42 2135 رزان

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 29

‫حبي الوأل‪ :‬الوأاقعي وأالمتخيل في الزمن الروأائي‬

‫د‪ .‬رزان محموأد إبراهيم‬


‫قسم اللغة العربية وأآدابها‬
‫جامعة البت ار‬

‫الملخص‬
‫يسجل هذا الننص السنردي قيند التحلينل أحنداثا كنبرى فني تارينخ الشنعب الفلسنطيني قبينل نكبنة عنام‬
‫‪.1948‬ن والد ارسننة التاليننة تنشننغل بتفكيننك هننذا النننص الننذي ينخننرط فيننه التنناريخي بننالمكون الخيننالي‬
‫عننبر عننرض ينشننغل بزمنيننن؛ الماضنني والحاضننر الننذي يلقنني بشننروط زمننن السننتعادة علننى وعنني‬
‫الراوية ووجهة نظرها‪ .‬ويتم معالجة هذا المتزاج عبر محاور خمسة رئيسية‪:‬‬
‫المحوأر الوأل‪ :‬هاجس الزمن‪ :‬وتبرز فيه سلوكيات الننناس الننذين يخضننعون لجميننع تقلبناته وأننواعه‬
‫وتغيراته في تحرك زمني يختلط فيه الواقع بالخيال‪.‬‬
‫المحوأر الثاني‪ :‬السرد المهجن؛ ما بين الذاتي والتخيلي‪ :‬حيننث يتننم إبنراز الثنار الواضننحة الناجمننة‬
‫عننن امننتزاج المكننون الفننني بأصننل واقعنني‪ ،‬بمننا فنني ذلننك التقسننيم المتعمنند للبننناء التقلينندي‪ ،‬ومسنناراته‬
‫الزمنية والمكانية‪.‬‬
‫المحوأر الثالث‪ :‬صورة المرأة ‪ :‬إذ تظهر هذه الدراسة خروجاا واضحاا عن نماذج نسائية شائعة فني‬
‫الرواية العربية‪ ،‬وهو ما يتم تمثله عبر شخصيات نسائية يحركها وعي ذاتي يخننرج عنن مقتضننيات‬
‫الواقع أحياناا‪ ،‬وهو ما كان له أثره الواضح في صيرورة أحداث هذه الرواية‪.‬‬
‫المحوأر الرابع‪ :‬الرمننوز واليحنناءات‪ :‬وفيننه تنطلننق الد ارسننة مننن إبنراز نمنناذج متنوعننة فنني انتماءاتهننا‬
‫الثقافينة علنى مسنتوى الواقنع‪ ،‬إلنى مسنتوى آخنر يلقني ضنوءاا علنى هنذه النمناذج بمنا تحملنه من قينم‬
‫رمزية دالة‪.‬‬
‫المححوأر الخحامس‪ :‬بيننن الوقننائع والرغبننات‪ :‬يننبرز فنني هننذا المحننور انشننغال الروايننة اللفننت بعمننق‬
‫التباين بين الوقائع والرغبات النسانية عموماا‪ ،‬والفلسطينية على نحو خناص‪ ،‬كمنا يرصند أثنر هنذا‬
‫التباين في تشكيل الشخصيات وتعاقب الحداث‪.‬‬

‫‪1‬‬
My First Love: The Self/Subjective and the Imagined in the Novel’s Temporality

Razan Mahmoud Ibrahim


Department Of Arabic
University Of Petra

Abstract
The text tackled by the present study records big events in the history of the
Palestinian nation before the 1948 crisis (Nakba). This study is basically occupied
with dismantling the above text which combines the historical with the imagined
through exposing two temporalities: the past and the present, underscoring
consciousness and point of view. This combination has been elucidated through five
main aspects:
1. Obsession with time: most manifest in people’s codes of conduct as influenced by time
change, and time quality merging reality with imagination.
2. The hybrid narrative between the subjective and the imagined: most obvious in the
impact of merging the artistic with the realistic, including the predetermined dichotomy
between conventional structure and its temporal and spatial trajectories.
3. The image of woman: the study constitutes an overt violation of the common images of
women as typically depicted in the Arabic novel leading to the creation of female
characters moved by a subjective consciousness that defies surface reality and is
responsible for initiating events in the novel.
4. Symbols and references: the study highlights various models with diverse cultural
affiliations at a realistic level and a symbolic one.
5. Fluctuation between realities and desires: this exposes the novel’s preoccupation with
the deep discrepancies between surface reality and deep desires for humans in general,
and Palestinians in particular. This angle is also concerned with clarifying the impact of
such discrepancies on the formation and development of characters and sequence of
events.

2
‫المقدمة‬
‫تنشننغل هننذه الد ارسننة بنننص سننردي يحمننل حسنناا عالي نا بننالزمن الفلسننطيني مننن حيننث طننبيعته‬
‫وقيمتننه‪ ،‬وهننو مننا يتضنح مننن خلل أحنناديث مطولننة حننول هنذا الزمننن‪ ،‬تننبرز فيهننا سنلوكيات الننناس‬
‫الذين يتصرفون ويشعرون ويفكرون في الزمن‪ ،‬كما يخضعون لجميع تقلباته وتنوعاته وتغيراته‪.‬‬
‫تقنع الرواينة قيند الد ارسنة بينن زمنينن‪ :‬ذاتني يتحنرك فينه الروائني‪ ،‬وآخنر موضنوعي تتحنرك فيه‬
‫القصة‪ .‬فالعمل يحمل مادة تاريخية‪ ،‬ما إن تصبح موضوعاا للسرد حتى يعاد إنتاجها طبقاا لشننروط‬
‫تختلننف عننن شننروط تكونهننا قبننل أن تننندرج فنني سننياق التشننكيل الفننني‪ .‬فالروائيننة تسننتعيد شخصننيات‬
‫فلسننطينية ارئنندة فنني الننذاكرة الفلسننطينية بعنند إخضنناعها لشننروط زمننن السننتعادة‪ ،‬ووعيهننا‪ ،‬ووجهننة‬
‫نظرهننا‪ ،‬ومسننتلزمات التعننبير عنهننا أكننثر مننن خضننوعها لشن نروط المسننار التنناريخي الحقيقنني لتلننك‬
‫الحياة‪.‬‬
‫تنخرط هذه الدراسة في إبراز الثار الواضحة النتي يتركهننا مكنون فننني ممننزوج بأصنل واقعنني‪،‬‬
‫وهو ما عمدت هذه الدراسة إلى رصده عبر مسنارات مختلفنة كالمكننة والحنوار وغيرهنا‪ .‬كمنا تنأتي‬
‫عملية التذكر فنني هنذه الرواينة لتكننون تفسنيرا للحنداث مشننحونا بالعاطفنة يتغينر ويتحنول تبعننا لنمنو‬
‫الذات المفسرة في الزمن وتغيرها به‪ ،‬مع قدرة واضحة في بعض المواقننف علنى إعننادة إنتنناج وقنائع‬
‫مضت بوعي طفولي عبر لغة استرجاع ذكية لفتة‪.‬‬
‫نقننف علننى محننور خنناص فنني هننذه الد ارسننة يعنننى بنمنناذج نسننائية متعننددة تغنناير النمننوذج النمطنني‬
‫المتننداول‪ ،‬صننهرته التجربننة‪ ،‬وعنناش حينناة إنسننانية غنيننة‪ ،‬وهننو مننا يتحننرك فنني إطننار تقنندمي يحمننل‬
‫دعوة تفاؤلية تنحي أنماطاا نسائية سلبية طالما وقفنا عليها في الرواية العربية‪.‬‬
‫وفنني هننذا النننص هالننة كثيفننة مني نرة مننن اليحنناءات؛ فالسننلوب يعننج بننالرموز والصننور عننبر‬
‫كلمات منتزعة من استعمالتها العادية‪ .‬فالعمنل رمنز لشنيء أوسنع وأعمنق ممنا قند ينوحيه العننوان‪،‬‬
‫ويحمل من اليحاءات ما يعطي الرواية معنى شاملا‪.‬‬
‫إن كانت الرواية قد انشغلت بزمنين‪ :‬واقعني ومتخينل‪ ،‬فإنهنا كننذلك انخرطنت فنني بحنث عميننق‬
‫عن تباين بارز بين الوقائع والرغبنات‪ ،‬وهو منا كنان له الثنر الكنبير فني تشنكيل الشخصنيات أول‪،‬‬
‫إواعادة ترتيب الحداث ثانية‪ .‬تغوص هذه الرواية عميقنا فني النذاكرة الفلسننطينية باحثننة عنن أسننباب‬
‫ومظاهر ما أطلقنا عليه تبايناا بين الذاتي والتخيلي‪ ،‬مبرزة جملنة منن الخفاقنات السياسنية المتتالينة‬
‫الننتي يفجرهننا النننص‪ ،‬وه ني فنني مجملهننا تكننون البنناعث الول لنكسننارات داخليننة تننداهم شخصننيات‬
‫هذا النص‪.‬‬
‫وأخي ار نقول‪ :‬إن هذه الرواية تسجل أحداثا كبرى في تاريخ الشعب الفلسطيني‪ ،‬يصح اعتبارها‬
‫على نحننو منا جننزءا منن ملحمنة مأسناوية فادحنة‪ .‬والرواينة تأخنذ علننى عاتقهنا مراجعننة فننترة تاريخينة‬

‫‪3‬‬
‫حاسننمة‪ ،‬وتحننرص علننى إعننادة قراءتننه‪ ،‬فالتاريننخ كمننا يننرد فنني النننص" هننو مننا نكتننب‪ ،‬ل مننا قلننناه‬
‫وخبأناه في صناديق القلب المغلفة‪ ،‬وانتقل معنا إلى الخرة وظلم القبر"‪.‬‬

‫حبي الوأل‪ :1‬الوأاقعي وأالمتخيل في الزمن الروأائي‬

‫هاجس الزمن في الروأاية‬


‫تنطوي هذه الرواية بتشعباتها على تحليلت لكثير من الحداث التاريخية السياسية التي تعود‬
‫بنا إلى جذور القضية الفلسطينية‪ ،‬وتتناولها بما هو تعبير عن حاجة متزايدة لحياء القديم ودمجننه‬
‫كجزء عضوي ل ينفصم عن تصوراتنا النية للقضية‪ .‬والحداث التي تتناولها الرواية تشكل خلفية‬
‫شديدة الهمية لما قد يبدو وكأنه تجربة ذاتية للشخصية الساسية في هننذا العمننل السننردي‪ ،‬بننل إن‬
‫هذه الحداث تتداخل مع السيرة وتتصل بها علنى نحننو بننارز كمننا سنتظهره هنذه الد ارسننة علنى نحننو‬
‫تفصيلي‪.‬‬
‫في هذا العمل نواجه ذاكرة تخلقننت فنني الصنراع‪ ،‬أو شنهدت علينه‪ ،‬فنكننون أمننام ذاكنرة تاريخينة‬
‫فلس ننطينية همه ننا اقتف نناء آث ننار الصن نراع المتغي ننر ف نني العق ننود المتغين نرة‪ ،‬كم ننا ل ننو ك ننان عم ننر ال ننذاكرة‬
‫الفلسطينية هو عمر العتداء المتجدد على فلسطين‪ .2‬وهي الذاكرة التي تطلقها كاتبة تعبر عن‬
‫تجربة عايشتها عن قرب‪ ،‬وتم التعبير عنها في جزء كبير منن الرواينة منن خلل تجننارب الطفولنة‪،‬‬
‫استحضرت الكاتبة من خللها أجواء تاريخيننة هامننة حننددت الكننثير مننن التجاهننات الننتي تشننق هننذا‬
‫الموضننوع إلننى يومنننا هننذا‪ .‬والحننق أن " انفعننال إنسننان فنني قلننب مظنناهرة صنناخبة يختلننف عننن آخننر‬
‫ينظر إليها من شرفة عالية"‪ .3‬ولعل هذا ما ذهبت إليه الكاتبة حين عبرت عن أصحاب القضية‬
‫مم ننن يعي ننش ف نني الخ ننارج‪ ،‬بأنه ننا تلحقه ننم وه ننم ل ننم ينس ننوها‪ ،‬لكنه ننم م ننع الص ننبح يلبس ننون ملبس ننهم‬
‫النظيفننة‪ ،‬ويحملننون حقننائبهم العمليننة ويننذهبون للشننغل‪ " .‬لكححن هنححا‪ ،‬هنححا نزيححف وأجنححائز هنححا غلءا‬
‫وأبطالة‪ ،‬هنا اختناق وأحوأاجز"‪.4‬‬

‫حسننب الموقننف الكلسننيكي‪ ،‬تكمننن قيمننة الماضنني بصننورة رئيسننية فنني تهيئننة السنوابق لنندواعي‬
‫الحاض ننر والمس ننتقبل‪ ،‬وبالت ننالي يص ننبح الماض نني درسن ن ا للرش نناد ف نني المس ننتقبل‪ ،‬أم ننا ف نني الموق ننف‬
‫الرومانسي‪ ،‬فإن النظنر إلنى الطبيعنة النسنانية والتطنور النسناني بمندلولت الوحندة العضنوية النتي‬

‫‪.‬خليفة‪ ،‬سحر‪ ،‬حبي الوأل‪ ،‬دآار الدآاب‪ ،‬بيروت‪1 2010،‬‬


‫ص ‪ .7‬دآراج‪ ،‬فيصل‪ ،‬ذاكرة المغلوبين ‪ :‬الهزيمة والصهيونية في الخطاب الثقافي الفلسطيني‪،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪2 ،‬‬
‫‪2002.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪4 221‬‬

‫‪4‬‬
‫تقوم عليها مسيرة التاريخ‪ ،‬يدفعنا إلى النظر إلى ما يتم طرحه باعتباره وحدة عضوية متطورة‪،5‬‬
‫فما تجسده الرواية من موروث يجسد منا حندث فني لحظنات زمنينة هامنة عبنارة عنن حالنة معاصنرة‬
‫لجميع الحياء المهتمين بما حدث وما يحدث في هذه القضننية الهامننة‪ .‬خصوصنا إذا أدركنننا تننأثير‬
‫الماضي بمدلولت الواقع‪.‬‬
‫يبنندو لنني أن الروايننة تحنناول نقننل انطبنناع مننرور الزمننن‪ ،‬وهننو أمننر عهنندناه فنني أشننكال التعننبير‬
‫الفني المختلفة‪ ،‬فكثير من الفنانين اهتموا بالزمن‪ ،‬بننل إن معظننم الكتنناب ذوي القيمننة شننغلوا أنفسننهم‬
‫على نحو ملحوظ بالمفاهيم المختلفة للزمن وقيمه‪ .‬وقد تبدى هذا الهتمام فني الرسنوم والموسننيقى‪،‬‬
‫إل أن الهتمام بالزمن أشد ما نلمسه في الرواية‪ ،‬التي تظننل أكنثر الشنكال الدبينة مرونننة وأشنندها‬
‫إثارة‪ ،‬وهي واحدة من الفنون التصويرية المعروفة بتجاوبها الشديد مع ضغوط العصر‪ .‬والزمن في‬
‫الرواية ‪-‬حسب هنري جيمس‪ -‬ينطوي على أكبر قدر من الصعوبة‪ ،‬ومن ثنم علنى أكنبر قندر منن‬
‫السمو الذي يعنى بخلق إحساس بالمدة الزمنية ومضي الزمن وتراكمه‪.6‬‬
‫تبنندأ الروايننة بعننودة نضننال الشخصننية الرئيسننية لنندار العيلننة فنني نننابلس‪ ،‬لصننلحا مننا تصنندع‬
‫وأكلته السنون‪ ،‬فبعد خمسين سنة تقريباا‪ ،‬وبعد تطواف لم ينقطع وبعد إحسنناس بأنهننا ” طرد آدمي‬
‫متنقل في كل مطار”‪ .7‬عادت نضال كي تحافظ على زمن مضى ” فما كتب من الوأل في أوأل‬
‫سححطر يبقححى معنححا مثححل التاريححخ‪ ،‬وأالححذكريات‪ ،‬وأالطفوألححة وأصححوأرنا القديمححة قبححل التجاعيححد وأانحححدار‬
‫الخطوأط في سحنتنا وأأفوأل اللمعة من العينين”‪.8‬‬
‫وهنني تننأتي بعنند هننذه السنننين‪ ،‬وبعنند الصننخب والض نواء الننتي لحقتهننا وهنني الفنانننة الرسننامة‪،‬‬
‫لتجعل بيتها الول هو الخير‪ ،‬وتحوله إلى متحف أو معرض‪ .‬وتعود بها النذاكرة إلنى زمنن الثنوار‬
‫وقد ملوا الجبال بحكاياتهم” تفجير ألغام وأخطف جنوأد وأقنص وأمشانق وأمساجين”‪.9‬‬
‫ينفتننح النننص الروائنني فنني البدايننة علننى عننالم سنناكن خامننل‪ ،‬ويصننار إلننى التعريننف بننذلك العننالم‬
‫بواسنطة نمننط مننن السننرد الموضنوعي منن خلل الننتركيز علنى خلفيننات زمانيننة ومكانيننة‪ .‬تبندأ بنوادر‬
‫التحول حينما تظهر ياسمين في الفق‪ ،‬فحضورها يوقظ الحياة‪ ،‬ويحررها من نسقها التقليدي الذي‬
‫يتحكننم بهننا‪ ”.‬ف أريححت امححرأة ‪...‬فححاحت القهححوأة مححع عححبير الفححل وأابتسححامة جميلححة وأضححاءاة مححن وأجححه‬
‫أبيض مثل الفل‪ ،‬وأأسنان بيضاءا لؤلؤية وأشعر أملس‪ “ .10”..‬تتلصص على النححاس‪ ..‬وأتراقبهححم‬
‫من العلية وأشبابيك تطل على الرائحيحن وأالغحادين”‪ .11‬بننل جعلننت نضننال تعيننش التجننارب كمننا لننو‬
‫كانت جزءا منها‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪.‬مندلو‪،‬أ‪.‬أ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪،‬ترجمة بكر عباس‪ ،‬دآار صادآر‪ ،‬بيروت‪ ،1997 ،‬ص ‪9‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬صفحات‪38 ،23 ،17 ،‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪7 9‬‬
‫الرواية‪ ،‬ص ‪8 10‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪9 17‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪10 61‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬صفحات ‪11 62،63‬‬

‫‪5‬‬
‫نقطة التحول الخرى كانت برجوع ربيع‪ ،‬حبها الول‪ ،‬وكان قد التحنق بمقنر قينادة الثورة عنند‬
‫الحسيني بقرية بير زيت‪ ،‬وظل معه حتى استشهاده فنني القسننطل‪ ،‬وبعنندها ذهنب إلنى سننعادة‪ ،‬ومنن‬
‫ثم هرب لكندا وهناك انقطعت أخباره‪ ،‬والن هو “ رجل غني وأمبرمج يحكي بالوأيندوأز وأال نححترنت‬
‫وأالكمبيوأتر‪ ،‬وأيتشدق بفروأع الشركة العملقة في المارات”‪ .12‬أما فيما يتعلق بمسار حيناة نضنال‬
‫الشخصية‪ ،‬فباختصار شديد تقول‪ “ :‬ستي ماتت وأأمي اختفت‪ ،‬فألحقني خالي بمدرسححة الراهبححات‬
‫حيث عوألج في المستوأصف‪ .‬الراهبات اكتشفن موأهبححتي فححدبرن لححي بعثححة فنيححة إلححى روأمححا‪ ،‬وأمححن‬
‫هنححاك بححدأت حيححاتي كفنانححة‪ ،‬وأعشححت حيححاتي بححالطوأل وأالعححرض‪ .‬تزوأجححت وأطلقححت ثححم تزوأجححت ثححم‬
‫تمردت ثم أحببت‪ ...‬ثم قررت أل شيءا يستحق انشغال القلب إل فني وأرسوأماتي”‪.13‬‬
‫إذ تنشغل الكاتبة في الزمن الفلسطيني‪ ،‬فإن ذلك يعني اهتماما خاصا بطننبيعته وقيمتننه‪ ،‬ومنن‬
‫هنا نقف على حيز خاص في هنذه الرواينة مخصنص للزمننن‪ ،‬فالقنارئ يحنس أن الكاتبننة تحنناول أن‬
‫تقنندم معنننى للحينناة بمواجهننة مشننكلة الزمننن‪ ،‬عننبر أحنناديث مطولننة حننوله‪ ،‬وعننبر خطابننات طويلننة‬
‫تدرجها في عملها‪ ،‬مما يضفي على الرواية بأجمعهننا حسنناا زمنينناا عاليناا‪ ،‬سننتكون لنه آثناره الواضنحة‬
‫فنني جميننع معالمهننا ‪ ،‬خصوصننا أنهننا تعالننج سننلوك الننناس الننذين يتصنرفون ويشننعرون ويفكننرون فنني‬
‫الزمن‪ ،‬ويخضعون لجميع تقلباته وتنوعاته وتغيراته‪.‬‬
‫إذا كنا ندرك أن العمل الفني هو الوسيلة الوحيدة لستعادة الزمن الضائع‪ ،‬فإن هذا مما يمكن‬
‫الوقوف عليه في هذه الرواية على نحو مكثف‪ ،‬فالكاتبننة ل تنفننك عننن تقننديم ملحظننات عننن مننرور‬
‫الزمننن‪ ،‬أو السننماحا للشخصننيات نفسننها أن تعلننق علننى الثننار الغريبننة لتفنناوت المنندد‪ ،‬فلوحننة عيبننال‬
‫الننتي رسننمتها وهنني فنني الحاديننة عش نرة ” كححانت ألوأانهححا قحد بحدأت تخبححوأ وأتغيحم‪ ،‬وأكحأن الزمححن فعحل‬
‫باللوأححة محا فعحل بنحا‪ ،‬بحدأنا نخبحوأ وأنغيحم”‪ .14‬وأحيانننا أخننرى تعننرض تفنناوت إحسنناس الشخصننيات‬
‫بالمدة لتأكيد إلحاحا الحداث على أشخاص دون غيرهم‪ ،‬فالمنندة الحقيقيننة ذاتيننة ل تقنناس بالسنناعة‪،‬‬
‫وهناك فرق بين الزمن الكرونولوجي والزمن السيكولوجي‪ ،‬كما يتنأثر بهنا إحسنناس أشنخاص الروايننة‬
‫ب ننالزمن‪ .15‬ل ننذلك تق ننول نض ننال‪ ”:‬غريححب كيححف نتمسححح وأنتبححدد حيححن نكححبر وأيصححغر العمححر‪ .‬نفقححد‬
‫إحساسنا بالرقة وأالرهافححة وأحنيححن القلححب‪ .‬نصححبح كححدجاج فقححد ريشححه بعححد أن كنححا عصححافير ملوأنححة‬
‫نقفز في الشمس وأنلهوأ مع الريح”‪.16‬‬

‫الرواية‪ ،‬ص ‪12 216‬‬


‫‪.‬الرواية‪13 216 ،‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪14 30‬‬
‫‪.‬مندلو‪ ،‬أأ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪15 205‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪16 153‬‬

‫‪6‬‬
‫وأفي مكان آخر تقوأل‪ “ :‬نظرت في وأجه ياسحمين النضحر مثحل الحوأردة‪ ،‬وأفحي وأجحه الم المتهحافت‬
‫الذي بعثره الزمن‪ ،‬وأقلبت وأجهي بين الثنين‪ ،‬وأجه امرأة فيها ياسمين من الداخل‪ ،‬وأمن الخححارج‬
‫وأجه مهزوأم أنهكه البحث”‪.17‬‬
‫أما خالها وحيد فقد أصابه الزمن على نحو محبط “ حين كان الرديف لشيخ الجليل وأامتدادا‬
‫لحححححه‪ ،‬وأكحححححان قياديححححح ا محترمححححح ا بيحححححن الثحححححوأار‪ ،‬وأكحححححان يحكحححححي فحححححي السياسحححححة وأحقحححححوأق النحححححاس‬
‫المظلوأمين‪....‬وأبات الن يحكي بالزبحل وأحراثحة الرض‪ .18”...‬وينتهنني بننه الحننال إلننى أن يصننبح”‬
‫أسمر كمحا لحوأ كحان بحدوأي ا أكلتحه الشحمس وأشحعره الكحثيف بحدأ ينححل وأغحزاه الشحيب‪...،‬كحان جميلا‬
‫وأمليئحححا بالصححححة وأالعافيحححة‪ ...‬لكحححن المعركحححة الخيحححرة ححححوأل القسحححطل وأسحححقوأط القسحححطل‪ ...‬جعحححل‬
‫الوأضاع مهزوأزة”‪ .19‬فالزمن تدميري كما تصوره هذه الرواية‪ ،‬الفلحون يحسون بحس رة‪ ،‬اليهود‬
‫يتوسعون بمستعمراتهم‪ ،‬وهم يتحلقون حول مستشيخ كان بطلا من البطال‪ ،‬ثم تقاعد وبات يسوق‬
‫تراكتو ار كلعننب الطفننال‪ ”.‬وأمن ير خالي بشكله الجديد وأهيئتححه الغريبححة ل يصححدق أن هححذا الرجححل‬
‫هوأ من كان يقوأد الرجال‪ .‬كان الهزال قد جعل منه أشبه بشبح قام من القبر”‪.20‬‬
‫والكاتبة تعمد في روايتها إلى المزاوجة بين أسننلوبي مراوحننة الزمننن‪ ،‬والسننتدارة الكرونولوجيننة؛‬
‫بمعنى أنها أوجدت في البدء انطباعا قوياا عن الشخصننية‪ ،‬ثننم عملننت علننى ماضننيها منن قبننل ومننن‬
‫بعنند‪ ،‬بحيننث ل يشننعر القننارئ بالماضنني مسننتقلا عننن الحاضننر‪ ،‬بننل داخلا فيننه ومتخللا لننه‪ ،‬فكننل‬
‫لحظة يراها القارئ تكثيفا لتاريخ مضى‪ ،‬ول يعود الماضي مستقلا أو تاماا‪ ،‬إوانما جزء دائم التطننور‬
‫مننن حاضننر متغيننر‪ .‬فلكنني يكننون لحينناة أشننخاص الروايننة معنننى‪ ،‬ل بنند مننن أن نفهمهننم فنني ضننوء‬
‫ماضننيهم‪ ،‬فجميننع الفكننار والمشنناعر موصننولة بالماضنني‪ ،‬وبالتننالي يصننبح أي وصننف لهننم بعينندا‬
‫عنه ننا وص ننفا منقوصن نا‪ .‬والنظن نرة الحديث ننة تنك ننر وج ننود الماض نني كم نناض‪ ،‬بينم ننا تؤك نند بق ننوة وج ننود‬
‫الماضي كحاضر‪ .‬إواننا في أي لحظننة مجمننوع جمينع لحظاتنننا‪ ،‬وأننننا ناتنج جمينع تجاربنننا‪ ،‬وكنل مننا‬
‫رأيناه وكل ما لقيناه جزء منا‪ .21‬وهو منا تؤكده الرواينة فني معنرض حنديثها عن الثورة‪ ".‬كلمة ثوأرة‬
‫تدوأر وأتدوأر مثحل السحاعة‪ ،‬مثحل العقحرب‪ ،‬ل تتوأقحف‪ .‬تبحدأ محن فحوأق ثحم تن زل‪ ،‬وأتعحوأد ثانيحة إلحى‬
‫أعلى‪ ،‬إلى رقم ‪ ،12‬مثل العقرب يلف وأيدوأر وأيعوأد ثانية إلى الرقم نفسه‪ ،‬ثم ينزل”‪.22‬‬
‫حننتى إن صننور اقتلع أشننجار الزيتننون ومصننادرة ال ارضنني الننتي نشننهدها الن هنني جننزء مننن‬
‫صننور الماضنني‪ ،‬فننالتراكتور يسننحب الشننجار مننن جننذورها‪ ،‬ويلقنني بهننا بجننانب أخريننات ممنندودات‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪17 169‬‬


‫الرواية‪،‬ص ‪18 171‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪19 341‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪20 181‬‬
‫‪.‬مندلو‪ ،‬أأ‪،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬ص ‪ ،124‬ص ‪21 250‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪22 11-10‬‬

‫‪7‬‬
‫علننى الرض كجثننث هامنندة‪ ،‬واليهننود ” يقلعوأن الشجر وأيجرفوأن الرض‪ ،‬وأيسححرقوأن المححاءا‪ ،‬وأهححم‬
‫يعرفوأن أن هذه الرض ليست لهم”‪.23‬‬
‫كما يبرز في الرواية رجوع مستمر إلى الزمن الول في بيننت العيلنة‪ ،‬فنضنال فنني بيننت العيلننة‬
‫تعيش الزمن من الول منن خلل أوراق ورسنائل ومقنالت لنم تنشنر بعند‪ .‬واللفنت فني هنذه الرواينة‬
‫أنها تنظر إلى الماضي في كثير من الحيان بعين الرضى والسنرور‪ ،‬ومنن هننا يننأتي حننديثها عنن‬
‫الثورة كالتي‪ ”:‬بدأت حلوأة‪ ،‬قوأية‪ ،‬نقية‪ ،‬ثم اندثرت‪.24”...‬‬
‫وفي ذلك الوقت التقت حبها الول الولد الشاب ابن القرية بقمة عيبال‪ ،‬حيث خالها ومجموعة مننن‬
‫الث نوار‪ .‬والزمننن الول ولننى‪ ”،‬وأمححا يححزال عقححرب السححاعة يححدوأر‪ ،‬يبححدأ مححن فححوأق وأينححزل لتحححت‪ ،‬ثححم‬
‫يرتفع إلى القمة‪ ،‬إلى رقم ‪.25”12‬‬
‫الروايننة تعبننق بصننور شننمية متعننددة‪ ،‬فكننأن الماضنني حيننن يحضننر ل ينفننك يرتبننط بروائننح هنني‬
‫جزء من ذلك الزمن تعود إلينننا حيننن نسننتذكره‪ ،‬فتقننول عننن ثننوب الجنندة‪ ” :‬أشم رائحة القماش وأأنا‬
‫ألمسححه وأأحتححك بححه”‪ .26‬وحيننن صننلت هننذه الجنندة أمننام قننبر عمنناد النندين الزنكنني حضننرت” رائحححة‬
‫البخوأر وأالرطوأبة وأصمت رهيب يلف المكان”‪ .27‬ويحضنرنا الماضنني بصننورته الرومانسننية الجميلننة‬
‫حين يأتي الشتاء والجدة فنني اللي نوان “ تقمر الخبز على الكانوأن‪ ،‬وأرائحححة الجبنححة المشححوأية تعبححق‬
‫في الج وأ‪ ،‬وأخش خاش الس احة يلم ع وأيه تز تح ت أمط ار فجائي ة”‪ .28‬زم ن الحلننم والشننعر وق نراءة‬
‫المنفلوطي‪ ،‬وجو العيلة ودفء الشتاء وكانون النار‪.‬‬
‫حننتى إن الجبننل الننذي مكننث فيننه الثنوار كننانت لننه رائحننة الشننجر والصنننوبر والطيننون‪ ،‬وهننو مننا‬
‫تستذكره بكثير من الحفاوة‪ ،‬فالجو مليء بعطر مسكر جعل الدنيا تبدو أحلى من واقعها‪.‬‬
‫فالروائح في هذه الرواية ما فتئت تبعث الذكرى وحنينا للماضي‪.‬‬
‫إواذا كانت الثورة مثل الساعة‪ ،‬فإن حركة الحسون مثلها أيضا” يدوأر وأيلف وأيعوأد ثانية مححن‬
‫حيححث بححدأ”‪ .‬ففن نني الماضن نني “ كححان يجيححءا قبححل الشححروأق ليوأقظنححا وأيجيححءا ثانيححة مححع الغححروأب‬
‫ليوأدعن ا‪...‬يبحدأ محن فحوأق ثحم ين زل لتححت‪ ،‬وأيتمحاوأج ثحم يقرقحر كمحا لحوأ كحان فحي أرجيلحة‪ ،‬وأينهحي‬
‫الوأصلة بالرجوأع إلى فوأق”‪ .‬وأحين بحثت عنه” هبت رائحة الياسمين وأزهر الليموأن‪.29”...‬‬

‫لكننن الكاتبننة تبنندو أحيانننا متشننككة مننن جمننال أو حقيقننة الماضنني‪ ،‬فكننل شننيء نسننبي‪ ،‬كمننا هنو‬
‫الحننال حيننن حملننت المنظننار ” رأيت العصافير كل وأاحد منهححا بحجححم النسححر‪ ،‬وأ أريححت الحمححائم كححل‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪23 88‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪24 31‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪25 11-10‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪26 41‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪27 55‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪28 68‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪29 59‬‬

‫‪8‬‬
‫وأاحدة منها بحجم الفيل‪...‬اكتشفت أن الحمام في أعلى السماءا وأأن النسححاءا فححوأق السححطح نقححط‬
‫سوأداءا لوأل المنظار”‪.30‬‬
‫هذه النسبية تحضر بقوة حين تعاين نضال زمننن الث نوار بننالقول‪ ” :‬وألم نر من الثوأرة وأالثحوأار‬
‫إل مجموأعة فدائية ذات أخلق تؤمن بالجهاد في سبيل ال وأتتبنى الححدفاع عححن حقححوأق النححاس‪.‬‬
‫لم نكن نعرف عن الجوأاسيس وأالعملءا وأتفشي الفوأضى بين الثوأار”‪ .31‬وهي تبرر عدم معرفتها‬
‫هيوجدتها بننالقول ‪ ”:‬هيربة بيت وأأمية‪ ،‬وأأنا طفلة‪ ،‬وأكححل مححا رأيتححه مححنالثححوأرة وأالثححوأار هححوأ خححالي‬
‫قش ننور ونن نواة‪ ،‬وه نني عرف ننت‬ ‫المجاهححد” ‪ .32‬فم ننا عرفت ننه ك ننان أش ننبه بقص ننيدة رومانس ننية‪ ،‬فللواق ننع‬
‫القشور‪ ،‬ولم تعرف اللب المر‪ ،‬ومن هنا جاء النسياق وراء الحلم ‪.‬‬

‫لكننن مننن المؤكنند أن الزمننن الحاضننر رديننء‪ ،‬فالكاتبننة تصننور نننابلس بعنند النتفاضننة ” صارت‬
‫قريححة كححبيرة لن العححائلت وأأوألد العححائلت‪...‬هجححوأ مححن البلححد وأتركوأهححا‪..‬وأخلححوأا البلححد للجوأعححانين‬
‫وأالفجعحححانين وأزعحححران السحححلطة وألفحححات حمحححاس”‪ .‬وأشحححباب النتفاضحححة كسحححروأا الشحححبابيك وأنزعحححوأا‬
‫الحديد” ‪ .33‬هننذا مننا تحنندث بننه ياسننمين‪ ،‬أمننا أم ياسننمين فهنني ” خايفة منالسلطة وأمن حم اس‪،‬‬
‫وأخايفححة مححناليهححوأد وأمححن العملءا”‪ .34‬وعننودة نضننال إلننى دار العيلننة يمثننل تمسننكا بزمننن مضننى‪،‬‬
‫لل ننذكريات وحن ننان اله ننلوتن نرابالرض‪،‬وقص ننص الج نندة وك ننانون الن ننار وقش ننر الرجيل ننة‪ ،‬لك ننن يب نندو‬
‫الحاضننر ببشنناعته أقننوى ممننا ينندفع نضننال إلننى التسنناؤل‪ ” :‬أهذا ما انتهححتإليححه قصححص الثحوأرة‪،‬‬
‫ثوأرة خالي وأالحب المراهق وأالحلم في أعلىالحرش؟”‪ .35‬فقد كان أملها أن تعيد الدار إحساس‬
‫الحنين للماضي والذكريات وربيع الرض‪ ..‬والولد ربيع الذي يحضر معب ار عنننمنناضجميننلذهننبولننن‬
‫يعود ‪ .‬في الماضي كان الحلم يغطي الحراش والودينان والجبنال‪ ،‬وكنان الحنب دنينا جميلنة‪ ،‬يملهنا‬
‫بطاقة رهيبة علىالحب والصبر والتسامح‪ ،‬أما وقد جاء الغد فهو كمسخ مشوه ‪.‬‬
‫والكاتبن ننة تعمن نند إلن ننى تجزئن ننة ترتين نب من ننادة العن ننرض علن نى القص ننة كله ننا‪ ،‬فيض ننيع ك ننل معن ننى‬
‫للسننتم اررية‪ ،‬وبننذلك ل تلحننظ الفج نوات الموجننودة بيننن الحننداث الننتي تتناولهننا القصننة‪ .‬مننن مثننل‬
‫غياب معلومات تفصيلية عن حينناة نضننال منذ سننافرت وأحبنت مرتيننن وثلث‪ ،‬أو حننتى فيمنا يتعلننق‬
‫بتفاصيل ما حدث لوداد أم نضال‪ .‬والملحظ أن الكاتبة ل يحكمها إيقاع محدد في سننرعة العمننل‪،‬‬
‫فالقننارئ ل ينفننك يقننع بيننن لحظننات تجعننل طويلننة وأخننرى قصننيرة‪ .‬وهننو مننا يحيلنننا إلننى تقنيننة زمنيننة‬

‫‪30‬‬ ‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪47‬‬


‫‪31‬‬ ‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪94‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪94‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪65‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪68‬‬

‫‪9‬‬
‫تدعى " الضمار"‪ ،‬وتقضي بإسقاط فترة طويلة أو قصيرة من زمن القصننة‪ ،‬وعنندم التطننرق إلننى مننا‬
‫جرى فيها من وقائع‪ ،‬عن طريق إلغاء الزمن الميت في القصة والقفز بالحداث إلى المام‪.36‬‬

‫السرد المهجن‪ :‬ما بين الذاتي)الحقيقي( وأالمتخيل‬


‫استأثر هذا النوع من الممارسة السردية باهتمام كثير من الكتاب فني الدب العربني الحننديث‪،‬‬
‫وهو نوع سردي ييحسب أنه سيستأثر باهتمام أوسننع فني المسننتقبل‪ ،‬ذلننك أن التخينل السننردي أصننبح‬
‫أكننثر ميل لدمننج البعنناد الحقيقيننة للحننداث بالبعنناد المتخيلننة‪ ،‬وفيننه يقننوم الروائنني بننالمزج والتنويننع‬
‫بيننن المكونننات الذاتيننة والمكونننات التخيليننة‪ ،‬فننأثمرت الملقحننة كتابننة جدينندة هنني السننيرة الروائيننة‪،‬‬
‫وفيها يتم التكاء على نوع من السرد يتقابل فيه الراوي والروائي‪ ،‬ويندرجان معنا فني تندخل مسنتمر‬
‫ول نهننائي‪ .37‬فحركننة الشخصننية الرئيسننية تنتظننم فنني سننياق شننبه تنناريخي‪ ،‬المننر الننذي يجعلهننا‬
‫مشتبكة مع أحداثالتاريخ عبر إطار روائني يمنزج بينن السنيرة والتارينخ ‪ .‬علمنا أن مسنارتلقني القنارئ‬
‫ين ننوجهه ناحين ننة اعتبن ننارالنن ننص رواين ننة‪ ،‬وهن ننو من ننا يتجلن ننى فن نني إعلن‪،‬عن نندم التطن ننابق بين ننن المؤلن ننف‬
‫والشخصية في السم‪ ،‬كذلك التصريح بالتخيل منخللمصطلح )روايننة ( الننذي يعننبر عنننوظيفنة‬
‫أساسية في اعتبارالنص تخيل ‪.38‬‬
‫تسننتخدم الكاتبننة فنني روايتهننا ضننمير المتكلننم‪ ،‬بننل ويمكنن القنول إنهننا اسننتثمرت بدرجننة واضننحة‬
‫السرد المباشر المعتمد على ضمير المتكلم‪ ،‬سواء في الجزء الغلب مننن الروايننة حيننن حننذت حننذو‬
‫السننيرة فنني أن أحننداثها تتمركننز حننول شخصننية‪ ،‬حننتى إوان كننانت الشخصننية خياليننة‪ ،‬أو فنني الجننزء‬
‫الذي اعتمد أسلوب المنذكرات بمننا هني موضننوع قنوامه إنسننان يسنجل مننا يعينش منن منظنور خنناص‬
‫للعالم يحدد المادة المسجلة وينظم علقاتها‪ .‬وفنني هنذا الجنزء ق أرنننا منا أنتجننه أميننن خننال الشخصنية‬
‫الرئيسية نضال من خطاب نقدي غاضب‪ ،‬يشوبه شعور بتهديد أحس به المثقنف الفلسنطيني حينن‬
‫قارن بين اليقظة اليهودية والغفلة العربية‪ .‬وهو ما يحندث فني هنذه الرواينة علنى نحنو فجنائي تغينب‬
‫فيه الراوي نضال‪ ،‬ويظهر أمين بمذكراته معلنا عن وجوده وانطباعاته‪ ،‬ويكنون الننص موزعننا بينهننا‬
‫وبينه‪ ،‬إلى أن نقترب من خاتمة النص فنعود إلى نضال مرة أخرى‪.‬‬
‫ويكننون مننن المفننترض فنني هننذه الروايننة أن النننا والمؤلننف الحقيقنني شننيء واحنند‪ ،‬ممننا يقتضنني‬
‫ص نرامة شننديدة فنني الختيننار‪ ،‬بننل إن الختيننار فيهننا يلعننب دو ار أقسننى ممننا يلعبننه س نواها‪ .‬وبمننا أن‬
‫الرواية هي في أحسن حالتها نصف الحقيقة‪ ،‬وبما أنها تحاول اليهام بحقيقة كاملة‪ ،‬فإنهننا تعتمنند‬

‫‪ 36‬بحراوي‪ ،‬حسن‪ ،‬بنية الشكل الروأائي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1990 ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪.‬إبراهيم‪ ،‬عبد ا‪ ،‬موسوعة السرد العربي‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،2005 ،‬ص ‪37 670‬‬
‫‪.‬لوغون‪ ،‬فيليب‪ ،‬السيرة الذاتية‪ ،‬ترجمة عمر حلي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1994 ،‬ص ‪38 40-39‬‬

‫‪10‬‬
‫كلين ا علننى البقنناء علننى صننفقة التظنناهر بيننن الكنناتب والقننارئ‪ ،‬فنحننن ل نتننأثر إل بقنندر مننا نصنندق‪،‬‬
‫إوان كان هناك قول معاكس بأننا ل نصدق إل بقدر ما نتأثر‪.39‬‬
‫يقننع قننارئ هننذا النننوع مننن الروايننات مننا بيننن زمنيننن؛ زمننن ذاتنني يتحننرك فيننه الن نراوي‪ ،‬وآخننر‬
‫موضننوعي تتحننرك فيننه القصننة‪ .‬علمننا أن ل شننيء يمكننن أن يكننون لننه معنننى بمعننزل عمننا يجننري‬
‫حوله‪ ،‬فنحن نعيش في سلسلة مستمرة من الذاتي والموضوعي‪.40‬‬
‫لنندينا فنني هننذا العمننل مننادة تاريخيننة واقعيننة‪ ،‬يفننترض فيهننا أن تكننون حقيقيننة وأصننلية‪ ،‬وهنني إن‬
‫كانت كذلك في جزء منها‪ ،‬فإنها ل يمكن أن تحتفننظ بهنذه الصنفة‪ ،‬فالمننادة التاريخيننة مننا إن تصنبح‬
‫موضننوعا للسننرد حننتى يعنناد إنتاجهننا طبقننا لشننروط تختلننف عننن شننروط تكونهننا قبننل أن تننندرج فنني‬
‫س ننياق التش ننكيل الفن نني‪ .‬وعلي ننه ل يمك ننن الح ننديث أب نندا ع ننن مطابق ننة حرفي ننة ومباشن نرة بي ننن الوق ننائع‬
‫التاريخية والوقائع النصية؛ فالسرد يعيد ترتيب العلقة بما يوافق العالم الفني الجديد‪ .41‬لذلك يأتي‬
‫الحديث عنحبوداد للحسيني في إطار ما هومتخيل‪،‬كان القصد مننه إعلنن امننالكاتبنة أن ذاك الزمنن‬
‫كان زمن الحب‪ ،‬والكاتبة كما الرسام أو الفنان يعنبر عننسنره بلوحناته‪ ،‬ومنن يفهنم هنذه اللوحنات‬
‫يفهم صاحبها‪ ،‬إوان لم يفهم فهذا شأنه ‪.‬‬
‫يمكننن الحالننة هنننا إلننى وقننائع خننارج نصننية اسننتنادا إلننى الشننارات المعننترف بهننا كالتواريننخ‬
‫والوثائق والحداث‪ ،‬وهي الوقائع التي كيفت وأنتجت لتكون عناصر في نظام مغاير‪ .‬كذلك تنندخل‬
‫شخصننيات واقعيننة فنني هننذه الروايننة كشخصننية الحسننيني‪ ،‬وأبننو كمننال‪ ،‬عبنند الرحيننم الحنناج محمنند‪،42‬‬
‫لتص ننبح ج ننزءاا م ننن تك ننوين فن نني ينس ننجم ومف ننردات الرواي ننة‪ .‬ويص ننبح اهتمامن ننا منص ننبا ح ننولكيفي ننة‬
‫الكاتبنة عنقصنة انتحنار أبو كمنال يندخل فني إطنار‬ ‫الستثمار ودرجاتالستلهام ‪ .‬ولعنل منا تنذكره‬
‫ما هومتخيل‪،‬علما أن ترداد هذه الفكنرة عننشخصنية تاريخينة هامنة قند يحتناج إلنى إعنادة نظنر ‪.‬‬
‫يبقى أن الروائية حين تستعيد تاريخ حياة واحدة منهننذه الشخصننيات‪ ،‬فإنهننا تكننون خاضننعة فنني‬
‫الغالب لشروط زمن الستعادة‪ ،‬ووعيها ووجهة نظرها ومستلزماتالتعبير عنها أكثر منخضننوعها‬
‫لشننروط المسننار التنناريخي الحقيقنني لتلننك الحينناة ‪ .‬ففنني الدبل نكننون أبنندا بننإزاء أحننداثأو وقننائع‬
‫خام‪ ،‬إوانما بإزاء أحداثتقدم علىنحو معين‪.43‬‬
‫ولعننل هننذا المكننون الفننني الممننزوج بأصننل واقعنني كننانت لننه آثنناره الواضننحة فنني تهشننيم متعمنند‬
‫للبناء التقليدي ومساراته الزمنينة والمكانينة‪ ،‬كنذلك لعنب دو ار واضنح ا فني تهشنيم ط ارئنق السنرد النتي‬
‫تحل محلها باقة متنوعة من المستندات الشخصية كالمذكرات‪.‬‬

‫‪.‬مندلو‪ ،‬أأ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحات‪39 64 ،63 ،62 ،52 ،‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪40 181‬‬
‫‪.‬إبراهيم‪ ،‬عبد ا‪ ،‬موسوعة السرد العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪41 666 ،665‬‬
‫‪.‬القائد العام للثورة ما بين ‪ .1939-1936‬استشهد في قرية صانور بعد اجتياح عنيف للقرية‪ ،‬وتطويقها من قبل الجيش البريطاني ‪42‬‬
‫‪.‬موسوعة السرد العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪43 666‬‬

‫‪11‬‬
‫وبمننا أن الزمننان والمكننان يلتحمننان التحام ن ا ل يقبننل الفصننل‪ ،‬فليننس مننن المسننتغرب أن تكننون‬
‫للقصننص والرسننم وجننوه وقيننم متقاربننة ضننمن أبعادهمننا المختلفننة‪ ،‬كلهمننا يحملن دللت مختلفننة‬
‫وينقلن انطباعات في وقت واحد على مستويات مختلفة‪.‬‬
‫تتصننف المكنننة بخصوصننية مننن نننوع مننا‪ ،‬كننانت علننى نحننو واضننح ع نوالم مفتوحننة تمثننل سنناحات‬
‫للنشنناط‪ ،‬وقبننل هننذا كلننه يحضننر المكننان باعتبنناره فضنناء مننؤط ار للحننداث‪ ،‬فقنند تننم الننتركيز عليننه‬
‫كمجال للحركة ولمرور الشخصيات‪.44‬‬
‫والكاتبننة تعنننى علننى نحننو خنناص بتفصننيل معننالم المكننان‪ ،‬ففنني الننذاكرة مكننان لسننماء مختلفننة‬
‫المصائر‪ ،‬أتى النسيان على بعضها‪ ،‬أو يكاد‪ ،‬واستعصنى بعنض آخنر علنى النسنيان وتمنرد علينه‪.‬‬
‫في الرواية تبرز عصيرة ” بلد الثوأار‪ .‬اقتحمها النكليز عدة مرات‪ ،‬لكن الثوأار في كل مكححان”‪.45‬‬
‫كذلك تمنر بننا روبينن وبلعنا وطولكرم وذنابنة‪ .‬وادي البنادان والفارعنة وجبنل الطنور ‪ .‬تحضنرهذه‬
‫المكنة بنباتاتها وبزروع أرض فلسطين منرجل الحمامة وقرصعنة وفجيلة وشومر‪.‬‬
‫ويندمج المكان ويصبح جزءا من رؤيا تقارن بين زمنين وتنتصر للماضني‪ ،‬فزواتنا تلنك القرينة‬
‫الصننغيرة‪ ،‬تقننول عنهننا نضننال فنني معننرض المقارنننة بيننن زمنيننن‪ ” :‬فيها تفاح وأعنب وأرمححان وأنبحع‬
‫ماءا‪ ،‬كنت أراه في ذلك الوأقت مثل الشلل‪ .‬لكن الن حين زرته بعد كل السنين لم يبححق منححه إل‬
‫البعوأض وأالمحاجر وأمستنقع الماءا”‪.46‬‬

‫يأتي الحوار في هذه الرواية ليشكل عنص ار هاما في الطريقة الدرامية‪ ،‬وهو ما ظهر فنني هننذه‬
‫الروايننة علننى نحننو معتنندل حيننن شننكل موقعنناا وسننطا بيننن الحنوار والسننرد‪ .‬وبننه يتقننوى وهننم الحضننور‬
‫كثي ارا‪ ،‬ولعله من أوضنح الوسنائل لحنداث وهنم الفورينة والحضنور لندى القنارئ‪ .‬كمنا هنو الحنال فني‬
‫المس نرحا حيننث يكننون المشنناهد حاض ن ار بالفعننل‪ .47‬وكننان المشننهد التمننثيل ي البننرز ذلننك الح نوار الننذي‬
‫حصلبين الحسيني ومجموع القادة العرب في الشا م‪ ،‬ولعل إقنرار الكاتبنة فني الهنامش بنأن كلمنات‬
‫الحوار في معظمها حرفية غير تخيلية ساهم علىنحو كبير في اسننتثارة القننارئ كنني يسننتغرق فنني‬
‫الحوار ويتأمله منعدة زوايا ‪.‬‬
‫اللفننت هنننا مننا يمكننن ملحظتننه مننن أن درجننة التخيننل تننؤدي وظيفننة فنيننة لصننالح الجننانب‬
‫الوثن ننائقي‪ ،‬م ننع أنه ننا مسن ننتعارة لت ننؤدي وظيف ننة مض ننادة‪ ،‬فالمشن نناهد المص ننوغة صن ننوغا روائين ننا تعمن ننق‬
‫الحسنناس لنندى القننارئ بواقعيننة الحنندث‪ ،‬لنهننا تركننز علننى التفاصننيل الجزئيننة والدقيقننة فنني المشننهد‬
‫السننردي‪ .‬علمننا أن الروايننة فنني بعننض الحيننان تحننافظ علننى وقننائع ل تننذوب فنني منظومننة التخيننل‬

‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪44 690‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪45 21‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪46 80‬‬
‫‪.‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪47 133‬‬

‫‪12‬‬
‫الروائي‪ ،48‬فتنزلنق التوارينخ فيها عرضا في سياق أمور أخرى‪ ،‬فأمين يقول في مذكراته‪ ”:‬وأصلنا‬
‫الشام عند المغرب يوأم ‪ 3‬نيسان‪ ،‬أي قبل النكبة بأيام فقط‪ .49”...‬وفي كثير منالحيان تنكشف‬
‫الحننداثدونذكننر تاريننخ بعينننه‪ ،‬إوانمننا تكننون الحادثننة قنند وقعننتمننا قبننل أو بعنند حادثننة أخننرى‪،‬‬
‫يمكننن اسننتنتاج تاريخهننا منننإشننارة عننابرة إلننى واقعننة تاريخيننة‪ ،‬فالتواريننخ تقننع فنني مواضننعها‬
‫الصننحيحة عننند مقارنتهننا مننع بعضننها بعضننا ‪ .‬هننذا ل يلغنني حننرصالكاتبننة علننىذكننر ‪ 7‬نيسننان‬
‫‪ ،1947‬وهو اليوم الذي بدئ فيه الهجوم في محاولة لستعادة القسطل‪.‬‬

‫والكاتبة تفعل كما الملحمة‪ ،‬إذ تبدأ من الوسط‪ ،‬ثم تلجأ إلى الكشف على لسان شاهد يسرد ما‬
‫جننرى مننن قبننل‪ ،‬وتنندخل ذلننك فنني مجننرى الحننداث الرئيسننية‪ .50‬ول تننأتي عمليننة التننذكر فنني هننذه‬
‫الروايننة علننىشننكل بننناء آلنني‪ ،‬أو اسننتعادة مختصنرة للماضنني كمننا كننان‪ ،‬إوانمننا هننيتفسننير للحننداث‬
‫مشحونبالعاطفة‪ ،‬ويتغير ويتحول تبع ا لنمو الذاتالمفسرة في الزمن وتغيرها به ‪ .51‬فالراوية‬
‫تننروي الوقننائع بعنند زمننن منننحنندوثها‪ ،‬ويكننون عليهننا إثبنناتوجهننة نظننر معينننة‪ ،‬والحننال أن المنندة‬
‫الفاصننلة بيننن الكنناتب الننوهميوالحننداث الننتي يقصننها طويلننة‪ ،‬ممننا يجعننل الكنناتب طيلننة الننوقتقائم ن ا‬
‫بشخصيتين‪ ،‬فعليه أن يفكر كيفكان شعور بطله وقتوقوع الحداثالتي ستروى‪ ،‬وكيفيكون‬
‫منننالطننبيعي أن يشننعر بهننا وقننتحكننايته لهننا بعنند أن خمنندتلحظننة الننترقب الننتي جعلتهننا مننثيرة ‪.52‬‬
‫فالحدث الذي وقع في الماضي يختلف فني وقنتوقنوعه عمنا يكنون علينه عنند استحضناره فني وقنت‬
‫لحق‪.‬‬
‫تمارس اللغة لعبة استرجاع ذكية حين تعيد إنتاج وقائع مضت بوعي الطفلة‪ ،‬وفي الرواية ما‬
‫يؤك نند ه ننذا الم ننر ف نني أك ننثر م ننن موق ننف‪ ،‬فم ننن منظ ننور الفت نناة الص ننغيرة ” أنظححر إلححى المدينححة مححن‬
‫فوأق وأأحس أني في طيارة‪ .‬أنا لم أركب طيارة‪ .‬ركوأب الطيارات للطيححارين‪ ،‬يعنححي النكليححز‪ ،‬يعنححي‬
‫اليهوأد‪ ،‬يعني قنابل‪ .53”...‬وهو ما تبدى علىنحو ساخر حينشرعت نضال الطفلة في البحث عننن‬
‫نقطننة نزلننت علننىرأس زوجننة المختننار المريضننة حينننتننزوج عليهننا فبنندأت تسننترق النظننر إليهننا‬
‫باحثة عنالنقطة التي أصابتها تحت اليانس‪.‬‬
‫وفي مواقف عديدة حين تعرض لحبها الول نجدها‪ ،‬وقد نقلته عبر صور مغرقة في الطفولة‪،‬‬
‫فربي ننع أيقظه ننا” كمححا أيقححظ الميححر الجميلححة النائمححة فححي بيححت الزجححاج‪ ،‬وأجعححل منهححا مليكححة قلبححه‬
‫‪.‬إبراهيم‪ ،‬عبد ا‪ ،‬موسوعة السرد العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪48 670‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪49 266‬‬
‫‪.‬مندلو‪ ،‬أأ‪،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سايق‪ ،‬ص ‪50 26‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪51 39‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪52 107‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪53 21‬‬

‫‪13‬‬
‫وأعروأس الجن‪ .‬بت أنا ست الحسن‪ ،‬ملكا يطيححر‪ ،‬جنيححة زرقححاءا سححماوأية تعيححش فححي دنيححا وأرديححة‬
‫بعيدا عن الخرين بمشاكلهم”‪ .54‬وهو منجعلها تحس أنها بطلة في كتاب جديد للمنفلوطي‪ ،‬أو‬
‫ماجدولين‬
‫‪.‬‬ ‫قصة شبيهة بقصة سنووايت أو‬
‫وحين دخلت المغارة أحسنت كمنا لو كنانت ألينس فني بلد العجنائب‪ ،‬ل أدري هننا صنحة هنذا‬
‫الحساس لدى طفلة في بدايات القرن العشرين‪ ،‬إن كان قد تسنى لها معرفة أليس؟‬
‫لكن هذا ل يمنع القول إن الكاتبة كانت تعبر في لحظات وصفية معينة بما يمليه عليهننا منظورهننا‬
‫الحننالي للشننياء‪ ،‬وبلغننة الم نرأة الناضننجة بمننا تحملننه مننن تراكيننب مجازيننة كوصننفها لربيننع بكننل مننا‬
‫يحمل من معان عميقة مكثفة ” أنظر في عينيه الخضراوأين وأأرى حقوأل القمح وأالبابوأنححج‪ ،‬رائحححة‬
‫الزعحتر وأالطيححوأن‪ ،‬عطحر الميرميححة وأالريحححان‪ ،‬غيححوأم الصحنوأبر وأاللحزاب وأأعشححاش الحدوأري وأالشحنار‬
‫تختبئ عميقا بين الغيوأم”‪.55‬‬
‫وهننو مننا يقودنننا إلننى العتقنند بننأن الكاتبننة تنقننل خطابهننا عننبر أسننلوبين؛ أحنندهما مباشننر‪ ،‬وفيننه‬
‫نحننس كقن نراء أننننا أمننام مشننهد تقننوم فيننه أفعننال حقيقيننة وكلميننة‪ ،‬عننبر خطنناب سننمته السننتقللية‬
‫والتفردية‪ ،‬ويعكس في الوقت ذاته البعاد السيكولوجية واللسانية للمتكلم منن خلل التلفنظ‪ .‬وهنو منا‬
‫تحقق في هذا النص السردي حين نقلت لنا الروائية الحداث من منظور الطفلننة الصننغيرة نضننال‪.‬‬
‫أما في السلوب الخر‪ ،‬فنكون أمام فعل سردي يتمينز باللمباشنرة‪ ،‬ويكنون الخطناب آنئنذ خاضنع ا‬
‫ل من وجهة نظره الخاصة‪ .‬وهننو مننا كننان فنني حننديث نضننال‬
‫لذاتية الراوي فيأتي خطاب الراوي منقو ا‬
‫الناضجة عن مواقف ماضوية‪ ،‬عارضة إياها من منظور ذاتي محض‪.56‬‬

‫والملحظ هنا كما هو الحال في رواية السيرة الذاتية أن هناك حدودا ل تستطيع النا أن تتخطاها‬
‫إل بواسطة حيل‪)..‬مذكرات أمين‪ ،‬مرويات الجدة لنضال(‪ .‬فالراوي يدمج في ذاكرتنه منا ينروى إليه‬
‫وما يسمعه من خلل وسطاء على الغلب‪.‬‬

‫يبقى في هذا المحور ضرورة الخوض في واحدة من أدق الوسائل لتفسير الوقائع أو إعطائها‬
‫دللتها فني هنذه الرواينة‪ ،‬وهنو منا يتطلنب القنتراب منن قضنية مهمنة تتمثنل فني قندرة الروائني أثنناء‬
‫تقنناطع الننذاتي مننع المتخيننل أن يجعننل العمننل أكننثر فنيننة أو دراميننة‪ .‬وهننو مننا يقتضنني أيضنناا عنندم‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪54 39‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪55 97‬‬
‫‪ 56‬فقد انشغل تودآوروف بالكيفية التي يروي فيها الراوي من أخبار ومعارف‪ ،‬واستخلص إمكانية أن يجمع الكاتب بين السلوبين‪ ،‬كما‬
‫وجدنا هنا في هذا النص قيد الدراسة‪ .‬وانظمر تفاصميل همذا الموضموع فمي عيلن‪ ،‬عممر‪ ،‬شسسعرية السسسرد وأالنحسسو السسسردي‪ ،‬مجل ة‬
‫الموقف الدآبي‪ ،‬العددآ ‪ 434‬حزيران ‪ .2007‬وانظر لوكام‪ ،‬سليمة‪ ،‬إسهام تودوأروأف فسسي تطسسوير السسسرديات‪ ،‬مجلممة علمموم إنسممانية‪،‬‬
‫السنة السابعة‪ :‬العددآ ‪ ،43‬خريف ‪.2009‬‬

‫‪14‬‬
‫استسلم الروائي لغراء إبداء آرائه حول مسألة مننا‪ ،‬أو تننوجيه ق ارئننه ليشننعروا بمننا يريننده أن يشننعروا‬
‫به‪ .‬فالقارئ الذكي يشعر بالهاننة إذا قيننل لنه‪ :‬أننا أعلمنك كيننف تفكننر فني هنذا الموضننوع‪ ،‬والكنناتب‬
‫يخطننئ كننثي ار حيننن يرفننع لفتننة لينندل القننارئ إلننى أيننن يننوجه شننعوره‪ ،‬وهننو آنئننذ يفننترض الغبنناء فنني‬
‫قرائه‪ .‬مجرد التلميح إلى وجود المؤلف يكفي لفقء فقاعة الوهم الرقيقة‪ ،‬ولعادة القننارئ إلننى وعيننه‪.‬‬
‫صننحيح أن القصننة ل تسننتخرج صننورة فوتوغرافيننة للحينناة‪ ،‬ول تسننتطيع إخراجهننا‪ ،‬ول ينبغنني لهننا إن‬
‫اسننتطاعت‪ ،‬إوانمننا تعلننق عليهننا وتشننرحها‪ ،‬غيننر أن التعليننق يجننب أن يكننون ضننمني ا خفين ا فنني الكننل‪،‬‬
‫فينمو من داخله‪ ،‬ول يخاط كرقعة عليه من الخارج‪.57‬‬
‫حين يشعر القارئ بوجود مؤلف يشرحا‪ ،‬فإن صفة الدرامية تنتفي عن العمل الروائي‪ ،‬وهنو مننا‬
‫يمكن تقفيه من خلل ملحظات وتوجيهات تعطى للقننارئ مننن مركننز السننلطة للحكننم علننى مختلننف‬
‫الشننخاص‪ ،‬ومقنندار الحننب الننذي يضننفيه علننى كننل منهننم‪ ،‬ممننا يمثننل دليل واضننحا علننى الكنناتب‬
‫المتدخل‪.58‬‬
‫كذلك حين يحاول الروائي إقامة الخلفيات ليهيء الجو للقارئ أو يستعرض له قدراته البيانية‪،‬‬
‫فننإن ذلننك يشننعر القننارئ بننالمؤلف)وصننف الطبيعننة بصننفته مؤلفن نا(‪ .‬فلكنني يحتفننظ العمننل بطننبيعته‬
‫الدرامية‪ ،‬ل بد من أن يمتلنك الروائني وعين ا بأهمينة البتعناد عن كنل منا يحنول دون انندماج القنارئ‬
‫في الزمن القصصي للرواية‪.59‬‬
‫في الجزء الكبر من هذه الرواية‪ ،‬تقندم الكاتبننة وجهننة نظرهنا مننن خلل ذهنن شخصنية واحنندة‬
‫)نضال(‪ ،‬أما الشخصيات الخرى فنحكم عليها منن الخنارج منن الندور النذي تلعبنه‪ ،‬ومنن سنلوكها‪.‬‬
‫لكن‬ ‫كذلك ل يخفى عليننا أن) أمينن ( أيضنا كنان سنبيلا منن سنبل تقنديم الكاتبنة لوجهنة نظرهنا‪.‬‬
‫مننن المهننم أن ننندرك دائمن ا أننننا ل يمكننن أن نفصننل الكنناتب عننن شخصننياته‪ ،‬ومننن يفعننل ذلننك يكننن‬
‫كمن يقضي بفصل الكاتب عن ظله‪ ،‬أو كمن يخرجه عن ذاته‪ .‬ففنني الروايننة السننيكولوجية الحديثننة‬
‫ليننس هننناك عالمننان متمننايزان‪ ،‬فننالروائي وروايتننه كسننحابتين تننذوبان فنني واحنند‪ .60‬ويصننبح منننحننق‬
‫الكاتب أن يكون هنناك‪ ،‬ول عينبإن احتفظنتبعنض الشخصنيات بصنلتها بالمبدعنة وتحندثتبلغتهنا‬
‫وفكننرتعلننىطريقتهننا ‪ ،61‬بشننرط أن لتنندع القننارئ يحننس أن هننناك تنندخلا ‪ .‬فمننن الواضننح أن الروائنني‬
‫ني ومننن الطننبيعي أن يسننتثمرها بوصننفها‬
‫يسننتثمر جنوانبشخصننية فنني حينناته ليغننذي نصننه الروائن ‪.‬‬
‫مكوناتجزئية في بناء عالم متخيلشامل‪ ،‬بحيننث تندمننج فنني المننادة التخيليننة مشنككلة المتننن الننذي‬
‫ني فالكاتبننة ترتبننط بنضننال فنني كننثير منننالمواقننع‪ ،‬وبالخننال أميننن فنني‬
‫يؤلننف نسننيج العمننل الروائن ‪.‬‬
‫والعلننم والمحبننة‪،‬‬ ‫مواضننع أخننرى‪،‬فهننو منننتمنننت أن تصننبح مثلننه منننذ الصننغر‪ ،‬مثلننه بننالفهم‬

‫‪.‬مندلو‪ ،‬أأ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحات ‪57 130 ،120،121،122‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪58 130‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪59 132-131‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪60 255‬‬
‫تدخل ‪61‬‬
‫ً‬ ‫‪ .‬فأشخاص فرجينيا وولف على سبيل المثال‪ ،‬يحتفظون بصلتهم بمبدعتهم‪ ،‬فيتحدثون بلغتها‪ ،‬دآون أن نحس أن هناك‬

‫‪15‬‬
‫صننحيح أن خالهننا وحينند كننان الشننهر‪ ،‬لكنهننا منننذ الصننغر مننالت للمثقننف‪ .‬وبالتننالي حيننن يشننخص‬
‫أميننن حننال الثننورة نحننس أنننه يعننبر عمننا ت نراه الكاتبننة أيضننا مننن “ إن الثوأرة عادت لتكرر الخطححاءا‬
‫‪62‬‬
‫نفسها‪...‬إن ما حدث في ثوأرة ‪ 29‬أعيد ثانية في ثوأرة ‪ ،36‬وأهحا هحوأ يعحوأد فحي نهايحة ‪”.39‬‬
‫وحين تشخص حال اليوم علىلسان نضال تقول ما نظن أنه رأي الكاتبة ” نحن لم نتغيححر عححن‬
‫أيححام سححتي وأل شححعرة‪ ،‬بححل تراجعنححا عححدة خطححوأات‪ .‬البلححد مليئححة بححالجلبيب وأالححبراقع‪ ،‬وأأصححوأات‬
‫المآذن تتحفنا في كل مساءا وأكل مساءا بهتافات مدوأية مسححعوأرة عححنالكاسححيات العاريححات الفححاجرات‬
‫العاهرات حتى بتنا نخاف منالمشي في الشارع خوأفا منلعنة أوأ رشقة حجرأوأ ماءا النار”‪.63‬‬
‫لكن يحدث في بعض المواقع أن ل يتقبل العالم المجازي الفني كل أجزاء تلك المادة‪ ،‬فتظهر‬
‫أفكننار الروائنني علننى لسننان النراوي بمننا يشننكل نوعننا مننن السننرد الكننثيف‪ ،‬الننذي يظهننر النراوي بوصننفه‬
‫قناعننا للروائنني‪ .64‬يبقننى أن مننا تنقلننه الروائيننة علننى لسننان نضننال بشننأن مننا يحيننط بهننا مننن أفعننال‬
‫وشخصننيات الروايننة يتماشننى وفكن نرة أننننا نشنناهد الخ ريننن وأننننا قننادرون علننى تخميننن دوافعهننم مننن‬
‫أفعالهم وسلوكهم ‪ .65‬أما ذواتنا فهي إلى حد ما معلومة لنا‪ ،‬ونراها بطريقتنن ا‪ ،‬ونحب لخطاباتنا‬
‫أن تعبر عنها بأ شكال ووسائل متفاوتة‪.‬والكاتبة كمنا هوواضنح لنم يكنن هندفها رسنم الشخصنية‬
‫الرئيسن ننية بتفاصن ننيلها‪ ،‬حن ننتىإن حي ن ن از واسن ننعا من نننحياتهن ننا تغيبن ننه‪ ،‬فمن ننا أرادتن ننه هن ننوتحوين ننل هن ننذه‬
‫الشخص ننية إل ننى وس ننيلة يستكش ننف الس ننرد فيه ننا عن نوالم الخري ننن وأث ننر الح ننداثف نني وعيه ننا‪ ،‬ل ننذلك‬
‫صاحبت نضال نماذج كثيرة منالشخصيات بغرض كشفتلك النماذج من منظنور تختلنط فينه‬
‫وجه ننة نظ ننر الراوي ننة بالروائي ننة ‪ ،‬وهننو مم ننا يص ننطلح علي ننه نق ننديا ف نني الرواي ننة المريكي ننة الحديث ننة‬
‫بالراوي عدسة الكامي ار ‪.66‬‬

‫صوأرة المرأة في الروأاية‬


‫نقننع فنني هننذه الروايننة علننى نمنناذج نسننائية تغنناير النمننوذج النمطنني المتننداول بم نواجهته للحينناة‬
‫وموقفه منها‪ .67‬الجدة على سبيل المثال؛ ام رأة ملتحمة بالواقع‪ ،‬تتفاعل مع العالم الخارجي على‬
‫نحننو نشننط‪ ،‬ذاتشخصننية مسننتقلة‪ ،‬تمننارس حريتهننا علننىنحننو مننا‪ .‬وهنني إلننى هننذا ترتبننط بنضننال‬
‫بعلقننة عاطفيننة خاصننة ” بالنسحبة لهححا كنححت أنححا أكححثر محنطفلححة وأحفيحدة‪ ،‬كنححت حححبالكححبر وأغحرام‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪62 102‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪63 213‬‬
‫‪.‬مندلو‪ ،‬أأ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪64 669‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪65 136 ،‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ .688‬كما هو الحال عند همنغواي الذي تنهض شخوصه بمهمة تصوير ما يحيط بها‪ ،‬دآون أن تتضح معالمها ‪66‬‬
‫‪.‬هي‬
‫‪.‬القاضي‪ ،‬إيمان‪ ،‬الروأاية النسوية في بلد الشام‪ ،‬الهالي للنشر والتوزيع‪ ،‬دآمشق‪ ،1992 ،‬ص ‪67 131‬‬

‫‪16‬‬
‫الشحححيب‪ ،‬كمحححا كحححانت تقحححوأل‪ .‬كنحححت المتنفحححس لعوأاطحححف امحححرأة بحححاتت أرملحححة وأهحححي محححا ازلحححت فحححي‬
‫العشرين‪.68”...‬‬
‫وهو أنموذج مخالف للمرأة المستلبة التي ل تملك هوية‪ ،‬والتي تعرف بالنموذج النمطني النذي‬
‫كما تصننفها نضننال” بدت كمديرة‬ ‫حضر بكثافة وعلىنحو مملفي الرواية العربية ‪ .69‬فالجدة‬
‫مدرسححتنا البتدائيححة لنهححا تجيححد الحححديث بلغححة القححرآن وأأمثححال وأتعليقححاتتجعلهححا تبححدوأ كمححديرة‬
‫مدرسة بين النساءا القروأيات”‪ .70‬وهي في أكثر منمرة تصر علىالذهابإلى الحنرش لملقاة ابنهنا‬
‫رغم منع التجننول والضنرابات‪ ،‬وعتننابمنننحولهننا‪ .‬حننتىإن ابنهننا المقاتننل هننو”التطبيق العملي لمعتقدات‬
‫آمنتبها‪ ،‬أوأ لميل طبيعيفي بنيتها التي تميل إلى تحدي المصاعبوأالخطار”‪.71‬‬
‫لو أخذنا وداد باعتبارها حالة خاصة في المجتمع الفلسطيني في ذلك الوقت‪ ،‬فإننا ندرك أنها‬
‫لننم تكننن الم الم نرأة‪ ،‬إذ أوكلننت إلننى أمهننا مهمننة رعايننة البنننة‪ ،‬وهنني لننم تكننن ككننل النسنناء فنني ذلننك‬
‫الوقت‪ ،‬لذلك رفضت الختيارات المطروحة عليها‪ ،‬وهو رفض تولد بفعل ما أحاط بها من ظروف‬
‫كتعرفها على لي از التي شكلت صداقتها إواياها ش اررة أحدثت اليقظة لديها‪ ،‬حننتى إوان لننم تتمكننن مننن‬
‫الندماج معها‪ ،‬إضافة إلى عبث زوجها وملحقته للنساء اليهوديات وزواجنه أخين ار بنامرأة يهودينة‪.‬‬
‫كننذلك تنفتننح وداد علننى النندنيا مننن خلل عاليننة القادمننة مننن الشننام‪ ،‬إذ تحثهننا مناقشنناتها معهننا علننى‬
‫التفكير في معنى حياتها‪.‬‬
‫إل أن استيقاظ وداد كان ينذر بمأساة‪ ،‬حيث دفعها استغراقها في التفكير إلى هجرة من حولها‬
‫والركون إلى الدموع‪ ،‬ومن ثم يأخذها إلى التعرف على طبيعنة نفسنها إوامكاناتهنا الخاصنة وعلقتهنا‬
‫بالعننالم حولهننا‪ .‬تركننت نننابلس ومننن ثننم ذهبننت إلننى القنندس حيننث تبنندأ التأمننل فنني حياتهننا‪ ،‬فنني سننعي‬
‫اجتماعي روحي يأخذانها إلى ما وراء التقاليد الجتماعية التي حددت مجال النساء‪.‬‬
‫ما يحدث لوداد أشبه ما يكون بالخبرة الصوفية حيث تمزق النفس القديمة‪ ،72‬فالدعامات القديمة‬
‫للنفس تتحطم وتتخلق نفس جديدة منالعدم‪ ،‬دون أن يكون لننديها دلينلتهتنندي بنه ليخبرهننا كيننف‬
‫تتصرف‪ ،‬لذلك شارفت وداد علىالموتإذ لم تكن لديها الشجاعة والرؤيننا الثاقبننة والننوعي بعنواقب‬
‫اختياراتهننا ‪ .‬إل أنهننا وبعنند فشننل محاولننة النتحننار‪ ،73‬تبنندأ يقظتهننا علننىطريننقالسننعي الجتمنناعي‬
‫للنساء‪ ،‬وهو بحث عنطرقجديدة للعيش في مجتمع إنساني‪ .‬وعلىالرغنم منننأنهنا لننم تكننن مدركننة‬
‫دائمننا للع نواقب المترتبننة علننىأفعالهننا إل أنهننا تتخننذ سلسننلة منننالخط نوات تحركهننا إلننى مننا وراء‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪68 22‬‬


‫‪.‬القاضي‪ ،‬إيمان‪ ،‬الروأاية النسوية في بلد الشام‪ ،‬مرجع سابق‪69 131 ،‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪70 27‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪71 82‬‬
‫‪.‬انظر عن الخبرة الصوفية‪،‬كريست‪ ،‬كارول ‪ ،‬الصوفية النسوية ‪ ،‬ترجمة مصطفى محمودآ‪ ،‬آفق للنشر‪،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص ‪72 60‬‬
‫انظر ذلك في خليفة‪ ،‬سحر‪ ،‬أصل وأفصل ‪ ،‬الجزء الول من الرواية‪ ،‬دآار الدآاب‪ ،‬بيروت‪،2009،‬ص ‪ 358‬وما بعدها ‪73‬‬

‫‪17‬‬
‫الحياة التقليديننة للمنرأة الننتي عرفتهنا‪ .‬لنذلك كننانت الخطنوة الحاسنمة بعنند النولدة‪ ،‬أن تنبيع ذهبهننا كنني‬
‫تحصل على حرية تنالها عبر التحرر من العتماد المالي والعاطفي على الرجل‪.‬‬

‫علننى الرغنم مننن أن الكاتبننة تقنندم فنني روايتهننا كمننا أسننلفنا نمنناذج نسننائية غيننر نمطيننة‪ ،‬إل أنهننا‬
‫تنندرك أن هن نناك تباينن ن ا واضننح ا بي ننن امن نرأة الي ننوم وامن نرأة الم ننس” كححانت المححرأة فححي الربعيححن تبححدوأ‬
‫عجوأزا‪ .‬نساءا الربعين في ذاك الزمحن‪....‬يعنحي المحرأة ف ي الربعيحن تصحبح جحدة‪ ،‬حجحة وأحمحاة‪،‬‬
‫وأختيارة”‪.74‬‬
‫ومنظننور نضننال لمهننا وداد يختلننف عننن منظننور الجنندة الننتي ت ارهننا ذات حننظ ننناقص فننوداد بنظننر‬
‫ابنتهننا” المهجوأرة المنسية‪ ،‬وأزوأاج أبحي محن يهوأديحة‪ ، ،‬وأهحروأب أمحي إلحى المستشحفى ححتى تنسحى محا‬
‫حل بها‪ .‬لكن أمي لتبدوأ بحظ ناقص لني أراها‪ ،‬كما تبدوأ‪ ،‬سعيدة بعملها وأمشغوألة”‪ .75‬بننل إن وداد‬
‫أصننبحتفنني فننترة لحقننة منننحياتهننا تناضننل بطريقتهننا‪ ،‬تجمننع المعونننات‪ ،‬ت ارفننق الجمعيننات وفننرق‬
‫نعاف وفنني مننذكراته يقننول أميننن عنهننا‪ ”:‬لكنها ناضلت باجتهاد حتى تخرج مححنمحنتهححا وأتتفححوأقعلححى‬
‫السن ‪.‬‬
‫ظروأفها وأأزمتها ‪ .‬وأجدت لنفسها طريقا نجحت فيه وأآمنت به” ‪.76‬‬

‫وفقننا للقننول إن المنرأة أقننرب إلننى الطبيعننة مننن الرجننل‪ ،‬وأن المواقننف الثقافيننة تشننجع النسنناء علننى‬
‫تطوير حاسة النتساب إلى الطبيعة‪ ،‬نقنف علنى مواقنف عديندة فني الرواينة تؤكند منا لخنبرة المنرأة فني‬
‫الطبيعة من أهمية قصوى‪ ،‬خصوصنا فني أوقنات العزلنة حينمنا تشنعر المنرأة أنهنا معزولنة عن النناس‬
‫الخرين‪ ،‬وليس لديها مكان تتجه إليه‪ ،‬وحينما تكون في أعماق اليأس والوحدة‪ ،‬فكننأن شننعور التجننذر‬
‫في الطبيعة يعطيها شعو ار بالنجاة‪ .77‬لذلك كانت وداد أقربإلى النباتات والطبيعة‪ ،‬حتىإن الجدة كمننا‬
‫تقول عنها نضال ” تفهم لغة النباتات وأالطبيعة وأتفسر الشياءا بمنطقها” ‪.78‬‬

‫على أرض الواقع وفي زمن الثورة تقول ست نضال لها‪ ”:‬إن النساءا القروأيات أقوأى وأأجدع‪.‬‬
‫أجدع ممن؟ أجدع من نساءا المدينة لن سلل العنب وأالتين تحوأي أشياءا ممنوأعة تصل الثححوأار‬
‫مثل خالك”‪ .79‬بننل تننذكر عنهننن”ه ذه تق وأل خب أتالب اروأدة وأال ديناميت تح ت الزب ل‪ ،‬وأثاني ة تق وأل‬
‫فححي فححرش العجيححن‪ ،‬وأثالثححة قححالت إنهححا وأضححعتالمسححدس فححي جوأنححة اللبححن‪ 80”...‬فتتحننول مفننردات‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪74 10‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪75 14‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪76 336‬‬
‫‪.‬كريست‪ ،‬كارول‪ ،‬الصوفية النسوية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪77 52‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪78 99‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪79 17‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪80 27‬‬

‫‪18‬‬
‫كالعجين واللبن بما هو حاضر في الننذهن باعتبنناره منتمين ا إلننى حقنل نسنوي يننومي إلنى أدوات قتنال‬
‫بما تيسر لهؤلء النساء‪.‬‬
‫حسنا‪ ،‬أنموذج نسائي آخر يخرج عما هو نمطي مكرر في الرواية النسوية‪ ،‬صهرتها التجربة‬
‫إذ عاشت حياة إنسانية غنية‪ .‬لجأ خال نضال وحيد إليها ليتخلص مما يعانيه إثر انكسار الثورة‪،‬‬
‫وهنني جميلننة بجرأتهننا وقوتهننا‪ ،‬تصننفها نضننال علننى النحننو التنني‪ ”:‬امرأة كححانت مححع الثححوأار‪...‬خححالي‬
‫يحب حسنا‪ ،‬لكن حسنا ل تحب خالي لنها ما زالت وأفية لذكرى زوأجها إوأاخوأتها وأخالها الشهيد‬
‫القائححد أبححوأ كمححال‪ ...‬وأحسححنا تريححد مححن خححالي أن يأخححذ موأقححع القائححد أبححوأ كمححال وأيعيححد تجميححع‬
‫الرجال”‪ .81‬وحسنننا هننيمنننطننردتالزيبننق‪،‬أحنند زعنران الثننورة الفاسنندين حيننث”غرستالفوأهة في ظهره‬
‫فجمد مكانه وأحملق عينيه ثم ابتسم بسمة خبيثة”‪ .82‬وفنني وقننتلحننق أصننبحتت ارقننب الفلحيننن‬
‫وتحاسبهم‪ ،‬وتحاسبالمجلس القروي وتعقد الصفقات‪.‬‬

‫لعننل إص نرار الروائيننة علننى استحضننار هننذه النمنناذج اليجابيننة لنس ناء فلسننطينيات يتحننرك فنني‬
‫إطنار واقعنني مننن خلل معايشننة هننذه النمنناذج‪ .‬باعتقننادي أن هنذا النمننط المغنناير لمننا هننو سننائد فنني‬
‫رواية المرأة يحمل دعوة تفاؤلية تستبعد إعادة إنتاج أنمنناط نسننائية سنلبية علننى نحنو ممننل ومتكننرر‪،‬‬
‫حتى لو عددناه ضربا من الخيال‪ -‬وهو ليس كذلك‪ -‬إلا أنه يقول الكثير بشأن ما يمكن أن تكننونه‬
‫المرأة‪ ،‬خصوصا المرأة الفلسطينية‪.‬‬

‫الرموأز وأاليحاءاات‬
‫تبزغ في هذا النص السردي هالة كثيفة منيرة من اليحاءات‪ ،‬فالسلوب يعج بالرموز والصور‬
‫والصننيغ عننبر كلمننات منتزعننة مننن اسننتعمالتها العاديننة‪ .‬فالعمننل رمننز لشننيء أوسننع وأعمننق ممننا قنند‬
‫يننوحيه العن نوان‪ ،‬ويحمننل مننن اليحنناءات مننا يعطنني الروايننة معنننى عام نا شنناملا‪ .‬وهنني اليحنناءات‬
‫الننتي منحننت السننرد عمقنا ينندفع القننارئ باتجنناه التأويننل والتأمننل التحليلنني‪ ،‬ممننا ينسننجم وتلننك العلقننة‬
‫الجدليننة المفترضننة فنني هننذه الد ارسننة‪ ،‬إذ يرتقنني القننارئ مننن مسننتوى الحنندث الموضننوعي والوثننائقي‬
‫أحياناا‪ ،‬إلى مستوى الكتابة الجمالية التي ل تنفصل بأي حنال منن الحنوال عن خصوصنية العمنل‬
‫الدبي‪.‬‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪81 107‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪82 130‬‬

‫‪19‬‬
‫إن كننا فنني هننذا العمننل الروائنني أمننام نمنناذج غنيننة فنني انتماءاتهننا الثقافيننة علننى مسننتوى الواقننع‬
‫الحقيقي‪ ،‬فإننا نستطيع الحديث عن هذه النماذج بما تحمله من قيم رمزية دالة‪ .‬وهو ما تنننبئ عنننه‬
‫الرواينة بشنكل واضنح حينن تدمنج بينن ربينع والقائند الكنبير عبند القنادر الحسنيني اللنذين يرمنزان إلنى‬
‫الفكننار والتحننرر‪ ،‬لننذلك تقننول نضننال عنننه‪ " :‬بالنسبة لي كححان خححالي الكححبير رمححز الثححوأرة‪ ،‬وأخححالي‬
‫أميححن رمححز الفكححار وأالتحححرر وأأجححوأاءا القححدس‪ ،‬وأالوألححد ربيححع هححوأ امتححداد للثنيححن”‪“ .‬وأربيححع مثلححه‪..‬‬
‫وأامتداد له”‪ ".‬يعني شاطر‪ ،‬يعني بطل مثل خالي‪ ،‬يعني مجاهد”‪ .83‬فاختيننار السننم ربيننع لننم يكننن‬
‫اعتباطينناا كمننا هننو الحننال حيننن فسننرت نضننال اسننمها بننالقول‪" :‬أسححموأني نضححال لن اسححمي كححان‬
‫التعبير عن المرحلة ثم مراحل"‪ .84‬حتى إن اسم أمين جاء كذلك لنه المين على سر الحسيني‬
‫كما يقول له الحسيني نفسه‪.‬‬
‫الحننب والثننورة كأنهمننا وجهننان لعملننة واحنندة‪ ،‬وفنني معننرض المقارنننة بينهمننا نننرى نضننال وقنند‬
‫انحازت للحب قبل انهيار الثورة‪ ،‬إذ ترى أن الحب جمال ودفء وقدرة علننى الحلم‪ ،‬بينمننا ينحنناز‬
‫ربيع للثنورة‪ ،‬وهني منا تنرى فيهنا نضنال سنبب ا لقصناء النناس عنن بعضنهم‪ ،‬بمنا فيهنم الزعمناء‪ .‬لكنن‬
‫بسننقوط الثننورة تنهننار صننورة ربيننع كمننا تنهننار دنيننا نضننال” كنت أحس أن دنياي قد انهحارت لنحي‬
‫أضعت الثنين معا‪ ،‬خالي وأربيع‪ .‬وأربيع آنذاك‪ ،‬وأأنا أراه وألدا صغي ار مهزوأما مححا عحاد قريبحا مححن‬
‫قلبي”‪.85‬‬
‫ل‪ ،‬يتماشى مع فكرة الحنب بمنا يحملننه مننن شننفافية‪.‬‬
‫تفسير ذلك أن الثورة بجمالياتها كانت خيا ا‬
‫ونضال أقرب إلى عالم الخيال منها إلى الواقع‪ ،‬أو هي فنانة تنحاز لعالم الخيال‪ ،‬وبالتننالي انكسننر‬
‫الحننب فنني قلبهننا بانكسننار الثننورة‪ .‬ولعننل تسنناؤلها عننن سننر مننا تحننس بننه تجنناه ربيننع حينئننذ يؤكنند مننا‬
‫نننذهب إليننه‪ ” :‬أم ل نححه أنزلنححي إلححى الوأاقححع‪ ،‬وأجعلنححي أرى أن خححالي وأمجمححوأعته وأأجححوأاءاه‪ ،‬وأكححل‬
‫القصححص وأالتضحححيات وأالبطححوألت وأأمانينححا‪ ،‬وأمححن عشححنا السححنين المظلمححة علححى نححوأرهم صححاروأا‬
‫عجزة؟”‪.86‬‬
‫لكننن هننل بقنني هننذا شننعورها تجنناه ربيننع بمننا يحملننه مننن معننان إوايحنناءات؟ الجابننة تننأتي تباعنناا‬
‫ونحن نطالع مننا تحننس بننه نضننال‪ .‬هنني لننن تنسننى ربيننع أبننداا‪ ،‬ولننن تكننون سننعيدة بنندونه‪ ،‬فهننو “ حب‬
‫الصبا وأربيع القلب وأحلم التغيير”‪ .87‬والحياة بل أمل ول أحلم ل طعم لها ‪ .‬ومحاولتالمساك‬
‫به ننذا الحل ننم ل تنقض نني ‪ .‬ص ننحيح أن الحل ننم يص ننطدم ب ننالواقع‪ ،‬لك ننن ل ب نند من ننه ول ش ننيء‬
‫يمحوه‪ ،‬وهنني تعننبر عننن ذلننكفنني أكننثر مننن موقننع” صوأرة خالي فوأق الشهباءا وأمهرتها تركحض‬
‫خلفهححا ‪ .‬صححوأرة لبطوألححة مححا اكتملححت‪،‬لكححن الححوأقتل يمحوأهححا‪ ،‬وأل ذاكرتححي‪،‬وأل عشححبنبححت علححى‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪83 72-71‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪84 14‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪85 103‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪86 103‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪87 110‬‬

‫‪20‬‬
‫الجدران”‪ .88‬وما سمعته من ربيع سيظل معها طوال حياتها‪ ،‬فهو الخلفية للوحاتها‪ ،‬وهو المخزون‬
‫لنبضننات قلبهننا‪ .‬فننالفن مهمننا ترفننع عننن الواقننع‪ ،‬فل بنند أن تسننتقى مننادته مننن هننذا الواقننع‪ ،‬حننتى لننو‬
‫التقطته ووضعته في إطار جمالي يتجاوز ما هو حقيقي‪.‬‬
‫يعود ربيع‪ -‬وهو عجوز مريض‪ -‬بمخيلة نضال شاب ا حلوا في ربيع العمر‪ ،‬كما وصفه أمين‬
‫فنني مننذكراته حيناا‪ ،‬شننديد النقنناء‪ ،‬سنريع التننأثر‪ ،‬عميننق الوفنناء‪ ،‬لننذلك لننم يكننن ربيننع إل صننورة مشننرقة‬
‫إواحدى تجليات القائد الذي أحبته نضال‪ ،‬وعايشه أمين وربيع عن قرب‪ .‬وهي كنذلك عنادت صنبية‬
‫حيننن امتلت بننذكرى قائنند قلمننا جنناد الزمننن بمثلننه‪ .‬فالحسننيني ولنند فنني نيسننان بدايننة الربيننع ودوران‬
‫الحياة‪ .‬بالنسبة للنساء هو المثال والنموذج” وأهذا المثال إذا ضاع وأاختفى وأانطفأ نوأره مححاذا يحححل‬
‫بهن؟ ماذا يحل بنا؟ “‪ .‬لذلك تقوأل وأداد لمين‪ :‬هوأ يا أمين حبي الوأل”‪.89‬‬
‫ونضال بدورها تشعر بالحب لذلك الرجل كما لو كان حي ا يرزق فني ذاكرتهننا‪ ،‬وتعينش الخينال‬
‫والماضي لمن رحل وعاد إلينا بورق وصور وتقول‪ ”:‬أنا في القسطل‪ ،‬ما زلححت هنححاك‪ ،‬إوأاحساسححي‬
‫مشوأش‪ ،‬وأقلبي يذوأب لكن لبعيد‪ ،‬لرجل مات قبل أوأانه‪ ،‬قبححل أن يطفححئ شححمعاته‪ ،‬لرجححل معشححوأق‬
‫أمي أحبته‪ ،‬وأنساءا القدس‪.90”..‬‬

‫بين الوأقائع وأالرغبات‪ ،‬بين الماني وأالتوأقعات‬


‫إن كانت هنذه الرواينة قند عنبرت كمنا أسنلفنا عنن زمنينن؛ واقعني ومتخينل‪ ،‬إوان كنان النراوي قند‬
‫انشننغل بحقبننتين‪ ،‬فننإن مننا يننأتي تباعن انا لهننذا الانشننغال عمننق التبنناين علننى نحننو بننارز بيننن الوقننائع‬
‫والرغبات‪ ،‬أو ما بين المنيات والتوقعات‪ ،‬وهو مننا كننان لنه الثنر العمنق فنني تشننكيل الشخصنيات‬
‫أولا وتعاقب الحداث ثانياا‪.‬‬
‫رغم كل الحباطات السياسية التي شهدناها‪ ،‬ومع واقع بنائس يفنرض نفسه فني كنل الوقنات‪،‬‬
‫فننإن الفننن بأشننكاله يبقننى حاضن ن ار‪ .‬فنضننال تسننتمع إلننى محطننة محليننة يننت اروحا بثهننا مننا بيننن الغننناء‬
‫الرومانسنني الجميننل‪ ،‬ومننا بيننن الخبننار المكننررة عننن نسننف هنننا أو هننناك‪ ،‬أو عنن حنواجز إسنرائيلية‬
‫تقام هنا وهناك‪.‬‬
‫أمننا الفننن والرسننم فتبقننى مهمتهمننا لغن از فنني هننذه الروايننة‪ ،‬كمننا هننو الحننال حيننن نبحننث عننن دور‬
‫الرواية أو الدب عموم ا‪ .‬كما يعكلمها أمين في بداية حياتها‪ ،‬فنإن الرسننم يعنني الواقنع واقننع معجنون‬
‫بالرؤيا‪ ،‬وهو عمق وتجل‪ .‬لكن هل كان الرسم بالنسبة لنضال كما يقول لها أمين؟‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪88 111‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪89 336‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪90 386‬‬

‫‪21‬‬
‫في البنندء تقننول‪ ”:‬اتصالي الوأحيد بهذا الوأاقع كان اللوأححات‪ .‬أنحا أرسحمها وأأححس بهحا‪ .‬مححن خلل‬
‫الرسم أح س به م‪ ،‬أح س الوأاق ع”‪ .91‬لكنهننا فيمننا بعنند تقننول لنننا إنننه كننان عليهننا كنني ترسننم الحننرش‬
‫وزواتننا وغيرهننا أن ل تحننس بننالواقع‪ ،‬حينئننذ يحضننر الفننن وتحضننر اللوحننات‪ ،‬فننالواقع والجمننال همننا‬
‫ضنندان‪ ،‬لكننل منهمننا عننالمه ومننن هنننا جنناء قولهننا‪ ”:‬كححان الفضححل أل أحححس‪ ،‬حححتى ل أغيححب عححن‬
‫اللوأحات وأعن الرؤيا وأعن التاريخ‪ .‬فلماذا أحس؟ ل شيءا يعوأض عن الحساس وأفقدان الحححس‬
‫إل اللوأحححات‪ ،‬وأهححي تححاريخي‪ .‬هححي كنححزي أنححا‪ .‬هححي للتاريححخ”‪ .92‬وكننأن الواقننع يقتننل الفننن والجمننال‪،‬‬
‫صحيح أن التاريخ يحتفظ بالفن والجمال‪ ،‬لكنه يبقى مغلف ا بالنا الخاصنة بعيندا عنن همنوم النناس‪.‬‬
‫ولعننل هننذا يصننور جننزءا مننن تص نرفات الننناس الننذين عايش نوا إحباطننات متتاليننة‪ ،‬وقننرروا أن يعيش نوا‬
‫للجمال المحض بعيدا عن واقع رديء‪ .‬ومن هننا ينأتي الفنن والجمنال بعيندا عنن واقنع ينضنح بأمنل‬
‫كاذب لذلك تقول نضال‪ “ :‬وأذكرني أن المشهد يصلح للرسم‪ .‬لوأ كنت في وأضع طبيعي لهرعححت‬
‫إلحححى الحححدار أطلحححب وأرقححح ا لرسحححم عليحححه لوأححححة جميلحححة تحححوأحي بالمحححل وأالموأمحححة‪ ،‬وأالجيحححل الجديحححد‬
‫وأالمستقبل‪ .”93‬فحيننن تكننرس نفسننها لحساسننها بعينندا عننن كننل شننيء سترسننم “ لوأحات جديدة فيها‬
‫أزهار وأعص افير وأفراش ات بحألوأان ق زح‪ ،‬وأنسحاءا جميلت س عيدات‪ .94 ”...‬وتعيننش لمشنناعرها كمننا‬
‫كانت تحلم دائما‪ ،‬وتحس اكتفاء ذاتيا في كل شيء‪.‬‬
‫لعل الكاتبة هنا تذكرنا بما يراه بارت حقيقة للغة الدبية من أنها ليسنت انعكاسناا أمينناا للواقنع‪،‬‬
‫فحقيقننة النننص تتشننكل بعينندا عننه‪ ،‬ول يكننون الهنندف مننن الدب إعطنناء صننورة حقيقيننة عننن الواقننع‪.‬‬
‫فالكاتب ما أن يأخذ قلماا حتى يصنبح طوباوينا‪ .‬وبالتنالي لنم يكنن غنرض نضنال حينن التفتنت إلنى‬
‫الرسم أن تستعيد الواقع‪ ،‬إوانما كانت تحننوله إلننى إطارهننا هنني كفنانننة‪ .‬والدب باعتبنناره كننذلك يننوحي‬
‫أن الحقيق نني إنم ننا ه ننو النص نني‪ ،‬بنف ننس الطريق ننة ال ننتي تتش ننكل به ننا ص ننورة الربي ننع عن نندنا م ننن خلل‬
‫الملءات المدرسية أكثر مما يشكلها الواقع‪.95‬‬
‫يفج ننر الن ننص جمل ننة م ننن الخفاق ننات السياس ننية المتتالي ننة‪ ،‬وه نني ف نني مجمله ننا تك ننون الب نناعث الول‬
‫لنكسارات داخلية تداهم البطال‪ .‬فربيع بعد انكسار الثورة يقول لنضال‪ ”:‬ل تنتظري لني سأهج‬
‫من هذه الرض وأأبحث عن أرض تؤوأيني‪ .‬أبحث عن عمل‪ ،‬أبحث عن خيط يهديني ل نححي الن‬
‫بل حياة وأل مستقبل‪ .‬أنا لشيءا‪ ،‬مجرد لشيءا”‪.96‬‬
‫وبعنند ردحا مننن الزمننن يعننود الس نؤال ذاتننه‪ ،‬مننن المسننؤول عننن ضننياع الحلننم؟ أهننم الحكننام أم‬
‫الستعمار أم غباء الشعوب أم القدار؟ لذلك تجنند بطل سنابق ا كربينع يننردد أننه مننا عناد يعينش إل‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪91 77‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪92 78‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪93 104‬‬
‫‪.‬الرواية‪94 132 ،‬‬
‫‪.‬جوف‪ ،‬فانسان‪ ،‬الأدب عند روألنا بارت ‪ ،‬ترجمة عبد الرحمن بو علي‪ ،‬دآار الحوار‪ ،‬دآمشق‪ ،2004 ،‬ص ‪95 104 ،108‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪96 108‬‬

‫‪22‬‬
‫لننذاته‪ ،‬بعنند أن جننرب الحلم والثننورة‪ ،‬لكنننه الن كننبر علننى الحلم‪ .‬لكننن هننذا ل يثبننت بننالقطع‪،‬‬
‫فربيع يحاول رغم كل شيء المساك بالماضي‪ .‬ينبننش الصننناديق ويعينند ترتيننب الوراق بالتسلسننل‪،‬‬
‫ويتطلننع إلننى نشننرها‪ ،‬فالمننذكرات كمننا يقننول‪ ”:‬هامححة جححدا لمثححال الوألححد الصححغير صححديق ياسححمين‪.‬‬
‫هؤلءا ل يعرفوأن عن ماضينا‪ ،‬وأل يعرفححوأن عححن البطححال‪ .‬هححم يعيشححوأن فححي زمححن القحححط وأضححياع‬
‫المثل‪ .‬لم يعيشوأا زمن الحسيني وأسعادة وأأبوأ كمال”‪.97‬‬
‫تحنناول الروايننة أن تضننع ينندها علننى أسننباب النكسننارات المتتاليننة الننتي أصننابت الثننورة وقتلننت‬
‫الحلم‪ .‬الثورة بدأت بداية قوية‪ ،‬وكانت مصدر اعنتزاز كنل المنة ثنم انهننارت‪ ،‬الثنوار أعطنوا حيناتهم‬
‫وباعوا الدنيا ومنن فيهنا‪ .‬وفني ينوم منن الينام كنان لننا زعمناء كنرام أحببنناهم‪ .‬منهنم أبنو كمنال النذي‬
‫واجه آلف الجنود المدججين بأحدث سلحا‪ ،‬في وقت لم يكن لننديه سننوى بضننعة رجننال بمسدسننات‬
‫قديمنة وخننناجر‪ .‬وأميننن المثقننف بتحليلتنه السياسننية النتي نطلننع عليهننا منن خلل مننذكراته يخبرننا “‬
‫أن الثوأرة كانت تحتضر‪ ،‬فوأضى وأدمار وأمشانق‪ ،‬ذهب إلى الشام ليستنجد بالخوأة العرب فمححاذا‬
‫وأجد؟ ‪...‬فعاد مخذوألا مهموأم ا مكسوأر الفؤاد وأالخاطر”‪.98‬‬
‫الحسيني أعاد للثورة ألقها ومعه” الثوأرة ما عادت جزافية وأعشحوأائية وأبل نظحام وأل انضحباط‪.‬‬
‫صارت مؤسسة رسمية‪ .‬صارت جيشا وأله قائد‪ ،‬وأبشائر دوألحة وأطنيحة”‪ .‬ومعننه أيض نا يقننول أميننن‬
‫في مذكراته‪ ”:‬كلنا الن جيش وأاحد‪ ،‬ل عصابات وأل مجموأعات وأل فوأضى‪ .‬قيححادة وأاحححدة وأقححوأات‬
‫وأاحدة للدوألة”‪ .99‬كان يصنع اللغام ويقيم مختب ار كيميائي ا يجري فيه تجارب علىالمتفج رات‪.‬‬
‫مننذكراتأميننن أن الشننام وزعمنناء القنندس كننانوا السننبب فنني قتننل الحسننيني وفنني‬ ‫والحننال كمننا تظه نره‬
‫هزيمة القسطل التي س بقت المعركة الكبرى‪ .‬فالقناصل العرب وعدوا بعدم التنندخل فني المعركننة‬
‫إل بعنند انتهنناء النتننداب‪،‬كمننا وعنندوا النجليننز بعنندم تسننليح الفلسننطينيين‪ ،‬بننل تواسننطوا لفننك‬
‫الحصننار عنننمئننة ألننفيهننودي فنني المسننتعمرات اليهوديننة فنني القنندس‪ .‬وهننو مننا تعننبر عنننه الكاتبننة‬
‫بن نواوات متلحق ننة س نناخرة تتح نندثفيه ننا ع ننن مه ننام أعض نناء ال جامع ننة ال عربي ننة‪ ،‬وأعض نناء اللجن ننة‬
‫العسن ننكرية " الححتي شححكلوأه ا لتشححر ف وأتهيحح ئ‪ ،‬وأتهنححدس وأتخطححط‪ ،‬وأتسححعف وأتسححلح وأتمححوأل جيححش‬
‫النقاذ‪ ،‬جيش العرب وأالمسلمين‪ ،‬لن قاذ القد س وأالقصى وأالقيا مة وأكنيسححة المهححد‪ ،‬وأتححدمير تححل‬
‫أبيب معقل الغزاة الطامعين‪.100"...‬‬
‫أمننا زعمنناء السياسننة والقننادة ممننن ترك نوا م نواقعهم فنني القنندس ولجننأوا للشننام‪ ،‬فقنند عمنندوا إلننى‬
‫السخرية من الحسيني‪ ،‬معتمدين على جينش النقناذ النذي اعتقندوا أنه سنينقذ الوضنع‪ .‬وهننا توضنع‬
‫أمام أعيننا أسباب هذا العداء السننافر للحسنيني‪ ،‬منا بيننن كننونه حزبين ا أو عشننائرياا‪ ،‬أو أن كلا منهنم‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪97 227-226‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪98 203‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪99 237-236‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪100 297‬‬

‫‪23‬‬
‫كننان يتمنننى القيننام بمننا قننام بننه‪ .‬إوان كننانوا فيمننا بعنند أحسن نوا بننالمقلب الننذي سنناهموا فيننه حيننن أروا‬
‫الجندات الزائفة‪.‬‬
‫تطلعنن ننا الكاتبن ننة علن ننى نحن ننو تفصن ننيلي بخطن ننة الحسن ننيني بن نندءا من ننن تصن ننميمه علن ننى حصن ننار‬
‫المسننتعمرات‪ ،‬انتهنناء بإصن ارره علننى الحصننول علننى أسننلحة كننانت مخننازن العننرب مليئننة بهننا‪ ،‬إل أن‬
‫الق ننادة الع ننرب وممثل نني الجامع ننة العربي ننة أص ننروا عل ننى حجبه ننا‪ .‬وه ننم م ننن يص ننفهم أمي ننن ب ننالقول‪”:‬‬
‫ملتزموأن بعهد قطعوأه لبريطانيا بأل يعطوأنحا سحلحا وأل ذخحائر‪ ،‬وأأل يحدربوأنا علحى حمححل السحلح‪،‬‬
‫وأأل يعترفوأا بالجهاد المقدس وأقائدنا‪ .‬لهذا شكلوأا جيشا جديدا وأقيادة جديدة تكوأن تحححت إمرتهححم‬
‫وأتصححرفهم وأاحتفظححوأا بسححلح جمعححوأه باسححمنا وأاسححم فلسححطين وأخبححأوأه فححي مخححازنهم‪ ،‬وأتعهححدوأا أل‬
‫يتدخلوأا ‪.101”...‬‬
‫وهننم ل يثقننون بالحسننيني كنمننوذج اجتمنناعي أرعننن‪ ،‬وهننو فنني موقننع الخصننم لبريطانيننا‪ ،‬المسننتعمرة‬
‫الودودة‪.‬‬
‫لعنل الجنانب التناريخي الموثنق هننا لعنب دو ار كنبي ار فني جلنب انتبناه القنارئ‪ ،‬فنأنت كمنا أسنلفنا‬
‫تتأثر بقدر مننا تصندق‪ ،‬كنذلك فننإن القنارئ ل يملننك سنوى أن يصنندق بقندر مننا يتنأثر بقنول الحسننيني‬
‫الت نني‪ ”:‬هححذه فلسححطين العربيححة بيححن أيححديكم‪ ،‬وأالشححعب العربححي ينححاديكم لنكححم الزعمححاءا وأالقححادة‪،‬‬
‫وأمصير المة بمختلف أقطارها أمانة في أعناقكم‪ ،‬إوأانححي وأالحح لححن أتححردد عححن وأضححع عنقححي تحححت‬
‫سححيوأفكم إذا تححرددت أوأ تهححاوأنت أوأ عصححيت أمححرا مححن أوأامركححم‪ .‬أنححا جنححدي مححن جنححوأدكم وأل مححأرب‬
‫شخصي ا لي إل تخليص الوأطن وأتحرير القدس‪ .‬القحدس الجريحححة تهيحب بكحم‪ ،‬أنقححذوأها‪ ،‬أنقحذوأنا‪،‬‬
‫فننقذكم”‪.102‬‬
‫رغم تحذيره المستمر من خطة نخشون بما ترمي إليه من اغتيال القادة‪ ،‬إوافراغ البلد بارتكناب‬
‫مذابح جماعية‪ ،‬وبما ترمني إليه منن أطمناع منن البحنر إلنى النهنر‪ ،‬ثنم السنيطرة علنى كنل عاصنمة‬
‫عربية‪ .‬رغنم ذلنك كله خنرج ورفناقه منن اجتماعناته المتكنررة منع قنادة ل يعرفنون قنراءة الخ ارئنط‪ ،‬ول‬
‫يعرفننون أيننن القنندس وحيفننا ويافننا وتننل أبيننب صننفر الينندين مكسننوري الفنؤاد والخنناطر‪ ،‬بنندون سننلحا‪.‬‬
‫فيخن نناطبهم قن ننائل‪ ”:‬سيسحححجل التاريحححخ أنكحححم السحححبب فحححي ضحححياع القحححدس وأبقيحححة فلسحححطين‪ .‬أنتحححم‬
‫المسؤوألوأن عما سيحل بنا وأبكم‪ .‬أنتم متآمروأن مع بريطانيا‪ .‬أنا سأموأت وألن أستسلم‪ .‬سأحتل‬
‫القسطل بلحمي وأدمي وألحم رجالي وألحن استسحلم‪ ،‬وأسيسحجل التاريحخ محا فعلتحم‪ .‬أنتحم متحآمروأن‪.‬‬
‫أنتم خوأنة”‪.103‬‬
‫نقع في النص على رؤية تنبؤية استشرافية بما سيكون عليه حال الصراع العربي السرائيلي؛‬
‫الولى تنبثق من عالم الواقع يصنعها المثقف أمين حليف الثائرين على المننتزعمين والصننهاينة‪ ،‬إذ‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪101 297‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪102 300‬‬
‫‪,‬الرواية‪ ،‬ص ‪103 318‬‬

‫‪24‬‬
‫تشهد سطور كثيرة في مذكراته أنه كان قناد ار علنى قنراءة التخبننط الفلسننطيني‪ ،‬خصوصن ا أننه ارفننق‬
‫الحسننيني فنني المننؤتمرات والجتماعننات الننتي أقيمننت فنني الشننام قبيننل الهزيمننة‪ ،‬وقننام بتسننجيلها وق ن أر‬
‫تداعيات نتائجها‪ ،‬فما كان عليه سوى رصد السياسة العربية التي تعد بالخراب الكيد‪.‬‬
‫إن كان الواقع يدفع إلى اليأس‪ ،‬فإن الواقع الخلقي يأمر بنالتحريض‪ ،‬ومن هننا شنهدنا حالنة‬
‫من الرتباك يعيشها أمين الذي ألغى الواقع واستبقى الخلق‪ .‬والحال كما نجنند فنني مننذكرات أميننن‬
‫نقلا عننن الحسننيني” العقل يشك‪ ،‬العقل يمحححص وأيحلححل‪ ،‬لكححن القلححب إذا آمحن ل يحتزحزح‪ ،‬يصحمد‬
‫كالص خر”‪ .104‬صننحيح أن الواق نع ينننبئ إلننى حنند كننبير‪ ،‬لكننن الكاتبننة ل تطلننب منننا أن ننجننر وراء‬
‫واق ع منافلما يجب أن يكو ن عليه كل مناضل شريف‪ ،‬فالمثقف الطليع ي النذي يمثلننه أميننن توقنع‬
‫لننديهم كنل السنلحا والمندافع والطيننارات وخنبراء النجليننز‪ ،‬وأعنندادهم بناللوف‪.‬‬ ‫الهزيمة‪ ،‬فاليهود‬
‫لكنه بقي ث ابتن ا فنني المعركنة‪ ،‬رفيقننا ا أميننا للحسننيني‪ .‬فني الم قابننل نقننع فنني هنذا العمنل علنى رؤينا‬
‫حلمية يمثلها وحيد بخطا ب تبش يري عربي ينندفنالصننهيونية فن ي الرمننال‪ ،‬ويبننني فننوق أنقاضننها‬
‫نصن ار ا عربيانا متخيلا‪ ،‬إذ بنرزت فنني تلنك الفنترة فكنرة إغمناضالعينيننن أمننام الظلم العننارض فني‬
‫بيا شريفا ا لم يشأ أن يفكننر بغيننر‬
‫انتظار تحقق الفكرة المطلقة الكيدة‪ .105‬لكنه يبقى صوتا ا عر ا‬
‫النصر‪ ،‬فوحيد يعتقد ”‪....‬اليهوأد جبناءا وأرعاديد بعكسنا نحن‪ .‬اليهححوأديل يفححارق مصححفحته‪،‬‬
‫أما القروأي فيهجم علىالموأت وأل يخاف إل منال” ‪ .106‬ويبدو لنا الثنان وحيد وأمين علىطرفي‬
‫نقيض‪ ،‬علىالرغم منإخلصهما‪ ،‬فأمين شكاك متوجسيستند إلنى الحقنائق‪ ،‬أمنا وحيند فهنو منؤمن‬
‫يستند إلى المنيات إوايمانه ‪ .‬وأمين يكتننب الشننعر ول ينش نره " إن الناس في هذاالوأقتغيححر معنييححن‬
‫بلغة الشعار لن الوأضع ل يست وأعب‪ .107"..‬وتماشيا مع واقعية مفرطة يتساءل إن كان للشعر‬
‫والمقننالت منفعننة مننا وقننت المعركننة كمننا يقننول لننه وحينند‪ .‬وهننو مننا ن جنند إجابننة عنننه حينننيقننول أميننن‬
‫ف ني مننذكراته‪ " :‬تلل الصنوأبر وأالزيتوأن تشححكل لوأححات سححماوأية أتأملهححا بانححدهاش حزيححن وأأشححرب‬
‫ال تفاصححيل وأأسححتوأعبها كححأني جئححت لبلعهححا كححي تسححتقر فححي أعمححاقي حححتى تصححبح جححزءاا ا منححي فححي‬
‫ذاكرتي وأنسيج الخيال‪ .‬وأفي يوأم ما أكتب عنها‪ ،‬أشعر لها‪ ،‬أكتب وأأقحوأل بأشحعاري هنحا كنحا‪ ،‬منهحا‬
‫أتينا‪ ،‬إوأاليها نع وأد "‪ .108‬والكاتبة كما س بق القول تكبر قلبا ا يص مد كالصخر‪ ،‬لذلك أك برت‬
‫عزيمننة الحسن نيني الننذي رفننض الستسننلم مننع أن الننندحار كننان شننبه مؤكنند‪ ،‬كمننا تحنندثت بكن ن ل‬
‫ضي في نضنال قند يبند و انتحنا ار‪ ،‬لكنن ه يبقنى‬
‫العجاب عن أبي كمال إواص ارره على الستمرار والم‬
‫موتا مشر افا‪.‬‬
‫ا‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪104 322‬‬


‫‪.‬دآرلج‪ ،‬فيصل‪ ،‬ذاكرة المغلوبين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪105 22‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪106 343‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪107 183‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪108 341‬‬

‫‪25‬‬
‫إن كانت لمين المثقنف الطلئعني رؤيتنه المسنتقبلية اسنتنادا إلنى معطينات الواقنع‪ ،‬فنإن الحلنم‬
‫في هذه الرواية يخترق السرد الروائي فني أكنثر منن موقنع فيهنا‪ ،‬فيحندكث عنن واقنع آت بمنا هنو فني‬
‫عداد الغيب‪ ،‬كما هو الحال في الموروث السردي العربي القديم‪ .‬وتختار الروائيننة الجنندة الصننلوية‬
‫والتقيننة الننتي تفتننح بننالقمر‪ “ .‬وأربمححا كححانت سححتي تحححس أوأ تتوأقححع مححا سححيحدث لنححا‪ ،‬لنهححا كححانت‬
‫تستسححيقظ مححن النححوأم وأهححي تهححذي وأتقححوأل أريححت‪ ،‬وأتقححوأل حلمححت‪ ،‬وأتقححوأل‪ ،‬سححيكوأن بلهجححة قاطعححة‬
‫أكيدة‪ ،‬إن ما رأته هوأ الوأاقع وأهوأ المكتوأب‪ ،‬إوأان المكتوأب ليس جميل‪ ،‬بل أبشع من أي كححابوأس‬
‫عشناه أوأ تخيلناه”‪.109‬‬
‫وقبننل المأسنناة الكننبرى بقليننل رأت الجنندة” طيحح ار كححالرخ‪ ،‬أسححوأد كالليححل‪ ،‬كححبي ار كالفيححل‪ ،‬وأجناحححاه مثححل‬
‫الوأطوأاط‪ ،‬غطى السماءا مثل الغيمة‪ ،‬غيمة سوأداءا مثل القطران‪.110”...‬‬

‫نتائج الدراسة‪:‬‬

‫تمكنت هذه الرواية من خلق إحساس بالمدة الزمنية‪ ،‬وبمضي الزمن وتراكمه‪ ،‬وهو منا دللننت‬
‫عليه الدراسة عبر معاينتها لكثر من موقف‪ ،‬وأكثر منن شخصنية داخنل هنذه الرواينة؛ فنضنال فني‬
‫الساس عادت إلى دار العيلة في نننابلس بعند حينناة طويلنة بقصند الحفنناظ علننى زمنن مضننى‪ .‬ومنن‬
‫هننناك ترصنند لنننا الروايننة تفنناوت تننأثير الزمننن علننى الشخصننيات‪ ،‬بغيننة تأكينند إلحنناحا الحننداث علننى‬
‫ل بيننن زمنيننن‪ ،‬أحنندهما كرونولننوجي والخننر‬
‫أشننخاص دون غيرهننم‪ ،‬بمننا اسننتدعى فنني الد ارسننة فصن ا‬
‫سننيكولوجي‪ ،‬وهنو مننا بنندا غايننة فنني الوضنوحا حيننن استعرضننت الروائيننة تلننك التغينرات الجذريننة الننتي‬
‫حلت على خال نضال وحيد‪ ،‬القيادي الذي أصيب بمقتل بعد معركة القسطل‪.‬‬
‫ل يغيب عن قارئ الرواية أن العمل ينحاز إلننى الزمننن الول‪ ،‬أو زمننن الثنوار‪ ،‬وهنو مننا كنانت‬
‫له تجلياته المختلفة‪ ،‬عبر محاولت متكننررة تنرددت أصنداؤها فني الروايننة لسننتعادة الماضني بنذاكرة‬
‫حسية‪ ،‬هي ذاكرة الشم‪ ،‬بما تجسده من تواصل مع العننالم المفقننود‪ .‬كننذلك حضننر المكننان جننزءا منن‬
‫رؤيننا تقننارن بيننن زمنيننن‪ ،‬كننان النتصننار فيهمننا للماضنني‪ ،‬وهننو مننا دللنننا عليننه مننن خلل أكننثر مننن‬
‫موقف في الرواية‪.‬‬
‫يبرز النحياز للماضي في أعمنق صنوره حين ربطنت الكاتبنة بينن الثنورة والحنب الول؛ حنب‬
‫نضنال لربينع‪ ،‬أو " حنبي الول" وفقنا للعننوان‪ ،‬وهمنا كلمتنان تحضنران فني الننص لتصنفا حنب وداد‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪109 94‬‬


‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪110 331‬‬

‫‪26‬‬
‫للحسننيني‪ ،‬ويكننون لهننذا الربننط أبعنناده الرمزيننة فنني أكننثر مننن موقننع فنني الروايننة؛ فننالحب والثننورة كانننا‬
‫حالة حلمية جميلة‪ ،‬إلى أن اصطدمتا بالواقع‪ ،‬إوان كان هذا ل يلغي أيا منهما‪ .‬الحب وفقنا للرواينة‬
‫لم يكتمل‪ ،‬والبطولة كذلك لم تكتمل‪ ،‬لكن أيا منهما أيضا ل يمحى ولن يمحى‪.‬‬
‫هذا ليعني أن الرواية تقطع بانحياز مطلق للماضي‪ .‬صحيح أنها ترصد تشوهات الحاضنر‪،‬‬
‫بما في ذلك تلنك التشننوهات الفسننيولوجية الننتي تحنس بهنا المنرأة‪ ،‬عندا عنن ذلنك التشنتت الفلسننطيني‬
‫بيننن حمنناس وفتننح‪ ،‬لكننن هننذا ل يلغنني نسننبية الحقننائق؛ فحننتى الثننورة والث نوار‪ ،‬كننان بينهننم جواسننيس‬
‫وعملء‪.‬‬
‫والدراسة إذ يتفصل في هاجس الزمن‪ ،‬وتجعلننه ركننا أساسننيا فيهننا‪ ،‬فإنهنا تبقنى ملتزمننة بننالعنوان‬
‫الننذي وضننعته‪ ،‬إذ افترضننت علقننة وطينندة بيننن الزمننن‪ ،‬وشننروط زمننن السننتعادة‪ ،‬ممننا حتننم حننديث ا‬
‫ل غرضه إبراز تحرك زمني حتمي‪ ،‬ترصده الكاتبة من منظور يختلط فيه الواقع بالخيال‪.‬‬
‫مطو ا‬
‫رأت الدراسة أن الحداث التي تتناولها الروائيننة تشننكل خلفينة مهمننة لمننا قنند يبنندو وكنأنه تجربنة‬
‫ذاتيننة‪ ،‬وهننو مننا كننانت لننه تجلينناته عننبر أكننثر مننن مفصننل فنني الروايننة؛ فهننناك سننرد مباشننر اعتمنند‬
‫ضنمير المتكلنم فني الجننزء الغلننب‪ ،‬حنذا حنذو السنيرة وتمركنز حنول شخصنية معينننة‪ .‬كننذلك بوجنود‬
‫حدود ل تستطيع النا تخطيها استعانت الكاتبة بمذكرات أمين‪ ،‬المثقننف الفلسننطيني‪ ،‬الننذي لننم تكننن‬
‫تحليلتننه وأحنناديثه عننن الثننورة لتنفصننل عننن حننديث الروائيننة نفسننها‪ .‬إل أن هننذا لننم يمنننع مننن تحقننق‬
‫صفة الدرامية فني العمنل؛ بمعننى أنننا كقنراء لنم نحنس بتندخل يحنول دون انندماجنا فني العمنل‪ ،‬فمنا‬
‫قدم من آراء داخل العمل لم يفقدنا إحساسا باحتفاظ الشخصيات بصلتها بالمبدعة‪ ،‬لكننننا لننم نحننس‬
‫بأننننا وقعنننا فنني توجيهننات تعطننى لنننا مننن مركننز السننلطة للحكننم علننى الشننخاص؛ وهننو مننا يمكننن‬
‫السننتدلل عليننه مننن خلل الطبيعننة المركبننة لهننذه الشننخاص الننتي لننم تخننرج عننن نطنناق النفننس‬
‫النسننانية بمننا تحملننه مننن نقنناط قننوة أو ضننعف‪ ،‬ممننا يخرجهننا مننن بعنند تنميطنني يلجننأ إليننه بعننض‬
‫المبدعين بغرض فرض سلطته علننى القننارئ‪ .‬علمنا أن هننذه الطبيعنة المركبننة للشخصنيات كنان لهنا‬
‫ظهورها العمق والوضح من خلل ذلك الجدل المحتدم الننذي جنرى مننا بيننن أميننن المثقننف ووحينند‬
‫القائنند الثننوري السننلمي‪ ،‬الننذي رغبننت الروائيننة فنني تركننه مفتوحنا إلننى حنند مننا‪ ،‬إذ لننم تشننأ أن تحسننم‬
‫علننى نحنو مباشننر‪ ،‬إوان كننانت تميننل إلنى رفنض الستسنلم بغننض النظننر عنن أينة معطينات يقندمها‬
‫الواقع‪.‬‬
‫في المحور السابق نفسه‪ ،‬وجدت الدراسة أن الكاتبة كانت تقوم بشخصننيتين أثناءاستحضننارها‬
‫أحداث الماضنني؛ نضننال الطفلنة ونضننال المنرأة الناضننجة‪ .‬فني الولننى أعيندت الحننداث الماضننوية‬
‫بننوعي الطفلننة‪ ،‬وفنني الثانيننة أعينندت بلغننة المنرأة الناضننجة تبعنا لمنظورهننا الحننالي‪ ،‬بننتراكيب مجازيننة‬
‫عالية‪ .‬وهو ما دللنا عليه عبر أكثر من مثال تم اقتطافه من الرواية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وفنني إطننار الحقيقنني والمتخيننل‪ ،‬كننان ل بنند مننن فننرز الشخصننيات والحالننة إلننى شخصننيات‬
‫تاريخية ارتبطت بأحداث واقعية تسجيلية؛ أبو كمال‪ ،‬الحسننيني‪ ،‬عبنند الرحيننم الحنناج محمنند‪ .‬وأخننرى‬
‫متخيلة تعالقت مع الحقيقي‪ ،‬مع التشديد في أكنثر منن موقنع إلنى أن هنذه الشخصنيات غدت جنزءا‬
‫مننن تكننوين فننني ينسننجم ومفننردات الروايننة‪ ،‬بمجننرد أن أصننبحت موضننوعا للسننرد‪ .‬يبقننى أن الروايننة‬
‫حافظت على وقائع بعينها‪ ،‬كان لها سندها التاريخي المعروف‪ ،‬منها على سبيل المثال ما أوردنناه‬
‫م ننن ح ننديث تفص ننيلي ج ننرى بي ننن الحس ننيني وجم ننوع الق ننادة الع ننرب ف نني الش ننام‪ .‬إل أن ه ننذه الوق ننائع‬
‫التسننجيلية امننتزجت بننأخرى فنيننة متخيلننة‪ ،‬كننان لهننا دورهننا فنني تعزيننز الجننانب التننوثيقي‪ ،‬والحسنناس‬
‫بواقعية الحدث‪.‬‬
‫انشنغلت الد ارسنة بتقنديم صنورة المنرأة‪ ،‬عبر شخصنيات نسنائية تحركنت منن خلل وعني ذاتني‬
‫بعيد ا عنن حيثيننات منا يفنترض أنننه واقعني‪ .‬وبننذلك تكنون محنناور الد ارسنة ذات صننلة وثيقنة بننالعنوان‬
‫المختننار‪ ،‬وعليننه لننم تكننن النمنناذج النسننائية المطروحننة فنني هننذا العمننل تتطننابق والنمنناذج الروائيننة‬
‫السلبية المطروحة في الرواية العربية‪ ،‬فكن على الغلب جميلت بمعايير الجرأة والقوة‪.‬‬
‫أما ما جاء في متن الدراسة من حديث عن الرموز واليحاءات‪ ،‬فلم يكنن لينفصنل أيضنا عنن‬
‫تلك العلقة الجدلية بينن الحقيقنني والمتخينل‪ ،‬فمنا تطرحنه الرواينة منن نمنناذج وشخصنيات غنينة فني‬
‫انتماءاتها الثقافية على مستوى الواقع الحقيقي‪ ،‬كانت له قيم رمزينة دالنة ظهنر كننل منهننا فنني مكنانه‬
‫المناسننب‪ .‬كننذلك جنناء الحننديث عننن الرغبننات والوقننائع‪ ،‬منسننجما وتلننك العلقننة الننتي تحكننم النواقعي‬
‫بالمتخيننل‪ ،‬فحركننة الزمننن الحتميننة تظهننر تباين نا عميق نا ل تخطئننه العيننن بيننن مننا نريننده مننن الشننياء‬
‫وبين ما تؤؤل إليه‪ .‬إوان كان لهذه الثنائية وقعها الحتمي في كل القضايا‪ ،‬فإنهنا تكتسنب فني الزمنن‬
‫ل‪ ،‬وعل ننى‬
‫الفلس ننطيني خصوص ننية أعم ننق‪ ،‬وه ننو م ننا ك ننانت ل ننه آث نناره الممت نندة عل ننى الشخص ننيات أو ا‬
‫الحننداث ثانيننة‪ .‬وهننو مننا يسننري أيضنا علننى بنناقي المحنناور الننتي كننان لكننل منهننا أثنره الخنناص علننى‬
‫الحدث والشخصية معاا‪ .‬وهو ما حال دون أن يكون للشخصيات حضور واحد في محور خاص‪.‬‬

‫في خاتمة المطاف نقول‪ :‬يحسب لهذه الرواية أنها سجلت أحداثاا كبرى في تاريخ الشعب‬
‫الفلسطيني يصح اعتبارها على نحو ما جزءا من ملحمننة مأسنناوية فادحننة وصننل عمرهننا أكننثر مننن‬
‫ستين عاما رأينا فيها استهتا ار بحقوق النسنان الفلسنطيني علنى جمينع المسنتويات‪ ،‬والرواينة أخنذت‬
‫على عاتقها مهمة مراجعة ظلم ذوي القربى العربي‪ ،‬وما رافق ذلك من انسحاق تحت وطأة العجننز‬
‫والتواطننؤ أحيانننا‪ .111‬لننذلك جنناءت أهميننة نشننر هننذا النننوع منننالرواينناتلن التاريننخ كمننا تخبرنننا‬
‫الروايننة” هوأ ما نكتب‪ ،‬ل مححا قلنحاه وأخبأنححاه فحي صححناديق القلححب المغلقححة وأانتقححل معنحا إلحى الخحرة‬

‫فخرو‪ ،‬علي‪ ،‬متى سيكتب أحدهم إلياذة فلسطين؟ العرب اليوم‪ ،‬صلخميس ‪ ،5/8/2010‬ص ‪111 16‬‬

‫‪28‬‬
‫وأظلم القححبر”‪ .112‬ولن ال ننذاكرة الثقافي ننة الوطني ننة الفلس ننطينية ال ننتي نحم ننل عبئه ننا ك ننانت ول تن نزال‬
‫موروثا وطنيا وضرورة وطنية‪ ،‬تتطلب جهودا نبيلة ومتعاقبة ل بد من تفعيلها‪.113‬‬

‫يحسننب لهننذه الروايننة أيضننا أنهننا تننأملت علقننة أقيمننت بيننن الحنندث الخيننر الننذي ينهنني أحنند‬
‫خط ننوط العم ننل‪ ،‬وخاتم ننة الرواي ننة كله ننا‪ ،‬مم ننا يع ننزز بن نناء متك نناملا بي ننن أج ازئ ننه المتلحق ننة‪ .‬فالعم ننل‬
‫يتضننمن السننباب الننتي تحتننم وقننوع البدايننة والنهايننة فنني مكانهمننا دون أي موضننع آخننر‪ ،‬ممننا يحنث‬
‫القن ننارئ علن ننى المضن نني فن نني القن نراءة‪ .‬فن ننإن كن ننانت الحن ننداث مأسن نناوية انتهن ننت بمن ننوت القائن نند البطن ننل‪،‬‬
‫واستشننهاد وحينند فنني مذبحننة ديننر ياسننين‪ ،‬ومننوت الجنندة‪ ،‬إل أن الروايننة تنتهنني بمننا آمننن بننه القائنند‬
‫وتماشننيا مننع إيحنناءات هننذال اسنؤال ”‬ ‫‪114‬‬
‫الحسيني‪ ،‬وعبر عنه بسؤال أمين” أهناك حياة بل موأت؟"‬
‫بححدت عينححا ربيححع رغححم الفجححوأات وأالتجاعيححد كححالجوأاهر‪ ”،‬وأمححا زال الخضححرار تحححت العدسححات مثححل‬
‫اللماس‪ ،‬مثل الياقوأت وأالزمرد ”‪.115‬‬
‫والنهاية باعتبارها الرنات الخيرة التي تكمل اللحن‪ ،116‬جاءت بحس أدبيمتنبه‪ ،‬وبعلمة عما‬
‫يمكن أن يكون علينه المسنتقبل‪ .‬ففني الربينع يفاجئهنا ربينع بنأولد وحيند وعيلنة قحطنان‪ ،‬بمنا هو‬
‫الوعد برجال شرفاء في المستقبل‪ ،‬كأبي كمال وعبد القادرالحسيني ‪ .‬فمع كننل ولدة لطفننل جدينند‬
‫تذهب نضال وربيع إلى ذنابة وتزور أبو كمال مع الطفننال‪ ،‬ومننع الزهننور الننتي توضننع علننىقننبره‬
‫ين ننذكرون” أنحححه كحححان لنححا فححي يحححوأم محححا رجحححال شحححرفاءا‪ ،‬أحببنحححاهم وأأحبوأنحححا وأعاشحححوأا معنحححا ححححتى‬
‫الموأت”‪.117‬‬
‫وأخي ار فإن هذه الرواية فيها الكثير من الوقائع الممتعة المثيرة الننتي تسنتحث انتبنناه القننارئ وتعطيهنا‬
‫قيمننة متفننردة علننى مننر الزمننن ‪ ،‬فكننل عمننل قصصنني جينند يجننب أن يكننون كمننا قننال كننولردج عننن‬
‫القصننيدة الجينندة” تحتححوأي فححي ذاتهححا سححبب كوأنهححا علححى مححا هححي عليححه‪ ،‬وأأنهححا لححم تكححن فححي شححكل‬
‫آخر”‪.118‬‬

‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪112 383‬‬


‫‪.‬دآراج‪ ،‬فيصل‪ ،‬ذاكرة المغلوبين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪113 8‬‬
‫‪.‬الرواية‪114 388 ،‬‬
‫‪.‬الرواية‪115 390 ،‬‬
‫‪.‬منلو‪ ،‬أأ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪116 236‬‬
‫‪.‬الرواية‪ ،‬ص ‪117 391‬‬
‫منلو‪ ،‬أأ‪ ،‬الزمن وأالروأاية‪ ،‬مرجع سابق‪118 266،‬‬

‫‪29‬‬

You might also like