Professional Documents
Culture Documents
كتاباتي
كتاباتي
قبل سنوات ،كتب الشاعر السعودي الراحل ،الدكتور غازي القصيبي قصيدته «أ ّم النخيل» ،وعنى بها األحساء،
لكنه عبّر عن عاطفة جياشة تربطه بهذه الواحة الضاربة جذورها في التاريخ ،فالقصيبي الذي عاش من دون
:أ ّم ،وجد في األحساء «أ ًّما» يهديها أعذب قوافيه ،فقال
أ َّم النخيل!… هبيني نخلة ذَبُلت
هل ينبتُ النخ ُل غضًّا بعد أن ذَبـُال؟
يا أ ُّمُ ..ردّي على قلبي طفولَته
وأرجعي لي شبابًا ناع ًما أفِال
العين ..أوردتيِ وط ّهري بميا ِه
غسـِالقد ينجلي اله ُّم عن صدري إذا ُ
لكل مدينة سحرها ،لكن لألحساء سحر األساطير .فهي عاصمة النخيل التي تأسر قلوب زوارها كما تلف بالشوق
أفئدة أبنائها .تفاجئ القادمين إليها بسحر البسمة ،وعذوبة الكلمة ،وكرم الضيافة ،حتى لترخي النخيل أعنتها أمام
.القادمين
األحساء التي يصفها شاعرها جاسم الصحيّح بأنها «تتجاوز خارطتها الجغرافية الضيقة إلى خارطتها األوسع في
ت في الحياة هو موت الذاكرةقلب إنسانها المرابط على ثغور الذاكرة لتبقى طرية طازجة وقويّة ،فأخطر مو ٍ
».الوطنيّة عند الشعوب
هي واحة النخيل التي يتحد فيها هوى الشعراء مع قامات النخيل الباسقات ،التي تنبت األرض فيها شعرا َء ،مثلما
تنبت النخيل ،وحيث تجري فيها بحور القصيد ،كما تجري مياه الساقية ،وحيث يرتشف األطفال في المهد حبّ
.األبجدية ،وموسيقى بحور الشعر ،ووزن القافيات ،كما يرضعون حبّ األرض
مروا بها هاموا بها عشقًا ،ولم يكن القصيبي وحده الذي
فكل الشعراء الذين أنجبتهم األحساء أو الشعراء الذين ّ
:ارتمى في حضن األرض ،واعتبرها أمه ،جاسم الصحيح ،هو الشاعر الذي قال عن األحساء
عيناك
ِ والتمر يا أحساء
ُ الشعر
ُ
حكاياك
ِ وثغر ِك الما ُء والدنيا
ُ
ت جرى ت إلينا وابتسم ِ ل ّما نظر ِ
نهرا قصي ٍد ونخ ٍل من ُمحي ِ
ّاك
ٌ
تراث عراقة األحساء ال حدّ لها ،حيث تبدو كقطعة نفيسة من تراث .ففي كل زاوية تاري ٌخ ينبض ،وعند كل مفرق
ُ
تكتنز الحكايات .زائر األحساء ال يم ّل وال يسأم ،فحيثما توجه ثمة تاريخ وتراث ،وأينما جلس يتكلم .وبين بساتينها
ثمة شعر وأدب .وكلما شعر اإلنسان بالحنين للعودة لحضن الماضي الجميل ،وكلما ّ
حن للسفر إلى حيث األصالة
.والجزالة والتراث العريق ،كانت األحساء تفتح ذراعيها لتروي غليل المحبين
زائر األحساء الذي يقصد الطريق الزراعي المسمى طريق القرى يدخل وسط واحة زراعية متناهية الجمال،
ويمر عبر قنوات المياه التي تشق طريقها ،وفي كل زاوية يقف شباب محليون يسوقون منتجات البساتين من
.الرطب والتين والرمان والليمون ،وكانت األحساء تزخر بالعيون الطبيعية التي تجاوزت ستة آالف عين
وعبر األفق ينتصب جبل القارة أبرز المعالم السياحية الطبيعية في األحساء ،وأكثر المواقع التاريخية شهرة،
باإلضافة لوادي صبصب األخضر ،وبحيرة األصفر ،وجبل األربع ،وجبل الملح الكبير ،ومسجد جواثا التاريخي،
وسجن البارون العثماني ،وقصر إبراهيم الشهير ،ومسجد القبة الذي يقع في الركن الجنوبي الغربي للقصر،
وقصر المجصة جنوب بلدة الطرف ،وقصر «صاهود» في مدينة المبرز ،وقصر «خزام» الذي كان أول
الحصون التي سقطت في يد الملك عبد العزيز ليلة الخامس من جمادى األولى سنة 1331هـ ( .)1910باإلضافة
.لسوق القيصرية التراثي التاريخي الشهير