مركز الثقل في التصميم العملياتي

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫العملياتي‪.

‬‬ ‫التصميم‬ ‫في‬ ‫الثقل‬ ‫مركز‬


‫▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬‬
‫‪ -‬يعتبر مركز الثقل أحد عناصر التصميم العملياتي والذي يعتبر الشق التطبيقي للفن العملياتي‪،‬‬
‫حيث يُمثل الفن العملياتي التطبيق الواسع للخيال اإلبداعي بواسطة القادة واألركان مسنودا ً‬
‫بمهاراتهم ومعلوماتهم وخبرتهم في تصميم الحمالت اإلستراتيجية والعمليات الكبيرة وتنظيم‬
‫واستخدام القوات العسكرية‪ ،‬ويربط الفن العملياتي الغايات والطرق والوسائل لجميع مستويات‬
‫الحرب‪ ،‬وهو عملية فكرية يستخدمها القادة لكي يستطيعوا وضع تصورهم لكيفية اإلستخدام األمثل‬
‫والفعال للقدرات العسكرية في سبيل تنفيذ مهامهم‪ ،‬كما أن الفن العملياتي يعزز العمل الموحد من‬
‫خالل مساعدة قائد القوات المشتركة وأركانه في فهم كيفية دمج القطاعات الحكومية األخرى مع‬
‫العمل العسكري لتحقيق الحالة النهائية اإلستراتيجية الوطنية‪ ،‬وخالل التنفيذ يأخذ القائد واألركان‬
‫في اإلعتبار عناصر التصميم العملياتي ويعدلوا العمليات الجارية والعمليات المستقبلية عندما تبدأ‬
‫العمليات المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬لذا فمصطلح مركز الثقل والذي يعتقد كثير من الدارسين للتخطيط على مختلف مستوياته بأن‬
‫مفهومه العام وتعريفه واضح‪ ،‬ولكن يظهر اإلختالف بين المخططين عند تحليل ووصف مركز‬
‫الثقل والسبب يعود بالدرجة األولى إلى أن الوصف ناتج عن التجارب والخبرة الشخصية لهم‪ ،‬لذلك‬
‫ينبغي علينا عدم ترك ذلك المفهوم مجاالً للتخمين أو التوقع من قبل الفريق المكلف بالتخطيط‪ ،‬ألن‬
‫الفشل في تحديد مركز ثقل العدو خالل الحرب أو قبل وقت قصير من بدايتها نقطة ضعف واضحة‪،‬‬
‫ألن من أهم الواجبات لمخططي الحمالت‬ ‫وفي هذا المقال سنحاول توضيح أهمية تحليل مراكز الثقل َّ‬
‫المشتركة أثناء التخطيط هو مدى قدرتهم على تحديد وتمييز مراكز الثقل االستراتيجية والعملياتية‬
‫للقوات الصديقة والمعادية والتي تعتبر من المصادر الهامة للقوة والمقاومة‪ ،‬وسبب كونها من أهم‬
‫الواجبات هو أن التحليل الخاطئ لمراكز الثقل الصديقة والمعادية تكون نتائجه خطيرة وتؤدي إلى‬
‫عدم قدرة القوات على إنجاز األهداف العسكرية المحددة بالتكلفة المقبولة كما أنها تؤدي إلى إضاعة‬
‫الوقت والموارد البشرية والمادية في جهود تكون نتائجها سواء االستراتيجية أو العملياتية غير‬
‫حاسمة‪.‬‬
‫•ومما سبق يتبادر للذهن سؤال ماهو مركز الثقل؟ نقول علميا ً هو النقطة التي يرتكز عليها وزن‬
‫الجسم كله‪ ،‬أما الخبير اإلستراتيجي "كارل فون كالوزفتيز" فيعرف مركز الثقل بقوله "من‬
‫خصائص معينة يتطور مركز الثقل وهو محور كل الطاقة والحركة الذي يعتمد عليه كل شيء‬
‫آخر‪ ،‬تلك هي النقطة التي ينبغي أن تتوجه إليها كل طاقاتنا"‪ ،‬فمن هذا التعريف يرى "كالوزفتيز"‬
‫أن مركز ثقل نظام القوات يوجد حيث يكون الجزء األكبر منها محتشدا ً أو مركزا ً بكثافة أكبر‪،‬‬
‫ويصف تلك النقطة بأنها (محور كل القوة والحركة الذي يعتمد عليه كل شيء آخر)‪ ،‬ولكن تعريف‬
‫"كالوزفيتز"‪ ،‬وفقا ً لعقيدة الجيش األمريكي لم يصب الهدف‪ ،‬لذا فقد تم تعديله بحيث تم حصر‬
‫مصادر القوة في األنظمة العسكرية ومن ثم تعريف مركز الثقل بأنه‪" :‬تلك الخصائص أو‬
‫اإلمكانيات أو األماكن التي تستمد منها القوة العسكرية حرية عملها أو قوتها المادية أو إرادتها‬
‫القتال ية"‪ ،‬وبالتدقيق في هذا التعريف نجد بأنه تم تقييده حيث حدد أن القوات العسكرية هي من تملك‬
‫مراكز الثقل فقط‪ ،‬أما بقية األنظمة األخرى فال يوجد لديها مراكز ثقل‪ ،‬وهذا التعريف يعتبر ناقصا ً‬
‫من وجهة نظر كثير من المحللين واإلستراتيجيين وذلك بسبب التقييد‪ ،‬كما أن التعريف السابق‬
‫يعطي اإلنطباع بأن القوات العسكرية ليست بحد ذاتها مراكز ثقل وإنما تملك مراكز الثقل فقط‪،‬‬
‫ومن وجهة نظري لو تم إستبدال عبارة "قوة عسكرية" من التعريف السابق بعبارة أخرى مثل‬
‫"نظام" أو "كيان"‪ ،‬لكان نطاق التعريف أشمل‪ ،‬كما أن التعريف السابق إستخدم مصطلحات مثل‬
‫"حرية العمل"‪ ،‬و"القوة المادية"‪ ،‬و"إرادة القتال" ومن المعلوم بأن مصطلح "القوة المادية"‬
‫و"إرادة القتال"‪ ،‬من الشروط األساسية لحرية العمل‪ ،‬فمن دون "إرادة" أو "قوة" ال يمكن للشخص‬
‫أو الوحدة أن تعمل والقدرة على العمل هي أحد تعريفات الطاقة‪ ،‬لذا فلو تم إستخدام مصطلح "القدرة‬
‫على القتال" بدالً من المصطلحات السابقة ألعطت معنى أكثر وضوحاً‪ ،‬وبتبسيط لذلك التعريف‬
‫يمكننا القول بأن مركز الثقل هو المصدر الذي يعطي النظام قدرته على العمل‪.‬‬
‫•األمور الضوروية لفهم مركز الثقل‪ :‬بعد تعريف مركز الثقل‪ ،‬سنحاول وضع إطار يساعد في‬
‫فهم وتمييز مركز الثقل ومن األمور الضرورية لفهم مركز الثقل معرفة وفهم كل من "اإلمكانات‬
‫الحرجة" و"المتطلبات الحرجة" و"أوجه التعرض الحرجة"‪ ،‬ومعرفة هذه العوامل تساعدنا في‬
‫الحصول على فوائد تخطيطية وتعليمية متعددة ألنها تنشئ هرما ً واحدا ً ذا عالقات منطقية علما ً بأن‬
‫جميع مراكز الثقل تحتوى على مجموعة من اإلمكانات والمتطلبات وأوجه التعرض الحرجة‪.‬‬
‫بأن اإلمكانات الحرجة هي "القدرات األساسية التي تجعل‬ ‫‪. ۱‬اإلمكانات الحرجة‪ :‬يمكننا القول َّ‬
‫مركز الثقل يستحق التمييز بهذه الصفة في سياق أو موقف معين أو في إطار مهمة محددة"‪ ،‬بمعنى‬
‫أن اإلمكانات الحرجة هي من يولد القوة أو الدافع لمركز الثقل والذي يعتبر المصدر للطاقة الهامة‬ ‫َّ‬
‫لإلمكانات الحرجة‪ ،‬وبمعنى آخر اإلمكانات الحرجة هي ما يستطيع مركز الثقل فعله‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬تقوم قوة معينة بتحديد هدف‪ ،‬الوسائل الضرورية إلنجاز ذلك الهدف هي اإلمكانات‬
‫الحرجة‪ ،‬ومركز الثقل هو مصدر الطاقة أو المالك لتلك اإلمكانات الحرجة‪.‬‬
‫‪. ۲‬المتطلبات الحرجة‪ :‬تُعَّرف المتطلبات الحرجة بالشروط والموارد والوسائل الضرورية لتكون‬
‫اإلمكانات الحرجة فعَّالة بشكل كامل‪ ،‬فال يمكن لمركز الثقل أن يعمل ويؤدي وظيفته بنجاح بدون‬
‫المتطلبات الحرجة ولن يكون المصدر الهام للطاقة الذي يولَّد أو ينتج اإلمكانات الحرجة‪ .‬وبالتدقيق‬
‫أن جميع األنظمة تتطلب أمور كثيرة ومتعددة ولكن المتطلبات التي تكون‬ ‫بكلمة "حرجة" نعني بها َّ‬
‫حرجة قليلة‪ ،‬لذا فعلى المخططين واجب هام وهو القدرة على معرفة وتمييز المتطلبات الحرجة‪.‬‬
‫‪. ۳‬أوجه (نقاط) التعرض الحرجة‪ :‬يُقصد بها المتطلبات الحرجة أو جزء من مكوناتها التي تكون‬
‫ضعيفة أو عرضة للتحييد أو التحريم أو الهجوم سواء كان بشكل "معنوي أو مادي"‪ ،‬وبطريقة‬
‫تحقق نتائج حاسمة أو هامة وغير متناسبة مع الموارد العسكرية المستخدمة‪ ،‬وقد تُشكل أوجه‬
‫التعرض الحرجة أهدافا ً هامة يجب استغاللها من قبل قواتنا أو أهداف للقوات الصديقة يجب‬
‫حمايتها‪ ،‬ومن الخطأ الذي يقع فيه كثير من المخططين والمحللين خالل مراحل التخطيط هو تمييز‬
‫أوجه التعرض الحرجة على أنها مراكز ثقل‪.‬‬
‫‪-‬وخالصة القول أن المعرفة التامة بالعوامل الحرجة من قبل المخططين تس ُهل عليهم الفصل بين‬
‫مراكز الثقل الحقيقية ومراكز الثقل الظاهرية‪.‬‬
‫•إكتشاف مركز الثقل‪ :‬السؤال الذي يتبادر إلى الذهن‪ :‬كيف يكتشف المخطط مركز الثقل؟ ولإلجابة‬
‫على هذا السؤال يقدم المفكر العسكري الصيني "صن تزو" مفتاحا ً في كتابه الشهير "فن الحرب"‬
‫بقوله‪" :‬إذا عرفت عدوك وعرفت نفسك فليس هناك ما يدعو إلى أن تخاف نتيجة مئة معركة‪ ،‬وإذا‬
‫عدوك فإنك تقاسي من هزيمة مقابل كل انتصار‪ ،‬وإذا لم تعرف نفسك ولم‬ ‫عرفت نفسك ولم تعرف ّ‬
‫ُ‬
‫عدوك فإنك أحمق وسوف تواجه الهزيمة في كل معركة"‪ ،‬فعملية تمييز مركز الثقل تشكل‬ ‫تعرف ّ‬
‫تحديا ً وصعوبة بالنسبة لمخططي الحمالت المشتركة‪ ،‬فإكتشاف مركز الثقل يتطلب عمالً وجهدا ً‬
‫من فريق التخطيط‪ ،‬وعمليا ً يُعتبر تمييز تشكيالت القوات العسكرية المعادية وخطوط المواصالت‬
‫والصناعات الحربية بشكل مادي من األمور الممكنة‪ ،‬لكن العملية األكثر غموضا ً وصعوبة هو‬
‫مد ى قدرتنا على فهم الكيفية التي يفكر بها العدو وماهي أهدافه النهائية؟ وماهي األدوات التي‬
‫تساعدنا على إكتشاف العوامل التي تُمكن قوات العدو من اإلنسحاب بقواته سالمة؟ وكيف نستطيع‬
‫كمخططين معرفة وتقييم الموقف العملياتي بطريقة دقيقة وصحيحة للخروج بآلية تساعدنا في التنبؤ‬
‫بنتائج التكاليف في حالة الخسارة‪ ،‬لذا فمن المهم جدا ً على القائد معرفة الكيفية التي تعمل بها أنظمة‬
‫ألن الحصول على هذه‬ ‫العدو وأنظمته الشخصية‪ ،‬وكذلك نقاط القوة ونقاط الضعف لهذه األنظمة‪َّ ،‬‬
‫المعرفة يعتبر الجزء األكثر صعوبة في تحليل طرق الحل كما يتطلب إلقاء نظرة دقيقة على كافة‬
‫األنظمة المعادية‪ ،‬كما يجب على القائد أن يتجنب الميل والعمل على تخطي تحليل األنظمة بنظرة‬
‫ثاقبة والقفز مباشرة إلى تمييز أوجه التعرض ألنه ربما قد يخطئ ويميزها كمراكز ثقل‪ ،‬لذلك‬
‫يتطلب من فريق التخطيط مراعاة الخطوات التالية في تحليل مركز ثقل العدو‪:‬‬
‫‪- ۱‬تحديد اإلمكانات الحرجة للعدو‪ ،‬أي الوظيفة الحيوية التي تؤديها أنظمة العدو‪ ،‬علما ً بأن النظام‬
‫قد يتضمن إمكانات عديدة ولكنها ال تكون كلها حرجة في كل موقف‪.‬‬
‫‪- ۲‬تحديد مصدر القوة أو الطاقة إلمكانات العدو الحرجة‪ ،‬والذي هو مركز الثقل‪.‬‬
‫‪- ۳‬تمييز المتطلبات الحرجة أو مكوناتها التي تكون عرضة للهجوم أو التدمير‪ ،‬هذه المتطلبات‬
‫المعرضة للهجوم (أوجه التعرض الحرجة) تصبح أهدافا ً للهجوم أو متطلبات يجب على العدو‬
‫حمايتها‪.‬‬
‫‪ -‬وبعد تحديد مركز الثقل‪ ،‬السؤال التالي‪ ،‬ماذا على فريق التخطيط أن يفعل؟ ولإلجابة على هذا‬
‫السؤال يجب علينا أن نتذكر بأن جوهر الفن العملياتي يعتمد على القدرة في تحقيق المزج الصحيح‬
‫للتأثيرات في الوقت والمكان والغرض نسبة إلى مركز الثقل المعادي إلضعافه وشله وتدميره أو‬
‫إستغالله بطريقة تساعد على تحقيق الهدف العسكري والوصول إلى الحالة النهائية مع العمل على‬
‫حماية مركز الثقل للقوات الصديقة‪.‬‬
‫•مهاجمة مركز الثقل‪ :‬بشكل عام‪ ،‬قد يتضمن األسلوب الذي تستخدمه قيادة القوات المشتركة أكثر‬
‫من طريقة لمهاجمة مركز الثقل‪ ،‬الطريقة األولى (الهجوم المباشر) وهو مايطلق عليه كالوزفتز‬
‫"التصادم بين مركزي ثقل"‪ ،‬وهذا يعني إستخدام قوة ضاربة ضد قوة أخرى‪ ،‬وتتمثل الطريقة‬
‫الثانية في مدرسة كل من المفكر الصيني "صن تزو" والبريطاني "ليدل هارت"‪ ،‬والتي تهدف إلى‬
‫التدمير المعنوي بدالً من المادي‪ ،‬وبأسلوب يعتمد على الناحية اإلقتصادية في األساس وهو مايسمى‬
‫(الهجوم غير المباشر)‪ ،‬والذي يحقق نصرا ً حاسما ً بالقليل من أو بدون قتال‪ ،‬بمعنى أنها تحقق‬
‫النتائج بأقصى قدر ممكن من اإلقتصاد بالموارد‪ ،‬وكال الطريقتين يُمكن تنفيذها ولكن اإلختيار‬
‫بينهما يعتمد على مدى توفر الموارد للقوات‪ ،‬قد يتم اللجوء إلى طريقة الهجوم المباشر عندما يكون‬
‫مركز ثقل العدو عرضة للخطر وال يوجد بديل آخر مناسب للتغلب على مقاومة العدو‪ ،‬وفي الغالب‬
‫فإن القوة المدافعة هي من تستخدم هذا األسلوب‪ ،‬ولكن من خالل دروس الحروب السابقة فإن‬
‫تطبيق هذا األسلوب لم يحقق النتائج المتوقعة مقارنة بالتكلفة على الرغم من التفوق العددي والنوعي‬
‫الكبير المرتبط به‪ ،‬وبالتالي يتطلب من المخططين عدم اللجوء مباشرة لهذه الطريقة‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫مراكز الثقل المعادية صعبة ومكلفة على القوات الصديقة‪ ،‬عندها يجب على قائد القوات المشتركة‬
‫البحث عن الطريقة التي تهدف إلى اإلخالل بتوازن الخصم من خالل توجيه الضربة إلى (نقطة‬
‫ضعفه) ويتم ذلك بإستخدام الهجوم غير المباشر حتى يتم الوصول إلى الحالة أو الشروط التي تسمح‬
‫بتنفيذ الهجوم أو اإلقتراب المباشر الناجح وهي الطريقة األكثر مالئمة‪ ،‬وبهذا األسلوب فإن نقاط‬
‫التعرض الحرجة (الهامة) للعدو قد تتيح إقترابا ً غير مباشر لتحقيق التفوق لقواتنا على مركز الثقل‬
‫المعادي مما يفقده إمكاناته الحرجة أو قدرته على إنتاج القوة‪.‬‬
‫• مراكز الثقل اإلستراتيجية‪ :‬الحديث عن مراكز الثقل هو حديث عن الطاقة أو القدرة على القيام‬
‫بعمل أو منع اآلخرين من التدخل‪ ،‬فعلى المستوى اإلستراتيجي أرى أن هناك عنصران فقط من‬
‫عناصر القوة الوطنية اللذان يمكننا أن نعتبرهم مراكز ثقل وهما عنصر القوة العسكرية وعنصر‬
‫القوة اإلقتصادية‪ ،‬أما بقية أدوات القوة الوطنية مثل الدبلوماسية والمعلوماتية فيجب أن ال تخدعنا‪،‬‬
‫فعلى المستوى الوطني أو اإلستراتيجي‪ ،‬يكون مركز الثقل إما إمكانات عسكرية‪ /‬أمنية أو إمكانات‬
‫اقتصادية‪ /‬صناعية‪ ،‬وفي الحرب الشاملة‪ ،‬يكون مركز الثقل إقتصادياً‪ /‬صناعياً‪ ،‬أما في الحروب‬
‫المحدودة يتمثل مركز الثقل اإلستراتيجي دائما ً وتقريبا ً في اإلمكانات العسكرية‪ /‬األمنية‪ ،‬ألن القوة‬
‫الدبلوماسية هي مجرد تفاوض على إستخدام القوة العسكرية أو القوة اإلقتصادية للتأثير على‬
‫اآلخرين‪ ،‬وال سياسة الخارجية بدون نفوذ عسكري أو إقتصادي ال يمكن لها أن تنجح‪ ،‬ومثال لذلك‬
‫فإن دبلوماسية األمم المتحدة ال يمكنها النجاح بدون توفير الدعم العسكري أو اإلقتصادي من‬
‫األعضاء المؤثرين فيها‪ ،‬أما من جانب القوة المعلوماتية فإنني ال أتفق مع المقولة المشهورة بأن‬
‫ألن المعلومات عبارة عن أداة أو وسيلة مساعدة‪ ،‬ألنها تساعد فريق المخططين‬ ‫(المعلومات قوة) َّ‬
‫على إستخدام القوة العسكرية أو اإلقتصادية‪ ،‬أما المعلومات بحد ذاتها فهي ببساطة معلومات ليس‬
‫إال‪.‬‬
‫‪-‬أما القيادة الوطنية والسياسية‪ ،‬لماذا ال نعتبرهم مركز ثقل؟ فاإلجابة بسيطة وهو أن نتذكر تعريفنا‬
‫السابق عن اإلمكانات الحرجة في مقابل المتطلبات الحرجة‪ ،‬فالقادة السياسيون الذين أداروا الحرب‬
‫العالمية الثانية كانوا عبارة عن متطلبات حرجه ساعدوا مركز الثقل على أن يعمل أو ينتج قوة‪ ،‬إال‬
‫أن ال أحد منهم كان يمتلك قدرة متأصلة في ذاته لهزيمة ألمانيا واليابان‪ ،‬وبالتالي ال أحد منهم كان‬
‫يمثل مركز ثقل‪.‬‬
‫•مركز الثقل العملياتي‪ :‬يتفق أغلب المحللين العسكريين بأن الهجوم على مراكز الثقل اإلستراتيجية‬
‫للعدو بضربة واحدة من األمور الصعبة إن لم تكن مستحيلة‪ ،‬لذا‪ ،‬فالعمل عند وجود هذه الصعوبة‬
‫والتعقيد في الموقف هو البحث عن طريق تقسيم مراكز الثقل االستراتيجية إلى أجزاء متعددة يمكننا‬
‫التعامل معها بطريقة تحقق نتائج جيدة لقواتنا‪ ،‬ونقصد بهذه األجزاء مراكز الثقل العملياتي‪ ،‬فعلى‬
‫المستوى العملياتي قد يكون مركز الثقل في لحظة زمنية محددة‪ ،‬هدفا ً جغرافياً‪ ،‬أو قد يكون عنصر‬
‫حيوي وعنصر دينامكي (متغير) هاما ً لوحدة وتماسك وحرية عمل نظام القوات‪ ،‬فإضعاف أو‬
‫خفض مستوى مثل هذا العنصر أو إزاحته عن مواقعه ولو مؤقتا ً سوف يربك أو يشل توازن القوة‬
‫المستهدفة ككل ويؤدي بها إلى التفكك النهائي‪ ،‬لذا يجب على المخططين التركيز على مراكز الثقل‬
‫العملياتي عند إعداد خطة الحملة والتي تُمثَّل التعبير العملي للفن العملياتي‪ ،‬واإلهتمام بأن تكون‬
‫خطة الحملة جزءا ً من عملية متدرجة تهاجم بطريقة مباشرة أو غير مباشر مراكز الثقل العملياتي‬
‫أو تهيئ المسرح للحمالت المستقبلية التي تهاجم مراكز الثقل العملياتية لتدميرها وبالتالي إضعاف‬
‫مراكز الثقل االستراتيجية للعدو‪.‬‬
‫‪-‬مركز الثقل العملياتي هو الشيء الذي يحمي مركز الثقل اإلستراتيجي‪ ،‬وفي الغالب تكون مراكز‬
‫الثقل العملياتية إمكانات عسكرية أو قوات‪ ،‬وبتعريف آخر فإن مركز الثقل العملياتي هو ذلك الشيء‬
‫الذي يعوق وصول القائد مباشرة إلى مركز الثقل اإلستراتيجي لخصمه‪.‬‬
‫•الخالصة‪ :‬إن تحليل وتمييز مراكز الثقل هو الخطوة األولى والهامة في التخطيط اإلستراتيجي‪،‬‬
‫وهو جزء من تحليل بيئة العمليات والتي تعتمد على منظور األنظمة لبيئة العمليات‪ ،‬والتي تساعد‬
‫على فهم مراكز ثقل العدو‪ ،‬وفي العمليات العسكرية يتضمن ذلك معرفة كيف ينظم العدو قواته؟‬
‫وكيف يقاتل ويصنع القرارات؟ ونقاط ضعفه وقوته المادية والمعنوية‪ ،‬عالوة على ذلك فإن قائد‬
‫القوات المشتركة يجب أن يفهم أنظمة بيئة العمليات األخرى وإرتباطها بالنظام العسكري‪ ،‬وهذا‬
‫الفهم يساعد القادة على تحديد مراكز الثقل والعوامل الهامة والنقاط الحاسمة لتشكيل خطوط‬
‫العمليات وتصور فكرة العملية‪ ،‬وأخيراً‪ ،‬فمن المهم جدا ً للمخططين أن يتجنبوا سوء التقدير في‬
‫تمييز أو تحديد مركز ثقل العدو‪ ،‬والعمل على أن تكون مراكز الثقل متناسبة مع طبيعة الحرب‬
‫وعلى جميع المستويات الثالث‪.‬‬
‫‪-‬وفيما يلي بعض األمثلة التي يمكن أن تكون وكثيرا ً ما تكون مراكز ثقل‪:‬‬
‫‪. ۱‬القوات المشتركة‪.‬‬
‫‪. ۲‬القوة البرية‪.‬‬
‫‪. ۳‬القوة البحرية‪.‬‬
‫‪. ٤‬القوة الجوية‪.‬‬
‫‪. ٥‬قوات العمليات الخاصة‪.‬‬
‫‪. ٦‬القوات غير التقليدية‪.‬‬
‫ثقل‪:‬‬ ‫كمراكز‬ ‫بتمييزها‬ ‫نخطئ‬ ‫التي‬ ‫األمثلة‬ ‫بعض‬ ‫•وأدناه‬
‫‪- ۱‬موانيء اإلنزال الجوي أو موانيء اإلنزال البحري (هل بعض موانيء في الحرب العالمية‬
‫الثانية شكلت قوة بذاتها لصد الهجوم؟ ففي الحرب الكورية هل كان ميناء بوسان هو القوة التي‬
‫الشمالي)‪.‬‬ ‫الكوري‬ ‫الجيش‬ ‫صدت‬
‫ُ‬
‫‪- ۲‬القدرة الحركية (خفة الحركة) اإلستراتيجية‪ ،‬خطوط المواصالت‪( ،‬هي مجرد خطوط تمثل‬
‫عليها)‪.‬‬ ‫لتتحرك‬ ‫وآليات‬ ‫معدات‬ ‫إلى‬ ‫بحاجة‬ ‫مختلفة‬ ‫طرق‬
‫‪- ۳‬الموارد المتوفرة‪( ،‬الموارد بحد ذاتها ليست مراكز ثقل‪ ،‬يمكن أن تكون السيطرة على األسواق‬
‫المصدرة مركز ثقل‪ ،‬أما الموارد فيمكن أن تكون متطلبات لمركز الثقل)‪.‬‬
‫حرجاً)‪.‬‬ ‫متطلبا ً‬ ‫الوقت‬ ‫يكون‬ ‫(ربما‬ ‫‪-‬الوقت‬ ‫‪٤‬‬
‫‪- ٥‬اإلعالم (يعتبر أداة للتأثير على إرادة الشعب والقيادات الرئيسية‪ ،‬وهذا يعتبر متطلب آخر)‪.‬‬
‫ألن العامل‬‫‪- ٦‬التحالف‪ /‬الحلفاء‪ ،‬وهي أحد مراكز الثقل المحتملة ولكنه مركز ثقل مشكوك فيه‪َّ ،‬‬
‫المحدد هنا هو الكيفية التي ينظر بها العدو إلى التحالف‪ ،‬فإذا كان التحالف يعتبر أمرا ً عاديا بالنسبة‬
‫ً‬
‫إلى القوة الرئيسة (التي تتم مواجتها)‪ ،‬فإن تماسك التحالف ال يشكل مركز ثقل كما حدث مع تحالفات‬
‫القائد األلماني هتلر‪.‬‬
‫‪ -‬وفي النهاية كان الهدف من هذا المقال هو توضيح مفهوم مركز الثقل والعمل على تحديد إطار‬
‫عام له للتقليل من الغموض الذي ربما يحدث خالل مراحل التخطيط وتصميم خطة الحملة للقوات‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫أسد البراري‬

You might also like