اضاءات فكرية وعقائدية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 147

‫إضاءات‬

‫فكرية وعقائدية‬
‫من وحي دعاء كميل‬

‫الشيخ ياسر عوده‬


‫إضاءات‬
‫فكرية وعقائدية‬
‫من وحي دعاء كميل‬
‫دعاء كميل‬

‫تعود الت�سمية لهذا الدعاء �إلى كميل بن زياد وهو من ا�صحاب‬


‫الإمام علي ‪ A‬وهو والي �أمير الم�ؤمنين على منطقة تقع‬
‫على الفرات ما بين ال�شام والفرات ووفقه اهلل تعالى لل�شهادة‬
‫على �أيدي الأمويين ودفن في الكوفة قرب م�سجد الحنان في‬
‫العراق‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫هذا الرجل كان في م�سجد الب�صرة مع الم�ؤمنين يتحد ّثون‬


‫عن الليلة التي يفرق فيها كل �أمر حكيم و�أ�شار عليه �أمير‬
‫الم�ؤمنين‪� A‬أنها ليلة الن�صف من �شعبان و�أنه ينبغي‬
‫الإجتهاد فيها بالدعاء والإبتهال والت�ضرع �إلى اهلل عز وجل‬
‫كليلة القدر‪ -‬كما ورد في الحديث‪.‬‬
‫و�أف�ضل ما يدعى فيها هو دعاء الخ�ضر‪ A‬وهو العبد‬
‫ال�صالح الذي �سار معه مو�سى ‪ A‬ليعلمه مما علم ر�شد ًا‬
‫وفي اليوم الثاني جاء هذا الرجل الى الأمير ‪ A‬و�س�أله عن‬
‫‪5‬‬
‫دعاء الخ�ضر فعلمه هذا الدعاء ولذلك ا�شتهر بدعاء كميل‪.‬‬
‫وان كنت اعتقد ان هذا الدعاء بغ�ض النظر عن هذه‬
‫رقي في‬‫الرواية هو من �صنع الإمام علي‪ A‬لما يحويه من ّ‬
‫المعاني وح�سن �سبك العبارات وجميل المناجات التي توافق‬
‫القر�آن ومفاهيمه كما �سيت�ضح من خالل ال�شرح ويحتمل �أن‬
‫يكون م�ضمون الدعاء مما دعا به الخ�ضر وال�صياغة من �أمير‬
‫الم�ؤمنين‪ A‬لما فيها من �أبعادجليلة في الإبتهال وتربية‬
‫النف�س وتزكيتها‪ .‬وعلى كل حال هو من �أرقى الأدعية و�أعظمها‬
‫�ش�أن ًا‪ :‬و�أمره �أن يدعو به في كل ليلة جمعة �أو في ال�شهر مرة‬
‫�أو في ال�سنة ليلة الن�صف من �شعبان وي�صلح الدعاء به في كل‬
‫وقت و�آن‪.‬‬
‫هذا ا�ضافة �إلى �أن الم�شهور عند المف�سرين �إن الليلة التي‬
‫ُيفْرق فيها كل �أمر حكيم هي ليلة القدر ‪ -‬هي كما تعلم خير‬
‫من �ألف �شهر فكيف جعلت للن�صف من �شعبان ا�ضف �إلى �أنه ال‬
‫�إ�شكال في �أن ليلة الن�صف من �شعبان ليلة جليله القدر وزادها‬
‫�شرف ًا والدة الإمام المهدي‪ A‬وهي محل ت�سالم في ف�ضلها‬
‫عند ال�شيعة وال�سنة ولي�س بال�ضرورة ربط دعاء كميل بهذه‬

‫تاءاضإ‬
‫الليلة و اهلل العالم وما يهمنا هو �شرح الدعاء ولي�س التعليق‬
‫على الرواية فمهما كانت نقول باهلل الم�ستعان‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫!‬
‫اللهم اين ا�س�ألك برحمتك التي و�سعت كل �شيء‬
‫يبد�أ الأمير ‪ A‬با�سم اهلل تعالى‪ ،‬لأنه ال خير في عمل ال‬
‫يبد�أ فيه با�سم اهلل وال خير في عمل ال ينادئ فيه اهلل تعالى‪،‬‬
‫لأن الربوبية ال تليق �إال هلل وال تليق الألوهية �إال له عز وجل‬
‫فيبد�أ بكلمة‪ ،‬اللهم �أي يا اهلل �أنا �أناديك وابتهل �إليك فا�سمع‬
‫ندائي و�أجب دعائي انا الداني ال�صغير ارفع يدي �إليك �أناديك‬
‫يا اهلل‪� ،‬أنا العبد الفاني الذي في محلى �أرفع �إليك ابتهالي‬
‫منادي ًا اياك بهذا الأ�سم المخت�ص بذاتك دون �سواك وال ينادي‬
‫تاءاضإ‬

‫به غيرك‪.‬‬
‫فالإله هو الذي ُي�أله �إليه بالعبادة �أو ُيحار في �ألوهيته بعدم‬
‫معرفه كنه‪ ،‬معناه وحارت العقول بكنه معرفته‪.‬‬
‫والدعاء �أيها الأحبة يدل على داعيه فطريقة التو�سل عند‬
‫علي‪ A‬تختلف عن طريقتها عند غيره ومن خالل الإلتفات‬
‫�إلى �صياغة دعاء كميل ن�ست�شكف عدم �صحة ن�سبة بع�ض‬
‫الأدعية �إلى �أهل البيت‪ A‬كدعاء الندبة والتو�سل والعهد‬
‫والع�شرات والقدح والم�شلول والعديله واالذواد والفرج وغيرها‬
‫‪7‬‬ ‫مما �صنعه و�ألفه بع�ض النا�س و ن�سبوه �إلى الأئمة‪.A‬‬
‫حتى �أنك عندما تقر�أ المناجاة ال�شعبانية و�إن كانت خاليه‬
‫من ال�شوائب لكنك تجد الفرق في عباراتها مع عبارات دعاء‬
‫كميل وتجد رقي ًا في المعاني في هذا الدعاء لي�س موجود ًا فيها‬
‫مما يدل على �أنه �أما مزاد عليها �أو لي�ست له ‪ A‬وفي بع�ض‬
‫عباراتها عبارات �صوفيه كما في �آخرها وعلى كل حال‪.‬‬
‫فكل هذه الأدعية ال تدل على �أنها من �صياغة �إمام عظيم‬
‫كما انك تجد في نهج البالغة خطب �سندها �إلى علي مخدو�ش‬
‫فيه لكنك عندما تقراء هذه الخطب تقطع ب�إنها لعلي‪A‬‬
‫لأن هذا الكالم الراقي في معانيه الموافق للقر�آن في مغازيه‬
‫ال ي�صدر �إال عن علي‪ A‬لذلك قلنا �أن الدعاء يدل على‬
‫داعيه والكالم يدل على �صاحبه وفي ما نحن فيه �إبتهال من‬
‫روائع الدعاء‪.‬‬

‫اللهم اين ا�س�ألك برحمتك التي و�سعت كل �شيء‬


‫يبد�أ ب�أول �صفة من �صفاته التي تليق بجالل ا�سمه وكل‬
‫�صفاته الئقة بجالل ا�سمه عز وجل وهي عين ذاته ولي�ست‬

‫تاءاضإ‬
‫عار�ضة على الذات كما عند �صفات المخلوقين و�إن �صفاته‬
‫مطلقة ال حد لها بخالف �صفات المخلوقين المحدودة الزائله‬
‫وهذه ال�صفة هي الرحمة التي و�سعت كل �شيء فبرحمته خلق‬
‫وبرحمته رزق وبرحمته اعطى و�أفا�ض نعمه على الوجود كله‬
‫وبرحمته دبر �أمر الخلق و�سن له قوانينه‪ ،‬يميت برحمته يعذب‬
‫برحمته يرزق برحمته يمنع برحمته وهكذا في كل �شيء‪.‬‬
‫اللهم اني اتو�سل اليك و�أ�س�ألك برحمتك التي ال تنبغي �إال‬
‫لك وقد �سبقت رحمتك ع�ضبك لأنها و�سعت و�شملت العا�صين‬ ‫‪8‬‬
‫والمذنبين ف�أنت ترزقهم وهم يعبدون غيرك وتعطيهم‬
‫ويرجعون �إلى غيرك و�سعت رحمتك كل العوالم‪ ،‬عالم المالئكة‬
‫والجن والحيوان فالمالئكة خلقوا برحمتك‪ ،‬وعبدوك برحمتك‬
‫وعا�شوا برحمتك والجن على اختالف مذاهبهم �أنت ترزقهم‬
‫وتعطيهم هذه القدرات وتمنحهم برحمتك وهكذا الحيوان‬
‫والطير وعالم البحار وما حوى‪ ،‬ك ٌل يحتاج �إلى رحمتك ف�ض ًال‬
‫عن الجمادات وا�ستمرار وجودها‪ ،‬وال�شم�س تجري بقوتك‬
‫ورحمتك وكذا القمر والكواكب‪ ،‬والإن�سان الذي كرمته ولو عبد‬
‫�سواك اعطيته ورعيته برحمتك فا�سبغت على كل الموجودات‬
‫الوان �أالالء ونعم حتى �أنك اح�صيت انفا�س الحيتان في قعور‬
‫البحار يا رب و�سعت رحمتك كل �شيء فب�ألطافك ا�ستقرت‬
‫الأر�ض وبرحمتك ا�ستمرت الحياة‪ .‬رحمتك يا �إلهي و�سعت‬
‫الكون وما فيه وكل �شيء يحويه ادركناه �أو خفي عنا ولذلك في‬
‫بع�ض الأدعية ا�س�ألك برحمتك التي و�سعت كل �شيء فلت�سعن‬
‫رحمتك‪.‬‬
‫�أ�س�ألك يا �أهلل م�ستعطف ًا رحمتك وا�ستميل عطفك لتنظر‬
‫الي وت�سعنى هذه الرحمة‪� ،‬أيها الحبيب كما تقف �أمام جباري‬
‫تاءاضإ‬

‫الأر�ض لتتذلل �أمامهم ولت�ستعطف حنانهم فبطريق �أولى �أن‬


‫تقف �أمام خالق الجبابرة لت�س�أله برحمته وال يوجد �شيء (على‬
‫نحو الح�صر) �إال �إ�ستفاد من هذه الرحمة‪ ،‬و�أي رحمة يا �إلهي‬
‫هذه الرحمة ‪.‬‬
‫ثم ينتقل الأمير‪� A‬إلى �صفه �أخرى من �صفات اهلل‬
‫تعالى تقابل �صفة الرحمه وهي �صفه القوي القاهر لكل �شيء‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫(اللهم �أين �أ�س�ألك بقوتك التي قهرت بها كل �شيء)‬


‫�صحيح يا رب ان رحمتك و�سعت و�شملت كل �شيء و لكنك‬
‫القهار لكل �شيء فكل قوة في الوجود مقهورة �إليك وكل جبار‬
‫وم�ستعلي ومتكبر �أنت تقهره بقوتك‪ ،‬ال قوة �إال لك وال قاهر �إال‬
‫�أنت ولذلك ننادي خلف الميت في ت�شيع الجنائز ‪ -‬هذه العادة‬
‫الجميلة التي انقر�ضت في زماننا وا�ستبدلت ب�شعارات �شتى‬
‫وب�إطالق الر�صا�ص وبالأحاديث الجانبية ‪� -‬سحبان من قهر‬
‫عباده بالموت والفناء �سبحان من توحد بالعز والبقاء‪.‬‬
‫ف�أنت قاهر كل الجبابرة والنا�س فهم يحتاجون حتى في‬
‫انفا�سهم �إليك لأنك قاهرهم ب�أنفا�سهم و�أرزاقهم وكل حياتهم‪.‬‬
‫يقول تعالىﭽﰂ ﰃ ﰄ ﰅﭼ‪ 81‬الأنعام ‪.‬‬

‫(وخ�ضع لها كل �شي)‬


‫فكل �شيء في الوجود خا�ضع تكوينًا هلل فال يمكن الحد �أن‬
‫يعتر�ض في تفا�صيل وجوده وقوانينه و�أ�سبابه على اهلل لأن كل‬
‫هذا التقدير خا�ضع للقانون الإلهي في تدبيره‪� ,‬أي وجود يمكن‬
‫له �أن يعتر�ض في وجوده �أو يغير في ا�سلوبه �أو �شكله �أو حياته‬
‫�أو قوانينه التي ر�سمها اهلل للوجود‪ ,‬ك ٌل خا�ضع له ك ٌل مقد ٌر له‬

‫تاءاضإ‬
‫وبقوانينه التي �سببها و�أجراها لكل عنا�صر الوجود‪.‬‬
‫فكل موجود خا�ضع في تكوينه هلل خ�ضوع ًا مطلق ًا ولذلك‬
‫ال يمكن �أن يخرج عن دائرة هذا الخ�ضوع �أو يعتقد ب�أن مع‬
‫اهلل مقدر وم�سبب �أو �شريك له ولذلك اعتبر القر�آن الكريم‬
‫�أعظم الذنوب ال�شرك باهلل عندما يعتقد الإن�سان �أن هناك‬
‫مهيمن على الكون �أو الرزق �أو الموت اوغير ذلك �أحد مع اهلل‬
‫�أو بدون اهلل �أو ب�إذن اهلل �إذا لم تكن ذلك معجزته الدالة على‬
‫نبوته ح�صر ًا كما ح�صل مع عي�سى ‪ A‬الذي لم يكن دوره‬ ‫‪10‬‬
‫�سوى وا�ضع ليده وداعي ًا على الميت واهلل المحيي‪ ،‬و�صانع‬
‫لهيئة الطير واهلل جاعله طير ًا وهكذا فدروه دور � ّألي ولي�س دور‬
‫الخالق ولوفر�ضنا اقدره اهلل على ذلك فهي معجزته الداله‬
‫على نبوته ال ي�ستدل بها على غير مورد وحتى ال�سماوات والأر�ض‬
‫انقادت �إلى �أمر اهلل في قوانينها وخ�ضوعها لذا عبر اهلل تعالى‬
‫تعبي ًرا كنائي ًا في القر�آن ﭽﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﭼ((( فهما لي�ستا عاقلتين ليتوجه �إليهما الخطاب‪ ،‬ولكن‬
‫كنائي عن الخ�ضوع واالنقياد المطلق هلل تعالى فيما‬ ‫هذا تعبي ٌر ٌ‬
‫قدره لهما ور�سمه من قوانين وهكذا في كل الموجودات فاهلل‬
‫تعالى خلق لها قوانين وقدرها لها ت�سير على ا�سا�سها قال‬
‫(((‬
‫تعالى‪ :‬ﭽﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ‬
‫وقال تعالى‪:‬ﭽﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﭼ((( وقال تعالى‪:‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ(((وال ي�شرك في �أمره‬
‫�أحد‪ ،‬ولذلك انكرنا ما ذهب �إليه بع�ض العلماء والذين �ساروا‬
‫في فلك العقل التجريدي الفل�سفي من جعل الوالية التكوينية‬
‫للأنبياء والأولياء وقال بع�ض االجالء منهم �أن لهم الت�صرف‬
‫في ذرات الكون ايجاد ًا واعدام ًا وهذا لي�س �سليما �إذ �أن �آيات‬
‫تاءاضإ‬

‫القر�آن على خالفة‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ‪ 26‬الكهف وعلي ‪ A‬يقول في هذه‬
‫الفقرة �إن كل �شيء في الوجود خا�ضع تكوينا هلل ولم يتخلى‬
‫اهلل عن هذا الخ�ضوع ليعطيه لأحد ب�أي طريق من الطرق بل‬
‫له القهر كله وله الخ�ضوع كله‪.‬‬
‫ف�أ�س�ألك بالرحمة التي �شملت كل �شيء وبالقوة التي‬
‫قهرت كل �شيء وبهذا الخ�ضوع والإنقيادا التكويني اليك في‬
‫‪11‬‬ ‫كل �شيء ف�أنت مرجع الأمور و�إليك ترجع الأمور �أنت الذي‬
‫�سببت الأ�سباب وانت الذي خلقت العلل وكل العلل تعود �إليك‬
‫في وجودها‪ ،‬وتحتاج �إليك في ا�ستمرارها ف�أنت �أ�صل كل �شيء‬

‫((( �سورة ف�صلت‪ ،‬الآية‪11 :‬‬


‫((( �سورة الفرقان‪ ،‬الآية‪.2 :‬‬
‫((( �سورة القمر‪ ،‬الآية‪.49 :‬‬
‫((( �سورة ال�شورى‪ ،‬الآية‪.9 :‬‬
‫وخالق كل �شيء وم�سبب كل �شيء وكل �شيء خا�ضع في م�سيرته‬
‫وخلقه وت�صويره وتدبيره وتكوينه وبقائه وا�ستمراره خا�ضع �إلى‬
‫قانوك �إلى قوتك �إلى تدبيرك‪ ،‬وال تدبير الحد مع اهلل مهما‬
‫عال ذلك الأحد حتى لو كان �أ�شرف المخلوقات محمد ‪D‬‬
‫فهو خا�ضع هلل خ�ضوع التكوين والت�شريع‪.‬‬
‫هذه الكلمة احبائي تعطينا دلي ًال وا�ضح ًا على نفي �أن تكون‬
‫الوالية لأحد على الكون �إال هلل عز وجل وهذا ما حدثنا به الأئمة‬
‫‪ A‬عندما قالوا لل�صادق‪� A‬إنك تعلم قطر المطر‬
‫وعدد النجوم وورق ال�شجر وحرز ما في البحر وعدد التراب‪:‬‬
‫فرفع يديه الى ال�سماء‪ ،‬و قال �سبحان اهلل �سبحان اهلل ال واهلل‬
‫ما يعلم هذا �إال اهلل((( والأمير‪ A‬يعرف عظمة الخالق‬

‫تاءاضإ‬
‫�سبحانه فيقر له بذالك فهو يلجاء �إلى اهلل مق ًرا ومعترفًا بقوة‬
‫اهلل وجبروته الذي يتفاد ويخ�ضع �إليه كل �شيء‪.‬‬

‫وذل لها كل �شيء‬


‫خ�ضوع الذليل ال خ�ضوع العزيز �إننا نخ�ضع �أمام النا�س‬
‫خ�ضوع العزيز في تو ا�ضعك لكنك �أمام اهلل ال بد �أن تخ�ضع‬
‫خ�ضوع الذليل الذي ال يملك لنف�سه نفع ًا وال �ضر ًا وال موت ًا وال‬
‫حياة وال ن�شور ًا‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫فقوتك من اهلل وحولك من اهلل ورزقك من اهلل وعزك من‬
‫اهلل وكل �شيء عندك من اهلل ف�إذا قام بقوة اهلل و�إذا �سجد �أو‬
‫نام �أو �أكل �أو حرك يده �أو اب�صر �أو فعل �أي فعل فهو بقوة اهلل‬
‫عز وجل‪.‬‬

‫((( معجم رجال الحديث ج‪� ، 14‬ص ‪.253‬‬


‫لقت من وهنٍ وعلى وهنٍ �ضعيف ًا لماذا‬ ‫ف�أي قوة لك‪ ،‬يا من خُ َ‬
‫تتجبر‪ ،‬لماذا تتكبر لماذا تزهو بنف�سك لماذا تثير الأر�ض‪،‬‬
‫وفي النهاية �إلى ال�ضعف والقبر‪� ،‬أما َان لك �أن ت�شعر بفقرك‬
‫وحاجتك �إلى ربك ال ينفعك �إيها الحبيب �إال التذلل هلل‪.‬‬
‫لذا يجب �أن تخ�ضع �أمام اهلل خ�ضوع الذليل �أمام العزيز‬
‫ال ت�ساوى خ�ضوعك �أمام اهلل مثل خ�ضوعك �أمام النا�س من‬
‫�أمثالك فعليك �أن تُفرق كيف يكون الخ�ضوع هلل وكيف يكون‬
‫لغيره‪ ،‬ولذا ه�ؤالء الذين يتعدون حدود اهلل ويتجر�ؤن عليه‬
‫في ال�صغير والكبير حتى في �شتم العزة الإلهية �أثناء غ�ضبه‬
‫ه�ؤالء م�ساكين في عقولهم فهم م�ساكين �إلى �أدنى درجة في‬
‫الم�سكنة لأنهم ال يعرفون � ُأي عظمة يتجر�ؤن عليها وال يتذللون‬
‫تاءاضإ‬

‫لها وال يعلم �أن اهلل لو �شاء لأم�سك ل�سانه في �ساعته ولأماته‬
‫�أو �أعاقه �أوخ�سف به الأر�ض كما خ�سف الأر�ض بقارون وماله‪.‬‬
‫�أيها العزيز ال بد �أن تتذلل هلل في كل �شيء تذلل الإن�سان‬
‫ال�صغير المن�سحق �أمام قدرته وعظمته وعزته عزوج ّل‪.‬‬
‫وكل عزه موجودة عندك فهي من اهلل �إن العزة هلل ولر�سول‬
‫وللم�ؤمنين‪ .‬فكن ذلي ًال امام اهلل عز وجل وعزيز وحر ًا امام‬
‫النا�س الن اهلل تعالى لم ي�أذن لعبده الم�ؤمن ان يذل نف�سه ولو‬
‫‪13‬‬ ‫�أ�سر وقهر ما ورد في الحديث‪.‬‬

‫وبجربوتك التي غلبت بها كل �شيء‬


‫كلمة الجبروت �أيها الأحبة تحمل معنين �إيجابي و�سلبي‬
‫عندما تطلق كلمة الجبروت على اهلل تعالى فبالمعنى الإيجابي‬
‫و�إذا اطلقت على �أن�سان فلها معن ًا �سلبي فجبروت العبد �أيها‬
‫الحبيب ظالم معتد �أثيم بينما جبروت اهلل تعالى معناه الهيمنة‬
‫وال�سيطرة على كل �شيء‪.‬‬
‫فكل �شيء يملكه اهلل بجبروته وال غالب �أمام جبروته‪.‬‬
‫وحيدا �ضعيف ًا في مكة �أمام‬
‫ولذلك ر�أينا ر�سول اهلل‪D‬انطلق ً‬
‫جبروت وعظمة قري�ش‪ ،‬انطلق فر ًدا مت�سلح ًا بجبروت وعظمة‬
‫اهلل عزوجل وذهب من مكان �إلى �آخر يبلغ ر�سالة اهلل غير �آبه‬
‫بجبروت النا�س لأنه �ص ُغ َر كل جبروت في نف�سه �أمام جبروت‬
‫اهلل عزوجل بل حقركل جبروت �سوى اهلل عزوجل وهكذ �أنطلق‬
‫علي‪ A‬ليحطم جبروت الم�شركين وانوف الم�ستكبرين‬
‫من قري�ش وليتحد جبروت زعيم خيبر لأن اهلل عظم في نف�سه‬
‫ف�صغر ما دونه في عينه لذا قال فيه ر�سول اهلل (�ص)‪.‬‬
‫لأ عطين الراية غدا رج ًال يحب اهلل ور�سوله ويحبه اهلل‬

‫تاءاضإ‬
‫ور�سوله كرار غير فرار ال يرجع حتى يفتح اهلل على يديه ‪ -‬لأنه‬
‫ال يرى غير جبروت اهلل‪ ،‬فمن هو مرحب ومن هو عمر بن عبود‬
‫ومن هو �أبو جهل ومن هو عتبه و�شيبه والوليد ال �شيء �أمامه‬
‫عز وج ّل‪.‬‬
‫ال مرحب وال كل المراحب في الأر�ض ت�ساوي �شيئ ًا �أمام اهلل‬
‫عزوجل‪ ،‬لأنه عا�ش مع العزيز و�صاحب ذي الجبروت الذي‬
‫عزته ال ي�ساويها �شي ًء وجبتروته ال يحده �شيء �إذ �أن �صفات‬
‫اهلل عين ذاته‪.‬‬ ‫‪14‬‬
‫فكما �أن ذاته من جميع الأبعاد كاملة كذلك �صفاته من‬
‫جميع الأبعاد كاملة ال نق�ص فيها بين اهلل وعباده فعزتى‬
‫محدودة م�ستمدة من اهلل عار�ضة على ذاتي �أما عزه اهلل عين‬
‫ذاته‪.‬‬
‫وبعزتك التي ال يقوم لها �شيء‬
‫ف�أنت يا رب �صاحب العزة العظمى التي ال ينق�ص منها مهما‬
‫تجر�أ عليك المتجر�ؤن ومهما عاندك المعاندون لأنك الغني‬
‫المطلق الذي ال ت�ضره مع�صيه من ع�صاه وال تنفعه طاعه من‬
‫�أطاعه فالمطيع يعود بالنفع على نف�سه والعا�صي بجلب ال�شقاء‬
‫لذاته انت يا رب العزيز �صاحب القوة والعطاء وال�شدة والغلبه‬
‫والبرهان والرفعه واالمتناع والبيان الذي ال يغلبه �شيء ولي�س‬
‫كمثله في عزته �شيء ف�أنت يا رب تعطي العزه لعبادك ومن‬
‫اراد العزه والمنعه والهيبه عليه �سلوك طريقك الذي ر�سمته‬
‫عبر ر�سلك فال�شريف من �شرفته طاعتك والو�ضيع من و�ضعته‬
‫مع�صيتك ولذا ورد الحديث عن الح�سن‪� A‬إذا �أردت عزا‬
‫تاءاضإ‬

‫بال ع�شيرة وهيبة بال �سلطان فاخرج من ذل مع�صيه اهلل الى‬


‫عز طاعه اهلل) يا رب انا ابتهل �إليك بهذه العزه التي ال حد لها‬
‫والتي يتمتع بها الم�ؤمن بك والملتجاء اليك كما قلت في كتابك‬
‫ومن كان يريد العزة فلله العزة جميع ًا‪ ،‬فاطر ‪ -10‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ﭽﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ (((‪.‬‬
‫فعزتك يارب ال يقوم لها �شيء وال يعجزها �شيء مهما بلغت‬
‫قوة الجبابرة والفراعنه ومهما طال بهم الأمد ومهما كفر‬
‫‪15‬‬ ‫النا�س بك وا�شركوا ومهما �أراد �أحد االعتداء على ملكوتك‬
‫فقد قهرته بالموت واعجزته بالفاقه وبقيت عزتك على حالها‬
‫ال يدرك معناها وال يعلم عظمه محتواها‪.‬‬
‫�أيها الحبيب �إذا �شعرت بذلك �أمام من يريد �أن يقهرك �أو‬
‫�شعرت بخزيك �أمام المتجبرين �أو �أح�س�ست بالإهانة �أمام �أي‬

‫((( �سورة المنافقون‪ ،‬الآية‪.5:‬‬


‫�أحد من العالمين فقوي �أيمانك باهلل وتم�سك بعزته‪ ،‬عند ذاك‬
‫ت�شعر بقوتك ولو ا�سرت وقهرت وقيدت فلن يقيد �أح ٌد عليك‬
‫فكرك وعزيمه �أيمانك و اعتزازك باهلل تعالى‪.‬‬

‫وبعظمتك التي ملأت كل �شيء‬


‫يا رب �أنا �أ�س�ألك بعظمتك وهذا �س�ؤال عظيم لأن عظمتك‬
‫ج ّلت عن حدود العقول وخرجت عن �أطر المعقول فال‬
‫يمكن ا�ستيعابها وال ماهيه كنهما يا رب تجلت عظمتك في‬
‫الماء والهواء والأر�ض وال�سماء وال�شم�س والقمر والمجرات‬
‫والكواكب والبحار وخيراتها والأ�شجار وثمراتها و�ألوان الإبداع‬
‫للورود ورائحتها ماذا اعدد يا رب عظمتك تجلت وظهرت في‬

‫تاءاضإ‬
‫كل �شيء �صغر �أم كبر ف�أنت العظيم الذي ال يحويه الفكر وال‬
‫يدركه الب�صر وال يعقله النظر من علوم الطبيعة �إلى الفيزياء‬
‫والكيمياء �إلى الفلك والف�ضاء �إلى الإن�سان والحيوان والجن‬
‫والمالئكة الخ‪ --‬من هو ذا الذي يدرك عظمتك‪ ،‬لو عددنا‬
‫كل مفردة من خلقك لما اح�صينا جميع جوانب الأعجاز في‬
‫خلقها فهذه البعو�ضه التي �ضربت مثلها في القر�آن فيها من‬
‫الأجهزة على �صغرها �أكثر من الفيل على كبره ولو نظرنا‬
‫�إلى خرطومها فقط لهالنا التعجب من عظيم قدرتك هذا‬ ‫‪16‬‬
‫الخرطوم الدقيق مفتوح في داخله قادر على رقته وعدم متانته‬
‫�أن يدخل م�سام الجلد القا�صي ليمت�ص رزقه في الوقت الذي‬
‫جهزته بمختبر دم �إذا لم ينا�سبه يلفظه ف�سبحانك ما اعظمك‬
‫فكيف �إذا فكرنا بعالم النحل وعجائبه والنمل وغرائبه وما‬
‫�إلى ذلك من مخلوقاتك �سبحانك ما �أعظمك حارت بدقائق‬
‫خلقك �أرباب العقول‪.‬‬
‫�أنا يا رب �أدعوك بهذه العظمة التي تجلت في كل �شيء‬
‫وابتهل �إليك بها هي وغيرها من �أ�سمائك و�صفاتك و�سيلتي‬
‫بين يدي دعائي‪.‬‬

‫وب�سلطانك الذي عال كل �شيء‬


‫الحظ �أيها العزيز كيف يبد�أ الأمير بهذا التو�سل الرائع‬
‫والإبتهال البديع الذي ال يرقى �إليه �إبتهال بد�أ بالرحمة‬
‫والإ�ستعطاف من اهلل عزوجل ثم بالقوة والجبروت والقهر‬
‫والعزه والعظمه �إلى �أن و�صل �إلى �سلطان اهلل عزوجل‪ ،‬اهلل‬
‫تعالى اراد لك �أيها الم�ؤمن �أن تعقد ايمانك على هذه ال�صفات‬
‫ليعظم الخالق في نف�سك في�صغر ما دونه في عينك فال ترى‬
‫تاءاضإ‬

‫�أحد ًا �أمام عظمة اهلل وال عز ًة �أمام عز ِة اهلل وال جبروت ًا �أمام‬
‫جبروت اهلل وال قاهر ًا �أمام قهر اهلل وال رحم ًة �أمام رحمة اهلل‬
‫وال �سلطان ًا �أمام �سلطان اهلل عزوجل �إنني يا رب اتو�سل �إليك‬
‫بهذه العظمة وهذه ال�صفات التي ال يجاريها عظمه وال ي�ساويها‬
‫عظمه وال ي�أتي �إليها عظمه وال تقا�س بعظمه وال يوجد �شبيه لها‬
‫في �أي عظمه هذه العظمه التي تج ّبرت بها والتي تفر ّدت بها‬
‫جل �ش�أنك وعلت �صفاتك و�سلطانك ك�أن الأمير ‪ A‬تجلى‬
‫‪17‬‬ ‫عنده عظمة اهلل في �سلطانه في كل �شيء يجد تلك العظمة في‬
‫الطير و�صفاته و�أ�صواته و�ألحانه وفي الأ�شجار وروائع �ألوانها‬
‫وتنو ع ثمارها وفي البحار وتركيبها و�أحيائها وفي ال�صحارى‬
‫وحبات رمالها وتنوع مخلوقاتها وال�سماء ودخانها وفي الكواكب‬
‫وجمالها وم�صابيحها كيفما نظر يجد عظمة اهلل لذا لم يهب‬
‫ولم يخف باهلل �أحد ولذا وقف �أمام عمر بن عبد ود الذي يعد‬
‫ب�ألف فار�س وهو ال يعرف الحروب ولم يتعلم فن ا�ستعمال‬
‫ال�سالح وهو يتبختر وينادي تعالوا ادخلكم الى الجنة‪.‬‬
‫ور�سول اهلل يقول من لعمر ا�ضمن له على اهلل الجنة‬
‫والم�سلمون خائفون وعلي يقول �أنا له يا ر�سول اهلل مرة بعد‬
‫�أخر وبرز علي‪ A‬وقال فيه محمد‪D‬برز الأيمان كله �إلى‬
‫ال�شرك كله‪.‬‬
‫متحدي ًا عمر ًا دون الم�سلمين وفيهم ما عنده خبره في‬
‫الحروب ولكن علي ًا‪ A‬ال يرى غير عظمة اهلل و�سلطان اهلل‬
‫وجبروته لذا لم يخف غير اهلل‪ ،‬وغيره كان يح�سب �ألف ح�ساب‬
‫للنا�س كما يح�سب الكثيرين في هذا الزمن في�سكوتون عن‬
‫الحق ويداهنون الباطل خوف ًا من الأقوياء و�أ�صحاب ال�سلطات‬
‫علي‪ A‬كان ال يرى غير اهلل لذلك قال ما ر�أيت‬ ‫والمال �أما ُ‬

‫تاءاضإ‬
‫�شيئ ًا �إال ور�أيت اهلل معه وقبله وبعده‪.‬‬
‫ولذا �أيها الحبيب �إذا ر�أيت الفرا�شة فكر في عظمة اهلل التي‬
‫تجلت في جمالها وخلقها و�إذا ل�سعتك الذبابة فكر في عظمة‬
‫اهلل في هذا الخرطوم الدقيق الطري المفتوح في و�سطه �أَ ّن‬
‫له �أن يخرق الجلد ال�سميك ليمت�ص منه الدم وهكذا �إذا ر�أيت‬
‫�شبيهها الفيل وغير ذلك من مخلوقات اهلل وهكذا �إذا �شعرت‬
‫بن�سمة الهواء فكر بعظمة اهلل عزوجل‪ ،‬وفكر في غالف الأر�ض‬
‫الذي يحميها من �ضربات النيازك ولواله الهتزت الأر�ض كثي ًرا‬ ‫‪18‬‬
‫وفكر في عينك التي تعك�س الوان كل �شيء فكر في كل مفا�صلك‬
‫والهدف من خلقها ولوالها لكنت تتحرك كالجماد لوح ًا قائم ًا‪.‬‬
‫�إذا �أردت �أن تعبد اهلل فكر في هذا الآله الذي تعبده في‬
‫�سلطانه وعظمه‪.‬‬
‫اتعبد �إله ًا ا�ستقال من تدبير الكون ووكل به غيره حتى لو‬
‫كان هذا الغير ا�شرف خلق اهلل‪ .‬كما هم القائلون بالتفوي�ض‬
‫اتعبد ا�صنام ًا ال تملك حوال وال قوةً‪ ،‬اتعبد كواكب ونار وغير‬
‫ذلك‪� ،‬أي ان�سان هذا الذي ال يحترم عقله وان�سانيته ليتم�سك‬
‫بمخلوق �ضعيف وجزء لي�س منظور ًا في �سلطان اهلل عزوجل‪.‬‬
‫ام تعبد اله ًا لي�س محتاج ًا �إلى �شيء ال في �سلطانه وال قوته‬
‫وال عظمته وال رحمته وال في كل �صفاته ومنه كل �شيء ويدبر‬
‫كل �شيء �أم تعبد‪� ،‬آلهة ال تنفع وال ت�ضر حتى لو كانوا انبياء‬
‫كما فعلت الن�صارى بعي�سى‪ A‬وامه الطاهره فلج�ؤ �إليها‬
‫بالعطاء والإغاثة وق�ضاء الحاجة �أو كما فعل اليهود بعزيرٍ �أو‬
‫كما يفعل بع�ض ال�شيعة بالنبي والأئمة‪� A‬أو ال�سنة بم�شايخ‬
‫الطريقة ال�صوفية �أتلج�أون �إلى المخلوق ما لكم كيف تحكمون‬
‫�سبحانه وتعالى عما ي�شركون �أوت�شتبهون في الطلب منهم‪ ،‬بل‬
‫تاءاضإ‬

‫�أن عليكم ت�س�ألوا اهلل تعالى بهم وتطلبوا منه بجاوهم عند‬
‫اهلل لأن كل ه�ؤالء بحاجة �إلى اهلل ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ فاطر‪ ١٥ :‬ولو �أن �شربة الماء وقفت في‬
‫الحلقوم واجتمع �أهل الأر�ض لتنزل �إلى المعدة واهلل ال يريد‬
‫لما ا�ستطاعوا‪.‬‬
‫ولو �أن اهل الأر�ض اجتمعوا على منع رزق ي�صل �إليك واهلل‬
‫يريده لك لما قدروا على ذلك‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫ولو �أن ن�صف ال�شهيق والزفير قدرة لك واجتمع كل �أطباء‬
‫العالم ليزيدوا لك ن�صف �شهيق لما ا�ستطاعوا لأن اهلل يقدره‬
‫لك لذلك فكر في �أي عظيم تعبد وفي �أي �سلطان تعي�ش‪� ،‬أيها‬
‫العزيز �أعظم خلق اهلل محمد‪D‬يقول عنه القر�آن «قل» ي�أمره‬
‫اهلل تعالى �أن يقول الحقيقة ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫(((‬
‫ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ‪.‬‬
‫كلمات عربية وا�ضحة بينه ال تحتاج �إلى �شارح وال �إلى ا�ستاذ‬
‫في اللغة العربية وال �إلى كثير فل�سفة لكننا �أيها الأحبة ال نتدبر‬
‫القر�آن بل نقر�أه لنختمه ثم نحمل افكار الغلو في عقولنا من‬
‫حيث ال ن�شعر‪.‬‬
‫فنن�سب �إليهم �أنهم يعلمون الغيب وهم اليعلمون �إال ما‬
‫علمهم اهلل فقط مما تحتاجه ر�سالته ونطلب منهم ق�ضاء‬
‫الحوائج بدل �أن نطلب من اهلل بهم وبكرامتهم الننا رفعناهم‬
‫�إلى درجة تقترب من درجة اهلل كما يقول �إمامنا الباقر‪A‬‬
‫فمن ال يملك النفع وال�ضر كيف يعطيه �أيها العزيز اهلل وحده‬
‫يملك كل ذلك لأن النفع وال�ضر من عند اهلل عزوجل وي�أتيك‬

‫تاءاضإ‬
‫في داعا الفرج كاتب يقول فيه‪ :‬يا محمد يا علي اكفيناني‬
‫فانكما كافيان وانظرني ف�أنكما نا�صران‪.‬‬
‫واهلل يقو لهم وهم يقر ّون‪ A‬لأنهم ال يملكون الكفاية‬
‫من ال�ضر والنفع والنب�ض �إال من اهلل وحده قال تعالى ﭽ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇﭼ الزمر‪ -٣٦ :‬ويقول �سحانه ﭽﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭼ (((‪.‬‬
‫فال نا�صر وال كف ٍا لكم من دون اهلل‪ ،‬فتدبر ما ت�سمعه من‬
‫بع�ض الخطباء من روايات و�أحاديث �أ�صولها من المغالين دون‬ ‫‪20‬‬
‫�أن يتفكروا بها ودون �أن يعر�ضوها على القر�آن فدين اهلل في‬
‫قر�آنه وفي هذه الكلمات التوحيدية الإيمانية التي يبتهل بها‬
‫الأمير‪.A‬‬
‫الحظ لم ي�س�أل اهلل تعالى بنبيه على عظمه محمد‪D‬‬

‫((( الأعراف‪ ،‬الآية‪.١٨٨ :‬‬


‫((( العنكبوت‪ ،‬الآية ‪.٢٢:‬‬
‫وجواز التو�سل به �إلى اهلل بل خاطبه ب�صفاته جل وعال فمن‬
‫�أراد �أن يتعلم التوحيد فلي�أتي �إلى مدر�سة علي‪ A‬تمليذ‬
‫القر�آن وتلميذ ر�سول اهلل ‪D‬حيث قال علمني ر�سول اهلل‬
‫‪D‬الف باب من العلم يفتح لي من كل باب �ألف باب‪.‬‬
‫�إنه �أرفع وانفع و�أرقى �أ�سلوب في التو�سل �إلى اهلل ثم ي�أتيك‬
‫من يقول لك ممن لم يفقه ال ّدين �أن علي ًا م�ؤهل لكي يخاطب‬
‫اهلل �أما نحن فل�سنا م�ؤهلين لذلك نطلب منهم ‪� .‬سبحان اهلل‬
‫الم ي�سمعوا قول اهلل عزوجل ﭽ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫(((‬
‫ﯻ ﭼ‪.‬‬
‫فهل طلب اهلل �أن نطلب في هذه الآية من و�سطائه الننا‬
‫تاءاضإ‬

‫ل�سنا م�ؤهلين �أم منه مبا�شرة مالكم �أال تتدبرون القر�آن �أم‬
‫على قلوب اقفالها لقد ع ّلم الأمير‪ A‬ولده كيف يخاطب‬
‫اهلل وكيف يطلب من اهلل وحده ورد في نهج البالغة و�أعلم يا‬
‫بني �إن الذي بيده خزائن ملكوت ال�سموات والأر�ض قد �أذن‬
‫لك في دعائه ولم يلج�أك �إلى �أحد ولم يجعل بينك وبينه من‬
‫ي�شفع لك �إليه‪.‬‬
‫وملكوت ال�سموات والأر�ض كل �سلطانه جل وعال والخلق‬
‫‪21‬‬ ‫والرزق والماء والهواء وكل �شيء‪.‬‬
‫�أيها العزيز تكلم مع اهلل بلغتك لكن كن م�ؤدب ًا في خطابك‬
‫معه بث كل �شكواك هلل خاطب اهلل بما ت�شاء وقدم �أمام دعائك‬
‫ال�صالة على محمد و�آل محمد و�إعلم �أن المجيب هو اهلل‬
‫�سبحانه لأن ال�صالة على النبي مقبولة دائم ًا فت�س ّرع �إجابة‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.١٨٦ :‬‬


‫دعائك‪ .‬لأن اهلل حا�شاه �أن يقبل ال�صالة وهي دائم ًا مقبولة‬
‫ويرد دعائك كما ورد عن الأمير‪A‬‬

‫(وبوجهك الباقي بعد فناء كل �شيء وب�أ�سمائك التي ملأت �أركان‬


‫كل �شيء)‪.‬‬
‫وجه اهلل �أيها الأحبة كناية عن ذاته كما يعبر عن اليد‬
‫بالقدرة (يد اهلل فوق �أيديهم) فلي�س معنى هذا �أن هلل عزوجل‬
‫يد لأن اليد من �ش�ؤون المادة واهلل تعالى مجرد عنها وهكذا‬
‫عندما يقال و جه اهلل فذلك ا�شارة �إلى ذاته المقد�سة قال‬
‫تعالى ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ((( ﭽ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﭼ((( فهذه التعابير كناية عن ح�ضور اهلل في‬

‫تاءاضإ‬
‫كل الأمكنة والأزمنة حيثما وليتم واتجتهم فاهلل تعالى موجود‬
‫وهكذا كل الماديات تفنى ويبقى ذات اهلل تعالى }كل من‬
‫عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجالل والإكرام{‪.‬‬
‫فاهلل تعالى �أيها الأحبة لي�س كمثله �شيء ولذلك ي�ؤول الوجه‬
‫بالذات واليد بالقدرة وما �إلى ذلك‪ ..‬لأن المت�شابه في القر�آن‬
‫يرجع �إلى المحكم وهو قوله تعالى لي�س كمثله �شيء وهنا مرة‬
‫�أخرى يبتهل الأمير‪� A‬سائ ًال اهلل تعالى بذاته م�ست�شف ًعا‬
‫بوجهه الباقي لأنه تعالى قاه ُر كل �شيء ومالك كل �شيء ومن‬ ‫‪22‬‬
‫يملك ملك ًا حقيق ًا طلق ًا لكل الموجودات فهو بيده الت�صرف‬
‫فيها كيفما �شاء وفي نهاية الوجود وفنائه ال يبقى �إال اهلل تعالى‬
‫قال من بقي عليها يا ملك الموت قال بقي �أنا وجبرائيل ‪A‬‬
‫فامات جبرائل وقال من بقي عليها قال �أنا يا رب قال مت‬
‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪. ١١٥ :‬‬
‫((( الق�ص�ص‪ ،‬الآية‪.٨٨ :‬‬
‫يا ملك الموت ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ف�أ�س�ألك يا‬
‫رب بهذه الذات المقد�سه التي ال يمكن لأحد �أن يدرك كنهها‬
‫ومعناها وال ي�ستوعب �شي ًئا من حدود عظمتها جعلت يا رب‬
‫ذاتك و�سيله بين يدي دعائي ذاتك التي ال تفنى‪.‬‬
‫وابتهل اليك يا رب ب�إ�سمائك التي ت�شير �إلى ذاتك والتي‬
‫ملأت الوجود بها فكل رزق من الرازق وكل حياة من المحيي‬
‫وكل عزه من العزيز وكل ميت من المميت وكل علم من العليم‬
‫وكل حكمه من الحكيم وهكذا باقي ال�صفات والأ�سماء التي‬
‫هي عين الذات الإلهية ولي�ست عار�ضه عليها و�إال لتعددت واهلل‬
‫تعالى واحد ال اثنينيه فيه و�صفاته وا�سما�ؤه مطلقة ك�إطالق‬
‫ذاته ال حدود لها بخالف �صفات الإن�سان محدودة وعار�ضه‬
‫تاءاضإ‬

‫على ذاته لم يكن عالم ًا وتعلم وهكذا �أما �إذا قلت اهلل تعالى‬
‫ف�أ�سمه �شامل لكل الأ�سماء‪ ،‬اهلل الرازق اهلل الخالق اهلل‬
‫المحيي اهلل المميت وهكذا ولأ�سماء اهلل تعالى �إيها الأحبة‬
‫موائز عديدة فاهلل مثال ا�سم للذات اخت�صت بها وال تطلق على‬
‫غيرها‪.‬‬
‫وت�ستعمل في ال�شهادتين حيث ُيع َرف الإ�سالم بهما وينا�شد‬
‫بهذا الأ�سم في الدعاء «اللهم» ولو ا�سقط منه حرف ًا دل‬
‫‪23‬‬ ‫عليه هلل ‪� -‬أو حرفين دل على ملكه ‪ -‬له ‪ -‬ما في ال�سماوات‬
‫والأر�ض ‪� -‬أو ثالثة ا�شار �إليه ‪ -‬هو }اهلل ال �إله �إال هو{وهو‬
‫�أي اهلل ا�شهر الأ�سماء واعالها مح ًال في القر�آن والدعاء‬
‫وانه جامع فيه جميع الأ�سماء وال�صفات وان معناه من �أَ ِل َه �أي‬
‫حارت العقول في كنه معرفته �إلى غيرها من خ�صائ�ص هذا‬
‫الأ�سم الذي ال ي�سع المقام للإ�شارة �إليه فيارب �أ�س�ألك بهذا‬
‫الأ�سم الأعظم الذي ملأ الوجود بكل تفا�صيله و�أ�س�ألك بكل‬
‫الأ�سماء التي حواها هذا الأ�سم بالرحمان الرحيم الذي بهما‬
‫تفي�ض على الوجود وترحم عبادك فترزقهم و�أن عبدوا �سواك‬
‫وترحم الم�ؤمنين دون �سواهم في �أخراهم وتوفقهم لطاعتك‬
‫في دنياهم‪.‬‬
‫�أ�س�ألك ‪ -‬بالملك‪ :‬الأمر الناهي لأنه جامع ل�سائر‬
‫المملوكات‪.‬‬
‫بالقدو�س‪ :‬الطاهر من العيوب المنزه عن الأ�ضداد والأنداد‪.‬‬
‫بال�سالم �أي �سلم في ذاته �سالم من كل عيب �أو نق�ص ‪-‬‬
‫بالم�ؤمن �أي الم�صدق بالإيمان لعبادة فيفي وعده لهم وال‬
‫يخيب �أمالهم ‪ -‬بالمهيمن ‪� -‬أي بيدك كل الخلق و�أعمالهم‬
‫و�أرزاقهم و�آجالهم ومهيمنا عليهم و�شاهد على ما يعملون‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫بالعزيز ‪ -‬القاهر‪ :‬المنيع فال يعادله �شيء وال مثيل له �أو‬
‫نظير‪.‬‬
‫بالجبار ‪� -‬أوالقهار �أو المتكبر المت�سلط على كل �شيء وفوق‬
‫كل �شيء‪.‬‬
‫�أ�س�ألك يا متكبر ‪ -‬ذو الكبيريا‪ -‬اي ما يرى من كل �أنواع‬
‫الملك حقير ًا �أمام عظمته‪.‬‬
‫بالخالق ‪ -‬المخترع للخلق من غير مثال ‪ -‬بالبارئ �أي خالق‬
‫البرايا �أي خالق الخلق‪.‬‬ ‫‪24‬‬
‫بالم�صور‪ :‬الذي ان�شاء �صور الموجودات المختلفة‪.‬‬
‫بالغفار ‪� -‬أي ال�ستار للعيوب الغفار لذنوب عباده مهما‬
‫عظمت‪.‬‬
‫بالقهار ‪� :‬أي قاهر العباد الجبابرة بالموت‪.‬‬
‫بالوهاب‪ :‬الذي يجود بالعطايا من غير فناء ‪ -‬بالرازق‬
‫خالق الأرزاق ومو�صلها �إلى خلقك‪.‬‬
‫بالفتاح ‪�-‬أي الحاكم �إذا فتح بين متخا�صمين �أي ق�ضى‬
‫بينهما‪.‬‬
‫بالعليم ‪ -‬العالم بالظاهر والباطن بال�سرائر والخفايا‬
‫وتفا�صيل معلومات �أنواع الخلق والوجود ب�أ�سره ما خفى وما‬
‫ظهر‪.‬‬
‫بالقاب�ض والبا�سط ‪� -‬أي يب�سط الرزق ويو�سع على من ي�شاء‬
‫�أو يقب�ض طبق ًا لحكمته‪.‬‬
‫بالحافظ ‪ -‬الذي ي�ضع ويخف�ض �أهل الكفر والعناد‪.‬‬
‫الرافع ‪ -‬الذي يرفع �أهل طاعته ودينه وي�سعدهم‪.‬‬
‫بالمعز ‪ -‬الذي ي�ؤتى العزة والملك لمن ي�شاء ‪ -‬بالمذل‬
‫الذي ينزعها عمن ي�شاء‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫بال�سميع ‪ -‬الذي يدرك الم�سموعات وانين الوحو�ش في‬


‫الغلوات وانفا�س الحيتان في البحار‪.‬‬
‫بالب�صير ‪ -‬العالم بالخفيات ‪ -‬بالحكم �أي َ�س َل َم له الحكم‬
‫بال منازع ‪ -‬بالعدل ‪ -‬العادل ‪.‬‬
‫باللطيف ‪ -‬العالم بخفايا الأمور فيدفع عنها البالء بلطفه‬
‫‪ -‬الرفيق بعباده‪.‬‬
‫بالخبير العالم بكنه الأ�شياء ‪ -‬بالحليم ذو الحلم وال�صفح‬
‫‪25‬‬ ‫ال حدود له‪.‬‬
‫بالعظيم �أ�س�ألك‪� :‬أي ذو العظمه والجالل الذي ال يحاط‬
‫بعظمته‪.‬‬
‫بالعفو ‪ -‬الماحي للذنوب ‪ -‬بالغفور ‪ -‬المتجاوز عن الذنوب‬
‫بال�شكور الذي ي�شكر الي�سير من طاعه عباده له ‪ -‬بالعلي ال‬
‫رتبه فوق رتبته منزه عن �صفات كل المخلوقات‪.‬‬
‫بالكبير ذو الكبرياء والعظمه والثناء ‪ -‬بالحفيظ الحافظ‬
‫للموجودات ودوامها بالمقيت ‪ -‬المقتدر على الأ�شياء �أو معطى‬
‫القوه والحافظ لل�شيء وال�شاهد عليه‪ ،‬بالح�سيب الكافي �أي‬
‫المعطي والكافي لعباده ولكل �شيء وال يكفي منه �شيء‪ ،‬بالجليل‬
‫المو�صوف ب�صفات الجالل من الغني والقدرة والملك والعلم‬
‫المتقد�س عن النقائ�ص بالكريم ‪ -‬الكثير الخير ال تنفذ خزائن‬
‫كرمه ‪ -‬بالرقيب ‪ -‬ال يغيب عنه �شيء بالحافظ ‪ -‬حافظ الوجود‬
‫‪ -‬بالمجيب لدعوة الملهوف بالقريب ‪ -‬المجيب لقربه و�أنت‬
‫يا �إلهي �أقرب �إلي من حبل الوريد ‪ -‬بالوا�سع‪ :‬الغني المطلق‬
‫الوا�سع ‪ :‬بالغني الذي ا�ستغنى عن الخلق وهم المحتاجون �إليه‬
‫‪ -‬بالمغني الذي جبر فقرهم و�أغناهم‪ .‬بالحكيم ‪ -‬المحكم‬
‫خلق الأ�شياء باتقان وتدبير وح�سن الت�صوير‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫بالودود ‪ -‬ير�ضى عن عباده ويتودد �إليهم ‪ -‬بالمجيد الماجد‬
‫‪� -‬أي الوا�سع الكرم وال�سخاء ‪.‬‬
‫بالباعث‪ :‬باعثهم يوم القيامة للح�ساب ‪ -‬بالحق ‪ -‬المتحقق‬
‫الذي ال باطل عنده‪.‬‬
‫بالوكيل ‪ -‬الكافي لجميع الأمور ‪ -‬بالقوي ‪ -‬القادر على كل‬
‫�شيء ‪ -‬بالمتين ‪ -‬ال�شديد القوة‪.‬‬
‫بالولي ‪� -‬أي نا�صر عباده وال نا�صر غيره متولي �أمورهم �أي‬
‫قائم بها لإ�صالح �ش�أنهم‪.‬‬ ‫‪26‬‬
‫بالمولى ‪� -‬أي ال�سيد والقائم ب�ش�ؤن الخلق ‪ -‬بالحميد‬
‫الم�ستحق للحمد والثناء على �إبداع مخلوقاته‪.‬‬
‫بالمح�صي ‪ -‬الذي �أح�صي كل �شيء بالعدد وال�صفات‬
‫والآبعاد وكل التفا�صيل‪.‬‬
‫بالمبدء المعيد ‪ -‬الذي بدء الخلق ثم يعودون �إليه‪.‬‬
‫بالمحي المميت ‪ -‬بالحي الذي ال ي�سبقه العدم وال يلحق به‬
‫العدم ‪ -‬بالقيوم القائم الدائم بال زوال ‪ -‬بالواحد‪� :‬أي الغني‬
‫عن العدد والغني في كل �شيء‪.‬‬
‫بالواحد الأحد ‪ -‬داالن على الوحدانيه في الذات وال�صفات‬
‫‪ -‬والواحد بال اثنينه ال يجوز دخوله في الأعداد والإحد الذي‬
‫ال ثاني له‪ .‬بال�صمد ‪ -‬ال�سيد الذي ُي�صمد �إليه �أي يق�صد‪.‬‬
‫بالقدير مبالغه للقادر ‪� -‬أي الموجد للأ�شياء اختيا ًر من‬
‫غير عجز‪.‬‬
‫بالمقدم الم�ؤخر‪ :‬مرتب الأمور في مراتبها في التكوين‬
‫والت�صوير والأزمنه والأمكنة على ما تقت�ضيه الحكمة‪.‬‬
‫بالأول والآخر ‪ -‬الذي ال �شيء قبله وال بعده ‪ -‬بالظاهر‬
‫تاءاضإ‬

‫في حججه ودالئله وبراهينه بالباطن المحتجب عن �إدراك‬


‫الأب�صار وتوهم الخواطر والأفكار ‪.‬‬
‫بالتواب‪ :‬مبالغة في قبول التوبة‪.‬‬
‫بالمنتقم‪ :‬المعاقب للم�ستحق‪.‬‬
‫بالهادي‪ :‬الذي هدى الخلق‪.‬‬
‫بالر�ؤوف ‪� :‬صاحب العطف والرحمة والر�أفة ابلغ من‬
‫الرحمه و�أرق‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫بمالك الملك‪ :‬بيده ملكوت كل �شيء ‪ -‬ذو الجالل والإكرام‪:‬‬
‫�أي ذو العظمة والغني‪.‬‬
‫بذي الطول‪ :‬المتف�ضل بترك عقاب الم�ستحق ‪ -‬بالنور‬
‫البديع‪:‬الذي ابتدع الأ�شياء من العدم �أ�س�ألك بالباقي‪� :‬أي‬
‫واجب الوجود ‪ -‬بالوارث‪ :‬الباقي بعد فناء الأ�شياء ‪ -‬بالر�شيد‪:‬‬
‫�أر�شد مخلوقاته للقوانين ‪.‬‬
‫بال�صبور‪ :‬الذي ال يعجله �شيء ‪ -‬بالرب المدبر المربي ‪-‬‬
‫بالجواد ‪ -‬كثير االح�سان‪.‬‬
‫بالنا�صر‪� :‬صاحب المعونه ‪ -‬العالم ‪ : -‬المبالغة في العلم‪.‬‬
‫بالمحيط ‪ :‬ال�شامل علمه لكل �شيء ولخفايا الأ�شياء واحاط‬
‫بكل �شيء علما‪.‬‬
‫بالفاطر‪� :‬أي المبتدع للخلق من عدم بال مثال �أو �صور‬
‫م�سبقه‪.‬‬
‫بالكافي ‪ :‬الذي كفى عباده جميع المهام‪.‬‬
‫بالأعلى‪ :‬الغالب على كل �شيء ‪� -‬أ�س�ألك بالأكرم‪ :‬مبالغة في‬
‫الكرم‪.‬‬
‫بالحفى‪ :‬اللطيف البار ‪ -‬بالبارئ‪� :‬أي الخالق وكذلك‬

‫تاءاضإ‬
‫ال�صانع‪.‬‬
‫بال�سبوح‪ :‬منزه عن كل �سوء ونق�ص‪ :‬بال�صادق الطاهر‪.‬‬
‫�إلى غيرها من الأ�سماء وال�صفات التي ت�شير �إلى الأفعال‬
‫ال�صادرة من الذات المقد�سة ‪� -‬أنا يا رب �أ�س�ألك بكل �أ�سم من‬
‫هذه الأ�سماء وكل �صفة من هذه ال�صفات التي ملأت �أرجاء‬
‫الكون �أن ترحمنى وتنظر �إلي فهذا تو�سلي �إليك ب�أ�سمائك التي‬
‫امرتنا �أن ندعوك بها فقلت �سبحانك‪ :‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ�آية ‪ 110‬اال�سراء‪.‬‬ ‫‪28‬‬
‫بالمنتقم ‪ -‬المعاقب للم�ستحق ‪ -‬بالهادي الذي هدى‬
‫الخلق‪.‬‬
‫بالر�ؤوف �صاحب العطف والرحمه والر�أفه �أبلغ من الرحمه‬
‫و�أرق‪.‬‬
‫بمالك الملك بيده ملكوت كل �شيء ‪ -‬ذو الجالل والإكرام‬
‫‪� -‬أي ذو العظمه والغنى ذو الطول المتف�ضل بترك عقاب‬
‫الم�ستحق ‪.‬‬
‫بالنور ‪ -‬البديع الذي ابتدع الأ�شياء من العدم ‪ -‬الباقي‬
‫واجب الوجود ‪� -‬أ�س�ألك يا وارث ‪ -‬الباقي بعد فناء الأ�شياء‬
‫الر�شيد ‪ -‬ار�شد الخلق لقوانينهم ‪ -‬بال�صبور ‪ -‬الذي ال يعجله‬
‫�شيء ‪ -‬بالرب‪ -‬المدبر المربي بالحوار كثير الأمان والأنعام ‪-‬‬
‫بالنا�صر �صاحب المعونه ‪ -‬بالعالم مبالغة في العلم بالمحيط‬
‫‪ -‬ال�شامل علمه لكل �شيء واحاط بكل �شيء ولم يحط به �شيء‪.‬‬
‫بالفاطر �أي المبتدع للخلق من �شق العدم بال مثال و�صور‬
‫م�سبقه بالكافي الذي كفى عباده جميع المهمام ‪ -‬بالأعلى‬
‫الغالب على كل �شيء ‪ -‬بالأكرم ‪ -‬الكريم بالحفي ‪ -‬اللطيف‬
‫تاءاضإ‬

‫العالم البار ‪ -‬بالذارئ ‪� -‬أي الخالق ‪ -‬بال�صانع ‪ -‬بال�سبوح‬


‫منزه عن كل �س�ؤ ونق�ص ‪ -‬بال�صادق ‪ -‬الطاهر �إلى غيرها من‬
‫الأ�سماء وال�صفات التي ت�شير �إلى الأفعال ال�صادرة منه تعالى‬
‫فيا رب انا �أ�س�ألك بهذه الأ�سماء التي ملأت �أركان ال�سماوات‬
‫والأر�ضين �أن ترحمني وتنظر الي تو�سلت �إليك ب�أ�سمائك التي‬
‫�أمرت �أن ندعوك بها فقلت �سبحانك ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷﭼ منها �أنا يا رب ادعوك بها بل بكلها لأنني الفقير اليك‬
‫‪29‬‬ ‫والمحتاج �إلى رحمتك‪.‬‬
‫وبعلمك الذي أحاط بكل شيء‬

‫علم اهلل تعالى الذي �أحاط بكل �شيء ال ي�ستطيع �أحد �أن‬
‫يف�سر معنى الأحاطه �إال اهلل عز وجل ال يمكن لمخلوق �أن‬
‫يدرك كنه معناها وال عظيم محتواها لأن ما دون اهلل مهما‬
‫عال �ش�أنه محدود ال�صفات متنقل في الحاالت فكيف يدرك‬

‫تاءاضإ‬
‫المحدود �سعه الالمحدود ف�إذا كان عندك ابريق ي�سع ليتر ًا‬
‫من الماء هل ت�ستطيع �أن ت�ضع فيه ليترين ال يمكن ذلك لأن‬
‫المحل غير قابل وهكذا المحدود في عقله ووعيه و�صفاته ال‬
‫يدرك الالمحدود في �سعته و�شموله لما يحيط به من دقائق‬
‫الأمور‪.‬‬
‫والعلم هنا يتنا�سب مع الإحاطة فكل مفردات العلم محاط‬
‫علمه بها �سبحانه �سواء مفردات العلم في درجاته التي يطلق‬
‫عليها كالظن واليقين والعلم والمعرفة �أو في �شكله و�أبعاده �أو‬
‫في تعداده واح�صائه �أو في تنوعه ومفرداته �أو في ما ال تدركه‬ ‫‪30‬‬
‫عقولنا من مخفياته‪.‬‬
‫والعلم �أيها الأحبه ينق�سم الى علم لدنّى ذاتي وعلم مح�صل‬
‫والعلم الذاتي كعلم الإن�سان بوجوده وانه حي فال يمكن لأحد‬
‫�أن ي�شكك في �أنك موجود والعلم المح�صل �أو المكت�سب هو‬
‫الذي يح�صل عليه بالتعلم ‪.‬‬
‫�أما اهلل تعالى ‪ -‬فكل علمه لدني قائم بذاته ال كعلم الإن�سان‬
‫المحدود �سواء كان ح�ضوري �أو ح�صولي‪.‬‬
‫فكل هذا الوجود في كل تفا�صيله وكذا ما وراء الوجود‬
‫الالمتناهي الأطراف مما يكت�شفه علم الف�ضاء وعلم الطب‬
‫بكل اخت�صا�صاته وكذا علم الإجتماع والنف�س والفل�سفة‬
‫والبالغه والبيان واللغة وغيرها من العلوم في كل تفا�صيلها‬
‫ومفرداتها وتتطوراتها حا�ضره عند اهلل عز وجل وكل ما يعلمه‬
‫الإن�سان �شيء قليل من العلم قال تعالى ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼﭼ فكيف بما ينزل من ال�سماء وما يعرج �إليها من‬
‫مالئكة‪ ،‬و�أعمال العباد وذرات الهواء وما ال نعلمه وما يلج في‬
‫الأر�ض وما يخرج منها من كل النباتات وغيرها ‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫يا بني �أنها ان تكن مثقال ذرة فتكن في �صخرة �أو في ال�سماء‬
‫او في الأر�ض باقي بها اهلل‪.‬‬
‫وما يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأر�ض وال في ال�سماء‬
‫مهما غ�صنا في معناها علم اهلل ال ن�ستطيع �أن ندرك محتواه‬
‫يقو ل الأمير ‪ A‬يا رب �أنا �أ�س�ألك بهذا العلم الذي �أحاط‬
‫بكل �شيء والذي �أحاط بي وب�أعمالي و�أفعالي و�أقوالي وما‬
‫احتاج �إليه في وجودي وما �إلى ذلك �أ�س�ألك به وابتهل �إليك به‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫(وبنور وجهك الذي �أ�ضاء له كل �شيء يانور يا قدو�س)‬
‫بعد �أن �س�ألتك يا رب بكل هذه ال�صفات الجليلة الكماليه‬
‫العظيمة �أ�س�ألك بهذا النور الذي اف�ضته على الوجود من نورك‬
‫«اهلل نور ال�سماوات والأر�ض»‪.‬‬
‫ووجهه اهلل ايها الأحبه لي�س وجه ًا محدد ًا لأن اهلل تعالى‬
‫لي�س كمثله �شيء وهذه الآية حاكمه على كل ما ت�شابه من‬
‫الآيات التي تتحمل �أكثر من معنى لذلك ذهب البع�ض الى‬
‫القول بالتج�سيم فيها كقوله تعالى ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭼ ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭼ(((فهذه تعابير كنائيتة عن قدرة‬
‫اهلل و�سلطانه وعن �أن اهلل موجود في رحمته �أينما كان ﭽ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﭼ‪.(((.‬‬
‫ولذلك نرجع الآيات المت�شابه الى المحكمه وهي قوله تعالى‬
‫(لي�س كمثله �شيء) فوجه اهلل جهته وكل الوجود يتجلى فيه‬
‫وجه اهلل الذي هو كنايه عن �سلطانه ونوره �سبحانه ف�أن وليت‬
‫وجهك للم�شرق �أو المغرب فلله الم�شرق والمغرب و�إذا نظرت‬
‫الى ال�سماء �أو الأر�ض �أو الجنوب �أو ال�شمال فلله ملك ال�سموات‬
‫والأر�ض فكل الأبعاد والجهات هلل عز وجل المرئية وغير‬

‫تاءاضإ‬
‫المرئية المعروفة وغير المعروفة اهلل تعالى الذي ُيق�صد في‬
‫كل مكان وزمان �أ�س�ألك بنورك الذي اخرجت منه الوجود لأن‬
‫الظلمه عدم والعدم �سلبي والنور او الوجود نعمه ولذلك بع�ض‬
‫العلماء ي�ست�شكل على عبارة وردت في المناجات الخم�سة ع�شر‬
‫وال بد من ت�أويلها وهي‪:‬‬
‫�أل�شقاء ولدتني �أمي فليتها لم تلدني ولم تريني ‪ ...‬لأن‬
‫الوجود نعمه والعدم ظلمه فكيف يتمنى العدم ولكن هذا يرد‬
‫ب�إنه �إذا كانت حياة الإن�سان تمرد على اهلل ومع�صيه هلل فعدمه‬ ‫‪32‬‬
‫خير من وجوده ال�أن م�صيره �إلى النار ولذلك كانت العبارة‬
‫التي تليها فليتني علمت �أمن �أهل ال�سعادة جعلني وبقربك‬
‫وجوارك خ�ص�صتني‪...‬‬
‫المهم �أن الوجود نعمه ا�ضيء بنور اهلل عز وجل و�أي�ض ًا‬
‫((( الفتح‪ ،‬الآية‪.١٠:‬‬
‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.١١٥ :‬‬
‫الهداية هي نور يهد اهلل لنوره من ي�شاء �إذا �شاء طبعا العبد‬
‫الهداية لأن اراده اهلل لنور الهداية مربوط باختيار الإن�سان‬
‫ولهذا يعذب على اختياره �أو يثاب‪.‬‬
‫ولذلك على الإن�سان �أن ي�سلك طريق العلم الذي يهدي الى‬
‫النور نور الحق ونور المعرفة والهداية ال ان يعي�ش النا�س الظلمه‬
‫والظلم فيذبح �أخيه الإن�سان با�سم اهلل ويقتل با�سم الم�سيح‬
‫وال�صليب وبا�سم التوراة والالهوت وبا�سم ال�شم�س والقمر‬
‫وبا�سم الجاهليه العمياء كما ح�صل في التاريخ وما يح�صل‬
‫اليوم حيث يكفر �أهل الإ�سالم والمفرو�ض �أنهم �أهل النور‬
‫والهداية ‪ -‬بع�ضهم وويلعن بع�ضهم بع�ض ًا ويفرق اكثر دعاتهم‬
‫وعلمائهم بينهم وي�ضللون �أهل الفرق من غيرهم ويفعلون كل‬
‫تاءاضإ‬

‫ذلك ب�آ�سم الدين وك�أنهم لم ي�سمعو قول اهلل عز وجل }الذين‬


‫اتخذوا دينهم مزق ًا كل حزب بما لديهم فرحون{ ولم ي�ستمعو‬
‫�إلى قوله عز وجل ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭼ األنبياء‪. ٢٩ :‬‬
‫�إلى غيرها من الآيات التي تدعوا �إلى الألفه والمحبه‬
‫والت�سامح والإ�صالح بين النا�س والحوار وارجاع االختالف الى‬
‫اهلل ور�سوله وغيرها ولكن كما يقول الأمير‪.A‬‬
‫‪33‬‬ ‫حليت الدنيا في اعينهم وراقهم زبرجها ‪ -‬فعا�شوا مع‬
‫م�صالحهم وحافظوا على مكت�سباتهم وخافوا انقطاع هبات‬
‫ال�سلطان فابتعدوا عن الهدى والنور‪.‬‬
‫وامروا بالف�سق والفجور والب�سوا الباطل لبا�س الحق فويل‬
‫لهم مما يك�سبون‪:‬‬
‫فنور اهلل �أيها الأحبة يجب �أن ينفذ الى عقل الم�ؤمن وقلبه‬
‫يهدي اهلل لنوره من ي�شاءﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ‬
‫(((‬

‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ (((‪.‬‬
‫فبنور الإيمان والحق �أ�س�ألك يا رب وبنور الهداية وال�صالح‬
‫وبنورك اللذي تجلى لل�سموات والأر�ض وبنورك الذي تجلى‬
‫للجبل فجعلته دكا وخ ّر مو�سى ومن معه �صعق ًا‪.‬‬
‫�أ�س�ألك بهذا النور الذي لو تجلى جزء منه �أكبر مما تجلى‬
‫للجبل الفنى الأر�ض ومن عليها ف�أنا ال ا�ستطيع �أن اعي�ش بدون‬
‫نورك وال �أدرك عظمة نورك‪ .‬وحدوده �أ�س�ألك بهذا النور �إجعل‬
‫النور يا رب في عقلي لينفتح عقلي على كل الوجود فال يرى‬

‫تاءاضإ‬
‫غيرك واجعل النور في قلبي لينب�ض قلبي بانوار هدايتك واجعل‬
‫النور في حياتي لتكون حياتي كلها خا�ضعة لك منقادة اليك‬
‫م�سخرة بين يديك عاملة لك الل�سواك متحركه في طاعتك ال‬
‫في طاعة غيرك م�أتمره ب�أوامرك ال ب�أوامر غيرك‪.‬‬
‫منتهيه عن كل نهي نهيت عنه عبادك �أ�سالك واتو�سل �إليك‬
‫وابتهل �إليك بهذا النور الذي هديت كل مخلوق �إليه ب�إرادتك‪،‬‬
‫�أيها العزيز كل ما حاولت �أن ا�شرحه من هذه الكلمات الرائعة‬
‫�شيء قليل لما و�صل �إليه فهمي القا�صر فكيف بعلي ‪A‬‬ ‫‪34‬‬
‫وعلمه وكيف بما ال ندركه كلنا نحن الب�شر بما فينا علي ‪A‬‬
‫من عظمة نور اهلل و�صفاته عز وجل فعلي ‪ A‬يعلمنا كيف‬
‫نخ�ضع هلل وكيف ندعو ونبتهل �إلى اهلل نتم�سك باهلل وكيف ننقاد‬
‫�إلى اهلل‪ ،‬ال كما يعلم النا�س بع�ضهم فيبتهلون �إلى عظمائهم‬
‫((( النور‪ ،‬الآية‪.٣٥ :‬‬
‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪٢٥٧ :‬‬
‫فالن�صارى تبتهل �إلى عي�سى ومريم واليهود �إلى عزير وهيكل‬
‫�سليمان وحائط المبكي والبوذيه �إلى بوذا‪.‬‬
‫والهنود وال�سيخ �إلى ما يعبدون وكما اتخذ قوم نوح بعده‬
‫�أ�صنام ًا �صنعوها ليخل ّدوا ذكرى خم�سة من العباد ال�صالحين‬
‫فحولوهم مع مرور الزمن �إلى �آله ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ(((‪.‬‬
‫ونبتهل كما ابتهل القدماء �إلى �آلهه اخترعوها �إلهة الخير‬
‫وال�شر والماء والهواء والنار و�آلهه النيل في م�صر وكما عبد‬
‫الم�صريون الفراعنه‪ -‬وكما يحاول بع�ض �أهل ديننا �أن نبتهل‬
‫�إلى عظمائنا وان�سبائنا وائمتنا وعلمائنا وال�صحابة بحجة اننا‬
‫ل�سنا م�ؤهلين للإبتهال مبا�شرة �إلى اهلل‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫�أمير الم�ؤمنين يقول لنا �أن نبتهل �إلى اهلل فقط وابتهل‬
‫ب�صفات العظمة والجالل و�أق ُدمها �أمام دعائي‪ .‬و�أتو�سل �إلى‬
‫اهلل باوليائه كما علمونا في غير دعاء كميل‪.‬‬
‫فال تن�سوا اهلل وال االبتهال �إليه كما يفعل بع�ض المغالين‬
‫فيما ي�سلمون على علي‪ A‬بقولهم ال�سالم عليك يا عله‬
‫وجودنا ال�سالم عليك يا رازقنا الخ‪ ..‬اذ ان هذا �شرك ب ّين‬
‫وزاد بع�ضهم اليوم للزهراء المع�صومة‪ A‬في�سلمون‬
‫‪35‬‬ ‫عليها بعله الأكوان ومعلمه الأئمه والحجة عليهم وما �إلى‬
‫ذلك من عقائد فا�سدة مبتدعة ولكن علي ًا‪ A‬يعلمنا كيف‬
‫يبتهل �أنا يا رب �أ�سالك بنورك الذي كيفما التفت ر�أيته في‬
‫كل مفردات حياتي وفي كل الوجود قد �أ�شرق نورك يا رب في‬
‫نف�سي وعقلي وقلبي وفي كل حياتي وبنورك الذي كانت هدايتي‬

‫((( نوح‪ ،‬الآية‪.٢٣ :‬‬


‫ونورك الذي تجلى لأنبيائك والمر�سلين ومالئكتك المقربين‬
‫وفي جنان الخلد يوم الدين وفي �ساحة القيامة يوم يقوم‬
‫النا�س لرب العالمين‪.‬‬
‫اجد نورك يا رب الذي تجلى حتى في نارك التي هي رحمة‬
‫ونقمة للمعاندين يا رب ال يوجد عندك �إال النور ف�أ�سالك به‬
‫يا ربي (يا قدو�س) �صيغة مبالغة في التقدي�س والتقدي�س هو‬
‫التنزيه فربي منزه‪ -‬عن كل النقائ�ص ف�أنني �أنزه ربي عن �أن‬
‫يكون له �شريك �أو مثيل �أو �شبيه �أو ند �أو عديل لم يلد ولم يولد‬
‫ولم يكن له كفو ًا �أحد‪.‬‬
‫ال يوجد له �شبيه ابد ًا هذا هو ربي الذي انزه عن مجان�سة‬
‫مخلوقاته �أو م�شابه كيفياته انزه في ذاته فال �أجعل معه �شريك‬

‫تاءاضإ‬
‫في العقيدة اياك نعبد وال نعبد �سواك وانزه في �صفاته فال‬
‫اجعل معه �شريك ًا في الرزق والخلق والأحياء وما الى ذلك‬
‫وانزه في طاعته فال ا�ستعين بغيره في هذه ال�صفات ﭽ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ(((‪.‬‬
‫و�إذا نزهت اهلل تعالى في ذاته ال بد �أن تنزهه في �صفاته‬
‫فال تجعل معه �أحد فيها ال باذنه كما يبرر البع�ض هروب ًا‬
‫من ال�شرك وال ا�ستقال ًال لأن ذلك كفر و�شرك باهلل وخالف‬ ‫‪36‬‬
‫التقدي�س‪.‬‬
‫ومع الأ�سف نجد في بع�ض الأدعية الرجية المخترعه دعاء‬
‫الأذواد فقره وا�ضحه في ال�شرك حيث يقول عن الأئمة‪A‬‬
‫ال فرق بينك وبينهم �إال �أنهم عبادك ‪ -‬فمن ينزه اهلل كيف‬

‫((( الروم‪ ،‬الآية‪.٤٠ :‬‬


‫يجعل له �شبيها‪ .‬واهلل يقول لي�س كمثله �شيء ال بد للم�ؤمنين‬
‫رعاهم اهلل ان يتدبروا فيما يقر�ؤن فلقد جاءنا الكثير مما‬
‫كتبه البويهه وال�صفويه وال�شيخيه �أو ُكتب في زمانهم �أو زمن‬
‫غيرهم ممن �سبقهم من �أدعية �أو زيارات فيهاالكثير من‬
‫عبارات ال�شرك التي ت�شبه عبارت الن�صارى في عي�سى و�أمه‬
‫عليهما ال�سالم والذي يعتقد انه ال فرق بين الأئمة‪ A‬واهلل‬
‫عزوجل فقد �أ�شرك باهلل وهو من المغالين ولي�س على دينهم‬
‫وهو خالف التنزيه وهكذا من ي�ستعين ب�شيخ الطريقة �أو التكه‬
‫�أو الزاوية فيعتقد �أن لديهم قدرات ب�إذن اهلل فقد �أ�شرك من‬
‫حيث ال يحت�سب �شرك الطاعة ال �شرك العقيدة �إن ال�شرك‬
‫�أيها الأحبة اخف من دبيب النملة ال�سوداء على ال�صخرة‬
‫تاءاضإ‬

‫ال�صماء في الليله الظلماء فال تجعلوه يزحف �إلى قلوبكم و�إلى‬


‫عقولك وكلما قلتم �سبحان اهلل فتدبروا معناه ولي�س العبرة‬
‫في لقلقة ل�سان وتعداد تكرارها بل قلها مره واحدة نزه فيها‬
‫ربك في ذاته و�صفاته عن كل الكيفيات والمخلوقات وال�صفات‬
‫المحدوده ت�صل بذلك �إلى �صفاء التوحيد وحقيقته اف�ضل من‬
‫قولها �آالف المرات بدون تدبير‪.‬‬
‫فعلي‪ A‬يعلمنا كيف نقد�س اهلل �أ�سالك بنورك يا قدو�س‬
‫‪37‬‬ ‫المنزه عن كل �شيء من �صفات المخلوقين ل�شهادة كل �صفه‬
‫كما يقول‪� A‬أنها غير المو�صوف فمن و�صف اهلل فقد قرنه‬
‫ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جز�أه ومن جز�أه فقد جهله‬
‫ومن جهله فقد �أ�شار �إليه ومن �أ�شار �إليه فقد حده ومن حده‬
‫فقد عده ومن قال فيم فقد �ضمنه ومن قال عالم فقد �أخلى‬
‫منه‪.‬‬
‫وهذه �أرقى الخطب و�أول خطبة في نهج البالغة فهل‬
‫عقلناها و�أول دعاء لزين العابدين في ال�صحيفة عن التوحيد‬
‫و�أول ما يدعوا �إليه الأنبياء الى التوحيد‪.‬‬
‫ف�أين الم�سلمون من التوحيد عندما تنزه ربك في الربوبية‬
‫معناه ال مدبر معك يا رب في الكون كله لأن الرب معناه المدبر‬
‫فهو الذي دبر �ش�ؤن الكون كله فكيف يقول البع�ض انه �أوكل‬
‫�شيء من التبدبير �إلى الأولياء لأن هذا خالف التنزيه‪.‬‬
‫ف�إذا نزهته في الربوبيه يعني ال �شريك معه في التدبير و�إذا‬
‫نزهته في الرازقيه يعني ال �شريك وو�سيط معه في الرازقيه‬
‫وهكذا في باقي �صفاته جل وعال هذا معنى �سبحان اهلل‬
‫�أي يارب لم �أجعل معك �شريك ال في ذاتك وال في �صفاتك‬
‫ف�أنت المميت ال مميت معك وانت المحي ال محي معك و�أنت‬

‫تاءاضإ‬
‫المعطى ال معطى معك وهكذا في كل �شيء ال �أحد معك‬
‫و�ألتفت رعاك اهلل �إلى الألفاظ التي ربما فيها �شائبه �شرك‬
‫كما في قول البع�ض (توكلت على اهلل وعليك) �أو قول البع�ض‬
‫حالف ًا بحياتك و�أنت ميت والحياة هلل عزوجل وهذا ما رف�ضه‬
‫الإمام الباقر‪ A‬حيث ف�سر قوله تعالى }وما ي�ؤمن �أكثرهم‬
‫باهلل �إال وهم م�شركون{ بهذه الكلمات وجعلها من م�صاديق‬
‫الآية فتدبر ‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫فالقدرو�س مبالغة يف تنزيه اهلل عزوجل‬
‫(يا �أول الأولني ويا �آخر الآخرين)‬
‫لي�س معنى ذلك �أنه �أول بلحاظ الزمن لأن الزمن محدود‬
‫والزمن مخلوق واهلل تعالى فوق الزمان والمكان فال يقرن‬
‫بزمان وال يحد بمكان فلذلك ال يقال متى بدء اهلل ومتى ينتهي‬
‫لأن اهلل ازلي لم يعر�ض عليه العدم ابد ًا وال يعر�ض عليه العدم‬
‫كذلك ولذلك من �صفاته الحي �أي الذي لي�س فيه �أي عدم‪،‬‬
‫فالبداية والنهاية مخلوق وهو خالقها عز وجل‪.‬‬
‫فعندما تقول يا �أول يا �آخر لي�س بلحاظ وجوده عزوجل بل‬
‫بلحاظ المخلوقات اي هو �أولها حيث ابتدائها ال �أنه خُ لق قبلها‬
‫في�صبح مخلوق ًا ال خالق ًا‪.‬‬
‫فالتعبير ب�أول و�آخر بلحاظ المخلوقات ال بلحاظه‪ ،‬يا �أول‬
‫الأولين فال �أول كان قبلك ويا �أخر الآخرين فال �آخر يكون‬
‫بعدك فوجودك مطلق ال بداية وال نهايه له‪ .‬حيث تفنى كل‬
‫المخلوقات ويبقى وجه ربك ذو الجالل والإكرام‪� ،‬أناديك‬
‫واناجيك بهذه المدحه اتي اخت�ص�صت بها‪.‬‬
‫وبعد كل هذه ال�صفات التي ناديتك بها وقدمتها امام‬
‫تاءاضإ‬

‫دعائي ومدحتك بها‪ ،‬يا رب ابتد�أ بالطلب �إليك‪.‬‬


‫فبعد كل هذه المدحه واال�ست�شفاع لديه والطلب والتو�سل‬
‫�إليه في الدعاء الرائع الذي يدل على �سمو نف�سه‪ A‬وبلوغها‬
‫الدرجات ال ُعلى في الكلماالت الإن�سانية المحدودة‪.‬‬
‫وقد �أكدت الروايات ايها الأحبة عن �أهل بيت الع�صمة‬
‫‪ A‬انك ان كان لك حاجة فابد�أ بمدح اهلل عزوجل والثناء‬
‫عليه وال�صالة على محمد و�آله‪D‬وانقل روايتين هنا الأولى‬
‫‪39‬‬ ‫في الثناء ورد عن الإمام ال�صادق‪ A‬في كتاب الو�سائل باب‬
‫الدعاء قال‪ A‬كل دعاء ال يكون قبله تحميد فهوا ابتر انما‬
‫هو التحميد ثم الثناء قال قلت �أي ال�سامع وما ادري ما يجزي‬
‫من التمجيد والتحميد قال تقول‪ :‬اللهم �أنت الأول فلي�س قبلك‬
‫�شيء و�أنت الآخر فلي�س بعدك �شيء و�أنت الظاهر فلي�س فوقك‬
‫�شيء و�أنت الباطن فلي�س دونك �شيء و�أنت العزيز الحكيم‪...‬‬
‫والثانية عن الأمير‪ A‬قال �إاذ كانت لك الى اهلل حاجة‬
‫ف�إبداء بم�س�أله ال�صالة على النبي ‪(D‬و�آله) ثم �سل حاجتك‬
‫ف�إن اهلل �أكرم من �أن ي�س�أل حاجتين فيق�ضى �أحداهما ويمنع‬
‫الأخرى‪.‬‬
‫فبعد هذه المدحه هلل تعالى واال�ست�شفاع لديه يبد�أ الأمير‬
‫‪ A‬بتعداد الذنوب وقبل الدخول في المق�صود من الذنوب‬
‫التي تهتك الع�صم وتنزل النقم وتغير النعم وتحب�س الدعاء‬
‫وتنزل ا لبالء وهل هناك فرق بينها �إذ �إن كل الذنوب مت�شابه‬
‫من حيث تعدى حدود اهلل والتجرئ عليه وال�س�ؤال هل يمكن �أن‬
‫نت�صور �أن علي ًا ‪ A‬يذنب كال وحا�شا ال يمكن �أن نت�صور‬
‫ذلك لعده اعتبارات �أولها �أنه عا�ش كل حياته ولم ي�سجل‬
‫التاريخ عليه زلة �أو خطله بل �سجل له المدح والكرامات فكل‬

‫تاءاضإ‬
‫لحظة من حياته كانت قر�آنا يتحرك وثاني ًا هو ربيب ر�سول‬
‫اهلل‪D‬وتلميذه فال بد �أن ي�أخذ �صفات ا�ستاذه من الطهر‬
‫والنقاء واال�ستقامه والع�صمة وهو خليفته الذي يحمل ر�سالته‬
‫فالعقل يحكم بع�صمته لئال يبلغ عن اهلل خط�أ فينتق�ض غر�ض‬
‫المولى عزوجل والخليفه قدوة للنا�س ف�إذا كان تاريخه فيه‬
‫ذنوب ال ي�صح �أن يكون قدوه فالقول بع�صمته �ضرورة‪ .‬ثالث ًا‪:‬‬
‫تظاهرت الآيات في ايه التطهير الى المباهلة التي جعلته نف�س‬
‫ر�سول اهلل ‪D‬الى مدحه وفي �سوره الدهر �إلى �آية الت�صدق‬ ‫‪40‬‬
‫بالخاتم و�آية ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ الذي باع نف�سه هلل عزوجل حيث‬
‫نزلت عندما بات على فرا�ش ر�سول اهلل ‪D‬يوم الهجرة �إلى‬
‫الكثير من الآيات والروايات التي دلت على ع�صمته وطهارته‬
‫وعلو اخالقه وارتفاع منزلته و�سمو نف�سه مما لي�س محله هنا‬
‫�إلى غيرها من الأدلة على ع�صمته‪ ،‬ف�إذا ما معنى �أن يطلب‬
‫من اهلل عزوجل ان يغفر له هذه الذنوب ولماذا يدعو بل�سان‬
‫العا�صي هل ينزل نف�سه منزلة الإن�سان العا�صي �أم �أنه يريد �أن‬
‫يعلم النا�س الإبتهال ربما يكون �أحد اهداف الدعاء هو تعليم‬
‫النا�س لكن الأول هو المتوجه �إذ يرون انف�سهم �أمام عظمة‬
‫اهلل وجبرروته و�سلطانه ونعمه ال �شيء فينزلون �أنف�سهم منزلة‬
‫المذنبين و�إن كانوا ال يذنبون كا لو ر�أيت عالم ًا كبير ًا ويقول‬
‫عن نف�سه ب�أنه جاهل توا�ضع ًا هلل عزوجل‪.‬‬
‫فهذا ر�سول اهلل‪D‬الذي يدخل به النا�س الى الجنة‬
‫وبالكفر به �إلى النار كان يقوم اكثر ليله حتى تورمت قدماه‬
‫ال ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫وتدخل اهلل تعالى ليخفف عنه قائ ً‬
‫تاءاضإ‬

‫(((‬
‫ﭺﭻﭼﭼ ‪.‬‬
‫وهو من ب�شفاعته يدخل النا�س الجنة‪ ،‬عندما �س�أل عن‬
‫�أجهاد نف�سه بالطاعة قال �أفال �أكون عبد ًا �شكور ًا‪..‬‬
‫ف�إذا و�صل العبد �إلى هذه الرتبة ليكون �شاكر ًا هلل مع �ضمانه‬
‫للجنة ويدخل به النا�س الجنة من خالل الإيمان بر�سالته ال‬
‫بد �أن ي�شكر والأئمة‪ A‬ي�شعرون بالتق�صير لعلمهم بعظم‬
‫الم�س�ؤلية مع كونهم لم يق�صروا في ذلك فكل هذا توا�ضع ًا هلل‬
‫‪41‬‬ ‫عزوجل‪ .‬واعتراف ًا بت�سافل درجة النف�س �أمام عظمة الرب‪.‬‬
‫فما قاله اهلل تعالى عن ر�سوله ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭼ (((لي�س المق�صود هنا �أن محمد ًا ‪D‬ع�صى و�أذنب‬
‫حا�شاه ولكن ما اعتبره �أهل مكة من ذنب لأنه فرق �شملهم‬
‫و�شتت جمعهم فلي�س المق�صود دائم ًا من لفط الذنب المعنى‬
‫((( طه‪ ،‬الآيتان ‪٢ - ١‬‬
‫((( الفتح‪ ،‬الآية ‪.٢:‬‬
‫الحقيقي الذي ي�ستحق عليه �صاحبه العقاب فربما يكون من‬
‫هذا القبيل واهلل العالم وعندما تحدث اهلل تعالى عن مع�صية‬
‫�آدم ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ((( ‪.‬‬
‫لم تكن مع�صيته ذنب ًا مولوي ًا ي�ستحق عليه العقاب بل �آمر ًا‬
‫ار�شاد ًيا كان ينبغي �أن يلتزم به فارتكب خالف ما هو �أولى له ‪.‬‬
‫فعندما يرتكب الأنبياء �أو الأولياء خالف الأولى �أي الأمر‬
‫الإر�شادي الم�ستحب يت�سحقوا من اهلل تعلى العتاب وربما‬
‫ال�شده في المالمه فنحن نرى كيف تحدث اهلل تعالى مع نوح‬
‫‪ .A‬حيث قال‪:‬ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬

‫تاءاضإ‬
‫(((‬

‫فهذا العتاب فيه غلظه على نوح‪.A‬‬


‫وهكذا عندما اغلظ اهلل تعالى على نبيه يون�س حيث �أبق‬
‫�إلى الفلك الم�شحون هار ًبا من قومه عندما ر�أى �أن العذاب‬
‫ارتفع عنهم ا�ستحى �أن يدخل الى القرية كما تذكر الروايات‬
‫وذهب دون الرجوع الى اهلل وانتظار الأمر الإلهي فا�ستحق �أن‬
‫يعاقبه اهلل بارتكابه خالف الأولى فكان من الملومين على ما‬
‫فعل ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ‬
‫((( فترك الأولى من المقربيين من الأنبياء يخاطب بخطاب‬ ‫‪42‬‬
‫المع�صيه لعلو درجته و�أن كان ال ي�ستحق عليه العقاب والعياذ‬
‫باهلل ولذا قيل ح�سنات المقربين �سيئات الأبرار فالإمام �أو‬
‫المع�صوم عندم يجل�س بين يدي اهلل عزوجل للإقرار بذنب‬
‫((( طه‪ ،‬الآية‪.١٢١ :‬‬
‫((( هود‪ ،‬الآية‪.٤٦ - ٤٥:‬‬
‫((( ال�صافات‪ ،‬الآية‪.١٤٤ - ١٤٣ :‬‬
‫�أو التوبه منه ال لأنه فعل هذا الذنب بل توا�ضع ًا هلل و�شعور ًا‬
‫بالتق�صير �أمام اهلل عزوجل وتنزي ًال للنف�س منزلة العا�ص‬
‫المعتدي مع ع�صمته وعلو درجته و�سمو مكانته فهل يمكن �أن‬
‫يرتكب الأولياء‪ A‬ذنوب تهتك الع�صم كالزنا والعياذ باهلل‬
‫هذا محال ومن �صدقه كان مختل العقل ومن يتهم به �أحد من‬
‫علماء ال�شيعة كان ال عقل له كما �أتهم ا�ستاذنا ر�ضوان اهلل‬
‫عليه بذلك وهو ي�شرح الدعاء حكاية عن ل�سانه ال اثبات ًا للذنب‬
‫لقائله فحدث العاقل بما ال يليق له ف�إن الق له فال عقل له‬
‫فالإمام علي‪ ،A‬هو المع�صوم وفي �أعلى درجات الع�صمة‬
‫بل الذي اعتقد �أنه يفوق في رتبته رتبة الأولياء والأنبياء لأن‬
‫اهلل تعالى جعله نف�س ر�سول اهلل(�ص) في �آية المباهله لأن‬
‫تاءاضإ‬

‫مقت�ضى المقابلة والت�شبيه ي�أخذ �صفات الم�شبه به �إال �أنه لي�س‬


‫نبي وقد ثبت �أن ر�سول اهلل �أف�ضل الخلق فيثبت ذلك لو�صيه‬
‫علي‪ A‬واهلل العالم ولنرجع �إلى كلماته الراقية‪.A‬‬

‫(اللهم اغفر يل الذنوب التي تهتك الع�صم)‬


‫الع�صم �أي ما ي�ستر الإن�سان فيه نف�سه ويع�صمها كبع�ض‬
‫التكاليف الموجه �إليه فالزواج مثال يع�صم الزوجين من الوقوع‬
‫‪43‬‬ ‫في الحرام ولذا �سمي المتزوج مح�صن والزوجة مح�صنة في‬
‫ع�صمة الزواج ف�إذا هتك الإن�سان هذا �ألأ ح�صان والعياذ باهلل‬
‫في الزنا كان م�صداق ًا لمن هتك ع�صمته فهذه الذنوب تف�ضح‬
‫�صاحبها وتهتك �ستره �أمام ربه و�أمام النا�س ولو بعد حين اذا‬
‫ا�ص ّر عليها ومنها مثال �شرب الخمر والعياذ باهلل‪ .‬واللعب‬
‫بالقمار ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭼ (((وكذلك من الذنوب التي تهتك عظمه الإن�سان‬
‫وحرمته في�سقط �أحترامه �أمام النا�س كالغيبة والنميمة‪.‬‬

‫(اللهم اغفر يل الذنوب التي تنزل النقم)‬


‫اي توجب نزول النقمة والعذاب على �صاحبها لعظم فح�شها‬
‫توجب �سرعة المجازاة من اهلل عليه و�سرعة االنتقام منه مث ًال‬
‫نق�ض العهد وعلى ر�أ�س العهود عهد اهلل عز وجل �أي الإيمان به‬
‫ف�إذا تحول �إلى الكفر �أوجب ذلك النقمة ولذلك نرى كل اقوام‬
‫الأنبياء الذين لم ي�ؤمنو وواجهوا دعوةالتوحيد ووقفوا في وجه‬
‫الأنبياء و�سخروا من دعوتهم وحافظوا على دين ال�شرك الذي‬
‫كان عليه ابا�ؤهم وبعد �أن ي�ستنفذ النبي كل جهد في هدايتهم‬

‫تاءاضإ‬
‫الى عهد اهلل كان اهلل ينزل عليهم العذاب المبا�شر لعنادهم‬
‫وا�ستكبارهم‪.‬‬
‫كطوفان نوح و�أهالك عاد وثمود وغرق فرعون وجنوده وما‬
‫�إلى ذلك فنق�ض عهد اهلل وهو التوحيد والإيمان يوجب النقمة‬
‫ومن هذه الذنوب التي توجب �سرعة نقمة اهلل ا�شاعه الفاح�شة‬
‫كا�شاعة الكذب والغ�ش في الميزان وهتك عر�ض المح�صنات‬
‫ب�أتهامهم بالزنا‪.‬‬
‫وهذا ما نعي�شه في يومياتنا كيف نتهم مح�صنة هنا بالزنا‬ ‫‪44‬‬
‫لمجرد ال�شبهة �إذا �شوهدا يتحدثان وما الى ذلك حتى و�صلنا‬
‫�إلى حالة غريبه ف�إذا قتل الزوج زوجته يتهم �أهل القاتل‬
‫المقتولة بالزنا ليبر�ؤا القاتل من دون حجة‪.‬‬
‫وهكذا الأزواج الذين يتهمون زوجاتهم لمجرد ال�شك‬

‫((( المائدة‪ ،‬الآية‪.٩١ - ٩٠ :‬‬


‫وال�شبهة هذا ال يعني �أنه ال يوجدخيانه من بع�ض الزوجات‬
‫الالتي يخونون عهد اهلل وعهد الزوج باالح�صان فهذا كله‬
‫مما يوجب �سرعة نقمة اهلل ف�إذا انت�شرت الفواح�ش كالزنى‬
‫واللواط والكالم الفاح�ش الذي ينت�شر هذه الأيام ب�سرعة‬
‫فائقة على و�سائل الإت�صال الحديثه وعدم الوقوف عند حدود‬
‫اهلل في الكالم واالختالط وما �إلى ذلك هذا يوجب �سرعة‬
‫نقمته اهلل عزوجل فما نراه من كثرة البالءت ربما يكون نتاج‬
‫ا�شاعة الفواح�ش في المجتمع وعدم كونه مح�صنا �أمام كل‬
‫هذه المنكرات فيريدنا االمير ويريدنا اهلل تعالى �أن نتوب من‬
‫هذه الذنوب لنجل�س بين يديه في جل�سة توبه وجل�سةاعتراف ان‬
‫نرجع �إلى اهلل فالإن�سان الذي ال يجل�س بين يدي اهلل ليتوب من‬
‫تاءاضإ‬

‫هذه الذنوب �أقله يدعوا بدعاء كميل كل �أ�سبوع كيف �سيتوب؟‬


‫�إال �أنك تجد �أكثر النا�س ال يهتمون بالإبتهال والدعاء بل ربما‬
‫ال ي�صلون �أ�سا�س ًا فه�ؤال كيف يتذكرون اهلل ويقلعون عن الذنوب‬
‫كثير من النا�س ال دخل لهم ال في الدعاء وال في ال�صالة وال‬
‫في الدخول �إلى الم�سجد وال حتى في �أن ي�ستعموا الى محا�ضرة‬
‫�أو در�س قر�آني فه�ؤالء ما الذي يذكرهم باهلل وكيف ي�صلون‬
‫�إلى مخافة اهلل عزوجل‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫بل �سيعي�شون الفلتان الأخالقي و�إنعدام الأمن الإجتماعي‬
‫عندما نلتفت �إلى و�سائل االت�صال واال�ستغراق فيها بحيث‬
‫ت�أخذ كل �أوقات ال�شباب حتى وهم ي�سيرون على الطرقات‬
‫ال ينظرون موقع �أقدامهم �أحيانا عقولهم الهية عن ذكراهلل‬
‫بماذا ياليت كان بعلم نافع بل بالترهات والكالم الفاح�ش ونقل‬
‫الأخبار الكاذبة و�إ�شاعة الفاح�شة وما �إلى ذلك حتى �أنك تجد‬
‫مجتمع الم�ؤمنين يهتمون بن�شر الترهات والغلو واخبار تخالف‬
‫القر�آن وق�ص�ص يطلبون ن�شرها مرات عده ومن لم يفعل‬
‫يعاقب؟ �أي جيل هذا هل هو جيل العلم والجامعات والح�ضارة‬
‫والم�ستقبل �أم جيل التخلف والالوعي والإهتمام بما ال ينفع‬
‫طبع ًا ال نقول �أن الجميع هكذا ولكن الم�ؤ�سف �أن �أكثر النا�س‬
‫هكذا مع الأ�سف يكثر الفلتان الجن�سي واالخالقي والكالمي‬
‫واالقت�صادي واالعالمي وال�سيا�سي وما �إلى ذلك و ُيدعى‬
‫�أنه ح�ضارة وتجد من يدافع عنهم بحجة الحرية الفردية‬
‫والديمقراطية والعلمنه وما �إلى ذلك من ا�سماء �سميتموها‬
‫انتم و�آبا�ؤكم ما انزل اهلل بها من �سلطان لوال حلم اهلل �أيها‬
‫الأحبة لجعل عاليها �سافلها ولمنعت ال�سماء خيراتها لكثرة‬
‫�شيوع االنحراف في مجتمعاتنا وارتكاب المعا�ص والأخطر‬

‫تاءاضإ‬
‫من ذلك كله من يفعل هذه المنكرات ويعتقد �أنها تمحى عنه‬
‫لمجرد �أنه من الفرقه الناجيه كما تعتقد المذاهب ال�سنية‬
‫والفرق كافه او يعتقد �أنه يوالي علي ًا‪ A‬كما يعتقد بع�ض‬
‫ال�شيعة الذين ي�أخذون برواية حب علي ح�سنة الت�ضر معها‬
‫�سيئة‪ ،‬فهذه الأفكار جاءت الى الم�سلمين من اليهود والن�صار‬
‫�إذا ان اليهود يعتقدون �إنهم �شعب اهلل المختار و�أن اهلل ال‬
‫يعذبهم والن�صارى يعتقدون �أن عي�س تج�سد اهلل فيه فتحمل‬
‫الألم وال�صلب ليتحمل ذنوب �أتباعه‪.‬‬ ‫‪46‬‬
‫ف�أي فرق بين الم�سلمين بفرقهم وبين اهل الكتاب الذين‬
‫قال اهلل عنهم في كتابه ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫(((‬
‫ﯺﯻﭼ‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.١١١ :‬‬


‫�أن فكرة الفرقة الناجية والأحاديث فيها مو�ضوعه وكاذبه‬
‫وهي خالف القر�آن الكريم لأن القر�آن الذي يعتبر العمل هو‬
‫الأ�سا�س ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭼ (((وفي �أيه اخرى ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ (((فالناجي يوم‬
‫القيامة من �آمن باهلل واليوم الآخر وعمل �صالح ًا‪ -‬ال من تمنى‬
‫النجاة بغير عمل‪ .‬ولذلك قال‪D‬على فرا�ش الموت يو�صى‬
‫الم�سلمين ‪ -‬لي�س بين اهلل وبين �أحد �شيئ ًا يعطى به خير ًا �أو‬
‫يدفع به �س�ؤا �إال العمل فال يتمنى فتمنن وال يدعين مدع �أال‬
‫�أنه ال ينجي �إال عمل مع رحمه ولو ع�صيت لهويت وحا�شاه �أن‬
‫يع�صى ‪ .‬فرقه ناجيه ال يوجد انما يوجد عمل وتقوى‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫وعندما ترون �أن العذاب رفع �إنما يرفع بركه رواد الم�ساجد‬
‫المخل�صين ولمن يقوم في جوف الليل ي�ستغفرون وقد حققوا‬
‫�شرط التوحيد في كل اعمالهم‪ .‬والن اهلل �سبحانه رفع العذاب‬
‫المبا�شر عن �أمة محمد (�ص) ما كان اهلل ليعذبهم وانت فيهم‬
‫وما كان �إليه معذبهم وهم ي�ستغفرون‪...‬‬
‫لأن التوحيد متوقف عليه كل عمل فكم هم الذين ي�صلون‬
‫وي�صومون ويقول منهم ال فرق بين علي وبين اهلل فاهلل �إله‬
‫‪47‬‬ ‫ال�سماء وعلي �إله الأر�ض } ويطبق ذلك على قوله تعالى وهو‬
‫الذي في ال�سماء �إله وفي الأر�ض �إله{ كما قالت به ال�شيخيه‬
‫فهذا اي �صالة ي�صلى و�أي عباده يعبد �أومن يرف�ض حق �أهل‬
‫البيت وي�سيء �إليهم ف�أي عبادة يعبد ‪� -‬أو من يعتقد ب�أن قاطع‬
‫طريق زوار الح�سين ال تم�سه النار لأن عليه غبار زوار الح�سين‬
‫((( الن�ساء‪ ،‬الآية‪.١٢٣ :‬‬
‫((( الزلزلة‪ ،‬الآيتان‪.٨ - ٧ :‬‬
‫كيف ينجو وي�ألف �شعر ًا بذالك ‪ -‬لن تم�س النار ج�سد ًا عليه‬
‫غبار زوار الح�سين �أيها الأعزاء ال بد من ت�صحيح اعتقادنا‬
‫واعتبار �أن �أي عمل يجب �أن يكون هلل وحده و�أن �أي عمل ورد‬
‫عليه ثواب الجنة غير كاف من دون باقي ال�شروط فمن زارني‬
‫في غربتي �ضمنت له على اهلل جنتي ب�شرطه و�شروطه ال �أن‬
‫يفعل ما ي�شاء ثم يلغى بزيارة‪.‬‬
‫ال بد من الجلو�س بين يدي اهلل والتوبة �إليه من هذه الذنوب‬
‫التي تهتك الع�صم وتف�ضح الأ�سرار والذمم من خالل ما‬
‫يعي�شه الإن�سان من نق�ض العهد مع اهلل �سبحانه فيما يكفر‬
‫به وينحرف عن عقيده اهلل عزوجل وفيما يعي�شه من فاح�شة‬
‫وظهورها في الذين �آمنوا ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬

‫تاءاضإ‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭼ(((‪.‬‬
‫وفيما يعي�شه من كذب هذا الكذب الذي يجبل الم�ؤمن على‬
‫كل طبيعة �إال الكذب ف�إن الم�ؤمن ال يجبل على الكذب والخيانة‬
‫وه�ؤالء �سيف�ضحون ولو بعد حين‪.‬‬
‫فقد ورد في الحديث حينما �س�أل ر�سول اهلل ‪D‬هل ي�سرق‬
‫ال�ؤمن اجاب نعم ربما تلح عليه حاجته في�سرق هل يزني ربما‬
‫كذلك تلح عليه حاجته فيزني �سئل هل يكذب قال‪D‬الﭽ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ(((‪.‬‬ ‫‪48‬‬
‫فالكذاب لي�س م�ؤمنا حين كذبه في الفترة التي يكذب فيها‬
‫ال قبلها وال بعدها ولذا تجد الكثير يكذبون وهم ملت�سبون‬
‫بالإيمان فهناك خلل في �أيمان الكذاب عليه �أن ي�صلحه‬
‫بالقربه‪.‬‬
‫((( النور‪ ،‬الآية‪.١٩ :‬‬
‫((( النحل‪ ،‬الآية‪.١٠٥ :‬‬
‫اللهم اغفر يل الذنوب التي تغري النعم‬
‫وهي مثل ترك �شكر اهلل على نعمه ومن اظهر مظاهر ال�شكر‬
‫ال�صالة هلل فمن ترك ال�صالة ف�ضال عن باقي ا�صناف ال�شكر‬
‫�أوجب ذلك تغير النعمة عليه �أي ربما تغير نعمه من الحالل‬
‫الى الحرام و من الكثرة الى القلة �أو غير ذلك فمن اعطى‬
‫ثالث لم يحرم ثالث‪.‬‬
‫من اعطى الدعاء لم يحرم الإجابة قال تعالىﭽ ﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭼ‬
‫(((‬

‫ﭽﭰ‬ ‫ومن �أعطى ال�شكر لم يحرم الزيادة ‪ -‬قال تعالى‬


‫ﭱ ﭲﭼ‬
‫تاءاضإ‬

‫(((‬

‫ﭽﮧ‬ ‫ومن اعطى التوكل لم يحرم الكفاية ‪ -‬قال تعالى‬


‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ (((فاهلل هو الكافي �ألي�س اهلل بكاف‬
‫عبده ‪ -‬وهو الذي يزيد نعمته عليه �إذا �آدى حق اهلل فيها وادى‬
‫�شكرها وهو الذي يجيب دعاءه �إذا تحققت التوبة منها‪.‬‬
‫وقطيعه الرحم اي�ض ًا من الذنوب التي تيغير النعم وادنى‬
‫�صلة الرحم ال�سالم ولو على الهاتف اما ان يقطعهم حتى �إذا‬
‫ما ر�آهم ال ي�سلم عليهم فهذا من الذنوب الكبيرة التي توجب‬
‫‪49‬‬ ‫تغير النعمة‪.‬‬

‫(اللهم اغفر يل الذنوب التي حتب�س الدعاء)‬


‫من هذه الذنوب خبث ال�سريرة وا�ضمار ال�س�ؤ للنا�س‬
‫((( غافر‪ ،‬الآية‪.٦٠ :‬‬
‫((( �إبراهيم‪ ،‬الآية‪.٧ :‬‬
‫((( الطالق‪ ،‬الآية‪.٣ :‬‬
‫والتعامل معهم بالنفاق ا�ضمار ال�سوء في قلبك اظهار خالفه‬
‫على ل�سانك وهكذا ت�أخير ال�صالة عن وقتها كل هذا يوجب‬
‫حب�س الدعاء وعدم �إجابته فمن موانع �إجابة الدعاء امور منها‬
‫عدم ت�صفية النيةعدم الإخال�ص عدم الأدب في الكالم مع‬
‫اهلل‪.‬‬
‫نفاق القلب عدم التوجه ت�أخير ال�صالة عدم الم�صلحة‬
‫لك في �سرعة اجابة دعائك لعل الذي �أبطاء عني هو خير لي‬
‫لعلمك بعاقبة الأمور‪.‬‬

‫(اللهم اغفر يل الذنوب التي تنزل البالء)‬


‫وهي كثيره الذنوب التي توجب نزول البالء علىالنا�س منها‬

‫تاءاضإ‬
‫عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند تعطيل هذه‬
‫الفري�ضة ينزل البالء‪.‬‬
‫ال‪:‬ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫فلو التزم الإن�سان بيته �أو ً‬
‫ﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩﯪﯫﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ(((‪.‬‬
‫كيف تقي اهلك النار بامرهم بالمعروف والمعروف كل ما‬
‫�أوجبه اهلل وتنهاهم عن المنكر �أي كل ما حرمه اهلل ‪ -‬لو التزم‬
‫كل �إن�سان هذه الفري�ضة لعم الخير كل ارجاء بالدنا والنزلت‬ ‫‪50‬‬
‫ال�سما خيراتها واخرجت الأر�ض بركاتها ولكن هيهات لأن‬
‫النا�س تركوا هذه الفري�ضة و�إذا تخلى �أهل العلم والدعاة الى‬
‫اهلل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و�سار اكثرهم‬
‫خلف م�صالحهم يلهثون وراء ال�سا�سه والزعماء وا�صبحوا بوق ًا‬

‫((( التحريم‪ ،‬الآية‪.٦ :‬‬


‫اعالمي ًا لهم و�سار بع�ضهم في خط التخلف والخرافه و�إذاعوا‬
‫بها على المنابر دون عر�ضها على القر�آن كما امرهم �أهل‬
‫البيت‪ A‬و�إذا وقف النا�س مع ال�سلطان وتركوا مواجهة‬
‫المنكر في �شوارعهم وبيوتهم وفي وجه �سالطينهم �سلط اهلل‬
‫عليهم �شراراهم فيدعوا خيارهم فال ي�ستجاب لهم‪.‬‬
‫�أال ترون �أن هذه الفري�ضة تركت حتى �صدق علينا ما قاله‬
‫ر�سول اهلل ‪D‬كيف بكم �إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر قالوا �أو يكون ذلك يا ر�سول اهلل قال و�شر من ذلك‪.‬‬
‫كيف بكم �إذا رايتم المعروف منكر ًا والمنكر معروف ًا ‪� -‬أي‬
‫تبدلت ال�صورة وانعك�ست �صار ال�سارق امين ًا والأمين ب�سيط‬
‫وا�صبح القاتل والظالم قدي�س ًا لمجرد �أنه �شارك في عمل خير‬
‫تاءاضإ‬

‫ك�إعمار م�سجد مث ًال والقدي�س ال عقل له ثم قال‪D‬كيف بكم‬


‫�إذا امرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف بحيث ا�صبح خفاء‬
‫الحق لكثرة الآراء وتداخل الم�صالح يلب�س لبا�س الباطل‬
‫وو�ضوح الباطل الذي �ألب�س ثوب الحق في�أمر به ‪.‬‬
‫�أال ن�أمر في هذا الزمان بطاعه �أولى الأمر ولو كانوا ف�ساق‬
‫وظلمه �أال نجد حول كل زعيم �صغير على م�ستوى نائب �أو كبير‬
‫رجال دين ي�ضفون عليه �شرعيه ويتحولون �إلى �أبواق لهم‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫�أال ن�أمر بالغلو والخرافات على المنابر وفي الف�ضائيات‬
‫على �أ�سا�س �أنها كرامات لأهل البيت‪ A‬ونحارب من يقف‬
‫�ضد الخرافة والغلو ونجعله خارج ًا عن الدين ب�سلفيه �شيعيه‬
‫جديده كتكفير ال�سلفيه ال�سنيه لأهل ال�سنة والجماعة ومن‬
‫�سواهم لمجرد اختالفهم معهم في الر�أي �أال نت�سحل كل مال‬
‫ي�صل �إلى ايدينا ونعتبره ذكا ًء من حل �أو حزام �أال نبرر ت�أييد‬
‫الظملة والأقوياء حتي على م�ستوى العوائل والأحزاب لمجرد‬
‫قوتهم �ألي�س هذا كله منكر الب�سناه لبا�س الحق وامرنا به‬
‫ونهينا عن المعروف �أال ي�ضلل من يرف�ض دعا ًء لي�س ثابت ًا ًعن‬
‫الأئمة‪� A‬أو حديث ًا لمجرد كونه م�شهور ًا كدعاء الفرج وما‬
‫فيه من عبارات تخالف القر�آن �أو حديث الك�ساء الموجود في‬
‫مفاتيح الجنان الذي يرف�ضه نف�س ال�شيخ القمي في كتابه توايخ‬
‫الأنبياء وال�شيخ الرى �شهرى في كتابه �أهل البيت في الكتاب‬
‫وال�سنة طبع ًا ا�صل الحديث ال ا�شكال فيه ولكن الزيادة من‬
‫عند نزول جبرئيل وما خلقت �سما ًء مبنية �إلى �آخره هي التي‬
‫لي�ست �صحيحه ومخالفة للقر�آن كما بحثه العلماء وبحثناه في‬
‫كتابنا ق�ضايا �أثارت جد ًال‪.‬‬
‫�أال نحارب من ال يقول بما ي ّدعي �أنه �شعائر ح�سينية‬

‫تاءاضإ‬
‫كالتطيير التي �آدخلها ال�صفويون �إلى �إحياء ع�شوراء و�أتوا بها‬
‫من م�سيحي القفقاز الذين كانوا يطبرون ويجلدون �أنف�سهم‬
‫يوم ال�صليب‪.‬‬
‫هذا ف�ض ًال عما يتف�شى في المجتمع من المنكرات التي‬
‫تحدثنا عن بع�ضها وكثي ٌر غيرها من تعرىالن�ساء وفلتان‬
‫ال�شباب في الجامعات والمفا�سد في الطرقات وانت�شار‬
‫المخدرات وكثرة غوايه الرجال والن�ساء المتبرجات لكثرة‬
‫ما ي�شاهدون م�سل�سالت تدخل عليه مفاهيم الخيانة الزوجية‬ ‫‪52‬‬
‫واباحة المثل للزوجة وما الى ذلك ثم ادخل الى عالم الطب‬
‫ومفا�سده وعالم المدار�س وتجاراتها وعالم االقت�صاد وخيانه‬
‫الأمانة وغيرها مما ال ينتهي عده فكل هذا المنكر الذي ال‬
‫ُينهي عنه ي�ؤدي �إلى نزول البالء وما نراه من البالء اليوم‬
‫قلي ًال �أمام المنكرات نعوذ باهلل ون�ستجير به‪.‬‬
‫فال يحل مال امرئ المرئ �إال عن طبيب نف�س وال يحل قتل‬
‫ان�سان لإن�سان �آخر �إال بالحق بحيث يكون قاتال �أو مف�سد ًا في‬
‫الأر�ض اف�ساد ًا كبير ًا وامره بيد المراجع ال كل من ادعى الفتيا‬
‫�أو تكفير بع�ضنا او ت�ضليل بع�ضنا �أو هذا يبطل �صالة هذا وهذا‬
‫يبطل تقليد الآخر �أيها الأحبة هذا ينزل البالء‪� .‬أتعلمون لما‬
‫عم الخيرفي بالد الكفر كما نزعم لأنهم �صادقون ويحبون‬
‫ال�صدق ويحا�سبون الكذبه حتى لو كانوا في مواقع متقدمة‬
‫في الدولة �أما نحن �أكثرنا يكذب على �أكثرنا من ال�سا�سه الى‬
‫ا�صغر ان�سان مع زوجته واوالده اننا نعي�ش في هذا ال�شرق كذبة‬
‫كبيرة نمار�سها باتقان فهذا الذي ينزل البالء والذي يرفعه‬
‫ال�صدق واالمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫تاءاضإ‬

‫ﭬﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶ‬


‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ (((وفي بع�ض الن�سخ اللهم اغفر لي‬
‫الذنوب التي تقطع الرجاء‬
‫ومنها الي�أ�س والقنوت من روح اهلل ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ يو�سف‪ ٨٧ :‬فمهما‬
‫كانت ذنوبك كثيرة وكبيرة�أيها العزيز ارجع الى اهلل وتب منها‬
‫واخل�ص التوبة هلل ف�ستجد اهلل تواب ًا رحيم ًا قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮣ ﮤ‬
‫‪53‬‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕﯖ ﭼ(((‪.‬‬
‫ب�شرط عدم الي�أ�س من مغفرة اهلل لك وال تي�أ�س النا�س‬
‫من التوبة كما يفعل بع�ض الدعاة �إذا ر�أوا �شاب ًا اثقلته الذنوب‬
‫يقولون له ويلك احرقتني بنارك ويبعدوه عن الرحمه فيغرق‬
‫((( النحل‪ ،‬الآية‪.١١٢ :‬‬
‫((( الزمر‪ ،‬الآية‪.٥٣ :‬‬
‫في الإنحراف‪.‬‬
‫فتعداد الأمير‪ A‬للذنوب ليدلل على تنوعها و�إال من‬
‫ر�أ�س ي�ستطيع القول اللهم اغفر لي كل ذنب �أذنبته ‪ -‬لكنه‬
‫يريد ان يقول التفتوا �إلى الذنوب التي تنزل النقم وتغيير النعم‬
‫والتي تحب�س الدعاء ثم يتابع ‪.A‬‬
‫يا رب �إذا كان عندي ذنب ن�سيته �أو ذنب لم التفت اليه‬
‫ولم يخطر ببالي ن�سيته �أنا واح�صيته �أنت وكتبته علي وحفظته‬
‫لأنك العليم الذي ال ين�سى ولأنك ال يخفى عليك خافيه في‬
‫الأر�ض وال في ال�سماء ولأن علمك احاط بكل �شيء فاغفره لي‬
‫وطبع ًا حا�شاه ان يذنب‪.A‬‬

‫تاءاضإ‬
‫(اللهم اغفر يل كل ذنب �أنبته وكل خطيئة �أخط�أتها)‬
‫ليكون قلبي خال�صا لك ونف�سى خال�صة لك وعقلي �سابح ًا‬
‫معك وعملي منقاد ًا اليك ف�إني منك واليك وال حول لي وال قوة‬
‫�إال بك انت مدبري وانت خالقي وانت رازقي وانت الغافر لي‬
‫وانت ملجيء وانت الذي احييتني ثم تميتني وانت بيدك امري‬
‫و�أنت بيد كل �شيء في ال�سموات والأر�ض وفي الدنيا والآخرة‪.‬‬
‫فاجعلني خال�ص ًا لك بالتوبه كما اخل�صت كل �شيء لك‬
‫اجعلني منقاد ًا �إليك كما جعلت ال�سموات والأر�ضين منقاده‬ ‫‪54‬‬
‫اليك اجعلني خا�شع ًا بين يديك لأن الذنوب والخطايا يا رب‬
‫هي التي تمنعني �أن الت�صق بك وانفتح عليك واتوجه اليك‬
‫توجه ًا خال�ص ًا لوجهك لأن الذنب �إذا ظهر في القلب والقلب‬
‫كال�صحفة البي�ضاء ماذا اذنب العبد تظهرفيه نقطة �سوداء‬
‫ف�إذا لم يتب منه وتتكاثر وتتعاظم ويتحول القلب �إلى �صفحة‬
‫�سوداء وهكذا ال زال يذنب كما في الحديث حتى تتكاثر الحجب‬
‫بيني وبينك فاغرق في الغفله وهذا ما قاله تعالى ﭽ ﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ(((‪.‬‬
‫اجعلني تائب ًا منها ليعود قلبي كا�صفحة بي�ضاء لأن هذه‬
‫الذنوب هي التي تمنعني من خ�شيتك وتقواك ومن الإخال�ص‬
‫لك والتوكل عليك واللجوء �إليك‪.‬‬
‫�إذا تبت علي يا رب ي�سهل علي �أمر االنقياد والطاعة لك‬
‫بعد هذه الكلمات التي تتنطلق من القلب لتخترق كل الحجب‪.‬‬
‫فت�صل الى اهلل من ل�سان لم ي�ألف اال الذكر والعبادة والحق‬
‫لأن علي ًا‪ A‬مع الحق والحق معه بعد هذا التو�سل لمغفرة‬
‫�شتى �أنواع الذنوب وهو المع�صوم‪.A‬‬
‫يعود الى طلب �آخر وهو ان يعي�ش قلبه وعقله ول�سانه‬
‫تاءاضإ‬

‫ذكر اهلل عزوجل ما هو الطريق الذي يو�صلني اليك ب�سرعة‬


‫ويجعلني اليك �أقرب‪.‬‬

‫اللهم �أين اتقرب اليك بذكرك وا�ست�شفع بك �إىل نف�سك‬


‫كما اتقرب اليك بال�صالة وال�صوم و�سائر العبادات اتقرب‬
‫اليك بذكرك لأن ذكرك يعي�ش فيه قلبي ويحيى فيه عقلي‬
‫وتهتز فيه م�شاعري وت�ستمر فيه حياتي ذلك الذكر الذي‬
‫‪55‬‬ ‫يتحول الى كل معاني العظمة والجالل والتقدي�س هو الذي‬
‫يجعلني اتقرب منك لأنني اجد في ذكرك يا رب حالوه وطعم ًا‬
‫جمي ًال و�أن�س ًا فريد ًا ال يجعلني ا�ستوح�ش مهما اظلمت الدنيا‬
‫من حولي ومهما ع�شت وحيد ًا مع كثر النا�س فيها مهما تخلى‬
‫عني القريب والبعيد لأن الحق لم يترك لي من �صديق ف�أنت‬

‫((( المطففين‪ ،‬الآية‪.١٤ :‬‬


‫ال�صديق و�أنت الم�ؤن�س‪.‬‬
‫و�أنت الحبيب و�أنت الرب و�أنت الع�شيق فاجعلني يا ربي‬
‫اتقرب اليك واجعل و�سيلتي في التقرب اليك ذكرك فال‬
‫توقف هذا الذكر عن ل�ساني لإنني �أن ن�سيت ذكرك �أخاف �إن‬
‫تن�ساني وان فقدت ذكرك من ل�ساني لربما فقدت رعايتك لي‬
‫في حياتي اللهم �أني اتقرب اليك بذكرك فكن يا رب قريب ًا‬
‫مني و�أرعى م�سيرتي وحياتي لأنك �إن وكلتني �إلى نف�سي هلكت‬
‫وانا يا رب اعي�ش بذكرك فال تفقدني هذا الذكر كما يقول‬
‫ولده زين العابدين‪ A‬في دعاء ال�سحر وبذكرك عا�ش قلبي‬
‫وبمناجاتك بردت �ألم الخوف من نف�سي ما �أروع هذه الكلمات‬
‫وجمالها وحالوة المناجاة التي يهتز لها كل كيان المبتهل‬

‫تاءاضإ‬
‫الى اهلل لأن المناجاة �إذا لم تبلغ هذه الدرجة فال قيمة لها‬
‫ولذا لك جعل الإمام علي‪ A‬و�سيلته للتقرب الى اهلل ذكره‬
‫�سبحانه ملبي ًا نداء اهلل في ذلك حيث قال في كتابه ﭽ ﯽ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ �أو قله ﭽ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧﮨ ﭼ‪.‬‬
‫فذكر اهلل هو مفتاح الهداية والقرب اليه والتو�سل لديه‬
‫ولذلك �أردف هذه الكلمة بطلب اال�ست�شفاع من ذاته جل وعال‬
‫حيث قال (وا�ست�شفع بك �إلى نف�سك)‪.‬‬ ‫‪56‬‬
‫يا رب ان النا�س تعودوا ان يقدموا ال�شفيع والو�سيط لق�ضاء‬
‫حوائجهم عند بع�ضهم ليحققوا بذلك �آمالهم عند هذا او ذاك‬
‫وجعلوا ال�شفيع لدى ال�سلطان �أو الحاكم �أو �صاحب النفوذ هو‬
‫الذي يحقق لهم م�أربهم ولكنني يا رب ال �أجد احد ًا ي�ستحق‬
‫�آن اجعله �شفيعي �إليك �إال ذاتك ومن �أعظم من ذاتك وكنهك‬
‫وجبروتك وجاللك‪.‬‬
‫ف�أنت الذي تقبل دعاء الداعيين وانت تتقبل العا�صين وانت‬
‫تدير �ش�ؤن النا�س �أجمعين و�أنت الذي تق�ضي حوائج المحتاجين‬
‫بل من ي�صل الى �شيء من عظمتك ال �إنه من �أعظم منك حتى‬
‫اقدمه �شفيع ًا �أليك فال اقدم احد ًا �سواك لذلك قدمت ال�شفيع‬
‫�إليك نف�سك فا�شفع لي بكرمك عند نف�سك وا�شفع لي بعظمتك‬
‫عند نف�سك ف�إذا كنت غا�ضب ًا علي فلي�شفع لي كرمك وجودك‬
‫و�أمنك ورحمتك‪.‬‬
‫وهذا ارقى �أنواع ال�شفاعة وارفع درجاتها‬
‫فنحن بني الب�شر نحتاج في معامالتنا �إلى الو�سائط وفي‬
‫تجاراتنا والمنا�صب التي نريد الو�صول �إليها فتقدم الوا�سطة‬
‫وال�شفيع لق�ضائها لكن الأمير وا�سطته و�شفيعه من نوع �آخر‬
‫تاءاضإ‬

‫لأنه ال يرى لغير اهلل تعالى اي وجود �أو قيمه في جنب اهلل‬
‫ولذا كا ن يو�صي ابناء ُه بالتعلق باهلل واللجوء �إليه ال �إلى �أحد‬
‫�سواه والطلب منه وهذه الو�صية مو�صوله لتعليمنا الطريقة‬
‫ال�صحيحة في التعاطي مع اهلل تعالى حيث كتبها لولده الح�سن‬
‫‪ A‬بخا�صرين بلده من نواحي �صفين عند ان�صرافه من‬
‫الحرب قائ ًال‪:‬‬
‫�أعلم يا بني ان الذي بيده خزائن ملكوت الدنيا والآخره قد‬
‫‪57‬‬ ‫�أذن لدعائك وتكفل لإجابتك وامرك �أن ت�س�أله ليعطيك وهو‬
‫رحيم كريم‪ .‬لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ولم يلجئك‬
‫الى من ي�شفع لك �إليه‪.‬‬
‫ولم يمنعك و�أن �أ�س�أت من التوبة ولم يعيرك باالنابة ولم‬
‫يعاملك بالنقمة �إلى �أن قال‪ A‬وفتح لك باب المتاب‬
‫واال�ستعتاب فمتى �شئت �سمع نداك‪.‬‬
‫ونجواك فاف�ضيت �إليه بحاجتك و�شكوت اليه همومك‬
‫وا�ستعنته على �أمورك ثم جعل في يدك مفاتيح خزائنه بما‬
‫�أذن فيه من م�س�ألته فمتى �شئت ا�ستفتحت بالدعاء‪ ،‬و�أبواب‬
‫خزائنه ف�ألح الطلب‪...‬‬
‫خاطب ربك ك�أنك تخاطب �أي �أحد لكن ينبغي �أن يكون‬
‫خطاب الداني الىالعالي اطلب حاجتك من اهلل اجعل و�سيلتك‬
‫اهلل و�شفيعك اهلل �سبحانه لأن كل �شفيع يوم القيامه �صامت �إال‬
‫�أن ي�أذن له اهلل قال تعالى ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﭼ‬
‫ومن هو هذا الذي ي�ستطيع �أن ي�شفع يوم القيامه لأي �أحد‬
‫�إذا لم ي�أذن له اهلل ال تنفع عند اهلل ال�شفاعه �إال من �إذن له‬
‫الرحمن وقال �صوابا لي�س اي احد يمكن ان يكون �شفيع ًا يوم‬
‫القيامه البد ان ير�ضى به اهلل في�شفعه اهلل تعالى �أيها الأحبة‬

‫تاءاضإ‬
‫�أن من ديننا ال�شفاعة ونحن ن�ؤمن بها لكن ما هي ال�شفاعة هل‬
‫ال�شفاعة هي ان ي�أتي ال�شفيع يوم القيامه لمجرد انك تنت�سب‬
‫اليه �أو تقدم له النذور او تقيم له المجال�س او تزوره في قبره‬
‫�أو غير ذلك مما يعتقده ويفعله اكثر الم�سلمين بكل طوائفهم‪.‬‬
‫في�شفع لك عند اهلل وبدخلك الجنة �إننا ن�صور بهذه الطريقة‬
‫ر�سول اهلل‪D‬وعلى الح�سن والح�سين و�أهل البيت �صلوات اهلل‬
‫عليهم �أو كما يت�صور اخواننا م�شايخ �صوفيه وبع�ض ال�صحابة‬
‫كما نت�صور الحكام والزعماء نحقق عندهم الحاجة وال�شفاعة‬ ‫‪58‬‬
‫لمجرد الإنت�ساب �إليهم ايها العزيز ال�صحيح من ديننا في‬
‫�أمر ال�شفاعة ان علي ًا ور�سول اهلل‪D‬ال يمكن ان ي�شفعوا �إال‬
‫�إذا �أذن لهم اهلل �سبحانه واهلل قد اذن لهم اظهار ًا لكرامتهم‬
‫ورتبتهم يوم القيامة‪.‬‬
‫قد تقول �إذا كانوا ال يملكون ال�شفاعة ا�ستقالال بحيث‬
‫يدخلون الى الجنة من ي�شا�ؤن فما فائدة هذه ال�شفاعة‪.‬‬
‫�أقول‪ :‬فائدة ال�شفاعة كما قلنا اظهار كرامة ه�ؤالء ال�شفعاء‬
‫امام الخلق وتبيان مراتبهم ومنزلتهم عند اهلل لأن النا�س في‬
‫الدنيا ا�ستهز�ؤا بهم ولم يت�سمعوا �إليهم فاهلل تعالى يريهم من‬
‫كانوا بهم ي�ستهز�ؤون قال تعالى ﭽ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭼ ي�س‪ ٣٠ :‬وال�شفاعة هي ت�سير في خط‬
‫ر�سمه اهلل تعالى وهذا معنى }وال ي�شفعون �إال ب�إذنه{ فاهلل‬
‫�سبحانه و�ضع �ضوابط من ال ي�ستحق دخول الجنة لأن عليه‬
‫بع�ض ًا من الذنوب ولكنه في نف�س الوقت ال يريد �أدخاله النار‬
‫في�أمر من ي�شاء من ا لأنبياء والأولياء والعلماء وال�شهداء‬
‫والخل�ص من الم�ؤمنين �أن ي�شفعوا لذلك قال �سبحانه وال ﭽ ﭹ‬
‫تاءاضإ‬

‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭼ((( ‪.‬‬
‫ولي�س معنى ال�شفاعة كما يقول بع�ض �أهل ال�سنة �إن الإيمان‬
‫بها يوجب التراخي في ترك الواجبات اعتماد ًا عليها بل تكون‬
‫حافز ًا ودافع ًا للقيام بالواجبات وطلب ال�شفاعة من اهلل لأنه ال‬
‫يدري حاله �إلى ما ي�ؤول �إليه‪.‬‬
‫وال كما ذهب الواهبية �إلى �أن ال�شفاعة محرمه اعتماد ًا على‬
‫بع�ض الآيات }لي�س لهم اليوم من �شفيع مطاع{ وغيرها ‪-‬‬
‫‪59‬‬ ‫ف�إن هذه النظرة �ضيقه جد ًا �إذ ال بد من مالحظة تمام الآيات‬
‫فتدبر‪.‬‬
‫فاهلل تعالى هو الذي يجعلهم �شفعاء لديه ليظهر مرتبتهم‬
‫للخلق و�إال �أن ي�صبح علي‪ A‬و�أهل البيت ج�سر عبور‬
‫للظالمين والمذنبين ولتاركي ال�صالة وال�صيام ولمدمني‬

‫((( الأنبياء‪ ،‬الآية‪٢٨ :‬‬


‫الخمور والزنا والعياذ باهلل فهذا من التمني الذي نهانا اهلل‬
‫عنه‪.‬‬
‫ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭼ ((((�أي ال تتمنوا �أيها الم�ؤمنو بالإ�سالم النجاة لمجرد‬
‫ال�شهادة هلل بالوحدانية والإيمان من دون عمل كما تمنى �أهل‬
‫الكتاب من اليهود والن�صارى من يعمل �سوء ًا يجزي به هذا‬
‫هو الخط الذي يجب اتباعه ال كما يعتقد بع�ض النا�س كما في‬
‫ال�شعر‪:‬‬
‫�سودت �صحيفه اعمالي ووكلت الأمر �إلى حيدر‬
‫هو كهفى من نوب الدنيا و�شفيعي في يوم المح�شر‬ ‫ ‬
‫فهل هكذا تكون ال�شفاعة‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫هل هذا هو الدين لقد بتنا ن�ستعمل النبي و�أهل بيته �صلوات‬
‫اهلل عليهم كما ا�ستعمل الن�صارى نبيهم وق�سي�سيهم ورهبانهم‬
‫�أي يفعل كل الأعمال ال�سيئة ثم يذهب �إلى ابونا فيعترف ليغفر‬
‫له ويعطيه البركه‪.‬‬
‫هل هذا هو الدين؟ علي‪ A‬اعظم من �أن يكون مطيه‬
‫للكاذبين والمجرمين وتاركي ال�صالة وما �إلى ذلك مما ال‬
‫يدخل تحت قانون ال�شفاعة‪.‬‬
‫فقد ورد في الحديث ال تنال �شفاعتي م�ستخف ًا بال�صالة‬ ‫‪60‬‬
‫فكيف بتاركها وهكذا لما دنت الوفاء من الإمام ال�صادق‪A‬‬
‫جمع �أهل بيته و�أو�صاهم بو�صية �آبائه‪ A‬عند وفاتهم ال‬
‫تنال �شفاعتنا تارك ال�صالة‪.‬‬
‫علي‪ A‬يريد لمن ي�شفع لهم �أن يكونوا م�ؤمنين ورعين‬

‫((( الن�ساء‪ ،‬الآية‪.١٢٣ :‬‬


‫�أتقياء و�إذا بقي عليهم �شيء ي�شفع لهم ب�إذن اهلل لأن اهلل يطلب‬
‫منه ذلك و�إذا كانوا من الأولياء هم يتحولوا �إلى �شفعاء كما في‬
‫الروايات‪.‬‬
‫وهذا مثل معنى التو�سل فالبع�ض ينكر علينا كذب ًا اننا ال‬
‫نقول بالتو�سل بالنبي و�أهل بيته ‪ A‬هذا افتراء مح�ض‪.‬‬
‫فالتو�سل من ديننا ولكن م�شكلتنا معكم كيف نتو�سل �أنتم‬
‫تتو�سلون ب�أهل البيت بالطلب منهم مبا�شرة ونحن نتو�سل الى‬
‫اهلل بهم كما هم امرونا ان نتو�سل ال كما كتبه بع�ض الكتاب‬
‫من �أدعية زور ًا ن�سبت �إلى �أهل البيت وامرنا بها‪.‬‬
‫�أي الم�س�ألة بينها خط رفيع ولكن فيه م�شكله كبيره فبدل �أن‬
‫تقول مثال يا فاطمة اغيثيني يا علي ا�شفع لي يا محمد اق�ضي‬
‫تاءاضإ‬

‫حاجتي قل يا اهلل �أغثني بفاطمة واجعل علي ًا �شفيعي واق�ضي‬


‫حاجتي يا اهلل بمحمد(�ص)‪.‬‬
‫ولنقدم نموذج ًا عن كيفية التو�سل التي وردت عنهم �صلوات‬
‫اهلل عليهم ولنرى هل نلتزم بما يقولون �أم اننا انا�س مبتدعون؟‬
‫يقول علي‪ A‬اف�ضل ما يتو�سل به المتو�سلون ‪� -‬أي اف�ضل‬
‫طريق ي�سلكه الإن�سان الى اهلل اف�ضل ما يتو�سل به المتو�سلون‬
‫الإيمان باهلل ور�سوله والجهاد ف�إنه نمره الإ�سالم‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫وكلمة الإخال�ص لأنها الفطرة التي فطر ا لنا�س عليها ثم يعد‬
‫‪ A‬ال�صالة وال�صوم وبع�ض الفروع ‪ ،‬هذا معنىﭽﮯ‬
‫(((‬
‫ﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙﯚ ﭼ‬
‫الو�سيلة الطريق المو�صل �إليه ومما عدده الأمير‪ A‬هي‬
‫من الو�سائل والتو�سل بها اليه‪.‬‬

‫((( المائدة‪ ،‬الآية‪.٣٥ :‬‬


‫فخالف الأدب مع اهلل وخالف الأدب مع �أولياء اهلل عندما‬
‫نطلب �إليهم ال بهم وعندما نلجاء �إليهم ال �إلى ا هلل بهم وعندما‬
‫نرجو ال�شفاعة منهم كما في دعاء التو�سل والحاجة منهم ال �أن‬
‫نطلبها من اهلل بهم‪.‬‬
‫�أن �أ�ؤلياء اهلل ي�شكون �إلى اهلل يوم القيامة اللجوء �إليهم‬
‫بهذه الطريقة والدليل عليه ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ(((‪.‬‬
‫�أنا يا رب ما دعوت �إال �إلى توحيدك والطلب اليك و�أمي‬
‫كذلك ولكنهم حولونا �إلى �آلهه ون�سبوا الينا قدرات ت�شبه‬

‫تاءاضإ‬
‫قدراتك �سبحانك‪.‬‬
‫�إننا �أيها الأحبة حولنا كبر�أنا و�ساداتنا و�أوليائنا حتى‬
‫بع�ض الن�ساء ال�صالحات الى �أداة للعبادة و�إداة للتجارة �أل�سنا‬
‫نتهافت على �سبحه ملونه �سماها التاجر ب�سبحة �أم البنين �ألم‬
‫ن�صل �إلى درجة نقول في دعائنا يا �أم البنين ا�شفعي ويا زينب‬
‫اعطني ما الفرق �إذا مع من يقول من الن�صار ى يامريم ا�شفعي‬
‫ويا عي�سى �أغثني ولماذا تنكرون على الن�صارى عبادتهم �إذا‬
‫فهل بهذا جاء محمد وعلي والح�سن والح�سين وفاطمة و�أهل‬ ‫‪62‬‬
‫البيت �صالت اهلل عليهم اجمعين‪.‬‬
‫�ألي�س الطلب من الزهراء‪ A‬كالطالب من مريم عند‬
‫الن�صارى مع مكانه فاطمة المع�صومة‪ A‬الطاهرة‬
‫المطهرة‪� A‬ألي�س الطلب من �شيخ الطريقة ال�صوفي عند‬

‫((( المائدة‪ ،‬الآية‪١١٦ :‬‬


‫ال�سنة والطلب من نف�س الإمام ‪ A‬كالطالب من عي�سى‬
‫‪ A‬مع مكانة �أهل البيت‪ A‬التي رتبهم اهلل فيها �إال �أنه‬
‫ال يملكون لأ نف�سهم نفع ًا وال �ضر ًا �إال ما �شاء اهلل ‪.‬‬
‫�أيها الأحبة ال بد لنا ان نفكر بعقل عقل اال�سالم عقل‬
‫التوحيد وااليمان عقل محمد وعلي ال بعاطفتنا التي تقودنا‬
‫الى الت�أليه من حيث ن�شعر �أو ال ن�شعر‪.‬‬
‫تحت عناوين اخترعناها وابتدعناها ك�أختراع حديث ال‬
‫وجود له قولوا فينا ما �شئتم ونزهونا عن الربوبية‪� ،‬أو ًال هذا‬
‫الحديث ينافي اخالق الأئمة وتوا�ضعهم ونهيهم لمن يمتدحهم‬
‫فهذا علي قال‪ A‬لما مدحه �صاحبه قال �أراني اعلم بنف�سي‬
‫منك واهلل اعلم مني بنف�سي اللهم اغفر لي ما ال يعلمون‬
‫تاءاضإ‬

‫واجعلني اح�سن مما يظنون‪.‬‬


‫فهل من ي�أمر با�سكات المادحين ي�أمر النا�س ب�أن يمدحهم‬
‫وثاني ًا تحت هذا العنوان جعلناهم رازقون مثل الآله وتنزل‬
‫الأرزاق الى بيوتهم ثم تفي�ض على الخلق فهم و�سطاء اهلل بينه‬
‫وبين خلقه‪.‬‬
‫ويحيون مثل االلهه ومن ثم قلنا ب�إذن اهلل لنخرج من ال�شرك‬
‫وغيرنا طبع ًا لي�س �أف�ضل منا حا ًال في ت�شويه الإ�سالم والدين‬
‫‪63‬‬ ‫ثم قلنا انهم هم لي�سوا اهلل فهل هذا ما امروا به فع ًال؟؟‬
‫التو�سل �إيها الأحبة من ديننا لكن �أن نطلب من اهلل بهم ال‬
‫�أن نطلب منهم فهذا زين العابدين في دعاء الخمي�س يقول‬
‫ف�أجعل تو�سلي به �شافع ًا اي يا رب اجعل تو�سلي بمحمد �شافع ًا‬
‫يوم القيامة نافع ًا ولم يقل يا محمد وكذا دعاء الأربعاء يطلب‬
‫من اهلل �صحبته وكذا في كل �أدعية ال�صحيفة فنر�آه مث ًال في‬
‫دعاء مكارم الأخالق يقول‪ :‬اللهم �صلى على محمد و�آله وال‬
‫ترفعن في النا�س‪ ...‬اللهم �صلى على محمد و�آله و�أفعل كذا‬
‫وكذا‪.‬‬
‫ما قال يا علي يا محمد اعطوني �أو اغيثوني �أو ارزقوني‬
‫فهل ن�سلك طريق الأئمة كما نزعم �أم طريق بع�ض ال�شيخيه‬
‫والمغالين والبابيه �أو من �سبقهم‪ :‬وما بين يديك من دعاء‬
‫كميل �أول دليل على �صفاء التوحيد والتو�سل لقد علمونا �أن‬
‫نتو�سل �إلى اهلل بهم ال �أن نتو�سل �إليهم وعلمونا �أنهم عباد هلل‬
‫طائعين منيبين ال يع�صون اهلل ما �أمرهم وعلمونا �أنهم بحاجة‬
‫�إلى اهلل في كل �شي و�أنهم ال يملكون لأنف�سهم نفع ًا وال �ضر ًا‬
‫وموت ًا وال حياة وال ن�شور فهذا ما جاء في �أحاديثهم و�أدعيتهم‬
‫فلماذا نتم�سك ب�أدعية مخترعة كتبها ا�صحابها ونترك �أدعية‬

‫تاءاضإ‬
‫�أهل البيت ‪A‬؟ خ�صو�ص ًا ال�صحيفة ال�سجاندية ونهتم‬
‫بدعاء التو�سل ودعاء الفرج والتوبة وغيرهم ون�ضرب بع�ضها‬
‫وقت ًا خا�ص ًا امعان ًا في االفتراء على موروثنا ال�صحيح فياعجبي‬
‫لهذه االمم كيف تحافظ على مكذوب وتدع �صحيحا موروث‪.‬‬
‫علمونا �أنهم بحاجة �إلى رعاية اهلل في كل �شيء في حياتهم‬
‫واخرتهم وانفا�سهم وحاجاتهم و�أمرا�ضهم و�شفائهم ك�سائر‬
‫الخلق وعلمونا �أنهم يعي�شون بكرم اهلل ورحمته ك�سائر الخلق‬
‫و�أن كانوا هم �سادات الخلق وفي �أعلى الرتب من خالل‬ ‫‪64‬‬
‫اخال�صهم وتقواهم هلل عز وجل‪ .‬فالإ�شكال على بع�ض الأدعية‬
‫ومنها التو�سل انك توجه الخطاب �إليه وهم علمونا �أن نتوجه‬
‫�إلى اهلل �سبحانه ون�ستطيع ان نقدمهم �أمام دعائنا كما م ّر من‬
‫روايات ا لبدء بال�صالة على محمد(�ص)‪.‬‬
‫ولذا انظروا الى هذا التو�سل في روعته اللهم اني اتقرب‬
‫اليك بذكرك وا�ست�شفع بك �إلى نف�سك ف�أنت الهي ومدبري‬
‫وخالقي ورازقي ومنك كل �شيء وهلل يعود كل �شيء �أنت يا �إلهي‬
‫لم تحجني �إلى �شيء حتى لو ع�صيتك ترزقني وتعطيني وتحلم‬
‫عني خيرك الينا نازل و�شرنا �إليك �صاعد‪.‬‬

‫(و�أ�سالك بجودك وكرمك �أن تدنينى من قربك)‬


‫انظروا الى التو�سل الى اهلل ب�صفاته التي هي عين ذاته يا‬
‫رب �أنا ا�ست�شفع بهذا الجود و�أ�س�ألك بهذا الجود الذي ظهر في‬
‫كل �آالئك ونعمك �أ�سالك بهذا الجود �أن تدنينى من قربك �أنا‬
‫يا رب تقربت اليك بذكرك فا�س�ألك �أن تقربني منك �أنا يا رب‬
‫المذنب الذي ال ي�ستحق عطفك وحنانك وال عفوك والنظر الي‬
‫لأنني تعديت حدودك وتجر�أت على جاللك ع�شت حيات ًا مليئ ًة‬
‫تاءاضإ‬

‫بالمعا�صي ولكن جودك يا رب يقبلني وكرمك يقربني لأنك‬


‫تتجاوز عن الذنب العظيم ولأنك الرب الحليم الذي يعفو عني‬
‫حتى ك�أنه ال ذنب لي فال حدود لحلمك وكرمك‪.‬‬

‫(وان توزعني �شكرك)‬


‫بعد �أن تقبلني يا رب ال بد ان تلهمني وتوفقني لأن ا�شكرك‬
‫على هذا القبول و�أنا عندما ذكرتك فبتوفيق منك وعندما‬
‫‪65‬‬ ‫عبدتك فبتوفيقك وحتى عندما ا�شكرك بتوفيقك حتى كلما‬
‫�شكرت يحتاج �شكري الى �شكر لأن ذلك كله بتوفيق منك يا‬
‫رب‪.‬‬
‫فلوال انك وفقتني لذكرك ما ذكرتك ولوال �أنني فهمت ما‬
‫�أنت عليه من التوحيد والطلب اليك ما ا�ست�شفعت اليك ولوال‬
‫�أنك جواد كريم ما قربتني �إليك وال �أدنيتني منك �أال ت�ستحق‬
‫يا رب علي ذلك ال�شكر فوفقني لأ�شكرك يا رب وكل ما قلت‬
‫لك الحمد وجب علي �أن احمدك على توفيقك لحمدي لك هذه‬
‫روائع االبتهال واالنقطاع والتبتل �إلى اهلل �أيها الأحبة‪ .‬و�أين‬
‫نحن من هذا الإبتهال والمعاني الأ�صيلة التي تعبر عن حقيقة‬
‫الإيمان وروعة التوحيد والإ�سالم‪.‬‬
‫�أنا اعجب من يقر�أ دعاء كميل كيف يلجاء الى قراة �أدعية‬
‫مخترعة وال عجب لأننا لم نفقه المعاني الجليلة التي ارادها‬
‫علي‪.A‬‬
‫كيف يقراء الإن�سان دعاء الأمير ثم ينطلق بكلمات يطلب‬
‫فيها من المخلوقين حوائجه‪.‬‬
‫لكن الم�شكلة فيمن يعلم النا�س الدين �أو ي�أخذ عقيدته من‬
‫النا�س بحيث يفر�ضون على بع�ض العلماء ثقافتهم و�أعما ًال‬

‫تاءاضإ‬
‫يمار�سونها في المنا�سبات وتجد ق�سم ًا من المعمين يتما�شى‬
‫معهم وي�شاركهم ثم يمدحهم ويعظم كما يعظهم بع�ض الرواديد‬
‫بحيث ا�صبحنا ن�أخذ منهم فتاوى في التطبير وغيرها و من لم‬
‫يقل بمثل ماذهبوا �إليه هو في �صقر يطلقون الأحكام ويدخلون‬
‫من معهم �إلى الجنان ومن �ضدهم الى النيران ك�أنهم وكالء‬
‫اهلل على الأر�ض‪.‬‬

‫(وان تلهمني ذكرك)‬ ‫‪66‬‬


‫يا ربي �أنا ب�شر وعندما ا�ستغرق في امور الحياة ربما‬
‫في‬
‫ين�سيني ذلك �أن �أذكرك فمرة �أخرى �أرجو منك �أن تدب ّ‬
‫الهام ًا عند ن�سيانك الذكرك يا رب ذكر المنفتح عليك ذكر‬
‫الذي ال ين�ساك ذكر الذي يتدبر الذكر ويعي�ش معناه الذكر‬
‫الغافل النا�سي الملقلق بل�سانه الذكر الذي ي�ؤن�سني ويحرك‬
‫كل حياتي وم�شاعري نحوك فين�سي �آالم الدنيا وم�صاعبها‬
‫وبالئها وهمومها وهذا المعنى تجلى في فاطمة‪ A‬عندما‬
‫طلبت خادم ًا من �أبيها فعلمها ت�سبيح عند خلودها الى النوم‬
‫والمعروف بت�سبيح الزهراء‪ A‬فكيف يغنى الت�سبيح عن‬
‫الخادم تغني �إذا تحول الذكر الى ان�س والأن�س الى راحة ين�سى‬
‫كل المتاعب والآالم عند ذكر اهلل عز وجل‪.‬‬

‫(اللهم �أين �أ�س�ألك �س�ؤال خا�ضع متذلل خا�شع ان ت�ساحمني‬


‫وترحمني)‬
‫يا رب لي�س لي حيلة �إال ال�س�ؤال والطلب منك �س�ؤال الخا�ضع‬
‫ل�سلطانك هذا تعبير عما يكنه ال�صدر في العالقة المميزة‬
‫مع اهلل �سبحانه لهذا الأمام العظيم الذي كان ابتهاله ابتها ًال‬
‫تاءاضإ‬

‫حقيقي ًا وخ�شوع ًا �صادق ًا خا�ضع ًا لتدبير اهلل ولعظمة اهلل فالذي‬


‫ال يرى لنف�سه �أي تدبير �أو حول �أو قوة ال بد �أن يخ�ضع لتدبير‬
‫اهلل �سبحانه �إذ ال يمكن لإن�سان ان يت�صرف اي ت�صرف خارج‬
‫نطاق حدود اهلل وهو يعلن خ�ضوعه له ومعنى الخ�ضوع هو‬
‫الت�سليم المطلق وهذا معنى الإ�سالم اي�ض ًا عندما تقول ا�سلمت‬
‫وجهي هلل رب العالمين �أي ا�سلمت له كل �أموري بالمطلق ف�أنا‬
‫منقاد �إليه خا�ضع له في تدبيره وقوانيه وت�شريعاته وبعد هذا‬
‫‪67‬‬ ‫الخ�ضوع والإقرار به �أ�سالك يا رب �س�ؤال الخا�ضع المتذلل‬
‫�أمام عزك وجبروتك �إذ العزة والجبروت لك وحدك ومن طلب‬
‫العزه بغيرك ذل فقد ورد في دعاء زين العابدينن‪ A‬فكم‬
‫يا �إلهي قد ر�أيت من �أنا�س طلبوا العزة بغيرك فذلوا وراموا‬
‫الثرروة من �سواك فافتقروا ف�صح بمعانيه امثالهم حازم وفقه‬
‫اعتباره‪...‬‬
‫وكل هذا الإقرار لك يا �إلهي بالخ�ضوع والتذلل مرفق‬
‫بالخ�شوع ال�صادق في قلبي وعقلي وجوارحي فذكرك يا اهلل‬
‫عندما يطرق �سمعي يجعلني في حالة تذلل وخ�شوع لأن الم�ؤمن‬
‫�إذا �سمع ذكر اهلل و�صل قلبه وخ�شع ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫﭬﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲ ﭳﭴ ﭵﭶ‬
‫ﭷﭼ (((‪ ،‬وكل هذا يزيده ارتباط ًا بربه وتوك ًال عليه ا�س�ألك‬
‫يا رب �أن ت�سامحني وتعفو عن ذنبي وتجر�ؤ عليك لأنك الرب‬
‫الرحيم الغفور ولأنك الرب الذي يقبل التوبة عن عبادة ويحب‬
‫التوابين وترحمني لأن رحمتك يا رب و�سعت كل �شيء و�شملت‬
‫كل �شيء فارجو منك ان ت�شملني وت�سعى‪.‬‬

‫(وجتعلني بق�سمك را�ضيا ً قانعا ً)‬

‫تاءاضإ‬
‫بعد ان ت�سامحني وتدخلني في رحمتك مع الداخلين لي‬
‫عم ْر حددته بم�شيئتك �أعي�شه في الدنيا و�أنا الفقير اليك‬
‫والمحتاج لرزقك الذي تق�سمه لعبادك فاجعلني يا رب را�ضي ًا‬
‫بما ق�سمت لي قانع ًا بما فر�ضت لي لأنني �أن لم �أ�صل �إلى‬
‫حالة القناعة ف�س�أعتر�ض عليك كما نرى ذلك عند كثير من‬
‫الجاهلين المتجرئين على اهلل �سبحانه لماذا تعطى فالن وال‬
‫تعطيني وترزق فالن ذكور ًا و�أنا �أناث وغير ذلك من النعم‪.‬‬
‫ف�إذا تجر�أت عليك لن �أكون مح ًال لر�ضوانك ورحمتك‬ ‫‪68‬‬
‫�أما �إذا ع�شت القناعه ع�شت الراحة في نف�سي و�سعادتي في‬
‫�آخرتي‪.‬‬
‫لأن طبع الإن�سان الذي يعي�ش الطمع فال يملأ عينيه �إال‬
‫التراب �أما �أنا يا رب �أريدك �أن ت�ساعدني لأ�صل الى القناعة‬

‫((( الأنفال‪ ،‬الآية‪. ٢ :‬‬


‫بما ق�سمت لي لكي ا�سعد في حياتي وال اتجراء عليك وال انظر‬
‫الى من هم فوقي في المقدرة ف�أ�سلك �سبل الحرام لأ�صل �إلى‬
‫المال والثروة والجاه والمنا�صب وما �إلى ذلك �أما �إذا كنت‬
‫قنوع ًا ف�إن تفكيري يتغير ما حاجتي للمال والثروة وهل ا�ستفيد‬
‫منه غير حاجتي في م�أكل وملب�س ما حاجتي للجاه وهل‬
‫يو�صلني �إال الى المزالق وظلم النا�س القناعة يا احبتي هي‬
‫م�صدر �سعادة الإن�سان فا�سعوا اليها واطلبوها من اهلل تعالى‪.‬‬
‫و�إذا �أقبلت عليكم الدنيا بمنا�صبها ومراكزها فا�ستعملوها في‬
‫طاعة اهلل عزوجل‪.‬‬

‫ويف جميع الأحوال متوا�ضعا ً‬


‫تاءاضإ‬

‫يا رب كل ما منحتني من النعم اجعلني فيها متوا�ضع ًا حتى ال‬


‫ا�ستكبر لأن المال والجاه والأوالد قد تخرج االن�سان عن التوازن‬
‫في العالقة مع اهلل ومع النا�س من حوله ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ ((( وهكذا �إن ح�صلت على العلم فال ا�ستكبر‬
‫على الجهالء ف�إن لم اتوا�ضع و�أنا الم�س�ؤول �أو �صاحب ال�سلطة‬
‫�أو الجاه ف�س�أظلم النا�س في حقوقهم و�أحوالهم و�أنف�سهم و�إن‬
‫لم اتوا�ضع وقد اعطيني القوة والجمال فا�ستخدم جمالي في‬
‫‪69‬‬ ‫الحرام عندما ت�ستهويني الن�ساء و�س�أ�ستخدم قوتي في ظلم‬
‫ال�ضعفاء‪ .‬واال�ستكبار لي�س من �صفه الم�ؤمن بل هي �صفة‬
‫�إبلي�س ومن تبعه �إذ قال له تعالى ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﭼ((( ‪ ،‬فتع�صب لأ�صله واخذته الحمية ف�أرداه اهلل �إذ جعل‬
‫((( العلق‪ ،‬الآيتان‪.٧ - ٦ :‬‬
‫((( �ص‪ ،‬الآيتان‪.٧٦ - ٧٥ :‬‬
‫خلقه من النار �أعظم ممن خلقه من تراب ‪ -‬فا�ستكبر قال‬
‫ﭽﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ((( ‪.‬‬
‫فقد �شملته لعنه ابديه لإ�ستكبار �ساعة بعد �أن عبد اهلل‬
‫طوي ًال كما قال الأمير‪ A‬في نهج البالغة ف�إحبط اهلل‬
‫عمله لإ�ستكبار �ساعة واهلل تعالى يعامل �أهل الآخرة كما يعامل‬
‫�أهل الدنيا‪.‬‬
‫قال‪ A‬اعتر�ضته الحمية فافتخر على �آدم بخلقه‬
‫وتع�صب عليه لأ�صله فعدو اهلل �أمام المتع�صبين و�سلف‬
‫الم�ستكبرين الذي و�ضع ا�سا�س الع�صبية ونازع اهلل رداء‬

‫تاءاضإ‬
‫الجبريه ‪� ...‬أال ترون كيف �صغره اهلل بتكبره وو�ضعه بترفعه‬
‫فجعله في الدنيا مذموم ًا مدحورا واعد له في الآخرة �سعير ًا‬
‫�إلى �أن يقول‪ :‬فاعتبروا بما كان من فعل ابلي�س �إذا احبط عمله‬
‫الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد اهلل �ستة الآف �سنة ال‬
‫يدرى �أمن �سنى الدنيا �أمن من �سني الآخرة عن كبر �ساعة‬
‫واحدة فمن ذا بعد �أبلي�س ي�سلم على اهلل بمثل مع�صية كال ما‬
‫كان اهلل ليدخل الجنة ب�شر ًا ب�أمر �إخرج به منها ملك ًا �أن حكمة‬
‫في �أهل ال�سماء و�أهل الأر�ض لواحد وما بين اهلل وبين �أحد من‬
‫خلقه هواده في �إباحة حرمه‪...‬‬ ‫‪70‬‬
‫فاحذروا عباد اهلل �أن يعديكم بدائه‪...‬؟‬
‫�أيها الأحبة كالم الأمير‪ A‬يدخل الخوف الى القلوب‬
‫والرعب الى النفو�س لإننا نرى كيف يتكبر العالم بعلمه وذا‬
‫المال بماله والقوى بقوته والزعيم بجبروته حتى الن�ساء‬
‫((( الحجر‪ ،‬الآيات ‪.٣٦ - ٣٤‬‬
‫عندنا تفتخر �إذا كان عندها خادمة او �سيارة فخمة على من‬
‫هن دونها م�ساكين نحن �إيها الأحبة تنتفخ الدنى �شيء نح�صل‬
‫عليه فهال اتعظنا وتوا�ضعنا‪.‬‬
‫وفي الحديث التكبر رداء اهلل ومن نازع اهلل رد�أه جعله اهلل‬
‫كالذر يط�أه النا�س ب�أقدامهم يوم القيامه‪.‬‬
‫فلذا ا�ست�شعر �أيها العزيز عظمة اهلل وجبروته عندما تهوى‬
‫نف�سك اال�ستعلأ لأن المتكبر ال يتكبر �إال لذله في نف�سه وحر�ص‬
‫في قلبه ي�سده بالتكبر ي�شعر بهذه الذلة في ذاته �أمام ما �أعطى‬
‫اهلل غيره من جمال �أو مال �أو قوة �أوجاه �أو غير ذلك فيتكبر‬
‫ولذا على الم�ؤمن �أن يكون في كل حاالته في الفقر والغنى في‬
‫القوة وال�ضعف في المر�ض �أو ال�صحة‪...‬‬
‫تاءاضإ‬

‫متوا�ضع ًا كما كان امير الم�ؤمنين‪ A‬وهو ما هو عليه من‬


‫مكانة عالية ودرجة رفيعة هو �أف�ضل الخلق بعد ر�سول اهلل‪D‬‬
‫الذي مدحه القر�آن ب�آيات عدة في المباهلة التي جعلته نف�س‬
‫ر�سول اهلل‪D‬الى �أية التطهير والقربى واية ال�شراء والت�صدق‬
‫وغيرها وهو زوج ابنته التي لو لم يكن علي لم يكن للزهراء‬
‫كفوء وهو و�صيه وخليفته الحاكم والقا�ضي والإمام والرئي�س‬
‫ومع ذلك هو �أ�شد النا�س عد ًال وتوا�ضع ًا و�أخالق ًا وزهد ًا وغير‬
‫‪71‬‬ ‫ذلك من �صفات الكمال الإن�ساني وهو الإمام المع�صوم وابو‬
‫ال�سبطين �سيدي �شباب �أهل الجنة وهو الذي �ضربته يوم‬
‫الخندق تعدل عبادة الثقلين وهو �صاحب الراية الذي يحبه‬
‫اهلل ور�سوله ويحب اهلل ور�سوله كرار غير فرار وهو من ر�سول‬
‫اهلل بمنزلة هارون من مو�سى وهو مع الحق والحق مع علي‬
‫يدور معه كيفما دار وهو ما هو عليه �أ�شد النا�س توا�ضع ًا هلل‬
‫عز وجل‪� .‬أعطاه اهلل كل هذه المنزلة فحمد اهلل و�شكره وازداد‬
‫توا�ضع ًا هلل‪ :‬دلوني من هو مثل علي‪� A‬صاحب �سلطان وعلم‬
‫وقوة وما �إلى ذلك ثم ال يت�سكبر بع�ض النا�س ي�ستكبر �إذا �صلى‬
‫الليل �أو كفل يتيم �أو بنى م�سجد �أو فعل خير ًا مما انفقه من‬
‫مال اهلل وبتوفيقه‪ ،‬فال بد �أن يكون هذا العمل ال�صالح رحمه‬
‫فال تحولوه نقمة بالتكبر وعدم التوا�ضع ليكون �أمامكم ابلي�س‬
‫ولي�س الأمير فمن يتع�صب للعائلة �أو للمال والجاه�أو للحزب‬
‫والقوم �أو للزعيم والقائد والمرجع �أو غير ذلك ف�إمامه ابلي�س‬
‫فيوم القيامة يدعوهم اهلل بامامهم ابلي�س ولي�س الإمام ﭽﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦﭼ(((‪ ،‬ولذا اجعلني يا رب في كل الأحوال‬
‫متوا�ضع ًا فقد كان ‪ A‬كما قال �أال و�أن �إمامكم قد اكتفى‬
‫من دنياه بطمرية ومن �أخرته بقر�صيه �أال و�أنكم ال تقدرون‬

‫تاءاضإ‬
‫على ذلك ولكن اعينوني بورع و�إجتهاد وعفه و�سداد ورع عن‬
‫محارم اهلل واجتهادي في طاعته وعفه في الفرج والبطن‬
‫عن الحرام و�سداد في الر�أي الذي فيه هلل ر�ضا وقال‪A‬‬
‫ولو �شئت الهتديت �إلى م�صفى هذا الع�سل ولباب هذا القمح‬
‫ون�سائح هذا القز ولكن هيهات �أن يقودني ج�شعي ج�شع المال‬
‫واللبا�س والطعام والملك وال�سلطة والقيادة والرفعة ‪ -‬ولعل في‬
‫الحجاز �أو اليمامه من ال عهد له بال�شبع وال طمع له في القر�ص‬
‫فهو‪ A‬يدعو اهلل ويطلب منه التوا�ضع الذي كر�سه عم ًال‬ ‫‪72‬‬
‫في واقعه لذا كان المتوا�ضع وهو الحاكم الذي ي�شتري لخادمه‬
‫قنبر ونف�سه ثوب ًا بقيمة واحدة ي�ساوي نف�سه بالخادم في�س�أله‬
‫قنبر عن ذلك فيقول ال بد �أن ا�ساوي نف�سي ب�ضعفه النا�س‬
‫�أما انت �شاب اين هم �أئمة الم�سلمين في لبا�سهم وتوا�ضعهم‬

‫((( الإ�سراء‪ ،‬الآية‪. ٧١ :‬‬


‫ولفتتهم الى ال�شباب و�صرف مال اهلل الذي كد�سوه في خزائن‬
‫البنوك لأوالدهم وحوا�شيهم لماذا ال يزوجون به ال�شباب‬
‫ليمنعوا ماده الف�ساد من الأر�ض ولي�ستميلوا ال�شباب الى الدين‬
‫وليمنعوا انحرافهم بدل �أن ي�صرفوه في تدعيم زعاماتهم‬
‫علي‪ A‬ونزعم‬ ‫الدينية والدنوية �أنا ال �أدري كيف نقر�أ �سيره ّ‬
‫االقتداء به ون�صرف الأموال الطائلة على تذهيب وزخرفة‬
‫المقامات والم�ساجد والمباني والنا�س جوعى االيتام كثر‬
‫وذوي الفاقة ي�أنون من المر�ض والجوع هل كان علي كذلك هل‬
‫كان اهل البيت‪ A‬كذلك كانوا يعطون ما يملكون للفقراء‬
‫يعطون الطعام للم�سكين وال�سائل و�أبن ال�سبيل كما في �سورة‬
‫الدهر ويبقو جائعين وهم �صائمون‪ :‬تنزع الزهراء قالدتها‬
‫تاءاضإ‬

‫و�ستارتها وتر�سلها �إلى ر�سول اهلل ‪D‬ينفقها على الفقراء‬


‫فيقول هلل �أبوها وما خلقنا للدنيا‪ :‬كذلك زين العابدين لم‬
‫يعرف اال بعد موته يدور على بيوت الفقرا يوزع الطعام ملثم‬
‫حيث عرف بحامل الجراب وكان ابن عمه ي�شكوه اليه ظنامنه‬
‫انه غريب يقول ابن عمي زين العابدين ال يعطف علي وانت‬
‫تفعل فلم يف�صح عن �شخ�صه النه يريد �أن يكون عمله هلل ولكي‬
‫ال ي�شعر الفقير بذلك فما عرفه حتى مات اين هم �سادات‬
‫‪73‬‬ ‫الأمة من الم�سلمين عندنا اين هو اهتماهم بالفقراء؟ اين هو‬
‫بحثهم عن اماكنهم؟ وفوق هذا يذلونهم �إذا جا�ؤا �سائلين ومن‬
‫لم تكن له حظوه عند احد حوا�شيهم ال ي�أكلون �ألي�س هذا مال‬
‫الم�سلمين عموم ًا هلل �أنت يا �أمير الم�ؤمنين ولذلك �أيها الأحبة‬
‫علينا �أن نكون المتوا�ضعين في كل حاالتنا ولماذا نتكبر و�أ�صلنا‬
‫نطفه نج�سه ون�ؤل الى جيفه نتنه وما بينها وعاء للغائط لماذا‬
‫ن�ستكبر ونحن ميتون مقهورون يتعال الرجل على زوجته �إذا‬
‫كان �أكثر منها علم ًا ومعرفة فيعايراها بجهلها وب�أهلها و�أ�صلها‬
‫انظروا الى زين العابدين‪ A‬تزوج خارجيه فقالوا له �أنها‬
‫ت�شتم جدك علي‪ A‬لم يفعل �شيئ ًا ال �ضربها وال عاتبها‬
‫ولم يفعل ما نفعل مع ن�سائنا عندما ن�سمع �شيئ ًا عنهن وعندما‬
‫�سمعها في مجل�س من وراء �ستار طلقها واعطاها مهرها ‪-‬‬
‫وهذا يدل على عدم معرفته بالغيب ولو كانوا يعلمون الغيب ما‬
‫تزوجوا هكذا زيجات مثلما فعلت جعده بنت الأ�شعت بالح�سن‬
‫‪ A‬على �أي حال هذه المر�أة لم تكتفي بذلك بل �أدعت عند‬
‫والي المدينة �أنه لم يعطها مهرها ف�أمره باليمين ف�أبى زين‬
‫العابدين فقيل له في ذلك لما لم تحلف و�أنت محق قال �أني‬
‫�أجل اهلل �أن احلف به ولو على ال�صدق‪ ...‬واعطاها مهرها مرة‬

‫تاءاضإ‬
‫ثانية‪.‬‬
‫وكذا ن�ستفيد وجها �آخر من هذه الرواية وهو �إجالله هلل عن‬
‫الحلف و�أعطاها المهر مرة �أخرى باهلل عليكم كم نحلف كذب ًا‬
‫نحن في �ساعات ايامنا ثم نزعم اننا موالون‪.‬‬
‫�أين هو التوا�ضع بين الأزواج بين العمال و�صاحب العمل بين‬
‫الرئي�س والمر�ؤو�س بين �أهل الدين ورعيتهم‪...‬؟ �إجعلني يا رب‬
‫في كل حاالتي متوا�ضع ًا في كل مفردات حياتي وتفا�صيلها في‬
‫مجل�سي مع النا�س مع نف�سي في م�شي على الطريق ﭽ ﮱ‬ ‫‪74‬‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜ‬ ‫ﯓ ﯔﯕﯖ ﯗ‬
‫ﯝﭼ((( بتوا�ضع و�أدب ال اللذي ي�ضرب الأر�ض برجله انك‬
‫لن تخرق الأر�ض ولن تبلغ الجبال طوال �أيها الأحبة نمورد‬
‫و�صل الى حد ادعاء الربوبية من خالل تكبره وا�ستعالئه قال‬

‫((( الفرقان‪ ،‬الآية‪.٦٣ :‬‬


‫له ابراهيم ربي الذي يحي ويميت قال انا �أحي و�أميت �أتى‬
‫ب�سجينين عفا عن �أحدهما وقتل الآخر‪ .‬ف�صدق الب�سطاء من‬
‫قومه ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ((( ‪.‬‬
‫نمورد �سلط اهلل عليه ذبابه دخلت �إلى ر�أ�سه ال يهداء من‬
‫�ألمه �إال ب�ضرب ر�أ�سه انظر كيف �أذل اهلل تكبره �أيها الأحبة لو‬
‫�شئنا الحديث عن التوا�ضع ال ينتهي اكتفي بهذا و�أقول ‪ -‬لنعتبر‬
‫بمن �سبقنا كانوا �أكثر منا �أموا ًال و�أوالد ًا وقوة و�أثاروا الأر�ض‬
‫وعمروها �أكثر مما عمرناها كعاد وثمود وفرعون وغيرهم‬
‫كيف �أذلهم اهلل و�أين هو جبروتهم‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫(اللهم �أ�س�ألك �س�ؤال من ا�شتدت فاقته و�أنزل بك عند ال�شدائد‬


‫حاجته)‬
‫هذا هو علي‪ A‬بتوا�ضعه وعلمه وعدله و�شجاعته‬
‫وحكمه وحكمته وكل �أخالقه عند ما يجل�س بين يدي اهلل‬
‫عزو وجل يعي�ش معنى العبودية والخ�ضوع هلل في الوقت الذي‬
‫هو مع�صوم عن الذنب ينزل نف�سه منزلة المق�صر العا�صي‬
‫‪75‬‬ ‫ل�شعوره بان�سحاقه التام �أمام اهلل تعالى ولهذا ي�شعر بهذا‬
‫االفتقار والحاجة �إلى اهلل عز وجل ولذلك قال ‪.‬‬

‫(اللهم و�س�ألك �س�ؤال من ا�شتدت فاقته)‬


‫�أي ا�شتد فقره وحاجته لأن كل العباد محتاجون �إليك في‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٢٥٨:‬‬


‫وجودهم وا�ستمرار حياتهم في كل �شربة ماء ونف�س يتنف�سون‬
‫بل محتاجون �إلى تي�سير �أمر هذا النف�س �أو الماء لكي يمر‬
‫في مجاريه الى معدتي ف�إذا امرت بابقائه علق في ح�شرجه‬
‫ال�صدور انا محتاج اليك في حبة الملح في كل �شيء ﭽ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ �أنا �أ�س�ألك‬
‫لحاجتي ول�شدة هذه الحوائج فكل الخلق محتاجون اليك يا‬
‫رب ‪.‬‬

‫و�أنزل بك عند ال�شدائد حاجته‬


‫انا يا رب توجهت اليك بحاجتي وتعاظمت رغبتي في �أن‬
‫اتوجه اليك بكل حاجته اعتمد فيها عليك يا رب انا ال �أفكر‬

‫تاءاضإ‬
‫كما يفكر النا�س فيتوجهون الى بعه�ضم لق�ضاء حوائجهم بل‬
‫اليك يا رب وحدك ال �شريك لك ال تجعلني افكر ب�أحد من‬
‫المخلوقين لأن كل المخلوقين مهما عظم �ش�أنهم محتاجون‬
‫�إليك في ق�ضاء حوائجهم ولذلك �أمر اهلل نبيه‪D‬في القر�آن‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡﭢﭣ ﭼ‬
‫(((‬

‫‪ -‬فر�أيت �أن طلب المحتاج �إلى المحتاج �سفه من راية‬


‫وظنه من عقله‪...‬‬ ‫‪76‬‬
‫فمن يطلب من النا�س دون اهلل �سفية في تفكيره انظروا‬
‫الى روعة هذا الدعاء في الطلب من اهلل �أيها الحبيب انك‬
‫بنف�سك ت�ستطيع �أن تميز بين كالم الإمام ودعائه وبين الأدعية‬
‫المو�ضوعة عبارات الأمام موافقة للقر�آن تطلب من الرحمن‬

‫((( الأعراف‪ ،‬الآية‪.١٨٨ :‬‬


‫الأدعية المو�ضوعة تطلب من المخلوقين مهما كانوا عظماء‬
‫االمام يقول انزل بك عند ال�شدائد حاجتي لأنني محتاج اليك‬
‫مفتقر اليك ال حول لي �إال بك ال قوة لي �إال بك هكذا يقول‬
‫الإمام‪ :‬اما في الأدعية المو�ضوعة تطلب حاجتك من الإمام‬
‫او الولي مع الأ�سف �أيها ا لأحبة‪ :‬و�صلنا الى زمن نحافظ‬
‫على �أدعية غير ثابتة كالندبة والتو�سل وغيرها ونترك الأرث‬
‫العظيم والأدعية ال�صحيحة التي ت�صقل �شخ�صية الم�ؤمن‬
‫كدعاء مكارم الأخالق وغيره التي تو�صلنا الى معنى العبودية‬
‫والحاجة الى اهلل واالفتقار اليه الن لغة االئمة لغة قر�آنية‬
‫ايمانية لي�س فيها الغلو الذي يجعلهم مع اهلل �أو ب�إذن اهلل‬
‫يرزقون ويفعلون ما يفعلون ثم ي�أتيك بع�ض النا�س دفاع ًا عن‬
‫تاءاضإ‬

‫افكار المغالين يقولون هذه الأدعية والزيارات تت�ضمن معاني‬


‫جليلة ال يعرفها �إال من له في العلم حظ ًا كبيرا انا ال �أدري متى‬
‫كان الغلو كما في دعاء االذواد �أو الم�شلول �أوالفرج �أو غيره‬
‫ذات معاني جليلة ال يفقهها �إال ذو حظ عظيم �أتعلنون جهلكم‬
‫بمعرفة ائمتكم بن�سبتهم الى مراتب اهلل تعالى‪.‬‬
‫ان ائمتنا �أيها الأحبة علمونا التوا�ضع هلل وكانوا �أول من‬
‫توا�ضع وعلمونا الت�سليم والعبودية وكانوا �أكمل �أفراده فال‬
‫‪77‬‬ ‫تغالوا وال تفتروا‪.‬‬
‫يقو ل الإمام الباقر‪ A‬يا مع�شر ال�شيعة كونوا النمرقه‬
‫الو�سطى (�أي الو�سادة الو�سطى) يرجع �إليكم الغالي ويلحق‬
‫بكم التالي‪ :‬قال له رجل وما الغالي با بن ر�سول اهلل قال‪ :‬قوم‬
‫يقولون فينا ما ال نقوله ب�أنف�سنا ونحن مخلوقون يرفعوننا �إلى‬
‫درجة تقترب من درجة �إهلل فلي�س �أولئك منا ول�سنا منهم ‪-‬‬
‫واهلل ما معنا من اهلل براءة واللنا على اهلل حجة وال بيننا وبين‬
‫اهلل قرابه وال يتقرب الى اهلل �إال بالطاعة فمن كان مطيع ًا هلل‬
‫تنفعه واليتنا ومن كان عا�صي ًا هلل ال تنفعه واليتنا ويحكم ال‬
‫تغترو�آ ‪.‬‬
‫(وعظم فيما عندك رغبة )‬
‫يا ربي ال �أطلب حوائجي منك فقط بل كل رغبة ارجع فيها‬
‫اليك وتعظيم ًا لك عظم رجوعي �إليك دون �سواك لأني بك‬
‫ومنك و�إليك و�أياك اعبد و�إياك ا�ستعين‪.‬‬

‫(اللهم عظم �سلطانك وعال مكانك)‬


‫تحدثنا عن عظيم �سلطان اهلل وهذاتكرار لالعتراف‬
‫ب�سلطان اهلل العظيم وعال مكانك لي�س المق�صود المكان‬

‫تاءاضإ‬
‫المادى بل المكان المعنوى الكنائي ي�شير الى رفعه اهلل وعلو‬
‫مكانته ومنزلته لأنه المهيمن على كل �شيىء‪.‬‬

‫(وخفى مكرك)‬
‫المكر له معنيان ‪� -‬سلبي و�إيجابي والمكر هو تدبير �أمرٍ‬
‫�سر ًا و�إذا ا�ستعمل من قبل النا�س فهو �سلبي دائما لأن من يدبر‬
‫�أمر ًا لأخيه �سر ًا يريد به �سوء ًا �أو غلب ا�ستعمالها في ال�س�ؤ ولذا‬
‫�صارت في زماننا �شتيمه يقال فالن مكا ٌر‪ :‬اي مخادع مدبر‬ ‫‪78‬‬
‫للحيل ‪ -‬و�أما �إذا ا�ستعملت هلل عز وجل فمعناها التدبير الذي‬
‫يبطل مكائد المكارين قال تعالى (و�إذا يمك ُر بك الذين كفروا‬
‫ليخروجك او ي�سجنوك او يقتلوك ‪ -‬ويمكرون ‪ -‬اي المكر‬
‫ال�سيء ‪ -‬ﭽ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ((( �أي المدبر ابطال مكرهم‬

‫((( �آل عمران‪ ،‬الآية‪٥٤ :‬‬


‫ح�سن تدبير من ا هلل لأبطال مكر الكافرين خفى مكرك‬ ‫فهو ُ‬
‫اي خفر تدبيرك لأَن ال �أحد يعلم بتدبيرك غيرك �سبحانك كم‬
‫من م�ؤامره حاكها الأعداء �ضدنا دفعها اهلل بتدبيره ونحن ال‬
‫نعلمها كم من �شخ�ص دبر لنا مكيدة يخرجنا من عملنا ولي�شوه‬
‫�صورتنا �أمام النا�س �أو لي�سيء �إليها �أو غير ذلك ابطلها اهلل‬
‫يتبدبره‪.‬‬
‫كم من تدبير هلل في الكون لكل مخلوقاته يدبره اهلل تعالى‬
‫ال نعلمه خفى هذا التدبير علي ًا لأننا ال نحيط به بل هو من‬
‫مخت�صات ذاتك �سبحانك‪.‬‬

‫(وظهر امرك)‬
‫تاءاضإ‬

‫ف�إذا ظهر هذا التدبير علمنا الطافك الخفية بمقدار ما‬


‫علمتنا يا رب فكل ما في الكون دال عليك �سبحانك كقول ذلك‬
‫الإعرابي ‪ -‬البعره تدل على البعير والخطى تدل على الم�سير‬
‫�أف�سماء ذات ابراج و�أر�ض ذات فجاج �أفال يدالن على اللطيف‬
‫الخبير فهذه الوحدة والتن�سيق في النظام الكوني تدل على‬
‫وحدانيته �سبحانه و�إال لو تعدد النظام الختل وعدم تعدده يدل‬
‫على وحدانيته �سبحانه‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫قال‪A‬يا بني لو كان لربك �شريك ال تتك ر�سله وظهرت‬
‫اياته ولكن هذا مفقود‪ ،‬وما يقوله بع�ض العلمانين عن االنفجار‬
‫الكوني بعد اجتماع الذرة الى كتلة عظيمة ربما ال مانع من‬
‫االنفجار من حيث المبداء لقوله تعلى عن ال�سموات والأر�ض‬
‫كانتا رتقا ففتقناهما ولكن ن�س�أل هل هذه الذرة العمياء‬
‫الفاقدة للنظام تنتج نظام ًا‪ ،‬فاقد ال�شيء هل يعيطه؟ �أو ال‬
‫يعطيه � ُأي تفكير هذا فتدبير اهلل تعالى ظهر يا رب في كل خلق‬
‫خلقته وفي كل موجود �أوجدته وفي كل نظام دبرته وفي كل‬
‫نبي �أر�سلته ومع كل ر�سوال ار�سلته (وغلب قهرك) ف�أنت يا رب‬
‫القاهر والقهار وقد قهرت عبادك بالموت والفناء وقلت في‬
‫(((‬
‫كتابك ﭽﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭼ‬
‫�آي المهيمن على كل �شيء لعباده فقد �أوجد الكون كله‬
‫لحكمه عنده ونحن جزء من هذاالكون كحبة رمل في �صحراء‬
‫ف�أنت قاهر على كل ذلك‪.‬‬
‫(وجرت قدرتك وال ميكن القرار من حكومتك‬
‫جرت قدرتك في كل �شيء فكل الكون تحت حكمك وال‬

‫تاءاضإ‬
‫يوجد مكان في الكون لي�س لك وهذاما جاء في الحديث‬
‫عن الح�سين‪ A‬جاءه �شاب وقال رخ�ص لي في المع�صية‬
‫فاالمام �أجابه بكل محبة ‪ -‬ولم يفعل معه كما يفعل بع�ض‬
‫الم�شايخ بحيث يطردونه �أو ي�شتمونه او يجعلونه في حاله ي�أ�س‬
‫من رحمة اهلل بل بكل هدوء ومحبة قال‪:‬افعل واحد من خم�س‬
‫واع�صى اهلل ما�شئت‪ ،‬قال هاتها‪ :‬قال ال ت�أكل من رزق اهلل‬
‫واع�صى اهلل ما �شئت هذا اخذ يفكر كل ما ي�أكله هو من رزق‬
‫اهلل وكل النعم من اهلل ك�أنه قال هذه �صعبة اعطني الثانية‬ ‫‪80‬‬
‫قال‪ :‬اذهب الى مكان لي�س اهلل موجود فيه و�أع�صي اهلل ما‬
‫�شئت هذه ا�صعب اين يذهب واهلل يعلم ال�سر و�أخفى وكل ما‬
‫في الوجود ملك له هات الثالثة قال‪:A‬‬
‫�إذا جاءك ملك الموت ادفعه عن نف�سك‪ :‬واع�صى ما �شئت‬

‫((( الأنعام‪ ،‬الآية‪.١٨ :‬‬


‫‪� -‬إذا جاءك مالك خازن النار ال تذهب معه‪ :‬قال ح�سبي يا بن‬
‫ر�سول اهلل لن يجدني اهلل في مع�صية بعد اليوم‪.‬‬
‫اللهم ال�أجد لذنوبي غافر ًا وال لقبائحي �ساترا وال ل�شيء من‬
‫عملي القبيح بالح�سن مبد ًال غيرك يا رب اين اجد الملجاء‬
‫الذي يح�صنني من ذنوبي �أن لم تغفر �إلي ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫(((‬
‫ﭻﭼ ﭼ‬
‫ولي �سواك وال غافر لي ف�أنت الغفار و�أنت ال�ستار‬
‫فلي�س لي ٌ‬
‫انت الذي تبدل ال�سيئات ب�أ�ضعافها من الح�سنات فارحمني يا‬
‫رب فلي�س لي �إله �سواك‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫( ال�إله �إال �أنت �سبحانك وبحمدك )‬


‫�أنني �أوحدك و�أعبدك وال �أعبد �سواك �أنت �إلهي المنزه عن‬
‫مجان�سة المخلوقين في ذاتك التي ال يدرك كنها وال يوجد لها‬
‫�شبيه وال عديل وال ند وال كف ُو في �صفاتك التي هي عين ذاتك‬
‫فكما ا نزهك في ذاتك انزهك في �صفاتك فال �أجعل معك‬
‫�شريك في الخالقيه والرازقية والأحياء واالماته وغيرها من‬
‫ال�صفات الن تنزيه ال�صفات من تنزيه الذات لذلك تحمد‬
‫‪81‬‬ ‫عليها ولك خال�ص الثناء الذي ال ي�شاركك فيه احد ف�أنا يا‬
‫رب ا�سبحك مع كل هذا الوجود الذي ي�سجك في وجوده وفيما‬
‫الهمته من الت�سبح ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ((( ‪.‬‬

‫((( �آل عمران‪ ،‬الآية‪.١٣٥ :‬‬


‫((( الإ�سراء‪ ،‬الآية‪.٤٤ :‬‬
‫(ظلمت نف�سي وجتر�أت بجهلي و�سكنت اىل قدمي ذكرك يل‬
‫ومنك علي)‬
‫فيا رب اقدم اعترافي �أمامك ال امام احد �سواك ب�أنني‬
‫جرت على نف�سي بالمع�صية ولها الويل ان لم تغفر لها لجر�أتي‬
‫على تعدي حدوك وعلى مقام قد�سك وعلى عظمتك وجاللك‬
‫�سببها جهلي بعظمتك ولو لم �أكن الجاهل لما تعديت عليك‬
‫وحتى ال ا�ستل�سم للي�أ�س يا رب هد�أت روعى بال�سكون الى قدم‬
‫الرجاء الذي �أمر تن�أَ به من فتح باب التوبة ولأنك يا رب ذكرتنا‬
‫برحمتك ورزقتنا بمنك و�آال�ؤك ونعمك علينا‪ ،‬من منك الذي ال‬
‫حدود له‪ ،‬وهذا ما لم�سته في نف�سي فارحمني واغفر لي ‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫(اللهم موالي كم من قبيح �سرتته)‬
‫يا رب انت المطلع على ذنوبي في ال�سر والعلن وانت ال�ستار‬
‫للعيوب الغفار للذنوب ولو �شئت ف�ضحني بهاولكنك يا رب‬
‫حتى الذي ظهر منها �أن�سيته لمن اطلع عليها كل ذلك بمنك‬
‫ورحمتك لأنك المتف�ضل على عبادك حتى �إذا ع�صوك وتجر�ؤا‬
‫عليك‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫(وكم من فادح من البالء اقلته وكمن من عثار وقيته وكم من‬
‫مكروره دفعته)‬
‫كثير من البالء يا رب كنت ا�ستحقه بتجرئي عليك ولكنك‬
‫دفعته عني انجيتني من فادح البالء وعظيمه كثير �أيها الأحبة‬
‫الم�صائب التي يمر بها الإن�سان في حياته فما ان ي�صبر وقت ًا‬
‫ق�صير ًا حتى يرفع عنه اهلل تعالى ا�شدها وي�شعر بمحبة اهلل‬
‫عليه عندما يرفع عنه البالء كم من م�صيبة موت فادحة‬
‫ن�سيناها وخففهاعلينا ربنا كم من فقر مدقع مررنا به واالن‬
‫نعيم كم من بالء �أمنى و�سيا�سي نزل بنا حتى بلغ‬ ‫نعي�ش في ً‬
‫الخوف الحناجر ورفعه اهلل تعالى ووقانا �أن نقع فيه �أو ان‬
‫ي�صيبنا المكره فجعل علينا درع ًا واقي ًا من هذا العثار والبالء‬
‫الذي اقاله‪.‬‬
‫ربما ايها الحبيب تقع ار�ض ًا احيان ًا او تتعثر بم�شيتك فال‬
‫ي�صيبك مكروه لأن اهلل اقاله �إذ جعل عليك ملكين حافظين‬
‫ف�إذا جاء اجلك خ ّلو بينك وبين �أجلك كما ورد في الحديث‬
‫فهذا كله بمنة اهلل التي اعددها وان لم اح�صها او التفت �إلى‬
‫تاءاضإ‬

‫عنايتك فيها‪.‬‬
‫يا رب دفعت عني المكروه ما علمت منه وما لم اعلم نجيتني‬
‫منه بمنك فلك الحمد دائم ًا ابد ًا دفعت عني العثرة في م�شي‬
‫والعثرة في قولي وفعلي والمكروه في نف�سي واهلي ربما ب�صدقة‬
‫ي�سيرة كما جاء في الخبر عن النبي‪D‬ان اهلل ال �إله �إال هو‬
‫ليرفع بال�صدقة الداء والحرق والغرق والهدم والجنون وعد‬
‫�سبعين باب ًا من ال�شر‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫وقال‪ :‬داوو مر�ضاكم بال�صدقة‪ ،‬وا�ستنزلوا الرزق بال�صدقة‬
‫وامر برفع الأذى عن النا�س وجعلها �صدقة واناطه الأذى عن‬
‫الطريق �صدقة‪ ،‬والتب�سم في وجه اخيك �صدقة‪ ،‬الى غير‬
‫ذلك مما يدفع المكروه والعثرة ف�سبحانك ما اعظمك يا �إلهي‬
‫تدفع عني المكروه من العثره وت�ستر علي القبيح في الدنيا‬
‫بل عظمتك وحنانك يا رب يمتد في ال�ستر علي في االخرى‬
‫كما جاء في الخبر ي�ؤتى بالعبد يوم القيامه يبكي فيقول اهلل‬
‫�سبحانه لم تبكي فيقول ابكي لما �سينك�شف عني من عوراتي‬
‫وعيوبي عند النا�س والمالئكة فيقول اهلل‪ :‬عبدي ما افت�ضحتك‬
‫في الدنيا بك�شف عيوبك وفواح�شك وانت تع�صيني وت�ضحك‬
‫فكيف اف�ضحك اليوم وانت ال تع�صيني وتبكي‪ ،‬اي حنانٍ‬
‫حنانك يا رب اي ر�أفة ر�أفتك يا رب اي حلم حلمك يا رب هذا‬
‫هو عفوك ورحمتك التي ال �أ�ستحقها ف�سبحانك ما اعظمك‬
‫و�أجلك وا�سترك على عبادك‪.‬‬

‫(وكم من ثناء جميل ل�ست اهال له ن�شـرته)‬


‫يا رب و�أنا على ما �أنا من المعا�صي والذنوب والتق�صير‬
‫والتعدي على حدودك ح�سنت ذكرى بين النا�س ومدحت‬

‫تاءاضإ‬
‫علي ويمدحون اعمالي وانت�شر‬
‫ا�سمي ل�سترك فاخذوا يثنون ِّ‬
‫ذلك بينهم بمنك وعطفك‬

‫(اللهم عظم بالئي وافرط بي �س�ؤ حايل وق�رصت بي اعمال وقعدت‬


‫بي اغاليل وحب�سني عن نفعي بعد �آمايل وخدعتني الدنيا بغرورها‬
‫ونف�سي بخيانتها ومطايل يا �سيدي)‪.‬‬
‫يا رب ها �أنا اعدد تق�صيرري بين يديك وكما نقول دائم ًا‬
‫االمير‪ A‬مع�صوم خال من الخطاء مع�صوم من الذنب لكن‬ ‫‪84‬‬
‫ان�سحاقه امام عظمة اهلل ي�شعره بهذا التق�صير وهذاحالنا ال‬
‫حاله‪.A‬‬
‫يا رب بالئي عظيم فقد انحرفت عن طريقك وابتليت‬
‫بال�شهوات والهفوات فذنبي عظيم وبالئي كبير مما جعل اغالل‬
‫القيود علي تقعدني عن العمل‪ ،‬انا ا�سير �شهواتي وبالئي مقيد‬
‫بها فارفعها عني يا رب فكلما اردت �أن انطلق اليك بالتوبة‬
‫والإخال�ص اقعدتني اغالل الذنوب والمغريات‪ .‬كلما حاولت ا‬
‫ن انطلق نحو الخير والعمل ال�صالح ونفع النا�س بعملي �سوفت‬
‫لها بالتوبة النني �أعي�ش الأمال في البقاء وطول العمر تركت‬
‫الحج والعمرة و�أجلت ال�صالة وال�صيام والأعمال ال�صالحة‬
‫لكبرى لأنني اعي�ش اتباع الهوى وطول الأمل ف�أما اتباع الهوى‬
‫في�صدك عن الحق و�أما طول الأمل فين�سيك الآخرة‪.‬‬
‫وقد خدعتني الدنيا يارب بزخارفها وزبارجها و�شهواتها‬
‫يا رب اعوذ بك من دنيا تن�سيني الآخرة ومن حياة تن�سيني‬
‫الممات ومن امل يمنعني من العمل‪.‬‬
‫يا رب اكثر العباد قد غرتهم الدنيا فب�صروا �إليها ولهثوا‬
‫خلفها ولم يب�صروا بها ليتفكروا في ترك مغرياتها ف�أعمتهم‬
‫تاءاضإ‬

‫الدنيا وقادتهم الى الهاوية‪.‬‬


‫يا رب وخانتني نف�سي الأمارة بال�سوء فعا�شت كل هذا الأمل‬
‫والت�سويف والملذات فخل�صني يا رب واعني بالبكاء على نف�سي‬
‫فقدافنيت بالت�سويف والأمال عمري‪.‬‬
‫ومطالي يا �سيدي‪ ،‬المطال من المطل وهو الت�سويف بالوعد‬
‫دائم ًا يا �سيدي اعي�ش المماطلة في عمل الخير و�صالحه واعد‬
‫نف�سي بالقيام بذلك ولكن يوم ًا بعد يوم يم ّرالعمر وال التفت‬
‫‪85‬‬ ‫فنبهي وايقظني واعني يا �سيدي‪.‬‬

‫(ف�أ�س�ألك بعزتك �أن ال يحجب عنك دعائي �س�ؤ عملي وفعايل وال‬
‫تف�ضحني بخفي ما اطلعت عليه من �رسي وال تعاجلني بالعقوبة‬
‫على عملته يف خلواتي من �سوء فعلي وا�ساءتي وداوم تفريطي‬
‫وجهالتي وكرثة �شهواتي وغفلي)‪.‬‬
‫هذه الكلمات التي يتوجه فيها الأمير ‪ A‬الى ربه �سائ ًال‬
‫اياه بالعزة التي ال تقهر وال تذل ال بمع�صية عبد وال تجرئ‬
‫مخلوق وال بتعدى النا�س على حدوده �أ�س�ألك �أن ال يحجب هذا‬
‫الدعاء بع�ض الأفعال التي تمنع و�صوله �إليك كقطيعه الرحم‬
‫وعدم بر الوالدين‪.‬‬
‫وما �إلى ذلك مما مر عند الحديث عن حب�س الدعاء‪.‬‬
‫ف�س�ؤ العمل والفعل من الذنوب والمعا�صي تحجب الدعاء‬
‫وال ي�سمع ف�أنا �أ�س�ألك بعزتك التي ت�شفع لي لديك ان ال تحجب‬
‫ندائي �أياك ب�سوء فعلي وعملي لأ بقى ا�شعر ب�أنني بين يديك‬
‫ولذتي في مناجاتك‪.‬‬
‫وال تف�ضحني فيارب هناك ذنوب يفت�ضح بها �صاحبها في‬
‫الدنيا وفي الآخرة على ر�ؤو�س الأ�شهاد وف�ضوح الدنيا �أهون‬

‫تاءاضإ‬
‫من ف�ضوح الآخرة لمن تاب من ذونبه وهذا ما علمنا اياه‬
‫محمد‪D‬في �آخر �أيامه خرج متكئ ًا على الف�ضل بن العبا�س‬
‫وعلي‪ A‬منادي ًا �أيها الم�سلمون يو�شك ان ادعي فاجيب‬
‫فمن كان له عند محمد مال فلي�أتي ولي�أخذ من مالي و�أن‬
‫كان لأحد عند محمد ق�صا�ص فلي�أتي وليقت�ص فقام عمر بن‬
‫الخطاب م�ستنك ًرا عليه لمكانته فقال‪D‬يا عمر �أن ف�ضوح‬
‫الدنيا �أهون من ف�ضوح الآخرة‪ ،‬ف�إذا افت�ضحت في الدنيا بعمل‬
‫لم �ألتفت �إليه وعرفه النا�س لطلبي الم�سامحة �أهون عندي من‬ ‫‪86‬‬
‫�أن يطالبني اهلل به و�أمام النا�س �أجمعين‪.‬‬
‫ولذلك �أيها الأحبة فلي�سارع �أحدنا الى طلب الم�سامحة ممن‬
‫ظلمهم لكي ال نقف بين يدي اهلل وي�أتي �إن�سان منادي ًا يا عدل‬
‫يا حكيم �أحكم بيني وبين فالن فمن يخل�صني من العقاب‪،‬‬
‫ويكون الف�ضوح �أعظم عندما تظهر منى الم�أثم وا�ستولت علي‬
‫المظالم وطالت �شكايه الخ�صوم وات�صلت دعوة المظلوم‬
‫اللهم �صلى على محمد و�آله و�أر�ض خ�صومي عني بما �شئت‪...‬‬
‫فال تف�ضحني بما قمت به في خلواتي من �شهوة الجن�س �أو‬
‫�شهو المال التي توقعني في ال�سرقة �أو �شهو الملك والرئا�سة‬
‫التي توقعني في ظلم ال�ضعفاء هذه الذنوب وا�شباها خل�صني‬
‫منها يا رب قبل ان افت�ضح بها‪.‬‬
‫لأنه ما من كاذب اال ويف�ضحه اهلل ولو بعد حين في الدنيا‬
‫قبل خروجه منها وما من زان �أو �شارب خمر�أو قاتل وغير‬
‫ذلك ممن لم يتب �إال وف�ضحه اهلل في الدنيا وفي الآخرة ممن‬
‫يظلمون النا�س بكراماتهم و�أعرا�ضهم و�أقوالهم و�أنف�سهم وفي‬
‫كل ما يت�صل بحياتهم وهذه حقيقة قر�أنيه قال تعالى‪:‬ﭽ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑﭼ‬
‫تاءاضإ‬

‫(((‬

‫‪ -‬لأن الدوائر تدور على باغيها فتف�ضحه بها‪.‬‬


‫فنطلب يا رب العفو منك حتى ال نفت�ضح بها في الدنيا‬
‫والآخرة فاهلل تعالى �ستار العيوب غفار الذنوب يعفو عن الذنب‬
‫بكرمه ويتجاوز عن العيوب بف�ضله لأنه الكريم الجواد الر�ؤوف‬
‫الرحيم ويحب لعباده �أن يكون �ستارين على بع�ضهم البع�ض‬
‫ولذلك حرم الغيبة‪ ،‬ونقل الكالم الذي يفتن بين النا�س‪.‬‬
‫فال تهتكوا هذا ال�ستر الذي �أمر اهلل به فيا رب ما ع�صيتك‬
‫‪87‬‬ ‫�إذ ع�صيتك و�أنا بروبيتك جاحد والب�أمرك م�ستخف وال‬
‫لعقوبتك متعر�ض وال لوعيدك متهاون‪.‬‬
‫ولكن خطيئة عر�ضت و�سولت لي نف�سي وغلبني هواي‬
‫علي فقد‬‫واعانني عليها �شقوتي وغرني �سترك المرخى ّ‬
‫ع�صيتك وخالفتك بجهدي فالآن من عذابك من ي�ستنقذني‬

‫((( الحج‪ ،‬الآية‪.٦٠:‬‬


‫ومن ايدي الخ�صماء غد ًا من يخل�صني ‪.‬‬
‫فيا رب �أنت �ستار العيوب فال تف�ضحني �إذا كان هناك من‬
‫ذنب لي وهيهات للأمير �أن يع�صي اهلل‪.‬‬

‫( وال تف�ضحني بخفى ما اطلعت عليه من �رسى وال تعاجلني‬


‫بالعقوبة على ما عملته يف خلواتي)‪.‬‬
‫فاهلل تعالى ربما عجل العقوبة على بع�ض الذنوب كما في‬
‫بع�ض الروايات ما من �شوكة تدميه �أو عترة ترديه �إال بذنب‬
‫ا�صابه فيا رب كان لي القدرة على مع�صيتك ولكن ال قدرة لي‬
‫على عقابك ف�أغفرلي وال تف�ضحني وال تعجل من عقوبتك لي‪.‬‬
‫فاجعل لي م�ساحة �أتوب اليك قبل �أن تعجل لي عقوبتك‬

‫تاءاضإ‬
‫لأنك يا رب �إذا �أردت بعبد خير ًا امهلت كاتبيه عن تدوين‬
‫ال�سيئة حتى يتوب فال تكتب في �صحيفة الأعمال و�أما �إذا لم‬
‫يكن من ديدن االن�سان التوبة والجلو�س بين يدي اهلل للدعاء‬
‫فربما عجل له العقوبة في الدنيا والآخرة فال تعاجلني يا رب‬
‫بالعقوبة فيما فعلته في خلواتي واطعلت عليها لأنك تعلم ال�سر‬
‫واخفى‪.‬‬

‫(من �س�ؤ فعلي و�أ�س�أتي ودوام تفريطي وجهالتي)‬ ‫‪88‬‬


‫المفرط هو الم�ضيع لحق اهلل المتعدى حدوده المرتكب‬
‫للحرام من دون ان يهتز �ضميره خوف ًا من اهلل عند ارتكاب‬
‫المع�صية وبعدها فربما يعجل اهلل تعالى العقوبة على ما اطلع‬
‫عليه من �سر المعا�صي عندي وربما ي�ؤخر العقوبة لكي يتوب �أو‬
‫ي�ؤخرها للآخرة فعلى الإن�سان ان ال يفرط في الحدود ويتجاوز‬
‫الحرام ف�إذا ما فعل الحرام رجع �إلى اهلل وال يفرط (الذين �إذا‬
‫م�سهم طائف من ال�شيطان ذكر واهلل فا�ستغفروا لذنوبهم)‪.‬‬

‫(وكرثة �شهواتي وغفلتي )‬


‫م�شكلتنا �أيها الأحبة نحن بني الب�شر �سرعان مانن�سى‬
‫ما يذكرنا اهلل به ممن �سبقونا بالموت �أو ممن نزلت عليهم‬
‫الم�صائب فنن�سى اهلل ونغفل عنه لأننا ن�سير خلف �شهواتنا‬
‫وغرائزنا التي تقودنا الى المحرمات (فياغفلتي عما يراد بي)‬
‫ف�إذا مت انتبهت وا�ستيقظت من غفلتي ولكن هل ينفع الإنتباه‬
‫حينئذ ﭽ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ لأنني‬
‫ع�شت الغفلة وا�ستغرقت في ال�شهوات �شهوة المال والجن�س‬
‫الحرام وال�سلطة والظلم واالعتداء علىكرامات النا�س وما �إلى‬
‫تاءاضإ‬

‫ذلك ي�أتيه النداءﭽ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﭼ يعني لو �أرجعناك‬


‫�إلى الدنيا لعدت �إلى �شهواتك وغرائزك ومع�صيتك‪.‬‬
‫ولذلك يخلد الإن�سان في العذاب لأنه لو خلد في الدنيا‬
‫لع�صى اهلل ويخلد في الجنة لأنه لو خلد في الدنيا لعبد اهلل‬
‫فهذه عله الخلود في الجنة والنار‪.‬‬

‫(وكن اللهم بعزتك يل يف الأحوال كلها ر�ؤفا ً)‬


‫‪89‬‬ ‫�أنت الر�ؤوف يا رب انت �أر�أف بي من �أمي و�أبي �أنت �أرحم‬
‫بي من كل من في الدنيا من الرحماء وغيرهم �أنت اعطف علي‬
‫من عطف كل عطوف ف�أر�أف بحالي وتجاوز عن غفلتي و�إ�س�أتي‬
‫وتفريطي وتعدي الحدود‪.‬‬

‫(وعلي يف جميع الأمور عطوفا ً)‬


‫لأنني احتاج �إلى عطفك وحنانك يا رب في كل �أحوالي في‬
‫ليلي ونهاري ف�إن لم تعطف بي هلكت ودخلت النار وخرجت‬
‫من رعايتك لأن مجرد �صالتي وعبادتي ال ت�ؤهلني �إلى دخول‬
‫جنتك و�ساحته عطفك وحنانك‪.‬‬
‫وال ا�ستحق ب�صومي الذي يعتر�ض عليك بت�شريعه اكثر‬
‫النا�س خ�صو�ص ًا �إذا كان في الحر والنهار طويل فهل هذا‬
‫ال�صوم الذي ي�صاحبه المنه على اهلل يدخل جنتك‪.‬‬
‫فيا رب عطفك لي في كل �أحوالي ينجيني من المهلكات في‬
‫الدنيا والآخرة لأنه ال �أحد يدخل الجنة باال�ستحقاق �إذ الحق‬
‫هلل على جميع خلقه بما فيهم الأنبياء وال�صديقين والأولياء‬
‫وال�صالحين و�إنما ندخلها باللطف والرحمه‪ .‬ال بالإ�ستحقاق‪.‬‬
‫�سمعت يوم ًا من بع�ض الخطباء يقول �أن الح�سين‪A‬‬

‫تاءاضإ‬
‫متف�ضل على اهلل ب�شهادته وما قدمه في كربالء ولو �سمع‬
‫الح�سين ‪ A‬هذا الكالم لرف�ضه �أ�شد الرف�ض‪.‬‬
‫�إذا الف�ضل والمنه والحق هلل وحده وعندما ن�س�أل اهلل تعالى‬
‫بحق محمد و�آل محمد ال لأن لهم حق ًا عليه �سبحانه بل لما‬
‫فر�ضه اهلل لهم من رتبه ومحل لديه‪.‬‬
‫فنحن ال نت�سحق الدخول الى الجنة وكيف ن�ستحق ذلك‬
‫ونحن نلهث خلف الزعماء ون�أتمر ب�أمرهم مع �أمر اهلل عزوجل‬
‫وتنتفخ �شخ�صياتنا حتى ن�ستعلي على النا�س لمجرد ح�صولنا‬ ‫‪90‬‬
‫على رتبه �أو م�س�ؤولية �أو مال �أو جاه كيف ن�ستحق الجنة ونحن‬
‫نهين ربنا ب�أقوالنا و�أفعالنا و�إ�ستهانتنا ب�أحكام �شرعنا لظلمنا‬
‫للنا�س والزواجنا و�أوالدنا‪ ،‬لم�شاركتنا بالغيبة والنميمة والكذب‬
‫والفتنة والكالم على النا�س وا�سقاط كراماتهم وغير ذلك‬
‫كثير ف�أين هو الإ�ستحقاق لوال عطف اهلل ورحمته لهلكنا ولما‬
‫دخلنا جنته‪.‬‬
‫وا�ضرب لك �أيها العزيز مث ًال واقعي ًا ي�أتي الإن�سان منا بعد‬
‫عمر ناهز الأربعين �أو الخم�سين تائب ًا �إلى اهلل وقد �أ�صلح توبته‬
‫هلل تعالى يتوب وقد ا�صلح توبته فاهلل تعالى يتوب عليه ولكن‬
‫هل ي�ستحق هذا الذي ق�ضى �أكثر عمره في �شتى المعا�صي‬
‫دخول الجنة طبع ًا ال لكن اهلل برحمته يدخله ويقبله ب�إتمام‬
‫�شروط توبته‪.‬‬
‫(الهي وربي من يل غريك �أ�س�أله ك�شف �رضي والنظر يف �أمري)‬
‫يا رب من هو الذي ي�ستطيع ك�شف ال�ضر عني �إذا نزل‬
‫البلأ �أو جاءت �سكرات الموت �أي قوة �أو قدرة تك�شف عني‬
‫هذا البالء وترفع عني ماحل بي غيرك يا رب كل اللذين‬
‫ا�ستعانوا لك�شف بلواهم بغيرك خابوا ثم ماتوا ولم يدفعوا‬
‫تاءاضإ‬

‫عنهم لأنهم محتاجون اليك فكيف ي�ستدفع بهم ويطلب منهم‬


‫دونك �سبحانك لي�س لي غيرك �إله �أرجع �إليه �أو ا�ستعين به �أو‬
‫�أطلب منه وكيف يكون ذلك والكل محتاج �إليك فكم قد ر�أيت‬
‫يا �إلهي من �أنا�س طلبوا العز بغيرك فذلوا وراءو الثروة من‬
‫�سواك فافتقروا ف�صح بمعانيه �أمثالهم حازم وفقه اعتباره ‪.‬‬
‫يا رب �إنك �أمرت ر�سولك في كتابك �أن يعلم النا�س ب�أنه ال‬
‫يملك لنف�سه نفع ًا وال �ضر ًا ولي�س عنده خزائن اهلل ولي�س بملك‬
‫‪91‬‬ ‫وال يعلم الغيب قل ال �أقول لكم عندي خزائن اهلل وال �أعلم‬
‫الغيب ال �أقول ليعلم النا�س �أجمعين ان اف�ضل الخلق على‬
‫الأطالق هذا حاله فكيف من هم دونه فال تعبدوا �إال ربه وال‬
‫تطلبوا �إال من اهلل �سبحانه لأن بيده خزائن ملكوت ال�سموات‬
‫والأر�ض وبيده ك�شف ال�ضر ورفع البالء وبيده قبول الدعاء‬
‫والعفو عن المذنبين وا�ستجابة الطلبات �سبحانك ف�أنت تنظر‬
‫بحالي وتلبي ندائي وتدبر �أمورى كلها‪.‬‬
‫(�إلهي �أجريت علي حكما ً اتبعت فيه هو نف�سي‪ ،‬ومل احرت�س فيه‬
‫من تزيني عدوي)‪.‬‬
‫لقد خلقت الغرائز يا رب في بدني وهذا حكمك وتدبيرك‬
‫ومن دونها ال ا�ستطيع العي�ش غريزه الأكل وال�شرب والجن�س‬
‫وغيرها ولكن المغريات حولي كثيرة فقادتني نف�سي الأمارة‬
‫علي ونهيتني عنه ولم احتر�س‬
‫بال�س�ؤو الى �إ�شباعها بما حرمت ّ‬
‫بالإيمان و�أقوى العالقة بك والتزم حدودك فغرني ال�شيطان‬
‫وزين لي الباطل حق ًا‪� ،‬أو �سوف لي الأمل بطول العمر ومناني‬
‫بالتوبة هذا الذي حذرتنا منه فقلت �سبحانك ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭼ((( ‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫ومن خالل تزينه لي القبيح وجعلني ا�ستهتر في ارتكاب‬
‫المعا�صي وع�شت الغرور لأن نف�سي الأمارة بال�سوء تهوى اللعب‬
‫واللهو ممل�ؤه بالغفلة وال�سهو تحب كل محجوب عنها مما‬
‫حرمته‪.‬‬
‫والن طبيعة الإن�سان الذي كان ق�ضا�ؤك فيه �أن يكون مركب‬
‫من �شهوات وعقل ف�إذا �ضعف عقله و�إرادته وقوة �إيمانه قاده‬
‫الق�ضاء الآخر نحو غرور ال�شيطان وارتكاب الع�صيان‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫علي من ذلك بع�ض حدودك وخالفت بع�ض‬
‫(جتاوزت مبا جرى ّ‬
‫�أوامرك)‪.‬‬
‫يا رب قادتي كل ذلك �إلى ارتكاب المعا�صي وتجاوز الحدود‬
‫فتجاوزت واعتديت واغتبت وكذبت وتجر�أت عليك بتجاوز‬

‫((( فاطر‪ ،‬الآية‪.٦ :‬‬


‫حدودك جرى هذا الق�ضاء‪ ،‬الذي �أمرتني �أن �أرو�ضه بالتقوى‬
‫وابعده عن المع�صية بما جهزتني بالإرادة والأيمان فلك الحجة‬
‫في جميع ذلك وال حجة لي فيما جرى علي فيه ق�ضا�ؤك والزمني‬
‫حكمك وبال�ؤك فلي�س لي يا رب �أي حجة �أو دليل يخرجني من‬
‫نفمتك ويكون دلي ًال لي على �صحة مع�صيتك ولكن لك يا رب‬
‫الحجج البالغة ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ على جميع خلقه فلك‬
‫�أن تعذب و�أرجو �أن تعفوا ف�إن عذبتني فبعدلك و�أن غفرت‬
‫فبرحمتك لأنك يا رب هديتني الطريق وجعلت االختيار بيدي‬
‫ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﭼ (((‪.‬‬
‫و�أر�سلت الر�سل ليحذروننا وينذروننا فلك الحجة على‬
‫جميع خلقك وال حجة لمن ع�صاك بعد ار�سال الر�سل فهذا‬
‫تاءاضإ‬

‫البالء و�أن كان ب�إختياري وارادتي ولكنه يعود بالأ�سباب �إليك‬


‫فالزمني حكمك على العا�صين وبال�ؤك ر�سبت في الإمتحان‬
‫و�سقطت �أمام ال�شهوات‪.‬‬

‫(وقد اتيتك يا �إلهي بعد تق�صري وا�رسايف معتذراً نادما ً منك�رساً‬


‫م�ستقيالً منيبا ً مقراً مذعنا ً معرتفا ً)‪.‬‬
‫لقد ع�شت يا رب التق�صير مع احكامك و�شرائعك وعقائدك‬
‫‪93‬‬ ‫لم يكن ذلك عن ُق�صور وعدم فهم �أو قلة ا�ستيعاب بل متعمد‬
‫متجاوز لحدودك عالم بما �أقوم به متحدي ًا حدودك ولكن‬
‫�أتيتك لتغفر لي وترحمني وتتجاوز عن �سي�أتي لذلك �أقرن‬
‫�إعتذاري بالنّدم على ما فعلت عازم ًا على ترك ما قمت به‬
‫ك�سرت نف�سي بين يديك و�أ�شعرتها حقارتها �أمام فظيع ما‬

‫((( الإن�سان‪ ،‬الآية‪. ٣ :‬‬


‫قامت به اطلب منك ان تقيلني هذه العثرات م�ستغفر ًا من‬
‫الزالت لأنك ناديتني في كتابك ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﭼ((( ‪.‬‬
‫لبيت هذا النداء طالب ًا المغفرة يا رب راجع ًا �إليك بكلي‬
‫منيب ًا لأنني �أبتعدت عنك مذعن ًا يا رب اي منقاد ًا تمام‬
‫االنقياد �إليك معترف ًا في جل�سة �إقرار بين يديك لكل ما ا�سلفت‬
‫وفرطت‪.‬‬

‫(ال �أجد مفراً مما كان مني وال مفزعا ً �أتوجه �إليه يف �أمري غري‬
‫قبولك عذري و�إدخالك �إياي يف �سعة رحمتك)‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫يا رب ال مف ّر لي �إال �إليك وال مفزع لي �إال �أنت من يغفر‬
‫لي ويقبل عذري غيرك ويدخلني في رحمته �إال �أنت لأنك �أنت‬
‫الرحمن ولك الدنيا والآخرة‪ ،‬فق�صدتك يا رب وفررت �إليك‬
‫بذنوبي وفزعت �إليك منها لتتجاوز عني وتقبل عذري وتدخلني‬
‫في �سعة رحمتك التي و�سعت كل �شيء‪.‬‬

‫( اللهم فاقبل عذري وارحم �شدة �رضي وفكني من �شد وثاقي)‬


‫الزلنا �أيها الأحبة مع هذا الإبتهال المتو�سل ب�صفات الكمال‬ ‫‪94‬‬
‫والجالل للذات الإلهيه القد�سية يا رب �أن �أعلم من خالل‬
‫قر�آنك �أنك تقبل عذر المعتذرين وتعفو عن المذنبين وتحب‬
‫اخت�صت به ذاتك‬
‫التوابين لذلك �أنا�شدك با�سمك «اهلل» الذي ّ‬
‫ولم ي�شاركك فيه �أحد غيرك وال يليق �إال لك و�أن كنت ت�ستطيع‬

‫((( الزمر‪ ،‬الآية‪. ٥٣ :‬‬


‫�أيها الحبيب �أن تنادي اهلل تعالى ب�أي ا�سم من ا�سمائه تناديه‬
‫به كقولك با جبار يا قهار عندما تدعوه على الجبابرة وقولك‬
‫يا كريم يا جواد عندما تطلب منه الحاجة وقولك يا غفار يا‬
‫�ستار عندما تتوب �إليه وتعترف بالخطيئة وما الى ذلك من‬
‫�صفات تنا�سب نداء الحاجات ف�أي ا�سم تنادي به اهلل تعالى هو‬
‫من ا�سمائه ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ (((‪.‬‬
‫لكن لكلمه «اهلل» خ�صو�صية ت�شير فيها �إلى الذات وا�سم‬
‫لجميع الكلمات وي�شمل جميع ال�صفات ‪.‬‬
‫اناديك يا رب بهذا الأ�سم لتقبل عذري لأنك الرب الكريم‬
‫الذي ال يخيب عبده �إذا ناداه ويلبيه �إذا ناجاه ف�أنا يا رب اعتذر‬
‫به �إليك من كا ما خالط به وجهك ومن كل ما �أخط�أت به من‬
‫تاءاضإ‬

‫كلماتي و�أفعالي ظواهرها وبواطنها حتى يا رب �أني اعتذر‬


‫اليك من حديث النف�س الذي يجرئني عليك حتى لو لم �أقدم‬
‫على الفعل ال�سيء ف�أقبل عذري لأنك تقبل عذرا المعتذرين‬
‫و�أرحم �شدة �ضري يا رب قد وقعت بال�ضر وال�ضيق مما جنيته‬
‫على نف�سي واقترفته يداي من المعا�صي وم�شت �إليه قدماي‬
‫لأن الم�ؤمن �أيها الأحبة‪.‬‬
‫ي�شعر بالألم وال�ضيق عندما يقدم على المع�صيه ل�شده‬
‫‪95‬‬ ‫محا�سبه نف�سه‪ ،‬وهذا من عالمات ايمانه �أما من ال ي�شعر‬
‫بذلك الندم وال�ضرر لما وقع فيه من اثم ولما �سي�ؤل �إليه من‬
‫عذاب اهلل يوم الجزاء فلي�س بم�ؤمن فال�ض ّر لي�س فقط البالء‬
‫الذي يقع فيه الإن�سان بل �ضر المعا�صي اعظم من �ض ّر البالء‬
‫لأن �أي بلأ �أيها الأحبة يبد�أ كبير ًا ثم ي�صغر حتى تن�ساه كما �إذا‬

‫((( الإ�سراء‪ ،‬الآية‪.١١٠ :‬‬


‫فقدت عزيز ًا �أو كنت فقير ًا ثم فتح اهلل عليك بعد حين لكن‬
‫المعا�صي ت�صبح حجب ًا بينك وبين اهلل ﭽﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﭼ حتى انك تجد انا�س ًا يلهجون ب�أيات اهلل وي�ستعملون‬
‫�شريعته لم�أربهم فك�أنك تجد �شيطان ًا يتلو قر�آنا كل ذلك لأنهم‬
‫لم يوفقوا لح�سن التوبة التي تبعد عنهم �ض ّر الذنب و�شدته‬
‫ولذلك يا رب �إذا لم توفقني للتوبة‪ .‬وترحم �ضرى فلن تفك‬
‫هذه القيود عني لأنني �أوثقت نف�سي بوثاق المعا�صي و�شددتها‬
‫بالذنوب التي ت�شدني �إلى العذاب و�إلى ال�ضراء البالء والى‬
‫قيود الأغالل ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭼ(((‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫(يا رب �أرحم �ضعف بدين ورقة جلدي ودقة عظمي)‬
‫�أيها العزيز تارة ينادي الأمير‪ A‬ربه با�سمه اللهم �أي‬
‫يا اهلل لما له من خ�صائ�ص عظيمه ا �شرنا الى بع�ضها ومن‬
‫خ�صائ�صه انه يناجي به ويبتهل اليه به وكذا يثبت الإ�سالم به‬
‫فهو داخل في �شهاده التوحيد �أ�شهد �أن ال �إله �إال اهلل‪.‬‬
‫و�أخرى ينادي الأمير ربه ب�صفة الربوبية لأنها ت�ستبطن‬
‫التدبير والحاكمية يا رب �إن بدني �ضعيف وجلدي رقيق تدميه‬
‫ال�شوكة وعظمي دقيق تك�سره العثرة‪ ،‬ارحم هذا ال�ضعف من‬ ‫‪96‬‬
‫عبادك لأن هناك الكثير ممن خلقت اعظم من خلقي فارحم‬
‫هذا الجلد الذي هو مركز الإح�سا�س فال تدخلني في النار‬
‫ولذلك يقول تعالى ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ ((( لم‬
‫يقل كلما ن�ضجت عظامهم لأن مركز االح�سا�س الجلد والعظم‬
‫((( الحاقة‪ ،‬الآية‪.٣٢ - ٢٩ :‬‬
‫((( الن�ساء‪ ،‬الآية‪.٥٦ :‬‬

‫ﭽﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ‬
‫ميت فكلما ا�ستوى الجلد �أو احترق اعاد خلقه ليبقى الإن�سان‬
‫ي�شعر بالعذاب ولذلك يا ربي جلدي رقيق وعظمي دقيق فال‬
‫تحرقني بالنار‪.‬‬

‫(يا من بد�أ خلقي وذكرى وتربيتي وبري وتعذيتي هبني البتداء‬


‫كرمك و�سالف برك بي)‪.‬‬
‫يا رب انت بد�أت خلقي ف�أرحمني‪ :‬وذكري‪ ،‬انظروا ما‬
‫�أجمل هذه الكلمة ذكر اهلل للعبد يعني رعايته له ولظفه به‬
‫ور�أفته وحنانه هذا الآله الغني المطلق يذكر من ذكره وي�شكر‬
‫من �شكره ما �أعظم هذا الرب الغني الذي يذكر عبده ولكن‬
‫الم�شكلة الكبرى �أيها الأحبة هي عندما ين�سانا اهلل ﭽﰀ‬
‫تاءاضإ‬

‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ‪ .‬واهلل تعالى ال ين�سى‬


‫�سبحانه لأن ذلك نق�ص وهو الكامل المطلق ولكن الن�سيان هنا‬
‫بمعنى الإهمال كما �إنك تجر�أت على اهلل ون�سيت ذكره وطاعته‬
‫في حياتك فاهلل يهملك في مماتك‪.‬‬
‫كذلك والعياذ باهلل قد يهملك في حياتك فيكلك �إلى نف�سك‬
‫وان وكلك �إلى نف�سك كنت من الهالكين ورد في الدعاء اللهم‬
‫ال تكلني الى نف�سي طرفة عين ابد ًا ف�أنك �أن وكلتني الى نف�سي‬
‫‪97‬‬ ‫هلكت‪.‬‬
‫فاهلل يتعمد �إهمالنا حتى ك�أنه ين�سانا بفعل �أعمالنا فاهلل‬
‫تعالى هو الذي كرمنا بذكرنا �إذا ذكرناه وهو الذي رباني فلوال‬
‫�أن اهلل لم يكتب لي عمر ًا ولم يوفق ابي للأتيان بالقوت ولم‬
‫يفوق �أمي للتعطف والرعاية لي ولم يبعد عني المهلكات لن‬
‫ا�ستمر في حياتي ف�أنت الذي ربيت �أنت الذي اعطيت ورزقت‬
‫وانعمت ونظرت والهمت وقويت ولذلك �أنت المربي الحقيقي‪.‬‬
‫فك�أنه يريد �أن يقول هلل عز وجل يا رب ما بد�أت به من خلقي‬
‫وتربيتي ورعايتي تممه بقبول عذري ورحمتي والعفو عني لأنك‬
‫�صاحب البر �أي المح�سن �إلى و�أنت الذي غذيتني مادي ًا و�أنت‬
‫الذي غذيتني روحي ًا من خالل الوحي وبعث الأنبياء ف�أنت‬
‫دللتني عليك ولوال �أنت لم اد ِر ما �أنت فكما رعيتني ج�سديا‬
‫ورعيتني روحي ًا �أكمل رعايتك لي بقبول العذر والمغفرة وهذا‬
‫معنى هبني البتداء كرمك و�سالف برك بي‪.‬‬
‫كم قداعطيتني يا رب ومنحتني ورزقتني ورعيتني في‬
‫�سالف ايامي بلطفك كم دفعت عني بالء ربما كانت نهايتي به‬
‫دفعته عني كل هذا ب�إح�سانك وبرك‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫(يا �إلهي و�سيدي وربي ‪ -‬اتراك معذبي بنارك بعد توحيدك‬
‫وبعدما انطوى عليه قلبي من معرفتك ولهج به ل�ساين من ذكرك‬
‫واعتقده �ضمريي من حبك)‪.‬‬
‫انا�شدك و�أناديك مرة �أخرى يا �سيدي لأنك ال�سيد المطاع‬
‫المدبر ف�ساد في حكمه كل مخلوقاته وربي الذي دبرت كل‬
‫قوانين الكون والموجودات �أيمكن يا �إلهي اتراك معذبي �أن‬
‫تعذبني بعد كل الطافك ورعايتك وتربيتك يا رب ك�أن ح�سن‬
‫ظني بك يركن الى عدم تعذيبي لأنه ال حد لكرمك ورعايتك‬ ‫‪98‬‬
‫الذي �شعرت به في حياتي حتى ال�شهيق والزفير لو �أنك منعته‬
‫لتوقفت حياتي فكل هذا من عطائك ومنك رفة رم�شى‪ ،‬طعامي‬
‫و�شرابي حركة يدي و�أناملي تكبيري وتكثيري بعد �أن كنت‬
‫وحيد ًا فقير ًا كان بمنك وعطائك ف�ض ًال عن عقلي ومنطقي‬
‫بعد جهلي وقلة معرفتي يا �إلهي كل �شيء منك و�إليك وبلطفك‬
‫ورعايتك كل هذا الكرم الوا�سع والرعاية ال�شامله يمكن �أن‬
‫تتخلى عني عندما احتاج اليك في �آخرتي �إن ح�سن ظني بك‬
‫يمنعني ان افكر هكذا وهذه �أيها الأحبة مخاطبة الر�أفة الإلهية‬
‫من العبد الذي اقر بالعبودية واعترف بالتوحيد لك لم �أ�شرك‬
‫بك �شي�أً �أواحد ًا ال في عقيدتي وال في طاعتي وعملي كما فعل‬
‫الكثير من �أهل الأديان‪.‬‬
‫اخرجت من قبلي وعقلي كل معبود �سواك فلم يتربع على‬
‫عر�ش قلبي �إال �إله واحد �أحد ال �شريك له هو �أنت يا �إلهي حتى‬
‫عندما قمت بالعمل لم �أجد �أحد ًا و�أنى يكون لهذا الأحد معك‬
‫ان يرزقني ولم �أجد �أحد ًا يطعمني �أو ي�سقيني ويرعاني �أنت‬
‫وحدك رزقت ولذلك �أوحدك كما وحدتك كل الأنبياء‪� ،‬أيها الأحبة‬
‫لقد جا�ؤا بكلمة واحده‪� ،‬أن �أعبد اهلل الذي ال �إله �إال هو مالك‬
‫تاءاضإ‬

‫الملك ذو الجالل واالكرام لقد نطق بالتوحيد �آدم ونوح ومو�سى‬


‫وعي�س ومحمد‪ D‬وكل الأنبياء جا�ؤوا بالتوحيد و�أخرجوا‬
‫�أقوامهم من براثن ال�شرك التي عاد �إليها بلبا�س الأديان كثير‬
‫من الأقوام‪.‬‬
‫وبعدما انطوى عليه قلبي من معرفتك هذه العبارة ايها‬
‫العزيز مهمة جد ًا كيف ينطوي القلب على معرفة التوحيد‬
‫مجرد كلمة ال �إله �إال اهلل تكفي‪� ،‬أم ال بد من ترجمه التوحيد‬
‫‪99‬‬ ‫عم ًال وطاعة‪� ،‬إذا لم نتدبر ونفهم معنى التوحيد و�آيات اهلل‬
‫الكريم والكتاب العظيم ال يمكن التعمق في معنى التوحيد‬
‫ولذلك نجد كثير ًا ممن يح�صل على مراتب علمية لكن ال‬
‫ينطوي قلبه على التوحيد الخال�ص‪.‬‬
‫لأن طريق المعرفة الى التوحيد لم يكن �صافي ًا كان عن‬
‫طريق الف�سلفة التي جعلت من الأنبياء والأولياء و�سائط الفي�ض‬
‫بين اهلل والعباد فيرزقون ويخلقون ب�إذن اهلل وكان تقدي�س‬
‫الالمقد�س وادخال العادات الن�صرانية �إلى الإ�سالم وقبلهم‬
‫البوذية وغيرهم والأفكار الرهبانية الالهوتية �إلى العقيدة‬
‫كما فعلت بع�ض ال�شيخية والبابيه وقبلهم بع�ض ال�صفوية‬
‫وقبلهم فرق الغلو وحتى بع�ض طرق ال�صوفيه فقد�سوا القما�ش‬
‫وعامود الزاوية والخواتم وحافظوا على �شعارات مخترعه‬
‫و�أعمال مبتدعه وجعلوا ت�أثير ًا للراية في هذا المقام �أو ذاك‬
‫الى غير ذلك لو �أردنا ذكره لطال بنا الكالم مما �أدخلوه على‬
‫الأديان يهود ًا ون�صارى و�إ�سالم‪ ،‬خربوا به �صفاء التوحيد مع‬
‫نطقهم بكلمة التوحيد‪ .‬وطبع ًا مع عدم حكمنا عليهم بالخروج‬
‫عن التوحيد بل عن �صفائه‪.‬‬
‫فكل هذه الطرق ت�سد معرفة حقيقية التوحيد و�أن من �أخذ‬

‫تاءاضإ‬
‫بالفطره والقر�آن الذي انتهل منه ر�سو ل الإ�سالم و�أهل بيته‬
‫الأطهار ترجمان القر�آن لو�صل �إلى حقيقة التوحيد عن طريق‬
‫واحد توحيد الذات وال�صفات وعدم م�شاركة �أحد معه فيها‬
‫(�سبحانه وتعالى عما ي�شركون) (ولهج به ل�سان من ذكرك‬
‫يا رب ف�أنت دعيتني �إلى ذكرك وامرتني به ووفقتني الذكرك‬
‫فلك الحمد على ذلك (واعتقده �ضميري من حبك) انا يا رب‬
‫في حبي اياك عا�شق وله متيم‪ ،‬و�صل حبك الى �شغاف قلبي‬
‫فملك كل كياني وجوارحي وم�شاعري ف�أحببتك لأنك �أني�سي‬ ‫‪100‬‬
‫وجلي�سي مع�شوقي ومالذي لأنك ت�ستحق �أن تحب و�أن تع�شق‬
‫ف�أنت قلت ‪:‬‬

‫ﭽ ﮉﮊﮋﮌﮍ ﭼ‬
‫(وبعد �صدق اعرتاف ودعائي خا�ضعا ً لربوبيتك)‬
‫بعد هذه الجولة من الإعتراف بين يديك اعتراف �صادق‬
‫من القلب والعقل‪ ،‬وبعدهذا الدعاء لك ال ل�سواك مما ذكرته‬
‫بين يديك وال�صدق �أيها الأحبة هو الو�سيلة لقبول العمل‬
‫و�إ�ستيجاب التوبه والنظر من اهلل تعالى ف�إذا قمت في الدعاء‬
‫فانطق بكلمات ال�صدق في االعتراف والتوبة‪ ،‬و�إال ا�ستحققت‬
‫الخ�سران لأن اهلل تعالى يوم القيامه �سيف�ضح �آمرنا فنحن‬
‫نقول في �صالتنا ع�شر مرات �إياك نعبد و�إياك ن�ستعين ‪ -‬وربما‬
‫تكون كاذب ًا �إذا كنت تعبد معي غيري وت�ستعين معي بغيري و�أنا‬
‫ال �أر�ضى ب�أن تعبد �أو ت�ستعين ب�أحد �سواي ف�صدق الأعتراف‬
‫والخ�ضوع هو الأ�سا�س في قبول التوبة والطريق الى المعرفة‬
‫وت�أكيده على �صدق الأعتراف لأن الإن�سان قد يخ�ضع باالعتراف‬
‫تحت ت�أثير ما لكنني اعترف ب�صدقٍ بربويتك و�سلطانك ‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫هيهات �أنت �أكرم من ان ت�ضيع من ربيته �أو تبعد من ادنيته �أو‬


‫ت�رشد من �آويته‪.‬‬
‫�أي ُبعد يا رب هيهات كيف تعذبني بعد �صدق الأعتراف‬
‫والخ�ضوع والعبادة لك وتوحيدك‪� ،‬أن ت�ضيع تربيتك لي‬
‫ورعايتك لي‪� ،‬إنه ي�ستجلب عاطفة اهلل وحنانه يا رب بعيد �أن‬
‫تعذبني وقد رعيتني وربيتني ف�أن من يربي حيوان ًا ي�ألفه وي�أن�س‬
‫‪101‬‬ ‫به فال يتركه فكيف بك يا �ألهي وقد رعيتني ووفقتني لعبادك‬
‫وتوحيدك نعم لو كنت متجرء�أ �إلى حد عدم توحيدك وترك‬
‫طاعتك لما كنت مالم ًا في عذابي �إذ �أنني ا�ستحقه لكن �أنا�شد‬
‫كرمك ال ت�ضيع رعايتك لي فمن يرجع الى اهلل �أيها الأحبة‬
‫يقبله اهلل �أما من ال يرجع �إليه �سيعذبه وهذه الكلمات �أيها‬
‫الأحبة هي بذاتها �أقرار وتوبة واعتراف واهلل يقبل من عبده‬
‫ذلك‪ ،‬والكريم يا ربي ال ي�ضيع من رباه فكيف و�أنت �أكرم من‬
‫كل كريم‪.‬‬
‫�أو تبعد من �أدنيته �أنت قربتني منك وناديتني فقلت‬
‫ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕﭼ �أنت تنادينا دائما لنعود �إليك‪ -‬لقد فتحت بابا‬
‫لعبادك �سميته التوبة فقلت توبوا الى اهلل فما عذر من اغفل‬
‫دخول الباب بعد فتحه كل يوم يفتح اهلل تعالى �أبواب رحمته‪،‬‬
‫�أوقات ال�صالة وقبل الفجر و�أيام الجمعة ولياليها و�أيام رجب‬
‫و�شعبان ورم�ضان وهو م�ستعد �أن يقبل المنيبين �إليه والت�آبين‬
‫مهما كانت معا�صيهم كبيرة و�أفعالهم �شنيعة يقبل توبتهم‬
‫ويقربهم ويدنيهم �إذاتابوا يا رب من �أدينته بهذا ال�شكل وقبلته‬
‫كيف تبعده عنك هيهات او ت�شرد من �أوتيه فقد �أويت العباد‬

‫تاءاضإ‬
‫ب�إر�ضك ورزقتهم من كل النعم والثمرات وقربتهم منك فمن‬
‫يفعل ذلك وهو الكريم ال يمكن �أن يبعدهم وهم يعودون �إليه‪.‬‬
‫�أو ت�سلم �إلى البالء من كفيته ورحمته‪� ،‬أعظم البالء �أيها‬
‫العزيز دخول النار لي�س �شر ب�شر بعده الجنة وال خير بخير‬
‫بعده النار لوجمع كل خير الدنيا لك و�آخرتك �إلى النار فما‬
‫فائدة هذا الخير ولو جمع لك �سلطان الدنيا وذهبها وجواهرها‬
‫وق�صورها وخدمها وكنت ذا �صحة جيدة وتنعمت مدة ثم �إلى‬
‫النار فما هو هذا الخير ولو ع�شت كل م�أ�ساة الدنيا وبالءتها‬ ‫‪102‬‬
‫ثم كان �آخرتك الى الجنة فما قيمة هذا ال�شر �أو ال�س�ؤ الذي‬
‫عانيته هذا منطق علي‪ A‬انا م�ستعد �أن �أتحمل كل �ألوان‬
‫البالء والألم وال�ش ّدة والفقر والمر�ض المهم �أن النتيجة الى‬
‫الجنة فليكن كل هذا البالء ما دام في ر�ضاك يا رب‪.‬‬
‫ف�أنت يا رب تكفلت بي ورحمتني فال ت�سلمني للبالء لأنني‬
‫ال �أقوى عليه وربما ا�سقط امامه فاحفظني كي ال ا�سقط وانت‬
‫قلت ليﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﭼ‪.‬‬

‫(ليت �شعري يا �سيدي و�إلهي وموالي ات�سلط النار على وجوه‬


‫خرت لعظمتك �ساجدة)‬
‫يا رب عندما ي�سجد لك بدني خ�ضوع ًا وت�سجد لك روحي‬
‫خ�شوع ًا ف�أحقق بهذا ال�سجود القرب منك لأنه كما ورد في‬
‫الحديث اقرب ما يكون العبد �إلى ربه حال �سجوده ثم تنقاد‬
‫نف�سي لطاعتك �أفهل بعد هذا تدخلني النار حا�شاك �إن م�شاعري‬
‫وقلبي وعقلي وظني يحدثني �أنك بعد هذا ال�سجود ال يمكن ان‬
‫تعذبني ال لأنني ا�ستحق ذلك بل لأنك الرب الكريم الذي ال‬
‫يتعاظمه غفران الذنب العظيم لذلك �أيها العزيز عندما تنطق‬
‫تاءاضإ‬

‫بهذه الكلمة وت�سجد بين يدي اهلل �أجعل كل جوارحك �ساجده‬


‫�سجود الل�سان فابعده عن الحرام �سجود العالقات فابعدها‬
‫عن المواقف الظالمة �سجود الأعمال ف�أجعلها في طاعة اهلل‬
‫كن مع كل هذا الوجود �ساجد ًا قال تعالىﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ ‪ 5‬الرعد ‪ -‬ف�سجود الإن�سان طاعته‬
‫هلل تعالى بالإختيار ‪ -‬والجمادات والحيوانات الغير عاقله‬
‫بالإكراه‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫(وعلى �أل�سن نطقت بتوحيدك �صادقة وب�شكرك مادحة)‬
‫يا رب بذكرك عا�ش قلبي وبمناجاتك بردت �ألم الخوف‬
‫من نف�سي ونطق بما عقد عليه القلب ل�ساني فذكرتك موحد ًا‬
‫ومهل ًال ومكبر ًا وم�سبح ًا ومادح ًا و�شاكر ًا فكيف تعذبني حا�شاك‬
‫و�أنت الكريم‪.‬‬
‫(وعلى قلوب اعرتفت ب�إلهيتك حمققة)‬
‫يا رب لقد و�صلت الى اليقين بك وب�أنك غيب ال تدرك‬
‫ذاتك وال يعلم كنهك فجللت عن الأب�صار والأنظار والحوا�س‬
‫والأفكار لأنه لي�س كمثلك �شيء وال يدركك �شيء عقدت قلبي‬
‫على هذا اليقين بعد �أن حققته بالمعرفة فكيف تعذب هذا‬
‫القلب الذي وحدك وابتعد عن ال�شك بك ب�أنك الإله الذي ال‬
‫�إله غيره والمدبر الذي ال مدبر غيره والخالق الرازق الذي ال‬
‫خالق وال رازق غيره والمعين الحافظ الذي ال معين وال حافظ‬
‫غيره وهكذا في كل ا�سمائك التي هي عين ذاتك ج ّلت ا�سما�ؤك‬
‫و�سمت ذاتك وتنزهت عن مجان�سة مخلوقاتك‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫(وعلى جوارح �سعت �إىل �أوطان تعبدك طائعة ‪ -‬وا�شارت‬
‫با�ستغفارك مذعنة )‬
‫وبعد هذا الإيمان والو�صول �إليك بالدليل والبرهان انقادت‬
‫نف�سي اليك وقامت جوارحي بين يديك و�سعت ارجلي الى كل‬
‫مواقع طاعتك التي امرتني �أن اعبدك فيها كالذهاب الى‬
‫الحج حيث قلت ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﭼ‬
‫(((‪ .‬و�إلى بيوتك في الأر�ضﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭼ‬ ‫‪104‬‬
‫((( وجعلت الثواب العظيم على �صالة الجماعة والم�شي الى‬
‫الم�ساجد فاذعنت يا رب كل جوارحي بالإيمان بك وتوحيدك‬
‫وكانت �إ�شا رات توحيدها ال�سي ُر الى بيوت طاعتك في الأر�ض‬
‫وتحريك الل�سان بالإ�ستغفار وا�شارة الجوارح بذلك حتى �إذا‬
‫((( �آل عمران‪ ،‬الآية‪.٩٧ :‬‬
‫((( الجن‪ ،‬الآية‪١٨ :‬‬
‫ما �سولت لي نف�سي وعدت الى المع�صية ذكرت ورجعت الى‬
‫اال�ستغفار النني يا رب ال املك الع�صمة للأمتناع عن الخطاء‬
‫�إال بالإرادة والتوفيق ولذلك تغلبني نف�سي تارة و�أغلبها �أخرى‬
‫قال تعالىﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ(((‪.‬‬

‫(ما هكذا الظن بك وال �أخربنا بف�ضلك عندك يا كرمي)‬


‫يا ربي �أن ظني بك هو انك تح�سن �إلي وتتجاوز عن خطئي‬
‫فلن تعذب وجهي الذي �سجد بين يديك وال ل�ساني الذي ذكرك‬
‫وا�ستغفرك ومدحك وال �أرجلي التي �سعت �إلى مواطن طاعتك‬
‫لأنك اخبرتنا ب�أنك تعفوا عن الذنب وتقبل التوبة عن عبادك‬
‫تاءاضإ‬

‫وتحب التوابين ف�أنت �صاحب الف�ضل على المذنبين لأنك يا‬


‫رب انت الكريم‪.‬‬

‫( يا رب و�أنت تعلم �ضعفي عن قليل من بلأ الدنيا وعقوباتها‬


‫وما يجري فيها من املكاره على �أهلها على �أن ذلك بالء ومكروه‬
‫قليل مكثه ي�سري بقا�ؤه ق�صري مدته)‪،‬‬
‫فها �أنا يا �إلهي ا�ستعطفك واتو�سل اليك لأنك القوي و�أنا‬
‫‪105‬‬ ‫ال�ضعيف ف�أنت من خلقتني وخلق الإن�سان من �ضعف و�أنت‬
‫�أعلم ب�ضعفي فقد ابليت يا رب بالمر�ض والفقر والجوع والألم‬
‫والخوف وما الى ذلك مما يقودني الى ال�سقوط امام المغريات‬
‫فا�ضعف لفقري و�أ�ؤيد الظالمين الح�صل على المال وهكذا‬
‫في �سائر الأحوال يا رب تعلم هذا ال�ضعف الذي ا�سقطني من‬

‫((( الأعراف‪ ،‬الآية‪.٢٠١ :‬‬


‫عينك عندما �ضعفت �أمام �شهواتي وبلآتي ولكني بك يا رب‬
‫اتخل�ص من هذا ال�ضعف وهذه العقوبات الدنيوية والمكاره‬
‫التي ت�صيب �أهلها مم هو بالء مكروره ولكنه قليل المكث‬
‫و�سريع الزوال لأن العمر مهما امتد بالإن�سان �سينتهي فبقا�ؤه‬
‫ي�سير ومدته ق�صير‪.‬‬
‫(فكيف احتمالي لبالء الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها‬
‫وهو بالء تطول مدته ويدوم مقامه وال يخفف عن �أهله لأنه ال‬
‫يكون �إال عن غ�ضبك و�أنتقامك و�سخطك) ولكن يا رب البالء‬
‫الذي ال يتحمل والعذاب الذي ال يخفف والنيران التي ال تطفىء‬
‫وال�سخط الذي ي�ستمر هو يوم القيامه ودخول النار وهذا ال‬
‫يكون �إال عن غ�ضبك يا جبار فاعوذ بك من ف�ضيحة العار يا‬

‫تاءاضإ‬
‫رب ال طاقة لي على تحمل غ�ضبك وال طاقة لي على انتقامك‬
‫وال حيلة لي ب�سخطك لذلك �أن احتملت البالء والآم في الدنيا‬
‫فال ا�ستطيع �أن اتحمله في الآخرة‪.‬‬
‫لأن ال�سموات والأر�ض يا رب ال تقوم �أو تقوى على �سخطك‬
‫فكيف بهذا العبد ال�ضعيف الذي ال يملك لنف�سه حو ًال وال قوة‪.‬‬
‫(يا �سيدي فكيف بي و�أنا عبدك ال�ضعيف الذليك الحقير‬
‫الم�سكين الم�ستكين) يا رب انا ا�ستح�ضر دائم ًا هذه المعاني‬
‫بين يديك ال �شعر بحقارتي مهما كنت عظيما وب�ضعفي مهما‬ ‫‪106‬‬
‫كنت قوي ًا وبذلي مهما كنت عزيز ًا في قومي وم�سكنتي مها‬
‫كنت م�ستغني ًا عن النا�س فال ا�ستغني عنك لأنني الفقير �إليك‬
‫ﭽﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﭼ‪.‬‬
‫وا�ستكانتي �إليك بكل �أموري وحاجاتي حتى نف�سي احتاجه‬
‫منك �أيها العزيز �إذا كانت نف�سك ال تقبل مثل هذه الكلمات بين‬
‫يدي اهلل ف�أعلم �أنك من الم�ستكبرين الذين طردوا من رحمته‬
‫ا�شعر قلبك كل الوان الحقاره �أمام اهلل لأنك ال �شيء امامه‬
‫بل كل الوجود و�أعظم من في الوجود محمد‪D‬وعلي و�أهل‬
‫البيت ‪ A‬ال �شيء �أمام عظمه اهلل ولذلك نطق الإمام بهذه‬
‫الكلمات وهو المع�صوم والخليفة والزعيم والقا�ضي والحاكم‬
‫والمتوا�ضع وهو ما هو عليه من اجتماع اطراف المجد �إليه لأنه‬
‫جمع العلم والحلم والحاكميه والأمامه وخالفة خاتم النبين‬
‫وغيرها من �صفات الكمال الإن�سانيه للدنيا والآخرة ومع ذلك‬
‫ي�شعر �أمام اهلل بكل هذه الم�سكنة وال�ضعف لأننا ال �شيء امام‬
‫اهلل عز وجل واذا كان علي‪ A‬كذلك فمن نحن حتى ن�ستعلى‬
‫ونعجب بانف�سنا ومالنا وقوتنا وجمالنا ولم نح�صل على �شيء‬
‫من �صفاته ‪ A‬لذلك �أيها الحبيب اتخذ علي ًا قدوتك في‬
‫تاءاضإ‬

‫الحياة ت�سلم من الكبر والعجب المهلك والمحبط للعمل‪.‬‬

‫(يا �إلهي وربي و�سيدي وموالي لأي الأمور �إليك �آ�شكو وملا منها‬
‫ا�ضج و�أبكي لأليم العذاب و�شدته �أم لطول البالء ومدته فلئن‬
‫حريتني للعقوبات مع اعدائك وجمعت بيني وبني �أهل بالئك‬
‫وفرقت بيني وبني �أحبائك و�أوليائك)‬
‫يا �إلهي فلي�س لي معبود ًا غيرك وربي فال مدبر لأموري‬
‫‪107‬‬ ‫و�أمور الكون غيرك ﭽ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﭼ و�سيدي ف�أنت‬
‫�سدت الحياة ب�أنظمتها وهيمنتك عليها وموالي فال مولى لي‬
‫غيرك ين�صرني ويخل�صني ويحميني ماذا ا�شكو اليك لن �أي�أ�س‬
‫من رحمتك ولن �أقنط من عفوك ف�أنت دعوتني �إليك ﭽ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﭼ‪.‬‬
‫ولذلك �س�أ�شكوا �إليك لأنك القريب من عبادك ﭽ ﯭ ﯮﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﭼ (((‪.‬‬
‫لأنني يا رب خائف من امرين من �شدة العذاب و�ألمه ومن‬
‫طوله وبقائه وكالهما ال احتمله لذلك قادتني نف�سي للبكاء بين‬
‫يديك ف�أعني بالبكاء على نف�سي فقد افنيت بالآمال والت�سويف‬
‫عمري فمن يخل�صني غيرك يا رب ها �أنا ا�ضج بين يديك‬
‫لتخل�صني وت�أمنني من �ألم العذاب وطول مدته و�أهل العذاب يا‬
‫رب هم اعدا�ؤك الذين تحدوا ارادتك وعبدوا �سواك وا�شركوا‬
‫بك �أو الذين تجاوزوا حدودك لكنني يا رب عندما ع�صيت لم‬
‫�أكن بربويتك جاحد وال ب�سخطك متعر�ض ولكن بليه عر�ضت‬
‫و�سولت لي نف�سي و�أعانني عليها �شقوتي وغرني �سترك المرخى‬
‫علي فالأن من عذابك من يخل�صني ومن �أيدي الخ�صماء غد ًا‬

‫تاءاضإ‬
‫ّ‬
‫من يع�صمني لذلك يا رب ال تجمعني مع �أعدائك الذي ابتليتهم‬
‫بالمع�صية فتعدوها وال تفرق يا رب بيني وبين �أحبابك �أهل‬
‫طاعتك الذين اخل�صوا لك الدين والعمل فكانوا �أوليائك بحق‬
‫لأنهم والوك ولم يوالوا �أحد ًا �سواك‪.‬‬
‫(يا �إلهي و�سيد وموالي وربي �صبرت على عذابك فكيف‬
‫�أ�صبر على فراقك وهبني �صبرت على ح ّر نارك فيكي �أ�صبر‬
‫عن النظر الى كرامتك) مرة �أخرى و�أخرى انت �إلهي ومعبودي‬
‫الذي طار فيك عقلي وانت ال�سيد الأمر الناهي و�أنت المولى‬ ‫‪108‬‬
‫النا�صر المنجي المغيث المعطي و�أنت الرب المدبر المهيمن‬
‫على الكون كله‪.‬‬
‫لو �أنني يا رب ا�ستطعت ان ا�صبر على عذابك لأن الحبيب‬
‫يرى الألم من حبيبه هدية بل ي�شعربلذة في الألم والعذاب �إذا‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.١٨٦ :‬‬


‫كان ذلك ير�ضى مع�شوقه بل م�ستعد لتحمل ال�صعاب مهما‬
‫عظمت ولو قطع واحرق �إذا كان ي�سعد مع�شوقه و�أي �سعادة‬
‫في �ألم الجرح و�أي �سرور في عذاب القطع و�أي حالوة في‬
‫تحمل ال�صعاب لأن الحبيب ملك �شغاف القلوب و�سيطر على‬
‫كل ارجائه وتربع على عر�ش قلبه ف�أ�صبح ينب�ض حب ًا ويرتل‬
‫ع�شق ًا ويت�ألم �سعادة ويتحرك انجذاب ًا ويتنف�س ذكر ًا للحبيب‬
‫�أنا يا رب يا مع�شوقي وحبيبي م�ستعد لتحمل العذاب لكني‬
‫ل�ست مت�سعد ًا لتحمل �ألم الفراق ولو للحظة الحبيب يتحمل‬
‫كل �آالم حبيبه ولكن ال يتحمل لحظة من فراق‪ ،‬لذلك ربما‬
‫يعطني حبك وع�شقك ال�صبرعلى الألم والنار كما ت�صبر الأم‬
‫تاءاضإ‬

‫والمر�ضعة على تحمل الم�شاق ولو �أحرقت بالنار لتحافظ على‬


‫طفلها لكنني ال اتحمل فراقك لحظة وال املك ال�صبر على‬
‫ذلك �أيها الأحبة نحن نحاول �أن نفهم معنى هذه الكلمات‬
‫هذه الرتبه العاليه من الع�شق بين الأمير وربه �سبحانه عندما‬
‫اقر�ؤها اتلوها بل�سانه لأنني لم �أ�صل �إلى هذه الرتبة مع ربي‬
‫التحمل النار في حبه وال اتحمل الفراق ولنفر�ض انني تحملت‬
‫يا رب ح ّر النار و�صبرت عليها وتحملت الفراق الذي قطعت‬
‫و�صاله عني ف�أين كرمك يا رب الذي رافقني طيلة حياتي فكيف‬
‫‪109‬‬ ‫ين�ساني بعد مماتي �أنا ال�صغير الذي ربيته و�أنا ال�ضعيف الذي‬
‫قويته و�أنا الفقير الذي �أغنيته و�أنا الواحد الذي كثرته بالعيال‬
‫والمال والذكر الح�سن و�أنا ما �أنا من �ضعفي لم تولني �إال‬
‫الجميل والكرم في حياتي فكيف ان�س كل هذا الكرم والعطاء‬
‫والرعاية والعطف والحنان والر�أفة علي اليوم فلو �صبرت على‬
‫النار لم �أ�صبر على مفارقه كرمك كله‪.‬‬
‫وهكذا ي�ستمر هذا الإبتهال الرائع الذي تتجلى فيها طيب‬
‫الم�شاعر مع المع�شوق والحبيب بهذه اللغة التي تخرج من‬
‫�أعماق القلب ال من طرف الل�سان والتي تحاكي الأحا�سي�س‬
‫والوجدان والتي ت�شعر بعظمة الرحمان وجبروت الديان فهذا‬
‫هو الع�شق الكبير الذي ي�ستطيع معه الإن�سان ال�صبر على‬
‫العذاب لكنه ال ي�ستطيع ال�صبر على فراق حبيبه فهبني يا‬

‫تاءاضإ‬
‫�إلهي و�سيدي وموالي �صبرت على عذابك فكيف ا�صبر على‬
‫فراقك وهبني �صبرت على حر نارك فكيف ا�صبر عن انطر‬
‫الى كرامتك ‪ -‬ان كرامتك يا �سيدي ت�أبي �أن تعذب المحبوب‬
‫والعا�شق والمبتهل �إليك‪.‬‬

‫(�أم كيف �أ�سكن يف النار ورجائي عفوك‪ -‬فبعزتك اق�سم �صادق‬


‫لئن تركتني ناطقا ً ال�ضجن �إليك بني �أهلها �ضجيج الأملني‬
‫وال�رصخن �إليك �رصاخ امل�ست�رصخني)‬
‫عندما ا�سكن يا رب النار ات�س�أل كيف يدخلني معبودي‬ ‫‪110‬‬
‫ومحبوبي �إلى هذه النار فقد تعلق رجائي بعفوك من خالل‬
‫عملي وطاعتي لك وابتهالي بين يديك لم اعلق رجائي كما يعلق‬
‫الأمن من مكر اهلل فيركن �إلى الدنيا وال يطيعك ثم ي�أمل عفوك‬
‫بل �أنا يا �إلهي اطعتك وانبت �إليك وخ�شعت بين يديك لذا اعلق‬
‫املي عليك لأنني ع�شت ال�صدق في العمل والطاعة والتوحيد‬
‫فرجائي لي�س من فراغ رجاء الإن�سان البطال العا�صي الذي‬
‫يبرر عدم عبادته ب�إن اهلل لي�س بحاجة �إلى�صالتي وعبادتي‬
‫فلم يعذبني فيوقعه ذلك في المع�صية‪.‬‬
‫انا يا رب ارجو ك رجا ًء متوازن مع خوفي فبمقدار ما �آخاف‬
‫منك ارجوك الن الم�ؤمن ال بد �أن يت�ساوى عنده طرفي الخوف‬
‫والرجاء فمن �أمن من عذاب اهلل �أو ي�أ�س من رحمة اهلل كان‬
‫من الخا�سرينﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ (((‪.‬‬
‫فلم ينطلق الرجاء من الرجاء الفارغ بل الرجاء الممتلئ‬
‫بالعبادة وال�صدق والطاعة يا رب انا ال ات�صور ان ت�سكنني في‬
‫النار مع طاعتي ورجائي وتعلقي برحمتك فبعزتك ‪� -‬أ�س�ألك‬
‫بهذه العزة التي تدل على كل �شيء وال ينق�ص �أح ٌد منها �شيئ‬
‫تاءاضإ‬

‫بل كل عزيز �أخذ عزته منك ف�أنت مذل كل عزيز ومعز كل‬
‫ذليل �أ�س�ألك بهذه العزة يا �سيدي يا من �ساد هذا الكون وموالي‬
‫ولي لي‬‫ولي في الدنيا والآخر وال ّ‬ ‫فال �أوالي �إال من واليت و�أنت ّ‬
‫�سواك اق�سم �صادق ًا ‪ -‬ال مجال لأن اكذب معك يا �إلهي لأنك‬
‫تعلم خائنه االعين وما تخفى ال�صدور والمطلع على خفايا‬
‫الأمور وكا�شف كل م�ستور وعالم كل مغمور‪.‬‬
‫لئن تركتني ناطق ًا ‪ -‬متكلم ًا‪ -‬لأنك تخر�س ال�سنة عبادك‬
‫‪111‬‬ ‫في النار يوم ي�أتيهم النداء ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ (((‪.‬‬
‫ممنوع �أن يعبر عن �آهاته و�آالمه �إال �أن ي�أذن اهلل تعالى ف�إذا‬
‫تركتني �أنطق داخل النار فلن ا�سكت وابكي و�أت�أوه بل �أ�ضج‬
‫�إليك بحبي لك �أحدث �أهل النار عن م�شاعري عن الحب الكبير‬
‫والأمل الكبير الذي �أكنه لك و�س�أ�صرخ ب�أعلى �صوت منادي ًا لك‬
‫((( يو�سف‪ ،‬الآية‪.٨٧ :‬‬
‫((( الم�ؤمنون‪ ،‬الآية‪.١٠٨ :‬‬
‫ولرحمتك وعطفك �صراخ المحب اللذي ال ي�ألمه العذاب بقدر‬
‫ما ي�ؤلمه الفراق‪ ،‬والبكين مع �صراخي بكاء الفاقدين للحبيب‬
‫المع�شوق ولأنادينك �أينما كنت ‪� -‬أي في �أي مكان كنت �أنا فيه‬
‫�س�أناديك ولن يغيب ندا�ؤك عن ل�ساني وال حبك عن قلبي وقد‬
‫يقال اينما كنت �أي اينما كنت يا �إلهي ال بمعنى انك يخلو منك‬
‫مكان فانت في كل الأمكنة ومحيط بكل الأزمنة بل �أنت خالق‬
‫الزمان والمكان وربما المق�صود بكان التامه كان الوجودية ال‬
‫كان الناق�صة‪.‬‬
‫�س�أناديك يا ولي الم�ؤمنين النك ولي كل مخل�ص ومحب‬
‫وت�أب‪ ،‬واما الخائن الكاذب الزاني وليه ال�شيطان ومن يطع‬
‫الزعماء وليه ال�سلطان ‪� -‬أما الم�ؤمن وليه اهلل لأنه ال ينقاد‬

‫تاءاضإ‬
‫�إال لأمر اهلل ‪ -‬ف�إذا �أمره ال�شيطان وال�سلطان �أو الزعيم �أو‬
‫الع�شيرة ب�شيء يخالف �أمر اهلل ال يطيعهم لأن وليه اهلل ﭽﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ ((( وقال تعالى ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﭼ يعي�شون الوالية في اهلل واالنفتاح على �شريعة‬
‫اهلل في�صبحون كالعبد الواحد والكفار بع�ضهم �أولياء بع�ض‬
‫�أما الكفار والمنافقون �أوليا�ؤهم الطاغوت ولذا كل ما نراه من‬ ‫‪112‬‬
‫�أحداث على م�ستوى الأمن والحروب على م�ستوى االقت�صاد‬
‫وال�سيا�سه او على م�ستوى االجتماع والأفراد كل من ي�ستعين‬
‫في ذلك بغير الم�ؤمنين على الم�ؤمنين فهو موال للطاغوت‬
‫ولي�س هلل حتى لو قال ال �إله �إال اهلل وحتى لو لب�س عمه ر�سو ل‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٢٥٧ :‬‬


‫اهلل ‪D‬ونطق با�سمه على منابره من �أي مذهب كان هو يوالي‬
‫الطاغوت وال يوالي اهلل لأن من يوالي غير اهلل فقد كفر باهلل‬
‫ولي�س بال�ضرورة كفر العقيدة بل كفر العمل‪.‬‬

‫(والنادينك �أين كنت يا ويل امل�ؤمنني يا غاية �آمال العارفني)‬


‫الذين عبدوا اهلل من خالل المعرفة ال من خالل تقليد‬
‫الأباء بل تفكروا في ملكوت اهلل وتدبروا �آيات اهلل وو�صلوا �إلى‬
‫عظمته التي تجلت في كل �شيء فعبدوه واتبعوا ر�سله و�شريعته‪.‬‬
‫ولم يفتحو اعينهم على دين فالتزموه من دون تفكر وتدبر‬
‫كما يفعل الكثير من النا�س حيث ي�سيرون على خطى الموروث‬
‫من الأباء والأجداد وقد ذم اهلل تعالى هذا النوع من العبادة‬
‫تاءاضإ‬

‫من دون معرفة وتدبر حيث كانوا يردون دعوة محمد‪D‬‬


‫يقولهم ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ �أولو ﭼ‬
‫�آكان �آبا�ؤهم ال يعلمون‪.)...‬‬
‫وهكذا يرد الكثير من النا�س في هذا الزمان على الم�صلحين‬
‫الحاملين لواء تنقيه العقيدة الإ�سالمية من الخرافات والتخلف‬
‫والمنامات والبدع والمخترعات والمقد�سات المزيفة والأدعية‬
‫المزورة والزيارات التي فيها عبائر تخالف العقيدة والموروث‬
‫‪113‬‬ ‫من الأحاديث المكتوبة التي ملأت كتب الفريقين حتى و�صلت‬
‫ن�سبتها الى �أكثر من ت�سعين ففي المائة وما �إلى ذلك يردون‬
‫بقولهم نريد المحافظة على الم�شهور مثل ما قالته �أهل ال�سنة‬
‫نريد المحافظة على ال�سلف ال�صالح‪.‬‬
‫فالم�شهور عند ال�شيعة وال�سلف عند ال�سنة �أ�صبح عالمة‬
‫لكل بدعه وانحراف وخرافه مع احترامنا لما �صح من الم�شهور‬
‫وال�سلف فاالعترا�ض عليه لي�س بالمطلق‪.‬‬
‫ويواجهه ه�ؤالء ب�شتى النعوت التي تحمل ال�ضالل والتكفير‬
‫لمجرد ان تخالف فرقه هنا �أو عادة اعتبروها �شعيره هناك‬
‫منطق واحد لكل ال�شعوب في رد الحق بحجة المحافظة على‬
‫الموروث‪.‬‬
‫�أما العارف ف�إنه يعبد من خالل المعرفة ال التقليد من خالل‬
‫الفهم والتدبر والعلم والعرفان بالأمور ال العرفان المخترع‬
‫عند بع�ض النا�س مقابل الت�صوف عند بع�ض ال�سنة العرفان‬
‫لي�س معناه اوراد و�سولوكيات وك�شف للما ورائيات ب�صور‬
‫تعك�سها نف�سية هذا العارف �أو ال�صوفي بما ورثه وحمله في‬
‫نف�سه بل العارف هو الذي يحكم كل �أهوائه و�آرائه ومعتقداته‬

‫تاءاضإ‬
‫وتعامله مع النا�س وكل اموره القر�آن و�شريعة اهلل تعالى ‪.‬‬
‫ف�أنا غاية عبادتي لك معرفتك ومعرفتك يا رب تعطيني‬
‫الأمل في الخال�ص‪.‬‬

‫(يا غياث امل�ستغيثني)‬


‫المغيث ايها الأحبة هو اهلل و�إذا اعطى اهلل تعالى �أحد ًا من‬
‫خلقه قوة �أو قدرة �أعانك بها �أو اغاثك فغياثه من باب ت�سخير‬
‫اهلل لق�ضاء م�آربك غوث الداني الى الداني �أما عندما تطلب‬ ‫‪114‬‬
‫غوث الحاجة وغوث ال�شفاعة وغوث ال�شفاء وما الى ذلك فال‬
‫تطلبها �إال من اهلل لأنه غياث من ال غياث له ولذا من الخط�أ‬
‫ان يقال يا فاطمة اغيثيني �أو يا محمد اغثني �أو كما تقول‬
‫ال�صوفية الغوث يا حبيب اهلل �أو الطلب من �أي نبي �أو ولي بل‬
‫اطلب من اهلل ما طلب الأمير‪ A‬و�إذا اردت تو�سيط �أحد‬
‫ليكن دعائك وطلبك �صافي ًا من �شوائب ال�شرك فقل يا اهلل‬
‫�أغثني بفاطمة يا اهلل اغثني بمحمد وهكذا لأن المغيث هو اهلل‬
‫�سبحانه‪.‬‬

‫( يا حبيب قلوب ال�صادقني ‪ -‬ويا �إله العاملني)‬


‫اهلل تعالى ايها الأحبة يحب ال�صادقين ال�صادق في اغاثته‬
‫فال يبحث عمن يحتاج �إلى اهلل وغوثه ليطلب منه حاجته‬
‫فر�أيت �أن طلب المحتاج �إلى المحتاج �سفه من ر�أيه وظنه من‬
‫عقله‪ .‬كما يقول زين العابدين‪.A‬‬
‫و�إذا امعنا النظر في هذه العبارة لر�أينا حب اهلل مح�صور‬
‫في دائرة ال�صدق لذلك قال تعالى ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫تاءاضإ‬

‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ (((‪.‬‬

‫(ويا إله العالمين)‬


‫ال يوجد اله غيرك يا رب كل هذه العوالم عالم الدنيا‬
‫والآخرة عالم الأن�س والجن عالم الإن�سان والحيوان عالم‬
‫الأر�ض وال�سماء وما الى ذلك ف�أنت �إله كل �شيء وخالق كل‬
‫�شيء ورازق كل �شيء ومغيث كل �شيء و�إليك يرجع كل �شيء‬
‫‪115‬‬ ‫وتكفى من كل �شيء وال يكفي منك �شيء‪.‬‬
‫ثم يعود �إلى التذلل والخ�شوع مرة اخرى‬

‫(افرتاك �سبحانك يا الهي وبحمدك ت�سمع فيها �صوت عبد م�سلم‬


‫�سجن فيهامبخالفته وذاق طعم عذابها مبع�صيته وحب�س بني‬

‫((( التوبة‪ ،‬الآية‪.١١٩ :‬‬


‫اطباقها بجرمه وجريرته)‪.‬‬
‫افتراك يا رب و�أنت المنزه عن مجان�سة مخلوقاته الذي ال‬
‫�شبيه وال نظير وال ِّند وال �شريك وال مثيل لذاته �أو معه �أنزهك‬
‫يا �إلهي بذاتك و�صفاتك وهذا معنى �سبحانك ف�أنت المنزه عن‬
‫الإ�شباه والأ�ضداد وانت المنزه عن الأمثال والأنداد �سبحانك‬
‫وبحمدك فحقيقة الحمد لك والثناء عليك انت المحمود لما‬
‫خلقت و�أعطيت ورزقت و�سويت و�أمت و�أحييت و�أنت المحمود‬
‫في ذاتك و�صفاتك‪.‬‬
‫ت�سمع فيها‪� ،‬أنا�شدك يا رب بهذه المدحة �أن ت�ستمع �إلى هذا‬
‫العبد الم�سلم الذي �أ�سلم كل �أموره �إليك لأ نن�سى ال ارى تدبير ًا‬
‫لنف�سي الإ بك وال عون ًا �إال منك‪ ،‬الت�سليم هلل يعني مطلق‬

‫تاءاضإ‬
‫الخ�ضوع واالنقياد �إليه كما قال �إهلل تعالى لإبراهيم‪A‬‬
‫(�إذا قال له ربه ا�سلم قال ا�سلمت هلل رب العالمين) ومن دون‬
‫نقا�ش �أو مجادلة لأن هذا االله ي�ستحق العبادة واالنقياد �إليه‪.‬‬
‫مع تمام عبوديتي لك يا رب فقد �سجنت بهذه النار‬
‫بمخالفتي (�سجن فيها بمخالفته) و�أنت عادل ال يمكن �أن‬
‫تظلم عبدك ف�إذا حب�سته في نارك حب�سته بذنبه وذاق طعم‬
‫عذاب النار بذنبه وتجر�ؤه عليك لي�صول في طبقاتها مطبقة‬
‫عليه بما اقترفت يداه من الذنب والجرم والجريرة وكلها معانٍ‬ ‫‪116‬‬
‫لتعد حدود اهلل تعالى‪.‬‬
‫وقد ورد في بع�ض الأحاديث القد�سية �أن لجهنم �سبع طبقات‬
‫من نار ي�صول بع�ضها على بع�ض ‪ -‬وكذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ‬
‫فارحم نف�سك يا عبد اهلل ف�أن الجلد رقيق والعظم دقيق‬
‫والنار لظمي والمنادي ا�سرافيل والقا�ضي رب العالمين‪ ،‬لأن‬
‫احدنا �إيها العزيز يت�أذى من ح ّر ال�شم�س وحرارة الإم�ضاء‬
‫فكيف يحتمل هذه النيران نعوذ باهلل تعالى فاتقي هذا الحاكم‬
‫الذي ال حاكم معه وال وا�سطه لديه كما هي و�سائط الدنيا‬
‫عند زعمائها ونافذيها فاهلل تعالى وحده مالك يوم الدين‬
‫والمحا�سب لجميع العالمين‪.‬‬

‫(وهو ي�ضج �إليك �ضجيج م�ؤمل لرحمتك ويناديك بل�سان �أهل‬


‫توحيدك)‪.‬‬
‫وهو ي�ضج �إليك �ضجيج المت�أمل لخال�صه من هذه النار‬
‫النار �إلى رحمتك في فكاك رقبته فكثير من النا�س �أيها الأحبة‬
‫تاءاضإ‬

‫�سيقفون موقف الح�ساب وربما ال يعذبون لأنهم ماتوا وقد خلت‬


‫رقابهم من كل مع�صية كما الذين يب�شرون في الدنيا قبل‬
‫الآخرة لأنهم يختمون حياتهم بالتوبة ولي�س عليهم �شيء من‬
‫الواجبات ولذلك قيمة دعاء كميل �أيها الأحبة �أنك �إن حافظت‬
‫عليه تجدد التوبة كل خمي�س على الأقل �أما من ال يعرف الدعاء‬
‫وال ال�صالة وال الواجبات او ي�ستهزء بها وكل امر من �أمور‬
‫الدنيا �أهم عنده من ال�صالة ومقدم عليها ويعتذر ب�أعذار‬
‫‪117‬‬ ‫واهية فكيف �سيكون حاله‪� ،‬أيها العزيز اعطي لنف�سك وقت ًا ولو‬
‫ليلة الجمعة لتقف بين يدي اهلل تعالى حتى ي�سهل ح�سابك يوم‬
‫القيامة لأن العمل ينتهي والمال يبقى في الدنيا والعمر يفنى‬
‫ف�إذا هلك المرء قال النا�س ما ترك وقالت المالئكة ما قدم‬
‫هلل �آبا�ؤكم قدموا �شيئ ًا يكن لكم وال تخلفوا ك ًال فيكون عليكم ‪.‬‬
‫ويناديك يا رب لي�س بل�سان العا�صي وال ل�سان المق�صر وال‬
‫ل�سان المجرم بحق نف�سه وربه لأن هذا الل�سان لي�س �أه ًال لأن‬
‫يخاطب اهلل تعالى فيا رب انظر الى كلماتي وك�أنني ادعوك‬
‫بل�سان من ي�ستمع �إليه ل�سان �أهل التوحيد الذين اخل�صوا في‬
‫توحيدهم وهذا قمة الأدب مع اهلل تعالى لأن ال�ساني الذي جرت‬
‫عليه كلمة الفح�ش �أو الكذب �أو الغيبة �أو النميمة �أو غيرها من‬
‫المعيب ان يطلب �شيئ ًا منك فن ّزل يا رب ل�سان منزلة �أل�سنة‬
‫الموحدين العابدين لك لأنني ا�ستحي �أن اخاطبك بهذا الل�سان‬
‫ولكنني يا رب ال بد لي من الكالم وقد �أذنت لي بذلك و�آمرتني‬
‫بدعائك وقلت انك قريب من عبادك وانك تكفلت الإجابة فها‬
‫انا �أدعوك حياء بل�سان الموحدين المخل�صين‪.‬‬
‫والحظ معي �أيها الحبيب لماذا اختار ل�سان �أهل التوحيد‬
‫ولي�س �أهل الخ�شوع مث ًال �أو �أهل البكاء بل �أهل التوحيد لأن من‬

‫تاءاضإ‬
‫الممكن �أن يبكي الإن�سان �أويخ�شع ولكنه يعي�ش �شائبة ال�شرك‬
‫في طاعته �أوفي طلب حاجته �أو غير ذلك ولكن �أهل التوحيد ال‬
‫يرون تدبير ًا لهم في كل �أمورهم وحياتهم و�أنفا�سهم ودنياهم‬
‫و�آخراهم �إال اهلل �سبحانه وتعالى ولذلك �أهل التوحيد يعي�شون‬
‫�صدق المعنى و�صدق الإرتباط مع اهلل الذي يظهر من كل‬
‫حرف من حروف هذا الدعاء العظيم لأمير الم�ؤمنين‪A‬‬
‫الذي هو المع�صوم ولكنه ينزل نف�سه منزلة المق�صرين مع �أنه‬
‫موحد ب�صدقٍ خال�ص‬‫ٍ‬ ‫ر�أ�س من عرف التوحيد و�أعظم ل�سانٍ‬ ‫‪118‬‬
‫هلل بعد ر�سول اهلل‪D‬لأن التوحيد عند علي‪ A‬هو الأ�سا�س‬
‫في ال�صدق والخ�شوع والبكاء والأنقياد وكل �شيء من �شرائع‬
‫اهلل ا�سا�سه التوحيد ال �إله �إال اهلل رب ال�سماوات والأر�ض وما‬
‫بينهما وما تحت الثرى ما من �إله غيره �سبحانه وتعالى عما‬
‫ي�شركون‪.‬‬
‫(ويتو�سل �إليك بربوبيتك)‬
‫وهذا قمة الروعة في التو�سل �إلى اهلل عز وجل بحيث يتو�سل‬
‫الىاهلل بربويته التي اعطت الوجود كل �ألوان الإفا�ضات فالكثير‬
‫من النا�س �أيها الأحبة �صنعوا المح�سو�س لعدم يقينهم بالغيب‬
‫ليجعلوه طريقًا في التو�سل والإبتهال �إلى اهلل لأنهم �أدمنوا‬
‫فكرة الو�سائط الدنيوية وال�شفاعة الب�شرية ليقدموا �أمام‬
‫حاجة يريدونها من يملك المكانه �أو القوة عند القادر عليها‬
‫فظنوا ذلك بالإله جه ًال منهم بقدرته وعظمته وقربه بل ترقوا‬
‫في جهلهم ليقولوا �إن ربنا �أجل من �أن نناديه لذلك نحتاج �إلى‬
‫وا�سطه يرجع �إليها في الطلب والحاجة واال�ست�شفاء وما �إلى‬
‫تاءاضإ‬

‫ذلك ف�أخذت مذاهب ال�سنة تلجاء الى هذا الولي وذاك ال�شفيع‬
‫و�أخذت الن�صارى تلجاء الى عي�سى ومريم و�أخذت اليهود تلجاء‬
‫الى عزير وحائط المبكي وهكذا البوذين �إلى بوذى مع فارق‬
‫الديانة بين �أهل الكتاب وغيرهم وهكذا الزرد�شتيه وغيرهم‬
‫حتى انني ر�أيت في تقرير متلفز عن البوذيين وحجهم يقطعون‬
‫م�سافات طويلة �إلى �أعالي الجبال ويربطون الأقم�شة في تلك‬
‫المقامات كما يفعل �أهل الأديان الأخرى عند المذبح وكما‬
‫‪119‬‬ ‫نفعل و�أن كنا ال نعار�ض التبرك لكن ال �أن يتحول ذلك �إلى دين‬
‫و�إلى م�ؤثر في حركة الإن�سان وهذه الفكرة لي�ست وليدة دين بل‬
‫هي وليدة فكر ب�شري تلم�س المح�سو�س فعبد الكواكب لكبرها‬
‫�أو �ضوئها �أو حراراتها ثم عبد الأ�صنام حتى حول بع�ض من‬
‫في التاريخ من قوم نوح عباد ًا �صالحين �إلى �أ�صنام يخلدوا‬
‫ذكرهم ثم مع مرورو الزمن عبدوهم }وقالوا ال تذرن الهتكم‬
‫وال تذرن ود ًا وال �سواعا وال يغوث ويعوق ون�سرا وقد ا�ضلوا كثير ًا‬
‫وال تزد الظالمين �إال �ضالل{ (((‪.‬‬
‫حتى ان بع�ض الفرق التي تفرعت عن خط �أهل البيت‬
‫‪ A‬الذي يمثل الإ�سالم ال�صحيح والقر�آن ال�صريح ت�أولوا‬
‫ا�شخا�صهم ون�سبوا اليهم ما لي�س فيهم كالكي�سانيه والأفطحية‬
‫التي ترجع �إلى عبد اهلل االفطح ابن الإمام ال�صادق‪A‬‬
‫والمغيرية ن�سبة المغيره بن �سعيد من ر�ؤو�س المغالين والى‬
‫زمن ال�شيخية والبابيه الذين زادوا وامعنوا في ت�أليه ا�شخا�ص‬
‫الأئمة وذواتهم جعلوها مثل الذات الإلهية كما في بع�ض ادعية‬
‫رجب حيث قالوا عن الأئمة‪ A‬ال فرق بينك وبينهم �إال �أنهم‬

‫تاءاضإ‬
‫عبادك» واهلل تعالى يقول لي�س كمثله �شيء فهذه الفكرة تج�سيم‬
‫الذات الإلهيه وحلولها في ذات الأئمة‪ ،A‬وزادت هذه‬
‫الأفكار وانت�شرت في زماننا انت�شار ًا وا�سع ًا بوجود الف�ضائيات‬
‫وحمل هذه الأفكار بع�ض من �أهل زماننا على �أن الأئمة‪A‬‬
‫يخلقون ويرزقون ب�إذن اهلل عزوجل كما فعل عي�سى ‪.A‬‬
‫وفاتهم �أن هذه معجزة عي�س‪ A‬الداله على نبوته ال‬
‫كرامة له لتكون له ولغيره وفاتهم ان عي�سى ‪ A‬مجرد‬
‫�صانع ل�شكل الطير من الطين ليكون طير ًا ب�إذن اهلل �أي ليدب‬ ‫‪120‬‬
‫الروح فيه اهلل تعالى ولي�س عي�سى وفاتهم نفي االئمة‪A‬‬
‫عن انف�سهم انهم ال يملكون امر الخلق والرزق وهذا ما رواه‬
‫ال�صدوق في عيون اخبار الر�ضى‪ A‬ب�سنده �إلى يا�سر‬
‫الخادم قال قلت للر�ضا‪ A‬انهم يقولون ان اهلل فو�ض �أمر‬

‫((( �سورة نوح ‪ ،‬الآية‪.42 :‬‬


‫الخلق والرزق والأحياء واالماته للنبي محمد‪D‬وعلي‪.A‬‬
‫فقال‪� A‬أن اهلل تبارك وتعالى فو�ض الى نبيه‪�D‬أمر‬
‫دينه فقال ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﭼ‬
‫(ونحن نعلم ب�إن هذا لي�س تفوي�ض ًا مطلق لأنه ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ‪.‬‬
‫ثم قال‪ A‬و�أما �أمر الخلق والرزق فال �إن اهلل خالق كل‬
‫�شيء وهو يقول ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ‪.‬‬
‫‪A‬‬ ‫وهكذا روى في االعتقادات لل�صدوق �أن زراره قال لل�صادق‬
‫�أن فالن ًا وهو ابن المغيرة و�صاحبه مف�ضل بن عمر وغيرهم‬
‫تاءاضإ‬

‫من ر�ؤو�س الغلو يقول بالتفوي�ض قال وما التفوي�ض قلت �أن اهلل‬
‫عزوجل خلق محمد وعلي ًا ثم فو�ض الأمر �إليهما فخلق ًا ورزق ًا‬
‫و�أمات ًا و�أحي ًا فقال كذب عدو اهلل �إذا رجعت �إليه فاقراء عليه‬
‫قوله تعالىﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ‪.((( -‬‬
‫وهكذا نفى الإمام ال�صادق عن نف�سه �أنه يرزق ب�إذن اهلل‬
‫كما �أدعى المف�ضل بن عمر ويدعى الكثيرون في زماننا من �أن‬
‫‪121‬‬ ‫اهلل ينزل الرزق �إليهم وهم يفي�ضونه علىالعباد‪.‬‬
‫روى عبد اهلل بن م�سكان قال دخل حجر بن زائده وعامر بن‬
‫جذعان على �أبي عبد اهلل‪ A‬فقال جعلنا فداك المف�ضل‬
‫يقول انكم تقدرون ارزاق العبادفقال‪ A‬ما يقدر ارزاق‬
‫العباد �إال اهلل ولقد احتجت الى طعام لعيالي ف�ضاق �صدري‬

‫((( �سورة الرعد‪ ،‬الآية‪61 :‬‬


‫و�أبلغت الفكرة في ذلك حتى احرزت قوتهم فعندها طابت‬
‫نف�سي لعنه اهلل وبراء منه‪ ...‬و�أمرهم بلعنه‪.‬‬
‫ثم االئمة‪ A‬والأنبياء �إذا �س�ألوا اهلل تعالى �أعطى‬
‫و�أجاب دعائهم وهذا ال �إ�شكال فيه وهذا ما جاء في توقيع‬
‫الإمام المهدي‪ A‬لمن �س�أله عن ذلك خرج التوقيع �أن اهلل‬
‫هو الذي خلق الإج�سام وق�سم الإرزاق النه لي�س بج�سم وال حال‬
‫لي�س كمثله �شيء وهو ال�سميع الب�صير وما االئمة‪ A‬ف�أنهم‬
‫ي�س�ألون اهلل تعالى فيخلق وي�س�ألونه فيرزق ايجاب ًا لم�س�ألتهم‬
‫و�أعظام ًا لحقهم‪.‬‬
‫وهكذا لجا�ؤا �إلى كل مح�سو�س جعلو له قدا�سه �أمام تو�سلهم‬
‫�إذ لم يقت�صر الأمر على التو�سل والطلب من الأنبياء والأولياء‬

‫تاءاضإ‬
‫واالئمة بل حتى ادعى بع�ضهم للأحجار الكريمة ت�أثير ًا وللخرق‬
‫المباركه بالمقامات ول�سبحه هنا وللرايات وما �إلى ذلك مما‬
‫يبتدعه �أهل هذا الزمان‪.‬‬
‫طبع ًا نحن هنا ال ننفي التبرك بالمقامات ولكن ننفي ت�أثير‬
‫هذه الخرق بال�شفاء وق�ضاء الحاجة لأن ال�شافي هو اهلل ببركة‬
‫�صاحب المقام لذا نطلب من اهلل تعالى بمكانه �صاحب المقام‬
‫عنده بال�شفاء والحاجة عند اهلل هذا ا�صفى للتوحيد و�أقرب‬
‫الى اهلل و�أحب الى الأئمة لأنهم هم‪ A‬علمونا ذلك وقد م ّر‬ ‫‪122‬‬
‫بع�ض هذا الكالم عند �شرح كلمة (وا�ست�شفع بك �إلى نف�سك)‬
‫فراجع عن معنى التو�سل وال�شفاعة‪.‬‬
‫فالأمير �أيها الأحبة يريدنا �أن نتو�سل الى اهلل بذاته و�صفاته‬
‫وهو �أرقى �أنواع التو�سل وقد علمنا هو ‪ ،A‬في رواية �أن‬
‫نتو�سل بالنبي‪D‬حيث قال ل�صاحبه قل اللهم �أني اتو�سل �إليك‬
‫بنبيك نبي الرحمة محمد وب�إل�ش�أن الذي له عندك وب�أهل بيته‬
‫علم على العالمين �إال ما ق�ضيت حاجتي‪.‬‬ ‫الذين اخترتهم على ٍ‬
‫وال يخفي عليك �أنه وجه الخطاب هلل متو�س ًال بر�سوله �إليه‬
‫ولم يطلب من ر�سوله مبا�شرة كما نفعل‪.‬‬
‫وهكذا في رواية الباقر‪ A‬كما رواها في الم�ستدرك‬
‫عندما �س�أله رجل كيف يتو�سل قال قل اللهم �إني �أتو�سل �إليك‬
‫بنبيك نبي الرحمة محمد وبال�ش�أن الذي له عندك وبعلي وليك‬
‫وبال�ش�أن الذي له عندك‪ ...‬ثم تطلب حاجتك‪.‬‬
‫وهذا ما نجده في كل الأدعية ال�صحيحة لالئمة‪A‬‬
‫حيث يطلبون من اهلل بمحمد و�آله‪ A‬ففي دعاء طلب‬
‫الحاجات مث ًال في نهايته (فا�س�ألك بك وبمحمد و�آله ان ال‬
‫تردني خائب ًا)‪ ،‬ال�س�ؤال والتو�سل والإبتهال من اهلل بذاته بنبيه‬
‫تاءاضإ‬

‫و�آله �أن ال يرده خائب ًا ولي�س التو�سل بالنبي والخطاب موجه‬


‫�إليه دون اهلل �أواالئمة دون اهلل و�أنت �أيها العزيز احكم بين‬
‫الطريقتين �أيهما �أ�صلح ما علمنا �إياه االئمة �أم ما ُكتب في‬
‫�أدعية مزاده وروايات المغالين وزيارات مخترعه تن�سب �إليهم‬
‫ما لي�س فيهم من �أنهم يملكون �أمر ال�سموات والأر�ض ويدبرون‬
‫�ش�ؤن الدنيا و�س�أنقل لك رواية عن الر�ضا‪ A‬والروايات‬
‫كثيرة لي�س المجال هنا بحثها لكننا مع الأ�سف ن�أخذ بما تهوى‬
‫‪123‬‬ ‫النفو�س من كونهم لهم قدرات االلهه ونرفعهم �إلى درجة‬
‫تقترب من درجة اهلل وال ن�أخذ بكل الروايات التي تنفى عنهم‬
‫ذلك وتوافق القر�آن في �أن اهلل خلق الأن�س والجن للعبادة ولم‬
‫يخلقهم لأجل احد وخلق ال�سموات والأر�ض و�سخر ما فيها لكل‬
‫المخلوقات ولم يخلقها لأجل محمد و�آله �صلى اهلل عليه و�آله‬
‫مع علو �ش�أنهم ورتبتهم ودرجتهم عند اهلل روى ال�صدوق عن‬
‫الر�ضا‪ A‬قوله ‪ -‬اللهم �أني ابراء اليك من الحول والقوة‬
‫فال حول وال قوة �إال بك اللهم �أني �أبر�أ اليك من اللذين ادعوا‬
‫ما لي�س لنا بحق اللهم �أني �أبراء اليك من الذين قالوا فينا ما‬
‫لم نقله ب�أنف�سنا ‪ -‬اللهم لك الخلق ومنك الأمر و�إياك نعبد‬
‫و�إياك ن�ستعين‪.‬‬
‫اللهم �أنت خالقنا وخالق �آبائنا الأولين و�آبنائنا الآخرين‬
‫اللهم ال تليق الربوبية �إال بك وال ت�صلح �أال �ألوهية �إال لك ‪-‬‬
‫اللهم �إناعبيدك ال نملك لأنف�سنا نفع ًا وال �ضر ًا وال موت ًا وال‬
‫حياء والن�شورا اللهم من زعم �أننا ارباب فحن �إليك منه براء‬
‫ومن زعم �أن لنا الخلق وعلينا الزرق فنحن اليك منه براء ‪...‬‬
‫الى �آخر الدعاء‪.‬‬
‫فلو �أمعنا النظر في هذه الكلمات لر�أينا انه موقف القر�آن‬

‫تاءاضإ‬
‫ال يملكون لأنف�سهم نفع ًا وال �ضر ًا وال موت ًا وال حياه وال ن�شورا‬
‫ومن ال يملك هذه الأمور كيف يعطيها ليتو�سل �إليه بها لذلك‬
‫ينبغي �أن نتو�سل �إلى اهلل بهم في طلبها ال �إليهم قال تعالى‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫(((‬
‫ﭯﭼ‬
‫فهذا الأمير و�صفاء التوحيد عنده وكالمه الذي ال يخالف‬
‫القر�آن ونهجه الم�ستقيم من الإنقياد الى الرحمن يتو�سل الى‬ ‫‪124‬‬
‫اهلل بذاته وبربويته وبل�سان �أهل التوحيد الذين �صفت عقيدتهم‬
‫وتوحيدهم وابتعدوا عن كل �شائبة �شرك في عقولهم وعقيدتهم‬
‫وحتى الفاظهم فلم تنطق ال�سنتهم لفظة يمكن �أن يكون فيها‬
‫�شائبة �شرك كقولك توكلت عليك وعلى اهلل �أوالحلف بحياتك‬

‫((( الأعراف‪ ،‬الآية‪.١٨٨ :‬‬


‫لأن الحياة هلل ونحن ميتون كما جاء في رواية الإمام الباقر‬
‫‪� .A‬أو ما الى ذلك‪.‬‬
‫(يا موالي فكيف يبقى يف العذاب وهو يرجو ما �سلف من حلمك)‬
‫يا رب وموالي بعد كل هذا التوحيد ال�صافي والإخال�ص‬
‫في العمل والروعه في الإبتهال كيف تبقيني في العذاب و�أنا‬
‫�أرجو كل هذا الحلم الذي �شعرت به في دنياي حيث يتجر�أ‬
‫النا�س عليك و�أنت تحلم عنهم فال تعاقبهم لقد حلمت عني‬
‫حتى ك�أني ال ذنب لي وهذا ل�سان الأمير‪ A‬الذي يت�صاغر‬
‫�أمام عظمة اهلل و�إن كان �سيد الجنة بعد ر�سول اهلل وبه يدخل‬
‫النا�س الجنة �إذا اطاعوا اهلل ويدخلون ببغ�ضه النيران الن حبه‬
‫�إيمان وبغ�ضه كفر كما ورد في الحديث ‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫(�أم كيف ت�ؤمله النار وهو ي�أمل ف�ضلك ورحمتك �أم كيف يحرقه‬
‫لهيبها و�أنت ت�سمع �صوته وترى مكانه)‪.‬‬
‫ال يمكن �أن ات�صور يا رب و�أنت �صاحب الف�ضل الجميل‬
‫والرحمه الوا�سعه ان ت�سمع �صوتي و�أنا �أتعذب ومكاني و�أنا‬
‫احترق وال تخل�صني (�أم كيف ي�شتمل عليه زفيرها و�أنت تعلم‬
‫�ضعفه �أم كيف يتغلغل بين اطباقها وانت تعلم �صدته)‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫فيا ربي �أنت تعلم �أني �صادق في توبتي ال تتركني �أ�صول بين‬
‫طبقات جهنم وال تجعلها تحيط بي من كل جهاتها و�أنت تعلم‬
‫�ضعفي �أنا�شدك بقوتك �أن تعفو عني‪.‬‬

‫(�أم كيف تزجره زبانيتها وهو يناديك يا رباه‪� ،‬أم كيف يرجو‬
‫ف�ضلك فمن عتقه منها فترتكه فيها هيهات ماذلك الظن بك‬
‫وال املعروف من ف�ضلك وال م�شبه ملا عاملت به املوحدين من‬
‫برك واح�سانك)‪.‬‬
‫يا ربي �أناديك نداء الم�ستغيث بك فال تتركني وم�صيري‬
‫لتزجرني مالئكتك كلما ناديتك �أمرتني بال�صمت ‪� -‬أو بادلتني‬
‫بالإهانة } قالوا يا مالك ليق�ضى علينا ربك قال ا�ض�ؤا فيها وال‬
‫تكلمون{‪.‬‬
‫�أنا�شدك يا رب بف�ضلك الذي افا�ض الخير لأنني ال ا�ستحق‬
‫�أن انا�شدك بعد كل هذه المعا�صي ف�أنا الم�ستحق للعذاب‬
‫لأنك ال تظلم �أحد ولكن لك ف�ضول وزيادة حتى من الرحمة‬
‫ف�أنا�شدك بها يا رب لتعتقني من النار فخل�صني بف�ضلك ان لم‬
‫ا�ستحق رحمتك وعفوك هيهات ُبعد يا رب ذلك �أن تعذبني و�أنا‬
‫ارجوك وان تتركني واناديك وتزجرني المالئكة و�أنا انا�شدك‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫لأنني ال �أظن فيك �إال الظن الح�سن فمن و�سعت رحمته‬
‫كل �شيء �ست�سعني رحمته ومن عم ف�ضله الوجود �سيعمني‬
‫كذلك الن هذا هو المعروف من ف�ضلك ولأنك هكذا تعامل‬
‫�أهل توحيدك المق�صرين من عبادك ف�إنك تعاملهم بالبر‬
‫والإح�سان والعفو والإمتنان ال بالعدل واال�ستحقاق للعذاب‪.‬‬

‫(فالبيقني اقطع لوال ما حكمت به تعذيب جاحديك وق�ضيت‬


‫به من اخالد معانديك جلعلت النار كلها برداً و�سالما ً وما كان‬ ‫‪126‬‬
‫لأحد فيها مقراً وال مقاما ً)‬
‫اقطع جازم ًا يا رب لوال توعدك لأهل الجحود الذين‬
‫ا�ستكبروا عليك وكفروا بك وا�شركوا معك وتخليد �أهل العناد‬
‫الذي لم ين�صاعوا الى دينك ولم ي�ستمعوا الى و�صيتك ولم‬
‫ي�ؤمنوا بر�سلك بل واجهوا دعوتك باالباطيل وال�شبهات‬
‫وال�سخرية من موقع عنادهم وا�ستكبارهم لوال ذلك الوعيد لما‬
‫خلقت نار ًا ل�سعه كرمك وف�ضلك وحلمك وعفوك هذا هو يقيني‬
‫بك وايماني برحمتك وف�ضلك �سبحانك يا رب ما اعظمك‬
‫و�أجلك ولكانت النار برد ًا و�سالم ًا ولم يدخل �إليها �أحد وال‬
‫يقيم فيها �أحد‪.‬‬
‫لكن تقد�ست ا�سما�ؤوك بكل معاني التقدي�س والإجالل‬
‫والأعظام والنزعية (اق�سمت ان تملأها من الكافرين من‬
‫الجنة والنا�س اجمعين و�أن تخلد فيها المعاندين)‪.‬‬
‫ق�سمك حق حيث قلت وعزتي وجاللي ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ من الجن والأن�س فمن عا�ش العناد‬
‫خلد في جهنم لأنه حارب اهلل بالكفر بعد �إقامة الحجة عليه‬
‫تاءاضإ‬

‫ومن عا�ش الكثير من المعا�صي ربما ال يخلد فيها‪.‬‬


‫�أما التائب يا �إلهي تخرجه منها وربما ال تدخله ا�ص ًال �إليها‬

‫(و�أنت جل ثنا�ؤك قلت مبدئا ً وتطولت بالأنعام متكرما ً‬


‫ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﭼ‬
‫جل ا�سمك يا رب وتقد�س الثناء والمدح لك انت قلت وقولك‬
‫الحق وتف�ضلت بالطول والمن على خلقك من �آمن بك وعمل‬
‫‪127‬‬ ‫�صالح ًا فال كفر �أن ل�سعيه حتى لو كان على غير دين الإ�سالم‬
‫فمن ذكرته في �سورة البقرة ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖﭗ ﭘﭙﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ (((‪.‬‬
‫فمن دخل في دين محمد �أو كان على دين اليهود ن�سبة‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٦٢ :‬‬


‫�إلى يهودا ابن يعقوب النبي �أو كان على دين الن�صارى ن�سبة‬
‫الى النا�صرة �أو كان من ال�صاءة وهم المانديا اتباع يوحنا‬
‫المعمدان ولي�س �صاءة حران عبده الكواكب لأن ال�شرك ال‬
‫يغفر �إذا تحقق منهم �شروط ثالث التوحيد ‪ -‬المعاد ‪ -‬والعمل‬
‫ال�صالح يغفر لهم اهلل تعالى لأن الجامع بين الأديان هو هذه‬
‫الثالث وهذا هو معنى الإ�سالم فمن كان على ال�شرك والكفر‬
‫ال ي�ستوي مع الإيمان ومن عا�ش الجحود والع�صيان ال ي�ستوي‬
‫مع الإيمان‪ .‬وال بد لهذه ال�شروط الثالث �إذا توفرت فيهم �أن ال‬
‫يجحدوا بمحمد(�ص)‪.‬‬
‫ﭽﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹ ﯺ ﭼ‪.‬‬

‫تاءاضإ‬
‫(((‬

‫ولذلك ال ي�ساوى من �آن باهلل واليوم الآخر وعمل �صالح ًا‬


‫بمن عا�ش ال�شرك والكفر والعناد ‪-‬ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﭼ(((‪.‬‬
‫وهنا الفت نظر الأحبة �إلى هذه الآية في القر�آن ومعنى‬
‫هذا ان الدعاء يمكن �أن يكون من ان�شاء الأمير‪ A‬ولي�س‬
‫كما هو �شائع ن�سبته �إلى الخ�ضر اذ �أن هذه المعاني الراقية‬
‫والم�ضامين ال�سامية والإبتهاالت الرفعية الموافقة للقر�آن‬
‫الكريم تعني �شيئ ًا واحد ًا �أنها من �صنع �أمير الم�ؤمنين‪.A‬‬ ‫‪128‬‬

‫(الهي و�سيدي ف�أ�س�ألك بالقدرة التي قدرتها وبالق�ضية التي‬


‫حتمتها وحكمتها وغلبت ن عليه �أجريتها)‪.‬‬
‫يا رب اطلب منك الن قدرتك ال حدود لها و�أنت القادر على‬
‫((( القلم‪ ،‬الآيات‪٣٧ - ٣٥ :‬‬
‫((( ال�سجدة‪ ،‬الآية‪١٨ :‬‬
‫تلبيتي لأنك عندما ق�ضيت كان ق�ضا�ؤك حتمي ًا في ظواهر‬
‫الكون فق�ضيت �آر�ض ًا وق�ضيت �سبع �سموات وق�ضيت الحياة‬
‫والموت وهكذا في �سائر ق�ضائك الحتمي و�إذا قدرت كان‬
‫قدرك نافذ ًا‪.‬‬
‫ف�أ�س�ألك لتقدر لي ما فيه �صالحي ولتق�ضي ما فيه نجاتي‬
‫�أ�س�ألك بالقدرة التي قدرت فيها الأ�شياء ونظمتها بقوانيك‬
‫و�أجريت كل �شي ب�إرادتك فال �أحد ي�ستطيع تغ ّير �أي قانون من‬
‫قوانين الكون �سواك وال ان يبعث الحياة من ميت دونك وال ان‬
‫ي�سخر �أي كوكب �إال �أنت فغلبت ب�إرادتك كل اراده وبقانونك‬
‫على كل قانون وبقدرتك كل قدره �أ�س�ألك يا رب بهذه القدرة‬
‫�أن تهب لي وتمن علي بهدية وهي �أن تعطيني هذه الذنوب فال‬
‫تاءاضإ‬

‫اطالب بها لأن الأمر لك ولأنك ال ت�شرك في �أمرك �أحد ًا‪..‬‬


‫(�أن تهب يل يف هذه الليلة ويف هذه ال�ساعة كل جرم �أجرمته وكل‬
‫ذنب �أذنبته وكل قبيح ا�رسرته وكل جهل عملته كتمته �أو اعلنته‬
‫اخفيته �أو �أظهرته)‪.‬‬
‫�أيها الحبيب �أن لربك في �أيام دهرك نفحات �أال فاعر�ضوا‬
‫لها وال تعر�ضوا عنها من هذه النفحات �أوقات و�أزمنه و�أمكنه‬
‫و�أن كان كل زمان ومكان �صالح للدعاء والإبتهال ولكن‬
‫‪129‬‬ ‫تخ�صي�ص الم�ساجد والمقامات والكعبة الم�شرقة وغيرها‬
‫امكنه لمحل لطف اهلل بعناية زائد وهكذا نهار الجمعة‬
‫وليتلها والثلث الأخير من الليل و�شهر رجب و�شعبان و�أعظمها‬
‫رم�ضان و�أكثرها �شرف ًا ليلة القدر يدعون اهلل فيها للرجوع �إليه‬
‫والدعاء بين يديه ف�أنا يارب ادعوك في هذه الليلة المباركة‬
‫التي هي محل عنايتك وفي هذه ال�ساعة تخ�صي�ص بعد تعميم‬
‫للت�أكيد على الخ�ضوع في هذا الوقت المبارك الذي اعدد فيه‬
‫ذنبي وجرمي وقبائحي وجهلي الذي �صدر عنه خطائي وكلها‬
‫م�سميات لمعاني واحدة لتتر�سخ في �إذهاننا توبته خال�صة من‬
‫كل ذنب �صدر عن جهل �أو عمد هب ُه لي يا رب وتجاوز عني‪.‬‬

‫امرت ب�إثباتها الكرام الكاتبني الذين وكلتهم‬


‫(وكل �سيئة ّ‬
‫علي مع جوارحي وكنت‬
‫ّ‬ ‫بحفظ ما يكون مني وجعلتهم �شهوداً‬
‫علي من ورائهم وال�شاهد ملا خفى عنهم وبرحمتك‬
‫�أنت الرقيت ّ‬
‫اخفيته وبف�ضلك �سرتته)‪.‬‬
‫يا رب اغفر لي كل �سيئة قام بتدوينها الملكين الحافظين‬

‫تاءاضإ‬
‫الكاتبين ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯﭰﭱﭲﭼ‬
‫(((‬

‫فهذان الملكان و�شهادة المالئكة علينا حقيقة قر�آنية‬


‫�إيمانيه ال بد من رعايتها حتى ال نف�ضح �أنف�سنا �أمامهم قال‬
‫تعالى ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ((( ‪ .‬ولذلك يوم‬
‫القيام عندما اقف يا رب للح�ساب بين يديك �أجد كل �أعمالي‬
‫حا�ضرة بين يديك ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭼ (((‪.‬‬
‫ثم يتحدث الأمير‪ A‬عن نوع �آخر من ال�شهود وهم‬ ‫‪130‬‬
‫الجوارح والأع�ضاء وهذا ما اثبته القر�آن الكريم وهذه‬
‫عظمة الأمير‪� A‬أيها الأحبة �أنه ال يلفظ �إال بالقر�آن وما‬
‫وافقه‪ ،‬ال كما اخترع بع�ض النا�س ادعية �أو زادوا في �أدعية‬
‫((( ق‪ ،‬الآية‪.١٨- ١٧ :‬‬
‫((( االنفطار‪ ،‬الآية‪.١١ - ١٠ :‬‬
‫((( �آل عمران‪ ،‬الآية‪.٣٠ :‬‬
‫كدعاء العديله والأذواد الرجبي والفرج الذي ا�صله منام وفيه‬
‫عبارات �شرك باهلل يا محمد يا علي اكفياني ف�إنكما كافيان‬
‫‪ -‬والكافي هو اهلل وان�صراني ف�أنكما نا�صران وال نا�صر �إال‬
‫اهلل‪ .‬وغيرها من الزيارات التي زادوا فيها فخربوا معانيها‬
‫و�أبعدوها عن �صفاء التوحيد بما يخالف القر�آن على كل حال‬
‫�شهادة الجوارج حقيقة قرانية فاهلل تعالى القادر على ان‬
‫يجعل الإن�سان ينطق من فمه ي�أمر ب�إغالقه يوم القيامه ويفتح‬
‫فما �آخر من اليد �أو الرجل �أو غيرها لأن الفم �أيها الحبيب هو‬
‫قطعة لحم يتخلله �شق وفي داخله ع�ضل فما المانع ان يفتح في‬
‫مكان �آخر فهو القادر على كل �شيء �سبحانه وتعالى قال ﭽﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﭼ (((‪ .‬لت�شهد هذه الجارحة على‬
‫تاءاضإ‬

‫ما قام به من �سرقة �أ�ؤ ظلم �أو غير ذلك قال تعالى ﭽ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ ‪ -‬نور ‪ -24‬فتارة‬
‫ي�أمر تعالى با�سكات الفم لت�شهد الجوارح و�أخرى يطلق الل�سان‬
‫امعان ًا في الإذالل و�إقامة الحجة على �صاحبه فيراه ينطلق في‬
‫االعتراف �أمام اهلل من دون �إراده لتحريكه وهكذا الأيدي‬
‫والأرجل بما �سعت في الحرام وم�شت �إليه وهكذا قال تعالى‬
‫عن �شهادة الجلود ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ‬
‫‪131‬‬ ‫ﭙﭚ ﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢﭣﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ(((‪.‬‬
‫ربما ت�س�أل �أيها العزيز لماذا ت�شهد هذه الجوارح وما‬
‫الحاجة الى ذلك فاهلل تعالى هو المطلع على كل �شيء وبيده‬
‫((( ي�س‪ ،‬الآية‪.٦٥ :‬‬
‫((( ف�صلت‪ ،‬الآية‪.٢٢ - 21:‬‬
‫كل �شيء فال حاجة الى تلك ال�شهادات؟ الجواب ان الإن�سان‬
‫ربما ينكر ما قام به فيكذبه ب�شهادة ل�سانه و�سمعه وب�صره بما‬
‫نطق من حرام �أو ايد ظالم ًا �أو �سمع حرام ًا من غيبة �أو نميمة‬
‫�أو غيرها �أو نظر الى ما حرمه اهلل عليه وهكذا يده ورجله‬
‫وجلده وثاني ًا امعان ًا في اذالله و�إهانته وتحقيره لأنه تجبر على‬
‫اهلل �سبحانه وثالث ًا لكي ال ي�شعر �أحد من الحا�ضرين لمحاكمته‬
‫انه مظلوم �أو يرق لحاله واهلل العالم بحقائق �آياته‪.‬‬
‫وهناك �شهود �آخرين لم يذكرهم الأمير‪ A‬هنا مثل‬
‫�شهادة الر�سول و�شهادة الأمه ‪-‬ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭼ(((‪.‬‬
‫ولذا �صح �أن نقول عن الأنبياء واالئمة ‪� A‬شهداء بهذا‬

‫تاءاضإ‬
‫المعنى ولي�س بمعنى �أنهم ماتوا قت ًال �إذ لم يثبت �أنهم جميع ًا‬
‫ماتوا قت ًال �أو �سم ًا اعتماد ًا على حديث مو�ضوع من قبل بع�ض‬
‫الفرق وهو ما منا �إال م�سموم �أو مقتول‪.‬‬
‫وهناك �شهادة الأر�ض ولذى ي�ستحب للإن�سان �أن ي�صلي في‬
‫كل مكان ينزل فيه ركعتين الى غيرها من انواع ال�شهود‪.‬‬
‫واعظم هذه ال�شهود �شهادة اهلل تعالى الذي ذكره الأمير‬
‫‪ A‬ثالث ًا فما خفى عن الملكين يحفظه اهلل تعالى لأنه‬
‫الرقيب الذي ال يغفل ﭽﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﭼ ((( �آية الكر�سي ‪.‬‬ ‫‪132‬‬
‫�أي ال ت�أخذ غفلة وال بمقدار رم�شة �أو اقل وقال تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.١٤٣ :‬‬


‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٢٥٥ :‬‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ(((‪.‬‬
‫يا رب لأنك ال�ستار للعيوب والغفار للذنوب برحمتك اخفيتها‬
‫عن المالئكة وبف�ضلك �سترتهاعلي ف�أغفرها لي وابقها �سر ًا‬
‫بين وبينك وال تف�ضحني وتعلن ذلك على ر�ؤو�س اال�شهاد يوم‬
‫تبلوا �أخبار عبادك‪.‬‬
‫ولذلك �أيها الحبيب ال بد من مراقبة اهلل تعالى وعدم‬
‫اال�ستخفاف بح�ضوره جل �سبحانه لأنه ال تخفى عليه خافية‬
‫وهو اقرب الينا من حبل الوريد قال علي‪ A‬اتقوا اهلل في‬
‫الخلوات ف�إن ال�شاهد هو الحاكم‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫(وان توفر خطى من كل خري انزلته �أو اح�سان ف�ضلته �أو بر ن�رشته‬
‫�أو رزق ب�سطه �أو ذنب تغفره �أو خط�أ ت�سرته)‪.‬‬
‫يا رب بعد ما ابتهلت �إليك وخ�شعت لك وتو�سلت با�سمائك‬
‫و�صفاتك وتبت واعترفت �ألح في الطلب لكي ال تحجني الى‬
‫غيرك وال تقطع برك و�إح�سانك عني ف�إني محتاج �إليك في‬
‫كل لحظات حياتي وانفا�سي ورزقي لذا يا رب �أكثر من رزقي‬
‫واجعل حظي وفير ًا فيه من الإح�سان الذي تف�ضله لأن لك‬
‫ف�ضول غير ما تق�سم لعبادك وكذلك يا رب ا�سلمني مع من‬
‫‪133‬‬ ‫تغفر ذنبه وت�ستر خط�أه‪.‬‬

‫(يا رب يا رب يا رب يا �إلهي و�سيد وموالي ومالك رقي يا من بيده‬


‫نا�صيتي يا عليما ً ب�رضي وم�سكنتي يا خبرياً بفقري وفاقتي)‪.‬‬
‫يا رب �س�أكرر هذا النداء دائم ًا لأنه ملىء حياتي وكياني‬

‫((( المجادلة‪ ،‬الآية‪.٧ :‬‬


‫و�أحا�سي�سي وم�شاعري يا رب لي�س لي �سواك وال مدبر لي‬
‫غيرك �س�أناديك دائم ًا لأنك تجيب نداء عبدك �إذا قال يا رب‬
‫ولو كان كافر ًا‪ .‬لربما اعر�ضت عني بجرمي وجهلي فلن �أ ّكل وال‬
‫�أم ّل من تكرار ا لنداء لتجيبني ف�أنت الهي وال معبود لي �سواك‬
‫و�أنت �سيدى الذي تحكم كل حياتي والكون ب�أ�سره و�أنت موالي‬
‫ونا�صري فال مغيث وال نا�صر وال معين وال منجي وال �شفيع لي‬
‫غيرك �أنت من يملك رقبتي النني عبدك بل �أنا مح�ض ٍ‬
‫عبد‬
‫لك لأن معنى الرق هو مح�ض العبودية و�أنت بيدك نا�صيتي‬
‫وهي �أعلى الجبهة كناية عن ملك �أمري و�أنت العالم يا رب‬
‫بما �أعانيه من ال�ضر والم�سكنه وما تعلمه من حالي ونف�سي ال‬

‫تاءاضإ‬
‫�أعلمه انامنها تعلم فقري وفاقتي و�شدة حاجتي �إليك‪.‬‬

‫(يا رب يا رب يا رب �أ�س�ألك بحقك وقد�سك و�أعظم �صفاتك‬


‫وا�سمائك)‬
‫مرة بعد اخرى يا رب اناديك و�أ�س�ألك بحقك العظيم الذي‬
‫ال يجاريه وال يقاربه وال يدانيه حق‪ ،‬حق العبودية لك واالنقياد‬
‫اليك وطاعتك والتزام �شريعتك وبما لك من التقدي�س والتنزيه‬
‫والطهر وب�صفاتك العظيمة وا�سمائك التي ت�شير الى ذاتك‬
‫وقد م ّر الحديث عنها اكررها يا رب بين يدي دعائي‪.‬‬ ‫‪134‬‬

‫(ان جتعل اوقاتي يف الليل والنهار بذكرك معمورة ‪ -‬ونخدمك‬


‫مو�صوله و�أعمال عندك مقبوله ‪ -‬حتى تكون اعمايل واورادى‬
‫كلها ورداً واحد ومايل يف خدمتك �رسمداً)‬
‫يا رب اجعل كل �أوقاتي معمورة بذكرك وطاعتك لأن كل‬
‫الأوقات لك اطلق ل�ساني بالتهليل والحوقله والتحميد ليبقى‬
‫الذكر على ل�ساني في كل حاالتي فال ان�ساك كما ن�سيك الكثير‬
‫من عبادك حيث يعتذرون بقولهم �ساعة لك و�ساعة لربك حتى‬
‫ا�صبحت كل ال�ساعات لهم ولي�س لربهم �شي و�إذا كان فخم�س‬
‫دقائق وقت ال�صالة يا رب امرتني �أن اعمر الدنيا واح�صل‬
‫على المال واعي�ش وال ان�سى ن�صيبي من الدنيا ولكن ليكن كل‬
‫ذلك لك وبطاعتك وذكرك‪.‬‬

‫ﭽﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭼ‬
‫ﭽ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﭼ ((( و�إذا‬
‫ذكرنا اهلل �أيها الحبيب ف�سيذكرنا‪ ...‬وليت�صل الذكر بخدمه‬
‫تاءاضإ‬

‫اهلل وخدمه اهلل طاعته فيما فر�ض عليك من طاعات واجبه‬


‫او م�ستحبه‪.‬‬
‫ثم اجعل يا رب كل هذه الأعمال مقبولة لديك حتى ال �أبو�أ‬
‫بالخ�سران وا�ستحق من عندك فوت الإح�سان فيكون الذكر‬
‫عندي مجرد لقلقة ل�سان والطاعة امتثلها لمر�آة الإن�سان‪.‬‬
‫ولتكن �أعمالي يا رب كلها ورد ًا واحد �أي كلها لك فلي�س هناك‬
‫في �أعمالي �أي عمل خالطت فيه وجهك واجعل كل حياتي ابد ًا‬
‫‪135‬‬ ‫دائم ًا في خدمتك‪.‬‬
‫( يا �سيدي يا من عليه معولي يا من اليه �شكوت احوالي‬
‫يا رب يا رب يا رب) انا يا �سيدي لي�س لي وكيل غيرك وال‬
‫�أعول على احد �سواك لأنك تملك كل �شيء وبيدك كل �شيء‬
‫وال�شكوى يا �سيدي لغيرك مذله لذلك ولأني �أحبك ولأن بيدك‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٢٠٠ :‬‬


‫امري ولأنك اني�سي وجلي�سي وطبيبي وخالقي ومدبري ورازقي‬
‫وبيدك حياتي ومماتي وانفا�سي و�شفائي من كل ا�سقامي لذلك‬
‫�أ�ضع عندك �شكواي يا رب ا�ضع بين يديك حزني وب�ؤ�سي و�ألمي‬
‫و�شقائي وذنوبي و�ضعفي وفقري وفاقتي وهواني على النا�س‬
‫وتهجمهم علي يا رب الى من تكلني الى قريب يتهجمني �أم‬
‫الى بعيد ملكته �أمري يا رب الى من الجاء وبيدك امري يا‬
‫ربي حتى �أقرب النا�س الي ال يفهمون علي وال يقدرون حالي‬
‫وما �أنا عليه اما انت فترحمني وتر�أف بي انت الوحيد الذي ال‬
‫ي�ستغلني وال يعاملني ب�إح�سان لحاجة منه �إلي بل تبتد�أني بذلك‬
‫لأنك الحبيب والمعين لذا ا�شكوا �إليك احوالي كلها يا رب يا‬
‫رب يا رب ا�سمع ندائي وادخل الأن�س على نف�سي والإطمئان‬

‫تاءاضإ‬
‫على قلبي وال�سكينة الى روحي والعزم في ارادتي والأنطالق‬
‫في الحياة اليك بطاعتي‪.‬‬

‫(ق ّو على خدمتك جوارحي وا�شدد على العزمية جوانحي حتى ا�رسح‬
‫�إليك يف ميادين ال�سابقني و�أ�رسع اليك يف املبادرين وا�شتاق �إىل‬
‫قربك يف امل�شتاقني و�أدنو منك دنو املخل�صني واخافك خمافة‬
‫املوقنني واجتمع يف جوارك مع امل�ؤمنني)‪.‬‬
‫اجعل هذه الجوارح في اداء فرو�ضك وطاعتك ولتكن كل‬ ‫‪136‬‬
‫اع�ضائي الخارجية في جنب طاعتك ولتكن كل اع�ضائي‬
‫الداخلية في جنب طاعتك ولتكن جوانحي الداخلية اي‬
‫الجوانح م�شدودة بعزم الإرادة في خدمتك لتنطلق هذه‬
‫الجوارح والجوانح م�سرعة الى ميادين ال�سابقين الى الطاعة‬
‫والفوز بالر�ضوان مبادرة �سباقه لنيل الغفران م�شتاقه للقاء‬
‫حبيبها ومع�شوقها لأنها عا�شت �ألم هذه الحياة الدنيا لتدنو‬
‫وتقترب منك �أكثر مع الذين اخل�صوا لك اعمالهم وعا�شوا‬
‫كل التحديدات لأجل ر�سالتك والتزموا الحق ولو وقفت الدنيا‬
‫ب�أ�سرها في وجهوههم لأنهم خافوك مخامة الذي الي�شك‬
‫بقوتك وعظمتك وقهرك و�ألوهيتك و�أجمعني يا ي رب في‬
‫نهاية المطاف في جوارك في الجنة مع الم�ؤمنين‪.‬‬

‫(اللهم ومن �أرادين ب�س�ؤ ف�أرده ومن كادين فكده)‬


‫يا رب هناك الكثير من عبادك ممن يحملون ال�شر في‬
‫انف�سهم لأنهم لم يحملوا الإيمان في قلوبهم والتقوى في‬
‫ذواتهم لأن المتقين �شرورهم م�أمونه لخوفهم منك فال‬
‫تاءاضإ‬

‫يت�أتى ال�شر منهم من �أولئك يا رب الذين يدبرون لي المكائد‬


‫ويحيكون الم�ؤامرات فاكفني �شرهم و�آمني من مكرهم ورد كل‬
‫حيلهم وما ا�ضمروه من �س�ؤ �ضدى الى نحورهم ف�أنت الكافي‬
‫من كل �شيء‪.‬‬

‫(واجعلني من اح�سن عبيدك ن�صيبا ً عندك و�أقربهم منزلة منك‬


‫و�أخ�صهم زلفة لديك)‪.‬‬
‫‪137‬‬ ‫اطلب منك يا كريم ان تعينني على نف�سي وتع�صمني عن‬
‫خطائي وتغفر لي ذنبي ال�ستحق �أن �أكون �صاحب الحظ الأوفر‬
‫والن�صيب الأكبر والقرب منك �أكثر لأنك يا رب ال تخ�ص�ص‬
‫عبادك بالزلفى والقرب منك �إال �إذا عا�شوا �صفاء العقيدة‬
‫و�سالمة العمل ف�أولئك ال خوف عليهم وال هم يحزنون‪.‬‬

‫(ف�إنه ال ينال ذلك �إال بف�ضلك وجد يل بجودك واعطف علي‬


‫مبجدك واحفظني برحمتك)‪.‬‬
‫يا رب مرة بعد مره اطلب منك بف�ضلك ف�أنت المف�ضل وهذا‬
‫الطلب وذاك يتنا�سب مع هذا الأ�سم العظيم ف�إذا تف�ضلت على‬
‫عبدك نال القربى منك و�أنت الجواد يا رب ف�أ�س�ألك بجودك‬
‫وا�ستعطفك بمجدك العالي يا ماجد لأنني بحاجة الى حنانك‬
‫ورعايتك وعطفك ورحمتك التي �شملت كل �شيء احفظني بها‬
‫يا رب من كل �س�ؤ يا حافظ يا رحيم‪.‬‬

‫(و�أجعل ل�ساين بذكرك لهجا ً)‬


‫مرة �أخرى �أ�س�ألك وبتعبير �آخر �أن يكون ل�ساني الهج ًا دائم ًا‬
‫بذكرك ولأنني ان �شكرتك وحمدتك احتاج حمدى و�شكري الى‬

‫تاءاضإ‬
‫حمد و�شكر وذكر وثناء لأنك الموفق لذالك يا رب‪.‬‬
‫وقلبي بحبك متيم ًا يا رب من حبي لك وع�شقي �إليك الذي‬
‫ملك قلبي وعقلي حتى امتلأ الى �شغاف القلب‪.‬‬
‫فيا رب اجعلني خليلك كما جعلت ابراهيم ومعنى الخليل‬
‫عند العرب توحد حبه لمحبوبه وهي رتبه ال تقبل الم�شاركة‬
‫ولذا كما كان ابراهيم كان محمد ‪ D‬حبيب اهلل وخليله‪.‬‬
‫ثم ي�أتي في المرتبة الثانية الخلية وهي الم�صادقة والمودة‬
‫من المخامله ثم ي�أتي ثالثا الغرام فهو الحب الالزم ثم رابع ًا‬ ‫‪138‬‬
‫من مراتب الحب الهيام اي المتعط�ش في حبه وهيامه مع‬
‫مع�شوقه كالمجنون‪.‬‬
‫ثم خام�س ًا حب التدلي الذي يوجب ذهاب العقل من الحبيب‬
‫فيرتكب الجرائم لر�ضاه ثم �ساد�س ًا الوله ذهاب العقل والتحير‬
‫من �شدة الوله‪.‬‬
‫ثم التعبد �أو المتيم ثم الهوى وال�شغف والغرام وال�شوق الود‬
‫الع�شق‪ ،‬كلها تعابير للحب من مراتبه �أو مراتب الهيام‪.‬‬
‫و�أج ّلها معنى هو ع�شق المتيم الذي ملئ �شفاف القلب ولم‬
‫يذهب العقل فو�صل الى العبوديه لمع�شوقه وهذه مرتبة ال‬
‫ت�صلح �إال هلل عز وجل فيا رب حبي لك حب المتيم الذي ملئت‬
‫كل حوا�سه وجوارمه وقلبه وعقله حبك وع�شقك فر�آك اه ًال‬
‫للعبادة فعبدك انا يا رب اريد ان ا�صل الى هذه المرتبة التي‬
‫�أراك فيها وال �أرى غيرك وا�سعى لر�ضاك وحدك وهذا بالفعل‬
‫ماو�صل اليه الأمير‪ A‬حيث قال ما ر�أيت �شيئ ًا �إالور�أيت‬
‫اهلل معه وقبله وبعده فهو �إذا ر�أى ال�شجر ر�أى اهلل وعظمته‬
‫تاءاضإ‬

‫التي تجلت في جميل �صنعه وهكذا �إذا ر�أى الحجر والجبال‬


‫واالنهار والبحار وال�سماء والكواكب وكل �شيء و�إذا اح�س‬
‫بالهواء �شعر بوجود اهلل معه وقبله وبعده‪.‬‬
‫علي هلل لذلك كانت كل حياته هلل كل لحظاته‬ ‫هذا حب ّ‬
‫و�أنفا�سه وحركاته و�أعماله هلل وهذه �أعظم كرامه لعلي‪A‬‬
‫حيث ثبتها اهلل في كتابه يقوله �سبحانه ﭽﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ(((‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫(ومن علي بح�سن �إجابتك و�أقلني عرثتي واغفر زلتي)‬
‫ّ‬
‫يا رب ا�س�ألك بمنك يا منان يا حنان ان تجيب ندائي‬
‫وت�سمع داعائي وتتقبل توبتي وتقيلني عثراتي وزالتي التي‬
‫احاطت بي ف�أهلكتني �أقامت تبعاتها ف�أوبقتني اكرر النداء يا‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٢٠٧ :‬‬


‫حنان لت�سمعني وتجيبني (ف�أنك ق�ضيت على عبادك بعبادتك‬
‫و�أمرتهم بدعائك و�ضمنت لهم الإجابة ف�إليك يا رب ن�صبت‬
‫وجهي و�إليك يا رب ومددت يدي فبعزتك ا�ستجب لي دعائي‬
‫وبلغني مناى وال تقطع من ف�ضلك رجائي) يا رب انت الذي‬
‫ق�ضيت علينا �أن نعبدك فقلت ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭼ و�أنت الذي امرتنا بدعائك ‪ -‬فقلت ﭽ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭼ ولم تجعل بيننا وبينك حاجز ًا وال‬
‫وا�سطة ف�أنت اقرب الينا من حبل الوريد بل لو تركنا دعائك لم‬
‫تعبابنا ‪ -‬ﭽﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪﭼفيارب طلبت منا‬
‫�أن ندعوك على ما نحن فيه من التق�صير والتعدى لحدودك‬

‫تاءاضإ‬
‫والتجر�أ عليك ولم تلج�أنا �إلى �أحد �سواك ولم تجعل في دعائنا‬
‫ببيننا وبينك من ي�شفع لنا �إليك فهذا هو قر�أنك وندا�ؤك‬
‫ولي�س كما يقول القائلون من �أننا ل�سنا م�ؤهلين �أن نخاطب اهلل‬
‫�سبحانه فتخاطب النبي ‪D‬و�أهل بيته‪ D‬ومن قال انكم‬
‫م�ؤهلون �أن تخاطبوا النبي‪� D‬أو علي‪ A‬ف�أين �أنتم منهم‬
‫ولكن اهلل دعانا لدعائه بدون وا�سطة ودليلنا �آياته والروايات‬
‫اي�ض ًا ولي�س محلها هنا و�ضمنت الإجابة فقلت ادعوني ا�ستجب‬
‫لكم‪.‬‬ ‫‪140‬‬
‫فها �أنا يا رب ارفع ر�أ�سي الذي ذللته بال�سجود لك لتقبلني‬
‫و�أمد يدي �إليك لتنزل رحمتك علي فقد وجهت وجهي اليك‬
‫يا فاطر ال�سموات والأر�ض �أ�س�ألك بعزتك �أن ت�ستجيب دعائي‬
‫وت�سمع ندائي‪.‬‬
‫ويا ليت ان تعطيني ا�شارت وعالمات التوبة كما ارجوه منك‬
‫واتمناه في دنياي و�آخرتي واجعل وجهي و�شوقي وحبي وعملي‬
‫مو�صوال بف�ضلك الذي ال حد وال نهاية له‪.‬‬

‫واكفني �رش اجلن والأن�س من اعدائي يا �رسيع الر�ضا اغفر ملن ال‬
‫ميلك �إال الدعاء ف�أنك فعال ملا ت�شاء)‪.‬‬
‫يا كافي العباد اكفني مرة �أخرى اطلب منك كفاية �شرمن‬
‫علي عاندني �شر ح�سادي و�أعدائي لأنك تكفي‬ ‫كادني وبغى ّ‬
‫من كل �شيء وال يكفي منك �شي من �شر الجن وو�ساو�سهم‬
‫ومكائدهم ومن �شر الأن�س ح�سدهم ومكرهم �أكفني م�ؤنة‬
‫�إن�سان �س�ؤ و�سلطان �س�ؤ وجار �س�ؤ وربما نحتاج في هذه الأيام‬
‫ان نقول وم�ؤمن �س�ؤ مع الأ�سف كما في هذا الزمن لأن �شرور‬
‫تاءاضإ‬

‫من �أدعى الأيمان لي�ست م�أمونه في هذا الزمان‪.‬‬


‫يا �سريع الر�ضا لأنك الرحمان ولأنك الحنان والر�ؤوف‬
‫العطوف الى غيرها من �صفات الرحمة �أنت �سريع الر�ضا عن‬
‫عبدك مهما تعدى حدودك بمجرد �أن يجل�س بين يديك باكي ًا‬
‫خا�شع ًا منيب ًا تقبله وت�ستجيب له فا�ستجب لي يا رب في نهايات‬
‫دعائي ف�إنني ال �أملك �إال �أن ادعوك بل�ساني الذي وفقتني‬
‫لدعائك به لأنك توفق من ت�شاء بما ت�شاء كيف ت�شاء‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫(يا من ا�سمه دواء وذكره �شفاء وطاعته غنى ا رحم من ر�أ�س ماله‬
‫الرجاء و�سالحه البكاء)‪.‬‬
‫يا رب �أن نف�سي المليئة باال�سقام والعلل دوا�ؤها ا�سمك الذي‬
‫تطمئن له روحي وتهد�أ من تعبها‪ ،‬وكثرة مر�ضها الذي اثقل‬
‫ظهرها الخطايا فكما يحتاج بدني الى غذاء مادي من طعام‬
‫و�شراب تحتاج روحي الى ذكرك و�شكرك وتحاج نف�سي التي‬
‫توقعني في العثرات الى دواء ودوا�ؤها ا�سمك و�شفا�ؤها ذكرك‬
‫ولذلك قال علي‪ A‬اجعل نف�سك عدو ًا تجاهده وعارية‬
‫تردها ف�أنك قد جعلت طبيب نف�سك وع ّرفت �آية ال�صحة و ُب ّين‬
‫لك الداء ودللت على الدواء ف�أنظر قيامك على نف�سك واعلم‬
‫ايها الحبيب ان مر�ض النف�س اعظم من مر�ض الج�سد ومر�ض‬
‫النف�س المعا�صي والهوى والوقوع في الردي ودواء ذلك ا�سم‬
‫اهلل وذكره وا�ستغفاره فذلك يهداء النف�س والروح وهكذا في‬
‫كل بليه تقع فيها حتى لو كانت من هموم الحياة وم�شاكلها �أو‬
‫فراق الأحبة ومعاناه الفقر وغير ذلك اجعل نف�سك الم�ضطربه‬
‫والقلقه تهداء بذكر اهلل ومناداته ب�أ�سمائه �إن كثير ًا من النا�س‬
‫�أيها الأحبة يلجا�ؤن الى الأدوية المهدئة عند �سقم النف�س ولكن‬

‫تاءاضإ‬
‫الم�ؤمن يجب ان يلج�أ الى ذكر اهلل ل�شفاء �سقمه وهدوء روحه‪.‬‬
‫ثم يلتزم طاعته �سبحانه ب�أداء فرائ�ضه واالبتعاد عن‬
‫نواهيه ليعي�ش الغنى النف�سى والروحى من هنا �أيها الحبيب‬
‫تح�صل القناعة فال فقر ي�سقطه �أمام حاجته وال هوى يركعه‬
‫�أمام �شهوته‪.‬‬
‫ولكن يا رب تارة اقوى على نف�سي فاقيم �أودها و�أ�صلح‬
‫امرها فاغلبها واخرى ت�صرعني فاتبع هواها ولكنني عندما‬
‫اذكرك ينتع�ش قلبي وت�سكن روحي فلي�س لي حيلة اقدمها نادم ًا‬ ‫‪142‬‬
‫�إال البكاء لأني ال �أملك غيره فهو �سالحي الذي يعينني على‬
‫التوبة مع رجائي بعفوك لأنه غاية ما �آمل واملك في دعائي‬
‫اليك لأنك يا رب تحب التائبين المنبين البكائين الراجيين‬
‫لرحمتك والعاملين بطاعتك‪.‬‬

‫(يا �سابغ النعم يا دافع النقم يا نور امل�ستوح�شني يف الظلم يا‬


‫عاملا ً ال يعلم �صلى على حممد و�آل حممد و�أفعل بي ما �أنت �أهله‬
‫وال تفعل بي ما �أنا �أهله‪.‬‬
‫يا ربي هذا ندائي الأخير اكرره �أمامك ف�أنت الف ّيا�ض على‬
‫الوجود كله بالنعم و�أنت م�سبغ االالء بكرمك وجودك ‪.‬‬
‫و�أنت يا رب دافع الباليا والنقم والم�صائب و�أنت يا رب‬
‫النور الذي ملأ بنوره الوجود كله‪.‬‬
‫ال للمهتدين ‪-‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫فكان نوره دلي ً‬
‫ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭼ (((‪.‬‬
‫ف�إذا اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم و�إذا انحرفت نف�سي‬
‫عن جاده الحق واذا غلبني هواي الى المع�صية والظلم‪ ،‬قادني‬
‫نورك الى الهداية و�سلك بي طريق الحق ورفعت عن نف�سي‬
‫تاءاضإ‬

‫ا�ستيحا�شها وغربتها في هذه الدنيا الدنية المليئة بالغواية‬


‫وال�ضالله وكل �ضالله ظلمه وكل غوايه ظالم و�أ�سالك فيها �أن‬
‫خوف من الغد والخوف من كل �أحد لأنه ال يح�سب‬ ‫�أعي�ش بال ٍ‬
‫ح�سابك وال يعظم مقامك ولكن يا رب ارفع كل خوف من‬
‫نف�سي ووح�شة من روحي بنورك‪� ،‬أيها الحبيب مهما ابتعدت‬
‫عن الطريق و�سلكت درب الوح�شة عد الى نور الهدى لتعي�ش‬
‫الأن�س مع ربك‪.‬‬
‫‪143‬‬ ‫يا رب انت العالم بحالي وعلمك يغنيك عن �س�ؤالي يا رب‬
‫مهما عددت من �آفاتي ف�أنت اح�صيتها و�أنا ن�سيتها لأن علمك‬
‫احاط بكل �شيء واح�صى كل �شيء �أبتهل اليك بعلمك لأنك‬
‫العالم الذي يعلم وال ُيعلم �أتو�سل اليك بال�صالة على محمد‬
‫و�آل محمد لأقد مهم خاتمه لدعائى حتى ت�ستجيب لي لأنك‬

‫((( البقرة‪ ،‬الآية‪.٢٥٧ :‬‬


‫ال يمكن �أن تقبل من داعيك واحدة وترف�ض الأخرى ودائم ًا‬
‫تقبل ال�صالة على محمد و�آله ف�أظن انك تقبل باقي دعائي‬
‫و هذا �أيها العزيز ما قاله ال�صادق‪ A‬من كانت له حاجة‬
‫الى اهلل عز وجل فليبد�أ بال�صالة على محمد و�آله ثم يختم‬
‫بال�صالة على محمد و�آله‪ D‬ف�أن اهلل عز وجل �أكرم من‬
‫�أن يقبل الطرفين ويدع الو�سط �إذ �أن ال�صالة على محمد و�آل‬
‫محمد ال تحجب عنه‪.‬‬
‫وقال الإمام على‪ A‬كل دعاء محجوب عن ال�سماء حتى‬
‫ي�صلي على محمد و�آل محمد‪.‬‬
‫وثاني ًا ن�ستفيد من ذلك كيفية تقديم محمد و�آله في التو�سل‬
‫الى اهلل والنداء الى اهلل بهم ال كما درج في زماننا مما ورثناه‬

‫تاءاضإ‬
‫عن ال�شيخة والبابيه ومن قبلهم من الطلب الى محمد و�آله من‬
‫باب �أنه لي�س لنا �أهلية الطلب من اهلل عز وجل مبا�شرة‪.‬‬
‫وثالث ًا اعلم ان �صالة اهلل تعالى على محمد و�آله رحمه‬
‫و�صالة المالئكة تزكية و�صالتنا دعاء والدعاء بهم م�ستجاب‬
‫ان�شاء اهلل �إال �أن يكون هناك مانع �آخر ي�ؤخر الإجابة‪.‬‬
‫ف�أنا يا رب ا�س�ألك بمحمد و�آله �أن تفعل بي ما �أنت �أهله‬
‫من الرحمة والمغفرة والعفو والجود والكرم وال تفعل بي ما �أنا‬
‫�أهله من ا�ستيجاب ال�سخط والطرد من رحمتك لبعدى عنك‬ ‫‪144‬‬
‫وتجرئي عليك وا�ستخفافي بك في الخلأ والملأ‪.‬‬
‫واختم مرة اخرى بال�صالة على محمد ر�سولك واالئمة‬
‫الميامين من �آله واطلب منك كما امرتني ان ن�سلم عليهم‬
‫�سالم ًا كثير ًا‪.‬‬
‫وختام ًا �أيها العزيز تع ّلم كيف يتو�سل �أهل البيت وكيف‬
‫يعلموننا التو�سل لأننا ن�أخذ منهم ال من النا�س و�إليك ما ورد‬
‫في فقه الر�ضا‪ A‬من قوله بين الآذان والإقامة معلم ًا ايانا‬
‫ذلك قال‪ A‬اللهم رب هذه الدعوة التامة وال�صالة القائمة‬
‫�صلى على محمد و�آل ومحمد و�أعطي محمد يوم القيامه �س�ؤاله‬
‫�آمين رب العالمين‪.‬‬
‫اللهم �أني اتوجه �إليك بنبيك نبي الرحمة محمد‪D‬‬
‫و�أقدمهم بين يدي حوائحي ف�صلى عليهم و�أجعلني الحظ �أيها‬
‫الحبيب �صفاء والتو�سل كيف يطلب من اهلل بهم وال يطلب‬
‫منهم واجعلني بهم وجيه ًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين‬
‫و�أجعل �صلواتي بهم مقبولة ودعائي بهم م�ستجاب»‪.‬‬
‫وعندما جاء رجل الى علي‪ A‬طالب ًا �أن يعلمه كيفية‬
‫التو�سل قال ‪ A‬قل اللهم �إني اتوجه اليك بنبيك نبي‬
‫تاءاضإ‬

‫الرحمة محمد و�أهل بيته الذين اخترتهم على علم على‬


‫العالمين اللهم فذلل لي �صعوبتها و�أكفني �شرها ف�أنك الكافي‬
‫المعافي ‪ -‬م�ستدرك الو�سائل باب االعتكاف‪.‬‬
‫الى غيرها من الروايات الموافقة للقر�آن في كيفية الإبتهال‬
‫والطلب من اهلل تعالى بهم �صلوات اهلل عليهم �أجمعين وهذا‬
‫�أي�ض ًا مانالحظه في ال�صحيفة ال�سجاديةكلها من �أدعية الأمام‬
‫زين العابدين التي ا�صبحت مع الأ�سف في زماننا من�سية عند‬
‫‪145‬‬ ‫كثير من الم�سلمين وخ�صو�ص ًا بع�ض ابتاع �أهل البيت في‬
‫الوقت الذي يروج لأدعية كتبها م�ؤلفون من العامة ومن فرق‬
‫مغاليه مجرد قر�أتها �أو مقارنتها مع �أدعية ال�صحيفة ودعاء‬
‫كميل وال�سحر وعرفة للح�سين‪ A‬ولزين العابدين وغيرها‬
‫من الأدعية ال�صحيحة يظهر لك الفرق بينهما فهذه موافقة‬
‫للقر�آن فيا �أدب مع الرحمن‪ ،‬عاليه الم�ضامين والبيان‪،‬‬
‫م�سبوكة العبارات ب�إتقان‪ ،‬تحوى علوم الأخالق وال�سلوك‬
‫والعلوم للإن�سان‪.‬‬
‫وتلك ركيكة العبارات وا�ضحة في المو�ضوعات تخالف في‬
‫بع�ض فقراتها الآيات كما في دعاء الفرج‪ :‬يا محمد يا علي‬
‫اكفياني ف�أنكما كافيان وان�صراني ف�إنكما نا�صراني ‪ -‬واهلل‬
‫يقول �ألي�س اهلل بكاف عبده ‪ -‬لي�س لهم من دون اهلل من ولي‬
‫وال ن�صير �أو كما في دعاء العديله حكايه عن الإمام المهدي‬
‫‪ A‬يا من حفظت ال�سماوت والأر�ض به ورزق الورى بيمينه‬
‫وحاول بع�ض المت�أخرين للخروج عن �شرك اللفظ �أن يوجه‬
‫الكلمة فقال‪ :‬بيمنه �أي ببركته ول�سنا بحاجة الى هذا لت�أويل مع‬
‫عدم ثبوت الدعاء �سند ًا هذا مع الإ�شارة �إلى �إمكانية �أن يدعو‬
‫الإن�سان بما �شاء �شرط ان ال ين�سب ذلك �إلى الأنبياء والأو�صياء‬

‫تاءاضإ‬
‫و�شرط الأدب مع اهلل وخلوها من كبائر ال�شرك باهلل عز وجل‬
‫ونحن نعلم من القر�آن ‪ -‬ان الرازق هو اهلل وال وا�سطة عنده‬
‫في البين هو ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﭼ (((وهذه الآية علمها ال�صادق‪ A‬لزراره عندما جاءه‬
‫وقال ب�أن فالن من المغالين يقول انكم ف ّو�ض اليكم �أمر الرزق‬
‫والخلق فقال كذب عدو ا هلل �إذا ر�أيته فاتلو عليه هذه الآية‪.‬‬
‫الى دعاء الآذواد في رجب الذي يقول في بع�ض فقراته وهو‬ ‫‪146‬‬
‫من كتابه ال�شيخيه كما يقول الإمام الخال�صي في كتابه علماء‬
‫ال�شيعة في مواجه البدع والخرافات وهو ي�صف االئمة في هذا‬
‫الدعاء (ال فرق بينك وبينم �إال �أنهم عبادك) وهل هذا �إال‬
‫عقيدة الن�صارى بعي�سى‪ A‬الي�س هذا �شرك باهلل الذي‬

‫((( الروم‪ ،‬الآية‪.٤٠ :‬‬


‫يقول (لي�س كمثله �شيء) الى غير ما من فقرات بع�ض الزيارات‬
‫التي تخالف القر�آن كبع�ض فقرات الزيارة الجامعة حيث يقول‬
‫وح�ساب الخلق عليكم �أي �أهل البيت و�أيامهم عليكم واهلل‬
‫تعالى يقول في كتابه ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﭼ‬
‫وبحث ذلك مف�ص ًال في كتابنا ق�ضايا اثارت جد ًال احببت ان‬
‫�أقول ذلك لأ�صفى العقيدة من كل �شائبة دخلت عليها لنعي�ش‬
‫مع نبع كالم التوحيد ال�صافي والتو�سل النقي الذي علمنا �أياه‬
‫اهل البيت علهيم ال�سالم وفي مقدمتهم محمد‪ D‬وعلي‬
‫‪ A‬في هذا الدعاء الذي تم بعون اهلل تعالى �شرحه ‪.‬‬
‫في ‪� 15‬شعبان ‪ 1434‬هـ‬
‫يا�سر بن يو�سف عودى البرع�شتي‪.‬‬
‫تاءاضإ‬

‫‪147‬‬

You might also like