Professional Documents
Culture Documents
علم النفس وحاجات ماسلو النفسية
علم النفس وحاجات ماسلو النفسية
علم النفس وحاجات ماسلو النفسية
نتائج هذا العلم ألنه يبين خصائص النمو لكل مرحلة عمرية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشيخوخة ويشرح
هذا العلم حاجات اإلنسان الجسمية والعقلية واالجتماعية والنفسية بغرض التعامل معها بالشكل األمثل .وبما أن
التربية هي عملية لتغيير السلوك اإلنساني فإن علم النفس من المفاتيح الهامة لفهم أغوار النفس من أجل التنمية
وتحقيق الصحة النفسية .في كل يوم تكتشف الدراسات المزيد من األسرار النفسية في ميدان علم النفس
العالجي واألسري واالجتماعي .األصول النفسية للتربية تدرس طبيعة المتعلم وكيفية تغيير سلوكه وبذلك فإن
دراسة المتعلم ودوافعه وحاجاته والفروق الفردية ودور كل من الوراثة والبيئة في تشكيل شخصية اإلنسان
وطرائق التعلم كلها من الموضوعات التي تدخل في دائرة األسس النفسية .وعلى ذلك فإن األصول النفسية
للتربية تبصر المربي وتقدم له األسس الخاصة بكيفية التعامل مع المتعلم وفق طبيعته اإلنسانية في جميع
.مراحل حياته وكيفية التفاعل بين السلوك اإلنساني والبيئة المحيطة
الحاجات النفسية
اإلنسان بحاجة إلى إشباع الحاجات المادية والمعنوية .ما زال المربون في ميدان التربية يعتبرون نظرية العالم
م) من النظريات النفسية (Abraham Harold Maslow) (1908-1970النفساني األمريكي إبراهام ماسلو
لإلنسان (Parkay & Stanford, 2001, p. 298 ).الهامة الجديرة بالدراسة لكل المعلمين والمعلمات
” “Hierarchyحاجاته النفسية مثل حاجة الشعور باألمن كما يقول ماسلو في هرمه المشهور “هرم الحاجات
ولذلك فإن التربية يجب أن تراعي تلك الحاجات النفسية واالجتماعية والبيولوجية كي يشبعها ”of Needs
.اإلنسان
مثل الحاجة للطعام والشراب والكساء والسكن والزواج Physiological Needsالحاجات الفسيولوجية1-
وهي الحاجات الضرورية الستمرار بقاء اإلنسان على قيد الحياة .فإذا أ ّمن اإلنسان ضرورات حياته المعيشية
.فسيبدأ بالبحث عن تحقيق غاية أو حاجة أخرى أعلى في الهرم
في النفس والمسكن والوظيفة .إن تهديد اإلنسان في معاشه ) Safety Needs (securityحاجات األمن2-
هو تهديد لحاجة أساسية في حياته وكلما ضمن اإلنسان من خالل اللوائح والقوانين كفالة حقه في توفير حاجاته
الضرورية كلما ازداد شعوره باالرتياح النفسي .حتى في مرحلة البداوة فإن هذه الحاجات تشبعها القبيلة
.بنظامها المبني على التكافل ألبناء القبيلة
للجماعة والمجتمع وتحقيق التوافق مع اآلخرين من خالل ) Social Needs (affilationحاجات االنتماء3-
الحب والمودة والبر .وفي هذه المرحلة يمكن استنباط قاعدة اجتماعية تُعد من أهم األصول التربوية وهي أن
.اإلنسان اجتماعي بالطبع يميل إلى التجمع والتفاعل مع اآلخرين
من كلمات ثناء وألقاب التكريم والتشريف .هذه ) Esteem Needs (Recognitionحاجات التقدير4-
الحاجة،كغيرها من الحاجات ،يجب أن يتم إشباعها في محيط العائلة والمدرسة والمؤسسات التي يتعامل معها
الفرد وفي بعض األحيان شهادة التقدير قد تكون لها قوة في التأثير كحافز أكبر وأكثر في النفس من استالم
.الجوائز المادية
الرضا عن النفس والشعور بقدر كبير من السعادة Self-actualization Needsحاجات تحقيق الذات5-
الذاتية بعد تحقيق األهداف .وهكذا فإن ثناء اآلخرين والحصول على المادة ال يمكن أن توفر السعادة في النفس
.ما لم يشعر اإلنسان بأن تقديره لنفسه من مصادر سعادته
Humanisticبرز ماسلو في الستينات من القرن العشرين كرائد من رواد علم النفس اإلنساني
ويعتبر علم النفس اإلنساني مقدمة هامة تربويا ً لفهم طبيعة اإلنسان وفهم حاجاته .يؤكد ماسلو Psychology
في نظريته على أن اإلنسان كلما حقق حاجاته األولية فإنه يتطلع إلشباع حاجة أعلى فيتنقل من مرحلة إلى
.أخرى على التوالي إلى أن يشبع حاجاته من خالل تحقيق ذاته والكثير من أهدافه
تؤكد نظرية ماسلو على أن الحاجة إلى األصحاب والحاجة إلى التقدير واالحترام في محيط األسرة والمدرسة
ومركز العمل من الحاجات األساسية لإلنسان وأن االنتماء إلى األندية والجمعيات والنقابات ليس باألمر
الكمالي في حياة اإلنسان فهذه الحاجات تغذي نفسه من ناحية االنتماء إلى اآلخرين .وجد ماسلو من خالل
مالحظته لبعض الشخصيات التاريخية البارزة أن قلة من الناس هم الذين يصلون إلى مرحلة تحقيق الذات
وهذه المرحلة بحاجة إلى عمل دائم ألنها عملية مستمرة تتصف بالنمو The level of self-actualization.
والديمومة وتستدعي الحفاظ على مستوى الصحة النفسية واإلنجازات التي سبق أن حققها الفرد .أكد ماسلو
.على الحاجات الفسيولوجية ،وحاجات األمن ،وحاجات االنتماء وحاجات التقدير وحاجات تحقيق الذات
يحتاج المعلم إلى فهم هذا الهرم النفسي ألنه سيتعامل مع مجموعة من الطالب ممن قد يكون منهم من يفتقد
األمن في البيت أو المدرسة أو يدفعه الفقر والحاجة إلى إهمال الدروس فال ينتبه في الفصل .سيالحظ المعلم
أن بعض طالبه في مراحل متفاوتة في هرم ماسلو فقلة الموارد أو فقدان األمن من األسباب المؤدية إلى
Parkay & Stanford, 2001, p.انخفاض التحصيل الدراسي للطالب وضعف مشاركته في الفصل (298
(p.45وهناك نظريات كثيرة تشبه نظرية ماسلو استخدمها علماء اإلدارة .يؤكد بعض الباحثين 298).
وعلى رأسهم ستيفن كوفي على أن اإلنسان بحاجة إلى إشباع )& 1994, ،Merrill Covey, Merrill
:الحاجات التالية
(To Love).للحب
(To learn).للتعلم
عندما يولد الطفل يحتاج إلى الحاجات الضرورية البيولوجية العضوية مثل الغذاء والماء والهواء والمناخ
اآلمن ثم بعدها يحتاج إلى الشفقة والرحمة فإذا كان محروما ً من الشفقة والرحمة فإنه ال يصبح شخصا ً سويا ً
بل يصير قاسيا ً مثل زياد بن أبيه والحجاج في تاريخنا أو نيرون في تاريخ روما .في المرحة الثالثة يكون
الطفل بحاجة إلى التعلم ليعرف أهله وما حوله بعد هذه المرحلة فإنه يحتاج إلى العطاء بعد األخذ وهي مرحلة
التعليم بعد التعلم فيترك اإلنسان بصمته على أبنائه ومن حوله .مرحلة العطاء هي ثمرة الحاجات األولى وغاية
.الفرد في أن يساهم في استمرارية العطاء اإلنساني
ال ريب أن المسلم يشبع حاجاته العضوية والنفسية واالجتماعية والعقلية دون اإلخالل بجانب على حساب
جانب وتكون عملية إشباع الحاجات والغرائز في ظالل اإلسالم الذي ينظم كيفية إشباع الحاجات باعتدال دون
.إفراط وال تفريط
واإلنسان السوي ال يكبت أو يقمع حاجاته المادية والمعنوية كما أن الحاجات النفسية في المنظور اإلسالمي
يجب أن تنسجم مع غايات التربية اإلسالمية ويجب أن تعين اإلنسان على تحقيق غاية الطاعة وهي ال تكون
:إال بثالثة محاور تتمحور حول ثالث كلمات جوهرية وهي االقتصاد واالعتقاد واالجتهاد وفيما يلي بيان لها
االقتصاد في االستمتاع بالملذات ومصالح أمور الدنيا والسعي في توفير الحالل من المأكل والمشرب )1
والمسكن والمركب وهي الضرورة البيولوجية وما يرتبط بها من متطلبات مادية دنيوية تنتهي بحسن االستفادة
.من البيئة بتعميرها ال تدميرها
.االعتقاد باهلل وحده واالعتماد على أوامره ونواهيه في األمور كلها )2
.االجتهاد في تطبيق مكارم الشريعة والتعامل مع النفس والناس وفق ميزان العدل واإلحسان )3
تهتم النظرية اإلسالمية بالجسد والحاجات المادية فيتم اإلشباع بالحالل وتهتم أيضا بالحاجات الروحية السامية
وذلك بتهذيب النفس وتحقيق السعادة الروحية كفرد وجماعة .لم يأت اإلسالم لكبت وقمع الطاقات اإلنسانية
إنما جاء لتنظيم حياة الفرد والمجتمع ليعيش كريما ً كما أراد هللا له أن يعيش “أَال يَ ْعلَ ُم َم ْن َخلَقَ َوه َُو اللَّ ِط ُ
يف
ير {( ”}14سورة الملك) .وبهذا لن يكون المسلم عبدا ً لشهواته فهو يتحكم بها وال تتحكم به وبهذا أيضا ْال َخبِ ُ
تتميز النظرة اإلسالمية عن غيرها من النظرات في أنها واضحة تتحد فيها الغايات مع الوسائل في منهج واحد
.اختاره هللا عز وجل وارتضاه لعباده وعلى رأسهم األنبياء عليهم السالم