Professional Documents
Culture Documents
دور المشاركة في اتخاذ القرارات المالية
دور المشاركة في اتخاذ القرارات المالية
بحث حول
دور المشاركة
في اتخاذ القرارات المالية
2018 - 2017
تحت إشراف:
ن .تحيريشي
من إعداد:
• خلخال محمد
• سراوي سارة
• سراوي صبرينة
• آغا أمينة
ِ
َُ ْ َ ُ ََ ََ َُ َ َ َ ُ
ك ْم َو َر ُسول ُ ُه َوال ْ ُم ْؤمنُونَ وق ِل اعملوا فسيرى الله عمل
َْْ َ َ
ك ْنتُمْ
ُ اد ِة فَ ُي َنب ُئ ُكم بماَالش َه َ َ َ َ َُُ َ َ
وستردون ِإلى عال ِ ِم الغي ِب و
ِ ِ
َ َْ َ ُ
تعملون
{سورة التوبة }105
قائمة المحتويات
الصفحة المحتوى
I قائمة المحتويات
أ-ب مقدمة
01 المبحث األول :ماهية المشاركة في اتخاذ القرار
01 المطلب األول :مفهوم المشاركة في اتخاذ القرار
03 المطلب الثاني :مزايا وعيوب المشاركة في اتخاذ القرار
04 المطلب الثالث :العوامل المؤثرة على المشاركة في اتخاذ القرار
06 المطلب الرابع :تأثير طبيعة القيادة على المشاركة في اتخاذ القرار
08 المبحث الثاني :دور المشاركة في اتخاذ القرارات المالية
08 المطلب األول :مستويات المشاركة في صنع واتخاذ القرار
09 المطلب الثاني :أساليب المشاركة في صنع واتخاذ القرار
14 المطلب الثالث :أهمية المشاركة في اتخاذ القرارات المالية
15 المطلب الرابع :نماذج عن نجاعة وفاعلية المشاركة في اتخاذ القرار الرشيد
17 خاتمة
19 قائمة المراجع
I
مقدمة
تواجه مختلف المؤسسات االقتصادية مواقف ومشاكل تحتاج إلى اتخاذ قرارات بشأنها،
تتفاوت من حيث األهمية والصعوبة ،فبعضها قرارات روتينية بسيطة ،وأخرى يتوقف عليها
مصير الوحدة االقتصادية بحيث لها تأثير كبير على نجاحها أو فشلها ،فتلك المشاكل ذات
الطابع المالي التي تتميز بدرجة من األهمية الكبيرة ،نظراً لتابعاتها في حالة ما إذا تعذّر حلّها،
تحتاج إلى قرارات يجب أن تكون على مستوى من الوعي واالحترافية لضمان فاعليتها ،فطبيعة
القرارات المالية مهما كان شكلها أو أيٍ كان متخذها تتسم بتأثيرها على مختلف جوانب
المؤسسة ،وبالتالي فأي قرار بهذا الصّدد البد من إجراء دراسة مالية مسبقة قبل اتخاذه.
إن ضرورة المشاركة في صنع القرار المالي واتخاذه أمر في غاية األهمية يجب على أي
رئيس أو مدير أو مشرف كان أن يُلِمّ به وبأساليبه وفنونه ،فمشاركة المرؤوسين والخبراء من ذوي
الخبرة واالختصاص في القضايا المالية المستعصية ينتج عنه الكثير من الفوائد والمكاسب
التي يجب االستنفاع بها في بناء قرارات مالية إيجابية ،إذ أن هذه األخيرة تكون أكثر فاعلية
من القرارات التي يصنعها فرداً واحد.
انطالقا مما سبق نتقدم بهذا البحث المتواضع الذي سيسلّط الضوء على مجموعة من
العناصر التي اخترناها حول المشاركة ودورها في صناعة واتخاذ القرار المالي ،موضحين بذلك
مجموعة من اإلشكاالت التي تَطرحُ نفسها على بِساط البحث ،من أبرزها:
• التساؤالت الفرعية:
(أ)
كل هذا وأكثر نجيب عليه بإذن اهلل في إطار خطة البحث التالية:
وإلى ذلك الحين نسأل اهلل التوفيق والسّداد ،فإن أصبنا فبفضل اهلل ومنّته ،وإن أخطأنا
فمن أنفسنا والشيطان ،واهلل المستعان.
(ب)
المبحث األول :ماهية المشاركة في اتخاذ القرار
الغرض من هذا المبحث عرض نقاط مهمة حول المشاركة في اتخاذ القرار باعتبارها
وسيلة هامة لبناء القرارات الفعّالة لحل المشاكل المستعصية ،فنبحث في مفهوم المشاركة
في اتخاذ القرار بعد أن نشير لبعض المفاهيم ذات الصلة على غرار الشورى والقرارات الجماعية
باإلضافة لمفهوم القيادة والقرارات المالية ومفهوم االتصال ،ونتكلم عن مزايا (إيجابيات)
وعيوب (سلبيات) المشاركة ،ونعرض العوامل الشخصية والتنظيمية واالجتماعية في مطلب
العوامل المؤثرة على المشاركة في اتخاذ القرارات ،وأوردنا في نهاية المبحث األول مطلبا
استثنائيا يوضح تأثير القيادة على المشاركة في اتخاذ القرار ،نبين فيه طبيعة المشاركة في
ظل القيادة الديمقراطية واألوتوقراطية والقيادة المتساهلة.
قبل أن نعرض مفهوم المشاركة في اتخاذ القرار ال بأس بأن نتطرق إلى بعض المفاهيم
المرتبطة التي صادفنها من خالل بحثنا:
أو هي "تبادل اآلراء في أمر من األمور لمعرفة أصوبها وأصلحها ألجل اعتماده والعمل به"*،2
ويمكن القول بأن مضمون الشورى ينوب عن مفهوم المشاركة في اتخاذ القرار في الفكر
اإلسالمي.
❖ القرارات الجماعية :هي تلك القرارات التي تتخذها الجماعة أو المجموعة كافة ،وعلى
الرغم من أن المشاركة في صناعة القرار تبدو للوهلة األولى متشابهة مع القرارات الجماعية إال
أن المفهومين مختلفين ،بحكم أن المشاركة الرئيس هو من يتخذ القرار كما أن األفراد المشاركة
صالح ،الشورى في الكتاب والسنة وعند علماء المسلمين ،الطبعة األولى ،مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر ،الرياض،
1محمد بن أحمد بن صالح ال ّ
،1999ص .13
2أحمد محيي الدين العجوز ،مناهج الشريعة اإلسالمية (ج[ ،)2بدون طبعة] ،مكتبة المعارف للطباعة والنشر ،بيروت ،1981 ،ص .128
1
في اتخاذه قد ال يجتمعون معا للمناقشة ،على عكس القرارات الجماعية التي يلتقي فيها
الجماعة لمناقشة المشكلة والتباحث حول البدائل الممكنة*.3
❖ القيادة اإلدارية :هي "العملية التي تتم من خاللها التأثير على سلوك األفراد والجماعات
وذلك من أجل دفعهم للعمل برغبة واضحة لتحقيق أهداف محددة"* ،4ونقصد بذلك "ممارسة
التأثير في المرؤوسين باتجاه تحقيق أهداف محددة"* ،5هذا وتتأثر المشاركة في اتخاذ القرار
بطابع السلوك القيادي للقائد ،بحيث أن المشاركة تعتبر ميزة مهمة للفصل بين أنماط القيادة
اإلدارية.
❖ القرارات المالية :هي تلك القرارات التي يأخذ مضمونها الصبغة المالية ،أي أنها تتعلق
بالجانب المالي للمؤسسة* ،6فهذه القرارات تكتسي أهمية بالغة ،مما يستدعي التريث
ومشاركة األمور مع الجماعة.
❖ االتصال :يمكن إعطاء تعريف معبِّر حول االتصال اإلداري ،في قولنا بأن االتصال هو
"العملية التي تنقل بها الرسالة من مصدر معين إلى مستقبل واحد أو أكثر بهدف تغيير
السلوك"* ،7فإمكانية تحقيق فعالية اتصالية بين الرئيس ومرؤوسيه في جميع االتجاهات بما
يحقق االستمرارية والوضوح والتبادل المشترك ،يساهم في المشاركة في اتخاذ القرارات
ويعمل ك ذلك على إرساء العالقات اإلنسانية ،فبدون االتصال الفعّال ال يمكن أن تكون هناك
مشاركة الفاعلين في صنع واتخاذ القرارات وال عالقات إنسانية بين هؤالء الفاعلين*.8
إن المشاركة تشير إلى "عملية يتبادل فيها طرفان أو عدة أطراف التأثير على اآلخر في
وضع بعض المخططات أو رسم السياسات واتخاذ قرارات ،وهي مقتصرة على القرارات التي لها
تأثيرات إضافية على كافة أولئك الذين يتخذون القرار وعلى من يمثلهم"*.9
3محمد فريد الصحن وآخرون ،مبادئ اإلدارة ،الطبعة األولى ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،2001 ،ص .136
4زياد محمد عبد ،أساسيات عم اإلدارة ،الطبعة األولى ،دار البداية للنشر والتوزيع ،ع ّمان ،2010 ،ص .142
5فريد فهمي زيارة ،وظائف اإلدارة ،الطبعة األولى ،دار اليازوري العلمية للنشر ،ع ّمان ،2009 ،ص .316
6زياد سليم رمضان ،أساسيات التحليل المالي ،الطبعة األولى ،دار وائل للنشر ،األردن ،1997 ،ص ،11بتصرف.
7ربحي مصطفى عليان ،عيسى يوسف قدادة ،محمود أحمد فياض ،مبادئ اإلدارة (ج ،)1الطبعة األولى ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان،2010 ،
ص .194
8بن داود العربي ،المشاركة في اتخاذ القرارات والعالقات اإلنسانية من ركائز االتصال الفعّال في المؤسسة ،مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية،
جامعة قاصدي مرباح (ورقلة) ،سبتمبر ،2014العدد ،16ص ،167بتصرف.
9فضيل دليو ،الهاشمي لوكيا ،ميلود سفاري ،إشكالية المشاركة الديمقراطية في الجامعة ،الطبعة األولى ،مخبر علم اجتماع االتصال ،قسنطينة،
،2001ص .18
2
وتعرف المشاركة في اتخاذ القرار على أنها "إعطاء كافة أفراد التنظيم فرصة المساهمة
في القرارات ،من خالل تبادل اآلراء واالستفادة من الخبرات وفق أسس وقواعد موضوعية تؤدي
إلى تحقيق أهداف األفراد من جهة ،وأهداف المؤسسة التي ينتمون إليها من جهة أخرى"*.10
إذن ،عملية اتخاذ القرار هي تلك المرحلة التي ينتج عنها اختيار أفضل البدائل والحلول
المقترحة لمشكل ما ،وعليه فإن المشاركة في اتخاذ القرار هي طرح مشكلٍ ما أمام مجموعة من
األفراد وهم 'المشاركون' لتحليله ومناقشته من أجل الوصول ألفضل وأنسب وأرضى بديل لحل
المشكل المطروح.
يترتب عن تطبيق أسلوب المشاركة في اتخاذ القرارات العديد من المنافع سواء من جانب الفرد
أو من جانب المؤسسة بحد ذاتها ،ومن أهم تلك المزايا نذكر ما يلي*:11
❖ تحسين جودة ونوعية القرارات بالمشاركة ،بسبب رؤية المشكل من منظور عدة أفراد،
األمر الذي ينتج عنه اختيار أفضل الحلول والبدائل المقترحة.
ن من القادة
❖ المساعدة على جعل المرؤوسين أكثر نضجا ومسئولية ،وإعداد صف ثا ٍ
اإلداريين المدربين على صنع القرارات السليمة.
❖ تعزيز عنصري اإلبداع واالبتكار في حل المشاكل أو المواقف التي تواجهها الوحدة
االقتصادية.
❖ تشكل المشاركة في اتخاذ القرارات حافزا معنويا وإيجابيا يعمل على رفع روح المعنوية
وتنمية مشاعر االنتماء إلى المنظمة بما يعزز حالة المحافظة عليها والدفاع عنها وتحقيق
أهدافها.
❖ زيادة روابط اإلخاء والثقة المتبادلة بين المرؤوسين ورئيسهم* ،12وإشعارهم بأهميتهم
في اتخاذ القرار.
10عزيرو راشدة ،المشاركة في عملية صنع القرار وسبل تفعيلها ،تيارت ،جامعة ابن خلدون ،ص ( .2رقم التقرير تعذّر علينا كتابته)
11إبراهيم شهاب ،مشاركة العاملين في صنع القرارات اإلدارية ،مجلة اإلداري ،معهد اإلدارة العامة ،1995 ،العدد ،61ص ،213بتصرف.
12هاني عرب ،أساسيات اإلدارة الحديثة ،نسخة إلكترونية منشورة ،ملتقى البحث العلمي ،ص .64
3
• الفرع الثاني :عيوب المشاركة في اتخاذ القرار
إن لفكرة المشاركة في اتخاذ القرارات عيوبا يبرزها معارضوها ،لكنها في الواقع تعتبر غير
منطقية نوعا ما حسب رأي أصحاب البحث ،وقليلة إذا ما قورنت بمزاياها التي سبق التطرق
إليها ،ولعل من أبرز تلك العيوب*:13
❖ المشاركة أسلوب غير عملي ،فقد يتعذر استخدامها في الحاالت التي تتطلب قرارات
فورية ،كما أنها تعمل على تعطيل القرارات بناء على تعدد اآلراء ونوعيات المشاركين في صنع
القرار.
❖ تشكل مظهرا لتنازل المسؤول عن بعض مهامه التي يفرضها عليه منصبه ،إضافة
إلضعافها لمركز المسؤول وشخصيته بإبقاء ما يناط به بعيدا عن رقابته.
❖ كثيرا ما تكون المشاركة صورية* ،14أي تصبح غاية في حد ذاتها وليست وسيلة
لتحقيق المشاركة في اتخاذ القرارات ،وعادة ما يتم في الواقع أن المسئول هو صاحب االختيار
وإنما يلجأ للمشاورة بقصد إضفاء مظهر المشاركة على سلوكه القيادي فقط*.15
❖ عنصر الوقت ،الذي قد ال يكون لصالح الرئيس في حالة ما إذا أراد مشاركة مرؤوسيه في
اتخاذ القرار ،فالمشاركة تحتاج وقتا كافيا لتقوم بدورها ،باإلضافة الى تكاليف وجهد كافيان
لذلك*.16
17
المطلب الثالث :العوامل المؤثرة على المشاركة في اتخاذ القرار*
تتعدد العوامل التي تحُد عملية المشاركة في اتخاذ القرارات ،وقد تختلف تلك العوامل
باختالف المنظمات ومن يديرها واألنظمة والبيئات التي تسودها ،وسنعرض أبرز تلك العوامل
في إطار عوامل شخصية وتنظيمية وعوامل اجتماعية.
❖ عوامل شخصية :إن شخصية المدير وعواطفه وقيمه وتاريخه في العمل ومركزه
االجتماعي والمالي خارج المنظمة واتجاهاته ومستواه العلمي وخبراته السابقة ونمط سلوكه
13محمد التويجري ،محمد البرعي ،األسلوب القويم في صنع القرار السليم ،الطبعة األولى ،مكتبة العبيكان ،الرياض ،1995 ،ص .25
14هاني عرب ،أساسيات اإلدارة الحديثة ،مرجع سبق ذكره ،ص .64
15محمد التويجري ،محمد البرعي ،األسلوب القويم في صنع القرار السليم ،مرجع سبق ذكره ،ص .25
16تم استخالص هذه النقطة وفقا ً الجتهادات خاصة من أصحاب البحث.
17فيصل بن فهد بن محمد البراهيم ،العوامل المؤثرة على مشاركة الموظفين في صنع القرار وعالقته بمستوى أدائهم ،دراسة مسحية على
الموظفين في مجلس الشورى السعودي ،أطروحة ماجيستير ،درجة ماجيستير في العلوم اإلدارية ،الرياض ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية،
،2008ص ...35ص ،37بتصرف.
4
وحالته النفسية كلها من العوامل الشخصية التي تؤثر على عملية صنع واتخاذ القرارات ،والتي
قد تنعكس بالتالي على عالقته بمرؤوسيه والعاملين معه.
ومن ذلك ،االنطباعات الشخصية المسبقة وإصدار األحكام على مشكلة معينة قبل فحصها
ودراستها واالعتماد على الخبرات الشخصية فقط والتي قد تكون من خالل تجارب سلبية
سابقة تتضمن عدم الثقة في معلومات ومقترحات اآلخرين وعدم األخذ بها قدر اإلمكان ،مما
ينعكس بدوره على عملية صنع القرارات وعدم االستفادة من خبرات المستشارين والمساعدين
والعاملين في المنظمة.
5
القربى أو األصدقاء على حساب جماعة أخرى ،كلها من العوامل االجتماعية السلبية التي
تنعكس سلبا على اإلدارة وصنع القرار الرشيد والمناسب.
/1المشاركة في ظل القيادة الديمقراطية :في هذا النوع تكون المشاركة متاحة ومطلوبة بشدة،
وهذا ما يميز القيادة الديمقراطية ،أي أن اتخاذ القرار وفق القيادة الديمقراطية يكون دائما
بمشاركة القائد لمرؤوسيه واألخذ بآرائهم واقتراحاتهم ،وهذا ما يضفي المزيد من العقالنية
والرشد في عملية اتخاذ القرار،
/3المشاركة في ظل القيادة المتساهلة :يطغى على هذا النوع من القيادة صفة الحرية مع
تحمل المسؤولية في اتخاذ القرار ،نظرا لطبيعة المرؤوسين التي توحي بمستواهم العلمي
والعملي العالي ،وبالتالي قد تكون المشاركة غير مهمة في اتخاذ بعض القرارات ،إال أن بعض
القرارات المهمة تفرض ضرورة المشاركة في اتخاذها ،األمر الذي يدفع القائد الى اشراك كافة
مرؤوسيه ومشاورتهم واالستعانة بهم في صنع القرار (أي أن المشاركة في القيادة المتساهلة
تمس كافة الموظفين).
وبناء على ما تقدم فإن األسلوب الديمقراطي أبرز نموذج عن مشاركة األفراد والمرؤوسين
في اتخاذ القرارات ،إال أن ذلك يكون وفق شروط لضمان المنفعة القصوة من المشاركة ،ومن
ضمن تلك الشروط*:18
18بن داود العربي ،المشاركة في اتخاذ القرارات والعالقات اإلنسانية من ركائز االتصال الفعّال في المؤسسة ،مرجع سبق ذكره ،ص .175
6
✓ توافر الوقت الالزم للسماح بالمشاركة.
✓ يجب أن تكون الفوائد المتوقعة من المشاركة تفوق تكاليفها.
✓ الموضوع الذي سيشارك فيه األفراد له صلة بمصالحهم.
✓ يجب أ يمتلك األفراد القدرات الكافية والمعلومات الالزمة لمعالجة الموضوع.
✓ أن يكون لألفراد المشاركون قدرة متبادلة عن االتصال.
✓ أن يكون الموضوع ضمن سلطات ومسئوليات الجماعة.
7
المبحث الثاني :دور المشاركة في اتخاذ القرارات المالية
سنعرض في هذا المبحث أهم وأبرز عنصر من عناصر موضوعنا ،إذ سنوضح أهمية
المشاركة في صنع واتخاذ القرارات المالية ،وذلك بعد تبيان عنصرين ال يقالن أهمية أيضا،
وهما مستويات المشاركة في اتخاذ القرار والمتمثلة في سبعة مستويات كاملة ،ونبحث في
صور المشاركة في صنع واتخاذ القرار بحيث نشير إلى أهم األساليب العصرية لمشاركة األفراد،
وفي األخير نختم بنماذج عن المشاركة في اتخاذ القرار القويم ،فنرى نماذج بسيطة لكنها معبرة
م ن حياة الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،وكذلك نموذج عن تجربة فعالة من تجارب العالم في
مشاركة األفراد في اتخاذ القرارات.
قدّم 'تانينبوم وشميت' نموذجا يشمل سبعة مستويات يتيحها القائد اإلداري (الرئيس)
لمرؤوسيه في صنع القرار وهي*:19
/1صنع الرئيس للقرار تم تبليغه لمرؤوسيه :يقوم الرئيس في هذا المستوى بصنع القرار
منفردا ،ثم تبليغه لمرؤوسيه وال تتضمن عملية التبليغ شرحا للقرار أو اقناعهم به.
/2صنع الرئيس للقرار ثم شرح مبرراته :ال يكتفي الرئيس بمجرد إعالم المرؤوسين بالقرار وإنما
يشرح لهم مبرراته ومالبساته ويستميلهم لقبوله ،وهو يعمَد إلى التخفيف من وقع انفراده
بالقرار ،خوفا من احتماالت مقاومة المرؤوسين للقرار وعدم تعاونهم في تنفيذه.
/3صنع الرئيس للقرار ثم دعوته ألجراء حوار حوله :يقوم الرئيس بعد صنع القرار واتخاذه ،بفتح
حوار مع المرؤوسين يتعرف من خالله على استفساراتهم بشأن القرار وآثاره ،وهو يرد على هذه
االستفسارات محاوال إزالة مخاوفهم والتأكد من فهمهم واستيعابهم واقناعهم بالقرار.
/4إقتراح الرئيس للقرار مع ترك المجال مفتوحا إلمكانيه تغييره :يقوم الرئيس بشخيص
المشكلة وتحديد عدد من البدائل والحلول وتحديد أنسبها كقرار مبدئي ،وفي عرضه لألمر على
مرؤوسيه يتيح لهم أن يمارسوا تأثيرا على القرار النهائي ،من خالل ما يُدلوا به من آراء ووجهات
نظر أو معارضة لهذا القرار المبدئي ،مما قد يدفع الرئيس إلى تعديل القرار أو اختيار غيره من
19أحمد صقر عاشور ،السلوك اإلنساني في المنظمات[ ،بدون طبعة] ،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية ،1985 ،ص ...235ص .238
8
البدائل ،وتبقى للرئيس هنا سلطة االختيار النهائي في األمر وتحديد ما إذا كان القرار سيعدل
أم ال.
/5عرض الرئيس للمشكلة ودعوته للمرؤوسين لتقديم مقترحات وحلول :يعرض الرئيس في
هذ الظرف المشكلة محل القرار على المرؤوسين ويطلب منهم أن يشخصوها ويحددوا أسبابها
ويقترحوا حلوال لها ،وقد تُتاح للمرؤوسين فرصة تقييم االقتراحات والحلول المعروضة ،ويختار
الرئيس بعد ذلك الحل أو القرار من بين البدائل والمقترحات التي عرضها المرؤوسون.
/6تحديد الرئيس للمشكلة وللقيود على حلّها والطلب من المرؤوسين صنع القرار :يقوم
الرئيس في هذا الموقف بتحديد المشكلة وتحديد اإلطار والحدود التي ينبغي أن يلتزم بها
الحل الذي يتم التوصل اليه ،ويشارك الرئيس نفسه مرؤوسيه في عملية صنع القرار ،ليس
بفرض رأيه وإنما عن طريق مشاركته في مناقشة المرؤوسين وقيامه بدور المنسّق في
اجتماعات المناقشة التي تعقد لهذا األمر.
/7تفويض األمر للمرؤوسين لتشخيص المشكلة والوصول إلى قرار :في هذا الوضع يقوم
الرئيس بتفويض األمر برمّته للمرؤوسين بدأ من تحديد المشكلة أو المشكالت وتشخيصها،
إلى تحديد بدائل الحلول ثم الوصول إلى القرار النهائي ،وهذا التفويض يتضمن كل مراحل
صنع القرار ،ويكون القرار الذي يصل إليه المرؤوسين نهائيا ،ويقوم الرئيس هنا بوضع اإلطار أو
الحدود التي يُصنع القرار في دائرتها.
20
المطلب الثاني :أساليب المشاركة في صنع واتخاذ القرار*
يمكن تقسيم أساليب المشاركة في اتخاذ القرارات إلى أساليب عادية وأساليب حديثة،
سينطرق إليها بالتفصيل.
نظم االقتراحات :تعتبر نظم االقتراحات من أبسط أشكال المشاركة التي ال تكلف أ)
كثيرا ،وال تتطلب درجة عالية من التنظيم ،وبموجب هذه النظم يسمح للعاملين بأبداء الرأي إما
عن طريق الكتابة على ورقه ،ثم وضعها في صندوق اقتراحات مثبت في مكان واضح ومعلوم
20فيصل بن فهد بن محمد البراهيم ،العوامل المؤثرة على مشاركة الموظفين في صنع القرار وعالقته بمستوى أدائهم ،مرجع سبق ذكره،
ص...28ص ،34بتصرف.
9
للجميع ،ويكون استعمال هذا الصندوق غير محدد بمناسبة معينة أو موضوع معين ،وإما أن يبدي
العاملون آرائهم في مناسبات معينة تسبق مرحلة اتخاذ قرار مهم ،أو ترافق مشكلة معينة ،أو
بشكل دوري سنوي أو نصف سنوي ،ويتم طلب الرأي وتجميع الردود من خالل مديري الوحدات
أو رؤساء األقسام والمشرفين.
ب) االجتماعات :تعد االجتماعات من أهم أساليب اتخاذ القرار الجماعي ،فبواسطتها يتم
تزويد العاملين بالمعلومات الالزم ،كما تتيح لكل عضو في المنظمة معرفة ما يجري بداخلها
من نشاط وأعمال ،ويتسنى عن طريق االجتماعات للقيادة اإلدارية التعرف على مطالب
وحاجات العاملين ومشكالت العمل ،وبالمقابل تمكن القيادة من توصيل أوامرها وتعليماتها
ووجهة نظرها للعاملين ،ويشترط لنجاح االجتماع أن توضع له خطة مسبقة تشمل تحديدا
واضحا للموضوعات التي سوف ينظر فيها.
ت) اللجان :اللجان تشكيالت إدارية ذات مهام خاصة ،ويمكن تعريف اللجنة بأنها عبارة عن
عدد من األشخاص يناط بهم مجتمعين بعض الصالحيات والواجبات ،حيث يتم اختيارهم
رسميا من قبل اإلدارة ،إما للنظر في مشكلة معينة واتخاذ قرار لحلها ،أو االكتفاء ببحث هذه
المشكلة وجمع المعلومات المتعلقة بها ،وتقديم التوصيات واالقتراحات بشأنها ،أو للنظر في
المشكالت بصفة دورية ،حيث يستمر أعضاء اللجنة في مهمتهم لفترات طويلة لحل
المشكالت التي تحدث في التنظيم ،ولكي يتحقق الهدف من استخدام اللجان في اتخاذ قرارات
جماعية مفيدة ينبغي أن تحدد مهمة اللجنة بوضوح ،ويشمل ذلك االختصاصات والمسؤوليات،
كما ينبغي أن يتم اختيار األعضاء من بين أولئك الذين يستطيعون اإلسهام في تحقيق الهدف
الذي شُكلت من أجله اللجنة ،وأن يكون لديهم الوقت الكافي لممارسة نشاطهم كأعضاء
عاملين.
ث) المجالس :المجالس كاللجان عبارة عن تشكيالت إدارية ذات مهام خاصة ،إال أنها
تختلف عن اللجان من عدة وجوه ،فالمجلس يشكل مستوا إداريا عاليا والبد أن يكون المجلس
بالقرب من قمة التنظيم ،وذلك بخالف الحال مع اللجنة التي ال تشكل مستوا إداريا ،بل تعتبر
جهازا معاون مثلما هو الحال في أي مكان في التنظيم ،فيحتمل أن تتخذ مكانها في أعاله كما
أنه ليس ثمة ما يمنع من أن توجد في أدناه.
ويتكون المجلس بناء على قرار من السلطة العليا في التنظيم ،في حين أن اللجنة قد تكون
بقرار من أي مستوى في التنظيم ،فصاحب السلطة أيا كان موقعه ومقدار سلطته من حقه أن
يشكل اللجان التي تعاونه في عمله ،ويختص المجلس عادة بالمسائل التي تتسم بالشمول
10
والعموم ،وذلك ألن اختصاصات المجلس ال تنصرف الى التفصيالت الدقيقة ،إذ يصدر قرارات
تتصل في الغالب بالسياسات العامة الرئيسية ،أما اللجنة فيعهد إليها المسائل التفصيلية
وفقا لقرار تكوينها وما يحدد لها من اختصاصات.
ومع كل هذه الفروق فإن المجالس واللجان ما هي إال أجهزة تنظيمية طبيعتها األساسية ال
تتغير مهما اختلفت مسمياتها ،وكلٌ منها يتكون من مجموعة من األفراد يمثلون أجهزة أو
اتجاهات أو أفكار (كمجموعة) مهمة ومحددة ،والعمل الجماعي هو الصفة الجوهرية التي تميز
المجلس أو اللجنة عن باقي األجهزة اإلدارية التي يتولى اإلشراف عليها شخص واحد.
ج) المقابلة الشخصية مع المختصين :قد يجد الرئيس من المناسب أن يدعو مرؤوسيه
المختصين أو زمالئه في العمل بمقابلته بغرض التباحث معهم في شأن المشكلة الجاري
ل منهم في مكتبه ليضفي على موضوع القرار المراد اتخاذه أهمية
دراستها ،أو يقوم هو بزيارة ك ٍ
خاصة ،وتمتاز هذه الطريقة بأنها ال تسمح بالخروج كثيرا عن الموضوع المعروض للدراسة،
فضال عن أنها ال تستغرق وقتا طويال مادام عدد المرؤوسين أو المختصين محدودا ،غير أن من
أبرز عيوبها أنها ال تحقق المشاركة الجماعية بطريقه فعَّالة ،ذلك أنها ال تهيئ الفرصة إلبداء
وجهات نظر متعددة ،فمن المعروف أن الفكرة تولد الفكرة ،وال يخطر في ذهن الفرد رأي جديد
إال إذا استمع الى آراء األخرين ،كذلك فإن هذه الكيفية ال تسمح بالمواجهة بين رأي وآخر حتى
يمكن الحُكم على أيهما أكثر صوابا ،فضال عن أنها قد تؤدي إلى انقياد البعض إلى رأي المدير
ما دامت المقابلة قاصرة عليهما وحدهما.
ح) االتصال الهاتفي :في بعض الحاالت تكون المشكلة عاجلة ويحتاج حلّها إلى تبادل
سر
سريع للرأي ،أو قد يكون المعنيون بشؤون المشكلة منتشرين في أماكن متباعدة وال يتي ّ
جمعهم في وقت قريب ،أو يرى المدير أن االجتماع يضيع وقتا ثمينا في الظرف الذي تمر به
المنظمة ،ففي مثل هذه الحاالت يمكن االستعاضة عن االجتماع أو المقابلة الشخصية
ل منهم ،ويصلح هذا األسلوب أكثر
باالتصال الهاتفي مع المختصين ليحصل المدير على رأي ك ٍ
ما يكون اذا كانت بعض الحقائق غائبة عن متخذ القرار ،حيث يساعد االتصال الهاتفي على
إكمال المعلومات التي يُبنى عليها القرار ،ولنجاح االتصال الهاتفي يجب أن يكون الحديث
كد األلفاظ عن طريق نبرات الصوت ،وال بأس من تكرار المعاني المهمة وطلب إعادة
واضحا ومؤ َّ
ترديدها بواسطة المتصل إذا لزم األمر.
11
• الفرع الثاني :األساليب الحديثة للمشاركة في اتخاذ القرار
أسلوب دلفيُ :يعنى بمعالجة وحل المشكالت اإلدارية الشائكة بواسطة جماعة من أ)
الخبراء والمختصين ،من خالل استخدام وسائل رسمية لالتصاالت ،مثل قوائم االستفتاء
الستقصاء آراء المشتركين من الخبراء مع احتمال وجود عدد من األشخاص المسؤولين عن اتخاذ
القرارات النهائية ،ويهدف هذا األسلوب إلى تحسين أسلوب اللجان التقليدية في صنع القرارات
وتالفي بعض عيوبها ،وذلك بإخفاء هوية الخبراء المشاركين في صنع القرار ،واالستعاضة عن
النقاش والمداوالت التي تدور عادة في اجتماعات اللجان ،بتبادل المعلومات بين أعضاء جماعة
(الدلفي) تحت إشراف لجنة تسيير تكون مهمتها بعد توزيع استمارات خاصة على األعضاء
الخبراء كل على حدى ،جمع هذه االستبيانات واالطالع على ما تتضمنه من معلومات ،وتلخيص
هذه المعلومات المتجمعة في شكل تقرير مختصر ،ثم إرسال هذا التقرير للخبراء مرة ثانية
لكي يعيدوا النظر في الموضوع في ضوء التقرير المرسل إليهم ،ثم تجميع اآلراء النهائية
وتلخيصها في تقرير نهائي يتضمن آراء األعضاء المشاركين في بحث المشكلة محل القرار.
ومن مزايا هذا األسلوب أنه يتيح الفرصة ألكبر عدد من الخبراء المتخصصين للمساهمة في صنع
القرارات ،يضاف إلى ذلك أن اتباع هذا األسلوب لوسائل معينة مثل إخضاع آراء كل عضو
للمناقشة من قبل األعضاء اآلخرين ،وتفادي األثار النفسية السلبية المترتبة عن المواجهات
التي تحدث داخل اللجان ،وعدم الكشف عن هوية األعضاء المشتركين ،كل ذلك من شأنه أن
يخفّف من الضغوط التي يتعرض لها بعض أعضاء اللجان التقليدية للتنازل عن مواقفهم أو
تأييد رأي األغلبية ،ويمكن استخدام هذا األسلوب في عملية صنع قرارات تتعلق بجماعات
موزعة جغرافيا ،مما يوفر من تكاليف تجميع أفراد الجماعات في مكان واحد.
ب) طريقة العصف الذهني :يشار إلى هذه الطريقة باسم 'الزوبعة العقلية' وتعد هذه
الطريقة من أكثر الطرق المستخدمة في هذا المجال ،من أجل تقديم أو توليد أفكار جديدة
وابتكارية متعلقة بمشكلة معينة ،وهي ال تُستخدم لتقييم بدائل الحل ،أو التخاذ قرار بالحل
المناسب ،وإنما تستخدم لتقديم أفكار وبدائل للحل ،وبعد تقديم هذه األفكار يمكن أن يتم
تقييمها واتخاذ القرار بالطريقة العادية التخاذ القرارات ،وتتكون جلسة العصف الذهني في
الغالب من 6الى 12فردا ،وهم عادة يجلسون حول طاولة تسمح لهم باالتصال المباشر ،وال
تحدّد لهم المشكلة إال بعد بدأيه الجلسة ،حيث تمنع مناقشة األفكار أو تقييمها أثناء الجلسة.
12
ت) طريقة الجماعات اإلسمية :وتسمى كذلك ألن تكوينها إسمي فقط أو على الورق ،حيث
ال يوجد نقاش فعلي أو شفوي بين أفراد الجماعة المشاركة ،بل يتم ذلك على الورق ،وهذه
الطريقة خليط ما بين دلفي و العصف الذهني ،حيث يقوم القائد أو المدير بطرح أفكاره
وتحديدها ألعضاء االجتماع ،ثم يقوم كل عضو بتدوين أفكاره عن بدائل الحل بشكل مستقل،
ثم يتم تجميع الحلول وكتابتها على سبورة أو لوحة وال يُلزم ربط أسماء األعضاء بالحلول ،ثم
يقوم كل عضو بمفرده بترتيب األفكار وفق األولويات التي يراها ،ومن ثم يتم تحديد القرار
بالفكرة التي تحصل على أعلى أولوية وفق رأي الجميع.
ث) طريقة فيليبس :قدم هذه الطريقة 'دونالد فيلبس' من جامعة 'ميشيغان' وعرفت
بمسماه ،وفي هذه الطريقة يُقسم األعضاء المشاركون إلى مجموعات فرعية صغيرة ومتساوية
العدد ،ولكل مجموعة فرعية رئيس ،وتحدد المشكلة لجميع المجموعات الفرعية ،ثم تبدأ
المجموعات بتقديم أفكار لحل المشكلة المطروحة ،وبعد تقييم األفكار المقدمة على مستوى
كل مجموعة يتم اختيار أفضل الحلول أو البدائل ،ثم يقدم رؤساء المجموعات الفرعية الحلول
المختارة ليتم عرضها ومناقشتها من قبل الجماعة الكبرى ليتمكن الجميع من الوصول إلى
أفضل الحلول للمشكلة ،وتمتاز هذه الطريقة عن الطرق العادية ،بأنها تفصل مرحلة تقديم
األفكار أو البدائل عن مرحلة التقييم ،وبذلك تتخلص من مشكلة احتمال أن تأخذ إحدى األفكار
وقتا طويال لمناقشتها مما يدفع المجموعة الختيار أول بديل مقبول.
ج) طريقة الرنجي اليابانية :تستخدم هذه الطريقة في اتخاذ القرارات في المنظمات
اليابانية ،وهي صورة من صور اتخاذ القرارات في شكل مجموعات ،فعندما تدرك اإلدارة مشكلة
معينة تحيل هذه المشكلة إلى أدنى األقسام أو اإلدارات في التنظيم اإلداري والتي ستكون
مسؤولة عن تنفيذ هذا القرار بالدرجة األولى ،ثم يجتمعون المسؤولون عن التنفيذ ثم يتخذون
قرارا جماعيا ،وذلك بعد النقاش الذي يتم على أساس مواجهة أفراد ذلك القسم وجها لوجه،
وإذا ما وافق عليه أفراد ذلك القسم يضع المسؤول عن القسم ختما بالموافقة ،ثم ُيرفع إلى
اإلدارات في المستوى اإلداري األعلى حيث تتم مناقشته على هذا المستوى أيضا وإذا ما تمت
الموافقة كذلك يضع المسؤول عن القسم ختما آخرا على القرار ،حيث يدل الختم على الموافقة
والقبول ،ويستمر ارتفاع القرار بوضع األختام حتى يصل إلى أعلى مستوى إداري مسؤول عن
تنفيذ القرار وقد يكون مدير المنظمة ذاته.
13
المطلب الثالث :أهمية المشاركة في اتخاذ القرارات المالية
إن تبني فكرة مشاركة المرؤوسين في عملية صنع واتخاذ القرار ألمرٌ حكيم يعبر عن حنكة
وكفاءة الرئيس ،وال ينقص من قيمته ومستواه أو يعيب من شخصيته كما يدعيه بعض
المعارضين ،فقيمة المشاركة في اتخاذ القرار وأهميتها ال جدال فيها ونتائجها ومكاسبها أكبر
دليل على ذلك ،ولهذا فإن تفعيلها في اتخاذ القرارات ،خاصة تلك القرارات التي تُعلق
المؤسسة بين النجاح واالستمرار وبين الفشل والفناء أمر ضروري ومهم ،وذلك نظرا دورها المؤثر
في:
21بن داود العربي ،المشاركة في اتخاذ القرارات والعالقات اإلنسانية من ركائز االتصال الفعّال في المؤسسة ،مرجع سبق ذكره ،ص ،174
بتصرف.
ت خاصة من أصحاب البحث. 22تم وضع النقاط رقم ،1ومن 2إلى 7وفقا ً الجتهادا ٍ
23بن داود العربي ،المشاركة في اتخاذ القرارات والعالقات اإلنسانية من ركائز االتصال الفعّال في المؤسسة ،مرجع سبق ذكره ،ص .174
14
المطلب الرابع :نماذج عن نجاعة وفاعلية المشاركة في اتخاذ القرار
تعدّدت النماذج واختلفت ،والسطور التالية ستفصل في نماذج اخترناها ليس اعتباطيا
وإنما هي أمثلة حية ومعبرة ألشخاص غيروا التاريخ وآخرين يؤمنون بقيمة المورد البشري
وقدراته في مجال المشاركة في صنع واتخاذ القرار.
قال أبو هريرة " :لم يكن أحد أكثر مشاورة ألصحابه أكثر من رسول اهلل ،24*"فقد
من أكثر الناس مشهورة ألصحابه وأهل الرأي ،فكان قدوة حسنة في تطبيق كان الرسول
هذا المبدأ وإلزام نفسه به في شتى األمور العامة والخاصة ،فقد اشتملت سنّته العملية على
صور رائعة للمشاورة والمشاركة في اتخاذ القرار ،وإليكم عرضا بسيطا لبعضها*:25
المسلمين في البقاء بالمدينة والتحصّن فيها أو • غزة أحد :ففي هذه الغزوة شاور النبي
الخروج لمالقاة المشركين ،وكان رأي النبي البقاء في المدينة إال أن األغلبية من الصحابة
التزم بما انتهي إليه المتشاورون ،مع أن رأيه ومن هذه الواقعة نتبين أيضا أن النبي
الشخصي كان خالف رأيهم ،حيث كان يرى أنه من األفضل البقاء في المدينة والتحصّن فيها.
• غزوة األحزاب :عندما تنادى المشركون وتجمعت القبائل العربية خلف زعامة قريش إلجهاض
والقضاء على اإلسالم ،فحاصروا المدينة ،فاستشار الرسول أصحابه وكان دعوة محمد
أولهم سلمان الفارسي الذي أشار بخطة حربية محكمة لم يعرف العرب لها مثيل ،وهي
ضرب خندق حول المدينة ،فاستحسن النبي فكرته وأمر بتنفيذها ،فكانت سببا رئيسيا من
أسباب النصر في تلك الغزوة.
صالح ،الشورى في الكتاب والسنة وعند علماء المسلمين ،مرجع سبق ذكره ،ص .61
24محمد بن أحمد بن صالح ال ّ
صالح ،الشورى في الكتاب والسنة وعند علماء المسلمين ،نفس المرجع ،ص ...68ص ،70بتصرف. 25محمد بن أحمد بن صالح ال ّ
15
/2نموذج من التجارب العالمية في اتخاذ القرارات:
تعتبر التجربة اليابانية تجربة باهرة ،فهي خير مثال عن مشاركة األفراد في اتخاذ القرار،
إذ أن أساليب اتخاذ القرار عند اليابانيين تعكس اهتمامهم باالنتماء والروابط والعالقات ،وهذا
يؤثر في قدرة اإلداري الياباني على تغيير الهيكل االجتماعي واالستجابة لتحدي المنافسة ،كما
أن اليابانيين يتبنون القرارات التي حصلت على إجماع الكل ،وهذا يعني أن كل فرد يجب أن
يكون قد وافق على الفكرة قبل اتخاذ أي إجراء*.26
لقد أكد البروفيسور 'وليم أوشي'* 27أنه عندما يُراد اتخاذ قرار مهم في منظمة يابانية يتم
اشراك كل الذين سيتأثرون بهذا القرار في اتخاذه ،سواء كان القرار يتعلق بتأسيس مصنع
جديد أو بإحداث تعديل في عملية االنتاج أو باإلعداد لحدث مهم آخر ،إن هذا يعني في الغالب
أن ما بين % 60و % 80من األفراد سيشاركون مباشرة في اتخاذ القرار ،والواقع أن اتخاذ القرار
بهذه الطريقة سيستغرق وقتا طويال للغاية ،ولكن بمجرد اتخاذه يُالحظ أن كل شخص يتأثر
به سيقوم بمناصرته وتأييده بالكامل ،فالتفهّم والمساندة قد يكون أكثر أهمية من المستوى
الفعلي للقرار ذاته*.28
26نوال عبد الرحمن محمد الحوراني ،مقارنة بين كيفية اتخاذ القرار بين المدراء والمديرات ،دراسة حالة على برنامج التربية والتعليم بوكالة
الغوث الدولية ،مذكرة ماجيستير ،درجة ماجيستير في إدارة األعمال ،غزة ،الجامعة اإلسالمية ،2013 ،ص .34
27وليم أوشي :هو أستاذ ومؤلف أمريكي في مجال اإلدارة ،وصاحب كتاب نظرية ،Zولد في 1943ونشأ في هونولولو بوالية هاواي األمريكية،
حصل على الدرجة األولى في كلية وليامز في عام ،1965ثم ماجيستير في إدارة األعمال من جامعة ستانفورد ودرجة الدكتوراه في إدارة األعمال
من جامعة شيكاغو ،وكان أستاذا ً في كلية ستانفورد إلدارة األعمال لمدة 8سنوات وعضو هيئة التدريس في مدرسة أندرسون لإلدارة في جامعة
مستشارا منتظ ًما في 500شركة ناجحة( .المصدر :الشبكة العنكبوتية).
ً كاليفورنيا بلوس أنجلوس لسنوات عديدة ،ويعتبر أوشي
28الموقع الرسمي لـ الغرفة التجارية الصناعية بالرياض ،تاريخ التصفح.21:35 – 2017/11/01 :
16
الخاتمة
بناء على ما تقدم نستخلص بأن المشاركة هي أسلوب االستعانة بالغير في طلب الرأي
واتخاذ القرار ،فمشاركة المرؤوسين في صناعة القرار واتخاذه ينتج عنه العديد من المزايا التي
تعبّر عن أهمية هذا األسلوب ضمن وظيفة اتخاذ القرارات في المؤسسة ،ففي إطار المزايا التي
سبق وأن أشارنا إليها ،تحسين نوعية وجودة القرارات ،فهذه ميزة مهمة جدا يجب مراعاتها
أثناء عملية اتخاذ القرار ،فكل مدير أو مسئول إداري يسعى ألن تكون قرارته مجدية خالل
التنفيذ ،وبالتالي فإن هذا يتطلب قرارات دقيقة وواقعية وحكيمة ،وهذا ما ال يستطيع أن
يدركه عقلُ فردٍ واحد ،فال بد من تظافر وتضامن الجهود والبصائر ألجل بناء قرارات تعكس
كفاءة وفطنة متخذيها ،إال أن منهج المشاركة في اتخاذ القرار رغم مكاسبه ومزاياه ال يخلو من
عيوبٍ نراها نحن الباحثون حقيقة مقبولة ،فعنصر الزمن يلعب دورا مهما في المشاركة ،إذ
تستنزف هذه األخيرة الكثير من الوقت ،خصوصا في المشاكل والقضايا المستعصية التي
تواجه المؤسسة ،ومثال القرارات المالية خير تعبيرٍ على ذلك ،فهذه القرارات (القرارات المالية)
ترتبط بكل من التمويل ومتابعة المحاسبة بأنواعها العامة والتحليلية ،قرارات االستثمار،
اإلحصاءات والمؤشرات المالية ،والمراقبة الداخلية ،وتسيير السيولة...إلخ ،وعليه فإن كل هذه
العناصر سوف تتأثر سواء بالقليل أو الكثير بنجاح أو فشل القرار المالي ،وهذا ما يتطلب وقت
طويال كافي لدراسة ومناقشة المشاكل المالية واتخاذ القرارات المناسبة ،إال أن ذلك مهم أيضا،
فالتعجّل وعدم االستشارة وبناء قرارات فردية بشكل غير مدروس يعتبر في حد ذاته منافي
ألصول اإلدارة الرشيدة.
وتطرقنا أيضا للعوامل المعيقة لعملية المشاركة ،بحيث أن البيروقراطية والمركزية في
اتخاذ القرارات أكبر هاجس يقف أمام المشاركة في عدم القيام بدورها ورؤية نتائجها ،وكل
تلك العوامل (شخصية ،تنظيمية وجماعية) التي سبق ذكرها ،إن كانت حصيلة شيء فإنها
حصيلة طبيعة األسلوب القيادي للرئيس ،فالمركزية في اتخاذ القرار مثال من سيمات القيادة
األوتوقراطية ،بخالف العوامل األخرى التي ذكرناها من محسوبية ووساطة وخلل في شخصية
الرئيس ،فإن ذلك ال يرتبط بأسلوب قيادي معين بقدر ما يرتبط بفساد القيادة اإلدارية.
وبالنسبة لمستويات اإلدارة التي قدمها 'تانينبوم وشميت' نستنتج بأن هذه الدرجات
قد تكون نِتاجَ سلوك قيادي معين للرئيس ،أو نتيجة لظرف معين فرض على الرئيس اإلداري
اتباع أحد مستويات المشاركة في صنع واتخاذ القرار ،فصنع الرئيس للقرار ثم تبليغه يدل عن
17
صفة القيادة األوتوقراطية ،كما يعبر عرض الرئيس للمشكلة ودعوته للمرؤوسين لتقديم
مقترحات وحلول عن طابع القيادة الديمقراطية ،في حين يعتقد أصحاب البحث أن ظرف ما،
كأهمية القرار المتخذ أو نقص المعلومات حول مشكل معين ،اضطر الرئيس إلى صنع القرار ثم
دعوته ألجراء حوار حوله ،أو إلى إقتراح الرئيس للقرار مع ترك المجال مفتوحا إلمكانيه تغييره.
ورأينا خالل تقديمنا للبحث صور أو أساليب المشاركة في اتخاذ القرار ،فتكلمنا عن أساليب
االجتماعات ،واللجان ،والمجالس ،والمقابالت الشخصية ،واالتصال الهاتفي في إطار األساليب
العادية للمشاركة ،ونظرنا في صور أخرى أكثر حداثة ضمن فرع خاص باألساليب الحديثة
للمشاركة ،وما تعليقنا على ذلك إال عن فاعلية وكفاءة هذه األساليب والطرق في مشاركة
اآلخرين واالنتفاع من آرائهم وأفكارهم ،خصوصا تلك األساليب العصرية كأسلوب دلفي،
وطريقة العصف الذهني ،ونمط فيلبس ،والجماعات اإلسمية ،فهذه األساليب زادت النماذج
التقليدية (اللجان واالجتماعات والمجالس) تحسينا وتطويرا وقدرة على توظيف كل أعضاء
المنظمة الذين سيتأثرون بالقرار ،لتعظيم المنفعة من أولي العقول ألقصى حد في اتخاذ القرار،
كما جاء في طريقة الرنجي اليابانية.
وحول أهمية المشاركة في اتخاذ القرار ،اتضح لنا مدى قدرة المشاركة في تعزيز اإلبداع
واالبتكار في معالجة المشاكل المطروحة ،وكذا الوصول لقرارات تمتاز بالحكمة والواقعية
والفعالية ،واتخاذها بشكلٍ احترافي بعيدا عن ارتكاب المزيد من األغالط واألخطاء.
وفي األخير نقول بأن عملية إشراك المرؤوسين في مهمة صنع واتخاذ القرار ،تعبّر عن
أسلوب حضاري راقي لإلدارة ،فهي تعكس تق ّبل واحترام أفكار المرؤوسين ووجهات نظرهم
وإن اختلفت عن أفكار ووجهات نظر رؤسائهم ،هذا والبد أن تتسم القرارات المالية الناتجة عن
المشاركة بالموضوعية والعقالنية والتحفظ ،فهذه القرارات تعد مصيرية بالنسبة للمؤسسة ،إذ
أن نجاحها من فشلها متوقف عن مدى نجاح تلك القرارات .وعليه فإن تبني فكرة المشاورة
والمشاركة في اتخاذ القرار عموما لها مزايا ومحاسن ال يمكن للرئيس تجاهلها أو التغاضي
عنها.
18
قائمة المراجع:
• الكتب:
/1أحمد صقر عاشور ،السلوك اإلنساني في المنظمات[ ،بدون طبعة] ،دار المعرفة الجامعية،
اإلسكندرية.1985 ،
/2أحمد محيي الدين العجوز ،مناهج الشريعة اإلسالمية (ج[ ،)2بدون طبعة] ،مكتبة المعارف
للطباعة والنشر ،بيروت.1981 ،
/3ربحي مصطفى عليان ،عيسى يوسف قدادة ،محمود أحمد فياض ،مبادئ اإلدارة (ج ،)1الطبعة
األولى ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان.2010 ،
/4زياد سليم رمضان ،أساسيات التحليل المالي ،الطبعة األولى ،دار وائل للنشر ،األردن.1997 ،
/5زياد محمد عبد ،أساسيات عم اإلدارة ،الطبعة األولى ،دار البداية للنشر والتوزيع ،عمّان.2010 ،
/6فريد فهمي زيارة ،وظائف اإلدارة ،الطبعة األولى ،دار اليازوري العلمية للنشر ،عمّان.2009 ،
/7فضيل دليو ،الهاشمي لوكيا ،ميلود سفاري ،إشكالية المشاركة الديمقراطية في الجامعة،
الطبعة األولى ،مخبر علم اجتماع االتصال ،قسنطينة.2001 ،
/8محمد التويجري ،محمد البرعي ،األسلوب القويم في صنع القرار السليم ،الطبعة األولى ،مكتبة
العبيكان ،الرياض.1995 ،
/9محمد بن أحمد بن صالح الصّالح ،الشورى في الكتاب والسنة وعند علماء المسلمين ،الطبعة
األولى ،مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر ،الرياض.1999 ،
/10محمد فريد الصحن وآخرون ،مبادئ اإلدارة ،الطبعة األولى ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية.
/11هاني عرب ،أساسيات اإلدارة الحديثة ،نسخة إلكترونية منشورة ،ملتقى البحث العلمي.
(كتاب إلكتروني)
19
• الرسائل واألطروحات:
/1فيصل بن فهد بن محمد البراهيم ،العوامل المؤثرة على مشاركة الموظفين في صنع القرار
وعالقته بمستوى أدائهم ،دراسة مسحية على الموظفين في مجلس الشورى السعودي ،أطروحة
ماجيستير ،درجة ماجيستير في العلوم اإلدارية ،الرياض ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية،
.2008
/2نوال عبد الرحمن محمد الحوراني ،مقارنة بين كيفية اتخاذ القرار بين المدراء والمديرات ،دراسة
حالة على برنامج التربية والتعليم بوكالة الغوث الدولية ،مذكرة ماجيستير ،درجة ماجيستير
في إدارة األعمال ،غزة ،الجامعة اإلسالمية.2013 ،
• المقاالت والمجالت:
/1إبراهيم شهاب ،مشاركة العاملين في صنع القرارات اإلدارية ،مجلة اإلداري ،معهد اإلدارة
العامة ،1995 ،العدد .61
/2بن داود العربي ،المشاركة في اتخاذ القرارات والعالقات اإلنسانية من ركائز االتصال الفعّال
في المؤسسة ،مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة قاصدي مرباح ،سبتمبر ،2014العدد
.16
• المقاالت والبحوث:
/1عزيرو راشدة ،المشاركة في عملية صنع القرار وسبل تفعيلها ،تيارت ،جامعة ابن خلدون.
• المراجع اإللكترونية:
20