Professional Documents
Culture Documents
الكنيسة الإنجيلية المشيخية
الكنيسة الإنجيلية المشيخية
1
محتوى كتاب تاريخ الكنيسة المشيخية
ِّ
مقدمة
لماذا لم ِّ
يسجلوا التاريخ؟
لماذا هذا الكتاب؟
اقتصاديا
ً يخيا و
المسيحية في مصر تار ً
بداية عصر التنوير (محمد علي)
بداية العمل اإلنجيلي
اإلرسالية األمريكية في مصر
الكنيسة اإلنجيلية المشيخية والوطنية المصرية
النظام اإلداري الكنيسة اإلنجيلية المشيخية ديمقراطية
العبادة الكنيسة اإلنجيلية المشيخية عابدة
الترنيم
التعليم العام الكنيسة اإلنجيلية المشيخية خادمة
التعليم الالهوتي
الخدمة الطبية
المرأة 0
الطفل
الشباب
التنمية
المجتمع الحضري
خدمة الجهات النامية
النشر الكنيسة اإلنجيلية المشيخية كارزة
خدمة وادي النيل
الحوار المسكوني
مقابالت ذات داللة
الكنيسة اإلنجيلية المشيخية إلى أين؟
2
الكنيسة المشيخية بمصر
روحانية تفيض في وادي النيل
الدين
االقتصاد السياسة
الروحانية
3
الموروث المجتمع
ويتغير لون مياهه
َّ الفياض الذي يرتفع ن ِّ
ركز على الجانب الروحاني في حياة الكنيسة التي عايشت وتعايش النيل َّ
ذاتيا وكما أن النيل ال يعرف
ويغمر األرض فيعطي الخصب ثم يعود إلى االنخفاض ليعطي األرض الفرصة أن تثمر ً
أيضا للعالم العربي وبالد المهجر.
الحدود السياسية فإن الكنيسة امتدت وأثمرت ليس فقط في حوض النيل لكن ً
ِّ
المتطورة والفياضة مع النيل ولمساعدة القارئ على إدراك الحقائق واألحداث ِّ
سنركز هنا على روحانية الكنيسة
البد من تعريف الروحانية المقصودة والعوامل المؤثرة في صياغتها.
واللفظ أصله الكتابي يأتي من كلمة "ريح" أو "روح" أي "نسمة" عندما يقول عند خلق آدم أن الله نفخ في أنفه
صور متنوعة
ًا "نسمة" حياة فالمقصود هو تأكيد "ارتباط اإلنسان بالله" فهو َ"ن َسمة فيه" ومرتبط به .وهذا االرتباط يأخذ
معا وتصوغ وتعيد صياغة هذه العالقة سواء في العبادة أو نوع الحياة أو التوجه طبًقا للمؤثرات العديدة التي تتفاعل ً
العقلي أو األخالقي والسلوكي.
ِّ
المتغيرات االجتماعية والمجتمعية ،ب.المتغيرات ولعل أبرز العوامل التي تؤثر في صياغة الروحانية هي :أ.
وغالبا ما تكون مرتبطة بالسياسة وطبيعة المجتمع ،د.ً السياسية ونظم الحكم واإلدارة ،جـ .و ِّ
المتغيرات االقتصادية
ِّ
المتغير الديني وأقصد به التوجهات والفكر عن الله ًأيا كان اسم ال دين .وهذه العوامل األربعة ديناميكية وليست ساكنة
سلبا عندما تتصادم المصالح. ِّ
إيجابا لالستفادة بها أو ً
ً أحيانا
ً وتؤثر وتتأثر كل واحدة منها ببقية المنظومة
تشكل وتعيد تشكيل وتطوير الروحانية التي هي –كما أشرنا-صورة وطبيعة وهذه الحركة الفاعلة هي التي ِّ
متعددة من الروحانيات نشير إلى بعضها في سياق السرد إلدراك أثر كل طا ِّ العالقة بين اإلنسان والله ،لذلك نجد أنما ً
العوامل التي أشرنا إليها.
فكيف تفاعلت هذه العوامل وما زالت تتفاعل إلى اليوم في إطار أنواع الروحانيات التي أنتجتها هذه المتغيرات
أيضا التراث الثقافي والديني في مصر؟
السياسية واالقتصادية والمجتمعية و ً
بدءا من نهضة محمد على إلى الثورات إلى االستقرار .أسرة محمد على تتولى قيادة مصر
متغيرات سياسيةً :
وتمليك المصريين لألراضي ،ثورة عرابي وثورة ،9191صدور دستور ،32دخول النظام اإلنجليزي إلى السودان
ِّ
المتطرفة أيضا ،ثورة 9193ثم اإلصالح الزراعي ،حرب السويس 9191وكذلك حرب ،62 ،16ظهور الجماعات ً
دينيا في مصر والعالم العربي ،غياب الديمقراطية في العقد األخير من القرن العشرين والعقد األول من القرن الواحد
ً
والعشرين وما تال من أحداث سريعة ومتالحقة في شكل ثورات وتوجهات لم تتحدد مالمحها بعد.
متغيرات اقتصادية :نظام اشتراكي في حكم جمال عبد الناصر ،نظام رأسمالي في حكم السادات ،نظام
خصوصا مع تعطل عدد من المصانع وعودة
ً رأسمالية فردية في حكم مبارك ،تحفظ اقتصادي مع مطلع القرن 39
عمال من العراق ومن ليبيا.
4
متغيرات مجتمعية وثقافية :بعد توزيع األراضي بمعرفة الخديوي ظهرت فئة مالك األراضي وتغذية النظام
القبلي (األسرة الممتدة) وزيادة تأكيد القيم الموروثة وتسمية القرى والمشروعات بأسماء العائالت ،مع ثورة 9191
ظهرت حركة وطنية جمعت كل فئات المجتمع حول قضية الوطن والدستور ،مع ثورة 9193ظهرت حساسية في
التعامل بين فئات الشعب المختلفة من عمال وفالحين صغار وأتباع نظام الحكم ،كما ظهرت حركة منظمة الشباب
التحول
ُّ إيجابيا إلى ظهور حركة شباب الكنيسة ،أما
ً أيضا
وخلقت تحديات جديدة داخل المجتمع وقد أدى هذا ً
وتوجه للربح حتى
االشتراكي فأعاد صياغة التركيبة المجتمعية ،والتحول إلى الرأسمالية خلق صياغة مجتمعية جديدة ُّ
إذا كان على حساب القيم الموروثة ،وخلقت الهجرة الداخلية عشوائيات المدن ،أما العمل في بالد البترول فقد خلق
سلوكيات معينة ،أما الهجرة للخارج فقد أفقدت البالد الكثيرين من القيادات الفكرية والمجتمعية.
ِّ
متغيرات دينية :من تالحم بين مسيحيين ومسلمين في مواجهة الحروب إلى ُّ
تشدد ديني في وقت سيطرة رأس
المال إلى حوارات لمحاولة لم الشمل ،إلى استخدام الدين للهيمنة الفكرية والسياسية ،وال ننسى أثر الفضائيات على
إعادة صياغة بل ُّ
تعدد الصياغات الدينية.
5
الكنيسة اإلنجيلية المشيخية
مصرية
6
مــقدمــة
لماذا لم يسجلوا التاريخ
جديدا أو يعملوا على إزهار وإثمار شجيرة
ً كان اهتمام اإلنجيليين أن يزرعوا زرًعا
صغيرة في بلد صغير أو قرية أو عزبة أو نجع ،في مستشفى أو في مستوصف ،في
مبسطة لألطفال أو في
ملجأ أو في مدرسة صغيرة من فصل واحد ،في تقديم دراسة َّ
عمق للدراسة الكتابية ،في ترجمة ترانيم وألحان تراثية أو في كتابة وتلحين ترانيم ِّ
تعبر
غالبا على أنه أقل من
عن المفاهيم والمشاعر والفكر الالهوتي حسبما رأوه وقيـَّموه ً
سجل ويـُنشر .وذلك لألسباب اآلتية:
أن ُي َّ
حساسية الكالم عن الحوارات والمجادالت ،وعوامل الشد والجذب التي كانت .1
تظهر بين الحين واآلخر ،في موقع أو آخر سواء مع الكنيسة التقليدية أو مع
المجتمع في أطر ضيقة
اقتصاديات الكنيسة التي جعلت أولوياتها الك ارزة والشهادة والخدمة لم ِّ
تبق .2
متفرغة لإلدارة وبالتالي أنظمة ِّ
متفرغة لتسجيل التاريخ واألحداث مساحة ألجهزة ِّ
إ ًذا لماذا نخرج عن هذا اإلطار ونحاول أن ِّ
نسجل التاريخ ونحتفل به؟
هل ألن الظروف تغيرت؟ أو أن االقتصاد اختلف؟ أو أننا نتتبَّع عمل الرب من خالل
هذه النبتة التي امتدت فروعها إلى السودان والعالم العربي بل وإلى بالد المهجر؟ أم
ِّ
ونجدد العهد من ونتحسس مواطن ضعفنا وألمنا
َّ أننا نحتاج إلى وقفة لنلتقط أنفاسنا
ِّ
متجددة؟ جديد لنسمع ِّ
ونميز دعوة
ربما بعض هذه األسباب أو كلها أو أكثر منها ،لكننا على أي حال سوف نحاول أن
ننـ ِّقب في دفاترنا القديمة من محاضر جلسات ومجالَّت وتقارير من الداخل والخارج،
ونجمع ما هو مناسب ويساير المكتوب من شهادات شفوية للمتقدمين من السن ،أو
من محاضر جلسات بعض مجالس الكنائس أو حتى من وثائق الممتلكات التي تؤكد
عمل روح الله في تنشيط السخاء فيما قدم المصريون من أمالك وأطيان ومبان
ومدارس بعضها ضخم وبعضها متواضع من أجل استمرار ونمو الخدمة .بل إن
ِّ
المميز ألجيال اإلنجيليين في مختلف مواقعهم. خدمة المجتمع ككل كانت هي الطابع
ولعل ما سجله األستاذ أديب نجيب في كتابيه" "تاريخ الكنيسة اإلنجيلية" و"اإلنجيليون
والعمل القومي" يعطي صورة واضحة ،وقد َّ
ركز غفي الكتاب األول على التاريخ
الموسع والكافي الذي يعطي صورًة واضحة عن البدايات والمسيرة ،كما تناول في
َّ
الثاني خدمة القضايا القومية على المستوى السياسي ومحاربة االستعمار وبناء
الدستور للبالد وتفعيل ديمقراطية األحزاب.
لنتطور
َّ ذكر َّ ..
لنتعلم.. لنسأل أوال لماذا ندرس التاريخ :لنت َّ
لنذكر كيف كانت الرؤى قادرة أن تصنع التاريخ بأقل اإلمكانيات لتحقيق القصد
اإللهي ألن الدعوة العليا من الله وليست متروكة للضعف البشري لكن َّ
تتحقق بسبب
فاعلية الروح القدس في جماعة استجابت للدعوة العليا.
َّ
لنتعلم كيف استطاع السابقون تحدي الصعوبات ،وكيف استفادوا بالمتاح وندرس
منتظر أن يكون:
ًا سلبيا في وقته.وكيف عملوا في غياب ما كان
وحتى مما كان يبدو ً
إلدراك أن القيمة أغلى من المال
وأن الخدمة تأتي قبل المنصب
وأن العطاء بمختلف صوره حتمية إيمانية وليس انتظا ار لألخذ
ِّ
لنطور أهدافنا بما يتناسب مع العصر بكل ما فيه من إيجابيات وندرس
وسلبيات واحتياجات وأيضا ِّ
نطور أسلوب األداء ليعطي أكبر إنتاج برؤية أوسع
وبروح مسكوني
ربما ِّ
لنغير التاريخ أو نضيف إليه
لنغير ما يحتاج إلى تغيير وأيضا َّ
نتعلم منه ونكمله أو ِّ
تصدى ِّ
المتغيرات ون َّ جديدا ذا طبيعة جديدة يتفاعل معً يخا
أو لنصنع تار ً
تنوعت َّ
وتعددت من أقصى اليمين للتحديات على مختلف األصعدة ،فاألفكار الدينية َّ
تعلق بصيغة إصالح القرنإلى أقصى اليسار بين أصولية وسلفية وتقليد ،إلى ُّ
وعقائديا ،إلى تأثر بتيارات وضغوط
ً افيا
السادس عشر ،إلى انفتاح على العالم جغر ً
مؤثرة أو اقتصادية حاكمة أو حتى انفعاالت نفسية متقلبة أو سياسية ِّ
اجتماعية ِّ
شخصية تحاول أن تجد إشباعا في حركات دينية.
8
المسيحية في مصر
سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا
مصر في بداية ظهور المسيحية:
تدور الدراسة التاريخية لمصر في تلك الفترة في محور سيطرة قوة أجنبية سواء األسرة
ثانيا والهدف األساسي لكل هذه الصراعات
البطلمية المقدونية أوال أو القادة الرومان ً
بين القوى السياسية المختلفة هو السيطرة على القمح المصري.
لقد قام السالم الروماني على هبات من األراضي الزراعية المصرية وإمدادات هائلة
من القمح المصري ،وعلى الكميات الضخمة من ذهب البطالمة الذي أتى في
األساس من مقابر الفراعنة.
وفي حين أعطت اإلمبراطورية الرومانية درجة كبيرة من االستقالل والحكم الذاتي
لم دن وأقاليم عديدة في حوض البحر المتوسط ،أنكرت على مصر أي درجة من
االستقالل ،بل وضعت مجموعة من التوجيهات الخاصة للحاكم الروماني لمصر
صارما سيطر به الرومان على
ً قانونا
عرفت بـ "مقننة األيديوس لوجوس" التي كانت ً
صارما من الشعائر
ً نظاما
ً البناء االجتماعي المصري وفرضوا على المصريين
الدينية .وفي القرن الثالث الميالدي بدأت ثورات المصريين تأخذ الطابع الديني
مستخدمة االستقالل عن الكنيسة الكاثوليكية التي هي الرومانية وسيلة لتوكيد
الخصوصية المصرية .لقد كانت حركة تأسيس الكنيسة القبطية المصرية أول حركة
اعتراض على الكنيسة الكاثوليكية في تاريخ المسيحية ،وسبقت اعتراض الحركة
9
البروتستانتية األوروبية على الكنيسة الكاثوليكية بـ 93قرنا.
الكنيسة في مصر ويوم الخمسين:
ورد في سفر األعمال أن المصريين كانوا في أورشليم في يوم حلول الروح القدس (أع
)3وليس من الغريب أن يعودوا إلى اإلسكندرية للتفاعل مع مدرسة الفكر اإلسكندري
ذات المرجعية اليونانية وكذلك مع الفكر اليهودي السكندري الذي أنتج الترجمة
1د .رأفت عبد الحميد ،الفكر المصري في العصر المسيحي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة.2222 :
9
السبعينية للعهد القديم فكانت التربة جاهزة لمناقشة المستجدات من جهة تحقيق
النبوات في العهد القديم وأيضا من جهة حرية المدرسة اليونانية في المناقشة والحوار.
اإلسكندرية صانعة الفلسفة والعلم والدين:
كانت اإلسكندرية مصدر األديان بحكم تواجد مصادر عديدة ألديان عديدة (يهود،
يونانيين ،معابد وكهنة مصريين) قبل أن تكون مركز تبادل الفكر والعلم حين أقام
متحفا يعتبر أول جامعة في العالم ضم أبحاثًا
ً بطليموس األول (ال قرن 2ق.م)
وسجالت ودارسون كانت أسماء أشهر العلماء مألوفة لديهم ومنه نشأت مدرسة
دينيا ( Museumمشتق من اسم االله اإلسكندرية .وقد أخذ هذا المتحف شكال ً
ميوز) حتي يضمن عطايا في مجتمع لم يألف هذا النوع من التعليم الدنيوي لكن
علميا ،وقد ضعف أثره بعد حوالي مئة سنه من إنشائه تحت تأثير توجهه كان ٍ
فلسفا
ً
تقاليد الكهنة التي ابتلعته ،لكن بطليموس أنشأ المكتبة التي اشتهرت بمكتبة
وكانت اإلسكندرية فكانت أكبر دائرة معارف عرفها العالم في ذلك الوق ت، 3
اإلسكندرية بحكم موقعها المتميز واسطة عقد بين ثقافات وفلسفات البحر المتوسط
بين عقالنية الفكر الفلسفي ومدارسه من جانب وروحانية الشرق وصوفيته من جانب
مركز للدراسات األفالطونية ومهد األفالطونية المحدثة .فاإلسكندرية
ًا آخر ،فكانت
حاضرة تاريخية وعقل العالم الهلينستي بمدرستها ومكتبتها يقصدها طالب العلم
والعلماء والشعراء والفنانون ،وكانت فلسفة اإلسكندرية تُعد قبل كل شيء فلسفة دينية
ترجع إلى فلسفة أفالطون اإللهية الدينية ،ذلك ما هيأ لإلسكندرية القيام بدورها في
فلسفة لمواجهة الوثنيين .ولما دخلت المسيحية مصر َّقدمتها
الم َ
تقديم المسيحية ُ
اإلسكندرية للعالم الروماني بشكل يليق بمكانتها الفكرية وأسهمت بأكبر نصيب في
المناقشات الجدلية التي كانت بمثابة مبارزات الهوتية أصابت النصف الشرقي من
اإلمبراطورية الرومانية
ومع الشهرة التي حققتها اإلسكندرية في الفلسفة الدينية ،لم يكن غر ًيبا أن تتولى زعامة
الدفاع عن المسيحية ضد الفرق التي ظهرت تجمع بين الفكر الوثني واألفكار
المسيحية بصورة معينة وخاصة الغنوصية أو األدرية التي أنكرت الهوت المسيح.
H.G. Wells ,The Outline of History(the whole story of man) p.p.261- 2
261,,England,1922freeeBook//manybooks.net/
12
حيث َّ
تبنت مدرسة اإلسكندرية االتجاه المعتمد على ما في روح الكتاب المقدس،
باالعتماد على التفسير الصوفي المجازى والتأويل الرمزي واختارت فلسفة أفالطون
لتحاول الدخول بالعقيدة إلى مدارج العقل عن طريق الفلسفة .فاإلسكندرية كانت رائدة
اتجاه المزج بين الفلسفة والدين ،وكان مفكروها هم أساتذة زمنهم في المذهب االنتقائي
التوفيقي.
أشهر مدرسة مسيحية في العالم المسيحي:
3
خصوصية مدرسة اإلسكندرية:
وقد بدأت مدرسة اإلسكندرية الالهوتية رحلتها مع الوجود كمدرسة للموعوظين فربما
أن نشأتها في األساس ال تعود لشخص معين وإنما كان محصلة للعظات، 4ثم تُركت
ِّ
التصدي للدفاع عن العقيدة ضد تلك المهمة لرجال الكنيسة و َّ
ركز أساتذتها على
شنوا هجومهم بأسلحة فكرية وحجج فلسفية إضافة إلى الفرق العديدة
الوثنيين الذين ُّ
وأشهرها مدرستي الغنوصيين واألدريين حتى ُعرفت االسكندرية بمدرسة المدافعين
جنبا إلى جنب مع المدرسة الفلسفية السكندرية فقد نشأت بجوار المدرسةوسارت ً
المشهورة بدراساتها الهلنستية دون أن تقضي أحدهما على األخرى.
ومن هنا برزت مدرسة اإلسكندرية الالهوتية في هذا الشأن والتي ُعرفت "بمدرسة
أعدادا
ً منبر للدفاع عن العقيدة المسيحية ،هذا الدور اجتذب
المدافعين" ،واُعتبرت ًا
كبيرة من المثقفين الذين راحوا يبحثون في الفلسفة التي تحولت على يد المدرسة
السكندرية من فلسفة عقل نظري إلى فلسفة عقل عملي ثم في النهاية إلى فلسفة دينية
وتفكير ديني.
وقد بدأت مدرسة اإلسكندرية رحلتها إلى الوجود في البداية باعتبارها "مدرسة
دروسا في العقيدة المسيحية للراغبين في
ً الموعوظين" كما سبق القول-التي تقدم
التحول إليها ،غير أنها سرعان ما َّ
تخلت عن هذه المهمة ،وأعلن أساتذتها أن دورهم
األساسي يتركز في التصدي للدفاع عن العقيدة ضد الوثنيين ،ومن ثًم ذاع صيت هذه
المدرسة وغدت أول معهد علمي للدراسات الالهوتية في عالم المسيحية األول،
12
خالص اإلنسان ،حيث اختلطت الفلسفة واصطبغت بالدين والوحي وارتبطت بهما معا
5
بسبب االمتزاج والتفاعل الذي حدث بين الفكر اليوناني والفكر الشرقي.
فلسفة( :أي محاولة التوفيق بين الفلسفة والمسيحية وهي غيرالم َ
-3تيار المسيحية ُ
الفلسفة المسيحية) وظهر هذا التيار نتيجة لالمتزاج والتفاعل الذي حدث بين الفكرين
اليوناني والشرقي وانفتاح كل منهما على اآلخر ،والتي كانت اإلسكندرية المركز
الرئيسي الذي تمت فيه عملية التفاعل واالمتزاج بين المسيحية والفلسفة وخاصة
األفالطونية .فقد أرى آباء المسيحية السكندرية أن دراسة الفلسفة والتراث اليوناني
هدية الله التي قدمها للخاصة ليسلكوا بها السبيل الحق لمعرفة المسيحية ،األمر الذي
تحول مدرسة اإلسكندرية من "مدرسة للموعوظين" الداخلين إلى المسيحية
أدى إلى ُّ
حديثًا إلى "مدرسة للمدافعين" .وظهر من يمزج بين االثنين مع إعمال العقل للبحث
عن األفضل وهو ما ُيطلق عليه المسيحية المتفلسفة وهو تيار عمل على دخول
المسيحية من باب الفلسفة حيث تأخذ منها وتعطيها .ومن أشهر رموز هذا التيار
أوريجانوس وإكليمندس واآلباء الكبادوكيون الثالثة .ويقابل هذا التيار اتجاه ينادي بأن
الكتاب المقدس وحده فيه كل الكفاية لإلجابة على التساؤالت وإشباع الحاجات ،وقد
حرم ذلك التيار قراءة أعمال الوثنيين وحاول تقديم أدب مسيحي يصرف الشباب عن
َّ
اآلداب الوثنية فإن أرادوا أن يق أروا في التاريخ فعليهم قراءة سفر الملوك وإن أرادوا أن
يق أروا في البالغة فليق أروا األنبياء والمزامير .الخ ومن أشهر رموز هذا التيار ترتليان
6
وجيروم وجريجوريوس العظيم والذين ُيعرفون بأعداء الفلسفة.
-4تيار الرهبنة :من ينأى بنفسه عن كل ذلك ويأخذ في التأمل منعزال وهو "التيار
الرهباني" في اإلسكندرية والرهبانية ظاهرة قديمة أساسها االحتجاج الصامت ضد
االستبداد السياسي والعسف االقتصادي ثم االضطهاد الديني ،وهذا ال ينفي أن هناك
سياسيا لهذا التيار ظهر منذ القرن الرابع حتى السابع الميالدي من خالل ً دور
ًا
األساقفة ،فالرهبان هم الظهير الطبيعي لبيعة اإلسكندرية والعمق االستراتيجي لها في
طول البالد .وأضحي الرهبان قوة ضخمة استخدمها أساقفة اإلسكندرية في التصدي
للق اررات التعسفية لألباطرة البيزنطيين ضد الكنيسة والمصريين عامة فالكنيسة وحدها
13وقد تم االتفاق بين الكنيستين حول عقيدة طبيعة االبن في أواخر القرن العشرين .انظر تقرير اللقاء الذي تم
في دير األنبا بيشوي وتقارير مجلس كنائس الشرق األوسط.
16
نذكر هنا أن الكنيسة القبطية األرثوذكسية بمصر بعد أن انفصلت عن باقي الكنائس،
حفظت تراثها القديم وأصبحت إلى حد ما فريدة بين الكنائس .هذا االنفصال أفاد
الكنيسة في بعض النواحي وال شك ،لكنه من الناحية األخرى أضر بالكنيسة في
بعض المواقف.
94
الكنيسة المصرية والفتح العربي لمصر
حدث الفتح العربي اإلسالمي لمصر في عام 121م أي بعد أقل من قرنين
من زمن انعقاد مجمع خلقيدونية السابق اإلشارة إليه ،والذي انفصلت فيه الكنيسة
المصرية عن غيرها من الكنائس .وكانت مصر حينذاك تحت الحكم الروماني
البيزنطي (فقد حاول اإلمبراطور هرقل توحيد العقيدة الدينية داخل اإلمبراطورية واحتج
األسقف الشرعي بنيامين على سياسة االضطهاد باالحتماء بالرهبان في الصحراء.
أسقفا لألرثوذكسية الخلقيدونية
أرمينيا و ً
ً وبنيامين ليس هو المقوقس ولكن المقوقس كان
أسقفا لإلسكندرية ثم نائبا
الملكانية وليس لألرثوذكسية القبطية وهو الذي تم تعيينه ً
99
) وقد اتخذ منفيا في ذلك الوقت
لإلمبراطور في حكم مصر حيث كان بنيامين ً
رحبوا بهم ألن البيزنطيين لم
محايدا إزاء العرب الفاتحين ،بل لعلهم َّ
ً موقفا
األقباط ً
يكونوا يحسنون معاملتهم ،كذلك كان أنصار الكنيسة التي انفصلوا عنها (وكان يطلق
عليهم لقب الملكيين) يضطهدونهم ويحاولون إغالق الكنائس القبطية ،ويستعينون
على ذلك ب الغوغائية إال أنهم في أوقات التسامح الديني عاشوا في درجة مقبولة من
يتكيفوا مع الظروف المختلفة.
األمان وبذلك استطاعوا أن َّ
16
قدوم اإلرساليات المسيحية من الغرب
كانت هذه اإلرساليات قنطرة لنقل بعض مالمح التفكير الغربي إلى
المسيحيين المصريين ،سواء رحبوا بها أم رفضوها فلقد ظلت الكنيسة القبطية
األرثوذكسية بعيدة عن االتصال بغيرها من الكنائس في العالم (فيما عدا بعض
الكنائس التي شاركتها في رفض ق اررات مجمع خلقيدونية وفي البالد القريبة المحيطة
بها مثل كنائس السريان األرثوذكس واليعاقبة وكنيسة الحبشة) .وقد اجتازت كنائس
17البروتستانتية معناها االحتجاج وكان األمراء المساندين للوثر قد احتجوا على القرارات الصادرة دده ومن
هنا جاء استخدام هذه الكلمة كلقب لحركة لوثر.
18
وقد كانت الكنيسة المشيخية المتحدة في أمريكا التي جاء منها أول المرسلين
األمريكان من الكنائس المحافظة الهوتيا ،و ِّ
المدققة في حياة أعضائها ،متأثرة ً
التَقويين التي ظهرت في أوروبا ،وانتقل هذا االتجاه إلى المصريين الذين
بجماعات َ
اعتنقوا المذهب اإلنجيلي في مصر ،فاهتموا بتعليم الخالص الشخصي والحياة التقوية
وحرموا شرب الخمر والتدخين ولعب الميسر وألو ًانا
الفردية متأثرين باألفكار التطهرية َّ
كثيرة من وسائل الترفيه ،واهتموا بتقديس يوم الرب للعبادة وقد كان هذا االتجاه يتالءم
مع طبيعة المصريين النسكية.
وعندما توتَّرت العالقات بين مصر والغرب عند حرب السويس في سنة
،9191وحرب ، 9116أطلقت الكنائس اإلنجيلية على نفسها اسم كنيسة "األقباط
وردا على االتهام
تأكيدا لحقيقة انتمائها إلى الشعب القبطي أي المصريً ،
اإلنجيليين" ً
الذي ينسبها إلى الفكر الغربي ،وذلك باعتبار أن أعضاءها كلهم من المصريين
المصلح
الوطنيين ،وكذلك إدارتها وتمويلها .أما مسألة انتمائها إلى الفكر اإلنجيلي ُ
نسبة إلى اإلصالح الديني البروتستانتي الذي حدث في أوروبا في القرن السادس
عشر ،فقد قالت الكنيسة إن الفكر ال وطن له ،وال يضير الكنيسة أن تأخذ به ،ألنه
عودة إلى تعليم الكتاب المقدس األصيل.
وفي سياق هذه الدراسة التي نرجو أن تكون تحليلية نؤكد على مدى
التفاعل بين الكنيسة والمجتمع والظروف المحيطة سواء سياسيا أو اقتصاديا حتى
نخلص في النهاية إلى حتمية المراجعة المستمرة لتطوير تفكير الكنيسة وبرامجها
وعالقتها مع الكنائس األخرى على المستوى المحلي والعالمي وكذلك أن تطور
تفاعلها مع المجتمع بما يتناسب مع التطورات المحيطة
وهذا ما سنحاول أن نظهره في الموضوعات التي ستتناولها الفصول التالية
19
بدايات عصر التنوير
عصر محمد علي
28
والتحول من الهيمنة الدينية إلى التعليم الحر والديمقراطية
21
شعار ال وطنية في اإلسالم ،ونهض لطفي السيد بعبء الدولة الليبرالية لمواطنة
موحدة على أساس المساواة الكاملة ,وأكد أن المواطنة تعني انتماء
َّ واحدة
موحد وتساويهم في الحقوق والواجبات في اطار
المواطنين إلى كيان سياسي َّ
الوطن (.د .عفاف لطفي السيد-ـ الليبرالية المصرية ـ الطبعة االنجليزية
ص )993ويقول ألبرت حوراني في كتابه( الفكر العربي في عصر النهضة ـ
ص )391كان لطفي كغيره من المفكرين المصريين
الليبراليين ال يحدد األمة على أساس اللغة أو الدين بل
على أساس االنتماء إلى األرض وهو لم يفكر بأمة
دوما إنها أمة
إسالمية أو عربية بل بأمة مصرية قال ً
القاطنين على أرض مصر.
وتأتي ثورة 9191لتكرس االنصهار المصري تحت
شعار "الدين لله والوطن للجميع" وانخرط فيها جملة كبيرة
من كبار األقباط .وفي عام 9133ومع التهاب العمل الثوري قبضت سلطة
االحتالل على سبعة من القادة الوفديين كان بينهم أربعة أقباط هم ويصا واصف
ومرقص حنا وبطرس غالي ،وجورجي خياط .وحوكم
السبعة أمام محكمة عسكرية حكمت عليهم باإلعدام
لكن الحكم جرى تخفيفه.
وعندما َّألف سعد زغلول أول ا
وزرة له في يناير9134
اختار فيها ثالثة أقباط من بين تسعة وزراء هم مجموع
مجلس الوزراء ,لكن السلطان فؤاد رفض قائال :هناك
خطأ في الحساب يا باشا ,فقد اعتدنا ان يكون هناك
قبطيا َّ
مرش ًحا لتولي و ازرة العدل التي يتبعها ير ً وزير قبطي واحد ,ثم إن هناك وز ًا
القضاء الشرعي ,وتنازل سعد عن األخير وأتى للو ازرة بوزيرين قبطيَين من تسعة
وزراء ,لكنه قبل أن يفعل ذلك واجه السلطان قائال :إن رصاص االنجليز لم
يحترم عادة أن يكون هناك وزير واحد فكان يحصد المصريين إبان الثورة دون
تمييز بين مسلم ومسيحي.
22
ويجيء اإلعداد لدستور 9132والذي يرفض األقباط النص فيه علي تمثيل نسبي
لهم في البرلمان ,مؤكدين أن قبول التمثيل النسبي يعني التشكيك في ِّنيات
المسلمين من أبناء الوطن وعدم الثقة في إيمانهم بالمواطنة ,ويتضمن الدستور
مواد حازمة مثل حرية االعتقاد مطلقة ( م )93وحرية ال أري مكفولة ( م)94
والمصريون لدى القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية
وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة ,ال تمييز بينهم في ذلك بسبب
األصل أو اللغة أو الدين ( .انظر موقف الكنيسة اإلنجيلية والسنودس في
المشاركة في مرحلة اإلعداد للدستور . )9132
تميَّزت والية محمد علي بأنها بدأت بوضع
األساس للدولة القومية الحديثة التي أفرزت
األفكار الحديثة والشكل المؤسسي لنظم الدولة،
وأيضا استجالب النظام الطبقي المعروف في
الغرب ،وظهور الجيش والمصانع ،وإدخال
أنماط علمانية في التعليم .وخلف محمد على ابنه الخديوي إسماعيل (-9812
)9861الذي عمل على التسريع في عملية التحديث على النمط األوربي آنذاك.
ولمزيد من إيضاح مالمح التنوير في تلك الحقبة نضيف ما يلي :هناك عدة
محاور حكمت حركة اإلصالح في عهد محمد على وهي:
تخلـُّف الشرق مقابل تقدم الغرب
واالهتمام بالعلم باعتباره الوسيلة التي حققت التقدم
في الغرب
والمزاوجة بين قيم الحداثة الغربية وقيم الدين والتقاليد
91
في الشرق.
كما أسس محمد على دولته على أسس عصرية
َّ
منظم-اقتصاد قوي.الخ) ومن هنا كان (جيش
االحتياج لكفاءات متعلِّمة ،وبالتالي االحتياج لتطوير
19ردا محمد هالل ،مصر القرن العشرين ،دورية العصور الجديدة ،يناير ،2222العدد الخامس ،ص .275-274
23
قاصر على تعليم الكتاتيب في المساجد والكنائس،
ًا نظام التعليم ،فقد كان التعليم
وألول مرة عرفت مصر التعليم المدني والذي كان قد بدأ في أوربا في منتصف
30
القرن . 91
ِّ
المتعلمين بمدارس استعان محمد على بالمسيحيين المصريين ثم الشوام
اإلرساليات ،وأيضا باألوربيين ،مما كلـَّفه أعباء مالية كبيرة ،عالوة على ضعف
ِّ
المتعلمين 39واهتم اللغة العربية عند األوربيين ،فقرر تكوين نخبة من المصريين
محمد على بنشر التعليم في جميع المراحل ،كما بدأ محمد على في إرسال بعثات
ألوربا ضمت طلبة األزهر وأيضا طلبة مسيحيين الكتساب المهارات الالزمة
كما أنشأ أول دار للتنمية ،واتجهت البعثات األولى إلى إيطاليا ( )9801
للطباعة وأول جريدة رسمية (9838الوقائع المصرية) ،وأضاف الطلبة الذين
ترجمة وعلى رأسهم رفاعة َّ
ضمتهم البعثات التعليمية الكثير من الكتب بين مؤلفة ُم َ
َّ
الطهطاوي .وكانت نتيجة ذلك أن تأسست مطابع كثيرة في مصر والشام واحتاجت
المطابع والمجالت إلى مادة للنشر ،فظهرت الكتب والمجالت العلمية واألدبية
وكانت نسبة كبيرة منها مترجمة عن الفرنسية ،كما تأسست مؤسسات تعليمية مدنية
33
حديثة.
ساعدت إصالحات محمد علي في تهيئة الوعي االجتماعي المصري
الستقبال أفكار جديدة ،إال إن المجتمع لم يكن
مستعدا بعد لتقبـُّل تلك األفكار ،إذ كان المثقفون
الشوام أسبق في تقديم اإلسهامات األولى للفكر
القومي العربي منذ النصف الثاني من القرن 91
ِّ
المتفجرة للموقف في مصر عنه في نتيجة للطبيعة
الشام وذلك لعدة أسباب:
.9كان الحكم العثماني في مصر أخف حدة في
أفعاله عما هو بالشام ،فقد شهدت األخيرة مواجهات
22د .عبد المجيد حنون ،الالنسونية وأثرها في رواد النقد العربي الحديث الهيئة المصرية العامة للكتاب،
القاهرة ،2226:ص .19 ،18
21المرجع السابق.
22د .عبد المجيد حنون ،المرجع السابق ،ص .23
24
حادة بين العرب واألتراك ،ومن هنا تزايد المد العربي وبرزت أهميته على المد
32
هذا عالوة على األهمية المتزايدة للدين عموما في مصر االسالمى في الشام
34
وحتى اآلن سواء أكان الدين اإلسالمي أو المسيحي.
االحتالل الفرنسي 9616واالنجليزى 9193-9883جعل مصر .3
تحتاج لمساندة السلطة العثمانية في مواجهة االستعمار
فقد أدى تسلـُّط األجانب على البالد في الستينيات والسبعينيات من القرن 91إلى
تفجـُّر النضال ضد الخاصة اإلقطاعية وهي في ذات الوقت تركية – شركسية
وضد الفساد والتعسف ،وتمارسه في ذلك الوقت السلطات مع األجانب .ومن هنا
ظهر شعار (مصر للمصريين) بزعامة لفيف من المثقفين مثل محمد عبده وعبد
الله النديم ويعقوب صنوع ،باإلضافة إلى وجود عدد من المهاجرين السوريين من
أدباء وأيديولوجيين وكان عدد كبير منهم من المسيحيين مثل شبلي شميل الذي
درس الطب في كلية البروتستانت وتخرج
طبيبا عام 9869وهو صاحب ثورة ً
فكرية قام بها عن طريق الكتابة ،وفرح
أنطون وكان قد تولى إدارة مدرسة أهلية
في طرابلس قبل ذهابه إلى مصر ولم
تكن المدرسة طائفية فقد أنشأتها جمعية
ورئيسها األرثوذكس للروم خيرية
بروتستنتي والمدير والناظر مارونيان وأستاذ اللغة العربية مسلم.
النشاط الصحافي:
تمثـِّل الصحافة أحد األركان األساسية إلرساء الفكر الديمقراطي وهو دور ظهر
بالفعل في منتصف القرن التاسع عشر في مصر ،واستطاع تيار القومية المصرية
الليبرالي في مصر أن يكون حركة ليبرالية علمانية تشغل الفكر والسياسة في
مصر حتى قيام الحرب العالمية الثانية.
23مصطفى الفقي ،تجديد الفكر العربي ،المرجع السابق ،ص 17انظر أيضا أديب نجيب ،اإلنجيليون والعمل القومي،
(-دراسة توثيقية) (القاهرة :دار الثقافة ،)1993 ،ص ، 44وز.إ ليفين ،التنوير والقومية ،المرجع السابق ،ص.5
24د .رفعت السعيد ،الليبرالية المصرية( ،القاهرة :الهيئة المصرية العامة للكتاب-مكتبة األسرة)2227،
ص .116-115
25
بارز في وضع األساس اإليديولوجي للفكردور ُالعبت الصحافة المصرية ًا
الديمقراطي في مصر ،إال أن مفهوم الديمقراطية في هذه الفترة اقتصر علىُ بعدها
السياسي فقط حتى نهاية الحرب العالمية األولى عندما بدأ المفهوم االجتماعي
39
كما أن عبارة الديمقراطية نفسها لم تظهر قبل الحرب للديمقراطية في الظهور
العالمية األولى و كانُ يعبـَّر عنها بكلمتي( سلطة الشعب ،والشورى) وكانت
األحزاب السياسية ثمرة من ثمرات الصحافة وليس العكس ،فقد نشأت األحزاب من
قلب الصحف المصري ة ،ويمكن تفسير هذه الظاهرة بأن حرية الصحافة سبقت
حرية العمل السياسي والحزبي ،فقد اتبعت انجلت ار سياسة إطالق حرية الصحافة
وبالتالي ظهرت مجموعة من الكتـَّاب والمفكرين .إال أنه وبعد تكوين األحزاب
لتطور
ُّ انتعشت الصحافة ،فقد ساعدت األحزاب على ازدياد عدد المتابعين
31
األحداث.
كان هناك شخصيات مسيحية سياسية مصرية بارزة لها دور في إرساء
بعض المفاهيم ،مثل المضمون االجتماعي للديمقراطية والتي تناولها عزيز ميرهم،
َّ
وحددها في توافر الحريات العامة وتضييق مسافة الثروة بين الفقراء واألغنياء
والعدالة الضريبية .وتكلم ميخائيل عبد السيد عن حدود الحريات التي تسمح بها
أحوال البالد آنذاك ،وأسس صحيفة
عام األسبوعية الوطن
9866وكانتُ تطبع في مطبعة كان قد
استوردها البابا كيرلس الرابع من أوربا
(وهو َّ
الملقب بأبي اإلصالح وعاصر
عباس األول وسعيد) .وكان ميخائيل
عبد السيد أول من شغل منصب نائب
وكيل الطائفة اإلنجيلية عام9102
ورغبة منه في التعمـُّق في اللغة
25د.فاروق أبو زيد ،أزمة الديمقراطية في الصحافة المصرية( ،القاهرة :مكتبة مدبولي )1976 ،ص،24 ،23 ،19
.26
انظر أيضا أديب نجيب سالمة ،اإلنجيليون والعمل القومي ،ص .98-93
26المرجع السابق.
26
تديا مالبس والده البلدية،
سر مساء كل يوم مر ً
العربية ،كان يذهب إلى األزهر ًا
حيث كان يدرس الفقه واللغة على أيدي علمائها وكان معه وهبي بك تادرس مدير
مدارس األقباط الكبرى .واستمروا في المواظبة على الحضور لمدة عامين حتى
كشف أمرهما ُومنعا من الحضور ،لكن اإلمام محمد عبده حينما علم بقصتهما أذن
بقبولهما لمتابعة حلقات الدرس باألزهر
أسس ميخائيل عبد السيد جريدة "الوطن" وقال عنها عبد الرحمن الرافعي -
إن سياستها كانت وطنية ولهجتها حرة ،كما اهتم تادرس المنقبادى بالبحث في
"أصول االستبداد ".وأسس جريدة سياسية (مصر) والتي تميزت بالتنوع ،فشملت
موضوعات في السياسة واالقتصاد واالجتماع ،وكان المنقبادي من أنصار الفكر
التعاوني االشتراكي فقام بتأسيس (الشركة التجارية) عام 9884وهي أول شركة
من نوعها تتأسس في الوجه القبلي .وشجع المنقبادي صغار الموظفين لالكتتاب
فيها ،كما أنشأ شركات عقارية تساعد على إنماء ثروة المشتركين فيها ،ووضع
مشروعـًا لتأسيس شركة عقارية تشتري ً 9690
فدانا من أطيان الدومين بمديرية
أسيوط وقام بإدارتها مجلس إدارة يوزع أرباحه على المزارعين .وأنشأ المنقبادي
صناديق مخصوصة للتوفير تحت اسم
36
(بنك التوفير الوطني")
إصدار مجلة المقتطف:
اشترك فارس نمر مع الدكتور يعقوب
صروف في إصدار مجلة (المقتطف) في
بيروت في سنة 9861وفي دراسة للدكتور
عبد الله العمر عن هذه المجلة ،قال":
لعلها خير شاهد على زخر الثقافة وتعدد
جوانب الفكر العربي وانفتاحه على علوم
الغرب وثقافته الحديثة في القرن التاسع
عشر".
27رامي عطا ،أقباط في ذاكرة الصحافة المصرية( ،القاهرة :دار الجيل للطباعة) ،ص .41
27
إصدار جريدة المقطم:
أسس فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس جريدة "المقطم" كجريدة
يومية سياسية تجارية أدبية في القاهرة في 94فبراير 9881
روز أنطون
وهي سورية األصل صاحبة مجلة "السيدات" ،أولى المجالت النسائية في مصر
التي تناولت القضية الفلسطينية .كانت ِّ
مدرسة ثم ناظرة لمدرسة البنات األمريكية
باإلبراهيمية باإلسكندرية "إحدى المدارس اإلنجيلية".
وكانت روز أنطون قد سافرت إلى سوريا في سنة 9133مارة بفلسطين ولم تكن
قد رأت هذه البالد منذ قدومها صبية مع أسرتها إلى مصر ،وهالها ما شاهدته من
تطورات سياسية أثـَّرت في تفكيرها فقررت أن ِّ
تكرس قلمها وصفحات مجلتها
28
للكتابة عن قضايا المنطقة وبخاصة القضية الفلسطينية.
بلسم عبد الملك :؟؟1131-
ُُولدت في صعيد مصر وكانت واحدة من أوائل المصريات الالتي شاركن في
ثورة 9191كما كان لها دور أساسي في إحياء ذكرى مصطفى كامل سنة 9130
حيث خطبت في ساحة األزهر مشيدة بهذا الزعيم الذي كانت تعرفه معرفة
شخصية
أصدرت بلسم مجلتها النسائية (المرأة المصرية) عام 9130وتميزت كتابتها
بالمنهج الواضح واألسلوب الصريح في معالجة كافة مشكالت المجتمع المصري
واستخدمت مجلتها منب ار لنشر العلوم والفنون واآلداب التي تعمل على رقي المرأة.
31
28المرجع السابق.
29رامي عطا ،المرجع السابق ص .59
28
السياسي وشاركت في تأسيس جمعية نشر الفضيلة واآلداب الدينية والتي اهتمت
20
بمحاربة األمراض االجتماعية.
بداية الصحافة اإلقليمية في مصر:
تأسست الصحافة اإلقليمية في مصر عام 9881حيث أصدر كل من جورجي
خياط وخليل إبراهيم ويوسف تادرس صحيفة "النزهة" في أسيوط التي أصدرت
عددها األول يوم 99فبراير من ذلك العام ،وقد بدأت "كنبذة" نصف شهرية ثم
تحولت إلى جريدة أسبوعية وإن كان البعض يرى أنها “مجلة" .ومن أسيوط
َّ
ازدهار وبعد
ًا انتقلت إلى اإلسكندرية بحثًا عنُ قـَّراء أكثر وحيث حركة التجارة أكثر
أيضا جريدة
سبع سنوات من إصدار "النزهة" أصدر بطرس حنا في أسيوط ً
"الراوي" وكانت نصف شهرية إخبارية ،أدبية ،وفي نفس سنة إصدارها صدرت في
أيضا مجلة "رياض التوفيق القبطية" ،وذلك كمجلة شهرية علمية وأدبية.
أسيوط ً
والسبب في صدور أول صحف إقليمية في مصر في محافظة أسيوط يرجع إلى
وجود اإلرساليات هناك واهتمامها بإنشاء المدارس والجمعيات الخيرية والصحف
بمعرفة خريجي هذه المدارس والمدارس األخرى التي أنشأها أبناء أسيوط على
29
نفس المستوى.
وهكذا وخطوة خطوة أقام المصريون صرح دولتهم المدنية وإن ظلت تشوبها مسحة
من تطرف ،لكنها على األقل تعلن مجرد إعالن يراه البعض شكليا أنها تقوم على
أساس وحدتهم الوطنية والتي بدونها تختل قواعد المواطنة ،فال مواطنة بال تكافؤ
والواجبات. الحقوق في تامة ومساواة
32الهدى . 1978انظر أيضا أديب نجيب سالمة ،تاريخ الكنيسة اإلنجيلية بمصر ،القاهرة :در الثقافة.1982 ،
31
ليدر (األسقفي) في مصر وقال إن الباب مفتوح أمام العمل اإلنجيلي في مصر بدون
ِّ
التعدي على برامج الخدمات القائمة أو اإلقالل منها .وقد كانت كلمات طومسون
هذه بمثابة إشارة البدء لبداية خدمة الكنيسة المشيخية في مصر حيث وصلت
اإلرسالية المشيخية إلى مصر عام 9894باسم اإلرسالية المشيخية كجزء من حركة
البروتستانت األميركية إذ كانت لها خدمة في دمشق (سوريا) وجاء أحد أعضائها
للقاهرة للعالج وهو الدكتور باولدنج ،وفي خالل زيارته لمس الحاجة للعمل فدعا لفتح
خطابا في
ً مقر للخدمة اإلنجيلية بالقاهرة .وبعد عودته إلى دمشق كتب لرئاسته
ديسمبر َّ 9892
ووقعه معه زميله بارنيت وفرايزر َّ
وحددوا في خطابهم أهمية بدء
رحب سعيد باشا الذي تولى الحكم في
الخدمة اإلنجيلية المشيخية في القاهرة وقد َّ
سنة 9894بهذا العمل ،كما أن خدام الكنيسة في سوريا كانوا في حاجة للجوء إلى
مصر بسبب االضطرابات السياسية التي كانت قائمة في بالد الشام وكان عددهم
هناك ال بأس به مما ِّ
يسهل ذهاب بعضهم للقاهرة.
في 39مايو 9892قرر السنودس العام للكنيسة المتحدة في اجتماعه في
(اليجيني "Alleghneyبوالية بنسلفانيا -بأمريكا") بأمريكا أن يذهب بعض َّ
الخدام
للقاهرة ،وكان القس توماس ماكيج هو أول من لبَّى القرار
وكان هذا هو أول ظهور للمرسلين األمريكيين المشيخيين في مصر والذي
سرعان ما تحول إلى إرسالية مسيحية .وبحلول عام
يخيا لفترة
تتب ًعا تار ً
9816نشر القس أندرو واطسن ُّ
تصل ألكثر من 42عاما .وفيه رصد أن الكنيسة
عضوا ُدعوا إنجيليين
ً المشيخية بمصر تضم 9299
في كنائس تنتشر من اإلسكندرية إلى األقصر
22
وأغلبهم من الكنيسة األرثوذكسية.
وفي النصف الثاني من القرن 91حاول
حضور على األرثوذكس تشجيع المرسلون
اجتماعاتهم بهدف نشر اإلصالح في الكنيسة
34
مع التزايد الملحوظ لعضوية الكنائس اإلنجيلية خالل الربع األول من القرن
العشرين فإن حوالي %18منهم جاءوا من كنائس أرثوذكسية ،ويمكن القول بصفة
ِّ
المبكرة للمرسلين لم تكن هناك حركة شعبية أي أنه لم يحدث عامة إنه منذ الجهود
أن انضمت قرية إلى البروتستانتية فقد كان الدخول في البروتستانتية عبارة عن
29
إال أن هناك عائالت ذات ثقل انضمت إلى الكنيسة ولكن تجدر اإلشارة هنا أفراد.
ثوذكسيا قال ليثودور رزوفلت إن اإلرساليات األمريكية قامت بعمل ضخم
ً أسقفا أر
أن ً
في مصر فقد َّ
علمت الناس قراءة الكتاب المقدس.
بعضا من ثماره في الدلتا عندما كان التجار
وأثمر العمل اإلنجيلي في صعيد مصر ً
في أسيوط يسافرون للتجارة في الدلتا ،ففي عام ،9884كان هناك رجل وزوجته
يسافران إلى الدلتا للعمل لتجارة العسل ،من قرية كفر بيلش تبعد حوالي 43دقيقة
عن محطة السكة الحديد يقطعانها بالحمير ،وفي نفس السنة تم افتتاح مكتبة
الكتاب دار الزقازيق بمساعدة
شخص مديرها وكان المقدس
مصري وكان هو وزوجته التي
كانت طالبة في مدرسة حارة
السقايين يعقدان اجتماعات في
البلدة .وكان العدد يصل إلى 1
أشخاص كما عمل هناك بعض
وكونوا
َّ أسيوط من األفراد
21
اجتماعات.
اإلرسالية ِّ
تشكل مجمعا وطنيا في مصر
وفي ُ 9810 /4 /92ش ِّكل أول مجمع للكنيسة المشيخية بمصر ضم ثالثة قسوس
وفي نفس السنة انضم لهم القس يوحنا هوج الذي كان المجمع قد قرر في جلسته
كارز فكان بذلك أول قسيس
قسا ًا
المنعقدة باإلسكندرية في 9810 /9 /32رسامته ً
Earl Elder, Vindication a Vision: The History of the American Mission 1854- 35
1954, Philadelphia USA 1958.p 111.
36المرجع السابق.
35
يرسمه مجمع مصر ،ويجدر بنا هنا أن نعرض سيرته في إيجاز" :ولد من أبوين
تقيين وكان ميالده في اسكتلندا سنة 9832وهو الثالث بين سبعة أخوة وكان والده
عضوا بهذه الكنيسة في سنة
ً يترددان على الكنيسة المشيخية في ترانيت وُقِّبل
ووالدته َّ
9844والتحق بجامعة أدنبرة سنة 9841لدراسة الهندسة والجيولوجيا كما درس
وتفوق بها ونال شهادتها سنة .9891
اللغتين العربية واإليطالية ثم العلوم الالهوتية َّ
قسا وفي
صرح له مجمع أدنبرة بالعمل المرسلي ،فجاء إلى مصر حيث سيم فيها ً
َّ
9810 /1 /34ألقى أول موعظة له باللغة العربية وطلب المجمع منه أن يذهب
بحر في 9819 /9 /2على إحدى المراكب التي للخدمة في أسيوط فسافر إليها ًا
يوما
كانت تحمل غالال فقطعت المسافة عبر النيل من القاهرة إلى أسيوط في ً 96
وهناك نزل في مرسى الحمراء بأسيوط واستقبله السيد واصف خياط الذي نقل هوج
وزوجته وأمتعته حتى منزله ،وبقوا عنده عشرة أيام إلى انتقلوا لمنزل خاص بهم
احدا من المنزل وكانت أحداهما للبنين
دور و ً
أسسوا فيه مدرستين شغلت كل منها ًا
بدأت بخمسة طالب واألخرى للبنات بدأت بأربع بنات وبعد 8أسابيع صار بها 98
طالبا وطالبة وهما كانتا نواة لكلية أسيوط .وقبل نهاية عام 9811نجح الشعب
ً
اإلنجيلي في أسيوط في تغيير موعد يوم السوق بالمدينة من يوم األحد إلى يوم
السبت حتى َّ
يتمكن الشعب من تقديس يوم الرب .وتوفى د .هوج في /3 /91
ودفن في بلدة درنكة بجوار أسيوط في مقبرة ُشِّيدت على نفقة السيد رضا
ُ 9881
بقطر.
ومن واقع ما سجلته مجلة الهدى عام 9129نورد النص التالي بخصوص بدء عمل
اإلرسالية:
37
المرسلية األمريكية بمصر (بقلم الدكتور سكوت طمسن مدير الكلية)
عملها التهذيبي
ابتدأ عمل المرسلية األمريكية يوم 99نوفمبر سنة 9894بعاصمة الديار المصرية
(كما ذكرنا سابقا) وكان أول شيء ُعمل هو الحصول على بيت للسكن والعمل
37الهدى 1931
36
أيضا .وأُجريت أول خدمة دينية باللغة اإلنجليزية في األحد األخير من ديسمبر .أما
ً
الخدمة باللغة العربية فابتدأت في الشهر التالي يوم 39يناير سنة .9899
وافتُتحت أول مدرسة للبنين تحت إدارة اإلرسالية يوم 31نوفمبر سنة 9899في
بيت اإلرسالية بالقاهرة في حي درب
الجنينة (األزبكية اآلن) وكان عدد
خمسة افتتاحها يوم تالمذتها
صبيان .وأول مدرسة للبنات في
القاهرة فتحت في حارة السقايين في
يونيو سنة 9810بعشرين بنتًا ،ثم
افتُتحت مدرسة بنات ثانية في حي
األزبكية في أكتوبر سنة 9819
بثماني بنات.
ولما تعيَّن أول مرسل أمريكي في اإلسكندرية 9896كان فيها مدرسة للبنات برعاية
جمعية السيدات باسكتلندا .ومدرسة للبنين أسستها جمعية أسكتلندية فهذه استلمتها
اإلرسالية يوم 31مايو 9898فيها 31تلميذة واستلمت مدرسة البنات وكان فيها
عشرون تلميذة .هذه هي البداية المتواضعة التي ابتدأت بها اإلرسالية األمريكانية
عملها التهذيبي في البالد المصرية.
النمو
ومنذ 9819صار عمل اإلرسالية التهذيبي ينتشر في كل أنحاء مصر وعلى الغالب
أيضا .وفي أغلب األحيان كانت حيث يوجد جمعية أو كنيسة إنجيلية فهناك مدرسة ً
سببا لوجودها .ويوجد اليوم (في تاريخ كتابة المقال"
المدرسة تسبق الكنيسة وتصير ً
بالهدى )"9129في كل بالد مصر لإلرسالية األمريكانية 944مدرسة للبنين و11
مدرسة للبنات فيها
يتمرن الطلبة والطالبات في جمعيات خاصة بهم من جمعيات وفي هذه المدارس َّ
أدبية وجمعيات المساعي للطلبة وجمعيات محاربة المسكرات وبهذه وأمثالها َّ
ترقي
المدرسة االختبارات الشخصية ُّ
وتعلم الحكم الذاتي واالهتمام بالمصالح العامة.
37
الرقي االجتماعي
أيضا ليس من أغراض اإلرسالية الرئيسية ألنها لم تأت إلى مصر لتحمل لها وهذا ً
رسالة تجديد اجتماعي ،فهذا يجب أن يأتي والبد أن يأتي على يد المصريين أنفسهم،
وإنما نقول بكل تأكيد أنه لما َّ
يتعلم الطلبة الحكمة النازلة من فوق من عند الله ولما
يمتلئ الطلبة بمحبة المسيح لألفراد من رجال ونساء ولما يعرفون أن المحبة َّ
تتأنى
وتتحمل كل شيء وهي ِّ
مترفقة ال تطلب ما لنفسها وال تظن السوء ،ولما يصيرون َّ
خليقة جديدة في المسيح يسوع ويتغيَّرون إلى صورة مجده ،فإن الحياة الجديدة التي
لهم بكلمة الله وروحه تنشئ فيهم كل أثمار ملكوته (.إال أن الكنيسة الوطنية بعد
استقاللها شعرت بمسئوليتها نحو الخدمة االجتماعية الذي سوف نعرض له في باب
مستقل من هذا الكتاب)
تنظيم الكنيسة اإلنجيلية بمصر
39
المجمع الثالث :يبدأ من حدود مديرية أسيوط شماال وينتهي بآخر حدودها جنوبا وهو
" مجمع مشيخة أسيوط ".
المجمع الرابع :يبدأ من حدود
جرجا إلى آخر حدود مصر من
الجنوب وهو " مجمع مشيخة
األقاليم العليا"
وأُضيف السودان كمجمع خامس
واستمر جزء من السنودس حتى
انفصل 9119
وبعد مصادقة المجمع على تقرير اللجنة ،رفعه المجمع إلى المحفل العام بأمريكا
للموافقة على تشكيل المجامع والسنودس الذي يضم المجامع األربعة ،وجاء رد
المحفل العام بالموافقة وأعلن ذلك في أوائل فبراير سنة ،9811كما تقرر أن تشكـَّل
شكل السنودس في 99مايو سنة المجامع األربعة في 33فبراير سنة 9811وأن ُي َّ
9811برئاسة الدكتور وطسن.
وفيما يلي جزء من نص االلتئام األول للسنودس:
" إنه بناء على اإلذن من المحفل العام بأمريكا حسب طلب المجمع
المشيخي المصري بشأن تقسيم المجمع المذكور إلى أربعة مجامع
تتحدد جميعها في سنودس النيل الذي يتألف اآلن من نواب كل مجمع
من المجامع األربعة باعتبار قسيس من كل ثالثة ،ويكون برفقته شيخ
ئيسا للسنودس السنة الحاضرة ،وأن
واحد وقد رئي أن يستمر الدكتور القس وطسن ر ً
يكون القس شحاتة عويضة ً
كاتبا للسنودس ،ثم ختم السنودس اجتماعه بالصالة من
القس فيني وختم بالبركة حضرة رئيس السنودس الدكتور القس وطسن ".
كاتب السنودس رئيس السنودس
القس شحاتة عويضه اندراوس وطسن
42
أول رئيس للسنودس:
القس الدكتور اندراوس وطسن هو أول رئيس لسنودس النيل
اإلنجيلي في اجتماعه بمدينة أسيوط في الكنيسة اإلنجيلية
بتاريخ 99مايو .9811
أول سكرتير للسنودس:
القس شحاتة عويضة هو أول سكرتير لسنودس النيل في دورته المنعقدة بأسيوط عام
9811
معنى كلمة سنودس:
-1المعنى الدارج:
اعتادت الكنيسة أن تطلق كلمة (سنودس) على االجتماعات
اإلدارية التدريبية التي تُعقد لدراسة أمور أو مشاكل خاصة
بالكنيسة وتحتاج التخاذ ق اررات بشأنها وتعتبر ق اررات
السنودس ُم َلزمة ألبناء الكنيسة.
-3المعنى العلمي:
كلمة (سنودس) مشتقـَّة من كلمة يونانية تعني مجمع ،وقد تعني أيضا جماعة
معا على الطريق في شركة محبة ولهم رؤى وتطلعات مستقبلية مباركةالمسافرين ً
نحو الكنيسة لمجد المسيح ِّ
متمسكين بالحق الموجود في كلمة الله ،ولكن في انفتاح
للمفاهيم الجديدة التي يقدمها الروح القدس لكل جيل وعصر فإن كنيستنا اإلنجيلية
المشيخية هي كنيسة ُمصَلحة ،ولكنها ال تعني بذلك أن اإلصالح قد تم وانتهي ،فإن
اإلصالح الحقيقي حركة مستمرة وانفتاح مستمر على كلمة الله المقدسة
المجامع ِّ
تكون سنودس النيل اإلنجيلي
نصف عضوية الكنيسة اإلنجيلية كانت في مجمع أسيوط أما في القاهرة
عضوا وهناك ثالثة كنائس في كل مصر ،رحبت بوجود
ً فكان هناك أقل من 390
41
كنيسة مشيخية وهي الجاولي في مجمع أسيوط ،وسنورس في الفيوم وطنطا بالدلتا،
وكان عدد األعضاء بالكامل .1,000
في 9نوفمبر 9819تم رسامة وتنصيب القس صالح حناالله في كنيسة حارة
السقايين.
احتفال الكنيسة اإلنجيلية المشيخية بمصر بمرور 151عاما على بدء العمل
اإلنجيلي:
ار الحتفاالت الكنيسة بمثل هذه المناسبة فقد احتفلت باليوبيل الفضي ثم
استمرًا
الذهبي ثم الماسي 28.وقد أكدت الكنيسة في االحتفال على أن 9894كان بدء
العمل المشيخي لكن في نفس الوقت كان بدء المسيحية في مصر قبل وجود
ِّ
المرسلة لشمال الطوائف منذ القرن المسيحي األول ،بل وصارت مصر الكنيسة
أفريقيا ولبالد الحبشة .لكن التأكيد على مفردات تاريخ الكنيسة المشيخية هو فقط
للتنبير على ما ميَّز ِّ
ويميز العمل اإلنجيلي المشيخي في مصر وأثره في المجتمع
المصري في مختلف الم ارحل والتطورات السياسية واالجتماعية كما أيضا التركيز
على امتداد خدمة الكنيسة المشيخية المصرية بين األقطار العربية سواء بتدريب
خداما في
ً قيادات من تلك البالد أو بإرسال قسوس للعمل هناك ،كما صار للكنيسة
بالد المهجر في الغرب .ظهر في التأكيد على العالقات المسكونية داخليا بمشاركة
والكنائس األوسط الشرق كنائس مجلس
األرثوذكسية والكاثوليكية من مصر وقيادات
الدولة وممثلين لألزهر وو ازرة األوقاف .ومن
الخارج شارك عدد من الكنائس الغربية مثل
الكنيسة المشيخية بأمريكا وكنيسة اسكتلندا
وغيرهم .وصدر في ذلك الوقت كتاب يسرد
اإلنجازات والتوجهات التي سارت بها الكنيسة
في هذه المرحلة كما ظهر في االحتفال
التطلعات والرؤية المستقبلية للخدمة في ظل الظروف الحالية والمتوقعة أيضا.
38انظر أديب نجيب ،تاريخ الكنيسة اإلنجيلية بمصر لتفاصيل أكثر عن هذه االحتفاالت.
42
تأثير الكنيسة اإلنجيلية في مصر
بدون شك كان للكنيسة اإلنجيلية تأثيرها الطيب والمبارك و َّ
الفعال على الكنيسة في
مصر وعلى مجتمعنا المصري ،ولقد ظهر هذا التأثير بكل وضوح على المستوى
الروحي والعلمي واالجتماعي
-1تأثير الكنيسة الروحي :إن حالة الكنيسة الروحية قبل دخول الكنيسة اإلنجيلية
مصر كانت فاترة ،ألن الكتاب المقدس لم يكن متداوال بين الشعب ،لكن بدخول
ركزت على أهمية كلمة الله .يقول المرِّنم " سراج لرجلي كالمك
الكنيسة اإلنجيلية َّ
ونور لسبيلي " مز 909:991ويقول إشعياء النبي " إلى الشريعة وإلى الشهادة إن
لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر " إش 30:8لذلك اهتمت الكنيسة بتوزيع
الكتاب المقدس في اللغة العربية حتى يكون في متناول الجميعَّ ،
فأسست دار الكتاب
المقدس بالقاهرة .ولقد أثَّرت الكنيسة اإلنجيلية في إنعاش الحياة الروحية في الكنيسة
أيضا من خالل االهتمام الحقيقي بخدام الكلمة من قسوس ورعاة ،لذلك قرر المجمع
المشيخي المصري للكنيسة في 9فبراير عام 9812إنشاء مدرسة الهوتية إنجيلية،
عوامة الدكتور
ففي عام 9814تقرر افتتاح ماُ سمي بصف الالهوت وذلك في َّ
هوج .وفي عام 9191قرر السنودس تشكيل لجنة لدراسة مشروع إقامة مبنى خاص
لمدرسة الالهوت على مساحة قدرها 2100متر مربع بشارع السكة البيضاء
بالعباسية ،ولقد تم وضع حجر األساس للمبنى في نوفمبر عام 9139ثم أقيم حفل
تغير اسم مدرسة الالهوت فيما بعد إلى
تدشين المبنى في 6أبريل عام 9136وقد َّ
كلية الالهوت.
وكان القس غبريال ميخائيل الضبع أول مدير وطني للكلية ثم خلفه في إدارة الكلية
الدكتور القس غبريال رزق الله ثم الدكتور القس لبيب مشرقي ثم القس إلياس مقار،
القس باقي صدقة ،د.ق ألبير أستيرو ،د.ق .إكرام لمعي ،د.ق مكرم نجيب ،أما
المدير الحالي للكلية فهو د.ق عاطف مهني
احتفاالت الصالة
لكن هناك عامل آخر جعل الكنيسة اإلنجيلية أن تكون سبب بركة وتقدم روحي
روحيا ،فاهتمت بعمل
ً لبالدنا هو إدراكها ألهمية الصالة في نهضة الكنيسة وإنعاشها
43
احتفاالت للصالة على المستوى العام للكنيسة اإلنجيلية بمصر ،ومن هنا بدأت فكرة
احتفال الصالة السنوي عندما بدأها القس غبريال ميخائيل الضبع راعي الكنيسة
اإلنجيلية بالفجالة ،وكان ذلك يوم الثالثاء 98ديسمبر عام 9100بمدينة أسيوط.
-2تأثير الكنيسة العلمي:
عندما جاءت الكنيسة اإلنجيلية مصر كان من أهدافها األساسية -مع تقديم رسالة
اإلنجيل-االهتمام بفكر اإلنسان وعقله وثقافته ،فاهتمت بإنشاء المدارس والكليات
سواء للبنين أو البنات في أماكن كثيرة من البالد ففتحت أبواب المدارس والكليات
أمام الكثيرين الذين يطلبون العلم (انظر الحقا فصل الكنيسة اإلنجيلية المشيخية
والتعليم)
-3تأثير الكنيسة االجتماعي:
إن خدمة الكنيسة االجتماعية البد أن تسير مع خدمتها الروحية ألنها في تأثيرها
االجتماعي تسعى لكي تزرع في اإلنسان روح المحبة العملية والتعاون انطال ًقا من
الهوت الشركة ،فالكنيسة هي جماعة الله التي خرجت من العالم ال لتستريح على
مؤيدة بقوة الروح القدس لخدمة العالم البائس
جبل الشركة فقط ،بل لتنزل إلى األرض َّ
تحررها من العالم على قدر ما تكون خدمتها قوية ومؤثرة في
ُّ المحتاج ،وعلى قدر
العالم.
إن خدمة الكنيسة االجتماعية هي برهان صدق شركتها مع الله ،فإذا أردنا أن نتكلم
عن المسيح الذي يقدم الحياة والبر إلنسان يعاني من العطش والجوع والعري فهل
يمكن لهذا اإلنسان أن يستمع إلينا إن لم ُّتقدم له حاجات الجسد؟ هذا هو ما أخبرنا
به يعقوب الرسول عندما قال " .....أرني إيمانك بدون أعمالك وأنا أريك بأعمالي
إيماني " يع 98:3إن رسالة الكنيسة االجتماعية في المجتمع ليس مجرد تقديم
بعض المساعدات المادية للمحتاجين ،بل العمل على تنمية الحياة اإلنسانية كلها
إن الكنيسة تسعى دائما ألجل َّ
تقدم المجتمع الذي نعيش فيه وعندما نأتي إلى النظام
اإلداري والتنموي فيما بعد سوف نرى التشكيل الرسمي للجان خدمة المجتمع ثم
لمجلس الخدمات والتنمية وأيضا إشهار الهيئة القبطية اإلنجيلية للخدمات االجتماعية
وكذلك إشهار جمعيات إنجيلية لخدمة المجتمع
44
-4الكنيسة المشيخية والعطاء
إن من يدرس الحضارة المصرية ويتتبَّع تاريخها في بيئة زراعية تعيش على عطاء
النهر وخصوبة األرض يعرف ما أثر ذلك في سلوكيات المصريين من اإليمان
بالبركة التي تأتي من الله ،وأيضا باختبار لذة المشاركة إذ كانت القرية كلها أقرب
إلى أن تكون أسرة ممتدة .وزاد الفكر المسيحي األرثوذكسي من تأصيل الربط بين
العطاء والبركة في صورة نذور وهبات للكنائس واألديرة .ولما جاءت الكنيسة
البعد الكتابي للعطاء والشركة فأبرزت تعاليم العهد القديم عن
المشيخية أعطت ُ
الباكورة والعش ور ثم أبرزت تعليم العهد الجديد عن الوكالة المسيحية والشركة التي
طا لعضوية الكنيسة اإلنجيلية هو أن يقدم العضو
تربط الجسد الواحد ،فصار شر ً
عشوره كامل ًة بل وفي معظم القرى كانت العشور تُقدم عينية من غالل الحقل وحتى
من إنتاج عسل النحل حتى ال يكون هناك احتمال خطأ في تقدير قيمة ُ
العشر ،لقد
وضح الجانب التكريسي ومسئولية وعطاء وممارسة الوكالة المسيحية ليس فقط على
األموال لكن على الوقت والحياة بجملتها ،
وانطال ًق ا من فكرة الشركة المرتبطة بالك ارزة والتكريس فتحت الكنائس المحلية جهات
جديدة للخدمة بل َّ
وتبنتها حتى كبرت وصارت كنائس مستقلة.
وهذا السخاء شجع الكنائس المحلية أن تقدم ليس فقط ُعشر األموال والمحاصيل بل
أيضا ُعشر الوقت للخدمة فخرج الشيوخ والشباب على نفقتهم لفتح جهات جديدة أو
زيارة قرى أو عمل نهضات مما أثرى وحدانية الكنيسة وزاد في اتساع الرقعة ،وجاء
تماما عن أي تعضيد مادي يدخل في الوقت الذي استقلت فيه الكنيسة اإلنجيلية ً
وسمي مشروع االستقالل المالي، تحديدا سنة ُ 9131
ً مكافآت القسوس وقد حدث ذلك
وقدمت بعض األسر الغنية عـُشر أراضيها ليكون ً
وقفا لبناء أو إنفاق لبناء وتمويل
مجانا ومال جيء إلعالة عائالت فقيرة من
ً الصرف على مدارس تقدم التعليم
المسيحيين والمسلمين.
بل لم يكن من الصعب على اإلنجيليين أن يشاركوا كجزء من المجتمع المصري في
وقت الفيضانات أو السيول أو الزالزل ألن روح العطاء صار جزًءا من منظومة قيم
حياة الشعب اإلنجيلي.
45
-5الكنيسة والخدمة الطبية
بدأت اإلرسالية األمريكية المشيخية عملها المرسلي في مصر بخدمة متكاملة
شملت التعليم والك ارزة وتنمية المجتمع ولم تهمل العناية بالصحة لكي تكون التنمية
وجسديا برعاية صحة
ً وروحيا بالك ارزة ودراسة الكتاب المقدس
ً متكاملة فكرًيا بالتعليم
وماديا
ً سلوكيا
ً وتنمويا بترقية المجتمع
ً اإلنسان
وإن كان التعليم والك ارزة قد بدآ بمجرد وصول المرسلين أوائل في عام 9894فإن
الخدمة الطبية المنتظمة بدأت في أسيوط 9881بفتح عيادة صغيرة في المدينة
وتحرك منها إلى القرى المحيطة بأسيوط لزيارة المرضى
َّ أدارها الدكتور جوهانزتون
في منازلهم .ثم تبع ذلك إنشاء مستشفى في أسيوط وأخرى في طنطا أقامتهما
اإلرسالية ،ثم قامت الكنيسة المصرية بفتح المستشفى اإلنجيلي بشب ار والعديد من
المستوصفات المحلية مثل أسيوط األولى – سوهاج-بورسعيد-وغيرها.
-6الكنيسة والبرامج التنموية
تدربت قيادات القرية على نظم اإلدارة
دخلت تنمية المهارات المهنية لترقية القرية و َّ
الديمقراطية وما إلى غير ذلك من البرامج التنموية ،ومن بين أساليب التنمية كان
برنامج محو األمية وتثقيف فالحي القرية من مختلف
ِّ
متخصصة هي رسالة الجوانب وظهرت لذلك مجلة
النور التي تناولت التثقيف العام وترسيخ مفهوم
المواطنة والتوجيه الز ارعي وأبواب الرعاية الصحية ،كما
فتحت المجال ألبناء وبنات القرية للكتابة البسيطة
والتدريب على الفنون المختلفة مثل الكاريكاتير والرسم
وباألخص ما تميَّز به توفيق لطف الله.
القراء ،ولعل من
خاصا لمناقشة رسائل َّ
ً بابا
وأفردت ً
أبرز ما قدمته هو مجموعة مقاالت للقس ناجي فرنسيس تعالج قضايا سلوكية في
ِّ
المتعلمين الجدد تحت عنوان ( مبسط يخاطب
القرية بفكر الهوتي واضح وبأسلوب َّ
عيب عليك يا راجل) ( عيب عليك يا حواء) وتبعه في نفس الخط ُكتَّاب آخرون مثل
القس أمير جيد واألستاذ توفيق لطف الله والقس أنور زكي ،كما أفسحت المجلة
46
ِّ
لمتخصصين من مسيحيين ومسلمين لتقديم الثقافة المناسبة بأفضل الطرق المجال
كما َّ
تبنت الهيئة بقيادتها العديد من الحوارات ،كما كان لها الدور الذي ما زال
كتبا في العديد من
مستم ار في االنفتاح الثقافي من خالل دار الثقافة الذي ينشر ً
ِّ
متجددة في الفكر والحوار . المجاالت الدينية والتثقيفية ويقدم انطالقات
-7الكنيسة والمسكونية
الروح المسكونية في الكنائس المحلية كانت وما زالت هي توجه الكنيسة المشيخية
لخدمة المجتمع بجملته في إطار إيماني ،ولذلك أخذت العالقة مع الكنائس األخرى
ِّ
متعددة وفًقا للزمان والمكان ونوع القيادات سواء في الكنائس المشيخية أو ألو ًانا
الكنائس األخرى ،فبعض العالقات سادها الجدل لكن بغير تباعد ،وبعضها سادته
َّ
المودة ألن المرجعية دائما هي وحدانية اإليمان ِّ
متعددة من المناقشة في درجات
ووحدانية الروح مع االتفاق على مبدأ المشاركة المسيحية ليس فقط بين المسيحيين
لكن أيضا مع البشرية كلها وسوف نأتي لهذا الموضوع بالتفصيل في باب
المسكونية.
-8الكنيسة والديمقراطية :سنشير في هذا الكتاب إلى عدد من القيادات اإلنجيلية
التي سبق وأن برزت في القيادات السياسية وقيادات الحكم لكن هناك تفاصيل أكثر
فيما سبق وكتبه األستاذ أديب نجيب ،أى أننا نريد أن نبرز دور الكنيسة اإلنجيلية
بدءا من نشر التعليم من خالل المدارس وتشكيل
في تأصيل وتعميق الديمقراطية ً
جمعيات ِّ
متنوعة داخل المدارس منها ما هو للخطابة وما هو للمناظرة عن الرأي
والرأي اآلخر وما هو للمسابقات األدبية والتعبيرية ،هذا من جانب ومن جانب آخر
دربت الكنيسة اإلنجيلية المشيخية أعضاءها في كل كنيسة محلية أن ينتخبوا لهم
فقد َّ
أيضا ينتخبون الراعي على خالف ما كان
مجلسا من بينهم من شيوخ وشمامسة بل ً ً
متبعا في الكنيسة التقليدية أن يقوم األسقف بتعيين الكاهن في الجهة.
ً
وامتدت حركة الديمقراطية إلى الشباب أيضا فكانت جمعيات المساعي في كل
سنويا المسئولين فيها وأعضاء اللجان والكل يقدم تقريره للجهة
ً كنيسة تقر ًيبا تنتخب
األعلى ،والكنيسة بجملتها ترفع تقريرها للمجمع .ولم يكن التقرير مجرد كلمات
إنشائية بل كانت هناك مراجعة سنوية لدفاتر العضوية وتحديد الزيادة والنقصان
47
ومحاضر جلسات المجالس لمراجعة قانونية الجلسات والق اررات والسجالت المالية
مجدولة في
َ شاملة كل أنشطة الكنيسة واجتماعاتها ،والمجامع بدورها ترفع تقارير
إحصائية عامة للسنودس .وفي المجامع ينتخب األعضاء لجان مجمعية في إطار
تداول السلطة ،فالرئيس ُينت خب لسنة واحدة وبقية الوظائف واللجان لمدة ثالث أو
أربع سنوات .وال يجوز أن يبقى شخص في موقع واحد أكثر من دورتين 0
-1الكنيسة اإلنجيلية المصرية والسياسة
-9ساعد تأثر المثقفين في مصر بعصر النهضة على اتساع المجتمع
وخصوصا الطبقة الوسطى المثقفة لقبول أفكار وتوجهات الفكر المصلح والتعاون مع
ً
الكيان الكنسي في بناء مجتمع منفتح متكاتف يحترم تميز السلوكيات اإلنجيلية سواء
في مفردات الكالم (بدون قسم) أو في أسلوب التعامل (الصدق واألمانة) أو في
احترام المبادئ المتفق عليها في الوسطى اإلنجيلي (مثل تكريس العشور وحفظ يوم
الرب) وهكذا أثرت الكنيسة في تطوير السياسية بمعناها الواسع (إدارة المدينة) كما
برز بين اإلنجيليين من ساهم في الثورات الشعبية ( )9191وصياغة الدستور
المصري ( )9132وتشكيل األحزاب .
دائما في
-3وأما من جهة السياسة بمعناها األضيق ،فمع أن الكنيسة كانت ً
صفوف قيادة النظام واألحزاب وصياغة دستور ،9132إال أنها كسائر المؤسسات
السياسية تسير عادة في ركاب الحزب الحاكم فيما عدا ما يتعلق باألمور التي تمس
القيم ومواقف العدالة وترابط مكونات المجتمع المصري والعربي بمسئولية مع وجود
التفاعل الحيوي بين الكنيسة والمجتمع عبر تاريخها فقد كان ومازال للكنيسة اإلنجيلية
الفعال في خدمة المجتمع وزرع القيم وتطوير أنماط الحياة وأنماط األسرة
الدور َّ
وإقامة الحوار مع ذوي التوجهات المتباينة.
-11التوجه الالهوتي في الكنيسة اإلنجيلية:
كرازى بنائي اعتمد على الدعوة الفردية في إطار كيان كنسي مع التأكيد على أهمية
الكتاب المقدس ،هذا واجه مشكالت مقابل الكنائس التقليدية وسلطان الكهنوت فيها
ومقابل محدودية الثقافة والتعليم في مصر ،وهذا جعل الكنيسة تركز أكثر على
المدارس لنشر الوعي الديمقراطي.
48
اهتمت الكنيسة بدراسة اإلسالم وكانت في أغلبها موضوعية وفي جزء منها جدلية
لكنها لم تدخل في صراع فكرى أو اجتماعي بل أخي ار دخلت في برامج حوارات
مسيحية إسالمية في مواقع مختلفة في الداخل والخارج وانفتحت قنوات االتصال بين
الكنيسة واألزهر ،وشارك القس صموئيل حبيب في المؤتمر اإلسالمي ،وزار شيخ
األزهر الكنائس اإلنجيلية والجوامع في الواليات المتحدة وساعد منتدى الحوار
ِّ
المفكرين من الجانبين .في السنوات األخيرة بدأت المسيحي اإلسالمى على تقارب
الكنيسة تصارع بين ُّ
تعدد التوجهات الالهوتية داخلها وبين حركات أصولية فرضها
رأسمال األصوليين في الغرب وإصرارهم على االنتشار ،كما أن العوامل السياسية
واالقتصادية في الشرق األوسط جعلت التربة خصبة لنمو األصولية سواء اإلسالمية
أو المسيحية.
كما ظهر أيضا التيار الكارزماتي كنتاج طبيعي للضغوط النفسية والحاجة إلى
الهروب إلى الغيبيات أو تفريغ الطاقات التي لم تجد فرصة ،وبذلك احتاج الفكر
مشيخيا
ً المشيخي إلى إعادة قراءة وإعادة صياغة ،وهنا رأت الكنيسة أن تكتب الهوتًا
معاصر وما زالت المحاولة قائمة لكن الكنيسة مازالت تدرك وتعلن أنها نور
ًا مصرًيا
وملح للمجتمع وتتجاوز العزلة التي يمكن أن تصل إليها سواء بسبب األصولية أو
الكارزماتية
وإن كانت الكنيسة قد َّ
توقفت عن تمويل اإلرسالية المصرية في جنوب السودان ،إال
وتيا
فعاال في تدريب الطلبة السودانيين وتأهيلهم اله ً إسهاما َّ
ً أنها رأت أن تساهم
اما هناك ،كما أنها تشعر بالتزام المسئولية الك ارزية لألقليات في مواقع
ليعودوا خد ً
ليست فيها كنائس ،كما تهتم بأبنائها الذين هجروا القرية إلى المدن الجديدة أو إلى
األقطار العربية األخرى أو إلى دول المهجر.
وقد بدأت الهجرة إلى الغرب في مطلع الخمسنيات من القرن العشرين واحتاج
المهاجرون المصريون إلى رعاة على األقل في المرحلة االنتقالية بين التحول من
الثقافة الشرقية إلى الثقافة الغربية وكان من أوائل الذين قاموا بهذه المهمة ق.د.
فيكتور مكاري بخلفيته المصرية ودراسته األكاديمية في أمريكا ،كما احتاجت الكنيسة
المشيخية المتحدة في أمريكا إلى إقامة عالقة شركة مع الكنيسة المشيخية المصرية
49
بعد استقالل سنودس النيل اإلنجيلي عام 9198عن المحفل العام بالواليات المتحدة
األمريكية .وفي مطلع الستينيات تولى .د .فيكتور مكاري مسئولية مكتب االتصال
بين الكنيستين المشيخية المتحدة بأمريكا واإلنجيلية المشيخية بمصر وظل في الموقع
حتى سن التقاعد.
ِّ
المميزة على طريق تطور الفكر المشيخي في وإذا أردنا أن نضع بعض العالمات
مصر والتوجهات الالهوتية فيمكن مالحظة اآلتي:
يتعرفوا على الكنيسة بدرجة أو بأخرى أن
بدأت الرسالة بتوجه كرازي بدعوة الذين لم َّ
ينتبهوا إلى أمرين أولهما :دور النعمة في خالص اإلنسان ،والثاني :هو دور الكلمة
المكتوبة في توجيه اإلنسان في مختلف اتجاهات حياته ،ونظ ار لالرتفاع الكبير في
نسبة األميين في المجتمع فقد شجعت الكنيسة على حفظ اآليات الكتابية وعملت
مسابقات على مختلف المستويات أشهرها مسابقة حفظ مائة آية ومسابقة حفظ
خمسمائة آية.
المصَلح بالهوت الكنيسة التقليدية في مصر وأيضا ومع تطور احتكاك الفكر ُ
باالحتكاك بالفقه اإلسالمي ألن اإلسالم ينظر إلى التوراة والمزامير واإلنجيل ككتب
سماوية ،لذلك أثُير العديد من األسئلة الجدلية في معظمها والحوارية في بعضها.
ثم تبنـَّت الكنيسة العديد من القضايا الالهوتية إما انطال ًقا من الظروف السياسية
واالجتماعية التي عاشتها البالد فبحثت المفهوم الالهوتي والكتابي للمواطنة حول
َّ
وتجدد ثورة 9191إلى أن اشترك بعض أبناء الكنيسة في صياغة دستور 9132
أيضا في الثالثينيات عندما اجتمعت كل قوى األمة لمقاومة االستعمار
الموقف ً
اإلنجليزي
التطرف الديني إلى منطقة
ُّ وفي الثمانينيات من القرن العشرين عندما امتدت موجة
الشرق األوسط فكان للكنيسة ومازال دورها الواضح في نشر الفكر الالهوتي فيما
يرتبط بالمواطنة وقبول اآلخر.
تحركت الكنيسة على مختلف المستويات
ومع قيام ثورة الشباب في َّ 3099/9/39
معا في لجان شعبية عندما اختفى دور الشرطة
لتتفاعل مع األحداث فخرجت األسر ً
واضطرب األمن ،وفي الكنائس تزايدت اللقاءات مع مختلف المذاهب والطوائف
52
اإلنجيلية من أجل مراجعة وتنمية الحس الوطني ومراجعة دور الكنيسة في خدمة
المجتمع وسط الظروف المرتبكة بين الطفرة الشعبية الديمقراطية واألزمات المجتمعية
لبعض الفئات ،بل وفتحت الكنيسة اإلنجيلية بقصر الدوبارة أبوابها لتصير قاعاتها "
مستشفى ميداني" لعالج المصابين في ميدان التحرير -واحتفل المسيحيون
والمسلمون ً
معا برأس السنة الميالدية في ميدان التحرير وعقدت الكنيسة والمجلس
الملِّي والهيئة القبطية اإلنجيلية عدة ندوات توعية سياسية ودعوة لدور الكنيسة في
المجتمع .كما انضم كثيرون من القيادات اإلنجيلية لألحزاب الجديدة وصار هناك
عضو في في مجلس الشعب هو د .حلمي صموئيل وآخر في مجلس الشورى عن
القاهرة وهو د .إيهاب الخراط.
لكن الكنيسة أيضا اتجهت إلى تأصيل الالهوت في البحث عن صياغة الهوت
مصري يتفاعل مع القضايا المصرية والتراث المحافظ الموروث والبيئة الشرق
أوسطية حتى وصلت كلية الالهوت إلى إنشاء قسم خاص بالكلية للدراسات الشرق
أوسطية والتراث العربي المسيحي ،بل إننا نعتز بكـُتـِّابنا الذين قدموا مراجع أساسية
الهوتية للعالم العربي ألول مرة مثل كتاب علم التفسير للدكتور القس فهيم عزيز
وكتب تاريخ الفكر المسيحي للدكتور القس حنا الخضري وكتب في علم األخالق من
وجهة نظر مصلحة للدكتور القس فايز فارس وهذه على سبيل المثال
مهما من جهد الكنيسة في مختلف مراحلها حتى
كما أن الهوت التنمية أخذ جزًءا ً
تصور في صياغة متكاملة في كتابات وأعمال الدكتور القس صموئيل حبيب.
َّ
-11الكنيسة المشيخية وحركة التنوير:
كان استثمار حركة التنوير في المجتمع بإنشاء مدارس تخدم المجتمع ككل بأسلوب
صادما للمجتمع المصري ألن مبعوثي محمد
ً تعليم يشابه التعليم الغربي ولم يكن هذا
مهدوا الطريق لفتح مدارس تساير المناهج الغربية فبدأت
علي ومن بعدهم إلى فرنسا َّ
أول مدرسة في إسكندريةَّ .
فكر المرسلون في فتح المزيد من المدارس استمرًا
ار للحركة
التنويرية فبعد مدرسة الجنينة(األزبكية) سافر يوحنا هوج إلى أسيوط وهناك بدأ ما
مصدر لنشر التعليم في القرى
ًا ُعرف فيما بعد بكلية أسيوط األمريكية .وصارت الكلية
وشجعت تالميذ هذه المدرسة المحيطة بأسيوط بكل من فيها من مسيحيين ومسلمين َّ
51
أن يرجعوا في عطلة نهاية األسبوع التي كانت أيام الجمعة والسبت واألحد إلعطاء
وتشجع أهل القرى
َّ التالميذ فرصة أن يعلِّموا القرية ومحو أمية القرى التي جاءوا منها
مكانا لمدرسة الفصل الواحد حتى أن وثائق السنودس النيل اإلنجيلي
ً أن يقدموا
المصري سنة 9818تبيَّن أن عدد مدارس الفصل الواحد بلغت 302مدرسة.
هذا من جانب خدمة التعليم العام في مصر للمجتمع المصري بكل فئاته ،وقد تزايد
عدد المدارس القانونية بمراحل التعليم المختلفة حتى وصلت إلى المرحلة التي فيها تم
إنشاء الجامعة األمريكية بالقاهرة .ومن الجانب اآلخر ركزت الكنيسة المشيخية على
التعليم الالهوتي وكانت كلية أسيوط أول مكان إعداد طلبة الهوتيين ليتفرغوا للخدمة،
ثم صارت الذهبية هي موقع تعليم ما ُعرف بصف الالهوت (كلية الالهوت فيما
تحول صف الالهوت إلى مدرسة الهوت في مبنى األزبكية بالقاهرة إلى أن
بعد) ثم َّ
تم بناء كلية الالهوت اإلنجيلية بالعباسية القاهرة في شارع السكة البيضا سنة 9131
في عهد الملك فؤاد.
و لما اتسع تأثير الكنيسة اإلنجيلية ظهر التباعد بينها وبين الكنيسة األرثوذكسية
وظهرت بعض الكتابات النقدية لكل من الطرفين ،وهنا تنبَّهت الكنيسة األرثوذكسية
للتعليم والكتاب والعقيدة في مواجهة الفكر اإلنجيلي ،كما اتجهت الكنيسة اإلنجيلية
في مجاالتها إلى التأكيد على الفكر المشيخي مقابل التقليد األرثوذكسي ،إال أن هذا
سلبيا يكمله ما حدث داخل الكنيسة األرثوذكسية فقد اتجهت هي
الموقف الذي يبدو ً
األخرى إلى تأسيس ما ُعرف فيما بعد (بمدارس األقباط الكبرى) كما بدأت في مرحلة
الحقة بتطوير التعليم الالهوتي حتى صار اآلن العديد من المدارس اإلكليريكية على
مستوى أبراشيات غير قليلة وأيضا َّ
توجهت إلى تطوير نظام العبادة فترجمت أجزاء
ودربت القسوس والقمامصة على الوعظ.
من الليتورجية القبطية إلى اللغة العربية َّ
وفي مرحلة الحقة انضمت هذه الكليات إلى رابطة كليات الالهوت في الشرق
األوسط.
ومثلما اهتمت الكنيسة اإلنجيلية بالطفل وتربيته المسيحية بدأت الكنيسة األرثوذكسية
تطور إلى إصدار مجلة مدارس األحد وبرامج تدريب ِّ
لمدرسي نامجا لمدارس األحد ُّ
بر ً
مدارس األحد .وفي النصف الثاني من القرن العشرين عيَّنت ً
أسقفا لمدارس األحد
52
وال يمكن عدم اإلشارة إلى دخول المواعظ في القداسات بل وإصدار كتب باللغة
العربية بل ودور نشر كبيرة مثل مكتبة المحبة وإصدارات أسقفية الشباب وغيرها– أما
تكونت أسقفية خدمات على غرار برامج خدمة الريف
من جهة الخدمة المجتمعية فقد َّ
وخدمة المجتمع في الكنيسة اإلنجيلية
وعندما بدأت الكنيسة اإلنجيلية في إقامة مصايف ومؤتمرات لخدمة الشباب
وخصصت برامج ومطبوعات تعالج قضايا الشباب شجع هذا الكنيسة األرثوذكسية أن
َّ
تعمل نفس الشيء أن تقيم أسقفية خاصة للشباب
تتدرب من خالل مدرستين وكما فتحت الكنيسة اإلنجيلية المجال للمرأة أن َّ
تتعلم وأن َّ
ِّ
للمبشرات واحدة في طنطا وأخرى في المنيا فإن الكنيسة األرثوذكسية بدورها فتحت
خاصا على خدمة المرأة في الكنيسة وفتحتتركيز ً
ًا المكرسات وأعطت
َّ الباب لخدمة
أمامها باب الرهبانية .ومع هذا االنفتاح والتطوير توجهت الكنيسة اإلنجيلية والكنيسة
معا سنة 9148لالنضمام لمجلس الكنائس العالمي وصارت كل منهما
األرثوذكسية ً
عضوا .وقد تبع ذلك مشاركات في عضوية عدد من المجالس المسكونية مثلً
المجلس العالمي للتربية المسيحية ومؤتمر كنائس كل أفريقيا .وفي سنة 9164
َّ َّ
تشكل مجلس كنائس الشرق األوسط وتمثلت فيه الكنائس األرثوذكسية ً
جنبا إلى جنب
مع الكنائس اإلنجيلية وسيأتي الكالم عنه عند تناول المسكونيات
التحول الفكرية والالهوتية البارزة بدء الحوار الالهوتي الذي
ُّ ولكن من نقاط
حدث بين الكنيستين اإلنجيلية المشيخية من جانب والقبطية األرثوذكسية من جانب
آخر والذي بدأ عام 9188واستمر حتى 9119وصدرت كثمرة له أول مجلة
مسكونية أرثوذكسية ( الكرمة) وفيها بيان لالهوتيات َّ
المتَفق عليها بين الكنسيتين في
موضوع الخالص وسيأتي الكالم عنها أيضا في باب المسكونيات ووسط كل هذه
التطورات لم يخل األمر من بعض التوتُّرات التي ظهرت بين الحين واآلخر لكن
القيادات من الجانبين كانت وما زالت حريصة على الحوار والعتاب أحيانا وربما
نرجع الى بعض هذه النماذج في باب المسكونيات أيضا
-12الكنيسة والسلوكيات :لم تكن األفكار المرتبطة بالمال والوقت هي الضابط
الوحيد في حياة أبناء وبنات الكنيسة اإلنجيلية بل كانت هناك برامج تعليمية وكتابية
53
إلعادة صياغة نمط حياة األسرة ووصل التدقيق فيها للحد أن مجالس الكنائس كانت
تحاسب أعضاءها إذا ظهرت مشاكل في أسرهم حتى أنه ورد في جلسة مجلس
كنيسة أسيوط أن المجلس قرر وقف العضو عن التناول في مائدة الرب إلى أن
سببا مقنعا لفسخ خطبة ابنته ،واشتملت المحاضر على حث الكنائس على
يعطي ً
الفضائل (من محاضر سنة )9811
وهذه صورة من محاضر كنيسة أسيوط ترجع للسبعينيات من القرن 91تتناول
ونظر لعدم إمكانية إعادتهم لمن باعوهم،
ًا موضوعات مثل تحريم شراء العبيد واإلماء،
فإن الكنيسة تصير مسئولة عن تربيتهم وتعليمهم ،وعلى سادتهم يقع التأديب
قرار لمخالفتهم
الكنيسة
وهناك أحكام تأديبية من الكنيسة على من يشتغلون بالفايظ (أي الفائدة المرتفعة)
ونق أر أيضا في محاضر السنودس أن أحد طلبة الالهوت اجتاز االمتحانات التحريرية
قرر حرمانه من الدرجة حتى يتجاوب مع المالحظات
كلها بنجاح لكن مجلس الكلية َّ
التي أُبديت حول سلوكه
كما اهتم السنودس بتنظيم دفاتر محاضر الجلسات بأنواعها ،ووضع قواعد لكتابتها
وأيضا فحصها وتقييمها.
ُّ
بتقدم الكنيسة وتنظيم عمل الشيوخ والشمامسة وتحديد كما اهتم السنودس
اختصاصاتهم وكيفية القيام بمسئولياتهم طبًقا لما جاء بمحاضر السنودس عام
:9813
تقرير تقدم الكنيسة 1812
للتبصر في الوسائل المناسبة لتقدم الكنيسة في األثمار المسيحية
ُّ قدم تقرير العمدة
ورئى قبوله بندا بندا وهو كما يأتي:
54
يلزم أن مجلس كل كنيسة يكون له اجتماعات خصوصية للنظر في أمر -9
الوسائل الفعالة لتقدم اإلثمار المسيحية.
يجب أن كل مجلس يدعو األعضاء المتأخرين في العطاء والبخال والذين -3
يندرون من أموالهم للرب وال يفون .وينذرهم على اإلنفراد ألجل إتمام واجباتهم من
هذا القبيل ،كما من جهة واجبات كل األعضاء في الصالة العائلية وباقي الواجبات
الروحية.
ينبغي أن أعضاء كل مجلس يكونون قدوة حسنة في إظهار روح السخا -2
والغيرة المسيحية.
يجب أن مجلس كل كنيسة عند قبول أعضاء جدد يعلمهم االشتراك في -4
العطاء للرب بقدر إمكانهم وذلك قبل انضمامهم إلى عضوية الكثير ويحثونهم على
الجد في سائر الواجبات الدينية.
بعضا يتبادلون الزيارة كل واحد في
يلزم أن القسوس المجاورين بعضهم ً -9
دائرة رعوية اآلخر . . .ومصحوبين بشيوخ كل دائرة رعوية ويجرون مجاهدة الزيارة
الوسائط المناسبة للتقدم كتعيين وقت للصوم والصالة واالجتماع باألخوة المتأخرين
وحثهم على إتمام واجباتهم وإلقاء مواعظ وإنذارات عمومية وما أشبه ذلك.
56
خصوصيا
ً احتياجا
ً هل تزور المرضى والذين جعلتهم عناية الله يحتاجوا -9
للتعليم الشخصي والمشورة والصالة.
هل تعتني بالزيارة العائلية المرتبة بالضبط. -1
هل تحضر في مدرسة األحد وتستعمل الوسائط الالزمة لنجاحها. -6
دينيا عندكم كل أسبوع.
اجتماعا ً
ً كم -8
هل يسمع الشعب بسرور وانتباه لما تكرز باإلنجيل في أيام اآلحاد وغيرها. -1
هل ترى أن الكلمة المكروز بها لها تأثير عملي في تصرف الناس. -90
هل حصلت حركة دينية خصوصية السنة الماضية من أي نوع كان. -99
السؤاالت التي تقدم للشيوخ
هل اجتهدت أن تعرف حق المعرفة المسئولية الواقعة عليك كمالحظ في -9
بيت الرب.
هل اجتهدت أن تدرك معاني تعاليم الكتاب التي ِّتبين واجبات وظيفتك -3
وتأملت فيها حتى تسلك بموجبها.
هل تجتهد أن تزور عائالت الكنيسة أو أعضائها أو الجزء المعيَّن عليك -2
منهم وبالخصوص المصابين بمرض أو ضيق.
يضا وخاصة متى كان حضور
أتخبر الراعي إذا علمت أن أحد األعضاء مر ً -4
جدا.
الراعي ضرورًيا ً
هل تنتهز الفرصة لتتكلم مع األعضاء عما يختص بصالح أنفسهم ولتلح -9
عليهم بالتعاليم التي تسمع من ِّ
المبشر.
هل تجتهد أن تالحظ كل من يغيب عن االجتماعات الجمهورية وأن تنذر -1
وتنصح كل من يذنب في هذا الشأن.
هل تواظب على الحضور في جلسات المجلس وهل تحضر في المجمع إن -6
تعيَّن عليك ذلك.
هل تشترك مع الراعي وباقي الشيوخ في المسئولية واالهتمام في قبول -8
ظا أنهم يظهرون العالقات الموافقة الدالة على
األعضاء الجدد إلى الكنيسة مالح ً
كونهم في حالة مناسبة وأنهم يقرون بالتعاليم اإلنجيلية.
57
هل تواظب على الحضور في االجتماعات األسبوعية وتعمل ما في إمكانك -1
لتجعلها مفيدة وملذة.
هل تواظب على الحضور في مدرسة األحد وتشترك في ذلك العمل. -90
-99هل تجتهد أن تكون قدوة حسنة للشعب ً
قائدا إياهم في في كل عمل صالح
وفي العطاء من مالك وفي االجتهاد في المعيشة المقدسة.
هل تجتهد بالتعليم والقدوة حتى َّ
يقدس يوم األحد كله أي 34ساعة وليس -93
فقط جزًءا منه.
-92هل تجتهد أن تمتنع عن الخطيئة والعوائد الرديئة وتظهر عدم مصادقتك
عليها في كل فرصة.
هل تجتهد كل االجتهاد أن تشجع الراعي ِّ
وتخفف أتعابه وتساعده في كل ما -94
يؤول إلى خير الكنيسة والكنائس كلها.
السؤاالت التي تقدم للشمامسة
هل تعلمت الكنيسة بأن العطاء للرب هو أحد الواجبات المهمة التي التغافل -9
ار روحية بالغة.
عنها يجلب إضرًا
هل يوجد شعور عند كل األعضاء بأن كال منهم مسئول من جهة دوام -3
وسائط النعمة بواسطة عطاياهم الشخصية للكنيسة.
هل ظاهر من تصرفات األعضاء بأنهم معتبرون أن ما يدفعونه في مرتب -2
الراعي هو على سبيل دين ملتزمون بوفائه وبأنهم في هذا ِّ
يتممون أمر الرب "بأن
الذين ينادون باإلنجيل من اإلنجيل يعيشون"
المتعهد به للراعي على الكامل وفي الميعاد باالنتظام
َّ هل ُدفع المرتب -4
هل على الكنيسة دين وإن كان يوجد فما هي الوسيلة الحادية لوفاة الدين. -9
ما هي كيفية الجمع لخزينة الكنيسة بطرفكم وهل هي نافعة. -1
مقدم قدوة حسنة في العطاء لخزينة الكنيسة من مالك بسخاءهل أنت ِّ -7
وسرور وفي وفاء تعهداتك من جهة الدفع.
ومن بين التعاليم التي انعكست على الحياة اليومية أيضا نق أر أن كثي ار من القرى التي
ُوجدت فيها كنيسة إنجيلية غيرت يوم السوق في القرية ألن اإلنجيليين يقدسون يوم
58
األحد ويمتنعون عن البيع والشراء فيه
ومن بين الفضائل أيضا التي تميَّزت بها أخالقيات اإلنجيليين في العشرينيات من
القرن العشرين فضيلة الصدق في الكلمة حتى أن المحاكم سمحت لإلنجيليين بتغيير
القسم للشهادة واالكتفاء بالقول (أقول الصدق في المسيح).
31
الكنيسة ونظام العبيد
ظهر هذا الدور من خالل حادثة في المطيعة ،ففي أثناء العشاء الرباني عام
عبدا ولم يكن العبيد يعتبرون ضمن أعضاء الكنيسة
9869كان السيد حنا الله يملك ً
القبطية .وبعد
مناقشة
مستفيضة
توصل حنا الله
َّ
إلى أنه قبل أن
إلى ينضم
يحرر عبده ووعد أن يعلِّمه ال أن يطلقه فقط ،وقد َّ
تعمد الكنيسة اإلنجيلية عليه أن ِّ
العبد فيما بعد في أسيوط .ومع أنه لم يكمل دراسته فإن دراسته التمهيدية لالهوت
ِّ
بالمبشر األسود في كل الكنائس أمينا إليمانه الجديد وعرف فيما بعد
شاهدا ً
ً جعلته
الجديدة النامية .وتعتبر أسيوط مركز مكافحة العبودية ربما ألنها انطالق طريق
العربات التي كانت تقطع الصحراء إلى النوبة والسودان (الطريق المعروف باسم
درب األربعين) .وفي عام 9880كان مستر إلبرت روت وهو مدرس شباب في كلية
أسيوط كان أداة إلطالق عدد كبير من
العبيد.
واآلن نعرض لبعض من مالمح
مميزة صاحبت بداية العمل اإلنجيلي بمصر
َّ
41
المركب أيبس
في عام 9894كان عدد المرسلين
41
Vinidication, p41.
62
اإلصحاح السادس من سفر القضاة حيث يذكر أمر الله لجدعون بهدم مذبح البعل ،
وفي مناقشاتهم لإلصحاح عقدوا مقارنة بين الصور واأليقونات الموجودة في الكنيسة
القبطية ،وما ورد في ذلك األصحاح .وتساءلوا فيما ماذا كان لديهم شجاعة وإخالص
َّ
وصلوا ثالث مرات فقاموا وذهبوا إلى الكنيسة األرثوذكسية القريبة من البيت جدعون
َّ
ووزعوا أنفسهم لكي يقوموا بتحطيم األيقونات الموجودة بالكنيسة وقاموا بإحراق
بعضها وتقابلوا مع حنا بقطر وواصف خياط وطلبوا منهم االنضمام.
وعندما أُكتشف األمر قام األقباط بإبالغ الشرطة وتم سجن من قاموا بهذا
مؤكدا على كسر
ً ماليا .قام يوحنا هوج بالوعظ في عيد الشكر
مبلغا ً
العمل وتغريمهم ً
األصنام التي في القلب وكسب اآلخرين بأفعال وأقوال المحبة.
تعبير عن انتمائهم وإيمانهم بأنهم
ا قرية تستضيف كل المجمع لمدة أسبوع كامل
42
شركاء في المسئولية وااللتزامات المادية أيضا.
فقد حضر في التئام المجمع في بني عدي من 8فبراير 9812الذي ضم
وطنيا و 9شيوخ و 6مندوبين عدا الكثيرين ممن ليسوا
ً قسيسا
ً 992مرسالً و99
أعضاء في المجمع وال مندوبين من كنائس ،وقد قام األخوة ببني عدي بفرائض
ُّ
التشكرات الزائدة الضيافة بكل اجتهاد وسخاء ولطف وعناية مألت قلب المجمع من
لهم.