Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫سِلْسِلَة )زَاد ا ْلخَطِيب( الْخطبَة )‪(5‬‬

‫التعزية‬
‫فضلها وآدابها‬

‫ََ‬
‫بقلم‪:‬‬

‫زيد القرشي‬
‫أبي ٍ‬

‫‪ 1437‬هـ | ‪ 2016‬م‬
‫التعزية‪ :‬فضلها وآدابها‬

‫﷽‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬
‫ُ‬

‫ ‪ُ،‬ورَأُاجلنُواإلنسُوأمَهمُرعبادتهُوملُ‬
‫عمل ُ‬
‫ليبلوكمُأيُكمُأحسنُ ُ ًُ‬ ‫احلمدُ ُهللُالذيُخلُقُاملوتُ ُواحلياةُ ُ ُ‬
‫ل ‪ُ ،‬وأشهدُأنُالُإله ُإالُاهللُوحدهُالُشَيكُله ‪ُ ،‬لهُاألمساءُاحلسىنُوالصفاتُالعلى ‪ُُ ،‬وأشهدُأنُُ‬ ‫يرتكهمُمه ًُ‬
‫ُوجهَا ‪ُ ،‬صلُى ُاهلل ُعليه ُوعلى ُآلهُ‬
‫ُسَا ًُ‬
‫حممدا ُعبدُه ُورسولُه ‪ُ ،‬صرب ُعلى ُالسَُُاء ُوالضَُُاء ‪ُ ،‬ودعا ُإىل ُاهلل ُ‬
‫ًُ‬
‫اُكثيا ‪ُ،‬أما بعد‪ُ:‬‬
‫ليم ًُ‬‫وأصحارهُوالتارعنيُومنُتبعهمُرإحسانُإىلُيومُالدينُوسلُمُتس ًُ‬

‫فياُأيهاُالناسُأوصيكمُونفسيُأوال ُرتقوىُاهلل؛ُفلُجناةُإالُرالتقوىُوالُخلصُلناُمنُغضبُاهللُإالُ‬ ‫ً‬


‫لذلكُملُيسمُمصيبةُرامسهاُيفُ‬
‫ُ‬ ‫رطاعته ‪ُ،‬واعلمواُرمحكمُاهللُأنُاهللُجعلُمنُأعظمُاملصائبُمصيبةُاملوت ‪ُ،‬‬
‫ت}ُ[املائدة‪ُ، ]106ُ:‬و‬ ‫صيبةُ الْمو ِ‬ ‫ِ‬
‫املوتُالُحيايبُأحدا ‪ُ ،‬فهوُ‬
‫ًُ‬ ‫َصابَ ْت ُك ْم ُم َ َ ْ‬ ‫كتارهُإالُاملوت ‪ُ ،‬قالُتعاىل‪{ُ:‬فَأ َ‬
‫رابُوكلُالناسُداخله؛ُوعليهُفينبغيُعليناُأنُنتحلُىُرالطاعاتُوجنتنبُالذنوبُواآلثامُقبلُأنُيأيتُيومُالُ‬
‫ريعُفيهُوالُخلل ‪ُ،‬وقبلُأنُتزدادُاحلسَاتُوتكثَُاآلهاتُوليسُهناكُمنُيسمعُأوُيشفع ‪ُ ،‬قالُتعاىل‪ُ:‬‬
‫ت َكَّل إِن َها َكلِ َمةٌ‬ ‫يما تَ َرْك ُ‬ ‫ون (‪ )99‬لَعلِّي أَ ْعمل ِ ِ‬
‫صال ًحا ف َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫ب ارِجع ِ‬
‫ال َر ِّ ْ ُ‬ ‫ت قَ َ‬‫َح َد ُه ُم ال َْم ْو ُ‬ ‫اء أ َ‬‫{ َحتى إِ َذا َج َ‬
‫اب بَ ْي نَ ُه ْم يَ ْوَمئِ ٍذ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫خ إِلَى ي وِم ي ب عثُو َن (‪ )100‬فَِإ َذا نُِف َخ فِ‬ ‫ُه َو قَائِلُ َها َوِم ْن َوَرائِ ِه ْم بَ ْرَز ٌ‬
‫س َ‬‫َ‬ ‫ْ‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫َّل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫الص‬
‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫َ ْ ُْ َ‬
‫ك‬‫ت َم َوا ِزينُهُ فَأُولَئِ َ‬ ‫ك ُه ُم ال ُْم ْفلِ ُحو َن (‪َ )102‬وَم ْن َخف ْ‬ ‫ت َم َوا ِزينُهُ فَأُولَئِ َ‬ ‫اءلُو َن (‪ )101‬فَ َم ْن ثَ ُقلَ ْ‬ ‫سَ‬ ‫َوََل يَتَ َ‬
‫ار َو ُه ْم فِ َيها َكالِ ُحو َن}ُ[املؤمنون‪ُ:‬‬ ‫وه ُه ُم الن ُ‬
‫ِ‬
‫س ُه ْم فِي َج َهن َم َخال ُدو َن (‪ )103‬تَ ْل َف ُح ُو ُج َ‬ ‫ِ‬
‫ين َخس ُروا أَنْ ُف َ‬
‫ِ‬
‫الذ َ‬
‫ُتسوف ُفإن ُالتسويفُ‬ ‫‪ُ ، ]104ُ -ُ 99‬فاآلن ُيا ُعبد ُاهلل ُفاندم ُما ُدامت ُالَوح ُمل ُتفارق ُاجلسد ‪ُ ،‬وال ُ‬
‫مهلكة‪ُ .‬‬

‫وقدُوردتُجمموعةُمنُاآلثارُتبنيُفضلُالتعزيةُوأنُنفعهاُيعودُعلىُاملعزيُوصاحبُالعزاء ‪ُ ،‬فاألولُ‬
‫يأخذُاألجَُوالثاينُيتسلىُراملعزينُويذهبُعنهُاحلزن ‪ُ،‬ففيُاحلديث‪«ُ:‬ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫التعزية‪ :‬فضلها وآدابها‬

‫(‪)1‬‬
‫إَل كساه اهلل ¸ من حلل الكرامة يوم القيامة» ‪ُ،‬فينبغيُأنُنعزيُاملسلمنيُوأنُنسليهمُونكفُعنهمُ‬
‫أحزاهنمُرقدرُاملستطاع ‪ُ ،‬ونذكَهمُرالَضىُوالصربُعلىُأقدارُاهللُاملؤملة ‪ُ ،‬وماُعندُاهلل ُمنُاألجَُالعظيمُملنُ‬
‫صرب ُواحتسب ‪ُ ،‬واحملَومُمنُحَمُالثواب ‪ُ ،‬واملكلومُالذيُجزعُمنُأننيُاملصائب ‪ُ ،‬فإن ُيف ُاهللُعزاء ُمنُكلُ‬
‫فباهللُفثقُوإياهُفارج ‪ُ،‬واعلمُأنُُاملصابُمنُحَمُالثواب‪ُ ُ.‬‬
‫ُ‬ ‫مصيبةُوخل ًُفاُمنُكلُهالكُودرًكاُمنُكلُرائس ‪ُ،‬‬

‫واعلمواُرمحكمُاهلل‪ُ:‬أنُالواجبُيفُاملصيبةُالصربُوكمالهُاحلمدُوالَضىُوينبغيُاالسرتجاعُعندها ‪ُ ،‬قالُ‬
‫صيبةٌ قَالُوا إِنا لِل ِه وإِنا إِلَْي ِه ر ِ‬
‫اجعُو َن أ ُْولَئِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ش ِر الصابِ ِر ِ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين إِذَا أ َ‬
‫َصابَ ْت ُه ْم ُم َ‬ ‫ين الذ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وبَ ِّ‬ ‫اهللُجل ُيفُعله‪َ ُ :‬‬
‫ّ‬
‫ك ُه ُم ال ُْم ْهتَ ُدو َن﴾ [البقَة ُ‪ُ ، ]157:156‬ومصيبة ُموت ُالولدُ‬ ‫ات ِم ْن َربِّ ِه ْم َوَر ْح َمةٌ َوأ ُْولَئِ َ‬ ‫َعلَْي ِه ْم َ‬
‫صلَ َو ٌ‬
‫مصيبةُعظيمةُوفاجعةُكبية ‪ُ،‬لذلكُكانُاجلزاءُملنُصربُعليهاُجزاءُعظيما ‪ُ،‬فعنُأيبُموسىُاألشعَيُقال‪ُ:‬‬
‫قال ُرسول ُاهلل ُ‘‪ُ :‬قال ُاهلل ُتعاىل‪«ُ :‬يا ملك الموت قبضت ولد عبدي‪ ،‬قبضت قرة عينه وثمرة‬
‫فؤاده"‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪" :‬فما قال؟" قال‪ :‬حمدك واسترجع‪ .‬قال‪" :‬ابنوا له بيتا في الجنة‪ ،‬وسموه‬
‫(‪)2‬‬
‫بيت الحمد» ‪ُ .‬‬

‫وأما قوله ُفينبغيُأنُيكونُقوالُيوافقُالسنةُفإنهُإنُدعاُاهللُعندُمصيبتهُأخلفهُاهللُخياُوراركُلهُفيه؛ُ‬


‫فعنُأمُسلمةُقالت‪"ُ:‬أتاينُأروُسلمةُيوماُمنُعندُرسولُاهلل ُ‘ ُفقال‪ُ:‬لقدُمسعتُمنُرسولُاهلل ُ‘ُ‬
‫قوالُفسَرتُره ‪ُ،‬قال‪َ«ُ:‬ل يصيب أح ًدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته‪ ،‬ثم يقول‪ :‬اللهم‬
‫أجرني في مصيبتي‪ ،‬واخلف لي خيرا منها‪ ،‬إَل فعل ذلك به» ‪ُ،‬قالتُأمُسلمة‪ُ:‬فحفظتُذلكُمنه ‪ُ،‬‬
‫فلماُتويفُأروُسلمةُاسرتجعت ‪ُ ،‬وقلت‪ُ:‬اللهمُأجَينُيفُمصيبيتُواخلفينُخياُمنه ‪ُ،‬مثُرجعتُإىلُنفسي ‪ُ،‬‬
‫قلت‪ُ:‬منُأينُيلُخيُمنُأيبُسلمة؟ُفلماُانقضتُعديتُاستأذنُعليُرسولُاهلل ُ‘ ُوأناُأدرغُإهاراُيل ‪ُ،‬‬
‫فغسلتُيديُمنُالقَظُوأذنتُله ‪ُ،‬فوضعتُلهُوسادةُأدمُحشوهاُليف ‪ُ،‬فقعدُعليهاُفخطبينُإىلُنفسي ‪ُ،‬‬
‫فلماُفَغُمنُمقالته ‪ُ،‬قلت‪ُ:‬ياُرسولُاهلل ‪ُ،‬ماُيبُأنُالُتكونُركُالَغبةُيف ‪ُ،‬ولكينُامَأةُيفُغيةُشديدةُ‬
‫فأخافُأنُتَىُمينُشيئاُيعذرينُاهللُره ‪ُ،‬وأناُامَأةُقدُدخلتُيفُالسن ‪ُ،‬وأناُذاتُعيال ‪ُ،‬فقال‪«ُ:‬أما ما‬

‫(‪ُ)1‬أخَجهُارنُماجهُ(‪ُ)511ُ/1‬رَقمُ‪ُ .1601‬‬
‫(‪ُ)2‬أخَجهُأمحدُ(‪ُ)415ُ/4‬رَقمُ‪ُ .19740‬‬

‫‪2‬‬
‫التعزية‪ :‬فضلها وآدابها‬

‫ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها اهلل ¸ منك‪ ،‬وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي‬
‫أصابك‪ ،‬وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي» ‪ُ،‬قالت‪ُ:‬فقدُسلمتُلَسولُاهلل ُ‘ ‪ُ،‬فتزوجهاُ‬
‫(‪)3‬‬
‫ ‪ُ،‬فقالتُأمُسلمة‪ُ:‬فقدُأردلينُاهللُرأيبُسلمةُخياُمنهُرسولُاهللُ‘" ‪ُ .‬‬
‫ًُ‬ ‫رسولُاهللُ‘‬

‫وال ُحَجُعندُاملصيبةُحزنُالقلبُوركاءُالعني ُفإهناُمنُطبيعةُالنفسُوجبلتهاُالُإمثُفيهُوالُمؤاخذة ‪ُ،‬‬


‫وهذاُماُفعلهُرسولُاهللُ‘ُملاُماتُارنهُإرَاهيم ‪ُ،‬قال‪«ُ:‬إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وَل نقول إَل‬
‫(‪)4‬‬
‫ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» ‪.‬‬

‫ورعضُالناسُإذاُارتليُفإنُهُجيزعُويَتكبُاملنهيات؛ُرلُرعضهمُيكفَُرَبُالربياتُوالعياذُراهلل ‪ُ،‬ومنُ‬
‫هذه ُاملنكَات ُالنياحة ُوهي ُرفع ُالصوت ُعند ُاملصيبة ُرالبكاء ُمع ُذكَ ُحماسنه ‪ُ ،‬وأما ُضَب ُالوجه ُوشقُ‬
‫ان فِي الن ِ‬
‫اس ُه َما‬ ‫اجليبُوجذبُالشعَُونشَهُفهذاُأعظمُذنبا ‪ُ ،‬لقولُرسولُاهلل ُ‪«ُ :۴‬اثْ نَتَ ِ‬
‫ت»(‪ُ ، )5‬وقال‪«ُ :‬لَيس ِ‬‫ب والنِّياحةُ َعلَى الْميِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود َو َشق‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ْخ‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ض‬
‫َ‬
‫َْ َ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫سِ َ َ َ‬ ‫ب ِه ْم ُك ْف ٌر الط ْع ُن في الن َ‬
‫اهلِي ِة» ‪ُ،‬وعنُأيبُرَدةُرنُأيبُم ُو‬ ‫الْجيوب و َد َعا بِ َد ْعوى الْج ِ‬
‫(‪)6‬‬
‫سىُقال‪ُ:‬وجعُأروُموسىُوجعاُفغشيُعليهُ‬
‫ًُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ َ َ‬
‫ورأسهُيفُحجَُامَأةُمنُأهلهُفصاحتُامَأةُمنُأهله ‪ُ،‬فلمُيستطعُأنُيَدُعليهاُشيئاُفلماُأفاقُقال‪"ُ:‬أناُ‬
‫(‪)7‬‬
‫رَيءُممنُرَئُمنهُرسولُاهللُ‘ ‪ُ،‬فإنُرسولُاهللُ‘ُرَئُمنُالصالقةُواحلالقةُوالشالقة" ‪ُ،‬والصالقةُهيُ‬
‫اليتُتَفعُصوهتاُعندُاملصيبة ‪ُ ،‬واحلالقةُهيُاليتُحتلقُشعَُرأسهاُتسخطًا ‪ُُ ،‬والشاقُةُهيُاليتُتشقُ ُجيبهاُ‬
‫جُز ًعا‪ُ .‬‬

‫(‪ُ)3‬أخَجهُمسلمُ(‪ُ)631ُ/2‬رَقمُ‪ُُ، 918‬وأمحدُرنُحنبلُ(‪ُ)27ُ/4‬رَقمُ‪ُ، 16388‬واللفظُألمحد‪ُ .‬‬


‫(‪ُ)4‬متفق عليه‪ُ:‬أخَجهُالبخاريُ(‪ُ)439ُ/1‬رَقمُ‪ُ ُ، 1241‬ومسلمُ(‪ُ)1807ُ/4‬رَقمُ‪ُ .2315‬‬
‫(‪ )5‬أخَجهُمسلمُ(‪ُ)82ُ/1‬رَقكُ‪ُ .67‬‬
‫(‪ )6‬متفق عليه‪ُ:‬أخَجهُالبخاريُ(‪ُ)435ُ/1‬رَقمُ‪ُ ُ، 1232‬ومسلمُ(‪ُ)99ُ/1‬رَقمُ‪ُ .103‬‬
‫(‪ُ)7‬متفق عليه‪ُ:‬أخَجهُالبخاريُ(‪ُ)436ُ/1‬رَقمُ‪ُ ُ، 1234‬ومسلمُ(‪ُ)100ُ/1‬رَقمُ‪ُ 104‬‬

‫‪3‬‬
‫التعزية‪ :‬فضلها وآدابها‬

‫يقول ُعبيد ُرن ُعمي‪"ُ :‬ليس ُاجلُزع ُأن ُتدمع ُالعني ُوحيزن ُالقلب ‪ُ ،‬وإمنا ُاجلزع ُالقول ُالسيء ُوالظنُ‬
‫(‪)8‬‬
‫السيء" ‪ُ .‬‬

‫فإذاُأصيبُأحدناُمبصيبةُفليحمدُاهللُعلىُكلُ ُحال ‪ُ ،‬وليسرتجعُاهللُ ُ‪-‬جلُ ُيفُعله‪ُ -‬والُيعاتبُاهللُ ‪ُ،‬‬


‫فاهللُُأعظمُُوأجلُُمنُأنُيعاتبهُالبشَ ‪ُ،‬فهذاُهوُاجلزعُوالتسخطُالذيُهنىُعنهُرسولُاهللُ‘‪ُ ُ.‬‬

‫راركُاهللُيلُولكمُيفُالقَآنُالعظيم ‪ُ،‬ونفعينُوإياكمُمباُفيهُمنُاآلياتُوالذكَُاحلكيم ‪ُ،‬أقولُماُتسمعونُ‬


‫ُوأستغفَُاهللُيلُولكم؛ُفاستغفَوهُإنهُهوُالغفورُالَحيم‪ُ .‬‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫ُ‬

‫احلمدُهللُالذيُكافأُرإحسانهُالربُالصارَ ‪ُ،‬وتوعدُرالعقورةُاجلزعُالفاجَ ‪ُ،‬وأشهدُأنُالُإلهُإالُاهللُوحدُهُ‬


‫حممداُعبده ُورسوله ‪ُ ،‬رلُغُالدينُوأقامُالشعائَ ُصلىُاهللُ‬
‫الُشَيكُلهُعلمُالبواطنُوالظواهَ ‪ُ ،‬وأشهدُأنُ ُ ً‬
‫اُكثيا ‪ُ،‬أما بعد‪ُ ُ:‬‬
‫أصحارهُوسلمُتسليم ًُ‬
‫ً‬ ‫وسلمُعليهُوعلىُآلهُو‬

‫عبادُاهلل؛ ُهناكُمجلةُمنُالبدعُواملخالفاتُاليتُارتدعهاُرعضُاملسلمنيُ‪-‬هداهمُاهللُإىلُاحلق‪ُ -‬ينبغيُ‬


‫اليتُتوسعُالناسُفيهاُكثياُهيُريوتُالعزاءُ‬
‫ًُ‬ ‫عليناُأنُنبينهاُلكمُوجيبُعليكمُأنُجتتنبوها ‪ُ،‬فمنُهذهُالبدعُو‬
‫وصنعُالطعام ‪ُ،‬وأفعالُمنكَةُحتدثُيفُاالجتماعُللعزاء‪ُ .‬‬

‫وقدُحَمُرعضُالعلماءُرناءُريوتُالعزاءُواألكلُ‬
‫ُ‬ ‫فقدُاتفقُاألئمةُاألررعةُعلىُكَاهةُاالجتماعُللعزاء ‪ُ ،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫فيها ‪ُ،‬فقدُرويُعنُجَيَُقال‪"ُ:‬كنُاُنعدُاالجتماعُيفُالعزاءُوصنعُالطعامُمنُالنياحة ‪ُ،‬والنياحةُحمَمة" ‪ُ .‬‬

‫وقدُكانُسلفناُالصاحلُإذاُماتُهلمُميتُفعزاُؤهمُيتمُإماُيفُالبيتُوإماُيفُالشارعُوإماُيفُاملسجدُوإماُ‬
‫يفُعمله ‪ُ،‬والُخيصصونُلهُمكانًا ‪ُ،‬وريوتُالعزاءُهذهُخمالفةُللشَعُمنُعدةُوجوه ‪ُ،‬أحدهاُتضييعُاألوقات ‪ُ،‬‬

‫(‪ُ)8‬عدةُالصارَينُوذخيةُالشاكَينُ(ص‪ُ .)99ُ:‬‬
‫(‪ُ)9‬أخَجهُارنُماجهُ(‪ُ)514ُ/1‬رَقمُ‪ُ .1612‬‬

‫‪4‬‬
‫التعزية‪ :‬فضلها وآدابها‬

‫ريتًاُللعزاءُمنُحقُاليتامىُوهذاُأكلُ‬ ‫وثانيهاُهدرُاألموال ‪ُ ،‬وثالثهاُماُيكونُمنُرعضُالناس ‪ُ ،‬فإنه ُيبينُ ُ‬


‫ملُينبُريتًاُللعزاء ‪ُ ،‬وملُ‬
‫ُ‬ ‫ألمواهلمُرالباطل ‪ُ ،‬والنيب ُ‪ُ ۴‬ملاُماتُجعفَُعزاهُالصحارةُيفُاملسجدُو‬
‫ّ‬
‫يصنعُهلمُطعاماُكماُيفعلُكثيُمنُالناسُاليوم‪ُ .‬‬
‫ً‬
‫لكنُلوُأتىُأناس ُمنُمكانُرعيدُألهلُامليتُفلُحَجُعلىُصاحبُالعزاءُأنُيكَمُضيفه ‪ُ ،‬وهذاُالُ‬
‫ٌ‬
‫انُواألقاربُأنُيصنعواُللمصابُالطعامُُكماُهوُمعلومُ‬
‫يدخلُيفُالنهيُألنُهؤالءُضيوفُواألفضلُراجلي ُ‬
‫منُهديُالسلفُالصاحل ‪ُ ،‬فعنُعبدُاهللُرنُجعفَُقال‪ُ:‬ملاُجاءُنعيُجعفَُقالُرسولُاهلل ُ‘‪«ُ :‬اصنعوا‬
‫(‪)10‬‬
‫طعاما‪ ،‬فقد أتاهم ما يشغلهم‪ ،‬أو أمر يشغلهم» ‪ُ ،‬ومنُاملخالفاتُالشَعيةُاليتُحتدثُيفُ‬ ‫آلل جعفر ً‬
‫العزاءُقَاءةُسورةُالفاحتة ُعندُكلُدخولُوخَوجُللمعزين ‪ُ ،‬وفعلُهذاُمنُالبدعُفعنُعائشة ‪ُ،‬قالت‪ُ:‬قالُ‬
‫س َعلَْي ِه أ َْم ُرنَا فَ ُه َو َرد» ‪ُ ،‬وقَاءةُالفاحتةُيقصدُمنُيقَأهاُالقَرةُ‬ ‫ِ‬
‫(‪)11‬‬
‫رسولُاهلل ُ‘‪َ «ُ:‬م ْن َعم َل َع َم ًَّل لَْي َ‬
‫والعبادة ‪ُ،‬والسلفُملُيك ُونواُيفعلوهناُمعُوجودُاملقتضيُهلا ‪ُ،‬ففعلهاُإذًاُمنُالبدعُاليتُجيبُجتنبها‪ُ .‬‬

‫هذاُماُأردتُقوله ‪ُ ،‬ونسألُاهللُأنُينفعناُمباُعلمنا ‪ُ ،‬وأنُيعلمناُماُينفعنا ‪ُ ،‬إنهُنعمُاملوىلُونعمُالنصي‪ُ.‬‬


‫واحلمدُُهللُربُُالعاملني‪ُ .‬‬

‫ُ‬
‫َ َ َ‬
‫كتبه‪:‬‬
‫َ‬
‫زيد القرشي‬
‫أبو ٍ‬

‫‪‬‬

‫(‪ُ)10‬أخَجهُالرتمذيُ(‪ُ)323ُ/3‬رَقمُ‪ُُ، 998‬وأروُداودُ(‪ُ)164ُ/3‬رَقمُ‪ُ .3134‬‬


‫(‪ )11‬أخَجهُمسلمُ(‪ُ)1343ُ/3‬رَقمُ‪ُ .1718‬‬

‫‪5‬‬

You might also like