Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫المنهج العلمي‬

‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬مدخل إلى المنهج العلمي‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المنهـج العلمي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص المنهج العلمي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع المنهج العلمي‬

‫المطلب الرابع‪ :‬خطوات المنهج العلمي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إسهامات الرواد في المنهج العلمي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الظاهرة االجتماعية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صعوبة تطبيق المنهج العلمي في دراسة الظواهر االجتماعية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إمكانية تطبيق المنهج العلمي في دراسة الظواهر االجتماعية‬

‫خاتمة‬

‫قائمة المراجع‬
‫مقدمة‬

‫إن المنهج كمفهوم قابل للتطبيق في مجال العلوم االجتماعية يشترط شروطا تفرضها طبيعة الحوادث‬
‫االجتماعية‪ ،‬إال أنها هناك صعوبات تحول دون تطبيق المنهج العلمي في العلوم االجتماعية‪ ..‬هذا ال يمنع‬
‫الباحثين من االعتراف باشتراك العلوم كلها في افتراض وجود عالقات منظمة بين الظواهر االجتماعية والطبيعية‬
‫المختلفة‪ ،‬وكلها تحاول الكشف عن هذه العالقات الستخالص القوانين أو النظريات وتفسيرها وصوال للتنبؤ بها‬
‫وضبطها‪ ،‬كما تعتمد هذه العلوم على المنهج العلمي في تحقيق أهدافه – التفسير – التوقع – الضبط‪ -‬ألنه‬
‫يتميز بالدقة والموضوعية وباختبار الحقائق ليزيل عنها كل الشك‪ ،‬وكذا االستقراء الذي يبدأ من الجزيئات‬
‫ليستمد منه القوانين على الطريقة االستنتاجية والتي تتمثل استخالص قانون أو نظرية عامة من خالل مجموعة‬
‫ظواهر طبيعية كانت أو اجتماعية خاصة‪.‬‬

‫اإلشكالية‪ :‬فهل يمكن تطبيق المنهج العلمي على الظواهر االجتماعية؟‬


‫المبحث األول‪ :‬مدخل إلى المنهج العلمي‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المنهـج العلمي‬

‫تعريف المنهج‪:‬‬

‫األسلوب والطريق المؤدي لمعرفة الحقائق أو الغرض المطلوب‪ ،‬كذلك نطلق عليه الوسيلة المؤدية إلى اكتشاف‬
‫الحقائق والمعرفة العلمية‪.‬‬

‫كما يعتبر المنهج في الفلسفة كمقابل للوسائل التي تحقق المعرفة‪ ،‬بمعنى أن المنهج طريقة إلعادة اإلنتاج‬
‫الفكري والفعلي المتعلق بموضوع الدراسة‪.‬‬

‫تعريف العلم‪:‬‬

‫أدرك‪ ،‬والعلم عكسه الجهل‪.‬‬ ‫ِ‬


‫لغة‪ :‬هي كلمة مشتقة من الفعل َعل َم أي َ‬

‫اصطالحا‪ :‬العلم يطلق على مجموعة المفاهيم المترابطة والمتناسقة التي يعتمد عليها في المناهج العلمية‪.‬‬

‫تعريف المنهـج العلمي‪:‬‬

‫تعددت تعاريف المنهج العلمي ‪ ،‬نذكر أهمها ‪:‬‬

‫يعرفه عبد الرحمن بدوي على أنه‪:‬‬

‫"الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن على سير‬
‫العقل وتحديد عملياته حتى يصل إلى نتيجة ومعلومة‪".1‬‬

‫يعرفه جمال زكي بأنه‪:‬‬

‫"الوسيلة التي يمكننا عن طريقها الوصول إلى الحقيقة أو مجموعة الحقائق من أي موقف من المواقف‪،‬‬
‫ومحاولة اختبارها للتأكد من صالحيتها من مواقف أخرى‪ ،‬وتعميمها لنصل إلى ما نطلق عليه اصطالح نظرية‬
‫وهي هدف كل بحث علمي‪".2‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة ‪ ،1977 ،3‬ص‪.05‬‬
‫‪2‬‬
‫مروان عبد المجيد إبراهيم‪ ،‬أسس البحث العلمي إلعداد الرسائل الجامعية‪ ،‬مؤسسة الوراق‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬عمان‪ ،2000 ،‬ص‪.69‬‬
‫يعرفه الدكتور مصطفى التير على أنه‪:‬‬

‫"الطريق أو السبيل للبحث الذي يستند إلى عدد من المميزات الرئيسية أهمها أن الظواهر ومكوناتها‬
‫والعالقات بينها موجودة بشكل مستقل عن الفرد وعن آرائه واتجاهاته وتصوراته‪ ،‬وأن هذه الظواهر تخضع‬
‫لقوانين ثابتة تتحكم فيها وتوجهها بانتظام وأنه باإلمكان التوصل إلى معرفة خصائص هذه القواعد وأساليب‬
‫تأدية وظائفها"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص المنهج العلمي‪:‬‬

‫‪ -‬المالحظة العلمية واجراء التجارب وفرض الفروض لتفسير المشكالت‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام أسلوب التحليل للوصول إلى عناصر أبسط للظواهر والمشكالت التي يدرسها‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد على أساليب القياس الدقيق والمعالجة اإلحصائية للبيانات والمعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬التقسيم الدقيق والصحيح للحقائق وتصنيفها ومالحظة االرتباط والتتابع فيما بينها‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام الخيال الخالق المبدع في التوصل إلى الفروض العلمية أو القوانين العلمية‪.‬‬

‫‪ -‬النقد الذاتي وعدم التسليم بالوقائع إال بعد تمحيصها‪.‬‬

‫‪ -‬ومن خصائصه يجمع بين االستنباط واالستقراء‪ ،‬وبالتالي بين الفكر والمالحظة وعندما يستخدم اإلنسان‬

‫المنهج العلمي فإنه يتحرك بين االستنباط واالستقراء وينهمك فيما يعرف بالتفكير التأملي‪.‬‬

‫‪ -‬وفي االستنباط يرى اإلنسان أن ما يصدق على الكل يصدق على الجزء‪ ،‬ولذا فهو يحاول أن يبرهن‬

‫على أن ذلك الجزء يقع منطقيا في إطار الكل ويستخدم لهذا الغرض وسيلة تعرف بالقياس‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫صالح الدين شروخ‪ ،‬منهجية البحث العلمي للجامعيين‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،2003،‬ص ‪.92‬‬
‫‪4‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع المنهج العلمي‬

‫الواقع أن عدد المناهج ال يكاد ينحصر‪ ،‬ففي كل علم عدة مناهج‪ ،‬بل أنه لمن المستحسن أحيانا أن نستعمل‬
‫مناهج خاصة لمسائل جزئية في داخل العلم الواحد‪ ،‬غير أنه من المستحسن أيضا أن نرد هذه المناهج العديدة‬
‫فرع عليها المناهج الجزئية األخرى‪ ،‬مناهج نموذجية نستطيع في نهاية األمر‬
‫إلى مناهج نموذجية قليلة تُ َّ‬
‫حصرها في خمسة أنواع وهي‪:‬‬

‫‪ -‬المنهج التجريبي‪:‬‬

‫ويشمل المالحظة والتجربة معا وهو الذي نبدأ فيه من جزئيات أو مبادئ غير يقينية تماما حتى نصل إلى‬
‫قضايا عامة‪ ،‬الجئين في كل خطوة إلى التجربة كي تضمن لنا صحة االستنتاج‪ ،‬وهو منهج العلوم الطبيعية‬
‫على وجه التخصيص‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج اإلحصائي‪:‬‬

‫باختالف التعاريف التي تطرقت لشرح هذا المنهج إال أنه يعتبر فرع من الدراسات الرياضية التي تعتمد على‬
‫جمع المعلومات والبيانات لظواهر معينة وتنظيمها وعرضها جدوليا أو بيانيا تم تحليلها واستخالص النتائج‬
‫بذاتها والعمل على تفسيرها‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج االستداللي أو الرياضي‪:‬‬

‫وهو الذي نسير فيه من مبدأ إلى قضايا تنتج عنه بالضرورة دون اللجوء إلى التجربة‪ ،‬وهو منهج العلوم الرياضية‬
‫خصوصا‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج االستردادي أو التاريخي‪:‬‬

‫وهو الذي نقوم فيه باسترداد الماضي تبعا لما تركه من آثار‪ ،‬أيا كان نوع هذه اآلثار‪ ،‬وهو المنهج المستخدم‬
‫في العلوم التاريخية واألخالقية‪.‬‬

‫‪ -‬ونستطيع أن نضيف إليها منهجا خامسا هو المنهج الجدلي الذي يحدد منهج التناظر والتحاور في‬
‫الجماعات العلمية أو في المناقشات العلمية على اختالفها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مراد وهبه‪ ،‬مقاالت فلسفية وسياسية‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬القاهرة ‪ ،1977‬ص‪.21 ،20‬‬
‫‪5‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬خطوات المنهج العلمي‬

‫المالحظة‪:‬‬

‫يعتقد كثير من الناس أن المنهج العلمي يجب أن يبدأ بفرضية‪ ،‬ويعود سبب سوء الفهم هذا إلى أن العديد من‬
‫المالحظات تتم بشكل غير مقصود‪ ،‬فعند البحث في أي موضوع يجب التفكير في كل األشياء التي تمت‬
‫مالحظتها‪ ،‬ثم محاولة العثور على ما يناسب هذه التجربة أو الموضوع‪ ،‬وبذلك يكون هناك مصدر غني‬
‫باألفكار حول الموضوع الذي تم اختياره‪ ،‬وحتى يتم الحصول على فكرة معينة قابلة لالختبار‪ ،‬وللحصول على‬
‫فكرة لموضوع معين يتم النظر إلى جميع األمور المتعلقة به وكتابة المالحظات والتفاصيل‪.‬‬

‫تحديد المشكلة أو وضع الهدف‪:‬‬

‫يوجد عدة أشكال مختلفة لهذه الخطوة‪ ،‬منها تحديد الهدف أو المشكلة‪ ،‬ثم صياغتها على شكل سؤال‪ ،‬وال بد‬
‫من اإلشارة إلى أن هذه الطريقة تسهل تصميم تجربة لإلجابة عن السؤال‪ ،‬حيث إن السؤال الذي ُيطرح يساعد‬
‫على صياغة الفرضية‪ ،‬وبالتالي زيادة التركيز في الموضوع‪.‬‬

‫البحث حول الموضوع‪:‬‬

‫للحصول على أكبر قدر من المعلومات حول الموضوع الذي يتم البحث العلمي عنه يجب إجراء أبحاث أساسية‬
‫حول الموضوع‪ ،‬وهذه الخطوه يمكن أن تتم قبل أو بعد تحديد الهدف أو تشكيل الفرضية‪ ،‬ويمكن أن يبقى‬
‫البحث حول الموضوع طوال العملية بأكملها‪.‬‬

‫اقتراح فرضية‪:‬‬

‫تُعد الفرضية إجابة محتملة على السؤال المطروح‪ ،‬حيث تكون قابله لالختبار بطريقة ما أو بأخرى‪ ،‬وليست‬
‫بالضرورة أن تكون صحيحة في تفسير الظاهرة أو الموضوع‪ ،‬بل هي تفسير محتمل يمكن اختباره لمعرفة فيما‬
‫إذا كان صحيحاً‪ ،‬أو يحتاج إلى تعديل‪ ،‬أو يحتاج إلى تغيير الفرضية ووضع فرضية جديدة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إميل دوركايم‪ ،‬قواعد المنهج في علم االجتماع‪ ،‬ترجمة محمود قاسم والسيد محمد بدوي‪ ،‬مكتبة النهضة المعرفية‪ ،‬القاهرة‪ ،1973 ،‬ص ‪.96‬‬
‫الفرضية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تصميم تجربة الختبار‬

‫بعد وضع فرضية ما يجب إيجاد طريقة الختبارها للتأكد من مدى صحتها‪ ،‬ويتم اختبار الفرضية عن طريق‬
‫الكثير من الطرق‪ ،‬منها التجربة‪ ،‬حيث تحتوي التجربة األساسية الختبار الفرضية على عدة متغيرات‪ ،‬والمتغيرات‬
‫هي عوامل يمكن قياسها‪ ،‬حيث يوجد متغيران رئيسيان للتجربة هما‪ :‬المتغير المستقل وهو المتغير الذي يمكن‬
‫تغييره أو التحكم به‪ ،‬والمتغير التابع وهو الذي يمكن قياسه لمعرفة إذا كان يتأثر عندما يتغير المتغير اآلخر‬
‫المستقل‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬
‫الفرضية‬

‫التفكك األسري هو سبب في التسرب المدرسي‬


‫متغير تابع‬ ‫متغير مستقل‬

‫تسجيل بيانات التجربة‪:‬‬

‫تُسجل المالحظات والبيانات أثناء القيام بالتجربة‪ ،‬حيث تُسجل جميع المالحظات‪ ،‬ويتم تحديد أي شيء غير‬
‫رسم جدول‪ ،‬أو رسم بياني‪ ،‬أو مخطط لعرض النتائج‬
‫عادي أو غير متوقع تم مالحظته‪ ،‬وبعد تسجيل البيانات ُي َ‬
‫التي تم التوصل إليها‪ ،‬ثم تحلل هذه النتائج لفهم ما حصل من تغيرات أثناء التجربة‪.‬‬

‫قبول أو رفض الفرضية‪:‬‬

‫بناء على تلك البيانات‪،‬‬


‫بعد تحليل النتائج التي تم التوصل إليها من خالل التجربة يتم تشكيل االستنتاجات ً‬
‫وتُقارن فيما إذا كانت هذه البيانات تُناسب الفرضية التي وضعت‪ ،‬ثم ُيقرر إذا كانت ستُقبل أم ترفض‪ ،‬علماً‬
‫أنه ُيفضل تطبيق تحليل إحصائي لهذه البيانات؛ وذلك للوصول إلى درجة من القبول أو رفض للفرضية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إسهامات الرواد في المنهج العلمي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الظاهرة االجتماعية‬

‫تعتبر الظواهر االجتماعية نوعاً من أنواع السلوك المجتمع تجاه أمر أو قضية ما‪ ،‬حيث يصبح هذا السلوك‬
‫كما يعرف‪ ،‬وتتعدد أنواع هذه الظواهر من حيث أثرها على المجتمع‪ ،‬فهذا ما يترك األثر اإليجابي كظاهرة‬
‫وسلوك األفراد المميز في إكرام الضيوف ومساعدة المحتاجين‪ ،‬ومنها ما يترك األثر السلبي ويخلف مشاكل‬
‫اجتماعية كظاهرة البطالة وعمالة األطفال وتعنيف النساء‪ ،‬فهي ضرب من ضروب السلوك كان ثابتاً أم غير‬
‫‪6‬‬
‫ثابت‪ ،‬وحيث أن هذا السلوك قد يهم المجتمع كله‪ ،‬ويشكل نوعاً من القهر لبعض أفراده‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صعوبة تطبيق المنهج العلمي في دراسة الظواهر االجتماعية‬

‫الظاهرة االجتماعية ليست كالظاهرة الطبيعية واذا كان من السهل تطبيق المنهج العلمي على الظاهرة الطبيعية‬
‫فانه من الصعب تطبيقه على الظاهرة االجتماعية‪ ،‬وذلك لوجود الكثير من العقبات التي تقف كعوائق أمامها‬
‫وكل هذه العوائق والصعاب إنما تنبثق من خصائص الظاهرة االجتماعية‪ ،‬ومن بينها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬عدم تحري الموضوعية‪ :‬الموضوعية بمفهومها الكالسيكي تعني الفصل بين الباحث والظاهرة التي يدرسها‪،‬‬
‫وهذا ما يمكن ممارسته في الظاهرة الطبيعية لكن مع الظاهرة االجتماعية نجد صعوبة عند عملية الفصل بين‬
‫الباحث االجتماعي والظاهرة االجتماعية‪ ،‬وصعوبة في تحقيق درجة كبيرة من الموضوعية في البحث االجتماعي‬
‫مقارنة مع البحث العلمي في الظاهرة الطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬خاصية التعقيد‪ :‬لما كانت الدراسة العلمية وفق المنهج العلمي تقتضي أن تكتفي بالوقوف على علل وأسباب‬
‫الظاهرة االجتماعية‪ ،‬فان ذلك مستطاع في الظاهرة الطبيعية لكنه غير متيسر في الظاهرة االجتماعية ألنها‬
‫معقدة وأسبابها عديدة‪.‬‬

‫‪ -‬القوانين والتعميمات ‪ :‬إن للعلوم الطبيعية قوانينها المحددة التي يمكن التحقيق منها واستخدامها بعد ذلك‬
‫بصورة كبيرة‪ ،‬وجعل هذه القوانين بمثابة المبادئ واألسس العامة التي تقوم عليها نظريات العلوم الطبيعية ‪،‬‬
‫لكن وجود صعوبة في التحليل والتجريب وتحري الموضوعية في الظاهرة االجتماعية يؤدي بنا إلى صعوبة‬
‫استخالص القوانين العلمية في علم االجتماع بنفس ما هي عليه في الظاهرة الطبيعية‪ ،‬وان وجدت قوانين علمية‬

‫‪ 6‬إميل دوركايم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.6‬‬


‫‪ 7‬جي روشيه‪ ،‬علم االجتماع األمريكي‪ ،‬ترجمة أحمد زايد ومحمود الجوهري‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،1981 ،‬ص‪.53‬‬
‫للبحث االجتماعي فهي ليست موضوعية وليست دقيقة وذلك راجع إلى عدم تخلي الباحث االجتماعي وتخلصه‬
‫‪8‬‬
‫بشكل نهائي من أهوائه ورغباته و إيديولوجياته‪.‬‬

‫‪ -‬التنبؤ‪ :‬حققت العلوم الطبيعية درجة كبيرة من التقدم واالنجاز العلمي‪ ،‬وجاء هذا التقدم نتيجة قدرتها على‬
‫التنبؤ بحدوث الظاهرة أو عدمها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إمكانية تطبيق المنهج العلمي في دراسة الظواهر االجتماعية‬

‫يؤكد العلماء وفي مقدمتهم لعلم االجتماع اميل دوركايم أنه يمكن دراسة الظاهرة االجتماعية دراسة موضوعية‬
‫وعلمية ألنها ظاهرة شيئية‪ ،‬فالظاهرة االجتماعية تمتاز بأنها خارجة على الفرد مستقلة عن شعوره‪ ،‬فاالنسان‬
‫كما يقول "دوركايم" عندما يتقصى سلوكه يجده مقيدا بجملة من األعراف والتقاليد والقواعد هيئت من قبل فهو‬
‫يأكل ويشرب ويلبس ويتحدث إلى الناس ويتعامل معهم تبعا ألساليب جاهزة ديانته ومعتقداته وجدت قبل وجوده‬
‫واللغة التي يتكلم بها مع الناس لم ينشئها وطريقة المصافحة‪.‬‬

‫فالظاهرة االجتماعية إذن تأتينا من الخارج ونحن إنما نتلقاها ونتحلى بها‪ ،‬ومن هنا كان تنويه دوركايم بأنها‬
‫أشياء قابلة للدراسة الموضوعية بواسطة المنهج التجريبي مثل الظواهر الطبيعية يمكن مالحظتها واقامة التجربة‬
‫عليها للكشف عن القوانين التي تتحكم في سيرها وتطورها‪ ،‬فالمنهج الموضوعي يقوم على مالحظة نمو وتطور‬
‫الظواهر االجتماعية في مجتمعات محدودة يمكن التحكم فيها الى حد كبير كالمجتمعات المدرسية واألندية‬
‫والجمعيات الخيرية‪ ،‬فالتجريب هنا ال يعني إحداث حوادث جديدة بالمرة ‪ ،‬بل تعديل بعض ظروف المجتمعات‬
‫الصغيرة ومالحظة نتائج هذا التعديل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أحمد عياد‪ ،‬مدخل لمنهجية البحث االجتماعي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.42-40‬‬
‫‪9‬‬
‫السيد علي شتا‪ ،‬المنهج العلمي وعلم االجتماع‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ، ،‬الطبعة ‪ ،3‬اإلسكندرية‪ ،1995 ،‬ص ‪.17-16‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫يبدو أن المنهج كمفهوم قابل للتطبيق في مجال العلوم االجتماعية يشترط شروطا تفرضها طبيعة الحوادث‬
‫االجتماعية‪ ،‬من ناحية األسس العامة ومبادئه وخطواته األساسية إال أن هنالك صعوبات تحول دون التطبيق‬
‫الكامل للمنهج العلمي في العلوم االجتماعية كخاصية تعقيد الظاهرة وتشابكها وكذا صعوبة ضبطها تجريبيا‬
‫وقياسها قياسا موضوعيا‪.‬‬

‫هذا ال يمنع الباحثين من االعتراف باشتراك العلوم كلها في افتراض وجود عالقات منظمة بين الظواهر‬
‫االجتماعية والطبيعية المختلفة‪ ،‬وكلها تحاول الكشف عن هذه العالقات الستخالص القوانين أو النظريات‬
‫وتفسيرها للوصول للتنبؤ بها وضبطها‪ ،‬كما تعتمد هذه العلوم‪-‬الطبيعة واالجتماعية‪ -‬على المنهج العلمي في‬
‫اختبار‬
‫ًا‬ ‫تحقيق األهداف الثالث – التفسير– التوقع – الضبط‪ -‬ألنه يتميز بالدقة والموضوعية وباختبار الحقائق‬
‫يزيل عنها كل الشك‪ ،‬وكذا االستقراء الذي يبدأ من الجزيئات ليستمد منه القوانين على الطريقة االستنتاجية‬
‫والتي تتمثل في استخالص قانون أو نظرية عامة من خالل مجموعة ظواهر طبيعية كانت أو اجتماعية خاصة‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد عياد‪ ،‬مدخل لمنهجية البحث االجتماعي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية بن عكنون‪،‬‬

‫الجزائر‪.2006 ،‬‬

‫‪ -2‬إميل دوركايم‪ ،‬قواعد المنهج في علم االجتماع‪ ،‬ترجمة محمود قاسم والسيد محمد بدوي‪ ،‬مكتبة النهضة‬

‫المعرفية الجامعية‪ ،‬القاهرة‪.1973 ،‬‬

‫‪ -3‬جي روشيه‪ ،‬علم االجتماع األمريكي‪ ،‬ترجمة أحمد زايد ومحمود الجوهري‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1981 ،‬‬

‫‪ -4‬السيد علي شتا‪ ،‬المنهج العلمي وعلم االجتماع‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬الطبعة ‪ ،3‬اإلسكندرية‪.1995،‬‬

‫‪ -5‬صالح الدين شروخ‪ ،‬منهجية البحث العلمي للجامعيين‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪.2003،‬‬

‫‪ -6‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة ‪.1977 ،3‬‬

‫‪ -7‬مراد وهبه‪ ،‬مقاالت فلسفية وسياسية‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬القاهرة‪.1977 ،‬‬

‫‪ -8‬مروان عبد المجيد إبراهيم‪ ،‬أسس البحث العلمي‪ ،‬مؤسسة الوراق‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬عمان‪.2000 ،‬‬

You might also like