Professional Documents
Culture Documents
آباء الكنيسة
آباء الكنيسة
آباء الكنيسة
سام آشجي
األب ب ّ "مدخل عام "
مقدمة
الالهوتي في القرون األولى للمسيحيّة ،أي البحث في التراث الفكري
ّ "علم اآلباء" هو دراسة النتاج
س ّمي رعاتها
المسيحي ،وعيشه ،وممارسته ،وطقوسه ،وأخالقياته ،خالل هذه الحقبة التي ُ
ّ حول اإليمان
بـ"اآلباء".
لقد نشأ هذا النوع من النتاج الفكري المسيحي مباشرة بعد تدوين اإلنجيل والعهد الجديد عموماً ،وقد
لبعض منه مكانةً تكاد توازي مكانة العهد الجديد.
ٍ أعطت كنيسة القرون األولى
تمتد فترة آباء الكنيسة عند الشرقيين حتى القرن الثامن مع يوحنا الدمشقي ( ،)749 +وحتى القرن
السابع عند الغربيين مع ايسيدورس أسقف إشبيلية ( .)636+غير أن بعض العلماء األرثوذكس ،كاألب
مستمر إلى
ّ ميشيل نجم ،العميد السابق لمعهد القديس يوحنا الدمشقي في البلمند ،يقول أن عصر اآلباء
يومنا وال يمكن أن نحدّد سنة ينتهي فيها هذا العصر ،هناك سلسلة متتابعة ( )continuitéفي تقديم
اإليمان المسيحي بلغة كل عصر وزمان.
يمكن تصنيف نتاج "اآلباء" بحسب الفترة الزمن ّية كأن نقول "آباء القرن الثاني" و"العصر الذهبي
لآلباء" ،أو بحسب نوعيّة الحقبة فنسمي تالميذ الرسل "اآلباء الرسوليين" ،أو بحسب المكان ونوعيّة
الفكر كالمدرسة اإلسكندريّة والمدرسة األنطاكيّة ،أو بحسب اللغة" :اآلباء السريان" و"اآلباء الالتين"،
أو بحسب الموضوع :اآلباء المدافعين ...إذ ال توجد طريقة واحدة لتصنيف هذا التراث .ولقد اخترنا طريقة
جمعت بعضا ً من سابقاتها في تصنيف هذا التراث:
- 3مدرسة اإلسكندرية:
كتب أعالمها أيضا ً باللغة اليونانية وتقسم إلى مرحلتين:
أ -القرن الثالث الميالدي :بانتنوس ،إقليميس (اكلمنضس) ،أوريجانوس ،أمونيوس ،ديونيسيوس
اإلسكندري ،ثيوغنوستس ،بطرس اإلسكندري ،وهيسيخيوس.
ب -المشكلة الخريستولوجية (القرنين الرابع والخامس) :أثناسيوس الكبير وكيرلس األسكندري.
- 5اآلباء الكبادوكيون:
كتبوا باللغة اليونانية في القرن الرابع وهم :باسيليوس الكبير ،وغريغوريوس النزينزي،
وغريغوريوس النيصي.
- 6اآلباء السريان:
آباء الكنيسة في دفاعهم عن الحياة في بدايتها
كتبوا باللغة السريانية وهم :برديصان ( ،)222 – 154أفرهات ( القرن الرابع) ،مار أفرام السرياني
(القرن الرابع) ،مار اسحق السرياني ،ساويروس األنطاكي ( ،)538+فيلوكسينس أسقف منبج (،)523+
يعقوب السروجي ( ،)521 - 451وغيرهم.
- 8اآلباء األرمن:
كتبوا باللغة األرمنية وهم :غريغوريوس المنور ( ،)323 - 240نرسيس شنورهالي ،غريغوريوس
الناريكي ،وغيرهم.
واألبحاث الالهوتيّة والتفسير .لك ّل طريقة في التعبير منهجيتها وقواعدها ،ولك ّل فن هدفه .علينا الدخول
في أسلوبيّة فنون الكتابة .وعلينا لزاما ً معرفة آلية هذه الفنون كما وجدت في زمانها لنستطيع النفاذ إلى
المعنى المختبئ في هذه اآللية والفن.
لو تغيرت! ..ال تكفي الترجمة الحرفيّة ،بل يجب نقل المعنى المختبئ في حدود الكالم إلى الثقافة الجديدة.
ويجب ،من جهة أخرى ،أن يعني هذا المعنى لمن يتلقاه فال يصل إليه بارداً جامداً.
يحمل انثقاف اإليمان إشكاليّة طرحت على الفكر المسيحي منذ نشأته :هل معنى اإليمان الذي اُخت ُبر في
سس له قد تغ ّير في الحضارة الهلين ّية ،وبالتالي في مختلف الحضارات؟ أم أن ث مؤ ِ الثقافة السامية كحد ٍ
بقي أمينا ً للحقيقة رغم تغيُّر المبنى؟ وهل لكي نُحافظ على المعنى ،هل يجب أن نترك المبنى كما المعنى قد َ
ُو ِج َد في أُصوله ،وبالتالي علينا العودة ،في ك ِ ّل زمان ومكان ،إلى عصر األصول ،لكي نختبره؟ ..أظنّ أنَّ
سد في المسيحية ،وتعميمها بحدث انهمار الروح اإلجابة على هذه األسئلة تَسه ُل في حالة فهم حقيقة التج ّ
يفارق
ِ لم والمكان، الزمان حضارة في اإللهي القدس يوم العنصرة .فالروح القدس ،الذي ح ّقق التج ّ
سد
سة إعالن س َ ّ
الكنيسة منذ حلوله "في اليوم الخمسين" يوم العنصرة (رسل ،)../2وكما أل َه َم الجماعة الم َؤ ِ
اإليمان في ثقافات ذلك الزمان ،وهذا ما يرمز إليه تعدد األلسنة ،ال يزال يُلهم الكنيسة ،في كل زمان
ومكان .المشكلة هي العكس ،حين تتج ّمد تعابير اإليمان في قوالب الثقافات الغابرة!..
مقتبس من واقعهم
ٍ كالم
لقد عبّر "اآلباء" عن إيمانهم بلغة وثقافة عصرهم ،فلم يتأخروا في نحت ٍ
الحضاري للتعبير عن معاني اإليمان ،وبفعل الروح القدس تعلن الكنيسة استقامة تعاليمهم .اآلباء خضَّعوا
الفلسفة إلعالن إيمان الكنيسة ،يوم كانت الفلسفة لغة العصر ،فاستعملوا تعابير اقتبست من الفلسفة
اليونانية لم تكن موجودة في الكتاب المقدّس ،أمثال" :الثالوث"" ،األقنوم"" ،الطبيعة"" ،الجوهر"،
"المساوي في الجوهر"" ،الخطيئة األصلية" ...وال تزال الكنيسة إلى اليوم وحتى األبد ،وبهبوب الروح
القدس ،تسعى أن يكون إعالن إيمانها منثقفا ً مع واقع كل عصر ألن اإليمان الغير المفهوم ال يمس القلب،
وبالتالي يصبح اتّباعه عبودية.
خاتمة
نكرر ونبلّغ القضايا
يقول الالهوتي المعاصر الشهير بلتزار" :ليست األمانة للتقليد على اإلطالق أن ّ
الالهوتيّة حرفيّاً ،بل هي باألحرى أن نقتدي ،عند آبائنا في اإليمان ،بموقف التفكير الحميم ومجهود إبداع
الجريء ،وهما تمهيدان ال تستغني عنهما األمانة الروحيّة الحقيقيّة" (. )6
سام آشجي في الدورة التدريبية
هذا هو الموضوع األول من سلسلة المواضيع المطروحة من ِقبل حضرة األب ب ّ
األربعين ألعضاء جمعية التعليم المسيحي بحلب .
1أنظر :المطران كيرلس بسترس ،المطران جوزف عبسي ،األب حنا الفاخوري ،تاريخ الفكر المسيحي عند
آباء الكنيسة ،المكتبة البولسيّة ،2001ص( .5هذا الكتاب مرجع هام).
CF. BERTHOLD ALTANER, Précis de Patrologie, Paris, Mulhouse, 1961, p. 31.
2
3أنظر :الدكتور أسد رستم ،آباء الكنيسة ،الجزء األول ،هدية مجلة النور سنة ،1961المقدّمة ص 10-3
4المرجع السابق ،ترجمه بعنوان" :مختصر علم آباء الكنيسة" ،األب د /كامل وليم ،القاهرة ،الجزء ،1ص4
5راجع المقالة القيّمة لألب جوزف بوحجر اليسوعي" ،تقليد آباء الكنيسة :هل هو ميراث أم موعد"،
المشرق ،الجزء األول1999
6نقالً عن :أدَلبيرت-ج .ه ّمان ،دليل إلى قراءة آباء الكنيسة ،ترجمة األب صبحي حموي اليسوعي ،دار
المشرق ،بيروت ،2002ص.4