّػٍت هللا لقػػد علمػػت لػػئن حػػدثتك‬
‫إين‬
‫اليوـ حديث كذب ترضى بو عٍت ليوشكن هللا أف يسػخطك عل ّػي‪ ،‬ولػئن حػدثتك حػديث صػدؽ ذبػد عل ّػي فيػو ّ‬
‫ألرجو فيو عفو هللا‪ ،‬ال وهللا ما كاف يل من عػذر وهللا مػا كنػت قػط أقػوى وال أيسػر مػٍت‪ ،‬حػُت زبلفػت عنػك‪ ،‬فقػاؿ‬
‫»‬ ‫رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلّم‪ّ « :‬أما ىذا فقد صدؽ فقم حىت يقضي هللا فيك‬

‫ففػي ىػػذا اغبػديث يتجلػػى األثػػر العظػيم يف هتػػذيب نفػوس اؼبخطئػػُت هبػػذا األسػلوب اغبسػػن‪ ،‬عاقبػو اببتسػػامة مغضػػبة‬
‫من غَت صراخ رغم عظم ىذا اؼبوقف‪ ،‬فأين كبن اليوـ من ىذا األسلوب النبوي اغبكيم؟!‬

‫سادسـا‪ :‬أسـلوب العفـو الصــفح‪ :‬مهمػا كػاف اػبطػػأ كبػَتا‪ ،‬وبتػاج اإلنسػاف أحيػػاان إىل مثػل ىػذا األسػلوب يف الوقػػت‬
‫اؼبناسػػب إلصػػالح أخطػػاء بعػػض الصػػحابة ومػػن أروع األمثلػػة علػػى ذلػػك حػػُت قضػػى الرسػػوؿ صػػلى هللا عليػػو وسػلّم‬
‫ؿباولة حاطب بن أيب بلتعة يف إفشاء أسرار اؼبسلمُت إىل قريش وإخبارىم أبمر ذبهز اؼبسلمُت لفتح مكة‬

‫فاػبط ػػأ ال ػػذي اقًتف ػػو ى ػػذا الص ػػحايب اعبلي ػػل ل ػػيس خطػ ػأ يسػ ػَتا ب ػػل إنػّ ػو ح ػػاوؿ أف يكش ػػف أسػ ػرار الدول ػػة اؼبس ػػلمة‬
‫مػػن‬ ‫ألعػػدائها‪ ،‬ومػػع ذلػػك عاملػػو معاملػػة رحيمػػة تػػدؿ علػػى إقالػػة عث ػرات ذوي الس ػوابق اغبسػػنة‪ ،‬فجعػػل النػػيب‬
‫ماضي حاطب سببا يف الصفح عنو‪ ،‬وىو أسلوب تربوي بليغ وفيو درس تربوي حكيم‬

‫اؼبتأمػل يف سػَتتو‬
‫وما ذكرانه ىنا قليل من كثَت وغيض من فيض يف تعاملو صلى هللا عليو وسلّم مع اؼبخطئُت‪ ،‬و ّ‬
‫ومشائلػػو صػػلى هللا عليػػو وس ػلّم ليعجػػب مػػن حكمتػػو يف تربيػػة النفػػوس وإصػػالح أخطائهػػا دبنػػاىج تربويّػة بليغػػة يظهػػر‬
‫ذلك جليا يف مواقفو الًتبوية الكثَتة واعبديرة ابلوقوؼ عندىا لالستفادة منها‪ ،‬وألخذ الدروس والعػرب‪ ،‬ومػن م تبقػى‬
‫سَتتو ومشائلو الطاىرة نرباسا يضيء لنا الطريق يف صبيع مناحي اغبياة‬

‫‪60‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫سابعا‪ :‬أسلوب العتـاب والتأنيـب‪ :‬علػى أف يكػوف ىػذا العتػاب عتػااب توجيهيػا‪ ،‬علػى قػدر اغباجػة مػن غػَت إسػفاؼ‬

‫وال إسراؼ ومن ذلك ما رواه البخاري عن أيب ذر قاؿ‪( :‬سببت رجال ّ‬
‫فعَتتو أبمو‪ ،‬قاؿ لو‪ :‬اي بن السػوداء‪ ،‬فقػاؿ‬
‫رسوؿ هللا عليو وسلم‪« :‬اي أاب ذر أعَتتو أبمو‪ ،‬إنّك امرؤ فيك جاىلية» (صحيح البخاري ‪ 26/ 1‬بػرقم ‪ 31‬كتػاب‬
‫الرجػل بسػواده‬
‫اإليباف ابب‪ :‬اؼبعاصي من أمر اعباىلية) فقد عاجل النّيب صلى هللا عليو وسلّم خطا أيب ذر حػُت عػ َّت ّ‬
‫ابلتوبيخ والتأنيب مّ وجهو ؼبا هبب فعلو‪.‬‬

‫خالصة الفصل‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫المقاربة بالكفاءات وبيداغوجيا الخطأ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الواقع أ ّف رجاؿ الًتبية والتعليم مازالوا ينظروف إىل اػبطأ بكيفيات ـبتلفة‪ :‬ففي ؾباؿ البيداغوجيا التقليدية‬
‫يعترب اػبطأ فعال قبيحا‪ ،‬وسلوكا شائنا‪ ،‬وبتاج صاحبو إىل عقاب وأتنيب وعليو فاؼبتعلم مسؤوؿ عن خطئو سواء‬
‫كاف السبب ىو النسياف أو الشرود أو عدـ االنتباه أو اإلدماف على اللعب يعٍت ذلك أنو ليس ىناؾ أدىن‬
‫تسامح مع اػبطأ ّأما يف ؾباؿ البيداغوجيا اغبديثة‪ ،‬فإف اػبطأ سلوؾ إهبايب‪ ،‬وأنّو حق من حقوؽ الطفل واؼبتعلم‪،‬‬
‫وأف بناء التعلمات يكوف دبدى ارتكاب األخطاء وتصحيحها ومعاعبتها‪ ،‬وشبة ؾبموعة من النظرايت واؼبقارابت اليت‬
‫اىتمت بدراسة اػبطأ‪ ،‬حيث يعترب فريين "اػبطأ ؿباولة تشق طريقا كبو النجاح وتتيح إقصاء األفعاؿ اؼبنجزة‬
‫صدفة‪ ،‬واليت ال تعطي نتائج إهبابية" وقد الحظ ميشيل زكار تشوك أف أكرب عملية يف الدعم البيداغوجي ىي‬
‫عملية ربليل األخطاء ألف اؼبتعلمُت هبدوف حرجا يف القياـ هبذا العمل‬

‫تبُت لنا أف اؼبنظور السليب إىل اػبطأ مازاؿ سائدا إىل‬


‫ومن خالؿ أتملنا للممارسة الصفية‪ ،‬والتثبت من واقعها‪ّ ،‬‬
‫يومنا ىذا عند كثَت من اؼبدرسُت ومن ىنا‪ ،‬البد من ذباوز ىذه النظرة التقويبية الضيقة إىل نظرة إهبابية أكثر‬
‫انفتاحا يف التعامل مع اػبطأ البيداغوجي‪ ،‬على أساس أنو ظاىرة إنسانية طبيعية وعادية‪ ،‬وأنو أساس التعلم‪ ،‬وبناء‬
‫الشخصية ومن م‪ ،‬تستند معاعبة األخطاء إىل ؾبموعة من اػبطوات اإلجرائية ىي‪ :‬ربديد اػبطأ وتشخيصو‪،‬‬
‫وربليلو ووصفو‪ ،‬وتصنيفو‪ ،‬وتبياف مصدره‪ ،‬وتبياف نوعو‪ ،‬وذكر قواعده الضابطة‪ ،‬واستجالء عواملو حىت نكوف يف‬
‫مستوى صنع فاعل تعليمي متمرس ومتمكن إف نظراي أو مهاراي‪ ،‬وفبتلكا لكفاايت التدريس الفعاؿ حىت نكوف‬
‫أىال لصنع أجياؿ ربمل من التفكَت العلمي والتكنولوجي‪ ،‬ما هبعلها يف مستوى ربدايت العوؼبة‬

‫‪62‬‬

You might also like