Professional Documents
Culture Documents
ذي النورين عـثـمـان إبـن عـفـان
ذي النورين عـثـمـان إبـن عـفـان
ذي النورين عـثـمـان إبـن عـفـان
من سيرة
ذي النورين
عثمان بن عفان
رضي هللا عنه وأرضاه
نسبه
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن
قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر
بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن
عدنان ،أبو عبد هللا القرشي األموي أمير المؤمنين ،ذو النورين وصاحب
الهجرتين وزوج اإلبنتين ،وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن عبد شمس ،
وأمها أم حكيم وهي البيضاء بنت عبدالمطلب عمة رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم .
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ،وأحد الستة أصحاب الشورى ،وأحد
الثالثة الذين خلصت لهم الخالفة من الستة ،ثم تعينت فيه بإجماع المهاجرين
واألنصار رضي هللا عنهم ،فكان ثالث الخلفاء الراشدين واألئمة المهديين ،
المأمور بإتباعهم واإلقتداء بهم .
إسالمه
أسلم عثمان رضي هللا عنه قديما على يدي أبي بكر الصديق ،
فقد لقاه أبو بكر فقال له :ويحك يا عثمان إنك لرجل حازم ،ما يخفى
عليك الحق من الباطل ،ما هذه األصنام التي يعبدها قومنا ؟ أليست من
حجارة صم ال تسمع وال تبصر وال تضر وال تنفع ؟ قال :قلت :بلى !
وهللا إنها لكذلك ،فقال :هذا رسول هللا محمد بن عبد هللا ،قد بعثه هللا
إلى خلقه برسالته ،هل لك أن تأتيه ؟
قال :فاجتمعنا برسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فقال :يا عثمان أجب
هللا إلى حقه ،فإني رسول هللا إليك وإلى خلقه ،قال :فوهللا ما تمالكت
نفسي منذ سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن أسلمت وشهدت أن
ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم .
من مناقبه
ذكر اإلمام البخاري في صحيحه في اول باب مناقب عثمان قول النبي
صلى هللا عليه وسلم (( َمنْ يحفر بئر روم َة َف َل ُه الج ّنة .فحفرها
عثمان)) .
عـن ابي موسى رضي هللا عنه (( انّ النبي صلى هللا عليه وسلم د ََخ َل
ب الحائط ,فجاء رج ٌل يستأ ِذن فقال :ءأذن له حائطا ً وأ َم َرني بحـ ْف ِظ با ِ
شره بالج ّن ِة ،فإذا ابو بكر .ثم جاء آخ ُر يستأ ِذنُ فقـال :ءأذن لـه وب ّ
شره بالج ّنة ،فإذا ُع َم ُر .ثم جاء آخر يستأذن ,فسكت ه ً
ُنيهة ثم قال : وب ّ
شره بالج ّن ِة على بلوى س ُتصي ُب ُه ،فإذا عثمان بن عفان )) . ءأذن له وب ّ
( صحيح البخاري )
وعن عائشة قالت :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مضطجعا في بيتي
كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال
فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وسوى ثيابه -قال محمد :وال أقول ذلك
في يوم واحد -فدخل فتحدث فلما خرج قالت عائشة دخل أبو بكر فلم
تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان
فجلست وسويت ثيابك فقال :أال أستحي من رجل تستحي منه المالئكة .
( رواه مسلم في صحيحه )
روى الطبراني عن ابن عمر انه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم:
عقيل بن خالد عن ابن شهاب ،عن يحيى بن سعيد بن العاص؛ أن سعيد بن
العاص أخبره؛ أن عائشة ،زوج النبي صلى هللا عليه وسلم وعثمان حدثاه؛
أن أبا بكر استأذن على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو مضطجع على
فراشه ،البس مرط عائشة .فأذن ألبي بكر وهو كذلك .فقضى إليه حاجته ثم
انصرف .ثم استأذن عمر .فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته .ثم
انصرف .قال عثمان :ثم استأذنت عليه فجلس .وقال لعائشة "اجمعي عليك
ثيابك" فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت .فقالت عائشة :يا رسول هللا! ما لي لم
أرك فزعت ألبي بكر وعمر رضي هللا عنهما كما فزعت لعثمان؟ قال رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم "إن عثمان رجل حي .وإني خشيت ،إن أذنت له على
تلك الحال ،أن ال يبلغ إلي حاجته" ) .رواه مسلم )
حدثني محمد بن حاتم بن بزيغ ،حدثنا شاذان ،حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة
الماجشون ،عن عبيد هللا ،عن نافع ،عن ابن عمر ـ رضى هللا عنهما ـ قال :
كنا في زمن النبي صلى هللا عليه وسلم ال نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم
عثمان ،ثم نترك أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم ال نفاضل بينهم .تابعه
عبد هللا عن عبد العزيز ( .رواه البخاري )
حدثنا مسدد ،حدثنا يحيى ،عن سعيد ،عن قتادة ،أن أنسا ـ رضى هللا عنه ـ
حدثهم قال :صعد النبي صلى هللا عليه وسلم أحدا ،ومعه أبو بكر وعمر
وعثمان ،فرجف وقال " اسكن أحد ـ أظنه ضربه برجله ـ فليس عليك إال نبي
وصديق وشهيدان " ( .رواه البخاري )
حدثنا موسى بن إسماعيل ،حدثنا أبو عوانة ،حدثنا عثمان ـ هو ابن موهب ـ قال
جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا ،فقال من هؤالء القوم قال
هؤالء قريش .قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد هللا بن عمر .قال يا ابن عمر إني
سائلك عن شىء فحدثني هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم .قال تعلم أنه
تغيب عن بدر ولم يشهد قال نعم .قال تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم
يشهدها قال نعم .قال هللا أكبر.
قال ابن عمر :تعال أبين لك أما فراره يوم أحد فأشهد أن هللا عفا عنه وغفر له،
وأما تغيبه عن بدر ،فإنه كانت تحته بنت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وكانت
مريضة ،فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " :إن لك أجر رجل ممن شهد
بدرا وسهمه " .وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من
عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عثمان وكانت بيعة
الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بيده
اليمنى " هذه يد عثمان " .فضرب بها على يده ،فقال " هذه لعثمان " .فقال له
ابن عمر :اذهب بها اآلن معك ( .رواه البخاري )
حدثنا محمد بن بشار ،حدثنا عبد الوهاب الثقفي ،حدثنا أيوب ،عن أبي قالبة،
عن أبي األشعث الصنعاني ،أن خطباء ،قامت بالشام وفيهم رجال من أصحاب
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقام آخرهم رجل يقال له مرة بن كعب فقال :
لوال حديث سمعته من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما قمت .وذكر الفتن
فقربها فمر رجل مقنع في ثوب ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :هذا
يومئذ على الهدى ،فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان .قال فأقبلت عليه
بوجهه فقلت هذا ؟ ،قال :نعم .قال هذا حديث حسن صحيح .وفي الباب عن ابن عمر وعبد هللا بن
حوالة وكعب بن عجرة ( .رواه الترمذي )
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ،حدثنا شاذان األسود بن عامر ،عن سنان بن
هارون البرجمي ،عن كليب بن وائل ،عن ابن عمر ،قال :ذكر رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم فتنة فقال " يقتل فيها هذا مظلوما " .لعثمان .قال أبو عيسى
الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عمر ( .رواه الترمذي )
عن ابن حوالة ،قال :أتيت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو
صدق ،قالت :حدثني أبي قال :دخلت المسجد األكبر مسجد الكوفة قال :
وعلي بن أبي طالب رضي هللا عنه قائم على المنبر يخطب بالناس ،وهو
ينادي بأعلى صوته ،ثالث مرار « :يا أيها الناس ،يا أيها الناس ،يا أيها
الناس ،إنكم تكثرون في عثمان ،وإن مثلي ومثله كما قال هللا عز وجل :
ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين»( عبدهللا بن اإلمام أحمد )
أبنا أحمد ،قال :ثنا عبد هللا قال :حدثني أبي قال :ثنا أبو معاوية ،قال :
ثنا أبو مالك األشجعي ،عن سالم بن أبي الجعد ،عن محمد ابن الحنفية ،
قال :بلغ عليا رضي هللا عنه أن عائشة رضي هللا عنها تلعن قتلة عثمان
رضي هللا عنه في المربد ،قال :فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه ،فقال « :
وأنا ألعن قتلة عثمان ،لعنهم هللا في السهل والجبل » ،قال :مرتين أو
ثالث ( عبدهللا بن اإلمام أحمد )
قصة البيعة واالتفاق على
عثمان بن عفان رضى هللا عنه
روى اإلمام البخاري رحمه هللا :
حدثنا موسى بن إسماعيل ،حدثنا أبو عوانة ،عن حصين ،عن عمرو بن
ميمون ،قال :رأيت عمر بن الخطاب ـ رضى هللا عنه ـ قبل أن يصاب بأيام
بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف ،قال :كيف فعلتما
أتخافان أن تكونا قد حملتما األرض ما ال تطيق ،قاال :حملناها أمرا هي له
مطيقة ،ما فيها كبير فضل .قال :انظرا أن تكونا حملتما األرض ما ال تطيق،
قال :قاال :ال .فقال عمر :لئن سلمني هللا ألدعن أرامل أهل العراق ال يحتجن
إلى رجل بعدي أبدا.
قال فما أتت عليه إال رابعة حتى أصيب .قال :إني لقائم ما بيني وبينه إال عبد
هللا بن عباس غداة أصيب ،وكان إذا مر بين الصفين قال استووا .حتى إذا لم
ير فيهن خلال تقدم فكبر ،وربما قرأ سورة يوسف ،أو النحل ،أو نحو ذلك ،في
الركعة األولى حتى يجتمع الناس ،فما هو إال أن كبر فسمعته يقول قتلني ـ أو
أكلني ـ الكلب .حين طعنه،
فطار العلج بسكين ذات طرفين ال يمر على أحد يمينا وال شماال إال طعنه حتى
طعن ثالثة عشر رجال ،مات منهم سبعة ،فلما رأى ذلك رجل من المسلمين،
طرح عليه برنسا ،فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه ،وتناول عمر يد عبد
الرحمن بن عوف فقدمه ،فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى ،وأما نواحي
المسجد فإنهم ال يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان
هللا سبحان هللا .فصلى بهم عبد الرحمن صالة خفيفة ،فلما انصرفوا .قال يا
ابن عباس ،انظر من قتلني .فجال ساعة ،ثم جاء ،فقال غالم المغيرة .قال
الصنع قال نعم .قال قاتله هللا لقد أمرت به معروفا ،الحمد هلل الذي لم يجعل
منيتي بيد رجل يدعي اإلسالم ،قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج
بالمدينة وكان {العباس} أكثرهم رقيقا .فقال إن شئت فعلت .أى إن شئت
قتلنا .قال كذبت ،بعد ما تكلموا بلسانكم ،وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فاحتمل
إلى بيته فانطلقنا معه ،وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ ،فقائل يقول
ال بأس .وقائل يقول أخاف عليه ،فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ،ثم أتي
بلبن فشربه فخرج من جرحه ،فعلموا أنه ميت ،فدخلنا عليه ،وجاء الناس
يثنون عليه،
وجاء رجل شاب ،فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى هللا لك من صحبة
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقدم في اإلسالم ما قد علمت ،ثم وليت فعدلت،
ثم شهادة .قال وددت أن ذلك كفاف ال على وال لي .فلما أدبر ،إذا إزاره يمس
األرض .قال ردوا على الغالم قال ابن أخي ارفع ثوبك ،فإنه أبقى لثوبك وأتقى
لربك ،يا عبد هللا بن عمر انظر ما على من الدين .فحسبوه فوجدوه ستة
وثمانين ألفا أو نحوه ،قال إن وفى له مال آل عمر ،فأده من أموالهم ،وإال فسل
في بني عدي بن كعب ،فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ،وال تعدهم إلى
غيرهم ،فأد عني هذا المال ،انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك عمر
السالم .وال تقل أمير المؤمنين .فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا ،وقل يستأذن
عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه .فسلم واستأذن ،ثم دخل عليها ،فوجدها
قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السالم ويستأذن أن يدفن مع
صاحبيه .فقالت كنت أريده لنفسي ،وألوثرن به اليوم على نفسي .فلما أقبل قيل
هذا عبد هللا بن عمر قد جاء .قال ارفعوني ،فأسنده رجل إليه ،فقال ما لديك
قال الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت.
قال الحمد هلل ،ما كان من شىء أهم إلى من ذلك ،فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم
سلم فقل يستأذن عمر بن الخطاب ،فإن أذنت لي فأدخلوني ،وإن ردتني ردوني
إلى مقابر المسلمين .وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها ،فلما
رأيناها قمنا ،فولجت عليه فبكت عنده ساعة ،واستأذن الرجال ،فولجت داخال
لهم ،فسمعنا بكاءها من الداخل .فقالوا أوص يا أمير المؤمنين استخلف .قال ما
أجد أحق بهذا األمر من هؤالء النفر أو الرهط الذين توفي رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم وهو عنهم راض .فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد
الرحمن وقال يشهدكم عبد هللا بن عمر وليس له من األمر شىء ـ كهيئة
التعزية له ـ فإن أصابت اإلمرة سعدا فهو ذاك ،وإال فليستعن به أيكم ما أمر،
فإني لم أعزله عن عجز وال خيانة وقال أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين
األولين أن يعرف لهم حقهم ،ويحفظ لهم حرمتهم ،وأوصيه باألنصار خيرا،
الذين تبوءوا الدار واإليمان من قبلهم ،أن يقبل من محسنهم ،وأن يعفى عن
مسيئهم ،وأوصيه بأهل األمصار خيرا فإنهم ردء اإلسالم ،وجباة المال ،وغيظ
العدو ،وأن ال يؤخذ منهم إال فضلهم عن رضاهم،
وأوصيه باألعراب خيرا ،فإنهم أصل العرب ومادة اإلسالم أن يؤخذ من
حواشي أموالهم وترد على فقرائهم ،وأوصيه بذمة هللا وذمة رسوله صلى هللا
عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم ،وأن يقاتل من ورائهم ،وال يكلفوا إال طاقتهم.
فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبد هللا بن عمر قال يستأذن عمر بن
الخطاب .قالت أدخلوه .فأدخل ،فوضع هنالك مع صاحبيه ،فلما فرغ من دفنه
اجتمع هؤالء الرهط ،فقال عبد الرحمن اجعلوا أمركم إلى ثالثة منكم .فقال
الزبير قد جعلت أمري إلى علي .فقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان .وقال
سعد قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف .فقال عبد الرحمن أيكما تبرأ
من هذا األمر فنجعله إليه ،وهللا عليه واإلسالم لينظرن أفضلهم في نفسه.
فأسكت الشيخان ،فقال عبد الرحمن أفتجعلونه إلى ،وهللا على أن ال آلو عن
أفضلكم قاال نعم ،فأخذ بيد أحدهما فقال لك قرابة من رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم والقدم في اإلسالم ما قد علمت ،فاهلل عليك لئن أمرتك لتعدلن ،ولئن
أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن .ثم خال باآلخر فقال له مثل ذلك ،فلما أخذ
الميثاق قال ارفع يدك يا عثمان .فبايعه ،فبايع له علي ،وولج أهل الدار
فبايعوه ( .رواه اإلمام البخاري )
وقد ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية :أن عبدالرحمن بن عوف رضي
هللا عنه كان يستشير الناس بعثمان وعلي رضي هللا عنهما ،ويجمع رأي
المسلمين برأي رؤوس الناس وأقيادهم جميعا وأشتاتا ،مثنى وفرادى ،
ومجتمعين سرا وجهرا ،حتى حتى خلص إلى النساء المخدرات في حجابهن ،
وحتى سأل الولدان في المكاتب وأيضا من يرد من الركبان واألعراب إلى
المدينة في مدة ثالثة أيام بلياليها ،فلم يجد اثنين يختلفان في تقدم عثمان رضي
هللا عنه ،إال ما يذكر من عمار والمقداد رضي هللا عنهما أنهما أشارا بعلي بن
أبي طالب رضي هللا عنه ثم بايعا عثمان مع الناس كافة .
وقد اختلف في تاريخ توليه الخالفة واألصح أنه تولى الخالفة لثالث خلون من
وأرضاه هو جمع الناس على قراءة واحدة للقرآن وكتب المصحف على العرضة
األخيرة التي درسها جبريل عليه السالم على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في
آخر سني حياته ،
ذكر البخاري في صحيحه مبدأ امر جمع القرءان في مصحف واحد ،وهو ان ابا
بكر الصديق رضي هللا عنه ارسل الى زيد بن ثابت ،وهو من كتبة الوحي ،فأتاه
زيد فإذا عمر بن الخطاب رضي عنه عنده ،فقال الصديق رضي هللا عنه :ان
عمر اتاني فقال :ان القتل قد استحرّ يوم اليمامة ب ّقراء القرءان واني اخشى ان
استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرءان ،واني ارى ان تأمر بجمع
القرءان .فقال زيد لعمر رضي هللا عنه :كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم ،فقال عمر رضي هللا عنه :هذا وهللا خير.
قال زيد :فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح هللا صدري لذلك ورأيت في ذلك
الذي رأى عمر .وتتبع زيد بن ثابت رضي هللا عنه القرءان فصار يجمعه من
ال ُعسُب واللخاف ــ وهي الحجارة البيضاء الرقيقة ــ وصدور الناس ،وكانت
في صحف عديدة جمعت عند ابي بكر رضي هللا عنه حتى توفاه هللا ،ثم عند
عمر حتى توفاه هللا ثم عند حفصة بنت عمر رضي هللا عنهما.
ولما بويع عثمان رضي هللا عنه بالخالفة استشار الصحابة فكان الرأي ان
يجمع القرءان في مصحف واحد ،فجمع عثمان رضي هللا عنه عددا من
الصحابة ،قال ابو داود :كانوا اثني عشر رجال من قريش واالنصار وكان
بينهم من كتب الوحي ،وارسل الى حفصة بنت عمر رضي هللا عنهما يطلب
منها الصحف التي جمعها زيد بن ثابت ثم نسخها في كتاب واحد
وفي فتح الباري البن حجر العسقالني ان عثمان رضي هللا قال :من ا ُك َتب الناس؟
فليمل سعيد
ِ قالوا :زيد بن ثابت ،قال:فأي الناس افصح؟ قالوا :سعيد بن العاص ،فقال:
وليكتب زيد.
ولما انتهوا من نسخ المصحف جعل منه نسخا وارسلها الى االمصار ،وقد اختلف في
عدد النسخ هذه ،فمنهم من قال :هي اربعة ،ومنهم من قال :خمسة وقيل :ستة وسبعة،
ثم جمع عثمان ما سوى هذه النسخ من القرءان فأحرقها وامر الى اهل االمصار بذلك.
وقد كان جمُع عثمان رضي هللا عنه للقرءان لما كثر االختالف في وجوه الفراءات
وخطأ بعضهم بعضا ،فخشي من تفاقم االمر ّ على اختالف لغات العرب ،فتنازع اناس
في ذلك حتى جمعه على لغة قريش ،وال يعني ذلك منع قراءته بلغات العرب االخرى
وذلك .
انه جاء في صحيح البخاري قول النبي صلى هللا عليه وسلم :إن هذا القرءان انزل
كان عهد عثمان عهد فتوحات ففي عهده فتحت أرمينية وأذربيجان
وإفريقية وبدأ غزو الروم برا وبحرا ,وفتحت جزيرة قبرص ,وفي
سنة 27هـ أرسل حملة بحرية لغزو سواحل األندلس ,وهو أول من
فكر في فتح القسطنطينية واقتحام أوربا عن طريق إسبانيا للوصول
إليها .
استشهاده رضي هللا عنه
لما تمت الفتوحات لالمة االسالمية وقوي الملك في االمصار واختلطت العرب
باالمم واالقوام المختلفة واللغات وكثر الطعن والقيل والقال في المدينة المنورة،
كتب رؤساء الفتنة الى جماعتهم في االمصار يستقدمونهم الى المدينة إرادة الفتنة
والمكيدة للخليفة ،فحاصروه في بيته اياما وكان عثمان رضي هللا عنه يقول :ان
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عهد إليّ عهدا فانا صابر عليه .رواه الترمذي.
فعن عائشة رضي هللا عنها ان النبي صلى هللا عليه وسلم قال :يا عثمان انه لعل
هللا يقمصك قميصا (اي الخالفة) ،فإن ارادك المنافقون على خلعه فال تخلعه
حتى تلقاني .اخرجه الحاكم والترمذي.
فلما بلغ سيدنا عليا رضي هللا عنه ان اصحاب الفتنة حاصروا عثمان ومنعوه الماء
وارادوا قتله ،ارسل اليه بثالث قرب مملوءة بالماء وقال للحسن والحسين :اذهبا
بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فال تدعا احدا يصل اليه ،وبعث الزبير ابنه،
وبعث طلحة ابنه وبعث عدة من الصحابة ابناءهم يمنعون الناس من ان يدخلوا على
عثمان رضي هللا عنه.
ولكن رجاال من الذين ارادوا بسيدنا عثمان شرا تسوّ روا من دار رجل من االنصار
حتى دخلوا عليه وكان يقرأ القرءان وهو صائم ،فضربه احدهم بالسيف فأكبت عليه
نائلة زوجته فقطعت اصابع يدها ولم يكن مع عثمان رضي هللا عنه سواها في الدار،
فقتل شهيدا رضي هللا تعالى عنه يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ذي
الحجة سنة خمس وثالثين للهجرة ،وعمره إثني وثمانون ،وقيل اكثر من ذلك ،ودفن
ليلة السبت بين المغرب والعشاء بمقبرة البقيع بالمدينة المنورة وصلى عليه الزبير.
وقد قال سيدنا عثمان رضي هللا عنه قبل قتله :اني رأيت البارحة رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم في المنام وابا بكر وعمر فقالوا :اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة.
زوجاته وأبنائه وبناته
تزوج برقية بنت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فولدت له عبدهللا وبه كان
يكنى ،بعدما كان يكنى في الجاهلية بأبي عمرو ،ثم لما توفيت تزوج بأختها
أم كلثوم ،ثم توفيت فتزوج بفاخته بنت غزوان بن جابر فولدت له عبيدهللا
األصغر ،وتوج بأم عمرو بنت جندب بن عمرو األزدية فولدت له عمرا
وخالدا وأبانا وعمر ومريم ،وتزوج بفاطمة بنت الوليد بن عبد شمس
المخزومية فولدت له الوليد وسعيدا ،وتزوج أم البنين بنت عيينة بن حصن
الفزارية فولدت له عبد الملك ويقال وعتبة ،وتزوج رملة بنت شيبة بن ربيعة
بن عبد شمس بن عبد مناف فولدت له عائشة وأم أبان وأم عمرو ،وتزوج
نائلة بنت الفرافصة بن األحوص بن عمرو بن ثعلبة بن حصن بن ضمضم بن
عدي فولدت له مريم ويقال وعنبسة ،وقتل رضي هللا عنه وعنده أربع :نائلة
ورملة وأم البنين وفاختة ،ويقال أنه طلق أم البنين وهو في الحصار.
قال حسان بن ثابت رـضي هللا عنه يرثيه :
حول المدينة ك ّل لين مذود ان تقدموا نجعل قرى سرواتكم
بدن ُتذ َبح عند باب المسجد وكأن اصحـــاب النبي عشية
امسى ضجيعا في بقيع الغرقد ابكي ابا عمرـو لحسن بالئـــه
جمع واعداد /أخوكم
علي العلي الكعبي
إدارة شبكة الدعاة إلى العلم النافع اإلسالمية
www.du3at.com